You are on page 1of 68

‫علمية ‪ -‬دينية ‪ -‬فصلية‬

‫تصدر عن منتدى االعجاز العلمي يف القرآن والسنة‪-‬لبنان‬


‫العدد الخامس واالربعون‪ ،‬السنة الثانية عرشة‪ ،‬رجب ‪١٤٣9‬هـ ‪ ،‬ربيع ‪2018‬م‬

‫الفهرس‬
‫جمعية علم وخرب ‪ / 279‬أد ‪ - 2005 /‬تعديل ‪ / 54‬أد ‪2007 /‬‬

‫�ص ‪4‬‬ ‫�أ‪�.‬صالح �سالم‬ ‫الإعالم امل�سموم حلو املذاق‬


‫�ص ‪6‬‬ ‫نف�سهأفطر يف رم�ضان فال يلومنّ �إال ع‪.‬د‪ .‬حممد فر�شوخ‬ ‫من �‬
‫�ص ‪9‬‬ ‫الرحمن ع ّلم القر�آن‪ :‬ن�صيحة لأهل د‪� .‬أمين ر�شدي �سويد‬
‫القر�آن‬
‫�ص ‪10‬‬ ‫د‪ .‬حممود خطاب‬ ‫العقل �إعجاز يف �ضوء �آية‬
‫�ص ‪16‬‬ ‫د‪ .‬عبد الرحمن النمر‬ ‫النوم �أ�سرار ومراحل‬
‫�ص ‪21‬‬ ‫زينب ضاهر‬ ‫الأفالم الإباحية تفتك بالدماغ‬
‫�ص ‪24‬‬ ‫حمزة جرادي‬ ‫ال�سلبي للأغاين ذات الطابع‬ ‫الأثر‬
‫اجلن�سي‬
‫�ص ‪26‬‬ ‫تف�شي الإباحية عرب املواقع االلكرتونية باتريسيا اسطمبويل‬
‫�ص ‪30‬‬ ‫بقيع م�صر مقربة ال�صحابة والتابعني خالد حنون‬
‫�ص ‪34‬‬ ‫�ش‪.‬د‪ .‬مروان ميوت‬ ‫م�شروب طاقة �أو طا ّمة‬
‫�ص ‪64‬‬ ‫‪TahaGhayyur & TahaGhaznavi‬‬ ‫‪The Fasting of Ramadan‬‬
‫رئيس التحرير‪ :‬العميد الركن المتقاعد الدكتور محمد فرشوخ‬
‫االشراف الفقهي واللغوي‪ :‬القاضي المهندس أسامة منيمنة‬ ‫العالقات العامة‪ :‬األستاذ أحمد مختار الزاملي‬

‫الهيئة اإلدارية لـ «منتدى اإلعجاز العلمي في القرآن والسنة في لبنان‪:‬‬


‫نائب الرئيس‪ :‬األستاذ باسم علي‬ ‫الرئيس والمدير المسؤول‪ :‬ع‪.‬ر‪.‬م‪ .‬د‪ .‬محمد فرشوخ‬
‫أمين الصندوق‪ :‬األستاذ أحمد مختار الزاملي‬ ‫أمين السر‪ :‬األستاذ بهيج مومنة ‬
‫مستشار‪ :‬األستاذ صالح سالم‬ ‫ ‬‫المحاسب‪ :‬األستاذ زهير الجندي‬
‫مستشار‪ :‬د‪ .‬خالد حسين‬ ‫ ‬ ‫مستشار‪ :‬النقيب د‪.‬غسان رعد‬
‫توزع هذه المجلة مجانًا‬
‫اإلخراج والطباعة‪IPEX :‬‬
‫المؤازرة العلمية‪ :‬الهيئة العالمية لإلعجاز العلمي في القرآن والسنة‬

‫للمساهمة في توسيع انتشار هذه المجلة‬


‫التبرع لدى بنك عودة رقم الحساب‪:‬‬
‫‪878 074 461 002 062 01‬‬
‫‪IBAN: LB 0300 56000 878 074 461 002 01‬‬

‫‪3‬‬
‫اإلفتتاحية‬
‫أ‪.‬صالح سالم‬

‫اإلعالم املسموم حلو املذاق‬


‫مل يعد خافي ًا على �أحد �أن ما يطلع علينا من �أنباء العامل والتحليالت حولها‪ّ ،‬‬
‫موج ٌه ومدرو�س ب�أ�ساليب‬
‫بارعة لتخدم �أهداف ًا حمددة‪ .‬وبتنا نعلم �أن �أحداث ًا �أخرى يف العامل خطرية وكارثية يجري التعتيم‬
‫عليها‪ ،‬منها جمازر يف �إفريقيا تديرها �شركات عاملية ت�ستهدف �شعوب الدول الغنية باملوارد الطبيعية‪.‬‬
‫وكذلك انتهاكات يف دول �أمريكا اجلنوبية‪ ،‬ومذابح وا�ضطهاد يف دول ال�شرق الأق�صى‪ ،‬هذا دون‬
‫احلديث عن �ضحايا العرب باملاليني ج ّراء القتل والتهجري والتفتيت‪ ،‬حتت ذرائع خمتلقة وخمتلفة‪.‬‬
‫بات معروف ًا �أن هذه الأحداث هي �أجزاء من م�شاريع عاملية �ضخمة‪ ،‬تريد �أن تقب�ض على ثروات‬
‫الأر�ض وم�صادر املياه واملنافذ �إىل الرب والبحر‪ ،‬وذلك �إما بالعنف والق�سوة والقوة‪ ،‬و�إما عن طريق‬
‫اخلداع والت�ضليل‪ ،‬لكنها تن ّفذ متناثرة وبالتق�سيط كي ال توقظ ال�ضمائر وال تثري مقاوم ًة فعالة‪.‬‬
‫وها قد �أ�صبح االن�سان املعا�صر عبد ًا مطيع ًا يت�أثر بالكلمة امل�ستوردة وال�صورة املدرو�سة وامل�شاهد‬
‫امل�ؤثرة‪ ،‬و�إذا مل يقتنع وين�ساق ف�أمامه كرة القدم والألعاب الأوملبية والإلكرتونية والربامج الرتفيهية‬
‫الراق�صة والغنائية والكوميدية وامل�شاهد الإباحية‪� .‬أفال نالحظ الت�سهيالت بتدين �أ�سعار اخلدمات‬
‫الإلكرتونية‪ ،‬وحتى الرحالت ال�سياحية وكذلك الألب�سة املتفلتة املتهالكة!‬
‫لي�ست الغاية زيادة م�شاعر الإحباط بقدر ما �أن املطلوب هو الوعي واال�ستدراك وامل�شورة واجلدية‬
‫والثقافة‪ ،‬فالإعالم ال�صادق ر�صني والكاذب مل ّون جذاب‪ ،‬وال يخلو من بذاءة و�سفاهة وكذب وافرتاء‪،‬‬
‫بينما الإعالم ال�صادق جاد جملل بالأدب واحلياء‪.‬‬
‫فهل ن�سعى لتفكري �أعمق ولعمل جاد ولفهم �أكرب للواقع املعا�ش يجنبنا الأفخاخ املن�صوبة وامل�آرب‬
‫امل�شبوهة‪ .‬واملطلوب �أو ًال و�أخري ًا اال نعي�ش انف�صام ال�شخ�صية‪ ،‬فن�أ�سف بالكالم ل�ضياع القيم من‬
‫جهة ثم ننغم�س �شاكرين فيما ير�سم لنا من م�ؤامرات‪ .‬كان اهلل يف العون‪.‬‬
‫اإلعجاز‪,‬العدد الخامس واالربعون‪ ،‬السنة الثانية عرشة‪ ،‬رجب ‪١٤٣9‬هـ ‪ ،‬ربيع ‪2018‬م‬

‫‪4‬‬
‫لكمة العدد‬
‫املواطنة‬
‫ليست الكماً‬
‫ال تزال عبارة "املواطنة" تثري ريبة البع�ض وك�أنها تدعو �إىل التخلي عن حق �أو عن عقيدة �أو عن جذر‬
‫من اجلذور والأ�صول‪ .‬وهي يف احلقيقة لي�ست �إال دعوة عقالنية واقعية لطوائف و�أقوام وع�شائر جمعهم‬
‫التاريخ وفر�ضتهم اجلغرافيا والأر�ض واللغة وامل�صلحة‪.‬‬
‫كيف ميكن النهو�ض بالبالد �إذا بقينا نتخاطف خرياته ك�أننا يف حلقة �سلب ونهب! من ال�صعب �إقناع‬
‫املواطن ان ينتج وي�ستثمر ما مل ي�أمن �شرور جريانه وبني وطنه‪� ،‬أي ما مل يتوطد الأمن فيه‪ .‬ال بد من‬
‫الأمن والأمان للمواطن واملقيم والزائر‪ .‬ومتى اختل �أمن �أحد ه�ؤالء الثالثة‪ ،‬اختل الأمن العام كله‪ ،‬وعاد‬
‫احلذر من النا�س ي�سري بني النا�س‪.‬‬
‫�إىل متى �ستبقى تنطلي علينا حيلة "التخويف من الآخر"‪ ،‬كي ت�ستمر القلة القليلة يف ا�ستغالل املوارد‬
‫الكبرية‪.‬‬
‫لن تت�ضح املواقف ما مل نتحرر من الع�صبيات والقبليات و�سيا�سات املزارع‪ ،‬فحينما تدور عجلة التنمية‬
‫والثقافة‪ ،‬لن ينظر النا�س �إال �إىل تطوير كل �شيء‪ ،‬وتنظيف كل �شيء‪ ،‬وتطهري كل �شيء‪ .‬اللهم ارزقنا‬
‫الوعي والفهم‪.‬‬

‫رئيس التحرير‬

‫اإلعجاز‪,‬العدد الخامس واالربعون‪ ،‬السنة الثانية عرشة‪ ،‬رجب ‪١٤٣9‬هـ ‪ ،‬ربيع ‪2018‬م‬

‫‪5‬‬
‫مقال حر‬ ‫والسنة‬ ‫يف القرآن‬

‫من أفطر يف رمضان‬


‫حممد فر�شوخ‬ ‫ن إال نفسه‬
‫فال يلو َم ّ‬
‫اجل�سم على الو�ضع اجلديد وت�سري الأمور يف جمرياتها‬ ‫ما جتاهل ال�صيام �إال �أحد ثالثة‪ :‬جاهل ب�أمري �صحته‬
‫(‪)2‬‬
‫الطبيعية (‪. )...‬‬ ‫ودينه‪� ،‬أو معاند ب�سبب نهمه و�شرهه‪� ،‬أو �ضعيف الإرادة‬
‫ي�س ّرع ال�صوم يف معاجلة الأمرا�ض اجللدية‪:‬‬ ‫ٌ‬
‫خائف على نف�سه‪.‬‬
‫يقلل االمتناع عن الطعام وال�شراب‪ ،‬وملدة معينة ‪ ،‬من‬ ‫واحلقيقة املثبتة بالعلم ومن قبل �أخ�صائيني وباحثني‬
‫املاء يف اجل�سم والدم وهذا بدوره يدعو �إىل قلته يف‬ ‫غري م�سلمني‪ ،‬هي �أن لل�صيام فوائد ج ّمة وال ينجم‬
‫اجللد ‪ ،‬وحينئذ تزداد مقاومة اجللد للأمرا�ض املعدية‬ ‫عنها �ضرر واحد‪ ،‬فيما لو ُن ِّفذ وفق ًا لل�شرع احلنيف‪،‬‬
‫(‪)3‬‬
‫واملكريوبية‪.‬‬ ‫ونلخ�ص �أهم هذه الفوائد فيما ي�أتي‪:‬‬
‫كما يعالج ال�صيام �أي�ض ًا ‪� ،‬أمرا�ض الب�شرة الدهنية‬ ‫�إخراج ال�سموم من اجل�سم‪:‬‬
‫(‪)4‬‬
‫و�أمرا�ض زيادة احل�سا�سية‪.‬‬ ‫يقول ماك فادون من علماء ال�صحة الأمريكيني (�إن‬
‫يزيد ال�صوم م�ستوى الكول�سرتول احلميد بالدم‪:‬‬ ‫كل �إن�سان يحتاج �إىل ال�صوم و�إن مل يكن مري�ض ًا لأن‬
‫�أظهرت نتائج درا�سة �أعدها باحثون من املعهد الوطني‬ ‫�سموم الأغذية جتتمع يف اجل�سم فتجعلـه كاملري�ض‬
‫للتغذية يف تون�س زيادة م�ستويات الكول�سرتول احلميد‬ ‫فتثقلـه ويقل ن�شاطه ف�إذا �صام خف وزنه وحتللت هذه‬
‫‪ HDL‬عند ال�صائمني الأ�صحاء يف �شهر رم�ضان‬ ‫ال�سموم من ج�سمه وذهبت عنه حتى ي�صفو �صفا ًء‬
‫الكرمي بن�سبة و�صلت �إىل ‪ %20‬وهي من العوامل التي‬ ‫تام ًا و ي�سرتد وزنه ويجدد خالياه يف مدة ال تزيد عن‬
‫(‪)5‬‬
‫تقلل من خماطر الإ�صابة ب�أمرا�ض القلب وال�شرايني‪.‬‬ ‫‪ 20‬يوم ًا بعد الإفطار‪ .‬لكنه يح�س بن�شاط وقوة ال عهد‬
‫يقوي ال�صيام جهاز املناعة‪:‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫لـه بهما من قبل )‪.‬‬
‫�إذ تزداد ن�سبة اخلاليا امل�سئولة عن املناعة النوعية‬ ‫�أثر ال�صيام على الدماغ‪:‬‬
‫(‪ )Tlymphocytes‬زيادة كبرية‪ ،‬كما ترتفع بع�ض‬ ‫حتتاج خاليا املخ للماء والهواء وال�سكر لكي تعمل‬
‫�أنواع الأج�سام امل�ضادة يف اجل�سم‪ ،‬وتن�شط الردود‬ ‫بكفاءة‪ ،‬واملخ يت�أثر بغياب املاء وال�سكر يف فرتة‬
‫املناعية نتيجة لزيادة الربوتني الدهني منخف�ض‬ ‫ال�صيام‪ .‬لكن �إذا زادت كمية الغذاء للمخ ف�إنه ي�صاب‬
‫(‪)6‬‬
‫الكثافة ‪.‬‬ ‫بتخمة �شديدة ويبطل عمله وتتكا�سل وظائفه ومن هنا‬
‫ال�صوم يهذب ال�شهوة اجلن�سية‪ :‬ثبت علمي ًا ان زيادة‬ ‫كانت �أهمية تخفيف الطعام يف رم�ضان‪ ،‬كي ي�ستعيد‬
‫هرمون امليالتونني تقلل من ن�شاط الغدد اجلن�سية‪.‬‬ ‫الدماغ ن�شاطه و�إفرازاته‪ .‬ففي الأيام الأوىل من‬
‫وال�صوم يزيد افراز هرمون امليالتونني ويقلل من افراز‬ ‫ال�صيام قد ي�شعر املري�ض بقليل من الدوخة �أو الدوار‬
‫الهرمونات اجلن�سية فيعمل هذا على ت�شذب ال�شهوة‬ ‫خا�صة عندما ي�أتي موعد الوجبات كالإفطار والغذاء‬
‫اجلن�سية‪.‬‬ ‫‪ ...‬لكن �سرعان ما تزول هذه الأعرا�ض ويت�أقلم‬
‫اإلعجاز‪ ,‬العدد الخامس واالربعون‪ ،‬السنة الثانية عرشة‪ ،‬رجب ‪١٤٣9‬هـ ‪ ،‬ربيع ‪2018‬م‬

‫‪6‬‬
‫مقال حر‬ ‫والسنة‬ ‫يف القرآن‬

‫اكت�شف الباحثون ان فقد اجل�سم للطعام العادي‬ ‫كما تقل الرغبات اجلن�سية اثناء ال�صوم الن‬
‫ي�ضطر اخلاليا احلميدة �إىل البحث عن غذاء‬ ‫الت�صورات اجلن�سية تغيب (�أو تقل خالل التعبد)‬
‫بديل فيهاجم اخلاليا ال�سرطانية ويقوم بتحليلها‬ ‫وال�صوم يقوي ارادة االن�سان وين�سجها فتزيد ثقة‬
‫والتهامها‪)Autophagy(.‬‬ ‫االن�سان بنف�سه وتقوى مقاومة الرغبات واال�ستجابة‬
‫ومن �أهم الفوائد ال�صحية لل�صيام‪:‬‬ ‫للغرائز‪.‬‬
‫‪ - 1‬راحة اجل�سم و �إ�صالح �أعطابه‪.‬‬ ‫ترميم اجل�سد والدماغ واحلالة النف�سية‪:‬‬
‫‪ -2‬امت�صا�ص املواد املتبقية يف الأمعاء والتي ي�ؤدي‬ ‫يقول الدكتور ليك ‪( : Liek‬يوفر اجل�سم بف�ضل ال�صوم‬
‫طول مكثها �إىل حتولـها لنفايات �سامة‪.‬‬ ‫اجلهد‪ ،‬والطاقة املخ�ص�صة للـه�ضم‪ ،‬ويدخرها‬
‫‪ -3‬حت�سني وظيفة الـه�ضم‪ ،‬واالمت�صا�ص‪.‬‬ ‫لن�شاطات �أخرى‪ ،‬ذات �أولوية و�أهمية ق�صوى ‪ :‬كالتئام‬
‫‪ -4‬ت�ستعيد �أجهزة الإطراح والإفراغ ن�شاطها وقوتها‬ ‫اجلروح‪ ،‬وحماربة الأمرا�ض)‪ .‬ويقول توم برنز(فعلى‬
‫وتتح�سن وظيفتها يف تنقية اجل�سم‪ ،‬مما ي�ؤدي �إىل‬ ‫الرغم من �إنني بد�أت ال�صوم بهدف تخلي�ص ج�سدي‬
‫�ضبط الثوابت احليوية يف الدم و�سوائل البدن‪ .‬ولذا‬ ‫من الوزن الزائد �إال �أنني �أدركت �أن ال�صوم نافع‬
‫نرى الإجماع الطبي على �ضرورة �إجراء الفحو�ص‬ ‫جدا لتوقد الذهن‪ ،‬فهو ي�ساعد على الر�ؤية بو�ضوح‬
‫�صباحا قبل تناول الطعام‪ .‬ف�إذا ح�صل �أن‬‫ً‬ ‫الدموية‬ ‫�أكرب‪ ،‬وكذلك على ا�ستنباط الأفكار اجلديدة وتركيز‬
‫عام ًال من هذه الثوابت يف غري م�ستواه ف�إنه يدل على‬ ‫امل�شاعر‪ ،‬و�أ�شعر بان�صراف ذاتي عن النزوات‬
‫خلل ما‪.‬‬ ‫والعواطف ال�سلبية كاحل�سد والغرية وحب الت�سلط‪،‬‬
‫‪ -5‬حتليل املواد الزائدة والرت�سبات املختلفة داخل‬ ‫كما تن�صرف نف�سي عن �أمور علقت بها مثل اخلوف‬
‫الأن�سجة املري�ضة‪.‬‬ ‫(‪)7‬‬
‫واالرتباك وال�شعور بامللل)‪.‬‬
‫‪� -6‬إعادة ال�شباب واحليوية �إىل اخلاليا والأن�سجة‬ ‫الوقاية من مر�ض ال�سمنة و�أخطارها‪:‬‬
‫املختلفة يف البدن‪.‬‬ ‫مثلما �أن ال�سمنة قد تنتج عن خلل يف متثيل الغذاء‪،‬‬
‫‪ -7‬تقوية الإدراك وتوقد الذهن‪.‬‬ ‫فقد تنتج �أي�ض ًا ب�سبب �ضغوط بيئية �أو نف�سية �أو‬
‫جتميل وتنظيف اجللد‪ ،‬يقول الك�سي�س كاريل‬ ‫‪َ -8‬‬ ‫اجتماعية‪ ،‬وقد تت�ضافر هذه العوامل جميع ًا يف‬
‫احلائز على جائزة نوبل يف الطب يف كتابه الإن�سان‬ ‫حدوثها‪ ،‬وقد ي�ؤدي اال�ضطراب النف�سي �إىل خلل يف‬
‫ذلك املجهول (�إن كرثة وجبات الطعام ووفرتها تعطل‬ ‫التمثيل الغذائي‪.‬‬
‫وظيفة �أدت دور ًا عظيم ًا يف بقاء الأجنا�س احليوانية‬ ‫يقي ال�صيام من تكون ح�صيات الكلى‪:‬‬
‫وهي وظيفة التكيف على قلة الطعام‪�..،‬إن �سكر الكبد‬ ‫�إذ يرفع معدل ال�صوديوم يف الدم فيمنع تبلور �أمالح‬
‫يتحرك ويتحرك معه �أي�ض ًا الدهن املخزون حتت‬ ‫الكال�سيوم‪ ،‬كما �أن زيادة مادة البولينا يف البول‪،‬‬
‫اجللد‪ .‬وت�ضحي جميع الأع�ضاء مبادتها اخلا�صة‬ ‫ت�ساعد يف عدم تر�سب �أمالح البول‪ ،‬التي تكون‬
‫من �أجل الإبقاء على كمال الو�سط الداخلي و�سالمة‬ ‫(‪)8‬‬
‫ح�صيات امل�سالك البولية ‪.‬‬
‫القلب‪ .‬و�إن ال�صوم لينظف ويبدل �أن�سجتنا )‪.‬‬ ‫ي�ساعد على حتلل اخلاليا ال�سرطانية فت�صبح غذاء‬
‫للخاليا احلميدة احلية‪:‬‬
‫اإلعجاز‪,‬العدد الخامس واالربعون‪ ،‬السنة الثانية عرشة‪ ،‬رجب ‪١٤٣9‬هـ ‪ ،‬ربيع ‪2018‬م‬

‫‪7‬‬
‫مقال حر‬ ‫والسنة‬ ‫يف القرآن‬

‫(‪ )1‬املعجزة العلمية يف ت�شريع ال�صوم‪ ،‬د‪�.‬صالح بن عبد القوي ال�سنباين‪.‬‬ ‫بع�ض الأمرا�ض التي يعاجلها ال�صيام‬
‫(‪ )2‬ال�صيـ ــام بــني املخ واجللد‪ ،‬بقلم الدكتور حممد ال�سقا عيد‬
‫(‪ )3‬الأ�ستاذ الدكتور‪ /‬حممد الظواهري ‪� -‬أ�ستاذ الأمرا�ض اجللدية‬
‫يعالج ال�صيام عدد ًا من الأمرا�ض اخلطرية �أهمها‪:‬‬
‫(‪ )4‬كتاب " ال�صوم والنف�س" للدكتور فائق اجلوهرى‪.‬‬ ‫‪-1‬الأمرا�ض الناجتة عن ال�سمنة‪ :‬كمر�ض ت�صلب‬
‫(‪ )5‬موقع العربية �‪http://www.alarabiya.net/arti‬‬ ‫ال�شرايني‪ ،‬و�ضغط الدم‪ ،‬وبع�ض �أمرا�ض القلب‪.‬‬
‫‪cles/2007/09/12/39038.html‬‬
‫)‪(6‬‬‫‪Riyad Albiby and Ahmed Elkadi, A Priliminary Report on‬‬
‫‪-2‬يعالج بع�ض �أمرا�ض الدورة الدموية الطرفية مثل‪:‬‬
‫مر�ض الرينود (‪ )Raynaud’s disease‬ومر�ض ‪efects of Islamic fasting on lipoproteins and immunity.‬‬
‫‪the joumal of JMA vol 17. 188, page 84‬‬ ‫(‪)9‬‬
‫برجر ‪.‬‬
‫(‪ )7‬املعجزة العلمية يف ت�شريع ال�صوم‪ ،‬د‪�.‬صالح بن عبد القوي ال�سنباين‪.‬‬
‫‪-3‬يعالج ال�صيام املتوا�صل ( الطبي ) مر�ض �إلتهاب‬
‫(‪ )8‬د‪ .‬فاهم عبد الرحيم و�آخرون‪ .‬تاثري ال�صيام الإ�سالمي على مر�ضى الكلى وامل�سالك البولية‪ ،‬ن�شرة‬
‫الطب الإ�سالمي‪ ،‬العدد الرابع ‪� -‬أعمال و�أبحاث امل�ؤمتر العاملي الرابع عن الطب الإ�سالمي ‪ -‬منظمة الطب‬
‫الإ�سالمي‪ ،‬الكويت‪1407 ،‬هـ ‪� ،1986 -‬ص‪.714-707‬‬
‫(‪)10‬‬
‫املفا�صل املزمن (الروماتويد) ‪.‬‬
‫)‪(9‬‬‫‪-4‬يعالج ال�صيام الإ�سالمي ارتفاع حمو�ضة املعدة‪(S.M. Bakir (1991) Can fasting in Ramadan help in ،‬‬
‫‪some periphral vascular diseases ? JIMA: VOL. 23: 163‬‬
‫) ‪- 164.‬‬ ‫وبالتايل ي�ساعد يف التئام قرحة املعدة مع العالج‬
‫)‪(10‬‬‫‪A N N. Mariuden. 1. Trang. N venizelos, and pamblad.‬‬
‫(‪)11‬‬
‫املنا�سب ‪.‬‬
‫�‪(1983) Neutrophil functions and clinical performance af‬‬
‫‪-5‬ال ي�سبب ال�صيام �أي خطر على املر�ضعات‪� ،‬أو �‪ter total fasting in patients with rheumatis. Annals of rheu‬‬
‫‪matic diseases. 42: 54 - 51‬‬
‫احلوامل‪ ،‬وال يغري من الرتكيب الكيميائي‪� ،‬أو التبدالت‬
‫)‪(11‬‬‫�‪Muazzam MG., Ali M. N. and Husain A. (1963) Obser‬‬
‫اال�ستقالبية يف اجل�سم عند املر�ضعات‪ ،‬وخالل ال�شهور ‪vations on the effects of Ramadan Fasting on Gastric‬‬
‫‪acidity. The Meducus, 25:228.‬‬
‫)‪(12‬‬‫)‪Prentice, AM ; prentice, A, Lamb WH, Lunn PG: (1983‬‬
‫(‪)12‬‬
‫الأوىل واملتو�سطة من احلمل ‪.‬‬
‫‪Austins, Hum Nutr clin Nutr 37 (4) 283 - 94..‬‬
‫(‪) )13‬أحمد) ‪( , 9101‬البخاري) ‪( , 7054‬مسلم) ‪(1151( - 164‬‬ ‫و�أخري ًا نذ ّكر بقول اهلل تعاىل‪َ } :‬و�أَنْ ت َُ�صو ُموا َخيرْ ٌ َل ُك ْم‬
‫�إلـى الأحـبـة الـقـراء‪:‬‬
‫ِ�إنْ ُك ْنت ُْم َت ْع َل ُمونَ { [البقرة‪ .]184 :‬فلو كان يف ال�صيام‬
‫ي�س ّر جملة "الإعجاز" تل ّقي كل البحوث واملقاالت الهادفة‬ ‫�ضرر ملا �أمر اخلالق � ِأح ّبة خلقه بذلك‪ .‬وها هم ماليني‬
‫النا�س فتيان ًا وفتيات ون�سا ًء ورجا ًال و�شيوخ ًا ي�ؤدون اىل تنوير املجتمع وتثقيفه ب�صرف النظر عن هوية الكاتب‪،‬‬
‫هذه الفري�ضة املباركة بال قلق وبكل طواعية وندر �أن ومعتقده‪ ،‬وطائفته‪،‬و�إنتمائه‪ .‬وال �شرط لها �إال �أن يتقيد ب�أ�صول‬
‫ت�أ ّذى �أحد منهم ب�سبب ال�صيام هذا �إن طبقه ب�أ�صوله البحث العلمي‪ ،‬والبعد عن التحري�ض‪ ،‬والنقد الهدام‪ ،‬وعن‬
‫و�شروطه‪ .‬فالأمر يتعلق �إذن ب�إميان العبد و�إرادته‪ ،‬ال�سيا�سة‪ ،‬و�أن يكون هاج�سه بعث الأمل يف نفو�س النا�س لتخطي‬
‫�آثار احلرب وبناء املجتمع املت�سامح‪.‬‬ ‫وعليهما يكون الثواب الأجزل والأكرم‪ ،‬يقول اهلل تعاىل‬
‫يف احلديث القد�سي‪ُ " :‬ك ُّل َع َم ِل ا ْب ِن �آ َد َم ُي َ�ض َاع ُف‬
‫الحْ َ َ�س َن ُة َع ْ�ش ُر �أَ ْم َثا ِل َها ‪� ,‬إِلىَ َ�س ْبع ِما َئة ِ�ض ْع ٍف ‪� ِ ,‬إلىَ‬
‫ال�ص ْو َم‪َ ،‬ف ِ�إ َّن ُه ليِ ‪َ ,‬و�أَ َنا �أَ ْج ِزي ِب ِه‪َ ،‬ي َد ُع‬ ‫َما َ�شا َء ُ‬
‫اهلل ِ�إ اَّل َّ‬
‫(‪)13‬‬
‫َط َع َام ُه ‪َ ,‬و َ�ش َرا َب ُه ‪َ ,‬و َ�ش ْه َو َت ُه ِمنْ َ�أ ْج ِلي"‪.‬‬

‫اإلعجاز‪,‬العدد الخامس واالربعون‪ ،‬السنة الثانية عرشة‪ ،‬رجب ‪١٤٣9‬هـ ‪ ،‬ربيع ‪2018‬م‬

‫‪8‬‬
‫قرأن‬ ‫والسنة‬ ‫يف القرآن‬

‫الرمحن عمل القرآن‬

‫د‪� .‬أمين ر�شدي �سويد‬


‫نصيحة ألهل القرآن‬
‫يقول اهلل تعاىل ‪ُ ":‬ي�ؤفك عنه َمن �أُفك "‪� .‬أي ُي�صرف‬
‫و�أو�صى الإمام �إبراهيم املقد�سي تلميذه عبا�س بن‬ ‫عن القر�آن َمن �صرفه اهلل عقوب ًة له ب�سبب ذنوبه‬
‫عبد الدامي رحمهما اهلل‪� :‬أكثرِ من قراءة القر�آن وال‬ ‫و�إعرا�ضه عن اهلل‪..‬‬
‫ترتكه‪ ،‬ف�إنه يتي�سر لك الذي تطلبه على قدر ما تقر�أ‪.‬‬ ‫يا �إخوتي ‪:...‬من مل يبد�أ بحفظ القر�آن فليبد�أ! ومن‬
‫وقال ابن ال�صالح ‪:‬ورد �أن املالئكة مل يعطوا ف�ضيلة‬ ‫�أهمل مراجعته فلي�ستد ِرك!‬
‫قراءة القر�آن وهي حري�صة لذلك على ا�ستماعه من‬ ‫ومن مل يكن له ورد من القر�آن فليحر�ص عليه!‬
‫الإن�س !‬ ‫ولت�صرب و لتُ�صابر‪...‬‬
‫فقراءة القر�آن كرامة �أكرم اهلل بها الإن�س‪.‬‬ ‫ف�إنّ حلفظ ال ُقر�آن و �ضبط ِه وتالوته �آناء الليل‬
‫قال �أبو الزناد ‪:‬كنت �أخرج من ال�سحر �إىل م�سجد‬ ‫و�أطراف النهار ل ّذة ُتن�سيك تعب املُجاهدة ‪.‬‬
‫ر�سول اهلل �صل اهلل عليه و�سلم فال �أمر ببيت �إال وفيه‬ ‫اهرب من زحمة ان�شغالك‪ ،‬واختطف دقائق من وقتك‬
‫قارئ‪.‬‬ ‫‪ ،..‬قم من نومك ‪...‬‬
‫قال �شيخ الإ�سالم �إبن تيمية‪ :‬ما ر�أيت �شيئا يغ ّذي‬ ‫لعلك تلحق بركب الأوابني‪ ،‬وتنعم بلذة العابدين‪،‬‬
‫العقل والروح ويحفظ اجل�سم وي�ضمن ال�سعادة �أكرث‬ ‫وا�سجد واقرتب ‪.‬‬
‫من �إدامة النظر يف كتاب اهلل تعاىل !‬ ‫اجعل لنف�سك ورد ًا من القر�آن ‪..‬ال ترتكه مهما كان‬
‫تع ّلق بالقر�آن جتد الربكة‪ ،‬قال اهلل تعاىل يف حمكم‬ ‫‪..‬واجعل لك ت�سبيحات دائمات‬
‫التنزيل‪" :‬كتاب �أنزلناه اليك مبارك"‪ .‬وكان بع�ض‬ ‫يف كل يوم ‪�..‬س ّبح ‪..‬وا�ستغفر ‪..‬وهلل ‪..‬و�ص ّل على‬
‫املف�سرين يقول ‪:‬ا�شتغلنا بالقر�آن فغمرتنا الربكات‬ ‫النبي �صلى اهلل عليه و�سلم‪..‬‬
‫واخلريات يف الدنيا‪.‬‬ ‫�أد ُع لنف�سك ‪..‬ولوالديك ‪..‬وملن حتب ومن ال حتب‪ ،‬كن‬
‫فال تن�شغل عن وردك‪ .‬اللهم �إنا ن�س�ألك �أن تلزم قلوبنا‬ ‫�سبب ًا يف تذكري الكثريين!‬
‫حفظ كتابك‪ ،‬وترزقنا �أن نتلوه ونتدبره على الوجه‬ ‫من بركة القر�آن �أن اهلل يبارك يف عقل قارئه وحفظه‪.‬‬
‫الذي ير�ضيك عنا‪.....‬ونعمل به‪.‬‬ ‫فعن عبد امللك بن عمري ‪:‬كان يقال �أن �أبقى النا�س‬
‫عقوال قراء القر�آن‬
‫ويف رواية ‪� :‬أنقى النا�س عقو ًال قراء القر�آن‬
‫وقال القرطبي ‪:‬من قر�أ القر�آن ُمتِّع بعقله و�إن بلغ مئة!‬
‫و�أثبتت الدرا�سات العلمية �أن حفظ القر�آن وقراءته‬
‫فيها تقوية للذاكرة !‬
‫‪,‬‬
‫اإلعجاز العدد الخامس واالربعون‪ ،‬السنة الثانية عرشة‪ ،‬رجب ‪١٤٣9‬هـ ‪ ،‬ربيع ‪2018‬م‬

‫‪9‬‬
‫علوم الحياة‬ ‫والسنة‬ ‫يف القرآن‬

‫العقل‪...‬علمياً وطبياً‪...‬إجعاز يف ضوء آية‪...‬‬


‫{‪...‬و َما ي َ ْع ِقلُهَا إالَّ ال َعا ِل ُ‬
‫مون} (العنكبوت ‪)43‬‬ ‫َ‬
‫الدكتور حممود خطاب*‬

‫الأوثق للم�ؤمنني باهلل وكتبه ور�سله‪ ،‬وكل علم الإن�سان‬


‫مكت�سب }اهلل �أخرجكم من بطون �أمهاتكم ال تعلمون‬
‫�شيئ ًا{(النحل ‪.)78‬‬
‫وال علم لأي �إن�سان �إال من علم �أ�سبق؛ ب�شتى طرقه‬
‫وو�سائله‪ .‬و�إن مل يكن �أ�صل العلم م�ستمد ًا من علمعامل‬
‫الغيب وال�شهادة؛ فال علم لأي خملوق‪� .‬إذ}واهلل يعلم‬
‫و�أنتم ال تعلمون{(البقرة ‪ )216‬وقد}علم الإن�سان‬
‫ما مل يعلم{(العلق ‪ )5‬مبا وهبه من و�سائل العلم‬ ‫ت�ش ِّكل درا�سة الإن�سان �أحد املجاالت الثالثة املتاحة‬
‫و�آالته‪ .‬ومبا �أنزله على امل�صطفى من عباده‪ .‬فيذكره‬ ‫ح�صر ًا لوعي النا�س بظواهر الكون ومظاهره‪،‬‬
‫}وعلمك ما مل تكن تعلم{(الن�ساء ‪ ،)113‬ويذكرنا‬ ‫و�أَ ْولىَ ميادين البحث عن حقائقه‪ .‬طبق ًا ملفهوم �آية‬
‫}ويعلمكم ما مل تكونوا تعلمون{(البقرة ‪ .)151‬ويف‬ ‫}�سرنيهم �آياتنا يف الآفاق ويف �أنف�سهم حتى يتبني‬
‫ذلك �أفق العلم الأو�سع للم�سلم املعا�صر‪ ،‬وجمال وعيه‬ ‫لهم �أنه احلق{(ف�صلت ‪ .)53‬ف�إت�ساع وعي الإن�سان‬
‫الأ�شمل وبحثه؛ دعوة �إىل العلم يف كتاب اهلل‪ ،‬ودعوة‬ ‫بذاته‪ ،‬وب�آي اهلل فيه ين ّمي الوعي بالكون‪ ،‬وير ّقي فهمه‬
‫�إىل اهلل بكتابه‪.‬‬ ‫لآياته‪ ،‬ويزيد الإميان بالكتاب الكرمي‪ ،‬ويحث على‬
‫ففي الوحي املحفوظ �إ�شارات نراها بال�سياق الواردة‬ ‫تدبر كلماته‪ .‬ليجتمع للنا�س بذلك نظرة ب�صرية لآي‬
‫به؛ ت�ؤ�صل علوم ًا ‪ -‬بال�سبيل الأرحب امل�صون للعلم‬ ‫اخلالق العظيم }يف الآفاق ويف �أنف�سهم{‪ ،‬وقراءة‬
‫وتر�سخ املعارف ع ّما �إختلط لدى النا�س‬ ‫واملعرفة – ّ‬ ‫ب�صرية لآي القر�آن احلكيم }حتى يتبني لهم �أنه‬
‫من مفاهيم؛ طال بحثهم فيها ف�أفرز قلي ًال من العلم؛‬ ‫احلق{‪.‬‬
‫بحقائق الكون والإن�سان والوجود وما وراءه‪.‬‬ ‫وقد ن�ش�أت لدى النا�س حاجة مل ت�شبع؛ ملعرفة الكون‪،‬‬
‫ومنها ما جاد به القر�آن من فرائد العلم الوثيق عن‬ ‫ودخائل الإن�سان وظواهره‪ ،‬وبحث قواه وبنائه و�أحوله؛‬
‫حقيقة العقل‪ ،‬ومفهومه‪ ،‬وحدوده‪.‬‬ ‫يف كل حاالته‪�...‬صحة ومر�ض ًا‪ ،‬طفول ًة ورجول ًة و�شيب ًا‪،‬‬
‫ونلفت النظر �إىل حقيقة �أن حديث القر�آن عن‬ ‫ب�شر ًا و�إن�سان ًا‪ ،‬نائم ًا وواعي ًا يقظ ًا‪ ،‬ذكر ًا و�أنثى؛ �أفراد ًا‬
‫"العقل"؛ مل يرد فيه �أبد ًا ب�صيغة الإ�سم‪ ،‬ال �صراح ًة‪،‬‬ ‫وجمع ًا‪ ،‬حي ًا وميت ًا‪.‬‬
‫وال �ضمن ًا‪ ،‬وال �إ�شار ًة‪ ،‬وما اقت�ضاه ن�ص‪ ،‬وال وما‬ ‫وميثل الوحي املع�صوم يف كل مو�ضع م�صدر العلم‬
‫اإلعجاز‪,‬العدد الخامس واالربعون‪ ،‬السنة الثانية عرشة‪ ،‬رجب ‪١٤٣9‬هـ ‪ ،‬ربيع ‪2018‬م‬

‫‪10‬‬
‫علوم الحياة‬ ‫والسنة‬ ‫يف القرآن‬

‫وذلك التحيرُّ بحث ًا عن العقل وتفرد الإن�سان به يف‬ ‫�إ�ستلزمه‪.‬‬


‫الأر�ض وحقيقته؛ لي�س ب�أمر فريد وال مب�ستغرب‪.‬‬ ‫طي �آي ع ّدة؛ ب�صيغة فعل م�ضارع‪...‬‬ ‫و�إمنا ورد َّ‬
‫بل و�صل �إىل �أن �صار هو�س ًا لعلماء الغرب وال�شرق‬ ‫على تعدد �أحوال من ي�صدر احلدث عنه؛ بني جمع‬
‫ب�أ�سرار ذلك العقل بعد �أن تعاملوا معه طوي ًال؛ كاملواد‬ ‫غائب‪ ،‬وخماطبني‪ ،‬ومتكلمني‪� ،‬إ�ضافة �إىل �أخرى �أتى‬
‫واجلماد والعنا�صر‪� .‬إذ �إنتهوا �إىل �أنه �أعلى بكثري‬ ‫الفعل فيها ب�صيغة امل�ضارع امل�سند حا ًال وم�ستقب ًال؛‬
‫أدل على ذلك من �إعالن العقد‬ ‫و�أ�سمى و�أعقد‪ .‬وال � َّ‬ ‫�إىل فاعل مفرد‪� -‬أوجماعة فاعلني مفردة‪ .-‬ويف �آية‬
‫الأخري من القرن الع�شرين؛ عقد ًا للعقل‪ ،‬و�إنغما�س‬ ‫واحدة؛ ورد ب�صيغة املا�ضي‪ ،‬يحدث عن جمع غائب‬
‫ع�شرات �آالف العلماء من تخ�ص�صات �شتى يف البحث‬ ‫– من �أهل الكتاب‪.-‬‬
‫عنه يف املخ‪ ،‬وعن الوعي والإرادة‪ ،‬و�إنتهائهام بعد‬ ‫وجند اللفظ يف �أقوال النبي �صلى اهلل عليه و�سلم يفيد‬
‫بحوث م�ضنية؛ �إىل القول‪ :‬عرفنا كل �شيء عن املخ‬ ‫"ع ْقل" تناولها‬ ‫وقوع فعل ب�أزمانه الثالثة‪ ،‬وب�صيغة َ‬
‫ومل جند العقل‪ .‬فما العقل؟ و�أين؟ وماهو؟ وكيف هو؟‬ ‫العلماء ب�إعتبارها �إ�سم ًا له‪ ،‬وقد ن�سب �إىل النبي �صلى‬
‫وما تفاوت النا�س فيه؟‬ ‫اهلل عليه و�سلم ما مل يقله عنه ب�صيغة "العقل"‪ ،‬ولذا‬
‫العقل يف العلم املادي املعا�صر‬ ‫حت َّرج املحققون من اجلزم فيه بقول ف�صل؛ عرب‬
‫تكررت كثري ًا منذ الثلث الأخري من القرن الع�شرين؛‬ ‫قولهم (مل ي�صح يف العقل حديث)‪.‬‬
‫عمليات نقل قلب رجل لإمر�أة ‪ ،‬وقلب �إمر�أة لرجل‪ ،‬بل‬ ‫وهكذا يف �ضوء قوله ملن �س�أله الن�صح فيما تع َّلق‬
‫نقل قلب غري م�سلم مل�سلم‪ ،‬ونظر ًا لكون كثري من متلقي‬ ‫بناقته (اعقلها وتو ّكل) ي� ِّؤ�صل عموم داللة الفعل عرب‬
‫القلب قد بقوا �أحياء لزمن؛ قيد عقيدة وم�شاعر كانوا‬ ‫فقه الن�ص و�سياقه‪ ،‬ومعرفة املواقف التي قيل فيها؛‬
‫قب ًال عليها؛ قوي الظن ب�أن العقل يف املخ والدماغ‪� ،‬أو‬ ‫مكان ًا وزمن ًا‪.‬‬
‫�أنه وظيفة له‪ -‬ولي�س يف القلب‪ .-‬ومع ي�أ�س العثور عليه‬ ‫وما ورد من قوله ب�صيغة "عقل" �أو "العقل"؛ فال بد‬
‫يف املخ؛ �أُعلن �أن م�سمى "العقل" ال وجود له‪ ،‬وا�ستُبدل‬ ‫نف�صل به القول فيه من خالل قول هلل‬ ‫له من تدبر‪ِّ ،‬‬
‫املدلول عليه ب�إ�سم "عمليات العقل العليا"؛ با�سمها‬ ‫عن ر�سوله }وما ينطق عن الهوى{(النجم ‪.)4‬‬
‫املقرتح "عمليات التفكري العليا"‪ .‬رغم القناعة ب�أنه‬ ‫وحديث ًا �أفرد "جون �سريل" كتاب ًا عن "العقل" مي ّثل –‬
‫ال ا�سم بال م�سمى‪.‬‬ ‫كما قال فيه‪ -‬خال�صة جهده‪ ،‬وثمرة فكره‪ ،‬وبحثه عنه‬
‫غري �أن �إملام الباحثني بعمليات التفكري والفكر؛ قد‬ ‫طيلة �أربعني �سنة ق�ضاها‪ ،‬يبحث متحري ًا فيما ي�صح‬
‫انتهى �إىل الإقرار بوجود ما هو يف الإن�سان؛ �أعلى‬ ‫�أن ي�سمى "نظرية العقل" حق ًا‪ ،‬بني ركام نظريات‬
‫من التفكري‪ ،‬وما يلي الفكر‪...‬ك�إ�شارة تل ُّح على وجود‬ ‫عدة‪ ،‬ي ّدعي وا�ضع ك ّل �صوابها‪.‬‬
‫العقل‪ ،‬ولقد �أ�شاع بني العلماء ما �صح �أن ُي�سمى "هو�س‬
‫العقل" والبحث؛ عنه جمدد ًا‪.‬‬
‫وحديث ًا؛ �إذ تر ّقى فح�ص املخ �إ�شعاعي ًا �إىل حد بعيد‪،‬‬
‫بق�صد متابعة �أن�شطته احليوية مبا ي�سمى "الرنني‬

‫‪,‬‬
‫اإلعجاز العدد الخامس واالربعون‪ ،‬السنة الثانية عرشة‪ ،‬رجب ‪١٤٣9‬هـ ‪ ،‬ربيع ‪2018‬م‬

‫‪11‬‬
‫علوم الحياة‬ ‫والسنة‬ ‫يف القرآن‬

‫املغناطي�سي الوظيفي"‪� ،‬إ�ستعان الباحثون بتلك الوحي فيه؟‬


‫التقنية؛ لدرا�سة املخ احلي داخلي ًا حال �أداء وظائفه‪.‬‬
‫وقد �أ�سفرت تلك الدرا�سات عن نتائج؛ مل يجدوا لها‬
‫طي ما يف الوحي من �إعجاز؛‬ ‫تف�سري ًا ‪� ،‬إال �أنه ُم ّ‬
‫ي�سر ّ‬
‫يك�شف هذا البحث عنه‪.‬‬
‫تر�سخ قدمي ًا‬
‫يف �ضوء ذلك وما تراكم لدى النا�س‪� ،‬أو ّ‬
‫وحديث ًا؛ ومل ي� ِّؤ�صل لهم علم ًا عن العقل؛ من بني ما‬
‫التب�س عليهم وتناولوه عنه �شرق ًا وغرب ًا‪ ،‬نرى �ضرورة ال عقل حال تعطل الروح وفق ِدها‬
‫البحث عن معنى اال�سم املدلول عليه به‪ ،‬وما تعارف يف �ضوء ذلك‪ ،‬نعود لآية البحث‪ ،‬نرى احلق بها قد‬
‫تبني‪ ،‬والإعجاز فيها جت ّلى‪ ،‬وما نرجوه من غاية البيان‬ ‫العلماء �إ�صطالح ًا عليه كل يف جماله‪.‬‬
‫جم�سد ًا ‪ ،‬ودقة البالغ حا�ضر ًا م�شهود ًا‪ ،‬فلله احلجة‬
‫ّ‬ ‫املراد بلفظ العقل‬
‫يف "مقايي�س اللغة"هكذا؛ العني والقاف والالم البالغة‪.‬‬
‫عظ ُمه وما يعقلها �إال العاملون‪ :‬بالغة و�إعجاز بيان‬‫(ع َق َل)؛ �أ�صل واحد ُمنقا�س مطرد يدل على َ‬ ‫َ‬
‫حل ْب َ�سة"‪ .‬من ذلك؛ وما نراه من �أ�سلوب احل�صر والق�صر؛ قد �أتى طي �آية‬ ‫ُح ْب َ�سة يف ال�شيء‪� ،‬أو ما يقارب ا ُ‬
‫العقل‪ ،‬ف�إنه احلاب�س عن ذميم القول والفعل‪ ،‬ورجل تن�ص }وتلك الأمثال ن�ضربها للنا�س وما يعقلها �إال‬
‫عاقل؛ �إذا كان ح�سن الفهم‪ ،‬وافر العقل‪ ،‬هكذا عقل العاملون{(العنكبوت ‪)43‬؛ بعد مثل العنكبوت وبيته‪،‬‬
‫الدابة‪ .‬ومن الباب‪ :‬العقل؛ وهي الدِّ ية‪ُ ،‬ت ْع َقل لتُدفع ف ِل َم ي�ضرب اهلل الأمثال؟ وما هي؟ ومل ال يعقلها �إال‬
‫العاملون؟ وما عالقتها مبا ن�سعى لتقدمي هذا الطرح‬ ‫ملن هي له‪.‬‬
‫وقرر "الأ�صفهاين" �أن "العقل"؛ يقال للقوة املتهيئة عنه؟‬
‫منهد ب�أن الت�شبيه والتمثيل على ما يحمالن من فروق؛‬ ‫لقبول العلم‪.‬‬
‫وميكن تعريف "العقل" مما جاء يف الآي عنه‪ ،‬ب�أنه‪� :‬أحد �أ�ساليب عدة‪ ،‬لتقريب املعنى والداللة بغية �إعالم‬
‫�إ�ستجابة واعية؛ ملا تثريه الروح يف القلب‪ ،‬وحال مترير �أحد ب�شيء‪� ،‬أو ب�أمر لي�س له به �سابق علم وال معرفه‪.‬‬
‫�أمر‪� ،‬أومعلومة من الفوائد له‪ .‬و�إذ م�ستقبل الروح يف ولي�ست الأمثال يف ذاتها جما ًال وال حق ًال؛ جلهد تنظيم‬
‫القلب قد يكون �أو ال يكون؛ حلظة التمرير م�شغو ًال‪ ،‬كلمات بعينها يف هيئة معينة‪ ،‬وال ُت�ضرب ملجرد العلم‬
‫فقد يعقل املرء‪� ،‬أو ال يعقل ما مترره �إليه الروح‪ .‬ولأن مبفرداتها ن�ص ًا‪ ،‬و�إمنا ليعقل املراد مما وراء الن�ص‪،‬‬
‫الإن�سان قد �ألهم بها التقوى؛ فال مترر �إال اخلري‪ ،‬وال ولفت �إنتباه الغري ملا �ضربت له مث ُال‪ .‬ف�إن حفظ‬
‫جمال لأن يعقل �شر ًا‪� ،‬أو فجور ًا‪ ،‬غاية الأمر �أن يعقل �ألفاظ املثل والعلم بها وترديدها – عن ظهر قلب‬
‫اخلري‪� ،‬أو ال يعقله‪ ،‬و�إذ يحوي القلب م�ستقبل الروح؛ – مبنا�سبة‪� ،‬أو بال منا�سبة‪ ،‬ال يثمر نفع ًا‪ ،‬وال يخ ّلف‬
‫ف�إنه هو �آلة العقل و�أداته‪ .‬وهكذا قول اهلل }‪ ...‬فتكون �أثر ًا وال فائدة‪ ،‬وال يوجه �سلوك ًا‪ .‬ومن يفعل ذلك؛ فله‬
‫لهم قلوب يعقلون بها{(احلج ‪ .)46‬وقد يثار ال�س�ؤال‪ :‬مثل‪ .‬كقول من مل يعقلوا مث ًال }ماذا �أراد اهلل بهذا‬
‫ما مدى ال�صدق واحلق يف طرح ذلك؟ وما حجية �آي مث ًال{(البقرة ‪.)26‬‬
‫اإلعجاز‪ ,‬العدد الخامس واالربعون‪ ،‬السنة الثانية عرشة‪ ،‬رجب ‪١٤٣9‬هـ ‪ ،‬ربيع ‪2018‬م‬

‫‪12‬‬
‫علوم الحياة‬ ‫والسنة‬ ‫يف القرآن‬

‫اليصح إن‬ ‫وعلى ذلك؛ فالآية �إبتدا ًء تقرر �أن الأمثال حمل‬
‫لقص كار وجود العقل‬
‫ور‬ ‫"عقل" ومو�ضوعه؛ كحدث ومفعول فعل – فاعلني‪-‬؛‬
‫في اإلمساك به‬
‫ورد ن�ص ًا }وتلك الأمثال ن�ضربها للنا�س وما يعقلها‬
‫و�إذ تف�ضي املقدمات ال�صحيحة �إىل نتائج وال بد؛‬ ‫�إال العاملون{‪ .‬و�إذ ت�ضرب للنا�س }وما يعقلها �إال‬
‫فالوفاء بلوازم العقل يف�ضي بديهة �إىل "عقل"‪،‬‬ ‫العاملون{؛ فيعني �أن عقلها يف ال ُو ْ�سع‪ ،‬و�إال ف�إنه ع َن ٌت؛‬
‫واملنطقي �أن نناق�ش اللوازم �أو ًال‪� ،‬إال �أن البدء بظواهر‬ ‫فلي�س من تقدير العليم احلكيم‪ ،‬وي�شري لكون الأمثال‬
‫"العقل" يي�سر �إ�ستنباط لوازمه؛ فالظواهر ظواهر‪،‬‬ ‫جما ًال وا�سع ًا لفهم املراد من �ضربها‪ ،‬وفقه املدلول‬
‫وجنتهد‪ ،‬بحث ًا يف الن�صو�ص عن اللوازم؛ �إذ ال جند‬ ‫عليه باملثل‪ .‬وحتدد لعقلها �شروط ًا؛ جتليها الآي بداللة‬
‫من تع ّر�ض لها قب ًال‪ ،‬وقد تناولوا "العقل" ب�إعتباره‬ ‫ال�سياق والتنا�ص‪.‬‬
‫لوازم العقل‪ ،‬وظواهره‬
‫ذات ًا‪ ،‬وعر�ض ًا‪ ،‬وجوهر ًا‪ ،‬و�صور ًة‪ ،‬وظاهر ًة‪.‬‬ ‫�إنتهينا �إذ ًا؛ �إىل �أن العقل حدث كالفهم والنوم‬
‫ن ّوه الباحثون مبا �س ّموه "عمليات العقل العليا"؛ �إىل‬ ‫واملوت‪ ،‬و�إذ لكل حدث مظاهر تدل على وقوعه‪ ،‬و�إن‬
‫وظائف مخ يف النا�س بال مثيل يف الغري‪ ،‬ت�شمل‬ ‫خفي وبطن‪ ،‬فتف�شي ظواهر احلدث و�آثاره –و�إن‬
‫الذكر والتذكر واخلواطر والت�أمل‪ ،‬واملنطق والكالم‪،‬‬ ‫كان ذلك بعد حني‪ -‬تقت�ضي وقوعه‪...‬كداللة الدخان‬
‫والت�ص ّور و�إ�ستنباط غري معلوم من املعلوم‪ ،‬وتتيح ما ال‬ ‫على حريق‪ ،‬والقدم على م�سري‪ .‬ثم ال بد لكل حدث‬
‫يتاح بغري ذلك؛ فلي�ست حليوان‪ ،‬وال تتاح لب�شر �إال عن‬ ‫مت�سل�سل كي يقع؛ من توافر مقدمات ب�أ�سباب‪ ،‬وتلك‬
‫�إرادة وق�صد؛مب�ستوى الت�شغيل الأمثل‪ ،‬ملا تقرر‬ ‫هي �إرها�صاته ولوازمه‪.‬‬
‫}لعلمه الذين ي�ستنبطونه منهم{(الن�ساء ‪.)83‬‬
‫و�أفرزت بحوث "علم نف�س احليوان" فوارق �سلوك‬
‫يرقى بها الإن�سان عن �سلوك غريه‪ ،‬و�إن كان مخ بع�ض‬
‫لرت�سخ قناعة العلماء؛ ب�أن العقل يباين‬ ‫احليوان �أكرب‪ّ ،‬‬
‫املعلوم عن كل وظائف املخ‪ ،‬و�إن نعق بع�ضهم ب�إنكار‬
‫م�سمى العقل؛ �إذ عموا عن طبيعته‪.‬‬
‫وهذا "الطرح" الذي نقدمه؛ ي� ّؤ�صل م�س ّمى "عمليات‬
‫العقل العليا" كواقع – مر�صودة ظواهره‪ -‬فال ي�صح‬ ‫األمثال مجال واسع لفهم‬
‫املراد واملدلول‬
‫�إنكار وجود "العقل" لق�صور يف الإم�ساك به مو�ضع ًا‬
‫وماد ًة‪ ،‬و�إذ �أقر العلماء بوجود جاذبية النجوم‬
‫العقل إست‬
‫والكواكب‪ ،‬ب�إدراك ما لها من ظواهر و�آثار‪.‬‬ ‫ال جابة واعية ملا تثيره‬
‫يجاوز الإن�سان �إدراكه احل�سي وي�ستدرك عليه‪ ،‬مبا‬ ‫روح في القلب‬

‫اإلعجاز‪,‬العدد الخامس واالربعون‪ ،‬السنة الثانية عرشة‪ ،‬رجب ‪١٤٣9‬هـ ‪ ،‬ربيع ‪2018‬م‬

‫‪13‬‬
‫علوم الحياة‬ ‫والسنة‬ ‫يف القرآن‬

‫يعقلون{(البقرة ‪)171‬؛ ك�إ�شارة بليغة �إىل �أوىل‬


‫ميليه "عقل" املعلومة احل�سية؛ فيقبل ويعرف‪� ،‬أو‬
‫لوازم العقل‪.‬‬
‫ال يقبل‪ ،‬فالظم�آن يرى ال�سراب يح�سبه ما ًء‪ ،‬وغريه‬
‫وتبني الآي بجالء‪� ،‬ضرورة توافر بيانات ح�سية تكفي؛‬
‫"عق ًال" ال يراه �إال �سراب ًا‪ .‬و"خداع احلوا�س" يقره‬
‫قيام الروح بعملها‪...‬عق ًال ملا ُيعلم‪ .‬و�إال؛فال عقل‬
‫املاديون وغريهم‪ ،‬مبا يعني رقي الإدراك "عق ًال"؛‬
‫ملحروم من و�سائل ك�سب املعلومة‪ ،‬وحت�صيلها ح�س ًا‬
‫فوق الإدراك ح�س ًا‪ .‬ويتواىل �سلوك �أي مبقت�ضى �أنه‬
‫و�شعور ًا‪-‬من بيئته وداخل بدنه‪ -‬و�إدراك ًا‪ .‬فال عقل �إال‬
‫"يعقل" �أو "ال يعقل" معلومة ح�سية مادية جتربيبة‪،‬‬
‫بعلم‪ ،‬وال عقل �إال بعد العلم‪.‬‬
‫�أو خرب ًا �صادق ًا �أتى الوحي به‪ .‬لرتى من �أطياف‬
‫و�آية }�أفلم ي�سريوا يف الأر�ض فتكون لهم قلوب‬
‫ال�سلوك عجب ًا؛ يف ال�شخ�ص ذاته‪.‬‬
‫يعقلون بها{(احلج ‪)46‬؛ تو�صي بفعل ما من �ش�أنه‬
‫فمن يعقل �أمر ًا �أو �شيئ ًا‪� ،‬أو يعقل عن �أحد؛ فهو عاقل‬
‫رعاية القلب على ما فطره اهلل عليه‪ ،‬و�إال تع ّر�ض ملا‬
‫ملو�ضوع احلدث حلظة "العقل"‪ .‬وقد �إنتفع بفعله؛ من‬
‫ن�ص عليه الوحي من �أدران و�أمرا�ض‪ ،‬وما يعطل دوره‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫عقل نف�سه عن هواها‪ ،‬فغريه؛ يفعل ما ي�ضر ويرتك‬
‫ويحول دون �إنتفاع ب�سبل اخلري �إىل نبع النور والهدى‪.‬‬
‫ما ينفعه‪ ،‬ولو كان دماغه يفوق حجم دماغ الأفيال‪،‬‬
‫فمن لوازم "العقل"؛ �أن يحذر املرء ما يخ ّل ب�سريورة‬
‫و"العاقل من اتّعظ بغريه‪...‬وال�شقي من مل يتّعظ �إال‬
‫احلدث – �إذ له مقدمات ومراحل وحمفزات‬
‫بنف�سه"‪� ،‬إذ ر�أى جتارب الغري فلم يعقل داللتها‪ ،‬ومل‬
‫ومثبطات ونتائج – و�أن يتجنب الإخالل به؛ ل�سوء‬
‫ينتفع؛ �إذ وهبه اهلل �آلة العقل وك ّرم كل ذي منظومة‬
‫عاقبةاحلرمان منه‪.‬‬
‫�أعقد؛ ف�ألهمه بالروح تقواها‪ .‬وما �سبق عن العقل‬
‫ولكون القلب �آلة العقل –كم�ستقبل لأثر الروح يف‬
‫�أنه‪ :‬احلجر‪ ،‬اللب‪ ،‬النهي‪ ،‬الفهم‪ ،‬والتثبـت‪ ،‬العلم‬
‫البدن‪ -‬ف�إنه ككل خلية ع�صبية؛ تعر�ض له �أحوال ملا‬
‫ال�ضروري‪ ،‬العقل امل�ستفاد‪ ،‬وبالفعل‪ ،‬احللم‪ ،‬العمل‬
‫�أ ّمل بها‪ ،‬فال ينفعل لوارد الروح؛ حال �إن�شغاله مبثري‬
‫مبقت�ضى العلم‪ ،‬العملية التي يتم بها احلكم والإرادة‪،‬‬
‫�أ�شد وبحاجة البدن‪ ،‬و�إثر الت�ش ّبع لكثافة ما يرد‪ .‬وما‬
‫وبه يكون الإ�ستدالل؛ ميكن اجلمع بينه باعتباره‬
‫تف�صيله فوق جمال البحث ونطاقه‪.‬‬
‫ظواهر عدة لأمر واحد‪ ،‬و�إذ تت�سق بكونها ظواهر‬
‫ويف �ضوء ما �سبق‪ ،‬ف�إن الإدالء بقول ف�صل يف تفاوت‬
‫"العقل" كحدث‪.‬‬
‫النا�س يف العقل‪� ،‬أو �إنعدام ذلك؛ ما عاد حمفوف ًا‬
‫واحل�صر والق�صر يف �آية البحث يقطع مبا �إنتهى‬
‫بخطر القول يف القر�آن بغري علم‪ .‬فلي�س الأمر �إال‬
‫التعقيب �إليه من حكم‪ ،‬فال جمال لأن يعقل النا�س ما‬
‫�إ�ستنباط ًا منه‪ ،‬م�شروط ًا وعم ًال‪ ...‬مبا فيه }�أفلم‬
‫مل يكونوا قد �سبق �أن ح�صلوا علم ًا يفي ب�أن يعقلوا‪.‬‬
‫ي�سريوا يف الأر�ض فتكون لهم قلوب يعقلون بها{‪� .‬إذ‬
‫وذلك ما �صرحت به �آية}�صم بكم عمي فهم ال‬
‫ينم الن�ص عن �إت�ساع دائرة العقل وفق احلا�صل من‬ ‫ّ‬

‫اإلعجاز‪ ,‬العدد الخامس واالربعون‪ ،‬السنة الثانية عرشة‪ ،‬رجب ‪١٤٣9‬هـ ‪ ،‬ربيع ‪2018‬م‬

‫‪14‬‬
‫علوم الحياة‬ ‫والسنة‬ ‫يف القرآن‬

‫مزيد ال�سري يف الأر�ض‪ ،‬وعن ت�ساوي الكل‪...‬يف �آلة النهل من معني اخلري بامللأ الأعلى فبغري �ضابط‬
‫�أعلى؛ ي�أتي ال�سلوك ه ّبة نف�س بته ّيج ع�صبي وا�سع‬ ‫العقل؛ عرب �إ�شارة �إىل �سريورة فعل بعينه تقوم به‬
‫واملنطقي �أن الفارق بني وظائف بال تك ّيف‪ ،‬هكذا احليوان والوليد‪ ،‬ويف بع�ض وقت نوم‬ ‫ّ‬ ‫}قلوب يعقلون بها{‬
‫املخ‪ ،‬و"عمليات العقل العليا"؛ ال يرجع �إىل املخ ذاته‪ ،‬املرء ويقظته‪ ،‬فال "عقل"؛ حال تعطل الروح وفقدها‪.‬‬
‫أعلى‪...‬ي�صحح ما ي�ؤول �إليه �أداء املخ‬
‫ِّ‬ ‫بل �إىل �ضابط �‬
‫ل‬ ‫ق‬ ‫ع‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ة‬ ‫ل‬ ‫آ‬ ‫ب‬ ‫ل‬ ‫ق‬ ‫ال‬ ‫واحلوا�س �أحيان ًا من خداع وطغيان وزيغ‪ .‬ومل يقدم‬
‫وأداته‬ ‫العلماء والفال�سفة‪ ،‬وال الأطباء غري ما م ّر‪.‬‬
‫و�آية }وما يعقلها �إال العاملون{؛ حت�سم الأمر‪ ،‬بت�أ�صيل‬
‫ات‬ ‫ذ‬ ‫وح تعقل ب‬ ‫ر‬ ‫ل‬ ‫ا‬
‫عقل‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫سا‬ ‫إلن‬ ‫وا‬ ‫ها‬ ‫الف�صل؛ بني عمل املخ والروح والقلب‪� .‬إذ لي�س كل ذي‬
‫بقلبه‬ ‫علم ذا عقل‪ ،‬ولي�س كل العلماء يعقلون‪ ،‬و�إن كان العلم‬
‫ي�سبق العقل‪ ،‬والب ّد منه له‪ .‬والب ّد من معلوم؛ ل ُيعقل‬
‫قبو ًال �أو ر ّد ًا‪ ،‬ومعرف ًة �أو�إنكار ًا‪ ،‬ثم �إميان ًا �أو كفر ًا‪ ،‬وما‬
‫بعد من رحلة البيانات املدخلة �إىل باطن الفرد �إىل‬
‫�أن ي�صدر عنه ال�سلوك �إرادة‪� ،‬أو تلقائي ًا‪� ،‬أو �إعتياد ًا‬
‫وخط ًا وعفو ًا‪ ،‬خري ًا �أو �شر ًا‪ ،‬قو ًال وفع ًال‪ ،‬وق�صد ًا وني ًة‪،‬‬ ‫ّ‬
‫ت�صور ًا وفكر ًا وذكر ًا‪ ،‬وم�شاعر ودا وحب ًا‪� ،‬أو بغ�ض ًا‬
‫وكره ًا‪ ،‬فال تنتهي النف�س عن الهوى‪ ،‬وال ُت ْع َقل �أما َّرة‬
‫عن الأمر بال�سوء؛ �إال �أن يجاهد املرء بالروح نف�سه‪،‬‬
‫وقد �أُلهم بالروح تقواها‪ ،‬و�إنها بذاتها ملدركة تعي‬
‫وتعقل‪ ،‬قبل حلولها يف البدن وبعد موته‪ .‬فالروح تعقل‬
‫بذاتها‪ ،‬والإن�سان كمنظومة "يعقل" بقلبه‪.‬‬
‫�سلطة الروح يف العقل حمكومة ب�إ�ستفادة املرء �إراد ًة‬
‫لتب�صر عواقب الأمور �ض ّر ًا‬ ‫مما �أُلهم بها‪ّ ،‬‬ ‫وق�صد ًا ّ‬
‫*املركز القومي للبحوث‪ ،‬القاهرة‪ .‬وللراغبني مبتابعة البحث بكامله مع املراجع كاملة العودة‬
‫اىل املوقع ‪www.eajaz.org‬‬
‫ونفع ًا‪ ،‬وح�سبان ال�ضار والنافع – باط ًال �أوحق ًا‪.-‬‬
‫وهذه تعلو ب�إتباع منهج رب النا�س‪ ،‬ملك النا�س‪� ،‬إله‬
‫النا�س؛ يف تزكية النف�س‪ ،‬وتو�سيع املدارك؛ �أخذ ًا من‬
‫زاد العلم والنور والهدى‪ ،‬و�إعالء �سلطان روح يغذيها‬

‫اإلعجاز‪,‬العدد الخامس واالربعون‪ ،‬السنة الثانية عرشة‪ ،‬رجب ‪١٤٣9‬هـ ‪ ،‬ربيع ‪2018‬م‬

‫‪15‬‬
‫علوم الحياة‬ ‫والسنة‬ ‫يف القرآن‬

‫النوم…أرسار ومراحل‬
‫د‪ .‬عبد الرمحن النمر*‬
‫بينما ا�ستطاع الإن�سان معرفة وفهم معظم الأ�سرار‬
‫املحيطة بعمليات احلياة‪ ،‬مثل التكاثر وال�سعي وراء‬
‫الغذاء والدفاع عن النف�س‪ ،‬ف�إنه ما يزال يف براثن‬
‫احلرية �أمام ظاهرة يومية منتظمة هي النوم! بل �أكرث‬
‫من ذلك‪ ،‬ف�إن ظواهر احلياة وعملياتها املختلفة ال‬
‫ت�ستغرق من عمر الإن�سان ما ي�ستغرقه النوم‪� ،‬إذ ينفق‬
‫الإن�سان ثلث عمره نائ ًما! والبحث يف �أ�سرار ظاهرة‬
‫النوم ي�شغل الإن�سان منذ زمن بعيد‪ .‬وهذه الظاهرة‬
‫ال ت�شغل الإن�سان البالغ وحده‪ ،‬وال ت�شغل العلماء حول هذه الأ�سئلة و�أ�شباهها يدور البحث يف عدد من‬
‫والباحثني واملفكرين وحدهم‪ ،‬ولكنها واردة حتى يف املراكز العلمية املهتمة بهذه الظاهرة‪ .‬وبني احلني‬
‫�أ�سئلة ال�صغار حني ي�ستفهمون برباءة‪( :‬ملاذا ننام؟)‪ .‬والآخر‪ ،‬ت�صدر عن مركز هنا �أو هناك بع�ض النتائج‬
‫التي ُت َع ّد خطوة على الطريق نحو فهم هذا اللغز‬
‫الكبري‪ .‬وال ندري كم من الوقت �سي�ستغرق البحث قبل‬
‫�أن يفلح الإن�سان يف �إماطة اللثام عن ِ�س ٍّر طال ا�شتغاله‬
‫به‪.‬‬
‫ولكن امل�ؤكد �أنه ما دام يحاول‪ ،‬فلرمبا ي�صل �إىل الغاية‬
‫يوما ما‪ .‬و�إىل �أن ي�صل الإن�سان �إىل (احلل الكامل)‪،‬‬ ‫ً‬
‫ن�ستطلع بع�ض (الإ�ضافات) اجلديدة‪ ،‬لعلنا نقرتب‬
‫ح ٌّقا ملاذا ننام؟! هل النوم �ضرورة حياة‪� ،‬أم �أنها من فهم هذه الظاهرة‪.‬‬
‫عادة موروثة من �أجداد ا�ستناموا �إىل هد�أة الليل دورة طبيعية‪:‬‬
‫ف�سكنوا فيه؟! �أم �أن النوم الزم لتخلي�ص اجل�سم من‪ :‬الثابت باملالحظة �أن �أحياء املعمورة على اختالف‬
‫(�سموم و�شوائب وف�ضالت) تتجمع فيه نتيجة �أن�شطة طبقاتها‪ ،‬تهجع وت�سكن �إذا َجنّ الليل‪ ،‬فالطيور ت�أوي‬
‫احلياة؟! �أم لعله (وظيفة ع�ضوية) من وظائف املخ‪� ،‬إىل �أوكارها‪ ،‬و�صغار احليوانات تختبئ يف جحورها‪.‬‬
‫وتفعل مثل ذلك (احليوانات الأرقى) في�أوي كل‬ ‫الذي ي�صدر �أم ًرا �إىل الأع�ضاء بال�سكون فت�سكن؟‬
‫�إىل �سكنه‪ .‬ف�إذا �أ�شرقت الأر�ض بنور ربها‪ ،‬وتوارت‬
‫ظلمة الليل وراء و�ضح النهار‪ ،‬انتف�ضت الأحياء من‬

‫اإلعجاز‪,‬العدد الخامس واالربعون‪ ،‬السنة الثانية عرشة‪ ،‬رجب ‪١٤٣9‬هـ ‪ ،‬ربيع ‪2018‬م‬

‫‪16‬‬
‫علوم الحياة‬ ‫والسنة‬ ‫يف القرآن‬

‫م�ساكنها‪ ،‬وانبعثت من رقادها يف ن�شاط لت�ست�أنف‬


‫احلياة من جديد‪.‬‬
‫وقد دفعت هذه املالحظة كث ًريا من العلماء �إىل‬
‫االعتقاد ب�أن هناك (دورة طبيعية)‪ ،‬حتكم ن�شاط‬
‫الأحياء على هذا الكوكب‪ .‬وهذه الدورة الطبيعية‬
‫احلرمان من النوم‪:‬‬ ‫مرتبطة بدوران الأر�ض حول نف�سها‪� ،‬أي ـ بتعبري �آخر ـ‬
‫يف مركز لأبحاث النوم تابع جلامعة (لفربه‬ ‫بتعاقب الليل والنهار‪.‬‬
‫(‪( )Loughborough‬يف �إجنلرتا قام طبيب‬ ‫ومما يع�ضد ذلك االعتقاد‪� ،‬أن التجربة �أثبتت �أن‬
‫يدعى جيم �أورن بتجربة من �شقني يف حماولة جديدة‬ ‫�أن�شطة الأجهزة املختلفة يف ج�سم الإن�سان تخ�ضع ـ‬
‫لك�شف غمو�ض لغز النوم‪.‬‬ ‫بدرجة �أو ب�أخرى ـ لتفاوت منتظم يف درجة الن�شاط‪،‬‬
‫يف ال�شق الأول من التجربة قام الطبيب املذكور‬ ‫يكاد يتفق مع �إيقاع (الدورة الطبيعية)‪.‬‬
‫بدرا�سة (مراحل النوم) م�ستعين ًا بجهاز (ر�سام املخ‬ ‫فمث ًال‪ ،‬تكون عملية جتديد خاليا اجل�سم وبناء‬
‫الكهربي) ملعرفة درجات ن�شاط املخ املختلفة‪ ،‬و�شفع‬ ‫اجلديد منها يف �أوج ن�شاطها يف ال�صباح الباكر‪،‬‬
‫ذلك مبتابعة ظواهر ف�سيولوجية �أخرى‪ ،‬تعك�س ن�شاط‬ ‫كذلك تكون (الغدة النخامية) يف قمة ن�شاطها يف‬
‫الأجهزة املختلفة يف ج�سم الإن�سان‪.‬‬ ‫ال�صباح‪ ،‬ون�شاط الغدة النخامية يوجه ن�شاط الغدد‬
‫ويف ال�شق الثاين من التجربة‪ ،‬و�ضع بع�ض املتطوعني‬ ‫ال�صماء الأخرى يف اجل�سم‪.‬‬
‫يف جتربة فريدة‪ ،‬بحرمانهم من النوم مدة ثالثة �أيام‬ ‫وعلى نقي�ض ذلك‪ ،‬يهد�أ ن�شاط العمليات احليوية‬
‫متعاقبة‪ ،‬بهدف معرفة ما �إذا كان النوم �ضرور ٌّيا‬ ‫املختلفة يف اجل�سم‪ ،‬يف الهزيع الأول من الليل‪ ،‬فتقل‬
‫لأداء الوظائف الطبيعية املختلفة كل يوم‪� ،‬أم �أنه عادة‬ ‫�إفرازات املعدة والأمعاء من الإنزميات الها�ضمة‪،‬‬
‫ال �ضرورة لها‪ ،‬وعلى الرغم من �أن مثل هذه التجارب‬ ‫ويقل ن�شاط غدد العرق‪ ،‬وبينما تكون درجة حرارة‬
‫�أجريت من قبل يف مراكز �أخرى‪� ،‬إال �أن تكرار التجربة‬ ‫اجل�سم طبيعية يف ال�صباح‪ ،‬ف�إنها ت�أخذ يف االرتفاع‬
‫قد يك�شف عن �شيء جديد‪.‬‬ ‫مع تقدم �ساعات النهار‪ ،‬بحيث ت�صل �إىل �أعلى قمة‬
‫كانت نتائج ال�شق الأول من التجربة على النحو التايل‪:‬‬ ‫لها يف الليل‪.‬‬
‫عندما ي�أوي الإن�سان �إىل فرا�شه للنوم‪ ،‬تبد�أ عدة‬ ‫وتعرف هذه الدورة الطبيعية عند الإن�سان با�سم‬
‫ظواهر ف�سيولوجية يف الوقوع‪ ،‬من ذلك �أن درجة‬ ‫(الدورة اليومية) (‪.)circadian rhythm‬‬
‫حرارة اجل�سم ت�أخذ يف االنخفا�ض‪ ،‬كما ينخف�ض‬ ‫والثابت بالتجربة �أن هذه الدورة تنق�سم �إىل (فرتات)‬
‫معدل �إفراز هرمونات (الغدة الكظرية) (الغدة فوق‬ ‫ن�شاط وخمول‪ ،‬ترتاوح بني �أربع �إىل ثمان �ساعات‪ ،‬تب ًعا‬
‫لكل جهاز من �أجهزة اجل�سم ومدى الن�شاط اليومي‬
‫املطلوب منه‪.‬‬

‫اإلعجاز‪ ,‬العدد الخامس واالربعون‪ ،‬السنة الثانية عرشة‪ ،‬رجب ‪١٤٣9‬هـ ‪ ،‬ربيع ‪2018‬م‬

‫‪17‬‬
‫علوم الحياة‬ ‫والسنة‬ ‫يف القرآن‬

‫الكلية) ‪.suprarenal gland‬‬


‫و(املرحلة الرابعة) �أو مرحلة (النوم احلقيقي)‪،‬‬ ‫والغدة الكظرية واحدة من الغدد ال�صماء التي ت�صب‬
‫تتميز بالعمق‪ ،‬بحيث ال ينتبه النائم �إىل معظم‬ ‫�إفرازاتها مبا�شرة يف تيار الدم العام‪ .‬وهي تفرز‬
‫امل�ؤثرات اخلارجية‪ ،‬على الرغم من �أن املخ ي�ستقبل‬ ‫هرمون (كورتيزون) (وهرمونات �أخرى)‪.‬‬
‫جميع املنبهات اخلارجية بـ (يقظة)! ومن ال�صعب‬ ‫ويف �أول النوم‪ ،‬يخامر الإن�سان �شعور ب�أنه (يطفو) �أو‬
‫�إيقاظ النائم يف هذه املرحلة‪ ،‬ف�إذا �أجرب على‬ ‫(ينجرف) يف تيار ماء‪ .‬وبع�ض النا�س ي�صف ذلك‬
‫اال�ستيقاظ ف�إنه ي�شعر �أن ج�سمه ثقيل‪ ،‬وقد ي�صاب‬ ‫ب�أنه �شعور بخفة وزن اجل�سم‪ .‬وتعرف هذه املرحلة‬
‫ب�صداع وغثيان‪ ،‬على �أن قدرة اجل�سم على التكيف‬ ‫با�سم (املرحلة الأوىل) وتتميز بانخفا�ض ـ �أحيا ًنا‬
‫�سرعان ما تعيد الأمور �إىل ن�صابها‪ ،‬فيمر كل �شيء‬ ‫ي�صحبه ا�ضطراب ـ يف �شدة موجات املخ كما تظهر‬
‫ب�سالم‪.‬‬ ‫على جهاز (ر�سام املخ الكهربي) (ويعرف اخت�صا ًرا‬
‫باحلروف ‪.)EEG‬‬

‫ة‬ ‫د‬ ‫ي‬ ‫ط‬ ‫و‬ ‫ة‬ ‫عالق‬


‫ني‬ ‫ب‬ ‫و‬ ‫م‬ ‫و‬ ‫ن‬ ‫الكظ بني ال‬
‫الغدة‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ق‬ ‫و‬ ‫ف‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫رية ال‬
‫كلية‬

‫وبينما (يغو�ص) النائم �إىل (املرحلة الرابعة) ف�إنه‬


‫(يطفو) مرة �أخرى �إىل مرحلة قريبة من (املرحلة‬ ‫وتبد�أ (املرحلة الثانية) حني يتغري �شكل موجات املخ‬
‫الأوىل)‪ ،‬تعرف با�سم (مرحلة حركة العني ال�سريعة)‪،‬‬ ‫على جهاز الر�سم‪ ،‬لي�أخذ طبيعة منتظمة و�شك ًال‬
‫ويف هذه املرحلة تقع الأحالم‪.‬‬ ‫مميزً ا‪ ،‬يبد�أ مبوجات مرتفعة (طويلة �أو عالية) ت�أخذ‬
‫وجميع مراحل النوم املذكورة تك ّون ما ي�سمى (دورة‬ ‫يف االنخفا�ض تدريج ٌّيا‪ .‬ويتكرر منط هذه املوجات (�أو‬
‫النوم) وت�ستغرق الدورة الواحدة بني ثمانني �إىل مائة‬ ‫الر�سوم) كل عدة ثوان‪ .‬وميكن �إيقاظ النائم ب�سهولة‬
‫يف هذه املرحلة‪.‬‬
‫�أما (املرحلة الثالثة) فتتميز بانخفا�ض �أكرب يف‬
‫ن�شاط املخ الكهربي‪ ،‬مع انتظام �ضربات القلب مبعدل‬
‫�ستني نب�ضة يف الدقيقة‪ ,‬كذلك يكون التنف�س بطي ًئا‬
‫ومنتظ ًما‪ ،‬كما ينخف�ض �ضغط الدم‪ .‬وتو�صف هذه‬
‫املرحلة من النوم ب�أنها (متو�سطة العمق)‪.‬‬

‫اإلعجاز‪,‬العدد الخامس واالربعون‪ ،‬السنة الثانية عرشة‪ ،‬رجب ‪١٤٣9‬هـ ‪ ،‬ربيع ‪2018‬م‬

‫‪18‬‬
‫علوم الحياة‬ ‫والسنة‬ ‫يف القرآن‬

‫واملعروف �أن املخ يهيمن على جميع وظائف اجل�سم‬ ‫وع�شرين دقيقة‪ ،‬وتتكرر (دورة النوم) عددًا يتوقف‬
‫مبا يحقق التناغم الالزم حلفظ احلياة وا�ستمرارها‪،‬‬ ‫على عدد ال�ساعات التي ينامها الإن�سان‪.‬‬
‫�سوي‪،‬‬
‫الزما ال�ستمرار احلياة على نحو ّ‬ ‫وما دام النوم ً‬ ‫يف ال�شق الثاين من التجربة‪ ،‬حيث حرم بع�ض‬
‫فالبد �أن يكون خا�ض ًعا لن�شاط املخ‪.‬‬ ‫املتطوعني من النوم مدة ثالثة �أيام متتالية‪ ،‬ات�ضح �أن‬
‫الأ�شخا�ص مو�ضع التجربة مروا بدورة الن�شاط اليومية‬
‫وهذا اال�ستنتاج (النظري) يبدو منطق ٌّيا ومقبو ًال‪،‬‬
‫الطبيعية‪ ،‬ف�أظهروا فرتات ن�شاط وخمول متعاقبة‪ ،‬ومل‬
‫ولكن �إثباته (عمل ّيا) م�س�ألة خمتلفة‪ ،‬وما تزال‬ ‫يت�أثر �أداء الوظائف اجل�سمانية باحلرمان من النوم‪،‬‬
‫ت�ستع�صي على املحاولة‪ ،‬على �أن باح ًثا �أمريك ّيا‪،‬‬ ‫بينما ت�أثر الن�شاط العقلي بدرجة قليلة مع الأعمال‬
‫أ�ستاذا لعلم وظائف الأع�ضاء (ف�سيولوجيا) يف‬ ‫يعمل � ً‬ ‫التي تتطلب تفك ًريا منطق ٌّيا وقد ًرا من الإبداع‪� ،‬أما‬
‫جامعة (هارفارد)‪ ،‬قطع خطوة ال ب�أ�س بها على طريق‬ ‫الأعمال اململة املتكررة‪ ،‬ف�أظهرت تدهور الن�شاط‬
‫فهم العالقة بني النوم وت�أثري املخ‪.‬‬ ‫العقلي بدرجة كبرية‪ ،‬وظهر بع�ض ال�ضعف يف �أعمال‬
‫ففي جتربة قام بها الباحث املذكور‪ ،‬مت حرمان بع�ض‬ ‫تتطلب جمهودًا ع�ضل ٌّيا يف اليوم الثالث‪.‬‬
‫املاعز من النوم ملدة يومني‪ ،‬ومن (ال�سائل املخي)‬ ‫يتابع االنسان في حياته دورات‬
‫يف �أدمغة املاعز‪ ،‬قام الباحث ب�سحب (ا�ستخال�ص)‬ ‫يومية فيها النشاط وفيها اخلمول‬
‫مقادير �صغرية‪ ،‬ثم حقن تلك املادة يف �أدمغة بع�ض‬
‫الأرانب والفئران فنامت على الفور! وعندما �أعيدت‬ ‫‪ ....‬يف جتربة م�شابهة �أجريت مبعرفة (مركز‬
‫التجربة با�ستخدام مقادير من (ال�سائل املخي) من‬ ‫�أبحاث النوم) التابع جلامعة (�أوهايو) (يف الواليات‬
‫ماعز �أنفق ليلة يف النوم‪ ،‬مل تكن للمادة �أي ت�أثري على‬ ‫املتحدة) مت حرمان بع�ض املتطوعني من النوم ملدة‬
‫الأرانب والفئران‪.‬‬ ‫خم�سة �أيام متتالية‪ .‬وقد ظهرت على املتطوعني‬
‫وا�ستخل�ص الباحث من تلك التجربة �أن (ال�سائل‬ ‫عالمات �إعياء �شديد‪ ،‬وانخفا�ض حاد يف القدرة على‬
‫املخي) يحتوي على مادة ت�ؤدي �إىل النوم‪� ،‬أطلق‬ ‫الرتكيز والتفكري‪ ،‬ويف اليوم اخلام�س كان املتطوعون‬
‫عليها ا�سم (عامل النوم (‪�( )Sleep Factor‬أو‬ ‫يف حالة عجز �شبه كاملة عن احلركة‪ ،‬وانخف�ضت‬
‫اخت�صا ًرا (‪....)Factor S‬‬ ‫القدرة على التفكري و�صنع القرار �إىل �أدنى م�ستوى‬
‫لها‪ ،‬كما �صدرت عنهم (هلو�سة) �شبيهة بهذيان‬
‫املحموم‪....‬‬
‫النوم آية وال تزال بعض أسراره‬
‫غامضة رغم البحوث‬ ‫دور املخ‪:‬‬
‫على �أن ال�س�ؤال الذي يبقى ُم ِل ٌّحا هو‪� :‬إذا كان النوم‬
‫�ضرورة حياة‪ ،‬فمن �أين ينبع‪ ،‬وما عالقته باملخ؟!‬
‫اإلعجاز‪ ,‬العدد الخامس واالربعون‪ ،‬السنة الثانية عرشة‪ ،‬رجب ‪١٤٣9‬هـ ‪ ،‬ربيع ‪2018‬م‬

‫‪19‬‬
‫علوم الحياة‬ ‫والسنة‬ ‫يف القرآن‬

‫‪ ...‬وبعد‪ ،‬ف�إن البحث العلمي والطبي يف ظاهرة النوم ال يتعار�ض مع كون النوم �آية من �آيات اهلل ـ تبارك وتعاىل‬
‫ـ كما ذكر ـ �سبحانه وتعاىل ـ يف حمكم التنزيل‪َ ( :‬و ِمنْ َءا َيا ِت ِه َم َنا ُم ُكم ِبا َّل ْي ِل َوال َّن َها ِر َوا ْب ِت َغ�آ�ؤُ ُكم ِمن َف ْ�ض ِل ِه �إنَّ ِفى‬
‫َذ ِل َك لآ َي ٍات ِل َق ْو ٍم َي ْ�س َم ُعونَ )(الآية ‪ 23‬من �سورة الروم)‪.‬‬

‫النوم جزء أساسي من الدورة‬ ‫توفر السائل اخملي يساعد على النوم‬
‫اليومية‬

‫* وللراغبني مبتابعة البحث بكامله مع املراجع كاملة العودة اىل‬


‫املوقع ‪www.eajaz.org‬‬

‫مراحل النوم أربعة‬

‫اإلعجاز‪,‬العدد الخامس واالربعون‪ ،‬السنة الثانية عرشة‪ ،‬رجب ‪١٤٣9‬هـ ‪ ،‬ربيع ‪2018‬م‬

‫‪20‬‬
‫مقال حرّ‬ ‫والسنة‬ ‫يف القرآن‬

‫األفالم اإلابحية تفتك ابدلماغ‬


‫أ‪ .‬زينب ضاهر*‬
‫وعلى غريها من الت�صرفات ال�سلبية‪.‬‬
‫�أما يف ما يتعلق بعمر املراهقني الذين يتعر�ضون‬
‫لهذه املواد‪ ،‬فقد �أ�شار م�شرعو القوانني �إىل �أن معدل‬
‫العمر هو ‪� 11‬إىل ‪� 12‬سنة‪ ،‬وهو معدل كفيل ب�إخافة‬
‫الأهل‪ .‬خا�صة مع �إ�شارة الدرا�سات �إىل عالقة قوية‬
‫بني الإدمان على الكحول‪ ،‬واملقامرة واملخدرات‬
‫وتغيرّ كيمياء الدماغ الذي ي�ؤثر بدوره على ال�صحة‬
‫اجل�سدية‪)2(.‬‬ ‫ي�ؤدي التعر�ض املتكرر للمواد الإباحية �إىل �إعادة ت�شكل‬
‫يف �إح�صائيات �أخرى يف الواليات املتحدة الأمريكية‪،‬‬ ‫الدماغ‪ ،‬كونه يحث الدماغ على �إفراز مواد كيميائية‬
‫هناك امر�أة من بني كل ثالث ن�ساء ت�شاهد املواد‬ ‫وت�شكيل ممرات ع�صبية جديدة‪ ،‬ما ي�ؤدي �إىل تغيري‬
‫الإباحية ب�شكل دائم‪ ،‬و ‪ % 70‬من الرجال ما بني الـ‬
‫(‪)1‬‬
‫عميق ودائم يف بنيته‪.‬‬
‫‪ 18‬الـ ‪� 24‬سنة يزورون املواقع الإباحية مرة �شهري ًا‪.‬‬ ‫بح�سب املوقع الإلكرتوين "‪% 30 ،"Paint Bottle‬‬
‫�أدت هذه الأرقام �إىل �إن�شاء موقع‬ ‫من جمموع املواد التي يتم تداولها اونالين‪online‬‬
‫"‪� "YourBrainOnPorn‬أن�ش�أه مدمنون‬ ‫(على االنرتنت) هي مواد �إباحية‪ .‬ن�شر املوقع عام‬
‫�سابقون على املواد الإباحية و�أ�ستاذ متقاعد يف‬ ‫‪ 2015‬الن�سب الآتية‪ % 70 :‬من الرجال يتعر�ضون لهذه‬
‫الت�شريح والفيزيولوجيا‪ ،‬وجمموعة ت�سمى "‪Fight‬‬ ‫املواد مقابل ‪ % 30‬من الن�ساء‪ ،‬وبح�سب املوقع‪ ،‬يتزايد‬
‫‪� "The New Drug‬أي "حاربوا املخدر‬ ‫العدد �أ�سبوعي ًا‪.‬‬
‫اجلديد" للتحرك بوجه الإباحية واحلد منها‬ ‫اقرتح م�شرعو قوانني والية فريجينيا يف الواليات‬
‫معتربين �أن التعر�ض للمواد الإباحية هو م�شكلة‬ ‫املتحدة الأمريكية قانون ًا لفر�ض املزيد من القيود على‬
‫(‪)3‬‬
‫�صحية عا ّمة وذلك ب�سبب �أ�ضرارها على الدماغ‬ ‫م�شاهدة املواد الإباحية‪ ،‬و�أ�شاروا �إىل �أنها ت�ؤدي �إىل‬
‫الإدمان‪ ،‬تروج �إىل االغت�صاب باعتباره فع ًال عادي ًا‪،‬‬
‫وتقلل من الرغبة يف الزواج‪ ،‬وت�شجع على اخليانة‬

‫اإلعجاز‪ ,‬العدد الخامس واالربعون‪ ،‬السنة الثانية عرشة‪ ،‬رجب ‪١٤٣9‬هـ ‪ ،‬ربيع ‪2018‬م‬

‫‪21‬‬
‫مقال حرّ‬ ‫والسنة‬ ‫يف القرآن‬

‫تقريرهم "ت�شري هذه الآثار �إىل تغريات يف اللدونة‬


‫الع�صبية �سببها حتفيز مرتفع الوترية ملركز ال�شعور‬
‫باللذة"‪.‬‬
‫غري �أن العلماء �أ�شاروا �إىل �أن هذه اخلال�صات ما‬
‫زالت بحاجة ملزيد من البحث والدرا�سة‪ ،‬للتثبت مبا‬
‫ال يقبل ال�شك من �أن م�شاهدة الأفالم الإباحية هي‬
‫هذه اخلطوات لي�ست الأوىل‪� ،‬إذ �أقيم يف روما امل�ؤمتر‬
‫امل�س�ؤولة عن هذه الآثار‪.‬‬
‫الدويل املتعدد االخت�صا�صات حول املخاطر اجلن�سية‬
‫و�شارك يف هذه الدرا�سة ‪ 64‬رج ًال يتمتعون ب�صحة‬
‫املحدقة بالأطفال على الإنرتنت‪ ،‬والتداعيات التي‬
‫جيدة‪ ،‬ترتاوح �أعمارهم بني ‪ 21‬عاما و‪ ،45‬وقد طلب‬
‫تخلفها الأفالم الإباحية يف دماغ ال�شباب‪.‬‬
‫منهم الإجابة عن �أ�سئلة حول الوقت الذي مي�ضونه يف‬
‫�شارك يف هذا امل�ؤمتر جراح الأع�صاب الأمريكي‪،‬‬
‫م�شاهدة هذه الأفالم‪ ،‬وتبني �أن املعدل الو�سطي �أربع‬
‫دونالد هيلتون‪ ،‬الذي �أجاب على �س�ؤال‪ :‬ماذا يحدث‬
‫�ساعات �أ�سبوعيا‪.‬‬
‫يف دماغ �شاب تعر�ض لوابل من الأفالم الإباحية‬
‫وعمد العلماء �إىل ت�صوير �أدمغة ه�ؤالء امل�شاركني‬
‫قائ ًال‪" :‬تتغري اخلاليا الدماغية يف ظل اكت�ساب‬
‫بالرنني املغناطي�سي‪ ،‬ور�صد كيفية تفاعلها مع ال�صور‬
‫املعارف‪ .‬وي�ض ّر التعلم يف حالة من الإدمان بالدماغ‬
‫الإباحية‪ ،‬والحظوا �أن الأكرث م�شاهدة منهم لهذه‬
‫كثري ًا‪ ،‬فن�صبح متم�سكني ببع�ض �أمناط ال�سلوك‬
‫الأفالم تقل�صت لديهم البنية الع�صبية حتت الق�شرة‬ ‫وبع�ض الأذواق"‪)4(.‬‬
‫الدماغية‪.‬‬
‫كذلك الأمر‪� ،‬أظهرت درا�سة �أملانية ن�شرت نتائجها‬
‫يف الواليات املتحدة �أن الرجال الذين مي�ضون وقت ًا‬
‫طوي ًال يف م�شاهدة الأفالم الإباحية على الإنرتنت‬
‫ترتاجع كثافة املادة الرمادية يف بع�ض �أجزاء املخ‬
‫لديهم‪ ،‬وترتاجع وظائفهم الدماغية‪.‬‬
‫وقال معدو الدرا�سة الباحثون يف معهد ماك�س بالنك‬
‫يف برلني "الحظنا وجود �صلة �سلبية بني م�شاهدة‬
‫الأفالم الإباحية على مدى �ساعات �أ�سبوعي ًا‪ ،‬وكتلة‬
‫املادة الرمادية يف اجلزء الأمين من الدماغ"‪ ،‬ووظائف‬
‫الق�شرة الدماغية الأمامية‪ ،‬و�أ�ضاف الباحثون يف‬
‫اإلعجاز‪,‬العدد الخامس واالربعون‪ ،‬السنة الثانية عرشة‪ ،‬رجب ‪١٤٣9‬هـ ‪ ،‬ربيع ‪2018‬م‬

‫‪22‬‬
‫مقال حرّ‬ ‫والسنة‬ ‫يف القرآن‬

‫(‪)6‬‬ ‫ويزور هذا املوقع ‪ 64‬مليون مت�صفح يومي ًا‪.‬‬


‫*من صديقات منتدى اإلعجاز العلمي في القرآن‬
‫والسنة‬
‫(‪ :)1‬من مقالة "‪ ،"How porn changes the brain‬ن�شرت على موقع‬
‫‪ www.fightthenewdrug.org‬بتاريخ‪� 28 :‬آب ‪ ،2017‬رابط املقالة كاملة‪:‬‬

‫‪https://fightthenewdrug.org/how-porn-changes-the-‬‬
‫‪brain/‬‬

‫(‪ :)2‬من مقالة "‪ ،"This is what porn does to your brain‬ن�شرت على موقع‬
‫‪ New York post‬بتاريخ‪� 16 :‬شباط ‪ ،2017‬رابط املقالة كاملة‪:‬‬
‫‪https://nypost.com/16/02/2017/is-watching-porn-‬‬
‫‪harmful-to-your-health/‬‬ ‫كما الحظ العلماء �أي�ضا �أنه كلما ازدادت م�شاهدة‬
‫(‪ :)3‬من مقالة "‪Watching Adult Films Alters Brain Activity‬‬ ‫الأ�شخا�ص لل�صور الإباحية‪ ،‬تدهورت االت�صاالت‬
‫‪Similar To Drug Addicts, Alcoholics: The Pornographic‬‬
‫‪ ،"Mind‬ن�شرت على موقع ‪ www.medicaldaily.com‬بتاريخ‪� 12 :‬آب ‪،2015‬‬ ‫بني البنية الع�صبية والق�شرة الأمامية امل�س�ؤولة عن‬
‫رابط املقالة كاملة‪:‬‬
‫‪http://www.medicaldaily.com/watching-adult-films-‬‬ ‫ال�سلوك وعن اتخاذ القرارات‪ .‬وخل�صت الدرا�سة �إىل‬
‫‪alters-brain-activity-similar-drug-addicts-alcoholics‬‬
‫‪347224‬‬ ‫�أن الأ�شخا�ص الذين تتقل�ص لديهم البنية الع�صبية‬
‫(‪ :)4‬من مقالة "كيف تفتك الأفالم الإباحية بالدماغ؟ جراح �أع�صاب يجيب" ن�شرها موقع‬
‫‪ www.alarabiya.net‬بتاريخ‪ 8 :‬ت�شرين الأول ‪2017‬‬ ‫ي�صبحون بالتايل �أكرث حاجة �إىل حمفزات خارجية‬
‫(‪ :)5‬من مقالة "درا�سة حديثة‪ ..‬الأفالم الإباحية ت�ؤذي الدماغ" ن�شرها موقع ‪www.‬‬
‫‪ alarabiya.net‬بتاريخ‪� 30 :‬أيار ‪2014‬‬ ‫لبلوغ اللذة‪ ،‬وقد ال يجدونها �إال يف مزيد من الإقبال‬
‫(‪ :)6‬من مقالة "‪21st The scary effects of pornography: how the‬‬
‫‪ "century's acute addiction is rewiring our brains‬ن�شرتها �صحيفة‬ ‫على الأفالم الإباحية‪ ،‬يف ما ي�شبه حالة االدمان‪)5(.‬‬
‫التيليغراف على موقعها ‪ www.telegraph.co.uk‬بتاريخ‪� 11 :‬أيلول ‪ ،2017‬رابط‬
‫املقالة كاملة‪:‬‬ ‫هذا ما �أ�شارت �إليه درا�سة �أجرتها جامعة كامربيدج‬
‫"‪ ، "Cambridge University‬معلنة �أن‬
‫‪https://www.telegraph.co.uk/men/thinking-man/scary-‬‬
‫‪effects-pornography21-st-centurys-accute-addiction-‬‬ ‫ت�أثري املواد الإباحية على دماغ مدمني اجلن�س مياثل‬
‫‪rewiring/‬‬
‫ت�أثري املخدرات على دماغ املدمنني عليها‪.‬‬
‫يجدر الإ�شارة �إىل �أنه ي�ساوي اليوم قطاع الإباحية‬
‫على االنرتنت حوايل ‪ 15‬بليون دوالر‪ ،‬وي�صل �إىل عدد‬
‫�أكرب من مت�صفحي الإنرتنت‪ ،‬و�أعمار �أ�صغر كل �سنة‪.‬‬
‫وت�ضمن التقرير التحليلي ملوقع واحد هو‬
‫"‪ "Pornhub‬عام ‪ ،2016‬الأرقام الآتية‪:‬‬
‫م�شاهدة مقاطع الفيديو التي ين�شرها ‪ 92‬بليون مرة‪،‬‬

‫اإلعجاز‪,‬العدد الخامس واالربعون‪ ،‬السنة الثانية عرشة‪ ،‬رجب ‪١٤٣9‬هـ ‪ ،‬ربيع ‪2018‬م‬

‫‪23‬‬
‫مقال حرّ‬ ‫والسنة‬ ‫يف القرآن‬

‫تأثري اللكامت واملشاهد ذات الطابع اجلنيس‬


‫يف األغاين الراجئة عىل ال�شبان والشاابت‬
‫أ‪ .‬محزة جرادي*‬
‫و�أ�شار الباحثون �إىل اختالف هذه الإ�شارات اجلن�سية‬
‫يف ما بينها‪ ،‬وب�أنه لدى املو�سيقى املُهينة واجلن�سية‬
‫ت�أثري م�ؤذي على املراهقني‪ .‬بالأخ�ص على الفتيات‬
‫يح�ص ْرن قيمتهنّ ال�شخ�صية على امل�ستوى‬
‫نت ِ‬ ‫اللواتي ِب َ‬
‫اجلن�سي فقط‪ ،‬ما يجعل الفتاة مهوو�سة يف حت�سني‬
‫�صورة ج�سدها‪ ،‬تعاطي الأدوية ب�شكل غري مدرو�س‪،‬‬
‫ما ت�أثري الكلمات اجلن�سية يف الأغاين الرائجة على‬
‫التعر�ض ال�ضطرابات غذائية والإ�صابة باالكتئاب‪.‬‬
‫ال�سلوك اجلن�سي للمراهقني؟‬
‫تعددت الدرا�سات التي تناولت العالقة بني الكلمات‬
‫اجلن�سية يف الأغاين وال�سلوك اجلن�سي لدى‬
‫املراهقني‪ ،‬منها درا�سة �أجرتها جامعة ‪Brigham‬‬
‫‪Young University‬يف ‪Provo, Utah‬‬
‫يف الواليات املتحدة الأمريكية‪� ،‬أجراها كل من‬
‫تزايدت ن�سبة اال�ستماع للمو�سيقى لدى ال�شباب‬
‫الباحثني كوغار هال "‪ "Cougar Hall‬وجا�شوا‬ ‫ِ‬
‫وال�شابات‪،‬الذين تراوحت �أعمارهم من ‪� 8‬إىل ‪18‬‬
‫وي�ست "‪ "Joshua H. West‬و�شاين هيل �سنة‪ %45 ،‬يف ال�سنوات الأخرية مع تزايد وانت�شار الـ‬
‫"‪،"Shane Hill‬ت�ضمنت حتليل كلمات لأ�ش َهر ‪ Players MP3‬كالـ ‪.iPods‬‬
‫‪� 600‬أغنية يف العقود ال�ستة من عام ‪ 1959‬وحتى ومع ارتفاع ن�سبة امتالك و�سائل ت�شغيل املو�سيقى الـ‬
‫عام ‪ 2009‬الواردة يف قائمة ‪ Players MP3 Billboard Hot‬بن�سبة ‪ % 400‬ما بني عامي‬
‫‪ 2004‬و ‪ ،2009‬وميتلكها حالي ًا �أكرث من ‪ % 75‬من‬ ‫‪.year-end 100‬‬
‫ب ّينت الدرا�سة ازدياد ن�سبة ا�ستعمال الإ�شارات ال�شباب‪� ،‬أ�شارت الدرا�سة �إىل �أن ن�سبة �إ�شراف الأهل‬
‫على �سماع �أوالدهم للمو�سيقى وو�ضع �ضوابط لتحديد‬
‫اجلن�سية يف كلمات الأغاين ال�شعبية مع مرور الوقت‪،‬‬
‫اإلعجاز‪,‬العدد الخامس واالربعون‪ ،‬السنة الثانية عرشة‪ ،‬رجب ‪١٤٣9‬هـ ‪ ،‬ربيع ‪2018‬م‬

‫‪24‬‬
‫مقال حرّ‬ ‫والسنة‬ ‫يف القرآن‬

‫عمر الـ ‪ 12‬و ‪� 14‬سنة‪ ،‬ي�ضاعف احتمال ممار�سة‬


‫املراهقني للجن�س بني الـ ‪ 14‬و ‪� 16‬سنة‪.‬‬ ‫ا�ستهالكها هي ‪ % 10‬فقط‪.‬‬
‫من نتائج هذه الدرا�سة �أي�ض ًا‪� ،‬أن املو�سيقى ال�شعبية درا�سات ن�ضعها بني �أيدي الأولياء واملدر�سني‬
‫ال�سن العنف اجلن�سي ومعاملة لي�ستنتجوا �أهمية توعية الأجيال اجلديدة لهذه‬ ‫ُتع ِّلم ال�شاب حديث ّ‬
‫الن�ساء ك�سلعة‪ ،‬و ُتع ّلم الفتاة ب�أن دورها يف املجتمع هو الأخطار والتنبيه خلطورتها على النا�شئة وعلى‬
‫م�ستقبل الأوطان يوم يت�سلم ه�ؤالء مقاليد البالد‪.‬‬ ‫توفري املتعة اجلن�سية للآخرين‪.‬‬
‫حذر الباحثون من هذه الآثار ال�سلبية و�شددوا على‬
‫�ضرورة توعية املجتمع‪ ،‬و�سعي املر ّبني اجلن�سيني �إىل‬
‫معرفة هذه امل�شاكل وت�أثريها على ال�سلوك اجلن�سي‬
‫للمراهقني(‪.)1‬‬
‫يف درا�سة �أخرى ُن�شرت يف ‪Media‬‬
‫‪ Psychology‬يف ‪ 1‬ت�شرين الأول ‪ ،2008‬تبينّ‬
‫�أن هناك عالقة بني التعر�ض للمحتوى اجلن�سي‬
‫وال�سلوك اجلن�سي للمراهقني‪� ،‬إذ �أن معظم املراهقني‬
‫* من �أ�صدقاء منتدى الإعجاز العلمي يف القر�آن وال�سنة‪-‬لبنان‪.‬‬ ‫الذين لديهم ن�شاط جن�سي هم الأكرث تعر�ض ًا لهذه‬
‫(‪ :)1‬عنوان الدرا�سة "‪Sexualization in Lyrics of Popular Music‬‬
‫‪ – "Implications for Sexuality Educators :1959/2009‬للباحثني‪:‬‬ ‫املحتويات والأكرث ت�أثر ًا بها �سلبي ًا‪)2(.‬‬
‫‪Cougar Hall, Joshua H. West, and Shane Hill‬‬
‫ملتابعة الدرا�سة كاملة زيارة موقع ‪www.sciencedaily.com‬‬ ‫�أما يف ما يتعلق باحلمل املبكر‪ ،‬فقد ُن�شر على موقع‬
‫(‪ :)2‬عنوان الدرا�سة " ‪It works both ways: The relationship between‬‬
‫‪exposure to sexual content in the media and adolescent‬‬ ‫الأكادميية الأمريكية لطب الأطفال عام ‪،2008‬‬
‫‪ – "sexual behavior‬للباحثني‪Bleakley, A., Hennessy, M., :‬‬
‫‪..Fishbein, M., Jordan, A‬‬ ‫درا�سة �أجريت على ‪ 701‬مراهقة‪ ،‬تع َّر ْ�ضن لن�سبة‬
‫ملتابعة الدرا�سة كاملة زيارة موقع املركز الوطني لعلم التكنولوجيا احليوية‪The National‬‬
‫‪ Center for Biotechnology Information‬على الرابط الآتي‪:‬‬ ‫عالية من املحتوى اجلن�سي على التلفزيون‪ ،‬فتبني �أنهن‬
‫‪https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/‬‬
‫‪/PMC2850066‬‬ ‫�أكرث عر�ضة مبرتني للوقوع يف احلمل املبكر مقارنة مع‬
‫(‪ :)3‬عنوان الدرا�سة " ‪Does watching sex on television predict teen‬‬
‫‪pregnancy? Findings from a national longitudinal survey‬‬ ‫اللواتي تع ّر ْ�ضنَ ملحتوى جن�سي منخف�ض على ال�شا�شة‬
‫‪ – "of youth‬للباحثني‪Chandra, A., Martino, S. C., Collins, R. :‬‬
‫‪ ,.L., Elliott, M. N., Berry, S. H., Kanouse, D. E‬وغريهم‪.‬‬ ‫ال�صغرية (‪� .)3‬أما يف ما يتعلق باملو�سيقى‪ ،‬ففي درا�سة‬
‫ملتابعة الدرا�سة كاملة زيارة موقع الأكادميية الأمريكية لطب الأطفال على الرابط الآتي‪:‬‬
‫‪1047/5/122/http://pediatrics.aappublications.org/content‬‬ ‫ن�شرها مركز كاروالينا ال�سكاين(‪Carolina )4‬‬
‫(‪ :)4‬عنوان الدرا�سة " ‪Linking exposure to outcomes: Early‬‬
‫‪"adolescents’ consumption of sexual content in six media‬‬ ‫‪ Population Center‬نق ًال عن ‪Mass‬‬
‫– للباحثني‪.Pardun, C. J., L’Engle, K. L., & Brown, J. D :‬‬
‫ملتابعة الدرا�سة كاملة زيارة موقع مركز كاروالينا ال�سكاين على الرابط الآتي‪:‬‬ ‫‪Communication and Society’s‬‬
‫‪2797/http://www.cpc.unc.edu/research/publications‬‬
‫(‪ :)5‬عنوان الدرا�سة " ‪Sexy media matter: Exposure to sexual‬‬ ‫‪ journal‬عام ‪ ،2005‬وجد الباحثون عالقة قوية‬
‫‪content in music movies, television, and magazines‬‬
‫‪– "predicts black and white adolescents’ sexual behavior‬‬ ‫بني ال�سلوك اجلن�سي احلايل‪ ،‬والنية امل�ستقبلية‬
‫للباحثني‪Brown, J. D., L’Engle, K. L., Pardun, C. J., Guo, G., :‬‬
‫‪.Kenneavy, K., & Jackson, C‬‬ ‫لتبني هذا ال�سلوك وبني �سماع املو�سيقى‪ .‬ويف درا�سة‬
‫ملتابعة الدرا�سة كاملة زيارة موقع الأكادميية الأمريكية لطب الأطفال على الرابط الآتي‪:‬‬
‫‪1018/4/117/http://pediatrics.aappublications.org/content‬‬ ‫�أخرى(‪�)5‬أجريت على �ألف مراهق‪ ،‬مت التو�صل �إىل‬
‫�أن التعر�ض الكبري للمحتوى الإعالمي اجلن�سي بني‬

‫اإلعجاز‪,‬العدد الخامس واالربعون‪ ،‬السنة الثانية عرشة‪ ،‬رجب ‪١٤٣9‬هـ ‪ ،‬ربيع ‪2018‬م‬

‫‪25‬‬
‫مقال حرّ‬ ‫والسنة‬ ‫يف القرآن‬

‫تفيش اإلابحية عرب املواقع اإللكرتونية‬


‫إعداد أ‪ .‬باتريسيا اسطمبويل*‬
‫"يتعر�ض �أغلب الأطفال �إىل م�شاهدة املواد الإباحية خالل‬
‫الأمريكية كل ‪ 39‬دقيقة‪ ،‬حتى بلغ متو�سط عمر الطفل الذي‬ ‫�سنوات املراهقة الأوىل"‬
‫يتعامل مع املواد الإباحية ‪� 11‬سنة‪.‬‬ ‫حذرت درا�سة قامت بها جامعة "‪Middlesex‬‬
‫‪"University‬بتفوي�ض من(‪)1()NSPCC‬‬
‫بالتعاون مع مندوبة الأطفال لدى احلكومة يف انكلرتا"�آن‬
‫لونغفيلد" "‪ ،)2("Anne Longfield‬من خطر‬
‫المباالة عدد كبري من املراهقني جتاه املواد الإباحية‬
‫وتعر�ضهم لل�شلل احل�سي اجتاهها (‪Desensitized‬‬
‫‪� ،)to porn‬إذ بح�سب الدرا�سة‪ ،‬تع َّر�ض حوايل ‪% 53‬‬
‫من الأطفال الذين تراوحت �أعمارهم من الـ ‪� 11‬إىل الـ ‪16‬‬
‫وقد ذكرت الدرا�سات �أن من يتعر�ض ملناظر �إباحية وهو دون‬ ‫�سنة �إىل تلك املواد على ال�شبكة الإلكرتونية‪ % 94 ،‬منهم قد‬
‫الـ ‪� 11‬سنة حتدث له �صدمة نف�سية �شبيهة بالذي اعتُدي عليه‬ ‫�شاهدها وهو يف الرابعة ع�شر من العمر‪.‬‬
‫جن�سي ًا(‪.)5‬‬ ‫و�أ�شارت الدرا�سة التي ن�شرتها وكالة الأنباء الربيطانية‬
‫ويف تقرير ن�شرته وكالة الأنباء الربيطانية ‪ BBC‬يف �أيلول‬ ‫‪ BBC‬يف ‪� ،٢٠١٧/٦/١٥‬إىل �أن م�شاهدة ال�صغار لل�صور‬
‫‪ ،2015‬مت ت�سجيل ‪ 5500‬حالة اعتداء جن�سي يف مدار�س‬
‫اململكة املتحدة بني عامي ‪ 2011‬و ‪2014‬؛ منهم ‪ 4000‬اعتداء‬ ‫الإباحية غالب ًا ما تكون بال�صدفة‪ ،‬عرب الإعالنات الفجائية‬
‫جن�سي ج�سدي‪ ،‬و ‪ 600‬حالة اغت�صاب(‪.)6‬‬ ‫(‪ )% 28‬يف حني ي�سعى ‪ % 19‬منهم �إىل م�شاهدتها عمد ًا‬
‫�أما عن �أ�ضرار م�شاهدة �صغار ال�سن للم�شاهد الإباحية‪،‬‬ ‫(‪.)3‬‬
‫فمنها‪ :‬زيادة معدل االكتئاب‪ ،‬اال�ضطراب‪ ،‬ال�سلوك العنيف‪،‬‬
‫زيادة ن�سبة املراهقات احلوامل‪ ،‬نظرة م�شو�شة للعالقة بني‬
‫املر�أة والرجل وغريها من الآثار ال�سلبية التي تطال ال�صغار‬
‫والكبار مع ًا(‪.)7‬‬

‫من نتائج الدرا�سة جتاوب بع�ض املراهقني وتقليدهم‬


‫* من �صديقات منتدى الإعجاز العلمي يف القر�آن وال�سنة –لبنان‪.‬‬ ‫ملا ي�شاهدون‪ % 14 ،‬منهم قد ت�ص ّور عاري ًا‪ ،‬و ‪ % 7‬منهم‬
‫(‪ "NSPCC" :)1‬هي م�ؤ�س�سة خريية للأطفال‪ ،‬ت�سعى �إىل منع العنف وم�ساعدة الأطفال‬ ‫�شارك هذه ال�صور مع غريه‪ .‬ويجدر الإ�شارة �إىل ن�شر‬
‫الذين تعر�ضوا له على ال�شفاء من �آثاره‪.‬‬
‫(‪ www.childrenscommissioner.gov.uk :)2‬‬ ‫هذه الدرا�سة بعد �أ�سبوع واحد من �إعالم خرباء لـ "جلنة‬
‫(‪ :)3‬مقالة حتت عنوان "‪،"Pornography 'desensitising young people‬‬ ‫املر�أة وامل�ساواة" (‪Women and Equalities‬‬
‫ن�شرت يف ‪ 15‬حزيران ‪ 2016‬على موقع وكالة الأنباء الربيطانية ‪bbc‬؛ ‪www.bbc.com‬‬ ‫‪ )Committee‬ارتداء الفتيات يف بع�ض مدار�س انكلرتا‬
‫(‪ :)4‬مقالة حتت عنوان "‪Harassment: Girls 'wear shorts under‬‬
‫‪ ،"school skirts‬ن�شرت يف ‪ 7‬حزيران ‪ 2016‬على موقع وكالة الأنباء الربيطانية ‪bbc‬؛‬ ‫ال�سراويل الق�صرية حتت التنانري لتجنب التحر�ش اجلن�سي‪،‬‬
‫‪www.bbc.com‬‬
‫(‪ :)5‬كتاب "نفوذ االعالم يف العامل العربي" للدكتورة ربى نا�صر امل�صري ال�شعراين؛ �ص‪112 .‬‬
‫من ِّبهني من ت�أثري املواد الإباحية املوجودة على االنرتنت على‬
‫(‪ :)6‬مقالة حتت عنوان "‪5,500 School sex crime reports in UK top‬‬ ‫زيادة تقبل العنف اجلن�سي والتحر�ش بالن�ساء(‪.)4‬‬
‫‪ ،"in three years‬ن�شرت يف ‪� 6‬أيلول ‪ 2015‬على موقع وكالة الأنباء الربيطانية‪bbc‬؛‬ ‫ولقد بلغت جتارة الإباحية عرب املواقع الإلكرتونية �أرقام ًا‬
‫‪www.bbc.com‬‬
‫(‪ :)7‬مقالة حتت عنوان "‪"The Impact of Pornography on Children‬‬ ‫خيالي ًة‪� 100 :‬ألف موقع متخ�ص�ص بالإباحية للمراهقني‬
‫ن�شرته‬ ‫حتديد ًا‪ .‬يف حني يتم �إ�صدار فيلم �إباحي يف الواليات املتحدة‬
‫الكلية الأمريكية لأطباء الأطفال على موقعها الر�سمي يف حزيران ‪2016‬؛ ‪www.acpeds.‬‬
‫‪org‬‬ ‫اإلعجاز‪,‬العدد الخامس واالربعون‪ ،‬السنة الثانية عرشة‪ ،‬رجب ‪١٤٣9‬هـ ‪ ،‬ربيع ‪2018‬م‬

‫‪26‬‬
6.500 m
Pre-Press , Printing & Post-Press
Magazine - Brochures
Cataloges - Books - Stationary
Labels - Packaging
Flex - Backlit PP - Vinyl Print & Cut - Foam Board
Banners - Unipoles - Posters

Jnah -Next to BHV


Beirut - Lebanon
Tel: 961 1 856962
Tel: 961 1 707375
Fax: 961 1 859962
WWW.ipexpp.com
info@ipexpp.com

27
‫انثروبولوجيا‬ ‫والسنة‬ ‫يف القرآن‬

‫ليس لك العرب عرباً‪...‬مفاجأت مذهةل‬


‫يف التحليل اجليين*‬

‫تو�صل الباحثون القائمون على م�شروع "جينوغرافيك"‪ ،‬الذي �أطلقته "نا�شيونال جيوغرافيك" منذ عام ‪،2005‬‬
‫ملفاج�آت مذهلة عن الرتكيبة اجلينية العربية‪.‬‬
‫يهدف امل�شروع ال�ستخدام العلم للإجابة عن �أ�سئلة الب�شر حول اجلذور والعرق و�أ�صل الب�شر‪ ،‬حيث يقوم‬
‫بت�صنيف الب�شر‪ ،‬والإجابة عن العديد من الأ�سئلة املتعلقة بكيفية ا�ستيطاننا هذه الأر�ض‪ ،‬وذلك وفقا للرتكيب‬
‫اجليني من خالل حتليل احلم�ض النووي‪.‬‬
‫ُ‬
‫يتم ت�صنيف كل دولة وفق الرتكيبة اجلينية‪ ،‬وذلك ا�ستنادًا �إىل مئات العينات من احلم�ض النووي التي �أخ�ضعت‬
‫لتحليالت ب�أحدث الطرق املتط ّورة‪ ،‬لإعداد قائمة ملجموعة مرجعية من ال�سكان لغر�ض درا�ستها‪ ،‬حيث �ضمت‬
‫القائمة املرجعية �أربع دول عربية‪.‬‬
‫جدير بالذكر �أن امل�شروع احتوى على �أرب ِع جن�سيات عرب ّية فقط يف قائمته املرجعية‪ ،‬فيما يلي بع�ض االكت�شافات‬
‫املذهلة حول الرتكيبة اجلين ّية لهذه اجلن�س ّيات الأربع‪.‬‬
‫م�صر‬
‫الرتكيب اجليني للم�صريني الأ�صليني ي�شمل ‪ %4‬من اليهود امل�شتتني يف العامل‪ .‬كما ي�شمل الرتكيب اجليني‬
‫للمواطنني امل�صريني الن�سب الآتية‪ %68 :‬من �شمال �أفريقيا و‪ %17‬من العرب‪ ،‬و‪ %4‬من اليهود امل�شتتني‪ ،‬و‪ %3‬من‬
‫كل من �شرق �أفريقيا و�آ�سيا ال�صغرى وجنوب �أوروبا‬

‫اإلعجاز‪,‬العدد الخامس واالربعون‪ ،‬السنة الثانية عرشة‪ ،‬رجب ‪١٤٣9‬هـ ‪ ،‬ربيع ‪2018‬م‬

‫‪28‬‬
‫انثروبولوجيا‬ ‫والسنة‬ ‫يف القرآن‬

‫تون�س‬
‫يوجد لدى �سكان تون�س تركيب جيني هام جدا‪،‬‬
‫حيث ‪ %88‬هم من �شمال �أفريقيا و‪ %5‬من دول �أوروبا‬
‫الغربية و‪ %4‬من العرب و‪ %2‬من غرب وو�سط �أفريقيا‪.‬‬

‫الكويت‬
‫وبالن�سبة للرتكيب اجليني للمواطنني الكويتيني‬
‫الأ�صليني‪ ،‬ف�إنه �أظهر �أن ‪ %84‬منهم عرب و‪ %7‬من‬
‫�آ�سيا ال�صغرى و‪ %4‬من �شمال �أفريقيا و‪ %3‬من �شرق‬
‫وتبني �أي�ض ًا �أن مواطني دول �أجنبية يحملون جينات‬ ‫�أفريقيا‪.‬‬
‫عربية يف تركيبتهم‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫جورجيا‪%5 :‬‬
‫�إيران‪%56 :‬‬
‫�شعب اللوهيا يف كينيا‪%2 :‬‬
‫مدغ�شقر‪%2 :‬‬
‫�شمال القوقاز (مبا يف ذلك داغ�ستان و�أبخازيا)‪%9 :‬‬
‫طاجك�ستان (اجلبال البامريية)‪%6 :‬‬
‫�سردينيا‪%3 :‬‬
‫جنوب الهند‪%2 :‬‬
‫غرب الهند‪%6 :‬‬ ‫لبنان‬
‫�أندوني�سيا‪%6 :‬‬ ‫ي�شمل الرتكيب اجليني ل�سكان لبنان الأ�صليني ‪%44‬‬
‫�إثيوبيا‪%11 :‬‬ ‫من العرب و‪ %14‬من اليهود و‪ %11‬من �شمال �أفريقيا‬
‫يهود الأ�شكناز (اليهود املتح ّدرون من �أوروبا‬ ‫و‪ %10‬من �آ�سيا ال�صغرى و‪ %5‬من اجلنوب الأوروبي‬
‫ال�شرق ّية)‪.%12 :‬‬ ‫و‪ %2‬من �شرق �أفريقيا‪.‬‬

‫*ال�شبكة العنكبوتية نق ًال عن‪http://sptnkne.ws/drM518.01.2017‬‬

‫اإلعجاز‪ ,‬العدد الخامس واالربعون‪ ،‬السنة الثانية عرشة‪ ،‬رجب ‪١٤٣9‬هـ ‪ ،‬ربيع ‪2018‬م‬

‫‪29‬‬
‫تاريخ‬ ‫والسنة‬ ‫يف القرآن‬

‫"بقيع مرص"‬
‫أرضحة مئات الشهداء‬
‫أ‪.‬خالد حنون*‬
‫من الصحابة والتابعني‬
‫م�صر من البلدان التي ب�شر النبي �صلى اهلل عليه و�سلم‬
‫�أ�صحابه بفتحها ‪ .‬وذاك من الإعجاز الغيبي لهذا‬
‫الر�سول الكرمي ‪.‬وقد �أورد الإمامان م�سلم و�أحمدعن‬
‫�أبي ذر ر�ضي اهلل عنه قال ‪ :‬قال ر�سول اهلل �صلى اهلل‬
‫عليه و�سلم ‪�ِ :‬إ َّن ُك ْم َ�س َت ْفت َُحونَ ِم ْ�ص َر َو ِه َي �أَ ْر ٌ�ض ُي َ�س َّمى‬
‫وها َف�أَ ْح ِ�س ُنوا ِ�إلىَ َ �أ ْه ِل َها َف ِ�إنَّ‬ ‫ِفي َها ا ْل ِق َري ُ‬
‫اط َف ِ�إ َذا َفت َْح ُت ُم َ‬
‫َ‬
‫َل ُه ْم ِذ َّم ًة َو َر ِح ًما �أ ْو َق َال ِذ َّم ًة َو ِ�ص ْه ًرا‪"...‬‬
‫ملحة تاريخية عن فتح م�صر‬
‫عندما توىل عمر بن اخلطاب ر�ضي اهلل عنه‬
‫اخلالفة‪ ،‬فاحته عمرو بن العا�ص يف �أمر فتح م�صر‬
‫خريطة الفتح الإ�سالمي مل�صر‬ ‫�أكرث من مرة‪� ،‬إىل �أن فر�ض الواقع نف�سه ف�أ�ضحى‬
‫وينقل الواقدي يف كتابه فتوح ال�شام �إنه قال لأ�صحابه‪:‬‬ ‫فتح م�صر �ضرورة بعد فتح بالد ال�شام‪ .‬لذا ويف عام‬
‫" �أن اهلل �سبحانه وتعاىل قد قال‪":‬هل جزاء الإح�سان‬ ‫"‪18‬هـ‪639 /‬م"‪ ،‬بد�أ الزحف ب�إجتاه م�صر‪ .‬ف�سار‬
‫�إال الإح�سان " وهذا امللك قد علمتم �أنه كاتب ر�سول‬ ‫عمرو بن العا�ص بجنده خمرت ًقا �صحراء �سيناء‪،‬‬
‫اهلل �صلى اهلل عليه و�سلم وبعث هدية ونحن �أحق مبن‬ ‫ومتخذا الطريق ال�ساحلي حتى و�صل �إىل "العري�ش"‬ ‫ً‬
‫كاف�أ عن نبيه �صلى اهلل عليه و�سلم هديته وكان يقبل‬ ‫‪ ،‬فوجدها خالية من القوات البيزنطية‪ ،‬فدخلها‪ .‬ثم‬
‫الهدية وي�شكر عليها وقد ر�أيت �أن ننفذ �إىل املقوق�س‬ ‫�إنحرف جنو ًبا تار ًكا طريق ال�ساحل ‪ ،‬حتى و�صل �إىل‬
‫ابنته وما �أخذنا معها‪ ،‬ونحن نتبع �سنة ر�سول اهلل �صلى‬ ‫"الفرما"‪ ،‬ثم "بلبي�س" ‪ .‬يف هذه الأثناء كانت �أنباء‬
‫اهلل عليه و�سلم وقد �سمعته يقول‪� " :‬إرحموا عزيز قوم‬ ‫زحف امل�سلمني قد و�صلت �إىل م�سامع "املقوق�س"‪،‬‬
‫ذل‪ ،‬وغني قوم �إفتقر " ‪ .‬فا�ست�صوبوا ر�أيه فبعث بها‬ ‫فا�ستعد للت�صدي للم�سلمني‪ ،‬ولكنه �آثر �أال ي�صطدم‬
‫مكرمة مع جميع ما معها مع قي�س بن �سعد ر�ضي اهلل‬ ‫بهم يف "العري�ش"‪� ،‬أو "الفرما" وحت�صن وراء ح�صن‬
‫عنه‪)1(.‬‬ ‫"بابليون"‪.‬‬
‫كان هدف �إبن العا�ص الكبري "ح�صن بابليون"‪ .‬لكنه‬ ‫�شهامة عمرو بن العا�ص‬
‫ر�أى �أنه يحتاج �إىل املزيد من الفر�سان فار�سل يطلب‬ ‫ومن الق�ص�ص امل�شهورة عن �شهامة عمرو بن العا�ص‬
‫مدد ًا من اخلليفة عمر بن اخلطاب‪ .‬ف�أم ّده بجي�ش‬ ‫�أن "�أرمانو�سة" ابنة املقوق�س كانت �ضمن الأ�سرى‬
‫قوامه �أربعة �آالف رجل و�أربعة من كبار ال�صحابة‬ ‫التي وقعت يف �أيدي امل�سلمني يف "بلبي�س" ‪ ،‬فلما علم‬
‫هم‪:‬الزبري بن العوام وم�سلمة بن خملد" و عبادة بن‬ ‫بوجودها قام ب�إر�سالها �إىل �أبيها يف "ح�صن بابيلون"‬
‫ال�صامت و املقداد بن الأ�سود‪ .‬توجه عمرو بن العا�ص‬ ‫مك ّرمة ومن كان معها‪.‬‬

‫اإلعجاز‪,‬العدد الخامس واالربعون‪ ،‬السنة الثانية عرشة‪ ،‬رجب ‪١٤٣9‬هـ ‪ ،‬ربيع ‪2018‬م‬

‫‪30‬‬
‫تاريخ‬ ‫والسنة‬ ‫يف القرآن‬

‫بجي�شه �إىل "ح�صن بابليون" و حا�صره ‪� 7‬أ�شهر كما �أن �آثار التاريخ احلديث متواجدة ومتمثلة يف‬
‫متوا�صلة ‪ .‬فعر�ض "املقوق�س" على عمرو بن العا�ص املباين والق�صور التي يرجع عمرها �إىل �أكرث من مائة‬
‫مبلغ ًا من املال �إن رجع �إىل بالده ‪ ،‬لكن عمرو بن عام‪.‬‬
‫العا�ص رف�ض و قال له لي�س بيننا و بينكم �إال ثالث‬
‫خ�صال ‪ :‬الإ�سالم �أو اجلزية �أو القتال ‪.‬‬
‫ف�أ�شار املقوق�س على احلامية الرومانية الت�سليم‬
‫وال�صلح‪ ،‬ولكن احلامية رف�ضت وكذلك الإمرباطور‬
‫الروماين "هرقل" ‪ ،‬فتجدد القتال و �شدد امل�سلمون‬
‫احل�صار على احل�صن ‪ ،‬ويف ني�سان ‪�/‬أبريل ‪ 641‬م‬
‫ا�ستطاع الزبري بن العوام ت�سلق �سور احل�صن ومعه‬
‫نفر من جند امل�سلمني وكبرّ وا‪ ،‬فظن الروم �أن العرب‬
‫منظر عام ملدينة البنه�سا‬ ‫�إقتحموا احل�صن فرتكوا �أبواب احل�صن وهربوا �إىل‬
‫الداخل‪ ،‬فقام امل�سلمون بفتح باب احل�صن‪ ،‬وا�ست�سلم كانت هذه البلدة ذات �أ�سوار عالية يحكمها حاكم‬
‫الروم وطلبوا ال�صلح فاجابهم عمرو بن العا�ص وكتبوا روماين جبار ي�سمى البطليمو�س وكانت له فتاة‬
‫ذات ح�سن وجمال‪ ،‬ومن �شدة جمالها �أطلق عليها‬ ‫بذلك وثيقة‪.‬‬
‫بعد �سقوط "ح�صن بابليون" كان الهدف الثاين بهاء الن�سا ومن هنا �سميت البلدة بـ " البهن�سا "‬
‫الكبري هو مدينة الإ�سكندرية املنيعة ب�أ�سوارها العالية‪ .‬ومن املعامل التاريخية املوجودة فيها �شجـرة مـرمي‬
‫ففر�ض عليها ح�صار بري � ًإ�ستمر حلوايل ‪� 4‬أ�شهر‪( ،‬عليها ال�سالم)‪ ،‬و�سميت كذلك لأنه يقال �أن ال�سيدة‬
‫يجد نفعا لأن الواجهة البحرية مرمي العذراء جل�ست حتتها وامل�سيح عي�سى بن مرمي‬ ‫ولكن احل�صار مل ِ‬
‫كانت مفتوحة‪ .‬فقرر عمرو بن العا�ص �إقتحام املدينة (عليهما ال�سالم)‪ ،‬ويو�سف النجار‪ ،‬عندما كانوا يف‬
‫رحلة �إىل �صعيد م�صر‪.‬‬ ‫وانهاء هذه امل�س�ألة فكان له ما �أراد‪)2( .‬‬
‫بعد هذه االنت�صارات يف اجلهة ال�شرقية والبحرية مدينة ال�شهداء‬
‫كان ال بد من التوجه قليال اىل الداخل امل�صري ونعني �شهدت البهن�سا �صفحات جميدة من تاريخ الفتح‬
‫الإ�سالمي مل�صر ‪،‬حيث ُيطلق عليها مدينة ال�شهداء‬ ‫به ال�صعيد‪.‬‬
‫ا�ست�شهد فيها خالل الفتح الإ�سالمي ففي‬ ‫لكرثة من ُ‬ ‫فتح ال�صعيد – البهن�سا‬
‫البهن�سا مدينة �أثرية قدمية ‪،‬عرث فيها على الكثري من عام «‪ 22‬هجرية» �أر�سل «عمرو بن العا�ص» جي�شا لفتح‬
‫الربديات التي ترجع �إىل الع�صر اليوناين الروماين‪ .‬ال�صعيد بقيادة «قي�س بن احلارث» وعندما و�صل �إىل‬
‫وعنها يقول امل�ؤرخون العرب �إنها كانت عند فتح البهن�سا‪ ،‬كانت ذات �أ�سوار منيعة و�أبواب ح�صينة‪ ،‬كما‬
‫م�صر مدينة كبرية ح�صينة الأ�سوار لها �أربعة �أبواب �أن حاميتها الرومانية قاومت جي�ش امل�سلمني ب�شدة‪،‬‬
‫ولكل باب ثالثة �أبراج‪ ،‬و�إنها كانت حتوى الكثري مما �أدى �إىل �سقوط عدد كبري من ال�شهداء امل�سلمني‪،‬‬
‫من الكنائ�س والق�صور‪ .‬وقد ازدهرت يف الع�صر وهو ما كان �سببا يف قد�سية املدينة يف نفو�س �أهلها‬
‫والتما�سا‬
‫ً‬ ‫الإ�سالمي‪ ،‬وكانت ت�صنع بها �أنواع فاخرة من الن�سيج الذين �أطلقوا عليها «مدينة ال�شهداء» ترب ًكا‬
‫املو�شى بالذهب‪ .‬وحتتوي مدينة البهن�سا على �آثار من للكرامات‪،‬‬
‫خمتلف الع�صور التي مر بها التاريخ امل�صري ومنها‬
‫الفرعونية واليونانية والرومانية والقبطية والإ�سالمية‬

‫اإلعجاز‪,‬العدد الخامس واالربعون‪ ،‬السنة الثانية عرشة‪ ،‬رجب ‪١٤٣9‬هـ ‪ ،‬ربيع ‪2018‬م‬

‫‪31‬‬
‫تاريخ‬ ‫والسنة‬ ‫يف القرآن‬

‫و�سليمان بن خالد بن الوليد املخزومي القر�شي‪،‬‬


‫وحممد بن عبد الرحمن بن �أبي بكر ال�صديق التيمي‬
‫القر�شي‪ ،‬واحل�سن ال�صالح بن علي زين العابدين بن‬
‫احل�سني بن علي بن �أبي طالب الها�شمي القر�شي‪،‬‬
‫وحممد بن �أبي ذر الغفاري الكناين‪ ،‬وعبيدة بن‬
‫عبادة بن ال�صامت‪ ،‬وجعفر بن عقيل بن �أبي طالب‬
‫الها�شمي القر�شي‪ ،‬وعلي بن عقيل بن �أبي طالب‬
‫الها�شمي القر�شي‪ ،‬وخولة بنت الأزور‪ ،‬وحممد بن‬
‫عقبة بن نافع الفهري القر�شي‪ ،‬و�صاغر بن فرقد‪،‬‬
‫وعبد اهلل بن �سعيد‪ ،‬وعبد اهلل بن حرملة‪ ،‬وعبد اهلل‬
‫بن النعمان‪ ،‬وعبد الرزاق الأن�صاري‪ ،‬وعبد الرحيم‬
‫اللخمي‪ ،‬و�أبو حذيفة اليماين‪ ،‬و�أبو �سلمة الثقفي‪ ،‬و�أبو‬
‫زياد الريبوعي التميمي‪ ،‬و�أبو �سليمان الداراين‪ ،‬وابن‬
‫�أبي دجانة الأن�صاري‪ ،‬و�أبو العالء احل�ضرمي‪ ،‬و�أبو‬ ‫منظر عام لال�ضرحة والقباب‬
‫كلثوم اخلزاعي‪ ،‬و�أبو م�سعود الثقفي‪ ،‬وها�شم بن نوفل‬ ‫ويف البهن�سا غربا بجوار م�سجد « علي اجلمام » تقع‬
‫القر�شي‪ ،‬وعمارة بن عبد الدار الزهري القر�شي‪،‬‬ ‫جبانة امل�سلمني التي يوجد فيها وحولها عدد كبري من‬
‫ومالك بن احلرث‪� ،‬أبو �سراقة اجلهني �إ�ضافة �إىل‬ ‫القباب والأ�ضرحة التي تن�سب لل�صحابة والتابعني‬
‫التابعيات ال�شهيدات ال�سبع املعروفات بـ (ال�سبع‬ ‫والعلماء الذين زاروا املدينة ومقابر (مقامات)‬
‫بنات)‪.‬‬ ‫ل�شهداء اجلي�ش الإ�سالمي الذين �شاركوا يف فتح‬
‫م�صر وا�ست�شهدوا على هذه الأر�ض خالل حملتهم‬
‫يف فتح ال�صعيد امل�صري‪ ،‬ويفخر �أهلها اليوم بهذه‬
‫القرية الحتواء ترابها على �أج�ساد ه�ؤالء ال�شهداء‬
‫من ال�صحابة‪ ،‬بل والبدريني منهم (�أي من ح�ضروا‬
‫بدر مع الر�سول �صلى اهلل عليه و�سلم)‪ ،‬ومن ه�ؤالء‬
‫ال�شهداء‪�:‬أمري ال�سرية ال�صحابي ال�شهيد‪ ،‬وحفيد‬
‫احلارث عم الر�سول زياد بن �أبي �سفيان بن احلارث‬
‫بن عبد املطلب الها�شمي القر�شي‪.‬‬
‫قرب حممد بن عقبة بن نافع‬
‫القباب واملقامات‬
‫حتتوي القرية �أي�ضا على م�سجد ومقام احل�سن‬
‫ال�صالح بن علي زين العابدين بن احل�سني بن علي بن‬
‫�أبي طالب‪� ،‬أي ابن حفيد ر�سول اهلل حم ّمد �صلى اهلل‬
‫عليه و�سلم‪ ،‬وهو يعترب من �أقدم امل�ساجد يف القرية بل‬
‫يف م�صر فهو �أقدم من الأزهر ال�شريف �إذ يزهو عمره‬
‫على الألف واملائتي �سنة‪.‬‬
‫وتتواىل م�شاهد القباب والأ�ضرحة هناك مثل �ضريح‬
‫«حممد بن �أبي ذر الغفاري»‪ ،‬وال�سيدة «رقية» التي كتب‬
‫قرب خولة بنت الأزور‬
‫اإلعجاز‪,‬العدد الخامس واالربعون‪ ،‬السنة الثانية عرشة‪ ،‬رجب ‪١٤٣9‬هـ ‪ ،‬ربيع ‪2018‬م‬

‫‪32‬‬
‫تاريخ‬ ‫والسنة‬ ‫يف القرآن‬

‫�أخريا‪:‬‬ ‫على �ضريحها «من �صحابة ر�سول اهلل عليه ال�سالم»‬


‫من ال�صور املنت�شرة على االنرتنت يتبني �أن االهتمام‬ ‫وعلى مرمى الب�صر باب كتب عليه «باب ال�سالم»‬
‫الر�سمي بهذه املنطقة التاريخية معدوم‪ .‬ف�آثار‬ ‫و�ضريح «احل�سن بن زين العابدين» وعدد من الأ�سماء‬
‫الزمن وا�ضحة على كل الأ�ضرحة واملن�ش�آت‪ ،‬ناهيك‬ ‫املنت�شرة فوق الأ�ضرحة‪� ،‬إىل �أن تلتقي العني ب�ضريح‬
‫عن الكتابات واالبنية الع�شوائية‪.‬‬ ‫كتب عليه «جعفر بن عقيل بن �أبي طالب»‪)3(.‬‬
‫ال�سبع بنات‬
‫�إ�ضمن ن�سختك القادمة من "الإعجاز"‬ ‫و�أجمعت �أ�شهر الروايات و�أقربها للحقيقة �أن ال�سبع‬
‫بنات جمموعة من الن�سوة حلقن بجي�ش عمرو بن �إذا كانت جملة "الإعجاز" ال ت�صلكم بوا�سطة الربيد‬
‫العا�ص لقتال الروم يف البهن�سا‪ ،‬ولب�سن مالب�س ‪ ، Liban Post‬ولكي ن�ضمن و�صول الأعداد القادمة‬
‫ووا�ضحا‪.‬‬
‫ً‬ ‫�إليكم يرجى تزويدنا بعنوانكم كام ًال‬ ‫الرجال وقاتلن معهم‪ ،‬وفى �إحدى اجلوالت التي‬
‫انت�صر فيها جي�ش الإ�سالم غلبتهن طبيعتهن ك�إناث‪ ،‬ميكن �إر�سال العنوان بالفاك�س �أو عرب الإنرتنت �أو بالربيد‬
‫العادي على عناوين منتدى الإعجاز املطبوعة يف املجلة‪.‬‬ ‫ابتهاجا بالن�صر‪ ،‬ففطن الروم لكونهن‬ ‫ً‬ ‫فزغردن‬
‫ً‬
‫ن�سوة‪ ،‬فت�سلل الروم ليال وذبحوهن‪ ،‬وبعدها مت دفنهن‬
‫م ًعا‪ ،‬بعد �أن امتلأت الأر�ض بدمائهن‪)4(.‬‬

‫مقام ال�سبع بنات‬


‫*ع�ضو منتدى الإعجاز العلمي يف القر�آن وال�سنة‪-‬لبنان‬
‫الهوام�ش‪:‬‬
‫‪-1‬انظر‪ :‬فتوح ال�شام‪ .‬للواقدي‪(.‬ف�صل ذكر فتح مدينة م�صر) برنامج املكتبة ال�شاملة‪.‬‬
‫‪-2‬ميكن ملن اراد التو�سع يف فتح م�صر الدخول على املواقع التالية‪:‬موقع ق�صة اال�سالم ‪ https://islamstory.com.‬وموقع ‪:‬تاريخ م�صر‪http:// :‬‬
‫‪egypthistory.net‬‬
‫‪-3‬انظر‪ :‬مادة‪ :‬البهن�سا ‪ .‬يف موقع ‪:‬ويكيبيديا‪.‬‬
‫وهناك ع�شرات املقاالت على االنرتنت التي تتحدث عن موقع البهن�سا وجلها �أخذت مادتها من هذا املوقع ‪.‬لذلك ال داعي للإ�شارة اليها فهي موجودة‪.‬‬
‫‪-4‬هناك روايات تقول ب�أنهن قبطيات �إكتوين بظلم البيزنطيني ف�سنحت لهم الفر�صة بقدوم امل�سلمني للتخل�ص من هذا اجلور الذي طال‪.‬وهناك من يقول ب�أنهن م�سلمات‪.‬‬
‫وقد يكون عددهن �أكرث من ذللك واهلل �أعلم‪.‬‬
‫اإلعجاز‪ ,‬العدد الخامس واالربعون‪ ،‬السنة الثانية عرشة‪ ،‬رجب ‪١٤٣9‬هـ ‪ ،‬ربيع ‪2018‬م‬

‫‪33‬‬
‫مقال ح ّر‬ ‫والسنة‬ ‫يف القرآن‬

‫مرشوب طاقة أو طا ّمة؟!‬


‫الشيخ الدكتور مروان ميوت*‬

‫تزايد انتاج هذه امل�شروبات يف الآونة االخرية ففي‬ ‫تركوا الكرة و جتمعوا فوق ر�أ�سه يف اندها�ش و اخلوف‬
‫العام ‪ 2006‬مت انتاج ‪� 500‬صنف جديد من م�شروبات‬ ‫يجتاح �أعينهم البي�ضاء الكبرية‪ .‬مل يره �أحد وهو يقع‬
‫الطاقة حول العامل و مت طرحها يف اال�سواق ‪ )3( .‬حتى‬ ‫على االر�ض يف الوعي تام‪ .‬فهو مل يعاين من م�شاكل‬
‫�صح ّية من قبل‪ .‬كل ما تبينّ لهم �أنّ �صديقهم هذا‬
‫�أ�صبح �سوق هذه ال�سلع ي�ساوي ‪ 21.5‬مليار دوالر عام‬ ‫�شــاهد �إعالن م�شروب الطاقة اجلديد �صباح اليوم‬
‫‪ 2012‬حيث قفزت املبيعات بن�سبة ‪ %60‬من ‪ 2008‬لل‬ ‫فذهب اىل اقرب متجر وتناول ثالث زجاجات قبل‬
‫(‪)4‬‬
‫‪.2012‬‬ ‫�ستح�سن �أداءه �أثناء‬
‫ّ‬ ‫موعد املباراة ظ ّن ًا منه �أنها‬
‫هل له اي قيمة غذائية؟‬ ‫اللعب‪ .‬ثم بعد ن�صف �ساعة من بدء مباراة كرة ال�سلة‬
‫ير ّكز مدراء الت�سويق ل�شركات م�شروبات الطاقة‬ ‫�سقط �صاحب الثمانية والع�شرين عاما فاقد ًا وعيه و‬
‫هذه على زرع �أفكار ايجابية عن منتجهم يف عقول‬ ‫توقف قلبه ثم تويف بعد ثالثة �أ ّيام يف امل�شفى‪ .‬والق�صة‬
‫طبع ًا حقيقي ّة‪)1(.‬لي�ست هذه هي احلالة االوىل من‬
‫امل�شرتين لكن لال�سف �إمنا هي �أفكار غري مثبتة‬ ‫نوعها لكن اخلطري بالأمر �أنها تتزايد ب�شكل ملحوظ‬
‫علم ّيامر�ص ّعة باخلرافات ومفربكة لكي ت�ستحوذ على‬ ‫مرتبطة ارتباط ًا وثيق ًا بكمية زجاجات �شراب الطاقة‬
‫عقول ال�شباب وبالتايل �أفعالهم‪ .‬منها انها تزيد �أداء‬ ‫املتناولة من �شبابنا اليوم‪.‬‬
‫اجل�سم والرتكيز والقدرة على التحمل وحرق الدهون‬
‫وخ�سارة الوزن‪...‬فيطبع على الزجاجات ما يدل على‬
‫الطاقة من �صورة ح�صان او ثور وغريها من �صور‬
‫الع�ضالت والوحو�ش والن�ساء العاريات والدينا�صورات‬
‫واىل ما هنالك من �ضالالت تدخل اىل عقل ال�شاب‬
‫وتعمل عملها يف الالوعي لت�ستحوذ على ت�صرفاته‬
‫فيما بعد‪.‬‬
‫وعلى عك�س ما ت�س ّوق له هذه امل�شروبات‪ ،‬فمن حيث‬
‫القيمة الغذائية ال قيمة لها �إطالقا‪ ،‬ب�سبب احتوائها‬
‫على �سعرات حرارية عالية نتيجة كمية ال�سكر الزائدة‬ ‫ما هو م�شروب الطاقة؟ وملاذا هو خطري؟‬
‫(‪)5‬‬
‫فيها (‪ 34‬غ بالكوب الواحد)‪.‬‬ ‫لي�س هناك م�صطلح علمي ا�سمه م�شروب طاقة ال بل‬
‫ب�شكل ان ا�ستهالكك يف اليوم الواحد كوبني فقط‬ ‫يطلق على كل �سائل غري كحويل مك ّونه اال�سا�سي مادة‬
‫من م�شروب الطاقة تكون قد تخطيت كمية ال�سكر‬ ‫الكافيني ممزوجة مع التاورين و بع�ض الفيتامينات‬
‫امل�سموح بها يوميا ب�ست �أ�ضعاف‪.‬‬ ‫وي�ضاف اليها اع�شاب من�شطة كع�شبة اجلن�سنغ‬
‫فمن الطبيعي ان هذه امل�شروبات تزيد ن�سبة البدانة‬ ‫(‪)2‬‬
‫والغورانا ‪...‬‬
‫اإلعجاز‪,‬العدد الخامس واالربعون‪ ،‬السنة الثانية عرشة‪ ،‬رجب ‪١٤٣9‬هـ ‪ ،‬ربيع ‪2018‬م‬

‫‪34‬‬
‫مقال حرّ‬ ‫والسنة‬ ‫يف القرآن‬

‫والذين ميزجون الكحول مع م�شروب الطاقة‬ ‫بدل خ�سارة الوزن‪)6(،‬وتتعب اجل�سد بدل ان تن�شطه‬
‫(‪)10‬‬
‫ن�سبتهم للفكر االنتحاري �أكرث ارتفاعا‪.‬‬ ‫(ب�سبب كمية ال�سكر الكبرية فيها)‪ ،‬وتفقد تركيز‬
‫ما هو الكافيني؟‬ ‫العقل بدل ان ت�ساعده‪ .‬وذلك النها تعطي يف بادئ‬
‫الكافيني مادة �شبه قلوية ال لون لها م ّرة الطعم‬ ‫االمر ن�شاطا مكثفا للجهاز الع�صبي في�ستنفذ كل‬
‫من جمموعة الزانتينات (‪)Xanthines‬‬ ‫طاقته وبعد وقت ي�سري ي�شعر بالتعب وي�سيطر عليه‬
‫وهي ت�صنف �ضمن العقاقري النف�سانية الت�أثري‬ ‫القلق‪.‬‬
‫من جمموعة املن�شطات‪ .‬يعمل الكافيني كمنبه‬ ‫كما ت�شري الدرا�سات اىل ان ا�ستهالك هذه امل�شروبات‬
‫للجهاز الع�صبي املركزي‪ ،‬فيمنع النعا�س و يجدد‬ ‫من قبل ال�شباب ي�ؤدي اىل م�ضاعفات �سلبية وملحقات‬
‫الن�شاط م�ؤقت ًا‪ .‬ويعترب ال�شاي والقهوة وحبوب‬ ‫�سيئة كالتدخني واالدمان على الكحول واملواد املخدرة‬
‫الكوال والغورانا من �أهم م�صادر الكافيني‪.‬‬ ‫(‪)7‬‬
‫و�أمرا�ض كاالكتئاب والت�صرف بع�شوائية‪.‬‬
‫لطاملا كان الكافيني جزء ًا من حياتنا اليومية‪،‬‬ ‫كما ت�شري درا�سة امريكية اخرى اىل ان ن�سبة‬
‫ن�ستهلكه كل يوم حتى لو كنا ال ندري‪ .‬حتى انه‬ ‫ال�سكر املرتفعة باال�ضافة اىل امل�ؤ�شر احلم�ضي ‪ph‬‬
‫ي�ستخدم يف امل�سكنات و�أدوية االنفلونزا وهو‬ ‫اال�سيدي يف هذه امل�شروبات ميكن ان ي�ؤدي اىل ت�آكل‬
‫مك ّون ا�سا�سي مل�شروبات الطاقة التي قد حتتوي‬ ‫مينا اال�سنان ب�شكل �سريع وي�سبب امرا�ض يف اللثة‬
‫حتى ‪500‬مغ منه يف الزجاجة الواحدة‪.‬‬ ‫(‪)8‬‬
‫خ�صو�صا عند االطفال‪.‬‬
‫ما هو ت�أثري الكافيني على �صحتنا؟‬ ‫من هو امل�ستهدف؟‬
‫للكافيني ت�أثريات كثرية على �أع�ضائنا اال�سا�سية‬ ‫ت�شري االح�صائات االوروبية اىل ان ‪ %68‬من‬
‫يف اجل�سم خ�صو�صا القلب واجلهاز الع�صبي‪.‬‬ ‫(‪)9‬‬
‫�شاربي هذه ال�سلع هم من �صغار ال�سن من ‪10‬‬
‫فا�ستهالك ‪ 400‬مغ من الكافيني يوميا واكرث‬ ‫�إىل ‪�19‬سنة‪ ،‬و ‪ %30‬من امل�ستهلكني هم فوق ال‪19‬‬
‫ي�سبب القلق‪ ،‬والتعب‪ ،‬و�أمل يف املعدة �سببها‬ ‫(‪)9‬‬
‫�سنة و ‪ %18‬هم من االوالد حتت �سن ‪.10‬‬
‫التقرحات‪ ،‬كما ي�سبب الغثيان و التق ّيوء‪ ،‬وارتفاع‬ ‫وقد �سجلت اح�صائات ال�سنة املا�ضية حوايل‬
‫يف �ضغط الدم �سببه ارتفاع يف دقات القلب‪،‬‬ ‫‪ 20000‬دخول طارئ اىل امل�شفى ب�سبب ا�ستهالك‬
‫وت�سارع يف م�ستوى التنف�س‪...‬وتعترب م�شروبات‬ ‫م�شروبات الطاقة‪ .‬ومنذ فرتة قريبة تويف تلميذ‬
‫الطاقة م�ضرة النها حتتوي على كمية كبرية‬ ‫مدر�سة بعد ابتالعه كمية زائدة من الكافيني‬
‫من الكافيني لذلك بعد تناولها مبا�شر ًة ترتفع‬ ‫عند �شربه الكثري من القهوة وم�شروبات الطاقة‬
‫دقات القلب وتنكم�ش �شرايني اجل�سد وت�ضيق‬ ‫وم�شروبات الكوال يف وقت ق�صري‪.‬‬
‫وي�صبح الدم كثيفا‪ .‬والذي يزيد االمر �سوء ًا‬ ‫واالخطر من ذلك‪ ،‬انها قد ت�ؤدي لالنتحار!‬
‫ان هذه امل�شروبات حتتوي �أي�ضا على عنا�صر‬ ‫ففي درا�سة �أجريت على بع�ض جنود اجلي�ش‬
‫مقو ّية �أخرى مثل التاورين الذي يرفع �ضغط‬ ‫االمريكي ليعرفوا �سبب انتحار بع�ض االفراد‪.‬‬
‫الدم وي�سبب عدم انتظام يف نب�ضات القلب ومثل‬ ‫تبينّ ان اجلنود الذين ي�شربون �شراب الطاقة‬
‫اجلن�سنغ الذي ي�سبب القلق و قلة النوم‪ ،‬والكثري‬ ‫هم �أقرب اىل الفكر االنتحاري من زمالئهم‪.‬‬
‫اإلعجاز‪ ,‬العدد الخامس واالربعون‪ ،‬السنة الثانية عرشة‪ ،‬رجب ‪١٤٣9‬هـ ‪ ،‬ربيع ‪2018‬م‬

‫‪35‬‬
ّ‫مقال حر‬ ‫والسنة‬ ‫يف القرآن‬

‫ كل هذه العوامل املرتاكمة يف حال مت ا�ستهالك كمية كبرية من م�شروب‬،‫من ال�سكر الذي يرهق الكبد‬
.‫الطاقة ت�س ّهل حدوث جلطة دماغية �أو ذبحة قلبية �أوحتى موت مفاجئ‬
‫ اما‬.‫ مغ من الكافيني ال�صايف‬100-50 ‫ولتو�ضيح ال�صورة ف�إن كوب ًا واحد ًا من القهوة يحتوي على‬
‫ وتعترب جرعة الكافيني‬.‫ملغ من الكافيني ال�صايف‬400 ‫ اىل‬100 ‫م�شروب الطاقة فقد يحتوي ما بني‬
‫ كوب من‬30 ‫فيحتاج االن�سان اىل تناول‬.‫ ملغ من الكافيني يف وقت ق�صري‬3000 ‫زائدة اذا ما تعدت‬
‫ زجاجات فقط من م�شروب الطاقة‬10 ‫ لكن يحتاج اىل �شرب‬،‫القهوة ليدخل يف ت�أثري الكافيني القاتل‬
!‫لي�صل اىل تلك املرحلة‬

‫ لبنان‬- ‫*ع�ضو منتدى الإعجاز العلمي يف القران وال�سنة‬


)1( Avci S, Sarikaya R, Buyukcam F. Death of a young man after overuse of energy drink. Am J Emerg Med (1624(31 )2013):e4–3.
doi:10.1016/j.ajem.2013.06.031
)2( Zucconi S, Volpato C, Adinolfi F, Gandini E, Gentile E, Loi A, et al. Gathering Consumption Data on Specific Consumer
Groups of Energy Drinks. Parma: Supporting Publications (2013).
)3( Reissig CJ, Strain EC, Griffiths RR. Caffeinated energy drinks – a growing problem. Drug Alcohol Depend (–1:)3–1(99 )2009
10. doi: 10.1016/j.drugalcdep.2008.08.001.
)4( Zucconi S, Volpato C, Adinolfi F, Gandini E, Gentile E, Loi A, et al. Gathering Consumption Data on Specific Consumer
Groups of Energy Drinks. Parma: Supporting Publications (2013).
)5( Zucconi S, Volpato C, Adinolfi F, Gandini E, Gentile E, Loi A, et al. Gathering Consumption Data on Specific Consumer
Groups of Energy Drinks. Parma: Supporting Publications (2013).
)6( Davis MM, Gance-Cleveland B, Hassink S, Johnson R, Paradis G, Resnicow K. Recommendations for prevention of
childhood obesity. Pediatrics (120 )2007(Suppl 4):S53–229. doi:10.1542/peds.2329-2007E
)7( Van Batenburg-Eddes T, Lee NC, Weeda WD, Krabbendam L, Huizinga M. The potential adverse effect of energy drinks
on executive functions in early adolescence. Front Psychol (5:457 )2014. doi:10.3389/fpsyg.2014.00457
)8( Marshall TA, Levy SM, Broffitt B, Warren JJ, Eichenberger-Gilmore JM, Burns TL, et al. Dental caries and beverage
consumption in young children. Pediatrics (3(112 )2003 Pt 1):e91–184. doi:10.1542/peds.112.3.e184
)9( Zucconi S, Volpato C, Adinolfi F, Gandini E, Gentile E, Loi A, et al. Gathering Consumption Data on Specific Consumer
Groups of Energy Drinks. Parma: Supporting Publications (2013).
)10( Mash HB, Fullerton CS, Ramsawh HJ, Ng TH, Wang L, Kessler RC, et al. Risk for suicidal behaviors associated with alcohol
and energy drink use in the US Army. Soc Psychiatry PsychiatrEpidemiol (87–1379:)9(49 )2014. doi:10.1007/s0-0886-014-00127

‫م‬2018 ‫ ربيع‬، ‫هـ‬١٤٣9 ‫ رجب‬،‫ السنة الثانية عرشة‬،‫العدد الخامس واالربعون‬,‫اإلعجاز‬

36
‫تاريخ‬ ‫والسنة‬ ‫يف القرآن‬

‫إمساكية رمضان‪...‬‬
‫اترخيها وسبب تسميهتا‬
‫أشرف عبد احلميد*‬ ‫وكيف تطورت‬
‫تعترب �إم�ساكية رم�ضان املنبه بالن�سبة لل�صائمني ت�سمية �إم�ساكية رم�ضان جاءت وفق ما يقوله‬
‫خالل �شهر رم�ضان املعظم‪ ،‬فهي حتتوي على و�سيم عفيفي الباحث يف الرتاث و رئي�س حترير‬
‫�أيام ال�شهر الف�ضيل مع مواقيت ال�صلوات موقع تراثيات ا�شتقاق ًا من الكلمة العربية‬
‫�إم�ساك‪.‬‬ ‫اخلم�س وموعد الإفطار وبدء موعد ال�صيام‪.‬‬
‫ويعني الإم�ساك توقف ال�صائم عن الأكل‬
‫وال�شرب واجلماع يف نهار رم�ضان من طلوع‬
‫الفجر �إىل غروب ال�شم�س‪.‬‬
‫قبل عام ‪ 1798‬مل تكن م�صر على �إملام كبري‬
‫بتطورات علمية حدثت يف العامل وعندما جاء‬
‫االحتالل الفرن�سي اكت�سبت م�صر من وجود‬
‫الفرن�سيني مميزات ومعارف كثرية فرغم قيام‬
‫احلملة الفرن�سية ب�ضرب الأزهر‪ ،‬ت�أ�س�س املجمع‬
‫العلمي‪ ،‬عرف امل�صريون من الفرن�سيني تفا�صيل‬
‫احل�ضارة امل�صرية من حجر ر�شيد‪ ،‬وخربوا‬
‫�أ�صول الكتابة والن�شر ليدخلوا يف الطباعة التي‬
‫بد�أها الفرن�سيون مبطبعتهم يف م�صر‪.‬‬
‫يف عهد حممد علي وقبل �أن يفارق احلياة‬
‫بعامني‪ ،‬عرفت م�صر طريق �إم�ساكية رم�ضان‬
‫يف العام ‪ 1262‬هجري املوافق �سبتمرب من العام‬
‫‪ 1846‬ميالدي ‪.‬‬
‫وجاءت تلك الإم�ساكية من مطبعة بوالق وكانت‬
‫ُت ْع َرف ب�إم�ساكية ويل النعم ‪.‬‬
‫طبعت الإم�ساكية على ورقة �صفراء ذات زخرفة‬ ‫إمساكية رمضانية قدمية‬
‫بعر�ض ‪� 27‬سنتيمرتا وطول ‪� 17‬سنتيمرتا وكتب‬

‫اإلعجاز‪,‬العدد الخامس واالربعون‪ ،‬السنة الثانية عرشة‪ ،‬رجب ‪١٤٣9‬هـ ‪ ،‬ربيع ‪2018‬م‬

‫‪37‬‬
‫تاريخ‬ ‫والسنة‬ ‫يف القرآن‬

‫رم�ضان ذات الورق املتعدد حيث طور �إم�ساكية‬ ‫يف �أعالها �أول يوم رم�ضان االثنني‪ ،‬ويرى هالله‬
‫ُط ِب َعت من �أحد جتار العطارة �سنة ‪ 1356‬هجري‬ ‫يف اجلنوب ظاهرا كثري النور قليل االرتفاع‪،‬‬
‫املوافق نوفمرب من العام ‪ 1937‬والتي احتوت‬ ‫ومكثه خم�س وثالثون دقيقة ومرفق �صورة‬
‫على �أحكام ال�صيام والأدعية والآيات القر�آنية‬ ‫حممد علي با�شا‪.‬‬
‫و�أذكار ال�صباح وامل�ساء و�أحكام زكاة الفطر‬ ‫وي�ضيف و�سيم عفيفي �أنه تواجد بالإم�ساكية‬
‫و�أجندة ومواعيد‪.‬‬ ‫جدول كبري به مواعيد ال�صالة وال�صيام لكل‬
‫ويقول �إن �سر �إم�ساكية رم�ضان املطبوعة من‬ ‫يوم من �أيام �شهر رم�ضان بالتقومي العربي؛‬
‫حمالت داوود عد�س‪� ،‬أنها كانت توزع على املارة‬ ‫ومت توزيع الإم�ساكية على كل ديوان من دواوين‬
‫يف ال�شوارع وامل�صلني يف امل�ساجد‪ ،‬ف�ضال عن‬ ‫احلكومة‪ ،‬مع �أمر لكل املوظفني بعدم الك�سل‬
‫تطور الإم�ساكية و�شكلها عام ًا بعد عام حتى‬ ‫والإهمال يف العمل وعدم الرتاخي يف توزيعها‪.‬‬
‫و�صلت �إلينا ب�شكلها احلايل‪.‬‬ ‫تطورت �إم�ساكية رم�ضان من الع�شرينيات‬
‫* القاهرة –اجلمعة ‪� 29‬شعبان ‪1438‬هـ ‪ 26 -‬مايو ‪2017‬م‬
‫�إىل الأربعينيات يف القرن الع�شرين على �صور‬
‫‪.https://www.alarabiya.net/ar/arab-and-world/‬‬
‫و�أ�شكال و�أغرا�ض خمتلفة فكانت �أول �إم�ساكية‬
‫‪egypt/26/05/2017‬‬ ‫يتم توزيعها على �سبيل الدعاية والإعالن‬
‫�إم�ساكية مطبعة متثال النه�ضة امل�صرية‬
‫ل�صاحبها حممود خليل �إبراهيم يف �شارع‬
‫بيرب�س احلمزاوي يف رم�ضان من العام ‪1347‬‬
‫" الإعـجـاز "‬ ‫هجري املوافق فرباير من العام ‪ 1929‬ميالدي‪.‬‬
‫دينية علمية غري �سيا�سية‪.‬‬ ‫و�أعلن يف الإم�ساكية‪ ،‬كما يقول و�سيم‪ ،‬ا�ستعداد‬
‫تبحث يف �إعجا َز ْي القر�آن الكرمي وال�سنة النبوية‬ ‫املطبعة لطبع كافة الكتب ثم انتقلت ملرحلة‬
‫ال�شريفة‪.‬‬ ‫الإعالن التجاري عن املنتجات والب�ضائع على‬
‫ي�ساهم يف �إعدادها باحثون ومفكرون لبنانيون‪.‬‬ ‫يد رجل الأعمال اليهودي داوود عد�س‪ ،‬الذي‬
‫ال تتوخى الربح واال�شرتاك فيها جماين‪.‬‬ ‫طبع �أول �إم�ساكية ل�سل�سلة حمالته يف رم�ضان‬
‫ما على الراغبني باحل�صول على ن�سخة منها �سوى‬ ‫�سنة ‪ 1364‬هجرية املوافق �أغ�سط�س من العام‬
‫مراجعة مركز املنتدى وتزويده با�سم ال�شخ�ص �أو‬ ‫‪ ،1945‬لكن اختلفت �إم�ساكية داوود عد�س عن‬
‫امل�ؤ�س�سة مع ذكر العنوان ورقم الهاتف‪ .‬ا�شرتك‬ ‫غريها كون �أنها كانت �إم�ساكية مرفقة مبعلومات‬
‫جما ًنا يف جملة الإعجاز ت�صل �إىل عنوانك‪.‬‬ ‫ال�صيام وف�ضله و�أ�سباب فر�ضه؛ و�أ�سفل كل هذه‬
‫املعلومات �إعالن دعائي ملحله وتوفر الب�ضائع‬
‫فيه‪.‬‬
‫وي�شري و�سيم �إىل �أن �إم�ساكية رم�ضان التي طبعها‬
‫داوود عد�س تعترب امللهمة لأغلب �إم�ساكيات‬
‫‪,‬‬
‫اإلعجاز العدد الخامس واالربعون‪ ،‬السنة الثانية عرشة‪ ،‬رجب ‪١٤٣9‬هـ ‪ ،‬ربيع ‪2018‬م‬

‫‪38‬‬
‫علوم حياة‬ ‫والسنة‬ ‫يف القرآن‬

‫اإلنسان‪ 37‬تريليون خلية‪*...‬‬

‫يقف �أمامك بج�سمه املك ّون من �أكرث ‪ 37‬تريليون خلية‪ ،‬كل خلية منها حتوي ج�سو ًرا وم�صانع ونظام‬
‫ت�شفري معقد متقن يف ال�شيفرة الوراثية‪.‬‬
‫وينظر �إليك بعينيه التي حتوي نظام ت�صوير مميز للألوان؟ وبدقة مذهلة مع �آلية خيالية لتخزين‬
‫ال�صورة املتحركة وال�ساكنة‪ .‬بل وتف�سريها بوا�سطة الدماغ وحتليلها بثوان �أو �أقل!‬
‫وبقوامه املعتدل الذي يدار من قبل ‪ +700‬ع�ضلة‪ ،‬نا�س ًيا قلبه الذي يعمل منذ اكرث من ع�شرين �سنة‪...‬‬
‫لي ًال نها ًرا‪...‬يف النوم واليقظة‪...‬بال �صيانة خارجية!‬
‫ثم ي�صدر الأمر من عقله ‪-‬الذي كتبت يف �أجزائه الر�سائل العلمية املحكمة ومازال فيه من الغمو�ض‬
‫ما فيه بتحريك الل�سان املرتبط بالفك بـ‪ 17‬ع�ضلة لي�س�ألك بذكاء خارق للعادة‪:‬‬
‫�أين الدليل على وجود اخلالق؟‬
‫ال �أدري �أي اجلوابني �أن�سب يف هذا املقام‪:‬‬
‫ال ْن َ�سانُ َما �أَ ْك َف َر ُه{‪.‬‬
‫}وَفيِ �أَ ْن ُف ِ�س ُك ْم �أَ َفلاَ ُت ْب ِ�ص ُرونَ { �أم } ُق ِت َل ْ ِإ‬
‫* منقول‪...‬ع‪.‬د‪.‬‬

‫اإلعجاز‪,‬العدد الخامس واالربعون‪ ،‬السنة الثانية عرشة‪ ،‬رجب ‪١٤٣9‬هـ ‪ ،‬ربيع ‪2018‬م‬

‫‪39‬‬
‫سيرة‬ ‫والسنة‬ ‫يف القرآن‬

‫خري خلق هللا‬


‫من مثرات الصالة عىل النيب‬
‫بقلم أ‪.‬ع‪.‬‬ ‫صىل هللا عليه وسمل‬
‫ع�ش ُر درجات"(الن�سائي‪)1296:‬‬ ‫ب�سم اهلل الرحمن الرحيم‪ ،‬احلمد هلل وال�صالة‬
‫‪ -3‬من �ص ّلى على النبي �ص ّلت عليه املالئكة‪:‬‬ ‫على ر�سول اهلل وعلى �آله و�صحبه و�سلم ت�سليم ًا‬
‫ول اللهَّ ِ �صلى اهلل عليه و�سلم‪«َ :‬ما َ�ص َّلى‬ ‫َقال َ َر ُ�س ُ‬ ‫كثريا‪� ،‬أما بعد‪ :‬ف�إن لل�صالة على النبي امل�صطفى‬
‫َع َل َّي �أَ َح ٌد َ�صلاَ ًة‪�ِ ،‬إ اَّل َ�ص َّل ْت َع َل ْي ِه المْ َلاَ ِئ َك ُة َما َد َام‬ ‫�أجر ًا و�سر ًا وحمب ًة وتفريجا‪ ،‬وال�صالة عليه‪،‬‬
‫ُي َ�ص ِّلي َع َل َّي‪َ ،‬ف ْل ُي ِق َّل َع ْب ٌد ِمنْ َذ ِل َك �أَ ْو ِل ُي ْكثرِ ْ »‬ ‫�صلى اهلل عليه و�سلم‪ ،‬لي�ست م ّنة من �أحد بل هي‬
‫(الإمام احمد) ‪15689‬عن عامر بن ربيعة‪.‬‬ ‫فر�ض من اهلل تعاىل فال يظنن �أح ٌد �أنه خميرّ‬
‫و�صالة املالئكة على العبد تقول‪( :‬اللهم اغفر‬ ‫يف فعلها‪ ،‬واحلق �أنه مو�صوف بالبخل �إذا امتنع‬
‫له اللهم ارحمه)‪.‬‬ ‫عن ال�صالة كلما ذكر عليه ال�صالة وال�سالم ‪،‬‬
‫‪-4‬يف �صالة امل�ؤمنني عليه داللة على �صلتهم‬ ‫خميرّ يف اال�ستزادة منها واخلري ملن زاد‪ .‬ومن‬
‫وح�سن ظنهم باهلل تعاىل‪:‬‬ ‫ثمرات ال�صالة على النبي الأ�سعد‪� ،‬صلى اهلل‬
‫�إ�ضافة �إىل ما يجنيه امل�ؤمنون من زيادة‬ ‫عليه و�سلم‪ ،‬ما يلي‪:‬‬
‫يف ح�سناتهم وتكف ٍري عن �سيئاتهم‪ ،‬ف�إنهم‬ ‫‪-1‬االمتثال لأمر اهلل العظيم القائل‪�}:‬إِنَّ اللهَّ َ‬
‫بالتوجه �إىل اهلل تعاىل ذكروه و�شكروه على‬ ‫َو َملاَ ِئ َك َت ُه ُي َ�صلُّونَ َع َلى ال َّن ِب ِّي َيا �أَ ُّي َها ا َّل ِذينَ � َآم ُنوا‬
‫نعمة النبي �صلى اهلل عليه و�سلم ‪ ،‬واهلل تعاىل‬ ‫َ�صلُّوا َع َل ْي ِه َو َ�س ِّل ُموا ت َْ�س ِلي ًما{(الأحزاب ‪)56:‬‬
‫ا�ش ُك ُروا ليِ َو اَل‬ ‫يقول‪َ }:‬ف ْاذ ُك ُرونيِ �أَ ْذ ُك ْر ُك ْم َو ْ‬ ‫ويف �صالة اهلل تعاىل على نب ّيه ثناء عليه �صلى‬
‫ون{(البقرة‪,)125‬ويف تو�سلهم واقتناعهم‬ ‫َت ْك ُف ُر ِ‬ ‫اهلل عليه و�سلم ‪ ،‬ومن املالئكة دعا ٌء له �صلى‬
‫با�ستجابة اهلل تعاىل ل�صالتهم على نبيهم‪،‬‬ ‫اهلل عليه و�سلم وبركة‪ ،‬و�أما �صالة امل�ؤمنني‬
‫داللة على ح�سن ظنهم بربهم‪ ،‬واهلل تعاىل يقول‬ ‫عليه‪ ،‬فهي رجاء من اهلل تعاىل �أن يزيده ثنا ًء‬
‫عند ظنِّ عبدي بي{‪.‬‬ ‫يف احلديث القد�سي‪�} :‬أنا َ‬ ‫وتعظيما‪ ،‬واملردود هنا على امل�ؤمنني �أكرب‪ ،‬كما‬
‫‪-5‬رد النبي �صلى اهلل عليه و�سلم ال�صالة‬ ‫�سي�أتي‪ ،‬فالنبي يكفيه ثناء اهلل عليه‪.‬‬
‫وال�سالم على من ي�صلي عليه‪:‬‬ ‫‪-2‬من �صلى على النبي �صلى اهلل عليه‪ ،‬وت�ضاعف‬
‫عن �أبي هريرة ر�ضي اهلل تعاىل عنه قال‪ :‬قال‬ ‫ثوابه‪:‬‬
‫ر�سول اهلل �صلى اهلل عليه و�س َّلم‪« :‬ما ِمن � ٍ‬
‫أحد‬ ‫قال ر�سول اهلل �صلى اهلل عليه و�سلم‪«َ :‬منْ َ�ص َّلى‬
‫علي روحي حتَّى �أر َّد ع َلي ِه‬ ‫علي � اَّإل ر َّد اللهَّ ُ َّ‬ ‫ي�س ِّل ُم َّ‬ ‫َع َل َّي َو ِاح َد ًة َ�ص َّلى اهلل َع َل ْي ِه َع ْ�ش ًرا»(�صحيح م�سلم‬
‫الم» (�أبي داود‪.)2041:‬و�صالة النبي على‬ ‫ال�س َ‬ ‫َّ‬ ‫(‪َ )306 /1‬عنْ �أَ ِبي هُ َر ْي َر َة)‪.‬وقال �أي�ض ًا‪« :‬من‬
‫العبد �سكينة ومغفرة ورحمة‪ .‬قال تعاىل‪...} :‬‬ ‫علي �صال ًة واحد ًة �ص َّلى اهلل عليه ع�ش َر‬ ‫�صلى َّ‬
‫خطيئات‪ ،‬و ُرف َعت له‬ ‫ٍ‬ ‫وح َّطت عنه ع�ش ُر‬ ‫�صلوات‪ُ ،‬‬ ‫ٍ‬

‫اإلعجاز‪ ,‬العدد الخامس واالربعون‪ ،‬السنة الثانية عرشة‪ ،‬رجب ‪١٤٣9‬هـ ‪ ،‬ربيع ‪2018‬م‬

‫‪40‬‬
‫سيرة‬ ‫والسنة‬ ‫يف القرآن‬

‫النبي �صلى اهلل عليه و�سلم من‬ ‫‪-10‬ال�صالة على َّ‬ ‫َو َ�ص ِّل َع َل ْي ِه ْم ِ�إنَّ َ�صلاَ ت ََك َ�س َكنٌ َل ُه ْم َواللهَّ ُ َ�س ِمي ٌع‬
‫عالمات التوقري للر�سول �صلى اهلل عليه و�سلم‪:‬‬ ‫عليم{(التوبة‪)103:‬‬
‫قال اهلل تعاىل‪ِّ }:‬ل ُت�ؤْ ِم ُنوا ِباللهَّ ِ َو َر ُ�سو ِل ِه َو ُت َع ِّز ُرو ُه‬ ‫‪ -6‬دوام ال�صلة بالنبي �صلى اهلل عليه و�سلم‪:‬‬
‫َو ُت َو ِّق ُرو ُه َو ُت َ�س ِّب ُحو ُه ُب ْك َر ًة َو�أَ ِ�صيلاً {(الفتح‪،)9:‬‬ ‫تبلغ ال�صالة على ر�سول اهلل من كل م�ؤمن‬
‫والتعزير الن�صرة والت�أييد‪ ،‬واما التوقري‬ ‫با�سمه وا�سم �أبيه‪ ،‬فيعرفه النبي �صلى اهلل عليه‬
‫فاالحرتام والإجالل‪.‬‬ ‫و�سلم حق املعرفة ويتعرف عليه يوم القيامة‪.‬‬
‫‪-11‬ال�صالة على النبي مدخل ال�ستجابة الدعاء‪:‬‬ ‫قال ر�سول اهلل �صلى اهلل عليه و�سلم‪� :‬إِنَّ " اللهَّ َ‬
‫ول اللهَّ ِ �صلى اهلل عليه و�سلم‪�« :‬إِ َذا َد َعا‬ ‫َق َال َر ُ�س ُ‬ ‫وم َع َلى َقبرْ ِ ي ِ�إ َذا‬ ‫�أَ ْع َطانيِ َم َل ًكا ِمنَ المْ َلاَ ِئ َك ِة َي ُق ُ‬
‫�أَ َح ُد ُك ْم َف ْل َي ْبت َِد ْئ ِبت َْح ِم ِيد اللهَّ ِ ‪َ ،‬وال َّث َنا ِء َع َل ْي ِه‪ُ ،‬ث َّم‬ ‫�أَ َنا ُم ُّت ‪َ ,‬فلاَ ُي َ�ص ِّلي َع َل َّي َع ْب ٌد َ�صلاَ ًة �إِ اَّل َق َال‪َ :‬يا‬
‫ُي َ�ص ِّلي َع َلى ال َّن ِب ِّي َ�ص َّلى ُ‬
‫اهلل َع َل ْي ِه َو َ�س َّل َم‪ُ ،‬ث َّم ْل َي ْد ُع‬ ‫ا�س ِم ِه‬ ‫محُ َ َّم ُد ُفلاَ نُ ْبنُ ُفلاَ ٍن ُي َ�ص ِّلي َع َل ْي َك ُي َ�س ِّمي ِه ِب ْ‬
‫بمِ َ ا َ�شا َء» عمل اليوم والليلة البن ال�سني (�ص‪:‬‬ ‫ا�س ِم �أَ ِبي ِه َف ُي َ�ص ِّلي اهلل َع َل ْي ِه َم َكا َن َها َع ْ�ش ًرا‬ ‫َو ْ‬
‫‪)102‬عنْ َف َ�ضا َل َة ْب ِن ُع َب ْي ٍد‪.‬‬
‫َ‬ ‫"(م�سنداحلارث= بغية الباحث عن زوائد‬
‫‪-12‬يف ال�صالة على النبي مغفرة وتي�سري‬ ‫م�سند احلارث (‪ )962 /2‬عن عمار بن يا�سر)‪.‬‬
‫وانفراج وق�ضاء للحاجات‪:‬‬ ‫‪� -7‬أقرب النا�س �إىل النبي �صلى اهلل عليه و�سلم‬
‫عن �أبي بن كعب ر�ضي اهلل تعاىل عنه �أنه قال‬ ‫يوم القيامة‪:‬‬
‫َ‬
‫ر�سول‬ ‫لر�سول اهلل �صلى اهلل عليه و�سلم‪« :‬يا‬ ‫ُ‬
‫ول ا ِ َ�ص َّلى اهلل َع َل ْي ِه َو َ�س َّل َم‪�« :‬إِنَّ‬ ‫للهَّ‬ ‫َق َال َر ُ�س ُ‬
‫لك من‬ ‫هلل �إِنيَّ �أُ ْكثرِ ُ ال�صال َة عل ْي َك فكم �أج َع ُل َ‬ ‫ا ِ‬ ‫ا�س ِبي َي ْو َم ا ْل ِق َي َام ِة �أَ ْكثرَ ُ هُ ْم َع َل َّي‬ ‫�أَ ْولىَ ال َّن ِ‬
‫قلت الرب َع قال ما‬ ‫ْ‬
‫�صال ِتي فقال ما ِ�شئ َت قال ُ‬ ‫َ�صلاَ ًة»(م�صنف ابن �أبي �شيبة (‪ )325 /6‬عن‬
‫الن�صف قال‬ ‫َ‬ ‫قلت‬
‫لك ُ‬ ‫ري َ‬ ‫زدت فهو خ ٌ‬ ‫�ش ْئ َت ف ِ�إنْ َّ‬ ‫ابن م�سعود‪.‬‬
‫لك قال ق ْل ُت فالثلث ِني‬ ‫ري َ‬‫زدت فهو خ ٌ‬ ‫�شئت ف�إِنْ َّ‬ ‫ما َ‬ ‫‪-8‬كرثة ال�صالة عليه عالمة الكرم واجلود‬
‫قلت � ُ‬
‫أجعل‬ ‫لك ُ‬ ‫ري َ‬ ‫زدت فهو خ ٌ‬ ‫قال ما �ش ْئ َت ف ِ�إنْ َّ‬ ‫وقلتها دليل على البخل‪:‬‬
‫لك‬ ‫لك �صالتي ك َّلها قال ‪ً � :‬إذا ُت ْك َفى ه َّم َك ويغف ْر َ‬ ‫َ‬ ‫هلل �صلى اهلل عليه و�سلم‪ " :‬ا ْل َب ِخ ُيل‬ ‫ول ا ِ‬ ‫َق َال َر ُ�س ُ‬
‫ذن ُب َك» (الرتمذي‪.)2457:‬‬ ‫َمنْ ُذ ِك ْرتُ ِع ْن َد ُه َولمَ ْ ُي َ�ص ِّل َع َل َّي "‪(.‬الن�سائي)‬
‫ختام ًا‪ -‬ال يدري كثري من النا�س‪ ،‬مقدار احلال‬ ‫‪( , 8100‬الرتمذي) الدعوات (‪, )3546‬‬
‫الروحي الراقي الذي ينعم فيه �أولئك الذين‬ ‫‪1736‬عنْ َع ِل ِّي ْب ِن �أَ ِبي َطا ِل ٍب‪.‬‬‫َ‬ ‫(�أحمد)‬
‫يكرثون من ال�صالة على النبي �صلى اهلل عليه‬ ‫النبي �صلى اهلل عليه و�سلم‬ ‫‪-9‬كرثة ال�صالة على َّ‬
‫و�سلم ‪ ،‬فحاجاتهم الدنيوية قد ق�ضيت‪ ،‬و�صار‬ ‫من عالمات الإميان‪:‬‬
‫لعباداتهم لذة وطعم‪ ،‬كما �صار لقلوبهم تعلق‬ ‫النبي �صلى‬ ‫من �أحب �شيئ ًا اكرث ذكره‪ ،‬وقد قال َّ‬
‫�شديد بالنبي �صلى اهلل عليه و�سلم يف الدنيا‬ ‫اهلل عليه و�سلم قال‪« :‬ال ُي� ِؤمنُ �أح ُدكم حتى �أكونَ‬
‫فكيف باللقاء به يوم القيامة‪.‬‬ ‫والنا�س �أجمعنيَ»‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫وولده‬
‫والده ِ‬ ‫أحب �إلي ِه من ِ‬ ‫� َّ‬
‫(البخاري‪ 15:‬و م�سلم‪.44:‬عن �أن�س بن مالك)‪.‬‬

‫اإلعجاز‪ ,‬العدد الخامس واالربعون‪ ،‬السنة الثانية عرشة‪ ،‬رجب ‪١٤٣9‬هـ ‪ ،‬ربيع ‪2018‬م‬

‫‪41‬‬
‫علم إجتماع‬ ‫والسنة‬ ‫يف القرآن‬

‫أنت تُدمنه ومه جينون األرابح‪...‬‬


‫ملاذا يحُجم مالكو في�سبوك وتويرت عن‬
‫ا�ستخداهمام؟*‬
‫وطبيعة القيود على ح�ساب زوكربريغ‪ ،‬بح�سب ما‬
‫ذكرت �صحيفة الغارديان (‪ )2‬الربيطانية‪ ،‬تعني‬
‫� َّأن النا�س العاديني ال ي�ستطيعون ر�ؤية املن�شورات‬
‫اخلا�صة على ح�سابه‪ ،‬لكن من ال�صعب ت�صور‬
‫جدال على من�شو ٍر عن�صري‬ ‫�أ َّنه قد ي�شارك يف ٍ‬
‫ُيهاجم املهاجرين مث ًال‪ .‬وهذا لي�س �أمر ًا خا�ص ًا‬
‫بزوكربريغ فقط‪ ،‬بل جميع مديري املوقع‬
‫التنفيذيني الرئي�سيني‪ .‬فجميعهم ال ميلكون‬
‫ح�سابات "عادية" على في�سبوك مثلنا‪� .‬إذ لي�س‬ ‫ٍ‬
‫ب�إمكانك �إ�ضافتهم �إىل قائمة �أ�صدقائك‪ ،‬ونادر ًا‬ ‫ال ي�ستخدم مارك زوكربريغ موقع في�سبوك كما‬
‫ما ين�شرون �شيئ ًا للعامة‪ ،‬ويحفظون معلوماتهم‬ ‫ن�ستخدمه �أنا و�أنت‪ .‬فالرئي�س التنفيذي الثالثيني‬
‫ب�شكل �سري‪ ،‬حتى تلك التي يقرتح‬ ‫ال�شخ�صية ٍ‬ ‫لديه فري ٌق من امل�شرفني‪ ،‬وظيفته هي �إزالة‬
‫في�سبوك �إبقاءها علنية ك�إجراءٍ اعتيادي‪ ،‬كعدد‬ ‫التعليقات والر�سائل املزعجة من ح�سابه‪ ،‬وفق ًا‬
‫الأ�صدقاء على �سبيل املثال‪.‬‬ ‫لوكالة بلومبريغ (‪ .)1‬ولديه جمموعة �صغرية‬
‫على تويرت �أي�ض ًا جتد الأمر نف�سه‪ ،‬فمن بني‬ ‫من املوظفني مل�ساعدته يف كتابة املن�شورات‬
‫امل�س�ؤولني الت�سعة الأكرث �أهمي ًة يف ال�شركة‪ ،‬يغرد‬ ‫واخلطابات‪ ،‬وم�صورون حمرتفون اللتقاط‬
‫�أربع ٌة منهم فقط �أكرث من مر ٍة يف اليوم الواحد‬ ‫ب�شكل معني �أثناء‬
‫ٍ‬ ‫�صو ٍر احرتافية ُم�صممة‬
‫يف املتو�سط‪ .‬فنيد �سيغال املدير املايل لل�شركة‬ ‫اللقاءات‪ ،‬كاجتماعه مع املحاربني القدامى يف‬
‫لديه ح�ساب على املوقع منذ �أكرث من �ست‬ ‫والية كنتاكي‪� ،‬أو مقابلته لأ�صحاب امل�شروعات‬
‫مبعدل يقل عن تغريدتني‬ ‫ٍ‬ ‫�سنوات‪ ،‬ولك َّنه غ َّرد‬ ‫ال�صغرية يف والية ميزوري‪� ،‬أو بائعي �شرائح‬
‫�شهري ًا‪ .‬وال�شريك امل�ؤ�س�س جاك دور�سي‪ ،‬الذي‬ ‫اللحم باجلنب يف فيالدلفيا‪.‬‬
‫ُيع ُّد ممن يغردون كثري ًا بني م�س�ؤويل تويرت‪ ،‬غ َّرد‬
‫(‪ )3‬نحو ‪� 23‬ألف مر ٍة منذ انطالق املوقع‪ ،‬وهو‬
‫بفارق كب ٍري عن ن�صف عدد تغريدات‬ ‫رق ٌم يقل ٍ‬
‫امل�ستخدمني الذين يتفاعلون مع املوقع با�ستمرار‬
‫يف نف�س الفرتة الزمنية‪ .‬وتندر ردود دور�سي‬
‫على الغرباء‪ ،‬وهو يتجنب املناق�شات واجلدال‬
‫على املوقع‪ .‬وال يغرد عن الربامج التلفزيونية‬
‫اإلعجاز‪,‬العدد الخامس واالربعون‪ ،‬السنة الثانية عرشة‪ ،‬رجب ‪١٤٣9‬هـ ‪ ،‬ربيع ‪2018‬م‬

‫‪42‬‬
‫علم إجتماع‬ ‫والسنة‬ ‫يف القرآن‬

‫�أو الأحداث الريا�ضية‪ .‬يف احلقيق ِة‪� ،‬إ َّنه ال‬


‫وقت لآخر‪.‬‬ ‫"ي�ستخدم" تويرت‪ ،‬بل يغرد عليه من ٍ‬

‫اعتدتُ النظر �إىل امل�س�ؤولني عن ال�شبكات‬ ‫منط متكرر يف جميع �شركات القطاع‪.‬‬ ‫هذا ٌ‬
‫االجتماعية‪ ،‬و�أن �أ�شعر باالنزعاج من كونهم مل‬ ‫فعلى الرغم من حر�ص ال�شركات وال�صناعات‬
‫يتمكنوا من فهم مواقعهم كما ينبغي‪ .‬فامل�ستخدم‬ ‫املختلفة على ا�ستخدام منتجاتها يف عملياتها‬
‫العادي يواجه امل�شكالت و�أخطاء الربجمة �أو‬ ‫الداخلية‪ ،‬ك�إ�شار ٍة �إىل جودة تلك املنتجات‬
‫قرارات الت�صميم ال�سيئة‪ ،‬وهو ما لن يفهمه‬ ‫وفاعليتها‪ ،‬ف�إ َّنه يندر �أن جتد بني م�ستخدمي‬
‫وكنت‬
‫امل�س�ؤولون دون ا�ستخدام املواقع ب�أنف�سهم‪ُ .‬‬ ‫ال�شبكات االجتماعية املنتظمني َمن هو يف موقع‬
‫�أتعجب حق ًا كيف ميكن لهم �أن يقدموا �أف�ضل‬ ‫ال�سلطة يف تلك ال�شبكات‪.‬‬
‫خدم ٍة ممكنة �إذا مل ي�ستخدموا �شبكاتهم كبقية‬ ‫كيف �سيقدمون �أف�ضل خدم ٍة �إذا مل ي�ستخدموا‬
‫النا�س؟ والآن‪� ،‬أتعجب من �شيءٍ �آخر؛ ما الأ�شياء‬ ‫�شبكاتهم كبقية النا�س؟‬
‫التي يعرفونها وال نعرفها نحنُ ‪ ،‬امل�ستخدمون‬ ‫ويقول الكاتب �أليك�س هرين‪ ،‬يف مقاله على‬
‫العاديون؟‬ ‫�صحيفة الغارديان‪� ،‬أنا ُمدمنٌ ال�ستخدام‬
‫معار�ضو ا�ستخدام في�سبوك من م�ؤ�س�سيه‬ ‫ال�شبكات االجتماعية‪ .‬غ َّردتُ نحو ‪� 140‬ألف‬
‫خرج �شون باركر الرئي�س امل�ؤ�س�س ملوقع في�سبوك‬ ‫تغريد ٍة منذ �أن�ش�أتُ ح�سابي على تويرت (‪)4‬‬
‫عن �صمته‪ ،‬يف �أكتوبر‪/‬ت�شرين الأول العام‬ ‫عام ‪� ،2007‬أي �ستة �أ�ضعاف تغريدات جاك‪.‬‬
‫ؤمتر مبدينة فيالدلفيا‪،‬‬ ‫املا�ضي‪ ،‬قائ ًال يف م� ٍ‬ ‫أ�ستخدم �إن�ستغرام و�سناب �شات وريديت‬ ‫ُ‬ ‫و�‬
‫�إ َّنه كان "واحد ًا من املعار�ضني (‪ )5‬ال�ستخدام‬ ‫ح�سابات على �إيلو وبيت�ش‬
‫ٌ‬ ‫ب�شكل يومي‪ .‬ولدي‬ ‫ٍ‬
‫ال�شبكات االجتماعية"‪.‬‬ ‫وما�ستودون (هل تتذكر تلك املواقع؟ �إذا كانت‬
‫�إذ قال باركر‪" :‬كانت الفكرة وراء �إن�شاء هذه‬ ‫ومتكنت منذ ثالث‬‫ُ‬ ‫�إجابتك ال‪ ،‬فال ب�أ�س)‪.‬‬
‫التطبيقات‪ ،‬ويف مقدمتها في�سبوك‪ ...‬تتمحور‬ ‫�سنوات من التوقف عن ا�ستخدام في�سبوك‪،‬‬
‫حول كيفية دفع امل�ستخدم لق�ضاء �أطول وقت‬ ‫وب�شكل مفاجئ‪،‬‬‫ٍ‬ ‫ان�سحبت من املوقع متام ًا‬
‫ُ‬
‫ممكن وجذب �أكرب انتباه ممكن‪ .‬وهذا يعني �أ َّننا‬ ‫�صدق مع النف�س ب�ش�أن‬
‫وحذفت ح�سابي يف حلظة ٍ‬ ‫ُ‬
‫بحاج ِة لإعطائك جرع ًة من الدوبامني من ٍ‬
‫وقت‬ ‫الطريق ِة التي جعلني �أ�شعر بها و�أت�صرف على‬
‫لآخر‪ ،‬ل َّأن �شخ�ص ًا � َّ‬
‫أحب �أو علق على �صور ٍة �أو‬ ‫�أ�سا�سها‪ .‬ومل �أندم �أبد ًا على هذه اخلطوة‪ ،‬ولك ِّني‬
‫من�شو ٍر لك �أو �أي �شيء‪ ،‬وهذا يدفعك للم�ساهمة‬ ‫مل �أجر�ؤ على تكرارها مع � ٍّأي من املواقع الأخرى‬
‫اإلعجاز‪,‬العدد الخامس واالربعون‪ ،‬السنة الثانية عرشة‪ ،‬رجب ‪١٤٣9‬هـ ‪ ،‬ربيع ‪2018‬م‬

‫‪43‬‬
‫علم إجتماع‬ ‫والسنة‬ ‫يف القرآن‬

‫في�سبوك حول العامل‪ .‬لقد كان في�سبوك يف ذلك‬ ‫إعجابات‬


‫ٍ‬ ‫�أكرث يف املوقع‪ ...‬واحل�صول على �‬
‫الوقت �شرك ًة خمتلفة‪ ...‬وبنمو ال�شركة‪� ،‬أدركنا‬ ‫وتعليقات �أكرث‪ ،‬وهكذا"‪.‬‬
‫ٍ‬
‫منو م�سئولياتنا �أي�ض ًا‪ .‬نحن ن�أخذ دورنا على‬ ‫و�أ�ضاف‪�" :‬إنها حلقة ُمغلقة من ردود الفعل‬
‫ٌ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫حممل اجلد‪ ،‬ونعمل بكل ِجد لتطوير ال�شركة"‪.‬‬ ‫للح�صول على القبول االجتماعي‪� ...‬شي ٌء قد‬
‫بعد ذلك ب�أيام �أقدم في�سبوك على خطو ٍة‬ ‫يفعله �أو يبتكره �أحد قرا�صنة الإنرتنت مثلي‪،‬‬
‫�أكرث جر�أة‪� ،‬إذ ن�شر نتائج درا�س ٍة ت�شري �إىل‬ ‫لأ َّنك ت�ستغل به نقاط ال�ضعف يف الطبيعة‬
‫� َّأن في�سبوك يجعل النا�س ي�شعرون بال�سوء‪،‬‬ ‫الب�شرية‪ .‬املخرتعون واملبتكرون �أمثايل‪،‬‬
‫ولكن ذلك يحدث فقط عندما ال ين�شرون على‬ ‫و�أمثال مارك (زوكربريغ) وكيفن �سي�سرتوم يف‬
‫كاف‪ .‬وقال باحثان يف في�سبوك يف‬ ‫ب�شكل ٍ‬
‫املوقع ٍ‬ ‫�إن�ستغرام‪ ،‬كل ه�ؤالء ي ُعونَ ذلك جيد ًا‪ ،‬ولكننا‬
‫"ب�شكل عام‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫مراجع ٍة للأبحاث املن�شورة حالي ًا‪:‬‬ ‫فعلنا ذلك على �أي حال"‪.‬‬
‫عندما يق�ضي النا�س وقت ًا طوي ًال يت�صفحون‬ ‫معار�ض �آخر‬‫ٌ‬ ‫ب�شهر ان�ضم �إىل باركر‬
‫بعد ذلك ٍ‬
‫ب�شكل �سلبي؛‬‫ٍ‬ ‫في�سبوك وي�ستهلكون املعلومات‬ ‫ال�ستخدام في�سبوك‪ ،‬وهو ت�شاماث باليهابيتيا‬
‫يقر�أون ولكن ال يتفاعلون مع النا�س‪ ،‬ف�إ َّنهم بعد‬ ‫النائب ال�سابق لرئي�س موقع في�سبوك ل�ش�ؤون منو‬
‫ذلك يقولون �إ َّنهم ي�شعرون بال�سوء"‪ ،‬ولكن على‬ ‫ؤمتر (‪)6‬‬ ‫امل�ستخدمني‪� .‬إذ قال باليهابيتيا يف م� ٍ‬
‫اجلانب الآخر "ف� َّإن التفاعل مع النا�س وم�شاركة‬ ‫ُعقد ب�ستانفورد يف والية كاليفورنيا‪" :‬حلقات‬
‫الر�سائل واملن�شورات والتعليقات مع الأ�صدقاء‬ ‫ردود الفعل املُغلقة املدفوعة بجرعات الدوبامني‬
‫املقربني‪ ،‬وم�شاهدة املن�شورات ال�سابقة وتفاعل‬ ‫ذات الأثر ق�صري املدى التي �صنعناها ُتدمر‬
‫الآخرين معها‪ ،‬كل ذلك ي�ؤدي بامل�ستخدم لل�شعور‬ ‫الكيفية التي يعمل بها املجتمع‪� .‬إذ ال يوجد‬
‫ب�شكل �أف�ضل"‪ .‬يبدو الأمر مواتي ًا للهدف من‬ ‫ٍ‬ ‫حوار متمدن‪ ،‬وال تعاون‪ ،‬بالإ�ضافة �إىل الت�ضليل‬
‫في�سبوك كما يبدو‪.‬‬ ‫والأكاذيب‪ .‬هذا ال يتعلق بالدعاية الرو�سية‪� ،‬إ َّنها‬
‫ولكن بالن�سبة لآدم �ألرت الباحث يف علم‬ ‫م�شكل ٌة عاملية‪ .‬و ُتق ِّو�ض �أ�س�س ال�سلوك الإن�ساين‬
‫النف�س وم�ؤلف كتاب ‪،)7(Irresistible‬‬ ‫وتعامل النا�س مع بع�ضهم‪� .‬أ�ستطيع ال�سيطرة‬
‫الذي يتناول م�س�ألة �إدمان التكنولوجيا‪ ،‬ف� َّإن‬ ‫على قراري‪ ،‬وهو عدم ا�ستخدام هذه ال�شبكات‬
‫م�س�ألة �إ�سهام ال�شبكات االجتماعية يف �شعور‬ ‫ال�سيئة‪ ،‬وميكنني التحكم يف قرارات �أطفايل‪،‬‬
‫امل�ستخدمني باحلزن �أو ال�سعادة لي�س هو املهم‪،‬‬ ‫وذلك بعدم ال�سماح لهم با�ستخدامها"‪.‬‬
‫لكن امل�شكلة الأكرب هي اال�ستخدام القهري‬ ‫�إدمان ال�شبكات االجتماعية‬
‫لل�شبكات االجتماعية‪� ،‬أي �إدمانها‪.‬‬ ‫ً‬
‫�أزعج بيان باليهابيتيا في�سبوك كثريا‪ ،‬لدرجة‬
‫ب�شكل �أو�سع‬
‫يقول �ألرت‪" :‬مفهوم الإدمان ينطبق ٍ‬ ‫� َّأن ال�شركة ن�شرت رد ًا اعرتفت فيه ب�إخفاقاتها‬
‫وعلى الكثري من ال�سلوكيات‪� ،‬أكرث مما نت�صور‪،‬‬ ‫لعمل جتاري كتوم‬ ‫ال�سابقة‪ ،‬وهي خطو ٌة نادرة ٍ‬
‫عدد �أكرب من النا�س‪ .‬فما ي�صل �إىل ن�صف‬ ‫وعلى ٍ‬ ‫بع�ض ال�شيء ب�ش�أن مواطن الق�صور لديه ُرغم‬
‫البالغني من �سكان العامل يدمنون �سلوك ًا واحد ًا‬ ‫مهمته يف ت�سهيل "التوا�صل بني النا�س"‪ .‬وقالت‬
‫على الأقل‪ .‬ال يدمن الكثري منا املخدرات‪ ،‬ولكن‬ ‫املتحدثة با�سم ال�شركة‪" :‬عندما كان باليهابيتيا‬
‫وفق ًا للطريقة التي ي�سري بها العامل الآن‪ ،‬هناك‬ ‫يف في�سبوك‪ ،‬كنا نركز على بناء جتربة جديدة‬
‫العديد والعديد من ال�سلوكيات التي ت�صعب‬ ‫ال�ستخدام ال�شبكات االجتماعية‪ ،‬ون�شر موقع‬
‫اإلعجاز‪,‬العدد الخامس واالربعون‪ ،‬السنة الثانية عرشة‪ ،‬رجب ‪١٤٣9‬هـ ‪ ،‬ربيع ‪2018‬م‬

‫‪44‬‬
‫علم إجتماع‬ ‫والسنة‬ ‫يف القرآن‬

‫‪ ،2017‬بارتفاع عدد املربجمني وامل�صممني‬ ‫مقاومتها‪ ،‬والكثري منا يعتاد هذه ال�سلوكيات‬
‫الذين ي�ستقيلون من عملهم ل�شعورهم بخيبة‬ ‫ب�شكل �ضار يقرتب من الإدمان �أو ي�صل �إليه‬ ‫ٍ‬
‫الأمل جتاه ما يت�ضمنه ذلك العمل‪� .‬إذ ميلك‬ ‫بالفعل"‪.‬‬
‫عدد من املوظفني احلاليني يف جمال ت�صميم‬ ‫ويجادل �ألرت قائ ًال � َّإن هذه ال�سلوكيات الإدمانية‬
‫الواجهات �شكوك ًا جتاه مهنتهم‪ ،‬مثل كري�س‬ ‫ال حتدث عر�ض ًا‪ ،‬بل هي نتيجة مبا�شر ٌة لأهداف‬
‫مار�سيلينو‪� ،‬أحد مبتكري نظام �آبل للإ�شعارات‪،‬‬ ‫منتجات‬
‫ٍ‬ ‫�شركات مثل في�سبوك وتويرت لبناء‬ ‫ٍ‬
‫الذي ترك املجال ليتدرب كجراح �أع�صاب‪،‬‬ ‫"يلت�صق بها امل�ستخدم"‪ ،‬منتجات يرغب‬
‫ولورين بريت�شر‪ ،‬الذي �صمم تقنية �سحب‬ ‫امل�ستخدم يف العودة �إليها با�ستمرار‪ .‬و�أ�ضاف‪:‬‬
‫ال�شا�شة بال�ضغط لأ�سفل لتحديث التطبيقات‪،‬‬ ‫"ال�شركات التي تقدم هذا النوع من املنتجات‪،‬‬
‫ما حول تطبيقات عديدة �إىل ُقطاع طرق ٍ‬
‫بذراع‬ ‫ال�شركات التقنية ال�ضخمة‪ ،‬ت�صممها بحيث‬
‫منزل يف‬
‫واحدة‪ .‬يكر�س لورين الآن وقته لبناء ٍ‬ ‫يتعلق بها امل�ستخدمون‪� .‬إ َّنهم يفعلون كل ما‬
‫نيوجري�سي‪.‬‬ ‫بو�سعهم لي�س للت�أكد من احلفاظ على رفاهيتنا‪،‬‬
‫�أدرك �آخرون الأمر نف�سه‪ ،‬لك َّنهم قرروا‬ ‫ممكن يف‬ ‫ٍ‬ ‫وقت‬
‫ولكن من �أجل �أن نق�ضي �أطول ٍ‬
‫تقبله‪ ،‬مثل �شركة ‪Dopamine Labs‬‬ ‫ا�ستخدام منتجاتهم وبراجمهم وتطبيقاتهم‪.‬‬
‫للخدمات اال�ست�شارية يف لو�س �أجنلو�س‪ .‬توفر‬ ‫هذا هو هدفهم الرئي�سي؛ �إ َّنه لي�س تقدمي منتج‬
‫ال�شركة خدمة ملحقة بالتطبيقات جلعلها‬ ‫ممتع للنا�س‪ ،‬وبالتايل ُي ِدر عليهم الأرباح‪ ،‬و� َمّإنا‬
‫"حلظات من ال�سعادة" مخُ �ص�صة لكل‬ ‫ٍ‬ ‫ُتقدم‬ ‫تقدمي منتج ال ي�ستطيع النا�س التوقف عن‬
‫م�ستخدم‪ .‬وتتعهد لعمالئها قائل ًة‪�" :‬سيتوق‬ ‫ا�ستخدامه‪ ،‬وبالتايل ُي ِدر عليهم الأرباح"‪.‬‬
‫لها م�ستخدمو تطبيقاتكم‪ ،‬وبهذا �سيع�شقون‬ ‫قر�صنة النف�س الب�شرية‬
‫تطبيقاتكم نف�سها"‪.‬‬ ‫وتابع �ألرت قائ ًال‪" :‬ما يقوله باركر وباليهابيتيا‬
‫لو كان هذا هو الو�ضع‪� ،‬إذ ًا فاملديرون التنفيذيون‬ ‫هو � َّأن هذه ال�شركات‪ ،‬التي عملوا بداخلها يف‬
‫لل�شبكات االجتماعية يتبعون بب�ساطة قاعدة‬ ‫�أعلى امل�ستويات منذ بدايتها‪ ،‬ت�أ�س�ست على هذه‬
‫مروجي وبائعي املخدرات يف كل مكان‪ ،‬القاعدة‬ ‫املبادئ‪� ،‬أي احلاجة �إىل فعل كل ما ب�إمكانهم‬
‫الرابعة يف و�صايا االجتار بالكوكايني الع�شر التي‬ ‫لقر�صنة النف�س الب�شرية‪ ،‬وفهم ما يجعل الب�شر‬
‫غناها مطرب الراب الأمريكي بيغي �سمولز‪،‬‬ ‫مهتمني‪ ،‬وا�ستخدام هذه التقنيات لي�س لتحقيق‬
‫وهي‪" :‬ال تنت�شي �أبد ًا مبا تبيعه"‪.‬‬ ‫�أكرب قدر من الرفاهية للم�ستخدمني‪ ،‬ولكن‬
‫وقال �ألرت‪" :‬العديد من جبابرة التكنولوجيا‬ ‫لتحقيق �أق�صى قدر من ا�ستخدامهم لل�شبكات‪.‬‬
‫حذرون للغاية يف ا�ستخدامهم لهذه التكنولوجيا‪،‬‬ ‫وهذا ما يفعلونه يف احلقيقة"‪.‬‬
‫والكيفية التي ي�سمحون لأطفالهم �أن ي�ستخدموها‬ ‫باركر وباليهابيتيا لي�سا ُ�سكان وادي ال�سيليكون‬
‫بها‪ ،‬وحتى بخ�صو�ص مدى دخولهم �إىل الأجهزة‬ ‫الوحيدين اللذين حتدثوا عن قلقهم من طبيعة‬
‫والتطبيقات والربامج املتعددة‪ .‬يقف بع�ضهم‬ ‫التكنولوجيا احلديثة الهادفة لتحويل ا�ستخدامها‬
‫على املن�صة ويقول‪ :‬هذا �أعظم منتج على‬ ‫لعادة لدى امل�ستخدمني‪� .‬إذ �أفاد تقري ٌر ل�صحيفة‬
‫الإطالق‪ ،‬لكن حني ُتنقب جيد ًا تعرف �أ َّنهم ال‬ ‫الغارديان الربيطانية‪ ،‬يف �أكتوبر‪/‬ت�شرين الثاين‬
‫اإلعجاز‪ ,‬العدد الخامس واالربعون‪ ،‬السنة الثانية عرشة‪ ،‬رجب ‪١٤٣9‬هـ ‪ ،‬ربيع ‪2018‬م‬

‫‪45‬‬
‫علم إجتماع‬ ‫والسنة‬ ‫يف القرآن‬

‫جميع م�ستخدمي تويرت‪� ،‬إذ ُيفيد الكثري منهم‬ ‫ي�سمحون لأطفالهم بالو�صول لهذا املنتج"‪.‬‬
‫� َّأن ا�ستخدامهم للموقع �أ�صبح "�إدمان ًا" وفق ًا‬ ‫وقال تيم كوك الرئي�س التنفيذي ل�شركة �آبل‬
‫للم�صطلح الدارج‪ .‬و�سوا ٌء كان هذا �إدمان ًا طبي ًا‬ ‫الأ�سبوع املا�ضي ل�صحيفة الغارديان(‪" :)8‬لي�س‬
‫�أو ال‪ ،‬فهو يبدو لهم ك�أ َّنهم يرغبون يف ا�ستخدامه‬ ‫لدي �أطفال‪ ،‬لكن �أحد �إخوتي لديه ابن‪ .‬و�أ�ضع‬
‫ب�صور ٍة �أقل‪ ،‬فهو ي�ؤثر على حالتهم بال�سلب‪.‬‬ ‫حدود ًا له‪ .‬هناك بع�ض الأمور التي ال �أ�سمح بها‪.‬‬
‫و�أظن � َّأن الأمر كذلك بالفعل‪ ،‬فبالن�سبة للعديد‬ ‫ال �أريده على �أي �شبكة اجتماعية"‪.‬‬
‫من م�ستخدمي تويرت املوقع هو نوع من الثقوب‬
‫ال�سوداء التي متت�صك داخلها‪ ،‬والتوقف عن‬
‫ا�ستخدامه �صعب للغاية"‪.‬‬

‫�أطفالهم ال ي�ستخدمون ال�شبكات االجتماعية‬


‫و�أ�ضاف‪" :‬ال تريد التكنولوجيا يف حد ذاتها‬
‫�أن تكون جيدة‪� ،‬أو �سيئة‪ .‬يحتاج الأمر للب�شر‬
‫حاولت‬
‫ُ‬ ‫هذا هو ما �أ�شعر به حالي ًا جتاه تويرت‪.‬‬ ‫أغرا�ض جيدة‪.‬‬ ‫للحر�ص على ا�ستخدامها ل ٍ‬
‫أدركت مقدار‬
‫التوقف عن ا�ستخدامه بعد �أن � ُ‬ ‫وحتتاج الب�شر يف عملية التطوير لتكون عملية‬
‫كنت �أق�ضيه يف التحديث يف‬ ‫الوقت الذي ُ‬ ‫تطوير املنتج �أمر ًا جيد ًا"‪.‬‬
‫التطبيق وقراءة �سيل التغريدات املتتابع‪ ،‬امل�سلية‬ ‫ويقول �ألرت � َّإن املثال الكال�سيكي على هذا‬
‫حذفت ‪� 133‬ألف تغريدة‪� ،‬سعي ًا‬
‫ُ‬ ‫منها وال�صادمة‪.‬‬ ‫النهج هو �ستيف جوبز املدير التنفيذي ال�سابق‬
‫للق�ضاء على �شعوري ب�أ َّنني ال �أ�ستطيع التخلي‬ ‫لآبل‪ ،‬الذي "حتدث عن كل مزايا الآيباد‪ ،‬ثم‬
‫غرقت فيه لوقت طويل‪ .‬وم�سحت‬ ‫مل ي�سمح لأوالده باالقرتاب منه"‪( .‬قال جوبز‬
‫ُ‬ ‫عن �شيءٍ‬ ‫ملرا�سل �صحيفة نيويورك تاميز(‪ )9‬الأمريكية‬
‫التطبيقات من هاتفي وجهازي‪ ،‬جلعل املنفذ‬ ‫بعد �أ�شهر قليلة من �إطالق الآيباد متحدث ًا عن‬
‫الوحيد للتعامل مع املوقع هو املت�صفح على‬ ‫�أطفاله‪" :‬مل ي�ستخدموه"‪ ،‬و"لدينا حدود حول‬
‫ا�سرتاحات متكررة‪ ،‬لك ِّني‬
‫ٍ‬ ‫احلا�سوب‪ .‬و�أخذتُ‬ ‫ا�ستخدام �أطفالنا للتكنولوجيا يف املنزل")‪.‬‬
‫ا�ستمر يف الرجوع ال�ستخدام املوقع‪.‬‬ ‫وال ُيقت�صر الأمر على الأطفال‪� ،‬إذ يتابع �ألرت‪:‬‬
‫�أن تكون طف ًال لوالدين يقومون بحمايتك ب�إبعاد‬ ‫"ميكنك ر�ؤية هذا يف �سلوكهم‪ ،‬يف الطريقة التي‬
‫التكنولوجيا عنك هو �أم ٌر‪ ،‬و�أن تعي�ش كم�س� ٍؤول‬ ‫ي�ستخدم بها جاك دور�سي مث ًال تويرت‪ ،‬يبدو �أ َّنه‬
‫تنفيذي يف �إحدى ال�شركات التكنولوجية يهزم‬ ‫حذ ٌر جد ًا بخ�صو�ص الوقت الذي مي�ضيه على‬
‫اجلهود املُجتمعة للآالف من �أذكى الب�شر يف‬ ‫املوقع‪ .‬فهو بو�ضوح رج ٌل من�شغل‪ ،‬وذو �إنتاجية‬
‫العامل الذين يحاولون غر�س الرغبة يف فتح‬ ‫مرتفعة‪ ،‬لكن نتيج ًة لهذا فهو ين�شغل ب�أمور كثرية‬
‫�أخرى‪ ،‬وقادر على �إبعاد نف�سه عن املوقع"‪.‬‬
‫ل�ست‬ ‫تطبيقاتهم يومي ًا بداخلك هو �أم ٌر �آخر‪ُ .‬‬ ‫و�أ�ضاف‪" :‬لكن ال ينطبق الأمر نف�سه على‬
‫اإلعجاز‪ ,‬العدد الخامس واالربعون‪ ،‬السنة الثانية عرشة‪ ،‬رجب ‪١٤٣9‬هـ ‪ ،‬ربيع ‪2018‬م‬

‫‪46‬‬
‫علم إجتماع‬ ‫والسنة‬ ‫يف القرآن‬

‫وحدي يف هذا ال�صراع‪.‬‬


‫يعد مطور التطبيقات كيفن هولي�ش واحد ًا من الذين حاولوا تقلي�ص ا�ستخدامهم لل�شبكات‬
‫االجتماعية‪� .‬صمم هولي�ش برناجم ًا ُيدعى ‪ ،)10(Moment‬يح�سب املدة التي تق�ضيها يف النظر‬
‫لهاتفك كل يوم‪ .‬بالن�سبة للم�ستخدم املتو�سط‪ ،‬ت�صل تلك املدة لأكرث من ‪� 3‬ساعات يومي ًا‪ .‬وكانت‬
‫ح�صلت على البيانات‪� ،‬ساعدنني‬ ‫ُ‬ ‫�إح�صائيات هولي�ش كافية ملنحه دافع ًا للتغيري‪� .‬إذ قال‪" :‬مبجرد �أن‬
‫خطوات قليلة يف هذا االجتاه منذ ذلك احلني‪ ،‬لك ِّني ُ‬
‫عرفت � َّأن‬ ‫ٍ‬ ‫لوقت �أقل‪� .‬أخذتُ‬
‫يف ا�ستخدام هاتفي ٍ‬
‫ر�ؤية الرقم نف�سه كان ن�صف املعركة‪ .‬غريت ر�ؤية الرقم نهجي حق ًا… ُ‬
‫كنت �أق�ضي �ساع ًة كل يوم ال‬
‫�أفعل �أي �شيء‪ ،‬فقط �أُ�ضيع وقتي"‪.‬‬
‫يف النهاية‪ ،‬حذف هولي�ش من هاتفه كل تطبيقات ال�شبكات االجتماعية‪ ،‬وبريده الإلكرتوين اخلا�ص‬
‫بالعمل‪ .‬ويقول عن ذلك‪" :‬هذه �أكرث خطوة �ساعدتني‪ ،‬جمرد �أال ا�ستطيع بب�ساطة الو�صول �إليها‪.‬‬
‫يف البداية‪ ،‬كانت مهمتي فقط هي اكت�شاف مدة ا�ستخدام الهاتف التي جتعلك �سعيد ًا‪ .‬لك ِّني الآن‬
‫نهج �أكرث ق�سوة‪ ،‬و�صرتُ �أقل توتر ًا بخ�صو�ص �ضرورة متابعة الأخبار اجلديدة‪� ،‬أو �أن‬ ‫بد�أتُ ا�ستخدام ٍ‬
‫ب�شكل �أف�ضل عرب الطرق التقليدية‬ ‫واكت�شفت �أ َّنني �أتوا�صل ٍ‬
‫ُ‬ ‫ين�شر عني �شيئ ًا محُ ر�ض ًا على في�سبوك‪.‬‬
‫القدمية"‪.‬‬
‫ويرى �ألرت � َّأن قوة الإرادة ميكن �أن ت�ساعد �إىل حد ما‪ ،‬بينما حتويل الو�صول �إىل ال�شبكات لال�ستخدام‬
‫العادي عدمي اجلدوى عملية �صعبة ميكن �أن ُي�ساعد �أكرث‪ .‬ففي النهاية‪ ،‬ال ينتهي الإدمان من تلقاء‬
‫نف�سه‪.‬‬
‫و�أ�ضاف �ألرت‪" :‬رمبا �سننظر بعد ع�شرين عام ًا من الآن �إىل اجليل احلايل من الأطفال ونقول‪:‬‬
‫"انظروا‪ ،‬هم خمتلفون اجتماعي ًا عن كل الأجيال الب�شرية التي �سبقتهم‪ ،‬هذه م�شكلة �ضخمة‪ ،‬ورمبا‬
‫نحتاج �إىل �ضبط هذه ال�سلوكيات"‪� ،‬أو رمبا ننظر للخلف ونقول‪" :‬ال نعرف ملاذا كل هذه اجللبة‪،‬‬
‫وملاذا نحنُ قلقون �إىل هذه الدرجة"‪ .‬لكن حتى يكون لدينا دليل‪ ،‬حتى يكون هناك �شي ٌء ملمو�س‪،‬‬
‫ب�شكل جماعي لتغيري الطريقة التي يت�صرفون بها"‪.‬‬ ‫�أعتقد �أ َّنه �سي�صعب دفع النا�س ٍ‬
‫كنت ال ت�ستطيع �إجبار نف�سك على تقليل ا�ستخدامك لل�شبكات االجتماعية‪ ،‬فيمكنك اتباع طريقة‬ ‫�إذا َ‬
‫زوكربريغ وتوظيف فريق من ‪� 12‬شخ�ص ًا ليقوم بذلك بد ًال عنك‪ .‬قد ال يكون الأمر رخي�ص ًا �أو �سه ًال‬
‫لكن التزامك به �أكرث �سهولة على الأرجح‪.‬‬‫مثل حذف ح�سابك على في�سبوك‪َّ ،‬‬

‫اإلعجاز‪,‬العدد الخامس واالربعون‪ ،‬السنة الثانية عرشة‪ ،‬رجب ‪١٤٣9‬هـ ‪ ،‬ربيع ‪2018‬م‬

‫‪47‬‬
‫علوم إجتماع‬ ‫والسنة‬ ‫يف القرآن‬

* http://www.huffpostarabi.com
(1) https://www.bloomberg.com/news/articles/18-01-2017/this-team-runs-mark-zuckerberg-s-facebook-page
(2https://www.theguardian.com/media/2018/jan/23/never-get-high-on-your-own-supply-why-social-media-
bosses-dont-use-social-media
(3) https://twitter.com/Jack
(4) https://www.theguardian.com/technology/twitter
(5)https://www.axios.com/sean-parker-unloads-on-facebook-god-only-knows-what-its-doing-to-our-
childrens-brains-1513306792-f855e7b4-4e4-99d8-60d2775559-51c2671.html
(6) https://www.theguardian.com/technology/2017/dec/11/facebook-former-executive-ripping-society-apart
(7) https://www.theguardian.com/books/2017/apr/21/irresistible-by-adam-alter-review-technology-addiction
(8)https://www.theguardian.com/technology/2018/jan/19/tim-cook-i-dont-want-my-nephew-on-a-social-
network
(9) https://www.nytimes.com/11/09/2014/fashion/steve-jobs-apple-was-a-low-tech-parent.html
(10) https://inthemoment.io

‫م‬2018 ‫ ربيع‬، ‫هـ‬١٤٣9 ‫ رجب‬،‫ السنة الثانية عرشة‬،‫ العدد الخامس واالربعون‬,‫اإلعجاز‬

48
‫علوم إجتماع‬ ‫والسنة‬ ‫يف القرآن‬

‫جربوا ‪ ...‬لن خترسوا شيئاً‬


‫ّ‬
‫جربوا الإبتعاد عن مواقع التوا�صل االجتماعي قلي ًال‪ ،‬و�ستكت�شفون �أنه مل يفتكم �شيء داخله‪ ،‬لكن‬
‫فاتتكم �أ�شياء كثرية خارجه‪!!.‬‬
‫‪ -‬كربت �أمهاتكم و�آبا�ؤكم و�أنتم ال ت�شعرون‪.‬‬
‫‪� -‬أهملتم تربية �أوالدكم وبناتكم و�أنتم �ساهون‪.‬‬
‫‪ -‬غادر �أحبتكم دون �أن تنتبهوا‪.‬‬
‫‪� -‬ضاعت عليكم فر�ص كثرية‪ ،‬و�أوقات ثمينه و�أنتم غافلون‪.‬‬
‫�صلوات‪� ،‬أذكار‪� ،‬سنن‪ ،‬قراءة القر�آن‪ ،‬جلو�س مع �أمهاتكم و�أبائكم‪ ،‬اهتمام ب�أطفالكم ومراقبتهم‪،‬‬
‫ترديد وقت الأذان‪� ،‬إ�ستغفار وقت ال�سحر‪ ،‬جلو�س ودعاء عقب كل �صالة‪� ،‬صالة على النبي �صلى اهلل‬
‫عليه و�آله و�صحبه و�سلم‪ ،‬وغريها الكثري الكثري ‪....‬‬
‫هل �س�ألت نف�سك يوم ًا ما‪ ،‬ملاذا مواقع التوا�صل الإجتماعية جمانية؟‪.‬‬
‫بب�ساطة‪ ،‬عندما ال تدفع ثمن الب�ضاعة فاعلم �أنك (�أنت الب�ضاعة)‪.‬‬

‫بريد القراء �أ‪.‬د‪.‬‬

‫اإلعجاز‪,‬العدد الخامس واالربعون‪ ،‬السنة الثانية عرشة‪ ،‬رجب ‪١٤٣9‬هـ ‪ ،‬ربيع ‪2018‬م‬

‫‪49‬‬
‫مقال حرّ‬ ‫والسنة‬ ‫يف القرآن‬

‫َولَيْ َ‬
‫س اذلَّ َك ُر كاَلأُْن ٰ‬
‫ثىَ‬
‫نظرية "اجلندر" املزعومة‬
‫أ‪ .‬عمر الرتك*‬
‫مقدمة‬
‫�سواء �أ�صول الهوية النوعية‪ ،‬وحكمة تغيري‬ ‫كمال ف�إذا �شعر �أحد بنق�ص‬‫خلق اهلل كما ٌل يف ٍ‬ ‫ُ‬
‫اجلن�س املحدد بيولوجيا‪ ،‬وما �إذا كان املجتمع‬ ‫هذا التكوين الإلهي �أو الن�ش�أة فليعلم �أن النق�ص‬
‫ينبغي �أن يقبل فئة الهوية النوعية كحقيقة وفئة‬ ‫من عنده �إما لعدم حتقيق الدليل العقلي‬
‫بيولوجية طبيعية‪)2(.‬وعندما �سئل "بن �شبريو"‪،‬‬ ‫�أوالنقلي �أو ب�سبب عناد وتكرب و�شهوة يف غري‬
‫باحث قانوين و�سيا�سي نا�شط‪ ،‬عن اجلندر‬ ‫ُخدم م�صطلحا "اجلن�س‬ ‫حملها‪ .‬لطاملا ا�ست ِ‬
‫�أو النوع‪ :‬هل هي حالة ذهنية �أو �إجتماعية‬ ‫‪ " sex‬و "النوع ‪ "gender‬بالتبادل‪ ،‬ولكن يف‬
‫كما يزعم الكثريون؟ ف�أجاب بحنكة قائال‪:‬‬ ‫معانيهما "امل�ستحدثة"‪� ،‬أ�صبحت تختلف ب�شكل‬
‫"ال تتغري حالتك اجلن�سية مبجرد ادعاء �أنك‬ ‫متزايد‪ .‬وبوجه عام‪ ،‬ي�شري م�صطلح "اجلن�س"‬
‫جن�س �أخر‪� .‬إذا قلت عن نف�سك غزال فهل �أنت‬ ‫�إىل االختالفات البيولوجية بني الذكور والإناث‪،‬‬
‫غزال؟ و�أردف �سائال ملاذا ل�ست بعمرال�ستني‬ ‫مثل االختالفات التنا�سلية والوراثية‪ .‬ومن‬
‫�أي ال تدعني �أنك بهذا العمر علما �أنك يف‬ ‫ال�صعب تعريف "اجلندر"�أو "النوع" معناه‬
‫العقد الثاين من عمرك؟ وقال‪ :‬كما ال ميكن‬ ‫اجلديد املق�صود املم َّوه‪ ،‬لكن ميكن �أن ي�شري �إىل‬
‫�أن تزعمني �أنك بعمر معني خمالف لعمرك‬ ‫دور الرجل �أو الأنثى يف املجتمع (دور النوع)‪،‬‬
‫كذلك ال ميكن الإدعاء �أنك من جن�س مل تخلقي‬ ‫�أو مفهوم الفرد لنف�سه �سواء كان ذكر ًا �أم �أنثى‬
‫فيه"‪ .‬فربط العمر مع اجلن�س انهما �شريكان يف‬ ‫(الهوية النوعية )(‪ .)1‬وف�صل هذا التعريف‬
‫قرن‪ ،‬ال يتغريان‪ .‬ثم احتجت ال�سائلة‪" :‬البع�ض‬ ‫ميكن القارئ من �أن يبني ما ُيح َبك من‬ ‫حديثا ِّ‬
‫يغري �أ�سمه وهويته وجن�سه قانونيا فرد‪" :‬لي�ست‬ ‫مفاهيم جديدة خاطئة ابتكرها الغرب و�أقنع‬
‫بحجة‪ ،‬لأن ما يكون �أحيانا �صحيح قانونيا ال‬ ‫العامل ب�صحتها وي�سعى لإقحامها يف الوعينا‬
‫يكون �صحيح بيولوجيا و�أعطى مثاال جميال على‬ ‫و�إدخالها اىل م�ؤ�س�ساتنا وبالدنا وبراجمنا‬
‫ذلك عندما قامت الواليات املتحدة الأمريكية‬ ‫لإ�ستيعاب ما �أُل�صق عليه ا�سم"الهوية النوعية"‬
‫بتعقيم �ستني �ألفا من مواطنيها املتخلفني عقليا‬ ‫ب�سال�سة وت�سلل تا ّمني‪.‬‬
‫يف ال�ستينات لإمكانية حت�سني �صفات اجلن�س‬ ‫�أ�صل امل�شكلة‪:‬‬
‫الب�شري و�إ�ستبعاد الذين يعانون من عيوب‬ ‫ن�شرت �صحيفة نيويورك تاميز مقاال عن النوع‬
‫وراثية �أو �سمات غري مرغوبة وراثيا‪)3(.‬فكان هذا‬ ‫فقالت‪ :‬يف عام ‪ ،1952‬خ�ضع ولأول مرة جورج‬
‫م�سموحا قانونيا ولكنه خمالف بيولوجيا‪ .‬وقال‬ ‫يورغن�سن‪ ،‬وهو من مواليد �أمريكا‪ ،‬للعالج‬
‫بني‪" :‬م�شاكل الذين يعانون من م�شكلة الهوية‬ ‫اجلراحي والهرموين يف الدمنارك لي�صبح‬
‫النوعية حتوم حول رغبتهم بقبولهم كجن�س‬ ‫كري�ستني يورجن�سن‪ .‬ومنذ ذلك احلني‪ ،‬ناق�ش‬
‫مهنيو ال�صحة والأ�شخا�ص العاديون على حد‬
‫اإلعجاز‪ ,‬العدد الخامس واالربعون‪ ،‬السنة الثانية عرشة‪ ،‬رجب ‪١٤٣9‬هـ ‪ ،‬ربيع ‪2018‬م‬

‫‪50‬‬
‫مقال حرّ‬ ‫والسنة‬ ‫يف القرآن‬

‫معينة من التدريب يف كيفية التعامل مع النوع‬ ‫�أخر وهذا خط�أ لأن املجتمع لي�س م�ضطرا لقبول‬
‫واجلن�س مع الطالب‪ ،‬قالت ال‪" :‬خويف �أن‬ ‫(‪)4‬‬
‫ظاهرة خمالفة للطبيعة ‪.‬‬
‫التدريب �سيوحي لهم �أن هنالك طريقة �سليمة‬ ‫ما يفر�ض على الأمم اليوم خمالف للطبيعة‪:‬‬
‫لتعليمه"‪.‬‬ ‫وبرز م�ؤخرا العديد من احلمالت والتوعيات‬
‫الأمم املتحدة �شريكة يف املخالفة للطبيعة‪:‬‬ ‫لت�شجيع قبول النوع كحرية �إجتماعية و�شخ�صية‪.‬‬
‫قمة بكني وانتفا�ضة الأع�ضاء امل�سلمني �ضد‬ ‫وحو ِرب كل من يعار�ض هذه الظاهرة على �أنه‬
‫مفهوم (النوع) "اجلندر"‪:‬‬ ‫متخلف غري مواكب للع�صر احلديث‪ .‬ون�شرت‬
‫تعترب ق�ضية حترير املر�أة من "قيود املجتمع" من‬ ‫�صحيفة الإندبندنت الربيطانية مقاال عن قيام‬
‫املوا�ضيع ال�سائدة يف ع�صرنا احلايل وقد �ساد‬ ‫نحو ‪ 120‬مدر�سة ابتدائية وثانوية يف بريطانيا‬
‫الر�أي �أن املر�أة حرة بنف�سها وال حتتاج ل�شريك‬ ‫�سيا�سات لدعم الأطفال الذين يعانون من‬
‫حتى تكون ناجحة وم�ستقلة‪ .‬ونالحظ كرثة‬ ‫م�شكلة الهوية النوعية‪ .‬وهذا الت�صرف �أرعن‬
‫انعقاد م�ؤمترات وندوات تطالب برفع الظلم عن‬ ‫وغري مقبول كما قالت الدكتورة جوانا ويليامز‪،‬‬
‫املر�أة و�إعطائها حقوقها التي تزعم ان الأديان‬ ‫باحثة و�أكادميية‪":‬قد يبد�أ �أطفال املدر�سة‪،‬‬
‫والأعراف والتقاليد حرمتها منها‪� .‬إال �أن امل�ؤمتر‬ ‫طبيعيا‪ ،‬بفهم الفرق بني اجلن�سني‪ ،‬ولكن يتم‬
‫املميز كان ذاك الذي انعقد برعاية الأمم‬ ‫ت�شجيعهم ب�سرعة على التغا�ضي عن هذه‬
‫املتحدة يف ال�صني ما بني ‪� 30‬أب و‪� 8‬أيلول‪ ،‬من‬ ‫املعرفة"‪ .‬ويف الوقت الذي يبد�أون فيه املدر�سة‪،‬‬
‫عام ‪1995‬م ‪ ،‬كونه قد �شارك فيه ‪ 189‬دولة و‪30‬‬ ‫يعرف معظم الأطفال �أ�سماءهم و�أعمارهم‬
‫�ألف م�شارك من العامل كله‪ .‬وتكلمت الدكتورة‬ ‫و�أين يعي�شون‪ .‬وقالت‪" :‬معظمهم يعرفون �أي�ضا‬
‫فتنت م�سيكة بر عن بع�ض �إيجابيات امل�ؤمترات‬ ‫ما �إذا كانوا ذكران �أو �إناثا"‪ .‬وعلى الرغم من‬
‫�أنها جعلت من ق�ضية املر�أة ق�ضية عاملية قائمة‬ ‫ذلك‪ ،‬ف�إن العديد من املدار�س االبتدائية لديها‬
‫(‪)6‬‬
‫على امل�ساواة مع الرجل و�أنها خملوق ناجح‪.‬‬ ‫الآن �سيا�سات "لدعم الأطفال ذوي امل�شاكل يف‬
‫ولكن قالت ان ال�سلبيات �أكرث و�أبقى ومنها التي‬ ‫الهوية النوعية" و "تقدمي نظرة عامة وا�سعة‬
‫ذكرتها الدكتورة م�سيكة‪:‬‬ ‫الحتياجاتهم و�أ�سرهم‪ .‬وقالت �إن ذلك ميكن‬
‫‪�)1‬إلغاء الأحكام وال�شرائع والقوانني و�سائر‬ ‫�أن ي�ؤدي �إىل نتائج عك�سية م�شجعا حتى الأطفال‬
‫الأنظمة املعمول بها يف الد�ساتريالوطنية‬ ‫ال�صغار على الت�سا�ؤل عما �إذا كانوا حقا �صبي‬
‫‪)2‬تغيري وتعديل الأمناط ال�سلوكية والثقافية لكل‬ ‫�أو فتاة"(‪ .)5‬ويف عام ‪� ،2017‬أعلنت �أهم مدر�سة‬
‫من الرجل واملر�أة واىل �إحداث تغيري يف الدور‬ ‫خا�صة يف بريطانيا (مدر�سة �سانت بول) للبنات‬
‫التقليدي للرجل واملر�أة يف املجتمع والأ�سرة‬ ‫�أنها �أدخلت "بروتوكول حمايد جن�سيا" ي�سمح‬
‫لذلك تقول الكاتبة‪�" :‬إن كل هذه الدعوات‬ ‫للتالميذ ارتداء زي الفتيان وا�ستخدام �أ�سماء‬
‫باطلة لأنه يرتتب خماطر كثرية نرجو �أال ت�صبح‬ ‫الذكور تقليديا �إذا ما �أرادوا ذلك‪ .‬و�سوف تنظر‬
‫م�شروعة ومقبولة يف الن�صو�ص الت�شريعية لأنها‪:‬‬ ‫مدر�سة لندن اخلا�صة �أي�ضا الآن يف طلبات‬
‫‪-‬تدعو �إىل �إلغاء فكرة التفاوت بني الذكر‬ ‫الإلتحاق لطالب ال�ستة ع�شرة عاما من خالل‬
‫والأنثى على �أنها ناجتة عن اخل�صائ�ص‬ ‫عملية ر�سمية للتعرف عليهم داخل املدر�سة �إما‬
‫البيولوجية والف�سيولوجية فيما بينها وبالتايل‬ ‫ذكور �أو حيادي اجلن�س‪ .‬وعندما �سئلت الدكتورة‬
‫وليامزعما �إذا كان ينبغي �إعطاء املعلمني درجة‬
‫اإلعجاز‪,‬العدد الخامس واالربعون‪ ،‬السنة الثانية عرشة‪ ،‬رجب ‪١٤٣9‬هـ ‪ ،‬ربيع ‪2018‬م‬

‫‪51‬‬
‫مقال حرّ‬ ‫والسنة‬ ‫يف القرآن‬

‫�ساهمت يف و�ضع وثيقة بكني اخلتامية والتي‬ ‫�إىل �إلغاء فكرة �أن اهلل �سبحانه وتعاىل هو الذي‬
‫�أوردت فيها كلمة ‪� gender‬أكرث من ‪160‬‬ ‫وتدعي �أن هذا‬
‫خلق الذكر ذكر او الأنثى �أنثى!! ّ‬
‫مرة‪ ،‬و�أوردت كلمة �أم فقط ‪ 6‬مرات!! كما مت‬ ‫التفاوت نا�شئ عن البيئة املعي�شية‪ ،‬وعن ظروف‬
‫ا�ستعمال كلمة “‪� ”partner‬أي �شريك بدل‬ ‫التن�شئة الإجتماعية والإقت�صادية القابلة ملبد�أ‬
‫كلمة زوج وكلمة “‪� ”couple‬أي زميل بني �أي‬ ‫التطور والأرتقاء‬
‫�إثنني �سواء عالقة �شرعية �أو مثلية! ‬ ‫‪-‬انها و�ضعت املر�أة يف حالة مواجهة مع الرجل‬
‫وهذه املوا�ضيع �أثارت جدال واعرتا�ضا عنيفا من‬ ‫على�أنه هو ال�سبب يف تقييدحريتها"‬
‫دول عديدة يف امل�ؤمتر وخا�صة الدول العربية‬ ‫‪-‬ف�ضال" عن ذلك ف�إن هناك م�صطلحات �أخرى‬
‫امل�سلمة‪ ،‬وترى الكاتبة ب�أن الدعوة‪ ،‬ب�إ�سم امل�ساواة‬ ‫�أثارت جدال كبريا يف جل�سات �صاخبة ال �سيما‬
‫املطلقة‪� ،‬إىل الق�ضاء على جميع �أ�شكال التمييز‬ ‫فيما يتعلق بتغيري �أمناط و�أدوار املر�أة والرجل‬
‫�ضد املر�أة هي دعوة مغر�ضة وم�شبوهة‪ .‬وتتابع‬ ‫يف الأ�سرة واملجتمع املرعية يف جميع جماالت‬
‫الدكتورة فتنت م�سيكة بر بالقول‪" :‬املطلوب �إذن‬ ‫احلياة‪ .‬وكما �أردفنا يف املقدمة‪ ،‬الذي �ساهم‬
‫هو الوقوف �أمام هذه الدعوات ال�شاذة"‪.‬‬ ‫يف ا�ستخدام هذه امل�صطلحات ال�شاذة ور ّوجها‬
‫وكل هذه الإفرتاءات والتعديات يف م�س�ألة جن�س‬ ‫هو التحريف الأ�صلي لكلمة جندر“‪”gender‬‬
‫الذكر والأنثى و�إخرتاق م�سميات جديدة �سببها‬ ‫الذي لطاملا يعني كلمة “‪�”sex‬أي جن�س الذكر‬
‫فكر �شاذ ملحد (حتت غطاء ديني �سيا�سي) �أراد‬ ‫والأنثى و�إ�ستبدالها بكلمة النوع فقط وما ا�شتُق‬
‫ان يتحدى اهلل يف خلقه وي�شبع رغباته املنحرفة‬ ‫منه دور النوع والهوية النوعية كما �أوردنا‬
‫ففر�ضوها علينا كي ي�ستطيعوا �أن يناموا ليال‬ ‫و�أ�صبحت تعاريف موجودة ر�سميا يف املراجع‬
‫مطمئنو البال وت�سمية كل معار�ض لهم ب�أنه‬ ‫"املرموقة" كافة‪ .‬وهذا يعني بنظرهم �أن‬
‫متع�صب رجعي ال عقل وال ذوق له‪.‬‬ ‫�إختالف الرجل عن املر�أة ناجت عن البيئة وعن‬
‫م�ساوئ هذا التطبيق و�آثاره اخلطرية‪:‬‬ ‫التن�شئة الإجتماعية ولي�س وليد اخل�صائ�ص‬
‫وعلى امل�سلم عامة وال�شباب خا�صة �أن ي�أخذوا‬ ‫الفطرية والطبيعية‪.‬‬
‫ِحذرهم عند التعر�ض ملثل هذه الظواهر‬
‫املتف�شية والت�سلح بالعلم واحلجة لكي ال ين�ساقوا‬ ‫ويت�ساءل القارئ ملا هذه الإجتهادات يف التعاريف‬
‫اىل التخلي عن معتقدهم ومفهومهم ال�صحيح‬ ‫املتعارف عليها �أ�صال وامل�سا�س مبا خلق اهلل؟‬
‫الفطري اىل مفهوم خاطئ مكت�سب من خمالفة‬ ‫وهل الإله العظيم يخطئ يف خلق ذكر يف ج�سد‬
‫الفطرة و�إىل معار�ضة �شرع اهلل‪.‬‬ ‫�أنثى والعك�س؟ تعاىل اهلل عن ذلك علوا كبريا‪.‬‬
‫قالت منظمة ال�صحة العاملية يف مو�ضوع النوع‪:‬‬ ‫قال اهلل تعاىل يف �سورة التني‪ :‬لقد خلقنا الإن�سان‬
‫"ويف حني يولد النا�س �إما ذكرانا �أو �إناثا‪ ،‬ف�إنهم‬ ‫يف �أح�سن تقومي‪ .‬فلماذا الغلو يف هذا الباب؟‬
‫يدر�سون القواعد وال�سلوكيات املنا�سبة ‪ -‬مبا‬ ‫اجلواب‪ :‬حامل لواء هذا التحريف لكلمة جندر‬
‫يف ذلك كيفية تفاعلهم مع الآخرين من نف�س‬ ‫هي "منظمة الن�ساء للبيئة والتنمية" وهي مظلة‬
‫اجلن�س �أو اجلن�س الآخر داخل الأ�سر املعي�شية‬ ‫ملجموعة من " احلركات الأنثوية الأمريكية "‬
‫واملجتمعات املحلية و�أماكن العمل‪ .‬فعندما ال‬ ‫التي تر�أ�سها �سيدة من الكونغر�س الأمريكي‬
‫يتواءم الأفراد �أو اجلماعات مع املعايري النوعية‪،‬‬ ‫ذات الأ�صول اليهودية وتدعى "بيال ابزوق" التي‬

‫اإلعجاز‪ ,‬العدد الخامس واالربعون‪ ،‬السنة الثانية عرشة‪ ،‬رجب ‪١٤٣9‬هـ ‪ ،‬ربيع ‪2018‬م‬

‫‪52‬‬
‫مقال حرّ‬ ‫والسنة‬ ‫يف القرآن‬

‫مما يثبت للقارئء �أن ظاهرة الهوية النوعية‬ ‫ف�إنهم غالبا ما يواجهون الو�صم (�ستيجما) �أو‬
‫مكت�سبة �إجتماعيا وثقافيا بغري حياء �أو �إعتبار‬ ‫املمار�سات التمييزية �أو اال�ستبعاد االجتماعي‬
‫للعقول الراقية و�أن امل�سا�س بها واعتبارها‬ ‫وكل ذلك ي�ؤثر �سلبا على ال�صحة"(‪ .)7‬لذلك كل‬
‫طبيعية فطرية عمل يودي اىل التهلكة‪.‬‬ ‫ما تدهورت و�ساءت مناهج و�أ�ساليب امل�ؤ�س�سات‬
‫ر�أي الإ�سالم وتفريقه بني ميزات اجلن�سني‬ ‫التعليمية والرتبوية والإجتماعية عامة واملنزل‬
‫الإ�سالم هو ال�سباق ب�إعطاء كل ذي حق حقه‬ ‫خا�صة ‪� ،‬شعر الطفل �أن هذه التعاليم �أو‬
‫فحدد دور الرجل ودور املر�أة فجعلها عالقة‬ ‫الت�صرفات ال تتالئم مع �شخ�صيته وانه ال ي�أخذ‬
‫تكاملية حتيط الأ�سرة ب�سياج �أمني حلياتها‬ ‫حق جن�سه الطبيعي فريتبك‪ .‬عندها يحيد عن‬
‫املعي�شية‪ .‬والعلم احلديث يقول �أن دماغ الطفل‬ ‫فطرته ويبد�أ بالإختبار والت�سا�ؤل من دون رقابة‬
‫يبد�أ‪ ،‬منذ الوالدة‪ ،‬بت�سجيل الأحداث وجميع ما‬ ‫�أ�شخا�ص م�ؤهلني يدلونه ويجيبون على ت�سا�ؤالته‪.‬‬
‫يحيط به فيجب على الأهل وامل�ؤ�س�سات التعليمية‬ ‫فيكون اللوم على عدم قدرة املعلم �أو النظام �أو‬
‫والأ�سرى �إعداد ه�ؤالء الأوالد على الفطرة‬ ‫املربي فهم ه�ؤالء الأطفال فيقنعونهم �أنه ال �ضري‬
‫ال�سليمة عرب ما يلقون من دور االب والأم يف‬ ‫يف الت�شكيك يف هويتك النوعية وي�سمونها حرية‬
‫املنزل‪ .‬يقول اهلل تعاىل يف �سورة الن�ساء‪ :‬ال ِّر َج ُال‬ ‫التعبري عن الر�أي فت�صبح منهجا طبيعيا تبنى‬
‫َق َّوا ُمونَ َع َلى ال ِّن َ�سا ِء بمِ َ ا َف َّ�ض َل اهلل َب ْع َ�ض ُه ْم َع َلى‬ ‫عليه �أبحاث وعلوم ونظريات و�أ�سا�سها باطل يف‬
‫َب ْع ٍ�ض وَبمِ َ ا �أَن َف ُقوا ِمنْ �أَ ْم َوا ِل ِه ْم‪ .‬ف�أول دور للرجل‬ ‫باطل‪.‬‬
‫يف الإ�سالم �أن يكون راعيا للبيت يعمل ويعيل‬ ‫وقد تابع فريق �سويدي من معهد كارولين�سكا‬
‫وينفق على زوجته و�أهله و�إذا مل ينفق ومل يعمل‬ ‫وجامعة غوثنربغ ‪� 324‬شخ�صا خ�ضعوا لعملية‬
‫نق�ص �شرط القوامة‪ .‬و�أما املر�أة �أ�شار اهلل �إليها‬ ‫�إعادة تعيني اجلن�س لت�شكيكهم يف هويتهم‬
‫َات َحا ِف َظ ٌ‬
‫ات ِّل ْل َغ ْي ِب بمِ َ ا‬ ‫ال�صالحِ َ اتُ َقا ِنت ٌ‬ ‫بقوله‪َ :‬ف َّ‬ ‫النوعية ومقارنتها مع ال�ضوابط املتطابقة يف‬
‫َح ِف َظ اهلل‪ .‬ففرق الإ�سالم فرقا وا�ضحا بني‬ ‫عموم ال�سكان‪ .‬وبعد معدل متابعة قدره ‪� 11‬سنة‬
‫اجلن�سني ف�أ�شار �إىل املر�أة بال�صاحلة مبا�شرة‬ ‫ونيف‪ ،‬كان معدل الوفاة للرجال والن�ساء الذين‬
‫�إذا �صلحت و�صلح بها زوجها وحافظت على‬ ‫�أجروا عمليات تغيري اجلن�س �أعلى بثالث مرات‬
‫بيتها وعالقتها العاطفية مع زوجها والروحية‬ ‫من �أي �أ�سباب �أخرى‪ .‬وقال الباحثون �إن معدالت‬
‫مع ربها‪ .‬فاملر�أة يف الإ�سالم �سكن عاطفي تغلب‬ ‫االنتحار مرتفعة ب�شكل خا�ص‪ ،‬مما ي�شري �إىل‬
‫عاطفتها عقلها يف كثري من الأحيان ‪ ،‬وحتدث‬ ‫"احلاجة �إىل املتابعة النف�سية امل�ستمرة" بني‬
‫لها هذه احلالة �أكرث من الرجل وم�أوى نف�سي‬ ‫الذين يخ�ضعون لتغيري اجلن�س‪ .‬وت�ضاعفت‬
‫للرجل املنفق املنهك بعد عمل طويل فال ميكن �أن‬ ‫وفيات ال�سرطان يف املجموعة اجلراحية(‪.)8‬كما‬
‫تنقلب هذه الأدوار‪ .‬والرجل �سند للمر�أة وم�صدر‬ ‫جرت درا�سة م�شابهة يف الدمنارك �أ�سفرت عن‬
‫للقوة ودعم مادي ومعنوي‪ .‬وننوه ان الإ�سالم مل‬ ‫النتيجة ذاتها يف ال�سويد(‪ .)9‬فه�ؤالء الذين �سمعوا‬
‫مينع املر�أة على �أن تخرج وتعمل ولكن ب�شروط‬ ‫و�أطاعوا ملا �أمرهم ال�شيطان به يف �سورة الن�ساء‪:‬‬
‫ويف وظائف تليق مبقامها‪.‬‬ ‫َو َ آل ُم َر َّن ُه ْم َف َل ُي َغ ِرّ ُينَّ َخ ْلقَ ال َّلـ ِه‪ .‬واجلواب خ�سارة‬
‫و�إذا حتولت املر�أة اىل رجل و�أجرت عملية‬ ‫ال�ش ْي َطانَ َو ِل ًّيا ِّمن ُد ِ‬
‫ون ال َّلـ ِه‬ ‫م�ضنية‪َ :‬و َمن َيت َِّخ ِذ َّ‬
‫جراحية فمن ينجب؟ كيف تربي الأوالد وعلى‬ ‫َف َق ْد َخ ِ�س َر ُخ ْ�س َرا ًنا ُّم ِبي ًنا‪.‬‬

‫اإلعجاز‪,‬العدد الخامس واالربعون‪ ،‬السنة الثانية عرشة‪ ،‬رجب ‪١٤٣9‬هـ ‪ ،‬ربيع ‪2018‬م‬

‫‪53‬‬
‫مقال حرّ‬ ‫والسنة‬ ‫يف القرآن‬

‫وا�ضح و�صريح �أن امل�شرع ال يخطئ‪ .‬وكما يف‬ ‫ماذا؟ و�إذا حتول الرجل اىل �إمراة وقطع كافة‬
‫املرياث و�شهادة املر�أة‪� .‬أال يعلم من خلق وهو‬ ‫تعلقاته فمن يقاتل دفاعا عن الوطن ويتحمل‬
‫اللطيف اخلبري؟‬ ‫�ضغوطات العمل وال�سفر وال�سوق والدعوة اىل‬
‫اخلامتة‬ ‫اهلل وال�صالة و�شرائع الإ�سالم التي اخت�صت‬
‫قد يتف ّهم الإ�سالم جراحة تغيري اجلن�س لأ�سباب‬ ‫بالذكورة؟ وامللفت للنظر ان الواليات املتحدة‬
‫َخلقية‪ ،‬ال لأ�سباب نف�سية �أو مزاجية عائدة‬ ‫الأمريكية‪ ،‬الرائدة يف جمال �إعطاء احلقوق‬
‫لت�أثريات بيئية خاطئة و�شاذة‪ .‬ومل يرتك الإ�سالم‬ ‫للذين يعانون من م�شكلة الهوية النوعية‪ ،‬منعت‬
‫�شيئا يهم االن�سان �إال وتكلم عنه وواكبه‪ .‬وكل ما‬ ‫ه�ؤالء من اخلدمة الع�سكرية كما منعت من �إنفاق‬
‫ي�ستجد مو�ضوع ي�سرتعي �إنتباه النا�س قاطبة‬ ‫�أي مال للم�ساعدة الطبية له�ؤالءاملتواجدون‬
‫نرى �أن الإ�سالم �سباق يف هذا املجال و�أنه ب ّينه‬ ‫�سابقا على عهد الرئي�س �أوباما‪ )10(.‬ي�س�أل ال�سائل‬
‫ثم وافقه �أو رف�ضه‪ ،‬وفق ًا لذلك‪ .‬ويف �سورة �آل‬ ‫ملاذا؟ والإجابة �أن لو تغري اجل�سد والهندام‬
‫عمران عندما نذرت امر�أة عمران (�أم ال�سيدة‬ ‫والت�صرفات‪ ،‬فالروح والنف�س والعواطف والقوة‬
‫مرمي) ما يف بطنها هلل تعاىل حمررا‪ ،‬قال اهلل‬ ‫والكيان ال تتغري‪ .‬فالزوجة الأم راعية على‬
‫تعاىل‪َ }:‬ف َل َّما َو َ�ض َع ْت َها َقا َل ْت َر ِّب �إِنيِّ َو َ�ض ْع ُت َها‬ ‫البيت والأوالد بفطرتها وعاطفتها والرجل راع‬
‫�أن َث ْى َواللهَّ ُ �أَ ْع َل ُم بمِ َ ا َو َ�ض َع ْت َو َل ْي َ�س َّ‬ ‫على �أهل بيته وعمله بفطرته وقوته ف�إذا �أنقلبت‬
‫الذ َك ُر كالأ ُن َث ْى‬ ‫الأدوار غ�شوهم‪.‬‬
‫َو�إِنيِّ َ�س َّم ْي ُت َها َم ْريمَ َ َو�إِنيِّ �أُ ِع ُيذ َها ِب َك َو ُذ ِّر َّي َت َها ِمنَ‬ ‫الإ�سالم �أمر املر�أة �أن تلب�س غرياللبا�س الذي‬
‫ال�ش ْي َط ِان ال َّر ِج ِيم{‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫�أمر به الرجل ‪ ،‬وج�سد املر�أة يختلف عن ج�سد‬
‫الرجل وكالهما فتنة للآخر �إذا مل ُيحرتم‬
‫*من �أ�صدقاء منتدى الإعجاز العلمي يف القر�آن وال�سنة‪ -‬لبنان‪.‬‬ ‫اللبا�س الالئق �أو ك�شفا ما مل ي�أمر به اهلل‪.‬‬
‫‪)1( https://www.medicalnewstoday.com/articles/232363.php‬‬ ‫والرجل عورته من ال�سرة �إىل الركبة واملر�أة‬
‫‪)2(https://well.blogs.nytimes.com/13/06/2016/‬‬
‫‪transsexualism-as-a-fact-of-nature/‬‬
‫كلها عورة �إال الوجه والكفني فلي�س من املنطق �أن‬
‫‪)3(https://www.huffingtonpost.com/entry/sterilization-‬‬ ‫يتغريا مبجرد �إدعاء �أحدهم �أنه نوع �أخر‪.‬‬
‫‪united-states_us_568f35f2e4b0c8beacf68713‬‬ ‫ويتزوج الرجل امل�سلم من الكتابية �شرع ًا لأنه‬
‫‪)4( https://www.youtube.com/watch?v=gkONHNXGfaM‬‬
‫‪)5(http://www.independent.co.uk/news/education/‬‬
‫ي�ؤمن بجميع الأنبياء ومنهم مو�سى وعي�سى‪،‬‬
‫‪education-news/transgender-policies-school-gender-‬‬ ‫واملر�أة عاطفية ففر�صتها للدخول يف الإ�سالم‬
‫‪identity-neutral-toilets-waste-of-time-money-dr-‬‬ ‫�أكرب �أما املر�أة امل�سلمة فال تتزوج �إال م�سلما لأنها‬
‫‪joanna-williams-a7805511.html‬‬ ‫عاطفية ف�إذا تزوجت ممن ينكر �أعظم الر�سل‬
‫م�سيكة بر فتنت ‪ :‬امل�ؤمترات الدولية املعنية باملر�أة يف امليزان – بني ال�سلبيات والإيجابيات‪ ،‬ملحق‬
‫بكتاب حقوق املر�أة بني ال�شرع الإ�سالمي وال�شرعية العاملية حلقوق الإن�سان – الطبعة الأوىل ‪ ،‬دار‬
‫ف�أ�صبحت العالقة جحيما‪ .‬ف�إذا �أنقلبت الهوية‬
‫املعارف ‪ ،‬بريوت ‪1992‬‬ ‫النوعية كيف منيز الكتابي من الكتابية؟ فانهدم‬
‫‪)7( http://www.who.int/gender-equity-rights/knowledge/‬‬ ‫�أ�س�س من الدين عظيم‪.‬‬
‫‪glossary/en/‬‬
‫‪)8(http://journals.plos.org/plosone/article?id=10.1371/‬‬
‫و�أ�سقط اهلل تعاىل عن املر�أة بع�ض الفرائ�ض يف‬
‫‪journal.pone.0016885‬‬ ‫حاالت احلي�ض والنفا�س ومل ت�سقط على الرجل‬
‫‪)9(http://www.smoa.jsexmed.org/article/S-2050‬‬ ‫وحرم الذهب واحلرير على الرجال فقط وهذا‬
‫‪-00009)16(1161X/pdf‬‬
‫‪)10(https://edition.cnn.com/25/08/2017/politics/trump-‬‬
‫‪transgender-military/index.html‬‬
‫اإلعجاز‪,‬العدد الخامس واالربعون‪ ،‬السنة الثانية عرشة‪ ،‬رجب ‪١٤٣9‬هـ ‪ ،‬ربيع ‪2018‬م‬

‫‪54‬‬
‫مقال حرّ‬ ‫والسنة‬ ‫يف القرآن‬

‫كتب عليمك الصيام‬


‫مقارنة يف حاةل الصوم بني امل�سيحية‬
‫أ‪.‬خالد حنون*‬
‫واإلسالم‬
‫ال يوجد يف الإجنيل �آيات قاطعة تدعوا لل�صوم كما‬
‫على �سلطة الكني�سة ‪ ...‬فهو مل يكن من �إرادة الكني�سة‬ ‫هو احلال يف القر�آن‪ .‬فال�صيام كغريه من الطقو�س‬
‫�إمنا فر�ض عليها فر�ضا‪ .‬ور�ضيت به"‪ )3( .‬وجدير‬ ‫والقوانني الدينية خ�ضعت يف �أ�سا�سياتها وتفا�صيلها‬
‫بالذكر �أن املجامع الثمانية امل�سكونية الأوىل كلها‬ ‫ملا تقرره املجامع امل�سكونية التي بد�أت يف بداية القرن‬
‫دعا اليها الأباطرة مبر�سوم منهم ومل يكن هناك �أي‬ ‫الرابع(‪ 325‬م) مع املجمع امل�سكوين الأول الذي عقد‬
‫معار�ضة من �أحد ‪)4(.‬‬ ‫يف مدينة نيقية الواقعة يف �آ�سيا ال�صغرى يومها (تركيا‬
‫�أمام هذا الواقع �إختلفت النظرة �إىل ال�صيام‬ ‫الآن)‪ .‬وهذا املجمع هو الذي حدد موعد عيد الف�صح‬
‫وم�شروعيته وماهيته و�شروطه بني الطوائف امل�سيحية‬ ‫الذي ي�سبقه ما يعرفه اجلميع بال�صوم الكبري‪)1 (.‬‬
‫ال�سيما الثالثة الكربى‪( ،‬الكاثوليكية ‪،‬الأرثوذك�سية‪،‬‬ ‫يقول الق�س زكريا بطر�س ‪":‬لقد ظهرت يف الكني�سة‬
‫والربوت�ستنتية االجنيلية)‘ناهيك عن موعد بدايته‬ ‫خالل ع�صورها الأوىل ِعدة هرطقات نتيجة للتفا�سري‬
‫والتقومي الذي �سيعتمد عليه ‪ ،‬فهل �سيكون تقوميا‬ ‫والت�أويالت غري ال�صحيحة ملفهوم �آيات الكتاب‬
‫�شم�سيا �أو قمريا �أو خليطا من االثنني؟‪...‬‬ ‫املقد�س‪ .‬ولكن الكني�سة �إزاء هذه الهرطقات كانت‬
‫وعلى �سبيل املثال يقبل الربوت�ستانت ‪ -‬الطائفة‬ ‫تدعو �إىل اجتماعات ُتعرف با�سم "املجامع" لبحث‬
‫الثالثة الكربى يف امل�سيحية ‪ -‬ال�صوم كعمل فردي يف‬ ‫هذه الهرطقات و�إ�صدار احلكم ب�صددها‪.‬‬
‫�أي وقت‪ ،‬ولكنهم ال يوافقون على �أ�صوام حمددة يف‬ ‫وكانت هذه املجامع على نوعني‪:‬‬
‫مواعيد معينة ي�صومها كل ال�شعب‪) 5(.‬‬ ‫جمامع م�سكونية‪ :‬وكانت ت�شمل ممثلي كل‬ ‫• ‬
‫الكنائ�س‪.‬‬
‫جمامع مكانية �أو حملية‪ :‬وكانت ُتعقد يف‬ ‫• ‬
‫كيف حتدث الإجنيل عن ال�صوم؟‬ ‫الإقليم وجتمع �أ�ساقفة وق�سو�س كني�سة هذا الإقليم‪.‬‬
‫قلنا اليوجد يف الإجنيل �آيات قاطعة تدعوا لل�صوم كما‬ ‫ويختلف امل�ؤرخون يف عدد املجامع امل�سكونية فبع�ضهم‬
‫هو احلال يف القر�آن ‪.‬لكن هناك ق�صة �صيام ال�سيد‬ ‫يقول �أنها �سبعة ‪ ،‬و�آخرون يقولون �أنها ‪ 19‬جممع ًا‪.‬‬
‫امل�سيح لأربعني يوما ‪،‬هي التي �أعطت هذه امل�شروعية ‪.‬‬ ‫وكما �أن امل�ؤرخني يختلفون يف عددها ‪ ،‬هكذا تختلف‬
‫يقول البطريرك مار �إغناطيو�س زكا الأول عيوا�ص‪":‬‬ ‫الكنائ�س يف الإعرتاف بها‪� .‬أما "كني�ستنا القبطية"‬
‫‪� ...‬أما يف العهد اجلديد (االناجيل االربعة ) فقد �سنّ‬ ‫فال تعرتف �إال بالأربعة الأوىل منها "‪) 2(.‬‬
‫ي�سوع �شريعة ال�صوم ب�صومه �أربعني نهار ًا و�أربعني‬ ‫" ‪ ...‬وان ما يلفت �إنتباهنا هنا �أننا ال جند يف‬
‫ليلة (مت ‪« )2 :4‬مل ي�أكل �شيئ ًا يف تلك الأيام‪ ،‬وملا‬ ‫الكتاب املقد�س وال يف التقليد القدمي‪� ،‬أي �شهادة‬
‫ّمتت جاع �أخري ًا» (لو ‪1 :4‬و‪ .)2‬ومل يكن ي�سوع بحاجة‬ ‫على �أمر �إلهي‪ ،‬بالدعوة �إىل �إجتماعات م�سكونية ‪،‬‬
‫�إىل �صوم و�إمنا �صام ليع ّلمنا ال�صوم‪ ،‬و�أعطانا هذه‬ ‫�إمنا الأحداث نف�سها‪ ،‬فر�ضت مثل هذا الإجتماع الذي‬
‫الفري�ضة مب ّين ًا لنا قوتها الروحية خا�صة �إذا قر ّناها‬ ‫كان‪ ،‬واقعي ًا ‪ ،‬نوعا من التعدي من قبل الإمرباطور‪،‬‬
‫اإلعجاز‪ ,‬العدد الخامس واالربعون‪ ،‬السنة الثانية عرشة‪ ،‬رجب ‪١٤٣9‬هـ ‪ ،‬ربيع ‪2018‬م‬

‫‪55‬‬
‫مقال حرّ‬ ‫والسنة‬ ‫يف القرآن‬

‫اعقبت جممع خلقيدونية �سنة ‪ 451‬م �أ�ضيف �أ�سبوعا‬ ‫بال�صالة‪ ،‬فيغدو ال�صوم مع ال�صالة �سالح ًا روحي ًا‬
‫�سابعا لل�صوم الكبري اقتداءا بالكنائ�س ال�شرقية‬ ‫ما�ضي ًا‪ ،‬يفتك بعدونا الروحي �إبلي�س وجنده‪ ،‬وقد‬
‫الأخرى ‪،‬وذلك يف وقت غري معلوم لدينا بالتحديد‬ ‫ك�شف لنا ي�سوع ذلك بقوله‪« :‬و�أما هذا اجلن�س فال‬
‫حتى الآن‪ .‬حيث �صار ال�صوم يف كل ال�شرق �سبعة‬ ‫يخرج �إال بال�صالة وال�صوم» (مت ‪".)21 :17‬‬
‫�أ�سابيع‪.‬ولكن يف كني�سة اال�سكندرية ظل التّمييز‬ ‫ويف معر�ض ر ّده على �س�ؤال تالميذ يوحنا‪ ،‬الذين‬
‫وا�ضحا بني ال�صوم الكبري و�صوم �أ�سبوع الف�صح‪.‬‬ ‫اعرت�ضوا على عدم �صوم تالميذه‪ ،‬قال ي�سوع‪« :‬هل‬
‫ويتحدث جممع ترولو املنعقد �سنة ‪692‬م – وهو ذو‬ ‫ي�ستطيع بنو العر�س �أن ي�صوموا والعري�س معهم‪ ،‬ما‬
‫�أهمية تاريخية ق�صوى – عن �سبعة �أ�سابيع �صوم‪،‬‬ ‫دام العري�س معهم ال ي�ستطيعون �أن ي�صوموا‪ ،‬ولكن‬
‫وذلك بعد �أن �ضم �أ�سبوع الف�صح �إىل الأربعني‬ ‫�ست�أتي �أيام حني يرفع العري�س عنهم فحينئذ ي�صومون‬
‫املقد�سة‪ .‬وبهذا ا�ستقر "ال�صوم الكبري" يف كل مكان‬ ‫يف تلك الأيام» (مت ‪14 :9‬و‪ 15‬ولو ‪)35 :5‬‬
‫تقريبا ب�صورته الراهنة‪)7(.‬‬ ‫ويتابع البطريرك "واعترب كالم ي�سوع هذا تفوي�ض ًا‬
‫تق�سيم ال�صوم عند �أغلب املذاهب امل�سيحية‬ ‫منه �إىل تالميذه لتحديد مواعيد ال�صيام‪ .‬وبناء‬
‫ولأنه كما تقدم فقد تنوع "ال�صوم الكبري" و�إختلفت‬ ‫على هذا التفوي�ض ابتد�أ الر�سل الأطهار‪ ،‬والتالميذ‬
‫مواعيده و�أيامه ‪ ،‬لكن امل�شهور هو �أنه يتكون من ثالثة‬ ‫الأبرار بال�صوم بعد �صعوده �إىل ال�سماء‪ ،‬ف�صاموا يف‬
‫�أ�صوام ‪ ،‬جمتمعة معا ‪� ،‬أولها ‪ :‬الأ�سبوع الأول ‪ ،‬وثانيها‪:‬‬ ‫منا�سبات �شتّى وب�أ�ساليب متنوعة"‪) 6(.‬‬
‫الأربعون املقد�سة ‪ ،‬وثالثها �أ�سبوع الآالم‪.‬‬ ‫تاريخ ال�صوم امل�سيحي كما يرويه راهب قبطي‪:‬‬
‫الأ�سبوع الأول‪ :‬ويعرف ب�إ�سبوع هرقل ‪،‬ويقال ب�أنه‬ ‫يقول الراهب �أثنا�سيو�س املقاري يف بحث له بعنوان‬
‫�أ�ضيف اىل ال�صوم الأ�سا�سي (الأربعيني) تكفريا‬ ‫"تاريخ ال�صوم الكبري وال�سمات اال�سا�سية لطقو�س‬
‫لنك�س هرقل لعهده لليهود بالأمان بعد �أن �إنك�شف‬ ‫�صلواته ‪ ":‬يف القرون الثالثة الأوىل ‪ ،‬كانت فرتة‬
‫له تنكيلهم بامل�سيحيني ‪ .‬وقال البع�ض �إنه �أ�ضيف‬ ‫ال�صوم ال تتعدى يومني �أو ثالثة �أيام‪ ...‬فمعلوماتنا عن‬
‫�إ�ستعدادا وت�أهبا لل�صوم الأربعيني املقد�س ومقدمة‬ ‫ال�صوم االربعيني املقد�س يف هذه الثالثة قرون الأوىل‬
‫و�سمي “مقدمة ال�صوم الأربعيني” ‪ ،‬وقال �آخرون‬ ‫له‪ُ ،‬‬ ‫للم�سيحية‪� ،‬شحيحة ونادرة‪...‬و�أول ذكر وا�ضح لل�صوم‬
‫�إنه �أ�ضيف لكمال ال�صوم ثمانية �أ�سابيع ‪ ،‬حتى تكون‬ ‫الأربعيني املقد�س يف كني�سة الإ�سكندرية كان يف زمن‬
‫�أيام ال�صوم الفعلي �أربعني يوما كاملة ‪ ،‬ب�إعتبار كل‬ ‫البابا اثنا�سيو�س الر�سويل(‪ )373-328‬وبالتحديد‬
‫�أ�سبوع خم�سة �أيام �صوم بعد �إ�سقاط ال�سبت والأحد ‪.‬‬ ‫يف �سنة ‪334‬م حيث كان ال�صوم الكبري ميتد �إىل‬
‫الأربعون املقد�سة‪ :‬وهي الأيام التي �صامها ال�سيد‬ ‫‪35‬يوما حيث يك�سر ال�صوم يف ال�ساعة التا�سعة من‬
‫امل�سيح وورد ذكرها يف الإجنيل وهي �أ�سا�س ال�صوم‬ ‫النهار(الثالثة بعد الظهر) ويعقبه �ستة �أيام �صوم‬
‫يف امل�سيحية‪.‬‬ ‫الف�صح‪ ،‬والتي تبد�أ يوم الإثنني ‪ ،‬وينتهي يوم �سبت‬
‫�أ�سبوع الآالم ‪:‬وهو الأ�سبوع الأخري من ال�صوم الكبري‪.‬‬ ‫النور‪ ،‬فيكون جمموع �أيام ال�صوم ‪ 41‬يوما‪� ،‬أي �ستة‬
‫ومنذ القرون الأوىل للم�سيحية كان هناك ربط لهذا‬ ‫ا�سابيع‪ .‬وا�ستمر هذا الو�ضع قائما حتى نهاية حربية‬
‫ال�صوم بالر�سل �أنف�سهم ‪ .‬فكان البع�ض ي�صومه يوما‬ ‫كريل�س الكبري(‪444-412‬م)على الأقل‪ .‬وهو النظام‬
‫واحدا ‪ ،‬وهو يوم اجلمعة العظيمة ‪ ،‬والبع�ض يومني ‪،‬‬ ‫الذي تبنته م�صر وفل�سطني وليبيا‪.‬وهكذا ظلت فرتة‬
‫والبع�ض ثالثة ‪ ،‬و�آخرون الأ�سبوع كله ‪ ،‬ابتداء من يوم‬ ‫الأربعني يوما غري حمددة متاما يف كل كني�سة حتى‬
‫الإثنني �إىل الليلة الالحقة ليوم ال�سبت‪) 8(.‬‬ ‫منت�صف القرن اخلام�س امليالدي على االقل‪.‬كما‬
‫�أ�سباب اختالف تواريخ الأعياد امل�سيحية‬ ‫اختلفت عوائد ال�صوم وتباينت من مكان لآخر مما‬
‫تعتمد الطوائف امل�سيحية يف حتديد موعد عيد‬ ‫اف�سح جمال لت�أويالت عديدة‪.‬يف هذه الفرتة والتي‬
‫اإلعجاز‪ ,‬العدد الخامس واالربعون‪ ،‬السنة الثانية عرشة‪ ،‬رجب‪١٤٣9‬هـ ‪ ،‬ربيع ‪2018‬م‬

‫‪56‬‬
‫مقال حرّ‬ ‫والسنة‬ ‫يف القرآن‬

‫الف�صح الذي ي�أتي بعد ال�صوم الكبري على خليط من تقومي �شم�سي وقمري ‪.‬فحتى ي�أتي يوم اجلمعة العظيمة‬
‫يوم جمعة ‪،‬و�سبت النور يوم �سبت‪ ،‬وعيد الف�صح يوم الأثنني ‪ ...‬كان ال بد من ذلك اخلليط‪.‬‬
‫يقول "نقوال طعمة" حول �أ�سباب �إختالف تواريخ الأعياد امل�سيحية يف مقال من�شور على موقع اجلزيرة‪":‬ومن‬
‫الثابت تاريخي ًا �أن �شعوب ال�ساك�سون كانوا يحتفلون ب�أعياد اخل�صب –ويرمز �إليه ببي�ض الدجاج‪ -‬مع بدء‬
‫الربيع ‪.‬وهو املوعد الذي يعتقد امل�سيحيون �أن قيامة امل�سيح حدثت فيه‪� ،‬إال �أنه ال يعرف �سبب اعتماد امل�سيحيني‬
‫للت�سمية اليهودية لهذا العيد‪.‬‬
‫ً‬
‫ويحدد امل�سيحيون بكني�ستيهم ال�شرقية والغربية موعد ف�صحهم �إ�ستنادا �إىل التقومي القمري‪ ،‬ب�إعتماد قاعدة �أول‬
‫�أحد بعد �أول اكتمال للقمر بعد اعتدال الربيع (�أي بلوغ ال�شم�س منت�صف ال�سماء حيث يت�ساوى الليل والنهار)‪.‬‬
‫وهنا يلعب فارق الـ‪ 13‬يوم ًا دور ًا يف حتديد العيد‪ ،‬فبينما يعترب ‪ 21‬مار�س‪�/‬آذار هو اعتدال الربيع يف الغرب‪ ،‬ف�إن‬
‫اعتدال الربيع ي�أتي بعده بـ‪ 13‬يوم ًا يف ال�شرق �أي يوم ‪� 3‬أبريل‪/‬ني�سان‪.‬‬
‫ف�إذا ما اكتمل القمر بني ‪ 21‬مار�س‪�/‬آذار و‪� 3‬أبريل‪/‬ني�سان ابتعد العيدان ال�شرقي والغربي لأن ال�شرقيني‬
‫�سينتظرون بدر ًا �آخر �أي نحو ًا من �شهر لتحديد عيدهم‪� ،‬أما �إذا �صدف �أن اكتمل القمر بعد ‪� 3‬أبريل‪/‬ني�سان‬
‫فقد اقرتب العيدان �أو تطابقا‪)9(.‬‬
‫ولتو�ضيح الفكرة عن الفرق الزمني بني العيدين �سنورد جدول لع�شر�سنني ما�ضية ‪.‬وهي على ال�شكل التايل‪:‬‬
‫(‪)10‬‬

‫اإلعجاز‪,‬العدد الخامس واالربعون‪ ،‬السنة الثانية عرشة‪ ،‬رجب‪١٤٣9‬هـ ‪ ،‬ربيع ‪2018‬م‬

‫‪57‬‬
‫مقال حرّ‬ ‫والسنة‬ ‫يف القرآن‬

‫امل�سيحي‪ .‬ولع ّل �أول �إنطباع يخرج به غري امل�سيحي‬ ‫�صوم رم�ضان يف الإ�سالم‬
‫يقول اهلل عزوجل يف �سورة البقرة ‪َ ":‬يا �أ ُّي َها ا َّل ِذينَ وهو يطلع على ما تقدم هو �أنه لو �أن القرار بال�صوم‬ ‫َ‬
‫ال�ص َي ُام َك َما ُك ِت َب َع َلى ا َّل ِذينَ ِمنْ و�ضعي ولي�س كما جاء عند امل�سلمني فر�ض ًا يف القر�آن‪،‬‬ ‫�آَ َم ُنوا ُك ِت َب َع َل ْي ُك ُم ِّ‬
‫َق ْب ِل ُك ْم َل َع َّل ُك ْم َت َّت ُقونَ (‪� )183‬أَ َّي ًاما َم ْعدُو َد ٍات َف َمنْ َكانَ ولو ترك الأمر لقرار امل�سلمني فيما بينهم حل�صلت‬
‫ي�ضا �أَ ْو َع َلى َ�س َف ٍر َف ِع َّد ٌة ِمنْ َ�أ َّي ٍام ُ�أ َخ َر َو َع َلى اختالفات كثرية‪.‬‬ ‫ِم ْن ُك ْم َم ِر ً‬
‫ا َّل ِذينَ ُي ِطي ُقو َن ُه ِف ْد َي ٌة َط َع ُام ِم ْ�س ِك ٍني َف َمنْ ت ََط َّو َع َخيرْ ً ا‬
‫َف ُه َو َخيرْ ٌ َل ُه َو�أَنْ ت َُ�صو ُموا َخيرْ ٌ َل ُك ْم ِ�إنْ ُك ْنت ُْم َت ْع َل ُمونَ وميكن لقارئ كتاب "املجمع امل�سكوين االول‪ -‬نيقيا‬
‫(‪�َ )184‬ش ْه ُر َر َم َ�ضانَ ا َّل ِذي �أُ ْن ِز َل ِفي ِه ا ْل ُق ْر�آَنُ هُ دً ى االول (‪ ." )325‬ت�أليف الأب مي�شال �أبر�ص و الأب‬
‫ا�س َو َب ِّي َن ٍات ِمنَ ا ْل ُه َدى َوا ْل ُف ْر َق ِان َف َمنْ َ�ش ِه َد ِم ْن ُك ُم �أنطوان عرب ‪�.‬أن يالحظ �أن اخلالف الذي ح�صل‬ ‫ِلل َّن ِ‬
‫ي�ضا �أَ ْو َع َلى َ�س َف ٍر َف ِع َّد ٌة بني الكنائ�س الغربية املمثلة بروما والكنائ�س ال�شرقية‬ ‫ال�ش ْه َر َف ْل َي ُ�ص ْم ُه َو َمنْ َكانَ َم ِر ً‬ ‫َّ‬
‫ِمنْ �أَ َّي ٍام �أُ َخ َر ُي ِري ُد اللهَّ ِب ُك ُم ا ْل ُي ْ�س َر َو اَل ُي ِري ُد ِب ُك ُم ا ْل ُع ْ�س َر حول الإختالف يف تعيني عيد الف�صح كيف و�صل‬ ‫ُ‬
‫َو ِل ُت ْك ِم ُلوا ا ْل ِع َّد َة َو ِل ُت َكبرِّ ُ وا اللهَّ َ َع َلى َما َه َدا ُك ْم َو َل َع َّل ُك ْم اىل حد �أن البابا فيكتور(‪199-189‬م) ّهم ب�إ�صدار‬
‫"احلرم" على الكنائ�س ال�شرقية كلها من �أجل ذلك‪.‬‬ ‫ت َْ�ش ُك ُرونَ "‪.‬‬
‫ال�ص َي ِام ال َّر َفثُ �إِلىَ (‪)11‬‬ ‫ُ‬
‫ويف �آية اخرى‪�" :‬أ ِح َّل َل ُك ْم َل ْي َل َة ِّ‬
‫ُ‬ ‫للهَّ‬
‫ا�س َلهُنَّ َع ِل َم ا �أَ َّن ُك ْم‬ ‫ا�س َل ُك ْم َو َ�أ ْنت ُْم ِل َب ٌ‬
‫ِن َ�سا ِئ ُك ْم هُ نَّ ِل َب ٌ‬
‫*ع�ضو منتدى الإعجاز العلمي يف القر�آن وال�سنة ‪-‬لبنان‬ ‫الَنَ‬ ‫َاب َع َل ْي ُك ْم َو َع َفا َع ْن ُك ْم َف ْ آ‬ ‫ُك ْنت ُْم ت َْختَا ُنونَ �أَ ْن ُف َ�س ُك ْم َفت َ‬
‫ا�ش َر ُبوا هوام�ش‪:‬‬ ‫َب ِا�ش ُروهُ نَّ َوا ْب َت ُغوا َما َكت ََب اللهَّ ُ َل ُك ْم َو ُك ُلوا َو ْ‬
‫انظر قرارات هذا املجمع يف كتاب "املجمع امل�سكوين االول‪ -‬نيقيا االول (‪)325‬‬ ‫‪ .1‬‬ ‫الَ ْ�س َو ِد‬ ‫الَ ْب َي ُ�ض ِمنَ الخْ َ ْي ِط ْ أ‬ ‫َحتَّى َي َت َبينَّ َ َل ُك ُم الخْ َ ْي ُط ْ أ‬
‫"‪ .‬ت�أليف الأب مي�شال �أبر�ص و الأب �أنطوان عرب ‪ .‬الطبعة الأوىل‪ .‬توزيع املكتبة البول�سية‪.‬‬ ‫ال�ص َي َام �إِلىَ ال َّل ْي ِل َو اَل ُت َب ِا�ش ُروهُ نَّ‬ ‫ِمنَ ا ْل َف ْج ِر ُث َّم �أَتمِ ُّ وا ِّ‬
‫انظر‪ :‬موجز تاريخ ان�شقاق الكنائ�س‪ .‬بقلم القم�ص زكريا بطر�س‪ .‬الف�صل‬ ‫‪ .2‬‬ ‫ا‬ ‫وه‬
‫َ‬ ‫ب‬
‫ُ‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫َو�أَ ْنت ُْم َع ِاك ُفونَ فيِ المْ َ َ�س ِاج ِد ِت ْل َك ُحدُو ُد اللهَّ ِ َفلاَ َت ْ‬
‫ق‬
‫ا�س َل َع َّل ُه ْم َي َّت ُقونَ "(‪)187‬‬ ‫َك َذ ِل َك ُي َبينِّ ُ اللهَّ ُ �آَ َيا ِت ِه ِلل َّن ِ‬
‫الثاين‪ :‬الهرطقات واملجامع امل�سكونية‪.‬‬
‫‪.3‬انظر‪:‬املجمع امل�سكوين االول‪-‬نيقيا االول (‪ . )325‬مرجع �سابق‪�.‬ص‪ 52 :‬و‪. 53‬‬
‫‪.4‬نف�س امل�صدر‪� .‬ص‪147:‬‬ ‫جاءت قوانني ال�صوم يف الإ�سالم �إذن يف القر�آن يف‬
‫‪.5‬انظر مقالة ‪ :‬خالفاتنا ك�أرثوذك�س مع طائفة الربوت�ستانت الإجنيليني الذين ن�ش�أوا يف القرن‬ ‫ثالث �آيات‪.‬ونزلت يف ال�سنة الثانية للهجرة ‪ ،‬وقد‬
‫ال�ساد�س ع�شر‪.‬على موقع ‪https://st-takla.org‬‬
‫‪.6‬انظر مقال ال�صوم بقلم‪ :‬البطريرك مار �إغناطيو�س زكا الأول عيوا�ص‪.‬‬
‫التزم جميع امل�سلمني على �إختالف طوائفهم ‪ -‬و�إىل‬
‫‪.http://syrian-orthodox.com/article.php?id=32‬‬ ‫هذه ال�ساعة ‪ -‬يف تطبيق �أحكامه و�أفعاله وبدايته‬
‫ونهايته‪.‬و�إن �إختلفوا �أحيانا يف بداية �صوم رم�ضان‬
‫‪.7‬انظر بحث ‪ :‬تاريخ ال�صوم الكبري وال�سمات اال�سا�سية لطقو�س �صلواته‪ .‬للراهب �أثنا�سيو�س‬
‫املقاري‪.‬‬
‫فاخلالف غالبا يكون خالفا �سيا�سيا وال يتعدى اليوم‬
‫‪.8‬انظر‪ :‬مقال‪:‬ال�صوم الكبري‪.‬على موقع‪http://coptcatholic.net :‬‬ ‫�أو اليومني على الأكرث‪.‬‬
‫‪.9‬انظر‪:‬موقع اجلزيرة‪www.aljazeera.net/news/:‬‬
‫‪1/1/2008/miscellaneous‬‬
‫‪topic-http://nabay.forumotion.com/t76.10‬‬
‫خامتة‪:‬‬
‫‪.11‬انظر‪ :‬املجمع امل�سكوين االول‪ -‬نيقيا االول (‪ )325‬مرجع �سابق‪�:‬ص‪ 136:‬وما بعد‬
‫حر�صنا يف احلديث عن ال�صيام يف امل�سيحية على‬
‫�أن يكون م�ضمون البحث من �أقوال و�أبحاث �أ�صحاب‬
‫ال�ش�أن لتكوين ال�صورة احلقيقية لتاريخ ال�صوم‬

‫‪,‬‬
‫اإلعجاز العدد الخامس واالربعون‪ ،‬السنة الثانية عرشة‪ ،‬رجب‪١٤٣9‬هـ ‪ ،‬ربيع ‪2018‬م‬

‫‪58‬‬
‫بريد القراء‬ ‫والسنة‬ ‫يف القرآن‬

‫الكم موزون‪*...‬‬
‫على ح�سب قدر ال�سلعة يكون مكيالها‬
‫فاحلديد‪ ...‬بالطن‬
‫والفاكهة‪ ...‬بالكيلو‬
‫والذهب‪ ...‬باجلرام‬
‫والأملا�س‪ ...‬بالقرياط‬
‫�أ ّما �أعمال الآخرة‪ ...‬فهي بالذ ّرة‬
‫}فمن يعمل مثقال ذ ّر ٍة خري ًا يره ومن يعمل مثقال ذ ّر ٍة �ش ّر ًا يره{‪.‬‬
‫ن‪.‬د‪.‬غ‪.‬ر‪ .‬بريد القراء‬
‫*‬
‫خيىش الصاحل حىت عىل السفهاء‬
‫(‪)1‬‬‫عن �سليمان بن مهران الأعم�ش (�ضعيف الب�صر)‪ ،‬قال‪:‬خرجت �أنا و�إبراهيم النخعي‪،‬‬
‫ونحن نريد اجلامع‪ ،‬فلما �صرنا يف خالل طرقات الكوفة قال يل‪ :‬يا �سليمان‪ ،‬قلت‪ :‬لبيك‪،‬‬
‫قال‪ :‬هل لك �أن ت�أخذ يف خالل طرقات الكوفة كي ال منر ب�سفهائها فينظرون �إىل �أعور‬
‫و�أعم�ش فيغتابونا وي�أثمون؟ قلت‪ :‬يا �أبا عمران‪ ،‬وما عليك يف �أن ن�ؤجر وي�أثمون؟ قال‪ :‬يا‬
‫�سبحان اهلل‪ ،‬بل ن�سلم وي�سلمون خري من �أن ن�ؤجر وي�أثمون‪)2( .‬‬

‫�أمل يقل نب ّينا عليه ال�صالة وال�سالم‪" :‬ال ي�ؤمن �أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنف�سه" ؟‬
‫(‪� )1‬إبراهيم النخعي من التابعني �أدرك �أبا �سعيد اخلدري‪ ،‬وعائ�شة‪ ،‬كان �أعور العني‪ ،‬وتويف وعمره ت�سع و�أربعون �سنة‪ .‬والأعم�ش تلميذه‪.‬‬
‫(‪ )2‬من كتاب املنتظم يف تاريخ امللوك والأمم البن اجلوزي‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بريوت �ص‪.)22-21/7( :‬‬

‫اإلعجاز‪,‬العدد الخامس واالربعون‪ ،‬السنة الثانية عرشة‪ ،‬رجب‪١٤٣9‬هـ ‪ ،‬ربيع ‪2018‬م‬

‫‪59‬‬
ّ‫مقال حر‬ ‫والسنة‬ ‫يف القرآن‬

and humanitarian, spiritual and physical, private and public, personal and common, inner
and outer ---all in one!

*Source: The Medium 2017/6/2.Complete article is found on the web site www.
IslamiCity.com. ‫م‬2018 ‫ ربيع‬، ‫هـ‬١٤٣9 ‫ رجب‬،‫ السنة الثانية عرشة‬،‫العدد الخامس واالربعون‬,‫اإلعجاز‬

60
ّ‫مقال حر‬ ‫والسنة‬ ‫يف القرآن‬

provides many health benefits, such as: an 11- Connection to the Quran
increase in serum Magnesium, essential for Ramadan is a blessed month for a special
cardio-vascular health and prevention of reason: It is actually the month in which
heart complications; improvement in the God first revealed His final message and
quality and depth of sleep; improvement in guidance for mankind to our beloved
memory and slower skin aging over time; Prophet Muhammad. This message has
increased production of growth hormone, been perfectly preserved both orally and
etc. Also, as a general note, it has been textually in the form of a Book, called the
observed that underfed animals live longer Qur'an (The Reading/Recital). Therefore,
than their heavily fed counterparts and Muslims try to do an intense study of the
suffer fewer illnesses during their lives. Quran in this month especially, and evaluate
9- Moral Training their lives according to the standards and
The month of Ramadan provides us with a guidance contained in it.
sort of "Boot camp." It is a month of intense 12- A time to Celebrate
moral training. Since we know that Fasting After the month of Ramadan is over,
is a special duty prescribed by God, we Muslims celebrate one of the two most
learn that any sins may spoil our record of important holidays in the Islamic year:
fasting with God, so we go through great EID-UL-FITR, or the Festival of the Fast
lengths making sure we are on our best Breaking. It is a day to thank God for the
behavior. Many people who experience blessing and training that He provides us
fasting in this month, feel the impact that with throughout the month of Ramadan.
this intense training has on their habits, and EID-UL-FITR is marked by praying in a
realize the power of this transformative tool huge congregation at an Islamic center or
designed to make us better human beings- mosque, and by giving a small donation
the ultimate goal of any spiritual exercise. to the poor in the community. The adults
The entire Ramadan atmosphere provides give the donation on behalf of their children
the driving force for this positive change. as well. Dinner parties, family outings, fairs,
10- Consciousness of Life & Death carnivals, and great joyous celebrations
It makes us realize the reality of life and follow the prayer and charity.
death. Fasting makes us realize how In a nutshell, even though the real purpose
dependent our lives are on things that of the dynamic institution of Fasting is to
we often take for granted, such as food discipline our soul and moral behavior, and
and water. It makes us think about our to develop sympathy for the less fortunate,
dependence on God and God's mercy and it is a multi-functional and a comprehensive
justice. Moreover, it reminds us of the life tool of change in various spheres of our lives,
after death, which itself has a great impact including: social and economic, intellectual
on our character and our world-view.
,
‫م‬2018 ‫ ربيع‬، ‫هـ‬١٤٣9 ‫ رجب‬،‫ السنة الثانية عرشة‬،‫اإلعجاز العدد الخامس واالربعون‬

61
ّ‫مقال حر‬ ‫والسنة‬ ‫يف القرآن‬

6- Elevates the Spirit watching TV, listening to music, and some


Fasting elevates the human spirit and other leisure activities, which spares them
increases our awareness of God. It more time and energy to be spent on more
strengthens our will-power as we learn to productive activities such as academics,
rise above our lower desires. The institution intense study of Islam, voluntary prayers,
of fasting is both unique and a shared social and humanitarian causes, and a
experience in human history. From the very quality time with the family, to name a
beginning of time, humans have struggled few. It is a reminder of our duty to God,
to master their physical and psychological our purpose and higher values in life, as God
selves: their bodies and their emotions. Himself describes the purpose of fasting
Hunger is one the most powerful urges as follows, "O you who Believe! Fasting has
that we experience. Many, through over- or been prescribed for you as it was prescribed
under-eating or consumption of unhealthy for those before you, so that you may develop
foods, abuse this urge. Thus, when a person consciousness of God" (Quran 2:183).
purposefully denies something to their 8-Develops a Healthy Lifestyle
own self that it craves, they are elevating Fasting has numerous, scientifically proven,
their mind above their body, and their benefits for our physical health and mental
reason and will above their carnal passions. well-being. The time, length and nature of
"A fasting person empties his stomach of the Islamic Fast all contribute to its overall
all the material things: to fill his soul with positive effect. One of the medical benefits
peace and blessings, to fill his heart with is a much-needed rest to the digestive
love and sympathy, to fill his spirit with system. The reduced food intake during
piety and Faith, to fill his mind with wisdom the day allows the body to concentrate
and resolution," says H. Abdalati in Islam on getting rid of harmful dietary toxins
in Focus. The person who can rule their accumulated as natural by-products of
desires and make them work, as they like, food digestion throughout the year. The
has attained true moral excellence. length of the Islamic Fast itself (around
7- Develops Clarity of Mind 12-14 hours) is in sync with the t' ransit time'
With the clarity of mind and absence of of food from the mouth to the colon of the
distractions, also comes a greater focus. As large intestine, ensuring that no stimulus
students, the period of fasting, especially reaches the stomach or digestive system
early during the day, serves as a tool to focus while it remains in homeostasis. Therefore,
our minds on our academics. In the month for the vast majority of healthy individuals
of Ramadan, many Muslims try to avoid fasting poses no medical risks but in fact

,
‫م‬2018 ‫ ربيع‬، ‫هـ‬١٤٣9 ‫ رجب‬،‫ السنة الثانية عرشة‬،‫اإلعجاز العدد الخامس واالربعون‬

62
ّ‫مقال حر‬ ‫والسنة‬ ‫يف القرآن‬

of the world, with more restrictions in Final Prophet of God, Muhammad (peace
some than in others. The Islamic Fast, as be upon him), a man who was known for his
opposed to mere starvation or self-denial, noble humanitarian causes, for social justice,
is an act of worship and obedience to God, and for being the first to respond to other's
thanksgiving, forgiveness, spiritual training, needs, despite the fact that he himself lived
and self-examination. a very simple and humble life. It is only
2- Self Reflection during such a trying time as Ramadan that
Ramadan gives us a break and provides us we can reflect on the condition of those in
with a rare opportunity to think about our this world who may not be as fortunate as
own selves, our future, and our families. us.
It is a time to give ourselves a mental 4- Develop Adaptability
break and to temporarily forget about Fasting in Ramadan enables us to master
the hundreds of worries and stresses we the art of mature adaptability and Time-
are constantly bombarded with. In hectic Management. We can easily understand
times, such as ours, and in places like the this point when we realize that fasting
West, this valuable time to think about our makes people change the entire course
lives, on individual basis, is a luxury and is of their daily life. When they make the
desperately needed! It is a unique month change, they naturally adapt themselves to
of self-analysis, and of taking stock of one's a new system and schedule, and move along
moral and spiritual a' ssets and liabilities'. to satisfy the rules. This, in the long run,
3- Develop Compassion develops in them a wise sense of adaptability
Fasting inculcates in us patience, and self-created power to overcome the
unselfishness, and gratitude. When we fast unpredictable hardships of life! A person
we feel the pains of deprivation and hunger, who values constructive adaptability, time-
and learn how to endure it patiently. The management, and courage will appreciate
meaning of this powerful experience in the effects of Fasting in this respect as well.
a social and humanitarian context is that 5- Cultivates Love
we are much quicker than anybody else in It cultivates in us the principle of sincere
sympathizing with the oppressed and needy Love, because when we observe Fasting, we
around the world, and responding to their do it out of deep love for God. And a person,
needs. "It is the month to visit the poor, the who loves God, truly is a person who knows
sick, and the needy to share their sorrows. what love is and why everyone on this Earth
It is the month where the food, sustenance should be loved and treated justly, for the
and the earnings of a believing Muslim sake of God.
increases and they are blessed," says the

,
‫م‬2018 ‫ ربيع‬، ‫هـ‬١٤٣9 ‫ رجب‬،‫ السنة الثانية عرشة‬،‫اإلعجاز العدد الخامس واالربعون‬

63
ّ‫مقال حر‬ ‫والسنة‬ ‫يف القرآن‬

The Fasting of Ramadan:


A Time for Thought, Action, and Change!
By: Taha Ghayyur and Taha Ghaznavi*

in Ramadan differ from the fasting of other


faiths?" "Why should one t' orture' one's body
in the first place?" "What do you really gain
from fasting in the end?"...These are a few
questions that a number of non-Muslim
friends and colleagues often ask us, usually
out of fascination with this spiritually-
uplifting practice of Islamic faith, and
at times out of pity and sympathy for us,
"Fasting in Ramadan develops in a person thinking, why should anyone suffer from
the real spirit of social belonging, of unity hunger and thirst like Muslims? I wouldn't
and brotherhood, and of equality before be surprised if many of us shared the same
God. This spirit is the natural product of negative perception of Fasting.
the fact that when people fast they feel that It is important to note that Fasting in Arabic
they are joining the whole Muslim society is called, "Sawm", which literally means t' o
(which makes up more than one fifth of be at rest'. Fasting in the month of Ramadan
world's population) in observing the same (the 9th month of the Islamic lunar calendar)
duty, in the same manner, at the same time, is one of the Five Pillars upon which the
for the same motives, and for the same end. "house" of Islam is built. During this month,
No sociologist or historian can say that there every able-bodied Muslim, is required to
has been at any period of history anything fast, everyday from dawn until dusk
comparable to this powerful institution of 12 Reasons to Fast…
Islam: Fasting in the month of Ramadan. 1- Develop Character
People have been crying throughout the Fasting is an institution for the improvement
ages for acceptable 'belonging', for unity, for of moral and spiritual character of human
brotherhood, for equality, but how echoless being. The purpose of the fast is to help
their voices have been, and how very little develop self-restraint, self-purification,
success they have met..." says Hammudah God-consciousness, compassion, the spirit
Abdalati, in his book Islam in Focus."What is of caring and sharing, the love of humanity
fasting?" "How does the fasting of Muslims and the love of God. Fasting is a universal
custom and is advocated by all the religions
‫م‬2018 ‫ ربيع‬، ‫هـ‬١٤٣9 ‫ رجب‬،‫ السنة الثانية عرشة‬،‫العدد الخامس واالربعون‬,‫اإلعجاز‬

64
‫الكلمة األخيرة‬ ‫والسنة‬ ‫يف القرآن‬

‫حممد فر�شوخ‬
‫الهتذيب ابلعمل‬
‫دخلنا على جمل�س ال�شيخ املربي فوجدنا رج ًال وامر�أ ًة يجل�سان بني يديه‪ ،‬املر�أة تبكي والرجل يتو�سل بينما يهدئ‬
‫ال�شيخ من روعهما‪� ،‬أثارنا الف�ضول ملعرفة ما يجري‪ ،‬فو ّفر علينا ال�شيخ العناء‪ ،‬وما �أن ودعهما وان�صرفا حتى‬
‫اعتدل يف مقعده مم�سك ًا بلحيته‪ ،‬مطرق ًا متفكر ًا‪� ،‬إىل �أن �أذن لنا باجللو�س ثم افتتح قائ ًال‪ :‬كرثت �شكاوى الأهل‬
‫على �أوالدهم وفتيانهم وفتياتهم‪ .‬كانت �سني املراهقة قدمي ًا هي الأخطر ف�صار الفتيان والفتيات يف �أيامنا يف‬
‫خطر وحتى الأطفال منهم‪.‬‬
‫�أ�صبح اجليل اجلديد يعاين من الالمباالة ومن عدم ال�شعور بامل�س�ؤولية ومن فقدان الثقة بالأهل وباملدر�سة‪،‬‬
‫و�صارت �آماله و�أعماله ق�صرية النظر‪ ،‬حمدودة االهداف‪ ،‬ال تتعدى احل�صول على لعبة جديدة �أو هاتف حممول‬
‫معقد‪� ،‬أو �سهرة متفلتة يباح فيها كل �شيء‪.‬‬
‫من ال�شكاوى التي تردنا‪ ،‬فقدانهم ملعنى الأخ ّوة وال�صداقة‪ ،‬وا�ستباحتهم لكل حمظور وارتكابهم لفواح�ش ما‬
‫كنا نظن ان الأيام �ست�صل بنا �إىل هذا الدرك ال�سافل من الإنحطاط الأخالقي والرذائل‪.‬‬
‫مل يعد عندهم للوقت قيمة‪ ،‬واال�ستهزاء �صار منط ًا حمبب ًا‪ ،‬واالحرتام مفقود‪ ،‬تقت�صر عالقاتهم على العموميات‬
‫وال جتمعهم ب�آخرين �إال امللذات وال�شهوات‪ .‬والعالقات الغرامية �صارت يف �سن مبكرة وال حدود لها وال �ضوابط‪.‬‬
‫وال�شذوذ اجلن�سي �صار معلن ًا وثمة من ي�شجع عليه‪� .‬صارت الهوايات الراقية املفيدة نادرة ومو�ضع �سخرية‬
‫وا�ستهزاء‪.‬‬
‫اقت�صرت اهتماماتهم على اللبا�س والزينة وال�سيارات واملواقع الإلكرتونية و�ألعابها التي ال تخلوا من �سفك‬
‫للدماء �أو من �شذوذ و�إباحية‪ .‬ومل ينج من هذه املوجة املتهالكة �إال من رحم ربي من العائالت امللتزمة وهم‬
‫�أي�ض ًا يخ�شون من التفلت ومن م�ضار االحتكاك بالآخرين‪.‬‬
‫وعندما ن�س�أل الأهل‪ :‬متى جرى هذا التح ّول؟ يجيبون بال �أعلم وال �أدري‪ ،‬ويلقون بالالئمة على الإعالم تارة‬
‫وعلى ج ِّو املدر�سة طور ًا وعلى �شبكة االنرتنت �أحيان ًا‪ ،‬وي�ضعون �أنف�سهم يف �صفوف املتفرجني ال يف �صفوف‬
‫الالعبني امل�ؤثرين‪ ،‬متربئني براءة الطفل اجلاهل من م�س�ؤوليتهم ك�أولياء را�شدين ومر�شدين‪.‬‬
‫ملاذا ي�ستفيق الأهل بعد ح�صول الكارثة وال يتنب�أون بها وال ي�ستعدون لها؟ ملاذا مل يتعلموا كيف يوجهون �أوالدهم‬
‫يح�ضروا منهج ًا تربوي ًا لفكره‬
‫كما تعلموا كيف ينجبوهم‪ ،‬ملاذا اهتموا بجهاز طفلهم و ُل َعبه وثيابه و�أحذيته‪ ،‬ومل ّ‬
‫و�سلوكه ومعتقده وقيمه و�أدبه؟ ملاذا اكتفوا ب�أدائه الإجتماعي ومظهره وح�سن ت�صرفه بني النا�س‪ ،‬ومل ي ِع ّدوا‬
‫�أنف�سهم قبل �أوالدهم وبوقت طويل‪ ،‬للتعلم واالطالع على الأ�سئلة التي �سوف يطرحها �أوالدهم عليهم الحق ًا‪،‬‬
‫ملاذا جئنا �إىل هذه احلياة ومن خلقنا وكيف نتعرف �إليه وماذا يريد منا و�إىل اين نحن ذاهبون وماذا علينا ان‬

‫اإلعجاز‪,‬العدد الخامس واالربعون‪ ،‬السنة الثانية عرشة‪ ،‬رجب ‪١٤٣9‬هـ ‪ ،‬ربيع ‪2018‬م‬

‫‪65‬‬
‫الكلمة األخيرة‬ ‫والسنة‬ ‫يف القرآن‬

‫نفعل‪ ،‬وما الذي ال ينبغي فعله؟‬


‫مبوجب الأجوبة ال�صحيحة ال�سليمة على مثل هذه الأ�سئلة تبنى �شخ�صية الولد ويتعمق فكره بعيد ًا عن ال�سطحية‬
‫والتفاهة‪ ،‬وينحو نحو اجلد والعزم‪ .‬فلماذا ال يقوم الأهل بتعليم انف�سهم �أو ًال ثم يرافقون ن�ش�أة �أوالدهم فرياقبوا‬
‫ويعلموا ويوجهوا وي�صححوا بوعي ومعرفة و�إدراك وح�سن دراية‪.‬‬
‫�شبعنا من القول �أنهم كانوا يخ�شون على �أوالدهم من التطرف �إذا ع ّودوهم على ارتياد امل�ساجد‪ ،‬ف�إذا بهم اليوم‬
‫يرتادون احلانات‪ .‬و�صدقوا الإعالم الرائج ب�أن امل�ساجد ب�ؤر �إرهابية‪ .‬و�سئمنا من ترداد النا�س ب�أن الفطرة‬
‫ال�سليمة وحدها كفيلة بجعل الطفل مي ّيز اخلري من ال�شر‪ ،‬واخلبيث من الط ّيب! فيعجز عن فهم احلقائق‬
‫الأ�سا�سية ال�ضرورية من فم �أهله‪ ،‬و�إذا به يتلقن �أنواع ال�شرور من ال�شارع ومن ال�صحبة ال�سيئة فالعقل ال يقبل‬
‫تي�سر‪.‬‬
‫الفراغ بل ميلأه مبا ّ‬
‫�أردف ال�شيخ املربي قائ ًال‪ :‬قيل‪" :‬فاقد ال�شيء ال يعطيه"‪ ،‬كذلك الأهل لي�س لديهم ما يعلمونه‪ ،‬انظروا من‬
‫حولكم قلما جتدون �شاعر ًا �أو �أديب ًا �أو كاتب ًا ق�ص�صي ًا مربي ًا‪ ،‬حتى �أنكم نادر ًا ما جتدون عامل ًا فذ ًا بارع ًا يف علم‬
‫من العلوم‪ .‬وما �أكرث ال�شهادات التي ال ت�سمن وال تغني من جوع‪.‬‬
‫�أال ترون معي �أن النا�س ينفقون على ثيابهم و�أثاث منازلهم و�أحذيتهم و�سياراتهم وخا�صة على والئمهم مبالغ‬
‫طائلة‪ ،‬ويبخلون على �أنف�سهم وعلى �أوالدهم ب�شراء كتاب �أو ب�ساعة يف الأ�سبوع مي�ضونها يف �صحبة عامل يفقههم‬
‫يف الدين مبا يحتاجونه يف تنظيم حياتهم وتربية �أوالدهم‪ .‬وكلنا يحفظ القول امل�أثور‪" :‬جمل�س علم خري من‬
‫عبادة �سنة"‪ ،‬لكن ال جمل�س علم وال عبادة تتبعها �سلوكيات راقية‪.‬‬
‫�أول الغيث االعرتاف ال�ضمني بالق�صور والتق�صري‪ ،‬وثانيه التحلي بالهمة وال�شجاعة للقيام بالتغيري‪.‬‬
‫ننا�شد الأولياء ال�شباب‪ :‬اطلبوا العلم وا�ستدركوا ما فاتكم وال تخجلوا �إن جئتم مت�أخرين فالعلم ُيط َلب ولو يف‬
‫ال�صني‪ ،‬فكيف �إذا كان متوفر ًا على مقربة من بيوتكم! ّ‬
‫وباملجان‪.‬‬
‫وللأولياء الذين �صار لهم فتيان ِحدثان �أو مراهقني‪ ،‬ال تر�سلوهم بل ا�صطحبوهم �إىل جمل�س علم ولو ل�ساعة يف‬
‫الأ�سبوع‪ ،‬قبل �أن يق�سو الفكر ويجف القلب وي�سيطر الهوى عليكم وعليهم‪ ،‬وعند ذلك لن ينفع الندم‪.‬‬

‫عزيزي القارئ‪،‬‬
‫�ضع هذه املجلة يف املكتب �أويف البيت واترك املجال ملن حتب لكي ّ‬
‫يطلع عليها‪.‬‬
‫وال تهملها �أو تخزنها باك ًرا‪ ،‬فقد يكون لك فيها �أجر تذكري النا�س باهلل ع ّز‬
‫وج ّل‪ .‬قال تعاىل }كال انها تذكرة فمن �شاء ذكره{‪.‬‬

‫‪,‬‬
‫اإلعجاز العدد الخامس واالربعون‪ ،‬السنة الثانية عرشة‪ ،‬رجب ‪١٤٣9‬هـ ‪ ،‬ربيع ‪2018‬م‬

‫‪66‬‬
,
‫علمية ‪ -‬دينية ‪ -‬فصلية‬
‫ت�صدر عن منتدى االعجاز العلمي يف القر�آن الكرمي وال�سنة‪-‬لبنان‬

‫بريوت‪ ,‬لبنان‬
‫جادة الراشدين ‪ -‬تقاطع بسرتس الصنائع‬
‫سنرت مونتي مارينا ‪ -‬بلوك ‪ C‬ط‪3‬‬
‫هاتف‪- +9611346699 :‬فاكس‪+ 9611346688 :‬‬
‫بريد إلكرتوين‪iijazforum@gmail.com:‬‬
‫‪www.iijazforum.org‬‬
‫‪,‬‬
‫اإلعجاز العدد الخامس واالربعون‪ ،‬السنة الثانية عرشة‪ ،‬رجب‪١٤٣9‬هـ ‪ ،‬ربيع ‪2018‬م‬

You might also like