You are on page 1of 218

‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.

com‬‬

‫تم تحميل هذا الكتاب‬


‫من مكتبة موقع‬
‫"بّلغوا عّني ولو آية"‬
‫رسالتنا‪ :‬يصل الكثير من الناس بعض الرسائل اللكترونية عن السلم ويقومون‬
‫صصنا هذه‬‫بحذفها أو تجاهلها بحجة أنها طويلة ويثقل عليهم قراءتها‪ .‬لذلك خ ّ‬
‫الصفحة للشتراك في عظة يومية قصيرة أو حديث شريف أو آية تصل إلى بريد‬
‫المشترك بحيث لن يصعب قرائتها والستفادة منها راجيا من المولى عز وجل‬
‫الجر والثواب‪ .‬مثال ‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪" :‬بلّـغوا عنّـي ولو‬
‫‪".‬آية‬

‫للشتراك في هذه الخدمة الرجاء زيارة موقعنا "بلّـغوا عنّـي ولو آية" في السفل‬
‫‪ :‬وتسجيل البريد اللكتروني‬
‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫‪ :‬أو عن طريق إرسال رسالة ولو فارغة إلى‬


‫‪subscribe@balligho.com‬‬

‫‪.‬ويمكنكم أيضا أن تتصفحوا الرشيف بالحاديث المرسلة مسبقًا‬

‫ن في السلم سنة حسنة‪ ،‬فعمل بها‬ ‫قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪" :‬من س ّ‬
‫بعده‪ ،‬كتب له مثل أجر من عمل بها‪ .‬ول ينقص من أجورهم شيء‪ ...‬الحديث‪.‬‬
‫فاحرصوا يرحمكم ال على نشرها فكل من يزور الموقع ويستفيد منه عن طريقك‬
‫تكسب من الجر الكثير وإن قام بدوره بالعمل بها ونشرها أيضا فكلنا نكسب أمثل‬
‫‪.‬أجورهم ول ينقص من الجر شيئا‬

‫والسّنة‬
‫ب َ‬
‫دة إلى الك َِتا ِ‬ ‫و َ‬‫ع ْ‬
‫منهاجنا‪َ :‬‬
‫مة‬ ‫ف ال ُ‬‫سل َ ِ‬ ‫بِ َ‬
‫ّ‬ ‫هم ِ َ‬‫ف ْ‬

‫‪1‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ةة ةةةةة ةةة ةةةةةة ةةةة ةةةةةة ةةةةةةة ةةةةةةة‬


‫)ةةةة ةةة ةةةةةةةة ةةة ةةةة ةةةةةةة ةةةةةةة ةةة‬
‫ةةةةةةةة(‬

‫الكتاب ‪ :‬موسوعة البحوث والمقالت العلمية‬


‫جمع وإعداد الباحث في القرآن والسنة‬
‫حوالي خمسة آلف وتسعمائة مقال وبحث‬
‫علي بن نايف الشحود‬

‫‪ -5‬لم يعرف التاريخ ارتفاعا ً في نسبة الفقر في العالم مثلما عرفه الن فمن‬
‫بين عدد سكان العالم البالغ عدد ستة مليارات نسمة عام ‪1999‬م يعيش‬
‫‪ 2.8‬مليار نسمة منهم )أي حوالى النصف( على أقل من دولرين يوميا ً‬
‫ويعيش ‪ 1.2‬مليار تحت خط الفقر المحدد دوليا ً بأقل من دولر واحد يوميا ً‬
‫)حوالى ‪ %23‬من سكان العالم في حين ان الشعوب الغنية تمثل ‪ %5‬من‬
‫سكان العالم إل أنهم يحصلون على دخل يزيد أكثر من ‪ 114‬مرة من دخل‬
‫المنتمين للشعوب الفقيرة وفي ظل هذه الطبقية فهل ستعيش البشرية في‬
‫أمان؟ الجواب أن هذه الطبيقة ساهمت في انتشار الجريمة وعلى سبيل‬
‫المثال ‪ %2‬من الشعب المريكي إما قابعون تحت السجون أو تحت اجراءات‬
‫حسن السلوك وأن ‪ 28‬مليون أمريكي يعيشون في مساكن محروسة بكل‬
‫وسائل التقنية الحديثة من أسلحة وكاميرات وغيرها السبب في ذلك عدم‬
‫الطمئنان جراء الجريمة المستفيضة)‪. (30‬‬
‫واذا كانت العولمة كاذبة في ادعاءاتها ولم تستطع أن تحقق الهداف النبيلة‬
‫التي طرحتها من إسعاد العالم والقضاء على الفقر وإيجاد المجتمع العالمي‬
‫الواحد)‪ (31‬وما مرد ذلك إل لكونها ل تمتلك المقومات النسانية لتحقيق ذلك‬
‫بخلف الدول السلمية ممثلة في السوق المشتركة التي تمثل قاعدة صلبة‬
‫للتضامن فيما بين هذه الدول‪،‬وبه يمكن ان تفلت من العولمة بشكل عام‬
‫ومن العولمة القتصادية بشكل خاص فإنها قادرة على ذلك لما تمتلكه من‬
‫مقومات نابعة من الشريعة السلمية تمكنها من بناء مجمتع عالمي قائم‬
‫على العدل والحرية والمنافسة النزيهة مع رفض كل أنواع الظلم والحتكار‬
‫)فل ضرر ول ضرار()‪ ،(32‬مع إلغاء التمييز بين الوحدات القتصادية للقطار‬
‫ذات العلقة وتطبيق سياسات مشتركة بينها على نحو يتأتى معه تحقيق‬
‫الهداف القتصادية من‪:‬‬
‫‪ -‬تنمية شاملة تنفع العباد والبلد – وكفالة حد أدنى من المعيشة – وتحقيق‬
‫القوة والستقلل القتصادي‪.‬‬
‫‪ -‬وتخفيف التفاوت في الدخل والثروة بين الناس – وتحقيق المصالح الوطنية‬
‫لكل دولة مشتركة في السوق بما تمله كل دولة من فراغات الدولة الخرى‪،‬‬
‫فبعض الدول لها طريق التكامل في شتى المجالت‪ :‬الطاقة البشرية وتصدير‬
‫الخدمات الفنية والقتصادية‪.‬‬
‫‪ -‬وتداول المال ورواجه بين الناس )كي ل يكون دولة بين الغنياء منكم()‪(33‬‬
‫‪ ،‬ذلك بأن مجال القتصاد )في حديثه عن المخاطر التي تنطوى عليها أسواق‬

‫‪2‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫المال العالمية( أشد خطرا ً على الستقرار من السلحة النووية)‪ ، (34‬وأنه‬


‫بإفلس مصرف كبير يمكن أن يتسبب بين عشية وضحاها في إفلس‬
‫مصارف أخرى في العالم)‪ (35‬ودرءا ً لمثل هذه المفاسد حثت الشريعة‬
‫السلمية على الحرية الكاملة للسواق ولكن في إطار من الضوابط‬
‫الشرعية في الكسب والربح‪ ،‬فحرمت جملة من العمال التي من شأنها‬
‫إلحاق الضرر بالمسلمين في سوقهم كالحتكار والنجش‪ ،‬والربا ونحو ذلك‬
‫مما هو مبسوط في كتب الفقه في الحديث عن البيوع الفاسدة‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪:‬‬
‫سبل تفعيل إقامة السوق السلمية المشتركة‪:‬‬
‫ل تزال تأثيرات العولمة والتحرير التجاري على المة السلمية –بل على‬
‫مستوى العالم – مثار بحث وتحليل من قبل الباحثين والدارسين‪ ،‬ول يخفى ما‬
‫لهذا من أثر على إقامة سوق إسلمية مشتركة علما ً أن إقامة أي سوق ل‬
‫يمكن أن تنفصل عما يجرى في العالم من أحداث وتكتلت كما يمكن أن‬
‫تنفصم عن السيادة المالية‪ ،‬ول عن السياسة الستثمارية‪ ،‬ول عن ممارسات‬
‫السلطة النقدية وقوانينها‪ ،‬ول عن تمويل الصناعات المحلية والقليمية‬
‫المنتجة‪ ،‬ول عن إقامة مناطق تجارية‪ ،‬ول عن نهضة اقتصادية شاملة‪ ،‬وقد‬
‫أشار أهل الختصاص إلى هذا الترابط فيما كتبوه من أسس للتكامل‬
‫القتصادي ‪ ,‬وهي نوعان)‪: (36‬‬
‫‪ -‬النوع الول ‪ :‬أسس لزمة للتفاق على قيام التكامل القتصادي وهي‪-:‬‬
‫تنافس منتجات الدول العضاء – تقارب النمو القتصادي – الستقرار‬
‫السياسي – الوعي الجتماعي ‪.‬‬
‫‪ -‬النوع الثاني ‪ :‬السس اللزمه لبدء تنفيذ التكامل القتصادي وهي ‪-:‬‬
‫المسافة القتصادية – إزالة الحواجز والقيود الجمركية –وضع سياسة جمركيه‬
‫موحده تجاه العالم الخارجي – حرية انتقال عناصر النتاج ‪.‬‬
‫وبناءا على هذه السس يمكن تحديد دور الدول السلميه في التعامل مع‬
‫العولمة القتصادية وفي تفعل سبل الوصول ل إلى إقامه سوق إسلميه‬
‫مشتركة فحسب بل إلى التكامل القتصادي ‪ ,‬ومن ثم النهوض الحضاري ‪,‬‬
‫وتتمثل هذه السبل‪ - :‬في التوعية ‪ ,‬والستشارة ‪ ,‬والستثمار ‪ ,‬والتمويل ‪.‬‬
‫السبيل الول ‪ :‬التوعية‬
‫التوعية أمرمهم في زمن العولمة وأساس متين لقيام السوق السلمية‬
‫المشتركة ‪ ,‬فقد ورد في استبيان نشرته مجله القتصاد السلمي أن من‬
‫المعوقات لغياب السوق ‪ :‬غياب الوعي الشعبي والجماهيري وعدم فهم‬
‫أهميه السوق ‪ ,‬ويضاف إلى ذلك عدم فهم العولمة فهما صحيحا ‪ ,‬وبهذا‬
‫تتمثل هذه التوعية في أمرين ‪ :‬الوعي بأهمية السوق المشتركة ‪ ,‬والوعي‬
‫بآثار العولمة ‪.‬‬
‫‪ -1‬الوعي بأهمية السوق السلميه المشتركة ‪-:‬‬

‫)‪(7 /‬‬

‫ونعني بذلك اللمام بماضي المة وحاضرها ‪ ,‬ومعرفه المخاطر التي تجابهها ‪,‬‬
‫والعراقيل التي تحول دون استعادة مجدها وعزها ‪ ,‬وبيان أهميه السوق)‪(37‬‬
‫السلميه المشتركة وآثارها اليجابية على المستويين ‪ :‬الشعبي والحكومي ‪,‬‬
‫وليتم ذلك إل بالتكرار ‪ ,‬والتكرار عامل مهم في نجاح أي عمل ‪ ,‬لذا يتعين‬
‫على المصارف السلمية الحرص الشديد والتأكيد على ذلك في كل محفل‬

‫‪3‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ومناسبة ‪ ,‬وإنشاء أدارة للتوعية والهتمام بهذا المر ومتابعته ‪ ,‬وإعانة كل من‬
‫يدعو إليه حتى تتضافر الجهود لتتم التعبئة العامة بضرورة إقامة السوق‬
‫المشتركة ‪ ,‬وتوخي السبل الكفيلة بتنمية الوعي من ‪ :‬كلمة طيبة مقروءة‬
‫ومرئية ومسموعة ‪ ,‬وتهيئة العقول لقبول الفكرة وإيجاد قناعة شخصية‬
‫بأهمية هذا المر لدى الفراد والمجتمعات ‪ ,‬وجعلها قضيه ليمكن الستغناء‬
‫عنها بحال ‪ ,‬وزرع اليمان في القلوب بقدرات المة على إنجاز ذلك ‪,‬‬
‫بالضافه إلى اقامه مؤتمرات وندوات وورش عمل يتم فيها مناقشة أهمية‬
‫السوق المشتركة ‪ ,‬والسبل الكفيلة بإقامتها ‪ ,‬ورفع معنويات المسلمين‬
‫بقدرات أمتهم ومكتسباتها وبناء الثقة بين الدول السلمية ‪ ,‬وإتاحة تبادل‬
‫المعلومات في مناخ ملئم للتفكير والبداع حيث يتحدث كل صاحب فكرة‬
‫وتجربة عن فكرته وتجربته ‪ ,‬والبداع والتجديد هما قاطرتا النهضة في أي أمة‬
‫‪.‬‬
‫ومن مستلزمات التوعية ‪ :‬معرفة المعوقات التي تعيق إقامة السوق‬
‫السلمية المشتركة للعمل على تذليلها وتلفيها ‪ ,‬وقد أشرت في ثنايا البحث‬
‫إلى بعض هذه المعوقات مع بيان طرق معالجتها ‪ ,‬ولمزيد من التنبيه أشير‬
‫إلى بعض هذه المعوقات ‪:‬‬
‫‪-‬انخفاض النتاجيه في اقتصاديات العالم العربي والسلمي نتيجة لسوء‬
‫الدارة أحيانا ‪ ,‬وأحيانا أخرى لنخفاض كفاءة العاملين ‪ ,‬فتكون المقدرة‬
‫التنافسية ضعيفة أمام الكم الهائل من النتاجية الغربية وجودتها‪ ,‬وهذا‬
‫يستلزم أصلحا اقتصاديا من الداخل مع ضرورة التوجه إلى الستثمار‬
‫الخارجي ‪.‬‬
‫‪-‬السياسة المتقلبة وعدم استقرار المنطقة ‪ ,‬وهذا ما أشار إليه الدكتور أحمد‬
‫جويلي أمين عام مجلس الوحدة القتصادية في المؤتمر الول لمؤسسة‬
‫الفكر العربي ‪ ,‬وعدم وجود استقلل حقيقي بالقرار السياسي والقتصادي ‪,‬‬
‫وارتهان قرارها لقوى خارجية ليس من مصلحتها وجود مثل هذا السوق‪.‬‬
‫‪-‬التفاوت الضخم بالوضاع القتصادية بين الدول العربية والسلمية ‪ ,‬فغنى‬
‫بعض الدول وفقر أخرى يساهم في تأخير إقامة السوق المشتركة ‪.‬‬
‫‪ -‬عدم وجود دولة قائده تقود الدول السلمية نحو الندماج ‪ ,‬لن الدولة‬
‫القائدة هي التي تقدم التنازلت مثلها مثل الخ الكبير الذي يرعى اخوانه‬
‫الصغار ول ينفك يتنازل ليرفع من مستواهم ‪ ,‬ويضمن لهم العيش الرغيد ‪ ,‬ول‬
‫يتم الندماج إل بالتضحية من الفراد والدول ‪ ,‬ولم تقم السوق الوربيه‬
‫المشتركة إل بتضحيات كبيرة رغم اختلفهم في اللغة والعرق وبعضهم في‬
‫الديانة ‪ ,‬بخلف المسلمين فان كل مقومات السوق المشتركة متوفرة لديهم‬
‫حيث يوحدهم الدين واللغة – غالبا – ويمتلكون الطاقة والقدرة على‬
‫الستيعاب ‪.‬‬
‫‪ -2‬الوعي بآثار العولمة ‪-:‬‬
‫إذا كان الهدف من العولمة النفتاح والتعاون فل حرج فيها ‪ ,‬وإذا كان المقصد‬
‫منها الخذ والعطاء ‪ ,‬فل حرج كذلك ‪ .‬أما إذا كان المقصد منها أن تكون المة‬
‫السلمية مجرد مستهلكة على المستوى القتصادي والثقافي والفكري فهذا‬
‫يرفضه كل حر أبي ‪ ,‬لن هذا يعني الذوبان في الخر والتشتت وفقدان الهوية‬
‫‪.‬‬
‫ولتجنب هذا المر فإنه يستلزم ارتفاع درجة الوعي بالتحديات القتصادية التي‬
‫تواجه المسلمين خاصة في ظل تبني أمريكا والغرب العولمة القتصادية ‪,‬‬
‫بالضافه إلى عدم التعامل مع هذه العولمة باستخفاف أو الدخول فيها بدون‬

‫‪4‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الخذ ترفع القدرات التنافسية ‪ ,‬فأخطر المواقف التعامل مع العولمة بمعيار‬


‫الرفض المطلق أو القبول المطلق ‪ ,‬فل بد من فهمها أول ‪ ,‬ثم الحد من‬
‫أخطارها ثانيا ‪ ,‬والستفادة من ايجابياتها والتعامل معها تعامل مدروسا ثالثا ‪,‬‬
‫وبهذا نكون فاعلين ومؤثرين ‪ ,‬ومسجلين حضورا فاعل في تشكيله العالم‬
‫الجديد ‪.‬‬
‫وسياسة النتقاء ليست بالمر السهل بل تحتاج إلى جهد كبير وذكاء وفطنة ‪.‬‬
‫وتتم هذه السياسة على مستويين ‪:‬‬
‫‪ -‬على المستوى الفردي ‪ :‬بالوعي بما في السلم ومنهجه من خلص‬
‫للبشرية ‪ ,‬وانتشال المسلمين من براثن الجهل ‪ ,‬والتخلف أول ‪ ,‬وبالوعي بما‬
‫في العولمة من مخاطر ثانيا ‪ ,‬وذلك بدراستها دراسة متأنية تمكننا من التمييز‬
‫بين النافع منها والضار بغية التقليل من تأثيرها علينا وعلى الجيال القادمة ‪,‬‬
‫وبقيام نهضة علمية وفكرية موازنة لما يفد علينا ثالثا ‪ ,‬وذلك عبر برنامج‬
‫علمي دقيق ‪ ,‬وبإشراف العلماء والمختصين من خلل تحصين المة فكريا‬
‫بزيادة الوعي واستحداث مراكز دراسات وأقسام متخصصة في الجامعات‬
‫السلمية بغية امتلك الوسائل التي ترتكز عليها موجات العولمة خاصة على‬
‫الجانبين القتصادي والثقافي ‪.‬‬

‫)‪(8 /‬‬

‫‪ -‬على المستوى الجماعي ‪ :‬بأن تتصالح المة مع ربها ‪ ,‬وتتعاون فيما بينها ‪,‬‬
‫وتستغل الطاقات والموارد التي منحها إياها ربها ‪ ,‬وأن تعمل على إيجاد‬
‫حماية اقتصادية خاصة بالبلدان السلمية وتطرح النظرية السلمية في‬
‫القتصاد على المسلمين وعلى غيرهم عن طريق أجهزة التصال العالمية‬
‫وشبكه النترنت ‪ ,‬وبث الوعي بتشجيع البضائع الداخلية ‪ ,‬وتشجيع المستهلك‬
‫لها ‪ ,‬مع العناية الكافية لمثل هذا المر ‪ ,‬بالضافة إلى غرس الثقة بقدرات‬
‫المة التي تؤهلها إلى أن تأخذ موقعها اليجابي في خضم هذا الصراع المتعدد‬
‫الجوانب ‪.‬‬
‫والعولمة ليست حتمية قدرية ل خلص منها ‪ ,‬بل هي ظرف تاريخي يعكس‬
‫تطور النظام الرأسمالي ‪ ,‬وفهمها فهما صحيحا قد يكون سببا من أسباب‬
‫استعادة المة مجدها واسترداد عزها لن اليام علمتنا أن العرب ل يتحركون‬
‫إل إذا كان هناك خطر داهم يهدد حياتهم ‪ ,‬وأن الحضارة أحيانا ل تصنع إل‬
‫بالتحدي ‪ ,‬يقول آرلوند توينبي ‪)) :‬إن الجماعة التي تنجح في صنع الحضارة‬
‫هي تلك الجماعات التي تقابلها صعوبات عظيمة وتحديات فتنهض لكي تذلل‬
‫تلك الصعوبات ولكي تقضي على تلك التحديات ‪ ,‬فتتحول حياتها من حياة‬
‫الدعة والسكون والراحة إلى حياة الكفاح والنضال والحركة الدائمة والعمل‬
‫الدءوب)‪. (((38‬‬
‫ويتمثل فهم العولمة بمعرفه آثارها السلبية المعيقة لتقدم ألمة حتى تتجنبها ‪,‬‬
‫وآثارها اليجابية حتى تستفيد منها ‪ ,‬إذ الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو‬
‫أحق بها ‪.‬‬
‫أول ‪ :‬الثار السلبية للعولمة القتصادية ‪-:‬‬
‫تتمثل هذه الثار في التحيز والظلم وعدم العدل ‪ ,‬ويبدو هذا جليا في‬
‫المظاهر ألتية ‪:‬‬
‫إضعاف الدولة ‪ ,‬وتدمير الصناعة المحلية ‪ ,‬وعدم الستثمار فيما ينفع ‪,‬‬
‫والتحيز والكيل بمكيالين ‪ ,‬وتخفيض الجور ‪ ,‬والبطالة ‪ ,‬والتدهور البيئي‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫‪ -1‬إضعاف الدولة ‪ :‬تؤدي العولمة إلى إضعاف سيطرة ألدوله القطرية بكسر‬
‫الحدود وانخفاض التوظيف ووظائف للعمالة الماهرة وتخفيض الجور ‪ ,‬وقد‬
‫أصبح لشركات العولمة العملقة نفوذ كبير في إسقاط الحكومات ‪ ,‬وافتعال‬
‫النقلبات وتحريك الزمات ‪ ,‬وضرب القتصاديات المستقلة ‪ ,‬وهي تتجه‬
‫تدريجيا إلى تحويل المجتمع البشري الى مجتمع مستعبد مدجن بواسطة‬
‫وسائل العلم والدعاية العلنية الستهلكية ‪ ,‬فالعولمة تعمل على الستعباد‬
‫فتحول دون حصول الفراد والشعوب على العزة والكرامة)‪. (39‬‬
‫وتعمد العولمة لتحقيق إضعاف الدولة وإلى إغراقها بالديون ‪ ,‬فعلى سبيل‬
‫المثال الدول العربية – وهي المستهدف الول في العولمة – بلغت ديونها‬
‫الخارجية وفقا لحدث الحصائيات ) ‪ ( 629‬مليار دولر تستنزف من ثرواتها‬
‫ما قيمته سنويا مليار دولر خدمه للديون الخارجية فقط ‪ ,‬وليس غريبا أن‬
‫تؤكد تقارير اقتصادية أن الديون العربية تزيد نحو ) ‪ ( 500‬ألف دولر كل‬
‫دقيقه)‪, (40‬وقد بلغ إجمالي ديون الدول العربية حتى نهاية عام ‪2000‬م )‬
‫‪ ( 325‬مليار دولر بعد أن كان عام ‪1908‬م ) ‪ ( 49‬مليار دولر ‪ ,‬ولم يصاحب‬
‫هذا الرتفاع زيادة مماثلة في الناتج المحلي الجمالي ‪ ,‬ففي عام ‪1980‬م‬
‫كانت الديون الخارجية تشكل ) ‪ ( %12‬من الناتج المحلي الجمالي العربي ‪,‬‬
‫أما الن فتمثل ) ‪ ( %46‬من الناتج المحلي الجمالي)‪ , (41‬وقد أصبحت‬
‫المديونية تمثل مشكلة يشار إليها في التقارير الدولية ‪ ,‬ول شك أنه كلما‬
‫ارتفعت وتيرة الديون ترسخت التبعية ‪ ,‬ووجدت الذريعه للقوى‬
‫)) الستعمارية (( في التحكم في اقتصاديات الدول المستهدفة ‪.‬‬
‫‪ -2‬تدمير الصناعة المحلية ‪ :‬تساهم العولمة إلى حد كبير في تدهور الصناعة‬
‫المحلية وتدميرها ‪ ,‬وقد حذرت منظمه الخليج للستثمارات الصناعية من‬
‫الجوانب السلبية التي قد تؤثر في الصناعات الصغيرة والمتوسطة في دول‬
‫مجلس التعاون الخليجي نتيجة تطبيق اتفاقيه التجارة العالمية ‪ ,‬ومن أجل‬
‫هذا عملت دول مجلس التعاون الخليجي منذ تأسيس المجلس عام ‪1981‬م‬
‫على إرساء السس اللزمة لقيام تكتل اقتصادي يجمع دول المجلس تحت‬
‫اتفاقيه اقتصاديه موحده)‪. (42‬‬
‫ومن أبرز مظاهر تدمير الصناعة المحلية ‪:‬‬
‫‪ -‬ما تعمد إليه الشركات العملقة من سياسة الحتكار والغراق ‪ ,‬فهي تغرق‬
‫أسواقنا بمنتجاتها وتحول دون وصول صادراتنا إلى أسواقها ‪ ,‬كما إنها تسعى‬
‫إلى ‪ - :‬تملك خطوط النتاج والصناعات في الدول المراد تدميرها اقتصاديا ‪,‬‬
‫ول أدل من ذلك على علقة الوليات المتحدة المريكية بأوروبا من خلل‬
‫تجارة )) الصويا (( حيث تمتلك الوليات المتحدة الحتكار العالمي لتجاره‬
‫الصويا وتصدر منها كل عام عشره مليين طن ‪ ,‬وقد نجحت أمريكا في إغلق‬
‫مصنع ل فير * في فرنسا ‪ ,‬ومنشأة سر داين * في ايطاليا ‪ ,‬وذلك لمنع‬
‫المنتجين الصناعيين من استخدام ابتكار جديد لعالم فرنسي يؤدي إلى إنتاج‬
‫بديل أفضل ‪.‬‬

‫)‪(9 /‬‬

‫وكذلك ما كشفه النزاع الوربي المريكي حول تجاره الموز حيث قامت‬
‫الوليات المتحدة المريكيه بفرض عقوبات اقتصادية على بعض شركاته‬
‫بسبب تفضيل التحاد الوروبي استيراد الموز من المستعمرات الفرنسية‬
‫والنجليزية السابقة في أفريقيا عن استيراده من دول أمريكا اللتينية رغم‬

‫‪6‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫رخص ثمنه ‪ ,‬وهو ما جعل التحاد الوروبي يثير ثائرة دول العالم ضد الوليات‬
‫المتحدة المريكية لنها لم تحترم قواعد تحرير التجارة الدولية ‪ ,‬وأساس‬
‫الصراع بين الطرفين الخلف حول اقتسام كعكه النظام القتصادي الدولي‬
‫الجديد القائم على التحرير القتصادي وإعمال آليات السوق والمنافسة)‬
‫‪. (43‬‬
‫‪ -‬كسب المزيد من العملء من خلل خفض أسعارها ‪ ,‬والبيع بسعر يقل عن‬
‫التكلفة الحقيقية بهدف إخراج المنافسين الخرين من السوق للنفراد‬
‫بالمستهلك فيما بعد ‪ ,‬وفرض أسعار احتكارية عليه ‪ ,‬ول أدل على ذلك من‬
‫شركه )) سنسبري (( فإنها لما دخلت السوق المصري بلغت خسائرها بسبب‬
‫سياستها العمديه الغراقيه في أربعه أشهر ) ‪ ( 50‬مليون جنيه منها ) ‪( 22‬‬
‫مليون في الشهر الول ‪ ...‬وهي على استعداد لتحمل هذه الخسائر ‪ ,‬بل هي‬
‫مستعدة لخسارة في أول عام تصل إلى ) ‪ ( 500‬مليون جنيه مصري ‪ ,‬وهي‬
‫طبعا تخطط لتعويض تلك الخسارة بعد سيطرتها على خطوط النتاج ‪,‬‬
‫وسحق المؤسسات المنافسة سواء كانت الصغيرة أو المتوسطه ‪ .‬وقد جاء‬
‫في تقرير الهرام القتصادي ‪,‬وصحيفة الهالي الناقلة عنها إن أغلقت ‪ 25‬من‬
‫المتاجر أبوابها فعل ً تمهيدا ً للبيع أو لتغيير النشاط بعد إشعار الفلس ‪ .‬من‬
‫المتوقع أن يغلق ‪ 1500‬متجرا ً أبوابه ‪ ...‬و من المتوقع كذلك خلل السنوات‬
‫الثلث القادمة إغلق ‪ 10‬الف متجر)‪. (44‬‬
‫امتلك راس المال حيث أصبح تداوله في أيدي قلة قليلة من عمالقة‬
‫القتصاد و الشركات العابرة للقارات ‪ ,‬و لمعرفة مدى قوة هذه الشركات‬
‫المالية فان شركة )جنرال موتورز( يفوق رقم معاملتها المالية الدخل‬
‫القومي لدولة مثل الدانمرك ‪ .‬و شركة )فورد ( تفوق معاملتها الدخل‬
‫القومي لجنوب أفريقيا ‪ ,‬و شركة ) تويوتا ( تفوق معاملتها الدخل القومي‬
‫للنرويج ‪ .‬و يبلغ حجم نشاط شركة )ميتسوبيشي ( القتصادية أكثر من حجم‬
‫النشاط القتصادي لندونيسيا التي تعتبر رابع أكبر دولة من حيث تعداد‬
‫السكان ‪ .‬فل غرابة من أن يكون ‪ 358‬شخصا في العالم فقط من أصحاب‬
‫المليارات يملكون ثروة تضاهي ما يملكه ملياران و نصف من سكان العالم)‬
‫‪.(45‬‬
‫‪ /3‬عدم الستثمار فيما ينفع ‪ :‬تساهم العولمة في عدم استثمار الموال في‬
‫أنشطة اقتصادية حقيقية من شانها تعزيز القدرة النتاجية للدول السلمية‬
‫لتصبح الدولة دولة مستهلكة بدل أن تكون منتجة و ذلك بنشر النمط‬
‫الستهلكي الترفي بين الناس ‪ ,‬و اختزال النسان في البعد المادي‬
‫الستهلكي ‪ ,‬و أحيانا الشهواني دفعا للناس للسراف و التبذير مما يؤدي إلى‬
‫استنزاف الموارد المالية للدولة والفراد على حد سواء ‪.‬‬
‫‪ /4‬التحيز و الكيل بمكيالين ‪ :‬ل يخفى على عاقل تحرك العولمة اليوم في‬
‫المجتمعات بأسلوب متحيز إذ إنها في الغالب تعمد إلى تغليب الحسابات و‬
‫المقاييس العالمية على الحسابات و المقاييس المحلية في الحقول التي‬
‫تقوم عليها العولمة فالوليات المتحدة تحاول إن تعطي المحلي لديها طابعا‬
‫عالميا تحقيقا لمصالحها الذاتية و يتيسر لها هذا بما يتوفر لديها من قوة‬
‫إعلمية على نطاق محلى و عالمي ‪.‬‬
‫‪ /5‬تخفيض الجور ‪ :‬تنتهج العولمة سياسة تخفيض الجور لتتمكن من تحقيق‬
‫أقصى ربح ممكن عبر تشغيل أيد رخيصة في مشروعاتها الوطنية في البلدان‬
‫النامية ‪ ,‬ومنها البلدان العربية ‪ ,‬و هذا يؤدي إلى زيادة في عدد الفقراء‬
‫والمهمشين اجتماعيًا‪ ،‬وزيادة الجريمة المنظمة)‪. (46‬‬

‫‪7‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫‪ /6‬البطالة‪ :‬تسببت العولمة في كثرة البطالة وزيادتها‪ ،‬إذ يقدر معدل البطالة‬
‫في الدول العربية في أحدث إحصائية بنحو ‪ %20‬من إجمالي القوى العربية‬
‫العاملة أي ما يعادل ‪ 19‬مليون فردًا‪ .‬ومن الجدير بالذكر أن البطالة أخذت‬
‫بالتزايد بشكل مطرد بين الشباب المؤهلين الداخلين الجدد لسوق العمل كما‬
‫أن معدلت البطالة لهذه الفئة في الرتفاع في السنوات الخيرة في بعض‬
‫الدول الخليجية وغيرها حيث تمثل نسبة العاطلين من الشباب على سبيل‬
‫المثال نحو ‪ %75‬من إجمالي العاطلين في البحرين‪ ،‬وتبلغ نحو ‪ %40‬من‬
‫الجزائر وتونس)‪. (47‬‬
‫‪ /7‬التدهور البيئي ل يقتصر أثر العولمة القتصادية على الجانب القتصادي أو‬
‫السياسي فحسب بل يتعداه إلي البيئة‪ ،‬وذلك بما يؤدي إليه هذا التطور‬
‫الهائل للتجارة العالمية من تدهور المحيط البيئي إما باستنزاف و إتلف‬
‫الراضي الزراعية ‪ ,‬و قطع الشجار ‪ ,‬مما يؤدي إلي ظاهرة التصحر التي‬
‫تعود قبل كل شيء إلى استغلل النسان المفرط للراضي ‪.‬‬
‫‪ -‬أو بتشجيع الستثمارات غير المنتجة لكونها تدر أرباحا بسرعة ‪.‬‬
‫‪ -‬أو بتصدير الصناعات الكثر تلويثا ً للبيئة للبلدان العربية و السلمية ‪.‬‬

‫)‪(10 /‬‬

‫‪ -‬أو بالمتاجرة ببعض المواد الخطيرة ‪ ,‬أو ببعض الكائنات الحية المهددة‬
‫بالنقراض ‪.‬‬
‫‪ -‬أو تدهور نوعية المياه و زيادة تلوثها نتيجة ضعف أجهزة إدارة المياة و‬
‫حمايتها من آثار التلوث الصناعي و الملوثات الكيماوية و البيولوجية نتيجة‬
‫الستخدام غير الرشيد لبعض الفراد و المؤسسات دون محاسبة من الجهزة‬
‫المعنية ما يؤدي إلى خسائر كبيرة في الموارد المائية الجوفية و السطحية)‬
‫‪.(48‬‬
‫و ما تجنيد الرأي العام و رجال السياسة سواء على المستوى العربي و‬
‫السلمي أو العالمي ‪ ,‬و الركوض وراء البحث عن حلول للمشاكل البيئية إل‬
‫دليل ً على تفاقم حدة هذه المشاكل ‪.‬‬
‫ثانيا ً ‪ :‬الثار اليجابية للعولمة ‪-:‬‬
‫من الثار اليجابية للعولمة ما يأتي ‪-:‬‬
‫‪ .1‬إنها تعمل على جذب الستثمارات الى القطاعات النتاجية و زيادة‬
‫النشاط التجاري الدولي ‪.‬‬
‫‪ .2‬السماح بتحريك الكفاءات البشرية و ذلك بإزالة الحواجز ‪.‬‬
‫‪ .3‬فتح المجال للصادرات العربية و السلمية لدول السواق العالمية ‪.‬‬
‫‪ .4‬الفادة من مزايا التحاديات و التكتلت ‪.‬‬
‫‪ .5‬تخفيض التعريفة الجمركية أو إزالتها و ذلك يؤدي إلى انخفاض في‬
‫السعار الذي يصب في مصلحة المستهلك مما يخفف العبء عنه ‪.‬‬
‫‪ .6‬زيادة التنافس – لو كان نزيها ً – في مجال السلع و السعار و زيادة حجم‬
‫النشاط التجاري ‪ .‬مما يؤدي إلى زيادة النمو القتصادي على المستوى‬
‫المحلي و العالمي ‪ ,‬و إن أنشاء سوق إسلمية مشتركة تمكننا من الوقوف‬
‫في وجه التحديات القتصادية المعاصرة في العالم اليوم ‪ ,‬و في طليعتها‬
‫تحدي مخاطر السوق الشرق أوسطية التي تدعو إليه إسرائيل ‪ ,‬و تعمل على‬
‫تنفيذه عبر عملية التطيبع التي رفضتها الشعوب العربية و السلمية ‪.‬‬
‫السبيل الثاني ‪ :‬الستشارة ‪-:‬‬

‫‪8‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫من سبل تفعيل إقامة سوق إسلمية مشتركة ما تقدمة الدول السلمية من‬
‫خدمات استشارية ‪ ,‬بما توفره من معلومات كافية حول شتى الموضوعات ‪,‬‬
‫و ذلك بأن من يملك المعلومات الصحيحة يملك القرار ‪ ,‬و ل تتأتى هذه‬
‫الخدمات إل بإنشاء لجان استشارية أو مراكز للبحاث الحصائية و القتصادية‬
‫و الجتماعية لكافة الدول السلمية ‪ ,‬و قد أنشأ مركز لهذا المر عام ‪/ 1397‬‬
‫‪ 1977‬و مقره بتركيا ‪ ,‬و تتمثل خدمات هذه اللجان و المراكز في ‪:‬‬
‫• التعاون مع غيرها من المراكز و اللجان ذات العلقة في الدول السلمية ‪.‬‬
‫• جمع المعلومات الحصائية و الفرص الستثمارية و الوظيفية و تقويمها و‬
‫تقديمها لمن يحتاجها من رجال العمال و المؤسسات القتصادية داخل‬
‫الدول السلمية ‪ ,‬و دراسة أحوال الدول العضاء دراسة دقيقة و شاملة لما‬
‫يتوفر فيها من موارد طبيعية و بشرية ‪ ,‬و ما تحتاجه أسواقها المحلية من‬
‫صناعات و سلع و مواد أولية ‪ .‬و لعله في إطار التأكيد على تبادل المعلومات‬
‫عقد في مبنى غرفة تجارة و صناعة دبي المؤتمر الول للمعلومات الصناعية‬
‫و الشبكات حيث دعا في توصياته الحكومات العربية للعمل على توفير البيئة‬
‫القتصادية للبتكار ‪.‬‬
‫• إعداد دراسة جدوى اقتصادية تفصيلية و القيام بأبحاث تطبيقية حول سبل‬
‫التعاون القتصادي بين الدول السلمية ‪ ,‬و التفكير في المجالت الهامة التي‬
‫تخدم السوق السلمية المشتركة ‪ ,‬و قد أوضحت الباحثتان الدكتورة أمينة‬
‫محمود حسن و الدكتورة إيمان عبد الوهاب حجاج أهمية دور الخدمات‬
‫البحثية في دعم القدرات التنافسية للمنظمات القتصادية حيث ل يمكن‬
‫تطوير السواق و المنتجات و أدوات النتاج إل من خلل البحوث الميدانية‬
‫التي تقف على أحدث ما وصل إليه العالم في الميادين القتصادية و العلمية)‬
‫‪. (49‬‬
‫• العمل على تنسيق التعاون بين الدول العضاء في المجالت القتصادية ل‬
‫سيما و أن الدول السلمية تنقسم إلى مجموعتين ‪ :‬مجموعة لديها موارد‬
‫طبيعية ‪ ,‬و أخرى تعاني من عجز في تلك الموارد و لكنها تنعم بموارد‬
‫بشرية ‪.‬‬
‫• وضع السس الكفيلة بتحقيق التعاون بين الدول العضاء و ذلك بتنسيق‬
‫النشاط القتصادي تفاديا للزدواجية في إقامة مشروعات صناعية في هذه‬
‫الدول ‪.‬‬
‫• سعي الدول السلمية ليجاد موقف موحد إزاء كل التطورات الجارية و‬
‫المستجدات المرتقبة تحت مظلة العولمة و متطلبات منظمات التجارة‬
‫العالمية‪.‬‬
‫• الحرص على أصحاب العقول المفكرة و أصحاب القدرات و الكفاءات‬
‫العلمية و الفنية و المهنية و العمل على استقطابهم و الستفادة من‬
‫إمكانياتهم فيما يعود بالنفع على المجتمع ‪ .‬و من الواضح أن عدم الهتمام‬
‫بهذه الفئة يؤدى إلى هجرتها حيث تجد ذاتها و تحقق مصالحها ‪.‬‬
‫• ضرورة التأكد من الخطوات التي تخطوها المة نحو السوق السلمية‬
‫المشتركة ‪ ,‬و من ثم التكامل القتصادي ‪ ,‬و دراستها دراسة معمقة من كافة‬
‫الجوانب حتى ل تضل الفهام و تزل القدام ‪.‬‬
‫• دراسة ما يواجه السوق السلمية المشتركة من عراقيل و عقبات ‪ ,‬و‬
‫اقتراح الحلول المناسبة لها ‪ ,‬و تذليل الصعوبات ‪ ,‬و الكينونة في مستوى‬
‫التحديات ‪ .‬و ل يخفى إن هذا العمل يحتاج إلى ‪-:‬‬

‫‪9‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫)‪(11 /‬‬

‫‪ .1‬تحديد مجموعة من الباحثين الخبراء في مثل هذه المور ‪.‬‬


‫‪ .2‬تمويل هذه البحوث ‪.‬‬
‫‪ .3‬إيجاد آلية جديدة لتقديم نتائج البحوث لصانعي القرار ‪.‬‬
‫‪ .4‬زيادة عرض تبادل الراء المثلي لقامة السوق السلمية المشتركة ‪.‬‬
‫‪ .5‬إعادة هندسة السياسات الدارية و تطوير القطاع العام بتحريره من‬
‫القيود التنظيمية و الدارية و المالية و إطلق قدراته التنافسية ‪.‬‬
‫‪ .6‬تعزيز فرص تبادل الخبرات و المعلومات و التخفيف من العراقيل‬
‫الدارية ‪ ,‬و تشجيعا ً لهذا فقد أحدث البنك السلمي للتنمية برنامجا ً لتشجيع‬
‫الموارد البشرية للدول العضاء و ذلك بتوفير التدريب و تعيين الخبراء مركزا ً‬
‫على مجالت الزراعة و الصناعة و الصلح المالي ‪ ,‬وقد أعتمد البرنامج في‬
‫عام ‪1422‬هـ ‪ 91‬عملية بمبلغ ‪ 1.887‬مليون دولر أمريكي‪(50).‬‬
‫و تظل المشكلة دائما في مدى إيماننا – حكومة و شعبا ً – بضرورة إقامة‬
‫سوق إسلمية مشتركة ‪ ,‬و إعداد البحوث الجادة المتعلقة بهذا الموضوع ‪ ,‬و‬
‫الخروج بها من حيز الفكار و النظريات إلى حيز الواقع و التطبيق ‪.‬‬
‫السبيل الثالث الستثمار)‪-:(51‬‬
‫الستثمارات السلميه المشتركة تعتبر الخطوة الولى والبداية الحقيقية‬
‫للسوق السلميه المشتركة والتكامل القتصادي ويتم تفعيل ذلك بما يأتي‪-:‬‬
‫‪ -1‬تشجيع الستثمارات بين الدول السلميه بدل من الستثمارات في البلدان‬
‫الغربيه ‪ ,‬وذلك بتشجيع انتقال رؤوس الموال والعمالة المدربه والخبرات‬
‫والتكنولوجيا بين الدول السلميه ‪ ,‬وفي اطار جذب الستثمارات في الدول‬
‫الخليجية تم استحداث العديد من التشريعات والقوانين ‪ ,‬وقدمت في هذا‬
‫الصدد العديد من الحوافز التشجيعية امام المستثمرين ‪ ...‬وقد استطاعت‬
‫دول مجلس الخليج اجتذاب اكثر من ‪ 40‬ملياردولر من اجمالي الستثمارات‬
‫الجنبيه المباشرة وذلك خلل السنوات ‪ 2000 - 1975‬م ‪ ,‬وهو ما يقل عن )‬
‫‪ ( %0.6‬من مجموع التدفقات الستثمار العالمية ‪ ,‬ويقل عما تجتذبه دوله‬
‫مثل الصين في عام واحد وتتراوح الستثمارات الخليجية المهاجرة في‬
‫الخارج بين ) ‪ ( 1.4‬تريليون دولر وفقا لتقديرات ميريل لينش العالمية و)‬
‫‪ ( 2.8‬تريليون دولر وفقا لتقديرات الجامعة العربية)‪. (52‬‬
‫‪ -2‬إيجاد الفرص الملئمة وخلق الليات والدوات التي تلبي احتياجات‬
‫المستثمرين من الفراد والشركات والمؤسسات ‪.‬‬
‫‪ -3‬زيادة حجم المساهمات لتمويل المشروعات النتاجيه في الدول السلمية‬
‫لتحقيق المن الغذائي فل تحتاج إلى استيراد الغذية من الخارج ‪ ,‬وذلك‬
‫بتشجيع النتاج الزراعي العربي والسلمي اذ أن النتاج الزراعي العربي‬
‫يتراوح بين ) ‪ ( % 20 – 5‬من احتياجات الوطن العربي من الغذاء ‪ ,‬والباقي‬
‫يستورد من الخارج اذ تصل قيمه الفجوة الغذائية العربيه الى ) ‪ ( 13‬مليار‬
‫دولر سنويا)‪.(53‬‬
‫‪ -4‬التحول من الستثمارات القصيرة الجل الى الستثمارات متوسطة‬
‫وطويلة الجل ‪ ,‬وإن كان النوعان مطلوبين‪.‬‬
‫‪ -5‬ومما يلحق بالستثمار ‪ -:‬تعزيز القدرة التنافسية ‪ ,‬ذلك بأن المنافسة أمر‬
‫جيد ومحرك اساسي للتقدم ‪ ,‬ولكن لبد لها من ضوابط حتى لنخسر ذاتنا ‪,‬‬
‫او نفقد قيمنا ‪ ,‬فينبغي ان تقوم هذه المنافسة ل على أساس السعار‬
‫فحسب ‪,‬بل تتعداه إلى الجوده الشاملة‪ ,‬والرتقاء بالمواصفات المعيارية‬

‫‪10‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫للسلع والخدمات العربية والسلمية ‪ ,‬بالضافة إلى تطوير القدرات الدارية ‪,‬‬
‫والتأكيد على البتكار ‪ ,‬والتميز الصناعي ‪ ,‬وعلى دولنا الستفادة من فترات‬
‫السماح التي تتيحها مبادئ تحرير التجارة العالمية‬
‫ولشك أن المنافسة – اليوم – غير متكافئة ‪ ,‬لنها بين قوي مؤهل وضعيف‬
‫أعزل في صراع حسمت نتيجته من قبل اللقاء ‪ ,‬فالشركات العابرة للقارات‬
‫جادة في منافستها ‪ ,‬ذلك بأن هدفها الربح ‪ ,‬والربح وحده ولو على حساب‬
‫القيم وسحق الضعيف ‪ ,‬ول تألوا جهدا في البحث عن كل عمل يحقق هدفها ‪,‬‬
‫ول أدل على ذلك مما تقوم به بعض الشركات العملقة من تجسس على‬
‫الشركات المنافسة لها من اجل معرفة نقاط الضعف فيها ‪ ,‬ومن ثم القضاء‬
‫عليها ‪ ,‬ومع كل ذلك يظل الواجب على الدول السلمية دخول هذه المنافسة‬
‫الواسعة البواب التي طرحت كشعار سوقي للعولمة ‪ ,‬ول يتم ذلك إل‬
‫بالتكتل والتعاون الذي من مظاهره اقامة سوق اسلمية مشتركة ‪.‬‬
‫بالضافة إلى تشجيع قطاع الخدمات بين الدول السلمية بما يساعد على‬
‫تدوير الموال السلمية داخل الوطن السلمي ‪ ,‬وإتباع أسلوب ‪)) :‬البرامج‬
‫المتوازية (( لتنشيط القطاعات القتصادية من خلل خطة زمنية محددة‬
‫ضمانا لللتزام بالتطبيق وتحقيق مستويات أفضل ومتقاربة إذ ))التفاوت في‬
‫اقتصاديات الدول قد يعوق الندماج(()‪. (54‬‬
‫السبيل الرابع ‪ :‬التمويل‬
‫من سبل تفعيل اقامة سوق اسلمية مشتركة مساهمة الدول السلمية في‬
‫تمويل المشروعات التي تخدم الهدف العام الذي تسعى إلى تحقيقه فتعمد‬
‫إلى التي ‪-:‬‬

‫)‪(12 /‬‬

‫‪ -1‬تحفيز القطاع الحاضن للمساهمة في المشروعات السلمية المشتركة‬


‫والحد من تسرب الموال السلمية نحو الدول الجنبية ‪ ,‬وقد ركزت الدول‬
‫الخليجية خلل السنوات الماضية على التزام بسياسات التحرر القتصادي‬
‫والعمل على تنشيط القطاع الخاص وإعطائه دورا أكبر في أدارة النشاط‬
‫القتصادي ‪ ,‬وعلى سبيل المثال ارتفعت استثمارات القطاع الخاص في دوله‬
‫المارات العربية المتحدة من ) ‪ ( 8.2‬مليار درهم عام ‪1975‬م الى ) ‪( 20‬‬
‫مليار درهم عام ‪2000‬م وخاصة في ظل المناخ القتصادي التجاري الحر‬
‫الذي تنتهجه الدولة اضافة إلى تشجيعها القطاع الخاص من خلل التوسع في‬
‫بناء المناطق الحرة ‪ ,‬وتهيئة البنية الساسية الستثمارية)‪. (55‬‬
‫‪ -2‬الدخول في التمويل المشترك لمشروعات التنمية الكبرى التي قد تفوق‬
‫قدرات الدولة الواحدة كاستصلح الراضي وزراعتها والصناعات الثقيلة‬
‫والمعلوماتية والتصالت ‪.‬‬
‫‪ -3‬تشجيع التكتلت الصغيرة القائمه كدول الخليج العربي ‪ ,‬أو دول المغرب‬
‫العربي ذلك بأن المشروعات القتصادية المشتركة بين الدول السلمية حجر‬
‫الساس في بناء صرح التكامل القتصادي فهي تشكل مقدمة مهمة لنفتاح‬
‫هذه السواق وانخراطها في سوق عربية مشتركة لتنتهي الى سوق اسلمية‬
‫مشتركة‪ ،‬وفي هذا الطار وقع البنك السلمي للتنمية مذكرة تفاهم مع مع‬
‫منظمة التعاون القتصادي وقدم مساعدات مالية ونسبة للمنظمة لتنفيذ‬
‫مشروعات في مختلف المجالت ‪ ,‬فعلى الصعيد الفريقي يتعاون البنك مع‬
‫كل من اتحاد المغرب العربي ‪ ,‬والتحاد القتصادي لدول غرب افريقيا مع‬

‫‪11‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫السوق المشتركة لدول افريقيا الشرقية والجنوبية )الكوميسا( في تحقيق‬


‫أهداف التحاد القتصادي الفريقي ‪ ,‬وخاصه فيما يتصل بتبادل التجارب‬
‫والخبرات ويتعاون البنك كذلك مع منظمه المؤتمر السلمي والمؤسسات‬
‫التابعة لها والجهزة المتخصصة المنبثقة لها)‪ , (56‬ومع الغرفة السلمية‬
‫للتجارة والصناعة التي مقرها في كراتشي بباكستان)‪ . (57‬كما شرع البنك‬
‫السلمي في تنفيذ برنامج المساعدة الفنية – واسع النطاق – لمساعدة‬
‫الدول العضاء على مواردها المؤسسية والبشرية)‪. (58‬‬
‫‪ -4‬إقامة معارض دولية تشترك فيها الدول السلمية على غرار المعرض‬
‫التجاري السلمي التاسع المنعقد في ) ‪28/12/2002-21‬م ( بالشارقة تحت‬
‫شعار ))العالم السلمي تجارة حرة وتنمية مستديمة(()‪ , (59‬والمعارض‬
‫عبارة عن اسواق منظمة تكشف عن مدى تقدم وازدهار الدولة التي تقيمها‬
‫في الميدان القتصادي وهي في نفس الوقت تعرف الخرين على انتاج‬
‫الدول المشاركة ‪ ,‬وقد يستفيد اصحاب الختصاص من زيارتهم لهذه‬
‫المعارض للتعرف على مايمثل انتاجهم لدى الخرين ليكونوا على بينة من‬
‫مستواهم الفعلي وليعملوا على تحسين انتاجهم وتطويره)‪ , (60‬ول يخفى ما‬
‫تثمره هذه المعارض كذلك من تنافس بين اصحاب الفعاليات القتصادية‬
‫وتبادل للمعلومات بالضافة الى ما توفره من انشطة على هامش هذه‬
‫المعارض مثل الندوات للتخطيط لقامة السوق المشتركة ‪.‬‬
‫‪ -5‬للتشجيع علىإقامة مناطق حرة بما تمثله هذه المناطق من تدرج إيجابي‬
‫قد ينتهي بسوق اسلمية مشتركة عبر جدولة زمنية محددة اذا صح القصد‬
‫وصدق العزم ‪ ,‬ول يقتصر المر على تشجيع الدول في المساهمة في هذه‬
‫المناطق ‪ ,‬بل يتعداه الى أمرين آخرين ‪-:‬‬
‫‪ -‬أحدهما ‪-:‬‬
‫العمل على إزالة العقبات والمعوقات التي تواجه هذه الخطوات المباركة‬
‫التي من ابرزها القيود الجمركية وأحيانا غير الجمركية والحرص على‬
‫الشفافية)‪.(61‬‬
‫‪-‬وثانيهما ‪-:‬‬
‫إبراز المنافع والمصالح العامة والخاصة التي تحققها هذه المناطق فهي تعود‬
‫بالفائدة على الجميع تجاريا واقتصاديا بالضافة الى زيادة حجم الستثمارات‬
‫المشتركة بما تثمره هذه الستثمارات من خير على العمالة السلمية وعلى‬
‫التنمية بشكل عام وبموجب هذه المناطق الحرة يمكن أن يتحرر انتقال‬
‫الشخاص ورأس المال بين الدول السلمية وأنذاك تبدأ الخطوات نحو‬
‫السوق المشتركة والتكامل القتصادي ‪.‬‬
‫‪ -6‬الحرص على توجيه الدول السلمية نحو تعميق مبدأالتخصص أي بأن‬
‫تتخصص كل دولة في المجال الذي تتمتع فيه بالمزايا النسبية المتمثلة فيما‬
‫توفرلديها من عناصر النتاج والتخصص هو توجيه الموارد والمكانات‬
‫القتصادية في مجال واحد أو مجالت محصورة )) وايلء الفضلية لمشروع‬
‫تكون الدولة متمكنة منه حتى يتم لها التوفق بهذا الحقل وتحقق الغايه‬
‫المنشودة منه ‪ ,‬وتكون أقدر من غيرها على تطوير برامجها وتحسين انتاجها‬
‫بشكل تكون فيه افضل من غيرها(()‪. (62‬‬
‫والتخصص يحقق للدولة التقوي في الحقل الذي هي اقدر فيه من غيرها ‪,‬‬
‫ويجمع لها جهود فل تتوزع في سبل متعددة قد لتصل في مجموعها إلى‬
‫الذروه بخلف ما لو حصرت جهدها في سبيل واحد أو سبل محددة فإن‬

‫‪12‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫المردود يكون أوسع واكثر فائدة ‪ ,‬وليأتي هذا إل بالتنسيق والتعاون التجاري‬
‫بين الدول السلمية ‪.‬‬

‫)‪(13 /‬‬

‫‪ -7‬تمويل المشروعات الصناعية ‪ :‬يعتبر تمويل المشروعات الصناعية من‬


‫أهم الطرق الموصلة لقامة سوق اسلمية مشتركة ان لم يكن على المدى‬
‫القريب فعلى المدى البعيد وذلك بوضع سياسة حديثة واستراتيجية واضحة‬
‫للتنمية الصناعية وكلما ساهمت الدول السلمية في التنمية الصناعية فيما‬
‫بينها تقارب النمو القتصادي بينها واقتربت من السوق السلمية أكثر فأكثر‬
‫وكان التكامل القتصادي بينها أقرب اذ من الصعوبه بمكان قيام سوق‬
‫مشتركة بين دول ذات اقتصاد متطور وأخرى ذات اقتصاد متخلف ‪ ,‬وفي‬
‫إطار الصناعات ‪ :‬أشادت دراسه حديثة صادرة عن منظمة القطار العربية‬
‫المصدرة للبترول أوابك بسياسة المارات فهي وحدها تنتج ثلث النتاج‬
‫العربي من المشتقات البترولية مثل غاز البترول المسال وزيوت التزييت‬
‫والسفلت والشمع ‪ ...‬وأكدت الدراسة حاجة العالم إلى استثمارات تقدر‬
‫بنحو ) ‪ ( 101‬مليار دولر بالمواصفات البيئية عام ‪2015‬م ‪ ,‬وتوقعت‬
‫الدراسة ان يتركز حوالي ) ‪ ( %9‬في الدول العربية)‪. (63‬‬
‫تشجيع التجارة البينية تعكس التجارة بين الدول حجم الروابط القائمة بينها ‪,‬‬
‫فعلى قدر حجم هذه التجارة على قدر العلقة القائمة فيما بينها ‪ ,‬فإذا كانت‬
‫التجارة قوية كانت العلقة قوية و متينة ‪ ,‬و إذا كانت التجارة ضعيفة كانت‬
‫العلقة ضعيفة ‪ ,‬و من المسلم به أن التبادل التجاري بين الدول السلمية‬
‫ضروري و حيوي ‪ " .‬و يؤدي حتما إلى تخفيف الرتباطات مع الدول الجنبية ‪.‬‬
‫إذ إن التكتلت الدولية في العصر الحاضر تعمل على تبادل المنافع فيما بينها‬
‫و قصرها على أعضائها دون غيرهم)‪ (54‬و يعد ذلك محورا من أهم محاور‬
‫التكامل القتصادي ‪ ,‬و خطوة من أسرع الخطوات المتبعة لقامة سوق‬
‫إسلمية مشتركة ‪.‬‬
‫حجم التجارة البينية)‪: (55‬‬
‫تتراوح نسبة التجارة البينية بين الدول العربية إلى أجمالي التجارة الخارجية )‬
‫‪ (56)(%8.5‬و هو ما ل يتناسب مع آمال و طموحات الشعوب العربية و‬
‫السلمية ‪ ,‬و ل مع إمكانياتها و قدراتها ‪ ,‬و قد وصل حجم الموال العربية‬
‫المستخدمة خارج الدول العربية إلى ما بين ‪ 700‬إلى ‪ 800‬مليار دولر أي ما‬
‫يعادل ‪ %91‬و قد دعا مؤتمر القمة السلمية الثامن في طهران و كذلك‬
‫البنك السلمي للتنمية إلى رفع هذه النسبة لتصل إلى ‪ %30‬على القل‬
‫تمهيدا ً للوصول إلى السوق السلمية المشتركة ‪.‬‬
‫و قد عقد مؤتمر اقتصادي عربي يضم رجال العمال و وزراء التجارة العرب‬
‫في القاهرة بين ‪ 16‬و ‪18/5/2002‬م و الهدف منه زيادة حجم المبادلت بين‬
‫الدول العربية خصوصا و إنها تشكل حاليا ً ‪%8‬من من الحجم الجمالي‬
‫لمبادلتها مع الخارج)‪ (57‬و قررت ‪ 15‬دولة عربية تسريع موعد إقامة السوق‬
‫العربية المشتركة ‪ ,‬و تعهدت بإلغاء التعريفات الجمركية سنة ‪ 2005‬بدل ً من‬
‫‪ 2007‬كما كان مقررا ً في السابق ‪. (88).‬‬
‫أما التجارة البينية للدول العضاء في البنك السلمي للتنمية فتشكل ‪%10‬‬
‫عام ‪2001‬م من تجارتها الجمالية في مقابل ‪ %11.3‬في عام ‪1999‬م )‪(89‬‬
‫و قد بلغت الصادرات البينية لهذه الدول ‪ 49.9‬بليون دولر أمريكي في عام‬

‫‪13‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫‪ 2000‬بزيادة نسبة ‪ %24.4‬علي مبلغ ‪ 40.1‬بليون دولر أمريكي تحققت في‬


‫عام ‪1999‬م ‪ ,‬و تعد هذه النسبة ممتازة مقارنة بنسبة نمو الصادرات البينية‬
‫‪ %6.1‬المسجلة عام ‪1999‬م ‪ ,‬و هي أعلى قيمة من التجارة البينية لعام‬
‫‪1998‬م إلى ‪ 38.3‬في عام )‪ , 1999(58‬و قد قفزت إلى ‪ 53.1‬بليون دولر‬
‫أمريكي في عام ‪ 2000‬أي بمعدل نمو نسبته ‪ ... %39‬و على الرغم من هذا‬
‫الداء المثير للعجاب ‪ .‬فإن الحصة النسبية من أجمالي تجارة الصادرات‬
‫البينية بلغت ‪ %20‬بينما كانت حصة إجمالي الواردات ‪ %13.1‬في عام‬
‫‪2000‬م‪(59).‬‬
‫و كذلك الشأن بالنسبة للتجارة البينية الخليجية فمازالت دون الطموحات‬
‫حيث يتراوح حجمها بين ‪ 11‬إلى ‪ 14‬مليار دولر سنويا ً أي ما يعادل ‪ 5‬إلى‬
‫‪ %7‬من حجم التجارة الخارجية الخليجية ‪ ,‬وهو يعد قدرأ ضئيل ً قياسا ً إلى‬
‫نسبة التجارة البينية البالغة ‪ %80‬بين دول التحاد الوربي)‪. (70‬‬
‫و ختاما ً فأن من مؤشرات التفاؤل بمستقبل اقتصادي أفضل لعالمنا‬
‫السلمي أن كل الدول السلمية تحاول جاهدة الخروج من أزماتها‬
‫القتصادية و تحاول التغلب على المشكلت التي تعاني منها ‪ ,‬و ذلك بما تتبعه‬
‫من خطوات مثل ‪:‬‬
‫‪ /1‬فتح المجال أمام التبادل التجاري ‪ ,‬و تشجيع المناطق الحرة ‪ ,‬و المعارض‬
‫التجارية ‪ ,‬و التجمعات القتصادية الصغيرة القائمة بين الدول السلمية ‪,‬‬
‫سواء أكانت في شكل ثنائيات اقتصادية أو تجمعات إقليمية مثل دول‬
‫المغرب العربي ‪ ,‬أو دول الخليج العربي ‪.‬‬
‫‪ /2‬تدريب اليدي العاملة المحلية بحيث تكون قادرة على النهوض‬
‫بالتكنولوجيا و سوق العمل ‪.‬‬

‫)‪(14 /‬‬

‫‪ /3‬تخفيض قيمة الرسوم الجمركية و الضرائب ذات الثر المماثل ‪ ,‬بالضافة‬


‫إلى إخراج التعريفة الجمركية الموحدة تجاة العالم الخارجي إلى حيز‬
‫الوجود ‪ ,‬و هذا يعد الخطوة الولى إلى السوق السلمية المشتركة ‪ ,‬و‬
‫العمود الفقري للتكامل القتصادي و السبيل المثل لتقوية دور الدول العربية‬
‫و السلمية عند التفاوض مع الدول الغربية و التكتلت القتصادية العالمية‪ ,‬و‬
‫إن كان في مثل هذا المر صعوبة و يحتاج إلى جرأة ‪ ,‬فعلى الدول السلمية‬
‫التعاون فيما بينها ‪ ,‬و أن تنظر نظرة مستقبلية في إطار المصلحة العامة‬
‫لشعوبها ‪.‬‬
‫و في هذا الطار أحرزت القمة الخليجية ال ‪ 23‬التي عقدت في الدوحة‬
‫يومي ‪ 21‬و ‪22‬و ‪23/12/2002‬م نتائج مهمة على صعيد التكامل القتصادي‬
‫و التنمية)‪ . (71‬و ذلك بالعلن عن بدء تنفيذ التحاد الجمركي الخليجي‬
‫اعتبارا من الول من يناير ‪2003‬م وقد تم إعفاء أكثر من ‪ 400‬سلعة على‬
‫مستوى دول التعاون مجتمعة ضمن التحاد الجمركي)‪ .(72‬و هذا يشكل نقلة‬
‫نوعية في مسيرة العمل الخليجي المشترك باعتبارها خطوة هامة نحو إنشاء‬
‫سوق خارجية مشتركة بحلول عام ‪2007‬م ‪ ,‬و هي الولى من نوعها في‬
‫منطقة الشرق الوسط ‪ ,‬مع الحرص على الوصول إلى إصدار عملة خليجية‬
‫موحدة و إقامة اتحاد نقدي في عام ‪2010‬م)‪ , (73‬و بعد مرور شهرين على‬
‫على انطلق العمل الفعلي بالتحاد الجمركي بين دول مجلس التعاون‬
‫الخليجي قد يكون من المبكر جدا الحكم على مدى نجاح هذه الخطوة أو‬

‫‪14‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫فشلها‬
‫‪ /4‬تشجيع الستثمار المحلي في سبيل تحقيق الكتفاء الذاتي في جميع‬
‫التجاهات ‪.‬‬
‫‪ /5‬تأسيس قاعدة اقتصادية بين الدول السلمية و العربية تقوم على تبادل‬
‫المعلومات و الخيرات في هذه المجال ‪.‬‬
‫‪ /6‬استحداث آليات جديدة و متطورة لترجمة المال و التطلعات القتصادية‬
‫إلى واقع عملي في حياة المسلمين من تعاون و تكامل بالضافة إلى تطوير‬
‫البنية التحتية و تشجيع الستثمار ‪ ,‬و دعم المؤسسات المالية و القتصادية ‪ ,‬و‬
‫ل بد إن تتحول السواق القليمية ‪ :‬الخليجية و المغاربة إلى سوق عربية ‪ .‬و‬
‫تتحول السوق العربية إلى سوق إسلمية مشتركة وهذه الطموحات ل تحقق‬
‫بالتمني ولكن بالتخطيط والجدية ‪ ،‬وإيجاد البدائل التي نصنعها نحن التي‬
‫تكون نابعة من هويتنا الدينية‪ ،‬ومتفقة ومبادئنا وقيمنا السلمية‪ ،‬فإن ذلك ل‬
‫محالة نظرية اقتصادية صحيحة مثمرة ‪ ،‬وهو مفتاح النصر في كل شيء‬
‫والمقدمة الحقيقية لقوتنا السياسية والعسكرية ولنهضتنا الحضارية‪.‬‬
‫هذه هي بعض السبل لتفعيل إقامة السوق السلمية المشتركة‪ ،‬مع ذكر‬
‫بعض الخطوات للتعامل مع العولمة القتصادية ‪ ،‬وعلى المة أن تسعى‬
‫لستلم دورها الريادي فتعمل لصناعة المستقبل وتفعيل مراكز البحوث‬
‫ومعاهد الدراسات ‪ ،‬لتحقيق الكفاءة الفنية وصناعة الكوادر العاملة‬
‫والمتخصصة ن وصناعة الفكار والمبتكرات وفق التصورات السلمية لخدمة‬
‫المصلحة العربية والسلمية والبشرية جمعاء فالموقف من العولمة موقف‬
‫مواجهة‪ ،‬الهزيمة فيه ممنوعة لن القضية وجود أول وجود‪ .‬وتبدأ المواجهة‬
‫بالتعامل الصحيح مع مباديء ديننا الحنيف ثم باستيعاب هذه العولمة وتفهمها‬
‫ونقدها ‪ ،‬وان قدر هذه المة أن تصد كل فساد ن وبهذا نالت الخيرية ‪) :‬كنتم‬
‫خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله(‬
‫)‪.(74‬‬
‫خاتمة في النتائج والتوصيات‬
‫بعد هذه الجولة فإن ما ذكرته من أفكار أحسبها هادفة إلي رفع الداء‬
‫القتصادي العربي السلمي وتعجيل الخطوات إلي إيجاد سوق إسلمية‬
‫مشركة لمواجهة تحديات العولمة‪ ،‬ومع ذلك ل أزعم أنها تصور شامل‬
‫واستراتيجي لما ينبغي تحقيقه‪ ،‬ولكنها قريبة منه‪ ،‬وتحوم حوله حتى نجعل من‬
‫العالم )قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا ً من كل مكان()‪.(75‬‬
‫‪ /1‬وهذه بعض النتائج التي توصلت إليها‪ ،‬مع بعض التوصيات‪.‬‬
‫أو ً‬
‫ل‪:‬‬
‫‪ /1‬إن المجتمع البشري ل يصل إلي السعادة والرخاء إل بالرجوع إلى‬
‫العوامل الواقعية التي تجمع بين البشر‪ ،‬ول شك أن العامل المادي ليس هو‬
‫العامل الحقيقي الذي يجمع بقدر ما هو عنصر لختلف والتنازع والستغلل‪،‬‬
‫قال رسول الله صلى الله عليه وسلم )والله ما الفقر أخشى عليكم‪ ،‬ولكن‬
‫أخشىعليكم أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت على من كان قبلكم‬
‫فتنافسوها كما تنافسوها وتهلككم كما أهلكتم()‪.(76‬‬
‫‪ /2‬إذا كان الهدف من العولمة النفتاح والتعاون فل حرج فيها‪ ،‬وإذا كان‬
‫المقصد منها الخذ والعطاء أن تكون المة السلمية والعربية مجرد مستهلك‬
‫على المستوى القتصادي‪ ،‬والثقافي والفكري فهذا يرفضه كل حر أبين لن‬
‫هذه يعني الذوبان في الخر على البشرية‪.‬‬
‫‪ /3‬لو التزمت العولمة بضوابط إنسانية‪ ،‬واتخذت ميزان العدل أسلوبا ً متبعا‬

‫‪15‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫في جميع معاملتها‪ ،‬فإنها بذلك ل تشكل خطرا ً على البشرية‪.‬‬


‫‪ /4‬أخطر المواقف التعامل مع العولمة بمعيار الرفض المطلق أو القبول‬
‫المطلق‪ ،‬بل المر يحتاج إلي دراسة متأنية ومناقشة هادئة متزنة حتى نكون‬
‫فاعلين مؤثرين‪.‬‬

‫)‪(15 /‬‬

‫‪ /5‬العولمة ليست قدرا ً محتوما – كما يتصور البعض – يحدد مصير الدول‬
‫السلمية‪ ،‬بل هي ظرف تاريخي يتطور فيه النظام الرأسمالي‪ ،‬وأن‬
‫المسلمين هم قدر الله‪ ،‬ومصير المة مرتبط إلي حد كبير بتعامل المسلمين‬
‫وتفاعلهم مع التحديات الراهنة‪.‬‬
‫ً‬
‫‪ /6‬الدعوة إلي إقامة سوق إسلمية مشتركة ل يتعارض إطلقا مع الدعوة‬
‫إلي إقامة سوق عربية مشتركة إذا ل مانع من التعاون والتكامل القتصادي‬
‫العربي – خاصة في هذه المرحلة – ثم التعاون بين المسلمين جميعًا‪.‬‬
‫ثانيًا‪ :‬التوصيات‪.‬‬
‫‪ -1‬مزيد من فهم العولمة والتعامل معها بحذر‪ ،‬وحرى بالدول السلمية قبل‬
‫النخراط في العولمة مناقشة المر مناقشة هادئة‪ .‬وعدم التسرع في اتخاذ‬
‫القرار‪..‬‬
‫‪ -2‬عقد اجتماعات وندوات تضم القتصاديين والتجار لدراسة ظاهرة العولمة‬
‫بشكل عميق‪ ،‬ووضع الخطط والبرامج القتصادية التي تدعم إقامة السوق‬
‫السلمية المشتركة والسواق المحلية والعربية بما يضمن لها التقديم‬
‫والنجاح‪.‬‬
‫‪ -3‬التعرف المبكر على نقاط الختلل والضعف في الداء القتصادي‬
‫لتجاوزها‪ ،‬وتعزيز نقاط القوة والتميز‪.‬‬
‫‪ -4‬إعادة النظر في البيئة النتاجية وعوامل إنجاح الجودة‪ ،‬وتخفيض التكاليف‪،‬‬
‫وتحديث التقانات‪ ،‬ووضع معايير عالمية ل تعتمد فقط على فاعلية أو قدرة‬
‫القتصاد بل تعتمد أيضا على المسؤولية الجتماعية‪.‬‬
‫‪ -5‬تشجيع الستثمار الحكومي والخاص في البنية التحتية والخدمية لمتصاص‬
‫البطالة وتوسيع السوق الداخلية والمشتركة‪.‬‬
‫‪ -6‬الحد من قوى منظمة التجارة العالمية والتأكد من أن اللوائح عادلة‬
‫ومناسبة لكل الدول العضاء‪ ،‬ووضع توجيهات لكبح جموح الشركات العابرة‬
‫للقارات والحد من سيطرتها‪.‬‬
‫‪ -7‬العمل على مساندة المجتمع المدني‪ ،‬ودفعه ليكون أكثر فاعلية‪ ،‬والعمل‬
‫على زيادة مشاركة الفراد المهمشين‪.‬‬
‫‪ -8‬العمل على تعزيز التكامل القتصادي في وسط سريع التطور‪ ،‬وتجاوز‬
‫مرحلة التنظير والمنيات لمرحلة التخطيط الجاد والتطبيق العاجل لكل‬
‫مشرعات التعاون القتصادي بين الدول السلمية‪ ،‬والدخول في التمويل‬
‫المشترك لمشروعات التنمية الكبرى التي قد تفوق قدرات الدولة الواحدة‪،‬‬
‫كاستصلح الراضي وزراعتها والصناعات الثقيلة والمعلوماتية والتصالت‪.‬‬
‫‪ -9‬تشجيع انتقال رؤوس الموال والعمالة المدربة والخبرات والتكنولوجيا بين‬
‫الدول السلمية‪.‬‬
‫‪ -10‬محاولة تناسي جراحات الماضي‪ ،‬وتجاوز الخلفات وتغليب المصالح‬
‫القتصادية على الخلفات السياسية وهذا ما أخذت به الدول الغربية فنجحت‬
‫في إقامة سوق أوربية مشتركة‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫‪ -11‬التريث والتأكد من جميع الخطوات التنفيذية حتى ل تتعرض هذه التجربة‬


‫للفشل‪ ،‬فإذا قامت وفشلت فمن الصعب أن تقوم مرة أخرى‪.‬‬
‫‪ -12‬إزالة كافة المعوقات لقامة السوق السلمية المشتركة والصبر على‬
‫طول الطريق ‪ ،‬فإن السوق المشتركة ل تقام في يوم وليلة بل تحتاج إلي‬
‫وقت وصبر‪.‬‬
‫‪ -13‬توسيع دائرة الصناعة في الدول السلمية والحرص على تطويرها‪،‬‬
‫وإنشاء العديد من الشركات السلمية التي تتولى تنفيذ مشروعات إسلمية‬
‫مشتركة وتنسيق مجالت النتاج‪ ،‬وتقديم المشورة في النواحي التقنية‬
‫والدارة الصناعية والتنفيذ الصناعي‪.‬‬
‫‪ -14‬العمل على زيادة التجارة بين الدول السلمية وتنميتها في كل المجالت‬
‫وخاصة في المحاصيل الستراتيجية‪ ،‬فإن ذلك يخدم الصالح العام ويقارب‬
‫الخطى إلي إقامة سوق إسلمية مشتركة‪.‬‬
‫‪ -15‬إيجاد آلية لتعويض بعض الدول السلمية عن انخفاض حصيلتها من‬
‫الضرائب الجمركية بسبب تحرير تجارتها البينية‪.‬‬
‫وأختم حديثي بالتأكيد على أهمية إقامة السوق السلمية المشتركة خاصة‬
‫في ظل إصرار الغرب على العولمة القتصادية فإنها تصبح فرض عين‪ ،‬وليس‬
‫من باب التتمات والتحسينات‪ ،‬إذ إنها تعد خطا ً دفاعيا ً مهما ً عن هوية المة‪،‬‬
‫وحصنا ً حصينا ً لرعاية مصالحها ومع ذلك تظل السوق السلمية المشتركة‬
‫مرحلة للتكامل القتصادي‪.‬‬
‫والحمد لله في البدء والختام والصلة والسلم على المبعوث رحمة للنام‪.‬‬
‫المصادر والمراجع‬
‫‪ .1‬إسرائيل والعرب والسوق أوسطية‪ :‬د‪ .‬محمود وهبة ‪،‬الناشر المكتبة‬
‫الكاديمية الطبعة الولى سنة ‪1994‬‬
‫‪ .2‬السلم والعولمة ‪ :‬د‪ .‬احمد عبد الرحمن وآخرون الدار القومية العربية‬
‫القاهرة سنة ‪1999‬‬
‫‪ .3‬التقرير السنوي للبنك السلمى للتنمية سنة ‪1422‬‬
‫‪ .4‬التقرير السنوي للبنك السلمى للتنمية سنة ‪1421‬‬
‫‪ .5‬التقرير القتصادي العربي الموحد سنة ‪2000‬‬
‫‪ .6‬الجامع لحكام القران ‪ :‬محمد بن احمد النصارى القرطبى ‪ ،‬دار احياء‬
‫التراث العربى ‪،‬بيروت ‪،‬طبع بالوفست على الطبعه الثانية سنة ‪/ 1376‬‬
‫‪1957‬‬
‫‪ .7‬جريدة الخليج القتصادى العددان ‪ 8373‬و ‪8615‬‬
‫‪ .8‬جملة من الموضوعات من الشبكة المعلوماتية )النترنت(‬
‫‪ .9‬السوق السلمية المشتركة ‪ :‬د‪ .‬بابللى مطبعة المدينة المنوره بالرياض‬
‫الطبعة الثانية سنة ‪1976‬‬
‫‪ .10‬السوق السلمية المشتركة ‪ :‬د‪ .‬محمد بن على العقل مؤسسة شباب‬
‫الجامعة السكندرية سنة ‪2000‬‬

‫)‪(16 /‬‬

‫‪ .11‬صحيح البخارى ‪ :‬المكتبة السلمية باستنبول نتركيا سنة ‪1979‬‬


‫‪ .12‬صحيح الجامع الصغير وزيادتة )الفتح الكبير( محمد ناصر اللبانى اشرف‬
‫على طبعة زهير الشاويش الطبعة الثالثة نالمكتب السلمى بيروت سنة‬
‫‪1988/ 1408‬‬

‫‪17‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫‪ .13‬صحيح مسلم ‪ :‬للمام ابى الحسين مسلم بن الحجاج القشيرى يجقيق‬


‫محمد فؤاد عبد الباقى ‪،‬نشر ادارات البحوث العلمية والفتاء بالسعودية سنة‬
‫‪1400/1980‬‬
‫‪ .14‬العولمة ندراسة تحليلية نقدية ‪ :‬د‪.‬عبد الله عثمان دار الوراق سنة ‪1999‬‬
‫‪ .15‬فخ العولمة ‪،‬العتداء على الديمقراطية والرفاهية ‪ :‬هانس بيتر مارتين‬
‫وهارالد شومان ‪،‬ترجمة عدنان عباس على ‪،‬عالم المعرفة ‪ ،238،‬سلسلة‬
‫كتب ثقافة شهرية يصدرها المجلس الوطنى للثقافة والفنون والداب الكويت‬
‫‪،‬جمادى الخرة ‪،1419‬اكتوبر ‪1998‬‬
‫‪ .16‬فى مواجهة العولمة ‪:‬ا‪.‬د‪.‬زكريا بشير امام مركز قاسم للمعلومات‬
‫وخدمات المكتبات الخرطوم السودان الطبعة الولى سنة ‪1420/2000‬‬
‫‪ .17‬القران الكريم‬
‫‪ .18‬كتاب السنن ‪:‬لبى داود سليمان بن اشعث الزدى السجستانى مؤسسة‬
‫الريان بيروت الطبعة الولى ‪1491/1998‬‬
‫‪ .19‬مجلة اخبار النفط والصناعة عدد ‪389‬‬
‫‪ .20‬مجلة المارات اليوم العدد ‪123‬‬
‫‪ .21‬مجلة البعث القتصادي العدد ‪90‬‬
‫‪ .22‬مجلة اتحاد المصارف العددان ‪246‬و ‪249‬‬
‫‪ .23‬مجلة الدراسات العلمية العدد ‪97‬‬
‫‪ .24‬مجلة شؤون خليجية العددان ‪ 31‬و ‪176‬‬
‫‪ .25‬مجلة القتصاد السلمى العداد ‪ 38‬و ‪ 48‬و ‪ 208‬و ‪ 224‬و ‪230‬‬
‫‪ .26‬مجلة القتصادى العدد ‪188‬‬
‫‪ .27‬مقاصد الشريعة السلمية ‪:‬الشيخ محمد الطاهر بن عاشور تحقيق‬
‫ودراسة محمد الطاهر اليساوى دار النفائس الردن الطبعة الثانية‬
‫‪1421/2001‬‬
‫‪ .28‬موطا المام مالك رواية يحيى بن يحيى الليثى اعداد احمد راتب‬
‫عرموش دار النفائس بيروت الطبعة السابعة سنة ‪4043/1983‬‬
‫‪----------‬‬
‫)‪ (1‬يرى د‪ .‬على جمعة ان العولمة في حالة وليست مفهومها‪) :‬انظر السلم‬
‫والعولمة‪ 132/‬العولمة حالة مفهوم الدار‪.‬‬
‫)‪ (2‬القتصادي السلمي ‪ 59 /‬العدد تاريخ ‪11/1430‬ه – ‪2/200‬م‬
‫)‪ (3‬الية ‪ 13‬سورة الحجرات‪.‬‬
‫)‪ (4‬الية ‪ 22‬سورة الزخرف‬
‫)‪ (5‬القرطبي الجامع لحكام للقران ‪16/83‬‬
‫)‪ (6‬اخرجه مالك في الموطأ‪ 529 /‬رقم ‪ :1426‬كتاب القضية‪،‬‬
‫)‪ (7‬الية ‪ 2‬سورة المائدة‪.‬‬
‫)‪ (8‬الية ‪ 105‬سورة آل عمران ‪.‬‬
‫)‪ (10‬الية ‪ 105‬سورة آل عمران‪.‬‬
‫)‪ (11‬الية ‪ 46‬سورة النفال‬
‫)‪ (12‬الية ‪ 4‬سورة الصف‬
‫)‪ (13‬القتصاد السلمي ‪ – 40 /‬العدد تاريخ ‪11/1420‬هـ ‪2/2000 -‬م‬
‫)‪ (14‬الية ‪ 13‬سورة الحجرات‪.‬‬
‫)‪ (15‬الية ‪ 2‬سورة المائدة‬
‫)‪ (16‬الية ‪ 85‬سورة هود‪.‬‬
‫)‪ (17‬الية ‪ 205‬سورة البقرة ‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫)‪ (18‬مجلة القتصاد السلمي العدد ‪ 83‬صفحة ‪.47‬‬


‫)‪ (19‬المزيد من التوسع يراجع المحور ‪.‬‬
‫)‪ (20‬د‪ .‬باللي ‪ :‬السوق السلمية المشتركة ‪ ،27/‬مطبعة المدينة بالرياض‪،‬‬
‫الطبعة الثانية‪9768 ،‬م‪.‬‬
‫)‪ (21‬د‪ .‬العقل‪ :‬السوق السلمية المشتركة ‪ ،108/‬مؤسسة شباب الجامعة‬
‫بالسكندرية‪2000/‬م‪.‬‬
‫)‪ (22‬التقرير القتصادي العربي الموحد‪ ،‬سبتمبر ‪ 2000‬صفحة ‪.37 :‬‬
‫)‪ (23‬المرجع السابق‪.123/‬‬
‫)‪ (24‬المرجع السابق ‪.‬‬
‫)‪ (25‬شؤون خليجية ‪ ،176/‬المجلد الرابع العدد ‪ 31‬خريف ‪2002‬م‬
‫)‪ (25‬د‪ .‬باللي السوق السلمية المشتركة‪144/‬‬
‫)‪ (26‬القتاصاد السلمي ‪ 57/‬العدد ‪ 223‬تاريخ ‪10/1420‬هـ ‪1/2000/‬م‬
‫)‪ (27‬ارخجه أبو داؤود في سننه ‪ – 5/38‬رقم ‪ 4279‬كتاب الملحم ‪ ،‬باب‬
‫تداعي المم على السلم ‪ ،‬وسكت عنه‪ ،‬وصححه اللباني في صحيح الجامع‬
‫الصغير ‪2/1359‬‬
‫)‪ (23‬الية ‪ 11‬سورة النعام‪.‬‬
‫)‪ (24‬الية ‪ 97‬سورة النساء‪.‬‬
‫)‪ (25‬الية ‪ 15‬سورة الملك‬
‫)‪ (26‬المرجع السابق ‪.‬‬
‫)‪ (27‬التقرير القتصادي الخليجي ‪ 2003 - 2002‬ص ‪ ، 13‬الصادرة عن‬
‫وحدة الدراسات – دار الخليج للصحافة والطباعة والنشر الطبعة الولى‬
‫الشارقة اكتوبر ‪ 2002‬وينظر الملحق رقم ‪. 2‬‬
‫)‪ (28‬نيبيل شبيل ‪ :‬قمة اللفية الشعار للفقراء والمكاسب للغنياء اقتصاد‬
‫وأعمال إسلم أونلين‪ .‬نت‬
‫)‪ (29‬البعث القتصادي ‪ 17/‬العدد ‪ 9‬تاريخ ‪ 2/200‬ص ‪17‬‬
‫)‪ (30‬شئون خليجية ‪ ،211/‬مرجع سابق‪.,‬‬
‫)‪ (31‬د‪ .‬عبد الله عثمان ‪ ،‬د‪ .‬عبد الرؤوف محمد آدم ‪ :‬العولمة ‪ ،‬دراسة‬
‫تحليلية نقدية ‪ 67 /‬دار الوراق ‪1999 /‬م ‪.‬‬
‫)‪ (32‬اخرجه مالك في الموطأ ‪ /293‬ررقم ‪ 1426‬كتاب القضية ‪ ،‬باب‬
‫القضاء في المرفق صححه في صحيح الجامع الصغير ‪.2/1249‬‬
‫)‪ (33‬من الية ‪ 7‬سورة الحشر‪.‬‬
‫)‪ (34‬فخ العولمة ‪ ،171/‬مرجع سابق ‪.‬‬
‫)‪ (35‬المرجع السابق ‪.169/‬‬
‫)‪ (36‬د‪ .‬العقل ‪ :‬السوق السلمية المشتركة‪10/‬‬
‫)‪ (37‬القتصاد السلمي ‪ 12/‬العدد ‪ 230‬تاريخ ‪5/1421‬هـ ‪8/200 -‬م‬
‫)‪ (38‬د‪ .‬زكريا بشير إمام ‪ :‬في مواجهة العولمة – ‪ 13‬مركز قاسم‬
‫للمعلومات وخدمات المكتبات الخرطوم ‪ ،‬السودان ‪ ،‬الطبعة الولى سنة‬
‫‪ 2000 / 1420‬نقل عن ‪A.J.TOYNBEE:A STUDY OF HISTRY‬‬
‫)‪ (39‬شؤون الشرق الوسط – ‪ 15‬العدد ‪ / 71‬ابريل ‪1998 /‬م‬
‫)‪ (40‬القتصاد السلمي ‪ / 56‬العدد ‪ ، 259‬شوال ‪1423‬هـ ‪ /‬ديسمبر‬
‫‪2002‬م ‪.‬‬
‫)‪ (41‬المرجع السابق ‪57/‬‬
‫)‪ (42‬مجلة العمال في دبي‪ ،‬المجلد ‪ 2‬العدد ‪ ،13‬يناير ‪ 2002‬صفحة ‪.46‬‬

‫‪19‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫)‪(17 /‬‬

‫)‪ (43‬مغاوري شلبي‪ :‬امريكا وأوروبا‪ :‬تنافس على كعكة العولمة‪ :‬السلم أو‬
‫لين ز نت‪ /‬اقتصاد وأعمال‪.‬‬
‫)‪ (44‬وسام فؤاد‪ :‬سينسبري مصر‪ :‬غزو تجاري في ثوب العولمة !! إسلم‬
‫أون لين ز نت ‪ /‬اقتصاد وأعمال‪.‬‬
‫)‪ (45‬العولمة في ميزان السلم‪ :‬جمعية الصلح الجتماعي‪:‬‬
‫‪eslah.org/activity/esdarat/awlamaa‬‬
‫)‪ (46‬عصام المجالي‪ :‬تأثير العولمة وتحرير التجارة على المنطقة العربية‬
‫اجتماعيا ً واقتصاديا‪ ،‬مجلة المارات اليوم‪ 62 – 60 /‬العدد ‪ 8-1 123‬يوليو‬
‫‪2000‬‬
‫)‪ (47‬التقرير القتصاددي العربي الموحد‪ /‬سبتمبر ‪ 2001‬صفحة ‪ 29‬و ‪30‬‬
‫)‪ (48‬أزمة المياه دوليا ً وعربيا وخليجيا ً واستراتيجية المواجهة‪ :‬إعداد وحدة‬
‫البحوث ‪ .‬مجلة شؤون خليجية‪ ،176/‬المجلد ‪ ، 4‬عدد ‪ 31‬خريف ‪2002‬‬
‫)‪ (49‬القتصاد السلمي ‪ 41/‬العدد ‪ 224‬بتاريخ ‪11/1420‬هـ ‪2/2000 -‬م‪.‬‬
‫)‪ (50‬التقرير السنوي للبنك السلمي للتنمية‪ ، 122 /‬سنة ‪1422‬هـ ‪-‬‬
‫‪2001/2002‬م‪.‬‬
‫)‪ (51‬ينظر حجم الستثمارات لبعض المصارف السلمية في المللحق رقم )‬
‫‪ (2‬والملحق )‪.(3‬‬
‫)‪ (52‬القتصادي ‪ /32‬العدد ‪ 188‬فبراير ‪ ، 2003‬وقد بلغت عدد مشاريع‬
‫الستثمار الجنبية في الصين ‪ 360‬ألف مشروع حتى العام ‪ 2000‬ن وبلغ‬
‫حجم الستثمارات الجنبية ‪ 348.3‬مليار دولر أمريكي‪ ،‬القتصادي ‪.47/‬‬
‫)‪ (53‬شؤون خليجية‪ 176 /‬مرجع سابق‪.‬‬
‫)‪ (54‬انظر ما كتبته حنان عبد اللطيف حول )عولمة التجسس القتصادي (‬
‫إسلم أو لين ز نت ‪ /‬اقتصاد واعمال‪.‬‬
‫)‪ (55‬القتصادي‪ ،31/‬مرجع سابق‪.‬‬
‫)‪ (56‬شؤون خليجية‪ 206/‬مرجع سابق‪.‬‬
‫)‪ (57‬التقرير السنوي للبنك السلمي للتنمية ‪ 112/‬و ‪ 113‬ن لسنة ‪1421‬‬
‫هـ ‪2001 /2000 -‬‬
‫)‪ (58‬المرجع السابق‬
‫)‪ (59‬جريدة الخليج القتصادي ‪ /1/‬العدد ‪ ،8615‬الجمعة ‪20/12/2002‬‬
‫)‪ (60‬د‪ .‬بابللي‪ :‬السوق السلمية المشتركة‪.128/129/‬‬
‫)‪ (61‬التقرير القتصادي العربي الموحد ‪ 213/‬بتاريخ سبتمبر ‪2001‬م‪.‬‬
‫)‪ (62‬د‪ .‬بابللي‪ :‬السوق السلمية المشتركة‪.76/‬‬
‫)‪ (63‬أخبار الن فط والصناعة ‪ /36/‬العدد ‪ ، 389‬السنة ‪ ،34‬فبراير ‪2003‬م‬
‫)‪ (54‬د‪ .‬بابللي ‪ :‬السوق السلمية المشتركة ‪.114/‬‬
‫)‪ (55‬لمزيد من التوسع يراجع ملحق ‪5/1‬و ‪ 5/2‬و ‪ 5/3‬و ‪.5/4‬‬
‫)‪ (56‬التقرير القتصادي العربي الموحد ‪/‬د‪.‬‬
‫)‪ (57‬جريدة الخليج القتصادي ‪/9/‬العدد ‪ 8341‬بتاريخ ‪7/1/1423‬هـ ‪-‬‬
‫‪21/3/2002‬م‪.‬‬
‫)‪ (58‬التقرير السنوي للبنك السلمي للتنمية ‪ 94 /‬لسنة ‪– 2001/ 1422‬‬
‫‪2002‬م‬
‫)‪ (59‬المرجع السابق ‪100/‬‬
‫)‪ (70‬القتصادي ‪ 34/‬مرجع سابق‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫)‪ (71‬المرجع السابق ‪.33/‬‬


‫)‪ (72‬المرجع السابق‪.3/‬‬
‫)‪(73‬‬
‫)‪ (74‬الية ‪ 110‬آل عماران‪.‬‬
‫)‪ (75‬الية ‪ 112‬سورة النحل‪.‬‬
‫)‪ (76‬أخرجه البخاري في صحيحه ‪ :4/63‬كتاب الجزية‪ ،‬باب الجزية‬
‫والموادعة مع أهل الحرب‪.‬‬
‫* أستاذ الفقه وأصوله المساعد في جامعة الشارقة‬

‫)‪(18 /‬‬

‫العولمة وأثرها على الهوية]‪[1/2‬‬


‫د‪ .‬خالد بن عبد الله القاسم ‪2/5/1427‬‬
‫‪29/05/2006‬‬
‫‪ -‬تعريف العولمة‬
‫‪ -‬تعريف الهوية وأهميتها‬
‫‪ -‬الثار السلبية للعولمة على الهوية‬
‫* تعريف العولمة‬
‫العولمة كظاهرة بدأ انطلقها في بداية هذا القرن الهجري في الثمانينات‬
‫الميلدي وهي مرتبطة بثلث أحداث كبرى سياسية‪،‬وتقنية‪ ،‬واقتصادية‪.‬‬
‫‪ -1‬السياسية‪ :‬حيث انتهاء المواجهة بين الشرق والغرب‪ ،‬وانهيار التحاد‬
‫السوفيتي وتفكك المعسكر الشرقي‪.‬‬
‫‪ -2‬التقنية‪ :‬وهي الثورة المعلوماتية‪ ،‬حيث شهدت هذه الفترة طفرة تقنية‬
‫هائلة في مجال التصالت اللكترونية وانتقال المعلومات‪ ،‬حيث ساهمت‬
‫مساهمة فعالة في حدوث العولمة‪. .‬‬
‫‪ -3‬القتصادية‪ :‬وظهور منظمة التجارة العالمية عام ‪1995‬م‪ ،‬ومقرها جنيف‬
‫لتخلف التفاقية العامة للتعريفة الجمركية )الجات( وكتتويج لنتشار مذهب‬
‫التبادل الحر واقتصاد السوق الذي بات أيديولوجية تسيطر على العالم شرقه‬
‫وغربه‪ ،‬وهو ما وافق عليه قادة العالم عام ‪1998‬م‪ ،‬أثناء مشاركتهم في‬
‫الحتفال بمرور ‪ 50‬عاما ً على الجات)‪ ،(1‬وظهور الشركات متعددة‬
‫الجنسيات‪.‬‬
‫لم توجد العولمة في السابق مع سيطرة أمم عسكريا ً واقتصاديا ً كالحضارة‬
‫اليونانية والرومانية والسلمية وبريطانيا ولكن في الوقت الحاضر اجتمع‬
‫سيطرة القطب الواحد مع التقدم المذهل في التصالت والمواصلت ‪..‬‬
‫تختلف تعاريف العولمة بين المفكرين حيث يركز كثير من الكتاب على‬
‫الجانب القتصادي وينبه على خطورتها من هذا الجانب بزيادة الفقر وتكدس‬
‫الموال وخدمة الشركات الكبيرة واضمحلل الصغرى أو إيجابيتها من انفتاح‬
‫السواق وزوال الحواجز عن اليدي العاملة‪ ،‬ومنهم من يبشر بها باعتبارها‬
‫تحرر من الدول المغلقة وانطلق نحو العالمية والتقدم‪.‬‬
‫ومنهم من يركز على الجانب الثقافي وأضراره‪ ،‬ومنهم من يأخذها بمفهومها‬
‫الشامل‪ ،‬وهذا الختلف بسبب ذكر كل واحد جانبا ً من الموضوع وهو يذكرنا‬
‫بمثل الذين دخلوا على الفيل في غرفة مظلمة فكل منهم عرفه بما لمسه‬
‫منه‪.‬‬
‫ومع اختلف تعريفات العولمة إل أنها تأخذ عدة ظواهر‪:‬‬

‫‪21‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫‪ -‬التقدم الهائل في وسائل التصال‪ ،‬ل سيما ظهور النترنت والقنوات‬


‫الفضائية‪.‬‬
‫‪ -‬هيمنة الغرب ل سيما أمريكا وسقوط المعسكر الشرقي‪ ،‬وتأخذ هذه‬
‫الهيمنة أبعادا ً عسكرية واقتصادية وثقافية وسياسية‪.‬‬
‫‪ -‬بروز المؤتمرات المؤسسات الدولية والشركات متعددة الجنسيات‪.‬‬
‫وهذه التعريفات تتباين في درجة قبولها وخطورتها‪ ،‬حيث نجد أن أكثر‬
‫المفكرين المسلمين ينبه على خطورتها مع التركيز على القتصادي كما فعل‬
‫د‪ .‬سعد البازعي حيث يقول‪” :‬العولمة هي الستعمار بثوب جديد‪ ،‬ثوب‬
‫تشكله المصالح القتصادية ويحمل قيما ً تدعم انتشار تلك المصالح وترسخها‪،‬‬
‫إنها الستعمار بل هيمنة سياسية مباشرة أو مخالب عسكرية واضحة‪ .‬إنها‬
‫بكل بساطة عملية يدفعها الجشع النساني للهيمنة على القتصادات المحلية‬
‫والسواق وربطها بأنظمة أكبر والحصول على أكبر قدر من المستهلكين‪ ،‬وإذا‬
‫كان البحث عن السواق والسعي للتسويق مطلبا ً إنسانيا ً قديما ً وحيويا ً‬
‫ومشروعًا‪ ،‬فإن ما يحدث هنا يختلف في أنه بحث يمارس منافسة غير‬
‫متكافئة وربما غير شريفة من ناحية ويؤدي من ناحية أخرى إلى إضعاف كل‬
‫ما قد يقف في طريقه من قيم وممارسات اقتصادية وثقافية“)‪.(2‬‬
‫بينما يركز آخرين على الجانب الثقافي وربما سموها اختراقا ً كما فعل‬
‫الدكتور محمد عابد الجابري حيث قال‪” :‬أن العولمة تعني‪ :‬نفي الخر‪ ،‬وإحلل‬
‫الختراق الثقافي ‪ ..‬والهيمنة‪ ،‬وفرض نمط واحد للستهلك والسلوك“)‪ .(3‬أو‬
‫فرض النموذج كما يصفها الدكتور محمد سمير المنير حيث يقول‪” :‬فالغرب‬
‫يريد فرض نموذجه وثقافته وسلوكياته وقيمه وأنماطه واستهلكه على‬
‫الخرين‪ ،‬وإذا كان الفرنسيون يرون في العولمة صيغة مهذبة للمركة التي‬
‫تتجلى في ثلثة رموز هو سيادة اللغة النجليزية كلغة التقدم والتجاه نحو‬
‫العالمية‪ ،‬وسيطرة سينما هوليود وثقافتها الضحلة وإمكاناتها الضخمة‪،‬‬
‫ومشروب الكوكاكول وشطائر البرجر والكنتاكي ‪ .(4)“ ..‬أو غزو شامل كما‬
‫اعتبرها أسعد السحمراني حيث قال‪ :‬إن العولمة‪/‬المركة غزو ثقافي‬
‫اجتماعي اقتصادي سياسي يستهدف الدين والقيم والفضائل والهوية‪ ،‬كل‬
‫ذلك يعملون له باسم العولمة وحقوق النسان)‪.(5‬‬
‫والتصريح بأنها أمركة تصريح صحيح باعتبارها المؤثر القوى وقد أكد على أن‬
‫جوهر العولمة هو النمط المريكي‪ ،‬الرئيس المريكي السبق جورج بوش‪،‬‬
‫حين قال في مناخ الحتفال بالنصر في حرب الخليج الثانية‪ :‬إن القرن القادم‬
‫سيشهد انتشار القيم المريكية‪ ،‬وأنماط العيش والسلوك المريكي)‪.(6‬‬
‫وربما تكون صهينة ل سيما واستثمار اليهود الذين يقودون الغرب وأمريكا‬
‫تحديدا ً للعولمة للسيطرة على العالم من الستعمار إلى الستحمار )ركوب‬
‫المم واستغللها دون القضاء عليها( )‪.(7‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫بينما نجد البعض يجعلها مجرد انتماء عالميًا‪ ،‬كما عرفها الدكتور صبري‬
‫عبدالله حيث قال‪” :‬بأنها ظاهرة تتداخل فيها أمور القتصاد والثقافة‬
‫والجتماع والسلوك‪ ،‬ويكون النتماء فيه للعالم كله‪ ،‬عبر الحدود السياسية‬
‫للدول“)‪.(8‬‬
‫بل إن البعض يجعل العولمة الثقافية مجرد خدعة للهاء الشعوب عن الغزو‬
‫والمصالح القتصادية‪ ،‬حيث يقول حسن حنفي ”يتم تصدير صراعات‬

‫‪22‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الحضارات للنطق بما كان مسكوتا ً عنه سلفا ً ولتحويل العالم إلى دوائر‬
‫حضارية متجاورة‪ ،‬ومتصارعة على مستوى الثقافات لخفاء الصراع حول‬
‫المصالح والثروات‪ ،‬وإلهاء الشعوب الهامشية بثقافاتها التقليدية‪ ،‬بينما‬
‫حضارات المركز تجمع السواق‪ ،‬وتتنافس في فائض النتاج عودا ً إلى النغمة‬
‫القديمة‪ ،‬مادية الغرب وروحانية الشرق‪ ،‬الحضارة اليهودية المسيحية‪ ،‬في‬
‫مواجهة الحضارة السلمية البوذية الكنفوشوسية“)‪.(9‬‬
‫ونجد سمير الطرابلسي ينبه إلى خطورة العولمة التي تشكلها الوليات‬
‫المتحدة بجميع جوانبها المهمة حيث يعرفها بأنها الرؤية الستراتيجية لقوى‬
‫الرأسمالية العالمية‪ ،‬وخصوصا ً الوليات المتحدة المريكية‪ ،‬والرامية إلى‬
‫إعادة تشكيل العالم وفق مصالحها‪ ،‬وأطماعها‪ ،‬سائرة نحو ذلك الهدف على‬
‫ثلثة مسارات متوازية‪ :‬الول‪ :‬اقتصادي وغايته ضغط العالم في سوق‬
‫رأسمالية واحدة‪ ،‬يحكمها نظام اقتصادي واحد‪ ،‬وتوجه القوى الرأسمالية‬
‫العالمية )الدول الصناعية السبع والشركات المتعددة الجنسيات والمؤسسات‬
‫القتصادية العالمية‪ ،‬صندوق النقد الدولي‪ ،‬والبنك الدولي للنشاء والتعمير‪،‬‬
‫ومنظمة التجارة العالمية( وتضبط حركته قوانين السوق وآلياته‪ .‬والثاني‪:‬‬
‫سياسي ويهدف إلى إعادة بناء هيكليات أقطار العالم السياسية في صيغ‬
‫تكرس الشرذمة والتشتت النسانيين‪ ،‬وتفكك الوطان والقوميات إلى كيانات‬
‫هزيلة قائمة على نزعات قبلية عرقية أو دينية طائفية أو لغوية ثقافية‪ ،‬بغية‬
‫سلب أمم العالم وشعوبها القدرة على مواجهة الزحف المدمر للرأسمالية‬
‫العالمية والتي ل تستقر إل بالتشتت النساني‪ .‬وأخيرا ً المسار الثقافي الذي‬
‫يهدف إلى تقويض البنى الثقافية والحضارية لمم العالم‪ ،‬بغية اكتساح العالم‬
‫بثقافة السوق التي تتوجه إلى الحواس والغرائز‪ ،‬وتشل العقل والرادة‪،‬‬
‫وتشيع الحباط والخضوع‪ ،‬وتشهد منطقتنا العربية ترجمة لهذه التوجهات من‬
‫خلل مشاريع الشرق أوسطية والمتوسطية)‪.(10‬‬
‫وفي تقديري أن هذا أفضل تعريفات العولمة التي وقفت عليها‪ ،‬وبالمكان‬
‫القول أن العولمة‪ -:‬وصف لظواهر متعددة يجمعها جعل العالم متقاربا ً مثل‬
‫التقدم المذهل في وسائل التصال والمواصلت والفضائيات والنترنت‪،‬‬
‫والنفتاح المعلوماتي‪ ،‬مع سلطة القطب الواحد )أمريكا بقيادة صهيونية(‬
‫الذي يسعى لعولمة اقتصادية وعسكرية تحقق مصالحه كما يسعى لعولمة‬
‫ثقافية بفرض قيمه وثقافته )وهذه النقطة هي ما تعنينا( حول عولمة الثقافة‬
‫المهدرة للهوية‪.‬‬
‫العولمة نموذج من مخططات الستعمار التي نبه عنها وكتب فيها‪ ،‬المير‬
‫شكيب أرسلن رحمه الله‪ ،‬وهذا قبل ظهور مصطلح العولمة‪ ،‬وقد كتب‬
‫يقول‪ :‬غوليامو فرير الفيلسوف الكاتب اليطالي الشهير في علم الجتماع‬
‫والتاريخ ل في إيطاليا فحسب بل في أوروبا بأجمعها‪ ،‬وإذا كتب كتابا ً أو نشر‬
‫مقالة تجاوبت لها أصداء الشرق والغرب وتركت دويًا‪ .‬نشر الفيلسوف‬
‫المؤرخ المشار إليه كتابا ً أخيرا ً باسم ”وحدة العالم“ ل يزيد على مئات‬
‫معدودات من الصفحات طاف فيه على جميع الحوادث الجارية على سطح‬
‫الكرة الرضية‪ ،‬ودقق في مصادرها وأسبابها‪ ،‬فذهب إلى أنها مع تناقضها‬
‫وتصادمها بعضها ببعض سائرة في الحقيقة على نظام ثابت مستقيم‪ ،‬ووصل‬
‫إلى هذه النتيجة وهي‪:‬‬
‫أن مشروع الفتح والمتداد الذي يتابعه العالم المتمدن ”أي الوروبي“ منذ‬
‫أربعة قرون‪ ،‬والذي بدأ بطيئا ً وانقلب سريعا ً في آخر اليام‪ ،‬يظهر للمتأمل أنه‬
‫آيل إلى ”توحيد العالم النساني“ ولم يكن هذا ”التوحيد“ ليتم بدون جهد‬

‫‪23‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وبدون بلء‪ ،‬لن البشر خلقوا أطوارًا‪ ،‬وبينهم من التدابر والتقابل ما يؤذن‬
‫بالخذ والرد والعكس والطرد‪ ،‬وهناك أسباب عديدة للحب والبغض والقرب‬
‫والبعد‪ ،‬مع هذا كله تجد العالم سائرا ً إلى الوحدة‪ ،‬فإذا نظرنا إلى كيفية‬
‫النظام السائد اليل إلى هذه الوحدة وجدناها‪ :‬بالنجيل‪ ،‬وبالسيف‪ ،‬وبالفناء‪،‬‬
‫وبتبادل المساعدات‪ ،‬وبتبادل طلقات المدافع ‪....‬‬
‫ثم يقول‪ :‬هذه خلصة نظريات الفيلسوف اليطالي فريرو‪ ،‬وظاهر أنه يقصد‬
‫بالنجيل ”الثقافة الغربية“ التي هي وحدها تمشي في آسيا وأفريقيا وفي‬
‫ن في‬‫يدها الواحدة ”السيف“ وفي الخرى ”ضماد للجرح“‪ ،‬وهي وحدها تفت ّ‬
‫رق استئصال البشرية‪ ،‬وفي طرق توفير صحة البشر‪ ،‬تجمع في وقت واحد‬
‫بين الضدين‪ ،‬وهي التي بين يديها الجندي من جهة‪ ،‬والقسيس من جهة‬
‫أخرى)‪.(11‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫وبعد هذه الجولة في ماهية العولمة وحدودها ل سيما الثقافية؛ نسأل‪ :‬هل‬
‫العولمة أمر حتمي؟ فالجواب‪ :‬نعم ول‪ ،‬نعم باعتبار ما وصلنا إليه‪ ،‬ول باعتبار‬
‫إمكانية مقاومتها والحد من آثارها السلبية‪ ،‬وهذا ما سنتناوله في الفصل‬
‫الثالث‪.‬‬
‫* تعريف الهوية وأهميتها‬
‫و“ بمعنى أنها جوهر الشيء‪،‬‬ ‫ما هي الهوية‪ :‬الهوية مأخوذة من ”هُوَ ‪ ..‬هُ َ‬
‫وحقيقته‪ ،‬لذا نجد أن الجرجاني في كتابه الذائع الصيت ”التعريفات“ يقول‬
‫عنها‪ :‬بأنها الحقيقة المطلقة المشتملة على الحقائق اشتمال النواة على‬
‫الشجرة في الغيب)‪.(12‬‬
‫فهوية النسان ‪ ..‬أو الثقافة ‪ ..‬أو الحضارة‪ ،‬هي جوهرها وحقيقتها‪ ،‬ولما كان‬
‫في كل شيء من الشياء –إنسانا ً أو ثقافة أو حضارة‪ -‬الثوابت والمتغيرات ‪..‬‬
‫فإن هوية الشيء هي ثوابته‪ ،‬التي تتجدد ل تتغير‪ ،‬تتجلى وتفصح عن ذاتها‪،‬‬
‫دون أن تخلي مكانها لنقيضها‪ ،‬طالما بقيت الذات على قيد الحياة)‪.(13‬‬
‫”إن هوية أية أمة هي صفاتها التي تميزها من باقي المم لتعبر عن شخصيتها‬
‫الحضارية“)‪.(14‬‬
‫والهوية دائما ً جماع ثلثة عناصر‪ :‬العقيدة التي توفر رؤية للوجود‪ ،‬واللسان‬
‫الذي يجري التعبير به‪ ،‬والتراث الثقافي الطويل المدى)‪.(15‬‬
‫اللغة هي التي تلي الدين‪ ،‬كعامل مميز لشعب ثقافة ما عن شعب ثقافة‬
‫أخرى)‪.(16‬‬
‫ثم يأتي التاريخ وعناصر الثقافة المختلفة في صنع الهوية‪.‬‬
‫وأهم عناصر الهوية الدين حيث في الحروب تذوب الهويات متعددة العناصر‪،‬‬
‫وتصبح الهوية الكثر معنى بالنسبة للصراع هي السائدة‪ ،‬وغالبا ً ما تتحدد هذه‬
‫الهوية دائما ً بالدين)‪.(17‬‬
‫وبالنسبة لمن يواجهون احتياجا ً لتحديد ”من أنا؟“‪” ،‬ولمن أنتمي؟“‪ ،‬يقدم‬
‫الدين إجابات قوية‪ ،‬وتوفر الجماعات الدينية مجتمعات صغيرة عوضا ً عن تلك‬
‫التي فقدت أثناء عملية التمدين‪.‬‬
‫والهوية في غاية الهمية ومنها تنطلق المصالح حيث الناس ل يمكنهم أن‬
‫يفكروا أو يتصرفوا بعقل في متابعة مصالحهم الخاصة إل إذا عرفوا أنفسهم‪،‬‬
‫فسياسة المصالح تفترض وجود الهوية‪.‬‬
‫وإذا كانت هذه هي الهوية وهذه أهميتها لكل أحد فإن الهوية عند المسلمين‬

‫‪24‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫أكثر أهمية‪ ،‬والسلم بعقيدته وشريعته وتاريخه وحضارته ولغته هو هوية‬


‫مشتركة لكل مسلم‪ ،‬كما أن اللغة التي نتكلم بها ليست مجرد أداة تعبير‬
‫ووسيلة تخاطب‪ ،‬وإنما هي‪ :‬الفكر والذات والعنوان‪ ،‬بل ولها قداسة‬
‫المقدس‪ ،‬التي أصبحت لسانه بعد أن نزل بها نبأ السماء العظيم‪ ،‬كما أن‬
‫العقيدة التي نتدين بها ليست مجرد أيديولوجية وإنما هي‪ :‬العلم الكلي‬
‫والشامل والمحيط‪ ،‬ووحي السماء‪ ،‬والميزان المستقيم‪ ،‬والحق المعصوم‬
‫الذي ل يأتيه الباطل من بين يديه ول من خلفه‪ ،‬وهي منظومة القيم التي‬
‫تمثل مرجعيتنا في السلوك‪ ،‬فهي ليست نسبية ول مرحلية)‪.(18‬‬
‫وقد أدرك العداء ذلك حيث أن الصليبية والشيوعية والصهيونية اليوم ترى أن‬
‫استعادة المسلمين لهويتهم السلمية وانتمائهم القرآني هو أكبر الخطار‪،‬‬
‫ومن ثم فإن كل قوى التغريب والغزو الثقافي ستطلق في هذا التجاه‪،‬‬
‫ويقوم الستشراق والتنصير بدور كبير)‪.(19‬‬
‫كما أن الغرب أحرص ما يكون على هوياتهم‪ ،‬وعلى ذوبان المسلمين‬
‫المهاجرين في مجتمعاتهم‪ ،‬بل إن هناك مؤسسات ووزارات خاصة للندماج‬
‫وتذويب الهويات‪.‬‬
‫وأوروبا ترفض تركيا بسبب الهوية ليس إل‪ ،‬وكما قال الرئيس أوزال في سنة‬
‫‪1992‬م‪ :‬سجل تركيا بالنسبة لحقوق النسان سبب ملفق لعدم قبول طلب‬
‫انضمامها إلى التحاد الوروبي‪ ،‬السبب الرئيسي هو أننا مسلمون وهم‬
‫مسيحيون)‪.(20‬‬
‫فالقوى الوروبية يظهرون صراحة أنهم ل يريدون دولة إسلمية )تركيا( في‬
‫التحاد الوروبي‪ ،‬ول يسعدهم أن تكون دولة إسلمية أخرى )البوسنة( أنها‬
‫حرب هويات كما يقول هنتجنتون حيث نجد تركيا تعيد تأكيد دورها كحامية‬
‫للبلقان وتدعم البوسنة‪ ،‬في يوغوسلفيا السابقة‪ ،‬وروسيا تساند الصرب‬
‫الرثوذوكسية‪ ،‬وألمانيا تساعد كرواتيا الكاثوليكية‪ ،‬والدول السلمية تهرع‬
‫لمساعدة الحكومة البوسنية‪ ،‬والصرب يحاربون الكروات ومسلمي البوسنة‬
‫ومسلمي ألبانيا)‪.(21‬‬
‫* الثار السلبية للعولمة على الهوية‬
‫انطلقا ً من الفصل الول من أن العولمة وصف لظواهر متعددة كالتقدم‬
‫المذهل في وسائل التصال والنفتاح المعلوماتي وذهاب الحواجز بين الدول‬
‫مع سلطة القطب الواحد الذي يسعى للهيمنة القتصادية والعسكرية‬
‫والثقافية والسياسية‪.‬‬
‫وهذا ما حدا بالبعض إلى أن يسميها المركة‪ ،‬وللسف إن أمريكا ل تهدف إلى‬
‫تطبيق قيمها فحسب‪ ،‬بل إنها تنطلق من مصالحها الذرائعية المجردة من‬
‫المبادئ والتي تكيل بمكيالين والتي تشكل خطورة عظيمة على القيم‬
‫والخلق والهويات ل سيما السلمية‪.‬‬
‫وهذه أمثلة‪:‬‬
‫يحرم الشيشان من النفصال عن روسيا ‪ ..‬ويجبر أهل تيمور على النفصال‬
‫من اندونيسيا بتدخل من استراليا ودعم من الغرب ‪..‬‬
‫وكذلك تنفصل تماما ً دول البلطيق وجورجيا من روسيا بينما الدول السلمية‬
‫فاستقلها غير كامل‪.‬‬

‫)‪(3 /‬‬

‫‪25‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ودية الفغاني الذين قتلوا في عرس ‪ 200‬دولر وقد اعترفت أمريكا بالخطأ‬
‫بينما من قتل في لوكربي ‪ 10.000.000‬دولر أي ‪ 50.000‬ضعف‪.‬‬
‫جم دولة ذات سيادة حتى دون إذن من المم المتحدة لشبهة‬ ‫العولمة أن ُتها َ‬
‫أسلحة الدمار الشامل‪ ،‬وُتتَرك دولة قريبة منها تمتلك أسلحة دمار شامل‬
‫وتحتل أرض غيرها مخالفة لقرارات المم المتحدة ‪..‬‬
‫أمريكا تمارس دورا ً منفردا ً حيث تدعم إسرائيل‪ ،‬وترفع الفيتو بعد الخر‬
‫لتتمكن من العدوان‪ ،‬وتعتدي على العراق بحجج واهية وحتى دون موافقة‬
‫مجلس المن التي لها أكبر نفوذ فيه‪ ،‬وتأخذ المعتقلين من أفغانستان إلى‬
‫قوانتنامو دون محاكمة عادلة‪ ،‬وتحارب الجمعيات السلمية وترهبها وتجمد‬
‫أموال من تريد منها دون أدلة ‪..‬‬
‫المنظمات الفلسطينية المقاومة للحتلل ارهابية‪ ،‬والمحتل مدافع عن نفسه‪،‬‬
‫والجماعات السلمية في أفغانستان المقاومة للحتلل المريكي وحكومته‬
‫ارهابية‪ ،‬بينما نفس الوضع كان إبان الحتلل السوفيتي ولكن تلك الجماعات‬
‫كانت مقاومة مشروعة مدعومة‪ ،‬مما يعني وجود اختلل حاد في موازين‬
‫العالم تحت إمرة الحضارة الغربية الصليبية الصهيونية‪.‬‬
‫وهذا صمويل هنتجنتون في صدام الحضارات والذي يدعو للتعصب للحضارة‬
‫الغربية ومحاربة ما عداها ل سيما السلمي‪ ،‬وهو في كتابه مرة بعد مرة‬
‫يمارس تحريضا ً على السلم وتخويف الوروبيين منه‪ ،‬للنضواء تحت أمريكا‬
‫والغرب وإشعال فتيل التعصب الديني‪.‬‬
‫وهذا ما حدا بتوم فريدمان للقول‪ :‬نحن أمام معارك سياسية وحضارية‬
‫فظيعة‪ ،‬والوليات المتحدة قوة مجنونة‪ ،‬نحن قوة ثورية خطرة‪ ،‬وأولئك الذين‬
‫يخشوننا على حق)‪.(22‬‬
‫وفي آخر سنة ‪2003‬م كانت استطلعات الرأي في أوروبا أن أمريكا ثم‬
‫إسرائيل تمثل أكبر خطورة على السلم العالمي‪.‬‬
‫فالعولمة هجمة صهيونية شرسة ل تتقيد بالمبادئ‪ ،‬وفي أحسن أحوالها أمركة‬
‫وتغريب ما لم نقم بدور فعال لتخفيف آثارها والتأثير فيها‪ ،‬وهي حتى لكثير‬
‫من الغربيين ليست خير للعالم حتى في الجانب القتصادي الذي يبشر به‬
‫البعض‪ ،‬حيث نجد أن هانس بيتر مارتين في كتابه الشهير )فخ العولمة(‬
‫والذي ركز على العولمة القتصادية‪ ،‬يؤكد أن العولمة فخ كبير مليء‬
‫بالكاذيب وهي في النهاية تزيد الفقراء‪ ،‬ونجد في الفصل الخامس من‬
‫الكتاب على سبيل المثال عنوان )أكاذيب ترضي الضمير‪ :‬أسطورة الميزة‬
‫على استقطاب الستثمارات وخرافة العولمة العادلة( )‪ (23‬كما أن الشعوب‬
‫حتى الغربية تخرج في مظاهرات شعبية عارمة معارضة لكل مؤتمرات‬
‫العولمة لما يرونه من إضرار بهم‪.‬‬
‫ونجد أن الغرب ل يسعى لنشر قيمه الجتماعية فحسب رغم عدم القتناع‬
‫الواسع بها كقيم‪ ،‬بل إنه يفرضها عبر المؤتمرات الدولية والضغط على الدول‬
‫التي ل تستجيب‪ ،‬حيث توالت مؤتمرات المنظمات الدولية بهذا الخصوص‪،‬‬
‫مثل مؤتمر نيروبي عام ‪1985‬م‪ ،‬مؤتمر القاهرة عام ‪1994‬م‪ ،‬ومؤتمر بكين‬
‫عام ‪1995‬م‪ ،‬ومؤتمر اسطنبول عام ‪1996‬م‪ ،‬ثم مؤتمر نيويورك عام‬
‫‪1999‬م‪ ،‬ثم مؤتمر بكين‪ ،‬ثم نيويورك أيضا ً عام ‪2000‬م‪ ،‬ومحور هذه‬
‫المؤتمرات يدور حول السرة والمرأة والطفل‪ ،‬مركزا ً على الحقوق‬
‫الجنسية‪ ،‬والحق في النجاب والجهاض‪ ،‬والشذوذ‪ ،‬وقضية المساواة بين‬
‫الرجال والنساء‪ ،‬والمساواة في الميراث ‪ ..‬إلخ‪ ،‬وكل هذا من منظور الثقافة‬
‫الغربية العلمانية المادية الباحية)‪ (24‬التي تبيح الزنى واللواط وتمنع تعدد‬

‫‪26‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الزوجات‪.‬‬
‫وفي الفصل السابع من وثيقة مؤتمر السكان يتحدث عن هذه الباحية‬
‫الجنسية‪ ،‬فيقول‪ :‬إنها حالة الرفاهية البدنية والعقلية والجتماعية الكاملة‪،‬‬
‫المنطوية على أن يكون الفراد )لحظ تعبير الفراد( من جميع العمار أزواجا ً‬
‫وأفرادا ً )كذا( فتيانا ً وفتيات‪ ،‬مراهقين ومراهقات‪ ،‬قادرين على التمتع بحياة‬
‫جنسية مرضية ومأمونة )لحظ عدم اشتراط الحلل والشرعية( هي كالغذاء‪،‬‬
‫حق للجميع‪ ،‬ينبغي أن تسعى جميع البلدان لتوفيره في أسرع وقت ممكن‪،‬‬
‫في موعد ل تجاوز عام ‪2015‬م‪ .‬أي أنه أكثر من مباح‪ ،‬فالسعي لتحقيقه‬
‫بجميع البلدان في أسرع وقت ممكن‪ ،‬وقبل سنة ‪2015‬م‪ ،‬واجب على جميع‬
‫البلدان بل ول تكتفي هذه الوثيقة بذلك‪ ،‬وإنما تتجاوز إباحة هذه الباحية إلى‬
‫حيث تدعو للتدريب والترويج والتعزيز لهذا السلوك الجنسي المأمون‬
‫والمسئول)‪.(25‬‬
‫بل ونجد ممارسات منفردة‪ ،‬حيث نجد أن أمريكا تضغط تارة باسم حقوق‬
‫النسان )والتي أهدرته في أبو غريب وجوانتامو ومذابح أفغانستان وقصف‬
‫الفلوجة( وتارة باسم الديمقراطية والحرية لتمرير ما تريد على دول العالم‬
‫التي ل توافقها‪.‬‬
‫بينما الحرية والديمقراطية الغربية والقانون الدستوري جعل الغرب يسقط‬
‫نتائج النتخابات في تركيا والجزائر ونيجيريا )مشهود أبيول( لن الناجحين‬
‫إسلميين!!‬
‫للسف أن الغرب حريص على فرض قيمه الجتماعية والثقافية وعولمتها‬
‫والتي تمثل أسوأ ما عنده بينما ل يسعى إلى عولمة العلم والتقدم حيث يجب‬
‫الحتفاظ به‪.‬‬

‫)‪(4 /‬‬

‫إن مما يزيد خطورة العولمة ضعف العالم السلمي وهزيمته أمام الغرب‬
‫وهذا ما يزيد اختراق العولمة الثقافية للهوية‪ ،‬كما قال ابن خلدون ”المغلوب‬
‫مولع بالقتداء بالغالب في شعاره وزيه وسائر أحواله وعوائده“)‪.(26‬‬
‫فضل ً أن العولمة تحمل فكرة استبداد القوي الذي يسخر إرادات الشعوب‬
‫الضعيفة لصالحه‪ ،‬وتكمن في فكرة سيطرة المهيمن على القتصاد العالمي‬
‫والقوة العسكرية والدارة السياسية على شعوب العالم الفقيرة‪ ،‬بل والسعي‬
‫لفقار ما ليست فقيرة‪ ،‬وتكمن كذلك في فكرة الذابة التي يقوى عليها من‬
‫يمتلك أدوات التصال والتحكم بها‪ ،‬وبالمعلومات وبإنتاجها‪ ،‬وتدفقها دونما‬
‫مراعاة لثقافات الشعوب وحاجاتها وخصوصياتها وإمكاناتها)‪.(27‬‬
‫كما أن مما يزيد خطورة العولمة ذراعها العلمي الخاضع للسيطرة‬
‫الصهيونية والتي تمسك بخيوطها‪ ،‬تسير هذه القوة في السيطرة مع القوة‬
‫الغاشمة العسكرية في فرض العولمة على الخرين‪ ،‬فوظيفة المنظومة‬
‫العلمية هي أن تتسلى وتتلهى وتعلم وترسخ القيم والمفاهيم والمعتقدات‬
‫وأنماط السلوك المريكي على الخرين‪ ،‬كما يرى أحد الخبراء المريكين‪،‬‬
‫ولتحقيق ذلك صارت ميزانية العلم موازية تماما ً لميزانية الدفاع في بعض‬
‫الدول‪ ،‬فإحصاءات عام ‪1986‬م تقول إنه بلغ رقم اقتصاد العلم في الغرب‬
‫والتصالت مبلغ )‪ (1175‬بليون دولر تقريبا ً منها )‪ (505‬بليين للوليات‬
‫المتحدة المريكية‪ ،‬و )‪ (267‬بليونا ً للجماعة الوروبية‪ ،‬و )‪ (253‬بليونا ً لليابان‪،‬‬
‫و )‪ (150‬بليونا ً فقط للخرين في العالم ‪ ..‬هذه الميزانيات الضخمة للعلم‬

‫‪27‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫في الشمال جعلته يتحكم بقوة في العلم المتدفق‪ ،‬في اتجاه الجنوب المر‬
‫الذي أحدث خلل ً في المنظومة العلمية‪ ،‬وقد فشلت جميع الجهود‬
‫والمبادرات التي بذلت في إطار المم المتحدة لوضع أسس لقيام نظام‬
‫إعلمي جديد يحقق التوازن بين الشمال والجنوب)‪.(28‬‬
‫وهناك الدراسات الكثيرة التي تبين معاناة شعوب شرقية )ليست إسلمية(‬
‫وسائرة في الفلك الغربي كاليابان وكوريا الجنوبية من العولمة ومن‬
‫الدراسات الميدانية التي تمت لمعرفة تأثير المواد التلفزيونية المريكية على‬
‫الشباب الكوري الجنوبي قام بها ‪ Kang & Morgan‬ومن نتائج هذه الدراسة أن‬
‫هذه المواد أدت إلى تأثير بالغ على القيم التقليدية الكورية‪ ،‬فأصبحت الفتيات‬
‫الكوريات أكثر تحررا ً من القيم السرية والخلقية‪ ،‬ويعتقدن أنه ل حرج من‬
‫الممارسة الجنسية خارج الزواج‪ ،‬وأن ذلك من قبيل الحرية الجنسية‪،‬‬
‫وأصبحن يرتدين الملبس المريكية‪ ،‬ويحتقرن العقيدة الكونفوشيوسية)‪.(29‬‬
‫كما أننا نجد دول ً كالفلبين وهي دولة تصنف أنها نصرانية سائرة في الفلك‬
‫المريكي حيث نجد في دراسة أجريت على )‪ (255‬طالبا ً فلبينيا ً وجد أن‬
‫التعرض للمواد التلفزيونية المريكية قد ارتبط إيجابيا ً بتأكيد هؤلء الطلب‬
‫على قيمتي‪” :‬المنفعة والمادية“‪ ،‬باعتبارهما القيمتين الكثر أهمية في‬
‫حياتهم‪ ،‬في حين تدنت لديهم قيم فلبينية أصيلة مثل‪ :‬الصفح‪ ،‬والتسامح‪،‬‬
‫والتضحية‪ ،‬والحكمة)‪.(30‬‬
‫وإذا كانت بعض دول الغرب نفسه أو من هو قريب منها يشكو من عولمة‬
‫الثقافة على الهوية‪ ،‬حيث نجد أن فرنسا مع أنها غربية نصرانية‪ ،‬ولكن بسبب‬
‫اختلف اللغة فإنها أكثر الدول الغربية تشكو من عولمة الثقافة ومن هيمنة‬
‫اللغة النجليزية‪ ،‬والخوف على الهوية الفرنسية ولذلك لجأ الفرنسيون إلى‬
‫وضع الثقافة في خانة الستثناء‪ ،‬لنهم تنبهوا إلى أن قوة النتاج الثقافي‬
‫المريكي تؤدي إلى التغيير التدريجي في معايير السلوك وأنماط الحياة)‪.(31‬‬
‫بل أن هناك دراسة في استراليا وهي بلد غربي نصراني يتحدث النجليزية أي‬
‫مشارك للوليات المتحدة في الهوية تقريبا ً يشكو من مواد التلفزة المريكية‬
‫على الطفال‪ ،‬لنها تؤدي إلى فقدان النتماء وإلى أزمة أخلقية وغربة‬
‫ثقافية)‪ ،(32‬وكذلك كندا حيث عبرت وزيرة الثقافة الكندية شيل كوبي عن‬
‫انزعاجها من الهيمنة الثقافية المريكية‪ ،‬وتداخلها قائلة‪ :‬من حق الطفال في‬
‫كندا أن يستمتعوا بحكايات جداتهم‪ ،‬ومن غير المعقول والمقبول أن تصبح )‬
‫‪ (%60‬من برامج التلفزيون الكندي مستوردة‪ ،‬وأن يكون )‪ (%70‬من‬
‫موسيقانا أجنبية‪ ،‬وأن يكون )‪ (%95‬من أخلقنا ليست أمريكية)‪.(33‬‬

‫)‪(5 /‬‬

‫وهذه المثال توفرها مئات الدراسات في أنحاء العالم من خوف المثقفين‬


‫على هوية شعوبهم من العولمة المريكية‪ ،‬أل يحق لنا كمسلمين ونحن نحمل‬
‫أعظم عقيدة وخير لسان نزل به القرآن‪ ،‬وأعظم تاريخ بالضافة إلى القيم‬
‫الحضارية العالية أن نخشى على تلك الجواهر من أثر العولمة على الهوية إن‬
‫أخطر ما تحمله العولمة تهديدها لصل العقيدة السلمية‪ ،‬لما تدعو له من‬
‫وحدة الديان‪ ،‬وهي دعوة تنقض عقيدة السلم من أساسها‪ ،‬وتهدمها من‬
‫أصلها‪،‬لن دين السلم قائم على حقيقة أنه الرسالة الخاتمة من الله تعالى‬
‫للبشرية‪ ،‬الناسخة لكل الديان السابقة التي نزلت من السماء‪ ،‬ثم أصابها‬
‫التحريف والتغيير‪ ،‬ودخل على أتباعها النحراف العقائدي‪” .‬كما أن العولمة‬

‫‪28‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫تسعى لعادة تشكيل المفاهيم الساسية عن الكون والنسان والحياة عند‬


‫المسلمين‪ ،‬والستعاضة عنها بالمفاهيم التي يروج لها الغرب ثقافيا ً وفكريا‪ً،‬‬
‫فالكون في نظر العولمة الثقافية والفكرية لم يخلق تسخيرا ً للنسان‪ ،‬ليكون‬
‫ل!!‪ ،‬والنسان لم يخلق لهدف‬ ‫ميدان امتحان للناس لبتلئهم أيهم أحسن عم ً‬
‫عبادة الله تعالى !! وهذه المفاهيم الساسية للعقيدة السلمية‪ ،‬ليست في‬
‫نظر العولمة الفكرية والثقافية سوى خرافة“)‪.(34‬‬
‫إن هذا العالم المادي ل يعرف المقدسات أو المطلقات أو الغائيات‪ ،‬وهدف‬
‫النسان من الكون هو عملية التراكم والتحكم هذه‪ ،‬التي ستؤدي في نهاية‬
‫المر إلى السيطرة على الرض وهزيمة الطبيعة)‪.(35‬‬
‫إن المنظومة المعرفية الغربية المادية الحديثة بدأت بإعلن موت الله باسم‬
‫مركزية النسان‪ ،‬وانتهت بإعلن موت النسان باسم الطبيعة‪ ،‬والحقيقة‬
‫المادية‪ ،‬وهذه هي الواحدية المادية‪ :‬أن تصبح كل المخلوقات خاضعة تماما ً‬
‫لنفس القانون المادي الصارم وأن يسود منطق الشياء على الشياء وعلى‬
‫النسان‪ ،‬وهذا هو حجر الزاوية في المشروع المعرفي الغربي‪ ،‬ثمة قانون‬
‫واحد وثقافة واحدة وإنسانية واحدة تكتسب وحدتها من كونها جزءا ً من‬
‫النظام الطبيعي‪ ،‬ولذا فإن ثمة نموذجا ً واحدا ً للتطور‪ ،‬ويلحظ أن حركة البناء‬
‫الفكري المادي تتجه دائما ً نحو تصفية الثنائيات التي نجمت عن الثنائية الدينية‬
‫)الخالق ‪ /‬المخلوق( وعن الثنائية الهيومانية )النسان ‪ /‬الطبيعة( )‪.(36‬‬
‫وإذا انتقلنا من العقائد التي هي أصل الهوية إلى اللسان واللغة التي هي أداة‬
‫التفاهم والتواصل‪ ،‬وهي وعاء الفكر وقالبه الحي‪ ،‬وما نراه اليوم من طغيان‬
‫الثقافة الغربية‪ ،‬حيث تشكل اللغة نسبة عالية من السهام في نقلها‪ ،‬ول أدل‬
‫على ذلك من أن )‪ (%88‬من معطيات النترنت باللغة النجليزية‪ ،‬و)‪(%9‬‬
‫باللمانية‪ ،‬و)‪ (%2‬بالفرنسية‪ ،‬و)‪ (%1‬يوزع على باقي اللغات)‪.(37‬‬
‫ويبين هنتجنتون في كتابه صدام الحضارات أهمية اللغة في الصراع حيث أن‬
‫توزع اللغات في العالم عبر التاريخ يعكس توزع القوة العالمية فاللغات‬
‫الوسع انتشارًا‪ :‬النجليزية‪ ،‬الماندارين‪ ،‬السبانية‪ ،‬الفرنسية‪ ،‬العربية‪،‬‬
‫الروسية‪ .‬إما أنها أو كانت لغات دول إمبراطورية جعلت شعوبا ً أخرى‬
‫تستخدم لغتها‪ .‬كما أن التحولت في توزع القوة‪ ،‬تؤدي إلى تحولت في‬
‫استخدام اللغات‪ ،‬حيث قرنان من القوة البريطانية والمريكية الستعمارية‬
‫والتجارية والصناعية والعلمية والمالية‪ ،‬تركا ميراثا ً ضخما ً في التعليم العالي‬
‫والتجارة والتقنية في أنحاء العالم)‪.(38‬‬
‫أن إحصاءات منظمة اليونسكو عن الوطن العربي تشير إلى أن شبكات‬
‫التلفزيون العربية تستورد ما بين ثلث إجمالي البث كما في سوريا ومصر‪،‬‬
‫ونصف هذا الجمالي كما في تونس والجزائر‪ ،‬أما في لبنان فإن البرامج‬
‫الجنبية تزيد على نصف إجمالي المواد المبثة إذ تبلغ )‪ .(39)(%58.2‬ومعلوم‬
‫أثر هذه البرامج على العقائد والقيم والخلق والعادات واللغة‪.‬‬
‫أما إذا انتقلنا إلى السلوك والخلق فإن المبادئ الخلقية التي تتهاوى في‬
‫الغرب يوما ً بعد يوم حيث سيادة المصالح والمنفعة واللذة و تعظيم النتاج‬
‫والستهلك‪.‬‬
‫هذه الحضارة ابتداًء من حربيها العالميتين )أي الغربيتين( وانتهاًء بمشاكلها‬
‫المتنوعة الكثيرة مثل تآكل مؤسسة السرة‪ ،‬وانتشار اليدز والمخدرات‪،‬‬
‫وتراكم أسلحة الدمار الكوني‪ ،‬والزمة البيئية‪ ،‬وتزايد اغتراب النسان الغربي‬
‫عن ذاته وعن بيئته)‪.(40‬‬
‫كما تسوق العولمة لوهم المساواة المطلقة بين الرجل والمرأة‪” .‬ومن خلل‬

‫‪29‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫العولمة يروج للشذوذ الجنسي‪ ،‬ويحاول الغرب استصدار قوانين لحماية‬


‫الشذوذ الجنسي في العالم‪ ،‬ومن أحدث محاولت العولمة‪ :‬محاولة فرض‬
‫مصطلح جديد يطلق عليه ‪ Gender‬بدل كلمة ‪.(Sex“(41‬‬
‫والتأثير الخلقي هو أسرع من غيره‪ ،‬وقد أشارت دراسة في السعودية‬
‫)لناصر الحميدي( إلى أن التأثير على الجوانب الخلقية يأتي في الدرجة‬
‫الولى‪ ،‬مثل‪ :‬الترويج للباحية‪ ،‬والختلط‪ ،‬وما إلى ذلك مما يخالف القيم‬
‫السلمية‪ ،‬وإغراء النساء بتقليد الزياء الغربية وأدوات الزينة‪ ،‬وكذلك التأثير‬
‫على الروابط السرية)‪.(42‬‬
‫علما ً أن العرب هم أكثر الشعوب مشاهدة للتلفاز)‪.(43‬‬

‫)‪(6 /‬‬

‫بل حتى في الجانب القتصادي فالنسان الغربي الذي ل يشكل سوى نسبة‬
‫ضئيلة من سكان الكرة الرضية )‪ (%20‬يستهلك ما يزيد على )‪ (%80‬من‬
‫مواردها الطبيعية)‪.(44‬‬
‫|‪|2|1‬‬
‫________________________________________‬
‫)‪ (1‬انظر‪ :‬مجلة حصاد الفكر‪ ،‬العدد ‪ ،135‬جماد الول ‪1424‬هـ ‪2003 -‬م‪،‬‬
‫عرض لكتاب بدائل العولمة للدكتور سعيد اللوندي‪ ،‬عرض عبدالباقي حمدي‪،‬‬
‫ص‪.36 :‬‬
‫)‪ (2‬سلسلة كتاب المعرفة )‪ (7‬نحن والعولمة من يربي الخر‪ ،‬بحث للستاذ‬
‫سعد البازعي بعنوان المثقفون والعولمة والضرورة والضرر‪ ،‬الطبعة الولى‬
‫‪1420‬هـ ‪1999‬م‪ ،‬ص‪.73 :‬‬
‫)‪ (3‬العولمة وقضية الهوية الثقافية في ظل الثقافة العربية المعاصرة‪ ،‬محمد‬
‫بن سعد التميمي‪ ،‬الطبعة الولى‪1422 ،‬هـ ‪2001 -‬م‪ ،‬ص‪.29 :‬‬
‫)‪ (4‬العولمة وعالم بل هوية‪ ،‬د‪ .‬محمود سمير المنير‪ ،‬دار الكلمة للنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬المنصورة‪ ،‬مصر‪ ،‬الطبعة الولى‪1421 ،‬هـ ‪2000 -‬م‪ ،‬ص‪.129 :‬‬
‫)‪ (5‬سلسلة كتاب المعرفة )‪ (7‬نحن والعولمة من يربي الخر‪ ،‬بحث للستاذ‬
‫أسعد السحمراني‪ ،‬أستاذ بكلية المام الوزاعي بلبنان‪ ،‬بعنوان تسويق‬
‫الستهلك وترويج الكاوبوي والهامبرجر‪ ،‬الطبعة الولى ‪1420‬هـ ‪1999 -‬م‪،‬‬
‫ص‪.129 :‬‬
‫ً‬
‫)‪ (6‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪ ،28 :‬نقل عن السبوع الدبي‪ ،‬العدد ‪ ،602‬ص‪،19 :‬‬
‫بتاريخ ‪14/3/1998‬م‪.‬‬
‫)‪ (7‬انظر مجلة البيان‪ ،‬العدد ‪ ،136‬ص ‪ ،91‬مقالة العولمة حلقة في تطور‬
‫آليات السيطرة لـ خالد أبو الفتوح‪.‬‬
‫)‪ (8‬العولمة وقضية الهوية الثقافية في ظل الثقافة العربية المعاصرة‪ ،‬محمد‬
‫بن سعد التميمي‪ ،‬الطبعة الولى‪1422 ،‬هـ ‪2001 -‬م‪ ،‬ص‪.28 :‬‬
‫)‪ (9‬الثقافة العربية بين العولمة والخصوصية‪ ،‬حسن حنفي‪ ،‬بحث ضمن كتاب‬
‫العولمة والهوية‪ ،‬المؤتمر العلمي الرابع لكلية الداب والفنون‪ ،‬منشورات‬
‫جامعة فلدليفيا‪ ،‬الطبعة الولى ‪1999‬م‪ ،‬ص‪.33 :‬‬
‫)‪ (10‬سلسلة كتاب المعرفة )‪ (7‬نحن والعولمة من يربي الخر‪ ،‬الطبعة‬
‫الولى‪ ،‬رجب ‪1420‬هـ ‪1999 -‬م‪ ،‬مقال للستاذ سمير الطرابلسي بعنوان‬
‫العرب في مواجهة العولمة ص‪. 52-51 :‬‬
‫)‪ (11‬المخططات الستعمارية لمكافحة السلم‪ ،‬محمد محمود الصواف‪ ،‬دار‬

‫‪30‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫العتصام‪ ،‬الدمام‪ ،‬المملكة العربية السعودية‪ ،‬الطبعة الثانية‪1399 ،‬هـ ‪-‬‬


‫‪1979‬م‪ ،‬ص‪.199-198 :‬‬
‫)‪ (12‬انظر‪ :‬التعريفات‪ ،‬الشريف الجرجاني‪ ،‬دار عالم الكتب‪ ،‬بيروت‪ ،‬الطبعة‬
‫الولى ‪1407‬هـ ‪1987 -‬م‪ ،‬ص‪.314 :‬‬
‫)‪ (13‬انظر‪ :‬مخاطر العولمة على الهوية الثقافية‪ ،‬د‪ .‬محمد عمارة‪ ،‬دار نهضة‬
‫مصر للطباعة والنشر‪ ،‬الطبعة الولى‪ ،‬فبراير ‪1999‬م‪ ،‬ص‪.6 :‬‬
‫)‪ (14‬ندوة الهوية العربية عبر حقب التاريخ‪ ،‬للمدة ‪26/6/1997-25‬م‪،‬‬
‫المجمع العلمي بغداد‪ ،‬الكلمة الفتتاحية للندوة‪ ،‬ص‪.7 :‬‬
‫)‪ (15‬انظر‪ :‬العولمة وعالم بل هوية‪ ،‬محمود سمير المنير‪ ،‬دار الكلمة للنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬المنصورة‪ ،‬مصر‪ ،‬الطبعة الولى‪1421 ،‬هـ ‪2000 -‬م‪ ،‬ص‪.146 :‬‬
‫)‪ (16‬صدام الحضارات إعادة صنع النظام العالمي‪ ،‬تأليف صامويل هنتنجتون‪،‬‬
‫ترجمة طلعت الشايب وتقديم د‪ .‬صلح قنصوة‪ ،‬الطبعة الثانية ‪1999‬م‪ ،‬ص‪:‬‬
‫‪.116‬‬
‫)‪ (17‬صدام الحضارات ‪ ..‬إعادة صنع النظام العالمي‪ ،‬تأليف صامويل‬
‫هنتنجتون‪ ،‬ترجمة طلعت الشايب وتقديم د‪ .‬صلح قنصوة‪ ،‬الطبعة الثانية‬
‫‪1999‬م‪ ،‬ص‪.103 :‬‬
‫)‪ (18‬انظر مخاطر العولمة على الهوية الثقافية‪ ،‬د‪ .‬محمد عمارة‪ ،‬دار نهضة‬
‫مصر للطباعة والنشر‪ ،‬الطبعة الولى‪ ،‬فبراير ‪1999‬م‪ ،‬ص‪.46 :‬‬
‫)‪ (19‬انظر حتى ل تضيع الهوية السلمية والنتماء القرآني‪ ،‬أنور الجندي‪ ،‬دار‬
‫العتصام‪ ،‬سلسلة الرسائل الجامعة‪) ،‬د‪ .‬ط‪ .‬ت(‪ ،‬ص‪.7 :‬‬
‫)‪ (20‬صدام الحضارات ‪ ..‬إعادة صنع النظام العالمي‪ ،‬تأليف صامويل‬
‫هنتنجتون‪ ،‬ترجمة طلعت الشايب وتقديم د‪ .‬صلح قنصوة‪ ،‬الطبعة الثانية‬
‫‪1999‬م‪ ،‬ص‪.433 :‬‬
‫)‪ (21‬انظر‪ :‬صدام الحضارات ‪ ..‬إعادة صنع النظام العالمي‪ ،‬تأليف صامويل‬
‫هنتنجتون‪ ،‬ترجمة طلعت الشايب وتقديم د‪ .‬صلح قنصوة‪ ،‬الطبعة الثانية‬
‫‪1999‬م‪ ،‬ص‪.205-204 :‬‬
‫ً‬
‫)‪ (22‬العولمة وأثرها على اقتصاد الدول‪ ،‬ص‪ ،28 :‬نقل عن جريدة الشرق‬
‫الوسط بتاريخ ‪2/3/1997‬م‪.‬‬
‫)‪ (23‬فخ العولمة‪ ،‬هانس بيتر مارتن‪ ،‬هارالد شومان‪ ،‬ترجمة‪ :‬د‪ .‬عدنان عباس‬
‫علي‪ ،‬مراجعة وتقديم‪ :‬رمزي زكي‪ ،‬سلسلة عالم المعرفة‪ ،‬الكويت‪،‬‬
‫‪1998/1419‬هـ‪ ،‬ص‪.253 :‬‬
‫)‪ (24‬العولمة الثقافية وموقف السلم منها‪ ،‬د‪ .‬إسماعيل علي محمد‪ ،‬دار‬
‫الكلمة للنشر والتوزيع‪ ،‬الطبعة الولى ‪1421‬هـ ‪2001 -‬م‪ ،‬ص‪.27 :‬‬
‫)‪ (25‬انظر وثيقة برنامج عمل المؤتمر الدولي للسكان والتنمية المنعقد‬
‫بالقاهرة ‪15/9/1994-5‬م‪ ،‬الترجمة العربية الرسمية‪ ،‬الفصل الثامن‬
‫الفقرات ‪ .35-31‬نقل ً عن مخاطر العولمة على الهوية الثقافية‪ ،‬د‪ .‬محمد‬
‫عمارة‪ ،‬ص‪.27 :‬‬
‫)‪ (26‬جعل هذا عنوان للفصل الثالث والعشرون من الفصل الثاني‪ ،‬انظر‬
‫مقدمة ابن خلدون‪ ،‬عبدالرحمن بن خلدون‪ ،‬ص ‪ ،147‬دار الكتاب العربي‪،‬‬
‫بيروت‪ ،‬الطبعة الخامسة‪ ،‬د‪ .‬ت‪.‬‬
‫)‪ (27‬انظر العولمة والهوية‪ ،‬المؤتمر العلمي الرابع لكلية الداب والفنون ‪-4‬‬
‫‪6/5/1998‬م‪ ،‬كلمة عميد كلية الداب أ‪ .‬د‪ .‬صالح أبو ضلع‪ ،‬منشورات جامعة‬
‫فلدليفيا‪ ،‬الطبعة الولى‪1999 ،‬م‪ ،‬ص‪.11 :‬‬

‫‪31‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫)‪(7 /‬‬

‫)‪ (28‬انظر العولمة وعالم بل هوية‪ ،‬محمود سمير المنير‪ ،‬دار الكلمة للنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬المنصورة‪ ،‬مصر‪ ،‬الطبعة الولى‪1421 ،‬هـ ‪2000 -‬م‪ ،‬ص‪-130 :‬‬
‫‪.131‬‬
‫)‪ (29‬مجلة الرائد‪ ،‬تصدر عن الدار السلمية للعلم بألمانيا‪ ،‬العدد )‪(236‬‬
‫ربيع الول ‪1424‬هـ‪ /‬مايو ‪2002‬م‪ ،‬دراسة بعنوان العولمة وأثرها على‬
‫السلوكيات والخلق‪ ،‬د‪ .‬عمار طالبي‪ ،‬ص‪.11 :‬‬
‫)‪ (30‬العولمة والتحدي الثقافي‪ ،‬د‪ .‬باسم علي خريسان‪ ،‬دار الفكر العربي‪،‬‬
‫بيروت‪ ،‬الطبعة الولى‪2001 ،‬م‪ ،‬ص‪.132 :‬‬
‫)‪ (31‬مجلة الرائد‪ ،‬تصدر عن الدار السلمية للعلم بألمانيا‪ ،‬العدد )‪(236‬‬
‫ربيع الول ‪1424‬هـ‪ /‬مايو ‪2002‬م‪ ،‬دراسة بعنوان العولمة وأثرها على‬
‫السلوكيات والخلق‪ ،‬د‪ .‬عمار طالبي‪ ،‬ص‪. 12 :‬‬
‫)‪ (32‬مجلة الرائد‪ ،‬تصدر عن الدار السلمية للعلم بألمانيا‪ ،‬العدد )‪(236‬‬
‫ربيع الول ‪1424‬هـ‪ /‬مايو ‪2002‬م‪ ،‬دراسة بعنوان العولمة وأثرها على‬
‫السلوكيات والخلق‪ ،‬د‪ .‬عمار طالبي‪ ،‬ص‪.11 :‬‬
‫)‪ (33‬نحن والعولمة من يربي الخر‪ ،‬مقال للستاذ أنور عشقي‪ ،‬بعنوان‪:‬‬
‫الشياطين تختبئ في التفاصيل‪ ،‬كتاب المعرفة )‪ (7‬الطبعة الولى‪1420 ،‬هـ‬
‫‪1999‬م‪ ،‬ص‪.177 :‬‬
‫)‪ (34‬انظر‪ :‬العولمة وقضية الهوية الثقافية في ظل الثقافة العربية‬
‫المعاصرة‪ ،‬محمد بن سعد التميمي‪ ،‬الطبعة الولى‪1422 ،‬هـ ‪2001 -‬م‪ ،‬ص‪:‬‬
‫‪.275-274‬‬
‫)‪ (35‬العالم من منظور غربي‪ ،‬د‪ .‬عبدالوهاب المسيري‪ ،‬منشورات دار‬
‫الهلل‪ ،‬فبراير ‪2001‬م‪ ،‬ص‪.129 :‬‬
‫)‪ (36‬العالم من منظور غربي‪ ،‬د‪ .‬عبدالوهاب المسيري‪ ،‬منشورات دار‬
‫الهلل‪ ،‬فبراير ‪2001‬م‪ ،‬ص‪.127 :‬‬
‫)‪ (37‬العولمة وقضية الهوية الثقافية في ظل الثقافة العربية المعاصرة‪،‬‬
‫محمد بن سعد التميمي‪ ،‬الطبعة الولى ‪1422‬هـ ‪2001 -‬م‪ ،‬ص‪.111 :‬‬
‫)‪ (38‬صدام الحضارات ‪ ..‬إعادة صنع النظام العالمي‪ ،‬تأليف صامويل‬
‫هنتنجتون‪ ،‬ترجمة طلعت الشايب وتقديم د‪ .‬صلح قنصوة‪ ،‬الطبعة الثانية‬
‫‪1999‬م‪ ،‬ص‪.103 :‬‬
‫)‪ (39‬العرب والعولمة‪ ،‬بحوث ومناقشات الندوة الفكرية التي نظمها مركز‬
‫دراسات الوحدة العربية‪ ،‬تعقيب نبيل الدجاني‪ ،‬الطبعة الثانية‪1998 ،‬م‪ ،‬ص‪:‬‬
‫‪.335‬‬
‫)‪ (40‬العالم من منظور غربي‪ ،‬د‪ .‬عبدالوهاب المسيري‪ ،‬منشورات دار‬
‫الهلل‪ ،‬فبراير ‪2001‬م‪ ،‬ص‪.220 :‬‬
‫)‪ (41‬العولمة وقضية الهوية الثقافية في ظل الثقافة العربية المعاصرة‪،‬‬
‫محمد بن سعد التميمي‪ ،‬الطبعة الولى‪1422 ،‬هـ ‪2001 -‬م‪ ،‬ص‪.279-276 :‬‬
‫)‪ (42‬مجلة الرائد‪ ،‬تصدر عن الدار السلمية للعلم بألمانيا‪ ،‬العدد )‪(236‬‬
‫ربيع الول ‪1424‬هـ‪ /‬مايو ‪2002‬م‪ ،‬دراسة بعنوان العولمة وأثرها على‬
‫السلوكيات والخلق‪ ،‬د‪ .‬عمار طالبي‪ ،‬ص‪.10 :‬‬
‫)‪ (43‬ضياع الهوية في الفضائيات العربية‪ ،‬د‪ .‬عائض الردادي‪ ،‬كتيب المجلة‬
‫العربية‪ ،‬العدد السابع والثلثون‪ ،‬محرم ‪1421‬هـ‪ ،‬ص‪.7 :‬‬
‫)‪ (44‬العالم من منظور غربي‪ ،‬د‪ .‬عبدالوهاب المسيري‪ ،‬منشورات دار‬

‫‪32‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الهلل‪ ،‬فبراير ‪2001‬م‪ ،‬ص‪.217 :‬‬


‫العولمة وأثرها على الهوية]‪[2/2‬‬
‫د‪ .‬خالد بن عبد الله القاسم ‪9/5/1427‬‬
‫‪05/06/2006‬‬
‫‪ -‬سبل مقاومة الثار السلبية‬
‫‪ -‬سبل الستفادة من العولمة في الحفاظ على الهوية‬
‫سبل مقاومة الثار السلبية‬
‫ً‬
‫مقاومة الثار السلبية للعولمة على الهوية يأخذ أبعادا متنوعة‪:‬‬
‫أولها‪ :‬تعزيز الهوية بأقوى عناصرها‪ ،‬وهو العودة إلى السلم‪ ،‬وتربية المة‬
‫عليه بعقيدته القائمة على توحيد الله سبحانه‪ ،‬والتي تجعل المسلم في عزة‬
‫ن" ]المنافقون‪ :‬من الية ‪،[8‬‬ ‫مؤ ْ ِ‬
‫مِني َ‬ ‫سول ِهِ وَل ِل ْ ُ‬ ‫معنوية عالية "وَل ِل ّهِ ال ْعِّزةُ وَل َِر ُ‬
‫وبشريعته السمحة وأخلقه وقيمه الروحية وتقوية الصلة بالله سبحانه وتعالى‬
‫واليقين بنصره وتمكينه للمؤمنين إذا استجابوا لربهم وقاموا بأسباب النصر‪،‬‬
‫فالهزيمة الحقيقية هي الهزيمة النفسية من الداخل حيث يتشرب المنهزم‬
‫كل ما يأتيه من المنتصر‪ ،‬أما إذا عززت الهوية ولم تستسلم من الداخل فإنها‬
‫تستعصي ول تقبل الذوبان‪.‬‬
‫ثانيها‪ :‬العناية باللغة العربية في وسائل العلم ومناهج التعليم وتسهيل‬
‫تدريسها وتحبيبها للطلب‪ ،‬ومن العناية باللغة العربية تفعيل التعريب‬
‫والترجمة والتقليص من التعلق باللغات الخرى إل في حدود الحاجة اللزمة‪.‬‬
‫ثالثها‪ :‬إبراز إيجابيات السلم وعالميته وعدالته وحضارته وثقافته وتاريخه‬
‫للمسلمين قبل غيرهم‪ ،‬ليستلهموا أمجادهم ويعتزوا بهويتهم‪.‬‬
‫"إن الرد الحقيقي على الطاغوت الحالي الذي يسمى العولمة‪ ،‬هو إبراز‬
‫النموذج الصحيح الذي يجب أن يكون عليه النسان‪ ،‬لكي يصدق الناس –في‬
‫عالم الواقع‪ -‬أنه يمكن أن يتقدم النسان علميا ً وتكنولوجيا ً واقتصاديا ً وحربيا ً‬
‫وسياسيا ً وهو محافظ على إنسانيته‪ ،‬محافظ على نظافته‪ ،‬مترفع عن الدنايا‪،‬‬
‫سل ََنا‬ ‫متطهر من الرجس‪ ،‬قائم بالقسط‪ ،‬معتدل الميزان")‪" (1‬ل َ َ َ‬
‫سل َْنا ُر ُ‬
‫قد ْ أْر َ‬
‫َ‬
‫ط" ]الحديد‪ :‬من‬ ‫س ِ‬ ‫س ِبال ْ ِ‬
‫ق ْ‬ ‫م الّنا ُ‬‫قو َ‬‫ن ل ِي َ ُ‬ ‫ميَزا َ‬ ‫ب َوال ْ ِ‬
‫م ال ْك َِتا َ‬‫معَهُ ُ‬ ‫ت وَأن َْزل َْنا َ‬
‫ِبال ْب َي َّنا ِ‬
‫الية ‪.[25‬‬

‫)‪(8 /‬‬

‫إن العولمة يجب أن تكون – من أجل النسان‪ -‬في العلوم والتقنيات والتعامل‬
‫والتعاون الذي يحترم فيه البشر بعضهم‪ ،‬أما الديانات والثقافات والتقاليد‬
‫فهي حضارات الشعوب ملك لهم تشكل تنوعا ً غير ممل بشرط أل يتعدى أحد‬
‫على الخر‪.‬‬
‫وأن نعلم أن هويتنا وذاتيتنا بعمقها الديني والحضاري ل بديل لها من أية‬
‫حضارة أخرى مهما بدا في زينتها‪ .‬فثقافتنا عالمية‪ ،‬أبدعت وأضافت وأعطت‪،‬‬
‫ورغم خصوصيتها كانت إنسانية شاملة‪ ،‬ل بتراثها السلمي –وهو ذروة‬
‫عطائها‪ -‬ولكن بما تجاوزته من عناصر الحضارات الخرى‪ ،‬وبلغتها العربية‬
‫وفنونها وآدابها‪ .‬وكما صنعت المة ثقافتها‪ ،‬صنعتها ثقافتها‪ ،‬وحافظت على‬
‫هويتها عبر أداتها التعبيرية لغة القرآن‪ ،‬فل تكاد تملك لغة من اللغات ما تملكه‬
‫اللغة العربية من تراث فكري مكتوب‪ ،‬ل في الكم‪ ،‬ول في النوع‪ ،‬ول في‬
‫النسق اللغوي المتماسك)‪.(2‬‬
‫رابعها‪ :‬العمل على نهوض المة في شتى الميادين دينيا ً وثقافيا ً سياسيا ً‬

‫‪33‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وعسكريا ً واقتصاديا ً وتقنيًا‪ ،‬ومحاربة أسباب التخلف والفساد‪ ،‬نغير ما بأنفسنا‬


‫هل‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫من تخلف وتقاعس‪ ،‬فإن من سنن الله سبحانه وتعالى التغيير "إ ِ ّ‬
‫م" ]الرعد‪ :‬من الية ‪ ،[11‬وقد نبه القرآن‬ ‫سهِ ْ‬‫ف ِ‬‫ما ب ِأ َن ْ ُ‬‫حّتى ي ُغَي ُّروا َ‬‫قوْم ٍ َ‬
‫ما ب ِ َ‬
‫ي ُغَي ُّر َ‬
‫سول ُُ‬
‫ه‬ ‫ر‬‫و‬
‫ْ ََ ُ‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫ك‬‫َ‬ ‫ل‬ ‫م‬ ‫ع‬
‫ُ َ َ‬ ‫ه‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫رى‬ ‫ي‬
‫َ ََ‬‫س‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫لوا‬‫ُ‬ ‫م‬ ‫ع‬‫ا‬
‫َ ِ ْ َ‬‫ل‬ ‫ُ‬ ‫ق‬ ‫و‬‫"‬ ‫العمل‬ ‫أهمية‬ ‫على‬ ‫الكريم‬
‫ن" ]التوبة‪ :‬من الية ‪.[105‬‬ ‫مُنو َ‬ ‫َوال ْ ُ‬
‫مؤ ْ ِ‬
‫خامسها‪ :‬مواجهة مساوئ العولمة بالتعليم والتدريب والتثقيف والتحصين‬
‫ورفع الكفاءة وزيادة النتاج ومحاربة الجهل وخفض معدلت المية المرتفعة‬
‫عند المسلمين‪.‬‬
‫سادسها‪ :‬تقليص الخلفات بين المسلمين حكومات وشعوب وجماعات‬
‫فّرُقوا" ]آل‬ ‫ميعا ً َول ت َ َ‬ ‫ج ِ‬ ‫ل الل ّهِ َ‬ ‫حب ْ ِ‬
‫موا ب ِ َ‬ ‫ص ُ‬
‫بالعتصام بكتاب الله عز وجل "َواعْت َ ِ‬
‫عمران‪ :‬من الية ‪ [103‬ثم التعامل معها إن وجدت بثقافة إيجابية فاعلة‬
‫ناصحة حتى ل يجد العداء ثغرة من خللها‪.‬‬
‫سابعها‪ :‬ضمان الحرية الثقافية وتدعيمها‪ ،‬حيث أن حرية الثقافة‪ ،‬وإن كانت‬
‫تنبع من العدالة في توزيع المكانات والبداعات النسانية على الفراد‪ ،‬فإنها‬
‫في الوقت نفسه عامل أساسي في إغناء الحياة الثقافية وزيادة عطائها‪.‬‬
‫ولكن ل يجوز فهم الحرية على أنها فتح للباب أمام كل تعبير‪ ،‬وقبول كل‬
‫فكر‪ ،‬ولكن الحرية المقصودة هي الحرية المنضبطة بضوابط)‪.(3‬‬
‫ثامنها‪ :‬أن نتعرف على العولمة الثقافية‪ ،‬والكشف على مواطن القوة‬
‫والضعف فيها‪ ،‬ودراسة سلبياتها وإيجابياتها برؤية إسلمية متفتحة‪ ،‬غايتها‬
‫البحث والدراسة العلمية)‪ ،(4‬وإدراك وفهم التناقضات التي تكتنف فكرة‬
‫العولمة وكشف الزيف الذي تتستر قواها خلفه)‪.(5‬‬
‫ولكن لبد أن يواكب عملية النقد الكلية للحضارة الغربية‪ ،‬عملية أخرى هي‬
‫عملية التخلص من الحساس بمركزية الغرب ونزع صفة العالمية والعلمية‬
‫والمطلقية عن حضارته وتوضيح أن كثيرا ً من القوانين العلمية التي يدافع‬
‫عنها دعاة التغريب باعتبارها تصلح لكل زمان ومكان هي في واقع المر‬
‫نتيجة تطور تاريخي وحضاري محدد وثمرة تضافر ظروف فريدة في لحظة‬
‫فريدة‪ ،‬فإذا كان الغرب قد تحول إلى مطلق‪ ،‬فإنه يجب أن يستعيد نسبيته‪،‬‬
‫وإذا كان يشغل المركز فإنه يجب أن يصبح مرة أخرى عنصرا ً واحدا ً ضمن‬
‫كون عالم النسان)‪.(6‬‬ ‫عناصر أخرى ت ّ‬
‫تاسعها‪ :‬التنسيق والتعاون بصورة متكاملة في وزارات التربية والتعليم‪،‬‬
‫والتعليم العالي والثقافة والعلم‪ ،‬و الوقاف والشئون السلمية‪ ،‬والعدل‪،‬‬
‫للمحافظة على الهوية السلمية من أي مؤثرات سلبية عليها‪.‬‬
‫عاشرها‪ :‬أن تقوم وسائل العلم بواجباتها في الحفاظ على الهوية ودعمها‪،‬‬
‫فضل ً عن استيراد البرامج التي تهدم الهوية دون نظر أو تحميص‪ ،‬كما أن‬
‫على الدول والعلماء وقادة الرأي ورجال العمال الضغط على وسائل العلم‬
‫الخاصة كل بما يستطيع لمراعاة هوية المة وقيمها‪.‬‬
‫حادي عشر‪ :‬أن يقوم التعليم بتعزيز الهوية وكشف العولمة ومضارها‪ ،‬ويتحتم‬
‫على العلم التربوي استخدام كافة الوسائل والساليب والطرق المتاحة كي‬
‫ينجح في تأصيل القيم والمهارات والمعارف والمعلومات في مؤسسات‬
‫المجتمع ومنظماته‪ ،‬وبما أن البث المباشر يهدد هويتنا بتنشئة صغارنا على‬
‫قيم وعادات تخالف فكر أمتهم وثقافتها فإن التربويين والعلميين مطالبين‬
‫بتحصين الطفال ضد ثقافة الستهلك والتغريب‪ ،‬ونحن نريد من العلم‬
‫التربوي أن يتحدث عن المسائل التربوية المهمة واللصيقة بحياة المجتمع‪،‬‬
‫كما نريد منه تقديم مادة غنية ثرية تحدث أثرا ً إيجابيًا‪ ،‬وتترك صدى قويا ً‬

‫‪34‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫بنفس الصغير والتلميذ والطالب والشاب وتساعد على اكتشاف ما يملك من‬
‫طاقات ومهارات)‪.(7‬‬
‫ثاني عشر‪ :‬تنشيط التفاعل والحوار الثقافي العربي مع ثقافات المم‬
‫الخرى)‪ .(8‬وأن نثري ثقافتنا العربية السلمية بما نراه ينفعنا ول يضرنا من‬
‫الثقافات الكونية الخرى‪ ،‬وفي الوقت نفسه نعرف تلك الثقافات العالمية بما‬
‫لنا من تراث وتقاليد وقيم اجتماعية عريقة)‪.(9‬‬

‫)‪(9 /‬‬

‫وفي دراسة علمية عن العولمة في ضوء العقيدة السلمي كان من‬


‫التوصيات)‪:(10‬‬
‫‪ -‬ضرورة النفتاح على الخرين والستفادة من فرص العولمة والتقدم العلمي‬
‫والتقني‪ ،‬وتطوير ثقافتنا وتحسين أوضاعنا‪.‬‬
‫‪ -‬أن من أهم التحصينات الثقافية لمتنا قيم النفتاح والتسامح والعدل‬
‫والشورى‪.‬‬
‫‪ -‬تطوير مشروع السلم الحضاري المتكامل‪.‬‬
‫‪ -‬إعادة بناء الوحدة السلمية على أساس شرع الله تعالى‪.‬‬
‫‪ -‬إنشاء السوق السلمية المشتركة‪.‬‬
‫‪ -‬إعادة بناء وصياغة النظم التعليمية والتعاون في التعليم‪.‬‬
‫‪ -‬الهتمام بالعلم‪.‬‬
‫ثالث عشر‪ :‬تشجيع المؤسسات الدعوية داخل البلد السلمية وخارجها على‬
‫ممارسة عملها ودعمها بكل طريق ماديا ً ومعنويا ً وتوجيهيًا‪ ،‬وعدم السقوط‬
‫في فخ العداء بتصيد أخطا\ها وتشويه سمعتها عند حدوث خطأ ما‪ ،‬وإنما‬
‫بالنصيحة اليجابية الفاعلة‪ ،‬وما نراه بفضل الله تعالى من مؤسسات إسلمية‬
‫ودعوية مساعدة للمسلمين للحفاظ على هويتهم ل سيما خارج الدول‬
‫السلمية‪ ،‬سواء كانت مراكز أو مدارس إسلمية أو وسائل إعلمية‪ ،‬كمواقع‬
‫النترنت أو شركات النتاج أو إذاعات القرآن الكريم‪ ،‬أو مكاتب دعوة‬
‫الجاليات التي تتميز بها المملكة العربية السعودية‪ ،‬وأثمرت آلف المسلمين‬
‫الجدد كل عام‪ ،‬أو مدارس تحفيظ القرآن الكريم‪ ،‬إلى غير ذلك من هذه‬
‫المؤسسات‪ ،‬لتسهم ضد تأثيرات العولمة على الهوية‪ ،‬لذا ل نعجب من أن‬
‫تكون هذه المؤسسات الخيرية أحد استهدافات العولمة‪ ،‬ومحاولة لرميها‬
‫بالرهاب بكل طريق بمحاربة أنشطتها وتشويه سمتعتها وتجفيف مواردها)‬
‫‪.(11‬‬
‫هذه بعض الفكار وغيرها كثير في سبيل مواجهة العولمة وهي وإن فرضت‬
‫علينا واقعا ً ليس من اختيارنا‪ ،‬لكنها ل تستطيع منعنا من العمل‪.‬‬
‫والطريف المضحك المبكي أن يتحدث بعض النفر من مثقفينا عن العولمة‪،‬‬
‫كقضاء وقدر‪ ،‬يجب إسلم الذات الثقافية له‪ ،‬في ذات الوقت الذي يتمردون‬
‫فيه على القضاء والقدر‪ ،‬إذا كانا من الله‪ ،‬ولقد كتب أحدهم في أحد‬
‫المؤتمرات التي عقدت عن العولمة يقول‪ :‬إن العولمة هي ظاهرة التوحد‬
‫الثقافي والقتصادي‪ ،‬التي يشهدها العالم اليوم‪ ،‬مع عدم إغفال النواحي‬
‫السياسية والجتماعية‪ ،‬وإن الحداثة الغربية عموما ً والعولمة المعاصرة‬
‫خصوصًا‪ ،‬وما أفرزت من ثقافة في طريقها إلى أن تصبح ثقافة عالمية أو‬
‫كونية شاملة بكل ما في الكلمة من معنى‪ ،‬فل شيء قادر على الوقوف في‬
‫طريقها‪ ،‬ولن تستطيع الثقافات التقليدية أن تصنع شيئا ً أمام ثقافة العولمة‬

‫‪35‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫التي ل تصدها الحدود‪ ،‬أحببنا ذلك أو كرهنا‪ ،‬وافقنا أو رفضنا)‪.(12‬‬


‫وأخيرا ً مادمنا مقاومين فاعلين قائمين بما أمرنا الله به فإننا موقنين ليس‬
‫بحماية هويتنا فحسب‪ ،‬بل حتى في التأثير على غيرنا بنفس وسائل العولمة‪،‬‬
‫وهذا هو الفصل القادم‪.‬‬
‫‪ -‬سبل الستفادة من العولمة في الحفاظ على الهوية‬
‫هل العولمة شر محض فنحصر أمورنا في الوقاية منها ومقاومتها؟ أم أنه‬
‫يمكن التأثير من خلل العولمة‪ ،‬إن موقف نقد ل يعني حرمان النفس من‬
‫إمكانيات الستفادة من الفرص التي يتيحها‪ ،‬وذلك للتأثير اليجابي أو على‬
‫القل التخويف من مخاطر السقوط في الهرم والرثاثة)‪.(13‬‬
‫وإذا كان البعض يشبه العولمة بالقطار إما أن تركب إذا أردت التقدم‬
‫والوصول أو البقاء في المكان مع التعرض للمخاطر ويفوتك الركب‪ ،‬والقطار‬
‫يسير إلى قدر محتوم معلوم كما ذكره فوكوياما في كتابه نهاية التاريخ وتأثر‬
‫به كثير من الكتاب فإن هذا المثال غير صحيح لن العولمة تتجاذبها قوى‬
‫متعددة يمكن التأثير فيها‪.‬‬
‫وسنضرب بعض المثلة‪:‬‬

‫)‪(10 /‬‬

‫ل‪ :‬إن من مظاهر العولمة وسائل التصال من النترنت والفضائيات وأن‬ ‫أو ً‬
‫هذه الوسائل من الممكن تسخيرها لخدمة البشرية عبر نشر الحقائق‬
‫السلمية فالمة العربية والسلمية تملك أعظم مشروع حضاري ‪ ..‬إنها تملك‬
‫ت‬‫ق ُ‬ ‫خل َ ْ‬‫ما َ‬ ‫الوحي اللهي المعصوم‪ ،‬الذي ينظم العلقة بين العباد وخالقهم "وَ َ‬
‫َ‬
‫ن" ]الذريات‪ ، [56:‬وبين العباد بعضهم وبعض "َيا أي َّها‬ ‫دو ِ‬ ‫س إ ِّل ل ِي َعْب ُ ُ‬ ‫ن َواْل ِن ْ َ‬ ‫ج ّ‬ ‫ال ْ ِ‬
‫شُعوبا ً وَقََبائ ِ َ‬ ‫ُ‬
‫ن‬‫ل ل ِت ََعاَرُفوا إ ِ ّ‬ ‫م ُ‬ ‫جعَل َْناك ُ ْ‬ ‫ن ذ َك َرٍ وَأن َْثى وَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫قَناك ُ ْ‬ ‫خل َ ْ‬‫س إ ِّنا َ‬ ‫الّنا ُ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫خِبيٌر( )الحجرات‪ ، (13:‬ومع سائر‬ ‫م َ‬ ‫ه عَِلي ٌ‬ ‫ن الل َ‬ ‫م إِ ّ‬ ‫قاك ْ‬ ‫عن ْد َ اللهِ أت ْ َ‬ ‫م ِ‬ ‫مك ْ‬ ‫أك َْر َ‬
‫َ‬ ‫َْ‬
‫جعَ ُ‬
‫ل‬ ‫ة َقاُلوا أت َ ْ‬ ‫ف ً‬ ‫خِلي َ‬ ‫ض َ‬ ‫ل ِفي الْر ِ‬ ‫ع ٌ‬‫جا ِ‬ ‫ملئ ِك َةِ إ ِّني َ‬ ‫ك ل ِل ْ َ‬ ‫ل َرب ّ َ‬ ‫المخلوقات "وَإ ِذ ْ َقا َ‬
‫ل إ ِّني‬ ‫س لك َقا َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫قد ّ ُ‬ ‫َ‬
‫مدِك وَن ُ َ‬ ‫ح ْ‬ ‫ح بِ َ‬ ‫سب ّ ُ‬
‫ن نُ َ‬ ‫ح ُ‬ ‫ماَء وَن َ ْ‬ ‫فك الد ّ َ‬ ‫ُ‬ ‫س ِ‬ ‫سد ُ ِفيَها وَي َ ْ‬ ‫ف ِ‬ ‫ن يُ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ِفيَها َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن" ]البقرة‪ ،[30:‬وهو في النهاية يؤدي إلى السعادة الدنيوية‬ ‫مو َ‬ ‫ما ل ت َعْل ُ‬ ‫م َ‬ ‫أعْل َ ُ‬
‫والخروية للعالم‪ ،‬هذه الرسالة العظيمة يجب أن تحملها البشرية وأن تستثمر‬
‫س‬
‫ت ِللّنا ِ‬ ‫ج ْ‬ ‫خرِ َ‬‫مةٍ أ ُ ْ‬ ‫ُ‬
‫خي َْر أ ّ‬ ‫م َ‬ ‫كل أدوات العولمة المشروعة ليصال رسالتنا "ك ُن ْت ُ ْ‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫ل ال ْك َِتا ِ‬
‫ب‬ ‫ن أهْ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ن ِبالل ّهِ وَل َوْ آ َ‬ ‫مُنو َ‬ ‫من ْك َرِ وَت ُؤْ ِ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ن عَ‬ ‫ف وَت َن ْهَوْ َ‬ ‫معُْرو ِ‬ ‫ن ِبال ْ َ‬ ‫مُرو َ‬ ‫ت َأ ُ‬
‫م ال ْ َ‬ ‫َ‬
‫ن" ]آل عمران‪.[110:‬‬ ‫قو َ‬ ‫س ُ‬ ‫فا ِ‬ ‫ن وَأك ْث َُرهُ ُ‬ ‫مُنو َ‬ ‫مؤ ْ ِ‬ ‫م ال ْ ُ‬ ‫من ْهُ ُ‬ ‫م ِ‬ ‫خْيرا ً ل َهُ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫كا َ‬ ‫لَ َ‬
‫وثقافتنا وهويتنا قابلة للنمو والعتناء أكثر من الذابة والتبعية‪ ،‬لذا نؤمن‬
‫بالتفاعل والتبادل الذي يتيح لثقافتنا فرصة النمو والنتشار ل الذابة والتبعية)‬
‫‪.(14‬‬
‫بل إن السلم بعقائده الفطرية وشريعته العادلة القائمة على المساواة هو‬
‫أكثر المستفيدين من العولمة إذا تساوت الفرص وخدمه أبناؤه فالسلم‬
‫بقيمه العالمية بخلف العولمة التي هي فرض قيم وحضارة خاصة‪ ،‬بينما‬
‫السلم يتجه نحو العالمية منذ نزوله‪ ،‬ويحث على التعايش والسلم‪ ،‬وعايش‬
‫فعل ً في تاريخه مختلف الديانات وتسامح معها تسامحا ً واضحا ً بشهادة‬
‫المؤرخين المنصفين‪ ،‬كما أنه مؤهل بتعاليمه الخلقية أن يشارك في وضع‬
‫أخلق جديدة لهذه العولمة المنفلتة لحد الن‪ ،‬وهو يعترف بالقيم المشتركة‬
‫بين الحضارات‪ ،‬ول شك أن الدعوة إلى الفهم المتبادل للقيم الحضارية‬
‫الشرقية والغربية من سمات السلم الرئيسية‪ ،‬فقد دعا إلى الحوار مع‬

‫‪36‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ديانات أخرى‪ ،‬منذ نزول القرآن‪ ،‬ونادى بالحوار بين الديان وأزاح الغبار عما‬
‫طرأ على بعض الديانات من خرافات وتحريفات‪ ،‬ودعا إلى الصل المشترك‬
‫ل ال ْكتاب تعال َوا إَلى ك َل ِمة سواٍء بيننا وبينك ُ َ‬ ‫ل َيا أ َهْ َ‬
‫م أّل ن َعْب ُد َ‬ ‫َ ٍ َ َ َََْ َََْ ْ‬ ‫ِ‬ ‫َِ ِ ََ ْ‬ ‫بينها جميعًا‪" " ،‬قُ ْ‬
‫َ‬
‫وا‬ ‫ن ت َوَل ّ ْ‬
‫ن الل ّهِ فَإ ِ ْ‬
‫ن ُدو ِ‬ ‫م ْ‬‫ضَنا ب َْعضا ً أْرَبابا ً ِ‬ ‫خذ َ ب َعْ ُ‬‫شْيئا ً َول ي َت ّ ِ‬ ‫ك ب ِهِ َ‬
‫َ‬
‫شرِ َ‬ ‫ه َول ن ُ ْ‬ ‫إ ِّل الل ّ َ‬
‫ن" ]آل عمران‪ ،[64:‬فعلى المسلم اليوم أن يحدد‬ ‫مو َ‬ ‫سل ِ ُ‬‫م ْ‬
‫دوا ب ِأّنا ُ‬ ‫شهَ ُ‬‫قوُلوا ا ْ‬ ‫فَ ُ‬
‫رسالته نحو العولمة ويبني موقفه على الفهم الصحيح للسلم‪ ،‬وأن ميزانه‬
‫ميزان أخلقي )التقوى( حيث يتحاور ويتعاون مع البشرية في العالم إذا ألغي‬
‫ميزان العصبية واللون‪ ،‬والطبقة والثروة‪ ،‬وجعل عمارة الكون والحسان إلى‬
‫العالمين من مبادئه ومقاصده‪ ،‬وكذلك المشاركة في توفير الخير للناس‪،‬‬
‫وحفظ الحقوق‪ ،‬ومنع الظلم وإن كان مع عدو أو مخالف في الدين‪َ" " ،‬ول‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫وى" ]المائدة‪ :‬من‬ ‫ق َ‬
‫ب ِللت ّ ْ‬ ‫ن قَوْم ٍ عََلى أّل ت َعْدُِلوا اعْدُِلوا هُوَ أقَْر ُ‬ ‫شَنآ ُ‬ ‫م َ‬ ‫من ّك ُ ْ‬‫جرِ َ‬ ‫يَ ْ‬
‫ن‬
‫م ْ‬
‫الية ‪ ، [8‬وعد القرآن الكريم اختلف اللغات واللوان من آياته سبحانه‪" :‬وَ ِ‬
‫َ‬ ‫خِتل ُ َ‬ ‫َْ‬
‫ت‬‫ك َليا ٍ‬ ‫ن ِفي ذ َل ِ َ‬ ‫م إِ ّ‬ ‫م وَأل ْ َ‬
‫وان ِك ُ ْ‬ ‫ف أل ْ ِ‬
‫سن َت ِك ُ ْ‬ ‫ض َوا ْ‬ ‫ت َوالْر ِ‬ ‫ماَوا ِ‬ ‫س َ‬‫خل ْقُ ال ّ‬ ‫آَيات ِهِ َ‬
‫ن" ]الروم‪.(15) [22:‬‬ ‫مي َ‬ ‫ل ِل َْعال ِ ِ‬
‫فإنتاج البرامج التلفزيونية للتعريف بالسلم وكذلك المواقع في النترنت‪،‬‬
‫ونشر الحقائق السلمية وبيان دين السلم‪ ،‬والرد على الشبهات المثارة‪،‬‬
‫فتلك الوسائل يستفيد منها بالدرجة الولى أهل الحق‪ ،‬فهي فرصة لكشف‬
‫فريق الباطل‪.‬‬
‫وكذلك الستفادة من السياحة في منطقتنا السلمية لطلع القادمين على‬
‫ديننا وثقافتنا وتاريخنا‪ ،‬وكما أن المؤسسات الخيرية والدعوية السلمية التي‬
‫تعاني الن من هجمة العولمة واتهامها بدعم الرهاب لها فرصة الستفادة من‬
‫وسائل العولمة لنشر السلم‪.‬‬
‫ثانيًا‪ :‬إن أدوات العولمة ربما ساعدت في الحفاظ على الهوية حيث يتاح‬
‫للمسلم في الغرب الحفاظ على هويته وتقويتها عبر مواقع النترنت‬
‫السلمية بل ويتفاعل معها وكذلك الفضائيات‪ ،‬وقد نشاهد جماعة من‬
‫المهاجرين التراك مثل ً في ألمانيا يقتصرون على مشاهدة البرامج التركية‬
‫وهم مقيمون في ألمانيا‪ ،‬ينقلون هويتهم معهم‪ ،‬ول تنقطع الصلة بينهم وبين‬
‫مجتمعهم الصلي‪ ،‬وكذلك يفعل المهاجرون المسلمون في فرنسا‪ ،‬والكراد‬
‫في ألمانيا‪.‬‬

‫)‪(11 /‬‬

‫ثالثًا‪ :‬العولمة المعاصرة أفرزت تهديدا ً ثقافيًا‪ ،‬وهذا التهديد الثقافي والديني‬
‫قد يؤدي أيضا ً إلى فرار الناس إلى الدين‪ ،‬يلوذون به‪ ،‬ويحتمون بعقائدهم‬
‫لدرجة التعصب والعنف والقتال‪ ،‬لنهم يشعرون أنهم مهددون في أعز شيء‬
‫عندهم‪ ،‬ولشدة خوفهم من الستئصال والنسلخ قصرا ً عن معتقداتهم‪ ،‬لن‬
‫الصراع يسهل أن ينشأ عندما يشعر النسان أنه مهدد في جانب من ذاتيته)‬
‫‪.(16‬‬
‫يقول برنارد لويس‪" :‬في العالم السلمي يوجد ميل متواتر لدى المسلمين‬
‫في أوقات الزمة‪ ،‬لن يبحثوا عن هويتهم الساسية وانتمائهم في المجتمع‬
‫السلمي")‪.(17‬‬
‫ويقول هنتجنتون‪ :‬في عالم اليوم أدى التحسن الذي حدث في مجالت‬
‫النتقال والتصال إلى تفاعلت وعلقات أكثر تكرارا ً واتساعا ً وتناسقا ً وشمول ً‬
‫بين شعوب من حضارات مختلفة‪ ،‬ونتيجة لذلك أصبحت هوياتهم الحضارية‬

‫‪37‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫أكثر بروزًا‪ .‬الفرنسيون واللمان والبلجيك والهولنديون يتزايد تفكيرهم في‬


‫أنفسهم كأوروبيين‪ ،‬مسلمو الشرق الوسط يتوحدون ويهرعون لمساعدة‬
‫البوسنيين والشيشان‪ ،‬الصينيون في آسيا كلها يوحدون مصالحهم مع مصالح‬
‫البر الرئيسي‪ ،‬الروس يتوحدون مع الصرب والشعوب الرثوذوكسية الخرى‬
‫ويدعمونها‪ ،‬هذه الحدود الوسع للهوية الحضارية تعني وعيا ً أعمق بالختلفات‬
‫الحضارية والحاجة إلى حماية ما يميز "نحن" عن "هم")‪.(18‬‬
‫رابعًا‪ :‬إن من إيجابيات العولمة القضاء على الحداثة بمعناها المعادي لكل ما‬
‫هو قديم‪ ،‬وذلك هو مأزق الحداثة الفاضح عربيًا‪ ،‬وذلك بعد عقود من مساعي‬
‫الحداثيين إلى علمنة الثقافة والمجتمع‪ ،‬يكتسح السلم ساحة الفكر والعمل‬
‫في غير بلد عربي‪ ،‬وفيما يصر أهل الحداثة على إحداث ثورة في الفكر‬
‫الديني أو في العقل اللهوتي‪ ،‬على غرار ثورة لوثر أو فولتير أو كنت‪ ،‬توضع‬
‫الحداثة غربيا ً على مشرحة النقد والتفكيك بكل عناوينها ومسلماتها‪ ،‬بعد أن‬
‫شهدت انفجاراتها المفهومية في أكثر فروع المعرفة والثقافة)‪.(19‬‬
‫المراجع‬
‫‪ -1‬القرآن الكريم‪.‬‬
‫‪ -2‬التعريفات‪ ،‬الجرجاني‪ ،‬دار عالم الكتب‪ ،‬بيروت‪ ،‬الطبعة الولى ‪1407‬هـ ‪-‬‬
‫‪1987‬م‪.‬‬
‫‪ -3‬الثقافة العربية بين العولمة والخصوصية‪ ،‬حسن حنفي‪ ،‬بحث ضمن كتاب‬
‫العولمة والهوية‪ ،‬المؤتمر العلمي الرابع لكلية الداب والفنون‪ ،‬منشورات‬
‫جامعة فلدليفيا‪ ،‬الطبعة الولى‪1999 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -4‬ثقافة العولمة وعولمة الثقافة‪ ،‬د‪ .‬برهان غليون ود‪ .‬سمير أمين‪ ،‬دار الفكر‬
‫المعاصر بيروت‪ ،‬الطبعة الولى ‪1420‬هـ‪1999 /‬م‪.‬‬
‫‪ -5‬حتى ل تضيع الهوية السلمية والنتماء القرآني‪ ،‬أنور الجندي‪ ،‬دار‬
‫العتصام‪ ،‬سلسلة الرسائل الجامعة‪.‬‬
‫‪ -6‬حديث النهايات‪ ،‬فتوحات العولمة ومآزق الهوية‪ ،‬علي حرب‪ ،‬المركز‬
‫الثقافي العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬الطبعة الولى‪2000 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -7‬نحن والعولمة من يربي الخر‪ ،‬سلسلة كتاب المعرفة )‪ ،(7‬مجموعة‬
‫مقالت‪ ،‬مقالة للستاذ سعد البازعي بعنوان المثقفون والعولمة والضرورة‬
‫والضرر‪ ،‬الطبعة الولى ‪1420‬هـ‪1999 /‬م‪.‬‬
‫‪ -8‬صدام الحضارات ‪ ..‬إعادة صنع النظام العالمي‪ ،‬تأليف صامويل هنتنجتون‪،‬‬
‫ترجمة طلعت الشايب وتقديم د‪ .‬صلح قنصوة‪ ،‬الطبعة الثانية‪1999 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -9‬صراع الثقافة العربية السلمية مع العولمة‪ ،‬د‪ .‬محمد الشبيني ‪ ،‬دار العلم‬
‫للمليين‪ ،‬الطبعة الولى‪2002 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -10‬ضياع الهوية في الفضائيات العربية‪ ،‬د‪ .‬عائض الردادي‪ ،‬كتيب المجلة‬
‫العربية‪ ،‬العدد السابع والثلثون‪ ،‬محرم ‪1421‬هـ‪.‬‬
‫‪ -11‬العالم من منظور غربي‪ ،‬د‪ .‬عبدالوهاب المسيري‪ ،‬منشورات دار الهلل‪،‬‬
‫فبراير ‪2001‬م‪.‬‬
‫‪ -12‬العرب والعولمة‪ ،‬بحوث ومناقشات الندوة الفكرية التي نظمها مركز‬
‫دراسات الوحدة العربية‪ ،‬تعقيب نبيل الدجاني‪ ،‬الطبعة الثانية‪1998 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -13‬العولمة الثقافية وموقف السلم منها‪ ،‬د‪ .‬إسماعيل علي محمد‪ ،‬دار‬
‫الكلمة للنشر والتوزيع‪ ،‬الطبعة الولى ‪1421‬هـ‪2001/‬م‪.‬‬
‫‪ -14‬العولمة وأثرها على اقتصاد الدول‪،‬نقل ً عن جريدة الشرق الوسط‬
‫بتاريخ ‪2/3/1997‬م‪.‬‬
‫‪ -15‬العولمة‪ ،‬دراسة نقدية في ضوء العقيدة السلمية‪ ،‬ماجد بن علي‬

‫‪38‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الزميع‪ ،‬رسالة ماجستير قسم الثقافة السلمية‪ ،‬كلية التربية‪ ،‬جامعة الملك‬
‫سعود‪1422 ،‬هـ‪ ،‬لم تطبع‪.‬‬
‫‪ -16‬العولمة والتحدي الثقافي‪ ،‬د‪ .‬باسم علي خريسان‪ ،‬دار الفكر العربي‪،‬‬
‫بيروت‪ ،‬الطبعة الولى‪2001 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -17‬العولمة وعالم بل هوية‪ ،‬د‪ .‬محمود سمير المنير‪ ،‬دار الكلمة للنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬المنصورة‪ ،‬مصر‪ ،‬الطبعة الولى‪1421 ،‬هـ ‪2000 -‬م‪.‬‬
‫‪ -18‬العولمة وقضية الهوية الثقافية في ظل الثقافة العربية المعاصرة‪ ،‬محمد‬
‫بن سعد التميمي‪ ،‬الطبعة الولى‪1422 ،‬هـ ‪2001 -‬م‪.‬‬
‫‪ -19‬العولمة والهوية‪ ،‬المؤتمر العلمي الرابع لكلية الداب والفنون ‪-4‬‬
‫‪6/5/1998‬م‪ ،‬منشورات جامعة فلدليفيا‪ ،‬الطبعة الولى‪1999 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -20‬فخ العولمة‪ ،‬هانس بيتر مارتن‪ ،‬هارالد شومان‪ ،‬ترجمة‪ :‬د‪ .‬عدنان عباس‬
‫علي‪ ،‬مراجعة وتقديم‪ :‬رمزي زكي‪ ،‬سلسلة عالم المعرفة‪ ،‬الكويت‪1419 ،‬هـ‬
‫‪1998 -‬م‪.‬‬
‫‪ -21‬القطاع الخيري ودعاوى الرهاب‪ ،‬د‪ .‬محمد بن عبدالله السلومي‪ ،‬كتاب‬
‫البيان‪ ،‬الرياض‪ ،‬الطبعة الولى‪1242 ،‬هـ‬

‫)‪(12 /‬‬

‫‪ -22‬ماضي المستقبل صراع الهوية والوطنية في عالم يتعولم‪ ،‬د‪ .‬رجب بو‬
‫دبوس‪ ،‬مؤسسة النتشار العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬الطبعة الولى‪2001 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -23‬مجلة البيان‪ ،‬العدد ‪ ،136‬مقالة‪ :‬العولمة حلقة في تطور آليات‬
‫السيطرة‪ ،‬للستاذ خالد أبو الفتوح‪.‬‬
‫‪ -24‬مجلة حصاد الفكر‪ ،‬العدد ‪ ،135‬جماد الول ‪1424‬هـ ‪2003 -‬م‪ ،‬عرض‬
‫لكتاب بدائل العولمة للدكتور سعيد اللوندي‪ ،‬عرض عبدالباقي حمدي‪.‬‬
‫‪ -25‬مجلة الرائد‪ ،‬تصدر عن الدار السلمية للعلم بألمانيا‪ ،‬العدد )‪،(236‬‬
‫ربيع الول ‪1423‬هـ‪ /‬مايو ‪2002‬م‪ .‬دراسة بعنوان العولمة وأثرها على‬
‫السلوكيات والخلق‪ ،‬د‪ .‬عمار طالبي‪.‬‬
‫‪ -26‬مخاطر العولمة على الهوية الثقافية‪ ،‬د‪ .‬محمد عمارة‪ ،‬دار نهضة مصر‬
‫للطباعة والنشر‪ ،‬الطبعة الولى‪ ،‬فبراير ‪1999‬م‪.‬‬
‫‪ -27‬المخططات الستعمارية لمكافحة السلم‪ ،‬محمد محمود الصواف‪ ،‬دار‬
‫العتصام‪ ،‬الدمام‪ ،‬المملكة العربية السعودية‪ ،‬الطبعة الثانية‪1399 ،‬هـ ‪-‬‬
‫‪1979‬م‪.‬‬
‫‪ -28‬مسئولية العلم في تأكيد الهوية الثقافية‪ ،‬د‪ .‬ساعد العرابي الحارثي‪،‬‬
‫نشر المجلة العربية‪ ،‬د‪ .‬ط‪ .‬ت‪.‬‬
‫‪ -29‬المسلمون والعولمة‪ ،‬محمد قطب‪ ،‬دار الشروق‪ ،‬القاهرة‪ ،‬الطبعة الولى‬
‫‪1421‬هـ‪2000 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -30‬مقدمة ابن خلدون‪ ،‬عبدالرحمن بن خلدون‪ ،‬دار الكتاب العربي‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫الطبعة الخامسة‪ ،‬د‪ .‬ت‪.‬‬
‫‪ -31‬الهوية العربية عبر حقب التاريخ‪ ،‬ندوة علمية للمجمع العلمي ببغداد‪،‬‬
‫‪26/6/1997-25‬م‪.‬‬
‫‪The Cultural Globalization and its‬‬
‫‪Impact on the Islamic Identity‬‬
‫‪Dr. Khalid Ibn Abdullah al-qassim‬‬
‫‪Associate Prof. Dept. of Islamic Culture‬‬

‫‪39‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫‪College of Education, King Saud University‬‬


‫‪.Riyadh, Saudi Arabia‬‬
‫‪:Abstract: The research tries to answer the following questions‬‬
‫?‪What is Globalization in general and the cultural Globalization in particular‬‬
‫‪Is it an inevitable issue? What is identity? What are the impacts of‬‬
‫‪Globalization on it? How to deal with Globalization in a way that protects‬‬
‫‪the islamic identity? Is it possible to make use of Globalization for boosting‬‬
‫‪?the identity‬‬
‫‪:The study is divided into an introduction and five chaptres, as follows‬‬
‫‪.Chapter one: Definition of Globalization‬‬
‫‪.Chapter two: Definition of Identity‬‬
‫‪Chapter three: The Negative Impacts of Globalization on the Muslim‬‬
‫‪.Identity‬‬
‫‪Chapter four: The Most Important Meansof Resisting the Negative‬‬
‫‪.Influences of Globalization on the Identity‬‬
‫‪.Chapter five: How to Make Use of Globalization to Protect the Identity‬‬
‫|‪|2|1‬‬
‫________________________________________‬
‫)‪ (1‬المسلمون والعولمة‪ ،‬محمد قطب‪ ،‬دار الشروق‪ ،‬القاهرة‪ ،‬الطبعة الولى‬
‫‪1421‬هـ‪2000 ،‬م‪ ،‬ص‪.49 :‬‬
‫)‪ (2‬العولمة وقضية الهوية الثقافية في ظل الثقافة العربية المعاصرة‪ ،‬محمد‬
‫بن سعد التميمي‪ ،‬الطبعة الولى‪1422 ،‬هـ ‪2001 -‬م‪ ،‬ص‪.318 :‬‬
‫)‪ (3‬انظر‪ :‬العولمة وقضية الهوية الثقافية في ظل الثقافة العربية المعاصرة‪،‬‬
‫محمد بن سعد التميمي‪ ،‬الطبعة الولى ‪1422‬هـ ‪2001 -‬م‪ ،‬ص‪.263 :‬‬
‫)‪ (4‬صراع الثقافة العربية السلمية مع العولمة‪ ،‬د‪ .‬محمد الشبيني ‪ ،‬دار‬
‫العلم للمليين‪ ،‬الطبعة الولى‪2002 ،‬م‪ ،‬ص‪.251 :‬‬
‫)‪ (5‬العولمة والهوية المؤتمر العلمي الرابع لكلية الداب والفنون‪-4 ،‬‬
‫‪6/5/1998‬م‪ ،‬بحث للدكتور حسين علوان حسين بعنوان العولمة والثقافة‬
‫العربية‪ ،‬منشورات جامعة فلدليفيا‪ ،‬الطبعة الولى‪1999 ،‬م‪ ،‬ص‪.125 :‬‬
‫)‪ (6‬العالم من منظور غربي‪ ،‬د‪ .‬عبدالوهاب المسيري‪ ،‬منشورات دار الهلل‪،‬‬
‫فبراير ‪2001‬م‪ ،‬ص‪.254-253 :‬‬
‫)‪ (7‬مسئولية العلم في تأكيد الهوية الثقافية‪ ،‬د‪ .‬ساعد العرابي الحارثي‪،‬‬
‫المجلة العربية‪ ،‬د‪ .‬ط‪ .‬ت ص‪.30 :‬‬
‫)‪ (8‬العولمة والهوية المؤتمر العلمي الرابع لكلية الداب والفنون‪-4 ،‬‬
‫‪6/5/1998‬م‪ ،‬بحث للدكتور حسين علوان حسين بعنوان العولمة والثقافة‬
‫العربية‪ ،‬منشورات جامعة فلدليفيا‪ ،‬الطبعة الولى‪1999 ،‬م‪ ،‬ص‪.126 :‬‬
‫)‪ (9‬صراع الثقافة العربية السلمية مع العولمة‪ ،‬د‪ .‬محمد الشبيني ‪ ،‬دار‬
‫العلم للمليين‪ ،‬الطبعة الولى‪2002 ،‬م‪ ،‬ص‪.251 :‬‬
‫)‪ (10‬العولمة‪ ،‬دراسة نقدية في ضوء العقيدة السلمية‪ ،‬ماجد بن علي‬
‫الزميع‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬قسم الثقافة السلمية‪ ،‬كلية التربية‪ ،‬جامعة الملك‬
‫سعود‪1422 ،‬هـ لم تطبع‪ ،‬ص ‪.458 - 444‬‬
‫)‪ (11‬انظر‪ :‬كتاب القطاع الخيري ودعاوى الرهاب على المؤسسات‬
‫السلمية‪ ،‬د‪ .‬محمد بن عبدالله السلومي‪ ،‬كتاب البيان‪ ،‬الرياض‪ ،‬الطبعة‬
‫الولى‪1424 ،‬هـ‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫)‪ (12‬القائل‪ :‬تركي الحمد‪ ،‬انظر‪ :‬مخاطر العولمة على الهوية الثقافية‪ ،‬د‪.‬‬
‫محمد عمارة‪ ،‬ص‪ ،38 :‬نقل ً عن تركي الحمد هوية ل هوية‪ ،‬نحن والعولمة‪،‬‬
‫بحث في مؤتمر القاهرة إبريل سنة ‪1998‬م عن العولمة وقضايا الهوية‬
‫الثقافية‪ ،‬انظر‪ :‬صحيفة المدينة السعودية‪ ،‬ملحق الربعاء في ‪ 15‬إبريل سنة‬
‫‪.1998‬‬

‫)‪(13 /‬‬

‫)‪ (13‬انظر‪ :‬ثقافة العولمة وعولمة الثقافة‪ ،‬د‪ .‬برهان غليون ود‪ .‬سمير أمين‪،‬‬
‫دار الفكر المعاصر بيروت‪ ،‬دار الفكر المعاصر دمشق‪ ،‬الطبعة الولى‬
‫‪1420‬هـ ‪1999‬م‪ ،‬ص‪.187 :‬‬
‫)‪ (14‬انظر‪ :‬العولمة والهوية‪ ،‬المؤتمر العلمي الرابع لكلية الداب والفنون ‪-4‬‬
‫‪6/5/1998‬م‪ ،‬كلمة عميد كلية الداب أ‪ .‬د‪ .‬صالح أبو ضلع‪ ،‬منشورات جامعة‬
‫فلدليفيا‪ ،‬الطبعة الولى‪1999 ،‬م‪ ،‬ص‪.11 :‬‬
‫)‪ (15‬انظر‪ :‬مجلة الرائد‪ ،‬تصدر عن الدار السلمية للعلم بألمانيا‪ ،‬العدد )‬
‫‪ (236‬ربيع الول ‪1424‬هـ‪ /‬مايو ‪2002‬م‪ ،‬دراسة بعنوان العولمة وأثرها على‬
‫السلوكيات والخلق‪ ،‬د‪ .‬عمار طالبي‪ ،‬ص‪.15 :‬‬
‫)‪ (16‬العولمة وأثرها على السلوكيات والخلق‪ ،‬د‪ .‬عمار طالبي‪ ،‬مجلة الرائد‪،‬‬
‫تصدر عن الدار السلمية للعلم بألمانيا‪ ،‬العدد )‪ (236‬ربيع الول ‪1424‬هـ‬
‫مايو ‪2002‬م‪ ،‬ص‪.10 :‬‬
‫)‪ (17‬صدام الحضارات ‪ ..‬إعادة صنع النظام العالمي‪ ،‬تأليف صامويل‬
‫هنتنجتون‪ ،‬ترجمة طلعت الشايب وتقديم د‪ .‬صلح قنصوة‪ ،‬الطبعة الثانية‬
‫‪1999‬م‪ ،‬ص‪.161 :‬‬
‫)‪ (18‬صدام الحضارات ‪ ..‬إعادة صنع النظام العالمي‪ ،‬تأليف صامويل‬
‫هنتنجتون‪ ،‬ترجمة طلعت الشايب وتقديم‪ /‬د‪ .‬صلح قنصوة‪ ،‬الطبعة الثانية‬
‫‪1999‬م‪ ،‬ص‪.210 :‬‬
‫)‪ (19‬حديث النهايات‪ ،‬فتوحات العولمة ومآزق الهوية‪ ،‬علي حرب‪ ،‬المركز‬
‫الثقافي العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬الطبعة الولى‪2000 ،‬م‪ ،‬ص‪.178 :‬‬

‫)‪(14 /‬‬

‫العولمة والسلم‬
‫إعداد‪ :‬سهى عبيد* ‪28/2/1424‬‬
‫‪01/05/2003‬‬
‫المقدمة‬
‫في هذه الورقة البحثية سيكون حديثنا عن السلم والعولمة‪ ،‬وذلك لعدة‬
‫اعتبارات أهمها‪) :‬أن عالمنا شهد مجموعة من التحولت المفزعة دوليا ً والتي‬
‫أتخذت مظاهر متعددة‪(1):‬‬
‫*‬
‫"انهيارية" وذلك من حيث انهيار التحاد السوفيتي والكتلة الشرقية‪.‬‬
‫*‬
‫"استقطابية أحادية" من حيث استقطاب التحاد السوفيتي إلى الحشد‬
‫الدولي في الحملة الدولية على منطقة الخليج العربي‪ ،‬وكسر عزلة النهوض‬
‫الذاتي للصين‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫*‬
‫ً‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫"ابتلعية" أي محاولة تنميط العالم اقتصاديا وسياسيا وإعلميا وثقافيا عبر‬
‫إبتلع الشركات المتعددة الجنسيات للمسافات الحضارية التاريخية‬
‫والجغرافية للشعوب والدول القومية‪.‬‬
‫إذا ً عالما ً اليوم له سمات ثلثة أساسية‪ ،‬انهيار الكتلة الشرقية‪ ،‬وأحادية‬
‫القطبية‪ ،‬والهيمنة الرأسمالية على كافة مظاهر الحياة‪ ،‬وضمن هذه الظروف‬
‫يكمن سؤال هام‪:‬‬
‫أين يقع السلم في ظل عالمنا اليوم؟!‬
‫ذلك الدين صاحب الرسالة الخالدة العالمية ما هي طبيعة علقته بالعولمة؟‬
‫هل هي علقة تصارعية؟ أم اندماجية؟‬
‫انطلقا ً من الفرضية السابقة ستكون خطة البحث كما يلي‪:‬‬
‫الباب الول‪ :‬موقع السلم في النظام العالمي الجديد‪.‬‬
‫الفصل الول‪ :‬ماهية العولمة والنظام العالمي الجديد‪.‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬علقة السلم بالعولمة‪.‬‬
‫الباب الثاني‪ :‬تقييم عام‪.‬‬
‫الفصل الول‪ :‬مخاطر العولمة على السلم‪.‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الخيارات المطروحة أمام مسألة السلم والعولمة‪.‬‬
‫الباب الول‪ :‬موقع السلم في النظام العالمي الجديد‪:‬‬
‫الفصل الول‪ :‬ماهية العولمة والنظام العالمي الجديد‬
‫بعد انهيار التحاد السوفيتي والكتلة الشرقية وتحديدا ً خلل حرب الخليج‬
‫الثانية عام ‪ 1991‬تحدث الرئيس المريكي السبق جورج بوش "الب" عن‬
‫نظام عالمي جديد‪ ،‬هذا النظام في الحقيقة يقوم على هيمنة قطب واحد‬
‫يحاول فرض سلطته على كافة الصعد الثقافية والسياسية والقتصادية وحتى‬
‫الجتماعية‪ .‬وللوقوف على حقيقة الموضوع لبد لنا في البداية أن نتعرف‬
‫عبر عنه بالعولمة‬ ‫على مصطلح النظام العالمي الجديد أو ما ُ‬
‫في الحقيقة هناك العديد من المفاهيم لهذا المصطلح حتى أنك تجد في حال‬
‫بحثك عن هذا الموضوع أنك في شبكة هائلة من المفاهيم على أن الكثير من‬
‫المفكرون اعتبروا العولمة تراكما ً تاريخيا ً وأمرا ً لم يكن مستحدثا ً فهي صيغة‬
‫طرحت قديما ً بعدة أشكال وطرق فيقول أحمد سلمة )‪)(2‬لقد بشر‬ ‫ُ‬
‫شوبنهاور ونيتشة بعولمة تقوم على أساس نقاء العرق واختطف تلك الفكرة‬
‫النظرية هتلر الذي كان يسعى للعولمة بطريقته العرقية الخاصة ثم جاء‬
‫ستالين بطريقة جديدة للعولمة عبر العولمة الل إلهية‪ ،‬ثم تأتي العولمة اليوم‬
‫بكونها‪ :‬فكرة تجمع بين القوة والقدرة والرغبة والمناخ الملئم ليجعل اتباعها‬
‫من أنفسهم نموذجا ً يحتذى إما بالفرض القسري وإما بالتبشير المرغوب فيه‬
‫فيصير العالم قرية كونية"‪.‬‬
‫في حين يرى الدكتور سيار الجميل )‪"(3‬أن العولمة نظام عالمي جديد له‬
‫أدواته ووسائله وعناصره وجاءت منجزاتها حصيلة تاريخية لعصر تنوعت فيه‬
‫تلك التطورات التي ازدحم بها التاريخ الحديث للنسان بدًء باستكشافه للعالم‬
‫الجديد عند نهاية القرن الخامس عشر وصول ً لستكشافه العولمة الجديدة‬
‫عند نهايات القرن العشرين مرورا ً بأنظمة وظواهر وأنساق متنوعة‬
‫كالصلحات الدينية والذهنية والسياسية والثورات الصناعية والرأسمالية‬
‫والشتراكية والمرور بأزمات وكوارث وصراعات وحروب أشعلتها الدول‪،‬‬
‫هكذا تأتي فلسفة العولمة لتجسد حصيلة ما حفل به التاريخ الحديث‬
‫للبشرية"‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫أما العولمة من وجهة نظر د‪ .‬برهان غليون )‪(4‬فإنها تتجسد في نشوء‬


‫شبكات اتصال عالمية تربط جميع القتصاديات والبلدان والمجتمعات‬
‫ليخضعها لحركة واحدة‪ ،‬ويتمثل باندماج منظومات رئيسية‪:‬‬
‫‪.1‬المنظمة المالية عبر سوق واحدة رأس المال وبورصة عالمية واحدة‪.‬‬
‫‪ .2‬المنظومة العلمية والتصالية‪.‬‬
‫‪ .3‬المنظومة المعلوماتية التي تجسدها بشكل واضح شبكة المعلومات‬
‫فالمقصود هو الدخول في مرحلة من الندماج العالمي العميق‪.‬‬
‫إذن هناك العديد من المفاهيم لظاهرة العولمة والتي ل يمكن أن نقترب من‬
‫تعريف شامل لها إل إذ وضعنا في العتبار ثلث عمليات تكشف عن جوهر‬
‫هذه الظاهرة‪ ،‬كما يرى د‪.‬ياسين)‪:(5‬‬
‫‪.1‬انتشار المعلومات‪.‬‬
‫‪.2‬تذويب الحدود بين الدول‪.‬‬
‫‪.3‬زيادة معدل التشابه بين الجماعات والمؤسسات‪.‬‬
‫فالعولمة ظاهرة تعكس معالم النظام العالمي الحديث وهذه المعالم على‬
‫النحو التالي‪(6):‬‬
‫‪.1‬تخلي التحاد السوفيتي كطرف مؤثر في العالم وعن أصدقائه في حلف‬
‫وارسو‪ ،‬المر الذي شجع على حدوث التغييرات السريعة في أوروبا الشرقية‬
‫وبالتالي انهيار الكتلة الشرقية‪.‬‬
‫‪.2‬أدت التغييرات التي حدثت في أوروبا الشرقية إلى اختلل في ميزان‬
‫القوى لصالح الوليات المتحدة حيث أصبحت مرتكز للنظام العالمي الجديد‬
‫الذي يخضع لنظام القطب الواحد بزعامة الوليات المتحدة‪.‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫‪.3‬نظام يقسم العالم إلى طرفين ل إلى ثلثة‪ :‬أغنياء وفقراء‪ ،‬الشمال للغنياء‬
‫والجنوب للفقراء‪.‬‬
‫‪.4‬جعل المنظمات الدولية والقليمية هيئات موظفة لخدمة مركز الزعامة في‬
‫النظام الدولي وهي الوليات المتحدة ومبررة لسياساتها وأهدافها‪.‬‬
‫‪.5‬بروز مفاهيم الديموقراطية‪ ،‬حقوق النسان‪ ،‬التعددية السياسية‪.‬‬
‫‪.6‬القتصاديات العملقة ذات التكنولوجيا العالية‪ ،‬جعلت القتصاديات القطرية‬
‫عاجزة عن التأثير في العلقات القتصادية الدولية خاصة في ظل وجود‬
‫الشركات متعددة الجنسيات‪.‬‬
‫وبما أننا تعرفنا في هذا الباب إلى مفهوم العولمة ومعالم النظام العالمي‬
‫الجديد لبد لنا أن نوضح مفهوم السلم وذلك حتى تكتمل المصطلحات‬
‫الساسية التي يرتكز عليها البحث‪.‬‬
‫ُ‬
‫فإذا نظرنا للمفهوم التقليدي الشائع‪ ،‬فالسلم هو الدين الذي أنزل على‬
‫سيدنا محمد عليه السلم‪ ،‬وهو خاتم الرسالت السماوية‪.‬‬
‫لكم ما يمّيز السلم حقا ً هو عالمية رسالته وكونيتها ‪ .‬والبحث قائم في‬
‫الساس على الفرق بين العالمية والعولمة‪ ،‬فالعالمية هي طموح الرتقاء‬
‫بالخصوصي إلى مستوى عالمي وهذا ما كّرسه القرآن الكريم‪)):‬وما أرسلناك‬
‫إل رحمة للعالمين((‪)) ،‬وما أرسلناك إل كافة للناس بشيرا ً ونذيرا((‪ ،‬لكن مع‬
‫ملحظة هامة ))ل إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي((‪)) ،‬أفأنت تكره‬
‫الناس حتى يكونوا مؤمنين((‪.‬‬
‫بالضافة لما سبق يجب أن نلحظ أن عالمية السلم لم تجعله يرفض التباين‬

‫‪43‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ة‬
‫ل جعلنا شرع ً‬ ‫بين المم فالسلم يؤمن بأن لكل أمة خصوصيتها ))لك ٍ‬
‫ومنهاجا ً ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة(()‪.(7‬‬
‫فمنذ فجر السلم كان الرسول الكريم محاطا ً ببلل الحبشي وصهيب‬
‫الرومي وسلمان الفارسي‪ .‬وكل هؤلء ليسوا بعرب‪.‬‬
‫في حين أن إطار العولمة الحديث يقوم على إقصاء الطرف المقابل وعدم‬
‫قبول ثقافته ومن هنا العالمية على عكس العولمة‪ ،‬تقبل بالتبادل بين‬
‫الثقافات فهي تقبل بالخر ول تعمل على إقصائه‪ ،‬فخصائص عالمية السلم‬
‫تنطلق مما يلي‪:‬‬
‫‪.1‬الخلود‪ ،‬وخلود السلم هو استمرار بقائه وامتداد رسالته‪ ،‬ودعوته ما دامت‬
‫البشرية تواصل حياتها على سطح هذه الرض‪ .‬وسر الخلود يكمن في‪:‬‬
‫أ‪ .‬السعة والشمول‪ ،‬والتي تظهر في العقيدة والقوانين والنظم والفكار‬
‫والمفاهيم اليمانية والحضارية‪.‬‬
‫ب‪ .‬الجتهاد‪ ،‬أي استنباط الحكام والقوانين والمفاهيم والفكار من القرآن‬
‫والسنة‪ ،‬فكل حادثة وأمر جديد محدث في المجتمع السلمي ولم يكن له‬
‫حكم مجدي‪ ،‬فإن الشريعة أذنت باستنباط ذلك الحكم من القواعد والسس‬
‫والمفاهيم الكلية العامة‪.‬‬
‫‪.2‬اليسر والسهولة‪ ،‬فالتكليف بمستوى القدرة‪ ،‬فليس في الشريعة السلمية‬
‫تكليفا ً فوق طاقة النسان فكل العبادات في الصوم والصلة والحج والزكاة‬
‫والجهاد في سبيل الله كلها وضعت بمستوى طاقة النسان واستطاعته قال‬
‫تعالى ))ل يكلف الله نفسا ً إل وسعها((‪.‬‬
‫ً‬
‫‪.3‬النسانية فالسلم ينظر للناس جميعا بأنهم من أصل واحد متساوون في‬
‫النسانية ول فضل لحد على أحد إل بالتقوى وبذلك قال تعالى ))يا أيها الناس‬
‫إن خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا ً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند‬
‫الله أتقاكم(( وفي الحديث الصحيح عن الرسول الكريم "ل فضل لعربي على‬
‫أعجمي إل بالتقوى"‪.‬‬
‫‪ .4‬العقلنية فرسالة السلم تقوم على أساس قناعة العقل والتوافق مع‬
‫منطقه وإقناعه بالحجة والدليل والبرهان وبذلك قال تعالى))وتلك المثال‬
‫نضربها للناس وما يعقلها إل العالمين((‪.‬‬
‫‪.5‬العتدال بين الدنيا والخرة تأمر الشريعة بالعتدال في كل شيء حتى في‬
‫العبادة وقال تعالى ))وابتغ فيما آتاك الله الدار الخرة ول تنسى نصيبك من‬
‫الدنيا واحسن كما احسن الله إليك((‪.‬‬
‫ومن كل ما سبق يمكننا القول أن العولمة ظاهرة متعددة البعاد والزوايا‬
‫"سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية"و أنها ظاهرة ولدت في نهاية القرن‬
‫العشرين وهذا يعني أنها مرت في مراحل متعددة حتى أصبحت ظاهرة قابلة‬
‫للوجود وبالتالي كان وجودها في نهاية القرن الماضي وفي نهاية هذا الباب‬
‫من الفصل الول يجب أن أنوه بأن هناك عولمة وعالمية وكلهما مفهومان‬
‫مختلفان كما يقول د‪.‬محمد عابد الجابري" هناك عولمة ‪ Globalization‬وهي‬
‫تعني إرادة الهيمنة أي قمع وإقصاء للخصوص والذاتي وهناك عالمية‬
‫‪ Universalism‬وهي طموح للرتقاء والرتفاع بالخصوصي إلى مستوى‬
‫عالمي‪.‬فالعولمة احتواء للعالم أما العالمية تفتح على كل ما هو كوني‬
‫وعالمي)‪(8‬وبغض النظر عن وجهة نظري الشخصية إزاء العولمة فإنني اتفق‬
‫مع داني روديك أستاذ القتصاد السياسي في هارفارد حيث يقول )يجب أن ل‬
‫نفزع من العولمة كما يجب أن ل نأخذها بخفة‪ ،‬فالعولمة تفتح أفاقا ً واسعة‬
‫وتتيح فرصا ً أولئك الذين لديهم المهارة والقدرة والمؤهلت التي تمكنهم من‬

‫‪44‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الحركة والزدهار في السواق العالمية(‪.‬‬


‫ومن هذا المنطلق ومن منطلقات أخرى أهمها أن لكل شيء جانبان إحداهما‬
‫سلبي والخر إيجابي اخترت أن أتحدث عن السلم والعولمة‪.‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬علقة السلم بالعولمة‬


‫في الفصل السابق تحدثت عن مفهوم العولمة وعن طبيعة العالم الحالي وما‬
‫يسمى بالنظام العالمي الجديد‪ ،‬وفي هذا الفصل سأتحدث عن موقع السلم‬
‫في ظل هذا النظام وفي ظل ما أطلق عليه بالعولمة‪.‬‬
‫ُ‬
‫يقترن السلم بالرهاب والصولية فالحركات السلمية ألصقت بها هذه تهمة‬
‫الرهاب والعنف والتطرف والسؤال هو لماذا؟‬
‫إن النظر لواقع السلم اليوم يتنازعه رأيان)‪:(9‬‬
‫‪ .1‬يقول غير المسلمين أن هناك مشكلة ما تتسبب في إضطراب علقات‬
‫السلم مع الديان الخرى وأن هذه المشكلة تعبر عن نفسها في سلسلة من‬
‫الصراعات‪.‬‬
‫ً‬
‫‪ .2‬هو أن المسلمين يقولون أن السلم مستهدف وأن ثمة حربا معلنة ضده‬
‫وأن السلم في دفاعه عن عقيدته وفي صموده أمام سلسلة من الهجمات‬
‫التي يتعرض لها يجد نفسه في حالة صراع دائم‪.‬‬
‫فالمسلمين يرون أن المشكلة هي في نظرة الخرين للسلم‪ ،‬وغير‬
‫المسلمين يعتقدون بوجود المشكلة في السلم‪.‬‬
‫وعلى أي حال بدأ الحديث عن السلم بإعتباره ضمن دائرة صراع الحضارات‬
‫وخاصة بعد انهيار التحاد السوفيتي‪ ،‬فبعدما انتهى العدو الول للغرب‬
‫الرأسمالي ما لبث أن وجد عدو جديدا ً أل وهو السلم وهذا يظهر في العديد‬
‫من الكتابات بل وحتى في الخطابات الرسمية وغير الرسمية ويقول هنري‬
‫كيسنجر في خطاب ألقاه أمام المؤتمر السنوي لغرفة التجارة الدولية )بأن‬
‫الجبهة الجديدة التي على الغرب مواجهتاها هي العالم العربي السلمي‬
‫باعتبار هذا العالم هو العدو الجديد للغرب( وهذا ما أكده المين العام للناتو‬
‫"حلف شمال الطلسي" ويلي كليس ‪ willy Claes‬الذي وصف الصولية‬
‫السلمية في خطاب رسمي له بأنها أعظم خطر راهن يواجه الحلف)‪.(10‬‬
‫من خلل التصريحين السابقين يتضح لنا أن السلم مستهدف خاصة أن بعض‬
‫الجماعات والحركات التي تدعي السلم تتيح للغرب استهداف السلم‪.‬‬
‫وعلى أي حال يجب أن نلحظ أن العالم السلمي يعاني العديد من المشاكل‬
‫والتي لبد أن تتفاقم في ظل العولمة إذا لم يوجد حل لهذه المشاكل‪.‬‬
‫حتى أننا نجد أن الدبيات الغربية تجعل من السلم عدوا ً لها خاصة في ظل‬
‫رأي هنتغتون في "صراع الحضارات" حيث يقول )بأن النظام العالمي السابق‬
‫كان يقوم على صراع بين ثلث قوى رئيسية‪ :‬الوليات المتحدة المريكية‪،‬‬
‫التحاد السوفيتي والعالم الثالث‪ ،‬أما النظام العالمي الجديد نظام ما بعد‬
‫الحرب الباردة فيقوم على الصراع بين ثماني حضارات)‪(11‬‬
‫"الغربية واليابانية والكنوفشسية والهندوسية والمريكية اللتينية‬
‫والرثذوكسية والحضارة السلمية والحضارة الفريقية"‪ .‬وهو يرى أن حروب‬
‫المستقبل سوف تجد جبهات لها في نقاط التماس بين الحضارات وخاصة مع‬
‫السلم وكل واحدة من هذه الحضارات على حدى وهذه النقاط كما يراها‪:‬‬
‫)المواجهة بين السلم والغرب من خلل الصراع بين البوسنة وكل من‬

‫‪45‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫كرواتيا وسلوفينيا‪ .‬المواجهة بين السلم والرثذوكسية من خلل الصراع بين‬


‫البوسنة وصربيا وتركيا واليونان وبلغاريا‪.‬المواجهة بين السلم والهندوسية‬
‫من خلل الصراع الهندي الباكستاني(‪ .‬بمعنى أن الغرب وضع السلم في‬
‫موضع العدو والمواجهة وفي الحقيقة ازداد عجبي بعدما قرأت كتاب )أحجار‬
‫على رقعة الشطرنج( حيث يقول مؤلفه أن التحاد السوفيتي سينهار وبعدها‬
‫ستبحث الرأسمالية عن عدو لها وسيكون هو السلم‪ ،‬والذي سيعمل على‬
‫محاربته هو الصهيونية‪ ،‬عبر دولتها إسرائيل‪.‬‬
‫والغريب أن هذا الكتاب تم تأليفه عام ‪ ،1950‬وهذا يعني أنه جاء بعد قيام‬
‫إسرائيل بعامين فقط‪ ،‬وأنه جاء ليتحدث عن سقوط التحاد السوفيتي قبل‬
‫حوالي أربعين عامًا‪ ،‬ولنتذكر أن التحاد السوفيتي عام ‪ 1950‬كان قلعة‬
‫عسكرية وعلمية دخل في حرب النجوم مع الوليات المتحدة المريكية‬
‫وتفوق عليها في مرحلة من المراحل‪ ،‬فكيف استطاع الكاتب في ظل هذه‬
‫المعطيات أن يتوقع كل ذلك؟!‪.‬‬
‫اعتقد فعل ً أن السلم حقا ً في مواجهة الغرب‪ ،‬والعولمة هي الصيغة‬
‫المطروحة حاليًا‪.‬‬
‫وعلى أي حال‪ ،‬إن السلم كدين جاء يحمل طابعا ً عالميا ً على خلف اليهودية‬
‫التي جاءت مقتصرة على بني إسرائيل‪ ،‬جاء السلم كرسالة لبني البشر‬
‫أجمعين قال تعالى ))وما أرسلناك إل نذيرا ً وبشيرا ً للعالمين((‪.‬‬
‫فالسلم في كثير من تعاليمه وفي الكثير من تطبيقاته وفي الكثير من‬
‫ممارسات الرسول الكريم دللة على الطابع العالمي‪)) :‬ل فرق بين عربي ول‬
‫أعجمي إل بالتقوى((‪.‬‬
‫ً‬
‫مَعولما بمعنى أنه ‪Universalim‬‬ ‫هذا يعني أن السلم له طابع عالمي وليس ُ‬
‫وليس ‪ Globalization‬حيث أن السلم وجهت له ضربات تتخذ شكل ً عالميا ً‬
‫معولمًا‪:‬‬
‫‪.1‬وذلك بضرب قوات التحالف الدولي للعراق على إثر ما درج على تسميته‬
‫الن بالحالة العراقية الكويتية‪.‬‬
‫‪.2‬محاولة طبع المنطقة العربية "السلمية" بالطابع الشرق أوسطي‪.‬‬

‫)‪(3 /‬‬

‫فخطوات عولمة العالم العربي بدت متسارعة جدا ً وذات هدف ل يستهان به‬
‫هو عولمة المنطقة العربية لبعادها وسلخها عن أي محاولة لسلمتها‪ .‬فبعد‬
‫طلب‬‫أن خرج العرب منهكين من أثار التحالف الدولي المعولم على العراق ُ‬
‫منهم للسلم في مدريد‪.‬‬
‫ومما سبق نخلص إلى أن السلم شيء والعولمة شيء آخر وفي هذا رد‬
‫على من يدعي ترابطهما‪ ،‬لكن هذا ل ينفي أبدا ً كون السلم دين عالميا ً لكنه‬
‫يبقى في الحقيقة موقع وهدف للمواجهة في ظل النظام العالمي الجديد‪.‬‬
‫فبعد نهاية الحرب الباردة أصبح هناك العديد من التنظيرات حول شكل العالم‬
‫الجديد وبزت جملة من السيناريوهات والتوقعات تطرح أشكال ً متعددة مثل‪،‬‬
‫فكرة صعود قطب آخر غير الوليات المتحدة‪ ،‬وتحول النظام إلى ثنائي‬
‫القطبية‪ ،‬وأحيانا ً يتطرق الحديث إلى استحكام قطب واحد تمثله الوليات‬
‫المتحدة‪ ،‬بينما هناك تصور ثالث يشير إلى التعددية القطبية بحيث تشارك فيه‬
‫أطراف أخرى مثل أوروبا الموحدة والهند والصين‪) .‬ومن العجيب أن هذه‬
‫الحتمالت التي تشير إلى قوى صاعدة ل تتضمن وجود أي دولة إسلمية‬

‫‪46‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫كدولة رائدة فإذا كان هناك وفق التصور الذي يؤكد تحكم قطب واحد مهيمن‬
‫على العالم‪ ،‬فهل يصبح كل العالم بذلك "دار حرب"؟(‪.‬‬
‫ومن جهة أخرى‪ ،‬للعولمة العديد من التجليات السياسية والتي تتركز في رفع‬
‫شعارات الديموقراطية والتعددية الفكرية واحترام حقوق النسان‪.‬‬
‫هنا السلم ل يتعارض مع حقوق النسان‪ ،‬وفي الكثير من نصوصه ما يؤكد‬
‫ذلك ))يا أيها الناس إنا جعلناكم شعوبا ً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله‬
‫أتقاكم((‪ .‬إل أن السلم ل يمكن أن ينسجم مع مصطلح الديموقراطية‬
‫بالمفهوم الغربي‪ ،‬وهذا ل يعني أن السلم ديكتاتوري لكن السلم له‬
‫خصوصيته فل يمكن تأطيره وقولبته بالقلب وإطار معين وإل كان هذا تقزيما ً‬
‫له‪.‬‬
‫فالسلم شيء والديموقراطية شيء آخر لن الخيرة تقوم على العلمانية‬
‫والحرية التي ل سقف لها‪.‬‬
‫أما السلم يؤمن بالحرية المنسجمة مع حدود الشرع‪ ،‬ول علمانية في‬
‫السلم فالسلطة الدينية هي الساس وحتى أن السلطة السياسية ُتعد‬
‫مكسبا ً من مكاسب السلطة الدينية‪ ،‬لذلك السلم شيء والعولمة شيء آخر‪.‬‬
‫وإن كان السلم في بعض جوانبه يلتقي مع العولمة مثل ً في حقوق النسان‪،‬‬
‫إل أن هذا اللتقاء ل يعبر عنه بالعولمة وإنما بالعالمية‪.‬‬
‫الباب الثاني‪ :‬تقييم عام‬
‫الفصل الول‪ :‬مخاطر العولمة على السلم‬
‫لقد ذكرنا سابقا ً أن السلم يحمل صورة تم تشويهها اليوم في العالم الغربي‬
‫حيث أن صورة السلم في الغرب تمثل صورة الرهاب والتطرف والكثير‬
‫من العنف إزاء هذه الصورة المشوهه يعاني السلم والشعوب السلمية‬
‫العديد من المشكلت والتي بدورها تجعل موقف هذه الشعوب ضعيفا ً في‬
‫مواجهة العولمة خاصة إذا ما علمنا أن أبرز مواقع الجوع الكبرى تقع في‬
‫العالم السلمي‪ ،‬فمن أصل ‪ 200‬مليون شخص جائع في العالم هناك ‪173‬‬
‫مليون منهم من المسلمين موزعين على النحو التالي‪(12):‬‬
‫‪70‬مليون جائع في الهند‪.‬‬
‫‪ 12‬مليون جائع في الصين‪.‬‬
‫‪ 50‬مليون في آسيا الجنوبية‪.‬‬
‫‪ 26‬مليون جائع في أفريقيا السوداء‪.‬‬
‫‪15‬مليون جائع في الشرق الوسط و الشمال الفريقي‪.‬‬
‫ومن جهة أخرى العالم السلمي يعاني من ضعف النتاج)‪(13‬فمثل ً مدينة‬
‫واحدة في ألمانيا دوسلدروف يقدر ناتجها المحلي ‪ 1.8‬مليار دولر ويقدر عدد‬
‫سكانها ب ‪ 2‬مليون نسمة‪ ،‬وهذا الناتج المحلي يعادل تماما ً الناتج القومي‬
‫لكبر دولة إسلمية سكانيا ً وهي أندونيسيا التي تضم أكثر من ‪ 200‬مليون‬
‫نسمة‪ .‬هذا يعني أن العالم السلمي يعاني من العديد من المشاكل ولنتذكر‬
‫أن خلصة الفصل السابق من البحث أن السلم والعولمة كلهما في مواجهة‬
‫والسؤال هنا‪:‬‬
‫هل يستطيع السلم والدولة السلمية مواجهة العولمة؟ وكيف ستتعامل هذه‬
‫الدول مع السلم ومع العولمة في وقت واحد؟‬
‫وعلى أي حال يتضح لنا في هذا البحث أن السلم كحضارة جاء في مواجهة‬
‫الحضارة الغربية والتي تتمثل بالعولمة نجد أن السلم يتعرض للكثير من‬
‫التحديات والمصاعب فالعولمة كظاهرة حضارية تقودها الوليات المتحدة‬
‫المريكية)‪(14‬تواجه السلم كحضارة وكأفراد إذ أن هناك محاولت الغزو‬

‫‪47‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الثقافي عبر استغلل الجامعات والمعاهد فمثل ً الجامعة المريكية في‬


‫القاهرة طرحت الستبيان التالي على أحد الطلبة الراغبين في الدراسة‬
‫للحصول على درجة الماجستير‪:‬‬
‫‪-‬ما رأيك في إذاعة أذان الصلة في الذاعة والتلفزيون؟‬
‫‪-‬هل توافق على إذاعة بعض الحاديث النبوية عقب الذان؟‬
‫‪-‬ماذا نسمي المقاتلين في الشيشان؟ هل هم مناضلون أم إرهابيون؟‬
‫في الحقيقة إني أرى أن مثل هذه السئلة تحاول أن تضلل الفرد المسلم‬
‫وتجعله يقع في دائرة الشك ويبتعد عن السلم دينا ً وحضارة ليقترب أكثر‬
‫نحو العولمة والحضارة الغربية‪.‬‬

‫)‪(4 /‬‬

‫وتبرز خطورة الغزو الثقافي للحضارة السلمية في أن أبناء هذه الحضارة ل‬


‫يقرؤون إذا ما قارنهم بأبناء الحضارة الغربية‪ ،‬كما أن أبناء الحضارة السلمية‬
‫يتلقون البناء والمعارف ول يصدرونها للعالم بعكس أبناء الحضارة السلمية‬
‫في العصور السابقة الذين تتلمذ الغرب على أيديهم أما اليوم فنحن ننتظر أن‬
‫يأتي الخبر وتأتي المعلومة إلينا ول نقوم بصنعها‪.‬‬
‫وبهذا يقول الدكتور السيد يسين "إن الخصوصية الثقافية للمسلمين والعرب‬
‫مهددة على اعتبارات المشكلة التي يثيرها الباحثين في العالم الثالث والذي‬
‫يعد العالم السلمي من ضمنه هي أن تدفق الرسائل العلمية والثقافية يأتي‬
‫من المراكز الرأسمالية العلمية بكل قوتها وقدراتها التكنولوجية ويصب في‬
‫دول الطراف كمجتمعات والتي تصبح في الواقع مجرد مستقبله لهذه‬
‫الرسائل العلمية بكل ما فيها من قيم وهي في الغالب قيم سلبية مدمرة"‪.‬‬
‫وإذا نظرنا لسلبيات العولمة اقتصاديا ً فإننا نجد أن إحدى آليات العولمة وهي‬
‫التكنولوجيا قد أدت إلى البطالة وبالتالي أصبح عندنا حوالي مليار عاطل عن‬
‫العمل في العالم منهم ‪ %15‬من الدول العربية السلمية‪.‬‬
‫وفي الحقيقة إن مخاطر العولمة ستزداد في ظل المجتمعات التي تعاني من‬
‫المية والجهل فنسبة المية نسبة ل يستهان بها في العالم السلمي ففي‬
‫موريتانيا حوالي ‪ %62‬والسودان ‪ %53‬وهذا يعني أن هذه المجتمعات غير‬
‫مؤهلة لمواجهة النظام العالمي الجديد "العولمة"‪.‬‬
‫ً‬
‫وإذا نظرنا للعولمة كظاهرة حضارية تسيطر عليها حاليا الوليات المتحدة‪:‬‬
‫"على اعتبار بروز أقطاب أخرى لتقوم بتمثيل العولمة لحقًا" فإن الوضاع‬
‫حاليا ً تشير إلى كون العولمة هي المركة ومن مخاطر ذك على العالم‬
‫السلمي هو سياسة التدخل في شؤون الدول الخرى بحجة الضطهاد‬
‫الديني قررت الوليات المتحدة المريكية باعتبارها القوة العظمى الوحيدة‬
‫حاليا ً أن تقوم بدور الزعيم الخلقي الكوني وقد دار جدل واسع حول إنشاء‬
‫مكتب في البيت البيض لمراقبة الضطهاد الديني تحت اسم قانون "التحرر‬
‫من الضطهاد الديني" لعام ‪ 1997‬والذي يقوم بمراقبة معاملة القليات‬
‫الدينية في بلدان معينة منها السودان)‪.(15‬‬
‫ول يعد بعيدا ً عن الموضع إصدار أمريكا لقائمة الدول الداعمة للرهاب والتي‬
‫على رأسها سوريا‪ ،‬السودان‪ ،‬ليبيا‪ ،‬وغيرها من الدول العربية السلمية‪ .‬وغير‬
‫بعيد عن ذلك أيضا ً ما أصدره مجلس العموم البريطاني في شهر آذار ‪2001‬‬
‫من قانون ملحقة المنظمات والحركات السلمية التي وسمها بالرهاب‬
‫والصولية‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ويجب أن نلحظ أن الدول السلمية تواجه العديد من التحديات أمام العولمة‬


‫لكونها دول ً وليس لكونها تمثل حضارة السلم‪ ،‬وخاصة أن هذه التحديات‬
‫تواجه منظومة دول العالم الثالث التي تقع ضمنها‪ ،‬إضافة إلى تحديات أخرى‬
‫أهمها)‪:(16‬‬
‫‪.1‬تحويل الستثمار إلى مناطق العمالة الرخيصة‪ ،‬وهذا ما يؤدي إلى إغلق‬
‫المصانع المحلية وانتشار البطالة‪.‬‬
‫‪.2‬سيطرة الشركات المتعددة الجنسيات على مقدرات هذه الدول‪.‬‬
‫‪.3‬مساهمة تكنولوجيا المعلومات في ازدياد الهوة بين العالم الصناعي‬
‫المتقدم والنامي الفقير إلى درجة التصدع الكامل لبنية المجتمع النساني‪.‬‬
‫‪.4‬تخوف الدول النامية والمم ذات الحضارات العريقة من ضياع هويتها‬
‫الحضارية والثقافية وسيطرة نسق قيمي واحد من الحضارة الغربية بكل ما‬
‫فيها من مثالب وإيجابيات‪.‬‬
‫ويزاد أثر هذه التحديات على الفرد المسلم بصورة عامة والعربي بصورة‬
‫خاصة وذلك لنه يعيش في ظل دول قطرية جعلت النتماء إلى الوطن يحل‬
‫محل النتماء للمة‪ ،‬ويستوعب في الوقت نفسه النتماء العصبوي‪ ،‬فأدى ذلك‬
‫إلى خلق ما يعرف بإنسان )مأزوم الهوية()‪.(17‬‬
‫فازداد "تشرنق" الفرد داخل عصبيته أو مذهبيته‪ ،‬مما أدى إلى عدم قدرته‬
‫على الندماج في مؤسسات الدولة‪ ،‬كما ازداد ضعف مشاعر النتماء للمة‬
‫وذلك بسبب انقطاع التواصل العضوي الحر بين أجزاء المة مع وجود ثقافة‬
‫قطرية تحاول "قومنة" الدولة وترسيخها‪.‬‬
‫قطرية منذ نشأتها وحتى الن أن تثبت نفسها في مواجهة‬ ‫لقد نجحت الدولة ال ُ‬
‫فكرة الدولة القومية ولكنها ضلت عالة على إرث المة ولم تستطع أن‬
‫تؤسس هوية خاصة بها تجعل الفرد يحس بأنها تعبر عن خصوصية جماعته‬
‫فظل يشعر بأن محددات هويته الثقافية والحضارية تتجاوز حدود هذه الدولة‬
‫بينما انتماؤه الجتماعي يقصر عن تلك الحدود وبالتالي وجد الفرد المسلم‬
‫والعربي نفسه إنسانا ً مأزوما ً في هويته وليس ذلك فقط بل يواجه عصر‬
‫العولمة‪.‬‬

‫)‪(5 /‬‬

‫وفي النهاية أقول أن الحضارة السلمية تقبل بالحوار والجدل المنطقي‬


‫ففيها من المرونة ما يجعلها قابلة للنفتاح على ثقافات العالم خاصة إذا كان‬
‫التحاور يقوم على حرية التواصل والحترام بين الثقافات العالمية‪ ،‬وأخطر ما‬
‫يواجه القائمين على استنهاض الثقافة العربية الشعور بالدنيوية والستسلم‬
‫التبعي لمنتج الثقافة الغيرية والرضى بأن نكون مستهلكين ل منتجين‬
‫وفاعلين في صناعة ثقافتنا ولو لم يكن للعولمة من أثر على الثقافة العربية‬
‫السلمية إل تحريك وايقاظ الوعي السلمي فهذا يعد أمر هام‪.‬‬
‫وفي نهاية هذا الباب يجب أن أذكر وللمانة العلمية أن هناك من يفرق بين‬
‫نظرة الوروبيين ونظرة المريكيين له ومنهم عبد الله بلقزيز)‪(18‬‬
‫)الوروبيون يهتموا كثيرا ً ببناء نظرة ثقافية وموقف أيديولوجي من السلم‬
‫تحت وطأة الشعور بالمغايرة الثقافية وبمركزية المرجعية الحضارية الغربية‬
‫فعداء مثقفيهم وسياسّيهم للسلم يتغذى من هذه الخلفية الثقافية والشعور‬
‫بالنا الحضاري والتفوق الثقافي‪ ،‬بل أن هذا العداء ليس بمستغرب من‬
‫ثقافات أنتجتها ثورات عقلية مريرة ضد الكنيسة‪ .‬أما المريكيون وبسبب‬

‫‪49‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫غياب خلفية حضارية لمجتمعه الحديث التكوين والمتعدد الصول والمشارب‬


‫الثقافية فل يهمهم من السلم إل مقدار العائدات التي يمكن أن يحصلوها‬
‫منه فل يهتموا بموقف عقائدي منه لنهم برغماتيون‪ ،‬فهم مثل ً يتصالحون مع‬
‫إسلم يعقد الولية الكونية لواشنطن‪ ،‬أو مع السلم الطّيع الذي يقم خدمات‬
‫استراتيجية إقليمية‪ ،‬لكنهن يشحذون أسلحتهم ويستنفذون قواتهم حين يصبح‬
‫إسلما ً تحرري المنزع‪ ،‬أو إسلما ً جهاديا ً كما في فلسطين وجنوب لبنان لنه‬
‫يخالف منطق مصلحتهم وبالجملة ل يخيف الوليات المتحدة من السلم إل‬
‫أن يسيطر على النفط وهنا يصبح السلم عدوا ً استراتيجيا ً للوليات المتحدة‪.‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الخيارات المطروحة أمام مسألة السلم والعولمة‬
‫في الفصل الخير من هذا البحث لبد أن أوضح أن العولمة كظاهرة تمثل‬
‫حضارة الغرب في وجه السلم‪ ،‬وتخشى التجاهات القومية بشقيها العربي‬
‫والوربي من العولمة باعتبارها ظاهرة تمثل محاولت الهيمنة المريكية‪،‬‬
‫وعلى أي حال فإن معظم المراجع تميل إلى طرح خيارات متعددة لمواجهة‬
‫العولمة ومنها‪:‬‬
‫‪.1‬الندماج‪ :‬بمعنى التعايش بين العولمة وأي حضارة أو ظاهرة مقابلة لها‪،‬‬
‫لذا فإن الطرف المقابل يجب أن يكون مؤهل ً لهذا الندماج وإل فإنه سيذوب‬
‫ويتلشى أمامها‪.‬‬
‫‪.2‬المواجهة‪ :‬بمعنى التحدي والصمود أمام هذه الظاهرة ومحاولة الحفاظ‬
‫على الذات‪.‬‬
‫‪.3‬التهميش‪ :‬بمعنى أن الطرف المقابل لن يكون له أي قيمة أمام هذه‬
‫الظاهرة‪.‬‬
‫وإنني أرى أن التهميش سيحصل في حالتين‪ ،‬الولى إذا تم اندماج السلم‬
‫في ظل النظام العالمي الجديد دون أن يكون هناك تحسين لظروف وأوضاع‬
‫المسلمين والبلد السلمية‪ .‬أما الثانية هي إذا دخلنا في مواجهة مع النظام‬
‫العالمي الجديد دون استعداد حقيقي وتحضير لهذه المجابهة‪ .‬وهذا يعني أيضا ً‬
‫تهميشنا وعلى أي حال فإنني أعتقد أن التهميش ليس خيارا ً وإنما هو نتيجة‬
‫لخيارين‪ ،‬وهما الندماج أو المواجهة لكن دون استعداد و تحضير ومحافظة‬
‫على الهوية الذاتية‪.‬‬
‫هناك عدة خيارات طرحها كامل أبو صقر)‪:(19‬‬
‫‪.1‬أن ل نعمل شيئا ً أكثر مما نعمل ول أقل مما نعمل‪ ،‬وهو خيار على القل‬
‫يحقق لنا الوجود )ونحن موجودون كثيرو الشكوى لم نسترد حقوقنا‬
‫المسلوبة‪ ،‬كرماء‪ ،‬مستهلكون‪ ،‬ل نضيف ول نجدد ونتغنى بالماضي‪ ،‬وننتظر‬
‫المجهول‪ ،‬نطيع أكثر من في الرض قوة و نقلدهم(‪ .‬هذا الخيار سلبي‪.‬‬
‫‪.2‬أن ننسحب من التاريخ والسوق الكونية والعولمة لننا أفلسنا عقليا ً وأصبح‬
‫وجودنا مكلفا ً ومقدار ما نأخذه أكثر مما نعطيه‪ ،‬وتوقفنا عن دفع فاتورة‬
‫عميًا‪.‬‬
‫استحقاقاتنا العلمية‪ ،‬وتركنا كتاب الله وهجرناه فكان أكثرنا ُ‬
‫‪.3‬البقاء على ما هو كائن وهو يشبه الخيار الول ولكنه يختلف عنه من حيث‬
‫أنه يتضمن تغييرا ً في الساليب والطرق ومن هنا يجب علينا أن نبحث عن‬
‫ذاتنا ول نسعى للتقليد‪ ،‬فلنعد إلى خصوصيتنا ومنهجنا القرآني الذي سيهدينا‬
‫للطريق الصحيح‪.‬‬
‫وإذا أردنا دراسة الخيارات المطروحة فيجب أن نقول أن أنصار المواجهة‬
‫والتحدي يرفضون المعايير العالمية لحقوق النسان‪ ،‬فمثل ً بحجة الخصوصية‬
‫الثقافية يرفض البعض كل ما هو جديد‪ ،‬وبالتالي يقوم أنصار هذا الخيار‬
‫برفض الديموقراطية الغربية على أساس أن لدينا نظاما ً للشورى‪ ,‬والهم من‬

‫‪50‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ذلك كله أن الحديث يتم حول الهوية العربية وكأن هناك اتفاق على محتواها‬
‫فالحقيقة أن هناك صراع ثقافي دائر ومحتوم بين جماعات سياسية وثقافية‬
‫عربية‪ ،‬إذ أن هناك صراع بين القوميين والسلميين يدور حول سؤال‪ :‬هل‬
‫نحن عرب أول ً أم نحن مسلمون أساسًا؟‬
‫وهذا الصراع الخطير أدى إلى نشوء الفكر المتطرف لدى جماعات متعددة‬
‫في المجتمع السلمي‪ ،‬وأخطر من ذلك بزغت حركات إرهابية تحاول تحقيق‬
‫الهدف الستراتيجي وهو إقامة الدولة السلمية‪.‬‬

‫)‪(6 /‬‬

‫ويرى محي الدين اللذقاني أننا في العالم العربي والسلمي أسرفنا في‬
‫الهجوم على العولمة قبل أن تصل وحفرنا كافة "المتاريس" اللزمة للدفاع‬
‫عن الهوية العربية دون أن نسأل أنفسنا إن كانت تلك الهوية موجودة أو نتأكد‬
‫في حال وجودها من أن العولمة قادمة لمحوها مع غيرها من الهويات‬
‫المحلية في دول الطراف لصالح مركز ل يقبل إل أن يكون كل شيء في‬
‫العالم على شاكلته‪.‬‬
‫ومن هنا يمكن القول أن الحضارة السلمية عليها أن تواجه العولمة لنه إذا‬
‫كان الخيار هو الندماج والتعايش معها فهذا يعني في ظل الظروف الراهنة‬
‫أن هذه الحضارة ستذوب في ظل العولمة‪ .‬وإذا ما اخترنا هذا الخيار "خيار‬
‫الندماج" فيجب أن نكون مؤهلين لذلك لنتمكن من الصمود ول ندخل في‬
‫إطار التهميش بمعنى حتى ل تكون أثار العولمة مميتة لنا يجب الستفادة من‬
‫كل المكانات التي توفرها العولمة للنهوض وليس للخضوع‪.‬‬
‫*بكالوريوس علوم سياسية ‪/‬باحثة سياسية في مركز جنين للدراسات‬
‫السياسية‪ ،‬إلى جانب القيام ببعض المهمات الصحفية‪.‬‬
‫)‪(1‬ياسر عبد الجواد‪ ،‬مجلة المستقبل العربي‪ ،‬عدد ‪ ،252‬شباط ‪،2000‬‬
‫تحليل لكتاب العولمة ليست الخيار الوحيد‪ ،‬منير خمش‪ ،‬مركز دراسات‬
‫الوحدة العربية‪ ،‬لبنان‪ ،‬صفحة ‪182‬‬
‫)‪ (2‬أحمد سلمة‪ ،‬العولمة والعروبة من الصراع إلى المل‪ ،‬عمان‪ ،‬دائرة‬
‫المكتبة الوطنية ‪ ،1999‬صفحة ‪37‬‬
‫)‪ (3‬سيار الجميل‪ ،‬العولمة والمستقبل استراتيجية تفكير من أجل العرب‬
‫والمسلمين في القرن الحادي والعشرين‪ ،‬عمان‪ ،‬الهلية للنشر‪،‬ط ‪،1،2000‬‬
‫صفحة ‪77‬‬
‫)‪ (4‬د‪.‬برهان غليون‪ ،‬ثقافة العولمة وعولمة الثقافة‪،‬دار الفكر المعاصر‪،‬ط ‪،1‬‬
‫‪ ،1999‬صفحة ‪17+16‬‬
‫)‪ (5‬مهيوب غالب أحمد‪ ،‬المستقبل العربي‪ ،‬عدد ‪، 256‬حزيران ‪،2000‬صفحة‬
‫‪61‬‬
‫)‪ (6‬سيار الجميل‪ ،‬مرجع سابق‪،‬صفحة ‪92+91‬‬
‫)‪ (7‬أ‪.‬د محمد الحارثي‪ ،‬العولمة والهوية‪ ،‬جامعة فيلدلفيا‪،‬ط ‪،1،1999‬صفحة‬
‫‪169‬‬
‫)‪ (8‬مهيوب غالب أحمد ‪ ،‬المستقبل العربي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬صفحة ‪61‬‬
‫)‪ (9‬محمد السمان‪ ،‬موقع السلم في صراع الحضارات والنظام العالمي‬
‫الجديد‪ ،‬دار النفائس‪ ،‬ط ‪ ،1،1995‬صفحة ‪15‬‬
‫)‪ (10‬محمد السماك‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬صفحة ‪17‬‬
‫)‪ (11‬محمد السماك‪ ،‬المرجع السابق‪،‬صفحة ‪153‬‬

‫‪51‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫)‪ (12‬د‪.‬سيار الجميل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬صفحة ‪.124‬‬


‫)‪ (13‬د‪ .‬سيار الجميل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬صفحة ‪.128‬‬
‫)‪ (14‬اني أعتقد أن الوليات المتحدة المريكية لن تستمر في قيادة العالم‬
‫وعولمته ولبد أن تبرز قوى أخرى‪ ،‬وإني أرجح أوروبا واليابان والصين‬
‫لذلك‪،‬وأشترك في هذا الرأي مع الكثير من المفكرين من هم الستاذ فخري‬
‫الهواري في مقال له مجلة السياسة الدولية عدد ‪ 126‬بعنوان "هل يشهد‬
‫القرن الواحد والعشرون انهيار الوليات المتحدة؟"‬
‫)‪(15‬د‪.‬السيد يسين‪ ،‬العولمة والطريق الثالث‪ ،‬ميريت للنشر‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫‪،199‬صفحة ‪41‬‬
‫)‪ (16‬د‪.‬عبد الباري الدرة‪ ،‬العولمة والهوية‪ ،‬أوراق المؤتمر العالمي الرابع‬
‫لكلية الداب‪ ،‬جامعة فيلدلفيا‪،‬ط ‪ ،1،1999‬صفحة ‪61‬‬
‫)‪(17‬صالح السنوسي‪ ،‬العولمة والهوية‪ ،‬أوراق المؤتمر العالمي الرابع‪ ،‬مرجع‬
‫سابق‪ ،‬صفحة ‪45‬‬
‫)‪(18‬أسامة الخولي‪ ،‬العرب والعولمة‪ ،‬مركز دراسات الوحدة العربية‪،‬‬
‫بيروت‪ ،‬ط ‪ ،1998 ،1‬صفحة ‪256‬‬
‫)‪ (19‬كامل أبو صقر‪ ،‬العولمة‪ ،‬دار السلم‪ ،‬بيروت‪،‬ط ‪،2،2000‬صفحة ‪145‬‬

‫)‪(7 /‬‬

‫العولمة والسنن‬
‫‪14/9/1424‬‬
‫أ‪ .‬د ‪.‬ناصر بن سليمان العمر‬
‫العولمة والسنن‪:‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫كان الناس في عصرهم الول نموذجا مثاليا لعولمة حضارية‪ ،‬وحدة على‬
‫مستوى البشرية جمعاء؛ فكرية ثقافية‪ ،‬سياسية‪ ،‬اقتصادية‪ ،‬وكان ذلك وفقا ً‬
‫لمنهج الله الذي جاءت به الرسل‪ ،‬ونزلت به الكتب‪ ،‬ثم جاءت الذواق‬
‫والهواء بعجرها وبجرها‪ ،‬فحاولت جبابرة القرون ‪ -‬جيل ً بعد جيل‪ -‬رفض‬
‫ة الحديد والنار في محاولت‬ ‫الكتاب الذي أنزل ليقوم الناس بالقسط‪ ،‬موظف ً‬
‫شتى لفرض أضرب من "العولمة"‪ ،‬بل لفرض نفوسهم ونفوذهم على‬
‫العالمين "كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل‬
‫معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه وما اختلف فيه إل ّ‬
‫الذين أوتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغيا ً بينهم" )‪" ،(1‬وما كان الناس إل ّ‬
‫أمة واحدة فاختلفوا ولول كلمة سبقت من ربك لقضي بينهم فيما فيه‬
‫يختلفون" )‪.(2‬‬
‫إن إرادة الله الكونية اقتضت وجود الخلق‪ ،‬ومشيئته الشرعية اقتضت‬
‫توحدهم على منهج الحق كما قال‪ -‬سبحانه‪":-‬يا أيها الرسل كلوا من الطيبات‬
‫واعملوا صالحا ً إني بما تعملون عليم ~ وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم‬
‫فاتقون" )‪ (3‬ولكن خالفت الرادة الكونية المشيئة الشرعية "فتقطعوا‬
‫أمرهم بينهم زبرا ً كل حزب بما لديهم فرحون" )‪ ،(4‬أي‪ :‬يفرحون بما هم فيه‬
‫من الضلل؛ لنهم يحسبون أنهم مهتدون )‪.(5‬فاقتضت حكمته –سبحانه‬
‫وتعالى‪ -‬وجود الخير والشر في هذا الكون "ولو شاء ربك لمن من في‬
‫الرض كلهم جميعا ً أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين" )‪" ،(6‬ولو شاء‬
‫ربك لجعل الناس أمة واحدة ول يزالون مختلفين ~ إل ّ من رحم ربك ولذلك‬
‫خلقهم وتمت كلمة ربك لملن جهنم من الجنة والناس أجمعين" )‪" ،(7‬هو‬

‫‪52‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن والله بما تعملون بصير" )‪" ،(8‬وَك َذ َل ِ َ‬
‫ك‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ب‬‫مِع َل َري ْ َ‬ ‫م ال ْ َ‬
‫ج ْ‬ ‫حوْل ََها وَُتنذَِر ي َوْ َ‬
‫ن َ‬ ‫م ْ‬
‫قَرى وَ َ‬ ‫م ال ْ ُ‬
‫ك قُْرآًنا عََرب ِّيا ل ُّتنذَِر أ ّ‬ ‫حي َْنا إ ِل َي ْ َ‬‫أوْ َ‬
‫شاء الل ّه ل َجعل َه ُ‬ ‫سِعيرِ ~ وَل َوْ َ‬
‫حد َةً‬‫ة َوا ِ‬ ‫م ً‬
‫مأ ّ‬ ‫ُ َ َ ُ ْ‬ ‫ريقٌ ِفي ال ّ‬ ‫جن ّةِ وَفَ ِ‬ ‫ريقٌ ِفي ال ْ َ‬ ‫ِفيهِ فَ ِ‬
‫ر" )‪.(9‬‬ ‫ي وََل ن َ ِ‬
‫صي ٍ‬ ‫من وَل ِ ّ‬ ‫ما ل َُهم ّ‬ ‫ن َ‬‫مو َ‬ ‫مت ِهِ َوال ّ‬
‫ظال ِ ُ‬ ‫ح َ‬‫شاء ِفي َر ْ‬ ‫من ي َ َ‬ ‫ل َ‬‫خ ُ‬‫كن يد ْ ِ‬ ‫وَل َ ِ‬
‫وكما اقتضت حكمته وجود الخير والشر‪ ،‬جرت سنته بدوام التدافع بينهما‪،‬‬
‫فقد جعل الله اليام دول ً "ولو ل دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت‬
‫الرض ولكن الله ذو فضل على العالمين" )‪ ..." ،(10‬ولو ل دفع الله الناس‬
‫بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله‬
‫كثيرا ً ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز" )‪" ،(11‬وتلك اليام‬
‫نداولها بين الناس" )‪.(12‬‬
‫غير أن العاقبة للتقوى‪ ،‬فصاحب الحق يجب عليه أن يستعين بالله ويصبر‪،‬‬
‫فإن الرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين‪" ،‬ولقد كتبنا في‬
‫الزبور من بعد الذكر أن الرض يرثها عبادي الصالحون ~ إن في هذا لبلغا ً‬
‫لقوم عابدين ~ وما أرسلناك إل ّ رحمة للعالمين" )‪.(13‬‬
‫فالناس من حيث المآل فريقان‪ ،‬فريق في الجنة وفريق في السعير‪ ،‬وعلى‬
‫العراف فريق ثالث مآله إما إلى جنة أو إلى نار‪ ،‬فالمحصلة فريقان‪.‬‬
‫إن إرادة الله الكونية اقتضت وجود الخلق‪ ،‬ومشيئته الشرعية اقتضت‬
‫توحدهم على منهج الحق كما قال ‪-‬سبحانه‪" :-‬يا أيها الرسل كلوا من‬
‫الطيبات واعملوا صالحا ً إني بما تعملون عليم ~ وإن هذه أمتكم أمة واحدة‬
‫وأنا ربكم فاتقون" ولكن خالفت الرادة الكونية المشيئة الشرعية "فتقطعوا‬
‫أمرهم بينهم زبرا ً كل حزب بما لديهم فرحون"‬
‫أما في الدنيا فصراع أهل الحق مع أهل الباطل مستمر إلى أن يرث الله‬
‫الرض ومن عليها‪ ،‬وإلى أن يرسل الله ريحا ً تقبض أرواح المؤمنين فل يبقى‬
‫في أرض الله من يقول‪ :‬الله الله‪ ،‬وعندها تقوم الساعة على شرار خلق‬
‫الله‪.‬‬
‫كما أن أهل الباطل طوائف مختلفة ولكن مآلها واحد‪ ،‬تجمعهم أهواء وأهداف‬
‫مصالحهم الضيقة‪ ،‬فيتداعون لحرب من يعارضهم من أهل الحق‪ ،‬كما أخبر ‪-‬‬
‫صلى الله عليه وسلم‪" -‬توشك أن تداعى عليكم المم كما تدعى الكلة على‬
‫قصعتها"‪ ،‬ولكن هم مع ذلك طرائق قددًا‪ ،‬تحسبهم جميعا ً وقلوبهم شتى‪.‬‬
‫ولما كان الناس كذلك‪ ،‬فقد راعت شريعة السلم العالمية هذه السنة‬
‫الكونية‪ ،‬فجاءت تشريعات السلم معتبرة للفروق بين ما يجب التفريق فيه‬
‫كالديان‪ ،‬فأصحابها بين متبع للباطل ومتبع للحق‪ ،‬فهم متباينون‪ ،‬ومن الجور‬
‫التسوية بين المتباينين‪ ،‬وليمكن أن يسمى هذا عد ً‬
‫ل‪.‬‬
‫وجاءت كذلك ملغية للتفرقة فيما تلزم المساواة فيه‪ ،‬كالتفريق بين الناس‬
‫على أساس العراق بينما هم كلهم لدم وآدم من تراب‪.‬‬
‫أما النظام العالمي المريكي فله حقيقة ودعوى تجاه هذه المسألة‪:‬‬
‫أما حقيقته‪ ،‬فهي فرض للهيمنة الثقافية والقتصادية والسياسية والجتماعية‬
‫للدولة القوى‪،‬على كافة الشعوب والمجتمعات‪ ،‬وهو شكل جديد من أشكال‬
‫الستعمار كما سبق‪ ،‬وقد اعترف بنحو هذا بعض المريكيين كالكاتب الصحفي‬
‫)توماس فريدمان(‪.‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫‪53‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫أما دعواه فهي زعم أن النظام العالمي الجديد قائم على عدم التفريق بين‬
‫الناس على أي أساس‪ ،‬سواًء أكان دينا ً أو عرقًا‪ ،‬رجل ً أو امرأة أو غير ذلك‪،‬‬
‫فل فرق البتة‪ ،‬ولست هنا في مقام مناقشة تفصيلية لهذه الفكرة‪.‬‬
‫ولكن يكفي القول بأن العدل هو التسوية بين المتساويين والتفريق بين‬
‫المختلفين‪ ،‬وإن إلزام المختلفين بفعل واحد أو سلوك طريق بعينه سيكون‬
‫مجحفا ً في حق بعضهم‪.‬‬
‫كما أن اعتبار الفروق لمناص منه‪ ،‬والواقع التطبيقي العملي الفعلي اضطر‬
‫هؤلء لعتبار بعض الفروق‪ ،‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬لماذا يمنع غير المريكي مثل ً‬
‫من الترشح لحكم أمريكا؟ أليست المساواة تقتضي جواز ترشح أي إنسان‪،‬‬
‫سواء جاء من إحدى الوليات أو جاء من إحدى القارات؟ كذلك لماذا يمنع من‬
‫كان دون سن معينة من الترشح؟ ومع ذلك لم نر أحدا ً خرج يطالب بحقوق‬
‫الشباب! إذن فلبد من ضوابط ومحددات‪ ،‬وهذه المحدادات هو ما يرفض‬
‫العالم أن تكون أمريكا هي صانعتها‪ ،‬وبخاصة في بلداننا‪.‬‬
‫وأخيرا ً أشير إلى فشل هذا النظام في إلغاء هذه الفوارق حتى بين مصدريه‬
‫من أبناء الملة الواحدة‪ ،‬فهذه بريطانيا تعيش ردحا ً من الزمن أزمة سياسية‬
‫ثقافية اجتماعية عجزت أن توحد فيها بين رؤى الجيش اليرلندي الكاثوليكي‬
‫الذي يسعى للنفصال‪ ،‬وبين الوحدويين البروتستانت‪ ،‬ومازلنا نسمع بين‬
‫الفينة والخرى نبأ انفجار عبوة وضعها متطرفون بروتستانت‪ ،‬أو مقتل‬
‫بروتستانتي برصاص كاثوليكي أو اشتباكات بين كاثوليك وبروتستانت‪ ،‬كل‬
‫ذلك في الدولة التي تعد الحليف الول لراعية العولمة الجديدة!‬
‫وقل مثل ذلك عن الجيش الحمر الياباني الوثني‪ ،‬وجيش التحرير الكوبي‬
‫الشيوعي‪.‬‬
‫وكم من مرشح غربي فاز في النتخابات العامة بسبب برنامجه القتصادي‬
‫الصلحي!‬
‫وبعد ذلك يريد النظام العالمي الجديد أن يقنعنا بإمكانية إلغاء سنة كونية لن‬
‫تنتهي إل ّ بنهاية هذه الدنيا‪.‬‬
‫‪--------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫‪1‬سورة البقرة‪.213 :‬‬
‫‪2‬سورة يونس‪.19 :‬‬
‫‪3‬سورة المؤمنون‪.51 :‬‬
‫‪4‬سورة المؤمنون‪.53 :‬‬
‫‪5‬تفسير ابن كثير ‪.3/248‬‬
‫‪6‬سورة يونس‪.99 :‬‬
‫‪7‬سورة هود‪.119 :‬‬
‫‪8‬سورة التغابن‪.2 :‬‬
‫‪9‬سورة الشورى‪.8-7 :‬‬
‫‪10‬سورة البقرة‪.251 :‬‬
‫‪11‬سورة الحج‪.40 :‬‬
‫‪12‬سورة آل عمران‪.140 :‬‬
‫‪13‬سورة النبياء‪.107-105 :‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫‪54‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫العيد ‪ ..‬آدابه وأحكامه ‪... ...‬‬


‫الحمد لله رب العالمين والصلة والسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه‬
‫أجمعين وبعد‬
‫فإن العيد اسم لكل ما ُيعتاد ويعود ويتكرر ‪ ،‬والعياد شعارات توجد لدى كل‬
‫المم سواء أكانت كتابية أم وثنية أم غير ذلك ‪ ،‬وذلك لن إقامة العياد ترتبط‬
‫بغريزة وجبّلة طبع الناس عليها فكل الناس يحبون أن تكون لهم مناسبات‬
‫معون وُيظهرون الفرح والسرور ‪.‬‬ ‫يحتفلون فيها ويتج ّ‬
‫وأعياد المم الكافرة ترتبط بأمور دنيوية كبداية سنة أو بدء موسم زرع أو‬
‫اعتدال جو أو قيام دولة أو تنصيب حاكم ونحو ذلك ‪ .‬وترتبط أيضا بمناسبات‬
‫دينية ككثير من أعياد اليهود والنصارى الخاصة بهم فمن أعياد النصارى مثل‬
‫العيد الذي يكون في الخميس الذي يزعمون أن المائدة أنزلت فيه على‬
‫عيسى عليه الصلة والسلم وعيد رأس السنة الكريسمس وعيد الشكر وعيد‬
‫العطاء ويحتفلون به الن في جميع البلد الوربية والمريكية وغيرها من البلد‬
‫التي للنصرانية فيها ظهور وإن لم تكن نصرانية في الصل وقد يشاركهم‬
‫بعض المنتسبين إلى السلم ممن حولهم عن جهل أو عن نفاق ‪.‬‬
‫وللمجوس كذلك أعيادهم الخاصة بهم مثل عيد المهرجان وعيد النيروز‬
‫وغيرهما‪.‬‬
‫تميز المسلمين بأعيادهم ‪:‬‬
‫ل قوله صلى الله عليه وسلم ‪ " :‬إن لكل قوم عيد وهذا عيدنا " على‬ ‫لقد د ّ‬
‫اختصاص المسلمين بهذين العيدين ل غير وأنه ل يحل للمسلمين أن يتشبهوا‬
‫بالكفار والمشركين في شيء مما يختص بأعيادهم ‪ ،‬ل من طعام ول من‬
‫كن الصبيان من اللعب في أعيادهم ‪،‬‬ ‫لباس ‪ ،‬ول إيقاد نيران ول عبادة ول يم ّ‬
‫ول إظهار الزينة ‪ ،‬ول يسمح لصبيان المسلمين بمشاركة الكفار في‬
‫أعيادهم ‪ .‬وكل العياد الكفرية والبدعية محرمة كعيد رأس السنة وعيد الجلء‬
‫وعيد الثورة وعيد الشجرة وعيد الجلوس وعيد الميلد وعيد الم وعيد العمال‬
‫وعيد النيل وعيد شم النسيم وعيد المعلم وعيد العمال وعيد المولد النبوي ‪.‬‬
‫ن‬
‫وأما المسلمون فليس لهم إل عيدان عيد الفطر وعيد الضحى لما جاء عَ ْ‬
‫َ‬
‫ة وَل َهُ ْ‬
‫م‬ ‫دين َ َ‬‫م ِ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫سل ّ َ‬
‫ه عَل َي ْهِ وَ َ‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫ل الل ّهِ َ‬ ‫سو ُ‬ ‫م َر ُ‬ ‫ل قَدِ َ‬ ‫س رضي الله عنه َقا َ‬ ‫أن َ ٍ‬
‫ة‬
‫جاهِل ِي ّ ِ‬ ‫ما ِفي ال ْ َ‬ ‫ب ِفيهِ َ‬ ‫ن َقاُلوا ك ُّنا ن َل ْعَ ُ‬ ‫ما ِ‬ ‫ن ال ْي َوْ َ‬‫ذا ِ‬ ‫ما هَ َ‬ ‫ل َ‬ ‫قا َ‬ ‫ما فَ َ‬ ‫ن ِفيهِ َ‬ ‫ن ي َل ْعَُبو َ‬ ‫ما ِ‬ ‫ي َوْ َ‬
‫ما‬ ‫ه‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫را‬ ‫ي‬ ‫خ‬ ‫ما‬ ‫ه‬ ‫ب‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫َ‬ ‫ل‬‫د‬ ‫ب‬‫َ‬ ‫أ‬ ‫د‬ ‫َ‬ ‫ق‬ ‫ه‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫ن‬ ‫إ‬ ‫م‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫س‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫ي‬‫َ‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ه‬‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫لى‬ ‫ّ‬ ‫ص‬ ‫ه‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫ل‬‫ُ‬ ‫سو‬ ‫َ‬ ‫فَ َ‬
‫َ ْ ْ َ ْ ِِ َ َ ًْ ِ ُْ َ‬ ‫ُ َ ْ ِ َ َ َ ِ ّ‬ ‫ِ َ‬ ‫قا َ ُ‬
‫ر‬ ‫ل‬
‫فط ْرِ ‪ " .‬سنن أبي داود ‪1134‬‬ ‫م ال ْ ِ‬ ‫َ‬
‫م اْل ْ‬
‫حى وَي َوْ َ‬ ‫ض َ‬ ‫ي َوْ َ‬
‫وهذان العيدان هما من شعائر الله التي ينبغي إحياؤها وإدراك مقاصدها‬
‫واستشعار معانيها ‪.‬‬
‫وفيما يلي نتعرض لطائفة من أحكام العيدين وآدابهما في الشريعة‬
‫السلمية ‪.‬‬
‫أول ‪ ::‬أحكام العيد‬
‫صومه ‪:‬‬
‫ل‬‫سو َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ن َر ُ‬ ‫هأ ّ‬ ‫ه عَن ْ ُ‬ ‫ي الل ُ‬ ‫ض َ‬ ‫خد ْرِيّ َر ِ‬ ‫سِعيدٍ ال ُ‬ ‫يحرم صوم يومي العيد لحديث أِبي َ‬
‫حرِ ‪" .‬‬ ‫فطرِ وَي َوْم ِ الن ّ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ن ي َوْم ِ ال ِ‬ ‫سل ّ َ‬‫ه عَل َي ْهِ وَ َ‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫الل ّهِ َ‬
‫مي ْ ِ‬ ‫صَيام ِ ي َوْ َ‬‫ن ِ‬ ‫م ن ََهى عَ ْ‬
‫رواه مسلم ‪827‬‬
‫حكم صلة العيدين ‪:‬‬
‫ذهب بعض العلماء إلى وجوبها وهذا مذهب الحناف واختيار شيخ السلم ابن‬
‫تيمية رحمه الله وقالوا إن النبي صلى الله عليه وسلم واظب عليها ولم‬
‫يتركها ول مرة واحدة ‪ ،‬واحتجوا بقوله تعالى ) فصل لربك وانحر ( أي صلة‬

‫‪55‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫العيد والنحر بعده وهذا أمر ‪ ،‬وأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بإخراج‬
‫النساء من البيوت لشهادتها ‪ ،‬والتي ليس عندها جلباب تستعير من أختها ‪.‬‬
‫وذهب بعض العلماء إلى أنها فرض كفاية وهذا مذهب الحنابلة ‪ ،‬وذهب فريق‬
‫ثالث إلى أن صلة العيد سنة مؤكدة وهذا مذهب المالكية والشافعية ‪،‬‬
‫واحتجوا بحديث العرابي في أن الله لم يوجب على العباد إل خمس‬
‫صلوات ‪.‬‬
‫ن القول‬ ‫فينبغي على المسلم أن يحرص على حضورها وشهودها خصوصا وأ ّ‬
‫بوجوبها قول قوي ويكفي ما في شهودها من الخير والبركة والجر العظيم‬
‫والقتداء بالنبي الكريم ‪.‬‬
‫شروط الصحة والوجوب والوقت‬
‫اشترط بعض العلماء ) وهم الحنفية والحنابلة ( لوجوب صلة العيدين القامة‬
‫ن شروطها هي شروط صلة الجمعة ما عدا‬ ‫والجماعة ‪ .‬وقال بعضهم إ ّ‬
‫ن حضورها ليس بواجب وجمهور العلماء على أن وقت العيدين‬ ‫الخطبة فإ ّ‬
‫يبتدئ عند ارتفاع الشمس قدر رمح بحسب الرؤية المجردة ويمتد وقتها إلى‬
‫ابتداء الزوال ‪.‬‬
‫صفة صلة العيد‬
‫قال عمر رضي الله عنه ‪ :‬صلة العيد والضحى ركعتان ركعتان تمام غير‬
‫قصر على لسان نبيكم وقد خاب من افترى ‪.‬‬
‫وعن أبي سعيد قال ‪ :‬كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج يوم الفطر‬
‫والضحى إلى المصلى فأول شيء يبدأ به الصلة ‪.‬‬
‫والتكبير سبع في الركعة الولى وخمس في الخرة والقراءة بعدهما كلتيهما ‪.‬‬
‫وعن عائشة رضي الله عنها ‪ :‬التكبير في الفطر والضحى الولى سبع‬
‫تكبيرات وفي الثانية خمس تكبيرات سوى تكبيرات الركوع رواه أبو داود‬
‫صحيح بمجموع طرقه ‪.‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫ولو أدرك المأموم إمامه أثناء التكبيرات الزوائد يكبر مع المام ويتابعه ول‬
‫يلزمه قضاء التكبيرات الزوائد لنها سّنة وليست بواجبة ‪.‬‬
‫وأما ما ُيقال بين التكبيرات فقد جاء عن حماد بن سلمة عن إبراهيم أن‬
‫الوليد بن عقبة دخل المسجد وابن مسعود وحذيفة وأبو موسى في المسجد‬
‫فقال الوليد ‪ :‬إن العيد قد حضر فكيف أصنع ‪ ،‬فقال ابن مسعود ‪ :‬يقول الله‬
‫أكبر ويحمد الله ويثني عليه ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويدعو‬
‫الله ‪ ،‬ثم يكبر ويحمد الله ويثني عليه ويصلي على النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم ‪ ..‬الخ رواه الطبراني ‪ ،‬وهو حديث صحيح مخرج في الرواء وغيره ‪.‬‬
‫القراءة في صلة العيد‪:‬‬
‫يستحب أن يقرأ المام في صلة العيد بـ ) ق ( و ) اقتربت الساعة ( كما في‬
‫كان ي ْ ُ‬ ‫طاب سأ َ َ َ‬ ‫َ‬
‫ل‬‫سو ُ‬ ‫قَرأ ب ِهِ َر ُ‬ ‫ما َ َ َ‬ ‫ي َ‬‫ل أَبا َواقِدٍ الل ّي ْث ِ ّ‬ ‫خ ّ ِ َ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫مَر ب ْ َ‬ ‫ن عُ َ‬ ‫صحيح مسلم أ ّ‬
‫كان ي ْ ُ‬
‫ما ِبق‬ ‫قَرأ ِفيهِ َ‬ ‫ل َ َ َ‬ ‫قا َ‬ ‫فط ْرِ فَ َ‬ ‫حى َوال ْ ِ‬ ‫م ِفي ال َ ْ‬
‫ض َ‬ ‫سل ّ َ‬‫ه عَل َي ْهِ وَ َ‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫الل ّهِ َ‬
‫مُر ‪ " .‬صحيح مسلم ‪891‬‬ ‫شقّ ال ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫ة َوان ْ َ‬‫ساعَ ُ‬‫ت ال ّ‬ ‫جيد ِ َواقْت ََرب َ ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫َوال ْ ُ‬
‫قْرآ ِ‬
‫وأكثر ما ورد أنه صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في العيد بسبح والغاشية‬
‫سو ُ‬
‫ل‬ ‫ن َر ُ‬ ‫كا َ‬ ‫ل َ‬ ‫شيرٍ َقا َ‬ ‫ن بَ ِ‬ ‫ن بْ ِ‬ ‫ما ِ‬ ‫ن الن ّعْ َ‬ ‫كما كان يقرأ بهما في الجمعة فقد جاء عَ ْ‬
‫م َرب ّكَ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫الل ّه صّلى الل ّه عَل َيه وسل ّم ي ْ ُ‬
‫س َ‬ ‫سب ِّح ا ْ‬
‫معَةِ ب ِ َ‬ ‫ج ُ‬‫ن وَِفي ال ُ‬ ‫قَرأ ِفي الِعيد َي ْ ِ‬ ‫ْ ِ َ َ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ َ‬
‫َ‬
‫شي َةِ ‪ " .‬صحيح مسلم ‪878‬‬ ‫ْ‬
‫ث الَغا ِ‬ ‫دي ُ‬ ‫ح ِ‬ ‫اْل َعَْلى وَهَل أَتاك َ‬
‫َ‬ ‫ْ‬

‫‪56‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وقال سمرة رضي الله عنه ‪ :‬كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في‬
‫العيدين ) سبح اسم ربك العلى ( ‪ ) ،‬وهل أتاك حديث الغاشية ( رواه أحمد‬
‫وغير وهو صحيح الرواء ‪3/116‬‬
‫الصلة قبل الخطبة ‪:‬‬
‫من أحكام العيد أن الصلة قبل الخطبة كما ثبت في مسند أحمد من حديث‬
‫خط ْب َ ِ‬
‫ة‬ ‫ل ال ْ ُ‬
‫صّلى قَب ْ َ‬‫م َ‬‫سل ّ َ‬
‫ه عَل َي ْهِ وَ َ‬
‫صّلى الل ّ ُ‬
‫ل الل ّهِ َ‬
‫سو ِ‬‫شهَد ُ عََلى َر ُ‬‫س أَ ْ‬‫ن عَّبا ٍ‬ ‫اب ْ ِ‬
‫ب ‪ ".‬مسند أحمد ‪ 1905‬والحديث في الصحيحين‬ ‫َ‬
‫خط َ‬ ‫م َ‬ ‫ْ‬
‫ِفي الِعيد ِ ث ُ ّ‬
‫ل على أن الخطبة بعد الصلة حديث أبي سعيد رضي الله عنه ‪ :‬كان‬ ‫ومما يد ّ‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم يخرج يوم الفطر والضحى إلى المصلى فأول‬
‫شيء يبدأ به الصلة ‪ ،‬ثم ينصرف فيقوم مقابل الناس والناس جلوس على‬
‫صفوفهم فيعظهم ويوصيهم ويأمرهم فإذا كان يريد أن يقطع بعثا ً قطعه ‪ ،‬أو‬
‫يأمر بشيء أمر به ‪ ،‬قال أبو سعيد ‪ :‬فلم يزل الناس على ذلك حتى خرجت‬
‫مع مروان وهو أمير المدينة في أضحى أو فطر فلما أتينا المصلى إذا منبر‬
‫بناه كثير بن الصلت فإذا مروان يريد أن يرتقيه قبل أن يصلي فجبذت بثوبه‬
‫فجبذني فارتفع فخطب قبل الصلة ‪ ،‬فقلت له ‪ :‬غيرتم والله ‪ .‬فقال ‪ :‬يا أبا‬
‫سعيد قد ذهب ما تعلم ‪ ،‬فقلت ‪ :‬ما أعلم والله خير مما ل أعلم ‪ ،‬فقال ‪ :‬إن‬
‫الناس لم يكونوا يجلسون لنا بعد الصلة ‪ ،‬فجعلنها قبل الصلة ‪ .‬رواه البخاري‬
‫‪956‬‬
‫الرخصة في النصراف أثناء الخطبة لمن أراد ‪:‬‬
‫عن عبد الله بن السائب قال ‪ :‬شهدت العيد مع النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫فلما قضى الصلة قال ‪ :‬إنا نخطب فمن أحب أن يجلس للخطبة فليجلس‬
‫ومن أحب أن يذهب فليذهب ‪ .‬إرواء الغليل ‪3/96‬‬
‫عدم المبالغة في تأخيرها ‪:‬‬
‫خرج عبد الله بن ُبشر ‪ ،‬صاحب النبي صلى الله عليه وسلم مع الناس في‬
‫يوم الفطر عيد الفطر أو أضحى فأنكر إبطاء المام ‪ ،‬وقال انا كنا مع النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم قد فرغنا ساعتنا هذه وذلك حين التسبيح ‪ .‬رواه‬
‫البخاري معلقا مجزوما به‬
‫النافلة في المصلى‪:‬‬
‫ل نافلة قبل صلة العيد ول بعدها كما جاء عن ابن عباس أن النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم خرج يوم العيد فصلى ركعتين لم يصل قبلهما ول بعدهما ‪ " .‬سنن‬
‫أبي داود ‪1159‬‬
‫وهذا إذا كانت الصلة في المصلى أو في مكان عام وأما إن صلى الناس‬
‫العيد في المسجد فإنه يصلي تحية المسجد إذا دخله قبل أن يجلس ‪.‬‬
‫إذا لم يعلموا بالعيد إل من الغد ‪:‬‬
‫م علينا هلل‬ ‫عن أبي عمير بن أنس عن عمومة له من النصار قالوا ‪ :‬غُ ّ‬
‫شوال فأصبحنا صياما ً ‪ ،‬فجاء ركب من آخر النهار فشهدوا عند رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم أنهم رأوا الهلل بالمس فأمر الناس أن يفطروا من‬
‫يومهم وأن يخرجوا لعيدهم من الغد رواه الخمسة ‪ ،‬صحيح ‪ :‬الرواء ‪. 3/102‬‬
‫ومن فاتته صلة العيد فالراجح أنه يجوز له قضاؤها ركعتين ‪.‬‬
‫شهود النساء صلة العيد‬

‫)‪(2 /‬‬

‫‪57‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫مَرأ َةٌ‬ ‫تا ْ‬ ‫م ْ‬ ‫قد ِ َ‬ ‫ن فَ َ‬ ‫ن ِفي الِعي ُد َي ْ ِ‬


‫ْ‬ ‫ج َ‬ ‫خُر ْ‬ ‫ن يَ ْ‬ ‫قَنا أ ْ‬
‫ة َقال َت ك ُنا نمنع عَوات ِ َ َ‬
‫ْ ّ َ ْ َ ُ َ‬ ‫ص َ‬ ‫ف َ‬ ‫ح ْ‬ ‫ن َ‬ ‫عَ ْ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫صلى‬ ‫ي َ‬ ‫معَ الن ّب ِ ّ‬ ‫خت َِها غَزا َ‬ ‫جأ ْ‬ ‫ن َزوْ ُ‬ ‫خت َِها وَكا َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ت عَ ْ‬ ‫حد ّث ْ‬ ‫َ‬ ‫فف َ‬ ‫خل ٍ‬ ‫صَر ب َِني َ‬ ‫تق ْ‬ ‫فَن ََزل ْ‬
‫ُ‬
‫ت ك ُّنا‬ ‫ت َقال َ ْ‬ ‫س ّ‬ ‫ه ِفي ِ‬ ‫معَ ُ‬ ‫خِتي َ‬ ‫تأ ْ‬ ‫كان َ ْ‬ ‫شَرةَ غَْزوَةً وَ َ‬ ‫ي عَ َ‬ ‫م ث ِن ْت َ ْ‬ ‫سل ّ َ‬ ‫ه عَل َي ْهِ وَ َ‬ ‫الل ّ ُ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ه عَل َي ْ ِ‬
‫ه‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫ي َ‬ ‫خِتي الن ّب ِ ّ‬ ‫تأ ْ‬ ‫سأل َ ْ‬ ‫ضى فَ َ‬ ‫مْر َ‬ ‫م عََلى ال ْ َ‬ ‫قو ُ‬ ‫مى وَن َ ُ‬ ‫داِوي ال ْك َل ْ َ‬ ‫نُ َ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫سَها‬ ‫ل ل ِت ُل ْب ِ ْ‬ ‫ج َقا َ‬ ‫خُر َ‬ ‫ن ل تَ ْ‬ ‫بأ ْ‬ ‫جل َْبا ٌ‬ ‫ن ل ََها ِ‬ ‫م ي َك ُ ْ‬ ‫س إ َِذا ل َ ْ‬ ‫داَنا ب َأ ٌ‬ ‫ح َ‬ ‫م أعََلى إ ِ ْ‬ ‫سل ّ َ‬ ‫وَ َ‬
‫ُ‬
‫ة‬
‫م عَط ِي ّ َ‬ ‫تأ ّ‬ ‫م ْ‬ ‫ما قَدِ َ‬ ‫ن فَل َ ّ‬ ‫مي َ‬ ‫سل ِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫خي َْر وَد َعْوَةَ ال ْ ُ‬ ‫شَهد ال ْ َ‬ ‫جل َْباب َِها وَل ْت َ ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫حب َت َُها ِ‬ ‫صا ِ‬ ‫َ‬
‫ه‬ ‫ر‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫ْ‬ ‫ذ‬ ‫ت‬ ‫ل‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫كا‬ ‫َ‬ ‫و‬ ‫م‬ ‫ع‬ ‫ن‬ ‫بي‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫ب‬ ‫ت‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫قا‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫س‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ه‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫لى‬ ‫ّ‬ ‫ص‬ ‫ي‬ ‫ب‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫ت‬ ‫ع‬ ‫م‬ ‫س‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫ها‬ ‫ت‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫سأ َ‬
‫ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ ِ ِ‬ ‫ْ َ َ َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ ّ َ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫َ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ت‬ ‫وا‬ ‫َ‬ ‫ذ‬ ‫ق‬ ‫ت‬ ‫وا‬ ‫ع‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫و‬ ‫خدور أ َ‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ت‬ ‫وا‬ ‫َ‬ ‫ذ‬ ‫و‬ ‫ق‬ ‫ت‬ ‫وا‬ ‫ع‬‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ج‬ ‫ر‬ ‫خ‬ ‫ي‬ ‫ل‬‫ُ‬ ‫قو‬ ‫ُ‬ ‫ي‬ ‫ه‬ ‫ت‬ ‫ع‬ ‫م‬ ‫س‬ ‫بي‬ ‫إل َقا َل َت بأ َ‬
‫َ ُ َ ُ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ َ َ ُ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ْ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫صّلى ‪.‬‬ ‫ُ َ‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ض‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫ح‬‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ل‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ز‬ ‫َ‬ ‫ت‬‫ْ‬ ‫ع‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫و‬
‫َ َ‬ ‫ن‬ ‫ني‬ ‫ِ‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ؤ‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫ة‬ ‫َ‬ ‫و‬ ‫ْ‬ ‫ع‬ ‫َ‬ ‫د‬ ‫و‬
‫َ َ‬ ‫ر‬ ‫ْ‬ ‫ي‬ ‫خ‬‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ن‬‫َ‬ ‫ْ‬ ‫د‬ ‫َ‬ ‫ه‬ ‫ش‬‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫و‬
‫ُ َ‬ ‫ض‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫ح‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ل‬‫وا‬ ‫ِ َ‬ ‫ر‬ ‫دو‬ ‫ُ‬ ‫خ‬‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ا‬
‫صحيح البخاري ‪324‬‬
‫قوله ‪ ) :‬عواتقنا ( العواتق جمع عاتق وهي من بلغت الحلم أو قاربت ‪ ,‬أو‬
‫استحقت التزويج ‪ ,‬أو هي الكريمة على أهلها ‪ ,‬أو التي عتقت عن المتهان‬
‫في الخروج للخدمة ‪ ,‬وكأنهم كانوا يمنعون العواتق من الخروج لما حدث بعد‬
‫العصر الول من الفساد ‪ ,‬ولم تلحظ الصحابة ذلك بل رأت استمرار الحكم‬
‫على ما كان عليه في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ‪.‬‬
‫قوله ‪ ) :‬وكانت أختي ( فيه حذف تقديره قالت المرأة وكانت أختي ‪ .‬قوله ‪:‬‬
‫) قالت ( أي الخت ‪,‬‬
‫قوله ‪ ) :‬من جلبابها ( ‪ ..‬أي تعيرها من ثيابها ما ل تحتاج إليه ‪.‬‬
‫قوله ‪ ) :‬وذوات الخدور ( بضم الخاء المعجمة والدال المهملة جمع خدر‬
‫بكسرها وسكون الدال ‪ ,‬وهو ستر يكون في ناحية البيت تقعد البكر وراءه ‪,‬‬
‫) فالحّيض ( ‪ :‬هو بضم الحاء وتشديد الياء المفتوحة جمع حائض أي البالغات‬
‫من البنات أو المباشرات بالحيض مع أنهم غير طاهرات‬
‫قوله ‪ ) :‬ويعتزل الحيض المصلى ( قال ابن المنّير ‪ :‬الحكمة في اعتزالهن أن‬
‫في وقوفهن وهن ل يصلين مع المصليات إظهار استهانة بالحال ‪ .‬فاستحب‬
‫لهن اجتناب ذلك ‪.‬‬
‫حّيض من المصلى ‪ ..‬الصيانة والحتراز من مقارنة النساء‬ ‫وقيل سبب منع ال ُ‬
‫للرجال من غير حاجة ول صلة ‪ ,‬وقيل ‪ :‬لئل يؤذين غيرهن بدمهن أو ريحهن ‪.‬‬
‫وفي الحديث الحث على حضور العيد لكل أحد ‪ ,‬وعلى المواساة والتعاون‬
‫على البر والتقوى ‪ ،‬وأن الحائض ل تهجر ذكر الله ول مواطن الخير كمجالس‬
‫العلم والذكر سوى المساجد ‪ ,‬وفيه امتناع خروج المرأة بغير جلباب ‪.‬‬
‫وفي هذا الحديث من الفوائد أن من شأن العواتق والمخدرات عدم البروز إل‬
‫فيما أذن لهن فيه ‪ .‬وفيه استحباب إعداد الجلباب للمرأة ‪ ,‬ومشروعية عارية‬
‫الثياب ‪ .‬واستدل به على وجوب صلة العيد ‪ ..‬وروى ابن أبي شيبة أيضا عن‬
‫ابن عمر أنه كان يخرج إلى العيدين من استطاع من أهله ‪.‬‬
‫وقد صرح في حديث أم عطية بعلة الحكم وهو شهودهن الخير ودعوة‬
‫المسلمين ورجاء بركة ذلك اليوم وطهرته ‪.‬‬
‫وقال الترمذي رحمه الله في سننه بعد أن ساق حديث أم عطية ‪ :‬وَقَد ْ ذ َهَ َ‬
‫ب‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ساِء ِفي ال ْ ُ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫خُروِج إ ِلى الِعيد َي ْ ِ‬ ‫ص ِللن ّ َ‬ ‫خ َ‬ ‫ث وََر ّ‬ ‫دي ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫ذا ال ْ َ‬ ‫ل ال ْعِل ْم ِ إ َِلى هَ َ‬ ‫ض أهْ ِ‬ ‫ب َعْ ُ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬
‫ج‬‫خُرو َ‬ ‫م ال ُ‬ ‫ل أكَرهُ الي َوْ َ‬ ‫ه َقا َ‬ ‫ك أن ّ ُ‬ ‫مَباَر ِ‬ ‫ن ال ُ‬ ‫ن َ عَب ْدِ اللهِ َ ب ْ ِ‬ ‫م وَُرِوي عَ ْ‬ ‫ضهُ ْ‬ ‫ه ب َعْ ُ‬ ‫وَك َرِهَ ُ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ج‬
‫خُر َ‬ ‫ن تَ ْ‬ ‫جَها أ ْ‬ ‫ن ل ََها َزوْ ُ‬ ‫ج فَل ْي َأذ َ ْ‬ ‫خُر َ‬ ‫ن تَ ْ‬ ‫مْرأة ُ ِإل أ ْ‬ ‫ت ال ْ َ‬ ‫ن أب َ ِ‬ ‫ن فَإ ِ ْ‬ ‫ساِء ِفي الِعيد َي ْ ِ‬
‫ْ‬ ‫ِللن ّ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫من َعََها‬ ‫ن يَ ْ‬ ‫ج كذ َل ِك فِللّزوِْج أ ْ‬ ‫خُر َ‬ ‫ن تَ ْ‬ ‫تأ ْ‬ ‫ن أب َ ْ‬ ‫ن فإ ِ ْ‬ ‫ن َول ت َت ََزي ّ ْ‬ ‫قا ِ‬ ‫خل َ‬ ‫ها ال ُ‬ ‫مارِ َ‬ ‫ِفي أط َ‬
‫ّ‬
‫صلى‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫عائ ِ َ‬ ‫ن ال ْ ُ‬
‫سول اللهِ َ‬ ‫ت لوْ َرأى َر ُ‬ ‫ه عَن َْها قال ْ‬ ‫ي الل ُ‬ ‫ض َ‬ ‫ة َر ِ‬ ‫ش َ‬ ‫ن َ‬ ‫خُروِج وَي ُْرَوى عَ ْ‬ ‫عَ ْ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ساُء ب َِني‬ ‫ت نِ َ‬ ‫من ِعَ ْ‬ ‫ما ُ‬ ‫جد َ ك َ‬ ‫َ‬ ‫س ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ال َ‬ ‫من َعَهُ ّ‬ ‫ساُء ل َ‬ ‫ث الن ّ َ‬ ‫حد َ َ‬ ‫ما أ ْ‬ ‫م َ‬ ‫سل َ‬ ‫ه عَلي ْهِ وَ َ‬ ‫الل ّ ُ‬
‫َ‬
‫ساِء إ َِلى ال ِْعيدِ‬ ‫ج ِللن ّ َ‬ ‫خُرو َ‬ ‫م ال ْ ُ‬ ‫ه ك َرِهَ ال ْي َوْ َ‬ ‫ن الث ّوْرِيّ أن ّ ُ‬ ‫فَيا َ‬ ‫س ْ‬ ‫ن ُ‬ ‫ل وَي ُْرَوى عَ ْ‬ ‫سَراِئي َ‬ ‫إِ ْ‬

‫‪58‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الترمذي ‪495‬‬
‫وقد أفتت بالحديث المتقدم أم عطية رضي الله عنها بعد النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم بمدة كما في هذا الحديث ولم يثبت عن أحد من الصحابة‬
‫مخالفتها في ذلك ‪ ,‬وأما قول عائشة " لو رأى النبي صلى الله عليه وسلم ما‬
‫أحدث النساء لمنعهن المساجد " فل يعارض ذلك ) ما دامت المرأة تخرج‬
‫بالشروط الشرعية ( ‪ ..‬والولى أن يخص السماح بالخروج بمن يؤمن عليها‬
‫وبها الفتنة ول يترتب على حضورها محذور ول تزاحم الرجال في الطرق ول‬
‫في المجامع ‪.‬‬

‫)‪(3 /‬‬

‫ويجب على الرجل تفقد أهله عند خروجهن للصلة ليتأكد من كمال حجاب‬
‫النساء ‪ ،‬فهو راع ومسؤول عن رعيته ‪ ،‬فالنساء يخرجن تفلت غير متبرجات‬
‫ول متطيبات ‪ ،‬والحائض ل تدخل المسجد ول المصلى ويمكن أن تنتظر في‬
‫السيارة مثل ً لسماع الخطبة ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ ::‬آداب العيد‪:‬‬
‫الغتسال‪:‬‬
‫َ‬
‫ن عَب ْد َ‬‫من الداب الغتسال قبل الخروج للصلة فقد صح في الموطأ وغيره أ ّ‬
‫صّلى ‪ .‬الموطأ ‪428‬‬ ‫ل يوم ال ْفط ْر قَب َ َ‬
‫م َ‬ ‫ن ي َغْد ُوَ إ َِلى ال ْ ُ‬
‫لأ ْ‬ ‫س ُ َ ْ َ ِ ِ ْ‬ ‫ن ي َغْت َ ِ‬ ‫مَر َ‬
‫كا َ‬ ‫الل ّهِ ب ْ َ‬
‫ن عُ َ‬
‫وصح عن سعيد بن جبير أنه قال ‪) :‬سنة العيد ثلث المشي والغتسال والكل‬
‫قبل الخروج ( ‪ ،‬وهذا من كلم سعيد بن جبير ولعله أخذه عن بعض الصحابة‪.‬‬
‫وذكر النووي رحمه الله اتفاق العلماء على استحباب الغتسال لصلة العيد ‪.‬‬
‫والمعنى الذي يستحب بسببه الغتسال للجمعة وغيرها من الجتماعات‬
‫العامة موجود في العيد بل لعله في العيد أبرز ‪.‬‬
‫الكل قبل الخروج ‪:‬‬
‫من الداب أل يخرج في عيد الفطر إلى الصلة حتى يأكل تمرات لما رواه‬
‫البخاري عَ َ‬
‫دو‬‫م َل ي َغْ ُ‬ ‫سل ّ َ‬
‫ه عَل َي ْهِ وَ َ‬‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫ل الل ّهِ َ‬ ‫سو ُ‬‫ن َر ُ‬ ‫كا َ‬ ‫ل َ‬‫ك َقا َ‬‫مال ِ ٍ‬‫ن َ‬ ‫س بْ‬ ‫ن أن َ‬
‫ن وِت ًْرا ‪ .‬البخاري ‪953‬‬ ‫ه‬‫ُ‬ ‫ل‬‫ُ‬ ‫ك‬‫ل تمرات ‪ ..‬ويأ ْ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ك‬ ‫يوم ال ْفط ْر ْحتى يأ ْ‬
‫ِ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َ ِ ِ َ ّ َ‬
‫وإنما استحب الكل قبل الخروج مبالغة في النهي عن الصوم في ذلك اليوم‬
‫ن في ذلك سدا ً‬ ‫وإيذانا بالفطار وانتهاء الصيام ‪ .‬وعلل ابن حجر رحمه الله بأ ّ‬
‫لذريعة الزيادة في الصوم ‪ ،‬وفيه مبادرة لمتثال أمر الله ‪ .‬فتح ‪ 2/446‬ومن‬
‫لم يجد تمرا فليفطر على أي شيء مباح ‪.‬‬
‫وأما في عيد الضحى فإن المستحب أل يأكل إل بعد الصلة من أضحيته ‪.‬‬
‫التكبير يوم العيد ‪:‬‬
‫وهو من السنن العظيمة في يوم العيد لقوله تعالى ‪ ) :‬ولتكملوا العدة‬
‫ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون ( ‪.‬‬
‫وعن الوليد بن مسلم قال ‪ :‬سألت الوزاعي ومالك بن أنس عن إظهار‬
‫التكبير في العيدين ‪ ،‬قال ‪ :‬نعم كان عبد الله بن عمر يظهره في يوم الفطر‬
‫حتى يخرج المام ‪.‬‬
‫وصح عن أبي عبد الرحمن السلمي قال ‪ ) :‬كانوا في الفطر أشد منهم في‬
‫الضحى ( قال وكيع يعني التكبير إرواء ‪3/122‬‬
‫وروى الدارقطني وغيره أن ابن عمر كان إذا غدا يوم الفطر ويوم الضحى‬
‫يجتهد بالتكبير حتى يأتي المصلى ‪ ،‬ثم يكبر حتى المام ‪ .‬وروى ابن أبي شيبة‬
‫بسند صحيح عن الزهري قال ‪ :‬كان الناس يكبرون في العيد حين يخرجون‬

‫‪59‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫من منازلهم حتى يأتوا المصلى وحتى يخرج المام فإذا خرج المام سكتوا‬
‫فإذا كبر كبروا ‪ .‬إرواء ‪2/121‬‬
‫ولقد كان التكبير من حين الخروج من البيت إلى المصلى وإلى دخول المام‬
‫كان أمرا مشهورا جدا عند السلف وقد نقله جماعة من المصنفين كابن أبي‬
‫شيبة وعبدالرزاق والفريابي في كتاب ) أحكام العيدين ( عن جماعة من‬
‫السلف ومن ذلك أن نافع بن جبير كان يكبر ويتعجب من عدم تكبير الناس‬
‫فيقول‪ ) :‬أل تكبرون ( وكان ابن شهاب الزهري رحمه الله يقول ‪ ) :‬كان‬
‫الناس يكبرون منذ يخرجون من بيوتهم حتى يدخل المام ( ‪.‬‬
‫ووقت التكبير في عيد الفطر يبتدئ من ليلة العيد إلى أن يدخل المام لصلة‬
‫العيد ‪.‬‬
‫صفة التكبير ‪:‬‬
‫ورد في مصنف ابن أبي شيبة بسند صحيح عن ابن مسعود رضي الله عنه ‪:‬‬
‫أنه كان يكبر أيام التشريق ‪ :‬الله أكبر الله أكبر ل إله إل الله والله أكبر الله‬
‫أكبر ولله الحمد ‪ .‬ورواه ابن أبي شيبة مرة أخرى بالسند نفسه بتثليث التكبير‬
‫‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ورأى المحاملي بسند صحيح أيضا عن ابن مسعود ‪ :‬الله أكبر كبيرا الله أكبر‬
‫ل ‪ ،‬الله أكبر ولله الحمد ‪ .‬الرواء ‪3/126‬‬ ‫كبيرا ً الله أكبر وأج ّ‬
‫التهنئة ‪:‬‬
‫ومن آداب العيد التهنئة الطيبة التي يتبادلها الناس فيما بينهم أيا كان لفظها‬
‫مثل قول بعضهم لبعض ‪ :‬تقبل الله منا ومنكم أو عيد مبارك وما أشبه ذلك‬
‫من عبارات التهنئة المباحة ‪.‬‬
‫وعن جبير بن نفير ‪ ،‬قال ‪ :‬كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا التقوا يوم‬
‫قّبل منا ومنك ‪ .‬ابن حجر إسناده حسن ‪ ،‬الفتح‬ ‫العيد يقول بعضهم لبعض ‪ ،‬ت ُ ُ‬
‫‪2/446‬‬
‫فالتهنئة كانت معروفة عند الصحابة ورخص فيها أهل العلم كالمام أحمد‬
‫وغيره وقد ورد ما يدل عليه من مشروعية التهنئة بالمناسبات وتهنئة الصحابة‬
‫بعضهم بعضا عند حصول ما يسر مثل أن يتوب الله تعالى على امرئ‬
‫فيقومون بتهنئته بذلك إلى غير ذلك ‪.‬‬
‫ول ريب أن هذه التهنئة من مكارم الخلق ومحاسن المظهر الجتماعية بين‬
‫المسلمين ‪.‬‬
‫وأقل ما يقال في موضوع التهنئة أن تهنئ من هنأك بالعيد ‪ ،‬وتسكت إن‬
‫سكت كما قال المام أحمد رحمه الله ‪ :‬إن هنأني أحد أجبته وإل لم أبتدئه ‪.‬‬
‫التجمل للعيدين ‪:‬‬

‫)‪(4 /‬‬

‫ق ت َُباع ُ ِفي‬ ‫ست َب َْر ٍ‬


‫ن إِ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ة ِ‬ ‫جب ّ ً‬‫مُر ُ‬ ‫خذ َ ع ُ َ‬ ‫ل أَ َ‬
‫مَر رضي الله عنه َقا َ‬ ‫عن عبد الله بن عُ َ‬
‫م فَ َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫سو َ‬
‫ل‬ ‫ل َيا َر ُ‬ ‫قا َ‬ ‫سل َ‬ ‫ه عَلي ْهِ وَ َ‬ ‫صلى الل ُ‬ ‫ل اللهِ َ‬ ‫سو َ‬‫ها فَأَتى ب َِها َر ُ‬ ‫ق فَأ َ‬
‫خذ َ َ‬ ‫سو ِ‬ ‫ال ّ‬
‫ه‬ ‫َ‬
‫ه عَلي ْ ِ‬ ‫ّ‬
‫صلى الل ُ‬ ‫ّ‬ ‫ل اللهِ َ‬‫ّ‬ ‫سو ُ‬‫ه َر ُ‬ ‫لل ُ‬‫َ‬ ‫قا َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ل ب َِها ل ِلِعيد ِ َوالوُُفودِ فَ َ‬‫م ْ‬ ‫الل ّهِ اب ْت َعْ هَذِهِ ت َ َ‬
‫ج ّ‬
‫ه ‪ ..‬رواه البخاري ‪948‬‬ ‫خلقَ ل َ ُ‬ ‫نل َ‬ ‫م ْ‬
‫س َ‬‫ما هَذِهِ ل َِبا ُ‬ ‫م إ ِن ّ َ‬‫سل ّ َ‬‫وَ َ‬
‫وقد أقر النبي صلى الله عليه وسلم عمر على التجمل لكنه أنكر عليه شراء‬
‫هذه الجبة لنها من حرير‪.‬‬
‫وعن جابر رضي الله عنه قال ‪ :‬كان للنبي صلى الله عليه وسلم جبة يلبسها‬
‫للعيدين ويوم الجمعة ‪ .‬صحيح ابن خزيمة ‪1765‬‬

‫‪60‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وروى البيهقي بسند صحيح أن ابن عمر كان يلبس للعيد أجمل ثيابه ‪.‬‬
‫فينبغي للرجل أن يلبس أجمل ما عند من الثياب عند الخروج للعيد ‪.‬‬
‫أما النساء فيبتعدن عن الزينة إذا خرجن لنهن منهيات عن إظهار الزينة‬
‫للرجال الجانب وكذلك يحرم على من أرادت الخروج أن تمس الطيب أو‬
‫تتعرض للرجال بالفتنة فإنها ما خرجت إل لعبادة وطاعة أفتراه يصح من‬
‫مؤمنة أن تعصي من خرجت لطاعته وتخالف أمره بلبس الضيق والثوب‬
‫الملون الجذاب الملفت للنظر أو مس الطيب ونحوه ‪.‬‬
‫حكم الستماع لخطبة العيد ‪:‬‬
‫قال ابن قدامة رحمه الله في كتابه الكافي ص ‪. 234‬‬
‫فإذا سلم خطب خطبتين كخطبة الجمعة لن النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫فعل ذلك ‪ ،‬ويفارق خطبتي الجمعة في أربعة أشياء ‪ ..‬ثم قال ‪-:‬‬
‫الرابع ‪ :‬أنهما سنة ل يجب استماعهما ول النصات لهما ‪ ،‬لما روى عبد الله بن‬
‫السائب قال ‪ :‬شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العيد ‪ ،‬فلما‬
‫قضى الصلة قال ‪ ) :‬إنا نخطب من أراد أن يجلس للخطبة فليجلس ‪ ،‬ومن‬
‫أحب أن يذهب فليذهب ( ‪.‬‬
‫وقال النووي رحمه الله في كتابه المجموع شرح المهذب ص ‪: 23‬‬
‫ويستحب للناس استماع الخطبة ‪ ،‬وليست الخطبة ول استماعها شرطا ً لصحة‬
‫صلة العيد ‪ ،‬لكن قال الشافعي ‪ :‬لو ترك استماع خطبة العيد أو الكسوف أو‬
‫الستسقاء أو خطب الحج أو تكلم فيها أو انصرف وتركها كرهته ول إعادة‬
‫عليه ‪.‬‬
‫وفي الشرح الممتع على زاد المستنقع للشيخ ابن عثيمين ‪: 5/192‬‬
‫قوله تعالى ‪ ) :‬كخطبتي الجمعة ( أي يخطب خطبتين على الخلف الذي‬
‫أشرنا إليه سابقا ً ‪ ،‬كخطبتي الجمعة في الحكام حتى في تحريم الكلم ‪ ،‬ل‬
‫في وجوب الحضور ‪ ،‬فخطبة الجمعة يجب الحضور إليها لقوله تعالى ‪ ) :‬يا‬
‫آيها الذين آمنوا إذا نودي للصلة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا‬
‫البيع ( وخطبتا العيد ل يجب الحضور إليهما ‪ ،‬بل للنسان أن ينصرف ‪ ،‬لكن‬
‫إذا بقي يجب عليه أن ل يكلم أحدا ً ‪ ،‬وهذا ما يشير إليه قول المؤلف ‪:‬‬
‫) كخطبتي الجمعة ( ‪.‬‬
‫وقال بعض أهل العلم ‪ ،‬ل يجب النصات لخطبتي العيدين ‪ ،‬لنه لو وجب‬
‫النصات لوجوب الحضور ‪ ،‬ولحرم النصراف ‪ ،‬فكما كان النصراف جائزا ً ‪..‬‬
‫فالستماع ليس بواجب ‪.‬‬
‫حُرم‬ ‫ولكن على هذا القول لو كان يلزم من الكلم التشويش على الحاضرين َ‬
‫الكلم من أجل التشويش ‪ ،‬ل من أجل الستماع ‪ ،‬بناء على هذا لو كان مع‬
‫النسان كتاب أثناء خطبة المام خطبة العيد فإنه يجوز أن يراجعه ‪ ،‬لنه ل‬
‫يشوش على أحد ‪ .‬أما على المذهب الذي مشى عليه المؤلف ‪ ،‬فالستماع‬
‫واجب ما دام حاضرا ً ‪.‬‬
‫الذهاب من طريق والعودة من آخر‬
‫م‬ ‫ّ‬
‫سل َ‬ ‫َ‬
‫ه عَلي ْهِ وَ َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫صلى الل ُ‬‫ي َ‬ ‫ن الن ّب ِ ّ‬ ‫َ‬ ‫ما َقا َ‬
‫ل كا َ‬ ‫ي الل ّ ُ‬
‫ه عَن ْهُ َ‬ ‫ض َ‬ ‫ن عَب ْد ِ الل ّهِ َر ِ‬
‫جاب ِرِ ب ْ ِ‬
‫ن َ‬ ‫عَ ْ‬
‫ريقَ رواه البخاري ‪986‬‬ ‫ّ‬
‫ف الط ِ‬ ‫خال َ‬ ‫َ‬ ‫عيد ٍ َ‬ ‫م ِ‬‫ن ي َوْ ُ‬ ‫َ‬
‫إ َِذا كا َ‬
‫ً‬
‫وورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يخرج ماشيا يصلي بغير أذان ول‬
‫إقامة ثم يرجع ماشيا ً من طريق آخر ‪ .‬قيل ليشهد له الطريقان عند الله يوم‬
‫عمل عليها من الخير والشّر ‪ .‬وقيل‬ ‫دث يوم القيامة بما ُ‬ ‫القيامة ‪ ،‬والرض تح ّ‬
‫لظهار شعائر السلم في الطريقين ‪ .‬وقيل لظهار ذكر الله ‪ ،‬وقيل لغاظة‬
‫المنافقين واليهود وليرهبهم بكثرة من معه ‪ .‬وقيل ليقضى حوائج الناس من‬

‫‪61‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الستفتاء والتعليم والقتداء أو الصدقة على المحاويج أو ليزور أقاربه وليصل‬


‫رحمه ‪.‬‬
‫تنبيهات على بعض المنكرات ‪:‬‬
‫‪ -1‬بعض الناس يعتقدون مشروعية إحياء ليلة العيد ‪ ،‬ويتناقلون في ذلك حديثا‬
‫ل يصح ‪ ،‬وهو أن من أحيا ليلة العيد لم يمت قلبه يوم تموت القلوب وهذا‬
‫الحديث جاء من طريقين ‪ ،‬أحدهما ضعيف والخر ضعيف جدا ‪ ،‬فل يشرع‬
‫تخصيص ليلة العيد بذلك من بين سائر الليالي ‪ ،‬وأما من كان يقوم سائر‬
‫الليالي فل حرج أن يقوم في ليلة العيد ‪.‬‬

‫)‪(5 /‬‬

‫‪ -2‬اختلط النساء بالرجال في بعض المصليات والشوارع وغيرها ‪ ،‬ومن‬


‫المحزن أن يحدث هذا في أقدس البقاع ؛ في المساجد بل المسجد الحرام ‪،‬‬
‫فإن كثيرا من النساء ‪ -‬هداهن الله ‪ -‬يخرجن متجملت متعطرات ‪ ،‬سافرات ‪،‬‬
‫متبرجات ‪ ،‬ويحدث في المسجد زحام شديد ‪ ،‬وفي ذلك من الفتنة والخطر‬
‫العظيم ما ل يخفى ‪ ،‬ولهذا ل بد للقائمين على ترتيب صلة العيد من تخصيص‬
‫خر خروج الرجال حتى ينصرف‬ ‫أبواب ومسارات خاصة للنساء وأن يتأ ّ‬
‫النساء ‪.‬‬
‫نسأل الله سبحانه وتعالى أن يتقبل منا وأن يتوب علينا وصلى الله على نبينا‬
‫محمد وعلى آله وصحبه وسلم ‪.‬‬
‫المصدر‪ :‬جمعية البر‬

‫)‪(6 /‬‬

‫العيد آدابه وأحكامه‬


‫‪...‬‬
‫‪...‬‬
‫التاريخ ‪01/11/2005 :‬‬
‫الكاتب ‪ ... islam-qa.com :‬الزوار ‪3772 :‬‬
‫الحمد لله رب العالمين والصلة والسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه‬
‫أجمعين وبعد‬
‫فإن العيد اسم لكل ما ُيعتاد ويعود وتكرر ‪ ،‬والعياد شعارات توجد لدى كل‬
‫المم سواء أكانت كتابية أم وثنية أم غير ذلك ‪ ،‬وذلك لن إقامة العياد ترتبط‬
‫بغريزة وجبّلة طبع الناس عليها فكل الناس يحبون أن تكون لهم مناسبات‬
‫معون وُيظهرون الفرح والسرور ‪.‬‬ ‫يحتفلون فيها ويتج ّ‬
‫وأعياد المم الكافرة ترتبط بأمور دنيوية كبداية سنة أو بدء موسم زرع أو‬
‫اعتدال جو أو قيام دولة أو تنصيب حاكم ونحو ذلك ‪ .‬وترتبط أيضا بمناسبات‬
‫دينية ككثير من أعياد اليهود والنصارى الخاصة بهم فمن أعياد النصارى مثل‬
‫العيد الذي يكون في الخميس الذي يزعمون أن المائدة أنزلت فيه على‬
‫عيسى عليه الصلة والسلم وعيد رأس السنة الكريسمس وعيد الشكر وعيد‬
‫العطاء ويحتفلون به الن في جميع البلد الوربية والمريكية وغيرها من البلد‬
‫التي للنصرانية فيها ظهور وإن لم تكن نصرانية في الصل وقد يشاركهم‬
‫بعض المنتسبين إلى السلم ممن حولهم عن جهل أو عن نفاق ‪.‬‬
‫وللمجوس كذلك أعيادهم الخاصة بهم مثل عيد المهرجان وعيد النيروز‬

‫‪62‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وغيرهما‪.‬‬
‫وللباطنية أيضا أعيادهم مثل عيد الغدير الذي يزعمون أن النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم بايع فيه عليا رضي الله عنه بالخلفة وبايع فيه الئمة الثني عشر‬
‫من بعده ‪.‬‬
‫تميز المسلمين بأعيادهم ‪:‬‬
‫ل قوله صلى الله عليه وسلم ‪ " :‬إن لكل قوم عيد وهذا عيدنا " على‬ ‫لقد د ّ‬
‫اختصاص المسلمين بهذين العيدين ل غير وأنه ل يحل للمسلمين أن يتشبهوا‬
‫بالكفار والمشركين في شيء مما يختص بأعيادهم ‪ ،‬ل من طعام ول من‬
‫كن الصبيان من اللعب في أعيادهم ‪،‬‬ ‫لباس ‪ ،‬ول إيقاد نيران ول عبادة ول يم ّ‬
‫ول إظهار الزينة ‪ ،‬ول يسمح لصبيان المسلمين بمشاركة الكفار في‬
‫أعيادهم ‪ .‬وكل العياد الكفرية والبدعية محرمة كعيد رأس السنة وعيد الجلء‬
‫وعيد الثورة وعيد الشجرة وعيد الجلوس وعيد الميلد وعيد الم وعيد العمال‬
‫وعيد النيل وعيد شم النسيم وعيد المعلم وعيد المولد النبوي ‪.‬‬
‫ن‬
‫وأما المسلمون فليس لهم إل عيدان عيد الفطر وعيد الضحى لما جاء عَ ْ‬
‫َ‬
‫ة وَل َهُ ْ‬
‫م‬ ‫دين َ َ‬‫م ِ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫سل ّ َ‬
‫ه عَل َي ْهِ وَ َ‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫ل الل ّهِ َ‬ ‫سو ُ‬ ‫م َر ُ‬ ‫ل قَدِ َ‬ ‫س رضي الله عنه َقا َ‬ ‫أن َ ٍ‬
‫ة‬
‫جاهِل ِي ّ ِ‬ ‫ما ِفي ال ْ َ‬ ‫ب ِفيهِ َ‬ ‫ن َقاُلوا ك ُّنا ن َل ْعَ ُ‬ ‫ما ِ‬ ‫ن ال ْي َوْ َ‬‫ذا ِ‬ ‫ما هَ َ‬ ‫ل َ‬ ‫قا َ‬ ‫ما فَ َ‬ ‫ن ِفيهِ َ‬ ‫ن ي َل ْعَُبو َ‬ ‫ما ِ‬ ‫ي َوْ َ‬
‫ما‬ ‫ه‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫را‬ ‫ي‬ ‫خ‬ ‫ما‬ ‫ه‬ ‫ب‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫َ‬ ‫ل‬‫د‬ ‫ب‬‫َ‬ ‫أ‬ ‫د‬ ‫َ‬ ‫ق‬ ‫ه‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫ن‬ ‫إ‬ ‫م‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫س‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫ي‬‫َ‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ه‬‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫لى‬ ‫ّ‬ ‫ص‬ ‫ه‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫ل‬‫ُ‬ ‫سو‬ ‫َ‬ ‫فَ َ‬
‫َ ْ ْ َ ْ ِِ َ َ ًْ ِ ُْ َ‬ ‫ُ َ ْ ِ َ َ َ ِ ّ‬ ‫ِ َ‬ ‫قا َ ُ‬
‫ر‬ ‫ل‬
‫فط ْرِ ‪ " .‬سنن أبي داود ‪1134‬‬ ‫م ال ْ ِ‬ ‫َ‬
‫م اْل ْ‬
‫حى وَي َوْ َ‬ ‫ض َ‬ ‫ي َوْ َ‬
‫وهذان العيدان هما من شعائر الله التي ينبغي إحياؤها وإدراك مقاصدها‬
‫واستشعار معانيها ‪.‬‬
‫وفيما يلي نتعرض لطائفة من أحكام العيدين وآدابهما في الشريعة‬
‫السلمية ‪.‬‬
‫أول ‪ :‬أحكام العيد‬
‫صومه ‪:‬‬
‫ل‬‫سو َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ن َر ُ‬ ‫هأ ّ‬ ‫ه عَن ْ ُ‬ ‫ي الل ُ‬ ‫ض َ‬ ‫خد ْرِيّ َر ِ‬ ‫سِعيدٍ ال ُ‬ ‫يحرم صوم يومي العيد لحديث أِبي َ‬
‫حرِ ‪" .‬‬ ‫فطرِ وَي َوْم ِ الن ّ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ن ي َوْم ِ ال ِ‬ ‫سل ّ َ‬‫ه عَل َي ْهِ وَ َ‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫الل ّهِ َ‬
‫مي ْ ِ‬ ‫صَيام ِ ي َوْ َ‬‫ن ِ‬ ‫م ن ََهى عَ ْ‬
‫رواه مسلم ‪827‬‬
‫حكم صلة العيدين ‪:‬‬
‫ذهب بعض العلماء إلى وجوبها وهذا مذهب الحناف واختيار شيخ السلم ابن‬
‫تيمية رحمه الله وقالوا إن النبي صلى الله عليه وسلم واظب عليها ولم‬
‫يتركها ول مرة واحدة ‪ ،‬واحتجوا بقوله تعالى ) فصل لربك وانحر ( أي صلة‬
‫العيد والنحر بعده وهذا أمر ‪ ،‬وأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بإخراج‬
‫النساء من البيوت لشهادتها ‪ ،‬والتي ليس عندها جلباب تستعير من أختها ‪.‬‬
‫وذهب بعض العلماء إلى أنها فرض كفاية وهذا مذهب الحنابلة ‪ ،‬وذهب فريق‬
‫ثالث إلى أن صلة العيد سنة مؤكدة وهذا مذهب المالكية والشافعية ‪،‬‬
‫واحتجوا بحديث العرابي في أن الله لم يوجب على العباد إل خمس‬
‫صلوات ‪.‬‬
‫ن القول‬ ‫فينبغي على المسلم أن يحرص على حضورها وشهودها خصوصا وأ ّ‬
‫بوجوبها قول قوي ويكفي ما في شهودها من الخير والبركة والجر العظيم‬
‫والقتداء بالنبي الكريم ‪.‬‬
‫شروط الصحة والوجوب والوقت‬
‫اشترط بعض العلماء ) وهم الحنفية والحنابلة ( لوجوب صلة العيدين القامة‬
‫ن شروطها هي شروط صلة الجمعة ما عدا‬ ‫والجماعة ‪ .‬وقال بعضهم إ ّ‬
‫ن حضورها ليس بواجب وجمهور العلماء على أن وقت العيدين‬ ‫الخطبة فإ ّ‬

‫‪63‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫يبتدئ عند ارتفاع الشمس قدر رمح بحسب الرؤية المجردة ويمتد وقتها إلى‬
‫ابتداء الزوال ‪.‬‬
‫صفة صلة العيد‬
‫قال عمر رضي الله عنه ‪ :‬صلة العيد والضحى ركعتان ركعتان تمام غير‬
‫قصر على لسان نبيكم وقد خاب من افترى ‪.‬‬
‫وعن أبي سعيد قال ‪ :‬كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج يوم الفطر‬
‫والضحى إلى المصلى فأول شيء يبدأ به الصلة ‪.‬‬
‫والتكبير سبع في الركعة الولى وخمس في الخرة والقراءة بعدهما كلتيهما ‪.‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫وعن عائشة رضي الله عنها ‪ :‬التكبير في الفطر والضحى الولى سبع‬
‫تكبيرات وفي الثانية خمس تكبيرات سوى تكبيرات الركوع رواه أبو داود‬
‫صحيح بمجموع طرقه ‪.‬‬
‫ولو أدرك المأموم إمامه أثناء التكبيرات الزوائد يكبر مع المام ويتابعه ول‬
‫يلزمه قضاء التكبيرات الزوائد لنها سّنة وليست بواجبة ‪.‬‬
‫وأما ما ُيقال بين التكبيرات فقد جاء عن حماد بن سلمة عن إبراهيم أن‬
‫الوليد بن عقبة دخل المسجد وابن مسعود وحذيفة وأبو موسى في المسجد‬
‫فقال الوليد ‪ :‬إن العيد قد حضر فكيف أصنع ‪ ،‬فقال ابن مسعود ‪ :‬يقول الله‬
‫أكبر ويحمد الله ويثني عليه ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويدعو‬
‫الله ‪ ،‬ثم يكبر ويحمد الله ويثني عليه ويصلي على النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم ‪ ..‬الخ رواه الطبراني ‪ ،‬وهو حديث صحيح مخرج في الرواء وغيره ‪.‬‬
‫القراءة في صلة العيد‪:‬‬
‫يستحب أن يقرأ المام في صلة العيد بـ ) ق ( و ) اقتربت الساعة ( كما في‬
‫كان ي ْ ُ‬ ‫طاب سأ َ َ َ‬ ‫َ‬
‫ل‬‫سو ُ‬ ‫قَرأ ب ِهِ َر ُ‬ ‫ما َ َ َ‬ ‫ي َ‬ ‫ل أَبا َواقِدٍ الل ّي ْث ِ ّ‬ ‫خ ّ ِ َ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫مَر ب ْ َ‬ ‫ن عُ َ‬ ‫صحيح مسلم أ ّ‬
‫ُ‬
‫ما ِبق‬ ‫قَرأ ِفيهِ َ‬ ‫ن يَ ْ‬ ‫كا َ‬‫ل َ‬ ‫قا َ‬ ‫فط ْرِ فَ َ‬ ‫حى َوال ْ ِ‬ ‫م ِفي ال َ ْ‬
‫ض َ‬ ‫سل ّ َ‬‫ه عَل َي ْهِ وَ َ‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫الل ّهِ َ‬
‫مُر ‪ " .‬صحيح مسلم ‪891‬‬ ‫شقّ ال ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫ة َوان ْ َ‬‫ساعَ ُ‬‫ت ال ّ‬ ‫جيد ِ َواقْت ََرب َ ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬
‫قْرآ ِ‬‫َوال ْ ُ‬
‫وأكثر ما ورد أنه صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في العيد بسبح والغاشية‬
‫سو ُ‬
‫ل‬ ‫ن َر ُ‬ ‫كا َ‬ ‫ل َ‬ ‫شيرٍ َقا َ‬ ‫ن بَ ِ‬ ‫ن بْ ِ‬ ‫ما ِ‬ ‫ن الن ّعْ َ‬ ‫كما كان يقرأ بهما في الجمعة فقد جاء عَ ْ‬
‫م َرب ّكَ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫الل ّه صّلى الل ّه عَل َيه وسل ّم ي ْ ُ‬
‫س َ‬ ‫سب ِّح ا ْ‬‫معَةِ ب ِ َ‬ ‫ج ُ‬ ‫ن وَِفي ال ُ‬ ‫قَرأ ِفي الِعيد َي ْ ِ‬ ‫ْ ِ َ َ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ َ‬
‫َ‬
‫شي َةِ ‪ " .‬صحيح مسلم ‪878‬‬ ‫ْ‬
‫ث الَغا ِ‬ ‫دي ُ‬ ‫ح ِ‬ ‫اْل َعَْلى وَهَل أَتاك َ‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫وقال سمرة رضي الله عنه ‪ :‬كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في‬
‫العيدين ) سبح اسم ربك العلى ( و )هل أتاك حديث الغاشية ( رواه أحمد‬
‫وغير وهو صحيح الرواء ‪3/116‬‬
‫الصلة قبل الخطبة ‪:‬‬
‫من أحكام العيد أن الصلة قبل الخطبة كما ثبت في مسند أحمد من حديث‬
‫خط ْب َ ِ‬
‫ة‬ ‫ل ال ْ ُ‬ ‫صّلى قَب ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫سل ّ َ‬ ‫ه عَل َي ْهِ وَ َ‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫ل الل ّهِ َ‬ ‫سو ِ‬ ‫شهَد ُ عََلى َر ُ‬ ‫س أَ ْ‬ ‫ن عَّبا ٍ‬ ‫اب ْ ِ‬
‫ب ‪ ".‬مسند أحمد ‪ 1905‬والحديث في الصحيحين‬ ‫َ‬
‫خط َ‬ ‫م َ‬ ‫ْ‬
‫ِفي الِعيد ِ ث ُ ّ‬
‫ل على أن الخطبة بعد الصلة حديث أبي سعيد رضي الله عنه ‪ :‬كان‬ ‫ومما يد ّ‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم يخرج يوم الفطر والضحى إلى المصلى فأول‬
‫شيء يبدأ به الصلة ‪ ،‬ثم ينصرف فيقوم مقابل الناس والناس جلوس على‬
‫صفوفهم فيعظهم ويوصيهم ويأمرهم فإذا كان يريد أن يقطع بعثا ً قطعه ‪ ،‬أو‬
‫يأمر بشيء أمر به ‪ ،‬قال أبو سعيد ‪ :‬فلم يزل الناس على ذلك حتى خرجت‬
‫مع مروان وهو أمير المدينة في أضحى أو فطر فلما أتينا المصلى إذا منبر‬

‫‪64‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫بناه كثير بن الصلت فإذا مروان يريد أن يرتقيه قبل أن يصلي فجبذت بثوبه‬
‫فجبذني فارتفع فخطب قبل الصلة ‪ ،‬فقلت له ‪ :‬غيرتم والله ‪ .‬فقال ‪ :‬يا أبا‬
‫سعيد قد ذهب ما تعلم ‪ ،‬فقلت ‪ :‬ما أعلم والله خير مما ل أعلم ‪ ،‬فقال ‪ :‬إن‬
‫الناس لم يكونوا يجلسون لنا بعد الصلة ‪ ،‬فجعلنها قبل الصلة ‪ .‬رواه البخاري‬
‫‪956‬‬
‫‪ -‬الرخصة في النصراف أثناء الخطبة لمن أراد‬
‫عن عبد الله بن السائب قال ‪ :‬شهدت العيد مع النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫فلما قضى الصلة قال ‪ :‬إنا نخطب فمن أحب أن يجلس للخطبة فليجلس‬
‫ومن أحب أن يذهب فليذهب ‪ .‬إرواء الغليل ‪3/96‬‬
‫‪ -‬عدم المبالغة في تأخيرها ‪:‬‬
‫خرج عبد الله بن ُبشر ‪ ،‬صاحب النبي صلى الله عليه وسلم مع الناس في‬
‫يوم الفطر عيد الفطر أو أضحى فأنكر إبطاء المام ‪ ،‬وقال انا كنا مع النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم قد فرغنا ساعتنا هذه وذلك حين التسبيح ‪ .‬رواه‬
‫البخاري معلقا مجزوما به‬
‫النافلة في المصلى‪:‬‬
‫ل نافلة قبل صلة العيد ول بعدها كما جاء عن ابن عباس أن النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم خرج يوم العيد فصلى ركعتين لم يصل قبلهما ول بعدهما ‪ " .‬سنن‬
‫أبي داود ‪1159‬‬
‫وهذا إذا كانت الصلة في المصلى أو في مكان عام وأما إن صلى الناس‬
‫العيد في المسجد فإنه يصلي تحية المسجد إذا دخله قبل أن يجلس ‪.‬‬
‫إذا لم يعلموا بالعيد إل من الغد ‪:‬‬
‫م علينا هلل‬‫عن أبي عمير بن أنس عن عمومة له من النصار قالوا ‪ :‬غُ ّ‬
‫شوال فأصبحنا صياما ً ‪ ،‬فجاء ركب من آخر النهار فشهدوا عند رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم أنهم رأوا الهلل بالمس فأمر الناس أن يفطروا من‬
‫يومهم وأن يخرجوا لعيدهم من الغد رواه الخمسة ‪ ،‬صحيح ‪ :‬الرواء ‪. 3/102‬‬
‫ومن فاتته صلة العيد فالراجح أنه يجوز له قضاؤها ركعتين ‪.‬‬
‫شهود النساء صلة العيد‬

‫)‪(2 /‬‬

‫مَرأ َةٌ‬ ‫تا ْ‬ ‫م ْ‬ ‫قد ِ َ‬ ‫ن فَ َ‬ ‫ن ِفي الِعي ُد َي ْ ِ‬


‫ْ‬ ‫ج َ‬ ‫خُر ْ‬ ‫ن يَ ْ‬ ‫قَنا أ ْ‬
‫ة َقال َت ك ُنا نمنع عَوات ِ َ َ‬
‫ْ ّ َ ْ َ ُ َ‬ ‫ص َ‬ ‫ف َ‬ ‫ح ْ‬‫ن َ‬ ‫عَ ْ‬
‫صّلى‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ي‬
‫َ َ َ ِّ ّ َ‬ ‫ب‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫ع‬ ‫م‬ ‫زا‬ ‫غ‬ ‫ها‬ ‫ت‬ ‫خ‬ ‫أ‬ ‫ج‬
‫َ ّ ْ َ ْ ْ َِ َ َ َ ْ ُ ْ َِ‬ ‫و‬ ‫ز‬ ‫ن‬ ‫كا‬ ‫و‬ ‫ها‬ ‫ت‬ ‫خ‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫ع‬ ‫ت‬ ‫َ‬ ‫ث‬ ‫د‬ ‫ح‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫َ ٍ‬ ‫ل‬ ‫خ‬ ‫ني‬ ‫ب‬
‫ْ َ َِ‬ ‫ر‬ ‫ص‬ ‫ق‬ ‫ت‬‫فَن َ َ ْ‬ ‫ل‬ ‫ز‬
‫ُ‬
‫ت ك ُّنا‬ ‫ت َقال َ ْ‬ ‫س ّ‬ ‫ه ِفي ِ‬ ‫معَ ُ‬ ‫خِتي َ‬ ‫تأ ْ‬ ‫كان َ ْ‬ ‫شَرةَ غَْزوَةً وَ َ‬ ‫ي عَ َ‬ ‫م ث ِن ْت َ ْ‬ ‫سل ّ َ‬ ‫ه عَل َي ْهِ وَ َ‬ ‫الل ّ ُ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ه عَل َي ْ ِ‬
‫ه‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫ي َ‬ ‫خِتي الن ّب ِ ّ‬ ‫تأ ْ‬ ‫سأل َ ْ‬ ‫ضى فَ َ‬ ‫مْر َ‬ ‫م عََلى ال ْ َ‬ ‫قو ُ‬ ‫مى وَن َ ُ‬ ‫داِوي ال ْك َل ْ َ‬ ‫نُ َ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫سَها‬ ‫ل ل ِت ُل ْب ِ ْ‬ ‫ج َقا َ‬ ‫خُر َ‬ ‫ن ل تَ ْ‬ ‫بأ ْ‬ ‫جل َْبا ٌ‬ ‫ن ل ََها ِ‬ ‫م ي َك ُ ْ‬ ‫س إ َِذا ل َ ْ‬ ‫داَنا ب َأ ٌ‬ ‫ح َ‬ ‫م أعََلى إ ِ ْ‬ ‫سل ّ َ‬ ‫وَ َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ة‬
‫م عَط ِي ّ َ‬ ‫تأ ّ‬ ‫م ْ‬ ‫ما قَدِ َ‬ ‫ن فَل ّ‬ ‫مي َ‬ ‫سل ِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫خي َْر وَد َعْوَةَ ال ُ‬ ‫شَهد ال َ‬ ‫جلَباب َِها وَلت َ ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫حب َت َُها ِ‬ ‫صا ِ‬ ‫َ‬
‫ه‬ ‫ر‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫ْ‬ ‫ذ‬ ‫ت‬ ‫ل‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫كا‬ ‫َ‬ ‫و‬ ‫م‬ ‫ع‬ ‫ن‬ ‫بي‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫ب‬ ‫ت‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫قا‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫س‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ه‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫لى‬ ‫ّ‬ ‫ص‬ ‫ي‬ ‫ب‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫ت‬ ‫ع‬ ‫م‬ ‫س‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫ها‬ ‫ت‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫سأ َ‬
‫ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ ِ ِ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ ّ َ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ت‬ ‫وا‬ ‫َ‬ ‫ذ‬ ‫ق‬ ‫ت‬ ‫وا‬ ‫ع‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫و‬ ‫خدور أ َ‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ت‬ ‫وا‬ ‫َ‬ ‫ذ‬ ‫و‬ ‫ق‬ ‫ت‬ ‫وا‬ ‫ع‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ج‬ ‫ر‬ ‫خ‬ ‫ي‬ ‫ل‬‫ُ‬ ‫قو‬ ‫ُ‬ ‫ي‬ ‫ه‬ ‫ت‬ ‫ع‬ ‫م‬ ‫س‬ ‫بي‬ ‫إل َقا َل َت بأ َ‬
‫َ ُ َ ُ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ َ َ ُ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ْ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫صّلى ‪.‬‬ ‫ُ َ‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ض‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫ح‬‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ُ‬
‫ل‬ ‫ِ‬ ‫ز‬ ‫َ‬ ‫ت‬‫ْ‬ ‫ع‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫و‬
‫َ َ‬ ‫ن‬ ‫ني‬ ‫ِ‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ؤ‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫ة‬ ‫َ‬ ‫و‬ ‫ْ‬ ‫ع‬ ‫َ‬ ‫د‬ ‫و‬
‫َ َ‬ ‫ر‬ ‫ْ‬ ‫ي‬ ‫خ‬‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ل‬‫ا‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫د‬ ‫َ‬ ‫ه‬ ‫ْ‬
‫ش‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫و‬
‫ُ َ‬ ‫ض‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫ح‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫وا‬‫ِ َ‬ ‫ر‬ ‫دو‬ ‫ُ‬ ‫خ‬‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ا‬
‫صحيح البخاري ‪324‬‬
‫قوله ‪ ) :‬عواتقنا ( العواتق جمع عاتق وهي من بلغت الحلم أو قاربت ‪ ,‬أو‬
‫استحقت التزويج ‪ ,‬أو هي الكريمة على أهلها ‪ ,‬أو التي عتقت عن المتهان‬
‫في الخروج للخدمة ‪ ,‬وكأنهم كانوا يمنعون العواتق من الخروج لما حدث بعد‬
‫العصر الول من الفساد ‪ ,‬ولم تلحظ الصحابة ذلك بل رأت استمرار الحكم‬

‫‪65‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫على ما كان عليه في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ‪.‬‬
‫قوله ‪ ) :‬وكانت أختي ( فيه حذف تقديره قالت المرأة وكانت أختي ‪ .‬قوله ‪:‬‬
‫) قالت ( أي الخت ‪,‬‬
‫قوله ‪ ) :‬من جلبابها ( ‪ ..‬أي تعيرها من ثيابها ما ل تحتاج إليه ‪.‬‬
‫قوله ‪ ) :‬وذوات الخدور ( بضم الخاء المعجمة والدال المهملة جمع خدر‬
‫بكسرها وسكون الدال ‪ ,‬وهو ستر يكون في ناحية البيت تقعد البكر وراءه ‪,‬‬
‫) فالحّيض ( ‪ :‬هو بضم الحاء وتشديد الياء المفتوحة جمع حائض أي البالغات‬
‫من البنات أو المباشرات بالحيض مع أنهم غير طاهرات‬
‫قوله ‪ ) :‬ويعتزل الحيض المصلى ( قال ابن المنّير ‪ :‬الحكمة في اعتزالهن أن‬
‫في وقوفهن وهن ل يصلين مع المصليات إظهار استهانة بالحال ‪ .‬فاستحب‬
‫لهن اجتناب ذلك ‪.‬‬
‫حّيض من المصلى ‪ ..‬الصيانة والحتراز من مقارنة النساء‬ ‫وقيل سبب منع ال ُ‬
‫للرجال من غير حاجة ول صلة ‪ ,‬وقيل ‪ :‬لئل يؤذين غيرهن بدمهن أو ريحهن ‪.‬‬
‫وفي الحديث الحث على حضور العيد لكل أحد ‪ ,‬وعلى المواساة والتعاون‬
‫على البر والتقوى ‪ ،‬وأن الحائض ل تهجر ذكر الله ول مواطن الخير كمجالس‬
‫العلم والذكر سوى المساجد ‪ ,‬وفيه امتناع خروج المرأة بغير جلباب ‪.‬‬
‫وفي هذا الحديث من الفوائد أن من شأن العواتق والمخدرات عدم البروز إل‬
‫فيما أذن لهن فيه ‪ .‬وفيه استحباب إعداد الجلباب للمرأة ‪ ,‬ومشروعية عارية‬
‫الثياب ‪ .‬واستدل به على وجوب صلة العيد ‪ ..‬وروى ابن أبي شيبة أيضا عن‬
‫ابن عمر أنه كان يخرج إلى العيدين من استطاع من أهله ‪.‬‬
‫وقد صرح في حديث أم عطية بعلة الحكم وهو شهودهن الخير ودعوة‬
‫المسلمين ورجاء بركة ذلك اليوم وطهرته ‪.‬‬
‫وقال الترمذي رحمه الله في سننه بعد أن ساق حديث أم عطية ‪ :‬وَقَد ْ ذ َهَ َ‬
‫ب‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ساِء ِفي ال ْ ُ‬ ‫َ‬
‫ن‬‫خُروِج إ ِلى الِعيد َي ْ ِ‬ ‫ص ِللن ّ َ‬ ‫خ َ‬ ‫ث وََر ّ‬ ‫دي ِ‬ ‫ح ِ‬‫ذا ال ْ َ‬ ‫ل ال ْعِل ْم ِ إ َِلى هَ َ‬ ‫ض أهْ ِ‬ ‫ب َعْ ُ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬
‫ج‬
‫خُرو َ‬ ‫م ال ُ‬ ‫ل أكَرهُ الي َوْ َ‬ ‫ه َقا َ‬ ‫ك أن ّ ُ‬ ‫مَباَر ِ‬ ‫ن ال ُ‬ ‫ن َ عَب ْدِ اللهِ َ ب ْ ِ‬ ‫م وَُرِوي عَ ْ‬ ‫ضهُ ْ‬ ‫ه ب َعْ ُ‬ ‫وَك َرِهَ ُ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ج‬
‫خُر َ‬ ‫ن تَ ْ‬ ‫جَها أ ْ‬ ‫ن ل ََها َزوْ ُ‬ ‫ج فَل ْي َأذ َ ْ‬ ‫خُر َ‬ ‫ن تَ ْ‬ ‫مْرأة ُ ِإل أ ْ‬ ‫ت ال ْ َ‬ ‫ن أب َ ِ‬ ‫ن فَإ ِ ْ‬ ‫ْ‬
‫ساِء ِفي الِعيد َي ْ ِ‬ ‫ِللن ّ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫من َعََها‬ ‫ن يَ ْ‬ ‫ج كذ َل ِك فِللّزوِْج أ ْ‬ ‫خُر َ‬ ‫ن تَ ْ‬ ‫تأ ْ‬ ‫ن أب َ ْ‬ ‫ن فإ ِ ْ‬ ‫ن َول ت َت ََزي ّ ْ‬ ‫قا ِ‬ ‫خل َ‬ ‫ها ال ُ‬ ‫مارِ َ‬‫ِفي أط َ‬
‫ّ‬
‫صلى‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫عائ ِ َ‬ ‫ن ال ْ ُ‬
‫سول اللهِ َ‬ ‫ت لوْ َرأى َر ُ‬ ‫ه عَن َْها قال ْ‬ ‫ي الل ُ‬ ‫ض َ‬ ‫ة َر ِ‬ ‫ش َ‬ ‫ن َ‬ ‫خُروِج وَي ُْرَوى عَ ْ‬ ‫عَ ْ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ساُء ب َِني‬ ‫ت نِ َ‬ ‫من ِعَ ْ‬ ‫ما ُ‬ ‫َ‬
‫جد َ ك َ‬ ‫س ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ال َ‬ ‫من َعَهُ ّ‬ ‫ساُء ل َ‬ ‫ث الن ّ َ‬ ‫حد َ َ‬ ‫ما أ ْ‬ ‫م َ‬ ‫سل َ‬ ‫ه عَلي ْهِ وَ َ‬ ‫الل ّ ُ‬
‫َ‬
‫ساِء إ َِلى ال ِْعيدِ‬ ‫ج ِللن ّ َ‬ ‫خُرو َ‬ ‫م ال ْ ُ‬ ‫ه ك َرِهَ ال ْي َوْ َ‬ ‫ن الث ّوْرِيّ أن ّ ُ‬ ‫فَيا َ‬ ‫س ْ‬ ‫ن ُ‬ ‫ل وَي ُْرَوى عَ ْ‬ ‫سَراِئي َ‬ ‫إِ ْ‬
‫الترمذي ‪495‬‬
‫وقد أفتت بالحديث المتقدم أم عطية رضي الله عنها بعد النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم بمدة كما في هذا الحديث ولم يثبت عن أحد من الصحابة‬
‫مخالفتها في ذلك ‪ ,‬وأما قول عائشة " لو رأى النبي صلى الله عليه وسلم ما‬
‫أحدث النساء لمنعهن المساجد " فل يعارض ذلك ) ما دامت المرأة تخرج‬
‫بالشروط الشرعية ( ‪ ..‬والولى أن يخص السماح بالخروج بمن يؤمن عليها‬
‫وبها الفتنة ول يترتب على حضورها محذور ول تزاحم الرجال في الطرق ول‬
‫في المجامع ‪.‬‬

‫)‪(3 /‬‬

‫ويجب على الرجل تفقد أهله عند خروجهن للصلة ليتأكد من كمال حجاب‬
‫النساء ‪ ،‬فهو راع ومسؤول عن رعيته ‪ ،‬فالنساء يخرجن تفلت غير متبرجات‬
‫ول متطيبات ‪ ،‬والحائض ل تدخل المسجد ول المصلى ويمكن أن تنتظر في‬

‫‪66‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫السيارة مثل ً لسماع الخطبة ‪.‬‬


‫آداب العيد‪:‬‬
‫الغتسال‪:‬‬
‫د‬ ‫ب‬ ‫ع‬ ‫ن‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫وغيره‬ ‫الموطأ‬ ‫في‬ ‫صح‬ ‫فقد‬ ‫للصلة‬ ‫الخروج‬ ‫قبل‬ ‫الغتسال‬ ‫الداب‬ ‫من‬
‫ّ َْ َ‬
‫صّلى ‪ .‬الموطأ ‪428‬‬ ‫َ‬
‫م َ‬ ‫ن ي َغْد ُوَ إ َِلى ال ْ ُ‬
‫لأ ْ‬ ‫فط ْرِ قَب ْ َ‬ ‫م ال ْ ِ‬ ‫س ُ‬
‫ل ي َوْ َ‬ ‫ن ي َغْت َ ِ‬ ‫مَر َ‬
‫كا َ‬ ‫ن عُ َ‬‫الل ّهِ ب ْ َ‬
‫وصح عن سعيد بن جبير أنه قال ‪) :‬سنة العيد ثلث المشي والغتسال والكل‬
‫قبل الخروج ( ‪ ،‬وهذا من كلم سعيد بن جبير ولعله أخذه عن بعض الصحابة‪.‬‬
‫وذكر النووي رحمه الله اتفاق العلماء على استحباب الغتسال لصلة العيد ‪.‬‬
‫والمعنى الذي يستحب بسببه الغتسال للجمعة وغيرها من الجتماعات‬
‫العامة موجود في العيد بل لعله في العيد أبرز ‪.‬‬
‫الكل قبل الخروج ‪:‬‬
‫من الداب أل يخرج في عيد الفطر إلى الصلة حتى يأكل تمرات لما رواه‬
‫البخاري عَ َ‬
‫دو‬‫م َل ي َغْ ُ‬ ‫سل ّ َ‬
‫ه عَل َي ْهِ وَ َ‬‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫ل الل ّهِ َ‬ ‫سو ُ‬ ‫ن َر ُ‬ ‫كا َ‬‫ل َ‬ ‫ك َقا َ‬ ‫مال ِ ٍ‬‫ن َ‬ ‫ِ‬ ‫س بْ‬ ‫ِ‬ ‫ن أن َ‬
‫ْ‬
‫ْ‬ ‫حّتى ي َأ ْك ُ َ‬
‫ن وِت ًْرا ‪ .‬البخاري ‪953‬‬ ‫ت ‪ ..‬وَي َأك ُل ُهُ ّ‬ ‫مَرا ٍ‬ ‫ل تَ َ‬ ‫فط ْرِ َ‬ ‫م ال ْ ِ‬‫ي َوْ َ‬
‫وإنما استحب الكل قبل الخروج مبالغة في النهي عن الصوم في ذلك اليوم‬
‫ن في ذلك سدا ً‬ ‫وإيذانا بالفطار وانتهاء الصيام ‪ .‬وعلل ابن حجر رحمه الله بأ ّ‬
‫لذريعة الزيادة في الصوم ‪ ،‬وفيه مبادرة لمتثال أمر الله ‪ .‬فتح ‪ 2/446‬ومن‬
‫لم يجد تمرا فليفطر على أي شيء مباح ‪.‬‬
‫وأما في عيد الضحى فإن المستحب أل يأكل إل بعد الصلة من أضحيته ‪.‬‬
‫التكبير يوم العيد ‪:‬‬
‫وهو من السنن العظيمة في يوم العيد لقوله تعالى ‪ ) :‬ولتكملوا العدة‬
‫ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون ( ‪.‬‬
‫وعن الوليد بن مسلم قال ‪ :‬سألت الوزاعي ومالك بن أنس عن إظهار‬
‫التكبير في العيدين ‪ ،‬قال ‪ :‬نعم كان عبد الله بن عمر يظهره في يوم الفطر‬
‫حتى يخرج المام ‪.‬‬
‫وصح عن أبي عبد الرحمن السلمي قال ‪ ) :‬كانوا في الفطر أشد منهم في‬
‫الضحى ( قال وكيع يعني التكبير إرواء ‪3/122‬‬
‫وروى الدارقطني وغيره أن ابن عمر كان إذا غدا يوم الفطر ويوم الضحى‬
‫يجتهد بالتكبير حتى يأتي المصلى ‪ ،‬ثم يكبر حتى يخرج المام ‪ .‬وروى ابن أبي‬
‫شيبة بسند صحيح عن الزهري قال ‪ :‬كان الناس يكبرون في العيد حين‬
‫يخرجون من منازلهم حتى يأتوا المصلى وحتى يخرج المام فإذا خرج المام‬
‫سكتوا فإذا كبر كبروا ‪ .‬إرواء ‪2/121‬‬
‫ولقد كان التكبير من حين الخروج من البيت إلى المصلى وإلى دخول المام‬
‫كان أمرا مشهورا جدا عند السلف وقد نقله جماعة من المصنفين كابن أبي‬
‫شيبة وعبدالرزاق والفريابي في كتاب ) أحكام العيدين ( عن جماعة من‬
‫السلف ومن ذلك أن نافع بن جبير كان يكبر ويتعجب من عدم تكبير الناس‬
‫فيقول‪ ) :‬أل تكبرون ( وكان ابن شهاب الزهري رحمه الله يقول ‪ ) :‬كان‬
‫الناس يكبرون منذ يخرجون من بيوتهم حتى يدخل المام ( ‪.‬‬
‫ووقت التكبير في عيد الفطر يبتدئ من ليلة العيد إلى أن يدخل المام لصلة‬
‫العيد ‪.‬‬
‫صفة التكبير‬
‫ورد في مصنف ابن أبي شيبة بسند صحيح عن ابن مسعود رضي الله عنه ‪:‬‬
‫أنه كان يكبر أيام التشريق ‪ :‬الله أكبر الله أكبر ل إله إل الله والله أكبر الله‬
‫أكبر ولله الحمد ‪ .‬ورواه ابن أبي شيبة مرة أخرى بالسند نفسه بتثليث التكبير‬

‫‪67‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ورأى المحاملي بسند صحيح أيضا عن ابن مسعود ‪ :‬الله أكبر كبيرا الله أكبر‬
‫ل ‪ ،‬الله أكبر ولله الحمد ‪ .‬الرواء ‪3/126‬‬ ‫كبيرا ً الله أكبر وأج ّ‬
‫التهنئة ‪:‬‬
‫ومن آداب العيد التهنئة الطيبة التي يتبادلها الناس فيما بينهم أيا كان لفظها‬
‫مثل قول بعضهم لبعض ‪ :‬تقبل الله منا ومنكم أو عيد مبارك وما أشبه ذلك‬
‫من عبارات التهنئة المباحة ‪.‬‬
‫وعن جبير بن نفير ‪ ،‬قال ‪ :‬كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا التقوا‬
‫قّبل منا ومنك ‪ .‬ابن حجر إسناده حسن ‪،‬‬ ‫يوم العيد يقول بعضهم لبعض ‪ ،‬ت ُ ُ‬
‫الفتح ‪2/446‬‬
‫فالتهنئة كانت معروفة عند الصحابة ورخص فيها أهل العلم كالمام أحمد‬
‫وغيره وقد ورد ما يدل عليه من مشروعية التهنئة بالمناسبات وتهنئة الصحابة‬
‫بعضهم بعضا عند حصول ما يسر مثل أن يتوب الله تعالى على امرئ‬
‫فيقومون بتهنئته بذلك إلى غير ذلك ‪.‬‬
‫ول ريب أن هذه التهنئة من مكارم الخلق ومحاسن المظهر الجتماعية بين‬
‫المسلمين ‪.‬‬
‫وأقل ما يقال في موضوع التهنئة أن تهنئ من هنأك بالعيد ‪ ،‬وتسكت إن‬
‫سكت كما قال المام أحمد رحمه الله ‪ :‬إن هنأني أحد أجبته وإل لم أبتدئه ‪.‬‬
‫التجمل للعيدين‬

‫)‪(4 /‬‬

‫ق ت َُباع ُ ِفي‬ ‫ست َب َْر ٍ‬


‫ن إِ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ة ِ‬ ‫جب ّ ً‬‫مُر ُ‬ ‫خذ َ ع ُ َ‬ ‫ل أَ َ‬
‫مَر رضي الله عنه َقا َ‬ ‫عن عبد الله بن عُ َ‬
‫م فَ َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫سو َ‬
‫ل‬ ‫ل َيا َر ُ‬ ‫قا َ‬ ‫سل َ‬ ‫ه عَلي ْهِ وَ َ‬ ‫صلى الل ُ‬ ‫ل اللهِ َ‬ ‫سو َ‬‫ها فَأَتى ب َِها َر ُ‬ ‫ق فَأ َ‬
‫خذ َ َ‬ ‫سو ِ‬ ‫ال ّ‬
‫ه‬ ‫َ‬
‫ه عَلي ْ ِ‬ ‫ّ‬
‫صلى الل ُ‬ ‫ّ‬ ‫ل اللهِ َ‬‫ّ‬ ‫سو ُ‬‫ه َر ُ‬ ‫لل ُ‬‫َ‬ ‫قا َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ل ب َِها ل ِلِعيد ِ َوالوُُفودِ فَ َ‬‫م ْ‬ ‫الل ّهِ اب ْت َعْ هَذِهِ ت َ َ‬
‫ج ّ‬
‫ه ‪ ..‬رواه البخاري ‪948‬‬ ‫خلقَ ل َ ُ‬ ‫نل َ‬ ‫م ْ‬
‫س َ‬‫ما هَذِهِ ل َِبا ُ‬ ‫م إ ِن ّ َ‬‫سل ّ َ‬‫وَ َ‬
‫وقد أقر النبي صلى الله عليه وسلم عمر على التجمل لكنه أنكر عليه شراء‬
‫هذه الجبة لنها من حرير‪.‬‬
‫وعن جابر رضي الله عنه قال ‪ :‬كان للنبي صلى الله عليه وسلم جبة يلبسها‬
‫للعيدين ويوم الجمعة ‪ .‬صحيح ابن خزيمة ‪1765‬‬
‫وروى البيهقي بسند صحيح أن ابن عمر كان يلبس للعيد أجمل ثيابه ‪.‬‬
‫فينبغي للرجل أن يلبس أجمل ما عند من الثياب عند الخروج للعيد ‪.‬‬
‫أما النساء فيبتعدن عن الزينة إذا خرجن لنهن منهيات عن إظهار الزينة‬
‫للرجال الجانب وكذلك يحرم على من أرادت الخروج أن تمس الطيب أو‬
‫تتعرض للرجال بالفتنة فإنها ما خرجت إل لعبادة وطاعة أفتراه يصح من‬
‫مؤمنة أن تعصي من خرجت لطاعته وتخالف أمره بلبس الضيق والثوب‬
‫الملون الجذاب الملفت للنظر أو مس الطيب ونحوه ‪.‬‬
‫حكم الستماع لخطبة العيد‬
‫قال ابن قدامة رحمه الله في كتابه الكافي ص ‪. 234‬‬
‫فإذا سلم خطب خطبتين كخطبتي الجمعة لن النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫فعل ذلك ‪ ،‬ويفارق خطبتي الجمعة في أربعة أشياء ‪ ..‬ثم قال ‪-:‬‬
‫الرابع ‪ :‬أنهما سنة ل يجب استماعهما ول النصات لهما ‪ ،‬لما روى عبد الله بن‬
‫السائب قال ‪ :‬شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العيد ‪ ،‬فلما‬
‫قضى الصلة قال ‪ ) :‬إنا نخطب من أراد أن يجلس للخطبة فليجلس ‪ ،‬ومن‬

‫‪68‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫أحب أن يذهب فليذهب ( ‪.‬‬


‫وقال النووي رحمه الله في كتابه المجموع شرح المهذب ص ‪: 23‬‬
‫ً‬
‫ويستحب للناس استماع الخطبة ‪ ،‬وليست الخطبة ول استماعها شرطا لصحة‬
‫صلة العيد ‪ ،‬لكن قال الشافعي ‪ :‬لو ترك استماع خطبة العيد أو الكسوف أو‬
‫الستسقاء أو خطب الحج أو تكلم فيها أو انصرف وتركها كرهته ول إعادة‬
‫عليه ‪.‬‬
‫وفي الشرح الممتع على زاد المستنقع للشيخ ابن عثيمين ‪: 5/192‬‬
‫قوله ‪ ) :‬كخطبتي الجمعة ( أي يخطب خطبتين على الخلف الذي أشرنا إليه‬
‫سابقا ً ‪ ،‬كخطبتي الجمعة في الحكام حتى في تحريم الكلم ‪ ،‬ل في وجوب‬
‫الحضور ‪ ،‬فخطبة الجمعة يجب الحضور إليها لقوله تعالى ‪ ) :‬يا آيها الذين‬
‫آمنوا إذا نودي للصلة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع (‬
‫وخطبتا العيد ل يجب الحضور إليهما ‪ ،‬بل للنسان أن ينصرف ‪ ،‬لكن إذا بقي‬
‫يجب عليه أن ل يكلم أحدا ً ‪ ،‬وهذا ما يشير إليه قول المؤلف ‪ ) :‬كخطبتي‬
‫الجمعة ( ‪.‬‬
‫وقال بعض أهل العلم ‪ ،‬ل يجب النصات لخطبتي العيدين ‪ ،‬لنه لو وجب‬
‫النصات لوجب الحضور ‪ ،‬ولحرم النصراف ‪ ،‬فكما كان النصراف جائزا ً ‪..‬‬
‫فالستماع ليس بواجب ‪.‬‬
‫حُرم‬ ‫ولكن على هذا القول لو كان يلزم من الكلم التشويش على الحاضرين َ‬
‫الكلم من أجل التشويش ‪ ،‬ل من أجل الستماع ‪ ،‬بناء على هذا لو كان مع‬
‫النسان كتاب أثناء خطبة المام خطبة العيد فإنه يجوز أن يراجعه ‪ ،‬لنه ل‬
‫يشوش على أحد ‪ .‬أما على المذهب الذي مشى عليه المؤلف ‪ ،‬فالستماع‬
‫واجب ما دام حاضرا ً ‪.‬‬
‫الذهاب من طريق والعودة من آخر‬
‫م‬ ‫ّ‬
‫سل َ‬ ‫َ‬
‫ه عَلي ْهِ وَ َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫صلى الل ُ‬‫ي َ‬
‫ن الن ّب ِ ّ‬ ‫َ‬ ‫ما َقا َ‬
‫ل كا َ‬ ‫ي الل ّ ُ‬
‫ه عَن ْهُ َ‬ ‫ض َ‬ ‫ن عَب ْد ِ الل ّهِ َر ِ‬
‫جاب ِرِ ب ْ ِ‬
‫ن َ‬ ‫عَ ْ‬
‫ريقَ رواه البخاري ‪986‬‬ ‫ّ‬
‫ف الط ِ‬ ‫خال َ‬ ‫َ‬ ‫عيد ٍ َ‬ ‫م ِ‬‫ن ي َوْ ُ‬ ‫َ‬
‫إ َِذا كا َ‬
‫ً‬
‫وورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يخرج ماشيا يصلي بغير أذان ول‬
‫إقامة ثم يرجع ماشيا ً من طريق آخر ‪ .‬قيل ليشهد له الطريقان عند الله يوم‬
‫عمل عليها من الخير والشّر ‪ .‬وقيل‬ ‫دث يوم القيامة بما ُ‬ ‫القيامة ‪ ،‬والرض تح ّ‬
‫لظهار شعائر السلم في الطريقين ‪ .‬وقيل لظهار ذكر الله ‪ ،‬وقيل لغاظة‬
‫المنافقين واليهود وليرهبهم بكثرة من معه ‪ .‬وقيل ليقضى حوائج الناس من‬
‫الستفتاء والتعليم والقتداء أو الصدقة على المحاويج أو ليزور أقاربه وليصل‬
‫رحمه ‪.‬‬
‫تنبيهات على بعض المنكرات ‪:‬‬
‫‪ -1‬بعض الناس يعتقدون مشروعية إحياء ليلة العيد ‪ ،‬ويتناقلون في ذلك حديثا‬
‫ل يصح ‪ ،‬وهو أن من أحيا ليلة العيد لم يمت قلبه يوم تموت القلوب وهذا‬
‫الحديث جاء من طريقين ‪ ،‬أحدهما ضعيف والخر ضعيف جدا ‪ ،‬فل يشرع‬
‫تخصيص ليلة العيد بذلك من بين سائر الليالي ‪ ،‬وأما من كان يقوم سائر‬
‫الليالي فل حرج أن يقوم في ليلة العيد ‪.‬‬
‫‪ -2‬اختلط النساء بالرجال في بعض المصليات والشوارع وغيرها ‪ ،‬ومن‬
‫المحزن أن يحدث هذا في أقدس البقاع ؛ في المساجد بل المسجد الحرام ‪،‬‬
‫فإن كثيرا من النساء ‪ -‬هداهن الله ‪ -‬يخرجن متجملت متعطرات ‪ ،‬سافرات ‪،‬‬
‫متبرجات ‪ ،‬ويحدث في المسجد زحام شديد ‪ ،‬وفي ذلك من الفتنة والخطر‬
‫العظيم ما ل يخفى ‪ ،‬ولهذا ل بد للقائمين على ترتيب صلة العيد من تخصيص‬

‫‪69‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫خر خروج الرجال حتى ينصرف‬


‫أبواب ومسارات خاصة للنساء وأن يتأ ّ‬
‫النساء ‪.‬‬

‫)‪(5 /‬‬

‫نسأل الله سبحانه وتعالى أن يتقبل منا وأن يتوب علينا وصلى الله على نبينا‬
‫محمد وعلى آله وصحبه وسلم ‪.‬‬
‫ولمعرفة المزيد عن أحكام صلة العيدين راجع قسم صلة العيدين في‬
‫الموقع ‪..‬‬

‫)‪(6 /‬‬

‫العيد في أدبيات الشيخ فتح الله كولن‪!...‬‬


‫بقلم‪ :‬أديب الدباغ ‪...‬‬
‫فتح الله كولن‬
‫مالة ألم‪ ...‬ن َّزافة جرح‪ ...‬وحليفة‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫ح ّ‬ ‫ة دمع‪َ ...‬‬ ‫سكاب َ ُ‬ ‫ت شجن‪َ ...‬‬ ‫ن‪ ...‬أخ ُ‬ ‫حْز ٍ‬ ‫ة ُ‬ ‫قرين ُ‬
‫م‬
‫ت‪ ،‬ث ّ‬ ‫ت واستذكر ْ‬ ‫جع‪ ...‬هذه هي حال أمتنا اليوم‪ ،‬حتى إذا غشيها العيد‪ ،‬ذكر ْ‬ ‫وَ َ‬
‫ت رفعت‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫عّزها‪ ،‬وأعيادا كانت إذا حل ْ‬ ‫ي ِ‬ ‫ت‪ ...‬ذكرت غابَر مجدها‪ ،‬وماض َ‬ ‫استعبر ْ‬
‫المة على جناح الفرح حّتى لتكاد ُ تعانق السماء وتشركها فيما هي من سرور‬
‫طهُر والنقاء‪ ...‬وسربالها الشوق والمحّبة‪!...‬‬ ‫وحبور‪ !...‬جلبابها ال ّ‬
‫ب‪ ...‬ربيع بل زهر‪ ...‬غناؤها أنين‪ ...‬ورقصها رقص‬ ‫فٌر يبا ٌ‬ ‫ما اليوم فأعيادها قَ ْ‬ ‫أ ّ‬
‫ذبيح في قلبه سكين‪ ...‬تتصّنع البهجة وعيونها دامعة‪ ...‬وتلبس الجديد على‬
‫مَرقّعُ بألف رقعة ورقعة‬ ‫ت وجدان‪ ...‬وظلمات قلب‪ ...‬كيانها ُ‬ ‫شَتا ِ‬ ‫سو َ‬ ‫ق َنف ٍ‬ ‫مَز ِ‬ ‫ُ‬
‫ل وعقل‪!...‬‬ ‫عق‬ ‫ف‬ ‫َ‬
‫أل‬ ‫ع‬ ‫متا‬ ‫ط‬ ‫َ‬ ‫ق‬ ‫س‬ ‫من‬ ‫ملموم‬ ‫وفكرها‬ ‫وبلد‪...‬‬ ‫د‬ ‫بل‬ ‫ألف‬ ‫من‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬
‫ل عيد ٍ جديد‪ ...‬وهي ل‬ ‫د‪ ...‬فهو يعود إليها مع عودة ك ُ ّ‬ ‫ت بع ُ‬ ‫م ْ‬ ‫غير أن أملها لم ي َ ُ‬
‫ب‬
‫شعّ فيها نور الحبور‪ ...‬وإلى معانقة العيد بقل ٍ‬ ‫ت يَ ُ‬‫ت تهفو الى يوم ٍ آ ٍ‬ ‫زال ْ‬
‫س راضية مرضية‪!...‬‬ ‫ب ونف ٍ‬ ‫ط َرِ ٍ‬
‫ن عيوننا غارقة بالدموع – كمطر الربيع – كما يقول الستاذ‬ ‫وعلى الرغم من أ ّ‬
‫فتح الله – إل ّ أننا قادرون على أن نشهد من خلل هذه الدموع سفوح الجنة‬
‫ل عام تضعنا في "برزخ بين‬ ‫ن هذه العياد التي تعاودنا ك ّ‬ ‫الواعدة]‪ [1‬وكأ ّ‬
‫ّ‬
‫الفرح والحزن"]‪ [2‬وهي تنادينا لكي نتخطى حاجز الحزن الى عالم الفرح‬
‫الجديد‪.‬‬
‫ّ‬
‫وعلى الرغم من كل هذه الحزان التي تعشش في قلوبنا‪ ،‬إل أننا نشهد اليوم‬
‫حّيا المة دلئل يقظة روحية‪ ،‬ونرصد نورا ً هاديا ً يسري في مفاصلها‬ ‫م َ‬‫على ُ‬
‫ة إلى علياء البهجة إذا ما عاودتها العياد‪.‬‬ ‫ويدفعها للنهوض ثاني ً‬
‫فت اليوم – مع السف الشديد – ينابيع الجمال في نفوسنا‪ ،‬ويبست‬ ‫ج ّ‬
‫لقد َ‬
‫معها ينابيع المحبة التي هي تاج كل جمال على هذه الرض‪ ،‬ومع الزمن بدأنا‬
‫ب إخواننا من أبناء جلدتنا‪ ،‬فضل ً عن أبناء بني النسان‬ ‫نشعر بعجزنا عن أن نح ّ‬
‫ب وأرواٍح تسري‬ ‫قاطبة‪ ،‬وهل العيد شيء آخر سوى الجمال والمحّبة‪ ،‬وقلو ٍ‬
‫ن تسكب أيادينا رحيق الود ّ في أيدي‬ ‫في قلوب الخرين وأرواحهم حّتى قبل أ ْ‬
‫الخرين حين نشد ّ على أيديهم‪.‬‬
‫والستاذ الشيخ فتح الله يأمل أن يتحقق ذلك في يوم ما فيقول‪" :‬فكم‬
‫تملني النشوة عندما أشاهد بعين الخيال الجيال السعيدة القادمة التي‬
‫ت مشاعرها‬ ‫وصلت إلى مرتبة العرفان من الناحية المادية والمعنوية‪ ،‬ورهف ْ‬

‫‪70‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وتوحدت مع أرواحها‪ ،‬وعانق بعضها البعض الخر‪ ...‬أتخيل جيل ً مل َ العلم‬


‫عقله‪ ،‬ومل اليمان بالخالق العظيم قلبه‪ ...‬وامتل بحب الوجود‪ ،‬ووصل إلى‬
‫ساحل الطمئنان"]‪ [3‬وما ذلك على الله تعالى بعزيز‪.‬‬
‫الهوامش‪:‬‬
‫]‪ [1‬فتح الله كولن‪ ،‬ترانيم روح وأشجان قلب‪ ،‬ص ‪ ،117-116‬دار النيل‬
‫للطباعة والنشر‬
‫]‪ [2‬المصدر نفسه‬
‫]‪ [3‬المصدر نفسه‪ ،‬ص ‪154‬‬
‫العيد السعيد‬
‫بقلم‪ :‬فتح الله كولن‬
‫)حينما ُتقبل اليام على بلدي‪...‬‬
‫يكون ذلك اليوم عيدنا‪(...‬‬
‫العيد يوم فرح وسرور‪ ،‬ول سيما للذين يدركون معناه‪ ،‬ويبدو الناس في‬
‫العياد وهم سعداء ومطمئنون‪ ،‬لكونهم أصبحوا مظهرا للعفو اللهي‪،‬‬
‫وتخلصوا من تبعات أخطائهم وذنوبهم‪ ،‬ولكونهم يعيشون الماضي والمستقبل‬
‫معا بشكل متداخل‪.‬‬
‫كل عيد يبث في الرواح اطمئنانا‪ ،‬وتتداعى سلسلة من ذكريات البشر‬
‫والسرور على سيماء الوطن‪ ،‬ليصل إلى الكمال‪ .‬والسعادة التي تنبعث من‬
‫تداعي هذه الذكريات في القلوب في العياد قد تفوق بألوانها وعمقها بشر‬
‫هذه اليام وسرورها وزينتها‪.‬‬
‫في مثل هذه اليام نضع الماضي والمستقبل معا في خيالنا‪ ...‬نقّبل أيدي آبائنا‬
‫وأجدادنا العظام‪ ...‬والوجوه النيرة الحلوة لحفادنا‪ ...‬فنشعر في قلوبنا‬
‫بسعادة ل توصف للماضي وللمستقبل‪ .‬ومع أن أصحاب النفس المتشائمة‪،‬‬
‫والقلوب السوداوية ل يفهمون معنى هذا فإن جميع ألوان غبطة الماضي‬
‫المجيد‪ ،‬وكل المال العريضة للمستقبل تشكل بكل ألوان الطيف إكليل ً فوق‬
‫رؤوسنا ونحن نعيش احتفالت هذه اليام‪.‬‬
‫أجل!‪ ..‬فأي سعادة يمكن أن تضاهي سعادة تأمل لوحة الماضي بكل عظمته‪،‬‬
‫مع المنظر الخاذ للمستقبل في إطار واحد ؟!‪.‬‬
‫إن روح النسان ‪-‬من ناحية المشاعر والفكر‪ -‬يستطيع الحساس بنشوة‬
‫الذواق القلبية العائدة للماضي وللمستقبل ويعيشها مثلما يعيش لحظات‬
‫أذواقه الحالية‪ ،‬فيتجاوز الزمن ويدرك العيد ويحس به كأنه طار بأجنحة إلى‬
‫مد َْرك بهذا المعنى تماما عن بيانات التهنئة‬ ‫أبعاد أخرى‪ .‬ويختلف العيد ال ُ‬
‫والمعايدات الروتينية المذاعة في هذه العياد‪ .‬فالعيد عند أصحاب هذه‬
‫ت عن الماضي وعن‬ ‫المعايدات يوم باهت بعيد عن الحياة ومعزول ومنب ّ‬
‫المستقبل‪ ،‬وكأنه مجرد يوم توزع فيه الحلويات على الصغار‪.‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫يأتيني كل عيد بزينة المستقبل الملونة بأنواع اللوان‪ ،‬ويعكس في قلبي ‪-‬قبل‬
‫رحيله‪ -‬أحلى لوحات الماضي وأروعها‪ .‬فكم تملني النشوة عندما أشاهد بعين‬
‫الخيال الجيال السعيدة القادمة التي وصلت إلى مرتبة العرفان من الناحية‬
‫المادية والمعنوية‪ ،‬ورهفت مشاعرها‪ ،‬وتوحدت مع أرواحها‪ ،‬وتعانقت بعضها‬
‫مع البعض الخر‪ ...‬أتخيل جيل مل العلم عقله‪ ...‬ومل اليمان بالخالق العظيم‬
‫وحبه قلبه‪ ...‬وامتل بحب الوجود‪ ...‬ووصل إلى ساحل الطمئنان‪ .‬هذه‬

‫‪71‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫المشاعر التي تسكبها هذه الخواطر في قلبي أحسها في أعماق وجداني‪،‬‬


‫فأعيش دقائق ل مثيل لها‪ .‬وفي ذلك القليم والجو الخيالي أرى الكهول وقد‬
‫ارتقوا إلى مستوى النسانية الحقة‪ ...‬والشباب وقد ألجموا أهواءهم ‪...‬‬
‫ووجوه الصغار ‪ -‬الشبيهة بزهرة الشمس‪ -‬وكأنها تنورت بسنا ألوان وأنوار‬
‫منهمرة عليهم من فوق‪ ...‬والنساء اللئي هيأن كل هذا الجو الساحر‪ ...‬أتخيل‬
‫هذا فأحس بالسعادة وهي تسري في كل مفصل من مفاصلي‪ ،‬وفي كل‬
‫عرق من عروقي‪.‬‬
‫في ذلك الجو أتخيل إدارة الدولة وكأنها مودعة في أيدي أحكم الشخاص‬
‫وأكفئهم‪ ،‬الذين يتناولون كل شيء بدقة وبحساسية من يقوم بالتطريز‪...‬‬
‫إدارة ترى فيها الرعايا والرعاة المرشدين العارفين في صف واحد في تلؤم‬
‫وتناغم‪ ...‬هذا هو ما أتخيله لسيناريو المستقبل‪ ...‬وقد تفتحت ورود العدالة‬
‫في كل مكان‪ .‬أما الظلم فضعيف هزيل ل حول له ول قوة‪ ...‬ل ترى لظالم‬
‫صولة أو جولة‪ ،‬ول تسمع أنينا لمظلوم‪.‬‬
‫تمر المدارس في خيالي في العيد وقد أصبحت مختبرات لحل أسرار الكون‬
‫ك أسرار ما وراء‬ ‫وطلسمه‪ ،‬حيث أرى هناك أساتذة عمالقة يهيئون طلبهم لف ّ‬
‫السماوات‪ ...‬أساتذة ترى الوضاءة في وجوههم‪ ،‬والخلص في قلوبهم‪،‬‬
‫والستقامة في تفكيرهم‪.‬‬
‫في العياد أتخيل كأني أسمع طبول الغزو في الثغور‪ ...‬وتطرق سمعي‬
‫أصوات جيوش الفتح وأصوات مدافعها‪ ...‬أصوات جيوش الفتح التي تصدت‬
‫للخطار لتأسيس توازن بين الدول‪ ،‬وضحت بأسباب الراحة والدعة وكل‬
‫مباهج الحياة‪.‬‬
‫يتفتح في قلبي في كل عيد جميع ألوان الناشيد والتكبير‪ .‬وفي كل عيد‬
‫ينتشي روحي بإلهاماته وبالذكريات التي يحييها في قلبي‪ ،‬فأحس وكأنني قد‬
‫تطهرت وتجددت تماما‪ ،‬حتى أتمنى لو أن كل اليام كانت أعيادا‪.‬‬
‫مُثل سامية‬ ‫قد يبدو هذا للبعض ضربا من الخيال‪ .‬بينما يرى فيه البعض الخر ُ‬
‫سبق وأن كانت لها آلف المثلة‪ ،‬وتفسيرا موجزا لحقيقة أزلية خالدة ظهرت‬
‫بوادرها في أفقنا منذ زم‬

‫)‪(2 /‬‬

‫العيد مدرسة التفاؤل‬


‫أ‪.‬د‪/‬ناصر بن سليمان العمر ‪30/9/1424‬‬
‫‪24/11/2003‬‬
‫ً‬
‫فيما مضى كنت بالعياد مسرورا َ ‪... ...‬‬
‫فساءك العيد في أغمات مأسورا‬
‫ترى بناتك في الطمار جائعة ‪... ...‬‬
‫يغزلن للناس ما يملكن قطميرا‬
‫يطأن في الطين والقدام حافية ‪... ...‬‬
‫كأنها لم تطأ مسكا وكافورا‬
‫تذكرت أبيات الصاحب بن عباد قبيل عيد هذا العام وأنا أقلب النظر في حال‬
‫المة يمنة ويسرة ‪ ،‬وجراحات المسلمين ضاربة أطنابها شرقا ً وغربا ً وكأنه‬
‫اختزل لنا هذه الحال في تلك البيات التي تفيض أسى وحزنا ً‬
‫أنى اتجهت إلى السلم في بلد ‪... ...‬‬
‫تجده كالطير مقصوصا جناحاه‬

‫‪72‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ففي فلسطين ما ُيدمي القلب‪ ،‬وُيحدث السى ‪ ،‬وبنو صهيون قد طغوا وبغوا‬
‫وتجبروا ‪ ،‬وفي أفغانستان أهوال تشيب لها الولدان ‪ ،‬فلم تنعم بالمن منذ‬
‫أكثر من عشرين عاما ً ‪ ،‬ابتداء بجرائم الروس وفظائعهم ‪ ،‬وانتهاء بكبرياء‬
‫الغرب وغطرستهم ‪ ،‬وتحزب الحزاب وتكالبهم ضد شعب بريء مستضعف‬
‫قد أوهنته الحروب ‪ ،‬واشتدت عليه الخطوب ‪ ،‬ولجأ إلى الله يشكو ظلم‬
‫الظالمين ‪ ،‬وخذلن الجيران والمسلمين والمحبين ‪ ،‬ول يزال في الشيشان‬
‫جرح ينزف ‪ ،‬ودماء تسيل ‪ ،‬وضاعت أصوات الثكالى وآهات المكلومين في‬
‫زحمة هذه المآسي واللم ‪ ،‬حتى كدنا أن ننسى أن هناك مصيبة في بلد‬
‫الشيشان ‪ .‬أما كشمير والفليبين والرخبيل ‪ ،‬فتشكو حالها إلى الله ‪ ،‬فلم تعد‬
‫أخبارها تثير الحزن ‪ ،‬أو جراحها تهز الوجدان ‪ ،‬وذهبت صراخاتها أدراج‬
‫الرياح ‪.‬‬
‫رب وامعتصماه انطلقت ‪... ...‬‬
‫ملء أفواه الصبايا اليتم‬
‫ل مست أسماعهم لكنها ‪... ...‬‬
‫لم تلمس نخوة المعتصم‬
‫بل إنني تذكرت وأنا أقلب النظر في مآسي المسلمين وجراحاتهم حديث‬
‫المصطفى صلى الله عليه وسلم وهو يذكر لنا القتال الذي سيجري مع‬
‫الروم‪ ،‬وكان مما قاله في هذا الحديث العظيم‪):‬يقتتلون مقتلة – أما قال ‪ :‬ل‬
‫يرى مثلها ‪ ،‬وأما قال ‪ :‬لم يرى مثلها ‪ ،‬حتى إن الطائر ليمر بجنباتهم فما‬
‫يخلفهم حتى يخر ميتا ً ‪ ،‬ثم قال ‪ :‬فبأي غنيمة يفرح أو أي ميراث يقاسم (‬
‫رواه مسلم ‪.‬‬
‫تذكرت هذا الحديث وأنا أسمع أخبار المسلمين وأعداد القتلى بالمئات بل‬
‫باللف‪ ،‬فقلت ‪ :‬بأي عيد نفرح؟ أو بأي مناسبة نحتفل ؟ !‬
‫ومما زاد في الحزن والسى ما أسمعه من استعدادات كبرى تجرى للحتفال‬
‫بالعيد ‪ ،‬وفيها من المآثم وكفر النعمة والختلط ما ل يخفى ‪ ،‬والذين‬
‫يشاركون في هذه الحتفالت يقعون في جملة من الخطاء‪ ،‬ويرتكبون عددا ً‬
‫من الذنوب والثام ‪ ،‬فكيف يكون شكر الله على نعمة هذا الشهر‪ ،‬وما أكرمنا‬
‫به من الصيام والقيام والعبادة ‪ ،‬بمثل هذه السفاهة وخفة الحلم !‬
‫وكيف يحتفل الناس باللهو والعبث‪ ،‬وجراحات المسلمين تنزف‪ ،‬والعدو قد‬
‫ذر الله منه في كتابه "‬ ‫استباح الدماء والعراض ‪ ،‬أل نخشى أن يح ّ‬
‫ل بنا ما ح ّ‬
‫وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحقّ عليها القول‬
‫فدمرناها تدميرا ً " ‪.‬‬
‫أل نتذكر قوله تعالى "وضرب الله مثل ً قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها‬
‫رغدا ً من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما‬
‫كانوا يصنعون " ‪.‬‬
‫بينما دّلنا سبحانه كيف يكون شكره في ختام هذا الشهر الكريم " يريد الله‬
‫بكم اليسر ول يريد بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكّبروا الله على ما هداكم‬
‫ولعلكم تشكرون " ‪.‬‬
‫إن شكر الله وحمده‪ ،‬والثناء عليه يكون بالمحافظة على دينه‪ ،‬والخذ على‬
‫أيدي السفهاء‪ ،‬وقصرهم على الحق قصرا ً ‪ ،‬وأطرهم عليه أطرا ً ‪ ،‬ودعم‬
‫الجهاد ومساعدة المجاهدين الذين يجاهدون لعلء كلمة الله والدفاع عن‬
‫شرعه ‪ ،‬ورد ّ كيد المعتدين في نحورهم من اليهود والنصارى‪ ،‬والمشركين‪،‬‬
‫والعلمانيين‪ ،‬ومن حالفهم من المنافقين والمهزومين ‪.‬‬
‫تذكرت ونحن نستقبل هذا العيد المبارك ما شدا به محمود غنيم –رحمه الله‪-‬‬

‫‪73‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫في قصيدته الرائعة‪ ،‬فأشجاني‪ ،‬وأثار كوامن في النفس مدفونة ‪:‬‬


‫ما لي وللنجم يرعاني وأرعاه ‪... ...‬‬
‫أمسى كلنا يعاف الغمض جفناه‬
‫لي فيك يا ليل آهات أرددها ‪... ...‬‬
‫أواه لو أجدت المحزون أواه‬
‫كم صّرفتنا يد كنا نصّرفها ‪... ...‬‬
‫وبات يملكنا شعب ملكناه‬
‫أنى اتجهت إلى السلم في بلد ‪... ...‬‬
‫تجده كالطير مقصوصا جناحاه‬
‫ومع تلك المآسي والجراحات ‪ ،‬فإن هناك المل المشرق ‪ ،‬والمستقبل الباهر‬
‫‪-‬بإذن الله‪ -‬الذي يبشر بفتح عظيم وانتصار قادم ‪ ،‬بدت بوادره تظهر في‬
‫زحمة اللم والحزان ‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫إن هذه الفواجع تحمل في رحمها نورا ساطعا‪ ،‬وبشرى ل تخفى على ذي‬
‫عينين ‪ ،‬ستنير ما بين المشرق والمغرب بإذن الله ‪.‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫ولقد أرشدنا صلى الله عليه وسلم وعلمنا كيف يكون التفاؤل في أقسى‬
‫الظروف والحوال‪ ،‬فهاهو صلى الله عليه وسلم وهو يحدث عائشة ‪-‬رضي‬
‫الله عنها‪ -‬ويجيبها عن سؤالها ‪ :‬هل مّر عليه يوم أشد من يوم أحد فقال‪:‬‬
‫) لقد لقيت من قومك ‪-‬وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة‪ -‬إذ عرضت‬
‫نفسي على ابن عبد ياليل بن عبد كلل فلم يجبني إلى ما أردت ‪ ،‬فانطلقت‬
‫وأنا مهموم على وجهي ‪ ،‬فلم أستفق إل ب ) قرن الثعالب ( فرفعت رأسي ‪،‬‬
‫فإذا أنا بسحابة قد أظّلتني ‪ ،‬فنظرت فإذا فيها جبريل ‪ ،‬فناداني ‪ ،‬فقال‪ ) :‬إن‬
‫الله عز وجل قد سمع قول قومك لك وما رّدوا عليك ‪ ،‬وقد بعث إليك ملك‬
‫الجبال ‪ ،‬لتأمره بما شئت فيهم ‪ ،‬قال ‪ :‬فناداني ملك الجبال ‪ ،‬وسّلم علي ‪ ،‬ثم‬
‫قال ‪ :‬يا محمد‪ ،‬إن الله قد سمع قول قومك لك ‪ ،‬وأنا ملك الجبال ‪ ،‬وقد‬
‫بعثني ربك إليك لتأمرني بأمرك فيما شئت ؟ إن شئت أن أطبق عليهم‬
‫الخشبين ؟ فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم‪ ) :‬بل أرجو أن يخرج الله‬
‫من أصلبهم من يعبد الله وحده ل يشرك به شيئا ً ( رواه مسلم ‪.‬‬
‫أي تفاؤل أعظم من هذا التفاؤل ؟ يخرج هائما ً على وجهه من شدة ما يلقي‬
‫من قومه‪ ،‬ومع ذلك يقول لملك الجبال تلك المقالة ‪ .‬إنها تدل على قوة‬
‫ده حد ّ ‪،‬‬
‫إيمان‪ ،‬وثقة بالنصر‪ ،‬وبعد عن اليأس ‪ ،‬وأمل مشرق ‪ ،‬وتفاؤل ل يح ّ‬
‫فلم تكن تلك الظروف المحيطة به ‪-‬مع ما فيها من آلم وأحزان‪ -‬لتحول بينه‬
‫وبين هذا المل‪ ،‬واستشراف المستقبل‪ ،‬وحسن الظن بالله ‪.‬‬
‫إنه قد خرج عن الدائرة الضيقة التي يعيش فيها إلى الفق الرحب ‪ ،‬والمل‬
‫الواسع‪ ،‬والتطلع إلى المستقبل بثقة ل تعرف اليأس والقنوط ‪.‬‬
‫وتمضي السيرة تؤكد لنا هذا المنهج الذي يربي عليه صلى الله عليه وسلم‬
‫أمته ‪ ،‬فعندما جاء الصحابة يشكون له حالهم ‪ ،‬وما يلقونه من قريش ‪ ،‬كما‬
‫في حديث خباب ‪ ،‬فيفاجئهم صلى الله عليه وسلم بمقولته الرائعة ‪ ،‬التي‬
‫تنقلهم من هذا الضيق والعناء ‪ ،‬إلى المستقبل الباهر‪ ،‬والفضاء الرحب‪،‬‬
‫ن الله هذا المر حتى يسير الراكب من صنعاء‬ ‫م ّ‬
‫والسيادة المطلقة ) والله ليت ّ‬
‫ب على غنمه ( ثم يختم ذلك بمقولة تدل‬ ‫إلى حضرموت ل يخاف إل الله والذئ َ‬
‫على إدراك عميق لطبيعة النفس البشرية ) ولكّنكم تستعجلون ( ‪.‬‬

‫‪74‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ل عليه قريش ‪ ،‬ثم حدث لفرس‬ ‫أما قصة الهجرة عندما لحقه سراقة ليد ّ‬
‫سراقة ما حدث‪ ،‬وبعد أن أعطاهم المان وطلب الدعاء ‪ ،‬إذا برسول الله‬
‫ل على ما تحمله نفسه صلى الله عليه‬ ‫صلى الله عليه وسلم يقول له كلما ً يد ّ‬
‫ب البلد‬ ‫وسلم من ثقة بالله ‪ ،‬وتفاؤل ل يعرف الحدود‪ ،‬مع أنه قد خرج من أح ّ‬
‫إليه طريدا ً خائفا ً من قريش ‪ ،‬ليس معه إل صاحبه رضي الله عنه فإذا هو‬
‫شر سراقة بأنه سيلبس سواري كسرى ‪ ،‬إنه هنا صلى الله عليه وسلم‬ ‫يب ّ‬
‫شر بسقوط مملكة من أعظم الدول والممالك في ذلك الزمان‪ ،‬وهي‬ ‫يب ّ‬
‫مملكة فارس التي كانت تتقاسم مع الروم السلطة والملك ‪.‬‬
‫إنه بون شاسع‪ ،‬وفرق عظيم بين الحال التي كان عليها وهو يقول لسراقة ما‬
‫شره به من فتح عظيم‪ ،‬ونصر لهذا الدين يتخطى الجزيرة إلى‬ ‫قال‪ ،‬وبين ما يب ّ‬
‫مملكة من أعظم الممالك في التاريخ وهكذا كان ‪.‬‬
‫إن تربية النفس على التفاؤل في أعظم الظروف وأقسى الحوال‪ ،‬منهج ل‬
‫يستطيعه إل أفذاذ الرجال ‪ ،‬والمتفائلون وحدهم هم الذين يصنعون التاريخ ‪،‬‬
‫ويسودون المم ‪ ،‬ويقودون الجيال ‪.‬‬
‫أما اليائسون والمتشائمون ‪ ،‬فلم يستطيعوا أن يبنوا الحياة السوية ‪،‬‬
‫ّ‬
‫والسعادة الحقيقية في داخل ذواتهم ‪ ،‬فكيف يصنعونها لغيرهم ‪ ،‬أو يبشرون‬
‫بها سواهم ‪ ،‬وفاقد الشيء ل يعطيه ‪.‬‬
‫ومكلف الشياء ضد طباعها ‪... ...‬‬
‫متطّلب في الماء جذوة نار‬
‫إننا بحاجة إلى أن نربى المة على التفاؤل اليجابي‪ ،‬الذي يساهم في تجاوز‬
‫المرحلة التي تمّر بها اليوم ‪ ،‬مما يشد ّ من عضدها ‪ ،‬ويثّبت أقدامها في‬
‫مواجهة أشرس العداء‪ ،‬وأقوى الخصوم؛ ليتحقق لها النصر بإذن الله ‪.‬‬
‫والتفاؤل اليجابي ‪ ،‬هو التفاؤل الفّعال‪ ،‬المقرون بالعمل المتعدي حدود‬
‫الماني والحلم ‪.‬‬
‫شي مع السنن الكونية ‪ ،‬أما الخوارق والكرامات‬ ‫والتفاؤل اليجابي هو المتم ّ‬
‫فليست لنا ول يطالب المسلم بالعتماد عليها ‪ ،‬أو الركون إليها ‪ ،‬وإنما نحن‬
‫مطالبون بالخذ بالسباب ‪ ،‬وفق المنهج الرباني ‪.‬‬
‫ً‬
‫والتفاؤل اليجابي هو التفاؤل الواقعي الذي يّتخذ من الحاضر دليل على‬
‫المستقبل دون إفراط أو تفريط ‪ ،‬أو غلوّ أو جفاء ‪.‬‬
‫ي على الثقة بالله ‪ ،‬واليمان بتحقق موعوده ‪ ،‬متى‬ ‫والتفاؤل اليجابي هو المبن ّ‬
‫ما توافرت السباب‪ ،‬وزالت الموانع ) ولو شاء الله لنتصر منهم ولكن ليبلو‬
‫بعضكم ببعض ( ‪.‬‬
‫شرات مال يستطيع جاحد أن ينكره ‪،‬‬ ‫والمتأمل للواقع اليوم يرى من المب ّ‬
‫ويكفي من ذلك أن هذه المة أصبحت الشغل الشاغل للعالم يحسب لها‬
‫العدو ألف حساب ‪ ،‬وما تحالف العالم اليوم بقيادة أمريكا ضد المسلمين‬
‫باسم )مكافحة الرهاب( إل دليل على قوة شأن المة ‪ ،‬وأنها بدأت تسير نحو‬
‫طريق العزة والكرامة‪ ،‬والمجد والخلود ‪ ،‬وصدق رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم ‪ ) :‬ولكنكم تستعجلون ( ‪.‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫مل معي هذه البشرى " لله المر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح‬ ‫وتأ ّ‬
‫المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم " ‪.‬‬
‫ض على هذا النبراس العظيم " فاصبر إن وعد الله حق ول يستخفنك‬ ‫وع ّ‬

‫‪75‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الذين ل يوقنون "‬


‫وكل عيد ونحن وأنتم والمسلمون بخير ‪..‬‬

‫)‪(3 /‬‬

‫العيد وأحكامه‬
‫ملخص أحكام العيد وآدابه ‪...‬‬
‫صفة صلة العيد ‪...‬‬
‫التكبير في العيدين ‪...‬‬
‫خطبة العيد ‪...‬‬
‫أحكام متعلقة بصلة العيد ‪...‬‬
‫العيد وآدابه وسننه‬
‫خطبة العيد‪:‬‬
‫خطبة العيد‪:‬‬
‫• ‪ ...‬حكم خطبة العيد‪.‬‬
‫• ‪ ...‬خطبة العيدين خطبتين أم خطبة واحدة‪.‬‬
‫• ‪ ...‬العتماد في الخطبة على عصا وغيره‪.‬‬
‫• ‪ ...‬افتتاح الخطبة بالتكبير‪.‬‬
‫• ‪ ...‬موضوع خطبة العيد‪.‬‬
‫• ‪ ...‬تكبير المأمومين مع المام في الخطبة‪.‬‬
‫• ‪ ...‬التكبير في أعطاف الخطبة‪.‬‬
‫سا‪.‬‬
‫• ‪ ...‬الخطبة جال ً‬
‫• ‪ ...‬النصات للخطبة‪.‬‬
‫• ‪ ...‬إعادة الخطبة لمن لم يسمعها‪.‬‬
‫• ‪ ...‬ماذا يصنع المام إذا أحدث بعد الصلة‪.‬‬
‫خطبة العيد‬
‫حكم خطبة العيدين‪:‬‬
‫ن خطبة العيد سنة‪ ،‬ومستندهم في ذلك حديث عبد الله‬ ‫مة الفقهاء على أ ّ‬ ‫عا ّ‬
‫ب أن‬ ‫بن السائب عن النبي صلى الله علهي وسلم‪)) :‬إّنا نخطب‪ ،‬فمن أح ّ‬
‫ب أن يذهب فليذهب(()]‪.([1‬‬ ‫يجلس للخطبة فليجلس‪ ،‬ومن أح ّ‬
‫ن الخطبة لو وجب الستماع إليها لوجب حضورها‪ ،‬فهي‬ ‫ووجهه من الحديث‪ :‬أ ّ‬
‫سنة ‪.‬‬
‫قال الشوكاني‪" :‬وفيه أن تخيير السامع ل يدل على عدم وجوب الخطبة‪ ،‬بل‬
‫على وجوب سماعها‪ ،‬إل ّ أن يقال إّنه يدل من باب الشارة‪ ،‬لّنه إذا لم يجب‬
‫ن الخطبة خطاب‪ ،‬ول خطاب إل ّ لمخاطب‪،‬‬ ‫سماعها ل يجب فعلها‪ ،‬وذلك ل ّ‬
‫فإذا لم يجب السماع على المخاطب لم يجب الخطاب‪ ،‬وقد اتفق الموجبون‬
‫لصلة وغيرهم على عدم وجوب خطبته‪ ،‬ول أعرف قائل ً بوجوبها")]‪.([2‬‬
‫ن‬
‫واختلف أهل العلم في وصله وإرساله‪ ،‬ورجح عدد من أهل الحديث أ ّ‬
‫الصواب أّنه مرسل )]‪.([3‬‬
‫ّ‬
‫هذا قول عامة الفقهاء‪ ،‬ول يعرف قائل بخلف ذلك؛ إل ما حكاه ابن مفلح عن‬
‫القاضي أبي يعلى وابن عقيل أنهما ذهاب إلى أنها شرط ‪.‬‬
‫ن القول بسنية خطبة العيد ل يعني سقوط الثم عن المام‬ ‫ولشك أ ّ‬
‫ركت‪ ،‬بل يجب التيان بها‪ ،‬لفعل النبي صلى الله عليه وسلم‬ ‫والمصلين إذا ت ُ ِ‬
‫لها‪ ،‬وعدم تركه إّياها‪ ،‬والله أعلم ‪.‬‬

‫‪76‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫خطبة العيد خطبتان أم خطبة واحدة ؟‬


‫ن خطبة العيد خطبتان‪ ،‬يفصل‬ ‫ذهب عامة الفقهاء ول ُيعَرف لهم مخالف إلى أ ّ‬
‫بينهما بجلوس ‪.‬‬
‫واستندوا في ذلك على أحاديث ضعيفة‪ ،‬منها‪:‬‬
‫ما رواه جابر بن عبد الله قال‪ :‬خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم‬
‫ما ثم قعد قعدة ثم قام )]‪.([4‬‬ ‫فطر أو أضحى فخطب قائ ً‬
‫ّ‬
‫ن النبي صلى الله عليه وسلم صلى‬ ‫وما رواه عامر بن سعد عن أبيه سعد‪ :‬أ ّ‬
‫ما‪ ،‬فيفصل بينهما بجلسة‬ ‫العيد بغير أذان ول إقامة‪ ،‬وكان يخطب خطبتين قائ ً‬
‫)]‪.([5‬‬
‫قال النووي‪" :‬وما روي عن ابن مسعود أّنه قال‪) :‬السنة أن يخطب في‬
‫العيدين بخطبتين يفصل بينهما بجلوس( = ضعيف غير متصل‪ ،‬ولم يثبت في‬
‫تكرير الخطبة شيء‪ ،‬والمعتمد فيه القياس على الجمعة" )]‪.([6‬‬
‫جاوي‪" :‬فإذا سّلم خطب‬ ‫قا على قول الح ّ‬ ‫قال الشيخ ابن عثيمين معل ّ ً‬
‫ن خطبة العيد‬ ‫خطبتين"‪ ،‬قال‪" :‬هذا ما مشى عليه الفقهاء – رحمهم الله – أ ّ‬
‫اثنتان؛ لّنه ورد هذا في حديث أخرجه ابن ماجه بإسناد فيه نظر‪) :‬أنه كان‬
‫يخطب خطبتين(‪ ،‬ومن نظر في السنة المتفق عليها في الصحيحين وغيرهما‬
‫تبين له أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يخطب إل ّ خطبة واحدة‪ ،‬لكنه بعد‬
‫ن‪ ،‬فإن جعلنا هذا أصل ً في‬ ‫أن أنهى الخطبة الولى توجه إلى النساء ووعظه ّ‬
‫ح؛ لنه إّنما نزل إلى النساء‬ ‫مشروعية الخطبتين فمحتمل‪ ،‬مع أّنه ل يص ّ‬
‫ن لعدم وصول الخطبة إليهن‪ ،‬وهذا احتمال" )]‪.([7‬‬ ‫وخطبه ّ‬
‫ن العيد يخطب له خطبة‬ ‫ن الشيخ – رحمه الله – يميل بهذا القول إلى أ ّ‬ ‫وكأ ّ‬
‫واحدة‪ ،‬وهو قول له قوة ووجاهة‪ ،‬فهو موافق لظاهر الروايات الصحيحة في‬
‫خطبة العيد أّنها خطبة واحدة‪ ،‬ولكن عامة فقهاء المة على أّنها خطبتان يقعد‬
‫بينهما‪ ،‬ول يسعنا أن نخرج عن أقوالهم – رحمة الله عليهم ‪. -‬‬
‫من أخذ بظاهر الروايات الصحيحة‪ ،‬وخطب خطبة‬ ‫كما ل يسعنا أن ننكر عن َ‬
‫واحدة‪ ،‬والله تعالى أعلم ‪.‬‬
‫فصل‪:‬‬
‫ب بعض أهل العلم تسليم الخطيب على المأمومين ‪.‬‬ ‫استح ّ‬
‫ّ‬
‫قال الشافعي‪" :‬فإذا ظهر على المنبر ُيسلم ويرد الناس السلم عليه" )]‪.([8‬‬
‫وقال أبو إسحاق الشيرازي‪" :‬ويسّلم على الناس إذا أقبل عليهم" )]‪.([9‬‬
‫وقال النووي‪" :‬وإذا صعد المنبر أقبل على الناس وسّلم عليهم‪ ،‬وردوا عليه"‬
‫)]‪.([10‬‬
‫وقال ابن مفلح‪" :‬إذا استقبلهم سّلم وأومأ بيده" )]‪.([11‬‬
‫ن الفضل أن يشرع في الخطبة مباشرة‪ ،‬ل‬ ‫ن في ذلك بأس؛ إل ّ أ ّ‬ ‫ول يظهر أ ّ‬
‫ي‬
‫سيما وأّنه فرغ لتوه من الصلة بهم‪ ،‬فل وجه لسلمه عليهم‪ ،‬ولم يكن النب ّ‬
‫إذا فرغ من الصلوات الخمس المكتوبات‪ ،‬وأقبل على الّناس بوجهه أن يسلم‬
‫عليهم‪ ،‬والله أعلم‪.‬‬
‫* مراجع المسألة ‪:‬‬
‫شرح فتح القدير )‪ ،(79 ،2/78‬المبسوط )‪ ،(2/38‬المدونة )‪،(1/170‬‬
‫الرسالة )ص‪ ،(144 :‬الكافي )‪ ،(1/264‬عقد الجواهر )‪ ،(243 /1‬الم )‬
‫‪ ،(1/211‬الحاوي )‪ ،(2/492‬فتح العزيز )‪ ،(5/51‬نهاية المحتاج )‪،(2/391‬‬
‫حلية )‪ ،(2/306‬شرح الزركشي )‪ ،(2/226‬المقنع )‪ ،(5/351‬الشرح الكبير )‬
‫‪ ،(5/351‬النصاف )‪ ،(5/351‬المستوعب )‪ ،(3/63‬المغني )‪ ،(3/276‬الشرح‬

‫‪77‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الممتع )‪ ،(5/191‬المحلى )‪.(5/72‬‬


‫العتماد في الخطبة على عصا وغيره ‪:‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫استحب عدد من أهل العلم اعتماد الخطيب على قوس أو عصا وقت الخطبة‬
‫‪.‬‬
‫ب لكل من خطب أيّ خطبة كانت أن يعتمد على شيء‪،‬‬ ‫قال الشافعي‪" :‬وأح ّ‬
‫كن يديه وجميع بدنه‪ ،‬ول يعبث بيديه" )]‬ ‫وإن ترك العتماد‪ ،‬أحببت أن يس ّ‬
‫‪.([12‬‬
‫سا فخطب عليه‬ ‫ن النبي صلى الله عليه وسلم ُنوِول يوم العيد قو ً‬ ‫فعن البراء أ ّ‬
‫)]‪.([13‬‬
‫قال الشوكاني‪" :‬الحديث فيه مشروعية العتماد على سيف أو عصا حال‬
‫الخطبة‪ ،‬قيل‪ :‬والحكمة في ذلك الشتغال عن العبث‪ ،‬وقيل‪ :‬إنه أربط‬
‫للجأش" )]‪.([14‬‬
‫وعن الحكم بن حزن الكلفي‪" :‬شهدنا فيها الجمعة مع رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم‪ ،‬فقام متوكًئا على عصا‪ ،‬أو قوس‪ ،‬فحمد لله وأثنى عليه كلمات‬
‫خفيفات طيبات مباركات" )]‪.([15‬‬
‫والله أعلم ‪.‬‬
‫افتتاح الخطبة بالتكبير ‪:‬‬
‫ب عامة الفقهاء افتتاح الخطبة بتكبيرات زوائد؛ تسع تكبيرات في‬ ‫استح ّ‬
‫الولى‪ ،‬وسبع تكبيرات في الثانية ‪.‬‬
‫واستدلوا على ذلك بما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود قال‪) :‬السنة في التكبير‬
‫يوم الضحى والفطر على المنبر قبل الخطبة؛ أن يبتدئ المام قبل أن‬
‫يخطب وهو قائم على المنبر بتسع تكبيرات تترى ل يفصل بينها بكلم‪ ،‬ثم‬
‫يخطب‪ ،‬ثم يجلس جلسة‪ ،‬ثم يقوم في الخطبة الثانية فيفتتحها بسبع تكبيرات‬
‫تترى ل يفصل بينها بكلم ثم يخطب()]‪.([16‬‬
‫ن التكبير في الولى من‬ ‫‪ -2‬وما يروى عن إسماعيل بن أمية أنه سمع أ ّ‬
‫الخطبتين تسع‪ ،‬وفي الخرة سبع)]‪.([17‬‬
‫‪ -3‬وما يروى عن عمر بن عبد العزيز أنه فعله )]‪.([18‬‬
‫والذي ُيجزم به في هذا الباب أّنه لم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم ول‬
‫عن أحد من صحابته أّنه كّبر قبل خطبة العيد ‪.‬‬
‫قال ابن المنذر‪" :‬ليس في عدد التكبير على المنبر سنة يجب أن تستعمل‪،‬‬
‫فما كّبر المام فهو يجزي‪ ،‬ولو ترك التكبير وخطب لم يكن عليه في ذلك‬
‫شيء" )]‪.([19‬‬
‫ن السنة في‬ ‫وذهب شيخ السلم ابن تيمية وتلميذه ابن قيم الجوزية إلى أ ّ‬
‫افتتاح خطبة العيدين = الفتتاح بالحمد لله؛ لنه لم ينقل عنه صلى الله عليه‬
‫وسلم أّنه افتتح بغيرها ‪.‬‬
‫قال ابن تيمية‪" :‬لم ينقل أحد عن النبي صلى الله عليه وسلم أّنه افتتح خطبة‬
‫بغير الحمد‪ ،‬ل خطبة عيد ول استسقاء ول غير ذلك" )]‪.([20‬‬
‫وإليه ذهب الشوكاني )]‪.([21‬‬
‫وما ذهب إليه شيخ السلم هو الذي يترجح الخذ به‪ ،‬ومن بدأ بالتكبير ل ينكر‬
‫عليه‪ ،‬لّنه اجتهاد جمٍع من أهل العلم‪ ،‬ولو جمع بين الحمد والتكبير لكان‬

‫‪78‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫حسًنا‪ ،‬قال في الشرح الممتع‪”:‬وقال بعض العلماء‪ :‬إّنه يبتدئ بالحمد كسائر‬
‫الخطب‪ ،‬وكما هي العادة في خطب النبي صلى الله عليه وسلم أّنه يحمد‬
‫الله ويثني عليه‪ ،‬وعلى هذا فيقول‪ :‬الحمد لله كثيًرا‪ ،‬والله أكبر كبيًرا‪ ،‬فيجمع‬
‫بين التكبير والحمد”)]‪.([22‬‬
‫والله تعالى أعلم ‪.‬‬
‫* مراجع المسألة ‪:‬‬
‫حاشية ابن عابدين )‪ ،(2/175‬الم )‪ ،(1/211‬المجموع )‪ ،(5/22‬فتح العزيز )‬
‫‪ ،(55 ،5/51‬نهاية المحتاج )‪ ،(2/392‬روضة )‪ ،(2/73‬شرح الزركشي )‬
‫‪ ،(2/288‬المقنع )‪ ،(5/351‬الشرح الكبير )‪ ،(5/351‬النصاف )‪.(5/351‬‬
‫موضوع خطبة العيد ‪:‬‬
‫ب كثير من الفقهاء أن يتحدث الخطيب في عيد الفطر عن أحكام زكاة‬ ‫استح ّ‬
‫الفطر‪ ،‬وفي عيد الضحى عن أحكام الضحية ‪.‬‬
‫قال محمد بن سليمان الحنفي‪" :‬يعلم الناس أحكام الفطرة‪ ،‬لّنها شرعت‬
‫لجلها" )]‪.([23‬‬
‫ي‪" :‬ويستحب أن يعلمهم في عيد الفطر أحكام صدقة الفطر‪،‬‬ ‫قال الرافع ّ‬
‫وفي عيد الضحى أحكام الضحية" )]‪.([24‬‬
‫قال العمراِني‪" :‬ويستحب أن يعلمهم في خطبة الفطر صدقة الفطر‪ ،‬ووقت‬
‫ن السنة أن يخرجها قبل الصلة‪ ،‬ول يجوز تأخيرها عن يوم الفطر‪،‬‬ ‫وجوبها‪ ،‬وأ ّ‬
‫ويبّين قدرها وجنسها" )]‪.([25‬‬
‫قال الشافعي الصغير‪" :‬ويعلمهم استحباًبا في كل عيد أحكامه" )]‪.([26‬‬
‫قال الزركشي‪" :‬يذكر في كل خطبة ما يليق بها‪ ،‬ففي عيد الفطر يرغبهم في‬
‫الصدقة‪ ،‬ويبين لهم حكمها‪ ،‬وما اشتملت عليه من الثواب‪ ،‬وقدر المخرج‪،‬‬
‫وجنسه‪ ،‬وعلى من تجب‪ ،‬ونحو ذلك‪ ،‬وفي الضحى يرغبهم في الضحية‪،‬‬
‫ويبّين لهم حكمها‪ ،‬والمجزئ فيها‪ ،‬ووقت ذبحها‪ ،‬ونحو ذلك" )]‪.([27‬‬
‫ن ذلك مستحب في عيد الضحى؛ لكون المسلمين في حاجة‬ ‫والذي يظهر أ ّ‬
‫ن وقت ذبح الضحية بعد الصلة ‪.‬‬ ‫لمعرفة أحكامها‪ ،‬ل ّ‬
‫ن وقت إخراج الزكاة قد فات‪ ،‬فل ينتفعون‬ ‫ب ذلك في عيد الفطر؛ ل ّ‬ ‫ول يستح ّ‬
‫بإخراجها إل قبل الصلة‪ ،‬أما بعد الصلة فهي صدقة من الصدقات‪ ،‬فعن ابن‬
‫عباس رضي الله عنهما قال‪ :‬فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة‬
‫الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث‪ ،‬وطعمة للمساكين‪ ،‬من أّداها قبل‬
‫الصلة فهي زكاة مقبولة‪ ،‬ومن أّداها بعد الصلة فهي صدقة من الصدقات )]‬
‫‪.([28‬‬
‫ولهذا ذهب ابن عابدين في حاشيته أّنه يعلمهم في الجمعة التي قبل صلة‬
‫العيد )]‪.([29‬‬
‫وقال ابن عثيمين‪" :‬ولهذا ينبغي أن يبين هذا في خطبة آخر جمعة من‬
‫رمضان‪ ،‬فهذا هو الوقت المناسب‪ ،‬أما في صلة العيد فهو غير مناسب" )]‬
‫‪.([30‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫سَير‪ ،‬قال ابن جرير‬


‫وهذا هو القرب إلى الهدي النبوي‪ ،‬كما ذكره أهل ال ِ‬
‫ن‬
‫الطبري‪" :‬وفي هذه السنة – الثانية – أمر الّناس بزكاة الفطر‪ ،‬وقد قيل‪ :‬إ ّ‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب الّناس قبل الفطر بيوم ٍ أو يومين‪،‬‬
‫وأمرهم بذلك" )]‪.([31‬‬

‫‪79‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫* مراجع المسألة ‪:‬‬


‫حاشية ابن عابدين )‪ ،(2/175‬مجمع النهر )‪ ،(1/174‬فتح العزيز )‪،(5/53‬‬
‫نهاية المحتاج )‪ ،(2/392‬البيان )‪ ،(2/645‬روضة )‪ ،(2/73‬شرح الزركشي )‬
‫‪ ،(2/229‬الشرح الممتع )‪.(5/196‬‬
‫تكبير المأمومين مع المام في الخطبة ‪:‬‬
‫استحب بعض أهل العلم إذا كّبر المام في خطبته أن يكبر المأموم وينصت‬
‫فيما سوى ذلك ‪.‬‬
‫قال ابن أبي زيد القيرواني‪" :‬ويكبرون بتكبير المام في خطبته‪ ،‬وينصتون له‬
‫فيما سوى ذلك" )]‪.([32‬‬
‫قال ابن قدامة‪" :‬فإذا كّبر في أثناء الخطبة كّبر الناس بتكبيره" )]‪.([33‬‬
‫ن التكبير في هذا اليوم مشروع للكافة‪ ،‬فإذا كّبر المام كان‬ ‫ووجهه عندهم‪ :‬أ ّ‬
‫ذلك منه استدعاء له من الناس ‪.‬‬
‫ن شروع المام في‬ ‫ن المأموم ل يكّبر‪ ،‬ل ّ‬ ‫ي‪" :‬إ ّ‬‫وقال المغيرة بن عياش المالك ّ‬
‫ة‪ ،‬التكبير وغيره" )]‪.([34‬‬ ‫التكبير يقطع الكلم جمل ً‬
‫ن التكبير مع المام يفضي إلى‬ ‫والذي يترجح الخذ به هو قول المغيرة؛ ل ّ‬
‫التكبير الجماعي الذي لم يعرف عن السلف‪ ،‬والله أعلم ‪.‬‬
‫* مراجع المسألة ‪:‬‬
‫الرسالة )ص‪ ،(144 :‬المعونة )‪ ،(1/326‬عقد الجواهر )‪ ،(1/242‬حاشية‬
‫الروض )‪ ،(2/511‬المغني )‪.(3/277‬‬
‫التكبير في أعطاف الخطبة ‪:‬‬
‫ب بعض أهل العلم للخطيب أن يكبر بين أعطاف خطبته‪ ،‬قال القاضي‬ ‫استح ّ‬
‫عبد الوهاب البغدادي‪:‬‬
‫ن ذلك مروي عن السلف"‬ ‫"ويكبر في أضعاف خطبته في العيدين جميًعا‪ ،‬ل ّ‬
‫)]‪.([35‬‬
‫قال ابن شاس‪" :‬ثم يخطب خطبتين كخطبتي الجمعة‪ ،‬إل أنه يكبر في‬
‫تضاعيفها" )]‪.([36‬‬
‫قال ابن قدامة‪" :‬ويستحب أن يكثر التكبير في أضعاف خطبته" )]‪.([37‬‬
‫وروي في هذا حديث عن سعد القرظ مؤذن رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم قال‪ :‬كان النبي صلى الله عليه وسلم يكّبر بين أضعاف الخطبة‪ ،‬ويكثر‬
‫التكبير في خطبة العيدين )]‪.([38‬‬
‫* مراجع المسألة ‪:‬‬
‫المعونة )‪ ،(1/325‬الذخيرة )‪ ،(2/422‬الجواهر )‪ ،(1/243‬نيل الوطار )‬
‫‪ ،(3/305‬المغني )‪.(3/277‬‬
‫سا ‪:‬‬
‫الخطبة جال ً‬
‫ما‪ ،‬لما روي عن أبي سعيد‬ ‫ب بعض أهل العلم أن يخطب الخطيب قائ ً‬ ‫استح ّ‬
‫الخدري قال‪ :‬كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج يوم العيد‪ ،‬فيصلي‬
‫بالناس ركعتين‪ ،‬ثم يسلم فيقف على رجليه فيستقبل الناس وهم جلوس‬
‫فيقول‪)) :‬تصدقوا تصدقوا(( )]‪.([39‬‬
‫دا فل بأس؛ لنها غير واجبة‪ ،‬فأشبهت صلة النافلة ‪.‬‬ ‫وإن خطب قاع ً‬
‫دا ومضجًعا مع القدرة على القيام‪ ،‬والفضل‬ ‫بل قال النووي‪" :‬بل يجوز قاع ً‬
‫ما" )]‪.([40‬‬ ‫قائ ً‬
‫ولم يثبت على النبي صلى الله عليه وسلم أّنه خطب على راحلته يوم العيد‬
‫في المصلى )]‪.([41‬‬
‫إل ّ أنه ورد من فعل علي بن أبي طالب رضي الله عنه )]‪.([42‬‬

‫‪80‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ما؛ فبالسنة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ‪ ،‬ومن‬ ‫فمن خطب قائ ً‬
‫دا؛ فل بأس عليه لفعل علي رضي الله عنه ‪.‬‬ ‫خطب قاع ً‬
‫ولكن ليس له أن يخطب مضجًعا؛ لّنه ل يليق بحال الخطيب‪ ،‬والله أعلم ‪.‬‬
‫* مراجع المسألة ‪:‬‬
‫الم )‪ ،(1/209‬المجموع )‪ ،(5/22‬فتح العزيز )‪ ،(5/6‬نهاية المحتاج )‪،(2/391‬‬
‫البيان )‪ ،(2/644‬الشرح الكبير )‪ ،(5/358‬النصاف )‪ ،(5/358‬نيل الوطار )‬
‫‪.(3/306‬‬
‫النصات للخطبة ‪:‬‬
‫اختلف العلماء في مسألة الستماع للخطبة هل يجب استماع الخطبة لمن‬
‫حضرها‪ ،‬أم يستحب ؟ على قولين ‪:‬‬
‫القول الول ‪:‬‬
‫يجب استماع خطبة العيد على من حضرها‪ ،‬كوجوب استماع خطبة الجمعة ‪.‬‬
‫ل لمالك كما في رواية ابن القاسم ‪.‬‬ ‫وهو قو ٌ‬
‫ورواية لحمد بن حنبل ‪.‬‬
‫قال ابن القاسم‪ :‬فقلت لمالك‪ :‬فمن شهد العيدين من النساء والعبيد ممن ل‬
‫يجب عليهم الخروج‪ ،‬فلما صلوا مع المام أرادوا النصراف قبل الخطبة‪،‬‬
‫يتعجلون لحاجات ساداتهم ولمصلحة بيوتهم ؟ قال‪ :‬ل أرى أن ينصرفوا إل ّ‬
‫بانصراف المام )]‪.([43‬‬
‫سئل المام أحمد عن حضور الخطبة يوم العيد ؟ قال‪ :‬ينتظر حتى يفرغ‬
‫ن عطاء يقول‪ :‬ل عليه أن ينتظر‪ ،‬قال‪ :‬ل أذهب‬ ‫المام من الخطبة‪ ،‬قيل له‪ :‬إ ّ‬
‫ت لو ذهب الناس كلهم على من كان يخطب المام )]‬ ‫إلى ما قاله عطاء‪ ،‬أرأي َ‬
‫‪.([44‬‬
‫القول الثاني ‪:‬‬
‫ب جلس‪ ،‬وإل انصرف ‪.‬‬ ‫يستحب استماع خطبة العيد ول يجب‪ ،‬فمن أح ّ‬
‫وهو مذهب الجمهور من الحنفية‪ ،‬والمالكية‪ ،‬والشافعية‪ ،‬والحنابلة )]‪.([45‬‬
‫ب لمن حضر خطبة عيد أو استسقاء أو حج أو كسوف‬ ‫قال الشافعي‪" :‬وأح ّ‬
‫ب أن ل ينصرف أحد حتى يستمع الخطبة‪ ،‬فإن تكلم‬ ‫أن ينصت ويستمع‪ ،‬وأح ّ‬
‫أو ترك الستماع أو انصرف‪ ،‬كرهت ذلك له‪ ،‬ول إعادة عليه ول كفارة‪ ،‬وليس‬
‫هذا كخطبة يوم الجمعة؛ لن صلة يوم الجمعة فرض" )]‪.([46‬‬
‫قال ابن عليش‪" :‬وندب سماعهما أي النصات حال الخطبتين وإن لم يسمع‬
‫لبعد أو صم" )]‪.([47‬‬
‫قال ابن قدامة‪" :‬والخطبتان سنة‪ ،‬ل يجب حضورها ول استماعها" )]‪.([48‬‬
‫الدلة ‪:‬‬
‫أدلة القول الول ‪:‬‬
‫خص‬ ‫ن الخطيب على من كان سيخطب لو ر ّ‬ ‫وعلل أصحاب هذا القول بأ ّ‬
‫للناس ترك الستماع إليه ‪.‬‬

‫)‪(3 /‬‬

‫ورّدوا حديث عبد الله بن السائب‪ ،‬وطعنوا في صحته‪.‬‬


‫أدلة القول الثاني ‪:‬‬
‫استدلوا بحديث عبد الله بن السائب قال‪ :‬شهدت العيد مع رسول الله صلى‬
‫ب أن‬‫الله عليه وسلم العيد فلما قضى الصلة قال‪)) :‬إنا نخطب فمن أح ّ‬
‫يجلس للخطبة فليجلس‪ ،‬ومن أحب أن يذهب فليذهب(()]‪.([49‬‬

‫‪81‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وعلل ابن قدامة عدم وجوب استماع كونها جعلت بعد الصلة‪ ،‬قال ‪" :‬وإنما‬
‫خرت الخطبة عن الصلة والله أعلم لنها لم تكن واجبة‪ ،‬جعلت في وقت‬ ‫أ ّ‬
‫يتمكن من أراد تركها من تركها‪ ،‬بخلف خطبة الجمعة" )]‪.([50‬‬
‫الترجيح ‪:‬‬
‫دا لها من فعل النبي صلى الله عليه‬ ‫والمتأمل في هذه القوال ل يجد مستن ً‬
‫خص في‬ ‫وسلم‪ ،‬لذا فالخذ بتعليل المام أحمد هو الذي ينبغي‪ ،‬ول ير ّ‬
‫خص في ترك الستماع من غير حاجة‪ ،‬جاز‬ ‫النصراف إل من حاجة‪ ،‬لنه لو ُر ّ‬
‫دا‪.‬‬‫أن يذهب الناس كلهم‪ ،‬ويبقى الخطيب وحي ً‬
‫ومن حضر الخطبة حرم عليه التشويش على الناس في استماعها‪ ،‬والله‬
‫أعلم ‪.‬‬
‫فصل‪:‬‬
‫ي‪" :‬ويستحب أن يستفتح الولى بتسع تكبيرات تترى‪ ،‬أي‬ ‫قال الحصفك ّ‬
‫متتابعات‪ ،‬والثانية بسبع‪ ،‬وهو السنة‪ ،‬وأن يكبر قبل نزوله من المنبر أربع‬
‫عشرة" )]‪.([51‬‬
‫دا في ذلك‪ ،‬والله تعالى أعلم ‪.‬‬ ‫ول أعلم له مستن ً‬
‫* مراجع المسألة ‪:‬‬
‫الكتاب )‪ ،(1/336‬المبسوط )‪ ،(2/38‬المدونة )‪ ،(1/168‬الرسالة )ص‪:‬‬
‫‪ ،(144‬حاشية ابن عليش )‪ ،(1/280‬الم‬
‫)‪ ،(1/213‬فتح العزيز )‪ ،(5/54‬نهاية المحتاج )‪ ،(2/392‬البيان )‪،(2/647‬‬
‫روضة )‪ ،(2/74‬الشرح الكبير )‪ ،(5/357‬النصاف )‪ ،(5/357‬المبدع )‬
‫‪ ،(2/188‬المستوعب )‪ ،(3/63‬تصحيح الفروع )‪ ،(2/142‬حاشية الروض )‬
‫‪ ،(5/192 ،2/513‬الشرح الممتع )‪ ،(5/510‬نيل الوطار )‪.(3/306‬‬
‫هل يعيد الخطيب الخطبة لبعض الحاضرين إذا لم يسمعوها لب ُْعدهم ؟‬
‫مع بعض الحاضرين أن‬ ‫ب بعض أهل العلم إذا رأى الخطيب أنه لم ُيس ِ‬ ‫استح ّ‬
‫يعيد عليهم الخطبة‪.‬‬
‫ن النبي صلى‬ ‫واستدلوا لذلك بحديث جابر بن عبد الله قال‪ :‬سمعته يقول‪ :‬إ ّ‬
‫الله عليه وسلم قام فبدأ بالصلة ثم خطب الناس بعد‪ ،‬فلما فرغ نبي الله‬
‫صلى الله عليه وسلم نزل فأتى النساء وهو يتوكأ على يد بلل‪ ،‬وبلل باسط‬
‫ثوبه يلقي فيه النساء صدقة‪.‬‬
‫قا على المام الن أن يأتي النساء فيذكرهن حين يفرغ ؟‬ ‫قلت لعطاء‪ :‬أترى ح ً‬
‫ن ذلك لحق عليهم‪ ،‬وما لهم أن ل يفعلوا )]‪.([52‬‬ ‫قال‪ :‬إ ّ‬
‫ن النساء وجماعة من الرجال لم يسمعوا خطبته‪،‬‬ ‫قال الشافعي‪" :‬وإن رأى أ ّ‬
‫سا أن يأتيهم فيخطب خطبة خفيفة يسمعونها‪ ،‬وليس بواجب عليه‪،‬‬ ‫لم أر بأ ً‬
‫لّنه لم يرد ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم إل مرة‪ ،‬وقد خطب خطًبا‬
‫ة‪ ،‬وفي ذلك دللة على أّنه فعل وترك‪ ،‬والترك أكثر" )]‪.([53‬‬ ‫كثير ً‬
‫ما فاتهم‬ ‫ن قو ً‬ ‫قال النووي‪" :‬إذا فرغ المام من الصلة والخطبة ثم علم أ ّ‬
‫ً‬
‫سماع الخطبة استحب أن يعيد لهم الخطبة سواء كانوا رجال أم نساًء‪ ،‬وممن‬
‫صّرح به من أصحابنا البنديجي والمتولي‪ ،‬واحتجوا له بحديث ابن عباس أن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب يوم العيد‪ ،‬فرأى أنه لم يسمع النساء‬
‫ن وأمرهن بالصدقة)]‪.([55]) "([54‬‬ ‫ن ووعظه ّ‬ ‫ن فذكره ّ‬ ‫فأتاه ّ‬
‫دمت أو تعطلت مكبرات‬ ‫ّ‬
‫وهذا الستحباب ل يظهر في هذه الزمان؛ إل إذا عُ ِ‬
‫الصوت في المصليات؛ فيستحب للخطيب أن يعيدها لمن لم يسمعها إذا‬
‫آنس منهم رغبة في ذلك منه‪ ،‬والله أعلم ‪.‬‬
‫* مراجع المسألة ‪:‬‬

‫‪82‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الم )‪ ،(1/212‬المجموع )‪ ،(5/24‬البيان )‪.(2/646‬‬


‫ماذا يصنع المام إذا أحدث بعد الصلة ؟‬
‫قيل للمام مالك‪ :‬أرأيت المام إذا أحدث يوم العيد قبل الخطبة بعدما صلى‬
‫يستخلف أم يخطب بهم على غير وضوء ؟ قال‪ :‬أرى أن ل يستخلف‪ ،‬وأن يتم‬
‫بهم الخطبة )]‪.([56‬‬
‫ن الطهارة ليست شرط للخطبة‪ ،‬والله أعلم ‪.‬‬ ‫وذلك ل ّ‬
‫)]‪ ([1‬أبو داود )‪(1155‬وقال‪" :‬هذا مرسل‪ ،‬عن عطاء عن النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم"‪ ،‬والنسائي )‪(3/185‬وقال كما في تحفة الشراف )‪:(4/347‬‬
‫"هذا خطأ‪ ،‬والصواب مرسل"‪ ،‬وابن ماجه )‪ ،(1290‬والحاكم )‪(1/295‬وقال‪:‬‬
‫"صحيح على شرط الشيخين"‪ ،‬ولم يتعقبه الذهبي‪ ،‬وصححه اللباني في‬
‫الرواء )‪.(629‬‬
‫)]‪ ([2‬نيل الوطار )‪(3/363‬ط‪ :‬دار الحديث ‪.‬‬
‫)]‪ ([3‬كيحيى بن معين‪ ،‬انظر‪ :‬السنن الكبرى للبيهقي )‪ ،(3/301‬وكأبي‬
‫زرعة‪ ،‬انظر‪ :‬علل ابن أبي حاتم )‪.(1/180‬‬
‫)]‪ ([4‬ابن ماجه )‪ ،(1289‬والبيهقي في الكبرى )‪ ،(3/198‬فيه إسماعيل بن‬
‫مسلم الخولني ضعيف‪ ،‬وأبو الزبير مدلس‪ ،‬وقد عنعن‪ ،‬قال اللباني في‬
‫دا ومتًنا‪ ،‬والمحفوظ أن ذلك في‬ ‫ضعيف سنن ابن ماجه )‪":(265‬منكر سن ً‬
‫خطبة الجمعة"‪.‬‬
‫)]‪ ([5‬أخرجه البزار‪ ،‬انظر‪ :‬كشف الستار )‪ ،(1/315‬وفيه عبد الله بن شبيب‪،‬‬
‫دا"‪.‬‬
‫قال الحافظ في اللسان )‪" :(3/299‬ضعيف ج ً‬
‫)]‪ ([6‬نقل ً عن ابن الهمام في شرح فتح القدير )‪ ،(2/79‬ولم أجده في‬
‫المجموع ‪.‬‬
‫)]‪ ([7‬الشرح الممتع )‪.(192 – 5/191‬‬
‫)]‪ ([8‬مختصر المزِني‪ ،‬انظر‪ :‬الحاوي )‪ ،(2/492‬وبنحوه في الم )‪.(1/397‬‬
‫)]‪ ([9‬انظر‪ :‬المجموع )‪.(5/21‬‬
‫)]‪ ([10‬المجموع )‪.(5/21‬‬
‫)]‪ ([11‬الفروع )‪.(2/141‬‬
‫)]‪ ([12‬الم )‪.(1/211‬‬
‫)]‪ ([13‬أبو داود )‪ ،(1145‬وصححه اللباني في صحيح سنن أبي داود )‬
‫‪.(1014‬‬
‫)]‪ ([14‬نيل الوطار )‪.(331 – 3/330‬‬

‫)‪(4 /‬‬

‫سنه اللباني في صحيح‬ ‫)]‪ ([15‬أبو داود )‪ ،(1096‬وابن خزيمة )‪ ،(1452‬وح ّ‬


‫سنن أبي داود )‪.(971‬‬
‫)]‪ ([16‬أخرجه الشافعي الم )‪ ،(1/211‬وعبد الرزاق )‪ ،(3/290‬وابن أبي‬
‫شيبة )‪ ،(2/190‬وفيه إبراهيم بن محمد متروك‪ ،‬وإسماعيل لم يثبت له أن‬
‫دا من الصحابة‪ ،‬فهو يعد من كبار أتباع التابعين‪ ،‬فل ُيقبل منه التفرد‬ ‫لقي أح ً‬
‫بهذه السنة‪ ،‬والله أعلم‪.‬‬
‫)]‪ ([17‬الم )‪ ،(1/211‬وفيه إبراهيم بن عبد الله متروك ‪.‬‬
‫)]‪ ([18‬الم )‪ ،(1/211‬وفي سنده راوٍ يهم ‪.‬‬
‫)]‪ ([19‬الوسط )‪.(4/287‬‬
‫)]‪ ([20‬مجموع الفتاوى )‪.(22/373‬‬

‫‪83‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫)]‪ ([21‬السيل الجرار )‪.(1/319‬‬


‫)]‪ ([22‬الشرح الممتع )‪.(5/195‬‬
‫)]‪ ([23‬مجمع النهر )‪.(1/174‬‬
‫)]‪ ([24‬فتح العزيز )‪.(5/53‬‬
‫)]‪ ([25‬البيان )‪.(2/645‬‬
‫)]‪ ([26‬نهاية المحتاج )‪.(2/392‬‬
‫)]‪ ([27‬شرح الزركشي )‪.(2/229‬‬
‫)]‪ ([28‬أبو داود )‪ ،(1609‬ابن ماجه )‪ ،(1827‬المستدرك )‪ ،(1/409‬البيهقي‬
‫في الكبرى )‪.(4/162‬‬
‫)]‪ ([29‬حاشية ابن عابدين )‪.(2/175‬‬
‫)]‪ ([30‬الشرح الممتع )‪.(5/196‬‬
‫)]‪ ([31‬تاريخ الطبري )‪.(2/418‬‬
‫)]‪ ([32‬الرسالة الفقهية )ص ‪.(144‬‬
‫)]‪ ([33‬المغني )‪.(3/277‬‬
‫)]‪ ([34‬عقد الجواهر )‪.(1/242‬‬
‫)]‪ ([35‬المعونة )‪.(1/325‬‬
‫)]‪ ([36‬الذخيرة )‪.(2/442‬‬
‫)]‪ ([37‬الجواهر )‪.(1/342‬‬
‫)]‪ ([38‬أخرجه ابن ماجه )‪ ،(1287‬والحاكم مطول ً في المستدرك )‪،(3/607‬‬
‫مار بن سعد‬ ‫ولم يحكم عليه بشيء‪.‬والحديث من رواية عبد الرحمن بن ع ّ‬
‫القرني وهو ضعيف‪ ،‬وقد ضّعف الحديث اللباني في الرواء )‪.(647‬‬
‫)]‪ ([39‬رواه ابن ماجه )‪ ،(1288‬وصححه اللباني في الرواء )‪.(63‬‬
‫)]‪ ([40‬المجموع )‪.(5/22‬‬
‫)]‪ ([41‬نعم جاء في حديث أبي بكرة عند البخاري )‪(67‬أّنه خطب على‬
‫راحلته يوم النحر‪ ،‬وكان ذلك في حجة الوداع‪ ،‬فهو ليس في موطن النزاع ‪.‬‬
‫)]‪ ([42‬أخرجه ابن أبي شيبة بإسناد حسن من ثلث طرق )‪.(9 ،8 ،2/7‬‬
‫)]‪ ([43‬المدونة )‪.(1/168‬‬
‫)]‪ ([44‬مسائل المام أحمد رواية إسحاق النيسابوري )‪.(481‬‬
‫)]‪ ([45‬الصل )‪ ،(1/336‬مواهب الجليل )‪ ،(1/280‬روضة الطالبين )‪،(2/74‬‬
‫الشرح الكبير )‪.(5/257‬‬
‫)]‪ ([46‬الم )‪.(1/398‬‬
‫)]‪ ([47‬مواهب الجليل )‪.(1/280‬‬
‫)]‪ ([48‬المغني )‪.(3/279‬‬
‫)]‪ ([49‬حديث ضعيف لرساله‪ ،‬تقدم تخريجه ‪.‬‬
‫)]‪ ([50‬المغني )‪.(3/279‬‬
‫)]‪ ([51‬انظر‪ :‬حاشية ابن عابدين )‪.(2/175‬‬
‫)]‪ ([52‬البخاري )‪.(961‬‬
‫)]‪ ([53‬الم )‪.(1/212‬‬
‫)]‪ ([54‬البخاري )‪ ،(1449‬مسلم )‪ ،(884‬أبو داود )‪ ،(1143‬ابن ماجه )‬
‫‪.(1273‬‬
‫)]‪ ([55‬المجموع )‪.(5/24‬‬
‫)]‪ ([56‬المدونة )‪.(1/170‬‬
‫‪ -1‬النهي عن صومهما‪:‬‬
‫فيحرم صوم يومي العيدين لحديث أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله‬

‫‪84‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫عليه وسلم نهى عن صيام يومين‪ :‬يوم الفطر‪ ،‬ويوم النحر)]‪.([1‬‬


‫قال النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم‪" :‬وقد أجمع العلماء على‬
‫تحريم صوم هذين اليومين بكل حال؛ سواء صامهما عن نذر أو تطوع أو‬
‫كفارة أو غير ذلك‪ ،‬ولو نذر صومهما متعمدا ً لعينهما‪ ،‬قال الشافعي والجمهور‪:‬‬
‫ل ينعقد نذره ول يلزمه قضاؤهما)]‪.([2‬‬
‫وقيل‪ :‬إن الحكمة في النهي عن صوم العيدين أن فيه إعراضا ً عن ضيافة الله‬
‫تعالى لعباده)]‪.([3‬‬
‫‪ -2‬صلة العيد وما يتعلق بها من أحكام وآداب‪:‬‬
‫حكمها‪:‬‬
‫سنة مؤكدة عند الجمهور‪ ،‬واظب عليها النبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وأمر‬
‫الرجال والنساء أن يخرجوا لها حتى الحّيض منهن؛ لقول أم عطية رضي الله‬
‫عنها‪) :‬أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نخرجهن في الفطر‬
‫والضحى‪ :‬العواتق والحّيض‪ ،‬وذوات الخدور؛ فأما الحيض فيعتزلن الصلة‪،‬‬
‫ويشهدن الخير‪ ،‬ودعوة المسلمين( )]‪.([4‬‬
‫وذهب بعض أهل إلى‪ :‬القول بوجوبها‪ ،‬وهو مذهب أبي حنيفة ورواية عن‬
‫أحمد واختاره ابن تيمية وابن القيم؛ بل ذهب ابن تيمية إلى كونها آكد من‬
‫الجمعة‪ ،‬لحديث أم عطية السابق‪ ،‬وفيه المر بإخراج العواتق وذوات الخدور‬
‫والحيض‪ ،‬ولم يأمر بذلك في الجمعة‪ ،‬وهو محمول على الوجوب إل لقرينة ول‬
‫قرينة هنا‪.‬‬
‫وأجاب ابن حجر على ذلك بقوله‪ :‬وفيه نظر؛ لن من جملة من أمر بذلك من‬
‫ليس بمكلف؛ فظهر أن القصد منه إظهار شعار السلم بالمبالغة في‬
‫الجتماع‪ ،‬ولتعم الجميع البركة)]‪.([5‬‬
‫كما استدل القائلون بالوجوب بكونها مسقطة للجمعة الواجبة إذا اجتمعتا في‬
‫يوم واحد‪ ،‬وما ليس بواجب لسقط واجبًا‪.‬‬
‫المكان الذي تصلى فيه)]‪:([6‬‬
‫أ‪ -‬في مكة المكرمة‪:‬‬
‫الفضل الصلة في المسجد الحرام؛ فإن الئمة لم يزالوا يصلون العيد بمكة‬
‫بالمسجد الحرام‪ ،‬قال النووي في المجموع‪ ..." :‬فإن كان بمكة فالمسجد‬
‫الحرام أفضل بل خلف)]‪ .([7‬أي من الخروج إلى المصلى‪.‬‬
‫ب‪ -‬في غير مكة‪:‬‬
‫السنة أن يصلى العيد في المصلى خارج البلد إل لعذر من مطر أو غيره‪،‬‬
‫هكذا جرى عمل المسلمين في سائر المصار والعصور وأما حديث أبي‬
‫هريرة عند أبي داود وغيره‪) :‬أن الناس أصابهم مطر في يوم عيد فصلى بهم‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم العيد في المسجد()]‪ ،([8‬ففي ٍإسناده مجهول‪.‬‬
‫وحكى عن الشافعي‪ :‬إن كان مسجد البلد واسعًا‪ ،‬فالصلة فيه أولى لشرف‬
‫البقعة‪.‬‬

‫)‪(5 /‬‬

‫وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحق أن تتبع‪ ،‬وكان النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم يصلى في المصلى مع شرف مسجده عليه الصلة والسلم‪.‬‬
‫وجعل العلة الضيق والسعة مجرد تخمين ل ينتهض للعتذار عن التأسي به‬
‫صلى الله عليه وسلم في الخروج إلى المصلى‪.‬‬
‫ج‪ -‬ويستحب للمام أن يخلف من يصلى بضعفة الناس ‪ -‬الذين يعجزون من‬

‫‪85‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الخروج إلى المصلى ‪ -‬في المسجد‪ ،‬كما فعل علي بن أبي طالب رضي الله‬
‫عنه‪.‬‬
‫حكم خروج الصبيان والنساء‪:‬‬
‫يشرع خروج النساء في العيدين من غير فرق بين البكر والثيب والشابة‬
‫والعجوز والحائض وغيرها‪ ،‬ما لم تكن معتدة‪ ،‬أو كان في خروجها فتنة‪ ،‬أو‬
‫كان لها عذر؛ لحديث أم عطية )أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن‬
‫نخرجهن في الفطر والضحى‪ :‬العواتق والحيض‪ ،‬وذوات الخدور؛ فأما الحيض‬
‫فيعتزلن الصلة‪ ،‬ويشهدن الخير ودعوة المسلمين‪ .‬قلت‪ :‬يا رسول الله‪،‬‬
‫إحدانا ل يكون لها جلباب؟ قال‪)) :‬لتلبسها أختها من جلبابها(()]‪ ([9‬وقوله‪:‬‬
‫))لتلبسها أختها من جلبابها((؟ قال النووي‪" :‬الصحيح أن معناه لتلبسها جلبابا ً‬
‫ل تحتاج إليه"‪.‬‬
‫والقول بكراهة الخروج على الطلق رد للحاديث الصحيحة بالراء الفاسدة‬
‫وتخصيص الشابة يأباه صريح الحديث المتفق عليه وغيره‪ ،‬كما قال الشوكاني‬
‫في النيل)]‪.([10‬‬
‫وإنما يستحب لهن الخروج إذا التزمن بآدابه؛ فيخرجن غير متطيبات‪ ،‬ول‬
‫يلبسن ثوب شهرة ول زينة لقوله صلى الله عليه وسلم‪)) :‬وليخرجن تفلت((‬
‫)]‪ ،([11‬أي غير متطيبات‪ ،‬ول يخالطن الرجال بل يكن ناحية منهم‪ .‬قال ابن‬
‫حجر‪" :‬وفيه امتناع خروج المرأة بغير جلباب")]‪.([12‬‬
‫فإذا كانت المرأة حائضا ً اعتزلت المصلى‪ ،‬قال النووي‪" :‬والجمهور أن هذا‬
‫المنع هو منع تنزيه ل تحريم‪ ،‬وسببه الصيانة والحتراز من مقارنة النساء‬
‫للرجال من غير حاجة ول صلة")]‪.([13‬‬
‫وقال ابن المنير‪ :‬الحكمة في اعتزالهن أن في وقوفهن وهن ل يصلين مع‬
‫المصليات إظهار استهانة بالحال‪ .‬فاستحب لهن اجتناب ذلك)]‪ .([14‬ول بأس‬
‫عليهن – أي الحّيض – إذا ذكرن الله تعالى‪ ،‬وكبرن‪ ،‬لقول أم عطية عند‬
‫ن مع الناس( وإنما يحرم عليها قراءة‬‫مسلم‪) :‬فليكن خلف الناس يكبر ّ‬
‫القرآن‪ ،‬قاله النووي)]‪.([15‬‬
‫وأما خروج الصبيان إلى المصلى؛ فقد بوب البخاري رحمه الله له في‬
‫الصحيح بقوله‪) :‬باب خروج الصبيان إلى المصلى(؛ قال ابن حجر‪ :‬أي في‬
‫سئل‪ :‬أشهدت‬ ‫العياد‪ ،‬وإن لم يصلوا‪ .‬وأخرج البخاري عن ابن عباس لما ُ‬
‫العيد مع النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬ولول مكاني من الصفر ما‬
‫شهدته‪.‬‬
‫قال ابن بطال‪ :‬خروج الصبيان للمصلى إنما هو إذا كان الصبي ممن يضبط‬
‫نفسه عن اللعب‪ ،‬ويعقل الصلة – ويتحفظ مما يفسدها – أل ترى ضبط ابن‬
‫عباس للقصة؟ اهـ‪.‬‬
‫قال ابن حجر‪ :‬وفيه نظر؛ لن مشروعية إخراج الصبيان إلى المصلى إنما هو‬
‫للتبرك‪ ،‬وإظهار شعار السلم بكثرة من يحضر منهم‪ ،‬ولذلك شرع للحيض ‪...‬‬
‫فهو شامل لمن تقع منهم الصلة أول – وعلى هذا إنما ُيحتاج أن يكون مع‬
‫الصبيان من يضبطهم عما ذكر من اللعب ونحو سواء صلوا أم ل‪ .‬وأما ضبط‬
‫ابن عباس القصة فلعله لفرط ذكائه والله أعلم)]‪.([16‬‬
‫وقت الخروج إلى الصلة‪:‬‬
‫يستحب التبكير إلى العيد بعد صلة الصبح إل المام؛ فإنه يتأخر إلى وقت‬
‫الصلة لفعله صلى الله عليه وسلم ذلك‪ ،‬فإذا جاء إلى المصلى وقعد في‬
‫مكان مستتر عن الناس فل بأس‪ ،‬قاله صاحب المغنى‪.‬‬
‫وقال مالك‪ :‬مضت السنة أن يخرج المام من منزله قدر ما يبلغ مصله‪ ،‬وقد‬

‫‪86‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫حّلت الصلة‪ ،‬فأما غيره فيستحب له التبكير‪ ،‬والدنو من المام‪.‬‬


‫الغتسال للعيدين ووقته والتزين لهما‪:‬‬
‫يستحب أن يغتسل للعيد‪ ،‬وكان ابن عمر يغتسل يوم الفطر‪ ،‬ولم يثبت فيه‬
‫حديث مرفوع ينتهض للحتجاج به‪ ،‬وأحسن ما يستدل به على استحباب‬
‫الغسل لهما ما رواه البيهقي بسند صحيح عن علي رضي الله عنه لما سئل‬
‫عن الغسل قال‪ :‬يوم الجمعة‪ ،‬ويوم عرفة‪ ،‬يوم النحر‪ ،‬ويوم الفطر)]‪.([17‬‬
‫ولنه يوم يجتمع الناس فيه للصلة فاستحب الغسل فيه كيوم الجمعة‪ .‬وإن‬
‫اقتصر على الوضوء أجزأه‪.‬‬
‫كما يسن التنظف بحلق الشعر وتقليم الظفر – إل في الضحى لمن أراد أن‬
‫يضحي فالسنة المساك حتى يذبح أضحيته)]‪ ،– ([18‬والتسوك لنه يوم عيد‬
‫واجتماع فأشبه الجمعة‪.‬‬
‫وأما التطيب للرجال فلما سبق من وجود معنى الجمعة فيه‪ .‬وأما المرفوع‬
‫فلم يثبت منه شيء ينتهض للحتجاج به)]‪ .([19‬وصح عن ابن عمر أنه كان‬
‫يتطيب يوم الفطر)]‪.([20‬‬
‫وقال مالك‪ :‬سمعت أهل العلم يستحبون الطيب والزينة في كل عيد‪.‬‬
‫كما يستحب أن يلبس أحسن ما يجد من الثياب لما ثبت عن ابن عباس أنه‬
‫صلى الله عليه وسلم كان يلبس يوم العيد بردة حمراء؛ ولقول عمر رضي‬
‫الله عنه‪ :‬يا رسول الله‪ ،‬ابتع هذه تتجمل بهما في يوم العيدين والوفد)]‪.([21‬‬
‫فدل على أن التجمل عندهم في هذه المواضع كان مشهورًا)]‪.([22‬‬

‫)‪(6 /‬‬

‫وأما المعتكف فقد قال صاحب المغني‪" :‬إنه يستحب له الخروج في ثياب‬
‫اعتكافه ليبقى عليه أثر العبادة والنسك"‪ .‬وقد رد الشيخ ابن عثيمين لهذا‬
‫القول‪ ،‬وقال‪" :‬إنه خلف السنة‪ ،‬وأن السنة في العيد أن يتجمل سواء كان‬
‫معتكفا ً أم غير معتكف")]‪.([23‬‬
‫وقت الغتسال‪:‬‬
‫قولن‪ :‬الول‪ :‬بعد طلوع الفجر لنه غسل الصلة في اليوم فلم يجز قبل‬
‫الفجر كغسل الجمعة‪ :‬فإن اغتسل قبل الفجر لم يصب سنة‪ ،‬وهذا ظاهر كلم‬
‫الخرقي كما ذكر صاحب المغني‪ ،‬ورواية في مذهب الشافعي‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬جواز الغسل قبل الفجر وبعده‪ ،‬وهو الصحيح من مذهب الشافعية‪،‬‬
‫والمنصوص عليه عند أحمد؛ لن زمن العيد أضيق من وقت الجمعة‪ ،‬فلو‬
‫وُِقف على الفجر ربما فات‪،‬؛ولن المقصود منه التنظف‪ ،‬وذلك يحصل‬
‫بالغسل في الليل لقربه من الصلة‪ ،‬والفضل أن يكون بعد الفجر ليخرج من‬
‫الخلف‪ ،‬وليكون أبلغ في النظافة لقربه من الصلة‪ ،‬ولهذا اختيار صاحبه‬
‫المغني)]‪.([24‬‬
‫الكل قبل الخروج للصلة في الفطر دون الضحى‪:‬‬
‫يسن أكل تمرات وترا ً قبل الخروج إلى الصلة في عيد الفطر لما رواه‬
‫البخاري عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ل يغدو يوم الفطر‬
‫حتى يأكل تمرات ويأكلهن وترًا‪.‬‬
‫فإن لم يجد تمرا ً أفطر ولو على ماء‪ ،‬قاله ابن حجر في الفتح)]‪.([25‬‬
‫أما في عيد الضحى فالسنة أل يأكل حتى يرجع من المصلى فيأكل من‬
‫أضحيته إن كان له أضحية‪ ،‬وذلك لما رواه الترمذي وابن ماجه وأحمد من‬
‫حديث بريدة )أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ل يأكل يوم الضحى حتى‬

‫‪87‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫يرجع( )]‪ .([26‬زاد أحمد‪) :‬فيأكل من أضحيته(‪.‬‬


‫أيهما أفضل المشي أم الركوب؟‬
‫والسنة أن يأتي العيد ماشيا ً وعليه السكينة والوقار لما أخرجه الترمذي‬
‫وحسنه من حديث علي رضي الله عنه‪) :‬إن من السنة أن تأتي العيد ماشيًا(‪،‬‬
‫ل؛ منها‬ ‫والحديث مع ضعفه فإن له شواهد كثيرة يدل مجموعها على أن له أص ً‬
‫حديث ابن عمر قال‪ :‬كان رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى العيد‬
‫ماشيًا‪ ،‬ويرجع ماشيًا)]‪.([27‬‬
‫فإن كان له عذر‪ ،‬أو كان مكانه بعيدا ً فركب فل بأس‪.‬‬
‫قال أحمد رحمه الله‪ :‬نحن نمشي ومكاننا قريب‪ ،‬وإن ب َُعد ذلك عليه فل بأس‬
‫إن يركب‪ ،‬ذكره صاحب المغني‪.‬‬
‫وقال البخاري‪ :‬باب المشي والركوب إلى العيد ‪ ...‬ولم يذكر من الحاديث ما‬
‫يدل على مشي ول ركوب‪ .‬قال ابن حجر في توجيه ترجمة الباب‪ :‬يحتمل أن‬
‫يكون البخاري استنبط من قوله في حديث جابر‪) :‬وهو يتوكأ على بلل( )]‬
‫‪ ،([28‬مشروعية الركوب لمن احتاج إليه‪ ،‬وكأنه يقول‪ :‬الولى المشي حتى‬
‫يحتاج إلى الركوب ‪ ...‬والجامع بين الركوب والتوكؤ الرتفاق بكل منهما‪ .‬اهـ‪.‬‬
‫وقال النووي في المجموع‪ :‬ول بأس أن يركب في الرجوع لما ذكره‬
‫المصنف‪ ([29]) ....‬قال‪ :‬وصورته إذا لم يتضرر الناس بركوبه‪ ،‬فإن تضرروا‬
‫به لزحمة وغيرها كره لما فيه من الضرار‪ .‬اهـ‪.‬‬
‫التكبير في الطريق إلى المصلى‪:‬‬
‫ومن السنة التكبير في الطريق إلى المصلى ورفع الصوت بالتكبير للرجال‪،‬‬
‫لما أخرجه البيهقي بسند حسن عن ابن عمر )أن رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم كان يخرج في العيدين مع الفضل ابن عباس وعبد الله والعباس وعلي‬
‫وجعفر والحسن والحسين‪ ،‬وأسامة بن زيد وزيد بن حارثة وأيمن ابن أم أيمن‬
‫رضي الله عنهم رافعا ً صوته بالتهليل والتكبير()]‪.([30‬‬
‫وأخرج الدارقطني والفريابي أن ابن عمر كان إذا غدا يوم الفطر ويوم‬
‫الضحى يجهر بالتكبير حتى يأتي المصلى‪ ،‬ثم يكبر حتى يأتي المام)]‪.([31‬‬
‫مُلوا ْ ال ْعِد ّةَ‬
‫ويتأكد التكبير في الفطر عنه في الضحى لقول الله تعالى‪} :‬وَل ِت ُك ْ ِ‬
‫م{ ]البقرة‪ .[185:‬ولما أخرجه الفرياني بسند‬ ‫داك ُ ْ‬ ‫ه عََلى َ‬
‫ما هَ َ‬ ‫وَل ِت ُك َب ُّروا ْ الل ّ َ‬
‫صحيح عن أبي عبد الرحمن السلمي قال‪) :‬كانوا في الفطر أشد منهم في‬
‫الضحى(‪ .‬قال وكيع‪ :‬يعني في التكبير)]‪.([32‬‬
‫هل يكبر حتى يأتي المصلى أو حتى يخرج المام؟‬
‫روايتان عن أحمد ذكرهما صاحب المغني‪ ،‬وسبق أن ابن عمر كان يكبر حتى‬
‫يأتي المام‪.‬‬
‫صيغة التكبير‪:‬‬
‫ثبت عن ابن مسعود عن ابن أبي شيبة أنه كان يقول‪) :‬الله أكبر الله أكبر ل‬
‫إله إل الله‪ ،‬والله أكبر الله أكبر ولله الحمد(‪ ،‬بتشفيع التكبير‪ ،‬وفي رواية‬
‫أخرى له أيضا ً بتثليث التكبير وهي صحيحه)]‪.([33‬‬
‫وقال ابن حجر في الفتح‪ :‬أصح ما ورد فيه ما أخرجه عبد الرزاق بسند صحيح‬
‫عن سلمان قال‪) :‬كبروا الله‪ ،‬الله أكبر‪ ،‬الله‪ ،‬الله أكبر كبيرًا( )]‪.([34‬‬
‫حكم التكبير الجماعي‪:‬‬
‫سئل الشيخان ابن باز وابن عثيمين رحمهما الله عن حكم التكبير الجماعي –‬ ‫ُ‬
‫أي اجتماع الناس على التكبير في نفس واحد بنغمة واحدة – فأجابا‪ :‬أن ذلك‬
‫الجتماع غير مشروع‪ ،‬وأنه خلف السنة والثابتة من فعل السلف رضوان الله‬
‫عليهم‪ .‬اهـ‪.‬‬

‫‪88‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫)‪(7 /‬‬

‫وقد استدل البعض بما أخرجه البخاري تعليقا ً بصيغة الجزم أن ابن عمر رضي‬
‫الله عنه كان يكبر في قبته بمنى فيسمعه أهل المسجد فيكبرون ويكبر أهل‬
‫ن النساء يكبرن خلف أبان‬ ‫السوق حتى ترتج منى تكبيرًا‪ ،‬وكذا قوله‪ ... :‬وك ّ‬
‫بن عثمان وعمر بن عبد العزيز ليالي التشريق مع الرجال في المسجد)]‬
‫‪ ،([35‬على مشروعية التكبير على الصورة المذكورة‪ ،‬وهو ل يدل صراحة‬
‫على ذلك لحتمال أن يكون المراد ابتداء الذكر ل المداومة على ذلك‪،‬‬
‫فالمسألة اجتهادية وهي محل نظر بين أهل العلم‪ ،‬والله أعلم بالصواب‪.‬‬
‫لكن ينبغي أن ل يتخذ ذلك سبيل ً للتنازع والتشاحن وذم أحد الفريقين الخر‬
‫فهذا ل يجوز بالتفاق‪.‬‬
‫التطوع قبل صلة العيد وبعدها‪:‬‬
‫لم يثبت لصلة العيدين سنة قبلها ول بعدها‪ ،‬ولم يكن النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم ول أصحابه يصلون إذا انتهوا إلى المصلى شيئا ً قبل الصلة ول بعدها‪،‬‬
‫فعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج يوم‬
‫العيد فصلى ركعتين‪ ،‬لم يصل قبلهما ول بعدهما)]‪.([36‬‬
‫قال ابن العربي‪ :‬التنفل في المصلى لو ُفعل لنقل‪ ،‬ومن أجازه رأى أنه وقت‬
‫مطلق للصلة‪ ،‬ومن تركه رأى النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعله ومن‬
‫اقتدى فقد اهتدى)]‪.([37‬‬
‫قال ابن حجر‪ :‬وأما مطلق النفل فلم يثبت فيه منع بدليل خاص إل إن كان‬
‫ذلك في وقت الكراهة الذي في جميع اليام والله أعلم)]‪.([38‬‬
‫وفرق بعضهم بين المأموم والمام‪ ،‬فكرهه للمام وأباحه للمأموم‪.‬‬
‫وذهب آخرون إلى التفريق بين قبل الصلة وبعدها على قولين ذكرهما ابن‬
‫المنذر عن أحمد‪:‬‬
‫الول‪ :‬جواز الصلة بعدها‪ ،‬وهو قول الوزاعي والنووي والحنفية وبه يقول‬
‫الكوفيون‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬جواز الصلة قبلها ل بعدها‪ ،‬وهو قول الحسن البصري وجماعة‪ ،‬وهو‬
‫مذهب البصريين‪.‬‬
‫ولعله للجمع بين هذه القوال أن يقال‪:‬‬
‫إن السنة ترك الصلة قبلها وبعدها في المصلى‪ ،‬فإذا صلى بعدها في البيت‪،‬‬
‫سواء كان إماما ً أو مأموما ً جاز‪ .‬والله أعلم‪ .‬ويؤيده ما أخرجه ابن ماجه‬
‫وأحمد والحاكم بإسناد حسن‪.‬‬
‫عن أبي سعيد الخدري قال‪) :‬كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ل يصلي‬
‫قبل العيد شيئًا‪ ،‬فإذا رجع إلى منزله صلى ركعتين( )]‪.([39‬‬
‫وذهب بعض أهل العلم – كالشيخ ابن عثيمين – إلى أن مصلى العيد مسجد‪،‬‬
‫فإذا دخله النسان فل يجلس حتى يصلي ركعتين‪ ،‬واستدل بمنع الرسول‬
‫صلى الله عليه وسلم الحيض أن يمكثن فيه‪ ،‬وأمرهن باعتزاله)]‪.([40‬‬
‫وقد سبق ذكر كلم أهل العلم عن حكمة أمر الحيض باعتزال المصلى‪.‬‬
‫أما إن صلى الناس العيد في المسجد فالصل صلة ركعتي تحية المسجد‪.‬‬
‫وقت صلة العيد‪:‬‬
‫يبدأ وقتها إذا ارتفعت الشمس قيد رمح )حوالي ثلثة أمتار(‪ ،‬ويمتد إلى‬
‫الزوال‪ ،‬ولم يصح في تحديدها حديث مرفوع ينتهض للحتجاج به‪ ،‬وأما حديث‬
‫السود بن قيس عن جندب أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بهم يوم‬
‫الفطر والشمس على قيد رمحين‪ ،‬والضحى على قيد رمح‪ ،‬ففي إسناده‬

‫‪89‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫المعلى بن هلل‪ ،‬اتفقوا على تكذيبه‪.‬‬


‫خمير‬ ‫وقال أصحاب الشافعي‪ :‬أول وقتها إذا طلعت الشمس لحديث يزيد بن ُ‬
‫قال‪ :‬خرج عبد الله بن بسر‪ ،‬صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم في‬
‫ن كنا قد فرغنا ساعتنا‬
‫يوم عيد فطر أو أضحى‪ ،‬فأنكر إبطاء المام‪ ،‬وقال‪ :‬إ ْ‬
‫هذه‪ ،‬وذلك حين التسبيح)]‪.([41‬‬
‫وليس في ذلك دليل لما ذهبوا إليه؛ لن معناه إذا مضى وقت الكراهة‪ ،‬ويكون‬
‫إنكاره إبطاء المام عن وقتها المجمع عليه‪ .‬ويرده أيضا ً عموم نهيه صلى الله‬
‫عليه وسلم عن الصلة عند بلوغ الشمس حتى ترتفع وعليه جرى عمل‬
‫المسلمين في جميع العصور والمصار‪.‬‬
‫وُيسن تقدم الضحى ليتسع وقت الضحية‪ ،‬وتأخير الفطر ليتسع وقت إخراج‬
‫الصدقة‪.‬‬
‫حكم الذان والقامة لها وقول الصلة جامعة‪:‬‬
‫قال ابن القيم في الزاد‪" :‬كان صلى الله عليه وسلم إذا انتهى إلى المصلى‬
‫أخذ في الصلة من غير أذان ول إقامة ول قول الصلة جامعة‪ ،‬والسنة أن ل‬
‫ُيفعل شيء من ذلك"‪.‬‬
‫وأخرج مسلم عن عطاء قال‪" :‬أخبرني جابر أن ل أذان لصلة يوم الفطر‬
‫حين يخرج المام‪ ،‬ول بعدها يخرج‪ ،‬ول إقامة‪ ،‬ول نداء‪ ،‬ول شيء‪ ،‬ل نداء يومئذ‬
‫ول إقامة"‪.‬‬
‫قال الشيخ ابن باز حفظه الله في تعليقه على حديث جابر‪" :‬هذا‪ ...‬ومن هنا‬
‫يعلم أن النداء للعيد بدعة بأي لفظ كان‪ ،‬والله أعلم")]‪.([42‬‬
‫صفة صلة العيد‪:‬‬
‫عدد ركعاتها‪:‬‬
‫ل خلف بين أهل العلم أن صلة العيد مع المام ركعتان وإنما اختلفوا فيمن‬
‫لم يدركها معه كما سيأتي بمشيئة الله‪ ،‬فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه‬
‫قال‪) :‬صلة العيد والضحى ركعتان ركعتان‪ ،‬تمام غير قصر على لسان نبيكم‬
‫وقد خاب من افترى( )]‪.([43‬‬
‫ما يقرأ فيها‪:‬‬
‫ل خلف بين أهل العلم في مشروعية قراءة الفاتحة وسورة في كل ركعة‬
‫من صلة العيد‪.‬‬

‫)‪(8 /‬‬

‫ويستحب أن يقرأ في الولى بسبح‪ ،‬وفي الثانية بالغاشية لحديث النعمان بن‬
‫بشير عند مسلم وغيره قال‪) :‬كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في‬
‫ل أ ََتا َ‬
‫ك‬ ‫ك ال َعَْلى{ ]العلى‪ .[1:‬و}هَ ْ‬ ‫م َرب ّ َ‬
‫س َ‬‫سب ِّح ا ْ‬ ‫العيدين‪ ،‬وفي الجمعة بـ } َ‬
‫ة{ ]الغاشية‪ .[1:‬وربما اجتمعا في يوم واحد فقرأ بهما(‪.‬‬ ‫ث ال َْغا ِ‬
‫شي َ ِ‬ ‫دي ُ‬
‫ح ِ‬
‫َ‬
‫مُر{‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ق‬ ‫ْ‬ ‫ل‬‫ا‬ ‫ّ‬ ‫ق‬ ‫َ‬
‫ش‬ ‫وان‬
‫َ‬ ‫ة‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ع‬ ‫سا‬ ‫ّ‬ ‫ال‬ ‫ت‬
‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ب‬ ‫ر‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ت‬‫ْ‬ ‫ق‬ ‫[‪.‬و}ا‬ ‫‪1‬‬ ‫]ق‪:‬‬ ‫د{‬ ‫ِ‬ ‫جي‬
‫َ ِ‬‫م‬ ‫ْ‬ ‫ل‬‫ا‬ ‫ن‬ ‫رءا‬
‫ْ ِ‬ ‫ُ‬ ‫ق‬‫ْ‬ ‫ل‬‫وا‬
‫َ‬ ‫}ق‬ ‫بـ‬ ‫يقرأ‬ ‫أو‬
‫]القمر‪ .[1:‬لحديث أبي واقد الليثي عند مسلم وغيره أنه صلى الله عليه‬
‫د{ ]ق‪:‬‬ ‫جي ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬
‫قْرءا ِ‬ ‫وسلم كان يقرأ في الفطر والضحى بـ }ق َوال ْ ُ‬
‫مُر{ ]القمر‪.[1:‬‬ ‫ق َ‬‫شقّ ال ْ َ‬ ‫ة َوان َ‬‫ساعَ ُ‬ ‫ت ال ّ‬ ‫‪.[1‬و}اقْت ََرب َ ِ‬
‫ومهما قرأ به أجزأه‪ ،‬ولكن الولى اتباع السنة‪.‬‬
‫الجهر فيها‪:‬‬
‫يسن الجهر فيهما‪ ،‬قال ابن المنذر‪ :‬أكثر أهل العلم يرون الجهر بالقراءة‪،‬‬
‫وفي إخبار من أخبر بقراءة النبي صلى الله عليه وسلم دليل على أنه كان‬

‫‪90‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫يجهر‪.‬‬
‫التكبير فيها‪:‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫يستحب للمام أن يكبر في الصلة سبعا في الولى وخمسا في الثانية‪ ،‬ثبت‬
‫هذا عن جماعة من الصحابة والتابعين‪ ،‬كعمر وعثمان وعلي وأبي هريرة وابن‬
‫عباس وأبي سعيد وغيرهم ‪ ،‬وروى ذلك عن فقهاء المدينة السبعة‪ ،‬وعمر بن‬
‫عبد العزيز والزهري ومالك‪.‬‬
‫وأما المرفوع فمختلف فيه‪ ،‬ومن ذلك ما روته عائشة أنه صلى الله عليه‬
‫وسلم‪) :‬كان يكبر في الفطر والضحى‪ :‬في الولى سبع تكبيرات‪ ،‬وفي الثانية‬
‫خمسا ً سوى تكبيرتي الركوع( )]‪.([44‬‬
‫وأخرجه الدارقطني عنها بلفظ )كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبر‬
‫في العيدين اثنى عشر تكبيرة سوى تكبيرتي الستفتاح( )]‪ ([45‬وهذا مذهب‬
‫الشافعي والوزاعي وإسحاق‪.‬‬
‫وأخرج ابن أبي شيبة بسند صحيح على شرط الشيخين‪ ،‬عن ابن عباس أنه‬
‫كان يكبر في العيد في الولى سبع تكبيرات بتكبيرة الستفتاح وفي الخرة‬
‫ستا ً بتكبيرة الركعة كلهن قبل القراءة)]‪.([46‬‬
‫وأما التكبير أربعا ً فقد ثبت من فعل بعض الصحابة‪ ،‬والمرفوع منه فيه ضعف‬
‫يسير)]‪.([47‬وهذا مذهب الحناف‪.‬‬
‫وصح عن ابن عباس أنه قال‪) :‬من شاء كبر سبعًا‪ ،‬ومن شاء كبر تسعًا‪،‬‬
‫وبإحدى عشرة وثلث عشرة( )]‪.([48‬‬
‫قال الشيخ اللباني‪ :‬ويجمع بينها أنه كان يرى التوسعة في المر وأنه يجيز كل‬
‫ما صح عنه‪ ...‬والله أعلم‪ .‬اهـ‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫وكون بعض الصحابة كبر سبعا وخمسا وبعضهم كبر أربعا دون إنكار أحد من‬
‫الصحابة شيئا ً من ذلك‪ ،‬يدل على ثبوت التكبيرتين والله أعلم‪ ،‬إذ التكبير فيها‬
‫عبادة‪ ،‬والصل فيها التوقيف)]‪.([49‬‬
‫رفع اليدين مع كل تكبيرة‪:‬‬
‫اختلف العلماء في ذلك على قولين‪:‬‬
‫الول‪ :‬أنه يستحب رفع اليدين مع كل تكبيرة مثل رفعها مع تكبيرة الحرام‪،‬‬
‫وهو قول عطاء والوزاعي وأبي حنيفة والشافعي وأحمد ورواية عن مالك‪،‬‬
‫ودليلهم عموم حديث وائل بن حجر أنه صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه‬
‫مع التكبير)]‪.([50‬‬
‫قال أحمد‪ :‬أما أنا فأرى أن هذا الحديث يدخل فيه هذا كله‪.‬‬
‫وروى عن عمر أنه كان يرفع يديه في كل تكبيرة في الجنازة‪ ،‬والعيد)]‪.([51‬‬
‫الثاني‪ :‬أنه ل يستحب رفعهما في غير تكبيرة الحرام وهو قول الثوري ورواية‬
‫عن مالك واختاره الشيخ اللباني‪.‬‬
‫ويمكن توجيه القولين على ما ذكره مالك ونقله عنه ابن المنذر قال‪) :‬ليس‬
‫في ذلك سنة لزمة‪ ،‬فمن شاء رفع يديه فيها كلها وفي الولى أحب إلي()]‬
‫‪.([52‬‬
‫ما يقول بين التكبير‪:‬‬
‫يحمد الله ويثني عليه ُيصلى على النبي صلى الله عليه وسلم بين كل‬
‫تكبيرتين‪ ،‬ودليل ذلك ما رواه الثرم واحتج به أحمد‪ ،‬عن عقبة بن عامر قال‪:‬‬
‫سألت ابن مسعود عما يقول بعد تكبيرات العيد‪ ،‬قال‪) :‬يحمد الله ويثني عليه‪،‬‬
‫وُيصلى على النبي صلى الله عليه وسلم()]‪.([53‬‬
‫فإن قال غيره نحو أن يقول‪ :‬سبحان الله‪ ،‬والحمد لله‪ ،‬ول إله إل الله‪ ،‬والله‬
‫أكبر‪ ،‬أو ما شاء من الذكر‪ ،‬فجائز‪ ،‬قاله صاحب المغني‪ ،‬وهو قول الشافعي‪،‬‬

‫‪91‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ويؤيده ما أخرجه البيهقي بسند جيد عن ابن مسعود قال في صلة العيد‪:‬‬
‫)بين كل تكبيرتين حمد الله عز وجل‪ ،‬وثناء على الله( )]‪.([54‬‬
‫وقال أبو حنيفة ومالك والوزاعي‪ :‬يكبر متواليًا‪ ،‬ل ذكر بينه‪ ،‬لنه لو كان هناك‬
‫ذكر بينها لنقل إلينا كما نقلت )أي التكبيرات(‪.‬‬
‫وأثر ابن مسعود صحيح يشهد للقولين الوليين‪ ،‬والله أعلم‪.‬‬
‫إذا شك في عدد التكبيرات‪ ،‬ماذا يصنع؟‬
‫إذا شك في عدد التكبيرات‪ ،‬بنى على اليقين وهو القل‪.‬‬
‫فإذا ترك التكبير عمدا ً أو سهوًا؟‬
‫لم تبطل صلته لنه سنة‪ ،‬قال ابن قدامة‪ :‬ول أعلم فيه خلفًا‪.‬‬
‫فإن نسى التكبير‪ ،‬وشرع في القراءة لم يعد إليه‪ ،‬وهو أحد قولي الشافعي‬
‫واختاره ابن عثيمين‪ ،‬وقيل يعود إلى التكبير لنه ذكره في محله وهو القيام‬
‫وهذا قول مالك والقول الثاني للشافعي‪.‬‬
‫وإن ذكر التكبير بعد القراءة فأتى به لم ُيعد القراءة وجها ً واحدا‪ً.‬‬
‫وإن لم يذكره حتى ركع سقط وجها ً واحدا ً لفوات محله‪.‬‬
‫المسبوق إذا أدرك المام بعد تكبيره‪:‬‬

‫)‪(9 /‬‬

‫قال ابن قدامة‪ :‬قال ابن عقيل‪ :‬يكبر؛ لنه أدرك محله‪ ،‬ويحتمل أن ل يكبر‪،‬‬
‫لنه مأمور بالنصات إلى قراءة المام‪ ،‬ويحتمل أنه إن كان يسمع قراءة‬
‫المام أنصت وإن كان بعيدا ً كبر‪ .‬اهـ‪.‬‬
‫قلت‪ :‬والنصات أولى؛ لنه مأمور به حال قراءة المام‪ ،‬بخلف التكبير فهو‬
‫سنة بالتفاق‪ ،‬كما أنه – أي التكبير – سنة فات محلها‪ ،‬والله أعلم‪.‬‬
‫متى يقول دعاء الستفتاح؟‬
‫يدعو بدعاء الستفتاح عقيب التكبيرة الولى‪ ،‬ثم يكبر تكبيرات العيد‪ ،‬ثم‬
‫يتعوذ‪ ،‬ثم يقرأ‪ ،‬وهذا مذهب الشافعي ورواية عن أحمد واختاره ابن قدامة‪.‬‬
‫والرواية الخرى عن أحمد أن الستفتاح بعد التكبيرات‪ ،‬لن الستفتاح تليه‬
‫الستعاذة وهي قبل القراءة‪.‬‬
‫قال ابن قدامة‪ :‬ولنا أن الستفتاح شرع ليستفتح به الصلة‪ ،‬فكان في أولها‬
‫كسائر الصلوات‪ ،‬والستعاذة شرعت للقراءة‪ ،‬فهي تابعة لها‪ ،‬فتكون عند‬
‫البتداء بها‪ ...‬ثم قال‪ :‬وأياما فعل كان جائزًا)]‪.([55‬‬
‫خطبة العيدين والسنة فيها‪:‬‬
‫حكمها‪:‬‬
‫الخطبة بعد صلة العيد سنة‪ ،‬والستماع إليها كذلك لحديث عبد الله بن‬
‫السائب قال‪ :‬شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العيد فلما قضى‬
‫الصلة قال‪) :‬إنا نخطب‪ ،‬فمن أحب أن يجلس للخطبة فليجلس‪ ،‬ومن أحب‬
‫أن يذهب فليذهب()]‪ ،([56‬ولكن الستماع لها أفضل‪.‬‬
‫قال الشافعي‪ :‬لو ترك الستماع كرهته)]‪.([57‬‬
‫وقتها‪:‬‬
‫ل خلف بين المسلمين أن السنة في خطبة العيد أن تكون بعد الصلة‪ ،‬وأن‬
‫ما أحدثه بنو أمية من جعلها قبل الصلة بدعة محدثة مخالفة لسنته صلى الله‬
‫عليه وسلم‪ ،‬وقد أنكر عليهم فعلهم‪ ،‬ودليل ذلك ما أخرجه الشيخان عن ابن‬
‫عمر‪ ،‬قال‪ :‬إن النبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وأبا بكر‪ ،‬وعمر‪ ،‬وعثمان‪ ،‬كانوا‬
‫ُيصلون العيدين قبل الخطبة‪.‬‬

‫‪92‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫فلو خطب قبل الصلة فهو مسيء‪ ،‬وفي العتداء بالخطبة قولن‪ :‬أصحهما أنه‬
‫ل يعتد بها لقوله عليه الصلة والسلم‪)) :‬صلوا كما رأيتموني أصلي((‪ ،‬وقياسا ً‬
‫على السنة الراتبة بعد الفريضة إذ قدمها عليها‪ ،‬قاله النووي في المجموع)]‬
‫‪.([58‬‬
‫صفتها‪:‬‬
‫يستحب افتتاح الخطبة بحمد الله تعالى‪ ،‬ولم يحفظ عنه صلى الله عليه‬
‫وسلم غير هذا‪.‬‬
‫قال ابن القيم‪ :‬كان صلى الله عليه وسلم يفتتح خطبه كلها بالحمد‪ ،‬ولم‬
‫يحفظ عنه في حديث واحد صلى الله عليه وسلم‪) :‬أنه كان يكبر بين أضعاف‬
‫الخطبة‪ ،‬ويكثر التكبير في خطبة العيد()]‪ .([59‬وإن كان في فطر حث على‬
‫صدقة الفطر‪ ،‬وبين بعض أحكامها‪ ،‬وإن كان في أضحى حث على سنة‬
‫الضحية وبين السن المجزئة فيها‪.‬‬
‫تكرار الخطبة‪:‬‬
‫واختلف في تكرار الخطبة‪ ،‬فأكثر أهل العلم أن المام يخطب للعيد خطبتين‪،‬‬
‫يجلس بينهما قياسا ً على خطبتي الجمعة‪ ،‬ولحديث جابر قال‪) :‬خرج رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم يوم فطر أو أضحى فخطب قائمًا‪ ،‬ثم قعد قعدة‪،‬‬
‫ثم قام( )]‪.([60‬‬
‫والقول الخر‪ :‬أنه يخطب للعيد خطبة واحدة ل يجلس أثناءها‪ ،‬وقياس خطبة‬
‫العيد على خطبة الجمعة قياس مع الفارق؛ لن الولى سنة‪ ،‬والثانية واجبة‪،‬‬
‫كما أن خطبة الجمعة تكون قبل الصلة وتلك بعدها‪ ،‬وأما السنة‪ ،‬فلم يثبت‬
‫من طريق صحيح يحتج به أن للعيد خطبتين يفصل بينهما المام بجلوس‪،‬‬
‫ونقل صاحب فقه السنة عن النووي قوله‪ :‬لم يثبت في تكرير الخطبة‬
‫شيء)]‪.([61‬‬
‫حكم اتخاذ المنبر لها‪:‬‬
‫قال البخاري‪ :‬باب الخروج إلى المصلى بغير منبر‪ ،‬وذكر حديث أبي سعيد‬
‫قال‪ :‬كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج يوم الفطر والضحى إلى‬
‫المصلى فأول شيء يبدأ به الصلة‪ ،‬ثم ينصرف فيقوم مقابل الناس‪ ،‬والناس‬
‫جلوس على صفوفهم ‪ ...‬قال أبو سعيد‪ :‬فلم يزل الناس على ذلك حتى‬
‫خرجت مع مروان – وهو أمير المدينة – في أضحى أو فطر‪ ،‬فلما أتينا‬
‫المصلى إذا منبر بناه كثير بن الصلت‪ ،‬فإذا مروان يريد أن يرتقيه قبل أن‬
‫يصلي‪ ،‬فجذبت بثوبه فجبذني‪ ،‬فارتفع فخطب قبل الصلة‪ ،‬فقلت له‪ :‬غيرتم‬
‫والله)]‪.([62‬‬
‫وفي رواية‪) :‬فقام رجال فقال‪ :‬يا مروان‪ ،‬خالفت السنة‪ ،‬أخرجت المنبر في‬
‫يوم عيد‪ ،‬ولم يكن يخرج فيه‪ ،‬وبدأت بالخطبة قبل الصلة‪ ،‬فقال أبو سعيد‪:‬‬
‫أما هذا فقد أدى ما عليه()]‪.([63‬‬
‫قال ابن حجر‪ :‬يحتمل أن تكون القصة تعددت‪ ،‬وقال‪ :‬وفيه أن الخطبة على‬
‫الرض عن قيام في المصلى أولى من القيام على المنبر‪ ،‬والفرق بينه وبين‬
‫المسجد أن المصلى يكون بمكان فيه فضاء فيتمكن من رؤيته كل من حضر‪،‬‬
‫بخلف المسجد فإنه يكون في مكان محصور فقد ل يراه بعضهم)]‪.([64‬‬
‫حكم الكلم أثناء الخطبة‪:‬‬
‫يكره الكلم والمام يخطب يوم العيد ‪ ...‬نقله في المجموع من الشافعي‪،‬‬
‫وابن أبي شيبة في مصنفه عن الحسن وعطاء وغيرهما‪ ،‬ول شك أن من‬
‫الدب أل يتكلم لنه إذا تكلم أشغل نفسه وغيره‪.‬‬
‫مخالفة الطريق‪:‬‬

‫‪93‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ذهب أكثر أهل العلم إلى استحباب الذهاب إلى صلة العيد في طريق‪،‬‬
‫والرجوع في طريق آخر سواء كان إماما ً أو مأموما ً لحديث جابر عند البخاري‬
‫قال‪ :‬كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان يوم عيد خالف الطريق‪.‬‬
‫وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال‪ :‬كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا‬
‫خرج إلى العيد يرجع في غير الطريق الذي ذهب فيه‪.‬‬

‫)‪(10 /‬‬

‫ويجوز الرجوع في الطريق الذي ذهب فيه كما ثبت هذا من فعل بعض‬
‫الصحابة رضوان الله عليهم‪ ،‬عند أبي داود وغيره‪.‬‬
‫اجتماع العيد والجمعة‪:‬‬
‫ً‬
‫إذا اجتمع العيد والجمعة في يوما واحد سقطت الجمعة عند أكثر أهل العلم)]‬
‫‪ ([65‬عمن صلى العيد لحديث زيد بن أرقم قال‪ :‬صلى النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم العيد ثم رخص في الجمعة‪ ،‬فقال‪) :‬من شاء أن ُيصلى فليصل()]‪.([66‬‬
‫أما المام ففي سقوطها عنه روايتان‪:‬‬
‫الول‪ :‬ل تسقط لقوله عليه الصلة والسلم‪) :‬قد اجتمع في يومكم هذا‬
‫عيدان‪ ،‬فمن شاء أجزأه من الجمعة‪ ،‬وإنا مجمعون()]‪([67‬؛ ولن المام لو‬
‫تركها لمتنع فعل الجمعة في حق من تجب عليه‪ ،‬ومن يريدها ممن سقطت‬
‫عنه‪ ،‬بخلف غيره من الناس‪.‬‬
‫والثانية‪ :‬تسقط لعموم قوله )فمن شاء(‪ ،‬ولما أخرجه النسائي وأبو داود عن‬
‫خر الخروج حتى‬ ‫وهب بن كيسان قال‪ :‬اجتمع عيدان على عهد ابن الزبير‪ ،‬فأ ّ‬
‫تعالى النهار‪ ،‬ثم خرج فخطب ثم نزل فصلى‪ ،‬ولم ُيصلي للناس يوم الجمعة‪،‬‬
‫فذكرت ذلك لبن عباس‪ ،‬فقال‪ :‬أصاب السنة )]‪ ،([68‬وفي رواية أبي داود‪:‬‬
‫)فجمعهما جميعا ً فصلهما ركعتين بكرة لم يزد عليهما حتى صلى العصر()]‬
‫‪.([69‬‬
‫قال الشوكاني‪ :‬ويدل على أن الترخيص عام لكل واحد ترك ابن الزبير‬
‫للجمعة وهو المام إذا ذاك‪ ،‬وقول ابن عباس أصاب السنة‪ ،‬رجاله رجال‬
‫الصحيح‪ ،‬وعدم النكار عليه من أحد من الصحابة‪ ،‬وأيضا ً لو كانت الجمعة‬
‫واجبة على البعض لكانت فرض كفاية‪ ،‬وهو خلف معنى الرخصة‪ .‬اهـ)]‪.([70‬‬
‫قلت‪ :‬وهذا الذي ذكره المام الشوكاني رحمه الله فيه نظر‪ ،‬إذ يحتمل أن‬
‫دم الجمعة إلى قبل الزوال على القول‬ ‫يكون ابن الزبير رضي الله عنه قد ق ّ‬
‫بذلك‪ ،‬ويؤيده قول ابن عباس‪ :‬أصاب السنة‪ ،‬إذ السنة في حق المام صلة‬
‫الجمعة وإن صلى العيد كما هو ظاهر قوله صلى الله عليه وسلم‪)) :‬وإنا‬
‫مجمعون((‪ ،‬والله أعلم‪.‬‬
‫وهل ُيصلى الظهر إذا ترك الجمعة؟‬
‫في وجوبها‪ ،‬فقيل تجب صلة الظهر على من تخلف عن الجمعة لحضوره‬
‫العيد‪ ،‬وقيل ل تجب لحديث ابن الزبير عن أبي داود‪ ،‬وقد تقدم‪ ،‬قال‬
‫الشوكاني‪ :‬قوله‪) :‬لم يزد عليهما حتى صلى العصر(‪ :‬ظاهره أنه لم يصل‬
‫الظهر‪ ،‬وفيه أن الجمعة إذا سقطت بوجه من الوجوه المسوغة لم يجب على‬
‫من سقطت عنه أن ُيصلى الظهر وإليه ذهبه عطاء)]‪.([71‬‬
‫قال الخطابي‪ :‬وهذا ل يجوز أن يحمل إل على قول من يذهب إلى تقديم‬
‫الجمعة قبل الزوال‪ ،‬فعلى هذا يكون ابن الزبير قد صلى الجمعة فسقط‬
‫العيد؛ والظهر‪ ،‬ولن الجمعة إذا سقطت مع تأكدها‪ ،‬فالعيد أولى أن يسقط‬
‫بها‪ ،‬أما إذا قدم العيد فإنه يحتاج إلى أن ُيصلى الظهر في وقتها إذا لم يصل‬

‫‪94‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الجمعة)]‪.([72‬‬
‫قال الشوكاني في التعقيب على هذا التوجيه‪ :‬ول يخفى ما في هذا الوجه من‬
‫التعسف)]‪.([73‬‬
‫وقال صاحب فقه السنة‪ :‬والظاهر عدم الوجوب)]‪ .([74‬أي عدم وجوب‬
‫الظهر لمن شهد العيد وتخلف عن الجمعة‪.‬‬
‫حكم من فاتته صلة العيد‪:‬‬
‫أ ‪ -‬الجماعة إذا فاتتها صلة العيد بسبب عذر‪ :‬فإنها تخرج من الغد فتصلى‬
‫العيد‪ ،‬لما رواه أحمد والنسائي وابن ماجه بسند صحيح من حديث أبي عمير‬
‫بن أنس قال‪ :‬حدثني عمومتي من النصار من أصحاب الرسول صلى الله‬
‫عليه وسلم‪ ،‬قالوا‪ :‬أغمى علينا هلل شوال وأصبحنا صياما ً فجاء ركب من آخر‬
‫النهار فشهدوا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم رأوا الهلل بالمس‬
‫فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفطروا وأن يخرجوا إلى‬
‫عيدهم من الغد)]‪.([75‬‬
‫قال الشافعي‪ :‬إن علم بعد الغروب صلها من الغد‪ ،‬وإن علم بعد الزوال لم‬
‫ل‪.‬‬‫ُيص ّ‬
‫قال الخطابي‪ :‬سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى‪ ،‬وحديث أبي‬
‫عمير صحيح‪ ،‬فالمصير إليه واجب)]‪.([76‬‬
‫ب ‪ -‬الواجب إذا فاتته مع المام‪:‬‬
‫‪ -1‬من فاتته لعذر‪ :‬من كان يوم العيد مريضا ً أو محبوسًا‪ ،‬أو خرج ليصلي‬
‫ففاتته الصلة مع المام‪ ،‬وعادته ُيصلى العيد‪ ،‬فهؤلء يصلون جماعة وفرادى‪.‬‬
‫قال ابن تيمية رحمه الله‪ :‬وهؤلء بمنزلة الذين استخلف علي من ُيصلى‬
‫بهم)]‪.([77‬‬
‫‪ -2‬من تركها لغير عذر‪ :‬ظاهر كلم ابن تيمية أنه ل يشرع له قضاؤها‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫والذي خرج ليصل ففاتته مع المام يصلى يوم العيد‪ ،‬بخلف من تعمد الترك)]‬
‫‪.([78‬‬
‫ً‬
‫وأكثر العلماء يقولون بمشروعية القضاء مطلقا سواء كان الترك اضطراًرا أم‬
‫اختيارًا‪ .‬قال البخاري‪ :‬باب إذا فاته العيد يصلي ركعتين‪.‬‬
‫قال ابن حجر‪ :‬في هذه الترجمة حكمان‪ :‬مشروعية استدراك صلة العيد‬
‫كأصلها إذا فاتته مع الجماعة سواء كانت بالضطرار أو بالختيار‪ ،‬وكونها‬
‫تقضى ركعتين كأصلها)]‪.([79‬‬
‫ل؛ لنها صلة من شرطها الجماعة‬ ‫والمشهور عن مالك أنه ل قضاء عليه أص ً‬
‫والمام كالجمعة‪ ،‬وقال أبو حنيفة يتخير بين القضاء والترك‪.‬‬
‫متى يقضيها‪:‬‬

‫)‪(11 /‬‬

‫إذا فاتت حتى تزول الشمس‪ ،‬وأحب قضاءها‪ ،‬قضاها متى أحب‪ ،‬وقيل ل‬
‫يقضيها إل من الغد قياسا ً على الجماعة إذا فاتتها الصلة‪ ،‬وهو قياس مع‬
‫الفارق‪ ،‬قال ابن قدامة‪" :‬لن ما يفعله تطوع فمتى أحب أتى به ‪ ...‬بخلف‬
‫الحالة الولى )أي الجماعة إذا فاتها العيد( التي يعتبر لها شروط العيد‪،‬‬
‫ومكانه وصفة صلته‪ ،‬فاعتبر لها الوقت")]‪.([80‬‬
‫أين يقضيها؟‬
‫قيل لبي عبد الله‪ :‬أين ُيصلي؟ )أي من فاتته الصلة( قال‪ :‬إن شاء مضى‬
‫إلى المصلى‪ ،‬وإن شاء حيث شاء)]‪.([81‬‬

‫‪95‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫صفة القضاء‪:‬‬
‫يقضيها ركعتين كصلة المام يكبر فيها نحو تكبيرة ويجهر كجهره لما روى عن‬
‫أنس‪ ،‬أنه )كان إذا لم يشهد العيد مع المام بالبصرة جمع أهله ومواليه‪ ،‬ثم‬
‫قام عبد الله بن أبي عتبة موله فيصلى بهم ركعتين‪ ،‬يكبر فيهما()]‪([82‬؛‬
‫ولنه قضاء صلة فكان على صفتها كسائر الصلوات‪ ،‬وهي مخير‪ ،‬إن شاء‬
‫صلها وحده‪ ،‬وإن شاء في جماعة)]‪ ،([83‬وهذا مذهب الشافعي ورواية عن‬
‫مالك ورواية عن أحمد‪.‬‬
‫والمشهور في مذهب أحمد أن من فاتته صلة العيد صلى أربع ركعات‪،‬‬
‫كصلة التطوع‪ ،‬وهي المختارة عند محققي أصحابه‪ ،‬واختاره ابن قدامة في‬
‫المغني لقول ابن مسعود رضي الله عنه‪) :‬من فاته العيد مع المام فليصل‬
‫أربعًا()]‪ .([84‬قال المام أحمد‪ :‬يقوى ذلك حديث علي‪ ،‬أنه أمر رجل ً ُيصلى‬
‫بضعفة الناس أربعا ً ول يخطب‪ ،‬ولنه قضاء صلة العيد فكان أربعا ً كصلة‬
‫الجمعة)]‪.([85‬‬
‫قال الزين ابن المنير‪ :‬لكن الفرق ظاهر )أي بين العيد والجمعة( لن من‬
‫فاتته الجمعة يعود لفرضه من الظهر بخلف العيد)]‪.([86‬‬
‫وقال أبو حنيفة‪ ،‬وهي رواية عن أحمد‪ :‬يخير بين أن يصلي ركعتين أو أربعا‪ً.‬‬
‫وفرق بعضهم بين القضاء في المصلى وغيرها‪ ،‬وفي الجماعة وغيرها‪.‬‬
‫وذهب ابن رشد إلى أن أقرب القوال‪ :‬هما قول الشافعي وقول مالك)]‬
‫‪.([87‬‬
‫قال وأما سائر القاويل في ذلك فضعيف ل معنى له)]‪.([88‬‬
‫التكبير في العيدين‪:‬‬
‫يستحب للناس إظهار التكبير في ليلتي العيدين في مساجدهم‪ ،‬ومنازلهم‪،‬‬
‫مُلوا ْ ال ْعِد ّةَ‬ ‫وطرقهم‪ ،‬مسافرين كانوا أو مقيمين لظاهر قوله تعالى‪} :‬وَل ِت ُك ْ ِ‬
‫م{ ]البقرة‪ .[185:‬وإظهاره يكون برفع الصوت به‪،‬‬ ‫داك ُ ْ‬‫ما هَ َ‬‫ه عََلى َ‬ ‫وَل ِت ُك َب ُّروا ْ الل ّ َ‬
‫لما في ذلك من إظهار شعائر السلم وتذكير الغير‪ ،‬كما ثبت عن ابن عمر‬
‫أنه كان يكبر في قبته بمنى‪ ،‬يسمعه أهل المسجد فيكبرون ويكبر أهل‬
‫السواق حتى ترتج منى تكبيرًا)]‪.([89‬‬
‫وقت التكبير‪:‬‬
‫اختلف العلماء في ابتداء وانتهاء وقت التكبير في العيدين‪:‬‬
‫أ ‪ -‬وقته في عيد الفطر ‪:‬‬
‫قال مالك‪ :‬يكبر يوم الفطر دون ليلته‪ ،‬وانتهاؤه عنده إلى أن يخرج المام‪.‬‬
‫مُلوا ْ ال ْعِد ّةَ‬ ‫وعن أحمد والشافعي‪ :‬ابتداؤه من رؤية الهلل لقوله تعالى‪} :‬وَل ِت ُك ْ ِ‬
‫م{ الية‪ ،‬وإكمال العدة يكون بغروب الشمس من‬ ‫داك ُ ْ‬‫ما هَ َ‬‫ه عََلى َ‬ ‫وَل ِت ُك َب ُّروا ْ الل ّ َ‬
‫ليلة العيد‪ ،‬وفي انتهائه عند أحمد روايتان‪ ،‬إحداهما‪ :‬إذا خرج المام‪ ،‬وهو قول‬
‫الشافعي أيضًا‪.‬‬
‫ب ‪ -‬وقته في الضحى‪:‬‬
‫اختلفوا فيه كذلك على أقوال‪ ،‬ولم يثبت في شيء من ذلك عن النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم حديث‪ ،‬وأصحها كمال قال الحافظ في الفتح‪ ،‬قول علي وابن‬
‫مسعود)]‪ ([90‬أنه من صبح يوم عرفة إلى عصر آخر أيام منى وهو الثالث‬
‫عشر من ذي الحجة‪ .‬وهذا قول أحمد وأبي حنيفة‪ ،‬والراجح من مذهب‬
‫الشافعي)]‪.([91‬‬
‫وهذا في التكبير المطلق‪ ،‬ويكون على كل حال في السواق وغيرها‪ ،‬وفي‬
‫كل زمان‪.‬‬
‫أما المقيد الذي يكون عقيب الصلوات فيشرع في عيد الضحى بل خلف‪،‬‬

‫‪96‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وهل يشرع في عيد الفطر؟ قولن أصحهما أنه ل يشرع لعدم ورود الخبرية‪،‬‬
‫وهو ظاهر كلم أحمد وجمهور الشافعية‪.‬‬
‫وإذا نسي المام التكبير كبر المأموم‪ ،‬وهذا قول الثوري‪ ،‬ذكره ابن قدامة في‬
‫المغني)]‪.([92‬‬
‫والمسبوق ببعض الصلة يكبر إذا فرغ من قضاء ما فاته‪ ،‬نص عليه أحمد‪ ،‬وهو‬
‫قول أكثر أهل العلم‪.‬‬
‫ً‬
‫حكم التكبير لمن صلى منفردا في هذه الوقات‪:‬‬
‫الجمهور أن المنفرد يكبر بعد الصلة لنه ذكر مستحب للمسبوق‪ ،‬فاستحب‬
‫للمنفرد‪ ،‬وهو قول مالك والشافعية ورواية عن أحمد‪.‬‬
‫والمشهور من مذهب أحمد أن المنفرد ل يكبر لقول ابن مسعود‪ :‬إنما التكبير‬
‫على من صلى في جماعة)]‪ .([93‬وكذا نقل عن ابن عمر أنه كان ل يكبر إذا‬
‫صلى وحده‪ ،‬وهو قول أبي حنيفة‪.‬‬
‫حكم التكبير خلف النوافل‪:‬‬
‫الجمهور أنه ل يكبر خلف النوافل‪.‬‬
‫والراجح عن أصحاب الشافعي جوازه‪ ،‬ورجحه ابن حجر في الفتح‪.‬‬
‫هل يكبر عقيب صلة العيد؟‬
‫ظاهر كلم أحمد أنه يكبر‪ ،‬لنها صلة مفروضة في جماعة فأشبهت الفجر‪،‬‬
‫واختاره صاحب المغني)]‪ .([94‬وقيل ل يسن لن الثر إنما جاء في‬
‫المكتوبات‪.‬‬
‫حكم تكبير النساء‪:‬‬
‫روايتان عن أحمد‪ ،‬الولى‪ :‬يكبرن‪ ،‬وكان النساء يكبرن خلف أبان بن عثمان‪،‬‬
‫وعمر بن عبد العزيز ليالي التشريق مع الرجال في المسجد)]‪.([95‬‬
‫وينبغي لهن أن يخفضن أصواتهن حتى ل يسمعهن الرجال‪.‬‬
‫والرواية الثانية عند أحمد‪ :‬ل يكبر؛ لن التكبير ذكر يشرع فيه رفع الصوت‬
‫فلم يشرع في حقهن كالذان‪.‬‬

‫)‪(12 /‬‬

‫وسبق من حديث أم عطية مشروعيته في حق الحّيض‪ ،‬فهو في حق غيرهن‬


‫آكد‪ .‬والله أعلم‪.‬‬
‫قال الحافظ في الفتح في تعليقه على الثار التي ساقها البخاري في التكبير‬
‫أيام العيدين‪" :‬وقد اشتملت هذه الثار على وجود التكبير في تلك اليام عقب‬
‫الصلوات وغير ذلك من الحوال وفيه اختلف بين العلماء في مواضع‪ ،‬فمنهم‬
‫من قصر التكبير على أعقاب الصلوات‪ ،‬ومنهم من خص ذلك بالمكتوبات دون‬
‫النوافل‪ ،‬ومنهم من خصه بالرجال دون النساء‪ ،‬وبالجماعة دون المنفرد‬
‫وبالمؤداة دون المقضية‪ ،‬وبالمقيم دون المسافر‪ ،‬وبساكن المدن دون‬
‫القرية‪ ،‬وظاهر اختيار البخاري شمول ذلك للجميع والثار التي ذكرها‬
‫تساعده")]‪.([96‬‬
‫صيغة التكبير‪ :‬حكم التكبير الجماعي‪:‬‬
‫سبق بحث هاتين المسألتين )ص ‪.(22 ،21 ،20‬‬
‫العتماد في الخطبة على ترس أو نحوه‪:‬‬
‫ً‬
‫عن البراء أن النبي صلى الله عليه وسلم ُنوول يوم العيد قوسا فخطب‬
‫عليه)]‪.([97‬‬
‫قال الشوكاني‪) :‬الحديث فيه مشروعية العتماد على سيف أو عصى حال‬

‫‪97‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الخطبة‪ ،‬قيل‪ :‬والحكمة في ذلك الشتغال عن العبث‪ ،‬وقيل‪ :‬إنه أربط‬


‫للجأش(‪.‬‬
‫)]‪ ([1‬متفق عليه‪ ،‬أخرجه البخاري في‪ :‬كتاب الصوم‪ ،‬باب‪ :‬صوم يوم الفطر‪،‬‬
‫وفي كتاب الضاحي‪ :‬باب ما يؤكل من لحوم الضاحي )الفتح ‪،3/280‬‬
‫‪ ،(10/26‬وأخرجه مسلم في‪ :‬كتاب الصيام‪ ،‬باب‪ :‬النهي عن صوم يوم الفطر‬
‫ويوم الضحى )‪.(2/799‬‬
‫)]‪ ([2‬انظر صحيح مسلم بشرح النووي )‪.(8/15‬‬
‫)]‪ ([3‬انظر‪ :‬نيل الوطار )‪.(4/262‬‬
‫)]‪ ([4‬متفق عليه‪ ،‬أخرجه البخاري في صحيحه في أكثر من موضع‪ ،‬في‬
‫الحيض باب‪ :‬شهود الحائض العيدين )الفتح ‪ ،(1/504‬وفي العيدين باب خروج‬
‫النساء والحيض إلى المصلى )‪ ،(2/537‬وفي غيرهما‪ ،‬وأخرجه مسلم في‬
‫العيدين باب‪ :‬ذكر إباحة خروج النساء في العيدين إلى المصلى وشهود‬
‫الخطبة مفارقات للرجال )صحيح مسلم ‪ ،(2/605‬والعواتق‪ :‬جمع عاتق‪ ،‬وهي‬
‫النثى أول بلوغها ولم تتزوج بعد‪ ،‬والخدور‪ :‬البيوت‪ ،‬وقيل ستر يكون في‬
‫ناحية‪.‬‬
‫)]‪ ([5‬فتح الباري )‪.(2/545‬‬
‫)]‪ ([6‬انظر أيضا ً في بحث لهذه المسألة المغني )‪ (3/260‬والمجموع )‬
‫‪.(5/524‬‬
‫)]‪ ([7‬انظر المجموع شرح المهذب )‪.(5/524‬‬
‫)]‪ ([8‬وضعفه اللباني في ضعيف سنن أبي داود ح )‪.(248‬‬
‫)]‪ ([9‬سبق تخريجه )ص ‪ .(7‬والجلباب هو ثوب أقصر وأعرض من الخمار‬
‫تغطى به المرأة رأسها‪ ،‬وقيل هو ثوب واسع دون الرداء تغطى به صدرها‬
‫وظهرها‪ ،‬وقيل‪ :‬هو كالملئه والملحفة‪ ،‬وقيل‪ :‬هو الزار الذي يجلل جميع‬
‫البدن وليس الحقو فقط‪ ،‬وقيل‪ :‬الخمار‪) .‬انظر لسان العرب لبن منظرو‬
‫‪ ،(1/650‬والنهاية في غريب الحديث والثر لبن الثير )‪.(1/283‬‬
‫)]‪ ([10‬نيل الوطار )‪.(3/288‬‬
‫)]‪ ([11‬أخرجه أبو داود وغيره‪ ،‬وهو في صحيح سنن أبي داود لللباني ح )‬
‫‪.(529‬‬
‫)]‪ ([12‬فتح الباري )‪.(1/505‬‬
‫)]‪ ([13‬صحيح مسلم بشرح النووي )‪.(3/179‬‬
‫)]‪ ([14‬فتح الباري )‪.(1/505‬‬
‫)]‪ ([15‬صحيح مسلم بشرح النووي )‪.(6/179‬‬
‫)]‪ ([16‬فتح الباري )‪.(2/540‬‬
‫)]‪ ([17‬إرواء الغليل )‪.(1/176‬‬
‫ً‬
‫)]‪ ([18‬لحديث أم سلمة عند مسلم وغيره مرفوعا‪) .‬إذا رأيتم هلل ذي‬
‫الحجة‪ ،‬وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره وأظفاره(‪ ،‬وفي رواية‪:‬‬
‫)فل يأخذ من شعره ول من أظفاره حتى يضحى(‪ ،‬ول بأس بغسل الرأس‬
‫ودلكه ولو سقط منه شيء من الشعر‪.‬‬
‫)]‪ ([19‬أثر الحسن بن علي رضي الله عنه‪) :‬أمرنا رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم أن نتطيب بأجود ما نجده في العيد( رواه الطبراني في الكبير‪،‬‬
‫والحاكم في مستدركه‪ ،‬وفي إسناده إسحاق بن بزرج مجهول كما ذكر‬
‫الحافظ في التلخيص‪.‬‬
‫)]‪ ([20‬أحكام العيدين للفريابي )ص ‪.(83‬‬
‫)]‪ ([21‬متفق عليه‪ ،‬أخرجه البخاري في كتاب العيدين باب‪ :‬في العيد‬

‫‪98‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫والتجمل فيه‪ ،‬وفي الجهاد باب‪ :‬التجمل للوفود‪ ،‬وفي غيرهما ) فتح الباري‬
‫‪ ،(6/198 ،2/509‬وأخرجه مسلم في كتاب اللباب‪ ،‬باب‪ :‬تحريم استعمال إناء‬
‫الذهب ‪ ..‬الخ‪) ،‬صحيح مسلم ‪.(3/1639‬‬
‫)]‪ ([22‬المغنى )‪.(3/257‬‬
‫)]‪ ([23‬أسئلة وأجوبة في صلة العيدين‪ ،‬لبن عثيمين )ص ‪.(10‬‬
‫)]‪ ([24‬انظر في المسألة )المغني ‪ ،(3/258‬وفتح العزيز شرح الوجيز‬
‫للرافعي بحاشية المجموع )‪.(5/21‬‬
‫)]‪ ([25‬فتح الباري )‪.(2/519‬‬
‫)]‪ ([26‬إسناده صحيح )المشكاة ح ‪.(1440‬‬
‫)]‪ ([27‬صحيح سنن ابن ماجه ح)‪.(1071‬‬
‫)]‪ ([28‬حديث جابر هو )أن النبي صلى الله عليه وسلم قام فبدأ بالصلة ثم‬
‫خطب الناس بعد‪ ،‬فلما فرغ نزل فأتى النساء فذكرهن وهو يتوكأ على يد‬
‫بلل( )الفتح )‪.(2/523‬‬
‫)]‪ ([29‬المصنف هو الشيرازي وقوله المشار إليه هو )ول بأس أن يركب في‬
‫العود لنه غير قاصد إلى قربه(‪ .‬المجموع )‪.(5/10‬‬
‫)]‪ ([30‬الرواء )‪.(3/123‬‬
‫)]‪ ([31‬الرواء ح)‪.(650‬‬
‫)]‪ ([32‬الرواء )‪.(3/122‬‬
‫)]‪ ([33‬تمام المنة )ص ‪.(356‬‬
‫)]‪ ([34‬فتح الباري )‪.(2/536‬‬
‫)]‪ ([35‬فتح الباري )‪.(2/534‬‬
‫)]‪ ([36‬متفق عليه‪ ،‬أخرجه البخاري في كتاب العيدين باب الخطبة بعد العيد‪،‬‬
‫وباب الصلة قبل العيد وبعدها وفي غيرهما )الفتح )‪ ،(552 ،2/526‬وأخرجه‬
‫مسلم في كتاب العيدين باب ترك الصلة قبل العيد وبعدها في المصلي‬
‫)صحيح مسلم ‪.(2/606‬‬
‫)]‪ ([37‬فتح الباري )‪.(2/552‬‬

‫)‪(13 /‬‬

‫)]‪ ([38‬المصدر السابق )‪.(2/552‬‬


‫)]‪ ([39‬الرواء )‪.(3/100‬‬
‫)]‪ ([40‬أسئلة وأجوبة في صلة العيدين )ص ‪.(12‬‬
‫)]‪ ([41‬رواه البخاري تعليقا ً بصيغة الجزم‪) .‬الفتح ‪ ،(2/568‬وقوله‪ :‬حين‬
‫التسبيح‪ :‬أي وقت صلة السبحة وهي النافلة‪.‬‬
‫)]‪ ([42‬انظر تعليق الشيخ على فتح الباري )‪.(2/525‬‬
‫)]‪ ([43‬أخرجه أحمد بإسناد صحيح )الرواء ص ‪.(638‬‬
‫)]‪ ([44‬رواه أبو داود والفريابي وغيرهما‪ ،‬وفي إسناده ابن لهيعة مختلف فيه‪،‬‬
‫ورواية العبادلة عنه مقبولة على الصحيح‪ ،‬وهذا من رواية عبد الله بن وهب‬
‫عنه‪ ،‬وهو مخرج في الرواء )‪ ،(3/17‬وقال الشيخ اللباني حفظه الله بعد أن‬
‫ساق عدة طرق للحديث‪ :‬وبالجملة فالحديث بهذه الطرق صحيح‪ ،‬ويؤيده‬
‫عمل الصحابة به )الرواء ‪.(3/110‬‬
‫)]‪ ([45‬سنن الدراقطني )‪.(2/46‬‬
‫)]‪ ([46‬الرواء )‪.(3/111‬‬
‫)]‪ ([47‬انظر أحكام العيدين للفرياني )ص ‪.(164‬‬

‫‪99‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫)]‪ ([48‬الرواء )‪.(3/112‬‬


‫)]‪ ([49‬انظر‪ :‬سواطع القمرين في تخريج أحاديث أحكام العيدين )ص ‪.(165‬‬
‫)]‪ ([50‬الرواء )‪.(3/113) (641‬‬
‫)]‪ ([51‬قال اللباني‪ :‬إسناده ضعيف‪ ،‬الرواء ح )‪.(3/112) (640‬‬
‫)]‪ ([52‬سواطع القمرين )ص ‪.(183‬‬
‫)]‪ ([53‬صحيح‪ ،‬الرواء ح)‪.(632‬‬
‫)]‪ ([54‬الرواء )‪.(3/115‬‬
‫)]‪ ([55‬المغني )‪.(274-3/273‬‬
‫)]‪ ([56‬رواه النسائي وأبو داود وابن ماجه‪ ،‬وهو صحيح )الرواء ح ‪.(629‬‬
‫)]‪ ([57‬المجموع )‪.(24 ،5/23‬‬
‫)]‪ ([58‬المرجع السابق )‪.(25 ،5/24‬‬
‫)]‪ ([59‬قال اللباني في تمام المنة‪ :‬ومع أنه ل يدل على مشروعية افتتاح‬
‫خطبة العيد بالتكبير‪ ،‬فإن إسناده ضعيف ‪ ..‬فل يجوز الحتجاج به على سنية‬
‫التكبير في أثناء الخطبة )تمام المنة ص ‪.(351‬‬
‫)]‪ ([60‬قال اللباني في ضعيف سنن ابن ماجه‪ :‬منكرا ً سندا ً ومتنا‪ً،‬‬
‫والمحفوظ أن ذلك في خطبة الجمعة‪ ،‬ضعيف سنن ابن ماجه )ص ‪.(94‬‬
‫)]‪ ([61‬فقه السنة )‪.(1/271‬‬
‫)]‪ ([62‬فتح الباري ) ‪.(2/522‬‬
‫)]‪ ([63‬نيل الوطار )‪.(3/304‬‬
‫)]‪ ([64‬فتح الباري )‪.(522 ،2/520‬‬
‫)]‪ ([65‬مذهب الشافعي سقوطها عن أهل القرى‪ ،‬ول تسقط عن أهل البلد‪،‬‬
‫وقال أبو حنيفة ل تسقط عن أهل البلد ولهل القرى‪) .‬المجموع ‪.(4/492‬‬
‫)]‪ ([66‬رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه وغيرهم‪ ،‬وصححه اللباني‬
‫بشواهده‪) .‬تمام المنة ص ‪.(344‬‬
‫)]‪ ([67‬رواه أبو داود‪ ،‬وهو في صحيح سنن أبي داود لللباني ح)‪.(948‬‬
‫)]‪ ([68‬صحيح سنن النسائي ح)‪.(1501‬‬
‫)]‪ ([69‬صحيح سنن أبي داود )‪.(947‬‬
‫)]‪ ([70‬نيل الوطار )‪.(3/283‬‬
‫)]‪ ([71‬نيل الوطار )‪.(3/283‬‬
‫)]‪ ([72‬المغني )‪.(3/243‬‬
‫)]‪ ([73‬نيل الوطار )‪.(3/283‬‬
‫)]‪ ([74‬فقه السنة )‪.(1/267‬‬
‫)]‪ ([75‬صحيح سنن ابن ماجه ح)‪.(1465‬‬
‫)]‪ ([76‬المغني )‪.(3/286‬‬
‫)]‪ ([77‬مجموع الفتاوى )‪.(24/182‬‬
‫)]‪ ([78‬المرجع السابق )‪.(24/186‬‬
‫)]‪ ([79‬فتح الباري )‪.(2/550‬‬
‫)]‪ ([80‬المغني )‪.(287 ،3/286‬‬
‫)]‪ ([81‬المغني )‪.(3/285‬‬
‫)]‪ ([82‬أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه باب الرجل تفوته الصلة في العيد‬
‫كما يصلي‪ ،‬ورواه البيهقي تعليقا ً كما في الرواء وإسنادهما ضعيف‪) .‬الرواء‬
‫‪.(121 ،3/120‬‬
‫)]‪ ([83‬المغني )‪.(3/284‬‬
‫)]‪ ([84‬قال الحافظ في الفتح‪ :‬أخرجه سعيد بن منصور بسند صحيح )الفتح‬

‫‪100‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫‪ ،(2/550‬وأخرجه أيضا ً ابن أبي شيبة والطبراني في الكبير وقال الهيثمي‪:‬‬


‫)ورجاله ثقات(‪ .‬وتعقبه اللباني بقوله‪ :‬ولكنه منقطع لن الشعبي لم يسمع‬
‫من ابن مسعود كما قال الدارقطني والحاكم‪) .‬الرواء ‪.(3/121‬‬
‫)]‪ ([85‬المغني )‪.(3/284‬‬
‫)]‪ ([86‬الفتح )‪.(2/550‬‬
‫)]‪ ([87‬أي في المشهور عنه‪ ،‬وهو أنه ل قضاء عليه أص ً‬
‫ل‪.‬‬
‫)]‪ ([88‬بداية المجتهد )‪.(1/220‬‬
‫)]‪ ([89‬رواه البخاري تعليقا ً بصيغة الجزم )الفتح ‪.(2/534‬‬
‫)]‪ ([90‬أثر علي رواه ابن أبي شيبة من طريقين أحدهما جيد‪ ،‬ومن هذا الوجه‬
‫رواه البيهقي‪ ،‬وروى مثله عن ابن عباس بإسناد صحيح‪ ،‬وأثر ابن مسعود رواه‬
‫الحاكم‪) .‬انظر الرواء ‪.(3/125‬‬
‫)]‪ ([91‬انظر في هذه المسألة‪) :‬رحمة المة في اختلف الئمة )ص ‪،(61‬‬
‫وفتح الباري )‪ ،(2/536‬وفقه السنة )‪.(1/274‬‬
‫)]‪ ([92‬المغني )‪.(3/293‬‬
‫)]‪ ([93‬رواه ابن المنذر‪ ،‬وقال اللباني‪ :‬لم أقف على إسناده‪) .‬الرواء‬
‫‪.(3/124‬‬
‫)]‪ ([94‬المغني )‪.(3/293‬‬
‫)]‪ ([95‬رواه البخاري تعليقا ً بصيغة الجزم )‪.(2/534‬‬
‫)]‪ ([96‬الفتح )‪.(2/535‬‬
‫)]‪ ([97‬أبو داود )‪ ،(1145‬وحسنه اللباني في صحيح سنن أبي داود )‪.(1014‬‬
‫حكم صلة العيدين ‪:‬‬
‫اتفق الفقهاء على مشروعية صلة العيدين‪ ،‬واختلفوا في حكمها على أقوال‪:‬‬
‫القول الول‪:‬‬
‫تجب صلة العيدين على من تجب عليه الجمعة ‪.‬‬
‫وهو رواية عن أبي حنيفة‪ ،‬وقول محمد بن الحسن‪ ،‬والشافعي‪ ،‬ورجحه من‬
‫الحنفية ابن الُهمام)]‪.([1‬‬
‫القول الثاني ‪:‬‬
‫أّنها سنة مؤكدة ‪.‬‬
‫وهو قول مالك‪ ،‬والشافعي وكثير من أصحابهما)]‪.([2‬‬
‫القول الثالث‪:‬‬
‫إّنها فرض كفاية ‪.‬‬
‫وهو قول بعض الشافعية‪ ،‬وهو مذهب المام أحمد‪ ،‬وعليه أكثر أصحابه‪.‬‬
‫قال المرداوي‪" :‬هذا المذهب وعليه أكثر الصحاب")]‪.([3‬‬
‫القول الرابع‪:‬‬
‫إّنها فرض عين على الرجال والنساء ‪.‬‬
‫وهو رواية عن أحمد‪ ،‬ومذهب بعض المالكية‪ ،‬واختيار شيخ السلم ابن تيمية‪،‬‬
‫وابن القّيم‪ ،‬والشيخ السعدي‪ ،‬وابن عثيمين)]‪.([4‬‬
‫أدلة القوال ‪:‬‬

‫)‪(14 /‬‬

‫أدلة أصحاب القول الول‪:‬‬


‫م {‪.‬‬ ‫ُ‬
‫داك ْ‬
‫ما هَ َ‬ ‫َ‬
‫ه عَلى َ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬
‫‪ -1‬قوله تعالى‪ } :‬وَل ِت ُك َب ُّروا الل َ‬
‫حْر {‪.‬‬ ‫ك َوان ْ َ‬ ‫ل ل َِرب ّ َ‬ ‫‪ -2‬قوله تعالى‪ } :‬فَ َ‬
‫ص ّ‬

‫‪101‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ك { صلة العيد يوم‬ ‫ل ل َِرب ّ َ‬ ‫قال الضحاك وقتادة وعطاء وعكرمة } فَ َ‬


‫ص ّ‬
‫حْر { نسكك )]‪.([5‬‬ ‫الضحى‪َ } ،‬وان ْ َ‬
‫قال الحسن‪" :‬نحر البدن‪ ،‬والصلة يوم النحر")]‪.([6‬‬
‫قال الجصاص ‪":‬هذا التأويل يتضمن معنيين‪ ،‬أحدهما‪ :‬إيحاب الضحى‪ ،‬والثاني‬
‫وجوب الضحية")]‪.([7‬‬
‫قال القرافي‪" :‬جمهور المفسرين على أنها صلة العيد‪ ،‬وظاهره الوجوب" )]‬
‫‪.([8‬‬
‫ك لها)]‪.([9‬‬‫‪ -3‬مواظبة النبي صلى الله عليه وسلم على فعلها من غير تر ٍ‬
‫م {؛ فل يستقيم لهم؛ لن المراد‬ ‫داك ُ ْ‬ ‫ما هَ َ‬ ‫ه عََلى َ‬ ‫ما دليلهم } وَل ِت ُك َب ُّروا ْ الل ّ َ‬ ‫أ ّ‬
‫بالتكبير التكبير ليلة العيد ويومه‪ ،‬ل صلة العيد‪ ،‬قال ابن عباس‪) :‬حقّ على‬
‫المسلمين إذا نظروا إلى هلل شوال أن يكبروا الله حتى يفرغوا من عيدهم(‬
‫)]‪.([10‬‬
‫فإيجاب صلة العيد منه غير ظاهر فيه)]‪.([11‬‬
‫أدلة أصحاب القول الثاني‪:‬‬
‫‪ -1‬أّنه ليس من سنتها الذان‪.‬‬
‫ي غير‬‫‪ -2‬قول النبي صلى الله عليه وسلم للعرابي الذي سأله هل عل ّ‬
‫الصلوات الخمس‪)) :‬ل إل أن تطوع(()]‪.([12‬‬
‫أدلة أصحاب القول الثالث‪:‬‬
‫‪ -1‬أّنها من شعائر السلم الظاهرة ‪.‬‬
‫حْر { ]الكوثر‪.[3 :‬‬ ‫ك َوان ْ َ‬ ‫ل ل َِرب ّ َ‬
‫ص ّ‬‫‪ -2‬ظاهر قوله تعالى‪ } :‬فَ َ‬
‫‪ -3‬أّنه لو أجمع أهل بلد على تركها قوتلوا عليها ‪.‬‬
‫أدلة أصحاب القول الرابع‪:‬‬
‫حديث أم عطية‪ :‬أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نخرجهن في‬
‫ما الحيض فيعتزلن‬ ‫حّيض وذوات الخدود‪ ،‬فأ ّ‬ ‫الفطر والضحى العواتق وال ُ‬
‫الصلة ويشهدن الخير ودعوة المسلمين‪ ،‬قلت‪ :‬يا رسول الله‪ ،‬إحدانا ل يكون‬
‫لها جلباب ؟ قال‪)) :‬لتلبسها أختها من جلبابها(( )]‪.([13‬‬
‫إضافة إلى أدلة القائلين بالوجوب ‪.‬‬
‫الترجيح ‪:‬‬
‫والراجح القول الرابع‪ ،‬الذي هو رواية في مذهب أحمد‪ ،‬واختيار شيخ السلم‬
‫ابن تيمية‪ ،‬وابن القيم )]‪.([14‬‬
‫ن العراب‬ ‫ما قول النبي صلى الله عليه وسلم‪)) :‬ل إل أن تطوع((؛ فيجاب بأ ّ‬ ‫أ ّ‬
‫ل تجب عليهم إقامة جمعة ول عيد‪.‬‬
‫والفرق بين هذا القول وبين قول أبي حنيفة ومحمد بن الحسن والشافعي‬
‫من وجبت عليه الجمعة؛ هو عدم إيجابهم إّياها على‬ ‫القائلين بوجوبها على َ‬
‫ما العيد فلم يرخص النبي‬ ‫ن المرأة ل يجب عليها حضور الجمعة‪ ،‬أ ّ‬ ‫المرأة‪ ،‬ل ّ‬
‫صلى الله عليه وسلم للنساء‪ ،‬قالت أم عطية‪ :‬يا رسول الله إحدانا ل يكون‬
‫لها جلباب‪ ،‬قال‪)) :‬لتلبسها أختها من جلبابها(()]‪.([15‬‬
‫ن النبي صلى الله‬ ‫ما قول من قال بأّنها سنة مؤكدة‪ ،‬فهو قول ضعيف‪ ،‬فإ ّ‬ ‫وأ ّ‬
‫ك‪ ،‬ولم يعرف‬ ‫عليه وسلم وخلفاؤه من بعده داوموا على فعلها من غير تر ٍ‬
‫قط دار إسلم يترك فيها صلة العيد‪ ،‬وهو من أعظم شعائر السلم‪.‬‬
‫ما قول من قال بأّنها فرض كفاية‪ ،‬فمردود بأن فرض الكفاية يكون فيما‬ ‫وأ ّ‬
‫تحصل مصلحته بفعل البعض‪ ،‬كدفن المّيت‪ ،‬وقهر العدو‪ ،‬وليس يوم العيد‬
‫مصلحة معينة يقوم بها البعض‪ ،‬بل صلة يوم العيد شرع لها الجتماع أعظم‬
‫من الجمعة‪ ،‬وتقدير العدد فيها تحكم‪ ،‬فليس لحد أن يتخلف عن الصلة إل‬

‫‪102‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫لعجزه عنها‪ ،‬وإن جاز له التخلف عن الجمعة لسفر أو أنوثة‪ ،‬والله أعلم)]‬
‫‪.([16‬‬
‫* مراجع المسألة‪:‬‬
‫فتح القدير )‪ ،(70/ 2‬الصل )‪ ،(1/335‬الدر المختار )‪ ،(2/167‬مجمع النهر )‬
‫‪ ،(172 /1‬المبسوط )‪ ،(2/37‬الرسالة الفقهية )ص‪ ،(144 :‬المعونة )‬
‫‪ ،(1/320‬عقد الجواهر )‪ ،(241 /1‬الذخيرة )‪ ،(2/417‬الم‬
‫)‪ ،(1/213‬الحاوي )‪ ،(2/483‬المجموع )‪ ،(3 ،5/2‬نهاية المحتاج )‪،(2/385‬‬
‫البيان )‪ ،(2/624‬روضة الطالبين )‪ ،(2/70‬شرح الزركشي )‪ ،(2/213‬المقنع‬
‫)‪ ،(5/316‬الشرح الكبير )‪ ،(5/316‬النصاف )‪ ،(5/316‬المستوعب )‪،(3/50‬‬
‫اختيارات ابن تيمية )‪ ،(1/254‬اختيارات ابن قدامة )‪ ،(1/432‬المغني )‪/3‬‬
‫‪ ،(253‬الشرح الممتع )‪ ،(5/151‬تحفة المحتاج )‪ ،(3/239‬العلم لبن الملقن‬
‫)‪.(4/194‬‬
‫حضور العبد والصبي صلة العيد‪:‬‬
‫ذهب محمد بن الحسن إلى أّنه ل يجب على العبد حضور العيدين ‪ .‬وهو قول‬
‫ي )]‪.([17‬‬ ‫مالك‪ ،‬والشافع ّ‬
‫وعلى القول بوجوب صلة العيد على العيان‪ ،‬ل يبعد القول بوجوبها على‬
‫العبد‪ ،‬كما أشار إلى ذلك شيخ السلم )]‪.([18‬‬
‫م دليل على إسقاط حضور العيد على العبد‪ ،‬والله أعلم ‪.‬‬ ‫وليس ث َ ّ‬
‫ويستحب إخراج الصبيان بغير خلف في المسألة ‪.‬‬
‫لحديث ابن عباس قيل له‪ :‬أشهدت العيد مع النبي صلى الله عليه وسلم ؟‬
‫قال‪ :‬نعم‪ ،‬ولول مكاني من الصغر ما شهدته‪ ،‬حتى أتى العلم الذي عند دار‬
‫كثير بن الصلت‪ ،‬فصّلى ثم خطب‪ ،‬ثم أتى النساء ومعه بلل فوعظه ّ‬
‫ن‬
‫ن بالصدقة‪ ،‬فرأيتهن يهوين بأيديهن يقذفنه في ثوب بلل‪ ،‬ثم‬ ‫كرهن وأمره ّ‬ ‫وذ ّ‬
‫انطلق هو وبلل إلى بيته)]‪.([19‬‬
‫قال ابن حجر‪" :‬فهو شامل لمن تقع منهم الصلة‪ ،‬أو ل")]‪.([20‬‬
‫ي والصحاب على استحباب حضور الصبيان‬ ‫ص الشافع ّ‬‫ي‪" :‬اتفق ن ّ‬ ‫قال النوو ّ‬
‫الممّيزين صلة العيد" )]‪.([21‬‬
‫ً‬
‫ب إخراجهم ُذكراًنا وإناثا" )]‪.([22‬‬ ‫ما الصبيان فُيستح ّ‬
‫ي‪" :‬وأ ّ‬‫قال الماورد ّ‬
‫)‪(15 /‬‬

‫ل الفرح المطلوب في هذا‬ ‫ن في إخراجهم إظهاًرا لشعائر السلم‪ ،‬واكتما َ‬ ‫ل ّ‬


‫حّيض أمرن بالخروج‪ ،‬وهن ل يصلين‪ ،‬والله‬ ‫اليوم‪ ،‬وليس لجل الصلة‪ ،‬فال ُ‬
‫أعلم ‪.‬‬
‫* مراجع المسألة ‪:‬‬
‫الصل )‪ ،(1/343‬الحجة )‪ ،(1/306‬المبسوط )‪ ،(2/41‬بدائع الصنائع )‬
‫‪ ،(1/275‬المدونة )‪ ،(1/368‬عقد الجواهر )‪ ،(1/241‬الذخيرة )‪ ،(2/417‬الم‬
‫)‪ ،(1/206‬الحاوي )‪ ،(483 /2‬المجموع )‪ ،(8 /5‬فتح العزيز )‪ ،(24 /5‬البيان )‬
‫‪ ،(2/630‬التمام )‪ ،(1/246‬مسائل أحمد لصالح )ص‪ ،(402 :‬الشرح الكبير )‬
‫‪ ،(328 /5‬المستوعب )‪ ،(54 /3‬النصاف )‪ ،(5/328‬المغني )‪،(3/263‬‬
‫العلم )‪.(4/251‬‬
‫قضاء الصلة لمن فاتته ‪:‬‬
‫هل تقضى صلة العيد أم ل ؟‬
‫اختلف أهل العلم في هذه المسألة على أقوال ستة‪:‬‬

‫‪103‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫القول الول‪:‬‬
‫أن من فاتته صلة العيد ل يقضيها؛ لنها ل تعرف إل على صفة الجتماع‪،‬‬
‫ويصلى بدلها إن شاء صلة الضحى ركعتين أو أربًعا ‪.‬‬
‫وهو قول الحنفية )]‪ ،([23‬وقول عن مالك )]‪ ،([24‬وبعض الشافعية‪،‬‬
‫والحنابلة )]‪.([25‬‬
‫القول الثاني ‪:‬‬
‫لها المام ‪.‬‬ ‫ن من فاتته صلة العيدين يقضيها على صفتها كما ص ّ‬ ‫أ ّ‬
‫وهو قول النخعي‪ ،‬والشافعي )]‪ ،([26‬ومالك )]‪ ،([27‬وأبي ثور )]‪،([28‬‬
‫والبخاري )]‪ ،([29‬وهو مذهب أحمد‪ ،‬وعليه أكثر أصحابه )]‪.([30‬‬
‫وحكاه ابن رجب عن أبي حنيفة )]‪ ،([31‬والنووي عن الحنفية )]‪ ،([32‬وقد‬
‫تقدم النقل عنهم بخلف هذا ‪.‬‬
‫القول الثالث ‪:‬‬
‫ن من فاتته صلة العيدين يصلى أربع ركعات قضاء‪ ،‬وهو مخيٌر بين أن‬ ‫أ ّ‬
‫م‪ ،‬أو سلمين ‪.‬‬ ‫ن بسل ٍ‬ ‫يصليه ّ‬
‫وهو قول الشعبي)]‪ ،([33‬ورواية عن المام أحمد‪ ،‬اختارها بعض أصحابه)]‬
‫‪.([34‬‬
‫القول الرابع ‪:‬‬
‫قا بل تكبير ‪.‬‬ ‫ن من فاتته صلة العيدين يصلي ركعتين مطل ً‬ ‫أ ّ‬
‫وهو قول عطاء )]‪ ،([35‬وأبي عياض )]‪ ،([36‬وابن الحنفية )]‪ ،([37‬وعكرمة‬
‫)]‪ ،([38‬والوزاعي )]‪.([39‬‬
‫ل لمالك‪ ،‬ورواية عن أحمد )]‪.([40‬‬ ‫وقو ٌ‬
‫القول الخامس ‪:‬‬
‫ن من فاتته صلة العيدين إن كانوا جماعة صلوا ركعتين كصلة المام‪ ،‬وإن‬ ‫أ ّ‬
‫ّ‬
‫كان منفرًدا صلى أربًعا ‪.‬‬
‫وهو قول إسحاق بن راهويه )]‪ ،([41‬وهو رواية عن المام أحمد )]‪.([42‬‬
‫القول السادس ‪:‬‬
‫أن من فاتته صلة العيد يخّير بين صلة ركعتين أو أربًعا كذلك ‪.‬‬
‫وهو قول الثوري )]‪ ،([43‬ورواية عن المام أحمد )]‪.([44‬‬
‫الدلة ‪:‬‬
‫أدلة القول الول ‪:‬‬
‫رعت على صورة معينة من الجتماع‪ ،‬فل تقضى مثل‬ ‫ن صلة العيد ُ‬
‫ش ِ‬ ‫‪ -1‬أ ّ‬
‫الجمعة إذا فاتت لم تقضى‪ ،‬وصلوا ظهًرا بدل ً عنها‪ ،‬ول بدل للعيد ‪.‬‬
‫خص للنساء في التخلف عن‬ ‫ن النبي صلى الله عليه وسلم لم ير ّ‬ ‫‪ -2‬وبأ ّ‬
‫ن(()]‪.([45‬‬ ‫حضورها‪ ،‬مع أّنه قال في الجمعة والجماعة‪)) :‬وبيوتهن خيٌر له ّ‬
‫ن التي تفوتها صلة العيد تقضيها في بيتها‪ ،‬ل على وجه الوجوب‪،‬‬ ‫ولم يذكر أ ّ‬
‫ول الستحباب‪.‬‬
‫أدلة القول الثاني ‪:‬‬
‫‪ -1‬بأّنها قضاء صلة فكانت على صفتها ‪.‬‬
‫‪ -2‬وبحديث النبي صلى الله عليه وسلم‪)) :‬من نام عن صلة أو نسيها‬
‫فليصلها إذا ذكرها‪ ،‬ل كفارة لها إل ّ ذلك(( )]‪.([46‬‬
‫‪ -3‬وبما روي عن أنس أّنه كان إذا فاته صلة العيد جمع أهله‪ ،‬وأمر موله؛‬
‫فصّلى ِبهم صلة المام )]‪.([47‬‬
‫أدلة القول الثالث ‪:‬‬
‫‪ -1‬استدل أصحاب هذا القول بأثر ابن مسعود رضي الله عنه قال‪) :‬من فاته‬

‫‪104‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫صلة العيد فليصل‬


‫أربًعا()]‪.([48‬‬
‫‪ -2‬وبما روي عن علي رضي الله عنه أّنه استخلف من يصلي بضعفة‬
‫المسلمين أربًعا )]‪.([49‬‬
‫ن الخطبتين في مقام الركعتين ‪.‬‬ ‫‪ -3‬وبأنها صلة بخطبة فأشبهت الجمعة‪ ،‬ل ّ‬
‫ما أثر عبد الله بن مسعود فمنقطع ضعيف‪.‬‬ ‫أ ّ‬
‫ما ما روي عن علي؛ فل يصح‪.‬‬ ‫وأ ّ‬
‫ن العيد ل بدل له ‪.‬‬
‫ما قياس ذلك على صلة الجمعة؛ فقياس ضعيف‪ ،‬ل ّ‬ ‫وأ ّ‬
‫أدلة القول الرابع ‪:‬‬
‫استدلوا بالثار الواردة عن عطاء وأبي عياض وابن الحنفية وعكرمة‬
‫والوزاعي ‪.‬‬
‫ن قضاءها‬ ‫َ‬
‫وهذه الثار ل حجة فيها؛ لنها مخالفة من غيرهم‪ ،‬ممن يرون أ ّ‬
‫يكون بأربع أو بالتخيير ‪.‬‬
‫أدلة القول الخامس ‪:‬‬
‫حجة أصحاب هذا أّنهم إذا كانوا جماعة صلوا ركعتين كركعتي المام‪ ،‬ما روي‬
‫عن أنس بن مالك أّنه كان يجمع مع أهله ويأمر موله أن يصلي بهم صلة‬
‫المام)]‪.([50‬‬
‫ما إذا كان منفرًدا صلى أربًعا لقول ابن مسعود السابق ‪.‬‬ ‫وأ ّ‬
‫وقد مضى الكلم على الثرين ‪.‬‬
‫صا عليه من قبلهم‪ ،‬وقولهم يشبه‬ ‫ولم أجد لهل القول السادس دليل ً منصو ً‬
‫ن الركعتين أو الربع صلة الضحى‪،‬‬ ‫صوا على أ ّ‬
‫ن الحنفية ن ّ‬‫قول الحنفية؛ إل أ ّ‬
‫وليست قضاء ‪.‬‬
‫الترجيح‪:‬‬
‫ن صلة العيد ل تقضى‪،‬‬ ‫والذي يترجح ‪ -‬والله أعلم ‪ -‬مذهب الحنفية القائلين بأ ّ‬
‫رعت على هيئة الجتماع العام‪ ،‬ول تشرع بغيرها‪ ،‬وهي كالجمعة ل‬ ‫لّنها ُ‬
‫ش ِ‬
‫تقضى على صفتها‪ ،‬وإنما يصلون الظهر‪ ،‬لّنها بدل عنها‪ ،‬والعيد ل بدل له‬
‫يصلى في وقته‪ ،‬فإن شاؤوا صلوا الضحى‪ ،‬وهذا اختيار شيخ السلم )]‪،([51‬‬
‫ورجحه ابن عثيمين)]‪ ،([52‬والله أعلم ‪.‬‬
‫* مراجع المسألة ‪:‬‬

‫)‪(16 /‬‬

‫شرح فتح القدير )‪ ،(2/46‬الكتاب )‪ ،(342 ،339 ،1/338‬حاشية ابن عابدين‬


‫)‪ ،(2/176‬مجمع النهر )‪ ،(1/173‬المبسوط )‪ ،(2/39‬بدائع الصنائع )‬
‫‪ ،(1/279‬المدونة )‪ ،(1/155‬الكافي )‪ ،(1/265‬بداية المجتهد )‪ ،(1/511‬عقد‬
‫الجواهر )‪ ،(1/244‬الم )‪ ،(1/399‬المجموع )‪ ،(5/29‬الحاوي )‪،(2/497‬‬
‫البيان )‪ ،(2/651‬شرح الزركشي )‪ ،(2/234‬المقنع )‪ ،(5/364‬الشرح الكبير )‬
‫‪ ،(5/364‬النصاف )‪ ،(5/364‬المستوعب )‪ ،(3/61‬الشرح الممتع )‪.(5/207‬‬
‫)]‪ ([1‬المبسوط )‪ ،(2/37‬مجمع النهر )‪ ،(1/172‬الصل )‪ ،(1/335‬الم )‬
‫‪ (1/399‬ط دار الكتب العلمية‪ ،‬الحاوي )‪ ،(2/104‬شرح فتح القدير )‪(2/40‬‬
‫ط التراث‪.‬‬
‫)]‪ ([2‬نسبه إلى مالك النوويّ في المجموع )‪ ،(5/35‬وابن قدامة صاحب‬
‫الشرح الكبير )‪ ،(5/316‬الرسالة الفقهية )ص‪ ،(144 :‬المعونة )‪،(1/320‬‬
‫التلقين )‪ ،(1/135‬عقد الجواهر )‪ ،(1/241‬الذخيرة )‪ ،(3/417‬الحاوي )‬

‫‪105‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫‪(3/105‬ط دار الفكر‪ ،‬فتح العزيز )‪ ،(5/2‬المجموع )‪ ،(3-5/2‬نهاية المحتاج )‬


‫‪ ،(2/385‬تحفة المحتاج )‪ ،(3/39‬حلية )‪ ،(2/300‬شرح الزركشي )‪،(213 /2‬‬
‫النصاف )‪ ،(5/317‬المبسوط )‪.(2/37‬‬
‫)]‪ ([3‬الحاوي )‪(3/104‬ط‪ :‬دار الفكر‪ ،‬المجموع )‪ ،(5/3‬البيان )‪ ،(2/625‬حلية‬
‫)‪ ،(2/300‬شرح الزركشي )‪ ،(213 /2‬المغني )‪ ،(3/253‬الشرح الكبير )‬
‫‪ ،(5/316‬النصاف )‪ ،(5/316‬المستوعب )‪.(3/50‬‬
‫)]‪ ([4‬شرح الزركشي )‪ ،(213 /2‬النصاف )‪ ،(5/317‬حاشية الدسوقي )‬
‫‪ ،(1/396‬مجموع الفتاوى )‪ ،(24/183‬زاد المعاد‬
‫)‪ ،(2/11‬المختارات الجلّية )ص ‪ ،(72‬الشرح الممتع )‪.(5/151‬‬
‫)]‪ ([5‬أخرجه الطبري عنهم في تفسيره )‪.(723-12/722‬‬
‫)]‪ ([6‬أخرجه الطبري عنه في تفسيره )‪.(12/723‬‬
‫)]‪ ([7‬أحكام الجصاص )‪.(5/376‬‬
‫)]‪ ([8‬الذخيرة )‪.(2/417‬‬
‫)]‪ ([9‬شرح فتح القدير )‪.(2/40‬‬
‫)]‪ ([10‬تفسير الطبري )‪(1/157‬ط دار الفكر ‪.‬‬
‫)]‪ ([11‬شرح العناية )‪.(2/40‬‬
‫)]‪ ([12‬أخرجه البخاري في اليمان‪ ،‬باب الزكاة من السلم )‪ .(46‬ومسلم‬
‫في اليمان‪ ،‬باب بيان الصلوات التي هي أحد أركان السلم )‪.(11‬‬
‫)]‪ ([13‬أخرجه البخاري في الصلة‪ ،‬باب وجوب الصلة في الثياب )‪.(351‬‬
‫ومسلم في صلة العيدين‪ ،‬باب إباحة خروج النساء في العيدين إلى المصلى‬
‫)‪.(890‬‬
‫)]‪ ([14‬انظر‪ :‬كتاب الصلة له )ص ‪.(11‬‬
‫)]‪ ([15‬تقدم تخريجه‪.‬‬
‫)]‪ ([16‬ملخص كلم شيخ السلم ابن تيمية في مجموع الفتاوى )‪– 24/182‬‬
‫‪.(184‬‬
‫)]‪ ([17‬الصل )‪ ،(1/344‬المدّونة )‪ ،(1/168‬الحاوي )‪.(2/483‬‬
‫)]‪ ([18‬مجموع الفتاوى )‪.(24/184‬‬
‫)]‪ ([19‬البخاري )‪.(977‬‬
‫)]‪ ([20‬فتح الباري )‪.(2/466‬‬
‫)]‪ ([21‬المجموع )‪.(5/9‬‬
‫)]‪ ([22‬الحاويّ )‪.(3/121‬‬
‫)]‪ ([23‬الصل )‪ ،(1/338‬شرح فتح القدير )‪ ،(2/46‬حاشية ابن عابدين )‬
‫‪ ،(2/176‬مجمع النهر )‪ ،(1/173‬المبسوط )‪ ،(2/159‬بدائع الصنائع )‬
‫‪ ،(1/279‬البحر الرائق )‪.(2/2812‬‬
‫)]‪ ([24‬بداية المجتهد )‪.(1/511‬‬
‫)]‪ ([25‬المجموع )‪ ،(5/29‬المغني )‪ ،(3/284‬المبدع )‪ ،(2/190‬الفروع )‬
‫‪.(2/145‬‬
‫)]‪ ([26‬الم )‪.(1/399‬‬
‫)]‪ ([27‬المدونة )‪ ،(1/155‬الكافي لبن عبد البر )‪ ،(1/265‬الشرح الكبير‬
‫للدردير )‪.(5/364‬‬
‫)]‪ ([28‬المجموع )‪.(5/29‬‬
‫)]‪ ([29‬انظر‪ :‬صحيح البخاري كتاب العيدين‪ ،‬باب إذا فاته العيد يصلي ركعتين‬
‫‪.‬‬
‫)]‪ ([30‬المقعنع والشرح الكبير والنصاف )‪.(5/364‬‬

‫‪106‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫)]‪ ([31‬فتح الباري لبن رجب )‪.(80-9/79‬‬


‫)]‪ ([32‬المجموع )‪.(5/29‬‬
‫)]‪ ([33‬ابن أبي شيبة )‪.(5800‬‬
‫)]‪ ([34‬المغني )‪ ،(285-3/284‬شرح الزركشي )‪ ،(2/334‬الروايتين )‬
‫‪ ،(1/159‬النصاف )‪.(5/365‬‬
‫)]‪ ([35‬ابن أبي شيبة )‪.(5801‬‬
‫)]‪ ([36‬ابن أبي شيبة )‪.(5803‬‬
‫)]‪ ([37‬ابن أبي شيبة )‪.(5805‬‬
‫)]‪ ([38‬عبد الرزاق )‪.(8/57‬‬
‫)]‪ ([39‬أخرجه الفريابي في أحكام العيدين )‪.(148‬‬
‫)]‪ ([40‬فتح الباري )‪.(475 – 2/474‬‬
‫)]‪ ([41‬فتح الباري )‪ ،(2/475‬المجموع )‪ ،(5/29‬البيان )‪.(2/651‬‬
‫)]‪ ([42‬فتح الباري لبن رجب )‪ ،(9/78‬النصاف )‪.(5/365‬‬
‫)]‪ ([43‬البيان )‪.(2/651‬‬
‫)]‪ ([44‬المقنع والشرح الكبير والنصاف )‪ ،(365-5/364‬المستوعب )‬
‫‪.(3/62‬‬
‫)]‪ ([45‬أبو داود )‪ ،(567‬وصححه ابن خزيمة )‪.(1684‬‬
‫)]‪ ([46‬تقدم تخريجه‪.‬‬
‫)]‪ ([47‬أخرجه ابن أبي شيبة )‪ ،(5803‬وضّعفه اللباني في الرواء )‪.(648‬‬
‫)]‪ ([48‬عبد الرزاق )‪ ،(5713‬وابن أبي شيبة )‪ ،(8/579‬والفريابي )‪،(149‬‬
‫وابن المنذر )‪ ،(2186‬من طريق الشعبي عن ابن مسعود‪ ،‬وهو لم يسمع من‬
‫ابن مسعود رضي الله عنه‪ ،‬وقد تفرد ابن المنذر بجبر هذا النقطاع بذكر‬
‫)مسروق(بينهما‪ ،‬والكثر على خلفه‪ ،‬وقد ضّعف الحديث لهذه العّلة اللباني‬
‫في الرواء )‪.(3/121‬‬
‫)]‪ ([49‬السنن الكبرى البيهقي )‪ ،(3/310‬ابن أبي شيبة )‪ ،(2/5‬الثقات )‬
‫‪ ،(4/96‬المحلى )‪.(5/86‬‬
‫ّ‬
‫)]‪ ([50‬أخرجه ابن حزم في المحلى )‪ ،(5/86‬وسلم بضعفها‪ ،‬وأشار إلى أّنها‬
‫أحسن حال ً من غيرها ‪.‬‬
‫)]‪ ([51‬مجموع الفتاوى )‪ ،(24/182‬ابن مفلح )‪.(2/137‬‬
‫)]‪ ([52‬الشرح الممتع )‪.(5/208‬‬
‫ما يشترط وما ل يشترط في صلة العيد‪:‬‬
‫شروط الجمعة في صلة العيد‪:‬‬
‫اختلف أهل العلم في هذه المسألة على قولين‪:‬‬
‫القول الول‪:‬‬
‫يشترط لقامة صلة العيدين ما يشترط لقامة صلة الجمعة‪.‬‬

‫)‪(17 /‬‬

‫وهو قول الجمهور؛ الحنفية والمالكية‪ ،‬والحنابلة)]‪ ،([1‬على اختلف بينهم في‬
‫تفاصيل هذه الشروط‪.‬‬
‫قال السرخسي‪" :‬يشترط لصلة العيد ما يشترط لصلة الجمعة‪ ،‬إل الخطبة‪،‬‬
‫فإّنها من شرائط الجمعة‪ ،‬وليست من شرائط العيد")]‪.([2‬‬
‫وقال الكاساني‪" :‬وأما شرائط وجوبها وجوازها فكل ما هو شرط وجوب‬
‫الجمعة وجوازها فهو شرط وجوب صلة العيدين وجوازها؛ من المام والمصر‬

‫‪107‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫والجماعة والوقت إل ّ الخطبة‪ ،‬فإنها سنة بعد الصلة‪ ،‬ولو تركها جازت صلة‬
‫العيد")]‪.([3‬‬
‫وقال ابن الحطاب‪" :‬وأما من ل تجب عليه الجمعة من أهل القرى الصغار‪،‬‬
‫والمسافرين والنساء والعبيد ومن عقل الصلة من الصبيان؛ فليست في‬
‫قهم سنة‪ ،‬ولكنه يستحب لهم إقامتها")]‪.([4‬‬ ‫ح ّ‬
‫وقال ابن قدامة‪" :‬ويشترط الستيطان في وجوبها؛ لن النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم لم يصلها في سفره ول خلفاؤه‪ ،‬وكذلك العدد المشترط للجمعة؛ لنها‬
‫صلة عيد‪ ،‬فأشبهت الجمعة")]‪.([5‬‬
‫القول الثاني‪:‬‬
‫ل يشترط لقامة صلة العيدين ما يشترط لقامة صلة الجمعة‪.‬‬
‫وهو قول الشافعية)]‪.([6‬‬
‫ن صلة العيد‬ ‫ّ‬
‫ي‪" :‬المذهب المنصوص في الكتب الجديدة كلها‪ :‬أ ّ‬ ‫قال النوو ّ‬
‫تشرع للمنفرد في بيته أو غيره‪ ،‬وللمسافر والعبد والمرأة‪ ،‬وقيل‪ :‬فيه قولن‪.‬‬
‫الجديد‪ :‬هذا‪ .‬والقديم‪ :‬أّنه يشترط فيها شروط الجمعة من اعتبار الجماعة‬
‫والعدد بصفات الكمال‪ ،‬وغيرها")]‪.([7‬‬
‫ولتحرير الِنزاع في هذه المسألة يجب مناقشة الشروط التالية‪:‬‬
‫‪ -1‬إذن المام ‪.‬‬
‫‪ -2‬الستيطان ‪.‬‬
‫‪ -3‬العدد المشترط لقامتها ‪.‬‬
‫* مراجع المسألة‪:‬‬
‫حاشية ابن عابدين )‪ ،(2/166‬مجمع النهر )‪ ،(1/172‬المبسوط )‪،(2/37‬‬
‫بدائع الصنائع )‪ ،(275 /1‬روضة الطالبين )‪ ،(2/270‬المقنع )‪ ،(5/333‬المغني‬
‫)‪ ،(3/287‬الشرح الكبير )‪ ،(5/333‬النصاف )‪ ،(5/333‬الشرح الممتع )‬
‫‪.(5/168‬‬
‫هل يشترط لقامتها إذن المام ؟‬
‫اختلف الفقهاء في المسألة على قولين‪:‬‬
‫القول الول‪:‬‬
‫ل بد من إذن المام في إقامة صلة العيد‪.‬‬
‫وهو قول الحنفية)]‪([8‬؛ لّنهم يشترطون فيها ما يشترطونه في الجمعة‪،‬‬
‫واشترطوا في الجمعة إذن المام‪ ،‬وهو اختيار ابن رشد من المالكية)]‪.([9‬‬
‫القول الثاني ‪:‬‬
‫ل يشترط إذن المام‪.‬‬
‫وهو قول الشافعية‪ ،‬والحنابلة‪ ،‬واختيار ابن شاس من المالكية )]‪.([10‬‬
‫ما إذن المام فالصحيح من المذهب والروايتين‪ ،‬أّنه ل‬ ‫ي‪" :‬فأ ّ‬‫قال المرداو ّ‬
‫يشترط‪ ،‬وعليه أكثر الصحاب كالجمعة" )]‪.([11‬‬
‫ن إذن المام ل يشترط في إقامة صلة العيدين‪ ،‬فليس له أن‬ ‫والراجح هو أ ّ‬
‫يمنعهم من إقامتها‪ ،‬وليس لهم أن يمتنعوا من إقامتها لمنعه‪ ،‬ولكن يشترط‬
‫إذن المام في تعددها في البلد الواحد لما في ذلك من خشية تفريق‬
‫الجماعة‪ ،‬ونشر الفوضى بينهم‪.‬‬
‫ن أهل بلدٍ ثبت عندهم الهلل أفطروا‪ ،‬فل يلزمهم أن‬ ‫قال ابن عثيمين‪" :‬فلو أ ّ‬
‫يستأذنوا المام في إقامة صلة العيد؛ حتى لو قال المام ل تقيموها‪ ،‬فإّنه‬
‫يجب عليهم أن يقيموها‪ ،‬وأن يعصوه؛ لّنه ل طاعة لمخلوق في معصية‬
‫الخالق‪ ،‬وقد سبق لنا في الجمعة أّنه ينبغي أن ُيشترط إذن المام لتعدد‬
‫ضا نقول فيه ما نقول في الجمعة‪ ،‬أي‪ :‬أّنه لو احتاج‬ ‫الجمعة‪ ،‬فكذا العيد أي ً‬

‫‪108‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الناس إلى إقامة مسجد ٍ آخر للعيد؛ فإّنه ل بد من إذن المام أو نائب المام؛‬
‫حتى ل يحصل فوضى بين الناس‪ ،‬ويصير كل واحد منهم يقيم مصلى عيد" )]‬
‫‪.([12‬‬
‫وقد نقل عبد الرحمن بن قاسم الحنبلي صاحب حاشية الروض عن ابن حجر‬
‫قوله في عدم اشتراط إذن المام‪" :‬وهو قول أكثر أهل العلم‪ ،‬وحكي‬
‫اتفاًقا")]‪.([13‬‬
‫* مراجع المسألة‪:‬‬
‫حاشية ابن عابدين )‪ ،(2/166‬بدائع الصنائع )‪ ،(1/275‬المبسوط )‪،(2/37‬‬
‫مجمع النهر )‪ ،(1/172‬عقد الجواهر )‪ ،(1/221‬المقدمات )‪ ،(1/221‬إعانة‬
‫الطالبين )‪ ،(2/58‬حاشية الشرواني )‪ ،(3/48‬المقنع )‪ ،(5/333‬المستوعب )‬
‫‪ ،(3/51‬الشرح الكبير )‪ ،(5/333‬النصاف )‪ ،(5/333‬الشرح الممتع )‬
‫‪.(5/170‬‬
‫الستيطان هل هو شرط من شروط العيد؟‬
‫اختلف الفقهاء في الستيطان‪ ،‬هل هو شرط في صحة إقامة صلة العيدين‪،‬‬
‫أم ل ؟ على قولين‪:‬‬
‫القول الول‪:‬‬
‫الستيطان شرط في إقامة صلة العيدين وأّنه ليس للمسافرين أن يصلوا‬
‫صلة العيدين‪.‬‬
‫وهو قول الحنفية)]‪ ،([14‬والمالكية)]‪ ،([15‬والصحيح من مذهب أحمد‪ ،‬وعليه‬
‫أكثر أصحابه )]‪ ،([16‬وهو مرويّ عن الزهري )]‪.([17‬‬
‫القول الثاني‪:‬‬
‫ً‬
‫الستيطان ليس شرطا من شروط صلة العيدين‪ ،‬وعليه فيجوز للمسافرين‬
‫أن يقيموا صلة العيدين‪.‬‬
‫وهو قول الحسن البصري )]‪ ،([18‬ومذهب الشافعّية )]‪ ،([19‬ورواية عن‬
‫أحمد‪ ،‬اختارها بعض أصحابه )]‪.([20‬‬
‫الدلة ‪:‬‬
‫أدلة أصحاب القول الول‪:‬‬
‫ن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصلها في سفره‪ ،‬ول خلفاؤه من‬ ‫‪ -1‬أ ّ‬
‫بعده ‪.‬‬
‫ن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصلها يوم النحر؛ لنه مسافر ‪.‬‬ ‫‪ -2‬أ ّ‬
‫‪ -3‬قول علي بن أبي طالب‪) :‬ل جمعة ول تشريق إل في مصر جامع( )]‬
‫‪.([21‬‬
‫مناقشة الدلة‪:‬‬
‫ي صلى الله عليه وسلم لم يفعلها في أسفاره ول خلفاؤه‪ ،‬فقد‬ ‫ن النب ّ‬
‫ما أ ّ‬ ‫أ ّ‬
‫كانوا مشغولين بالجهاد والقتال في أسفارهم‪ ،‬وهي ليست بواجبة عليهم ‪.‬‬

‫)‪(18 /‬‬

‫ن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل العيد في حجته فنوقش بأنه‬ ‫ما أ ّ‬
‫وأ ّ‬
‫ً‬
‫كان منشغل بأداء مناسك الحج عن صلتها‪ ،‬فل ينهض دليلهم ‪.‬‬
‫ح‬
‫ن ذلك اجتهاد منه في مقابل اجتهاد آخر‪ ،‬فقد ص ّ‬
‫وأما قول علي فنوقش بأ ّ‬
‫معوا حيث شئتم()]‪.([22‬‬ ‫عن عمر أنه قال‪) :‬ج ّ‬
‫أدلة أصحاب القول الثاني‪:‬‬
‫‪ -1‬أّنها صلة نافلة فأشبهت صلة الستسقاء والخسوف ‪.‬‬

‫‪109‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ي صلى الله عليه وسلم ‪.‬‬ ‫‪ -2‬عموم أمر النب ّ‬


‫مناقشة الدلة‪:‬‬
‫ما قولهم إّنها صلة نافلة؛ فعلى فرض التسليم ُيقال لهم‪ :‬ولكنها شرعت‬ ‫أ ّ‬
‫على هيئة معّينة فل تتجاوز إل ّ بدليل‪.‬‬
‫ن عموم قوله صلى الله عليه وسلم يخصصه‬ ‫ما قولهم بالعموم؛ فنقول إ ّ‬ ‫وأ ّ‬
‫فعله‪ ،‬وقد حصل التخصيص بتركه لقامتها في السفر‪.‬‬
‫الترجيح ‪:‬‬
‫والراجح قول الجمهور‪ ،‬وهو أّنه ليس للمسافرين أن يقيموا صلة العيدين؛‬
‫ي صلى الله عليه وسلم‬ ‫لّنها صلة شرعت على هيئة معّينة‪ ،‬ولم يصلها النب ّ‬
‫ول مرة واحدة في أسفاره ول أحد ٌ من أصحابه من بعده‪ ،‬ودعوى أّنهم كانوا‬
‫مشغولين بالجهاد غير مستقيمة؛ ل سّيما في فتح مكة‪ ،‬فقد كانت في‬
‫ي صلى الله عليه سلم فيها إلى شوال‪ ،‬ومع ذلك لم‬ ‫رمضان‪ ،‬وبقي النب ّ‬
‫يصلها‪.‬‬
‫ي صلى الله عليه‬ ‫ن النب ّ‬‫وهو ترجيح ابن عثيمين‪ ،‬قال‪" :‬والدليل على ذلك أ ّ‬
‫وسلم لم ُيقم صلة العيد إل ّ في المدينة‪ ،‬وسافر إلى مكة عام غزوة الفتح‪،‬‬
‫وبقي فيها إلى أّول شوال‪ ،‬وأتاه العيد‪ ،‬ولم ُينقل أّنه صلى الله عليه وسلم‬
‫صّلى صلة العيد‪ ،‬وفي حجة الوداع صادفه العيد وهو في منى‪ ،‬ولم ُيقم صلة‬
‫العيد؛ لّنه مسافر‪ ،‬كما أّنه لم ُيقم صلة الجمعة في عرفة؛ لّنه مسافر‪.‬‬
‫ن هذا هو هدي‬ ‫قهم صلة العيد‪ ،‬وهذا واضح؛ ل ّ‬ ‫إًذا المسافرون ل ُيشرع في ح ّ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم")]‪.([23‬‬ ‫النب ّ‬
‫العدد المشترط لصحة صلة العيدين ‪:‬‬
‫اختلف أهل العلم في العدد الذي تصح به صلة العيدين بناء على اختلفهم‬
‫ح به عندهم صلة الجمعة على أقوال سبعة‪:‬‬ ‫في العدد الذي تص ّ‬
‫القول الول ‪:‬‬
‫أن صلة العيد تنعقد بأربعة‪ ،‬إمام وثلثة مؤتمين‪ ،‬لّنه عدد يزيد على أقل‬
‫الجمع ‪.‬‬
‫وهو قول أبي حنيفة ومحمد بن الحسن )]‪ ،([24‬والليث بن سعد‪ ،‬وزفر )]‬
‫‪.([25‬‬
‫القول الثاني‪:‬‬
‫ل من أربعين رج ً‬
‫ل‪.‬‬ ‫ن صلة العيد ل تنعقد بأق ّ‬ ‫أ ّ‬
‫وهو قول الشافعي )]‪ ،([26‬ورواية عن أحمد )]‪.([27‬‬
‫القول الثالث ‪:‬‬
‫ن صلة العيد تنعقد بثلثة ‪.‬‬ ‫أ ّ‬
‫وهو قول الحسن البصري‪ ،‬والوزاعي‪ ،‬وأبي ثور‪ ،‬ورواية عن المام أحمد‪،‬‬
‫ومذهب أبي يوسف القاضي)]‪.([28‬‬
‫القول الرابع ‪:‬‬
‫ن الجماعة تنعقد باثني عشر رجل ‪ً.‬‬ ‫أ ّ‬
‫وهو قول ربيعة الرأي)]‪.([29‬‬
‫القول الخامس ‪:‬‬
‫ل من ثلثين رجل‪ً.‬‬ ‫أّنها ل تصلى بأق ّ‬
‫وهو قول ابن حبيب من المالكية)]‪.([30‬‬
‫القول السادس ‪:‬‬
‫أّنها ل تصلى بأقل من خمسين رجل ‪ً.‬‬
‫وهو رواية عن المام أحمد )]‪ ،([31‬وروي عن عمر بن عبد العزيز )]‪.([32‬‬

‫‪110‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫القول السابع ‪:‬‬


‫أّنها تنعقد باثنين ‪.‬‬
‫وهو قول إبراهيم النخعي‪ ،‬والحسن بن حي‪ ،‬وأبي سليمان )]‪.([33‬‬
‫أدلة القوال ‪:‬‬
‫أدلة القول الول ‪:‬‬
‫ما رواه الزهري عن أم عبد الله الدوسية‪ ،‬قالت‪ :‬قال رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم‪)) :‬الجمعة واجبة على كل قرية‪ ،‬وإن لم يكن فيها إل ّ أربعة(( )]‬
‫‪.([34‬‬
‫ونوقش بأّنه حديث ضعيف )]‪([35‬؛ فيه انقطاع‪ ،‬ففيه الحكم بن عبد الله بن‬
‫سعد ضعيف متهم‪ ،‬قال يحيى بن معين‪" :‬الحكم بن عبد الله بن سعد ليس‬
‫بثقة‪ ،‬ول مأمون" )]‪.([36‬‬
‫والزهري لم يسمع من أم عبد الله‪ ،‬قال يحيى بن معين‪" :‬لم يسمع – أي‬
‫الزهري – من أم عبد الله الدوسية شيًئا" )]‪.([37‬‬
‫أدلة القول الثاني ‪:‬‬
‫‪ -1‬عن عبد الله بن كعب بن مالك قال‪ :‬كنت قائد أبي بعدما ذهب بصره‪،‬‬
‫وكان ل يسمع الذان بالجمعة إل قال‪ :‬رحمة الله على أسعد بن زرارة ‪.‬‬
‫قال‪ :‬قلت‪ :‬يا أبت إنه لتعجبني صلتك على أبي أمامة كلما سمعت الذان ‪.‬‬
‫فقال‪ :‬أي بني كان أول من جمع الجمعة بالمدينة في حّرة بني بياضة في‬
‫نقيع يقال له الخضمان‪ .‬قلت‪ :‬وكم أنتم يومئذ ؟‬
‫قال‪ :‬أربعون رجل ً )]‪.([38‬‬
‫ن في كل أربعين فما فوقها‬ ‫‪ -2‬عن جابر بن عبد الله قال‪) :‬مضت السنة أ ّ‬
‫جمعة()]‪.([39‬‬
‫‪ -3‬قال عبيد الله بن عبد الله بن عتبة‪" :‬كل قرية فيها أربعون رجل ً فعليهم‬
‫جمعة")]‪.([40‬‬
‫مناقشة الدلة‪:‬‬
‫ل من‬‫ن الجمعة ل تنعقد بأق ّ‬ ‫ما حديث كعب بن مالك فليس فيه ما يدل على أ ّ‬ ‫أ ّ‬
‫أربعين ‪.‬‬
‫دا‪ ،‬وقد‬ ‫ما أثر جابر ففيه عبد العزيز بن عبد الرحمن القرشي ضعيف ج ً‬ ‫وأ ّ‬
‫ضّعف الثر جمع من أهل‬
‫العلم )]‪.([41‬‬
‫ما قول عبيد الله بن عبد الله بن عتبة‪ ،‬ففيه إبراهيم بن محمد بن أبي‬ ‫وأ ّ‬
‫يحيى‪ ،‬وهو متروك الحديث)]‪.([42‬‬
‫أدلة القول الثالث ‪:‬‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ة‬
‫معَ ِ‬
‫ج ُ‬‫من ي َوْم ِ ال ُ‬‫مُنوا إ َِذا ُنودِىَ ِللصلةِ ِ‬
‫ن ءا َ‬
‫ذي َ‬
‫قول الله تعالى‪ } :‬ياأي َّها ال ِ‬
‫سعَوْا ْ إ َِلى ذِك ْرِ الل ّهِ {‬
‫َفا ْ‬
‫ن الخطاب موجه بصيغة الجمع‪ ،‬وأقل الجمع ثلثة ‪.‬‬ ‫وجه الدللة من الية أ ّ‬
‫أدلة القول الرابع ‪:‬‬
‫ن مصعب بن عمير حين بعثه رسول الله صلى الله عليه‬ ‫ما رواه الزهري‪" :‬أ ّ‬
‫ً‬
‫مع بهم وهم اثنا عشر رجل" )]‪.([43‬‬ ‫وسلم إلى المدينة ج ّ‬

‫)‪(19 /‬‬

‫ن صلة العيد ل تصلى لقل من اثني‬


‫ن الثر مرسل‪ ،‬وليس فيه أ ّ‬
‫ونوقش بأ ّ‬
‫عشر رجل ً ‪.‬‬

‫‪111‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫أدلة القول الخامس ‪:‬‬


‫ما رواه ابن وهب عن القاسم بن محمد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه‬
‫قال‪)) :‬إذا اجتمع ثلثون بيًتا فليؤمروا عليهم رجل ً منهم يصلي بهم الجمعة(()]‬
‫‪.([44‬‬
‫قال ابن حبيب‪" :‬والبيت مسكن الرجل الواحد")]‪.([45‬‬
‫ن الحديث مرسل ل يصح الستدلل به‪.‬‬ ‫ونوقش بأ ّ‬
‫أدلة القول السادس ‪:‬‬
‫‪ -1‬ما رواه أبو أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‪)) :‬تجب الجمعة‬
‫على خمسين رجل ً ول تجب على ما دون ذلك(()]‪.([46‬‬
‫ح؛ لضعف إسناده‪.‬‬ ‫ن الحديث ل يص ّ‬ ‫ونوقش بأ ّ‬
‫‪ -2‬ما رواه الزهري عن أبي سلمة قال‪ :‬قلت لبي هريرة‪ :‬على كم تجب‬
‫ما بلغ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم‬ ‫الجمعة من رجل ؟ قال‪) :‬ل ّ‬
‫مع ِبهم رسول الله()]‪.([47‬‬ ‫خمسين رجل ً ج ّ‬
‫ح؛ لضعف إسناده‪.‬‬ ‫ن الحديث ل يص ّ‬ ‫ونوقش بأ ّ‬
‫أدلة القول السابع‪:‬‬
‫حديث مالك بن الحويرث قال‪ :‬أتيت النبي صلى الله عليه وسلم أنا وصاحب‬
‫لي‪ ،‬فلما أردنا القفال من عنده قال لنا‪)) :‬إذا حضرت الصلة فأذنا‪ ،‬ثم أقيما‪،‬‬
‫وليؤمكما أكبركما(()]‪.([48‬‬
‫ي أقل الجماعة اثنين‪ ،‬فيدخلون في عموم قوله تعالى‬ ‫ن النب ّ‬ ‫وجه الدللة‪ :‬أ ّ‬
‫سعَوْا ْ إ َِلى ذِك ْرِ الل ّهِ {‬ ‫َ‬
‫معَةِ َفا ْ‬
‫ج ُ‬‫من ي َوْم ِ ال ْ ُ‬‫مُنوا ْ إ َِذا ُنودِىَ ِللصلةِ ِ‬
‫ن ءا َ‬‫ذي َ‬ ‫} ياأي َّها ال ّ ِ‬
‫‪.‬‬
‫الترجيح ‪:‬‬
‫دا‪ ،‬ورجحه ابن حزم الظاهري)]‬ ‫ن صلة العيد تنعقد باثنين فصاع ً‬ ‫والراجح أ ّ‬
‫‪ ،([49‬واختاره ابن عابدين)]‪ .([50‬والله أعلم‪.‬‬
‫* مراجع المسألة‪:‬‬
‫حاشية ابن عابدين )‪ ،(2/172‬الذخيرة )‪ ،(2/417‬المجموع )‪ ،(5/19‬المغني )‬
‫‪ ،(3/204‬المحلى )‪.(5/46‬‬
‫هل تصح الصلة من المنفرد ؟‬
‫اختلف أهل العلم في هذه المسألة على قولين ‪:‬‬
‫القول الول‪:‬‬
‫ن المنفرد له أن يصلي صلة العيد‪ ،‬ولكن ليس له أن يخطب ‪.‬‬ ‫أ ّ‬
‫وهو قول المالكية )]‪ ،([51‬والشافعية )]‪ ،([52‬والحنابلة )]‪ ،([53‬ورجحه ابن‬
‫حزم )]‪.([54‬‬
‫القول الثاني ‪:‬‬
‫ليس للمنفرد أن يصلي صلة العيدين ‪.‬‬
‫وهو قول الحنفية )]‪ ،([55‬ورواية عند الشافعي )]‪ ،([56‬وأحمد )]‪.([57‬‬
‫أدلة القوال‪:‬‬
‫أدلة القول الول ‪:‬‬
‫‪ -1‬قول النبي صلى الله عليه وسلم‪)) :‬من نسي صلة أو نام عنها فليصلها‬
‫إذا ذكرها‪ ،‬ل كفارة لها إل ذلك(()]‪.([58‬‬
‫وجه الدللة من الحديث‪ :‬أن صلة العيدين صلة من الصلوات‪ ،‬فإذا فاتت‬
‫لها منفرًدا ‪.‬‬ ‫رع له أن يقضيها‪ ،‬وإذا قضاها ص ّ‬ ‫ش ِ‬‫دا ُ‬ ‫أح ً‬
‫ل فجاز أداؤها جماعة وفرادى كالكسوف ‪.‬‬ ‫‪ -2‬قالوا‪ :‬إّنها صلة نف ٍ‬
‫مناقشة الدلة‪:‬‬

‫‪112‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ما حديث أنس؛ فالمراد به صلة الفريضة؛ بدليل قوله‪)) :‬ل كفارة لها إل‬ ‫أ ّ‬
‫ذلك((‪ ،‬فل تسقط بحال من الحوال ‪.‬‬
‫ُ‬
‫ما كونها نفل؛ فعلى فرض التسليم ُيرد ّ التعليل به؛ لّنها صلة شرعت على‬ ‫وأ ّ‬
‫هيئة معّينة؛ من الخطبة والجتماع العظيم؛ فهي ليست كسائر النوافل‪.‬‬
‫أدلة القول الثاني ‪:‬‬
‫رعت على وجه الجتماع‪ ،‬فل تصلى إل على هذا الوجه‪،‬‬ ‫ش ِ‬‫قالوا‪ :‬إنها صلة ُ‬
‫مثلها مثل الجمعة لمن فاتته‪ ،‬فإنه ل يصليها جمعة ‪.‬‬
‫الترجيح ‪:‬‬
‫رعت على وجه‬ ‫ش ِ‬ ‫ن المنفرد ل يصلي؛ لنها صلة ُ‬ ‫والراجح في المسألة أ ّ‬
‫الجتماع‪ ،‬وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإخراج العواتق وذوات‬
‫الخدود‪ ،‬ولم يأمر من تخلف عنها بالصلة في بيته‪ ،‬مثل صلة الجمعة ل تشرع‬
‫إل جماعة‪ ،‬ومن تخّلف عنها ل يصليها جمعة‪ ،‬بل يصليها ظهًرا‪ ،‬وليس للعيد‬
‫صلة بدلها‪ ،‬فل صلة عيدٍ له‪ ،‬والله أعلم‪.‬‬
‫واختار هذا القول ابن عيثمين )]‪ ،([59‬وقال في معرض رّده على من استدل‬
‫ي صلى الله عليه وسلم‪)) :‬من نام عن صلة أو نسيها فليصلها إذا‬ ‫بقول النب ّ‬
‫ذكرها((‪ ،‬وبقوله‪)) :‬ما أدركتم فصلوا‪ ،‬وما فاتكم فأتموا(( على مشروعية‬
‫ن المراد بالحديثين‬ ‫صلة العيد للمنفرد‪" :‬ولكن في هذا الستدلل نظر؛ ل ّ‬
‫ما هذه فصلة مشروعة على وجه الجتماع‪ ،‬فإذا فاتت؛ فإّنها ل‬ ‫الفريضة‪ ،‬أ ّ‬
‫ل يدل على قضائها إذا فاتت" )]‪.([60‬‬ ‫تصلى إل ّ بدلي ٍ‬
‫* مراجع المسألة‪:‬‬
‫المجموع )‪ ،(25 ،5/19‬نهاية المحتاج )‪ ،(2/386‬الشرح الكبير )‪،(5/334‬‬
‫النصاف )‪ ،(336 /5‬شرح فتح القدير )‪ ،(2/46‬حاشية ابن عابدين )‬
‫‪ ،(2/2172‬بدائع الصنائع )‪.(1/275‬‬
‫هل النساء يصلين في بيوتهن ؟‬
‫أجاز مالك والشافعي)]‪ ([61‬للنساء أن يصلين في بيوتهن صلة العيد‪ ،‬مثل‬
‫صلة المام فرادى ‪.‬‬
‫قال ابن القاسم‪" :‬قلت لمالك‪ :‬فالنساء في العيدين إذا لم يشهدن العيدين؟‬
‫قال‪ :‬إن صلين فليصلين مثل صلة المام يكبرن كما يكبر المام‪ ،‬ول تجمع‬
‫بهن الصلة أحد‪ ،‬وليس عليهن ذلك‪ ،‬إل أن يشأن ذلك فإن صلين صلين أفذاًذا‬
‫سا‪ ،‬وإن أردن أن يتركن فليس عليهن‬ ‫على سنة صلة المام يكبرن سبًعا وخم ً‬
‫بواجب"‪.‬‬
‫ن" )]‪.([62‬‬ ‫قال ابن القاسم‪" :‬وكان يستحب فعل ذلك له ّ‬
‫قا‪ ،‬فإنه ل ُيشرع للنساء أن يصلين‬ ‫ولكن على ضوء المسألة التي قُرَِرت ساب ً‬
‫شرعت على وجه الجتماع‪ ،‬فكما ل يصح أن يصلين‬ ‫ن؛ لّنها صلة ُ‬ ‫في بيوته ّ‬
‫الجمعة في بيوِتهن فكذلك العيد ‪.‬‬

‫)‪(20 /‬‬

‫والنبي صلى الله عليه وسلم أمر بإخراج الحيض والعواتق وذوات الخدور‪،‬‬
‫ن‬ ‫وأ ّ‬
‫كد ذلك بأن أمر التي ل تجد جلباًبا أن ُتلبسها أختها من جلبابها‪ ،‬ولم يقل أ ّ‬
‫التي تفوتها الصلة لها أن تصليها في بيتها‪ ،‬والله أعلم‪.‬‬
‫وهو اختيار ابن عثيمين )]‪.([63‬‬
‫* مراجع المسألة‪:‬‬
‫المدونة )‪ ،(1/155‬الشرح الممتع )‪.(5/207‬‬

‫‪113‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫لو شهد الهلل شخص واحد‪ ،‬هل يصلي العيد ؟‬


‫ّ‬
‫قال الشافعي‪" :‬لو شهد واحد فلم يعدل‪ ،‬لم يسعه إل الفطر‪ .‬ويخفي فطره؛‬
‫لئل يسيء أحد الظن به‪ .‬ويصلي العيد لنفسه‪ ،‬ثم يشهد بعد ُ ‪ -‬إن شاء ‪ -‬العيد‬
‫مع الجماعة‪ ،‬فيكون نافلة خيًرا له"‪.‬‬
‫هذه المسألة كالمسائل السابقة مبنّية على ما ترجح من كون المنفرد ل‬
‫ن‬
‫يصلي صلة العيدين‪ ،‬لذا فالذي يظهر ‪ -‬والعلم عند الله ‪ -‬أّنه ل يصليها؛ ل ّ‬
‫هذه الصلة لم تشرع إل جماعة‪ ،‬فليس له أن يصليها بمفرده كما أنه ليس له‬
‫أن يصلي الجمعة بمفرده )]‪.([64‬‬
‫* مراجع المسألة ‪:‬‬
‫الم )‪ ،(1/204‬سبل السلم )‪.(3/217‬‬
‫هل لمن أحدث في المصلى ول ماء أن يتيمم ؟‬
‫أجازت الحنفية لمن أحدث في المصلى ول ماء أن يتمم ويصلي مع الناس‪،‬‬
‫إذا خشي لو رجع إلى المصر فوت الجماعة )]‪.([65‬‬
‫ً‬
‫قال الجوزجاني‪" :‬قلت – لمحمد بن الحسن ‪ :-‬أرأيت رجل أحدث في الجبانة‬
‫يوم العيد‪ ،‬وهو مع المام‪ ،‬فخاف إن رجع إلى الكوفة أن تفوته الصلة ول يجد‬
‫الماء كيف يصنع ؟ قال‪ :‬يتيمم ويصلي مع الناس" )]‪.([66‬‬
‫أما إذا أحدث في المصر‪ ،‬فليس له أن يصلي إل متوضًئا ‪.‬‬
‫قال الشافعي‪" :‬وليس لحد أن يتيمم في المصر لعيد ول جنازة‪ ،‬وإن خاف‬
‫فوتهما" )]‪.([67‬‬
‫إل ّ أن الحناف القائلين بأن صلة العيد ل تقضى؛ لّنها ل تشرع إل على صفة‬
‫معينة = يرون التيمم عند خوف فوت الصلة مع الجماعة أينما كان‪ ،‬والله‬
‫أعلم ‪.‬‬
‫)]‪ ([1‬حاشية ابن عابدين )‪ ،(2/166‬مجمع النهر )‪ ،(1/172‬الذخيرة )‬
‫‪ ،(2/417‬كشاف القناع )‪ ،(1/455‬المقنع والشرح الكبير )‪.(5/333‬‬
‫)]‪ ([2‬المبسوط )‪.(3/37‬‬
‫)]‪ ([3‬بدائع الصنائع )‪.(1/275‬‬
‫)]‪ ([4‬مواهب الجليل )‪.(1/190‬‬
‫)]‪ ([5‬المغني )‪.(3/287‬‬
‫)]‪ ([6‬نهاية المحتاج )‪.(2/386‬‬
‫)]‪ ([7‬روضة الطالبين )‪.(2/70‬‬
‫)]‪ ([8‬حاشية ابن عابدين )‪ ،(2/166‬بدائع الصنائع )‪ ،(1/275‬المبسوط )‬
‫‪ ،(2/37‬مجمع النهر )‪.(1/172‬‬
‫)]‪ ([9‬المقدمات )‪.(1/221‬‬
‫)]‪ ([10‬الشرح الكبير )‪ ،(5/333‬المستوعب )‪ ،(3/51‬المبدع )‪،(2/182‬‬
‫حاشية الروض المربع )‪ ،(2/502‬المغني )‪ ،(3/287‬إعانة الطالبين )‪،(2/58‬‬
‫حواشي الشرواني )‪ ،(3/48‬عقد الجواهر )‪.(1/221‬‬
‫)]‪ ([11‬النصاف )‪.(5/335‬‬
‫)]‪ ([12‬الشرح الممتع )‪.(5/170‬‬
‫)]‪ ([13‬انظر‪ :‬حاشية الروض المربع )‪ ،(2/502‬ولم أقف عليه في الفتح ‪.‬‬
‫)]‪ ([14‬حاشية ابن عابدين )‪ ،(2/167‬بدائع الصنائع )‪.(1/275‬‬
‫)]‪ ([15‬الكافي )‪ ،(1/263‬الذخيرة )‪ ،(2/418‬مواهب الجليل )‪.(2/190‬‬
‫)]‪ ([16‬انظر‪ :‬المغني )‪ ،(3/287‬والنصاف )‪.(5/333‬‬
‫)]‪ ([17‬بداية المجتهد )‪.(1/509‬‬
‫)]‪ ([18‬بداية المجتهد )‪ ،(1/509‬المغني )‪.(3/287‬‬

‫‪114‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫)]‪ ([19‬فتح العزيز )‪ ،(5/9‬الم )‪ ،(400 – 1/399‬الحاوي )‪ ،(3/106‬حاشية‬


‫تحفة المحتاج )‪.(3/40‬‬
‫)]‪ ([20‬انظر‪ :‬النصاف )‪.(334-5/333‬‬
‫)]‪ ([21‬أخرجه عبد الرزاق في المصنف )‪ ،(3/167‬وابن أبي شيبة )‪،(1/439‬‬
‫والطحاوي في مشكل الثار )‪.(2/54‬‬
‫والثر ضّعفه المام أحمد‪ ،‬قال إسحاق بن منصور الرازي في مسائله عن‬
‫المام أحمد )ص‪" :(219 :‬ذكرت له قول‬
‫علي‪) :‬ل جمعة ول تشريق إل بمصر جامع ؟(قال‪ :‬العمش لم يسمعه من‬
‫سعد" فعلله بالنقطاع ‪ .‬وقال ابن حجر )التلخيص ‪" :(2/54‬حديث علي )ل‬
‫جمعة ول تشريق إل ّ في مصر جامع( ضّعفه أحمد"‪ .‬وقال النووي )المجموع‬
‫دا"‪ .‬ولكن للثر طرق تدفع عنه النقطاع المعلل به‪ ،‬وقد‬ ‫‪ " :(4/488‬ضعيف ج ً‬
‫قال الحافظ ابن حجر في طريق عبد الرزاق وابن أبي شيبة في الدراية )‪/1‬‬
‫‪" :(214‬إسناده صحيح"‪ .‬وصححه ابن حزم في المحلى )‪ ،(5/53‬واللباني في‬
‫السلسلة الضعيفة )‪.(2/317‬‬
‫)]‪ ([22‬أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه)‪ ،(1/440‬وابن حزم في المحلى)‬
‫‪ ،(5/50‬وصححه اللباني في السلسلة الضعيفة )‪.(2/318‬‬
‫)]‪ ([23‬الشرح الممتع )‪.(5/170‬‬
‫)]‪ ([24‬الصل )‪ ،(1/327‬والمبسوط )‪ ،(2/24‬وبدائع الصنائع )‪.(1/368‬‬
‫)]‪ ([25‬انظر‪ :‬المحلى )‪.(5/46‬‬
‫)]‪ ([26‬الم )‪ ،(1/328‬وانظر‪ :‬فتح العزيز )‪ (349-2/348‬ط دار الكتب‬
‫العلمية‪ ،‬وروضة الطالبين )‪ ،(2/70‬نهاية المحتاج )‪.(2/386‬‬
‫)]‪ ([27‬المغني )‪ ،(3/204‬النصاف )‪.(334-5/333‬‬
‫)]‪ ([28‬المحلى )‪ ،(5/46‬المغني )‪ ،(3/204‬المبسوط )‪ ،(2/24‬وبدائع‬
‫الصنائع )‪.(1/268‬‬
‫)]‪ ([29‬المغني )‪.(3/205‬‬
‫)]‪ ([30‬الكافي لبن عبد البر )‪ ،(1/249‬عقد الجواهر )‪.(1/222‬‬
‫)]‪ ([31‬المغني )‪.(3/204‬‬
‫)]‪ ([32‬تفسير القرطبي )‪(18/113‬‬
‫)]‪ ([33‬المحلى )‪.(5/46‬‬
‫)]‪ ([34‬أخرجه الدارقطني في سننه )‪ (2/7‬في الجمعة‪ ،‬باب الجمعة على‬
‫أهل القرية‪.‬‬
‫)]‪ ([35‬انظر‪ :‬التلخيص الحبير )‪.(2/57‬‬
‫)]‪ ([36‬الكامل في الضعفاء )‪.(2/204‬‬
‫)]‪ ([37‬تحفة التحصيل )‪.(1/288‬‬

‫)‪(21 /‬‬

‫)]‪ ([38‬أخرجه أبو داود )‪ ،(1069‬وابن ماجه )‪ ،(1082‬وصححه ابن خزيمة )‬


‫‪ ،(1724‬وابن حبان )‪ ،(7013‬والحاكم في المستدرك )‪(1/281‬وقال‪" :‬هذا‬
‫سن اللباني‬
‫ي‪ .‬وقد ح ّ‬
‫حديث صحيح على شرط مسلم"‪ ،‬ولم يعلق عليه الذهب ّ‬
‫إسناده في صحيح سنن أبي داود )‪.(944‬‬
‫)]‪ ([39‬سنن البيهقي الكبرى )‪ ،(3/177‬الدارقطني )‪.(2/3‬‬
‫)]‪ ([40‬الم )‪.(1/32‬‬
‫)]‪ ([41‬انظر‪ :‬المجروحين لبن حبان )‪ ،(2/138‬ونصب الراية )‪(2/918‬‬

‫‪115‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫للزيلعي‪ ،‬والدراية لبن حجر )‪ ،(1/216‬والتلخيص الحبير )‪ ،(2/55‬والرواء )‬


‫‪.(3/69‬‬
‫)]‪ ([42‬انظر‪ :‬تهذيب الكمال )‪ ،(2/184‬التقريب )ص‪.(115 :‬‬
‫)]‪ ([43‬المراسيل لبي داود )ص ‪ ،(160‬وإسناده إلى الزهري كما قال‬
‫المحقق‪" :‬حسن"‪.‬‬
‫)]‪ ([44‬المدونة الكبرى )‪ ،(1/153‬والمحلى من طريق مجهول )‪(5/47‬بلفظ‪:‬‬
‫))ثلثون رج ً‬
‫ل((‪.‬‬
‫)]‪ ([45‬عقد الجواهر )‪.(1/222‬‬
‫)]‪ ([46‬أخرجه الدارقطني )‪ ،(2/4‬والطبراني في الكبير )‪ ،(8/244‬بلفظ‪:‬‬
‫))على الخمسين جمعة((‪.‬‬
‫والحديث فيه جعفر بن الزبير‪ :‬متروك‪ ،‬قال الهيثمي‪" :‬رواه الطبراني في‬
‫دا"‪ ،‬وقال الذهبي‬ ‫الكبير‪ ،‬وفيه جعفر بن الزبير صاحب القاسم‪ ،‬وهو ضعيف ج ً‬
‫ث واه"‪ .‬وضّعف الحديث‬ ‫في المهذب )‪" :(3/155‬ويروي في الخمسين حدي ٌ‬
‫ابن حزم في المحلى‬
‫)‪ ،(5/467‬قال‪" :‬هذا خبر ل يصح"‪.‬‬
‫)]‪ ([47‬رواه أبو بكر النجاد بإسناده إلى الزهري‪ ،‬انظر‪ :‬تفسير القرطبي )‬
‫‪ ،(18/113‬وفيه روح بن غطيف‪ ،‬قال البخاري في التاريخ الكبير )‪:(3/308‬‬
‫"منكر الحديث"‪.‬‬
‫)]‪ ([48‬صحيح مسلم )‪.(674‬‬
‫)]‪ ([49‬المحلى )‪.(5/46‬‬
‫)]‪ ([50‬حاشية ابن عابدين )‪.(2/172‬‬
‫)]‪ ([51‬الذخيرة )‪.(2/417‬‬
‫)]‪ ([52‬البيان )‪ ،(2/649‬المجموع )‪ ،(25 ،5/19‬نهاية المحتاج )‪.(2/386‬‬
‫)]‪ ([53‬المغني )‪ ،(3/287‬الشرح الكبير‪ ،‬والنصاف )‪.(5/334‬‬
‫)]‪ ([54‬المحلى )‪.(5/86‬‬
‫)]‪ ([55‬الصل )‪ ،(1/338‬حاشية ابن عابدين )‪ ،(2/166‬شرح فتح القدير )‬
‫‪ ،(2/46‬بدائع الصنائع )‪.(1/279‬‬
‫)]‪ ([56‬البيان )‪ ،(2/648‬فتح العزيز )‪ ،(5/9‬روضة الطالبين )‪.(2/70‬‬
‫)]‪ ([57‬المغني )‪ ،(3/287‬الشرح الكبير‪ ،‬والنصاف )‪.(5/336‬‬
‫)]‪ ([58‬أخرجه مسلم )‪ ،(684‬والبخاري )‪(597‬من حديث أنس بن مالك‬
‫رضي الله عنه ‪.‬‬
‫)]‪ ([59‬الشرح الممتع )‪.(5/170‬‬
‫)]‪ ([60‬الشرح الممتع )‪.(5/207‬‬
‫)]‪ ([61‬الوسط )‪.(294 – 4/293‬‬
‫)]‪ ([62‬المدونة )‪.(1/155‬‬
‫)]‪ ([63‬الشرح الممتع )‪.(5/207‬‬
‫)]‪ ([64‬انظر‪ :‬مسألة هل تصح الصلة من المنفرد ؟‬
‫)]‪ ([65‬المبسوط )‪.(2/40‬‬
‫)]‪ ([66‬الصل )‪.(1/339‬‬
‫)]‪ ([67‬الم )‪.(205‬‬
‫مصلى العيد والحكام المتعلقة به‬
‫هل العيد يصلى في أكثر من موضع ؟‬
‫ن الفضل في صلة العيدين الجتماع بمكان واحد‪ ،‬ولم‬ ‫اتفق أهل العلم في أ ّ‬
‫م حاجة‪ ،‬وإن اختلفوا في جواز تعدد‬ ‫ّ‬ ‫ث‬ ‫كان‬ ‫إذا‬ ‫إقامتها‬ ‫يختلفوا في جواز تعدد‬

‫‪116‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫إقامة الجمعة )]‪.([1‬‬


‫ي‪" :‬ويستحب الجتماع لها في مكان واحد‪ ،‬وُيكره تعدده من غير‬ ‫قال الرمل ّ‬
‫حاجة‪ ،‬وللمام المنع منه‪ ،‬وله المر به" )]‪.([2‬‬
‫الصلة في المصلى ‪:‬‬
‫اتفق الفقهاء على مشروعية صلة العيدين في المصلى وفي المساجد‪ ،‬ولكن‬
‫اختلفوا أّيهما أفضل ؟ على قولين ‪:‬‬
‫القول الول ‪:‬‬
‫ن المصلى هو الفضل‪ ،‬سواء وسعهم المسجد أو لم يسعهم ‪.‬‬ ‫أ ّ‬
‫وهو قول الحنفية‪ ،‬والمالكية‪ ،‬واختيار الرافعي من الشافعية )]‪.([3‬‬
‫قال مالك‪" :‬الفضل أن يصلي العيد في المصلى بكل حال" )]‪.([4‬‬
‫القول الثاني‪:‬‬
‫ّ‬
‫ن المسجد هو الفضل إن كان يسعهم‪ ،‬وإل خرج بهم ‪.‬‬ ‫أ ّ‬
‫وهو قول الشافعية )]‪.([5‬‬
‫مر بلد ٌ فكان مسجد أهله يسعهم في العياد لم أَر أّنهم‬ ‫ن عُ ّ‬
‫قال الشافعي‪" :‬فإ ّ‬
‫يخرجون منه‪ ،‬وإن خرجوا فل بأس")]‪.([6‬‬
‫الدلة ‪:‬‬
‫أدلة القول الول‪:‬‬
‫استدلوا بالحاديث المتكاثرة في خروج النبي صلى الله عليه وسلم إلى‬
‫المصلى يوم العيد‪ ،‬من ذلك ما جاء عن ابن عمر قال‪ :‬كان النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم يغدو إلى المصلى‪ ،‬والعَنزة بين يديه تحمل‪ ،‬وتنصب بالمصلى بين‬
‫يديه‪ ،‬فيصلي إليهما )]‪.([7‬‬
‫وعن أبي سعيد الخدري قال‪ :‬كان النبي صلى الله عليه وسلم يخرج يوم‬
‫الفطر والضحى إلى‬
‫المصلى )]‪.([8‬‬
‫أدلة القول الثاني ‪:‬‬
‫ن أهل مكة كانوا يصلون في المسجد الحرام‪ ،‬والمسجد إذا وسع الناس‬ ‫‪ -1‬أ ّ‬
‫كان أفضل؛ لنه أشرف وأنظف ‪.‬‬
‫ن الظاهر من صلة أهل مكة في الحرم كثرة الجبال‬ ‫وهذا التعليل فيه نظر؛ ل ّ‬
‫ن الصحراء ليست قريبة بالنسبة لهم ‪.‬‬ ‫فيها‪ ،‬وأ ّ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم ُيصلي في المصلى مع مسجده‪ ،‬وصلة‬ ‫وكان النب ّ‬
‫النافلة في البيت أفضل مع شرف المسجد‪.‬‬
‫‪ -2‬حضور المسجد أسهل من حضور المصلى ‪.‬‬
‫ن المصلى أسهل للحضور‪ ،‬لكون العيد يقصده‬ ‫وقد ُرد ّ ونوقش هذا التعليل بأ ّ‬
‫أهل القرى والبوادي‪ ،‬ويأتون من كل مكان‪ ،‬فكان المصلى أيسر لهم ‪.‬‬
‫‪ -3‬إّنما حمل النبي صلى الله عليه وسلم على الصلة في المصلى ضيق‬
‫المسجد ‪.‬‬
‫ّ‬
‫ن أول صلة عيد ٍ صلها النبي صلى الله عليه وسلم‬ ‫وهذا الستدلل ل يصح‪ ،‬ل ّ‬
‫ّ‬
‫في السنة الثانية للهجرة)]‪ ،([9‬وكان المسلمون يومئذ قلة‪ ،‬فالذين كانوا‬
‫يحضرون معه الجمعة هم الذين كانوا يحضرون معه العيد‪ ،‬فلم يكن المسجد‬
‫يضيق بهم ‪.‬‬
‫الترجيح ‪:‬‬

‫)‪(22 /‬‬

‫‪117‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ن الخروج‬ ‫ن الصلة بالمصلى هي السنة والفضل‪ ،‬وأ ّ‬ ‫والراجح – والله أعلم ‪ -‬أ ّ‬
‫ً‬
‫في العيدين إليها تشريع من النبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وليست اتفاقا من‬
‫أجل ضيق المسجد‪.‬‬
‫قال ابن المنذر‪" :‬السنة أن يخرج الّناس إلى المصلى في العيد" )]‪.([10‬‬
‫وقال ابن حزم‪" :‬وسنة صلة العيدين أن يبرز أهل كل قرية أو مدينة لفضاء‬
‫واسٍع" )]‪.([11‬‬
‫ّ‬
‫وقال شيخ السلم‪" :‬ولم يكن ُيصلي صلة العيد إل ّ في مكان واحدٍ مع المام‪،‬‬
‫يخرج بهم إلى الصحراء‪ ،‬فيصلي هناك‪ ،‬فيصلي المسلمون كلهم صلة العيد"‬
‫)]‪.([12‬‬
‫* مراجع المسألة ‪:‬‬
‫حاشية ابن عابدين )‪ ،(2/169‬مجمع النهر )‪ ،(1/173‬الفتاوى الهندية )‬
‫‪ ،(1/150‬المبسوط )‪ ،(40 – 1/39‬المدونة )‪ ،(1/171‬المعونة )‪،(1/324‬‬
‫الكافي )‪ ،(1/263‬عقد الجواهر )‪ ،(1/242‬شرح ابن عليش )‪ ،(1/279‬الم )‬
‫‪ ،(1/207‬الحاوي )‪ ،(497 ،2/486‬المجموع )‪ ،(5/4‬فتح العزيز )‪،(5/37‬‬
‫نهاية المحتاج )‪ ،(2/395‬البيان )‪ ،(2/626‬روضة )‪ ،(2/74‬شرح الزركشي )‬
‫‪ ،(2/217‬المقنع )‪ ،(5/336‬المستوعب )‪ ،(3/54‬الشرح الكبير )‪،(5/336‬‬
‫الفروع )‪ ،(2/139‬النصاف )‪/5‬‬
‫‪ ،(36‬المغني )‪ ،(3/261‬العلم لبن الملقن )‪.(4/253‬‬
‫مصلى العيد هل يأخذ أحكام المسجد ‪:‬‬
‫هذه المسألة اختلف الفقهاء فيها على قولين ‪:‬‬
‫القول الول ‪:‬‬
‫مصلى العيد يأخذ أحكام المسجد ‪.‬‬
‫وهو قول الحنابلة ‪.‬‬
‫قال في النصاف‪" :‬ومصلى العيد مسجد على الصحيح من المذهب")]‪.([13‬‬
‫وهو اختيار ابن عثيمين )]‪.([14‬‬
‫القول الثاني ‪:‬‬
‫مصلى العيد ل يأخذ حكم المسجد ‪.‬‬
‫وهو قول الحنفية )]‪ ،([15‬ومذهب البخاري )]‪.([16‬‬
‫الدلة ‪:‬‬
‫أدلة القول الول ‪:‬‬
‫استدلوا بحديث أم عطية‪)) :‬أن ُيخرج العواتق وذوات الخدود والحيض‪،‬‬
‫وليشهدن الخير ودعوة المؤمنين‪ ،‬ويعتزل الحيض المصلى(()]‪.([17‬‬
‫ن الحائض ممنوعة من دخول المسجد‪ ،‬ول وجه لمنعها من‬ ‫وجه الدللة‪ :‬أ ّ‬
‫حضور المصلى إل ّ كون المصلى مسج ً‬
‫دا ‪.‬‬
‫أدلة القول الثاني ‪:‬‬
‫ن المسجد هو الذي تقام فيه الصلوات الخمس‪ ،‬ومصلى العيد ل تقام فيه‬ ‫أ ّ‬
‫الصلوات الخمس‪ ،‬بل ل تقام به فريضة واحدة من فرائضه ‪.‬‬
‫الترجيح ‪:‬‬
‫ن مصلى العيد ل يأخذ حكم المسجد‪ ،‬وكون الحائض تمنع منه‬ ‫والراجح هو أ ّ‬
‫إّنما هو وقت الصلة؛ لنها ل تصلي‪ ،‬لكراهة جلوس من ل يصلي مع المصلين‬
‫في محل واحد‪ ،‬فعن يزيد بن السود قال‪ :‬شهدت مع رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم حجته قال‪ :‬فصليت معه صلة الفجر في مسجد الخيف‪ ،‬يعني‬
‫ما قضى صلته إذا هو برجلين في آخر القوم‪ ،‬ولم يصليا معه‪،‬‬ ‫مسجد منى‪ ،‬فل ّ‬
‫ي بهما((‪ .‬فأتي بهما ترعد فرائصهما‪ ،‬فقال‪)) :‬ما منعكما أن تصليا‬ ‫فقال‪)) :‬عل ّ‬

‫‪118‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫معنا(( ؟ قال‪ :‬يا رسول الله ! كنا قد صلينا في رحالنا‪ .‬قال‪)) :‬فل تفعل‪ ،‬إذا‬
‫صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعة‪ ،‬فصليا معهم‪ ،‬فإّنها لكم نافلة((‬
‫)]‪.([18‬‬
‫وقد ورد في صحيح مسلم صراحة المراد بالعتزال‪ ،‬وأّنه اعتزال الصلة‪،‬‬
‫وذلك في إحدى روايات حديث أم عطية قالت‪) :‬فيعتزلن الصلة()]‪.([19‬‬
‫دن عن‬ ‫ولو كان العتزال مقصوًدا به اعتزال كل ما يطلق عليه أّنه مصلى‪ ،‬ب َعُ ْ‬
‫شهود الخير ودعوة المسلمين‪ ،‬ولم يكن في وسعهن سماع الخطبة‪.‬‬
‫ن أمر الحّيض باعتزال المصّلى‪ ،‬إّنما هو حال‬ ‫قال ابن رجب‪" :‬والظهر أ ّ‬
‫الصلة ليتسع على النساء الطاهرات مكان صلتهن‪ ،‬ثم يختلطن بهن في‬
‫سماع الخطبة" )]‪.([20‬‬
‫* مراجع المسألة ‪:‬‬
‫الفروع )‪ ،(1/170‬الشرح الكبير )‪ ،(2/116‬البحر الرائق )‪ ،(2/39‬الشرح‬
‫الممتع )‪ ،(5/24‬إحكام الحكام )ص‪ ،(349 :‬العلم لبن الملقن )‪.(4/253‬‬
‫خروج النساء إلى العيدين ‪:‬‬
‫ن خروج النساء إلى العيدين زمن النبي صلى الله عليه‬ ‫اتفق أهل العلم على أ ّ‬
‫ن على أقوال ‪:‬‬ ‫عا واختلفوا بعد ذلك في حكم خروجه ّ‬ ‫وسلم كان مشرو ً‬
‫القول الول ‪:‬‬
‫كراهية خروج النساء الشواب إلى العيدين‪ ،‬وترخيص ذلك للعجوز الكبيرة ‪.‬‬
‫وهو قول محمد بن الحسن‪ ،‬والشافعي‪ ،‬ورواية عن أحمد )]‪ .([21‬ومذهب‬
‫الحنفية‪ ،‬والشافعية‪ ،‬والصحيح من مذهب الحنابلة )]‪.([22‬‬
‫واختاره المجد ابن تيمية )]‪.([23‬‬
‫القول الثاني ‪:‬‬
‫ن ذلك‪ ،‬من غير كراهة ول‬ ‫للنساء أن يخرجن إلى العيدين‪ ،‬وليس عليه ّ‬
‫استحباب ‪.‬‬
‫وهو قول مالك‪ ،‬ورواية عن أحمد )]‪.([24‬‬
‫القول الثالث ‪:‬‬
‫يستحب خروج النساء‪ ،‬المخدرات وغير المخدرات‪ ،‬الشابة والعجوز‪ ،‬إذا‬
‫خرجن من غير شهوة اللباس والطيب ‪.‬‬
‫وهو رواية عن أحمد‪ ،‬واختارها من الحنابلة ابن حامد )]‪.([25‬‬
‫القول الرابع ‪:‬‬
‫كراهة خروج النساء عامة شابة أو عجوز ‪.‬‬
‫وهو رواية عن أحمد )]‪ ،([26‬واختارها القاضي أبو يعلى )]‪.([27‬‬
‫الدلة ‪:‬‬
‫أدلة القول الول ‪:‬‬
‫قالوا‪ :‬خشية الفتنة بالنساء الشواب‪ ،‬وأمن ذلك في العجائز ‪.‬‬
‫أدلة القول الثاني ‪:‬‬
‫ن بالخروج‪ ،‬ولم‬ ‫لم يقولوا بالكراهة‪ ،‬لمر النبي صلى الله عليه وسلم له ّ‬
‫يقولوا بالستحباب لخشية الفتنة بخروجهن ‪.‬‬
‫أدلة القول الثالث ‪:‬‬
‫ن‪،‬‬‫أخذو بظاهر حديث أم عطية في الصحيحين )]‪ ([28‬في المر بخروجه ّ‬
‫وعدم التفريق في ذلك بين الشابة والعجوز ‪.‬‬
‫أدلة القول الرابع ‪:‬‬
‫عللوا قولهم بفساد الزمان بعد عصر الصحابة رضوان الله عليهم ‪.‬‬

‫‪119‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫)‪(23 /‬‬

‫الترجيح ‪:‬‬
‫قا‬
‫والقول القرب إلى الصواب هو القول باستحباب خروج النساء مطل ً‬
‫مخدرة كانت أو غير مخدرة‪ ،‬شابة كانت أو عجوًزا ‪.‬‬
‫للمر الصريح من النبي صلى الله عليه وسلم بإخراجهن‪ ،‬بل القول بوجوب‬
‫ن هو القوى كما مضى توضيحه في بيان حكم صلة العيدين‪ ،‬والله‬ ‫إخراجه ّ‬
‫أعلم ‪.‬‬
‫* مراجع المسألة ‪:‬‬
‫الصل )‪ ،(1/343‬الحجة )‪ ،(1/306‬المبسوط )‪ ،(2/41‬بدائع الصنائع )‬
‫‪ ،(1/275‬المدونة )‪ ،(1/368‬عقد الجواهر )‪ ،(1/241‬الذخيرة )‪ ،(2/417‬الم‬
‫)‪ ،(1/206‬الحاوي )‪ ،(483 /2‬المجموع )‪ ،(8 /5‬فتح العزيز )‪ ،(24 /5‬البيان )‬
‫‪ ،(2/630‬التمام )‪ ،(1/246‬مسائل أحمد لصالح )ص‪ ،(402 :‬الشرح الكبير )‬
‫‪ ،(328 /5‬المستوعب )‪ ،(54 /3‬النصاف )‪ ،(5/328‬المغني )‪،(3/263‬‬
‫العلم )‪.(4/251‬‬
‫المشي إلى المصلى ‪:‬‬
‫ب الخروج إلى المصلى ماشًيا باتفاق الفقهاء من غير خلف في‬ ‫ُيستح ّ‬
‫المسألة‪ ،‬لما روي عن علي قال‪) :‬من السنة أن تخرج إلى العيد ماشًيا‪ ،‬وأن‬
‫ل ُيركب إل ّ من عذر()]‪.([29‬‬
‫ي‪" :‬والعمل على هذا الحديث عند أكثر أهل العلم‪ ،‬يستحبون أن‬ ‫قال الترمذ ّ‬
‫ّ‬
‫يخرج الرجل إلى العيد ماشًيا‪ ،‬وأن ل يركب إل من عذر "‪.‬‬
‫ن عمر بن عبد العزيز كتب من استطاع منكم أن‬ ‫وعن جعفر بن برقان أ ّ‬
‫يمشي إلى العيدين فليفعل )]‪.([30‬‬
‫وقال سعيد بن المسيب‪" :‬من سنة الفطر المشي‪ ،‬والكل قبل الغدو‪،‬‬
‫والغتسال" )]‪.([31‬‬
‫وقال أبو المعالي‪" :‬إن كان البلد ثغًرا استحب الركوب وإظهار السلح")]‬
‫‪.([32‬‬
‫دا فل بأس أن يركب")]‬ ‫وقال ابن قدامة صاحب الشرح الكبير‪" :‬وإن كان بعي ً‬
‫‪.([33‬‬
‫* مراجع المسألة ‪:‬‬
‫مجمع النهر )‪ ،(1/173‬المدّونة )‪ ،(1/171‬المعونة )‪ ،(1/322‬الكافي )‬
‫‪ ،(1/263‬عقد الجواهر )‪/1‬‬
‫‪ ،(242‬الذخيرة )‪ ،(2/419‬الم )‪ ،(1/207‬الحاوي )‪ ،(2/486‬المجموع )‬
‫‪ ،(5/10‬فتح العزيز)‪ ،(5/37،40‬نهاية المحتاج )‪ ،(2/396‬الشرح الكبير )‬
‫‪ ،(5/326‬المبدع )‪ ،(2/180‬النصاف )‪.(5/326‬‬
‫الذهاب من طريق والعودة من طريق آخر ‪:‬‬
‫يستحب الذهاب إلى مصلى العيد من طريق‪ ،‬والرجوع من طريق آخر باتفاق‬
‫أكثر الفقهاء‪ ،‬لما روي عن جابر قال‪ :‬كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان‬
‫يوم عيد خالف الطريق )]‪.([34‬‬
‫وعن أبي هريرة قال‪ :‬كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج يوم‬
‫العيد في طريق رجع في‬
‫غيره )]‪.([35‬‬
‫ب بعض أهل العلم للمام إذا خرج في طريق أن‬ ‫ي‪" :‬وقد استح ّ‬ ‫قال الترمذ ّ‬
‫عا لهذا الحديث‪ ،‬وهو قول الشافعي" )]‪.([36‬‬ ‫يرجع في غيره‪ ،‬اتبا ً‬

‫‪120‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫قال ابن رجب‪" :‬وقد استحّبه كثير من أهل العلم للمام وغيره‪ ،‬وهو قول‬
‫مالك والثوري والشافعي وأحمد – وألحق الجمعة بالعيد في ذلك ‪ -‬ولو رجع‬
‫من الطريق الذي خرج منه لم يكره" )]‪.([37‬‬
‫قال ابن حجر‪" :‬والذي في الم أنه يستحب للمام والمأموم‪ ،‬وبه قال أكثر‬
‫الشافعية‪ ،‬وقال الرافعي‪ :‬لم يتعرض في الوجيز إل ّ للمام‪ ،‬وبالتعميم قال‬
‫أكثر أهل العلم" )]‪.([38‬‬
‫قال الحصفكي‪" :‬ول بأس بعوده راكًبا‪ ،‬وندب كونه من طريق آخر" )]‪.([39‬‬
‫قال ابن عابدين‪" :‬قوله‪) :‬من طريق آخر( ِلما رواه البخاريّ أّنه كان إذا كان‬
‫ن أمكنة القرية تشهد‬‫ن فيه تكثير الشهود‪ ،‬ل ّ‬ ‫يوم عيدٍ خالف الطريق؛ ول ّ‬
‫لصاحبها" )]‪.([40‬‬
‫وقال ابن أِبي زيد القيرواِني‪" :‬ويستحب في العيدين أن يمضي من طريق‪،‬‬
‫ويرجع من أخرى" )]‪.([41‬‬
‫ي‪" :‬والسنة أن يمضي إليها في طريق‪ ،‬ويرجع في أخرى" )]‪.([42‬‬ ‫وقال النوو ّ‬
‫ي‪" :‬هذا المذهب‪ ،‬وعليه جماهير الصحاب‪ ،‬وقطع به كثير منهم"‬ ‫وقال المرداو ّ‬
‫)]‪.([43‬‬
‫ما لهذه المغايرة‪ ،‬منها ‪:‬‬ ‫َ‬
‫حك ً‬‫مس بعض العلماء ِ‬ ‫وقد تل ّ‬
‫‪ -1‬قيل‪ :‬ليشهد له الطريقان ‪.‬‬
‫ن والنس ‪.‬‬ ‫‪ -2‬وقيل‪ :‬ليشهد له سكان الطريقين من الج ّ‬
‫‪ -3‬وقيل‪ :‬ليتصدق على أهل الطريق ‪.‬‬
‫‪ -4‬وقيل‪ :‬ليتصدق على أهل الطريقين ‪.‬‬
‫‪ -5‬وقيل‪ :‬ليساوي بينهما في التبرك به‪ ،‬وفي المسرة بمشاهدته‪ ،‬والنتفاع‬
‫بمسألته ‪.‬‬
‫‪ -6‬وقيل‪ :‬ليغيظ المنافقين أو اليهود‪ ،‬ويرهبهم ‪.‬‬
‫‪ -7‬وقيل‪ :‬لن الطريق الذي يغدو منه كان أطول ‪.‬‬
‫‪ -8‬وقيل‪ :‬لن طريقه إلى المصلى كانت على اليمين‪ ،‬فلو رجع لرجع إلى جهة‬
‫الشمال ‪.‬‬
‫‪ -9‬وقيل‪ :‬لظهار شعار السلم فيهما ‪.‬‬
‫‪ -10‬وقيل‪ :‬ليتفاءل بتغيير الحال إلى المغفرة والرضا‪ ،‬إلى غير ذلك من‬
‫الحكم التي تلمسها أهل العلم )]‪.([44‬‬
‫* مراجع المسألة ‪:‬‬
‫مجمع النهر )‪ ،(1/173‬المدونة )‪ ،(1/171‬الرسالة )ص‪ ،(144 :‬المعونة )‬
‫‪ ،(1/322‬الكافي )‪ ،(1/263‬بداية المجتهد )‪ ،(1/515‬عقد الجواهر )‪،(1/243‬‬
‫شرح الزركشي )‪ ،(2/232‬المقنع )‪ ،(5/330‬المستوعب‬
‫)‪ ،(5/540‬الشرح الكبير )‪ ،(330 /5‬المغني )‪ ،(283 ،5/262‬النصاف )‬
‫‪(5/330‬الم )‪ ،(1/207‬الحاوي )‪ ،(2/495‬فتح العزيز )‪ ،(5/56‬نهاية المحتاج‬
‫)‪ ،(2/395‬البيان )‪ ،(2/633‬حلية العلماء )‪ ،(2/311‬نيل الوطار )‪.(3/290‬‬
‫إخراج المنبر في العيدين ‪:‬‬
‫لهل العلم في هذه المسألة قولن‪:‬‬
‫القول الّول‪:‬‬
‫كراهية إخراج المنبر للعيدين‪.‬‬
‫وهو قول محمد بن الحسن‪ ،‬والحنفية‪ ،‬واختلفوا في جواز بنائه في المصلى‪،‬‬
‫أو كراهية ذلك )]‪.([45‬‬
‫القول الثاِني‪:‬‬

‫‪121‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫يجوز إخراج المنبر في العيدين‪.‬‬


‫ي‪ ،‬واستحّبه النووي )]‪.([46‬‬
‫وهو قول الشافع ّ‬
‫)‪(24 /‬‬

‫الدلة‪:‬‬
‫أدلة القول الّول‪:‬‬
‫ن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب على قدميه‪ ،‬فعن أبي سعيد‬ ‫أ ّ‬
‫الخدري قال‪ :‬كان النبي صلى الله عليه وسلم يخرج يوم الفطر والضحى‬
‫إلى المصلى‪ ،‬فأّول شيء يبدأ به الصلة‪ ،‬ثم ينصرف فيقوم مقابل الناس‪،‬‬
‫والناس جلوس على صفوفهم‪ ،‬فيعظهم ويوصيهم ويأمرهم‪ ،‬فإن كان يريد أن‬
‫يقطع بعًثا قطعه‪ ،‬أو يأمر بشيء أمر به ثم ينصرف ‪.‬‬
‫ت مع مروان – وهو أمير‬ ‫قال أبو سعيد‪ :‬فلم يزل الناس كذلك‪ ،‬حتى خرج ُ‬
‫المدينة – في أضحى أو فطر‪ ،‬فلما أتينا المصلى إذا منبر بناه كثير بن‬
‫الصلت‪ ،‬فإذا مروان يريد أن يرتقيه قبل أن يصلي‪ ،‬فجبذت بثوبه فجبذِني‪،‬‬
‫فارتفع فخطب قبل الصلة‪ ،‬فقلت له‪ :‬غيرتم ‪ -‬والله ‪.-‬‬
‫فقال‪ :‬يا أبا سعيد قد ذهب ما تعلم‪ .‬فقلت‪ :‬ما أعلم ‪ -‬والله ‪ -‬خير مما ل‬
‫ن الناس لم يكونوا يجلسون لنا بعد الصلة‪ ،‬فجعلتها قبل‬ ‫أعلم‪ .‬فقال‪ :‬إ ّ‬
‫الصلة )]‪.([47‬‬
‫وقال‪ :‬أخرج مروان المنبر في يوم عيد‪ ،‬فبدأ بالخطبة قبل الصلة‪ ،‬فقام رجل‬
‫فقال‪ :‬يا مروان‪ ،‬خالفت السنة‪ ،‬أخرجت المنبر في يوم عيد‪ ،‬ولم يكن يخرج‬
‫فيه‪ ،‬وبدأت بالخطبة قبل الصلة‪ .‬فقال أبو سعيد‪ :‬من هذا ؟ قالوا‪ :‬فلن بن‬
‫فلن‪ .‬فقال‪ :‬أما هذا فقد قضى ما عليه‪ ،‬سمعت رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم يقول‪)) :‬من رأى منكم منكًرا فاستطاع أن يغيره بيده فليغيره بيده‪،‬‬
‫فإن لم يستطع فبلسانه‪ ،‬فإن لم يستطع فبقلبه‪ ،‬وذلك أضعف اليمان(()]‬
‫‪.([48‬‬
‫ي‪" :‬وهذا الحديث يدل على أّنه لم يكن في المصلى في زمانه‬ ‫قال الشوكان ِ ّ‬
‫صلى الله عليه وسلم منبر" )]‪.([49‬‬
‫ن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب على قدميه‪ ،‬قال‬ ‫ضا أ ّ‬ ‫ويؤخذ منه أي ً‬
‫س = يدل على أنه صلى الله عليه وسلم لم‬ ‫ْ‬
‫ابن رجب‪" :‬وذِكُر استقباله النا ِ‬
‫يرق منبًرا‪ ،‬وأّنه كان على الرض" )]‪.([50‬‬
‫أدلة القول الثاِني‪:‬‬
‫قاسوه على الجمعة‪ ،‬فخطبة الجمعة تكون على المنبر‪.‬‬
‫الترجيح‪:‬‬
‫ي صلى الله عليه‬ ‫ن النب ّ‬
‫والراجح عدم استحباب إخراج المنبر‪ ،‬ول بناؤه فيه؛ ل ّ‬
‫وسلم كان يخطب على قدميه‪ ،‬وقد كان بالمكان أن يأمرهم بإخراجه‪ ،‬أو‬
‫دا آخر فيه‪.‬‬ ‫يبني واح ً‬
‫ي صلى الله‬ ‫كل عليه قول جابر رضي الله عنه‪ :‬قام النب ّ‬ ‫وهذا التقرير قد ُيش ِ‬
‫ّ‬
‫عليه وسلم يوم الفطر فصلى‪ ،‬فبدأ بالصلة ثم خطب‪ ،‬فلما فرغ نزل فأتى‬
‫النساء ‪ ...‬الحديث )]‪.([51‬‬
‫ما فرغ نزل(( يشعُر أّنه كان على منبر‪.‬‬ ‫فقوله ‪)) :‬فل ّ‬
‫ل هذا الشكال ابن حجر بقوله‪" :‬فيه إشعار بأنه صلى الله عليه وسلم‬ ‫وقد ح ّ‬
‫كان يخطب على مكان مرتفع‪ ،‬لما يقتضيه قوله‪) :‬نزل( وقد تقدم في باب‬
‫الخروج إلى المصلى أّنه صلى الله عليه وسلم كان يخطب في المصلى على‬

‫‪122‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫من النزول معنى النتقال")]‪.([52‬‬ ‫الرض‪ ،‬فلعل الراوي ض ّ‬


‫ن السنة عدم إخراج المنبر في العيدين‪ ،‬ول‬ ‫فهذا هو الذي يخلص إليه البحث أ ّ‬
‫تظهر الحاجة للمنبر في هذه الزمان لتوفر مكبرات الصوت‪ ،‬والله تعالى‬
‫أعلم ‪.‬‬
‫* مراجع المسألة ‪:‬‬
‫الكتاب )‪ ،(1/345‬حاشية ابن عابدين )‪ ،(2/169‬المبسوط )‪ ،(43 /2‬بدائع‬
‫الصنائع )‪ ،(280 /1‬الم )‪ ،(397 ،1/394‬المجموع )‪.(23 ،5/22‬‬
‫الذان أو النداء لصلة العيدين ‪:‬‬
‫اتفق العلماء على أنه ل يشرع لصلة العيدين أذان ول إقامة‪ ،‬لحديث ابن‬
‫عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صّلى بغير أذان ول إقامة )]‬
‫‪.([53‬‬
‫ك أّنه سمع غير واحد ٍ من علمائهم‪ ،‬يقول‪ :‬لم يكن في عيد الفطر‪،‬‬ ‫فعن مال ٍ‬
‫ول الضحى = نداء ول إقامة‪ ،‬منذ زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى‬
‫اليوم‪.‬‬
‫وقال مالك‪" :‬وتلك السنة التي ل اختلف فيها عندنا" )]‪.([54‬‬
‫ن ول إقامة" )]‪.([55‬‬ ‫وقال محمد بن الحسن‪" :‬ليس فيهما أذا ٌ‬
‫واختلف أهل العلم في هل يشرع لها نداء على صيغة معّينة؛ كقول المؤذن‪:‬‬
‫الصلة جامعة ؟ على قولين ‪:‬‬
‫القول الول‪:‬‬
‫أّنه ل ُيشرع فيها النداء بقوله‪ :‬الصلة جامعة‪ ،‬ول بأي صيغة أخرى ‪.‬‬
‫وهو قول المالكية )]‪.([56‬‬
‫قال خليل‪" :‬ول ُينادى الصلة جامعة" )]‪.([57‬‬
‫القول الثاني ‪:‬‬
‫أنه يستحب النداء لصلة العيدين بقول‪ :‬الصلة جامعة ‪.‬‬
‫وهو مذهب الشافعية‪ ،‬والحنابلة )]‪.([58‬‬
‫ب أن يأمر المام المؤذن أن يقول في العياد‪ ،‬وما جمع‬ ‫ي‪" :‬وأح ّ‬ ‫قال الشافع ّ‬
‫الّناس له من الصلة‪ :‬الصلة جامعة" )]‪.([59‬‬
‫الدلة ‪:‬‬
‫أدلة القول الول ‪:‬‬
‫استدلوا بما روي عن جابر أّنه قال‪" :‬ل أذان للصلة يوم الفطر حين يخرج‬
‫المام ول بعدما يخرج‪ ،‬ول إقامة ول نداء‪ ،‬ول شيء‪ ،‬ل نداء يومئذ ول إقامة"‬
‫)]‪.([60‬‬
‫أدلة القول الثاني ‪:‬‬
‫استدلوا بما روي عن الزهري قال‪ :‬كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر في‬
‫العيدين المؤذن أن يقول‪ :‬الصلة جامعة‪.‬‬
‫وهذا حديث مرسل ل يقاوم حديث جابر ‪.‬‬
‫ص‪.‬‬
‫واستدلوا بالقياس على صلة الكسوف‪ ،‬والقياس ل يثبت أمام الن ّ‬
‫الترجيح ‪:‬‬
‫والراجح أّنه ل يشرع للعيدين أذان ول إقامة ول نداء بالصلة جامعة‪ ،‬ول‬
‫شيء؛ لحديث جابر ‪.‬‬
‫وهو اختيار ابن قدامة من الحنابلة )]‪.([61‬‬
‫ي‪،‬‬
‫قال‪ :‬وقال بعض أصحابنا‪ُ ،‬ينادى لها‪ :‬الصلة جامعة‪ ،‬وهو قول الشافع ّ‬
‫وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم" )]‪.([62‬‬
‫فصل‪:‬‬

‫‪123‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫)‪(25 /‬‬

‫ن أّول من أّذن لصلة ابن الزبير رضي الله عنهما؛ بل ُروي عنه أّنه‬ ‫قيل‪ :‬إ ّ‬
‫أّذن‪ ،‬وأقام ‪.‬‬
‫ن ابن الزبير سأل ابن عّباس‪ ،‬وكان الذي بينهما حسًنا‬ ‫فعن عطاء بن يسارٍ أ ّ‬
‫ما ساء الذي بينهما أّذن‪ ،‬وأقام )]‪.([63‬‬ ‫ذ‪ ،‬فقال‪ :‬ل تؤذن ول ُتقم‪ .‬فل ّ‬ ‫يومئ ٍ‬
‫ن أّول من أّذن في العيدين ابن زياد )]‪ .([64‬وارتضاه ابن الملقن )]‬ ‫وقيل‪ :‬إ ّ‬
‫‪.([65‬‬
‫ذن للذان في العيدين‪ ،‬لما روي عن سعيد بن المسيب‬ ‫ن أّول من أ ّ‬ ‫والصحيح أ ّ‬
‫قال‪" :‬أّول من أحدث الذان في العيدين معاوية" )]‪.([66‬‬
‫وجرى عليه ابن زياد ومروان بن الحكم لنهما ولة تحت إمرته ‪.‬‬
‫ما مجتمًعا عليه قبل أن يحدث‬ ‫قال ابن عبد البر‪" :‬كان هذا بالحجاز معلو ً‬
‫ماله يفعلون ذلك‪ ،‬حيث كانوا"‪.‬‬ ‫معاوية الذان في العيدين‪ ،‬وكان أمراؤه وع ّ‬
‫قال الماوردي‪" :‬ثم جرى عليه بنو أمية أيام ملكهم‪ ،‬إلى أن ولي بنو العباس‪،‬‬
‫وردوا المر إلى حاله‪ ،‬وهو اليوم سيرة الندلس وبلد المغرب من أعمال بني‬
‫أمية" )]‪.([67‬‬
‫والله تعالى أعلم‪.‬‬
‫* مراجع المسألة ‪:‬‬
‫الكتاب )‪ ،(1/336‬مجمع النهر )‪.(1/173‬‬
‫الم )‪ ،(1/208‬الحاوي )‪ ،(2/489‬المجموع )‪ ،(5/13‬فتح العزيز )‪،(5/45‬‬
‫البيان )‪ ،(2/634‬الرسالة الفقهية )ص‪ ،(144 :‬المعونة )‪ ،(323 /1‬الكافي )‬
‫‪ ،(264 /1‬بداية المجتهد )‪ ،(1/505‬شرح الزركشي )‪ ،(2/219‬الشرح الكبير‬
‫)‪ ،(5/338‬المستوعب )‪ ،(3/55‬النصاف )‪ ،(5/338‬المغني )‪ ،(3/267‬المقنع‬
‫)‪ ،(5/338‬نيل الوطار )‪ ،(3/293‬العلم لبن الملقن )ح‪.(226/‬‬
‫التنفل قبل الصلة وبعدها ‪:‬‬
‫ي صلى الله عليه وسلم لم يتنفل قبل الصلة‪،‬‬ ‫ن النب ّ‬
‫اتفق عامة الفقهاء على أ ّ‬
‫ول بعدها في المصلى ‪.‬‬
‫واختلفوا هل يكره للمأموم أن يتنفل قبل الصلة أو بعدها‪ ،‬أم ل ؟ على أقوال‬
‫ثلثة‪:‬‬
‫القول الول‪:‬‬
‫له أن يتنفل بعدها ل قبلها‪ ،‬وهو قول الحنفية )]‪.([68‬‬
‫ت أربًعا‪،‬‬
‫ما بعدهما فإن شئت صلي َ‬ ‫قال أبو حنيفة‪" :‬ل صلة قبل العيدين‪ ،‬فأ ّ‬
‫ل" )]‪.([69‬‬ ‫ت لم تص ِ‬ ‫وإن شئ َ‬
‫القول الثاني‪:‬‬
‫فل قبل الصلة وبعدها‪ ،‬وهو قول المالكية‪ ،‬والحنابلة )]‪.([70‬‬ ‫يكره له التن ّ‬
‫القول الثالث‪:‬‬
‫ي )]‪،([71‬‬ ‫له أن يتنفل قبل الصلة وبعدها‪ ،‬ويكره للمام‪ ،‬وهو قول الشافع ّ‬
‫واختار هذا القول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله )]‪.([72‬‬
‫الدلة ‪:‬‬
‫أدلة القول الول ‪:‬‬
‫حديث أبي سعيد الخدري قال‪) :‬كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ل‬
‫يصلي قبل العيد شيًئا‪ ،‬فإذا رجع إلى منزله صلى ركعتين()]‪.([73‬‬
‫أدلة القول الثاني‪:‬‬
‫حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال‪ :‬خرج النبي صلى الله عليه وسلم‬

‫‪124‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫يوم عيد فصلى ركعتين‪ ،‬لم يصل قبلهما ول بعدهما )]‪.([74‬‬


‫وعن ابن عمر رضي الله عنهما‪ :‬أنه خرج يوم عيد فلم يصل قبلها ول بعدها‪،‬‬
‫وذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم فعله )]‪.([75‬‬
‫أدلة القول الثالث‪:‬‬
‫ن أحاديث الباب التي وردت في كراهية التنفل قبل صلة العيد وبعدها‬ ‫أ ّ‬
‫محمولة على المام‪ ،‬وأن المأموم خلف المام‪ ،‬فله أن يصلي إذا ارتفعت‬
‫الشمس أينما شاء ‪.‬‬
‫الترجيح ‪:‬‬
‫والراجح هو القول بكراهة التنفل قبل الصلة وبعدها في المصلى‪ ،‬وذلك لّنه‬
‫المنقول من فعل النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته‪ ،‬ولنه لو اشتغل‬
‫بالنافلة قبل الصلة اشتغل عن عبادة الوقت‪ ،‬وهو التكبير‪ ،‬ويكون بذلك انتقل‬
‫من الفاضل إلى المفضول‪ ،‬فيكره له ذلك‪ ،‬والله أعلم ‪.‬‬
‫* مراجع المسألة ‪:‬‬
‫شرح فتح القدير )‪ ،(2/73‬الكتاب )‪ ،(441 ،1/341‬حاشية ابن عابدين )‬
‫‪ ،(170 – 2/169‬الحجة )‪ ،(1/300‬مجمع النهر )‪ ،(1/173‬المبسوط )‬
‫‪ ،(3/40‬بدائع الصنائع )‪ ،(1/280‬المدونة )‪ ،(1/170‬المعونة )‪،(1/326‬‬
‫الكافي )‪ ،(1/263‬بداية المجتهد )‪ ،(1/511‬عقد الجواهر )‪ ،(1/242‬الم )‬
‫‪ ،(208 – 1/207‬المجموع )‪ ،(5/13‬فتح العزيز )‪ ،(5/44‬نهاية المحتاج )‬
‫‪ ،(2/396‬البيان )‪ ،(2/632‬مختصر الخلفيات )‪ ،(2/365‬حلية العلماء )‬
‫‪ ،(2/302‬شرح الزركشي )‪ ،(2/230‬المقنع )‪ ،(5/358‬الشرح الكبير )‬
‫‪ ،(5/358‬النصاف )‪ ،(358 /5‬المستوعب )‪ ،(62/ 3‬النكت )‪،(1/163‬‬
‫المغني )‪ ،(3/208‬الشرح الممتع )‪ ،(5/202‬نيل الوطار )‪.(3/300‬‬
‫)]‪ ([1‬المجموع )‪ ،(4/591‬المغني )‪ ،(3/212‬مجموع فتاوى شيخ السلم )‬
‫‪.(24/208‬‬
‫)]‪ ([2‬نهاية المحتاج )‪.(5/386‬‬
‫)]‪ ([3‬حاشية ابن عابدين )‪ ،(2/169‬عقد الجواهر )‪ ،(1/150‬فتح العزيز )‬
‫‪.(5/37‬‬
‫)]‪ ([4‬البيان )‪.(2/627‬‬
‫)]‪ ([5‬الحاوي )‪ ،(2/486‬المجموع )‪.(5/4‬‬
‫سون ‪.‬‬ ‫)]‪ ([6‬الم )‪(3/223‬ط‪ :‬ح ّ‬
‫)]‪ ([7‬البخاري )‪.(973‬‬
‫)]‪ ([8‬البخاري )‪.(956‬‬
‫ي صلى الله عليه وسلم‪.‬‬ ‫)]‪ ([9‬راجع‪ :‬أول صلة عيد صلها النب ّ‬
‫)]‪ ([10‬الوسط )‪.(4/257‬‬
‫)]‪ ([11‬المحلى )‪.(5/81‬‬
‫)]‪ ([12‬مجموع الفتاوى )‪.(17/480‬‬
‫)]‪ ([13‬النصاف )‪.(2/116‬‬
‫)]‪ ([14‬الشرح الممتع )‪.(5/204‬‬
‫)]‪ ([15‬حاشية البحر الرائق )‪ ،(2/39‬حاشية ابن عابدين )‪.(1/657‬‬
‫)]‪ ([16‬فتح الباري )‪.(12/130‬‬
‫)]‪ ([17‬البخاري )‪ ،(324‬مسلم )‪.(890‬‬
‫)]‪ ([18‬أخرجه أبو داود )‪ ،(575‬والترمذي )‪ ،(219‬والنسائي )‪،(2/112‬‬
‫وصححه ابن خزيمة )‪ ،(1638‬وابن حبان )‪ ،(164‬واللباني في صحيح سنن‬

‫‪125‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫أبي داود )‪.(538‬‬


‫)]‪ ([19‬مسلم )‪.(890 ،2/606‬‬

‫)‪(26 /‬‬

‫)]‪ ([20‬فتح الباري لبن رجب )‪.(2/142‬‬


‫)]‪ ([21‬الصل )‪ ،(1/343‬الم )‪ ،(1/206‬الفروع )‪.(2/137‬‬
‫)]‪ ([22‬المبسوط )‪ ،(2/41‬الحاوي )‪ ،(2/283‬النصاف )‪،(5/338‬‬
‫المستوعب )‪.(3/54‬‬
‫)]‪ ([23‬النصاف )‪.(5/338‬‬
‫)]‪ ([24‬المدّونة )‪ ،(1/368‬عقد الجواهر )‪ ،(1/241‬الذخيرة )‪،(2/417‬‬
‫الفروع )‪ ،(2/137‬النصاف )‪.(5/338‬‬
‫)]‪ ([25‬الفروع )‪ ،(137/‬التمام )‪ ،(1/246‬النصاف )‪.(5/328‬‬
‫)]‪ ([26‬الفروع )‪ ،(2/137‬مسائل المام أحمد لصالح )رقم‪ ،(402 :‬النصاف‬
‫)‪.(5/338‬‬
‫)]‪ ([27‬التمام لبن أبي يعلى )‪.(1/246‬‬
‫)]‪ ([28‬البخاري )‪ ،(324‬مسلم )‪.(890‬‬
‫سنه اللباني‬
‫)]‪ ([29‬أخرجه الترمذي )‪ ،(536‬وقال‪" :‬هذا حديث حسن"‪ ،‬وح ّ‬
‫في صحيح سنن الترمذي )‪.(437‬‬
‫)]‪ ([30‬انظر‪ :‬المدّونة )‪.(1/171‬‬
‫)]‪ ([31‬انظر‪ :‬المدّونة )‪.(1/171‬‬
‫)]‪ ([32‬النصاف )‪.(5/325‬‬
‫)]‪ ([33‬الشرح الكبير )‪.(5/326‬‬
‫)]‪ ([34‬البخاري )‪.(986‬‬
‫)]‪ ([35‬الترمذي )‪ ،(547‬ابن ماجه )‪ ،(1301‬قال أبو عيسى‪" :‬حسن غريب‬
‫"‪ ،‬وصححه اللباني في صحيح سنن الترمذي )‪.(446‬‬
‫)]‪ ([36‬سنن الترمذي )‪.(426 – 2/425‬‬
‫)]‪ ([37‬فتح الباري لبن رجب )‪.(9/72‬‬
‫)]‪ ([38‬فتح الباري لبن حجر )‪.(473 – 2/472‬‬
‫)]‪ ([39‬الدر المختار‪ ،‬انظر‪ :‬حاشية ابن عابدين )‪.(2/169‬‬
‫)]‪ ([40‬حاشية ابن عابدين )‪.(2/169‬‬
‫)]‪ ([41‬الرسالة )ص ‪.(144‬‬
‫)]‪ ([42‬المجموع )‪.(5/15‬‬
‫)]‪ ([43‬النصاف )‪.(5/330‬‬
‫)]‪ ([44‬انظرها في النصاف )‪.(332 – 5/331‬‬
‫)]‪ ([45‬الصل )‪ ،(1/345‬المبسوط )‪ ،(2/169‬بدائع الصنائع )‪.(1/280‬‬
‫)]‪ ([46‬الم )‪ ،(1/394‬المجموع )‪.(5/22‬‬
‫)]‪ ([47‬البخاري )‪.(956‬‬
‫)]‪ ([48‬أبو داود )‪ ،(1140‬ابن ماجه )‪ ،(1275‬وصححه ابن حبان )‪،(307‬‬
‫واللباني في صحيح سنن أبي داود)‪.(1009‬‬
‫)]‪ ([49‬نيل الوطار )‪.(3/373‬‬
‫)]‪ ([50‬فتح الباري لبن رجب )‪.(9/45‬‬
‫)]‪ ([51‬البخاري )‪.(978‬‬
‫)]‪ ([52‬فتح الباري لبن حجر )‪.(2/467‬‬

‫‪126‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫)]‪ ([53‬أخرجه أحمد )‪ ،(1/227‬وأبو داود )‪ ،(1147‬وابن ماجه )‪،(1274‬‬


‫وصححه اللباني في سنن أبي داود )‪.(1016‬‬
‫)]‪ ([54‬موطأ مالك )‪ (1/177‬في العيدين‪ ،‬باب العمل في غسل العيدين‪،‬‬
‫والنداء بينهما‪.‬‬
‫)]‪ ([55‬الصل )‪.(1/336‬‬
‫)]‪ ([56‬كفاية الطالب لبي الحسن المالكي )‪.(1/491‬‬
‫)]‪ ([57‬مختصر خليل )ص ‪.(48‬‬
‫)]‪ ([58‬الحاوي )‪ ،(2/489‬الشرح الكبير )‪.(338‬‬
‫)]‪ ([59‬الشرح الكبير )‪ ،(5/338‬المستوعب )‪.(3/553‬‬
‫)]‪ ([60‬مسلم )‪.(886‬‬
‫)]‪ ([61‬المغني )‪.(3/268‬‬
‫)]‪ ([62‬المغني )‪.(3/368‬‬
‫)]‪ ([63‬أخرجه ابن أبي شيبة )‪ ،(5665‬وصححه ابن حجر في الفتح )‬
‫‪ ،(2/453‬والشوكاني في النيل )‪.(3/351‬‬
‫)]‪ ([64‬انظر‪ :‬المغني )‪.(3/267‬‬
‫)]‪ ([65‬العلم بفوائد عمدة الحكام له )‪.(4/223‬‬
‫)]‪ ([66‬مصنف ابن أبي شيبة برقم )‪.(5665‬‬
‫)]‪ ([67‬الحاوي الكبير )‪(3/113‬ط‪ :‬محمود عطرجي ‪.‬‬
‫)]‪ ([68‬الصل )‪.(1/341‬‬
‫)]‪ ([69‬الحجة لمحمد بن الحسن )‪.(1/300‬‬
‫)]‪ ([70‬الكافي لبن عبد البر )‪ ،(1/263‬عقد الجواهر )‪ ،(1/242‬المغني )‬
‫‪.(3/208‬‬
‫)]‪ ([71‬الم )‪.(1/391‬‬
‫)]‪ ([72‬الشرح الممتع )‪.(5/202‬‬
‫)]‪ ([73‬ابن ماجه )‪ ،(1293‬وصححه اللباني )‪.(1069‬‬
‫)]‪ ([74‬أخرجه أحمد )‪ ،(1/354‬وأبو داود )‪ ،(1159‬والنسائي في الكبرى )‬
‫‪ ،(1792‬وصححه اللباني )‪.(1027‬‬
‫)]‪ ([75‬مسند أحمد برقم )‪ ،(5212‬مصنف ابن أبي شيبة )‪ ،(5735‬والترمذي‬
‫)‪(538‬وقال‪ :‬حسن صحيح ‪.‬‬
‫اجتماع العيد والجمعة ‪:‬‬
‫اتفق أهل العلم على استحباب حضور العيد والجمعة‪ ،‬واختلفوا فيمن حضر‬
‫خص له في ترك الجمعة أو ل ؟على أربعة أقوال ‪:‬‬ ‫العيد هل ُير ّ‬
‫القول الول ‪:‬‬
‫الرخصة لهل البر والبوادي في ترك الجمعة ويصلونها ظهًرا ‪.‬‬
‫وهو قول الشافعي‪ ،‬ورواية عن مالك )]‪.([1‬‬
‫ّ‬
‫قال الشافعي‪" :‬وإذا كان يوم الفطر يوم الجمعة صلى المام حين تح ّ‬
‫ل‬
‫الصلة‪ ،‬ثم أذن لمن حضره من غير أهل المصر في أن ينصرفوا إن شاؤوا‬
‫إلى أهليهم ول يعودون إلى الجمعة" )]‪.([2‬‬
‫وقال‪" :‬ول يجوز هذا لحد من أهل المصر أن يدعوا أن يجمعوا إل من عذر‬
‫يجوز لهم به ترك الجمعة‪ ،‬وإن كان يوم عيد" )]‪.([3‬‬
‫القول الثاني ‪:‬‬
‫ن الجمعة واجبة على كل من صلى العيد ‪.‬‬ ‫أ ّ‬
‫وهو قول أبي حنيفة‪ ،‬ورواية عن مالك‪ ،‬واختيار ابن حزم‪ ،‬وابن المنذر‪ ،‬وابن‬
‫عبد البر )]‪.([4‬‬

‫‪127‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫قال أبو حنيفة‪" :‬عيدان اجتمعا في يوم واحد‪ ،‬فالول سنة‪ ،‬والخر فريضة‪ ،‬ول‬
‫يترك واحد منهما" )]‪.([5‬‬
‫ن ذلك – ترك الجمعة – غير جائز‪ ،‬وأن الجمعة‬ ‫وروى ابن القاسم عن مالك أ ّ‬
‫تلزمهم على كل حال")]‪.([6‬‬
‫القول الثالث ‪:‬‬
‫ن من شهد العيد سقطت عنه فرضية الجمعة‪ ،‬لكن على المام أن يقيم‬ ‫أ ّ‬
‫الجمعة ليشهدها من شاء شهودها‪ ،‬ومن لم يشهد العيد ‪.‬‬
‫وهو مذهب الحنابلة‪ ،‬واختيار شيخ السلم ابن تيمية )]‪.([7‬‬
‫قال عبد الله بن أحمد‪ :‬سألت أبي عن عيدين اجتمعا في يوم يترك أحدهما ؟‬
‫قال‪ :‬ل بأس به‪ ،‬أرجو أن يجزئه )]‪.([8‬‬
‫القول الرابع ‪:‬‬
‫ن الجمعة والظهر يجزئ عنهما صلة العيد ‪.‬‬ ‫أ ّ‬
‫وهو قول عطاء رحمه الله تعالى ‪.‬‬
‫قال عطاء‪" :‬اجتمع يوم فطر ويوم جمعة على عهد ابن الزبير‪ ،‬فقال‪) :‬عيدان‬
‫اجتمعا في يوم واحد(‪ ،‬فجمعهما جميًعا فصلهما ركعتين بكرة‪ ،‬لم يزد عليها‬
‫حتى صلى العصر" )]‪.([9‬‬
‫الدلة ‪:‬‬

‫)‪(27 /‬‬

‫أدلة القول الول ‪:‬‬


‫استدل أصحاب القول بأدلة منها ‪:‬‬
‫‪ -1‬بما روي عن أبي عبيد مولى ابن أزهر‪ ،‬قال‪ :‬شهدت العيد مع عثمان بن‬
‫عفان‪ ،‬وكان ذلك يوم الجمعة‪ ،‬فصلى قبل الخطبة‪ ،‬ثم خطب فقال‪) :‬أيها‬
‫ب أن ينتظر الجمعة‬ ‫ن هذا يوم قد اجتمع لكم فيه عيدان‪ ،‬فمن أح ّ‬ ‫الناس‪ ،‬إ ّ‬
‫ب أن يرجع فقد أذنت له()]‪.([10‬‬
‫من أهل العوالي فلينتظر‪ ،‬ومن أح ّ‬
‫‪ -2‬ما روي عن عمر بن عبد العزيز قال‪ :‬اجتمع عيدان على عهد النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم فقال‪:‬‬
‫))من أحب أن يجلس من أهل العالية فليجلس في غير حرج(()]‪.([11‬‬
‫أدلة القول الثاني ‪:‬‬
‫استدلوا بأدلة منها ‪:‬‬
‫‪ -1‬قوله تعالى‪ } :‬يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلة من يوم الجمعة فاسعوا‬
‫دا من غيره‪ ،‬فوجب أن يحمل على العموم ‪.‬‬ ‫إلى ذكر الله {‪ ،‬ولم يخص عي ً‬
‫‪ -2‬قالوا‪ :‬ليس للمام أن يأذن في ترك الفريضة‪ ،‬وفعل عثمان اجتهاد منه‪،‬‬
‫وإّنما ذلك بحسب العذر‪ ،‬فمتى أسقطها العذر سقطت ‪.‬‬
‫أدلة القول الثالث‪:‬‬
‫استدلوا بأدلة منها ‪:‬‬
‫‪ -1‬حديث أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‪)) :‬قد اجتمع‬
‫في يومكم هذا عيدان‪ ،‬فمن شاء أجزأه عن الجمعة‪ ،‬وإّنا مجمعون(()]‪.([12‬‬
‫‪ -2‬ما روي عن إياس بن أبي رملة الشامي قال‪ :‬شهدت معاوية مع أبي‬
‫سليمان وهو يسأل زيد بن‬
‫أرقم‪ ،‬قال‪ :‬أشهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عيدين اجتمعا في‬
‫يوم ؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬فكيف صنع ؟ قال‪ :‬صلى للعيد ثم رخص في الجمعة‪،‬‬
‫فقال‪ :‬من شاء أن يصلي فليصل )]‪.([13‬‬

‫‪128‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫‪ -3‬حديث ابن عمر قال‪ :‬اجتمع عيدان على عهد رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم فصّلى بالناس‪ ،‬ثم قال‪)) :‬من شاء أن يأتي الجمعة فليأتها‪ ،‬ومن شاء‬
‫أن يتخلف فليتخلف(()]‪.([14‬‬
‫أدلة القول الرابع ‪:‬‬
‫ن معتمد عطاء هو فعل ابن الزبير‪ ،‬فعن ابن جريج قال‪ :‬قال عطاء‪:‬‬ ‫مضى أ ّ‬
‫إن اجتمع يوم الجمعة ويوم الفطر في يوم واحد فليجمعهما‪ ،‬فليصل ركعتين‬
‫فقط‪ ،‬حيث يصلي صلة الفطر ثم هي هي حتى العصر‪ ،‬ثم أخبرني عند ذلك‬
‫قال‪ :‬اجتمع يوم فطر ويوم جمعة في يوم واحد زمن الزبير‪ ،‬فقال الزبير‪:‬‬
‫دا‪ ،‬وصلى يوم‬ ‫عيدان اجتمعا في يوم واحد‪ ،‬فليجمعهما جميًعا يجعلهما واح ً‬
‫الجمعة ركعتين بكرة صلة الفطر‪ ،‬ثم لم يزد عليها حتى صلى العصر‪.‬‬
‫قال‪ :‬فأما الفقهاء فلم يقولوا في ذلك‪ ،‬وأما من لم يفقه فأنكر ذلك عليه‪.‬‬
‫قال‪ :‬ولقد أنكر ذلك عليه‪ ،‬وصليت الظهر يومئذ‪.‬‬
‫قال‪ :‬حتى بلغنا بعد ُ أن العيدين كانا إذا اجتمعتا كذلك صليا واحدة‪ ،‬وذكر ذلك‬
‫عن محمد بن علي بن الحسن‪ ،‬أخبر أنهما كانا يجمعان إذا اجتمعا‪ .‬قال‪ :‬إنه‬
‫وحده في كتاب لعلي زعم )]‪.([15‬‬
‫الترجيح ‪:‬‬
‫ن الحاديث التي‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫تيمية؛‬ ‫ابن‬ ‫اختاره‬ ‫الذي‬ ‫الثالث‬ ‫القول‬ ‫دا‬
‫ً‬ ‫استبعا‬ ‫القوال‬ ‫أول‬
‫في الباب ل تسلم من مطعن ‪.‬‬
‫ن‬‫ما القول بالرخصة لهل البوادي استناًدا على أثر عثمان فل مفهوم له‪ ،‬ل ّ‬ ‫أ ّ‬
‫أهل البوادي ل تجب عليهم الجمعة إل إن قلنا إن حضورهم إلى المصر‬
‫ن حبسهم في البلد يتنافى مع‬ ‫يلزمهم الجمعة فاحتاجوا إلى الرخصة‪ ،‬ول ّ‬
‫مقاصد العيد من إشاعة البهجة والسرور ‪.‬‬
‫وفي إلزام هؤلء ومن في حكمهم ممن يشق عليهم حضور الجمعة في العيد‬
‫الذي يطلب فيه النشراح والنبساط وإشاعة المرح والفرح تضييق عليهم‪،‬‬
‫وفي الترخيص لهم رفع للحرج عنهم ‪.‬‬
‫ن‬‫ن القول الراجح هو قول الشافعي ومن وافقه من أهل العلم‪ ،‬أ ّ‬ ‫وعليه؛ فإ ّ‬
‫الرخصة في ترك حضور الجمعة لمن حضر العيد من أهل البوادي والقرى‬
‫ومن يشق عليهم الحضور ‪.‬‬
‫ما قول عطاء؛ فقول مهجور‪ ،‬مخالف لقواعد وأصول الشريعة‪.‬‬ ‫أ ّ‬
‫قال ابن المنذر‪" :‬أجمع أهل العلم على وجوب صلة الجمعة‪ ،‬ودلت الخبار‬
‫الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن فرائض الصلوات‬
‫خمس‪ ،‬وصلة العيدين ليست من الخمس" )]‪.([16‬‬
‫وقال ابن عبد البر‪" :‬ليس في حديث ابن الزبير بيان أنه صلى مع صلة العيد‬
‫ن ذلك أمر متروك مهجور‪ ،‬وإن كان لم‬ ‫ركعتين للجمعة‪ ،‬وأي المرين كان‪ ،‬فإ ّ‬
‫يصل مع صلة العيد غيرها حتى العصر‪ ،‬فإن الصول كلها تشهد بفساد هذا‬
‫القول" )]‪.([17‬‬
‫والله أعلم‪.‬‬
‫* مراجع المسألة ‪:‬‬
‫حاشية ابن عابدين )‪ ،(2/166‬الجامع الصغير )ص‪ ،(113 :‬الم )‪،(1/213‬‬
‫الحاوي )‪ ،(2/502‬فتح العزيز )‪ ،(5/67‬روضة )‪ ،(2/79‬عقد الجواهر )‬
‫‪ ،(1/244‬النتصار )‪ ،(2/590‬الكافي )‪ ،(1/510‬المستوعب )‪ ،(3/69‬المحلى‬
‫)‪ ،(5/89‬مجموع الفتاوى )‪ ،(24/213‬نيل الوطار )‪ ،(3/282‬التمهيد )‬
‫‪.(10/277‬‬
‫)]‪ ([1‬عقد الجواهر )‪.(1/244‬‬

‫‪129‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫)]‪ ([2‬الم )‪.(1/399‬‬


‫)]‪ ([3‬المصدر نفسه‪.‬‬
‫)]‪ ([4‬حاشية ابن عابدين )‪ ،(2/166‬عقد الجواهر )‪ ،(1/244‬المحلى )‪،(5/89‬‬
‫الوسط )‪ ،(4/291‬التمهيد )‪.(10/277‬‬
‫)]‪ ([5‬الجامع الصغير )ص‪.(113 :‬‬
‫)]‪ ([6‬المدونة )‪./1‬‬
‫)]‪ ([7‬الكافي لبن قدامة )‪ ،(1/510‬مجموع الفتاوى )‪.(24/213‬‬
‫)]‪ ([8‬سؤالت عبد الله لبيه )رقم ‪.(482‬‬
‫)]‪ ([9‬أخرجه عن عطاء أبو داود )‪.(1072‬‬
‫)]‪ ([10‬البخاري )‪ ،(5572‬مالك )‪ ،(1/144‬عبد الرزاق )‪ ،(5636‬وأحمد )‬
‫‪ ،(1/325‬وابن أبي شيبة )‪.(5836‬‬
‫)]‪ ([11‬الم )‪ ،(1/398‬المسند )‪ ،(1/324‬والحديث مرسل‪ ،‬وفيه إبراهيم بن‬
‫محمود متروك‪.‬‬

‫)‪(28 /‬‬

‫)]‪ ([12‬أبو داود )‪ ،(1073‬وابن ماجه )‪ ،(1311‬والحاكم )‪ ،(1/288‬وابن‬


‫الجارود في المنتقى )‪ ،(302‬والبيهقي )‪ ،(3/318‬والحديث تفرد به بقية عن‬
‫شعبة‪ ،‬وتفرده عن شعبة بمثل هذا الحديث يعد منكًرا ‪.‬‬
‫قال المام أحمد‪" :‬من أين جاء بقية بهذا ؟!"‪ ،‬كأّنه يعجب منه‪ ،‬ثم قال‪" :‬قد‬
‫كتبت عن يزيد بن عبد رّبه‪ ،‬عن بقّية عن شعبة حديثين ليس هذا فيهما‪ ،‬وإّنما‬
‫ل" ] انظر‪ :‬تاريخ بغداد‬ ‫رواه الناس عن عبد العزيز عن أبي صالح مرس ً‬
‫‪. [ 3/129‬‬
‫وقال الدارقطني‪" :‬هذا حديث غريب من حديث مغيرة‪ ،‬ولم يروه عنه غير‬
‫شعبة‪ ،‬وهو أيضا ً غريب عن شعبة لم يروه عنه غير بقّية"‪ .‬وقال‪" :‬ورواه‬
‫جماعة عن عبد العزيز بن رفيع عن أبي صالح عن النبي صلى الله عليه‬
‫ل‪ ،‬لم يذكروا أبا هريرة" ] انظر‪ :‬تاريخ بغداد ‪.[ 3/129‬‬ ‫وسلم مرس ً‬
‫)]‪ ([13‬النسائي )‪ ،(3/194‬وابن ماجه )‪ ،(1310‬الدارمي )‪ ،(1/378‬الحاكم )‬
‫‪ ،(1/288‬أحمد )‪ ،(4/372‬صحيح ابن خزيمة )‪ ،(2/259‬قال المحقق‪:‬‬
‫"إسناده ضعيف"‪ ،‬الحديث تفرد إياس بن أبي رملة عن معاوية‪ ،‬وهو مجهول‬
‫كما في التقريب‪ ،‬فتفرده بهذا الحديث يعد منكًرا‪ ،‬ولذلك عّلق ابن خزيمة‬
‫الحكم على الحديث عليه‪ ،‬فقال‪" :‬باب الرخصة لبعض الرعية في التخلف عن‬
‫ح الخبر‪ ،‬فإني ل أعرف‬ ‫الجمعة إذا اجتمع العيد والجمعة في يوم واحد‪ ،‬وإن ص ّ‬
‫إياس بن أبي رملة بعدالة ول جرح"‪.‬‬
‫)]‪ ([14‬ابن ماجه )‪ ،(1312‬وابن عدي )‪ ،(6/2448‬وفيه‪ :‬جبارة ومندل‬
‫ضعيفان ‪.‬‬
‫)]‪ ([15‬عبد الرزاق )‪.(5725‬‬
‫)]‪ ([16‬الوسط )‪.(4/291‬‬
‫)]‪ ([17‬التمهيد )‪.(10/270‬‬
‫صلة العيد قبل الخطبة ‪:‬‬
‫ن الصلة قبل الخطبة‪ ،‬فعن‬ ‫ن السنة في صلة العيدين أ ّ‬ ‫اتفق أهل العلم في أ ّ‬
‫ن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي في‬ ‫عبد الله بن عمر أ ّ‬
‫الضحى والفطر‪ ،‬ثم يخطب بعد الصلة )]‪.([1‬‬
‫وعنه‪ :‬كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر يصلون العيدين‬

‫‪130‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫قبل الخطبة )]‪.([2‬‬


‫ن ابن عباس أرسل إلى ابن الزبير في أول ما بويع له‪) :‬إّنه لم‬ ‫وعن عطاء‪ :‬أ ّ‬
‫يكن يؤذن بالصلة يوم الفطر‪ ،‬وإنما الخطبة بعد الصلة()]‪.([3‬‬
‫دمت الخطبة على الصلة في صلة العيدين زمن بني أمية ‪.‬‬ ‫وقد قُ ّ‬
‫وسبب ذلك فيما يحكى أّنهم أحدثوا في الخطبة لعن من ل يجوز لعنه‪ ،‬فكان‬
‫ما‬
‫دموا الخطبتين؛ ولذلك ل ّ‬ ‫الناس إذا كملت الصلة انصرفوا وتركوهم‪ ،‬فق ّ‬
‫أنكر أبو سعيد على مروان بن الحكم والي معاوية على المدينة تقديمه‬
‫الخطبة على الصلة‪ ،‬قال له مروان‪" :‬إن الناس لم يكونوا يجلسون لنا بعد‬
‫الصلة‪ ،‬فجعلتها قبل‬
‫الصلة" )]‪.([4‬‬
‫دم الخطبة على الصلة‪:‬‬ ‫ن أول من ق ّ‬ ‫ولهذا ذهب جمع من أهل العلم إلى أ ّ‬
‫مروان بن الحكم )]‪.([5‬‬
‫وقيل‪ :‬إن أّول من فعل ذلك عثمان رضي الله عنه )]‪.([6‬‬
‫وقيل‪ :‬معاوية )]‪.([7‬‬
‫وقيل‪ :‬زياد بالبصرة في خلفة معاوية )]‪.([8‬‬
‫وقيل‪ :‬فعله ابن الزبير في آخر أيامه )]‪.([9‬‬
‫ثم وقع الجماع على خلف ذلك والرجوع إلى فعله ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪-‬‬
‫وصاحبيه‪.‬‬
‫والله أعلم )]‪.([10‬‬
‫* مراجع المسألة ‪:‬‬
‫الكتاب )‪ ،(336 ،1/335‬حاشية ابن عابدين )‪ ،(2/167‬بدائع الصنائع )‬
‫‪ ،(1/276‬المبسوط )‪ ،(2/37‬المدونة )‪ ،(1/168‬المعونة )‪ ،(1/325‬الكافي )‬
‫‪ ،(1/264‬بداية المجتهد )‪ ،(1/506‬الذخيرة )‪ ،(2/422‬الم )‪،(1/208‬‬
‫المجموع )‪ ،(24 ،5/19‬فتح العزيز )‪ ،(5/54‬الفروع )‪ ،(2/141‬حاشية الروض‬
‫)‪ ،(2/504‬القناع )‪ ،(1/308‬شرح الزركشي )‪ ،(217 /2‬المقنع )‪،(5/339‬‬
‫المغني )‪ ،(3/261‬الشرح الكبير )‪ ،(5/339‬النصاف )‪ ،(5/339‬نيل الوطار )‬
‫‪ ،(3/304‬العلم لبن الملقن )‪.(4/198‬‬
‫)]‪ ([1‬البخاري )‪.(957‬‬
‫)]‪ ([2‬البخاري )‪.(963‬‬
‫)]‪ ([3‬البخاري )‪.(961‬‬
‫)]‪ ([4‬البخاري )‪.(956‬‬
‫)]‪ ([5‬فتح الباري )‪.(452 – 2/451‬‬
‫)]‪ ([6‬عبد الرزاق )‪ ،(284 – 3/283‬ابن أبي شيبة )‪ ،(2/171‬الستذكار )‬
‫‪.(7/19‬‬
‫)]‪ ([7‬عبد الرزاق )‪ ،(3/283‬الستذكار )‪.(7/20‬‬
‫)]‪ ([8‬ذكره في إكمال المعلم )‪.(3/290‬‬
‫)]‪ ([9‬ذكره في إكمال المعلم )‪.(3/290‬‬
‫)]‪ ([10‬انظر‪ :‬فتح الباري لبن حجر )‪.(452 – 2/451‬‬
‫صفة الصلة ‪:‬‬
‫صلة العيد ركعتان يكبر المام في الولى بعد تكبيرة الحرام سبع تكبيرات‪،‬‬
‫ويكبر في الثانية قبل القراءة خمس تكبيرات‪ ،‬يجهر فيهما بالقراءة‪ ،‬يقرأ في‬
‫الولى بعد الفاتحة بسورة ق‪ ،‬وفي الثانية بسورة القمر‪ ،‬أو يقرأ في الولى‬
‫بسورة العلى‪ ،‬وفي الثانية بسورة الغاشية ‪.‬‬
‫وفي بعض تفاصيل هذه الصفة خلف بين أهل العلم‪ ،‬إليك تفصيلها في‬

‫‪131‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫المسائل التالية‪:‬‬
‫* مراجع المسألة ‪:‬‬
‫شرح فتح القدير )‪ ،(2/73‬الكتاب )‪ ،(1/336‬مجمع النهر )‪ ،(1/173‬بدائع‬
‫الصنائع )‪ ،(1/274‬المعونة )‪ ،(1/324‬الكافي )‪ ،(1/264‬المجموع )‪،(5/15‬‬
‫فتح العزيز )‪ ،(46 ،5/7‬نهاية المحتاج )‪ ،(2/387‬البيان )‪ ،(2/636‬روضة )‪/2‬‬
‫‪ ،(271‬المقنع )‪ ،(5/347‬النصاف )‪ ،(5/347‬الشرح الكبير )‪ ،(5/347‬الكافي‬
‫)‪ ،(1/518‬المحلى )‪.(5/81‬‬
‫عدد التكبيرات الزوائد في صلة العيدين ‪:‬‬
‫ن في صلة العيدين تكبيرات زوائد‪ ،‬ثم اختلفوا بعد‬ ‫اتفق أهل العلم على أ ّ‬
‫ذلك في عددها على أقوال ثلثة‪:‬‬
‫القول الول‪:‬‬

‫)‪(29 /‬‬

‫ث بعد تكبيرة الحرام‪ ،‬وثلث في الركعة الثانية بعد‬ ‫ن عدد التكبيرات ثل ٌ‬ ‫إ ّ‬


‫القراءة قبل تكبيرة الركوع ‪.‬‬
‫وهو قول الحنفية‪ ،‬ورواية عن المام أحمد )]‪.([1‬‬
‫القول الثاني ‪:‬‬
‫ن عدد التكبيرات سبع في الولى مع تكبيرة الحرام‪ ،‬وسًتا في الثانية مع‬ ‫إ ّ‬
‫تكبيرة القيام ‪.‬‬
‫وهو قول مالك‪ ،‬ومذهب والحنابلة‪ ،‬واختارها شيخ السلم ابن تيمية وابن‬
‫القيم )]‪.([2‬‬
‫القول الثالث ‪:‬‬
‫سا بعد‬
‫ن عدد التكبيرات سبع في الولى بعد تكبيرة الحرام‪ ،‬وفي الثانية خم ً‬ ‫إ ّ‬
‫تكبيرة القيام ‪.‬‬
‫وهو قول الشافعية‪ ،‬واختارها ابن عبد البر‪ ،‬وابن حزم )]‪.([3‬‬
‫الدلة ‪:‬‬
‫أدلة القول الول ‪:‬‬
‫استدلوا بما روي عن ابن مسعود أّنه قال‪) :‬يكّبر أربًعا ثم يقرأ‪ ،‬ثم يكّبر‬
‫فيركع‪ ،‬ثم يقوم في الثانية فيقرأ‪ ،‬ثم يكّبر أربًعا بعد القراءة( )]‪.([4‬‬
‫وروي مثله عن ابن عباس )]‪.([5‬‬
‫أدلة القول الثاني ‪:‬‬
‫ما رواه مالك عن ابن عمر عن أبي هريرة أّنه قال‪ :‬شهدت الضحى والفطر‬
‫مع أبي هريرة‪ ،‬فكبر في الولى سبع تكبيرات قبل القراءة‪ ،‬وفي الخرة‬
‫سا قبل القراءة )]‪.([6‬‬ ‫خم ً‬
‫قال مالك‪" :‬وهو المر عندنا"‪.‬‬
‫وعليه جرى عمل أهل المدينة )]‪.([7‬‬
‫وبما روته عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكبر في الفطر‬
‫سا‪ ،‬سوى تكبيرتي‬ ‫والضحى‪ ،‬في الولى سبع تكبيرات‪ ،‬وفي الثانية‪ :‬خم ً‬
‫الركوع )]‪.([8‬‬
‫أدلة القول الثالث ‪:‬‬
‫استدلوا بنفس أدلة القول الثاني ‪.‬‬
‫ن الراوي إّنما حكى التكبيرات التي لم ت ُعَْهد‪،‬وليست في‬ ‫ووجهه عندهم‪:‬أ ّ‬
‫غيره‪ ،‬فلم يحك تكبيرة الحرام‪ ،‬ول تكبيرة الرفع من السجود ‪.‬‬

‫‪132‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الترجيح ‪:‬‬
‫ع‪ ،‬قال المام‬ ‫ن المر فيه واس ٌ‬ ‫ّ‬
‫ن الكل جائٌز‪ ،‬وأ ّ‬ ‫والذي يظهر – والله أعلم – أ ّ‬
‫أحمد‪" :‬اختلف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في التكبير‪ ،‬والكلّ‬
‫جائز" )]‪ ،([9‬وإليه ذهب ابن عثيمين رحمه الله )]‪ ،([10‬والله أعلم‪.‬‬
‫فصل‪:‬‬
‫وإذا شك في عدد التكبيرات بنى على القل؛ لّنه المتيقن ‪.‬‬
‫ك في عدد التكبيرات؛ بنى على اليقين" )]‪.([11‬‬ ‫قال ابن قدامة‪" :‬وإذا ش ّ‬
‫ك في عدد التكبير؛ بنى على القل" )]‪.([12‬‬ ‫وقال ابن مفلح‪" :‬إذا ش ّ‬
‫* مراجع المسألة ‪:‬‬
‫شرح فتح القدير )‪ ،(2/74‬الكتاب )‪ ،(1/336‬حاشية ابن عابدين )‪،(2/172‬‬
‫الحجة )‪ ،(1/303‬المبسوط )‪ ،(2/38‬اللباب )‪ ،(1/308‬الحجة )‪،(1/298‬‬
‫المدونة )‪ ،(1/169‬الكافي )‪ ،(1/364‬بداية المجتهد )‪ ،(1/507‬الكافي )‬
‫‪ ،(1/519‬مسائل عبد الله )‪ ،(2/426‬المقنع )‪ ،(5/341‬الشرح الكبير )‬
‫‪ ،(5/341‬النصاف )‪ ،(5/341‬المغني )‪ ،(3/273‬المقنع )‪ ،(5/355‬المغني )‬
‫‪ ،(3/271‬الشرح الممتع )‪(5/178‬مسائل صالح )ص‪ ،(685 :‬الم )‪،(1/209‬‬
‫الحاوي )‪ ،(2/489‬المجموع )‪ ،(5/19‬مختصر الخلفيات )‪ ،(2/367‬حلية )‬
‫‪ ،(2/302‬المحلى )‪ ،(5/83‬نيل الوطار )‪.(3/297‬‬
‫رفع اليدين في التكبيرات الزوائد ‪:‬‬
‫اختلف أهل العلم في رفع اليدين في تكبيرات العيدين على قولين ‪:‬‬
‫القول الول ‪:‬‬
‫ن التكبيرات الزوائد يرفع فيها اليدين ‪.‬‬ ‫أ ّ‬
‫وهو قول الحنفية‪ ،‬ومذهب الشافعية والحنابلة )]‪.([13‬‬
‫ل لمالك‪ ،‬اختارها ابن حبيب من المالكية )]‪.([14‬‬ ‫وقو ٌ‬
‫ل تكبيرة‬ ‫ت – لمحمد بن الحسن ‪ :-‬فهل يرفع يديه في ك ّ‬ ‫قال الجوزجاِني‪" :‬قل ُ‬
‫من هذه التسع التكبيرات ؟ قال‪ :‬نعم )]‪.([15‬‬
‫ما؛‬
‫ل تكبيرة كان قائ ً‬ ‫ي‪" :‬يرفع المكّبر في العيدين يديه عند ك ّ‬ ‫قال الشافع ّ‬
‫تكبيرة الفتتاح والسبع بعدها‪ ،‬والخمس في الثانية" )]‪.([16‬‬
‫القول الثاني ‪:‬‬
‫أّنه ل يرفع فيها اليدين ‪.‬‬
‫وهو قول المالكية )]‪.([17‬‬
‫قال مالك‪" :‬ول يرفع يديه في شيٍء من تكبيرات صلة العيدين؛ إل ّ في‬
‫الولى" )]‪.([18‬‬
‫الدلة ‪:‬‬
‫أدلة القول الول ‪:‬‬
‫ما رفع يديه()]‪.([19‬‬ ‫ن النبي كان إذا كّبر قائ ً‬ ‫‪ -1‬ما رواه أبو حميد الساعدي‪) :‬أ ّ‬
‫ن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا‬ ‫‪ -2‬وحديث مالك بن الحويرث أ ّ‬
‫كّبر رفع يديه؛ حتى يحاذي بهما أذنيه‪ ،‬وإذا رفع من الركوع رفع يديه؛ حتى‬
‫يحاذي بهما منكبيه‪ ،‬وإذا رفع رأسه من الركوع فقال‪)) :‬سمع الله لمن‬
‫حمده((؛ فعل مثل ذلك)]‪.([20‬‬
‫ن هذه التكبيرات وقعت حال القيام؛ فأشبهت تكبيرة الحرام‪،‬‬ ‫وجه الدللة أ ّ‬
‫والركوع‪ ،‬والرفع منه‪.‬‬
‫‪ -3‬وما روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يرفع يديه مع كل‬
‫تكبيرة في الجنازة والعيدين)]‪.([21‬‬
‫والحديث الول والثاني ليسا في محل الِنزاع‪ ،‬وهو قياس محض‪ ،‬وجاءت‬

‫‪133‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ن النبي صلى الله عليه وسلم كّبر ورفع يديه وهو جالس )]‬ ‫السنة الصحيحة بأ ّ‬
‫‪.([22‬‬
‫وأثر عمر فاصل في الِنزاع‪ ،‬ولكّنه ضعيف ل تقوم به الحجة ‪.‬‬
‫أدلة القول الثاني ‪:‬‬
‫أّنه ليس في ذلك سنة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬قال مالك‪:‬‬
‫"ليس في ذلك سنة لزمة‪ ،‬فمن شاء رفع يديه فيها كلها‪ ،‬وفي الولى أحب‬
‫ي" )]‪.([23‬‬‫إل ّ‬
‫الترجيح ‪:‬‬
‫ن الولى عدم الرفع لعدم ثبوته عن النبي صلى الله‬ ‫والراجح مذهب مالك أ ّ‬
‫عليه وسلم‪ ،‬ومن رفع فل حرج عليه إن شاء الله‪ ،‬والله أعلم ‪.‬‬
‫* مراجع المسألة ‪:‬‬

‫)‪(30 /‬‬

‫شرح فتح القدير )‪ ،(2/77‬الكتاب )‪ ،(1/338‬حاشية ابن عابدين )‪،(2/175‬‬


‫الحجة )‪ ،(1/299‬مجمع النهر )‪ ،(1/174‬المبسوط )‪ ،(2/39‬بدائع الصنائع )‬
‫‪ ،(1/277‬المدونة )‪(1/169‬بداية المجتهد )‪ ،(1/509‬عقد الجواهر )‪،(1/241‬‬
‫الم )‪ ،(1/210‬الحاوي )‪ ،(2/491‬فتح العزيز )‪ ،(5/51‬نهاية المحتاج )‬
‫‪ ،(2/389‬البيان )‪(2/638‬روضة )‪ ،(2/72‬حلية )‪(2/302‬شرح الزركشي )‬
‫‪ ،(2/223‬المقنع )‪ ،(5/345‬شرح منتهى الرادات )‪ ،(1/307‬الشرح الكبير )‬
‫‪ ،(5/345‬النصاف )‪ ،(5/345‬المحلى )‪.(5/83‬‬
‫إرسال اليدين في التكبيرات ‪:‬‬
‫لهل العلم في المسألة قولن‪:‬‬
‫القول الول‪:‬‬
‫ل يقبض المصلي يديه في التكبيرات؛ بل يرسلهما‪ ،‬ول يقبضهما إل ّ بعد تمام‬
‫التكبيرات‪.‬‬
‫وإليه ذهبت الحنفية؛ لّنه ليس بين التكبيرات ذكر مسنون )]‪.([24‬‬
‫قال الحصفكي‪" :‬وليس بين تكبيراته ذكٌر مسنون‪ ،‬ولذا يرسل يديه"‪.‬‬
‫قال ابن عابدين‪)" :‬قوله‪ :‬ولذا يرسل يديه( أي في أثناء التكبيرات‪ ،‬ويضعهما‬
‫ن الوضع سنة قيام طويل‪ ،‬فيه ذكر‬ ‫بعد الثالثة‪ ،‬كما في شرح المنّية؛ ل ّ‬
‫مسنون" )]‪.([25‬‬
‫القول الثاِني‪:‬‬
‫يقبض اليمنى على اليسرى‪.‬‬
‫وإليه ذهبت الشافعية بناًء على أنه يشرع عندهم بين كل تكبيرتين ذكر‪.‬‬
‫ي‪" :‬ويضع اليمنى على اليسرى بين كل تكبيرتين" )]‪.([26‬‬ ‫قال الماورد ّ‬
‫ن المر في ذلك واسع؛ والله أعلم‪.‬‬ ‫والذي يظهر أ ّ‬
‫* مراجع المسألة ‪:‬‬
‫حاشية ابن عابدين )‪ ،(2/175‬مجمع النهر )‪ ،(1/174‬الحاوي )‪(3/116‬طبعة‬
‫التجارية ‪.‬‬
‫ما يقال بين التكبيرات الزوائد ‪:‬‬
‫اختلف أهل العلم في هذه المسألة على قولين ‪:‬‬
‫القول الول ‪:‬‬
‫ليس بين التكبيرات ذكر مسنون‪ ،‬وعليه أن يقف بين كل تكبيرتين ساكًنا ‪.‬‬
‫وهو قول الحنفية‪ ،‬والمالكية )]‪.([27‬‬

‫‪134‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ل تكبيرتين مقدار ثلث تسبيحات" )]‪.([28‬‬ ‫ي‪" :‬ويسكت بين ك ّ‬ ‫قال الحصفك ّ‬
‫ّ‬
‫قال ابن عبد البر‪" :‬وليس بين التكبير ذكٌر ول دعاء‪ ،‬ول قول إل السكوت دون‬
‫من خلفه" )]‪.([29‬‬ ‫د‪ ،‬وذلك بقدر ما ينقطع تكبير َ‬ ‫ح ّ‬
‫القول الثاني ‪:‬‬
‫طا‪ ،‬يهلل الله تعالى ويكبره‬‫يستحب أن يقف بين كل تكبيرتين قدر آية وس ً‬
‫ويمجده‪ ،‬أو يقول‪) :‬سبحان الله والحمد لله ول إله إل الله والله أكبر(‪ ،‬أو‬
‫)الله أكبر كبيًرا والحمد لله كثيًرا وسبحان الله بكرة وأصيل ً وصلى الله على‬
‫ما كثيًرا(‪.‬‬‫محمد وآله وسلم تسلي ً‬
‫وهو قول الشافعية‪ ،‬والحنابلة )]‪.([30‬‬
‫ي‪" :‬وإذا افتتح الصلة ثم بدأ بالتكبيرة الولى من السبعة بعد‬ ‫قال الشافع ّ‬
‫افتتاح الصلة‪ ،‬فكّبرها‪ ،‬ثم وقف بين الولى والثانية قدر آية ل طويلة ول‬
‫ل‪ ،‬ويكّبره ويحمده" )]‪.([31‬‬ ‫قصيرة‪ ،‬فيهلل الله عّز وج ّ‬
‫الدلة ‪:‬‬
‫أدلة القول الول ‪:‬‬
‫عدم وروده عن النبي صلى الله عليه وسلم ‪.‬‬
‫أدلة القول الثاني ‪:‬‬
‫قالوا‪ :‬لّنها تكبيرات حال القيام فوجب أن يتخللها ذكر كتكبيرات الجنازة ‪.‬‬
‫الترجيح ‪:‬‬
‫والراجح عدم مشروعية الذكر بين التكبيرات؛ لعدم ثبوت شيٍء من ذلك عن‬
‫ي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬ول عن أحد ٍ من صحابته‪ ،‬والله أعلم ‪.‬‬ ‫النب ّ‬
‫* مراجع المسألة ‪:‬‬
‫حاشية ابن عابدين )‪ ،(2/175‬الحاوي )‪ ،(2/491‬فتح العزيز )‪ ،(5/48‬نهاية‬
‫المحتاج )‪ ،(3/388‬البيان )‪ ،(2/638‬مختصر الخلفيات )‪ ،(2/372‬روضة )‪/2‬‬
‫‪ ،(71‬حلية )‪ ،(2/305‬الكافي )‪ ،(1/364‬عقد الجواهر )‪ ،(1/243‬شرح‬
‫الزركشي )‪ ،(2/224‬المعونة )‪ ،(2/329‬المغني )‪ ،(3/273‬الشرح الممتع )‬
‫‪.(5/184‬‬
‫متى يكبر المام التكبيرات الزوائد؟ قبل دعاء الستفتاح أم بعده ؟‬
‫اختلف العلماء في هذه التكبيرات‪ ،‬هل هي قبل دعاء الستفتاح أم بعده ؟‬
‫على قولين ‪:‬‬
‫القول الول ‪:‬‬
‫أنه بعد دعاء الستفتاح ‪.‬‬
‫وهو قول الحنفية‪ ،‬والشافعية‪ ،‬وهي الرواية المشهورة عن أحمد‪ ،‬اختارها أبو‬
‫يعلى‪ ،‬والزركشي )]‪.([32‬‬
‫قال الحصفكي‪" :‬ويصلي المام بهم ركعتين مثنًيا قبل الزوائد" )]‪.([33‬‬
‫وقال السرخسي‪" :‬ثم ل خلف أّنه يأتي بثناء الفتتاح عقيب تكبيرة الفتتاح‬
‫قبل الزوائد‪ ،‬إل ّ في قول ابن أبي ليلى‪ ،‬فإّنه يقول يأتي بالثناء قبل التكبيرات‬
‫الزوائد" )]‪.([34‬‬
‫ن التكبيرات الزوائد تكون بين دعاء الستفتاح‬ ‫ي‪" :‬مذهبنا أ ّ‬ ‫وقال النوو ّ‬
‫والتعوذ" )]‪.([35‬‬
‫القول الثاني ‪:‬‬
‫أّنها قبل دعاء الستفتاح‪.‬‬
‫وهو رواية عن أحمد‪ ،‬واختارها الخلل‪ ،‬وأبو بكر غلمه )]‪.([36‬‬
‫القول الثالث ‪:‬‬
‫أّنه مخير بين ذلك ‪.‬‬

‫‪135‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وهذه رواية عن المام أحمد حكاها المرداوي في النصاف )]‪.([37‬‬


‫الدلة ‪:‬‬
‫أدلة القول الول ‪:‬‬
‫رع للصلة‪ ،‬فتكون في أول الصلة ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫ش‬ ‫الستفتاح‬ ‫دعاء‬ ‫وجهه عندهم‪ :‬أن‬
‫أدلة القول الثاني ‪:‬‬
‫وجهه عندهم‪ :‬أن الستفتاح تليه الستعاذة‪ ،‬وهي قبل القراءة‪.‬‬
‫الترجيح ‪:‬‬
‫ع‪ ،‬ولله الحمد‪ ،‬والله أعلم ‪.‬‬
‫ن المر واس ٌ‬ ‫والراجح أ ّ‬
‫فصل‪:‬‬
‫ن الستعاذة بعد التكبيرات؛ لّنها شرعت لفتتاح القراءة‬ ‫عامة الفقهاء على أ ّ‬
‫ل الصلة؛ إل ّ ما يروى عن أبي يوسف القاضي أّنه قال به قبل التكبيرات‪،‬‬
‫قال‪" :‬لئل يفصل بين الستفتاح والستعاذة" )]‪ ،([38‬والله أعلم ‪.‬‬
‫* مراجع المسألة ‪:‬‬

‫)‪(31 /‬‬

‫حاشية ابن عابدين )‪ ،(173 – 2/172‬مجمع النهر )‪ ،(1/174‬المبسوط )‬


‫‪ ،(2/42‬بدائع الصنائع )‪ ،(1/277‬المجموع )‪ ،(20 /5‬التمام )‪ ،(1/243‬شرح‬
‫الزركشي )‪ ،(2/223‬المقنع )‪ ،(5/341‬المستوعب )‪ ،(3/57‬الشرح الكبير )‬
‫‪ ،(5/341‬النصاف )‪ ،(5/341‬الشرح الممتع )‪ ،(5/176‬المغني )‪.(3/273‬‬
‫التكبيرات الزوائد في الركعة الثانية قبل القراءة أم بعدها ؟‬
‫اختلف أهل العلم في مسألة التكبيرات الزوائد‪ ،‬هل هي في الركعة الثانية‪،‬‬
‫قبل القراءة أم بعدها ؟ على قولين ‪:‬‬
‫القول الول‪:‬‬
‫أّنها تكون بعد القراءة قبل تكبيرة الركوع ‪.‬‬
‫وهو مذهب الحنفية‪ ،‬ورواية عن أحمد‪ ،‬اختارها أبو بكر غلم الخلل )]‪.([39‬‬
‫قال ابن عابدين‪" :‬ويوالي ندًبا بين القراءتين أي بأن يكبر في الركعة الثانية‬
‫بعد القراءة" )]‪.([40‬‬
‫القول الثاني ‪:‬‬
‫أّنها تكون قبل القراءة بعد الرفع من السجود ‪.‬‬
‫وهو قول الجمهور؛ من المالكية‪ ،‬والشافعية‪ ،‬والمشهور من مذهب الحنابلة‬
‫)]‪.([41‬‬
‫قال ابن شاس‪" :‬ويزيد في الثانية بعد تكبيرة القيام خمس تكبيرات" )]‪.([42‬‬
‫القول الثالث ‪:‬‬
‫يخّير‪ ،‬وهو رواية عن المام أحمد )]‪.([43‬‬
‫الدلة ‪:‬‬
‫أدلة القول الول ‪:‬‬
‫ن هذا هو صفة صلة ابن مسعود )]‪.([44‬‬ ‫استدلوا بأ ّ‬
‫وبما أ ُِثر عن ابن عباس أّنه والى بين القراءتين )]‪.([45‬‬
‫أدلة القول الثاني ‪:‬‬
‫استدلوا بما ُروَِيَ عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال‪ :‬قال رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم‪)) :‬التكبير في الفطر سبع في الولى‪ ،‬وخمس في‬
‫الخرة‪ ،‬والقراءة بعدهما كليهما((‪([46]) .‬‬
‫وعنه قال‪ :‬كّبر رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلة العيد سبًعا في‬

‫‪136‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫سا‪ ،‬ثم قرأ‪ ،‬ثم كّبر‬ ‫الولى‪ ،‬ثم قرأ‪ ،‬ثم كّبر فركع‪ ،‬ثم سجد‪ ،‬ثم قام فكّبر خم ً‬
‫فركع‪ ،‬ثم سجد )]‪.([47‬‬
‫الترجيح‪:‬‬
‫ن التكبيرات تكون في الركعة الثانية قبل القراءة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫أ‬ ‫الجمهور؛‬ ‫مذهب‬ ‫والراجح‬
‫للسنة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬ولعل فعل ابن مسعود وابن‬
‫عباس كان عن اجتهاد منهما‪ ،‬كما قال البيهقي بعد أن أورد أثر ابن مسعود‪:‬‬
‫"وهذا رأيّ من جهة عبد الله بن مسعود‪ ،‬والحديث المسند مع ما عليه عمل‬
‫المسلمين أولى أن‬
‫يتبع" )]‪ ،([48‬والله أعلم ‪.‬‬
‫* مراجع المسألة ‪:‬‬
‫حاشية ابن عابدين )‪ ،(2/173‬الحجة )‪ ،(1/303‬المبسوط )‪ ،(2/39‬عقد‬
‫الجواهر )‪ ،(1/243‬حلية )‪ ،(2/304‬المجموع )‪ ،(2/20‬المقنع )‪،(349 /5‬‬
‫المستوعب )‪ ،(3/58‬الشرح الكبير )‪ ،(5/349‬المغني )‪ ،(3/270‬النصاف )‬
‫‪.(5/349‬‬
‫إذا نسي المام التكبيرات في الولى حتى قرأ ‪:‬‬
‫لهل العلم في هذه المسألة قولن‪:‬‬
‫القول الول ‪:‬‬
‫أّنه إذا نسي التكبيرات حتى قرأ قبل أن يركع؛ رجع وكّبر ثم أعاد القراءة‪ ،‬ثم‬
‫ركع‪ ،‬ويسجد للسهو قبل السلم ‪.‬‬
‫ه عند‬‫ي‪ ،‬ووج ٌ‬ ‫وهو مذهب الحنفية ‪ ،‬والمالكية‪ ،‬والقديم من قول الشافع ّ‬
‫الحنابلة )]‪.([49‬‬
‫ما إن تذكرها قبل الفراغ عنها – أي تذكر التكبيرات قبل‬ ‫قال الكاساِني‪" :‬فإ ّ‬
‫الفراغ من القراءة – بأن قرأ الفاتحة‪ ،‬دون السورة ترك القراءة‪ ،‬ويأتي‬
‫بالتكبيرات؛ لّنه اشتغل بالقراءة قبل أوانها‪ ،‬فيتركها‪ ،‬ويأتي بما هو الهم؛‬
‫ل محل ً له‪ ،‬ثم يعيد القراءة" )]‪.([50‬‬ ‫ليكون المح ّ‬
‫قال ابن عبد البر‪ : :‬فإن نسي وقرأ‪ ،‬ثم ذكر قبل أن يركع؛ رع فكّبر التكبير‬
‫على وجهه‪ ،‬ثم قرأ وتمادى في صلته‪ ،‬وسجد بع السلم لسهوه" )]‪.([51‬‬
‫القول الثاني ‪:‬‬
‫أّنه إذا نسيها حتى قرأ؛ فإّنه ل يرجع‪ ،‬ويسجد للسهو في آخرها ندًبا‪.‬‬
‫وهو قول الشافعي الجديد‪ ،‬ومذهب الشافعية‪ ،‬والحنابلة )]‪.([52‬‬
‫ما في القراءة‪،‬‬ ‫ن – أي التكبيرات – قبل الركوع‪ ،‬إ ّ‬ ‫ي‪" :‬ولو تذكره ّ‬ ‫قال النوو ّ‬
‫ن‪ ،‬وهو قبل‬ ‫ن لفوات محله ّ‬ ‫ما بعدها‪ ،‬فقولن‪ :‬الصحيح الجديد أّنه ل يأتي به ّ‬ ‫وإ ّ‬
‫القراءة‪.‬‬
‫ن‬
‫ن في القراءة‪ ،‬أو بعدها ما لم يركع‪ ،‬وعنده أ ّ‬ ‫ن‪ ،‬سواء ذكره ّ‬ ‫والقديم يأتي به ّ‬
‫ق" )]‪.([53‬‬ ‫ن القيام‪ ،‬وهو با ٍ‬ ‫محله ّ‬
‫قال ابن قدامة‪" :‬فإن نسي التكبير في القراءة لم َيعد إليه" )]‪.([54‬‬
‫الدلة ‪:‬‬
‫أدلة القول الول ‪:‬‬
‫ن محل التكبير محله القيام فلم يفوت محله ‪.‬‬ ‫وجهه عندهم‪ :‬أ ّ‬
‫أدلة القول الثاني ‪:‬‬
‫ن التكبير محله قبل القراءة‪ ،‬فإذا شرع في القراءة‪ ،‬فات‬ ‫وجهه عندهم‪ :‬أ ّ‬
‫المحل‪ ،‬وهو ذكر مسنون مثل دعاء الستفتاح‪ ،‬فإذا فات محله لم يرجع إليه ‪.‬‬
‫الترجيح ‪:‬‬
‫ن التكبيرات محلها قبل القراءة‪ ،‬وليس القيام‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫أ‬ ‫‪-‬‬ ‫أعلم‬ ‫والله‬ ‫‪-‬‬ ‫والراجح‬

‫‪137‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ولذلك إذا فات محله فات‪ ،‬ولم يرجع إليه‪ ،‬ويشرع السجود للسهو‪ ،‬ول يجب ‪.‬‬
‫فصل‪:‬‬
‫إذا أدرك المأموم بعض التكبيرات‪ ،‬أو أدرك قراءة المام أو ركوعه = فإّنه‬
‫يتابع المام فيما أدركه‪ ،‬ويقضي إن عليه قضاء ما فاته على صفته‪.‬‬
‫ي‪" :‬ولو أدرك المام أثناء القراءة‪ ،‬وقد كّبر بعض الصلوات؛ فعلى‬ ‫قال النوو ّ‬
‫الجديد‪ ،‬ل يكّبر ما فاته‪ .‬وعلى القديم ُيكّبر‪.‬‬
‫ولو أدركه راكًعا ركع معه‪ ،‬ول يكّبر بالّتفاق‪ ،‬ولو أدركه في الركعة الثانية‪ ،‬كّبر‬
‫سا" )]‪.([55‬‬
‫ضا خم ً‬
‫سا على الجديد‪ ،‬فإذا قام إلى الثانية كّبر أي ً‬ ‫معه خم ً‬
‫ّ‬
‫وقال ابن قدامة‪" :‬ومن كّبر قبل سلم المام‪ ،‬صلى ما فاته على صفته" )]‬
‫‪.([56‬‬

‫)‪(32 /‬‬

‫وقال قدامة صاحب الشرح الكبير‪" :‬وإن أدرك معه ركعة – وقلنا‪ :‬ما يقضيه‬
‫المسبوق أّول صلته – كّبر في الذي يقضيه سبًعا‪ .‬وإن قلنا ‪ :‬آخر صلته؛ كّبر‬
‫سا" )]‪.([57‬‬ ‫خم ً‬
‫* مراجع المسألة ‪:‬‬
‫المدونة )‪ ،(1/170‬الكافي )‪ ،(1/264‬عقد الجواهر )‪ ،(1/244‬الذخيرة )‬
‫‪ ،(2/423‬المجموع )‪ ،(5/18‬فتح العزيز )‪ ،(5/61‬نهاية المحتاج )‪،(2/390‬‬
‫البيان )‪ ،(2/639‬روضة )‪ ،(2/273‬التمام )‪ ،(1/245‬الشرح الكبير )‪،(5/356‬‬
‫المستوعب )‪ ،(3/260‬النصاف )‪ ،(5/356‬المبدع )‪.(2/185‬‬
‫القراءة في صلة العيدين ‪:‬‬
‫ب أهل العلم أن يقرأ فيهما بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم‪،‬‬ ‫استح ّ‬
‫وليس بلزم عندهم‪ ،‬فأيّ شيء قرأ أجزأه ‪.‬‬
‫فاستحبوا أن يقرأ بسورة ق‪ ،‬وسورة القمر ‪.‬‬
‫ن عمر بن الخطاب سأل أبا‬ ‫فعن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود‪ :‬أ ّ‬
‫واقد الليثي‪ :‬ما كان يقرأ به رسول الله صلى الله عليه وسلم في الضحى‬
‫جيد ِ {‬ ‫ن ال ْ َ‬
‫م ِ‬ ‫والفطر؟ فقال‪ :‬كان يقرأ بـ } ق َوال ْ ُ‬
‫قْرءا ِ‬
‫مُر { )]‪.([58‬‬ ‫شقّ ال ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫ة َوان َ‬
‫ساعَ ُ‬ ‫و} اقْت ََرب َ ِ‬
‫ت ال ّ‬
‫أو بالعلى والغاشية ‪.‬‬
‫فعن النعمان بن بشير رضي الله عنهما‪ ،‬قال‪ :‬كان رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم يقرأ في العيدين وفي الجمعة‪ :‬بـ }سّبح اسم رّبك العلى{‪ ،‬و}هل‬
‫أتاك حديث الغاشية{‪ .‬قال‪ :‬وإذا اجتمع العيد والجمعة في يوم واحد يقرأ بهما‬
‫ضا في الصلتين )]‪.([59‬‬ ‫أي ً‬
‫قال ابن المنذر‪" :‬المام بالخيار إن شاء قرأ في صلة العيدين بـ }ق{‪،‬‬
‫و}اقتربت الساعة{‪ ،‬وإن شاء قرأ بـ }سّبح اسم رّبك العلى{‪ ،‬و}هل أتاك‬
‫حديث الغاشية{‪ ،‬والختلف في هذا من جهة المباح‪ ،‬وإن قرأ بفاتحة الكتاب‬
‫وسورة سوى ما ذكرناه أجزأه" )]‪ ،([60‬والله تعالى أعلم‪.‬‬
‫فصل‪:‬‬
‫من معه ؟‬ ‫إذا قرأ المام آية سجدة في الصلة أو الخطبة وسجد‪ ،‬هل يسجد َ‬
‫ما قرأ‬‫قال أبو سليمان الجوزجاني‪" :‬قلت – لمحمد بن الحسن ‪ :-‬أرأيت إما ً‬
‫السجدة يوم العيد ؟ قال‪ :‬عليه أن يسجد ويسجد معه أصحابه‪.‬‬
‫قلت‪ :‬وكذلك لو قرأها وهو يخطب ؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬يسجدها ويسجد من سمعها‪،‬‬
‫من لم يسمعها‪،‬‬ ‫من سمعها‪ ،‬و َ‬ ‫ما إذا قرأها في الصلة فسجدها سجدها معه َ‬ ‫وأ ّ‬

‫‪138‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫جميع من معه في الصلة" )]‪.([61‬‬


‫* مراجع المسألة ‪:‬‬
‫الكتاب )‪ ،(1/340‬حاشية ابن عابدين )‪ ،(2/173‬المدونة )‪ ،(1/168‬المعونة )‬
‫‪ ،(1/324‬بداية المجتهد )‪ ،(1/507‬الرسالة )ص‪ ،(144 :‬الم )‪،(1/210‬‬
‫الحاوي )‪ ،(2/491‬فتح العزيز )‪ ،(5/50‬نهاية المحتاج )‪ ،(390 /2‬روضة )‬
‫‪ ،(2/72‬حلية )‪ ،(2/306‬التمام )‪ ،(1/243‬شرح الزركشي )‪ ،(2/219‬المغني‬
‫)‪.(3/268‬‬
‫سجود السهو في العيدين ‪:‬‬
‫صلة العيدين كسائر الصلوات إن وقع فيها سهو فإّنه يسجد للسهو فيها ‪.‬‬
‫قال الجوزجاني‪ :‬قلت – لمحمد بن الحسن ‪ :-‬أرأيت السهو في العيدين‬
‫والجمعة والصلة المكتوبة والتطوع أهو سهو ؟ قال‪ :‬نعم )]‪.([62‬‬
‫والتكبيرات الزوائد سنة يشرع للمام إذا نسيها أن يسجد السهو لها‪ ،‬ول يجب‬
‫‪.‬‬
‫قال ابن عبد البر‪" :‬فإن نسي التكبير وقرأ ثم ذكر قبل أن يركع رجع فكّبر‬
‫التكبير على وجهه‪ ،‬ثم قرأ وتمادى في صلته‪ ،‬وسجد بعد السلم السهو‪ ،‬وإن‬
‫لم يذكر ولم يسبح به حتى ركع وتمادى في صلته وسجد قبل السلم السهو"‬
‫)]‪.([63‬‬
‫وقال ابن شاس‪" :‬لو نسي التكبير في ركعة فل يتداركها إذا تذكرها بعد‬
‫الركوع أو فيه‪ ،‬وليسجد قبل السلم‪ ،‬وقيل‪ :‬يتداركها ما لم يرفع رأسه منه‪،‬‬
‫وإن تذكر قبل الركوع كّبر ثم أعاد القراءة‪ ،‬وسجد بعد السلم‪ ،‬وقيل‪ :‬ل‬
‫يعيدها" )]‪.([64‬‬
‫قال ابن مفلح‪" :‬إن نسي التكبيرات ساهًيا ل يلزمه سجود؛ لَنها هيئة" )]‬
‫‪ ،([65‬والله أعلم‪.‬‬
‫* مراجع المسألة ‪:‬‬
‫الصل)‪ ،(1/345‬الكافي )‪ ،(1/264‬عقد الجواهر )‪ ،(1/244‬المستوعب )‬
‫‪ ،(3/60‬الفروع )‪.(2/140‬‬
‫القنوت في العيدين ‪:‬‬
‫ل يقنت في صلة العيدين إل إن كانت هناك نازلة‪.‬‬
‫قال الشافعي‪" :‬ول قنوت في صلة العيدين ول استسقاء‪ ،‬وإن قنت عند نازلة‬
‫لم أكره‪ ،‬وإن قنت عند غير نازلة كرهت له" )]‪.([66‬‬
‫والله أعلم‪.‬‬
‫)]‪ ([1‬الصل )‪ ،(1/336‬حاشية ابن عابدين )‪ ،(2/172‬النصاف )‪.(2/341‬‬
‫)]‪ ([2‬المدّونة )‪ ،(1/169‬الكافي لبن عبد البر )‪ ،(1/264‬المغني )‪،(3/271‬‬
‫مجموع الفتاوى )‪ ،(20/365‬زاد المعاد )‪.(1/443‬‬
‫)]‪ ([3‬الم )‪ ،(1/395‬الحاوي )‪ ،(3/144‬الكافي )‪ ،(1/264‬المحلى )‪.(5/83‬‬
‫)]‪ ([4‬أخرجه عبد الرزاق في مصنفه في العيدين‪ ،‬باب التكبير في الصلة في‬
‫العيد )‪ .(5687‬وصححه ابن حزم في المحلى )‪ ،(5/83‬وقال الحافظ في‬
‫الدراية )‪”:(1/220‬رواه عبد الرزاق عن ابن مسعود بإسناد صحيح "‪.‬‬
‫)]‪ ([5‬أخرجه عبد الرزاق في العيدين‪ ،‬باب التكبير في الصلة في العيد )‬
‫‪.(5689‬‬
‫)]‪ ([6‬أخرجه مالك في الموطأ )‪.(1/180‬‬
‫)]‪ ([7‬انظر‪ :‬الستذكار )‪.(8/53‬‬
‫)]‪ ([8‬أبو داود )‪ ،(1150‬والدارقطني )‪ ،(2/46‬والمستدرك )‪ ،(1/298‬ولم‬
‫يتعقبه بشيء‪ ،‬وضّعفه الذهبي لّنه من طريق ابن لهيعة‪ ،‬وصححه اللباني في‬

‫‪139‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫صحيح سنن أبي داود )‪.(1019‬‬


‫)]‪ ([9‬الفروع لبن مفلح )‪.(2/139‬‬
‫)]‪ ([10‬الشرح الممتع )‪.(5/179‬‬
‫)]‪ ([11‬المغني )‪.(3/276‬‬
‫)]‪ ([12‬المبدع )‪.(2/185‬‬

‫)‪(33 /‬‬

‫)]‪ ([13‬حاشية ابن عابدين )‪ ،(1/174‬فتح العزيز )‪ ،(5/51‬المغني )‪.(3/272‬‬


‫)]‪ ([14‬انظر‪ :‬عقد الجواهر )‪.(1/421‬‬
‫)]‪ ([15‬الصل )‪.(1/338‬‬
‫)]‪ ([16‬الم )‪.(1/396‬‬
‫)]‪ ([17‬عقد الجواهر )‪.(1/421‬‬
‫)]‪ ([18‬المدّونة )‪.(1/169‬‬
‫)]‪ ([19‬أخرجه أبو داود )‪ ،(730‬الترمذي )‪ ،(304‬النسائي )‪ ،(3/2‬ابن ماجه )‬
‫‪ ،(862‬وصححه ابن خزيمة )‪ ،(677‬ابن حبان‬
‫)‪.(1865‬‬
‫)]‪ ([20‬مسلم )‪.(391‬‬
‫)]‪ ([21‬رواه البيهقي في الكبرى )‪ ،(3/293‬قال‪" :‬وهذا منقطع"‪ ،‬وفيه ابن‬
‫لهيعة ضعيف ‪.‬‬
‫)]‪. ([22‬‬
‫)]‪ ([23‬الوسط )‪.(4/282‬‬
‫)]‪ ([24‬ويأتي تفصيل المسألة ‪.‬‬
‫)]‪ ([25‬حاشية ابن عابدين )‪.(2/175‬‬
‫)]‪ ([26‬الحاوي )‪.(3/116‬‬
‫)]‪ ([27‬حاشية ابن عابدين )‪ ،(2/175‬عقد الجواهر )‪.(1/241‬‬
‫)]‪ ([28‬الدر المختار‪ ،‬انظر‪ :‬حاشية ابن عابدين )‪.(2/175‬‬
‫)]‪ ([29‬الكافي )‪.(1/264‬‬
‫)]‪ ([30‬الحاوي )‪ ،(3/116‬روضة الطالبين )‪ ،(2/71‬المغني )‪ ،(3/274‬شرح‬
‫الزركشي )‪.(2/224‬‬
‫)]‪ ([31‬الم )‪.(1/395‬‬
‫)]‪ ([32‬انظر‪ :‬مجمع النهر )‪ ،(1/174‬بدائع الصنائع )‪ ،(1/277‬الم )‪،(1/395‬‬
‫التمام لبن أبي يعلى )‪ ،(1/243‬شرح الزركشي )‪.(2/223‬‬
‫)]‪ ([33‬الدر المختار‪ ،‬انظر‪ :‬حاشية ابن عابدين )‪.(2/172‬‬
‫)]‪ ([34‬المبسوط )‪.(2/42‬‬
‫)]‪ ([35‬المجموع )‪.(5/20‬‬
‫)]‪ ([36‬انظر‪ :‬التمام لبن أبي يعلى )‪.(1/243‬‬
‫)]‪ ([37‬انظر‪ :‬النصاف )‪.(5/341‬‬
‫)]‪ ([38‬حلية العلماء )‪ ،(2/304‬المغني )‪.(3/273‬‬
‫)]‪ ([39‬المبسوط )‪ ،(2/39‬النصاف )‪.(5/350‬‬
‫)]‪ ([40‬حاشية ابن عابدين )‪.(2/173‬‬
‫)]‪ ([41‬عقد الجواهر )‪ ،(1/243‬المجموع )‪ ،(2/20‬المغني )‪.(3/270‬‬
‫)]‪ ([42‬عقد الجواهر )‪.(1/243‬‬
‫)]‪ ([43‬النصاف )‪.(5/350‬‬

‫‪140‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫)]‪ ([44‬رويت عنه من طرق عدة عند ابن أبي شيبة )‪،(5697 ،5696‬‬
‫والطبراني في الكبير )‪ ،(303 ،9/302‬وعبد الرزاق‬
‫ن ابن مسعود رضي الله عنه‬ ‫)‪ ،(5687) ،(5686‬تؤكد هذه الطرق كلها أ ّ‬
‫والى بين القراءتين‪ ،‬والله أعلم ‪.‬‬
‫)]‪ ([45‬ابن أبي شيبة )‪ ،(5707‬عبد الرزاق )‪ ،(5789‬الطحاوي في شرح‬
‫ن ابن عباس كذلك والى بين‬ ‫معاني الثار )‪ ،(4/347‬وهذه المرويات تثبت أ ّ‬
‫القراءتين ‪.‬‬
‫سن‬‫)]‪ ([46‬أبو داود )‪ ،(1151‬البيهقي )‪ ،(3/285‬الدارقطني )‪ ،(2/48‬وح ّ‬
‫إسناده اللباني في صحيح سنن أبي داود )‪.(1020‬‬
‫)]‪ ([47‬أخرجه أبو داود )‪ ،(1152‬وابن ماجه )‪ ،(1278‬والفريابي في أحكام‬
‫العيدين رقم )‪ ،(135‬وهو صحيح بشواهده‪ ،‬صححه النووي في المجموع )‬
‫‪ ،(5/21‬وقال ابن حجر في الفتوحات الربانية )‪" :(4/241‬حسن صحيح"‪،‬‬
‫وقال اللباني‪" :‬حسن صحيح" في صحيح سنن أبي داود )‪ ،(1021‬أبو داود )‬
‫‪ ،(1152‬وابن ماجه )‪.(1278‬‬
‫)]‪ ([48‬سنن البيهقي الكبرى )‪.(3/285‬‬
‫)]‪ ([49‬بدائع الصنائع )‪ ،(1/278‬عقد الجواهر )‪ ،(1/244‬فتح العزيز )‪،(5/61‬‬
‫البيان )‪ ،(2/639‬الشرح الكبير )‪.(5/356‬‬
‫)]‪ ([50‬بدائع الصنائع )‪.(1/278‬‬
‫)]‪ ([51‬الكافي لبن عبد البر )‪.(1/264‬‬
‫)]‪ ([52‬فتح العزيز )‪ ،(5/61‬البيان )‪ ،(2/639‬الشرح الكبير )‪.(5/356‬‬
‫)]‪ ([53‬المجموع )‪.(5/18‬‬
‫)]‪ ([54‬المغني )‪.(3/275‬‬
‫)]‪ ([55‬روضة الطالبين )‪.(2/73‬‬
‫)]‪ ([56‬المقنع )‪.(5/362‬‬
‫)]‪ ([57‬الشرح الكبير )‪.(5/362‬‬
‫)]‪ ([58‬مسلم في العيدين‪ ،‬باب ما يقرأ به في صلة العيدين )‪.(1477‬‬
‫)]‪ ([59‬مسلم في الجمعة‪ ،‬باب ما يقرأ في صلة الجمعة )‪.(1452‬‬
‫)]‪ ([60‬الوسط لبن المنذر )‪.(4/284‬‬
‫)]‪ ([61‬الصل )‪.(1/343‬‬
‫)]‪ ([62‬الصل )‪.(1/345‬‬
‫)]‪ ([63‬الكافي )‪.(1/264‬‬
‫)]‪ ([64‬عقد الجواهر )‪.(1/244‬‬
‫)]‪ ([65‬الفروع )‪.(2/140‬‬
‫)]‪ ([66‬الم )‪.(2/211‬‬
‫العيد وآدابه وسننه‬
‫تعريف العيد ‪:‬‬
‫ل يوم مجمع‪ ،‬من عاد يعود إليه )]‪ .([1‬ويقال‪ :‬بل‬ ‫قال الخليل‪" :‬والعيد ك ّ‬
‫مي لّنهم اعتادوه‪ ،‬والياء في العيد أصلها الواو ُقلبت لكسرة العين ‪ ...‬وإذا‬ ‫س ّ‬
‫ُ‬
‫جمعوه قالوا‪ :‬أعياد‪ ،‬وإذا صّغروه قالوا‪ :‬عُي َْيد‪ ،‬وتركوه على التغيير‪ ،‬والعيد‬
‫كر ويؤنث")]‪.([2‬‬ ‫يذ ّّ‬
‫وقيل‪ :‬لم يجمعوه على أعواد للفرق بينه وبين أعواد الخشب )]‪.([3‬‬
‫ل سنة بفرح متجدد")]‪.([4‬‬ ‫دا لّنه يعود ك ّ‬ ‫مي عي ً‬‫وقال ابن العرابي‪" :‬س ّ‬
‫ي‪":‬وقد عّيدوا‪ ،‬أي‪ :‬شهدوا العيد")]‪.([5‬‬ ‫وقال الزهر ّ‬
‫وهذا المعنى في العيد هو الوارد في السنة النبوية الصحيحة‪ ،‬فعن عائشة‬

‫‪141‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫رضي الله عنها قالت‪ :‬دخل أبو بكر‪ ،‬وعندي جاريتان من النصار تغنيان بما‬
‫تقاولت النصار يوم ُبعاث‪ ،‬قالت‪ :‬وليستا بمغنيتين‪ .‬فقال أبو بكر‪ :‬أمزامير‬
‫الشيطان في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ وذلك في يوم عيد‪،‬‬
‫دا‪ ،‬وهذا‬
‫ن لكل قوم عي ً‬‫فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪)) :‬يا أبا بكر‪ ،‬إ ّ‬
‫عيدنا(()]‪.([6‬‬
‫وقالت عائشة رضي الله عنها‪ :‬رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يسترني‪،‬‬
‫وأنا أنظر إلى الحبشة وهم يلعبون في المسجد‪ ،‬فزجرهم عمُر‪ ،‬فقال النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم‪)) :‬دعهم‪ ،‬أمًنا بني أرفدة(()]‪.([7‬‬
‫قال ابن حجر‪" :‬فيه تعليل المر بتركهما‪ ... ،‬أي يوم سرورٍ شرعي‪ ،‬فل ينكر‬
‫فيه مثل هذا‪ ،‬كما ل ينكر في العراس")]‪.([8‬‬

‫)‪(34 /‬‬

‫ن لله تعالى فيه عوائد الحسان‪،‬‬ ‫مي العيد بهذا السم ل ّ‬ ‫قال ابن عابدين‪" :‬س ّ‬
‫أي‪ :‬أنواع الحسان العائدة على عباده في كل عام‪ ،‬منها‪ :‬الفطر بعد المنع‬
‫عن الطعام‪ ،‬وصدقة الفطر‪ ،‬وإتمام الحج بطواف الزيارة‪ ،‬ولحوم الضاحي‬
‫ن العادة فيه الفرح والسرور والنشاط والحبور غالًبا بسبب‬ ‫وغير ذلك‪ ،‬ول ّ‬
‫ذلك")]‪.([9‬‬
‫مراجع المسألة ‪:‬‬
‫المجموع )‪(5/22‬نهاية المحتاج )‪ ،(2/385‬حاشية ابن عابدين )‪،(2/2165‬‬
‫مجمع النهر )‪ ،(1/2172‬العين )‪ ،(2/219‬تهذيب اللغة )‪ ،(3/131‬مقاييس‬
‫اللغة )‪ ،(4/183‬الصحاح )‪ ،(2/515‬تاج العروس )‪ ،(8/438‬لسان العرب )‬
‫‪.(9/461‬‬
‫ً‬
‫)]‪ ([1‬كأن في المطبوعة سقطا‪ ،‬ففي مقاييس ابن فارس )‪:(4/183‬‬
‫من عاد يعود‪ ،‬كأنهم عادوا‬ ‫"واشتقاقه قد ذكره الخليل ِ‬
‫إليه"‪ .‬وانظر‪ :‬تهذيب اللغة )‪.(3/131‬‬
‫)]‪ ([2‬العين )‪ ،(2/219‬ونقله الزهريّ عن الليث في التهذيب )‪.(3/131‬‬
‫)]‪ ([3‬انظر‪ :‬الصحاح للجوهري )‪.(2/515‬‬
‫)]‪ ([4‬نقله الزهري في التهذيب )‪.(3/132‬‬
‫)]‪ ([5‬الصحاح )‪.(2/515‬‬
‫)]‪ ([6‬أخرجه البخاري في العيدين‪ ،‬باب سنة العيدين لهل السلم )‪.(952‬‬
‫ومسلم في العيدين‪ ،‬باب الرخصة في اللعب‪ ،‬الذي ل معصية فيه أّيام العيد )‬
‫‪(892‬‬
‫)]‪ ([7‬أخرجه البخاري في العيدين‪ ،‬باب إذا فاته العيد يصلي ركعتين )‪.(988‬‬
‫)]‪ ([8‬فتح الباري )‪.(2/442‬‬
‫)]‪ ([9‬حاشية ابن عابدين )‪.(2/165‬‬
‫أول عيد صله النبي صلى الله عليه وسلم ‪:‬‬
‫ي‬ ‫ّ‬
‫قال ابن جرير في ذكر أحداث السنة الثانية من الهجرة‪" :‬وفيها صلى النب ّ‬
‫صلى الله عليه وسلم صلة العيد‪ ،‬وخرج بالّناس إلى المصلى‪ ،‬فكان أّول‬
‫لها" )]‪.([1‬‬‫صلة ص ّ‬
‫قال الرملي‪" :‬وأول عيد صله النبي صلى الله عليه وسلم عيد الفطر في‬
‫السنة الثانية من الهجرة‪ ،‬ولم يتركها" )]‪.([2‬‬
‫وهو موافق لما روي أن الصوم شرع في السنة الثانية من الهجرة )]‪.([3‬‬
‫وجاءت السنة بما يشير إلى أن ذلك كان في أول الهجرة‪ ،‬فعن أنس قال‪:‬‬

‫‪142‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما في‬
‫الجاهلية‪ ،‬فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪)) :‬ما هذان اليومان(( ؟‬
‫قالوا‪ :‬يومان كنا نلعب فيهما في الجاهلية‪ .‬فقال رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم‪)) :‬إن الله قد أبدلكم بهما خيًرا منهما يوم الضحى ويوم الفطر((‪]) .‬‬
‫‪([4‬‬
‫ي‪" :‬الحديث يدل على أّنه قال صلى الله عليه وسلم ذلك عقيب‬ ‫قال الصنعان ّ‬
‫شرع في‬ ‫ن عيد ٍ ُ‬
‫قدومه المدينة‪ ،‬كما تقضيه الفاء‪ ،‬والذي في كتب السير أ ّ‬
‫السلم عيد الفطر في السنة الثانية من الهجرة" )]‪.([5‬‬
‫ول منافاة بين المرين‪ ،‬فقصة الحديث وقعت في شهر محرم من السنة‬
‫ي صلى الله عليه وسلم هاجر من مكة في شهر‬ ‫ن النب ّ‬‫الثانية من الهجرة؛ ل ّ‬
‫ربيع الول )]‪ ،([6‬والله تعالى أعلم‪.‬‬
‫* مراجع المسألة‪:‬‬
‫نهاية المحتاج )‪ ،(2/385‬معونة أولي النهى )‪ ،(2/322‬كشاف القناع )‬
‫‪(5/50‬سبل السلم )‪.(5/70‬‬
‫)]‪ ([1‬انظر‪ :‬البداية والنهاية لبن كثير )‪ (5/54‬ط التركي‪.‬‬
‫)]‪ ([2‬نهاية المحتاج )‪.(2/385‬‬
‫)]‪ ([3‬نصب الراية )‪ ،(2/436‬التلخيص الحبير )‪.(4/88‬‬
‫)]‪ ([4‬أبو داود )‪ ،(1134‬وصححه اللباني في صحيح سنن أبي داود )‪.(1004‬‬
‫)]‪ ([5‬سبل السلم )‪.(2/144‬‬
‫)]‪ ([6‬انظر‪ :‬البداية والنهاية لبن كثير )‪.(4/443‬‬
‫التهنئة بالعيد ‪:‬‬
‫التهنئة في العيد بقول‪ :‬تقبل الله منا ومنك أجازه جمع من أهل العلم‪ ،‬لوروده‬
‫عن السلف‪.‬‬
‫قال ابن حجر‪" :‬وروينا في المحامليات بإسناد حسن عن جبير بن نفير قال‪:‬‬
‫كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا التقوا يوم العيد يقول‬
‫ً‬
‫بعضهم لبعض‪ :‬تقبل الله منا ومنك"‪ .‬ويروى عن واثلة بن السقع موقوفا )]‬
‫عا )]‪.([3]) "([2‬‬ ‫‪([1‬ومرفو ً‬
‫وسئل مالك عن قول الناس يوم العيد تقبل الله منا ومنك ؟ فقال‪ ":‬ما زال‬
‫سا" )]‪.([4‬‬‫ذلك المر عندنا ما نرى به بأ ً‬
‫وقال مالك‪" :‬ل أعرفه‪ ،‬ول أنكره" )]‪.([5‬‬
‫قال ابن حبيب‪" :‬معناه‪ :‬ل يعرفه سنة‪ ،‬ول ينكره على ما يقوله‪ ،‬لنه قول‬
‫حسن لنه دعاء" )]‪.([6‬‬
‫وقال‪" :‬ورأيت أصحابه ل يبتدئون به‪ ،‬ويعيدونه على قائله‪ ،‬ول بأس بابتدائه"‬
‫)]‪.([7‬‬
‫دا‪ ،‬وإن قاله أحد رددت عليه")]‪.([8‬‬ ‫قال أحمد بن حنبل‪" :‬ل أبتدئ به أح ً‬
‫وروي عنه‪" :‬الكل حسن" )]‪.([9‬‬
‫وروي عنه أنه قال‪" :‬هو فعل الصحابة وقول العلماء" )]‪.([10‬‬
‫وروي عنه أنه كره البتداء به‪ ،‬لما روي عن عبادة بن الصامت قال‪ :‬سألت‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قول الناس‪ :‬تقبل الله منا ومنكم‪،‬‬
‫فقال‪)) :‬ذلك فعل أهل الكتابين(()]‪.([11‬‬
‫وهو حديث ضعيف ‪.‬‬
‫وعليه فالتهنئة بالعيد جائزة بقول‪ :‬تقبل الله منا ومنك ‪.‬‬
‫ول وجه لكراهته‪ ،‬وهو إلى الستحباب أقرب لتحسين الحافظ ابن حجر مجيئه‬
‫عن الصحابة‪ ،‬والله أعلم ‪.‬‬

‫‪143‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫* مراجع المسألة ‪:‬‬


‫نهاية المحتاج )‪ ،(2/401‬مختصر الخلفيات )‪ ،(4/385‬حاشية ابن عابدين )‬
‫‪ ،(2/169‬الذخيرة )‪ ،(2/426‬التمام )‪ ،(1/250‬الشرح الكبير )‪،(5/381‬‬
‫النصاف )‪ ،(5/381‬المعونة )‪ ،(340 /2‬المغني )‪ ،(3/294‬فتح الباري )‬
‫‪ ،(2/446‬مجموع الفتاوى )‪.(24/253‬‬

‫)‪(35 /‬‬

‫)]‪ ([1‬الطبراني في الكبير )‪ ،(22/52‬قال الهيثمي في المجمع )‪(2/206‬في‬


‫حبيب بن عمر النصاري أحمد رواته‪" :‬وحبيب قال الذهبي‪ :‬مجهول‪ ،‬وقد‬
‫ذكره ابن حبان في الثقات ولم أعرفه"‪.‬‬
‫)]‪ ([2‬البيهقي في الكبرى )‪ ،(3/319‬وقال ابن عدي في الكامل )‪:(6/271‬‬
‫"وهذا منكر ] ل [ أعلم يرويه عن بقّية‪ ،‬غير محمد بن إبراهيم هذا"‪ ،‬وقال‬
‫ح"‪.‬‬‫البيهقي‪" :‬قد رأيته بإسناد آخر عن بقية موقوًفا غير مرفوع‪ ،‬ول أراه يص ّ‬
‫وقال ابن الجوزي في العلل المتناهية‪" :‬هذا حديث ل يصح‪ ،‬ول يرويه عن بقية‬
‫غير محمد بن إبراهيم وهو منكر الحديث‪ ،‬وبقية يروي عن المجهولين‬
‫ويدلسهم"‪.‬‬
‫)]‪ ([3‬فتح الباري )‪.(2/446‬‬
‫)]‪ ([4‬انظر‪ :‬الثقات )‪.(9/90‬‬
‫)]‪ ([5‬انظر‪ :‬الذخيرة )‪.(2/426‬‬
‫)]‪ ([6‬انظر‪ :‬التاج والكليل )‪.(2/199‬‬
‫)]‪ ([7‬انظر‪ :‬الفواكه الدواني )‪.(1/275‬‬
‫)]‪ ([8‬انظر‪ :‬الشرح الكبير )‪.(5/382‬‬
‫)]‪ ([9‬انظر‪ :‬النصاف )‪.(5/381‬‬
‫)]‪ ([10‬المصدر نفسه‪.‬‬
‫)]‪ ([11‬أخرجه البيهقي في الكبرى )‪(320 – 3/319‬وقال‪" :‬عبد الخالق بن‬
‫زيد منكر الحديث‪ ،‬قاله البخاري"‪.‬‬
‫الغتسال في العيدين ‪:‬‬
‫عا أعظم من الجتماع الذي في‬ ‫ن فيه اجتما ً‬‫يستحب الغتسال في العيدين‪ ،‬ل ّ‬
‫الجمعة‪ ،‬وبه قال عامة الفقهاء‪.‬‬
‫ح منها‬‫وقد روي في ذلك أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم لم يص ّ‬
‫شيء‪ ،‬منها‪:‬‬
‫ما أخرجه ابن ماجه والبيهقي من حديث ابن عباس‪ :‬كان رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم يغتسل يوم الفطر‪ ،‬ويوم الضحى )]‪.([1‬‬
‫ن رسول الله صلى الله‬ ‫وما أخرجه ابن ماجه من حديث الفاكه بن سعد أ ّ‬
‫عليه وسلم كان يغتسل يوم الفطر‪ ،‬ويوم النحر‪ ،‬ويوم عرفة )]‪.([2‬‬
‫وما أخرجه الطبراني عن أبي هريرة قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم‪)) :‬من صام من رمضان‪ ،‬وغدا بغسل إلى المصلى‪ ،‬وختمه بصدقة رجع‬
‫مغفوًرا له(( )]‪.([3‬‬
‫ي صلى الله عليه وسلم اغتسل للعيدين‬ ‫ن النب ّ‬‫وما أخرجه البزار في مسنده أ ّ‬
‫)]‪.([4‬‬
‫حا" )]‪.([5‬‬‫قال البزار‪" :‬ل أحفظ في الغتسال في العيدين حديًثا صحي ً‬
‫ي صلى‬ ‫ما الغتسال لهما؛ فليس فيه شيٌء ثبت عن النب ّ‬ ‫قال ابن عبد البر‪" :‬فأ ّ‬
‫الله عليه وسلم من جهة النقل")]‪.([6‬‬

‫‪144‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ن ابن عمر رضي الله عنهما كان يغتسل في هذين اليومين )]‪.([7‬‬ ‫وثبت أ ّ‬
‫ل عن الغسل‪ ،‬قال‪ :‬أغتسلُ‬ ‫ن علي بن أبي طالب سأله رج ٌ‬ ‫وعن زاذان قال‪ :‬إ ّ‬
‫ت ؟ قال‪ :‬ل‪ ،‬بل الغسل الذي هو الغسل‪ :‬يوم الجمعة‪ ،‬ويوم‬ ‫كل يوم ٍ إن شئ ُ‬
‫عرفة‪ ،‬ويوم الضحى‪ ،‬ويوم الفطر )]‪.([8‬‬
‫وعن سعيد بن المسّيب قال‪ :‬الغسل يوم العيدين سنة‪ ،‬كغسل الجنابة )]‪.([9‬‬
‫وكان علقمة يغتسل يوم الفطر قبل أن يغدو )]‪.([10‬‬
‫وكان الحسن يغتسل يوم الفطر‪ ،‬ويوم الضحى )]‪.([11‬‬
‫قال ابن المنذر‪" :‬وممن كان يرى الغتسال يوم الفطر عطاء‪ ،‬وعلقمة‪،‬‬
‫وعروة بن الزبير‪ ،‬وإبراهيم التيمي‪ ،‬وإبراهيم النخغي‪ ،‬وقتادة‪ ،‬وأبو الزناد‪،‬‬
‫ي‪ ،‬وإسحاق"‪.‬‬ ‫ومالك‪ ،‬والشافع ّ‬
‫وقد نقل اّتفاق الفقهاء على استحباب الغتسال للعيدين غيُر واحد ٍ من أهل‬
‫العلم‪.‬‬
‫ن لمن فعله" )]‪.([12‬‬ ‫قال ابن عبد البر‪" :‬واتفق الفقهاء على أّنه حس ٌ‬
‫وقال ابن رشد‪" :‬أجمع العلماء على استحسان الغسل لصلة العيدين" )]‬
‫‪.([13‬‬
‫ي وأصحابه‪ :‬يستحب الغسل في العيدين‪ ،‬وهذا ل‬ ‫ي‪" :‬قال الشافع ّ‬ ‫وقال النوو ّ‬
‫خلف فيه‪ ،‬والمعتمد فيه أثر ابن عمر‪ ،‬والقياس على الجمعة" )]‪.([14‬‬
‫وقال ابن قدامة‪" :‬يستحب أن يتطهر بالغسل للعيدين‪ ،‬وكان ابن عمر يغتسل‬
‫ي ‪ -‬رضي الله عنه ‪ ،-‬وبه قال علقمة‪ ،‬وعروة‪،‬‬ ‫يوم الفطر‪ ،‬وروي ذلك عن عل ّ‬
‫ي‪ ،‬وابن‬ ‫ي‪ ،‬وقتادة‪ ،‬وأبو الزناد‪ ،‬ومالك‪ ،‬والشافع ّ‬ ‫ي‪ ،‬والشعب ّ‬ ‫وعطاء‪ ،‬والنخغ ّ‬
‫المنذر" )]‪.([15‬‬
‫* مراجع المسألة ‪:‬‬
‫شرح فتح القدير )‪ ،(2/71‬حاشية ابن عابدين )‪ ،(2/168‬المدونة )‪،(1/167‬‬
‫الرسالة )ص‪ ،(144 :‬المعونة )‪ ،(1/320‬الكافي )‪ ،(1/263‬بداية المجتهد )‬
‫‪ ،(1/505‬عقد الجواهر )‪ ،(1/241‬الذخيرة )‪ ،(2/420‬الم )‪ ،(1/205‬الحاوي‬
‫)‪ ،(1/483‬المجموع )‪ ،(5/6‬فتح العزيز )‪ ،(5/20‬نهاية المحتاج )‪،(2/392‬‬
‫البيان )‪ ،(2/629‬روضة الطالبين )‪ ،(2/75‬حلية العلماء )‪ ،(2/303‬المغني )‬
‫‪.(3/256‬‬
‫وقت الغتسال للعيدين ‪:‬‬
‫اتفق أهل العلم على مشروعية الغتسال لصلة العيد‪ ،‬ولكن اختلفوا في‬
‫وقته متى يكون ؟‬
‫القول الول ‪:‬‬
‫الغتسال للعيد يكون بعد الفجر‪ ،‬فإن فعله قبله أجزأه ‪.‬‬
‫وهو قول الجمهور؛ الحنفية )]‪ ،([16‬والمالكية )]‪ ،([17‬والشافعية )]‪،([18‬‬
‫ورواية عن المام أحمد )]‪.([19‬‬
‫القول الثاني ‪:‬‬
‫الغتسال يكون بعد الفجر‪ ،‬ول يجزئ قبله ‪.‬‬
‫وهو قول أحمد‪ ،‬ورواية عن الشافعي )]‪.([20‬‬
‫الدلة ‪:‬‬
‫أدلة القول الول‪:‬‬
‫قالوا‪ :‬لن وقت صلة العيد غدوة‪ ،‬فيقرب من وقت الغتسال‪.‬‬
‫ن أهل السواد يحتاجون إلى التبكير حتى يصلوا إلى المصلى في الوقت‬ ‫ول ّ‬
‫المناسب‪ ،‬فلو وقف على الفجر ربما فاتت صلة العيد مع المام ‪.‬‬
‫أدلة القول الثاني ‪:‬‬

‫‪145‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫قالوا‪ :‬لّنه غسل الصلة في اليوم‪ ،‬فلم يجز قبل الفجر كغسل الجمعة ‪.‬‬
‫الترجيح ‪:‬‬
‫ن المقصود بالغسل التنظيف‪ ،‬وذلك يحصل‬ ‫والراجح مذهب الجمهور؛ ل ّ‬
‫بالغسل في الليل لقربه من الصلة‪ ،‬والله أعلم ‪.‬‬

‫)‪(36 /‬‬

‫ن‬
‫ع‪ ،‬لقرب ذلك‪ ،‬ول ّ‬ ‫دمه قبل الفجر؛ فواس ٌ‬ ‫ي‪" :‬فإن ق ّ‬‫قال أبو الوليد الباج ّ‬
‫الغسل ل تذهب آثاره قبل الغدو‪ ،‬ول تتغير نظافته" )]‪.([21‬‬
‫* مراجع المسألة ‪:‬‬
‫المجموع )‪ ،(5/6‬فتح العزيز )‪ ،(5/22‬نهاية المحتاج )‪ ،(2/393‬البيان )‬
‫‪ ،(2/629‬روضة )‪ ،(2/75‬حلية )‪ ،(2/303‬المغني )‪.(3/258‬‬
‫)]‪ ([1‬أخرجه ابن ماجه في العيدين‪ ،‬باب ما جاء في الغتسال في العيدين )‬
‫ي )‪ ،(3/378‬وضّعفه ابن حجر في التلخيص )‪،(1/81‬‬ ‫‪ ،(1315‬والبيهق ّ‬
‫والدراية )‪ ،(23‬قال اللباني في ضعيف سنن ابن ماجه )ص ‪" :(96‬ضعيف‬
‫دا"‪ ،‬وانظر‪ :‬إرواء الغليل )‪.(1/175‬‬ ‫ج ً‬
‫)]‪ ([2‬أخرجه ابن ماجه في العيدين‪ ،‬باب ما جاء في الغتسال في العيدين )‬
‫ذاب‪ ،‬زنديق‪ ،‬ل‬ ‫‪ .(1316‬وفيه‪ :‬يوسف بن خالد السمتي‪ ،‬قال ابن معين‪ :‬ك ّ‬
‫ي عن الحديث في‬ ‫ُيكتب عنه"]انظر‪ :‬تهذيب الكمال ‪ .[32/423‬لذا قال اللبان ّ‬
‫الرواء )‪" :(1/176‬موضوع"‪.‬‬
‫)]‪ ([3‬أخرجه في الوسط )‪ (6/57‬من طريق نصر بن حماد عن أيوب بن‬
‫خوط عن قتادة عن سعيد بن المسيب به‪ .‬قال الهيثمي في المجمع )‬
‫‪" :(2/918‬وفيه نصر بن حماد‪ ،‬وهو متروك"‪.‬‬
‫)]‪ ([4‬انظر‪ :‬كشف الستار )‪ (1/311‬من طريق محمد بن معمر ثنا عبد‬
‫ي‬
‫العزيز ثنا مندل عن محمد بن عبيد الله عن أبيه عن جده به‪ .‬قال الهيثم ّ‬
‫م‪ ،‬ومحمد هذا‪ ،‬ومن فوقه‬ ‫في المجمع )‪" :(2/198‬رواه البزار‪ ،‬ومندل فيه كل ٌ‬
‫ل أعرفهم"‪ .‬وقال ابن حجر في مختصر زوائد البزار )‪" :(1/299‬مندل‬
‫ف"‪.‬‬‫ضعي ٌ‬
‫)]‪ ([5‬انظر‪ :‬التلخيص الحبير )‪.(2/81‬‬
‫)]‪ ([6‬التمهيد )‪.(10/266‬‬
‫)]‪ ([7‬أخرجه مالك في الموطأ بسند صحيح )‪.(1/146‬‬
‫)]‪ ([8‬أخرجه مسدد في مسنده )المطالب العالية ‪ ،(1/285‬وابن المنذر في‬
‫ي في الكبرى )‪ (3/278‬من طريق شعبة عن عمرو‬ ‫الوسط )‪ (2112‬والبيهق ّ‬
‫بن مّرة به‪ ،‬ورجاله ثقات غير زذان صدوق‪ ،‬فالسناد حسن إن شاء الله‪.‬‬
‫)]‪ ([9‬أخرجه عبد الرزاق في العيدين‪ ،‬باب الغتسال في يوم العيد )‪.(5750‬‬
‫)]‪ ([10‬أخرجه عبد الرزاق في العيدين‪ ،‬باب الغتسال في يوم العيد )‬
‫‪.(5747‬‬
‫)]‪ ([11‬أخرجه ابن أبي شيبة في المصّنف )‪ (2/86‬كتاب العيدين‪ ،‬باب في‬
‫الغسل يوم العيدين بسند صحيح‪.‬‬
‫)]‪ ([12‬الستذكار )‪.(7/11‬‬
‫)]‪ ([13‬بداية المجتهد )‪ (1/216‬تصوير دار الكتب العلمية‪.‬‬
‫)]‪ ([14‬المجموع )‪.(5/7‬‬
‫)]‪ ([15‬المغني )‪.(3/256‬‬
‫)]‪ ([16‬شرح فتح القدير )‪.(2/40‬‬

‫‪146‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫)]‪ ([17‬المعونة )‪ ،(1/320‬الذخيرة )‪.(2/420‬‬


‫)]‪ ([18‬المجموع )‪ ،(5/6‬فتح العزيز )‪ ،(5/21‬حلية العلماء )‪.(2/32‬‬
‫)]‪ ([19‬المغني )‪.(3/258‬‬
‫)]‪ ([20‬المغني )‪ ،(3/258‬فتح العزيز )‪ ،(5/21‬حلية العلماء )‪.(2/302‬‬
‫)]‪ ([21‬المنتقى لبي الوليد الباجي )‪.(1/316‬‬
‫التزين في العيدين في اللباس والتطيب‪ ،‬ونحو ذلك‪:‬‬
‫يستحب التزين في العيدين في اللباس والطيب عند عامة الفقهاء ‪.‬‬
‫ة من استبرق تباع في السوق‪،‬‬ ‫فعن عبد الله بن عمر قال‪ :‬أخذ عمر جب ً‬
‫فأخذها‪ ،‬فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال‪ :‬يا رسول الله ! ابتع‬
‫هذه‪ ،‬تجمل بها للعيد والوفود‪ .‬فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم‪:‬‬
‫))إّنما هذه لباس من ل خلق له(()]‪.([1‬‬
‫ل الحديث على التجمل للعيد‪ ،‬وأنه كان معتاًدا بينهم"‬ ‫قال ابن رجب‪" :‬وقد د ّ‬
‫)]‪.([2‬‬
‫ن ابن عمر أّنه كان يلبس في العيدين أحسن ثيابه )]‪.([3‬‬ ‫وعن نافع أ ّ‬
‫ن التجمل عندهم في هذه المواضع – يعني‪:‬‬ ‫قال ابن قدامة‪" :‬وهذا يدل على أ ّ‬
‫الجمعة‪ ،‬والعيد‪ ،‬واستقبال الوفود – كان مشهوًرا" )]‪.([4‬‬
‫ولذلك لم يختلف أهل العلم على استحباب التزين والتطيب في العيد‪.‬‬
‫ل عيد‪ ،‬والمام‬ ‫ت أهل العلم يستحّبون الطيب والزينة في ك ّ‬ ‫قال مالك‪" :‬سمع ُ‬
‫ق؛ لّنه المنظور إليه من بينهم" )]‪.([5‬‬ ‫بذلك أح ّ‬
‫فصل‪:‬‬
‫استثنى بعض أهل العلم المعتكف من الزينة‪ ،‬ليبقى عليه أثر العبادة )]‪.([6‬‬
‫ونقله ابن قدامة عن مالك )]‪.([7‬‬
‫ن المعتكف وغيره سواء‪ ،‬كما هو قول القاضي أبي يعلى )]‪،([8‬‬ ‫والصواب أ ّ‬
‫واختاره الشيخ السعدي )]‪.([9‬‬
‫ن‬‫ما الثر؛ فإ ّ‬ ‫ف أثًرا‪ ،‬ونظًرا‪ .‬أ ّ‬
‫قال الشيخ ابن عثيمين‪" :‬ولكن هذا القول ضعي ٌ‬
‫ما‬
‫ي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف‪ ،‬ومع ذلك يلبس أحسن الثياب‪ .‬وأ ّ‬ ‫النب ّ‬
‫ن توسخ ثياب المعتكف ليس من أثر اعتكافه‪ ،‬ولكن من طول‬ ‫النظر؛ فل ّ‬
‫فا ليلة العيد‪ ،‬أو آخر يوم ٍ من رمضان ما‬ ‫بقائها عليه‪ ،‬ولهذا لو لبس ثوًبا نظي ً‬
‫ن الشهيد يأتي يوم القيامة‪ ،‬وجرحه‬ ‫ح قياسه على دم الشهيد؛ ل ّ‬ ‫أّثر‪ ،‬ول يص ّ‬
‫ح المسك")]‪.([10‬‬ ‫ما‪ ،‬اللون لون الدم‪ ،‬والريح ري ُ‬ ‫يثعب د ً‬
‫فصل‪:‬‬
‫ويحرم على الرجال التزين بكل محرم من اللباس؛ كالحرير والديباج‬
‫والسبال وثوب الشهرة والذهب والفضة والتشبه بالكفار والنساء وغير ذلك‬
‫من اللبسة المحّرمة سواء كانت ثياًبا أو عمائم أو السراويلت أو الساعات أو‬
‫غير ذلك )]‪.([11‬‬
‫* مراجع المسألة ‪:‬‬
‫شرح فتح القدير )‪ ،(2/72‬مجمع النهر )‪ ،(1/172‬الم )‪ ،(1/206‬الحاوي )‬
‫‪ ،(2/487‬المجموع )‪ ،(5/8‬فتح العزيز )‪ ،(5/23‬نهاية المحتاج )‪،(2/393‬‬
‫البيان )‪ ،(2/630‬الرسالة )ص‪ ،(144 :‬المعونة )‪ ،(1/321‬عقد الجواهر )‬
‫‪ ،(1/241‬المقنع )‪ ،(5/323‬الشرح الكبير )‪ ،(5/323‬النصاف )‪،(5/323‬‬
‫المغني )‪ ،(3/257‬نيل الوطار )‪.(3/283‬‬

‫)‪(37 /‬‬

‫‪147‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫فصل‪:‬‬
‫ب بعض أهل العلم الكل والتزين والغتسال وغيره للعيد‪ ،‬لّنه يوم فرح‬ ‫استح ّ‬
‫وسرور‪ ،‬وإن لم يشهد المصلى ‪.‬‬
‫وا وتًرا‪ ،‬ولو قروًيا"‪.‬‬‫ً‬ ‫حل‬ ‫أكله‬ ‫الفطر‬ ‫قال الحصفكي‪" :‬وندب يوم‬
‫ن ذلك ليس من‬ ‫قال ابن عابدين‪" :‬قوله‪) :‬ولو قروًيا( ‪ ...‬ولعله يشير إلى أ ّ‬
‫ن في الكل مبادرة إلى قبول ضيافة‬ ‫سنن الصلة‪ ،‬بل من سنن اليوم‪ ،‬ل ّ‬
‫الحق سبحانه‪ ،‬وإلى امتثال أمره بالصيام"‪.‬‬
‫وقال العمراِني بعد ذكره استحباب التزين قبل الخروج إلى المصلى‪:‬‬
‫ن المقصود‬ ‫"ويستحب ذلك لمن يريد حضور الصلة‪ ،‬ولمن ل يريد حضورها؛ ل ّ‬
‫ب ذلك لمن حضر الصلة‪ ،‬ولمن لم يحضر"‪.‬‬ ‫إظهار الزينة والجمال‪ ،‬فاستح ّ‬
‫* مراجع المسألة ‪:‬‬
‫شرح فتح القدير )‪ ،(2/79‬حاشية ابن عابدين )‪ ،(2/76‬مجمع النهر )‬
‫‪ ،(1/174‬المدونة )‪ ،(1/171‬الكافي )‪ ،(1/263‬بداية المجتهد )‪ ،(1/514‬عقد‬
‫الجواهر )‪ ،(1/241‬الم )‪ ،(216 /1‬الحاوي )‪ ،(2/488‬المجموع )‪ ،(5/5‬فتح‬
‫العزيز )‪ ،(5/45‬البيان )‪ ،(2/628‬شرح الزركشي )‪ ،(2/216‬المقنع )‬
‫‪ ،(5/322‬المستوعب )‪ ،(3/52‬الفروع )‪ ،(2/138‬المغني )‪.(3/258‬‬
‫)]‪ ([1‬البخاري )‪.(948‬‬
‫)]‪ ([2‬فتح الباري لبن رجب )‪.(413 /8‬‬
‫)]‪ ([3‬البيهقي في الكبرى )‪.(3/381‬‬
‫)]‪ ([4‬المغني )‪.(5/257‬‬
‫)]‪ ([5‬انظر‪ :‬المغني )‪.(5/258‬‬
‫دمه في الفروع والفائق"‪.‬‬ ‫)]‪ ([6‬انظر‪ :‬النصاف )‪ ،(5/329‬وقال‪" :‬وق ّ‬
‫)]‪ ([7‬المغني )‪.(3/258‬‬
‫)]‪ ([8‬التمام لبن أبي يعلى )‪.(1/248‬‬
‫)]‪ ([9‬الختيارات الجلّية للشيخ عبد الرحمن السعدي )ص ‪.(72‬‬
‫)]‪ ([10‬الشرح الممتع )‪.(168-5/167‬‬
‫)]‪ ([11‬انظر في تفاصيل أحكام هذه اللبسة انظر‪ :‬المغني )‪،(311-2/298‬‬
‫ج لسعد‬ ‫المجموع )‪ ،(344-4/320‬وأحكام اللباس المتعلقة بالصلة والح ّ‬
‫الخثلن‪.‬‬
‫الكل قبل الخروج إلى الفطر ‪:‬‬
‫لم يختلف الفقهاء في استحباب الكل قبل الخروج إلى الفطر‪ ،‬وأن تكون‬
‫على تمرات‪ ،‬كما هو هديُ النبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وصحابته من بعده )]‬
‫‪.([1‬‬
‫قال ابن القاسم‪" :‬وكان مالك يستحب للرجل أن يطعم قبل أن يغدو يوم‬
‫الفطر" )]‪.([2‬‬
‫م فيه اختلًفا" )]‪.([3‬‬ ‫قال ابن قدامة‪" :‬ل نعل ُ‬
‫فعن أنس رضي الله عنه قال‪ :‬كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ل يغدو‬
‫يوم الفطر حتى يأكل‬
‫ن وتًرا )]‪.([5‬‬ ‫ظ‪ :‬ويأكله ّ‬
‫تمرات )]‪ .([4‬وفي لف ٍ‬
‫وقال ابن عباس رضي الله عنهما‪) :‬إن استطعتم أن ل يغدو أحدكم يوم‬
‫الفطر حتى يطعم فليفعل( )]‪.([6‬‬
‫وقال‪) :‬كان الناس يأكلون يوم الفطر قبل أن يخرجوا( )]‪.([7‬‬
‫قال السائب بن يزيد" مضت السنة أن يأكل قبل أن يغدو يوم الفطر" )]‪.([8‬‬
‫ما‪ ،‬منها ‪:‬‬
‫وقد ذكر الفقهاء لذلك حك ً‬

‫‪148‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ن الكل قبل الفطر فيه مبادرة إلى الفطر في يوم العيد‪ ،‬لتظهر مخالفته‬ ‫‪ -1‬أ ّ‬
‫لرمضان‪ ،‬حيث كان تحريم الكل في نهاره‪ ،‬ولو كان لغير المتثال لكل قدر‬
‫الشبع ‪.‬‬
‫ب الكل قبل الصلة‬ ‫ّ‬ ‫استح‬ ‫الصلة‬ ‫قبل‬ ‫تخرج‬ ‫الفطر‬ ‫صدقة‬ ‫كانت‬ ‫لما‬ ‫‪ -2‬وأّنه‬
‫ليشارك المساكين ‪.‬‬
‫مل له القتداء‪ ،‬وإل ّ فبحسب التيسير‪ ،‬ويكون‬ ‫ويكون فطره على تمرات ليك ُ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم‪.‬‬ ‫وتًرا كما ثبت ذلك عن النب ّ‬
‫* مراجع المسألة ‪:‬‬
‫شرح فتح القدير )‪ ،(2/71‬حاشية ابن عابدين )‪ ،(2/168‬مجمع النهر )‬
‫‪ ،(1/172‬المدونة )‪ ،(1/171‬الكافي )‪ ،(1/263‬بداية المجتهد )‪ ،(1/514‬عقد‬
‫الجواهر )‪ ،(1/241‬الم )‪ ،(206 /1‬الحاوي )‪ ،(2/488‬المجموع )‪ ،(5/5‬فتح‬
‫العزيز )‪ ،(5/20‬نهاية المحتاج )‪ ،(2/396‬البيان )‪ ،(2/628‬المعونة )‪،(1/321‬‬
‫شرح الزركشي )‪ ،(2/216‬المقنع )‪ ،(5/322‬المستوعب )‪ ،(3/52‬الفروع )‬
‫‪ ،(2/138‬المغني )‪ ،(3/258‬المحلى )‪ ،(2/89‬نيل الوطار )‪.(3/288‬‬
‫)]‪ ([1‬انظر‪ :‬الوسط لبن المنذر )‪.(4/254‬‬
‫)]‪ ([2‬المدّونة )‪.(1/171‬‬
‫)]‪ ([3‬المغني )‪.(3/258‬‬
‫)]‪ ([4‬أخرجه البخاري )‪.(953‬‬
‫)]‪ ([5‬عّلقه البخاري عن مرجى بن رجاء بصيغة الجزم في العيدين‪ ،‬باب‬
‫الكل يوم الفطر قبل الخروج ) ‪ .(953‬قال الحافظ ابن حجر في هدي‬
‫الساري )ص ‪" :(33‬رواية مرجى بن رجاء عن عبيد الله بن أبي بكر عن أنس‬
‫في أكل التمر وتًرا = وصلها السماعيلي وأبو نعيم‪ ،‬وأصله في مسند أحمد"‪،‬‬
‫وبّين الحافظ وصل هذه اللفظة في تغليق التعليق )‪ ،(2/374‬وأخرجه ابن‬
‫خزيمة في كتاب العيدين‪ ،‬باب استحباب الفطر يوم الفطر على وترٍ من‬
‫التمر )‪ .(1429‬وابن حّبان بنحوه )الحسان ‪/7‬‬
‫‪ (53‬في كتاب الصلة‪ ،‬باب العيدين‪ ،‬ذكر ما ُيستحب للمرء أن يكون أكله‬
‫التمر يوم العيد وتًرا )‪ .(2814‬والحاكم في المستدرك )‪ (1/294‬في العيدين‪،‬‬
‫وقال الحاكم‪" :‬هذا حديث صحيح على شرط مسلم‪ ،‬ولم يخرجاه"‪ ،‬قال‬
‫سن إسناده الشيخ شعيب الرناؤوط في‬ ‫ي‪" :‬على شرط مسلم"‪ .‬وح ّ‬ ‫الذهب ّ‬
‫تحقيقه للحسان )‪.(7/53‬‬
‫)]‪ ([6‬عبد الرزاق )‪ ،(5734‬وابن المنذر )‪.(2111‬‬
‫)]‪ ([7‬عبد الرزاق )‪.(5741‬‬
‫)]‪ ([8‬أخرجه ابن أبي شيبة )‪ ،(2/161‬الستذكار )‪.(7/39‬‬
‫إحياء ليلة العيدين ‪:‬‬
‫يروى في هذا الباب عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله‪)) :‬من أحيا ليلة‬
‫الفطر وليلة الضحى لم يمت قلبه يوم تموت القلوب(()]‪.([1‬‬
‫وقوله‪)) :‬من قام ليلتي العيدين محتسًبا لله لم يمت قلبه يوم تموت‬
‫القلوب(()]‪.([2‬‬

‫)‪(38 /‬‬

‫وقوله‪)) :‬من أحيا ليلتي العيد وليلة النصف من شعبان لم يمت قلبه يوم‬
‫تموت القلوب(()]‪.([3‬‬
‫وكلها ضعيفة ل تقوم بها حجة ‪.‬‬

‫‪149‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ب عدد من أهل العلم إحياء ليلة العيدين استناًدا على هذه‬ ‫وقد استح ّ‬
‫الحاديث‪.‬‬
‫قال الشافعي‪" :‬وأنا أستحب كل ما حكيت في هذه الليالي من غير أن يكون‬
‫فرضًا" )]‪.([4‬‬
‫وقيام الليل في الجملة صحيح ثابت فيشرع ليلة العيد‪ ،‬ولكن إحياء الليل كله‬
‫ل يستحب بل يكره‪ ،‬لنه يؤثر على بقية الواجبات ‪.‬‬
‫ولنه لم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أحيا ليله إل في العشر‬
‫الواخر من رمضان ‪.‬‬
‫والله تعالى أعلم‪.‬‬
‫* مراجع المسألة ‪:‬‬
‫حاشية الزرقاني )‪ ،(2/74‬المبدع )‪ ،(2/26‬حاشية الدسوقي )‪،(1/398‬‬
‫مواهب الجليل )‪ ،(2/193‬الم )‪ ،(1/204‬فتح العزيز )‪ ،(5/19‬المجموع )‬
‫‪ ،(5/42‬نهاية المحتاج )‪ ،(2/397‬روضة )‪.(2/75‬‬
‫)]‪ ([1‬الطبراني في الوسط )‪ ،(1/57‬من حديث عبادة بن الصامت‪ ،‬وأحال‬
‫ضا ] المجمع ‪ [ 2/198‬وقال‪" :‬فيه عمر بن هارون‬ ‫الهيثمي إلى الكبير أي ً‬
‫البلخي‪ ،‬والغالب على الضعف‪ ،‬وأثنى عليه ابن مهدي وغيره‪ ،‬ولكن ضعفه‬
‫جماعة كثيرة‪ ،‬والله أعلم" ‪.‬‬
‫)]‪ ([2‬الشافعي في الم )‪ ،(1/204‬والبيهقي في الكبرى )‪ ،(3/319‬من‬
‫حديث أبي الدرداء رضي الله عنه‪ ،‬وفيه إبراهيم محمد متروك ‪ .‬وأخرجه ابن‬
‫ماجه )‪ ،(1782‬من حديث أبي أمامة‪ ،‬وفيه عنعنة بقية بن الوليد ‪.‬‬
‫)]‪ ([3‬أخرجه ابن عدي في الكامل )‪(5/372‬من حديث كردوس‪ ،‬وقال‪" :‬وهذا‬
‫ن راويه عن ابن كردوس‪ ،‬مروان بن سالم متروك‬ ‫حديث منكر مرسل"‪ ،‬ل ّ‬
‫متهم بالكذب ] الصابة ‪.[5/580‬‬
‫)]‪ ([4‬الم )‪.(1/204‬‬
‫التكبير في العيدين‬
‫حكم التكبير ليلة العيدين ‪:‬‬
‫مة أهل العلم التكبير ليلة العيدين )]‪.([1‬‬ ‫ب عا ّ‬ ‫استح ّ‬
‫وأوجبه داود الظاهري)]‪.([2‬‬
‫ض‪ ،‬وهو في ليلة عيد الضحى‬ ‫م‪" :‬والتكبير ليلة عيد الفطر فر ٌ‬ ‫وقال ابن حز ٍ‬
‫ن{‪،‬‬ ‫رو‬
‫ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫ْ‬
‫ش‬ ‫ت‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫ك‬‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ع‬‫َ‬
‫َ َ َ ْ َ َ ْ َ‬ ‫ل‬‫و‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫ك‬‫دا‬ ‫ه‬ ‫ما‬ ‫لى‬‫َ‬ ‫ع‬
‫َ َ‬‫ه‬‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫ْ‬ ‫ا‬ ‫رو‬ ‫ب‬‫َ‬ ‫ك‬
‫َُِ ُّ‬ ‫ت‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫}‬ ‫تعالى‪:‬‬ ‫ن‪ ،‬قال‬ ‫حس ٌ‬
‫فبإكمال عدة صوم رمضان وجب التكبير‪ ،‬ويجزئ من ذلك تكبيرة")]‪.([3‬‬
‫فصل‪:‬‬
‫واستثنى بعض أهل العلم المحرم في ليلة المزدلفة‪ ،‬قالوا ذكره فيها التلبية‪،‬‬
‫ل التكبير ‪.‬‬
‫ج ليلة الضحى‪ ،‬وإّنما ذِك ُْره التلبية" )]‬ ‫ي‪" :‬ويستثنى من ذلك الحا ّ‬ ‫قال الرافع ّ‬
‫‪.([4‬‬
‫ن هناك أحاديث ثابتة دلت على جواز الجمع بين التكبير والتلبية‪ ،‬فعن‬ ‫غيره أ ّ‬
‫ت مع رسول الله صلى الله‬ ‫عبد الله بن مسعود رضي الله عنه‪ ،‬قال‪ :‬خرج ُ‬
‫ّ‬
‫عليه وسلم‪ ،‬فما ترك التلبية حتى رمى جمرة العقبة‪ ،‬إل أن يخلطها بتهليل أو‬
‫تكبير )]‪.([5‬‬
‫وعن ابن عمر قال‪ :‬غدونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من منى إلى‬
‫عرفات‪ ،‬مّنا الملبي‪ ،‬ومنا المكبر)]‪.([6‬‬
‫ففي هذان الحديثان دليل على أّنهم كانوا يجمعون التكبير مع التلبية إلى أن‬
‫يقطعوا التلبية برمي الجمرة‪ ،‬فيفردون التكبير سائر أيام التشريق‪ ،‬فل وجه‬

‫‪150‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫لستثناء المحرم‪ ،‬والله أعلم ‪.‬‬


‫* مراجع المسألة ‪:‬‬
‫شرح الزركشي )‪ ،(2/214‬المقنع والشرح الكبير والنصاف )‪،(5/366‬‬
‫المغني )‪ ،(3/255‬المجموع )‪ ،(5/41‬المعونة للمالكية )‪ ،(1/322‬الحاوي )‬
‫‪ ،(2/484‬فتح العزيز )‪ ،(14 ،5/11‬نهاية المحتاج )‪(2/39‬روضة )‪ ،(2/75‬ابن‬
‫عابدين )‪ ،(179 ،2/177‬حلية العلماء )‪ ،(2/311‬الجواهر )‪(1/242‬الذخيرة )‬
‫‪ ،(2/418‬المحلى )‪.(5/89‬‬
‫)]‪ ([1‬حاشية ابن عابدين )‪ ،(2/176‬والمعونة )‪ ،(1/322‬والمجموع )‪،(5/41‬‬
‫والمغني )‪.(3/255‬‬
‫)]‪ ([2‬انظر‪ :‬حلية العلماء )‪ ،(2/311‬والمجموع )‪.(5/41‬‬
‫)]‪ ([3‬المحلى )‪.(5/89‬‬
‫)]‪ ([4‬فتح العزيز )‪.(5/18‬‬
‫ج‪ ،‬باب التكبير‬
‫)]‪ ([5‬أخرجه أحمد )‪ ،(1/418‬وصححه ابن خزيمة في الح ّ‬
‫والتلبية والتهليل في الغدو من منى إلى عرفة )‪.(2806‬‬
‫)]‪ ([6‬مسلم )‪.(272‬‬

‫)‪(39 /‬‬

‫ل الوفي !‬‫خ ّ‬
‫العيد والحب ‪ ..‬وال ِ‬
‫الكاتب‪ :‬الشيخ د‪ .‬مسفر بن علي القحطاني‬
‫مشاعر العيد في قلب المؤمن عادة ما تكون صادقة وجّياشة ‪ ,‬لنها امتثال‬
‫تعبدي لمر الله بالشكر على نعمه ومننه‪.‬‬
‫والعيد في كل أعراف الشعوب والمجتمعات طابعه الفرح والتجديد وكسر‬
‫اللف المعهود في الحياة ؛ لذلك فهو يتميز بطقوس خاصة و احتفالت بهيجة‬
‫وتواصل اجتماعي وأطعمة وألبسة مختلفة عما يجري طيلة العام ‪ .‬وأمة‬
‫شرع لها الحتفاء بالعيد كان تتميما ً لمقاصده العالية الصالحة‬ ‫السلم لما ُ‬
‫للفرد والمجتمع والمتسقة مع فطرة النسان وميوله الطبيعية‪ ,‬ولعل من آكد‬
‫هذه المعاني ؛ تجديد الفرح في نفوس المسلمين بعد انتهائهم من دورة‬
‫الصيام التربوية والروحية ]في عيد الفطر المبارك[ فيفرح الصائم عند الفطر‬
‫وُيشرك الفقير في الفرحة بزكاة الفطر‪ ,‬ليعلم الجميع أن في ديننا فسحة‬
‫وفرح كما أن فيه اجتهاد و صبر وكلها من أنواع العبودية لله سبحانه وتعالى‪.‬‬
‫]وفي عيد الضحى بمناسبة الوقوف بعرفة بين يدي الرحيم الرحمن الكريم‬
‫المنان غافر الذنوب لعباده في ذلك الموقف الجليل وبعد المبيت في المشعر‬
‫الحرام والتبتل بين يدي العزيز الغفار ولذلك يصاحب هذا العيد النحر تقربا ً‬
‫إلى الله عزوجل بما رزقهم من بهيمة النعام وتوسعة على الهل والمحتاجين‬
‫ومن هنا كان المستحب أن يتصدق بثلث الضحية لتتم الفرحة للموجدين‬
‫والمعدمين الذين ل مال لهم[‬
‫جمعت في هذا العنوان ؟‬ ‫والعيد والحب ‪ ..‬ما العلقة بينهما ولما ُ‬
‫ل الوفي " لن‬ ‫خ ّ‬
‫ولكي أجيب عن هذا التساؤل ضممت لعنوان المقال "وال ِ‬
‫أذهاننا عند التفكير والنظر في المور تتعامل مع الشياء من خلل ظواهرها‬
‫المحسوسة دون التأمل العميق والفهم الدقيق لمقاصد الشرع من العبادات‬
‫كلها؛ فنرى الشرع بمنظار بسيط يجعل من المستحيل أن تأتي العبادات‬
‫مي تلك الحاجات التي ل‬ ‫بمقاصد نفسية وعاطفية تمل القلب حبا ً وفرحا ً ‪ ,‬فتن ّ‬
‫غنى للنسان عنها مهما كان طبعه وجنسه ‪ ,‬فأصبح استخراج تلك المعاني‬

‫‪151‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الحميمة من الطاعات البدنية كاستحالت العرب ‪-‬في المشهور عنهم‪ -‬للغول‬


‫ل الوفي ‪..‬‬ ‫خ ّ‬
‫والعنقاء وال ِ‬
‫والعيد بأحكامه ومقاصده يغرس في أعماق القلب معاني الحب الصادق لله‬
‫عز وجل وحب المخلوقين سواء كانوا أهله أو أصحابه أو إخوانه في الدين ‪..‬‬
‫فلو تأملنا في أعيادنا السلمية لوجدنا أنها تأتي بعد أداء عبادات موسمية‬
‫تزخر بكرم الرحمن وجوده في مضاعفة الجور والثواب؛ كالصيام والقيام‬
‫والزكاة وحج البيت الحرام‪ ,‬فتختلط في القلب مشاعر الشكر والصبر‬
‫مي اليمان ‪ ,‬يجد العبد‬ ‫طهر القلب وين ّ‬ ‫والرجاء بموعود الله وتنقلب إلى حب ي ّ‬
‫فيها من الحلوة واللذة ما ُيذهب تعب الداء وجهد العمل ‪ ,‬لهذا ُيستغرب أن‬
‫يعود العبد بعد تلك المواسم الفاضلة إلى المعاصي والذنوب وقد تعلق قلبه‬
‫بنفحات الرحيم وكرم الرحمن وهداياه الجزيلة‪..‬‬
‫كما أن العيد يذكي ويجدد ما برد أو فتر من العلقات السرية بين الزوجين أو‬
‫مل باللباس والتوسعة عليهم في هذا اليوم بالهدايا والعطايا‬ ‫الولد بالتج ّ‬
‫واللهو المباح وهذه من أهم مدعمات الحب العائلي‪ ,‬وهي سّنة ذكرها أكثر‬
‫الفقهاء عند حديثهم عن سنن العيد وآدابه‪ ,‬ولنا في نبي الرحمة ‪-‬عليه الصلة‬
‫والسلم‪ -‬أسوة حسنة ‪ ,‬فهاهو يسمح لعائشة أن تشارك في لهو بريء مع‬
‫ُبنّيات يغنين والنبي ‪-‬علية الصلة والسلم‪ -‬بينهم يسمع حتى إذا دخل أبو بكر‬
‫وانتهرهما وقال ‪ ":‬أمزمور الشيطان في بيت رسول الله ‪-‬صلى الله عليه‬
‫وسلم‪-‬؟"‪,‬كشف النبي صلى الله عليه وسلم عن وجهه وكان بينهما قد تغشى‬
‫بثوبه فقال ‪" :‬دعهما يا أبا بكر فإنها أيام عيد" ] أخرجه البخاري [ ‪ .‬وقد ثبت‬
‫أيضا ً في السّنة عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت ‪ " :‬وكان يوم عيد‪،‬‬
‫ما سألت النبي ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪، -‬‬ ‫درق والحراب ‪ ،‬فإ ّ‬‫سودان بال ّ‬ ‫يلعب ال ّ‬
‫ده وهو‬ ‫دي على خ ّ‬ ‫وإما قال ‪ :‬تشتهين تنظرين ‪ .‬فقلت‪ :‬نعم‪ ،‬فأقامني وراءه خ ّ‬
‫يقول‪ :‬دونكم يا بني أرفدة ‪ .‬حتى إذا مللت قال‪ :‬حسبك ؟‪ .‬قلت‪ :‬نعم‪ .‬قال‪:‬‬
‫فاذهبي " ] أخرجه البخاري [‪.‬‬
‫وفي رواية لمسلم قالت رضي الله عنها‪ " :‬لقد رأيت رسول الله ‪-‬صلى الله‬
‫عليه وسلم‪ -‬يسترني بردائه لكي أنظر إلى لعبهم ‪ ،‬ثم يقوم من أجلي حتى‬
‫ة على اللهو‬ ‫أكون أنا التي انصرف ‪ ،‬فاقدروا قدر الجارية الحديثة السن حريص ً‬
‫"‪.‬‬
‫إن هذه الفعال المباحة من اللهو والمرح وكل ما يبعث على الفرح في‬
‫النفوس ويؤنس القلوب ليست مهمشة في تعاليم شرعنا الحنيف أو مما‬
‫سره!‪ ,‬فالسّنة في ذلك ثابتة عن‬ ‫يأنف منها الصالحون ‪-‬كما يحلو للبعض أن ُيف ّ‬
‫النبي ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬ومن رغب عن سنته فليس منه ‪.‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫وليس حال الصحاب و الرحام ببعيد عن مشاعر الحب التي يسقيها العيد‬
‫في القلوب من الترغيب في الزيارة والتواصل‪ ,‬والتهنئة بالتوفيق للصيام‬
‫حّرم الصوم الذي يمنع من المشاركة‬ ‫والقيام‪ ,‬والدعاء بالقبول‪ ,‬ولذلك ُ‬
‫الكاملة في أفراح العيد ‪,‬كما ل ُيحرم الفقير بالنزواء عن الناس بسبب فقره؛‬
‫بل يجب إعطائه من الطعام وإغناؤه عن السؤال لتتحقق العدالة في الفرح‬
‫والسرور‪.‬‬
‫ومهما كتبت عن مشاعر الحب التي يذكي لهيبها العيد فلن توفي الكلمات‬
‫في إدراك تلك المعاني الباطنة ‪ ,‬لكن استشعار العبد لها وهو يمارس أحكامها‬

‫‪152‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وآدابها سيغرقه في فيوض العظمة ومنن الرحمة لعلها تسقي أراضي اليباب‬
‫التي سكنت أنفس الكثير منا بسبب جفاف التعامل‪ ,‬وماديات العلقة وتغييب‬
‫مقاصد الشرع النفسية والعاطفية‪.‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫ب‬ ‫َ‬
‫ج ْ‬ ‫س في َر َ‬ ‫ث الّنا ُ‬ ‫حد َ َ‬ ‫ب مما أ ْ‬ ‫ج ْ‬ ‫العَ َ‬
‫سلم على من ل نبي بعده‪ ،‬سّيدنا محمد وعلى‬ ‫صلة وال ّ‬ ‫الحمد لله وحده‪ ،‬وال ّ‬
‫آله وصحبه؛ وبعد‪:‬‬
‫حُرم ِ التي‬ ‫ن شهر رجب من الشهر ال ُ‬ ‫فمن المعلوم عند جميع المسلمين أ ّ‬
‫شَر شهرا في كتاب الله يوم‬ ‫ً‬ ‫شهورِ عند الله اثنا عَ َ‬ ‫ن عد ّةَ ال ّ‬ ‫قال الله فيها ‪) :‬إ ّ‬
‫ن‬
‫موا فيه ّ‬ ‫ْ‬
‫قّيم فل تظل ِ ُ‬ ‫دين ال َ‬ ‫م ذلك ال ّ‬ ‫حُر ٌ‬ ‫ض منها أرْبعة ُ‬ ‫ت والر َ‬ ‫سموا ِ‬ ‫خل َقَ ال ّ‬ ‫َ‬
‫م(‪] .‬التوبة‪.[36 :‬‬ ‫سك ْ‬ ‫ف َ‬ ‫أ َن ْ ُ‬
‫جة الوداع‬ ‫ي صلى الله عليه وسلم خطب في ح ّ‬ ‫ن الّنب ّ‬ ‫وثبت في "الصحيحين" أ ّ‬
‫ن الّزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات‬ ‫فقال في خطبته‪) :‬إ ّ‬
‫م‪ ،‬ثلثة متواليات‪ :‬ذو القعدة‪،‬‬ ‫حُر ٌ‬ ‫ً‬
‫والرض‪ ،‬السنة اثنا عشر شهرا‪ ،‬منها أربعة ُ‬
‫جة‪ ،‬والمحّرم‪ ،‬ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان(‪.‬‬ ‫وذو الح ّ‬
‫حُرما؟ً‬ ‫ميت هذه الشهر الربعة ُ‬ ‫س ّ‬ ‫م ُ‬ ‫لِ َ‬
‫ذنب‬ ‫حُرمًا‪ ،‬فقيل‪ :‬لعظم حرمتها وحرمة ال ّ‬ ‫ُ‬ ‫الشهر‬ ‫هذه‬ ‫ميت‬ ‫ّ‬ ‫س‬ ‫م‬‫ِ َ‬ ‫ل‬ ‫اختلفوا‬ ‫وقد‬
‫فيها‪.‬‬
‫حُرما ً‬‫ن ُ‬
‫ص الله أربعة أشهر جعله ّ‬ ‫قال ابن أبي طلحة عن ابن عباس‪ :‬اخت ّ‬
‫ن أعظم‪ ،‬وجعل العمل الصالح والجر‬ ‫ذنب فيه ّ‬ ‫ن‪ ،‬وجعل ال ّ‬ ‫حُرماته ّ‬ ‫ظم ُ‬ ‫وع ّ‬
‫أعظم‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬بتحريم القتال فيها‪.‬‬
‫جبًا؟‬ ‫ب َر َ‬ ‫ج ٌ‬ ‫مي َر َ‬ ‫س ّ‬ ‫م ُ‬ ‫لِ َ‬
‫قال ابن رجب الحنبلي ‪ -‬رحمه الله تعالى ‪:-‬‬
‫ن موله‪ ،‬أي‬ ‫ب فل ٌ‬ ‫ج َ‬‫ظم‪ُ ،‬يقال‪َ :‬ر َ‬ ‫ب رجبًا؛ لنه كان يرجب‪ ،‬أي ُيع ّ‬ ‫مي رج ٌ‬ ‫س ّ‬
‫عظمه‪.‬‬ ‫ّ‬
‫جب للّتسبيح والّتحميد فيه؛ والحديث الوارد فيه موضع‪.‬‬ ‫ن الملئكة تتر ّ‬ ‫وقيل‪ :‬ل ّ‬
‫ً‬
‫ن لشهر رجب أربعة عشر اسما‪ ،‬هي‪ ) :‬شهر‬ ‫اهـ كلمه بمعناه‪ .‬وذكر بعضهم أ ّ‬
‫ب ‪ -‬منفس ‪ -‬مطهر‬ ‫م ‪ -‬الص ّ‬ ‫الله ‪ -‬رجب ‪ -‬رجب مضر ‪ -‬منصل السّنة ‪ -‬الص ّ‬
‫‪ -‬معلى ‪ -‬مقيم ‪ -‬هرم ‪ -‬مقشقش ‪ -‬مبرىء ‪ -‬فرد (‪.‬‬
‫تعظيم أهل الجاهلية لشهر رجب‬
‫ضر‪ ،‬ولذا جاء في‬ ‫م َ‬ ‫ظمون هذا الشهر‪ ،‬خصوصا ً قبيلة ُ‬ ‫ولقد كان الجاهليون ُيع ّ‬
‫ضر( ‪ ،‬قال ابن الثير في "النهاية" ‪) :‬أضاف رجبا ً‬ ‫م َ‬‫الحديث كما سبق‪) :‬رجب ُ‬
‫صوا به(‪.‬‬ ‫ظمونه خلف غيرهم‪ ،‬فكأنهم اخت ّ‬ ‫إلى مضر؛ لنهم كانوا ُيع ّ‬
‫مون الحرب التي تقع في‬ ‫فلقد كانوا ُيحّرمون فيه القتال‪ ،‬حتى أنهم كانوا ُيس ّ‬
‫هذه الشهر )حرب الفجار!!(‪ .‬وكانوا يتحّرون الدعاء في اليوم العاشر منه‬
‫على الظالم‪ ،‬وكان ُيستجاب لهم!‬
‫ن الله كان يصنع بهم‬ ‫وقد ُذكر ذلك لعمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال‪ :‬إ ّ‬
‫ة‬
‫ن الله جعل الساعة موعدهم‪ ،‬والساع ُ‬ ‫ذلك ليحجز بعضهم عن بعض‪ ،‬وإ ّ‬
‫أدهى وأمّر‪.‬‬
‫مى )العَِتيرة(‪ ،‬وهي شاة يذبحونها لصنامهم‪ ،‬فكان‬ ‫ة ُتس ّ‬ ‫‪ -‬وكانوا يذبحون ذبيح ً‬
‫ب الدم على رأسها!‬ ‫ُيص ّ‬

‫‪153‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ن السلم أبطلها‪ ،‬لحديث "الصحيحين" ‪) :‬ل فْرع ول‬ ‫وأكثر العلماء على أ ّ‬
‫عتيرة(‪.‬‬ ‫َ‬
‫وُروي عن النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث أنس بن مالك رضي‬
‫الله عنه قال‪ :‬كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل رجب قال‪:‬‬
‫م بارك لنا في رجب وشعبان وبّلغنا رمضان( ‪ .‬وإسناده ضعيف‪.‬‬ ‫)الّله ّ‬
‫سقي للزرع‪،‬‬ ‫قال بعض السلف‪ :‬شهر رجب شهر الزرع‪ ،‬وشعبان شهر ال ّ‬
‫وشهر رمضان حصاد الزرع‪.‬‬
‫جميع ما أحدث الّناس في رجب من البدع المنكرة‬
‫ً‬
‫ن الناس قد أحدثوا في شهر رجب بدعا كثيرة ً لم ينزل الله بها‬ ‫ومن العجيب أ ّ‬
‫من سلطان‪ ،‬وهذه البدع التي سأذكرها نّبه عليها أئمة السلم وعلماؤه‪،‬‬
‫كشيخ السلم ابن تيمية‪ ،‬وابن القّيم‪ ،‬والشاطبي‪ ،‬وابن رجب الحنبلي‪،‬‬
‫والطرطوشي‪ ،‬وابن حجر‪.‬‬
‫شقيري‪ ،‬والشيخ ابن باز‪ ،‬واللباني‬ ‫ومن المعاصرين‪ :‬الشيخ علي محفوظ‪ ،‬وال ّ‬
‫‪ -‬رحمهم الله‪ -‬والُعثيمين‪ ،‬والفوزان ‪ -‬حفظهما الله ‪.-‬‬
‫وجميع ما سأذكره في مقالتي ‪ -‬أيها القاريء النبيل ‪ -‬من باب قول الشاعر‪:‬‬
‫شر‬‫شّر ل لل ّ‬ ‫ت ال ّ‬ ‫عرفْ ُ‬ ‫َ‬
‫شّر‬‫ف ال ّ‬‫ن ل ي َعْرِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫وَ َ‬
‫ن ل ِت َوَّقي ِ‬
‫ه‬ ‫لك ْ‬
‫ن يقعْ فيه‬ ‫ديٌر أ ْ‬ ‫ج ِ‬ ‫َ‬
‫صلة‪ ،‬وهي عندهم على أنواع‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫ال‬ ‫رجب‬ ‫في‬ ‫ناس‬‫ّ‬ ‫ال‬ ‫ابتدع‬ ‫ما‬ ‫أوائل‬ ‫ومن‬ ‫ً‬
‫ل‪:‬‬ ‫أو‬
‫صلة اللفية(‪ ،‬وهي ُتصّلى في أول يوم من رجب‪ ،‬وفي‬ ‫مى بـ )ال ّ‬ ‫منها ما ُيس ّ‬
‫نصف شعبان‪ ،‬وهي غير صلة الرغائب كما سيأتي‪.‬‬
‫م داود‪ ،‬وهي ُتصّلى في نصف رجب؛ ذكرها شيخ السلم في « اقتضاء‬ ‫ُ‬
‫صلة أ ّ‬
‫الصراط المستقيم» )ص ‪.(293‬‬
‫ّ‬
‫صلة الثنى عشرية(‪ ،‬وهي ُتصلى في أول‬ ‫ميها البعض )ال ّ‬ ‫صلة الّرغائب‪ ،‬وُيس ّ‬
‫ليلة جمعة بعد العشاء‪ ،‬وقيل‪ :‬بين العشائين‪ .‬وهي اثنتي عشرة ركعة‪ُ ،‬يقرأ‬
‫ل ركعة فاتحة الكتاب مرة و )إ ِّنا َأنزلناه في ليلة القدر( ثلثًا‪ ،‬و)قل هو‬ ‫في ك ّ‬
‫ّ‬
‫الله أحد(؛ اثنى عشر مرة‪ ،‬يفصل بين كل ركعتين بتسليمة‪ .‬وهي صلة محدثة‬
‫ُأحدثت بعد المائة الرابعة‪.‬‬
‫قال ابن رجب في "لطائف المعارف" )ص ‪:(140‬‬
‫ص به‪،‬‬‫ح في شهر رجب صلة مخصوصة تخت ّ‬ ‫) … فأما الصلة فلم يص ّ‬
‫والحاديث المروية في فضل صلة الّرغائب في أول ليلة جمعة من شهر‬
‫ح (‪.‬‬‫رجب كذب وباطل ل تص ّ‬
‫صيام‪ ،‬وهم فيه على أصناف‪:‬‬ ‫ثانيًا‪ :‬ومما أحدث الّناس في رجب ال ّ‬

‫)‪(1 /‬‬

‫فمنهم من يحرص على صيام اليوم الول والثاني والثالث منه‪ ،‬ويروون في‬
‫ذلك الحاديث الموضوعة‪ ،‬كحديث‪) :‬من صام ثلثة أيام من شهرٍ حرام ٍ‬
‫الخميس والجمعة والسبت كتب الله له عبادة تسعمائة سنة(‪ .‬وفي لفظ‪:‬‬
‫)ستين سنة(‪ .‬وحديث‪) :‬صوم أول يوم من رجب كفارة ثلث سنين‪ ،‬والثاني‬
‫ل يوم شهرًا( وحديث‪) :‬رجب شهر الله‪ ،‬وشعبان شهري‪،‬‬ ‫كفارة سنتين‪ ،‬ثم ك ّ‬
‫ل ذلك كذب مصنوع‪.‬‬‫متي(‪ .‬وك ّ‬ ‫ُ‬
‫ورمضان شهر أ ّ‬
‫ومنهم من يصوم اليوم السابع منه فقط‪ ،‬وُيصّلي صلة الّرغائب في تلك‬

‫‪154‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الليلة‪.‬‬
‫ققون من أهل العلم‬ ‫قال شيخ السلم ابن تيمية‪ ) :‬والصواب الذي عليه المح ّ‬
‫ّ‬
‫النهي عن إفراد هذا اليوم بالصوم‪ ،‬وعن الصلة المحدثة‪ ،‬وعن كل ما فيه‬
‫تعظيم لهذا اليوم من صنعة الطعمة‪ ،‬وإظهار الزينة ونحو ذلك (‪.‬‬
‫ح في‬ ‫صيام فلم يص ّ‬ ‫ومنهم من يصوم الشهر كّله‪ .‬قال ابن رجب‪ ) :‬وأما ال ّ‬
‫فضل صوم رجب بخصوصه شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم ول عن‬
‫أصحابه ( اهـ‪.‬‬
‫سلف أنهم كانوا ينهون عن صيام رجب كام ً‬
‫ل‪.‬‬ ‫وجاء عن ال ّ‬
‫ف الّرجال‬ ‫فقد ُروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه كان يضرب أك ّ‬
‫ً‬
‫ن رجبا كان‬ ‫في صوم رجب حتى يضعونها في الطعام ويقول ‪) :‬ما رجب؟! إ ّ‬
‫ظمه أهل الجاهلية‪ ،‬فلما كان السلم ت ُرِ َ‬
‫ك(‪.‬‬ ‫ُيع ّ‬
‫سّنة‪.‬‬‫وفي رواية‪ :‬كره أن يكون صيامه ُ‬
‫ّ‬
‫وجاء عن ابن عباس رضي الله عنهما‪ ،‬أنه كان ينهى عن صيام رجب كله‪.‬‬
‫وعن أبي بكرة رضي الله عنه أنه رأى أهله يتهيأون لصيام رجب‪ ،‬فقال لهم‪:‬‬
‫كيزان(‪ .‬وعن ابن عمر‬ ‫سلل‪ ،‬وكسر ال ِ‬ ‫)أجعلتم رجب كرمضان! وألقى ال ّ‬
‫ً‬
‫رضي الله عنهما أنه كان يرى أن يفطر منه أياما‪ ،‬وكرهه أنس بن مالك‬
‫وسعيد بن جبير‪ ،‬وغيرهم‪.‬‬
‫قال الحافظ ابن حجر في "تبيين العجب بما ورد في فضل رجب" ‪:‬‬
‫)لم يرد في فضل شهر رجب ول في صيامه‪ ،‬ول صيام شيء منه معّين‪ ،‬ول‬
‫جة(‪.‬‬
‫ح ّ‬
‫في قيام ليلة مخصوصة فيه حديث صحيح يصلح لل ُ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم في هذا الشهر‪.‬‬ ‫ثالثًا‪ :‬زيارة قبر الّنب ّ‬
‫ل السنة‪،‬‬ ‫وزيارة مسجد النبي صلى الله عليه وسلم وقبره مشروع في ك ّ‬
‫قُربات والطاعات؛ ولكن تخصيصها بهذا الشهر من البدع‬ ‫وهي من جملة ال ُ‬
‫التي لم يرد عليها دليل‪ ،‬فتخصيص عبادة بوقت لم ُيوّقته الله ول رسوله من‬
‫البدع المحّرمة؛ فتنّبه! وقد ذكره الشيخ اللباني في "أحكام الجنائز وبدعها"‪.‬‬
‫رابعًا‪ :‬الحتفال بليلة السراء والمعراج في ليلة السابع والعشرين منه‪،‬‬
‫وقراءة قصة المعراج‪ ،‬وإطعام الطعمة والولئم‪.‬‬
‫وهذا مما أحدثه الناس في هذا الشهر وهو من البدع المنكرة‪ ،‬فيقرأون في‬
‫ليلة السابع والعشرين منه قصة المعراج المنسوبة إلى ابن عباس‪ ،‬وكّلها‬
‫أكاذيب وأضاليل‪.‬‬
‫وهذا الحتفال بدعة ول يجوز‪ ،‬وذلك من وجوه‪:‬‬
‫ن أهل العلم مختلفون في تحديد تاريخ وقوع هذه الحادثة العظيمة‬ ‫الول‪ :‬أ ّ‬
‫اختلفا ً كبيرًا‪ ،‬ولم يقم دليل على تعيين ليلته التي وقع فيها‪ ،‬ول على الشهر‬
‫الذي وقع فيه‪.‬‬
‫صصها‬ ‫ن ُنخ ّ‬ ‫الثاني‪ :‬لو ثبت تعيين تلك الليلة لم يجْز لنا أن نحتفل فيها‪ ،‬ول أ ْ‬
‫بشيء لم يشرعه الله ول رسوله‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬أنه يحصل في تلك الليلة وذلك الحتفال أموٌر منكرة‪ .‬قال بعض أهل‬
‫العلم ‪) :‬وقد تفّنن الناس بما يأتونه في هذه الليلة من المنكرات‪ ،‬وأحدثوا‬
‫شموع‬ ‫ة‪ ،‬كالجتماع في المساجد وإيقاد ال ّ‬ ‫فيها من أنواع البدع ضروبا ً كثير ً‬
‫والمصابيح فيها(‪.‬‬
‫ً‬
‫وأود ّ في هذه العجالة أن أسوق للقاريء الكريم كلما نفيسا لسماحة المفتي‬
‫العام للمملكة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ‪ -‬رحمه الله تعالى ‪ -‬حول‬
‫هذه المسألة‪.‬‬
‫ت في‬ ‫ِ‬ ‫يأ‬ ‫لم‬ ‫والمعراج‬ ‫السراء‬ ‫فيها‬ ‫حصل‬ ‫التي‬ ‫الليلة‬ ‫)وهذه‬ ‫الله‪:‬‬ ‫قال رحمه‬

‫‪155‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ل ما ورد في تعيينها‬ ‫الحاديث الصحيحة تعيينها‪ ،‬ل في رجب ول في غيره‪ ،‬وك ّ‬


‫فهو غير ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم عند أهل العلم بالحديث(‪.‬‬
‫وحول الحكمة اللهية من عدم تعيين ومعرفة تلك الليلة بعينها‪ ،‬يقول الشيخ‪:‬‬
‫)ولله الحكمة البالغة في إنساء الناس لها‪ ،‬ولو ثبت تعيينها لم يجْز للمسلمين‬
‫ن النبي صلى‬ ‫صوها بشيء من العبادات‪ ،‬ولم يجْز لهم أن يحتفلوا بها؛ ل ّ‬ ‫أن يخ ّ‬
‫صوها بشيء‪،‬‬ ‫الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم لم يحتفلوا بها ولم يخ ّ‬
‫ولو كان الحتفال بها أمرا ً مشروعا ً لبّينه الّرسول صلى الله عليه وسلم‬
‫ه‬ ‫ف واشتهر‪ ،‬ول َن َ َ‬ ‫ُ‬
‫قل ُ‬ ‫مة‪ ،‬إما بالقول‪ ،‬وإما بالفعل‪ ،‬ولو وقع شيء من ذلك لُعر َ‬ ‫لل ّ‬
‫الصحابة رضي الله عنهم إلينا‪ ،‬فقد نقلوا عن نبّيهم صلى الله عليه وسلم ك ّ‬
‫ل‬
‫مة‪ ،‬ولم ُيفّرطوا في شيء من الدين‪ ،‬بل هم السابقون إلى‬ ‫ُ‬
‫شيء تحتاجه ال ّ‬
‫ل خير‪ ،‬ولو كان الحتفال بهذه الليلة مشروعا ً لكانوا أسبق إليه …( إلخ‬ ‫ك ّ‬
‫كلمه رحمه الله‪.‬‬
‫دين وتغييٌر للملة؛ فهي آصاٌر‬ ‫ث في ال ّ‬ ‫حد َ ٌ‬
‫ن البدع مع أنها َ‬ ‫وخلصة القول‪ :‬أ ّ‬
‫ل ُتضاع فيها الوقات‪ ،‬وُتنفق فيها الموال‪ ،‬وت ُْتعب فيها الجساد!!‬ ‫وأغل ٌ‬
‫ولحول ول قوة إل بالله‪.‬‬
‫وصدق من قال‪:‬‬
‫ف‬‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫خ‬ ‫ن‬ ‫م‬
‫ِ َ ْ‬ ‫ع‬ ‫ابتدا‬ ‫في‬ ‫ر‬‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ش‬ ‫وال‬ ‫ف‬ ‫َ‬
‫خي ُْر في اّتباع َ ْ َ ْ‬
‫ل‬ ‫س‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫وال َ‬

‫)‪(2 /‬‬

‫رزق الله الجميع الخلص في عبادته‪ ،‬واّتباع سّنة نبّيه صلى الله عليه وسلم ‪،‬‬
‫والموت على ذلك‪ .‬وصلى الله على سّيدنا محمد‪ ،‬وعلى آله وصحبه أجمعين‪.‬‬
‫كتبه‬
‫خالد بن أحمد بابطين‬

‫)‪(3 /‬‬

‫جوَزان‬
‫العَ ُ‬
‫أغلق الشيخ الباب فتنفس أهل الدار الصعداء‪ .‬وأفاقوا إفاقة من يودع الحلم‬
‫المرعب‪ ،‬أو الكابوس الثقيل‪ ،‬ثم انفجروا يصيحون‪ ،‬يفرغون ما اجتمع في‬
‫حلوقهم من الكلمات التي حبسها وجود الشيخ فلم ينبسوا بها‪ ،‬وانطلقوا في‬
‫أرجاء الدار الواسعة‪ .‬والولد )صغار أولد الشيخ وأحفاده ( يتراكضون‬
‫ويتراشقون بما تقع عليه أيديهم من أثاث الدار‪ ،‬ويتراشون بالماء‪ ،‬أو يدفع‬
‫بعضهم بعضا في البركة الكبيرة التي تتوسط صحن الدار‪ ،‬فيغوص الولد في‬
‫أمواهها‪ ،‬فتعدو إليه أمه أو من تكون على مقربة منه فتخرجه من بين قهقهة‬
‫الصغار وهتافهم وتقبل عليه لتنضو عنه ثيابه وتجفف جسده خشية المرض‪،‬‬
‫فإذا هو يتفلت من بين يديها‪ ،‬ثم يركض وراء إخوته وأبناء عمه ليأخذ منهم‬
‫بالثأر‪ ،‬والماء ينقط من ثيابه على أرض الدار المفروشة بالرخام البيض‬
‫والمرمر الصافي التي أنفقت السرة ساعات الصباح كلها في غسل رخامها‬
‫ومسحه بالسفنج‪ ،‬حتى أضحى كالمرايا المجلوة أو هو أسنى… وعلى‬
‫السجاد الثمين الذي يفرش القاعات الكثيرة والمخادع‪ ،‬وهم ينتقلون من‬
‫غرفة إلى غرفة‪ ،‬ومن درج إلى درج‪ ،‬ويفسدون ما يمرون به من الغراس‬
‫التي لم تكن تخلو من مثلها دار في دمشق‪ ،‬من البرتقال والليمون والكباد‬
‫والفراسكين والنارنج والترج )الطرنج( وقباب الشمشير والياسمين والورد‬

‫‪156‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫والفل‪ ،‬تتوسط ذلك كله الكرمة )الدالية( التي تتمدد على )سقالة( تظلل‬
‫البركة تحمل العنب )البلدي( الذي يشبه في بياضه وصفائه اللؤلؤ‪ ،‬لول أن‬
‫الحبة الواحدة منه تزن أربع حبات مما يسمى في مصر والعراق عنبا…‬
‫والجدة تعدو وراءهم ما وسعها العدو تصرخ فيهم صراخا يكاد من اللم يقطر‬
‫منه الدم ‪:‬‬
‫))ولك يا ولد أنت وّياه… يقصف عمري منكم… وسختم البيت… يا ضيعة‬
‫ي بالموت حتى أخلص منكم((‬ ‫التعب والهلك… الله يجعل عل ّ‬
‫فيختلط صراخها بصياح الولد‪ ،‬وضحك الضاحكين منهم وبكاء الباكين‪ ،‬وهم‬
‫يتضاربون‪ ،‬ويسقطون ما يعثرون به من الواني والكؤوس… ول يصغي لنداء‬
‫الجدة أحد منهم…‬
‫*********‬
‫ويلبثون على ذلك حتى ينادي المؤذن بالظهر‪ ،‬فتنطفئ عند ذلك شعلة‬
‫حماستهم‪ ،‬وتتخافت أصواتهم ويحسون بدنو ساعة الخطر‪ ،‬فينزوي كل واحد‬
‫منهم في ركن من أركان الدار ينظر في ثيابه يحاول أن يزيل ما علق بها من‬
‫الوساخ‪ ،‬أو أن يصلح ما أفسد منها‪ ،‬كيل يبقى عليه أثر يعلن فعلته‪ ،‬ويتذكرون‬
‫ما هشموا من أثاث المنزل حين عاثوا فيه مخربين‪ ،‬فيجمع كل واحد منهم‬
‫كل ما يقدر عليه من حطام الواني فيلقيه في زاوية الزقاق في غير الطريق‬
‫الذي يمر منه الشيخ‪ ،‬ويرجع النسوة إلى أنفسهن فيسرعن في إعداد الطعام‬
‫وإصلح المنزل‪ .‬وتدور العجوز لتطمئن على أن قبقاب الشيخ في مكانه لم‬
‫يزح عنه شعرة‪ ،‬ل تكل هذه )المهمة( لكنتيها ول لبناتها‪ ،‬لنها لم تنس طعم‬
‫العصي التي ذاقتها منذ أربعين سنة… في ذلك اليوم المشؤوم الذي وقعت‬
‫فيه الكارثة ولم يكن قبقاب الشيخ في مكانه‪ ،‬وضم إليها القدر مصيبة أخرى‬
‫أشد هول وأعظم خطرا‪ ،‬فتأخر صب الطعام عن موعده المقدس )في‬
‫الساعة الثامنة الغروبية( عشر دقائق كاملت…‬
‫وللشيخ حذاء )كندرة( للعمل‪ ،‬وخف )صرماية( للمسجد‪ ،‬و)بابوج( أصفر‬
‫يصعد به الدرج ويمشي به في الدار‪) ،‬وقبقاب( للوضوء‪ ،‬وقد تخالف الشمس‬
‫مجراها فتطاع من حيث تغيب‪ ،‬ول يخالف الشيخ عادته فيذهب إلى المسجد‬
‫بحذاء السوق‪ ،‬أو يتوضأ ببابوج الدرج…‬
‫وتعد العجوز قميص الشيخ ومنديله‪ ،‬وتهيئ )اليقجة( التي تضع فيها ثياب‬
‫السوق بعد أن تساعده على نزعها وتطويها على الطريقة التي ألفتها وسارت‬
‫عليها منذ ستين سنة‪ ،‬من يوم تزوج بها الشيخ وكان في العشرين وكانت هي‬
‫بنت ست عشرة‪ ،‬وهي ل تزال تذكر إلى الن كيف وضع لها أسلوبه في‬
‫الحياة وبين لها ما يحب وما يكره‪ ،‬وعلمها كيف تطوي الثياب وكيف تعد‬
‫القبقاب‪ ،‬كما علمها ما هو أكبر من ذلك وما هو أصغر وحذرها نفسه وخوفها‬
‫غضبه إذا هي أتت شيئا مما نهاها عنه‪ ،‬فأطاعت ولبثت العمر كله وهي‬
‫سعيدة مسعدة طائعة مسرورة لم تخالف إل في ذلك اليوم المشؤوم وقد‬
‫لقيت فيه جزاءها‪ ،‬ونظرت العجوز الساعة فإذا هي منتصف الثامنة‪ ،‬لقد بقي‬
‫نصف ساعة… ففرقت أهل الدار ووزعت عليهم العمال‪ ،‬كما يفرق القائد‬
‫ضباطه وجنده ويلزمهم مواقفهم استعدادا للمعركة‪ ،‬فأمرت بنتها الكبرى‬
‫بإعداد الخوان للطعام‪ ،‬وبعثت الخرى لتمسح أرض الدار التي وسخها الولد‪،‬‬
‫وأمرت كنتيها بتنظيف وجوه الصغار وإبدال ثيابهم حتى ل يراهم الشيخ إل‬
‫نظافا… ثم ذهبت ترد كل شيء إلى مكانه‪ ،‬ولكل شيء في هذا الدار‬
‫الواسعة موضع ل يريمه ول يتزحزح عنه‪ ،‬سنة سنها الشيخ ل تنال منه الغيرة‬
‫ول تبدلها اليام‪ ،‬فهو يحب أن يضع يده على كل شيء في الظلمة أو نور‪ ،‬في‬

‫‪157‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ليل أو نهار‪ ،‬فيلقه في مكانه‪ ،‬ولما اطمأنت العجوز إلى أن كل شيء قد تم‪،‬‬
‫نظرت إلى الساعة فإذا هي دون الموعد بخمس دقائق… فاستعدت وغسلت‬
‫يديها ووجهها ولبست ثوبا نظيفا كعهدها ليلة عرسها لم تبدل العهد‪ ،‬واستعد‬
‫أهل الدار بكبارهم وصغارهم‪.‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫فلما استوى عقرب الثامنة أرهفوا أسماعهم فإذا المفتاح يدور في الباب إنه‬
‫الموعد ولم يتأخر الشيخ عن وعده هذا منذ ستين سنة إل مرات معدودات‬
‫عرض له فيها شاغل لم يكن إلى دفعه سبيل‪ .‬فلما دخل أسرعوا إليه يقبلون‬
‫يده وأخذت ابنته العصا فعلقتها في مكانها وأعانته على خلع الحذاء وانتعال‬
‫البابوج الصفر‪ ،‬وسبقته زوجته إلى غرفته لتقدم إليه ثياب المنزل التي‬
‫يتفضل بها‪.‬‬
‫غاضت الصوات‪ ،‬وهدأت الحركة‪ ،‬وعادت هذه الدار الواسعة إلى صمتها‬
‫العميق‪ ،‬فلم يكن يسمع فيها إل صوت الشيخ الحزم المتزن‪ ،‬وأصوات أخرى‬
‫تهمس بالكلمة أو الكلمتين ثم تنقطع‪ ،‬وخطى خفيفة متلصصة تنتقل على‬
‫أرض الدار بحذر وخوف… وكانت غرفة الشيخ يؤثرها على يمين اليوان‬
‫العظيم ذي القوس العالية والسقف المنقوش الذي ل تخلو من مثله دار في‬
‫دمشق‪ ،‬والذي يتوجه أبدا إلى القبلة ليكون لهل الدار مصيفا يغنيهم عن‬
‫ارتياد الجبال في الصيف‪ ،‬ورؤية ما فيها من ألوان الفسوق‪ ،‬يشرفون منه‬
‫على الصحن المرمري وأغراسه اليانعة وبركته ذات النوافير… وكانت غرفة‬
‫الشيخ رحبة ذات عتبة مستطيلة تمتد على عرض الغرفة التي تعلو عن‬
‫الرض أكثر من ذراع كسائر غرف الدور الشامية‪ ،‬تغطيها )تخشيبة( مد ّ عليها‬
‫السجاد وفرشت في جوانبها )الطراريح(‪ :‬الوسائد والمساند‪ ،‬وقامت في‬
‫صدرها دكة أعلى ترتفع عن )التخشيبة( مقدار ما تهبط عنها العتبة‪ .‬وكان‬
‫مجلس الشيخ في يمين الغرفة يستند إلى الشباك المطل على رحبة الدار‪،‬‬
‫ف إلى جانبه علبة وأدوات‪ ،‬وهن حق النشوق الذي يأخذ منه بيده ما‬ ‫وقد ص ّ‬
‫ينشقه من التبغ المدقوق الذي ألفه المشايخ فاستحلوه بل دليل حتى صاروا‬
‫يشتمونه في المسجد كما حرموا الدخان بل دليل…‬
‫وإلى جنب هذا الحق علبة نظارات الشيخ ومنديله الكبير والكتابان الذي ل‬
‫ينتهي من قراءتهما‪ :‬الكشكول والمخلة‪ ،‬وفي زاوية الشباك أكياس بيضاء‬
‫نظيفة مطوية يأخذها معه كل يوم حينما يغدو لشراء الطعام من السوق‬
‫فيضع الفاكهة في كيس واللحم في آخر‪ ،‬وكل شيء في كيسه الذي خصصه‬
‫به‪ ،‬وهذه الكياس تغسل كل يوم وتعاد إلى مكانها‪.‬‬
‫وعن يساره خزانة صغيرة من خشب السنديان المتين أشبه الشياء بصندوق‬
‫الحديد‪ ،‬ل يدري أحد حقيقة ما فيها من التحف والعجائب‪ ،‬فهي مستودع ثروة‬
‫الشيخ وتحفه‪ ،‬ومما علم أهل الدار عنها أن فيها علبا صغارا في كل علبة نوع‬
‫من أنواع النقد‪ :‬من النحاسات وأصناف المتاليك وأمات الخمسين وأمات‬
‫المائة والبشالك والزهراويات إلى المجيديات وأجزائها والليرات العثمانية‬
‫والنكليزية والفرنسية‪ ،‬كل نوع منها في علبة من هذه العلب‪ ،‬فإذا أصبح أخذ‬
‫مصروف يومه الذي قدره له يوم وضع )ميزانية الشهر(‪ ،‬ثم إذا عاد نظر إلى‬
‫ما فضل معه‪ ،‬فضم كل جنس إلى جنسه‪ ،‬وفي هذه الخزانة )وهي تدعى في‬
‫دمشق الخرستان(‪ ،‬الفنار العجيب الذي كان يخرجه إذا ذهب ليل )وقلما كان‬
‫يفعل( يستضيء به في طريق دمشق التي لم يكن بها أنوار إل أنوار النجوم‬

‫‪158‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ومصابيح الولياء وسرجهم‪ ،‬وأكثر هذه السرج يضاء ببركة الشيخ عثمان‬
‫ويطفأ ليل… وفيها الكأس التي تطوى… والمكبرة التي توضع في شعاع‬
‫الشمس فتحرق الورقة من غير نار… وفيها خواتم العقيق التي حملها الشيخ‬
‫من مكة‪ ،‬فأهدى إلى صاحبه قسما منها وأوع الباقي خزانته… وفيها الليرات‬
‫الذهبية التي كان يعطيها الطفال فيأكلونها لن حشوها )شكلطة(… وكانت‬
‫هي عجائب الدار السبع!‬
‫وأمام الشيخ )الرحلية( وفوقها )السكمجاية(‪ ،‬وهي صندوق صغير فيه أدراج‬
‫دقيقة ومخابئ وشقوق للوراق‪ ،‬وبيوت للقلم في صنعة لطيفة‪ ،‬وهيئة‬
‫غريبة‪ ،‬كانت شائعة يومئذ في دمشق‪ ،‬موجودة في أكثر البيوت المحترمة…‬
‫والويل لمن يمس شيئا ً من أدوات الشيخ أو يجلس في مكانه‪ .‬ولقد جنى‬
‫الجناية أحد الطفال مرة فعبث بلعبة النشوق فأسرعت أمه فزعة وأخذتها‬
‫منه وأبعدته وأعادتها إلى مكانها‪ ،‬فانزاحت لشؤم الطالع عن موضعها مقدار‬
‫أنملة وعرف ذلك الشيخ‪ ،‬فكان نهار أهل المنزل أسود‪ ،‬وحرموا بعده من‬
‫الدنو من هذا الحمى!‬
‫*********‬

‫)‪(2 /‬‬

‫كان الشيخ في الثمانين ولكنه كان متين البناء شديد السر‪ ،‬أحاط شبابه‬
‫بالعفاف والتقى‪ ،‬فأحاط العفاف شيخوخته بالصحة والقوة‪ ،‬وكان فارع‬
‫الطول عريض الكتاف‪ ،‬لم يشكو في حياته ضعفا‪ ،‬ولم يسرف على نفسه‬
‫في طعام ول شراب ول لذة‪ ،‬ولم يحد عن الخطة التي أختطها لنفسه منذ‬
‫أدرك‪ .‬فهو يفيق سحرا والدنيا تتخطر في ثوب الفتنة الخشعة والخشوع‬
‫الفاتن‪ ،‬والعالم ساكن ل يمشي في جوانبه إل صوت المؤذن وهو يكبر الله‬
‫في السحر يتحدر أعلى المنارة فيخالط النفوس المؤمنة فيهزها ويشجيها‪،‬‬
‫يمازحه خرير الماء المتصل من نافورة الدار يكبر )هو الخر( ربه ويسبح‬
‫بحمده‪) ،‬وإن من شيء إل يسبح بحمده(‪ ،‬فيقف الشيخ متذوقا حلوة اليمان‪،‬‬
‫ثم ينطق لسانه بـ )ل إله إل الله( تخرج من قرارة فؤاده المترع باليقين‪ ،‬ثم‬
‫ينزع ثيابه وينغمس في البركة يغتسل بالماء البارد ما ترك ذلك قط طوال‬
‫حياته‪ ،‬ل يبالي برد الشتاء ول رطوبة الليل‪ .‬وكثيرا ما كان يعمد إلى قرص‬
‫الجليد الذي يغطي البركة فيكسره بيده ويغطس في الماء ثم يلبس ثيابه‬
‫ويصلي ما شاء الله أن يصلي‪ ،‬ثم يمشي إلى المسجد فيصلي الصبح مع‬
‫الجماعة في مجلس له وراء المام ما بدله يوما واحدا‪ ،‬ويبقى مكانه يذكر‬
‫الله حتى تطلع الشمس وترتفع فيركع الركعتين المأثورتين بعد هذه الجلسة‪،‬‬
‫ويرجع إلى داره فيجد الفطور معدا والسرة منتظرة فيأكل معهم البن‬
‫الحليب والشاي والجبن أو الزبدة والزيتون والمكدوس‪ ،‬ثم يغدو إلى دكانه‬
‫فيجدها مفتوحة قد سبقه ابنه الكبر إليها ففتحا ورتبها‪.‬‬
‫والدكان في سوق البزازين أمام قبر البطل الخالد نور الدين زنكي‪ .‬وهي‬
‫عالية قد فرشت أرضها بالسجاد وصف أثواب البز أمام الجدران‪ ،‬ووضعت‬
‫للشيخ وسادة يجلس عليها في صدر الدكان ويباشر أبناؤه البيع والشراء‬
‫بسمعه وبصره‪ ،‬ويدفعون إليه الثمن‪ ،‬فإذا ركد السوق تل الشيخ ما تيسر من‬
‫القران أو قرأ في )دلئل الخيرات( أو تحدث إلى جار له مسن حديث‬
‫التجارة‪ ،‬أما السياسة فلم يكن في دمشق من يفكر فيها أو يحفلها‪ ،‬وإنما‬
‫تركها الناس للوالي والدفتردار والقاضي والخمسة أو الستة من أهل الحل‬

‫‪159‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫والعقد‪ ،‬وكان هؤلء هم الحكومة )كلها…( وكان الشيخ مهيبا في السوق‬


‫كهيبته في المنزل‪ ،‬تحاشى النسوة المستهترات الوقف عليه‪ ،‬وإذا تجرأت‬
‫امرأة فكشفت وجهها أمامه لترى البضاعة‪ ،‬كما تكشف كل مستهترة‪ ،‬صاح‬
‫فيها فأرعبها وأمرها أن تتستر وأن تلزم أبدا حدود الدين والشرف وكانت تبلغ‬
‫به الهيبة أن يعقد الشباب بينهم رهانا‪ ،‬أيهم يقرع عليه بابه‪ ،‬ويجعلون الرهان‬
‫ريال مجيدا أبيض‪ ،‬فل يفوز أحد منهم‪.‬‬
‫وكان الشيخ قائما بحق أهله ل يرد لهم طلبا‪ ،‬ول يمنعهم حاجة يقدر عليها‪،‬‬
‫ولكنه ل يلين لهم حتى يجرؤوا عليه‪ ،‬ول يقصر في تأديب المسيء منهم‪ ،‬ول‬
‫يدفع إليهم الفلوس أصل‪ .‬وما لهم والفلوس وما في نسائه وأولده من يخرج‬
‫من الدار ليشتري شيئا؟ ومالهم ولها وكل طعام أو شراب أو كسوة أو حلية‬
‫بين أيديهم‪ ،‬وما اشتهوا منه يأتيهم؟ ولماذا تخرج المرأة من دارها‪ ،‬إذا كانت‬
‫دارها جنة من الجنان بجمالها وحسنها‪ ،‬ثم فيها كل ما تشتهي النفس وتلذ ّ‬
‫العين؟‬
‫يلبث الشيخ في دكانه مشرفا على البيع والشراء حتى يقول الظهر‪) :‬الله‬
‫أكبر(‪ ،‬فينهض إلى الجامع الموي وهو متوضئ منذ الصباح‪ ،‬لن الوضوء سلح‬
‫المؤمن‪ ،‬فيصلي فيه مع الجماعة الولى‪ ،‬ثم يأخذ طريقه إلى المنزل‪ ،‬أو‬
‫يتأخر قليل ليكون في المنزل عندما تكون الساعة في الثامنة‪ .‬أما العصر‬
‫فيصليه في مسجد الحي‪ ،‬ثم يجلس عند )برو العطار( فيتذاكر مع شيوخ‬
‫الحي فيما دقّ وجل من شؤونه… اختلف أبو عبده مع شريكه فيجب أن تألف‬
‫جمعية لحل الخلف… والشيخ عبد الصمد في حاجة إلى قرض عشر ليرات‬
‫فلتهيأ له… وعطا أفندي سلط ميزابه على الطريق وآذى السابلة فلينصح‬
‫وليجبر على رفع الذى عن الناس…‬
‫أي أن هذه الجماعة محكمة‪ ،‬ومجلس بلدي‪ ،‬وجمعية خيرية إصلحية تأمر‬
‫بالمعروف وتنهى عن المنكر‪ .‬وكان )برو العطار( مخبر اللجنة ووكيلها الذي‬
‫يعرف أهل الحي جميعا ً برجالهم ونسائهم‪ ،‬فإذا رأى رجل ً غريبا ً عن الحي‬
‫حول أحد المنازل سأل عنه من هو؟ وماذا يريد؟ وإذا رأى رجل ً يماشي امرأة‬
‫نظر لعلها ليست زوجته ول أخته‪ ،‬ولم يكن في دمشق صاحب مروءة يماشي‬
‫امرأة في طريق فتعرف به حيثما سارت‪ ،‬بل يتقدمها أو تتقدمه ويكون بينهما‬
‫بعد بعيد‪ ،‬وإذا بنى رجل غرفة يشرف منها إلى نساء جاره أنبأ الشيخ‬
‫دوه‪ ،‬لن القوم‬ ‫وأصحابه فألزموه حده‪ .‬وإن فتح امرؤ شباكا على الجادة س ّ‬
‫كانوا يحرصون على التستر ويكرهون التشبه بالفرنج‪ ،‬فالبيوت تبدو من‬
‫الطريق كأنها مخازن للقمح ل نافذة ول شباك‪ ،‬ولكنها من داخل الفراديس‬
‫والجنان‪ .‬فكان الحي كله بفضل الشيخ وصحبه نقيا من الفواحش صينًا‪ ،‬أهل‬
‫كأهل الدار الواحدة ل يضن أحد منهم على الخر بجاهه ول بماله‪ ،‬وإذا أقام‬
‫أحدهم وليمة‪ ،‬أو كان عنده عرس أو ختان‪ ،‬فكل ما في الحي من طباق‬
‫و)صوان( وكؤوس تحت يده وملك يمينه‪.‬‬
‫*********‬

‫)‪(3 /‬‬

‫مر دهر والحياة في هذه الدار سائرة في طريقها ل تتغير ول تتبدل ول تقف‪.‬‬
‫مطردة أطراد القوانين الكونية‪ ،‬حتى جاء ذلك اليوم… ودقت الساعة دقاتها‬
‫الثمان‪ ،‬وتهيأ أهل الدار على عادتهم لستقبال الشيخ لكن العجوز الطيبة‬
‫والزوجة المخلصة لم تكن بينهم‪ ،‬وإنما لبثت مضطجعة على الريكة تشكو‬

‫‪160‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ألما ً شديدا لم يفارقها منذ الصباح‪ .‬وأدار الشيخ مفتاحه ودخل فلم يراها وهي‬
‫التي عودته النتظار عند الباب‪ ،‬ولم تحد هذه العادة مدة ستين سنة إل أيام‬
‫الوضع ويوم ذهبت لتودع أباها قبل وفاته‪ ،‬فسأل الشيخ عنها بكلمة واحدة‬
‫أكملها بإشارة من يده‪ ،‬فخبرته ابنته وهي تتعثر بالكلمات هيبة له وشفقة‬
‫على أمها‪ ،‬أنها مريضة‪ .‬فهز رأسه ودخل‪ ،‬فلما وقع بصره عليها لم تتمالك‬
‫نفسها فنهضت على غير شعور منها تقبل يده‪ ،‬فلما لمست أصابعه أحس‬
‫كأنما لمسته جمرة ملتهبة‪ ،‬وكان الشيخ على ما يبدو من شدته وحزمه وحبه‬
‫للنظام‪ ،‬قوي العاطفة‪ ،‬محبا لزوجته مخلصا لها‪ ،‬فرجع من فوره ولم يأكل‪،‬‬
‫ولم يدر أحد في المنزل لماذا رجع ولم يجرؤ على سؤاله واكتفوا بتبادل‬
‫الراء لتعليل هذا الحادث الغريب‪ ،‬الذي يشبه في أنظارهم خروج القمر عن‬
‫مداره‪ .‬ومضت على ذلك ساعة أو نحوها‪ ،‬فدخل الشيخ وصاح‪) :‬روحوا من‬
‫الطريق(‪ ،‬فاختبأ النسوة ليدخل الضيف‪ ،‬غير أنهن نظرن من شق الباب‬
‫‪-‬على عادة نساء البلد‪ -‬فأبصرن الطبيب وكن يعرفنه لتردده على المنزل‬
‫كلما تردد عليه المرض… وكان الطبيب شيخا وكانت بينه وبين العجوز قرابة‪،‬‬
‫ومع ذلك أمر الشيخ العجوز بلبس ملءتها وأل تظهر منها إل ما لبد من‬
‫إظهاره‪ ،‬ثم أدخله عليها‪ ،‬فجس نبضها‪ ،‬وقاس حرارتها‪ ،‬ورأى لسانها‪ .‬وكان‬
‫هذا منتهى الدقة في الفحص في تلك اليام‪ ،‬ثم خرج مع الشيخ يساره حتى‬
‫بلغا الباب‪ ،‬فودعه الشيخ وعاد‪ ،‬فأمر بأن تبقى العجوز في غرفتها وأن تلزم‬
‫الحمية وأن تتناول العلج الذي يأتيها به…‬
‫*********‬
‫مرت أيام طويلة والعجوز لم تفارق الفراش‪ ،‬وكان المرض يشتد عليها حتى‬
‫تذهل عن نفسها‪ ،‬وتغلبها الحمى فتهذي… ))صارت الساعة الثامنة… يل ّ يا‬
‫بنت‪ ،‬حضري الخوان… والقبقاب؟ هل هو في مكانه… ((‪ ،‬وتهم أحيانا‬
‫بالنهوض لتستقبل زوجها‪ ،‬وكانت بنتاها وكنتها يمرضانها ويقمن في خدمتها‬
‫فإذا أفاقت حدثتهن وسألتهن عن الشيخ هل هو مستريح؟ ألم يزعجه شيء؟‬
‫والدار؟ هل هي كعادتها أم اضطربت أحوالها؟ ذلك همها في مرضها وفي‬
‫صحتها‪ ،‬ل هم لها سواه‪.‬‬
‫ً‬
‫وحل موسم المعقود وهي مريضة فلم تطق على البقاء صبرا‪ ،‬وكيف تتركه‬
‫وهي التي لم تتركه سنة واحدة من هذه السنين الستين التي عاشتها في‬
‫كنف زوجها‪ ،‬بل كانت تعقد المشمش والجانرك والباذنجان والسفرجل‪ ،‬منه‬
‫ما تعقده بالسكر ومنه ما تعقد بالدبس‪ ،‬وكانت تعمل مربى الكباد واليقطين‪،‬‬
‫فيجتمع لها كل أنواع المعقودات والمربيات والمخللت )الطرشي( ومن أنواع‬
‫الزيتون السود والخضر والمفقش والجلط وأشكال المكدوس معمل أمقار‬
‫)كونسروة( صغير تقوم به هذه الزوجة المخلصة وحدها صامته‪ ،‬ول يعيقها‬
‫ذلك عن تربية الولد ول عن إدارة منزلها وتنظيفه ول عن خياطة أثوابها‬
‫وأثواب زوجها وبنيها‪ ،‬بل تصنع مع هذا كله البرغل‪ ،‬وتغسل القمح تعجن‬
‫العجين‪.‬‬
‫حل الموسم فكيف تصنع العجوز المريضة…؟ لقد آلمها وحز في كبدها‪ ،‬وبلغ‬
‫منها أكثر مما بلغ المرض بشدته وهوله‪ ،‬فلم يكن من ابنتها وكنتها الوفية إل‬
‫أن جاءتا بالمشمش فوضعتاه أمام فراشها وطفقتا تعقدانه أمامها‪ ،‬وتعملن‬
‫برأيها فكان ذلك أجمل ما تتمنى العجوز‪.‬‬
‫واشتدت العلة بالمرأة وانطلقت تصيح حتى اجتمع حولها أهل الدار جميعا‪ً،‬‬
‫ووقفوا ووقف الطفال صامتين وحبهم لهذه العجوز الطيبة التي عاشت‬
‫عمرها كلها لزوجها وبنيها يطفر من عيونهم دمعا حارا مدرارًا‪ ،‬وهم ل يدرون‬

‫‪161‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ماذا يعملون‪ ،‬يودون لو تفتدى بنفوسهم ليفدونها‪ .‬ثم هدأ صياحها‪ ،‬وجعل‬
‫صوتها يتخافت حتى انقطع‪ ،‬فتسلل بعض النسوة من الغرفة‪ ،‬ووقف من‬
‫وفق حائرا ً يبكي‪.‬‬

‫)‪(4 /‬‬

‫ولكن العجوز عادت تنطق بعد ما ظنوها قضت‪ ،‬فاستبشروا وفرحوا‪،‬‬


‫وسمعوها تتكلم عن راحة الشيخ وعن المائدة والساعة الثامنة والبابوج‬
‫والقبقاب… بيد أنها كانت يقظة الموت‪ ،‬ثم أعقبها الصمت البدي‪ .‬وذهبت‬
‫هذه المرأة الطيبة‪ ،‬وكان آخر ما فكرت فيه عند موتها‪ ،‬وأول ما كانت تفكر‬
‫فيه في حياتها‪ :‬زوجها ودارها… ارتفع الكابوس عن صدور الطفال حين اختل‬
‫نظام الفلك ولم يبق لهذا الموعد المقدس في الساعة الثامنة روعته ول‬
‫جلله‪ ،‬ولم يعد يحفل أحد بالشيخ لنه لم يعد هو يحفل بشيء‪ .‬لقد فقد قرينه‬
‫ووليفه وصديق ستين سنة فخلت حياته من الحياة‪ ،‬وعادت كلمة ل معنى لها‪،‬‬
‫وانصرف عن الطعام وأهمل النظام‪ ،‬فعبثت اليدي بعلبه وأكياسه‪ ،‬وامتدت‬
‫إلى )الخرستان( السرية التي أصبح بابها مفتوحًا‪ ،‬فلم تبق فيها تحفا ً ول مال‪ً،‬‬
‫وهو ل يأسى على شيء ضاع بعدما أضاع شقيقة نفسه‪ .‬وتهافت هذا البناء‬
‫الشامخ‪ ،‬وعاد ابن الثمانين إلى الثمانين‪ ،‬فانحنى ظهره وارتجفت يداه‬
‫ووهنت ركبتاه‪ ،‬ولم يكن إل قليل حتى طويت هذه الصفحة‪ ،‬فختم بها سفر‬
‫من أسفار الحياة الجتماعية في دمشق كله طهر وتضحية ونبل!‬

‫)‪(5 /‬‬

‫ظ الهباب‪!!..‬‬ ‫ة‪ ..‬والح ّ‬


‫العََلمانيون الثلثة‪ ..‬والنيل ُ‬
‫أ‪.‬د‪/‬‬
‫جابر قميحة‬
‫‪komeha@menanet.net‬‬
‫الثلثة المشار إليهم في العنوان هم الساتذة‪ :‬حسين أحمد أمين‪ ,‬وسعيد‬
‫العشماوي‪ ,‬وفرج فودة‪ .‬وهم ‪ -‬في مصر والبلد العربية ‪ -‬يعدون من أشهر‬
‫رءوس العََلمانية )بفتح العين واللم (‬
‫والخير بين يدي الّله الن‪ ,‬فقد اغتيل مساء يوم الثنين ‪ 8‬من يونيو سنة‬
‫دا‬
‫‪ .1992‬وما كتبه هؤلء الثلثة يعد عدواًنا ‪ -‬بكل معني الكلمة ‪ -‬علي كثير ج ً‬
‫من قيم السلم ونظمه‪ ,‬ومبادئه‪ ,‬حتي ما جاء منه في نصوص إلهية قطعية‬
‫الثبوت والدللة‪ ,‬ول تحتمل التأويل والخروج بها عن مسارها‪ .‬فعلوا ذلك باسم‬
‫»التنوير« وإنقاذ العقل المسلم من ظلمات الرجعية والتخلف‪.‬‬
‫عينات ل محاكمة‪..‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ونحن في هذا المقال ل نحاكم العَلمانية والعَلمانيين‪ ,‬ولكننا نحتكم ‪ -‬ابتداء ‪-‬‬
‫إلي »عينات« مما أفرزه هذا الثلثي في كتبهم‪:‬‬
‫‪ -‬أحدهم سافر ‪ -‬من عدة سنوات ‪ -‬في رحلة إلي الوليات المتحدة‪ ,‬وعاد‬
‫منها ليكتب عدة مقالت في مجلة قومية أسبوعية يخلع فيها علي »الشباب‬
‫صدق إل علي الكفرة‬ ‫المسلم العربي« من المثالب والنقائص والمآثم مال ي ٍ‬
‫الفجرة‪ ,‬والجهلة المتخلفين‪ ,‬كزعمه بأنهم يحرمون الجلوس علي المقاعد‬
‫أثناء المحاضرات بدعوي أن النبي صلي الّله عليه وسلم والصحابة كانوا‬
‫سا‪ .‬وفات صاحبنا أن هؤلء الشباب كانوا يستخدمون‬ ‫يفترشون الرض جلو ً‬

‫‪162‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫مكبرات الصوت في المحاضرات‪ ,‬ويوزعون هذه المحاضرات مطبوعة‪,‬‬


‫ويستقلون السيارات والطائرات‪ .‬فهل وجدت هذه الليات أيام الرسول صلي‬
‫الّله عليه وسلم‪ ,‬واستخدمها هو وأصحابه?‪.‬‬
‫‪ -‬ويرفض الحدود الشرعية‪ ,‬ويطالب بالتسوية بين النثي والذكر في الميراث‪.‬‬
‫‪ -‬وأحدهم يزعم أن حروب الردة )وهو يسميها حروب الصدقة( كانت حروًبا‬
‫عدوانية‪ ,‬وأن نظام الخلفة نظام جاهلي فاسد جاء للسطو والسيطرة‪,‬‬
‫والعدوان علي حقوق النسان‪ ,‬وأنه أضر بالسلم حين ربط العقيدة‬
‫بالسياسة‪ ,‬والشريعة بنظام الحكم‪.‬‬
‫‪ -‬وأحدهم يعتقد أنه مبعوث العناية اللهية »لضرب الرجعية« و»الصولية‬
‫المتعفنة« و»إنقاذ السلم من المتخلفين والصوليين ولصوص توظيف‬
‫الموال« علي حد قوله‪.‬‬
‫‪ -‬ويكتب عن »زواج المتعة« مستعيًنا بآراء تائهة شاذة‪ ,‬ليوهم الجهلة والعامة‬
‫بأن لهذا »الزواج« مكانه الثابت في السلم‪..‬‬
‫وغير ذلك كثير وكثير‪ ,‬وكلها أباطيل وأضاليل‪ ,‬ل يقصد بها ل تنوير‪ ,‬ول تعمير‪,‬‬
‫ول رقي وتطوير ‪ -‬كما يزعمون ‪ -‬إنما الهدف هو الدنيا والمال والضواء‬
‫والشهرة‪ ,‬والمنافع الشخصية‪ ,‬وليسقط العقل والخلق والضمير‪.‬‬
‫وشهد شاهد من أهلهم‪..‬‬
‫عا ولكنه حكم‬ ‫وأنا ل ألقي الكلم جزاًفا‪ ,‬ولم أخترع هذا الحكم الخير اخترا ً‬
‫َيخلص إليه من يقرأ شهادة حسين أحمد أمين‪ ,‬الذي لم يكن فرج فودة‬
‫ليحدثه إل بـ»أستاذي«‪ .‬يتحدث حسين عن أول زيارة قصده بها فرج فودة‬
‫عصر يوم ‪ 6‬مايو ‪ 1984‬ليتعرف عليه‪ .‬ويقول عنه حسين »‪ ..‬اشتهر فرج‬
‫باعتباره النصير الول للعََلمانية في مصر‪ ,‬والمناضل الذي ل يكل ول يمل‪,‬‬
‫صا بين‬ ‫ضد خطر الجماعات السلمية‪ ..‬واتسعت شعبيته بسرعة مذهلة خصو ً‬
‫العلمانيين‪ ,‬والقباط‪ ,‬والدوائر الرسمية«‪.‬‬
‫ويذكر حسين أمين أن »فرج فودة حاول إنشاء حزب باسم حزب المستقبل‬
‫وفي يوم ‪ 8‬من أكتوبر ‪ 1984‬أقام احتفال ً كبيًرا في سرادق ضخم أقامه‬
‫بجاردن سيتي« دعا إليه السفراء الجانب )!!( ورجال الصحافة‪ ,‬وعدًدا من‬
‫الشخصيات العامة المستقلة‪ ,‬وزعماء القبط‪ ,‬وقرأ برنامج الحزب الجديد‬
‫)الذي لم تصرح به الحكومة(‪.‬‬
‫وعن هذا البرنامج يقول حسين »‪ ..‬قرأته فتبينت في طياته نزعة فاشية‬
‫واضحة ل تبشر بخير‪ ,‬وهي نزعة تمثلت في استعداده لقمع الحركات‬
‫السلمية بنفس الساليب التي اتنهجها النازيون تجاه مخالفيهم في الفكر‪,‬‬
‫ويصرح بضرورة ضم السودان وليبيا إلي مصر بالقوة‪ ..‬ولمست من فرج‬
‫فودة اعتماده في تمويل نشاطه علي ما يزوده به نظام صدام حسين في‬
‫العراق من مال‪ ..‬وقد حاول مرة واحدة جس نبضي بصدد إمكان مرافقتي‬
‫إياه في زيارة لبغداد‪ ,‬فلما أبيت بقوة تظاهر ‪ -‬علي الفور ‪ -‬بالقتناع برأيي‪,‬‬
‫ولم يفاتحني بعدها قط بشأن صلته بعدد من الجهات الجنبية«‪.‬‬
‫وعن موقف الحكومة منه يقول حسين أمين »‪ ..‬كان يتسم بالتذبذب‪ :‬فهي‬
‫من ناحية تقر علمانيته ويسرها هجومه العنيف علي الجماعات السلمية‬
‫ت عليه التليفزيون والذاعة‪ ,‬إذ‬‫متطرفها ومعتدلها‪ ,‬وفي نفس الوقت حّرم ٍ‬
‫كانت تدرك أن عنف هذا الهجوم ‪ -‬وإن أطرب العلمانيين والمسيحيين‬
‫وصحافة الغرب ‪ -‬يثير غضب السلميين‪ ,‬ويبعثهم علي المزيد من التطرف‬
‫والتصلب‪ ..‬كانت مقالته وكتبه ‪ -‬بوجه عام ‪ -‬لذعة مليئة بالسخرية والتهكم‬
‫اللذين كثيًرا ما كانا يصلن ‪ -‬في رأيي علي القل ‪ -‬إلي حد السفاف والردح‪..‬‬

‫‪163‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وبالرغم من كل شيء‪ ..‬من عدم رضائي عن عنصر السفاف في مقالته‪,‬‬


‫وشكي بصدد صلته بجهات أجنبية ومصادر تمويل نشاطه‪ ,‬وأسفاره العديدة‪,‬‬
‫فقد ظلت العلقة بيننا طيبة ودية حتي النهاية«‪.‬‬
‫مكالمة هاتفية‪..‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫وفي أحد أيام مارس ‪ 1992‬جرت مكالمة هاتفية غريبة بين الرجلين ونصها‪:‬‬
‫‪ -‬طبًعا سمعت الخبر يا أستاذ حسين?‬
‫‪ -‬أي خبر?‬
‫‪ -‬خبر مصادرة خمسة كتب للمستشار سعيد العشماوي في معرض القاهرة‬
‫للكتاب‪.‬‬
‫‪ -‬نعم‪ ,‬وقد آلمني المر‪ ,‬وأحزنني أشد الحزن‪.‬‬
‫‪ -‬آلمك وأحزنك? اسمح لي أسألك‪ :‬علي من أحزنك الخبر?‬
‫‪ -‬علي المستشار العشماوي بطبيعة الحال‪.‬‬
‫‪ -‬علي المستشار العشماوي? استاذي الكبير‪ .‬منذ أذيع خبر المصادرة أي في‬
‫بحر ثلثة أيام بيع سبعة آلف نسخة من كتاب معالم السلم‪ ,‬وخمسة آلف‬
‫نسخة من كتاب أصول الشريعة‪ ,‬وستة عشر ألف نسخة من كتاب »الخلفة‬
‫السلمية« وهلم جرا‪ ,‬كم نسخة بيعت من كتابك »المام« حتي الن?‬
‫‪ -‬ثلثة آلف‪.‬‬
‫‪ -‬اتفرج يا سيدي‪ ,‬وأنا لم أبع من كتابي »الحقيقة الغائبة« غير ألفي نسخة‪.‬‬
‫‪ -‬كم يدفع ناشرك مقابل إعلن صغير عن كتاب لك في الهرام أو الخبار?‬
‫‪ -‬ستمائة جنيه علي القل‪.‬‬
‫‪ -‬والمستشار سعيد العشماوي تتهافت الكتب والمجلت اليوم علي نشر‬
‫الحاديث معه والمقالت له علي ثلث صفحات أو أربع‪ ,‬ومع صورة كبيرة له‬
‫دون أن يدفع شيًئا‪ ,‬بل ربما دفعت هذه الصحف والمجلت له المكافآت عن‬
‫هذه الحاديث والمقالت‪ ..‬ارفع سماعة تليفونك‪ ,‬واتصل به هو نفسه لتدرك‬
‫مدي تهلله وسعادته بهذه الهبة التي نزلت عليه من السماء في صورة قرار‬
‫بمصادرة كتبه‪ ,‬وقد كان الرجل في جميع أحاديثه مع الصحف من الدهاء‬
‫والمكر بحيث تظاهر بالغضب والستياء الشديدين من هذا القرار‪ ,‬وكأنما‬
‫أضير من جرائه ضرًرا بالًغا‪ ,‬بل وهدد برفع قضية علي مجمع البحوث‬
‫السلمية بالزهر‪.‬‬
‫‪ -‬أجاد أنت? تقول‪ :‬إنه سعيد بما حدث?‬
‫‪ -‬كلمه أنت‪ ..‬أليس صديقك? »دار سينا« ‪ -‬يا أستاذي ‪ -‬بعد أن نفدت نسخ‬
‫كتبه تستعين بثلث مطابع في آن واحد لعادة طبع الكتب‪ ,‬والمطابع تعمل‬
‫ليل نهار كي توفرها في السوق في ظرف أسبوع واحد لمواجهة الطلب‬
‫المتزايد عليها‪.‬‬
‫قا‪.‬‬
‫‪ -‬هذا خبر سار ح ً‬
‫قا? اسمح لي أسألك‪ :‬سار بالنسبة لمن?‬ ‫‪ -‬سار ح ً‬
‫‪ -‬للعشماوي بطبيعة الحال‪.‬‬
‫‪ -‬للعشماوي? وماذا عني وعنك يا أستاذ حسين? وماذا عن كتبي وكتبك?‬
‫ضا رغم‬‫لماذا لم يأمر مجمع البحوث السلمية في الزهر بمصادرتها هي أي ً‬
‫أنها تحوي من الفكار ما هو أخطر ألف مرة مما ورد في كتب العشماوي?‬
‫»دليل المسلم الحزين مثل«‪ ,‬أو »السلم في عالم متغير« أو »قبل‬

‫‪164‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫السقوط« أو »نكون أو ل نكون« هل هذه الكتب في رأيك أقل خطًرا من‬


‫كتب المستشار العشماوي‪ ,‬أم هي في رأي الزهر ل غبار عليها من الناحية‬
‫الدينية ككتب الشيخ الغزالي والشيخ القرضاوي?‬
‫‪ -‬الحقيقة أنني‪..‬‬
‫‪ -‬ل يا أستاذي الفاضل‪ ..‬ليس المر كما تظن‪ ,‬بل أكاد أجزم الن بأن‬
‫العشماوي ل بد قد دفع مبلًغا لجهة ما كي توصي مجمع البحوث السلمية‬
‫بمصادرة كتبه‪ ..‬العشماوي ‪ -‬بحكم خبرته وثقافته ‪ -‬يعلم أن بعض المؤلفين‬
‫الوربيين والمريكان يلجأ اليوم إلي رشوة نقاد ليقوموا بمهاجمة كتبهم في‬
‫الصحف والمجلت الدبية علي نحو يثير شوق قراء الصحيفة أو المجلة إلي‬
‫شراء الكتاب لقراءته‪.‬‬
‫‪ -‬أل يمكن أن يكون أعضاء مجمع البحوث قد أصدروا قرار المصادرة‬
‫متطوعين مشكورين غير مأجورين من تلقاء أنفسهم‪ ,‬ودون سابق اتصال من‬
‫جانب العشماوي?‬
‫ضا كتب فرج فودة وحسين‬ ‫‪ -‬ل يا أستاذنا الكبير‪ ,‬وإل فلماذا لم يصادروا أي ً‬
‫أمين? هأ!! جتنا نيلة في حظنا الهباب!! الحقيقة أنني قد بدأت أغضب من‬
‫العشماوي‪ ,‬كان من واجبه ‪ -‬ونحن الثلثة نجاهد في سبيل قضية واحدة‪ ,‬ومن‬
‫خندق واحد ‪ -‬أن يستشيرنا قبل إقدامه علي التصال بمجمع البحوث‪ ,‬أو أن‬
‫ضا باعتبارها جديرة مثل‬ ‫يلفت ‪ -‬علي القل ‪ -‬نظر المجمع إلي كتبنا نحن أي ً‬
‫كتبه بالمصادرة‪.‬‬
‫‪ -‬ل يا دكتور فرج‪ ..‬الرجح ‪ -‬في رأيي ‪ -‬هو‪ :‬إما أن أعضاء المجمع لم يقرءوا‬
‫كتبنا نحن‪ ,‬وقرءوا كتب العشماوي فأمروا بمصادرتها‪ ,‬وإما أنهم قرءوا كتبنا‪,‬‬
‫ووجدوها سليمة ل خطر منها‪.‬‬
‫‪ -‬سليمة ل خطر منها? يا سيدي الجليل ما كتبه علي عبد الرازق في‬
‫»السلم وأصول الحكم« أو طه حسين في »الشعر الجاهلي« ل يمكن أن‬
‫يقارن خطره بخطر فقرة واحدة من كتبي أو كتبك‪ ,‬كيف إذن يمكن للمجمع‬
‫أن يجرؤ‪ ,‬ويعتبرها سليمة ل خطر منها? أما عن احتمال أن يكون أعضاء‬
‫المجمع غافلين عنا وجاهلين بكتبنا فما علينا إذن إل أن ننبههم إليها‪.‬‬
‫بالكتابة إليهم‪ ,‬بتحريض أصدقاء لنا علي تقديم الشكاوي من أفكارنا‪ ,‬أو بأن‬
‫نطلب نحن مقابلة شيخ الزهر‪ ,‬أو رئيس المجمع نفسه لتوضيح المور‪,‬‬
‫ووضعها في نصابها‪ ,‬وتنبيًها إلي أن في كتبنا خطًرا علي المجتمع السلمي ل‬
‫يمكن السكوت عليه‪ .‬سليمة ل خطر منها يادي الفضيحة!! هذه إهانة‪ ..‬كيف‬
‫يمكن أن ُأري وجهي للناس ومجمع البحوث السلمية يعتبر كتبي سليمة ل‬
‫خطر منها? ما جدواها إذن? وما جدوي تعبي في كتابتها? جتنا نيلة في حظنا‬
‫الهباب«‪.‬‬
‫‪...‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫عزيزي القارئ هذا جزء حرفي مما كتبه حسين أحمد أمين في صحيفة‬
‫»الجيل« ‪ -‬وهي تصدر في القاهرة ‪ -‬في عددها الصادر يوم الحد ‪ 13‬من ذي‬
‫القعدة ‪1419‬هـ ‪ 28 -‬من فبراير ‪ .1999‬نقلته بالنص دون تدخل مني‪,‬‬
‫وأعتقد أنك معي في ضرورة »وقفة«أخري مع هذا الكلم الخطير ‪0‬‬
‫*** *** ***‬
‫لقد عرضنا آنفا نص المكالمة الهاتفية التي كانت بين قطبي العلمانية ‪ :‬فرج‬

‫‪165‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫فودة‪ ,‬وحسين أحمد أمين‪ ,‬وفيها أبدي فرج أسفه وحزنه لمصادرة خمس‬
‫كتب للقطب العلماني الثالث محمد سعيد العشماوي لن هذه المصادرة‬
‫رفعت توزيعها إلي عشرات اللوف‪ .‬ويبكي حظه وحظ صديقه حسين أمين‪,‬‬
‫ووصفه بأنه حظ »هباب« لن المسئولين في الزهر‪ ,‬ومجمع البحوث‬
‫السلمية لم يوصوا‪ ,‬ولم يعملوا علي مصادرة كتبهما )فيرتفع توزيعها( ‪ .‬وفي‬
‫السطور التالية نكمل المسيرة ‪0‬‬
‫دللت خطيرة مؤسفة‪..‬‬
‫ونص هذه المكالمة ‪ -‬باعتراف حسين أحمد أمين – ُنشرأول في صحيفة‬
‫»الهالي« الصادرة في ‪ 11‬من مارس سنة ‪ .-1998‬وأعاد حسين أمين نشر‬
‫نص المكالمة مرة أخري ص ‪ 11‬من صحيفة الجيل )القاهرية( الصادرة يوم‬
‫الحد ‪ 28‬من فبراير سنة ‪ .1999‬في سلسلة مقالته ‪ :‬شخصيات عرفتها ‪0‬‬
‫دا )فرج فودة يتهم سعيد العشماوي بإبلغ‬ ‫تحت عنوان مثير بخط كبير ج ً‬
‫الزهر عن كتبه‪ ..‬ويتحسر علي حظه الهباب(‪ .‬ومن العناوين الفرعية في‬
‫المقال )اعتمد فرج في تمويل نشاطه علي أموال صدام حسين‪ ,‬وعلي‬
‫صلته بالجهات الجنبية ‪0‬‬
‫ويذكر حسين أحمد أمين أن سعيد العشماوي غضب وهاج وماج بعد أن اطلع‬
‫فا إلي فرج فودة‬ ‫علي ما كتبه في الهالي‪ .‬كما أن العشماوي وجه حديًثا عني ً‬
‫بسبب هذه المكالمة‪.‬‬
‫وواضح أن هذه المكالمة وتوابعها ُتلقي إضاءات قوية علي نفسية الثالوث‬
‫القائد‪ ,‬ومن دار في فلكهم‪ ,‬وتبين عن هدفهم من الكتابة‪ ,‬وطبيعة منهجهم‬
‫الفكري والدعوي‪ .‬فهم يكتبون ‪ -‬ل من منطلق اليمان بما يكتبون‪ ,‬ول من‬
‫منطلق الحرص علي مصلحة الوطن بالتنوير‪ ,‬والتوعية السياسية والجتماعية‬
‫والعلمية‪ ,‬كما يزعمون‪.‬‬
‫ولكنهم يكتبون من أجل المال‪ ,‬وتحقيق الثراء‪ ..‬واللية المثلي لتحقيق هذا‬
‫الهدف هي مصادرة كتبهم‪ ,‬ومن ثم زيادة نسبة التوزيع بإقبال الناس علي‬
‫شراء الكتب حًبا في كشف سبب أو أسباب المصادرة‪ ,‬فكل ممنوع مطلوب‪,‬‬
‫وكل محجوب مرغوب‪ ,‬كما يقول المثل العربي‪ .‬وتصديهم وهجومهم علي‬
‫المرجعية الدينية‪ ,‬وقيمنا الموروثة لم يعد من قبيل »خالف تعرف«‪ ,‬ولكن‪:‬‬
‫خالف‪ ,‬ودمر حتي تحصد أقصي ما تقدر عليه من غني فاحش‪.‬‬
‫ول مانع من إساءة الظن بالزهر ومجمع البحوث السلمية والترويج بأن‬
‫العاملين المسئولين بهما مظنة الرتشاء والمجاملة غير العادلة‪.‬‬
‫ول مانع من الكذب والتزوير بالكتابة إلي المسئولين ‪ -‬مباشرة‪ ,‬أو عن طريق‬
‫الصدقاء ‪ -‬بأن كتبهم خطيرة ومدمرة للدين والمجتمع حتي تفوز بالمصادرة‪..‬‬
‫المصادرة التي تثمر بعدها الرواج وسعة النتشار‪ ,‬وتحقيق الثروة‪.‬‬
‫ول مانع من »جٍلد الذات« بالعتراف بأن كتبهم فيها ما هو أشد خطًرا مما‬
‫كتب علي عبد الرازق وطه حسين‪ ,‬والول ‪ -‬كما هو معروف ‪ -‬أنكر أن يكون‬
‫السلم نظام حكم وسياسة وقيادة‪ ,‬وأنه مجرد عبادات وقيم روحية‪ ,‬وكأنه‬
‫نصرانية بأسلوب عربي‪ ,‬والثاني عدا علي القرآن‪ ,‬واستهزأ بالرسول صلي‬
‫الّله عليه وسلم ونسبه‪ .‬ومن عجب أننا حينما قلنا هذا من قبل وكتبناه في‬
‫مقام نقد ‪ -‬أو نقض ‪ -‬هذه الكتب هبوا‪ ,‬وغضبوا غضبة غير مضرية ‪ ,‬واّدعوا أن‬
‫كتبهم هذه ليس فيها ما يناقض عقيدة ‪ .‬أو يوصف بالخبث والسقوط ‪.‬‬
‫دا من العتماد علي الموال الجنبية‪ ,‬ومد اليدي ‪ -‬في سرية ‪-‬‬ ‫ول مانع أب ً‬
‫لحكام عادوا العروبة‪ ,‬وكانوا حرًبا علي العرب‪ ,‬ولدول أجنبية كانت ‪ -‬وما‬
‫زالت ‪ -‬حرًبا علي السلم والعرب‪.‬‬

‫‪166‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫دا من توظيف عبارات سوقية مبتذلة تحمل شحنة من النقمة علي‬ ‫ول مانع أب ً‬
‫الذات‪ ,‬وعلي الخرين‪ ,‬وعلي القدر‪ ,‬لن حظهم من الرزق والشهرة والمكانة‬
‫لم يكن كحظ الخرين‪ ,‬وأعجب مثلي‪ ,‬أو ل تعجب للقائد العلماني الدكتور‪,‬‬
‫وهو يصرخ »جتنا نيلة في حظنا الهباب«‪.‬‬
‫وما زال العار قائما‬
‫نعم ‪ ,‬ما زال العار قائما يشد بعضه بعضا ‪ ,‬فعتاة العلمانيين المتطرفين‬
‫‪,‬أدعياء التنور والتنوير والعبقرية يتربعون علي قمم الفكر والعلم والدب ‪,‬‬
‫وأصبح منهجهم وطابعهم الستهتار بالدين والستهانة بالقيم ‪ ,‬ول هم لهم إل‬
‫المال والمناصب والشهرة وال ضواء ‪ ,‬ولو كان ذلك على حساب الدين‬
‫والمجتمع وكل القيم والمثل العليا‬

‫)‪(3 /‬‬

‫ث التقوى‬ ‫ميرا ُ‬ ‫م ِ‬ ‫الِعل ُ‬


‫د‪ .‬محمد عمر دولة*‬
‫ظ والقراءةِ فحسب؛‬ ‫م‪ ..‬ليس بكثرةِ الجتهادِ والحف ِ‬ ‫ن هذا الِعل َ‬ ‫ت لك‪ :‬إ ّ‬ ‫لو قل ُ‬
‫من علم الله فيه الصدقَ والخلص والصلح!‬ ‫ة من الله ل ِ َ‬ ‫وإنما هو هِب َ ٌ‬
‫دقني؟!‬ ‫ص ّ‬ ‫أت ُ َ‬
‫ل الخوارِج وشدة اجتهاِدهم؛ حتى كان الصحابة رضي الله عنهم‬ ‫ِ‬ ‫حا‬ ‫إلى‬ ‫ر‬
‫انظ ْ‬
‫من الُغواةِ والُغلة؛ كيف‬ ‫من على شاكلِتهم ِ‬ ‫يحقرون صلَتهم إلى صلِتهم! و َ‬
‫صِبهم!‬ ‫ضّلوا مع كثرةِ تعِبهم ون َ َ‬ ‫ضّلوا وأ َ‬ ‫َ‬
‫ب من يشاء من‬ ‫ِ‬ ‫قل‬ ‫في‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫الفه‬ ‫يلقي‬ ‫ُ‬ ‫و‬ ‫يشاء‬ ‫من‬ ‫َ َ‬‫م‬ ‫عل‬ ‫ِ‬ ‫ال‬ ‫تي‬ ‫ِ‬ ‫يؤ‬ ‫ل‬ ‫ّ‬ ‫وج‬ ‫ز‬‫ّ‬ ‫ع‬ ‫فالله‬
‫ث‬‫جلُله‪) :‬وداود وسليمان إذ ْ يحكمان في الحر ِ‬ ‫ل َ‬ ‫عباِده المتقين‪ ،‬وقد قال ج ّ‬
‫سليمان وكل آَتينا‬ ‫مناها ُ‬ ‫دين ففهّ ْ‬ ‫مهم شاهِ ِ‬ ‫حك ْ ِ‬ ‫م القوم ِ وكّنا ل ِ ُ‬ ‫ت فيه غَن َ ُ‬ ‫ش ْ‬ ‫ف َ‬ ‫إذ ْ ن َ‬
‫ة‬
‫ل التقوى فراس ٌ‬ ‫علما(‪ [1].‬قال القرطبي رحمه الله‪" :‬يكون في أه ِ‬ ‫ً‬ ‫كما و ِ‬ ‫ً‬ ‫ح ْ‬ ‫ُ‬
‫ة‬
‫من يشاء‪ ...‬وعلى الجمل ِ‬ ‫ل الله يؤتيهِ َ‬ ‫ة؛ وذلك َفض ُ‬ ‫ت ُنوِري ٌ‬ ‫سما ٌ‬ ‫ة وتو ّ‬ ‫ِديني ٌ‬
‫مناها‬ ‫حه تعالى له بقوله‪) :‬ففهّ ْ‬ ‫مد ُ‬‫منها َ‬ ‫فقضاُء سليمان في هذه القصة تض ّ‬
‫سليمان("‪[2].‬‬
‫ل التقوى أن يهَبهم اله منه علما ً‬ ‫ل وبشارةٌ له ِ‬ ‫فهذا وَعْد ٌ من الله عّز وج ّ‬
‫ُ‬
‫جل جلله‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫ف فيه من الحق‪ ،‬كما قال َ‬ ‫وفرقانا ً ومخرجا ً ويهديهم إلى ما اختل ِ َ‬
‫مخَرجا ً وي َْرزْقه‬ ‫ل له َ‬ ‫جعَ ْ‬ ‫ق الله ي َ ْ‬ ‫من َيت ِ‬ ‫ل لكم فُْرقانًا(‪) [3].‬و َ‬ ‫جعَ ْ‬ ‫قوا الله ي َ ْ‬ ‫ن َتت ُ‬ ‫)إ ْ‬
‫ن‬ ‫ُ‬ ‫اب‬ ‫قال‬ ‫الله(‪.‬‬ ‫مكم‬ ‫ُ ُ‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫يع‬ ‫و‬ ‫الله‬ ‫)واتقوا‬ ‫تعالى‪:‬‬ ‫وقال‬ ‫[‬‫‪4‬‬ ‫يحتسب(‪].‬‬ ‫ل‬ ‫حيث‬ ‫من‬ ‫ِ‬
‫كثير رحمه الله‪" :‬قوله )واتقوا الله(‪ :‬أي خاُفوه وراقُِبوه واتبُعوا أمَره واتر ُ‬
‫كوا‬
‫ل لكم‬ ‫قوا الله َيجعَ ْ‬ ‫ن تت ُ‬ ‫مكم الله(‪ :‬كقوله‪) :‬يا أيها الذين آمنوا إ ْ‬ ‫جَره‪) .‬وُيعل ّ ُ‬ ‫َز ْ‬
‫فل َْين‬ ‫مُنوا برسوِله ُيؤِتكم ك ِ ْ‬ ‫ُفرقانًا(‪ ،‬وكقوله‪) :‬يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآ ِ‬
‫شون به(‪ .‬وقوله‪) :‬والله بكل شيء عليم(‪ :‬أي‬ ‫ل لكم ُنورا ً َتم ُ‬ ‫جع ْ‬ ‫مِته وي َ ْ‬ ‫ح َ‬ ‫من َر ْ‬ ‫ِ‬
‫عواقِبها؛ فل يخفى عليه شيٌء من‬ ‫حها و َ‬ ‫ق المورِ ومصال ِ ِ‬ ‫م بحقائ ِ‬ ‫هو عال ِ ٌ‬
‫حيط بجميِع الكائنات"‪[5].‬‬ ‫ٌ‬ ‫م ِ‬‫مه ُ‬ ‫عل ُ‬ ‫الشياء‪ ،‬بل ِ‬
‫مكم الله والله بك ّ‬
‫ل‬ ‫ّ‬
‫قال القرطبي رحمه الله‪" :‬قوله تعالى‪) :‬واتقوا الله وُيعل ُ‬
‫شيٍء عَِليم(]‪ [6‬وَعْد ٌ من الله تعالى بأن من اتقاه علمه‪ :‬أي يجعل في قلبه‬
‫صل‬ ‫نورا يفهم به ما يلقى إليه‪ ،‬وقد يجعل الله في قلبه ابتداء ُفرقانًا‪ :‬أي فَي ْ َ‬
‫يفصل به بين الحق والباطل‪ .‬ومنه قوله تعالى‪) :‬يأيها الذين آمنوا إن تتقوا‬
‫ل لكم ُفرقانًا("‪[7].‬‬ ‫جع ْ‬ ‫الله ي َ ْ‬
‫سّر زيادةِ المعرفة والرسوِخ في‬ ‫ن التقوى ِ‬ ‫م الله الرملي حيث قّرَر أ ّ‬ ‫ورح َ‬

‫‪167‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫د؛ قال تعالى‪) :‬واتقوا الله‬ ‫العلم‪ ،‬فقال‪" :‬التوفيقُ خلقُ قدرةِ الطاعةِ في العب ِ‬
‫مكم الله ‪ ...‬ومعناه‪ :‬وعد منه بأن من اتقاه علمه‪ :‬بأن يجعل في قلِبه‬ ‫وُيعل ّ ُ‬
‫قى إليه وفرقانًا‪ :‬أي فيصل يفصل به بين الحق والباطل‪،‬‬ ‫نورا ً يفهم به ما ُيل َ‬
‫ل لكم ُفرقانًا(؛ فبتقوى الله‬ ‫جعَ ْ‬ ‫قوا الله ي َ ْ‬ ‫قال تعالى‪) :‬يا أيها الذين آمنوا إن تت ُ‬
‫تزداد ُ المعارف"‪[8].‬‬
‫ل؛ هداه الله عز‬ ‫شهواِته واتقى الله عز وج ّ‬ ‫سه وقهَر هواه وقمعَ َ‬ ‫فمن جاهد َ نف َ‬
‫دوا‬‫ل‪) :‬والذين جاهَ ُ‬ ‫س المعرفة‪ ،‬فقد قال عّز وج ّ‬ ‫ل إلى ذخائرِ العلم ِ ونفائ ِ‬ ‫وج ّ‬
‫سب ُلنا(‪ [9].‬قال القرطبي‪" :‬قال الحسن بن أبي الحسن‪ :‬الية‬ ‫َ‬ ‫ِفينا لن َهْدِي َّنهم ُ‬ ‫َ‬
‫في العُّباد‪ ،‬وقال ابن عباس وإبراهيم بن أدهم‪ :‬هي في الذين يعملون بما‬
‫مه الله ما‬ ‫عمل بما عَِلم؛ عل ّ َ‬ ‫يعلمون‪ ،‬وقد قال صلى الله عليه وسلم ‪) :‬من َ‬
‫مكم الله(‪ ،‬وقال‬ ‫ّ‬
‫ض العلماء إلى قوله‪) :‬واتقوا الله وُيعل ُ‬ ‫لم يعلم(‪ ،‬ونزعَ بع ُ‬
‫ل ِبما‬‫جهِلنا تقصيُرنا في العم ِ‬ ‫ْ‬ ‫علم ِ ما َ‬ ‫صَر بنا عن ِ‬ ‫عمر بن عبد العزيز‪ :‬إّنما ق ّ‬
‫م به أبداُننا؛ قال الله‬ ‫علما ل تقو ُ‬ ‫ً‬ ‫ض ما عِلمنا؛ لوَْرَثنا ِ‬ ‫مناه ولو عَ ِ ْ‬
‫ملنا ببع ِ‬ ‫عَل ِ ْ‬
‫مكم الله(‪ ...‬وقال عبد ُ الله بن عباس‪) :‬والذين‬ ‫ّ‬
‫تعالى‪) :‬واتقوا الله وُيعل ُ‬
‫ع‬
‫موم ِ الطاعةِ جمي َ‬ ‫ُ‬
‫سبل ثواِبنا‪ ،‬وهذا يتناوَل ب ِعُ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫دوا في طاعَِتنا ل ِن َهْدِي َّنهم ُ‬ ‫جاهَ ُ‬
‫من طلب َِني فلم‬ ‫ة‪َ :‬‬‫ل‪ ،‬ونحوه قول عبدِ الله بن الزبير قال‪ :‬تقول الحكم ُ‬ ‫ُ‬ ‫القوا ِ‬
‫ب أسوأ ما‬ ‫َ ِ َ‬‫ن‬‫يجت‬ ‫و‬ ‫مه‬ ‫َ‬ ‫ل‬‫يع‬ ‫ما‬ ‫ن‬ ‫س‬ ‫ح‬ ‫بأ‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫م‬ ‫يع‬ ‫ن‬ ‫أ‬ ‫عين‪:‬‬ ‫ض‬
‫َ ِ َ‬‫مو‬ ‫في‬ ‫ني‬ ‫ب‬‫ُ‬
‫َ ِْ‬ ‫ل‬‫ْ‬ ‫ط‬ ‫ي‬‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ف‬ ‫يجدني؛‬
‫ُ‬ ‫ْ َ ِ‬ ‫ْ َ َ‬
‫مه "‪[10].‬‬ ‫َيعل َ ُ‬
‫عينيه قو َ‬
‫ل‬ ‫ب بين َ‬ ‫ص َ‬ ‫ن برّبه ون َ َ‬ ‫ل على عقِله؛ بل اسَتعا َ‬ ‫عبدا ً لم ي ُعَوّ ْ‬ ‫م الله َ‬ ‫ح َ‬ ‫فَر ِ‬
‫ن أوَلى ما ُيست َن َْز ُ‬ ‫ْ‬
‫ق‬
‫ض الرحمةِ اللهية في تحق ِ‬ ‫ل به َفي ُ‬ ‫م‪" :‬إ ّ‬ ‫ل العل ِ‬ ‫الفقهاِء وأه ِ‬
‫ل التقوى قال الله‬ ‫ك بحب ِ‬ ‫ل والتمس ُ‬ ‫ة الله عز وج ّ‬ ‫ت الشرعيةِ طاع ُ‬ ‫الواقعا ِ‬
‫مكم الله(؛ ومن اعتمد َ على رأِيه وِذهِنه في استخراِج‬ ‫ّ‬
‫تعالى‪) :‬واتقوا الله وُيعل ُ‬
‫قيقٌ بإنزال الخذلن عليه؛ فقد‬ ‫ح ِ‬ ‫فقهِ وك ُُنوِزه وهو في المعاصي َ‬ ‫ق ال ِ‬‫دقائ ِ‬
‫من ُنور(]‬ ‫ً‬
‫من لم َيجَعل الله له ُنورا فما له ِ‬ ‫مد ُ عليه! )و َ‬ ‫اعَتمد َ على ما ل ُيعت َ َ‬
‫‪[12]."[11‬‬
‫‪----------‬‬
‫]‪ [1‬النبياء ‪.79-78‬‬
‫]‪ [2‬الجامع لحكام القرآن ‪.11/314‬‬
‫]‪ [3‬النفال ‪.29‬‬
‫]‪ [4‬الطلق ‪.3-2‬‬
‫]‪ [5‬نفسير القرآن العظيم ‪.1/338‬‬
‫]‪ [6‬البقرة ‪.282‬‬
‫]‪ [7‬الجامع لحكام القرآن ‪.3/406‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫]‪ [8‬شرح زبد ابن رسلن ص ‪ ،4‬دار المعرفة بيروت‪.‬‬


‫]‪ [9‬العنكبوت ‪.69‬‬
‫]‪ [10‬الجامع لحكام القرآن ‪.13/364‬‬
‫]‪ [11‬النور ‪.40‬‬
‫]‪ [12‬البحر الرائق لزين بن إبراهيم ‪ .6/286‬دار المعرفة بيروت‪ .‬وحاشية‬
‫ابن عابدين ‪ .5/359‬دار الفكر بيروت‪ ،‬ط ‪ 1386 ،2‬هـ‪.‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫‪168‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الغارمون الذين لهم حق في أموال الزكاة‬


‫السؤال ‪:‬‬
‫أنا موظف ميسور الحال ‪ ،‬و راتبي بالنسبة لمثالي في بلدنا جّيد و الحمد لله‬
‫‪ ،‬و قد كنت أسكن مع والدتي في بلد ٍ ورثناه عن والدي رحمه الله ‪ ،‬و لكني‬
‫ت لشراء مسكن جديد في منطقةٍ راقيةٍ ‪ ،‬و‬ ‫سع بعد الزواج فاقترض ُ‬ ‫أردت التو ّ‬
‫شرعت في تسديد القرض على أقساط ‪ ،‬و لكن الراتب محدود فهل يجوز‬
‫لي أن آخذ من أموال الزكاة ما أسدد به ديني ؟‬
‫الجواب ‪:‬‬
‫أقول مستعينا بالله تعالى ‪:‬‬‫ً‬
‫قَراِء َو‬ ‫ف َ‬ ‫ْ‬
‫ت ل ِل ُ‬‫صد ََقا ُ‬ ‫ما ال ّ‬ ‫للغاِرم حقّ في ما الزكاة ‪ ،‬لقوله تعالى ‪ ) :‬إ ِن ّ َ‬
‫ن وَ ِفي‬
‫مي َ‬ ‫ْ‬
‫ب وَ الَغارِ ِ‬ ‫م وَ ِفي الّرَقا ِ‬ ‫فةِ قُُلوب ُهُ ْ‬
‫مؤَل ّ َ‬‫ن عَل َي َْها وَ ال ْ ُ‬ ‫ن وَ ال َْعا ِ‬
‫مِلي َ‬ ‫ال ْ َ‬
‫كي ِ‬ ‫سا ِ‬
‫م َ‬
‫م ( ] التوبة ‪. [ 60 :‬‬ ‫كي ٌ‬
‫ح ِ‬
‫م َ‬ ‫ه عَِلي ٌ‬ ‫ن الل ّهِ و الل ّ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ة ِ‬ ‫ض ً‬ ‫ري َ‬‫ل فَ ِ‬ ‫سِبي ِ‬‫ن ال ّ‬ ‫سِبي ِ ّ‬
‫ل اللهِ وَ اب ْ ِ‬ ‫َ‬
‫و الغارم الذي له حقّ في أموال الزكاة هو ‪ :‬من احترق بيته ‪ ,‬أو يصيبه‬
‫السيل فيذهب متاعه ‪ ,‬و ُيدان على عياله ‪ ،‬و من ركبته الديون في غير فساد‬
‫و ل تبذير ‪ ،‬كما روى ذلك الطبري عن مجاهد في تفسير هذه الية ‪.‬‬
‫و روى أيضا ً عن قتادة ‪ :‬أما الغارمون ؛ فقوم غرقتهم الديون ‪ ,‬في غير إملق‬
‫و ل تبذير و ل فساد ‪.‬‬
‫دين و ل وفاء‬ ‫و حد ّ المام القرطبي في تفسيره الغارمين بالذين ركبهم ال َ‬
‫عندهم به ‪.‬‬
‫ن في سفاهةٍ فإنه ل ُيعطى منها ‪ ،‬و‬ ‫م قال ‪ :‬و ل خلف فيه ‪ .‬اللهم إل من إّدا َ‬ ‫ث ّ‬
‫ل من غيرها إل أن يتوب ‪ .‬و يعطى منها من له مال وعليه دين محيط به ما‬
‫يقضي به دينه ‪ ,‬فإن لم يكن له مال و عليه دين فهو فقير وغارم فيعطى‬
‫بالوصفين ‪.‬اهـ ‪.‬‬
‫سع و ليس‬ ‫ما إذا كان الحال كما ُيفَهم من كلم السائل أّنه استدان للتو ّ‬ ‫أ ّ‬
‫ضل منه‬ ‫ق يكفيه حاجته و يف ُ‬ ‫محتاجا لذلك أصل ‪ ،‬و لديه مورد رز ٍ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫مضطرا و ل ُ‬
‫خذ َ من ما الزكاة ما يسدد به‬ ‫بحسب حال المعيشة في بلده ‪ ،‬فليس له أن يأ ُ‬
‫جز عن السداد من َدخله‬ ‫دده من كد ّ يده بحسب طاَقته ‪ ،‬فإن ع ِ‬ ‫دينه ‪ ،‬بل يس ّ‬
‫مسكن الذي اشتراه ‪ ،‬فله‬ ‫) كما لو كان راتبه ل يكفيه و ل ُيغنيه ( و اضطر لل َ‬
‫سع في تقدير‬ ‫عندئذ ٍ أن يأخذ من مال الزكاة بقدر حاجته ‪ ،‬و ليحذر من التو ّ‬
‫ة‪.‬‬
‫ن على نفسه بصير ٌ‬ ‫ل إنسا ٍ‬ ‫الضرورة ‪ ،‬و ك ّ‬
‫جار الذين يستوردون البضائع بموجب قروض و‬ ‫و كذلك الحال بالنسبة للت ّ‬
‫سع‬
‫ن تجارتهم إّنما هي للتو ّ‬ ‫ت مصرفّية ضخمة ‪ ،‬ل ُيعَتبرون غا ِِرمين ‪ ،‬ل ّ‬ ‫ضمانا ٍ‬
‫في العمل ‪ ،‬و طلب الرزق ‪ ،‬و ليست للحاجة ‪ ،‬و لول ذلك لشارك أصحاب‬
‫ن نصيَبهم من الزكاة بدعوى أّنهم غارمون ‪.‬‬ ‫المليين الفقراَء و المساكي َ‬
‫هذا ‪ ،‬و الله أعلم ‪ ،‬و بالله التوفيق ‪.‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫الغاية من الخلق ‪...‬‬


‫موقع إمام المسجد ‪...‬‬
‫‪...‬‬
‫إن الله خلق المخلوقات‪ ،‬وأوجد الموجودات لغاية يريدها‪ ،‬وحكمة يعلمها‪ ،‬ولم‬
‫يخلقهم سدى‪ ،‬ولم يتركهم هم ً‬
‫ل‪.‬‬
‫ولذلك فقد أرسل الرسل‪ ،‬وأنزل الكتب‪ ،‬وبين طريق السعادة ليسلك‬

‫‪169‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫السالكون فيها‪ ،‬وطريق الغواية ليحذر منها ومن القتراب منها‪.‬‬


‫ولقد خلق الله الجن والنس لغاية عظيمة سامية بها حياتهم وسعادتهم إن‬
‫ن?‬ ‫دو ِ‬ ‫س إ ِّل ل ِي َعْب ُ ُ‬ ‫لن َ‬ ‫ن َوا ْ ِ‬ ‫ج ّ‬ ‫ت ال ْ ِ‬ ‫ق ُ‬ ‫خل َ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫هم قاموا بها‪ ،‬قال الله ـ تعالى ـ‪ ?:‬وَ َ‬
‫م إ ِل َي َْنا َل‬ ‫َ‬
‫م عَب ًَثا وَأن ّك ُْ‬ ‫قَناك ُْ‬ ‫خل َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫سب ْ ُ ْ ّ َ َ‬
‫ما‬ ‫ن‬ ‫أ‬ ‫م‬ ‫ت‬ ‫ح ِ‬ ‫]الذريات‪ ،[56:‬وقال تعالى‪ ? :‬أفَ َ‬
‫ن ? ]المؤمنون‪.[115:‬‬ ‫جُعو َ‬ ‫ت ُْر َ‬
‫فالغاية من خلق الخلق هي عبادته وحده ل شريك له‪ ،‬ولكن للسف الشديد‬
‫هناك كثير من الناس لم يعرفوا الغاية التي لجلها خلقوا‪ ،‬وبالتالي هم‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن أك ْث ََرهُ ْ‬
‫م‬ ‫بأ ّ‬ ‫س ُ‬ ‫ح َ‬ ‫م تَ ْ‬ ‫يعيشون عيشة أشبه بعيشة البهائم‪ ،‬قال الله عنهم‪ ? :‬أ ْ‬
‫سِبيًل ?]الفرقان‪.[44:‬‬ ‫ل هُ َ‬ ‫كاْل َن َْعام ِ ب َ ْ‬ ‫م إ ِّل َ‬ ‫يسمعو َ‬
‫ل َ‬ ‫ض ّ‬ ‫مأ َ‬ ‫ْ‬ ‫ن هُ ْ‬ ‫ن إِ ْ‬ ‫قُلو َ‬ ‫ن أوْ ي َعْ ِ‬ ‫َ ْ َ ُ َ‬
‫ن?‬ ‫غافِلو َ‬ ‫ُ‬ ‫م َ‬ ‫خَرةِ هُ ْ‬ ‫ن ال ِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م عَ ِ‬ ‫حَياةِ الد ّن َْيا وَهُ ْ‬ ‫ن ال َ‬ ‫م َ‬ ‫ن ظاهًِرا ّ‬ ‫مو َ‬ ‫وقال تعالى‪ ? :‬ي َعْل ُ‬
‫]الروم‪.[7:‬‬
‫وهؤلء هم الكفار والمشركون‪ ،‬ومع أن الجن والنس وكل المخلوقات تعبد‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫من‬ ‫ه َ‬ ‫جد ُ ل َ ُ‬ ‫س ُ‬ ‫ه يَ ْ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫م ت ََر أ ّ‬ ‫الله وتوحده وتحبه وتسجد له‪ ،‬كما قال تعالى‪ ? :‬أل َ ْ‬
‫َْ‬
‫جُر‬ ‫ش َ‬ ‫ل َوال ّ‬ ‫جَبا ُ‬ ‫م َوال ْ ِ‬ ‫جو ُ‬ ‫مُر َوالن ّ ُ‬ ‫ق َ‬ ‫س َوال ْ َ‬ ‫م ُ‬ ‫ش ْ‬ ‫ض َوال ّ‬ ‫من ِفي الْر ِ‬ ‫ت وَ َ‬ ‫ماَوا ِ‬ ‫س َ‬ ‫ِفي ال ّ‬
‫من‬ ‫ه ِ‬ ‫َ‬
‫ما ل ُ‬ ‫هف َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫ن الل ُ‬ ‫ْ‬
‫حقّ عَلي ْهِ العَ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫من ي ُهِ ِ‬ ‫ب وَ َ‬ ‫ذا ُ‬ ‫س وَكِثيٌر َ‬ ‫ن الّنا ِ‬ ‫م َ‬ ‫ب وَكِثيٌر ّ‬ ‫َوالد َّوا ّ‬
‫ما ي َشاء ? ]الحج‪.[18:‬‬ ‫َ‬ ‫فعَل َ‬ ‫ُ‬ ‫ه يَ ْ‬ ‫ّ‬
‫ن الل َ‬ ‫مك ْرِم ٍ إ ِ ّ‬ ‫ّ‬
‫يٍء إ ِل ّ‬ ‫ش‬ ‫َ‬ ‫من‬ ‫إن‬ ‫و‬ ‫ن‬ ‫ه‬ ‫في‬ ‫من‬ ‫و‬ ‫ض‬ ‫ر‬‫َ‬ ‫ل‬ ‫وا‬ ‫ع‬ ‫ب‬ ‫س‬ ‫ال‬ ‫ت‬ ‫وا‬ ‫ما‬ ‫س‬ ‫ال‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ح‬ ‫ب‬ ‫س‬ ‫ت‬ ‫?‬ ‫وقال‪:‬‬
‫ْ‬ ‫ِ ِ ّ َِ ّ‬ ‫ّ ْ ُ َ ْ ُ َ َ‬ ‫ّ َ َ ُ‬ ‫ُ َ ّ ُ ُ‬
‫فوًرا ? ]السراء‪.[44:‬‬ ‫ما غَ ُ‬ ‫لي‬
‫َ َ ِ ً‬ ‫ح‬ ‫ن‬ ‫كا‬‫َ‬ ‫ه‬ ‫ن‬ ‫إ‬ ‫م‬
‫َ ُ َ َ ْ ِ َ ُ ْ ِّ ُ‬ ‫ه‬ ‫ح‬ ‫بي‬ ‫س‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫هو‬ ‫َ‬ ‫ق‬ ‫ْ‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫كن‬ ‫مد َهِ وَل َ ِ‬ ‫ح ْ‬ ‫ح بِ َ‬ ‫سب ّ ُ‬‫يُ َ‬
‫إل أن هناك ‪ ?:‬وكثير من الناس حق عليه العذاب ? ]الحج‪.[18:‬‬
‫وبالتالي كفر وتعتى وظلم‪ ،‬فأهان نفسه وأوبقها ? ومن يهن الله فما له من‬
‫مكرم ? ]الحج‪.[18:‬‬
‫ومما ل محيد عنه أن من لم يعبد الله فإنه سيعبد غيره‪ ،‬من هوى أو نفس أو‬
‫شيطان أو جاه أو منصب‪ ،‬أو صورة‪ ،‬أو دينار أو درهم‪ ،‬ولذلك جاء في‬
‫الحديث الصحيح عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال‪ :‬قال رسول الله ـ‬
‫صلى الله عليه وسلم ـ‪ ) :‬تعس عبد الدينار وعبد الدرهم وعبد الخميصة‪،‬‬
‫تعس وانتكس‪ ،‬وإذا شيك فل انتقش ( ]رواه البخاري[‪.‬‬
‫وقال ابن القيم‪:‬‬
‫هربوا من الرق الذي خلقوا له قبلوا برق النفس والشيطان‬
‫وهناك فئة من الناس عرفوا الغاية التي لجلها خلقوا‪ ،‬ولكنهم قصروا‬
‫وأساءوا‪ ،‬وأضلوا الطريق فعبدوا الله على جهل‪ ،‬وابتدعوا في دين الله مالم‬
‫يأذن به الله‪ ،‬أو أخذ جزًءا من العبادة وتركوا الجزء الخر‪ ،‬ولم يفهموا معنى‬
‫العبادة الشاملة التي عبر عنها شيخ السلم ابن تيمية بقوله‪ :‬هي اسم جامع‬
‫لكل ما يحبه الله ويرضاه من القوال والعمال الباطنة والظاهرة‪.‬‬
‫فالعبادة تشمل كل عمل ديني‪ ،‬وكل عمل دنيوي مباح وذلك إذا قصد بفعله‬
‫وجه الله والتعبد والحتساب بذلك لله وحده ل شريك له‪.‬‬
‫فإن من أكل ليتقوى على طاعة الله فهو مأجور‪ ،‬ومن تزوج ليعف نفسه‬
‫ويحصن فرجه ويقيم أسرة مسلمة صالحة فإنه مأجور ـ بإذن الله ـ‪.‬‬
‫قال الشيخ سليمان بن عبد الله بن عبد الوهاب ـ رحمهم الله ـ ‪ »:‬ومعنى‬
‫ن ? ]الذريات‪، [56:‬أن الله ـ تعالى‬ ‫دو ِ‬ ‫س إ ِّل ل ِي َعْب ُ ُ‬ ‫لن َ‬ ‫ن َوا ْ ِ‬ ‫ج ّ‬ ‫ت ال ْ ِ‬ ‫ق ُ‬ ‫خل َ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫الية‪ ? :‬وَ َ‬
‫ـ أخبر أنه ما خلق النس والجن إل لعبادته‪ ،‬فهذه هي الحكمة ـ الغاية ـ في‬
‫خلقهم‪ ،‬ولم يرد منهم ما تريده السادة من عبيدها من العانة لهم بالرزق‬
‫والطعام‪ ،‬بل هو الرزاق ذو القوة المتين‪ ،‬الذي ُيطِعم ول ُيطَعم؛ كما قال‬
‫م وَل َ‬ ‫ض وَهُوَ ي ُط ْعِ ُ‬ ‫ت َوالْر ِ‬
‫َ‬ ‫ماَوا ِ‬ ‫س َ‬ ‫خذ ُ وَل ِّيا َفاط ِرِ ال ّ‬ ‫ل أ َغَي َْر الل ّهِ أ َت ّ ِ‬ ‫تعالى‪ ? :‬قُ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ن?‬ ‫كي َ‬ ‫شرِ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ن ِ‬ ‫كون َ ّ‬ ‫م وَل َ ت َ ُ‬ ‫سل َ َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ن أوّ َ‬ ‫كو َ‬ ‫نأ ُ‬ ‫تأ ْ‬ ‫مْر ُ‬ ‫يأ ِ‬ ‫ل إ ِن ّ َ‬ ‫م قُ ْ‬ ‫ي ُط ْعَ ُ‬

‫‪170‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫]النعام‪.« [14:‬‬
‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ه هُوَ‬
‫ن الل َ‬
‫ن إِ ّ‬
‫مو ِ‬
‫ما أِريد ُ أن ي ُطعِ ُ‬ ‫ق وَ َ‬
‫من ّرْز ٍ‬‫من ُْهم ّ‬
‫ما أِريد ُ ِ‬ ‫وقد قال تعالى‪َ ? :‬‬
‫ن ? ]الذريات‪.[57:‬‬ ‫مِتي ُ‬‫قوّةِ ال ْ َ‬
‫الّرّزاقُ ُذو ال ْ ُ‬
‫ثم قال ـ رحمه الله ـ‪ » :‬وعبادته هي طاعته بفعل المأمور‪ ،‬وترك المحظور‪،‬‬
‫وذلك هو حقيقة دين السلم؛ لن معنى السلم هو الستسلم لله المتضمن‬
‫غاية النقياد‪ ،‬في غاية الذل والخضوع‪ .‬قال علي بن أبي طالب‪ :‬في الية‬
‫السابقة‪ » :‬إل لمرهم أن يعبدوني‪ ،‬وأدعوهم إلى عبادتي «‪.‬‬
‫وقال مجاهد‪ » :‬إل لمرهم وأنهاهم «‪ .‬واختاره الزجاج وشيخ السلم‪ ،‬قال‪:‬‬
‫دى ? ]القيامة‪ .[36:‬قال‬ ‫س ً‬
‫ك ُ‬ ‫ن َأن ي ُت َْر َ‬ ‫سا ُ‬ ‫باِْ‬
‫لن َ‬ ‫س ُ‬‫ح َ‬
‫َ‬
‫ويدل على هذا قوله‪ ? :‬أي َ ْ‬
‫الشافعي‪ :‬ل يؤمر ول ُينهى‪.‬‬

‫)‪(1 /‬‬
‫ُ‬
‫ن‬
‫كو ُ‬‫ف يَ ُ‬
‫سو ْ َ‬ ‫قد ْ ك َذ ّب ْت ُ ْ‬
‫م فَ َ‬ ‫م فَ َ‬ ‫م َرّبي ل َوَْل د ُ َ‬
‫عاؤُك ُ ْ‬ ‫ما ي َعْب َأ ب ِك ُ ْ‬ ‫وقوله تعالى‪ ? :‬قُ ْ‬
‫ل َ‬
‫ما ? ]الفرقان‪ [77:‬أي‪ :‬لول عبادتكم إياه‪.‬‬ ‫ل َِزا ً‬
‫ولقد أحسن المام العالم الرباني‪ /‬حافظ بن أحمد حكمي ـ رحمه الله ـ حين‬
‫قال في نظمه الموسوم بسلم الصول إلى علم الصول في توحيد الله‬
‫واتباع الرسول‪:‬‬
‫اعلم بأن الله جل وعل لم يترك الخلق سدى وهمل ً‬
‫بل خلق الخلق ليعبدوه وبالللهية يفردوه‬
‫أخرج فيما مضى من ظهر آدم ذريته كالذر‬
‫وأخذ العهد عليهم أنه ل رب معبود بحق غيره‪.‬‬
‫أسأل الله التوفيق والهدايةوأعوذ به من الخذلن والغواية‬
‫اللهم وفقنا لحسن عبادتك‪ ،‬وأعنا على ذكرك وشكرك ‪ .‬ربنا آتنا في الدنيا‬
‫حسنة وفي الخرة حسنة وقنا عذاب النار‪.‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫الغاية من خلق العباد‬


‫ل يدعون إليها‬ ‫ث جميعَ الُرس ِ‬ ‫ن لها ‪ ,‬وبع َ‬ ‫س والج ّ‬‫ة التي خلقَ الله الن َ‬ ‫فإن الغاي َ‬
‫ن)‬ ‫دو ِ‬ ‫ّ‬
‫س إ ِل ل ِي َعْب ُ ُ‬ ‫لن َ‬ ‫ن َوا ِ‬ ‫ج ّ‬ ‫ْ‬
‫ت ال ِ‬ ‫ق ُ‬ ‫َ‬
‫خل ْ‬ ‫ما َ‬ ‫هي عبادته ؛ كما قال الله تعالى ‪ } :‬وَ َ‬
‫‪ ] { (56‬سورة الذاريات ‪. [ 56 :‬‬
‫خلقَ الِعباد َ ليعبدوه‬ ‫َ‬ ‫مْعنى الية أّنه تبارك وتعالى َ‬ ‫قال ابن كثير رحمه الله ‪ :‬وَ َ‬
‫ّ‬ ‫د‬ ‫أش‬ ‫ذبه‬ ‫ّ‬ ‫ع‬ ‫ُ‬ ‫ه‬ ‫عصا‬ ‫ومن‬ ‫‪,‬‬ ‫الجزاء‬ ‫م‬ ‫أت‬
‫ُ ّ‬ ‫ه‬ ‫جازا‬ ‫ه‬‫َ ُ‬ ‫ع‬‫أطا‬ ‫وحده ل شريك له ‪ ,‬فمن‬
‫َ‬
‫فقراء ‪.‬‬ ‫ج إليهم بل هم ال ُ‬ ‫ه غَي ُْر محتا ٍ‬ ‫ب وأخبَر أن ّ ُ‬ ‫الَعذا ِ‬
‫وهذه الِعبادة المتضمنة لمعرفته ومحبته ‪ ,‬والنابة إليه ‪ ,‬والقبال عليه ‪,‬‬
‫ما سواه ‪ ,‬وذلك متوقف على معرفة العبد لنفسه ؛ ومعرفته‬ ‫والعراض ع ّ‬
‫لربه ‪ ,‬فمعرفة العبد لنفسه ؛ وأنه مهما بلغ به الجاه والسلطان والمال ؛ فهو‬
‫عاجز ضعيف ‪ ,‬ل يملك لنفسه نفعا ول ضرا ‪ ,‬ول موتا ول حياة ول نشورا ‪,‬‬
‫ب كبرياؤهُ وعظم‬ ‫ك ُّلما عَِلم من نفسه ذلك تصاغرت نفسه أمامه ‪ ,‬وذه َ‬
‫م ذلك الفِتقاُر‬ ‫واه ؛ عَظ ُ َ‬ ‫س ّ‬‫خَلقه فَ َ‬ ‫افتقاره ‪ ,‬وك ُّلما عَِلم عن ربه وخاِلقهِ الذي َ‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫سواه ‪ ,‬وك ُّلما عَِلم ِ‬ ‫وزاد تذلل بين يدي ربه وموله ‪ ,‬وانقطع رجاؤه عمن ِ‬
‫ه‬
‫ة لسطوتهِ وجبروت ِ‬ ‫مهِ ‪ ,‬وهيب ً‬ ‫أسمائهِ وصفاتهِ انخلعَ إجلل لرب ّهِ وتعظيما ً لمقا ِ‬
‫ه‬
‫ن نفس ِ‬ ‫ل عَ ْ‬ ‫ل ما يقو ُ‬ ‫ن َأق ّ‬ ‫ه بغيرِ الله ل شيء ‪ ,‬وأ ّ‬ ‫م أن ّ ُ‬ ‫وسلطانهِ وعَل ِ َ‬

‫‪171‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫صالحون وقُط ِعَ بي ‪.‬‬ ‫‪-‬متحسرا ً ‪ :‬والهفاه !! مضى العابدون وال ّ‬


‫طب ‪,‬‬ ‫ك وع َ َ‬ ‫هل َ‬ ‫ث ذلك َ‬ ‫ن حد َ‬ ‫َ‬ ‫ن عبادت ِهِ ط َْرفَ َ‬ ‫ف ّ‬ ‫وعَل ِ َ‬
‫ه إِ ْ‬ ‫ن ‪ ,‬وَأن ّ ُ‬ ‫عي ٍ‬ ‫ة َ‬ ‫ك عَ ْ‬ ‫ه لن ي َن ْ َ‬ ‫م أن ّ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫س وأهواِئها ؛‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫ظ الّنف ِ‬ ‫حظو ِ‬ ‫ن كل ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫ت الله كلما تجّرد قلب ُ ُ‬ ‫وكلما تبين له من آيا ِ‬
‫َ‬
‫كي‬ ‫س‬
‫َُ ُ ِ‬ ‫ن‬ ‫و‬ ‫تي‬ ‫صل‬
‫ِ ّ َ ِ‬ ‫ن‬ ‫إ‬ ‫ْ‬
‫ل‬ ‫ُ‬ ‫ق‬ ‫}‬ ‫‪:‬‬ ‫تعالى‬ ‫قال‬ ‫فيه‬ ‫ة‬
‫ّ ٍ‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫ذ‬ ‫ّ‬
‫ل‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫على‬ ‫ك ُّلما ظ َهََر أث َُر الِعباد َةِ‬
‫ت وَأ ََنا أ َوّ ُ‬
‫ل‬ ‫مْر ُ‬
‫ك ل َه وبذ َل ِ َ ُ‬
‫كأ ِ‬ ‫ري َ ُ َ ِ‬ ‫ش ِ‬ ‫ن )‪ (162‬ل َ‬ ‫مي َ‬ ‫ب ال َْعال َ ِ‬ ‫ماِتي ل ِل ّهِ َر ّ‬ ‫م َ‬ ‫حَياي وَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫وَ َ‬
‫ن )‪] { (163‬سورة النعام ‪. [163-162 :‬‬ ‫مي َ‬ ‫سل ِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫سراِء‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ة في ال ّ‬ ‫ن ‪ ,‬وعُُبوِدي ً‬ ‫ن والْزما ِ‬ ‫ة في جميِع الماك ِ ِ‬ ‫عَبادِهِ عُُبودِي ّ ً‬ ‫ن لله عَلى ِ‬ ‫فإ ّ‬
‫كره ‪.‬‬ ‫ب العبد ُ وي َ ْ‬ ‫ضّراِء ‪ ,‬وله عليهم عبودية فيما ُيح ُ‬ ‫وال ّ‬
‫ن زمان ‪,‬‬ ‫ن ُدو َ‬ ‫مكان ‪ ,‬أو َزما ٍ‬ ‫ن َ‬ ‫ن ُدو َ‬ ‫ة في مكا ٍ‬ ‫وأكثر الخلق قد ي ُعْطون الُعبودي َ‬ ‫ُ‬
‫ضّراِء تعطلوا ‪ ,‬وي ُعْطون فيما ُيحّبون ؛ فإذا‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫سّراء ؛ فإذا ابت ُُلوا بال ّ‬ ‫ُيعطون في ال ّ‬
‫ب الِعباد ؛ وبحسبه كانت‬ ‫ت مرات ُ‬ ‫من َُعوا ‪ ,‬ومن هنا تتفاو ُ‬ ‫هون َ‬ ‫اب ُْتلوا بما ي َك َْر ُ‬
‫مَناِزلهم عند الله تعالى ‪.‬‬ ‫َ‬
‫صَبر ‪,‬‬ ‫عليهِ َ‬ ‫َ‬
‫شكر ‪ ,‬وإذا ابتله ُ َ‬ ‫م الله َ‬ ‫ب أن يكون العبد ُ ممن إذا أن ْعَ َ‬ ‫ولذلك يج ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ض الطاعَةِ حمد َ و َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وانا على‬ ‫معْ َ‬ ‫ن ِ‬ ‫شكَر ؛ وَكا َ‬ ‫ِ‬ ‫ن بأر‬ ‫ن كا َ‬ ‫ب استغفَر ‪ ,‬إ ِ ْ‬ ‫وإذا أذ ْن َ َ‬
‫َ‬
‫ن هذه المور‬ ‫جر ‪ ,‬فإ ّ‬ ‫ب وَز َ‬ ‫ض َ‬ ‫مَر ونهى وغَ ِ‬ ‫ض المعصيةِ ؛ أ َ‬ ‫الخِير ‪ ,‬وإن كان بأر ِ‬
‫ة فلحهِ في دنياه وأخراه ‪ ,‬ول ينفك عبد ٌ عنها‬ ‫ُ‬ ‫ن سعادةِ العبد ‪ ,‬وعلم َ‬ ‫هي عُْنوا َ‬
‫ن وذنوب ‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ومح‬ ‫م‬
‫َِ ٍ‬ ‫ع‬ ‫ن‬ ‫بين‬ ‫ب‬ ‫ِ‬ ‫التقل‬ ‫م‬
‫ُ‬ ‫دائ‬ ‫َ‬ ‫د‬ ‫العب‬ ‫أبدا ً فإن‬
‫شكر ‪ ,‬وهذا ل بد فيها من‬ ‫دها ال ّ‬ ‫قي ْ ُ‬ ‫م من الله تعالى تترادف عليه فَ َ‬ ‫فالول ‪ :‬ن ِعَ ٌ‬
‫فها في مرضاةِ وليها‬ ‫ري ِ‬ ‫ص ِ‬ ‫ث بها ظاهرا ‪ ,‬وت َ ْ‬ ‫طنا ‪ ,‬والتحد ِ‬ ‫ف بها با ِ‬ ‫العترا ِ‬
‫شكرها ‪.‬‬ ‫ها مع تقصيرِهِ في ُ‬ ‫شك ََر َ‬ ‫ل ذلك فقد َ‬ ‫طيها ‪ ,‬فإذا فَعَ َ‬ ‫معْ ِ‬ ‫ديها و ُ‬ ‫س ِ‬ ‫م ْ‬ ‫و ُ‬
‫صب ُْر ‪:‬‬‫سلي ‪ ,‬وال ّ‬ ‫ّ‬ ‫صب ُْر والت ّ َ‬ ‫ه فيها ال ّ‬ ‫ض ُ‬ ‫فْر ُ‬ ‫ن الله تعالى ي َب ْت َِليهِ بها فَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫ح ٌ‬ ‫م َ‬ ‫الثاني ‪ِ :‬‬
‫س‬
‫حب ْ ُ‬ ‫شكوى ‪ ,‬و َ‬ ‫ن عن ال ّ‬ ‫س اللسا ِ‬ ‫ّ‬ ‫حب ْ ُ‬ ‫ط بالمقدورِ ‪ ,‬و َ‬ ‫خ ِ‬ ‫س ّ‬ ‫ن الت ّ َ‬ ‫س عَ ْ‬ ‫ف ِ‬ ‫س الن ّ ْ‬ ‫حب ْ ُ‬ ‫َ‬
‫شعْرِ ونحوه ‪.‬‬ ‫ف ال ّ‬ ‫ب ونت ِ‬ ‫ق الثيا ِ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬
‫َ‬ ‫ن المعصيةِ كاللطم ِ وش ِ‬ ‫الجوارِح ع ْ‬
‫من َْها ‪ ,‬ويستغفُر الله عز‬ ‫ب ِ‬ ‫ن يتو َ‬ ‫ف على العبد ِ َفل ب ُد ّ أ ْ‬ ‫ب ت َت ََراد َ ُ‬ ‫الثالث ‪ :‬ذ ُُنو ٌ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫َ‬
‫هل‬ ‫م ُ‬ ‫ما َ‬
‫هأ َ‬ ‫ة ‪ ,‬وي ََرى ذ َن ْب َ ُ‬ ‫دما وانكسارا و ذِل ً‬ ‫ث له ذ َل ِك ن َ َ‬ ‫حد ِ َ‬ ‫وجل ‪ ,‬ول ب ُد ّ أن ي ُ ْ‬
‫ة‪.‬‬ ‫سكن ً‬ ‫َ‬ ‫م ْ‬ ‫ً‬
‫ث له افتقارا و َ‬ ‫حد ِ ُ‬ ‫ه فَي ُ ْ‬ ‫ب عَن ْ ُ‬ ‫ي َِغي ُ‬
‫م به العبد ُ كما ينبغي انقلبت‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن الثلثة ‪ ,‬فإذا قا َ‬ ‫فمداُر الصبرِ عَلى هَذِهِ الْركا ِ‬
‫ً‬
‫ة ‪ ,‬وصاَر المكروهُ محبوبا ‪ ,‬فإن‬ ‫ة عَط ِي ّ ً‬ ‫ت البل ِي ّ ُ‬ ‫حة ‪ ,‬واستحال ْ‬ ‫من ْ َ‬‫قهِ ِ‬ ‫ح ّ‬ ‫المحنة في َ‬
‫الله سبحانه وتعالى لم يبتله ليهلكه ؛ وإنما ابتله ليمتحن صبره وعبوديته له‬
‫سبحانه وتعالى ‪.‬‬
‫ف‬ ‫ُ‬
‫ولذلك ابتلى الله العباد بتنوع العبادات من واجبات ومنهيات ؛ تخرج عن الل ِ‬
‫ت ‪ ,‬ليرفع الله من سابق فيها واجتهد أعلى المنازل والدرجات ‪.‬‬ ‫والعادا ِ‬

‫)‪(1 /‬‬

‫ففيها تتفاوت مراتب العباد ‪ ,‬وبحسب اجتهادهم كانت منازلهم عند الله تعالى‬
‫‪ ,‬فالوضوء بالماء البارد في شدة الحر عبودية ‪ ,‬والوضوء بالماء البارد في‬
‫شدة البرد عبودية ‪ ,‬ومباشرة الزوجة الحسناء التي يحبها عبودية ‪ ,‬والنفقة‬
‫عليها وعلى عياله ونفسه عبودية ‪ ,‬وتركه المعصية التي اشتدت دواعي نفسه‬
‫إليها من غير خوف من الناس عبودية ‪ ,‬ونفقته في الضراء عبودية ؛ ولكن‬
‫فرق عظيم بين العبوديتين ‪ ,‬فمن كان عبدا لله في الحالتين قائما بحقه في‬
‫المكروه والمحبوب ؛ فذلك الذي حقق العبودية كما يحب الله ويرضى ‪,‬‬
‫فإنهم في حفظه وتحت كنفه ورعايته سبحانه ‪.‬‬
‫فلن يسير العبد إلى الله إل بالعبادة ولن يهنأ بسعادة الدارين إل بالعبادة ‪,‬‬

‫‪172‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ولذلك كان التوحيد الذي خاطب الله به النبياُء جميعا أقوامهم هو ‪ :‬توحيد‬
‫العبادة ‪ -‬توحيد القصد والطلب ‪ -‬وهو اتجاه العبد بقلبه وأقواله وأفعاله لله‬
‫س والهات ‪ ,‬واللحظات‬ ‫ف ُ‬ ‫سبحانه وتعالى ‪ ,‬فالحركات والسكنات والن ّ َ‬
‫والخطرات ‪ ,‬ل بد أن تكون لله ‪ ,‬بل يجب عليك أن تجعل فيك كل ذرة لله‬
‫سبحانه وتعالى ‪ ,‬فلن تقيم العبادة كاملة إل إذا عّبدت فيك كل جارحة‬
‫شعت فيك كل خلية ‪.‬‬ ‫وخ ّ‬
‫ت وَب ِ َ‬
‫ك‬ ‫ك َرك َعْ ُ‬ ‫مل َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في ركوعه ‪ ] :‬اللهُ ّ‬
‫آمنت ول َ َ َ‬
‫صِبي [ ‪) .‬‬ ‫مي وَعَ َ‬ ‫خي وَعَظ ْ ِ‬ ‫م ّ‬ ‫ري وَ ُ‬ ‫ص ِ‬ ‫مِعي وَب َ َ‬ ‫س ْ‬ ‫ك َ‬ ‫شع َ ل َ َ‬ ‫خ َ‬ ‫ت َ‬ ‫م ُ‬ ‫سل َ ْ‬‫كأ ْ‬ ‫َ ْ ُ َ‬
‫‪(1‬‬
‫فلله على العبد في كل عضو من أعضائه أمر ‪ ,‬وله عليه فيه نهي ‪ ,‬وله فيه‬
‫نعمة به ‪ ,‬وله منفعة ولذة ‪ ,‬فإن قام لله في ذلك العضو بأمره واجتنب فيه‬
‫نهيه ؛ فقد أدى شكر نعمته عليه فيه ‪ ,‬وسعى في تكميل انتفاعه ولذته به ‪,‬‬
‫وإن عطل أمر الله ونهيه فيه ؛ عطله الله من انتفاعه بذلك العضو وجعله من‬
‫أكبر أسباب ألمه ومضرته ‪.‬‬
‫وله عليه في كل وقت من أوقاته عبودية تقدمه إليه ‪ ,‬وتقربه منه ‪ ,‬فإن شغل‬
‫وقته بعبودية الوقت تقدم إلى ربه ‪ ,‬وإن شغله بهوى روحه وبطالة بل عمل ؛‬
‫تأخر عن سيره إلى الله ‪ ,‬فالعبد ل يزال في تقدم أو تأخر ‪ ,‬و ل وقوف في‬
‫َ‬
‫خَر )‪{ (37‬‬ ‫م أ َوْ ي َت َأ ّ‬ ‫قد ّ َ‬ ‫ن ي َت َ َ‬ ‫مأ ْ‬
‫شاَء منك ُ َ‬
‫ِ ْ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫الطريق أبدا ‪ ,‬قال تعالى ‪} :‬ل ِ َ‬
‫] سورة المدثر ‪. [ 37 :‬‬
‫ما‬‫فسر الخلق ومبدأه ومنتهاه يعود إلى العبادة ؛ تأمل قول الله تعالى ‪}:‬وَ َ‬
‫ن )‪] { (56‬سورة الذاريات ‪. [ 56 :‬‬ ‫دو ِ‬ ‫س إ ِل ّ ل ِي َعْب ُ ُ‬ ‫لن َ‬ ‫ن َوا ِ‬ ‫ج ّ‬ ‫ت ال ْ ِ‬ ‫ق ُ‬ ‫خل َ ْ‬ ‫َ‬
‫فالسبب والعلة من خلق الجن والنس هي إفراد الله بالعبادة ‪.‬‬
‫دعوة النبياء واحدة ‪:‬‬
‫ولذلك نرى أن جميع النبياء جاءوا بدعوةٍ واحدة ؛ توحيد العبادة لله سبحانه‬
‫م‬
‫سل َ‬‫ّ‬ ‫ه عَل َي ْهِ وَ َ‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫ل الل ّهِ َ‬ ‫سو ُ‬ ‫ل َر ُ‬ ‫ل ‪َ :‬قا َ‬ ‫ن أ َِبي هَُري َْرة َ َقا َ‬ ‫ح عَ ْ‬ ‫وتعالى ‪ ,‬كما ص ّ‬
‫حد ٌ ‪( 2).‬‬ ‫م َوا ِ‬ ‫م َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫‪ :‬اْل َن ْب َِياُء إ ِ ْ‬
‫شّتى وَِدين ُهُ ْ‬ ‫مَهات ُهُ ْ‬ ‫تأ ّ‬ ‫خوَة ٌ ل ِعَل ٍ‬
‫أي أنهم اشتركوا في الصول واختلفوا في الفروع ‪.‬‬
‫فجميع النبياء دعوا قومهم بدعوة توحيد العبادة بل استثناء ‪.‬‬
‫ه ل إ ِل ََ‬ ‫حي إل َيه أنَ‬ ‫َ‬
‫ه إ ِل ّ‬ ‫ِ ْ ِ ّ ُ‬ ‫ل إ ِل ّ ُنو ِ‬ ‫سو ٍ‬ ‫ن َر ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ك ِ‬ ‫ن قَب ْل ِ َ‬ ‫م ْ‬ ‫سل َْنا ِ‬ ‫ما أْر َ‬ ‫كما قال تعالى ‪}:‬وَ َ‬
‫َ‬
‫ن )‪] {(25‬سورة النبياء ‪. [ 25 :‬‬ ‫دو ِ‬ ‫أَنا َفاعْب ُ ُ‬
‫َ‬ ‫قد بعث ْنا في ك ُ ّ ُ‬
‫جت َن ُِبوا‬ ‫ه َوا ْ‬ ‫دوا الل ّ َ‬ ‫ن ا ُعْب ُ ُ‬ ‫سول ً أ ْ‬ ‫مةٍ َر ُ‬ ‫لأ ّ‬ ‫وكما قال تعالى ‪ } :‬وَل َ َ ْ َ َ َ ِ‬
‫ت { ]سورة النحل ‪. [ 36 :‬‬ ‫غو َ‬ ‫طا ُ‬ ‫ال ّ‬
‫ل نبي ‪ ,‬فهذا نوح عليه السلم كما قال‬ ‫و نرى هذا واضحا في خطاب ك ّ‬
‫هَ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫تعالى ‪} :‬ل َ َ َ‬
‫ن إ ِل ٍ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ما لك ُ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫دوا الل َ‬ ‫ل َيا قَوْم ِ اعْب ُ ُ‬ ‫قا َ‬ ‫مهِ فَ َ‬ ‫سل َْنا ُنوحا ً إ َِلى قَوْ ِ‬ ‫قد ْ أْر َ‬
‫ظيم ٍ )‪ ] { (59‬سورة العراف ‪. [ 59 :‬‬ ‫ب ي َوْم ٍ عَ ِ‬ ‫ذا َ‬ ‫م عَ َ‬ ‫ف عَل َي ْك ُ ْ‬ ‫خا ُ‬ ‫غَي ُْره ُ إ ِّني أ َ َ‬
‫دوا‬ ‫ل َيا قَوْم ِ اعْب ُ ُ‬ ‫هودا ً َقا َ‬ ‫م ُ‬ ‫خاهُ ْ‬ ‫عاد ٍ أ َ َ‬ ‫وكما قال تعالى على لسان هود ‪} :‬وَإ َِلى َ‬
‫ن )‪ ] { (65‬سورة العراف ‪. [ 65 :‬‬ ‫قو َ‬ ‫ن إ ِل َهٍ غَي ُْره ُ أ ََفل ت َت ّ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ما ل َك ُ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫الل ّ َ‬
‫صاِلحا ً َقا َ‬ ‫َ‬
‫ل َيا قَوْم ِ‬ ‫م َ‬ ‫خاهُ ْ‬ ‫مود َ أ َ‬ ‫وكما قال تعالى على لسان صالح ‪ } :‬وَإ َِلى ث َ ُ‬
‫ن إ ِل َهٍ غَي ُْره ُ { ] سورة العراف ‪. [ 73 :‬‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ما ل َك ُ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫دوا الل ّ َ‬ ‫اعْب ُ ُ‬
‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ل َيا قَوْم ِ‬ ‫شعَْيبا َقا َ‬ ‫م ُ‬ ‫خاهُ ْ‬ ‫نأ َ‬ ‫مد ْي َ َ‬ ‫وكما قال تعالى على لسان صالح ‪ } :‬وَإ ِلى َ‬
‫ن إ ِل َهٍ غَي ُْره ُ { ] سورة العراف ‪. [ 85 :‬‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ما ل َك ُ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫دوا الل ّ َ‬ ‫اعْب ُ ُ‬
‫قوهُ‬ ‫ه َوات ّ ُ‬ ‫ّ‬
‫دوا الل َ‬ ‫مهِ اعْب ُ ُ‬ ‫قو ْ ِ‬ ‫َ‬
‫م إ ِذ ْ قال ل ِ َ‬ ‫َ‬ ‫هي َ‬ ‫وكذلك إبراهيم عليه السلم ‪ } :‬وَإ ِب َْرا ِ‬
‫ن الل ّهِ أ َوَْثانا ً‬ ‫ن ُدو ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫دو َ‬ ‫ما ت َعْب ُ ُ‬ ‫ن )‪ (16‬إ ِن ّ َ‬ ‫مو َ‬ ‫م ت َعْل َ ُ‬ ‫ن ك ُن ْت ُ ْ‬ ‫م إِ ْ‬ ‫خي ٌْر ل َك ُ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ذ َل ِك ُ ْ‬
‫عن ْد َ‬ ‫م رِْزقا ً َفاب ْت َُغوا ِ‬ ‫ن ل َك ُ ْ‬ ‫كو َ‬ ‫مل ِ ُ‬ ‫ن الل ّهِ ل ي َ ْ‬ ‫ن ُدو ِ‬ ‫م ْ‬‫ن ِ‬ ‫دو َ‬ ‫ن ت َعْب ُ ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫ن إ ِْفكا ً إ ِ ّ‬ ‫قو َ‬ ‫خل ُ ُ‬ ‫وَت َ ْ‬

‫‪173‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ن )‪ ] { (17‬سورة العنكبوت ‪:‬‬ ‫ه إ ِل َي ْهِ ت ُْر َ‬


‫جُعو َ‬ ‫شك ُُروا ل َ ُ‬ ‫الل ّهِ الّرْزقَ َواعْب ُ ُ‬
‫دوه ُ َوا ْ‬
‫‪. [ 17 -16‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫بل نرى صاحب يس يجهر بعبوديته لله عز وجل أمام طغاة قومه الذين‬
‫َ‬
‫ذي فَط ََرِني وَإ ِل َي ْ ِ‬
‫ه‬ ‫ما ِلي ل أعْب ُد ُ ال ّ ِ‬ ‫خالفوا الرسل كما قال عنه سبحانه ‪ } :‬وَ َ‬
‫ن )‪ ] { (22‬سورة يس ‪. [22 :‬‬ ‫جُعو َ‬ ‫ت ُْر َ‬
‫ل حركاته وسكناته ‪ ,‬ويوحده في‬ ‫صد َ ربه بك ُ ّ‬ ‫ق ُ‬ ‫ولذلك كان لزاما على العبد أن ي َ ْ‬
‫ل أمرٍ ونهي ‪ ,‬فل تكون عبادة إل بصفة القصد والطلب لله سبحانه وتعالى ‪,‬‬ ‫كُ ّ‬
‫ولذلك ل يدخل العبد السلم إل بعد قوله ‪ :‬أشهد أن ل إله إل الله وأشهد أن‬
‫محمدا عبده ورسوله ‪ ,‬والمشاهدة هي الخبار بما شاهد بخلف الغيب ‪,‬‬
‫ل)‬ ‫مت ََعا ِ‬ ‫شَهاد َةِ ال ْك َِبيُر ال ْ ُ‬ ‫ب َوال ّ‬ ‫م ال ْغَي ْ ِ‬ ‫عال ِ ُ‬ ‫ولذلك قال سبحانه عن نفسه ‪َ } :‬‬
‫‪ ] { (9‬سورة الرعد ‪ [ 9 :‬فالشهادة هي الرؤيا الواضحة التي ل لبس فيها ول‬
‫شبهة ‪ ,‬وُيقصد بها رؤية القلب قبل رؤية الجوارح ‪.‬‬
‫فتوحيد العبادة هو توحيد القصد والطلب ‪ ,‬هو توحيد اللوهية ‪ ,‬أي أنه سبحانه‬
‫وحده الله المعبود المحبوب ؛ الذي ل تصلح العبادة والذل والخضوع والحب‬
‫إل له‪.‬‬
‫وقد وصف سبحانه صفوة خلقه من أنبياءه وملئكته بالعبادة فقال تعالى ‪:‬‬
‫َ‬
‫عَباد َت ِهِ َول‬ ‫ن ِ‬ ‫ن عَ ْ‬ ‫ست َك ْب ُِرو َ‬ ‫عن ْد َه ُ ل ي َ ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ض وَ َ‬ ‫ت َوالْر ِ‬ ‫وا ِ‬ ‫م َ‬‫س َ‬‫ن ِفي ال ّ‬ ‫م ْ‬ ‫ه َ‬ ‫} وَل َ ُ‬
‫ن )‪ ] { (20‬سورة النبياء ‪:‬‬ ‫فت ُُرو َ‬ ‫ل َوالن َّهاَر ل ي َ ْ‬ ‫ن الل ّي ْ َ‬ ‫حو َ‬ ‫سب ّ ُ‬‫ن )‪ (19‬ي ُ َ‬ ‫سُرو َ‬ ‫ح ِ‬ ‫ست َ ْ‬‫يَ ْ‬
‫‪. [ 20-19‬‬
‫ل‬
‫قو ْ ِ‬ ‫ْ‬
‫ن ال َ‬ ‫م ْ‬ ‫جهْرِ ِ‬ ‫ْ‬
‫ن ال َ‬ ‫ة وَُدو َ‬ ‫ف ً‬ ‫خي َ‬ ‫ً‬
‫ضّرعا وَ ِ‬ ‫ك تَ َ‬ ‫س َ‬ ‫ف ِ‬ ‫ك ِفي ن َ ْ‬ ‫وقال تعالى ‪َ } :‬واذ ْك ُْر َرب ّ َ‬
‫ن )‪ ] { (205‬سورة العراف ‪. [ 205 :‬‬ ‫ن الَغافِِلي َ‬ ‫ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫ل َول ت َك ُ ْ‬ ‫صا ِ‬ ‫ِبال ْغُد ُوّ َوال َ‬
‫َ‬
‫ب ل َك ُ ْ‬
‫م‬ ‫ج ْ‬ ‫ست َ ِ‬‫عوِني أ ْ‬ ‫م اد ْ ُ‬ ‫ل َرب ّك ُ ْ‬ ‫م سبحانه المستكبرين عنها بقوله ‪ } :‬وََقا َ‬ ‫وقد ذ ّ‬
‫ن )‪ ] { (60‬سورة‬ ‫ري َ‬‫خ ِ‬ ‫م َدا ِ‬ ‫جهَن ّ َ‬ ‫ن َ‬ ‫خلو َ‬‫ُ‬ ‫سي َد ْ ُ‬ ‫عَباد َِتي َ‬ ‫ن ِ‬ ‫ن عَ ْ‬ ‫ْ‬
‫ست َكب ُِرو َ‬ ‫ن يَ ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫إِ ّ‬
‫غافر ‪. [ 60 :‬‬
‫و قد بين سبحانه أن الشيطان ليس له على عباده سبيل فقال تعالى ‪َ } :‬قا َ‬
‫ل‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫ن إ ِل ّ َ‬ ‫طا ٌ‬‫سل ْ َ‬ ‫م ُ‬ ‫ك عَل َي ْهِ ْ‬ ‫س لَ َ‬ ‫عَباِدي ل َي ْ َ‬ ‫ن ِ‬ ‫م )‪ (41‬إ ِ ّ‬ ‫قي ٌ‬ ‫ست َ ِ‬‫م ْ‬ ‫ي ُ‬ ‫ط عَل َ ّ‬ ‫صَرا ٌ‬ ‫ذا ِ‬ ‫هَ َ‬
‫ن )‪ ] {(42‬سورة الحجر ‪. [ 42-41 :‬‬ ‫ن الَغاِوي َ‬ ‫ْ‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬
‫ات ّب َعَك ِ‬
‫وقد وصف سبحانه عيسى الذي ادعيت فيه اللهية والبنوة ؛ بأنه عبد ‪ ,‬كما‬
‫َ‬
‫ل )‪{(59‬‬ ‫سَراِئي َ‬ ‫مث َل ً ل ِب َِني إ ِ ْ‬ ‫جعَل َْناه ُ َ‬ ‫مَنا عَل َي ْهِ وَ َ‬ ‫ن هُوَ إ ِل ّ عَب ْد ٌ أن ْعَ ْ‬ ‫قال تعالى ‪} :‬إ ِ ْ‬
‫] سورة الزخرف ‪. [ 59 :‬‬
‫} من كتاب العبادة واجتهاد السلف للشيخ {‬
‫________________________________________‬
‫) ‪ (1‬من حديث علي ‪ ,‬رواه مسلم )‪(771‬‬
‫)‪ ( 2‬عّلت ‪ :‬إخوة لب ‪ .‬رواه البخاري )‪(3443‬‬

‫)‪(3 /‬‬

‫الغرب ‪ ..‬بين خدعة الديموقراطية وأكذوبة حرّية التعبير‬


‫ة‬
‫ب في زعمه أنه ي َت َب َّنى الديموقراطي ّ َ‬ ‫ة يفتضح فيها الغر ُ‬ ‫ف كثيرةٌ ومّتصل ٌ‬ ‫مواق ُ‬
‫ت هنا بسبيل إحصاء هذه‬ ‫قد والدين ‪ .‬ولس ُ‬‫معْت َ َ‬
‫ة ال ُ‬‫ة التعبير أو حري ّ َ‬
‫وحري ّ َ‬
‫دها‬ ‫المواقف ‪ ،‬وإنما سأكتفي بالشارة إلى بعض المواقف الساخنة التي َ‬
‫شهِ َ‬

‫‪174‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ل السابيع القليلة الماضية ‪ ،‬والتي كانت رّدا قاطًعا على زعمه ‪،‬‬ ‫م خل َ‬ ‫العال َ ُ‬
‫ل بمكيالين الذي‬ ‫شك َّلت مظهًرا حّيا للتناقضات التي يتوّرط فيها والكي ِ‬ ‫و َ‬
‫يمارسه في وقاحةٍ أيّ وقاحة ‪.‬‬
‫كر لكل ما عنده من حرية‬ ‫حه أو أهواَءه يتن ّ‬ ‫َ‬ ‫مصال‬ ‫س شيٌء‬ ‫ب عندما يم ّ‬ ‫الغر ُ‬
‫جح بها ؛ فها هو ذا عمدةُ مدينة‬ ‫الرأي والديموقراطية المزعومة التي ي َت َب َ ّ‬
‫ب بالتوقيف عن العمل لربعة أسابيع‬ ‫"لندن" السّيد "كين ليفنجستون" ي َُعاقَ ُ‬
‫ده يوم الجمعة ‪/25‬محرم ‪1427‬هـ الموافق‬ ‫بموجب القرار الصادر ض ّ‬
‫صة للنظر في أداء المسؤولين‬ ‫ص َ‬ ‫خ ّ‬ ‫م َ‬ ‫‪/24‬فبراير ‪2006‬م عن الهيئة التأديّبية ال ُ‬
‫ساسّية‬‫ن تصريحات العمدة‪" :‬تفتقر إلى الح ّ‬ ‫ت القرار بأ ّ‬ ‫المحليين ‪ ،‬التي عَل ّل َ ْ‬
‫مث ّل ً في تشبيهه‬ ‫مت َ َ‬
‫ي" لرتكابه "ذنًبا كبيًرا" ُ‬ ‫مب َّرَرةٍ للصحف ّ‬ ‫ة غير ُ‬ ‫من إهان ً‬ ‫وتتض ّ‬
‫في فبراير ‪2005‬م )محرم‪1426/‬هـ( صحفّيا بريطانّيا يهودّيا في صحيفة‬
‫كر اعتقال نازيّ خلل الحرب‬ ‫س َ‬ ‫معَ ْ‬ ‫"إيفننج ستاندر" الصادرة بلندن بـ"حارس ُ‬
‫العالمّية الثانية"‪.‬‬
‫ن صدوَر الحكم من إحدى‬ ‫م ُ‬ ‫والجدير بالملحظة أن صدور هذا القرار جاء ي َُزا ِ‬
‫م الثنين‪:‬‬ ‫صد ََر في عاصمة النمسا "فيينا" يو َ‬ ‫المحاكم النمساوّية – الذي َ‬
‫‪/20‬فبراير ‪2006‬م = ‪ /21‬محرم ‪1427‬هـ ‪ -‬ضد الكاتب والمؤرخ البريطاني‬
‫"ديفيد أرفينج" بالسجن ثلث سنوات ؛ لنه أنكر حدوث المحرقة اليهودية‬
‫المعروفة بـ"الهولوكوست" )‪. (Holocaust‬‬
‫سْعه أن‬ ‫مط َّبل لحرّية الرأي والداعي لها لحد ّ التقديس لم ي َ َ‬ ‫ن الغرب ال ُ‬ ‫إ ّ‬
‫ة المساس باليهود حتى في إطار حرية التعبير وحرّية الرأي؛‬ ‫مل محاول َ‬ ‫يتح ّ‬
‫خا وسلوكا – "خط أحمر" ليجوز لديه التقارب‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫سا وتأري ً‬ ‫ن اليهود عنده – جن ً‬ ‫ل ّ‬
‫منه فضل ً عن عبوره وتجاوزه ؛ حيث إنهم فوق كل قانون وشرعّية فضل ً عن‬
‫النتقاد والملم والّتهام!‪.‬‬
‫ما عمدة ُ لندن السيد "كين ليفنجستون" فمعاقبُته لت ُعَّري فقط مبدأ "حرية‬ ‫أ ّ‬
‫ما بين يدي السرة الدولّية ‪،‬‬ ‫الرأي" المزعوم الذي يتباهى به الغرب كثيًرا ودائ ً‬
‫ة التي يحملها ضد ّ السلم‬ ‫ة المنتن َ‬ ‫وإّنما ت ُعَّري كذلك الحقد َ السود َ والعصبي ّ َ‬
‫ب عديدة؛ فالعمدة ُ ظل من خلل‬ ‫ة عليها بأسالي َ‬ ‫محاوِل ً التغطي َ‬ ‫والمسلمين ُ‬
‫مواقفه النبيلة يناصر القضايا السلمّية والعربّية عبر السنوات الماضية؛ فهو‬
‫ت النزيه الذي ينبغي‬ ‫مث ُّلون الصو َ‬ ‫من القلئل من قادة وساسة الغرب الذين ي ُ َ‬
‫ما من ضمير الغرب الذي ليفتر يتفاخر بالعدل والمساواة‬ ‫أن يكون نابًعا دائ ً‬
‫ما على صخرة الواقع ؛ لنه لينادي بها‬ ‫ً‬ ‫دائ‬ ‫تتكسر‬ ‫التي‬ ‫المبادئ‬ ‫وحرية الرأي‪:‬‬
‫عن صدق ونزاهة ‪ ،‬وإنما ينادي بها عن غرض أو مرض ‪.‬‬
‫ف‬
‫وقد فضح السيد العمدة بآرائه وتصريحاته الصادقة اليهود َ ‪ ،‬ووقف مواق َ‬
‫ت للصهاينة ضربات مؤلمة للغاية على كل من المستويين‬ ‫شك ّل َ ْ‬
‫عديدة ً َ‬
‫السياسي والعلمي ‪ ،‬وتناولت المشروع الصهيوني في فلسطين بانتقاد‬
‫شديد ‪ ،‬وأداء الحكومة الصهيونية بملم لذع ‪ ،‬وعارضت – على أساس متين‬
‫من المصداقية – العملية العسكرية المريكية الغربية للعراق ‪ .‬كما وقف‬
‫لمة المفكر الداعية المؤّلف المكثار الدكتور يوسف‬ ‫فا مشرًفا عن الع ّ‬ ‫موق ً‬
‫صّر على استضافته بلندن ‪ ،‬رغم الحملت‬ ‫القرضاوي حين دافع عنه وأ َ‬
‫ده العلم الغربي الصهيوني لتشويه سمعة الدكتور‪.‬‬ ‫المكثفة التي شنها ض ّ‬
‫خ ‪ ،‬وتناوله‬ ‫ة ليقاعه في الف ّ‬ ‫صد الفرص َ‬ ‫ومن هنا ظّلت الدوائر الصهيونية تتر ّ‬
‫سه بالتجرأ على ممارسة حرية‬ ‫بالعقاب ‪ ،‬حتى يكون عبرة لكل من تحدث نف ُ‬
‫التعبير بشأن اليهود الذين هم أقدس جنس بشريّ على وجه الرض !‪.‬‬
‫أما الكاتب والمؤرخ البريطاني "ديفيد إرفينج" فكان دنُبه أّنه فَك َّر تفكيًرا نابًعا‬

‫‪175‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫صل إليه تفكيره بحرية عن قضية‬ ‫من حرية الرأي وعّبر عما ت َوَ ّ‬
‫"الهولوكوست" اليهودية أي المحرقة النازية التي أودت – كما يزعم الصهاينة‬
‫– بـ ‪ 6‬مليين يهوديّ ؛ فقد أعلن "ديفيد" أكثر من مرة إنكاَره لهذه القضية‬
‫س ما تعنيه كلمة‬ ‫ة وجعل الدفاع َ عنها أقد َ‬ ‫ة مقدس ً‬ ‫ب قضي ً‬‫التي جعلها الغر ُ‬
‫الدفاع‪ .‬ورغم أن الرأيَ الذي أبداه الكاتب والمؤرخ البريطاني ينبني على‬
‫كدت له أن "الهولوكوست" هي‬ ‫أبحاث ودراسات أجراها على أرض الواقع أ ّ‬
‫مب َّرًرا صلًبا لحتلل‬
‫ةو ُ‬‫ة قوي ً‬
‫ت حج ً‬ ‫صط ُن ِعَ ْ‬
‫أصل ً الكذبة الصهيونية الكبرى التي ا ْ‬
‫العالم‪.‬‬
‫وقد صدق "ديفيد" عندما قال في كتابه "الهولوكوست الخير"‪:‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫ة في‬ ‫"إن اليهود في موقفهم الستغللي لقضية المحرقة يثبتون قدرة ً عجيب ً‬
‫ضا أن نجد من بين‬ ‫صا ؛ بل والمؤسف أي ً‬ ‫ي خصو ً‬ ‫التأثير على الفكر الغرب ّ‬
‫سها ؛ فما‬ ‫ُ‬
‫ت أفعالهم عك َ‬ ‫دقهم في مقولتهم هذه التي ت ُث ْب ِ ُ‬ ‫العرب من يكاد يص ّ‬
‫ل في هجمات بربرّية وحشّية على مناطق عربّية ‪ ،‬مثل جنوب‬ ‫فعلته إسرائي ُ‬
‫جه النساني لديهم ‪ .‬ويكفي أن‬ ‫كد النزعة الدموية الخالية من التو ّ‬ ‫لبنان ‪ ،‬يؤ ّ‬
‫ة "ديفيد ليفي" الخيرة بأّنه سيحرق لبنان ‪ .‬ثم‬ ‫كر هنا مجزرةَ "قانا" ومقول َ‬ ‫نتذ ّ‬
‫دي للعالم كله‬ ‫أيّ عنصرّية أبشعُ من تشريد شعب كامل ‪ ،‬وقتل أبنائه والتص ّ‬
‫ب الرض من الفلسطينيين‬ ‫ل عادل يعطي أصحا َ‬ ‫من أجل الوصول إلى ح ّ‬
‫قهم وليس كّله"‪.‬‬ ‫ضح ّ‬ ‫بع َ‬
‫وأضاف الكاتب والمؤرخ البريطاني قائ ً‬
‫ل‪:‬‬
‫ن الفعل‬ ‫ك أّنها وإن وقعت جزئّيا غير مقبولة إنسانّيا ‪ ،‬إل ّ أ ّ‬ ‫ن المحرقة لش ّ‬ ‫"إ ّ‬
‫ي ليختلف بحال من الحوال في بشاعته عن بشاعة المحرقة إن‬ ‫السرائيل ّ‬
‫كانت حقيقة على الصورة التي يتناقلها اليهود"‪.‬‬
‫ن الغرب الذي يدافع عن حرية التعبير لحد الستماتة ؛ ولحد ّ أنه‬ ‫على كل فإ ّ‬
‫يتضامن مع الدنمارك – البادئة في نشر الرسوم الكاريكاتورّية المسيئة إساءة‬
‫بالغة لرسولنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم – في نشر الرسوم‪ ،‬بحجة‬
‫حرية التعبير‪ ،‬ليزيد المسلمين استياًء وتأذ ًّيا وسخطا ً ولسّيما بعدما شاهدهم‬
‫ن‬
‫خا منقطع النظير؛ ولحد أ ّ‬ ‫جا صار ً‬ ‫يحتجون ضد ّ ذلك في العالم كله احتجا ً‬
‫"حزب الشعب الدانماركي" اليميني يطالب حكومَته بسحب الجنسّية من‬
‫أئمة مسلمين لنهم عملوا على حشد الدعم العربي السلمي ضد هذه‬
‫ل على ممارسة حق حرية التعبير‪ ،‬التي قامت بها صحيفة‬ ‫الرسوم التي تد ّ‬
‫ن رئيس الوزراء‬ ‫"بولندس بوستن" عندما بادرت إلى نشرها ؛ ولحد ّ أ ّ‬
‫ضا باّتا أن يعلن اعتذاَره عن هذه الساءة إلى مسلمي‬ ‫الدانماركي يرفض رف ً‬
‫ة البضائع الدانماركّية‬ ‫العالم رغم إعلن عدد من الدول السلمية مقاطع َ‬
‫ورغم ملحظته فعلّيا للخسائر القتصادية التي بدأت تلحق دولَته جراء‬
‫حا‬
‫خا – جر ً‬ ‫المقاطعة ‪ .‬وذلك لنه يرى أن اعتذاره عن ذلك يمّثل – تمثيل ً صار ً‬
‫حا لهذا الحق النساني النبيل ! ولحد ّ‬ ‫سا واض ً‬‫لروح حرية الرأي والتعبير ودو ً‬
‫ي "بوش" البن – الذي يعتبره العالم كله الذي يؤمن‬ ‫أن رئيس أمريكا الحال ّ‬
‫بالعدل والمنطق ولسّيما المسلمون أكبر إرهابي في العالم بجميع معاني‬
‫الرهاب ودللته وتفسيراته – يضغط على عملئه في العالم السلمي بأن‬
‫يسيطروا على "العنف" و"التطرف" اللذين يمارسهما المسلمون الذين‬
‫يقومون بالتظاهرات والحتجاجات ضد ّ الرسوم المسيئة إلى نبيهم محمد‬

‫‪176‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫صلى الله عليه وسلم ؛ ولحد ّ أن "بوش" و وزيرته الخارجية "رايس"‬


‫يضغطان ضغطا ً قوّيا على الحكومة الفغانية العميلة لمريكا بقيادة عميلها‬
‫"حامد قرضاي" أن تمتنع عن إنزال العقاب على مرتد ّ أفغاني مدعو بـ"عبد‬
‫ما وارتدى المسيحّية المزعومة ‪ ،‬فواجه‬ ‫الرحمن" ارتد ّ عن السلم منذ ‪ 15‬عا ً‬
‫ن المرتد ّ‬
‫قا‪ .‬ذلك أ ّ‬ ‫م شن ً‬ ‫ده وكاد ي ُعْد َ ُ‬ ‫حسب الدستور الفغاني محاكمة ض ّ‬
‫مارس – عند الغرب وأمريكا – حرية الرأي والفكر والعتقاد عندما ارتد ّ عن‬
‫السلم واعتنق المسيحّية ‪ .‬وقد طلعت الصحف لدينا بنبأ الضغط المريكي‬
‫ما عديدة ولسيما يوم السبت ‪ /25 :‬مارس ‪2006‬م )‬ ‫والضغوط المريكية أّيا ً‬
‫‪/24‬صفر ‪1427‬هـ( ‪.‬‬
‫مت َوَقًّعا لكونها عميلة لمريكا‬ ‫وانهارت الحكومة الفغانية – حسب ما كان ُ‬
‫ضا عقلية واختلل ً‬ ‫جة أنه يعاني أمرا ً‬ ‫والغرب – ورضيت بالفراج عن المرتد ّ بح ّ‬
‫فكرّيا ؛ فقد قالت الصحف لدينا يوم الثلثاء ‪ /28 :‬مارس ‪2006‬م )‪/27‬صفر‬
‫ن المعتقل المرتد ّ‬ ‫حوا بأ ّ‬ ‫‪1427‬هـ( إن المحامين الرسميين في أفغانستان ل َوّ ُ‬
‫ي ‪ .‬وجاء‬ ‫حه على أساس فحص عقل ّ‬ ‫رهن التحقيق والمحاكمة قد ي ُط َْلق سرا ُ‬
‫دا أن الحكم بقتله‬ ‫الضغط الغربي بشأن المرتد ّ على الحكومة الفغانية مؤك ّ ً‬
‫ن وزير الصلحات اليطالّية‬ ‫ليكون إل ّ خرًقا لحرية العتقاد والفكر ؛ ولحد ّ أ ّ‬
‫"روبرتو كالديرولي" يقدم ‪ ،‬بحجة الوقوف بجانب قضية ممارسة حق حرية‬
‫التعبير المتمثلة في نشر الرسوم المسيئة لنبينا محمد صلى الله عليه‬
‫وسلم ‪ ،‬على ارتداء "شورت" – قميص – يحمل الرسوم المسيئة ‪ ،‬حتى إن‬
‫م العالمي وعلى دعوة من رئيس‬ ‫الوزير المهين اضطّر تحت ضغط الرأى العا ّ‬
‫دا على أنه ليس‬ ‫مؤَك ّ ً‬
‫وزرائه "سيلفيوبيرلسكوني" أن يستقيل من منصبه ‪ُ ،‬‬
‫ما على ارتدائه القميص‪ ،‬ومدافًعا عن مواقفه المناهضة للسلم‪ ،‬ومطال ًِبا‬ ‫ناد ً‬
‫ن‬
‫م الغربي بالتعاطي بالمثل مع العالم السلمي ‪ .‬والجدير بالذكر أ ّ‬ ‫العال َ‬
‫إقدام الوزير اليطالي المذكور على ارتداء القميص الحامل للرسوم المسيئة‬
‫جّر إلى أّنه أقدم المسلمون الغاضبون على إحراق القنصلية اليطالّية في‬ ‫َ‬
‫صا وإصابة ‪. 55‬‬ ‫"بنغازي" الليبية ‪ ،‬مما أّدى إلى مقتل ‪ 11‬شخ ً‬

‫)‪(2 /‬‬

‫ن الغرب المستميت في سبيل الدفاع عن حرية التعبير والعتقاد ‪ ،‬ليكاد‬ ‫إ ّ‬


‫صل إليه في ضوء دراساته وأبحاثه‬ ‫يحتمل أن يقول عاقل مايراه ويعتقده ويتو ّ‬
‫وقراءة الواقع المتمثل في سياقات التاريخ والملبسات المكتنفة له ‪ ،‬إذا كان‬
‫ن حرّية التعبير والفكر منحصرة‬ ‫ة ‪ .‬فكأ ّ‬ ‫ة الصليبي َ‬
‫ة الصهيوني َ‬
‫س ذلك المصلح َ‬ ‫يم ّ‬
‫فيما وراء هذه المصلحة‪ ،‬ولسّيما فيما يتعّلق بالسلم والمسلمين والقيم‬
‫النسانية النبيلة التي يمّثلها السلم ‪.‬‬
‫ل يمارسه‬ ‫ن قراءة سلوكّيات الغرب بمجموعها من خلل التعامل الذي ظ ّ‬ ‫إ ّ‬
‫كد بوضوح أّنه يعتبر السلم عدّوا رقم واحد ‪ ،‬وأّنه‬ ‫مع السلم والمسلمين يؤ ّ‬
‫قد ودين خرافي وليّ "مبدأ"‬ ‫ليخاف إل ّ هذا المارد الذي ليخضع ليّ ُ‬
‫معْت َ َ‬
‫يفسد على النسان إنسانيته ‪ .‬وكمثال على ذلك من بين المثلة الكثيرة التي‬
‫تفوق الحصَر‪ ،‬نذكر في هذا السياق ما نشرته الصحف العالمية ووسائل‬
‫العلم مؤخًرا ‪ ،‬من أن إحدى الدول الغربية وهي "هولندا" رصدت شروطا ً‬
‫ي في إطار امتحان جديد‬ ‫لمن يهاجر إليها ‪ ،‬من بينها مشاهدة فيلم إباح ّ‬
‫ي؛ حيث أصبح‬ ‫للمهاجرين من دول ليست بينها أمريكا وبلدان التحاد الورب ّ‬
‫ما على أيّ شخص يرغب في الهجرة إلى "هولندا" الخضوعُ لمتحان يثبت‬ ‫لزا ً‬

‫‪177‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬
‫َ‬
‫ن‬‫من المتحا ُ‬ ‫قدرَته على الت ّأقُْلم مع القيم الليبرالّية في هذا البلد ‪ .‬ويتض ّ‬
‫مشاهدة َ لقطات إباحّية من فيلم فاحش دون إعراب عن شعور بالشمئزاز‬
‫والصدمة ‪ .‬وأضاف النبأ أن المتحان يهدف إلى اختبار أهلية التأقلم مع القيم‬
‫صا لدى المسلمين الراغبين في الهجرة إلى هولندا ‪ .‬وذلك‬ ‫الهولندية خصي ً‬
‫للحد ّ من وصول مزيد من المهاجرين المسلمين ‪.‬‬
‫ت تختبر مدى مصداقية‬ ‫فذلك كله فيما يتعلق بحرية الفكر والرأي‪ .‬فإذا رح َ‬
‫ت أّنها ليست إل ّ‬ ‫ب وقائدُته أمريكا وجد َ‬ ‫الديموقراطية التي يتباهى بها الغر ُ‬
‫ب لفساد إنسانية النسان ‪ ،‬وانتزاعه‬ ‫ة لنشر "القيم" التي أنتجها الغر ُ‬ ‫وسيل ً‬
‫من طور النسانية إلى طور البهيمية ‪ .‬وعلى رأسها "القيمتان" ‪ :‬المادّية‬
‫ل حد ّ ؛ فالدعوة ُ إلى إشباع‬ ‫الجامحة والشهوة الجنسية المسرفة المتخطية ك ّ‬
‫الحاجتين و"احترام" القيمتين هما المطلب المثل لدى الغرب ‪ .‬ونشر ثقافته‬
‫ور في المفاسد‬ ‫مت َب َل ْ ِ‬
‫الداعية لذلك ‪ ،‬وحضارته المتمّثلة فيه ‪ ،‬وأسلوب حياته ال ُ‬
‫ة"‬
‫ت على النسانية ‪ ،‬هو المجموع الذي يسميه الغرب "الديموقراطي َ‬ ‫جن َ ْ‬‫التي َ‬
‫و"العدل" و"المساواة" و"الحرية التعبيرّية"‪.‬‬
‫أل ترى أن قتل الزاني والزانية لدى الغرب تصوٌّر غيُر إنساني ‪ ،‬وأن تنفيذ َ حد ّ‬
‫ة ‪ ،‬وأن الختلط ‪ ،‬بين الذكور والناث‪ ،‬وممارسة الجنس خارج‬ ‫السرقة وحشي ّ ٌ‬
‫ة‪ ،‬وأن مغازلة‬ ‫ً‬ ‫ولد‬ ‫ن‬
‫ُ‬ ‫النسا‬ ‫ينالها‬ ‫التي‬ ‫ية‬
‫ّ‬ ‫بالحر‬ ‫ٌ‬
‫ل‬ ‫عم‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫الشرع‬ ‫إطار الزواج‬
‫الفتيات مع الفتيان بشكل سافر علني حقّ من الحقوق التي لبد ّ من‬
‫ممارستها لكل فتى وفتاة ‪ ،‬وأن ممارسة الجنس ودواعيه في الشوارع‬
‫ل إنسان يولد من‬ ‫مة حقٌ من الحقوق التي يتمتع بها ك ّ‬ ‫والحدائق والمكنة العا ّ‬
‫م وي ُط َْلق عليه كلمة النسان ‪ .‬ومن هنا فهذه "القيم" كلها من دعائم‬
‫ّ‬ ‫أب وأ ّ‬
‫ّ‬
‫الديموقراطية الغربّية وأساسّياتها ‪ .‬ولذلك عندما احتلت أمريكا أفغانستان‬
‫والعراق نشرت هذه "القيم" وغيرها من "المبادئ" التي تعمل على ترسيخها‬
‫في أرض أفغانستان وأرض العراق قبل أن توّفر فيهما ما يبقي على حياة‬
‫أهلهما من الغذاء والدواء وما يستر عوراتهم من الكساء ‪ .‬فأغرقت أمريكا‬
‫ن السلمي وقيمه التي‬ ‫البلدين بالفلم الباحّية ‪ ،‬حتى تمتص من أبنائهما الدي َ‬
‫تبعثهم على "العنف" و"التطرف" و"الرهاب" وتغرس فيهم قيم الغرب‬
‫المادّية الباحية التي تبعث على "العتدال" و"النفتاح" و"التأقلم" مع كل فكر‬
‫فاسد وافد متعارض مع الدين السلمي وقيمه‪ .‬وسمحت أمريكا بتدافع‬
‫الصهاينة والمبشرين المسيحيين إلى أفغانستان والعراق ليقوموا بنشاطاتهم‬
‫طة لنزع المسلمين من حضن السلم إلى اليهودية والمسيحية تحت‬ ‫خط ّ َ‬ ‫م َ‬‫ال ُ‬
‫ستار المساعدات والغاثات والعانات ؛ فانتشرت الكنائس ولسّيما في‬
‫العراق ‪ ،‬وتحركت الصهيونية بشكل رهيب لم يعرفه عهد من العهود‬
‫السابقة ‪.‬‬
‫هيا أكثر من مرة أنهما‬ ‫ولعجب إذا كان "بوش" و"توني بلير" كلهما قد ت ََبا َ‬
‫عها في كل من أفغانستان والعراق ‪،‬‬ ‫ة ويحاولن زر َ‬ ‫مّثلن حضارةً متقدم ً‬ ‫يُ َ‬
‫ضر‪،‬‬ ‫َ‬
‫والمناطق المجاورة التي لتعرف لحد الن مثلها في النبالة والتّنور والتح ّ‬
‫ة ‪ ،‬فهم يكرهون‬ ‫ة إنساني ً‬ ‫ن حثال ً‬ ‫مث ُّلو َ‬
‫ن أهلهما المسلمين متخلفون بدائيون ي ُ َ‬ ‫وأ ّ‬
‫ور ! ‪.‬‬
‫ضر والتن ّ‬ ‫س التح ّ‬ ‫ن ثقافَتنا ‪ ،‬ولبد ّ من تلقينهم در َ‬ ‫حضارَتنا وي َُعاُدو َ‬

‫)‪(3 /‬‬

‫ويفضح هذين الممثلين الكبيرين البارزين في تاريخ اليوم للحضارة الغربية‬


‫أّنهما يؤّيدان مادّيا ومعنوّيا وعلى مرأى ومسمع من العالم وبوقاحة ليس‬

‫‪178‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫بعدها وقاحة عدًدا من الديكتاتوريات في العالم التي تمارس ضد ّ شعوبها من‬


‫ب المتعاطي مع العالم السلمي بالزدواجية‬ ‫العتداءات ما يعتبره الغر ُ‬
‫ضا بمقياسه ؛ فالديموقراطية التي يفاخر بها الغرب ليست إل ّ‬ ‫اعتداءات أي ً‬
‫دى له‬ ‫ّ‬ ‫تتب‬ ‫الدول‬ ‫من‬ ‫ة‬
‫ً‬ ‫دول‬ ‫يغزو‬ ‫أن‬ ‫المصلحة‬ ‫تقتضي‬ ‫فعندما‬ ‫؛‬ ‫لمصالحه‬ ‫خاضعة‬
‫ة إلى غزوها لزرع "جّنة"‬ ‫ح ً‬
‫مل ِ ّ‬
‫فيها كثير من السوءات التي تدعوه ُ‬
‫كدت المشاهد‬ ‫الديموقراطّية فيها وإزالة جميع مساحات "النار" منها ‪ .‬وقد أ ّ‬
‫الفغانستانية وبعدها العراقية أن الغرب لتعنيه معاناة الشعوب والمم ‪ ،‬وإنما‬
‫صة أثبتت كون "بوش"‬ ‫وعة ‪ .‬إن القضية العراقية بصفة خا ّ‬ ‫تعنيه المصالح المتن ّ‬
‫وعشيقه "توني بلير" أكبر مجرمين في التأريخ المعاصر وأشنع مجرمين بين‬
‫ن الغرب المتظاهر‬ ‫ي؛ ولك ّ‬ ‫جوا عبر التأريخ البشر ّ‬ ‫الفراعنة الحكام الذين د ََر ُ‬
‫بالعدل والمساواة والنصاف والحقوق النسانية لم يرفع جد ّّيا وبشكل مثمر‬
‫صوَته ليقافهما موقف المجرمين وإدانتهما بارتكاب الجرائم الحربية البشعة‬
‫كد‬‫عا ‪ .‬وقد تأ ّ‬ ‫التي يشاهدها العالم كل لحظة ومحاكمتهما فعقابهما عقاًبا راد ً‬
‫ضا لغزو‬ ‫كذبهما وتلفيقهما للسباب التي ت َذ َّرعا بها لغزو العراق وأي ً‬
‫أفغانستان ؛ حيث إن "بوش" لم يقدم لحد اليوم دليل ً قاطًعا على إدانة‬
‫القاعدة بتفجيرات ‪ /11‬سبتمبر ‪2001‬م ‪ ،‬المر الذي اتخذه وسيلة لغزو‬
‫أفغانستان وتدميرها عن آخرها ‪.‬‬
‫وما دام الحديث يدور حول تباهي الغرب بـ"الديموقراطية" يطرح هناك‬
‫صّرةً على‬ ‫م ِ‬‫ل الغرب ُ‬ ‫حا ‪ :‬لماذا لتزال أمريكا ودو ُ‬ ‫مل ِ ّ‬
‫حا ُ‬ ‫سؤال نفسه طر ً‬
‫ت فيها‬ ‫صوّ َ‬‫معارضة "حماس" التي فازت بأغلبية في النتخابات العامة التي َ‬
‫ة تعني فيما تعنى‬ ‫الشعب الفلسطيني لصالحها ‪ .‬إذا كانت الديموقراطي ُ‬
‫م إرادةِ الشعب فيما يتعّلق بإدارة البلد ؛ فما هو السبب في الصرار‬ ‫احترا َ‬
‫ي على المتناع عن التعاون مع حماس التي كسبت إرادةَ شعبها ؟ وما‬ ‫المريك ّ‬
‫ّ‬
‫هو الداعي لمريكا والغرب على الجماع على ممارسة الضغط عليها للتخلي‬
‫عن مبادئها التي تتبّناها للدفاع عن الشعب الفلسطيني ومقاومة العتداء‬
‫السرائيلي الذي تقف أمريكا والغرب بجانبه ‪.‬‬
‫إّنه ليس السبب إل ّ الحقد على السلم والمسلمين ‪ ،‬ومعاداة القضايا العربية‬
‫العادلة ‪ ،‬وتأييد إسرائيل في عدوانها الوحشي على الشعب الفلسطيني‬
‫ب في خانة المصالح الغربية‬ ‫والراضي السلمية العربية‪ ،‬المر الذي ينص ّ‬
‫المريكية الصليبية الصهيونّية ذات الهداف الكثيرة ‪.‬‬
‫وأعود لقضّية حرية التعبير المزعومة لدى الغرب‪ ،‬لشير إلى أن رئيس تحرير‬
‫القسم الثقافي بصحيفة "جيلندس بوستن" – المسؤول عن نشر الرسوم‬
‫الكاريكاتورّية المسيئة للنبي صلى الله عليه وسلم – الذي كان قد أعلن عن‬
‫مه على نشر رسوم كاريكاتورّية مماثلة ساخرة من‬ ‫خداع أو صدق نّية اعتزا َ‬
‫المحرقة النازّية ضد ّ اليهود المعروفة بـ"الهولوكوست" نقل ً عن مسابقة‬
‫جعَ في‬ ‫ة‪ ،‬رغم أنه كان قد َترا َ‬ ‫ح إجازةً إجباري ّ ً‬ ‫من ِ َ‬
‫أعلنتها صحيفة إيرانية ‪ ،‬قد ُ‬
‫اليوم نفسه عن تصريحاته حول نشر رسوم ساخرة من "الهولوكوست"‬
‫قّرُره‬ ‫ط التحريري الذي ت ُ َ‬ ‫ن إعلنه عن ذلك كان خطأ وأّنه سيلتزم بالخ ّ‬ ‫معْت َب ًِرا أ ّ‬
‫ُ‬
‫ض المسؤولين عن‬ ‫إدارة الصحيفة ؛ لكن تصريحاته الخيرة الواضحة لم ت ُْر ِ‬
‫الصحيفة ‪ ،‬حتى أرغموه على تقّبل إجازة إجبارية ‪.‬‬
‫وفي السياق نفسه جدير بالذكر أن الصحيفة المذكورة التي أقدمت على‬
‫نشر رسوم مسيئة إلى النبي صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬سبق أن رفضت في‬
‫شهر أبريل ‪2003‬م نشر رسوم مسيئة إلى سيدنا المسيح – عليه وعلى نبينا‬
‫ة ردود الفعل الغاضبة من قبل قراء الصحيفة من أبناء‬ ‫الصلة والسلم – خشي َ‬

‫‪179‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وهة ‪.‬‬‫مهم يدين بالمسيحية المش ّ‬ ‫الغرب الذين معظ ُ‬


‫ن الصحيفة حين نشرت الرسوم الساخرة من نبينا محمد صلى الله عليه‬ ‫وكأ ّ‬
‫وسلم تجاهلت ردود فعل المسلمين الغاضبة ‪ ،‬أو أّنها فّرقت بين النبيين –‬
‫ي المسلمين وحدهم على زعم الغرب‬ ‫عليهما الصلة والسلم – لن ثانيهما نب ّ‬
‫‪ .‬والمسلمون ونبيهم يليقون بكل إساءة ‪ ،‬لنهم غثاٌء كغثاء السيل ‪ ،‬ول قيمة‬
‫لهم عند الغرب !!‪.‬‬
‫إن هذا التعامل بل العبث بحقيقة حرية الفكر والتعبير ليحسنه إل ّ الغرب‬
‫كر لكل فضيلة وقيمة لدى الشرق ولسيما المسلمين الذين‬ ‫المتكّبر المتن ّ‬
‫ضرين" ‪.‬‬
‫يحمله كبره على اعتبارهم غير "متح ّ‬
‫)تحريًرا في الساعة ‪ 10‬من الليلة المتخللة بين الثلثاء والربعاء ‪/28-27‬‬
‫صفر ‪1427‬هـ = ‪ /29-28‬مارس ‪2006‬م(‬
‫نور عالم خليل المين‬

‫)‪(4 /‬‬

‫الغرب والسلم رسالة إلى صمويل هانتنجتون صاحب " صدام الحضارات "‬
‫إذا كان الجهاد من أجل تحرير الرض العربية السلمية في فلسطين والعراق‬
‫من المحتلين القتلة اللصوص مصاصي الدماء ‪ ..‬إذا كان هذا الجهاد يقوم به‬
‫أعداء العالم المتحضر – كما أطلق عليهم رئيس المحتلين أولئك في‬
‫تصريحاته إثر ضرب مبنى المم المتحدة بالعراق ‪ -‬فمن يكون هذا العالم‬
‫المتحضر إذن غير جماعات مشتقة من أولئك القتلة اللصوص مصاصي الدماء‬
‫؟‪،‬‬
‫وأليس عجيبا أن الذين يطلق عليهم رئيس المحتلين أولئك أنهم أعداء‬
‫الحضارة اليوم هم أحفاد صانعي الحضارة في التاريخ في وقت كان أسلف‬
‫الرئيس ما يزالون في طور مبكر من أطوار التطور الحيوي في شجرة‬
‫الحياة عند دارون ‪ ،‬ل ندري أي طور كان على وجه التحديد ؟‬
‫أم أن القوة الغاشمة التي يتمتع بها المحتلون القتلة اللصوص مصاصو الدماء‬
‫تبيح لهم – وقد فقدوا فضيلة الحياء – أن يستفرغوا من جوفهم العفن ما شاء‬
‫لهم حياؤهم المفقود ؟ ومفهومهم للحضارة الموؤد ؟‬
‫إنها إذن قضية الحضارة وقد تلطخت بالعهر على أقلم المبشرين من كهنتها‬
‫الكذابين‬
‫ومن هؤلء االكهنة جاء أشهرهم اليوم السيد صمويل هنتنجتون‬
‫يقول صمويل هننجتون في حديث له إلى صحيفة " دي سايت " اللمانية‬
‫تحت عنوان " الحدود الدموية للسلم " كشف فيه عن أبعاد نظريته في‬
‫صدام الحضارات ‪ ،‬وعلقتها بأحداث ‪ 11‬سبتمبر ‪ 2001‬في نيويورك‬
‫وواشنطن ‪ ) ::‬في الحقيقة توجد منافسة تاريخية منذ ميلد السلم في‬
‫القرن السابع والحتلل العربي لشمال أفريقيا والشرق الوسط وأجزاء من‬
‫أوربا ‪ ،‬وفي القرن التاسع عشر تغير الحال حينما بدأ الغرب احتلل الشرق‬
‫الوسط واكتمل هذا في القرن العشرين ( ]‪ ، [1‬هذا هو " مربط الثأر" الذي‬
‫كان وراء ما دبجته يراعته من قبل تحت عنوان صراع الحضارات ‪. .‬‬
‫إن السيد صمويل هنتنجتون إنما نال شهرته بمقولة لم يدرسها عن " صداع‬
‫الحضارات " ثم أذاعها الشمامسة الذين تكاثروا كالذباب من حوله ‪ ،‬ممن‬
‫تلقفوها كمقدمة إعلمية لممارسة ما بيتوه ضد حضارة لم يكن لهم في بنائها‬
‫غير ما هو أحط من أسلحة الدمار الشامل‬

‫‪180‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫يقول الدكتور إيكيهارد شولتس أستاذ الدراسات العربية جامعة ليبتزج ألمانيا‬
‫نقل عن موقع النترنت " إسلم أون لين " بتاريخ ‪ )2003\ 8\9‬إن أطروحة‬
‫دام الحضارات التي كثر الحديث عنها في الونة الخيرة إنما هي‬ ‫ص َ‬
‫صراع أو ِ‬
‫في رأي البعض بالعالم السلمي جزء من الدعاية الغربية لفرض حضارتها‬
‫على الشعوب الخرى‪ ،‬وبالتالي الهيمنة على العالم ومحاولة رخيصة ‪-‬ل بل‬
‫غبية‪ -‬لتمرير هذه التصورات (‬
‫ثم يبين الدكتور إيكهارد مدى جهل صمويل هنتنجتون بالموضوع الذي التصق‬
‫به بالمصادفة فيقول ‪ ) ،‬إنه سرعان ما يتضح للقارئ الحصيف أن كتاب‬
‫هنتنجتون وما يحتويه –إن صرفنا النظر عن عنوانه – ل يتعدى كونه دراسة‬
‫تحليلية لثمانية أجزاء مختلفة من العالم سياسّيا واقتصادّيا وعسكرّيا‪ ،‬ولم‬
‫يتطرق هنتنجتون فيه إلى جوهر الحضارة ول حتى بالقدر الذي يوحي به‬
‫عنوان الكتاب‪ .‬فإن كان الكاتب جاّدا فعل ً في تحليل صراع الحضارات لكان‬
‫عليه أول ً أن يبدأ بتحليل حضارته أو تلك الثقافة التي ينتمي إليها ويدعو‬
‫لقيمها‪ .‬غير أننا ل ُننكر على هنتنجتون نجاحه في إصدار هذا الكتاب؛ حيث إن‬
‫نجاحه ل يعود إلى مضمون الكتاب بل إلى الترويج لفكرة أسماها صراع‬
‫الحضارات والتي أصبحت حديث المقاهي‪.‬‬
‫إن أطراف أي صراع حقيقي ل بد أن تكون متكافئة ليس حضارّيا فحسب بل‬
‫أيضا ً اقتصادّيا وعسكرّيا‪ ،‬وأن تكون الرغبة في التصارع متبادلة وتمثل إرادة‬
‫الطرفين‪.‬‬
‫وانطلقا ً من هذا ربما نتفق مع هنتنجتون في أن هناك فعل ً صراعا حضاريا‪،‬‬
‫غير أن هذا الصراع ينطلق من طرف واحد وهو الحضارة الغربية التي تسعى‬
‫لفرض نفسها بصفتها الحضارة البديلة أو المختارة أو الرقى التي ينبغي‬
‫فرضها على الشعوب الخرى‪.‬‬
‫ً‬
‫ومن هنا يحق للعالم السلمي أن يسأل تحديدا عن نوع أو نمط الحضارة‬
‫التي يريد الغرب فرضها عليه‪.‬‬
‫هل هي حضارة حقوق النسان والتجارة المتكافئة والتبادل الحضاري واحترام‬
‫سيادة الدول؟‬
‫أم حضارة اجتياح السلع الستهلكية الغربية للسواق ودعم النظم المستبدة‬
‫ما دامت موالية للغرب وتحقق المخطط الستراتيجي للدول الكبرى‪..‬‬
‫حضارة صعود الجسد وجراحات التجميل وماكدونالدز والكوكا كول؟‬
‫إنه لمن المسلم به – في رأي الكثير من مفكري العالم السلمي وغير‬
‫السلمي‪ -‬أن انهيار التحاد السوفييتي والكتلة الشرقية قد حفز الغرب إلى‬
‫البحث عن عدو جديد يتناسب مع مقاييسه ومواصفاته‪.‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫وإذا ما نظرنا إلى الخريطة السياسية للعالم العربي والسلمي لدركنا مدى‬
‫المشاكل الجمة والشائكة التي تعاني منها هذه الدول‪ ،‬وبالتالي تنامي‬
‫الحركات السلمية الباحثة عن بديل نتيجة خيبة أمل شعوب هذه الدول‬
‫ويأسها من النظمة القائمة في تحقيق الحد الدنى من العدالة الجتماعية‬
‫والديمقراطية‪ ،‬كل هذه السباب والعوامل مجتمعة جعلت من السلم‬
‫المرشح الول لوضعه في الطار الذي رسمه له الغرب‪.‬‬
‫إننا نرى أن أي شكل من أشكال الديمقراطية والقيم المرتبطة بها التي‬
‫ُتفرض من خارج الحدود إنما تؤدي بالتالي وبصورة حتمية إلى انتقاص في‬

‫‪181‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫السيادة الوطنية لتلك الدولة ومصادرة قرارها السياسي‬


‫وأنا على يقين من أن العالم العربي على أتم الوعي بهذه الحقيقة‬
‫لذا فقد آن الوان للتصدي لهذه المشكلة بإطلق الحريات السياسية تدريجّيا‬
‫وإشاعة الحد الدنى من الديمقراطية‬
‫ول يشترط في هذه الديمقراطية أن تسترشد بنفس القيم ونفس الليات‬
‫الموجودة في الديمقراطية الغربية‬
‫بل يجب أن تراعي الظروف المحلية الخاصة ومنظومة القيم الخلقية‬
‫والدينية‪ ،‬وما يقدمه الدين السلمي من مقدمات وأنظمة وحلول للمعضلت‬
‫المختلفة التي يواجهها المجتمع‪.‬‬
‫إن تم ذلك فسيشكل – وبحق‪ -‬مصدر قوة لهذه النظمة‪ ،‬وليس مصدر ضعف‬
‫أو خطر كما يتصور البعض أحياًنا‬
‫حب البساط من تحت أقدام‬ ‫وبالتالي يتم إسقاط كافة الحجج والذرائع وس ْ‬
‫المتباكين على واقع الديمقراطية وحقوق النسان في العالم العربي (‪ .‬اهـ‬
‫أما إذا كان السيد صمويل ما يزال مصرا على التحضير لصراع حضاري‬
‫لحساب قوى رأسمالية معروفة فإننا نقول له ‪:‬‬
‫إذا كنت تدعو – رغائبيا أو ربما موضوعيا – إلى حتمية الصدام بين الحضارة‬
‫الغربية والسلم فماذا تتصور عن نتائجه ؟‬
‫هل يمكن أن تكون النتيجة المستهدفة في انتصار الحضارة التي تقوم على‬
‫العرقية وتعمل وفقا ً لسياسة التطهير العرقى ‪ ،‬والبادة البشرية والتصفية‬
‫الجسدية ‪ :‬في أمريكا " الهنود الحمر " حيث كان الوروبيون على علم بوجود‬
‫القارة الميركية قبل كولومبوس بفترة طويلة‪ ،‬ثم قرروا فتح القارة بهدف‬
‫"نهب" ثرواتها فقط‪.‬‬
‫وكما يقول شافيز رئيس فنزويل في تصريح له نشرته الجزيرة بتاريخ ‪\13‬‬
‫‪ 2003\10‬أن ) جنود الجتياح رفعوا صليب المسيح وباسم الرب هاجموا‬
‫شعبا وارتكبوا مجزرة في حقه ونهبوه وزرعوا المراض" التي قضت على‬
‫الهنود‪( .‬‬
‫وهكذا كان المر في الندلس‬
‫وفي الشرق الوسط ) فلسطين والعراق (‬
‫وأفريقيا ) مئات المليين في تصدير السود إلى أمريكا … (‬
‫و في شرق أوربا ‪ : ،‬البوسنة والهرسك … وبلد البلقان ‪ ،‬والشعوب‬
‫السلمية الخارجة من ظلمات التحاد السوفيتي‬
‫وحلف الناتو الذي أعلن عدواته للسلم حسب تصريح المين العام لحلف‬
‫الناتو في صحف ‪ .1995\3‬؟‬
‫وفي شرقنة السلم ‪،‬‬
‫وفي التفرقة العنصرية ‪،‬‬
‫لكن ما ذا تظنون أنكم فاعلون بالمسلمين في نفس السياق ؟ ألست تتكلم‬
‫إذن باسم حضارة غبية ل ترى أبعد من وقع أقدامها ‪.‬‬
‫كيف لكم أن تطهروا العالم من المسلمين ؟ مليار مسلم ؟ هنا تظهر عناية‬
‫الله بالمسلمين في التكاثر وزيادة النسل ‪.‬‬
‫إنكم ل تبتعدون في سياستكم تلك عن غباء السياسة السرائيلية التي تظن‬
‫أنها يمكن أن تسحق مائتي مليون عربي يتنظرون بهم واقعة كبرى عند‬
‫منعطف تاريخي قادم ‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫ُ‬
‫فعناصر المقاومة في السلم مكفولة ‪ :‬بالقنبلة الذرية ‪ ،‬في مواجهة القنبلة‬
‫ذرية ‪.‬وبالمقاومة الخالدة في بقاء قدس أقداس هذه الحضارة " القرآن"‪.‬‬ ‫ال ٌَ‬

‫‪182‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وببشارة الرسول ‪ r‬لنا " بدأ السلم غريبا ً ‪ .‬وسيعود غريبا ً كما بدأ " ‪ ،‬وعندئذ‬
‫يكون تراجعه الحالي – وهذا ما لم تفهمه ‪ -‬لحساب نقائه القادم ‪.‬‬
‫إن الستمرار في هذا الغباء الصدامي الصمويلي لن تجنى منه النسانية غير‬
‫المواجع واللم ‪ .‬ولكنه ــ أبدا ً ــ لن يحقق أغراضكم في إزالة " الخر " وتلك‬
‫عمق أعماق سياساتكم …‬
‫إننا نقول لقيادات الحرب في صفوفكم صفوف الحضارة الغربية الهاوية نحو‬
‫الهاوية ‪ ..‬لقد وسعناكم في إطار أهل الكتاب ‪ .‬ففي أي إطار وسعتمونا‬
‫أنتم ؟ وبماذا سميتمونا ؟‬
‫هل وسعتنا حقوق النسان الصادرة عنكم وهي حقوق مشروطة بالتخلص من‬
‫حركة النهضة السلمية ؟‬
‫هل وسعتنا حريتكم الفكرية ‪ ،‬وهي تحتضن مقولت الفسق والفجور في‬
‫روايات سلمان رشدى وما أشبهه ‪ ،‬ول تسع بحثا ً علميا ً حول مصداقية إبادة‬
‫اليهود في ألمانيا كتبه روجيه جارودى ؟ هل وسعتنا علمانيتكم ‪ ،‬وهي‬
‫مشروطة بالتخلص من السلم باعتباره ل يدين بالعلمانية ؟‬
‫هل وسعنا نظامكم العلماني ــ في شرق أوربا ــ البوسنة والهرسك وكوسوفا‬
‫وبقية المسلسل ؟ هل وسعتنا علما نيتكم التي باسمها اليوم تستصدر فرنسا‬
‫قانونا بتحريم الحجاب على تلمذة المدارس المسلمات وتسمح في الوقت‬
‫نفسه بتمييز المسيحية واليهودية فتسمح للمسيحيات بالصليب إذا كان صغيرا‬
‫‪ ،‬ولليهود بالطاقية اليهودية إذا كانت صغيرة مع العلم مسبقا أن الصغير‬
‫والكبير متروك لتقدير الخبراء !! وأنه في مجال الحجاب ل صغير ول كبير؟‬

‫)‪(2 /‬‬

‫هل وسعتنا ديموقراطيتكم وهي مشروطة بالتخلص من السلم باعتباره‬


‫ملتزما بشريعة إلهية ؟‬
‫هل وسعتنا ديموقراطيتكم التي تعلن الفيتو على احتمال قيام دولة إسلمية‬
‫في العراق ؟‬
‫وهل وسعتنا ديموقراطيتكم وهي مشروطة بتربعكم فوق عرش القوة فإذا‬
‫اهتز العرش سلكتم طريق الهمج والبرابرة بحجة المن كأحط ما تكون‬
‫الحجة عند النظم الديكتاتورية ؟‬
‫وهل وسعتنا ديموقراطياتكم التي ضاقت بالمسلمين في الوليات المتحدة‬
‫كما ضاقت بحرية البحث الكاديمي في الجامعات والمراكز المختصة بشئون‬
‫الشرق الوسط في الوليات المتحدة المريكية فذهبت تصدر حاليا التعليمات‬
‫والقرارات التي تخنق هذه الدراسات وتصادر فرص إنتاج أكاديمي عالمي‬
‫جديد من وزن إدوارد سعيد باسم محاربة الرهاب ؟‬
‫هل وسعتنا نظم عدالتكم القانونية التي تقنن استثناء رئيس وزراء "‬
‫بيرلسكوني " من المحاكمة باسم الحصانة ؟‬
‫وما معنى الحصانة أليس اسما مهذبا كالسماء التي برعتم فيها لما هو في‬
‫حقيقته تعطيل القانون ؟ وهي عدالة سرعان ما انقلبت إلى تقنين الظلم‬
‫والظلمات عندما جرحتكم أحداث الحادي من سبتمبر واسأل وزير عدلكم‬
‫مستر شكروفت ؟‬
‫هل وسعتنا قوانينكم الدولية التي تصدر ضد مجرمي الحرب ثم يستثنى منها‬
‫جنودكم وقياداتكم عندما تقتلون المسلمين ؟‬
‫هل وسعتنا قوانينكم المنية في محكمة النقض في الوليات المتحدة التي‬

‫‪183‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫تلغي حكما من القضاء – بدرجة أقل – لصالح المعتقل ‪ ،‬بادعاء دستورية‬


‫قانون السرية في حالت المقبوض عليهم من المسلمين بعد الحادي عشر‬
‫من سبتمبر ‪ 5000 ) :‬معتقل منذ أكثر من سنتين لم توجه التهمة لغير ثلثة‬
‫ولم تتم إدانة أكثر من واحد ( ‪ ، 2003 \6\19‬؟‬
‫هل وسعتنا نظمكم التربوية وأنتم الذين ل زالت مناهجكم تلقن تلميذكم‬
‫الكاذيب والحقاد ضد الدين السلمي والحضارة السلمية ــ كما هو ثابت‬
‫في الدراسات التي تناولت هذا الموضوع في مصادركم نفسها ؟‬
‫إذا أردنا أن نجيب من منطلق قيمي فتعال نتفق أول على المبدأ ‪ :‬أن يكون‬
‫الحل في انتصار الحضارة التي تسمح للخر بأن يوجد على ظهر هذه‬
‫الرض ‪ .‬حلو ؟ اتفقنا ؟‬
‫الحل هو في انتصار الحضارة التي تتعايش في ظلها القليات والطوائف ‪.‬‬
‫الحل هو في انتصار الحضارة التي تؤمن للثقافات المختلفة أن تعبر عن ذاتها‬
‫؟‬
‫الحل هو في انتصار الحضارة التي تسمح للفكار المختلفة بأن تعبر عن ذاتها‬
‫في كافة أرجاء المعمورة ولو وقفت منها ) حضارتكم الرائدة ( موقف النقد‬
‫والنكران ‪.‬‬
‫الحل هو في انتصار الحضارة التي تؤمن بأنه " ل إكراه في الدين "‪256‬‬
‫البقرة ‪.‬الحل هو في انتصار الحضارة التي تمتثل أمر الله في قوله تعالى ‪} :‬‬
‫ل ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم ُيخرجوكم من دياركم أن‬
‫تبروهم وُتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين { ‪ 8‬الممتحنة‪ .‬الحل هو في‬
‫انتصار الحضارة التي تؤمن بقوله تعالى } يا أيها الناس إٌنا خلقناكم من ذكر‬
‫وأنثى وجعلناكم شعوبا ً وقبائل لتعارفوا ‪ 13 { ..‬الممتحنة ‪.‬‬
‫ما رأيك ؟‬
‫أتجد هذا في مقدسات حضارتك ؟ طبعا ل ‪ ،‬وإل لم تكن لتدعو – راغبا – إلى‬
‫الصدام مع الخر متسترا – كذبا ‪ -‬بالموضوعية‬
‫الحل إذن – وهذا للسف ما لن يعجبك ‪ -‬هو في انتصار الحضارة السلمية ‪،‬‬
‫فهي التي انطوت ــ مع الخلف ــ على السماحة ‪ ،‬ومع النكار على‬
‫التسامح ‪ ،‬ومع التكفير على الذمة ‪ :‬نظريا ً كما انطوت على ذلك عمليا‬
‫‪..‬ولحكمة عليا ‪ :‬ــ وربما كانت هذه الحكمة للذي نحن فيه ‪ ... -‬ضمن السلم‬
‫) لهل الكتاب ( ‪ ،‬موقعا ً حصينا ً في المجتمع السلمي ‪ .‬وقام المسلمون‬
‫على تقدير هذا الموقع ‪ ،‬ولم يخامرهم قط خاطر التطهير العرقي ‪ ،‬أو إبادة "‬
‫الخر " ‪...‬‬
‫لقد كانت الحضارة السلمية وعاء انصهرت فيه القوميات والجنسيات‬
‫والعروق والشعوبيات ‪ ،‬ابتداء من أقصى الشرق في الصين ‪ ،‬مرورا ً بفارس ‪،‬‬
‫والشرق الوسط ‪ ،‬وتركيا والندلس وشرق أوربا ‪...‬وأفريقيا‬
‫وكما يقول شيخ الزهر الراحل ) المام الكبر الشيخ جاد الحق إبراهيم جاد‬
‫الحق رحمه الله ( في رسالة له إلى مؤتمر برلمان " أديان العالم" الذي‬
‫انعقد في شيكاغو في الفترة من ‪ 28/8‬إلى ‪ ) . 4/9/1993‬إن المسلمين لم‬
‫يقترفوا في تاريخهم الطويل ما يشينهم ‪ .‬فلم يضطهدوا شعبا ً ولم ُيكرهوا‬
‫أحدا ً على الدخول في السلم ‪ .‬ولم يقوموا بعمليات تطهير عرقي أو تفرقة‬
‫عنصرية ‪ ،‬ولم يحدث أن أبادوا أتباع دين من الديان الخرى ‪ .‬وليس أدل على‬
‫ذلك من أن البلد التي دخلت في السلم ــ منذ كان وفي العصور المتعاقبة‬
‫وللن ــ مازال بها الجمع الغفير من الديانات الذين كانوا بتلك البلد حين‬
‫دخلها السلم ‪ ،‬ولو كان الحكم السلمي وقتذاك قد مارس ما يمارسه‬

‫‪184‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫أصحاب الديانات الخرى في العصر الحاضر ما بقى في بلد المسلمين من‬


‫أتباع الديان الخرى أحد( مجلة الزهر ــ ديسمبر ‪.1993‬‬

‫)‪(3 /‬‬

‫وانظر إلى ما يقوله الستاذ الدكتور أحمد طربين ــ أستاذ التاريخ السلمي ‪-‬‬
‫عن معاملة الدولة العثمانية للمسيحيين ‪ ) :‬يبدو أن كثيرا ً ممن كتب في هذا‬
‫الموضوع ‪ ،‬يرى أن الدولة العثمانية أساءت معاملة غير المسلمين ‪ ،‬وخاصة‬
‫بعد أن ضمت إليها العالم العربي السلمي ‪ ...‬وبالمقابل فإن عديدا ً من‬
‫المؤرخين المنصفين يرون أن السلطين برغم اعتقادهم في قرارة نفوسهم‬
‫بأن المسيحيين لبد أن يكونوا حلفاء طبيعيين للقوى الوربية المسيحية‬
‫المعادية للعالم السلمي ‪ ،‬فإنهم لم يتجاوزوا حدود معاملة المسلمين‬
‫السمحة ــ السابقة ــ بل كان تسامح التراك العثمانيين مع مسيحيي الوليات‬
‫العربية أشد وضوحا ً من تسامحهم مع مسيحيي البلقان الذين كانوا في‬
‫بلدهم أغلبية تتآمر مع النمسا ‪ .‬كما يرون أن الدولة العثمانية حافظت على‬
‫أملكهم وحرية عبادتهم وكنائسهم ‪ ،‬وفتحت لهم أوسع أبواب العمل الحر في‬
‫الزراعة والصناعة والتجارة ‪ ،‬فانتظموا في سلك الحرف المختلفة على قدم‬
‫المساواة مع زملئهم المسلمين ‪ ،‬وكانوا معهم في تعاطف وود ‪ ،‬بل إنهم‬
‫برزوا في ميدان التجارة الخارجية لصلتهم مع الوربيين ‪ ،‬وتكونت منهم طبقة‬
‫برجوازية غنية ‪ ،‬وها هي ذي سجلت المحاكم الشرعية في مختلف الحواجز‬
‫العربية تشهد بذلك ‪ ( ...‬المجلة العربية للعلوم النسانية بجامعة الكويت‬
‫العدد ‪ 31‬صـ ‪.269‬‬
‫إن عجز الحضارة الوربية المعاصرة عن دور التسامح هذا هو الذي يشكك‬
‫في إمكانية التعدد الحضاري بعيدا ً عن مظلة السلم ‪.‬‬
‫إنها إذن قضية الحضارة وقد أصابها الزيف على يد اللصوص أو غرقت في‬
‫النزف على أنياب القتلة أو تلطخت بالعهر على أقلم المبشرين من كهنتها‬
‫الكذابين‬
‫إن السلم هو المرشح الوحيد لوراثة الحضارة المعاصرة قبيل أن تسقط ــ‬
‫لمصلحة النسانية ــ وليقوم بنفس الدور الذي قام به في وراثة الحضارة‬
‫اليونانية والرومانية والفارسية من قبل ‪ .‬هناك كانت الوراثة بأن ضم العمل‬
‫إلى العلم خلفا لليونان ‪ .‬واليوم فإن الوراثة بأن يضم اليمان إليهما خلفا‬
‫لوربا ‪.‬‬
‫وهذا ل يعنى أن الحضارة السلمية تنحصر ضمن قيود ضيقة ‪ ،‬أو أنها خاضعة‬
‫دائما ً لتفاصيل ما تم إنجازه في تاريخ الحضارة السلمية ‪.‬‬
‫إن أقصى ما نقرره من قيود للحضارة السلمية ل يتعدى ثلثية ‪ :‬العلم‬
‫والعمل واليمان ‪ .‬وهي بعد ذلك ــ ومع ذلك ــ تقبل أن تتم إنجازها في صور‬
‫متعددة ولكنها متقاربة ‪ ،‬فيصبح التعدد هنا كالتنوع داخل الجنس الواحد ‪،‬‬
‫فيخرج إلى الوجود حضارة إسلمية ينتجها العرب ‪ ،‬كما يخرج إليه حضارة‬
‫إسلمية ينتجها الفرس ‪ ،‬أو حضارة إسلمية ينتجها العثمانيون ‪ ،‬أو حضارة‬
‫إسلمية تنتجها أوربا ‪.‬‬
‫إن الجمع بين أركان الحضارة الثلثة التي هي العلم والعمل واليمان هو‬
‫مجمع تحديات المستقبل بالنسبة للنسان على هذه الرض ‪ ،‬وهنا تبدو لنا‬
‫ملمح نصرة السلم في مستقبل صنع الحضارة خصوصا ً إذا لحظنا بعض‬
‫الظواهر التي تبدو أمامنا منذ الن ومن أهمها ‪ :‬أن العالم السلمي صائر‬

‫‪185‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫حتما ً إلى ولدة جديدة ‪ ،‬وهذا هو مصدر الفزع عند كهنة الحضارة الغاربة‬
‫لقد فاتت الفرصة على اليابان لوراثة هذه الحضارة فيما يقوله هارولد‬
‫لسكي ) لقد كان من الممكن أن تتعلم اليابان كيف تكون قنطرة بين‬
‫الشرق والغرب ‪ ،‬ولكن يبدو أنها لم تستفد شيئا ً سوى ذلك الدرس الغث ‪:‬‬
‫الستعمار القتصادي ‪ ،‬لقد اكتشفت " المهارة " في لندن وبرلين وباريس‬
‫ونيويورك ‪ ،‬ولكنها ــ أي اليابان لم تكتشف مثلهم الهدف الكبير الذي تهب له‬
‫هذه المهارة‪ (..‬محنة الديموقراطية ج ‪ 1‬ص ‪. 13-12‬‬
‫إنه إذا كانت الصين ــ فيما يقال ــ تتطلع بمليارها إلى وراثة هذه الحضارة‬
‫المتداعية فقد يتساءل البعض منا ‪ :‬ــ لم ل نتطلع بدورنا ــ إن صلح أمرنا كما‬
‫يقول الدكتور رشدي فكار في كتابه نهاية عمالقة ص ‪ 138 – 137‬ــ إلى‬
‫مكاننا في هذه الوراثة ؟ بمليارنا السلمي الذى يرتكز على الوطن العربي‬
‫والذي يمتد إسلميا ً في آسيا وافريقيا ؟‬
‫الخرون المتطلعون إلى هذه الوراثة يتفاوتون في ارتكازهم على وحدة‬
‫الرض ‪ ،‬أو وحدة اللغة ‪ ،‬أو وحدة التاريخ ‪ ،‬أو وحدة العقيدة ‪ ،‬بينما نحن‬
‫المسلمين نرتكز على هذه الركائز جميعا ً ؟‬
‫و يتفاءل بعض المفكرين الغربيين المنصفين – وهم قلة ‪ -‬بوراثة السلم‬
‫لهذه الحضارة المتداعية ‪ ،‬إذ يقول روجيه جارودى ) لقد سبق للسلم أن‬
‫أنقذ امبراطوريات متهافتة من الفناء في القرن السابع الميلدى‪(.‬‬

‫)‪(4 /‬‬

‫ولعل هذا هو ما يبيته القدر للسلم مرة أخرى أن يرث الحضارة المعاصرة‬
‫ليعطيها ما قد فقدته ‪ :‬هدف اليمان ‪ ،‬أن تكون الحضارة لله ‪ .‬يقول الله‬
‫تعالى ‪ } :‬إن الرض لله يورثها من يشاء من عباده ‪ 128 { .‬العراف ‪.‬‬
‫ويقول تعالى } ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الرض يرثها عبادى‬
‫الصالحون ‪ 105 { .‬النبياء ‪ .‬ويقول تعالى } وأورثنا القوم الذين كانوا‬
‫يستضعفون مشارق الرض ومغاربها التى باركنا فيها { ‪ 137‬العراف ويقول‬
‫تعالى } وأورثكم أرضهم وديارهم وأموالهم وأرضا ً لم تطؤوها { ‪ 27‬الحزاب‬
‫‪ .‬ويقول ‪ ) r‬بدأ السلم غريبا ً ويعود غريبا ً كما بدأ ( صحيح مسلم‪.‬‬
‫لكن السؤال الذي ينبغي أن يلح على المسلمين اليوم هو ‪ :‬إذا كان السلم‬
‫هو المرشح لنقاذ هذه الحضارة أو لوراثتها ‪ ،‬فهل المسلمون المعاصرون‬
‫مرشحون أيضا ً لهذه الوراثة ؟ إنه كما يقول بعض المفكرين ــ الدكتور يحيى‬
‫الرخاوى ــ ل يمكننا ذلك ) طالما نحن ل نفعل إل أن نكرر حياتهم على‬
‫مستوى أفشل وبمحتوى أضحل ( ‪ ) .‬ولن يغير من المر شيئا ً أن نضيف إلى‬
‫نموذجهم نشاطا ً خاصا ً بالجانب الوجدانى القلبى المتدين ‪..‬‬
‫وليس بديل ً ما ندعيه من ممارسات إسلمية لمجرد أن اللفتة تعلن شيئا ً‬
‫مختلفا ً عن لفتتهم ‪ ،‬نمارس تحته ما يملونه علينا ‪.‬‬
‫ولن ينفعنا أن نشق أنفسنا إلى نصفين ‪ :‬فنعيش حياتنا العلمية والسياسية‬
‫والقتصادية بأسلوب علمانى تمت صياغته هناك ‪ .‬ونعيش حياتنا الروحية‬
‫بتسليم عاطفي حالم ‪.‬‬
‫ولن يصلح من شأننا أن نستغل الحماس للسلم لتجميع طاقات الشباب‬
‫لتحقيق تغيير يؤدى في النهاية إلى الوجه الخر من نفس الحضارة العلمانية‬
‫التي نشيع قرب غروبها( ‪.‬‬
‫ثم يستمر قائل ً ‪ ) :‬ليس بالضرورة أن يكون تأزم حال المسلمين يعنى تأزم‬

‫‪186‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫السلم ‪ .‬فكما نكرر دائما ً ‪ " :‬أزمة جيل ليست بأزمة مصير " و " أزمة نخبة‬
‫ليست بأزمة أمة " ( ‪.1984 \1\16‬‬
‫ومهما يكن فإن المسلم المرشح لهذا الدور لن يتحقق عن طريق الشباع‬
‫الستهلكي ‪ ،‬والتطلع إلى شهوات الدنيا ومتاعها أو جمع فتات موائد الكبار‬
‫من الصواريخ وأسلحة الدمار ‪.‬وإنما يتحقق مستعيدا ً لذاته ‪ ،‬وبنائه ‪ ،‬كإنسان‬
‫في عصر عزت فيه إنسانية النسان ‪.‬‬
‫فهو بملياره الذي نطمع أن يتحلى في سلوكه بالقرآن ‪ ،‬يمثل النسان‬
‫المتوازن المتعادل روحا ً وجسدا ً ونفسا ً ‪ ..‬المتعادل في مشيته وإنفاقه ‪ ،‬بل‬
‫حتى في صوته الخاشع لربه ‪ ،‬ومنه يستمد الهدى والنور ‪.‬‬
‫النسان الذي يعيد إلى التصميم الهندسي للحضارة كما أراده الله ‪ :‬جانب‬
‫اليمان في ثلثيته ‪ :‬العلم والعمل واليمان ‪.‬‬
‫هذا المسلم بسلوكه المتميز يمكنه أن يكون هو أداة التصحيح لمواريث هذه‬
‫الحضارة ‪ -،‬بعد أن تسقط ‪ -‬بإرجاع مشروعها الجديد إلى طريق " الحضارة‬
‫لله " ‪.‬‬
‫ً‬
‫السلم ممثل في عصر النبوة بالوحي الخالد ‪ ،‬والسنة الشريفة والجتهادات‬
‫البناءة في تراث المسلمين هو الذي يشق طريقه الن إلى قلوب البسطاء‬
‫في كل مكان ‪ ،‬كما يشق طريقه إلى العمالقة في حضارة الغرب ‪ ،‬بعد أن‬
‫أعيتهم الطرق ‪ ،‬طالبين النجاة لعقل كرمه الله ‪ ،‬وإنسان أسلم وجهه لله ‪.‬‬
‫ولكن ذلك كله لن يكون إل وفق سنن الله في الكون ‪.‬‬
‫إن العناية اللهية تظللنا في جميع أدوار حياتنا ‪ ،‬ولكن من العناية اللهية أيضا ً‬
‫أن يكون هذا الكون خاضعا ً لنظام ‪ ،‬وأن تكون الحضارة خاضعة لقوانين ‪ .‬إنه‬
‫ل عناية بغير النظام ‪ .‬ول رحمة بغير القوانين ‪ ! .‬كيف نطلب الرحمة بإبطال‬
‫القوانين ؟ كيف نطلب الرحمة باللرحمة ؟ قوانين الله في التغيير ‪ ،‬قوانين‬
‫الله في النصر ‪ ،‬قوانين الله في الحصول على الدنيا ‪ ،‬قوانين الله في عموم‬
‫البلء ‪ ،‬قوانين الله في التلؤم بين الحكام والمحكومين ‪ ،‬قوانين الله في نمو‬
‫المال ‪ ،‬قوانين الله في أكل الحلل ‪ ،‬قوانين الله في الجهاد والمر بالمعروف‬
‫والنهى عن المنكر ‪ ،‬قوانين الله في قبول الدعاء أورده …‬
‫فهل يبدو على الفق الدامي وارث قريب ؟‬
‫وإذا كان السيد حسن نصر الله المين العام لحزب الله في لبنان قال في‬
‫تصريح له بتاريخ الربعاء ‪ 17‬سبتمبر ‪ 2003‬في افتتاح المؤتمر الدولي‬
‫للعلم العربي والسلمي في بيروت ) أما آن للعرب والمسلمين أن ييأسوا‬
‫من أمريكا … ( ‪ ،‬فإن لنا أن نترجمها إلى عبارة أكثر عمومية وأقل‬
‫دبلوماسية ‪ ) :‬أما آن للعرب والمسلمين أن ييأسوا من الغرب … (‬
‫في صحيح مسلم بسنده عن أبي نضرة قال كنا عند جابر بن عبد الله فقال‬
‫يوشك أهل العراق أن ل يجبى إليهم قفيز ول درهم ‪ .‬قلنا ‪ :‬من أين ذاك ؟‬
‫قال‪ :‬من قبل العجم يمنعون ذاك‬
‫ثم قال ‪ :‬يوشك أهل الشام أن ل يجبى إليهم دينار ول مدى ‪ .‬قلنا ‪ :‬من أين‬
‫ذاك ؟ قال‪ :‬من قبل الروم‬
‫ثم سكت هنية ثم قال قال رسول الله ‪ :‬يكون في آخر أمتي خليفة يحثي‬
‫المال حثيا ل يعده عددا ‪.‬‬
‫والله أعلم‬
‫]‪ \ [1‬جريدة السبوع ‪ 16‬سبتمبر ‪ 2002‬ص‬

‫)‪(5 /‬‬

‫‪187‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الغرب والسلم صراع موضوعي بين حضارتين‬


‫إننا نؤكد ‪ -‬والحداث تشهد ‪ -‬أن المسئولين في الغرب عندما اختاروا موقع‬
‫العداء للسلم وحضارته ‪ ،‬ووصفوه بوكر الفعى ‪ ،‬كما فعل نيكسون ‪ ،‬فإن‬
‫ذلك لم يرجع في العم الغلب ــ كما يشيع البعض ــ إلى سوء عرض منا ‪ ،‬أو‬
‫سوء فهم منهم ‪ ،‬ولم يرجع إلى ما عليه حال المسلمين اليوم من تخلف ‪ ،‬أو‬
‫ما عليه حال بعضهم من تطرف ‪ ،‬ولكنه يرجع إلى اختلف جذري في أصول‬
‫كل من الحضارتين‪ ،‬وفي الوقت الذي يدركون فيه ذلك يدركون تحرك كل‬
‫منهما نحو العالمية ‪ ،‬فيجعلهم ذلك يفزعون إلى خططهم المدروسة في‬
‫الساءة إلى السلم ‪ ،‬وتشويه صورته عمدا ً ‪ ،‬وبكل ما يملكون من وسائل‬
‫الدفاع عن الذاتية الخاصة جريا على منهجهم الذاتي في ) إبادة الخر( ‪.‬‬
‫إن علينا أن نعترف بأن هناك تناقضا ً بين النسق السلمى ــ أو بتعبير آخر بين‬
‫الحضارة السلمية ــ والحضارة التى تسمى " غربية تارة ‪ ،‬وأوربية أو‬
‫أمريكية تارة ‪ ،‬وعالمية تارة أخرى " ‪ .‬وهو تناقض موضوعي ‪ :‬تماما ً كما‬
‫يكون التناقض بين المحافظة على " ذات " في مقابل المحافظة على " ذات‬
‫" أخرى ‪.‬‬
‫وإني لحيي الستاذ الفاضل الدكتور محمد سليم العوا في تعليقه على‬
‫ظاهرة من ظواهر النمياع الثقافي بمقاله بجريدة السبوع ‪2004\2\16‬‬
‫وهي ظاهرة تفشي الحتفال بما يسمى "عيد الحب ‪ :‬عيد فالنتين " في بلدنا‬
‫السلمية ‪ :‬وأستسمحه في نقل جزء من تعليقه بنصه ‪ :‬إذ يقول ‪) :‬وكنت‬
‫عندما يسألني بعض شبابنا عن السبب الذي من أجله أقول لهم ل تحتفلوا‬
‫بهذا اليوم أرده إلي تميزنا الديني والثقافي والحضاري‪ .‬وأقول له إن كان‬
‫لليوم علقة بالقديس )أو القديسين( المقتولين‪ ،‬فإنه إذن عيد للمسيحية‬
‫الغربية ل شأن له بالمسيحية الشرقية وكنائسها الوطنية‪ .‬وإن كان ل شأن له‬
‫بذلك‪ ،‬فهو عادة ثقافية وحضارية ل أصل لها عندنا‪ ،‬ولو أن كل ذوي حضارة‬
‫قبلوا عادات الحضارات الخري‪ ،‬وانتحلوها وقلدوهم فيما يصنعون فيها‪،‬‬
‫لذابت حضارتهم وانمحت هويتهم وفقدت خصوصيتهم الثقافية التي دونها ل‬
‫يكونون …‪ !!..‬وكنت أذكر دائما أنه إذا كان قولنا للمخالفين في الدين هو '‬
‫لكم دينكم ولي دين' فإنه كذلك يكون قولنا للمخالفين ثقافيا وحضاريا‪ ،‬لئل‬
‫نذوب فيهم أو تفني مميزات ثقافتنا فيما نستورده من تقاليدهم وعاداتهم‪(.‬‬
‫ثم ينتقل سيادته إلى التعليق على مشاركة إحدى الصحف القومية في‬
‫الترويج لهذه الظاهرة ‪ ،‬والدهى من ذلك إدماجها ضمن صفحتها الدينية‬
‫وتوريط فضيلة المفتي بكلمة عن الحب الخلقي في السلم فيما أرادت به‬
‫الصحيفة أن يكون تأييدا لهذه الحتفالت لم يقصده المفتي‪ :‬يقول الستاذ‬
‫الدكتور محمد سليم العوا ) ما الذي يدعوني اليوم إلي هذا الحديث كله؟‬
‫يدعوني إليه ما صنعته احدي كبريات الصحف القومية العربية في مصر‪ :‬لقد‬
‫خصصت صفحتها الدينية يوم الجمعة الموافق ‪ 22‬ذي الحجة ‪1424‬ه‬
‫‪ 13/2/2004‬كاملة لموضوع الحب‪ .‬واستصدرت فتوي من مفتي مصر تقول‬
‫إن الحب من أهم الركان الخلقية في السلم‪ .‬وصد ٌ‪î‬رت حديثها عن‬
‫الموضوع كله بأنهم )أي الغربيون( اكتشفوا الحتفال بعيد الحب مؤخرا وهو‬
‫في السلم صورة الشاعر الصوفي الكبير عمر بن الفارض الملقب بسلطان‬
‫العاشقين‪.‬‬
‫وشتان بين ما يعبر عنه الحب باعتباره قيمة أخلقية إسلمية كما قال فضيلة‬
‫المفتي وبين ما يعبر عنه الحب عند الصوفية من ناحية‪ ،‬وبين ما يعبر عنه‬
‫الحتفال بيوم القديس فالنتين من أنواع الحب وصور ممارسته من ناحية‬

‫‪188‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫أخري‪.‬‬
‫إنني ل أستطيع أن أكتفي بتخطئة المقارنة بين المفهومين‪ .‬ول أجد في قلمي‬
‫الجرأة علي كتابة الوصف اللئق بما صنعته الصحيفة القومية المصرية)!(‬
‫ولم يسيطر علي نفسي شئ منذ طالعت صفحتها الدينية يوم الجمعة‬
‫الماضي أكثر من حديث الرسول صلي الله عليه وسلم‪ ' :‬لتتبعن سنن من‬
‫قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع ‪ ،‬حتي لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه وراءهم‪.‬‬
‫قالوا‪ :‬اليهود والنصاري يا رسول الله؟ قال‪ :‬فمن غيرهم' ؟‬
‫وأنا أهدي هذا الحديث الشريف‪ ،‬بل هذا المقال كله‪ ،‬إلي القائمين علي أمر‬
‫تلك الصحيفة وصفحتها الدينية‪ .‬لعلي أكون قد قمت ببعض واجب النصيحة‬
‫ي‪ î‬لهم!! (‬
‫الواقع عل ٌ‬
‫ولقد اسعدني ما وجدته من توافق مع سيادته في تقرير مبدأ " الخصوصية‬
‫الحضارية " ‪ ،‬وإن كنت ل ازعم أنه قد يصل بيننا إلى حد تقرير مبدأ حتمية‬
‫الصراع ‪ ،‬و قد نلتقي عند تقرير مبدأ " التدافع " ففيه الكفاية إذ هو على كل‬
‫حال – وفي حده الدنى – يمثل الصورة المهذبة من صور الصراع‬

‫)‪(1 /‬‬

‫أما الذين ينكرون واقع الصراع بين الحضارات أصل فإنهم يتجاهلون ذلك كله‬
‫ثم يتجاهلون أن راية الصراع فيما يخص صراع الغرب مع الحضارة السلمية‬
‫إنما ظهرت أول في الجهة الخرى ‪ ،‬أي في الجهة التي ل يملكون حق‬
‫التحدث باسمها ‪ ،‬كما يتجاهلون أن فلسفة الصراع والبقاء للصلح هي‬
‫الفلسفة المتربعة على عرش الفكر المعاصر لم تتزحزح عنه منذ دارون إلى‬
‫هربرت سبنسر إلى مختلف موديلت الفكر المعاصر بغير استثناء ‪ ،‬فكأنهم‬
‫واعين أو غير واعين يساعدون الصراع على أن يأتي صرعا لنا من جهة العدو‬
‫على غير استعداد ‪.‬‬
‫يتحدثون عن التفاعل ‪ ،‬ويتحدثون عن التبادل ‪ ،‬ويتحدثون عن التلقح ‪،‬‬
‫ويتحدثون عن الحوار – كأنما انحسر المفكر إلى أقبية الدبلوماسية ‪ ،‬فلم ل‬
‫يتحدثون أيضا عن التضارب ‪ ،‬وعن التعارض وعن التناقض ‪ ،‬وإل فأين ذهبت‬
‫حضارات السومريين والفينيقيين والبابليين والكلدانيين وعاد وثمود‬
‫والمصريين القدماء ؟ ولماذا ذهبت حضارة الهنود الحمر ‪ ،‬وحضارة الندلس ‪،‬‬
‫وما الذي حققته الحروب الصليبية ‪ ،‬وحروب المغول والتتر ‪ ،‬وحروب "‬
‫التعديل الحضاري " بين القوميات الصاعدة في القرنين التاسع عشر‬
‫والعشرين ؟ وأخيرا فلم ل يتحدثون عن التدافع ثم التصارع كوعاء تاريخي‬
‫واقعي لذلك كله ؟‬
‫كيف يفسر لنا هؤلء تكالب الغرب على إزهاق جميع محاولت نهوض المة‬
‫العربية والسلمية في العصر الحديث – على القل – بدءا من محمد علي‬
‫إلى الشريف حسين وجمال الدين الفغاني وحسن البنا وعبد الناصر وصدام‬
‫حسين مهما اختلفنا مع بعضهم في بعض أعمالهم أو توجهاتهم ؟‬
‫كيف يفسرون لنا المذبحة التي تجري لعلمائنا اليوم في العراق ثم في‬
‫باكستان ثم في الصفوف المذهولة والصامتة من زملئهم في كافة البلد‬
‫العربية السلمية الذين ينتظرون دورهم أو يحاولون التبرؤ من ماضيهم ‪ ،‬أو‬
‫يبحثون عمن يشتريهم لقاء تبرئتهم أو إطلق سراحهم ‪ ،‬ثم في الجيال‬
‫المتفرجة والتي لم تظهر بعد من شبابنا وأطفالنا ومن لم يولد بعد منهم ‪،‬‬
‫وما هو متوقع نتيجة لذلك من تأثير مرعب ل يقل عن تأثير محاكم التفتيش‬

‫‪189‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫في العلماء في القرون الوسطى ؟ وكيف لحد أن يدعوهم بعد إلى ممارسة‬
‫العلم بدل من ممارسة اللهو والرقص والدعارة ؟‬
‫كيف يفسر لنا هؤلء مأساة علمائنا الذين أصبحوا بين يوم وليلة موضع‬
‫المطاردة بدل من التمجيد وموضع التحقير بدل من الجلل والتخليد ‪ ،‬وصاروا‬
‫يتعرضون اليوم لمذبحة أخذت تجري وسط تعتيم إعلمي جبان خاضع‬
‫لتهديدات السيد رامسفيلد الوقحة ‪ ..‬مقارنة بما يحدث من إعلم صاخب لو‬
‫أن راقصة باتت في ليلها عكرة المزاج ‪ ،‬أو بما يحدث من تخصيص قناة‬
‫فضائية كاملة عربية – مثل – لما يسمى " ستار أكاديمي " لنتخاب أفضل‬
‫راقص أو راقصة أو مغن أو مغنية ‪ ،‬بعد مرورهم ومرورهن بتجربة معيشية‬
‫يومية مختلطة كاملة ليام متتالية ليل نهار لست أدري مداها ‪ ، !! ،‬وأخرى‬
‫لعرض عدد معين من الفتيات للزواج تحت شعار " مع الهوا سوا " كأنه سوق‬
‫نخاسة عصرية أربعا وعشرين ساعة كل يوم ولمدة ثلثة شهور أو أكثر ؟ ؟‬
‫كيف يتواقح هؤلء المنكرين منا لواقع الصراع بين الحضارتين – من أمثال‬
‫علي حربي في حلقة أخيرة من حلقات التجاه المعاكس بقناة الجزيرة ‪-‬‬
‫ليتوجهوا باللوم "إلى طبيعة المة " تبرئة لسيادهم من جريمة الصراع الذي‬
‫هم أعلنوه والذي هم حّتموه ‪ ،‬بل من جريمة محاولة إزهاق قيم الخير‬
‫والصلح والنهضة وفي قمتها العلم والعلماء ؟‬
‫كيف يفسر هؤلء ما نشهده من ملحقة العلماء في بلدنا اغتيال وإذلل‬
‫وتجريما وتجريحا واعتقال وتجويعا وتشهيرا في مسلسل بدأ بيحيى المشد ‪،‬‬
‫وهاهو ينشط بعلماء العراق ‪ ،‬ثم بعلماء باكستان ‪ ،‬وهم كما يقول الستاذ‬
‫سالم الفلحات في مقاله القيم بهذه الجريدة اللكترونية " الشعب " بتاريخ‬
‫‪ 2004\2\13‬بخصوص أبي النووية السلمية عبد القدير خان وزملئه‬
‫وتلميذه من علماء باكستان ) الذين لو وافقوا لشترتهم امريكا بالمليارات‬
‫لخدمة مشروعها وحرمان امتهم من علمهم‪ ..‬العلماء الباكستانيون الذين‬
‫استطاعوا تجنيب باكستان احتلل ً هنديا ً تلوح به الهند بين الفنية والخرى‪ ،‬لم‬
‫يمنعه حسن الخطاب او توجيه السلح للهل والصدقاء والجيران انما منطق‬
‫»واعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل«‪ ،‬ول يفل الحديد إل‬
‫الحديد‪ ،‬والمتمثل بامتلك سلح الردع الذي تمكن العلماء الباكستانيون من‬
‫تسخيره وتطويره دفاعا ً عن السيادة الباكستانية امام التهديد الهندي‬
‫المستمر‪.‬‬
‫كيف تسوغ الحكومة الباكستانية والرئيس الباكستاني مطاردة شبابها العلماء‬
‫الفذاذ تحت ذريعة »امريكية المنشأ« وهي أن العلماء تعاونوا مع إيران وليبيا‬
‫} وكوريا الشمالية { في هذا المجال ونقلوا لها خبراتهم؟ وما المانع من‬
‫ذلك؟ أليس هذا هو الصل إن صح؟ … (‬

‫)‪(2 /‬‬

‫وما رأي الدكتور فاروق الباز والدكتور أحمد زويل اللذين يخدمان المشروع‬
‫المريكي وهما يعلنان السف لعدم توافر الظروف المناسبة لخدمة‬
‫بلدهم ؟؟ هل لنهما كانا يتوقعان مصير الدكتور يحيى المشد وعبد القدير‬
‫خان فآثرا السلمة ؟ أم ماذا ؟ } وهل يعتقدان حقا أن الفق العلمي الذي‬
‫يشيدانه في بلد المهجر ليس من المحرمات على غيره {‬
‫إنه الصراع بين حضارتين‬
‫وهو الصراع الذي يمكن لنا أن نتعامل معه إيجابا بشرط أن نفهم أسبابه‬

‫‪190‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ودواعيه‬
‫وفهمنا لسابه ودواعيه ل يمكن أن يظهر ما لم نتحرر من غسيل المخ‬
‫المنصب فوق رءوسنا منذ أكثر من قرن ‪ ،‬من أبواق الرافعين رايات‬
‫الستسلم " والتحضر " !! ‪ ،‬الجاثمين تحت أقدام التغريب والعولمة ‪،‬‬
‫المتغزلين في محاسن " وحدانية الحضارة " بشرط أن تأتي زاحفة تحت‬
‫تضاعيف ثياب بوش ‪ ،‬أو مدهونة بأصابع شارون ‪ ،‬أو متبرجة بخنوثة مايكل‬
‫جاكسون ‪ ،‬أو متخفية وراء نفاقيات العلمانية ‪ ،‬أو متلقحة بأكاذيب التنوير ‪ ،‬او‬
‫متسلحة بقبائح الباتشي والدبابات ؟‪.‬‬
‫ومن هنا فنحن إن تفاءلنا فإنما نتفاءل برايات الزاحفين علينا من شياطين "‬
‫الورأمريصهيونية " من حيث إنهم وبمكر الله وحده قد تكفلوا بفضح ما غرقنا‬
‫ي للتعامل مع هذا الصراع الحضاري القديم‬ ‫فيه من ألغاز ‪ ،‬كشرط أّول ّ‬
‫الجديد ‪.‬‬
‫********‬
‫إنه صراع بين حضارتين تستند كل منهما إلى عقيدة مناقضة للخرى سواء‬
‫لحظنا العلمانية التي تقوم عليها حضارتهم منذ عصر النهضة أو رجعتهم أخيرا‬
‫إلى دين ‪ ،‬وإذا كانت علمانيتهم مشهورة فإن رجعتهم إلى الدين تحتاج إلى‬
‫تأكيد‬
‫نجد شهادة الدكتور ادوارد سعيد في مقاله بمجلة " الكتب ‪ :‬وجهات نظر "‬
‫عدد إبريل ‪ - 2003‬ص ‪20‬إذ يقول ‪:‬‬
‫) والوليات المتحدة هي الدولة الوحيدة في العالم التي تبدي بشكل علني‬
‫تمسكها بأهداب الدين ‪ ،‬فحياة المة مشبعة بالحالت على الله من قطع‬
‫النقد إلى المباني العامة إلى الشهادات اللغوية من مثل " بالله نؤمن " " إلى‬
‫بلد الله " " بارك الله أمريكا " إلخ ‪ ،‬والقاعدة التي يقوم عليها حكم بوش‬
‫مؤلفة من حوالي ‪ 60‬إلى ‪ 70‬مليون رجل وامرأة ‪ ،‬يؤمنون مثله بأنهم التقوا‬
‫يسوع المسيح وأنهم وجدوا على الرض من أجل إتمام عمل الله في بلد الله‬
‫‪….‬‬
‫إننا بإزاء ديانة نورانية نبوية ذات قناعة راسخة برسالتها الرؤيوية التي ل‬
‫علقة لها ألبتة بواقع المور وتعقيداتها ‪(..‬‬
‫ومن مقال الدكتور ديفيد بلنكس أستاذ التاريخ بالجامعة المريكية بالقاهرة‬
‫بمجلة " الكتب وجهات نظر " بعدد إبريل ‪ 2003‬ص‬
‫) قد يكون مستغربا بالنسبة لبعض غير الغربيين أن يكتشفوا أن المريكيين‬
‫عموما شديدو التدين ‪ ،‬فالمريكيون الذين يؤمنون بالله أكثر بكثير من‬
‫نظرائهم الوربيين والسرائيليين ‪ ،‬وهم أكثر انتظاما في حضورهم الصلوات‬
‫في أماكن العبادة ‪ ، ،‬وتبين دراسة أجريت أخيرا بعنوان " مسح التعرف على‬
‫الهوية الدينية المريكية عام ‪ 2001‬أن المريكيين أقل علمانية مما يفترضه‬
‫كثير من غير المريكيين ‪ ،‬وقد تبين من الستطلع أن ‪ % 75‬وصفوا موقفهم‬
‫بأنه ديني أو ديني إلى حد ما (‬
‫ويقول ) لماذا يؤيد النجيليون إسرائيل ؟ هذا ليس نتيجة للعلم أو الضغط‬
‫اللوبي اليهودي أو أي عامل خارجي آخر ‪ ،‬ومع أن قيادتهم تتحدث بلغة المن‬
‫فإن معظم المؤمنين يؤيدون إسرائيل لسباب دينية ‪ ،‬أي تلك السباب التي‬
‫وردت في سفر الرؤيا ‪ ،‬آخر أسفار العهد الجديد الذي يتنبأ بهرمجدون ‪ ،‬وهي‬
‫المعركة الخيرة مع المسيخ الدجال التي سوف تنتهي بانتصار المسيح وبداية‬
‫مملكته على الرض ‪ ،‬وفي استطلع أجرته معهم المقابلت أنهم يؤمنون بأن‬
‫نبوءات الكتاب المقدس سوف تتحقق وقال ‪ %36‬إنهم يؤيدون إسرائيل‬

‫‪191‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫لماذا ؟ لنهم يؤمنون بنبوءة الكتاب المقدس بضرورة أن تكون الغلبة‬


‫لسرائيل قبل أن يعود المسيح إيذانا بقيام القيامة ‪ ،‬ونهاية العالم ‪ ،‬ويعتقد‬
‫حوالي ‪ %25‬ممن استطلعت آراؤهم أن الكتاب المقدس تنبأ بهجمات‬
‫الحادي عشر من سبتمبر ‪ ،‬فماذا نفعل مع إحصاءات كهذه ؟ إنها في أوهن‬
‫الظروف تبين أنه على من يشعرون أنه يمكن أن يكسبوا الدعم للقضية‬
‫الفلسطسنية عن طريق الشكوى من اللوبي اليهودي أن يعيدوا النظر في‬
‫موقفهم فليس من الممكن كسب اليمين المسيحي (‬
‫ثم يقول الكاتب ‪ ) :‬تصور سلسلة من الروايات الجديدة عن سفر الرؤيا‬
‫تحظى بشعبية كبيرة السكرتير العام للمم المتحدة على أنه المسيخ‬
‫الدجال ( !!‬
‫فهل يكون من المفيد أن يخطط العرب لمناقشة هذه العقيدة داخل الوسط‬
‫المريكي عن طريق مجموعة من رجال الدين المسيحي الذين ل يؤمنون‬
‫بهذا التفسير من رجال الكنيسة الرثوذكسية والكاثوليكية ‪ .‬ومن ثم يكون هذا‬
‫هو الحوار الديني الذي تحتاج إليه البشرية اليوم تجنيبا لها من حروب ل يعلم‬
‫خاتمتها إل الله ؟‬
‫ربما‬
‫لكن يظل من المؤكد بطلن الظن بأن هذا التناقض ــ أو الصراع ــ يرجع ــ‬
‫فحسب ــ إلى ثأر تاريخى ‪ ،‬أو كراهية انفعالية متبادلة أو إلى سوء الفهم بين‬
‫الجانبين ‪ .‬كل ليس المر كذلك ‪.‬‬

‫)‪(3 /‬‬

‫ليست القضية – فحسب ‪ -‬أننا طرنادهم من الشرق الوسط قديما ً ‪ ،‬حيث هو‬
‫في نظرهم قد كان مستعمرة أوربية ‪ :‬يونانية ‪ ،‬ثم رومانية ‪ ،‬لقرون طويلة ‪،‬‬
‫ثم قضى عليها السلم ‪.‬‬
‫وليست القضية – فحسب ‪ -‬أننا طرنادهم ــ كما يعتقدون ــ من الجزيرة‬
‫العربية ‪ ،‬تلك التي يقول عنها القس الشهير " زويمر " ؛ ‪ :‬إن للمسيح الحق‬
‫في استرجاع الجزيرة العربية ؛ ــ نعم هكذا ــ أو طبقا ً لقول القس جيمس‬
‫كانتين مؤسس الرسالية المريكية عام ‪ ) 1889‬إن من واجبنا أن نعيد ) !! (‬
‫هذه المنطقة إلى أحضان المسيحية ( ‪.‬‬
‫ليست القضية– فحسب ‪ -‬أننا أنزلنا المسيح إلى منصب النبوة ‪ ،‬وحرمناه‬
‫مجد اللوهية ‪.‬‬
‫وليست القضية– فحسب ‪ -‬أنهم ضربونا بقبضات شديدة استمرت قرنين فيما‬
‫يسمى الحروب الصليبية ‪.‬‬
‫وليست القضية – فحسب ‪ -‬أنهم افتروا على الله الكذب وشتموا رسول‬
‫الله ‪ ،‬وهتكوا مقدساتنا ‪ ،‬وقذفوا أمهاتنا وكتبوا في أعراضنا ما لم يكتبه "‬
‫اليهود " عن " مريم " ‪.‬‬
‫وليست القضية– فحسب ‪ -‬أنهم طردونا من الندلس ‪ ،‬أو أزاحونا من وسط‬
‫فرنسا ‪ ،‬أو أزهقوا وجودنا في مناطق من أوربا الشرقية وشمال البحر‬
‫البيض المتوسط ‪..‬‬
‫وليست القضية– فحسب ‪ -‬أنهم سفحوا دماءنا في افريقيا ‪ ،‬وأوربا ‪ ،‬وقطعوا‬
‫شرايينا في آسيا ‪ ،‬وتركوها تسفح أنهارا ً وجداول ‪..‬‬
‫وليست القضية – فحسب ‪ -‬أنهم أخرجوا فلذات أكبادنا من فلسطين‬
‫واستوردوا إليها مطاريد اوربا ومن ل يكادون يعرفون أكثر من أسماء قبائلهم‬

‫‪192‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ممن يسمون " الفلشا " ‪..‬‬


‫ليست القضية ذلك فحسب ‪.‬‬
‫لو أن القضية كانت ذلك ــ فحسب ــ لجاز لبعض أبواقهم أن يخدروا وعينا‬
‫بكلم عن نسيان الماضي ‪ ،‬وتصفية الحقاد ‪ ،‬واستقبال النظام العالمي‬
‫الجديد " بأيد متشابكة وقلوب مفتوحة " ‪ ..‬كل‬
‫لو أن القضية كانت كذلك أو بعض ذلك لجاز لبعض دروايشهم أن يعلنوا‬
‫استغرابهم لما يدور على ساحة التاريخ والجغرافيا بيننا وبينهم في حين أنه‬
‫لقد كانت حروب ضارية بينهم وبين اليابان مثل ثم انتهت المسألة وتم غلق‬
‫الملف ورجعوا حبايب )!!(‬
‫إن اليابان ليست في وارد القياس على حالنا وحالهم‬
‫إن التناقض بين ذاتية الحضارة السلمية ‪ ،‬وذاتية تلكم الحضارة الغربية ‪ ،‬أو "‬
‫الوربية ‪ ،‬أو " العالمية " تناقض موضوعي تحركه النظرة إلى المستقبل ‪،‬‬
‫أكثر مما تحركه مواريث التاريخ ‪ ،‬أو عقم الحاضر …تناقض يتحرك بطبيعته‬
‫من كونهما حضارتين متنافستين على "المستقبل " ‪.‬حضارتين تتصف كل‬
‫منهما " بالعالمية " …فالسلم دين " عالمي " وحضارة عالمية ‪ ،‬باستثناء ما‬
‫أسفر عنه تاريخ كل منهما من فرق أساسي ‪ ،‬فبينما درجت حضارتهم منذ‬
‫نشأتها على الصرار على إبادة الخر كان للحضارة السلمية منهج مختلف‬
‫يقوم على العتراف به ومحاولة احتوائه ‪. .‬‬
‫هذه الحضارة ــ الغربية ــ تعلن على الشهاد أنها حضارة " إنسانية" وتصدر‬
‫إلى أنحاء العالم قيمها ومفاهيمها فيما تسميه " الديموقراطية " و"حقوق‬
‫النسان " والعولمة و" قرارات مجلس المن " ‪ .‬حضارة أخذت تدس أنفها‬
‫في كل دولة ‪ ،‬ومدينة ‪ ،‬وشارع ‪ ،‬وزقاق ‪ ،‬وبيت ‪ " ...‬أخذت تقول ‪ :‬نعم ‪،‬‬
‫وتقول ‪ :‬ل ‪ ،‬في شئون السياسة والقتصاد ‪ ،‬والتربية ‪ ،‬والعلم ‪ ،‬والحرب ‪،‬‬
‫والثقافة والرياضة ‪ ،‬وأوقات العمل ‪ ،‬وأوقات الفراغ ‪ ..‬وهى تتسرب بكلمتها‬
‫تلك تحت شعار " العالم الذى أصبح كقرية " عن طريق ‪ :‬الخبر ‪ ،‬والجندى ‪،‬‬
‫والكمبيوتر ‪ ،‬والمعلومات والقروض ‪ ،‬والمنتديات ومراكز البحوث ‪ ،‬والسلم‬
‫الزائف ‪ ،‬والمؤتمرات ‪ ،‬أنظر مقال محمد حسنين هيكل الذى تضمن بيانا ً عن‬
‫معركة تطويع العقل المصري لقبول الصلح مع إسرائيل ‪ ،‬وكيف أنفق الغرب‬
‫على هذه المؤتمرات في مدى عامين أو ثلثة ما يساوى " تكاليف حرب‬
‫كبرى ‪ :‬جريدة الخليج ‪. 21/5/1996‬‬
‫وهى مستعدة لدخال كلمتها عن طريق النظريات المزيفة عن " نهاية التاريخ‬
‫" ‪ ،‬لفوكوياما ‪ ،‬أو عن طريق كلمة وقحة لمأجور مؤتمرات يقول لك‪ :‬أنت‬
‫م " !! فبدل من ان يفكر كيف يحررنا من‬ ‫تأكل خبزهم فيكف ترفض " هُ ْ‬
‫خبزهم يدعونا إلى أن نكون عبيدا للقمتهم ‪.‬‬
‫ً‬
‫نعم ‪ ،‬حضارة تزعم أنها إنسانية ‪ ،‬عالمية ‪ ،‬والسلم رسالة عالمية أيضا ‪.‬‬
‫ومن هنا كان التناقض شيئا ً غير قابل للنسيان أو القياس على حالهم مع‬
‫اليابان ‪ .‬كان التناقض بين حضارتهم وبين السلم ــ كدين وحضارة ــ تناقضا ً‬
‫موضوعيا ً ‪ ،‬ومعركة على " المستقبل " في المكان والزمان ‪.‬‬
‫وللسف فإنهم يدركون هذه الحقيقة أكثر مما ندركها نحن ‪ ...‬فهم أساتذة "‬
‫تاريخنا ً " الذي نتعلمه منهم ‪ ...‬وهم أساتذة الجتماع والنفس ‪ ..‬وهم أساتذة‬
‫القتصاد ‪ ...‬وأساتذة الفلك والفضاء ‪...‬وهم أساتذة الستراتيجية ‪،‬‬
‫والسياسة ‪ ،‬والحضارة ‪...‬‬
‫هم يدركون بمقتضى أستاذيتهم لعلم الحضارة ‪ :‬أنه ل مكان في العالم‬
‫لحضارتين " عالميتين " ‪ ...‬إل أن يقع بينهما تنافس ‪ ،‬وتزاحم ‪ ،‬وتدافع ‪،‬‬

‫‪193‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وتآكل في الحدود ‪ ،‬وصراع على محل " القلب " ‪ ..‬وإذن فسيلعنهم تاريخهم‬
‫إن تركوا فريستهم ـ نحن ـ بعد أن اصطكت الركب ‪ ،‬وناخت القدام ‪...‬‬

‫)‪(4 /‬‬

‫إنهم يدركون هذه الحقيقة ويحسبون أنهم يلعبون " الن " الدور الخير في‬
‫معركتهم مع هذه الحضارة " السلمية " ليقذفوا بها إلى مكان سبق أن‬
‫قذفوا إليه " الهنود الحمر " !!‬
‫هم يدركون هذه الحقيقة ويعلمون ـ أكثر مما علموا عن الهنود الحمرـ أنهم‬
‫يتعاملون مع حضارة " عاتية " دوختهم واستعصت عليهم ـ في وقت أصبح‬
‫فيه وٌُراث هذه الحضارة في أضعف حالتهم وأحط أحوالهم ‪ ..‬ولذا فإن‬
‫ضعفنا ل ينسيهم خطورة حضارتنا ‪ ،‬ول ينسيهم خطورة انبعاث هذه الحضارة‬
‫مرة أخرى ‪ .‬إن ضعفنا ـ الذي يعيرنا به أفراد منا يسيلون بكلماتهم كما يسيل‬
‫الحوض بالماء النازل فيه ـ هذا الضعف ل ينسيهم قصوائية المعركة التي تدور‬
‫‪ ،‬ولكنه ُيسّيل لعابهم لضربتنا الضربة الخيرة ‪ ،‬وللقضاء علينا القضاء‬
‫النهائي ‪ .‬إنهم يعتقدون أنهم أمام الفرصة التاريخية التي إن أضاعوها فسوف‬
‫تدور الدائرة عليهم من جديد ‪.‬‬
‫فوننا‬ ‫ً‬
‫فوننا تاريخيا ‪ ،‬ويص ٌ‬ ‫ً‬
‫فوننا جسديا ‪ ،‬ويص ٌ‬ ‫فوننا جغرافيا ً ‪ ،‬ويص ٌ‬‫لذا فإنهم يص ٌ‬
‫حضاريا ً ‪..‬‬
‫يزهقون قطرات الدم الخيرة من عروق حضارتنا من حقيقة ذاتنا ‪ .‬من جوهر‬
‫وجودنا ‪.‬‬
‫إنهم يدركون أن المعركة معركة حضارية موضوعية بين حضارتين عالميتين‬
‫تتنافسان على " المستقبل " ‪ .‬ومن هنا فإنهم يلعبون معنا اللعبة بوجه‬
‫جامد ‪ ،‬وعصب بارد ‪ ،‬وبسمة " المشفق " على " الذبيح " ‪ .‬كأنه يقول ‪ :‬لماذا‬
‫تتعب نفسك ‪ ،‬وتتعبنا معك ‪ ،‬فأنت قدرنا ‪ ،‬ونحن ل نتركك ‪ ..‬فتعال ساعدنا‬
‫على أن نوسدك أحضان الفناء ‪.‬‬
‫إنهم يقتلوننا ؟ نعم ‪ .‬وهم يقتلوننا بإشفاق ؟ ربما!!‬
‫ً‬
‫كيف ذاك ؟ لن نظرتهم إلى القضاء علينا نظرة موضوعية !! تماما كالذي‬
‫يذبح شاة ‪ ..‬ويربت على وجهها ‪ ،‬وربما ‪ ...‬يقبلها ‪ ،‬ثم يذبح !!‬
‫هكذا حالهم معنا ‪ ،‬وهكذا حالنا معهم !! يقتلوننا بالمذاهب الفلسفية ‪،‬‬
‫وبالروح العلمية ‪ ،‬ومناهج البحث ‪.‬يقتلوننا ويستغربون ‪ :‬لماذا ل ُنقٌتل ؟ !‬
‫وللسف ـ الذي يصل إلى حد الكارثة ـ ينخدع البعض منا ببسمة القاتل ‪،‬‬
‫فينهضون إلى مساعدته بهدهدة الذبيح ‪ .‬نعم ؛ ولقد ساعدناهم ‪ ،‬وساعدناهم‬
‫من قبل كثيرا ً ‪.‬‬
‫ساعدناهم بالعتداء على ذاتية السلم ‪ .‬ساعدناهم بتفكيك النسق‬
‫السلمي ‪ .‬وساعدناهم بتزييف " الكلمات " و " المصطلحات " السلمية ‪.‬‬
‫أفهمونا أن الغرب قد جاء إلينا من أجل " الستعمار " ‪.‬وابتلعنا الكلمة ‪ ،‬وقد‬
‫كان الصحيح أن يقولوا إنه جاء إلينا من أجل "الستخراب " وأفهمونا أن‬
‫استعمارهم ــ أو استخرابهم ــ هو من أجل " القطن " ‪ ،‬لتشغيل مصانع‬
‫النسيج في يوركشاير ؟ والن ماذا بعد " القطن " ؟ وأفهمونا أن استعمارهم‬
‫ــ أو استخرابهم ــ هو من أجل قناة السويس ‪ .‬والن ماذا بعد قناة‬
‫السويس ‪ ..‬؟ وأفهمونا أن استعمارهم ـ أو استخرابهم ـ قد جاء من أجل‬
‫بترول العراق ‪ ،‬والن ـ أو بعد الن ـ ماذا يكون بعد البترول ؟ !‬
‫" تعمية " على الهدف في عملية الصراع الحضارى ؟!‬

‫‪194‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ذلك أنه قد كان لنا ـ وما يزال ـ زعماء فكر هم خريجو كلية فكتوريا‪،‬‬
‫والميردى دييه ‪ ،‬وقهاوى باريس ‪ ،‬وشارع الشانزلزييه ‪ ،‬وقبعات التخرج في‬
‫عقر جامعاتنا !! فلم يكن لفمهم ـ وهو ممتلئ بشرابهم ـ أن ينطق بأن‬
‫القضية صراع حضارات ‪ .‬وعندما ظهرت الكلمة بعد أن انكشف الغطاء ــ في‬
‫صراعنا معهم ـ عن التأخر الحضارى الذى " نتمتع " به ‪ ... ،‬بعد أن ظهرت‬
‫الكلمة وأنها " صراع الحضارات " ‪ ،‬جرى تزييفها مرة أخرى فقالوا ‪ :‬هو‬
‫صراع حضارى ؛ ولكنه يعنى أن " نتحضر " مثلهم ‪ .‬أن نعيش كما يعيشون ‪.‬‬
‫ونغني كما يغنون ‪ ،‬ونرقص كما يرقصون ‪ ،‬ونلبس البذلة كما يلبسون ‪.‬‬
‫ونحلق الذقن كما يحلقون ‪ .‬ونكشف العورات كما يكشفون ‪ ،‬ونأكل بالشوكة‬
‫كما يأكلون ‪ .‬ونشرب كما يشربون ‪ ،‬أن نتحضر بمثل ما يتحضرون ‪.‬‬
‫وليتهم أرادوا من ذلك أن نأخذ العلم كما يأخذون ‪ ،‬والقوة كما يأخذون ‪،‬‬
‫والجد كما يجدون ‪ ،‬أن من حضارتهم " الوسائل " التى تعيد الحياة إلى‬
‫حضارتنا ‪ ،‬والقوة إلى " وجودنا " ؛ والسلمة إلى " نسقنا " !!‬
‫ل ولكنهم يهدفون إلى أن نخسر حضارتنا ‪ ،‬ونفقد ذاتنا ونعيش بحضارتهم‬
‫وننماع في ذاتهم ‪ .‬أزاحوا الفهم الصحيح لحقيقة صراع الحضارات وأنه صراع‬
‫يدور بين حضارتين تتمتع إحداهما ـ اليوم ـ بالسيادة على العالم ‪ ،‬وتنزوى‬
‫أخراهما في جمود ‪.‬‬
‫صراع بين حضارتين ‪ ،‬إحداهما يمكن أن نسميها " إنسانية " بحق !! أى‬
‫يستقل بها النسان فلسفة وتوجها ً ‪ ،‬وتطبيقا ً ‪ ،‬وأخرى " إسلمية " إلهية !!‬
‫نعم ‪ :‬فالسلم دين حضارة ؛ وقد وضع حجر الحضارة السلمية على الرض‬
‫في تلك الزاوية التى كتب عليها قوله تعالى } إنى جاعل في الرض‬
‫خليفة ‪ 30 { .‬البقرة ‪.‬‬
‫فالحضارة وفقا ً للمفهوم السلمى مقصد شرعي ومراد إلهى ‪ ،‬يصنع وفق‬
‫التكليف اللهى ‪ ،‬وقيام حضارة مقابلة تتصف بالنسانية دون " اللهية " ‪ ،‬هو‬
‫إعلن لمعركة حضارية موضوعية بالمفهوم الصحيح لهذه الكلمة ‪ .‬لن تنتهى‬
‫هذه المعركة في تصورهم إل بإبادة السلم وحضارة السلم ‪ .‬ولن تنتهى في‬
‫تصورنا إل بصنع الحضارة وفقا ً للتكليف الشرعى ‪.‬‬

‫)‪(5 /‬‬

‫في ظل هذا التصور عن الصراع الموضوعي المستقبلي بين الحضارة‬


‫السلمية والحضارة الغربية يصبح من الطبيعي أن نستحضر النظرة‬
‫الماضوية عن هذا الصراع من أجل تجنيدها في معركة ل مفر منها ‪ .‬الحروب‬
‫الصليبية ‪ :‬سقوط الندلس ‪ ...‬سقوط الدولة العثمانية ‪ ...‬سقوط القدس ‪،‬‬
‫سقوط بغداد ‪ ،‬تخلخل الخرطوم‬
‫تفكك القوميات ‪ ...‬هجوم الستعمار ‪ ..‬زرع العلمانية في قلب المة وأحشائها‬
‫‪ .‬الهجوم الصريح على السلم ‪...‬‬
‫تزييف السلم ومحاولة صنع “ السلم الجديد “ الذى أوصت به مؤتمرات‬
‫التبشير ‪ .‬تزييف في القتصاد ‪ ، .‬في التربية في اللغة ‪ ،‬في الدب ‪ ،‬في الفن‬
‫في الخلق ‪ ...‬وصول ً إلى تشويه الذاتية السلمية ثم القضاء عليها في‬
‫معركتها الخيرة ‪ :‬زحفا ً من الشمال بكتيبة صهيومسيحية أو إسرائيلية ‪.. ...‬‬
‫وزحفا ً من الجنوب بكتيبة تنصير ‪ ...‬أو وثنية ‪!...‬‬
‫وإطباقا ً في النهاية من بعد العراق على سوريا وإيران والجزيرة العربية ‪ ،‬ثم‬
‫مصر ‪ !! .‬وفقا لخطة منهم معلنة ‪ ،‬وهنا ‪ ،‬وهنا فقط تنتهى ــ في حسبانهم ــ‬

‫‪195‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الحروب الصليبية !‬
‫لكن هل ينتهى التاريخ ؟!‬
‫قائمة سوداء غليظة السواد ‪ ،‬منقوعة في السم ‪ ،‬ملطخة بالدم ‪ ،‬مصنوعة‬
‫من الشلء ‪...‬‬
‫********‬
‫والحق أن عداءهم لنا لم ينشأ مع ظهور السلم ــ وإن كان قد تضاعف معه‬
‫أضعافا ــ ولكنه كان قبل السلم ‪ ،‬ومع قوة السلم ‪ ،‬والن مع مظنة صحوته‬
‫‪..‬‬
‫أتعرفون ماذا قال هيرودت عن طريقة جمع أحجار الهرامات ؟ أتعرفون‬
‫كيف اغتصب اسم " مصر " على أيديهم فصار إيجبت بينما اسم مصر هو هو‬
‫منذ وجود الهيروغليفية والعبرية والفينيقية والرامية والشورية ‪ ،‬ولم تحفظها‬
‫من الندثار غير العربية ؟ أتعرفون كيف أطلقت أكذوبة " مصر هبة النيل "‬
‫لتحرم المصريين من شرف العمل والكفاح والجهد الذي كان وسيلة ترويض‬
‫هذا النيل وتهذيبه والستفادة منه ؟ كم من شعوب مر عليها النيل فلم يجعل‬
‫منها هبته ؟‬
‫إنهم هم المصريون الذين اضطهدوا على يد الفتح السكندرى )اليونان ــ‬
‫البطالمة ( ثم على يد الرومان حتى تخلصت مصر من اضطهادهم على يد‬
‫السلم ؟‬
‫وصل اضطهاد الرومان للمصريين والتنكيل بهم الذروة في عصر المبراطور‬
‫ــ دقلديانوس )‪ 284‬م( فكانت أول سنة من حكمه مبدأ اتخذه المصريون‬
‫لتقويمهم المعروف بتاريخ الشهداء أو التقويم القبطى ؟ ثم استمر الضطهاد‬
‫بعد ذلك أربعة قرون تقريبا ً كانت حصيلتها نشأة الرهبانية وفرارها إلى جبل‬
‫المقطم وغيره من الصحارى وإنشاء الديرة ؟‬
‫وجاء السلم فأرجع إلى مصر اسمها وأمنها وسلمها وحرمتها ؟‬
‫ولم يكن العرب غرباء على مصر قبل السلم ‪ :‬اسألوا الجيولوجيا تقول لكم‬
‫إن صحراء مصر الشرقية جزء من التكوين الخاص بالبلد العربية‪ ،‬والبحر‬
‫الحمر ليس إل أخدودا ً أو شقا بين الجانبين ‪.‬واقرءوا سورة الفجر لتروا كيف‬
‫جمع القرآن الكريم بين العرب البائدة ومصر ) عاد وثمود … ومصر ( ‪ }:‬ألم‬
‫تر كيف فعل ربك بعاد ‪ ،‬إرم ذات العماد ‪ ،‬التى لم يخلق مثلها في البلد ‪،‬‬
‫وثمود الذين جابوا الصخر بالواد ‪ ،‬وفرعون ذى الوتاد الذين طغوا في البلد‬
‫فأكثروا فيها الفساد ‪.{ .‬‬
‫ولم يصبح العرب غرباء على مصر بعد دخول السلم بعد أن صار حقا لكل‬
‫من اعتنقه على السواء ‪ ،‬وأصبح السلم رسالة لمصر كما هو رسالة لبقية‬
‫البلد العربية ‪ .‬ولذلك قصة مجيدة تطول‬
‫*******‬
‫إننا نؤكد أن هؤلء عندما اختاروا موقع العداء للسلم وحضارته ‪ ،‬ووصفوه‬
‫بوكر الفعى ‪ ،‬كما فعل نيكسون ‪ ،‬فإن ذلك لم يرجع في العم الغلب ــ كما‬
‫يشيع البعض ــ إلى سوء عرض منا ‪ ،‬أو سوء فهم منهم ‪ ،‬ولم يرجع إلى ما‬
‫عليه حال المسلمين اليوم من تخلف ‪ ،‬أو ما عليه حال بعضهم من تطرف ‪،‬‬
‫ولكنه رجع إلى اختلف جذري في أصول كل من الحضارتين‪ ،‬وفي الوقت‬
‫الذى يدركون فيه ذلك يدركون تحرك كل منهما نحو العالمية ‪ ،‬فيجعلهم ذلك‬
‫يفزعون إلى خططهم المدروسة في الساءة إلى السلم ‪ ،‬وتشويه صورته‬
‫عمدا ً ‪ ،‬وبكل ما يملكون من وسائل الدفاع عن الذاتية الخاصة ‪.‬‬

‫‪196‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫)‪(6 /‬‬

‫وشهد شاهد في جريدة عصرية ‪ ،‬إذ قال قبيل سقوط التحاد السوفيتي ‪ ) :‬ل‬
‫أعتقد أن الحداث سبق أن تدافعت وتراكمت على المة العربية في شكل‬
‫سلسلة من التحديات المعقدة والمرهقة بمثل ما جرى في الونة الخيرة ‪.‬‬
‫حتى يبدو المر وكأننا قوم مستهدفون من الشرق والغرب على حد سواء ‪.‬‬
‫وأنه بينما يعم المجتمع الدولى بأسره موجة من التفاؤل ‪ ....‬في ظل الوفاق‬
‫العالمى بين القوتين ‪ ...‬فإن المر يبدو مغايرا ً تماما ً في عالمنا العربى } ولو‬
‫أدرك جوهر القضية لقال السلمى ‪ :‬أنظر أفغانستان ‪ ،‬وباكستان والفلبين ‪،‬‬
‫وقبرص وأريتريا ‪ ،‬وجنوب السودان ‪ ..‬إلخ ‪ {.‬الذى هبت عليه رياح التشاؤم‬
‫وتولدت في ربوعه أحاسيس القلق ‪ ،‬من مجرد رصد ما هو قادم إلينا وما‬
‫يجرى تصديره لوطاننا‪ ،‬بدءا ً من هجرة اليهود السوفيت ‪ ،‬ومرورا ً بمحاولت‬
‫تغيير الوضاع القانونية لمدينة القدس ‪ } ،‬يشير إلى قرار الكونجرس باعتبار‬
‫القدس عاصمة موحدة لسرائيل { ووصول ً إلى النوايا الرامية لبقاء بؤر‬
‫التوتر على حالها كأنها أشبه بسرطان ينخر في جسد المة ‪ ،‬سواء في لبنان‬
‫أو في الخليج ‪ ،‬إضافة إلى ما يجرى في الضفة والقطاع من ممارسات‬
‫بربرية يشيب لها الولدان } الهرام ‪ 1990\4\5‬ص ‪.{ 8‬‬
‫ً‬
‫ويشهد رئيس تحرير الجريدة فيقول ‪ ) .‬كان انزعاجنا شديدا ونحن نتحدث‬
‫عن هجرة اليهود السوفيت إلى الرض العربية المحتلة في إسرائيل ‪ .‬وكنا‬
‫محقين في انزعاجنا وتحسبنا للخطار ‪ ،‬رغم أننا كنا نتخوف من هجرة‬
‫عشرات أو بضع مئات اللوف ‪ ،‬وبحد أقصى نصف مليون مهاجر إلى‬
‫إسرائيل خلل خمس سنوات ‪ .‬الن ماذا نقول وماذا نفعل وقد تكشفت‬
‫الخيوط ‪ ،‬واتضحت معالم الصورة } عفوا معالم الصورة كانت واضحة منذ‬
‫قيام إسرائيل في شعارها من النيل إلى الفرات { فإذا بما كنا نتخوف منه‬
‫من قبل ل يمثل إل أقل القليل مما تتوعدنا به من مخاطر هذه المؤامرة‬
‫الكبرى } عفوا إنها كبرى منذ الصليبية والندلس { ‪.‬إذن فهو خروج يهودى‬
‫كبير آخر ‪ ،‬يذكرنا بالخروج اليهودى من أوربا في أعقاب الحرب العالمية‬
‫الثانية الذى اتجه إلى فلسطين الجريحة عام ‪ 1947‬وساهم في صنع نكبتها ‪..‬‬
‫( ‪ ) .‬إن القضية ليست قضية مخاطر تهدد شعب الضفة وغزة فقط ‪ ،‬ول‬
‫الشعب الفلسطينى ككل ‪ ،‬وإنما قضية مخاطر تهدد الدول العربية كلها ‪..‬‬
‫بعضها مهدد بالخطر عاجل ً والخر لن يتأخر طويل ً ‪ ( .‬الهرام ‪1990\4\6‬‬
‫ويقول الصحفي الكبير صلح الدين حافظ بعد رحلة إلى أمريكا ‪ ) :‬إن النحياز‬
‫الوربى المريكى للمسيحيين في " الشرق " عامة ‪ ،‬وفي " مصر " خاصة ‪،‬‬
‫ليس حبا ً لذواتهم ‪ ،‬ولكن تحت تصور أنهم سلح تفكيك لوحدة المة وعنصر‬
‫طعن ضد الغلبية ‪.‬‬
‫ً‬
‫وبقدر ماهناك في الغرب الوربى المريكى من نقد أحيانا للسلم‬
‫والمسلمين ‪ ،‬فإن هناك أيضا ً نقدا ً واضحا ً لقباط مصر على وجه الخصوص‪،‬‬
‫وحين تساءلنا بعجب جاءت الجابة أكثر عجبا ً ‪ ..‬ذلك أن أقباط مصر ما زالوا‬
‫يرفضون النحياز " العمى " للمسيحيين " الوربيين والمريكيين ‪ ،‬ويفضلون‬
‫بقاءهم كجزء من قوميتهم المصرية ‪ ،‬ومن حضارتهم العربية ‪. ( ..‬‬
‫ثم يقول صلح الدين حافظ ‪ ) :‬علينا أن نستشرف المستقبل ونستعد له ‪.‬‬
‫والمستقبل الذى أراه ــ بتواضع شديد ــ هو الذى سوف تعود فيه حركة‬
‫التاريخ إلى الصدام التاريخى القديم ‪ ..‬صدام الغرب البيض مع الشرق‬
‫الملون ‪.‬خاصة إذا نجحت خطة تفكيك التحاد السوفيتى الجارية الن ‪ ،‬لنها‬

‫‪197‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫تمثل التجربة الولى وبعدها تتوالى المحاولت ‪ } .‬وقد نجحت { صراع‬


‫المستقبل لن يتركز حول صراع اليديولوجيات السياسية الذى ساد خلل‬
‫نصف القرن الخير بين الماركسية والرأسمالية ‪ .‬ولكن صراع المستقبل‬
‫سوف يكون صراع قوميات ‪ ،‬وديانات( } صح النوم { حيث الستقطاب‬
‫سيكون حادا ً بين حضارات الغرب البيضاء الحديثة ‪ ،‬وبين حضارات الشرق‬
‫وديانته القديمة ‪ ،‬بما فيها حضارات اليابان والصين والهند ‪ ،‬والعرب والفارقة‬
‫‪ ،‬مرة أخرى صراع ديانات وقوميات ‪. ( .‬‬

‫)‪(7 /‬‬
‫ويقول الكاتب السياسى اليساري ! الستاذ محمد سيد أحمد عما يدور حاليا ً‬
‫بيننا وبين الغرب ) هل هى صيغة عصرية للحروب الصليبية ؟ ( معلقا ً بذلك ــ‬
‫فيما ينقله عنه الدكتور محمد عصفور ‪ -‬على الخطار الكامنة في المخططات‬
‫الوربية ‪ ،‬لنها تطرح صورة للمواجهات عن منطقة البحر المتوسط توحى‬
‫بأنها بين أوربا المسيحية من جانب والصحوة السلمية من جانب آخر ‪ ،‬وأن‬
‫أوربا المسيحية أصبحت تستخدم الدولة اليهودية درعا ً لها فيما سوف يبدو‬
‫لعرب عديدين صيغة عصرية للحروب الصليبية على مشارف القرن الواحد‬
‫العشرين ‪ ،‬وأن هناك مشاعر مكبوتة عارمة وإحساسا ً طاغيا ً بالحباط عم‬
‫أمتنا العربية بأسرها وأن مخططات السلم لبد وأن تبدو في مثل هذا‬
‫السياق مؤامرة صليبية صهيونية تستهدف تجريد المة العربية من روحها ومن‬
‫هويتها ‪ (.‬وقد نبه الستاذ محمد سيد أحمد – منذ اثني عشرة عاما ‪ -‬إلى أن‬
‫المؤسسات الوربية ليست فقط بصدد ضم إسرائيل إليها ‪ ،‬بل إنها في‬
‫الوقت نفسه تعمل من أجل حث القطار العربية على التسليم بدور متميز‬
‫لسرائيل في المنطقة أنظر جريدة الوفد ‪ ، 5/8/1991‬والهالى‬
‫‪.13/7/1991‬‬
‫فليقولها صريحة ‪ :‬صراع ديانات أو حضارات !! دماء مسفوحة في قدس‬
‫الذاتية ؟ صح !!هكذا قلنا منذ مطلع القرن الماضي وهكذا ندفع اليوم فاتورة‬
‫الحساب ! آسف ‪ :‬لم نقلها نحن منذ مطلع القرن الماضي ‪ ،‬ولكن قالها‬
‫قوادهم ومخططوهم ‪ ،‬وسياسيوهم ‪ ،‬ومؤتمراتهم … !! قالها القس زويمر ‪،‬‬
‫والقس جيمس كانتين ‪ ،‬والقس ينغ ‪ ،‬والقس اكسنفلد ‪ ،‬والقس سيمون أنظر‬
‫سعيد حارب في كتابه ) الخليج العربى أمام التحدى العقدى ‪ ( .‬والغارة على‬
‫العالم السلمى ‪،‬‬
‫وقالها ويليام جيفورد ويلجراف في المؤتمر التبشيرى بلكنو ) متى توارى‬
‫القرآن ومكة عن بلد العرب ‪ ،‬يمكننا أن نرى العربى يتدرج في سبيل‬
‫الحضارة )!!!( التى لم يبعدها عنه إل محمد وكتابه ‪. ( .‬‬
‫وقالها اللورد هانوتو ) إن الدين السلمى يبعث في النسان الخمول والكسل‬
‫ول يوقظه منهما ‪ ،‬وإن تقدم المسلمين مستحيل ونجاحهم بعيد لن السلم‬
‫معتقدهم يحول دون ذلك ‪ ،‬وأن كل حكومة انفصلت عن الشرق وسارت‬
‫على منهاج أوربا علما ً ومدنية نجحت ‪. ( .‬‬
‫قالوها ثم جاءت سلسلة الحداث لتصدق ما قالوا ‪ :‬في تركيا ‪ ،‬ومصر ‪،‬‬
‫وفلسطين ‪ ،‬ولبنان ‪ ،‬وقبرص ‪ ،‬وفي شرق أوربا في بلغاريا ‪ ،‬ويوغوسلفيا ‪..‬‬
‫وفي الجمهوريات السلمية في التحاد السوفيتى ‪ ،‬وفي الفلبين ‪ ،‬وكشمير ‪،‬‬
‫وأندونيسيا ‪ ،‬وفي نيجيريا وأريتيريا وتنزانيا وجنوب السودان‪ ..‬إلخ وفيما‬
‫يحدث للمتحجبات في فرنسا ‪ ،‬وبلجيكا وألمانيا وبريطانيا )!!(‬

‫‪198‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫لكن هل وصلنا بهذا إلى القاع الذى ل قاع بعده ‪ ،‬وعندئذ لم يبق إل الصعود‬
‫كما يقول أصحاب التغيير المادى الميكانيكى للحداث ؟ ! كل ‪ ،‬فهناك في‬
‫اتجاه القاع – حسب خطة العدو – ما هو أسفل منه ‪ ،‬إلى باطن الرض ‪ .‬إلى‬
‫عملية الستئصال ‪ .‬ل تستغربوا ‪ .‬واقرءوا ما حدث للهنود الحمر ثم اقرءوا‬
‫مراسيم الملكة جوانا " عودة إلى الندلس " !!‬
‫هذه نواياهم أما نحن فطريق النجاة أمامنا في مصدر وجودنا ‪ :‬الله والقرآن‬
‫والرسول ‪.‬‬

‫)‪(8 /‬‬

‫الغرب والسلم عداؤهم لنا بين سوء العرض وسوء الفهم وسوء القصد‬
‫أما يزال من بيننا من هو غارق في جلد الذات فينسب الصورة المشوهة عن‬
‫السلم في الغرب وما أدت إليه من تجذير عداوته للسلم ‪ ..‬ينسبها إلي‬
‫سوء العرض منا بدل من سوء القصد منهم ؟ إمعانا ل في جلد الذات فحسب‬
‫ولكن في تجميل التابع لصورة المتبوع مما يعود بالتجميل علي الطرفين ؟‬
‫ليست القضية أن المسلمين هم المسئولون عن عداء الغرب لهم ‪ ،‬حيث‬
‫يسيئون عرضهم للسلم ‪ ...‬ولكنها علي العكس من ذلك ‪ ،‬أنهم في الغرب‬
‫يتجاوزون سوء العرض هذا – مع التسليم بوجوده ‪ -‬ويفهمون عرضيته‬
‫أوجانبيته أوهامشيته ‪ ،‬ويذهبون إلي عمق علقتهم بالحضارة السلمية ؛‬
‫باعتبارها خطرا ً موضوعيا ً علي حضارتهم ‪ .‬إنه من السطحية والسذاجة ــ إن‬
‫لم يكن من التآمر ــ أن يظن البعض منا أن المسألة ترجع إلي طريقة عرض‬
‫السلم‪ ...‬وتنتهي المشكلة ‪.‬‬
‫وإل فإنه في كل دين ‪ ،‬وفي كل مذهب ‪ ،‬وفي كل نظرية ‪ ،‬وفي كل‬
‫أيديولوجية هناك من يسئ العرض ‪ ،‬ول أحد من غير الهازلين يتوقف عند‬
‫أولئك الذين ينبتون علي هامش هذه الديان والمذاهب ممن يسيئون‬
‫العرض ؛ جهل ً أو قصدا ً ‪ ....‬في المسيحية هناك من يسئ العرض ‪ .‬وفي‬
‫الديموقراطية هناك من يسئ العرض ‪ .‬وفي الليبرالية هناك من يسئ العرض‬
‫‪ .‬وفي الشتراكية هناك من يسئ العرض ‪ .‬ول تكون هناك نهاية المطاف ‪.‬‬
‫ويبتلي السلم بمن يسئ العرض من المبشرين والمستشرقين والجهلء ‪..‬‬
‫تماما ً كما هو الحال مع غيره ‪ ،‬لكنه هو وحده الذي يقولون عنه ‪ :‬لول سوء‬
‫العرض ‪...‬‬
‫يا سادة ‪ :‬ل تضيفوا إلي سوء العرض منا سوء الظن بهم !!!‪...‬‬
‫يا سادة ‪ :‬إن في الغرب رجال ً يحققون ‪ ،‬ويدققون ويذهبون إلي المصادر‬
‫الصلية ‪ ،‬كعلماء وخبراء وفلسفة ‪ ،‬وإعلميين ‪ ،‬واستراتيجيين ‪....‬فما هي‬
‫القضية إذن ‪..‬‬
‫ليست القضية إذن قضية سوء فهم ‪ ،‬نشأ من سوء عرض ‪ ..‬فما هي القضية‬
‫إذن ‪ :‬؟‬
‫القضية أنهم هناك يدركون الخطر الموضوعي الذي يأتيهم من انبعاث‬
‫الحضارة السلمية مرة أخري ‪ ،‬ثم يذهبون يشوشون علي منطلقاتهم‬
‫وأهدافهم ويستأجرون العملء من سماسرة الثقافة والعلم ليشيعوا مقولت‬
‫ساذجة تبعدنا عن أصل المشكلة وتضللنا عن جوهر القضية ‪.‬‬
‫وإل فقولوا لنا هل كان أرنست رينان المستشرق الفرنسي الشهير متأثرا ً‬
‫بسوء عرض الجهلء منا للسلم وهو يقدم كراهيته للسلم في ذورته‬
‫الكاديمية ‪ :‬إذ يقول في خطاب افتتاحي في الكوليج دوفرانس حول تصنيف‬

‫‪199‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الشعوب السامية في تاريخ الحضارة ‪ . )..‬الشرط الساسي لتمكين الحضارة‬


‫الوربية من النتشار هو تدمير كل ماله صلة بالسامية الحقة ‪ :‬تدمير سلطة‬
‫السلم الثيروقراطية ‪ ،‬لن السلم ل يستطيع البقاء إل كدين رسمي ‪،‬‬
‫وعندما يختزل إلي وضع دين حر وفردي فإنه سينقرض ‪ } .‬برافو { هذه‬
‫الحرب الدائمة‪ ،‬الحرب التي لن تتوقف إل عندما يموت آخر أولد إسماعيل‬
‫بؤسا ‪ ،‬أو يرغمه الرهاب } أي إرهاب يعني ؟!! { علي أن ينتبذ في الصحراء‬
‫مكانا ً قصيا ‪.‬‬
‫السلم هو النفي الكامل لوربا ‪ ،‬السلم هو التعصب ‪ ،‬السلم هو احتقار‬
‫العلم ‪ ،‬القضاء علي المجتمع المدني ‪ ،‬إنه سذاجة الفكر السامي المرعبة ‪،‬‬
‫يضٌيق الفكر النساني ‪ ،‬يغلقه دون كل فكرة دقيقة دون كل عاطفة لطيفة ‪،‬‬
‫دون كل بحث عقلني ‪ ،‬ليضعه أمام حشو سرمدي ‪ " :‬الله هو الله "‬
‫‪.‬المستقبل هو إذن لوربا ولوربا وحدها ‪ ،‬ستفتح أوربا العالم ‪ ،‬وتنشر فيه‬
‫الدين الذي هو الحق‪ ،‬الحرية ‪ ،‬احترام البشر ‪ ،‬هذا العتقاد القائل بأن ثمة‬
‫شيئا ً ما إلهيا ً في صلب النسانية} عقيدة التجسد !! { ( !! أنظر كتاب "‬
‫السلم اليوم لمارسيل بوازار " بحث الحبيب الشطي المين العام لمنظمة‬
‫المؤتمر السلمي ووزير خارجية تونس السبق صـ ‪ 34‬ــ ‪ 35‬طبعة ‪ 1986‬ــ‬
‫اليونسكو ‪.‬‬
‫فهل تريدون منا أن نصدق ان أرنست رينان تأثر بسوء العرض منا ؟‬
‫أو فقولوا لنا لماذا يكتب " باول شمتز " المستشرق اللماني المعروف مثل ً‬
‫في كتابه " السلم قوة الغد العالمية " ــ قبيل الحرب العالمية الثانية ــ‬
‫لُيحذر من تواكب الحركة السلمية مع الحركة القومية السلمية " وما يمثله‬
‫ذلك من خطر محدق بالغرب !! يقول المؤلف ) إن انتفاضة العالم السلمي‬
‫صوت نذير لوربا ‪ ،‬وهتاف يجوب آفاقها يدعو إلي التجمع والتساند الوربي‬
‫لمواجهة هذا العملق الذي بدأ يصحو ويزيل النوم عن عينيه‪ .‬فهل يسمع‬
‫الهتاف أحد ؟ أل من يجيب ( ‪.‬انظر كتابه " السلم قوة الغد " ترجمة د‪.‬‬
‫محمد عبد الغني شامة صـ ‪356‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫‪ .‬حتي إنه ليقلل من أهمية افتقاد العالم السلمي للتقدم التكنولوجي في‬
‫هذه المعركة التي ينذر قومه بها ‪ ،‬إذ يقول ) من الممكن أن يعارض المرء‬
‫هذا الرأي ‪ ..‬فإن السلم فقد سيطرته علي بعض الشياء المادية ‪ ،‬وخاصة ما‬
‫يتصل بالحرب ‪ ،‬فهو لم يلحق بالتقدم التكنولوجي الحديث ‪ .‬ول أستطيع أن‬
‫أدرك لماذا لم يعوض الشرق السلمي ما فاته في هذا الميدان ‪ ،‬إذ ل تحتاج‬
‫العلوم الحديثة إلي طبيعة عقلية خاصة ‪ ،‬بل يتطلب اللمام بها والتفوق فيها‬
‫الخبرة وتوجيه الخبراء ‪ ،‬ومن المؤكد أنه غالبا ً ما يحدث أن تكون حضارة ذات‬
‫منزلة عالية في التقدم التكنولوجي ‪ ..‬هي أقل درجة من حضارة أخري لم‬
‫تبلغ تطورها بعد في هذا المجال ما بلغته الولي ‪ ،‬إذن فهناك احتمال كبير في‬
‫أن يصبح شعب ظهر حتى الن أن مواهبه في الناحية التكنولوجية ضعيفة‬
‫سيدا ً علي شعب آخر استولت التكنولوجيا علي حواسه ومشاعره ‪ ،‬فلم‬
‫ينقذه أحد ‪ ..‬لماذا ل يتعلم العالم السلمي ما تعلمناه في مجال التكنولوجيا ‪،‬‬
‫وفي مقابل هذا ‪ :‬سوف يكون من الصعب علينا استعادة التعاليم الروحية‬
‫التي فقدتها المسيحية ‪ ،‬بينما لم يزل السلم يحافظ عليها ‪. (1) ( .‬‬
‫ويبني المؤلف تحذيره علي ما يلمسه من مصادر القوة التي يملكها العالم‬

‫‪200‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫السلمي ؛ وهي ‪ :‬الموقع الجغرافي ‪ ،‬والخصوبة البشرية ‪ ،‬والثروات والمواد‬


‫الخام والدين السلمي ) الذي له قوة سحرية علي تجميع الجناس البشرية‬
‫تحت راية واحدة بعد إزالة الشعور بالتفرقة العنصرية من نفوسهم ‪ ،‬وله من‬
‫الطاقة الروحية ما يدفع المؤمن به علي الدفاع عن أرضه وثرواته ‪ ،‬بكل ما‬
‫يملك مسترخصا ً في سبيل ذلك كل شئ حتى روحه ‪ ..‬يحرص علي التضحية‬
‫بها فداء لوطان السلم ‪. ( .‬‬
‫ثم يتساءل ‪ ) :‬أي قوة وجدانية بعثت هذه الرادة اليوم في الشرق ؟ ( ثم‬
‫يجيب ) قوة الوحدة الفكرية للسلم ‪ ،‬ووجود الحساس الحي للدين‬
‫السلمي ‪ ،‬فهو ينتصر في كل مكان ينزل فيه الميدان مع اليديولوجيات‬
‫الخرى ( ‪.‬‬
‫بل إنه ليستشعر الخطر من مجرد أداء المسلمين لفريضة الحج واتجاههم‬
‫إلي القبلة في صلواتهم ‪ ..‬إذ يقول ) إن اتجاه المسلمين نحو مكة ــ وطن‬
‫السلم ــ عامل من أهم العوامل في تقوية وحدة التجاه الداخلي بين‬
‫المسلمين ‪ ،‬وأسلوب يضفي علي جميع نظم الحياة في المجتمع السلمي‬
‫طابع الوحدة ‪ ،‬وصفة التمسك ‪.( .‬‬
‫بل إن ناشر الكتاب اللماني يقدم له بهذه العبارة ) باول شمتز عاش في‬
‫القاهرة عدة سنوات ويعرف جيدا ً السس التي ينبثق عنها تطلع الشعوب‬
‫السلمية إلي الستقلل ‪ ،‬الذي يعد أهم مشكلة سياسية في الوقت‬
‫الحاضر ‪ ،‬وهذا الكتاب يوضح الخطر المتوهج الذي يمر عليه النسان في‬
‫أوربا بكل بساطة ‪ ،‬وفي غير اكتراث ‪ ،‬فأصحاب اليمان بالسلم يقفون اليوم‬
‫} قبيل الحرب العالمية الثانية { في جبهة موحدة معادية للغرب ‪ ...‬وهذا‬
‫الكتاب هو نداء وتحذير يجب أن يلقى الحترام الجدي من أجل مصالح الغرب‬
‫وحدها‪. ( .‬هكذا ‪ ،‬فهل كتب باول شمتز ما كتب لما وجده من سوء عرض‬
‫للسلم يرتكبه بعض الجهلء من هنا أو من هناك ؟ !!!‬
‫أو فقولوا لماذا نشر المفكر المريكي " صامويل هانتنجتون " الستاذ بجامعة‬
‫هارفارد كتابه المعروف باسم ) صدام الحضارات ( وفيه يبشر لصدام‬
‫مستقبلي هائل بين الديانات والثقافات الحديثة ممثلة في الثقافة الوربية‬
‫المريكية الغربية من ناحية ‪ ،‬وبين الديانات والثقافات القديمة ‪ ..‬لكنه خص‬
‫الحضارة العربية السلمية بأكثر قدر من التركيز لنها ـ كما يعتقد ـ ستكون‬
‫أولي تلك الحضارات القديمة وأقدرها علي الزدهار وتحدي الغرب قريبا ً ‪،‬‬
‫ولذلك يقول الرجل ‪ ) :‬يجب علي الغرب الستعداد من الن لصدام‬
‫المستقبل هذا ‪ ،‬بل العمل علي إجهاض قوة الحضارات الخرى ‪ ،‬خاصة‬
‫السلمية قبل أن تكتمل ‪. ( .‬‬
‫وهناك دراسة أخري نشرتها مجلة اليكونومست البريطانية في ‪ 8‬يناير عام‬
‫‪ ، 1994‬ركزت علي أن مستقبل العالم مهدد بقوتين كامنتين أمامهما فرصة‬
‫البزوغ ‪ ،‬بل الصدام مع الخرين ‪ :‬هما اليابان والقوة السلمية المنتظرة!‬
‫مقال صلح حافظ ــ الخليج ‪. 25/2/1994‬‬
‫وها هو الرئيس السبق للوليات المتحدة المريكية ــ ريتشارد نيكسون ‪:‬‬
‫يدرك السمة الحضارية للسلم ‪ ،‬حيث يقول ) إن السلم ليس دينا ً فقط ‪،‬‬
‫وإنما هو أساس حضارة رئيسية ‪ ،‬إننا نتحدث عن العالم السلمي بصفته كيانا ً‬
‫واحدا ً ــ ليس لن هناك مكتبا ً إسلميا ً يوجه سياساته ‪ ،‬ولكن لن الدول‬
‫منفردة تشترك في اتجاهات سياسية وثقافية مشتركة مع الحضارة السلمية‬
‫ككل ‪) ( .‬انتهزوا الفرصة ــ ترجمة حاتم غانم ‪ ،‬طبعة فبراير ‪ 1992‬صـ ‪(. 40‬‬
‫‪.‬فهل فهم نيكسون ذلك من سوء العرض للسلم ؟‬

‫‪201‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫ثم يقول ريتشارد نيكسون ‪ ) :‬للعمل في العالم السلمي فإن علي صناع‬
‫السياسة المريكية المناورة داخل وكر أفعي من سم النزاعات اليديولوجية‬
‫والصراعات الوطنية ( ‪.‬والمدهش أنه يعترف بعد ذلك بأن بعض المريكيين‬
‫) يتغاضون عن حقيقة أن السلم ل يشمل مبدأ ارهاب وأن ثلثة قرون قد‬
‫مرت منذ أن انشغل المسيحيون في حروب دينية في أوربا ‪ ( .‬فهل من سوء‬
‫عرضنا فهم نيكسون ؟ ‪.‬‬
‫ثم يعترف بفضل الحضارة السلمية فيقول ‪ ) :‬بينما ذبلت أوربا في العصور‬
‫الوسطي تمتعت الحضارة السلمية بعصرها الذهبي ‪ ،‬وقد أسهم السلم‬
‫بمجهودات هائلة في مجال العلوم والطب ‪ ،‬والفلسفة ‪ ،‬وفي كتابه "عصر‬
‫اليمان " لحظ ول ديورانت أن النجازات الهامة في كل الميادين قد تحققت‬
‫علي يد مسلمين في هذه الفترة ‪ ،‬وكان ابن سينا أعظم الكتاب في الطب ‪،‬‬
‫والرازي أعظم طبيب ‪ ،‬والبيروني أعظم جغرافي ‪ ،‬وابن الهيثم أعظم صانع‬
‫لللت البصرية ‪ ،‬وجابر أعظم كيميائي ‪ ..‬وكان العلماء العرب فاعلين في‬
‫تطوير الفكرة العلمية ‪ ..‬وعندما دفع الرجال العظام من عصر النهضة‬
‫الوربية إلي المام حدود المعرفة ‪ ..‬فقد رأوا أكثر لنهم وقفوا علي أكتاف‬
‫العمالقة من العالم السلمي ‪.( .‬‬
‫ثم يقول ريتشارد نيكسون ) إن حضارتنا ليست متفوقة علي حضارتهم‬
‫الموروثة ‪ ،‬إن شعوب العالم السلمي كانوا أكثر مقاومة لجاذبية الشيوعية‬
‫من مقاومة أولئك في الغرب ‪ ،‬وإن رفضهم الواسع للمادية وثقافة الغرب‬
‫الخلقية المسموح بها ـ أي في الغرب ـ رجعت عليهم بالفضل ‪( .‬‬
‫وطيلة خمسة قرون من ‪ 700‬إلي ‪ 1200‬م ــ كما يقول نيكسون ــ فإن‬
‫العالم السلمي تقدم وتفوق علي العالم المسيحي فيما يتعلق بالقوة‬
‫الجيوبوليتيكية ‪ ،‬ومستوي المعيشة ‪ ،‬والمسئولية الدينية ‪ ،‬وتقدم القوانين ‪،‬‬
‫ومستوي تعلم الفلسفة ‪ ،‬والعلوم والثقافة ‪.‬‬
‫ثم يرجع انحسار الحضارة السلمية إلي انتصارها في الحروب الصليبية ‪ ،‬كما‬
‫يرجع تفوق الغرب إلي انهزامه إذ يقول ) إن عقودا ً من الحرب قلبت‬
‫الطاولت ‪ ،‬وكما كتب ديورانت ‪ :‬إن الغرب خسر الحرب الصليبية ‪ ،‬لكنه ربح‬
‫العقائد )!! ( ‪ ،‬وتم طرد كل محارب مسيحي من أرض اليهودية والمسيحية‬
‫المقدسة ) كذا !! ( ‪ .‬لكن السلم استنزف نتيجة انتصاره المتأخر ‪ ،‬ودمر‬
‫وخرب علي يد المغول ــ بالمقابل ــ في عصر من ظلم الغموض والفقر ‪،‬‬
‫بينما المهزوم مدفوعا ً بالجهد ونسيان الهزيمة تعلم كثيرا ً من عدوه ‪ ،‬ورفع‬
‫ول لغاته الجديدة إلي لغة‬ ‫الكاتدرائيات في السماء ‪ ،‬وعبر بحور العقل ‪ ،‬وح ٌ‬
‫دانتي وفيلون ‪ ،‬وتحرك بروح معنوية عالية إلي النهضة ( فهل كتب نيكسون‬
‫ما كتب تحت سوء عرض منا للسلم ‪.‬‬
‫وحين أصدر جان بيرك المستشرق الفرنسي ترجمته لمعاني القرآن عام‬
‫‪ 1990‬وجدناه يبرر اهتمامه بتقديم معاني القرآن للغرب بقوله ) لن الكثير‬
‫من المفكرين والناس الن ينبذون الصورة المادية للحياة المعاصرة ‪،‬‬
‫ويرفضون مجتمع الستهلك ‪ ،‬هذا المجتمع المادي المحض ‪ ..‬ويفضلون علي‬
‫المدنية المعاصرة مدنية السلم الروحية وينادون بالعودة إليها ( ‪ ،‬ولما كان‬
‫قد قدم في ترجمته للقرآن الكريم معاني القرآن مشوهة فكأنه أراد أن يقول‬
‫للمفكرين الغربيين الذين أصبحوا يرفضون حضارة الغرب الن ويرون أنها‬
‫علي وشك النهيار‪ ،‬لنها فقدت الساس الروحي والخلقي ‪ ..‬يريد أن يقول‬

‫‪202‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫لهم ‪ :‬وهذا هو السلم أيضا ً ملئ بالخرافات والتناقضات ‪ ( ..‬ألخ مقال رجب‬
‫البنا صـ ‪ ، 9‬الهرام ‪. 6/3/1994‬‬
‫أما جان بيرك نفسه فيكاد يلتمس لنفسه العذر فيما يكون قد حدث من‬
‫مخالفة في ترجمته للقرآن الكريم يعتذر بالرجوع إلي وجوب الخذ بالمنهج‬
‫التاريخي إذ يقول ‪ ) :‬يبقي صحيحا ً القول بأن الديناميكية الدينية ذاتها تتطور‬
‫عبر التاريخ ــ ليس في مبادئها وأصولها بالطبع ‪ ،‬ولكن في صياغتها وأشكالها‬
‫وتطبيقاتها ‪ ،‬فتلك أشياء خاضعة للتأقلم والتطور وتختلف باختلف العصور‬
‫والزمات ( الهرام ‪. 29/7/1995‬‬
‫ومن الواضح لدينا أن استثناءه ) المبادئ والصول ( من عملية التأقلم‪ ..‬الخ ‪،‬‬
‫ليس إل تغطية لفظية لهدفه من الترجمة ‪ ،‬وهو إيصال الديناميكية الدينية‬
‫التاريخية إلي ) صياغة ( المبادئ والصول ‪ ،‬وما ذلك إل صياغة كلمات الله‬
‫تعالي ما دمنا بصدد ترجمة القرآن الكريم خلفا لتصريحه ‪ ،‬وهذا المنهج‬
‫التاريخي هو المدخل " الحديث " لنسف أصالة المسلمات السلمية ‪.‬‬
‫فهل ذهب جان بيرك إلي ذلك نتيجة سوء فهم أوسوء عرض ‪.‬‬

‫)‪(3 /‬‬

‫صرا ً مثل ‪ :‬بروس ج‪ .‬نيكولز يدرك‬ ‫أهو سوء عرض منا ذلك الذي جعل من ٌ‬
‫حقيقة السلم بدقة يغبط عليها حين يقول ‪ :‬إن السلم هو أكثر من عقيدة‬
‫دينية ‪ ،‬إنه نظام متكامل للحياة والدين‪ .‬فالسلم يدمج كل المؤسسات‬
‫الدينية والجتماعية والقتصادية والسياسية علي أسس اليمان والقتناع‬
‫واللتزام بقبول الله ربا ً ‪ ،‬والستسلم كلية لرادته ‪ ،‬ثم يستمر قائل ً ‪ ) :‬إن‬
‫مركز البداع في السلم هو التوحيد ‪ ،‬أي الشهادة بأن ل إله إل الله ‪،‬‬
‫والتوحيد يعني أن الله هو الخالق أو السبب الجوهري لكل الوجود والنشاط ‪،‬‬
‫ويؤكد أن النسان هو المسئول عن تحقيق إرادة الله ( ‪ .‬ثم يستمر قائل ً‬
‫) ففي المؤتمر السلمي الدولي الذي عقد في لندن في نيسان )أبريل(‬
‫‪1976‬م حول " السلم وتحديات العصر " ‪ ،‬تم تقديم السلم كنظام متكامل‬
‫من القيم ومصدر إلهام لكل منجزات العلم والدراسات النسانية والمصدر‬
‫الوحيد الراسخ لليمان والسلوك ‪ ( .‬أنظر كتاب " التنصير ‪ :‬خطة لغزو العالم‬
‫السلمي " وهي تضم مجموعة أعمال المؤتمر الذي عقد عام ‪1978‬‬
‫بكولورادوا بالوليات المتحدة المريكية ‪ ،‬ونشرته دار ‪ ، MARK‬ونشر بالعربية‬
‫صـ ‪214‬‬
‫فكيف يمكن القول إذن بأنهم يحاربون السلم لنهم لم يفهموه ‪ ،‬وانهم لم‬
‫يفهموه لسوء في عرضنا ؟ ‪.‬‬
‫انظروا مثل ً إلي الفهم الصحيح للسلم الذي يقدمه المنصر كينيث أ ‪ .‬كراج‬
‫عن السلم ‪ ،‬حيث يقول ‪:‬‬
‫) دعونا نواصل الحديث عن الجسور ‪ ،‬إن للقرآن والنجيل أرضية مشتركة‬
‫من اليمان بالخلق ‪ " :‬هو )الله( الذي يقول كن فيكون "‬
‫إن الخلق المبدع هو لله والرض الطيبة كذلك ‪ ،‬والتي ينظر إليها علي أنها‬
‫مسكن النسان ومجال نشاطه و"المانة" التي حملها‬
‫والنسان هو " خليفة " الرب في "حكم" النظام الطبيعي‬
‫وهو في ذلك مسير بإرادة إلهية‬
‫وتفهم الغاية اللهية بالنسبة للعالم من خلل تسخيره للنسان الفلح والزارع‬
‫والتقني والفنان والعالم الذي يمتلك ويستكشف‬

‫‪203‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ويستغل العالم بتفويض إلهي‬


‫كما أنه يكون مسؤول ً عن أعماله هذه أمام الرب‬
‫فالنسان مخلوق أدني من الرب ‪ ،‬وهو عبد للسلطة اللهية ‪ ،‬وخليفة ومندوب‬
‫في مواجهة الطبيعة ‪.‬‬
‫من هذا المنطلق توجد جوانب عديدة من الفهم المشترك تساعدنا علي‬
‫القيام باتخاذ الموقف الصحيح في وجه كل ما من شأنه أن يتعدى علي‬
‫الكرامة النسانية والمجال اللهي ‪ ،‬وليس فقط فيما يتعلق بالقضايا‬
‫المعاصرة كالسلطة والبيئة ‪ ،‬والمسؤولية عن الموارد والعدل الجتماعي‬
‫والتراحم ‪ ،‬بل بأكثر من هذا ‪،‬‬
‫والقرآن ) سورة ‪ 33 : 2‬وما بعدها ( يري أن الشيطان هو رأس التهام‪ ،‬فبعد‬
‫أن اعترض علي خلفة النسان ‪ ،‬ثم تمرد علي الرب لنفس السبب ‪ ،‬فإن‬
‫هدفه التاريخي هو إغواء البشر وتشتيت وإفساد العمل البشري والثقافة حتى‬
‫يستطيع أن يثبت للرب خطأ ما قام به بتكريمه للدور النساني ‪ ،‬وهذه‬
‫الموضوعات مثيرة جدا ً‬
‫وإذا كان من الواجب " أن ندع الرب يكون ربا ً " يجب علينا كذلك " أن نجعل‬
‫النسان يكون إنسانا ً "‬
‫‪ .‬ومن هنا بالطبع كانت ضرورة الهدي كما يطلق عليه السلم ‪ ،‬والذي‬
‫يسترشد به النسان في أزمة مصيره عبر التاريخ ‪ ،‬ومن هنا أيضا ً جاء تعاقب‬
‫النبياء المرسلين لتحذير وتوجيه الستجابة البشرية ‪ ،‬إذن فالنظرة القرآنية‬
‫إلي النبياء في التاريخ ل تختلف كثيرا ً عن مرامي أمثلة المسيح عن الكرم‬
‫والكرامين والرسل ‪ ،‬فخصوصية مهمة اليهود غير واردة ‪ ،‬ولكن مسؤولية‬
‫النسان أمام الرب في تسخير الطبيعة عبر التاريخ حقيقة هامة في المفهوم‬
‫السلمي للخلق‪ ،‬وفي مكانة النبوءة المتميزة في التاريخ ‪.‬‬
‫هنا تبرز بالطبع بعض العقبات ‪ ،‬ولكن قبل أن نتطرق إليها هنالك بعض‬
‫السمات القرآنية الخرى لمخلوقية النسان الساسية ‪ ،‬والتي تساعدنا في‬
‫مهمتنا ‪ ،‬فالطبيعة تحت وصاية النسان هي بالنسبة للقرآن دنيا من اليات‪،‬‬
‫وهذا اللفظ موجود في كل صفحة من صفحات القرآن تقريبا ً ‪ ،‬إن اليات‬
‫تشد النتباه ‪ ،‬وهذا هو أساس العلم كله فالنسان يلحظ ويراقب ويصنف ‪،‬‬
‫ثم يسخر الظواهر الطبيعية ‪ ،‬والسلم هنا يشعر بالفخر والعتزاز في‬
‫تشجيعه السيادة النسانية من خلل اليقظة الماهرة والقيام بالجهد اللزم‬
‫وبكل دقة ‪ ،‬ونحن ننحني لننتصر ‪ ،‬فالطبيعة لم تعط العلوم من خلل طرح‬
‫بيانات معينة ‪ ،‬بل حقق ذلك النسان من خلل التساؤلت التي طرحها علي‬
‫الطبيعة "والتي" قامت بالرد عليها ‪.‬‬
‫غير أن اليقظة التي تتطلبها هذه اليات هي أكثر بكثير من كونها عقلنية ‪. ( .‬‬
‫ثم يقول ‪ ) :‬إن النفور الموروث ل يزول بسهولة ‪ ،‬وكثيرا ً ما يؤكد القرآن‬
‫علي أنه قدم بطريقة تسهل علي الناس فهمه ‪ ،‬فالقرآن ليس طلمسا ً قصد‬
‫به إخفاء الحقيقة من خلل التعبير والخبار ‪ ،‬كما تدعي ذلك فئة من‬
‫الحبار ‪. ( .‬‬

‫)‪(4 /‬‬

‫ثم يقول ‪) :‬لقد رأينا كيف يشرع السلم فيما يخص الله ‪ ،‬والنسان ‪ ،‬وإضافة‬
‫إلي ذلك يري القرآن أن هذا التشريع يلئم الطاعة في وجود شروط معينة‬
‫تمثلها بصورة عامة الدولة السلمية التي ُأنيط بها النظام السياسي منذ‬

‫‪204‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الهجرة‬
‫ويأتي بعد ذلك نمط الحياة اليومي )الصلوات اليومية الخمس والصوم والحج‬
‫والزكاة (‬
‫ونظام التكافل الجتماعي في المة السلمية‬
‫وعلي ضوء هذا فقد نظر السلم إلي النسان علي أنه يمكن أن يتحسن حتى‬
‫يبلغ درجة الكمال ‪ ،‬فالسلم واثق بأن التشريع في القرآن والرحمة في‬
‫المجتمع والسنة التي يمكن أن تحتذي والنضباط في النماط الجتماعية‬
‫والرعاية التي يمكن أن يوفرها نظام الحكم السلمي ستكون كافية لتحقيق‬
‫واجب النسان والدعوة الموجهة إليه لعبودية الله ‪....‬‬
‫إن الكتاب المقدس الذي يدعو إلي أن عيسي هو المخلص يلزمه أن يواجه‬
‫الحيرة الساسية والكراهية الراسخة في السلم لهذا المفهوم ‪ ،‬ولكن حتي‬
‫هنا وبسبب صعوبة المهام التي نواجهها هنالك بعض المور اللهوتية العقيدية‬
‫التي ينبغي توضيحها ‪:‬‬
‫انطلقا ً من مقطع هام في القرآن )‪ 157 : 4‬وما يليها ( ونتيجة لعتبارات‬
‫أخري في اللهوت السلمي ‪ ،‬فإن السلم يري ‪:‬‬
‫أ ‪ -‬أن المسيح لم يصلب ‪.‬‬
‫ب ‪ -‬أن الصلب ما كان من الواجب أن يحدث ‪.‬‬
‫جـ ‪ -‬أن الصلب ل حاجة له أن يحدث ‪.‬‬
‫فالسلم ينكر حدوث الواقعة تاريخيا ً ويرفض احتمال حدوثها علي أساس‬
‫أخلقي كما يرفض الضرورة لها علي أساس عقائدي ‪. ( .‬‬
‫ثم يقول ‪ ) :‬فالمسلمون يعتقدون أن يسوع ما كان ينبغي أن يتعذب بهذا‬
‫المعني الذي يتضمن عجز الرب في الدفاع عن خادمه ) بل وأكثر من هذا إن‬
‫قلنا ابنه ! ( ‪ .‬ومن هذا المنطلق فإن الرب " يودع قدرته " في حقيقة أن‬
‫المسيح لم يمت‬
‫علوة علي ذلك فإن تحمل عقاب الثم نيابة عن الخرين ليس من الخلق‬
‫في شئ ‪ .‬فالقرآن يقول } ول تكسب كل نفس إل عليها ول تزر وازرة وزر‬
‫أخري { ) سورة ‪ : 6‬النعام ( ‪ .‬إذ ليس من العدل معاقبة )أ( لذنب ارتكبه ‪،‬‬
‫)ب( ‪ ،‬ولهذا فالمسلمون يشعرون بأن فكرة البديل النصرانية هي فكرة غير‬
‫أخلقية إلي حد بعيد ‪. ( .‬‬
‫ثم يقول ‪ ) :‬ولكن هل هذه المعاناة التي تفتدي النسان ضرورية للقدرة‬
‫الكلية اللهية ‪ ،‬فالسلم يقول أن رحمة الله تسع جميع مخلوقاته والقرآن‬
‫يؤكد ‪ } :‬إنما أمره إذا أراد شيئا ً أن يقول له كن فيكون { ‪ 82 ) .‬يس( ‪.‬‬
‫وهذا يعني أن المغفرة اللهية عمل مهيب يحدث دون جهد ‪ ،‬ولهذا فإن فكرة‬
‫" المخلص " الذي " مكن " الرب من أن يغفر لنا توحي بالعجز الرباني‬
‫فهل يحتاج الرب أبدا ً " للمساعدة " من أجل تحقيق إرادته ؟‬
‫وهذا يوضح أننا نحتاج لن نكون فطنين وحذرين جدا ً فيما نقوله أثناء الدعوة‬
‫} يقصد تبشير المسلم { خشية الوقوع في مفاهيم خاطئة‬
‫ما هي الطريقة التي يمكن أن نوضح بها " "ضرروة " الصليب باعتباره شكل‬
‫ومضمون القدرة الربانية في المغفرة ؟‬
‫هل يمكن لمغفرتنا ــ إذا جاز التعبير ــ أن تكون مشكلة الرب ؟ ‪. (1) ( .‬‬
‫هكذا يفهم المنصر السلم‬
‫بسم الله ما شاء الله‬
‫رؤية ول شي َ‬
‫خ أزهرِ لها‬
‫إذن فالمر في دائرة التنصير ل يرجع إلي سوء الفهم ‪ ،‬أو سوء العرض ‪،‬‬

‫‪205‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ولكنه يرجع إلي ما يقول جورج بيترز في بحثه بعنوان " نظرة شاملة عن‬
‫إرساليات التنصير العاملة وسط المسلمين " ‪ ) :.‬إنني أميل إلي التفاق مع‬
‫فاندر وزويمر وفريتك وآخرين فيما ذهبوا إليه من أن السلم حركة دينية‬
‫معادية للنصرانية‬
‫مخططة تخطيطا ً يفوق البشر )!!!( لمقاومة إنجيل ربنا يسوع المسيح‬
‫إن السلم هو الدين الوحيد الذي تناقض مصادره الصلية أسس النصرانية ‪،‬‬
‫وترفض بكل وضوح موثوقية وصحة النجيل وأبوة الرب ‪ ،‬وأن المسيح ابنه ‪،‬‬
‫وضرورة موته وكفايته لمفهوم الخلص ‪ ،‬وتبرير بعثه ‪.‬‬
‫إنه الخلف الكبر في النصرانية وفي الكتاب المقدس أملنا في الخلص ‪.‬‬
‫ولكن محرك هذا الخلف هو السلم وليس النصرانية‬
‫وفي ذات الوقت فالنظام السلمي هو أكثر النظم الدينية المتناسقة‬
‫اجتماعيا ً وسياسيا ً ‪ ،‬ويفوق في ذلك النظام الشيوعي )!!( ‪( ..‬‬
‫هكذا ليست المسالة في سوء الفهم إذن‬
‫ولكن العقدة ليست هنا ‪ !! ،‬العقدة في التوصيل المين ‪ ،‬توصيل هذه الرؤية‬
‫إلى جماهيرهم ‪ ،‬هنا ينغلق الباب ويأتي المنصر نفسه ‪ ،‬ليعلن الحرب وليقول‬
‫) ولكن هذه الحقيقة يجب أل تحبط عزم المنصرين ‪( ...‬‬
‫ثم يقول ‪ ) :‬إن الله الموجود فينا !! أعظم من الله الموجود في العالم ‪،‬‬
‫وأعظم حتي من الله الذي يتحدث عنه الدين السلمي ‪(1) ( .‬‬
‫هكذا كأنما القضية تأتي انطلقا من أرضية الشرك للختيار بين اللهة‬
‫و أليس هذا بالنص ما قاله المسئول المريكي المدعو بويكين ؟‪"=/>.‬‬
‫‪TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%"><SPAN lang=AR-SA‬‬
‫‪<"style="FONT-SIZE: 16pt‬بقلم ‪ :‬د‪ .‬عبد الله فهد النفيسي>‬
‫‪<o:p></o:p></SPAN‬‬
‫>‪TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%"><SPAN lang=AR-"=/‬‬
‫>]‪SA style="FONT-SIZE: 16pt"><![if !supportEmptyParas]><![endif‬‬
‫‪<<o:p></o:p></SPAN‬‬

‫)‪(5 /‬‬

‫>‪TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%"><SPAN lang=AR-"=/‬‬


‫‪<"SA style="FONT-SIZE: 16pt‬تصريحات وخطب الجنرال وليام بويكين‬
‫نائب وكيل وزارة الدفاع الميركية لشؤون المخابرات ودعم الجهد الحربي‬
‫الخيرة ضد السلم والمسلمين كدين وكأمة وقوله بأن المسلمين يعبدون‬
‫)وثنًا( وليس )إلها ً حقيقيًا( وإن الحرب ضد السلم والمسلمين ليس فقط‬
‫مشروعة بل واجبة بالنسبة للمسيحيين واليهود‪ ،‬قوله هذا لم يأت من فراغ‬
‫وليس فلتة لسان أو زلة شخصية بل هو اتجاه راسخ في الوليات المتحدة‬
‫اتباعه يفوق عددهم السبعين مليونا ً من المواطنين الميركان الذين يتركزون‬
‫في وسط الغرب >‪SPAN><SPAN dir=ltr style="FONT-SIZE:/‬‬
‫‪16pt">Mid-West</SPAN><SPAN dir=rtl></SPAN><SPAN lang=AR-SA‬‬
‫‪ <style="FONT-SIZE: 16pt"><SPAN dir=rtl></SPAN‬والجنوب عموما ً‬
‫ولهم مئات الكنائس والمعابد وعندهم قنوات تلفازية كثيرة ومئات الذاعات‬
‫المنشورة فوق الراضي الميركية وفي أنحاء عديدة من أقطار العالم ومن‬
‫إعلم هذا التيار الصهيو‪ -‬مسيحي التالية أسماؤهم‪ :‬جيري فالويل وبات‬
‫روبرتسون وبيلي غراهام وغيرهم وقد سبق هؤلء الجنرال بويكين ومنذ‬

‫‪206‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫أشهر بسب القرآن الكريم والرسول صلى الله عليه وسلم ووصفه‬
‫روبرتسون بكافة الوصاف المشينة ولم يفعل المسلمون شيئا ً ولم يحركوا‬
‫ساكنا ً ول تحركت حكوماتهم ولو كان المسلمون فعل ً إرهابيين لكان‬
‫روبرتسون الن في بيت الدود‪<o:p></o:p></SPAN>.‬‬
‫>‪TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%"><SPAN lang=AR-"=/‬‬
‫‪<"SA style="FONT-SIZE: 16pt‬التيار الصهيو ‪ -‬مسيحي إذن تيار راسخ في‬
‫الوليات المتحدة وقد كتب في هذا الموضوع الكثير من الكتب في الوليات‬
‫المتحدة نفسها وفي أوروبا ومن أشهر وأثمن ما كتب في هذا الموضوع كتاب‬
‫بول ميركلي الموسوم )الصهيونية المسيحية ‪/>) 1948 -1891‬‬
‫‪SPAN><SPAN dir=ltr style="FONT-SIZE: 16pt">The Politics Of<SPAN‬‬
‫‪style="mso-spacerun: yes"> </SPAN>Christian</SPAN><SPAN‬‬
‫‪dir=rtl></SPAN><SPAN style="FONT-SIZE: 16pt"><SPAN‬‬
‫‪dir=rtl></SPAN> </SPAN><SPAN dir=ltr style="FONT-SIZE:‬‬
‫‪16pt">Zionism</SPAN><SPAN dir=rtl></SPAN><SPAN lang=AR-SA‬‬
‫‪style="FONT-SIZE: 16pt"><SPAN dir=rtl></SPAN>)<SPAN style="mso-‬‬
‫‪<spacerun: yes"> </SPAN‬يتتبع فيه ميركلي العلقة بين الحركة النجيلية‬
‫المسيحية والحركة الصهيونية وأن الولى حضرت كل مؤتمرات الصهاينة‬
‫وشاركت في مداولتها وحرضت الصهاينة على السعي لتأسيس وطن قومي‬
‫يهودي في فلسطين وشاركت مشاركة فعالة في التحضير الدبلوماسي‬
‫والسياسي لهذا المر ومن أراد أن يتفصل فليقرأ كتاب ميركلي القيم ومن‬
‫لم يجده فليقرأ كراسة محمد السماك المنشورة في بيروت )دار النفائس(‬
‫وعنوانها )الصهيونية المسيحية( وهي كراسة قيمة وثمينة وثرية من حيث‬
‫المعلومات‪ ،‬وقد تفصل في هذا الموضوع يوسف الحسن في أطروحة لنيل‬
‫شهادة الدكتوراه بعنوان‪) :‬البعد الديني لسياسة الوليات المتحدة( وقد‬
‫نشرت هذه الطروحة في سلسلة مركز دراسات الوحدة العربية في بيروت‬
‫وهي أطروحة قيمة وثمينة وثرية للمهتمين بمتابعة تفاصيل هذا المر‪>.‬‬
‫‪<o:p></o:p></SPAN‬‬
‫>‪TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%"><SPAN lang=AR-"=/‬‬
‫>]‪SA style="FONT-SIZE: 16pt"><![if !supportEmptyParas]><![endif‬‬
‫‪<<o:p></o:p></SPAN‬‬
‫>‪TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%"><SPAN lang=AR-"=/‬‬
‫‪<"SA style="FONT-SIZE: 16pt‬خلصة فكر التيار الصهيو‪ -‬مسيحي الذي‬
‫يحكم الن في البيت البيض أنه ينبغي أن يحرص جميع المسيحيين المنضوين‬
‫تحته على دعم الكيان الصهيوني بكل الوسائل وتحريض جميع يهود العالم‬
‫إلى الهجرة إلى فلسطين والتجمع هناك ذلك أن )قيامة المسيح( حسب‬
‫معتقد هذا التيار لن تحدث إل إذا تحولت كل أرض فلسطين إلى أرض‬
‫يهودية‪ ،‬ومحاولة رامسفيلد وزير الدفاع الميركي لملمة الموضوع والحديث‬
‫عن تحقيق مع بويكين ل ينفي رسوخ هذا التيار في الدارة الميركية‪>.‬‬
‫‪<o:p></o:p></SPAN‬‬
‫>‪TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%"><SPAN lang=AR-"=/‬‬
‫>]‪SA style="FONT-SIZE: 16pt"><![if !supportEmptyParas]><![endif‬‬
‫‪<<o:p></o:p></SPAN‬‬
‫>‪TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%"><SPAN lang=AR-"=/‬‬
‫‪<"SA style="FONT-SIZE: 16pt‬ل شك أن هذا التداخل الديني مع المجهود‬

‫‪207‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الميركي الجيو ‪ -‬سياسي في الفغان والعراق وعموم العالم السلمي سوف‬


‫ينعكس بإذن الله على عموم الوضع الستراتيجي الميركي في العالم‬
‫السلمي لو أحسن المسلمون التعاطي معه بالشكل المطلوب‪>.‬‬
‫‪<o:p></o:p></SPAN‬‬
‫فأين القضية إذن ؟ هل ترجع كما يشيع البعض إلي سوء الفهم أو سوء‬
‫العرض ؟‬

‫)‪(6 /‬‬

‫وإذا كان البعض يحاول أن يعتذر عن ذلك بجهل المريكان الذي يشهد به‬
‫الكاتب الدكتور ديفيد بلنكس أستاذ التاريخ بالجامعة المريكية بالقاهرة‬
‫بمجلة " الكتب وجهات نظر " بعدد إبريل ‪ 2003‬ص عن مستوي الجهل‬
‫السياسي الذي يتمتع به المواطن المريكي قائل ) إن معظم الناس ل‬
‫يقرءون حتي الصحف ناهيك عن الكتابة إليها وعموما تكشف رسائل القراء‬
‫وجهة النظر المتطرفة سواء كانت في اتجاه اليمين أم ناحية اليسار ( ثم‬
‫يقول ‪ ) :‬أما فيما يتعلق بالسلم والعرب والشرق الوسط علي وجه‬
‫الخصوص فهو ل يعرف شيئا ألبتة بل ول يهتم كثيرا بذلك ( ثم يقول ‪:‬‬
‫) وهناك الكثير الذي يمكن قوله فمعظم المريكيين ل يقرءون صحيفة‬
‫واشنطن بوست ونيويورك تايمز بل إن شبكة سي إن إن الدولية التي يعتبرها‬
‫المراقبون في الخارج مرجعا ليست متاحة داخل الوليات المتحدة ‪ ،‬ول‬
‫يشاهدها المريكيون بالمرة ‪( ،‬‬
‫فإننا يجب أن نفهم أنه الجهل الرادي التلقيني المبرمج غير المعذور‬
‫انظروا ما جاء عن برمجة هذه العداوة المغرضة التي تصل إلي جذور البرامج‬
‫الدراسية في الغرب ‪ :‬وقولوا لنا ‪ :‬هل تقررت بدافع سوء عرض منا للسلم‪.‬‬
‫يقول مارسل بوازار ‪ ) :‬في الوليات المتحدة المريكية تتهم لجنة من جميعة‬
‫دراسات الشرق الوسط الكتب المدرسية برداءة العلم عن السلم ‪،‬‬
‫وبالخطاء فيما يتعلق بالوقائع التي تتضمنها عن المسلمين ‪ ،‬نتائج التحقيق‬
‫الذي قامت به اللجنة مفزعة ‪ ..‬كتب التاريخ العام المدرسية تخصص عموما ً‬
‫‪ % 8‬علي أبعد تقدير من محتواها للشرق الدنى والوسط ‪ ،‬معظم هذه‬
‫المادة غير كافية ‪ ،‬فضل ً عن أنها تعالج أساسا ً الحضارات القديمة ‪ ،‬حضارات‬
‫بلد الرافدين ووادي النيل ول تتحدث عمليا ً عن تاريخ الثقافة السلمية ‪ ،‬ومن‬
‫جهة أخري ‪ :‬محررو هذه الكتب المدرسية ُيظهرون مثل المدرسين مسبقات‬
‫كامنة ‪ ،‬معززة بتحرير ناقص ‪ ،‬وببحث قليل الدقة وبتقديم غير سديد‪ ،‬وهكذا‬
‫فإن التلميذ المريكيين عندما سئلوا لم يجيبوا عن السلم إل كدين وكثيرا‬
‫منهم زعموا أنهم ل يعرفون المسلمين إل في منظور حركة المسلمين السود‬
‫" بلك مسلم " ‪.‬‬
‫وأجريت مؤخرا ً دراسة أخري محددة جغرافيا بمنطقة واشنطن استنتج منها‬
‫ً‬
‫أن ‪ % 15‬فقط من الكتب المدرسية المتوافرة يمكن أن ينصح بها كأدوات‬
‫تربوية ‪ ،‬أما النتقادات الرئيسية فهي التية ‪ :‬ــ‬
‫ــ قلما قدم السلم كإحدى ديانات التوحيد الكبرى في العالم ‪.‬‬
‫ــ حوكم التاريخ والحضارة العربية بميزان المعايير العرقية الخالصة ‪.‬‬
‫ــ استخدمت قوالب فظة ‪ ،‬مقدمة في أسلوب تحقيري لوصف حضارة‬
‫العرب‪. (1).‬‬
‫وفي الكتب المدرسية الفرنسية ‪:‬‬

‫‪208‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫يخص الرسول ‪ r‬الذي مازال يكتب بطريقة مغلوطة ‪ :‬ــ‬


‫بنعوت قيمية محددة ‪.‬‬
‫محمد الفقير يشعر بالمن بفضل زواجه ‪.‬‬
‫وخلل سفره التقى بيهود ونصاري ‪.‬‬
‫وبتكريسه أوقات فراغه للتأمل حصلت له رؤى " علي طريقة النبياء" وقرر‬
‫التبشير ‪ :‬بـ " الرب ــ الله ‪. " .‬‬
‫أخرج من مكة فظل مشغول ً باسترجاعها ‪.‬‬
‫منذ البداية التجأ للعنف ‪.‬‬
‫مكنه فنه في قيادة الجموع )!!( من توحيد أنصاره الذين زرع فيهم روح‬
‫التعصب ووعدهم بالجنة إذا ماتوا في سبيل " الحرب المقدسة " ‪.‬‬
‫أما تقديم السلم ــ في تلك الكتب المدرسية فإنه يجمع جميع القوالب‪:‬‬
‫التعصب ‪ ،‬الخضوع ‪ ،‬الهمال ‪ ،‬الستسلم ‪ ..‬إلخ ‪ ..‬اليمان السلمي ليس‬
‫جديدا ً ــ قلد واستعار كثيرا ً ‪ ،‬خاصة من اليهودية ‪ ،‬عقيدته هي من أكثر العقائد‬
‫بساطة ‪ ،‬وممارساته الثقافية محدودة جدا ً ‪.‬‬
‫الفتح العربي يوصف دائما ً بـ " الصاعق " كتاب مدرسي واحد أشار إلي أن‬
‫دوافع التوسع لم تكن دينية حصرا ‪ ،‬أما بالنسبة للكتب الخرى فتفسير ذلك‬
‫هو في الجبلة الحربية للعرب الذين أعمتهم رغبتهم في فرض اليمان علي‬
‫الكفار ‪.‬‬
‫تضيف إلي ذلك بعض الكتب ‪ :‬الضعف الداخلي للدول التي ستفتح ‪ ،‬ورغبة‬
‫البدو في الخروج من الصحراء الحارقة للستيلء علي المدن ‪.‬‬
‫أدت الحرب المقدسة إلي صراع رهيب بين الصليب والهلل ‪ ،‬سبب‬
‫المسلمون ) الذين يسمون سراسنة ( خرابا ً مخيفا ً في حوض البحر البيض‬
‫المتوسط ‪.‬‬
‫وأخيرا ً عندما يعالج مؤلفو هذه الكتب الثقافة السلمية ل يخشون الوقوع في‬
‫التناقض ‪ :‬فبينما الحرب المقدسة قضت بالختفاء علي كل فرد غير مسلم ‪..‬‬
‫نجد أن اليهود والمسيحيين في الراضي المفتوحة هم الذين كان لهم نصيب‬
‫السد في ميلد الحضارة السلمية ‪ ،‬هذه الخيرة التي ليست سوي اقتباس ‪:‬‬
‫خليط وانتحال ‪ ..‬طابعها الجوهري هو افتقاد الصالة ‪ ..‬لدرجة أن بعض الكتب‬
‫المدرسية في تمارينها ــ التي من المفروض أن تشغل فكر التلميذ النقدي ــ‬
‫تطلب في سؤال إيحائي أن يشرح ‪ " :‬في أي مجال تفتقد الحضارة‬
‫السلمية الصالة ؟ " ‪.‬‬
‫كل شئ فيها تقليد ‪ :‬العلوم الطبيعية والنسانية ‪ ،‬الفن ‪ ،‬الدب ‪ ،‬وحتي‬
‫المعمار ‪ ،‬ــ وهو مجال يعترف فيه للمسلمين ــ عادة ــ بالتفوق ــ ليست‬
‫حسب الكتب المدرسية سوي تقليد ‪.‬‬

‫)‪(7 /‬‬

‫وفي التعديلت التربوية الخيرة التي أعدت في فرنسا يبدو السلم كثقافة‬
‫ماض " مشٌرحة " وكدين للفقراء ‪ ،‬تمت مماثلتة مع العمال المهاجرين غير‬
‫المتخصصين ‪ :‬لم تعد صورة المجتمع صورة قوة تناحرية خطيرة ‪ ،‬كما‬
‫تستخلصها الكتب المدرسية القديمة ‪ ،‬بل هي بالحري شبيهة بصورة حضارة‬
‫صدر يدها العاملة ‪.‬‬
‫ميتة ت ٌ‬
‫هل يعود السبب لتبرير إيديولوجي ؟ أم لتأثيرات عرقية ؟ أم لقصور مؤلفي‬
‫الكتب المدرسية ؟ يظل السؤال مطروحا ً ‪ ،‬لكن مما ل شك فيه أن ظلما ً‬

‫‪209‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫دائما ً انصب علي السلم والمسلمين ‪ ( .‬مارسيل بوازار ‪ " :‬السلم اليوم "‬
‫صـ ‪ 26‬ــ ‪. 29‬‬
‫أليس هذا هو التلقين المبرمج الذي تتعرض له أجيال الغرب في دراستهم‬
‫للنسانيات ‪ ،‬والسلميات ؟‬
‫ثم يأتي سماسرة الغرب من أشباه المثقفين منا الذين لم يقرءوا – بفهم –‬
‫كتابا في التراث السلمي على ما به من نقاشات محتدمة بين ما احتواه من‬
‫المتن والشرح والحاشية والتعليق أولئك الذين ل يحسون بالقذى في عيونهم‬
‫ليسقطوا تهمة التلقين على المناهج الدينية السلمية ذرا للرماد في العيون‬
‫عما عليه التلقين هناك وتبريرا للعبث الجاري في المناهج الدراسية السلمية‬
‫بأوامر أمريكية ؟‬
‫إننا نؤكد أن سادة هؤلء عندما يختارون موقع العداء للسلم وحضارته ‪،‬‬
‫ويصفونه بوكر الفعى ‪ ،‬كما فعل نيكسون ‪ ،‬فإن ذلك ل يرجع في العم‬
‫الغلب ــ كما يشيع البعض ــ إلي سوء عرض منا ‪ ،‬أو سوء فهم منهم ‪ ،‬ول‬
‫يرجع إلي ما عليه حال المسلمين اليوم من تخلف ‪ ،‬أو ما عليه حال بعضهم‬
‫من تطرف ‪ ،‬ولكنه يرجع إلي سوء قصد منهم بإدراكهم الختلف الجذري في‬
‫أصول كل من الحضارتين‪ ،‬وبإصرارهم علي إبادة الخر وفقا لما درجوا عليه‬
‫في إقامة حضارتهم الخاصة‬
‫ومن هنا فإنهم يفزعون إلي خططهم التلقينية المدروسة في الساءة إلي‬
‫السلم ‪ ،‬وتشويه صورته عمدا ً ‪ ،‬وبكل ما يملكون من وسائل الدفاع عن‬
‫الذاتية الخاصة لوجودهم الحضاري ‪.‬‬
‫)‪ (1‬المصدر السابق صـ ‪. 356‬‬
‫)‪ (1‬أنظرالمصدر السابق ‪.‬من صـ ‪ 274‬إلي صـ ‪. 281‬‬
‫)‪ (1‬المصدر السابق ‪ :‬التنصير خطة لغزو العالم السلمي من صـ ‪ 549‬إلي‬
‫صـ ‪. 568‬‬
‫)‪ (1‬أنظر كتاب " السلم اليوم " لمارسيل بوازار ‪ ،‬ترجمة ونشر اليونسكو ‪،‬‬
‫صـ ‪ 22‬إلي صـ ‪. 30‬‬

‫)‪(8 /‬‬

‫الغرب وخيار الشعب المسلم‬


‫أ‪.‬د‪ .‬ناصر بن سليمان العمر‬
‫الحمد لله وبعد‪ ،‬فإن اليام تبدي حينا ً بعد حين ازدواج معاير الغرب‪ ،‬وتشهد‬
‫للقائلين بأن علمانيته ونظمه الديمقراطية قائمة على معاداة الدين‪.‬‬
‫فكثيرا ً ما يتبجح الغربيون بالديمقراطية‪ ،‬وينادون باحترام كلمة الشعب‪ ،‬وفي‬
‫طيات ذلك مخادعات فهم يعدون القوانين الصادرة عن ممثلي الشعب في‬
‫البرلمان والتي ربما لم تعبر عن رأي جل الشعب إل ّ بالتخرص‪ ،‬فمن قال إن‬
‫من انتخب فلنا ً فقد وافقه في كل ما يقول وُيص ِ‬
‫در!‬
‫ومع ذلك هم يعدون تلك التشريعات البرلمانية دساتير مقدسة ليجوز لحد‬
‫تجاوزها‪ ،‬والحجة هي احترام خيار الشعب المظنون بل ربما المدعى عليه‬
‫كذبا ً وتلفيقًا‪.‬‬
‫ومع أن هذا النموذج الغربي للديمقراطية يتصادم مع مبادئ السلم‪ ،‬القاضية‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن" ]لعراف‪،[54:‬‬ ‫ب ال َْعال َ ِ‬
‫مي َ‬ ‫ك الل ّ ُ‬
‫ه َر ّ‬ ‫خل ْقُ َواْل ْ‬
‫مُر ت ََباَر َ‬ ‫ه ال ْ َ‬
‫بأن الحكم لله "أل ل َ ُ‬
‫فهو _سبحانه_ أعلم بمصالح من خلق‪ ،‬وأرحم بهم من أنفسهم‪ ،‬ولهذا فإن‬
‫المسلم ليكون مسلما ً حتى يرضى بحكم الله ويسلم له‪ ،‬فإن خالف رأي‬

‫‪210‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الغلبية حكم الله وحكم رسوله _صلى الله عليه وسلم_ فل عبرة به عنده‪،‬‬
‫ول ينبغي لمن يليه أمر المسلمين أن يخالف كلم الله وكلم رسوله _صلى‬
‫ت أصحابها على‬ ‫الله عليه وسلم_ لهواء بشرية‪ ،‬وعقول أرضية‪ ،‬قاصرةٌ نظرا ُ‬
‫بعض زخرف الحياة الدنيا‪.‬‬
‫إن الديمقراطية الغربية ‪-‬في أحسن أحوالها‪ -‬قائمة على عدم التزام الدين‬
‫في شئون الحكم دون تقصد لمخالفته‪ ،‬فل يلزم من النظام الغربي‬
‫الديمقراطي مخالفة الدين في كافة تفاصيله ورفض دستوره وأحكامه بندا ً‬
‫بندًا‪ ،‬ول يجب على الديمقراطي العلماني مخالفة الدين في كل جزئية ليبني‬
‫قانونه الخاص‪ ،‬ولكنه يأخذ منه ماء شاء‪ ،‬ويحكم بالوضع على ما شاء‪ ،‬فهم‬
‫يقولون‪" :‬دع ما لله لله وما لقيصر لقيصر"‪ ،‬فإذا أعطى الله قيصرا ً عطية فل‬
‫يلزم ردها على كل حال‪ ،‬وإذا جاءهم المرسوم الرباني أو الدستور )الكتاب(‬
‫فلهم أن يؤمنوا ببعض ويكفروا ببعض أو يتخذوا بين ذلك سبي ً‬
‫ل!‬
‫ولهذا فإنك لتعجب إذا وافق خيار الديمقراطية الحق والصواب‪ ،‬وليس تلك‬
‫تزكية لها‪ ،‬بل كفى بها إثما ً أن تخالف الشرع ولو في مسألة واحدة تتخذ دينا ً‬
‫وشريعة مقدسة ل تجوز مخالفتها‪.‬‬
‫بيد أن العجب يتبدى والحقيقة تتجلى عندما يخرج الغرب عن قاعدته فيرفض‬
‫الديمقراطية ويأباها إذا وافقت خيارا ً صحيحا ً ارتضاه شعب مسلم‪ ،‬بل يهدد‬
‫ويتوعد ويلوح بالعقوبات‪ ،‬فما أسرع أن نسى الغرب الديمقراطية يوم اختار‬
‫الشعب المسلم )حماس( حكومة لدولته‪ ،‬عندها ركل الغرب الديمقراطية‬
‫وشرع في محاولت لتغير خيار الشعب وتفريغه من محتواه بالضغط والتهديد‬
‫تصريحا ً وإيماًء‪ ،‬من أجل أن تتنكر حماس لشعبها‪ ،‬الذي اختارها بناء على‬
‫سيرتها الولى‪.‬‬
‫وعندما اختارت الشعوب المسلمة خيار المقاطعة لدولة لم يأخذ حكماؤها‬
‫على أيدي سفهائها المستهزئين بالرسل _عليهم السلم_‪ ،‬عندها عد سفهاء‬
‫الحلم من حكامهم خيار الشعب همجية وبربرية‪.‬‬
‫وليت شعري أين الديمقراطية وأين التمدن والحرية أفي سجون البريطانيين‬
‫بالبصرة! أم في دول ل تراعي المواثيق الدولية القاضية باحترام النبياء‪.‬‬
‫والشاهد أن هذه خيارات الشعوب المسلمة يرفضها اليوم من ينادي‬
‫بالديمقراطية‪.‬‬
‫فما أقبح أن يزعم الغربيون بعد ذلك تمسكهم بمبادئ ديمقراطية ل تعادي‬
‫دين المسلمين‪ ،‬وأشد من ذلك أن يغتر بهذا البلهاء من المستغربين‪ ،‬ورجاؤنا‬
‫أن تفتح هذه الحداث أعينهم المغمضة على حقائق الواقع‪ ،‬وتغلق أفواههم‬
‫ن ي َهْدِ الل ّ ُ‬
‫ه فَهُ َ‬
‫و‬ ‫م ْ‬
‫د‪َ " :‬‬
‫الصائحة بشعارات الغرب‪ ،‬ليسمعوا وينظروا‪ ،‬وبع ُ‬
‫ن" ]العراف‪ ،[178:‬جعلني الله‬ ‫سُرو َ‬ ‫م ال ْ َ‬
‫خا ِ‬ ‫ل فَُأول َئ ِ َ‬
‫ك هُ ُ‬ ‫ضل ِ ْ‬
‫ن يُ ْ‬
‫م ْ‬
‫دي وَ َ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫مهْت َ ِ‬
‫وإياك من أهل هدايته‪ ،‬وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه‬
‫أجمعين‪.‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫الغرب يقرأ عن السلم ‪ ...‬وقفة تأمل‬


‫محمد جلل القصاص‬
‫ل شك أن كثيرا من الناس ليسو من أهل التدقيق والبحث العلمي ‪ ،‬بل يضيق‬
‫صدرهم بعرض الخلفات والترجيح بين الراء ‪ ،‬ويبحثون عن الخلصة التي‬
‫تكون في جملة أو جملتين ‪.‬‬

‫‪211‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫هكذا الناس من يوم كانوا ‪ .‬وارجع إلى السيرة النبوية تجد أن مراحل الصراع‬
‫الولى في العشرين عاما الولى من بعثة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم‬
‫ـ كانت بين عدد محدود جدا ‪ ،‬ثم دخل عوام الناس في دين الله أفواجا بعد‬
‫ذاب ربيعة‬ ‫الفتح ‪ ،‬وخرجوا مع أول داع للكفر في ديارهم وهم يرددون ) ك ّ‬
‫أحب إلينا من صادق مضر ( ‪.‬‬
‫هكذا كانوا يحسبونها فلم يفقهوا ولم يتعلموا ‪.‬‬
‫والناس هي الناس ‪.‬‬
‫حين تتحدث إلى النصارى تجد أنهم يتكلمون عن شخص آخر غير رسول الله‬
‫مّزواج‬
‫ـ صلى الله عليه وسلم ـ الذي نعرفه ‪ ،‬يتكلمون عن سفاك للدماء ِ‬
‫للنساء ‪ ....‬الخ ‪ .‬و ) ما هكذا كان النبي (‬
‫يتكلمون عن شريعة ل تعرف إل القتل و ) الّرق ( ‪ ،‬ول ترضى بـ ) الخر ( إل‬
‫ذميا ‪ ..‬إلى آخر ما يقال ‪.‬‬
‫وبغض النظر عن أن في ) الكتاب المقدس ( بعهديه القديم والجديد ‪ ،‬ما‬
‫يستحى من ذكره في مجال النساء والقتل والتعدي على أنبياء الله بل‬
‫والتعدي على ذات الله القدوس ‪،‬وأن تاريخ النصارى في هتك العراض‬
‫وسفك الدماء ل ُيعرف مثله اللهم من إخوانهم اليهود بغض النظر عن هذا‬
‫كله فإنني أريد أن أشير إلى شيء هو ‪:‬‬
‫ملةٍ أو جملتين ‪.‬‬ ‫ج ْ‬
‫أن النصارى لهم مصادرهم الخاصة التي يتلقون منها في ُ‬
‫ول يصغون إلينا إل نادرا ‪.‬‬
‫وهذا ما يحدث الن إنهم يقرءون عن السلم من هذه المصادر التي ترسم‬
‫لرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ صورة ل يرضى بها أي مسلم ‪ .‬ففي‬
‫ذة ‪ ،‬ولكنهم‬ ‫أحسن كلمهم يتكلمون عن شخصية مقاتلة ذات مهارة قيادية ف ّ‬
‫يرفضون أن يقال عنه إنه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ‬
‫هذا ما يحدث اليوم ‪.‬‬
‫ول بد أن نكون هناك ونتكلم نحن عن نبينا ـ صلى الله عليه وسلم ـ بما هو‬
‫أهله ‪ .‬ولكن كيف ؟‬
‫السبل اليوم أيسر وأكثر ‪ ،‬فهناك الفضائيات يمكننا التواجد عليها أو البث‬
‫إليهم من خللها كما يفعلون هم ويبثون كفرهم إلينا ‪ .‬وهناك غرف البالتوك‬
‫التي لم يلتفت إليها طلبة العلم الشرعي إلى اليوم ‪ ،‬وهناك الحديث في‬
‫ب النبي ـ صلى الله عليه وسلم‬ ‫الملمات التي تشرئب لها العناق كحادث س ّ‬
‫ـ وأحداث الشرق الوسط الساخنة ‪ ،‬فعلينا أن نحلل الحدث من وجهة نظر‬
‫إسلمية ونتكلم عن أنفسنا ‪ .‬كيف نحن وكيف ننظر للخر ‪.‬‬
‫ولكن الفرصة تضيع بأيدي بعض رجالنا ‪.‬‬
‫يضيعها من يتكلمون عن محبة ) الخر ( ‪ ،‬وهو حق ل أنازع فيه ‪ ،‬وصورة ل بد‬
‫أن تتضح لعامة الناس من النصارى وغيرهم ‪ ،‬ولكن سياق الحديث الذي‬
‫ي َُتكلم فيه عن محبة الخر هو ما أتحفظ عليه ‪.‬‬
‫نحرص على مد الجسور مع الخر وإظهار القواسم المشتركة التي يمكن‬
‫التعايش من خللها ‪ ،‬وننادي بالتعايش ‪ ،‬وهم عندهم مؤسسات تنصيرية ذات‬
‫آلت إعلمية ونفوذ في الدوائر الرسمية وإمكانات اقتصادية ضخمة تعادل‬
‫إمكانات عدد من الدول السلمية ‪ ،‬هذه المؤسسات تسوق حديثنا الذي‬
‫نتكلم فيه عن التعايش والعتراف بالنصرانية بأنها دين منزل من عند الله ‪،‬‬
‫وغير ذلك مما يقال تسوقه لقومها على أنه اعتراف بما هم عليه ‪ ،‬وأن‬
‫السلم يقرهم ‪ ،‬ول يتنكر للنصرانية إل حفنه من المتشددين هناك ‪.‬‬
‫وزاد الطين بله حين تسربت أحاديث ) محبة الخر ( المبتورة إلى أفواه بعض‬

‫‪212‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫من المحسوبين على الصحوة السلمية ‪.‬‬


‫وقف أحمد ديدات ـ رحمه الله رحمة واسعة وأعلى الله درجته ـ في‬
‫الدنمارك هذه بعد إحدى مناظراته ـ وهي متداولة في السوق ـ يقول‬
‫للمسلمين هناك حدثوهم بالسلم دعوهم يطلعون على ما عندنا ‪ ،‬قولوا‬
‫لهم ‪ :‬عندنا حل لمشاكلكم كلها ‪ ...‬قولوا لهم ‪ :‬ل نقر السفاح ول زنى‬
‫المحارم ‪ ،‬ول المثلية الجنسية ‪ ،‬قولوا لهم ما المسيح بن مريم إل رسول قد‬
‫خلت من قبله الرسل ‪ ،‬قولوا لهم كتابكم محرف ‪ . ...‬ودعوهم يقبلون أو‬
‫يرفضون ‪.‬‬
‫وهو والله السبيل ‪.‬‬
‫إننا اليوم نحتاج إلى وضوح في الطرح مع الخر ‪ . . .‬نكلمه عن أننا نحب له‬
‫الخير ‪ ،‬ونكره له الكفر ‪ ،‬ونتكلم له بأنه ليس على شيء ‪ ،‬وإن مات على‬
‫كفره فهي نار تلظى ‪ ..‬نار ل تبقي ول تذر ‪ .‬وأن الحبار والرهبان يكذبون‬
‫عليه فيما يتعلق بحق نبينا وحق ديننا السلم ‪.‬فليس هذا الذي يقرأ عنه هو‬
‫محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ الذي نعرفه ‪ ،‬ول هو السلم الذي نقره ‪.‬‬
‫وعلى أذكيائنا ومتحدثينا أن ينظروا في المآلت ويعلموا من المستفيد من‬
‫كلمهم‬

‫)‪(1 /‬‬

‫الغرب‪ ...‬تاريخ طويل من الثقافة العنصرية‬


‫بسام البليبل‬
‫من كليرمونت الفرنسية إلى كوبنهاغن الدانماركية‪.‬‬
‫عرفت العلقات بين الغرب والمسلمين صراعا ً عنيفا ً امتد قرونا ً طويلة‪ ،‬بدءا ًَ‬
‫بالحروب الصليبية وسقوط الندلس‪ ،‬ومرورا ً بالستعمار الحديث للعالم‬
‫العربي والسلمي‪ ،‬وأخيرا ً بزرع الكيان الصهيوني العنصري في ربوع أولى‬
‫القبلتين وثالث الحرمين الشريفين‪ ،‬واستمرارا ً في إذكاء روح التعصب‬
‫والعنصرية بالتهجم على قيم العالم العربي والسلمي وحضارته ومقدساته‬
‫التي زادت في السنوات الخيرة ول سيما بعد انتهاء الحرب الباردة لتأخذ‬
‫شكل ً جديدا ً من التعصب المنهجي المنظم‪.‬‬
‫فمن مدينة كليرمونت الفرنسية وفي أواخر القرن الحادي عشر أطلق البابا‬
‫أوربان الثاني الفرنسي الصل حربه الصليبية المقدسة صائحا ً في المجمع‬
‫المحتشد لسماع خطابه‪ ):‬روحوا في الدرب المؤدي إلى القبر المقدس‪،‬‬
‫انتزعوا هذه الرض من الشعب الكافر‪ ،‬امنحوها لنفسكم( بأمر يسوع‬
‫المسيح‪.‬‬
‫واليوم وفي مطلع القرن الواحد والعشرين وفي ظل النظام العالمي الجديد‬
‫ـ الذي تبنى واحدية الثقافة وواحدية الحضارة ـ ومن كوبنهاغن الدانماركية‪،‬‬
‫أطلقت صحيفة "يولندز بوسطن" شرارة العداء ـ من جديد ـ للسلم‬
‫والمسلمين من خلل رسوم مسيئة للرسول الكريم عليه الصلة والسلم ل‬
‫تندرج بأي حال من الحوال إل فيما يسمى بعنصرية الكراهية وعنصرية‬
‫الفكر‪ ،‬لن المقالت العدوانية والرسوم البذيئة التي تتهجم على قيم العالم‬
‫العربي والسلمي‪ ،‬وحضارته ومقدساته ل تعمل في فراغ منفصل عن‬
‫الثقافة الفكرية والسياسية المتطرفة والدعاوة العدائية المنهجية المتعمدة‪،‬‬
‫على خلفية نظرية صراع الحضارات التي تعتبر إحكام القبضة التي يمارسها‬
‫اليهود المسيحيون على القدس سلطة ضرورية نحو النصر التام للمنظومة‬

‫‪213‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الفكرية الغربية‪ ،‬وإن فقدان الغرب للمدينة المقدسة حسب رأيهم مماثل‬
‫سر المناصرة المطلقة للكيان‬ ‫فقدان المسلمين لمكة المكرمة‪ ،‬المر الذي يف ّ‬
‫السرائيلي على حساب القضايا العربية والسلمية‪.‬‬
‫فهل عنصرية المجتمع الغربي الحديث ظاهرة جديدة أم أنها كانت موجودة‬
‫دائما ً تختبئ وراء مجموعة متصلة من التبريرات والفكار والنظريات‬
‫المتمرسة على تبرير أشد أفعال الغرب بربرية باسم الله‪ ،‬أو باسم الحضارة‬
‫المسيحية‪ ،‬أو باسم العالم الحر‪.‬‬
‫وكيف نقرأ هذه الصور المسيئة وأهدافها ودوافعها‪ ،‬وكيف نتقبل ما يروجه‬
‫الغرب من أنها مظهر من مظاهر حريته الفكرية والصحافية والجتماعية فيما‬
‫يتناسى الغرب المتحرر أن حرية الرأي تفقد حصانتها عندما يكون من شأنها‬
‫أن تجعل من هذا الرأي تحريضا ً أكيدا ً على الكراهية والستغلل والعدوان‬
‫وامتهان الديان‪.‬‬
‫ّ‬
‫وهل علينا أن نذكر الصحف الغربية تلك أن مجرد إضفاء هدف أخلقي أو‬
‫ديني أو تحرري على ممارستها المتطرفة والمتعصبة والحاقدة لن يخفي‬
‫الدوافع الحقيقية وراءها‪ ،‬ولن يجعل من هذه الممارسات أمرا ً مشروعا ً يمكن‬
‫قبوله بأي شكل من الشكال‪ ،‬فالحرب التي تشّنها القلم المتعصبة إنما هي‬
‫استمرار للحرب ولكن بوسائل مختلفة‪.‬‬
‫الحرية والنتظام العام‪:‬‬
‫إن مبدأ التناسب بين المسؤولية والحرية تمتد جذوره بعمق في الضمير‬
‫النساني‪ ،‬ولكن تعددت طرائق توصيفه وتنظيمه من قبل القوانين الوضعية‪،‬‬
‫مثلما أضفت عليه الشرائع السماوية الكثير من معايير النضباط الدينية‬
‫ومكارم الخلق المثالية‪.‬‬
‫فإذا ما أردنا مناقشة تلك الصور المسيئة للرسول الكريم عليه الصلة‬
‫والسلم انطلقا ً من قوانين حرية الرأي والمعتقد العربية والسلمية فإنها ول‬
‫شك تكون قد خرقت الكثير من الممنوعات والمحرمات‪ ،‬وما يعاقب عليه‬
‫القانون ويأّثم عليه الشرع‪ ،‬الشرع السلمي الحنيف الذي جاء مكرما ً للعقل‬
‫والحرية ولكن ضمن دستور أخلق القرآن الكريم ومثله العليا التي جمعت ما‬
‫بين صيغة "افعلوا ما يبدو لكن حسنا ً " تبعا ً للهام اللحظة‪ ،‬وصيغة الواجب‬
‫الصارم بقوله تعالى "فاتقوا الله ما استطعتم" بهذه الكلمات يلفت القرآن‬
‫م‪ ،‬وبين‬‫الكريم أنظارنا إلى التكامل الوشيج بين واقعية الوسائل ومثالية القي ٍ‬
‫الخضوع للقانون وحرية الفطرة‪.‬‬
‫)وقد يرى الغرب في ذلك تناقضا ً لن الضمير الذي يخاطبه القرآن ليس ذلك‬
‫الضمير الغربي الفارغ والمتروك دون مرشد روحي غير حالته الفطرية‪،‬‬
‫ودون زاجر ديني غير ذاتيته الخاصة(‪ ،‬لذلك فإن مناقشة هذه القضية من‬
‫وجهة النظر الغربية وقيم الحرية الفكرية والمعتقدية التي يؤمن بها تجد لها‬
‫ولشك غطاء واسعا ً ما بين قوانينه الوضعية‪ ،‬ومرونته الخلقية‪ ،‬وتحولته‬
‫المعتقدية حيث أطاح المفكر العقلني الغربي بجانب كبير من مسيحيته‬
‫الكاثوليكية التقليدية‪ ،‬بحيث أصبح الغربيون يضعون معاييرهم التي يعتقدون‬
‫بها لنفسهم‪ ،‬ويصنعون الحقيقة التي ينشدونها وفق أمزجتهم‪.‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫وإذا ما توافق كل فريق منا مع نفسه ومعتقداته‪ ،‬وقيمه‪ ،‬فإنهم يستمرون‬


‫بالتمادي ونستمر بالغضب‪ ،‬يستمرون بالعدوان ونستمر بالشجب‪ ،‬ودون أن‬

‫‪214‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫نتوقف وقفة المتأمل المدقق بالدافع الكامن وراء نشر هذه الصور‪ ،‬التي لم‬
‫تكن نتاج حرية إعلمية قط‪ ،‬أو جهل معرفي بديننا السلمي على الطلق‬
‫كما يعتقد البعض‪ ،‬لن نستطيع اتخاذ القرار الصائب والموقف الحازم البّناء‬
‫لمعالجة هذه المشكلة وما سيتأسس عليها لحقا ً من مواقف وتجاذبات ‪ ،‬مع‬
‫الدعوة إلى تحويل هذا الغضب المنفعل إلى غضب عاقل يساهم في إذكاء‬
‫روح التحفز والتسامي لنه وعلى الدوام يكمن الصواب في السد ّ ل في‬
‫الشد‪.‬‬
‫الفكار هي التي تقود العالم‬
‫لذلك وتأسيسا ً على ما سبق أحذر من خطر الوقوع في فخ النسياق وراء ما‬
‫يدفعنا الغرب إلى المضي فيه من مناقشة لهذه الصور المسيئة للرسول‬
‫الكريم على أنها مظهر من مظاهر الديمقراطية وحرية الرأي‪ ،‬لن الغرب‬
‫وانطلقا ً من معرفته المسبقة برفضنا لهذا الحوار المؤسس على الساءة‬
‫الوقحة للرسول الكريم وما سيترتب على هذه الساءة من موقف إسلمي‬
‫غاضب إنما يريد تأكيد مزاعمه التي تقول إن ما يحكم العلقة فيما بيننا‬
‫وبينهم إنما هو خلف بين حضارة متقدمة تؤمن بثقافة الحوار‪ ،‬وأخرى بدائية‬
‫تؤمن بثقافة العنف‪.‬‬
‫والحقيقة إن رفضنا لما يدعوننا إليه من حوار إنما هو رفض لما يتذرعون به‬
‫من حرية رأي تخفي أيديولوجية تعصبية استبعادية ل تؤمن بالتعدد والتنوع‬
‫الثقافي والحضاري ما خل ثقافة وحضارة الغرب ـ والتي تجرد الخر مسبقا ً ـ‬
‫من مقومات التكامل والتماثل التي يجب احترامها والعتراف بها في شريك‬
‫الحوار‪.‬‬
‫وإن رفضنا للحوار القائم على الساءة للرسول الكريم هو رفض لما نراه‬
‫ثقافة تحريضية تصادمية من خلل تصوير الخر بصورة عدوانية قمعية‬
‫تطرفية تكاد تكون دعوة للتحارب ل للتحاور‪.‬‬
‫وإن رفضنا للحوار الذي يحكمه منطق الستعلء والغطرسة والبذاءة الغربية‬
‫هو انتصار لمنطقنا الذي تحكمه الكلمة الطيبة‪ ،‬والحكمة والموعظة الحسنة‪،‬‬
‫وقوله عّز من قائل‪" :‬قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم"‬
‫أي إلى كلمة مستوية ل يختلف فيها القرآن والتوراة والنجيل‪.‬‬
‫لذلك فإنني أؤكد مرة ثانية على أن المضي في هذا الحوار ـ على أنه مسألة‬
‫رأي ـ هو تبسيط وتسطيح لهذه القضية‪ ،‬وإقرار بعفوية هذه الصحيفة‬
‫الدانماركية‪ ،‬ومن تبعها في نشر هذه الصور المسيئة‪ ،‬وإغفال للمحرك‬
‫الساسي الكامن وراء هذا الموضوع‪ ،‬الذي هو جزء ل يتجزأ من فكرة دينية‬
‫ومشروع سياسي يريد القول بأن السلم ل يتطابق ول يتماشى مع التحضر‬
‫والديمقراطية‪ ،‬وأن العالم العربي والسلمي في حالة حرب وعداء ضد القيم‬
‫الغربية وأنها وحدها النظمة الغربية قادرة على تطوير العالم الثالث‪.‬‬
‫إن الغرب الذي يؤمن بأن الفكار هي التي تقود العالم ل شك أنه كان‬
‫منساقا ً بهدي تراثه الثقافي العنصري‪ ،‬وما استجد لديه من أفكار في أواخر‬
‫شر بها أمثال المريكي )صاموئيل هنتنغتون( والفرنسي‬ ‫القرن العشرين ب ّ‬
‫)لوران مراويك( والبريطاني الصل )برنارد لويس( الذي كان من أول‬
‫المبشرين بهذه النظرية في مقال كتبه عام ‪ ) 1990‬جذور التعصب‬
‫السلمي( داعيا ً إلى لبننة الشرق الوسط مع تقوية الكيان السرائيلي‪.‬‬
‫ثم ما لبث أن انبرى أحد الغربيين إلى القول‪ :‬بعد تاريخ ‪ 11‬سبتمبر ‪2001‬‬
‫بدأت المعركة الولى في حرب الحضارات‪ ،‬تماما ً مثلما اعتبرت حادثة "بيرل‬
‫هاربر" أول معركة في الحرب العالمية الثانية من منظور الوليات المتحدة‬

‫‪215‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫المريكية‪ ،‬في حين رأى البعض الخر إن الغرب الذي حقق انتصاره‬
‫اليديولوجي الساحق على التحاد السوفيتي ومنظومته الشتراكية فيما يمكن‬
‫اعتباره الحرب الثالثة أو ما كان يسمى بالحرب الباردة‪ ،‬إنما بدأ حربه الرابعة‬
‫للتو مع الشرق الوسط الذي أصبح بديل ً للشرق المنافس الذي كان يمّثله‬
‫القطب السوفيتي‪.‬‬
‫نعم لقد اختفت المعارك العسكرية التقليدية فاتحة المجال للحرب غير‬
‫المتوازنة‪ ،‬قوة عظمى وحيدة قائدة لكل الدول تحارب إرهابا ً متواجدا ً‬
‫باستمرار وعدوا ً ساهم بخلقه فكر غربي تعصبي مصلحي وآلة إعلمية غربية‬
‫ساحقة لتوفير الدافع الموضوعي للشعوب الغربية والذرائع السائغة تجاه‬
‫المؤسسات الممية في هذه الحرب التي يصورونها على أنها استباقية‬
‫ووقائية‪ ،‬إخفاًء لسيكولوجية عدوانية توسعية وتحقيقا ً لمصالح اقتصادية‪،‬‬
‫واستحواذا ً على موارد ومقدرات ضرورية لستمرار الحضارة الستهلكية‬
‫الغربية‪.‬‬
‫الخيار الديمقراطي وبدائل القوة‬
‫فهل ما أشرنا إليه من فكر تعصبي غربي‪ ،‬ونزعة عدوانية‪ ،‬هو محض مبالغات‬
‫توافق عقد الرتياب والمؤامرة التي ُيتهم بها العرب‪ ،‬أم أنها حقائق يجب‬
‫الوقوف عندها ودراستها وتحليلها بعناية واتخاذ المواقف والوسائل اللزمة‬
‫لردعها؟‬
‫وهل على العالم العربي ـ وتحت تأثير الصدمة العاطفية من سفاهة الرأي‬
‫التي نالت أعز رموزه الدينية ـ أن يعزف عن المطالبة بحرياته المصادرة‪،‬‬
‫وخياره الديموقراطي؟‬

‫)‪(2 /‬‬

‫وهل على العالم العربي أن يكتفي بالشجب والستنكار ومناشدة المؤسسات‬


‫الممية وضمائر الغربيين ورفع لواء التسامح والسلم لمواجهة مستجدات‬
‫اللفية الثالثة‪ ،‬أم أن على العالم العربي أن يبحث عن الطرائق الناجعة في‬
‫الخروج من أزمته الحادة التي يعيشها منذ قرنين من الزمن مع إصراره على‬
‫عدم تبديل أساليبه التقليدية‪ ،‬وأيديولوجياته الرثة الغارقة في الروتين‬
‫البيروقراطي‪ ،‬والرتجال السياسي‪ ،‬والنغلق العقلي‪ ،‬والمفتقرة إلى الجدوى‬
‫والفعالية والتجديد‪ ،‬واعتماد فلسفة حياة قادرة على تدبر أمر التوازنات‬
‫القليمية والدولية‪ ،‬فضل ً عن الحتياجات والمشاكل الداخلية‪..‬؟ أعتقد أننا‬
‫بحاجة إلى أيديولوجية جديدة تفسح لنا المجال للنتقال من حالة السكون‬
‫وسلبية العتزال إلى حالة الحركة وإيجابية المشاركة ومن اللمبالة‬
‫والفلسفة الهروبية إلى نزعة التسامي وفلسفة المواجهة‪ ،‬ولن يتحقق هذا‬
‫دون اعتماد الخيار الديمقراطي الذي يعتقد الكثيرون منا أنه مشروع غربي‬
‫بامتياز وكأنهم ينحازون إلى ما رّوجه الغرب من واحدية الحضارة ومن أن‬
‫الديمقراطية إنما هي مشروع غربي ل تناسب الشرق الراكد‪ ،‬وأن الهويات‬
‫القلقة ل تملك إل النكفاء على نفسها‪ ،‬وأن أصحاب الدعاوة القومية ل‬
‫يملكون إل أن يتحصنوا وراء متاريسهم ـ متناسين أننا أصحاب حضارة عربية‬
‫إسلمية ساهمت من خلل علقة التكامل والتماثل مع الحضارات الخرى بما‬
‫وصل إليه الغرب الن وأن قيم الحرية والديمقراطية ليست من نتاج أمة ما‬
‫أو دولة ما‪ ،‬وإنما هي نتاج تطور تاريخي طويل‪ ،‬وتفاهم واحتكاك خصيب بين‬
‫ثقافات وحضارات المم كافة لذلك وانطلقا ً من هذه الناحية ومن عالمية‬

‫‪216‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الكرامة وحقوق النسان تغدو الديمقراطية قابلة للتطبيق‪ ،‬بل يجب تطبيقها‬
‫في جميع المجتمعات بصرف النظر عن أية تباينات أو تناقضات سياسية أو‬
‫اقتصادية أو اجتماعية أو ثقافية‪ ،‬مع ما يمكن اعتباره شرطا ً أساسيا ً لدخولنا‬
‫النادي الديمقراطي العالمي أل وهو الحفاظ على الهوية والخصائص الذاتية‬
‫لكل أمة‪.‬‬
‫نعم لقد آن الوان للنظم العربية اعتماد الخيار الديمقراطي وتوفير الحريات‬
‫السياسية والفكرية والشخصية لشعوبها بما يكفل تحرير وتوجيه إمكانات‬
‫العقل العربي في مواجهة العالم الحديث وغطرسته العدوانية‪ ،‬وإطلق‬
‫الطاقات المجتمعية من عقالها الذي أوثقته به النظم الرادوية التعبوية وتلك‬
‫ذات الواحدية السياسية ردحا ً طويل ً من الزمن ظل فيها المواطن العربي ول‬
‫يزال يحلم في المشاركة في صناعة قراره السياسي الوطني فيما ترتب له‬
‫مواطنيته وإنسانيته حق المشاركة في إدارة المجتمع العالمي شأنه شأن أي‬
‫مواطن في العالم ول سيما بعد أن أصبح العالم قرية كونية صغيرة‪.‬‬
‫حا ً وحيويا ً لدولنا العربية في‬
‫والمر الذي يجعل المطلب الديمقراطي مطلبا ً مل ّ‬
‫ظل النظام العالمي الجديد الذي يسعى إلى إخضاع العالم لسلطة واحدة‪،‬‬
‫وثقافة واحدة‪ ،‬ونظام اقتصادي واحد‪ ،‬وإلى قرارات أممية أقل ما يقال عن‬
‫عدالتها أنها عدالة مصلحة القوى في ظل علقات دولية في محصلتها ليست‬
‫إل علقات قوى‪.‬‬
‫حا ً انطلقا ً من كون الديمقراطية في‬ ‫أقول‪ :‬إن المطلب الديمقراطي صار مل ّ‬
‫هذه الحالة ما هي إل دفاع عن الذات اعتمادا ً على أن الديمقراطية إنما هي‬
‫وعي عميق بالنتماء وعامل تعزيز للحمة الوطنية والجتماعية‪ ،‬مثلما هي‬
‫عامل أساسي في إجراء التحول بدل النسجام‪ ،‬والتكيف وخلق الحركة بدل‬
‫من الدول العربية لنفسها جبهة داخلية متينة‬ ‫السكون والستكانة‪ ،‬وعندئذ تؤ ّ‬
‫ً‬
‫كل المعادل الموضوعي لتوازن القوى الذي تعذر بناؤه استراتيجيا في‬ ‫تش ّ‬
‫مواجهة التفوق الغربي‪ ،‬وهذا ما يجّنب الدول العربية أيضا ً البدائل المحدودة‬
‫بين نزعة التزمت القائمة على العتزال والنغلق أو ربما الدخول في حرب‬
‫مل أعبائها أو اللتجاء إلى نزعة المسايرة وما‬ ‫ليس في مكنتنا مواجهتها وتح ّ‬
‫تطلبه من مساومات وتسويات وتنازلت لن تكون في محصلتها إل على‬
‫حساب النظم والشعوب‪.‬‬
‫ودون أن تتحقق هذه الديمقراطية‪ ،‬ديمقراطية اللتزام بالداخل الوطني ل‬
‫ديمقراطية الرتهان للخارج الجنبي‪ ،‬وديمقراطية التكامل مع الخر ل‬
‫ديمقراطية التماهي بالخر مع الحفاظ على جوهر الديمقراطية بعيدا ً عن‬
‫التشويه والمسخ‪ .‬ودون أن تمنح النظم العربية شعوبها كامل حقوقها‬
‫وحرياتها التي ل تقبل التجزئة لن يكون للموقف العربي واحتجاج الشارع‬
‫العربي على المعايير الدولية المزدوجة والستهانة الغربية بكل ما هو مقدس‬
‫أية فعالية على الرض‪ ،‬وأية مصداقية لدى هذا الغرب‪ ،‬ولكن عبر ما أتلمس‬
‫من تحول ديمقراطي بسيط ظهرت ملمحه في السنوات الخيرة لدى بعض‬
‫الدول العربية ـ ببطء‪ ،‬وعلى استحياء ـ فإني آمل أن يتفهم الغرب ويعي هذا‬
‫الغضب العارم الذي اجتاح الشارع العربي والسلمي ذلك أن الشعوب‬
‫العربية الصبورة والمكافحة‪ ،‬وبعد صمت طويل‪ ،‬يبدو أنها بدأت تأخذ المبادرة‬
‫وآمل أل تضيعها لتردد قول النابغة‪:‬‬

‫)‪(3 /‬‬

‫‪217‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ب‬
‫ت سأغض ُ‬ ‫م ُ‬ ‫صبوٌر على ما يكره المرء كّله سوى الظلم ِ إني إن ظ ُل ِ ْ‬
‫طريق الغضب‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫فليأخذ هذا الغضب العاقل طريقه ـ بعيدا عن العنف ـ متسلحا بكافة الوسائل‬
‫السلمية الكفيلة بإسماع صوته للمجتمعات الغربية ليأخذوا برسالة الخلص‬
‫في المسيحية الولى التي ت ُك ِْبر الندم والتوبة عما اجترحوه بحق السلم‬
‫والمسلمين‪.‬‬
‫وليأخذ هذا الغضب العربي طريقه إلى مسامع الحكام العرب ـ وبهدي من‬
‫من سبقهم من أمثال عبد الملك بن مروان ـ ليقوموا بما يجب عليهم من‬ ‫نهج َ‬
‫تذكير للغرب بأن بلدنا العربية لن تبقى لهم على الدوام حديقة خلفية‬
‫لمباهجهم‪ ،‬وأسواقا ً تجارية لمنتجاتهم‪ ،‬ومستودعات ل تنضب لحتياجاتهم‪،‬‬
‫وموارد ل تنتهي لحضارتهم‪.‬‬
‫أما عبد الملك بن مروان فقد كتب له ملك الروم‪" :‬إنكم قد أحدثتم في‬
‫طواميركم أي صحفكم شيئا ً من ذكر نبيكم فاتركوه وإل كتبنا في دنانيرنا ـ‬
‫وكان العرب يتعاملون بالدنانير الرومانية ـ من ذكره ما تكرهون " شأن ما‬
‫فعلته صحيفة يولندز بوسطن اليوم" فعظم ذلك في صدر عبد الملك بن‬
‫مروان‪ ،‬فأرسل إلى خالد بن يزيد بن معاوية‪ ،‬وكان أديبا ً عالمًا‪ ،‬فقال‪ :‬يا أبا‬
‫خ الله‬‫مت بنا إحدى الدواهي ـ فقال خالد‪ :‬أفر َ‬ ‫هاشم إحدى بنات طبق! أي أل ّ‬
‫روعك يا أمير المؤمنين‪ ،‬حّرم دنانيرهم‪ ،‬واضرب للناس سكاكا ً بها ذكر الله‬
‫تعالى وذكر رسول الله "ص" ول تعفهم مما يكرهون‪ ،‬فضرب الدنانير سنة‬
‫خمس وسبعين‪ ،‬وكان أول من ضربها في السلم‪.‬‬
‫وليأخذ هذا الغضب العربي طريقه إلى المحافل الدولية لممارسة‬
‫الدبلوماسية الفاعلة بدل ً من سفرائنا غير الفاعلين الذين منعهم رئيس وزراء‬
‫الدنمارك من مقابلته فسكتوا صاغرين بدل ً من أن يأخذوا بحزم أحد السفراء‬
‫المسلمين الذي وفد على أحد الباطرة ممن اعتادوا على أن يمثل الناس‬
‫أمامهم ساجدين‪ ،‬فقال له وزيره‪ :‬إن السفير القادم إلينا من السفراء الذين‬
‫ل يسجدون إل لله‪ .‬فأجاب المبراطور‪ :‬إذا ً فلتبنوا بيني وبينه جدارا ً واجعلوا‬
‫فيه بابا ً صغيرا ً ل يسمح بالدخول منه إل لمن كان ساجدًا‪.‬‬
‫ولشد ّ ما كانت مفاجأة المبراطور عظيمة عندما رأى السفير يدخل من‬
‫الباب الصغير ولكن ليس برأسه لنه أعطى ظهره للباب ودخل راجعا ً إلى‬
‫الخلف‪.‬‬
‫أم أن سفراءنا العرب يفضلون أسلوب السفير الجاهلي ـ وأظنهم كذلك ـ‬
‫الذي وفد إلى كسرى‪ ،‬وما أن مثل أمامه حتى ألقى إليه كسرى وسادة‬
‫مطّرزة بصورته ليجلس عليها إكراما ً له‪ ،‬ولشد ما كانت مفاجأة كسرى‬
‫عظيمة ولكن هذه المرة بسبب آخر‪ ،‬عندما أبصر السفير الجاهلي وقد وضع‬
‫الوسادة على رأسه وجلس على الرض‪.‬‬
‫وعندما سأل كسرى ترجمانه عن السبب‪ ،‬أجاب السفير الجاهلي متعجل ً إنه‬
‫أبصر صورة كسرى على الوسادة فرأى أن مكانها على رأسه ل تحته‪.‬‬
‫وتقول الرواية إن كسرى قد أعجب بعقله‪ ،‬ولكن أكبر الظن أن كسرى قد‬
‫استهان به وبمن أرسله!!‪.‬‬
‫محام وأديب سوري ـ الرقة‬

‫)‪(4 /‬‬

‫‪218‬‬

You might also like