You are on page 1of 57

‫وزارة التعليم العالي‬

‫جامعة تونس‬
‫المعھد األعلى للتربية والتكوين المستمر‬

‫الوحدة‪ :‬ال ّتـــواصــل‬


‫‪ED 223‬‬

‫األستاذة‪ :‬نجوى ّ‬
‫الفزاع غريس‬

‫‪2012‬‬
‫أستاذية علوم التربية‬ ‫المعھد األعلى للتربية والتكوين المستمر‬
‫ّ‬
‫وحدة "التواصل" _ األستاذة‪ :‬نجوى الفزاع غريس‬

‫ال ّتــــواصــــل‬

‫تقديم الوحدة وھدفھا‪:‬‬


‫يع ّد التواصل أحد الموضوعات الحيوية الھامة التي ما فتئ االھتمام بدراستھا‬
‫يتضاعف في كل مجاالت الحياة )التربوية واالجتماعية واالقتصادية والسياسية إلخ‪ (.‬وذلك‬
‫لما يلعبه من دور أساسي في تحقيق التفاعل بين األفراد واستمرار الحياة االجتماعية ونقل‬
‫المعارف والحضارات من جيل إلى آخر‪.‬‬
‫في ھذا اإلطار تسعى ھذه الوحدة إلى تغطية عمل ّية التواصل من جميع جوانبھا‪،‬‬
‫النظرية والفنية والعملية‪ ،...‬قصد تمكين المعنيّين من تعرّ ف أسس عملية التواصل وأنواعھا‬
‫ودينامكيتھا والعوامل المؤثرة فيھا وذلك حتى يكونوا على بيّنة من أھم ّية عملية التواصل‬
‫وأقدر على فھمھا ممّا يساعدھم على توظيفھا بنجاح في مجال عملھم‪.‬‬

‫تتنتظم المحتويات المكونة لھذه الوحدة كما يلي‪:‬‬


‫‪ -1‬التخطيط ومن خالله يمكن التعرّ ف إلى المحتوى‬
‫‪ -2‬الفصول المكونة للوحدة وھي تتكون من عرض نظري يت ّم خالله تناول المفھوم أو‬
‫البعد المقصود ينتھي بمقترح لنشاط تطبيقي يستھدف مساعدة الطالب على تقييم‬
‫مكتسباته أو التدرّ ب على توظيفھا‪.‬‬
‫‪ -3‬مقتطفات من نصوص مأخوذة من كتب أو مجالت علمية‪ ،‬تكون ذات عالقة‬
‫بمحتويات الفصول وذلك لمزيد االطالع والتعمّق‪.‬‬
‫‪ -4‬أفكار ومواضيع للتحليل والنقاش‬
‫‪ -5‬قائمة في المراجع المختصة‬

‫‪2‬‬
‫أستاذية علوم التربية‬ ‫المعھد األعلى للتربية والتكوين المستمر‬
‫ّ‬
‫وحدة "التواصل" _ األستاذة‪ :‬نجوى الفزاع غريس‬

‫التخطيط‬
‫مفھوم التواصل‬ ‫‪-‬‬
‫أسس ومبادئ التواصل‬ ‫‪-‬‬
‫ƒ العناصر األساسية للتواصل‬
‫ƒ أھداف التواصل‬
‫ƒ أساليب التواصل‬
‫ƒ أنواع التواصل‬
‫ƒ شبكات التواصل‬
‫ƒ العوامل المؤثرة في التواصل‬
‫ƒ معوقات التواصل‬
‫نماذج تحليل التواصل‬ ‫‪-‬‬
‫ƒ النموذج التقني لشانون )‪(Shanon‬‬
‫ƒ نموذج السويل )‪(Lasswells‬‬
‫ƒ نموذج ولبر شرام )‪(Wlbur Schram‬‬
‫ƒ نموذج السويل )‪(Lasswells‬‬
‫ƒ النموذج النفس اجتماعي‬
‫نظريات التواصل‬ ‫‪-‬‬
‫ƒ النظرية اللغوية‬
‫ƒ النظرية السلوكية‬
‫ƒ النظرية البنائية‬
‫ƒ النظرية المعرفية‬
‫ƒ المقاربة المنظومية‬
‫التواصل في الخدمة االجتماعية‬ ‫‪-‬‬
‫دور وسائل االتصال الحديثة في عملية التواصل‬ ‫‪-‬‬
‫التواصل في عملية التعليم والتعلم‬ ‫‪-‬‬
‫ƒ دور وسائل االتصال في تحقيق األھداف التربوية‬
‫ƒ نماذج من وسائل االتصال الموظفة في المجال التربوي‬
‫ƒ التعلم عن بعد‬

‫‪3‬‬
‫أستاذية علوم التربية‬ ‫المعھد األعلى للتربية والتكوين المستمر‬
‫ّ‬
‫وحدة "التواصل" _ األستاذة‪ :‬نجوى الفزاع غريس‬

‫‪ - I‬مفھوم التواصل‬

‫إن عملية التواصل بين األفراد والجماعات عملية أساسية‪ ،‬بل يمكن اعتبارھا‬
‫الركيزة الحيوية التي تتوقف عليھا الخدمات االجتماعية بجميع أشكالھا ومختلف مجاالتھا‪.‬‬
‫وتحديدا في المجال التربوي يتنزل التواصل في صلب العملية البيداغوجية‪ :‬التواصل بين‬
‫المدرس والمتعلم وبين المتعلم والمعرفة وبين مجموعة المتعلمين أنفسھم؛ ألنه األداة‬
‫الرئيسية والوحيدة التي من خاللھا يت ّم اكتساب المعارف والمھارات والتأثير في المواقف‬
‫واالتجاھات‪ ،‬أي أنه باختصار اآللية األساسية لتحقيق أھداف المدرسة ورسالتھا التعليمية‬
‫بتعطلھا تتعطل اآللة التربوية أو تحيد عن مسارھا‪ .‬لكن قبل الخوض في‬‫ّ‬ ‫والتربوية والتي‬
‫نظريات التواصل وأساليبه ووسائله يجدر أوال تحديد مفھومه وتعرف مكوناته ومستوياته‪.‬‬

‫يعود أصل الكلمة "‪ " Commuins‬إلى الالتينية وھي تعني "ربط عالقة‬
‫والمشاركة" ؛ كما أرجع البعض الكلمة إلى األصل ‪ Common‬بمعنى عام أو مشترك‪.‬‬
‫وقد ظھرت الكلمة ألول مرة في اللغة الفرنسية في النصف الثاني من القرن السادس عشر‪،‬‬
‫واستعملت بعد ذلك بعدة معاني أخرى مثل التبليغ )األخبار( والنقل )األمراض( كما سميت‬
‫وسائل النقل وسائل التواصل إلخ‪ .‬أما في اللغة العربية فيرجع أصل كلمة تواصل إلى فعل‬
‫تواصل وجذره الثالثي وصل الشيء بالشيء وصال ووصاال يعنى نقل وجمع وربط بين‬
‫شيئين أو طرفين على األقل‪ ،‬وتواصل على وزن تفاعل الذي يفيد التشارك والتفاعل في‬
‫القيام بالفعل يعني تبادل األفكار واآلراء أو المعلومات أو المشاعر عن طريق الكالم أو‬
‫اإلشارات أو الحركات لتحقيق غرض معيّن‪.‬‬

‫ھذا وتميل أغلب المراجع العربية إلى استعمال كلمة ا ّتصال بدل كلمة تواصل‬
‫)كترجمة لكلمة ‪ ،(communication‬وقد بيّن ھانزفير في معجم اللغة العربية أن "اتصل"‬
‫ك بشيء أو بآخر بينما تفيد "تواصل" العالقة المتبادلة بين‬
‫يعني وصل شيء بشيء‪ ،‬احت ّ‬
‫الطرفين‪ .‬ففي األول تعبير عن وجود رغبة من أحد الطرفين مع إمكانية قبول الطرف‬
‫اآلخر أو رفض طلب التواصل‪ ،‬أما الثاني فيفترض وجود رغية مشتركة لدى الطرفين‪.‬‬
‫ومن ھذا المنطلق يرى عدد من الباحثين أن الحياة المعاصرة باتت تقوم على االتصال أكثر‬
‫منه على التواصل)غسان يعقوب وجوزف طبش‪(1979 ،‬‬

‫ولمزيد توضيح معنى التواصل سنستعرض في ما يلي جملة من التعريفات التي‬


‫وضعھا باحثون من ذوي االختصاص في المجال وجمعھا جودت بني جابر في كتابه "علم‬
‫النفس االجتماعي" حيث خصص فصال كامال للتواصل‪:‬‬

‫* كارل ھوفالند )‪ :(1948‬التواصل عملية يقوم بموجبھا شخص )المرسل( بإرسال منبه‬
‫)رسالة( بقصد تعديل أو تغيير سلوك شخص آخر )المستقبل(‪.‬‬
‫* شانون وويفر )‪ :(1949‬التواصل يمثل كافة األساليب والطرق التي يؤثر بموجبھا عقل‬
‫في عقل آخر باستعمال الرموز المختلفة بما في ذلك الفنون‬

‫‪4‬‬
‫أستاذية علوم التربية‬ ‫المعھد األعلى للتربية والتكوين المستمر‬
‫ّ‬
‫وحدة "التواصل" _ األستاذة‪ :‬نجوى الفزاع غريس‬

‫* مارتن اندرسون )‪ :(1959‬التواصل ھو العملية التي من خاللھا نفھم اآلخرين ويفھموننا‪،‬‬


‫وھو ديناميكي حيث أن االستجابة له دائمة التغيير حسبما يمليه الوضع العام كله‪.‬‬
‫* برنسون وستايز )‪ :(1964‬التواصل عملية نقل المعلومات واألفكار والمھارات بواسطة‬
‫استعمال الرموز )الكلمات والصور واألشكال والرسومات(‬
‫* تعريف ليالندبراون‪ :‬التواصل ھو عبارة عن عملية نقل وتلقي األفكار واآلراء وتبادل‬
‫المھارات والمعلومات للتأثير في اآلخرين‪.‬‬

‫‪ -‬مفھوم التواصل عند اللغويين‪ :‬في الواقع لم يكن للتواصل في حد ذاته وجود لدى اللغويين‬
‫التقليدين بل اھتموا خصوصا باللغة كنظام مجرد من الرموز والذي يتم بواسطته التواصل‪.‬‬
‫ولفھم التواصل من المنظور اللغوي يتعين الرجوع إلى الفصل الذي قام به سوسير‬
‫‪ Saussure‬بين اللغة والكالم‪ .‬فاللغة ھي رمز يربط بين صور سمعية ومفاھيم‪ ،‬أما الكالم‬
‫فھو استعمال ھذا الرمز من قبل المتكلمين؛ وبالتالي تتميز األولى بكونھا اجتماعية وثابتة‬
‫بينما يتميز الكالم بقابلية التصرف فيه وھو الذي يتركز عليه االھتمام عند دراسة التواصل‪.‬‬
‫بالنسبة لشمسكي ‪ Chomsky‬يرى أن الموضوع األساسي للنظرية اللغوية ينبغي أن يكون‬
‫المتحدث‪-‬المستمع المثالي‪ ،‬المنتمي إلى مجموعة لغوية متماثلة تماما‪ ،‬الذي يعرف جيدا‬
‫لغته‪.‬‬

‫‪ -‬مفھوم التواصل في علم النفس‪ :‬يعرّ ف علم النفس التواصل بكونه نقل انطباع أو تأثير من‬
‫فرد إلى آخر أو من منطقة إلى أخرى أو من البيئة إلى الفرد باعتماد أساليب مختلفة أھمّھا‬
‫الكالم‪ .‬ويؤ ّكد دفلور ‪ Defelours‬في تعريفه للتواصل من وجھة نظر نفسيّة على بعدين‪:‬‬
‫أولھما أنه عملية عصبية حيوية من حيث أنه يتم فيھا تسجيل معاني ورموز معينة في‬
‫ذاكرة األفراد‪ ،‬وثانيھما أنه عملية نفسية حيث يت ّم اكتساب معاني الرموز من خالل التعلم‪.‬‬
‫فالتواصل من ھذا المنظور يشمل التأثير الذاتي المتمثل في كل العمليات الداخلية كالمشاعر‬
‫والوعي والتخيل والتفكير‪ ،‬والتأثير الخارجي بين الفرد واآلخرين عن طريق التبادل‬
‫والتفاعل مما يساھم في تحقيق التوازن النفسي والتوافق االجتماعي‪ .‬أما أبريك ) ‪Abric,‬‬
‫‪ (1996‬فيعرفه بأنه "جملة العمليات التي من خاللھا تت ّم تبادالت المعلومات والدالالت بين‬
‫األشخاص في وضعية اجتماعية معينة"‬

‫‪ -‬مفھوم التواصل في علم االجتماع‪ :‬عرّ ف التواصل في البداية بكونه عملية اجتماعية يتم‬
‫من خاللھا نقل األفكار والمعلومات بين الناس )ديوي ‪ Dewey‬وكولي ‪ ،(Coly‬ثم تعددت‬
‫التعريفات وصار يق ّدم على أنه عملية تفاعل بين طرفين‪ ،‬ضرورية الستمرارية الحياة‬
‫االجتماعية وتحقيق التكامل االجتماعي‪ .‬كما عرّ فه الكثير بأنه عملية اشتراك ومشاركة في‬
‫المعنى من خالل التفاعل الرمزي‪ ،‬تتميز باالنتشار في المكان والزمان فضال عن‬
‫استمراريتھا وقابليتھا للتنبؤ )ھناء حافظ بدوي‪.(2003 ،‬‬

‫‪ -‬مفھوم التواصل في مجال اإلعالم‪ :‬يعرف التواصل‪ ،‬والكلمة األكثر استعماال في ھذا‬
‫بث رسائل واقعية أو خيالية تتصل بموضوعات معينة‬ ‫اإلطار ھي االتصال‪ ،‬بأنه عملية ّ‬
‫على جمھور واسع يختلف أفراده في خصائصھم االجتماعية والثقافية واالقتصادية‬

‫‪5‬‬
‫أستاذية علوم التربية‬ ‫المعھد األعلى للتربية والتكوين المستمر‬
‫ّ‬
‫وحدة "التواصل" _ األستاذة‪ :‬نجوى الفزاع غريس‬

‫والسياسية والجغرافية‪ .‬فھو في نظر المختصين ظاھرة عامة تلعب دورا حيويا في تحقيق‬
‫التفاعل الفكري والحضاري في المجتمع الواحد وبين المجتمعات المختلفة؛ ويتأكد ذلك من‬
‫خالل األھمية التي أصبح يكتسيھا االتصال واإلعالم في ھذا القرن ومدى تأثيره في توجيه‬
‫الرأي العام وتعديل المواقف تجاه القضايا الحاسمة لتحقيق المصلحة العامة‪.‬‬

‫‪ - II‬أسس ومبادئ التواصل‬

‫‪ -1‬العناصر األساسية للتواصل‪ :‬تتكوّ ن عملية التواصل أساسا من العناصر التالية‪:‬‬

‫‪ -‬المرسل أو الباث ‪ :Emetteur‬الطرف الذي يوجّ ه رسالة ما لتحقيق ھدف ما‪ ،‬فھو النقطة‬
‫التي تبدأ عندھا عملية التواصل عادة‪ .‬وفي مجال التعليم يمكن أن يكون المرسل إنسانا‬
‫)مثال المدرس( أو آلة )مثال الحاسوب( أو وثيقة مكتوبة )مثال الكتاب المدرسي(‬

‫‪ -‬المتقبّل أو المستقبل ‪ :Récepteur‬الطرف الذي يتلقى الرسالة ويتولى تفكيك رموزھا‬


‫ليفھم معناھا ويستجيب لھا‪ ،‬وقد يكون فردا أو مجموعة أو مؤسسة‪.‬‬

‫‪ -‬الرسالة أو الخطاب ‪ : Message‬جملة األفكار والمفاھيم والمشاعر واالتجاھات التي‬


‫توجھّھا المرسل إلى المستقبل وھي يمكن أن تتخذ ع ّدة أشكال‪ :‬كلمات‪ ،‬أصوات‪ ،‬إشارات‪،‬‬
‫إلخ‪.‬‬

‫‪ -‬الوسيلة أو القناة ‪ :Canal‬أداة التواصل التي عن طريقھا تنقل الرسالة من المرسل إلى‬
‫المتقبل‪ ،‬مثل اللغة والحركات والصور والھاتف والتلكس والراديو وغيرھا من وسائل‬
‫االتصال الحديثة‪.‬‬

‫‪ -‬التغذية الراجعة أو العكسية ‪ : Rétroaction‬وھو الرد الذي يتلقاه المرسل والذي يم ّكنه‬
‫من التأكد من مدى فھم الرسالة واستيعاب المعنى المقصود‪ .‬ويفترض أن تبين التغذية‬
‫الراجعة السليمة مدى تجاوب المستقبل مع مضمون الرسالة وأن تساعد المرسل على‬
‫إدخال التعديالت الالزمة على عملية التواصل لتحقيق أكبر قدر من الفعالية‪.‬‬

‫ھذا ويمكن أن يحدث أثناء نقل الرسالة تشويش أو ضجيج يعيق عملية التواصل‪ ،‬وقد‬
‫ينتج ذلك عن غموض في مستوى الرسالة أو عن وجود ظروف بيئية )متعلقة بالزمان‬
‫والمكان( أو مؤثرات إدراكية )كالفھم واالتجاھات والميول( أو عوامل حضارية تفصل بين‬
‫طرفي التواصل‪.‬‬

‫عمليا كيف تتم عمليّة التواصل؟ لتجسيد ذلك سنعتمد مثاال بسيطا من واقع الفصل‪:‬‬
‫لنفرض أن مدرسا ما )المرسل( أراد أن يبلغ معلومات حول البيئة )الرسالة( إلى‬
‫تلميذ أو مجموعة من التالميذ )المتقبّل( لكي يؤثر في سلوكھم تجاھھا‪ .‬فأنه يبدأ بضبط‬
‫المعلومات واألفكار ويصوغھا في رموز معينة )لفظية( أو أشكال معينة )غير لفظية( أو‬

‫‪6‬‬
‫أستاذية علوم التربية‬ ‫المعھد األعلى للتربية والتكوين المستمر‬
‫ّ‬
‫وحدة "التواصل" _ األستاذة‪ :‬نجوى الفزاع غريس‬

‫االثنين معا‪ ،‬ثم يقوم بتقديمھا مستعينا بأشرطة سمعية بصرية )القناة(‪ .‬في المقابل عندما‬
‫تصل الرسالة إلى حواس المتقبل‪ ،‬سمعه وبصره‪ ،‬يتولى فك الرموز التي تتظمنھا الرسالة‬
‫ويستخرج معانيھا ثم يھيئ استجابته ويرسلھا )التغذية الراجعة(‪ .‬وفي ھذا المرحلة يمكن أن‬
‫نالحظ وضعيتين‪ :‬إما أن يتوصل التالميذ إلى نفس المعاني المقصودة من قبل المدرس‬
‫ويق ّدموا االستجابة المنتظرة ويعني ذلك نجاح التواصل في تحقيق ھدفه‪ ،‬أو أن تكون‬
‫المعاني المفھومة من قبل التالميذ غير متوافقة مع تلك المقصودة من قبل المدرس فنستنتج‬
‫فشل العملية التواصلية‪ .‬وفي ھذه الحالة األخيرة يتعيّن البحث عن األسباب التي أ ّدت إلى‬
‫فشل التواصل وذلك بإعادة النظر في كل عنصر من عناصر التواصل لتعرّ ف مستوى‬
‫الخلل )المرسل أو المستقبل أو الرسالة أو القناة( وإدخال التعديالت الضرورية‪.‬‬

‫‪ -2‬أھداف التواصل‬
‫يع ّد التواصل حاجة نفسية اجتماعية أساسية في حياة األفراد والمجتمعات وھو يلعب‬
‫أدورا مھمة في شتي مجاالت الحياه من ذلك‪:‬‬

‫‪ -‬التعليم‪ :‬يم ّكن التواصل من نقل المعارف وتعميمھا ونشر الوعي وإثراء العقل وتنمية‬
‫الشخصية واكتساب الكفايات والمھارات وتطوير المواقف واالتجاھات التي يحتاجھا الفرد‬
‫لمواجھة متطلبات الحياة اليومية‪ .‬فالعملية التعليمية ھي في جوھرھا عملية تواصل يشترك‬
‫فيھا)في نواتھا األساسية( المدرس والتالميذ‪ ،‬حيث يضطلع الطرف األول بدور المرسل‬
‫باعتباره مالكا للمعرفة ومسؤوال عن تعليمھا‪ ،‬والطرف الثاني بدور المستقبل لھذه المعرفة‬
‫والمطالب بتعلّمھا‪.‬‬

‫‪ -‬التثقيف‪ :‬يساعد التواصل على نشر الثقافة واإلبداع الفني ونقل التراث وتطويره‪ ،‬مما‬
‫يساھم في إيقاظ المواھب وصقلھا وحسن توظيفھا وكذلك نقلھا من جيل إلى آخر ومن‬
‫حضارة إلى أخرى‪ .‬فمن خالل ما يق ّدم في المدارس من معلومات أدبية وعلمية وتاريخية‬
‫وفنية وغيرھا وما يوفره المحيط من أنشطة وتظاھرات ثقافية تتوسع ثقافة الفرد وتثرى‬
‫خبراته مما يساھم في الرفع من كفاءته‪.‬‬

‫‪ -‬التنشئة االجتماعية‪ :‬يعرف كيرت لوين التواصل في التربية بأنه العملية التي يت ّم‬
‫بواسطتھا نقل التغير الذي يحدث في إحدى مناطق المجال السلوكي إلى منظقة أخرى؛ ومن‬
‫ھذا المنطلق يعتبر تشكيل الكائن االجتماعي ھدفا أساسيا من أھداف التواصل‪ ،‬بفضله‬
‫يكتسب الفرد القيم والمعايير والسلوكات االجتماعية الضرورية لتحقيق توافقه مع المجتمع‬
‫الذي يعيش فيه‪ .‬ويت ّم ذلك في إطار األسرة عن طريق األبوين ث ّم عبر االحتكاك مع‬
‫األقارب واألصدقاء والجيران والمؤسسات التربوية‪.‬‬
‫‪ -‬التحسيس واإلرشاد‪ :‬يعمل التواصل على نشر المعلومات والتوضيحات وتقديم التوجيھات‬
‫التي يحتاجھا األفراد والمجموعات لتوعيتھم بالمشاكل واألخطار المتنوعة التي قد تھ ّدد‬
‫نوعية حياتھم مما يساعدھم على تجنبھا ومجابھتھا‪ .‬فاإلرشاد من ھذا المنطلق يكون بمثابة‬
‫العملية التربوية المقصودة التي تحدث مستقلة عن التعليم النظامي بھدف إحداث تغييرات‬
‫سلوكية في مجال معين‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫أستاذية علوم التربية‬ ‫المعھد األعلى للتربية والتكوين المستمر‬
‫ّ‬
‫وحدة "التواصل" _ األستاذة‪ :‬نجوى الفزاع غريس‬

‫‪ -‬الترفيه‪ :‬يساعد التواصل على التخفيف من التوتر الذي يمكن أن يشعر به الفرد نتيجة‬
‫عوامل داخلية أو خارجية‪ ،‬خاصة إذا ما توفرت مادة ترفيھية تجمع بين المتعة والفائدة‪.‬‬
‫ويمكن أن يتحذ التواصل في ھذا اإلطار شكل دردشة مع اآلخرين أو في شكل متابعة لمادة‬
‫ترفيھية تلفزية أو سينمائية أو غيرھا‪.‬‬

‫‪ -‬اإلعالم‪ :‬يعمل التواصل على تزويد األفراد بالمعلومات والحقائق واألخبار التي تھم‬
‫حياتھم اليومية في شتى مجاالتھا‪ ،‬ويفترض أن يساعدھم ذلك على تكوين أفكار صحيحة‬
‫وبلورة مواقف سليمة تجاه القضايا العامة‪ .‬وھذه الوظيفة يسميھا ھارولد الزويل "وظيفة‬
‫استكشاف البيئة"‪ .‬أما محمد محمد عمرالطنوبي فيشبّه بنية المجتمع بھرم‪ ،‬قمته يحتلھا‬
‫صفوة الحكام ومن بعدھم الخبراء وقاعدته يعمّرھا عامة الشعب‪ ،‬بحيث يت ّم االتصال بين‬
‫القمة والقاعدة عن طريق اإلعالم ومن خالل القنوات اإلعالمية‪.‬‬

‫‪ -3‬أساليب التواصل‬
‫‪ -‬التواصل اللفظي‪ :‬ويت ّم عن طريق المحادثة أو الكتابة وذلك باعتماد اللغة وھو أكثر‬
‫األساليب استعماال‪ .‬واللغة بمعناھا األشمل ھي "عبارة عن مجموعة من الرموز تعارف‬
‫الناطقون بھا على داللة ومعني كل رمز منھا ويستعملونھا في التفاھم بينھم" )ھناء حافظ‬
‫بدوي‪ ،2003 ،‬ص‪ .(30‬وقد اختلف العلماء فيما بينھم بخصوص تعريف اللغة فحين يرى‬
‫شق منھم أن الكلمة ينبغي أن تستوعب كل منھج يعبر به اإلنسان عن فكره وإحساسه‪ ،‬يرى‬
‫الشق الثاني أن كلمة لغة ينبغي أن تقتصر على اللغة اللفظية وھي التي تتكون من عدد من‬
‫المفردات ذات معاني مح ّددة‪ ،‬تحكم تركيبھا قواعد لغوية )نحو وصرف(‪ .‬ومن ھذا‬
‫المنظور يعرف التواصل اللفظي باعتماده لغة لفظية تنقل معاني تفھم بتتابع وتتالي الرموز‬
‫اللفظية )فالجملة تفھم بترتيب كتابتھا أو نطقھا(‪.‬‬

‫‪ -‬التواصل غير اللفظي‪ :‬ويتم عن طريق الحركات التعبيرية واإلشارات واإليحاءات التي‬
‫تصدر من العينين أو قسمات الوجه أو اليدين مثل االبتسام أو تقطيب الجبين أو التحديق‬
‫وغيرھا‪ ،‬وھي رموز يكتسبھا الفرد عبر مراحل حياته وتستمد معانيھا من تفاعله مع بيئته‪.‬‬
‫وقد حاول باسم محمد ولي ومحمد جاسم محمد تصنيفھا إلى في صنفين‪ :‬المالمح الساكنة‬
‫وتتمثل في المسافة التي يقفھا الشخص من الطرف المقابل والوضع الذي يتخذه عند‬
‫الجلوس أو الوقوف واالتصاالت الجسدية التي يمكن أن تحدث والتي تعكس مدى الجاذبية‬
‫واالرتياح والرغبة في التواصل‪ .‬أما الصنف الثاني فيض ّم المالمح الديناميكية مثل التغيرات‬
‫الوجھية والإليماءات والنظرات والتي تؤثر كثيرا في التفاعالت بين المتواصلين‪ .‬ويتميز‬
‫ھذا النوع من التواصل‪ ،‬على خالف التواصل اللفظي‪ ،‬بكونه ال تحكمه قواعد تسلسل‬
‫وتتابع وھو بالتالي يفھم ويدرك ككل دفعة واحدة‪.‬‬

‫وبعيدا عن ھذه التفريعات‪ ،‬يمكن القول أن األسلوبين يكادان يكونان متالزمين إذ قلّما‬
‫يستعمل اإلنسان أحدھما دون االستعانة بالثاني‪ ،‬وال ضرر في ذلك طالما أنھما يتكامالن‬

‫‪8‬‬
‫أستاذية علوم التربية‬ ‫المعھد األعلى للتربية والتكوين المستمر‬
‫ّ‬
‫وحدة "التواصل" _ األستاذة‪ :‬نجوى الفزاع غريس‬

‫من أجل تحقيق ھدف التواصل؛ لكن عندما يعبّر أحدھما على نقيض ما يكشف عنه اآلخر‪،‬‬
‫تزدوج المعاني وتدخل العملية التواصلية في مسار مسدود‪.‬‬

‫‪ -4‬أنواع التواصل‪ :‬تختلف تصنيفات التواصل باختالف المح ّكات المعتمدة فيھا‪ ،‬نذكر‬
‫من بينھا‪:‬‬

‫* تصنيف بالنظر إلى طبيعة الطرف المقابل‪ :‬الذات أو اآلخر‬


‫‪ -‬التواصل الذاتي‪ :‬يحدث عندما يلتفت الشخص إلى ذاته ليتأمّل في مشاعره وأفكاره‬
‫ومواقفه‪ ،‬ليبحث في سلوكه‪ ،‬ليراجع ويفسّر ردود فعله المعرفية أو الوجدانية او‬
‫االجتماعية‪ .‬وھذا من شانه أن يساعده على معرفة نفسه وفھمھا األمر ممّا يسھم في‬
‫تحسين تواصله مع اآلخرين‪.‬‬

‫‪ -‬التواصل الشخصي‪ :‬إنه التواصل الذي يحدث وجھا لوجه حين يلتقي شخص بشخص‬
‫آخر أو أكثر‪ ،‬ويقوم على الحوار والتبادل والتفاعل التلقائي؛ ويدخل في ھذا الصنف‬
‫التواصل الذي يت ّم بين اآلباء واألبناء أو بين األصدقاء‪ ،‬والذي يجمع بين المتعلّم‬
‫والمدرس المشرف على تكوينه‪ ،‬والذي ينشأ بين الطبيب ومريضه أو األخصائي‬
‫النفسي وحريفه ‪ ...‬ويتميّز ھذا النوع من التواصل بكونه تلقائيا ال يتطلب إعداد مسبقا‬
‫وال تحكمه قوانين صارمة‪.‬‬

‫‪ -‬التواصل الجماعي‪ :‬وھو التواصل الذي يتفاعل فيه المشاركون مع بعضھم البعض‬
‫من خالل شحنات كبيرة من العواطف والمشاعر المشتركة مثلما يحدث مع الدعاة‬
‫الدينيين أو في اللقاءات أو الحفالت التي يشارك فيھا مشاھير النجوم‪ .‬ويتميز ھذا‬
‫التواصل بكونه ال يخضع ألية قوانين بل يكفي أن يقوم فرد أو مجموعة صغيرة‬
‫بإرسال اإلشارة التواصلية حتى تحدث االستجابة الجماعية الفورية‪.‬‬

‫‪ -‬التواصل الجماھيري‪ :‬يتمثل في التواصل الذي تؤمنه وسائل اإلعالم أو القنوات‬


‫المصطنعة مثل الصحف والمجالت والسنيما والتلفزيون‪ .‬ويختلف ھذا التواصل عن‬
‫سابقه في كونه يستبعد ظاھرة التفاعل الجماعي األقرب إلى "الھيستيريا الجماعية"‪ ،‬بل‬
‫ھو عملية منظمة تتم بإشراف مختصين وتخضع لقوانين مضبوطة وتعتمد وسائل‬
‫اتصال جماھيرية ذات قدرة بث كبيرة وسرعة ھائلة‪.‬‬

‫* تصنيف بالنظر إلى اإلطار الذي يت ّم فيه التواصل‪ :‬رسمي أو غير رسمي‬
‫‪ -‬التواصل الرسمي‪ :‬يت ّم في إطار تنظيمي مؤسسي‪ ،‬تضبط أشكاله وقنواته قواعد‬
‫مح ّددة وملزمة ألطراف العملية التواصلية‪ ،‬ينتشر عادة في اإلدارات والمؤسسات ذات‬
‫التنظيم التسلسلي‪ .‬ويتميز ھذا التواصل باعتماده الغالب على التعليمات الخطية )من‬
‫الرئيس إلى المرؤوس( والتقارير المكتوبة )من المرؤوس إلى الرئيس( على حساب‬
‫التفاعل اللفظي المباشر‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫أستاذية علوم التربية‬ ‫المعھد األعلى للتربية والتكوين المستمر‬
‫ّ‬
‫وحدة "التواصل" _ األستاذة‪ :‬نجوى الفزاع غريس‬

‫‪ -‬التواصل غير الرسمي‪ :‬إنه تواصل محرّر من كل القيود والشكليات الرسمية‪ ،‬يحدث‬
‫داخل المؤسسات أو خارجھا دون االلتزام بالقنوات الرسمية للتواصل ودون التقيّد‬
‫بمراكز المتواصلين ورتبھم‪ .‬ويقوم باألساس على العالقات الشخصية واالجتماعية‬
‫ويساعد على تنمية الروابط والعالقات اإلنسانية كما يمكن أن يؤدي إلى ظھور خالفات‬
‫وصراعات بغيضة‪.‬‬

‫* تصنيف بالنظر إلى شكل التواصل‪ :‬أفقي أو عمودي‬


‫‪ -‬التواصل األفقي‪ :‬يقصد بالتواصل األفقي انسياب الرسائل التواصلية بين مختلف‬
‫المتواصلين الذين يقعون في نفس المستوى‪ ،‬مثال بين موظفين ينتمون لنفس الرتبة‬
‫اإلدارية أو بين التالميذ أنفسھم‪ .‬وھو من األنواع التي تؤكد عليھا النظريات‬
‫البيداغوجية الحديثة نظرا لما لھا من فائدة كبيرة في تفعيل دور التالميذ في اكتساب‬
‫المعرفة وتوفير مجال أوسع للصراعات المعرفية االجتماعية‪.‬‬

‫‪ -‬التواصل العمودي‪ :‬ويمكن أن يتخذ شكلين‪ ،‬من األسفل إلى األعلى أو من األعلى إلى‬
‫األسفل‪ .‬أما األول فيكون في شكل قرارات وأوامر فوقية تصدر عادة من طرف له‬
‫سلطة معرفية أو إدارية أو غيرھا؛ وھو من أكثر االتجاھات المستخدمة في المؤسسات‬
‫اإلدارية‪ ،‬وحتى في المجال التعليمي المؤسسي‪ .‬أما النوع الثاني فيعتبر مكمال لألول‬
‫باعتباره إرساال في االتجاه المعاكس وھو أقرب إلى االستجابة‪ ،‬ومثال ذلك التقارير‬
‫التي ترفع إلى رؤساء العمل وكذلك إجابات التالميذ عن أسئلة المدرس سواء كانت‬
‫كتابية أو شفوية‪.‬‬

‫‪ -5‬شبكات التواصل‪ :‬ويقصد بھا الشكل التنظيمي للتفاعالت بين أطراف العملية‬
‫التواصلية وھي أنواع أبرزھا‪:‬‬
‫مدرّ س‬ ‫مدرّ س‬

‫تلميذ‬ ‫تلميذ‬

‫تلميذ‬ ‫تلميذ‬
‫تلميذ‬ ‫تلميذ‬ ‫تلميذ‬ ‫تلميذ‬

‫شبكة تواصل أوتوقراطية نسبيا‬ ‫شبكة تواصل أوتوقراطية‬


‫مدرّ س‬ ‫مدرّ س‬

‫تلميذ‬ ‫تلميذ‬ ‫تلميذ‬ ‫تلميذ‬

‫تلميذ‬ ‫تلميذ‬ ‫تلميذ‬ ‫تلميذ‬

‫شبكة تواصل ديمقراطية نسبيا‬ ‫شبكة تواصل ديمقراطية‬


‫‪10‬‬
‫أستاذية علوم التربية‬ ‫المعھد األعلى للتربية والتكوين المستمر‬
‫ّ‬
‫وحدة "التواصل" _ األستاذة‪ :‬نجوى الفزاع غريس‬

‫نالحظ من خالل ھذه األشكال أن الشبكة الديمقراطية تتميّز عن الشبكة األوتوقراطية على‬
‫ثالث مستويات‪:‬‬
‫‪ -‬وجود عالقات مباشرة بين المدرس والتالميذ )أو الرئيس والمرؤوسين(‬
‫‪ -‬تع ّدد قنوات التواصل‬
‫‪ -‬وجود تواصالت ذات اتجاھين‪.‬‬

‫‪ -6‬العوامل المؤثرة في التواصل‪ :‬يحوصلھا أبريك )‪ (1996‬في ثالث فئات‪:‬‬

‫* العوامل المتعلقة بطرفي التواصل‬

‫‪ -‬المتغيرات ال ّنفسية‪ :‬لفھم األبعاد النفسيّة المتح ّكمة في عملية التواصل بين األفراد‪ ،‬يرجع‬
‫أبريك إلى نموذج لوين )‪ (Lewin, 1959‬لتفسير السلوك البشري حيث بيّن أن اإلنسان‬
‫يخضع لجملة من القوى الداخلية )مرتبطة بنشأته وانخراطه في الوضعية( والخارجية‬
‫)مرتبطة بالمحيط( التي تح ّدد سلوكه‪ .‬ويمكن لھذه القوى أن تكون إيجابية توافق حاجات‬
‫متعلقة باإلنجاز وتدفع بالتالي إلى خفض التوتر وظھور سلوكات انفتاح وتقرّ ب‪ ،‬أو سلبية‬
‫توافق تدفع نحو سلوكات ھروب وامتناع‪ .‬وتبعا لذلك يرى أبريك أن كل وضعية تواصل‬
‫تنطوي على جملة من القوى تجعل األطراف يسعون إلى تحقيق بعض األھداف وإلى تجنب‬
‫الوقوع في وضعية مھددة‪ ،‬لذلك يحتاج فھم التواصل إلى تعرف الدوافع الحقيقية‪ .‬فالرسالة‬
‫التي يبثھا المرسل تصاغ وتبلور ال فقط بالنظر إلى الھدف الذي يرمي إلى بلوغه ولكن‬
‫أيضا بالنظر إلى ما يريد تج ّنبه من مشاكل؛ ويستند نظام المراقبة واالنتقاء ھذا إلى آليات‬
‫مختلفة أھمّھا اآلليات اإلسقاطية )إسقاط طريقة تفكيره ومشاعره على الطرف المقابل(‬
‫واآلليات الدفاعية )تجاھل رسالة مزعجة‪ ،‬انتقاء المعلومات التي تتفق مع معتقداته‬
‫ومعاييره‪ ،‬تأويل الرسالة وفق انتظاراته واتجاھاته‪.(...‬‬

‫‪ -‬المتغيرات المعرفية‪ :‬تماما مثل المتغيرات النفسية‪ ،‬تلعب المتغيرات المعرفية دورا ھاما‬
‫في عملية التواصل‪ .‬وأول ھذه المتغيرات ما يسمى بالنظام المعرفي ) ‪Système‬‬
‫‪ (cognitif‬وھو أسلوب االشتغال الذھني لألفراد والذي يتحدد بدرجة كبيرة بالسياق‬
‫االجتماعي الذي يعيشون فيه‪ .‬ويؤثر النظام المعرفي خصوصا في اللغة المعتمدة في‬
‫للتواصل وفي طريقة فھم وتأويل الرسائل‪ ،‬وبالتالي تظل فعالية التواصل رھينة بمدى‬
‫تقارب النظم المعرفية المميزة لألطراف المتواصلة‪.‬‬
‫ومن المتغيرات المعرفية األخرى التي ال تقل أھمية في مجال التواصل نذكر نظام‬
‫التصورات )‪ ،(Système de représentation‬وھو جملة المعلومات والمعتقدات‬
‫واالتجاھات التي يطوّ رھا األفراد أو المجموعات تجاه موضوع معين والتي تكسب ھذا‬
‫الموضوع حقائق ذاتية تتفاوت في درجة ابتعادھا أو اقترابھا من الواقع وتحدد ردود الفعل‬
‫تجاھه‪ .‬وعلى ھذا األساس ال توجد وضعية تواصل خالية من تصورات وأفكار قبلية حول‬

‫‪11‬‬
‫أستاذية علوم التربية‬ ‫المعھد األعلى للتربية والتكوين المستمر‬
‫ّ‬
‫وحدة "التواصل" _ األستاذة‪ :‬نجوى الفزاع غريس‬

‫الذات و‪/‬أو حول موضوع التواصل و‪/‬أو حول الطرف المقابل و‪/‬أو السياق ككل‪ ،‬وبالتالي‬
‫يعد وجود ح ّد أدنى من التصورات المشتركة شرطا ھاما لنجاح عملية التواصل‪.‬‬

‫‪ -‬المتغيرات االجتماعية‪ :‬من بين المتغيرات االجتماعية المؤثرة في عملية التواصل‬


‫األوضاع )‪ (Statuts‬واألدوار )‪ (Rôles‬االجتماعية من جھة واألفكار المسبقة‬
‫)‪ (Préjugés‬والسلوكات المقولبة )‪ (Stéréotypes‬من جھة أخرى‪ .‬فالوضع االجتماعي‬
‫الذي يحتله الفرد في مجتمع ما وفي فترة ما يح ّدد ھويته االجتماعية ودوره االجتماعي‪،‬‬
‫فتتح ّدد تبعا لذلك اتجاھاته وسلوكاته وانتظارات اآلخرين تجاھه؛ لذلك كثيرا ما نرى عملية‬
‫التواصل تتعطل بسبب خلل في مستوى األدوار )مثل أن يظھر الفرد دورا مخالفا للدور‬
‫المنتظر أو أن تبلغ األدوار درجة من الصالبة تجعل األفراد عاجزين عن التخلي عنھا في‬
‫حتى في غير مواقعھا(‪ .‬أما األحكام المسبقة والمقولبات فأنھا تؤثر في التواصل من حيث‬
‫أنھا تجعل الشخص ال يتعامل مع الوضعية التواصلية ومكوناتھا انطالقا ممّا ھي عليه‬
‫)الواقع الموضوعي( بل انطالقا مما يحمله عنھا من أفكار جاھزة مسبقا‪.‬‬

‫* العوامل المتعلقة بالشفرة )‪ (Code‬والقناة )‪(Canal‬‬

‫‪ -‬المتغيرات الفيزيائية أو الموضوعية‪ :‬تتحدد جودة التواصل بجودة الشفرة المعتمدة ومدى‬
‫توافقھا مع نوعية الرسالة وأھدافھا وخاصيات األطراف المعنية بالتواصل‪ .‬فبقدر ما تكون‬
‫الشفرة واضحة ومناسبة للوضعية التواصلية وللمتقبل بصفة خاصة يكون استيعاب الرسالة‬
‫أيسر وتقل حاالت سوء الفھم بين المتخاطبين‪.‬‬

‫‪ -‬المتغيرات النفسية والنفس‪-‬داللية )‪ :(Psycho-sémantique‬تبدو التأثيرات النفسية‬


‫الداللية فيما يعرف بتأثير ھالو أو المظھر )‪ ،(Effet de halo‬ويتمثل في االنطباع الذي‬
‫يمكن أن تثيره بعض الكلمات في أذھان األطراف المتخاطبة والتي يمكن أن تؤدي إلى‬
‫إعاقة عملية التواصل‪ ،‬خاصة إذا ما تعلق األمر بكلمات "صادمة" مرتبطة لدي الشخص‬
‫بتجارب سابقة مصدر تو ّتر‪ .‬ومن ناحية واعتبارا إلى أن الكلمات تختلف في أوزانھا‬
‫المعنوية فإنھا ال تحدث نفس التأثير لدى المتقبل‪ ،‬فقد بين آش سنة ‪ (Asch) 1946‬أن‬
‫ھناك كلمات مركزية تتميز بكونھا تؤثر بدرجة كبيرة في فھم الرسالة وتأويلھا وخاصة‬
‫منھا الكلمات التي تحيل إلى انحراف عن المعايير‪.‬‬

‫كما يلعب ترتيب الكلمات دورا ھاما في المعاني التي يمكن أن تسند لھا وقد بينت‬
‫التجارب أن الكلمات األولى أكبر تأثيرا من غيرھا ومن ھنا كانت الدعوة إلى ضرورة‬
‫االھتمام باللحظات األولى للتواصل ألن ما تتركه من انطباع إيجابي أو سلبي ھو المح ّدد‬
‫في الغالب لمآل عملية التواصل )‪ ،(L’effet de primauté‬ھذا دون إھمال اللحظات‬
‫والكلمات األخيرة ألنھا ال تقل أھمية في تحديد التأثيرات بعيدة المدى للتواصل ) ‪L’effet‬‬
‫‪.(de récence‬‬

‫‪12‬‬
‫أستاذية علوم التربية‬ ‫المعھد األعلى للتربية والتكوين المستمر‬
‫ّ‬
‫وحدة "التواصل" _ األستاذة‪ :‬نجوى الفزاع غريس‬

‫‪ -‬اختيار قناة التواصل‪ :‬بصورة عامة‪ ،‬يكتسي اختيار القناة صبغة اجتماعية باعتباره يعكس‬
‫تصورات حول الوضعية وحول نوعية العالقة التي يرغب في ربطھا مع الطرف المقابل‪.‬‬
‫فقد بيّن أبرفنال وأكرمان )‪ (Abravanel et Ackerman, 1973‬أنّ اعتماد قناة تواصل‬
‫غير مألوفة يجعل الخطاب الشفوي أقرب إلى الخطاب المكتوب‪ ،‬وفي نفس اإلطار أ ّكد‬
‫يؤثر مباشرة في طبيعة العبارة‪ ،‬وھو يحمل داللة اجتماعية ويعكس‬ ‫أبريك أن اختيار القناة ّ‬
‫قصدية مح ّددة تجاه الھدف والمھمة وطبيعة العالقة التي تؤسّس مع المتقبّل‪.‬‬

‫* المتغيرات المتعلقة بالسياق )ِ‪(Contexte‬‬

‫‪ -‬دور السياق المادي والزمني‪ :‬تؤثر الظروف المحيطة المتعلقة بالزمان أو المكان في‬
‫عملية التواصل‪ ،‬فقاعة ال ّدرس التي تكون فيھا المقاعد في شكل دائري ال تھيئ لنفس‬
‫الخطي؛ كما أن نوعيّة الفضاء وما يمكن أن يحتويه من‬ ‫ّ‬ ‫التواصل الذي يفرضه الشكل‬
‫مثيرات وما يشوبه من تشويش وكذلك الفترة الزمنية التي يت ّم )أو يفرض( فيھا التواصل‬
‫كلّھا عوامل ھامّة في تلعب دورا في نجاح ھذه العملية‪.‬‬

‫‪ -‬دور السياق االجتماعي والثقافي واإليديولوجي‪ :‬رأينا سابقا ما للوضع االجتماعي‬


‫واألدوار المترتبة عنه من أھميّة في عملية التواصل‪ ،‬باإلضافة إلى ذلك أثبتت ال ّدراسات‬
‫يؤثر في دافعية الشخص وسلوكه وأدائه وھو ما يعرف في‬ ‫أن وجود جمھور أو مالحظين ّ‬
‫علم النفس االجتماعي بالفعل الثنائي )‪ (Co-action‬وفي ھذا اإلطار يقول أبريك " خاصة‬
‫أو عمومية‪ ،‬مع أو دون شھود‪ ،‬تتأثر طبيعة التواصل مباشرة بالسياق االجتماعي الذي‬
‫يدور فيه‪ ،‬لكن دون وجود قاعدة عامة قابلة للتطبيق‪ :‬ألن نفس السياق االجتماعي يلعب‬
‫دورا مختلفا حسب طبيعة التبادل وتعقيده وغايته" )أبريك‪ ،1996 ،‬ص‪.(23‬‬

‫‪ -‬السياق الثقافي واإليديولوجي‪ :‬تظھر أھمية ھذا السياق بصورة خاصة على مستوى تفكيك‬
‫رموز الرسالة )اللفظية وغير اللفظية( وفھم معانيھا‪ ،‬وھو ما بيّنه ديما )‪(Dumas, 1906‬‬
‫من خالل دراسته للدالالت الثقافية لالبتسامة‪ :‬فإذا كانت تشير إلى عالقة إيجابية في الثقافة‬
‫الغربية فإنھا تشير إلى الحيرة لدى اليابانيين وإلى ازدراء لدى شعوب أخرى‪ .‬وكذلك الشأن‬
‫بالنسبة إلى اللغة‪ ،‬فمثلما تشتمل على ألفاظ عامة ال يكاد يختلف اثنان في معناھا تشتمل‬
‫أيضا على مصطلحات تتلوّ ن دالالتھا بتلوّ ن اإلطار الثقافي واالنتماء الفكري واإليديولوجي‬
‫لألطراف المتواصلة‪.‬‬

‫‪ -7‬معيقات التواصل‬

‫ّ‬
‫تتدخل في عملية التواصل فتحول دون نجاحھا‬ ‫ھناك العديد من العوامل التي يمكن أن‬
‫ويمكن حصرھا في ‪ 3‬أصناف‪:‬‬

‫‪ -‬المعيقات المادية‪ :‬تتمثل في المثيرات البيئية التي يمكن أن تحدث تشويشا يعطل عملية‬
‫التواصل‪ ،‬أي كل عنصر إضافي يتدخل دون إرادة المرسل ويؤ ّدي إلى تغيير مقاصد‬

‫‪13‬‬
‫أستاذية علوم التربية‬ ‫المعھد األعلى للتربية والتكوين المستمر‬
‫ّ‬
‫وحدة "التواصل" _ األستاذة‪ :‬نجوى الفزاع غريس‬

‫الرسالة أو تشويھھا والحيلولة دون فھمھا فھما صحيحا‪ .‬والتشويش نوعان‪ :‬تشويش يتعلّق‬
‫بوسيلة التواصل وآخر بمعنى الرسالة مثل استعمال مفردات غير مألوفة أو وجود تفاوت‬
‫في المرجعيات بين المرسل والمستقبل‪.‬‬

‫‪ -‬المعيقات الشخصية‪ :‬وتتمثل في كل العوامل المتعلقة بالنواحي النفسية واالجتماعية والتي‬


‫تؤثر سلبا في عملية التواصل‪ ،‬ومن أمثلة ذلك حاالت شرود الذھن وعدم التركيز التي‬
‫يمكن أن تظھر لدى أحد األطراف المتواصلة‪ ،‬فغياب اإلنصات وضعف التركيز من شأنھا‬
‫أن يح ّدا من القدرة على استيعاب مضمون الرسالة م ّما يحول دون حصول التفاعل‬
‫المطلوب‪ .‬ويعود ھذا المشكل إلى تصارع المنبّھات واالھتمامات وكثرة الضغوط الخارجية‬
‫التي باتت تحيط بإنسان العصر الحديث‪.‬‬

‫‪ -‬المعيقات التعبيرية‪ :‬ھي كل العوائق المتعلقة باستخدام رموز أو إشارات )لفظية أو غير‬
‫لفظية( غير مفھومة أو قابلة للتأويل والتي تؤدي إلى اختالفات على مستوى الفھم وتعطيل‬
‫للتواصل‪.‬‬

‫‪ -‬من خالل مختلف التعريفات المتعددة للتواصل‪ ،‬صغ بأسلوبك تعريفا شامال أكثرالتصاقا‬
‫بالمجال التربوي‬

‫‪ -‬كيف يحدث التواصل؟ ما ھو دوره في حياة الفرد والمجموعة؟ إلى أي مدى يمكن التح ّكم‬
‫فيه؟‬

‫‪ -‬للتواصل عناصر أساسية يرتكز عليھا‪ ،‬وكل خلل يطرأ على أحدھا يمكن أن يؤثر سلبا‬
‫في نجاح عملية التواصل‪ .‬انطالقا مما لديك من معلومات وما اكتسبته من خبرة ميدانية في‬
‫مجال التعليم‪ ،‬حاول أن تضع تصوّ را ألمثلة واقعية من أنواع الخلل )غير المذكورة في ھذا‬
‫الفصل( التي يمكن أن تشوب كل عنصر من عناصر التواصل وانعكاساتھا على العملية‬
‫ككل‪.‬‬

‫‪ – III‬نماذج تحليل التواصل وخصائصھا‬

‫التواصل عملية معقدة تتشابك مكوناتھا وتتداخل إلى درجة الغموض أحيانا لذلك‬
‫حاول الباحثون وضع نماذج تساعد على تحليلھا وفھم التفاعالت التي تنطوي عليھا‬
‫والمتغيرات المؤثرة فيھا‪ .‬وتكمن أھميّة ھذه النماذج التحليلية في كونھا تم ّكن من تنظيم‬
‫وربط أطراف عملية التواصل مما يساعد على توفير نظرة كلية ال يمكن إدراكھا عبر‬
‫تفحص العناصر متفرقة‪ ،‬كما تساعد الدارس على تعرّ ف العناصر األساسية والتركيز‬
‫عليھا من أجل فھمھا والسيطرة على مخرجاتھا العملية )كارل ديوتوتش‪ 1966 ،‬ذكرته‬
‫ھناء حافظ بدوي‪.(2003 ،‬‬

‫‪14‬‬
‫أستاذية علوم التربية‬ ‫المعھد األعلى للتربية والتكوين المستمر‬
‫ّ‬
‫وحدة "التواصل" _ األستاذة‪ :‬نجوى الفزاع غريس‬

‫يعرف النموذج بأنه "أداة تصويرية توفر إطارا لالفتراضات تتحدد في نطاق‬
‫المتغيرات الھامة‪ ،‬والنماذج المثالية أو األساسية تنطوي على خطوات متتابعة تقوم على‬
‫تصور الظروف التي استمدت منھا أو قامت على أساسھا" )محمد محمد عمر‬
‫الطنوبي‪،‬ص‪(35‬؛ ويمكن تصنيف ھذه المناذج إلى صنفين كبيرين‪ :‬نماذج بنائية تختص‬
‫بإظھار الخصائص الرسمية للحدث أو الظاھرة موضوع الدراسة‪ ،‬ونماذج وظيفية تھتم‬
‫بشرح بطبيعة المتغيرات والعوامل المؤثرة في النظام أو الظاھرة المدروسة‪.‬‬
‫والنماذج التحليلية التي تناول موضوع التواصل عديدة ومتنوعة‪ ،‬نذكر من بينھا ما يلي‪:‬‬

‫‪ /1‬النموذج التقني‪ :‬وھو من النماذج األولية التي أسھمت في ظھور دراسات حول‬
‫التواصل‪ ،‬ففي سنة ‪ 1952‬وانطالقا من أعمال المھندسين في مجال االتصاالت البرقية‪،‬‬
‫وضع شانون )‪ (Shannon‬نموذجا ھاما كان له أثر كبير في تحسين عملية بث الخطابات‬
‫وفي ضمان أكبر قدر من الفعالية بأقل كلفة ممكنة‪.‬‬
‫ويتلخص نموذج شانون للتواصل الذي يعتبره نقال لخطاب من مكان إلى آخر في الرسم‬
‫التالي‪:‬‬

‫قناة‬
‫متقبل‬ ‫تفكيك‬ ‫تركيب‬ ‫باث‬

‫تغذية راجعة )غير أساسية(‬

‫الخطي على إرساء عالقة بين طرفين‪ :‬الباث والمتقبل‪ ،‬فالباث‬ ‫ّ‬ ‫يقوم ھذا النموذج‬
‫الذي يريد إرسال خطاب أو رسالة يحتاج إلى القيام بعملية تركيب أي ترجمة الرسالة إلى‬
‫اصطالحات في شكل عالمات ورموز صوتية أو حركية قابلة للفھم من قبل المتقبل‬
‫ومتوافقة مع وسائل التواصل المستعملة‪ .‬ثم تنقل الرسالة عبر سند مادي وھو القناة لتصل‬
‫إلى المتقبل الذي يقوم بتفكيكھا أي تحويل الرموز والعالمات إلى أفكار ومعاني‪ ،‬ثم ير ّد‬
‫عليھا باعتماد نفس اآللية أي تركيب الرسالة وبثھا وھكذا يصبح بدوره باثا والطرف المقابل‬
‫متقبال‪ .‬ويع ّد ھذا الر ّد بمثابة آلية للمراقبة والتعديل ألنه يمكن من معرفة مدى فھم الرسالة‬
‫وتأثيرھا في الطرف المقابل وھو ما يعرف بالتغذية الراجعة‪.‬‬
‫وقد يحدث أحيانا أن تتعرّ ض الرسالة إلى نوع من التشويش )فني أو معنوي( فيؤثر ذلك في‬
‫ك رموزھا أو فھمھا‪ ،‬وانطالقا من ذلك ح ّدد شانون وويفر ثالثة مستويات من المشكالت‬ ‫ف ّ‬
‫في دراسة عملية التواصل‪:‬‬
‫‪ -‬يتعلّق المستوى األول بالمشكالت الفنية المتعلقة بكيفية نقل الرموز بصورة دقيقة‬
‫وسليمة‬
‫‪ -‬يختصّ المستوى الثاني بمشكالت المعاني أي بالكيفية التي تنقل بھا الرموز المعاني‬
‫المقصودة‬
‫‪ -‬يتعلّق المستوى الثالث بالتأثيرات والنتائج المترتبة عن عملية االتصال أي بكيفية‬
‫تأثير المعاني في السلوك في االتجاه المطلوب‬

‫‪15‬‬
‫أستاذية علوم التربية‬ ‫المعھد األعلى للتربية والتكوين المستمر‬
‫ّ‬
‫وحدة "التواصل" _ األستاذة‪ :‬نجوى الفزاع غريس‬

‫ھذا وقد أشار الباحثان إلى أنّ ھذه المشكالت التي كثيرا ما تتداخل‪ ،‬تتفاوت في‬
‫درجة تأثيرھا في التواصل وفي القدرة على مواجھتھا )المشكالت المتعلقة بالجانب الفني‬
‫أسھل حصرا ومعالجة من تلك المتعلقة بالمعاني(‪ .‬إال أن ھذا النموذج رغم مساھمته في‬
‫تحسين فاعلية التواصل‪ ،‬يظل عاجزا على تحليل التواصل اإلنساني نظرا لتركيزه على‬
‫الوسيلة ومدى قدرتھا على نقل المعلومات‪ ،‬كما أنّ الصبغة الخطية التي طغت عليه جعلته‬
‫يتجاھل أھميّة التغذية الراجعة ودور العوامل النفسية واالجتماعية وما لھا من تأثير كبير‬
‫على األفراد والجماعات‪.‬‬

‫‪ /2‬نموذج السويل )‪:(Lasswells‬‬


‫يسعى ھذا النموذج إلى تحليل عملية التواصل والجماھيري منه بالتحديد‪ ،‬وھو يعرف‬
‫باسم "‪ "W Model‬نظرا لتركيزه في تحليل عملية التواصل على خمسة أسئلة أساسية‪:‬‬
‫‪ -‬من؟ أي المرسل‪ :‬القائم باالتصال‬
‫‪ -‬ماذا يقول؟ أي الرسالة‪ :‬مجموعة األفكار والمعاني المكتوبة أو المسموعة أو المرئية‬
‫التي يراد تبليغھا‬
‫‪ -‬مستخدما أي وسيلة؟ أي القنوات االتصالية كالصحف واإلذاعة والتلفزيون‬
‫والملصقات وغيرھا من وسائل االتصال الجماھيري‬
‫‪ -‬لمن؟ أي المستقبلين‪ :‬وھم الفئات المختلفة التي توجّ ه إليھا الما ّدة اإلعالمية‬
‫‪ -‬إلحداث أي تأثير؟ أي األثر النھائي الذي تحدثه العملية التواصلية )حجم المعلومات‬
‫المخزنة‪ ،‬نوع االتجاھات المكتسبة‪.(...‬‬
‫أما ترتيب ھذه العناصر وتفاعالتھا فيجسّدھا الشكل التالي‪:‬‬

‫األثر‬ ‫الجمھور‬ ‫الوسيلة‬ ‫الرسالة‬ ‫المرسل‬

‫‪ /3‬نموذج ولبر شرام )‪(Wlbur Schram‬‬

‫انطالقا من المعنى الالتيني لكلمة التواصل التي تفيد االشتراك في موضوع أو فكرة‬
‫أو خبرة معينة‪ ،‬طوّ ر ولبرشرام نموذجا تحليليا قام على مبدأ أنّ أساس التواصل ھو خلق‬
‫اتفاق بين المرسل والمتقبل حول رسالة معينة‪ .‬وقد استفاد كثيرا من النموذجين السابقين‬
‫)شانون والسويل( مضيفا إليھما فكرة الخبرة المشتركة التي بدونھا ال يمكن أن يت ّم‬
‫التواصل‪.‬‬

‫ّ‬
‫فتتمثل في‪:‬‬ ‫أما عناصر التواصل التي ر ّكز عليھا ھذا النموذج‬
‫‪ -‬المصدر أو صاحب الفكرة وقد يكون شخصا أو مؤسسة )دار نشر‪ ،‬محطة‬
‫إذاعيّة‪(..،‬‬
‫‪ -‬الرسالة ويمكن أن تكون في شكل كلمات مكتوبة أو موجات صوتية أو أي إشارة‬
‫أخرى ذات معنى مح ّدد‬

‫‪16‬‬
‫أستاذية علوم التربية‬ ‫المعھد األعلى للتربية والتكوين المستمر‬
‫ّ‬
‫وحدة "التواصل" _ األستاذة‪ :‬نجوى الفزاع غريس‬

‫‪ -‬الوجھة أي الطرف الذي توجّ ه إليه الرسالة وقد يكون شخصا أو جماعة أو جمھور‬
‫عريض‪.‬‬
‫وترتبط ھذه العناصر ببعضھا على النحو التالي‪:‬‬

‫مجال خبرة مشتركة‬ ‫مجال خبرة مشتركة‬


‫رسالة‬
‫المستقبل‬ ‫المفسر‬ ‫المرمز‬ ‫المرسل‬

‫الوجھة‬ ‫اإلشارة‬ ‫المصدر‬

‫ھذا وتجدر اإلشارة إلى أنه في حالة التواصل اإلنساني يندمج المرسل والمرمز‬
‫وكذلك المفسّر مع المستقبل وتصبح اللغة ھي اإلشارة؛ وأ ّكد شرام في ھذا الصدد على‬
‫ضرورة توفر مجال تجربة مشتركة بين المرسل والمتقبّل حتى يحصل الفھم والتوافق‪ .‬وإلى‬
‫جانب ذلك بيّن ھذا النموذج أن اإلنسان يكتسب بالخبرة كثيرا من المعاني التي تقترن لديه‬
‫بإشارات معينة تھيئه ألنماط من ردود الفعل‪ ،‬لكن يظ ّل جانب من ھذه االستجابات الوسيطة‬
‫متأثرا بالحالة اآلنية للجھاز العضوي‪.‬‬

‫‪ /4‬نموذج كاتز والزرسفيلد )‪(Katz et Lasarsphel‬‬


‫يعتبر كثير من الباحثين ھذا النموذج نقطة انطالق أساسية للبحوث المتعلقة‬
‫باالتصال‪ ،‬وقد جاء كر ّد على النماذج السابقة له التي قامت على مبدإ " مثير – استجابة"‬
‫والتي رأى كاتز والزرسفيلد )‪ (1955‬أنھا غير قادرة على تصوير ما يحدث في الواقع‬
‫االجتماعي تصويرا عمليا‪ .‬لذا قاما بإدخال فكرة تد ّفق المعلومات على مرحلتين وكذلك‬
‫مفھوم قادة الرأي مفترضين أنّ األخبار والمعلومات التي تبثھا أجھزة اإلعالم غالبا ما تمرّ‬
‫بقادة الرأي قبل أن تصل إلى سائر الشرائح‪.‬‬
‫فاالتصال من ھذا المنظور ھو عملية أفقية ورأسية في آن واحد ترتبط فعاليتھا بمدى‬
‫االھتمام الممنوح لألفراد والجماعات القيادية ذات التأثير على الجماھير‪.‬‬

‫‪ /5‬النموذج النفس اجتماعي‪ :‬ويمثله أبريك )‪ (Abric‬الذي يرى في التواصل فعال‬


‫اجتماعيا باألساس‪ ،‬يقوم على التفاعالت المتبادلة بين األطراف المتواصلة لذلك نجده ال‬
‫يميل إلى تسمية طرفي التواصل "باثا ومتقبال" بل يعتبرھما "متحاورين أو مخاطبين‬
‫متفاعلين"‪ .‬ويمكن لھذا الفعل التواصلي أن يكون إراديا أو الإراديا‪ ،‬واعيا أو غير واع؛‬
‫ويمكن أن يعتمد عدة قنوات لفظية وحركية وھو في كل الحاالت يرمي إلى تحقيق ھدف‬
‫معيّن وإن تفاوتت درجة وضوحه والوعي به‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫أستاذية علوم التربية‬ ‫المعھد األعلى للتربية والتكوين المستمر‬
‫ّ‬
‫وحدة "التواصل" _ األستاذة‪ :‬نجوى الفزاع غريس‬

‫‪ -‬حاول‪ ،‬في جدول‪ ،‬المقارنة بين نماذج التواصل المذكورة‪ :‬نقاط االتفاق ونقاط‬
‫االختالف وذلك على مستوى العناصر‪ ،‬الوظيفة‪ ،‬تفسير عملية التواصل‪...‬‬
‫‪ -‬في رأيك أي النماذج أنسب لتحليل التواصل في المحيط المدرسي وبالتحديد داخل‬
‫الفصل‪ ،‬بيّن ذلك باعتماد أمثلة من واقع المدرسة أو الفصل‪.‬‬

‫‪ – IV‬نظريات التواصل‬

‫‪ -1‬النظرية اللغوية‪:‬‬
‫تمثل اللغة المكوّ ن األساسي في عملية التواصل اإلنساني‪ ،‬تبدأ عملية اكتسابھا‬ ‫ّ‬
‫والتعامل بھا منذ السنوات األولى للنمو مارّة بمرحلتين أساسيتين‪ :‬األولى تستغرق العشرة‬
‫أشھر األولى وھي تسمى مرحلة "ما قبل اللغوية أو ما قبل اللفظية"‪ ،‬وتليھا مرحلة ثانية‬
‫يكتشف خاللھا الطفل أنه يمكن استعمال بعض العبارات الصوتية لوصف ما يشعر به أو‬
‫لتسمية بعض األشياء‪ .‬ث ّم شيئا فشيء وعبر التفاعالت مع محيطه يتوصّل إلى بلورة اتفاق‬
‫ضمني حول دالالت الكلمات المستعملة؛ وعندما يخرج إلى الحياة االجتماعية يبدأ الطفل‬
‫في مواجھة تجارب جديدة في التواصل إذ يجد نفسه يتواصل مع أشخاص آخرين غير‬
‫والديه وإخوته )أترابه‪ ،‬مدرسوه(‪ ،‬في سياقات أخرى غير المحيط العائلي )الروضة‪،‬‬
‫المدرسة( باستعمال رموز ومرجعيات مختلفة‪.‬‬

‫لقد حاولت كثير من النظريات تفسير عملية اكتساب اللغة‪ ،‬منھا من أ ّكد أ ّنھا تخضع‬
‫لنفس المسارات التي تتح ّكم في اكتساب القدرات عموما وأنھا مح ّددة بعوامل بيئية من‬
‫النوع الثقافي االجتماعي؛ منھا من أرجعھا باألساس إلى المسارات المعرفية الخلقية‪ .‬أما‬
‫المقاربة البيئية التي ظھرت في السبعينات كر ّد على المقاربة الفطرية فقد بينت أن الطفل ال‬
‫يواجه في كل الحاالت محيطا لغويا موحّ دا بل يجد نفسه أمام لغة موجھة له ولغة مستعملة‬
‫من قبل اآلخرين‪ ،‬وتتميز اللغة الخاصة به بأنھا تشتمل على أكثر إعادات وتتكون في‬
‫أغلبھا من أسئلة وأنھا ترافق وضعيات أو أحداث تجمع بين أشخاص وأشياء مما يسھل‬
‫عملية الربط بين الوضعية وما يقال‪ .‬كل ھذه العوامل تجعل اللغة تبدو سھلة منسابة‬
‫ومتكررة‪ .‬كما بينت دراسات أخرى أن الكھل ال يكتفي فقط باإلعادة بل يكمل ما يقوله‬
‫الطفل ويصححه لغويا ويثريه معنويا‬

‫أما في عالقتھا بالتواصل فإن اللغة لم يعد ينظر إليھا كمجرد بنية وإنما كفعل كالمي‬
‫‪ ،acte de parler‬وھو تحوّ ل تبرّ ره ثالثة حقائق على األقل‪:‬‬

‫* تع ّدد القنوات‪ :‬إنّ المسار الذي حدده ديسوسير "فم‪-‬أذن" ال يمكن أن يكون األداة الوحيدة‬
‫للتواصل‪ ،‬فقد كشفت الدراسات عن عدة متغيرات أخرى ال تقل أھمية في عملية التواصل‪:‬‬
‫‪ -‬اإليماءات والحركات مثل تعابير الوجه ونبرات الصوت وغيرھا‬
‫‪ -‬القيادة التفاعلية المتمثلة في االنتباه إلى ردود الفعل المقابلة‬

‫‪18‬‬
‫أستاذية علوم التربية‬ ‫المعھد األعلى للتربية والتكوين المستمر‬
‫ّ‬
‫وحدة "التواصل" _ األستاذة‪ :‬نجوى الفزاع غريس‬

‫‪ -‬السياق وھو يتكون من النص ‪) Texte‬الجزء اللفظي أي ما يقال(‪ ،‬من النص الثنائي‬
‫‪) Co-texte‬الجزء غير اللفظي أي ما يرى ويسمع( ومن السياق ‪) Contexte‬اإلطار‬
‫الزماني والمكاني بالمعنى الواسع للكلمة أي كل ما يحيط بالرسالة(‪.‬‬
‫فاللغة من ھذا المنظور منظومة موسّعة متكوّ نة من ‪ 3‬منظومات صغرى‪ :‬المنظومة اللفظية‬
‫والمنظومة الصوتية والمنظومة الحركية اإليمائية‪ ،‬ولعلّنا نستشف من ذلك ما يمكن أن‬
‫يطرأ على التواصل من صعوبات عندما تختلف ھذه المنظومات أو تتناقض في تبليغ نفس‬
‫الرسالة‪.‬‬

‫* تع ّدد وظائف اللغة‪ :‬لقد حاول اللغويون التقليديون تعريف اللغة على أنھا تمثيل ذھني‬
‫لألشياء في شكل رموز‪ ،‬وھو تعريف القى كثيرا من النقد‪ .‬فقد بيّن جاكبسون ‪Jackobson‬‬
‫أن للغة ‪ 6‬وظائف‪:‬‬
‫‪ -‬الوظيفة التعبيرية ‪ :Expressive‬إذا كانت الرسالة متمحورة حول المرسل )شخصيته‪،‬‬
‫انفعاالته‪ ،(... ،‬ومثال ذلك المذكرات الشخصية؛‬
‫‪ -‬الوظيفة الندائية ‪ : Conative‬عندما تتر ّكز الرسالة على التأثير في المتقبّل مثلما ھو‬
‫الحال في الومضات اإلشھارية أو التحسيسية‬
‫‪ -‬الوظيفة المرجعية ‪ : Référentielle‬تميّز الرسائل التي تنقل مرجع داللي خارج اللغة‬
‫‪ -‬الوظيفة اللغوية‪-‬االتصالية ‪ :Phatique‬تتمثل في كل العبارات أو الرسائل التي تھدف‬
‫إلى ضمان االتصال بين طرفي التواصل مثل "ھل فھمتني"‪ ،‬أتسمعني‪"... ،‬‬
‫‪ -‬الوظيفة فوق التواصلية ‪ : Métacommunicative‬وھي الرسائل التي تتعلّق بالرموز‬
‫واإلشارات اللغوية المستعملة أي بالرسالة نفسھا‬
‫‪ -‬الوظيفة الشعرية ‪ : Poétique‬تميز الرسائل المتعلقة بشكل الرسالة نفسھا أي طريقة‬
‫تصويتھا وإيقاعھا‪ ،‬وتجسدھا الشعارات السياسية التي تردد في المظاھرات وكذلك‬
‫الرسائل اإلشھارية المسموعة خاصة‪.‬‬

‫* إنزال اللغة في سياقھا ‪ Contextualisation‬والكفاية التواصليّة‪ :‬يتطلّب تأويل الرسالة‬


‫إنزالھا في سياقھا أي بالرجوع إلى ما يسبقھا وما يلحقھا من أفكار‪ ،‬فالكفاية التواصلية‬
‫تتجاوز مجرد الكفاية اللغوية‪ .‬وإذا كانت عناصر اإلطار السياقي يمكن حصرھا بدقة فإنّ‬
‫األمر يختلف بالنسبة لمفاتيح التأويل التي تربط بين ال ّنص والسياق وھذا سبب من أسباب‬
‫ما يالحظ عادة من سوء تفاھم بين المتواصلين‪.‬‬

‫لقد شكلت اللغة في عالقتھا بالتواصل محورا للعديد من الدراسات النظرية‬


‫واإلجرائية‪ ،‬فقد بيّن بعضھا أن وضعية التواصل ترمي دائما لبناء معنى‪ ،‬فاألفراد‬
‫يتواصلون دائما في إطار وضعية خاصة وفريدة )ھنا واآلن( لھا رھاناتھا الخاصة‬
‫وظروفھا المؤثرة في المتواصلين؛ فيعمل ھؤالء ضمنيا على بناء مرجعية مشتركة تو ّفق‬
‫بينھم على مستوى الدالالت التي يعطونھا للوضعية والمواضيع والرموز المستعملة‪ ،‬أي ما‬
‫يشبه العقد الضمني )‪. (Ghiglione, 1986 ; Beauvois, 1981 ; Trognon, 1986‬‬
‫وكشفت دراسات أخرى أن كثيرا من صعوبات التواصل المرتبطة باللغة تعود ذلك في‬
‫الغالب إلى التد ّفق السريع للكلمات والذي يجبر المتقبل على تحليل عدد كبير منھا في وقت‬

‫‪19‬‬
‫أستاذية علوم التربية‬ ‫المعھد األعلى للتربية والتكوين المستمر‬
‫ّ‬
‫وحدة "التواصل" _ األستاذة‪ :‬نجوى الفزاع غريس‬

‫ضيّق‪ ،‬وإلى ترتيب الكلمات الذي يضطرّ السامع إلى انتظار آخر الجملة لفھم المعنى العام‬
‫للرسالة وما فيھا من أخطاء وثغرات‪ .‬أما ّ بالكار ‪ Blakar‬فقد أ ّكد أن المتواصل يستعمل‬
‫رموزا يتخيرھا في ضوء ما يريد إحداثه من تأثيرات مبينا أن العوامل االجتماعية تؤثر في‬
‫السلوك اللفظي لألفراد‪ ،‬وعلى ھذا األساس تعتبر اللغة انعكاسا للبنية االجتماعية‬

‫‪ -2‬النظرية السلوكية‪:‬‬
‫نزل السلوكيون التواصل في إطار عالقة بين مثير واستجابة أو ما‬ ‫تماما مثل التعلّم ّ‬
‫يسمونه بالمذھب االرتباطي الشرطي وما تبعه من أشكال أخرى مثل االرتباط الشرطي‬
‫الوسائلي واالرتباط الشرطي التمييزي‪ .‬فقد اعتبروه‪ ،‬مثله مثل أي فعل آخر‪ ،‬استجابة‬
‫تفترض وجود مثير سابق لھا يستھدف خفض التوتر والعودة إلى حالة التوازن الطبيعية‪.‬‬
‫فوفقا للنموذج السلوكي الذي قدمه سكينر ‪) Skinner‬مثير‪-‬استجابة(‪ ،‬فإن األفعال‬
‫التواصلية التلقائية أو العشوائية تعتبر أمثلة لالستجابات التعبيرية حتى وإن كان المثير غير‬
‫ملحوظ‪.‬‬

‫من ھذا المنظور يبدو أن‪:‬‬


‫‪ -‬التواصل ھو نتيجة لحالة توتر داخل البيئة التي يعيشون فيھا‬
‫‪ -‬الموقف التواصلي يمكن المتواصلين من إشباع احتياجاتھم بطريقة محسوبة‬
‫‪ -‬العالقة بين المتواصلين ھي عالقة آلية وظفية ال غنى عنھا حتى وإن كانت فائدتھا‬
‫غير أكيدة‬

‫وقد حاول الدكتور محمد محمد عمر الطنوبي في كتابه "نظريات االتصال" )‪(2001‬‬
‫استخالص استخدامات نظرية التعلّم الشرطي في التواصل نذكر منھا ما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬ضرورة االبتعاد عن اعتماد التعزيزات السلبية أو الجزاء السلبي ألنھا تشجع الفرد‬
‫على القيام بسلوك ھروبي ر ّدا على المثير السلبي‪ ،‬فالمدرس الذي يلجأ إلى ضرب‬
‫التالميذ أو تذنيبھم يدفعھم إلى الغياب واإلحساس بالخوف بدل التركيز على الفھم‬
‫والمراجعة‬
‫‪ -‬وجوب تعزيز السلوك مباشرة عند القيام به ألن تأجيل الجزاء )أو العقاب( يفقد‬
‫التدعيم أو التعزيز فعاليته‪.‬‬
‫‪ -‬عدم التقيد بتعزيزات مادية بالضرورة‪ ،‬ألن التعزيزات االجتماعية والمعنوية مثل‬
‫الشكر ومنح االمتيازات ال تقل تأثيرا وھذا بالنسبة إلى كل الفئات العمرية‬
‫‪ -‬ضرورة تخير نوع الجزاء المالئم للطرف المعني به‪ ،‬فمثال في التواصل المواجھي‬
‫مثل المحاضرات والندوات يمكن أن يتمثل التعزيز اإليجابي في توفير جو من‬
‫المرح‪.‬‬

‫‪ -3‬النظرية البنائية‬
‫ظھرت البنائية كر ّد على النظرية السلوكية كما ق ّدمھا واتسون ‪ Watson‬وسكينر‬
‫‪ Skinner‬خالل الستينات‪ ،‬وھي تستمد جذورھا من الفلسفة وعلم النفس وبالخصوص‪:‬‬

‫‪20‬‬
‫أستاذية علوم التربية‬ ‫المعھد األعلى للتربية والتكوين المستمر‬
‫ّ‬
‫وحدة "التواصل" _ األستاذة‪ :‬نجوى الفزاع غريس‬

‫‪ -‬األفكار الفلسفية لبيرس )‪ Peirce (1931-1935‬وديوي )‪ Dewey (1933‬وقودمان‬


‫)‪ Goodman (1984‬و فورستار )‪... Foerster (1988‬‬
‫‪ -‬علم النفس اإليكولوجي لجبسون )‪Gibson (1985‬‬
‫‪ -‬المقاربة التطورية والمعرفية لبياجيه ‪ Piaget‬الذي يع ّد من رواد البنائية‬
‫‪ -‬الدراسات حول مسارات الذاكرة والتفكير في معالجة المعلومات‬
‫‪ -‬التصريحات الثقافية لنيسار )‪ Neisser (1967‬وبرونار )‪ Bruner (1973‬وفيقوتسكي‬
‫)‪Vygotsky (1978‬‬

‫رغم بعض االختالفات بين توجھات ھؤالء المختصين توصل البحث البيداغوجي‬
‫إلى بلورة مقاربة مشتركة‪ .‬أما المبدأ األساسي الذي قامت عليه البنائية فيتمثل في ما يلي‪":‬‬
‫يبني المتعلم المعرفة بنفسه عبر عملية إدماج لتجاربه‪ ،‬فكلمة بناء ھي محورية في ھذه‬
‫النظرية‪ .‬إن دماغ المتعلم ليس تجويفات فارغة يت ّم ملؤھا لكنه عقل في حركة مستمرة‪:‬‬
‫ينظم ‪ ،‬يص ّنف‪ ،‬يركب المعارف الجديدة مع السابقة لتصبح وحدة ذات داللة؛ وفي صورة‬
‫ظھور تجارب غير متوافقة مع ما تم تخزينه سابقا فإن الفرد يقوم بعمليات تقييم وتجريب‬
‫إلى أن يتوصّل إلى خلق بنية مرضية‪.‬‬

‫ومن ھذا المنطلقن بدا للبنائيين أن الفشل عنصر مساھم في تطوير المعارف باعتباره‬
‫يجبر المتعلم على مواجھة الوضعية الجديدة مع البنى المكتسبة سابقا مما يعني أنه ال يمكن‬
‫أن نتعلّم أي نطوّ ر طريقتنا في فھم العالم أو الظاھرة ونغيّر سلوكنا تجاھھا إال إذا فشلت‬
‫مكتسباتنا السابقة في إيصالنا إلى حيث نريد‪ .‬وفي مجال التعليم والتعلم‪ ،‬يرى أنصار ھذه‬
‫النظرية أن المدرسين يبنون‪ ،‬انطالقا من تجاربھم السابقة‪ ،‬تصورات مختلفة حول‬
‫تالميذھم‪ ،‬تكون بمثابة الموجّ ه لسلوكاتھم تجاھھم؛ وھم عندما يتواصلون معھم يؤثرون‬
‫بدورھم في سلوكات النجاح والفشل التي يبديھا ھؤالء التالميذ‪.‬‬

‫ب ّين بياجيه الدور الھام الذي يلعبه المتعلم في بناء معارفه‪ :‬فأكثر المفاھيم رسوخا ھي‬
‫التي يساھم الطفل في اكتشافھا وإعادة خلقھا؛ وفي ھذا اإلطار عبّر عن رفضه لكل أشكال‬
‫التنظيمات المدرسية التي تعطى فيھا األولوية للمدرس وإلى النقل اللفظي والتي تؤدي إلى‬
‫تشويه التفكير العلمي في اتجاه مجرد اعتقادات جماعية إجبارية‪ ،‬مؤ ّكدا أن أفضل طريقة‬
‫بيداغوجية لضمان نموّ كل التالميذ ھي التي تعتمد على بناء المعارف وعلى الدافعية‬
‫الداخلية وعلى تكثيف التواصل والتفاعل بين التالميذ‪.‬‬

‫‪ -4‬النظرية المعرفية‬
‫قامت ھذه النظرية التي تستھدف بناء معرفة موحدة حول اآلليات الذھنية‪ ،‬دراسة عمليات‬
‫بناء المعارف واستغاللھا‪ ،‬على توجھين رئيسين‪:‬‬
‫‪ -‬نظرية بياجيه التي ترى في النشاطات المعرفية امتدادا لحاجة بيولوجية عامة لدى‬
‫الشخص للتكيف مع محيطه‬
‫‪ -‬نظرية معالجة المعلومات التي ترى أن النشاطات المعرفية تبنى كإجراءات برمجية‬
‫)‪ (Algorithme‬بحثا عن حلول السترجاع التوازن )الھدف(‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫أستاذية علوم التربية‬ ‫المعھد األعلى للتربية والتكوين المستمر‬
‫ّ‬
‫وحدة "التواصل" _ األستاذة‪ :‬نجوى الفزاع غريس‬

‫أما في ما يتعلق بالتعلّم فيرى روّ اد ھذا النظرية أنه ليس مجرد تجميع للمعلومات‬
‫وإنما ھو عملية ذھنية نشيطة‪ ،‬ترتكز على مسارات معرفية دقيقة تلعب فيھا المعارف‬
‫والتجارب السابقة دورا أساسيا‪ .‬وھو يستوجب تجنيد مسارات مختلفة المستويات )بالتوازي‬
‫أو بالتتالي(؛ وفي ھذا اإلطار ت ّم التمييز بين طريقتين في معالجة المعلومات‪:‬‬
‫‪ -‬تتمثل األولى في معالجة المعلومات الحسية والتي تتم باعتماد سلسلة من عمليات‬
‫استخراج خاصيات المثير قصد تع ّرف األشكال واإلشارات الخطية‪...‬‬
‫‪ -‬تتمثل الثانية في معالجة المعلومات الرمزية )اللفظية مثال( والتي تت ّم عبر تنشيط‬
‫المخزنة في الذاكرة‪ ،‬تعمل ھذه األخيرة على بناء تأويالت‬‫ّ‬ ‫المعارف والتصورات‬
‫تفضي إلى قرارت متعلقة بالفعل أو نشاطات تواصلية‪...‬‬

‫‪ -5‬المقاربة المنظومية‬
‫ساھمت المقاربة المنظومية في ظھور نظرية التواصل وذلك على يد منظري‬
‫مدرسة بالو ألتو ‪ ، Palo Alto‬وھي مقاربة انبنت انطالقا من أعمال فينير ‪Wiener‬‬
‫)‪ (1948‬حول السيبرنيتقية ‪ Cybernétique‬وأعمال بارتلنفي ‪(1950) Bartalanffy‬‬
‫حول النظرية العامة للمنظومات‪.‬‬
‫تقوم المقاربة المنظومة على مبدإ أن العالقة التواصلية بين طرفين أو أكثر ليست مجرّ د‬
‫خطي للمعلومات من طرف في اتجاه اآلخر‪ ،‬وإنما ھي مجموعة ديناميكية من‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫بث‬
‫التبادالت المتتالية بحيث يكون سلوك كل طرف في ذات الوقت سببا ونتيجة للطرف أو‬
‫األطراف اآلخرين؛ إنھا التفاعالت التي تعتبر في ح ّد ذاتھا منظومة‪ .‬ويعرّف فازالفيك‬
‫‪ (1972) Watzlawick et al.‬التفاعل بأنه مقطع متكون من عدد مح ّدد من الرسائل‪ ،‬أما‬
‫نماذج التفاعل فھي بنية مقاطع الرسائل أي تر ّددھا وتعاقبھا خالل عملية التواصل بحيث‬
‫تستدعي بعض المقاطع بعض المقاطع األخرى‪.‬‬

‫في ھذه المقاربة ينظر إلى التواصل كعملية دائرية مستمرّة‪ ،‬ال فصل فيھا بين الباث‬
‫والمتقبّل وال بين السبب والنتيجة؛ يؤمّن فيھا عملية دوران المعلومات بين المتواصلين‬
‫)ويسمّون مشاركين في المنظومة التواصلية( عبر التغذية الراجعة التي يمكن أن تخبر عن‬
‫اتساع الفارق بين ما يخرج من المنظومة ووضعيته األولية )تغذية راجعة موجبة( أو عن‬
‫تراجع ھذا الفارق )تغذية راجعة سالبة(‪ .‬وفي ھذا اإلطار ال تتم دراسة المنظومة التواصلية‬
‫عن طريق دراسة خاصيات المشاركين فيھا بل عبر التفاعالت التي تجمعھم وعبر دراسة‬
‫السياق الذي تحدث فيه‪.‬‬

‫يتميّز التواصل من زاوية المقاربة المنظومية بأنه ال يقتصر على استعمال رموز‬
‫لفظية‪ ،‬بل تدخل في نطاقه كل سلوكات المشاركين في الوضعية التواصلية أي الحركات‬
‫واإليماءات ونبرات الصوت وطريقة التعامل مع الفضاء إلخ‪ .‬وھذا التعدد في القنوات‬
‫ّ‬
‫وتعززھا‬ ‫يجعل أكثر من رسالة تبث في نفس الوقت بحيث تراقب كل رسالة األخرى‬
‫وتندمج بالتالي مع بعضھا في منظومة تواصل موسّعة‪ .‬لكن لفھم دالالت ھذه الرسائل ال ب ّد‬
‫أن ينظر إليھا بطريقة كلية‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫أستاذية علوم التربية‬ ‫المعھد األعلى للتربية والتكوين المستمر‬
‫ّ‬
‫وحدة "التواصل" _ األستاذة‪ :‬نجوى الفزاع غريس‬
‫عند التواصل يستعمل المشاركون دون وعي منھم قواعد أو باألحرى قوانين ضمنية ّ‬
‫تنظم‬
‫السلوك الشخصي وبين األشخاص وتع ّدل توافقه مع السياق‪ ،‬فھي قوانين ذات صبغة‬
‫اجتماعية لذلك تختلف دالالت السلوكات من ثقافة إلى أخرى ومن سياق إلى آخر‪.‬‬

‫تقوم المقاربة المنظومية للتواصل على عدد من المسلّمات وھي‪:‬‬


‫‪ -‬استحالة عدم التواصل‪ :‬ألن كل سلوك ھو في ح ّد ذاته رسالة فإنه ال يمكن ألي فرد أن ال‬
‫يتواصل مع المحيطين به سواء رغب في ذلك أو لم يرغب‪ ،‬فرفض التواصل ھو نفسه‬
‫تواصل باعتباره رسالة تبلّغ عدم الرغبة أو عدم االستعداد للتواصل‪.‬‬

‫‪ -‬مستويات التواصل‪ :‬تنطوي كل عملية تواصل على مستويين‪ :‬األول ھو المحتوى الذي‬
‫تتبلّغه الرسالة والثاني ھو العالقة التي يضبطھا ذلك المحتوى‪ .‬فقدوم تلميذ إلى القسم‬
‫متأخرا أو دون إنجاز فرض منزلي ومواجھته من قبل مدرسه بالعقاب ھي وضعية‬
‫تواصلية تتكون من محتوى يتمثل في الوصول متأخرا وعالقة تتمثل في عدم قبول ھذه‬
‫الوضعية وبالتالي في وضع قاعدة تعامل بين المدرس والتلميذ‪ .‬ھذا وتجدر المالحظة أن‬
‫كل خلط بين المستويين يؤدي إلى ما يسمى "مفارقة" أو "تناقض" ‪ ،Paradoxe‬وال يمكن‬
‫الخروج من ذلك إال بتواصل حول التواصل نفسه أو ما يسمى"ما وراء التواصل"‬
‫‪ Métacommunication‬أي تواصل يعود فيه المشاركين إلى المحتوى ويحاولون معا‬
‫االتفاق على داللته‪.‬‬

‫‪ -‬ترتيب مقاطع األحداث‪ :‬يتمثل ذلك في الطريقة التي ير ّتب بھا المشارك في التواصل‬
‫سلوكاته التواصلية بحيث يعتبرھا سببا أو نتيجة لسلوكات الطرف المقابل )علما أنّ‬
‫التواصل من المنظار المنظومي ھو دائري باألساس ال مجال فيه لتحديد السبب والنتيجة(‪.‬‬
‫ھذا الترتيب الذي ھو بمثابة عملية تقطيع للمقاطع المكونة للتفاعالت من وجھات نظر‬
‫المشاركين ھو المح ّدد لطبيعة العالقة التي سيت ّم إرساؤھا بينھم‪ .‬وكمثال على ذلك يقدم‬
‫فازالفيك مثال زوجين‪ :‬الزوجة تقول لزوجھا أنھا منطوية ألنه مشاكس والزوج يقول لھا‬
‫إنه مشاكس ألنھا منطوية‪ .‬ويؤ ّدي ھذا االختالف في الترتيب والذي يعكس غياب حقيقة‬
‫واقعية إلى صراعات تواصلية‪.‬‬

‫‪ -‬أسلوبان للتواصل‪ ،‬رمزي ‪ Digital‬وتماثلي ‪ :Analogique‬األسلوب األول دقيق‬


‫ومضبوط‪ ،‬تح ّدد فيه العالقة بين العالمة والداللة على أساس اتفاقية ويعتمد خاصة في بث‬
‫المعلومات المنطقية‪ ،‬عموما تلك المتعلقة بالمحتوى )المستوى األول(‪ .‬أما األسلوب الثاني‬
‫فتكون فيه العالقة بين العالمة والداللة مباشرة أي أنه يقوم على تشابه بين ال ّدال والمدلول؛‬
‫وھو غير دقيق ويتالءم أكثر مع التواصل االنفعالي وما وراء التواصل‪ ،‬عموما التواصل‬
‫حول العالقة )المستوى الثاني(‪.‬‬

‫‪ -‬نوعان للتفاعالت‪ ،‬تناظرية ‪ Symétrique‬وتكاملية ‪ : Complémentaire‬في‬


‫التفاعالت التناظرية‪ ،‬يتبادل المشاركون سلوكات متشابھة )عنف بعنف‪ /‬مجاملة بمجاملة(‬
‫عبر تغذية موجبة‪ ،‬وبذلك تزداد ح ّدة تلك السلوكات )إذا ع ّنف أحدھم اآلخر ورد عليه‬

‫‪23‬‬
‫أستاذية علوم التربية‬ ‫المعھد األعلى للتربية والتكوين المستمر‬
‫ّ‬
‫وحدة "التواصل" _ األستاذة‪ :‬نجوى الفزاع غريس‬

‫بدوره بعنف مماثل فإن ذلك يدفع األول إلى مزيد من العنف وھكذا دواليك(‪ .‬بينما في‬
‫التفاعالت التكاملية‪ ،‬ير ّد الواحد على سلوك اآلخر بسلوك مغاير )تسلّط يقابل بخضوع(‬
‫عبر تغذية راجعة سالبة‪ .‬وفي ھذا النوع من التفاعالت يكون سلوكات المشاركين محكومة‬
‫بقواعد مختلفة‪ ،‬وھو نوع يفضي إلى الثبات والحفاظ على التوازن األولي‬
‫‪. Homéostasie‬‬

‫ومن ناحية أخرى كشفت المقاربة المنظومية عن الحاالت المرضية للتواصل والتي‬
‫يصبح فيھا التواصل عائقا أمام العالقة مع اآلخر؛ فقد اھت ّم المنظرون بالمفارقات التي‬
‫تحتويھا الرسائل وخاصة منھا‪ :‬التعريفات الالمعقولة والمتمثلة في التنافضات المخفية في‬
‫بنية التفكير واللغة )مثال "أنا كاذب"‪ ،‬ما يقوله ھذا الخطاب ال يمكن أن يكون صحيحا إال‬
‫إذا كان غير صحيح(‪ ،‬وكذلك المفارقات البراجماتية أي المتعلقة بأثر التواصل وھي‬
‫نوعان‪ :‬اإليعازات أو األوامر المتناقضة والتوقعات المتناقضة‪.‬‬

‫أما تطبيقات ھذه المقاربة في مجال التواصل التربوي فتفترض أن ال يتركز االھتمام‬
‫ال على المدرس وحده وال على المتعلم وحده بل على التفاعالت التي تحدث في الفصل؛‬
‫فالمھ ّم ليست الخاصيات التي تميز كليھما ولكن ما يربطھما ببعضھما‪ .‬ھذا يعني أنه في‬
‫حالة وجود تلميذ يشكو من صعوبات ال يجب النظر إليه بمعزل عن باقي مكونات‬
‫المنظومة بما في ذلك التفاعالت بين المدرس ووالديه‪ ،‬ألن عزل الحالة ومعالجتھا بمفردھا‬
‫يمكن أن يؤدي إلى ظھور مشكالت أخرى‪ .‬ومما يؤكد أھمية خاصيات المنظومة وأولويتھا‬
‫مقارنة بخاصيات األفراد أنه بالنسبة إلى نفس المدرس‪ ،‬رغم تغير التالميذ من سنة على‬
‫أخرى‪ ،‬نجد نفس المنظومة تتكرر‪ .‬ذلك أن المدرس عادة ما يحتل موقعا ترتيبيا علويا‬
‫يفرض عالقة تكاملية‪ ،‬تجعله يوجه التفاعالت الفردية؛ فھو الذي يضبط القواعد والمعايير‬
‫الواجب احترامھا داخل المنظومة وما على التالميذ إال التكيف معھا‪.‬‬

‫‪ -‬نالحظ انطالقا مما سبق تع ّدد المدارس الفكرية التي عالجت محور التواصل وتباينھا‬
‫سواء على مستوى األھمية التي أولتھا للموضوع أو على مستوى الطريقة التي تناولته بھا‪.‬‬
‫ھل لك أن تح ّدد مظاھر االختالف بين النظريات المذكورة آنفا؟ ھل تراھا تتعلق بالجوھر‬
‫والمبادئ أم فقط بالتفاصيل؟‬

‫‪ -V‬التواصل في مجال الخدمة االجتماعية‬

‫يلعب التواصل دورا أساسيا في مجال الخدمات االجتماعية‪ ،‬سواء منھا ما تعلّق‬
‫باألفراد أو الجماعات‪ .‬فعبر التواصل يسعى األخصائي االجتماعي إلى مساعدة األشخاص‪،‬‬
‫وقاية وعالجا‪ ،‬على مواجھة المشكالت التي يعانون منھا؛ كما يعمل على تحقيق التفاعل‬
‫اإليجابي بينھم ومساعدتھم على التكيف االجتماعي‪ .‬أما على مستوى الجماعات فيساعد‬
‫التواصل على بلورة المواقف الجماعية التعاونية وتحقيق النمو المتزن والمتكامل للجماعة‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫أستاذية علوم التربية‬ ‫المعھد األعلى للتربية والتكوين المستمر‬
‫ّ‬
‫وحدة "التواصل" _ األستاذة‪ :‬نجوى الفزاع غريس‬

‫‪ -‬التواصل واإلرشاد‪ :‬يتمثل اإلرشاد في مجمل الجھود المنظمة التي تستھدف التأثير في‬
‫األفراد في مجال معين‪ ،‬فھو عبارة عن عملية تربوية مقصودة تتم خارج إطار التعليم‬
‫النظامي وتھتم بتبسيط الخبرات والحقائق وتقريبھا ممن ھم بحاجة إليھا )اإلرشاد التربوي‪،‬‬
‫اإلرشاد الصحي‪ ،‬اإلرشاد البيئي وغيرھا(‪ .‬ويعتبر التواصل األداة الرئيسية لإلرشاد سواء‬
‫كان ذلك مباشرة أو عبر قنوات اتصالية مسموعة أو مرئية أو مكتوبة‪.‬‬

‫‪ -‬التواصل والتربية أو التنشئة االجتماعية‪ :‬تستھدف التربية في سنوات الطفولة من بين‬


‫أشياء أخرى إكساب الطفل المعارف والقيم واالتجاھات التي تساعده على التكيف مع بيئته‬
‫االجتماعية‪ .‬وھي عملية أساسية تتم باألساس عن طريق التواصل حيث يكون المرسل‬
‫األب أو األم أو أي كھل مسؤول عن تربية الطفل ولديه الخبرة والمعرفة المطلوبة‪،‬‬
‫والمستقبل ھو الطفل‪ .‬وفي ھذه العملية يت ّم تحويل المعلومات واألفكار والقواعد والمعايير‬
‫االجتماعية إلى إشارات ورموز وحركات معينة تتوافق مع الخاصيات الذھنية والعاطفية‬
‫للمرحلة العمرية التي يمر بھا الطفل‪.‬‬

‫‪ -‬التواصل واإلعالن‪ :‬يمثل اإلعالن اليوم أحد األنشطة االتصالية الھامة التي تحقق أھداف‬
‫متع ّددة لألطراف المعنية بعمليات التسويق؛ فھو يمكن المنتج من التعريف بمنتوجه ويمكن‬
‫المستھلك من معرفة أفضل للمنتوجات المتوفرة والتمييز بين أنواعھا والمفاضلة بينھا‪.‬‬
‫فاإلعالن عملية تواصلية كاملة العناصر تنقل المعلومات )الرسالة( من المنتج من خالل‬
‫المعلن )المرسل( إلى المستھلك )المستقبل( بغاية التأثير في سلوكه االستھالكي )األثر(‬
‫وذلك باعتماد وسائل اتصالية متنوعة )القناة(‪ .‬وفي ھذا اإلطار يمكن اعتبار نوع التغيير‬
‫الذي يطرأ على سلوكات المستھلكين )تزايد اإلقبال على البضاعة أو رفضھا مثال( شكال‬
‫من أشكال التغذية الراجعة‪.‬‬

‫‪ -‬التواصل وخدمة الفرد‪ :‬تتمثل خدمة الفرد في مجمل التدخالت الموجھة نحو التأثير في‬
‫حياة الفرد‪ ،‬في أفكاره واتجاھاته وتصرفاته وبيئته قصد تحسين وظيفته االجتماعية‬
‫وتدعيمھا ممّا يساعده على التكيف مع مجتمعه‪ .‬وحتى يحدث ھذا التأثير المنشود ال بد من‬
‫عملية تواصل منظمة وموجھة تقوم على التفاعل بين طرفين أساسيين‪ :‬األخصائي‬
‫االجتماعي من ناحية و الطرف "صاحب المشكلة" من ناحية أخرى من أجل مساعدة ھذا‬
‫األخير على التغلب على صعوباته وعلى القيام بدوره االجتماعي‪.‬‬

‫‪ -‬التواصل وخدمة الجماعة‪ :‬تھدف خدمة الجماعة إلى تحقيق نمو وتوازن المجموعات من‬
‫خالل إتاحة الفرص لتفاعل أعضائھا بعضھم البعض بتوجيه من األخصائي االجتماعي‪،‬‬
‫وھو ما ال يمكن أن يحدث ما لم تتوفر عمليات تواصل مستمرّة‪ .‬وتشتمل ھذه العمليات‬
‫الدراسة والتحليل والتخطيط والتنفيذ والمتابعة والتقييم‪ ،‬ويمكن أن تعتمد على اللغة اللفظية‬
‫)ما يعبّر عنه أفرد المجموعة من ميول واحتياجات وانتظارات ومواقف‪ (...‬أو على‬
‫التواصل غير اللفظي )ما يالحظ من حركات وإشارات وأفعال‪.(...‬‬

‫‪25‬‬
‫أستاذية علوم التربية‬ ‫المعھد األعلى للتربية والتكوين المستمر‬
‫ّ‬
‫وحدة "التواصل" _ األستاذة‪ :‬نجوى الفزاع غريس‬

‫دور وسائل االتصال الحديثة في عملية التواصل‬

‫لقد انطلق التواصل في بدايته بسيطا معتمدا على الرموز واإلشارات واألصوات‪ ،‬وبتطور‬
‫الحياة اإلنسانية ظھرت اللغة المنطوقة وعقبتھا اللغة المكتوبة ثم حل عصر الطباعة وظل‬
‫يتطور شيئا فشيئا إلى أن وصل إلى ما ھو عليه اليوم من تنوّ ع وتطور بفضل التقدم العلمي‬
‫والتكنولوجي‪.‬‬

‫فقد شھد النصف الثاني من القرن العشرين انفجارا في أشكال تكنولوجيا اال ّتصال‬
‫وظھرت تبعا لذلك مبتكرات عديدة مثل الحاسبات اإللكترونية واالتصاالت الفضائية‬
‫وإمكانية االتصال المباشر بقواعد البانات وظھور التلفزيون الكابلي التفاعلي وخدمات‬
‫الفيديوتكس والتليتكست والفديوديسك ونظم الليزر والميكروويف واأللياف الضوئية‬
‫واالتصاالت الرقمية وخدمات الھاتف المحمول والبريد األلكتروني وعقد المؤتمرات عن‬
‫بعد )حسن عماد مكاوي وليلى حسين السيد‪ 1998 ،‬ص‪.(106 :‬‬

‫أما مم ّيزات ھذه التكنولوجيات الجديدة فيحوصلھا حسن عماد م ّكاوي وليلى حسين‬
‫السيد في كتابھما "االتصال ونظرياتھما المعاصرة" في النقاط التالية‪:‬‬
‫‪ -‬التفاعلية ‪ : Interactivité‬ممارسة التواصل المتبادل‪ ،‬ثنائي االتجاه‪.‬‬
‫‪ -‬التفتيت ‪ : Demassification‬تعدد الرسائل حتى تتالءم مع الجماھير‪.‬‬
‫‪ -‬الالتزامنية ‪ :Asynchronisation‬إمكانية إرسال واستقبال الرسائل في أي وقت‬
‫يناسب القائم باالتصال‬
‫‪ -‬الحركة والمرونة ‪ : Mobilité‬إمكانية نقل وتحريك الوسائل من مكان إلى آخر‬
‫‪ -‬قابلية التحويل ‪ :Convertibilité‬فبفضل اال ّتصال الرقمي صار باإلمكان تحويل‬
‫اإلشارات المسموعة إلى رسائل مطبوعة والعكس‪.‬‬
‫‪ -‬قابلية التوصيل ‪ : Connectivité‬إمكانية دمج األجھزة ذات النظم المختلفة بغض‬
‫النظر عن الشركة التي تختصّ بصناعتھا‪.‬‬
‫‪ -‬االنتشار ‪ : Diffusion‬تحوّ ل ھذه الوسائل إلى ضرورة وظيفية أكثر منھا عالمة‬
‫ترف أو عناصر كمالية‪.‬‬
‫‪ -‬الكونية ‪ : Globalisation‬فقد أصبحت بيئة االتصال بيئة عالمية متخطية لحواجز‬
‫الزمان والمكان والرقابة‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫أستاذية علوم التربية‬ ‫المعھد األعلى للتربية والتكوين المستمر‬
‫ّ‬
‫وحدة "التواصل" _ األستاذة‪ :‬نجوى الفزاع غريس‬

‫‪ -VII‬التواصل في مجال التربية والتعليم‬

‫يعتبر الفعل التربوي والتعليمي فعال تواصليا‪ ،‬يحاول من خالله المربي أو المدرس‬
‫التأثير في المتعلم عبر رسالة تربوية حاملة لمضامين معرفية وقيم اجتماعية وأنماط‬
‫سلوكية‪ ...‬ويتخذ ھذا التواصل أشكاال متعددة بحسب عنصر االرتكاز‪ ،‬فإما المرسل أو‬
‫المستقبل أو القناة أو العالقات المتبادلة بين مختلف ھذه العناصر في إطار شبكة اتصالية‪.‬‬
‫ھذا ويمكن تجسيد التواصل التربوي كما يلي‪:‬‬

‫مستقبل‬ ‫مرسل‬
‫متعلم‬ ‫قناة‬ ‫مربّي‬

‫معلومات مستقبلة‬ ‫معلومات لإلرسال‬


‫محتويات‬
‫رموز‬ ‫رموز‬
‫تفكيك وتأويل‬

‫تنقية وترميز‬
‫قواعد ومعايير تحكم‬ ‫رسالة‬ ‫قواعد ومعايير تحكم‬
‫التواصل‬ ‫التواصل‬

‫استعداد للتلقي‬ ‫عالقات‬ ‫إرادة التعليم‬

‫قدرات مكتسبة‬ ‫غايات وأھداف‬

‫سياق‬ ‫سياق‬
‫جھاز البيان واإليضاح‬

‫تفترض العملية التواصلية في المجال التربوي ربط عالقة بين شخصين على األقل‬
‫مع كل ما يميّزھما من خاصيات نفسية واجتماعية ومعرفية وثقافية وغيرھا‪ ،‬أي عالقة‬
‫تقوم على االختالف مثلما تقوم على التشابه )في مستوى المعارف والتصورات‬
‫واالنتظارات والمرجعيات وغيرھا(؛ فما يشغل المدرس في وقت ما ال يلتقي بالضرورة‬
‫مع ما يشغل تالميذه وما ينشده ھؤالء في فترة ما ال يالقي دائما تجاوبا لدى األول‪ .‬لذا‬
‫يفترض التواصل أن يتق ّدم كل طرف بخطوة أو خطوات نحو اآلخر وھو ما ال يمكن‬
‫تحقيقه دون حد أدنى من معرفة خاصيات الطرف المقابل‪ ،‬فالتواصل بين المدرس والتلميذ‬
‫ال يمكن أن يحدث دون توفر زاد لغوي مشترك ودون وجود اتفاق مبدئي على دالالت‬
‫الرموز المستعملة‪ .‬بل أكثر من ذلك يتطلب األمر كثيرا من الدقة والتحري نظرا لما يمكن‬
‫أن يحيط بمسألة اللغة المستعملة من مشاكل‪.‬‬

‫فنحن نعلم أنه لكل مستوى تعليمي ولكل مادة تعليمية معجمھا الخاص بھا‪ ،‬ولكن‬
‫كثيرا ما نالحظ اختالف في الكتب المدرسية أو حتى بين المدرسين في استعمال األلفاظ‬
‫والتعامل معھا وينعكس ذلك على عملية التواصل خاصة إذا ما لم يتم التثبت في بداية السنة‬
‫الدراسية أو في بداية الدرس من تملك ھذه اللغة المختصة )ألفاظا ومعاني(‪ .‬وفي مستوى‬
‫آخر ال بد من االنتباه إلى أن كثيرا من الكلمات المنتمية إلى مادة معينة يمكن أن تستعمل‬

‫‪27‬‬
‫أستاذية علوم التربية‬ ‫المعھد األعلى للتربية والتكوين المستمر‬
‫ّ‬
‫وحدة "التواصل" _ األستاذة‪ :‬نجوى الفزاع غريس‬

‫في مواد أخرى بدالالت أخرى وبالتالي يؤدي اعتمادھا دون تدقيق إلى مشاكل سوء الفھم‬
‫)فمثال "الفاع ّل" في درس اللغة العربية ليس ھو "الفاعل" في دروس المواد االجتماعية(؛‬
‫أما أعقد الحاالت فتتمثل في غياب رمز مشترك بين الطرفين‪ ،‬حينھا ينقلب التواصل إلى‬
‫حوار ص ّم‪ .‬وھذا ما يؤ ّكد أن فھم وتأويل الرسالة ليس عملية بسيطة وآلية وإنما ھي ثمرة‬
‫تعاون بين المرسل والمستقبل وعملية المراقبة التي تخولھا التغذية الراجعة ھي وحدھا‬
‫الكفيلة بكشف الخلل‪ .‬لكن حتى تؤدي التغذية الراجعة دورھا ال ب ّد أن يكون لدي التلميذ ثقة‬
‫وشعورا باالطمئنان بأنه لن يحاسب على سوء فھمه أو استفساراته وأن يكون لدى المدرس‬
‫تفطن لوجود مشكلة‬ ‫استعداد لتقبل المالحظات ومراجعة خطابه )شكال أو مضمونا( كلما ّ‬
‫على مستوى التبليغ أو التأويل وأن يحاول قدر اإلمكان التخلي عن الوضع الھرمي‬
‫للتواصل )حيث يحتل القمة باعتباره المسيّر لعملية التواصل والمتحكم الوحيد في موضوعه‬
‫وأھدافه( ليفسح المجال لتنظيم تواصلي شبكي بي التالميذ أنفسھم تحت مالحظته( تتع ّدد‬
‫فيه ردود األفعال وتتنوع مصادرھا‪.‬‬
‫من ھذا المنطلق‪ ،‬لضمان نجاح عملية التواصل داخل الفصل‪ ،‬ال يكفي أن يھتم المدرس‬
‫بالرسالة التربوية أو التعليمية ووسائل إرسالھا بل يتعيّن االھتمام بالكيفية التي تستقبل بھا‬
‫من قبل التالميذ وتعديلھا عند االقتضاء للحصول على األثر المنشود‪.‬‬

‫كما يحتاج كل من يعمل في الحقل التربوي والتعليمي أن يكون علي بيّنة بمميزات‬
‫وسائل التواصل غير اللفظية وداللتھا وتأثيراتھا المحتملة في الطرف المقابل‪ ،‬فالمدرس قد‬
‫يوجه لتلميذه نظرة تدخل عليه الطمأنينة والثقة في نفسه وقد يرميه بنظرة أخرى تكون‬
‫مصدر إحباط له‪ ،‬وكذلك الشأن بالنسبة إلى االبتسامة التي يمكن في حاالت أن تفيد التثمين‬
‫وفي حاالت أخرى السخرية‪ .‬ولعلنا ندرك من خالل ما تق ّدم أھميّة السلوكات التواصلية‬
‫)اللفظية وغير اللفظية خاصة( التي يبديھا المدرس في حجرة الدرس ومدى تأثيرھا في‬
‫العالقة البيداغوجية من ناحية وفي التحصيل من ناحية أخرى‪.‬‬

‫دور وسائل االتصال في تحقيق األھداف التربوية‬


‫في الماضي كانت عملية التواصل في مجال التعليم تقوم باألساس على التواصل‬
‫اللفظي المباشر‪ ،‬باالستعانة بما يتوفر من ووسائل اإليضاح؛ وكانت ھذه الوسائل التواصلية‬
‫اإليضاحية في أغلبھا مكتوبة أو مصوّ رة‪ ،‬يغلب عليھا طابع الجمود مثل النصوص‬
‫المكتوبة والمشاھد المصورة الخرائط والملصقات‪ .‬ث ّم بفضل التطور العلمي والتكنولوجيا‬
‫عرفت الفصول جيال جديدا من وسائل التواصل التعليمية أكثر حركية ومرونة في‬
‫االستخدام مثل األشرطة المصورة ‪ Films‬والتسجيالت الصوتية وآالت العرض‬
‫‪ .Rétroprojecteur‬وفي أواخر القرن العشرين‪ ،‬ونتيجة لما شھدته تكنولوجيات االتصال‬
‫ّ‬
‫فتعززت الوسائل‬ ‫من تطوّ ر )كما ونوعا(‪ ،‬انفتحت آفاق جديدة في مجال التواصل التربوي‬
‫المستخدمة للغرض وتنوعت أشكال توظيفھا بفضل ما تميّزت به ھذه الوسائل الحديثة من‬
‫حيوية وقابلية للتطويع وفق األھداف المنشودة‪ .‬من الوسائل المستخدمة لتعزيز عملية‬
‫التواصل يمكن نذكر خصوصا‪:‬‬
‫‪ -‬التلفزيون التعليمي‬
‫‪ -‬اإلذاعة الداخلية‬

‫‪28‬‬
‫أستاذية علوم التربية‬ ‫المعھد األعلى للتربية والتكوين المستمر‬
‫ّ‬
‫وحدة "التواصل" _ األستاذة‪ :‬نجوى الفزاع غريس‬

‫‪ -‬الفديو‬
‫‪ -‬الكمبيوتر‬

‫تتميز ھذه الوسائل بتعددھا وتنوعھا بما يتيح الفرصة الختيار الوسيلة التي تتناسب‬
‫أكثر مع الوضعية التعليمية وظروفھا وبقدرتھا على شد انتباه التلميذ وتنشيطه‪ ،‬كما أنھا‬
‫توفر أساسا حسيا للموضوع أو المفھوم أو المحتوى المدروس مما يساعد على استيعابه‪.‬‬
‫لكن تظل فائدتھا رھينة بمدى توفرھا وكفاءة مستخدمھا؛ ويتوقف اختيار األداة المناسبة‬
‫على عوامل كثيرة منھا موضوع الدرس والھدف الذي يسعى المدرس إلى تحقيقه‬
‫وخاصيات التالميذ والسياق المدرسي عموما‪ .‬وقد حاولت ھناء حافظ بدوي )‪،2003‬‬
‫ص‪ (187‬وضع جملة من القواعد الختيار الوسائل وھي التالية‪" :‬‬
‫‪ -‬أن تتوافق الوسيلة مع الغرض الذي تيعى إلى تحقيقه منھا فاألفالم المتحركة مثال‬
‫تصلح لتقديم المعلومات التي يكون عنصر الحركة أساسيا فيھا بينما تفي الصور‬
‫واألفالم الثابتة بالغرض إذا لم تكن الحركة مھمة في الموضوع‪.‬‬
‫‪ -‬صدق المعلومات التي تقدمھا الوسيلة ومطابقتھا للواقع‪ .‬فالخرائط المدرسية السياسية‬
‫يجب تحديثھا باستمرار بسبب استقالل بعض الدول واتحاد دول مع بعضھا‬
‫‪ -‬مناسبة الوسائل ألعمار المستقبلين ومستوى ذكائھم وخبراتھم السابقة‬
‫‪ -‬أن تكون الوسيلة في حالة جيدة من حيث الصوت والصورة‬
‫‪ -‬أن تساوي الوسيلة الجھد والمال الذي ينفق للحصول عليھا‪ ،‬وينبغي أن يكون العائد‬
‫من استخدامھا يتناسب مع ما ينفق عليھا‬
‫‪ -‬أن تتناسب الوسيلة مع التطور العلمي والتكنولوجي لكل مجتمع"‬

‫التعلم عن بعد‬
‫إن ما وصل إليه العالم من تق ّدم كبير في مجال تكنولوجيات االتصال الجديدة‬
‫والتطورات المرتقبة سوف تم ّكن الناس في شتى أنحاء األرض من عقد االجتماعات وتبادل‬
‫اآلراء والخبرات ونقل المعلومات دون الحاجة إلى مغادرة مكاتبھم‪ ،‬وقد بدأت معالم ھذا‬
‫التطور تلوح وأكبر دليل على ذلك التنوع الھائل في وسائل االتصال المرئية والمسموعة‬
‫عبر األقمار الصناعية وآخرھا ما صار يعرف بالمحاضرة المرئية ‪Visioconférence‬‬

‫لقد ساھم استخدام األقمار الصناعية وتكنولوجيا الفضاء واالتصاالت الالسلكية في‬
‫توفير شبكة اتصاالت ربطت بلدان العالم ببعضھا‪ ،‬فصارت تبعا لذلك الجامعات ومراكز‬
‫التكوين فضاءات متحررة من قيود الزمان والمكان‪ ،‬فضاءات مفتوحة للراغبين لالستفادة‬
‫من برامجھا ومحاضراتھا دون الحاجة إلى التنقل على عين المكان‪ ،‬يكفي فقط أن توفر‬
‫األجھزة الالزمة مثل التلفزيون والتليفون والكمبيوتر؛ وما الجامعة المفتوحة والمدرسة أو‬
‫الجامعة االفتراضية إال تجسيدا لھذا التوظيف للتكنولوجيات الحديثة في مجالي التعليم‬
‫والتكوين المستمر‬

‫في ھذا المجال تصبح اآللة ھي مصدر التواصل وقناته الرئيسية‪ ،‬إذ يزوّ دھا الطرف‬
‫المشرف على العملية التعليمية بالمعلومات موضوع التعلم ويرسم مسارھا وطريقة التفاعل‬

‫‪29‬‬
‫أستاذية علوم التربية‬ ‫المعھد األعلى للتربية والتكوين المستمر‬
‫ّ‬
‫وحدة "التواصل" _ األستاذة‪ :‬نجوى الفزاع غريس‬

‫بينھا وبين الطرف المتعلم‪ ،‬فك ّل شيء ثابت ومضبوط سلفا‪ .‬على خالف ذلك في التواصل‬
‫الذي مباشرة بين المدرس والمتعلم يأتي ك ّل طرف وھو مزود بخبراته السابقة وخصائصه‬
‫النفسية واالجتماعية التي تؤثر في الرسالة وفي الموقف التعليمي بأكمله‪.‬‬

‫التواصل التربوي الفعّال‬


‫إن التواصل عملية ديناميكية معقدة لھا أحكامھا وأھدافھا المضبوطة‪ ،‬ويتوقف نجاحھا على‬
‫تو ّفر جملة من الشروط األساسية أھمّھا‪:‬‬
‫* على مستوى المتواصلين‬
‫‪ -‬وجود ح ّد أدنى من التقارب بين ك ّل من المرسل والمستقبل على مستوى األرضية‬
‫االصطالحية المستعملة )اللفظية وغير اللفظية( واألطر المرجعية )الثقافية‬
‫واإليديولوجيّة غيرھا(؛‬
‫‪ -‬توفر مھارات تواصلية )تحليل أغراض التواصل‪ ،‬ترجمتھا إلى إشارات تواصلية‪،‬‬
‫تخير القناة األنسب للتبليغ‪ ،‬إدراك ردود الفعل المقابلة‪(...‬؛‬
‫‪ -‬توفر اتجاھات إيجابية نحو نفسه ونحو الطرف المقابل وفي نحو الرسالة الموجھة‬
‫)مضمونھا(؛‬

‫* على مستوى الرسالة‬


‫‪ -‬التوافق مع احتياجات الطرف المقابل ممّا يساعد على جذب انتباھه وضمان انخراطه‬
‫في العملية التواصلية؛‬
‫‪ -‬المعالجة الفنية الجيدة أي استخدام رموز و‪/‬أو صور و‪/‬أو كلمات و‪/‬أو حركات ذات‬
‫معنى واضح قابل للفھم من قبل الطرف المقابل؛‬

‫* على مستوى قناة التواصل‬


‫‪ -‬الفعالية أي أن تكون القناة كفيلة بنقل الرسالة دون تشويه لمضمونھا؛‬
‫‪ -‬التوافق مع محتوى الرسالة أي تكون القناة موظفة لخدمة الرسالة ال مجرّ د‬
‫"إكسسوار"‪.‬‬

‫إن الصعوبات التي يواجھھا التواصل داخل المدرسة أو الفصل تتأتى في الواقع من‬
‫حقيقة كثيرا ما يت ّم تجاھلھا من قبل األطراف التربوية وھي أنّ التواصل ال ينبني على‬
‫أرضية "بيضاء"‪ ،‬بل ينطلق ويتطور في إطار مح ّدد تحكمه قوانين وتصورات وأحكام‬
‫مسبقة وقوالب جاھزة‪.‬‬

‫‪ -‬ما ھي المآخذ التي تعاب على الوسائل التعليمية في عالقتھا بالتواصل؟‬


‫‪ -‬يرى العض أن استخدام التكنولوجيات الحديثة في مجال التعليم يمكن أن يساھم في الح ّد من التفكير‬
‫اإلبداعي لدى المتعلّم ويفقد العالقة التربوية بعدھا اإلنساني‪ .‬ناقش ھذا الرأي‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫أستاذية علوم التربية‬ ‫المعھد األعلى للتربية والتكوين المستمر‬
‫ّ‬
‫وحدة "التواصل" _ األستاذة‪ :‬نجوى الفزاع غريس‬

‫أفكار للتحليل والنقاش‬


‫‪ -‬ضرورة اعتماد نظرة إدماجية للتواصل‬
‫‪ -‬تمكن تكنولوجيات االتصال من ضمان تبادالت قارية ولكنھا تعطل التواصل‬
‫الشخصي‪ :‬التواصل بين التفجر والتقطع‬
‫‪ -‬التواصل يظل مفھوما غامضا‪ ،‬من الضروري التعامل معه بحذر‬

‫‪ -‬تتميز الرموز اللفظية بأنھا رقمية وتحليلية ‪ ، Digital et analytique‬تنتظم في‬


‫شكل حوار أو مناقشة أو خطاب‪ ...‬بينما تكون الرموز غير اللفظية عامة وتماثلية‬

‫‪ -‬تتكون الرسائل من وحدات خطابية ذات أحجام وتنظيمات مختلفة‪ ،‬تساھم معا في‬
‫إعطاء داللة معينة‬
‫‪ -‬للتواصل وظائف متعددة أھمھا التأثير في العالم‬
‫‪ -‬يرتبط نجاح التواصل بالمھارات المعرفية العامة والمھارات الخاصة بالتواصل‬
‫وذلك بقيادة المعارف والمسارات المتامعرفية ‪Métacognitifs‬‬

‫التواصل ھو في ذات الوقت أداة وسالح‪ ،‬يمكن تعلمه والتصرف فيه‬ ‫‪-‬‬
‫يمكن للتواصل أن يكون محركا للتغيير كما يمكنه أن يكون عائقا له‬ ‫‪-‬‬
‫عولمة المعلومات والتواصل المباشر ينبغي أن يتواجدا معا‬ ‫‪-‬‬
‫التواصل الذاتي كنتاج للتواصل االجتماعي يع ّد أداة للتعديل الذاتي‬ ‫‪-‬‬

‫يرى ماكيول ‪ McQuail‬أنه من الصعوبة اختيار نموذج فردي مناسب أو اقتصادي ليميل‬
‫أو يصور عملية االتصال االجتماعية‪ ،‬وھذه الصعوبة لم تنشأ من االختالف على الحقائق أو‬
‫على مدى العناصر التي يجب أن تؤخذ في االعتبار ولكن ھذه الصعوبة تنشأ أوال وقبل كل‬
‫شيء من التنوع الكبير لألحداث االجتماعية التي يجب أن تؤخذ في االعتبار وثانيا من‬
‫الحقيقة القائلة بأن األحداث االتصالية إلى ح ّد كبير تكون مؤلفة من مفاھيم وأفكار متباينة أو‬
‫مختلفة‪.‬‬

‫يبدو التواصل من المفاھيم المستعصية‪ ،‬فھو بمثابه مفھوم‪-‬ف ّخ ‪ ، Concept piège‬وذلك‬


‫لعدة عوامل‪ :‬فباإلضافة إلى سعة انتشاره )في عديد المجاالت( واختالف دالالته‬
‫واستعماالته )كثرة المعاني الملتصقة به( نالحظ تع ّددا على مستوى الوظائف المنوطة‬
‫بعھدته‪ .‬حاول أن تعيد صياغة أھداف التواصل )انطالقا مما ذكر مع إثرائه بما تعرفه من‬
‫أھداف أخرى( مص ّنفا إياھا بحسب المستفيدين منھا‪ :‬الفرد أو المجموعة أو المجتمع‪.‬‬
‫ماذا يمكن أن تستنتج في خصوص وضع التواصل ‪ Statut‬ودوره ‪.Rôle‬‬

‫‪31‬‬
‫أستاذية علوم التربية‬ ‫المعھد األعلى للتربية والتكوين المستمر‬
‫ّ‬
‫وحدة "التواصل" _ األستاذة‪ :‬نجوى الفزاع غريس‬

‫المراجـع‬
‫العربية‪:‬‬

‫باسم محمد ولي ومحمد جاسم محمد )‪ ،(2004‬المدخل إلى علم النفس االجتماعي‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫جودت بني جابر )‪ ،(2004‬علم النفس االجتماعي‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫حافظ محمد سالمة )‪ ،(1996‬وسائل االتصال والتكنولوجيا في التعليم‪ ،‬عمان‪ :‬دار الفكر‬ ‫‪-‬‬
‫للطباعة والنشر والتوزيع‪.‬‬
‫حسن عماد مكاوي )‪ ،(1998‬االتصال ونظرياته المعاصرة‪ ،‬بيروت‪ :‬الدار المصرية اللبنانية‬ ‫‪-‬‬
‫خيري خليل الجميلي )‪ ،(1997‬االتصال ووسائله في المجتمع الحديث‪ ،‬اإلسكندرية‪ :‬المكتب‬ ‫‪-‬‬
‫الجامعي الحديث‬
‫ھناء حافظ بدوي )‪ ،(2003‬االتصال بين النظرية والتطبيق‪ ،‬اإلسكندرية‪ :‬المكتب الجامعي‬ ‫‪-‬‬
‫الحديث‬
‫عبد الحافظ محمد سالمة )‪ ،(1996‬مدخل إلى تكنولوجيا التعليم‪ ،‬عمان‪ :‬دار الفكر للنشر‬ ‫‪-‬‬
‫والتوزيع‬
‫عبد العزيز شرف )‪ ،(2003‬نماذج االتصال في الفنون واإلعالم والتعليم وإدارة األعمال‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫القاھرة‪ :‬الدار المصرية اللبنانية‬
‫غسان يعقوب بالشتراك مع جوزف طبش )‪ ،(1979‬سيكولوجيا االتصال والعالقات اإلنسانية‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫بيروت‪ :‬دار النھار للنشر‬
‫صالح أبة اصبع )‪ ،(1995‬االتصال واإلعالم في المجتمعات المعاصرة‪ ،‬عمان‪ :‬دار آرام‬ ‫‪-‬‬
‫للدراسة والنشر والتوزيع‬
‫صالح الدين جوھر )‪ ،(1980‬علم االتصال‪ :‬مفاھيمه‪ ،‬نظرياته‪ ،‬مجاالته‪ ،‬القاھرة‪ :‬مكتبة عين‬ ‫‪-‬‬
‫شمس‬
‫رشاد أحمد عبد اللطيف )‪ ،(1997‬حتمية االتصال االجتماعي‪ ،‬القاھرة‪ :‬حلوان‬ ‫‪-‬‬
‫زيدان عبد الباقي )‪ ،(1979‬وسائل وأساليب االتصال في المجاالت االجتماعية والتربوية‬ ‫‪-‬‬
‫واإلدارية واإلعالمية‪ ،‬القاھرة‪ :‬مكتبة النھضة المصرية‬
‫محمد محمد عمر الطنوبي )‪ ،(2001‬نظريات االتصال‪ ،‬اإلسكندرية‪ :‬مكتبة ومطبعة اإلشعاع‬ ‫‪-‬‬
‫الفنية‬
‫محمد أحمد النابلسي )‪ ،(1991‬االتصال اإلنساني وعلم النفس‪ ،‬بيروت‪ :‬دار النھضة العربية‬ ‫‪-‬‬
‫محمد سالمة غباري وآخرين )‪ ،(1991‬االتصال ووسائله بين النظرية والتطبيق‪ ،‬اإلسكندرية‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫المكتب الجامعي الحديث‬
‫ٌ‬
‫محمد كحمود مھدلي )‪ ،(1998‬مدخل في تكنولوجيا االتصال االجتماعي‪ ،‬اسكندرية‪ :‬المكتب‬ ‫‪-‬‬
‫الجامعي الحديث‬
‫مصطفى حجازي )‪ ،(1990‬االتصال الفعال في العالقات اإلنسانية واإلدارة‪ ،‬بيروت‪ :‬المؤسسة‬ ‫‪-‬‬
‫الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع‬
‫ميلود حبيبي )‪ ،(1993‬االتصال التربوي وتدريس األدب‪ ،‬بيروت‪ :‬المركز الثقافي العربي‬ ‫‪-‬‬

‫الفرنسية‬
‫‪C. Abravanel et W. Ackermann (1973), Langage et communication, in S.‬‬
‫‪Moscovici (ed), Introduction à la psychologie sociale, T II, Paris : Larousse‬‬

‫‪J-C. Abric (1996), Psychologie de la communication, Paris : Armand Colin‬‬

‫‪32‬‬
‫أستاذية علوم التربية‬ ‫المعھد األعلى للتربية والتكوين المستمر‬
ّ
‫ نجوى الفزاع غريس‬:‫وحدة "التواصل" _ األستاذة‬
C. Baylon et X. Mignot (1991), La Communication, Paris/ Nathan Université

M. Bromberg (1990), La communication : le pourquoi, in R. R. Ghiglione et


autres, Traité de psychologie cognitive, III, Paris : Dunod

J. Beaudichon (1990), La communication : le « pourquoi », in Ghiglione et


autres, Traîté de psychologie cognitive, Tome III, Dunod

J. Beaudichon (1999), La communication. Processus, formes et applications,


Paris : Armand Colin

J. Beaudichon et autres (1999), Communication et construction des savoirs :


une approche comparative, in G. Netchine-Grynberg, Développement et
fonctionnement cognitifs : vers une intégration. Paris : PUF

O. Bruno (1992), Communiquer pour enseigner, Paris : Hachette Education

R. Jakobson (1963), Essais de linguistique générale, Paris : Minuit

A. Moles (1972), Théories de l’information, Denoël

A. Moles (1981), L’image. Communication fonctionnelle, Casterman

R. Mucchielli (1988), Communication et réseaux de communication, Paris :


ESF

A. Mucchielli (1998), Les modèles de la communication, in Cabin (éd), La


communication : état des savoirs, Paris : Editions Sciences Humaines

G. Noizet et autres (1985), La communication, Paris : PUF

L. Sfez (1988), Critique de la communication, Le Seuil

L. Sfez (éd) (1993), Dictionnaire critique de la communication, Tome II, Paris :


PUF

A. Vito 1993), Les fondements de la communication humaine, Québec/ Gaétan


Morin Editeur.

P. Watzlawick et autres (1972), Une logique de la communication, Paris :


Editions du Seuil

P. Weaver et C.E Shannon, Théorie mathématique de la communication, CEPL

33
‫أستاذية علوم التربية‬ ‫المعھد األعلى للتربية والتكوين المستمر‬
‫ّ‬
‫وحدة "التواصل" _ األستاذة‪ :‬نجوى الفزاع غريس‬

‫للتوسع‬
‫ّ‬ ‫قراءات‬

‫‪34‬‬
‫أستاذية علوم التربية‬ ‫المعھد األعلى للتربية والتكوين المستمر‬
‫ّ‬
‫وحدة "التواصل" _ األستاذة‪ :‬نجوى الفزاع غريس‬
‫ھناء حافظ بدوي )‪ ،(2003‬االتصال بين النظرية والتطبيق‪ ،‬اإلسكندرية‪ :‬المكتب الجامعي الحديث‪ ،‬ص‬
‫‪62-58‬‬

‫أساليب االتصال‬
‫ليس ھناك شخصان يتصرفان بنفس الطريقة‪ ،‬كما أن الشخص ال يتصرف بذات األسلوب في جميع‬
‫األحيان‪ ،‬ومع ذلك فإن ھناك مالمح أساسية لالتصال اإلنساني تمثل طرقا متميزة للتعامل في المواقف‬
‫المتبادلة بين األشخاص‪ .‬ومع أن كل شخص يعتبر قادرا على التصرف طبقا ألكثر من أسلوب من ھذه‬
‫األساليب‪ ،‬إال أنه يميل دائما إلى تكرار أسلوب معين وبالذات يكون مفضال عنده في كثير من المواقف‪،‬‬
‫وقد حددت فرجينيا ساتير ‪ Virginia Satir‬خمسة أساليب لالتصال تنطوي على ما يلي‪:‬‬

‫‪ -1‬أسلوب العدوان واللوم‪:‬‬


‫يميل الشخص الذي يستخدم ھذا األسلوب إلى أن يتصرف دائما مع األخرين‪ ،‬وينتقدھم باستمرار على‬
‫نحو يسوده التعالي والغطرسة‪ .‬كما يتميز أكثر اللوامين تطرفا بأنھم مستبدون كما أنھم يفرضون آراءھم‬
‫على اآلخرين بالقوة ويفعلون ما يريدونه على حساب حقوق اآلخرين ومشاعرھم وعواطفھم‪ ،‬والھدف‬
‫النھائي للشخص اللوام ھو أن يحثث الفوز والسيطرة دائما في نطاق عالقاته مع اآلخرين فيدفعھم بالتالي‬
‫إلى الخسارة والھزيمة‪ ،‬وقد يكون الرئيس اللوام مھابا‪ ،‬خاصة لو كان يحضى بالقوة على مرؤوسيه‬
‫فيتمكن من دفعھم نحو فعل ما يريده ھو‪ ،‬مع ذلك فإن نتائج ھذا األسلوب تكون سلبية تماما في المدى‬
‫البعيد‪ ،‬فضال عن أن اللوامين عادة ما يفشلون في عقد عالقات وثيقة نظرا ألنھم يشعرون دائما بأنه يتعين‬
‫عليھم أن يحترسوا من اآلخرين ويشعرون باغترابھم عن غيرھم من الناس‪.‬‬

‫‪ -2‬أسلوب االسترضاء وعدم الجزم‪:‬‬


‫يحاول األشخاص الذين يتخذون ھذا األسلوب‪ ،‬استسماح اآلخرين وإنكار ذاتھم وھم نادرا ما يرفضون‬
‫أمرا‪ .‬ويتحدثون كما لو كانوا عاجزين عن أن يفعلوا شيئا من أجل أنفسھم ولذلك فھم يحتاجون دائما إلى‬
‫من يساندھم أو يؤيدھم‪ ،‬ويتجاھل المسترضون حقوقھم الخاصة‪ ،‬وحاجاتھم ومشعرھم‪ ،‬وھم غير قادرين‬
‫على التعبير عما يريدونه بصفة مباشرة وحاسمة‪ ،‬وحتي عندما يعبرون عن أفكارھم أو مشاعرھم تجاه‬
‫اآلخرين فإنھم يتبعون أسلوبا يفيض باالعتذار واألسف‪ ،‬يجعل اآلخرين يزدرونھم بشدة‪ ،‬كما يتميز أسلوب‬
‫االسترضاء ھذا بأن صاحبه ال يستطيع أن يتخذ قرارا في مسألة معينة أو أن يبت في أمر أو أن يحسب‬
‫حسابا أو يتعقل أمرا ومثال ذلك أن الرئيس أو المشرف الذي يتميز بھذا األسلوب ال يستطيع أن يجزم من‬
‫أمر ما‪ ،‬ويجد صعوبة بالغة في أن يقول "ال" لمرؤوسيه خوفا من أن يؤذي مشاعرھم‪.‬‬

‫‪ -3‬األسلوب العقلي‪:‬‬
‫األشخاص الذين يستخدمون ھذا األسلوب يعلقون أھمية قصوى على احتساب كل ما يفعلونه مع اآلخرين‬
‫ومعالجته معالجة تعقلية‪،‬ولھذا فإنه أسلوب يستلزم قدرة فائقة على أن يظھر اإلنسان بمظھر الھدوء‬
‫والرصانة واالتزان‪ ،‬فال يسمح بمشاعره أن تخرج إلى حيز التعبير‪ .‬وھو يعتقد بأنه من األفضل أن تظل‬
‫المشاعر واالنفعاالت كامنة بداخل اإلنسان طالما إنھا يمكن أن تصرفه عن العمل الذي يقوم به‪ ،‬أو أنھا قد‬
‫تربكه لو أنه كشف عنھا‪ ،‬ولذلك فالناس الذين يكشفون دائما عن ھذا األسلوب يرتابون في المشاعر‪ ،‬وال‬
‫يتقون في العواطف واالنفعاالت الشخصية‪ ،‬ويتقون في المنطق والعالنية ويتصرفون من منطلق اعتقادھم‬
‫بأن الناش لو كانوا قادرين على التعقل واستخدموا عقولھم فقط الختفت معظم المشاكل التي توجد حولنا‬
‫وھم غالبا ما يقيمون مسافة بينھم وبين اآلخرين بحيث يتعسر توثيق الصلة بھم‪.‬‬

‫‪ -4‬األسلوب الملتوي االحتكاري‪:‬‬


‫يقوم ھذا األسلوب على أساس من عدم االندماج في المواقف المتبادلة بين األشخاص أو المواقف‬
‫الشخصية‪ ،‬ويشار إليه بھذه العبارة "ابتعد عن المواقف المھددة" واألشخاص الذين يستخدمون ھذا‬
‫األسلوب يكونون كل أنواع االستراتيجيات للمحافظة على ذاتھم بعيدا عن أطراف االتصال غير المريحة‪،‬‬
‫‪35‬‬
‫أستاذية علوم التربية‬ ‫المعھد األعلى للتربية والتكوين المستمر‬
‫ّ‬
‫وحدة "التواصل" _ األستاذة‪ :‬نجوى الفزاع غريس‬
‫ولكن عندما ال يتمكنون من تحاشي ھذه األطراف غير المريحة لھم‪ ،‬فإنھم يلجؤون إلى استخدام أسلوب‬
‫آخر للتعامل مع ھؤالء‪ ،‬وھو أسلوب المناورات الملتوية‪ ،‬أسلوب احتكار مشاعر اآلخرين وعواطفھم‬
‫واستغاللھا وفي ھذه الحالة األخيرة تستخدم أساليب معينة كالغضب أو التظاھر به‪ ،‬واإلحراج وإحساس‬
‫اآلخرين بالذنب كطريقة لالستيالء عليھم ومثال ذلك أن رئيس العمل قد يجبر مرؤوسيه على القيام بأعمال‬
‫إضافية بواسطة احتكاره مشاعرھم الكامنة بالذنب‪ ،‬فيقول لھم "كيف يمكنھم أن تتركوني بمفردي بعد كل‬
‫ما فعلته من أجلكم؟"‪.‬‬

‫‪ -5‬األسلوب الواضح المباشر‪:‬‬


‫يتميز األشخاص الذين يستخدمون ھذا األسلوب بتدريبھم على اإلفصاح عن حقوقھم‪ ،‬والتعبير عن‬
‫مشاعرھم وأفكارھم‪ ،‬وحاجاتھم بطريقة مباشرة وشريفة ومستقيمة‪ ،‬لذلك تجيء نبرات أصواتھم‬
‫وحركاتھم وتعبيرات نظراتھم ووقفاتھم مالئمة ومطابقة لما يقولونه فضال عن أن أفعالھم تضاھي أقوالھم‪،‬‬
‫وھم قادرون إلى ح ّد كبير على أن ينفذوا ما وعدوا به‪ ،‬ويكشف األشخاص الذين يعتمدون ھذا األسلوب‬
‫عن عدم لجوئھم إلى تحقيق حرياتھم على حساب حريات اآلخرين واستعدادھم الدائم للتفاوض والحوار‬
‫وعقد الصلح‪ ،‬ويستطيع ھؤالء األشخاص أن يعبروا عن وجھات نظرھم الخاصة في المواقف المختلفة‬
‫حتى وإن كانت تختلف عن وجھات نظر غيرھم ولكنھم ال يكشفون في ذلك عن محاولة السيطرة أو احتقار‬
‫اآلخرين ممن يشاركون وجھات نظرھم ولذلك يعتمد ھذا األسلوب على مبدإ االحترام ويتجاوز االختالف‬
‫األعمى أو المخالفة المقصودة‪.‬‬

‫وأخيرا فإننا نتوصل إلى عدد نقاط أساسية تتعلق بأساليب االتصال وھي‪:‬‬
‫‪ -‬أن ھناك الكثير من أساليب االتصال المتاحة أمام األشخاص وھناك سبل مختلفة ومتباينة لالستجابة في‬
‫المواقف المتبادلة بينھم وأن كل شخص يستخدم ھذا األسلوب في مواقف أو أخرى‬
‫‪ -‬أن كل أسلوب منھا يعتبر فعاال وإيجابيا في مواقف معينة‬
‫‪ -‬أن االستخدام المعتاد لنموذج واحد في جميع المواقف دون تمييز لطبيعة الموقف ھو الذي يمكن أن‬
‫يتسبب في المشكالت المتصلة بالعالقات بين األشخاص‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫أستاذية علوم التربية‬ ‫المعھد األعلى للتربية والتكوين المستمر‬
‫ّ‬
‫وحدة "التواصل" _ األستاذة‪ :‬نجوى الفزاع غريس‬
‫عبد الحافظ محمد سالمة )‪ ،(1996‬وسائل االتصال والتكنولوجيا في التعليم‪ ،‬عمان‪ :‬دار الفكر للطباعة‬
‫والنشر والتوزيع‪ .‬ص‪39-33:‬‬
‫ھناك عدة طرق لتصنيف وسائل االتصال‪ ،‬كل واحدة منھا صالحة في استخدامھا الخاص‪ ،‬فمثال عندما‬
‫نتكلّم عن الصور المتحركة والثابتة والوسائل السمعية فإننا نتكلم عن الشكل الذي تعرض فيه المعلومات‬
‫بواسطة تلك الوسائل وعندما نتكلم عن وسائل البث اإلذاعي ووسائل اإلسقاط الضوئي ووسائل العرض‬
‫فإننا نميز بين عمليات فزيائية مختلفة تقوم بعرض المعلومات‪...‬إلخ‪ .‬ومن أشھر التصنيفات لوسائل‬
‫االتصال أو الوسائل التعليمية‪:‬‬
‫أوال‪ -‬تصنيف أدجار ديل ‪Edgar Dale‬‬
‫رتب وسائل االتصال )الوسائل التعليمية( على أساس الخبرات التي ستھيؤھا كل واحدة بحيث يمثل أقربعا‬
‫إلى رأس المخروط )مخروط الخبرة – مخروط ديل( الخبرات كالرموز اللفظية والبصرية أما قاعدة‬
‫المخروط فتمثل الخبرات الحسية الھادفة والملموسة والواقعية‪ .‬وكما ھو مبين بالشكل المرفق فإن ديل قسم‬
‫ھذه الوسائل إلى ثالث مجموعات‪:‬‬
‫‪ -‬المجموعة األولى‪ :‬وتمثل الممارسة العملية والعمل المباشر حيث يمارس اإلنسان الخبرة بنفسه ويشارك‬
‫فيھا مشاركة إيجابية‪ ،‬لو طبقنا ذلك على العملية التربوية لوجدنا أن المتعلم ھنا يتعلم كثيرا من المھارات‬
‫والمعارف وتتكون لديه مجموعة من المفاھيم عن طريق الممارسة العملية وھذا ال يقتصر على المفاھيم‬
‫التي تعلمھا بالعمل المباشر أساسا لتكوين مفاھيم جديدة بواسطة خبرات شبه حسية أو مجردة‪.‬‬
‫‪ -‬المجموعة الثانية‪ :‬تعتمد على المالحظة المحسوسة وتشتمل وسائل العروض التوضيحية التي يقو بھا‬
‫المعلم داخل حجرة الدرس والرحالت التعليمية الميدانية التي يخطط لھا المعلم مع طالبه مثل زيارة مصنع‬
‫أو آثار‪...‬إلخ‪ ،‬والمعارض صناعية كانت أم زراعية أم علمية‪...‬إلخ‪ ،‬إضافة إلى جميع الوسائل السمعية‬
‫والبصرية كالسينما أو التلفاز والنماذج والعينات‪.‬‬
‫‪ -‬المجموعة الثالثة‪ :‬تمثل ھذه المجموعة كل الخبرات التي يحصل عليھا التلميذ بواسطة البصيرة المجردة‬
‫أي أنھا تعتمد على الخيال والخبرات السابقة التي يقارنه المتعلم بالصورة الذھنية التي كونھا في الماضي‪،‬‬
‫وتتميز ھذه الخبرات السابقة بأنھا معرضة للتشويش وعدم الوضوح مما يؤدي إلى تكوين مفاھيم غير‬
‫صحيحة أو غير متكاملة لذلك فإن على المعلم استخدام بعض الوسائل التي تساعد المتعلم في تكوين مفاھيم‬
‫صحيحة وتقربھا للواقع )الدبس‪.(47 ،‬‬

‫الرموز‬ ‫الخبرات المجردة‬


‫المجردة‬

‫رموزمصورة‬
‫الوسائل الثابتة )إذاعة‪،‬‬
‫تسجيالت‪ ،‬صور(‬

‫الوسائل المتضمنة حركة‬ ‫الخبرات شبه‬


‫المحسوسة‬
‫المعارض‬
‫الرحالت العلمية‬
‫العروض التوضيحية‬

‫الخبرات الممثلة‬
‫الخبرات المحسوسة‬
‫الخبرة المعدلة ‪ /‬غير المباشرة‬

‫الخبرة الھادفة ‪ /‬المباشرة‬

‫‪37‬‬
‫أستاذية علوم التربية‬ ‫المعھد األعلى للتربية والتكوين المستمر‬
‫ّ‬
‫وحدة "التواصل" _ األستاذة‪ :‬نجوى الفزاع غريس‬
‫من خالل استعراض مجموعات ديل في ھرم الخبرات نستطيع تسجيل المالحظات التالية‪:‬‬
‫‪ -1‬أن أغنى مصادر التعلم ھو الحقائق‬
‫‪ -2‬إن العمل المباشر وغير المباشر يؤدي إلى تكوين خبرات عند اإلنسان يستطيع استخدامھا في‬
‫مواقف الحياة المختلفة‬
‫‪ -3‬تبرز أفضلية وسيلة على أخرى من خالل مناسبتھا للموقف التعليمي وقدرتھا على تدعيم عمل‬
‫المدرس والمادة المرجعية للمدرس )الكلوب‪.(85 ،‬‬
‫ثانيا‪ -‬تصنيف ادلينغ ‪: Edling‬‬
‫قسمت الوسائل ھنا إلى فئات خمس اعتمادا على المنبھات وكثافتھا وھو على شكل ھرم مقلوب حيث‬
‫جعل الوسائل الحقيقية المرتبطة بالبيئة في أعلٮالھرم ثم تدرج المواد البصرية المتحركة ثم السمعية‬
‫البصرية الثابتة ثم الرسومات واللوحات التعليمية وفي القاعدة وضع أيضا الرسومات والتسجيالت‬
‫الصوتية )الكلوب‪.(86 ،‬‬

‫وسائل البيئة المحلية الحقيقية‬

‫ازدياد عدد المنبھات التعليمية‬


‫أفالم الصور المتحركة والفديو‬
‫ازدياد الخبرة المرئية‬

‫الصور الثابية اآللية كالشرائح والشفافات‬


‫المرفقة بتسجيالت سمعية‬
‫الصور المسطحة والرسوم البيانية‬

‫الرسوم التوضيحية والرسوم‬


‫الكاريكاتورية والتسجيالت الصوتية‬

‫ثالثا‪ -‬تصنيف أسلن ‪: Oslen‬‬


‫وھو تصنيف متأثر كثيرا بتصنيف ديل حيث قسم ھذه الوسائل على شكل ھرم مكون من ثالث فئات‪:‬‬
‫أ( الفئة األولى في قاعدة الھرم وتشتمل الخبرات الحسية والواقعية المباشرة مثل الزيارات والرحالت‬
‫والمقابالت واآلالت واألجھزة الميتخدمة في التعليم المھني‬
‫ب( القئة الثانية التي تتوسط الھرم وتركز على الوسائل الشمعية والبصرية المتحركة والثابتة التي تمثل‬
‫الواقع عندما ال تتوفر الوسائل الواقعية أو الحقيقية‪.‬‬
‫ج( الفئة الثالثة وتركز على الرموز الميموعة )اللغة( والمواد المطبوعة التعليمية‪.‬‬
‫ازدياد الصفة الحسية الواقعية‬

‫الوسائل الرمزية المجردة‬


‫ازدياد الصفة التجريدية‬

‫المواد التعليمية المطبوعة مثل‬


‫الك‬
‫الوسائل الرمزية الحسية‪ :‬الوسائل السمعية البصرية‬
‫مثل الخرائط والرسوم والصور المسطحة والشرائح‬
‫والشفافيات والعينات والتسجيالت والسبورة‬

‫الوسائل التعليمية الواقعية‪ :‬الخبراء والمقابالت والزيارات الميدانية‬


‫والرحالت وآالت التعليم كما ھي الحال في التعليم المھني‬

‫‪38‬‬
‫أستاذية علوم التربية‬ ‫المعھد األعلى للتربية والتكوين المستمر‬
‫ّ‬
‫وحدة "التواصل" _ األستاذة‪ :‬نجوى الفزاع غريس‬
‫رابعا‪ -‬تصنيف دونكان ‪Dunkan‬‬
‫يقسم دونكان ھذه الوسائل على أساس عدة معايير منھا‪:‬‬
‫ارتفاع التكاليف أو انخفاضھا‪ ،‬صعوبة توافرھا أو سھولته‪ ،‬وعمومية ايتعمالھا أو خصوصيتھا وشھولة‬
‫استعمالھا في التعليم‪ ،‬وعدد المتعلمين الذين يمكنھم االستفادة منھا في آن واحد‪ ،‬ويشير السھم في الجانب‬
‫اليمن من التصنيف إلى ارتفاع تكلفة ھذه الوسائل وصعوبة توافرھا واتصافھا في العمومية وكبر حجم‬
‫المستفيدين منھا كلما اتجھنا إلى أسفل‪ ،‬ويشير السھم في الجانب األيسر عمس ذلك )الدبس‪ (50 ،‬ويعتبر‬
‫ھذا التصنيف من أكثر التصنيفات واقعية من حيث تأثير وسائل االتصال وإمكانية توفرھا والقدرة على‬
‫استخدامھا وترتيبھا منطقيا‪ ،‬إال أن دونكان أھمل البيئة والتعامل معھا )الكلوب‪.(87 ،‬‬

‫معايير‬ ‫معايير‬
‫الوسائل التعليمية‬
‫التصنيف‬ ‫التصنيف‬
‫المذكرات المكتوبة‪ ،‬النشرات‪ ،‬الصور المصبوعة‬
‫العروضات الحائطية والعينات والنماذج والسبورة‬
‫انخفاض التكاليف – سھولة التوفير –‬

‫ارتفاع التكاليف – صعوبة التوفير –‬


‫الخصوصية – سھولة االستعمال‬

‫المود التعليمية المطبوعة مثل المتب المقروءة على‬

‫العمومية – حجم المتعلمين‬


‫اختالف أنواعھا‬
‫التسجيالت الصوتية والمعامل اللغوية‬
‫الشرائح وأفالم الصور الثابتة والشفافيات فوق‬
‫الرأسية‬
‫األفالم الصامتة والمسموعة )المرفقة بتوضيحات‬
‫مسموعة( وأفالم الصور المتحركة‬
‫المواد التعليمية المبرمجة آليا‪ ،‬الفديو‪ ،‬البرامج‬
‫التلفزيونية الحية‪ ،‬أنظمة الكمبيوتر التعليمية‪،‬‬
‫اإلذاعة المرئية )التلفزيون(‬
‫خامسا‪ -‬تصنيف بريتس ‪Brets‬‬
‫اعتمد بريتس في تصنيفه على الصيغة الحسية التي تقدمھا الوسيلة فھناك الصيغة المسموعة والثابتة‬
‫والمتحركة أو مزيجا منھا جميعا كما ھو موضح في الشكل‪:‬‬
‫الخصائص‬
‫الوسائل التعليمية‬
‫حركة‬ ‫صورة كتابة‬ ‫صوت‬
‫‪ 1‬الوسائل السمعية ‪ /‬البصرية المتحركة‬
‫√‬ ‫√‬ ‫√‬ ‫√‬ ‫التلفزيون‬
‫√‬ ‫√‬ ‫√‬ ‫√‬ ‫أفالم الفديو‬
‫√‬ ‫√‬ ‫√‬ ‫√‬ ‫أفالم الصور المتحركة‬
‫‪ 2‬الوسائل السمعية ‪ /‬البصرية الثابتة‬
‫√‬ ‫√‬ ‫√‬ ‫√‬ ‫أفالم الصور الثابتة المرفقة بتسجيل سمعي‬
‫√‬ ‫√‬ ‫√‬ ‫√‬ ‫الشرائح المرفقة بتسجيل سمعي‬
‫‪ 3‬الوسائل السمعية شبه المتحركة‬
‫√‬ ‫√‬ ‫√‬ ‫التلغراف والتلكس‬
‫‪ 4‬الوسائل المرئية المتحركة‬
‫√‬ ‫√‬ ‫√‬ ‫أفالم الصور الصامتة‬
‫‪ 5‬الوسائل المرئية الثابتة‬
‫√‬ ‫√‬ ‫المواد المطبوعة‬
‫√‬ ‫√‬ ‫أفالم الصور الثابتة‬
‫√‬ ‫√‬ ‫أفالم الميكرو‬
‫√‬ ‫√‬ ‫الصور والرسوم المسطحة‬
‫‪ 6‬الوسائل السمعية‬
‫√‬ ‫الراديو‬
‫√‬ ‫التليفون‬
‫√‬ ‫التسجيالت الصوتية‬
‫سادسا‪ -‬تصنيف حمدان‪:‬‬
‫يعتبر ھذا التصنيف ثنائيا في طبيعته‪ ،‬فھو يض ّم الوسائل اآللية والوسائل غير اآللية‪ .‬وقد عمد خالل‬

‫‪39‬‬
‫أستاذية علوم التربية‬ ‫المعھد األعلى للتربية والتكوين المستمر‬
‫ّ‬
‫وحدة "التواصل" _ األستاذة‪ :‬نجوى الفزاع غريس‬
‫عرضه ألنواع ھذه الوسائل بنوعيھا اآللية وغير اآللية إلى تدرجھا من المحسوس إلى المجرّد وندرة‬
‫االستخدام إلى كثافته في الوقت نفسه‪.‬‬

‫تكنولوجيا‬
‫التعليم‬
‫المس‬ ‫المط‬
‫موعة‬ ‫غير‬ ‫بوعة‬
‫اآللية‬
‫اآللية‬
‫المرئيات الثابية‬ ‫السبورات‬

‫التلفزيون التعليمي‬ ‫الخرائط الجغرافية‬

‫الفديو‬ ‫الرسوم التعليمية‬


‫الصور المتحركة‬ ‫الدروس العملية‬

‫الكمبيوتر الشخصي‬ ‫النماذج المجسمة‬

‫مراكز التعلم‬ ‫العينات الحقيقية‬


‫الوشائل المترافقة‬ ‫وسائل البيئة المحلية‬

‫‪40‬‬
‫أستاذية علوم التربية‬ ‫المعھد األعلى للتربية والتكوين المستمر‬
‫ّ‬
‫وحدة "التواصل" _ األستاذة‪ :‬نجوى الفزاع غريس‬

‫ميلود حبيبي )‪ ،(1993‬االتصال التربوي وتدريس األدب‪ ،‬بيروت‪ :‬المركز الثقافي في‬
‫العربي‪ .‬ص‪49-42‬‬

‫)‪ (...‬إننا في االتصال البشري نكون في مواقف اتصالية تتدخل فيھا عدة متغيرات تتقاطع فيما بينھا‬
‫لتجعل االتصال ممكنا‪ .‬ولدراسة االتصال سنحاول عرض بعض النماذج النفسية واالجتماعية الدارسة‬
‫لالتصال في إطار إشكاالت محددة وھي‪:‬‬
‫‪ -‬مركزية الذات‪ /‬ال مركزيتھا في االتصال‬
‫‪ -‬التفاعالت االجتماعية واللفظية‬

‫‪ 1.2.1‬مركزية الذات‪ /‬المركزيتھا في االتصال‬


‫شغل ھذا الجانب في الدراسات النفسية عددا من الباحثين نكتفي ھنا باإلشارة إلى بعض النماذج الدالة وإلى‬
‫األطروحات التي دافعت عنھا ھذه النماذج‪:‬‬

‫أ‪ -‬نموذج بياجيه‪ :‬درس بياجيه االتصال المتبادل ما بين األطفال في بعض دراساته مستخدما في ذلك‬
‫منھجين اعتبرھما متكاملين‪:‬‬
‫‪ -‬األول‪ :‬قام فيه بجمع اإلنتاجات اللفظية العفوية المكتوبة لمجموعة من األطفال الممدرسين‪ ،‬وعمد‬
‫إلى تحليلھا‪.‬‬
‫‪ -‬الثاني‪ :‬أخضع فيه الباحث األطفال لدراسة تجريبية في موقف اتصالي مرجعي‪ ،‬وذلك بجعل األطفال‬
‫ينتجون تواصالت لفظية بخصوص مراجع معينة )مبادئ‪ ،‬إواليات‪ ،‬محكيات‪(...‬‬
‫وانطالقا من ذلك قسم بياجيه لغة األطفال إلى نوعين‪ :‬لغة متمركزة على الذات ولغة اجتماعية‬
‫يندمج في النوع األول مجموع االنتاجات التي يظھر فيھا أن الطفل ال يھمه معرفة المخاطب وال‬
‫ر ّد فعله‪ ،‬بل يھ ّمه في الدرجة األولى أن يتكلّم مع ذاته ولذاته‪ ..‬وحتى إذا أشرك شخصا آخر في كالمه‪،‬‬
‫فإن ذلك ال يعدو أن يكون مجرد متعة ذاتية‪.‬‬
‫ويندرج في النوع الثاني مجموع اإلنتاجات اللفظية الھادفة إلى إقامة اتصال مع اآلخر في شكل حوار‪،‬‬
‫ويتحقق ذلك حين يرغب الطفل في مخاطبة اآلخر بخصوص شيء له عالقة بذات الطفل‪ ،‬أو حين يتحدث‬
‫عن ذاته أمام اآلخر بنية إشراكه في الحديث‪.‬‬
‫وقد تبين لبياجيه بعد تحليل اإلنتاجات اللفظية العفوية أن حوالي نصف ھذه االنتاجات ال ترتبط بأية وظيفة‬
‫اجتماعية‪ ،‬والھدف الموافقة والتعزيز‪ ...‬كما جعله يستنتج بأن لغة الطفل حتي سن السابعة‪ ،‬يغلب عليھا‬
‫التمركز الذاتي‪ ،‬وبعد ھذه السن فحسب يشرع الطفل في اكتساب اللغة االجتماعية‪ ،‬بتأثير من التنشئة‬
‫األسرية والوسط المحيط به‪ ،‬كما استخلص من جھة ثانية أن األطفال ال يتواصلون فيما بينھم‪ ،‬بل عالبا ما‬
‫يتحدثون إلى ذواتھم‪ ،‬وحتى يتحدث الطفل إلى اآلخرين‪ ،‬فإنه ال يھمه أن يكون كالمه مفھوما‪ ،‬فھو يعتبر‬
‫المسألة بديھية‪ ،‬كما أن لغته ال تصبح شبيھة بلغة الراشد‪ ،‬إال حين يدرك أن من مصلحته المباشرة أن يكون‬
‫كالمه مفھوما‪..‬‬
‫ولذاك يمر الطفل كما يذھب إلى ذلك بياجيه بثالث مراحل في اكتسابه للغة‪:‬‬
‫* مرحلة ما قبل سن الخامسة‪ :‬وتتميز بوجود حوار ذاتي داخلي‪ ،‬أو حوار ثنائي في شكل عالقات ما بين‬
‫األطفال‪.‬‬
‫* مرحلة ما بين الخامسة والسابعة‪ :‬ويظھر فيھا حديث األطفال المتخاطبين عن أفعالھم الخاصة‬
‫وأفكارھم‪ ،‬بدون أن تحدث بالضرورة مشاركة فعلية‪ ،‬وغالبا ما يكون موضوع الحديث عالم األشياء‬
‫الحاضرة في ذھن الطفل‪.‬‬
‫* مرحلة ما بعد السابعة‪ :‬وتتميز بوجود مساركة في التفكير المجرد والحديث عن أفعال مستقلة عن الفعل‬
‫المباشر والشروع في استعمال اللغة االجتماعية‪.‬‬
‫ويستخلص بياجيه من ذلك أن الراشد إذا كان يفكر بكيفية اجتماعية في حاله انعزاله عن المجتمع فإن‬
‫الطفل في سن ما قبل السابعة يفكر ويتكلم بكيفية متمركزة ذاتيا حتى وھو مع الجماعة‪ ...‬ورعم أھمية‬
‫أطروحة بياجيه فقد تعرضت لعدة انتقادات وباألخص في الجانب المرتبط بمركزية الذات في لغة الطفل‪،‬‬
‫‪41‬‬
‫أستاذية علوم التربية‬ ‫المعھد األعلى للتربية والتكوين المستمر‬
‫ّ‬
‫وحدة "التواصل" _ األستاذة‪ :‬نجوى الفزاع غريس‬
‫حيث عيب عليھا إھمالھا للدور المھيكل الذي يضطلع به الوسط االجتماعي في التطور المعرفي للطفل‪.‬‬
‫ومن بين ھذه الدراسات التي عملت على انتقاد أطروحات بياجيه واقتراح تفسيرات تكميلية لھا‪ ،‬نجد‬
‫أبحاث سالما كازاكوا‪ ،‬فالفيل‪...‬‬

‫ب‪ -‬نموذج سالما كازاكو ‪ : Smama-Gazcu‬اعتبرت ھذه الباحثة أن النتائج التي نوصل إليھا بياجيه‬
‫تسببت فيھا العينة المدروسة‪ ،‬والشروط التربوية المميزة للعينة الملحوطة‪ ،‬وعدم اعتبار السياق كمؤثر في‬
‫البث اللفظي وفي حوافز المتكلّم‪ .‬لذلك حاولت تجريب ما ذھب إليه بياجيه في التمركز اللغوي عند الطفل‬
‫على أساس النظر إلى أن ھذا التمركز يتفرع إلى نوعين‪ :‬حديث للذات وحديث عن الذات‪...‬‬
‫وقد تبين من التجربة وجود أسبقية للوطيفة االتصالية لدى الطفل‪ ،‬تتبلور فيما تسميه الباحثة الدينامية‬
‫التحادثية‪ ،‬بحيث يتبادل المتواصلون األدوار فيما بينھم بين متحدث ومستمع‪ .‬كما الحظت من الناحية‬
‫التطورية أن األشكال االتصالية تتعدل بحسب السن وأن الحديث عن الذات ليس ضروريا أن يعكس‬
‫صورة للتمركز اللغوي الذاتي‪ ،‬فھو حديث يراد به إخبار الغير بشكل يدل على وجود تنشئة اجتماعية‪،‬‬
‫فالطفل يھدف من وراء ذلك إلى إثارة انتباه اآلخرين بالتأثير فيھم وإقناعھم كما أنه يبرھن على أن ھذا‬
‫الحديث ليس من أجل الذات‪ ،‬قصد إشراكھم في عالقة بواسطة اللغة من حيث ھي وسيلة اتصالية تستدعي‬
‫اآلخرين للتعاون من أجل الفعل المشترك‪.‬‬
‫وكما يشير إلى ذلك بورتير ‪ Porter‬فإن السمات السلوكية التي جعلھا بياجيه مؤشرات للحديث عن‬
‫التمركز الذاتي‪ ،‬قد أصبحت مؤولة عند الباحثة كمؤشرات للبرھنة على اجتماعية اللغة عند الطفل‪.‬‬

‫ج‪ -‬نموذج فالفيل ‪ : Flavel‬اعتمد فالفيل بدوره وجود مركزية لغوية ذاتية في دراسته لإلواليات المعرفية‬
‫لالتصال‪ ،‬محاوال الوقوف على كيفية تخلص الطفل من وجھة نظره الخاصة واعتبار وجھة نظر‬
‫اآلخرين‪ :‬أي كيفية االنتقال من مرحلة المركزية الذاتية إلى الالمركزية‪.‬‬
‫وفي رأي ھذا الباحث أن الطفل حين يجعل نفسه مكان اآلخر بإدراك الدور ولعبه عن طريق عادات‬
‫يكتسبھا بواسطة التنشئة االجتماعية‪ ،‬يكون مطالبا في مواقف اجتماعية معينة بتوقع سلوك المخاطبين من‬
‫أجل تنظيم رسالته لتحقيق ھذا الھدف‪ ،‬ويصل إلى تحقيق االتصال المعدل والمكيف من وجھة نظر‬
‫اجتماعية‪ ،‬نتيجة لعملية مزدوجة في الترميز‪:‬‬
‫‪ -‬فالفرد يقوم بترميز المرجع لنفسه )ترميز غير اجتماعي(‬
‫‪ -‬ثم يقوم بترميز اجتماعي مستھدف للمخاطب‬
‫وعن طريق ھذه العملية المزدوجة يتحقق الترميز االتصالي االجتماعي‬
‫وقد انتھى فالفيل إلى حصر جملة من العوامل تحدد في نظره تطور السلوك االجتماعي المعرفي من‬
‫وجھة نظر اتصالية وھي‪:‬‬
‫أ‪ -‬ضرورة اعتبار المرسل لوجود وجھات نظر مخالفة لرأيه الخاص‪ ،‬واعتبار الصفات النفسية‬
‫للمخاطب كالعواطف واألحاسيس والقدرات‬
‫ب‪ -‬شعور المرسل بالحاجة إلى تحليل وجھات نظر المخاطب في إطار الموقف االتصالي الموجود فيه‬
‫ج‪ -‬توفره على قدرات تفسيرية ضرورية للقيام بھذا التحليل‪ ،‬تجعله قادرا على التمييز بين الصفات‬
‫الدقيقة للمخاطب‪.‬‬
‫د‪ -‬الحفاظ على الوجود الثنائي لوجھات نظر المرسل والمخاطب في اآلن نفسه رغم الصراعات القائمة‬
‫بينھما‬
‫ه‪ -‬ترجمة مجموع التفسيرات والتأويالت المتعلقة بوجھة نظر المخاطب في شكل رسالة لفظية فعالة‪...‬‬

‫‪ 2.2.1‬التفاعالت اللفظية واالجتماعية‬


‫أسھمت الدراسات المندرجة في إطار البعد التفاعلي للغة والوسط االجتماعي في إظھار أن الطفل يعتبر‬
‫منذ والدته كائنا اجتماعيا‪ ،‬وال يتمكن من النطق والكالم‪ ،‬إال عن طريق تفاعله مع ھذا الوسط باندماجه في‬
‫مواقف اتصالية‪ ،‬يحاول من خاللھا تنظيم الواقع وتعديل األدوار التي يقوم بھا‪ ،‬وھنا يكون للعالقة بين‬
‫الطفل والراشد أھمية قصوى‪ .‬ومن بين النماذج الدارسة لمسألة التفاعالت اللفظية‪:‬‬
‫‪42‬‬
‫أستاذية علوم التربية‬ ‫المعھد األعلى للتربية والتكوين المستمر‬
‫ّ‬
‫وحدة "التواصل" _ األستاذة‪ :‬نجوى الفزاع غريس‬
‫أ‪ -‬نموذج ميللر ‪ :Miller‬حاول ھذا الباحث في نموذجه تحليل التفاعالت اللفظية لألطفال في مواقف‬
‫اجتماعية حقيقية‪ ،‬مركزا دراسته على التواصالت في اللعب الحر‪ ،‬بين أطفال لم يسبق لھم التعاون فيما‬
‫بينھم قبل إجراء المالحظة‪ ،‬وقد حدد الباحث في دراسته لتأثير االنتاجات اللفظية على المتخاطبين ثالثة‬
‫إمكانات‪:‬‬
‫‪ -‬يعتبر االتصال فعاال إذا كان النتوج اللفظي متبوعا بجواب مالئم‬
‫‪ -‬يعتبر االتصال فاشال إذا لم يكن متبوعا ال بجواب لفظي وال بسلوك يمكن اعتباره جوابا‬
‫‪ -‬يعتبر االتصال متويطا إذا بقي المخاطب ينظر إلى المتكلم بدون مبادرة أو رد فعل‬
‫كما حدد من جھة ثانية عددا من المؤشرات سؤدي ظھورھا أو غيابھا في دراسة الميزات السلوكية‬
‫الفردية‪ ،‬إلى حدوث اتصال فعال أو فاشل وترتبط ھذه المؤشرات بقيمة الرسالة وبمضمونھا‪ ،‬وبمواقع‬
‫األفراد‪ ...‬وھكذا اعتبر الوضوح والسالمة النحوية والشكل االستفھامي أو األمري مؤشرات لقيمة‬
‫الرسالة‪ ،‬وفعالية اإلشراك الشخصي للمستمع في كالم المرسل وارتباط الكالم بما سبقه مؤشرات‬
‫للمضمون‪ ...‬وبعد المسافة بين مواقع المتواصلين‪.‬‬
‫يتبين من نتائج الدراسة أن أغلب اإلنتاجات اللفظية لھا تأثير على المخاطب حيث تصل نسبة االتصال‬
‫الفعال إلى ‪ % 62‬والمتوسط ‪ % 23‬والفاشل ‪ . % 15‬أما المؤشرات األكثر داللة واألقوى ارتباطا مع‬
‫االتصال الفعال فتعود إلى انتباه المستمع واندماج المنتوج اللفظي في سياق مالئم وارتباطه بمعلومات‬
‫سابقة‪ .‬في حين ترتبط المؤشرات الخاصة باالتصال الفاشل في الرسالة غير السليمة من الناحية الفنية‪.‬‬

‫ب‪ -‬نموذج فيكوتسكي ‪ : Vigotsky‬يعتبر ھذا الباحث الخطاب الموجه إلى الذات متميزا عن الخطاب‬
‫الموجه إلى اآلخرين‪ ،‬وإن خطاب المركزية الذاتية مجرد مرحلة انتقالية‪ ،‬من االشتغال ما بين نفسيات‬
‫مختلفة إلى االشتغال النفسي الداخلي‪ ،‬أي من النشاط االجتماعي للطفل إلى النشاط األكثر فردية‪ .‬فالطفل‪،‬‬
‫منذ وادته‪ ،‬كائن اجتماعي يجد نفسه وسط شبكة من العالقات والتبادالت االجتماعية تقوم فيھا اللغة بدور‬
‫أساس‪ ،‬حيث تشتغل ولمدة طويلة كصسغة للتعامل مع الراشد وعن طريق التفاعل معه‪ ،‬ويجب انتظار‬
‫بعض الوقت ليتمكن الطفل من استبطان اللغة واكتساب شخصية لتنظيم تجربته وبنيتھا‪.‬‬
‫ويذھب فيكوتسكي إلى القول بوجود عنصرين وراء تطور لغة الطفل‪:‬‬
‫‪ -‬عنصر ذھني غير كالمي‪ :‬ويتبلور في تطور الذكاء في مرحلة ما قبل الكالم‬
‫‪ -‬عنصر كالمي غير ذھني‪ :‬أي تطور في مرحلة ما قبل الذكاء وتكون اللغة التي تظھر تقريبا في سن‬
‫الثانية ثمرة اللتقاء التطورين‪ ،‬بواسطة الذكاء الحسي الحركي المؤدي إلى التمثيل والتفاعالت المجتمعية‬
‫المؤدية إلى التبادالت اللفضية‪.‬‬
‫وفي ھذا المنحى يكتسب الطفل صيغ تنظيم سلوكية جديدة عن طريق تبادالته مع المحيط الخارجي‪ ،‬أي‬
‫عن طريق اللغة من حيث ھي وسيلة اجتماعية ثقافية‪ .‬ويتحقق ذلك عبر ثالث مراحل‪:‬‬
‫‪ -‬تشكل اللغة في البداية صيغة اتصالية مع الراشد‪ ،‬وتكون خارجية شكال ومضمونا‬
‫‪ -‬تصبخ اللغة في مرحلة ثانية ذات شكل خارجي ولكن وظيفتھا تبقى داخلية‪ ،‬مركزية‪ ،‬ذاتية‪.‬‬
‫‪ -‬تتحول اللغة في األخير لتصبح فكرا‪.‬‬

‫ج‪ -‬نموذج لوريا ‪ : Luria‬حاولت ھذه الباحثة التأكد من أطروحات فيكوتسكي بالقيام بسلسلة من‬
‫الدراسات‪ ،‬انتھت فيھا إلى أن لغة الراشد ھي القادرة وحدھا على تشكيل مراقبة حقيقية لسلوك الطفل‪،‬‬
‫بحيث يكون للكلمات المتداولة في الوسط االجتماعي سلطة إثارة سلوكية وبعد ذلك يسمح للطفل بتعديل‬
‫سلوكه بتأثير من حوافز خارجية‪ .‬ويتحقق ھذا التنظيم بشكل كامل عن طريق عملية نقل للسلطة التنظيمية‬
‫الكامنة في لغة الراشد إلى لغة الطفل‪ ،‬ويحدق ذلك بشكل تقريبي حينما يصل عمر الطفل إلى ثالث سنوات‬
‫ونصف‪ ،‬في مرحلتين‪:‬‬
‫‪ -‬في المرحلة األولى‪ :‬تكون الخاصيات الصوتية واإليقاعية للغة ھي المؤثرة في السلوك الحركي‬
‫‪ -‬في المرحلة الثانية‪ :‬تصبح الخاصيات الداللية ابتداء من سن الخامسة ھي األكثر تأثيرا‪ ،‬وتعمل على‬
‫تشكيل ما يمكن تسميته بالفكر المستبطن‬
‫بعد ھطه النماذج التي عالجت العالقة بين التبادالت اللفظية واالجتماعية تجدر اإلشارة إلى أن تعلم‬
‫‪43‬‬
‫أستاذية علوم التربية‬ ‫المعھد األعلى للتربية والتكوين المستمر‬
‫ّ‬
‫وحدة "التواصل" _ األستاذة‪ :‬نجوى الفزاع غريس‬
‫السلوكات اللفظية لدى الطفل وارتباطه باالتصال ‪ ،‬أصبح حقال خصبا في الدراسات النفسية وباالخص‪،‬‬
‫في الدراسات المتدرجة ضمن علم اللغة النفسي‪ ،‬إذ اھتمت المقاربات الدارسة لتطور لغة الطفل بإدماج‬
‫معطيات لسانية ومعرفية جديدة‪ ،‬كما حاولت تغيير مواقع األسءلة التي سبق طرحھا في علم النفس‬
‫باقتراح فضاءات جديدة لتدقيق ھذه األسئلة وتكييفھا وإدماجھا في حقول جديدة‪.‬‬

‫وھكذا فقد تمت إعادة طرح أسئلة كل من فيكوتسكي ولوريا بكيفية جديدة‪ ،‬كما تم نقل مفھوم التعديل عند‬
‫بياجيه‪ ،‬حيع نجده عند كارون ‪ Caron‬ينتقل إلى الحقل اللغوي النفسي المھتم بتعديالت الخطاب‪ ،‬كما نجد‬
‫معھوم االستضمار عند برونير ‪ Bruner‬حيث تحلل مبادرة الطفل إلنشاء بنيات أساس تكون مضمرة في‬
‫اللغة‪ ،‬وذلك بتنظيم الحوار بكيفية مناسبة للطقوس المجتمعية المحيطة به‪ ،‬ومسايرة للبنيات اللغوية المتمثلة‬
‫في ثنائيات‪ :‬العامل ‪ /‬الموضوع ‪ /‬القيمة ‪ /‬التعليق – تبادل األدوار ‪ /‬تغييرھا‪ ...‬بشكل يجعل الطفل في‬
‫مواجھة الواقع ويحدد دور الراشد في مجرد وسيط عن طريق ما يسميه برونير "التفاعل الوصي"‬
‫‪. L’interaction tutelle‬‬
‫وبصفة مجملة‪ ،‬أصبحت الدراسات النفسية المھتمة بالتبادالت اللفظية تدرس المجاالت اآلتية‪:‬‬
‫أ‪ -‬االھتمام بالمواقف االتصالية‪ :‬التي يعمد الفرد إلى تشغيل بنية عملية معينة‬
‫ب‪ -‬العناية بطرق معالجة المعلومات‪ :‬وذلك بالوقوف على األدوات المعرفية المستعملة في تحليل‬
‫المعلومات وبنيتھا في مواقف معينة‪ ،‬ثم دراسة الطريقة التي يقوم فيھا الفرد بصوغ األجوبة المالئمة‪،‬‬
‫ويندرج في ذلك الدراسات المھتمة بالفھم والتخزين والتأويل والتي ينظر إليھا كمسلسالت نفسية يتم‬
‫عبرھا انتقاء ھذه المعلومات وتخزينھا وإعادة بنائھا في شكل تمثالت داللية‪...‬‬
‫ج‪ -‬توظيف طرق حل المشكالت‪ :‬باستثمار مجموعة من التمثالت في تأويل المھمة والموقف الذي‬
‫ينشئه الفرد‪ ،‬بانتقاء المشيرات والمعلومات المتدخلة في صوغ استراتيجيات تؤدي إلى إيجاد حلول‬
‫مالئمة‪...‬‬

‫‪44‬‬
‫أستاذية علوم التربية‬ ‫المعھد األعلى للتربية والتكوين المستمر‬
ّ
‫ نجوى الفزاع غريس‬:‫وحدة "التواصل" _ األستاذة‬
J-C Abric (1996), Psychologie de la communication. Méthodes et théories,
Paris : Armand Colin. Pages 40-41-42

LA SITUATION OPTIMALE DE COMMUNICATION

La situation la plus propice à l'expression de l'autre est donc la situation où il ne se sent ni


jugé ni analysé et interprété, ni guidé par des conseils, ni manipulé ou harcelé par des
questions. C'est une situation où il se sent ÉCOUTÉ. L'écoute est la caractéristique
fondamentale de la communication visant l'expression d'autrui. Non pas une écoute
interprétative ou évaluative, mais une écoute compréhensive. C'est dans les situations où les
individus se sentent réellement écoutés qu'ils s'expriment le plus et le mieux, c'est-à-dire le
plus authentiquement possible. L'absence de communication résulte de l'absence d'écoute
réelle entre les acteurs. Celui qui souhaite faciliter l'expression de l'autre est donc soumis à
deux impératifs:
- manifester cette attitude de compréhension;
- contrôler ses réactions spontanées qui vont beaucoup plus dans le sens de l'évaluation, de
l'interprétation, de l'aide ou du questionnement que dans celui de la compréhension.
L'analyse des attitudes dans les termes de Porter nous a donc amené à définir une situation de
communication optimale visant l'expression constituée par cinq éléments (cf encadré suivant).
Cette situation n'est pas définie en termes de composantes techniques ou d'outils de
communication : elle repose exclusivement sur des principes attitudinnels.

Caractéristiques d’une situation de communication optimale visant l’expression de l’autre


1. Non-évaluation
2. Non-interprétation
3. Non-conseil
4. Non-questionnement systématique
Questions ouvertes
5. Compréhension
Reformulation
Ces cinq caractéristiques définissent l'attitude d'ÉCOUTE ACTIVE
Elle correspond à une orientation théorique et méthodologique en psychologie sociale, initiée
et développée parc. Rogers. Il s'agit de l'orientation non directive. D'abord élaborée dans un
contexte thérapeutique -la thérapie centrée sur le client-, cette orientation a connu un très
grand succès en psychologie sociale appliquée. Elle a donné lieu à l'élaboration d'un certain
nombre d'outils de communication comme l'entretien non directif ou l'animation non directive
"de groupe, elle inspire encore des nombreuses pratiques d'intervention qui vont de la
pédagogie à l'intervention sur les groupes, les institutions ou les organisations.

L'orientation non directive


Le moteur du processus thérapeutique tel que le pose C. Rogers résulte dans la découverte par
le client d'un événement exceptionnel: le thérapeute s'intéresse réellement à lui. C'est la prise
de _ conscience de ce fait majeur qui va entraîner «un changement dans la manière dont
l'individu est capable et désireux de se communiquer lui-même. S'étant senti accepté, il en
arrive à s'accepter, à reconnaître ses problèmes et à prendre conscience de son expérience
intérieure... Il arrive à communiquer avec lui-même». .
Pour Rogers dans la communication interindividuelle, comme dans la relation thérapeutique,
l'essentiel est la création d'un climat relationnel particulier fondé,sur quatre composantes, qui
sont les quatre fondements de l'esprit et de la démarche rogérienne.
Les différentes attitudes et leurs conséquences

45
‫أستاذية علوم التربية‬ ‫المعھد األعلى للتربية والتكوين المستمر‬
ّ
‫ نجوى الفزاع غريس‬:‫وحدة "التواصل" _ األستاذة‬
Types d'attitudes Conséquences sur l'Autre
1. ÉVALUATION Si jugement négatif:
Porter un jugement positif ou négatif - Agressivité
- Blocage
Si jugement positif :
- Le maintien d'un feed-back gratifiant: sélection
2. INTERPRÉTATION - Blocage si l'interprétation est fausse ou
Expliquer, donner les raisons cachées du prématurée
discours ou du comportement - Agressivité
- Canalisation, justification
AIDE, CONSEIL - Superficialité de l'expression
roposer une solution, dédramatiser, - Canalisation
rassurer - Démobilisation (décalage entre dédramatisation
et vécu)
4 QUESTIONNEMENT - Réponses superficielles par non--
Poser des questions pour obtenir plus approfondissement
d'informations - Canalisation, manipulation consciente ou
inconsciente
- Perception d'un harcèlement (inquisition)
5. COMPRÉHENSION - Création d'un climat
Reformuler pour essayer de positif (réduction des menaces)
comprendre sans juger - Incitation à poursuive et approfondir

L'acceptation inconditionnelle de l’autre


C'est-à-dire le refus de tout jugement sur ce que l'autre exprime, mais aussi l'acceptation du
silence éventuel de l’autre. Acceptation inconditionnelle de ce qui est dit, de la manière dont
cela est exprimé et du fait que l'autre ne souhaite pas exprimer tel ou tel sentiment.

La neutralité bienveillante
Complément indispensable de l'acceptation inconditionnelle, elle n'est pas une neutralité
passive fondée sur un refus de s'engager. Elle est bien un engagement sans jugement, mais un
engagement Positif reposant sur l'intérêt porté il l'autre, sur une «considération Positive »
intérêt désintéressé.

L'authenticité
La condition indispensable pour que le climat souhaité s'instaure, c’est que le thérapeute ou
l'interviewer, s’intéresse réellement à ce qu’exprime l’autre. Seule l'authenticité de l’intérêt
pour l’autre permet d'être disponible pour lui, par rapport à ce qu'il dit. Elle est une condition
absolue d'une écoute compréhensive. Cette authenticité peut aller jusqu'à devoir exprimer ses
propres sentiments dans la situation d'interaction.

L'empathie
C'est une qualité, une aptitude et une volonté, probablement la composante la plus difficile à
mettre en œuvre. Elle nécessite la volonté et la capacité de contrôler ses propres réactions
socio-affectives afin de se rendre disponible à l’autre. Elle consiste à s'immerger dans le
monde subjectif de l'autre, pour essayer de le comprendre de l'intérieur, à voir la situation
avec les yeux de l'autre. Non pas se mettre à sa place, mais d'une certaine manière, ressentir ce
que lui ressent, essayer de savoir dit Rogers «comment on se sent si l'on est l'autre, afin de
ressentir seulement les choses superficiellement, mais aussi accéder à des significations plus
profondes ». On oublie trop souvent par ailleurs que l’empathie est définie par deux
46
‫أستاذية علوم التربية‬ ‫المعھد األعلى للتربية والتكوين المستمر‬
ّ
‫ نجوى الفزاع غريس‬:‫وحدة "التواصل" _ األستاذة‬

composantes:
- la réceptivité aux sentiments vécus par l'autre,
- la capacité verbale de communiquer cette compréhension.

L'empathie doit donc être active et transmise à l'autre. Une empathie qui ne s'exprime pas
n'est qu'une attitude interne sans grand effet sur la qualité de la communication. Si ce climat
est créé, alors nous dit Rogers pourra se mettre en œuvre « la capacité qu'a tout individu de se
comprendre lui-même et à résoudre ses propres problèmes à suffisance pour la satisfaction et
l’efficacité nécessaires au fonctionnement adéquat. Mais «l' exercice de cette capacité requiert
un contexte de relations humaines positives favorable à la conservation et au, rehaussement
du « MOI »; autrement dit, elle requiert des relations dépourvues de menace ou de défi à la
conception que le client a de lui-même. On comprend pourquoi plutôt que non directive,
l’approche proposée par Rogers est selon ses propres termes une approche, une relation
centrée sur le client.
Contrairement à une erreur fréquente, il est donc essentiel de ne pas confondre non-directivité
et laisser-faire. Car l’attitude non directive, l’écoute compréhensive sont une attitude, une
écoute active nécessitant de la part de celui qui les développe une très importante activité,
intérieure et extériorisée, verbale et non verbale. L’attitude non directive repose
nécessairement sur une réponse effective, chaleureuse et ressentie pour l’autre.

47
‫أستاذية علوم التربية‬ ‫المعھد األعلى للتربية والتكوين المستمر‬
ّ
‫ نجوى الفزاع غريس‬:‫وحدة "التواصل" _ األستاذة‬
M. tardif et J. Mukamurera (1999), La pédagogie scolaire et les TIC :
l’enseignement comme interactions, communication et pouvoirs. In
Education et francophonie (Revue scientifique virtuelle), N°2

1 - La pédagogie scolaire - une pratique sociale et communicationnelle


De notre point de vue, ce qu'on appelle la pédagogie est d'abord et avant tout une activité sociale et
communicationnelle, c'est-à-dire un ensemble d'interactions médiatisées par des langages et des
symboles entre des éducateurs et des éduqués, ensemble plus ou moins institutionnalisé selon les
époques et les sociétés. Pour comprendre cette activité, il faut la situer dans l'organisation sociale qui
la rend possible depuis à peu près quatre ou cinq siècles: l'école.
Dans nos sociétés, l'école représente une institution sociale fondamentale, aussi importante,
matériellement et symboliquement parlant, que le bureau de l'ingénieur, le laboratoire du savant, le
cabinet du médecin et l'usine de l'ouvrier. Elle constitue depuis près de quatre siècles le mode
dominant de socialisation et de formation dans nos sociétés modernes. Or, loin de se résorber avec le
temps, on constate que ce mode de socialisation et de formation, qu'on appelle la scolarisation, ne
cesse de s'étendre, et ce bien au-delà de l'institution qui lui sert historiquement de support,
c'est-à-dire l'école. En réalité, rares sont aujourd'hui les secteurs sociaux (familles,
corporations et métiers, industries, sports et loisirs, etc.) où l'on ne retrouve pas des modes de
socialisation et formation reproduisant les formes et contenus de la scolarisation, notamment
didactico-pédagogiques. À bien des égards, nous vivons dans une «société pédagogique»
(Beillerot, 1982), c'est-à-dire une société qui reprend à son compte les pratiques scolaires, en
les appliquant massivement à du non-scolaire (Vincent, 1994): formation des adultes,
formation en entreprise, éducation parentale, loisirs et sports.
(…) Qu'elle soit réduite à sa plus simple expression, comme dans le cas de ces petites écoles
de campagne ne comportant qu'une classe ou deux classes, ou bien qu'elle soit un gigantesque
établissement avec plusieurs milliers d'élèves et plusieurs dizaines de classes, l'école repose
depuis quatre siècles, sur le plan de son organisation sociophysique, sur un dispositif simple et
très stable historiquement parlant: des classes, c'est-à-dire des espaces relativement fermés (la
plupart du temps très fermés), dans lesquels les enseignants travaillent séparément les uns des
autres, tout en y accomplissant l'essentiel de leur travail. Le système d'enseignement actuel en
Amérique du Nord et en Europe repose toujours sur ce dispositif. À la suite de Lortie (1975),
on peut appeler «cellulaire» cette organisation du travail des enseignants avec les élèves. Les
enseignants ont une large juridiction sur ce qui se passe dans «leurs» classes, où ils travaillent
en interactions directes et personnalisées avec les élèves. Or, c'est grâce à ces interactions
quotidiennes, qui se reproduisent durant de longues années, que la socialisation et l'instruction
des nouvelles générations sont rendues possibles.
Nature de la pédagogie scolaire: une technologie de l'interaction
Au sein de cette structure cellulaire, l'enseignement actuel est conçu comme un travail et,
comme tout travail se déroulant dans une institution formelle (industrie, hôpital, université,
banque, etc.), il est donc une activité qui vise des buts, qui porte sur un «objet», qui utilise des
techniques et des connaissances, et qui se déroule selon un certain processus. Le travail
humain, quel qu'il soit, correspond à une activité instrumentale, c'est-à-dire à une activité qui
porte sur un objet ou une situation pour les transformer, en visant un résultat quelconque. De
plus, un processus de travail, quel qu'il soit également, suppose aussi la présence d'une
technologie à travers laquelle et au moyen de laquelle l'objet ou la situation de travail sont
abordés, traités et modifiés. En d'autres termes, il n'existe pas de travail sans technique, il
n'existe pas d'objet du travail sans rapport technique du travailleur à cet objet. La dimension
technique est donc inhérente au travail. Il en va de même dans le cas du travail des
enseignants.
De ce point de vue, tout comme les autres travailleurs, l'enseignant utilise des techniques, une

48
‫أستاذية علوم التربية‬ ‫المعھد األعلى للتربية والتكوين المستمر‬
ّ
‫ نجوى الفزاع غريس‬:‫وحدة "التواصل" _ األستاذة‬
«technologie» au sens large de ce terme. On peut appeler «technologie de l'enseignement»
l'ensemble des moyens utilisés par les enseignants pour parvenir à leurs fins dans les activités
de travail scolaire avec les élèves. Cette définition signifie que la technologie de l'enseignant
n'est pas autre chose que les moyens qu'il utilise pour atteindre ses buts lors des interactions
avec les élèves. Or, une telle définition correspond à peu près à ce qu'on appelle
ordinairement la «pédagogie». Ainsi définie, la pédagogie ne se confond pas avec la
«quincaillerie» ("hardware" ou "software"), c'està-dire avec des techniques matérielles
(vidéos, films, ordinateurs, multimédias, etc.), ni avec des techniques particulières avec
lesquelles elle est si souvent confondue ou assimilée: enseignement en groupe, tutorat,
enseignement programmé, coopératif. Ces moyens sont une partie de la pédagogie et non le
tout. En fait, pour une large part, la pédagogie est une technologie matériellement invisible,
notamment parce qu'elle concerne l'ordonnancement de rapports sociaux et l'organisation
symbolique de l'enseignement. Il est donc nécessaire d'envisager l'ensemble des moyens
utilisés par l'enseignant, et non seulement les éléments visibles, matériels. À ce titre, le
découpage, l'organisation et la présentation de la matière en classe en présence des élèves
constituent aussi des moyens pédagogiques (Shulman, 1986). Dans le même sens, le contrôle
du groupe et la motivation des élèves représentent des problèmes clés de la technologie de
l'enseignant (Doyle, 1986).
Selon plusieurs auteurs (Chartier, Julia, Compère, 1976; Compère, 1997; Gauthier, 1993;
Novoa, 1987; Petitat, 1982; Vincent, 1980, Vincent, 1994), la pédagogie scolaire présente dès
la fin du XVIIe siècle les caractéristiques suivantes qui sont toujours en vigueur de nos jours:
1. Elle repose d'abord sur un certain nombre de dispositifs institutionnels autant spatiaux que
temporels qui délimitent et structurent un espace social autonome, fermé et séparé du milieu
communautaire ambiant, et al sein duquel les enfants sont soumis à un long processus
d'apprentissage (socialisation et instruction) s'étalant sur plusieurs années. La pédagogie
scolaire commence lorsque des établissements retiennent les enfants à l'intérieur de leurs murs
et enceintes pour les soumettre, sur une longue durée, à un traitement particulier, collectif et
commun qui n’a pas d’équivalent dans la communauté sociale environnante. En ce sens, avec
la pédagogie scolaire, ce sont de nouveaux rapport sociaux éducatifs qui apparaissent entre de
nouveaux groupes et acteurs (les élèves et les maîtres) au sein d’une nouvelle organisation
sociale.
2. Ces rapports sociaux reposent sur un nouveau système de pratiques: exercices,
mémorisation, répétition, corrections et récompenses, examens, devoirs, etc. Cette pédagogie
proprement scolaire présente trois caractéristiques: elle est codifiée, c'est-à-dire objectivée et
écrite, notamment via l'ordre circulaire incarné dans des discours, des finalités, des
programmes, des manuels, des directives; elle s'adresse à des collectifs d'élèves, à des groupes,
et non à des individus pris isolément; finalement, elle est impersonnelle et réglementaire,
valable pour tous les membres de l'organisation, les maîtres comme les élèves.
3. Ce nouveau système de pratiques prescrit diverses attitudes et impose divers
comportements sociaux typiquement scolaires: postures et activités corporelles réglementées,
contrôle des présences et des déplacements, contrôle du temps et de l'espace, surveillance des
élèves par le maître, obéissance, etc. En tant qu'espace social, l'école définit donc, à travers
ces attitudes et comportements, un registre de rapports sociaux entre ceux qui enseignent et
ceux qui apprennent. Ces rapports sociaux sont scolarisés, modulés et médiatisés par les
règles de vie de l'école.
4. La pédagogie scolaire utilise différents outils (livres, cahiers, manuels, tableaux, etc.) qui
ont tous en commun d'être des artefacts scripturaires de la culture écrite et de savoirs écrits,
codifiés, objectivés. Le discours scolaire est fondamentalement un discours écrit et à écrire, il
se distingue en cela des autres pratiques d'éducation informelle. L'école actuelle est née sous
la poussée de la «société des lisants» (Chaunu, 1966, Chaunu, 1982), lorsque le livre et

49
‫أستاذية علوم التربية‬ ‫المعھد األعلى للتربية والتكوين المستمر‬
ّ
‫ نجوى الفزاع غريس‬:‫وحدة "التواصل" _ األستاذة‬
l'écriture deviennent accessibles au plus grand nombre et s'imposent définitivement sur les
formes coutumières de l'oralité et des savoirs non écrits, des savoir-dire et des savoir-faire qui
échappent à logique linéaire et cumulative de l'écriture.
5. Elle requiert la présence d'un personnel dont le statut (maître) et la fonction centrale
(enseigner la même chose en même temps et de la même façon à des groupes d'élèves) ne se
retrouvent nulle part ailleurs dans le monde social environnant l'école.
6. Finalement, comme tout construit humain collectif, elle poursuit un projet commun à
travers lequel prennent sens les actions et les buts des agents: agir en profondeur sur les
enfants afin de les socialiser, de les moraliser et de les instruire selon les règles propres de
l'organisation. La pédagogie scolaire vise donc une action en profondeur: elle ne se limite pas,
comme on le croit parfois, à remplir la tête des enfants de connaissances inutiles; au contraire,
elle les retient sur une très longue période de temps (autour de 16 ans aujourd'hui), afin
d'exercer sur eux jour après jour une action en profondeur, action qui façonne leur
personnalité, leur sensibilité, leurs comportements et leurs pensées, action pénétrante qui se
répercute ensuite sur toute leur vie d'adultes, marquant -- bien souvent à jamais -- leur destin
d'êtres sociaux et humains.

Historiquement parlant, cet ensemble de caractéristiques dessine un nouvel espace de travail


social: l'enseignement scolaire conçu comme une forme particulière de travail humain sur
l'humain, c'est-à-dire un travail où le travailleur se rapporte à son objet (les élèves) sous le
mode fondamental de l'interaction humaine. Enseigner en milieu scolaire, c'est en effet se
présenter en personne en classe et interagir pour, sur et avec un groupe d'élèves afin de
modifier leurs idées et leurs comportements en fonction des buts du travail. L'enseignement
est donc au sens fort un travail interactif mettant directement en présence des êtres humains
qui agissent les uns en fonction des autres. Jusqu'à preuve du contraire, la scolarisation et la
socialisation (ou l'éducation) exigent justement cette présence directe, régulière et répétée
pendant plusieurs années des enseignants avec les élèves.
Dès lors, on peut reprendre et préciser la définition précédente, en disant que la pédagogie est
l'ensemble des moyens utilisé par l'enseignant pour parvenir à ses fins dans le cadre des
interactions avec les élèves. Le domaine propre de la pédagogie, ce sont donc les interactions
concrètes entre les enseignants et les élèves. La pédagogie est par conséquent ce qu'on appelle
une «technologie de l'interaction» (Cherradi, 1990; Dreeben, 1970; Hasenfeld, 1983;
Hasenfeld, 1992; Tardif, 1993; Tardif et Lessard, 1999). Autrement dit, l'enseignement est un
métier de relations humaines, c'est-à-dire un travail basé sur des interactions entre des
personnes en coprésence. Il en découle que l'étude de la pédagogie ne peut jamais mettre de
côté les conditions et les contraintes inhérentes à l'interaction humaine, notamment les
conditions et les contraintes normatives, affectives, symboliques et aussi celles liées bien sûr
aux relations de pouvoir, de contrôle et d'autorité. Pour le dire autrement, la pédagogie est
une activité instrumentale, mais elle est aussi une technologie de l'interaction humaine, elle
est une «technologie interactive» et elle porte par conséquent la marque des rapports humains
dont elle est constituée. Comment fonctionne concrètement cette technologie de l'interaction?
II est impossible dans le cadre de ce texte d'étudier en détail les diverses modalités
d'interaction entre les enseignants et les élèves; nous nous limitons ici à une brève description
du travail en classe [3].
La pédagogie comme travail interactif et communicationnel
Que se passe-t-il dans une classe? Bien des choses, certes! Mais ce qui frappe le plus
lorsqu'on observe des enseignants au travail en classe, c'est la dimension fortement langagière
et, plus largement, communicationnelle de leurs interactions avec les élèves.
Par définition, toute action sociale s'adresse à autrui, peu importe qu'il soit physiquement
présent ou non. Cette caractéristique de l'action est étroitement liée au langage, c'est-à-dire, au

50
‫أستاذية علوم التربية‬ ‫المعھد األعلى للتربية والتكوين المستمر‬
ّ
‫ نجوى الفزاع غريس‬:‫وحدة "التواصل" _ األستاذة‬
sens large, à la communication. Comme le précise Habermas (1987), l'activité
communicationnelle [...] concerne l'interaction d'au moins deux sujets capables de parler et
d'agir qui engagent une relation interpersonnelle (que ce soit par des moyens verbaux ou
extra-verbaux). Les acteurs recherchent une entente sur une situation d'action, afin de
coordonner consensuellement leurs plans d'action et de là même leurs actions[...] Dans ce
modèle d'action, le langage occupe une place prééminente. Habermas (1987, p. 33)
Enseigner, ce n'est pas tant faire quelque chose; c'est faire avec d'autres quelque chose de
significatif: le sens qui circule et s'échange en classe, les significations communiquées,
reconnues et partagées, sont alors le médium de l'interaction pédagogique. La pédagogie
scolaire est avant tout une action parlée et significative, bref, une activité communiquée. Elle
s'adresse à un autrui collectif (le groupe d'élèves) grâce à l'activité d'un sujet parlant
(l'enseignant) dont les actions sont dotées de sens et qui s'efforce par divers moyens
langagiers et symboliques (disposition du groupe, règles de fonctionnement, tâches,
découpage et présentation des contenus d'enseignement, etc.) d'obtenir la compréhension et la
collaboration de l'autrui collectif.
L'action pédagogique est par conséquent irréductible au sens subjectif que lui prête un acteur
isolé, enseignant ou élève. Parce qu'elle est interprétée et partagée simultanément par
différents acteurs, parce qu'elle se réfère à un contexte commun au sein duquel les acteurs
sont coprésents et interagissent immédiatement entre eux, parce qu'elle mobilise des
ressources symboliques et langagières collectives, parce qu'elle intervient dans un milieu
institutionnalisé, la pédagogie est une activité sociale et communicationnelle. De ce point de
vue, réfléchir sur les interactions en classe entre les élèves et l'enseignant soulève la question
de la communication pédagogique entre eux. En simplifiant pour les besoins de notre propos,
on peut dire que celle-ci opère simultanément sur trois plans constamment imbriqués l'un dans
l'autre: l'interprétation, l'imposition et la communication proprement dit.
L'interprétation
Comme le montrent les nombreuses études sur la pensée des enseignants (Calderhead, 1987;
Calderhead, 1996; Clandinin et Connelly, 1995; Clark et Peterson, 1986; Handal et Vaage,
1994; Tochon, 1993a), les enseignants sont des interprètes de ce qui se passe en classe. Mais
cette activité d'interprétation ne se limite pas au discours écrit ou parlé. Les enseignants
doivent constamment «lire et interpréter» la classe, les mouvements des élèves, leurs réactions,
leurs progrès, leurs motivations. À cet égard, une grande part de ce qu'on appelle la pédagogie
relève d'un travail ressortissant de l'interprétation: l'enseignant a des attentes, des
préconceptions (ce qu'on appelle des connaissances antérieures en psychologie cognitive), à
partir desquels il interprète et comprend ce qui se déroule dans la classe. Enseigner, c'est donc
interpréter l'activité en cours en fonction de significations qui permettent de donner un sens à
ce qui arrive. Un enseignant, c'est en quelque sorte un «lecteur de situations pédagogiques»; il
est constamment à l'affût des moindres écarts face auxquels il doit improviser sur le champ
une réponse. Son improvisation dépend de son expérience, de sa connaissance des élèves et de
l'histoire de la classe (Sternberg et Horvath, 1995; Tochon, 1993b).
L'imposition
Mais les enseignants ne font pas qu'interpréter, ils imposent aussi du sens, ils dirigent la
communication pédagogique et contribuent de la sorte à orienter le programme d'action en
cours en fonction des significations qu'ils privilégient. De ce point de vue, la communication
pédagogique est toujours déséquilibrée et engage des relations de pouvoir: contrairement à
l'idée qui voudrait que l'enseignement soit exclusivement un processus de traitement de
l'information ou encore, un processus de construction des connaissances, nous pensons qu'il
s'agit pour une bonne part d'un processus d'imposition de significations. L'enseignant travaille
avec l'a priori qu'il sait quelque chose que les élèves ne savent pas et qu'ils doivent apprendre,
et ce quelque chose (règles, connaissances, etc.), il lui appartient de l'imposer en classe. En
tant que processus d'imposition, la communication didactico-pédagogique fonctionne aussi
51
‫أستاذية علوم التربية‬ ‫المعھد األعلى للتربية والتكوين المستمر‬
ّ
‫ نجوى الفزاع غريس‬:‫وحدة "التواصل" _ األستاذة‬
bien sur le plan des formes et des codes de la communication que de ses contenus et des
normes en jeu (Bourdieu, 1982). L'imposition des significations est d'autant plus importante
que l'enseignant est un travailleur dont les outils et le mandat de travail sont, pour une bonne
part, composés de matériaux signifiants et de buts significatifs (Durand, 1996). Un médecin
impose aussi du sens à son patient, en lui déclarant par exemple qu'il souffre de telle maladie.
Mais l'enseignant travaille pour ainsi dire avec des significations, sur des significations, grâce
à des significations. Son matériel de base, ce sont des discours, des savoirs, des connaissances,
des règles, des normes, bref, des réalités dotées de sens, des réalités sémantiques, symboliques
ou encore, sémiotiques: son agir est donc de l'ordre du signe et du sens plutôt que du simple
comportement.
La communication
L'enseignant interprète et impose des significations, mais il parle et partage aussi; bref, il
communique quelque chose à d'autres. La communication est constamment au coeur de
l'action pédagogique. Elle n'est pas quelque chose qui vient se rajouter à l'action, elle est
l'action elle-même telle que la vivent les enseignants et les élèves. Ce simple fait permet
notamment de comprendre pourquoi les qualités expressives et communicatives de la
personnalité des enseignants jouent un rôle si important dans l'enseignement: il s'agit de
qualités (empathie, humour) renvoyant à la nature communicationnelle de l'action
pédagogique, dans le cadre de laquelle la personnalité de l'enseignant devient un véritable
moyen de communication, une sorte d'outil de travail.
Selon le modèle traditionnel, la communication en classe se déroule selon un schéma linéaire
où un émetteur transmet un message à un récepteur à travers un certain canal ou médium.
Mais sans entrer dans une analyse détaillée de la communication pédagogique, il est clair que
les choses ne se passent pas tout à fait comme cela. Elles se rapprochent davantage du
«modèle orchestral» développé par la «nouvelle communication» (maintenant ancienne de 50
ans!) et utilisée par les chercheurs en sciences sociales, notamment en psychologie, en
anthropologie et en sociologie (Bateson et Winkin, 1984). Par exemple, il est clair que la
communication n'est pas à sens unique parce que les élèves communiquent avec les
enseignants. En fait, une bonne part du travail des élèves consiste aussi à interpréter ce que
"enseignant veut et veut dire. Les élèves communiquent aussi entre eux,'soit par paires, soit
par groupes plus étendus, englobant à la limite tout le collectif d'élèves. L'enseignant doit
contrôler cette communication, qui semble parfois périphérique par rapport à celle qu'il veut
imposer au groupe, soit par exemple en l'interrompant, en l'utilisant à son profit. Ensuite, en
ce qui concerne le message, on peut dire qu'il est constamment polysémantique. Loin de se
réduire à la transmission d'information ou d'un message clair, il porte sur plusieurs messages
en même temps: la matière à apprendre, bien sûr, mais aussi sur les façons de s'y prendre, sur
les façons de se tenir, sur ce que le professeur accepte ou refuse.
En résumé, l'enseignant plongé dans le travail pédagogique en classe développe des
interactions significatives avec
les élèves selon une tâche où s'entrelacent constamment trois activités centrales:
1. une activité d'interprétation de qui arrive au fur et à mesure que cela arrive;
2. une activité d'imposition constante de significations;
3. enfin, une activité engageant un processus de communication complexe avec les élèves.
Or, pour comprendre l'importance de ces phénomènes, il faut se rappeler que ces situations
pédagogiques se reproduisent tous les jours de classe pendant près de 16 ans pour les élèves.
Ces modes et pratiques de communication exercent donc une action durable et profonde: ce
sont eux qui rendent possible la socialisation scolaire des élèves, leur éducation aux formes de
la pensée instituée et leur scolarisation aux savoirs et compétences à la base de la vie sociale
et économique.
2 - Les TIC et la pédagogie scolaire
Au regard des développements précédents, la question qui nous intéresse dans cette seconde
52
‫أستاذية علوم التربية‬ ‫المعھد األعلى للتربية والتكوين المستمر‬
ّ
‫ نجوى الفزاع غريس‬:‫وحدة "التواصل" _ األستاذة‬
partie n'est pas: à quoi servent les TIC en tant que productions technologiques et que peuvent-
elles apporter d'utile ou d'efficace à la pédagogie scolaire? Elle est plutôt: comment les TIC,
en tant que produits sociaux porteurs de sens et de pratiques, vont-elles s'insérer dans les
pratiques et techniques pédagogiques déjà existantes? Vont-elles les maintenir? les renforcer?
les transformer? Si oui, dans quel sens? au service de qui et de quoi? Dans le cadre de ce texte,
il est évidemment impossible de répondre à toutes les questions. Nous allons donc limiter
notre propos à trois interrogations au regard des TIC dans leurs relations à la pédagogie
scolaire: la structure cellulaire du travail pédagogique, les interactions maître/élèves et les
savoirs scolaires.

Le TIC et l'ouverture de la structure cellulaire du travail pédagogique


Comme nous le disions ci-dessus, depuis quatre siècles, l'école repose sur une même structure
de base: des classes fermées où interagissent entre eux des enseignants et des élèves. L'école a
beau grossir sans arrêt depuis un siècle, cette croissance s'opère essentiellement par l'ajout de
classes de plus en plus nombreuses, provoquant ainsi
l'engagement de nouveaux enseignants. Il en va autrement dans la plupart des autres
organisations sociales et notamment économiques, où les changements technologiques et les
nouveaux modes de gestion du travail ont entraîné une croissance de la production mais aussi
une réduction du personnel, ainsi qu'une réorganisation régulière des unités de travail. Nous
avons donc affaire, avec la classe, à un dispositif organisationnel vraiment stable. Ainsi, des
phénomènes aussi importants que la scolarisation massive de l'enfance au XXe siècle, la
bureaucratisation de l'école, l'étatisation, l'allongement de la scolarisation ne l'ont pas entamé
ou sérieusement modifié. Si certaines autres formes d'organisation ont été et sont encore
tentées (école à aires ouvertes, tutorat), elles n'ont jamais menacé d'aucune façon l'hégémonie
de la classe traditionnelle. De plus, c'est ce même dispositif par classes qui est intégralement
repris dans les sociétés non occidentales lorsque commence à s'y répandre l'école.
Sans entrer dans une analyse détaillée de cette question, rappelons seulement ici que la
pédagogie scolaire naît en lien étroit, dans les sociétés européennes du XVIIe et du XVIIIe
siècle, avec l'émergence des nouvelles formes de pouvoir étatique, avec l'éthique capitaliste
qui fournit à l'éducation de nouveaux modes d'organisation et de nouvelles valeurs (rapidité,
efficacité, ordre, contrôle, effort, mérite), et avec l'édification d'un nouvel ordre de savoirs
profanes qui visent avant tout le contrôle des individus et des groupes sociaux (Foucault, 1975;
Vincent, 1980). Investie par ces pouvoirs n ceux de l'État, du Travail et du Savoir n, la
pédagogie scolaire s'impose alors peu à peu comme une nouvelle pratique sociale
institutionnalisée qui va se substituer progressivement aux autres modes de socialisation et
d'éducation plus anciens (traditionnels, familiaux, locaux, communautaires, informels). Bref,
la pédagogie scolaire devient proprement hégémonique par rapport aux autres formes
d'éducation et elle le demeure encore de nos jours (Vincent, 1994).
Or, à notre avis, avec les TIC, c'est vraiment la première fois depuis près de quatre siècles que
l'hégémonie de la classe, comme structure socio-physique du travail pédagogique, est
sérieusement menacée, alors qu'elle peut s'ouvrir et se défaire au profit de nouveaux modes
d'éducation et d'instruction fondés sur des nouvelles formes d'interactions entre les
enseignants et les élèves. Une classe est un dispositif de contrôle à la fois temporel et spatial
qui enserre l'enseignant et les élèves dans un lieu et un temps proprement scolaires. De ce
point de vue, les TIC soulèvent aujourd'hui la question d'une possible dissociation entre la
scolarisation (à la fois instruction et socialisation) et ce dispositif de contrôle historiquement
très stable, autrement dit entre la forme scolaire instituée comme école et classes, et la
scolarisation comme processus de formation des membres socialisés de nos sociétés
modernes avancées ou postmodernes.
En effet, au regard des technologies antérieures, du livre à l'audiovisuel, l'originalité et la force

53
‫أستاذية علوم التربية‬ ‫المعھد األعلى للتربية والتكوين المستمر‬
ّ
‫ نجوى الفزاع غريس‬:‫وحدة "التواصل" _ األستاذة‬
des TIC nous semblent résider, par rapport à la pédagogie scolaire, dans leur possibilité de
substituer aux interactions en classe des interactions à distance et hors classe, c'est-à-dire des
interactions qui échappent aux limites spatio-temporelles de la classe. Il ne s'agit pas ici
seulement de l'enseignement à distance, mais plus sérieusement d'une mise à distance de
l'enseignement tel qu'il existe depuis l'institutionnalisation de l'école. Au Canada, cette mise à
distance est déjà commencée, alors que dans les divers territoires et provinces, on tente
actuellement plusieurs expériences d'enseignement qui ne sont plus basées sur la coprésence
des enseignants et des élèves au sein de classes traditionnelles (Haughey, 1999; Jefferson et
Edwards, 1999). À l'heure actuelle, il est difficile d'entrevoir exactement les formes et
l'ampleur que prendront dans un proche avenir ces expériences; mais d'ores et déjà, on peut
faire "hypothèse plausible qu'elles vont aller en s'amplifiant et en se multipliant.
Cette hypothèse, bien sûr, soulève plusieurs difficultés d'ordre technique et financier (qui
seront à notre avis résolues dans les prochaines décennies). Mais au-delà de ces difficultés, le
véritable enjeu à l'oeuvre ici nous semble sociopolitique. En effet, comme nous le disions
précédemment, le dispositif cellulaire sur lequel repose le travail pédagogique au sein de
l'école est une forme institutionnalisée (formelle et codifiée) de contrôle de l'éducation qui
permet une action directe, profonde et régulière des enseignants sur les élèves, afin d'exercer
sur eux, à travers le système des règles et des pratiques pédagogiques, une influence profonde
et durable qu'on appelle la socialisation et l'instruction scolaires. Or, si on admet que les TIC
peuvent pour la première fois depuis quatre siècles faire sauter ou du moins puissamment
déstructurer la forme institutionnalisée de la pédagogie scolaire avec tous les contrôles qui
l'accompagnent, si les TIC peuvent délimiter et ouvrir l'espace-temps de la classe, il en
découle la question suivante: est-il possible d'instruire et d'éduquer, bref de scolariser les
nouvelles générations sans passer par la classe et l'école ou du moins, en mettant en place
des formes socialement acceptables d'apprentissage hors classe et hors école?
Dans ce cas, qui va contrôler ces formes d'apprentissage, qui va instruire et socialiser les
nouvelles générations, et au nom de quels objectifs, de quels principes, de quelles valeurs et
en fonction de quels intérêts éducatifs, sociaux,
politiques et éthiques? Avec l'ouverture de la classe, comme cellule de base de l'institution
scolaire, c'est donc toute la question de l'envahissement de la pédagogie et, plus largement, de
l'espace scolaire, par les forces sociales qui environnent l'école qui se pose maintenant.
Par exemple, comment les TIC, comme instruments technologiques apparemment neutres,
peuvent-elles s'insérer dans les nombreuses divisions et exclusions (de race, de sexe, de classe,
d'ethnicité, de richesse, de culture, de langage, de géographie) qui structurent encore de nos
jours l'espace scolaire aussi bien en amont qu'en aval, aussi bien à l'interne qu'à l'externe du
procès de scolarisation? Transcendent-elles ces divisions et exclusions, ou bien les
reconduisent-elles sous des formes nouvelles, d'autant plus mystifiantes et efficaces qu'elles
seront nouvelles et apparemment éloignées des formes traditionnelles de la pédagogie
scolaire? Par ailleurs, au-delà de leur dimension instrumentale, la signification sociale et
culturelle des TIC demeure largement problématique et elle donne lieu à diverses
interprétations selon les individus, les groupes et les instances qui s'efforcent d'imposer, à
travers elles, leur vision de l'école, de l'apprentissage, de la pédagogie. Les TIC servent
actuellement de symbole pour toutes sortes de projets dont plusieurs sont carrément
contradictoires. Par exemple, elles servent d'instrument pour promouvoir la démocratisation
scolaire, car elles permettent de rejoindre des couches de la population moins touchées par la
scolarisation; mais en même temps, elles permettent à des parents, à des individus, à des
groupes, de sortir carrément les enfants de l'école et de promouvoir, hors classe, de nouveaux
modes de formation et de socialisation soustraits à "emprise scolaire.
Toutefois, il ne faudrait pas croire que l'école est une institution purement passive et réactive,
et qu'elle ne fera que s'adapter aux TIc. Au contraire, comme le montrent sa stabilité et sa

54
‫أستاذية علوم التربية‬ ‫المعھد األعلى للتربية والتكوين المستمر‬
ّ
‫ نجوى الفزاع غريس‬:‫وحدة "التواصل" _ األستاذة‬
durée historique, l'école est une institution forte, une institution capable de reproduire dans le
temps et l'espace ses modes de fonctionnement et ses dispositifs organisationnels, et de les
imposer à d'autres secteurs sociaux. En fait, l'évolution même des TIC montre que les
discours et les pratiques scolaires envahissent aussi la communication informatique et Internet.
Par exemple, bien des projets et des sites consacrés à la formation, à l'éducation et à
l'apprentissage reprennent à leur compte les modes et contenus de la pédagogie scolaire:
approches par objectifs, segmentations des contenus, étapes artificielles dans l'apprentissage,
découpage par disciplines, évaluation sommative, etc.
En définitive, alors que les gouvernements, les écoles et les entreprises privées s'apprêtent à
engloutir des millions de dollars dans les TIC pour les intégrer à l'espace scolaire et à
l'espace-classe, tandis que les ressources financières consacrées à l'école sont en même temps
diminuées de façon draconienne, il convient de s'interroger sur l'ouverture de ces deux
espaces n celui de l'école et celui de la classe -- et de se demander sérieusement comment, par
qui et au nom de quoi ils seront occupés, remplis et possédés. À l'heure actuelle, on constate
que la transformation du rôle de "État, la montée du modèle marchand au sein même de la
culture et des rapports sociaux, et la mondialisation des marchés aboutissent sans contredit à
de nouvelles formes de régulation sociale susceptibles de remplir assez rapidement les
nouveaux espaces ouverts par les TIC au sein de l'école et de la classe. Par exemple, dans
plusieurs écoles américaines, l'introduction des TIC se traduit simultanément par la
pénétration des entreprises privées dans l'école et les classes, entreprises qui non seulement
fournissent des infrastructures techniques, mais aussi des contenus et des valeurs: compétition,
consommation, "marketisation", "clientélisme", "marchandisation" des savoirs scolaires. Ces
valeurs et contenus sont la plupart du temps conformes aux idéologies "managériales" et néo-
libérales qui souhaitent restructurer l'école pour qu'elle corresponde aux nouvelles formes
organisationnelles de l'industrie et de la finance, marquées par la flexibilité, la primauté de la
compétence sur la qualification, le travail en équipe, l'empowerment du travailleur autonome
et responsable, la mobilité, etc. (Bromley et Apple, 1998; Ginsburg, 1988; Ginsburg et Linday,
1995; Lessard etal, 1999).

Les TIC et les interactions maître élèves


Selon la définition que nous avons proposée précédemment, la pédagogie est la technologie
de l'interaction utilisée par les enseignants avec les élèves. Il est donc nécessaire de
«descendre» en quelque sorte au niveau de ces interactions quotidiennes si on veut vraiment
comprendre l'impact pédagogique des TIC, et ne pas en rester uniquement à des
considérations générales sur le système scolaire ou à des questions techniques.
Or, au fur et à mesure qu'elles pénètrent et ouvrent en même temps l'école et la classe, les TIC
n'envahissent pas uniquement des espaces techniquement vierges ou nus, mais bien des
espaces déjà structurés par des techniques, compétences et des valeurs enseignées aux élèves.
Dans l'école actuelle, l'ordre des savoirs scolaires est, pour une part, une reproduction et une
transposition des savoirs savants (Chevallard, 1985; Jonnaert et Lenoir, 1996), notamment des
disciplines scientifiques ou savantes instituées (mathématiques, histoire, géographie, sciences
humaines), et pour une autre, une reconduction de certaines traditions culturelles établies
(valeurs, croyances, idéologies, religions).
Mais les savoirs scolaires ne sont pas que reproduction et transposition; ils possèdent aussi
une autonomie et une histoire interne à l'institution scolaire (Chervel, 1988; Chervel, 1998;
Petitat, 1982). L'école ne fait pas que reproduire, elle produit aussi ses propres modèles de
culture (par exemple, une culture verbointellectuelle) et engendre ses propres hiérarchies (par
exemple, le statut historiquement faible et ambigu de l'éducation physique dans la hiérarchie
des matières scolaires).

55
‫أستاذية علوم التربية‬ ‫المعھد األعلى للتربية والتكوين المستمر‬
ّ
‫ نجوى الفزاع غريس‬:‫وحدة "التواصل" _ األستاذة‬

Il découle de ces quelques remarques que l'école et les enseignants ne transmettent jamais de
simples informations ou des connaissances en général mais toujours des savoirs formés,
structurés, et hiérarchisés. Concrètement, cela signifie que dans le travail pédagogique en
classe avec les élèves, le discours des enseignants dans l'action s'efforce, comme nous le
remarquions précédemment, de leur imposer les modes et contenus «arbitraires» de la culture
et des savoirs scolaires. De ce point de vue, l'enseignement en classe ressemble à un dialogue
dont l'objet serait imposé aux interlocuteurs. Il ne s'agit pas de s'entendre sur quelque chose en
général, mais bien sur ce qui fait l'objet de la leçon et des règles de fonctionnement du groupe.
La communication pédagogique se rapproche à ce titre d'une représentation théâtrale, dont le
texte est écrit justement par quelqu'un d'autre qui ne participe pas à la scène. Pour le dire
autrement, les savoirs scolaires en jeu dans l'enseignement et l'apprentissage sont largement
externes à la situation; ils résultent d'une construction socio-historique (une discipline
scientifique, un système normatif, par exemple, la grammaire) produit par un corps d'agents
(communautés scientifiques, élite, etc.) et ils sont transformés par les programmes scolaires,
qui construisent à leur tour un certain modèle de la culture savante pour les besoins de la
scolarisation. De ce point de vue, à moins d'imaginer un tout nouveau système d'enseignement,
on voit mal comment on pourrait retenir dans sa généralité, la proposition constructiviste à
l'effet que les savoirs scolaires doivent être construits dans la classe par les élèves. On ne peut
oublier que les savoirs scolaires ne se livrent jamais comme un pur objet cognitif mais aussi
et toujours comme un projet d'imposition d'une culture à d'autres. La tâche de l'enseignant
consiste alors à naturaliser cette imposition d'un arbitraire culturel, en faisant en sorte qu'il
rejoigne l'intérêt ou les besoins des élèves. À l'inverse, mais dans le même sens, l'explication
classique de l'échec scolaire va souvent invoquer des causes naturelles: le manque
d'intelligence de certains élèves, la paresse.
Or, ces phénomènes nous semblent trop souvent occultés lors des discussions et débats sur les
TIc. En effet, on parle des TIC comme des multiplicateurs d'information, comme de nouveaux
modes de gestion, de circulation et de distribution des connaissances, mais sans prendre en
compte le fait que les savoirs scolaires ne sont jamais justement des connaissances en général,
des informations neutres, mais toujours le résultat de processus de sélection, de
transformation et de hiérarchisation des savoirs sociaux transposés en savoirs scolaires. La
pédagogie scolaire repose elle-même sur un ordre de savoirs considérés comme légitimes.
Enseigner et interagir avec les élèves, c'est d'une façon ou d'une autre essayer de leur
«imposer» ces savoirs légitimes, c'est leur faire apprendre les «matières scolaires», les
«vérités scolaires», les «valeurs scolaires».
Si on admet que les TIC ne sont pas des technologies neutres, mais bien le résultat de praxis
sociales et symboliques, il convient donc d'interroger les modèles de culture, les hiérarchies
cognitives, les modes de transpositions et de reproduction des savoirs qu'elles tentent à leur
tour d'imposer aux enseignants et aux nouvelles générations. À notre avis, les discussions
actuelles à propos des TIC auraient avantage à se questionner sur les fondements culturels de
ces technologies: quels sont les cultures, les hiérarchies et les valeurs culturelles, les
croyances et les savoirs culturels véhiculés et imposés par les TIC?

56
‫أستاذية علوم التربية‬ ‫المعھد األعلى للتربية والتكوين المستمر‬
ّ
‫ نجوى الفزاع غريس‬:‫وحدة "التواصل" _ األستاذة‬
E. Marc et D. Picard (1984), L’Ecole de Palo Alto, Paris : Editions RETZ,
Page 18

La façon dont. L’Ecole de Palo Alto aborde la communication est à la fois déductive et
inductive. D’une une part, elle s appuie sur un certain nombre de modèles théoriques et de
concepts empruntés à la démarche systémique (dérivée de la cybernétique), mais aussi à la
linguistique ou à la logique; d'autre part, elle s'efforce de les confronter, à chaque étape de la
recherche, à l'observation précise et à l'analyse de communications réelles, étudiées le plus
souvent à partir d'enregistrements filmés.
On peut dire dans ce sens qu'elle a voulu dépasser l’opposition entre le subjectivisme de la
démarche clinique et le réductionnisme de la méthode expérimentale. Le clinicien saisit
intuitivement une situation globale d'interaction mais il n'est pas toujours capable d'en donner
une formalisation; l'expérimentaliste isole quelques variables dont il étudie systématiquement
les relations et les variations mais il n'accède pas à une vision d'ensemble des situations
réelles.
La théorie de la communication élaborée par l'Ecole de Palo Alto s'applique à la fois à prendre
en compte des processus complexes et à en donner une formalisation rigoureuse. Elle repose
sur trois hypothèses essentielles :

La première est que l’essence de la communication réside dans des processus relationnels et
interactionnels. Dans une telle conception, ce sont moins les éléments qui comptent (les
individus dans le cas de la communication humaine) que les rapports qui s'instaurent entre ces
éléments. Aussi l'approche systémique semble le cadre le plus approprié pour aborder les
phénomènes de communication(chapitre I).

La seconde est que tout comportement humain a une valeur communicative. Autrement dit
toutes les relations peuvent être perçues comme un vaste système de communications qui se
répondent et s’impliquent mutuellement. En observant la succession des messages replacés
dans leur contexte horizontal (la séquence des message qui précèdent et qui suivent) et dans
leur contexte vertical (la
relation entre les interactants et le système où elle s'insère), il est possible de dégager une
logique de la communication, ensemble cohérent de règles et de concepts (chapitre II).

Enfin, la troisième hypothèse est que les troubles psychiques de la personnalité dont doit
s’occuper le psychiatre ou le psychologue peuvent être ramenés à des perturbations de la
communication entre l’individu porteur de symptômes et son entourage. Il existe donc une
pathologie de la communication dont les mécanismes permettent de comprendre la plupart
des prétendues" maladies mentales » (chapitre III).

57

You might also like