Professional Documents
Culture Documents
حممد رسول اهلل ﷺ ،وعىلٍ احلمدُ هلل ،والصال ُة والسال ُم عىل نب ِّينا وحبيبِنا
هبديه واست َّن بسنتِهَّ ،أما بعدُ :
وعمل ِ َ ِ
آله وصحبِه ،و َمن اقت َفى َ
أثره
ِ
بجمعها ِ
عامني- نحوا ِمن ُ استغر َق تمتاز هذه املوسوع ُة -التي
العمل فيها ً َ ف ُ
ِ
أفضل ما كت َبه ِ
وانتقاء ٍ
واحد، ٍ
وعاء ِ
الرشيفة وفنوهنا يف ِ
النبوية ِ
السرية ألهم علو ِم
ِّ
ً
وقبوال لدى لقي شهر ًة ِ ِ ِ أئم ُة ِ
الصالح وعلامؤهم يف كل ف ٍّن من فنوهنا ،مما َ سلفنا
الكتب وهتذيبِها ،نسأل اهلل اإلخالص والقبول. ِ قمت باخ ِ
تصار هذه األمة ،وقد ُ ِ
ِ
الطبعات ِ
أفضل َ
تكون عىل ِ
املوسوعة أن كتب هذه ِ
اختصار ِ وكان منهجي يف
ِ
واالستطرادات ،وما أغنَى عنه ِ
الضعيف وما دونَه، ِ
حذف ٍ
كتاب ،مع ِ
املعتمدة ِّ
لكل
يب أو َمن دونَه ِ
ذكره ،وكذلك أسانيدُ األحاديث إال الصحا َّ
سبق ُمكر ًرا َ
غريه ،أو كان َّ ُ
زدت يف عنواناته ِ
املصنف وترتيبِه ،فإن ُ حافظت عىل ِ
لفظ حيتاج الكال ُم إليه ،وقد
ُ مما ُ
اعتمدهتا.
ُ غري التي ني ،وكذا ما كان ِمن ٍ
طبعة أخرى ِ شي ًئا وضعتُه بني معقو َف ِ
وقد جاء هذا اإلصدار األو ُل ِمن «موسوع محدد رسول اهلل ﷺ» جامعا ِ
لستة ً ُ َّ َ
ِ ِ ٍ ِ ِ ِ ِ ِ ِ
ثامنية اختصار علو ٍم من علو ِم السرية النبوية الرشيفة وفنوهنا يف ستة جملدات ،ع َ
رب
كتب ،وهي عىل النحو التايل:ٍ
املجلد األول -1 :يف علم الدالئل [كتاب «دالئل النبوة» أليب نعيم (ت430هـ)]
املجلد الثاين -2 :يف علم السرية النبوية [كتاب «السرية النبوية» البن هشام
(ت218هـ)]
املجلد الرابع[ - :كتاب «زاد املعاد يف هدي خري العباد» البن قيم اجلوزية
(ت 751هـ)]
املجلد اخلامس -5 :يف علم حقوق النبي ﷺ[ :كتاب «الشفا بتعريف حقوق
املصطفى» للقايض عياض (ت544هـ)]
ِ
األقوال اهلدي النبوي وأمهيته :هو سري ُة املصطفى ﷺ ،وما سنَّه لنا ِمن
ِ
النبوية ،فال َّ
شك أن ِ
الشامئل ذكره من عل ِم ُّ ِ
مَض ُ عام َينفك َّ واألفعال ،وهو ال
ِ
الكريمة. ِ
والشامئل ِ
واخلالل ِ
األخالق َ
األعامل اجلليل َة ثمر ُة
ِ
العملية التي ودراسة اهلدي النبوي وطريقتِه ﷺ ِ ِ
معرفة و َمن َثم تأيت أمهي ُة
الوحي ،إىل أن توفاه اهلل. رشع اهلل تعاىل ِمن ِ
أول ما َنز َل عليه َّبني فيها َ
ُ
شأن ِمن
يتجىل للمسل ِم يف كل ٍ َّ النبوي
َّ اهلدي
َ فضل اهلل سبحانه أنِ ومن
ِ
وهنوضه من ِ
وجلوسه هديه ﷺ صف َة ِ
قيامه شؤون حياتِه ﷺ ،حتى إنك لتجدُ يف ِ ِ
اغتس َل وإذا
يفعل إذا َ وهناره ،وكيف ُ ِ نومه ،وهيئتَه يف ضحكِه ،وعبادتَه يف ليلِه ِ
ِ
األلوان ،وماذا كان حيب ِمن
يلبس ،وماذا كان ُّ ُ رشب ،وماذا كان َ أك ََل وإذا
يركب ...إلخ.
ُ
ِ النبي ﷺ بكل تفاصيلِها عىل هذا ِ وما ِمن ٍ
ليعني
ُ النحو ريب أن معايش َة حياة ِّ
ُ
األول الذي تر َّبى هديه تطبي ًقا عمل ًيا كام ط َّبقه ُ
اجليل ِ
وتطبيق ِ ِ
االقتداء به ﷺ، عىل
ِ
أقواهلم. ِ
وأخالقهم قبل عىل عينِه ﷺ ؛ فنرشوا اإلسال َم بسلوكِهم
| 01خمتصر زاد املعاد يف هدي خري العباد
امسه ونسبه:
الدمشقي،
ُّ الز َر ِع ُّي،
بن َح ِر ٍيزُّ ، ِ
سعد ِ أيوب ِ
بن َ هو حممدُ ب ُن أيب ِ
بكر ِ
بن
ِ
اجلوزية. ِ
الدين ،اب ُن قي ِم شمس
ُ
تاريخ مولده:
شموخه:
ِ
وابن بن ِ
عبد الدائ ِم ،واملطع ِم، بكر ِسليامن ،وأيب ِ َ التقي َس ِم َع عىل
ِّ
ِ
واملجد التونيس، ِ
الفتح، وقر َأ العربي َة عىل ابن أيب وإسامعيل ِ
َ
بن مكتومَ ، الشريازي،
ِ
باجلوزية ،وكان ِ
بالصدرية وأ َّم ودرس وابن تيمي َة، ِ
املجد احلراينِ ، وقر َأ الفق َه عىل
َ َ
ِ
وابن األصول عىل الصفي اهلندي ِ َ
فأخذها عنه ،وقرأ يف ِ
الفرائض يدٌ ِ
ألبيه يف
تيمي َة.
ِ
وحقائق ِ
والسنة رف بمعاين ا ْل ُقر ِ
آن علام ،وال َأ ْع َ مث َله يف ذلك ،وال ُ
ْ أوسع منه ً
َ رأيت
ِ
اإليامن منه ،وليس هو املعصو َم ،ولكن مل َأر يف معناه مث َله»(.)1
ِ
التودد ،ال كثري ِ ِ
وقال اب ُن كثري عنه « :وكان حس َن القراءة واخلُلقَ ،
ِ
الناس ِ
أصحب وكنت ِمن ُ حيسدُ أحدً ا وال يؤذيه وال يستعيبه ،وال حيقدُ عىل ٍ
أحد، ُ ُ
ٍ
أكثر عبادة منه» .
ِ أعرف ِمن ِ ِ
أهل العلم يف زماننا َ ُ الناس إليه ،وال ب
له ،وأح ِّ
()2
تصانمفه:
وفاته:
ُويف ليلة اخلميس يف 13رجب سنة ( 751هـ) ،وكانت جنازتُه حافل ًة جدا(.)3
ت ِّ
التعريف نبرتا زاد املعاد يف هدي خري العباد النبن القم (ت751هـ)
بهدمته:
النبي
هدي ِّ ِ جانب
َ أوىل اب ُن القي ِم يف كتابِه «زاد املعاد يف هدي خري العباد» َ
جانب معامالتِه ﷺ، َ رب واألمهي َة البالغ َة ،وزاد إىل ذلك القسم األك َ َ ﷺ يف عباداتِه
الفقهي. حسب التقسي ِم ِ
واملعامالت ِ
العبادات مقس ًام كليهام
ِّ َ ِّ
ِ
وتنوعها، ومجال لغتِه وأساليبِه ِ بسهولة عبارتِه وجزالتِها،
ِ الكتاب كام مت َّي َز
ُ
يذكره
ُ قاص ،وتار ًة يقصه كأحسن ٍّ سال ،وتار ًة ُّ يسوق اب ُن القيم الكال َم مر ً ُ فتار ًة
رغم ِ ٍ ِ ٍ ٍ ٍ ٍ بدليلِه وبرهانِه ،وتار ًة
لكثري من املباحث َ جامعة وعبارات وإجياز باختصار
الكبري نسب ًّيا. ِ ِ
الكتاب حج ِم
سول اهلل ﷺ بنَ ْفسه عىل األَقدام فمن ذلك :قو ُله « :وسا َب َق َر ُ ِ
ِ ِ
وفىل َث ْوبه
ب شاتَه َ وخصف َن ْع َله ب َيده ،ور َقع َثو َبه ب َيده ،ور َفع َد ْلوه وح َل َ َ وصارع،
َ
سجد ،ور َبط عىل َب ْطنه َ
احلج َر من مح َل معهم اللبِ َن يف بِناء املَ ِ وخدَ م َأ ْهله و َن ْفسه ،و َ
وسط َر ْأسه وعىل َظ ْهر اجلو ِع تار ًة وشبِ َع تارةً ،و َأضاف و ُأضيف ،واحت ََجم يف َ
ِ ِ
قدَ مه ،واحت ََجم يف األَ ْخدعني والكاهل وهو ما بني الكَتفني ،وت َ
َداوى وك ََوى ومل
محى ا َملريض ِمما ي ِ
ؤذيه»(.)1 سرت ِق ،و َ ور َقى ومل َي َ َي ِ
َّ ُ كتوَ ،
باب وال ٌ
فصل، ٍ اشتم َل
ولطائف ال خيلو منها ٌ
َ ونكت الكتاب عىل فوائدَ
ُ كذلك َ
ِ
أحكامها. ِ
وعلل ِ
الرشيعة وتلم ِسه ِحل َك ِم ِ ِ ً
فضال عن ترجيحاته واختياراتهُّ ،
(( )1ص.)54
خمتصر زاد املعاد يف هدي خري العباد | 03
ترتمبه ومنهجه:
ِ
الرسول ﷺ ،وتع ُّل َق ِ
متابعة وجوب بني فيها ٍ
بمقدمات َّ َ بدأ اب ُن القي ِم كتا َبه
َ
ِ
واالختيار من ِ
باخللق تفر ِد اهلل ِ
السعادة يف الدارين باتباعه ﷺ ،ثم تك َّلم عىل ُّ
ِ
اعتمدت يف هذا املخترص عىل طبعة دار الوفاء ،املنصورة ،مرص ،ودار ابن
ُ
حزم ،بريوت ،لبنان ،الطبعة األوىل1432 ،هـ2001 ،م ،حتقيق :أنور الباز ،وقد
اعتمدَ عىل ست نسخ خطية ،إحداهن كاملة وهي املحفوظة باخلزانة العامة
َ
بالرباط.
خمتصر زاد املعاد يف هدي خري العباد | 05
اختصره
[مقدم املصنف]
ِ
قربني من السموات سب ًعا ،فاختار ال ُعليا منها فج َع َلها ُمست َق َّر املُ َّ
َ فخ َلق اهللُ
َ
ومن َع ْرشه ،و َأس َكنَها َمن شاء ِمن َخ ْلقه، ُرسيه ِِ ِ ِ ِ
َمالئكته ،واخت ََّصها بال ُقرب من ك ِّ
السموات ،ولو مل َيكُن َّإال ُقرهبا منه تبارك وتعاىل. ِ
فلها َمز َّي ٌة و َف ْضل عىل سائر َ
جلناتَ ، ِ ِ
وختْصيصها بأن ومن هذا تَفضي ُله سبحانه َجنَّ َة الفردوس عىل سائر ا َ
رش ُه َس ْق َفها.
ج َعل َع َ
كج َ
ربيل، الئكة املُص َط َفني منهم عىل ِ
سائ ِرهمِ ، ومن هذا اختِياره من املَ ِ ِ
ْ َ ُ
َ
رسافيل. يكائيل ،وإِ
َ ِ
وم
ياره سبحانه لألنبياء من و َلد آ َد َم عليه وعليهم الصالة ِ
وكذلك اخت ُ
نهم ِ ياره ُأ ِِ
واختار م ُ
َ ويل ال َع ْزم منهم، الرسل منهم ،واخت ُ واختياره ُّ
ُ والسالم،
صىل اهلل عليهام وس َّلم.
وحممدً ا َّ
إبراهيم ُ
َ اخلَلي َل ْني
اختار ِمنهم
َ إسامعيل من أجناس بني آ َد َمُ ،ثم َ اختياره سبحانه و َلد ُ ومن هذا
ريش بني ريشاُ ،ثم اختار من ُق ٍ اختار من و َلد ِكنان َة ُق ً َ بني ِكنان َة بن ُخزيم َةُ ،ثم
هاش ٍمُ ،ثم اختار ِمن بني ِ
هاش ٍم س ِّيدَ و َلد آ َد َم ُحممدً ا ﷺ. ِ
وكذلك اختار أصحابه ِمن ُمجلة العاملَني ،واختار ُأمته ﷺ عىل ِ
سائ ِر األُ َمم. َّ َ
ِ
رش َفها،خريها و َأ َمن األماك ِن والبِالد َ اختياره سبحانه وتعاىل َ ُ ومن هذا
وهي الب َلدُ احلرا ُم.
فخ ْري األ َّيام ِعنده يو ُم بعض األ َّيام والشهور عىل بعضَ ، ومن هذا تَفضي ُله َ
فض ُل األ َّيام ِعندَ اهللالسنَن عنه ﷺ أنه قالَ « :أ َ َِ
األكرب ،كام يف ُّ احلج
الن َّْحر ،وهو َي ْو ُم ِّ
يو ُم الن َّْح ِرُ ،ثم َي ْو ُم ال َقر»(.)1
عرفة الرسول وما فوق كل ذي ََضورة إىل َم ِ العباد َ ومن هاهنا يع َلم اضطِرار ِ
ِ
ُ ُ
السعادة وال َفالح ال بيل إىل َّ خَب ،وطاعته فيام َأ َم َر ،فإنه ال َس َ
جاء به ،وتَصديقه فيام َأ َ
َ
ِ ِ
بيل إىل َمعرفة الط ِّيب الرسل ،وال َس َ يف الدُّ نْيا وال يف اآلخرة َّإال عىل َأ ْيدي ُّ
بيث عىل التَّفصيل َّإال من ِجهتِهم ،وال ُينال ِرضا اهلل ال َب َّت َة َّإال عىل َأ ْيدهيم. واخل ِ
َ
فيجب عىل ِّ
كل َمن النبي ﷺ العبد يف الدارين معلق ًة ِ وإذا كان َْت سعاد ُة ِ
ُ هبدي ِّ
خيرج به عن ِ ِ يعرف من ِ
هديه وسريته وشأنه ما ُ َ وسعادهتا أن
َ نجاهتا
وأحب ََّ نفسه
نص َح َ
َ
ٍّ
مستقل بني
والناس يف هذا َ ُ أتباعه وشيعتِه وحزبِه،ويدخل به يف عدا ِد ِ ُ اجلاهلني به،
ِ
الفضل العظي ِم. بيد اهلل ُيؤتِيه َمن يشا ُء واهلل ذو
والفضل ِ
ُ ٍ
ومستكثر وحمرو ٍم،
ِ وهذه كلِامت َيسرية ال َيستَغنِي عن َم ِ
عرفة نَبيه عرفتها َمن له َأ ْدنى َّ
مهة إىل َم ِ َ
وهدْ يه ،اقتَضاها اخلاطِر املَكْدود عىل ُع َجره و ُب َجره ،مع البِضاعة ﷺ وسريته َ
ِ
السدُ د ،وال َيتَنا َفس فيها املُتنافِسون مع تَعليقها يف
أبواب ُُّ املُزجاة ا َّلتي ال تُفتح هلا
ِ ٍ
حال س َفر ال إقامة ،والقلب بك ُِّل واد منه ُشعبة ،واهل َّمة قد ت َّ
َفرقت َش َ
ذر َمذر.
| 21خمتصر زاد املعاد يف هدي خري العباد
خمتصر زاد املعاد يف هدي خري العباد | 20
ور ُ ِ
محل ،أو ت ِّ َ
ُويف بعد سول اهلل ﷺ َ ْ واختُلف يف َوفاة أبيه عبد اهلل ،هل ت ِّ َ
ُويف َ
مح ٌل. ُ
ورسول اهلل ﷺ َ ْ أصحهام :أنه تُويف
ُّ ِوالدته؟
ِ ِ وال ِخ َ
َت بني م َّك َة وا َملدينة باألَبواء ُم َ َ
نرص َفها م َن املَدينة من الف أن ُأ َّمه مات ْ
بع ِس َ
نني. ِ ِ
ِزيارة أخواله ،ومل َيستَكمل إذ ذاك َس َ
| 24خمتصر زاد املعاد يف هدي خري العباد
ِ ِ
جل َرس ،وكان َأ َشدَّ ه عليه ،ف َيتل َّبس بهلصلة ا َالرابِع ُة :أنه كان َيأتيه يف م ْثل َص َ
ِ
الربد ،وحتى إن راح َلتَه ل َت ُ
ربك الشديد َ ْ امل َلك ح َّتى إن َجبينَه ل َيت َف َّصد َ
عر ًقا يف ال َي ْوم َّ
فخ ِذ زيدوفخ ُذه عىل ِراكبها ،ول َقدْ جاءه الوحي مر ًة كذلك ِ
ُ َّ
ِ
به إىل األرض إذا كان َ
بن ثابِت ف َث ُق َلت عليه حتَّى كا َدت ت َُر ُّضها. ِ
اخلامس ُة :أنه يرى امل َلك يف صورتِه ا َّلتي ُخلِق عليها ،في ِ
وحي إليه ما شا َء اهللُ ِ
ُ ُ ََ
ِ
هلل ذلك يف سورة النجم. أن ُيوح َيه ،وهذا و َقع له َّ
مرت َْني كام ذكَر ا ُ
ِ
الصالة السموات ليل َة املِعراج من َف ْرض ِ
السادس ُة :ما َأ ْوحاه اهللُ وهو َ
فوق
َ
ِ
وغريها.
ِ ِ ِ
السابِعة :كَالم اهلل سبحانه له منه إليه بال واسطة م َلك ،كام ك َّلم ُموسى َ
بن
بنص ال ُقرآن ،و ُث ُ
بوهتا لنَب ِّينا ﷺ هو يف وسى َقط ًعا ِّ ِع َ
مران ،وهذه ا َملرتَب ُة هي ثابِتة ُمل َ
ِ
اإلرساء(.)1 َحديث
عبد املُ َّطلِب ،وكان شديدَ ال َعداوة َلرسول اهلل ﷺ، احلارث بن ِ ِ عمه أبا ُس َ
فيان ب َن ِّ
سرت َض ًعا يف بني سعد بن
عمه َمحز ُة ُم َ ْوحس َن إسال ُمه ،وكان ُّ
ُ ُثم َأس َلم عا َم ال َفتْح
ِ َبكْر ف َأ َ
رسول اهلل ﷺ يو ًما وهو عند ُأ ِّمه َحليم َة ،فكان َمحز ُة َر َ
ضيع َ رض َعت ُأ ُّمه
النبي ﷺ من ِجهتَني :من ِجهة ُثويب َة ،ومن ِجهة السع ِ
دية. َّ ْ ْ ِّ
-3فصل يف حَواضِنه ﷺ
بن كِالب.
بن عبد َمناف بن ُزهر َة ِ فمنهن ُأ ُّمه ِآمن ُة ُ
بنت وهب ِ ِ
ِ
الرضاعة كانت َحت ُضنه وحليم ُة ،والشيام ُء ابنتُها وهي ُأختُه من َّ
ومنهن ُثويب ُة َ
فبسط هلا ِردا َءه ،و َأج َل َسها عليه ِ مع ُأمها ،وهي ا َّلتي ِ
هواز َنَ ، قدمت عليه يف َو ْفد ِّ
ِرعاية حلَ ِّقها.
جلليل ُة ُأ ُّم أيم َن َبرك ُة احل َبش َّية ،وكان ِ
ورثها من أبيه ،وكانت ِ ِ
ومنهن الفاضلة ا َ
بن ِ
حارث َة ،فو َلدَ ت له ُأسام َة. وزوجها ِمن ِح ِّبه َز ْيد ِ
دا َيتَه َّ
إنذار قومه.
الثالثةُ :
العرب قاطِب ًة.
وهم َ الرابِعةُ :
إنذار قو ٍم ما َأتاهم من نَذير من َقبله ُ
واإلنس إىل ِ
آخر الدَّ ْهر. ِ اخلامسة :إنذار َمجيع َمن ب َل َغتْه َد ْعوته ِم َن ِ
اجل ِّن ِ
فصل
ثالث ِسنني َيدعو إىل اهلل سبحانه ُمستَخف ًياُ ،ثم َنزل
َ ف َأقام ﷺ بعد ذلك
عليه﴿ :ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ﴾ [احلجر ،]94 :ف َأع َلن ﷺ بالدَّ ْعوة
وجاهر قومه بالعداوة ،واشتَدَّ األذى عليه وعىل املُسلِمني حتَّى ِ
أذ َن اهلل هلم َ َ َ
ِ
باهل ْجرتني.
-6فصل يف بَمسائِه ﷺ
ِ
فمنهاُ :حم َّمد ،وهو َأ َ
شه ُرها ،وبه ُس ِّم َي يف الت َّْوراة.
ِ
ومنهاَ :أمحدُ ،وهو
االسم ا َّلذي َس َّامه به املَ ُ
سيح. ُ
ِ ِ ِ ِ
ونبي ومنها :املُتوكِّل ،واملاحي ،واحلارش ،والعاقب ،واملُق ِّفيُّ ،
ونبي الرمحةُّ ،
َبي التوبة ،واألَمني. ِ
املَ َ
لحمة ،والفاتح ،ون ُّ
نفسه أسام ًء ،فقال« :أنا ِ
بري بن ُمطعمَ :س َّمى لنا َرسول اهلل ﷺ َ وقال ُج ُ
ِ
احلاِش ا َّلذي ُُي ََش ُحممد ،وأنا َأمحدُ ،وأنا ِ
املاحي ا َّلذي َي ْمحو اهللُ يب ال ُك ْف َر ،وأنا
ُ َّ
ب ا َّلذي ليس بعدَ ه نَبي»(.)1 ِ
الناس عىل قدَ مي ،والعاق ُ
ُ
أما ُحممد :فهو اسم مفعول من محِد فهو ُحممد ،إذا كان كَثري ِ
اخلصال التي َ َّ ُ َ َّ َّ
وحم َّمدً ا من الثالثي املُ َّ
جردُ ، ُحي َمد عليها؛ ولذلك كان َ
أبلغ من َحممود ،فإن َحممو ًدا َ
للمبا َلغة.
م َن املُضا َعف ُ
ِ
احلمد. اسم عىل ِزنة ( َأف َعل) التفضيل ُمشت ٌَّق أيضا من
وأما أمحدُ :فهو ٌ
َّ
قر ْأت
مرو قالَ : خاري عن عبد اهلل بن َع ٍ ِّ اسم املُتوكل :ففي صحيح ال ُب وأما ُ َّ
سم ْيتك املُتوكِّل، َّبي ﷺُ :حم َّمد َر ُ ِ ِ
ورسويلَّ ، سول اهللَ ،ع ْبدي َ يف التَّوراة صفة الن ِّ
اب باألَ ْسواق ،وال َجي ِزي بالس ِّيئة الس ِّيئة ،بل َيعفو ليظ ،وال َص َّخ ٍليس ب َف ٍّظ وال َغ ٍ
قيم به امل ِ َّلة ال َع ْوجا َء ،بأن َيقولوا :ال إِل َه َّإال اهلل.)2(.
و َيص َف ُح ،و َل ْن َأقبِ َضه حتَّى ُأ َ
أحق الناس هبذا االس ِم؛ ألنه تَوكَّل عىل اهلل يف إقامة الدِّ ين تَوك ًُّال
وهو ﷺ ُّ
غريه.
رشكه فيه ُ
مل َي َ
وأما املُقفي :وهو ا َّلذي َق َّفى عىل آثار َمن تَقدَّ مه من ُّ
الرسل. َّ
هلل َبي الت َّْوبة :فهو ا َّلذي فتَح اهلل به َ
باب التوبة عىل أهل األرض فتاب ا ُ وأما ن ُّ
َّ
عليهم توب ًة مل َحي ُصل مث ُلها ألهل األرض قب َله.
-7فصل يف بَ ْوالده ﷺ
-9فصل يف بزواجه ﷺ
َزوج هبا قبل الن َُّّبوة ،وهلا واله َّن َخدجي ُة بِنت ُخ َو ْيلد ال ُق َرش َّية َ
األسد َّية ،ت َّ ُأ ُ
وجاهدْ ت
َ تزوج عليها حتى ماتت ،وهي ا َّلتي َآز َرتْه عىل الن َُّّبوة أر َبعون َسنة ،ومل َي َّ
رسل اهلل تعاىل إليها السال َم مع ِج َ ِ
ربيل ،وهذه وواستْه بنَ ْفسها وماهلا ،و َأ َ
َ معه
اهل ْجرة بثالث ِس َ
نني. المرأة ِسواها ،وماتت قبل ِ
ٍ ُعرف
خاصية ال ت َ
ِّ
بنت َزمع َة ال ُق َرش َّية وهي التي َ
وه َبت يو َمها ُثم ت َّ
َزوج بعد موهتا بأيام َسود َة َ
ِ
لعائش َة.
الصدِّ يق املُربأة من ِ الصدِّ يق َة َ ِ ِ
فوق َّ بنت ِّ َزوج بعدها أ َّم عبد اهلل عائش َة ِّ ُث َّم ت َّ
الصدِّ يق، عائش َة َسبع سموات ،حبيبة رسول رب العاملني ﷺِ ،
بنت أيب َبكر ِّ َ َ ْ َ َ
رير( ،)1وقال« :هذه وعر َضها عليه امل َل ُك قبل نِكاحها يف َرسقة من َح ٍ َ
َ
ِ ِ
السنَة
شوال يف َّ مرها س ُّت سنني ،وبنَى هبا يف َّ شوال و ُع ُ َزوجت َُك» ،ت َّ
َزوج هبا يف َّ
()2
مر ِ
بن اخل َّطاب . َزوج َحفص َة َ
بنت ُع َ ُثم ت َّ
احلارث ال َقيسية من بني ِهالل بن ِ
ِ بنت ُخزيم َة ِ
عامر، َ ْ بن زينب َ َ ُثم ت َّ
َزوج
وتُو ِّفيت ِعنده بعد َض ِّمه هلا َ
بش ْهرين.
آخ ُر نِساء
بنت أيب ُأمي َة ال ُقرشية املَ ْخزومية ،وهي ِ
َّ َ َّ َزوج أ َّم س َلم َة ِهندَ َ
ُثم ت َّ
رسول اهلل ﷺ َموتًا.
-11فصل يف سَرارِيه ﷺ
ِ
وجاري ٌة ور ْحيان ُة
إبراهيمَ ،
َ مارية وهي ُأ ُّم و َلدهقال أبو ُعبيدةَ :كان له أر َب ٌعِ :
بنت َج ْحش. زينب ُ
ُ وه َبتْها له بي ،وجاري ٌة َ
الس ِ ُأخرى مجيل ٌة َأ َ
صاهبا يف بعض َّ
-11فصل يف مَوالِمه ﷺ
-12فصل يف خُدَّامه ﷺ
ِ ِ ِ ِ
صاحب بن َمسعود بن مالك ،وكان عىل حوائ ِجه ،وعبدُ اهلل ُ فمنهم أن َُس ُ
صاحب َب ْغلتهَ ،يقود به يف األسفار ،وأس َل ُع ِ ِ ِ
ني َن ْعله وسواكه ،و ُعقب ُة ب ُن عامر ا ُ
جل َه ُّ
ِ ِ
ب راحلته ،وبِالل بن َرباح املُؤ ِّذنَ ،
وس ْعدَ ،مو َليا أيب َبكر بن رشيك ،وكان صاح َ
ِ
يم َن َمو َليا رسول اهلل ﷺ، وأيم ُن بن عبيد ،و ُأ ُّمه أم َأ َ
فاريَ ،الصدِّ يق ،وأبو َذ ٍّر الغ ُّ ِّ
طهرته وحاجتِه. وكان َأ َ
يم ُن عىل َم َ
| 34خمتصر زاد املعاد يف هدي خري العباد
-13فصل يف كُتَّانبه ﷺ
ِ
يب ب ُن كعب،والز َب ْري ،وعامر ب ُن ُفهري َة ،و ُأ ُّ
وعيلُّ ،
ٌّ مر ،و ُع ُ
ثامن، أبو َبكْر ،و ُع ُ
بن األرقم ،وثابِ ُت بن َق ْيس بن شامسَ ،
وحنظل ُة بن مرو بن العاص ،وعبدُ اهلل ُ و َع ُ
ِ
بن الوليد،دي ،واملُغري ُة بن ُشعب َة ،وعبدُ اهلل بن َرواح َة ،وخالدُ ُ الربيع األُ َس ْي َُّّ
عاوي ُة بن أيب ُس َ
فيان، َب له -و ُم ِ وخالدُ ب ُن َسعيد بن العاص -وقيل :إنه َّأول َمن كت َ
ِ
وز ْيد بن ثابِت وكان َأ َلز َمهم هلذا الشأن و َأ َّ
خص ُهم به. َ
-14فصل يف كُتُبه ﷺ اليت كَ َتبها إىل بَ ْهل اإلِ ْسالم يف الشرائِ ِع
قات الذي كان ِعند أيب َبكْر ،و َكتَبه أبو َبكْر ألن ِ
َس ِ
بن فمنها ِكتابه يف الصدَ ِ
ِ
ِ
عم ُل ا ُ
جلمهور. مالك ملََّا َّ
وج َهه إىل ال َب ْحرين وعليه َ
ومنها ِكتابه إىل أهل ال َي َمن ،وهو الكِتاب ا َّلذي َرواه أبو َبكْر بن َع ِ
مرو ِ
بن ِ
َب إىل رسل إليهم ُر ُسله ،فكت َ حلدَ ْيبية كتَب إىل ُملوك األرض و َأ َ رجع م َن ا ُملَّا َ
خامتًا من فِ َّضة
فاختَذ َقرؤون كِتا ًبا َّإال أن يكون َخمتو ًما َّ
الروم ،فقيل لهَّ :إهنم ال َي ُ ُّ
سول َس ْطر ،واهلل َس ْطر ،وخت ََم به ال ُكتُبور ُ ون َق َش عليه ثالث َة َأس ُطرُ :حم َّمد َس ْطرَ ،
ِ ِ
إىل املُلوك ،وب َعث ستَّة ن َفر يف يوم واحد يف املُ َّ
حرم َسنَة َس ْبع.
النجايش.
ِّ ري ،ب َعثه إىل
الض ْم ُّ ف َأ َّو ُهلم ُ
عمرو بن ُأم َّي َة َّ
خمتصر زاد املعاد يف هدي خري العباد | 35
وكتب إليه
َ ٍ
بكتاب، ِ
الكذاب الض ْم ِر َّي إىل مسيلم َة
عمرو ب َن أمي َة َّ
و َب َع َث َ
الزبري فلم ُي ْسلِ ْم.
ِ بن العوام أخي السائب ِ
ِ آخر مع
بكتاب َ ٍ
-16فصل يف مُؤذِّنمه ﷺ
اثنان باملَدينة :بِالل بن َرباح ،وهو َّأول َمن أ َّذن َلرسول اهلل ِ وكانوا أربع ًة:
ري األَعمى ،وب ُقبا َءَ :س ْعد ال َق َرظ َموىل ِ
مرو ب ُن ُأ ِّم َمكتوم ال ُق َر ُّ
يش العام ُّ ﷺ ،و َع ُ
عامر بن ِ
حي. واسمه َأ ْوس بن ُمغري َة ا ُ
جل َم ُّ ُ يارس ،وبم َّك َة :أبو َحمذورةَ، َّ
-17فصل يف بُ َمرائه ﷺ
ُ
رسول اهلل ﷺ عىل باذان ب ُن ساسانِ ،من و َلد َهبرام بن جور ،أ َّم َره
ُ ِمنهم
وأول َمن
اليمنَّ ،
اإلسالم عىل َ اليم ِن ك ِّلها بعد موت كِرسى ،فهو َّأول َأ ٍ
مري يف ِ أهل َ
َ
َأس َلم من ُملوك َ
العجم.
ِ
والساحل. األشعري ُز َب ْيد وعدَ ن َّ
ووىل أبا ُموسى
َّ
عيل بن أيب طالِب األَ ْمخاس بال َي َمن وال َقضاء هبا. َّ
ووىل َّ
خمتصر زاد املعاد يف هدي خري العباد | 37
عامن و َأ ْعامهلا.
مرو بن العاص َ َّ
ووىل َع َ
قاهتاِ ،
فمن وال َيقبِض صدَ ِ ووىل الصدَ ِ
قات مجاع ًة كثريةً؛ ألنه عىل كل َقبيلة ٍ َّ
ُهنا ك ُثر ُع َّامل الصدَ قات.
ِ ِ
احلج َسنَة ت ْسع ،وب َعث يف إِ ْثره عل ًّيا َي َ
قرأ عىل الناس ُسورة َّ
ووىل أبا َبكْر إقامة ِّ
( َبراءة).
حر َسه يو َم َبدْ ر حني نام يف ال َعريش ،ومنهم ُحم َّمد بن ِ
فمنهم َس ْعد ب ُن ُمعاذَ ،
حر َسه يو َم اخلَنْدَ ق.
العوام َ حر َسه يو َم ُأ ُحدُّ ،
والز َب ْري بن َّ َمس َلم َة َ
ِ
وحر َسه مجاع ٌة َ
آخرون ومنهم ع َّباد بن بِ ْرش ،وهو الذي كان عىل َ
حرسهَ ،
غري َهؤالء ،ف َل َّام َنزل قو ُله تعاىل﴿ :ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ﴾ [املائدةَ ]67 :
خرج
احلرس.
ورصف َخرب ُهم هبا َ عىل الناس ف َأ َ َ
بن
وحم َّمد ُ
مروُ ، العوام ،واملِقدا ُد بن َع ٍ عيل ب ُن أيب طالِبُّ ،
والز َب ْري بن َّ ُّ
يب. ِ اك بن ُس َ والضح ُ ِ
وعاصم ب ُن ثابِت بن أيب األَق َلح، َمس َلم َة،
فيان الكال ُّ َّ
الرشطة ِ األنصاري منه ﷺ َ ِ وكان َق ْيس بن َس ْعد ِ
بمنزلة صاحب ُّ ْ ُّ بن ُعباد َة
ف املُغري ُة بن ُشعب َة عىل رأسه بالسيف يوم احلدَ ي ِ
بية. م َن األَمري ،وو َق َ
ُ ْ َّ ْ ُ
| 38خمتصر زاد املعاد يف هدي خري العباد
-21فصل فمدَن كان على نَ َفقاتِه وخاتَ ِده ونَ ْعله وسِواكِه ومَن كان يَأذَن علمه
طبائِه ﷺ
-21فصل يف شُ َعرائه وخُ َ
ِ كان ُش َعراؤه الذين َي ُذ ُّبون ِ
عن اإلسالمَ :ك ْعب بن مالك ،وعبدُ اهلل ُ
بن
بن ثابت ،و َك ْعب بنان َ بن ثابِت ،وكان َأشدُّ هم عىل ال ُك َّفار َّ
حس َ ان ُ وحس ُ
َّ َرواح َة،
ٍ ثابت ب َن ِ ِ
شامس. قيس بن والرشك ،وكان َخطي ُبه َ عريهم بال ُك ْفر ِّ ْ
مالك ُي ِّ
رب، ِ
واملصطلق ،وخي َ قاتل منها يف تسعٍَ :بدْ ر ،و ُأ ُحد ،وا َ
خلندَ ق ،وقريظ َة،
ِ
والطائف. ِ
والفتح ،وحنني،
هات َس ْبع: وات الكِبار األُ َّم ُوأ َّما َرسايا ُه و ُبعو ُثه ،فقريب من ِستِّني ،وال َغ َز ُ
َبوك .ويف َش ْأن هذه ال َغ َز ِ َني ،وت ُ َبدْ ر ،و ُأ ُحد ،واخلَندَ قَ ،
وات رب ،وال َفت ُْحُ ،
وحن ْ ٌ وخي ُ
مران من قوله﴿ :ﯷ آخر آل ِع َ َنزل ال ُقرآن ،فسورة األنفال :سورة بدْ ر ،ويف ُأحد ِ
ُ َ ُ ُ
آخ ِرها ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ﴾ [آل عمران ]121 :إىل ُقبيل ِ
َْ
ِ
حل ْرش يف َبني ب َيسري ،ويف ق َّصة اخلَندَ ق ،و ُق َر ْيظ ُة َصدْ ر سورة األحزابُ ،وسورة ا َ
شري فيها إىل ال َفتْح ،و ُذكِر ال َفت ُْح
رب ُسورة الفتح و ُأ َ حلدَ ْيبية وخي َ
ِ
النَّضري ،ويف ق َّصة ا ُ
حيا.
يف ُسورة الن َّْرص َرص ً
واحدة وهي ُأحد ،وقا َت َلت معه املَ ِ
الئ ُ
كة زوة ِ
وج ِرح منها رسول اهلل ﷺ يف َغ ٍ
َ ُ ُ َ
وهز َمتْهم،
رشكني َ ت املُ ِ الئك ُة يوم اخلندَ قَ ،فز ْل َز َل ِ
ت املَ ِ
ونز َل ِ وح ٍ
ننيَ ، ِ
َ َ منها يف َبدْ ر ُ
الفتح يف َغ ْزوت َْنيَ :بدْ ر،
ُ فه َربوا ،وكان ور َمى منها باحلىص يف ُوجوه املُ ِ
رشكني َ َ
وح ٍ
نني. ُ
ِ
الطائفَ ،
وحت َّصن باخلَندَ ق يف وقات ََل باملَنجنيق منها يف َغزوة ِ
واحدة ،وهي َ
يس . ِ األحزاب َأشار عليه به َس ُ ِ
لامن الفار ُّ ُ واحدة ،وهي
والرسوب ،واملخذم ،وال َقضيب ،وكان َن ْعل حلتْف ُّ والقلعي ،وال َبتَّار ،وا َ
َس ْيفه فِ َّضة ،وقبيعة سيفه فِ َّضة ،وما بني ذلك حلق فِ َّضة.
ودخل يو َمالرؤياَ ، وكان َس ْيفه ذو ال َفقار تَن َّفله يو َم َبدْ ر ،وهو ا َّلذي ُأ ِر َي فيه ُّ
ذهب وفِ َّضة. ال َفتح م َّك َة وعىل َس ْيفه َ
الش ْحمرهنَها ِعند أيب َّ وكانت له َسبع َأدراع :ذات ال ُفضول :وهي ا َّلتي َ
ِ
وكانت لعياله ،وكانت ثالثني صا ًعا ،وكان الدَّ ْين إىل َسنَة، اليهودي عىل َشعري ِ
ِّ َ
الدِّ ْرع من َحديد.
واخلرنِق.
وايش ،والسعدية وفِ َّضة ،والبرتاء ِ
َ َّ ْ
الوشاح ،وذات احل ِ
َ وذات ِ
بشبهِ ،
ومغ َفر َ وكان له ِمغ َفر من َحديد ُيقال له :املُو َّشحِّ ،
آخ ُر ُيقال له: وشح َ َ
السبوغ.
السبوغ ،أو ذو َّ
َّ
الث ِج ٍ
باب َيل َبسها يف احلَ ْرب. وكان له َث ُ
وضع حتت َرسيره َيبول فيه وارير ،وقدَ ح من ِعيدان ُي َوكان له قدَ ح من َق َ
ِ ِ ِ
السعة،
سمىَّ : ُسمى :الصادر ،وخم َضب من َش َبه ،وق ْعب ُي َّ وركوة ت َّ بال َّل ْيلَ ،
ومغتَسل من ص ْفر ،ومدهن ،وربعة َجيعل فيها املِرآة وامل ِ ْشط ،ومكحلة يكت ِ
َحل ُ ُ َ َ َْ َ َ ُ ُ َ
ِ منها ِعند النوم ثال ًثا يف كل َعني ِ ِ
الر ْبعة امل ْقراضان ِّ
والسواك. باإلثمد ،وكان يف َّ ْ
ساج ،وفِراش من َأ َدم وكانت له َقصع ٌة تُسمى :ال َغراء ،ورسير َق ِ
وائ ُمه من ٍ َ َّ َّ
َح ْش ُوه لِيف.
َ
أحاديث. وهذه اجلمل ُة قد ُرويت مفرق ًة يف
| 42خمتصر زاد املعاد يف هدي خري العباد
-25فصل يف دَوانبِّه ﷺ
-26فصل يف مَالنبِسه ﷺ
النبي ﷺ يف َه َذ ْين(.)2
وح ِّ وإِ ً
زارا َغلي ًظا فقا َل ْت :ن ُِزع ُر ُ
أغلب ما َيل َبسه النبي صىل اهلل عليه وعىل آله وسلم هو و َأصحا ُبه ما
ُ وكان
ِ ِ ِ
ور َّبام لبِسوا ما نُسج من ُّ
الصوف وال َكتَّان. نُسج م َن ال ُق ْطنُ ،
ْت ك ََس ْوتَنِي َهذا باسمه ،وقال« :ال َّل ُه َّم َأن َ ِ سامهوكان إذا است ََجدَّ ثو ًبا َّ
ك ِم ْن َِش ِه
ك َخ ْ َري ُه َو َخ ْ َري َما ُصن ِ َع َل ُهَ ،و َأ ُعو ُذ بِ َ
يص َأ ِو الر َد َاء َأ ِو ا ْل ِع َام َم َةَ ،أ ْس َأ ُل َ ِ
ا ْل َقم َ
َو َِش َما ُصن ِ َع َل ُه»(.)3
وكان إذا لبِس َقميصه بدَ أ بم ِ
يامنه ،ولبِ َس الشعر األسو َد ،كام روى ُمسلِم َ َ َ
ِ خرج َر ُ ِ
رحلسول اهلل ﷺ وعليه م ْرط ُم َّ يف َصحيحه عن عائش َة قالتَ :
من َشعر َ
أسو َد(.)4
ِ
باطي ور َّبام لبِسوا ما ُجي َلب م َن الشام وم َ
رص كال ُق ِّ ال َي َمن؛ ألهنا َقريبة منهمُ ،
املَنسوجة من ال َكتَّان ا َّلتي كانت تَنسجها ِ
الق ْبط. ُ
شوها لِيف. ِ
وكانت خمدَّ ته ﷺ من َأ َدم َح ُ
ِ ِ ِ
عام َأباح اهلل م َن املَالبِس واملَطاعم واملَناكح ت ُّ
َزهدً ا وتَع ُّبدً ا فالذين َيمتَنعون َّ
رشف ال ِّثياب ،ومل َيأكُلوا َّإال َأ َ ِ ِ ِ
لني ال َّطعام، بإزائهم طائفة قا َبلوهم ،فلم َيل َبسوا َّإال َأ َ
الطائفت َْني َهد ُيه ُخمالِف هل َ ِ
دي ِ ربا ،وكِلتا َكربا َ
وِت ُّ ً
ِ
فال َي َر ْون ُل ْبس اخلشن وال َأكْله ت ُّ ً
الش ْهرتني من ال ِّثياب العايل كرهون ُّ بعض الس َلف :كانوا َي َ النبي ﷺ؛ وهلذا قال ُ ِّ
نخ ِفض.
واملُ َ
وسريته يف ال َّطعام ال َي ُر ُّد َموجو ًدا وال َيتك َّلف وكذلك كان هديه ﷺ ِ
َ ُ
رتكه من غري من ال َّط ِّيبات َّإال َأكَلهَّ ،إال أن تَعا َفه ُ
نفسه ف َي ُ َمفقو ًدا ،فام ُق ِّرب إليه يش ٌء َ
قطِ ،
إن اشتَهاه َأ َك َل ُه َّ
وإال ت ََركَه. َحتريم وما َ
عاب طعا ًما ُّ
رب منه. ناو َل َمن عىل يمينِه وإن كان َمن عىل ِ
يساره أك َ وكان إذا َ ِ
رش َب َ
قة. ِ
واإليواء والن َف ِ وكان ﷺ ي ِ
قسم بينَهن يف ا َملبيت َ
بشهر ،ومل ي ِ وط َّلق ﷺ
ظاهر أ َبدً ا. ُ وآىل إيال ًء ُمؤ َّقتًا َ ْ
وراجعَ ،
َ
وح ْسن اخلُ ُلق. وكانت ِسريتُه مع أزواجه ُح ْسن املُ َ
عارشة ُ
ت األنصار َيل َع ْبن م َعها ،وكانت إذا َه ِو َيت شي ًئا عائش َة بنا ِ
وكان يرسب إىل ِ
َ ُ ِّ
ِ ذور فيه تا َب َعها عليه ،وكانت إذا ِ
فمه عىل فوضع َ أخ َذه َ اإلناء َ رش َبت م َن ال َحم َ
فمها َ ِ وضع ِ م ِ
أخ َذهحلمَ - َعرقت َعر ًقا -وهو ال َع ْظم الذي عليه َ ْ ورشب ،وكان إذا ت َّ َ
ِ ِ ِ
أسه يف َح ْجرها قرأ ال ُقرآن َ
ور ُ فمه َموضع َفمها ،وكان َيتَّكئ يف َح ْجرها و َي َ فوضع َ َ
بارشها ،وكان ُيق ِّبلها حائ ٌض ف َتت َِّزر ُثم ي ِ حائ ًضا ،وكان يأمرها وهي ِ وربام كانت ِ
ُ َ ُ
اللعبمكنها من ِ صائم ،وكان ﷺ من ُل ْطفه وحسن ُخ ُلقه مع َأهله أنه ي ِ وهو ِ
َ ُ ْ ُ ْ
نكبه تَن ُظر ،وسا َب َقها يف سجده وهي متَّكِئة عىل م ِ و ُيرهيا احل َبشة وهم َيل َعبون يف م ِ
َ ُ َ
ِ
مرةً. مرت َْني ،وتَدا َف َعا يف ُخروجهام من ا َمل ِنزل َّالس َفر عىل األقدا ِم َّ
ِ ِ
خر َج هبا معه ،ومل
همها َ خرج َس ُ قرع بني نسائه ،ف َأ َّيت ُُهن َ وكان إذا َأراد س َف ًرا َأ َ
قض للب ِ
واقي شي ًئا. َي ِ َ
العرص دار عىل نِسائه فدَ نا ِم ُنه َّن واس َت ْق َرأ َأ ْح َ
واهلُن ،فإذا جا َء َ وكان إذا َّ
صىل
فخ َّصها بال َّل ْيل. ِ
صاحبة الن َّْوبة َ الليل ان َق َلب إىل َب ْيت
ُ
وأوله ،وإذا جا َمع َّأول الليل فكان ربام ِ وكان ﷺ ي ِأيت أه َله ِ
الليل َّ آخر َ
توض َأ ونا َم.
اغت ََسل ونام ،وربام َّ
طرق أه َله ً ِ
ليال. وكان إذا سا َفر وقد َم مل َي ُ
خمتصر زاد املعاد يف هدي خري العباد | 49
الفراش تارةً ،وعىل النِّط ِع تارةً ،وعىل احلَصري تارةً ،وعىل كان ينام عىل ِ
َ
الرسير تار ًة بني ِرماله ،وتار ًة عىل ِكساء أسو َد.
األرض تارةً ،وعىل َّ
سجد سول اهلل ﷺ مست ِ
َلق ًيا يف املَ ِ قال َع َّباد بن َمتيم[ ،عن َع ِّمه] :ر َأ ْي ُت َر َ
ُ
ِ
واض ًعا إِ ْحدى ِر ْجليه عىل األُ ْخرى(.)1
الله َّم َأ ْح َيا َ ِ ِ
موت»(.)2
وأ ُ وكان إذا َأ َوى إىل فراشه للنو ِم قال« :باسم َك ُ
ينفث فيهام ،ويقر ُأ فيهام( :قل هو اهلل أحد) ،و(قل أعوذ
وكان َجي َم ُع ك َّفيه ُثم ُ
ِ
جسده ،يبد ُأ استطاع من يمسح هبام ما برب الفلق) ،و(قل أعوذ برب الناس)ُ ،ثم
َ ُ
ٍ
مرات(.)3 َ
ثالث جسدهُ ،
يفعل ذلك ِ قبل من ِ
ووجهه وما َأ َ هبام عىل ِ
رأسه
يقول: ِ
األيمن ُثم ُ حتت خدِّ ه
ويضع يدَ ه اليمنى َ
ُ ِ
األيمن وكان ينا ُم عىل ش ِّقه
يقول إذا َأوى إىل ِ
فراشه« :احلمدُ الله َّم ِقني عذا َبك يو َم ت ُ
َبعث عبا َدك»( ،)4وكان ُ
َ « ُ
ي» ذكره
ؤو َ وسقانا وكَفانا وآوانا ،فك َْم ممَّن ال ِ َ
كايف له وال ُم ِ هلل الذي َأ َ
طعمنا َ
مسلم(.)5
ِ ِ
السموات رب [يقول] إذا َأ َوى إىل فراشهُ « :
الله َّم َّ ُ أيضا أنه كان
وذكر ً
والنوىُ ،م ِنز َل فالق احلبيشءَ ، ٍ ورب كل ِ ِ
َ العرش العظيمِ ،ر َّبنا َّ ورب
واألرضَّ ،
آخذ بناصيتِه ،أنت ِش أنت ٌ واإلنجيل والقرآن ،أعو ُذ بك من ِش كل ذي ٍّ ِ ِ
التوراة
الظاهر فليسُ يشء ،وأنت ٌ اآلخر فليس بعدَ ك
ُ يشء ،وأنت
ٌ ُ
األول فليس قب َلك
وأغنِنا من اقض عنا الدَّ ْي َن َ
ِ يشء،
ٌ الباطن فليس دونَك
ُ يشء ،وأنتٌ فو َقك
ِ
الفقر»(.)1
أرسرت وما
ُ أخرت وما
ُ قدمت وما
ُ ِ
فاغفر َل ما حاكمت،
ُ خاصمت ،وإليك
ُ
أعلنت ،أنت إهلي ،ال إل َه إال أنت»(.)1
ُ
سهر َّأول الليل يف َمصالِحآخ َره ،وربام ِوكان ينام أول ال َّليل ،ويقوم ِ
َ ْ َّ َ
املُسلِمني ،وكان ﷺ تَنام َعيناه وال ينام َقلبه .وكان إذا نام مل ي ِ
وقظوه حتَّى َيكون ُ ُ َ ُ
هو ا َّلذي َيس َت ْي ِقظ.
ِ
عرس ُق َب ْيل ُّ
الص ْبح عرس ب َل ْيل اض َط َجع عىل ش ِّقه األَ َ
يمن ،وإذا َّ وكان إذا َّ
نصب ِذرا َعه َ
ووضع َر ْأسه عىل َك ِّفه. َ
-31فصل [جامع]
بنواهتب ،فقال لس َلم َة ِ ووهب َّ َو ُأهدي إليه ،وقبِ َل اهلَدية ،و َأثاب عليهاَ ،
األَكوعِ ،وقد و َقع يف َس ْهمه جاري ٌةَ « :ه ْبها َل»َ .
فوه َبها له ،ففا َدى هبا من َأ ْهل م َّك َة
سارى من املُسلِمني(.)2
ُأ َ
احلال واملُ َّ
ؤجل. بالثمن ِّ
واشرتى َ
ََ واستَدان َبر ْهن ،وب َغ ْري َر ْهن ،واستَعار،
وش ِف َع إليه ،ور َّدت برير ُة شفاعتَه يف مراجعتِها ُمغي ًثا ،فلم َي َ
غضب وتش َّف َع ُ
تب ،وهو األسوة والقدوةُ.
عليها ،وال َع َ
امنني م ِ
وض ًعا ،وكان ﷺ َيس َت ْثني يف َيمينه تار ًة و ُيك ِّفرها وح َلف يف أك َث َر من َث َ َ
حت ُّلها بعد َع ْقدها؛مِض فيها تارةً ،واالستِ ْثناء يمنَع َع ْقد اليمني ،وال َك َّفارة ُ ِ تار ًة وي ِ
َ َ َ
هلل َ ِ
حت َّل ًة. سامها ا ُ ِ
وهلَذا َّ
وري وال َيقول يف ت َْوريتِه َّإال
احلق ،و ُي ِّ
امزح ويقول يف م ِ
زاحه َّ ُ َ وكان ﷺ ُي ِ
احلق.
َّ
ستشري.
ُ شري و َي
وكان ُي ُ
مِش مع األَر َملة وجييب الدَّ عوة ،وي ِ
َ جلنازةَُ ،
شهد ا َ وكان َيعود املَريض ،و َي َ
ثاب عليه ،ولكِ ْن ما ِ ِ
والضعيف يف َحوائ ِجهم ،وسمع َمديح الشعراء و َأ َ واملِسكِني َّ
قيل فيه م َن ا َملديح فهو ُج ْزء َيسري ِجدًّ ا من َحم ِامده ،و َأثاب عىل احلَ ِّق ،وأ َّما َمدْ ح
جوه املَدَّ َ
احني غريه من الناس ف َأك َثر ما يكون بالك َِذب؛ فلِذل ِ َك أمر أن ُحي َثى يف و ِ
ُ ََ ُ َ
اب(.)1
الرت َ
ُّ
خريا منه. أحس َن الناس ُمعا َمل ًة ،وكان إذا است َْس َلف س َل ًفا َ
قَض ً كان َ
ِ
فه َّم به أصحا ُبه عريا فجاء صاح ُبه َيتَقاضاه ف َأغ َلظ للن ِّ
َّبي ﷺ َ واقرتض َب ً ََ
ب َ
احلق َم ً
قاال»(.)1 فقال« :دعوه فإِ َّن لِ ِ
صاح ِ َ ُ
ثمنَه فقال« :مل َُيِ َّل األجل َيتَقاىض َ قبل َ أجل فجا َء ُه َ ودي بي ًعا إىل َوبا َعه َهي ٌّ
ِ ِ األَ َج ُل» ،فقال ال َي
َهاهم، فه َّم به أصحا ُبه فن ُ هودي :إنَّكم ملُ ْطل يا َبني عبد املُ َّطلبَ ، ُّ
عر ْفته ِمن َعالمات الن َُّّبوة ٍ هوديُّ : ومل ْ َي ِز ْده ذلك َّإال ِح ًلام ،فقال ال َي
َ
كل يشء منه قد َ ُّ
عرفها؛ واحد ٌة وهي أنه ال تَزيدُ ه ِشدَّ ة اجلَ ْهل عليه َّإال ِح ًلام ف َأ َر ْدت أن َأ ِ وبقيت ِ
َ
ِ
هودي(.)2
ُّ ف َأس َلم ال َي
وأ َّما َمش ُيه مع أصحابه فكانوا َيمشون بني َيدَ ْيه وهو َخ ْلفهم و َيقولَ « :د ُعوا
ومنتعال ،وكان ُياميش أصحا َبه ُفرادى ً َظه ِري لِ ْلمالئِك َِة»( ،)1وكان ي ِ
مِش حاف ًيا َ َ ْ
الضعيف و ُيردفه ،ويدعو هلم .ذكره
َ ِ
السفر ساق َة أصحابِه ُيزجي ومجاع ًة ،وكان يف
أبو داود(.)2
َوارى عن َأ ْصحابه.
ب يف س َفره للحاجة انط َلق حتَّى َيت َ
ذه َ
وكان إذا َ
ِ
وبشجر البوادي تارةً. ِ
وبحائش النخل تارةً، ِ
للحاجة باهلدف تارةً، رت
وكان يست ُ
ِ ِ
من األرض ،-وأك َث َر وكان َيرتاد ل َب ْوله املَوض َع الدمث -وهو ال َّل ِّني َّ
الر ْخو َ
ما كان يبول وهو ِ
قاعد. َ
وكان إذا س َّلم عليه أحدٌ وهو يبول مل يرد عليه .ذكَره مسلِم يف ص ِ
حيحه ِ
عن َ َ ُ َ ُ َّ َ َ
مر(.)1
ابن ُع َ
جلس ِ
األرض ،وكان إذا ِضب يدَ ه بعدَ ذلك عىل وكان إذا استنجى ِ
باملاء
َ َ َ
ِ
األرض. حلاجتِه مل ير َف ْع ثو َبه حتى يدنو من
َرجله ،و ُطهوره ،و َأ ْخذه ،و َعطائه ،وكانت َّيمن يف تَن ُّعله وت ُّ ِ
كان ُيعجبه الت ُّ
الئه ونحوه من إزالة األَ َذى. ورشابِه و ُطهوره ،ويساره خل ِ يمينُه ل َط ِ
عامه َ
َ ُ َ َ
وكان َهد ُيه يف َح ْلق الرأس تَركَه ك َّله أو َأ ْخذه ك َّله ،ومل َيكُن َحيلِق َ
بعضه
بعضه ،ومل ُحي َفظ عنه ح َل َقه َّإال يف ن ُُسك.
و َيدَ ع َ
من ِ ِ وصائام ،وي ُ ِ ِ ستاك ُمفطِ ًرا
السواك ،وكان َي ُ ِ
ستاك عند االنتباه َ ً َ ب ِّوكان ُحي ُّ
وعند ُدخول املَ ِنزل ،وكان َيستاك ب ُعود وعند الصالةِ ،وعند الوضوءِ ، النَّومِ ،
ُ ْ
األَ ِ
راك.
وكان يكثِر التَّطيب ُ ِ
ب ال ِّطي َ
ب. وحي ُّ ُّ ُ
ِ
وكان َّأو ًال َيسدل َش َ
عره ُثم َفر َقه.
ِ
واختلف الصحاب ُة يف خضابِه :فقال أنس :مل خيض ْ
ب .وقال أبو هريرة:
خضب.
َ
عائش ُة تارةً ،وكان الرتجل ،وكان يرجل نَفسه تار ًة وتُرجله ِ ِ
ِّ َ ُ ِّ ب َّ ُّوكان ُحي ُّ
مجته ت ِ
َْضب َش ْحمة ُأ ُذ َن ْيه ،وإذا طال ج َعله الو ْفرة ،وكانت ُ َّ َ
ودون َ جل َّمةفوق ا َُش ْعره َ
َغ ِ
دائ َر أرب ًعا.
وارب،
الش َ ُ
رسول اهلل ﷺُ « :جزُّوا َّ يف صحيح مسل ٍم عن أيب هرير َة قال :قال
املجوس»( ،)1ويف الصحيحني عن ابن عمر ،عن النبي َ رخوا الل َحى؛ َخالِفوا َ
وأ ُ
الشوارب»( ،)2ويف صحيح مسلمَ املَشكني ووفروا الل َحىَ ،
وأح ُفوا َ ﷺَ « :خالِفوا
أكثر
نرتك َ ِ
األظفار أال َ ِ
الشارب وتقلي ِم قص عن أنس قال« :و َّقت لنا ُّ
النبي ﷺ يف ِّ
من أربعني ليل ًة»(.)3
ِ
وحلقه أهيام أفضل. قص الشارب
السلف يف ِّ
ُ واختلف
َ
فصل يف هَ ْديه ﷺ يف خُ َ
ط ِبه -39
خ َطب ﷺ عىل األَ ْرض ،وعىل امل ِ َنرب ،وعىل ال َبعري ،وعىل الناقة ،وكان إذا
نذر َج ْيش َيقول: غضبه ،حتَّى كأنه م ِ خ َطب ا َ
ُ مح َّر ْت َعينا ُه ،وعال صوتُه ،واشتَدَّ َ ُ
السا َع ُة ك ََهات ْ ِ
َني»(َ ،)2و َي ْق ِر ُن بني ت َأنا َو َّ « َص َّب َحك ُْم َو َم َّساك ُْم» ،و َيقول ﷺُ « :ب ِع ْث ُ
()1
تاب اهللَِ ،و َخ ْ َري ُأصبعيه السبابة والوس َطى ،ويقولَ « :أما بعدُ ،فإِ َّن َخري َ ِ ِ
احلديث ك ُ َْ َّ َ ْ َ ُ ُ َ ْ َّ َّ
ثاُتاَ ،وك َُّل بِدْ َع ٍة َض َال َل ٍة»(.)3 ُ ِ َْاهلدْ ِي هدْ ي ُ َ ٍ
حم َّمدَّ َ ،
وِش األمور ُحمْدَ ُ َ َ ُ
ِ
الشهادة، وتشهدَ فيها بكلمتَي ِ
بحمد اهلل، افتتحها خيطب خطب َة إال ومل يكن
َّ َ ُ
ٍ
خطبة ليس فيها تشهدٌ كل ِ
باسمه العل ِم ،وثبت عنه أنه قالُّ « : نفسه
ويذكر فيها َ
ُ
ِ
اجلذماء»(.)1 فهي كاليد
رجع إىل ُخ ْطبته ،وكان عارض اش َت َغل به ُث َّم َ وكان إذا َع َرض له يف ُخطبته ِ
مح َر ْين ،فق َط َع كال َمه َ
فنزل ميص ْني َأ َسني َيع ُثران يف َق َ احلس ُن واحلُ ُ َ َخي ُطب فجاء
ِ
ظيم ﴿ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ﴾ فحم َل ُهام ُثم عاد إىل امل َنرب ُثم قال« :صدَ َق اهللُ ال َع ُ َ
ت ك ََال ِمي َ ان ِيف َق ِم َ ِ
يص ْيه َام َف َل ْم أ ْص ِ ْ
َب َحتَّى َق َط ْع ُ ت َه َذ ْي ِن َي ْع ُث َر ِ[التغابنَ ]15 :ر َأ ْي ُ
َف َح َم ْلت ُُه َام»(.)2
[القس الثان ]
فصول يف هديه ﷺ يف العبادات
| 62خمتصر زاد املعاد يف هدي خري العباد
خمتصر زاد املعاد يف هدي خري العباد | 63
ِ
والعاممة ِ
الناصية رأسه تارةً ،وعىل ِ
العاممة تارةً ،وعىل وكان يمسح عىل ِ
ِ
الناصية ُجم َّرد ًة فلم ُحيفظ عنه. اقتصاره عىل تارةً ،وأما
ُ
ويمسح عليهام إذا
ُ ني وال جور َب ِ
ني، يغسل رج َليه إذا مل يكونا يف خ َّف ِ
ُ وكان
ني [أو اجلور َب ِ
ني]. كانا يف اخل َف ِ
ظاهرمها وباطنَهام ،ومل َيثبت يمسح رأسه ،وكان وكان يمسح أذنيه مع ِ
ماء ِ
َ ُ ُ
عمر.
ابن َ صح ذلك عن ِ عنه أنه َ
أخذ هلام ما ًء جديدً ا ،وإنام َّ
حديث الب َّت َة ،ومل ُحيفظ عنه أنه كان يقول عىل
ٌ ِ
مسح ال ُعنق يصح عنه يف
َّ ومل
أذكار الوضوء الذي يقال عليه ِ
فكذ ٌب ِ ٍ
حديث يف ِ
التسمية ،وك ُُّل غري
ُ ُوضوئه شي ًئا َ
رسول اهلل ﷺ شي ًئا منها ،وال ع َّلمه ألُ َّمتِه.
ُ ُخم ٌ
تلق مل يقل
الثالث َق ُّط ،وكذلك مل َيث ُبت عنه أنه ِتاوز املِرفقني والكَعبني.
َ ومل يتجاوز
صب عىل صب عليه املا ُء كلام توضأ ،ولكن تارة َي ُّ ومل يكن من ِ
هديه ﷺ أن ُي َّ
ٍ
حلاجة. صب عليه أحيانًا ِ
نفسه ،وربام عاونه من َي ُّ
اختلف أئم ُة
َ خيلل حليتَه أحيانًا ،ومل يكن ُيواظِب عىل ذلك ،وقد وكان ُ
ختليل األصاب ِع مل يكن ُحي ُ
افظ عليه. ِ
احلديث فيه ،وكذلك ُ
رمال، ِ
باألرض التي ُيصيل عليها ترا ًبا كانت أو سبخ ًة أو ً يتيم ُم
وكذلك كان َّ
رجال من أمتي الصال ُة فعنده مسجدُ ه ً أدركت
ْ وصح عنه أنه قال« :حيثام
َّ
ُ
فالرمل له ِ
الرمل رصيح يف أن من أدركته الصال ُة يف
ٌ نص و َط ُ
هوره» ،وهذا ٌّ
()1
طهور.
ٌ
قائام ٍ
التيمم وجعله ً
َ أطلق
أمر به ،بل َ التيمم لكل صالة ،وال َ
ُ يصح عنه
َّ ومل
ُ
الدليل خال َفه. حكمه ،إال فيام اقتَض
َ حكمه
ُ مقا َم الوضوء ،وهذا يقتِض أن يكون
ِ
الليل. االستفتاح إنام كان يقو ُله يف قيا ِم
َ َ
املحفوظ أن هذا ولك َّن
ِ
السموات فاطر َ
وإرسافيل، َ
وميكائيل َ
جَبائيل رب
َ اللهم َّ
وتار ًة يقولَّ « :
ِ
عبادك فيام كانوا فيه ََيتلفون، ِ
والشهادة ،أنت حتكم بني ِ
الغيب واألرض ،عامل َ
ٍ
رصاط مستقيم»(.)1 تشاء إىل ِ ِ
اهدين ملا اختُلف فيه من احلق بإذنك ،فإنك ُتدي َمن ُ
ِ
واألرض ومن نور السموات
اللهم لك احلمدُ ،أنت ُ
وتارة يقولَّ « :
َ
احلديث(.)2 فيهن»...
َّ
ِ
الشيطان الرجيم» ،ثم يقر ُأ الفاحت َة، وكان يقول بعد ذلك« :أعو ُذ باهلل من
أكثر مما َجيهر هبا. وكان َجيهر بـ(ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ) [الفاحتة ]1 :تارةًُ ،
وخيفيها َ
وكانت قراءتُه مدًّ ا يقف عند ك ُِّل ٍ
آية و َي ُمدُّ هبا صوتَه. َ َ
ِ ِ
بالقراءة رفع هبا فإذا فر َغ من قراءة الفاحتة قالَ « :
آمني»( ،)3فإن كان جيهر
صوتَه وقاهلا َمن خل َفه.
ِ
وبقدرها إذا ِ
صالة الظهر إذا طالت، ِ
قراءة العرص فعىل النِّصف من وأما
ُ
َق ُرصت.
دائام ُيقيم ُصلبه إذا رف َع من الركو ِع وبني السجدتني ويقول« :ال ُُتزئُ
وكان ً
ِ
والسجود» .ذكره ابن خزيمة يف ُ
الرجل ُصل َبه يف الركوع قيم فيهاصال ٌة ال ُي ُ
صحيحه(.)1
ور َّبام قال« :ر َّبنا لك قائام قال« :ر َّبنا ولك احلمدُ »
()2
وكان إذا استوى ً
صح ذلك عنه كله.
اللهم ر َّبنا لك احلمدُ » َّ ،
()4
احلمدُ » وربام قالَّ « :
()3
( )1صحيح ابن خزيمة ،)591( 300/1وأخرجه أيضا أبو داود ( ،)855والرتمذي ( ،)265والنسائي
(.)1027
( )2أخرجه البخاري ( ،)689ومسلم (.)411
( )3أخرجه البخاري ( ،)722ومسلم (.)409
( )4أخرجه البخاري ( ،)796ومسلم (.)409
( )5أخرجه مسلم (.)471
( )6أخرجه أبو داود ( ،)874والنسائي (.)1069
| 74خمتصر زاد املعاد يف هدي خري العباد
ُ
القائل :قد مكث حتى َ
يقول الركو ِع َي ُ
رأسه من ُّ
وصح عنه أنه كان إذا رفع َ َّ
ُ
رسول اهلل ﷺ إذا أنس :كان مسلم عن ٍ
ٌ ِ
الركن ،فذكر نيس ،من إطالتِه هلذا
ِ
نقول :قد َأ َ
وه َم ،ثم يسجدُ ،و َيق ُعد بني َ سمع اهلل ملن محِده» قام حتى قالِ « :
نقول :قد َأ َ
وهم(.)1 السجدتني حتى َ
أطال هذا الرك َن بعد الركو ِع حتى كانصالة الكسوف أنه َ ِ وصح عنه يفَّ
ركوعه ،وكان ركو ُعه قريبا من ِ
قيامه ،فهذا هد ُيه املعلوم الذي ال ِ قري ًبا من
ً
ٍ
بوجه. عارض له
ُم َ
يرفع يديه ،وقد ُروي عنه أنه كان يرف ُعهام ِ
كرب وخي ُّر ساجدً ا وال ُثم كان ﷺ ُي ِّ
يصح عنه يفَّ حل َّفاظ كابن حز ٍم ،وهو ْ
وه ٌم ،فلم وصححه بع ُض ا َُّ أيضا،
ً
ذلك البت َة.
يضع ُركبتيه قبل يديه ،ثم يديه بعدَ مها ،ثم جبهتَه وأن َفه ،هذا هو
ُ وكان ﷺ
وائل بن ُح ٍ
جر: ُليب ،عن أبيه ،عن ِ يك ،عن عاص ِم بن ك ٍ الصحيح الذي رواه َرش ٌ
ُ
قبلرفع يديه َ
هنض َ رسول اهلل ﷺ إذا سجد وضع ُرك َبتيه قبل يديه ،وإذا َ َ رأيت
ُ
ركبتَيه( .)2ومل ُيرو يف فعلِه ما ُخيالف ذلك.
الع ِ
اممة ،ومل يث ُبت عنه السجو ُد َور ِ وكان ﷺ يسجد عىل جبهته ِ
وأنفه دون ك ِ ُ
ٍ
حسن. ٍ
حديث صحيح وال الع ِ
اممة يف َور ِ
عىل ك ِ
وآخره ،وعالنيتَه
َ وأو َله اللهم اغفر َل ذنبي ُك َّلهِ ،د َّقه ِ
وج َّلهَّ ، وكان يقولَّ « :
ورسه»(.)3ِ
َّ
نورا،
نورا ،ويف بِصي ً
نورا ،ويف سمعي ً
اللهم اجعل يف قلبي ً
وكان يقولَّ « :
نورا، ِ
نورا ،وفوقي ً
نورا ،وخلفي ً
نورا ،وأمامي ً
نورا ،وعن شامَل ً وعن يميني ً
نورا»(.)4
نورا ،واجعل َل ً
وحتتي ً
ستجاب السجود وقال« :إنه َق ِم ٌن أن ُي
ِ ِ
الدعاء يف ِ
باالجتهاد يف وأمر
َ َ
لكم»(.)5
ِ
دعاء ِ
بإعطائه سؤله ،واستجاب ُة دعاء الطالبِ ِ
نوعان :استجاب ُة واالستجاب ُة
رس قو ُله تعاىل ﴿ :ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ٍ ِّ ِ
وبكل واحد من النوعني ُف ِّ َ بالثواب، املثني
النوع ِ
ني. َ يعم
والصحيح أنه ُّ
ُ ﯴﯵ ﴾ [البقرة،]186 :
ِ
للحديث الصحيح عن أيب هريرة :أن النبي أظهر ٍ
واحدة ٍ
باستعاذة واالكتفا ُء
ُ
ﷺ كان إذا هنض من الركعة الثانية استفتح القراءة بـ ﴿ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﴾
[الفاحتة ،]2 :ومل َيسكت .يكفي [استعاذة] واحد ٌة؛ ألنه مل يتخ َّلل القراءت ِ
َني
تسبيح أو ِ
كالقراءة الواحدة إذا ختللها محدُ اهلل أو ذكر ،فهي
ٌ سكوت ،بل ختللهام ٌ
ٌ
ٌ
هتليل أو صال ٌة عىل النبي ﷺ ،ونحو ذلك.
ِ
السكوت، ِ
أربعة أشياء: صيل الثاني َة كاألُوىل سوا ًء إال يف
وكان النبي ﷺ ُي ِّ
ِ
وتكبرية اإلحرا ِم ،وتطويلِها. ِ
واالستفتاح،
فخذه اليرسى ،ووضع يدَ ه فإذا جلس للتشه ِد وضع يدَ ه اليرسى عىل ِ
ُ ُّ
فخذه اليمنى وأشار بأصبعه السبابة ،وكان ال ِ
ينص ُبها نص ًبا وال اليمنى عىل ِ
َّ ُ َ ُ
يقبضبن ُحجر ،وكان ُ وائل ِ
حديث ِ ِ وحي ِّركها كام تقدَّ م يف
ُينيمها ،بل َحينيها شي ًئا ُ
اخلنرص والبِنرصُ ، أصبعني ومها ِ
وحي ِّلق حلق ًة وهي ُ
الوسطى مع اإلهبا ِم ،ويرفع
الكف اليرسى عىل ِ
الفخذ اليرسى، ُ
ويبسط الس َّبابة يدعو هبا ،ويرمي ِ
ببرصه إليها،
َّ ُ
ُ
ويتحامل عليها.
جيلس عىل رجلِه اليرسى ِ
وأما صف ُة جلوسه فكام تقدَّ م بني السجدتني سواءُ ،
ِ
الصفة. غري هذه ِ
وينصب اليمنى ،ومل ُيرو عنه يف هذه اجللسة ُ
ُ
ِ
اجللسة ،و ُيع ِّلم أصحا َبه أن يقولوا: دائام يف هذه
يتشهدُ ً
َّ ثم كان ﷺ
النبي ورمحة اهلل وبركاته،
ُّ والصلوات والطيبات ،السال ُم عليك أَيا
ُ التحيات هلل
ُ «
السالم علينا وعىل ِ
عباد اهلل الصاحلني ،أشهد أال إل َه إال اهلل ،وأشهد أن حممدً ا عبدُ ه ُ
ورسوله» .
()1
الرضف -وهو احلجار ُة وكان ﷺ خي ِّفف هذا التشهدَ جدًّ ا حتى كأنه عىل ْ
صىل عليه وعىل آله يف هذا التشهد ،وال حديث ُّ
قط أنه َّ ٍ املحام ُة -ومل ُينقل عنه يف
ِ
وفتنة ِ
وفتنة املحيا واملامت ِ
وعذاب النار ِ
عذاب القرب ُ
يستعيذ فيه من كان أيضا
صح ٍ ٍ
استحب ذلك فإنام فهمه من عمومات وإطالقات قد َّ َّ املسيح الدجال ،ومن
ِ
بالتشهد األخري. ِ
موضعها وتقييدُ ها تبيني
ُ
صدور قدميه وعىل ركبتيه معتمدً ا عىل ِ
فخذيه كام ِ كربا عىل
ُ ُ ينهض ُم ِّ ً
ثم كان ُ
يرفع يديه يف هذا املوض ِع(،)1 عبد اهلل ِحديث ِ
ِ
عمر أنه كان ُ بن َ تقدَّ م ،ويف
فأكثر رواتِه ال
ُ عمر،
بن َ
حديث ِ
عبد اهلل ِ ِ عىل أن هذه الزيادة ليست متف ًقا عليها يف
َيذكروهنا.
ثم كان يقر ُأ الفاحت َة وحدَ ها ،ومل يثبت عنه أنه قر َأ يف الركعتني األُ َ
خر َيني بعد
ِ
الفاحتة شي ًئا.
ِ
الرباعية عىل [األخر َي ِ
ني]، ني من َني األول َي ِ
فهد ُيه الراتب ﷺ إطال ُة الركعت ِ
ِ
الثانية. وإطال ُة األوىل من األول َي ِ
ني عىل
سائر صلواتِه :إطالة َّأو ِهلا عىل ِ
آخرها. وهذا كان هديه ﷺ يف ِ
فخ ِذه وال ُجيافيها ،فيكون حدُّ ِمر َفقه عند آخر
ذراعه عىل َِ يبسط
وكان ُ
فخ ِذه ،وأما اليرسى فممدود ُة األصاب ِع عىل ِ
الفخذ اليرسى. ِ
ُ
ِ
سجوده ،ويف ِ
ركوعه ،ويف ِ
بأصابعه القبل َة يف رف ِع يديه ،ويف ُ
يستقبل وكان
ِ
سجوده ،وكان يقول يف ك ُِّل أيضا بأصاب ِع رجليه القبل َة يف ُ
ويستقبل ً تشه ِده،
ُّ
ركعتني التحية.
ِ
الصالة فسبع ُة مواطن: املواضع التي كان يدعو فيها يف وأما
ُ
ِ
االستفتاح. ِ
تكبرية اإلحرا ِم يف حمل أحدُ ها :بعد
الوتر. ِ
القراءة يف ِ الثاين :قبل الركوعِ ،وبعد الفرا ِغ من
ِ
االعتدال من الركوعِ. ُ
الثالث :بعد
ِ
ركوعه. الرابع :يف
ُ
سجوده ،وفيه كان غالب ِ
دعائه. ِ اخلامس :يف
ُ ُ
السادس :بني السجدتني.
ُ
ِ
حديث أيب هرير َة أمر يف َ ِ
وقبل السالم ،وبذلك َ التشهد السابع :بعد
ُ
ِ
السجود. ِ
بالدعاء يف أيضا ِ
وحديث فضال َة ِ
وأمر ً
بن عبيدَ ،
القبلة أو املأمومني فلم يكن ذلك ِ ستقبل ِ
الصالة ُم َ وأما الدعا ُء بعد السال ِم من
ِ
املتعلقة ٍ
حسن ،وعا َّم ُة األدعية ٍ
صحيح وال ٍ
بإسناد أصال ،وال ُروي عنه هديه ﷺ ً من ِ
املصيل إذا فر َغ
َ بالصالة إنام ف َع َلها فيها َ
وأمر هبا فيها ،إال أن هاهنا نكت ٌة لطيف ٌة ،وهو أن
ِ ِ ِ ِ
الصالة، املرشوعة عقيب باألذكار من صالته و َذكر اهلل وه َّلله وس َّبحه ومحدَ ه َّ َ
وكربه
عقيب
َ النبي ﷺ بعد ذلك ويدعو بام شا َء ،ويكون دعاؤه يصيل عىل ِّ
َ حب له أن
اس ُت َّ
هذه العبادة الثانية ،ال لكونه دبر الصالة ،فإن َّ
كل من َذكر اهلل ومحدَ ه وأثنى عليه
عقيب ذلك ،كام يف حديث َفضالة بن
َ ُحب له الدعا ُء
وصىل عىل رسول اهلل ﷺ است َّ َّ
ِ
والثناء عليه ،ثم ليصل عىل النبي ﷺ ،ثم ِ
بحمد اهلل صىل أحدُ كم فليبدَ ْأ ٍ
عبيد« :إذا َّ
شاء» قال الرتمذي :حديث صحيح(.)1 ِ
ل َيدْ ُع بعد ما َ
ِ
يساره ثم كان ﷺ يس ِّلم عن يمينه« :السال ُم عليكم ورمح ُة اهلل»( ،)1وعن
الراتب رواه عنه مخس َة َ
عرش صحاب ًّيا ،وقد ُروي عنه ﷺ أنه ُ كذلك .هذا كان فع ُله
ٍ
وجه وجه ِه( ،)2ولكن مل َيثبت عنه ذلك من
ِ كان ُيس ِّلم تسليم ًة واحدة تِلقا َء
ٍ
صحيح.
ِ
القَب، ِ
عذاب اللهم إين أعو ُذ بك من ِ
وكان ﷺ يدعو يف صالته فيقولَّ « :
اللهم إين الدجال ،وأعو ُذ بك من ِ
فتنة ا َملحيا واملامت، ِ وأعو ُذ بك من ِ
فتنة املسيحِ
َّ
أعو ُذ بك من املَغر ِم واملأ َثم»(.)3
وجلوسه واعتدالِه
ِ ِ
وسجوده ِ
ركوعه ِ
بعض ما كان ُ
يقول يف ذكر
وقد تقدَّ م ُ
يف الركوعِ.
ِ
اإلفراد. واملحفوظ يف أدعيتِه ﷺ يف الصالة ُك ِّلها بلفظ
ُ
-3فصل [يف هديه ﷺ يف مراعاة بحوال املأمومني ،مع كدالِ إقبالِه وقرنبِه من
اهلل تعاىل ،وحضورِ قلبِه نبنيَ يديه ]
الصبي فيخ ِّففها فيسمع بكا َء الصالة وهو ُيريد إطالتَهاِ دخل يف وكان َي ُ
ِّ ُ
يلتفت إىل
ُ َ
وجعل فارسا طليع ًة له ،فقام ِّ
يصيل مر ًة ً رسل َّ خماف َة أن يش َّق عىل أ ِّمه ،و َأ َ
حال ِ
فارسه. ِ
مراعاة ِ الفارس ،ومل َيش َغ ْله ما هو فيه عن عب الذي جيي ُء منه الش ِ ِّ
ُ
العاص ِ
بن الربي ِع ابن َة ِ ٌ
حامل أمام َة بنت أيب الفرض وهو
َ وكذلك كان ُي ِّ
صيل
ِ ِ
ركع وسجدَ وض َعها. بنته زينب عىل عاتقه ،إذا قام مح َلها ،وإذا َ
ظهره فيطيل السجدةَ؛ كراهي َة
فريكب َ
ُ احلسني
ُ وكان ُي ِّ
صيل فيجي ُء احلس ُن أو
أن يلق َيه عن ِ
ظهره.
فيفتح هلا
ُ مغلق ،فيمِش
ٌ والباب
ُ صيل فتجي ُء عائش ُة من حاجتِها
وكان ُي ِّ
يرجع إىل مصاله.
ُ الباب ،ثم
َ
ِ
الصالة. وكان يرد السالم باإلشا ِ
رة عىل من ُيس ِّلم عليه وهو يف َ ُّ
صيل ،فسلمت ٍ
حلاجة ثم أدركتُه وهو ُي ِّ ُ
رسول اهلل ﷺ جابر :بعثني وقال
ٌ
فأشار إ َّيل(.)1
َ عليه
ِ
جاريتان من بني عبد املطلب قد اقتتلتا ،فأخذمها بيديه، وكان ِّ
يصيل فجا َءتْه
ِ
الصالة(.)1 فنزع إحدامها من األخرى وهو يف َ
وكان َين ُف ُخ يف صالتِه ،وكان َيبكي يف صالتِه وكان َيتنحن َُح يف صالتِه ،وكان
ِ
الواحد تارةً ،ويف الثوبني صيل يف الثوب صيل حاف ًيا تارةً ،و ُم ً
نتعال أخرى ،وكان ُي ِّ ُي ِّ
أكثر.
تارةً ،وهو ُ
القنوت؛ فإنه إنام قنت عند
َ شهرا ،ثم ترك ِ
الفجر بعد الركو ِع ً وقنت يف
َ
تص بالفجر ،بل
القنوت ،ومل يكن َخي َّ
َ ٍ
لعارض ،فلام زال ترك الن ِ
َّوازل ،فكان قنوتُه
البخاري يف صحيحه عن أنس( ،)2وقد ِ
واملغرب ،ذكره ِ
الفجر ِ
صالة يقنت يف
كان ُ
ُّ
ذكره مسلم عن الرباء(.)3
نسيت
ُ بَش مث ُلكمَ ،
أنسى كام تَنسون ،فإذا ثبت عنه ﷺ أنه قال« :إنام أنا ٌ
فذكروين»(.)2
الرباع َّي ِة ،ومل َجيلس بينهام ،فلام قَض صالتَه سجدَ
فقا َم ﷺ من اثنتني يف ُّ
ِ
أجزاء خذ من هذا قاعدةُ :أن من ترك شي ًئا منقبل السال ِم ثم س َّلم ،ف ُأ َ
سجدتني َ
طر ِقه: ِ
بعض ُ قبل السال ِم ،و ُأخذ من
سهوا ،سجدَ له َ ٍ ِ
الصالة التي ليست بأركان ً
كن ،مل يرجع. ورشع يف ُر ٍ
َ أنه إذا ترك ذلك
-6فصل :فمدا كان رسولُ اهلل ﷺ يقولُه نبعد انصرافِه من الصالةِ ،وجلو ِسه
نبعدها ،وسرع ِ انفتالِه منها ،وما شرعهُ ألمَّ ِته من األذكارِ والقراءةِ نبعدها.
صالة« :سبحان اهلل ثال ًثا وثالثني،ٍ ونَدَ َب ُأ َّمته إىل أن يقولوا يف ُد ِبر ك ُِّل
َ
ِشيك واحلمدُ هلل كذلك ،واهلل أكَب كذلك» ،ومتام املئة« :ال إل َه إال اهلل وحدَ ه ال
قدير»(.)1 له ،له ُ
امللك وله احلمدُ وهو عىل كُل يشء ٌ
فتتم به املئة(.)2 ٍ
ويف صفة أخرى :التكبري أرب ًعا وثالثني ُّ
مخسا وعَشين تسبيح ًة ،ومثلها حتميدةً ،ومثلها تكبريةً، ٍ
ويف صفة أخرىً « :
ِشيك له ،له ُ
امللك وله احلمدُ وهو عىل كل يشء َ ومثلها ال إل َه إال اهلل وحدَ ه ال
قدير»(.)3
ٌ
ٍ
تكبريات»(.)4 ٍ
حتميدات ،وعَش ٍ
تسبيحات ،وعَش ويف ٍ
صفة أخرى« :عَش
َ
يكون رج ُح أن ُ
شيخنا ُي ِّ تمل َ
قبل السال ِم وبعده ،وكان و ُد ُبر الصالة هنا َحي ُ
قبل السال ِم(.)1
ِ
العرص ،وداو َم عليهام؛ ألنه كان ِ
الظهر ،قضامها بعد وملا فاتته الركعتان بعد
إذا َ
عمل ً
عمال أثبتَه.
وكان يصيل أحيانًا قبل الظهر أرب ًعا كام يف «صحيح البخاري» عن عائش َة
ِ
الغداة(.)1 ِ
الظهر ،وركعتني قبل يدع أرب ًعا قبل
أنه ﷺ كان ال ُ
ِ
املسجد، صىل يف بيتِه َّ
صىل أرب ًعا ،وإذا َّ
صىل يف فإ َّما أن َ
يقال :إنه ﷺ كان إذا َّ
يفعل هذا وهذا ،فحكى ٌّ
كل من يقال :إنه كان ُ
أظهر ،وإما أن َ
ُ َّ
صىل ركعتني ،وهذا
ٍ
واحد منهام. ِ
صحيحان ال مطع َن يف ِ
واحلديثان عمر ما شاهده، عائش َة ِ
وابن َ
النبي ِ
حديث أ ِّم حبيب َة قالت:
سمعت َّ ُ مسلم يف «صحيحه» من ٌ وقد روى
بيت يف اجلن َِّة»(.)2
وليلةُ ،بني له هبن ٌٍ ﷺ يقول« :من َّ
صىل ثنتي عَش َة ركع ًة يف يو ٍم
الظهر ،وركعتني بعدَ ها ،وركعتني بعدَ ِ وزاد الرتمذي والنسائي فيه« :أرب ًعا َ
قبل
صالة الفجر» .قال النسائي: ِ قبلالعشاء ،وركعتني َ ِ ِ
املغرب ،وركعتني بعدَ
ِ
العشاء» ،وصححه الرتمذي(.)3 ِ
العرص» بدل «وركعتني بعدَ «وركعتني َ
قبل
ِ
عاصم َ
حديث يصح عنه يف فعلها يش ٌء ،إال
َّ ِ
العرص ،فلم األربع قبل
ُ وأما
شيخ اإلسالم ابن تيمي َة ُينكر هذا
وسمعت َ
ُ َ
احلديث الطويل، عيل
بن ضمر َة عن ٍّ
موضوع ،ويذكر عن أيب إسحاق اجلوزجاين
ٌ َ
احلديث ويدف ُعه جدًّ ا ويقول :إنه
إنكاره(.)4
َ
النبي ﷺ ِ
عمر عن ِّ والرتمذي من حديث ابن َ
ُّ وقد روى أمحدُ ،وأبو داو َد،
امرا صىل قبل العِص أرب ًعا»( )1وقد اختُلف يف هذا احلديث، ِ
أنه قال« :رح َم اهلل ً
غريه.
فصححه اب ُن حبان ،وعلله ُ
ِ
املغرب فلم ينقل عنه ﷺ أنه كان يصليهام ،وصح عنه وأما الركعتان قبل
صلوهنام فلم َيأ ُمرهم ومل ينههم،
َ أقر الصحاب َة عليهام ،وكان ﷺ َيراهم ُي
ﷺ أنه َّ
ِ
الثالثة: ِ
املغرب» ،قال يف ويف الصحيح عن ِ
عبد اهلل املزين أنه ﷺ قال« :ص ُّلوا َ
قبل
ِ
هاتني الصواب يف
ُ الناس ُسنَّ ًة»( .)2وهذا هو
ُ شاء .كراه َة أن يتخذها «ملن
َ
ِ
السنن ِ
كسائر ٍ
راتبة ٍ
بسنة مندوب إليهام ،وليستا الركعتني ،أهنام مستحبت ِ
ان ِ
ٌ
الرواتب.
غريمها؟ ِ
واختُلف يف الركعتني األخريتَني :هل مها ركعتا الفجر أو مها ُ
الراتبة التي كان ُحيافِظ
ِ ِ
والسنن ِ
الفرض فإذا انضاف ذلك إىل ِ
عدد ركعات
ِ
والنهار أربعني ركع ًة ،كان ُحيافظ عليها الراتب بالليل عليها ،جاء جمموع ِ
ورده
ُ ُ
ِ
وصالة ِ
الفتح ثامن ركعات، ِ
كصالة ٍ
راتب، غري
فعارض ُ ٌ دائام ،وما زاد عىل ذلك
ً
ِ ِ ِ
وحتية املسجد ،ونحو ذلك. الضحى إذا َقدم من مغيبه ،وصالته عند من ُ
يزوره،
ذكر ما
بالسواك ،ثم يذكر اهلل تعاىل ،وقد تقدَّ م ُ َ
استيقظ ،بدأ ِّ وكان ﷺ إذا
ِ
صيل ركعتني خفيفتني ،كام يف «صحيح كان يقو ُله عندَ استيقاظه ،ثم َّ
يتطهر ،ثم ُي ِّ
( )1الفتاوى الكربى البن تيمية ،240/2وفيه...« :وفيه قول آخر :إن الوتر ال يقَض ...والصحيح أن
الوتر يقَض قبل صالة الصبح فإنه إذا صليت مل يبق يف قضائه الفائدة التي رشع هلا»
خمتصر زاد املعاد يف هدي خري العباد | 97
افتتح صالتَه
َ ِ
الليل، مسلم» عن عائش َة قالت :كان رسول اهلل ﷺ إذا قام من
بركعتني خفيفتني(.)1
ٍ
بقليل ،وربام كان ٍ
بقليل ،أو بعده وكان يقو ُم تار ًة إذا انتصف ُ
الليل ،أو َقبله
ِ
النصف الثاين. يصيح يف ُ
الديك ،وهو إنام َ
الصارخ ،وهو سمع يقو ُم إذا
ُ َ
ٍ
عباس األكثر ،فيقط ُعه كام قال ابن
ُ يقطع ِور َده تارةً ،و َي ِص ُله تار ًة وهو
ُ وكان
وتوضأ وهو يقول( :ﮉ ﮊ ﮋ َّ فتس َّوك حديث مبيتِه عندَ ه أنه ﷺ اس َ
تيقظَ ،
ِ يف
ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ) [آل عمران:
اآليات حتى ختم السورةَ ،ثم قام فصىل ركعتني َ
أطال فيهام ِ ]190فقر َأ هؤالء
ٍ
مرات َ
ثالث انرصف ،فنام حتى َن َف َخ ،ثم َ
فعل ذلك َ والركوع والسجو َد ،ثم القيا َم
َ
ٍ
ركعات. ستَّ
افتتاحه بركعتني خفيفتني كام َذك ََرت ُه عائش ُة ،فإما أنه كان
َ ٍ
عباس ومل يذكر ابن
ٍ
عباس، حف َظت ما مل َحيفظ اب ُن يفعل هذا تارةً ،وهذا تارةً ،وإما أن تكون عائش ُة ِ ُ
ِ
بقيامه بالليل، ِ
اخللق أعلم ِ
وملراعاهتا ذلك ،ولكوهنا األظهر؛ ملواظبتها له، وهو
َ ُ
َلف اب ُن عباس وعائش ُة يف املبيت عندَ خالتِه ،وإذا اخت َ
ِ وابن عباس إنام شاهده ليل َة
ُ
فالقول ما قالت عائش ُة. أمر ِ
قيامه بالليل يشء من ِ
أنواعا:
ً ووتره
وكان قيا ُمه ﷺ بالليل ُ
ابن ع َّب ٍ
اس. فمنها :هذا الذي ذكره ُ
والنوع الثاين :الذي ذكرته عائش ُة.
الثامن :ما رواه النسائي عن حذيف َة ،أنه صىل مع رسول اهلل ﷺ يف
ُ النوع
ِ َ
رمضان فركع ،فقال يف ركوعه« :سبحان ريب العظي ِم» مثل ما كان ً
قائام ،ثم جلس
قائام ،ثم سجد ،فقال« :سبحان ِ
اغفر َل ،رب اغفر َل» مثل ما كان ً يقول« :رب ْ
بالل يدعوه إىل ٍ
ركعات حتى جا َء ٌ أربع قائام ،فام َّ
صىل إال َ ريب األعىل» مثل ما كان ً
ال َغ ِ
داة(.)1
وآخره ،وقام ليلة تام ًة بآية يتلوها و ُير ِّد ُدها حتى
َ وأوتر َّأو َل الليلَ ،
ووسطه،
الصباح (« :ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ)
ِ
[املائدة.»]116 :
فصل
رواية ِ
ابنه عبد ِ َ
رسول ﷺ كان يوتر فيقنت قبل الركوع .وقال أمحدُ يف كعب ،أنبن ٍ
ِ
القنوت إنام هو يف ثبت عن النبي ﷺ يف إن َّ
كل يشء َ القنوت بعدَ الركوعَِّ ،
َ أختار اهلل:
ُ
يصح عن
َّ أختاره بعدَ الركوع ،ومل
ُ وقنوت الوتر
ُ رأسه من الركوع، رفع َ
الفجر ملا َ
بن حييى ِ
قنوت الوتر ُ
قبل أو بعدُ يش ٌء .وقال اخلالل :أخربين حممدُ ُ النبي ﷺ يف
الوتر ،فقال :ليس ُيروى فيه عن النبي القنوت يف ِ ِ ُ
الكحال ،أنه قال أليب عبد اهلل يف
ِ
السنة. ِ
السنة إىل يقنت ِمن
عمر ُ ﷺ يش ٌء ،ولكن كان ُ
وأهل السنن ،من حديث احلسن بن عيل قال: ُ وقد روى أمحدُ
هديت،
َ الوتر :اللهم ِ
اهدين فيمن ِ
قنوت ِ ٍ
كلامت أقوهلن يف ُ
رسول اهلل ﷺ «ع َّل َمني
ِش ما ِ توليتِ ، عافيت ،وتو َّلني فيمن وعافِني فيمن
أعطيت ،وقني َّ
َ وبارك َل فيام َ َ
تباركت ر َّبنا
َ واليت،
َ قضيت ،إنك تقيض وال ُيقىض عليك ،إنه ال ُّ
يذل من َ
عاديت»(.)3
َ وتعاليت»( .)2زاد النسائي والبيهقي« :وال يعزُّ َمن
َ
ٍ يبِ ،
مسعود ،والرواي ُة عنهم به وابن عمر ،و ُأ ٍّ والقنوت يف الوتر َحم ٌ
فوظ عن َ ُ
ِ ِ ِ
أصح عنه من
الفجر ُّ قنوت الفجر ،والرواي ُة عن ِّ
النبي ﷺ يف أصح من القنوت يف
ُّ
قنوت ِ
الوتر. ِ الرواية يف
َ
رسول البخاري يف «صحيحه» عن عائش َة ،قالت :ما رأيت
ُّ روى
اهلل ﷺ يصيل ُسبح َة الضحى ،وإين ألُس ِّبحها(.)2
عمر :أت ِّ
ُصيل الضحى؟ ِ
قلت البن َ
ورق العجيلُ :
أيضا من حديث ُم ِّ
وروى ً
قلت :فالنبي ﷺ؟ قال:
قلت :فأبو بكر؟ قال :الُ .
قلت :فعمر؟ قال :الُ .
قال :الُ .
ال إخاله(.)3
ُ
رسول اهلل ﷺ ُي ِّ
صيل الضحى ويف «صحيح مسلم» عن عائش َة ،قالت :كان
أرب ًعا ،ويزيدُ ما شاء اهلل(.)4
ٍ
ركعات وذلك ِ
الفتح ثامين صىل يو َم ٍ
هانئ :أنه َّ ويف «الصحيحني» عن أم
ضحى(.)5
ً
طرق: ِ
األحاديث عىل ٍ الناس يف هذه فاخت َ
َلف ُ
صح ِة
َّ ورجحتها من جهة َّ الرتك، ِ
أحاديث َّ -2وطائف ٌة ثاني ٌة :ذهبت إىل
عمر ،أنه مل يكن ِ ِ
إسنادها ،و َع ِ
البخاري عن ابن َُّ وجبها ،فروى
بم َ
مل الصحابة ُ
فالنبي ﷺ؛ قال« :ال إخا ُله»(.)2
ُّ ُيص ِّليها ،وال أبو بكر ،وال ُ
عمر ،قلت:
ِ
بعض األيا ِم -3وذهبت طائف ٌة ثالث ٌة :إىل استحباب فِعلها ِغ ًّبا ،فتُصىل يف
ٍ
مجاعة ،قال: الطربي عن بعض ،وهذا إحدى الروايتني عن أمحدَ ،وحكاه ٍ دون
ُّ
قلت لعائش َة :أكان
واحتجوا بام روى اجلريري ،عن عبد اهلل بن شقيق ،قالُ : ُّ
صيل الضحى؟ قالت :ال ،إال أن جيي َء من مغيبِه .ثم قال :كذا ذكر ُ
رسول اهلل ﷺ ُي ِّ
ِ
السلف(.)3 من كان ُ
يفعل ذلك من
النبي ِ
األسباب ،وأن َّ ٍ
لسبب من -4وذهبت طائف ٌة رابع ٌة :إىل أهنا إنام ت ُ
ُفعل
ٍ
لسبب. ﷺ إنام فع َلها
وجدَ ها ال ت ُّ
َدل إال عىل هذا وآثار الصحابةَ ، َ األحاديث املَرفوعة
َ ومن تأ َّمل
ِ
كحديث أيب فالصحيح منها الرتغيب فيها والوص َّي ِة هبا
ِ ُ
أحاديث ِ
القول ،وأما
ُ
ٍ
وىص أبا هريرة بذلك؛ يدل عىل أهنا ُسنَّ ٌة راتب ٌة لكل أحد ،وإنام َأ َ ذر ال ُّهرير َة وأيب ٍّ
ِ
الصالة ،فأمره احلديث بالليل عىلِ درس
خيتار َ
ُ ألنه قد ُروي أن أبا هرير َة كان
بدال من قيا ِم الليل ،وهلذا أمره َّأال ينا َم حتى يوتِ َر ،ومل يأ ُم ْر بذلك أبا بكربالضحى ً
ِ
الصحابة. وسائر عمر
َ وال َ
ِ
السجود ،وال نُقل عنه فيه كرب للرف ِع من هذا
ومل ُينقل عنه أنه ﷺ كان ُي ِّ
َشهدٌ وال سال ٌم الب َّت َة.
ت ُّ
وصح عنه ﷺ أنه سجدَ يف( :أمل تنزيل) ،ويف (ص) ،ويف (النجم) ،ويف (إذا
َّ
السامء انشقت) ،ويف (اقرأ باسك ربك الذي خلق).
ُ
رسول اهلل وحذيف َة قاال :قال يف «صحيح مسلم» عن أيب هريرةَُ ،
لليهود يو ُم السبت ،وكانِ اجلمعة َمن كان قبلنا ،فكان ِ ﷺَّ « :
أضل اهلل عن
والسبت
َ َ
فجعل اجلمع َة ِ
اجلمعة، فجاء اهلل بنا فهدانا ليو ِم ِ
األحد، للنصارى يو ُم
َ
واألولون أهل الدنيا، ِ
القيامة ،نحن اآلخرون من ِ َبع لنا يو َم
َّ واألحدَ ؛ ولذلك هم ت ٌ
قبل اخلالئق»(.)2 ِ
القيامة ،املَقيض هلم َ يو َم
خري يو ٍم
النبي ﷺ قالُ « : ويف «جامع الرتمذي» من حديث أيب ُهريرةَ ،عن ِّ
خرج منها، اجلمعة ،فيه ُخلِ َق آد ُم ،وفيه ُأ َ
دخل اجلن َة ،وفيه ُأ َ
ِ الشمس يو ُم
ُ ط َلعت فيه
ِ
اجلمعة»(.)3 وال تقو ُم الساع ُة إال يف يو ِم
مالك يف «املو َّطأ» عن أيب ُهرير َة مرفو ًعا ...« :وفيها ساع ٌة ال
ٌ وروى
مسلم وهو يصيل ُ
يسأل اهلل فيها شيئًا إال أعطاه إياه»(.)1 ٌ ُيصادفها عبدٌ
مالك ،قال :كنت قائدَ أيب ٍ كعب بن ِ عبد الرمحن ِ
بن قال ابن إسحاق :عن ِ
استغفر أليب ُأمام َة َ
األذان هبا فسمع ِ
اجلمعة خرجت به إىل برصه ،فإذا
َ َ ُ ُف ُ حني ك َّ
عجز أال أسأ َله عن ٌ بن زرارةَ ،فمكث حينًا عىل ذلك منه؛ فقلت :إن هذا أسعدَ ِ
للجمعة ،استغفر له ،فقلت:ِ َ
األذان سمع أخرج ،فلام فخرجت به كام كنتُ هذا،
َ ُ
أي ِ
سمعت األذان باجلمعة؟ قالْ : َ استغفارك ألسعدَ بن ُزرار َة كلام َ أرأيت
َ يا أبتاه،
رسول اهلل ﷺ يف هز ِم الن ِ
َّبيت ِ ِ
باملدينة قبل َمقدَ ِم ُبني ،كان أسعدُ َّأو َل من َ َّ
مج َع بنا
َ
ٍ من ِ
يومئذ؟ قلت :وكم كنتم اخلضامتُ . نقيع َ حرة بني ب َياض َة يف نقي ٍع ُيقال لهُ : َّ
رجال.قال :أربعون ً
ُ
رسول اهلل ﷺ املدين َة ،فأقام ب ُقبا َء يف قلت :وهذا كان مبد ُأ اجلمعة ،ثم ِ
قدم ُ
اجلمعة فأدركته اجلمع ُة يفِ وأسس مسجدهم ،ثم خرج يو َم ٍ
بني عمرو بن عوفَّ ،
ٍ
مجعة بطن الوادي ،وكانت َّأو َل ِ
املسجد الذي يف ِ عوف ،فصالها يف ٍ بني ساملِ بن
ِ
مسجده ﷺ. ِ
تأسيس ِ
باملدينة ،وذلك قبل صالها
خيتص
ُّ وختصيصه بعبادات
ُ تعظيم هذا اليو ِم وترشي ُفه
ُ وكان من ِ
هديه ﷺ
هبا عن ِ
غريه.
ِ
وجهان ُ
أفضل ،أم يو ُم عرف َة؟ عىل قولني ،مها َلف الفقها ُء :هل هووقد اخت َ
الشافعي.
ِّ ِ
ألصحاب
وكان ﷺ يقر ُأ يف ِ
فجره بسوريت( :ﭑ ﭒ ﭓ) و(ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ).
ِ
الصالة بسجدة زائدة، ختصيص هذه علم عنده أن املرا َد
ُ كثري ممن ال َ
ويظ ُّن ٌ
استحب قراء َة سورة
َّ ويسموهنا سجد َة اجلمعة ،وإذا مل يقرأ أحدُ هم هذه السور َة ُّ
ِ
قراءة هذه السورة ِ
األئمة املداوم َة عىل أخرى فيها سجدة؛ وهلذا ك َِر َه َمن ك َِر َه من
يف فجر اجلمعة ،دف ًعا لتوهم اجلاهلني.
غريه. ِ
السواك يف ِ ُ
السواك فيه ،وله مز َّي ٌة عىل اخلاص ُة السادس ُة:
َّ
ِ
للصالة. التبكري اخلاص ُة السابع ُة:
ُ َّ
خيرج اإلما ُم. ِ ِ َ اخلاص ُة الثامن ُة :أن
والذكر والقراءة حتى َ بالصالة يشتغل َّ
ِ
القولني. أصح ِ اخلاص ُة التاسع ُة:
اإلنصات للخطبة إذا سمعها وجو ًبا يف ِّ
ُ َّ
| 001خمتصر زاد املعاد يف هدي خري العباد
ِ
احلديث ِ
الزوال ،ويف وقت
فعل الصالة فيه َ اخلاص ُة العاِش ُة :أنه ال ُيكره ُ
َّ
هن من استطاع من ُط ٍ
هر ،ويدَّ ُ َ فيتطهر ما
َّ غتسل ٌ
رجل يو َم اجلمعة الصحيح« :ال َي ُ
َيرج ،فال ُيفرق بني اثنني ،ثم ُيصيل ما كُتب له، ِ ِ
يمس من طيب بيته ،ثم ُ ُدهنه ،أو ُّ
معة األخرى» رواه اجل ِ
ثم ُينصت إذا تكلم اإلما ُم إال غُ فر له ما بينه وبني ُ
وقت خروج ِ ِ
صالة ما كُتب له ،ومل يمن ْعه عنها إال يف البخاري( .)1فندبه إىل
ُّ
اإلما ِم.
احلادي َة عَش َة :قراءة سورة (اجل ِ
معة) و(املنافقني) ،أو (سبح) و(الغاشية) يفُ
ِ ِ
مسلم يف
ٌ رسول اهلل ﷺ يقر ُأ هبن يف يوم اجلمعةَ ،
ذكره ُ صالة اجلمعة ،فقد كان
«صحيحه»(.)2
ٍ
الثاني َة عَش َة :أنه يوم عيد ُم ِّ
تكرر يف األسبوعِ.
يقدر
ُ ِ
الثياب التي أحسن
َ لبس فيه ِ
للرجل أن َي َ ستحب
ُّ الثالث َة عَش َة :أنه ُي
َ
رسول اهلل ﷺ يقول عبد اهلل بن سالم ،أنه َس ِم َع
عليها ،ويف «سنن أيب داود» عن ِ
َ
ِ عىل املنرب يف يوم اجلمعة« :ما عىل ِ
أحدكم لو اشرتى ثو َب ِ
ني ليو ِم اجلمعة سوى َ
ثويب َ
مهنتِه»(.)3
جيوز السفر يف ِ
يومها ملن تلز ُمه اجلمع ُة قبل فعلِها بعد الرابع َة عَش َة :أنه ال ُ
ُ
منصوصات عن روايات ِ
للعلامء وهي دخول وقتِها ،وأ َّما قب َله ففيه ثالث ُة أقوال
ِ
ٌ ٌ
ِ
للجهاد خاص ًة. جيوز
جيوز ،والثالثةُ :
جيوز ،والثانيةُ : أمحدَ ،إحداها :ال ُ
سائرِ ِ
للعبادة ،وله عىل ستحب أن ُيتفر َغ فيه العَشون :أنه اليو ُم الذي ُي
ُّ
كل ألهل ِّ ِ العبادات واجبة ومستحبة ،فاهلل سبحانه َ
جعل ِ األيام مزي ٌة بأنوا ٍع من
أشغال الدنيا ،فيو ُم اجلمعة يو ُم ِ يتفرغون فيه لعبادته ويتخ َّلون فيه عن ٍ
ملة يو ًما َّ
القدر يف ِ ِ
كليلة ِ
الشهور ،وساع ُة اإلجابة فيه َ
رمضان يف ِ
كشهر عبادة ،وهو يف األيام
صح له ِ صح له يو ُم مجعتِه
سائر مجعته ،و َمن َّ سلم ْت له ُوسلم َ َ رمضان؛ وهلذا َمن َّ
صحت وسلم ْت له َّ َ صحت له حجتُه سائر سنته ،ومن َّ سلم ْت له ُوسلم ََ َ
رمضان
ُ
ميزان واحلج
ُّ ُ
ميزان العام، ُ
ورمضان ُ
ميزان األسبوعِ، سائر ُع َم ِره ،فيو ُم اجلمعة
له ُ
العمر .وباهلل التوفيق.
ِ
كالعيد يف العام ،وكان العيدُ احلادية والعَشون :أنه ملا كان يف األسبو ِع
َ
جعل اهلل سبحانه ٍ
وقربان ،وكان يو ُم اجلمعة يو َم صالة، ٍ
صالة ً
مشتمال عىل
ِ
للرائح فيه إىل وقائام مقامه ،فيجتمع
ً
ِ
القربان بدال ِمن ِ
املسجد ً َ
التعجيل فيه إىل
راح ُ
والقربان ،كام يف «الصحيحني» عن النبي ﷺ أنه قالَ « :من َ املسجد الصال ُة
| 004خمتصر زاد املعاد يف هدي خري العباد
ِ ِ
قرب بقرةً،
راح يف الساعة الثانية فكأنام َّ
ومن َقرب بدن ًةَ ،
يف الساعة األوىل فكأنَّام َّ
أقرن»(.)1
كبشا َقرب ً ِ
راح يف الساعة الثالثة فكأنام َّ
ومن َ
َلف الفقها ُء يف هذه الساعات عىل قولني:
وقد اخت َ
()2
الشافعي ِ
مذهب املعروف يف
ُ أحدمها :أهنا ِمن ِ
أول النهار ،وهذا هو
ِّ
وأمحد( )3وغريمها.
املعروف يف
ُ ِ
الساعة السادسة بعدَ الزوال ،وهذا هو والثاين :أهنا أجزا ٌء ِمن
ٍ ()4 ِ
بعض الشافعية(.)5
مالك ،واختاره ُ مذهب
ِ
لفظة ِ
ثالثة أمور :أحدُ ها :عىل ومدار إنكار التبكري َ
أول النهار عىل قلت:
ُ
ُ
ِ
الزوال ،والثاين :لفظ ُة (التهجري) ،وهي إنام ُ
تكون إال بعدَ (الرواح) ،وأهنا ال
والثالثُ :
عمل أهل املدينة ،فإهنم مل يكونوا يأتون ُ وقت شدة احلر، ِ
باهلاجرة َ تكون
ِ
النهار. ِمن أول
لفظ (التهجري واهلجري واملهجر) فمن اهلجر واهلاجرة ،قال اجلوهري: وأ َّما ُ
احلر ،تقول منه :هجر النهار( .)1قال اآلخرون: ِ
النهار عندَ اشتداد ِّ نصف
ُ هي
التبكري. طلق و ُيرا ُد به الكالم يف ِ
لفظ (التهجري) كالكال ِم يف لفظ (الرواح) ،فإنه ُي ُ
ُ ُ
أول النهار فهذا غايته ِ
اجلمعة َ كون ِ
أهل املدينة مل يكونوا يروحون إىل وأ َّما ُ
بحجة ،وال عندَ َمن يقول :إمجاع ٍ مالك ،وهذا ليس ٍ أنه عم ُلهم يف زمن
الرواح إىل اجلمعة ِمن أول النهار، ِ أهل املدينة حجة؛ فإن هذا ليس فيه إال ُ
ترك
ِ
ومصالح أهله ِ
الرجل بمصاحله ُ
اشتغال ُ
يكون جائز بالْضورة ،وقد
ٌ وهذا
اجلمعة ِمن أول
ِ ِ
رواحه إىل أفضل ِمن
َ أمور دين ِه ودنياه
ِ ومعاشه وغري ذلك ِمن
ِ
النهار.
ِ
اجلنة، ِ
ألوليائه املؤمنني يف َّ
يتجىل اهلل فيه الثانية والعَشون :أنه يوم
أقرهبم من اإلمام ،وأسب ُقهم إىل الزيارة [أسب َقهم]
أقرهبم منهم َ
وزيارهتم له ،فيكون ُ
ِ
اجلمعة. إىل
ُ
واجلبال واألرض
ُ الساموات
ُ َفز ُع منه
الثالثة والعَشون :أنه اليو ُم الذي ت َ
اإلنس واجل ِّن ،ففي حديث أيب هريرة عن ِ والبحار ،واخلالئق كلها إال شياطني
ُ
تغرب عىل يو ٍم أفضل من يو ِم اجلمعة ،وما ِمنُ الشمس وال
ُ تطلع
ُ النبي ﷺ« :ال
ِ
واإلنس»( ،)2وهو الثقلني ِمن اجلن
ِ ٍ
دابة إال وهي تَفز َُع ليو ِم اجلمعة إال هذين
وخترب
ُ حديث صحيح .وذلك أنه اليو ُم الذي تقو ُم فيه الساع ُة ،و ُيطوى العاملُ،
ِ
والنار. منازهلم من ِ
اجلنة ِ الناس إىل ُ
ويبعث فيه ُ فيه الدنيا،
َّ
وأضل عنه الرابعة والعَشون :أنه اليو ُم الذي ا َّدخره اهلل تعاىل هلذه األمة
الكتاب قبلهم ،كام يف «الصحيح» من حديث أيب هريرة ريض اهلل عنه عن ِ َ
أهل
ِ
اجلمعة ،هدانا ت عىل يو ٍم خري ِمن يوم
شمس وال غر َب ْ تالنبي ﷺ قال« :ما طل َع ْ
ٌ ِّ
ِ ِ
تبع ،هو لنا ،ولليهود يو ُم السبت، َّ
فالناس لنا فيه ٌ
ُ الناس عنه،ُ وضل اهلل له،
ِ
األحد»(.)1 وللنصارى يو ُم
َ
رمضان شهر ِ
اخلامسة والعَشون :أنه خري ُة اهلل من أيام األسبوع ،كام أن َ
شهور العام ،وليل ُة القدر خريتُه من الليايل ،ومك ُة خريتُه من األرض، ِ خريتُه من
ورسوله حممدٌ ﷺ خريتُه ِمن ِ
خلقه.
السادسة والعَشون :أنه ُيكر ُه إفرا ُد يو ِم اجلمعة بالصو ِم ،ففي «صحيح
ِ
اجلمعة ختتصوا ليل َة
النبي ﷺ قال« :ال ُّ مسلم» عن أيب هريرة ريض اهلل عنه ،عن ِّ
يكون يف
َ ختتصوا يو َم اجلمعة بصيا ٍم من بني األيامِ ،إال أن
بقيا ٍم من بني اللياَل ،وال ُّ
صو ٍم يصومه أحدُ كم»(.)2
-21فصل يف هديِه ﷺ يف خُ َ
ط ِبه
امحرت عيناه ،وعال صوتُه ،واشتدَ غض ُبه حتى كأنه كان ﷺ إذا خطب َّ
خري احلديث ومساكم» ،ويقول« :أما بعدُ ،فإن َ ٍ
جيش ،يقول« :ص َّبحكم َّ نذر
ُم ُ
دثاُتا ،وك َُّل بدعة ضالل ٌة» ،ثم
وِش األمور ُحم ُ ٍ
هدي حممدَّ ،
ُ وخري اهلدي
َ كتاب اهلل،
ُ
ماال فألهلِه ،ومن ترك َدينًا أو مؤمن من ِ
نفسه ،من ترك ً ٍ يقول« :أنا أوىل بكُل
َضيا ًعا َّ
فإَل وعيل» رواه مسلم(.)3
اجلوامع، ِ
الكلامت الذكر و َيقصد ويكثر ُ
ويطيل الصالةَ، قرص اخلطب َة
َ َ ُ وكان ُي ِّ
وقِص خطبتِه َمئِنَّ ٌة من فقهه»(.)1 الرجل ِ
ِ طول صالة وكان يقول« :إن َ
ويأمرهم
ُ وكان ﷺ ُيع ِّلم أصحا َبه يف خطبتِه قواعدَ اإلسال ِم ورشائ َعه،
خيطب أن
ُ الداخل وهو ﷺَ أمر
أمر أو َهن ٌي ،كام َ وينهاهم يف ُخطبتِه إذا َ
عرض له ٌ
صيل ركعتني.
ُي َ
ِ
باجللوس. ِ
الناس عن ذلك ،وأمر ُه ِ
لرقاب وهنى املُتخ ِّطي
ِ
ألحد من أصحابِه، ِ
السؤال َعر ُض ،أو ِ
للحاجة ت ِ يقطع خطبتَه وكان ﷺ
ُ
فيتمها.
فيجي ُبه ،ثم يعو ُد إىل خطبتهُّ ،
ِ
احلسن ِ
ألخذ فيتمها ،كام َ
نزل ِ نزل عن ِ وكان ربام َ
املنرب للحاجة ثم يعو ُد ُّ
فأتم اخلطب َة. ِ ِ
واحلسني ،فأخذمها ُثم َرق َي هبام املن َ
ربَّ ،
الرجل يف خطبتِه :تعال يا فالن ،اجلِ ْس يا فالنِّ ،
صل يا َ وكان ﷺ يدعو
فالن.
ٍ
وحاجة احلال ،فإذا رأى بينهم ذا ٍ
فاقة ِ يأمرهم يف خطبتِه بمقتَض
وكان ُ
وحضهم عليها.
َّ ِ
بالصدقة أمرهم
َ
بأصبعه السب ِ
ابة يف خطبته عند ِ
ذكر اهلل تعاىل ودعائه. ِ يشري
َّ وكان ُ
املطر -يف خطبتِه.
حط ُ وكان َيستسقي هلم -إذا َق َ
خرج إليهم
َ الناس ،فإذا اجتمعوا
ُ جيتمع
َ مهل يو َم اجلمعة حتىوكان ُي ُ
بوجه ِه
ِ الناس
َ َ
استقبل ِ
وحدَ ه ،فإذا دخل املسجدَ س َّلم عليهم ،فإذا ص َعد املن َ
رب
النبي ﷺ
ُّ جيلس ويأخذ ٌ
بالل يف األذان ،فإذا فر َغ منه قام ُ وسلم عليهم ،ثم
ِ
واخلطبة. ِ
األذان ٍ
فصل بني فخطب من غ ِري
َ
ثالث درجات ،وكان قبل ِ
اختاذه َخيطب إىل ِجذ ٍع يستند إليه ،ومل َ ربه
وكان من ُ
ِ
احلائط ،وكان يب قري ًبا من ِ
وضع يف جانبه الغر ِّ
َ املسجد ،وإنام رب يف وسطُيوضع املن ُ
ِ
الشاة. ممر ِ
بينَه وبني احلائط مقدار ِّ
استدار قائام يف اجلمعة، وكان إذا جلس عليه يف غري اجلم ِ
َ خطب ً َ عة ،أو
ِ
اخلطبة. بوجوههم ،وكان وجهه ﷺ ِقب َلتَهم يف ِ
وقت ِ أصحا ُبه إليه
ُ
وكان يقو ُم فيخ ُطب ،ثم جيلس جلس ًة خفيف ًة ،ثم يقو ُم فيخطب الثاني َة ،فإذا
ِ
اإلقامة. فر َغ منها أخذ ٌ
بالل يف
َ
الرجل إذا ربهم َّ
أن ِ
الناس بالدُّ ِّنو منه ،ويأمرهم باإلنصات وخي ُ
َ يأمر
وكان ُ
أنصت .فقد لغا(.)1 قال لصاحبِهِ :
ِ
املسجد صىل أرب ًعا، شيخنا أبو العباس اب ُن تيمي َة :إن صىل يف
فقال ُ
ُ
األحاديث. تدل صىل يف بيتِه صىل ركعتنيُ .
قلت :وعىل هذا ُّ وإن َّ
العرص من ِ
آخر أيام ِ ِ
صالة الفجر يو َم عرفة إىل رب منوروي عنه أنه كان يك ِّ ُُ
ِ
الترشيق «اهلل أكَب ،اهلل أكَب ،ال إله إال اهلل ،واهلل أكَب ،اهلل أكَب ،وهلل احلمد»).(1
ِ ٍ
بثالث خر :منها :ك ُُّل ركعةوقد روي عنه أنه صالها عىل صفات ُأ َ
ٍ
صالة ُصليت، ِ
كأحدث ٍ
ركعة بأرب ِع ركوعات ،ومنها :أهنا ركوعات ،ومنها :ك ُُّل
يصححون ذلك. ِّ األئم ِة ال ٍ ٍ
كل ركعة بركو ٍع واحد .ولكن كبار َّ
ِ
واالستغفار، ِ
والدعاء، الكسوف بذكر اهلل تعاىل ،والص ِ
الة، ِ وأمر ﷺ يف
ِ
والعتاقة ،واهلل أعلم. ِ
والصدقة،
َ
وبالغ يف الرف ِع حتى بدا ِ
واالبتهال والدعاء، َ
وأخذ يف التْض ِع ُثم َ
رفع يديه
َ
واستقبل القبل َة ،وحول إذ ذاك ردا َءه وهو ظهره،
الناس َِ بياض إبطيه ،ثم حول إىل ُ
ِ
الرداء وظهر ِ
األيمن، واأليرس عىل ِ
األيرس، ِ
القبلة فجعل األيم َن عىل ُ
مستقبل
َ َ
ِ
القبلة، َ
مستقبل ِ
الدعاء َ
وأخذ يف لظهره ،وكان الردا ُء مخيص ًة سوداء، ِ لبطنِه ،وبطنَه
والناس كذلك.ُ
إقامة وال ٍ
نداء ٍ العيد ِمن غري ٍ
أذان وال ِ ِ
كصالة َّ
فصىل هبم ركعتني ُثم َ
نزل
ِ
الفاحتة بـ(سبح اسم ربك األعىل)، ِ
بالقراءة ،وقرأ يف األوىل بعدَ جهر فيهام
البتةَ ،
ِ
الثانية( :هل أتاك حديث الغاشية). ويف
جمر ًدا يف ِ
غري يو ِم نرب املدينة استسقا ًء َّ الثالث :أنه ﷺ استسقى عىل ِم ِ
ُ الوج ُه
ِ
االستسقاء صالةٌ. عة ،ومل ُحيفظ عنه ﷺ يف هذاُمج ٍ
ُ
حديث فس ِئ َل عن ذلك ،فقال« :ألنه وكان َحيرس ثو َبه حتى يصي َبه من ِ
املطرُ ، ُ
ٍ
عهد بربه»(.)1
وأدبر ،فإذا
َ َ
فأقبل ِ
وجهه والريحُ ،عرف ذلك يف
َ الغيم
َ وكان ﷺ إذا رأى
العذاب.
ُ َ
يكون فيه رس َي عنه وذهب عنه ذلك ،وكان َخيشى أن
أمطرت ُ ِّ
ِ
وإقامة الصالة. ِ
نزول الغيث ِ
اإلجابة عندَ طلب ٍ حفظت عن ِ
غري واحد َ ُ وقد
وكان إذا ُقدِّ مت إليه دا َّبتُه لريكبها ،يقول« :بسم اهلل» حني يضع رج َله يف
كاب ،وإذا استوى عىل ِ
ظهرها ،قال« :احلمدُ هلل الذي سخَّ ر لنا هذا وما ُكنَّا له الر ِ
ِّ
ُمقرنني ،وإنا إىل ربنا ملنقلبون» ،ثم يقول« :احلمدُ هلل ،احلمدُ هلل ،احلمدُ هلل» ،ثم
فاغفر
ْ ظلمت نفيس
ُ أكَب» ،ثم ُ
يقول« :سبحانك إين أكَب ،اهلل ُ
أكَب ،اهلل ُ
يقول« :اهلل ُ
الذنوب إال أنت»(.)1
َ غفر
َل ،إنه ال َي ُ
ِ
العمل ما الَب والتقوى ،ومن ِ
اللهم إنا نسألك يف سفرنا هذا َّوكان يقولَّ « :
الصاحب يف
ُ واطو عنا ُبعدَ ه ،اللهم أنتِ سفرنا هذا،
اللهم هون علينا َ َّ ترىض،
نقلب، ِ
وكآبة املُ ِ ِ
السفر، األهل ،اللهم إين أعو ُذ بك من وع َث ِ
اء ِ السفر ،واخلليف ُة يفِ
ْ
فيهن« :آيبون تائبون عابدون رجع قاهل َّن وزاد ِ
واملال» وإذا ِ
األهل نظر يف ِ
وسوء املَ ِ
َّ َ
لربنا حامدون»(.)2
َ
رسول اهلل عمر ،قال :صحبت ويف «صحيح البخاري» عن ِ
ابن َ
َ
وعثامن .)1( وعمر
َ السفر ال َيزيد عىل ركعتني ،وأبا ٍ
بكر ِ ﷺ ،فكان يف
ِ
الفرض ،ومل ُحيفظ عنه أنه صىل االقتصار عىل
ُ هديه ﷺ يف ِ
سفره وكان من ِ
ِ
الفجر فإنه مل يكن يدعهام ِ
وسنة ُسنَّ َة الصالة قب َلها وال بعدَ ها ،إال ما كان من ِ
الو ِتر
سفرا.
حْضا وال ً
ً
يقرص(،)2
ُ وثبت عن النبي ﷺ أنه كان يتن َّفل ً
ليال وهو َ قال الشافعي :
ِ
بالليل يف صيل السبح َة
النبي ﷺ ُي ِّ
ويف «الصحيحني» :عن عامر بن ربيعة ،أنه رأى َّ
ظهر راحلتِه» .فهذا قيام الليل.
السفر عىل ِ
ِ
أيضا، اجلمع َ
حال نزوله ً ُ ِ
أسفاره ،وال مع راك ًبا يفجل ُ ومل يكن من ِ
هديه ﷺ ا َ
ٍ
مسافر فلم ُينقل ذلك السري ،وأما مج ُعه وهو ٌ
نازل غري جيمع إذا َجدَّ به
ُ وإنام كان
ُ
ِ
الوقوف. ِ
اتصال ِ
ألجل عنه إال بعرف َة
الوجه الثاين :ما كان من ذلك صناع ًة من الصنائعِ ،ليس يف الطب ِع السامح ُة
ِ
الغناء بأنوا ِع أصوات ٍ
ومترن ،كام ُيتع َّل ُم لف وتصن ٍع حيصل إال بتك ٍُ به ،بل ال
ُ
ُ
حتصل إال ٍ
خمرتعة ال ٍ
وأوزان ٍ
خمصوصة ٍ
إيقاعات ِ
واملركبة عىل ِ
البسيطة األحلان
السلف وعابوها وذ ُّموها ،ومنعوا القراء َة ُ والتكلف ،فهذه هي التي كرهها ِ بالتعل ِم
القول إنام تتناول هذا الوج َه ،وهبذا ِ هبا ،وأنكروا عىل َمن قرأ هبا ،وأدل ُة أرباب هذا
الصواب من ِ
غريه. ُ ويتبني
ُ يزول االشتبا ُه، ِ
التفصيل ُ
كان ﷺ يعو ُد َمن َم ِر َض من أصحابِه ،وعا َد غال ًما كان خيد ُمه من ِ
أهل
فعرض عليهام اإلسالم فأسلم اليهودي[ ،ومل ي ِ
سلم ٌ
مرشك، عمه وهو ِ
ُ ُّ َ َ َ الكتاب ،وعاد َّ
عمه].
ُّ
ُ
فيقول: رأسه ويسأ ُله عن حالِه املريض ،فيجلس عند ِ
ِ َ ُ وكان ﷺ يدنو من
رب
اللهم َّ
ويقولَّ « : ُ ِ
املريض يمسح بيده اليمنى عىل
ُ «كيف َُتدُ ك؟»( .)1وكان
غادر ِ ِ الناسِ ،
ِ
شفاء ال ُي ًُ فاء إال شفاؤك، البأس ،اشف وأنت الشايف ،ال ش َ َ أذهب
َ
كاشف له إال الشفاء ،ال الناسِ ،
بيدك ِ رب َس َق ًام»( .)2وكان يقول« :امسح
ُ البأس َّ
َ
ِ ٍ ِ
اشف سعدً ا ،اللهم للمريض ثال ًثا كام قال لسعدَّ « :
اللهم أنت»( .)3وكان يدعو
ِ
املريض يقول له« :ال اشف سعدً ا»( ،)4وكان إذا َ
دخل عىل ِ اللهم اشف سعدً ا،ِ
َّ
طهور إن شاء اهلل»(.)5
ٌ بأس،
َ
ِ
باألرض ،ثم رح أو شكوى ،فيضع س َّبابته وكان َيرقي من به قرح ٌة ،أو ُج ٌ
سقيمنا ،بإذن ربنا»(.)6 بعضناُ ،يش َفىأرضنا ،بري َق ِة ِ
يرفعها ويقول« :بسم اهلل ،تُرب ُة ِ
ُ َ
ِ
املريض ،وال وقتًا من ِ
بعيادة ُص يو ًما من األيا ِم ومل يكن من ِ
هديه ﷺ أن َخي َّ
ِ
األوقات.
سائر األمم، ِ أكمل اهلدي ُخمال ًفا هلدي َ ِ
اجلنائز كان هد ُيه وسريتُه ﷺ يف
قربه ويو ِم معاده ،وعىل ت ومعاملتِه بام ينف ُعه يف ِ شتمال عىل اإلحسان إىل املي ِ
ِّ ُم ً
ُ
يعامل به امل ِّي َت، احلي هلل فيام
ِّ إقامة عبود َّي ِة
ِ ِ
اإلحسان إىل أهلِه وأقاربِه ،وعىل
ووقوف أصحابه ِ أحسن أحوالِه وأفضلِها ،ووقوفِه ِ ِ
وِتهيزه إىل اهلل تعاىل عىل
والتجاوز عنه.
َ حيمدون اهلل و َيستغفرون له ،و َيسألون له املغفر َة والرمح َة
صفو ًفا َ
ثم املِش بني يديه إىل أن ي ِ
ود َعه حفرتَه ،ثم يقو ُم هو وأصحا ُبه عىل ِ
قربه ُ
أحوج ما كان إليه.
َ التثبيت
َ سائلني له
احلي ِ
والدعاء له كام يتعاهدُ قربه والسال ِم عليه، ِ
بالزيارة إىل ِ ثم يتعاهدُ ه
ُّ
صاح َبه يف ِ
دار الدنيا.
ِ
والتوبة، وأمره بالوص َّي ِة، فأو ُل ذلك :تعاهدُ ه يف ِ
وتذكريه اآلخر َة ُ
ُ مرضه، َّ
النهي عن ِ
كالمه ،ثم آخر ِ
ُ وأمر َمن حْضه بتلقينه شهاد َة أال إله إال اهلل؛ لتكون َ ُ
ِ
اخلدود ،وتواب ِع ذلك. ِ
والنشور ،من َلط ِم ِ
بالبعث ِ
عادة األم ِم التي ال تؤم ُن
ِ
القلب ،وكان وح َ
زن صوت معهُ ،
َ اخلشوع للميت ،والبكا َء الذي ال
َ وس َّن
الرب»(.)1 القلب ،وال ُ
نقول إال ما ُيرِض َّ ُ وُيزن
ُ العني،
ُ تدمع
يفعل ذلك ويقولُ « :
ٍ
وسدر ،و ُيك َّفن يف ثوبيه ،ومها ثوبا وكان إذا مات املحرم أمر أن يغس َل ٍ
بامء ُ َ ُ َّ
إحرامه :إزاره ورداؤه ،وينهى عن تطييبِه وتغطية ِ
رأسه. ِ
ُ
ِ
البياض ،وينهى عن وكان يأمر َمن َو ِ َيل امل ِّي َت أن ُحيس َن كفنَه ،ويك ِّفنه يف
َ ِ الكفن عن ِ ِ املُ ِ
وجعل سرت مجي ِع البدن غ َّطى َ
رأسه ُ الكفن ،وكان إذا َق َّرص غاالة يف
شب.عىل رجليه شيئا من ال ُع ِ
ِ
وأكرم نُز َله، ُ
واعف عنه محه وعافِه،
اللهم اغفر له وار ْ
ِ
فحفظ من دعائهَّ « : ُ
الثوب نقيت
َ والَبد ،ونقه من اخلطايا كام ِ
باملاء والثلجِ ووسع ُمدخ َله ،واغسلِه
َ َ
خريا
وزوجا ً ً خريا من أهلِه،
وأهال ًدارهً ،دارا خريا من ِ
ً
ِ
الدنس ،وأبدله ً ِ َ
األبيض من
عذاب ِ
النار»(.)1 ِ عذاب ِ
القَب ،ومن ِ وأعذه منوأدخله اجلنَّ َةِ ،
زوجهِ ، من ِ
ِ
وكبرينا ،و َذك َِرنا ِ
وصغرينا اللهم اغفر حلينا وميتنا، وحفظ من دعائهَّ « : ُ
اللهم من أحييتَه ِمنَّا فأحيِه عىل اإلسالمِ ،ومن تو َّفيتَه منا
َّ
ِ
وشاهدنا وغائبِنا، ُ
وأنثانا،
اللهم ال َحت ِرمنا َ
أجره وال َت ْفتنَّا بعدَ ه»(.)2 َّ ِ
اإليامن، فتو َّفه عىل
وحبل ِج ِ
وارك، ِ ذمتك ٍ
فالن يف َّ اللهم إن فال َن بن
أيضاَّ « :
وحفظ من دعائه ً ُ
محه ،إنك ِ وعذاب ِ
النار ،فأنت ُ ِ فتنة ِفق ِه من ِ
ِ
أهل الوفاء واحلق ،فاغفر له وار ْ القَب
الرحيم»(.)3
ُ الغفور
ُ أنت
ِ
الدعاء للم ِّيت. ِ
بإخالص يأمر
وكان ُ
مخسا ،وكان الصحاب ُة بعدَ ه
وصح عنه أنه كرب ً
َّ أربع تكبريات،
كرب َوكان ُي ِّ ُ
كربها، النبي ﷺ َّ
مخسا ،وذكر أن َّ
فكرب زيدُ بن أرقم ً
ومخسا وستًّاَّ ،
ً يكربون أرب ًعا
ِّ
عيل بن أيب طالب عىل سهل بن حنيف ستًّا ،وكان وكرب ُّ
ذكره مسلم َّ ،
()4
ِ
الناس أرب ًعا، مخسا ،وعىل ِ
سائر بدر ستًّا ،وعىل ِ
غريهم من الصحابة ً يكرب عىل أهل ٍ ِّ
ذكره الدارقطني( .)5وذكر سعيدُ بن منصور ،عن احلك ِم بن عتيبة أنه قال :كانوا
موجب للمنع
َ آثار صحيح ٌة ،فال
مخسا وستًّا وسب ًعا .وهذه ٌ أهل ٍ
بدر ً يكربون عىل ِِّ
منها ،والنبي ﷺ مل يمنع مما زاد عىل األربع ،بل فع َله هو وأصحابه ِمن ِ
بعده. َّ
ِ
صالة اجلنازة ُفروي عنه أنه كان ُيس ِّلم وأما هد ُيه ﷺ يف التسلي ِم من
وروي عنه أنه كان ُيس ِّلم تسليمتني.
واحدةًُ ،
ِ
السنة يف ِ
لألثر ،والقياس عىل ُرفع
رفع اليدين فقال الشافعي :ت ُ
وأما ُ
قائم(.)1 ِ ٍ ِ
كربها يف الصالة وهو ٌيرفع يديه يف كل تكبرية َّ
الصالة ،فإن النبي ﷺ كان ُ
وأنس بن مالك ،أهنام كانا يرفعان ِ ابن عمر ِ
باألثر ما رواه عن ِ قلت :يريدُ
ِ
اجلنازة. كربا عىل
أيدهيام كلام َّ
مر ًة اجلنازة صىل عىل ِ
القربَّ ، ِ وكان من ِ
فصىل َّ هديه ﷺ إذا فاتته الصال ُة عىل
ومر ًة بعدَ ٍ
شهر ،ومل ُيؤ ِّقت يف ذلك وقتًا. ٍ ٍ عىل ٍ
ومر ًة بعدَ ثالثَّ ،
قرب بعدَ ليلةَّ ،
الرجل ووسط ِ ِ وكان من ِ
املرأة. ِ َ رأس هديه أنه كان يقو ُم عند
الطفل ُي َّ
صىل ُ فصح عنه أنه قال« :
َّ ِ
الطفل، وكان من ِ
هديه ﷺ الصال ُة عىل
عليه»(.)2
املدينة ِ
لوس َعتهم ،وهل ِ فقال« :لقد تابت توب ًة لو ُقسمت بني سبعني من ِ
أهل
أفضل من أن جادت ِ
بنفسها هلل»(.)1 َ دت توب ًة
َو َج َ
ِ
املقابر ماش ًيا أما َمه ،وس َّن ملن تبِع وكان ﷺ إذا صىل عىل مي ٍ
ت تبِعه إىل ِّ
اجلنازة إن كان راك ًبا أن يكون ورا َءها ،وإن كان ماش ًيا أن يكون قري ًبا منها ،إما
خل َفها أو أمامها ،أو عن يمينِها أو عن ِشامهلا.
يأمر باإلرسا ِع هبا ،حتى إن كانوا َلري ُملون هبا ً
رمال. وكان ُ
توضع ،وقال« :إذا تبِعتُم اجلناز َة فال ُتلسوا
َ جيلس حتى
ْ وكان إذا تبِعها مل
ُوضع»(.)2
حتى ت َ
ابن تيمية :واملراد :وض ُعها باألرض(.)3 قال ُ
شيخ اإلسالم ُ
خلق غائب ٍ
ميت ،فقد مات ٌ ٍ وسنَّتِه ﷺ الصال ُة عىل كل ومل يكن من ِ
هديه ُ
وصح عنه :أنه صىل عىل
َّ صل عليهم،غيب ،فلم ُي ٌِّ كثري من املسلمني وهم ٌ
ِ ()4
النجايش صالتَه عىل امل ِّيت .ِّ
صل شيخ اإلسالم ابن تيمي َة :الصواب أن الغائب إن مات ٍ
ببلد مل ُي َّ وقال ُ
َ ُ ُ
ِ
الغائب. عليه فيه ُص ِّ َيل عليه صال ُة
ِ
وصح عنه ﷺ أنه
َّ وصح عنه ﷺ أنه قام للجنازة ملَّا مرت بهَ ،
وأمر بالقيا ِم هلا،
ِ ِ
واالستغفار والرتحم عليهم،
ُّ للدعاء هلم، قبور أصحابِه ُ
يزورها زار َ كان إذا َ
وأمرهم أن يقولوا إذا زاروها« :السال ُم ِ
هلم ،وهذه هي الزيار ُة التي سنَّها أل َّمتهَ ،
نسألشاء اهلل بكم الحقونُ ،الديار من املؤمنني واملسلمني ،وإنَّا إن َِ عليكم َ
أهل
اهلل لنا ولكم العافي َة»(.)1
ِ
الصالة ِ
جنس ما يقوله عند ِ
زيارهتا ،من وكان هد ُيه أن َ
يقول و َيفعل عند
َ
واإلرشاك واالستغفار ،فأبى املرشكون إال دعاء ِ
امليت ِ ِ
الدعاء له والرتح ِم عليه من
َ
به!
-3فصل [يف هديه ﷺ يف تعزي بهل املمت وصنع الطعام هل وترك النع ]
ِ
للعزاء، تمع أهل امليت ،ومل يكن من ِ وكان من ِ
هديه ﷺ تعزي ُة ِ
هديه أن َجي َ
غريه. القرآن ،ال عند ِ
القرب وال ِ َ ويقر َأ له
واالسرتجاع، ِ
بقضاء اهلل ،واحلمدُ هلل، ُ
السكون والرىض وكان من ِ
هديه
ُ
حلق هلا ِ
والنياحة ،أو َ ِ
بالندب رفع صوتَه ِ ِ ويرب ُأ ممَّن َ
ألجل املصيبة ثيا َبه ،أو َ خرق
عره.
ش َ
ِ أهل املي ِ
ت ال يتك َّلفون الطعا َم ِ
أمر أن
للناس ،بل َ وكان من هديه ﷺ أن َ ِّ
ِ
األخالق والشي ِم، الناس هلم طعا ًما يرسلونه إليهم ،وهذا من أعظ ِم مكار ِم
ُ َيصنع
شغل بمصاهبم عن إطعا ِم الناس. ٍ أهل ِ
امليت؛ فإهنم يف واحلمل عن ِ
ُ
ويقول« :هو من ترك نعي املي ِ
ت ،بل كان َينهى عنه وكان من ِ
هديه ﷺ ُ
ِّ
عمل اجلاهل َّي ِة»(.)1
ِ
وتار ًة كان ُيصيل بإحدى الطائفتني ركع ًة ،ثم تذهب وال تقِض شي ًئا ،وِتي ُء
فيصيل هبم ركع ًة وال تقِض شي ًئا ،فيكون له ركعتان ،وهلم ركعة ركعة.
ِّ األخرى
ِتوز الصالة هبا.
وهذه األوجه كلها ُ
صفات أخرى تَرجع ك ُّلها إىل هذه،
ٌ ِ
اخلوف ِ
صالة وقد ُروي عنه ﷺ يف
ٍ
صفات، عرش بعض ألفاظِها ،وقد ذكرها ُ أصوهلا ،وربام اختل َفت ُ
ُ
بعضهم َ وهذه
والصحيح ما ذكرناه ً
أوال، ُ مخس عرش َة صف ًة(،)1
وذكرها أبو حممد بن حزم نحو َ
النبي ﷺ، وجوها من ِ الرواة يف ٍ
ِ
فعل ِّ ً قصة جعلوا ذلك اختالف
َ وهؤالء كلام رأوا
ِ
الرواة .واهلل أعلم. ِ
اختالف وإنام هو من
( )1املحىل البن حزم ،272/4وذكر فيه أنه فصل القول يف أربع عرشة صورة يف كتاب آخر.
| 042خمتصر زاد املعاد يف هدي خري العباد
ِتب عليه وقدرها ونصاهبا و َمن ُ ِ أكمل هدي ،يف وقتها كان هدي ُه يف الزكاة َ
األموال ومصلح َة املساكني ،وجعلها اهللِ ومرصفها ،وراعى فيها مصلح َة أرباب
ِ
األغنياء ،فام أزال النعم َة باملال ِ
ولصاحبِه ،وق َّيد النعم َة هبا عىل سبحانه ُطهر ًة ِ
للامل
ِ
اآلفات ،وجيعلها ويدفع عنه هبا عىل من أ َّدى زكاتَه ،بل حيف ُظه عليه وينميه له،
ُ
وحارسا له.
ً سورا عليه وحصنًا له
ً
ِ
األموال دورانا بني املال ،وهي أك ُثر ٍ
أصناف من ِ ِ
أربعة ثم إنه َج َعلها يف
اخللق ،وحاجتهم إليها ِضوري ٌة:
والثامر.
ُ الزرع
ُ أحدُ ها:
والغنم.
ُ والبقر
ُ الثاين :هبيم ُة األنعا ِمُ :
اإلبل
ظفر به.
اخلمس متى َ
َ فيه
خمتصر زاد املعاد يف هدي خري العباد | 043
وجب نص َفه -وهو العرش -فيام كانت مشق ُة حتصيلِه وتع ُبه وكُلفتُه َ
فوق َ وأ
َّ
ويتوىل الثامر والزرو ِع التي يبارش حرث ِ
أرضها ،شقها ،وبذرها ِ ذلك ،وذلك يف
ٍ
ودوالب. إثارة ٍ
بئر ِ
رشاء ماء ،وال ِ كلفة من ِ
العبد ،وال اهلل سقيها من عنده بال ٍ
َ َ
ِ
والنواض ِح ِ
بالكلفة والدوايل ِ
العرش فيام توىل العبدُ سقيه نصف
َ وأوجب
َ
ونحوها.
عمل ِ
العرش -فيام كان النام ُء فيه موقو ًفا عىل ٍ ربع
نصف ذلك -وهو ُ َ وأوجب
َ
ِ
وباإلدارة ِ ِ
األرض تارةً، ِ
بالْضب يف رب املال متتابع، ٍ
[وبالرتبص تارةً] متصل من ِّ
نمو أعظم من كلفة الزرو ِع والثامرً ،
وأيضا فإن َ ُ ريب أن كلف َة هذا تار ًة أخرى ،وال َ
ِ
واجب التجارة، أكثر من ِ ِ الزرو ِع
وأكثر من نمو التجارة ،فكان واج ُبها َ ُ أظهر
والثامر ُ
أكثر مما ُس ِقي بالدوايل والنواضح، ِ ِ وظهور النمو فيام ُيس َقى
واألهنار َ بالسامء ُ
وأظهر من اجلميع.
َ أكثر
حمصال جممو ًعا كالكنز َ ً وظهوره فيام وجد
ُ
للامل الذي ِ
حتتم ُله ِ قل َ
جعل كل مال وإن َُّثم إنه ملا كان ال حيتمل املواسا َة ُّ
وتقع موق َعها من ِ
األموال، ِ
بأرباب ِتحف
ُ ِ
املواساة فيها ،ال املواساة ن ُُص ًبا مقدر َة
ُ
ِ
والثامر ً
مثقاال ،وللحبوب ِ
وللذهب عرشين للور ِق مئتي دره ٍم،
فجعل ِ َ ِ
املساكني:
مخسا؛ لكن ملا كان ِ
ولإلبل ً ِ
وللبقر ثالثني بقرةً، ٍ
أوسق ،وللغن ِم أربعني شاةً، مخسة
مخس حيتمل املواساة من ُِ
اخلمس َُ أوجب فيها شاةً ،فإذا تكررت
َ جنسها نصاهبا ال
الواجب. َ
احتمل نصاهبا واحدً ا منها فكان هو مرات ،وصارت مخسا وعرشين ٍ
ُ
ٍ
خماض ،وبنت ِ
والنقصان ،من ابن ِ
الزيادة قدر ِس َّن هذا الواجب يف
ثم إنه َ
اجلذع واجلذع ُة، احل ُّق ِ
واحل َّق ُة ،وفو َقه بون ،وفو َقه ِ
لبون ،وبنت َل ٍ
خماض ،وفو َقه ابن ٍ
ٍ
ُ ُ
| 044خمتصر زاد املعاد يف هدي خري العباد
ِ
الظاهرة من املوايش ِ
األموال يبعث ُسعاته إال إىل ِ
أهل َ ومل يكن من ِ
هديه أن
ثمر نخلِهم ِ
أرباب النخيل َ ص فيخرص عىل ِ
اخلار َ ُ
يبعث ِ
والثامر ،وكان والزرو ِع
وينظر كم جيي ُء منه َوس ًقا ،فيحسب عليهم من
ُ وعىل أهل الكرو ِم كرو َمهم،
ِ
الزكاة ِ
بقدره.
يدع هلم الثلث أو الربع فال خيرصه عليهم؛ ملا يعرو اخلارص أن َ َ يأمر
وكان ُ
الثامر اخلرص لكي ُحتىص الزكا ُة قبل أن تُؤكَل ب ،وكان هذا ِ
النوائ ِ َ
النخيل من
ُ ُ
ِ
الزكاة. أرباهبا بام شاءوا و َيضمنوا َق َ
در ُرصم ،وليترصف فيها ُ وت َ
ِ
احلمري ِ
البغال وال ِ
الرقيق وال ِ
الزكاة من اخليل وال هديه ُ
أخذ ومل يكن من ِ
تدخر.
ُ املباط ِخ واملقاثي والفواكِه التي ال ُ
تكال وال ِ وال اخلَْضاوات وال
ِ
العسل ،فقال البخاري :ليس يف زكاة العسل يش ٌء ُلف عنه ﷺ يف
واخت َ
يصح( ،)1وقال الرتمذي :ال يصح عن النبي ﷺ يف هذا الباب كثري ٍ
يشء( .)2وقال ُ ُّ ُّ
ثبت عن رسول اهلل ﷺ ،وال ٌ
حديث َي ُ ِ
العسل ِ
صدقة ِ
وجوب ابن املنذر :ليس يف
ضعيف،
ٌ العرش
َ إمجاع ،فال زكا َة فيه( ،)3وقال الشافعي :احلديث يف أن يف العسل
عمر بن عبد العزيز( .)4قال هؤالء:
ضعيف ،إال عن َ
ٌ العرش
ُ َ
يؤخذ منه ويف أن ال
ِ
الوجوب ك ُّلها معلول ٌة. ُ
وأحاديث
وذهب أمحد( )1وأبو حنيف َة( )2ومجاع ٌة إىل أن يف العسل الزكاة ،رأوا أن هذه
خمارجها واختل َف ْت طر ُقها ،ومرس ُلها
ُ بعضا ،وقد تعد َّدت
بعضها ً
يقوي ُ اآلثار ِّ
َ
ِ
بمسندها. عضدُُي َّ
نصاب أم ال؟ عىل قولني :أحدمها :أنه جيب ٌ ِ
املوجبون له :هل له ُثم اختلف
قول أيب حنيف َة( ،)3والثاين :أن له نصا ًبا معينًا ،ثم اختُلِ َ
ف يف ِ
وكثريه ،وهذا ُ يف قليلِه
ٍ
أفراق(،)5 قدره ،فقال أبو يوسف :هو عرشة أرطال( ،)4وقال حممد :هو مخسة ِ
ٍ
أفراق(.)6 وال َف َر ُق ست ٌة وثالثون ً
رطال بالعراقي ،وقال أمحد :نصا ُبه عرش ُة
-4فصل [يف دعائه ﷺ ملن بدى إلمه زكاته وعدم بخذ كرائ بمواهل ]
( )1مسائل أمحد بن حنبل وإسحاق ابن راهويه رواية الكوسج (.)644
( )2األصل للشيباين .128/2
( )3السابق.
( )4اخلراج أليب يوسف (ص.)67
( )5األصل للشيباين .128/2
( )6مسائل أمحد رواية أيب داود (.)556
( )7أخرجه النسائي (.)2458
( )6أخرجه البخاري ( ،)1497ومسلم (.)1078
خمتصر زاد املعاد يف هدي خري العباد | 047
ٍ
وكبريٍ ،
ذكر ٍ
صغري رضها رسول اهلل ﷺ عىل املسل ِم ،وعىل من َيمونُه ِمنَف َ
شعري ،أو من َأ ِق ٍ
ط ،أو َز ٍ
بيب. ٍ صاعا من ٍ
متر ،أو من ٍ
وعبد ً ، حر
وأنثىٍّ ،
وروي عنه« :نصف صا ٍع من ٍّبر») (2واملعروف :أن عمر بن اخلطاب جعل
ُ
نصف صا ٍع من ٍّبر مكان الصاع من هذه األشياء ،ذكره أبو داود) .(3ويف
َ
آثار مرسل ٌة
قوم ذلك ،وفيه عن النبي ﷺ ٌ
)(4
«الصحيحني» أن معاوي َة هو الذي َّ
بعضا.
بعضها ً
يقوي ُ
ومسند ٌة ِّ
ِ
بالصدقة ،وتار ًة ِ
باهلبة ،وتار ًة عطائه وصدقته ،فتار ًة ِ ِ
أصناف يتنوع يف وكان
ُ
فعل البائع الثم َن والسلع َة مجي ًعا ،كام َ برشاء الِشء ثم يعطي ِ باهلدي ِة ،وتار ًة
َ
وأفضل ،ويشرتي الِش َء ف ُيعطي َ يقرت ُض الِش َء فري ُّد أكثر منه بجابر) ،(1وتار ًة كان َ ِ ٍ
بأكثر منها. ويكافئ عليها َ ُ ويقبل اهلدي َةُ أكثر من ثمنِه، َ
خرج ما عنده ،ويأ ُمر وكانت صدقته وإحسانُه بام يملكُه وبحالِه وبقولِه ،ف ُي ِ
ِ
والعطاء، ِ
البذل الشحيح دعاه حا ُله إىل ُ
البخيل وحيض عليها ،فإذا رآه ِ
بالصدقة،
ُ ُّ
السامحة والندى. ِ نفسه عن ِ
وصح َب ُه ورأى هد َيه ال يملك َ وكان َمن خالط ُه َ
واملعروف؛ ولذلك كان ﷺ ِ ِ
والصدقة ِ
اإلحسان وكان هد ُيه ﷺ يدعو إىل
وفعل املعروف ِ ِ
للصدقة وأنعمهم قل ًبا ،فإن نفسا، أرشح اخل ِ
َ صدرا ،وأطي َبهم ً ً لق َ
صدره ِ ِ
رشح خصه اهلل به ِمن رشح الصدر ،وانضاف ذلك إىل ما َّ ِ تأثريا عجي ًبا يف ً
حظِّ ِ
وإخراج حسا، ِ ِ ِ ِ ِ
ورشح صدره ًّ وخصائصها وتوابعها، بالنبوة والرسالة
الشيطان منه.
الشهوات ،وفطا َمها عن ِ النفس عن ِ حبس ملا كان املقصو ُد من الصيا ِم
َ
سعادهتا ونعيمها، ِ لطلب ما فيه غاي ُة ِ قوهتا الشهوانية؛ لتستعدَّ وتعديل َِ ِ
املألوفات،
ِ
حدهتا اجلوع والظم ُأ منُ ويكرس حياهتا األبدية، ُ وقبول ما تزكو به مما فيه ِ
ُ
ييق جماري الشيطان اجلائعة من املساكني ،وت َْض ُ ِ ِ
األكباد ِ
بحال ويذكرها وسورهتا،
ُ
وحتبس قوى األعضاء عن اسرتساهلا بتضييق جماري الطعا ِم والرشاب، ِ ِ
العبد من
ُ
وكل ٍ
قوة ٍ
عضو منها ُّ ومعادها ،ويسك ُن ُّ
كل ِ ِ
معاشها يْضها يف ِ
حلكم الطبيعة فيام ُّ
وجنَّ ُة املحاربني ،ورياض ُة األبرار ِ ِ
ويلتجم بلجامه ،فهو جلا ُم املتقنيُ ، ُ مجاحه عن
الصائم ال يفعل شي ًئا وإنامَ سائر األعامل ،فإن لرب العاملني ِمن بني ِ واملقربني ،وهو ِّ
ترك حمبوبات النفس معبوده ،فهو ُ ِ يرتك شهوتَه وطعا َمه ورشا َبه من أجل
العبد وبني اهلل ال يطلع عليه ِ بني
رس َ ِ ِ ُّ
إيثارا ملحبة اهلل ومرضاته ،فهو ٌّ [وتلذذاهتا] ً
ترك طعا َمه ِ
الظاهرة ،وأ َّما كونُه َ ترك املفطرات سواه ،والعباد قد يطلعون منه عىل ِ
ُ
برش ،وذلك حقيق ُة الصو ِم. ِ ِ
فأمر ال يطلع عليه ٌ ورشا َبه وشهوتَه من أجل معبوده ٌ
ِ ِ ِ ِ
الباطنة ،ومحيتها الظاهرة والقوى اجلوار ِح حفظ عجيب يفٌ وللصيا ِم ٌ
تأثري
ِ
املانعة هلا من ِ
الفاسدة ،ويف استفرا ِغ املواد الرديئة ِ
التخليط اجلالب هلا املوا َّد عن
أكرب العون عىل التقوى ،كام قال تعاىل﴿ :ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ صحتِها ،فهو من ِ
ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ﴾ [البقرة.]183:
خمتصر زاد املعاد يف هدي خري العباد | 050
ِ
النكاح وال النبي ﷺ« :الصو ُم ُجنَّ ٌة» َ ،
وأمر من اشتدَّ ت به شهو ُة وقال ُّ
)(1
ِ
واملرض ِع إذا ِ
وللحامل ورخص للمريض واملسافِر أن ُيفطرا و َيقضيا، َّ
ٍ
مسكني القضاء إطعا َم ِ خافتا عىل أن ُف ِسهام كذلك ،وإن خافتا عىل َو َلدَ هيام زادتا مع
فج ِرب بإطعام ِ ٍ ِ ِ
مرض ،وإنام كان مع الصحة ُ خلوف طرمها مل يكن لكل يو ٍم ،فإن ف َ
أول اإلسال ِم. الصحيح يف ِ ِ كف ِ
طر املسكني ِ
ِ
بوصف التخيري .والثانية :حتتُّمه، ثالث ،إحداها :إجيابهٌ رتب
وكان للصوم ٌ
ِ
القابلة، والرشاب إىل الليلة حر َم عليه الطعا ُم الصائم إذا نام َ
ُ يطعم ُ
َ قبل أن ُ لكن كان
ِ
القيامة. الرشع إىل يوم استقر عليها فنسخ ذلك بالرتبة الثالثة :وهي التي
ُ َّ
عينُه بمحبوبِه ،وتن َّع َم بقربِه ،والرىض عنه .ولو كان ذلك طعا ًما ورشا ًبا للفم ملا
فضال عن أن يكون موا ً
صال. صائام ً
كان ً
الس َح ِر ،ففي ِ ِ ُ
رسول اهلل ﷺ عن الوصال رمح ًة باألمة ،وأذ َن فيه إىل َّ وقد هنى
النبي ﷺ يقول« :ال سمع ٍ
سعيد اخلدري ،أنه «صحيح البخاري» عن أيب
َّ َ
ِ
السحر»).(1 ْ
فليواصل إىل َ
يواصل تُواصلوا ،فأ ُّيكم أرا َد أن
ِ
العيد أن ِ
خروج وقت ِ
اهلالل بعد وكان من هديه إذا شهدَ الشاهدان برؤية
الغد يف وقتِها.
بالفطر ،ويصيل العيدَ من ِ
ِ ُ فطر ويأمرهم
ُي َ
ويؤخره
ُ ِ
السحور، ُّ
وحيث عىل ويتسحر
َّ ُّ
وحيث عليه، الفطر
َ وكان ُي ُ
عجل
ِ
تأخريه. و ُي َر ِّغ ُ
ب يف
بدر ِ
غزاة ٍ وسافر رسول اهلل ﷺ يف رمضان يف أعظ ِم الغزوات وأج ِّلها :يف َ
َ
رمضان رسول اهلل ﷺ يفِ غزونا مع عمر ب ُن اخلطابَ : ِ ِ
الفتح ،قال ُ غزاة ويف
بدر والفتح ،فأفطرنا فيهام.َني :يوم ٍغزوت ِ
صائم.
ٌ ُ
يستاك وهو وصح عنه أنه كان
صائم).(2 وذكر اإلمام أمحد عنه أنه كان يصب املاء عىل ِ
رأسه وهو
ٌ ُّ َ ُ َ
ِ
املبالغة يف الصائم من ئم ،ومنع
َ ويستنشق وهو صا ٌ
ُ يتمضمض
ُ وكان
ِ
االستنشاق.
صائم.
ٌ يصح عنه أنه احت ََج َم وهو
وال ُّ
فطر حتى َ
يقال :ال َيصو ُم .وما فطر .و ُي ُ كان ﷺ يصو ُم حتى ُي َ
قال :ال ُي ُ
ٍ
شهر أكثر مما يصو ُم يف شهر غري رمضان ،وما كان يصو ُم يف ٍ َ
استكمل صيا َم
شعبان.
صيامها مع رمضان
فصح عنه أنه قالُ « :
َّ وأما صيا ُم ستة أيا ٍم من شوال
ِ
الدهر»).(1 ُ
يعدل صيا َم
يتحرى صو َم ُه عىل ِ
سائر األيا ِم ،وملا قد َم وأما صو ُم يوم عاشوراء فإنه كان َّ
أحق بموسى منكُم» فصا َمه املدين َة وجدَ اليهو َد تصو ُمه وتع ِّظ ُمه فقال« :نحن ُّ
شاء ِ
فرض رمضان ،فلام ُف َ ِ
رض رمضان قال« :من َ بصيامه ،وذلك قبل وأمر
َ
شاء تر َك ُه»).(2
صام ُه ،ومن َ
رسول اهلل ﷺ حني صا َم َ ٍ
عباس أن مسلم يف «صحيحه» عن ِ
ابن ٌ وقد روى
َ
رسول اهلل ،إنه يو ٌم تع ِّظ ُمه اليهو ُد ِ
بصيامه قالوا :يا أمر
يوم عاشوراء أو َ
ُ
املقبل إن شاء اهلل ُصمنا اليو َم والنصارى .قال رسول اهلل ﷺ« :إذا كان العا ُم
التاسع» فلم ِ
يأت العا ُم ُ
املقبل حتى تُو ِّ َيف رسول اهلل ﷺ).(3 َ
برس السلمي ،عن أخته وقد روى اإلمام أمحد وأبو داود عن ِ
عبد اهلل بن ٍ
ِ
السبت إال فيام ُ ِ
افرت َض عليكم ،وإن مل النبي ﷺ قال« :ال تَصوموا يو َم ِ
الصامء ،أن َّ
ٍ
شجرة فليمضغه»).(1 ََيد أحدُ كُم إال حلاء ٍ
عنبة أو عو َد َ
َ
حديث كذب ،يريدُ
()2
الناس يف هذين احلديثني ،فقال ٌ
مالك :هذا ٌ ُ َلف
فاخت َ
ُ
احلديث ٌ
حديث حس ٌن( ،)3وقال أبو داود :هذا عبد اهلل بن برس ،قال الرتمذي :هو
مضطرب( ،)5وقال مجاع ٌة من أهل العل ِم:
ٌ ٌ
حديث ٌ
منسوخ( ،)4وقال النسائي :هو
ِ
إفراده. هني عن ِ
فإن النهي عن صومه إنام هو ٌ
هديه ﷺ رس ُد الصو ِم وصيا ُم الدهر ،بل قد قال« :من صا َم ومل يكن من ِ
ُ
أفضل من وفطر يو ٍم
َ الدهر ال صا َم وال أف َط َر») ،(6فهد ُيه ال شك فيه أن صيا َم يو ٍم
َ
وأحب إىل اهلل).)7
ُّ صو ِم الدهر
ً
وقوال، ِ
اجلمعة بالصو ِم ً
فعال منه ِ
ختصيص يوم وكان من ِ
هديه ﷺ كراه ُة
صومه بأنه يوم ٍ
ِ
عيد ،فروى اإلمام أمحد من حديث أيب هريرةَ، ُ وع َّلل َ
املنع من
قال :قال رسول اهلل ﷺ« :يو ُم اجلمعة يو ُم عيد ،فال ُتعلوا يو َم عيدكم يو َم
صيامكم ،إال أن تصوموا قب َله أو ب َعده»).(4
اعتكف
َ كل سنة عرش َة أيا ٍم ،فلام كان العا ُم الذي ُقبِ َض فيه
يعتكف َّ
ُ وكان
فعرض عليه تلك السنةَ بالقرآن كل ٍ
سنة مرةً، ِ ُ
جربيل يعارضه
ُ عرشين يو ًما ،وكان
مرتني.
خمتصر زاد املعاد يف هدي خري العباد | 063
يدخل بيته يف حال اعتكافِه إال ُ دخل ُق َّبته وحده ،وكان ال اعتكف َ َ وكان إذا
ِ
وتغسله فرتجله املسجد إىل بيت عائش َة، ِ رأسه من ِ ِ
ِّ رج َ حلاجة اإلنسان ،وكان ُخي ُ
معتكف ،فإذاٌ تزوره وهو ِ
أزواجه حائض ،وكانت بعض ٌ املسجد وهيِ وهو يف
ُ
يبارش امرأ ًة من ِ
نسائه ليال ،ومل يكن ِ َذهب قام معها يقلِ ُبها ،وكان ذلك ً قامت ت ُ
بلة وال ِ معتكف ال ب ُق ٍ
ضع له وو َ فراشهُ ، رح له ُ اعتكف ُط َ
َ غريها ،وكان إذا ٌ وهو
طريقه فال ُي َع ِّرج ِ باملريض وهو يف ِ مر ِ
خرج حلاجته َّ َ معتكفه ،وكان إذا رسيره يف ُ
حصريا ،كل هذا ً واعتكف مرة يف قبة تركية ،وجع َل عىل ُسدَّ هتا َ سأل عنه، وال َي ُ
ِ ِ اجله ُال ِمن ِ ِ ِ
املعتكف اختاذ حتصيال ملقصود االعتكاف وروحه ،عكس ما يفع ُله َّ ً
لون،األحاديث بينهم ،فهذا ٌ ِ ِ
بأطراف ِ
وأخذهم ٍ
وجملبة للزائرين، ٍ
عرشة موضع
َ
النبوي املحمدي ٌ
لون .واهلل املوفق. ُّ واالعتكاف
ُ
| 064خمتصر زاد املعاد يف هدي خري العباد
قرهنا مع حجتِه.
الثالثة :عمرتُه التي َ
خرج إىل ُحنني. ِ الرابعة :عمرتُه من ِ
اجلعرانة ،ملا َ
فصل
خارجا من مك َة ،وإنام كانت ُع َمر ُه ك ُّلها ً مره عمر ٌة واحد ٌة ومل يكن يف ُع ِ
ِ
الداخ ِل إىل ورش َعها هي عمر ُة ُ داخال إىل مكة ،فالعمر ُة التي َف َع َلهاً
رسول اهلل ﷺ َ
احلل ليعت َِمر ،ومل يفعل هذا عىل ِ
عهده أحدٌ َ خر ُج إىل ِّ َ مك َة ،ال عمر ُة من كان هبا ف َي ُ
فحاضت َ ِ
بالعمرة سائر من معه؛ ألهنا كانت قد أه َّلت قط إال عائش ُة وحدها بني ِ
ِ فأ َم َرها ف َأ َ
العمرة وصارت قارن ًة ،وأخربها أن طوا َفها بالبيت احلج عىلدخ َلت َّ
فأمر أخاها ِ ِ وقع عن حجتِها ِ
وعمرهتا ،فوجدَ ت يف نفسهاَ ، َ وبني الصفا واملروة قد َ
عم َرها من التنعي ِم َتطيي ًبا لقلبِها. عبدَ الرمحن أن ي ِ
ُ
خمتصر زاد املعاد يف هدي خري العباد | 065
احلج خمالف ًة ِ
هلدي املرشكني ،فإهنم كانوا َيكرهون ِ
أشهر ِّ ُع َم ُره كلها كانت يف
دليل عىل أن ِ
الفجور ،وهذا ٌ ِ
أفجر أشهر احلج ويقولون :هي منِ ال ُعمر َة يف
وبني ُ
فضيل بينَه َ شك ،وأما الت ُ
أفضل منه يف رجب بال ٍّ ِ
أشهر احلج االعتامر يف
َ
احلج أن وض ُع ٍاالعتامر يف رمضان فم ِ
أمر أ َّم معقل ملا فاهتا ُّ
صح عنه أنه َ
نظر ،فقد َّ َ
ربها أن عمر ًة يف رمضان ُ
تعدل حج ًة).(1 َ
رمضان وأخ َ تعتمر يف
َ
ِ
عمرهتا التي أعمر عائش َة من التنعي ِم سوى النبي ﷺ وي ِ
كفي يف هذا أن
َ َّ َ
ٍ
واحد ،وال ُيقال :عائشة كانت قد رفضت العمر َة كانت أه َّلت هبا ،وذلك يف عا ٍم
التي كانت أه َّلت فهذه التي من التنعيم قضا ٌء عنها؛ ألن العمر َة ال يصح ُ
رفضها.
فصل
فتج َّهزوا للخروجِ حاجَ ،
الناس أنه ٌّ
َ أعلم
احلج َ رسول اهلل ﷺ عىل ِّ ُ وملا عز َم
ِ
رسول اهلل ﷺ احلج مع ِ َ
حول املدينة؛ فقدموا ُيريدون َّ وسمع بذلك َمن َ معه،
الظهر ِ
لس ٍّت بقني ِ هنارا بعد ِ
وخرج من املدينة ً
َ خالئق ال ُحي َصون،
ُ الطريق ووافاه يف
وخ َط َبهم قبل ذلك خطب ًة ع َّل َمهم فيها
الظهر هبا أرب ًعاَ ،
َ من ذي القعدة بعد أن صىل
اإلحرا َم وواجباتِه وسننَه.
خروجه
َ والظاهر أن
ُ خروجه يو َم اخلميس( .)1قلت:
ُ ابن حزم :وكان
وقال ُ
كان يو َم السبت.
ِ
الظهر والعرص ،فنزل ترج َل وا َّد َهن ،ولبس َ
إزاره ورداءه ،وخرج بني ثم َّ
املغرب والعشا َء
َ َّ
وصىل هبا العرص ركعتني ،ثم بات هبا
َ بذي احلليفة فصىل هبا
وطاف
َ صلوات ،وكان نساؤه ك ُّلهن معه،ٍ والصبح والظهر ،فصىل هبا مخس َ
ِ
غسل اجلام ِع ِ
إلحرامه غري غسال ثان ًيا َ
اغتسل ً عليهن تلك الليلة ،فلام أرا َد اإلحرا َم
ِ
األول.
وق َّلدَ قبل اإلحرا ِم بدنته نَع َلني ،وأش َع َرها يف جانبها األيمنَّ ،
فشق صفح َة
وسلت الد َم عنها.
َ ِ
سنامها،
ٍ
لبضعة وعرشين حدي ًثا رصحية صحيحة يف ذلك ،منها: وأحرم قارنًا
ِ
حجة ُ
رسول اهلل ﷺ يف متتع ما ُخ ِّرج يف «الصحيحني» عن ِ
عمر ،قالَ :
ابن َ
ُ ِ
احلليفة ،وبد َأ َ احلج ،و َأهدَ ى، ِ
رسول فساق معه اهلدي من ذي الودا ِع بالعمرة إىل ِّ
َ
احلديث. باحلج) .(1وذكر أهل ِ
بالعمرة ،ثم َّ فأه َّل
ِّ اهلل ﷺ َ
ِ
الليث ،عن ِ
حديث ُقتيب َة ،عن مسلم يف «صحيحه» من ومنها :ما روى
ٌ
وطاف هلام طوا ًفا واحدً ا ،ثم قال: ِ نافعٍ ،عن ِ
َ العمرة، عمر ،أنه َق َر َن َّ
احلج إىل ابن َ
ُ
رسول اهلل ﷺ).(1 هكذا َف َع َل
فصل
الرأس
ُ سل -عىل وزن كِفل وهو ما ُيغسل به و َلبدَ رسول اهلل ﷺ رأسه ِ
بالغ ِ َ َّ
ركب عىل
صاله ،ثم َ ينترشَّ -
وأهل يف ُم َّ َ من َخطمي أو نحوه يلبد به الشعر حتى ال
ِ
البيداء. أهل ملا استق َّلت به عىل
أيضا ،ثم َّ ناقتِه َّ
فأهل ً
والعمرة تارةً ،وباحلج تارةً؛ ألن العمر َة جزء منهِ ،
فمن َثم ِ هيل باحلج وكان ُّ
أفر َد. قيلَ :ق َ
رن .وقيل :متت ََّع .وقيلَ :
اللهم َل َّب َ
يك، يك ِ
الظهر ،ثم ل َّبى فقالَ « :ل َّب َ ِ
صالة واملحفوظ أنه إنام َّ
أهل بعدَ ُ
َّ
ورفع
َ ِشيك لك»)،(2 َ َ
وامللك ،ال يك ،إن احلمدَ والنعم َة لكِشيك لك َل َّب َ
َ َل َّب َ
يك ال
أصواهتم وأمرهم ِ
بأمر اهلل له أن َير َفعوا ِ
َ صوتَه هبذه التلبية حتى سم َعها أصحا ُبهَ ،
ِ
بالتلبية.
حممل وال هود ٍج وال ِع ٍ
امرية ،وزاملتُه حتتَه. ٍ ٍ
رحل ،ال يف وكان حجه عىل
َ َ
والع ِ
امرية ونحوها عىل واهلودج ِ
ِ ِ
املحمل ِ
ركوب املحر ِم يف ِ
جواز ف يفوقد اختُلِ َ
واز ،وهو مذهب الشافعي وأيب حنيفة. ِ
روايتان عن أمحدَ ،أحدمها :اجل ُ قولني ،مها
والثاين :املنع ،وهو مذهب مالك(.)3
فصل
ِ
خريهم عند اإلحرا ِم بني األنساك الثالثة ،ثم نَدَ َهبم عند ِّ
دنوهم ثم إنه ﷺ َّ َ
هدي ،ثم حت ََّم ذلك ِ
العمرة ملن مل يكن معه ِ
والقران إىل احلج من مك َة إىل ِ
ٌ فسخ ِّ
ِ
املروة. عليهم عند
ِ
الصديق ،ف َأ َم َرها بكر ِ
احلليفة حممدَ بن أيب ٍ ميس بذي وو َلدَ ت أسام ُء بنت ُع ٍ
َ
ُ
ثالث قصتِهاوحت ِر َم وهتل .وكان يف َّ ٍ
بثوب ُ رسول اهلل ﷺ أن تَغت َِسل وتست َِثفر
ُ
إلحرامها ،والثالثة :أنِ ُ
تغتسل سل املحر ِم ،والثانية :أن ِ
احلائ َض ٍ
سنن :إحداهاُ :غ ُ
ِ
احلائض. يصح من
اإلحرا َم ُّ
والناس معه َيزيدون فيها وينقصون، ُ ُ
رسول اهلل ﷺ وهو ُيل ِّبي، سار
ثم َ
وهو ُي ِق ُّرهم وال ُينكِ ُر عليهم.
فصل
برسف ،حاضت عائش ُة ،وقد كانت فمر بوادي ُعسفان ،فلام كان َ ِ
َّ
فدخ َل عليها النبي ﷺ وهي تبكي ،فقال« :ما يبكيك؟ لع َّل ِ
ك ٍ
بعمرة َ أه َّلت
َ ُ ُّ َ
ِ
بنات آد َم ،افعيل ما َي ُ
فعل يشء كتبه اهلل عىل ن َِفست!» قالت :نعم .قال« :هذا
ٌ
ِ
بالبيت حتى تطهري»).(1 احلاج ،غري أال تَطويف
ُّ
ِ
أصول املناسك: ٌ
أصول عظيمة من وحديث عائش َة هذا ُي ُ
ؤخذ منه ُ
ٍ
واحد. ٍ
بطواف واحد وسعي ِ
القارن أحدها :اكتفا ُء
َ
حديث صفية ِ
زوج النبي ِ
احلائض ،كام أن ِ
طواف القدو ِم عن ُ
سقوط الثاين:
ِ
طواف الودا ِع عنها. ِ
سقوط ﷺ ٌ
أصل يف
ِ
للطاه ِر جيوز
ُ جائز ،كام
ٌ ِ
للحائض ِ
العمرة احلج عىل َ
إدخال الثالث :أن
ِّ
وأوىل؛ ألهنا معذور ٌة حمتاج ٌة إىل ذلك.
فصل
وحيل من حتام من ال هدي معه أن َجي َع َلها عمر ًة َّ أمرا ً أمر ً فلام كان بمك َةَ ،
نسخ ذلك يش ٌء البتة ،بل سأ َل ُه ِ ِ
قيم عىل إحرامه ،ومل َي َ هدي أن ُي َ ٌ إحرامه ،ومن معه
سخ إليها :هل هي ِ ِ ٍ
لعامهم ذلك أمرهم بالف ِ رساق ُة بن مالك عن هذه العمرة التي َ
ِ
القيامة»).(2 لألبد ،وإن العمر َة قد َد َخلت يف احلج إىل يومِ ِ
لألبد؟ فقال« :بل أم
ِ
عرش من الصحابة احلج إىل العمرة أربع َة َ ِ
بفسخ ِّ األمر
َ وقد روى عنه ﷺ
صحاح.
ٌ وأحاديثهم ك ُّلها
فصل
ِ
الزاه ِر ،فبات هنض ﷺ إىل أن ن ََز َل بذي ُطوى ،وهي املعروفة اآلن ِ
بآبار ثم َ
اغتسل من ِ
يومه َ الصبح ،ثم ِ
األحد ألرب ٍع خلون من ذي احلجة ،وصىل هبا هبا ليل َة
َ
ِ
الثنية العليا التي تُرشف عىل هنارا من أعالها من
وهنض إىل مكة ،فدخلها ً َ
دخل ِمن أعالها وخرج احلج َ ِ ِ ِ
حلجون ،وكان يف العمرة يدخل من أسفلها ،ويف ِّ ا َ
ضحى. من أسفلِها ،ثم سار حتى َ
دخل املسجدَ وذلك ً
ِ
املسجد ِ
املسجد ،فإن حتية فلام َ
دخل املسجدَ عمدَ إىل البيت ،ومل يركع حتي َة
احلجر األسود استلمه ومل ُيزاحم عليه ،ومل يتقدَّ م عنهَ الطواف ،فلام حاذى
ُ احلرا ِم
األسبوع كذا
َ نويت بطوايف هذا
ُ ِ
الركن اليامين ،ومل يرفع يديه ،ومل يقل: إىل جهة
احلجر األسو َد بجمي ِع بدنِه ثم َ
انفتل عنه َ ِ
بالتكبري ،وال حاذى وكذا ،وال اف َتتَحه
البيت عن ِ
يساره، َ َ
وجعل أخذ عىل يمينِهواستلمه ثم َ
َ وجعله عىل ش ِّقه ،بل استقب َله
ِ
وأركاهنا ،وال ِ
الكعبة مليزاب ،وال عند ِ
ظهر ِ ٍ
بدعاء وال حتت ا يدع عند البابومل ُ
ِ ِ
بتعليمه ،بل حفظ عنه بني الركنني: َو َّقت للطواف ً
ذكرا معينا ،ال بفعله وال
( ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ)
[البقرة.(1)]201:
ِ
األركان إال اليامنيني فقط. يمس من ِ
ومل يستَلم ﷺ ومل َّ
فصل
ِ
خلف املقا ِم فقر َأ( :ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ فلام فر َغ من طوافِه ،جاء إىل
ِ
البيت ،قر َأ فيهام بعد الفاحتة ﯧ) [البقرةَّ ،]125 :
فصىل ركعتني واملقا ُم بينه وبني
ِ
اإلخالص(.)1 سوريت
َ
فاستلم ُه ،ثم َخ َر َج إىل الصفا من ِ
األسود ِ
احلجر فلام فر َغ من صالتِه َ
أقبل إىل
َ
الباب الذي يقابِ ُله ،فلام دنا منه قرأ (« :ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ) [البقرة: ِ
البيت ،فاستق َب َل القبل َة َّ
فوحدَ َ َ ]156أبدَ ُأ بام َبدَ َأ اهلل به») ،(2ثم رقي عليه حتى رأى
امللك وله احلمدُ ،وهو عىل يك له ،له ُ وكربه ،وقال« :ال إله إال اهلل وحد ُه ال َِش َ اهلل َّ
األحزاب وه َز َم ٍ
َ َِص عبدَ هَ ،
أنج َز َوعد ُه ،ون َ
قدير ،ال إله إال اهلل وحد ُهَ ،
كل يشء ٌ
ٍ
مرات).(3 َ
ثالث وحدَ ُه» ،ثم دعا بني ذلك ،وقال مثل هذا
ِ
باطن الوادي َسعى ،حتى إذا ِ
املروة َيمِش ،فلام انص َّبت قدماه يف ثم َ
نزل إىل
جاو َز الوادي وأص َعدَ مشى ،هذا الذي َص َّح عنه ،وذلك َق َبل امليلني األخْضين
َ
يف ِ
أول املسعى.
وظاهر هذا أنه كان ماش ًيا ،وقد روى مسلم يف «صحيحه» عن أيب الزبري،
ُ
جابر بن عبد اهلل يقول« :طاف النبي ﷺ يف حجة الوداع عىل راحلتِه
أنه سمع َ
فصل
فصل
وكرب اهلل
البيتَّ ،
َ املروةَ ،ر ِق َي عليها ،واستق َب َل
ِ وكان ﷺ إذا َو َ
صل إىل
كل من ال ِ
املروة ،أمر َّ َ
أكمل سعيه عند وفعل كام َ
فعل عىل الصفا ،فلام َ ووحده، َّ
احلل ك َّله ِمن
وأمرهم أن حيلوا َّ حتام والبدَّ ،قارنًا كان أو ِ
مفر ًداَ ، دي معه أن َّ
حيل ً َه َ
ِ
الرتوية ،ومل حيل هو من والطيب واملخيط ،وأن يبقوا كذلك إىل يومِ ِ
النساء ِ
وطء
قت اهلدي،
رت ملا ُس ُ
لت من أمري ما استَد َب ُ أجل ِ
هديه ،وهناك قال« :لو استَق َب ُ ِ
وجلعلتُها عمرة»).(3
فأحرمَ ضحى توجه بمن معه من املسلمني إىل ِمنًى، اخلميس ًِ فلام كان يوم
دخلوا إىل املسجد فأحرموا منه ،بل أحل منهم ِمن رحاهلم ،ومل َي ُ باحلج َمن كان َّ ِّ
الظهر
َ ِ
ظهورهم ،فلام َو َص َل إىل منًى ن ََز َل هبا ،وصىل هبا خلف
َ أحرموا ومكة
سار منها إىل عرف َة، ِ ِ والعرص وبات هبا ،وكان ليل َة
الشمس َ
ُ طلعت اجلمعة ،فلام َ
الناس اليوم ،وكان من الصحابة املل ِّبي، ِ ِ
طريق ضب عىل يمني طريق ٍّ ِ وأخذ عىل
يسمع ذلك وال ُينكِر عىل هؤالء وال عىل هؤالء ،فوجدَ القب َة ُ املكرب ،وهو
ومنهم ِّ
ِ
القصواء أمر بناقتِه بأمره بن َِمرة ،فنزل هبا حتى إذا زالت ِض َبت له ِ قد ُ ِ
الشمس َ
ُ
ُفر ِح َلت.
فصل
ِ
الطريق ن َ
َزل مسريه ذلك ،ال يق َطع التلبي َة ،فلام كان يف ِ
أثناء ِ وكان ُيلبي يف
َ
وتوضأ وضو ًءا خفي ًفا ،فقال له أسام ُة :الصال َة يا
َّ صلوات اهلل وسالمه عليه َ
فبال
أمامك»).(1
صىل َرسول اهلل؟ فقال« :املُ َّ
َ
ِ ِ ِ
َ
فأذن باألذان، سار حتى أتى املزدلف َة فتوض َأ وضو َء الصالة ،ثم َ
أمر ثم َ
ِ
اجلامل ،فلام ح ُّطوا رحاهلم ِ
الرحال وتربيك حطاملغرب قبل ِّ
َ املؤ ِّذن ،ثم أقا َم فصىل
ٍ ٍ ِ
يصل بينهامِّ أذان ،ومل بإقامة بال اآلخرة قيمت الصالةُ ،ثم صىل عشا َء أمر ف ُأ َ
َ
شي ًئا).(2
فصل
ٍ
وإقامة يو َم النحر ،وهو يو ُم ٍ
بأذان ِ
الوقت طلع الفجر صالها يف ِ
أول ُ فلام َ
ٍ
مرشك. برباءة اهلل ورسوله ِمن ِّ
كل ِ ِ
األذان احلج األكرب ،وهو يو ُم ِ
العيد ،وهو يو ُم ِّ
ثم ركب حتى أتى ِ
موق َفه عند املش َع ِر احلرام ،فاستق َب َل القبلة ،وأخذ يف
الذكر حتى أس َف َر جدًّ ا ،وذلك َ
قبل طلو ِع ِ
والتهليل و ِّ ِ
والتكبري ِ
الدعاء والتْضع
ِ
الشمس.
فصل
ٌ
وبالل وأسام ُة معه ورمى
رشع يف الرميَ ، ِ
مسريه ذلك ُيلبي حتى َ وكان يف
ِ
جواز احلر ،ويف هذاٌ :
دليل عىل ٍ
بثوب من ِّ واآلخر يظله
ُ أحدُ مها ٌ
آخذ بخطا ِم ناقته،
ِ
باملحمل ونحوه إن كانت قص ُة هذا اإلظالل يو َم النحر ،وإن ِ
استظالل املحرم
بيان يف أي ٍ
زمن كانت. ِ
احلديث ُ كانت بعده يف أيام منًى فال حج َة فيها ،وليس يف
فاهلل أعلم.
فصل
ِ
النحر ِ
بحرمة يوم فخطب الناس خطب ًة بليغ ًة أعلمهم فيها جع إىل منًى،
َ ثم َر َ
ِ ِ ِ ِ ِ
والطاعة ملن وحتريمه وفضله عند اهلل ،وحرمة مك َة عىل مجي ِع البالدَ ،
وأمر بالسم ِع
ِ ِ ِ ِ
الناس بأخذ َمناسكهم عنه ،وقالَ « :ل َعيل ال ُّ
أحج بعد َ وأمر
بكتاب اهللَ ، قا َدهم
عامي هذا»).(1
والناس َ
حوهلم، ِ
يسارها، واألنصار عن يمني ا ِ
لقبلة، وأنزل املهاجرين عن ِ
َ
َ َ
وفتح اهلل له أسامع الناس حتى ِ
سم َعها أهل منًى يف ِ
منازهلم. َ َ
فصل
منحر ،وأن
ٌ وأعلمهم أن ِمنًى ك َّلها
َ ِ
بمنحره بمنًى، ُ
رسول اهلل ﷺ ونح َر
َ
فجاج مك َة طريق ومنحر).(2
َ
ِ
سبق وسئ َل ﷺ أن ُيبنَى له بمنًى مظ َّل ٌة من ِّ
احلر فقال« :ال ،منًى مناخُ من َ
ٍ
مكان منها سبق إىل ِ
اشرتاك املسلمني فيها ،وأن من َ إليه») ،(3ويف هذا ٌ
دليل عىل
أحق به حتى ِ
يرحت َل عنه وال َيملِكه بذلك. فهو ُّ
ِ
للحالق: احلالق َف َح َل َق َر ْأ َس ُه ،فقال
َ ُ
رسول اهلل ﷺ ن َْح َر ُه استدعى فلام َ
أكمل
أشار إىل
شعر ُه بني من يليه ،ثم َ قسم َ ِ
األيمن ،فلام فر َغ منهَ ، وأشار إىل جانبه
َ « ُخ ْذ»،
األيرس ،ثم قال« :ها هنا أبو طلحة؟» فدفعه إليه).(1 ِ
احلالق ،فحلق جانبه
َ
وللمقرصين مرةً. ِ
باملغفرة ثال ًثا، ودعا للمحلقني
ِّ
ِ
اإلفاضة ،ومل َي ُطف طواف
َ ِ
الظهر راك ًبا ،فطاف أفاض ﷺ إىل مكة َ
قبل ثم َ
الصواب.
ُ غريه ،ومل َي ْسع معه ،هذا هو
َ
ِ
طواف القدو ِم. رمل يف ِ
طواف الوداعِ ،وإنام َ ِ
الطواف وال يف ومل ير ُمل ﷺ يف هذا
ثم َأتى زمز َم بعد أن قَض طوا َفه وهم َيستَقون فقال« :لوال أن َيغلِ َبكم
قائم).(2 فسقيت معكم» ،ثم ناولوه الدَّ َلو ِ
فرش َب وهو ٌ ُ لنزلت
ُ الناس
ُ
وهل كان يف طوافِه هذا راك ًبا أو ماش ًيا؟ َفروى مسلم يف «صحيحه» ،عن
حجة الوداع عىل راحلتِه ،يستلِ ُمِ ِ
بالبيت يف رسول اهلل ﷺُ طاف جابر قالَ « : ٍ
الناس غشوه»).(3 ِ
وليرشف وليسألوه ،فإن َ َ الناس
احلجر بمحجنه؛ ألن يراه ُ َ
يومئذ؟ ففي «الصحيحني» :عن ٍ الظهر ُلف أين صىلرجع إىل منًى ،واخت َ ثم
َ َ
الظهر بمنًى) ،(4ويف «صحيح َ رجع فصىل
َ ِ
النحر ،ثم أفاض يو َم
عمر ،أنه ﷺ َ ابن َ ِ
أحد هذين ترجيح ِ
ِ الظهر بمك َة) ،(5واختُلِ َ
ف يف جابر أنه ﷺ صىلٍ مسلم» :عن
َ
ِ
القولني عىل اآلخر.
فصل
فصل
َ
زوال فبات هبا ،فلام أص َب َح انت َظ َرَ يومه ذلك،ثم رجع ﷺ إىل منًى من ِ
َ
ِ
باجلمرة ِ
اجلامر ومل َيركَب ،فبد َأ الشمس مشى من رحلِه إىل ِ
الشمس ،فلام زالت
ُ
ٍ
واحدة ،يقول ٍ
واحدة بعد ٍ
حصيات، ِ
اخليف ،فرماها بسب ِع األوىل التي تيل مسجدَ
َ
مستقبل أسهل ،فقامَ رة أما َمها حتى حصاة« :اهلل أكَب» ،ثم تقدَّ م عن اجلم ِ
ٍ مع كل
َ ُ
ِ
البقرة. ِ
سورة ً
طويال بقدر ِ
القبلة ،ثم رفع يديه ودعا دعا ًء
ِ
اليسار مما ييل اجلمرة الوسطى ،فرماها كذلك ،ثم انحدَ َر ذات ِ ثم أتى إىل
ِ
األول. القبلة راف ًعا يديه يدعو قري ًبا من وقوفِه
ِ َ
مستقبل فوقف
َ الوادي،
وقت الرمي.
البيت َ
َ يرمها من أعالها ،وال َج َع َلها عن يمينِه واستق َب َل
ومل ِ
| 084خمتصر زاد املعاد يف هدي خري العباد
ِ
املكان ِ
لضيق فوره ،ومل ِيقف عندها ،فقيل:
رجع من ِ َ الرمي
َ َ
أكمل فلام
ِ
العبادة قبل الفرا ِغ منها ِ
نفس أصح :-إن دعاءه كان يف باجلبل ،وقيل -وهو ِ
ُّ
ِ
الصالة كان َيدعو يف أفضل منه بعد الفرا ِغ منها ،وهذا كام كانت سنتُه يف ِ
دعائه يف ُ
ُصلبِها.
فصل
يغلب ِ
صالة الظهر أو بعدَ ها؟ والذي ومل َيزل يف نفيس :هل كان َيرمي َ
قبل
ُ
جابرا وغريه قالوا: ِّ ِ
الصالةُ ،ثم عىل الظن أنه كان ي ِ
رمي َ
فيصيل؛ ألن ً يرجع
ُ قبل َ ِّ
وقتَ وأيضا فإن
ً زوال الشمس ِ
برميه، َ الشمس ،فعقبوا رمي إذا زالت كان ي ِ
ُ َ
ِ
النحر ،والنبي ﷺ يو َم النحر ملا ِ
الزوال للرمي أيا َم منًى كطلو ِع الشمس لرمي يوم
ِ
عبادات ذلك اليوم. وقت الرمي مل يقدِّ م عليه شي ًئا من
دخل َ
فصل
ُ
األول :عىل الصفا، ُ
املوقف ٍ
وقفات للدعاء: ست
فقد تضمن َْت حجتُه ﷺ َّ
ِ
اجلمرة واخلامس :عند والرابع :بمزدلف َة، والثالث :بعرف َة،
ُ ِ
املروة، والثاين :عىل
ُ ُ
ِ
اجلمرة الثانية. والسادس :عندَ األوىل،
ُ
فصل
ِ
النحر وقد الناس بمنًى خطبتني :خطب َة يو ِم
َ ُ
رسول اهلل ﷺ وخطب
َ
ِ
النحر وهو ِ
الترشيق ،فقيل :هو ثاين يو ِم ِ
أوسط أيام تقدمت ،واخلطب َة الثانية يف
أوس ُطها أيُ :
خيارها.
خمتصر زاد املعاد يف هدي خري العباد | 085
فصل
أجل سقايتِه
ليايل منًى من ِ
بيت بمك َة َ
بن عبد املطلب أنه َي ُ العباس ُ
ُ واستأ َذنه
ص هلم. ِ
اإلبلَ ، ِ ف َأ ِذن له واستأ َذنَه ِرعا ُء اإل ِ
فأرخ َ خارج منًى عند
َ البيتوتة بل يف
فصل
ِ ِ
الثالثة، الترشيق أكم َل َ
رمي أيا ِم يتعجل ﷺ يف يومني ،بل َّ
تأخر حتى َ َّ ومل
خيف بني كنان َة،
ُ األبطح ،وهو ِ
املحصب ،وهو ِ
الظهر إىل ِ
الثالثاء بعد وأفاض يوم
ُ َ
واملغرب والعشا َء،
َ والعرص
َ الظهر
َ ِضب قبتَه هناك ،فصىل
َ فوجدَ أبا راف ٍع قد
سحرا ،ومل ير ُمل يف هذا
ً هنض إىل مك َة ،فطاف للودا ِع ً
ليال ورقدَ رقدةً ،ثم َ
ِ
الطواف.
جوف الليل فقال رسول اهلل ﷺ:ِ ب مع أخيها ،فأ َت َيا يف ثم وا َفت
املحص َ
َّ
الناس ،ثم طاف
ُ َ
فارحتل بالرحيل يف أصحابِه،
ِ « َف َرغتُام؟» قالت :نعم ،فنادى
ِ
صالة الصبح).(1 ِ
بالبيت قبل
منزل ٍ
اتفاق؟ عىل قولني. ِ
التحصيب هل هو سن ٌة ،أو ُ السلف يف
ُ اختلف
َ وقد
فصل
َ
مسائل: ُ
ثالث وها هنا
ِ
القصة البخاري قد روى يف «صحيحه» يف هذه ِ
وغريه ،فنظرنا يف ذلك فإذا الودا ِع
ُّ
اخلروج ،فقال تأنه ﷺ ملا أراد اخلروج ،ومل تكن أم سلم َة طافت بالبيت ،وأراد ِ
َ َ َ َ
والناس ُيص ُّلون»
ُ رسول اهلل ﷺ« :إذا أقيمت صال ُة الصبحِ ،فطويف عىل ِ
بعريك ُ هلا
ِ
النحر ،فهو ف َف َع َلته ،ومل ت َُص ِّل حتى خرجت) .(1وهذا ٌ
حمال قط ًعا أن يكون يو َم
يومئذ عند البيت ،وسمعت ُه أم ٍ الصبح طواف الودا ِع بال ٍ
ريب ،فظه َر أنه صىل ُ
َ
ِ
بالطور. سلم َة يقرأ فيها
فصل
ِ
وحاء لقي رك ًبا ،فس َّلم عليهم بالر ِ َ
ارحتل ﷺ راج ًعا إىل املدينة ،فلام كان َّ ثم
ُ
رسول اهلل ﷺ» فمن القو ُم؟ فقال« :
وقالَ « :من القو ُم؟» فقالوا :املسلمون ،قالواَ :
حج؟ قال« :نعم، َ
رسول اهلل ،أهلذا ٌّ َف َر َفعت امرأ ٌة صب ًّيا هلا من حمفة ،فقالت :يا
أجر»).(2 ِ
ولك ٌ
ٍ
مرات وقال« :ال إله َ
ثالث حل َليف َة بات هبا ،فلام رأى املدين َةَ َّ ،
كرب فلام أتى ذا ا ُ
قدير ،آيبو َن ٍ ُ َ
امللك وله احلمدُ وهو عىل كل يشء ٌ ِشيك له ،له إال اهلل وحدَ ه ال
ونِص عبده وهز َمَ َ
صدق اهلل وعدَ ُه ساجدون لربنا حامدون، ِ تائِبون عابِدون
األحزاب وحدَ ُه»).(3
َ
ِ ِ ِ ِ
الشجرة ،واهلل أعلم. طريق وخرج من
َ املعرس، طريق ثم َد َخلها ً
هنارا من َّ
البقر، ِ
نسائه اإلبل ،وأهدى عن َ الغنم ،وأهدى ُ
رسول اهلل ﷺ فأهدى
َ َ
ِ
إشعارها. مقامه ويف عمرتِه ويف حجتِه ،وكانت سنتُه تقليدَ الغنم دون
وأهدى يف ِ
ً
حالال. قيم مل حيرم عليه يشء كان منه بعث ِ
هبديه وهو ُم ٌ وكان إذا َ
ٍ
سبعة ،والبقر ُة كذلك. ِ
اهلدي :البدن ُة عن ورش َك بني أصحابِه يف
َّ
غريه. ِ ِ
ظهرا َ
احتاج إليه حتى جيدَ ً
َ باملعروف إذا لسائق اهلدي ركو َبه وأباح
َ
ٍ
ثالث ،وكان ِ
اإلبل قيا ًما مقيد ًة معقول َة ال ُيرسى عىل نحر
وكان هديه ﷺ َ
نحره ويكرب ،وكان يذبح نسكَه بيده ،وربام وكَّل يف ِ
بعضه ،كام أمر سمي اهلل عند ِ
ُ ِّ ُي ِّ
عليا أن يذبح ما ب ِقي من ِ
املئة. َ َ ًّ
وذبح ،وقد وكرب ِ
َ سمى َّ وضع قدمه عىل صفاحها ،ثم َّ َ الغنم
َ ذبح
وكان إذا َ
منحر»).(1
ٌ فجاج مك َة ك َّلها
َ نحر بمنًى وقال« :إن
تقدَّ م أنه َ
وضحاياهم ويتزودوا منها.
ُ هداياهم
ُ وأباح ﷺ ألُ َّمتِه أن يأكلوا من
َ
شاء اق َت َط َع») ،(2فعل هذا
قسم ُحلو َم اهلدي ،وربام قال« :من ََ وكان ربام
العرس ونحوه. ِ ِ
النثار يف ِ
جواز النهبة يف وفعل هذا ،واست َّ
ُدل هبذا عىل
ِ
األمصار، الرابع :قول سعيد بن جبري وجابر بن زيد( :)1إنه يو ٌم واحدٌ يف
ِ
واحللق، ِ
والطواف أعامل املناسك من الرميِ وثالث ُة أيا ٍم يف منًى؛ ألهنا هناك أيا ُم
أهل األمصار. ِ
بخالف ِ ِ
للذبح، فكانت أيا ًما
يأخ ْذ من ِ
شعره العرش ،فال ُ َ
ودخل ومن ِ
هديه ﷺ أن َمن أرا َد التضحي َة
ُ
النهي عن ذلك يف «صحيح مسلم» ).(2
ُ وبرشتِه شي ًئاَ ،
ثبت عنه
ِ
العيوب، واستحساهنا وسال َمتُها من
ُ اختيار األضحية
ُ وكان من ِ
هديه ﷺ
ِ
والقرن ،أي :مقطوعة األذن ومكسورة القرن، ِ
األذن ِ
بعضباء ضحى
وهنَى أن ُي َ
َ
النصف [فام] زاد ،ذكره أبو داود).(3
ضحى وأال ُي َواألذن ،أيُ :ينظر إىل سالمتهاَّ ، ُ العني
ُ َرشفو َأ َم َر أن تُست َ
مدابرة ،وال رشقا َء ،وال خرقا َء .واملقابل ُة :هي التي ُق ِط َع
ٍ ٍ
مقابلة ،وال بعورا َء ،وال
أذهنا،مؤخر أذهنا ،والرشقا ُء :التي ُش َّقت ُ ُ مقد ُم أذهنا ،واملدابرةُ :التي ُق ِط َع
واخلرقا ُء :التي ُخرقت ُ
أذهنا .ذكره أبو داود).(4
البني عورها،
العوراء ُ
ُ أربع ال ُُتزئُ يف األضاحي: و ُذكِ َر عنه ً
أيضا قالٌ « :
البني عرجها ،والكسري التي ال تنقي ،أو
ُ والعرجاء
ُ البني مرضها،
ُ واملريض ُة
ِ
هزاهلا ال َّ
مخ فيها).(1 العجفاء التي ال تنقي» ،أيِ :من
ُ
الناس إذا ذبحوا أن ُحي ِسنوا ،وإذا َقتَلوا أن ُحي ِسنوا القتل َة وقال« :إن اهلل
َ وأمر
َ
اإلحسان عىل كل يشء»).(3
َ َب
َكت َ
الرجل وعن ِ
أهل بيته ولو ك ُث َر ِ وكان من ِ
هديه ﷺ أن الشا َة ُِت ُ
زئ عن
عد ُدهم.
-13فصل يف هديِه ﷺ يف العقمق ِ
رسول اهلل ﷺ عن ُ شعيب ،عن أبيه ،عن جدِّ ه ،قالُ :س ِئ َل
ٍ عن ِ
عمرو بن
العقوق» ،وكأنَّه ك َِره االسم ،قالوا :يا ِ
نسك َ
رسول اهللَ ،ي ُ َ العقيقة فقال« :ال ُأ ُّ
حب
ُذبح يو َم
قد تقدم قوله يف حديث قتادة عن احلسن عن سمرة يف العقيقة« :ت ُ
سمى»).(4 ِ
سابعه و ُي َّ
اخلتان فقال ابن عباس :كانوا ال خيتنون الغال َم حتى يدرك .قال ُ فأ َّما
الصبي يو َم سابعه ،وقال
َّ وسمعت أمحدَ يقول :كان احلس ُن يكر َه أن خيت َن
ُ امليموين:
احلسن؛ لئال
ُ َرهه
ختن يو َم السابع فال بأس ،وإنام ك َ
حنبل :إن أبا عبد اهلل قال :وإن َ
يتشبه باليهود ،وليس يف هذا يش ٌء.
َجيحا وال
رباحا وال ن ً
ً سارا وال
غالمك َي ًَ وثبت عنه أنه قال« :ال تُسم َني َ
يكون ،فت ُ
َقول :ال»).(3 ُ أفلح؛ فإنه ُ
يقول :أ َث َّم هو؟ فال َ
غري اسم عاصي َة ،وقال :أنت َمجيل ُة).(4
وثبت عنه أنه َّ
َ
رسول اهلل ﷺ باس ِم ُجويرية) ،(5وقالت ُ اسم جويري َة َب َّرةُ ،فغريه
وكان ُ
سمى هبذا االس ِم ،وقال« :ال ُت َزكُّوا
بنت أم سلم َة :هنى رسول اهلل ﷺ أن ُي َّ ينب ُ
َز ُ
بأهل الَب منكم»).(6 أنفسكم ،اهلل أع َل ُم ِ
َ
ُ
السهل وج َع َله ً
سهال ،فأ َبى وقال: ِ
وغري اسم َح َزن جدِّ سعيد بن املسيبَ ،
َّ
يو َط ُأ و ُيمت ََهن).(7
وأمر إذا أبردوا إليه بريدً ا أن يكون االسم احلسنَ ، َ ستحب
ُّ النبي ﷺ َي
وكان ُّ
ِ
واليقظة ،كام ِ
أسامئها يف املنا ِم ُ
يأخذ املعاين من حسن االس ِم حس َن الوجه ،وكان َ
فأوله ابن ٍ
طابَّ ، رطب ِ ِ ٍ
برطب من رأى أنه وأصحا َبه يف ِ
دار عقب َة بن رافعٍ ،ف ُأتوا
اآلخرة ،وأن الدين الذي اختار ُه اهلل هلم قدِ هلم الرفع َة يف الدنيا ،والعاقب َة يف
بأن ُ
وطاب).(1
َ أر َط َ
ب
ِ
بعض مر يف ِ وكان َيكر ُه األمكن َة املنكر َة
العبور فيها ،كام َّ
َ األسامء ويكر ُه
َ
فعدل عنهام ،ومل جيز فاضح ٍ
وخمز، اسميهام ،فقالوا: ِ
ٌ غزواته بني جبلني ،فسأل عن َ
بينَهام.
ِ
والقرابة ما بني ِ
والتناسب ِ
االرتباط ِ
واملسميات من ِ
ألسامء وملا كان بني ا
ٍ ُ ِ ِ قوال ِ ِ
واحد العقل من كل األرواح واألجسا ِم؛ َع َ َ
رب ِ وحقائقها ،وما بني األشياء ب
الشخص فيقول :ينبغي أن
َ وغريه يرى إياس ب ُن معاوي َة
اآلخر ،كام كان ُِ منهام إىل
ُ
العبور من االس ِم إىل َّ
مسامه، ُ خيطئ ،وضدُّ هذا
ُ اسمه كيت وكيت ،فال يكا ُد َ
يكون ُ
غريه ِ
ُعرف بغري هذا االسم َّ َ
يثرب ال ت َ
ُ واسمها
ُ النبي ﷺ املدينة
ُّ وملا قد َم
ب َطيبة.
ِ
أسامئهم بدر كيف اقتََض ال َقدَ ُر مطابق َة ِ
الستة املتبارزين يو َم ٍ وتأ َّمل أسام َء
ِ
الضعف، ٍ
أسامء من الكفار :شيب ُة وعتب ُة والوليدُ ،ثالث ُة ٍ
يومئذ ،فكان ِ
ألحواهلم
ُ
الضعف ،وشيب ُة له هنايتُه ،كام قال تعاىل( :ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ِ فالوليدُ له بداي ُة
ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ) [الروم،]54 :
ٍ
وضعف َي ُ
ناهلم. تب ،فد َّلت أسامؤهم عىل ٍ
عتب ُّ
حيل هبم، وعتب ُة من ال َع ِ
ٍ
أسامء واحلارث ،ثالث ُة
ُ عيل ،وعبيدةُ،
أقراهنم من املسلمني ٌّ
ُ وكان
احلرث ،ف َع َلوا عليهم
ُ تناسب أوصا َفهم وهي ال ُعلو والعبودي ُة والسعي الذي هو
ُ
ِ
حرث اآلخرة. ِ
وسعيهم يف ِ
بعبود َّيتهم
خمتصر زاد املعاد يف هدي خري العباد | 097
ِ
األسامء إىل اهلل ما اقتَض االسم مقتض ًيا ملسامه ومؤ ِّث ًرا فيه كان َّ
أحب ُ وملا كان
ِ
العبودية إىل اس ِم اهلل وعبد الرمحن ،وكان إضاف ُة ِ ِ
كعبد اهلل، ِ
األوصاف إليه أحب
َّ
غريمها من األسامء ،كالقاهر والقادر، ِ أحب إليه من إضافتِها إىل واس ِم الرمحن
َّ
عبد ربه؛ وهذا ألن عبد القادر ،وعبدُ اهلل أحب إليه من ِ فعبد الرمحن أحب إليه من ِ
ُّ ُّ
بني اهلل
والتعلق الذي َ
ُ وبني اهلل إنام هو العبودي ُة املحض ُة، ِ
العبد َ بني
التعلق الذي َ
َ
وجوده ،والغاي ُة التي ِ ُ
وكامل بالرمحة املحضة ،فربمحتِه كان وجو ُده ِ وبني العبد َ
وتعظيام ،فيكون عبدً ا
ً ً
وإجالال أوجدَ ه ألجلِها أن يتأهلَه وحده حمب ًة وخو ًفا ،ورجا ًء
تكون ِ
لغريه ،وملا َ ُ
يستحيل أن هلل ،وقد عبده [ملا] يف اسم اهلل من معنى اإلهلية التي
أحب
َّ أحب إليه من الغضب كان عبدُ الرمحن
َّ غل َب ْت رمحتُه غض َبه وكانت الرمح ُة
إليه من ِ
عبد القاهر.
فصل
َّب عىل إرادتِه ِ
واهلم مبد ُأ اإلرادة ،ويرتت ُ
ُّ
ِ
باإلرادة، عبد متحركًا كل ٍ وملا كان ُّ
حارث؛ وملا كان ا ُمللك ُّ
احلق هلل ٍ واسم اسم مها ٍم ِ َ حر ُثه وكس ُبه ،كان
ُ أصدق األسامء ُ
اسم «شاهان شاه» أيَ :م ِلك وأوضعه عند اهلل وأغض َبه له ُ َ وحدَ ُه كان أخن ََع اسم
ِ
القضاة» أهل العلم هبذا «قاِض بعض ِ حل َق ُ ُ
وسلطان السالطني ،وقد أ َ امللوك
خري الفاصلني ،الذي إذا قَض القضاة إال من ِ
ِ
احلق وهو ُ يقِض َّ َ وقال :ليس قايض
ُ
فيكون. أمرا فإنام يقول له ُك ْنً
الناس ،وسيد ِّ
الكل، ِ ِ
والكذب :سيدُ ِ
والقبح ِ
الكراهة االسم يف و َييل هذا
َ
ِ
القيامة وال لرسول اهلل ﷺ خاص ًة كام قال« :أنا سيدُ ِ
ولد آد َم [يو َم ِ وليس ذلك إال
فخر]»).(1
َ
فصل
أقبح ِ رة أكره ٍاحلرب واملُ ِ
ِ
وأقبحها عندَ ها ،كان ُ
َ للنفوس يشء َ سمى
وملا كان ُم َّ
ِ
مسمياهتا ،كام ِ
بتأثريها يف أجدر هذه األسام َء ِ
األسامء حر ًبا ومرةَ ،وما أش َب َههام ،وما
َ
وأهل بيتِه.
ِ ِ
سعيد بن املسيب اسم «حزن» احلزون َة يفأثر ُ
فصل
آخر ٍ ٍ ٍ ِ
تسمية الغال ِم
ورباح ،فهذا ملعنًى َ ونجيح وأفلح
َ بيسار النهي عن
ُ وأما
أثم هو؟ فيقال :ال») ،(1فإن هذه ِ
احلديث ،وهو قوله« :فإنه ُ
يقولَّ : قد أش َار إليه يف
ِ
بصدده ،كام النفوس ،ويصدها عام هي تكرهه تطريا األسامء ملا كانت قد ِ
ُ ُ ب ً توج ُ َ
تطريت أنت وهو من
َ أفلح؟ قال :ال،
رباح أو ُ
يسار أو ٌ قلت لرجل :أعندَ ك ٌ إذا َ
[تقع] ال ِّط َري ُة ال سيام عىل املتطريين؛ فاقت ََضت حكم ُة الشار ِع أن
ُ ذلك ،وقد
نضاف إىل
ُ سامع املكروه أو وقو َعه ،هذا إىل ما َي
َ ب هلم أسباب ِ
توج ُ ٍ َعهم من
َيمن ُ
ِ
أعرس الناس. تعليق ضد االس ِم عليه بأن ُيسمى ً
يسارا من هو من ِ ذلك من
اسمه فال يوجدُ عندهأيضا :وهو أن يطا َلب املسمى بمقتََض ِ آخر ً وأمر ُ
ٌ
ف ُيج َع ُل ذلك سب ًبا لذ ِّمه وس ِّبه.
ِ
تزكية فيقع يف وأمر آخر :وهو ظن املسمى واعتقاده يف ِ
نفسه أنه كذلك
ُ ُ َّ ٌ ُ
النبي ﷺ ألجلِه أن ِ ِ ِ
وتر ُّفعها عىل غريه ،وهذا هو املعنى الذي هنى ُّنفسه وتعظيمها َ
أعلم ِ
بأهل الَب منكم»).(2 أنفسكم؛ اهلل ُ
ُسمى ( َب َّرة) ،وقال« :ال تزكُّوا َ ت َّ
فصل
نوع تكري ٍم ُ
للم َكنَّى وتنوي ٌه به ،وكنَّى النبي عل ًّيا وأما الكني ُة فهي ُ
صغريا دون البلوغ -بأيب عمري.
ً بأيب تراب ،وكنَّى أخا ِ
أنس بن مالك -وكان
وكان هد ُيه ﷺ تكني ُة َمن له ولدٌ ،و َمن ال ولدَ له ،ومل يث ُبت عنه أنه هنى عن
فصح عنه أنه قال« :ت ََس َّموا باسمي ،وال َت َكنَّوا ِ
القاسم، ٍ
كنية إال الكني َة بأيب
َّ
ٍ
أقوال: ِ
أربعة الناس يف ذلك عىلفاختلف ُ
َ بكن َيتي»)،(1
اسمه أو قرهنا جيوز التكنِّي بكنيتِه مطل ًقا ،سواء أفردها عن ِأحدها :أنه ال ُ
ٌ َ ُ
ِ
احلديث الصحيح وإطال ُقه. وعمدهتم عمو ُم هذا
ُ به ،وسوا ٌء حمياه وبعدَ مماته،
اسمه وكنيتِه ،فإذا ِ
أفر َد أحدُ مها عن اآلخر، الثاين :أن النهي عن اجلم ِع بني ِ
َ
جيمع بينهام ،ثم ذكر حديث أيب الزبري
َ بأس ،قال أبو داود :باب :من رأى أال
فال َ
يتكن بكنيتِي ،ومن اكتنى
َّ تسمى باسمي فال
عن جابر أن النبي ﷺ قال« :من َّ
غريب) ،(3وقد ٌ
حديث حس ٌن ِ
باسمي») ،(2ورواه الرتمذي وقال: يتسم بكنيتِي فال
ٌ َّ
بن عجالن [عن أبيه] عن أيب هريرةَ ،وقال: حديث ِ
حممد ِ ِ أيضا من
رواه الرتمذي ً
صحيح).(4
ٌ حسن
ٌ
أصحاب واحتج ٍ
مالك(،)5 ُ
املنقول عن جواز اجلم ِع بينهام ،وهو
ُ الثالث:
ُ َّ
القول بام رواه أبو داود والرتمذي عن عيل قال :قلت :يا رسول اهلل ،إن ُولِدَ
ِ هذا
واملنع يف
ُ ممنوع منه،
ٌ جائز ،والتكني بكنيتِه
ٌ ِ
باسمه التسمي
ِّ والصواب :أن
ُ
نظر،
وحديث عيل يف صحته ٌ ُ ممنوع منه،
ٌ واجلمع بينهام
ُ حياتِه أشدُّ ،
يدل ٍ
تساهل يف التصحيح ،وقد قال عيل :إهنا رخص ٌة له ،وهذا ُّ نوع
والرتمذي فيه ُ
عىل ِ
بقاء املنع ملن سواه ،واهلل أعلم.
فصل
فصل
العشاء وإهنم
ُ األعراب عىل اس ِم صالتِكم ،أال وإهنا
ُ قال ﷺ« :ال تَغلِ َبنَّكم
ِ
العتمة والصبحِ ، وصح عنه أنه قال« :لو َيعلمون ما يف ُيسموهنا ال َعتَم َة»)،(1
َّ
خالف
ُ والصواب
ُ ِ
بالعكس، ٌ
ناسخ للمنع ،وقيل حبوا») .(2فقيل :هذا َومها ولو ً ألَت ُ
تعارض بني احلديثني؛ فإنه مل ين َه عن
َ متعذر ،وال
ٌ العلم بالتاريخَ القولني ،فإن
االسم ِ
العشاء -وهو ِ
بالكلية ،وإنام هنى عن أن ُهي َجر اسم ِ
العتمة ِ
إطالق اسم
ُ
ِ
العتمة ،فإذا ُسميت العشا َء و ُأ َ
طلق ويغلب عليه اسم الذي سامها اهلل به يف كتابِه -
َ
ِ
بالعتمة فال بأس ،واهلل أعلم. عليها أحيانًا
ِ
هلل هبا العبادات ،فال هتجر وهذا حمافظ ٌة منه ﷺ عىل األسامء التي َّ
سمى ا ُ
ِ ِ غريها ،كام فع َله املتأخرون يف
وإيثار هجران ألفاظ النصوص، ويؤ ِّثر عليها ُ
عليم. ِ ِ املصطلحات احلادثة عليها ،ونشأ بسبب هذا ِمن
ِ
اجلهل والفساد ما اهلل به ٌ
-16فصل يف هديِه ﷺ يف حف ِ
ظ املنطِ ِق واختمارِ األلفاظِ
ِ
األلفاظ وأمج َلها وألط َفها، يتخري يف خطابِه وخيتار ألمته أحس َن كان
َّ ُ
فاحشا وال ُم ً
تفحشا ً ِ
والفحش ،فلم يكن ِ
والغلظة ِ
اجلفاء وأبعدَ ها من ألفاظ أهل
وال صخا ًبا وال ف ًّظا.
( )1أخرجه البخاري ( )563من حديث عبد اهلل بن مغفل املزين ،ومسلم ( )644من حديث ابن عمر.
( )2أخرجه البخاري ( ،)615ومسلم (.)437
| 212خمتصر زاد املعاد يف هدي خري العباد
ٍ
عظيمة: ُ
ثالث مفاسدَ ويف هذا
لق مسخر من ِ
خلق اهلل، للسب ،فإن الدهر َخ ٌ ِّ ٍ
بأهل إحداها :س ُّبه من ليس
ُمنقا ٌد ِ
ألمره.
وينفع. يْض ِ
ُ تضمن للرشك ،فإنه إنام يس ُّبه لظنه أنه ُّ
الثانية :أن سبه ُم ِّ
احلق
اتبع ُّ َ
األفعال التي لو َ فعل هذهيقع عىل من َ
السب منهم إنام ُ َّ الثالثة :أن
ِ
األمر يش ٌء، والدهر ليس له من واألرض،
ُ السموات
ُ ِ
لفسدت فيها أهوا َءهم
ُ
فمسبتهم للدهر مسب ٌة هلل تعاىل؛ وهلذا كانت مؤذي ًة للرب تعاىل.
الشيطان؛ فإنه َيتعا َظ ُم حتى
ُ ومن هذا قو ُله ﷺ« :ال يقو َل َّن أحدكم :ت َِعس
رصعتُه ،ولكن ليقل :بِس ِم اهلل ،فإنه يتَصاغَر حتى ُ ِ يكون َ
فيقول :بقويت َ البيت، مثل
ِ
الشيطان أن َيذك َُر اهلل مس ُه يش ٌء من ِ
الذباب»)َ .(1 يكون َ
النبي ﷺ من َُّّ فأرشدَ مثل َ
ُ
وأغيظ للشيطان. أنفع له، َ
ويستعيذ باهلل منه ،فإن ذلك ُ اسمه
ويذكر َ
َ تعاىل،
يقول الرجل« :خ ُب َثت نفيس .ولكن ل َي ُقلَ :ل ِقست
ومن ذلك هن ُيه ﷺ أن َ ِ
ِ
والشناعة. ِ
القبح نفيس») (2فك َِره هلم لفظ اخلبث؛ ملا فيه من
لت كذا ِ
األمر :لو أين َف َع ُ ِ
فوات ِ
القائل بعد ومن ذلك أنه ﷺ هنى عن ِ
قول
شاء َ
فعل»)(3؛ أنفع له ،وهو أن يقول« :قدَّ َر اهلل وما َ وكذا ،وأرشدَ ُه إىل ما هو ُ
غري ما ِ
األمر لو كان كام قدَّ ره يف نفسه لكان َ َ وذلك ألن يف ضمن (لو) ادعا ًء أن
در مل يس َلم من معارضتِه التكذيب بال َق ِ
ِ سلم من
قضاه اهلل وقدَّ ره وشاءه ،وإن َ
عيل. فعلت لدَ َف ُ
عت ما قدَّ َر اهلل َّ ُ بقوله :لو أين
استيقظ ِمن الليل فقال« :ال إل َه إال اهلل ،وحدَ ه ال ِشيك له ،له
َ وأخرب َّ
أن َمن
وسبحان اهلل ،وال إل َه إال اهلل،
َ قدير ،احلمدُ هلل، ُ
امللك وله احلمدُ ،وهو عىل كل يشء ٌ
وكان يقول« :أص َبحنا وأص َبح امللك هلل ،احلمدُ هلل ال إله إال اهلل وحدَ ه ال
خري ما يف ٍ ِشيك له ،له ُ
َ
امللك ،وله احلمدُ ،وهو عىل كل يشء قدير ،رب أسألك َ
وخري ما بعدَ ه ،وأعوذ بك من ِش هذا اليومِ ،وِش ما بعدَ ه ،رب أعوذ َ هذا اليومِ،
وعذاب يف ِ
القَب»، ٍ ٍ
عذاب يف النار، الكَب ،رب أعوذ بك منالكسل وسوء َ ِ
ِ بك من
وإذا أمسى قال« :أمسينا وأمسى ُ
امللك هلل »...إىل آخره ،ذكره مسلم).(1
شهدُ ك،أصبحت ُأ ِ
ُ الله َّم إين
وحني ُيميسُ : َ صبح
حني ُي ُوقالَ « :من قال َ
خلقك ،أنك أنت اهللُ الذي ال إله إال عرشك ،ومالئكتَك ،ومجيع ِ شهدُ محل َة ِوأ ُِ
َ
أعتق اهلل ُرب َعه ِمن النار ،وإن قاهلا مرتني َ
أعتق أنت ،وأن حممدً ا عبدُ ك ورسو ُلك؛ َ َ
ِ
أرباعه من النار ،وإن قاهلا أرب ًعا أعتق اهلل ثالث َة
اهلل نص َفه من النار ،وإن قاهلا ثال ًثا َ
أعت َقه اهلل من النار» ،حديث حسن).(1
بأحد ِمن
ٍ ٍ
نعمة أو أصبح يب ِمن
َ الله َّم ما
صبحُ :
حني ُي ُوقالَ « :من قال َ
ِشيك لك ،لك احلمدُ ولك الشكر؛ فقد أدى شكر ِ
يومه، َ ِ
خلقك فمنك وحدَ ك ال
َ َّ ُ
شكر ليلتِه» حديث حسن).(2 ِ
حني ُيميس فقد أ َّدى َ
ومن قال مثل ذلك َ
وكان َيدعو حني ُيصبِح وحني ُيميس هبذه الدعوات« :اللهم إين أسأ ُلك
ودنياي ،وأهيل العفو والعافي َة يف ديني ِ
واآلخرة ،اللهم إين أسألك العافي َة يف الدنيا
َ َ
ِ ِ
ي ومن اسرت عورايت ،وآمن روعايت ،اللهم اح َفظني من بني َيدَ َّ وماَل ،اللهم ُ
غتال من حتتي» َخلفي ،وعن َيميني وعن ِشامَل ومن فوقي ،وأعو ُذ بع َظ َمتِك أن ُأ َ
صححه احلاكم).(3
ُ
امللك هلل رب العاملني، وأصبح
َ أصبح أحدُ كم فليقل :أص َب ْحنا
َ وقال« :إذا
ونوره وبركتَه وهدايتَه ،وأعو ُذ بك
َ ونِصه
َ فتحه الله َّم إين أسأ ُلك َ
خري هذا اليو ِم َ ُ
من ِش ما فيه ،وِش ما بعده ،ثم إذا أمسى فليقل مثل ذلك» حديث حسن).(4
ِ
ودين ِ
اإلخالص، ِ
وكلمة ِ
فطرة اإلسالمِ، أصبح قال« :أص َب ْحنا عىل وكان إذا
َ
حممد ﷺِ ، نبينا ٍ
إبراهيم حني ًفا ً
مسلام وما كان من املَشكني»).(1 َ وملة أبينا
ذكر عنه ﷺ أنه قال لفاطم َة ابنتِه« :ما يمن ُعك [أن تسمعي ما أوصيك به] أن و ُي ُ
أستغيث ،فأصلِح َل شأين،
ُ حي يا قيو ُم ،بك ِ ِ
تقوَل إذا أصبحت وإذا أمسيت :يا ُّ
وال تكِ ْلني إىل نفيس طرف َة عني»).(2
أنت،
اللهم أنت ريب ،ال إله إال َ
َّ يقول العبد: ِ
االستغفار أن َ وقال« :سيدُ
ِ
ووعدك ما اس َت َطعت ،أعو ُذ بك من ِش ما خلقتني وأنا عبدُ ك ،وأنا عىل ِ
عهدك
الذنوب إال فاغفر َل إنه ال ي ِ
غفر صنعت ،أبوء لك بنعمتِك عيل ،وأبوء بذنبيِ ،
َ َ ُ َّ ُ
ِ
أنت ،من قاهلا حني ُيصبح موقنًا هبا ،فامت من يومه؛ َ
دخل اجلن َة ،ومن قاهلا حني
ُيميس موقنًا هبا ،فامت من ليلتِه؛ َ
دخل اجلن َة»).(3
ِ
وبحمده مئ َة مرة ،مل سبحان اهلل صبح وحني ُيميس:
َ وقال« :من قال حني ُي ُ
بأفضل مما جاء به ،إال أحدٌ قال َ
مثل ما قال ،أو زا َد عليه»).(4 َ ِ
يأت أحدٌ يوم القيامة
َ
ِشيك له ،له امللك وله صبح :ال إله إال اهلل وحدَ ه ال
قال حني ُي ُ وقال« :من َ
ٍ
رقاب، قدير .يف اليوم مئ َة مرة ،كانت له َعد َل ِ
عَش ٍ
احلمدُ ،وهو عىل كل يشء ٌ
ِ
الشيطان يومه سيئة ،وكانت له حرزًا من ٍ حسنةِ ُ ،
وحم َيت عنه مئ ُة ٍ وكُت َبت له مئ ُة
بأفضل مما جاء به إال ٌ
رجل عمل أكثر منه»).(5 َ ذلك ،حتى ُيميس ،ومل يأت أحدٌ
رجل خرج غاز ًيا يف سبيل اهلل، ضامن عىل اهللٌ :ٌ وفيها عنه ﷺ« :ثالث ٌة ك ُّلهم
ٍ
وغنيمة، ضامن عىل اهلل حتى يتوفاه فيدخ ُله اجلن َة أو ير ُّده بام نال من ٍ
أجر فهو
ٌ
ضامن عىل اهلل حتى يتوفاه فيدخ ُله اجلن َة أو ير ُّده بام نال ِ
املسجد فهو ورجل راح إىلٌ
ٌ
ضامن عىل اهلل» حديث صحيح).(1 ورجل َ
دخل بيتَه بسال ٍم فهو ٌ ٍ
وغنيمة، من ٍ
أجر
ٌ
ِ
طعامه؛ الرجل بيتَه فذكر اهلل عند دخولِه وعند ُ وصح عنه ﷺ« :إذا َ
دخل َّ
دخل فلم يذكر اهلل عند دخولِه؛ قال عشاء ،وإذا َ َ مبيت لكم وال َ قال الشيطان :ال
طعامه؛ قال :أدركتُم املبيت ِ الشيطان :أدركتُم املبيت ،وإذا مل يذكُر اهلل عند ُ
والعشاء» ذكره مسلم).(2
َ
َ
الكنيف دخ َل ِ
وعورات بني آد َم إذا َ سرت ما بني اجلن
ذكر عنه ﷺ قالُ « :
و ُي ُ
أن َ
يقول :بس ِم اهلل»).(4
رجال س َّلم عليه وهو َي ُ
بول فلم ير َّد عليه. وث َب َت عنه ﷺ أن ً
ِ
التامة ،والصالة رب هذه الدعوة الرابع :أن َ
اللهم َّ
يقول بعد صالته عليهَّ « : ُ
ِ ِ
القائمة ،آت حممدً ا الوسيل َة والفضيل َة ،وابعثه ً
مقاما حممو ًدا الذي وعدته ،إنك ال
ُخت ُ
لف امليعا َد»).(1
ستجاب له سأل اهلل من فضلِه ،فإنه ُي اخلامس :أن يدعو ِ
لنفسه بعد ذلك ،و َي َ
ُ َ ُ
فسل
انتهيت َ
َ كام يف «السنن» عنه ﷺ« :قل كام َيقولون َ -يعني :املؤ ِّذنني -فإذا
تُع َطه»).(2
ِ
التهليل ِ
باإلكثار من ويأمر فيه
ُ كثر الدعا َء يف عرش ذي احلجة،
وكان ﷺ ُي ُ
ِ
والتحميد. والتكبري
العرص من ِ
آخر أيام ِ ِ
الفجر يو َم عرف َة إىل ِ
صالة يكرب ِمن
و ُيذكر عنه أنه كان ِّ
ِ
الترشيق فيقول « :اهلل أكَب اهلل أكَب ،ال إله إال اهلل ،واهلل أكَب اهلل أكَب وهلل
احلمد») ،(4وهذا وإن كان ال يصح إسناده فالعمل عليه.
َ
وسبحان اهلل كثريا،
كبريا ،واحلمدُ هلل ً
قال الشافعي :وإن زاد فقال :اهلل أكرب ً
وأصيال ،ال إل َه إال اهلل ،وال نعبدُ إال إ َّياه خملصني له الدي َن ولو ك َِره
ً بكر ًة
األحزاب
َ ونرص عبدَ ه ،وهز َم
َ صدق وعدَ ه،َ الكافرون ،ال إل َه إال اهلل وحده،
وحدَ ه ،ال إل َه إال اهلل واهللُ أكرب؛ كان حسنًا(.)1
أطعمني
َ طعاما فقال :احلمدُ هلل الذي
ً وذكر الرتمذي عنه أنه قالَ « :من َ
أكل َ
ُفر له ما تقدَّ م من ذنبِه» حديث حسن).(4 ٍ ِ
هذا من غري حول مني وال قوة؛ غ َ
ذكر عنه أنه كان إذا ُق ِّرب إليه الطعا ُم قال« :بسم اهلل» ،فإذا فر َغ من
و ُي ُ
وأحييت؛ فلك وهديت وأقنيت وأغنيت وسقيت أطعمت الله َّم ِ
َ َ َ َ َ َ طعامه قالُ « :
أعطيت» وإسناده صحيح).(5
َ احلمدُ عىل ما
الله َّم ِ
بارك لنا فيه، طعاما فليقلُ :
ً أيضا« :إذا َأك ََل أحدُ كم
ويف «السنن» عنه ً
بارك لنا فيهِ ،
وزدنا منه؛ فإنه اللهم ِ ِ
ومن سقاه اهلل لبنًا فليقلُ : خريا منهَ .
وأطعمنا ً
ِ
اللبن» حديث حسن).(6 غري ِ
والَشاب َ يشء َُيزئ عن الطعا ِم
ليس ٌ
ٍ
أنفاس. ِ
اإلناء تن َّفس ثالث َة ذكر عنه أنه كان إذا َ ِ
رش َب يف و ُي ُ
الشيطان
َ ِ
بالشامل ،ويقول« :إن ِ
األكل ِ
باألكل باليمني ،وينهى عن وكان يأ ُمر
الصحيح،
ُ ِ
األكل هبا ،وهو ويَشب بشامله» ومقتَض هذا َحت ُ
ريم )(1
ُ يأك ُُل بشاملِه،
ٌ
شيطان ،وإما مشب ٌه به. َ
اآلكل هبا إما فإن
ِ
وأمر َمن َشكَوا إليه أهنم ال َيشبعون أن َجيتمعوا عىل طعامهم وال َّ
يتفرقوا، َ
اسم اهلل عليه؛ ُي ُ
بارك هلم فيه).(2 وأن يذكروا َ
ِ
العبد يأكُل األكل َة ُيمدُ ه عليها، وصح عنه أنه قال« :إن اهلل َل َريىض عن
َّ
ويَشب َّ
الَشبة ُيمدُ ه عليها»).(3 ُ
وخريه
َ َ
أفضل اإلسال ِم ثبت عنه ﷺ يف «الصحيحني» عن أيب هريرةَ« :أن َ
عرفت وعىل َمن مل ِ
تعرف»).(4 َ إطعا ُم الطعامِ ،وأن َ
تقرأ السال َم عىل َمن
النفر ِمن
اذهب إىل أولئك ِ وفيهام« :أن آد َم عليه السالم ملا خل َقه اهلل قال لهَ :
واستمع ما ُي ُّيونك به ،فإهنا حتيتُك وحتي ُة ذريتِك ،فقال:
ِ املالئكة ،فسلم عليهم،
السال ُم عليكم ،فقالوا :السال ُم عليك ورمح ُة اهلل ،فزادوه :ورمحة اهلل»).(5
ِ
ربهم أهنم إذا َ
أفشوا السال َم بينهم أمر بإفشاء السال ِم ،وأخ َ وفيهام :أنه َ
دخلون اجلنة حتى يؤمنوا ،وال ُيؤمنون حتى يتحابوا).(6 حتابوا ،وأهنم ال َي ُ
فصل
ٍ
بصبيان فس َّل َم عليهم ،ذكره مسلم).(1 مر
وثبت عنه ﷺ أنه َّ
َ
نسوة ،فألوى ِ
بيده ٍ ِ
بجامعة مر يو ًما
وذكر الرتمذي يف «جامعه» عنه أنه َّ
بالتسلي ِم»).(2
ِ
اجلمعة ف َيمرون ويف «صحيح البخاري» :أن الصحاب َة كانوا ينرصفون من
ِ
السلق ِ
أصول ِ
طريقهم ف ُيسلمون عليها ،فتُقدم هلم طعا ًما من ٍ
عجوز يف عىل
ِ
والشعري).(3
ِ
العجوز وذوات ِ
النساءُ :يس ِّل ُم عىل ِ
مسألة السال ِم عىل الصواب يف وهذا هو
ُ
املحار ِم دون ِ
غريهن.
فصل
واملار
ِّ ِ
الكبري، ِ
الصغري عىل تسليم
ُ ِ
وغريه وثبت عنه يف «صحيح البخاري» َ
ِ
الكثري).(4 ِ
والقليل عىل ِ
والراكب عىل املايش، ِ
القاعد، عىل
َّاس باهلل َمن َ
بدأهم بالسال ِم»).(5 ويف «سنن أيب داود» عنه« :إن أوىل الن ِ
ِ
االنرصاف ِ
املجيء إىل القو ِم ،والسال ُم عند وكان من ِ
هديه ﷺ السال ُم عند
عنهم.
ِ
رسول اهلل ﷺ يتامشون ،فإذا لقيتهم شجر ٌة أو أصحاب
ُ أنس :كانوقال ٌ
ٍ
بعض. بعضهم عىلوشامال ،وإذا الت َقوا ِمن ورائها س َّلم ُ
ً أكم ٌة َّ
تفرقوا يمينًا
ِ
املسجد) ،(1ثم يبتدئ بركعتني حتية
ُ ِ
املسجد َ
الداخل إىل هديه ﷺ أنومن ِ
وحق اهلل يف مثل هذا ِ
املسجد قبل حتية أهلِهُّ ، فيسلم عىل القوم ،فتكون حتي ُة جيي ُء
ُ
نزاعا معرو ًفا. ِ
احلقوق املالية ،فإن فيها ً ِ
بخالف َأوىل بالتقديم
ُ
ثالث حتيات مرتتبة :أن ِ
لداخل املسجد إذا كان فيه مجاع ٌة وعىل هذا :ف ُيسن
ِ
رسول اهلل ،ثم ُيصيل ركعتني يقول عند دخولِه :بس ِم اهلل والصال ُة والسال ُم عىل
َ
حتي َة املسجد ،ثم ُيسلم عىل القو ِم.
فصل
فصل
فصل
فصل
ُ
رسول اهلل ﷺ وقال :ثالثون» رواه النسائي والرتمذي من حديث عمران بن
حصني وحسنه).(1
فصل
ٍ
أنس هديه ﷺ أن ُيسلم ثال ًثا كام يف «صحيح البخاري» عن وكان من ِ
ٍ
بكلمة أعادها ثال ًثا حتى تُفهم عنه، رسول اهلل ﷺ إذا تَك َّلم
ُ قال :كان
وإذا أتى عىل قو ٍم فسلم عليهم سلم عليهم ثال ًثا).(2
فصل
فصل
وكان َيكر ُه أن يقول للمبتدئ :عليك السال ُم ،قال أبو ُج َر ٍّي اهل ُ َجيمي:
رسول اهلل .فقال« :ال ت ُقل :عليك َ النبي ﷺ فقلت :عليك السال ُم يا َّ أتيت
السالم؛ فإن عليك السال ُم حتي َة املوتى» حديث صحيح).(1وقد َأ َ
شكل هذا
معار ًضا ملا ثبت عنه ﷺ يف السالم عىل األموات ِ ٍ
طائفة ،وظنُّوه ُ
احلديث عىل
بلفظ( :السالم عليكم) بتقديم السالم ،وإنام معنى قوله« :فإن عليك السال ُم حتي َة
إخبار عن الواق ِع ال عن املرشوعِ ،أي :إن الشعراء وغريهم حييون املوتى
ٌ املوتى»
هبذا اللفظ.
وكان يرد عىل ا ُملس ِّلم« :وعليك السالم» بالواو ،وبتقديم «عليك» عىل ِ
لفظ ُ ُّ
السالم.
الصواب.
ُ فاجلمهور عىل وجوبِه ،وهو
ُ ِ
وجوب الر ِّد عليهم، واختلفوا يف
فصل
ِ
عبدة ٌ
أخالط من املسلمني واملرشكني ٍ
جملس فيه مر عىل
وثبت عنه ﷺ أنه ََّ
ِ
واليهود ،فس َّلم عليهم).(1 األوثان
فصل
وكان من ِ
هديه ﷺ إذا ب َّلغه أحدٌ السال َم عن غريه أن يرد عليه وعىل املب ِّلغ،
عليك وعىل قرئك السال َم .فقال لهَ « : رجال قال له :إن أيب ُي ِ
كام يف «السنن» أن ً
أبيك السال ُم»).(3
يتوب
َ ث حد ًثا حتى وكان من ِ
هديه ترك السال ِم ابتدا ًء ور ًّدا عىل من أحدَ َ
كعب يسلم عليه وال َيدري هل مالك وصاح َب ْيه ،وكان ٍ كعب بن هجر منه ،كام
ٌ َ َ
حرك شفت ِ
َيه بِر ِّد السال ِم عليه أم ال ).(4
فصل
ِ
املستأذن إذا قيل له :من أنت؟ يقولُ :
فالن بن فالن ،أو َيذكُر ومن ِ
هديه أن
أتيت النبي ﷺجابرُ :ٍ كنيتَه أو لق َبه ،وال يقول :أنا .كام يف «الصحيحني» :عن
الباب ،فقال « َمن ذا؟» فقلت :أنا ،فقال« :أنا أنا!» كأنه ِ
كر َهها).(4 َ فد َق ُ
قت
ٍ
هانئ ،قال هلا« :من هذه؟» قالت :أ ُّم هانئ) .(5فلم يكره وملا استأ َذنَت أم
ذكرها الكنية.
َ
فصل
ِ
العورات أمر اهلل به املامليك ،ومن مل َيب ُلغ احلُلم ،يف ُ
االستئذان الذي َ وأما
ِ
الظهرية ،وعند النو ِم. ِ
الفجر ،ووقت الثالثَ :
قبل
وثبت عنه ﷺ يف «صحيحه»« :إذا ع َطس أحدُ كم :فلي ُقل :احلمد هلل .وليقل
رمحك اهلل .فل َي ُقلََ :يديكُم اهلل
محك اهلل .فإذا قال لهَ :ي َ ُ
له أخو ُه -أو صاحبه :-ير ُ
صلح با َلكم»).(1
و ُي ُ
عطس أحدُ كم فحمد اهلل فشمتوه ،فإن
َ وثبت عنه يف «صحيح مسلم»« :إذا
َ
مل ُيمد اهلل فال تشمتوه»).(2
ِ
العطاس ما ذكره أبو داو َد والرتمذي ،عن أيب هريرة: وكان ِمن ِ
هديه ﷺ يف
غض به
وخفض أو َّ
َ ُ
رسول اهلل ﷺ إذا ع َطس َو َض َع يده أو ثو َبه عىل فيه، «كان
صوتَه» قال الرتمذي :حديث صحيح ).(1
عطس أخرى،
َ عطس عندَ ه ٌ
رجل ،فقال له« :يرمحك اهلل» ،ثم َ وصح عنه أنه
َّ
فقال« :الرجل مزكوم» .هذا لفظ مسلم أنه قال يف املرة الثانية) ،(2وأما الرتمذي
ٌ
رجل مزكوم» قال ففيه :ثم عطس الثانية والثالثة .فقال رسول اهلل« :هذا
الرتمذي :هذا حديث حسن صحيح).(3
دعىدعى له ممَّن ال عل َة به؟ قيلُ :ي َفإن قيل :فإذا كان به زكام فهو أوىل أن ُي َ
ِ
العطاس الذي حي ُّبه اهلل فإنام ووجع ،وأما سنة
ٌ ِ
للمريض و َمن به دا ٌء له كام ُيدعى
الثالث ،وما زاد عليها ُيد َعى لصاحبه بالعافية ،وقو ُله يف هذا ِ ُ
يكون إىل متا ِم
الدعاء له بالعافية؛ ألن الزكم َة عل ٌة ،وفيهِ ُ
الرجل مزكو ٌم» تنبي ٌه عىل احلديث« :
العلة ليتداركَها والِ ترك تشميتِه بعدَ الثالث ،وفيه تنبي ٌه له عىل هذه اعتذار ِمن ِ
ٌ
وعلم وهدً ى.
ٌ أمرها ،فكال ُمه ﷺ ك ُّله حكم ٌة ورمح ٌة هيملها ،فيصعب ُ
فصل
وصح عنه ﷺ أن اليهو َد كانوا يتعاطسون عندهَ ،يرجون أن يقول هلم: َّ
صلح بالكم»).(1
محكم اهلل .فكان يقولََ « :يديكُم اهلل و ُي ُ
َير ُ
فلريكَع ركعتني من غري صح عنه ﷺ أنه قال« :إذا هم أحدُ كم باألمرَ ، َّ
بعلمك ،وأستقدرك بقدرتِك ،وأسأ ُلك ِ أستخريك
ُ اللهم إين
َّ
ِ
الفريضة ،ثم ليقل:
ِ ِ ِ ِ
الغيوب، من فضلك العظيم ،فإنك تَقدر وال أقد ُر ،وتَع َلم وال ُ
أعلم ،وأنت عال ُم
وعاجل أمري وآجلِه،
ِ خري َل يف ديني ومعايش، األمر ٌ
اللهم إن كنت تَعلم أن هذا َ
ِشا َل يف ديني ومعايش، تعلمه ً
فاقدره َل ،ويِسه َل ،وبارك َل فيه ،وإن كنت ُ
اخلري حيث كان ،ثم ِ
وارصفني عنه ،واقدُ ر ََل َ ِ
فارصفه عني، وعاجل أمري وآجله، ِ
حاجته»).(2
َرضني به» قال« :و ُيسمي َ
فصل
فصل
ألحدهم« :أست ِ
َود ُع اهلل دينَك وأمانتك، ِ ِ
السفر يقول وكان إذا و َّد َع أصحا َبه يف
أوصيك بتقوى اهلل، رجل :إين أريد سفرا ،فقالِ « : وخواتيم عملِك») ،(1وقال له ٌ
ً َ
األرض ،وهون عليهَ الله َّم ِ
ازو له وىل قالُ « :ِشف» ،فلام َّ والتكبري عىل كل ٍ ِ
السفر»).(2
َ
النبي ﷺ وأصحا ُبه إذا َع َلوا الثنايا كربوا ،وإذا ه َبطوا س َّبحوا،
ُّ وكان
فو ِض َعت الصال ُة عىل ذلك.
ُ
السري فوق ذلك ،وكان
َ رفع
سريه يف حجه ال َعنَق ،فإذا وجدَ فجوة َ
وكان ُ
ب املالئك ُة رفق ًة فيها ٌ
كلب وال جرس»).(3 تصح ُ
َ يقول« :ال
ِ
األرض ،وإذا اإلبل ح َّظها من
صب فأعطوا َ وكان يقول« :إذا سا َفرتُم يف ِ
اخل ِ
فبادروا نِقيها»).(1
سا َفرتُم يف الس ِنةِ ،
َّ
ِ
وحسن بحمد اهلل ونعمتِه
ِ سامع
ٌ سمع ِ
السفر قالَ « : الفجر يف
ُ وكان إذا بدا له
عائذا باهلل من ِ
النار»).(2 فضل عليناً ، وأ ِ ِ
صاح ْبنا َ بالئه علينا ،ربنا
ثبت عنه ﷺ أنه ع َّل َمهم خطب َة احلاجة« :احلمدُ هلل نحمدُ ه ونستعينُه َ
ِشور أنفسنا ،وسيئات أعاملنا ،من ِ
َيده اهلل فال ُم َّ
ضل ِ ونستغفره ،ونعو ُذ باهلل من
هادي له ،وأشهد أال إله إال اهلل ،وأشهدُ أن حممدً ا عبدهَ له ،ومن يضلل فال
ورسو ُله ،ثم يقرأ آيات ( :ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ
ﭯ ﭰ) [آل عمران ( ،]102 :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ
ﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠ ﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭ
ﭮ ﭯ) [النساء ( ،]1 :ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ
ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ) [األحزاب:
النكاح أو يف ِ
غريها؟ قال: ِ ِ
خطبة ، ]71 – 70قال شعب ُةُ :
قلت أليب إسحاق :هذه يف
ٍ
حاجة).(1 يف ِّ
كل
وليدع اهلل
ُ فليأخ ْذ بناصيتِها
ُ خادما أو داب ًة،
ً وقال« :إذا أفا َد أحدُ كم امرأ ًة أو
وخري ما ُجبِلت عليه، ِ
َ الله َّم إين أسأ ُلك َ
خريها بالَبكة و ُيسمي اهلل ،وليقلُ :
وأعو ُذ بك من ِشها وِش ما ُجبِلت عليه»).(2
ومجع بينكُام يف ٍ
خري»).(3 َ َ
وبارك عليك، وكان يقول للمتزوجِ َ « :
بارك اهلل لك
اللهم َجنبنا
َّ وقال« :لو أن أحدَ كُم إذا أرا َد أن يأيت أه َله ،قال :بس ِم اهلل،
يرضه
الشيطان وجنب الشيطا َن ما رزقتنا؛ فإنه إن يقدر بينهام ولدٌ يف ذلك مل ُّ َ
شيطان أبدً ا»).(1
ٌ
ِ
الشيطان ،فمن رأى ُرؤيا لم من الرؤيا الصاحل ُة من اهللُ ،
واحل ُ صح عنه ﷺُّ « : َّ
ترضه ِ ِ
يساره ثال ًثا، يكر ُه منها شيئًا فلين ُفث عن
وليتعوذ باهلل من الشيطان فإهنا ال َُّّ
وال َيَب هبا أحدً ا ،فإن رأى رؤيا حسن ًة فليست ِ
َبَش ،وال َُي َِب هبا إال من ُُيب»).(3 َ
يكرهه أن يتحول عن جنبِه الذي كان عليه ،وأمره أن
ُ وأمر من رأى ما
َ
ُيصيل).(4
ِ
الشيطان، َ
ستعيذ باهلل من ِ
يساره ،وأن َي ِ
بخمسة أشيا َء :أن ين ُفث عن فأمر ُه
َ
يتحول عن جنبِه الذي كان عليه ،وأن يقو َم ُيصيل ،ومتى
َ وأال ُخي ِرب هبا أحدً ا ،وأن
َ
فعل ذلك مل تْضه الرؤيا املكروهة ،بل هذا يد َف ُع َ َّ
رشها.
-19فصل فمدا يقولُه ويفعلُه من نبُل َ نبالوسواسِ ،وما يَستعني نبه على الوسوس ِ
يقول قائِ ُلهم :هذا اهلل َخ َل َق زال الناس َيتساءلون حتى َ وقال ﷺ« :ال َي ُ
خلق اهلل؟ فمن وجدَ من ذلك شيئًا ،فليست َِعذ باهلل ولينت َِه»).(4
اخللق ،فمن َ
َ
قائام، ِ
طفئ عنه مجر َة الغضب بالوضوء ،والقعود إن كان ً أمر ُه ﷺ أن ُي ََ
ِ
واالستعاذة باهلل من الشيطان الرجي ِم).(1 واالضطجا ِع إن كان قاعدً ا،
قلب ابن آدم ،أمر أن ي ِ
طف َئهام نار يف ِالغضب والشهو ُة مجرتني من ٍ وملا كان
ُ ُ
ِ
واالستعاذة من الشيطان الرجي ِم. ِ
والصالة، ِ
بالوضوء
ٍ
عباس وضع له ابن
َ يناسب ،فلام
ُ وكان ﷺ يدعو ملن َت َق َّرب إليه بام ُّ
حيب وبام
َ
التأويل»).(3 َوضوءه قال« :اللهم َفقه ُه يف الدين ،وعلمه
ذكر اهلل ،وقال« :ما جملسهم من ِ ألهل املجلس أن ُخيلوا َِ وكر َه ﷺ
ِ
احلامر»).(5 ِ
جيفة ٍ
جملس ال َيذكرون اهلل فيه ،إال قاموا عىل مثل من قو ٍم َيقومون من
اضطجع
َ وقالَ « :من قعدَ مقعدً ا مل يذكر اهلل فيه كانت عليه من اهلل تِ َرةٌ ،ومن
والرتةُ :احلرسةُ. مضج ًعا ال يذكر اهلل فيه كانت عليه من اهلل تِر ٌة»)ِ ،(1
َ َ َ
ٍ
جملس فكثر فيه لغ ُطه ،فقال قبل أن يقو َم من جلس يف
َ وقال ﷺَ « :من
وأتوب إليك، أستغفرك ِ
وبحمدك ،أشهدُ أال إله إال أنت، اللهم ِ
جملسه :سبحانَك
ُ ُ َّ
إال غُ فر له ما كان يف ِ
جملسه ذلك»).(2 َ
ُ
الزمان ونحوه. الناس ،وفسد
ُ ويف معنى هذا :فسدَ
وهنى أن ُي َ
قال :ما شاء اهلل وشاء فالن ،بل ُيقال :ما شاء اهلل ثم شاء فالن.
وشئت .فقال« :جعلتني هلل ندً ا؟! قل :ما شاء اهلل
َ وقال له ٌ
رجل :ما شاء اهلل
وأنكر.
ُ أقبح ٌ
وفالن ملا كان كذا ،بل وهو ُ وحدَ ه») .(1ويف معنى هذا :لوال اهلل
ِ
بفضل اهلل ومنها :أن يقال :مطِرنا بن ِ
َوء كذا وكذا .بل يقولُ :مطِرنا َ ُ
ورمحته).(2
حلف ِ
بغري اهلل فقد َ صح عنه ﷺ أنه قال« :من ومنها :أن َحيلِف ِ
بغري اهللَّ ،
أِش َك»).(3
َ
كافر إن َ
فعل كذا).(4 ِ ومنها :أن َ
َرصاين أو ٌ
ٌّ ودي أو ن
يقول يف َحلفه :هو َهي ٌّ
[ومنها :أن َ
يقول ملسل ٍم :يا ُ
كافر]).(5
ِ
القضاة. امللوك) .(6وعىل ِ
قياسه قايض ِ ِ
للسلطانُ :
ملك ومنها :أن َ
يقول
ومنها :النهي عن سباب املسلِ ِم) ،(7وأن يتناجى اثنان دون الثالث) ،(8وأن
ٍ
امرأة أخرى).(9 زوجها بمحاسن ُخت ِ َ
رب املرأ ُة َ
شئت»).(1
شئت ،وارمحني إن َ
اللهم اغفر َل إن َ ِ
ومنها :أن يقول يف دعائهَّ « :
ومنها :اإلكثار من احل ِ
لف).(2 َ ُ
الرجل بجام ِع أهله ،وما يكون بينه وبينها) ،(3كام يفع ُله
ُ ومنها :أن ُحيدِّ ث
السفل ُة.
فصل
ِ
احلذر من طغيان «أنا»« ،ويل»« ،وعندي» ،فإن هذه األلفاظ حذر َّ
كل ول ُي َ
ُ
وقارون( ،ﭚ ﭛ ﭜ) [األعراف ]12 :إلبليس، ُ
وفرعون، إبليس
ُ الثالثة ابتيل هبا
و(ﭻ ﭼ ﭽ) [الزخرف ]51 :لفرعون ،و(ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ) [القصص:
]78لقارون.
ثالث ال يمكنهٌ عدو عدوان قد امتُحن العبدُ بجهادمها ،وبينهام ِ فهذان
ٌّ
وخي ِّذله ،وهو
جهادمها ُِ واقف بينهام ُيث ِّبط العبدَ عن
ٌ ِ
بجهاده ،وهو جها ُدمها إال
ِ
باختاذه واألمر الشيطان ،قال تعاىل( :ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ) [فاطر،]6 : ُ
ُ
عدوا تنبي ٌه عىل استفرا ِغ الوسع يف حماربتِه.
ًّ
وجهادها ،وقد ُب ِ َيل العبد بمحاربتِهاِ ٍ
أعداء ُأمر العبدُ بمحاربتها فهذه ثالث ُة
وس ِّلطت عليه امتحانًا من اهلل له وابتال ًء ،وأعطى اهلل العبدَ مد ًدا الدارُ ،ِ يف هذه
وسالحا، ِ
اجلهاد ،وأعطى أعدا َءه مد ًدا وعد ًة وأعوانًا وسالحا هلذا وعد ًة وأعوانًا
ً ً
أخبارهم ،ويمتح َنَ بعضهم لبعض فتن ًة ليبلو ِ
باآلخر ،وجعل َ و َبال أحدَ الفريقني
َ
الشيطان وحز َبه. ويتوىل رس َله ممن يتوىل
َّ من يتواله
ِ
الكفار، ِ
الشيطان ،وجها ُد ِ
النفس ،وجها ُد مراتب :جها ُد فاجلها ُد أربع
َ
املنافقني.
َ وجها ُد
أيضا:
أربع مراتب ً ِ
النفس ُ فجها ُد
السلف ُجممعون
َ األربع صار من الر َّبانيني ،فإن
َ املراتب
َ فإذا استكمل هذه
ويعمل به و ُيع ِّل َمه.
َ احلق
سمى ربان ًّيا حتى َيعرف َّ عىل أن ِ
يستحق أن ُي َّ
ُّ العامل َ ال
ِ
الشيطان فمرتبتان: وأما جها ُد
ِ
والشكوك الش ِ
بهات إحدامها :جها ُده عىل دف ِع ما ُيلقي إىل العبد من ُّ
ِ
اإليامن. ِ
القادحة يف
خمتصر زاد املعاد يف هدي خري العباد | 245
ِ
هوات. ِ
الفاسدة َّ
والش الثاني ُة :جها ُده عىل دفع ما ُيلقي من اإلرادات
ِ
الصرب .قال تعاىل( :ﭺ اليقني ،والثاين يكون ب ُعدَّة
ُ األول يكون ب ُعدَّة
فاجلها ُد َّ
ﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄ) [السجدة.]24 :
ِ
واملال، ِ
واللسان، ِ
بالقلب، مراتب: فأربع ار واملنافقنيوأما جها ُد الك َّف ِ
َ ُ
أخص باللسان.
ُّ أخص بال َي ِد ،وجها ُد املنافقني
ُّ ِ
والنفس .وجها ُد الكفار
عرشة مرتب ًة من اجلهاد ،و« َمن مات ومل َيغ ُز ومل ُُيدث َ
نفسه فهذه ثالث َ
بالغزو مات عىل ُشع َب ٍة من النفاق»(.)1
ِ
بخربه ،وتقدي ِم ِ
أمره ِ
والتصديق ِ
واالنقياد ِ
ألمره، ِ
باملتابعة -وهجر ٌة إىل رسولِه
ِ
وخربه. أمر ِ
غريه ِ
وخربه عىل ِ
«فمن كانت هجرتُه إىل اهلل ورسوله فهجرتُه إىل اهلل ورسولِه ،ومن كانت
يتزو ُجها فهجرتُه إىل ما هاجر إليه»(.)1
هجرتُه إىل دنيا ُيصي ُبها أو امرأة َّ
عني ال ينوب فيه أحدٌ عن نفسه وشيطانِه ،فهذا ك ُّله ُ
فرض ٍ وفرض عليه جهاد ِ
ُ ٌ
َ
حصل منهم ِ
ببعض األ َّمة إذا ِ
الكفار واملنافقني فقد ُيكتفى فيه ٍ
أحد ،وأما جها ُد
مقصو ُده.
ِ
وعيب بسب آهلتهم، ِ
بالدعوة ،وباداهم ِ
لقومه ورصح صدع ِ
بأمر اهلل وملا
ِّ َّ َ
استجاب له من أصحابِه ،ونالوهم بأنوا ِع األ َذى،
َ دينهم ،اشتدَّ أذاهم له وملن
وعزى
املرسلنيَّ ،
َ فعزى سبحانه نب َّيه بذلك ،وأن له أسو ًة بمن تقدَّ مه من
َّ
أتبا َعه بقوله تعاىل ( :ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ
ﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯ
ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ) [البقرة.]214 :
ِ
وبا َد َر إىل االستِجابة له ﷺ ِصدِّ يقة النِّساءَ :خدجي ُة ُ
بنت ُخ َو ْيلِد.
نني ،وكان يفثامن ِس َ
وبادر إىل اإلسالم عيل بن أيب طالِب ،وكان ابن ِ
َ ُّ ُ َ
أخ َذه من َع ِّمه أيب طالِب إعان ًة له يف َسنَة َحمْل. كَفالة ر ِ
سول اهلل ﷺَ ، َ
ِ وبادر زيدُ بن ِ ِ
ب َرسول اهلل ﷺ وكان ُغال ًما خلَدجي َةَ ،
فوه َبتْه حارث َة ح ُّ ُ ََ
سول اهلل ﷺ.لر ِ
َ
ريش ال تُنكِر ذلك ،حتَّى واحد ،و ُق ٌ واحدً ا بعدَ ِ
ودخل الناس يف الدِّ ين ِ
ُ َ
ٍِ ِِ ِ
شمروا له َْض وال تَن َفع ،فحينئذ َّ ب آهلَتهم ،وأهنا ال ت ُ ُّ با َد َأ ُهم ب َع ْيب دينهم َ
وس ِّ
بعمه أيب طالِب؛ ألنه كان َرشي ًفا فحمى اهلل َرسو َله ِّ
ِ
وألصحابه عن ساق ال َعداوةَ ،
ٍ كاش َفته ُمع َّظ ًام يف ُق ٍ
بِشء م َن األذى، َجارسون عىل ُم َ ريش ُمطا ًعا يف أهل َم َّك َة ال َيت َ
وسائرهم تصدوا له ُ امتنع بعشريتِه،
َ وأ َّما أصحا ُبه فمن كان له عشري ٌة حتميه
ُ
وأهل بيته ُع ِّذبوا يف اهلل، عامر بن يارس وأ ُّمه سمية ِ
والعذاب ،منهمُ : باألذى
ومنهمُ :
بالل بن رباح ،فإنه ُع ِّذب يف اهلل أشدَّ العذاب.
رشكني عىل َمن آمن و ُفتِن ِمنهم َمن ُفتِن حتَّى َيقولوا و ََّملا اشتَدَّ أ َذى ا ُمل ِ
أذ َن اهلل سبحانه هلم ِ
باهل ْجرة دون اهلل؟ فيقول :نعم؛ ِالال ُت َإهل َك من ِ ألح ِدهمَّ :
َ ْ َ ُ َ
ان ،ومعه َزوجتُه ثامن ب َن ع َّف َ
هاجر إليها ُع َ
حل َبشة ،وكان َّأول َمن َاألُوىل إىل أرض ا َ
ِ بنت ر ِ
رج ًال وأرب َع أهل هذه اهل ْجرة األُوىل اثن َْي َ َ
عرش ُ سول اهلل ﷺ ،وكان ُ ُرق َّي ُة ُ َ
ِ
املبعث. ِ
اخلامسة من ِ
السنة خمرجهم يف رجب يف ِ
نسوة ،وكان ُ
| 251خمتصر زاد املعاد يف هدي خري العباد
األول َسنة َس ْبع من ِه ْجرة َرسول اهلل ﷺ إىل ا َملدينة، ف َل َّام كان َش ْهر َربيع َّ
مرو ِ
بن سول اهلل ﷺ كِتا ًبا إىل النَّجايش َيدْ عوه إىل اإلسالم ،وب َعث به مع َع ِ َب َر ُ كت َ
ِّ
تاب أس َل َم ،وقال :لو َقدَ ْرت أن آتِ َيه آلتينَّه. ِ
فلام ُق ِر َئ عليه الك ُ
مريَّ ،
الض ِّ ُأم َّي َة َّ
سول اهلل ﷺ أن َيب َعث إليه َمن َب ِق َي ِعندَ ه من أصحابه َب إليه َر ُ وكت َ
فقدموا عىل الضمريِ ، مرو ِ
بن ُأم َّي َة َّ وحي ِملهم ،فف َعل َ َ
ومح َلهم يف َسفينت َْني مع َع ِ َ
ِّ
فوجدوه قد َفت ََحها ،فك َّلم َر ُ
سول اهلل ﷺ املسلمني أن رب َ َرسول اهلل ﷺ َ
بخي َ
دخلوهم يف ِس ِ
هامهم ف َف َعلوا(.)1 ي ِ
ُ
-6فصل [يف فشو اإلسالم ومقاطع قريش لبين هاش ونبين عبد املطلب]
ريش َأ ْمر
فلام ر َأ ْت ُق ٌ
عمه ومجاعة كثريون ،و َف َشا اإلسال ُمَ ، ُث َّم َأس َلم َمحز ُة ُّ
مجعوا عىل أن يتَعا َقدوا عىل بني ِ
هاش ٍم وبني املُ َّطلِب، َرسول اهلل ﷺ َيعلو و َيتزايدَ ،أ َ
َ
َّأال ُيبايعوهم ،وال ُيناكحوهم ،وال ُيك ِّلموهم ،وال جيالِسوهم ،حتَّى ُيس ِّلموا إليهم
رسول اهلل ﷺ ،وكتَبوا بذلك َصحيفة وع َّلقوها يف َس ْقف الكَعبة. َ
الش ْعب ِ -ش ْعب أيب طالبَ -ل ْيلة ِهالل ُ
رسول اهلل ﷺ و َمن م َعه يف ِّ وحبِس
ُ
املُ َّ
حرم َسنَة سبع من البعثة.
وس ِمع
جلهد ُ
هم ا َ
ِ ِ
نحو ثالث سنني ،حتَّى ب َل َغ ُ
و َب ُقوا َحمبوسني َحمصورين َ
الش ْعب. أصوات ِص ِ
بياهنم بال ُبكاء من َوراء ِّ ُ
وكار ٍه ،فس َعى يف َن ْقض الصحيفة بعض
ِ ٍ
راض ريش يف ذلك بنيوكانت ُق ٌ
القائم بذلك هشا َم ب َن عمرو ِ
بن احلارثَ ،مشى يف ذلك ُ َمن كان ِ
كار ًها هلا ،وكان
ٍ
ومجاعة من قريش ،فأجابوه إىل ذلك. إىل املطعم بن عدي
| 252خمتصر زاد املعاد يف هدي خري العباد
رسل عليها األَ َرضة ف َأ َك َلت ُثم َأط َلع اهللُ رسو َله عىل َأ ْمر َصحيفتهم ،وأنه َأ َ
ِ
فخرج
خرب بذلك َع َّمهَ ، مجيع ما فيها من َج ْور و َقطيعة و ُظ ْلم َّإال ذكْر اهلل ،ف َأ َ َ
ريش ف َأخربهم أن ابن أخيه قد قال كذا وكذا ،فإن كان ِ
كاذ ًبا خ َّل ْينا بينَكم إىل ُق ٍ
َ ََ
نص ْفت ،ف َأ َنزلوا ِ ِ
رج ْعتم عن قطيعتنا و ُظ ْلمنا ،قالوا :قد َأ َ وبينَه ،وإن كان صاد ًقا َ
ُفرا إىل ُك ْفرهم، سول اهلل ﷺ ازدادوا ك ً األمر كام َأ َ
خرب به َر ُ َ الصحيف َة ،ف َل َّام ر َأ ُوا
الش ْعب. وخرج َر ُ
سول اهلل ﷺ و َمن م َعه من ِّ َ
ِ
املبعث ،ومات أبو طالب بعدَ ذلك عرشة أعوا ٍم ِمن
ِ قال ابن ِ
عبد الرب :بعدَ ُ
ِ
بستة أشهر ،وماتت خدجي ُة بعدَ ه بثالثة أيام ،وقيل :غري ذلك.
ك الطائف « :-ال َّل ُه َّم إِ َل ْي َ ِ رجعه ذلك دعا بالدُّ عاء املَشهور -دعاء ويف م ِ
َ
اس ،يا َأرحم ِ ِ ِ ِ ِ
ْت َر ُّب نيَ ،أن َ الرامح َ ف ُق َّو ِيتَ ،وق َّل َة حي َلتيَ ،و َه َو ِاين َع َىل النَّ ِ َ ْ َ َ َّ َأ ْشكُو َض ْع َ
يد َيت ََج َّه ُمنِيَ ،أ ْو إِ َىل َعدُ ٍّو َم َّل ْك َت ُه ْت ريب ،إِ َىل من تَكِ ُلنِي؟ إِ َىل ب ِع ٍ
َ َ ْ ني َو َأن َ َ
ِ
ا ُمل ْست َْض َعف َ
َك َأ ْو َس ُع َِلَ ،أ ُعو ُذ بِن ِ
ُور ب َع َ َّيل َف َال ُأ َب ِاَل ،غَ ْ َري َأ َّن َعافِ َيت َك َغ َض ٌ َأ ْم ِري ،إِ ْن َمل ْ َيك ُْن بِ َ
ت َل ُه ال ُّظ ُل َام ُتَ ،و َص َل َح َع َل ْي ِه َأ ْم ُر الدُّ ْن َيا َو ْاآل ِخ َر ِةَ ،أ ْن َُيِ َّل َع َ َّيل ِش َق ْ َو ْج ِه َ ِ َ
ك ا َّلذي أ ْ َ
خمتصر زاد املعاد يف هدي خري العباد | 253
ك ا ْل ُع ْت َبى َحتَّى ت َْر َىضَ ،و َال َح ْو َل َو َال ُق َّو َة إِ َّال ك َأ ْو َأ ْن َين ِْز َل ِيب َسخَ ُط َ
كَ ،ل َ َض ُب َ
غ َ
ك»(.)1 بِ َ
َأمره أن ُيطبِق األَ َ اجلبال يست ِ رسل ر ُّبه تبارك وتعاىل إليه م َلك ِ
خش َبني عىل َ ف َأ َ
ذان هي بينهام ،فقالَ « :الَ ،ب ْل َأ ْست َْأ ِين ِ ِهب ْم َل َع َّل اهللَ ُ ْ
َي ِر ُج ومها جبالها ال َّل ِ
أهل م َّك َةَ َ ُ ،
َش ُك بِ ِه َش ْيئًا»(.)2
ِم ْن َأ ْص َال ِهبِ ْم َم ْن َي ْع ُبدُ ُه َال ُي ْ ِ
فرصف اهلل إليه َن َف ًرا من ِ فلام َنزل بنَخل َة م ِ
اجل ِّن من ال َّل ْيلَ َ ، رجعه ،قام ُي ِّ
صيل َ َ َّ
سول اهلل ﷺ حتَّى َنزل عليه﴿ :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ فاست ََمعوا ِقراءتَه ،ومل َيش ُعر هبم َر ُ
ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ
ﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴ
ﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄ
ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕﮖ ﮗ
ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ﴾ [األحقاف.)3( ]32 - 29 :
ِ
جل َّبار جل جالله ،فدَ نا منه حتى السامءُ ،ثم ُع ِرج به إىل ا َ الليل َة من بيت املَقدس إىل َّ
سني صالةً،وفرض عليه َمخ َ ِ قوس ِ
أوحىَ ،فأوحى إىل عبده ما َ َ ني أو أدنى، قاب َكان َ
مسني َصالةً .قال :إن َ مر عىل ُموسى فقال له :بِ َم ُأ ِم ْر َت؟ قالَ :
بخ فرجع حتَّى َّ
َ
َّخفيف ألُ َّمتِ َك .فال َت َفت إىل
َ فاس َأ ْله الت ِ
ُأ َّمت ََك ال يطيقون ذلك ،ارج ْع إىل ر ِّب َك ْ
شار َأ ْن َن َع ْم إن ِش ْئت .فلم َي َز ْل َيرت َّدد بني ُموسى ِج َ
ربيل كأنه َيستَشريه يف ذلك ،ف َأ َ
وسؤال بالرجوع ُ مخسا ،ف َأ َم َره ُموسى ُّ وبني ربه تبارك وتعاىل حتَّى ج َع َلها ً
رىض و ُأس ِّلم .فلام َن َفد نادى م ٍ
ناد: قد است َْح َي ْيت من َر ِّيب ،ولكِ ْن َأ َ
التخفيف ،فقالِ :
َ ُ َّ
وخ َّف ْف ُت عن ِع ِ
بادي(.)1 قد َأ َ
مض ْيت َف َ
ريضتيَ ،
خربهم ،فاشتَدَّ تَكذي ُبهم له ،وس َألوه أنسول اهلل ﷺ يف َق ْومه َأ َ َ
فلام َأص َبح َر ُ
َّ
قدس ،فج َّاله اهللُ له حتَّى عاينَهِ ،
فطف َق ُخي ِربهم عن آياته ،وال بيت املَ ِ
ف هلم ََي ِص َ
َ َ
ِ
ورجوعه ،وعن خربهم عن ع ِريهم يف َمرسا ُه ُ َيستَطيعون أن َير ُّدوا عليه شي ًئا .و َأ َ
َو ْقت ُقدومها ،وعن ال َب ِ
عري ا َّلذي َيقدُ مها ،وكان األَ ْمر كام قال ،فلم َي ِز ْدهم َ
ذلك َّإال
اإلرساء مر ًة ِ ِ
واحدةً. فوق ما َيراه النائ ُم ،وكان ِ ُ َّ ُفورا .و َمعلوم أن هذا َأ ْمر َ
ن ً
-11فصل يف مَبدَب اهلِ ْجرة الَّيت فرَّق اهلل فمها نبني بَ ْولمائه وبَ ْعدائه ،وجعََلها
صر عَبدِه ورَسوله
َمبدًََا إلِ ْعزاز دِينه ،ونَ ْ
إىل أن يمنعوه حتى يبلغ رساالت ربه وهلم اجلنة ،فال جيد أحدً ا ينرصه وال
جييبه(.)1
وكان ِمما صنَع اهلل لرسولِه أن األَوس واخلزرج كانوا يسمعون من ح ِ
لفائهم ُ َ َ َ َ ْ َ َ َّ
خرج فنَتَّبِعه ونَقتُلكم ِ
من َهيود املَدينة أن نب ًّيا من األَنبياء َمبعوث يف هذا الزمان س َي ُ
العر ُب َ ُحت ُّجه دون ِ ِ قتل ٍ
معه َ
حي ُّجون البيت كام كانت َ األنصار َ ُ
ُ وكانت عاد وإر َم،
ِ
الناس إىل اهلل ،وتَأ َّملوا َ رسول اهلل ﷺ َيدعو َ فلام ر َأى األَ ُ
نصار اليهودَّ ،
هلل يا َق ْو ُم أن هذا ا َّلذي تَو َّعدُ كم به َهيو ُد، ٍ
لبعض :تَع َلمون وا ِ بعضهم َأحوا َله ،قال ُ
فال َيسبِ ُقنَّكم إليه.
أحدٌ من أمره ،فاجت ََمعوا يف دار النَّدْ وة ،ومل َيتخ َّلف َ
وحلو َقه هبم ،ف َيشتَدُّ عليهم ُ ُ
ِ ِ ِ
رسول اهلل ﷺ ،فأشار َشاوروا يف َأ ْمره ،فتَذاكروا َ
أمر الر ْأ ِي واحلجا منهم ل َيت َ ذوي َّ
ٍ
كل أحد منهم برأي ،إىل أن قال أبو َج ْهل :قد ُف ِرق يل فيه ٌ
رأي ما ُأراكُم قد و َق ْعتُم ُّ
بيلة من ُق َر ْيش ُغال ًما هندً ا َجلدً ا، َأخذ من كل َق ٍ عليه .قالوا :ما هو؟ قالَ :أ َرى أن ن ُ
ِ ِ ُثم نُعطيه سي ًفا ِ
صار ًما ،ف َي ِ
القبائل ،فال تفرق د ُمه يف رجل واحد ،ف َي َّ ْضبونه َِضب َة ُ
القبائل ك ِّلها ،ونَسوق ِ مكنها ُمعاداةعبد مناف بعد ذلك ما تَصنَع ،وال ي ِ َدري بنو ِ ت ِ
ُ َ
حي من ِعند ربه بالو ِ ربيل َ َفرقوا عىل ذلك ،واجت ََمعوا عليه ،فجا َء ُه ِج ُ ِ
إليهم د َيته ،فت َّ
تلك ال َّل ْيل َة.ضجعه َ تبارك وتعاىل ،ف َأخربه بذلك ،و َأمره َّأال َينام يف م ِ
َ َ ََ َ
صف النهار يف ساعة مل َيكُن َيأتِيه فيها سول اهلل ﷺ إىل أيب َبكْر نِ َ وجا َء َر ُ
ُمتقنِّ ًعا ،فقال لهَ « :أ ْخ ِر ْج َم ْن ِعنْدَ كَ» ،فقال :إنام ُه ْم َأه ُل َك يا َر َ
سول اهلل ،فقال« :إِ َّن
سول اهلل سول اهلل؟ فقال َر ُ
اخل ُروجِ » ،فقال أبو َبكْر :الصحب َة يا َر َ اهللَ َقدْ َأ ِذ َن َِل ِيف ُْ
سول اهلل فخ ْذ بأيب و ُأمي إِحدى ِ
راحلت ََّي هات َْني ،فقال َر ُ ﷺَ « :ن َع ْم» ،فقال أبو َبكْرُ :
ِّ ْ
ﷺ« :بِال َّث َم ِن»(.)1
ِ عل ًّيا أن َيبيت يف م ِو َأمر ِ
تلك الليل َة ،واجت ََمع ُأولئ َك ُ
النفر من ُق َر ْيش ضجعه َ َ َ
رصدونهُ ،يريدون َبياتَه ،و َي َأمتِرون َأ ُّهيم َيكون ِ ()2
الباب و َي ُ َيتَط َّلعون من ِص ْ ِري
فأخ َذ ِحفن ًة م َن ال َب ْطحاء ،فج َعل َي ُذ ُّره عىل ُ
رسول اهلل ﷺ عليهم َ َأشقاهاَ ،
فخرج
ؤوسهم ،وهم ال َي َر ْونه ،وهو َيتلو﴿ :ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ر ِ
ُ
سول اهلل ﷺ إىل بيت أيب َبكْر، ومَض َر ُ
ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ﴾ [يسَ ،]9 :
رجل فر َأى ال َق ْوم ببابِه فقال :ما
ليال ،وجاء ُفخرجا من َخ ْو َخ ٍة( )3يف دار أيب َبكْر ً
َ
وسكم وخرستُم ،قد واهللِ مر بكُم وذر عىل ر ُؤ ِ
ِ تَنتَظِرون؟ قالواُ :حممدً ا .قالِ :خ ْبتم
ُ َّ ْ َّ ْ
ِ
رسول اهلل ﷺ من مك َة وقصدَ ه املدين َة ،وكانوا خيرجون خمرج
األنصار ُ َ
وبلغ
َ
الشمس رجعوا عىل ِ
عادهتم ِ حر احلر ِة ينتظرونه َ
أول النهار ،فإذا اشتدَّ ُّ كل يو ٍم إىل ََّّ
ِ
منازهلم. إىل
سامل ِ
بن ركب ب َأمر اهلل له ،ف َأدر َكتْه اجلمع ُة يف بني ِ ف َلام كان يوم اجلمعة ِ
ُُ َ ْ ُُ َّ
بخطام الواديُ ،ثم ركِب ف َأ َخذوا ِ ِ سجد ا َّلذي يف َبطن َع ْوف ،فجم َع هبم يف املَ ِ
َّ َّ
والسالح واملَنَعة ،فقالَ « :خ ُّلوا َسبِي َل َها َفإِ َّهنَا ِّ راحلتِهَ ،ه ُل َّم إىل العدَ د وال ُعدَّ ةِ
رغبوا إليه يف سائرة به ال َمتر بدار من دور األَنصار َّإال ِ م ْأمور ٌة» ،فلم ت ََز ْل ناقتُه ِ
ُ ُ ُّ َ ُ َ
وضع النُّزول عليهم ،ويقول« :دعوها َفإِهنا م ْأمور ٌة» ،فسارت حتَّى وص َلت إىل م ِ
َ َ َ َ ُ َ َّ َ َ ُ َ َ
َتليالُ ،ثم ال َت َفت ْ وسارت َق ً وبركَت ،ومل َي ِنزل عنها حتى َهن َ َضت ِ
َ َمسجده اليو َم َ
فنزل عنها وذلك يف َبني الن ََّّجار أخوالِه ﷺ. األو ِلَ ، ِ
ربكَت يف موضعها َّ ورج َعت ف ََ
كرمهم بذلك، ب أن َي ِنزل عىل َأخواله ُي ِ أح َّ
وكان من تَوفيق اهلل هلا فإنه َ
وب
سول اهلل ﷺ يف النُّزول عليهم ،وبا َدر أبو أ ُّي َ الناس ُيك ِّلمون َر َ ُ فج َعل
سول اهلل ﷺ َيقول« :املَْ ْر ُء َم َع َر ْحلِ ِه»، نصاري إىل َر ْحله ف َأ َ
دخ َله بيتَه ،فج َع َل َر ُ ُّ األَ
راحلته ،فكانت ِعنده.
وجاء أسعدُ بن ُزرار َة ف َأ َخذ ِبزمام ِ
ُ
سول اهلل ﷺ سجده ،وب َعث َر ُ وب حتَّى بنَى ُح َجرته وم ِ ف َأقام يف َم ِنزل أيب أ ُّي َ
َ
ِ حارث َة وأبا رافِع ،و َأ ُ
وب زيدَ ب َن ِ
رهم ومخسمئة د َ
َ عري ْين
عطامها َب َ وهو يف َم ِنزل أيب أ ُّي َ
فقدما عليه بفاطِم َة و ُأم كُلثوم ابنَ َتيه ،وسود َة ِ
بنت َزمع َة َز ْوجته ،و ُأسام َة إىل م َّك َة ِ
َ ْ ِّ
ِ ِ
رسول اهلل ﷺ فلم ُيم ِّكنْها زوجها أبو بنت
نب ُ بن َز ْيد و ُأ ِّمه ُأ ِّم َأ َ
يم َن ،وأ َّما َز ْي ُ
| 261خمتصر زاد املعاد يف هدي خري العباد
بع ِالعاص بن الربي ِع من اخلروج ،وخرج عبدُ اهلل بن أيب بكْر معهم ِ
يال أيب َبكر َُ َ َ ُ ِ ُ َّ
حارث َة بن الن ِ
ُّعامن. فنزلوا يف بيت ِ وفيهم ِ
عائش ُةَ ،
بيت املَ ِ
قدس ،وج َعل له ثالثة أبواب ،با ًبا يف سجده إىل ِ
وج َعل ِقبل َة م ِ
َ
دخل منه َرسو ُل اهلل ﷺ، الر ْمحة ،والباب ا َّلذي َي ُ
باب َّ
ؤخره ،وبا ًبا ُيقال لهُ : ُم َّ
جلذوع ،وسقف باجلَريد ،وبنَى إىل َجنْبه ُبيوت احلُ َج ِر باللبِن، وج َعل َع َمده ا َ
وسقفها باجلريد واجلذوع ،فلام فرغ من البِناء بنَى ِ
بعائش َة يف البيت ا َّلذي َبنا ُه هلا َ َّ َ ُ َ َ
آخ َر. سجد ِقبليه ،ومها مكان حجرته اليوم ،وجعل لسود َة ِ
بنت َزمع َة بيتًا َ َرشقي ا َمل ِ
َ َ َ ُ ْ َ َّ
رصف إىل الكَعبة ،فقال قدسِ ُ ، صيل إىل ِقبلة بيت ا َمل ِ وكان ُي ِّ
ب أن ُي َ وحي ُّ َْ
ف اهللُ وج ِهي عن ِقب َل ِة ا ْليه ِ
ود» ،فقال :إنَّام أنا َعبدٌ ،فا ْد ُع ربيلَ « :و ِد ْد ُت َأ ْن َرص َ
ِجل َ
َ ْ ْ َُ َ ْ
وجهه يف السامء َيرجو ذلك ،حتى َأ َنزل اهلل عليه﴿ :ﮜ ر َّب َك وسله .فج َع َل ُيق ِّلب َ
ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡﮢ ﮣ ﮤ ﮥﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ
شهرا من َمقدَ مه املَدين َة قبل وقعة َبدْ ر ِ ِ
ﮫ﴾ [البقرة .]144 :وذلك بعد ست َة َ
عرش ً
َ
بش ْهرين.
قدس ُثم َحتويلها إىل الكَعبة ِحكَم َعظيمة، القبلة إىل بيت املَ ِوكان يف جعل ِ
َ ْ
رشكني وال َيهود واملُنافِقني.للمسلِمني واملُ ِ ِ
وحمْنة ُ
ط ْعنا وقالوا﴿ :ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ﴾ [آل فأما ا ُملسلِمون فقالواِ :
سم ْعنا و َأ َ َّ
وه ُم الذين َهدَ ى اهلل ،ومل َتكُن كَبرية ع َل ْيهم.
عمرانُ ،]7 :
رجع إىل ِدينِنا ،وما رشكون فقالوا :كام رجع إىل ِقبلتِنا ،ي ِ
وشك أن َي ِ ُ َ َ وأ َّما املُ ِ
رج َع إليها َّإال ألهنا ُّ
احلق. َ
ف ِقبلة األَنْبياء قب َله ،ولو كان نب ًّيا لكان ُي ِّ
صيل إىل وأ َّما ال َيهو ُد فقالوا :خا َل َ
ِقبلة األَنبياء.
| 262خمتصر زاد املعاد يف هدي خري العباد
توج ُه ،إن كانت األُوىل ح ًّقا ف َقدْ وأ َّما املُنافِقون فقالوا :ما َي ِ
دري ُحم َّمد أين َي َّ
الس َفهاء احلق فقد كان عىل باطِ ٍل ،وك ُث َرت َأ ُ
قاويل ُّ َتركَها ،وإن كانت الثانِي ُة هي َّ
هلل تعاىل﴿ :ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ﴾ ِ
الناس ،وكانت كام قال ا ُ من
ِ ِ
لريى َمن َيتَّبِع َّ
الرسول منهم [البقرة ،]143 :وكانت حمْنة م َن اهلل امت ََحن هبا عبا َده َ َ
ِممَّن َين َقلِب عىل َع ِق َب ْيه.
فصل
ِ ِ
األذان يف اليوم وال َّل ْيلة مخس
َ هلم و َأت ََّم نعمتَه عليهم مع القبلة بأن َ
رش َع ُ
والعشاء ركعتَني ُأخريني بعد أن كانت ُث ِ
نائ َّية، مرات ،وزادهم يف ال ُّظهر والعرص ِ
ََْ َ ْ َ ْ ْ َُ َّ
فكل هذا كان بعد َمقدَ مه ا َملدينة.
ُّ
قتال املُرشكني كاف ًة ،وكان ُحمر ًما ،ثم َمأذونًا فيه ،ثم َم ً
أمورا ثم فرض عليهم ُ
أحد
فرض َع ْني عىل َمأمورا به جلمي ِع املُرشكني ،إما َ ِ
بالقتالُ ،ثم به ملَن بدَ َأهم
ً
ِ
املشهور. فرض كِ ٍ
فاية عىل القولني ،أو َ
ِ
باللسان ،وإما ِ
بالقلب ،وإما فرض ٍ
عني إما ِ
اجلهاد ُ والتحقيق :أن ِجنس
ُ
باملال ،وإما ِ
باليد ،فعىل كل مسل ٍم أن جياهدَ بنو ٍع من هذه األنواعِ. ِ
ِ
قوالن: باملال ففي وجوبِهِ ففرض كِ ٍ
فاية ،وأما اجلها ُد ُ ِ
بالنفس أما اجلها ُد
ِ
القرآن سوا ٌء ،كام قال تعاىل: ِ
وبالنفس يف ِ
باجلهاد به األمر والصحيح وجو ُبه؛ ألن
َ ُ
﴿ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ
ِ
الذنب ﭟ ﭠ ﭡ﴾ [التوبة ،]41 :وعلق النجا َة من النريان به ومغفر َة
اجلنة فقال﴿ :ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ِ َ
ودخول
ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ
ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ﴾ [الصف:
ِ
والفتح ِ
النرص أعطاهم ما ُحي ُّبون من
ُ رب أهنم إن ف َعلوا ذلك
،]12 - 10وأخ َ
القريب ،فقال﴿ :ﯰ ﯱ﴾ [الصف ]13 :أي :ولكُم خصل ٌة أخرى ُحت ُّبوهنا يف ِ
رب سبحانه أنه﴿ :ﯙ ِ
اجلهاد ،وهي﴿ :ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ﴾ [الصف ]13 :وأخ َ
عاضهم عليها اجلن َة. ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ﴾ [التوبة ]111 :و َأ َ
أعظم خ َط َره وأج َّل ُه! فإن اهللَ
َ ف ْل َيتأ َّم ِل املعاقدُ مع ر ِّبه عقدَ هذا التبايعِ ،ما
َ
هناك، والتمتع برؤيتِه
ُ والفوز برضا ُه،
ُ جنات النعي ِم
ُ ِ
املشرتي ،والثم ُن هو
ِ
املالئكة ومن أرشف رسلِه وأكر ُمهم عليه من ُ والذي جرى عىل ِ
يده هذا العقدُ َ
ٍ
وخطب جسي ٍم: شأهنا لقد هي َئ ْت ٍ
ألمر عظي ٍم البرش ،وإن سلع ًة هذا ُ ِ
| 264خمتصر زاد املعاد يف هدي خري العباد
سوال، حم ٍد َر ً
وبم َّ
ِ
رِض باهللِ ر ًبا ،وباإلسال ِم دينًاُ ،
َ
وقال أليب سعيد« :من ِ
َ
ِ ٍ اجلنَّ ُة» ِ
رسول اهللَ .
ففعلُ ،ث َّم َ ب هلا أبو َسعيد ،فقالَ :أعدْ ها َّ
عيل يا فعج َ ت ل ُه َ وج َب ْ
َ
جة يف َ ِ
وأخرى ير َفع اهللُ هبا العبدَ ِمئ َة در ٍ
بني كل اجلنَّة ما َ َ سول اهلل ﷺُ َ َ ُ « : قال َر ُ
سول اهلل؟ قالِ « :
اجلها ُد يف السامء واألرضِ» ،قال :وما هي يا َر َ ِ َني كام بني درجت ْ ِ َ
َس ِ
بيل اهللِ»(.)1
كل خز ِاجلن َِّة ُّ زوج ْ ِ
بابَ ،أ ْ
ي َنة ٍ بيل اهللَ ،دعا ُه خزَن ُة َني يف َس ِ وقالَ « :من َأن َفق َ
كان ِمن ِ
أهل ومن َ ِ
باب الصالةَ ، الصالةُ ،د ِع َي من ِِ كان من ِ
أهل عبدَ اهلل َه ُل َّمَ ،
فم ْن َ
قة،باب الصدَ ِ
قةُ ،د ِع َي ِمن ِ أهل الصدَ ِكان ِمن ِ ومن َ باب ِ ِ هادُ ،د ِع َي من ِاجل ِِ
اجلهادَ ،
أنت
ان» فقال أبو َبكْر :بأيب َ الر َّي ِ كان من َأ ْه ِل الصيامُِ ،د ِع َي من ِ
باب َّ ومن َ َ
دعى األبواب من َِضورة ،فهل ُي َ ِ سول اهلل ،ما عىل َمن ُد ِع َي من تِ َ
لك و ُأ ِّمي يا َر َ
َكون ِمن ُْهم»(.)2
وأ ْرجو َأ ْن ت َ األبواب ك ِّلها؟ قال« :ن َع ْمَ ،
ِ أحدٌ من تِ َ
لك َ
حر َم ُهام اهللُ عىل ِ َب ْت َقدَ ما ُه يف َس ِ
النار»(.)3 بيل اهلل َّ وقالَ « :م ِن ا ْغ َ َّ
بيل اهللِ َخ ْ ٌري ِم َن الدُّ نْيا َوما َع َل ْيها»(.)4 وقالِ « :ر ُ
باط َي ْو ٍم يف َس ِ
الل الس ِ
يوف»(.)1 ت ظِ ِ
اجلن َِّة َحت َ
أبواب َ إن
وصح عنه ﷺَّ « :
ُّ َ َّ
فه َو يف َس ِ وصح عنه ﷺ« :من قات ََل لِت َ ِ
بيل اهللِ»(.)2 هي ال ُع ْلياُ ،
َكون كلم ُة اهللِ َ َ َّ
اجل ِ بالعاملِ واملُ ِنف ِق واملَ ْق ِ
تول يف ِ ِ
هاد إذا وصح عنه ﷺ« :إِ َّن َ
النار َّأو َل ما ت َُس َّع ُر َّ
ك لِ ُي َ
قال»(.)3 ف َعلوا ذلِ َ
-19فصل [يف استحبانبه القتال بول النهار]
اخلروج للسفر َّأو َله ،فإذا مل
َ َ
القتال أول النهار كام َيستحب ستحب
ُّ وكان َي
وينزل النرص. َ وهتب الرياح الشمس، تال حتى َ
تزول النهار أخر ِ
الق َ ِ ْ
يقاتل أول
َّ ُ
فينزل عن دا َّبتِه،
ُ السوط يسقط من يد ِ
أحدهم، ُ الناس شي ًئا ،وكان
َ أال يسألوا
ٍ
ألحد :ناولني إياه. فيأخذه ،وال يقول
ِ
املنازل. العدو ،وختري
ِّ يشاور أصحا َبه يف أمر اجلهادِ ،
وأمر لقاء وكان
ُ
املنقطع،
َ الضعيف ،و ُيردف
َ ِ
املسري ،ف ُيزجي وكان يتخ َّلف يف ساقتِهم يف
أرفق الناس هبم يف السري.
وكان َ
احلرب
ُ ِ
بغريها ،وكان ﷺ يقول« : ورى
وكان ﷺ إذا أراد غزو ًة َّ
خُ دع ٌة»(.)1
احلرس.
َ ُّ
ويبث الطالئع،
َ عدوه ،و ُيطلِع َ
العيون يأتونَه بخرب ِّ وكان ُ
يبعث
وكان إذا ظهر عىل قو ٍم أقام بعرصتِهم ثال ًثا ،ثم قفل.
هنارا.
عدوه ،وربام فاجأهم ً
وكان ربام ب َّي َت َّ
عضدي،
اللهم أنت ُ
نِصك» ،وكان يقولَّ « :
()3
اللهم أنزل َ
وكان يقولَّ « :
وأنت نَصريي ،وبك ُ
أقاتل»(.)4
وكان إذا اشتد البأس ومحِيت احلرب ،وقصده العدو ،يعلِم ِ
بنفسه ويقول: ُّ ُ ُ َ ُ
كذب ،أنا ابن ِ
عبد املطلب»(.)5 «أنا النبي ال ِ
ُ ُّ
العدو.
ِّ وكان البأس إذا اشتد ات َقوا به ﷺ ،وكان َ
أقرهبم إىل
ِ
صلحة. وكان ُين ِّف ُل ِمن ُص ِ
لب الغنيمة بحسب ما يراه من املَ
َّفل(.)1 ِ
الضعيف والقوي يف القسمة ما عدا الن ِ يسوي بني
وكان ِّ
العدو وبعث رسي ًة بني يديه فام غنِمت أخرج ُ
مخ َسه، ِّ ِ
أرض وكان إذا أغار يف
ِ
اجليش. وقسم الباقي بينها وبني ِ
سائر ون َّفلها ر ُب َع الباقيَّ ،
سهمه َ ِ ِ
لعثامن َ سهم
وكان ُيسهم ملن غاب عن الوقعة ملصلحة املسلمني ،كام أ َ
من ٍ
بدر.
يراهم وال ينهاهم. وكانوا َيشرتون معه يف ال َغ ِ
زو ويبيعون ،وهو ُ
ِ
للغزو عىل نوعني: وكانوا َيستأجرون األجرا َء
سفره. الرجل ويستأجر من ِ
خيدمه يف ِ ُ أحدُ مها :أن َخي ُر َج
َ
ِ
اجلهاد ،ويسمون ذلك اجلعائ َل، خيرج يف يستأجر من ماله من والثاين :أن
ُ َ
وأجر الغازي»(.)2
ُ ِ
وللجاعل أجره أجره،
النبي ﷺ« :للغازي ُ
وفيها قال ُّ
أيضا: ِ
الغنيمة عىل نوعني ً َ
يتشاركون يف وكانوا
أحدُ مها :رشك ُة األبدان.
ِ
النصف فرسه يغزو عليه عىل ِ ُ
الرجل ،أو َ بعريه إىل
الرجل َ يدفع
َ والثاين :أن
يغنم.
مما ُ
يبعث الرسي َة ُفرسانًا تارةً ،ورجال ًة أخرى ،وكان ال يسهم ملن ِ
قدم من وكان ُ
ُ
ِ
الفتح. املَ ِ
دد بعد
بعض الصحابة :هني ًئا له اجلن ُة ،فقال« :كال، وملا أصيب غال ُمه ِمدعم قال ُ
املقاسم- الشمل َة -التي أخذها يو َم خيَب من املغان ِم مل تصبها والذي ِ
نفيس بيده ،إن َّ
ُ
ٌ
ِشاك أو سمع ذلك ،فقال« : ٍ
برشاك أو رشاكني ملا نارا» ،فجاء ٌ
رجل ُ
َ لتشتعل عليه ً
ِشاكان من ٍ
نار»(.)1
وأمر بتحريق متا ِع ِّ
الغال وِضبه.
وبعضهم
َ ِ
باملال، بعضهم
بعضهم ،و ُيفادي َ
بعضهم ،ويقتل َ كان يمن عىل ِ
ُ ُّ
ِ
املصلحة. بأرسى املسلمني ،قد فعل ذلك ك َّله بحسب
ِ
وولدها ،ويقول« :من َّفرق ِ
الوالدة التفريق يف السبي بنيَ يمنع وكان ﷺ
ُ
ِ
وولدها ،فرق اهلل بينَه وبني أح َّبته يو َم القيامة»(.)1 ٍ
والدة بني
جاسوسا من املرشكني(.)2
ً ثبت عنه أنه قتل
ِ
جواز فدل عىل يقسم مك َةَّ ، قسمتها وبني ِ
رب ومل ِّ قسم خي ََ والنبي ﷺ
ُّ وقفها،
دل عىل ذلك واألرض ال تدخل يف الغنائ ِم املأمور بقسمتها ،ومما َي ُّ
ُ األمرين ،قالوا:
حكم الغنيمة،
َ رب خاص ًة ،ولو كان حكمها ِ
أرض خي َ نصف
َ النبي ﷺ قسمَّ أن
لقسمها ُك َّلها بعد اخلمس.
ِ
بقدر غدرتهُ ،يقال :هذه غدر ُة لواء يو َم القيامة ُيرفع له ٍ
غادر ٌ وقال« :لكل
بن ٍ
فالن»(.)1 ِ
فالن ِ
طوائف
َ َ
ثالث أمن ،وكانواكتاب ٍ َ َب بينهم وبينه فصالح هيو َد املدينة وكت َ
النضري ،و ُق َر ْي َظ َة. ِ
املدينة :بني َقينُقاع ،وبني ِ َ
حول
ْ
ِ
بوقعة ٍ ورش ُقوا ٍ
البغي
َ بدر ،وأظهروا فحاربته بنو َق ْينُقاع بعدَ ذلك بعدَ بدرَ َ ،
ِ
السبت النصف من فسار ْت إليهم جنو ُد اهلل يقد ُمهم عبدُ ه ورسو ُله يو َم واحلسدَ ،
َ
شهرا من مهاجره.رأس عرشين ً ِ شوال عىل
ِ
حصوهنم يرمون اهلل ﷺ وكرب أصحا ُبه ،وهنضوا إليه ،فلام انتهى إليهم قاموا عىل
وحلفاؤهم ِمن غطفان.
ُ يب ِ ِ
بالنبل واحلجارة ،واعتز َلتْهم قريظ ُة ،وخاهنم ُ
ابن أ ٍّ
وحرق ،فأرسلوا إليه :نحن َّ وقطع نخ َلهم
َ فحارصهم رسول اهلل ﷺ،َ َ
بنفوسهم وذرارهيم ،وأن هلم ماِ َ
فأنزهلم عىل أن َخيرجوا عنها ِ
املدينة، نخرج عن
ُ
َ
األموال واحللق َة. السالح ،وقبض النبي ﷺ ت ُ
اإلبل إال مح َل ِ
َ
ِ
ومصالح املسلمني ،ومل ِ
لرسول اهلل ﷺ لنوائبِه وكانت بنو النضري خالص ًة
ٍ
ركاب. ٍ
بخيل وال خيمسها؛ ألن اهلل أف َاءها عليه ،ومل ُيوجف املسلمون عليها
ِّ
ِ
وأما قريظ ُة فكانت أشدَّ اليهود عداو ًة لرسول اهلل ﷺ ،وأغل َظهم ً
كفرا؛
ِ
إخواهنم. ولذلك جرى عليهم ما مل َجي ِر عىل
ِ
اخلندق والقو ُم معه ِ
غزوة خرج إىل َ سبب ِ
رسول اهلل ﷺ ملا َ غزوهم أن وكان ُ
بعز ُص ْل ٌح ،جاء حيي بن أخطب إىل بني قريظة يف ِ
ديارهم ،فقال :قد جئتُكم ِّ
ِ
الشوكة أهل ِ
قادهتا ،وأنتم ُ ِ
سادهتا ،وغطفان عىل ٍ
بقريش عىل الدهر ،جئتُكم
رئيسهم :بل جئتني واهللنناجز حممدً ا ونفرغ منه ،فقال له ُ َ والسالح ،فه ُل َّم حتى
ِ
ويربق ،فلم يزل حيي ُ ٍ
بسحاب قد أراق ما َءه ،فهو يرعدُ الدهر ،جئتني ِ ِّ
بذل
يدخل معه يف حصنِه ُيصيبه ما َ ِ
برشط أن ادعه ويمنِّيه و َي ِعدُ ه حتى أجابه ُخي ِ
بعضهم عهدَ ه وصلحه ،وأقرهم وكان هد ُيه ﷺ أنه إذا صالح قو ًما فنقض ُ
ِ
والنضري اجلميع ،وجعلهم ُك َّلهم ناقضني ،كام فعل بقريظ َة
َ الباقون ورضوا به ،غزا
ِ ِ
بأهل مك َة ،فهذه ُسنَّتُه يف أهل
العهد ،وعىل هذا ينبغي أن وبني َقين َ
ُقاع ،وكام فعل
أهل الذ َّم ِة.
جيري احلكم يف ِ
َ
عدو له
ٌّ وكان هد ُيه وسنتُه إذا صالح قو ًما وعاهدهم ،فانضاف إليهم
سواهم ،فدخلوا معهم يف ِ
عقدهم ،وانضاف إليه قو ٌم آخرون ،فدخلوا معه يف
كم من حاربه، ِ دخل معه يف ِ
حكم من حارب من َ ِ
الكفار ُح َ عقده من ُ عقده ،صار
وهبذا السبب غزا َ
أهل مك َة.
رسل أعدائه ،وهم عىل عداوته ،فال ُهي ِّي ُجهم وال يقت ُلهم.
وكانت تَقدُ م عليه ُ
َ
الرسول عنده إذا اختار دينَه ،فال يمنعه من بس
وكان هد ُيه أيضا أال َحي َ
اللحاق ِ
بقومه ،بل ير ُّده إليهم كام فعل مع أيب رافعٍ. ِ
خمتصر زاد املعاد يف هدي خري العباد | 280
وكان من هديه أن أعداءه إذا عاهدوا واحدً ا من أصحابِه عىل عهد ال َي ُّ
ْض
حل َسيل أالباملسلمني من غري رضاه ،أمضا ُه هلم ،كام عاهدوا ُحذيف َة وأباه ا ُ
بعهدهم،ِ يقاتالهم معه ﷺ ،فأمَض هلم ذلك وقال هلام« :انِصفاِ ،نفي هلم
ونستعني اهلل عليهم»(.)1
ُ
ِ
الكفار جزي ًة اجلزية فإنه مل يأخذ من ٍ
أحد من ِ ِ
وأهل عقد الذ َّم ِة
وأما هديه يف ِ
ُ
ِ
ثالث الثامنة ،فلام نزلت آي ُة اجلزية أخذها ﷺ ِمن
ِ ِ
السنة ِ
نزول (براءة) يف إال بعد
ِ
واليهود ،والنصارى ،ومل يأخذها من عباد األصنام .فقيل: ِ
املجوس، طوائف :من
َ
ِ
وغريهم ِ
الكتاب ُؤخذ ِمن ِ
أهل كافر ِ
غري هؤالء ،وقيل :بل ت ُ أخذها من ٍجيوز ُ
ال ُ
ِ
العرب. كعبدة األصنا ِم من عج ٍم دون
يأخذها من مرشكي الع ِ
رب؛ ألهنا إنام القول الثاين يقولون :إنام مل ُِ وأصحاب
ُ
ٌ
مرشك ،فإهنا نز َل ْت بعدَ فتح يبق فيها ِ
العرب ومل َ فرضها بعدَ أن أسلمت دار ُة َزل ُ ن َ
السرية وأيا َم اإلسالم َعلِ َم أن
َ أفواجا .ومن تأ َّمل
ً ِ
العرب يف دين اهلل ِ
ودخول مك َة
رسول اهلل ﷺ ،كام ثبت عنه يف «صحيح ِ تدل سن ُة األمر كذلك ،وعىل ذلك ُّ َ
الل ثالث، فادعهم إىل إحدى ِخ ٍعدوك من املَشكنيُ ، لقيت َّ
َ مسلم» أنه قال« :إذا
ُف عنهم» ،ثم أمره أن يدعوهم إىل فأ َّيتَهن أجابوك إليها ،فا ْق َب ْل منهم ،وك َّ
اإلسالم ،أو اجلزي َة ،أو يقات َلهم(.)2
أول ما َأوحى إليه ر ُّبه تبارك وتعاىل :أن يقر َأ باسم ر ِّبه الذي خلق ،وذلك
أو ُل نبوتِه ،فأمره أن يقر َأ يف ِ
نفسه ،ومل يأ ُم ْره إذ ذاك بتبليغٍ ،ثم أنزل عليه ﴿ :ﮬ ََ َّ
ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﴾ [املدثر ،]2-1 :فن َّبأه بقولِه ﴿ :ﭻ ﴾ ،وأرسله بـ( :ﮬ ﮭ
ﮮ) [املدثر.]1 :
أنذر ِ
العرب ،ثم َ حوهلم منأنذر من َنذر عشريتَه األقربني ،ثم َ ثم أمره أن ُي َ
قتال وال نبوتِه ينذر بِ ِ
غري ٍ بضع عرش َة سن ًة بعد َّ
أنذر العاملني فأقا َم َ العرب قاطب ًة ،ثم َ
َ
ِ
والصفح. بالكف بالصرب
ِّ ويأمر ٍ
جزية
ُ
ِ
القتال ،ثم أمره أن ُي َ
قاتل من قاتله ،ثم أمره اهلجرة ،و َأذن له يفِ ثم َأ َ
ذن له يف
يكون الدي ُن ُك ُّله هلل.
َ بقتال املرشكني حتى ِ
ُ
وأهل ٍ
صلح، أهل ِ
باجلهاد ثالث َة أقسا ٍمُ : ِ
األمر الكفار معه بعد ثم كان
ُ
حربٍ ُ ،
تم ألهل العهد عهدَ هم ما استقاموا ،فإن خاف منهم وأهل ذ َّمة ،ف ُأمر بأن ُي َّ
قاتل من ِ
العهد ،و ُأمر أن ُي َ َبذ إليهم عهدَ هم ،ومل يقاتِلهم حتى يعلمهم ِ
بنبذ خيان ًة ن َ
ُ َ
نقض عهدَ ه.
قبل منهم عالنيتَهم ،وأن جياهدَ هم وأما سريتُه يف املنافقني ،فإنه ُأمر أن َي َ
ِ
بالقول البليغ إىل بالعلم واحلُ َّج ِة ،و ُأمر أن ُي َ
عرض عنهم ،و ُيغلِ َظ عليهم ،وأن يبلغ
وهني أن يصيل عليهم ،وأن يقو َم عىل ِ ِ
استغفر هلم
َ قبورهم ،و ُأخ َ
رب أنه إن نفوسهمُ ،
أو مل يستغفر هلم فلن َيغفر اهلل هلم.
رهبم
نفسه مع الذين يدعون َّ رب َوأما سريتُه مع أوليائه وحزبِه ف ُأمر أن يص َ
وجهه ،وأال تعدُ َو عيناه عنهم ،و ُأمر أن يع ُف َو عنهم، والعِش يريدون ِ
بالغداة
َ ِّ
ِ
ويشاورهم يف األمر ،وأن ِّ َ
يصيل عليهم. َ ويستغفر هلم،
َ
يتوب.
َ ف عنه حتى ِ
هبجر من عصاه وخت َّل َ و ُأمر
ِ
وجباهتا منهم ،وأن يكونوا يف ذلك عنده و ُأمر أن ُي َ
قيم احلدو َد عىل من أتى ُم
سوا ًء رشي ُفهم ودنيهم.
َ
رمضان، بن عبد املُ َّطلب يف ِ
شهر رسول اهلل ﷺ حلمز َة ِ ُ وكان َّأول لِواء ع َقدَ ه
أبيض ،وكان ِ هاج ِره ،وكان لوا ًء َ ِ
حام ُله أبا َمر َثد َ
كناز أشه ٍر من ُم َ رأس سبعة ُ ِ عىل
هاجرين خاص ًة، رج ًال م َن املُ ِ
ثالثني ُ حليف َمحزةَ ،وبع َثه يف حل َص ْني ال َغن َّ
َوي
َ َ ب َن ا ُ
بن ِهشا ٍم يف ثالثِمئةمن الشا ِم ،وفيها أبو َج ْهل ُ ريش جاءت َ عرتض ِع ًريا ل ُق ٍ َي ِ
فمشى للقتالَ ،العيص ،فا ْل َت َقوا واص َط ُّفوا ِ
ِ ِ
البحر من ناحية رجل ،فب َلغوا ِسيف
ْ ُ
ِ
وهؤالء ،حتَّى ِ
هؤالء هني ،وكان حلي ًفا لل َفريقني مجي ًعا ،بني دي بن َع ٍ
مرو اجلُ ُّ َجم ُّ
حجز بينهم ومل َيقتَتِلوا. َ
ِ اآلخ ِ
رسول اهلل ﷺ يف ُمجادى ِ
ُ
محل
شهرا ،و َ
عرش ً رأس س َّت َة َ رة عىل َ ُثم َ
خرج
املدينة أبا س َلم َة بن ِ
عبد ِ أبيض ،واستَخ َلف عىل ِ
املطلب ،وكان َ لِواءه محز ُة بن ِ
عبد ُ َ
خمتصر زاد املعاد يف هدي خري العباد | 285
هاجرين ،وملوم ٍئة ،و ُيقال :يف ِمئتني م َن املُ ِ األس ِد املَخزومي ،وخرج يف مخسني ِ
َ َّ َ
عريا وخرجوا عىل ثالثني َبعريا َيعت َِقبوهناَ ،ي َ ِ كر ْه أحدً ا عىل اخلُ ِ ُي ِ
عرتضون ً ً َ روج،
أموال ل ُق ٍ
ٌ رب ب ُفصوهلا من م َّك َة فيها ل ُق ٍ ِ
ريش، ريش ذاهب ًة إىل الشا ِم ،وقد كان جا َءه اخل ُ
واملدينة تِسع ُة برد ،فوجد ِ
الع َري قد ِ شرية ،وهي بناحي ِة َين ُب َع ،وبني َين ُب َع فبلغ ذا الع َِ
َ ُُ ُ
رج َعت من الشا ِم ،وهي ا َّلتي ِ
خرج يف ط َلبها حني َ فا َتتْه بأ َّيا ٍم ،وهذه هي الع ُري ا َّلتي َ
بوعد ِه.
ِ الش ْوكةَّ ،
ووىف له هلل إ َّياها ،أو املُقاتَلة ،وذات َّ
و َعدَ ه ا ُ
ِ
رأس سبع َة ب ،عىل رج ٍ األسدي إىل نَخل َة يف َ َّ بن َج ْحش بعث عبدَ اهلل َُثم َ
كل اثن َْني َيعت َِقبان عىل هاجرينُّ ، رجال من املُ ِ عرش ً ِ ِ
شهرا من اهلجرة ،يف اثن َْي َ عرش ً َ
ريش َحت ِملعري ل ُق ٍفمر ْت به ٌ ريشَّ ، عريا ل ُق ٍ رصدون ً بطن نخل َة َي ُ فوصلوا إىل ِ عريَ ، َب ٍ
بنونوفل :ابنا عبد اهلل ِ ٌ ْضمي ،و ُع ُ
ثامن حل ِ
ِّ عمرو ب ُن ا َ َزبي ًبا وأد ًما وِتارة فيها ُ
َشاور املُسلِمون ،وقالوا: ِ ِ
نحن يفُ وىل بني املُغرية ،فت َ كيسان َم ََ املُغرية ،واحلك َُم ُ
بن
الشهر احلرا َم ،وإنَ الشهر احلرا ِم ،فإن قا َت ْلناهم انت ََهكْنا ِ برج ٍآخر يو ٍم من َ
عمرو ب َن مجعوا عىل م ِ احلر َمُ ،ثم َأ َ َتركْناهم الليل َة َ
أحدُ هم َ القاهتم ،فر َمى َ ُ دخلوا َ
ِ
بالعري َوفلُ ،ثم ِ
قدموا حلك ََم ،و َأف َل َت ن ٌ ْضمي فق َت َله ،و َأ َرسوا ُع َ
ثامن وا َ َّ حل
ا َ
مخس كان يف اإلسال ِم، عزلوا من ذلِك اخلُ ُم َس ،وهو كان َّأول ُ ُ سري ْين ،وقد َ واألَ َ
سول اهلل ﷺ عليهم ما سري ْين يف اإلسال ِم ،و َأنكَر َر ُ وأول َأ َ اإلسالمَّ ، وأول َقتيل يف ِ َّ
ف َع ُلوه.
| 286خمتصر زاد املعاد يف هدي خري العباد
وجدوا َم ً
قاال، وإنكارهم ذلك ،وز َعموا أهنم قد َ ُ ٍ
قريش واشتَدَّ تَعن ُُّت
الشهر احلرا َم ،واشتَدَّ عىل املُسلِمني ذلك ،حتى َأ َنزل اهلل
َ أح َّل ُحم َّمدٌ
فقالوا :قد َ
تعاىل﴿ :ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ
ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ﴾ [البقرة:
ِ
واإلنصاف، ِ
بالعدل ِ
وأعدائه ِ
أوليائه بني
حكم َ ،]217واملقصود :أن اهلل سبحانه
َ
ِ ِ
كبري، ارتكاب اإلث ِم بالقتال يف الشهر احلرام ،بل َأخ َ
رب أنه ٌ ربئ أوليا َءه من ومل ي ِّ
القتال يف الشهر احلرام ،فهمِ رب وأعظم ِمن جمرد وأن ما عليه أعداؤه املرشكون أك ُ َّ
قتاهلم ذلك ،أووالعقوبة ،السيام وأولياؤه كانوا متأولني يف ِ ِ ِ
والعيب أحق بالذ ِّم ُّ
ِّ
ِ
والطاعات ِ
التوحيد جنب ما فعلوه منِ تقصري ِ
يغف ُره اهلل هلم يف ٍ نوع
مقرصين َ ِّ
ِ
وإيثار ما عندَ اهلل. ِ
رسوله ِ
واهلجرة مع
ِ ِ قداد ِ للم ِ
بن العوا ِم ،وفرس ِ للز ِ اخليل َّإال فر ِ
ندي،
بن األسود الك ِّ َ بري ِ َّ سانَ :فرس ُّ َ ِ
احد ،فكان البعري الو ِ
ِ الن والثالث ُة عىل عتقب الرج ِ وكان معهم سبعون بعريا ي ِ
ُ َ ً َ َ
بعريا. ِ وعيل و َمر َثدُ بن أيب َمر َث ٍد ُ
الغنوي َيعتَقبون ً ُّ ٌّ رسول اهلل ﷺ
الصالة ابن ُأم مكتو ٍم ،فلام كان بالرو ِ
حاء ر َّد أبا ِ ِ
املدينة وعىل واستَخ َلف عىل
َّ ْ َّ َ ِّ َ
بن ُع ٍ
مري. ب ِ ودفع ال ِّلوا َء إىل ُمص َع ِ نذر ،واستَعمله عىل املَ ِ
دينة، ُلباب َة بن ِ
عبد املُ ِ
َ َ
فاستأجر ِ
رسول اهلل ﷺ و َق ْصدُ ه إ َّياه سفيان ،فإنه ب َلغه َخم َر ُج
َ وأ َّما أبو
َ
َّفري إىل ِعريهم؛ ل َيمنَعوه سترص ًخا ل ُقريش بالن ِ
ِ فاري إىل مك َة ُم
مرو الغ َّ
َضمضم بن َع ٍ ِ
َ َ
رسعني و َأ َ فنهضوا ُم ِ الرصيخ َ مد و َأصحابِه ،وب َلغ من ُحم ٍ
وعبوا يف أهل مك َةَ ، ُ
ِ ِ
رج ًال كانعوض عنه ُ أحدٌ سوى أيب َهلَب ،فإنه َّ روج ،ومل َيتَخ َّلف من َأرشافهم َ اخلُ ِ
ِ
أحدٌ منالعرب ،ومل َيتخ َّلف عنهم َ حوهلم من قبائل َ فيمن َ وحشدوا َ َ له عليه َد ْين،
وخرجوا من ِديارهم كام ِ
دي ،فلم َخي ُرج معهم منهم أحدٌ َ ، ُبطون ُق ٍ
ريش َّإال َبني َع ٍّ
قال اهلل تعاىل﴿ :ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ﴾ [األنفال.]47 :
هاجرون ريش استَشار أصحا َبه ،فتَك َّلم املُ ِ خروج ُق ٍ ُ سول اهلل ﷺوملَّا ب َلغ َر َ
َ
َشار ثال ِ ًثا،
حسنواُ ،ثم است َ
ِ ِ
َشارهم ثان ًيا ،فتَك َّلم املُهاجرون ف َأ َ حسنواُ ،ثم است َ ف َأ َ
عاذ ،فقال :يا ر ِ ت األنصار أنه يعنِيهم ،فبادر سعدُ بن م ٍ ففهم ِ
سول اهلل ،كأنَّك َ ُ ُ ََ َ ُ ِ َ
ِ ِ ِ
واألمحر يف األسود ألهنم با َيعوه عىل أن َيمنَعوه من ُعرض بِنا؟ وكان إنام َيعنيهم َّ ت ِّ
َشارهم ل َيع َلم ما ِعندَ هم ،فقال له سعدٌ :لع َّل َك اخلروج است َ ِ عزم عىل فلام َ
يارهمَّ ، ِد ِ
يارها ،وإين َأقول نرصوك َّإال يف ِد ِ األنصار ت ََرى ح ًّقا عليها َّأال َي ُ
ُ َخت َشى أن تَكون
ئت ،واق َط ْع حبل َمن ِش َ وص ْل َ حيث ِش ْئ َتِ ، ُ جيب عنهم :فا ْظ َع ْن عن األَ ِ
نصار و ُأ ُ ِ
أخ ْذ َت ِمنَّا كان وخ ْذ من أموالنا ما ِش ْئ َت ،و َأعطِنا ما ِش ْئ َت ،وما َ ئتُ ، َح ْب َل َمن ِش َ
| 288خمتصر زاد املعاد يف هدي خري العباد
ِ ِ ِ ِ
رست فأمرنا َت َب ٌع ألمر َك ،فواهللِ لئ ْن ْ أحب إلينا ممَّا َتركْت ،وما َأ َم ْر َت فيه من َأ ْمر ُ َّ
ِ ِ
البحر
َ َعر ْض َت بنا هذا معك ،وواهللِ لئ ِن است َ َسري َّن َ
الربك من غمدان لن َ َ حتى ت َ
َبلغ
سم َع من أصحابِه ،وقال: رسول اهلل ﷺ ،ورس بام ِ ِ
ُ َّ رشق وج ُه معك؛ ف َأ َ
ُخضنا ُه َ
ت َم ِ
صار َع هلل َقدْ َو َعدَ ين إِ ْحدَ ى الطائِ َفت ْ ِ
َنيَ ،وإِين َقدْ َر َأ ْي ُ َشواَ ،فإِ َّن ا َ َ ِ ِ
«س ُريوا َوأ ْب ُ
ال َق ْو ِم».
َ
سفيان فلحق بساحل البحر ،وملا رسول اهلل ﷺ إىل ٍ
بدر ،وخفض أبو ُ فسار
كتب إىل قريش :أن ارجعوا ،فإنكم إنام خرجتم
العري َ
َ رأى أنه قد نجا وأحرز
فهموا بالرجوع ،فقال أبو جهل:رب وهم باجلحفة ُّ عريكم ،فأتاهم اخل ُ
لتحرزوا َ
ِ
العرب ،وختافنا ونطعم َمن حْضنا ِمن
ُ فنقيم هبا،
ُ بدرا،
نرجع حتى نقد َم ً
ُ واهلل ال
فعصوه ،فرجع هو
األخنس ب ُن رشيق عليهم بالرجوعَ ،
ُ العرب بعد ذلك ،فأشار
ُ
ِ
األخنس ،فلم زهري ،فاغتبطت بنو زهر َة بعدُ برأي
ٌ بدرا
وبنو زهرةَ ،فلم يشهد ً
الرجوع ،فاشتدَّ عليهم أبو جهل،
َ يزل فيهم مطا ًعا مع َّظ ًام ،وأرادت بنو هاشم
ُفارقنا هذه العصاب ُة حتى نرجع وساروا.وقال :ال ت ِ
كة،رشف عىل املَعر ِ عريش َيكون فيها عىل ت ٍَّل ُي ِ ٌ ِ
لرسول اهلل ﷺ احلياض ،و ُبن ِ َي ِ
َ
ِص ُع بيده« :هذا َمِص ُع ُف ٍ عركة ،وجعل يشري ِ موض ِع املَ ِ ومشى يف ِ َ
وهذا َم َ النَ ، َ َ ُ ُ
وض َع إشارتِه(.)1 الن إن شاء اهللُ» ،فام تَعدَّ ى أحدٌ ِمنهم م ِ
َ َ َ
وهذا َمِص ُع ُف ٍ
َ النَ ، ُف ٍ
ْج ْز َل سول اهلل ﷺ« :ال َّل ُه َّم َأن ِ معان ،قال َر ُ رشكون ،وتَراءى اجل ِ فلام ط َلع املُ ِ
َ َ َّ
رائه ،وقال: ما وعدْ تَني ،ال َّلهم إِين َأن ُْشدُ َك عهدَ َك ووعدَ َك» ،فالت ََزمه الصدِّ ُيق من و ِ
َ ِّ َ ْ َْ ُ َّ َ َ
برش فوا َّلذي َن ْفيس ب َي ِده ،ل ُي ِ ِ
لك ما و َعدَ َك(.)2 نج َز َّن اهللُ َ سول اهللَ ،أ ْ يا َر َ
فصل
ناك ،وكانت ليل َة اجل ِ
معة رة ُه َ صيل إىل ِج ْذع شج ٍ وبات َر ُ
سول اهلل ﷺ ُي ِّ َ
ُ َ
ريش يف ك ِ ِ ِ
َتائبها، فلام َأص َبحوا َأق َبلت ُق ٌ عرش من ر َم َ
ضان يف السنة الثانيةَّ ، السابِ َع َ
رجعوا فمشى َحكيم بن ِحزا ٍم و ُعتب ُة بن ربيع َة يف ُقر ْيش أن َي ِ ِ
ريقانَ ، ف ال َف
واص َط َّ
َ َ ُ
ِ
وال ُيقاتلوا ،ف َأ َبى ذلك أبو َج ْهلَ ،
وجرى بينه وبني ُعتب َة كال ٌم َأح َف َظه( ،)3و َأ َمر أبو
استِ ِه،
عن ْ فكشف ِ مروَ ، ْضمي أن َيط ُلب د َم أخيه َع ٍ ِّ حل َج ْهل أخا َعمرو ِ
بن ا َ
فخرج بارزةََ ، وشيب ُة ابنا َربيع َة ،والوليدُ ب ُن ُعتب َةَ ،يط ُلبون املُ َ
وخرج ُعتب ُة َ
َ
ومعو ٌذ ابنا َعفرا َء ،فقالوا ِّ وعوف
ٌ بن رواح َة،
نصار :عبدُ اهلل ُإليهم ثالث ٌة من األَ ِ
ِ هلمَ :من َأنتُم؟ فقالوا :م َن األَ ِ
نصار .قالواَ :أكْفا ٌء كرا ٌم ،وإنام نُريد َبني َع ِّمنا .ف َ
رب َز
عيل ِقرنَه الوليدَ ،وقت ََل محز ُة ِقرنَه ُعتب َة، ِ
وعبيد ُة بن احلارث ومحزةُ ،ف َقتَل ٌّ عيل ُإليهم ٌّ
رن ُعبيدةَ، وقيلَ :شيب َة .واخت َلف ُعبيد ُة وقرنُه َِضبتَني ،فكَر محز ُة وعيل عىل ِق ِ
ٌّ َّ َْ ْ
فقتَاله واحتَمال عبيد َة وقد ُقطِعت ِرجله ،فلم يز ْل ض ِمنًا( )1حتى مات بالص ِ
فراء. َّ ََ َ ْ َ َ
فصل
ِ مر ٌض ِق َّلة ِ
أعدائه ،ظنُّوا أن ِ
حزب اهلل وكثر َة وملَّا ر َأى املُنافقون و َمن يف قلبِه َ
ِ
خرب سبحانَهالغ َلب َة إنام هي بالكَثرة ،فقالوا﴿ :ﮢ ﮣ ﮤ﴾ [األنفال ،]49 :ف َأ َ
ُّل عليه ال بال َك ْثرة ،وال بالعدَ ِد ،واهللُ ٌ
عزيز ال ُيغا َلب. النرص بالتوك ِ
َ أن
(الض ِمن):املريض.
(َّ )1
خمتصر زاد املعاد يف هدي خري العباد | 290
ِ ()2
ثال ًثا، ُ
رسول اهلل ﷺ بال َع َرصة اجلواب»(ُ ،)1ثم َأقام
َ ولكِنَّهم ال َيستَطيعون
بعر َصتهم ثال ًثا.
ظهر عىل قوم أقا َم َ
وكان إذا َ
غانم،سارى وا َمل ُ ِ
العني بن َْرص اهللِ له ،ومعه األُ َ قرير
منصوراَ ،ً ُثم َ َ
ارحتل ُمؤ َّيدً ا
ِ
احلارث بن َك َلدةَُ ،ثم َّملا بن ِ
النْض ِ وِضب ُعن َُق نائ َم ِ
بالصفراء ،قسم ال َغ ِ ف َل َّام كان
َ َ َ
ِضب ُعنُق ُعقب َة ِ ِ ِ
بن أيب ُم َع ْيط. َنزل بعرق ال َّظبيةَ ،
دو له كل َع ٍّ نصورا قد خا َفه ُّ
ً ودخل رسول اهلل ﷺ املَدين َة ُمؤ َّيدً ا ُمظ َّف ًرا َم َ
دخل عبدُ اهلل بن ُأ َ ٍّ
يب دينة ،وحين َِئ ٍذ َ
أهل املَ ِ برش كثري من ِ وحوهلا ،فأس َل َم َ ٌ
َ باملدينة
نافق وأصحابه يف اإلسال ِم ِ
ظاه ًرا. املُ ُ
ُ
رجالِ ،من ً مئة وبضعة عرش ثالث ٍ ُ بدرا ِمن املسلمني حْض ً َ ومجل ُة َمن
اخلزرج مئة وسبعون، ِ األوس أحد وستون ،ومن ِ املهاجرين ست ٌة وثامنون ،ومن
هاجرينِ ، رج ًالِ :ستَّة من املُ ِ ٍ ِ واست ِ
وستَّة من عرش ُ ُشهد من ا ُملسلمني يومئذ أربع َة َ
ِ
سارى يف رسول اهلل ﷺ من َش ْأن َبدْ ر واألُ َ ُ وفرغ
األوسَ ،ِ واثنان من زرج، اخلَ َ
َش َّو ٍ
ال.
فصل
فيان َّأال
نذر أبو ُس َ فل( )3املُ ِ
رشكني إىل مك َة َم ْوتورين َحمزونني َ رجع ُّ
َ وملَّا
ب ،حتى َأتَىفخرج يف ِمئتي راكِ ٍ
رسول اهلل ﷺَ ، َ غزو
رأسه ما ًء حتى َي َ
ِ
ُيم َّس َ
فصل
مخس ِ
املدينة ،فنَ َقضوا عهدَ ه، ُثم غزا بني َقينُقاعٍ ،وكانوا من َهيود
فحارصهم َ َ َ
وألح عليه ف َأط َل َقهم
أيبَّ ،عرشة ليل ًة حتَّى َنزلوا عىل ُحكْمه ،فش َفع فيهم عبدُ اهلل ب ُن َ ٍّ
َ
سال ٍم ،وكانوا سب َع ِم ِئة مقاتِ ٍل ،وكانوا صاغ ًة ُ َّ
وِت ًارا. بن َ له ،وهم قوم ِ
عبد اهلل ِ ُ
-6فصل فمدا اشتَ َدَلت علمه هذه الغَزاةُ منَ األَحرامِ والفِ ْقه
ِ
اجلهاد هبن. ِ
واالستعانة يف الغزو بالن ِ
ِّساء، ِ جواز ومنها: ِ
ُ
وغريه. أنس بن النْض ِ ِ
ُ انغم َس ُ
دو ،كام َ
االنغامس يف ال َع ِّ جواز
ُ ومنها:
ِ
ومنها :أن اإلما َم إذا أصا َبتْه ِجراح ٌة َّ
صىل هبم قاعدً ا ،وص َّل ْوا ورا َءه قعو ًدا،
ِ
الغزوة. رسول اهلل ﷺ يف هذهُ كام َ
فعل
الرجل أن ُيقتَل يف َس ِ
بيل اهللَ ،
ومتنِّيه ذلك ،وليس هذا من ِ ِ
دعاء جواز ومنها: ِ
ُ
ِ
الله َّم ل ِّقني من املرشكني ً
رجال نهي عنه ،كام قال عبدُ اهلل بن جحشُ :َمتنِّي املوت املَ ِّ
جيدع أنفي
ُ كفره ،شديدً ا حر ُده( ،)1فأقاتله فيقتلني فيك ،ويسل ُبني ،ثم عظيام ُ
ً
قلت :فيك يا
جدعت؟ ُ
َ فقلت :يا عبدَ اهلل بن جحش ،فيم
َ وأذين ،فإذا لقيتُك،
رب.
أهل ِنفسه فهو من ِ ِ
النار؛ لقوله ﷺ يف قزمان الذي سلم إذا َقت ََل َ
ومنها :أن ا ُمل َ
نحر نف َسه ،فقال ﷺ« :هو ِمن
اجلراح َ
ُ
أبىل يوم ٍ
أحد بال ًء شديدً ا ،فلام اشتدَّ ت به َ
أهل الن ِ
َّار». ِ
كافرا ،فعىل
ومنها :أن املسلمني إذا قتلوا واحدً ا منهم يف اجلهاد يظنُّونه ً
اليامن أبا حذيف َة ،فامتنع
َ يدي َ بيت ِاإلما ِم ديتُه من ِ
رسول اهلل ﷺ أراد أن َ املال؛ ألن
ِ
الدية وتصدَّ ق هبا عىل املسلمني. حذيف ُة ِمن ِ
أخذ
-9فصل يف ذِكرِ نبعض احلِرَ ِ والغايات املَحدودةِ اليت كانت يف وقع ِ بُحُدٍ
ِ
وأصوهلا يف سورة (آل عمران) ِ
أمهاهتا وقد أشار اهلل سبحانَه وتعاىل إىل
ص َة بقوله ( :ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ) [آل ِ
حيث افتتح الق َّ
عمران ،]121 :إىل متا ِم ستِّني آي ًة.
ِ
والفشل والتنازعِ ،وأن الذي أصاهبم ِ
املعصية فمنها :تعري ُفهم سو َء عاقبة
حذرا ويقظ ًة
ً إنام هو بشؤ ِم ذلك ،فلام ذاقوا عاقبة معصيتهم كانوا بعد ذلك أشدَّ
ِ
اخلذالن. ِ
أسباب وحترزا من
ً
َ
ويدال ومنها :أن حكم َة اهلل وسنَّتَه يف رسلِه وأتباعهم َج َرت بأن يدالوا مر ًة
دائام َد َخ َل معهم املؤمنون
تكون هلم العاقب ُة؛ فإهنم لو انترصوا ً
ُ عليهم أخرى ،لكن
دائام مل حيصل املقصو ُد ِ ِ ُ ِ
ُرص عليهم ًالصادق من غريه ،ولو انت َ وغريهم ،ومل يتم ِّيز
ُ
ِ
والرسالة. ِمن ا ِ
لبعثة
ِ
املنافق الكاذب. ومنها :أن يتم َّي َز املؤم ُن الصادق من
ِ الرس ِاء ِ
والْضاء. استخراج عبود َّية أوليائه وحزبِه يف َّ
ُ ومنها:
نفوسهم.
دائام لطغت ُ
ومنها :أنه سبحانه لو نرصهم ً
ومنها :أنه إذا امتحنهم بالغلب ِة ذلوا وانكرسوا ،فاستوجبوا منه ِ
الع َّز َ
لنرص.
وا َ
| 311خمتصر زاد املعاد يف هدي خري العباد
ُ
أعامهلم، منازل يف دار كرا َمتِه مل تبل ْغها
َ ِ
لعباده املؤمنني ومنها :أنه سبحانه ه َّي َأ
ِ
بالبالء. ومل يكونوا بالغيها إال
ب أن ِ ِ
مراتب أوليائه ،وهو سبحانَه ُحي ُّ ومنها :أن الشهاد َة عنده من أعىل
َيت َ
َّخذ من عباده شهدا َء.
األسباب التي
َ لك أعداءه ،ق َّي َض هلم ومنها :أن اهلل سبحانه إذا أراد أن ُهي َ
أعظمها بعد كفرهم بغ ُيهم. ِ ومنيستوجبون هبا هالكَهمِ ،
ِ
رسول اهلل ﷺ وإرهاصا بني يدي موت ً ومنها :أن وقع َة ُأ ُح ٍد كانت مقدم ًة
ِ ِ ِ ف َأ َّن َب ُهم وو َّبخهم عىل
رسول اهلل ﷺ أو ُقت َل ،فقال﴿ :ﭳ
ُ أعقاهبم إن مات انقالهبم عىل
ﭴ ﭵ ﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿ ﮀ ﮁ ﮂﮃﮄﮅﮆ
ﮇﮈﮉﮊ ﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑ ﴾ [آل عمران.]144 :
فصل
أرشف عىل املسلمني أبو سفيان ،ثم ناداهم: َ وملا عزموا عىل الرجو ِع إىل مك َة
املوسم ببدر ،فقال النبي ﷺ« :قولواَ :ن َع ْمَ ،قد ف َع ْلنا» ،قال أبو سفيان:
ُ موعدُ كم
ِ
ببعض الطريق تالوموا فيام «فذلك املوعدُ » ،ثم انرصف هو وأصحا ُبه ،فلام كان
أصبتم شوكتَهم وحدَ هم ثم ٍ
لبعض :مل تصنعوا شي ًئاَ ، بعضهم
بينهم ،وقال ُ
ِ
نستأصل رءوس جيتمعون لكم ،فارجعوا حتى ٌ تركتموهم وقد َب ِقي منهم
ِ
املسري إىل لقاء وندهبم إىل
َ ِ
الناس َ
رسول اهلل ﷺ ،فنادى يف شأفتَهم ،فبلغ ذلك
َ
القتال» ،فاستجاب له املسلمون عىل َيرج معنا إال َمن شهدَ
ُ ِ
عدوهم ،وقال« :ال
ِ
واخلوف. ِ
الشديد ِ
القرح ما هبم من
خمتصر زاد املعاد يف هدي خري العباد | 310
ُ
رسول اهلل ﷺ واملسلمون معه حتى بلغوا محرا َء األسد ،وأقبل معبدُ فسار
يلحق بأيب سفيان َ فأمره أن
بن أيب معبد اخلزاعي إىل رسول اهلل ﷺ ،فأسلمَ ،
بإسالمه ،فقال :ما وراءك يا معبد؟ فقال: ِ ِ
بالروحاء ،ومل َيعلم فيخذله ،ف َل ِحقه
ِّ
حترقوا عليكم ،وخرجوا يف مج ٍع مل َخيرجوا يف مثلِه ،وقد ن َِد َم حممدٌ وأصحا ُبه قد َّ
َ
ترحتل تقول؟! فقال :ما أرى أن ِ
أصحاهبم ،فقال :ما ُ َمن كان خت َّلف عنهم من
األكمة ،فقال أبو سفيان :واهلل لقد أمجعنا ِ ِ
وراء هذه ِ
اجليش من حتى يطلع أو ُل
ِ
أعقاهبم ناصح ،فرجعوا عىل
ٌ الكر َة عليهم لنستأص َلهم ،قال :فال تفعل فإين لك
َّ
إىل مك َة.
ِ
احلارث س ِّيد القو ِم ،و َق َعت يف سه ِم السبي ُجويري ُة ُ
بنت ِ وكان من ُمج ِ
لة
وتزو َجها. ُ بن ٍ ِ
ثابت ِ
رسول اهلل ﷺ َّ قيس ،فكا َت َبها ،فأ َّدى عنها
هد ،فع ُظ َم ذلك عىل رسول اهلل ﷺ خرب بني ُقريظ َة و َن ْق ُضهم للع ِ
َ َ
وبلغ
ُ
ِِ هلل َأك َ ِ ِ املُسلِمني ،فقال
َش املُ ْسلم َ
ني»، َشوا َيا َم ْع َ َ
َْب ،أ ْب ُ
رسول اهلل ﷺ عند ذلك« :ا ُ َ ُُ
َ
رسول اهلل ﷺ يف بعض بني حارث َة َ
واستأذن ُ ُ
النفاق(،)1 ونج َمواشتَدَّ البال ُءَ ،
املدينة ،وقالوا﴿ :ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ﴾ [األحزاب: ِ هاب إىلالذ َِّ
ِ
بالفشل ،ثم ث َّب َت اهلل الطائفتني. وه َّم بنو سلم َة
َ ،]13
ِ
ألجل شهرا ،ومل َيكُن بينهم ٌ
قتال َ رشكون ُحم ِوأقا َم املُ ِ
رسول اهلل ﷺ ً ارصين
وارس من ُق ٍ ِ خل ِ
ريش منهم ندق بينهم وبني املُسلمنيَّ ،إال أن َف َ حال اهلل به من ا َ ما َ
ِ ِ
فلام و َقفوا عليه قالوا :إن هذه نحو اخلندقَّ ، مرو ب ُن عبد و ٍّد ،ومجاعة معه َأق َبلوا َ َع ُ
ِ َيمموا مكانًا ضي ًقا من العرب ت ِ
اخلندق ،فاقت ََحموه، َعرفهاُ ،ثم ت َّ ُ َمكيد ٌة ما كانت
ِ وس ْلعٍ ،ود َع ْوا إىل ِ ِ
فانتدب
َ الرباز، وجالت هبم خي ُلهم يف السبخة بني اخلَندق َ
ٍ ٍ
عيل ،وكان من فبار َزه ،فق َت َله اهللُ عىل يدي ٍّطالب َ ، عيل بن أيبل َعمرو ُّ
عار ا ُملسلِمني ِ ِ واهنز َم الباقون إىل َأ ِ ِ
جعان املُ ِ ُش
صحاهبم ،وكان ش ُ َ وأبطاهلم، رشكني
نرصون». ٍِ
يومئذ« :حم ال ُي َ
يصالح
َ رسول اهلل صىل ﷺ أن ُ ُ
احلال عىل املسلمني أراد وملا طا َل ْت هذه
ثامر املدينة ،وينرصفا واحلارث بن عوف رئييس غطفان ،عىل ِ
ثلث ِ َ عيين َة ب َن حصن
َ
رسول وجرت املراوض ُة عىل ذلك ،فاستشار السعدَ ْي ِن يف ذلك ،فقاال :يا ِ
بقومهامَ ،
أمرك هبذا فسم ًعا وطاع ًة ،وإن كان شي ًئا تصنعه لنا فال حاج َة لنا به،اهلل إن كان اهلل َ
الرشك باهلل وعبادة األوثان وهم ال يطمعون أن ِ لقد كنا نحن وهؤالء القو ُم عىل
أكر َمنا اهلل باإلسال ِم وهدانا له َّ
وأعزنا بك قرى أو بي ًعا ،فحني َيأكلوا منها ثمر ًة إال ً
يشء
رأهيام ،وقال« :إنام هو ٌ
فصوب َ
السيفَّ ،
َ نُعطيهم أموالنا؟! واهلل ال نُعطيهم إال
ٍ
واحدة». ٍ
قوس رمتْكم عن
العرب قد َ
َ رأيت
ُ أصن ُعه لكم؛ ملا
وهزم
العدوَ ، خذ َل به ُثم إن اهللَ - وله احلمدُ -صنَع أمرا من ِع ِ
نده َ
َّ ً
فان ُيقال له: رج ًال من غ َط َ ِ به ُمجو َعهمَّ ،
وفل َحدَّ هم ،فكان ممَّا ه َّيأ من ذلك أن ُ
سول اهلل ،إين ِ
رسول اهلل ﷺ ،فقال :يا َر َ عام ٍر جاء إىلبن ِ ِ
مسعود ِ ُعيم ب ُن
ن ُ
خمتصر زاد املعاد يف هدي خري العباد | 319
( )1أخرجه ابن هشام يف السرية النبوية ،229/2وابن سعد يف الطبقات ،209/4والطربي يف تارخيه
.577/2
| 301خمتصر زاد املعاد يف هدي خري العباد
مجعوا لك مجو ًعا ،وهم ُمقاتِلوك حابيش ،و َ َ مجعوا لك األَ ؤي قد َ كعب بن ُل ٍّ َ
النبي ﷺ أصحا َبه وقالَ « :أت ََر ْو َن َأ ْن ُّ َشار
عوك ،فاست َ البيت ومانِ َ ِ وك عن وصا ُّد َ
عانوه ْم َفنُصي َب ُه ْمَ ،فإِ ْن َق َعدوا َق َعدوا َم ْو ذين َأ ِ َميل إِ َىل َذ ِ
تورين
َ ُ راري َهؤالء ا َّل َ ن َ
فم ْن َصدَّ نا َعنْ ُه تَ ، روبنيَ ،وإِ ْن ََييئُوا َتك ُْن ُعنُ ًقا َق َط َعها اهللَُ ،أ ْم ت ََر ْو َن َأ ْن ن َُؤ َّم ال َب ْي َ َ حم
َْ
ِ ِ
َجئ هلل ورسو ُله أع َل ُم ،إنَّا ج ْئنا ُمعتَمرين ومل ن ْ َقا َت ْلنا ُه؟» ،فقال أبو َبكْر :ا ُ
وحوا النبي ﷺَ « :ف ُر ُ ُّ ِلقتال َأ َحد ،ولكن َمن حال بينَنا وبني البيت قا َت ْلناه ،فقال
الطريق قال النبي ﷺ« :إِ َّن خالِدَ بن الو ِ
ليد ِ ِ
ببعض إِ ًذا» ،فراحوا حتى إذا كانوا
َ َ ُّ
ني» ،فواهللِ ما ش َع َر هبم خالدٌ حتَّى ذات ال َي ِم ِ ش َطلي َع ًة َفخُ ذوا َ بِالغَمي ِم يف ٍ
جند ل ُق َر ْي ٍ
ٍ
لقريش. َذيرا
وانطلق َيرك ُُض ن ً َ ِ
اجليش(،)1 إذا هو ب َق َرت ِة
راحلتُه، نية ا َّلتي هيبِط عليهم منها بركَت به ِ وسار النبي ﷺ حتَّى إذا كان بال َّث ِ
َ َ ُّ
ت ال َقصوا ُء .فقال خأل ِ
ت ال َقصوا ُءَ َ ، أل ِ
فأحلَّ ْت ،فقالواَ :خ َ َ الناسَ :ح ْل َح ْلَ . فقال
ُ
اك َهلا بِخُ ُل ٍق ،و َلكِن حبسها حابِس ِ
الف ِ واءَ ،و َما َذ َ النبي ﷺ« :ما َخ َ َ ِ
يل»، ُ َ ْ َََ ألت ال َق ْص ُ ُّ
مون فِيها حر ِ
مات اهللِ إِ َّال لوين ُخ َّط ًة ُي َعظ َحممد بِ َي ِد ِه َال َي ْس َأ ِ
ٍ ُثم قالَ « :وا َّل ِذي َن ْف ُس
ُُ
فعدل حتى َنز َل ب َأقىص احل ِ
ديبية عىل َثمد زجرها فو َث َبت بهَ ، َأ ْع َط ْيت ُُه ْم إِ َّياها»ُ ،ثم َ
()2
ُ
الناس أن َنزحوه ،فشك َْوا إىل رسول رب ًضا ،فلم َيل َبث َق ِ ِ
الناس َت ُّ َرب ُضه
ليل املاء َيت َ َّ
()3
ُ ُ
ِ ِ
أمر ُهم أن َجي َعلوه فيه .قال :فواهللِ ما سهام من كنانته ُثم َ فانتز َع ً
العطشَ ، َ اهلل ﷺ
بالر ِّي حتَّى صدَ روا عنه. يش هلم ِّ زال َجي ُ
رج ًال
رسول اهلل ﷺ أن َيب َعث إليهم ُ ُ فأحب
َّ قريش لنُزولِه عليهم،
وفز َعت ٌ ِ
دح فقالوا :أين تُريدُ ؟ فمر عىل ُقريش ب َب ْل ٍ َ
عفان َّ َ
فأرسل ُع َ
ثامن ب َن من أصحابِه،
خربكم أنَّا مل ن ِ
َأت رسول اهلل ﷺ َأدعوكم إىل اهللِ وإىل اإلسال ِم ،و ُأ ِ ُ ُ فقال :بع َثني
َ
حلاجتك. سمعنا ما مقالتَك ،فان ُف ْذ تال ،وإنام ِج ْئنا ُعامرا .فقالوا :قد ِ
ِلق ٍ
َّ ً
ِ ِ
َ
عثامن فحم َل
فرسهَ ، فرحب به و َأ َ
رسج َ العاص َّ سعيد بن وقام إليه َأ ُ
بان ب ُن
الفرس ،و َأر َد َفه ُ
أبان حتى جاء مك َة. ِ عىل
أحد ال َفريقني رجل من َ الص ْلحَ ،فر َمى ُ رشكني يف َأ ْمر ُّ واخ َت َلط املُسلِمون باملُ ِ
جارة ،وصاح واحل ِ
لنبل ِ اآلخ ِر ،وكانت َمعرك ًة ،وتَرا َم ْوا با ِ َ رجال من ال َفريق ً
َ ِ وارهتن ُّ ال َفريقان كِ ُ
رسول اهلل ﷺ َ
وبلغ بم ْن فيهم، كل واحد من ال َفريقني َ المهاَ َ ،
حتت
رسول اهلل ﷺ وهو َ ِ ِ
البيعة ،فثار املُسلِمون إىل ثامن قد قتِ َل ،فدعا إىل أن ُع َ
رسول اهلل ﷺ ب َي ِد َن ْف ِسه وقالَ « :ه ِذ ِه َع ْن
ُ رة فبا َيعوه عىل َّأال َي ِف ُّرواَ ،
فأخ َذ الشج ِ
َ
ِ
رجع ُع ُ
ثامن. ُع ْث َام َن» ،وملَّا متَّت البيع ُة َ
()1
زاعي يف ن َفر من ُخزاع َة ،وكانوا ديل ب ُن َورقا َء اخلُ ُّ فبينَام هم كذلك إذ جاء ُب ُ
وعامر
َ كعب بن ُل ٍّ
ؤي أهل ِهتام َة ،فقال :إين َتركْت َ رسول اهلل ﷺ من ِ ِ عيب َة( )2ن ُْص ِح
طافيل( ،)3وهم ُمقاتِلوك ديبية معهم ال ُعو ُذ املَ ُ بن ُلؤي قد َنزلوا َأعداد ِمياه احل ِ
ُ ٍّ َ
تال َأ َح ٍدَ ،و َلكِ ْن ِجئْنا َجئ لِ ِق ِ
رسول اهلل ﷺ« :إِنَّا َمل ْ ن ِ ْ ُ البيت ،قال ِ وك عن وصا ُّد َ
َض ْت ِهبِ ْمَ ،فإِ ْن شاؤُ وا ما َد ْد ُ ُُت ْم َو ُ َ
َي ُّلوا َ رينَ ،وإِ َّن ُق َر ْي ًشا َهن َ َكت ُْه ُم َ ِ
احل ْر ُب َوأ َ َّ ُم ْعتَم َ
ِ
مجوا، الناسَ ،وإِ ْن شاؤُ وا َأ ْن َيدْ ُخلوا فيام َد َخ َل فيه ُ
الناس َف َع ُلوا وإِ َّال َف َقدْ َ ُّ ِ نيَب ْيني و َب ْ َ
تال َف َوا َّل ِذي َن ْف ِيس بِ َي ِد ِه َألُ َقاتِ َلن َُّه ْم َعىل َأ ْم ِري َهذا َحتَّى تَن َف ِر َد وإِ ْن هم َأبوا إِ َّال ِ
الق َ َ ُ ْ َْ
ديل :س ُأبلِغهم ما تَقول ،فانط َل َق حتَّى أتَى هلل َأ ْم َر ُه» .قال ُب ٌ سالِ َفتي َأ ْو َل ُين ِْف َذ َّن ا ُ
النبي ﷺ. ريشا ،فحدَّ ثهم بام قال ُّ ُق ً
ٍ
رشد عر َض عليكم خط َة
الثقفي :إن هذا قد َ ُّ فقال عرو ُة ب ُن مسعود
نحوا ِمن ِ ِ
فاقبلوها ودعوين آته ،فقالوا :ائته ،فأتاه فج َع َل ُيك ِّلمه ،فقال له النبي ﷺ ً
استأصلت قو َمك ،هل
َ أرأيت لو
َ قولِه ل ُبدَ يل ،فقال له عرو ُة عندَ ذلك :أي حممدُ ،
العرب اجتاح أه َله قب َلك؟ وإن تكن األخرى فواهلل إين ألرى ِ ٍ
بأحد من سمعت
َ
يفروا ويدعوك ،فقال له أبو بكر: ِ
الناس خلي ًقا أن ُّ ً
أوباشا من وجوها وأرى
ً
نفر عنه وندعه؟! قالَ :من ذا؟ قالوا :أبو بكر ،قال: بظر َّ
الالت ،أنحن ُّ ص َامص ْ
ُ
أما والذي نفيس بيده ،لوال يدٌ كانت لك عندي مل أجزك هبا ألجبتُك .ثم إن عرو َة
النبي ﷺ نخام ًة إال ِ
رسول اهلل ﷺ بعينيه ،فواهلل ما َّ ج َع َل ُ
تنخم ُّ أصحاب
َ يرمق
وجهه وج َلده ،وإذا أمرهم ٍ
بأمر ابتدروا، َ ٍ
رجل منهم ،فدلك هبا كف
وق َع ْت يف ِّ
أصواهتم عندَ ه ،وما
َ ِ
وضوئه ،وإذا تك َّلم خفضوا توضأ كادوا يقتتلون عىل
وإذا َّ
تعظيام له ،فرجع عرو ُة إىل أصحابِه فقال :أي قوم ،واهلل لقد
ً النظر إليه
َ حيدون
رأيت ملكًا يع ِّظ ُمه
ُ ِ
امللوك عىل كرسى وقيرص والنجايش ،واهلل ما وفدت عىل
ُ
رشد فاقبلوها.حممد حممدً ا ،وقد عر َض عليكم خط َة ٍ
أصحابه ما يع ِّظم أصحاب ٍ
َ ُ ُ ُ
ِِ ِِ ِ
النبي ﷺ
رشف عىل ِّ فلام َأ َ
رج ٌل من بني كنان َةَ :دعوين آته .فقالوا :ائْتهَّ . فقال ُ
النَ ،و ُه َو ِم ْن َق ْو ٍم ُي َعظ َ
مون ال ُبدْ َنَ ،فا ْب َعثوها ُ
رسول اهلل ﷺَ « :هذا ُف ٌ وأصحابِه ،قال
َل ُه» .ف َب َعثوها له ،واستَق َب َله القو ُم ُيل ُّبون ،ف َل َّام ر َأى ذلك قالُ :س َ
بحان اهلل ،ما َين َبغي
| 304خمتصر زاد املعاد يف هدي خري العباد
فرجع إىل أصحابِه فقال :ر َأ ْيت ال ُبدْ ن قد ُق ِّلدَ ت ِ ِ
هلؤالء أن ُي َصدُّ وا عن البيتَ .
ِ
البيت. و ُأ ِ
شع َرت ،وما َأ َرى أن ُي َصدُّ وا عن
ِِ ِِ ِ
رشف عليهم قال فلام َأ َ
بن َح ْفص فقالَ :دعوين آته .فقالوا :ائْتهَّ . كر ُز ُ فقام م َ
فاج ٌر» ،فج َعل ُيك ِّلم النبي ﷺ ،فبينا صَ ،و ُه َو َر ُج ٌل ِ النبي ﷺَ « :ه َذا ِمك َْر ُز ْب ُن َح ْف ٍ ُّ
النبي ﷺَ « :قدْ ُسه َل َلك ُْم ِم ْن َأ ْم ِرك ُْم»، مرو ،فقال ُّ سهيل ب ُن َع ٍ ُ هو ُيك ِّلمه إذ جا َءه
ُب :بِ ْس ِم اهللِ الكاتب فقال« :ا ْكت ْ َ ُب بينَنا وبينَكم كِتا ًبا .فدعا فقال :هات ،اكت ْ
ِ
ِ
ب: هيل :أ َّما الرمح ُن فواهللِ ما نَدري ما هو ،ولك ِن اك ُت ْ الرحي ِم» .فقال ُس ٌ محن َّ الر ِ َّ
كنت تَكتُب .فقال املُسلِمون :واهللِ ،ال نَك ُت ُبها َّإال بس ِم اهللِ ِ
الله َّم كام َ باسم َك ُ
ُبَ :ه َذا َما الرمحن الرحي ِم .فقال النبي ﷺ« :اكتُب :بِ ِ ِ
اسم َك ال َّل ُه َّم»ُ .ثم قال« :ا ْكت ْ ْ ْ ُّ
رسول اهلل ما ُ هيل :فواهللِ لو ُكنَّا نَع َلم أنك ول اهللِ» ،فقال ُس ٌ حم َّمدٌ َر ُس ُاىض َع َل ْي ِه ُ َ َق َ
عبد اهلل .فقال رسول اهلل ناك ،ولكِ ِن اكتُبُ :حممد بن ِ البيت وال قا َت ْل َ ِ ناك ِ
عن صدَ ْد َ
َّ ُ ْ
النبي ﷺ: فقال ُّ بن َع ْب ِد اهللِ»َ . حم َّمدُ ُ
ُبَ ُ : هلل َوإِ ْن ك ََّذ ْبت ِ
ُموين ،ا ْكت ْ سول ا ِ ﷺ« :إِين َر ُ
العرب
ُ هلل ال تَتحدَّ ث هيل وا ِ َطوف بِ ِه» .فقال ُس ٌ ت َفن َ«عىل َأ ْن ُ َخت ُّلوا بينَنا وبني البي ِ
َْ َ َْ َ َْ َ
أنَّا ُأ ِخ ْذنا َضغط ًة ،ولكِ ْن ذلك من العا ِم املُقبِل.
النبي ٍ
فأتيت َّ
ُ يومئذ، أسلمت إالُ شككت منذ
ُ عمر بن اخلطاب :واهلل ما
قال ُ
احلققلت :ألسنا عىل ِّ نبي اهلل؟ قال« :بىل»ُ . ألست َّ
َ َ
رسول اهلل، فقلت :يا
ُ ﷺ
ونرجع
ُ فقلت :عال َم نُعطي الدن َّي َة يف ديننا إ ًذا
ُ ِ
الباطل؟ قال« :بىل». وعدونا عىل
ُّ
ولست
ُ ُ
رسول اهلل ،وهو نارصي، وبني أعدائنا؟ فقال« :إين
حيكم اهلل بيننا َ
ُ وملا
ونطوف به؟ قال« :بىل،
ُ البيت
َ كنت ُحتدثنا أنَّا سنأيت
أولست َ
َ قلت:
أعصيه»ُ .
فأتيت أبا
ُ وتطوف به» قال
ُ قلت :ال .قال« :فإنك آتيه
أفأخَبتُك أنك تأتيه العا َم؟» ُ
خمتصر زاد املعاد يف هدي خري العباد | 305
ُ
رسول اهلل ﷺ عيل ٍ ٍ
عيل أبو بكر كام ر َّد َّ
قلت لرسول اهلل ﷺ ،ور َّد َّ
فقلت له كام ُ
ُ بكر
فعملت
ُ عمر:
احلق .قال ُ سواء ،وزاد :فاستمسك ِ
بغرزه حتى متوت فواهلل إنه لعىل ِّ
لذلك أع ً
امال.
فانحروا ،ثم الكتاب قال رسول اهلل ﷺ« :قوموا، ِ ِ
قضية فلام فر َغ من
َ
ٍ
مرات ،فلام مل ي ُقم َ
ثالث رجل واحدٌ حتى قال احلقوا» .قال :فواهلل ما قام منهم ٌ
منهم أحدٌ قام فدخل عىل أم سلم َة ،فذكر هلا ما َل ِق َي من الناس ،فقالت أ ُّم سلم َة:
تكلم أحدً ا منهم كلم ًة حتى َ
تنحر ُبدنَك ُ اخرج ،ثم ال
أحتب ذلك؟ ُ َ
رسول اهللُّ ، يا
فخر َج فلم يك ِّلم أحدً ا منهم حتى ف َع َل ذلكَ :
نحر فيحلق .فقام َُ وتدعو حال َقك
بعضهم
الناس ذلك قاموا فنحروا ،وجعل ُ ُ ُبدنِه ودعا حال َقه فحل َقه ،فلام رأى
غام.
بعضا ًّ بعضهم ُ
يقتل ً بعضا حتى كاد ُ
حيلق ً
ُ
فصل
سنني ،وأن
َ عرش ِ
احلرب َ ِ
وأهل مك َة عىل وض ِع لح بني املسلمني
الص ُ
وجرى ُّ
يرجع عنهم عا َمه ذلك ،حتى إذا كان العا ُم
َ ٍ
بعض ،وأن بعضهم منالناس ُ
ُ يأم َن
ِ
الراكب ِ
بسالح املقبل قد َمها وخ َّلوا بينه وبني مك َة فأقام هبا ثال ًثا ،وأال يدخ َلها إال
ُ
القرب ،وأن َمن أتانا ِمن أصحابِك مل نر َّده عليك ،و َمن أتاك ِمن ِ والسيوف يف
َ
إسالل وال أصحابنا رددتَه علينا ،وأن بينَنا وبينك عيب ًة مكفوف ًة ،وأنه ال
َ
إغالل( ،)1فقالوا :يا رسول اهلل ،نعطيهم هذا؟ فقالَ « :من أتاهم منا فأبعدَ ه اهلل،
وُمرجا».
ً ومن أتانا منهم فرددناه عليهم ج َع َل اهلل له ً
فرجا َ
َ
إغالل) :ال رسقة وال خيانة. َ
إسالل وال (( )1ال
| 306خمتصر زاد املعاد يف هدي خري العباد
ِ
مرةً.
قرصين َّ للمح ِّلقني باملَغفرة ثال ًثاُ ،
وللم ِّ ُ
رسول اهلل ﷺ ُ وفيهاَ :دعا
ٍ
سبعة. وفيها :نَحروا البدَ ن َة عن س ٍ
بعة ،والب َقر َة عن َ َ َ
مجال كان أليب َج ْهل كان يف َأنْفه رسول اهلل ﷺ يف ِ
مجلة َهدْ ِيه ً ُ وفيهاَ :أهدَ ى
بر ٌة من فِ َّضة؛ ل َيغيظ به ا ُمل ِ
رشكني.
ِ
وعهده، عقد ر ِ
سول اهلل ﷺ ودخ َلت ُخزاع ُة يف ِالفتحَ ،
ِ وفيهاُ :أ ِنزلت سور ُة
َ
ِ
وعهد ِهم. كر يف َعقد ُق ٍ
ريش ودخ َلت بنو َب ٍ
َ
ِ
الرأي ِ
لوجه خراجاوجيشه استِ
َ ِ
شورة اإلما ِم رعيتَه حباب َم ومنها :استِ
ً ُ
ُفوسهم ،و َأ ْمنا ل َعتْبِهم؛ لقولِه تعاىل﴿ :ﭭ ﭮ ﭯ﴾ [آل عمران: واستِطاب ًة لن ِ
مدح سبحانه وتعاىل عبا َده بقولِه﴿ :ﮞ ﮟ ﮠ﴾ [الشورى. ]38 : ]159وقد َ
رشكني إذا ان َفردوا عن ِر ِ راري املُ ِ ِ
جاهلم قبل ُمقاتَلة َ بي َذ ِّواز َس ِ
ومنهاَ :ج ُ
الر ِ
جال. ِّ
ِ
وأهل البِدَ ع وال ُفجور وال ُبغا َة والظلم َة إذا ط َلبوا ً
أمرا َ ومنها :أن املُ ِ
رشكني
رمات اهلل تعاىلُ ،أجيبوا إليه و ُأعطوه و ُأعينوا عليه.يع ِّظمون فيه حرم ًة من ح ِ
ُ ُ ُ
الطرية املكر ِ
وهة؛ لقوله ملا جاء ِ ِ
الفأل ،وأنه ليس من استحباب ومنها:
ُ
سهيلَ « :س ُه َل ُ
أمركم». ٌ
الناس َأ ِم َن ُ
بعضهم َ ِ
الفتوح؛ فإن فمنها :أن هذه اهلدن َة كانت من أعظ ِم
َ
القرآن، ِ
بالدعوة وأسمعوهم ِ
بالكفار ،وبادءوهم بعضا ،واختلط املسلمون
ً
| 308خمتصر زاد املعاد يف هدي خري العباد
وناظروهم عىل اإلسال ِم جهر ًة آمنني ،وظهر َمن كان خمتف ًّيا باإلسالم ،ودخل فيه
فتحا مبينًا. َ ِ يف ِ
سامه اهلل ً
يدخل؛ وهلذا َّ اهلدنة َمن شاء اهلل أن مدة هذه
ِ
واالنقياد ِ
واإلذعان ِ
اإليامن ِ
زيادة ومنها :ما س َّببه اهلل سبحانه للمؤمنني ِمن
ِ
وتصديق ِ
بقضاء اهلل حص َل هلم يف ذلك ِمن الرىض عىل ما أحبوا وكرهوا ،وما َ
ِ
بالسكينة التي أنزهلا وشهود منَّة اهلل ونعمتِه عليهم
ِ وانتظار ما ُو ِعدوا به،
ِ ِ
موعوده،
ُ
اجلبال. ِ
احلال التي ت َُز ْع َز ُع هلا أحوج ما كانوا إليها يف تلك
َ يف ِ
قلوهبم
ب وهو َيقول:
رح ٌ
فخرج َم َ
َ
برح ْ َأنا ا َّلذي َس َّمتْني ُأ ِّمي َم َ
ــــالح َب َط ٌل ُجم َ َّر ْب
ِ الس ِ
شاكي ِّ
ــــــوب َأ ْق َب َل ْت َت َل َّه ْ
ب ُ إِذا ا ُ
حل
عيل وهو َي ُ
قول: رب َز إليه ٌّ
ف َ
َأنا ا َّلذي َس َّمتْني ُأ ِّمي َح ْيدَ َر ْه
غابات ك ِ
َريه املَـنْ َظ َر ْه ٍ ث َك َلي ِ
ْ
ِ
السنْدَ َر ْه ُأوف ُيه ُم بالصا ِع َك ْي َل َّ
الفتح(.)1
ُ فْضب َمرح ًبا فف َلق ها َمتَه ،وكان
َ
قال موسى ب ُن عقبة :ثم دخل اليهو ُد حصنًا هلم مني ًعا يقال له :ال َق ُموص،
أرضا ومخ ًة شديد َة ِّ
احلر، ُ
رسول اهلل ﷺ قري ًبا من عرشين ليل ًة ،وكانت ً فحارصهم
فجهد املسلمون جهدً ا شديدً ا(.)2
الزبري -حصن منيع يف رأس قلة - ِ قال الواقدي :وحتولت اليهود إىل ِ
قلعة ُ َّ
ِ
اليهود ُيقال له :عزال ،فقال :يا أبا رسول اهلل ﷺ ثالث َة أيام ،فجاء ٌ
رجل من ُ فأقام
شهرا ما بالوا ،إن هلم رش ًبا وعيونًا حتت األرض خيرجون
أقمت ً َ القاسم ،إنك لو
مرشهبم
َ قطعت
َ بالليل فيرشبون منها ثم يرجعون إىل قلعتِهم فيمتنعون منك ،فإن
ِ
قطع ِ ُ
رسول اهلل ﷺ إىل مائهم فقط َعه عليهم ،فلام َ عليهم أصحروا لك .فسار
ِ نفر ،و ُأ ِصيب نحو ِ
العرشة عليهم خرجوا فقاتلوا أشدَّ القتال ،و ُقتل من املسلمني ٌ
رسول اهلل ﷺ(.)3ُ ِ
اليهود ،وافتتحه من
ِ
حصن ابن أيب والوطيح والسالملِ
ِ ِ
الكتيبة رسول اهلل ﷺ إىل أهلُ حتول
ثم َّ
ِ
النطاة كل من كان اهنزم ِمن ِ
التحصني ،وجاءهم ُّ فتحصن أه ُله أشدَّ حلقيق،
َّ ا ُ
رب كانت جانبني :اجلانب األول :الشق والنطاة ،وهو الذي افتتحه والشق ،فإن خي َ
والوطيح والسالملُ.
ُ ً
أوال ،واجلانب الثاين :الكتيب ُة
ِ
رسول اهلل ﷺَ :أن ِْز ُل فأك ِّل ُمك؟ حلقيق إىل َ
الصلح ،وأرسل اب ُن أيب ا ُ َ رسول اهلل ﷺ
ِ
حقن رسول اهلل ﷺ عىل َ فقال رسول اهلل ﷺ« :نعم» ،فنزل اب ُن أيب احلقيق فصا َل َح
ِ
وأرضها الذرية هلم ،وخيرجون من خيرب ِ ِ
وترك ِ
املقاتلة حصوهنم ِمن
ِ ِ
دماء َمن يف
وأرض وعىلٍ وبني ما كان هلم من ٍ
مال رسول اهلل ﷺ َ ِ بني
بذرارهيم ،وخيلون َ
ُ
رسول اهلل إنسان .فقال ٍ ظهر ِ
واحللقة ،إال ثو ًبا عىل ِ ِ
والبيضاء والكرا ِع ِ
الصفراء
وذ َّم ُة رسولِه إن كتمتموين شيئًا» .فصاحلوه عىل وبرئَت منكم ِذم ُة اهلل ِ
َّ ﷺِ « :
ذلك».
وصح عنه حتريمها يو َم خيرب، صح عنه ِ ِ حتريم ُحلو ُم ِ
َّ ُ احلمر اإلنسيةَّ ، ُ ومنها:
رجس.
ٌ ُ
تعليل التحري ِم بأهنا
ُ ِ
األرض ،كام عا َم َل ِ ِ ِ
رسول واز املُساقاة واملُزارعة ُ
بج ْزء ممَّا َخي ُرج من ومنهاَ :ج ُ
اهلل ﷺ َ
أهل خيرب عىل ذلك.
ُ ِ
بالرشط ،كام ع َقدَ هلم ِ ِ ِ
رسول اهلل واألمان لح تعليق َع ْقد ُّ
الص ِ جواز
ُ ومنها:
ﷺ برشط أال ُيغ ِّيبوا وال َيكتموا.
وح ُّل َط ِ
عامهم. تاب ِ
أهل الكِ ِ
بائح ِ ِ
األكل من َذ ِ واز ِ
ومنهاَ :ج ُ
ِ بول ه ِ ِ
الكافر. دية ومنهاَ :ق ُ َ
وادي ال ُقرى ،وكان هبا مجاع ٌة م َن رسول اهلل ﷺ من خيرب إىل ِ ُ انرصف
َ ُثم
َ
ِ
بالرمي فلام َنزلوا استَقب َلتهم َهيو ُد ِ انضاف إليهم مجاع ٌة م َن اليهودِ ،
ِ
العربَّ ، َ وقد
دعاهم إىل وص َّفهمُ ،ثم سول اهلل ﷺ أصحابه ِ
للق ِ غري تَعبِ ٍئة ،فع َّبأ َر ُ
وهم عىل ِ
ُ تال َ َ
آخ ُر فق َت َلهُ ،ثم
العوا ِم فق َت َلهُ ،ثم َبر َز َ
بن َّ بري ُ
الز ُ
فربز إليه ُّرجل منهم َ َ اإلسال ِم ،ف َ
رب َز ُ
ِ ِ ِ
رجل رج ًال ،ك َّلام ُقتل منهم ُ عرش ُ عيل فق َت َله ،حتى ُقتل منهم أحدَ َ ربز إليه ٌّ آخر ف َ
َبرز ُ
صيل بأصحابِه ُثم وكانت الصال ُة َحت ُْض ذلك اليو َم ،ف ُي ِّ ِ دعا َمن َب ِق َي إىل اإلسال ِم،
ِ
مس ْوا و َغدَ ا عليهم هلل ورسوله ،فقا َت َلهم حتَّى َأ َ َيعود ف َيدعوهم إىل اإلسال ِم ،وإىل ا ِ
ف
وانرص َ
َ مح حتَّى َأع َط ْوا ما بأيدهيم وفتَحها َعنوةً. الشمس ِقيدَ ُر ٍ
ُ
فلم ت ِ
َرتف ِع
ِ
املدينة. رسول اهلل ﷺ ِ
راج ًعا إىل ُ
وقسم ما أصاب عىل َ رسول اهلل ﷺ بوادي القرى أربع َة أيام، ُ وأقام
ِ
اليهود ،وعا َم َلهم عليها، َ
والنخل بأيدي األرضَ أصحابِه بوادي القرى ،وت ََر َك
أهل خيرب وفدك ووادي القرى، رسول اهلل ﷺ َ
ُ فلام َ
بلغ هيو َد تيامء ما واطأ عليه
ِ
بأمواهلم. َ
رسول اهلل ﷺ وأقاموا صاحلوا
| 324خمتصر زاد املعاد يف هدي خري العباد
رسول اهلل ﷺ حن ًقاِ املرشكني كراهي َة أن َين ُظروا إىل ِ ٌ
رجال م َن وتَغ َّيب
أصبح من اليو ِم الراب ِع َأتاهم ُس ُ
هيل َ رسول اهلل ﷺ بمك َة ثال ًثاَّ ،
فلام ُ وغي ًظا ،ف َأقا َم
ِ
األنصار َيتحدَّ ث ِ
جملس ورسول اهلل ﷺ يف ُ عبد ال ُع َّزى، عمرو ،وحويطِب بن ِ ب ُن ٍ
ُ ُ
خر ْج َت من َأ ْرضنا، بن ُعبادةَ ،فصاح حويطب :ن ِ عد ِ مع س ِ
هلل وال َعقدَ ملَا َ ُناشدُ ك ا َ ٌ ُ َ
ِ مض ِ
حيل. رسول اهلل ﷺ أبا رافعٍ ،ف َأ َّذ َن َّ
بالر ِ ُ فأمر ُ
الثالثَ . ت ف َقدْ َ
شاط يفبن حارث َة ،فلم َي َز ْل ُيقاتِ ْل هبا حتى َ زيد ِيد ِ املُسلمونُ ،ثم اق َتتَلوا والراي ُة يف ِ
اقتح َم
القتال َُ ره َقهفقاتل هبا حتَّى إذا َأ َ
جعفرَ ، ٌ فأخ َذهاوخر رصي ًعاَ ، رماح القو ِمَّ ، ِ
فرسه يف اإلسال ِم أول َمن ع َقر َ جعفر َ
ٌ قاتل حتَّى ُقتِل ،فكان رسه فع َقرهاُ ،ثم َ عن َف ِ
ساره ،فاحت ََضن الراي َة، ِ تال ،ف ُقطِعت َيمينُهَ ،
فأخ َذ الراي َة ب َي ِ الق ِعندَ ِ
ساره ،ف ُقطعت َي ُ
ثالث وثالثون َسن ًة. ٌ حتَّى ُقتِل وله
َ
واستنقذ به بلدَ ه وبيتَه األمني،
َ أعز اهللُ به دينَه ورسو َله ،وجندَ ه ِ
وحز َبه ا َّلذي َّ
ُ
استبرش الفتح ا َّلذي رشكني ،وهو ا َّلذي جع َله هدً ى للعاملَِني من أيدي الك َّف ِ
ار واملُ ِ
ََ ُ
بالسالح ،وقاتل معهم ِمن ِ قريش بني بكر رجاال ،وتناوشوا ،واقتتلوا ،وأعانت ٌ ً
ِ
بديل بن ليال ،فلام دخ َل ْت خزاع ُة مك َة جلأوا إىل ِ
دار ٍ
قريش َمن قات ََل مستخف ًيا ً
رافع. زاعيِ ،
ودار موىل هلم ُيقال لهٌ : ورقاء اخل ِّ
ِ
رسول اهلل ﷺ املدين َة،
فوقف
َ عمرو بن ساملٍ اخلُ ُّ
زاعي حتى قد َم عىل وخي ُرج ُ َ
ظهراين أصحابِه َ
فقال: ِ
املسجد بني عليه وهو جال ِ ٌس يف
َْ
يا رب ِّإين ِ
ناشــــدٌ ُحمــ َّمدَ ا َ ِّ
ف أبينا و َأ ِ
بيه األَتْلــــدَ ا ِح ْل َ
فوك املَ ْو ِعــدَ ا
ريشا َأ ْخ َل َ
إن ُق ً
بن َس ِاملٍ» ،ثم ِ ُ قولُ :قتِلنا وقد َأس َلمنا ،فقال
َي ُ
مرو َُِص َت يا َع َ
رسول اهلل ﷺ« :ن ْ
رسول اهلل ﷺ فأخربوه بام ِ نفر من خزاع َة حتى قدموا عىل بديل بن ورقاء يف ٍ خر َج ُ
َ
ُ
رسول اهلل قريش بني بكر عليهم ،ثم رجعوا إىل مك َة ،فقال ٍ ِ
وبمظاهرة ُأصيب منهم
سفيان وقد جاء ليشدَّ العقدَ ويزيدَ يف ِ
املدة». َ للناس« :كأنكم بأيبِ ﷺ
َ
بعسفان، سفيان بن حربَ بديل بن ورقاء يف أصحابِه حتى لقوا أبا ومَض ُ
رسول اهلل ﷺ ليشدَّ العقدَ ويزيدَ يف ِ
املدة وقد َرهبوا الذي ِ وقد [بع َثتْه] ٌ
قريش إىل
أقبلت يا ُ
بديل؟ فقال: َ بن ورقاء قال :من أين َصنعوا ،فلام َل ِق َي أبو سفيان َ
بديل َ
جئت حممدا؟
َ ِ
الساحل ويف بطن هذا الوادي ،قال :أوما رست يف خزاع َة يف هذا ُ
قال :ال ،فلام راح ُ
بديل إىل مك َة ،قال أبو سفيان :لئن كان جا َء املدين َة لقد علف هبا
أحلف
ُ بعرها ففتَّه فرأى فيها النوى ،فقال:مربك راحلتِه ،فأخذ ِمن ِ َ النوى ،فأتى
باهلل ،لقد جاء ٌ
بديل حممدً ا.
ذهب إىل أيب رسول اهلل ﷺ فك َّلمه فلم َي ُر َّد عليه شي ًئاُ ،ثم َ َ خرج حتى أتَى ُثم َ
ِ
عمر ب َن رسول اهلل ﷺ فقال :ما أنا بفاع ٍلُ .ثم أتَى َ َ َبكْر ،فك َّلمه أن ُيك ِّلم له
أجدْ َّإال َّ
الذ َّر هلل لو مل ِسول اهلل ﷺ؟! فوا ِ اب فك َّلمه ،فقال :أنا َأش َف ُع لكُم إىل ر ِ اخل َّط ِ
َ
وحس ٌن ُغال ٌم َ وعندَ ه فاطِم ُةبن أيب طالِب ِ عيل ِ فدخل عىل ِّ جلاهدْ تُكم بهُ .ثم جاء َ َ
حاجة فال ٍ رمحا ،وإين قد ِج ُ
ئت يف أمس القو ِم يب ِ ً عيلَ ،
إنك ُّ يدب بني يدهيا فقال :يا ُّ ُّ
فيان ،واهلل ل َقدْ حيك يا أبا ُس َ حمم ٍد .فقالَ :و َ جئت خائ ًبا ،اش َف ْع يل إىل َّ ُ رج َع َّن كام َأ ِ
رسول اهلل ﷺ عىل َأ ْمر ما نَستَطيع أن نُك ِّلمه فيه ،فال َت َف َت إىل فاطِم َة فقال :هل ُ عزم َ
الدهر؟ ِ آخ ِرالعرب إىل ِ
ِ ِ
الناس ،ف َيكون س ِّيدَ لك أن تَأ ُمري ابن َِك هذا ف ُيجري بني ِ
رسول اهلل ﷺ. ِ أحدٌ عىل الناس ،وما ُجيري َِ قالت :واهللِ ما َيب ُلغ ابني َ
ذاك أن ُجيري بني
خمتصر زاد املعاد يف هدي خري العباد | 329
أقل ُّ
وأذل فيانُ :خزاع ُة ُّ
احلرب .ف َيقول أبو ُس َ
ُ هلل ُخزاع ُة َ
مح َشتْها َيقول ُب ٌ
ديل :هذه وا ِ
فقلت :أبا َحنظل َة، فعر ْفت صوتَه، ِ
ُ رياهنا وعسك َُرها .قالَ : من أن تَكون هذه ن ُ
فداك أيب و ُأ ِّمي؟ قال:
َ فعرف َص ْويت .فقال :أبا ال َف ْضل؟ ُ
قلت :ن َع ْم .قال :ما َ
لك َ
باح ُق ٍ
ريش واهللِ. واص َ ِ
الناسَ ، قلت :هذا َر ُ
سول اهلل ﷺ يف ُ
النبي ﷺ ٍ
جهل ،فاستَأ َمنَت له امرأتُه بعدَ أن َّفر ،فأ َّمنَه ُّ وأ َّما ِعكرم ُة ب ُن أيب
وحس َن إسال ُمه. ِ
فقد َم وأس َل َم
ُ
| 334خمتصر زاد املعاد يف هدي خري العباد
فحمد اهللَ، الناس خطيباِ ، ِ رسول اهلل ﷺ يف ُ ِ
الفتح قا َم فلام كان الغدُ من يو ِم
ً َّ
هلل َح َّر َم َم َّك َة َي ْو َم َخ َل َق الناس إِ َّن ا َ ُ وجم َّدَ ه بام هو أه ُلهُ ،ثم قال« :يا َأ َُّيا و َأثنى عليهَ ،
يام ِةَ ،ف َال َُيِ ُّل ِال ْم ِر ٍئ ُي ْؤ ِم ُن ِ
هلل إِىل َي ْو ِم الق َ وات َواألَ ْر َضَ ،ف ِه َي َحرا ٌم بِ ُح ْر َم ِة ا ِ السم ِ
َّ َ
ك فيها َدماَ ،أ ْو ي ْع ِضدَ ِهبا َش َجرةًَ ،فإِ ْن َأ َحدٌ تَر َّخ َص بِ ِق ِ
تال اآلخ ِر َأ ْن َي ْس ِف َ
بِاهللِ واليو ِم ِ
َ َْ
َ َ َ َ ً
ت َِل َسا َع ًة ِم ْن ول اهللِ ﷺَ ،فقولوا :إِ َّن اهللَ َأ ِذ َن لِرسولِ ِه و َمل ي ْأ َذ ْن َلكُم ،وإِنَّام ِ
أح َّل ْ ْ َ َ َ َْ َ
رس ِ
َ ُ
ِ ِ ِ ارَ ،و َقدْ عا َد ْت ُح ْر َمتُها ال َي ْو َم ك َُح ْر َمتِها بِ ْاألَ ْم َِهن ٍ
ب»(.)1 سَ ،ف ْل ُي ْبل ِغ الشاهدُ الغائ َ
ُرست ِ ِ ِ
األوثان ا َّلتي كانت َ ُ َّ
حول الكَعبة ،فك َ رسول اهللِ ﷺ َرسايا ُه إىل وبث
ك ُّلها ،منها :الالت ،والعزى ،ومنا ُة الثالث ُة األُخرى ،ونادى م ِ
ناديه بم َّك َةَ « :م ْن كَا َن ُ َ ُ
ِ ِِ ِ ِ
ُي ْؤم ُن بِاهللِ َوا ْل َي ْو ِم اآلخ ِر َف َال َيدَ ْع يف َب ْيته َصن ًَام إِ َّال ك َ َ
َِس ُه».
فصل
ِ
وعهده وج ِ
واره العهد إذا حاربوا من ُهم يف ِذم ِة اإلما ِم ِ ِ وفيها :أن َ
أهل
َّ َ َ
َ
بذلك ،ومل َي َبق بينَهم وبينَه عهدٌ . صاروا حر ًبا له
مجيعهم بذلكِ ،ردئهم وم ِ
بارشهيم إذا َر ُضوا بذلك ِ قاض ِ
عهد وفيها :انتِ ُ
ُ ْ
قروا عليه ومل ُينكِروه.
و َأ ُّ
ِ ِ ِ لح ِ
سنني.
َ احلرب عىل وض ِع القتال َ
عرش أهل جواز ُص ِ
ُ وفيها:
وفيها :أن اإلمام وغريه إذا ِ
وز بذ ُله أو ال َجيِ ُ
ب ،فسكَت عن سئ َل ما ال َجي ُ َ َ
َبذلِه ،مل َيكُن سكوتُه ً
بذال له.
رسول ال ُك َّف ِ
ار ال ُيقتَل. َ وفيها :أن
الكفار ،ومغافضتِهم يف ِ
ديارهم إذا كانت قد ب َل َغت ُ
ْهم ِ واز ت َِبي ِ
يت وفيهاَ :ج ُ
الدعوةُ.
ِ
استيفائه، ِ
لرسول اهلل ﷺ ،وأن قت َله حدٌّ ال ُبدَّ من الساب ني ِ
قتل وفيها :ت ِ
َعي ُ
ِّ
بن صبابة ،واب َن خطل ،واجلاريتني اللتني كانتا مقيس ََ النبي ﷺ مل يؤ ِّمن
َّ فإن
ِ
احلرب ال ُيقتلن كام ال تُقتل الذري ُة. تغنيان هبجائه ،مع أن نسا َء ِ
أهل
فتح اهللُ عليه من ِ ُ قال ابن إسحاق :ملَّا ِ
برسول اهلل ﷺ ،وما َ هوازن سمعت ُ
قيف ك ُّلها، وازن َث ٌ عوف الن َّْرص ُّي ،فاج َت َمع إليه مع َه َ ٍ بن ُ م َّك َةَ ،
مالك ُ مج َعها
هالل ،وهم ٍ وناس من بني وج َش ُم ك ُّلها ،وسعدُ ب ُن ٍ
بكر، ْض ُ
ٌ واجتَم َعت إليه ُم ُ
ِ شهدْ ها من ِ
هوازن كعب ،وال َ ْضها من عيالن َّإال َهؤالء ،ومل َحي ُ ْ َ قيس قليل ،ومل َي َ ٌ
كبري ،وليس فيه إ َّال رأ ُيه و َمعرفتُه ٌ جشم دريدُ بن الص ِ ِ
شيخ ٌ مة ُ ِّ الب ،ويف َ َ ك ٌ
قارب ب ُن ِ
األحالف دان هلم ،ويف شجاعا ُجمربا ،ويف َثقيف سي ِ ً باحلرب ،وكان ِ
ُ ِّ ً
ومجاع ِ
أمر احلارث، ِ أمحر ب ُن ِ ٍ ِ
ُ سبيع ب ُن احلارث وأخوه ُ ُ مالك األسود ،ويف بني
َّرصي. ٍ
عوف الن مالك ِ
بن الناس إىل ِ
ِّ
أمواهلم ونِسا َءهم َ ِ
الناس ساق مع رسول اهلل ﷺ َ ِ السري إىل َ أمجع
َ فلام
َّ
الصمة ،فقال :ما َّ الناس وفيهم دريدُ بن ُ وطاس اجت ََم َع إليه ٍ نزل ب َأ فلام َ وأبنا َء ُهمَّ ،
ويعار الشاء؟ قال :ساق َ وهناق احلمري ،وبكا َء الصغري، َ ِ
البعري، أسمع رغا َء ُ يل
أردت أنُ ولـم؟ قال: َ
وأمواهلم وأبنا َءهم .قالَ : ِ
الناس نسا َءهم مالك بن عوف مع
ٍ
ضأن واهلل ،وهل ير ُّد َ
ليقاتل عنهم .فقال :راعي ٍ
رجل أه َله وما َله خلف ِّ
كل َ َ
أجعل
| 338خمتصر زاد املعاد يف هدي خري العباد
ِ
وأحنائه الوادي ،فكَمنوا لنا يف شعابِه ِ الصبح ،وكان القو ُم س َبقونا إىل ِ عامية
نح ُّطونَّ -إال راعنا -ونحن ُم َ مجعوا وهت َّيئوا وأعدُّ وا ،فواهللِ ما َ ضايقه قد َأ َ و َم ِ
أحدٌ راجعني ،ال َي ِ الناس ِ ٍ رج ٍل
لوي َ ُ وانشمر
َ واحد، الكتائب ،قد شدُّ وا علينا شد َة ُ ُ
َّاس؟ َه ُل َّم اليمنيُ ،ثم قال« :إِ َىل َأ ْي َن َأ ُّ ََيا الن ُ ِ ذات رسول اهلل ﷺ َ ُ وانحاز َ أح ٍد، عىل َ
نفر م َن وبقي مع رسول اهلل ﷺ ٌ
ِ
َ حم َّمدُ ْب ُن َع ْب ِد اهللِ»، ول اهللَِ ،أنَا ُ َ إِ َ ََّلَ ،أنَا َر ُس ُ
مر، هاجرين أبو َب ٍ وأهل بيتِه ،وفيمن ث َبت معه من املُ ِ ِ ِ ِ
كر و ُع ُ َ واألنصار املهاجرين
العباس،ِ والفضل ب ُن ُ احلارث وابنُه، ِ فيان ب ُنوالعباس ،وأبو ُس َ عيل ومن ِ ِ
ُ أهل بيته ٌّ
يومئذ(.)1 ٍ زيد ،وأيم ُن اب ُن ُأ ِّم أيم َن ،و ُقتِ َل احلارث ،وأسام ُة بن ٍ ِ وربيع ُة ب ُن
ُ
رسول اهلل ﷺ ِ املطلب ،قال :إين ملَ َع ِ بن ِ
عبد العباس ِ ِ وقال اب ُن إسحاقِ :
عن
الصوت، ِ جسيام ،شديدَ وكنت امر ًءا شجرهتا هبا، ِ
البيضاء قد كمة بغلتِه آخ ٌذ بح ِ ِ
ً ُ ُ َ
َّاس؟» الناس« :إِ َىل َأ ْي َن َأ ُّ ََيا الن ُ ِ ورسول اهلل ﷺ َيقول حني ر َأى ما ر َأى من ُ قال:
ارَ ،يا ارصخْ َيا َم ْع ََش ْاألَن َْص ِ ٍ قال :ف َل ْم َأر
َ اسُ ْ ، الناس َيلوون عىل يشء .فقالَ « :يا َع َّب ُ َ
عريه، ثني َب َالرجل ل َي َ ُ ذهب يك .قال :ف َي َ يك َل َّب َ الس ُم َرةِ» ،ف َأجابواَ :ل َّب َ اب َّ َش َأ ْص َح ِ َم ْع َ َ
ُرسه، وقوسه وت َ َ أخذ سي َفه قدر عىل ذلك ،ف َيأخذ ِدر َعه ف َيقذفها يف ُعنقه ،و َي ُ فال ي ِ
َ
رسول اهلل ﷺ، ِ نتهي إىل وخييل َسبي َله و َيؤ ُّم قتحم عن َب ِ وي ِ
الصوت ،حتى َي َ َ عريه ُ َ
فكانت الدعو ُة َّأو َل ما ِ الناس ،فاق َتتَلوا، اجتمع إليه منهم ِمئ ٌة ،استَق َبلوا حتى إذا
َ َ
احلرب، ِ ربا عند زرج .وكانوا ُص ً للخ ِ آخرا :يا َ نصارُ .ثم خ َل َصت ً أل ِ كانت :يا ل َ
تلد القو ِم ،وهم َجيتلِدون فقال: رسول اهلل ﷺ يف ركائبِه ،فنظر إىل ُجم ِ ُ رشف ف َأ َ
َ َ
ِ ِ
يس»(.)2 « ْاآل َن َمح َي ا ْل َوط ُ
غريه:
وزاد ُ
َّبي ال َكـــــ ِذ ْب أنا الن ُّ
ِ ()1 ِ
ب َأنا ا ْب ُن َع ْبد املُ َّطل ْ
ِ
وجوه رسول اهلل ﷺ حص ٍ
يات فر َمى هبا يف ُ صحيح مسل ٍم»ُ :ثم َ
أخذ ِ ويف «
َ
ماهم ،فام ِز ُ ُفارُ ،ثم قال« :اهنزَموا ورب ُ َ ٍ
الك ِ
لت أرى حدَّ هم حم َّمد» ،فام هو َّإال أن َر ُ َْ ُ َ َ
دبرا(.)2
وأمر ُهم ُم ً ً
كليالَ ،
مالك ب ُن ُ الطائف ،وم َع ُهم َ رشكون أت َُوا اهنز َم ا ُمل ِقال اب ُن إسحاق :و َّملا َ
()3
ُ
رسول اهللِ َ
وبعث نحو نخل َة، ٍ بعضهم ب َأ ٍ
بعضهم َ َوجه ُ وطاس ،وت َّ عوف ،وعسك ََر ُ
بعض َمن ِ
الناس َ درك من شعري ،ف َأ ََّ عامر األَ أوطاس أبا ٍ ٍ توج َه ِق َب َل ﷺ يف ِ
آثار َمن َّ
األشعري ،وهو ُّ وسى فأخذ الراي َة أبو ُم َ َ القتالُ ،فر ِم َي بسه ٍم ف ُقتِ َل، َ فناوشو ُه
اهنز َم َ
ُ عام ٍرَ ، قاتل أيب ِ هلل عليه وهز َمهم اهللُ ،وقت ََل َ
رسول اهلل فقال ففتح ا ُ اب ُن عمه ،فقات ََل َ
واستغفر
َ ك»، اج َع ْل ُه َي ْو َم ا ْل ِق َي َام ِة َف ْو َق كَثِ ٍري ِم ْن َخ ْل ِق َ ِ ِ
ﷺ« :ال َّل ُه َّم اغْ ف ْر ألَ ِيب َعام ٍرَ ،و ْ
موسى(.)4
أليب َ
ُ ٍ بح ِعوف حتى َحتصن ِ ٍ
رسول اهلل ﷺ صن َثقيفَ ،
وأمر َّ ُ
مالك ب ُن ومَض َ
اجل ِ وصريوه إىل ِ فج ِمع ذلك ك ُّله،
السبي
ُ عرانة ،وكان َّ بالسبي وال َغنائ ِم أن ُِت َمعُ ،
ِ
ألف ٍ
أكثر من َأر َبعني َ ِ ُ ٍ ِ
شاة، واإلبل أربع ًة وعرشين أل ًفا ،والغن َُم َ رأس، آالف ست َة
سول اهلل ﷺ أن َيقدَ موا عليه ُمسلِمني وقية فِ َّضة ،فاستَأنَى هبم َر ُ
آالف ُأ ٍ ِ وأربع َة
ِ ِ بِ َ
الناس. فقس َمها ،و َأعطى املُؤ َّلف َة ُ
قلوهبم َّأو َل ضع عرش َة ليل ًةُ ،ثم بدَ َأ باألموال َ
رسول اهلل ﷺ ُ قال ابن إسحاق( :)1عن أيب سعيد اخلدري قال :وملَّا أع َطى
ِ
األنصار منها العرب ،ومل َي ُك يف ِ ِ
قبائل ٍ
قريش ،ويف تلك ال َعطايا يف ما َأع َطى من َ
أنفسهم حتَّى ك ُث َرت فيهم القال ُة ،حتَّى قال األنصار يف ِ ِ احلي من وجدَ هذا ُّ يش ٌءَ ،
فدخل عليه سعدُ ب ُن ُعبادةَ ،فقال :يا َ رسول اهلل ﷺ قو َمه، ُ قائ ُلهمِ :لق َي واهللِ ِ
أنفسهم ملِا صنَ ْعت يف عليك يف ِ َ وجدوا األنصار قد َِ احلي منسول اهلل ،إن هذا َّ َر َ
ِ
قبائل عطيت َعطايا ِعظا ًما يف قوم َك ،و َأالفيء ا َّلذي أصب َت ،فقسمت يف ِ ِ هذا
َ َ ْ َ ْ
ْت ِم ْن َذلِ َك َيا األنصار منها يش ٌء .قالَ « :ف َأ ْي َن َأن َ ِ احلي م َن
العرب ،ومل َيكُن يف هذا ِّ ِ
ك ِيف َه ِذ ِه امج ْع َِل َق ْو َم َ رسول اهللِ ،ما أنا َّإال من قومي .قالَ « :ف ْ َ َ َس ْعدُ؟» ،قال :يا
آخرون فدخلوا ،وجا َء َ رتكهم َ ِ
من املُهاجرين ف َ رجال َ ٌ احلظِ َري ِة؟» قال :فجا َء َْ
فر َّد ُهم.
ِ فلام اجتَمعوا أتَى سعدٌ ،فقالِ :
تاهم األنصار .ف َأ ُ احلي م َن لك هذا ُّ اجتمع َ
َ قد َ َّ
ْصار ،ما فحمدَ اهللَ و َأثنى عليه بام هو أه ُلهُ ،ثم قالَ « :يا َم ْع ََش األَن ِ سول اهلل ﷺِ ، َر ُ
َ
قا َل ٌة َب َل َغتْنِي َعنْك ُْمَ ،و ِجدَ ٌة َو َجدْ ُتُ وها يف َأ ْن ُف ِسك ُْم؟ َأ َمل ْ آتِك ُْم ُض َّال ًال َف َهداك ُُم اهللُ ِيب،
هلل ورسو ُله أم ُّن ني ُق ُلوبِك ُْم؟!» قالوا :ا ُ
هلل َب ْ َ
فا ُ هلل ِيبَ ،و َأ ْعدَ ًاء َف َأ َّل َ َو َعال ًة َف َأ ْغنَاك ُُم ا ُ
َ
رسول وين َيا َم ْع ََش ْاألَن ِ
ْصار؟!» قالوا :بامذا نُجي ُب َك يا ُتي ُب ِوأفضلُ .ثم قالَ « :أ َال ُ ِ ُ
َ
ُ
والفضل. هلل ولرسولِه املَ ُّن اهللِ ،
ناك، هلل َل ْو ِش ْئت ُْم َل ُق ْلت ُْمَ ،ف َل َصدَ ْقت ُْم َو َل ُصد ْقت ُْمَ :أ َت ْيتَنا ُمك ََّذ ًبا َف َصدَّ ْق َ
قالَ « :أما َوا ِ
آس ْي َ َ ِ ُم ُذ ً
عَشناك ،أ َو َجدْ ت ُْم َع َ َّيل يا َم َ َ ناكَ ،و َعائ ًال َف َ ناكَ ،و َطريدً ا َف َ
آو ْي َ َِص َوال َفن َ ْ َو َ ْ
ت ِهبا َق ْو ًما لِ ُي ْسلِمواَ ،و َو َك ْل ُتك ُْم إِىل اعة ِم َن الدُّ نْيا ،ت ََأ َّل ْف ُ ْصار يف َأ ْن ُف ِسكُم ِيف ُلع ٍ
َ ْ األَن ِ
عري،الشاة َوال َب ِ ْصار َأ ْن ي ْذهب الناس بِ ِ المك ُْم؟! َأ َال ت َْر َض ْو َن يا َم ْع ََش األَن ِ إِس ِ
ُ َ َ َ َ ْ
بون بِ ِه َخ ْ ٌري ِممَّا
حم َّم ٍد بِ َي ِد ِه ،ملَا َتنْ َقلِ َ
سول اهللِ إِ َىل ِرحالِك ُْمَ ،فوا َّل ِذي َن ْف ُس ُ َ عون بِر ِ
َوت َْر ِج َ َ
الناس ِش ْع ًبا َو َو ِاد ًيا،
ُ ك ْصارَ ،و َل ْو َس َل َ ْت ْام َرًا ِم َن األَن ِ بون بِ ِه ،و َلوال ْ ِ
اهل ْج َر ُة َل ُكن ُ َ ْ َينْ َقلِ َ
ِ ِ ب األَن ِ واديا َلس َلك ُ ِ ِ ِ ِ
عار
ْصار ش ٌ ْصار َو َواد ََياْ ،األَن ُ ْت ش ْع َ ْصار ش ْع ًبا َو ً َ َو َس َل َكت األَن ُ
ْصار ،و َأبناء َأب ِ ِ
ناء األَنْصارِ» ،قال: ناء األَن ِ َ ْ َ ْ ثار ،ال َّل ُه َّم ْار َح ِم األَن َ
ْصارَ ،و َأ ْب َ الناس د ٌ َو ُ
رسول اهلل ﷺ َق ْس ًام وح ًّظاُ ،ثم ِ اهم .وقالواَ :ر ِضينا ب ِ فبكَى القو ُم حتَّى َأ َ
خضلوا حل ُ
َفرقوا(.)1 ُ
رسول اهلل ﷺ وت َّ ف
انرص َ
َ
فصل
فتح مك َة َ
دخل ِ ُ كان اهللُ قد وعدَ رسو َله وهو
الوعد ،أنه إذا َ صادق َ
الفتح املُ ُ
بني اقت ََضت ُ تم له
فلام َّالعرب ب َأ ْرسهاَّ ،
ُ َت له
أفواجا ،ودان ْ
ً الناس يف دينِه
ُ
عن اإلسال ِم ،وأن ُجيمعوا هوازن و َمن تبِ َعها ِ
َ مسك ُق َ
لوب ِحكمتُه تعاىل أن َأ َ
إعزازه لرسولِه
ِ أمر اهلل َ
ومتا ُم ظهر ُ
ِ
رسول اهلل ﷺ وا ُملسلمني؛ ل َي َِ ِ
حلرب و َيتأ َّلبوا
هلل سبحانه رسو َله ظهر ا ُ ِ ِ لدينِه؛ ولتَكون َغ ِ
نائ ُمهم ُشكرانًا ونرصه ِ
ِ
الفتح؛ ول ُي َ ألهل
| 344خمتصر زاد املعاد يف هدي خري العباد
ِ ِ
النرص وفر َحهم بام نالوه من جرب هبا أهل مك َةَّ ، ومنها :أن اهللَ سبحانه َ َ
وعرفهم َمتا َم واء ملا َواملَغن ِم ،فكانت كالدَّ ِ
عني َج ْربهم َّ ناهلُم من ك َْرسهم ،وإن كان َّ َ
َ
هوازن. رش ِ
ف عنهم من ِّ رص َنعمته عليهم بام َ
عدوه يون ،و َمن َي ُ بعث ال ُع َ قه :أن اإلما َم َين َبغي له أن َي َ الف ِ
وفيها من ِ
دخل بني ِّ َ
جيشه ُقوة ومنَعة ،ال َيق ُعد بقصد َعدوه له ويف ِ ِ سمع بخربهم ،وأن اإلما َم إذال َيأت َيه َ ِ
ِّ َ
بحنني. ُ ِ
رسول اهلل ﷺ إىل هوازن ،حتى لق َيهم ُ سار
سري إليهم ،كام َ َينتَظرهم ،بل َي ُ
دوه، رشكني وعُدَّ هتم؛ ِلق ِ
تال َع ِّ الح املُ ِ ومنها :أن اإلمام جيوز له أن يست ِ
َعري س َ َ
َ َ
ٌ
مرشك. ٍ
يومئذ صفوان ،وهو َ أدراع ُ
رسول اهلل استعار كام
َ َ
| 346خمتصر زاد املعاد يف هدي خري العباد
هلل ملُ ِ
سبباهتا قدَ ًرا ِ
األسباب ا َّلتي َ
نص َبها ا ُ ُّل استِ َ
عامل ومنها :أن ِمن َمتا ِم التَّوك ِ
نزل اهلل عليه ﴿ﮊ رأسه ،وقد َأ َرسول اهلل ﷺ مك َة والبيض ُة عىل ِ ُ ودخ َل
ورش ًعاَ ،
ﮋ ﮌ ﮍﮎ ﴾ [املائدة.]67 :
ِ ِ ِ
هم بقتله ،ومل ُيعاج ْله ،بل َدعا لهَ ،
ومس َح عمن َّ
فو رسول اهلل ﷺ َّ وفيهاَ :ع ُ
محيم.
صدره حتَّى عاد كأنَّه و ٌّيل ٌ
َ
ِ
الطاعة، خوهلم يف ِ
الكفار و ُد َ ِ
انتظار اإلما ِم ب َقس ِم الغنائ ِم إسال َم جواز
ُ ومنها:
وسب َيهم. ِ فري ُّد ِ
عليهم غنائمهم َ َُ
ت َف َرائِ َضيض ٍة ِس ُّ
ب َن ْف َس ُهَ ،ف َل ُه بِكُل َف ِر َالنبي ﷺ ،قالَ « :م ْن َمل ْ ُي َطي ْ
وفيها :أن َّ
احليوان ِِ ِ ِ ِ ِ ِ
بعضه الرقيق ِ
بل جواز بي ِع يء اهللُ َع َل ْينَا» ،ففي هذا ٌ
دليل عىل م ْن َأ َّول َما َيف ُ
ببعض نَساء وم ِ
تفاض ًال. ٍ
ً ُ
فصل
ِ
الشهر َ
رمضان ،وقد َم عليه يف ذلك هلل ﷺ املدين َة من ت َ
َبوك يف ُ
رسول ا ِ وقد َم
ٍ
ثقيف. وفدُ
أثره عرو ُة بناتبع َ
ف عنهم َ انرص َ
َ َ
رسول اهلل ﷺ ملا وكان من حديثِهم أن
يدخل املدين َة ،فأس َلم ،وسأله أن يرجع إىل ِ
قومه َ مسعود حتى أدركه قبل أن
َ َ
وأظهر هلم دينَه
َ ف هلم عىل ُعلية له وقد دعاهم إىل اإلسال ِم باإلسال ِم ،فلام َ
أرش َ
سهم فقتله. ٍ ِ ِ
بالنبل من كل وجه ،فأصابه ٌ ر َموه
الالت -ال
ُ يدع هلم الطاغي َة -وهي
وقد كان فيام سألوا رسول اهلل ﷺ أن َ
رسول اهلل ﷺ عليهم ،فام برحوا يسألونه سن ًة سن ًة ُ َ
ثالث سنني ،فأبى هيدمها
ِ
قدومهم ،فأبى عليهم أن يد َعها شي ًئا شهرا واحدً ا بعدَ
ويأبى عليهم ،حتى سألوه ً
ِ
ونسائهم ِ
سفهائهم مسمى ،وإنام يريدون بذلك فيام يظهرون أن َيسلموا برتكِها من
ًّ
هبدمها ،حتى يدخ َلهم اإلسال ُم ،فأبىوذرارهيم ،ويكرهون أن يروعوا قومهم ِ ِ
َ
بن حرب واملغري َة بن شعبة هيدماهنا ،وقد كانواسفيان ِ
َ َ
يبعث أبا ُ
رسول اهلل إال أن
أوثاهنم بأيدهيم، وأال َيكرسوا ِ
الصالةَّ ، ِ
الطاغية أن يعف َيهم من سألوه مع ِ
ترك
َ
وأما الصال ُة فال ِ ُ
كِس أوثانكم بأيديكم فسنُعفيكم منهَّ ،
رسول اهلل ﷺَّ « :أما ُ فقال
دين ال صال َة فيه».خري يف ٍَ
َ
عثامن ب َن أيب فلام أسلموا وكتب هلم رسول اهلل ﷺ كتاباَ ،أ َّم َر عليهم
ِ
التفقه يف ِ
أحرصهم عىل العاص ،وكان من أحدثِهم سنًّا ،وذلك أنه كان ِمن
ِ
القرآن. اإلسال ِم وتع ُّل ِم
[فصل]
ذلك ي ِ
ضعفهم ويغي ُظهم وهو شجر الك ِ
ِ ِ
ُفار ،إذا كان َ ُ جواز قط ِع
ُ ومنها:
َأنكَى فيهم.
رشكني ِ
وحل َق باملُسلِمني صار ُح ًّرا. ِ
ومنها :أن العبدَ إذا أ َب َق م َن املُ ِ
نفر م َنف ٌ يب و َمن كان م َعه ،وخت َّل َختلف عبدُ اهلل ب ُن أ ٍّ
َ رسول اهلل ﷺ ُ سار
فلام َ َّ
بن أمي َة ،و ُمرار ُة ُ ارتياب ،منهم كعب بن ٍ ٍ املُسلِمني من غري ٍّ
وهالل ُ مالك، ُ ُ شك وال
ِ ِ
وشهدها ذرُ ،ثم حل َقه أبو خيثم َة وأبو ٍّ
ذر. الساملي ،وأبو ٍّ
ُّ ب ُن الربيعِ ،وأبو َخيثم َة
فرس ،وأقا َم هبا ٍ ِ
آالف عرش ُة
واخليل َُ ِ
الناس، رسول اهلل ﷺ يف ثالثني أل ًفا من ُ
ٍِ ِ ُ ِ
مص(.)1 وهرقل يومئذ بح َ قرص الصالةَ، عرشين ليل ًة َي ُ
ِ
باحلجر رسول اهلل ُ مر
ابن هشام :بلغني عن الزهري أنه قال :ملا َّ
قال ُ
بيوت الذين ظلموا
َ َّ
واستحث راحلتَه ثم قال« :ال تَدخلوا سجى ثو َبه عىل ِ
وجهه َّ
أصاهبم»(.)2
َ أنفسهم إال وأنتم باكون؛ خو ًفا أن يصي َبكم ما
َ
ِ
رسول اهلل الناس وال ما َء معهم ،فشكَوا ذلك إىل
ُ وأصبح
َ ابن إسحاق:
قال ُ
فأمطر ْت حتى ارتوى الناس
َ فأرس َل اهلل سبحانه سحاب ًة ُ
رسول اهلل ﷺ َ ﷺ ،فدعا
واحتملوا حاجتَهم من ِ
املاء(.)3
الرجل فيقولون :خت َّلف ٌ
فالن، ُ رسول اهلل ﷺ ،فجعل يتخ َّل ُ
ف عنه ُ ثم َم ََض
خري فس ُيلحقه اهلل بكم ،وإن ُ
يك غري ذلك فقد فيقول« :دعوه؛ فإن ُ
يك فيه ٌ
أراحكم اهلل منه».
َ
ٍ رهط من املُنافقني ،منهم وديع ُة بن ٍ
ثابت أخو بني َع ِ
مرو ِ
عوف، بن ُ َ كان ٌ َ وقد َ
بعضهم محري .قال ُ حليف لبني سلِم َة ُي ُ
قال لهَ :خمِش ب ُن ٍ ٌ شجع رجل من َأ
ومنهم ٌ ِ
ُّ َ
ٍ
لبعض؟! واهلل لكأنَّا العرب ِ
بعضهم ِ كق ِ
تال األصفر ِ
ِ لبعضَ :أ َحت َسبون ِجال َد بني
ٍ
ََ
فصاحله وأعطا ُه صاحب َأيل َة،
ُ َبوك َأتاه
رسول اهلل ﷺ إىل ت َ ُ و َّملا انت ََهى
ُ
رسول اهلل ﷺ كتا ًبا فهو وكتب هلم
َ ذر َح ف َأعطوه ِ
اجلزي َة، أهل جربا و َأ ُ
اجلزي َة ،و َأتاه ُ ِ
ِعندَ هم.
ِ
الوليد إىل ُأكيدر بن رسول اهلل ﷺ َ َ قال اب ُن إسحاقُ :ثم إن
بعث خالدَ َ
رجل من ِكند َة كان نرصان ًّيا ،وكان ملِكًا عليها، امللكٌ ، عبد ِ دوم َة ،وهو ُأكيدر بن ِ
ُ ُ ُ
فخرج خالدٌ حتَّى إذا كان
َ َجدُ ُه َي ِصيدُ ا ْل َب َق َر»،
َّك َست ِ ٍ
خلالد« :إِن َ ُ
رسول اهلل ﷺ فقال
ٍ
سطح له ومعه امرأتُه، صائفة وهو عىل رة ِ قم ٍ
ليلة م ِ من ِحصنِه بمنظر العني ،ويف ٍ
ُ َْ َ
مثل هذا ُّ رأيت َ ِ ِ ِ
قط؟ َ القرص ،فقالت له امرأتُه :هل البقر ُحت ُّك ب ُقروهنا َ
باب فباتت َ
أحدَ .
رتك هذه؟ قال :ال َ
فم ْن َي ُ
قال :ال واهللِ .قالتَ :
خمتصر زاد املعاد يف هدي خري العباد | 355
-32فصل يف بمرِ مسجدِ الضِّرارِ الَّذي نَ َهى اهللُ َرسولَه بن يَقومَ فمه فهدَ َمه ﷺ
ِ
املدينة أوان ،وبينها وبني ٍ نزل بذي َبوك ،حتى َ رسول اهللِ ﷺ من ت َ ُ و َأ َ
قبل
ِ
َ
رسول تبوك ،فقالوا :يا تجهز إىل َ الْض ِار َأت َْوه وهو َي َّمسجد ِّ أصحاب
ُ َ
وكان ساع ٌة،
نحب أن ِ
الشاتية ،وإنَّا والليلة املَ ِ
طرية ِ ِ
واحلاجة ِ
العلة اهللِ ،إنَّا قد بنَ ْينا مسجدً ا لذي
ُّ
ِ ِ
َاح َس َف ٍر َو َحال ُشغ ٍْلَ ،و َل ْو َقد ْمنَا إِ ْن َش َ
اء اهللُ ُصيل لنا فيه .فقال« :إِين َع َىل َجن ِ تَأت َينا فت ِّ
َألَ َتينَاكُم َفص َّلينَا َلكُم فِ ِ
يه». ْ ْ ْ َ ْ
فصل
فصل
ك، فجئت َأمِش حتَّى ج َل ْست بني يدَ ْيه ،فقال يلَ « :ما َخ َّل َف َ ُ قال لهَ « :ت َع َال» ،قال:
غري َك من ِ
أهل فقلت :بىل ،إين واهللِ لو ج َل ْست عندَ ِ ُ ت َظ ْه َر َك؟» َأ َمل ْ َتك ُْن َق ِد ا ْب َت ْع َ
عطيت جدَ ًال ،ولكني واهللِ لقد ُ سأخرج من سخطِه ب ُع ٍ
ذر ،ول َقدْ ُأ ُ لرأيت أن ُ الدُّ نيا
طكسخ َ وش َكن اهللُ أن ي ِ َرىض به عيل لي ِ بت َ كذ ٍ حديث ِ َ علمت إن حدَّ ْثتُك اليو َم ُ
ُ َّ َّ ُ
عفو اهللِ ،ال واهللِ ما عيل إين ألَرجو فيه َ ٍ َ عيل ،ولئن حدَّ ْثتُك
حديث صدق ِتدُ فيه َّ َّ
عنك .فقال أيرس ِمنِّي حني خت َّل ْفت َأقوى وال َ َ قط َ كنت ُّ ذر ،واهللِ ما ُ كان يل من ُع ٍ
يض اهللُ فِ َ
يك». ِ َ
رسول اهلل ﷺ« :أ َّما َه َذا َف َقدْ َصدَ َقَ ،ف ُق ْم َحتَّى َي ْق َ ُ
قلت هلم :هل ِلق َي رجال من بني سلِم َة فاتَّبعوين ُيؤنِّبوينُ ،ثم ُ ٌ فقمت ،وثار ُ
قيل لك. مثل ما َ قلت ،فقيل هلام ُ الن ،قاال ِم َثل ما َ هذا معي أحدٌ ؟ قالوا :نعم رج ِ
َ ْ ُ
الواقفي ،فذكَروا
ُّ ُ
وهالل ب ُن أم َّي َة العامري
ُّ ف ُق ُ
لتَ :من مها؟ قالواُ :مرار ُة ب ُن الربي ِع
فمض ْيت حني ذكَرومها يل. بدرا فيهام ُأسوةٌَ ، ِ
صاحل ْني ِ
شهدا ً َ رجلني
يل ُ
ف رسول اهلل ﷺ املسلمني عن ك ِ
َالمنا ُّ -أهيا الثالث ُة -من بني َمن خت َّل َ ُ وهنَى
َ
األرض.
ُ َغريوا لنا ،حتى تَنك ََّرت يل
الناس وت َّ
عنه ،فاج َتنَ َبنا ُ
بيت من بيوتِنا،
ظهر ٍ ِ مخسني ليل ًة عىل
َ بح ِ
الفجر ُص َ فلام ص َّل ْيت صال َة
َّ
ِ ٍ ِ ِ صوت صارخٍ َأ َ ِ
أبرش،
بن مالك ْ كعب َ وىف عىل ج َب ِل َسل ٍع بأعىل صوته :يا َ َ سم ْعت
ِ ُ من اهللِ ،وآ َذن
بتوبة اهللِ رسول اهللِ ﷺ وعر ْفت أن قد جاء ٌ
فرج َ فخر ْر ُت ساجدً اَ ، َ
الفجر.
َ صىل علينا حني َّ
| 358خمتصر زاد املعاد يف هدي خري العباد
ِ
الشهر احلرا ِم. تال يف جواز ِ
الق ِ ُ ِ
فمنها:
ِ ِ ِ
رته
ْضهم َس ُ ترصيح اإلما ِم للرعية وإعال ُمهم باألمر ا َّلذي َي ُ ُّ ُ ومنها:
تأهبوا له.
وإخفاؤه؛ ل َي َّ
ُ
ألح ٍد التَّخ ُّل ُ
ف َّإال جي ْز َ
النفري ،ومل َ ُ
ُ اجليش ِلز َمهم
َ ومنها :أن اإلما َم إذا استَن َفر
بإذنِه.
ِ
بالنفس. ِ
باملال كام َجيِب ِ
اجلهاد جوب
ومنهاُ :و ُ
ِ
الغزوة ،وس َب َق به ِ
العظيمة يف هذه ان من الن َف ِ
قة بن ع َّف َ ُ
عثامن ُ ومنها :ما َبر َز به
َض ُع ْث َام َن َما َف َع َل َب ْعدَ ا ْل َي ْو ِم»( ،)1وكان قد َ
أنفق الناس ،فقال رسول اهلل ﷺَ « :ما َ َّ َ
ِ
وأقتاهبا. وأحالسها ِ دينار وثال َث ِم ِئة ٍ
بعري ب ُعدَّ هتا ألف ٍ َ
بذل جهدَ ه و َيتح َّقق ُ
عجزه. العاجز باملِه ال ُي َ
عذر حتى َي ُ َ ومنها :أن
ِ
الضعفاء ِ
الرعية عىل ً
رجال من سافر خالف اإلما ِم إذا ُ ومنها :استِ
َ
والذ ِّر َّي ِة. ِ
والنساء ُّ ِ
عذورينواملَ
العجني
ُ ومنها :أن املا َء ا َّلذي بآبار َثمو َد ال َجي ُ
وز ُرش ُبه ،وال الطب ُخ به ،وال
ِ
الناقة. كان من بِ ِئر
البهائم َّإال ما َ وز أن ُيس َقى
وجي ُبه ،وال الطهار ُة بهَ ،
َ
دخلها وال عذبني مل َينب ِغ له أن َي ُ ِ
غضوب عليهم واملُ َّ ِ
بديار املَ مر ِ
ومنها :أن َمن َّ
دخل عليهم َّإال باك ًيا اوزها ،وال َي ُ رسع السري و َيتقنَّع بثوبه حتى ُجي ُِيقيم هبا ،بل ُي ِ
ربا.
معت ً
ِ
السفر. النبي ﷺ كان َجي َمع بني الصالت َْني يف
ومنها :أن َّ
قرص الصالةَ. ومنها :أنه ﷺ َأقام بت َ ِ
ِ
َبوك عرشي َن يو ًما َي ُ ُ
الرصيح.
ُ ُفر
عنهم الك ُ
ُ قتل املُنافِقني ،وقد ب َلغه
ومنها :تَركُه َ
ظهر اإلسال َم ِمن املُنافِقني، رسول اهلل ﷺ كان َيق َبل عالني َة َمن َأ َ َ ومنها :أن ِ
ِ ِ ِ ِ و َيكِ ُل َرسيرتَه إىل اهللُِ ،
وجي ِري عليه
حكم الظاهر ،وال ُيعاقبه بام َيع َلم من ِّ
رسه. َ
ترك اإلما ِم واحلاك ِم ر َّد السال ِم عىل َمن َأحدَ ث حدَ ًثا؛ تأدي ًبا له
ومنهاُ : ِ
وزجرا ل َغ ْريه.
ً
ِ
والرسور. ِ
التعجب كون عن ِ
الغضب كام َي ُ َّبس َم قد َي ُ
كون عن ِ
ومنها :أن الت ُّ
فصل
فصل
ِ
والنجاة من ِ
واآلخرة، ِ
سعادة الدنيا وتعليق دق، الص ِ ظم ِم ِ ِ
ُ قدار ِّ ومنها :ع ُ
ِ
بالكذب، أهلك َمن َأه َلكه َّإال
َ ِ
بالصدق ،وال نجى اهللُ من َأنجا ُه َّإال
رشمها به ،فام َأ َ
ِّ
قني ،فقال﴿ :ﭲ ِ
الصاد َ ؤمنني أن َيكونوا مع وقد أمر اهللُ سبحانه عباده املُ ِ
َ َ
ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ﴾ [التوبة.]119 :
-34فصل يف حَج ِ بنب نبَررٍ الصِّدِّيقِ َ سن َ تسعٍ نبعدَ َمقدَمه من تَبوكَ
َ
رمضان نرصفه من ت َ
َبوك بقي َة ُ
رسول اهلل ﷺ ُم َ قال اب ُن إسحاقُ :ثم َأقا َم
احلج سن َة تِس ٍع ل ُيقيم للمؤمنني ٍ ِ ً
وشواال وذا ال َقعدةُ ،ثم ب َعث أبا َبكر ً
أمريا عىل ِّ
كرفخرج أبو َب ٍ
َ مناز ِهلم من َح ِّجهم،
الرش ِك عىل ِ والناس من ِ
أهل ِّ ُ َح َّجهم،
ؤمنون(.)1واملُ ِ
ُ
رسول اهلل ِ
املدينة ،وب َع َث معه ٍ
رجل من فخر َج يف ثالثِمئة
قال ابن سعدَ :
ٍ
بدنات(.)2 مخس ﷺ بعرشين بدن ًة ق َّلدها وأشعرها ِ
بيده ،وساق أبو ٍ
بكر َ ََ
نقض ما بني ر ِ
سول اهلل ﷺ وبني ِ فنز َلت ﴿ﭑ﴾ يف قال اب ُن إسحاقَ :
َ
طالب عىل ِ
ناقة ٍ بن أيب ِ
العهد ا َّلذي كانوا عليه، املُ ِ
عيل ُ
فخرج ُّ
َ رشكني من
رسول اهلل ﷺ الع ِ
ضباء(.)3 ِ
َ
احلج؟ ُ
رسول اهللِ ﷺ عىل ِّ كر قالَ :أست َ
َعم َل َك وقال ابن سعد :فقال له أبو َب ٍ
كل ذي ٍ الناس ،و َأنبِذ إىل ِّ
ِ أقر ُأ ﴿ﭑ﴾ عىل ِ
عهد عهدَ ه(.)1 قال :ال ،ولك ْن بع َثني َ
عيل ب ُن أيب ِ ِ ف َأقا َم و َأقا َم أبو َب ٍ
حجهم ،حتَّى إذا كان يو ُم النَّحر قام ُّ للناس َّ كر
كل ِذي ٍ ونبذ إىل ِّ ُ ِ ِ طال ِ ٍ
عهد رسول اهلل ﷺ َ جلمرة با َّلذي َ
أمره الناس عندَ ا َ ب فأ َّذن يف
رش ٌك ،وال حي ُّج بعد العا ِم ُم ِ
كافر ،وال َ ُ دخ ُل ا َ
جلنَّ َة ٌ الناس! ال َي ُ
ُ عهدَ ه ،وقالُّ :أهيا
ِ
رسول اهلل ﷺ فهو إىل ُمدَّ ته. طوف بالبيت ُعريان ،و َمن كان له عهدٌ عندَ َي ُ
فقههم يف ِدينِه.
و َأ ُ
أحب إىل ِ
للطواغيت ،وهد ُمها َّخذ بيوتًا ِ
الرشك ا َّلتي ُتت ُ ومنها :هد ُم مواض ِع ِ
ُّ
واملواخري ،وهذا ُ
حال ِ ِ
احلانات وأنفع لإلسال ِم واملُسلِمني من هد ِم اهللِ ورسولِه،
ُ
ِ
بأرباهبا مع اهللِ ،ال َحي ُّل ِ ِ ِ ِ
املَشاهد املَبن َّية عىل القبور ا َّلتي تُع َبدُ من دون اهللِ ،و ُي َ
رشك
إبقاؤها يف اإلسال ِم.ُ
فصل
ٍ وفر َغ من ُ
وأسلم ْت
َ تبوك، رسول اهلل ﷺ مك َة َ ابن إسحاق :وملا افتت ََح قال ُ
أفواجا دين اهلل كل ٍ
وجه ،فدخلوا يف ِ العرب ِمن ِّ
ِ ِض َب ْت إليه وفو ُد
ً ثقيف وبا َي َع ْتَ َ ،
ٌ
كل ٍ
وجه(.)1 يْضبون إليه ِمن ِّ
لك ع َظمة
لرس َبديع ُي ِّبني َ ِ
والوضوء ٍّوالص ْوم َُّ حل ِّج
مرض البدَ ن يف ا َ وذكَر َ
ِ ِ ِ ال ُقرآن ،واالستِ ْغناء به ملَ ِن ِ
ب األبدانفه َمه وع َق َله عن سوا ُه ،وذلك أن َقواعد ط ِّ
ؤذي ،واستِ ْفراغ املواد ِ عن املُ ِالص َّحة ،واحلمية ِ ِ
الفاسدة ،فذك ََر سبحانه ِّ ثالث ٌة :ح ْفظ ِّ
األصول الثالث َة يف هذه ا َمل ِ
واض ِع الثالثة. َ وتعاىل هذه
| 368خمتصر زاد املعاد يف هدي خري العباد
ِشا من ٍ
بطن، ِ
وعاء ً
ً وغريه :عنه ﷺ أنه قال« :ما مأل آدمي يف «املسند»
ِ
لطعامه ،وثلث لثفاعال ،ف ُث ٌ بحسب ِ
ابن آد َم ُلقيامت ُيقمن ُصلبه ،فإن كان ال بد ً
وثلث ِ
لنفسه»).(2 ٌ لَشابِه،
ِ
دائام أو أكثر ًّيا، فامتال ُء البطن من الطعا ِم ُم ٌّ
ْض للقلب والبدن ،هذا إذا كان ً
النبي ﷺ من ِ بأس به ،فقد ِ ِ
رشب أبو هرير َة بحْضة ِّ وأما إذا كان يف األحيان فال َ
باحلق ال أجدُ له مسلكًا ،وأكل الصحاب ُة بحْضتِه
ِّ اللبن حتى قال :والذي بع َثك
مرارا حتى شبِعوا.
ً
إن ُ
احل َّمى النبي ﷺ قالَّ « :
عمر أن َّ
ثبت يف «الصحيحني» :عن نافعٍ ،عن ابن َ
فأبردوها ِ
باملاء»).(1 احلمى -من َفيح جهنَّمِ ، ِ
-أو شدَّ ة َّ
وانتشارها ،ونظريه قو ُله:
ُ جهنم» هو شد ُة هلبِها،
َ قولهُ « :
احل َّمى من فيحِ
«شدَّ ُة احلر من فيح جهن ََّم».
البخاري يف
ُّ أصحاب هذا القول بام رواهُ واحتج
َّ والثاين :أنه ما ُء زمز َم،
أجالس اب َن عباس
ُ بعي ،قال :كنتالض ِّ َ
عمران ُّ «صحيحه» عن أيب مجر َة ِ
نرص بن
َ
رسول اهلل ﷺ قال« :إن حل َّمى ،فقالِ :
أبر ْدها عنك بامء زمز َم ،فإن بمك َة فأخذتني ا ُ
احلمى من فيحِ جهنَّم فأبردوها ِ
باملاء ،أو قال :بامء زمز َم») .(1وراوي هذا قد َّ
شك ُ َّ
متيرس عندهم ،ولغريهمأمرا ألهل مك َة بامء زمز َم ،إذ هو َّ ٌ فيه ،ولو جز َم به لكان ً
بام عندهم من ِ
املاء.
فصل
ِ
األرض التي هو هبا ،وهنيه ِ
الدخول إىل هنجه عن مج َع النبي ﷺ لألمة يف ِ وقد َ
َّ ُّ
ِ
األرض التي هو ِ
الدخول يف التحر ِز منه ،فإن يف كامل ِ
وقوعهَ ، ِ
اخلروج منها بعدَ عن
ُّ
خمالف اإلنسان عىل ِ
نفسه ،وهذا ِ حمل سلطانِه ،وإعانة ِ
للبالء ،وموافا ًة له يف ِّ تعرضا
ٌ هبا ً
ِ
احلمية التي أرشدَ اهلل سبحانه أرضه ِمن ِ
باب الدخول إىل ِ
ِ ِ
والعقل ،بل ِتن ُبه للرش ِع
ِ
اخلروج من بلده ففيه ِ
املؤذية .وأ َّما هن ُيه عن ِ
واألهوية ِ
األمكنة، إليها ،وهي محي ٌة عن
والصرب عىل أقضيته ،والرضا هبا.ِ ِ
والتوكل عليه، محل النفوس عىل ِ
الثقة باهلل، ُ
ٌ
رهط من ٍ
مالك قال :قدم يف «الصحيحني» :من حديث ِ
أنس بن
النبي ﷺ فاجتووا املدين َة ،فشكَوا ذلك إىل ِّ
النبي ﷺ ،فقال« :لو وعك ٍ
ْل عىل ِّ ُعرين َة ُ
ِ
وأبواهلا» ففعلوا ،فلام َصحوا عمدوا إىل الصدقة فَشبتُم من ِ
ألباهنا ِ خرجتُم إىل ِ
إبل
ُ
رسول اهلل ﷺ يف اإلبل ،وحاربوا اهلل ورسو َله ،فبعث الر ِ
عاة فقتلوهم ،واستاقوا َ ُّ
ِ
ِ
الشمس حتى وسمل أع ُينَهم وألقاهم يف
َ وأرج َلهم
ُ آثارهم ف ُأخذوا فقطع َ
أيدهيم
ماتوا).(1
مسلم يف «صحيحه»
ٌ املرض كان االستسقا َء ،ما رواه والدليل عىل أن هذا َُ
َ
وارهتشت أعضادنا. ِ
احلديث أهنم قالوا :إنا اجتوينا املدين َة فع ُظمت بطونُنا يف هذا
وذكر متا َم احلديث).(2
حجمه أبو
َ َ
رسول اهلل ﷺ أما احلجام ُة :ففي «الصحيحني» عن ٍ
أنس أن
طيب َة فأمر له بصاعني من طعا ٍم ،وك َّلم مواليه فخ َّففوا عنه من ِضيبتِه ،وقال:
خري ما تداويتُم به احلجام ُة»).(3
« ُ
ِ
والكاه ِل).(1 رسول اهلل ﷺ ِ
حيتجم يف األخدَ عني ُ أنس :كان
وقال ٌ
ويف «الصحيح» عنه أنه احتجم وهو حمرم يف ِ
رأسه لصدا ٍع كان به).(2 َ
احتج َم يف وركِه ِمن
النبي ﷺَ « :
أن َّ
ِ
حديث ٍ
جابر َّ ويف «سنن أيب داود» ِمن
ث ٍء) (3كان به»).(4
َو ْ
فصل
حديث السبعني أل ًفا الذين ِ أهنى َّأمتي عن الكي») .(6وثبت يف «الصحيح» يف
تطريون
سرتقون وال َيكتوون وال َي َّ
َ ٍ
حساب أهنم «الذين ال َي يدخلون اجلنَّ َة بغري
وعىل رهبم يتوكَّلون»).(7
طف جوهرها،مقدارها و ُل ِ
ِ الشاة األعرابية لق َّل ِة فضوهلا ِ
وصغر ِ ويف تعيني
احلار ِة ِّ
كالشيح والقيصوم ،ونحومها. أعشاب الرب َّ
َ
ِ
وخاصية َمرعاها؛ ألهنا ترعى
يف «سنن ابن ماجه» :عن عبد اهلل بن أم حرام ،وكان قد َّ
صىل مع رسول اهلل
والسنُّوت)(1؛
بالسنا َّ
رسول اهلل ﷺ يقول« :عليكم َّ َ سمعت
ُ ﷺ القبلتني يقول:
فإن فيهام شفاء ِمن كل ٍ
داء ،إال السا َم .قيل :يا رسول اهلل ،وما السام؟ قال :املوت» ً
.
رأسه
عصب َُ يف «الصحيح» أنه قال يف مرض موتِه« :وا رأسا ُه») ،(1وكان َي
ِ
الرأس. ِ
الشقيقة وغريها من أوجا ِع وعصب الرأس ينفع يف وج ِع يف ِ
مرضه،
ُ
َ
رسول اهلل ﷺ ما البخاري يف «تارخيه» وأبو داو َد يف «السنن» أن
ُّ وقد روى
رأسه إال قال لهِ « :
احتجم» وال شكى إليه وج ًعا يف شكى إليه أحدٌ وجعا يف ِ
ً
اختضب ِ
باحلنَّاء»).(2 رج َليه إال قال لهِ « :
ِ
احللق من الد ِم ،فإذا ُعولج منه، قال أبو ٍ
عبيد عن أيب عبيدةَ :ال ُعذر ُة هتيج يف
ِ
واحللق، ِ
األذن خترج فيام بني معذور .وقيل العذرةُُ :قرحة قيل :قد عذرته ،فهو
ُ ٌ
للصبيان غال ًبا. ِ
وتعرض ِّ
النبي ﷺ ِ
األنف ،وذكر أبو داو َد يف «سننه» أن صب يف
َّ والسعوط :ما ُي ُّ
اس َت َعط).(1
-22فصل يف هديِه ﷺ يف إصالحِ الطعام الذي يقعُ فمه الذُّنبا وإرشادِه إىل
دفعِ َمضرَّات السدومِ نبأضدادِها
َ
رسول اهلل ﷺ قال« :إذا وقع يف «الصحيحني» من حديث أيب هريرةَ ،أن
ِ أحدكم فام ُقلوه ،فإن يف ِ
الذباب يف إناء ِ
شفاء»).(1
ً اآلخر داء ويف
أحد جناحيه ً َ ُ ُّ ُ
ِ ٍ
فقال أبو عبيد :معنى ام ُقلوه :اغمسوه ُ
ليخرج الشفا ُء منه ،كام خرج الدا ُء(.)2
ُ
رسول دخ َل َّ
عيل النبي قالتَ : ِ
أزواج ِّ ِ
بعض ابن السني يف كتابه« :عن
ذكَر ُ
قلت :نعم .قالَ :ضعيها
خر َج يف أصبعي بثرةٌ ،فقال :عندك ذريرة؟ ُ اهلل ﷺ وقد َ
ِ
الصغري صغر ما يب»).(3 ومكَب ِ
الكبري، الله َّم مصغ َر
عليها ،وقال :وقوَلُ :
َ
ِ
الذريرة ،ويف «الصحيحني» عن عائشة ِ
قصب هندي ُيتخذ من الذريرةُ :دوا ٌء
ٌّ
ِ
حجة الودا ِع ٍ
بذريرة يف َ
رسول اهلل ﷺ بيدي طيبت
ريض اهلل عنها أهنا قالتُ « :
صغري.
ٌ خراج
ٌ للحل واإلحرا ِم») .(4والبثرةُ:ِّ
َ
رسول وصنعت ثريدً ا ثم صبت التلبين َة عليه ،ثم قالت :كُلوا منها فإين ِ
سمعت َّ َ
احل ِ
زن»).(1 ِ
املريض تَذهب ببعض ُ اهلل ﷺ يقول« :التلبين ُة َجم َّم ٌة لفؤ ِاد
ِ
املريض» معناه :أهنا ُمرحي ٌة له. وقو ُله ﷺ فيهاَ « :جم َّم ٌة لفؤاد
كعب بن ٍ
مالك :أن امرأ ًة هيود َّي ًة أهدت ِ بن ذكُر عبدُ الرزاق عن ِ
عبد الرمحن ِ
وحذرت أن َ
تقول: إىل النبي ﷺ شا ًة مصلي ًة بخيرب ،فقال« :ما هذه؟» قالت :هدي ٌة ِ
َ َ َّ ِّ
يأكل منها ،فأكل النبي ﷺ وأكل أصحابه ،ثم قالِ « :
أمسكوا»، من الص ِ
دقة ،فال ُ
ُ ُّ َّ
أخربك هبذا؟ قال« :هذا َ ممت هذه الشاةَ؟» قالت :منللمرأة« :هل س ِ
ِ ثم قال
َ
أردت إن كنت ـم؟» قالت: ِ ِ
ُ العظم لساقها» -وهو يف يده -قالت :نعم .قال« :ول َ ُ
النبي ﷺ
يْضك ،قال :فاحتجم ُّ
الناس ،وإن كنت نب ًّيا ،مل َّ ُ يسرتيح منك
َ كاذ ًبا أن
بعضهم).(2
َجموا ،فاحتجموا ،فامت ُ الكاهل ،وأمر أصحا َبه أن حيت ِ
ِ ثالث ًة عىل
ِ
باملستقبل الذي ِ
بلفظ ﴿ ﯤ﴾ باملايض الذي قد وقع منه وحت َّق َق ،وجاء
يتو َّقعونه وينتظرونه ،واهلل أعلم.
فصل
ِ
السحر األدوي ُة اإلهل َّي ُة ،بل هي أدويتُه النافع ُة بالذات، ومن أنف ِع عالجات
بيثة الس ِ األرواح اخل ِ ِ
يعارضها
ُ ودفع تأثريها يكون بام ُ فلية، ُّ ِ َ تأثريات فإنه من
وتأثريها ،وكلام كانت
َ األذكار واآليات والدَّ عوات التي تُبطِل فع َلها
ِ ويقاو ُمها من
أبلغ يف الن ِ
ُّرشة. أقوى وأشدَّ كانت َ
حديث جابر بن عبد اهلل أنه كان يف ِ ثبت يف «صحيح مسلم» من
َ
بايعناك»).(2 ارجع فقد ٍ ِ
النبي ﷺْ « :وفد ثقيف رجل جمذو ٌم فأرسل إليه ُّ
ُ
رسول اهلل ﷺ« :ال ِ
حديث أيب هرير َة قال :قال ويف «الصحيحني» من
رض عىل ُم ِص ٍّح»).(3
وردن ُمم ْ ٌ
ُي َّ
البخاري يف «صحيحه» عن ِ
ابن مسعود :إن اهلل مل جيعل شفا َءكم فيام ُّ ذكر
حر َم عليكم).(1
َّ
ِ
الدواء ُ
رسول اهلل ﷺ عن ويف «السنن» عن أيب هريرة ،قال :هنَى
ِ
اخلبيث»).(2
ِ
اخلمر ويف «صحيح مسلم» عن طارق بن سويد اجلعفي ،أنه س َأ َل َّ
النبي عن
ٍ
بدواء ولكنه ِ
للدواء ،فقال« :إنه ليس فنهاه ،أو ك َِر َه أن يصن َعها ،فقال :إنام أصن ُعها
داء»).(3
ٌ
ِ
الشفاء ِ
املحرمات ال ُيستشفى هبا ،فإن رشط لطيف يف كون رس
ٌ وها هنا ٌّ
حتريم هذه العني
َ بول ،واعتقا ُد منفعتِه ،ومعلو ٌم أن اعتقا َد املسلم
بالدواء تَل ِّقيه بال َق ِ
ِ
احلال كانت دا ًء له اعتقاد بركتِها ومنفعتها ،فإذا تناوهلا يف هذه
ِ مما حيول بينه وبني
ال دواء.
-31فصل يف هديِه ﷺ يف عالجِ القَدلِ الذي يف الربسِ وإزالته
رأيس،كعب بن ُعجر َة ،قال :كان يب أ ًذى من ِ ِ يف «الصحيحني» عن
كنت أرى َ
اجلهدَ يتناثر عىل وجهي ،فقال« :ما ُ
ُ رسول اهلل ﷺ وال َق ُ
مل ِ فح ِملت إىلُ
بني ٍ
ستة أو يطعم فر ًقا َ رأسه وأن ٍ
َ لق َ
رواية :فأمره أن َحي َ قد بلغ بك ما أرى» ويف
ِ
هيدي شا ًة أو يصو َم ثالث َة أيا ٍم.
ُ
رسول اهلل ﷺ: ابن عباس قال :قال مسلم يف «صحيحه» عن ِ
ٌ روى
العني»).(1
ُ ِ
القدر لسبقته يشء سابق
العني حق ولو كان ٌ
« ُ
الرقية من احل ِ
مة ِ ص يف النبي ﷺ َّ ويف «صحيحه» عن ٍ
ُ رخ َ أنس ،أن َّ
والعني والن ِ
َّملة).(2
فيتوض ُأ،
َّ ويف «سنن أيب داود» عن عائش َة قالت :كان ُيؤمر العائ ُن
ثم يغتسل منه املَ ُ
عني).(3
مالك عن ِ
ابن شهاب عن أيب أمام َة بن سهل بن حنيف، ٌ وروى
رأيت كاليو ِم،
ُ ُ
يغتسل ،فقال :واهلل ما سهل بن حنيف عامر بن ربيعة َ قال« :رأى ُ
عامرا فتغ َّيظ عليه ،وقال:
ً ُ
رسول اهلل وال ِج ْلدَ خم َّبأة ،قال :ف ُلبِ َط)ٌ (4
سهل ،فأتى
ِ
وجهه ويديه ومرفقيه
عامر َ فغس َل ٌ
ْت ،اغتس ْل لهَ . عال َم ُ
يقتل أحدُ كم أخاه! أال َب َّرك َ
وأطراف رجليه ،وداخل َة إزاره يف قدح ،ثم ُص َّ
ب عليه فراح مع َ وركبتيه،
ِ
الناس»).(5
ِ
عني إنس َّي ٌة ،وعني جنِّ َّي ٌة ،فقد صح عن أ ِّم سلم َة ،أن َّ
النبي ﷺ والعني عينانٌ :
ُ
رأى يف بيتِها جاري ًة يف وجهها َسفع ٌة ،فقال« :اسرتقوا هلا ،فإن هبا النظر َة») .(1قال
الفرا ُء :وقو ُله« :سفع ٌة» أي :نظر ٌة يعني :من ِ
اجل ِّن.
فصل
وفاحتة الكتابِ ،
ِ ِ
وآية اإلكثار من قراءة ا ُمل ِّ
عوذتني، ُ التعوذات والرقى:
ُّ فمن
َ
ِ
بكلامت اهلل الت ََّّامة ،من كل شيطان التعوذات النبو َّي ُة نحو« :أعو ُذ
ُ الكريس ،ومنها
ِّ
ِ
بكلامت اهلل الت ََّّامات من ِش ما المة» ،ونحو« :أعو ُذ وهامة ،ومن كل عني َّ
)(2
َّ
خلق»).(3
ِ
احلاجة إليها وهي عرف مقدار منفعتِها ،وشدَّ َة ِ
جر َب هذه الدعوات؛ َ و َمن َّ
قوة إيامن قائلِها ،وقوة ن ْف ِسه،
أثر العائن ،وتدفعه بعد وصولِه بحسب ِ
ُ متنع وصول ُِ
سالح ،والسالح بضاربِه. ِ
وقوة توكُّلِه ،وثبات قلبِه ،فإهنا واستعداده،
ٌ
فصل
رشها بقولِه:
للمعني ،فليدفع َّ
ِ ِ
ِضر عينه وإصابتها َ َ وإذا كان العائ ُن خيشى
سهل بن ح ٍ
نيف« :أال ِ
لعامر بن ربيع َة ،ملا عان َ النبي ﷺ اللهم ِ
ُ بارك عليه ،كام قال ُّ
اللهم بارك عليه.
َّ قلت:
ْت» أيَ :
َب َّرك َ
سلم يف «صحيحه»:
للنبي ﷺ التي رواها م ٌ َ
جربيل عليه السال ُم ِّ ومنهاُ :رقية
ٍ
حاسد ،اهلل ٍ
يشء يؤذيك ،من ِش كُل نفس أو عني «باسم اهلل أرقيك ،من كُل
يشفيك ،باسم اهلل أرقيك»).(1
العني بام
ُ اف عليه ِ
حماسن َمن ُخي ُ رت ِ
واالحرتاز منه :س ُ أيضا ِ
عالج ذلك ً ومن
ير ُّدها عنه.
َ
جربيل عليه السالم اخلدري :أن ٍ
سعيد يف «صحيح مسلم» عن أيب
ِّ
ُ
جربيل عليه أشتكيت؟ فقال« :نعم» فقال:
َ َ
رسول اهلل ﷺ فقال :يا حممدُ أتى
ٍ
نفس وعني ،باسم اهلل أرقيك ،من ك ُِّل داء ُيؤذيك ،ومن كل
َ السال ُم :باسم اهلل
أرقيك ،واهلل يشفيك»).(2
بعضهم :نعم ،واهلل إين ألرقي ،ولكن استضفناكم فلم تُض ِّيفونا فام أنا فقال ُ
عال ،فصاحلوهم عىل قطي ٍع من الغن ِم ،فانطلق َيت ُف ُل عليه، ٍ
براق حتى ِتعلوا لنا ُج ً
قال ،فانطلق يمِش ،وما به ويقر ُأ( :ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ) ،فكأنام نشط من ِع ٍ
َق َل َب ٌة ،قال :فأوفوهم ُجع َلهم الذي صاحلوهم عليه.
النبي ﷺ يت اقتسموا ،فقال الذي َرقى :ال ُ بعضهمِ :
َّ نفعل حتى نأ َ فقال ُ
ِ
رسول اهلل ﷺ ،فذكروا له فنذكر له الذي كان ،فننظر ما يأمرنا بهِ ،
فقدموا عىل َ َ
ِ
واَضبوا َل ذلك فقال« :وما يدريك أهنا رقي ٌة؟!» ،ثم قال« :قد أصبتُمِ ،
اقسموا ُ ُ
سهام»).(1
معكم ً
ِ
وتفويض ِ
والثناء عىل اهلل تعاىل، ِ
العبودية، ِ
إخالص تضمنَتْه الفاحت ُة من فام
َّ
جمامع النع ِم ك ِّلها ،وهي
َ والتوكل عليه ،وسؤالِه
ِ ِ
واالستعانة به، ِ
األمر ك ِّله إليه،
ِ
الكافية. ِ
الشافية ِ
األدوية النقم؛ من أعظ ِم اهلداي ُة التي
وتدفع َ
ُ النعم
َ ِتلب
ُ
) (1أخرجه ابن أيب شيبة عن عيل ،)23553( 55/4 وإنام رواه عن عبد اهلل بن مسعود
ابن عدي يف الكامل .106/3
) (2أخرجه مسلم ( .)2709
) (3أخرجه مسلم (.)2196
| 392خمتصر زاد املعاد يف هدي خري العباد
ُ ِ
الشفاء ِ
رسول اهلل وأنا دخ َل َّ
عيل بنت عبد اهللَ : ويف «سنن أيب داود» ،عن
ِ
النملة كام َع َّل ْمتيها الكتاب َة»).(1 عندَ حفص َة فقالَ « :أ َال تُعلمني هذه رقي َة
ُ
رسول اهلل ﷺ إذا أخرجا يف «الصحيحني» عن عائش َة قالت :كان
ُ
سفيان اإلنسان ،أو كانت به قرح ٌة أو جرح ،قال بأص ُبعه :هكذا ،ووضع
ُ اشتكى
بعضنا ،لِ ُيشفى
باألرض ،ثم رفعها ،وقال« :بسم اهلل ،ترب ُة أرضنا ،بِري َق ِة ِ
ِ س َّبابته
سقيمنا ،بإذن ربنا»).(5
ُ
ِ
السبابة ،ثم يضعها عىل نفسه عىل ُأص ُب ِعه
ريق ِ ِ
احلديث :أنه يأخذ من ِ ومعنى
فيعلق هبا منه يش ٌء ،فيمسح به عىل اجلُ ِ
رح ،ويقول هذا الكال َم ملا فيه من ُ ِ
الرتاب
ِ
األمر إليه ،والتوك ِ
ُّل عليه ،فينضم أحدُ العالجني إىل ب ِ
ركة ذكر اسم اهلل ،وتفويض َ
التأثري. ِ
اآلخر ،فيقوى
ُ
علم اليقني أن ما أصابه مل يكن ل ُيخط َئه ،وما أخطأه مل ِ
عالجه :أن َيعلم َ ومن
يكن ل ُيصي َبه.
َ
أفضل منه. ينظر إىل ما ُأصيب به فيجد ر َّبه قد أبقى عليه مث َله ،أو
ومنه :أن َ
ِ
املصائب. التأيس بأهل ِ ِ
نار مصيبته بربد ِّ
يطفئ َ
َ ومنه :أن
جل َزع ال ير ُّدها ،بل يضاع ُفها.
ومنه :أن يعلم أن ا َ
ِ
الصرب والتسليم -وهو الصال ُة والرمح ُة فوت ثوابَ ومنه :أن يعلم أن
ِ
احلقيقة. أعظم من املصيبة يف واهلداي ُة-
ُ
عدوه ،ويسو ُء صدي َقه ،و ُيغضب ر َّبه.
يشمت َّ
اجلزع ِّ
َ ومنه :أن يعلم أن
أضعاف ما
َ ومنه :أن يعلم أن ما يعقبه الصرب واالحتساب من الل ِ
ذة واملرسة ُ
كان حيصل له ِ
ببقاء ما ُأصيب به لو بقي عليه.
َ
رسول اهلل ﷺ كان عباس أن ٍ يف «الصحيحني» من حديث ابن
ِ
العرش رب
العظيم احلليم ،ال إله إال اهلل ُّ
ُ يقول عند الك ِ
َرب« :ال إله إال اهلل
ِ
العرش الكريم»).(1 رب ِ
واألرضُّ ، رب السموات العظيم ،ال إله إال اهلل ُّ
دعوات
ُ َ
رسول اهلل ﷺ قال« : ويف «سنن أيب داود» عن أيب بكر َة ،أن
عني ،وأصلِح َل شأين
اللهم رمحتَك أرجو ،فال تَكِلني إىل نفيس طرف َة ٍ
َّ ِ
املكروب:
ُك َّله ،ال إله إال أنت»).(2
ِ
وأجزل عطاياه، أجل نعم اهلل عىل ِ
عبده، وملا كانت الصح ُة والعافي ُة من ِّ
فحقيق بمن رزق ح ًّظا
ٌ ِ
اإلطالق، أجل النع ِم عىل وأوفر ِ
منحه ،بل العافي ُة املطلق ُة ُّ ِ
مراعاهتا وحف ُظها ومحايتُها عام يضادها ،وقد روى البخاري يف
ُ ِ
التوفيق من
ُ
رسول اهلل ﷺ: ابن عباس ريض اهلل عنهام قال :قال ِ
حديث ِ «صحيحه» من
ِ
الناس :الصح ُة والفرا ُغ»).(4 كثري من ِ
مغبون فيهام ٌ
ٌ نعمتان «
فصل
ٍ
واحد س عىل نوعحبس الن ْف ِ ِ
واملرشب ،فلم يكن من عادته ﷺ ُ
ُ املطعم
ُ فأ َّما
يتعذر عليها يْض بالطبيعة جدًّ ا ،وقد ِ
ُ من األغذية ال يتعدا ُه إىل ما سواه ،فإن ذلك ُّ
غريه مل تقبله الطبيع ُة ،بل َ
تناول َ غريه ضعف أو هلك ،وإنأحيانًا ،فإن مل يتناول َ
يأكل ما جرت عاد ُة أهل ِ
بلده بأكله. كان ُ
فصل
ِ
األكالت. أنفع ما يكون من ِ وكان ُ
يأكل بأصابعه الثالث ،وهذا ُ
طبيخا بائتا ُي َّ
سخن له ً وقت شدة حرارته ،وال ِ ومل يكن ُ
يأكل طعا ًما يف
ِ
واملاحلة. ِ
العفنة ِ
بالغد ،وال شي ًئا من األطعمة
فصل
احللو
َ ِ
رسول اهلل ِ
الَشاب إىل أحب
ُّ قالت عائشة ريض اهلل عنها« :كان
البار َد»).(1
فصل
فصل
ُ
رسول مالك ،قال :كان ٍ ويف «صحيح مسلم» من حديث ِ
أنس بن
ُ
وأبرأ»(.)2 ُ
وأمرأ ِ
الرشاب ثال ًثا ،ويقول« :إنه أروى اهلل ﷺ يتنفس يف
فصل
جابر بن عبد اهلل قال: مسلم يف «صحيحه» :من حديث ِ ٌ وقد روى
ِ
السنة ليل ًة قاء ،فإن يف رسول اهلل ﷺ يقول« :غ ُّطواَ
اإلناء ،وأوكوا الس َ
َ سمعت
وكاء إال وقع فيه
ٌ غطاء ،أو سقاء ليس عليه
ٌ يمر بإناء ليس عليه
وباء ال ُّينزل فيها ٌ
ِ
الداء»).(3 من ذلك
َ
رسول البخاري يف «صحيحه» من حديث ِ
ابن عباس أن ُّ وروى
الرش ِ ِ
ب من ِيف ِّ
السقاء).(1 اهلل ﷺ هنى عن ُّ
فصل
فصل
تضيق عن ساكنِها
ُ حرا وبر ًدا ،وال ِ
املساكن وأنف ُعها ،وأق ُّلها ًّ ُ
أعدل وتلك
فتأوي اهلوا َّم يف ِ
خلوها ،ومل يكن ٍ
فائدة، ٍ
منفعة وال ُ
تفضل عنه بغري ينحرص ،وال ف
َ َ
ُؤذي ساكنَها برائحتِها ،بل رائحتها من أطيب الروائح؛ كنف ت ِ
فيها مراحيض وال ٌ
وحفظ صحتِه.
ِ ِ
للبدن ِ
وأوفقها ِ
وأنفعها ِ
املساكن ِ
أعدل ريب أن هذه ِمن
وال َ
فصل
ُ
الديك ،فيحمدُ ُ
الصارخ وهو ُ
يستيقظ إذا صاح وأما هد ُيه يف يقظتِه ،فكان
ِ
للصالة يقف
وضوئه ،ثم ُِ ُ
يستاك ،ثم يقو ُم إىل ويكربه وهي ِّلله ويدعوه ،ثم اهلل تعاىل
ِّ
ِ
بكالمه ،مثن ًيا عليه راج ًيا له راغ ًبا راه ًبا. بني يدي ر ِّبه ،مناج ًيا له تعاىل
فصل
بكرا تالع ُبها وتالع ُبك»).(3 جابر ثي ًبا قال لهَّ « :
هال ً تزو َج ٌ
وملا َّ
ُنكح املرأ ُة ملاهلا ،وحلسبِها ،وجلامهلا،
النبي ﷺ قال« :ت ُ
ويف «الصحيحني» عن ِّ
ولدينِها ،فاظفر بذات الدين ت َِربت يداك»).(4
فصل
ُ
الرجل ويف «الصحيحني» عن جابر ،قال :كانت اليهو ُد تقول :إذا أتى
أحول ،فأنزل اهلل ( :ﯡ ﯢ ﯣ َ امرأتَه من د ُبرها يف ُق ُبلِها ،كان الولدُ
ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ) [البقرة ،]223 :ويف لفظ ملسل ٍم« :إن شاء ُجمبي ًة ،وإن شاء غري
ٍ
واحد»).(2 جمب َي ًة ،غري أن ذلك يف ِصامم
َُ
احلرث
موضع ْ
ُ واملُجبي ُة :املُن َك َّب ُة عىل وجهها ،والصام ُم الواحدْ :
الفر ُج ،وهو
ِ
والولد.
ِ
بعض ب إىل ِ ٍ الدبر ،فلم ُيبح ُّ
نس َ
قط عىل لسان نبي من األنبياء ،و َمن َ ُ وأ َّما
عيل بن دبرها ،فقد َ ِ
الزوجة يف ِ ِ ِ
السلف إباح َة
غلط عليه ،ويف الرتمذي :عن ِّ وطء
ِ
أعجازهن؛ فإن اهلل ال يستحيي النساء يف
َ ُ
رسول اهلل ﷺ« :ال تأتوا طلق ،قال :قال
من احلق»).(3
ب
ُيان ،فال ير ُّده؛ فإنه طي ُ
ويف «صحيح مسلم» عنه ﷺ« :من ُعرض عليه َر ٌ
ُ
خفيف املحمل»).(2 الريحِ ،
ِ
سبعة أيامٍ، َ
يغتسل يف كل وصح عنه أنه قال« :إن هلل ح ًقا عىل كُل مسل ٍم أن
َّ
يمس منه»).(3
طيب أن َّ
وإن كان له ٌ
[ثالثًَا ]:فصل يف ذِ ْكر ش ء منَ األَدوِي واألَغذِي املُفرَدة الَّيت جاءَت على لِسانِه ﷺ
ِ
صفهان ،وهو َأ َ
فض ُله ،و ُيؤتَى َ األسود ُيؤتَى به من َأ
َ ُحل إِثمد :هو َ
حجر الك ْ
ِ ِ به من ِج ِ
هة املَ ِ
وداخ ُله صيص،الرسيع التَّفتت ا َّلذي ل ُفتاته َب ٌ
ُ أيضا ،و َأ َ
جو ُده غرب ً
َأم َلس ليس فيه يشء من األَ ْوساخِ .
النبي ﷺ أنه قالَ « :م َث ُل املُ ْؤ ِم ِن ا َّل ِذي َي ْق َر ُأ ِّ ُأت ُْرج :ث َب َت يف الصحيح :عن
ب»( .)1يف األُ ُتر ِّج َمنافِ ُع كثريةٌ. بَ ،و ِر ُ
ُي َها َطي ٌ
ِ
آن ك ََم َث ِل ْاألُت ُْر َّجةَ ،ط ْع ُم َها َطي ٌ
ا ْل ُق ْر َ
الصحيح عنه ﷺ أنه ملا قال يف م َّك َةَ « :ال ُ ْ
َيت ََىل َخ َال َها» ،فقال ِ إِ ِ
ذخر :ث َبت يف
سول اهلل ،فإنه ل َق ْينهم( )2ول ُب ِ
يوهتم .فقال« :إِ َّال ذخر يا َر َ اإل ِ
له ال َع َّباس َّ :إال ِ
اإل ْذ ِخ َر»(.)3
ِْ
ات -ويف لفظ: ُتَ ر :ثب َت يف الصحيح عنه ﷺ أنه قال« :من تَصبح بِسب ِع ُتَ ر ٍ
َ ْ َ َّ َ َ ْ َ َ َّ ْ َ
ت َالك ا ْل َي ْو َم ُسم َو َال ِس ْح ٌر» ،وث َب َت عنه أنه قالَ « :ب ْي ٌ
رض ُه َذلِ َ ِ
من َمتْر العاليةَ -مل ْ َي ُ َّ
()1
ِ ِ
خل ْبز ،و َأك ُله اع َأ ْه ُل ُه» ،وث َب َت عنه َأكْل الت َّْمر ُّ
بالز ْبد ،و َأكْل الت َّْمر با ُ ُتَ ْ َر فيه ِج َي ٌ
()3 ()2
ُمفر ًدا.
ِ ِ ِ ِ
تني :ملَّا مل َيكُن التِّني بأرض احلجاز واملَدينة ،مل َيأت له ذكْر يف ُّ
السنَّة ،فإن
ُنايف أرض الن َّْخل ،ولكِن قد َأقسم اهلل به يف ِكتابِه ل َك ْثرة منافِعه و َف ِ
وائده. أرضه ت ِ
َ
َ َ
ِ
املطحون ،وذكرنا مناف َعها).(4 ِ
الشعري تلبينة :قد تقدَّ م أهنا ما ُء
َثريد :ثبت يف الصحيحني عنه ﷺ أنه قالَ « :ف ْض ُل عائِ َش َة ع َىل النس ِ
اء َ َ َ َ
يد َع َىل َسائِ ِر ال َّط َعا ِم»(.)1َك َف ْض ِل ال َّث ِر ِ
الصحيح ْني من َحديث أيب س َلم َة ،عن أيب ُهرير َة َ الس ْوداء :ث َبت يف
حبة َّ
اء ِم ْن ِ ِ ِ
الس ْو َداءَ ،فإِ َّن ف َيها ش َف ً
سول اهلل ﷺ قال« :ع َليكُم ِهب ِذ ِه َْ ِ
احل َّبة َّ َ ْ ْ َ ،أن َر َ
ٍ
املوت .احلب ُة السوداء :هي الشونيز. ُ ام»( ،)5والسا ُم:
الس َكُل َداء إِ َّال َّ
عوف من ِح ٍ
كة ٍ ِ
ولعبد الرمحن ِ
بن ِ
للزبري، أباحه
حرير :قد تقدَّ م أن النبي ﷺ َ
كانت هبام ،وتقدَّ م منافعه).(6
سول اهلل حيحه :عن جابِ ِر بن عبد اهلل ،أن َر َ َخل :روى مسلِم يف ص ِ
َ ُ
اإلدا َم ،فقالوا :ما ِعندَ نا َّإال اخلَ ُّل ،فدَ عا به ،وج َع َل َيأكُل و َيقول: ﷺ س َأ َل أه َله ِ
اخل ُّل»(.)2 اخل ُّل ،نِ ْع َم ْ ِ
اإل َدا ُم َْ اإل َدا ُم َ«نِ ْع َم ْ ِ
الزيت
َ دهن :يف الرتمذي من حديث أيب هريرة مرفو ًعا« :ك ُلوا
وا َّدهنوا به»).(3
ِ
ومنافعها وماهيتها ،فال حاج َة إلعادته).(4 ِ
الذريرة ذريرة :تقدَّ م الكال ُم يف
رخص ل َعرفج َة بن َأسعدَ ملََّاالنبي ﷺ َّ ذهب :روى أبو داودِ ِّ ،
ذي :أن َّ والرتم ُّ َ
َّخذ ور ٍق ،ف َأنتَن عليه ،ف َأمره النبي ﷺ أن يت ِ ُقطِع َأن ُفه يو َم الكالبَّ ،
واختَذ أن ًفا من ِ
َ ُّ ََ َ
ذهب(.)6 أن ًفا من َ
انَ ،ف َال َي ُر َّد ُهَ ،فإِ َّن ُه ِ ِ
َّبي ﷺَ « :م ْن ُع ِر َض َع َل ْيه َر ْ َ
ُي ٌ صحيح ُمسلم عن الن ِّ ِ ويف
الر ِائ َح ِة»(.)3
ب َّ َخ ِف ُ
يف املَ ْح َم ِلَ ،طي ُ
عن ِ
ابن ُر َّمان :قال تعاىل﴿ :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ﴾ [الرمحن ،]68 :و ُيذكَر ِ
ان ِم ْن ُر َّمانِك ُْم َه َذا إِ َّال َو ُه َو
ع َّباس رض اهلل عنهام َموقو ًفا و َمرفو ًعاَ « :ما ِم ْن ُر َّم ٍ
عيل أنه قال: وغريه عن ٍّ ُ وقوف َأش َب ُه .وذكَر َح ْر ٌب
ُ اجلن َِّة» واملَ ُم َل َّق ٌح بِ َح َّب ٍة ِم ْن ُر َّم ِ
ان َْ
بش ْح ِم ِه ،فإنه ِدبا ُغ املَ ِعدَ ِة. ان َالر َّم َ كُلوا ُّ
ويف الرتمذي وابن ماجه من حديث أيب هرير َة ،عن النبي ﷺ أنه
ٍ
مباركة»).(1 ٍ
شجرة الزيت وا َّدهنوا به؛ فإنه من
َ قال« :ك ُلوا
ُ
رسول عمر ريض اهلل عنهام قال :قال أيضا :عن ِ
ابن َ وللبيهقي وابن ماجه ً
ٍ
مباركة»).(2 ٍ
شجرة ِ
بالزيت وا َّدهنوا به؛ فإنه من اهلل ﷺِ « :
ائتدموا
دخ َل علينا زبد :روى أبو داو َد يف «سننه» عن ابنَي ُب ْرس السلم َّي ِ
ني قاالَ « :
والتمر»).(3
َ حيب الزبدَ
ومترا ،وكان ُّ ُ
رسول اهلل ﷺ ،فقدَّ ْمنا له زبدً ا ً
سنا :قد تقدَّ م).(4
أيضا).(5
سنُّوت وتقدَّ م ً
واك :يف الصحيحني عنه ﷺَ « :لو َال َأ ْن َأ ُش َّق ع َىل ُأمتِي َألَمر ُُتم بِالسو ِ
اك ِس ٌ
َ َْ ُْ َ َّ ْ َْ
ِعنْدَ كُل َص َال ٍة»(.)6
وفيهام :أنه ﷺ كان إذا قام من ال َّليل يشوص فاه بالس ِ
واك(.)7 ُ ِّ َ َ ْ َ
ذكر ِ
هديه ِ
أرسار الصو ِم عندَ ِ وحاجة البدَ ن إليه طب ًعا ،وقد تقدَّ م الكال ُم يف بعض
ﷺ فيه).(1
سول اهلل ابن ع َّباس ،أن َر َ ديث ِ َضب :ثبت يف الصحيحني :من ح ِ
َ َْ َّ َ
ﷺ ُس ِئل عنه ملََّا قدِّ َم إليه ،وام َتنَع من َأكْلهَ :أ َحرا ٌم هو؟ فقالَ « :الَ ،و َلكِ ْن َمل ْ َيك ُْن
مائدتِه وهو َين ُظر(.)2
ني يدَ يه وعىل ِ ِ بِ َأر ِ ِ
ض َق ْوميَ ،ف َأ ِجدُ ِين َأ َعا ُف ُه»َ ،و ُأك َل َب ْ َ ْ ْ
مر ،عنه ﷺ أنَّه قالَ « :ال ُأ ِح ُّل ُه ِ
الصحيح ْني :من َحديث ابن ُع َ َ ويف
َو َال ُأ َحر ُم ُه»(.)3
ِ
الرائحة الكَرهي ُة ،وت َُش ُّق عليه، وكان ﷺ ُيكثِر التَّط ُّيب ،وتَشتَدُّ عليه
للروح ا َّلتي هي َمط َّية ال ُقوى ،وال ُقوى تَتضا َعف وتَزيد بال ِّطيب، ِ
والطيب غذا ُء ُّ
ُ
ِ ِ
وحدوث األمور عارشة األَح َّبةُ ، والرسور ،و ُم َ كام تَزيد بالغذاء والرشاب ،والدَّ َعة ُّ
شهده ،كال ُّث َقالء وال ُب َغضاء،
الروح َم َ َرس َغيبته ،و َيث ُقل عىل ُّ املَ ْحبوبةَ ،
وغ ْيبة من ت ُ ُّ
وِتلِب اهل َ َّم وال َغ َّم ،وهي عارشهتم ت ِ
بم ِنزلة ا ُ
حل َّمى ِ
للروح َ ُوهن ال ُقوىَ ، فإن ُم َ
وهلَذا كان ِممَّا َح َّبب اهلل سبحانه الصحابة بن َْهيهم الرائحة الكَرهيةِ ، للبدَ ن ،وبم ِنزلة ِ
َ
عن التَّخ ُّلق هبذا اخلُ ُلق يف ُم َ
عارشة َرسول اهلل ﷺ لتَأ ِّذيه بذلك ،فقال﴿ :ﮦ ﮧ
ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ
ﯗﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ﴾ [األحزاب.]53 :
مر ْر ُت
بن عبيد اهلل ،قالَ : روى ُمسلِم يف َصحيحه :عن َطلح َة ِ وقد َ
ؤالء؟» قالوا:َخل ،فر َأى قوما ي َل ِّقحون ،فقال« :ما يصنَع ه ِ سول اهلل ﷺ يف ن ْمع ر ِ
َ َ ً ُ َ
الذكَر ف َيج َعلونه يف األُن َثى .قال« :ما َأ ُظ ُّن ذلك ُيغنِي شيئًا» ،فب َلغهم،
أخذون من َّ َي ُ
فرتكوه ،فلم يص ُلح ،فقال النبي ﷺ« :إِنَّام هو َظن ،إِ ْن َ ِ
كان ُيغني َش ْيئًا؛ َف ْ
اصنَعو ُه، ُ َ ُّ َ ََ
| 421خمتصر زاد املعاد يف هدي خري العباد
والشفاء التا ُّم ،والدوا ُء النافِ ُع، ثاينِّ ، َّ ُّ فاحتة الكِ ِ
تاب :و ُأم ال ُقرآن ،والس ْبع املَ ِ
الغنَى وال َفالح ،وحافِظة ال ُق َّوة ،ودافِعة اهل َ ِّم وال َغ ِّم ومفتاح ِ والر ْقية التامةِ ،
َّ ُّ
دائه، واخلوف واحل َزن َمل ِن عرف ِمقدارها و َأعطاها ح َّقها ،و َأحسن تَنزي َلها عىل ِ
َ َ َ َ َ َ َْ
والرس ا َّلذي ألَ ْجله كانت كذلك. ِ ِ
وعرف َو ْجه االست ْشفاء والتَّداوي هباَّ ِّ ، َ
فربأ َلو ْقته ،فقال له الصحابة عىل ذلك ،ر َقى هبا ال َّل َ
ديغَ َ ، وملََّا و َق َع بعض َّ
النبي ﷺَ « :و َما ُي ِ
دريك َأ َّهنَا ُر ْق َي ٌة؟!»(.)1 ُّ
صرية حتَّى و َقف عىل َأرسار هذه ِ َّوفيق ،و ُأ َ
عني بنور ال َب و َمن سا َعده الت ُ
والصفات عرفة الذات واألسامء ورة ،وما اشت ََم َل ْت عليه م َن الت َّْوحيد ،و َم ِالس ِ
ِّ ُّ
واإل َهلية ،وكاملالربوبية ِ وِتريد ت َْوحيد ُّ واألَ ْفعال ،وإثبات َّ ْ
الرشع وال َقدَ ر واملَعادَ ،
اخلري ك ُّله ،وإليه
ُ التَّوكُّل وال َّت ْفويض إىل َمن له األَ ْمر ك ُّله ،وله احلمدُ ك ُّله ،وب َي ِده
الدار ْين، أصل َسعادة اهلداية ا َّلتي هي ُ يرجع األَمر ك ُّله ،واالفتِقار إليه يف ط َلب ِ
َ ُ ْ ُ َ
فاس ِدمها ،وأن العافي َة املُط َلقة صاحلهام ،ود ْفع م ِ
َ َ
و َعلِم ارتِباط معانيها بج ْلب م ِ
َ َ َ َ
ِ
التا َّمة ،والنِّ ْعمة الكاملة َمنوط ٌة هباَ ،موقوف ٌة عىل التَّح ُّقق هباَ ،أغنَتْه عن كَثري َ
من
ِ ِ
الرش َأسبا َبه.
والر َقى ،واستَفتَح هبا من اخلَ ْري أبوا َبه ،ود َفع هبا من ِّ األَدوية ُّ
ُقرآن :قال اهللُ تعاىل﴿ :ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ﴾
هاهنا ،ل َبيان ِ
اجلنْس ال لل َّت ْبعيض ،وقال تعاىل: ِ
والصحيح :أن (من) ُ
ُ [اإلرساء]82 :
﴿ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊﮋ ﮌ﴾ [يونس.]57 :
الشفا ُء التا ُّم من َمجيع األدواء ال َقلبية والبدَ نية ،و َأدواء الدُّ نيا رآن هو ِّفال ُق ُ
ِ ِ
حسن ال َع ُ
ليل ؤهل وال ُيو َّفق لالست ْشفاء به ،وإذا َأ َ أحد ُي َّ كل َ واآلخرة ،وما ُّ
جازم ،واستِيفاء بصدْ ق وإيامن ،و َقبول تا ٍّم ،واعتِقاد ِ
دائه ِ ووضعه عىل ِ
َّداوي بهَ َ ،
الت َ
ُرشوطه ،مل ُي ِ
قاومه الدا ُء أ َبدً ا.
اجلبالرب األرض والسامء ا َّلذي لو َنزل عىل ِ وكيف ت ِ
ُقاوم األدوا ُء كال َم ِّ
مرض من أمراض ال ُقلوب واألبدان ِ ِ
األرض ل َق َّط َعها ،فام من َ لصدَّ َعها ،أو عىل
َّإال ويف ال ُقرآن َسبيل الدَّ اللة عىل َدوائه وس َببِه ،واحلمية منه ملَِن َر َز َقه اهللُ فه ًام يف
كِتابه.
دوائها ِ
وعالجها، وأما األَدوي ُة ال َقلبية ،فإنه يذكُرها مفصلة ،ويذكُر أسباب َأ ِ
َ َ ُ َّ َ َّ
قال تعاىل﴿ :ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ﴾ [العنكبوت،]51 :
كف ِه فال كَفا ُه اهلل.
شف ِه ال ُقرآن ،فال َشفاه اهلل ،ومن مل ي ِ
َ َ ُ
فمن مل ي ِ
َ َ
عبد اهلل بن َجع َفر ،أن َر َ
سول اهلل ﷺ ِق َّثاء :يف السنَن من حديث ِ
َ ُّ
بالر َطب(.)1 ِ
كان َيأكُل الق َّثاء ُّ
َ
ِ ٍ
حيح ْني :من َحديث أنَس ، الص َ بمعنًى واحد ،ويف َّ ُق ْسط وك ُْستَ :
عن النبي ﷺَ « :خري ما تَدَ اويتُم بِ ِه ِْ
احل َج َام ُة َوا ْل ُق ْس ُط ا ْل َب ْح ِر ُّ
ي»(.)2 َْ ْ ُْ َ ِّ
اهلن ِْدي،
ود ْ ِ
ديث ُأم َقيس ،عن النبي ﷺ« :ع َليكُم ِهب َذا ا ْلع ِ
ُ َ ْ ْ َ ِّ ِّ ْ
ويف املُسنَد من ح ِ
َ
اجلن ِ
ْب»(.)3 يه َس ْب َع َة َأ ْش ِف َي ٍةِ ،من َْها َذ ُ
ات َْ َفإِ َّن فِ ِ
َ ِ
ْدي،
واآلخ ُر اهلن ُّ األبيض ا َّلذي ُيقال له :ال َب ُّ
حري. ُ أحدُ مها: وال ُق ْسط :ن َْوعان َ
واألبيض َأل َينُهام ،و َمنافِ ُعهام كثري ٌة ِجدًّ ا.
ُ وهو َأشدُّ مها َح ًّرا،
اء لِ ْل َع ْ ِ
ني» ِ ِ
النبي ﷺ ،أنه قال« :ا ْلك ََم َأ ُة م َن املَْنَ ،و َماؤُ َها ش َف ٌ
عن ِّ ك ََمأة :ث َب َت ِ
الصحيح ْني(.)1
َ َأ َ
خرجاه يف
عبد اهلل ،قالُ :كنَّا مع ديث جابِر بن ِ َكباث :يف الصحيحني من ح ِ
َ َْ َ
اث ،فقالَ « :ع َل ْيك ُْم بِ ْاألَ ْس َو ِد ِمنْ ُه َفإِ َّن ُه َأ ْط َي ُب ُه»(.)2 سول اهلل ﷺ نَجنِي ال َك َب َ ر ِ
َ
اثَ :ثمر األَ ِ
راك. وال َك َب ُ َ
وهب ،قال: ِ صحيحه عن ُع َ ِ
ثامن بن َعبد اهلل بن َم َ خاري يف
ُّ روى ال ُب َكتَمَ :
سول اهلل ﷺ ،فإذا دخ ْلنا عىل ُأم س َلم َة ،ف َأخر َجت إلينا َشعرا من َشعر ر ِ َ
َ ً َ ِّ
باحلنَّاء وال َكتَم(.)3 هو َخمضوب ِ
ٌ
النبي ﷺ أنَّه قال« :إِ َّن ِمن َأ ْح َس ِن َما غَ َّ ْريت ُْم بِ ِه ِّ السنَن األَر َبعةِ :
عن ويف ُّ
َّاء َوا ْل َكت َُم»(.)4 الشيب ِْ
احلن ُ َّ ْ َ
أنس ،أن أبا بكْر اخت ََضب ِ
باحلنَّاء الصحيح ْني :عن ٍ ويف
َ َ
وال َكتَم(.)5
كره تَسميتُها كَر ًما؛ ملِا َر َوى ُمسلِم يف حل ْبلة ،و ُي َ شجرة العنَب ،وهي ا َ
ِ
ك َْرمَ :
الر ُج ُل النبي ﷺ أنه قالَ « :ال َي ُقو َل َّن َأ َحدُ ك ُْم لِ ْل ِعن ِ
َب :ا ْلك َْر ُم .ا ْلك َْر ُمَّ : عن ِّ صحيحه ِ ِ
ِ ()2 ٍ ِ ()1
خرىَ « :ال َت ُقو ُلوا: ب املُْ ْؤم ِن» ،ويف رواية ُأ َ املُ ْسل ُم» ،ويف ِرواية« :إِن ََّام ا ْلك َْر ُم َق ْل ُ
َب َو َْ
احل ْب َل ُة»(.)3 ِ
الك َْر ُمَ .و ُقو ُلوا :ا ْلعن ُ
َحلم :قال تعاىل﴿ :ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ﴾ [الطور ،]22 :وقال:
﴿ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ﴾ [الواقعة.]21 :
أجناس:
ٌ واللحم
ُ
ب أخف اللح ِم ،ويف «الصحيحني» :أنه كان ُي ِ
عج ُ ُّ وحلم الذرا ِع حلم الضأن:
ُ
َ
رسول اهلل ﷺ»(.)5
ِ
وهنَى عن ُحلو ِم ا ُ
حل ُمر ،أخرجاه يف وث َب َت عنه ﷺ أنه أذ َن يف ُحلوم اخلَ ْيلَ ،
الصحيحني(.)1
بني ِ
الفروق َ السنة ،كام أنه أحدُِ ِ
وأهل ِ
الرافضة حلم اجلمل :فرق ما بني
ِ
باالضطرار وأهل اإلسالم ،فاليهو ُد والرافض ُة تذ ُّمه وال تأك ُله ،وقد ُع ِلم ِ ِ
اليهود
وسفرا.
ً حْضا
ً رسول اهلل ﷺ وأصحا ُبه ُ ِمن ِ
دين اإلسال ِم ح ُّله ،وطاملا أك َله
الو ْح ِ
ش(.)1 ماج ْه عن جابِ ٍر قالَ :أ َك ْلنا ز َم َن َخي َ
رب اخلَ ْي َل ُ ُ
ومح َر َ ويف ُسنَن ِ
ابن َ
الحتقان الد ِم فيها ،وليست بحرا ٍم؛ لقولِه ﷺ:
ِ ٍ
حممودة؛ غري ِ
حلوم األجنَّةُ :
ِ
اجلنني ذكا ُة أ ِّمه»).(2 «ذكا ُة
وبان قال :ذ َب ْح ُت لر ِ
سول اهلل ﷺ شا ًة ديث َث َ َْحلم ال َقديد :يف السنَن من ح ِ
َ َ ُّ
طعمه منه إىل املَ ِ
دينة(.)3 رون ،فقالَ « :أصلِح َْحلمها» ،ف َلم َأ َز ْل ُأ ِ
ونح ُن ُمسافِ َ
ْ ْ ْ ََ
ُحلوم ال َّطري :قال اهللُ تعاىل﴿ :ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ﴾ [الواقعةِ ،]21 :
ومنه ْ
ِ
والبازي ،والشاهني ،وما َيأكُل كالص ْقر
َّ حلرا ُم :ذو املِخ َلب،
َحالل ،ومنه َحرام .فا َ
ِ
اجل َيف كالن َّْرس والرخم وال َّلق َلق وال َع ْق َعق وال ُغراب األَب َقع واألَ َ
سود الكَبري ،وما
ِهني عن َقتْله كاهلدهد والرصد ،وما ُأ ِمر ب َقتْله ِ
كاحلدَ أة وال ُغراب. ُّ َ ُ ُ ُ َ
صناف كَثرية:
ٌ الل َأ
حل ُ
وا َ
النبي وسى أن ِ ِ
َّ الصحيح ْني من َحديث أيب ُم َ
َ فمنه :الدَّ جاج ،ففي
حلم الدَّ ِ
جاج(.)4 ﷺ َأك ََل َ ْ
عبد اهلل ِ اجلراد :يف الصحيحني عن ِ
بن أيب َأ ْو َىف قالَ :غ َز ْونا َ
مع َْ َ ُ
سول اهلل ﷺ سبع َغ َز ٍ
وات نَأكُل اجلَرا َد(.)5 ر ِ
َ ْ َ
رش ُفها و َأج ُّلها َقدْ ًرا و َأح ُّبها إىل النُّفوس و َأغالها ِ ِ
ماء زَم َز َم :س ِّيد املياه و َأ َ
َ
سامعيل(.)2 وس ْقيا اهلل إِ
ُ
()1
ثمنًا و َأن َف ُسها ِعند الناس ،وهو َهزمة ِج َ
ربيل َ
َّبي ﷺ ،أنه قال ألَيب َذ ٍّر وقد َأقام بني عن الن ِّالصحيح ِ
ِ وث َب َت يف
ال َك ْع ِبة و َأ ِ
ستارها َأر َبعني ما بني َي ْوم و َل ْيلة ،ليس له َطعام غريه ،فقال ﷺ« :إِ َّهنَا
ِ ِ
غري ُمسلم بإِ ْسنادهَ « :وش َف ُ
اء ُس ْق ٍم»(.)4 َط َعا ُم ُط ْع ٍم» ،وزاد ُ
()3
ِ
والبهائم. ِ
األرض م َن اآل َدم ِّيني َو ْجه
ويف الصحيحني عن ِ
قبل أن ُنت ُأط ِّيب َّ
النبي ﷺ َ عائش َة قالت :ك ُ َْ
ُحي ِرم ،ويو َم الن َّْحر قبل أن َيطوف بال َب ْيت بطِيب فيه ِم ْس ٌك(.)1
ِ ِ
رشفها و َأطي ُبها ،وهو ا َّلذي ت َ
ُْضب به وامل ْس ُك َملك أنوا ِع ال ِّطيب ،و َأ َ
غريه ،وال ُيش َّبه ب َغ ْريه. األَ ُ
مثال ،و ُيش َّبه به ُ
مر عن ِ وضع ،ويف الصحيحني ِ َنخْ ل :مذكور يف ال ُقرآن يف غري م ِ
ابن ُع َ َ ٌ َ
ٍ ،قالَ :ب ْينا نح ُن ِعند ر ِ
َّبي ﷺ: بج َّامر نَخلة ،فقال الن ُّ يت ُ سول اهلل ﷺ إذ ُأ ِ َ َ
الر ُج ِل املُْ ْسلِ ِم َال َي ْس ُق ُط َو َر ُق َهاَ ،أخْ َِب ِ
وين َما «إِ َّن ِم َن َّ
الش َج ِر َش َج َر ًة َم َث ُل َها َمثَ ُل َّ
ُ
َّخل ُة ،ف َأ َر ْدت أن
وادي ،فو َق َع يف َن ْفيس أهنا الن ْ ِهي؟» فو َقع الناس يف شجر الب ِ
َ َ ُ َ َ
َت .فقال َر ُ
سول اهلل َّخل ُةُ .ث َّم ن َظ ْرت فإذا أنا َأص َغر ال َق ْوم ِسنًّا ،فسك ُّ قول :هي الن ْ َأ َ
ِ
ب إ َّيل من مر ،فقال :ألَ ْن تَكون ُقلتَها َ
أح ُّ ﷺ« :ه َي النَّخْ َل ُة» ،فذك َْرت ذلك ل ُع َ
كذا وكذا(.)2
ﯘ ﯙ﴾ [الصافات.]146 :
[القس الرانبع]
فصولٌ يف هديِه ﷺ يف بقضمتِه وبحرامِه
| 434خمتصر زاد املعاد يف هدي خري العباد
خمتصر زاد املعاد يف هدي خري العباد | 435
ذكر الترشي ِع العام وإن كانت أقضيتُه اخلاص ُة الغرض من ذلك َ ُ وليس
هديه يف احلكومات اجلزئ َّي ِة التي َفصل هبا َ
بني كر ِ ُ ِ
الغرض ذ ُ ترشي ًعا عا ًّما ،وإنام
ونذكر مع ذلك قضايا ِمن ُ ِ
الناس، اخلصو ِم ،وكيف كان هد ُيه يف احلك ِم بني
ِ
الكلية. أحكامه
-4فصل يف حُردِه ﷺ نبالقَ َود على من قتل جاري ً ،وبنه يُفعل نبه كدا فَعل
رأس جارية بني حجرين عىل رض َ ثبت يف «الصحيحني» :أن هيود ًّيا َّ
رأسه بني
رض ُ ُ
رسول اهلل ﷺ أن ُي َّ خذ فاعرتف ،فأمر أوضاح هلا -أيُ :ح ِ ٍّيل -ف ُأ َ
ٍ
حجرين).(1
ِ
الرجل باملرأة ،وعىل أن اجلاين ُيفعل به كام ويف هذا احلكم ٌ
دليل عىل قتل
َ
رسول اهلل ﷺ مل يد َفعه إىل القتل ِغيل ًة حدٌّ ال ُيشرتط فيه ُ
إذن الويل؛ فإن فعل ،وأن َ
ِ
أوليائها ،ومل يقل :إن شئتُم فاقتلوه ،وإن شئتُم فاعفوا عنه ،بل قت َله ً
حتام.
بح ٍ
جر ُ
إحدامها األخرى َ ذيل رمت يف «الصحيحني» أن امرأتني من ُه ٍ
ٍ
وليدة يف اجلنني، رسول اهلل ﷺ بِ ُغر ٍةٍ :
عبد أو ُ فقتلتْها وما يف بطنِها ،فقَض فيه
َّ
ِ ِ
القاتلة).(2 وجعل دي َة املقتولة عىل َ
عصبة
ِ
األنصار واليهود ،وقال ثبت يف «الصحيحني» :أنه ﷺ حكم هبا بني
ِ
وعبد الرمحن« :أحتلفون وتَستح ُّقون د َم صاحبِكم؟» -وقال وحم ِّي َص َة
حلو ِّي َص َة ُ
ُ
البخاري« :وتستحقون قات َلكم أو صاح َبكم» -فقالواٌ :
أمر مل نشهدْ ه ومل نره، ُّ
َ
أيامن قو ٍم كفار؟ فوداه ِ
بأيامن مخسني» ،فقالوا :كيف نَقبل فقال« :فتَُبئكم َيو ُد
رسول اهلل ﷺ ِمن ِ
عنده(.)1 ُ
برمتِه إليه»).(2
دفع َّ ٍ
رجل منهم ،ف ُي ُ
لفظ« :ي ِ
قسم مخسون منكم عىل ُ
ويف ٍ
َ
رسول اهلل ﷺ بع َثه إىل عن معاوي َة بن قرة ،عن أبيه ،عن جدِّ ه :أن
مخس ما َله» ،قال حييى بن معني :هذا
فْض َب عن َقه ،و َّ ِ ٍ
أعر َس بامرأة أبيهَ َ ،
رجل َ
حديث صحيح).(3
ُ
رسول اهلل ﷺَ « :من ٍ
عباس قال :قال ِ
حديث ابن ويف «سنن ابن ماجه» من
و َقع عىل ِ
ذات حمر ٍم فاقت ُلوه»).(4 َ َ
-6فصل يف حُردِه ﷺ نبقتل من اتُّه نبأمِّ ولده فلدا ظهرت نبراءتُه بمسكَ عنه
لعيل بن
النبي ﷺ ِّ عم ماري َة كان ُيتَّهم هبا ،فقال ُّ
أنس ،أن اب َن ِّ عن ٍ
عيل فإذافاَضب عن َقه» ،فأتاه ٌّ
ْ اذهب فإن وجدته عند ماري َة،طالب ْ « : ٍ أيب
بوب، ِ
اخرج ،فناوله يدَ ه ،فأخرجه ،فإذا هو َجم ٌ ْ عيل:
رب ُد فيها ،فقال له ٌّ
هو يف َرك ٍّي َيت َّ
جمبوب ،ما
ٌ َ
رسول اهلل ،إنه النبي ﷺ فقال :يا عيل ،ثم أتى َّ
فكف عنه ٌّ
َّ ذكر،ليس له ٌ
ذكر).(1
له ٌ
النبي ﷺ ِ
الناس ،وأحس ُن ما يقال :أن َّ وقد أشك ََل هذا القضا ُء عىل ٍ
كثري من
ِ ِ أمر عل ًّيا بقتلِه
تبنيتعزيرا إلقدامه وجرأته عىل َخلوته بأ ِّم ولده ﷺ ،فلام َّ
ً
ِ
القتل بتبيني كف عن قتله ،واستغنى عن لعيل حقيق ُة احلال ،وأنه بري ٌء من الريبةَّ ،ٍّ
دائر معها وجو ًدا والتعزير بالقتل ليس بالز ٍم كاحلدِّ ،بل هو ٌ ِ
تابع للمصلحة ٌ ُ احلال.
وعد ًما.
عيب ،عن أبيه ،عن جده :أن يف «مسند اإلمام أمحد» من حديث عمرو بن ُش ٍ
النبي ﷺ فقالِ :أقدْ ين .فقال« :حتى ِ
رجال ب َقرن يف ُركبته ،فجاء إىل ِّ
رجال طعن ًً
عرجت،
ُ َ
رسول اهلل، ََبأ» ،ثم جاء إليه فقالِ :
أقدين .فأقاده ،ثم جاء إليه ،فقال :يا ت َ
ُ
رسول اهلل ﷺ َ
وبطل عرجتَك» ،ثم هنى فقال« :قد هنيتُك فعصيتَني؛ فأبعدك اهلل،
جرح حتى َيرب َأ صاح ُبه).(2
قتص من ٍأن ُي َّ
ستقر
االقتصاص من اجلرح حتى َي َّ
ُ تضمنت هذه احلكوم ُة ،أنه ال ُ
جيوز وقد َّ
وجواز
َ بالقود،
َ ستقر ٍة .وأن رساي َة اجلناية مضمون ٌة ِ ٍ ٍ
أمره ،إما باندمال أو برساية ُم َّ
ُ
ِ
والقرن ونحومها. ِ
الْضبة بالعصا القصاص يف
-11فصل يف قضائِه ﷺ فمدن عضَّ يدَ رجل فانتزع يدَه من فمه فسقطت ثَنمَّ ُ
العاضِّ نبإهدارِها
ِ ِ
نفس تضمنت هذه احلكوم ُة أن من خ َّلص َ
نفسه من يد ظاملٍ له ،فتَلفت ُ وقد َّ
غري مضمون. ِ
الظامل ،أو يش ٌء من أطرافه أو ماله بذلك ،فهو َهدَ ٌر ُ
-12فصل يف قضائه ﷺ فمدن اطَّلع يف نبمتِ رجل نبغري إذنِه فحَذفه حبَصاة بو
عودٍ ففقأَ عمنَه فال ش ءَ علمه
-13فصل [جامع]
تضع ما يف
َ احلامل إذا َقت َلت عمدً ا ال ت ُ
ُقتل حتى َ ُ
رسول اهلل ﷺ أن وقَض
بطنِها وحتى َ
تكفل ولدها.
ِ
بالولد).(2 وقَض أال ُي َ
قتل الوالد
ٍ
بكافر).(3 مؤمن
ٌ وقَض أن املؤمنني تتكاف ُأ دماؤهم ،وال ُي ُ
قتل
ِ
األنف إذا ُجدع ُك ُّله بالدية كامل ًة ،وإذا جدعت أرنبتُه بنصفها).(5 وقَض يف
ِ ِ ِ ِ ِ ِ
وقَض يف املأمومة بثلث الدية ،ويف اجلائفة بثلثها ،ويف املنقلة بخمس َة َ
عرش َ
ِ
اإلبل. من
ِ
بالدية ،ويف ِ
البيضتني ِ
بالدية ،ويف ِ
الشفتني ِ
بالدية ،ويف ِ
اللسان وقَض يف
َ
ِ
بالدية ،ويف إحدامها نصفها ،ويف ِ
العينني ِ
بالدية ،ويف ِ
الصلب ِ
بالدية ،ويف ِ
الذكر
الرجل ُيقت َُل
َ وقَض أن ِ
الديةَ ، اليد نصف الدية ،ويف ِ
ِ ِ
الواحدة نصف ِ
الرجل
ِ
باملرأة(.)6
ِ
العاقلة مئ ٌة من اإلبل(،)1واختل َفت الرواي ُة عنه يف وقَض أن دي َة اخلطأ عىل
ِ
أسناهنا.
ِ
بالدية ثالثني ح َّق ًة ،وثالثني جذع ًة ،وأربعني ِ
العمد إذا رضوا وقَض يف
َ
خلف ًة ،وما ُ
[صوحلوا] عليه فهو هلم(.)2
نصف ِ
دية احلر» .ولفظ ُ ِ
املعاهد ِ
السنن األربعة عنه ﷺ« :دي ُة وقد روى ُ
أهل
ِ
عقل املسلمني ،وهم اليهو ُد نصف
ُ ِ
الكتابني عقل ِ
أهل قَض أن َابن ماجهَ « :
والنصارى»(.)3
ِ
املرأة القاتلة(.)4 الزوج ،وولدَ ِ
العاقلة ،وبر َأ منها ِ
بالدية عىل وقَض
َ
َ
بقدر ما أ َّدى ِمن كتابتِه دية احلر ،وما
املكاتب أنه إذا ُقتِ َل أنه ُيو َدى ِ
ِ وقَض يف
َ
َب ِق َي فدية اململوك( ،)5قلت :يعني :قيمتَه.
النبي ﷺ،
ِّ أسلم جاء إىل
َ صحيح البخاري ومسل ٍم أن ً
رجال من ِ ثبت يف
أربع مرات ،فقال ِ
النبي ﷺ ،حتى شهدَ عىل نفسه َ فأعرض عنه ُّ
َ فاعرتف بالزنى،
َ
جم
فأمر بهُ ،فر َ
نت؟» قال :نعمَ . جنون؟» قال :ال .قالَ « :أ َ
حص َ ٌ النبي ﷺ« :أبك
ُّ
النبي ﷺ
مات ،فقال له ُّ
جم حتى َ يف املصىل ،فلام أذ َل َقته احلجارةَُّ ،فر ف ُأ ِ
دركُ ،فر َ
خريا ،وصىل عليه(.)1
ً
زنيت
ُ َ
رسول اهلل ،إين قد ويف «صحيح مسلم» :جاءت الغامد َّي ُة فقالت :يا
َ
رسول اهلل مل َ تَر ُّدين ،لعلك أن فطهرين ،وأنه ر َّدها ،فلام كان من ال َغ ِد ،قالت :يا ِّ
فاذهبي حتى تلِدي» ،فلام حلبىل ،قال« :إما الَ ، ماعزا؟ فواهلل إنني ُ تر َّدين كام رددت ً
فأرضعيه حتى ِ رقة ،قالت :هذا قد ولدتُه ،قال« :اذهبي ولدت ،أ َتتْه بالصبي يف ِخ ٍ
ِّ
نبي اهلل قد ِ تف ُطميه» ،فلام فطمته أتته
بالصبي يف يده كرس ُة خبز ،فقالت :هذا يا َّ ِّ
فح ِفر هلا
أمر هبا ُ
رجل من املسلمني ،ثم َ ٍ الصبي إىل
َّ فطمته ،وقد أكل الطعا َم ،فدفع
رأسها، بحجر ،فرمى ٍَ الناس فرمجوها ،فأقبل خالدُ بن الوليد َ صدرها ،وأمرِ إىل
رسول اهلل ﷺ« :مهال يا خالدُ ؛ فوالذي ُ وجهه؛ فس َّبها ،فقال ِ فانتضح الد ُم عىل
َ
فصىلَّ كس لغُفر له» ثم أمر هبا، صاحب َم ٍ بيده ،لقد تابت توب ًة لو تاهبا نفيس ِ
ُ
عليها ،و ُدفنت).(2
َ
رسول اهلل ﷺ قَض فيمن زنَى ومل ُحي َصن بنفي ويف «صحيح البخاري» :أن
ِ
وإقامة احلدِّ عليه).(3 عا ٍم،
جم ،فأتوا
الر َسال ٍم :كذبتم إن فيها َّ وجيلدون ،فقال عبدُ اهلل بن َ
نفض ُحهم ُقالواَ :
ضع أحدُ هم يدَ ه عىل آية الرج ِم ،فقرأ ما قبلها وما بعدها، ِ
فو َ
بالتوراة ،فنرشوها َ
الرج ِم ،فقالوا:
فرفع يدَ ه ،فإذا فيها آي ُة َّ
َ فقال له عبدُ اهلل بن سالم :ارفع يدَ ك،
ُ
رسول اهلل ﷺ ُفرمجا).(1 الرجم ،فأمر هبام
َ َ
صدق يا حممدُ ،إن فيها
الذمي ٍ
برشط يف اإلحصان ،وأن فتضمنت هذه احلكوم ُة أن اإلسال َم ليس
َّ َّ
َحكم بينهم إال بحك ِم ِ ُحي ِّصن الذم َّي َة ،وأن َ
أهل الذمة إذا حتاكموا إلينا ال ن ُ
اإلسال ِم.
-16فصل [يف حرده ﷺ على املقر نبالزنى نبامربة معمن حبد الزنى دون القذف]
ِ
القذف، ٍ
بامرأة معينة بحدِّ الزنى دون حدِّ وحكم ﷺ عىل من أ َق َّر بالزنى
فأقر عنده أنه سعد :أن ً سهل بن ٍِ ِ
النبي ﷺَّ ،
رجال أتى َّ حديث ففي «السنن» :من
املرأة فسأهلا عن ذلك ،فأنكرت أنِ ُ
رسول اهلل ﷺ إىل ٍ
بامرأة سامها ،فبعث زنى
حلدَّ وت ََركها).(2
تكون َزنَت ،فجلده ا َ
ِ
باجللد).(3 وحكم يف األ َم ِة إذا زنت ومل ُحتصن
ِ
اخلمر بْضبِه باجلريد والنِّعال ،وِضبه أربعني ،وتبعه أبو ِ
شارب وحكم يف
ٍ
بكر عىل األربعني).(2
دراهم).(1
َ قطع سار ًقا يف جم ٍّن ثمنُه ثالث ُة
أقل من رب ِع ٍ
دينار).(2 وقَض أنه ال تُقطع اليدُ يف َّ
ِ ِ
املسجد).(1 النساء يف وقطع سار ًقا رسق ت ً
ُرسا من صفة
احلق له ﷺ ،فله أن يستوف َيه ،وله أن يرتكَه، وج ُه اهلل» ،وغري ذلك ،فذلك أن َّ
ِ وأيضا فإن هذا كان يف ِ ِ وليس أل َّمتِه ُ
األمر حيث كان أول ترك استيفاء ح ِّقه ﷺً ،
ِ
التأليف ومج ِع ِ
ملصلحة وأيضا فإنه كان يعفو عن ح ِّقه ِ
والصفحً ، ِ
بالعفو مأمورا ﷺ
ً
تص يقتل أصحا َبهُّ ،الناس عنه ،ولئال يتحدثوا أنه ُ ولئال ين ِّفر ِ
الكلمة؛ َّ
وكل هذا خي ُّ َ
بحياتِه ﷺ.
سهام).(2 ِ
للفارس ثالث َة أسه ٍم وللراجل ً حكم ﷺ أن
ابن إسحاق :كانت ُ
اخليل يو َم بني قريظ َة ِ
بإخراج اخلمس ،فقال ُ حكمه
ُ وأ َّما
ُ أول ٍ
فرسا ،وكان ُ
اخلمس،
َ وأخر َج منه
َ السهامن، يفء وق َع ْت فيه ست ًة وثالثني ً
ومض ْت به السن ُة(.)3
َ
ببعري ،فهذا يف التقوي ِم وقسمة ٍ
عرشة منها ٍ ِ
اإلبل والغن ِم ُّ
كل ِ
قسمة وعدَ َل يف
ِ
املشرتك. ِ
املال
ِ
رسول اهلل ﷺ عا َم احلديبية البدن َة نح ْرنا مع ِ
اهلدي فقد قال جابرَ « : وأ َّما يف
حجة الودا ِع فقال جابر ِ ٍ
سبعة») ،(4فهذا يف احلديبية ،وأ َّما يف ٍ
سبعة والبقر َة عن عن
سبعة منا يف ٍ
بدنة»)،(5 ٍ كل ِ
والبقر ُّ ِ
اإلبل َ
نشرتك يف ُ
رسول اهلل ﷺ أن أمرنا
أيضاَ :
ً
وكالمها يف الصحيح.
وصح عنه :أن املهاجرين طلبوا منه ُدورهم يو َم الفتح بم َّك َة ،فلم ير َّد عىل
َّ
دارك بم َّك َة؟ فقال« :وهل ترك لنا َع ٌ
قيل َنزل غدً ا من ِ
داره ،وقيل له :أين ت ُ ٍ
أحد َ
يضمنوا ما أتلفوه
َ الكفار واملحاربني إذا أسلموا مل
َ السنَّ ُة أن
منزال» ،فمضت ُّ
)(3
ً
َ
أمواهلم التي َغصبوها عليهم ،بل نفس أو ٍ
مال ،ومل يردوا عليهم عىل املسلمني من ٍ
حكمه وقضاؤه ﷺ. يشء فهو له ،هذا من أسلم عىل ٍ
ُ
-29فصل يف حُردِه ﷺ فمدا كان يُهدَى إلمه
ِ
بحهحلك ِم يف مال الفيء ما مل ُي ْ
والقصد هنا أن اهلل سبحانه أباح لرسوله من ا ُ
غريهم ،والذي أدع لغريه ،ويف «الصحيح» عنه ﷺ« :إين ُأعطي ِ
وأدع َ
ُ أقواما،
ً
إَل من الذي أعطي»).(1
أحب َّ
ُّ
مصارف
َ رسول اهلل ﷺ وأحكا ُمه أنه كان ُ
جيعل ِ والذي يدل عليه َهدي
ِ
الزكاة. كمصارفاخلُمس َ
ُ
أموال بني عمر بن اخلطاب قال :كانت ويف «الصحيحني» :عن َ
يل وال ِر ٍ
كاب، يوجف املسلمون عليه بِ َخ ٍ النضري مما أفاء اهلل عىل رسولِه مما مل ِ
ِ
لفظَُ « :يبِس ألهلِه َ
قوت سنة ،ويف ٍفكانت للنبي ﷺ فكان ينفق عىل أهلِه نفق َة ٍ
ِّ
)(2
ُ
وَيعل ما بقي يف الكُرا ِع والسالح ُعدَّ ًة يف سبيل اهلل» . سنتهم،
ُ
رسول اهلل ﷺ إذا أتاه مالك قال :كان ٍ عوف بنِ ويف «السنن» :عن
العزب ح ًّظا).(3 َ
اآلهل ح َّظني ،وأعطى َ يومه ،فأعطى الفيء قسمه من ِ
ُ َ َ
يترصف فيه ِ
الفيء :هل كان ملكًا لرسول اهلل ﷺ وقد اختلف الفقها ُء يف
َّ
كيف يشا ُء ،أو مل يكن ملكًا له؟
ِ
باألمر ،فيض ُعه حيث ف فيه
يترص ُ والذي ُّ
تدل عليه سنَّتُه وهد ُيه أنه كان
َّ
أمره اهلل.
َ
رسول اهلل ﷺ هبذا فقال« :واهلل إين ال ُأعطي أحدً ا وال أمن ُعه ،إنام
ُ رصح
وقد َّ
أضع حيث ُأ ُ
مرت»).(4 قاسم ُ
ٌ أنا
ِ ِ
كوات والغنائم وقسم ُة املواريث فإهنا ُمع َّين ٌة ألهلها ال َي َ
رشكُهم الز ُ وأما َّ
َ
أشكل عليهم من األمر بعده من أمرها ما ِ غريهم فيها ،فلم ُيشكل عىل والة ُ
إشكال أمره عليهم ملا طلبت ُ ِ
ال َفيء ،ومل يقع فيها من النِّزاع ما وقع فيه ،ولوال
ث عنه ما كان ِملكًا له ِ
بنت رسول اهلل ﷺ مريا َثها من ِتركته ،وظنت أنه ُي َ
ور ُ فاطم ُة ُ
ورث عنه ،بلكسائر املالكني ،وخفي عنها حقيق ُة امللك الذي ليس مما ُي ُ ِ
هو صدق ٌة بعده.
-31فصل يف حُردِه ﷺ يف الوفاءِ نبالعهد لعدوِّه ،ويف رُسُله بال يُقتلوا وال
يُحبسوا ،ويف النبذِ إىل من عاهده على سواءٍ إذا خافَ منه نقضَ العهدِ
ُ
رسول اهلل: الكذ ِ
اب ملا قاال :نقول إنه َّ لرسويل ُمسيلم َة
َ ثبت عنه أنه قال
الر َ
سل ال تُقتل لقتلتُكام»).(1 «لوال أن ُّ
قريش ،فأراد املُقا َم عنده،
ٌ وثبت عنه أنه قال أليب رافعٍ ،وقد أرس َلته إليه
بالعهد ،وال أحبس الَب َد ،ولكن ارجعِ يس ِ
يرجع إليهم ،فقال« :إين ال أخ ُ
ُ وأنه ال
اآلن فارجع»).(2
نفسك الذي فيها َ قومك ،فإن كان يف ِ
إىل ِ
بذمتهم ُ
تتكافأ دماؤهم و َيسعى َّ ثبت عنه ﷺ أنه قال« :املسلمون
أدناهم»).(1
أخذها ِ
الثالث التي َ ِ
الطوائف فقال أمحد( )3والشافعي( :)4ال تُؤخذ إال من
واملجوس.
ُ ُ
رسول اهلل ﷺ منهم ،وهم :اليهو ُد والنصارى
وقالت طائف ٌة :يف األم ِم ك ِّلها إذا بذلوا اجلزي َة ُقبِلت منهم ،وإنام مل ُ
يأخذها ﷺ
ِ
اجلزية. نزول ِ
آية ِ قبلالعرب؛ ألهنم أسلموا ك ُّلهم َ ِ ِ
األوثان من من ِ
عبدة
أخ َذ من كل
قدرها ،فإنه بعث ُمعا ًذا إىل اليمن ،وأمره أن َي ُكمه يف ِوأما ُح ُ
ثياب معروف ٌة باليمن ،ثم زاد فيها ُ
عمر ٌ دينارا أو قيمته ُمعافِ َر) ،(5وهي
ً حامل
الو ِ
رق مها عىل أهل َ دنانري عىل ِ فجعلها أربع َة
أهل الذهب ،وأربعني در ً َ
وعمر َ علِ َم ِغنى ِ
أهل ُ ضعف أهل اليمن،
َ فرسول اهلل ﷺ علِم
ُ وك ٌُّل ُسنة،
وقو َهتم.
الشام َّ
زوجها أبوها وهي كاره ٌة ثبت عنه يف «الصحيحني» :أن خنساء َ ِ
بنت خدا ٍم َّ َ
نكاحها(.)1
َ َ
رسول اهلل ﷺ فر َّد وكانت ث ِّي ًبا ،فأتت
ِ
َ
رسول عباس :أن جاري ًة بِ ً
كرا أتت ٍ حديث ابن ويف «السنن» :من
النبي ﷺ(.)2 زوجها وهي كاره ٌةَّ ،
فخريها ُّ اهلل ﷺ ،فذكرت له أن أباها َّ
ُستأذن» قالوا :يا
َ البكر حتى ت
ُ ُنكح
وثبت عنه يف «الصحيح» أنه قال« :ال ت ُ
إذهنا؟ قال« :أن تسكُت»(.)3 َ
رسول اهلل ،وكيف ُ
نفسها بغري ِ
إذن ٍ
ت َ نكح ْ
يف «السنن» عنه من حديث عائشة « :أ ُّيام امرأة َ
مهرها بام
أصاهبا فلها ُ
َ فنكاحها ٌ
باطل ،فإن ُ فنكاحها ٌ
باطل، ُ فنكاحها ٌ
باطل، ُ وليها؛
وَل له» ،قال الرتمذي :حديث
وَل َمن ال َّ
فالسلطان ُّ
ُ أصاب منها ،فإن اشتجروا
َ
حسن(.)1
بوَل»(.)2 ِ
نكاح إال ٍّ
ويف السنن األربعة عنه« :ال َ
ِ
العقد إذا ِ
بالرشوط التي ُرشطت يف هذا ِ
الوفاء وجوب احلكم فتضمن هذا
َ ُ
حلكم اهلل ورسوله.
تغيريا ُ
مل تتضمن ً
غار يف ِ غار ففي «صحيح مسلم» :عن ِ أما ِّ
عمر مرفو ًعا« :ال ش َ
ابن َ الش ُ
اآلخر ابنتَه
ُ يزو َجه ُ
الرجل ابنتَه عىل أن ِّ اإلسال ِم» ،وفيه« :والشغار :أن ِّ
يزو َج
ٌ
صداق»(.)1 وليس بينهام
ٍ
مسعود نكاح املُح ِّلل ففي «املسند» و«الرتمذي» من حديث ِ
ابن وأما
ُ
رسول اهلل ﷺ املُح ِّلل واملُح َّلل له»(.)2
ُ قال« :لعن
حرم
رسول اهلل ﷺ ََّ عيل أن نكاح املتعة ففي «الصحيحني» عن ٍّ وأما ُ
اإلباح ِة.
َ التحريم إنام كان بعد
ُ ُمتع َة النساء( .)3وهذا
ٍ
فيباح عند
ُ حتريم بتات أو َحت ٌ
ريم ُ
مثل حتري ِم امليتة ُ ولكن النظر :هل هو
ِ ِ
الْضورة؟ هذا هو الذي حل َظه اب ُن عباس ،وأفتى بح ِّلها للْضورة ،فلام َّ
توسع
ِ
الْضورة ،أمسك عن ُفتياه ورجع عنها. الناس فيها ومل يقترصوا عىل ِ
موض ِع ُ
ِ
رواية ُع َ
ثامن بن عفان نكاح املُحر ِم فثبت عنه يف «صحيح مسلم» من وأما
ُ
نكح املُحر ُم وال ُينك َُح»(.)4 ُ
رسول اهلل ﷺ« :ال َي ُ قال :قال
-7فصل يف حُردِه ﷺ فمدن بسل على بكثرَ من برنبعِ ِنسوةٍ بو على بختنيِ
ٍ
نسوة، عرش عمر :أن َغ َ يف «الرتمذي» عن ِ
يالن أسلم وحتتَه ُ ابن َ
منهن أرب ًعا»(.)2
َّ اخرت
النبي ﷺْ « :
فقال له ُّ
اخرت أ َّيتهام ِ
النبي ﷺْ « :
ُّ أختان ،فقال له الديلمي وحتته
ُّ فريوز
ُ وأسلم
شئت»(.)3
ِ
انقضاء ِعدَّ هتا أسلم قبل موقوف ،فإن
ٌ النكاح حكمه ﷺ أن فالذي َّ
دل عليه
َ َ ُ
َنكح من شاءت ،وإن أحبت انتظرته،
فهي زوجتُه ،وإن انقضت عدَّ ُهتا فلها أن ت َ
حاج ٍة إىل ِتديد الن ِ
ِّكاح. أسلم كانت زوجتَه من غري َ
َ فإن
ويف «الصحيحني» :أنه ﷺ :كان إذا أراد س َف ًرا أقرع بني نسائه فأ َّيتَه َّن خرج
سهمها خرج هبا معه(.)1
ُ
ويف «الصحيحني» أن َسود َة وهبت يو َمها لعائش َة وكان
النبي ﷺ ِ
يقسم لعائش َة يو َمها ويو َم سود َة(.)2 ُّ
كل ليلة يف ِ
بيت التي يأتيها(.)3 جيتمعن َّ أهنن كن
َ ويف «صحيح مسلم» َّ
َ
رسول اهلل ﷺ ثبت يف «صحيح مسلم» :من حديث أيب الدرداء أن
سطاط ،فقال« :لع َّله يريد أن ُيلِ َّم هبا» ،فقالوا :نعم،ٍ ٍ
بامرأة ُجم ٍّح( )4عىل باب ُف َم َّر
قَبه ،كيف ُيورثه ،وهو يدخل معه َُ مهمت أن ألعنَه لعنًا
ُ رسول اهلل ﷺ« :لقد ُ فقال
يستخدمه وهو ال ُّ
ُيل له؟»(.)5 ُ ال َُي ُّل له؟ كيف
ِ وفيه عن ِ
رباض بن ساري َة ،أن رسول اهلل ﷺ َّ
حرم وط َء السبايا الع
يضعن ما يف بطوهن َّن(.)6
َ حتى
ثبت عنه ﷺ يف «الصحيح» :أنه أعتق صف َّي َة وجعل عت َقها صدا َقها ،قيل
ٍ
ألنس :ما أصد َقها؟ قال :أصدقها َ
نفسها(.)1
النبي ﷺ
َّ يف «السنن» :عن ابن عباس :أن جاري ًة ً
بكرا أتَت
زوجها وهي كاره ٌةَ َّ ،
فخريها النبي ﷺ(.)2 فذكر ْت أن أباها َّ
َ
جحش القرشي َة من ِ
زيد بن حارث َة مواله، ٍ بنت
زينب َ ُ
رسول اهلل ﷺ وزو َج
َّ َ َّ
بالل بن ٍ
رباح وتزوج ُ
َّ الفهري َة القرشية من أسام َة ابنِه(،)1
قيس ِ
وزوج فاطم َة بنت ٍ
َّ
ٍ
عوف. بأخت عبد الرمحن بن
َ
تفسخه نكاح ِ
زوجها وبني أن ِ رسول اهلل ﷺ بني أن تبقى عىلُ خريهاثم َّ
َ
رسول اهلل ،تأ ُمرين ولدك» فقالت :يا فاختارت نفسها ،فقال هلا« :إنه زوجك وأبو ِ
ُ َ
شافع» ،قالت :فال حاج َة يل فيه(.)1
ٌ بذلك؟ قال« :ال ،إنام أنا
النبي ﷺ
ِّ ُ
صداق ثبت يف «صحيح مسلم» :عن عائش َة :كان
ألزواجه ثنتي عرش َة أوقي ًة ون ًَّشا ،فذلك مخس ٍ
مئة درهم(.)4 ِ
رسول اهلل ﷺ نكح شي ًئا من ِ
نسائه وال َ علمت
ُ وقال عمر ريض اهلل عنه :ما
أكثر من ثنتَي عرش َة أوقي ًة .قال الرتمذي حديث حسن ِ
أنكح شي ًئا من بناته عىل َ
َ
مها.صحيح .واألوقي ُة :أربعون در ً
()5
َ
رسول اهلل ،إين النبي ﷺ فقالت :يا
ويف «الصحيحني» :أن امرأ ًة جاءت إىل ِّ
َ
رسول اهلل ،زوجنيها إن مل تكن طويال ،فقال ٌ
رجل :يا ً وهبت نفيس لك فقامت
ُ قد
يشء ت ِ
ُصد ُقها إياه؟» قال :ما رسول اهلل ﷺ« :فهل عندك من ٍ
ُ لك هبا حاج ٌة ،فقال
إزارك جلست وال َ رسول اهلل ﷺ« :إنك إن أعطيتَها ُ عندي إال إِزاري هذا ،فقال
ٍ
حديد» فالتمس ولو خاُتًا من إزار لك؛ فالتمس شيئًا» قال :ال أجدُ شي ًئا ،قال« :
ْ َ
ِ
القرآن؟» قال: يشء من رسول اهلل ﷺ« :هل معك ُ فالتمس فلم جيد شي ًئا ،فقال
ٌ
رسول اهلل ﷺ« :قد زوجتُكها بامُ سامها ،فقال ٍ
لسور َّ نعم ،سور ُة كذا وسور ُة كذا،
ِ
القرآن»(.)1 معك من
ٍ
سهل روى أبو داو َد يف «سننه» من حديث عائش َة :أن َحبيب َة بنت
النبي ﷺ بعد بن َش َّام ٍ كانت عند ِ
ثابت بن قيس ِ
بعضها ،فأتت َّ س ،فْضهبا فكرس َ
بعض ماهلا وفار ْقها» ،فقال:
النبي ﷺ ثابتًا فقال« :خذ َُّ ِ
الصبح فدعا صالة
َ
رسول اهلل؟ قال« :نعم» .قال :فإين أصد ْقتُها حديقتني ،ومها ويصلح ذلك يا
ُ
خذمها ِ
وفار ْقها» ،ففعل(.)2 نبي ﷺُ « : ِ
بيدها .فقال ال ُّ
َ
اخلطأ اس« :إن اهلل وضع عن َّأمتي ِ
حديث ابن ع َّب ٍ يف «السنن» عنه من
والنسيان وما استُكرهوا عليه»(.)1
فصل
فصل
النبي ﷺ ُ ِ
يقول« :ال طالق اإلغالق ،فعن عائش َة أهنا سمعت َّ
ُ وأما
الغضب.
َ ٍ
إغالق»( ،)1يعني: طالق وال َ
عتاق يف َ
ِ
ثالثة أقسام: والغضب عىل
ُ
َ
العقل ،وهذا ال يقع طال ُقه بال نزاعٍ. أحدُ ها :ما ُيزيل
شعيب ،عن أبيه ،عن جدِّ ه قال :قالٍ حديث عمرو بن ِ يف «السنن» من
يملك ،وال ِع َتق له فيام ال يملك ،وال
ُ نذر البن آد َم فيام ال
رسول اهلل ﷺ « :ال َُ
ُ
يملك»(.)2 َ
طالق له فيام ال
َ
رسول اهلل ﷺ قال: ويف «سنن ابن ماجه» عن امل ِ ِ
سور بن خمرم َة أن
عتق قبل ِم ٍ
لك»(.)3 َ
طالق قبل نكاحِ ،وال َ «ال
حائضا
ً ِ
طالق املدخول هبا ،وأما من مل ُيدخل هبا ،فيجوز طال ُقها هذا يف
وطاهرا ،كام قال تعاىل ( :ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ
ً
ﮭ) [البقرة.]236 :
ِ
حممود ِ ِ ِ
ُ
رسول بن لبيد ،قالُ « :أ ِ َ
خرب حديث وغريه ،من ويف «سنن النسائي»
لعب َ ٍ َ ٍ
رجل ط َّل َق امرأتَه
غضبان ،فقال :أ ُي ُ تطليقات مجي ًعا ،فقام ثالث اهلل ﷺ عن
رسول اهلل ،أفال أقت ُله»()1؟
َ رجل فقال :يا أظهركم؟! حتى قام ٌِ بني ِ
بكتاب اهلل وأنا َ
ِ
الطالق قال: عمر أنه كان إذا ُسئل عن ويف «الصحيحني» عن ِ
ابن َ
رسول اهلل ﷺ أمرين هبذا ،وإن كُنتَ ِ
مرتني ،فإن مر ًة أو
طلقت امرأتَك َّ
َ أ َّما أنت
ِ
وعصيت اهلل فيام أمرك
َ غريك،
زوجا َ ط َّلقتَها ثال ًثا ،فقد َح ُرمت عليك حتى تَنك َح ً
طالق امرأتِك(.)2
ِ من
وغري مدخول هبا، ٌ
مدخول هبا، ِ
نوعان: النصوص أن املُط َّلق َة فتضمنت هذه
ُ ُ َّ
جيوز تطليقها ثال ًثا جمموع ًة .واختلفوا يف وقو ِع ا ُمل َّ
حر ِم من ذلك. ُ
وكالمها ال ُ
القرظي جاءت
ِّ ثبت يف «الصحيحني» عن عائش َة ،أن امرأ َة رفاع َة
ِ
طالقي ،وإين رسول اهلل ،إن رفاع َة ط َّلقني ،ف َب َّت
َ َ
رسول اهلل ﷺ فقالت :يا إىل
رظي ،وإن ما معه ِم ُثل اهلُدْ َب ِة( ،)3فقال ِ
الزبري ال ُق َّ نكحت بعدَ ه عبدَ الرمحن بن
ُ
رسول اهلل ﷺ« :لع َّل ِك تُريدين أن تَرجعي إىل ِرفا َع َة! ال ،حتى تذوقي ُعسي َلتَه
ُ
ويذوق ُعسي َلتَك»(.)1
َ
-5حر ُ رسول اهلل ﷺ يف تَخمري بزواجِه نبني املُقام معه ونبني مُفارقتِه َّ
ِن له
ُ
رسول اهلل ﷺ ثبت يف «الصحيحني» عن عائش َة قالت :ملا ُأمر
أمرا ،فال عليك َّأال تعجيل حتى ِ ِ
ذاكر لك ً
ٌ أزواجه بدأ يب ،فقال« :إين بتخيري
ِ
بفراقه ،ثم قرأ: تَستأمري أبويك» ،قالت :وقد علم أن أبوي مل يكونا ل َيأ ُمراين
«( ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ
ﯘﯙﯚﯛ ﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥ
ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ) [األحزاب »]29 - 26 :فقلت :يف هذا أستأمر
النبي
أزواج ِّ
ُ والدار اآلخرة .قالت عائش ُة :ثم فعل
َ أبوي؟! فإين أريدُ اهلل ورسو َله
َّ
فعلت ،فلم يكن ذلك طال ًقا(.)2
ُ ﷺ َ
مثل ما
-6حر ُ رسول اهلل ﷺ الذي نبمَّنه عن رنبِّه تبارك وتعاىل فمدن ح َّ
َرمَ بمَتَه بو
زوجتَه بو متاعَه
قال تعاىل( :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ
ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ) [التحريم.]2 - 1 :
ٍ
جحش، زينب بنت عسال من ِ
بيت ً ثبت يف «الصحيحني» أنه ﷺ ِ
رش َب َ
َ
فاحتالت عليه عائش ُة وحفص ُة حتى قال« :لن أعود له» ويف ٍ
لفظ :وقد حلفت(.)3 َ
َ
رسول اهلل ﷺ كانت له أ َم ٌة ٍ
أنس :أن ويف «سنن النسائي» عن
يطؤها ،فلم ْ
تزل به عائش ُة وحفص ُة حتى َّ
حرمها ،فأنزل اهلل ( :ﭑ ﭒ ﭓ
ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ) [التحريم.)1(»]1 :
ُ
الرجل امرأتَه عباس قال :إذا حرم ٍ ويف «صحيح مسلم» عن ِ
ابن
ِ
رسول اهلل أسو ٌة حسنة (.)2 يمني ُيك ِّفرها ،وقال :لقد كان لكم يف
فهي ٌ
ِ
رسول اهلل ﷺ ودنا ِ
اجلون ملا دخ َل ْت عىل ثبت يف «صحيح البخاري» أن ابن َة
ذت بعظيمٍ ،احلقي بأهلِك»(.)3 منها ،قالت :أعو ُذ باهلل منك ،فقال هلا« :ع ِ
ُ
ِ
رسول اهلل ُ
رسول مالك ملا أتاه وثبت يف «الصحيحني» أن كعب بن ٍ
َ
عتزل امرأتَه قال هلا« :احلقي بأهلِك»(.)4
ﷺ يأ ُمره أن َي َ
ينوه، ٍ
بطالق ،نواه أو مل ِ الناس يف هذا ،فقالت طائف ٌة :ليس هذا
ُ فاختلف
ِ
الظاهر. قول ِ
أهل وهذا ُ
ِ
الطالق ِ
ألفاظ وغريهم :-بل هذا من األئم ُة األربعة مهور -منهم
ُ َّ جل ُ وقال ا ُ
َ
الطالق. إذا نوى به
-6حر ُ رسولِ اهلل ﷺ يف الظهارِ ونبمان ما بنزل اهلل فمه ،ومعنى العَودِ املُوجبِ
للرفَّارةِ
ُ
رسول اهلل ﷺ من أنس قال :آىل ثبت يف «صحيح البخاري» عن ٍ
رشبة له تِس ًعا وعرشين ليل ًة ثم َ
نزل ،فقالوا: نسائه وكانت انفكَّت ِرج ُله فأقام يف م ٍ
َ
الشهر يكون تس ًعا وعَشين»( ،)3وقد قال
َ شهرا! فقال« :إن َ
رسول اهلل قد آليت ً يا
سبحانه وتعاىل ( :ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ
ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ) [البقرة.]226 :
ِ
باليمني من ص يف عرف الرش ِع باالمتنا ِع وخ َّ ِ
باليمنيُ ، االمتناع
ُ اإليال ُء لغ ًة:
أربعة أشهر يمتنعون فيها من ِ ِ
لألزواج مد َة الزوجة ،وج َع َل سبحانه وتعاىل ِ ِ
وطء
مض ْت فإما أن يفي َء ،وإما أن يط ِّل َق .وقد اشت ُِه َر عن ِ ِ
وطء أزواجهم باإليالء ،فإذا َ
الغضب دون الرىض ،كام و َق َع ِ ِ
حال يكون يفُ ٍ
عباس أن اإليال َء إنام ِ
وابن عيل
ٍّ
ِ
اجلمهور. ِ
القرآن مع وظاهر لرسول اهلل ﷺ مع ِ
نسائه، ِ
ُ
(( )1كِ ْرس البيت) :جانب البيت ،وقيل :هو ما انحدر من جانبي البيت عن الطريقتني ،ولكل بيت كرسان.
( )2أخرجه النسائي ( ،)3460وابن ماجه (.)188
( )3أخرجه البخاري (.)5289
خمتصر زاد املعاد يف هدي خري العباد | 477
َ
رسول ٍ
فالن قال :يا َ
فالن بن ابن عمر َّ
أن ِ
حديث ِ يف «صحيح مسلم» من
يصنع؟ إن تك َّلم تك َّلم ٍ
بأمر ُ فاحش ٍة كيف
َ أرأيت لو وجد أحدُ نا امرأتَه عىل
َ اهلل،
النبي ﷺ فلم ُجي ْبه ،فلام كان سكت سكت عىل ِ
مثل ذلك؟ فسكت ُّ َ عظي ٍم ،وإن
ابتليت به ،فأنزل اهلل هؤالء
ُ بعد ذلك أتاه فقال :إن الذي سألتُك عنه قد
فتاله َّن عليه اآليات التي يف سورة النور( :ﮭ ﮮ ﮯ) [النور،]6 : ِ
ُ
ِ
اآلخرة. ُ
أهون من عذاب عذاب الدنيا ووع َظه وذكَّره ،وأخربه أن
َ
كذبت عليها ،ثم دعاها فوع َظها وذكرها
ُ قال :ال ،والذي بعثك باحلَ ِّق ما
حل ِّق ِ
عذاب اآلخرة ،قالت :ال ،والذي بعثك با َ أهون منُ عذاب الدنيا
َ وأخربها أن
الصادقني ،واخلامس َة
َ أربع شهادات باهلل إنه ملن ِ
بالرجل ،فشهد َ لكاذب ،فبدأ
ٌ إنه
أربع شهادات باهلل ِ أن لعن َة اهلل عليه إن كان من
َّ
الكاذبني ،ثم ثنَّى باملرأة ،فشهدت َ
َ
الصادقني ،ثم َّفرق
َ غضب اهلل عليها إن كان منَ إنه ملن الكاذبني ،واخلامس َة أن
بينهام (.)1
-11يف حُردِه ﷺ يف لُحوقِ النسب نبالزوج إذا خالف لونُ ولدِه لونَه
حديث عائش َة قالت :اختصم سعدُ بن ِ ثبت يف «الصحيحني» من
َ
رسول اهلل اب ُن أخي عتب َة ٍ
وقاص وعبدُ بن زمع َة يف غال ٍم ،فقال سعدٌ :هذا يا أيب
إيل أنه ابنه ،انظر إىل ِ
شبهه! وقاصِ ،
عهد َّ ٍ بن أيب
بن شعيب ،عن أبيه ،عن جدِّ ه عمرو ِ حديث ِ ِ روى أبو داو َد يف «سننه» من
رسول اهلل ،إن ابني هذا كان َ بن عمرو بن العاص« :أن امرأ ًة قالت :يا عبد اهلل ِ
بطني له وعا ًء ،وثديي له سقا ًء ،وحجري له ِحوا ًء ،وإن أباه طلقني فأراد أن
أحق به ما مل تَنكِحي»(.)2 رسول اهلل ﷺ :أنت ُّ ُ ينتزعه مني ،فقال هلا
َ
وجعفر وزيدٌ ،فقال عيل الرباء بن عازب« :أن ابن َة محز َة ِ
ٌ اختص َم فيها ٌّ
َ وعن
عمي وخالتُها عندي ،وقال جعفر :بنت ِّ
ٌ عمي ،وقال أحق هبا وهي ابن ُة ِّ عيل :أنا ُّ
ٌّ
ِ
بمنزلة األم»(.)3 رسول اهلل ﷺ خلالتِها ،وقال :اخلال ُة ُ زيدٌ :بنت أخي ،ف َق ََض هبا
َ
رسول اهلل، أهل السن ِن عن أيب هريرةً« :أن امرأ ًة جا َءت فقالت :يا
وروى ُ
يذهب بابني ،وقد سقاين من بئر أيب عنب َة وقد نفعني ،فقال َ إن زوجي يريدُ أن
ُ
رسول رسول اهلل ﷺ« :است َِهام عليه» ،فقال زوجها :من ُحيا ُّقني يف ولدي؟ فقال
ُ
فأخ َذ ِ
بيد أ ِّمه ،فانط َل َقت شئت»َ ،
َ اهلل ﷺ« :هذا أبوك وهذه أمك ،فخُ ْذ ِ
بيد أَيام ُّ
به» .قال الرتمذي :حديث حسن صحيح(.)1
-14ذكرُ حُردِه ﷺ يف النفق ِ على الزوجاتِ ،وبنه مل يقدِّرها وال وردَ عنه ما
يدل على تقديرِها ،وإمنا ردَّ األزوا َج فمها إىل العرفِ
َ
سفيان قالت له: ثبت عنه ﷺ يف «الصحيحني» أن هندً ا ابنة عتبة امرأ َة أيب
َ
ِ
النفقة ما يكفيني وولدي إال ما شحيح ،ليس يعطيني من َ
سفيان رجل إن أبا
ٌ
يعلم ،فقالُ « :خذي ما يكفيك وولدَ ك باملَعروف»(.)2
أخذت منه وهو ال ُ
ُ
ويف «سنن أيب داود» من حديث حكي ِم بن معاوي َة ،عن أبيه قال:
أطعموه َّن مما
ُ رسول اهلل ،ما ُ
تقول يف نسائنا؟ قال« : َ َ
رسول اهلل ﷺ فقلت :يا أتيت
ُ
واكسوه َّن مما تلبسون ،وال تَرضبوهن وال تُقبحوهن»(.)3
ُ تأكلون،
-15ذكرُ ما رُوي من حُر ِ رسول اهلل ﷺ يف مترنيِ املربةِ من فراقِ زوجها إذا
بعسرَ نبنفقتِها
-16فصل يف حُر ِ رسول اهلل ﷺ املوافقِ لرتا اهلل بنه ال نفق َ للدبتوت وال
سُرنى
ِ
االنتقال فأذن هلا ،فقالت: فذكرت له قوهلام ،فقال« :ال نفق َة لك» ،فاستأذنته يف
رسول اهلل؟ قال« :إىل ابن أم مكتو ٍم» وكان أعمى تضع َ
ثياهبا عنده وال َ أين يا
زيد ،فأرسل إليهايراها ،فلام مضت عدَّ ُهتا أنكحها رسول اهلل ﷺ أسام َة بن ٍ
َ
ُ
مروان :مل نسمع هذا ِ
احلديث فحدثته به ،فقال ٍ
ذؤيب يسأهلا عن مروان َقبيص َة بن
ُ
الناس عليها .فقالت فاطم ُة ِ
بالعصمة التي وجدنا ٍ
امرأة ،سنأخذ َ
احلديث إال من
َ
القرآن ،قال اهلل ( :ﭟ ﭠ ﭡ ُ حني بلغها ُ
قول مروان :بيني وبينكم
ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ) [الطالق ]1 :إىل قوله( :ﭷ
ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ) [الطالق ،]1 :قالت :هذا ملن كان له مراجع ٌة،
ً
حامال ،فعالم حيدث بعد ذلك؟ فكيف تقولون :ال نفق َة هلا إذا مل تكن
ُ فأي أمر
ُّ
َحتبسوهنا؟! (.)1
-19ذكرُ حر رسولِ اهلل ﷺ يف الرَّضاع ِ وما حيرم نبها وما ال يَحرُم ،وحُرده
يف القدر املُحرِّم منها ،وحرده يف إرضاع الربريِ :هل له تأثريٌ بم ال؟
أيضا :عن عائش َة قالت :كان فيام أنزل اهلل من وثبت يف «صحيحه» ً
بخمس معلومات ،فت ِّ
ُويف ٍ ٍ
رضعات معلومات ُحي ِّرم َن ،ثم نُسخن عرش ِ
القرآنُ :
وه َّن فيام ُيقرأ من القرآن (.)4 ُ
رسول اهلل ﷺ ُ
َ
رسول اهلل ﷺ وثبت يف «جامع الرتمذي» من حديث أ ِّم سلم َة أن
ضاعة إال ما فتق األمعاء يف الثدي ،وكان قبل ِ
الفطا ِم» ،وقال ِ الر
َ قال« :ال ُُير ُم من َّ
صحيح(.)5
ٌ الرتمذي :حديث
ُّ
بيان وأوضحه وأمج َعه، هذا الباب قد توىل اهلل سبحانه بيانَه يف كتابه أتم ٍ
َّ ُ
ِ
أنواعها: َشذ عنه معتدَّ ةٌ ،فذكر أربع َة أنوا ٍع من ِ
العدد ،وهي ُمجلة بحيث ال ت ُّ
ُ
ِ
احلمل ُمطل ًقا :بائن ًة كانت أو رجع َّي ًة، النوع األول :عد ُة احلامل بوضع
ُ
فارق ًة يف احلياة ،أو ُمتوىف عنها ،فقال تعاىل( :ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ُم َ
ﯯ) [الطالق.]4 :
وضع
ُ زوجها ِعدَّ ُهتا احلامل ا ُمل َّ
توىف عنها ُ َ ِ
الصحابة عىل أن مجهور
ُ احتج
َّ وهبذا
غتس ِل كام أفتى به رسول اهلل ﷺ ُ
لسبيع َة والزوج عىل املُ َ
ُ محلِها ،ولو وضعته
ِ
األسلمية(.)1
املطلقة التي حتيض ،وهي ثالث ُة ُق ٍ
روء ،كام قال اهلل تعاىل: ِ النوع الثاين :عد ُة
ُ ُ
(ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ) [البقرة.]228 :
النوع الثالث :عد ُة التي ال حيض هلا ،وهي نوعان :صغري ٌة مل حتض ،وكبري ٌة
ُ
فبني اهلل سبحانه عد َة النوعني بقولِه( :ﯛ ﯜ ﯝ ِ
احليضَّ ، قد يئست من
ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ) [الطالق ]4 :أي:
ِ
فعدَّ هت َّن كذلك.
زينب بنت أيب سلم َة أهنا دخلت عىل أ ِّم َحبيب َة
َ ثبت يف «الصحيحني»( )2عن
سفيان فدعت أم حبيب َة
َ النبي ﷺ -حني ت ِّ
ُويف أبوها أبو زوج ِِّ -
مست بعارضيها ،ثميب فيه ُصفر ُة َخلوق أو غريه ،فدهنت منه جاري ًة ،ثم َّ بطِ ٍ
َ
رسول اهلل ﷺ يقول عىل ٍ
حاجة غري أين سمعت قالت :واهلل ما يل بال ِّطيب من
ٍ
ثالث ،إال عىل حتدُّ عىل مي ٍ
ت فوق المرأة تؤمن باهلل واليوم اآلخر ُ ِ
ٍ املِنرب« :ال َُي ُّل
وعَشا».
ً زوجٍ أربع َة أشهر
ِ
رسول زينب :وسمعت أ ِّمي أ َّم سلم َة تقول :جاءت امرأ ٌة إىل
ُ قالت
زوجها ،وقد اشتكت عينَها
ُ ُويف عنها َ
رسول اهلل ،إن بنتي ت ِّ اهلل ﷺ فقالت :يا
رسول اهلل ﷺ« :ال» َم َّرتني ،أو ثال ًثا ،ك ُُّل ذلك يقول« :ال» ،ثم
ُ ُكح ُلها؟ فقال
أفت ِّ
وعَشا ،وقد كانت إحداك َُّن يف اجلاهلية ترمي بال َبعرة ً ٍ
أشهر قال« :إنام هي أربع ُة
ِ
احلول». ِ
رأس عىل
(َ ( )1ت ْفت َُّض) :أي تكرس ما هي فيه من العدة بطائر تتمسح به ،وتنبذه فال يكاد يعيش ما تفتض به.
(( )2ال ُق ْسط واألَ ْظفار) :نوعان معروفان من البخور.
( )3أخرجه البخاري ( ،)313ومسلم (.)938
( )4أخرجه أبو داود ( ،)2304والنسائي (.)3535
خمتصر زاد املعاد يف هدي خري العباد | 489
َ
رسول اخلدري أن ٍ
سعيد ثبت يف «صحيح مسلم» من حديث أيب
ِّ
عدوا فقاتلوهم فظهروا عليهم جيشا إىل أوطاس فلقي ًّ اهلل ﷺ يو َم حنني بعث ً
حترجوا من ِغشياهنن من ِ
ناسا من أصحاب رسول اهلل ﷺ َّ وأصابوا سبايا ،فكأن ً
أجل أزواجهن من املرشكني فأنزل اهلل يف ذلك( :ﭒ ﭓ ﭔ ِ
حالل لكم إذا ان َق َضت ِعدَّ هتن(.)1
ٌ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ) [النساء »]24 :أي :فهن
مر ِ
أيضا :من حديث أيب الدرداء أن رسول اهلل ﷺ َّ ويف «صحيحه» ً
ٍ ٍ ِ
بامرأة ُجم ٍّح عىل باب ُفسطاط فقال« :لعله يريد أن ُي َّ
لم هبا» ،فقالوا :نعم ،فقال
قَبه ،كيف ُيور ُثه وهو ال
مهمت أن ألعنه لعنًا يدخل معه َ
ُ ُ
رسول اهلل ﷺ« :لقد
يستخدمه وهو ال َُي ُّل له»(.)2
ُ ُّ
ُيل له ،كيف
النبي
جابر بن عبد اهلل أنه سمع َّ ثبت يف «الصحيحني» من حديث ِ
واخلنزير واألصنا َم» ،فقيل :يا
َ ﷺ يقول« :إن اهلل ورسو َله حرم َ
بيع اخلمر وامليت َة
َ
رسول اهلل ،أرأيت شحو َم امليتة ،فإهنا يطىل هبا السف ُن ويدهن هبا اجللو ُد،
ُ
رسول اهلل ﷺ عند ذلك: الناس؟ فقال« :ال ،هو حرام» ،ثم قال
ُ و َيستصبح هبا
مجلوه ثم باعوه فأكلوا ثمنَه»(.)1
شحومها َ َ
َ حر َم عليهم
«قاتل اهلل اليهو َد ،إن اهلل ملا َّ
مشارب تُفسد ِ
ثالثة أجناس: اجلوامع عىل حتريم الكلامت
ُ فاشتملت هذه
ُ ُ
ٌ
وأعيان تُفسد األديان وتدعو ُغذي غذاء خبي ًثا؛
الطباع وت ِّ
َ ومطاعم تفسد
ُ َ
العقول،
ِ
الفتنة والرشك. إىل
ِ
الكلب جابرا عن ثمن
ً ِ
الزبري قال :سألت ويف «صحيح مسلم» عن أيب
ُ
رسول اهلل ﷺ عن ذلك(.)1 والسن ِ
َّور ،فقالَ :ز َج َر ِّ
ِ
رسول اهلل ﷺ قال: ديج ،عن ِ
حديث راف ِع بن َخ ٍ ويف «صحيح مسلم» من
احلجا ِم»(.)2
وكسب َّ
ُ وثمن الكلب،
ُ مهر ال َبغي،
ِش الكسب ُ
« ُّ
لألو ِل.
تفسري َّ
ٌ وهذا الثاين
منع َ
رسول اهلل ﷺ قال« :ال ُي ُ ويف «الصحيحني» عن أيب ُهرير َة أن
أل»(.)1 فضل ِ
املاء ليمنع به الك ُ ُ
َ
رسول حديث حكي ِم بن ِحزا ٍم قال :قلت :يا
ِ يف «السنن» و«املسند» من
ُ
الرجل يسألني من البي ِع ما ليس عندي ،فأبي ُعه منه ،ثم أبتا ُعه من اهلل ،يأتيني
ِ
السوق ،فقال« :ال َتبِ ْع ما ليس عندك»( ،)2قال الرتمذي :حديث حسن.
ُ
رسول اهلل ﷺ عن بي ِع يف «صحيح مسلم» عن أيب ُهرير َة قال :هنى
احل ِ
صاة ،وعن بيع ال َغ ِ
رر(.)3 َ
رسول اهلل ﷺ عن َبيعتني ُ ٍ
سعيد قال :هنانا ويف «الصحيحني» عن أيب
ِ ِ ِ
ثوب اآلخرملس الرجل َ بستني :هنى عن املُالمسة واملُنابذة يف البيعِ ،واملُالمس ُةُ : و ُل
ُ
الرجل إىل الرجل ِ
بالنهار وال ُي َق ِّل ُبه إال بذلك ،واملُنابذةُ :أن َينبِ َذ بيده بالليل أو ِ
ٍ
تراض(.)4 اآلخر ثو َبه ،ويكون ذلك بي َعهام من غري ٍ
نظر وال ُ ثو َبه ،وينبذ
درهم.
ٌ كف من احلصا ،ويقول :يل بِك ُِّل حصاة
ويقبض عىل ٍّ
َ أو يبي َعه سلع ًة
ِ
أي وقت سقطت احلصا ُة
مسك أحدُ مها حصا ًة يف يده ،ويقولُّ : و ُف ِّ َ
رس بأن ُي َ
البيع.
وجب ُ
البيع.
نبذت إليك احلصا َة فقد وجب ُ
ُ و ُف ِّرس بأن يتبايعا ويقول أحدُ مها :إذا
عرتض القطيع من الغنم ،فيأخذ حصاةً ،ويقول :أي ٍ
شاة أصبتَها وفرس بأن َي َ
َّ َ
فهي لك بكذا.
بالباطل ،ومن ال َغ ِ
رر ِ تتضمنه من ِ
أكل املال َّ الصور ُك ُّلها فاسد ٌة ملا
ُ وهذه
واخلطر الذي هو شبيه ِ
بالقامر. ِ
| 494خمتصر زاد املعاد يف هدي خري العباد
خمتصر زاد املعاد يف هدي خري العباد | 495
فهرس املوضوعات
الصفح املوضوع
التعريف بموسوعة حممد رسول اهلل ﷺ 7 .................................................
اهلدي النبوي 9 ...........................................................................
ترمجة ابن قيم اجلوزية (ت10 .............................................. )751
التعريف بكتاب زاد املعاد يف هدي خري العباد البن القيم 12 ...............................
ِ
الرشائ ِع 34 ........................ -14فصل يف ُكتُبه ﷺ التي َكتَبها إىل َأ ْهل ِ
اإل ْسالم يف
-15فصل يف ُر ُسله ﷺ و ُكتُبه إىل ا ُمللوك 34 .............................................
-16فصل يف ُمؤ ِّذنيه ﷺ 36 ...........................................................
-17فصل يف ُأ َمرائه ﷺ 36 ............................................................
حر ِسه ﷺ 37 ........................................................... -16فصل يف َ
ْضب األَ ْعناق بني َيدَ ْيه ﷺ 37 .................................. فيمن كان َي ِ -19فصل َ
وسواكِه و َمن كان َيأ َذن عليه 38 .................
وخامتِه و َنعله ِ ِ
فيمن كان عىل َن َفقاته َ ْ -21فصل َ
بائه ﷺ 38 .................................................. وخ َط ِ
-21فصل يف ُش َعرائه ُ
حيدون بني َيدَ ْيه ﷺ يف الس َفر 38 ........................ ِ
-22فصل يف ُحداته ا َّلذين كانوا َ ْ
ورسايا ُه ﷺ 38 ........................................... ِ
-23فصل يف َغ َزواته و ُبعوثه َ
الحه و َأثاثِه ﷺ 39 ................................................ -24فصل يف ِذكْر ِس ِ
-25فصل يف َدوا ِّبه ﷺ 42 .............................................................
-26فصل يف َمالبِسه ﷺ 43 ...........................................................
-27فصل يف َهديه ﷺ يف ال َّطعام 46 ...................................................
عارشته ﷺ َأ ْه َله 47 .................................... -26فصل يف َهديه يف النِّكاح و ُم َ
باهه 49 ..................................... وسريته ﷺ يف نَومه وانتِ ِ -29فصل يف هدْ يه ِ
َ
ْ
الركوب 51 ................................................. -31فصل يف َهدْ يه ﷺ يف ُّ
-31فصل [جامع] 51 ................................................................
فصل يف َهدْ يه ﷺ يف ُمعا َملته 54 .................................................. -32
فصل يف َهدْ يه ﷺ يف َم ْشيه وحدَ ه ومع َأصحابِه 54 ................................. -33
ِّكائ ِه 55 ..........................................
فصل يف هدْ يه ﷺ يف جلوسه وات ِ
ُ َ -34
ِ ِ
فصل يف َهدْ يه ﷺ عند َقضاء احلاجة 55 ........................................... -35
الف ْطرة وتَوابِ ِعها 56 ..........................................
ديه ﷺ يف ِ
فصل يف َه ِ -36
-37فصل يف هديه ﷺ يف قص الشارب 57 ............................................
خمتصر زاد املعاد يف هدي خري العباد | 497
وضحكه وب ِ
ِ ِ
كائه 58 .......................... ُ وسكوته -36فصل يف َهدْ يه ﷺ يف كَالمه ُ
-39فصل يف َهدْ يه ﷺ يف ُخ َطبِه 59 ....................................................
[القس الثان ] فصول يف هديه ﷺ يف العبادات
[ ً
أوال :كتاب الطهارة]
ِ
الوضوء 63 .................................................. فصل يف ِ
هديه ﷺ يف -1
فصل يف هديه ﷺ يف املسح عىل ا ُ
خل َّفني 65 ......................................... -2
هديه ﷺ يف ُّ
التيم ِم 66 .................................................... فصل يف ِ -3
[ثان ًيا :كتاب الصالة]
ِ
الصالة 67 ................................................... فصل يف ِ
هديه ﷺ يف -1
فصل [يف هديه ﷺ يف دعائه يف صالته] 83 ........................................ -2
كامل إقبالِه وقربِه من اهلل تعاىل،
فصل [يف هديه ﷺ يف مراعاة أحوال املأمومني ،مع ِ -3
ِ
وحضور قلبِه َ
بني يديه ] 84 ..............................................................
ِ
سجود السهو 87 ............................................ -4فصل يف ِ
هديه ﷺ يف
فصل [يف هديه ﷺ يف النظر أثناء الصالة] 89 ..................................... -5
ِ
وجلوسه بعدها، ِ
الصالة، رسول اهلل ﷺ يقو ُله بعد انرصافِه منُ فصل :فيام كان -6
ِ
والقراءة بعدها 90 ........................ ِ
األذكار ورسعة انفتالِه منها ،وما رشع ُه أل َّمتِه من
ِ
فصل [يف هديه ﷺ يف السرتة] 92 ................................................ -7
ِ
الرواتب 92 ........................................... ِ
السنن فصل يف ِ
هديه ﷺ يف -6
-9فصل [يف هديه ﷺ يف االضطجاع بعد سنة الفجر] 95 .............................
ِ
الليل 95 ................................................ -11فصل يف ِ
هديه ﷺ يف قيا ِم
ِ
الليل 96 ................ وذكر صالتِه َّأو ِل
ِ بالليل ِ
ووتره، ِ سياق صالتِه ﷺ -11فصل يف ِ
-12فصل [يف هديه ﷺ يف قنوت الوتر والدعاء بعده] 100 ............................
[ -13فصل يف هديه ﷺ يف القراءة] 102 ..............................................
| 498خمتصر زاد املعاد يف هدي خري العباد
ِ
الثوب ونحوه210 ........................... كر عند لبسالذ ِ فصل يف ِ
هديه ﷺ يف ِّ -2
منزلِه 210 ..........................................
هديه ﷺ عند دخولِه ِ فصل يف ِ -3
الذكر عند دخولِه اخلال َء 211 ................................
ِ فصل يف ِ
هديه ﷺ يف -4
أذكار الوضوء 212 .......................................... ِ هديه ﷺ يففصل يف ِ -5
ِ
وأذكاره 213 ......................................... ِ
األذان هديه ﷺ يف فصل يف ِ -6
فصل [يف ِ
هديه ﷺ يف الذكر يف عرش ذي احلجة] 214 ............................. -7
فصل يف هديه ﷺ يف الذكر عند رؤية اهلالل 215 .................................. -6
ِ
أذكار الطعا ِم قبله وبعده 215 ................................ فصل يف ِ
هديه ﷺ يف -9
هديه ﷺ يف الطعام] 216 ..............................................فصل [يف ِ -11
ِ
العاطس 219 .................. ِ
َشميت ِ
واالستئذان وت فصل يف ِ
هديه ﷺ يف السال ِم -11
ِ
الكتاب 224 ................................ فصل يف ِ
هديه ﷺ يف السال ِم عىل أهل -12
ِ
االستئذان 226 .............................................. فصل يف ِ
هديه ﷺ يف -13
ِ
العطاس 227 ......................................... -14فصل يف ِ
هديه ﷺ يف أذكار
ِ
السفر وآدابِه 230 ...................................... ِ
أذكار -15فصل يف ِ
هديه ﷺ يف
ِ
النكاح 234 ........................................... ِ
أذكار -16فصل يف ِ
هديه ﷺ يف
يقول من رأى ُمبت ًَىل 235 ................................................ فصل فيام ُ -17
يكره ُه 235 .................................... فصل فيام يقوله من رأى يف ِ
منامه ما -16
ُ
ِ
بالوسواس ،وما َيستعني به عىل الوسوسةِ 236 ............. فصل فيام يقو ُله ويفع ُله من ُب َيل -19
فصل فيام يقو ُله ويفع ُله من اشتدَّ غض ُبه 237 ....................................... -21
-21فصل [فيام يقوله من رأي ما حيب] 237 ...........................................
ُقرب إليه أو ُصنع له معروفا] 237 ...........................
-22فصل [فيام يقوله من ت ِّ
-23فصل[فيام يقوله من سمع هنيق احلامر وصياح الديكة] 238 ........................
[ -24فصل يف كراهة خلو املجلس من ذكر اهلل] 238 ...................................
-25فصل [فيام يقوله من فزع] 239 ...................................................
| 512خمتصر زاد املعاد يف هدي خري العباد
-11فصل يف ِ
هديه ﷺ يف عالجِ ا ُ
جلرح 375 ...........................................
العسل ِ
واحلجامة والك َِّي 375 ................. ِ ِ
العالج برشب -11فصل يف ِ
هديه ﷺ يف
-12فصل يف هديه يف أوقات احلجامة 376 ............................................
والكي 377 ....................................
ِّ -13فصل يف ِ
هديه ﷺ يف قط ِع العروق
الرصع 378 ........................................... -14فصل يف ِ
هديه ﷺ يف عالجِ
َ
هديه ﷺ يف عالجِ ِعرق النِّسا 378 ....................................... -15فصل يف ِ
-16فصل يف هديه ﷺ يف عالج يبس الطبع ،واحتياجه إىل ما يمشيه ويلينه 379 .............
َ
القمل 379 ...................... هديه ﷺ يف عالج حك َِّة اجلسم وما ُيو ِّلد
-17فصل يف ِ
-16فصل يف هديه ﷺ يف عالج الصداع والشقيقة 380 ................................
ِ
والرشاب، ِ
إعطائهم ما َيكرهونه من الطعا ِم معاجلة املرىض ِ
برتك ِ هديه ﷺ يفِ -19فصل يف
ِ
تناوهلام 380 ....................................................... وأهنم ال ُيكرهون عىل
ذرة ويف العالج بالس ِ
عوط 380 ...................... هديه ﷺ يف عالجِ الع ِ -21فصل يف ِ
َّ ُ
-21فصل يف هديه ﷺ يف احلمية 381 .................................................
ِ
الذباب وإرشاده إىل دف ِع َم َّ
ْضات -22فصل يف هديِه ﷺ يف إصالحِ الطعام الذي ُ
يقع فيه ُّ
ِ
بأضدادها 382 .................................................................. السمو ِم
فصل يف هديه ﷺ يف عالج البَثرة 382 ............................................ -23
ِ
األغذية 382 .................. ِ
بألطف ما اعتا َده من ِ
تغذية املريض فصل يف ِ
هديه ﷺ يف -24
ِ فصل يف ِ
اليهود 383 ................... رب منبخي َ هديه ﷺ يف عالج ُّ
الس ِّم الذي أصابه َ -25
ِ
السحر الذي سحرتْه اليهو ُد به 384 ....................... فصل يف ِ
هديه ﷺ يف عالج -26
الناس وهو جاهل بالطب 385 ................. طب َ -27فصل يف هديه ﷺ يف تضمني من َّ
األصحا َء إىل ِ
وإرشاده ِ
بطبعها ِ
األدواء ا ُملعد َية التحر ِز من هديه ﷺ يف -26فصل يف ِ
َّ ُّ
ُجمانبة أهلِها 385 ........................................................................
حرمات 386 ............................ -29فصل يف ِ
هديه ﷺ يف املن ِع من التداوي با ُمل َّ
ِ
الرأس وإزالته 386 ..................... -31فصل يف ِ
هديه ﷺ يف عالجِ ال َق ِ
مل الذي يف
خمتصر زاد املعاد يف هدي خري العباد | 517
كمه ﷺ فيمن رشط لزوجته أال يتزوج عليها] 459 ................... -6فصل [يف ح ِ
ُ
ِ ِ
-9فصل فيام حكم اهلل سبحانه بتحريمه من النساء عىل لسان نب ِّيه ﷺ 460 .................
اآلخر 460 ..................... ِ الزوجني ُيسلِ ُم أحدُ مها قبل كمه ﷺ يف َّ -11فصل يف ح ِ
ُ
زل 461 ................................................ ِ
-11فصل يف ُحكمه ﷺ يف ال َع ِ
رضعة 461 .............................ِ يل ،وهو وط ُء ا ُمل كمه ﷺ يف ال َغ ِ -12فصل يف ح ِ
ُ
ِ
-13فصل يف ُحكمه ﷺ يف قس ِم االبتداء والدَّ وا ِم بني الزوجات 461 ................... ِ
ِ حلبىل من ِ ِ ِ
الواطئ 462 ................. غري -14فصل يف قضائه ﷺ يف حتري ِم وطء املرأة ا ُ
ُ
وجيعل عت َقها صدا َقها 463 ................ كمه ﷺ يف الرجل ُيعتق أمتَه -15فصل يف ح ِ
ُ
-16فصل يف قضائه ﷺ يف صحة النكاح املوقوف عىل اإلجازة 463 ....................
النكاح 463 ..................................... ِ ِ
الكفاءة يف كمه ﷺ يف -17فصل يف ح ِ
ُ
عتقة حتت العبد 464 ....................... ثبوت اخليار للم ِ ِ حكمه ﷺ يف ِ -16فصل يف
ُ
بصح ِة النكاح عىل ما مع الزوجِ
َّ داق بام قل وك ُثر ،وقضائه الص ِ -19فصل يف قضائه ﷺ يف َّ
القرآن 465 .......................................................................... ِ من
الش ُ
قاق بينهام 466 .................. يقع ِّ
الزوجني ُ ِ
رسول اهلل ﷺ بني َّ -21فصل يف حك ِم
-21حكم رسول اهلل ﷺ يف اخللع 467 ................................................
[ثال ًثا :كتاب الطالق]
رسول اهلل ﷺ يف ال َّط ِ
الق ِ كر أحكا ِم ِ
ذ ُ
والتطليق يف ِ
ِ ِ ِ كمه ﷺ يف -1ذكر ح ِ
نفسه 468 ......... وزائل العقل ،وا ُمل َ
كره، طالق اهلازل، ُ ُ
ِ
النكاح 470 ................................... قبل ِ
الطالق َ حكم رسول اهلل ﷺ يف -2
ُ
ِ
واملوطوءة يف طهرها، ِ
احلائض ،والنُّفساء، رسول اهلل ﷺ يف حتري ِم طالق ِ حكم -3
ُ
الثالث ُمجل ًة 471 ...........................................................ِ وحتري ِم إيقاع
الزوج الثاين 472 ....
ُ لألو ِل حتى يطأها حكم رسول اهلل ﷺ يف أن ا ُملط َّلق َة ثال ًثا ال حتل َّ
ُ -4
أزواجه بني ا ُملقام معه وبني ُمفارقتِ ِه َّن له 473 ..............
ِ حكم رسول اهلل ﷺ يف َختيري
ُ -5
خمتصر زاد املعاد يف هدي خري العباد | 500
حكم رسول اهلل ﷺ الذي ب َّينه عن ر ِّبه تبارك وتعاىل فيمن َح َّر َم أ َمتَه أو زوجتَه
ُ -6
متاعه 473 ............................................................................ أو َ
الرجل المرأتِه :احلقي بأهلِك 474 .................... ِ رسول اهلل ﷺ يف ِ
قول ِ حكم ُ -7
ِ
وجب الظهار وبيان ما أنزل اهلل فيه ،ومعنى الع ِ
ود ا ُمل ِ ِ
رسول اهلل ﷺ يف حكم -6
َ ُ
ارة 475 ............................................................................ للك َّف ِ
ِ
اإليالء 476 ............................................... ِ
رسول اهلل ﷺ يف حكم -9
ُ
رسول اهلل ﷺ يف ال ِّل ِ
عان 477 ............................................... ِ حكم -11
ُ
لون ِ
ولده لونَه 478 ............... وق النسب بالزوج إذا خالف ُ كمه ﷺ يف ُحل ِ -11يف ح ِ
ُ
فراشا ،وفيمن است ِ
ُلحق بعد للفراش ،وأن األم َة تكون ً كمه ﷺ بالولد ِ -12فصل يف ح ِ
ُ
موت أبيه 479 ...........................................................................ِ
-13فصل ذكر حكم رسول اهلل ﷺ يف الولد من أحق به يف احلضانة 479 ................
ِ
الزوجات ،وأنه مل يقدِّ رها وال ور َد عنه ما يدل عىل ِ
النفقة عىل كمه ﷺ يف -14ذكر ح ِ
ُ ُ
العرف 480 ............................................ ِ األزواج فيها إىل ِ
تقديرها ،وإنام ر َّد
َ
ِ
فراق زوجها إذا ِ
املرأة من ِ
متكني ذكر ما ُروي من ُحك ِم رسول اهلل ﷺ يف ُ -15
أعرس بنفقتِها 481 ....................................................................... َ
ِ
املوافق لكتاب اهلل أنه ال نفق َة للمبتوتة وال ُسكنى 481 -16فصل يف ُحك ِم رسول اهلل ﷺ
لكتاب اهلل ﷺ 482 ........................................ ِ ِ
موافقة هذا احلكم ذكر
ُ -17
ِ
النفقة ِ
وجوب املوافق لكتاب اهلل تعاىل من ِ ذكر حك ِم رسول اهلل ﷺ ُ -16
لألقارب 483 ........................................................................... ِ
ِ ِ
وحكمه يف القدر الرضاعة وما حيرم هبا وما ال َحي ُرمُ ، ذكر حكم رسول اهلل ﷺ يف َّ ُ -19
تأثري أم ال؟ 484 ............................ ِ ا ُمل ِّ
حرم منها ،وحكمه يف إرضاع الكبري :هل له ٌ
العدَ ِد 485 ..................................................... كمه ﷺ يف ِ -21ذكر ح ِ
ُ ُ
زوجها وهي فيه ،وإنه املتوىف عنها يف ِ
منزهلا الذي ِّ ِ
باعتداد َّ ذكر حك ِم رسول اهلل ﷺ
تويف ُ ُ -21
واعتدادها حيث شاءت 486 ............................... ِ كمه بخروج ا َمل ِ
بتوتة غري خمالف حل ِ
ُ ُ
| 502خمتصر زاد املعاد يف هدي خري العباد