Professional Documents
Culture Documents
59
برنامـج نشر الدراسات واإلبداعـات األدبية ودعم البحوث والرسائل العلمية
يف مركز عبدالرحمن السديري الثقايف
info@alsudairy.org.sa هاتف 014 6245992 :فاكس014 6247780 : الجـوف 42421ص .ب 458
هاتف 016 4422497 :فاكس016 4421307 : الغ ـ ـ ــاط 11914ص.ب 63
www.alsudairy.org.sa الرياض 11614ص .ب 94781هاتف 011 2015494 :فاكس011 2015498 :
مجلس إدارة مؤسسة عبدالرحمن السديري
رئيساً فيصل بن عبدالرحمن السديري
عضواً سلطان بن عبدالرحمن السديري
د .زياد بن عبدالرحمن السديري العضو المنتدب
ملف ثقايف ربع سنوي يصدر عن
عضواً عبدالعزيز بن عبدالرحمن السديري
عضواً د .سلمان بن عبدالرحمن السديري مركز عبدالرحمن السديري الثقافي
عضواً د .عبدالرحمن بن صالح الشبيلي
هيئة النشر ودعم األبحاث
عضواً د .عبدالواحد بن خالد الحميد
رئيساً د .عبدالواحد بن خالد الحميد
سلمان بن عبدالمحسن بن محمد السديري عضواً عضواً د .خليل بن إبراهيم المعيقل
طارق بن زياد بن عبدالرحمن السديري عضواً عضواً د .ميجان بن حسين الرويلي
سلطان بن فيصل بن عبدالرحمن السديري عضواً أ .د .مشاعل بنت عبدالمحسن السديري عضواً
أ .د .مشاعل بنت عبدالمحسن السديري عضواً عضواً د .علي دبكل العنزي
عضواً محمد بن أحمد الراشد
قواعد النشر أسرة التحرير
-1أن تكون املادة أصيلة . املشرف العام إبراهيم بن موسى احلميد
محرر ًا محمود الرمحي
-2لم يسبق نشرها ورقياً أو رقمياً.
محرر ًا محمد صوانة
-3تراعي اجلدية واملوضوعية. اإلخراج الفني :خالد الدعاس
-4تخضع املواد للمراجعة والتحكيم قبل نشرها. هاتف)+966()14(6263455 : املراســــــالت :
-5ترتيب املواد يف العدد يخضع العتبارات فنية. فاكس)+966()14(6247780 :
ص .ب 458سكاكا اجلـوف -اململكة العربية السعودية
-6ترحب اجلوبة بإسهامات املبدعني والباحثني
www.alsudairy.org.sa
والكتّاب ،على أن تكون املادة باللغة العربية. aljoubahmag@alsudairy.org.sa
ردمد ISSN 1319 - 2566
«اجلوبة» مناألسماءالتيكانتتُطلقعلىمنطقةاجلوفسابقًا. سعر النسخة 8رياالت -تطلب من الشركة الوطنية للتوزيع
املقاالت املنشورة ال تعبر بالضرورة عن رأي املجلة والناشر. االشتراك السنوي لألفراد 50ريا ًال واملؤسسات 60ريا ًال
يُعنى بالثقافة من خالل مكتباته العامة يف اجلوف والغاط ،ويقيم املناشط املنبرية الثفافية،
ويتبنّي برنامجاً للنشر ودعم األبحاث والدراسات ،ويخدم الباحثني واملؤلفني ،وتصدر عنه مجلة
(أدوماتو) املتخصصة بآثار الوطن العربي ،ومجلة (اجلوبة) الثقافية ،ويضم املركز ك ً
ال من( :دار
العلوم) مبدينة سكاكا ،و(دار الرحمانية) مبحافظة الغاط ،ويف كل منهما قسم للرجال وآخر
للنساء .وتصرف على املركز مؤسسة عبدالرحمن السديري اخليرية.
والتي بينت حقوقهم وما لهم وما عليهم بعد فتحها ودخولها اإلسالم،
كما أنها المنطقة التي تحوي أقدم مئذنة في تاريخ االسالم ،وهي مئذنة
تاريخية في المملكة،
ٍ قلعة
مسجد عمر بن الخطاب ،كما تضم أقدم ٍ
والتي يزيد عمرها عن ثالثة أالف عام ،وهي قلعة مارد ،كما أنها تضم
مئات الشواهد التاريخية التي تؤكد عراقتها واستحقاقها لكل اهتمام
من جانب الدولة التي ترتكز رؤيتها الحالية على إبراز مؤهالت المناطق
الثقافية والتاريخية ،وتشجيع االستثمار ،واستقطاب السياحة لتنويع
مصادر الدخل ،حيث المنطقة مؤهلة لتضم هيئ ًة عليا لتطويرها أسوة
بالمناطق التي سبقتها في ذلك..
كما أن المنطقة غنية بالموارد الكامنة فيها ،من مياه وأراض خصبة،
وموارد معدنية ونفطية نفيسة ،وهي بذلك منطقة تعد من أكثر مناطق
المملكة غنىً وتنوّعاً ،وفيها من مكنونات المستقبل ما ينتظر الكثير من
اإلنجاز .واليوم تقف منطقة الجوف اليوم بانتظار استكمال مشاريعها
أمس الحاجة لها ،فيالتنموية ،وإقرار المشاريع الجديدة التي هي في ِّ
المجاالت التنموية والثقافية كافة ،التي تؤهلها لتكون من أبرز مناطق
المملكة في استقطاب التنمية والمشاريع ،كما أنها مؤهلة الستقطاب
المشاريع الثقافية القائمة على مداميك الماضي الراسخة ،ومخططات
المستقبل الواعدة ،للحاضر والمستقبل ،وتأهيل المواقع األثرية ،وإعادة
تأهيل المشاريع الخدمية وتطويرها بأن تكون ذكية وخضراء مبنية على
أحدث فلسفات التخطيط العالمية.
وحق ألهل الجوف التفاؤل بالمستقبل ،وأن يُشعلوا قناديل األمل
بأميرهم ،خاصة وقد أكد سمو األمير بدر بن سلطان أمير منطقة
الجوف أنه «سيعمل بمشيئة اهلل تعالى على إكمال مسيرة العطاء التي
بذلها صاحب السمو الملكي األمير فهد بن بــدر بن عبدالعزيز في
المنطقة مع أخي صاحب السمو الملكي األمير عبدالعزيز بن فهد بن
تركي بن عبدالعزيز نائب أمير منطقة الجوف ،وسنسخر أنفسنا لخدمة
أبناء الجوف األعزاء لكل ما فيه خير المنطقة والوطن».
بدر بن سلطان
بن عبدالعزيز
أمير ًا على الجوف
■ احملرر الثقايف
أق ــام أهــالــي منطقة الـجــوف حفال الستقبال أمـيــر منطقة ال ـجــوف ،صاحب
السمو الملكي األمير بدر بن سلطان بن عبدالعزيز ،مساء االثنين ٢إبريل 2018
16 -رجب 1439هـ ،ترحيبًا بقدوم سموه إثر صدور األمر الملكي الكريم بتعيينه
أميرً ا لمنطقة الجوف ،وذلك في صالة االستقبال الكبرى بمدينة سكاكا.
وفور وصول سموه مقر الحفل ،صافح الحضور من المواطنين وشيوخ القبائل
وعمد وأعيان ومديري اإلدارات الحكومية من مدنيين وعسكريين والمواطنين.
هذه اإلمكاناتُ وغيرُها مما ال يخفى على وبــخــاصـ ٍـة عندما تــضــافُ إليها المقوماتُ
وقد اكتسبت الجوفُ شهر ًة تجاري ًة واسعة وتنوِّعِ ها ،وإنما اإلنسان هو األهم ،وهو الثروة
اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018 8
تنـ ـ ـ ـ ـ ـعـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ـ ـ ــنـ ـ ـأـ ـ ـ ـم ـ ـ ـ ـ
الحقيقية ،وهذا ما أكدتْ عليه الرؤي ُة التنموية والمؤسسات التعليمية والتدريبية األخــرى
آالف الشباب مــن الــذكــور َ للمملكة (رؤية ،)2030والتي أصبحت برنام َج تُــخَ ــ ِّر ُج ك ـ َل عــام
عمل وطني تتبناه وترعاه الدولة .وقد كان واإلناث المتسلحين بالعلم والمعرفة .هؤالء ٍ
ـواـيفـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرـ ـ ـاـ ـ ـل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ
أه ُل هذه المنطقة ينتجو َن ما يحتاجو َن إليه هم ثروتُنا الحقيقية يا صاحب السمو ،وهم
المنتجات مع األقاليمِ والمناطق يتطلعو َن إلى خدمة منطقتِهم ووطنِهم ،ويمدون ِ ويتبادلون
ج ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذ
المجاورة في زمــنِ ما قبلِ النفط ،و ُعــرِ َف أيدِ يَهُم إلى سموكم مرحبين بكم ،ويُقدِّمو َن
ـوف
إنسا ُن هــذه المنطقة عبر التاريخ بحيويته أنفسَ هم لخدمة مشروعِ كم التطويري ،يملؤهم
مستقبل
ٍ ـاس ،ويــحــدوهــم األمـ ـ ُل نحو ونشاطه وحبه للعمل .وفي الزمن الحديث ،الــحــمـ ُ
ـرص وظيفية منتجة ،وسيكونون استثمرت حكومتُنا الرشيدة مليارات الرياالت مشرق ،وفـ ٍ
عون إن شاء اهلل لكم بعد توفيق اهلل. في تطوير الموارد البشرية الوطنية؛ فنشرت خي َر ٍ
التعلي َم وقضت على األمية ،وصار المواط ُن
صاحب السمو
مهي ًأ للعملِ واإلنتاج وفق مقتضيات ومتطلبات
إن منطق َة الجوف المستبشرةَ بمقدَمِ كم، العصر ومــا وصلت إليه التقنية من أحدث
األســالــيــب .وقــد كــان للمنطقةِ نصيبٌ من تتطل ُع إلــى استكمال مــشــروعــات التنمية
ذلك وهلل الحمد ،واليوم نرى جامعة الجوف الــتــي أقــامــتــهــا حــكــومـتُــنــا الــرشــيــدة ،وإلــى
ـدروب مشيد
وشـ ـم ــوخُ ع ـ ـ ٍّز ف ــي الـ ـ ـ ـ ِ
ـوف
مـ ــن زع ـ ـبـ ـ ٍـل أو مـ ـ ـ ــاردٍ أو مـ ــن هـنــا هـ ـ ــذا ولـ ـ ــي الـ ـعـ ـه ـ ِـد سـ ـي ـ ٌـف صـ ـ ــارمٌ
ـاروق وهـ ــو سـعـيــدُ
أو م ـس ـجـ ِـد ال ـ ـفـ ـ ِ ب ـ ـت ـ ـ َر الـ ـ ـفـ ـ ـس ـ ــادَ ،ول ـ ـ ــأن ـ ـ ــاةِ ح ـ ـ ــدودُ
تـ ـج ــدي ــدُ عـ ـه ــد لـ ـ ـل ـ ــوالءِ وص ــدق ــه ولـ ـ ـ ـك ـ ـ ــلّ خ ـ ـ ـ ـ ٍّـب أو ع ـ ـ ـ ـ ــد ٍّو قـ ــال ـ ـهـ ــا:
لـ ـ ـ ـ ـ ــوالةِ أمـ ـ ـ ـ ــرٍ شـ ــرع ـ ـهـ ــم ت ــوحـ ـي ــدُ بـ ــإعـ ــانـ ــة الـ ـ ـ ـب ـ ـ ــاري ،لـ ـك ــم س ــنٌ ـب ـي ــدُ
***
ـارك
وه ـنــاك فــي ح ــدّ الـجـنــوب مـعـ ٌ
ف ـي ـهــا الـ ـجـ ـن ــودُ ع ــن الـ ـب ــاد تـ ــذودُ
وال ـ ـن ـ ـخـ ــلُ وال ـ ــزيـ ـ ـت ـ ــونُ ردد ق ــائ ـ ًـا
***
أه ـ ـ ـ ــا ب ـ ـكـ ــم ون ـ ـع ـ ـيـ ــدهـ ــا و َن ـ ـ ــزي ـ ـ ــدُ
ـذاك مـمـلـكـتــي ب ـك ــلِّ شـمــوخـهــا وكـ ـ ـ َ أه ـ ـ ًـا ب ـكــم ي ــا ب ـ ــد َر م ـ ــل َء شـفــاهـنــا
م ــن جــوف ـنــا هـ ــذا ال ـق ـص ـيــدُ بــريــدُ ه ــي ب ـي ـع ــةٌ ف ــي ال ـ ـشـ ــرعِ آل س ـع ــودُ
ف ــي م ـح ـفـ ٍـل ي ـ ــروي ح ـك ــاي ـ َة بـيـعــةٍ ـأي فـ ـخ ــرٍ نـحـتـفــي مـ ـ ــاذا نـ ـق ــول بـ ـ ـ ٍّ
ع ـ ـ ـ ــزمٌ وح ـ ـ ـ ـ ــزمٌ وال ـ ـ ـف ـ ـ ـعـ ـ ــالُ ش ـ ـهـ ــودُ ـاض ت ـ ـل ـ ـيـ ــدُ وح ـ ـ ــاض ـ ـ ــرٌ غـ ـ ـ ّري ـ ــدُمــــ ٍ
***
أعقبها قصيدة شعرية للشاعر منصور
الرويلي ،وبعدها تناول الجميع طعام العشاء ـوف ف ـ ــي أركـ ـ ــانـ ـ ــه ورمـ ـ ـ ـ ــوزهِ
والـ ـ ـ ـج ـ ـ ـ ُ
ـوف يـشـيــدُ الذي أقيم بهذه المناسبة.رفـ ـ ـ َع ال ـت ـح ـي ـ َة ب ــال ـض ـي ـ ِ
11 اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
سمو امير منطقة الجوف يؤدي القسم
وصدر أمر ملكي بإعفاء األمير فهد بن محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد
بدر بن عبدالعزيز أمير منطقة الجوف من نــائــب رئــيــس مجلس الـ ــوزراء وزي ــر الــدفــاع
منصبه بناء على طلبه ،وتعيين األمير بدر بن -حفظهما اهلل -بمناسبة صـــدور األمــر
سلطان بن عبد العزيز أميراً لمنطقة الجوف الملكي الكريم بتعيينه أميرًا لمنطقة الجوف.
وعـ ّبــر سموه فــي تصريح لوكالة األنباء بمرتبة وزيــر ،وذلك يوم االثنين 10جمادي
الــســعــوديــة عــن فــخــره بــهــذه الثقة الملكية الثاني 1439هـ 26 -فبراير 2018م.
اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018 12
تنـ ـ ـ ـ ـ ـعـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ـ ـ ــنـ ـ ـأـ ـ ـ ـم ـ ـ ـ ـ
ال المولى عز وجــل أن يوفّقه تتطلبه منطقة الجوف من إمكانات تعزز من الغالية ،سائ ً
لكل ما فيه خدمة الدين ثم الملك والوطن ،نهضتها التنموية في ظل النهضة الشمولية
ال سيما أبناء منطقة الجوف ،تحت قيادة التي تعيشها البالد وفق رؤية المملكة .2030
ـواـيفـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرـ ـ ـاـ ـ ـل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ
افتُتح هذا المنتدى -الذي يقيمه مركز عبدالرحمن السديري الثقافي سنوي ًا
بدار الرحمانية بالغاط -بكلمةٍ لرئيسة هيئة المنتدى أ.د مشاعل بنت عبدالمحسن
ال ـســديــري ،الـتــي قــالــت إن ه ــذه الـ ــدورة تعقد بــالـتـعــاون مــع مــركــز بـحــوث الــدراســات
اإلنسانية في جامعة الملك سعود ،لتفعيل المشاركة المجتمعية مع الجهات العاملة
في مجال موضوع المنتدى .وقالت إن هذا المنتدى ،من األنشطة الثقافية لمركز
عبدالرحمن السديري الثقافي ،يقام سنوي ًا ويهدف الى تسليط الضوء على موضوع
ذي أهمية بين القطاع النسائي في المملكة ،كما يعمل على تشجيع تبادل الخبرات،
وإتاحة المجال للمشاركات بلقاء المتخصصات وذوات الخبرة في موضوع المنتدى.
وذكرت السديري أن المنتدى لهذا العام يتناول موضوع ريادة األعمال النسائية
بمشاركة نخبة من األكاديميات والمتخصصات من الجامعات والمؤسسات الوطنية
المختلفة ،وأن الحوار الذي يجري بين المشاركات يثري الخبرات المكتسبة ،ويزيد
وتسعى إلى تطويرها .وهذا الحراك يتطلب تــحــظــى ريــــــادة األعـ ــمـ ــال الــنــســائــيــة،
أن يكون مؤطراً برؤى واقعية تمكّن رائدات والمشروعات الصغيرة والمتوسطة باهتمام
األعمال من المنافسة والنمو ،وال يتم هذا إال كبير من قبل الجهات االقتصادية ،لما تمثله
من خالل التأصيل األكاديمي المتوافق مع هذه المشروعات من رافعة مهمة لالقتصاد
الواقع الممارس الناجح. الوطني ،بالنظر للمدخالت والمخرجات
التي تــرافــق هــذا القطاع اإلنــتــاجــي ،الــذي
وقــد هــدف المنتدى إلــى إشــراك المرأة تملكه وتعمل فيه نسبة كبيرة من المواطنين
العاملين في القطاع الخاص ،يسعون إلى الــســعــوديــة فــي ح ــدود الــنــطــاق الجغرافي
تطوير مشروعاتهم والنهوض بها من النطاق لمحافظة الغاط ومــا حولها ،الراغبة في
االستثمار في المشاريع الصغيرة والمتوسطة، المحلي الى اإلقليمي والدولي.
وإطالعها على التجارب الناجحة ،وإتاحة
ومن خالل القراءة االقتصادية واالجتماعية
لواقع ريــادة األعــمــال النسائية ،نلحظ أن المجال أمامها لمعرفة الجهات العاملة
هناك حراكاً إيجابياً تمثل في إسهام المرأة في مجال ريــادة األعمال والفرص الممكنة
بالمشاركة في النمو االقتصادي من خالل لإلفادة منها وتنفيذ مشاريع ريادية مناسبة
زيادة إقبالها على تأسيس المشاريع الصغيرة للمنطقة ،تتوافق مــع مــؤهــات وإمكانات
والمتوسطة الخاصة بها ،فتديرها وتعمل بها الراغبات في خوض هذا المجال.
المتحدثات :أ .د .وفاء املبيريك ،د .مليا العبدالكرمي ،أ .مها النحيط ،أ .عالية الشلهوب.
أدارت الجلسة :أ .د .اجلوهرة فهد الزامل
(أستاذ اخلدمة االجتماعية ،كلية اآلداب ،جامعة امللك سعود).
افتتحت أ .د .الـجــوهــرة الــزامــل الجلسة متحدثة عــن أهمية ري ــادة األع ـمــال ،وكيفية
االستفادة من الفرص المتاحة والمنظورة ،واالستثمار الصحيح الذي من شأنه أن تكون له
مخرجات إيجابية على صاحبة المشروع والمجتمع على السواء ،كما استعرضت الخدمات
التي تقدمها المؤسسات الخدمية واألكاديمية والمجتمعية غير الربحية المتخصصة
للراغبات في االستثمار.
ثم بدأت الحوار مع المشاركات ،ووجهت أسئلة تساعد على تقديم معلومات تثري النقاش،
وتعرض واقع ريادة األعمال النسائية والتطلعات المستقبلية بوجه عام أمام الجمهور.
المجتمع؛ ما يعزز مشاركتهم في مجتمع المتحدثة األولى:
ريادي. ا .د .وفاء ناصر المبيريك
(دكتوراة من جامعة نوتنجهام البريطانية،
وأشــارت إلــى أن من عوامل نجاح ريــادة 1998م ،ريادة األعمال-جامعة الملك سعود)
األعــمــال هــو إدراك أهمية كــل عنصر من
عناصر منظومة ريادة األعمال ،والتي تعرّف واقع ريادة األعمال
واآلفاق المستقبلية
بأنها «عناصر وأف ــراد ومنظمات وجهات
تحدثت عن واقع ريادة األعمال ،وأشارت محيطة برائد األعمال ،تعين أو تعيق توجُّ ه
إلى أن مدلولها المباشر هو إنشاء مشروع الفرد نحو ريادة األعمال» ،وفقا للشميمري
استثماري مبتكر ،وهو بهذا المعنى يسهم والمبيريك (2016م) .إذ يسهم كل عنصر من
بشكل مباشر في التنمية االقتصادية .كما هذه العناصر في بناء ريادة األعمال ودعمها؛
أن تبنّي ريادة األعمال كاستراتيجية يسهم ابتداء برائد األعمال نفسه ،ومرورا بعناصر
بفاعلية في بناء الفكر الريادي لدى أفراد البيئة الخاصة المحيطة به ،وانتهاء بعناصر
اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018 16
مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــف الـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدد
البيئة العامة ذات الصلة الوثيقة بريادة ملحوظاً في نسب رائدات األعمال ،إذ بلغت
نسبة النمو بين عامي 2017 - 2007م ما األعمال.
ومــن هــذا المنطلق ،فــإن ريــادة األعمال نسبته ،%39بينما كانت %4فقط في السابق.
ثــم تــنــاولــت تــطــور ريــــادة األع ــم ــال في تعد من أبرز االستراتيجيات التي يمكن من
خاللها النهوض باقتصاد المملكة ،خاصة المملكة ،وأشــارت إلــى ما ورد في الكتيب
وأنها تتمتع بالعديد من الخصائص التي التعريفي لرؤية « ،2030أن المرأة السعودية
تؤهلها لتبنّي هذه االستراتيجية ،والتي منها :تعد عنصراً مهماً ،إذ تشكل ما يزيد على
المجتمع السعودي اليافع ،وأن المملكة عضو
%50من إجمالي عدد الخريجين الجامعيين،
في منظومة الدول العشرين العظمى ،G2o
وسنستمر فــي تنمية مواهبها واستثمار
والحاجة لعالج مشكلة ارتفاع نسبة البطالة،
طاقاتها وتمكينها من الحصول على الفرص
والتطور الكبير في البنية التحتية ،إضافة
المناسبة لبناء مستقبلها واإلسهام في تنمية
إلى برنامج التحول الوطني ،2030وغيرها
مجتمعنا واقتصادنا».
من العوامل األخرى.
وأضــافــت أن المملكة تتجه حالياً إلى
وفــي الختام استعرضت قصص نجاح
مــخــتــارة لمجموعة مــن رائــــدات األعــمــال خفض مــعــدالت البطالة عند الــمــرأة ،من
السعوديات الالتي تمكنَّ من االستثمار في خــال فتح مــجــاالت وفــرص عمل ،وإيجاد
وظائف مناسبة في بيئة عمل آمنة ،وتشجيع الفرص التي تهيأت لهن.
ابتكار وإبــداع رائــدات األعمال ،واالستفادة المتحدثة الثانية:
مــن أفكارهن التي لها دور كبير فــي دعم أ .مها بنت سليمان النحيط
االقتصاد الوطني وتطويره .وأن من أهداف (رائدة أعمال)
رؤية المملكة العربية السعودية ،2030زيادة أهمية ريادة األعمال في السعودية
مشاركة المرأة في سوق العمل من %22إلى
وق ـ ــد ت ــح ــدث ــت عـ ــن أه ـ ــم الــتــحــديــات
والمعوقات التي تواجه العنصر النسائي في .%30
وذكــرت أن هناك العديد من القطاعات ريادة األعمال ،وقالت إنها تحديات نظامية،
وتحديات علمية ومهنية ،وتحديات اجتماعية الــتــي تميزت بها الــمــرأة الــســعــوديــة مثل:
األزيـ ــاء ،والتعليم ،والسياحة والضيافة، ونفسية.
وأش ــارت إلــى أنــه وعلى الرغم من تلك والبيئة والتدوير ،إضافة إلى قطاع التغذية
التحديات التي تواجه المرأة السعودية في والــمــشــروبــات ،واالس ــت ــش ــارات والتنظيم
ريادة األعمال ،إال إن المملكة سجلت ارتفاعاً والترفيه والتجزئة.
17 اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
المتحدثة الرابعة :د .لميا المتحدثة الثالثة:
العبدالكريم أ .عالية الشلهوب
(دكتوراه من جامعة ماسانشوستش (مستشارة اقتصادية)
األمريكية -جامعة الملك سعود)
بـــدأت حديثها عــن الــجــهــات الــداعــمــة
تحدثت عــن اتجاهات الــســوق العالمي والفرص المتاحة لالستثمار ،وتناولتها من
والمحلي ،واستعرضت قصص نجاح عمالقة ثالثة محاور:
السوق العالمية المتجهة للتقنية مثل :علي
بــابــا وأمــــازون مــن بداياتهما المتواضعة األول ،الدعم اإلداري واللوجستي ،إذ
وتخطي التحديات إلى النجاح الذي تحقق أشارت إلى أن أي مشروع في البداية يحتاج
في منافسة السوق العالمي .كما أوضحت دراسة جدوى اقتصادية وتراخيص مزاولة
ما يميز هذه الشركات التقنية الحديثة مثل الــنــشــاط ،والــتــي تــصــدرهــا وزارة التجارة
أمازون وأوبر واير بي اند بي بأنها أحدثت
واالستثمار (السجل التجاري) ووزارة الشئون
طفرة تنافسية تجاوزت النماذج التقليدية
للشركات السابقة بــاالبــتــكــار ،والــوصــول البلدية (رخص البلدية).
للعالمية .كما تميزت هذه الشركات بالتركيز الثاني هو الدعم المالي والقروض :فقالت
على إرضاء العمالء فوراً والسماح لعمالئها إن أي مشروع يحتاج إلى تمويل سواء كان
بتعديل المنتَج ،ومن أهم االبتكارات لهذه ال ذاتياً أم حكومياً من جهات اإلقراض،
تموي ً
الشركات تعزيز وتحسين الكفاءة عن طريق
بنك التنمية (التسليف سابقاً) والصندوق
استخدام األتمتة ،وفي أثناء شرح تطورات
السوق الحالية وبعيدة األجــل أوردت كيف الصناعي ،وغيرها الكثير من طرق التمويل
أن رواد أعمال لمنشآت صغيرة استفادوا والتي أخطرها القروض التجارية من البنوك
من فــرص ســوق العمالقة في مجال أتمتة نظراً الرتفاع الفوائد.
التسوق في السوبرماركت كما تفعل أمازون.
ثــالــث مــحــاور ورقتها الــفــرص المتاحة
ثم قارنت اتجاه السوق المحلي بعد عرض
إحصاءات عن وضع سوق التقنية. لالستثمار :كالفرص اإلبداعية واالبتكارية
الجديدة ،وهذه مصدرها التفكير واإلبداع،
وأظ ــه ــرت أن أفــضــل خمسين منشأة
وأكــدت أن المجتمع بحاجة إلــى مثل هذه
صغيرة تركز على التطبيقات فقط ،وأن
هناك فرصاً كبيرة لنقل ابتكارات السوق وج ـدّة ،وهناك الفرص لما فيها من ابتكار ِ
العالمي محليا للشابات والشباب السعودي، ال ــف ــرص الــتــقــلــيــديــة ومــصــدرهــا الــغــرف
كما شرحت نماذج لمنشآت صغيرة بدأت التجارية وهيئة االستثمار ومكاتب ترويج
تــعــمــل مــن الــمــنــزل ثــم تــطــورت وانتقلت فرص االستثمار.
إلــى العالمية .وتحدثت عــن مــصــادر دعم
وختمت بأن كل ما هو متاح للرجل متاح المنشآت الصغيرة من حكومية وجامعات
للمرأة ،وأكدت على ضرورة البعد عن التقليد ومراكز ربحية ،وختمت بتوصية الحاضرات
العشوائي ،وضرورة دراسة أي مشروع دراسة بتعلم اللغة اإلنجليزية لتمكنهن من االطالع
على االتجاهات العالمية. وافية قبل البدء بالتنفيذ ،لضمان نجاحه.
اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018 18
مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــف الـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدد
ورش تدريبية على هامش المنتدى
نظمت هيئة المنتدى أربع ورش عمل تدريبية ،شارك فيها ما يزيد عن مائة وعشرين من
سيدات المجتمع المحلي ،وقد شملت أربعة موضوعات:
تكن معروفة سابقا ،كما وضحت الفرق بين -1ورشة (اصنعي فكرتك الريادية)
اإلبداع واالبتكار في التطبيق. قدمتها :د .ريما بنت سعيد
تخلل هذه الورشة عدة تمارين تطبيقية (دكتوراه في إدارة األعمال الدولية -
تهدف إلى تنمية جوانب معينة لدى الحضور جامعة الملك سعود).
وه ــي :التفكير خ ــارج الــصــنــدوق ،واألخــذ تضمنت الورشة عدة محاور ،أهمها:
باآلراء ،والعمل الجماعي بين أعضاء الفريق.
-من أين تنبع الفكرة للمشروع.
كما أكــدت على أن مــن واجبنا السعي
-كيف نقيم فكرة المشروع؟
للنهوض بوطننا وبمجتمعنا ،لذا علينا البدء
-تقييم وضع المشروع بالنسبة للمنافسين .في االبتكار والعمل على أن تكون منشآتنا
ومشاريعنا قائمة بأيدي أبنائنا بأفكارهم -خطوات تحويل الفكرة إلى الواقع.
وجهدهم ،كما تطرقت إلى عدة محاور مهمة:
وبعد استعراض أهــم المحاور ،وتقديم
الشرح عن كل محور ،تشاركت المشاركات -رؤية :2030األفكار اإلبداعية تساعدنا
على تحقيق رؤية وطننا الملهمة ،وكيف بالندوة في حوار ثري حول صناعة الفكرة
نصل إلى اقتصاد مزدهر ،ومجتمع حيوي الــريــاديــة ،وأثــيــر الــعــديــد مــن األســئــلــة من
ووطن طموح وذلك بالخروج عن األفكار الــمــشــاركــات ،وش ــارك الجميع فــي اقتراح
التقليدية ،والــنــظــر فــي تنويع مصادر اإلجابات في حوار رسّ خ الفائدة من الورشة
الدخل ،بعيدا عن االعتماد على إيرادات لدى المتدربات ،كما تولت المدربة اإلجابة
النفط. عن استفسارات وتساؤالت رائدات األعمال.
-2ورشة (االبتكار في ريادة األعمال) -الــبــعــد االقــتــصــادي :ينهض االقــتــصــاد
بإيجادنا لحلول مبتكرة وذات كفاءة عالية
قدمتها :أ .جواهر سعد بن جوهر
لمشاكل عدة مثل الفقر والبطالة ،وتتيح
(ماجستير من جامعة ميامي ومدربة في مجال
لنا تطوير برامجنا.
إدارة األعمال والمشاريع).
-البعد البيئي :تؤثر إيجابا على اهتمامنا
بــدأت الــورشــة بتعريف لمعنى االبتكار
بالبيئة بإيجاد طرق إبداعية للسيطرة أو اإلبـــداع كمفهوم علمي ،واســتــنــاداً إلى
على التلوث وترشيد االستهالك. تعريف العلماء لــه على أنــه عملية عقلية
هــادفــة ونــشــطــة فــي اســتــخــدام الــخــبــرات -البعد االجتماعي :تجعل المجتمع على
تواصل مستمر مع بعضه بعضاً ،وأكثر والمعلومات ،تصحبها رغبة شديدة إليجاد
تالحماً. حلول لمشكالت ومواجهة معوقات بطرق لم
19 اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
-الــبــعــد الــخــدمــي :تسهيل الــكــثــيــر من توجيه المنتج أو الخدمة له؟
كما تم تقديم شرح تفصيلي لكل عنصر الــخــدمــات بــطــرق إبــداعــيــة ،فتختصر
الوقت والجهد والتكلفة مثل التطبيقات من عناصر نموذج العمل التجاري والــذي
اإللكترونية.
يشمل :الشريحة المستهدفة ،وقيمة العرض،
-البعد الشخصي :ترفع المستوى المعرفي والــقــنــوات ،والعالقة مع العمالء ،والمهام
لألشخاص ،وتزيد ثقتهم بأنفسهم وتحقق األســاس ،والشركاء الرئيسيين ،والمصادر
األساس ،وهيكل التكاليف ،ومصادر الدخل، الرضى الذاتي.
كما تناولت المدربة العناصر الداعمة كما تم التركيز على آليات التسعير وضريبة
للتفكير اإلب ــداع ــي مــن حــيــث الــمــهــارات القيمة المضافة.
وختمت الورشة أن ثقافة ريادة األعمال ال منها لها
والسلوك والحوافز ،وكيف أن ك ً
أثــره فــي طــرق تفكيرنا وأخــذنــا إلــى عالم تتطلب اهتماماً كبيراً لما تتضمنها من
األفــكــار الجديدة التي تالمس احتياجات فــوائــد :كــإقــامــة مجموعة مــن الملتقيات
المستفيدين ،ولخصت األدوات التي نحتاج الخاصة بالريادة ،ونشر قصص نجاح لرواد
إليها لنبدأ بالفكرة اإلبداعية بثالثة عناصر أعــمــال سعوديين ،وطالبت بــإدخــال ريــادة
هي :الرغبة ،والخبرات والمعرفة ،والبحث .األعــمــال كمقرر دراس ــي لــلــمــدارس ،إذ إن
واختتمت الورشة بشرح الخطوات المتبعة كل ذلك من شأنه دفع الشباب والمجتمع
لالنطالق بالمشروع التجاري من الفكرة بشكل عام للتوجه إلى عالم ريادة األعمال،
االعتيادية إلى الفكرة اإلبداعية ،ثم األداء التي ستسهم في تحقيق أحد أهداف رؤية
الوطن ،2030بالنظر لما تستهدفه الرؤية ثم التقييم إلى التنفيذ.
من رفع نسبة إسهام المؤسسات الصغيرة -3ورشة
والمتوسطة في الناتج المحلي اإلجمالي،
(من الفكرة إلى العمل التجاري)
إضافة إلى تخفيض نسبة البطالة وتوفير
فرص عمل. قدمتها أ .لما النمي
(بكالوريوس في مجال ريادة األعمال -معهد
-4ورشة (اإلجراءات القانونية
الملك سلمان لريادة األعمال).
للمنشآت الصغيرة والمتوسطة -شركة
تمكّ ن لالستشارات اإلدارية) تضمنت الــورشــة توضيح مفهوم ريــادة
واستعراضا لنماذج
ً األعمال واستراتيجياتها،
قدمتها أ .لمياء القاضي
مشاريع ريادية سعودية ،وشرحاً لعناصر
(مدربة معتمدة في مجال تأسيس وإدارة المشاريع).
نموذج العمل التجاري ،الذي يهدف إلعطاء
كــل رائــد أعــمــال فــي بــدايــة تأسيس أي صورة أوضح للفكرة عند تطبيقها على أرض
الواقع ،إذ يقدم إجابات مهمة لمجموعة من مشروع ينبغي أن يكون على معرفة عالية
األسئلة من بينها ما هو المنتج أو ما هي بالسوق المستهدفة لمشروعه مــن حيث
الخدمة التي يرغب رائد األعمال أو صاحب آلياته وإجراءاته ومتطلبات العمل فيه وفرص
الــمــشــروع فــي تقديمها؟ ولــمــن ســوف يتم النجاح المتاحة؛ وبالتالي يجب أن يبحث عن
اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018 20
مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــف الـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدد
عمالة ذات مهارات عالية فنية أو تقنية، الــطــرق الصحيحة واألســـاس ليتمكن من
ومن الممكن عدم توافرها في المملكة، العمل في مشروعه بطريقة سليمة تضمن
لذا ينبغي وضع خطة واضحة لإلمكانات نجاحه وتساعده في تجاوز الصعوبات وتبعد
المتوافرة والمهارات المطلوبة تساعد عنه أسباب الفشل .ويبدأ كل ذلك بمعرفة
صاحب المشروع على اتــخــاذ قــرارات اإلجراءات القانونية والحكومية في المملكة
سليمة عند بدء مشروعه بالتوظيف. العربية السعودية لبدء أي مشروع تجاري
والتي يمكن تلخيصها بشكل مبسط بمعرفة
-التفرغ ،عند اختيار المشروع المناسب الجوانب اآلتية:
يــجــب م ــراع ــاة الــوقــت والــجــهــد الــذي
)1األشكال القانونية للمشاريع والتزاماتها:
سيتطلبه الــمــشــروع مــن صــاحــبــه ،في
حال كان التفرغ إلزامياً لدقة المشروع من حيث معرفة الفروقات بين المؤسسات
ومتطلباته العالية وصاحب المشروع غير الفردية والشركات والتزاماتها القانونية،
قادر على الموازنة بين عمله والمشروع وما تم استحداثه في النظام السعودي،
الخاص ،فيجب عليه تعيين مدير بدوام كــنــظــام شــركــة الــشــخــص الــواحــد التي
تــســاعــد فــي تنمية االقــتــصــاد وزيـــادة
كامل إلدارة المشروع ،أو اختيار مشروع
االستثمارات الشخصية لقلة المخاطرة.
آخر يتناسب مع جدوله بشكل أفضل.
-المعرفة الفنية والتقنية ،إن المهارات )2آلية البحث عن اإلجراءات الحكومية:
الفنية والتقنية لتنفيذ المشاريع هي جزء والتي تتلخص في البحث عن النشاط
ال يتجزأ مــن الــمــشــروع ،فمن استطاع الــصــحــيــح لــلــفــكــرة ال ــم ــراد تنفيذها،
اتقانها استطاع إنجاح مشروعه؛ لذا يجب ومــن ثــم تحديد الجهات ذات العالقة
على صاحب المشروع أن يكون صادقا واشتراطاتها.
مع نفسه بالنسبة لمعرفته ومهاراته في )3اختيار المشروع المناسب:
المجال التخصصي لمشروعه ..حتى
تم التطرق إلى اآللية الصحيحة الختيار
يعرف ما هي النواقص التي لن يستطيع المشروع ،وبالتالي تقليل فــرص فشل
تنفيذها ،وبالتالي توظيف فريق عمل المشروع وذلك من خالل:
مكمل لمهاراته ومعرفته.
-التمويل ،فبعض المشاريع تتطلب رأس
كما استعرضت األستاذة لميا القاضي في عال (مثل تأسيس مقر -استقدام مال ٍ
الورشة ،الجهات الحكومية ذات العالقة على عمالة -أجهزة -نظام تقني ..الخ)؛ لذا
حسب نشاطاتها .وكذلك الجهات الداعمة يجب على صاحب المشروع األخذ بعين
االعتبار القدرة المادية المتاحة لديه في
للمشاريع الــصــغــيــرة والــمــتــوســطــة وطــرق
دعمها ،وعمل دليل بأهم الجهات الداعمة وقت التنفيذ أو الحلول التمويلية التي
وحاضنات األعــمــال والــمــبــادرات الخاصة يستطيع الحصول عليها.
-التوظيف والعمالة ،هناك مشاريع تحتاج بالمشاريع الصغيرة والمتوسطة.
21 اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
في محافظة الغاط
عراقة التاريخ وعبق الثقافة*
يرعى المناشط الثقافية ،ويقدم التمويل أمــا الــبــدايــات ،فقد ومــضــتْ هــنــاك في
للبحوث ،وينشر الدراسات والكتب ويصدر الــجــوف لتدفعنا لــاســتــفــاضــة فــي شــرح
دوريتين تعنيان باآلثار والثقافة واألدب ..كما تفاصيل المشروع الثقافي ،الذي امتد من
يرعى المركز جائزة األمير عبدالرحمن بن الجوف في تأسيس صــادق لتغذية العقول
أحمد السديري للتفوق العلمي في كل من بالمعرفة ،ليستقبل مجتمع الــجــوف منذ
الجوف والغاط؛ وهناك خطة ممتدة البتعاث نحو نيّف وخمسين عاماً مكتبة «دار العلوم»
المتفوقات لــلــدراســات التخصصية العليا «1383هـــ» التي أسسها األمير عبدالرحمن
تمخضت عن عدد محفز منذ عام 1425هـ. ابن أحمد السديري -رحمه اهلل -إبَّان إمارته
هُناك؛ وأصبحت منارة ثقافية تحمل وجيب
أمــا المنتدى السنوي المكتنز «منتدى
مجتمعها ووطنها الكبير؛ وتعمّق من الجوف
منيرة الملحم لخدمة المجتمع» فهو منصة
العطاء اإلنساني لمؤسس المركز الثقافي
إشــراق مجتمعية ،ومجيء مدهش توشحه
الموسوم باسمه -رحمه اهلل -فتراسلت
اسمها (رحمها اهلل) ليصبح جزءاً من الثقافة
المثاقفة مع الغاط ،إذ عزم (رحمه اهلل) أن
الوطنية وأتمت عائلتها رسم لوحاته النامية،
يترك مساحة لتاريخ الثقافة في مرابع الغاط
فعبر ذلك المنتدى المجتمعي مدارجه العشر
الجميل؛ فنهضت ثقافة الــغــاط ،فاقتربتْ
حتى هذا العام 1439هـ وما يزال يستضيف
الرؤى واستدارت الزوايا؛ فكانت مكتبة منيرة
نخبة مــن عقول بــادنــا النسائية لتتصدر الملحم -رحمها اهلل -وكان المنتدى السنوي
طروحاته وتفيض بما يعزِّز معلومات المشهد. األب ــرز فــي دعــم الــمــرأة ..فالمكتبتان في
ولــكــل دورة تــخــطــيــط مــحــكــم وعــنــايــة سكاكا والغاط تشكالن مركزاً ثقافياً بفرعين
اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018 22
مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــف الـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدد
في الجامعة؛ وطرحاً تنظيمياً محفزاً من بالتفاصيل لتحقيق األهداف المتوخاة؛ ودائماً
متخصصات مــن الــقــطــاعــات المعنية في ما يحصد المنتدى نجاحات تذكر وتشكر،
بالدنا؛ وورش عمل مصاحبة كانت إضاءات تأسيساً على جــدارة االنتقاء للموضوعات
لتحفيز االستعداد لريادة األعمال. التي تمس وجيب المجتمع؛ وَمِ ما طرح في
المنتديات السابقة «أساليب كسب األبناء
نــعــمُ ،هــنَ ــاك فــي الــغــاط شــعــور جميل وتوجيه سلوكهم« »،ذوو االحتياجات الخاصة
بين التحدي والحقوق»« ،العنف األســري» ،بالمغامرة المحمودة لفتح بوابات الثقافة
«دور األسرة في انحراف األبناء»؛ و«الصحة وخدمة المجتمع على مصراعيها لتمتد من
النفسية ضمن الحياة األسرية» ،وموضوعات الغاط الجميلة إلى كل أرجاء بالدنا؛ فهنيئاً
أخرى في الشأن الصحي العام ،وهذا العام للغاط ِحراكَها الثقافيّ المثمر ،وهنيئاً لها
كانت دورة المنتدى في موضوع حيويّ يتصدر ازدهارها المجتمعيّ المشهود الذي صنعته
تلك العقول العظيمة تــظــاهــرتــنــا الــوطــنــيــة
أرض تختال في حضن نجد أي ٍ ُّ
دوحــةُ الفكر والفضاءُ الجميلُ -رحمهم اهلل وحفظ الجديدة وهــو (ريــادة
األع ــم ــال الــنــســائــيــة:
امــتــدادهــم -ليكملوا
الـــواقـــع والــتــطــلــعــات ت ـس ـك ـ ُـب الـ ـ ـ ــو َّد ل ـل ـح ـي ــاة غ ــزي ــرً ا
ف ـ ــي دنـ ـ ـ ــان رحـ ـيـ ـقـ ـه ــا مـ ـعـ ـس ــولُ الــمــســيــرة الــتــنــمــويــة
المستقبلية) ،فكان
الثقافية.
الـ ــمـ ــوضـ ــوع حــفــيّــا ،ذاك ربــع شــاقـ ْـت مغانيه نفسي
ويــســتــحــق الــمــركــز تـ ـتـ ـه ــادى ف ـي ــه الـ ـ ـم ـ ــزونُ ت ـس ـيــلُ فكل مــشــارِ كــة جــاءت
راكوما ينتج عنه من ِح ٍ لــتــبــحــث ع ــن ضــمــان
الغاط موئل الحسن صاغوا ُ إنها
ف ـ ــي ث ـ ــراه ـ ــا حـ ـك ــاي ــة س ـت ـط ــولُ ثقافيّ تنمويّ مجتمعيّ ريادة األعمال وطريقة
تصدّر مصادر التنوير إعـ ــدادهـ ــا وال ــش ــروع
فيها ،واستمعنا ُهنَاك ه ـ ـ ــي ح ـ ـ ـ ـ ٌّـب ورح ـ ـ ـ ـمـ ـ ـ ــةٌ وت ـ ــآخ ـ ــي
الثقافي تأسيساً في
وبـ ـه ــا الـ ـعـ ـ ّز والـ ـشـ ـم ــوخُ ش ـك ــولُ لنخبة مختارة باقتدار
بــادنــا ،ومــنــح الــمــرأة
أول نوافذ الثقافة في لمثاقفة الحاضرات وهـ ـ ــي م ــاش ـئ ــت ف ــرح ــة وض ـي ــاء
وه ـ ـ ــي لـ ـ ـل ـ ــواردي ـ ــن ظ ـ ـ ـ ٌّـل ظ ـل ـي ــلُ حــول كيفية الصعود
مــشــروع ثقافي كبير، وص ــن ــاع ــة ال ــن ــج ــاح؛
وتبنّى مفهوم الشراكة وهـ ــي ن ـب ــعٌ ل ـم ــن ي ــاق ــي ث ــراه ــا
فكان طرحاً أكاديمياً
وهـ ـ ـ ــي فـ ـ ـ ــرع ودوحـ ـ ـ ـ ـ ــة وأصـ ـ ـ ـ ــولُ ال ــم ــج ــت ــم ــع ــي ــة قــبــل معرفياً من خالل نخبة
صياغاتها الحديثة؛ مــن أســتــاذات جامعة ليت شعري في الغاط فكر وفير
والثقافةُ تنثالُ منها الحقولُ ي ــس ــت ــح ــق ال ــم ــرك ــز الملك سعود ،إذ كان
تكريماً وطنياً في أرفع الــمــنــتــدى بــالــتــعــاون إن عشقنا المُ قام في الغاط يوم ًا
ـوق وب ـ ـه ـ ـجـ ــةٌ وقـ ـ ـب ـ ــولُ مستوياته. ف ـ ـهـ ــو ش ـ ـ ـ ـ ٌ مـ ـــع مــــركــــز ب ــح ــوث
الــدراســات اإلنسانية
عقد مركز عبد الرحمن السديري ،بمدينة الجوف ،ندوة حول رائدة التعليم
في منطقة الجوف السيدة لطيفة بنت عبدالرحمن السديري رحمها اهلل ،وذلك
يوم الخميس ١٩رجب ١٤٣٩هـ ( ١٥إبريل عام ٢٠١٨م) ،استضاف فيها األستاذات:
السطام ،وعفراء الذباح ،ونوارة العرسان،
َّ هيا الملحم ،وفاطمة العدوان ،و مريم
وفاطمة القاضي .وأدارت الـنــدوة الــدكـتــورة هيا السمهري ،التي ابـتــدرت الندوة
بقولها :نتحدث اليوم في هذه الندوة عن رائــدة من رائــدات التعليم في منطقة
الجوف هي السيدة لطيفة بنت عبدالرحمن السديري ،رحمها اهلل .فقد كان لها
دور محوري وريــادي في تعليم البنات بالمنطقة على مدى سنوات طويلة بدعم
ومــؤازرة من والدها معالي األمير عبدالرحمن بن أحمد السديري خالل توليه
إمارة الجوف لنحو خمسة عقود .وستسعرض فارسات هذه الندوة بعض إنجازاتها
التأسيسية في التعليم وكذلك في المجتمع.
لقد كانت لطيفة السديري إحدى منسوبات مدرسة الجوف االبتدائية وترقت
في السلم التعليمي وممارسة مهنة التعليم إلى أن تولت «التوجيه التربوي» في
تعليم البنات بمنطقة الجوف (اإلش ــراف التربوي حالياً) .وكانت أبــرز صفاتها
رحمها اهلل قـيــادة المجتمع النسائي بكل أطيافه عبر االسـتـفــادة القصوى من
المعرفة والتعليم.
ولقد بــدأت في ظــروف صعبة وأسست كان مولدها في مدينة الغاط بنجد ،وجاءت
دورهــا التعليمي عبر مسيرة تربوية شاقة إلى الجوف طفلة مع والدتها وتلقت تعليمها
ومشرّفة .كانت السيدة لطيفة السديري االبتدائي في البيت على يد معلمة خاصة،
شغوفة بتعليم بنات وطنها وبخاصة في واخــتــبــرت الــصــف الــســادس مــع أخــواتــهــا
الجوف .وكان لها دور مميز في تحفيزهن في مدرسة األوالد ،ضمن غرفه مستقلة.
على التعليم مــن خــال العمل الجماعي كما درســت المرحلة المتوسطة عن طريق
والعالقات االجتماعية الناجحة والشخصية المنازل ،ثم المرحلة الثانوية في مــدارس
القيادية الــــودودة ،كما ســنــرى فــي حديث «دار الحنان» بجده ونالت الشهادة الثانوية
الضيفات الكريمات خالل حديثهن الشيّق منها .وفيما هي تهم بالسفر إلــى بيروت
عــن الــرائــدة لطيفة الــســديــري فــي مجال لــلــدراســة فــي الجامعة األمريكية مرضت
المجتمع والتعليم.
والدتها فجأة قبيل سفرها ،فاضطرت إلى
مالزمة والدتها .ولم يتيسر لها السفر إلى الجانب اإلنساني عند لطيفة السديري
تناولت األســتــاذة هيا الملحم الجانب بيروت.
لقد تميزت السيدة لطيفة السديري بأنها اإلنساني عند لطيفة الــســديــري ،فقالت:
25 اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
كانت بــارة بوالدتها ،ومتواضعة مع الكبير تعليمهن وتربيتهن ،مع حزم ووقار جعل من
والصغير إلى جانب شخصيتها القيادية التي ريادتها في التعليم بالجوف عالمة مضيئة
في تاريخ تعليم البنات بمنطقة الجوف حين كان يش ّع منها الوقار.
وأضافت هيا الملحم أنه في جميع مراحل كان المجتمع متردداً في تعليم البنات ،لكن
حياتي عاشرت السيدة لطيفة السديري ،بصبرها وحكمتها وأسلوبها المقنع اللطيف
ومهاراتها وقدراتها ودعم والدها المستنير
فقد كانت مديرة مدرستي االبتدائية ،ورغم
األمير عبدالرحمن السديري استطاعت أن
القرابة التي تربطني بها فقد كانت معي في
تتغلب على العقبات.
المدرسة معلمة صارمة ،وكذلك كان الحال
كــانــت تمتلك مــؤهــات مثيرة بالنسبة حين كانت مديرتي في المرحلتين المتوسطة
والثانوية .كما استفدت كثيرا من فكرها لطالباتها؛ فهي بمثابة األم واألخت الكبرى
التربوي عند عملي مشرفة بالمدرسة معها .والمعلمة والمرشدة والصديقة ،وبكل تلك
الصفات تمكّنت من ممارسة الــريــادة في
ومن صفاتها التي تدل على شخصيتها
مجال التعليم.
التربوية العظيمة أنها كانت تحس بمعاناة
وم ــن مــواقــفــهــا الــخــالــدة؛ أول مــدرســه الناس وتحفظ أسرارهم ،وتظل قريبة منهم،
مهتمة بشؤونهم ،مخلصة في العمل ووفية تــم افــتــتــاحــهــا بــالــجــوف عــبــارة عــن غــرف
فــي اهتمامها بالعمل الخيري واإلنساني وساحة وبركة مكشوفة بال حواجز .فكانت
في خدمة الفقراء والمساكين واألق ــارب .السيدة لطيفة أثناء فسحة الطالبات تقف
لقد تركت أستاذة لطيفة لنا سيرة إنسانية كــالــحــارس حــول البركة خــوفـاً مــن سقوط
عطرة ،وتاريخاً حافال باإلنجازات ومناقب إحدى الطالبات ،وترشد الطالبات وتتابعهن
أثناء الفسحة ،تحمل على عاتقها مسؤولية كثيرة تدل عليها ،رحمها اهلل.
رعايتهن وتربيتهن .ومن مواقفها التربوية
الجانب التربوي
الجميلة أنها ساعدت طالبة قصيرة القامة
وتحدثت األســتــاذة فاطمة الــعــدوان عن في الصف األول ابتدائي فحملتها بيديها
الجوانب التربوية للسيدة لطيفة السديري ،لتتمكن مــن الكتابة على الــســبــورة ،وظلت
فقالت :كانت لها عالقة وطيدة وسامية مع تشجعها عــلــى الــمــشــاركــة الــصــفــيــة .ومــن
طالباتها وأولياء األمور؛ إذ كانت قريبة من مواقفها التربوية البليغة أن إحدى الطالبات
طالباتها تشعرهن باللطف والمودة؛ فكانت كانت تسكن مع أخيها وزوجاته األربع وكنَّ
كالشمعة التي تنير لهن الظالم وتسهر على يشغلّنها في خدمتهن باستمرار ،ولما جاء
اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018 26
س ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرة وإن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـجـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاز
مــوعــد االمــتــحــان حــاولــت الطالبة تأجيل في أول مدرسة ابتدائية للبنات في منطقة
أعمال زوجات أخيها للمساء بعد أن تفرغ من الجوف عام 1381هـ مكونة من سبعة فصول
اختبار الصباح لكن زوجات أبيها أخبرنه بما تضم ( )157طالبة في ذلك الزمن المبكر
فعلت وحرّضنه ،فمنعها من المدرسة ،وحين كان للريادة حقوقها التي استوفتها لطيفة
سألت السيدة لطيفة عن الطالبة علمت الــســديــري استيفا ًء كــام ـاً ،فكانت كذلك
بالخبر ،فأخبرت والدها األمير عبدالرحمن مديرة ألول مدرسة ابتدائية عام 1382هـ،
السديري فنصح أ َخ الطالبة وحثه على حسن وهو ما يدل بوضوح على أياديها البيضاء في
معاملتها ،حتى تمكنت الطالبة من االختبار ،خدمة المرأة بمنطقة الجوف عبر كثير من
المسارات االجتماعية والتعليمية. والحقاً عينت معلمة في المدرسة نفسها.
ظــل هدفها األول :النهوض بالمستوى واختتمت األستاذة فاطمة العدوان حديثها
بالقول :كان حرص السيدة لطيفة السديري التعليمي والثقافي لبنات الجوف ،فجاءت
على تعليم طالباتها أكبر دعم لهن .وكانت إسهاماتها وبصماتها بارزة في التعليم منذ
أكثر حرصا على دروس القراءة والكتابة ،بداياته المبكرة.
ف ــإذا رأت مستوى متدنياً لــدى إحــداهــن
بعد تخرج الدفعة األولــى من المرحلة
فإنها تظل تتابع معها حتى يتحسن مستواها
االبتدائية ،واصلت جهودها إلى أن تم افتتاح
وتحقق النجاح.
معهد المعلمات المتوسط سنه 1388هـ.
وعــن الجانب اإلداري تحدثت كــلٌّ ؛ من طالباتها .وعند تخرج الطالبات من كفاءة
األســتــاذة مريم السطام في جانب التعليم المعلمات لعبت دورا كبيراً في افتتاح المعهد
العام ،واألســتــاذة عفراء الذباح في جانب الــثــانــوي للبنات بالجوف عــام 1391هــــ -
1392هـــ ،وقد كانت لهن في المعهد بمثابة اإلشراف التربوي.
بــدأت األســتــاذة مريم السطام حديثها .األم واألخـــت والــمــديــرة والــمــربــيــة ،تشمل
وقالت :في هذه الليلة نتذكر جميعاً سيرة الجميع بعطائها وإخالصها وعطفها رحمها
عطرة وتاريخاً مشرفاً لمربية فاضلة في اهلل.
عند تخرجي من الجامعة عملت معها مــدرســة اإلنسانية .فالسيدة لطيفة بنت
مساعدة ألكثر مــن عشر ســنــوات .عرفت
ِ عبدالرحمن السديري رائدة للتعليم ومنارة
للتوجيه في منطقة الجوف .كانت أول معلمة أسلوبها في التدريس عن قرب ،كان كل شيء
27 اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
فيها متفرداً ،فأسلوب إدارتها وتعاملها مع الرائدة لطيفة السديري استهلت األستاذة:
الــظــروف اإلنسانية واالجتماعية األسرية عفراء الذباح حديثها قائلة :حين نتحدث
للطالبات كان تعبيراً عن رقيها وإنسانيتها اليوم عن رائدة كبيرة ،إنما نتقدم بالتقدير
عبر مسارعتها لمد يد العون إلــى كل من والعرفان للرائدة صاحبة القامة التربوية
تحتاج إليه من الطالبات ،اهتمامها وشغلها الكبيرة التي افتقدناها ،فيما نحن نحتاج
الشاغل ارتبط بمصلحة بناتها الطالبات أشــد الــحــاجــة إلــى إخــاصــهــا ومثابرتها،
واألخــــذ بــأيــديــهــن إلكــمــال دراســتــهــن في
فقد كانت مثاالً يحتذى في كل ذلك وأكثر.
المراحل الدراسية كافة.
لقد نهلنا من خبراتها في مواصلة العملية
تواضعها ،نظرتها البعيدة ،تغافلها عن التعليمية وظلت بصماتها وأفكارها باقية في
الصغائر ..كل ذلك جعل من تركيزها على اإلدارة واإلشراف والسلّم التعليمي.
طريق النجاح والوصول إلى الغايات بأسهل
لقد تشرفت بمعاصرة الــرائــدة لطيفة
الطرق ،هو السبيل إلى وصول غاياتها في
السديري منذ أن كانت مديرة ألول مدرسة
الحياة وتحقيق أهدافها النبيلة والمشروعة؛
فقد كانت تحرض طالباتها باستمرار على أن ابتدائية في حي المطر ،إلــى أن أصبحت
يكون اإلنجاز والتفاني في العمل هو معيار مشرفة وبعد تقاعدها ،ومــا أزال أتشرف
التقدير ومؤشر التكريم ،رحمها اهلل رحمة بتلك الصحبة الطيبة.
كانت طيبة الخلق مع موظفاتها تقدرهن واسعة على ما قدمته من جهود طيبة.
وفـــي هـــذه األمــســيــة ال يــســعــنــا إال أن وتــحــتــرمــهــن ،وتــســأل عــنــهــن فــي غيابهن
نستحضر ســيــرة والــدهــا ووالــدنــا جميعاً مــع أنــه نـ ــادراً مــا تتغيب إحــداهــن لتحمل
المرحوم األمير عبدالرحمن السديري الذي الــمــســؤولــيــة وألهــمــيــة الــعــمــل .ولــلــســيــدة
مأل السمع والبصر في هذه المنطقة ،وال الرائدة لطيفة السديري رحمها اهلل ذكرى
يزال أهل الجوف يذكرون موافقة اإلنسانية معطرة باإلخالص في أداء واجبها والبذل
وخلقة الرفيع طوال فترة بقائه بينهم لمدة طوال عمرها الوظيفي ،إذ كانت مثاالً في
( )48عــام ـاً ،فقد كــان أبــاً وصــديــقـاً ولكل االنضباط واإلنسانية ،في بشاشتها الدائمة
مــواطــن رحــمــه اهلل رحــمــة واســعــة وأدخــلــه
لنا ،وسؤالها الدائم عن الزميالت الالتي ال
فسيح جناته.
تعرف أخبارهن ،فقد كانت أختاً ووالــدة ال
تعوّض. اإلشراف التربوي
ولطالما تميزت رحمها اهلل برجاحة الرأي فيما يتصل بجانب اإلشراف التربوي لدى
اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018 28
س ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرة وإن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـجـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاز
ومــن المواقف التعليمية التي ال تنسى؛ والمشورة ،حين نسألها ونلجأ إليها في بعض
األمور التعليمية والحياة األسرية .كرمها كان عندما كانت مديرة في مدرسة المطر كانت
مفعماً ،وطيبتها غامرة .كانت تحضر معها هــنــاك طفلة عمرها أرب ــع ســنــوات متعلّقة
للموظفات اللبن والزبدة والتمر ،وتدعوهن بأختها التي تــدرس بالصف األول فتحضر
وتجلس عند بــاب المدرسة .لكن األستاذة إلى منزلها أو المزرعة.
كما كانت رحمها اهلل نزيهة في تعاملها لطيفة لم تتركها ،بل حببت إليها المدرسة؛
وال تقبل الواسطة .وكادت أن تتسبب بعض فكانت تأخذ الطفلة إلدارة المدرسة وتجلسها
التعيينات بالواسطة ،في استقالتها ،مما حز فترة الشتاء عند المدفأة وتسكب لها الحليب
في نفوسنا فذهبنا اليها نطلب منها العودة وتطعمها من الكعك .فكانت الطفلة تقول:
للتعليم واستجابت لطلبنا -جزاها اهلل عنا كنت أحلم متى أكبر وأدرس مثل أختي وتكون
كل خير .رحم اهلل أم عبداهلل ،وجمعنا بها مديرتي لطيفة ،فمن حبها لها تقول أتمنى
أن أكون مثلها بتعاملها الراقي وبشخصيتها في مستقر رحمته.
الهادئة ومع ذلك مهابة لدى الجميع. لطيفة السديري الشخصية المؤثرة
كــانــت ،رحــمــهــا اهلل ،تــحــب كــل مــن تتلو وفي هذا المحور تحدثت كل من األستاذة:
القرآن وتجوّده .تروي إحدى المتعلمات أنها نوارة العرسان واألستاذة :فاطمة القاضي.
كانت تتلو باإلذاعة «وكلما أتلو تالوة مرتلة
استهلت األستاذة نوارة العرسان حديثها
قبلتني الــســيــدة لطيفة على رأســـي .وفي
بالقول :كانت المنطقة متعطشة للمعرفة،
اليوم التالي أحضر حافظة لآليات وأنافس
وبريادة األستاذة لطيفة السديري السباقة
فــي الــجــوف لعبت دوراً كبيراً فــي إحــداث زميالتي ألحظى بقبلة من لطيفة السديري؛
نهضة ناجحة في مجال تعليم البنات ،فقد فلها كل األجر رحمها اهلل ،وأنا اآلن أحفظ
كانت حريصة جداً لدعم من تكمل تعليمها أكثر من نصف القرآن مع الترتيل والتجويد
من أثر تحفيزها لي بهذه القبلة». في العاصمة الرياض.
كانت تستقطب الموهوبات لكي تنهض شعرت باألمومة قبل أن تكون أ ّمــاً ،من
خالل تعاملها مع األطفال وحبها لهم ،تحملت بمستوى تعليمهن وتطوير أفكارهن من أجل
المسؤولية ،رغم صغر سنها ،فتربيتها هي خلق بيئة متكاملة للمبدعات والموهوبات.
التي ساعدتها على تحمّل المسؤولية وجسدت وكانت تشجعهن على مواصلة التعليم بالدعم
الكامل للطالبة من سفر وسكن ومواصالت. حب والدها للجوف من خالل إخالصها.
29 اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
وقــد أقــامــت السيدة لطيفة السديري ،معي المستخدمة وأوصلتني البيت ورجعت
يرحمها اهلل ،دورات مسائية للمعلمات ،ولكنني وجدت أبي يرحمة اهلل قد توفي.
مداخلة األســتــاذة نادية السالمة ،تقول يحتضر ،رحمه اهلل ،وأص ــروا على ذهابي
للمدرسة فعرفت أنه سيفارق الحياة فذهبت فيها :كنت طالبة لــدى األســتــاذة القديرة
لها وأنا أبكي بحرارة وأخبرتها بأنني أرغب لطيفة السديري وكــان لديها هيبة عظيمة
بالعودة للبيت فضمتني وهدأتني ،وأرسلت امتزجت برقة وحنان وحب! وكانت األستاذة
اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018 30
س ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرة وإن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـجـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاز
مداخلة الدكتورة رحاب الملحم: لطيفة تكافح من أجل تعليم بنات الجوف.
كانت خالتي لطيفة تتشبت بيدي وعندما مداخلة أ .لطيفة الرويلي ،قالت فيها:
وددت لو أكتب كتاباً عن هذه الشخصية نقترب من بــاب المدرسة تفلتها قائلة! أنا
العظيمة .وألول مــرة أجــد المتعة والفائدة خالتك بالبيت ،هنا تدخلين من باب الطالبات،
وثمرة في أمسية عن شخصية تمنيت واهلل لو وانا أدخل من باب أعضاء هيئة التدريس.
يا أستاذة لطيفة! أي عدل هذا وأي سياسة ألتقيت بحضرتها ،أنا أبحر بشخصية عظيمة
عظيمة كانت هي مسيرتك! تميزت بهمة وطموح.
ليلة حافلة بالحب واالمتنان لسمو أخالقك كما ألقت فيها األستاذة فاطمه العدوان
قصيدة نبطية فــي مديح ومناقب السيدة ورحمة تغشاك دومــاً ،شكراً بحجم العلم،
لــطــيــفــة ال ــس ــدي ــري ،اس ــت ــذك ــرت مناقبها شكراً بحجم الهواء الذي ارتشفناه بالحديث
عن سيرتك الطيبة. وإنجازاتها خالل عملها بالتعليم.
إطالق جائزة
«لطيفة السديري للبحث العلمي»
أع ـل ـنــت أ .د .م ـشــاعــل ب ـنــت ع ـبــداحمل ـســن ال ـســديــري
مساعدة املــديــر الـعــام لـشــؤون القسم النسائي يف مركز
«األم ـيــر عـبــدالــرحـمــن الـســديــري ال ـث ـقــايف» ،خ ــال ال ـنــدوة،
إحياء
ً عن إطالق جائزة باسم «لطيفة السديري للبحث العلمي»،
جلهودها وإجنــازاتـهــا بوصفها إح ــدى رائ ــدات التعليم يف
منطقة اجلــوف؛ لتحفيز طالبات مــدارس الرحمانية
األهلية ،وتطوير مهاراتهن يف مجال البحث
العلمي.
زياد السالم أثناء لقاء في يوم الكتاب العالمي بنادي الجوف األدبي
فقد كــان السالم أكثر جــرأة من غيره في واإللتفات والتفريق بين الفكرة واألخرى ،كما
أن له فيها مــآرب أخــرى كفسحة يجول فيها وصف المشهدية التراثية حول الحياة الواقعة.
إن (حــصــة آدم مــن الــنــار) تــتــحــدث بلغة المتلقي ويجول.
صريحة عــن الــمــوت وأشــكــال التعذيب التي لكنَّ السالم ال يَستطيع أن يصمتَ حيال ما
يتعرض لها اإلنــســان بشكل صريح وواضــح، ظلم وخنوع في المجتمع ،إنَّه يحاول يراه من ٍ
ويصاحبنا الموت واأللم والمعاناة ونحن ندخل البحث عن حَ ٍّل لألزمة ،يبحث عن الح ّل لتتفتح
في تفاصيل عملية السرد التي ال تتوقف عند آفــاق الذكورية تجاه الموقف الصارم للرجل
زمان أو مكان معينين ،ولذلك كان السالم قويًا ضد المرأة؛ إنه يبحث عن نورٍ ينير الظُّ ل ْمةَ،
في تعبيره عن الموقف الراهن ،مفترضا أن وفر ٍَج يزيح ستائ َر الكربة ،إنه يحاول من خالل
تكون الشذرات التي بثّها في آخر كتابه تعبيرًا الضائعة ،والكينونة كتابه الوصول إلى العزَّة َّ
حقيقيًا عن الوضع المؤلم ،ويمكن القول إن
الــمــفــقــودة؛ فالسالم يَبكي الهزيمة الذاتية
الزمان والمكان هنا و ْهــم ال يمكن أن تتحدد
لمواقف المجتمع من حوله .فالموقف المجتمعي
أبعادهما بسنين معينة ،أو بحدود جغرافية
يقيِّد رغبتَه ،وموقف األمة يقيِّد عزيمتَه؛ أمَّة ال
واضحة.
تَعرف معنى التالحم والتعاوُن من أجل النُّهوض
إن التشكيل الداللي عند السالم أعطى بُعدًا من جديد ..أمَّة بنَتْ صر َح حضارتها العلميَّة
معمقًا في رسم أبعاد الصورة التي أصبحت والمعرفيَّة على تراث قديم نَخَ َر فيه السوس ،ال
مترابطة تركيبًا وداللة ،ولكن نهاية الشذرات ال يقدر الواحد منا الخروج عن تلك اآلراء خوفا
تقدم فسحة مضاء ًة يمكن أن تشكّل نهاي ًة لكل من الهجوم ،وكان يَخشاها القاصي والدَّ اني،
تلك العذابات.
اآلن تَقبع في قاع الــذ ِّل والهوان واالستسالم
يقول السالم: لألمر الــواقــع ..وحــال أفكارنا هي اإلشكاليَّة
«لكي تقترب من الفردوس المطروحة في الكتاب (حصة آدم من النار)،
ال بد أن تجرّب نوم الحيوان فهل يستطيع الكالم اإلسهام في تحريك عجل َة
لم أربح من العمر سوى ساعتين: اإلصالح ،ومحاولة النُّهوض وإعادة التَّفكير في
ساعةً سكنني بها الشعرُ واقع الهزيمة الثقافية ،والعودة إلى الجذور التي
سكنت بها ما َء األنثى
ُ وساعةً ومتراصا؟
ًّ تغذِّي الهويَّة وبناء الذات بنا ًء محكمًا
35 اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
الـ ـم ــرآة قــاط ـعــة ط ــري ــق ،ت ـس ــرق ال ـق ـمــر وال لم يكن أكثر من مزبلة للذهب والذباب».
وقــد انــطــوت البنية االستراتيجية للنص
ترتوي من األسرار غير أنّها عاقر»
عــلــى الــحــيــرة والــقــلــق وع ــب ــارات الــتــســاؤالت هذه صورة مبدئية ألسلوب سينمائي يحيلنا
اللطيفة الصادرة عن عواطف إنسانية مؤثرة؛ عليه الكاتب من خــال تجديد رمزية النص
وتوثيقه بتسلسل األحداث في كتابه ،فيبدو لنا
فالتساؤالت الضمنية تشكل تتابعات مركزية
النص نواة فكرية متالحمة ظاهريا ،ومتشظية
وحــراكـاً انفعالياً وإم ــداءات داللية في جسد باطنيًا تش ّد القارئ نحو ما خفِ يَ من الوقائع،
النص ،وأفضت إلى نوع من جمالية التلقّي، ومعان أخرى؛ٍ وما استبطنه الكاتب من مقاصد
أي هناك ما يمكن أن نسميه بتوتر مؤثر بين إنّها قضيّة جوهرية في ا ّل ـذّاكــرة اإلنسانية،
األطــراف الثالثة :المبدع ،والمتلقي ،والنص. والــكــاتــب هنا يــنــزع هــذا الــخــوف عــن الــكـلّ،
كما أق َد َم السالم على استخدام تقنية تراسل ويسقط أحد أقنعة المجتمع العربي من خالل
طرحه لهذه القضيّة.
الحواس من السمعية إلى البصرية ،مترافقاً
مــع لــوحــة شــاعــريــة تجسّ د الــحــالــة المتقلبة ولو انتقلنا للحديث عن الحركة الداخلية
لسيكولوجية الــذات ما بين السكون والهدوء لــنــصــوص الــكــتــاب ،ســنــجــد حــركــة األفــعــال
المضارعة تتنامى وتمتدُّ ،ويتسارع إيقاعها
النفسي ،وإلــى حالة من اإلنتشاء بين أجفان
على نَغمات ما يموج ويهيّج في أعماق السالم
الحياة. الغضب ،إنَّها أفعال مليئة بديمومة َ من مشاعر
وألنَّ بؤرة اإلبداع األدبي هي تَحقيق التأثير الحركة ،إنَّها حركة الغليان المتكرِّر والمستمر..
في المتلقِّي؛ كان لزامًا على المبدِ ع -سواء ومــ ّد الــصــوت -الــحــرف -بحركة الصائت
«الــواو»؛ وهي حركة طويلة يَــزداد معها إيقا ُع
أكان شاعرًا أم كاتبًا -أن يجي َد استعمال لغته
الغضب والثورة تسارعً ا ،إذ تطويل الحركات
األدبيَّة ،وأن تكون منه كفاءة اإلرسال ،وتكون من أداة من األدوات المتوافرة بين يدَي المتكلِّم
المتلقِّي كفاية التأويل؛ كي تَكون عمليَّة التواصل للتعبير عن أغراض شتَّى ،ونقل حالته النفسيَّة
بينهما ناجحة ،وهذا يلمسه القارئ من أول وهلة وانفعاالته الداخليَّة والــخــارجـ َّيــة ،وتضمين
يقرأ فيها الشخص نصوص الكتاب ،فيُذهلك العبارات دالالت متعددة.
ثم يختم كتابه بشذرات وهي شفرات البرق :العنوان بما يتضمنه من عناوين داخلية ..فتجد
«الجنة التي كنا نعيش على ضفافها حين نفسك محتارًا أين تتوه في هذا الكتاب.
فمعمار الــكــتــاب يــعـ ُّد أيــقــونــة سيميائية، كنا أطفاالً ،اكتشفتُ في ما بعد أنها لم تكن
أكثر من مزبلة عشوائية ترعاها الحشرات ...وموسيقا الشَّ كل البصري يتالحَ م مع اإليقاع
اآلن بعد أن تقدم بي العمر صاحبت أطلس..
والصورة النصيّة؛ ليرسم لنا مقصديَّة النص،
وصـ ــرت أكــثــر مــن ســنــدبــاد ،ضــربــت البحر
بعصاي ،ومضيت في األرض بعيداً مثل حيوان والتعبير عن القصد يع ُّد ركيزة الخطاب ،وهذا
الــخــرائــط .نضجت البصيرة ..وانبثقت في نخاع الفاعليَّة الشعريَّة الرائعة التي تضمنها
الرأس بؤرة مشعة ،فاكتشفت أن الكوكب بأكمله كتاب (حصة آدم من النار).
اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018 36
مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــور خ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاص
زياد السالم
و البالغة الفتاكة 2
■ راشد عيسى -األردن
أراني مغتبط ًا ممنون ًا لما كتبه األديب عبداهلل السفر في مقدمته لألديب زياد السالم،
فقد استطاع عبداهلل بنباهة شجاعة ان يقدم بانوراما نقدية دقيقة وعالية في تقنيات
الكتابة عند زياد ومعانيها المتشظية ،بلغة أدبية فائقة ال تقل إبداع ًا وامتياز ًا عن أسلوبية
زياد .قال عبداهلل «زياد السالم هذا الشاعر يتكئ على السرد ويطيل في خيطه ،ينظم فيه
ما فات على العين ،واستدخلته الذاكرة من تربة تغوص إلى الباطن .األراضــي المنسية
المحجوبة المتروكة في وداعتها ،يحركها زيــاد فيما يشبه الحمى ،ال يرتب المشهد وال
يعيد تأهيله إلى ما نألف».
في فاتحة كتابه «وجــوه تمحوها العزلة» (2001م) يضع زيــاد السالم ثالثة مقتطفات
من «يوميات ريلكه»؛ األولــى منها« :ليست لي أي عالقة مع الناس ،ال أُشَ كِّ لُ جــزءً ا من أي
مجموعة ،من أي حركة :مجموعتي أنــا وأنــا حركة تذهب باتجاه الــداخــل ،هكذا أعيش».
والصنيع ذاته يقوم به السالم في فاتحة كتابه «المضاف إلى نفسه» (2007م) حيث يعلّق
جملة الشاعر نوري الجراح« :نحاول أن ال يتعرّف علينا أحد .نحاول أن ال يكون لنا أهل».
مصباحان ال يشيان بتجربة الكاتب في حقل هذين الكتابين وحسب ،إنما يمتدّ ضوءُ هما
إلى مجمل التجربة التي تابعها قارئ زياد إلى هذه اللحظة..
ولع ّل ما يلفت هنا ربط فاعلية الكتابة وجدواها تتهيكل فيه الجماعة ،فتمثّل صوتاً واحدا وإن
بأن تكون نقشاً ال نظير له وغير قابل للتكرار، تعددت صياغاته ،إال إن الرنين ذاته يشير إلى
وقد يكون موتُ الكتابة اشتراكَ أكثر من حنجرةٍ كتلة مصمتة يحكمها النسق والرتبة !..لماذا هذا
قلم في إعــادة في ترجيع إنتاجها ،وأكثر من ٍ الفرار الجاد والتمادي في التخفي ،كأنما عدوى
ابتكارها بالصيغة نفسها .وهذا ما يتحرّز منه ستناله جـرّاء القرب واالنــدراج في جماعة..؟
زيــاد المبدع «مهندس المتاهات» ويضحي له هذا الوجه من النفور ،إذا جاز لنا أن نفهمه على
هاجساً يتردّد فيعود إليه في واحدةٍ من شذراته أنه تعبي ٌر صارم عن رفض المطروق والمستهلك
الباهرة التي اعتا َد نشرها في حسابه بـ «تويتر» والعادي المعاد حتى االهتراء؛ فإنه أيضاً ترجم ٌة
وسعي ال يركن إلى هدأةٍ للعثور
ٍ بحث دؤوبعن ٍ
فيفصل في ّ بين العامين « ٢٠١٥و 2017م»؛
على أرضه البكر العذراء التي ما تزال في أول
المسافة الثابتة بينه وبين «الشبيه» الذي يج ّد
خصبها وفي بدء عطائها؛ السمة التي تقول
في طلب صورة الكاتب واكتساب هيئته ،بل إنه
الفرادة والتميّز ،وإ ّن هذا المبدع ال يفري فَرِ يّه
يوسّ ع ويعمّق من هذه المسافة بانخالعه من
أحد .وربما في تركيب هذه الجملة الدال على
الهيئة التي هو عليها بوصفها «أثــراً» ال ينبغي القطع واإلنشاء ما يفسّ ر هذه الوجه على نحوٍ
أن ينطبع مرتين ،كما تصرّح بذلك شذرة أخرى أكثر جالءً ،حيث «القطيعة» التي تفصل وتبني
مكان آخر .هي مطاردة ال يُك ّل منها وتتجدّد
في ٍ في ٍآن معاً .تحت عنوان «نــار الــحـدّاد وعين
كلّما وقع الحرفُ على الورقة« :الشبيه ال يصعد الــفــراشــة» (مجلة الجزيرة الثقافية ،جريدة
إليَّ وال أهبط إليه؛ لئن أوشك على االقتراب الجزيرة 4 ،أبريل 2015م) تطالعنا شذرة مفعمة
مــنــي ،أو تشكلت هيئته بما يــوهــم اآلخــريــن بالمناخ الذي ينشده السالم« :الكتابة الجذرية
بالشبه ،فإني أتغيّر قبل أن يسقط على ما كنتُ ُه محاول ٌة للفرار من األشياء .إنها مح ٌو للشبهِ
منذ لحظة؛ أتوقّع أشباهي ،غير أنهم لن يتوقعوا وإمعا ٌن في القطيعة .ما جدوى الكتابة إذا لم
ما ين ّد عن التشابه ويمعن في االختالف». تبتكر دروباً للتيه ،يتعثّر في مسالكها النظراء»
41 اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
ركبة ..في الم َّ
العزلة ُ
الع ُ
زلة» لـ «زياد السالم»
ُ
«وجوه تمحوها ُ
ٌ
4
■ محمد سالم جميعان -األردن
في عتبة الكتاب األولى (فاتحة) ثالث عبارات مُ قتبسة من يوميات ريلكة ،الشاعر األلماني ،وهو
اقتباس غير اعتباطيّ ،لجأ إليه القاص .فهذه االقتباسات هي دوالّ جامعة على المنحى العام الذي
يسيطر على أجواء المجموعة القصصية «وجو ٌه تمحوها العزلةُ لـ «زياد السالم» .ففي االقتباس
والمجموعة مع ًا «تبرير نظري معقول بامتياز لنزعة دفينة للسيطرة على الجموع ،واإلعالء من
حرية الذات الفردية على نحو استثنائي ،بالرغم من االنخراط في هذه الجموع ،مع بقاء الجدار
النفسي السميك بينه وبينها ،ألنَّ الحرية أمرٌ ال يمكن استئصاله .فالمؤلِّف ينتخب عزلة ريلكة
متوحد ًا في اآلن نفسه مع ذاته،
ّ على المستوى السلوكي ،فيكتب وحيد ًا في زمن الكثرة الغثائيّة،
وفق ًا لنصيحة «فــردريــك نيتشه« :ســارع الــى عزلتك ،يا صديقي» .وفــي عزلته هــذه يبدو الكاتب
عصية على استشعار ذاتها االجتماعية ،راضخة للمُ حبطات متسلِّح ًا بقوة األنا الفاعلة في بيئة ّ
وكل أشكال االستالب المادي والمعنوي .فبدت لذلك المجموعة صرخة تنويرية ترمي إلى غسل
أدران التقاعس على المخذولين والمتخاذلين ،نتيجة انهزام الذات أمام قواهر الذات واآلخر.
نص «المجنون»،
السعودي زياد السالم
ّ
ٌ
قراءة في ِّ
والقاص
ّ َّ
للشاعر 5
■ شاهر إبراهيم ذيب -اجلوف
إنَّ الرواية البولوفونية هي إحدى تجليّات التجديد في السرد ،فقد يعمد الروائي
إلى أن يتخفّ ى وراء األصوات المتعددة؛ كي يتحرر السرد من الهيمنة األحادية،
ويترك بذلك مجاال للتأويل بما يسمح بتعدّ د الـقــراءات والــرؤى والمواقف من
أبطال الرواية وأحداثها ،وبذلك تتعزّز فنيّتها ،وأوجه الجمال والمتعة فيها ،وهو
ما يتيحه التعدد في مستويات الخطاب في النص ،أو ما يسمى بالكرنفالية ،وهي
السمة التي يتيحها تعدد األصــوات في السرد ،وهي سمة وصفت بها ما يُسمّ ى
نقديا بالرواية الجديدة؛ إذ« :تنهض لغة الكتابة في الرواية الجديدة على التنوع،
وتعدد مستويات اللغة؛ فاللغة في الروايات لغات ،واألسلوب أساليب .وللتعدّ د في
الفن الروائي أوجــه شتى؛ منه أن الروائي يستقبل داخــل عمله األدبــي التعددية
اللسانية والصوتية للغة األدبـيــة وغير األدبـيــة ،دون أن يضعف عمله من جراء
ذلك ،بل يصير أكثر عمقا .وترسم هذه الكرنفالية للغات المنحدرة من انتماءات
ثقافية مختلفة ،ومن طبقات اجتماعية متعددة صورة الرواية النموذجية حسب
التصور الباختيني ،لذلك ال يتردد بعض النقاد في إطالق صفة الديمقراطية
عليها ،وهم يقصدون بذلك الحوارية التي يمنحها العمل الروائي للشخصيات
حتى تعبّر بأصواتها عن همومها»(.)١
وقد عرّف ميخائيل باختين الرواية بعضها في مواجهة بعضها اآلخر ،مثلما
البوليفونية بأنها« :الــروايــة المتعددة يحدث عند المزج بين مختلف األلحان
األصـــــوات ذات طــابــع ح ـ ــواري على في عمل موسيقي .حقًا إن العالقات
نطاق واسع .وبين جميع عناصر البنية الــحــواريــة هــي ظــاهــرة أكــثــر انــتــشــارًا
الروائية ،توجد دائما عالقات حوارية ،بكثير من العالقات بين الردود الخاصة
فنجد «أن هــذه العناصر جــرى وضع بالحوار الذي يجري التعبير عنه خالل
اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018 48
دراس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــات ون ـقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد
التكوين ،إنها ظاهرة شاملة تقريبا ،تتخلّل
كل الحديث البشري وكــل عالقات الحياة
اإلنسانية وظواهرها ،تتخلل تقريبا كل ما له
فكرة ومعنى»(.)٢
ويــجــب أن تــتــحــدث كــل ه ــذه األص ــوات
التي يستخدمها الكاتب في فضائه السردي
بزوايا رؤية مختلفة ،لكنها في عمومها تنتمي
للمؤلف ،وتنطق باسمه.
وقـــد يــســتــخــدم بــعــض الــ ُكــ ّت ــاب تقنية
«الكرنفالية» مــن دون الــوعــي بأهمية أن
يختلف الــصــوت الــســردي عــن اآلخ ــر في
سرد الحدث الواحد؛ فلو افترضنا أن كاتبًا
استخدم تعدداً في ضمائر السرد المختلفة
ومجال اشتغال البوليفونية التي قصدها
والمتنوعة لسرد الحدث الواحد ،من زاوية
باختين هي الرواية ،فالرواية هي الجنس
الرؤية ووجهة النظر نفسها ،مهما اختلف
األدبــــي األكــثــر قـ ــدرة عــلــى تجسيد هــذا
عدد الــرواة الذين سيروونه؛ فهل يعد هذا
المصطلح الــذي أتــى من حقل فني مغاير
تعددًا في األصــوات؟ «إن الكرنفالية التي
هو حقل الموسيقى؛ ليمارس اشتغاله في
أطلقها باختين في تقديري ليست مجرد تعدد
النصوص الروائية؛ ليعكس وجوداً تعددياً في
في اللغات المستخدمة ،أو في الرواة داخل
النصوص األدبية ،وال سيما الروائية منها،
النص الواحد ،بقدر ما هي عرض لوجهات
مثل :تعددية فــي األســالــيــب ،وتعددية في
النظر المتنوعة ،سواء كان العمل الروائي
اللغات ،وتعددية في األصوات والشخصيات،
فيها مبنيا على شكل فصول متفرقة ،يروي
وتعددية في الــرؤى والمنظورات السردية،
كلَّ فصل فيها أح ُد الشخصيات ،وبذلك يقع
وتعددية في الضمائر ،وتعددية في الرؤى
تقويمه من خالل وجهة نظر مفردة ،أم تُقدَّ م
األيديولوجية.
وجهات النظر المتنوعة في هــذه الصورة
الــروايــة البوليفونية تتيح لكاتبها أن ـوات أيديولوجي ًة متساوي ًة في بوصفها أصـ ٍ
يستعرض كل وجهات النظر والرؤى المفارقة األس ــاس ،وهــي الــصــورة التي أطلق عليها
في الحياة .وهي التي تقدم أنماطً ا متنوعة من ميخائيل باختين (البوليفونية) أي الرواية
الوعي والتصورات األيديولوجية المختلفة، ذات األصوات المتعددة»(.)٣
49 اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
رواتــه ،في ثمانية عشر فصال ،وزعها بين دون أن يفرضها المؤلف على المتلقّي ،بل
أصواته السردية المختلفة ،ما بين صوت يترك له الحرية في اختيار األنسب.
األب وص ــوت األم وص ــوت محمد البطل
إذاً ،تعدد األص ــوات يعني تعدد الــرؤى
الرئيس ،ثم صوت صديقيه في «نزل الظالم»
والمنظورات األيديولوجية التي تعبّر عنها
خالد وإبراهيم .في الفصول االثني عشر
الشخصيات داخل الرواية ،فـ «عندما نتحدث
األولى ،راوح الكاتب تنويعاته السردية ما بين
عن المنظور األيديولوجي ال نعني منظور
صوت «محمد» السارد الرئيس وصوت األب
ال عن عمله ،ولكن الكاتب بصفة عامة منفص ً
وصوت األم ،يقول على لسان محمد« :إنني
نعني المنظور الذي يتبنّاه في صياغة عمل
حين ولــدت نظر والــدي لتقلب لــون عيني
محدد ،وإضافة إلى هذه الحقيقة ،يجب أن
من األسود إلى األبيض ،ومن يومها تحولت
نذكر أن الكاتب قد يختار الحديث بصوت
الــعــاقــة بيني وبينه إلــى عــاقــة صامتة،
مخالف لصوته ،وقد يغير منظوره -في عمل
أشعر به يلحظني ويتابعني من بعيد دون أن
واحــد -أكثر من مــرة ،وقد يقـيّم (بتشديد
يتدخل في تصرفاتي .والدي لم ينسج لنفسه
الياء) من خالل أكثر من منظور»(.)٤
حلمًا ورديًا يعيش به ويتطلع إليه ،ولم يلجأ
لألطباء ،ويطارد سراب الشفاء وعودة نور ويرى أوسبنسكي أن الرواية البوليفونية
البصر لعيني .كنت في قلب لوحة الحياة، يجب أن تتميز بعدة شروط هي :أن توجد
وكــان وال ــدي خــارج لوحتي التي أرسمها. في الفضاء الروائي «عدة منظورات مستقلة
لــجــأت أمــي إلــى الــقــرويــة ،لكل مــا يصفه داخــل العمل ..ويجب أن ينتمي المنظور
لها عجائز القرية من وصفات ،تبيت على مباشرة إلــى شخصية ما من الشخصيات
عيني كل ليلة قطعة من القماش المحشو المشتركة في الــحــدث .أي بعبارة أخــرى،
عجينة دبــقــة أو عشبة لها رائــحــة عفنة، أال يــكــون موقفا أيــديــولــوجـ ًيــا مــجــردًا من
وحين أستيقظ ال أستطيع فصل رمشَ يَّ عن خارج كيان الشخصيات النفسي .وأن يتضح
بعضهما لما قد أطبق عليها من كل ما يثير التعدد المبرز على المستوى األيديولوجي
شهية الذباب»(.)6 فقط ،ويبرز ذلك في الطريقة التي تقيّم بها
هكذا يتحدث محمد عن رد فعل األب الشخصية العالم المحيط بها»(.)٥
وسوف تقرأ الباحثة رواية «نزل الظالم» واألم تجاه ما أصاب عينيه من عماء ،لكن
لماجد الجارد؛ لتكشف عن االستراتيجية كيف يــرى األب واألم األمــر؟ من أي زاويــة
السردية التي اتخذها الجارد؛ لعرض وجهة رؤية ينقالن لنا ذات الحدث؟
يُنوّع مؤلف «نــزل الظالم» في الضمائر نظره ،وزاويــة الرؤية التي يرى من خاللها
العالم .حــرص الجارد على تعدّد أصــوات الــســرديــة ،حــيــث يــشــغــل ضــمــيــر الــغــائــب،
اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018 50
دراس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــات ون ـقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد
فضمير المتكلم ،ثم ضمير المخاطب .أو البوليفونية لجعل األب يقوم بالسرد دون أن
ينتقل بين ســارد حاضر وســارد غائب ،أو يلجأ لهذا الحوار الطويل.
وكذلك فعل حين أراد أن يسمع القارئ بين ســارد مــشــارك وس ــارد محايد .وكلما
تعددت وجهات النظر ،واختلفت المنظورات صوت األم ،لتقوم بدورها في إضاءة جانب
كف بصر «محمد» ،بدأ السردية ،وتعددت الضمائر ،وتنوّع الــرواة من الحكاية ،حكاية ّ
والــسُّ ـرّاد ،كانت الرواية أقــرب إلى الرواية السرد على لسان محمد ،وهو بدوره أسلم
الحوارية منها إلى الرواية التقليدية ذات
زم ــام الحكي ل ــأم ،لتقوم بــســرد جوانب
الصوت الواحد.
مخفية من الحكاية على هيئة حوار طويل
لــكــن الــكــاتــب يــواجــه مشكلة فنية في بين السارد واألم ،لكن الحوار كان من جانب
االنــتــقــال مــن ضمير إلــى ضمير فــي سرد واحد على لسان األم ،وطال أيضا أكثر من
الــنــص ،ففي الفصل الــرابــع يــبــدأ السرد الالزم( :حدثتني أمي بصوتها الدافئ «كنت
بضمير األنا على لسان محمد ،الشخصية أنفق ج ّل وقتي في حجرتك ،ومع هذا لم
الرئيسة ،وبدون مبرر فنيّ أو دراميّ يسلم أستطع ردم الفجوة .أشعر أنك بحاجة ألخ
السرد لألب؛ ليكمل الحكاية« :هَ م أبي عن يقاسمك اللعب والشجار والطعام والمنزل.
مقعد أقتعده بمدرسة ،ولكن ابنه األعمى بــذلــت جــهــدي لــيــزورنــا أطــفــال الــجــيــران،
قد ضاقت به مدارس الطائف ..وفي إحدى فــابــتــكــرت الــمــغــريــات مــن دم ــى ومكعبات
المساءات كــان والــدي يتحدث إلــى جدي :وصنوف الحلوى ،لتتحول غرفتك إلى قاعة
«ذهبت إلى مكة المكرمة ،كنت طوال الطريق لعب مزدانة بشرائط متدلية من السقف،
أمنّي نفسي ،أوقف سيارتي عند الباب ،ثم وتتطاير فيها أحجام متعددة من البالونات،
لكن كل حيلي فشلت في تبديد وحدتك، أطفأت المحرك ..يا األخو ..وين رايح؟
فأوالد الجيران ال يمكثون طوال النهار.)8(».. أريد أن أسجل ابني،
وه ــك ــذا ف ــي ك ــل األصــــــوات الــســرديــة طيب أنت تريد المدير
المتعددة أو كرنفالية السرد التي أراد أن
ومشى إلى الداخل»(.)7
يوظفها الجارد في نصه ،كلها فقدت شروط
تستمر الحكاية على شكل حوار بين األب الحوارية والكرنفالية التي وضعها النقاد
والجد ،ألربع صفحات كاملة ،ألن الكاتب لم وعلى رأسهم باختين.
يستطع توظيف تقنية تعدد األصوات ،فبدأ
غياب فلسفة الزمن في الرواية
السردية ،ثم أسلم األب الحكي على هيئة
فــي «ن ــزل الــظــام» لــم ينشغل الــجــارد حوار بينه وبين الجد .فطال الحوار أكثر من
الالزم ،فلو أن الكاتب يدرك أبعاد توظيف كثيرًا بفلسفة الزمن وتأمله ،إال في مواضع
51 اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
نادرة من النص ،فقد كتب على لسان والدة البطل الريفية التي لم تنل حظا من التعليم
البطل رؤيته للزمن ،وما يفعله في اإلنسان ،أسهمت بثقافتها الشعبية الريفية في ازدياد
وكيف يكون قــادرًا على إلهائه عن العقبات عاهة إبراهيم ،ينطلق الكاتب من مفهوم
النفسية الــتــي تــواجــهــه« :أســنــدت ذقنها أن البيت القديم ،بيت الطفولة ،هو مكان
الصغير على كتفي العريض ،شعرت بدفء األلفة ،ومركز تكيّف الخيال .وعندما نبتعد
أنفاسها المختلطة بفحيح كلمات خافتة .يا عنه نظل دائــم ـاً نستعيد ذكـــراه ،ونسقط
كف عن الحزن ،فذاك على الكثير مــن مظاهر الــحــيــاة المادية أبا إبراهيم ال أقول ّ
أمــل مستحيل .إنــمــا ألجئه للتابع الزمن ذلــك اإلحــســاس بالجمالية واألمــن اللذين
والليالي فهما القادران على تحويل كل جرح كان يوفرهما لنا البيت ،فال شك أن مفهوم
غائر ونزيف هادر لندبة متحجّ رة متصلّبة ،البيت «يــركــز الــوجــود داخ ــل ح ــدود تمنح
الحماية»( ،)١١ويمثل ذلــك في النص ،قول نتلمسها بين الفينة والفينة»(.)٩
الجارد على لسان إبراهيم« :أمــي القروية المكان في الرواية
لجأت لكل ما يصفه لها عجائز القرية من
يُع ُّد المكان في «نزل الظالم» بنية أساس
وصفات ،فتُبيّت على عينيّ كل ليلة قطعة من
في العنوان ،المكان الضيق (نزل) ،كما يع ُّد
القماش المحشو عجينة دبقة أو عشبة لها
كذلك بنية أساس من البنى الجمالية التي
رائحة عفنة ،وحين أسيقظ ال أستطيع فصل
يتكون منها النص ،فالكاتب يكتب سيرة بطله
رمشيّ عن بعضهما لما قد أطبق عليها من إبراهيم مع الظالم ،مع فقدان البصر ،بل
كل ما يثير شهية الذباب العنيد»(.)١٢ سيرة كل زمالء النزل الذين فقدوا أبصارهم
يجيد الكاتب استخدام المكان لتصوير مبكرًا أو وُلــدوا فاقدي البصر ،فجميعهم
ووصف ما يعانيه البطل طوال حياته ،فبعض ضمهم هذا المكان ،الذي خصص للعميان:
األماكن بالنسبة إليه هي السكن واألمــان، «أوقفتنا األقــدار على أول عتبة من عتبات
وبعضها اآلخر هي الخوف والتشتت والقلق. نزل الظالم ودفعتنا إلى الداخل دفعاً ،حيث
فمكان فيه أمــه يمثل بالنسبة إليه األمــان وجدنا أيامنا تنساب مع تيار ال ينتهي إال في
واالطــمــئــنــان ،ومــكــان يفتقد وجــودهــا فيه قرار دير العتمة القسري»(.)١٠
تتنوع األماكن في الرواية ما بين المكان يمثل بالنسبة إليه الخوف والــفــزع« :منذ
الواسع المفتوح ،حيث يعيش البطل إبراهيم ميالدي لم أنم إال في غرفتي التي صممتها
فــي قريته ،والمكان الضيق المغلق حيث على ذوقها ،ولم تلقمني إال يدها ،تتابعني،
الــنــزل ،وقــد انعكست ثقافة المكان على تالحقني في كل مكان ..أيسهل أن أ ُودَع في
تشكيل الخطوط الدرامية في النص ،فأم سكن داخلي يحول نزيله إلى رقم يحتل خانة
اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018 52
دراس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــات ون ـقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد
بين الــســجــات ،تُــصــرف لــه ثــاث وجبات محروم من الضوء والمنافذ« :منذ البارحة
أتمدد في غرفتي الرطبة المكتومة ،أغفو، محددة الكمية والزمن»(.)١٣
يمر الزمن بطيئا ،أغــوص في جب عميق
الكرونوتوب أو الزمكانية في الرواية
جهنمي ،أستيقظ ،أتكئ ،أجلس ،أتقلّب من
من الممكن أن يكون الكرونوتوب وسيلة من جنب إلى جنب ،والصمت يخيم في كل زاوية،
وسائل الروائي الفنية لتلمّس انعكاس الزمان وال يبدده إال طقطقة سريري من تحتي،
على الــمــكــان ،وتــغـ ّيــر إحــســاس الشخوص ونافذة قديمة الطراز تسرب شرائح دفتيها
بالمكان نتيجة للمتغيرات الزمانية؛ ففي الخشبية أصوات المارة ،لكنها تحرمني لذة
رواي ــة «نــزل الــظــام» كــان إحــســاس البطل اإلطــالــة على الــحــارة مــن تحتي ..ألصق
بالمكان متسعا بَرَاحَ ا ،لكن بتغير اللحظة أذنــي على الجدار لعلّي أستأنس بأنين أو
الزمانية من االنتقال من عالم الرحابة ،حيث تنهيدة وحيد مثلي .أين الذين كانوا معي
البيت وحميميته واألم وعطفها وحنانها إلى البارحة حينما جمعتنا الحمى؟! عندما وقف
ال ـنُــزل ،ساعتها يتحول المكان إلــى مكان المشرف الصحي في الصالة المتوسطة
مغلق ،وفضاء ضيق ،حيث انعكاس اللحظة لشقتنا ،ونادى عليّ ثم صعدنا ألسرة الكبار،
الزمنية على الفضاء المكاني ،ويصير النزل ونادى على طالبين ال أعرفهما .كنا مسرورين
كمتغير (من متغيرات) كرونوتوب أكثر قتامة على الرغم من مرضنا ،ألننا ألول مرة نغادر
وعتمة على روح البطل ،حيث انغالق وفضاء النزل في المساء»(.)١٤
* كاتبة من السعودية.
( )١هويدا صالح ،صورة المثقف في الرواية الجديدة ،دار رؤية للنشر والتوزيع ،القاهرة2011،م،ص.50
( )٢ميخائيل باختين :شعرية دويستفسكي ،ترجمة :جميل نصيف التكريتي ،دار توبقال للنشر ،المغرب ،ط1ـ
1986م ،ص.59:
( )٣هويدا صالح ،مرجع سابق،ص.50
( )٤بوريس أوسبنسكي ،شعرية التأليف :بنية النص الفني وأنماط الشكل التأليفي ،ترجمة سعيد الغانمي
وناصر حالوي ،مرجع سابق،ص.30
( )٥المصدر السابق ،ص.29
( )6ماجد الجارد ،نزل الظالم،مصدر سابق،ص،66
( )٧المصدر السابق ،ص.24
( )٨المصدر السابق ،ص.20
( )٩ماجد الجارد ،نزل الظالم ،مصدر سابق،ص.28
( )١٠ماجد الحارد ،نزل الظالم ،مصدر سابق ،ص.9
( )١١جاستون باشالر ،جماليات المكان ،مرجع سابق ،ص.60
( )١٢ماجد الحارد ،مصدر سابق ،ص.27
( )١٣المصدر السابق ،ص.33
( )١٤ماجد الجارد ،مصدر سابق ،ص.56
53 اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
المحتوى الفلسفي في رواية
«نزيف الحجر»
■ صالح محمد املطيري*
تجوال في إحدى المكتبات على رواية رصينة هي (نزيف الحجر) ٍ وقعت ذات
ُ
للروائي الليبي إبراهيم الكوني ،ولكوني على صلة قرائية بهذا الروائي الملحمي
ـدت يــدي تمتد لتستحوذ على هذاال ــذي يـقــارن حقا بعبدالرحمن منيف ،وج ـ ُ
الكتاب ،ومن ثم تشرع في قراءته.
وإبراهيم الكوني كاتب معروف بأعماله الروائية ذات الطابع الملحمي مثل:
رباعية (الخسوف) ،وثنائية (المجوس) ،و(التبر) ،و(السحرة) ،وغيرها من أعمال
روائية وقصصية .المؤلف ذو صيت ذائع بين أوساط النقاد داخل الوطن العربي
وخارجه ،وقد ترجمت أعماله إلى عدة لغات أوروبية وشرقية.
وغالبا ما يختار ابراهيم الكوني حياة الرواية ويدور الصراع بين شخوصها.
الصحراء مسرحا لرواياته وقصصه ،وكان المؤلف قد أصدر هذه الرواية في
خاصة في الشمال اإلفريقي ..حيث طبعتها األولــى عام 1990م ،ثم توالت
الصحراء الكبرى تفترش مساحة هائلة طبعاتها بعد ذلك التاريخ ،وبين يدي
اآلن طبعة الدار المصرية اللبنانية في من عدة أقطار عربية وأفريقية.
وهكذا كانت روايــة (نزيف الحجر) القاهرة وتاريخها 1434هـ 2013 -م.
والــروايــة في مجملها تحكي قصة أيضا ،حيث اتخذت من الصحراء الليبية
في الغرب حيزاً تتحرك فيه أحــداث (أســـوف) ،ذلــك الفتى الــطــوارقــي من
اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018 54
دراس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــات ون ـقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد
بدو الصحراء ،الذي آثرت أسرته أن تنعزل
عــن بقية ســكــان الــصــحــراء؛ فانتبذت لها
مكاناً قصياً عن اآلخرين .وتعرض أحداث
ُالرواية تقاطعات وتجاذبات لحياة هذا الفتى
الصحراوي الذي دأب على رعي معيزه في
بطون األودي ــة وعــروق الــرمــال ،وبين ثنايا
الصخور الضخمة وشعاف الجبال؛ وظل
الفتى طوال عمره يتجاوب مع رموز المكان
الموحش ،ويناغي مالمحه القاسية ،ويتماهى
مع إيحاءاته وأصــواتــه العميقة .لكن هذه
تلف في طياتها قدرًا
العزلة المكانية التي ّ
من العافية والطمأنينة والسكون ال تستمر
لألسف (وأي نعيم يستمر؟) ،إذ تتقاطع
أحــداث هذا الراعي المتأمل في صفحات
والذي ال يبيت على غير لحم ،وال يصبر على
الصخور ومــا تحويه من رســوم مع آخرين
حيوان واحــد ،ثم يظهر معه على المشهد
غرباء طارئين ،أقلقوا سكينة الصحراء،
أيضا المغامرون من السياح واألجانب ،مثل
وخدشوا وتيرة الهدوء ،وبعثروا نظام الحياة
األوروب ــي جــون بــاركــر ،مدجّ جين بالبنادق لإلنسان والحيوان على حدٍّ سواء.
الحديثة والسيارات السريعة؛ فيكدرون بغبار
إن ذلك النظام الطبيعي في الصحراء ظل
سياراتهم األفق ،ويجرحون أديم األرض بوقع
يسير على طبيعته المتوازنة أحقابا وقروناً
العجالت؛ وهكذا يــدردر في بطون األودية
طويلة ،حتى ظهر على المسرح هذا اإلنسان
هدي ُر المُحَ رِّك ألول مرة ،ويلعل ُع بين جنبات
الحديث؛ وهكذا يتغير رتم الحياة لدى الفتى
الصخور صوتُ الرصاص ،حتى يصبح (ال
ولــدى الصحراء مع مجيء الطارئين إلى
صــوت يعلو فــوق صــوت الــرصــاص) ،الذي
حوزة الصحراء ،حيث تتحول هذه الحياة من
يخنق الحياة فــي رشقة أو رشقتين على
الهدوء إلى االضطراب ،ومن النظر والتأمل
قطيع كامل من الغزالن.
والسكون إلى المطاردة والمالحقة واللهاث؛
وتــتــعــالــى غـ ــارات الــصــيــد الــتــي يشنُّها يحدث ذلك خاصة عندما يظهر على المشهد
(قابيل) ،ذلك الرجل الذي ُغذِّيَ منذ نعومة الطارئون على حرم الصحراء ،وتُبا ُد قِ طعا ٌن
أظفاره على لحوم الغزالن ولحوم (الودّان) ،بكاملها في غزوة أو غزوتين على متن إحدى
55 اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
العربات ،حتى تتناقص الغزالن وتتداعى إلى مركزًا ومكثفا ،حتى غدت هذه الرواية -في
الهرب واللجوء إلى شعاف الجبال ..وتختبئ نظري -عمال أقرب رحمًا إلى الفلسفة منه
بين أنياب الصخور ،وتصل الحال إلى أن إلــى الــروايــة ،أو قل إنها روايــة تحتاج إلى
يُقال إنه رُؤيَ في تلك الرملة غزالة وبنتها قارئ من نوع خاص ،قارئ متريث يتكئ على
ترعيان مع الفجر ،بعد أن كانت قطعانا رصيد سابق في الفلسفات القديمة على
تجوس خالل الصحراء كيف تشاء؛ وهكذا الخصوص.
يكمل الوافد المخرّب باركر ما كــان بدأه
وأنا أؤمن أن القراءة السطحية لمثل هذه
(المواطن) قابيل ،فيقضيان معاً على البقية
األعمال ال يخرج منها القارئ بطائل ،ألن
الباقية من الحياة الفطرية في الصحراء
مثل هذه األعمال تتطلب قــدرًا من التؤدة
الوادعة ،وبخاصة الغزالن والودان.
الستبطان المعاني الفكرية التي يمهّد لها
ومـــدار الحكاية فــي ال ــرواي ــة ،ومــا دار النص ،إن النص الــروائــي ،خاص ًة الموغل
بين شخوصها وما هو واقعي منها وما هو في طرحه الفلسفي مثل الذي بين أيدينا ال
متخيّل ليس في نظري ما يش ُّد الناقد هنا ،يكشف عن مكنونه ،إال إذا أصخت له السمع
ألن مثل هذه الشخوص (الصحراوية) سواء فيما يريد أن يفاتحك به ،وها نحن نعرض
اإلنسانية منها أم الحيوانية قد تنولت من هنا لبعض المكاشفات الفلسفية التي تجلت
قبل وعولجت في أعمال أ ُخر ،كما أن تركيب لي بعد قراءتي لرواية (نزيف الحجر).
الواقع بالمتخيل وتلبيس الممكن بالمعجز..
الهروب نحو العزلة
هــو مــن األدوات المخيالية (الــفــنــتــازيــة)
إن أول فكرة يلتقي بها الــقــارئ وجهاً التي يتوسّ ل بها الروائي كما هو معروف،
وإنما الــذي يشد الناقد حقا هنا هو هذه لوجه في الرواية هي فكرة (الهروب نحو
الحموالت الفلسفية والمضامين العرفانية العزلة) ،أو ما يُعبّر عنه أحيانا بـ(الفلسفة
واإليــمــاءات الفكرية التي تتغلغل فــي كل العالئية) .حيث تشيع في الفصول األولى
حدث من أحداث الرواية ،وتتهادى على كل من الرواية األحداث والمقوالت التي تبشر
حدث ما ،بالعزلة وتباركها ،بوصفها طريقة سامية ٍ سطر يخطه المؤلف معلقا على
أو ملخصاً نهاية إحــدى الشخصيات ..أو لتحقيق الطمأنينة النفسية والتخلّص من
أذى اإلنسان. واصفاً ما آلت إليه الحال في اإلجمال.
إن المرء المعتزل يختار هــذا المسلك وهمّنا اآلن فــي هــذا المقال أن نجلو
الغشاء عــن كيفية توظيف هــذه الحمولة ليحيا بعيدًا عن أوضار االختالط بالبشر،
الفلسفية الزائدة في أعطاف الرواية توظيفا وما ينجم عنه من تكالب على الحطام ،وقد
اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018 56
دراس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــات ون ـقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد
ـدس
وح ـن ـ ٍ ـصــر يـهــم ن ـه ــارٍ ِ رأينا في الرواية أن عائلة الفتى (أسوف) ف ـ ـ ٍ ّ
ـأف ل ـ َعـ ْ
ـال مـ ـنـ ـه ــمُ ون ـ ـسـ ــاءِ
وجـ ـنـ ـس ــي رج ـ ـ ـ ـ ٍ قد انتبذت لها مكانا قصيًا في الصحراء
إيثاراً للعزلة ،وأن الوالد -أي رب األسرة-
ف ـل ـيــت ول ـ ـيـ ــد ًا م ـ ــات س ــاع ــة يــومــه
ما فتىء يلحّ على العزلة ويحبّذها مصبحاً
ولـ ــم يــرت ـضــع م ــن أمـ ــه ال ـن ـف ـســاءِ !
وممسياً ،حتى أنه لما نزل قطي ٌن من البدو
الحمية النباتية
ِ على مقربة من مضارب األســرة ..نرى أن
ويرتبط بفلسفة أبي العالء هنا وبالفلسفة الوالد لم يهدأ له بال حتى أمر األسرة بشد
القديمة عموما نظام أو حمية المذهب الرحال من الغد ،نائياً عن المكان ،ومتخلصاً
من جوار اإلنسان ،كان األب يوحي إلى ابنه
النباتي ( ،)vegetarianismوهو نظام يتمذهب
يفضل الخير ال بد له
قائال( :اإلنسان الذي ّ
به (أسوف) بطل الرواية هنا ،ألن هذا الرجل
أن يهرب من أذى اإلنسان) .وعندما عذلته
الصحراوي قد حرّم على نفسه أكل اللحم
زوجته على الرحيل عن المكان صاح فيها
بعد حادثة الودان المهيب ،وقد رأيناه بعدها
قائال( :أجاور الجن وال أجاور اإلنس ،أعوذ
يصرخ فــي وجــه قابيل ،الــذي مــا أتــى إلى
باهلل من شر الناس) ص .25
عمق الصحراء إال لكي يأكل الغزالن ويقتات
وال ننسى أن أحد فصول الرواية معنون بشراهة عجيبة على اللحم قائال:
بعبارة صريحة تقول (ش ٌر اسمه اإلنسان).
(أنــا لم أذق اللحم ..أنا ال آكل اللحم!)
طبعا فلسفة العزلة هذه تذكرنا بال ريب (ص)39
بفلسفة أبي العالء المعري؛ إن أبا العالء
والمذهب النباتي الذي قيّد (أسوف) به
فيلسوف اختار أن يعبر عن منهجه شعرًا،
والمسلك الذي اختاره طريق ًة للعيش إنما نفسه ،وقبله أبو العالء ،يستند إلى فلسفة
ينبعث من رؤيته الفلسفية للعالم والمخلوقات ،شرقية (هندية قديمة) تحرّم االعتداء على
اخــتــار أبــو الــعــاء كما هــو مشهور العزلة الحيوان وإزهاق روحه من أجل الغذاء ،هذه
واالنــطــواء ،وان ــزوى فــي بيته منقطعا عن الفلسفة تُعلي من شأن وجود الروح الحية
قليل يعدون على األصابع في الحيوان؛ فمن هنا ،تحرّم سلبه هذه نفر ٍ
الناس ،إال عن ٍ
من تالمذته الذين كانوا يأتونه ليأخذوا مما الهبة اإللهية من أجل الزاد والطعام ،الذي
لديه من علم واسع باللغة والشعر والعروض ،يمكن أن يجده اإلنسان في غير الحيوان.
وراح أبو العالء يبرر مسلكه هذا في أشعار طبعا الى هذا الح ّد تبدو لنا هذه الفلسفة
كثيرة بثها في ديوانه اللزوميات ،نذكر منها نزع ًة إنساني ًة نحو الحيوان قوامها الشفقة
والــرحــمــة وال ــح ــرص عــلــى إرادة الــحــيــاة قوله منددًا بجنس البشر:
57 اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
للكائنات ،لكني أرى من طرف خفي أن هذه ومثل شخصية الزاهد (جلّولي) أحد شيوخ
الفلسفة الهندية القديمة تنطوي على أثر الواحات ال تفتأ تتألم على تناقص الغزالن
من مــادة تناسخ األرواح ،وبــاد الهند كما في نواحي الصحراء ،فأسوف يكره جدا أن
هو معروف هي المنشأ العريق لهذه الفكرة يستعبده جشع قابيل ليرغمه على مالحقة
القديمة ،أعني تناسخ األرواح ،وعلى هذا الــصــيــد فــي بــطــن الـ ـ ــوادي ،وبــيــن حــواف
فال تعجب أن وُلد كتاب كليلة ودمنة -وهو الصخور الضخمة المنغرزة فــي الــرمــال.
عبارة عن شخوص حيوانات تتحاور فيما والشيخ الزاهد في الواحة يتجهّم في وجه
بينها -في بالد الهند على وجه الخصوص( .جــون بــاركــر) الــذي مــا هبط هــذه الديار
واآلن وقد رأينا توجّ ه بطل الرواية نحو المقفرة إال لمالحقة الغزالن ،وما هي إال
المذهب النباتي ،وامتناعه عن إيذاء الحيوان أن يعرف عنه غزوته التي أسفرت عن مقتل
بأي شكل من األشكال أو سلب شعلة الحياة الغزالن حتى يشيح بوجهه عنه ثم يجابهه
منه؛ لنا إذاً ،أن نتفهّم تشقيق المعنى الذي بألم( :كيف تدعي الديانة بدين المسيح
أراد الكاتب إيصاله عند العتبة األولى في وهو بريء منك؟ ال أنت منه وال هو منك!)
طائر ص.111
ٍ األرض وال
ِ الرواية( :وما من داب ٍّة في
إن الــروايــة بمجموعها تعد حقا بمثابة يطير بجناحيه إال أم ٌم أمثالكم)؛ لقد صدَّ ر
(منشور) صارخ يفضح جناية (اإلنسان) على الكاتب عمل َه بهذه اآلية الكريمة.
طبيعة الصحراء على األخص ،وعلى إرادة االتجاه البيئي
الحياة بوجه عــام .إن اإلنسان الحديث ما
تــكــاد الـــروايـــة أن تــكــون ف ــي مجملها
فتىء يعيث فسادًا في عالم الصحراء وعالم
بياناً أول ينعي ضياع الحياة الفطرية في
الطبيعة كــكــل ،حتى تبدلت األرض غير
عالم الــصــحــراء ،أعني (البيئة الطبيعية
األرض والسماء غير السماء.
الصحراوية) ومــا فيها مــن مخلوقات من
ثنائية قابيل وهابيل الحيوان والنبات ،وما فيها أيضا من معالم
ولــهــذا الــغــرض -جــنــايــة اإلنــســان على وآثــار وتضاريس ،إنها حقا بكائية الفقد
والــثــكــان ،على تدمير طبيعة الصحراء الطبيعة -فإن الكاتب إبراهيم الكوني يعيد
واستئصال رمــوزهــا األســاس من الحيوان إنتاج قصة قابيل وهابيل هنا ،وهي قصة
معروفة في الكتب السماوية لألديان الثالثة، والنبات.
والشخوص التي تحمل الهاجس اإلنساني قوامها حسد قابيل ابن آدم ألخيه هابيل..
في الرواية مثل شخصية البطل (أسوف) ،ثم قتله جراء ذلك ،وأما كيف وظّ ف الكاتب
اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018 58
دراس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــات ون ـقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد
هذه القصة؟ فإنه قام بإعادة إنتاجها هنا قابيل وشهواته اللحمية في االزديــاد حتى
على نحو تمثيلي رمزي ،فاإلنسان الحديث تطمح عيناه إلى صيد (الودّان) بين شعاف
في الرواية يمثل شخصية قابيل ،والحيوان الجبال ،وال ــودان هو وعــل الجبل أو تيس
الذي يرتع في عالم الصحراء يمثل شخصية الجبل المعروف عند اإلغريق بـ ( ،)ibexوهو
هابيل ،وقد رأينا أن اإلنسان الحديث قد صيد عزيز ومطلب عسير ،ألنه يتسلق على
هبط إلى مراتع الحيوان الــذي كان يعيش الحواف الصخرية بزاوية تسعين درجة بكل
بسالم فــي الــصــحــراء ،وجعل ينغّص عليه رشاقة ِ
وخفَّة ،وكأنه ليس من ذوات األربع
العيش ويــزعــجــه ويــاحــقــه مــن مــكــان إلى بل من الزواحف والحشرات ،ولتحقيق هذا
مــكــان ،ويسلب منه شعلة الــحــيــاة بالقتل المطلب العسير يح ّل قابيل ورفيقه مسعود
والصيد ،ليكون في النهاية لقمة سائغة تشبع ضيفا ثقيال على أس ــوف ابــن الصحراء،
نهم قابيل ،حتى وصلت الحال الى حد الفناء ويلحّ ان عليه ويتهددانه لداللتهما على آثار
والتالشي والعدم ،أي محا جنس الحيوان في الــودان ومساكنه بين شعاف الجبال ،فيقع
أسوف -الذي عقد نذرًا بينه وبين الودان- الصحراء بالقتل على يد اإلنسان (قابيل).
ولهذا الغرض جعل المؤلف أحد أبطال في حرج عظيم وعنَت شديد ،فكيف يدلّهما
الرواية تحت اسم (قابيل) ،وهو يقوم بدور على مدارج الودان وقد قطع عهدًا معه ،وقد
شخص من أهل البلد؛ لكنه يعاني من نهم أخذ منه ميثاقا غليظا؟
وال يكتمل دور (قابيل) في الــروايــة إال شديد عجيب إلى اللحم منذ والدتــه ،فقد
ُغـذّي على دم غزالة وهو لمّا يزل رضيعا ،بانضمام (جــون بــاركــر) إليه ،وظهور هذه
وعــنــدمــا كبر جعل ديــدنــه أن يقتات على الشخصية األجنبية فــي الــروايــة هــو في
اللحم كل يــوم حتى قيل إن في فمه دودة نظري نو ٌع من تلوين الفسيفساء الشخوصية
ال تفتأ تطلب اللحم ،وهكذا درج هــذا الـ ألبطال الرواية ،و(باركر) هذا شخصي ٌة تبعث
(قــابــيــل) عــلــى هــبــوط األوديــــة مــع رفيقه على االهتمام حقا ،فهو قد جاء في األصل
مسعود (الدباشي) الذي له من اسمه أجزل ضابطا في القاعدة العسكرية في الشمال،
النصيب ،ألنــه ليس له شخصية مستقلة ،غير أنه مثل بعض الغربيين الذين تشرئب
وإنما هو يتابع ويوافق ويواتي على الدوام ،أعناقهم إلــى مــعــارج الفلسفة والتصوف،
ويــقــوم ه ــذان الــرجــان بمالحقة الــغــزالن وقد استغرق في قراءة الفلسفات الصوفية
وصيدها وقتلها بأعداد كثيرة ،ففي كل آن والشرقية القديمة حتى تأثر بمقوالتها،
لهما صولة وجــولــة فــي الــصــحــراء ،يذهب ومــن تلك الــمــقــوالت مقولة حلولية تقول
ضحيتها أعداد من الغزالن ،وتستمر أطماع (إن الس ّر في األنعام) وإن الس َّر في الغزال
59 اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
على وجــه الخصوص ،فَتولّع عندها هذا الشيطانية تدور كالطاحونة .تسكع الجندب
الضابط الوافد بصيد الغزالن في النواحي اللئيم عبر سفح السلسلة متفقدا التجويفات
المجاورة ومالحقتها بالبنادق والسيارات ،والصخور والمنحدرات العارية حتى بدا عن
وشــرع يالحق ذلــك (الــسـرّ) ،وجعل يطوف بعد مثل صقر في بحثه العنيد عن فريسة.
بين القرى والواحات في الشمال ،فسمعهم
حطوا عند حذاء الجبل .بحثوا عن مأوى
يرددون مقولة شعبية تقول (الزيت غريان،
يحميهم من شر الشمس ،الكهوف الظليلة
والتمر ف ـزّان ،واللحم ودان!) وما أن وصل
تعتلي أعالي الجبل .الطريق إليها يمر عبر
إلى واعيته هذا المفهوم ،حتى بدأ يطلب
صخور ملساء وأخ ــرى متوحشة ،مسلحة
الودان أيضا ،ويا له من صيد عزيز!
بــأحــجــار كــأنــيــاب ال ــوح ــوش ..على الرمل
ويتفق جون هذا وقابيل ابن البلد على الناعم ارتسمت آثــار األفــاعــي والسحالي
غزو الصحراء طلبا للصيد ،ويقتفيان أثر والعظاءات وجرذان الصحراء.
الصيد بين الوهاد والسهول والجبال ،وتُباد
فوق الرمال الذهبية ،عثر قابيل على آثار
إثر ذلك قطعا ٌن من الغزالن ،وتهرب البقية
أخرى :الغزالن!) ص 114
الباقية من الصيد إلى الرمال البعيدة أو
وبهذه الغارة الجوية على صهوة الجندب تعتصم بالظالل الخافتة بين أنياب الصخور.
ويُــســخّ ــر جــون بــاركــر أقــصــى إمكانياته اللعين يختفي من السهول جنس الغزال،
المادية لتمشيط الجبال بحثا عن الغزالن ،زينة الصحراء وحليتها األزلية ،وهكذا تفقد
فــيــأخــذ ط ــائ ــرة اســتــطــاع مــروحــيــة من الــصــحــراء (ســرهــا) األثــيــر على يــد قابيل
الــقــاعــدة العسكرية ،ويــركــب وإل ــى جانبه وشريكه باركر األثيم.
وأما الغزالة وابنتها ومعها بالطبع حيوان قابيل ،ويشرعان في تعقب أي أثر يدل على
الغزالن ،ويقصدان (جبل الحساونة) ،ذلكم الصحراء فيقومان في الرواية بدور شخصية
المعقل النهائي واألخير للبقية الباقية من هابيل ،وكــانــت الــغــزالــة تقص على ابنتها
قصة المكان منذ البدء أو (أمثولة الوطن) الغزالن:
(حــلــق الــجــنــدب الــخــرافــي فــي الفضاء كما يقول الكاتب ،وتخبرها فيها كيف خلق
الــصــافــي وعــبــر ســهــول الــحــمــادة الخالية اهلل الــروح أول مــرة وكيف حــدَّ لها حــدودا
الصامتة .في متاهة العراء تتناثر أشجار ثالثة :الزمان والمكان والجسد ،وقد حقت
اللعنة وهلك كل من حاول أن يخرج من هذه سدر وطلح ورتم ،تنمو متباعدة.
ســاد صمتٌ كئيب .استمرت المروحة الحدود( .ص .)99-98
اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018 60
دراس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــات ون ـقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد
العالء نفسه في رسائله المتبادلة مع داعي الروح..
إن السرد الروائي لحكاية الوطن أو حكاية الدعاة في مصر إلى مثل هذه العلة ،لكنه
الروح بحسب ما ترويه الغزالة البنتها يوحي -وهــو في معرض الدفاع -لم يرجعها الى
هنا بعدة إيماءات؛ طبعاً وبنا ًء على معطيات معتقدات فلسفية يتأثرها ،وإنما قال إنه
التفسير اإلشــاري ..فإن كون الخطاب من فقط يمتنع عن أن يعرض للحيوان بسوء
نــوع اإلش ــارة واإليــمــاء فــإن ذلــك ال يضفي رغم إيمانه-دينيا -بإباحة أكله .والغريب
عليه قطعية الــداللــة؛ لــذا ،فــإن الناقد هو أن أتــبــا َع الديانات الشرقية اآلسيوية مع
في فسحة من األمر ليذكر ما يبدو له من أنهم يتحرجون من قتل الحيوان ،إال أنهم
إيماءات بال مشاحة في االصطالح .فمن يبيحون ألنفسهم قتل اإلنسان ،كما حدث
تلك اإليماءات التي تبدو للقارئ من حكاية في الصراعات التي شهدتها بورما مؤخرا.
الحقيقة أن الرواية مفعمة بالتوجهات الغزالة وابنتها هــو فكرة (وح ــدة ال ــروح)،
بمعنى أن الــروح الحية هي نفسها نفسها ،الفلسفية المتشعبة ،وفيها مادة مركزة من
وإنما الوعاء الذي تتشكل فيه يختلف ما بين الموروث الشرقي القديم ،وال يسعنا في هذه
إنسان أو حيوان أو نبات (هناك خالف قديم المعالجة أن نبسط كل فكرة ،لكن لعل ما
وعقيم هل للنبات روح أم ال) ،أي أن الروح ألمحنا إليه هو أهم األفكار الفلسفية التي
مثلها مثل المادة الغذائية التي تراها أنت وُظفت في الرواية.
في المتجر :فقد تكون المادة نفسها مغلّفة
رموز وتشخيص
في علبة أو زجاجة أو كيس ..إلخ ،فالمادة
بقي أن أشير إلــى ناحية مهمة أسبغت الداخلية هي من نــوع واحــد ،لكن األوعية
فيضا من الحركة والحياة على رموز الرواية
ً الحاوية مختلفة .وهذا في نظري ما تومئ
إليه حكاية الغزالة في الــروايــة .فالمؤلف وشخوصها ،وهي أسلوب (التشخيص) ،أي
هنا يؤسس خطاب الغزالة على فكرة وحدة تشخيص الرموز في الرواية من حيوان أو
الــروح بين المخلوقات .وهــذه الفكرة هي نبات أو جماد ..ووصف تصرفاتها وتحوالتها
من الفلسفة الشرقية القديمة؛ ومن هنا ،وكأنها شخصيات عاقلة ،فالودّان ،رغم أنه
تنبثق فكرة تحريم االعــتــداء على الــروح ،مجرد حيوان جبلي نَفور ،إال أنه يبدو في
سواء أكانت هذه الروح حالّة في إنسان أم ال ــرواي ــة شخصية كــامــلــة الــشــروط حقا،
في حيوان ،وهــذه هي العلة األســاس التي وتظهره تصرفاته وانفعاالته فــي أحــداث
يرتكز عليها الفالسفة النباتيون ،مثل أبي الرواية ذا إرادة وذا عزيمة وذا إصرار؛ فهو
العالء المعري كما ذكرت آنفا ،وقد لمّح أبو إذاً ،شخصية (مناضل) من الطراز األول؛
61 اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
ال يقبل أنصاف الحلول ،وال يمسك العصا أال إال ت ـ ـ ـكـ ـ ــن إبـ ـ ـ ـ ـ ـ ــلٌ ف ـ ـ ِـمـ ـ ـع ـ ــزى
ك ـ ـ ـ ــأنّ ق ـ ـ ـ ــرون ِجـ ـ ّلـ ـتـ ـه ــا ال ـ ـع ـ ـصـ ـ ُّـي ّ! من الوسط كما يقال ،وال يؤمن بالموادعة
يفضل أن
والمهادنة مع جنس اإلنسان ،إنه ّ
أما الغزالن فلها شأ ٌن آخر :إنها أسطورة
يتصوّب من عـ ٍـل ..وتندقّ عنقه في الهاوية
و(سرّ) الصحراء!
الرمال بل أيقونة الجمالِ ،
ليغيظ اإلنــســان ويــزيــده حسرة ،ال أن يقع
تــص ـوّر الــروايــة الــغــزال وكــأنــه (مــواطــن
أسيرًا أو صيدًا سهال في يد اإلنسان ،أي
أصــلــي) مــوطــنــه الــصــحــراء ،وه ــو مرتبط
أنــه مــأخــوذ عاطفيا بمقولة ذلــك الشاعر
بموطنه أش ـ ّد االرتــبــاط ،ال يبغي به بدال،
المناضل القديم:
ومع ذلك يصادر اإلنسان حق هذا (المواطن
األصــلــي) فــي العيش فــي موطنه األثــيــر،
ف ـ ـ ــإمّ ـ ـ ــا ح ـ ـ ـيـ ـ ــاة ت ـ ـ ـس ـ ـ ـ ّر ال ـ ـصـ ــديـ ــق
ويضطره بالمطاردة والتقتيل إلى أن يتشرد
ـات يـ ـغـ ـي ــظ ال ـ ـ ــعِ ـ ـ ــدا!وإمّ ـ ـ ـ ـ ـ ــا مـ ـ ـ ـم ـ ـ ـ ٌ
وك ــذل ــك تــســري آلـــة الــتــشــخــيــص على فــي اآلف ــاق ،ويــمــوت مــن جــراء الــفــراق .إن
حيوانات الصحراء كافة؛ كالسحالي واإلبل الغزال يبدو لنا هنا مخلوقا بريئا له قضية
والماعز والــغــزالن ،فأما أمــة الماعز فهي عادلة سوف يحتكم بها إلى رب السماء .كان
شعب يجنح إلــى خــرق قواعد النظام ،لذا األب كثيرا ما يردد( :هذا يحيرني ..لماذا
راع حــازم متيقظ ،وتبدو على اإلنسان المجرم أن يطارد مالكاً كهذا
فهي تحتاج إلــى ٍ
ذكور الماعز في رغبة دائمة إلى إثارة الشغب ليقتله ويحشو به جوفه؟) ص .51
وختاماً أقــول ،استطاع الكاتب أن يُعمِ ل والــفــوضــى ،وتتنقل المعيز بين الصخور
وكأنها فرقة من سالح المهندسين؛ تفتش آلة التشخيص في كل الرموز األخــرى في
وتمشط الثنايا بحثًا عن األعشاب الخضراء الــروايــة ،مثل الشمس والسهول والصخور
والــرمــال واألشــجــار ،فكل ذلــك يسبغ عليه النابتة بين ألسنة الصخور.
وأنا أزعم أن من يقرأ هذه الرواية سوف الكاتب بواسطة لغته االستعارية العالية ثوبا
فضفاضا من الحياة والحركة واالنفعال.ً يتفهّم حقا رغبة الشاعر أحمد الصافي
النجفي التي تغناها في قصيدته (راعــي ولعل هذا ما يشد القارئ الذي يعجب باللغة
الــغــنــم) ،كما سيتفهم أيــضــا تلك الرغبة الشاعرية في السرد ،خاصة مع كاتب يفضل
القديمة الــتــي أبــداهــا ذات يــوم الشاعر االعتماد على تلوين النص بأطياف تتماهى
الجاهلي أمرؤ القيس ،ألم يقل ذلك الملك بين الحقيقة والمجاز ،هذا وباهلل التوفيق
وهو المستعان في كل األحوال. الضليل في مقطوعة تنسب إليه:
* كاتب من السعودية.
البالغية
ِ الص َو ِر
أنواع ُ
ُ
في قصص طاهر الزارعي
■ جميل حمداوي*
المقدمة
تشتمل مجموعة (زبــد وثمة أقفال معلّقة) للمبدع السعودي طاهر الزارعي
على مجموعة مــن الـصــور القصصية الـســرديــة ذات الطابع الـبــاغــي .وهـنــا ،لن
نتوقف عن البالغة البيانية الكالسيكية التي تحوي صور المشابهة (التشبيه،
واالستعارة) ،وصور المجاورة (المجاز المرسل ،والمجاز العقلي ،والكناية) ،بل
ـوســعُ موضوعنا ليشمل ص ــورا بالغية أخ ــرى تستنبط مــن داخ ــل المجموعة نـ ِّ
القصصية ،بمراعاة دالالت الموضوعات ،واإلنصات إلى جوانبها الشكلية ،ورصد
وظائفها الفنية والجمالية والرؤيوية ،على النحو اآلتي:
فنية جمالية داللية وحجاجية ،تقوم على المطلب األول :صــــورة النقيضـــة
التطابق الذهني والفكري والجمالي.
تعتمد صــورة النقيضة ،أو صــورة
بمعنى أن الطباق صورة فكرية وذهنية
الطباق ،على إيراد لفظتين متطابقتين
قائمة على منطق الحجاج واالستدالل
أو متعاكستين أو متناقضتين إيجابًا
والبرهنة .وتحضر هــذه الــصــورة في
وســلـ ًبــا .وقــد أدرج البالغيون العرب قصة (احتفاء على تخوم الحشرجة)
الــقــدامــى الــطــبــاق ضمن المحسّ نات للكاتب السعودي طاهر الزارعي ،حينما
البديعية ،ولكنه -في الحقيقة -صورة يشير إلى مربي الحمام داخــل السوق
63 اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
األســبــوعــي ،وهــم يقارنون بين الحمامات القصصي السعودي بوصفها الصورة األكثر
الجميلة ذات القيمة الكبيرة ،وحمامات انتشارًا في الشعر العربي إلى جانب صورة
منافسيهم الــتــي يصفونها بشتى العيوب االستعارة وصــورة التشخيص .ويعني هذا
والعاهات والنقائص؛ محاولين إقناع زبائن أن الــســرد القصصي الــســعــودي مــا يــزال
الــســوق بــجــودة بضاعتهم ،مــع ذكــر رداءة يتكئ على التصوير البالغي الشعري في ما
يخص توظيف بالغة المشابهة .ومن أمثلة بضاعة منافسيهم:
« كنت أطعمها جيدا ،وأبلل ريشها بالماء ،ذلك صورة التشبيه لدى الطاهر الزارعي،
بــل أح ــرص جــيــدا على تنظيف منقارها ،فهي تتأرجح بين أداة الكاف وأداة مثل:
«نهضت مــن سفرة الطعام كالمفزوع، وأختار منها األجــود :كالحمام الحساوي،
والقالبي ،حتى أتمكن من بيعها بثمن جيد تتخبط قدماي بثوبي ،صعدت بخفة غزال
في ســوق الخميس الــذي يمثل لي خروجا متجهًا نحو السطح ،رأيت حماماتي تتطاير
عن روتين القرية المم ّل حينما انطلق إليه في القفص الكبير والخوف يحتضن أعينها.
صباحا ،حتى إذا ما وصلت هناك فسأجد تلك القطط الشاردة طالما تتلذذ بحمامة
المنافسة الكبيرة مع نخبة من مربي الحمام ،أو حمامتين كل أسبوع ،فقد كانت ترتكب
يمتلئ بهم الــســوق ،كــل واحــد منهم يزعق خطيئة كبيرة بحق هذه الحمامات!»(.)٢
بصوته الــمــألــوف :الــزويــن عندنا والشين
ترصد صــورة التشبيه في هذا المقطع
حولنا.)١(».
السردي حالة خوف السارد على حماماته
تؤشر صورة الطباق (الزين عندنا والشين الوديعة فــوق السطح ،وتصور أيضا مدى
حولنا) على تناقض الــمــواقــف ،واختالف استعداده الكامل للدفاع عنها ،حينما يحدق
وجهات النظر ،وصــراع القيم التي تتحكم بها خطر القطط .وكــان دفــاع الــســارد هو
فيها المصالح والمنافع واألهواء على حساب الردع والطرد ليس إال:
الحقيقة والمصداقية واليقين ،واختالف
«أمي تقول لي :انتبه ال تموت القطط راح
معيار التقويم من شخص إلى آخر إيجابًا
تسكن في نارها .هذا التحذير جعلني خائفا
وسلبًا .عالو ًة على سلبية صورة اآلخر في
جــدا ،وحينما أجــد القطط تعتلي السطح
منظور األنــا ،في فــضــاءات القيم المادية
لشن هــجــوم مباغت على الــحــمــام أكتفي
والكمية والتبادلية.
بردعها وطردها»(.)٣
وهكذا ،تحضر صورة الخوف من خالل المطلب الثاني :صـــورة التشبيـــه
تستعمل صورة التشبيه بكثرة في السرد تجليات ص ــورة التشبيه ،لتبين لنا مدى
اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018 64
دراس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــات ون ـقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد
إحــســاس الشخصية الرئيسة بحماماته خوفي واشمئزازي ،فكيف إذا كان يسيل من
الوديعة التي كان يهتم بها فوق سطح المنزل حماماتي التي أرهقت نفسي في تربيتها،
اهتماما عاطفيًا كبيرًا ،تــدل على رحابة لكن يبقى هذا قدرها اللعين ،قدرها القادم
ـضــا على نحو الموت والفناء.)٤(».
إنسانيته األخــاقــيــة ،وتــؤشــر أيـ ً
هكذا ،يصبح طقس التضحية وإسالة مروءته العملية والسلوكية.
الدم من الظواهر األنتروبولوجية التي تعوَّد المطلب الثالث :الصـــورة األسطورية
عليها اإلنسان منذ القِ دَم في التعامل مع
تنبني الــصــورة األســطــوريــة ،أو الصورة
ظواهرالطبيعة ،ومواجهة الكوارث واألمراض
الميثولوجية ،على التخريف واألســطــرة
واألوبئة .واآلتي ،أن هذه الطقوس أصبحت
والتخييل المجنّح في التجريد والطقوسية.
ظواهر اجتماعية وإنسانية وثقافية ،تعبر
ومن ثم ،تكشف كثيراً من القصص القصيرة
عــن مرحلة األســطــورة مــن جهة ،ومرحلة
بالمملكة العربية السعودية ،وذلك من خالل
الالهوت من جهة أخرى ،لينتقل اإلنسان -
صورها الميتية الفكرية والتخييلية والعملية،
بعد ذلك -إلى مرحلة الوضعية القائمة على
طبيعة الذهن اإلنساني العربي في التعامل
العلم والعقل والتجربة.
مــع الــواقــع الــمــوضــوعــي ،وتكشف طريقة
المطلب الرابع :صــــورة االستعـــارة تفسير األمــور وتحليلها ومعالجتها .لذا،
تستعين القصة القصيرة السعودية بصورة يتداخل الالهوت مع الميثولوجيا واألسطورة
والخرافة في التعامل مع الظواهر الحياتية االستعارة مثل القصيدة الشعرية؛ نظرًا لكون
لــدى اإلنــســان الــســعــودي ،وخــاصــة البدوي االستعارة من أقــدم الصور البالغية التي
منه .وهذا إن دل على شيء ،فإنما يدل على عرفها اإلنسان ،فقد ارتبطت هذه الصورة
مدى تشبث اإلنسان بالتفكير الخرافي في باألسطورة والنزعة اإلحيائية في تجسيد
التفاعل مع كثير من أمور الحياة ،وخاصة الطبيعة أنسنة وإحياء وتشخيصا .ومن ثم،
فيما يتعلق بمداواة األمراض ،كما يتبين ذلك تتخطى صــورة االستعارة عوالم الحقيقة
الكائنة إلى عوالم مجازية خيالية وافتراضية جلياً في هذه الصورة الخرافية:
«بعد أيــام تأتي إلــيّ أمــي تبشرني بأن قائمة على المشابهة ،والتقاط ترسبات
إحـ ــدى مــعــارفــهــا ق ــد طــلــبــت مــنــهــا ش ــراء الذاكرة والالشعور والتناص األنتروبولوجي.
حمامتين لتذبحهما على ابنتها التي تشتكي وقلما نجد كاتبًا قصصيًا ال يشغل صورة
من آالم رأسها المتواصل ،وكنت أرضخ لهذا االستعارة ذات البعد االنزياحي والتضميني،
الطلب بصعوبة بالغة ،فمظهر الــدم يثير كما يظهر لنا ذلك واضحا في هذه الصور
65 اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
غريزة الرغبة ،ســواء أكــان ذلــك في عالم االستعارية الموحية:
«القرية هذا اليوم تنقش الفرح على كل الذكورة أم األنوثة:
«كلما أنظر إلى وجه أمي اختلس منها شبر فيها ،على ترابها وجدرانها ونخيلها،
ٍ
وتسيل من فمي ضحكات كثيرة كنت أفتقدها دمعة هاربة من عينيها ،كانت أمي تحرص
منذ مدة ،وعريس القرية صديق لي سأكافئه على أن أكون تاجرًا كبيرًا في سوق الحمام
كما كافأت كل العرسان من قبله ،سأهدي حتى أمحو تلك الــصــورة التي الزمــت أبي
له خمس حمامات وثالثة أكياس صغيرة من الرقاص ،فقد اشتهر بهذا اللقب بعدما كان
الشعير ،وسأحرص كعادتي على أن أفرج يؤدي دور الرقص في زواجات القرية أثناء
عن كل حماماتي في صباح زواجه ،وأطيرها تأدية العرضة ،ويكسب من ذلك رزقه ..لكن
لتحتفل في السماء ،حتى إذا ما قرب المساء هذه التسمية الزمته وأوقعتني في حرج دائم.
أفتح لها قفصها الكبير لتدخل مطمئنة تلملم
كان أبي ماهرًا جدًا في أداء الرقصة مع
ما تبقى من حريتها»(.)٥
طبول العرضة التي تسخن على نار هادئة،
يبدو أن هذا المقطع السردي يعج بالصور رأيته بنفسي ،كان يربط عجيزته الممتلئة
المجازية ،وال سيما الصور االستعارية منها ،بالشماغ المتهالك ويتمايل بها ،وأحيانا
مثل :تسيل من فمي ضحكات -لتحتفل في يهزها هزًا كبيرًا حتى إن الناظر إليها يخمن
السماء -تلملم ما تبقى من حريتها .وتقوم بــأن تــيــارًا كهربائيًا التمس بتلك العجيزة
كــل هــذه الــصــور على خاصية التشخيص ونفضها .وبقدر جمال الرقص ومدته يحصل
والحركة والنزعة اإلحيائية اإلنسانية؛ بمعنى على رزقه من فئة الرياالت والعشرات التي
أن الطبيعة بكل تجلياتها تشارك عريس غالبا ما يتم وضعها في فمه أو تتناثر عليه
من فوق. القرية فرحته وسعادته العارمة.
أصعد إلى سطح البيت مع بداية كل يوم، المطلب الخامس :الصـــورة الشبقيـــة
تــحــمــل بــعــض الــمــقــاطــع الــســرديــة في وأقف هناك مثل فزاعة ال أتحرك ،أتذكر أبي
القصة السعودية صورا شبقية تتأرجح بين وأجهش ببكاء يهتك هدوء الصباح ،وحينما
اإلثارة والشهوة واإليحاء بالعوالم الجنسية أصحو من هذه النوبة -نوبة البكاء-أتأمل
تخييال وممارسة ،كما يظهر ذلك جليًا في ذكور الحمام وهي تالحق إناثها حينما تقوم
هذا المقطع السردي الــذي يغص بالصور بمزاحمتها وتنظيفها من بقايا ريش متسخ،
اإليروسية والشبقية التي توحي باشتداد وتشرع بعد ذلك تسفدها بهيجان كبير.
اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018 66
دراس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــات ون ـقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد
يتضمن هذا المقطع السردي مجموعة من رأسه وحوقل كثيرا ،أما بقية الحضور فكانوا
الصور الشبقية التي تتضح بالغتها الجنسية يتهامسون فيما بينهم؛ وش يقصد بوتأشيرة
من خالل هذه الملفوظات السردية التالية :من هالكالم»(.)٧
وهكذا ،تحيل هذه الصورة التناصية على الــرقــص -يــهــزهــا ه ــزا -يــربــط عجيزته-
إشكال المفارقة بين القول والفعل .ويعني يهتك -ذكور الحمام تالحق إناثها -هيجان.
تــقــوم الــصــورة الــوصــفــيــة عــلــى تشغيل التناصية للتأشير على الصبر واالبتالء الذي
«بــدأ الشيخ بسرد قصة نبي اهلل أيوب المجازية لتتبع الموصوف خارجيًا أو داخليًا،
إذ ســرد قصته وكيف أن اهلل ابتاله .لكنه وتتعدى الصورة الوصفية طابعها التزييني أو
صبر على بلواه ،كانت عينا كل واحــد من التقبيحي إلــى طابعها الــداللــي والوظيفي
المستمعين تتوجه إلى الشيخ كعيني بومة والحجاجي ،كما في هذه الصورة الوصفية
حادة أثناء ذكره لقصة هذا النبي .وحينما االستهاللية التي ترصد لنا شخصية الخراز
أراد هــذا الشيخ أن يختم حديثه بنصائح المشعوذ ال ــذي فشل فــي حــرفــة الــخــرازة
معتادة قام «أبــو تأشيرة الخبل» كما يحب ليصبح طبيبًا شعبيًا يداوي النساء والرجال
أن يطلق عليه أصدقاؤه األطفال ،ورفع ثوبه ،على حد ســواء من أجل كسب القوت ،إلى
ووجه حديثه للشيخ :أقول القيامة قامت ..أن عجز عــن مـ ــداواة نفسه بــذلــك الطب
قامت ..اتركوا الشيطان وعلم روحك القصة الذي مارسه وامتهنه عن جهل وغباوة وسوء
مو تعلمنا» ذهل الشيخ من هذا الكالم ،فهز تصرف .ومن هنا ،يصف السارد شخصيته
67 اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
وتتميز الــصــورة الوصفية باستخدام بــاســتــعــمــال الــتــشــابــيــه والــنــعــوت والــصــور
التخييلية الدالة على غرابة هذه الشخصية النعوت (اليومية-الشاي المنعنع ،)-والصورة
التشبيهية (كالقطن يلتصق -ككرة تتدحرج- وفشلها في الحياة المهنية:
يصفه بالجني).
« تناول وجبة إفطاره اليومية في المحل
خاتمة الذي يمتلكه لخرازة النعل وتعديل الشنط
خــاصــة الــقــول؛ يتبين لــنــا ،مما سبق وتخييط المحفظات ،وغيرها .ارتشف عدة
رشــفــات مــن كــأس الــشــاي المنعنع بعد أن ذكــره ،أن المبدع والكاتب السعودي طاهر
أضاف إليه المزيد من السكر ،ثمة زبادي الزارعي ،في مجموعته القصصية القصيرة
كالقطن يلتصق على شفته السفلى يثير (زبد وثمة أقفال معلقة) ،قد وظّف مجموعة
ضحك الخراز الهندي الذي بجانبه ،فأصبح من الصور السردية ذات الطاقة البالغية،
من شدة الضحك ككرة تتدحرج..أخذ خرقة مثل :الصورة الوصفية ،والصورة النقيضة،
ومسح بها الزبادي المتبقي وهو يشتم ذاك والــصــورة التناصية ،والــصــورة الشبقية،
وصورة االستعارة ،وصورة التشبيه ،والصورة العامل ويصفه بالجني لشدة سواده.)٨(».
تنضح هــذه الــصــورة بــأوصــاف إنسانية االستعارية.
وثــمــة ص ــور بــاغــيــة وســرديــة أخــريــات حية ،وتزخر بنبضات اللقطة السينمائية
المتحركة .بمعنى أن هذه الصورة الوصفية لم نتوقف عندها لضيق المقام كالصورة
لقطة سينمائية تتكئ على الحركة المعبّرة ،الــمــفــارقــة ،والــصــورة الــســاخــرة ،والــصــورة
وتحمل في طياتها دالالت نفسية وأخالقية الرمزية ،وصــورة التدرج ،وصــورة التقبيح،
وصورة التزيين ،والصورة الحجاجية. واجتماعية وإنسانية متميزة.
* كاتب من المغرب.
( )١طاهر الزارعي :زبد وثمة أقفال معلقة ،فراديس للنشر والتوزيع ،البحرين ،الطبعة األولى سنة 2010م،
ص.11:
( )٢طاهر الزارعي :زبد وثمة أقفال معلقة ،ص.11:
( )٣طاهر الزارعي :نفسه ،ص.11:
( )٤طاهر الزارعي :نفسه ،ص.12-11:
( )٥طاهر الزارعي :نفسه ،ص.12:
( )٦طاهر الزارعي :نفسه ،ص.13-12 :
( )٧طاهر الزارعي :نفسه ،ص.66 :
( )٨طاهر الزارعي :نفسه ،ص.55 :
ُ
«ذروة الحياة» لـ «عيد الناصر»
ٌ
جولة في روايات خليجية وعربية وعالمية
■ زكريا العباد*
عن دار مسعى ..أصدر القاص والناقد عيد الناصر مؤخرً ا كتابه «ذروة الحياة..
قراءة في روايات عربية وعالمية مختلفة» ،يضم بين دفتيه خالصة خبرة الكاتب
في استجالء عوالم الرواية وقضاياها واهتماماتها؛ ولكن الالفت في الكتاب هو
محاولة الكاتب االرتفاع بمستوى القارئ العادي ،من خالل تقريب مفاهيم نقدية
مبسط وسلس وممتع ،يعتمد أسلوب الحوار وفنية تتعلق بعالم الرواية ،بأسلوب ّ
مــع ال ــذات مــن خــال ســؤال وج ــواب؛ ولكنه فــي اآلن ذاتــه أسـلــوب بعيد كــل البعد
تلخص غني بالمعلومات والمعارف التي ّ عن السطحية والشكالنية؛ فالكتاب ٌّ
خبرة الكاتب وتجربته ،وكــأن الناصر أراد من خــال هــذا األسـلــوب أن يستجوب
ذاته ،ويستحثها على إبراز مكنوناتها المعرفية ،إضافة إلى الهدف األساس وهو
تسهيل الوصول إلى القارئ الــذي يشكو كثيرً ا من تعالي عالم الثقافة وترفّ عها
على لغة اإلنسان البسيط ،وعزلها نفسها في سياج من المصطلحات واألسماء
واللغة المقعّ رة واالشتقاقات المعقّ دة.
يحتوي الكتاب على عشر قراءات ما بعد طفرة النفط؛ وبعضها يتناول
ومــنــاقــشــات لعشر رواي ـ ــات ،بعضها هموما عربية؛ أمــا الشق الثالث من
يتناول قضايا وهموم إنسان الخليج المناقشات ..فقد تناول روايات عامية
وتغيّراته االجتماعية والدينية في فترة تتسم برؤية فلسفية ،وكأن الكاتب قد
69 اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
وفــي الجزء الثالث من الكتاب يقترب أراد بهذا التقسيم االرتــفــاع بالقارئ في
سلس وشي ٍّق من الحالة المحلية إلى الــنــاصــر م ــن ال ــط ــرح الــثــقــافــي الــنــقــدي
ٍ تدرّج
الهموم اإلنسانية الفلسفية المشتركة ،التي النخبوي ،بعد أن درّب قارئه على قراءات
تشكل «ذروة الحياة» وعمقها المشترك بين متنوعة ترفع من قدرته واستعداده لتلقي
أطــروحــة نــقــديــة ..تتناول أهمية الرؤية بني البشر حسبما يشي عنوان الكتاب.
تتحدث رواي ــات «دق الــطــبــول»« ،ســاق الفلسفية في البناء الــســردي ،وذلــك من
البامبو» ،و «شارع العطايف» ،عن المآزق خالل ثالث روايات عالمية هي «المسخ»،
التي يعيشها اإلنسان العربي في الخليج و«خزي» ،و«نداء البراري» ،وهو مقولة يرى
بعد طفرة النفط ،وما جلبته من تغيرات الكاتب أنها جديرة بالتأمل والحوار.
وسأقتصر هنا على طرح نموذج مختصر في بنية المجتمع .وتأتي روايــة «ال تشته
امرأة جارك» في ذات السياق ،فهي تسلط مــن ه ــذه األن ـ ــواع الــثــاثــة الــتــي تناولها
ما أصــاب شخصية إنسانها من انشراخ .الكاتب ،والنموذج األول هو روايــة «شارع
أما رواية «زمبوه» ،فهي تتحدث عن نفس العطايف» للسعودي عبداهلل بخيت ،فهي
األجواء ..إال أنها تقاربها بطريقة مختلفة .تتناول مرحلة تاريخية مهمة من الناحية
وينفتح الكتاب على أفق أوسع ،وهو األفق االجتماعية في تاريخ المملكة ،وانطلقت
العربي ..حيث خطورة األوضاع االجتماعية حبكة النص من العاصمة الرياض كمكان
والدينية في الوطن العربي كما في رواية ونقطة تجمع للشخصيات ،وص ــوال إلى
«طيور الجنوب» ،وهي تشير إلى ما تحدثه البحرين والــعــراق فــي رح ــات محمومة
الطائفية من شرور ودمار فردي وجماعي ،بحثًا عن بيوت بيع األجساد في شارع (أبي
أما رواية «اليهودي الحالي» فهي تؤشر إلى صرة) أو (الكوواوله) ،أو بيوت المتعة في
أن الحياة المشتركة لشعب واحد دائما ما عبدان بإيران .الموت هو مفتتح الرواية في
تكون مهددة بالتمزق في أي لحظة لمجرد لحظة وفاة والدة البطلة في بيت متهالك.
االختالف في المعتقد ،حتى وإن كانت هذه يصور النص حياة القاع في المجتمع من
الديانات سماوية« ،بل إن ما تحمله هذه طبقة العبيد التي تم عتقها ،والصراع بين
الديانات من مقوالت متوارثة تصبح هي طبقات المجتمع على خلفية بــث الــروح
األعلى من كل عالقة أخــرى ،وكأننا في الدينية ،وبداية األندية الرياضية ،والخمر،
وتربية الحمام ،والجنس بصور مختلفة. األمم التاريخية نعيش نقيض المستقبل».
اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018 70
دراس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــات ون ـقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد
ويــســتــشــهــد الــنــاصــر بــكــام ال ــروائ ــي اليهود مشكلة ألنها (كافرة) ،وصارت تربية
البخيت عن روايته إذ يقول« :البسطاء فقط المولود معضلة ليس لها حل سوى حبيبين
هم الذين ال يشاهدون في الرواية سوى شبيهين بفاطمة وسالم ،هما صبا اليهودية
الجنس ..ألن خيالهم وإدراكهم الفلسفي وعلي المؤذن اللذين تزوجا وتركا قريتهما
ال يأخذانهم ألبعد من ذلــك» ،وعليه يبني
إلى صنعاء.
الناصر رؤيته التي تقول بأن الجنس في
أمــا الجزء الثالث من الــروايــات التي الرواية هو تعبير عن بعد فلسفي يبتني على
رؤية محددة ألسباب التحوالت والتغيرات تناولها الكتاب ،فنختار نموذجا لها رواية
«المسخ» لفرانز كافكا ،إذ يفيق البطل من التاريخية في المجتمعات.
أمــا روايــة «اليهودي الحالي» للروائي نومه ليجد نفسه قد «انمسخ» إلى حشرة
اليمني علي المقري ،فهي رواية أجيال ..لها مواصفات الــصــرصــار .بــاب الغرفة
ويحكي الجزء األكبر والرئيس منها قصة مغلق ،يتأخر البطل عن العمل ،فيأتي كبير
فــاطــمــة ،ابــنــة مفتي الــقــريــة الــتــي أحبت الموظفين في الشركة .يعرف القارئ قبح
الصبي الــيــهــودي ســالــم ،الــذي كــان كثير البيروقراطية والتسلط الذي تمارسه هذه
التردد على منزل العائلة؛ ألنه كان يقضي الشركة على عمالها وحتى على عوائلهم
حوائج منزلهم من الحطب وغيره ،أحبته بما في ذلــك هــذه العائلة الفقيرة ،بعد
فعلّمته الــقــراءة والكتابة باللغة العربية ،مــنــاورات ســرديــة وحــواريــة يفتح الباب،
هذه الخطوة التي صــارت أشبه بالحرب
فيهرب مسؤول الشركة بعد أن يــرى ما
في حارة اليهود الذين قرروا إثرها تعليم
حدث لموظفهم .يعالج هذا النص الذي
أوالدهم القراءة والكتابة بالعبرية ،فتمكن
تقع معظم أحداثه داخل غرفة صغيرة في
سالم من تعلّم العبرية وتعليمها لفاطمة..
شقة ضيقة ..كيف يتغير اإلنسان فيتغير
ليتحقق بذلك مشهد التبادل والتكامل
الفكري بينهما ،تخطب فاطمة سالم بعد المكان ،وتتغير نظرة البشر المحيطين
بلوغه لنفسها ،ويتزوجان سرًا ،ويخرجان فيتحول الحب إلى كــره ،والشجاعة إلى
من القرية إلى صنعاء ،توفيت فاطمة أثناء جبن ،والرأفة إلى قسوة ،هذه الصورة التي
ال ــوالدة فصارت قضية دفنها في مقابر يطلق عليها النقاد «الواقعية السوداوية».
* كاتب من السعودية.
كانت االستعارة وما تزال أداة الشاعر للتعبير الصادق عن مشاعره وعن رؤيته
للعالم والوجود؛ فاالستعارة هي القناة اللغوية التي يقرّب بها الشاعر المعنى من
المتلقي ،فتقوم بوظيفة التوصيل والتبليغ ،وفي الوقت نفسه اآللية التي ينزاح
بها عن الواقعي ..لينقلنا إلى عوالم الخيال في أوسع نطاقاته ،فتكون وظيفتها
من جانب آخر ،فنيّة جمالية.
لقد رأى القدماء أن الشاعر ال يكون قويًا (أو فحالً) إال إذا أحسن استعمال
االستعارة وتوظيفها في المقامات المناسبة توظيفً ا جيدً ا ،وذلك ما دفع اآلمدي
مثال ،إلى عدِّ ها أحد أركان عمود الشعر« :أن تكون االستعارات والتمثيالت الئقة
بما استعيرت له وغير منافرة لمعناه» ،كما أن المرزوقي أكد في تحديده لعمود
الشعر على ضرورة «مناسبة المستعار منه والمستعار له».
ُ
حفل استقبال
■ مرمي احلسن*
وســاوس كثيرة تنتاب أم قاسم في مشوار حياتها الصعب ،بعد أن تقدّ م بها
العمر ،وصارت األدوية رفيقة لها بعد وفاة زوجها ،الذي فارق الحياة وتركها تعاني
المرض والفقد ،ومخاوف تعاودها كل حين ،تشعر أنها غير قادرة على تخيّل أن
يداهمها الموت هكذا ،بال استعداد!
كانت مطمئنة إلى تناول العالج المستمر ،وكان عالج وحدتها صعب المنال.
البــــرهــــــــان
ُ
■ فهد املصبح*
حدثني صديق شغف بــاألنـثــى ..جــلّ حديثه عنها ،وهــاجــس الجسد يحتل مخيلته..
أطلقنا عليه ألقابًا كثيرة ،من بينها الطيب والبسيط وأحيانا الغبي ،والحق أنه يتقبل كل
ذلك وال يعترض؛ فنحار أمام نظراته البريئة ،وننخرط معه في وجدانياته ،وهو يؤكد أنه
لم يجد بغيته عند امرأة ليتزوجها .كنا نستمع إليه بولهٍ يسيل اللعاب ..ذات مرة انتحى
بي جانبًا ليخبرني بحادثة ،ال أدري حتى هذه اللحظة لِ َم اختارني لها ،فبعد أن اطمأن إلى
انفرادنا قال:
ســوف أســرد عليك حادثة وقعت لي مع فرحب بال تــردد ..كــان وقتها يتلقى وليده
األول ،وزوجته في بيت أهلها ..كان فرحً ا المرأة.
بي ،وهو يزف إليّ بشرى قدوم مولوده األول، ففتحت أذني له:
فقررت أن نبدأ برؤية الصغير.
في السبعينيات مع بداية تفتحنا على
حملتنا سيارة أجرة إلى الزقازيق ..باركت األسـ ــفـ ــار ،ســألــت الــعــارفــيــن ع ــن مــوطــن
الجمال ،فقالوا عليك بالخارج ..وقتها كنت للمدام ،ودسست في لفافة الصغير مبلغًا من
أنــوي الــذهــاب إلــى لبنان ،غير أن ظــروف المال كما هي عادتنا في اإلحساء ،وقبل أن
الحرب حالت دون ذلك ،فوصفوا لي أرض يحمل الطفل من حجري كنت محموالً على
الكنانة ،فشددت العزم إلى قاهرة األحباب أكــف الــراحــة من أهــل ال ــدار ،ثم عدنا إلى
واألعداء على حد سواء ..تزودت بكل شيء ،القاهرة ،وأنا أتلمظ شوقًا لشوارع القاهرة،
وقد دلني األصدقاء على شخص سيحقق حيث البشر والــبــاعــة والــنــســاء المتأنقات
لي كل مطالبي ،وقــد سبقتني إليه رسالة بمالبس تفضح أجسادهن ،وتريح الناظر
توصية منهم ..وصلت المطار وكان هو في إليها .الحظ صاحبي ما أنا عليه ونظراتي
استقبالي ..كنت وقتها أحمل معي كل شيء التي تثقب مالبسهن ،فأخذني إلــى شارع
حتى جوعي للجمال ،وبدأت لقاءه بسخائي عدلي وشــواربــي ،وأنــا اشترى الهدايا ،ثم
المعهود مشترطً ا ومذكرًا على ما ورد في فاجأني بترتيب حفلة (بارتي) على شرفي
خطاب األصدقاء أن يلبي لي ما أطلبه ،ويدع في شقته ..اتفق مع أصدقائه أن تكون حفلة
كألف ليلة. ما ال أطلبه فاتفقنا.
بعد العشاء اكتمل حضورنا في حفلة لم كان الحذر يتلبسه من نظراتي المتلصصة
والغريبة ،لم أتمكن من الصمود طويالً ،حيث أشهد مثلها حتى في أفالم السينما ..كانت
كانت األنثى نقطة ضعفي ..والجمال سر التصرفات حــذرة تجاهي ،فما أريــده يكون
سخائي ،فطاشت يــدي بــذالً .لم يشأ ذلك حاالً ،وافتتحت الحفل مقررًا أن نبدأ بتقديم
الصديق أن يتركني نهبًا لمن هب ودب ،فقرر الــهــدايــا ،أخــرجــت مــا عــنــدي ووزعــتــه على
بأريحية أن يضعني في عينيه بدءاً بالسكن الحضور حسب الموقف ،ثم تواصلت فقرات
معه ،فوافقت على أن أدفــع أجــرة سكني ،الحفل من رقــص وغناء ونــكــات ..وتناولنا
79 اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
ده بيؤول عاوز ماما. المسبك والمشبك ،وشربنا العصائر ..كنت
في كامل وعيي ألنني اشترطت أن ال يدار
نعم كنت وقتها أريد أمي ،بعد ما سمعت المسكر في الحفل ،وما عداه فهم فيه أحرار،
العرافة تقطع بالقول أنني سافرت من غير ونفذت رغبتي ،وبدأت فقرات (التقشيط)،
رضاها ،فذكرتني بها ..وأخذت أبكي. ريال ،وأنا حقًا
دفعت أكثر من عشرة آالف ٍ
بعضهم أعاد إليّ نقودي والهدايا الغالية، سعيد ،حتى ثمل الحضور من كرمي في حفل
انقضى ربعه ،وبقيت فيه فقرات ،وحركات
بزعم أنني أبكي عليها دون فائدة ،وكان في بدأت تبدر ،بانتظار إشارة البداية من يدي
الحفل سمسار قرر بثقة إيصالي إلى أمي، السخية ،وفجأة قطع علينا أحدهم الحديث،
قمت معه إلى سيارته في حركة منه لعلّي وأدار األنظار إليه وهو يقول:
هناك فقرة خاصة لضيفنا العزيز له أعاني عقدة نفسية تجاه األم ،وبالفعل صرنا
وح ــده؛ إن أراده ــا بقربنا ،أو أراده ــا على في طريق المطار ،وهو يقول:
حاالً تركب الطائرة وتعود إلى أمك. انفراد منعًا للحرج.
الزفاف
ِ ليلة
نوم في ِ
ٌ
■ محمد الرياني*
جميلةٌ ؛ بل فاتنة ،لو وضعت الحنا َء على كفيها ..لرأيتَ أجمل كفين ،يصف ّر ثم
يحم ّر لون الحناء حتى يقترب من السواد ،يتألق مع لون كفيها ،تزين مع كفيها
كل األلوان،
جميلةٌ ..تنام وعيناها إلــى أعلى ،لون الحناء ،اقترب الليل ،جاءها العتاب
والشعر يتدلى للناظرين ،نامتْ في ليلة عن عدم الحضور ،مدّت يديها ليراها
الزفاف ،ليست ليلة الزفاف لها ،هي الــداعــون ،عرفوا سبب تخلفها ،كتبوا
مدعوة وال تزين الليالي إال بها؛ ليالي براءتها ،أشاعوا بين الناس أن هناك
الزفاف ،نامت والحناء على يديها ،تريده ليلة أخــرى ،أعــادوا ليلة الفرح ،كانت
أن يَيْبس ،يتألق ،تريد أن تكون كفاها
ليلة فاتنة ،تسامع الناس ،تكاثروا أكثر
أجمل كفين في ليل الفرح ..ولكن للنوم
من الليلة الحقيقية ،كل الحاضرات
رأيًا آخر ،نامت ولم يحركها أحد ،غابت
أدهشهن الجمال ،كان لون الحناء في
عن ليل الفرح ،كانت ليلة فر ٍَح ناقصة،
استيقظت صباحً ا على تفاصيل الفرح ،غاية الجمال ،وكانت الساحرة النائمة
على أحاديث الساهرات ،كاد القهر أن في غاية الجمال .غادر الليل ،أشرقت
يقتلها من الداخل ،نظرت في كفيها ،لم الشمس والساهرات يتحدثن عن الليلة
تلمس شيئا ذلك اليوم ،لم تأكل بيدها ،الثانية وعن الفاتنة التي نامت لتجعل
وضعت حول كفيها غطاءين كي يبقى من ليلة الزفاف ليلة ثانية.
* قاص من السعودية.
تالشت المسافة ما بين الواقع والخيال حين توقف الباص الذي حملني من
المطار وأشــار المرافق لي بالنزول ،ورأيتني أقف أمــام واجهة منزل يشبه كثيرً ا
المنزل الذي اخترته سكنا لبطل قصتي.
كان مرافقي عربيًا لكنني بالكاد كنت أستطيع التقاط بعض الكلمات من بين
شفتيه اللتين اعتادتا المزج ما بين أكثر من لغة.
مسحت بقايا ابتسامة علقت بوجهي حين وجدتني أمــام المنزل ذات ــه ،ولم
يصطحبني إلى أحد فنادق البلدة كما اعتدت في إقامتي القصيرة بالبالد التي
زرتها ،وقلت ردًا على سؤال ظننته سأله :ال شيء!
نظر إليّ باستنكار وقال: سبقني إلى باب المنزل وفتحه بينما
قليال.. حملت حقيبتي ولحقت به ..كان يثرثر
بكلمات كثيرة وهو يتجول بي في أرجاء
كنت أعــرف أن مرافق بطل قصتي
المنزل.
كــان حانقًا عليه حين سأله السؤال
ذاتــه ،فهو ســؤال يشعر معه بالمهانة استوقفته وقلت:
والتشكيك فــي هويته العربية ،رغم أال تجيد العربية؟
* قاص من مصر.
* قاصة من السعودية.
ول ِّ
الش ْعر رس ُ
ُ
ρρموسى الشافعي*
ـوع ـ ـ ـ ـ ــي
أ ُِع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ـ ــذُ ِك ِم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــنْ ُب ـ ـ ـ ـ ـ ـ َكـ ـ ـ ـ ـ ــايَ َو ِم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــنْ دُ مُ ـ ـ ـ ـ ـ ِ
وم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــنْ وَجَ ـ ـ ـ ـ ــعِ ـ ـ ـ ـ ــي ال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـذي َتـ ـ ـ ـ ـ ْـحـ ـ ـ ـ ــتَ الـ ـ ـ ـ ُّـض ـ ـ ـ ـ ُل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوعِ !!
ِ
ُوح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي..
وم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــنْ ِح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْبـ ـ ـ ـ ـ ــرِ ي الـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـذي أ ُْسـ ـ ـ ـ ـ ِـق ـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ــهِ ر ِ
فـ ـ ـ ـ َي ـ ـ ــعْ ـ ـ ـ ِـص ـ ـ ـ ُـف بِ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــيَ ..ويـ ـ ـ ـ ــفْ ـ ـ ـ ـ ــتِ ـ ـ ـ ـ ـ ُـك بـ ـ ـ ــالـ ـ ـ ـ ُـجـ ـ ـ ــمُ ـ ـ ـ ــوعِ !!
ـس
ا َلـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍـب َو شَ ـ ـ ـ ـ ـ ــمْ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٌ
أَ َنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا َنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا ٌر بِ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ
ب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاَ وَهَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍـج ..سَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــتُ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْن ـ ـ ـ ـ ـ ِـذ ُر بـ ـ ـ ـ ــالـ ـ ـ ـ ـ ُّـط ـ ـ ـ ـ ـ ُلـ ـ ـ ـ ــوعِ !!
ُص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِّلـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــيَ ..كـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــيْ َي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـج ـ ـ ـ ـ ـ ــي َء الـ ـ ـ ـ ـ ِّـشـ ـ ـ ـ ــعْ ـ ـ ـ ـ ــرُ عَ ـ ـ ـ ـ ــذْ ب ـ ـ ـ ـ ـ ًا
أ َ
ـوعـ ـ ـ ــي!!
َفـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـأْتِ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ــنِ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي ..وَيُ ـ ـ ـ ـ ــفْ ـ ـ ـ ـ ـ ِـسـ ـ ـ ـ ــدُ لِ ـ ـ ـ ـ ــي ُخـ ـ ـ ـ ُـشـ ـ ـ ـ ِ
َت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــمُ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرُّ بِ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــيَ ال ـ ـ ـ ـ ـ ـ َقـ ـ ـ ـ ـ ــوافِ ـ ـ ـ ـ ـ ــي ِمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْثـ ـ ـ ـ ــلَ عُ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــود ٍ
ـوعـ ـ ـ ــي!!
ِم ـ ـ ـ ـ ـ ــنَ ال ـ ـ ــكِ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْب ـ ـ ــرِ ي ـ ـ ـ ِـت يُ ـ ـ ـ ـ ْـشـ ـ ـ ــعُ ـ ـ ـ ــلُ لِ ـ ـ ـ ـ ــي ُشـ ـ ـ ــمُ ـ ـ ـ ـ ِ
ر َُس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــو ًال ِجـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْئ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُـت َم ـ ـ ـ ـ ـ ْن ـ ـ ـ ـ ـ َهـ ـ ـ ـ ـ ُـجـ ـ ـ ـ ــهُ الـ ـ ـ ـ ـ ـ َقـ ـ ـ ـ ـ ـوَافِ ـ ـ ـ ـ ــي
ا ر ُُج ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوعِ !!
وآ َيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــتُ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــهُ ال ـ ـ ـ ـ ــمُ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـض ـ ـ ـ ـ ـ ُّـي ب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ َ
ف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــإنْ آمَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـت بِ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي وسَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـم ـ ـ ـ ـ ـ ــعْ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـت ِشـ ـ ـ ـ ـ ــعْ ـ ـ ـ ـ ـ ــرِ ي
سَ ـ ـ ـ ـ ـ َقـ ـ ـ ـ ـ ْي ـ ـ ـ ــتُ ـ ـ ـ ـ ِـك َك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْو َث ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َر ْيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـن ِمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــنَ الـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدُّ مُ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوعِ !!
* شاعر من السعودية.
شيب وزيّنَ
بالعارضين من ٍ
ِ سامرت ما عال وال َح
ُ وفي معيّةِ القمرِ ...
فقلت:
ُ حديث وأفولُ ؛
ٌ كريات
ِ أيّام ًا لها بالذّ
أب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا ع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــروٍ إذا مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا ب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــانَ شـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ـ ٌـب
ـاب
ـأخ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــبِ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْر غ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ًـا مـ ـ ـ ـ ـعـ ـ ـ ـ ـن ـ ـ ـ ــى الـ ـ ـ ـ ـ ـ ّـش ـ ـ ـ ـ ـ ـبـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ
فـــــــ ْ
ن ـ ـ ـ ـ ـ ـس ـ ـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ـ ــرُ ال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ـ ـ ــلَ ن ـ ـ ـ ـ ـ ـق ـ ـ ـ ـ ـ ـطـ ـ ـ ـ ـ ــعُ ـ ـ ـ ـ ـ ــهُ ن ـ ـ ـ ـغ ـ ـ ـ ـ ّنـ ـ ـ ــي
ـصـ ـ ـ ـ ــابـ ـ ـ ـ ــي
ـدح ل ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ـ ـ ــا ك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــانَ ال ـ ـ ـ ـ ـ ّتـ ـ ـ ـ ـ َ وفـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي َقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍ
ـات مـ ـ ـ ـنـ ـ ـ ـه ـ ـ ــا؟ أش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـكـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوى أ ْم ه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــيَ اآلهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ
ـاب
رف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُـف الـ ـ ـ ـ ـ ـ ـقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـب ِغـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٌّـل بـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ّر َقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ
ّض فـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـأَقْ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـصـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْر ال ُتـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــبِ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــحْ ِسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ّر ًا وف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـو ْ
ـاب
ـاح ال ـ ـ ـ ـ ـ َي ـ ـ ـ ـ ـبـ ـ ـ ـ ـ ِ
ج ـ ـ ـ ـل ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ــلَ األمْ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرِ فـ ـ ـ ـ ـ ــي الـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ّـسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ
وضـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــمّ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــنْ ُسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــؤلَ م ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا ت ـ ـ ـ ـ ـ ــرج ـ ـ ـ ـ ـ ــو ونـ ـ ـ ـبـ ـ ـ ـغ ـ ـ ــي
ـاب
ّوح فـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي أحـ ـ ـ ـ ـ ـل ـ ـ ـ ـ ــى انـ ـ ـ ـ ـسـ ـ ـ ـ ـك ـ ـ ـ ـ ِ
ث ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا َء ال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـر ِ
وق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــلْ دوم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ًا ف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـهـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذا رِ ْي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــعُ ن ـ ـ ـف ـ ـ ـسـ ـ ــي
ـاب
ـاب هـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ّي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا ب ـ ـ ـ ـ ــانـ ـ ـ ـ ـ ـسـ ـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ـ ـ ِ
وهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذا الـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ
دار ًا سـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـكـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ّنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ًا أ ْو لـ ـ ـ ـبـ ـ ـ ـثـ ـ ـ ـن ـ ـ ــا فـ ـ ـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ـ ـ ــا
ـاب
مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرو َر الـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ّـط ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرِ مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوفـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــو َر ال ـ ـ ـ ـ ـج ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ـ ـ ـ ِ
حـ ـ ـ ـ ـ ـ ــزرنـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا فـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي ِسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــنِ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــيّ ِ الـ ـ ـ ـ ـ ـ ـعـ ـ ـ ـ ـ ـ ـم ـ ـ ـ ـ ـ ــرِ زهْ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــو ًا
ـراب
فـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــانَ األم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرُ أطـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوا َر ال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ّـس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ
ـات ف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــو ّدع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُـت الـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــواف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي مُ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍ
ـراب
وأع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُـت ا ّلـ ـ ـ ـ ـ ـ ـلـ ـ ـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ـ ـ ــال ـ ـ ـ ـ ـ ــي ع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن خ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ
وقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُـت أزو ُر م ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن أه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوى ويـ ـ ـ ـ ـ ـه ـ ـ ـ ـ ــوى
ـاب
رأس الـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـخـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ َ وأل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـفـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى بـ ـ ـ ـ ـ ــال ـ ـ ـ ـ ـ ـبـ ـ ـ ـ ـ ــا
اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018 88
شـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر
ون ـ ـ ـ ـ ـ ـف ـ ـ ـ ـ ـ ـسـ ـ ـ ـ ـ ــي ف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـك ع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن ذكـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرى رأي ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ـ ـ ـ ــا
ـواب
ـصـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ
ـاط الـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ّ
حـ ـ ـ ـ ـلـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ـ َم األم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـس مـ ـ ـ ـ ـ ـشـ ـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ـ ـ ـ َ
فـ ـ ـ ـ ـ ـ ــأطـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـت ال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدامـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــعُ يـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا ل ـ ـ ـن ـ ـ ـف ـ ـ ـسـ ـ ــي
ـاب
ـص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـعـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ
ف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــواح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــزنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ًا ل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــهُ ب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذلُ الـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ّ
وأغـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـلـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُـت الـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوا َر وق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـلـ ـ ـ ـ ـ ـ ــت مـ ـ ـ ـ ـه ـ ـ ـ ـ ًـا
ـاب
وُ ر ِّْي ب ـ ـ ـ ــالـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـض ـ ـ ـ ـ ِ سـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوادُ ال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ّـشـ ـ ـ ـ ـ ـ ـع ـ ـ ـ ـ ـ ــرِ
رويـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد ًا ي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا ن ـ ـ ـ ـ ـ ــديـ ـ ـ ـ ـ ـ ـمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ًا ك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ـ ـ ـ ـ ــتَ َتـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــروي
ـاب
ـاح ع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــنْ ُره ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ
وت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــزه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــو ف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي صـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍ
فـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا فـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــك أي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــامـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ًا ظ ـ ـ ـ ـن ـ ـ ـ ـنـ ـ ـ ــا
ن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـعـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدُّ الـ ـ ـ ـ ـ ـ ـعـ ـ ـ ـ ـ ـ ـمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َر ش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد ًا ك ـ ـ ـ ـ ـ ــال ـ ـ ـ ـ ـ ــرُّ ض ـ ـ ـ ـ ـ ــاب
فـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا َن الـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ّـشـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرخُ ف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي أفـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاء كـ ـ ـ ـ ـ ّن ـ ـ ـ ــا
ـاب
ن ـ ـ ـ ـ ـس ـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ــرُ الـ ـ ـ ـ ـ ـ ــعُ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــمْ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َر قـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ًا م ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــنْ إه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ
فـ ـ ـ ـ ـ ـ ــأق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْر يـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا س ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــواد ًا ن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــالَ مـ ـ ـ ـ ـ ّن ـ ـ ـ ــا
ـاب
وبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ّـطـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ًا رمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى س ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َم ال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِّـشـ ـ ـ ـ ـ ـ ـه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ
ـاق
فـ ـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ـ ــا غُ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــمْ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر ًا ت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـظـ ـ ـ ـ ـ ـ ــنّ الـ ـ ـ ـ ـ ـ ـلـ ـ ـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ـ ـ ــلَ بـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍ
ـاب
وع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـشـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــتَ الـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ّـس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـكـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر َة األولـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى بـ ـ ـ ـ ـ ـغ ـ ـ ـ ـ ـ ِ
وي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا عُ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــمْ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر ًا نـ ـ ـ ـ ـسـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ـن ـ ـ ـ ــا لـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــتَ أ ّنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا
ـاب
ذك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا م ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا سـ ـ ـ ـ ـ ـ ُن ـ ـ ـ ـ ــفْ ـ ـ ـ ـ ـ ـض ـ ـ ـ ـ ــي ع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن تـ ـ ـ ـ ـ ـب ـ ـ ـ ـ ـ ِ
فـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــودع م ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا ب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـظـ ـ ـ ـ ـ ـ ــنِّ الـ ـ ـ ـ ـ ـ ـعـ ـ ـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـش ُط ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ّر ًا
ـراب
ـأس بـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـتـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ
وع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْر كـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــلَّ ك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍ
درس عُ ـ ـ ـ ـ ـ ــمْ ـ ـ ـ ـ ـ ــرٍ
ُ ه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــيَ اآلجـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــالُ مـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ـ ـ ـه ـ ـ ـ ــا
ـاب
ـض الـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـش ـ ـ ـ ـ ـ ـعـ ـ ـ ـ ـ ــرِ أك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـفـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــانُ الـ ـ ـ ـ ـغـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ـ ِ
وبِ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ
* شاعر وأكاديمي بجامعة الجوف.
م ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن قـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــال إنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي ق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد أض ـ ـ ـ ـ ـ ـعـ ـ ـ ـ ـ ــت سـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ـيـ ـ ـن ـ ــا
ف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي حـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـب ـ ـ ـ ــه حـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ـ ــى أض ـ ـ ـ ـ ـع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــت ق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــري ـ ـ ـ ـنـ ـ ـ ــا؟
مـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن ق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــال إن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي ل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن أالق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي م ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا أريـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ
د ب ـ ـ ـ ـغ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة أو اسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـتـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـبـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــح ع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــريـ ـ ـ ـن ـ ـ ــا؟
م ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن ق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــال إن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي ق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد شـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ــت ب ـ ـ ـ ـصـ ـ ـ ــده
عـ ـ ـ ـ ـم ـ ـ ـ ــا أروم وق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد احـ ـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ـ ـ ــرق ـ ـ ـ ـ ــت ظ ـ ـ ـ ـنـ ـ ـ ــونـ ـ ـ ــا؟
أو ق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــال أن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي ق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد فـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدت ع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاق ـ ـ ــة
ح ـ ـ ـ ـ ـم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــراء م ـ ـ ـ ـ ـ ــا وهـ ـ ـ ـ ـ ـب ـ ـ ـ ـ ــت ل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي الـ ـ ـتـ ـ ـ ـ ـ ـمـ ـ ـكـ ـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـن ـ ــا
م ـ ـ ـ ـ ـ ــن ق ـ ـ ـ ــالـ ـ ـ ـ ـه ـ ـ ـ ــا واغـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـتـ ـ ـ ـ ـ ــاظ واتـ ـ ـ ـ ـ ـ ـب ـ ـ ـ ـ ـ ــع الـ ـ ـ ـ ـه ـ ـ ـ ــوى
و ك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــأنـ ـ ـ ـ ــه حـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـسـ ـ ـ ــب الـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـغ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرام م ـ ـ ـج ـ ـ ـ ـ ـ ــونـ ـ ــا
ال شـ ـ ـ ـ ـ ـ ــك أن ال ـ ـ ـ ـنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــس فـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي أه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوائ ـ ـ ـ ـهـ ـ ـ ــا
عـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـب ـ ـ ــر ال ـ ـ ـ ـ ـم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدى تـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــرق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــب الـ ـ ـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ـ ـ ـ ــزيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـنـ ـ ــا
و ك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــأن ـ ـ ـ ـ ـهـ ـ ـ ـ ــا ت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــت ألس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرع ل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذة
كـ ـ ـ ـ ــانـ ـ ـ ـ ــت س ـ ـ ـ ـقـ ـ ـ ــوطـ ـ ـ ــا فـ ـ ـ ـ ـ ــي الـ ـ ـ ـحـ ـ ـ ـضـ ـ ـ ـي ـ ـ ــض م ـ ـه ـ ـي ـ ـنـ ــا
***
أم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا أن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا ال أبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـتـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـغ ـ ـ ــي شـ ـ ـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـئ ـ ـ ـ ـ ـ ــا يـ ـ ـ ـ ـ ـع ـ ـ ـ ـ ــذ
ب غ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــادت ـ ـ ـ ــي ويـ ـ ـ ـ ـ ـ ـمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـتـ ـ ـ ـ ـ ـ ـه ـ ـ ـ ـ ـ ــا تـ ـ ـ ـ ـلـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ـنـ ــا
إنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي ال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذي يـ ـ ـ ـ ـ ـه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــواك م ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن أعـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـم ـ ـ ــاق ـ ـ ــه
و ي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذوب عـ ـ ـ ـ ـ ـ ـشـ ـ ـ ـ ـ ـ ـقـ ـ ــا ب ـ ـ ـ ـ ـ ــل يـ ـ ـ ـهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ــم جـ ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــونـ ـ ــا
أسـ ـ ـ ـ ـ ـم ـ ـ ـ ـ ــو عـ ـ ـ ـ ـل ـ ـ ـ ــى طـ ـ ـ ـمـ ـ ـ ـع ـ ـ ــي لـ ـ ـ ـكـ ـ ـ ـي ـ ـ ــا أت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرك ال ـ ـ ـ ـ ـ
مـ ـ ـ ـ ـحـ ـ ـ ـ ـب ـ ـ ـ ــوب يـ ـ ـ ـشـ ـ ـ ـك ـ ـ ــو الـ ـ ـ ـ ـ ـ ـخ ـ ـ ـ ـ ـ ــوف وال ـ ـ ـت ـ ـ ـخ ـ ـ ـم ـ ـ ـي ـ ـ ـنـ ـ ــا
و بـ ـ ـ ـ ـ ـ ـق ـ ـ ـ ـ ـ ــرب ف ـ ـ ـ ــاتـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ـ ــي تـ ـ ـ ـ ـطـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ــر ج ـ ـ ـ ـ ـ ــوارح ـ ـ ـ ـ ـ ــي
ف ـ ـ ـ ـ ـ ــرح ـ ـ ـ ـ ـ ــا وتـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرفـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــض أن أك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــون ح ـ ـ ــزيـ ـ ـ ـن ـ ـ ــا
فـ ـ ـ ـ ـه ـ ـ ـ ــي الـ ـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ـ ـ ــي أسَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرت ف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــؤادي حـ ـ ـيـ ـ ـنـ ـ ـم ـ ــا
ن ـ ـ ـ ـص ـ ـ ـ ـبـ ـ ـ ــت ب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدرب ال ـ ـ ـ ـم ـ ـ ـ ـسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ـ ـهـ ـ ـ ــام كـ ـ ـ ـ ـ ـمـ ـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـن ـ ــا
فـ ـ ـ ـ ـ ُأصـ ـ ـ ـ ـب ـ ـ ـ ــت ف ـ ـ ـ ـ ــي األضـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاع ح ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ــن ت ـ ـ ـم ـ ـ ـك ـ ـ ـنـ ـ ــت..
م ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ـ ـ ــي وكـ ـ ـ ـ ـ ـ ـن ـ ـ ـ ـ ـ ــت م ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــع ال ـ ـ ـ ـ ـ ـم ـ ـ ـ ـ ـ ـصـ ـ ـ ـ ـ ــاب سـ ـ ـجـ ـ ـيـ ـ ـن ـ ــا
يـ ـ ـ ـ ـ ــا درة ال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدن ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ــا الـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـتـ ـ ـ ــي م ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن ح ـ ـسـ ـ ـ ـ ـن ـ ـهـ ــا
أغـ ـ ـ ـ ـ ــرق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــت س ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاعـ ـ ـ ـ ـ ــات ال ـ ـ ـ ـ ـ ـم ـ ـ ـ ـ ـ ـسـ ـ ـ ـ ـ ــاء لـ ـ ـ ـح ـ ـ ــون ـ ـ ــا
اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018 90
شـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر
ف ـ ـ ـ ـهـ ـ ـ ــي ال ـ ـ ـ ـ ـتـ ـ ـ ـ ــي فـ ـ ـ ـ ـ ــي ال ـ ـ ـ ـح ـ ـ ـ ـسـ ـ ـ ــن ال أل ـ ـ ـ ـ ـقـ ـ ـ ـ ــى ل ـ ـهـ ــا
شـ ـ ـ ـ ـ ـ ـبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـهـ ـ ــا ب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــآي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــات ال ـ ـ ـ ـجـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــال مـ ـ ـ ـ ـ ـبـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ـ ـن ـ ــا
م ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا س ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاءنـ ـ ـ ـ ــي أن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي بـ ـ ـ ـلـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ــت ب ـ ـعـ ـ ـ ـ ـشـ ـ ـ ـ ـقـ ـ ـ ـ ـهـ ــا
وغـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرام ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا ح ـ ـ ـ ـ ـ ـتـ ـ ـ ـ ـ ــى غ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدوت رهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ـنـ ـ ـ ــا
أيـ ـ ـ ـ ـ ـق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــول ضـ ـ ـ ـ ـ ــاعـ ـ ـ ـ ـ ــت ف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــان ـ ـ ـ ـت ـ ـ ـ ـهـ ـ ـ ــى وك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــأنـ ـ ـ ـه ـ ـ ــا
غ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرزت بـ ـ ـ ـ ـ ــوس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــط ض ـ ـ ـ ـ ـ ـلـ ـ ـ ـ ـ ــوعـ ـ ـ ـ ـ ــه س ـ ـ ـكـ ـ ـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـنـ ـ ــا
حـ ـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ـ ـ ــى وإن ضـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاعـ ـ ـ ـ ـ ـ ــت فـ ـ ـ ـ ـلـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ــس ي ـ ـ ـ ـ ــردن ـ ـ ـ ـ ــي
شـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــيء فـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـم ـ ـ ــا ف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي الـ ـ ـ ـقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـل ـ ـ ــب ظ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــل م ـ ـكـ ـ ـ ـ ـي ـ ـنـ ــا
فـ ـ ـ ـل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم ال ـ ـ ـ ـب ـ ـ ـ ـك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاء وأنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــت ت ـ ـ ـنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـع ـ ـ ـ ـ ـ ــم ظ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاف ـ ـ ــرا
بـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــؤاده وتـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـخ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــات ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــل ال ـ ـ ـمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـكـ ـ ـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـنـ ـ ــا؟
إنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي أعـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــش مـ ـ ـ ـ ـ ـ ــع ال ـ ـ ـ ـحـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـب ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ــب سـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـعـ ـ ـ ــادة
أج ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرت ل ـ ـ ـ ـ ـ ــي ال ـ ـ ـ ـن ـ ـ ـ ـه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر الـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـق ـ ـ ـ ــيَّ م ـ ـعـ ـ ـ ـ ـي ـ ـنـ ــا
م ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاذا أؤمِّ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــل بـ ـ ـ ـ ـ ـ ـعـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدم ـ ـ ـ ـ ـ ــا ق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــت أن ـ ـ ـ ـ ـ ــا
لـ ـ ـ ـ ـ ــك فـ ـ ــان ـ ـ ـت ـ ـ ـشـ ـ ـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ــت ومـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا ط ـ ـ ـلـ ـ ـ ـ ـ ـ ـبـ ـ ــت يـ ـ ـمـ ـ ـيـ ـ ـن ـ ــا؟
كـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا وال واص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـلـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــت ض ـ ـ ـ ـ ـ ـغـ ـ ـ ـ ـ ــط م ـ ـ ـ ـشـ ـ ـ ــاعـ ـ ـ ــر
لـ ـ ـ ـم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا وج ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدت م ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــع ال ـ ـ ـ ـبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاد حـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ـيـ ـ ـن ـ ــا
ومـ ـ ـ ـ ـضـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ــت أسـ ـ ـ ـ ـ ـك ـ ـ ـ ـ ــب مـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن مـ ـ ـ ـ ـس ـ ـ ـ ــائ ـ ـ ـ ــك غـ ـ ـيـ ـ ـم ـ ــة
ب ـ ـ ـ ـ ـفـ ـ ـ ـ ــم ال ـ ـ ـ ـ ـ ـص ـ ـ ـ ـ ـ ـبـ ـ ـ ـ ـ ــاح وأقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـط ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــف الـ ـ ـ ـنـ ـ ـ ـس ـ ـ ــريـ ـ ـ ـن ـ ـ ــا
مـ ـ ـ ـهـ ـ ـ ـم ـ ـ ــا فـ ـ ـ ـعـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـل ـ ـ ــت لـ ـ ـ ـك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي تـ ـ ـ ـظ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــل ب ـ ـ ـج ـ ـ ـ ـ ـ ــان ـ ـ ـبـ ـ ــي
عـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـم ـ ـ ـ ــرا س ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــأبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـق ـ ـ ــى ي ـ ـ ـ ـ ـ ــا ه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــواي م ـ ـ ـ ـ ـ ــدي ـ ـ ـنـ ـ ــا
ف ـ ـ ـ ـ ـ ــاهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــأ ف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــإنـ ـ ـ ــي ف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي يـ ـ ـمـ ـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـن ـ ـ ـ ـ ــك ح ـ ـ ـ ـ ــال ـ ـ ـ ـ ــم
وأرى تـ ـ ـ ـ ـ ـ ـجـ ـ ـ ـ ـ ـ ـمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـعـ ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــا مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا يـ ـ ـ ـ ـ ـكـ ـ ـ ـ ـ ـفـ ـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـن ـ ــا
ولـ ـ ـ ـ ـق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد نـ ـ ـ ـ ـ ـ ـعـ ـ ـ ـ ـ ـ ـم ـ ـ ـ ـ ـ ــت ولـ ـ ـ ـ ـلـ ـ ـ ـ ـشـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـب ـ ـ ـ ــاب ل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذاذة
تـ ـ ـ ـ ـ ـ ـحـ ـ ـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ـ ـ ــي دق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــائـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا وال تـ ـ ـ ـ ـ ـغ ـ ـ ـ ـ ــويـ ـ ـ ـ ـ ـن ـ ــا
أنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا ال أري ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد س ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوى ش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــري ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــك دائ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم
ف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي ال ـ ـ ـ ـن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــائ ـ ـ ـ ـب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــات وال أري ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد خ ـ ـ ـ ـ ـ ــدي ـ ـ ـنـ ـ ــا
حـ ـ ـ ـسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـب ـ ـ ــي ب ـ ـ ـ ــأن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــك ل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي كـ ـ ـ ـ ـ ـ ـفـ ـ ـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ــل ب ـ ـ ــال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذي
أرج ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــو وأن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــك تـ ـ ـ ـبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــث ال ـ ـ ـت ـ ـ ـطـ ـ ـ ـ ـ ـ ـمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـنـ ـ ــا
حـ ـ ـ ـسـ ـ ـ ـب ـ ـ ــي بـ ـ ـ ـ ــأنـ ـ ـ ـ ــي مـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـل ـ ـ ــص مـ ـ ـ ـ ـ ــن لـ ـ ـ ـحـ ـ ـ ـظ ـ ـ ــة الـ ـ ـ ـ ـ
لـ ـ ـ ـ ـ ـ ـقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ـ ـ ــا لـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــومٍ صـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرت فـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ــه دفـ ـ ـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـنـ ـ ــا
* شاعر من السعودية.
1
َص َف ال َقل ْْب
اسكُ نِ ي مُ ْنت َ
ْ
اليمینْ
ال تَكُ وْنِ ي فِ ي ِ
أو تَكُ وْنِ ي فِ ي الیَسَ ا ْر
الحب
َود َِعینَا َن ْب َد ُأ ُ
َهج الوَسَ ِطية
بِ ن ِ
الجنُونْ
الح ِ ّب ُ
َفأَنَا جَ ّ َرب ُْت في ُ
َو َت َع ّ َقل ُْت كَثِ ْی َر ًا
وَآمَ ن ُْت قَلِ ْی ًال
َو َك َفرْتْ
إحدَى ال َتّجارِ ْب
الح ّ َب فِ ي ْ
َودَخَ ل ُْت ُ
َوأَنَا أ َْح ِملُ ِم ْیرَاثَ القَبِ یْلةَ ..و َتقَالِ ْی َد القَبِ ْیلَة
فَخَ ِسرْتْ
الح ّ َب بِ شَ كْ ٍل وَسَ ِطيْ
وَلِ َهذَا أ َْطلُب ُ
2
ل َْس ِت -یَا سَ ِ ّیدَتِ ي -مُ ْضطَ ّ َر ًة
أَنْ تَقْ بَلِ ي ُح ِبّي
وَال مُ ْضطَ ّ َر ًة أَنْ َت ْتبَعِ ینِ ي
ال فَاتْرُ كِ یْنِ ي
ف ِ َّكرِ ي فِ ي األمْ ر إنْ ِشئ ِْت ..وَإ ّ َ
إِ َنّنِ ي أَهْ وَى عَ لَى شَ رْطيْ وَدِ یْنِ ي
3
ال َت ْند َِه ِشيْ
أَقْ َر ُأ ال ّ َدهْ شَ َة فِ ي عَ ْی َنی ِْك ِمنْ َقوْلِ يَ ..ف َ
اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018 92
شـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر
ُر َبّمَ ا أ َْخطَ أ ُْت فِ ي ُح ِبّي الق َِدیْمْ ..
وضي..
ُر َبّمَ ا كُ ن ُْت َضعِ ْی َف ًا فِ ي فُ رُ ِ
ُر َبّمَ ا حَ ا َول ُْت أَنْ أَمْ ُح ْو ِسنِ ْی َن ًا
ُر َبّمَ ا مَ ار َْس ُت دِ ْی َن ًا غَ ْی َر دِ یْنِ ي
الح ِ ّب..
ُر َبّمَ ا عَ ْربَدْ ُت فِ ي ُ
َض َیّعْ ُت
و َ
و َِضعْ ْت
4
أجمَ لَ عَ ی ٍْن
ال ُأنْكِ رُ یَا ْ
أَنَا َ
أ َن ِّك األ َْحلَىْ ِمنَ الالتِ ي عَ رَفْ ْت
أل ْنقَىْ ..و َِمن و َْح ٍي سَ مَ اوِ ٍ ّي ُخلِ قْ ِت
أل ْروَعُ وَا َ
ألكْمَ ل وَا َ
أَ َن ِّك ا َ
ْض ًا
َوأَنَا أعْ رِ ُف أَی َ
أَ ّ َن فِ ي عَ ْی َنی ِْك ملیُ وْنَ جَ زِ ْیرَة
لِ مَ الیِ ی ِْن ا ْل َفرَاشَ ِات الخَ جَ الَىْ
الهن ِْد ّي فِ ي كُ ِ ّل الفُ ُصوْلْ
وَعَ لَى ثَغْ رِ ِك َینْمُ ْو ال َك َر ُز ِ
و َْجهُ ِك المُ ْختَالُ ُح ْس َن ًا
یَفْ تَحُ الجَ ّ َن َة لِ يْ ..وَیُ عِ یْدُ ال ُّن ْو َر وَا ْأل ْلوَانَ
یُ هْ ِدیْنِ ي ُشمُ وْسَ ا
الد ْنیَا
َوأَرَانِ ي مَ الِ َك ُّ
َولَكِ نْ اقْ بَلِ یْنِ ي حَ ْسبَ شَ ر ِْطي
5
ال تَقُ وْلِ ي إ َنّنِ ي أ َْختَلِ قُ األَعْ ذَا َر
كَي أَهْ رُ بَ ِمن ِْك
ال تَقُ وْلِ ي إ َنّنِ ي أَفْ ت َِعلُ األ َْشیَاء ِمنْ دُ و ِْن سَ ب َْب
َصافِ یرُ ُتغ َِنّي ِحیْنَ یَكْ ُسوهَ ا ال ّ َتع َْب..
الع َ
93 اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
6
الح ِ ّب
مُ ْت َع َب ًا أَمْ ِشي بِ َذن ِْب ُ
َنیْسَ انَ یُ ع ِ َّریْنِ ي َكبَدْ رِ البَادِ یَة
َص َضوْئِ يْ
وَان ِْحنَاءَات الكَالمِ الهَمَ ِجيْ تَمْ ت ُّ
الذ ِ ّل ِمنْ ُح ِبّي الق َِدیْمْ
َو َبقَایَا ُّ
َور ُُسوْمَ ات ال ُن ُّجوْمِ ال ّ َذ ِاهبَة
فاسمعيني
كُ َلّمَ ا حَ ّ َدقْ ُت فِ ي ت َْجرِ بَةٍ ..
ت َْخنُقُ َصوْتِ ي
عندها
أَبْكِ ي -عَ لَى ال َت ّْطوِ ی ِْق -وَقْ َت ًا
وَعَ لَى ال ّ َتوْدِ ی ِْع ِح ْینَا
النفَاقْ ..وابْتِ سَ امَ ِات ِشفَاهٍ كَاذِ بَة
َوأَرَى ِمنْ خَ ل ِْفهَا َك ْو َم ِ ّ
7
الفكْ رَةِ -
حَ اوِ لِ ي -سَ ارِ حَ َة ِ
َاك ُظ ُنوْنِ ي
إ ْدر َ
حَ اوِ لِ ي أَنْ ت ُْخرِ ِجیْنِ ي
ِمنْ دَهَ الِ یْز ُج ُنوْنِ ي
استَطَ عْ ْت
أخ َر َج ِم ِنّي مَ ا ْ
َفأَنَا حَ ا َول ُْت أنْ ْ
8
كُ َلّمَ ا َف ّ َكر ُْت فِ ي ُح ِبّك
أَغْ دُ ْو َبیْنَ حَ ا َلی ِْن..
َو َل ْی َلی ِْن
وَال یُ مْ كِ نُنِ ي ال َتّمْ یِ ْی َز
َبیْنَ األ َْصفَرِ المُ مْ ت ِ َّد حَ وْلَ ال َنّهْ ِد
أَ ْو َبیْنَ ُخ ُطو ِْط (المَ ْندَلِ ْینَا)
اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018 94
شـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر
َوأَرَانِ ي فِ ي ذُ هُ وْلِ ي غَ ارِ َق ًا ِح ْی َن ًا
وَبِ ال َتّفْ كِ یْرِ ِح ْینَا
َوأَرَى ُح َب ِّك َیر ِْمیْنِ ي قَتِ یْال
9
أَنَا ال أَقْ َر ُأ فِ نْجَ انَ الغُ یُ و ْْب
ال أَعْ لَمُ مَ نْ َتأَتِ ي غَ َد ًا
ال َو َ
َ
الح ُّب سَ َیأْتِ ي مَ ّ َر ًة أ ُْخرَى
وَمَ تَى ُ
الذ ْي َیوْمَ ًا عَ َلیْه سَ أَمُ وْتْ
وَال ال َنّهْ َد ِ
أ ْو مَ تَى أَقْ ِط ُف مَ ْو َج الب َْحرِ
أُهْ ِدي شَ هْ َو ًة لِ لْكِ بْرِ یَاءْ
10
أَنَا یَا سَ ِ ّی َد َة ال ّ َروْعَ ةِ
ِمنْ أَ َو ِّل َیوْمٍ
الشمْ ِس ِمنْ عَ تْمَ تِ هَا
الِ غْ تِ سَ ِال ّ َ
أَبْحَ ُث عَ نْ فَاتِ نَةٍ َتأَتِ ي عَ لَى قَدْ رِ ُج ُنوْنِ ي
وَعَ لَى شَ ر ِْطي وَدِ یْنِ ي
السمَ اءْ
َوأَرَى فِ ي عَ یْنِ هَا سَ ْح َر ّ َ
إِ َنّنِ ي أَبْحَ ُث عَ نْ سَ ِ ّیدَةٍ
تَفْ هَمُ نِ ي دُ وْنَ كَال ْم
الصغِ یْرة
والح ْل َم َوأ َْشیَائي ّ َ
اض َر ُ
تَقْ َر ُأ الحَ ِ
باختصار
ت ُْشبِ هُ أ ِ ُّميْ
وَفِ ي َض ْحكَتِ هَا
نَغْ مَ ةُ أ ِ ُّمي
َالسال ْم
و َّ
* شاعر من السعودية.
َكـ ـ ـ ــمْ َص ـ ـ ـ ّ َي ـ ـ ـ َر ْتـ ـ ــهُ االمـ ـ ــانـ ـ ــي _ حـ ـي ــن ِطـ ـ ـ ـ ـ ـرْنَ ب ـ ــه يـهـفــو
ـصـ ـ ـ ـ ـ ِـد!!
ـض ال ـ ـ ـ ـ ـ َقـ ـ ـ ـ ـ ْ
لـ ـ ـ ـم ـ ـ ــا ع ـ ـ ـ ـنـ ـ ـ ــهُ ي ـ ـ ـج ـ ـ ـفـ ـ ــو -غـ ـ ـ ـ ــامـ ـ ـ ـ ـ َ
ومـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا َلـ ـ ـ ـ ـ ـ ــهُ مـ ـ ـ ـ ـن ـ ـ ـ ـ ِـك ف ـ ـ ـ ـ ــي دنـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ــا ال ـ ـ ـ ـ ـه ـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ــامِ س ـ ـ ــوى
ُب ـ ـ ـ ــعْ ـ ـ ـ ــدٌ عـ ـ ـل ـ ــى ال ـ ـ ـ ـ ــقُ ـ ـ ـ ـ ـ ـر ِْب أو قُ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـر ٌْب عـ ـ ـل ـ ــى ال ـ ـ ـ ُبـ ـ ــعْ ـ ـ ـ ِـد
***
مـ ـ ـ ـ ـ ــأسـ ـ ـ ـ ـ ــو ُر ُحـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ ّـبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـك َيـ ـ ـ ـ ْـش ـ ـ ـ ـقـ ـ ـ ــى دونَ غـ ـ ـ ــا َيـ ـ ـ ــتِ ـ ـ ـ ــهِ
ـط وال شَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ ّـد
يـ ـ ـ ـبـ ـ ـ ـق ـ ـ ــي الـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـر ِّح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاْلُ ب ـ ـ ـ ـ ــا حَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍّ
بـ ـ ـ ـي ـ ـ ــن الـ ـ ـ ــمُ ـ ـ ـ ـنـ ـ ـ ــى وال ـ ـ ـ ـم ـ ـ ـ ـنـ ـ ـ ــايـ ـ ـ ــا ال َيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َزاْلُ َل ـ ـ ـ ـ ــهُ
ـوت ف ـ ــي ال ـ ــمَ ـ ــهْ ـ ـ ِـد مـ ـث ــل الـ ـ ـ َعـ ـ ـ ْي ـ ـ ِـش ف ـ ــي الـ ـ ـ ّ َل ـ ـ ْـح ـ ـ ِـد
ال ـ ـ ـمـ ـ ـ ُ
ـوعـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدٌ بـ ـ ـ ـ ـ ــالـ ـ ـ ـ ـ ــردى ف ـ ـ ـ ـ ــي الـ ـ ـ ـ ـ ـ َن ـ ـ ـ ـ ـ ْـح ـ ـ ـ ـ ـ ِـس ي ـ ـ ــرقـ ـ ـ ـ ُب ـ ـ ــهُ
تـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُّ
ومـ ـ ـ ـ ـ ــوعـ ـ ـ ـ ـ ــدٌ بـ ـ ـ ــال ـ ـ ـ ـنـ ـ ـ ــدى يـ ـ ـ ـ ـ ــرجـ ـ ـ ـ ـ ــو ُه ف ـ ـ ـ ـ ــي الـ ـ ـ ــسَ ـ ـ ـ ــعْ ـ ـ ـ ـ ِـد
الحي
ِّ زامر
ُ
ρρموسى غلفان واصلي*
ذُ بِ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُـت ب ـ ـ ـ ـبـ ـ ـ ــاب ـ ـ ـ ـهـ ـ ـ ــا ك ـ ـب ـ ـشـ ــا ع ـ ـ ـلـ ـ ــى ُنـ ـ ـ ـس ـ ـ ــك الـ ـ ـ ـ ـه ـ ـ ـ ــوى أع ـ ـشـ ــى
وم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا أك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه إن ـ ـ ـ ـ ـشـ ـ ـ ـ ــا أسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاق لـ ـ ـ ـمـ ـ ـ ـقـ ـ ـ ـ َتـ ـ ـ ـل ـ ـ ــي رغَ ـ ـ ـ ـ ـب ـ ـ ـ ــا
ب ـ ـ ـ ــرغ ـ ـ ـ ــم الـ ـ ـ ـعـ ـ ـ ـق ـ ـ ــل مـ ـ ـ ـ ــا يـ ـخـ ـش ــى ف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذاك الـ ـ ـ ـ ـقـ ـ ـ ـ ـل ـ ـ ـ ــب ق ـ ـ ــدّ مـ ـ ـ ـن ـ ـ ــي
أسـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ــر الـ ـ ـ ـ ـ ـم ـ ـ ـ ـ ــاء كـ ــال ـ ـع ـ ـط ـ ـشـ ــى يُ ـ ـ ـ ــطَ ـ ـ ـ ـ ـوِّعُ ـ ـ ـ ــنِ ـ ـ ـ ــي ال ـ ـ ـخ ـ ـ ـطـ ـ ــا ولـ ـ ـه ـ ــا
إلـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ـه ـ ـ ـ ــا ك ـ ـ ـ ـ ـ ــل م ـ ـ ـ ـ ـ ــا يُ ـ ـ ـ ــمْ ـ ـ ـ ــشَ ـ ـ ـ ــى إال الـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدى أدري وال
ش ـ ـ ـ ـج ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ــرات الـ ـ ـ ـحـ ـ ـ ـش ـ ـ ــا الـ ـ ـهـ ـ ـش ـ ــا فـ ـ ـ ـحـ ـ ـ ـب ـ ـ ــك ب ـ ـ ــالـ ـ ـ ـلـ ـ ـ ـظ ـ ـ ــى ي ـ ـس ـ ـقـ ــي
ك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــأن ق ـ ـ ـ ـطـ ـ ـ ــاف ـ ـ ـ ـهـ ـ ـ ــا (بـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـش ـ ـ ــا) لـ ـ ـ ـتـ ـ ـ ـثـ ـ ـ ـم ـ ـ ــر مـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن ل ـ ـ ــواعـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـج ـ ـ ــي
وك ـ ـ ـ ـ ـ ــال ـ ـ ـ ـ ـ ــح جـ ـ ـ ـ ـم ـ ـ ـ ــره ـ ـ ـ ــا يـ ـ ـغـ ـ ـش ـ ــى فـ ـ ـ ـ ـتـ ـ ـ ـ ـح ـ ـ ـ ــرقـ ـ ـ ـ ـن ـ ـ ـ ــي ب ـ ـ ـ ـ ــأش ـ ـ ـ ـ ــواق ـ ـ ـ ـ ــي
رش ـ ـ ـ ـ ـ ــا
ـاب مـ ـ ـ ـ ـن ـ ـ ـ ــك ل ـ ـ ـ ـ ـ ــو ّ
سـ ـ ـ ـ ـ ـ ـح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٌ لـ ـ ـ ـ ـه ـ ـ ـ ــا أسـ ـ ـ ـ ـلـ ـ ـ ـ ـم ـ ـ ـ ــت فـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي أمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍـل
ع ـ ـ ـ ـلـ ـ ـ ــى ن ـ ـ ـ ـهـ ـ ـ ــد الـ ـ ـ ـ ـ ـه ـ ـ ـ ـ ــوى رع ـ ـ ـشـ ـ ــا بـ ـ ـ ـه ـ ـ ــا ي ـ ـ ـط ـ ـ ـفـ ـ ــي الـ ـ ـ ـمـ ـ ـ ـن ـ ـ ــى وطـ ـ ـ ـ ــرا
ـأرض ورده ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا فـ ـ ـ ــرشـ ـ ـ ــا
بـــــــــــــــ ٍ ل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍـل ك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــان يـ ـ ـجـ ـ ـمـ ـ ـعـ ـ ـن ـ ــا
وق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد أخـ ـ ـ ـ ـ ـلـ ـ ـ ـ ـ ـفـ ـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ـ ـ ــه غـ ـ ـ ـش ـ ـ ــا ك ـ ـ ـ ـ ـمـ ـ ـ ـ ــا وع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدً ا وف ـ ـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ـ ــت ب ـ ــه
ب ـ ـ ــا رق ـ ـ ـ ــص ع ـ ـلـ ــى الـ ـ ــمَ ـ ـ ــعْ ـ ـ ــشَ ـ ـ ــى!؟ أي ـ ـ ـ ـ ـ ـح ـ ـ ـ ـ ـ ـلـ ـ ـ ـ ـ ــو زام ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر الـ ـ ـ ـ ـح ـ ـ ـ ــي
عـ ـ ـ ـل ـ ـ ــى نـ ـ ـ ـف ـ ـ ــس الـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـط ـ ـ ــا ربـ ـ ـش ـ ــا فـ ـ ـ ـ ــهُ ـ ـ ـ ـ ـ ّبـ ـ ـ ـ ــي واج ـ ـ ـ ـ ـم ـ ـ ـ ـ ـعـ ـ ـ ـ ــي ص ـ ـفـ ــي
وزامـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرُ ح ـ ـ ـي ـ ـ ـنـ ـ ــا أفـ ـ ـ ـ ـ ـش ـ ـ ـ ـ ــى!!؟ أن ـ ـ ـ ـ ـخ ـ ـ ـ ـ ـشـ ـ ـ ـ ــى ل ـ ـ ـ ـ ـل ـ ـ ـ ـ ـهـ ـ ـ ـ ــوى س ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرً ا
* شاعر من السعودية.
و يـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدو ُر ب ـ ـ ـ ـ ـ ــي الـ ـ ـ ـ ــدن ـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ــا ربـ ـ ـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َع م ـ ـ ـ ـفـ ـ ـ ــاتـ ـ ـ ـ ٍـن
روض عَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــزفُ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــهُ !
ٍ َي ـ ـ ـ ـ ـ ــزه ـ ـ ـ ـ ـ ــو بـ ـ ـ ـ ـه ـ ـ ـ ــا ف ـ ـ ـ ـ ـ ــي ك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ ّـل
ُخـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُـطـ ـ ـ ـ ـ ـ ــواتـ ـ ـ ـ ـ ـ ــهُ الـ ـ ـ ـ ـ َع ـ ـ ـ ـ ْـجـ ـ ـ ـ ـل ـ ـ ـ ــى إلـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى ِمـ ـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ـ ـع ـ ـ ـ ـ ــادِ هِ
نـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ّ َـمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْـت بـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــهِ ،و َل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـكـ ـ ـ ـ ـ ـ ــمْ َتـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر ّ َنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــحَ َض ـ ـ ـ ـعـ ـ ـ ــفُ ـ ـ ـ ــهُ
َل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـتـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا ُتـ ـ ـ ـ ـ ـ ــهُ ق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـلـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٌـق ي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــداف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــعُ بـ ـ ـ ـ ـع ـ ـ ـ ـ ُـض ـ ـ ـ ــهُ
ب ـ ـ ـ ـ ـع ـ ـ ـ ـ ـض ـ ـ ـ ـ ـاً ،وأشـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــواقُ الـ ـ ـ ـ ـ ـلـ ـ ـ ـ ـ ـق ـ ـ ـ ـ ــاءِ ُتـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـشـ ـ ـ ـ ـ ـ ُّـفـ ـ ـ ـ ـ ــهُ !
ـدروب ب ـ ـ ـ ـ ـع ـ ـ ـ ـ ـطـ ـ ـ ـ ــرِ هِ
وافـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى ،فـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــأزهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرت ال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ
ألنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــامِ وه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي َت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــزُ ُّف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــهُ !
و بِ ـ ـ ـ ـض ـ ـ ـ ـح ـ ـ ـ ـكـ ـ ـ ــةِ ا َ
و أَن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا ع ـ ـ ـ ـلـ ـ ـ ــى حَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ ّـد ال ـ ـ ـ ـ ـ ُـحـ ـ ـ ـ ـ ـس ـ ـ ـ ـ ــامِ أ َُض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُّـم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــهُ
ـام ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُنـ ـ ـ ـ ـ ــهُ ،ف ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ـسـ ـ ـ ــكُ ـ ـ ـ ــنُ خـ ـ ـ ـ ـ ــوفُ ـ ـ ـ ـ ـ ــهُ !
قُ ـ ـ ـ ـ ـ ـب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ًا ُت ـ ـ ـ ـ ـ ـطـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ
و أظـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُّـل أَلـ ـ ـ ـ ـ ــثُ ـ ـ ـ ـ ـ ـمـ ـ ـ ـ ـ ــهُ َف ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ـش ـ ـ ـ ـتـ ـ ـ ــعِ ـ ـ ـ ــلُ الـ ـ ـ ـ ـ ّـشـ ـ ـ ـ ــذا
و يـ ـ ـ ـ ـ ـم ـ ـ ـ ـ ــو ُر م ـ ـ ـ ـ ــا ب ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ــن ال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ّ َتـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرائـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـب عَ ـ ـ ـ ـ ـ ــرفُ ـ ـ ـ ـ ـ ــهُ !
ـض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ّ ًـا بـ ـ ـ ـ ـم ـ ـ ـ ــا َفـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاءتْ ب ـ ـ ـ ــهِ
فـ ـ ـ ـ ــأغ ـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ـ ُـب مُ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـخ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ
َلـ ـ ـ ـ ـحـ ـ ـ ـ ـظ ـ ـ ـ ــا ُت ـ ـ ـ ــهُ مُ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َتـ ـ ـ ـ ـ ـعـ ـ ـ ـ ـ ـاً ،وأفْ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـض ـ ـ ـ ـ ـ ــى ُلـ ـ ـ ـ ـط ـ ـ ـ ــفُ ـ ـ ـ ــهُ !
أسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرى بِ ـ ـ ـنـ ـ ــا
هـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــلْ كـ ـ ـ ـ ـ ــانـ ـ ـ ـ ـ ـ ْـت األحـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــامُ مـ ـ ـ ـ ـ ــا ْ
مُ ـ ـ ـ ـ ـتـ ـ ـ ـ ـ ّوهـ ـ ـ ـ ـمـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ــنَ أم ال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ّزمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــانُ و َزيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــفُ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــهُ ؟!
ـان ف ـ ـ ـ ـمـ ـ ـ ــا جَ ـ ـ ـ ـ ـ ــرى
هـ ـ ـ ـ ـ ــي سـ ـ ـ ـ ـ ــاعـ ـ ـ ـ ـ ــةٌ أو سـ ـ ـ ـ ـ ــاعـ ـ ـ ـ ـ ــاتـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ
وصـ ـ ـ ـ ـ ــفُ ـ ـ ـ ـ ـ ــهُ !
أح ـ ـ ـ ـ ـ ـتـ ـ ـ ـ ـ ــا ُر ف ـ ـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ـ ــهِ َ ..و َق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدْ َتـ ـ ـ ـ ـب ـ ـ ـ ــاي ـ ـ ـ ــنَ ْ
* شاعر من السعودية.
* شاعرة من السعودية.
الخطر
ِ مجتمع
ُ
■ ترجمة :املهدي مستقيم*
فــي ح ــوار مــع الفيلسوف الـفــرنـســيّ ل ــوك فـيــري 1952( Luc Ferryم) ،الــذي
شغل منصب وزيــر التربية الوطنيّة في عهد رئيس الــوزراء جون بيار رافــاران ما
بين العا َميْن 2002و2004م ،وال ــذي أج ــراه كلود كابليي ،Claude Capelierوتــمّ
استنباطه بتصرّف من كِ تاب «تاريخ الفلسفة األجمل» La Plus belle histoire de
،la philosophieالصادر في العام 2014م عن دار روبير الفون الفرنسيّة ،دا َر الحوا ُر
بشكل أساس حول السؤال اآلتي« :كيف انتهى بنا األمر إلى هذا الوضع الجديد؟ ٍ
قريب ركائ َز
وقت ٍ لماذا أصبحنا نرتاب من مُ ثُ ٍل كانت العقول المُ ستنيرة تعدُّ ها إلى ٍ
الحضارة األوروبيّة؟
فيري ،الذي هو من أشهر الفالسفة ل ــوك فــيــري إل ــى كــفــاءة وحــنــكــة على
الفرنسيّين فــي عــصــرنــا إل ــى جانب مستوى البحث واإلنجاز األكاديميَّين،
نخص بالذكر منها كِ تاب «الفلسفة
ّ ميشال أونفري وأندري كونت سبونفيل ،والتي
يجيب بأنّ في هذا السؤال يكمن مربط السياسيّة» (في ثالثة أجزاء باالشتراك
مع أالن رونو (1985-1984م) ،و«مقال
الفرس ،ويسأل بدَوره عمّا إذا كان األمر
ـاصــرة»
فــي ُمــنــاهــضــة األنــســنــة ال ـ ُمــعـ ِ
بنتيجة
ٍ يتعلّق بتنك ٍّر للمُثل ..أو أنّه يتعلّق
(1985م) ،و«لــمــاذا لسنا نتشيويّين»
غير متوقَّعة لما يُمكن أن ينج ّر عن
(1991م) ،و«اإلنسان اإلله أو في معنى
مبادئ كهذه؟
الحياة» (1996م) ،وصوالً إلى «هايدغر،
أوهــام التقنيّة» (2013م) ،و«االبتكار تُشير أعمال الفيلسوف الفرنسيّ
105 اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
الهدّام» (2014م) ،و«تاريخ الفلسفة األجمل» ،بها ،نتيجة تسارع وتيرة العَولمة التي يعرفها
التقدّم العلميّ والتقنيّ ،بحيث نتجت عن باالشتراك مع كلود كابليي (2014م).
من سؤال كلود كابليي األمّ ،يجترح لوك هاتَين الحداثتَين تصادمات وتناقضات عدّة،
تكتنفها في اآلن نفسه عالقات خفيّة .ومن
فيري األسئلة ال األجوبة ،فيتساءل َبــدوره
أجل استيعاب هذا الوضع الجديد الذي بات
قــائ ـاً :هــل يرجع خوفنا إلــى ذلــك الخلل
يرخي بظالله على الغرب المتقدِّم ،و ُِجب
بشكل واسع،ٍ النَّاتج عن المرض المعروف
أ ّوالً فهم كال الحداثتَيْن على حدة.
والذي عهدنا على نعته بـ«مقاوَمة التغيير»،
كتملة ودوغمائيّ ة
حداثة أولى غير مُ ِ أو أنّ األمــر يتعلّق ،على العكس من ذلك،
تــتــفـرّد الــحــداثــة األولـــى بحسب فيري بمرحلة جديدة في تاريخنا ،منفصلة ك ّل
االنفصال عن أيّ مخلَّف رجعيّ ،ومرتبطة بمجموعة مــن الــمــمـ ّيــزات الرئيسة التي
بأقصى مُنتجات الحداثة التي بإمكانها أن تفضي كـ ّل واحــدة منها إلــى األخــرى .فهي
لمستقبل أجمل؟ إنّها أسئلة حاسمة ..أ ّوالً ،تتأسَّ س على تصو ٍّر سلطويّ ودوغمائيّ
ٍ تؤهّ لنا
بيد أنّ مــا يُمكن أن تــقـدّمــه مــن أجــوبــة ،للعِ لم؛ إذ كان العِ لم واثقاً من نفسه ،وذلك
ستجعل سيناريوهات المستقبل مختلفة تمام بإحكام قبضته على موضوع دراسته الرئيس،
الذي هو الطبيعة ،ما دفعه إلى التمادي في االختالف.
ومــن أجــل اإلجابة عن هــذه األسئلة ،أو الدعاية لقدرته على تحقيق التناغم ،وتحرير
بشكل أوضــح ،يجدر بنا البشر ،والحرص على إسعادهم ،من دون ٍ على األقـ ّل تأمّلها
-والــكــام لفيري -أن نــشـدِّد على تقديم إخضاع ذاته لمحكّ النقد .كما كان يتعهّد
الــنــصــح لــلــقــارئ الــكــريــم بــقــراءة «مجتمع بتخليص الناس من أتون الظالمية الدينية
الــخــطــر» ،بوصفه أهـ ـ ّم كِ ــتــاب أ ّلــفــه عالِم التي سيطرت على القرون الوسطى ،وذلك
االجــتــمــاع األلــمــانــي إيــلــريــش بيك Ulrichبمنحهم المسوّغات التي من شأنها ،بحسب
،Beckويُمكننا بسط الخطوط المركزية التعبير الــديــكــارتــي الشهير ،أن تجعلهم
ألطروحته كما يلي :بعد الحداثة األولى التي كـــ«أســيــاد وأصــحــاب ملكية» لــعــالَــم يُمكن
نمت بذورها في القرن الثامن عشر ،والتي توظيفه واستثماره في ك ّل ما من شأنه أن
هَ يمنت على القرن التاسع عشر بأكمله ،يخدم انتعاشهم المادّي.
لقد تجذَّ رت فكرة التقدّم بعد التفاؤل والتي ال تزال لم تكتمل إلى يومنا هذا ،تكون
مجتمعاتنا الغربية قد أقبلت على مرحلة الكبير الــذي روَّج له الِعلم ،وت ـ ّم تركيزها
جديدة ،تتّسم بالوعي بالمخاطر المُحدقة فــي عــبــارة دالّـــة على الــحـرّيــة والــســعــادة،
اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018 106
تـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرج ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة
يمس ،على الرّغم من
ّ اللمع والمنطقي في إطار كانت ذرعـاً منيعاً ال
وجدت تجلّيها ّ
الديمقراطية البرلمانية والدولة األ ّمــة؛ ما هشاشتها الظاهرة بما هي مبدأ ،كما أثير
أدّى إلى زواج العِ لم بالديمقراطية الوطنية :الحديث آنــذاك ،عن مسألة الحضارة في
ألــم يحدث أ ْن كــان من البدهي القول إنّ شكلها المفرد ،وكأنّها أوروبيّة األصل بيضاء
المتوصل إليها مــن قبل األولــى ذكوريّة.
َّ الحقائق
إنّ مجموع ما ِجئنا على ذكره أعاله من تُع ُّد صورة تعكس المبادئ التي تؤسِّ س لها
مسخرة لنا من حيث األصل؟ نقاط ،سيُمهِّد النبجاس الحداثة الثانية ،هذه
ًّ الثانية ،وهي
إنّ ما ينطبق على حقوق اإلنسان بما هي األخيرة التي ستركن إلى الدخول في قطيعة
نــزو ٌع َكــونــيّ صالح ،من حيث المبدأ على مع الحداثة األولى ،ليس كنتيجة لمفعولِ ٍ
نقد
األقلّ ،لك ّل الكائنات البشرية ،بصرف النظر خارجي ،يعتمد نموذجاً اجتماعياًّ سياسياًّ
عن عرقها وطبقتها وجنسها ،ينطبق على جــديــداً ،بــل على العكس مــن ذلــك تماماً،
وأعني بذلك استنادها الجذريّ على مبادئها القوانين العِ لمية بالسواء.
الخاصة.
ّ ولــع ـ ّل هــذا مــا جعل مــن هــاجــس إنتاج
الحداثة الثانية :من االعتقاد في الثروات وتقاسمها ،بؤرة اهتمام الدول العلمية
التقدم إلى مجتمع الخطر.
ّ الديمقراطية .ومن ثمّة كانت إيقاعاتها كما
سبق وأعلن توكفيل ،مؤسَّ سة على المساواة،
وعــن هــذه الـ ُمــفــارَقــة الهائلة ،الــتــي ما
أو باقتباسنا للصيَغ الماركسية ،إيقاعات
تزال مكسوّة بااللتباس إلى اللّحظة ،يسأل
اللمساواة .وفي هذا
الصراع ض ّد أشكال ّ
كلود كابليي ،كيف باإلمكان تفسير انتهاء
المخاض الصعب والحاسم في آن ،كان من
الحال باألنسنة الديمقراطية ،المنبجسة
الـ ّـازم وضع الثقة في المستقبل ،إذ غالباً
شكل جديد من
ٍ عــن األنـــوار ،إلــى تقمّص
ما كــان يت ّم إرجــاء المصاعب إلــى المرتبة
الــحــداثــة ،أعــقــبــه ان ــق ــابٌ عــلــى مستوى
الثانية.
المنظورية .فيجيب فيري قائالً :أ ّوالً ،في
يخص عالقة العِ لم بالطبيعة ،نحيل على
ّ وفــي نهاية األمــر نجد الجمود قد بدأ ما
يطبع األدوار االجتماعية والعائلية ،بل إنها الثورة الحقيقة التي شهدتها نهاية القرن
تــحـوّلــت إلــى مــا يشبه «الطبيعة»؛ ومثال العشرين ،إذ منذ ذلك الحين لم نعُد نميل
ذلك أنــواع التمييز الطبقي والجنسي ،من إلى إرجــاع األخطار الجسيمة التي تحدق
دون أن نتحدّث عــن االخــتــافــات اإلثنية ،بنا إلى الطبيعة ،وإنّما (لألسف) إلى البحث
التي استم ّر الواقع في التعامل معها كما لو العِ لمي ،حيث لم نعُد نراهن على الهَيمنة
107 اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
على الطبيعة ،بقدر مراهنتنا على إحكام تزايد وتيرة هذا النموّ .هنا بك ّل تأكيد يظهر
قبضتنا على البحث العِ لمي ،ذلك أنّ العِ لم ،س ـ ّر نجاح أولــئــك الــذيــن يــريــدون إقناعنا،
وألوّل مرّة في تاريخه ،أصبح ينتج للجنس شأن جمهوريّينا الجدد ،بأنّه تمّت إمكاناتٌ
البشري مسوّغات دماره وأفوله ،وهذا غير للرجوع إلى الوراء ،وأنّ التحالف القديم بين
وارد بالنسبة إلى المجتمعات الحديثة التي العِ لم واألمّة والتقدّم مسألة ينحصر تحقّقها
باتت تعاني من مخلّفات االستثمار الصناعي في «المدنية» و«اإلرادة السياسية» ..كم
للتكنولوجيات الحديثة ،بل يحصل أيضاً ،بودّنا تصديق ذلك! ،وخصوصاً أنّ شحنة ال
عندما يت ّم توظيف هذه التكنولوجيا من قِ بل بأس بها من التعاطف تُرافِ ق حتماً أقوالهم
غيرنا .وإذا كنّا اليوم نشعر بالتهديد أكثر المفعمة بالحنين.
من أيّ وقت مضى ،فذلك يرجع ِلوَعينا بأنّ
أمــام هذا التطوّر الــذي شهدته البلدان
اإلرهاب بإمكانه أن يمتلك من اليوم -أو في
األكثر تقدّماً ،تنتصب مسألة توزيع الثروات
وقت قريب -األسلحة الكيماوية ،بل وحتّى
إلى أن تُرجأ إلى مخطَّ ط ثانوي ،هذا ال يعني
النووية المروّعة .لقد بات العِ لم الحديث
أنّها قيد األفول ،وإنّما يعني أنّها تضعف إلى
بفروعه وتفعيالته كلّها متملِّصاً منّا ،وقوَّته
ح ّد االندثار أمام حتميّات التضامن الجديدة،
الماحقة صارت تبعث فينا الدهشة.
نظراً لتفاقُم أخطار ترتفع وتيرتها بموازاة
بنا ًء على ما سبق ،وأمام هذه «السيرورة
تعولمها وانفالتها من قبضة الدولة /األمّة،
نحس أنّه ما
ّ َولمة تجعلنا
فاقدة الــذات» لع ٍ
ومن أساليب العمل الديمقراطي المعهودة.
من حَ وْكمة عالمية بإمكانها التحكّم فيها،
أخــيــراً ،ونتيجة نــقـ ٍـد ذاتـــي ،أو بتعبير فــإنّ مجال الدولة /األ ّمــة ومجال األشكال
التقليدية للديمقراطية البرلمانية بدأ يضيق ،أفضل نتيجة تأمّل ذاتــيٍّ ذي طابع معمّم،
حتّى ال نقول إنّه فقد قيمته .لم تقف سحابة توضع األدوار االجتماعية القديمة على
تشيرنوبيل بفعل معجزة جمهورية اخترقت محكّ السؤال؛ فتتوقّف ،نتيجة اختاللها،
بشكل ين ّم عن تعرّضها لالختراق
ٍ ح ــدود فرنسا .كما أنّ الــســيــرورات التي عن الظهور
تحكم النم ّو االقتصاديّ ،أو األسواق المالية ،من قبل طبيعة خــالــدة ،وتشهد على ذلك
لــم تعُد هــي األخ ــرى تخضع ألوام ــر ن ـوّاب األوجه العديدة التي تتقمّصها حركة التحرّر
الشعب الذين توقّفوا عن إخفاء عجزهم عن النسوية ،وغيرها من الحركات المُطالَبة
االلتزام بالوعود التي يودّون تقديمها ،أمام بالمصادقة على مطالبها الجديدة.
عــاء أحمد السيد الشهير بعالء جانب ،شاعر مصري ،ولــد في 25ديسمبر
عام 1973م في قرية عرابة أبو دهب التابعة لمحافظة سوهاج ،حصل على المركز
األول ولقب أمير الشعراء في جائزة أمير الشعراء من هيئة أبــي ظبي للثقافة
والتراث بدولة اإلمارات العربية المتحدة عام 2013م.
حصل على ليسانس اللغة العربية من كلية اللغة العربية -جامعة األزهــر
بأسيوط بتقدير ممتاز عام 1996م ،والماجستير في األدب والنقد الحديث عن
موضوع :شعر الدكتور سعد ظالم دراسة تحليلية نقدية ،من كلية اللغة العربية
جامعة األزهــر بالقاهرة بتقدير ممتاز عام 2002م ،كما نال درجــة الدكتوراه في
األدب القديم عن موضوع (الصورة الفنية في قصيدة المدح بين ابن سناء الملك
والبهاء زهير ..تحليل ونقد وموازنة) بمرتبة الشرف األولى مع التوصية بطبع
الرسالة وتبادلها بين الجامعات ،ويعمل حاليا أستاذًا مساعدً ا بكلية اللغة العربية
-قسم األدب والنقد -بجامعة األزهر.
صدر له أربعة دواوين شعرية هي «أنا وحدي» عن دار كاسل للطباعة عام 2002م،
و«ولد ويكتب بالنجوم» عن دار التالقي بمصر عام 2011م ،و«القط التوت» عن دار
روعة بمصر عام 2013م ،و«متورط في الياسمين» عن أكاديمية الشعر بأبي ظبي
عام 2015م ،كما له تحت الطبع :ديوان «لم يفهموك».
شــارك فــي كثير مــن المهرجانات ،وحصل على العديد مــن ال ــدروع والجوائز
واألوسمة وشهادات التقدير ،وكُ رِّم من عدة بلدان عربية منها :الكويت واإلمارات
والسعودية والـعــراق ولبنان وسلطنة عـمــان ،وهــو عضو لجنة الشعر بالمجلس
األعلى للثقافة ،وعضو مؤتمر أدباء مصر منذ عام 2013م وحتى اآلن.
■ حاوره :أحمد الالوندى
الشاعرة
اعتــدال
ِذكـر اهلل
تمخضت تجربتي الكتابيَّ ة،
لوال النقد لما َّ
انتباهَ القارئ الفَ ِطن
وج ،وال لفتت ِ
وما دخلت طورَ النُّ ُض ِ
لــدواويـنــك الـشـعــريــة ،منها مــا نشر لوال النقد ..يظل العمل األدبي ناقصاً!..
عـلــى الـصـحــف الـمـحـلـيــة والـعــربـيــة ¦هناك قراءات نقدية قام بها عدد من
أي ـ ـض ـ ـاً ،ف ـم ــن ه ـ ــذه ال ـ ـ ـقـ ـ ــراءات ك ــان النقاد واألكاديميين محليا وعربيا
113 اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
أع ــرجــاً ،وال يمكنه بمثابة االحتفاء
الموهوب في إمكانه أن يكتُ َب َ الشاعرَ
َّ
التَّحلي َق فــي فضاءِ ب ــاس ـم ــك ك ــام ــرأة
قصة ،ولكن الروائي النَّ اثر رواية ،أو َّ
الـ ـ ــوجـ ـ ــودِ ،وعـــالـــمِ الشعر
ال يمكنه أن يمتطي صهوة ِّ اسـ ـ ـتـ ـ ـط ـ ــاع ـ ــت أن
اإلمــــــكــــــان !..وف ــي وباألخص العمودي الخليلي. ِّ ت ــرس ــم ح ـضــورهــا
أعماق ك ِّل مُبدِ ٍع يكم ُن بتميز في الساحة
ود ِّي السعُ ِ التربية والتعليم ُّ ِ إقرارَ وزارةِ
نــاق ـدٌ .يــقــرأ ُ ،يُــق ـ ِّومُ، الشعريَّ ة نصين من نُ صوصي ِّ تدريس ََّ الـ ـشـ ـع ــري ــة ،وم ــن
يُشذِّبُ ،ويُهذِّب! ومن في مناهج التعليم الرسمية في ه ـ ـ ــذه ال ـ ـ ـقـ ـ ــراءات
هنا تستطيع أن تج َد ناه َضةٌ وتعزيز دور الدولة ..خطوةٌ ِ أي ـض ـ ًا م ــا حــاولــت
اعــتــدا َل الــشَّ ــاعــرة.. السعودي في تشكيل واقعنا األديب ُّ أن ت ــدخ ــل عــالــم
حيثُ إضاءاتُ التَّأثُّـرِ ثقةً أشبعتني ها نُّوأظ
ُ المحلي، التربوي ال ـ ـ ـ ـشـ ـ ـ ــاعـ ـ ـ ــرة م ــن
من بين ثنايا النَّقدِ ، أكتب. ما ة ِ بواقعيَّ
خـ ــال الـقـصـيــدة
والـــــرَّد !..وأظـــنُّ أنَّ وعـ ـ ـ ـ ــوال ـ ـ ـ ـ ـم ـ ـ ـ ـ ـهـ ـ ـ ـ ــا
الشَّ اعرَ ،أو الكاتبَ الذي ال يأبَـ ُه بالنَّقدِ ، وفنياتها ..هــل اسـتـطــاع النقد أن يصل
واالنتِقاد ،ويتجاه ُل الرأيَ ،وال يهت ُّم بوقعِ أو يضيء للشاعرة اعتدال ذكــراهلل زاوية
ـص لــدى المُتلقِّي .ويخشى األثــرَ.. الـ َّنـ ِّ «ما» في فضاء الشعر ،أم أنك ال تهتمين
مَعتُوهاً إبــداعـ َّيـاً!! يحتا ُج إلــى مُعالجة بالنقد وال تخشينه؟
فِ عليَّة يتشفى فيها من وَعَ ـ ِـك التَّوجُّ ِس،
ـص ال ـنُّ ـ َّقــاد ،وت ــذ ُّو ُقρ ρلــوال النَّـقدُ ،وتــفــحُّ ـ ُ
الل مُباالة! ونرجسيَّةِ َّ ِ
الفنِّيين المُحترِ فين ،وال ُقرَّاءِ المُجيدِ ين
جوهر التواصل!.. ِّراساتِ وصي الشِّ عريَّة في تلك الد ُص ِ لن ُ
النقدِ يَّة ،والــقِ ــراءات الف ِّنيَّة ،واإلشــارات ¦أق ـ ـمـ ـ ِـت أمـ ـسـ ـي ــات ش ـع ــري ــة فـ ــي ع ـ ــدد مــن
المنابر كاألندية األدبـيــة والمهرجانات االنــطــبــاع ـ َّيــة ،لــمــا تــمــخَّ ــضــت تجربتي
الثقافية ،طبعا هــذا التواصل المباشر ـضــوجِ الــكــتــاب ـ َّيــة ،وم ــا دخــلــت طـــو َر ال ـنُّـ ُ
م ــع الـ ـق ــارئ «ال ـج ـم ـهــور» ل ــه الـكـثـيــر من اإلبداعي ،وال لفتت انتبِاهَ القارئ الف َِطن،
األه ـم ـيــة ل ـل ـشــاعــر ،ف ـهــو ي ـت ـعــرف كيفية ونالت استحسانكم عن بُعد لنكو َن هنا
وص ــول قصيدته لــآخــريــن ،وم ــدى األثــر معاً في هذا الحوار!!
ال ــذي تركته القصيدة مــن خــال درجــة فالنَّق ُد مِ حو ُر العَمليَّةِ اإلبداعيَّة ،ومدا ُر
ال ـ ـت ـ ـفـ ــاعـ ــل ،..الـ ـش ــاع ــرة اع ـ ـ ـتـ ـ ــدال ..هــل اإلنتاجيَّةِ الجماليَّةِ الفاعلة،
ِ تكامُليَّةِ
تؤيد وتــؤكــد أهمية مثل هــذه األمسيات بديناميكيَتِها ذات األثــرِ ،والتَّأثير .ومن
الشعرية؟ باهتاً،
دونها يظ ُّل العم ُل األدبيُّ ناقِ صاًِ ،
اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018 114
مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــواج ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــات
لــتــتــش ـ َّك ـ َل واق ــعِ ـ ـ َّيـ ـ ُة ρ ρمــــمــــا ال شَ َّ
ــــــك
أدعو لالنتباه إلى المسرح ،هذا
الـــحَ ـــد َِث بــتــكــا ُمـ ِلـ َّيــةِ الفن الجماهيري الحضاري النَّ اهض
ِّ فـــيـــه! وأظُ ـ ـ ـنُّ ـ ــكَ
العَالقة! واالهتمام فيه في ظل تطور البلد س ــأل ــتَ وأج ــب ــتَ
في االتجاهات كافَّ ة!.. ه ـ ــن ـ ــا!! فــيــبــقــى
تعزيز دور األديب
ومنصاتُ َّ المِ نبرُ،
السعودي!.. معزل عما ٍ المرأةُ المبدعة ليست في
اإللـــــقـــــاء ..عــبــر يُ حيطها من أحداث ،وشؤون البلد..
¦اع ـت ـمــد م ـشــروع الـ ــمـ ــلـ ــتـ ــقـ ــيـ ــات
واستطاعت أن تترجم تمازجها
الـ ـتـ ـط ــوي ــر ال ـش ــام ــل بالحدث عبر كتاباتها وبحوثها ال ــج ــم ــاه ــي ــري ــة،
لـلـمـنــاهــج الــدراس ـيــة وحضورها على كافَّ ة األصعدة. ومـــــبـــــاشـــــريَّـــــة
ل ـطــال ـبــات الـمــرحـلــة ال ـ ُمــتــلــق ـيَ ـيْــن من
أعدها الشخصيَّ ة..التي ُّ مكتبتي َّ
االب ـ ـ ـ ـتـ ـ ـ ــدائ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ــة ف ــي ُــرتــكــزات
ِ أهــــ ِّم م
نوات،
الس ِ وخزائن َّ
َ ثروتي العُ ُم ِريَّ ة
الـ ـ ـسـ ـ ـع ـ ــودي ـ ــة ال ـ ـ ــذي وعلُومَ الدنياُ ، معارف ُّ
َ أنهل
منها ُ َّواصل اإلنتاجي الت ُ
ت ـعــده وت ـن ـفــذه وكــالــة المجل ََّد الثُّ قاة ..أتصفَّ ُح فيها ُ النَّاهض للكاتب..
التخطيط والتطوير وصغارَ الكُ تيِّ بات. خمِ ، الض َ
َّ شــاعــراً كـــان ،أم
ف ــي وزارة ال ـت ـع ـل ـيــم، أديــبـاً في أيٍّ من
ون األدب فن من فُ نُ ِ ألي ٍّ أنا ال أتنكَّ ر ِّ
الشعر الحديث ن ـ ـص ـ ـيـ ــن ل ـ ـل ـ ـشـ ــاعـ ــرة نوف ِّ
وكل ُص ِ ُف ـ ـنُـ ــون األدب ..العربيُّ ..
اعـتــدال ذك ــراهلل ،هما (حر / جميلة بكافَّ ة مسمَّ ياته ُ فــمــن خـــالِ تلك
«وطـنــي» و«معلمتي»، مُ رسل /تفعيلة /مُ طلق /حديث / الــلــقــاءات يتم َّك ُن
ـص ـ ـ ــان م ــن ـص مُ عاصر) ..ولكن ال تقل قصيدة نثر!! وه ـ ـ ـمـ ـ ــا ن ـ ـ ـ ّ ال ـ ُمــرس ـ ُل ال ـ َّنـ َّ
مـ ـجـ ـم ــوع ــة اع ـ ـتـ ــدال م ــن الــطُّ ــمــأنــيــنــة
الـ ـشـ ـع ــري ــة «أغ ـ ــاري ـ ــد الـــشُّ ـــعُـــورِ يَّـــة من
البالبل» ،هل سيكون لهذه الخطوة من جوهر التَّواصل ،وكُنهِ العَالقةِ بينه وبين
قبل الوزارة صدى على تجربتك الشعرية اآلخر من محاور لغة الجسد ،والتلوين
موضوعيً ا وفنيً ا؟ ـصــوتــي ،وتمثيل الــمــعــانــي ،ودرام ـ َّيــة الـ َّ
نصين من تدريس َّ َ َّص ..وبالطبعِ ك ُّل هذا يتطلبُ المزي َد ρ ρإنَّ إقرا َر وزارة التعليم الن ِّ
نُصوصي الشِّ عريَّة في مناهج التعليم أدوات مُقابلة الجمهُور ،واعتالء ِ مــن
صها الرسمية في الدولة -بعد تفحُّ ُ ـواصــل! ومــث ـ ُل هذه المِ نبر ،و ُقـ ــدرة ال ـ َّتـ ُ
مــن اللجنة العلميَّة لمشروع الملك اللقاءات تفت ُح العدي َد من النَّوافذ للمُرسل
عبداهلل لتطوير المناهج -هي خطوةٌ (الشَّ اعر) والمُتلقي (الجمهور) .وتخل ُق
األدب السُّ عودي من ِ ض ٌة في تمكين ناه َ
ِ ج َّواً من التَّفاعُليَّةِ اإلبداعيَّةِ المُشتركة.
الشعريَّ ة
ُغة ِّ
وج الفَ نِّ ي لل ِ
النُّ ُض ِ حمالت التوعية بأمراض الدم الوراثية.
وفي إدارة التربية والتعليم /ودار الرعاية ¦«تراتيل الروح في زمن الغربة1424 -هــ»،
و«أي ـن ـعــت األش ـ ــواق1427 -ه ـ ـ ــ» ،و«أغ ــاري ــد االجــتــمــاعــيــة) م ــع مــســرحــيــة شــعــر َّيــة
البالبل /ديوان شعر لألطفال1428 -هـ»، إنــشــاد َّيــة لــأطــفــال بــعــنــوان «ســوســن»
ـك عـشـقـاً1432 -ه ـ ــ» ،وصــدر
و«اسـتـمـطــر ُتـ َ و«بستان األحالم» التي أجازتها مُؤخَّ راً
مؤخر ًا الديوان الخامس بعنوان «وإنني وزارة الثقافة واإلعالم للعرض بالتعاون
في الحب ال أتعفّ ف!!» عن الدار العربية مع الجمعية السعودية للثقافة والفنون -
للعلوم -بيروت ..طبعاً ،مالمح تجربتك فرع األحساء .وأرجأتها الحقا ألسبقيَّة
الشعرية بدت تتشكل من ديوانك األول نصوص مسرحية ،وتعذُّر التَّمويل المادي
بخصوصية البوح وتميزه ..ولكن أجد أن إلنتاجها درام َّياً!!
شاعرتنا خصت ديوانها األخير بوصفه َهيب
َّاب ذلك الفنِّ الم ِ
وال أنسبُ نفسي ل ُكت ِ
م ــرآة لـلـتـجــارب الـســابـقــة ،وبخصوصية ومُرتاديه ..غير أنني كتبته ،وحَ قَّقتُ من
مغايرة عنها على المستويين الموضوعي خالله أهدافاً فكريَّة ،اجتماعيَّة ،تربويَّة،
والفني .هل نحظى منك ببوح خاص عن إبــداع ـ َّيــة ،جماليَّة سامية .وإ َّنــنــي هنا
هذه التجربة؟ ألجدها فرصة للدعو ِة لالنتباه إلى هذا
الفنِّ الجماهيري الحضاري النَّاهضρ ρ ،المتت ِّب ُع تجربتي الشِّ عريَّة عبر مساري
الــكــتــابــي اإلنــتــاجــي مــع دي ــوان ــي األول واالهــتــمــام فــيــه فــي ظــل تــطــور البلد
«تراتيل ال ـرُّوح في زمــن الغُربة 2004م المنعكس في االتجاهات كافَّة.
117 اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
وت ــنـ ـوُّع هــيــكــلــة الــقــصــائــد ف ــي بُنيتِها
التَّكوينيَّة ،بعد أن اقتصرت في الدواوين
األربــعــة السابقة على الشكل البيتي
العمودي ،التقليدي ،الخليلي ،الكالسيكي
القديم ،وشيءٍ من التفاعيل المتناثرة في
قصيدة األشطر !..فمع ديمومة القراءات
المتنوّعة لتجارب الشُّ عراء المبدعين
ـواصــل وتــتـ ُّبــع أساليبهم ال ـلُّــغــو َّيــة ،وال ـ َّتـ ُ
المباشر الفوري معهم وبخاصة الشُّ عراء
المغاربة المُعاصرين ،الذين صاغوا حبائل
سبائك قصائدهم بمونتاجيتهم الف ِّنيَّة
الفريدة في نوعها في قصائد التفاعيل
المتكررة ،وفق نظام موسيقي مُمنتج في
منأى عن عمودِ يَّة القصيدة الكالسيكيَّة،
وأشطر التفعيلة ،وعدم التنازل عن الوزن
َّص ،وقافيَّته ..وفي طليعتهم العروضي للن ِّ
العلمة مُعلِّمي األوَّل لهذا الفنِّ الشَّ اعر َّ
محمَّد علي الـ ـ َّر َّب ــاوي والــشَّ ــاعــر الف ِّذ
محمَّد بنيِّس والشَّ اعرة المَجيدة أمينة
المريني ..الذين استقيتُ من تفرُّدهم
ما يشفي غليل الراغب تطوراً ،والقاصد
إبــداع ـاً في فــضــاءات الشِّ عر الظَّ ريف،
وحاولتُ تجديداً فيه ،واستمتاعاً بالكتابة
الصوت التَّفاعليَّة أن أوظِّ َ ــف مصطلح َّ
(حــس ،حسيس ،همس) في ومرادفاته ِ حتى إصــداري الحديث 2017م «وإنَّني
لحاالت
ٍ ُترجمة
خلق تجربة ِشــعــر َّيــة م ِ َّف» ،ووفق إطار زمني في الحُ بِّ ال أتَ َعف ُ
صور ِعدَّ ة .وتنوَّعت القصائد انفعاليَّة في ٍ قابل للتغيير ،والتطوَّر ..حتمًا سيالحظ
في الديوان ما بين الوجدانيَّة ،والعاطفيَّة، تقاسيم المُغايرة في األخير ،إذ امتألت
والفلسفيَّة ،الصوفيَّة وأيدولوجيا الفِ كر ُّضوجِ ال َفنِّي لل ُغةِ الشِّ عريَّة؛ نوعا ما بالن ُ
المعرفي ،والقصائد القوميَّة العربيَّة في قياساً على مستوى المحاوالت السَّ ابقة،
اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018 118
مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــواج ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــات
تونس ،والجزائر ،ومصر والعراق .ومن
مُكاشفات الشُّ عُور الشِّ عري االنفعالي
فــيــه ،وإطـ ــاق حُ ــ ِّر َّي ــة ال ـبَــوح النَّفسي،
ووجدانيِّة المونولوج التعبيري جاء عنوان
الديوان!! فالعُرف السَّ ائد أن العِ فَّة من
َّحضر البشري المُتأدِّمِ
أسمى مفاهيم الت ُّ
سُ لوكاً ظاهراً عَ يناً وعياناً؛ غير أننا في
حــاجـ ٍـة شُ ــعــور َّيــة للتَّعري عــن مُالبسات
التعبير االنفعالي ألحبابنا ،ومواقفنا
الحياتيَّة ،وفي تعابيرنا ،وصور تعايشنا
معاً وتعاشرنا المُؤنسن حياةً ،وشُ عُورا..
أمناً ،وأماناًِ ،سلماً ،وسالماً ..وإن ُقدِّر
صــوره مع وعشنا الحُ بَّ بال تعفُّف في ُ
َمــن نُــحــب ،ومــن دون حــواجــز التَّوجُّ س
واللمُباالة بلحظة انتشاء ،وساعة ِعرفان َّ
مع الوصل وتوابِعه فلنعلم جيداً ،ونتيقَّن
أننا في النَّعيمِ الخالد!
خصخصة الفنون!..
أميل إلى َّ
ُ
¦أن ي ـك ـتــب ش ــاع ــر «مـ ـ ــا» رواي ـ ـ ــة أو ع ـم ـ ًا
سردياً ،لم يعد شيئًا غريباً؛ فهذه الحالة
أصبحت منتشرة في الساحات الثقافية
العربية؛ فمن الكتّاب مَ ن يرفض وصف
هــذه الحالة بالتحوّل ،بل يعده تواص ًال
طبيعيً ا بين فضاءات الكتابة ،ومــن حق
الشاعر أن يحضر في أي فضاء إبداعي،
وأن هــذه الحالة ليست بالجديدة على
ال ـش ــاع ــر ..وم ـن ـهــم مَ ــن ي ــرى أن ـهــا عـقــدة
الـتـصـنـيــف ،ولـهــا سلبياتها الـتــي تعاني
منها الساحة الثقافية ،الشاعرة اعتدال
119 اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
وأمتعنا ،كــلٌّ حسب ما يجد متعته في
ُفضلة لديه ..غير نقوشه ،وزركشاته الم َّ
خصخصة الفنون ،والتَّفرغ إنِّني أمي ُل إلى َّ
لفروعها ،والتَّفنُّن فيها فــي منأى عن
شتات الموهبة ،وبخاصة عند متوسطي ِ
اإلبداع!! فقديما ً قالوا« :الفَنُّ لن يعطيكَ
بعضه إذا لم تعطه ُك ـلَّــك .»!..وأعتقد َ
أنَّ الشَّ اع َر الموهوبَ إبداعا في إمكانه
قصةً ،ولكن الروائي أن يكتُبَ روايـةً ،أو َّ
النَّاثر ال يمكنه أن يمتطي صهوة الشِّ عر،
وبخاصة العمودي الخليلي ،أو التقليدي،
وربما هنا تتضح أفضليَّة سيِّدنا الشِّ عر
على ُفنُون األدب ..وإن كــان هناك مَن
يــنــادي ب ــأنَّ العص َر الـزَّمــنــي هــو عص ُر
الرِّواية!! ذكراهلل ،ماذا تقول في هذا االتجاه؟
ال تقل قصيدة نثر!! ρ ρال أج ـ ُد هناكَ ما يمنع من الغوص في
فنون األدب كتاب ًة ِشعراً أم نثراً ما دامت ¦«ال اعترف بــأن الشعر الحديث شعرا»..
ه ــذه ال ـع ـب ــارة قــرأت ـهــا ف ــي س ـيــاق حــديــث الموهبة حاضرة ،والقدرة على التَّعبير
مـ ـنـ ـس ــوب لـ ـ ـ ِـك ف ـ ــي إحـ ـ ـ ــدى ال ـت ـغ ـط ـي ــات قائمة بعناصرها المتباينة األطــيــاف!
الصحفية ..ما بُعْ دُ أو اتجاه هذه العبارة؟ فلدينا العديد من األسماء الالمعة في
أعوام خلت!..
ٍ أدبنا المحلي ،والعربي ممن صــاغ من ρ ρالعبارةُ منشورةٌ منذ ثمانيةِ
ومن الطبيعي أنَّ الفِ كر البشريَّ للفرد موهبته اإلبداعية أجمل عقود الجمال،
اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018 120
مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــواج ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــات
قــصــيــدة ..مــا درســنــاه مــن فــنــون النثر المُنتِج في حالة نمو ،وتطور ،وتغيُّر!! وال
(المسرحية ،المقال ،القصة ،الخاطرة، أعني هنا االنفالت من تبعيَّة تلك العبارة،
الحكم ،الوصايا) وال الخطابة ،األمثالِ ، أو نفيها ..ولكن للعبار ِة أبعا ٌد استقرائ َّي ٌة
يمكن للجنسين األدبيين أن يجتمعا معاً، تخص قائل ُها في حينها!! فالعِ بارةُ ُّ فردِ َّي ٌة
وتصعب المقارنة بينهما ،فمن الممكن أن نُشرت مفتوح ًة مُطل َقةً!! ومصطل ُح الشِّ عر
نطلق عليها نُصوصاً جماليَّة مفتوحة ..أو الحديث مصطل ٌح واســع مُتشعِّبٌ عند
وجدانيَّات ِغنائيَّة لطيفة أو نثريَّات َف ِّنيَّة دارسي الشِّ عر ،فلربما كنتُ أعني وقتها
ُصوصاً تماز ُِجيَّة تناغميَّة بــارِ قــة !!.أو ن ُ النَّثر المُستشعِ ر!! أو ما تسمى بنصوص
إبداعيَّة جميلة. الومضة ،أو الخطفة المطلقة ،أو البارقة
الــمــنــثــورة ..وربــمــا قــصــائــد (الــهــايــكــو)
ترجمة سقيمة لثقافة أجنبية الــمــتــأثــريــن كـ َّتــابــهــا بــتــجــارب الــشــعــراء
الفرنسيين واإلنكليز ،إبَّان عصر النهضة¦ ،مــن المالحظ أن قصيدة النثر هــي من
تتصدر المشهد الشعري في الكثير من وثورة األفكار ،أو انبثاق اإلبداع ..أو سمِّها
المحافل الثقافية في الوقت الحالي.. ما شئت!! فموقفي منها واض ٌح بائِـ ٌن جليٌّ
فماذا تقولين؟ ال تنازل عنه!! فالشِّ ع ُر ِشعر ،والنَّث ُر نثر..
ولُكلٍّ منهما جمالياتُه الخاص ُة فيه؛ ف ِل َم
ρ ρتس ُّي ُد هــذا الفنِّ في المشهدِ الشِّ عري
خلطُ الحابلِ بالنابل!! وأنا هنا أعترف
ـضــرور ِة أن يكون هو الظَّ اهرة ليس بــالـ َّ بهيكلية
ٍ وكلي يقين أن الشِّ ع َر كائ ٌن حيٌّ ،
التَّكوينيَّة اإلبداعيَّة الجماليَّة األصحّ !! أو عُضويَّة ٍ مُتكاملة ينمو ،ويتطوَّر ،ويمرض
بالتعبير التقليدي المتداول بيننا حسب وال يموت! ما دام أ ُسُّ ه وأساسُ ه الشُّ عُور،
األعراف الشِّ عريَّة الثابتة أنها شرعيَّة في س ،واإلحساس ..ووفق والح ُّ
ِ والعاطفة،
معاييره التنظيميَّة المُحافِ ظة فيه على
تفرُّدِ ه من بين فُنون األدب عالميَّا ً!..
وأنا هنا ال أتنكَّر أليِّ فنٍّ من ُفنُونِ األدب
نوف الشِّ عر الحديث ص ِالعربي ..وك ـ ُّل ُ
جميلة بكافَّة مسمَّياته (حُ ر /مُرسل /
تفعيلة /مُطلق /حديث /مُعاصر)..
فالتناقض
ُ ولكن ال تقل قصيدة نــثــر!!
بائ ٌن من المُسمى!! كيف قصيدة!! وكيف
نثر! !.ال يوجد في فنون النثر فنٌّ بمسمى
121 اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
كــا َّفــة األصــعــدة ،وبمختلف مستويات رؤية الشِّ عر العربيِّ األصيل!! وإ َّال ماذا
التعاطي مع الحدث ..فللشِّ اعرة هدى يعني خروجها عــن أس ــوار المسابقات
الدغفق ،وهند المطيري ،وأشجان هندي اإلبداعية للمؤسسات الثَّقافيَّة المحليَّة
النخراط المرأة
ِ من النُّصوص المُعبِّرة والدُّوليَّة ،وخارج أسوار المناهج التعليمية
األنثى في الشِّ ارع المحلي ،ولألستاذتين وال ُّدرُوس األكاديميَّة إ َّال ما ندر!! وال تزال
األكــاديــمــيــتــيــن لــمــيــاء بــاعــشــن ،وأمــيــرة في طور الصراع المحتدم عرب َّياً!! وبيتُ
كشغري مع د .سُ هيلة زين العابدين حمَّاد القصيد هنا خالصة ما أشار إليه الناقد
الصحفيَّة والبحوث الورقيَّة
من المقاالت َّ د .سلطان القحطاني في إحدى حواراته
المالمسة للواقع المُعاش ما يشفي ظمأ
«قصيدة النثر ترجمة سقيمة لثقافة
الكثير من عطشى المعرفة ،وقاصدي
أجنبية» .وإن كان لها مُروجون وداعمون،
الــحــقــائــق ..إضــافــة إل ــى اإلعــامــيــات
خاصة
َّ وأصبح لها ملتقيات ومسابقات
الـ َّنــاهــضــات الــنــاقــات الــظــروف بشتى
فــيــهــا!! (ولــســنــا هــنــا فــي ص ــدد ســيــادة
تحوالتها عبر اإلعالم المرئي والمكتوب
الفنون وصدارتها).
منى أبو سليمان وبدرية البشر ،وسمر
المقرن وحليمة مظفر وبلقيس الملحم. تتناغم تلقائيَّ ا!..
ُ المبدعة
المرأة ُ
كر!..
الف ِ
حي ِ
مهبَ ُط وَ ِّ ¦ه ـ ــل خ ـ ـطـ ــاب ال ـ ـ ـمـ ـ ــرأة اإلب ـ ـ ــداع ـ ـ ــي ت ــأث ــر
مكتبة الشاعرة اعتدال ذكراهلل؟ ρ ρمــن الطبيعي أنَّ العمليَّة اإلبــداعــيــة،
يخص الخطاب التعبيريρ ρ ..مكتبتي الشَّ خصيَّة هي مُستَقَــ ُّر ال ُّــروُحِ ، ُّ وبالذات فيما
ـس ،ومهبَطُ وَح ــيِّ الفِ كرِ ، ومَلجأُ الـ َّنــفـ ِ هي عمليَّة دِ يناميكيَّة ذات أثر وتأثير..
فاف
واصط ُ
ِ س،
الح ِّ
اصطفاءات ِ
ِ و َمــدا ُر وأنَّ الــمــرأة الـ ُمــبــدعــة تتناغ ُم تلقائيَّا
األُم ــن ــي ــات ...فيها تستكي ُن اللَّحظ ُة وظـ ــروف بيئتها ،وتــحــوالت مجتمعها
ـات األمــلِ
بِطُ مأنينةِ الــقــلـ ِـب ،واسـ ِتــفــاقـ ِ المحلي لتتشب َع بكافة تقاسيمه ،وأدق
القابعِ على جَ فنِ الحياة ..فيها ُكتُبي تفاصيله وتتمازج معها فكراً ،ونتاجاً..
المُتباين ُة االتِّجاهات ،والتي أعدُّها ثروتي معزل عما
ٍ والمرأةُ اإلبداعية ليست في
نوات ،منها انه ُل
ال ُعمُرِ يَّة ،وخزائ َن السَّ ِ يُحيطها مــن أحـــداث ،وش ــؤون للبلد..
معارف الدُّنيا ،و ُعل ُو َم الثُّقاة ..أتص َّف ُح
َ واستطاعت أن تترجم تمازجها بالحدث
وصغا َر الكُتيِّبات،
الضخمَِ ،
فيها المُجلَّ َد َّ عبر كتاباتها وبحوثها وحضورها على
اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018 122
مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــواج ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــات
ـس ال ـلُّــغــةِ ،و َمــعــاج ـ َم ال ـ ُمــفــردات¦ ،مــن المهم ج ــد ًا أن أســألــك هــذا الـســؤال
قــوامــيـ َ
التقليدي ،ما هو جديدك؟ مــســائـ َل الــفِ ــقــه ،وبُــحُ ــوثَ االع ـ ِتــقــادَات،
دواويــ َن الشِّ عر ،وشــرح المُعلَّقاتُ ،كتُبَ
ρ ρص ـ ــدور ديـــوانـــي ال ــشِّ ــع ــري ال ــسَّ ــادس
ـداءات
ِ الفلسفة ،و ُفنُو َن الحَ ضارات ،إهـ
المتزامن وصــدور الخامس من بيروت
ـف الــمــكــانــاتُ ،د ُر ُو َع
الــمــؤ ِّلــفــيــن ،وتُ ــحَ ـ َ
بــعــنــوان «مــزامــيــر الــحــيــاة فــي الحكم
أسطوانات
ِ وص ُو َر المُشارَكات،
التكاريمُ ،
والــمــواعــظ واألمــثــال» ،وهــو عــبــارة عن
ـرب ،وفناجي َن
ُوس الــشُّ ـ ِ
الموسيقى ،و ُكــؤ َ
نظم الكلِمات القِ صار لإلمام علي بن أبي
ال ـ َقــهــواتَ ،مــبــخَ ـ َرةُ ال ـ ُع ـوُدِ هنا ،وهناك
طالب ِشعراً .مع توثيق عدد من األماسي الحبرِ على الورقِ ،
قِ نِّين ُة عطُ وُرات ،بقايا ٍ
الشِّ عريَّة المحليَّة والدُّوليَّة ،والحوارات أرشيف األعمال
ُ و ُمــســودَّاتُ كِ تابات!!..
الفضائيَّة ،واللَّقاءات الثَّقافيَّة ،واألناشيد ضجيجاً،
أل المكا َن َ
الصحفيَّة الورقي يم ُ
َّ
التَّمثيليَّة على موقع الويب للتسجيالت وشَ تاتُ الذِّكريات!! ومِ حرابُ الذِّكرِ يبدو
المرئية الدولية ( )you tubeبقناة خاصة زاهــراً عذباً فُراتا ..هُنا ُقــرآ ٌن تجلَّى...
باسم اعتدال ذكراهلل حفظاً لإلنجازات الصلواتُ !..كلُّها جَ َّن ُة عُمرِ ي،
َّ وهُناكَ
من شتات الزَّمن ،وأماناً لها من التلف، َملَكُوتُ الحَ يَوَات ..فيها اشراقاتُ نفسي،
وتوثيق مسيرة وسيرة دوليَّا .مع إجازة وضياءُ األُمنيات!!
ِ
كتاب نثري في الخواطر والوجدانيَّات ال تقيُّ دني الصفحات!..
ال ــذَّ اتـ ـ َّي ــة إعــامــيَّــا لــلــطــبــاعــة بــعــنــوان
¦وم ــا الـمــواقــع الـتــي تـتـصــدر اهتماماتك
(الزوردِ َّيــات تتدلَّى) .واستمراريَّة العمل
على الشبكة العنكبوتية؟
في كتاب نقدي لقراءات ف ِّنيَّة انطباعيَّة
لرغبة
ٍ أتلمَّـس فيها تلبي ًة
ُ ρ ρالمواقِ ع التي
لــعــدد مــن ال ـ َّتــجــارب الــشِّ ــعــر َّيــة لشُ عراء
وغواية هناك تستدرجني
ٍ هنا تعتريني،
سُ عوديين وخليجيين وعرب.
نحو انتشاء!! ال تقيُّدني الصفحات ،وال
والــجــدي ـ ُد األجَ ـــــ ُّد أ َّنــنــي أحــــاو ُل ج ــا َّد ًة تحتكرني االهتمامات ..أينما استشعرتُ
التَّجدي َد في تجاربي اإلنشائية ،وتكويناتي الـ ُمــتــعــة ،والــفــائــدة ،وعــلــمـاً ،ومــعــرفــة ً،
ُّهوض بمواهب قد تتالشى
اإلنتاجية ،والن َ وإضاف ًة للمخزونِ المعرفي والتَّعارفي..
لوال تكفُّلها بالتجديد الدائم ،والتَّطوير كان االصطفاء ..والصدارة ..وفي منأى
المُستمِ ّد من خزائن الحياة ،ومكامن عن التبويبات الخاوية والتي ال تُسمِ ُن وال
العلوم ،ومعارف األمنيات!.. تُغنِي من جوع!
123 اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
اآلداب:
ِ ترجمة
ِ مخاطر
ُ
فاليري منوغ وترجمة زوال
■ تركية العمري*
أدّى التمدّ د المذهل لوسائط التواصل االجتماعي في أوساط مجتمعاتنا العربية ،إلى
نمط سلوكي ملتبس وغير واعٍ لدى عدد كبير من الناشئة والشباب ،يعود هذا النمط إلى
الخلط بين االنفتاح الفكري الواعي واالنسالخ الثقافي؛ فكثير ًا ما نجد فئة شابّة تؤكد
نمط وفكرٍ
على انفتاحها عبر التخلّي عن اللغة والهويّة والثقافة المحليّة ،والتباهي بكل ٍ
نقد أو تفكيرٍ أو تمحيص.
وافد ..دون أدنى ٍ
ٍ
فمثل هذا النمط في الفكر والتفكير ،جدير إن االنفتاح الفكري الواعي الذي يحتاجه
المجتمع ،يتمثل في قبول اآلخر دون النظر
بالكبح والــرفــض االجــتــمــاعــي؛ ألنــه نمط
إقصائيّ متراجع يمضي بالبُنية الفكرية لمحدداته القبلية من ِعرق أو فكرة أو معتقد
والثقافية للمجتمع إلى التآكل واالنهيار.أو طــيــف» بــل واالســتــفــادة مــن رؤى ذلــك
إن المسألة تحتاج لشيء مــن الــتــوازن المختلف عنّا ،واالستفادة من تجاربه العلمية
والمعرفية ،والقبول به ،واالعتقاد أن الفضاء والعقالنية ،فال التجرّد من الهوية والثقافة
ُجد ،وال رفــض اآلخــر وإقصائهالمحلية م ٍ يتسع للجميع.
هذا هو االنفتاح الذي يخلق مجتمعاً راقياً مقبول.
على النخبة المثقفة والمفكِّرة ..الخروج فيّاضاً معطاءً.
مــن الهالة النخبوية ،ومخاطبة الجمهور أما االنسالخ الثقافي القائم على التخلي
وفكر أكثر قبوالً،
ٍ الشابِّ بلغة أكثر وصوالً، عن الذات بكل مقوماتها الثقافية واألخالقية،
لتصحيح المسار ،ومِ لء الفوضى التي خلّفها عبر االنصهار في اآلخر ،والتماهي التام مع
بعض الفارغين من «أبطال» وسائط التواصل رؤيته ،فهذا هو المِ عوَل الذي يه ُّز النسيج
االجتماعي. الفكري والمعرفي واالجتماعي ،ويقود إلى
فالجيل الناشئ بحاجة إلى تنشئة عقلية، جيل سطحيٍّ غير واثق؛ فال هو الراسخ في ٍ
انتمائه الثقافي ،وال الحاذق في علوم زمانه لبناء مستويات عالية من التفكير ،تمكّنه من
التعاطي مع الحالة الثقافية الجديدة تعاطياً وفنونه.
ـاب عبر وفي المقابل ،قد نجد تطرفاً فكرياً رافضاً خـ ّـاقـاً ،نحن بحاجة لبناء ٍ
فكر شـ ٍّ
لآلخر المختلف ،ومُلغياً لحضوره الثقافي ،شباب يفكر بوعي.
* كاتبة وشاعرة وقاصة من الجوف.
التقيت الـفـنــان الـسـعــودي نصير الـسـمــارة فــي عــمّ ــان ،بـمـعــرض لــه فــي رابـطــة
التشكيليين األردنـيـيــن ،عرفته شغوفا بالرسم والتلوين؛ فهو يتغذى مــن مــادة
بصرية مدهشة هي الجوف ،بتاريخها العريق؛ تلك المنطقة التي سكنتها حضارات
متعددة عبر التاريخ ،بل كانت جزءً ا من أهداف الرحالة ،ويعدُّ «جون فيلبي» أول
مدهشا للفنانينً أوروبــي يقطع الربع الخالي ،وقد شكلت الجزيرة العربية لغزً ا
األوروبيين والرحالة على حدٍّ سواء .من هذه األهمية انتصر نصير السمارة إلى
موطنه األصلي ،ليقدم له مجموعة من األعمال الفنية األقرب إلى التسجيلية،
وأعما ًال أخرى تمتزج بين خصوصية العمائر القديمة والموروث الشعبي ..وصو ًال
إلــى بعض الـ ِّرقــم الـتــي تركتها الـحـضــارات محفورة على الـحـجــارة؛ فقد أخلص
السمارة لطبيعة المحيط والحيّز الذي يعيش فيه ،بل شكّ ل مؤونته الفنية عبر
توظيف العناصر الشعبية والمناظر الطبيعية ..خاصة األمكنة واألوابد.
* كاتب من األردن.
ولــد المؤلف في بلدة ميثلون بمنطقة أزهار األدب ،ويقف على شيء من عادات
جنين فــي فلسطين ،وغــادرهــا وهــو في األهـ ــل فــي فلسطين ،وكــذلــك الــعــادات
الثامنة عشرة من عمره ،ليغدو في عنفوان
المألوفة والمعروفة في منطقة أبها في
رجولته واحـدًا من كتّاب اإلدارة والخبراء
اإلداريــيــن في الوطن العربي .ومــن القلة المملكة العربية السعودية التي عمل فيها
الذين وصلوا إلى أعلى الدرجات العلمية مــدرسً ــا لعدة ســنــوات عــاد بعدها ليكمل
الماجستير والدكتوراه. والمراتب األكاديمية والمهنية.
في هذا الكتاب ،الذي يعد بمثابة سيرة
وفي الكتاب أيضا رصد وتحليل بصير
ذاتية للمؤلف ،والذي يؤمل أن يحمل صدقا
لــخــبــرة أكــاديــمــي مـ ــدرك ألب ــع ــاد مهنته فــي الخبر ،وعــدال فــي الحكم ،وإنصافا
ودروس
ٌ وتــخــصــصــه .وفــيــه كــذلــك عــب ـ ٌر في القول ،يــروي المؤلف تفاصيل رحلته
استخلصها من لقاءاته العديدة مع رجال العلمية والعملية ،فيأتي على حياة الغُربة،
لكن مع صعوبة هذه الحياة فإنها ال تخلو
الفكر والمسؤولين اإلداريين العرب.
من متعة وإثارة.
تضمن الكتاب مقدمة وعشرة فصول وفي الكتاب ،سياحة للقارئ في رحاب
بستان يس ّر الناظرين ،ويقطف فيه من جاءت في ( )460صفحة من القطع الكبير.
اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018 132
ق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــراءات
املتحفية
ِ املجموعات
ِ ُ
دليل
مبركز عبدالرحمن
السديري الثقايف
تنبع أهمية المجموعات التراثية واألثرية جلب أغلبها من وادي السرحان ،كما تضم
من أبعادها الثقافية التاريخية والتربوية بعض هذه الصخور وسوماً لبادية شمالي
واالجتماعية واالقتصادية .ولآلثار والتراث الجزيرة العربية؛ بينما تتمثل المجموعة
والتي تمثل تراكماً ثقافياً دور في تعزيز الثالثة ،في أدوات ومصنوعات تراثية شعبية
محلية بمنطقة الجوف ،كما تضم أسلحة الهوية الوطنية.
تــعــد الــمــجــمــوعــة الــمــتــحــفــيــة بــمــركــز تقليدية عثمانية ،وب ــن ــادق ،ومــســدســات،
عــبــدالــرحــمــن ال ــس ــدي ــري الــثــقــافــي من ورشــاشــات مستوردة من مختلف األقطار
المجموعات التراثية المهمة على مستوى األوروبية.
منطقة الجوف ،فقد جُ معت على مدى فترة
فــي هــذا الــدلــيــل ،تصنيفٌ يُــيــسِّ ـ ُر على
طويلة؛ وهي تضم ثالث مجموعات؛ األولى،
تحوي متحجرات أحيائية لبقايا أسماك ،المُطّ لع الوصول إلى صورة ولو جزئية عن
وقواقع ،ورخويات ،وشُ عَباً مرجانية بحرية ،تراث منطقة الجوف ،ويتعرف على التواصل
وعظاماً ،وأجــزا ًء من جــذوع األشجار؛ أما الحضاري بين الجوف والمناطق المحيطة
الثانية ،فتحوي مواد أثرية ،ونقوشاً ،وكتابات بها ،والتبادل الثقافي الذي كان يميّز تاريخ
صفوية ،ونصوصاً من المسند الشمالي ،وقد الجوف في عصورها المختلفة.
133 اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
مال
الر ِ
فوق ِّ
من ِ
(ديوان شعر)
صاح قلْ لي مَ ن أكونُ ومَ ن أنا يا ِ ص ــدر حــديــثــا عــن ال ــن ــادي األدبــــي في
فــالـقـلـ ُـب مـنــي لــم ي ـعــدْ قـلـبــي أنــا الجوف ديــوان «مــن فــوق الــرمــال» للشاعر
محمود عبداهلل الرمحي ،وقد تضمن نحواً أنـ ــا م ــذ ت ــرك ـت ـ ِـك ض ــائ ــعٌ ومـ ـشـ ـرّدٌ
تركتك لم أذقْ طعم الهنا ِ أنا مُ ذْ من ثالثين قصيدة ومقطوعة ..جــاءت في
ويختم الشاعر ديوانه ِب ِن َّيتِه في الرحيل ( )88صفحة من القطع المتوسط ..وقد
قــدم للديوان الدكتور محمود الــبــادي من عن الجوف التي أمضى فيها ما يزيد على
الخمسين عامًا ،وقلبه ممز ٌق بين مَن عاش جامعة الجوف والذي جاء فيه:
«نحن أمــام ديــوان صغير الحجم يشمل معهم عقودًا ،وبين أهله وعشيرته التي ال بد
أن يكون معهم فيقول:
أكثر من ثالثين قصيدة ومقطوعة ،يدور
معظمها حول األرض وحبه إياها ،والتعلق ش ـ ـ ـ ّـد الـ ـ ــرحـ ـ ــالَ وج ـ ــهّ ـ ــزِ ال ــركـ ـب ــا َن
ـان
وان ـ ـثـ ــر ع ـل ـي ـهــم ب ــاق ــة ال ــريـ ـح ـ ِ بأسلوب مُعب ٍّر
ٍ بها ،والبكاء عليها .ص ّو َر ذلك
ـوف عـشــقً ــا زان ــهُ
شعرية عذبة ،إن ــي عـشـقـ ُـت ال ـج ـ َ
ٍ وبسالسة
ٍ واضح ال تعقيد فيه،
ٍ
ـال وصـحـبــةُ ال ـخ ـاّن ط ـيـ ُـب ال ـف ـعـ ِ سهلة عكست مشاعر الحزن واأللم في
ٍ ولغة
ٍ
تصوير المأساة الفلسطينية ومعاناة أهلها لـ ـكـ ـنـ ـه ــا الـ ــدن ـ ـيـ ــا وذلـ ـ ـ ـ ــك ح ــال ـه ــا
ه ـ ــل دام فـ ـ ـ ــرحٌ أو أسـ ـ ـ ــىً ب ـم ـك ــان النفسية على وجه الخصوص ..فيقول:
اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018 134
ف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـعـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــات سـباق الرحمانية العاشر للجري بالغاط
نظم مركز عبدالرحمن السديري الثقافي في دار الرحمانية بالغاط سباق الرحمانية العاشر
للجري تحت شعار (الرياضة ثقافة) وذلك يوم األربعاء 1439/07/18هـ (2018/04/04م) .شارك في
السباق ( )131متسابق ًا من أبناء الغاط والمحافظات المجاورة؛ وأشرف على السباق ثمانية حكام
بمشاركة معلمي التربية الرياضية ،ومدربي نادي الحمادة الرياضي بالغاط .انطلق المتسابقون
بعد عصر ذلك اليوم من أمام متحف الغاط بالقرية التراثية ،وانتهى عند دار الرحمانية ،لمسافة
( )٤كلم تقريبا ً ،قطعها الفائز األول في 13دقيقة و 55ثانية.
وبرعاية مدير التعليم وعضو المجلس الثقافي -المركز الــرابــع ،المتسابق محمد فهد
الفهد. لدار الرحمانية أقيم حفل توزيع الجوائز في قاعة
األمــيــر سلطان بــن عبد العزيز آل ســعــود بــدار -المركز الخامس ،المتسابق سالم محمد
الوادعي. الرحمانية.
صدر حديثا