You are on page 1of 419

‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬

‫جلل الدين السيوطي‬

‫الحاوي للفتاوي‬
‫في الفقه وعلوم التفسير والحديث والصول‬
‫والنحو والعراب وسائر الفنون‬

‫لعالم مصر ومفتيها المام العلمة جلل الدين عبد الرحمن بن‬
‫أبي بكر بن محمد‬
‫السيوطي صاحب التآليف الكثيرة المتوفى في سحر ليلة الجمعة‬
‫تاسع عشر جمادى الولى سنة إحدى عشرة‬
‫وتسعمائة عن اثنين وستين سنة‬

‫الجزء الثاني‬

‫المنحة في السبحة‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫الحمد لله وسلم على عباده الذين اصطفى وبعططد فقططد طططال‬
‫السؤال عن السبحة هل لها أصل فططي السططنة فجمعططت فيهططا هططذا‬
‫الجططزء متتبعططا فيططه مططا ورد فيهططا مططن الحططاديث والثططار واللططه‬
‫المستعان‪ :‬أخرج ابططن أبططي شططيبة وأبططو داود والترمططذي والنسططائي‬
‫والحاكم وصححه عن ابن عمرو قال رأيت النبي صلى اللططه عليططه‬
‫وسططلم يعقططد التسططبيح بيططده‪ .‬وأخططرج ابططن أبططي شططيبة وأبططو داود‬
‫والترمذي والحاكم عن بسيرة وكانت من المهططاجرات قططالت قططال‬
‫رسططول اللططه صططلى اللططه عليططه وسططلم عليكططن بالتسططبيح والتهليططل‬
‫والتقطديس ول تغفلطن فتنسطين التوحيطد واعقطدن بالنامطل فطإنهن‬
‫مسئولت ومستنطقات‪ .‬وأخرج الترمذي والحاكم والطبراني عططن‬
‫صفية قالت دخل على رسول الله صططلى اللططه عليططه وسططلم وبيططن‬
‫يدي أربعة آلف نواة اسبح بهن فقال ما هططذا يططا بنططت حيططي قلططت‬
‫أسبح بهن قال قد سبحت منذ قمططت علططى رأسططك اكططثر مططن هططذا‬
‫قلت علمني يا رسول الله قال قولي سبحان اللططه عططدد مططا خلططق‬
‫مططن شططيء ‪ -‬صططحيح أيضططا‪ .‬وأخططرج أبططو داود والترمططذي وحسططنه‬
‫والنسائي وابن ماجه وابن حبان والحاكم وصططححه عططن سططعد بططن‬

‫‪1‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫أبي وقاص أنه دخل مع النبي صلى الله عليه وسططلم علططى امططرأة‬
‫وبين يديها نوى أو حصى تسبح فقال أخبرك بما هططو أيسططر عليططك‬
‫من هذا وأفضل قططولي سططبحان اللططه عططدد مططا خلططق فططي السططماء‬
‫سبحان الله عدد ما خلق في الرض سبحان الله عدد ما بين ذلك‬
‫وسبحان الله عدد ما هو خالق الله أكبر مثل ذلك والحمد لله مثل‬
‫ذلك ول إله إل الله مثل ذلك ول قوة إل بالله مثل ذلك‪ .‬وفي جزء‬
‫هلل الحفططار ومعجططم الصططحابة للبغططوي وتاريططخ ابططن عسططاكر مططن‬
‫طريق معتمر بن سلميان عن أبي بن كعب عن جده بقية عن أبي‬
‫صفية مولى النبي صلى الله عليه وسلم أنه كططان يوضططع لططه نطططع‬
‫ويجاء بزنبيل فيه حصى فيسبح به إلى نصف النهار ثم يرفططع فططإذا‬
‫صلى الولى أتى به فيسبح به حتى يمسي‪ .‬وأخرجه المططام أحمططد‬
‫في الزهد ثنا عفان ثنا عبد الواحد بن زياد عن يونس بن عبيد عن‬
‫أمه قالت رأيت أبا صفية رجل من أصحاب النبي صلى الله عليططه‬
‫وسلم وكان جارنا قالت فكان يسبح بالحصططى‪ .‬وأخططرج ابططن سططعد‬
‫عططن حكيططم بططن الططديلمي أن سططعد بططن أبططي وقططاص كططان يسططبح‬
‫بالحصى‪ .‬وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف عن مطولة لسطعد أن‬
‫سعدا كان يسبح بالحصى أو النوى‪ .‬وقال ابن سعد فططي الطبقططات‬
‫أنا عبيد الله بن موسى أنا إسرائيل عططن جططابر عططن امططرأة حططدثته‬
‫عن فاطمة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب أنها كطانت تسطبح‬
‫بخيط معقود فيها‪ .‬وأخرج عبد اللططه بططن المططام أحمططد فططي ؟ مططن‬
‫طريق نعيم بن محرر ابن أبي هريرة عن جده أبي هريرة أنه كان‬
‫له خيط فيه ألفا عقدة فل ينام حتى يسبح به‪ .‬وأخططرج أحمططد فططي‬
‫الزهد ثنا مسكين بن نكير أنا ثابت بن عجلن عن القاسم بن عبطد‬
‫الرحمن قال كان لبي الدرداء نوى مططن نططوى العجططوة فططي كيططس‬
‫فكان إذا صلى الغططداة أخرجهططن واحططدة واحططدة يسططبح بهططن حططتى‬
‫ينفدن‪ .‬وأخرج ابن سعد عن أبططي هريططرة أنططه كططان يسططبح بططالنوى‬
‫المجزع‪ .‬وقال الديلمي في مسند الفردوس أنا عبدوس ابططن عبططد‬
‫الله أنا أبو عبد الله الحسين بن فتحويه الثقفي ثنا علي بن محمد‬
‫بن نصرويه ثنا محمد بن هرون بن عيسى بن المنصططور الهاشططمي‬
‫حدثني محمد بن علي بن حمزة العلططوي حططدثني عبططد الصططمد بططن‬
‫موسى حدثتني زينب بنت سليمان بططن علططي حططدثتني أم الحسططن‬
‫بنت جعفر بن الحسين عن أبيها عن جدها عن علي مرفوعططا نعططم‬
‫المذكر السبحة‪ .‬وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي سعيد الخدري أنططه‬

‫‪2‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫كان يسبح بالحصى‪ .‬وأخرج من طريق ابي نضرة عططن رجططل مططن‬
‫الطفاوة قال نزلت على أبططي هريططرة ومعططه كيططس فيططه حصططى أو‬
‫نوى فيسبح به حتى ينفد‪ .‬وأخططرج عططن زادان قططال أخططذت مططن أم‬
‫يعفططور تسططابيح لهططا فلمططا أتيططت عليططا قططال أردد علططى أم يعفططور‬
‫تسابيحها‪ .‬ثم رأيت في كتاب تحفة العباد ومصططنفه متططأخر عاصططر‬
‫الجلل البلقيني فصل حسنا في السبحة قططال فيططه مططا نصططه‪ :‬قططال‬
‫بعض العلماء عقد التسبيح بالنامل افضل من السبحة لحديث ابن‬
‫عمططرو لكططن يقططال إن المسططبح إن آمططن مططن الغلططط كططان عقططده‬
‫بالنامل افضل وإل فالسبحة أولى وقد اتخذ السبحة سادات يشار‬
‫إليهم ويؤخذ عنهم ويعتمد عليهم كأبي هريرة رضي اللططه كططان لططه‬
‫خيط فيه ألفا عقدة فكان ل ينام حتى يسبح بططه ثنططتي عشططر ألططف‬
‫تسبيحة قال عكرمة‪ ،‬وفي سنن أبي داود مططن حطديث أبطي بصطرة‬
‫الغفططاري قططال حططدثني شططيخ مططن طفططاوة قططال تثططويت أبططا هريططرة‬
‫بالمدينة فلم أر رجل أشد تشميرا ول أقوم على ضططيف منططه قططال‬
‫فبينما أنا عنده يوما وهو على سرير له ومعه كيس فيططه حصططى أو‬
‫نوى وأسفل منه جارية سوداء وهو يسبح بها حتى إذا أنفد ما فططي‬
‫الكيس ألقاه إليها فأعادته في الكيططس فططدفعته إليططه يسططبح قططوله‬
‫تثويت أي تضيفته ونزلت في منزله والمثططوى المنططزل وقيططل كططان‬
‫أبو هريرة رضي الله عنه يسبح بالنوى المجططزع يعنططي الططذي حططك‬
‫بعضه حتى أبيض شيء منه وترك الباقي على لونه وكططل مططا فيططه‬
‫سواد وبياض فهو مجزع قاله أهل اللغة وذكر الحافظ عبططد الغنططي‬
‫في الكمال في ترجمة أبي الدرداء عويمر رضي الله عنه أنه كان‬
‫يسبح في اليوم مائة ألف تسبيحة وذكر أيضا عن سلمة بن سبيب‬
‫قال كان خالد بن معدان يسططبح فططي اليططوم أربعيططن ألططف تسططبيحة‬
‫سوى ما يقرأ فلما وضع ليغسل جعل بأصططبعه كططذا يحركهططا يعنططي‬
‫بالتسبيح‪ .‬ومن المعلوم المحقق أن المائة ألف بل والربعين ألفططا‬
‫وأقل من ذلك ل يحصر بالنامل فقد صح بططذلك وثبططت أنهمططا كانططا‬
‫يعدان بآلة واللطه أعلططم وكططان لبططي مسطلم الخططولني رحمططه اللطه‬
‫سططبحة فقططام ليلططة والسططبحة فططي يططده قططال فاسططتدارت السططبحة‬
‫فالتفت على ذراعه وجعلت تسططبح فططالتفت أبططو مسططلم والسططبحة‬
‫تدور في ذراعططه وهططي تقططول سططبحانك يططا منبططت النبططات ويططا دائم‬
‫الثبات قال هلمي يا أم مسلم فانظري إلى أعجب العاجيب قططال‬
‫فجاءت أم مسططلم والسططبحة تططدور وتسططبح فلمططا جلسططت سططكتت‬

‫‪3‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫ذكره أبو القاسم هبة الله بن الحسن الطبري في كتططاب كرامططات‬
‫الولياء وقال الشيخ المام العارف عمر البزار كانت سبحة الشيخ‬
‫أبي الوفا كاكيش وبططالعربي عبططد الرحمططن الططتي أعطاهططا لسططيدي‬
‫الشيخ محي الدين عبد القططادر الكيلنططي قططدس اللططه أرواحهططم إذا‬
‫وضطعها علططى الرض تطدور وحطدها حبطة حبطة‪ .‬وذكطر القاضططي أبططو‬
‫العباس أحمد بن خلكان في وفيات العيان أنه رؤى فططي يططد أبططي‬
‫القاسم الجنيد بن محمد رحمه الله يوما سبحة فقيل له أنططت مططع‬
‫شرفك تأخذ بيدك سبحة قال طريق وصلت به إلى ربي ل أفارقه‬
‫قال وقد رويت في ذلك حديثا مسلسل وهو ما أخبرني بططه شططيخنا‬
‫المام أبو عبد الله محمد بططن أبططي بكططر بططن عبططد اللططه مططن لفظططه‬
‫ورأيت في يده سبحة قال أنا المططام أبططو العبططاس أحمططد بططن أبططي‬
‫المحاسن يوسف بن البانياسي بقراءتططي عليططه ؟ فططي يططده سططبحة‬
‫قال أنا أبو المظفر يوسف بن محمد بن مسعود الترمططذي ورأيططت‬
‫في يده سبحة قال قرأت على شيخنا أبي الثناء ورأيططت فططي يططده‬
‫سبحة قال أنا أبو محمد يوسف بن أبي الفططرح عبططد الرحمططن ابططن‬
‫علي ورأيت في يده سبحة قال أنا أبي ورأيت في يده سبحة قال‬
‫قرأت على أبي الفضل بن ناصر ورأيت في يده سبحة قال قرأت‬
‫على أبي محمد عبد الله بن أحمططد السططمرقندي ورأيططت فططي يططده‬
‫سبحة قلت له سمعت أبا بكططر محمططد بططن علططي السططلمي الحططداد‬
‫ورأيت في يده سبحة فقال نعم قال رأيت أبطا نصططر عبطد الوهططاب‬
‫بن عبد الله بن عمر للقرى ورأيت في يده سبحة قططال رأيططت أبططا‬
‫الحسن علي بن الحسن بن أبي القاسم المترفق الصططوفي وفططي‬
‫يده سبحة قال سمعت أبا الحسن المالكي يقول وقططد رأيططت فططي‬
‫يده سبحة فقلت له يا أسططتاذ وأنططت إلططى الن مططع السططبحة فقططال‬
‫كذلك رأيت أستاذي الجنيد وفي يده سبحة فقلت يا أسططتاذ وأنططت‬
‫إلى الن مع السبحة قال كذلك رأيت أسططتاذي سططرى بططن مغلططس‬
‫السقطي وفي يده سبحة فقلت يا أستاذ أنت مططع السططبحة فقططال‬
‫كذلك رأيت أستاذي معروف الكرخي وفي يده سبحة فسألته عما‬
‫سألتني عنه فقال كططذلك رأيططت أسططتاذي عمططر المكططي وفططي يططده‬
‫سبحة فسألته عما سألتني عنه فقال كذلك رأيت أستاذي الحسن‬
‫البصري وفي يده سبحة فقلت يا أستاذ مع عظططم شططأنك وحسططن‬
‫عبادتك وأنت إلى الن مع السبحة فقال لي شيء كنططا اسططتعملناه‬
‫في البدايات ما كنا نتركه في النهايات أحب أن أذكططر اللططه بقلططبي‬

‫‪4‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫وفي يدي ولساني فلو لم يكططن فططي اتخططاذ السططبحة غيططر موافقططة‬
‫هؤلء السادة والدخول في سلكهم والتماس بركتهم لصارت بهططذا‬
‫العتبار وأكدها فكيف بها وهططي مططذكرة بططالله تعططالى لن النسطان‬
‫قل أن يراها إل ويذكر الله وهذا من أعظططم فوائدهططا وبططذلك كططان‬
‫يسططميها بعططض السططلف رحمططه اللططه تعططالى‪ .‬ومططن فوائدهططا أيضططا‬
‫الستعانة على دوام الذكر كلما رآهططا ذكططر أنهططا آلططة للططذكر فقططاده‬
‫ذلك إلى الذكر فيا حبذا سبب موصل إلى دوام ذكر الله عز وجل‬
‫وكان بعضهم يسميها حبل الموصل وبعضهم رابطة القلطوب‪ .‬وقططد‬
‫أخبرني من أثق بقوله أنه كان مع قافلة في درب بيططت المقططدس‬
‫فقام عليهم سرية عرب وجردوا القافلة جميعهم وجردوني معهططم‬
‫فلما أخذوا عمامتي سقطت مسبحة من رأسي فلما رأوهططا قططالوا‬
‫هذا صاحب سبحة فردوا على ما كان أخططذ لططي وانصططرفت سططالما‬
‫منهم فانظر يا أخي إلى هذه اللة المباركة الزاهرة وما جمع فيها‬
‫من خير الدنيا والخرة ولططم ينقططل عططن أحططد مططن السططلف ول مططن‬
‫الخلف المنع من جواز عد الذكر بالسبحة بل كان أكثرهم يعططدونه‬
‫بها ول يرون ذلك مكروها وقد رؤي بعضهم يعد تسططبيحا فقيططل لططه‬
‫أتعد على الله فقال ل ولكططن أعططد لططه والمقصططود أن أكططثر الططذكر‬
‫المعدود الذي جاءت به السنة الشططريفة ل ينحصططر بالنامططل غالبططا‬
‫ولو أمكن حصره لكان الشتغال بذلك يذهب الخشوع وهو المراد‬
‫والله أعلم‪ .‬وأخرج ابن عساكر في تاريخه عن بكر بن خنيس عن‬
‫رجل سماه قال كان في يد أبي مسلم الخولني سبحة يسبح بهططا‬
‫قال فنططام والسططبحة فططي يططده فاسططتدارت السططبحة فططالتفت علططى‬
‫ذراعه وجعلت تسبح فالتفت أبو مسلم والسبحة تدور في ذراعططه‬
‫وهي تقول سبحانك يا منبت النبات ويا دائم الثبات فقططال هلططم يططا‬
‫أم مسططلم وانظططري إلططى أعجططب العططاجيب فجططاءت ام سططلمة‬
‫والسبحة تططدور تسططبح فلمططا جلسططت سططكنت‪ .‬وقططال عمططاد الططدين‬
‫المناوي في سبحة‪:‬‬
‫ومنظومة الشمل يخلو بها * اللبيب فتجمع من همته‬
‫إذا ذكر الله جل اسمه * عليها تفرق من هيبته‬

‫أعذب المناهل‬
‫في حديث من قال أنا عالم فهو جاهل‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم‬

‫‪5‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الحمد لله وسططلم علططى عبططاده الططذين اصطططفى‪ ،‬سططئلت عططن‬
‫حديث من قال أنا عالم فهو جاهل‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬هذا إنما يعرف من كلم يحيى بن أبي كثير موقوفططا‬
‫عليه على ضعف في إسناده إليه ويحيى من صططغار التططابعين فططإنه‬
‫رأى أنس بن مالك وحده وقد يعد في أتباع التابعين باعتبار أنه لم‬
‫يلق غيره من الصحابة ول يعرف له عن أحد منهططم روايططة متصططلة‬
‫وقد وهم بعض الرواة فرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسططلم إن‬
‫وجد عنه الجزم بططذلك وذلططك أن الحططديث أخرجططه الطططبراني فططي‬
‫الوسط من طريق ليث ابن أبي سليم عن مجاهد عن ابططن عمططر‬
‫ل أعلمططه إل عططن النططبي صططلى اللططه عليططه وسططلم فططذكره وقططال‬
‫الطبراني ل يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم إل بهذا السناد‬
‫وهذا الحديث حكم عليه الحفاظ بالوهم في رفعططه فططإن ليططث بططن‬
‫أبي سليم متفق عليه قال فيه أحمد بن حنبل مضطططرب الحططديث‬
‫وقال ما رأيت يحيى بن سططعيد ؟ رأيططا فططي أحططد منططه فططي ليططث ل‬
‫يستطيع أحد أن يراجعه فيه وقال فيه ابن معيططن ؟ ضططعيف وقططال‬
‫فيه ابن معين‪ :‬ليث أضعف من عطاء بن السائب وقال عثمان بن‬
‫أبي شيبة سألت جريرا عن ليث وعططن عطططاء ابططن السططائب وعططن‬
‫يزيد بن أبي زياد فقال كان يزيد أحسططنهم اسططتقامة فططي الحططديث‬
‫ثم عطاء وكان ليث أكثرهم تخليطا قططال عبططد اللططه بططن أحمططد بططن‬
‫حنبل وسألت أبي عططن هططذا فقططال أقططول كمططا قططال جريططر‪ ،‬وقططال‬
‫إبراهيم بن سعيد الجوهري حدثنا يحيى بن معيططن عططن يحيططى بططن‬
‫سعيد القطان أنه كان ل يحططدث عططن ليططث بططن أبططي سططليم وقططال‬
‫عمرو بن علي كان يحيى ل يحدث عن ليث بن أبططي سططليم وقططال‬
‫أبو معمر القطيعي كان ابن عيينة يضعف ليث بن أبي سليم وقال‬
‫علي بن المديني قلت لسفيان إن ليثا روى عن طلحة بن مصرف‬
‫عن أبيه عن جده أنططه رأى النططبي صططلى اللططه عليططه وسططلم يتوضططأ‬
‫فانكر ذلك سفيان وعجطب منطه أن يكطون جطد طلحطة لقطي النطبي‬
‫صلى الله عليه وسلم وقططال علططي بططن محمططد الطنافسططي سططألت‬
‫وكيعا عن حديث من حديث ليث بن أبططي سططليم فقططال ليططث ليططث‬
‫كان سفيان ل يسمى ليثا وقال قبيصة قال شططعبة لليططث بططن أبططي‬
‫سليم أيططن اجتمططع لططك عطططاء وطططاووس ومجاهططد فقططال إذ أبططوك‬
‫يضرب بالخف ليلة عرسه فما زال شعبة متقيطا لليطث مطذ يططومئذ‪.‬‬
‫وقال أبو حاتم أقول في ليث كما قال جرير بن عبد الحميد‪ ،‬وقال‬

‫‪6‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫ابن أبي حاتم سمعت أبي وأبا زرعة يقولن ليث ل يشتغل به وهو‬
‫مضطرب الحديث وقال أبو زرعة أيضا ليث ل تقوم به الحجة عند‬
‫أهل العلم بالحديث وقال مؤمل بن الفضل قلنا لعيسى بن يونس‬
‫لم تسمع من ليث بن أبي سليم قال قططد رأيتططه وكططان قططد اختلططط‬
‫وكان يصعد المنارة ارتفاع النهار فيؤذن وقططال ابططن حبططان اختلططط‬
‫فططي آخططر عمططره هططذا مجمططوع كلم أئمططة الحططديث فططي تخريجططه‪.‬‬
‫والحاصل أنه كان في حال صحة عقله كططثير التخليططط فططي حططديثه‬
‫بحيث جرح بسبب ذلك ثم طرأ لططه بعططد ذلططك الختلط فططي عقلططه‬
‫فازداد حاله سوءا وحكم المختلط الططذي كططان قبططل اختلطططه مططن‬
‫الثقات الحفاظ المحتج بهم أن ما رواه بعد اختلطه يرد وكططذا مططا‬
‫شك فيه هل رواه قبل الختلط أو بعططده فططإنه مططردود‪ .‬فططإذا كططان‬
‫هذا حكم من اختلط من الثقات الحفاظ الذين يحتططج بهططم فكيططف‬
‫بمن اختلططط مططن الضططعفاء المجروحيططن الططذين ل يحتططج بهططم قبططل‬
‫طروء الختلط عليهم‪ .‬وقد جرت عادة الحفططاظ إذا ترجمططوا أحططدا‬
‫ممن تكلم فيه أن يسردوا في ترجمته كططثيرا مططن الحططاديث الططتي‬
‫أنكرت عليه وإن كان له أحاديث سواها صالحة نبهوا علططى أن مططا‬
‫عدا ما سردوه من أحاديثه صططالح مقبططول خصوصططا إذا كططان ذلططك‬
‫الرجل ممن خرج له في أحد الصحيحين فإنهم يقولون إن صاحب‬
‫الصحيح لم يخرج من حديثه إل ما صح عنده من طريططق غيططره فل‬
‫يلزم من ذلك قبول كل ما رواه هكططذا نصططوا عليططه‪ .‬وهططذا الرجططل‬
‫روى له مسلم مقرونا بأبي إسحاق الشيباني فالحجططة فططي روايططة‬
‫أبي إسحاق والحديث الذي خرجه صحيح من طريق أبططي إسططحاق‬
‫ل من طريق ليث ابططن أبططي سططليم‪ .‬ولمططا ترجمططه ابططن عططدي فططي‬
‫الكامل سرد أحاديثه التي أنكرت عليه ثم قال له أحاديث صططالحة‬
‫غير ما ذكرت‪ ،‬وكذا صنع الحافظ الططذهبي فططي الميططزان سططرد لططه‬
‫أكثر من عشرة أحاديث أنكرت عليه منها هذا الحديث الذي نحططن‬
‫فيه أعني حديث من قال أنا عالم فهو جاهل‪ ،‬وحديث من ولد لططه‬
‫ثلثة أولد فلططم يسططم أحططدهم محمططد فقططد جهططل‪ ،‬وقططد أورده ابططن‬
‫الجوزي في الموضوعات‪ ،‬وحديث كان باليمن ماء يقال له زعططاق‬
‫من شرب منه مات فلما بعث النبي صلى الله عليططه وسططلم وجططه‬
‫إليه أيها الماء أسلم فقد أسلم الناس فكان بعد ذلططك مططن شططرب‬
‫منه حم ول يموت‪ ،‬في أحاديث أخر علططى أن هططذا الحططديث الططذي‬
‫نحن فيه لم يجزم ليث برفعه لقوله فيمططا تقططدم ل أعلمططه إل عططن‬

‫‪7‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم وهذه صيغة تقططال عنططد الشططك‪ .‬وممططا‬
‫يؤيد بطلن هذا الحديث الذي نحن فيه من جهة المعنى ثبوت هذا‬
‫اللفظ عن جماعة من الصحابة منهم علطي بطن أبطي ططالب وعبطد‬
‫الله بن مسعود ومعاويططة بططن أبططي سططفيان وعبططد اللطه بططن عبططاس‬
‫رضي الله عنهم وما كان هؤلء ليقعوا في شيء ورد فيططه ذم عططن‬
‫النبي صلى الله عليططه وسططلم وكططذا ثبططت مثططل ذلططك عططن خلئق ل‬
‫يحصون من التابعين فمن بعدهم كما سططقت روايططاتهم وألفططاظهم‬
‫في الكتاب المسمى بالصطواعق علطى النواعطق ول شطك أن مثطل‬
‫هؤلء الئمة ل يطبقون على التلفظ بما ذم النبي صلى الله عليططه‬
‫وسلم التلفظ به ؟ ذلك قول نبي الله يوسطف عليطه السططلم فيمطا‬
‫حكاه الله عنه في التنزيل إني ؟ عليم‪ .‬فإن قلت كيف حكم علططى‬
‫الحديث بالبطال وليث لم يتهم بكذب؟‪ .‬قلت الموضططوع قسططمان‬
‫قسم تعمد واضعه وضعه وهذا شأن الكذابين‪ ،‬وقسم وقع غلطا ل‬
‫عن قصد وهذا شأن المخلطين والمضطططربين الحططديث كمططا علططم‬
‫الحفاظ بالوضع على الحديث الذي اخرجططه ابططن مططاجه فططي سططننه‬
‫وهو من كثرت صلته بالليططل حسططن وجهططه بالنهططار فططانهم أطبقططوا‬
‫علططى انططه موضططوع وواضططعه لططم يتعمططد وضططعه وقصططته فططي ذلططك‬
‫مشهورة وإلى ذلك أشار العراقططي فططي ألفيتططه بقططوله‪ :‬ومنططه نططوع‬
‫وضعه لم يقصد‪ .‬نحو حديث ثابت من كثرت صلته الحديث‪ .‬وهلة‬
‫سرت وأكثر ما يقع الوضع للمغفلين والمخلطين والسيئي الحفظ‬
‫يعزو كلم غير النبي صلى الله عليه وسلم إليه أما كلم تططابعي أو‬
‫حكيم أو أثر إسرائيلي كما وقع فططي المعططدة بيططت الططداء والحميططة‬
‫رأس الدواء وحب الدنيا رأس كل خطيئة وغير ذلك يكون معروفا‬
‫بعزوه إلى غير النبي صلى الله عليه وسلم فيلتبس على المخلط‬
‫فيرفعه إليه وهما منه فيعده الحفاظ موضوعا ومططا تططرك الحفططاظ‬
‫بحمد الله شيئا إل بينوه )إنا نحن نزلنا الططذكر وإنططا لططه لحططافظون(‬
‫ولكن يحتاج إلى سعة النظر وطول الباع وكثرة الطلع وقططد يقططع‬
‫الوضع في لفظة من الحديث ل في كله كحططديث ل سططبق إل فططي‬
‫نصل أو خف أو حافر أو جناح فإن الحديث صدره ثططابت وقططوله أو‬
‫جناح موضوع تعمده واضع تقربططا إلططى الخليفططة المهططدي لمططا كططان‬
‫مشغوفا باللعب بالحمام‪ .‬وقد وقع نظير ذلططك لليططث هططذا صططاحب‬
‫هذا الحديث فإنه روى عن مجاهططد وعطططاء عططن أبططي هريططرة فططي‬
‫الذي وقع على أهله في رمضان قططال لططه النططبي صططلى اللططه عليططه‬

‫‪8‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫وسلم اعتططق رقبططة قططال ل أجططد قططال أهططد بدنططة قططال ل أجططد قططال‬
‫الحفاظ ذكر البدنة فيه منكططر والظططاهر أن ليثططا إنمططا زادهططا غفلططة‬
‫وتخليطا ل عن قصد وعمد والله أعلم‪.‬‬

‫حسن التسليك في حكم التشبيك‬


‫تحرير المسألة‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫الحمد لله وسلم على عباده الذين اصطفى قال البخاري في‬
‫صحيحه "بططاب تشططبيك الصططابع فططي المسططجد وغيططره" وأورد فيططه‬
‫حديث أبي موسى الشعري عن النبي صلى الله عليه وسلم قططال‬
‫إن المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا‪ ،‬وشبك بين أصابعه‪،‬‬
‫وحديث أبي هريرة صلى بنا رسول اللططه صططلى اللططه عليططه وسططلم‬
‫إحدى صلتي العشي فصلى بنا ركعتين ثم سلم فقام إلططى خشططبة‬
‫معروضة في المسجد فإتكا عليها كأنه غضبان ووضع يططده اليمنططى‬
‫على اليسرى وشططبك بيططن أصططابعه‪ ،‬قططال الحططافظ ابططن حجططر فططي‬
‫شططرحه‪ :‬حططديث أبططي موسططى دال علططى جططواز التشططبيك مطلقططا‪،‬‬
‫وحديث أبي هريرة دال على جوازه في المسططجد فهططو فططي غيططره‬
‫أجوز‪ .‬ووقع في بعض نسخ البخاري قبططل هططذين الحططديثين حططديث‬
‫آخر نصه حدثنا حامد بن عمر ثنا بشر ثنا عاصم ثنا واقد عططن أبيططه‬
‫عن ابن عمر قال شبك النبي صلى الله عليه وسلم أصابعه‪ ،‬قططال‬
‫الحططافظ مغلطططاي هططذا الحططديث ليططس موجططودا فططي أكططثر نسططخ‬
‫الصحيح‪ ،‬وقال الحافظ ابن حجططر هططو ثطابت فططي روايطة حمططاد بططن‬
‫شاكر عن البخاري قال ابططن بطططال المقصططود مططن هططذه الترجمططة‬
‫معارضة ما ورد في النهي عن التشبيك فططي المسططجد وقططد وردت‬
‫فيططه مراسططيل ومسططند مططن طططرق غيططر ثابتططة‪ .‬وقططال ابططن المنيططر‬
‫التحقيق أنه ليس بين الحاديث تعارض إذ المنهي عنه فعله علططى‬
‫وجه العبث‪ ،‬وجمع السماعيلي بأن النهي مقيططد بمططا إذا كططان فططي‬
‫الصلة أو قاصدا إليها إذ منتظر الصلة في حكططم المصطلى‪ .‬وقيططل‬
‫إن حكمة النهى عنه لمنتظر الصلة أن التشبيك يجلب النوم وهططو‬
‫من مظان الحدث‪ ،‬وقيل إن صورته تشبه صططورة الختلف فكططره‬
‫ذلك لمن هو في حكم الصلة حتى ل يقططع فططي المنهطي عنطه وهطو‬
‫قوله صلى الله عليه وسلم للمصلين ول تختلفوا فتختلف قلوبكم‪.‬‬
‫وقال الحافظ مغلطاي في شرح البخاري‪ :‬زعططم بعضططهم أن هططذه‬

‫‪9‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الحاديث التي أوردها البخططاري فططي هططذا البططاب معارضططة لحططديث‬
‫النهي عن التشبيك‪ ،‬وقال ابن بطال إن حديث النهي ليس مساويا‬
‫لهذه الحاديث في الصحة‪ ،‬وقال الكططثر حططديث النهططي مخصططوص‬
‫بالصلة وهو قول مالك روى عنه أنه قططال إنهططم لينكططرون تشططبيك‬
‫الصابع في المسجد وما به بأس وإنما يكره فططي الصططلة ورخططص‬
‫فيه ابن عمر وسالم ابنه فكانا يشبكان بين أصابعهما في الصططلة‪،‬‬
‫ثططم قططال مغلطططاي والتحقيططق أنططه ليططس بيططن حططديث النهططي عططن‬
‫التشبيك وبين تشبيكه صلى الله عليه وسلم بين أصابعه معارضططة‬
‫لن النهي إنمططا ورد عططن فعلططه فططي الصططلة أو فططي المضططي إليهططا‬
‫وفعله صلى الله عليططه وسططلم للتشططبيك ليططس فططي صططلة ول فططي‬
‫المضي إليها فل معارضة إذن وبقي كل حديث على حيططاله انتهططى‬
‫قلت ومن الحاديث في تشبيكه صلى الله عليه وسلم مطا أخرجطه‬
‫البخاري والبيهقي في شططعب اليمططان عططن ابططن عمططر قططال رأيططت‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم بفناء الكعبة محتبيططا بيططده هكططذا‬
‫زاد البيهقي وشبك بين أصابعه‪ .‬وأخرج أبو داود عن عبد اللططه بططن‬
‫عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قططال كيططف‬
‫بكم وبزمان يغربل الناس فيه غربلة تبقى حثالططة مططن النططاس قططد‬
‫مرجططت عهططودهم وآمانططاتهم واختلفططوا فكططانوا هكططذا وشططبك بيططن‬
‫أصابعه وأخرج البزار عن ثوبان قال‪ :‬قال رسول اللططه صططلى اللططه‬
‫عليططه وسططلم كيططف أنتططم فططي قططوم مرجططت عهططودهم وإيمططانهم‬
‫وأماناتهم وصاروا هكذا وشبك بين أصابعه‪ .‬وأخرج الطططبراني عططن‬
‫سهل بن سعد الساعدي قال خرج علينططا رسططول اللططه صططلى اللططه‬
‫عليه وسلم يوما فقال كيف ترون إذا أخرتم في زمان حثالططة مططن‬
‫الناس قد مرجت عهودهم ونذورهم فاشتبكوا فكانوا هكذا وشططبك‬
‫بين أصابعه قالوا اللططه ورسططوله أعلططم قططال تأخططذون مططا تعرفططون‬
‫وتدعون ما تنكرون ويقبل أحططدكم علططى خاصططة نفسططه ويططذر أمططر‬
‫العامة‪ .‬واخرج الطبراني عن عبادة بن الصامت قال‪ :‬قال رسططول‬
‫الله صلى اللطه عليططه وسططلم كيططف أنططت إذا كنططت فططي حثالططة مططن‬
‫الناس واختلفوا حتى يكونوا هكططذا وشططبك بيططن أصططابعه قططال اللططه‬
‫ورسوله أعلم قال خذ ما تعرف ودع مططا تنكططر‪ .‬وأخططرج الشططافعي‬
‫وأحمد وأبو داود والنسائي بسند صحيح علططى شططرط مسططلم عططن‬
‫جبير بن مطعم قال لما كان يوم خيبر وضع رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسطلم سطهم ذوي القربطي فطي بنطي هاشطم وبنطي المطلطب‬

‫‪10‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫وترك بني نوفل وبني عبد شمس فانطلقت أنا وعثمان بن عفططان‬
‫حتى أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنطا يطا رسططول اللطه‬
‫هؤلء بنو هاشم ل ننكر فضلهم للموضع الذي وضعك الله به منهم‬
‫فما بال إخواننا بنططي المطلططب أعطيتهططم وتركتنططا وقرابتنططا واحططدة‬
‫فقال النبي صلى الله عليه وسلم أنا وبنو المطلب ل نفططترق فططي‬
‫جاهلية ول إسلم وإنما نحن وهم شيء واحد وشبك بيططن أصططابعه‪.‬‬
‫واخرج البيهقي في الزهد عن أبي ذر قال‪ :‬قططال لططي رسططول اللططه‬
‫صلى الله عليططه وسططلم يططا أبططا ذر كيططف أنططت إذا كنططت فططي حثالططة‬
‫وشبك بين أصابعه قلت يا رسول الله ما تأمرني قال أصبر اصططبر‬
‫اصبر خططالقوا النططاس بططأخلقهم وخططالفوهم فططي أعمططالهم‪ .‬وأخططرج‬
‫الترمذي عن أبي سعيد الخدري قال‪ :‬قال رسول الله صططلى اللططه‬
‫عليه وسلم إذا دفن العبد الكافر يقول لطه القطبر ل مرحبطا ول أهل‬
‫ثم يلتئم عليه حتى تلتقي أضططلعه وقططال رسططول اللططه صططلى اللططه‬
‫عليه وسلم بأصابع يططديه فشططبكها‪ .‬وأخططرج مسططلم وأبططو داود عططن‬
‫جابر في حديث الحج قال قام سراقة بن جعشم فقال يططا رسططول‬
‫الله ألعامنا هذا أم ل بد فشبك رسول الله صلى الله عليه وسططلم‬
‫أصابعه في الخرى وقال دخلت العمرة في الحج مرتيططن‪ .‬واخططرج‬
‫ابن عساكر عن ابن مسعود قال‪ :‬قال لي رسول الله صططلى اللططه‬
‫عليه وسلم أي المؤمنين أعلم قلت اللططه ورسططوله أعلططم قططال إذا‬
‫اختلفوا وشبك بين أصابعه أبصططرهم بططالحق وإن كططان فططي عمليططه‬
‫تقصير وإن كان يزحف زحفا‪.‬‬

‫ذكر الحديث المسلسل بالتشبيك‬


‫أخططبرني شططيخنا المططام تقططي الططدين الشططمني بقراءتططي عليططه‬
‫والجلل أبو المعالي القمصي وأبو العباس أحمد بن الجمططال عبططد‬
‫الله بن علي الكناني سططماعا عليهمططا بالقططاهرة وناصططر الططدين أبططو‬
‫الفرج بن المام زين الدين أبي بكر المراغي بقراءتي عليه بمكططة‬
‫المشططرفة والحططافظ تقططي الططدين أبططو الفضططل بططن فهططد الهاشططمي‬
‫سططماعا عليططه بمنططى وشططبك كططل منهططم بيططدي قططال الول والثططاني‬
‫والثالث أنا الجمال عبد الله بن علي الحنبلي وشططبك بيططد كططل منططا‬
‫قال أنا أبو الحسن علي بططن أحمططد العرضططي وشططبك بيططدي وقططال‬
‫الرابع أنا الشيخ شمس الدين محمططد بططن محمططد الجططزري وشططبك‬
‫بيدي قال أنا أبو حفص عمر ابن حسن المزي وشططبك بيططدي قططال‬

‫‪11‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫هو والعرضي أنا أبو الحسن علي بن أحمد بن البخاري وشبك بيططد‬
‫كل منا أنا عمر بن سعيد الحلبي وشبك بيدي أنا أبو الفططرح يحيططى‬
‫بن محمود الثقفي وشبك بيدي أنطا الحطافظ إسطماعيل بطن محمطد‬
‫الططتيمي وشططبك بيططدي أنططا المططام أبططو محمططد الحسططن بططن أحمططد‬
‫السططمرقندي وشططبك بيططدي أنططا أبططو العبططاس جعفططر بططن محمططد‬
‫المستغفري وشبك بيدي أنا أبو بكر أحمد بن عبططد العزيططز المكططي‬
‫وشبك بيدي أنا أبو الحسين محمد بن طالب وشبك بيططدي أنططا أبططو‬
‫عمر عبد العزيز ابن الحسطن بطن بكطر بطن عبطد اللطه بطن الشطرود‬
‫الصنعاني وشبك بيدي قال شبك بيدي أبطي ح وقطال الخططامس أنطا‬
‫القاضي جمال الدين بن ظهيرة وشبك بيطدي أنطا البهطاء عبطد اللطه‬
‫ابن محمد المكي وشبك بيدي أنا الرضى الطبري وشبك بيدي أنططا‬
‫أبو الحسن بن بنت الجميططزي وشططبك بيططدي أنططا الشططرف بططن أبططي‬
‫عصرون وشبك بيدي أنا القاضططي أبططو عبططد اللططه بططن نصططر وشططبك‬
‫بيدي حدثنا أبو بكر الطريثيثي وشبك بيدي ثنا علي ابن أبططي نصططر‬
‫وشبك بيدي حدثنا محمد بن علي بططن هاشططم وشططبك بيططدي حططدثنا‬
‫عبيد ابن إبراهيم الصنعاني وشبك بيدي ثنا بكر بن الشرود وشبك‬
‫بيدي وقال شبك بيدي ابن أبي يحيى وقال ابططن أبططي يحيططى شططبك‬
‫بيدي صفوان بن سليم وقال صفوان شبك بيدي أيططوب بططن مالططك‬
‫النصاري وقال أيوب شبك بيدي عبد الله بن رافع وقال عبد اللططه‬
‫بن رافع شبك بيدي أبو هريرة وقططال أبططو هريططرة شططبك بيططدي أبططو‬
‫القاسم صلى الله عليه وسلم وقال خلق الله الرض يوم السططبت‬
‫والجبال يوم الحططد والشططجر يططوم الثنيططن والمكططروه يططوم الثلثططاء‬
‫والنور يوم الربعاء والدواب يوم الخميس وآدم يوم الجمعة‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬ماذا يقول إمام العصر مجتهد * قد فاق سططالفه فططي‬
‫العجم والعرب‬
‫فيما روى عن رسول اللططه سططيدنا * فططي يططوم بططدر عقيططب النصططر‬
‫والنصب‬
‫بأنه قال للكفار حين رموا * ضمن القليب قضوا للنار واللهب‬
‫أهل القليب وجدنا وعد خالقنا * حقا وفزنا بنيل القصد والرب‬
‫فهل وجدتم حقيقا وعد ربكم * وبعض اصحابه قد مال للعجب‬
‫وقال كلمت خير الخلق من مضر * موتى خلوا عن سماع الصدق‬
‫والكذب‬
‫وأن أحمد خير الخلق قال له * منكم لسمع في بعض الكتب‬

‫‪12‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫وإن تقولوا روى في قول خالقنا * في محكم الذكر للمبعوث خير‬
‫نبي‬
‫ل يسمع الميت ماذا القول فيه وهل * معطارض للطذي قلنطاه فطي‬
‫الرتب‬
‫ل زلت ترشد عبدا ضل في حلططك * بواضططح الفططرق خططالي الشططك‬
‫والريب‬
‫ونلت أعلى مقام في النعيم * مهنئا بسرور غير مقتضب‬
‫الجواب ‪ -‬الحمططد للططه حمططدا دائم الحقططب * ثططم الصططلة علططى‬
‫المبعوث خير نبي‬
‫سماع موتى كلم الخلق معتقد * جاءت به عندنا الثار في الكتب‬
‫وآية النفي معناها سماع هدى * ل يقبلون ول يصغوا إلى أدب‬

‫شد الثواب في سد البواب‬


‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫}فليحذر الذين يخططالفون عططن أمططره أن تصططيبهم فتنططة أو يصططيبهم‬
‫عذاب أليم{‬
‫الحمد لله وسلم على عبططاده الططذين اصطططفى‪ .‬روى البخططاري‬
‫ومسططلم والترمططذي والنسططائي وغيرهططم عططن أبططي سططعيد الخططدري‬
‫رضي الله عنه قال خطططب رسططول اللططه صططلى اللططه عليططه وسططلم‬
‫الناس وقال إن الله خير عبدا بين الدنيا وبين ما عنده فاختار ذلك‬
‫العبد ما عند الله فبكى أبو بكر فعجبنا لبكائه أن يخبر رسول اللططه‬
‫صلى الله عليه وسلم عن عبد خير فكان رسول اللططه صططلى اللططه‬
‫عليه وسلم هو المخير وكططان أبططو بكططر أعلمنططا فقططال رسططول اللططه‬
‫صلى الله عليه وسلم إن من أمن الناس علي في صططحبته ومططاله‬
‫أبو بكر ولو كنت متخذا خليل غير ربي لتخذت أبا بكر ولكن أخططوة‬
‫السلم ومودته ل يبقين في المسجد باب إل سد إل باب أبي بكر‪،‬‬
‫وفي لفظ ل يبقين في المسجد خوخة إل سدت إل خوخة أبي بكر‬
‫أخرجه ابن عساكر وفي لفظ ثم هبط عن المنططبر فمططا رؤى عليططه‬
‫حتى السططاعة‪ -‬أخرجططه أحمططد والططدارمي هططذا حططديث متططواتر كمططا‬
‫سأشير إلى طرقه قال النووي في شرح مسلم فيه خصصية لبي‬
‫بكر رضي الله عنه وقال ابططن شططاهين فططي السططنة تفططرد أبططو بكططر‬
‫رضي الله عنه بهذه الفضيلة‪ .‬وللمر بسططد البططواب فططي المسططجد‬
‫النبوي طرق كثيرة تبلغ درجة التططواتر فططأخرج البخططاري والنسططائي‬

‫‪13‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫عن ابن عباس قال خرج رسول الله صلى اللطه عليطه وسطلم فطي‬
‫مرضه الذي مات فيه عاصبا رأسه في خرقططة فقعططد علططى المنططبر‬
‫فحمد الله وأثنى عليه وقال إنه ليس أحططد أمططن علططى مططن نفسططه‬
‫وماله من أبي بكر ولو كنت متخططذا مططن النططاس خليل لتخططذت أبططا‬
‫بكر خليل ولكن خلة السلم أفضل سدوا عني كل خوخة في هططذا‬
‫المسجد غير خوخة أبي بكر‪ .‬وأخرج ابن سعد من طريق الزهططري‬
‫أخبرني أيوب بن كسير النصاري عن بعض أصططحاب رسططول اللططه‬
‫صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خططرج‬
‫فاستوى على المنبر فتشهد فلما قضى تشهده قال إن عبدا مططن‬
‫عباد الله خير بين الططدنيا وبيططن مططا عنططد ربططه فاختططار مططا عنططد ربططه‬
‫ففطن لها أبو بكطر الصططديق أول النططاس فعطرف إنمطا يريططد النطبي‬
‫صلى الله عليه وسلم نفسه فبكى أبو بكر فقططال لططه رسططول اللططه‬
‫صلى الله عليه وسلم على رسلك يا أبططا بكططر سططدو هططذه البططواب‬
‫الشوارع في المسجد إل باب أبي بكر فإني ل أعلططم امططرأ أفضططل‬
‫عندي يدا في الصحابة من أبي بكر‪ .‬وأخرج الطبراني بسند حسن‬
‫عن معاوية بن أبي سفيان قال‪ :‬قال رسول الله صلى اللططه عليططه‬
‫وسلم صبوا على من سبع قرب من آبططار شططتى حططتى أخططرج إلططى‬
‫الناس فأعهد إليهم فخرج عاصبا رأسه حططتى صططعد المنططبر فحمططد‬
‫الله وأثنى عليه ثم قال إن عبدا من عباد الله خير بين الدنيا وبين‬
‫ما عند الله فاختار ما عند الله فلم يفهمها إل أبو بكر فبكى فقططال‬
‫نفديك بآبائنا وأمهاتنا وابنائنا فقططال رسططول اللططه صططلى اللططه عليططه‬
‫وسلم على رسلك أفضل الناس عندي في الصحبة وذات اليد ابن‬
‫قحافة انظروا هذه البواب الشوارع في المسجد فسططدوها إل مططا‬
‫كان من باب أبي بكر فإني رأيت عليه نورا‪ .‬وأخرج عبططد اللططه بططن‬
‫أحمد في زوائد المسند بسند رجاله ثقططات عططن ابططن عبططاس قططال‬
‫قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر صططاحبي ومؤنسططي‬
‫في الغار سططدوا كططل خوخططة فططي المسططجد غيططر خوخططة أبططي بكططر‪.‬‬
‫وأخرج أبو يعلى بسند رجاله ثقات عن بعض الصططحابة أن رسططول‬
‫الله صلى الله عليططه وسططلم قططال فططي مططرض مططوته انظططروا هططذه‬
‫البواب الملصقة في المسجد فسدوها إل ما كان مططن بيططت أبططي‬
‫بكر فإني ل أعلم أحدا كان افضل عندي في الصحبة منه‪ .‬وأخططرج‬
‫البزار بسند حسن عن أنس قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم سدوا عني كل باب إل باب أبي بكر‪ .‬وأخرج الطبراني فططي‬

‫‪14‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الوسط عن عائشة قالت أمر رسول الله صلى الله عليططه وسططلم‬
‫بسد البواب التي في المسجد إل باب أبي بكر‪ .‬وأخططرج الططدارمي‬
‫في مسنده عن عائشة قالت‪ :‬قال النبي صططلى اللططه عليططه وسططلم‬
‫في مرضه صبوا علي من سبع قططرب مططن سططبع آبططار شططتى حططتى‬
‫أخرج إلى الناس فأعهد إليهم فصططببنا عليططه فخططرج فصططعد المنططبر‬
‫فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أل إن عبدا من عبططاد اللططه قططد خيططر‬
‫بين الدنيا وبين ما عند الله فاختار ما عند الله فبكى أبو بكر فقال‬
‫على رسلك سدوا هذه البواب الشوارع إلى المسجد إل باب أبي‬
‫بكر فإني ل أعلم امرأ افضل عندي يدا في الصحبة من أبي بكططر‪.‬‬
‫وأخرج الطبراني بسطند رجطاله رجطال الصطحيح عطن ابطن عمطر أن‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم قال ل تؤذوني فططي صططاحبي ولططول أن‬
‫الله سماه صاحبا لتخذته خليل أل فسدوا كل خوخة إل خوخة ابن‬
‫أبي قحافة‪ .‬وأخرج ابن سعد في الطبقات وابن عدي في الكامططل‬
‫عن يحيى بن سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن أعظم‬
‫الناس علططى منططا فططي الصططحبة وذات يططده أبططو بكططر فططأغلقوا هططذه‬
‫البواب الشارعة كلها في المسجد إل بطاب أبطي بكطر فقطال نطاس‬
‫أغلق أبوابنا وترك باب خليله فقال رسططول اللططه صططلى اللططه عليططه‬
‫وسلم قد بلغني الذي قلتم في باب أبي بكر وإني أرى علططى بططاب‬
‫أبي بكر نورا وأرى على أبوابكم ظلمة‪ -‬مرسل‪ ،‬وقططد أخرجططه أبططو‬
‫طاهر المخلص في فوائده وابن عدي فططي الكامططل وابططن عسططاكر‬
‫في تاريخه موصول من طريق يحيى بن سعيد عططن أنططس بططه وزاد‬
‫فكانت الخرة أعظم عليهم مططن الولططى قططال ابططن عططدي ل أعلططم‬
‫وصله عن الليث غير عبد الله بططن صططالح ورواه غيططره عططن الليططث‬
‫عن يحيى بن سططعيد بططدون ذكططر أنططس‪ .‬وأخططرج ابططن عسططاكر فططي‬
‫تاريخه عن أبي الحوص حكيم بن عمير العنسططي أن رسططول اللططه‬
‫صلى الله عليه وسلم قال عند ما أمر به من سد البططواب إل بططاب‬
‫أبي بكر وقال ليس منها باب إل وعليه ظلمة إل ما كان مططن بططاب‬
‫أبي بكر فإن عليه نورا‪ .‬وأخرج ابن سعد عن أبططي الحططويرث قططال‬
‫لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بططالبواب تسططد إل بططاب‬
‫أبي بكر قال عمر يا رسول الله دعني أفتح كوة أنظر إليططك حططتى‬
‫تخرج إلى الصلة فقططال رسططول اللططه صططلى اللططه عليططه وسططلم ل‪.‬‬
‫وأخرج ابن سعد عن أبي البداح بططن عاصططم بططن عططدي قططال‪ :‬قططال‬
‫العباس بن عبد المطلب يططا رسططول اللططه مططا بالططك فتحططت أبططواب‬

‫‪15‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫رجال في المسجد وما بالك سططددت أبططواب رجططال فططي المسططجد‬
‫فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا عبططاس مططا فتحططت عططن‬
‫أمري ول سددت عن أمري‪.‬‬
‫)فصططل( وأخططرج أحمططد والنسططائي والحططاكم فططي المسططتدرك‬
‫وصححه عن زيد بن أرقم قال‪ :‬كان لنفر من أصحاب رسول اللططه‬
‫صلى الله عليه وسططلم أبططواب شططارعة فططي المسططجد فقططال يومططا‬
‫سدوا هططذه البططواب إل بططاب علططي فتكلططم أنططاس فططي ذلططك فقططام‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم فحمد الله وأثنى عليه وقال أما‬
‫بعد فإني أمرت بسد هذه البواب غير باب علي فقال فيه قائلكم‬
‫وإني والله ما سددت شيئا ول فتحته ولكني أمرت بشيء فاتبعته‪.‬‬
‫واخرج أحمد والنسائي وأبو يعلى والبزار الطططبراني فططي الوسططط‬
‫بسند حسن عن سعد بن أبي وقاص قال أمططر رسططول اللطه صططلى‬
‫الله عليه وسلم بسد البواب الشارعة فططي المسططجد وتططرك بططاب‬
‫علي فقالوا يا رسول الله سددت أبوابنا كلها إل باب علي قال مططا‬
‫أنا سططددت أبططوابكم ولكططن اللططه سططدها‪ .‬وأخططرج أحمططد والترمططذي‬
‫والنسائي عن ابن عباس قال أمططر رسططول اللططه صططلى اللططه عليططه‬
‫وسلم بأبواب المسجد فسدت إل باب علي‪ .‬وأخرج الطبراني عن‬
‫ابن عباس نحوه وزاد فقال الناس في ذلك فبلغ النبي صططلى اللططه‬
‫عليه وسلم فقال إنما أنا عبد مأمور مططا أمططرت بشططيء فعلططت أن‬
‫أتبع إل ما يوحى إلي‪ .‬وأخرج البزار عن علي بن أبطي ططالب قططال‬
‫أرسل رسول الله صلى الله عليططه وسططلم إلططى أبططي بكططر أن سططد‬
‫بابك قال سمعا وطاعة فسد بابه ثم أرسل إلططى عمططر ثططم أرسططل‬
‫إلى العباس بمثل ذلك ثم قال رسول الله صلى الله عليططه وسططلم‬
‫ما أنا سددت ابوابكم‪ .‬وفتحت باب علي ولكن الله فتح باب علططي‬
‫وسد أبوابكم‪ .‬واخرج البزار عن علي قال‪ :‬قال رسول الله صططلى‬
‫الله عليه وسلم انطلق فمرهم فليسدوا أبوابهم فانطلقت فقلططت‬
‫لهم ففعلوا إل حمزة فقلططت يططا رسططول اللططه قططد فعلططوا إل حمططزة‬
‫فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قل لحمططزة فليحططول بططابه‬
‫فقلت إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن تحول بابك‬
‫فحوله‪ .‬وأخرج أحمد والنسائي عن ابططن عبططاس قططال سططد رسططول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم أبواب المسططجد غيططر بططاب علططي وكططان‬
‫يدخل المسططجد وهططو جنططب وهططو طريقطه ليطس لطه طريططق غيطره‪.‬‬
‫وأخرج الطبراني عن جابر بن سمرة قال أمر رسططول اللططه صططلى‬

‫‪16‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الله عليه وسلم بسد البواب كلها غير باب علي فقال العبططاس يططا‬
‫رسول الله قدر ما أدخل أنا وحدي‪ ،‬وأخرج قال ما أمططرت بشططيء‬
‫من ذلك فسدها كلها غير باب علي‪ ،‬وأخرج النسائي بسند صططحيح‬
‫عن ابن عمر أنه سئل عن علي فقال انظر إلى منزله من رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم فإنه سد أبوابنا في المسجد واقر بابه‪.‬‬
‫وأخرج أحمد من وجه آخر عن ابططن عمططر قططال أعطططى علططي ثلث‬
‫خصال زوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم بططابنته وولططدت لططه‬
‫وسد البواب إل بابه في المسجد وأعطاه الراية يططوم خيططبر فهططذه‬
‫أكثر من عشرين حديثا في المر بسد البواب وبقيت أحاديث أخر‬
‫تركتها كراهة الطالة‪.‬‬
‫)فصل( قال العلماء ل معارضة بين الحططاديث المططذكورة فططي‬
‫الفصل الول من أنه سد البواب إل باب أبي بكر وبين المططذكورة‬
‫في الفصل الثاني من أنه سد البواب إل باب علي فإنهما قصططتان‬
‫إحداهما غير الخرى فقصططة علططي كططانت متقدمططة وهططي فططي سططد‬
‫البواب الشارعة وقد كان إذن لعلططي أن يمططر فططي المسططجد وهططو‬
‫جنب وقصة أبي بكر متأخرة فططي مططرض الوفططاة فططي سططد طاقططاة‬
‫كانوا يسططتقربون الططدخول منهططا وهططي الخططوخ كططذا جمططع القاضططي‬
‫إسماعيل المالكي في أحكامه والكلباذي فططي معططانيه والطحططاوي‬
‫في مشكله وعبارة الكلباذي ل تعارض بين قصة علي وقصة أبططي‬
‫بكر لن باب أبي بكططر كططان مططن جملططة خوخططات يطلططع منهططا إلططى‬
‫المسجد وأبواب البيوت خارجططة مططن المسططجد فططأمر رسططول اللططه‬
‫صلى الله عليه وسلم بسد تلك الخوخ فلططم تبططق تطلططع منهططا إلططى‬
‫المسجد وتركت خوخة أبي بكر فقط‪ .‬وأما باب علي فكان داخططل‬
‫المسجد يخرج منه ويدخل منه‪ .‬وقال الحافظ ابن حجر قصة علي‬
‫في سد البواب وأما سد الخططوخ فططالمراد بططه طاقططات كططانت فططي‬
‫المسجد يسططتقربون الططدخول منهططا فططأمر النططبي صططلى اللططه عليططه‬
‫وسلم في مرض موته بسدها إل خوخة أبي بكر‪ ،‬وفي ذلك إشارة‬
‫إلى استخلف أبي بكر لنه يحتاج إلططى المسططجد كططثيرا دون غيططره‬
‫انتهى‪ .‬قلت ويدل على تقدم قصة على ذكر حمزة في قصته فإن‬
‫حمزة قتل يوم أحد‪.‬‬
‫)فصل( قد ثبت بهططذه الحططاديث الصططحيحة بططل المتططواترة أنططه‬
‫صلى الله عليه وسلم منع من فتح بططاب شططارع إلططى مسططجد ولططم‬
‫يأذن في ذلك لحد ول لعمه العباس ول لبي بكر إل لعلي لمكططان‬

‫‪17‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫ابنة رسططول اللطه صطلى اللطه عليططه وسطلم منطه ومطن فتطح خوخططة‬
‫صغيرة أو طاقة أو كوة ولم يأذن في ذلك لحد ول لعمططر إل لبططي‬
‫بكر خاصة لمكان الخلفة ولكونه أفضل الناس يدا عنده كما أشار‬
‫إلى التعليل به في الحاديث المبدأ بها وهططذه خصصططية ل يشططاركه‬
‫فيها غيره ول يصح قياس أحد عليططه إلططى يططوم القيامططة فططإن عمططر‬
‫استأذن في كوة فلم يؤذن له فمن ذا الذي يقاس عليه وقططد منططع‬
‫عمر واستأذن العباس في فتططح بططاب صططغير بقططدر مططا يخططرج منططه‬
‫وحده فلم يؤذن له وهو عم رسول اللططه صططلى اللططه عليططه وسططلم‬
‫فمن ذا الذي يباح لططه ذلططك وقططد منططع منططه عمططر والعبططاس ثططم إن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم اسند ذلك إلى أمر الله به وأنططه‬
‫لم يسد ما سد ولم يفتح ما فتح إل بأمره تعالى ثططم إن ذلططك كططان‬
‫في مرض الوفاة وفي آخر مجلس جلسه على المنبر وكططان ذلططك‬
‫من جملة ما عهد به إلى أمته ومات عليه ولم ينسخه شيء وتقلد‬
‫ذلك حملة الشريعة من أمته فوجب على من علمه أن يططبينه عنططد‬
‫الحاجة إليه ول يكتمه فإن تططوهم متططوهم أو زعططم زاعططم أن المططر‬
‫في ذلك منوط برأي المام زد عليه بططان هططذا حكططم مططن الحكططام‬
‫نص رسول الله صلى الله عليطه وسطلم علطى منعطه فل رأى لحطد‬
‫في إباحته بل لو وقف رجل من آحاد الناس مسجدا وشططرط فيططه‬
‫شيئا اتبع شرطه فكيف بمسجد وقفه النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫ونص فيه على المنع من امر واسنده إلى الوحي وجعله من جملة‬
‫عهده عند وفاته والرجوع إلى رأي المام إنما يكون فططي مسططاجد‬
‫ل تعرض في شروط واقفيها لمنططع ول لغيططره علططى مططا فططي ذلططك‬
‫أيضا من توقف ونظر وان خطر ببططال أحططد أن يقططول أن المسططجد‬
‫الشريف قد زالت معالمه وجدره ووسع زيادة علططى مططا كططان فططي‬
‫عهططده صطلى اللطه عليطه وسططلم فل يجططديه هططذا شطيئا فطإن حرمطة‬
‫المسجد وأحكطامه الثابتطة لطه باقيطة إلطى يطوم القيامطة ولطو اتسطع‬
‫وأزيلت جدره وأعيدت عادت على هذا الحكم من غير تغييططر فططإن‬
‫الحكم المذكور منوط بالمسجد من حيث هو ل بذاك الجدار بعينه‬
‫وقد بنى في زمن عمر ووسع في زمن عثمان وغيره فططي القططرن‬
‫الول وبعده ولم يخرجوا عن هذا الحكم وإن قيل بجواز الفتح في‬
‫الجدار الذي هو ملك الفاتح قلنا إن كان مع إعادة حائط المسططجد‬
‫الشريف كما كانت بحيث يسد الباب والشبابيك التي فططي الجططدار‬
‫فل يستطرق منه ول يطلع منها فل كلم وإن كان مع إزالططة حططائط‬

‫‪18‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫المسجد وبقاء الستطراق والطلع فمعاذ اللططه فططإن هططذه ذريعططة‬
‫وحيلة يتوصل بها إلى مخالفة المر الشريف وإذا منع النبي صططلى‬
‫الله عليه وسلم عمر من فتح كوة ينظططره منهططا حيططن يخططرج إلططى‬
‫الصلة فكيف يهدم الحائط جميعه‪ ،‬بل أزيد علططى هططذا وأقططول لططو‬
‫أعيد حائط المسجد وبنى خلفه جدار أطول منططه وفتططح فططي أعله‬
‫كوة يطلططع منهططا إلططى المسططجد فينبغططي المنططع مططن ذلططك احتياطططا‬
‫للحديث وإن انضم إلى ذلك أن الشبابيك تصير معدة لمن يجلططس‬
‫فيها مرتفعا والقبر الشريف تحته فهذا أشد وأشد والططواجب علططى‬
‫كل متحر الحتياط لدينه حيث علم أن هذا الحكم منصططوص عليططه‬
‫مططن صططاحب الشططرع وأنططه ل رأى لحططد فيططه بعططد نصططه وإن حكططم‬
‫الحاكم بما يخالف النص ينقض وفتططوى المفططتي بمططا يعططارض تططرد‬
‫والتوصل إلى خلفه بالحيل الفاسططدة مططن بططاب قططوله صططلى اللططه‬
‫عليه وسططلم ل ترتكبططوا مططا ارتكبططت اليهططود تسططتحلوا محططارم اللططه‬
‫بأدنى الحيل‪.‬‬
‫)فصل( اعلم أن أكثر مفطتي عصطرنا أفتطوا بجطواز فتطح البطاب‬
‫والكوة والشباك من دار بنيت ملصططقة للمسططجد الشططريف وكططان‬
‫ذلك منهم استرواجا وعدم وقوف على مجموع الحاديث الططواردة‬
‫في ذلك ثم روجع كل منهططم فططي مسططتنده فيمططا أفططتى بططه فابططدوا‬
‫شططبها كلهططا مططردودة ولططول جنططاب النططبي صططلى اللططه عليططه وسططلم‬
‫وعظمته الراسخة في القلب لم أتكلم في شيء من ذلططك وكنططت‬
‫إلى السكوت أميل لكن ل أرى السططكوت يسططعني فططي ذلططك فططإن‬
‫هذا عهد عهده النبي صلى الله عليه وسلم عند وفاته فوجب على‬
‫كل من علمه أن يبينه ول يراعي فيه صديقا ول حبيبا ول بعيططدا ول‬
‫قريبا وأنا أذكر شبه المفتين وأردها واحدة واحدة‪ :‬فمنهم من قال‬
‫ل نقل في هذه المسألة لهل مططذهبنا ونقططول بططالجواز استحسططانا‬
‫حيث ل ضرر وجواب هذا أنه ل استحسططان مططع النصططوص النبويططة‪،‬‬
‫ومنهم من قال بالقياس على سططائر المسططاجد حيططث رأى النططاظر‬
‫ذلك‪ ،‬وجواب هذا أن النص منع القياس ودلت الحططاديث علططى أن‬
‫المسجد النبططوي انفططرد بهططذه الخصوصططية علططى سططائر المسططاجد‪،‬‬
‫ومنهم من قال المر في ذلك منوط برأي المام‪ .‬وجواب هذا أنططه‬
‫ل رأي لحد مع قول رسول الله صلى الله عليه وسلم وهل لحططد‬
‫من الئمة أن يغير من المور المنصوصة في الشريعة شيئا برأيه‪،‬‬
‫ومنهم من قال الحديث الططوارد فططي ذلططك مخصططوص بزمنططه عليططه‬

‫‪19‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫السلم وهذا خطأ من وجوه‪ :‬أحدها أنططه ل دليططل علططى التخصططيص‬
‫وإنما يصار إلى تخصيص النصوص بدليل‪ ،‬ثانيها أن القصة أمر بهططا‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم في مرض وفاته ولم يعططش بعططدها إل‬
‫دون عشرة أيام فدل على أنه أمر بططه شططرعا مسططتمرا إلططى يططوم‬
‫القيامة‪ ،‬ثالثها أنه لو كان مخصوصا بزمن لوجب على النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم أن يبينه وإل لكان تأخيرا للبيان عن وقت الحاجططة‬
‫لسططيما وهططي آخططر جلسططة جلسططها للنططاس‪ ،‬رابعهططا أن الصططحابة‬
‫استمروا إلى أن انقرضوا وهم باقون على هذا الحكططم وهططذا يططدل‬
‫على أنهم فهموه شرعا مؤبططدا‪ ،‬خامسططها يقططال لهططذا الططذي ادعططى‬
‫التخصيص ما وجه منع الصحابة في زمنه والذن لمن جططاء بعططدهم‬
‫والصحابة أشرف وأجل وأحق بكططل خيططر وهططل يتخيططل متخيططل أن‬
‫يرخص لهل القرن الرذل ما منططع أشططرف المططة وخيططارهم معططاذ‬
‫الله‪ .‬ومنهم من قال المنع مخصوص بجدار النبي صلى الله عليططه‬
‫وسلم فإذا هدم وأعيد غيره فإن المعاد ملك للمعيد فيفتح فيه مططا‬
‫شاء ول يصير وقفا حتى يوقفه‪ ،‬وهذا الكلم مردود بوجططوه‪ :‬الول‬
‫أن سبب هذا القول فهم أن الحكم متعلق بالجططدار وليططس كططذلك‬
‫بل الحكم متعلق بالمسجد وقصد النبي صلى الله عليه وسططلم أن‬
‫ل يستطرق إلى مسجده من باب فططي دار تلصططقه ول يطلططع إليططه‬
‫من كوة في دار تلصقه فسواء في ذلك بقططي الجططدار الططذي كططان‬
‫في عهده أو أزيل وأعيد غيره فإن المعاد يقوم مقام الجدار الول‬
‫في هذا الحكططم‪ ،‬الثططاني‪ :‬أن ترتيططب الحكططم علططى الوصططف يشططعر‬
‫بالعلية كما تقرر في الصول وقططد رتططب صططلى اللططه عليططه وسططلم‬
‫الحكم هنا على الوصف حيث قال انظروا هططذه البططواب الشططوارع‬
‫في المسجد فسدوها‪ ،‬وفي لفططظ الشططوارع إلططى المسططجد فعلططق‬
‫الحكم بالشوارع فدل على أن العلة في سدها كونها شارعة إلططى‬
‫المسجد أي طريقا إليه من دار فسد كل باب يشرع إلى المسجد‬
‫من دار سواء فتح في الجططدار النبططوي أم فططي الجططدار الططذي أعيططد‬
‫مكانه أم في جدار صاحب الدار‪ ،‬الثالث‪ :‬إن الجططدار النبططوي أزيططل‬
‫في عهد عمر وعثمان وبنى غيره وأبقى الصحابة هذا الحكم فدل‬
‫على أنهم فهموا من المر الشريف تعلق ذلك بالمسجد ل بالجدار‬
‫وإل لكانوا يفتحون لهم أبوابا وكوات ويحتجون بان الجطدار النبطوي‬
‫أزيل وهذا الجدار ملك عمر أو عثمططان وحاشططاهم مططن ذلططك وهططم‬
‫أتقى لله وأورع وأشد خشية‪ ،‬وانظر إلططى قططول عمططر رضططي اللططه‬

‫‪20‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫عنه لول أني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول ينبغططي أن‬
‫يزاد في مسجدنا هذا ما زدت‪ -‬أخرجططه أحمططد وأبططو يعلططى والططبزار‬
‫في مسانديهم فططانظر إلطى هطذا التوقطف مططن أحططداث شطيء فططي‬
‫المسططجد النبططوي إل بنططص مططن صططاحب الشططرع صططلى اللططه عليططه‬
‫وسلم‪ ،‬الرابع‪ :‬أن دعوى أن الجدار المعاد ملك للمعيد يقال عليططه‬
‫أول هدم الجدار الذي قبله ل يخلو أما أن يكون لمصلحة أول فططإن‬
‫كان لغير مصلحة فاعادته واجبة على الهادم فإذا أعاده كططان بططدل‬
‫متلف ل مسلكا لططه وأن كططان لمصططلحة فاعططادته واجبططة مططن مططال‬
‫وقف المسجد الشريف أو من مال بيطت المطال فطإذا أعيطد منهمطا‬
‫كان وقفا كما كططان ل ملكططا وأن أعططاده المططام أو غيططره مططن مططال‬
‫نفسه على نية أعادته للمسططجد فططالمر كططذلك أيضططا أو علططى نيططة‬
‫التملططك فهططذا ل يجططوز وكيططف يبنططى علططى نيططة التملططك فططي أرض‬
‫المسجد الشريف‪ ،‬الخامس‪ :‬أن هذا الجدار المعاد ل يخلو إمططا أن‬
‫يمحض جدار للمسجد الشريف أو يجعل جططدارا للططدار الططتي تبنططى‬
‫ملصقة ويكتفي به عن إعادة جدار المسططجد أو يجعططل جططدارا لهططا‬
‫ويعاد جدار المسجد كما كان فإن كان الثالث فهو المطلططوب وإن‬
‫كان الثاني لم يجز إهمططال إعططادة جططدار المسططجد بططل يجططب علططى‬
‫المام العظم أو الحاكم الشافعي نططاظر الحططرم الشططريف إعططادة‬
‫جدار المسجد ول يتركه مهدوما ويزيد ذلك تحريما أن يبنططى علططى‬
‫أرض المسططجد ويجعططل جططدارا للططدار فهططذا فيططه أخططذ قطعططة مططن‬
‫المسجد وإدخالهططا فططي الططدار وهططو ممنططوع وإن كططان الول وجططب‬
‫فصل الطدار منطه ولطم يجطز أن ينتفطع بجطدار المسطجد فطي الطدار‪،‬‬
‫السادس‪ :‬أن قوله صلى الله عليه وسططلم سططدا البططواب اللصططقة‬
‫في المسجد أي كونه متصل به فيشمل ذلك كل باب لصق به من‬
‫أمر جدار كان‪ ،‬السابع‪ :‬أن الحططديث التططي وهططو قططوله صططلى اللططه‬
‫عليه وسلم لو بنى مسططجدي هططذا إلططى صططنعاء كططان مسططجدي دل‬
‫على استواء القدر الططذي كططان فططي عهططده مسططجدا والططذي يحططدث‬
‫بعده في الحكم فكذلك يستوي الجدار الذي كان في عهده والذي‬
‫يحدث بعده في الحكم‪ ،‬الثامن‪ :‬لو قدر والعياذ بالله احتيططاج بعططض‬
‫حيطان الكعبة إلى هدم وإصلح فهدمها المام وأعادها فهل يقول‬
‫قائل إن الحائط الذي أعاده ملك له يفتح فيططه مططا شططاء ويتصططرف‬
‫فيه كيف شاء ول يخرج عن ملكه حتى يوقفه فإن قيل بذلك ففي‬
‫غاية السقوط وإن لم يقل بططه فحططائط المسططجد النبططوي كططذلك إذ‬

‫‪21‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الحرمان الشريفان مستويان في غططالب الحكططام وقيططاس الحططرم‬
‫النبوي على الحرم المكي أشبه من قياسه علططى سططائر المسططاجد‬
‫لما له من الخصوصيات ل سيما مع ما ورد فيه من النصوص فططي‬
‫هذا الحكم بعينه‪ ،‬التاسع‪ :‬قططد ذكططر القفهسططي أن الملططك الظططاهر‬
‫بيبرس هو الذي أحدث المقصططورة حططول الحجططرة الشططريفة سططنة‬
‫ثمان وستين وستمائة وأنه فعل ذلك ظنططا منططه أنططه زيططادة تعظيططم‬
‫وحرمة للحجرة ثم أنكر القفهسي هذا الفعل لكونه حجططر طائفططة‬
‫من الروضة الشريفة عن صلة الناس فيها وصار هذا القدر مأوى‬
‫النساء بأطفالهن أيام الموسم ونقل عن قاضي القضاة عز الدين‬
‫بن جماعة أن ذلك ذكر للملك الظاهر فسكت وما أجاب ثططم قططال‬
‫وهذا من أهم ما ينظر فيه انتهى‪ .‬فانظر إلى توقططف العلمططاء فططي‬
‫هذا القدر مع أنه لم يططرد فيططه نططص بمنططع بططل قصططد التعظيططم فيططه‬
‫والحرمة ظاهر فكيف بأحداث باب يشرع أو شبابيك يطلع منها أو‬
‫يجلس فيها الجالس مرتفعا مع مصططادمة ذلططك للنصططوص وإن لططم‬
‫يظهر لمن قال بذلك اطراد الحرمططة فططي الجططدار المعططاد فل أقططل‬
‫من التوقف والورع فططي مثططل هططذا المحططل الخطططر‪ .‬العاشططر‪ :‬هططل‬
‫يظن ظان أو يتوهم متوهم أن النبي صلى الله عليه وسططلم خططص‬
‫المنططع بالجططدار بخل بجططداره أو حرصططا عليططه أو خشططية أن يضططعف‬
‫الجدار؟ كل والله بل إنما أراد بذلك منع الستطراق والطلع إلططى‬
‫مسجده مع قطع النظر عن الجدار بخصوصططه حسططبما أمططره اللططه‬
‫وأوحى إليه‪ .‬الحادي عشر هل كان المنع لعمططر وغيططره مططن حيططث‬
‫الجدار حتى لو فتحوا من جططدارهم حيططث ل جططدار للمسططجد لجططاز‬
‫لهم ذلك الحاديث تقتضي خلفه كما يفهمها من مر عليها‪ .‬الثططاني‬
‫عشر‪ :‬هذا المنع قططد أسططنده النططبي صططلى اللططه عليططه وسططلم إلططى‬
‫الوحي ولم يبين علتططه فططإن أدرك لططه علططة وهططو تعظيططم المسططجد‬
‫استمر ذلك إلى يوم القيامططة فططي كططل جططدار وإن لططم يططدرك علططة‬
‫استمر أيضا فإن التخصيص إذا لم ينص يكططون عططن قيططاس ومططا ل‬
‫تدرك علته ل يدخله القياس كسائر المور التوقيفية والتعبدية وإن‬
‫قال قائل العلة اختصاصه بالجدار قلنططا ليططس هططذا بعلططة وإن قططال‬
‫العلة خططوف أضططعافه قلنططا هططي علططة سططاقطة لن الصططحابة كططانوا‬
‫يلتزمون بناءه كلما وهى فدل على أنه إنما يعلل بتعظيم المسجد‬
‫فيعم أو غير معلل بل هو حكم أمر الله نبيه أن يأمر به ولم يطلطع‬
‫على علته‪ .‬الثالث عشر‪ :‬قد وقع في الحاديث التصططريح بططأن هططذا‬

‫‪22‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫عهد عهد به صلى الله عليه وسلم عند وفاته وقد علم صطلى اللطه‬
‫عليه وسلم ما هو كائن في أمته إلى أن تقوم الساعة وعلططم مططن‬
‫جملة ذلك أنه يقع فططي خلفططة عمططر إزالططة تلططك الجططدر الموجططودة‬
‫وذلك بعد وفاته بسنين قليلة فلو كان الحكم الذي عهد به مختصططا‬
‫بتلك الجدر لبينه لعلمه بزوالها عن قريططب‪ ،‬الرابططع عشططر‪ :‬قططد ورد‬
‫عن عائشة أنها كانت تمنع اهل الدور المطيفة بالمسططجد مططن دق‬
‫الوتد في الحائط وذلك بعططد إزالططة الجططدر الططتي كططانت فططي عهططده‬
‫صلى الله عليه وسلم فدل على أن الجدر التي أعيططدت لهططا حكططم‬
‫الجدر الول‪ ،‬الخامس عشر‪ :‬قوله صلى الله عليه وسلم ل يبقيططن‬
‫في المسجد باب إل سد يدل على أن الحكم معلق بالمسجد ولططم‬
‫يقل ل يبقين في الجدار‪ .‬السادس عشر‪ :‬ذكر عمر بططن شططبة فططي‬
‫أخبار المدينة أن دار أبي بكر التي أبقيت فيهطا الخوخطة باعهطا أبطو‬
‫بكر في أمر احتاج إليه فاشترتها حفصة أم المؤمنين بأربعططة آلف‬
‫فلما وسع المسجد في زمن عثمان طلب منهططا أن تبيعهططا ليوسططع‬
‫بها المسجد فامتنعت وقالت كيف بطريقي في المسجد فهذا يدل‬
‫على أن الصحابة فهموا من المر الشطريف الختصططاص بالمسططجد‬
‫ل بالجدار امتناع فتح البططواب ونحوهططا ولططو بعططد توسططعة المسططجد‬
‫وهدم الجدار النبوي‪ .‬السابع عشر‪ :‬أن ابن الصلح سئل عن رباط‬
‫موقوف على الصوفية اقتضت المصلحة أن يفتح فيططه بططاب جديططد‬
‫مضافا إلى بابه القططديم فأجططاب بططالجواز بشططروط واسططتدل بفعططل‬
‫عثمان رضي الله عنه حيث فتح في المسجد النبططوي أبوابططا زيططادة‬
‫على ما كان وهذا من ابن الصلح دليل على أنططه فهططم أن الجططدار‬
‫المعاد له حكم الجدار الول لن عثمان رضي الله عنططه إنمططا فتططح‬
‫في جداره الذي بناه هو بعد إزالة الجدر النبويططة والجططدر العمريططة‬
‫فلو كان الحكم مختلفا لم ينهض لبن الصلح الستدلل بذلك لنه‬
‫يقطال لطه فطي الفطرق جطدار الربطاط جطدار الواقطف فل يفتطح فيطه‬
‫والجدار الذي فتح فيه عثمان ليس جطدار الواقطف بطل هطو جطداره‬
‫وملكه فيبطل الستدلل‪ .‬وقد نقل السبكي كلم ابن الصططلح هططذا‬
‫في فتاويه وقال إنه صحيح فهو تقرير لهذا الفهططم‪ ،‬الثططامن عشططر‪:‬‬
‫صرح العبادي والشيخ أبو محمد الجويني في كتاب موقف المططام‬
‫والمأموم بأنه لو التمس من الناس آلة ليبنى بها مسجدا فأعطوه‬
‫اللة فبنى بها فإنه يصير مسجدا بنفس البناء ول يحتاج إلى إنشاء‬
‫وقف كما لو أحيا مواتططا بنيططة جعلهططا مسططجدا فططإنه يصططير مسططجدا‬

‫‪23‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫بالنيططة ول يحتططاج إلططى وقططف نقلططه الزركشططي فططي التكملططة عططن‬
‫الجويني وابن العماد في أحكام المساجد عن العبادي وهططذا يططدفع‬
‫القول بأن حائط المسجد الشريف إذا أعادها المام يكون ملكا له‬
‫ويحتاج إلى إنشطاء وقططف لنطه مططا نططوى بعمارتهطا إل إعططادة حطائط‬
‫المسجد والقرائن على هذه النية متضافرة منها كون البنططاء علططى‬
‫أرض المسجد‪ ،‬التاسع عشر‪ :‬قال الماوردي إذا بنطى مسططجدا فطي‬
‫موات ونوى به المسجد صار به مسططجدا ويغنططى الفعططل مططع النيططة‬
‫عططن القططول قططال ويططزول ملكططه عططن اللططة بعططد اسططتقرارها فططي‬
‫مواضعها من البناء وهي قبل السططتقرار باقيططة علططى ملكططه إل أن‬
‫يقول انها للمسجد فيخرج عن ملكه نقله الزركشطي فططي التكملطة‬
‫وصدر هذا الكلم والستثناء الثاني فططي آخططره ببطلن القططول بططأن‬
‫حائط المسجد الشريف إذا أعادها المام صارت ملكه ويحتاج إلى‬
‫وقف‪ .‬الحادي والعشرون‪ :‬لم ينقل عن عثمان رضي الله عنه أنططه‬
‫حين وسع المسجد صرح بوقف ول ذكر لفظا ذكره الزركشي في‬
‫التكملة‪ .‬قلت‪ :‬وكذلك لم ينقل عن عمر بططن عبططد العزيططز ول عططن‬
‫المهدي حين وسططعاه ول عططن أحططد مططن الملططوك الططذين بنططوه بعططد‬
‫الحريق الول أنهم صرحوا بوقف ول ذكطروا لفظطا ول نبههطم أحطد‬
‫من علماء عصرهم مع كثرتهم على أنه محتاج إلى ذلك فدل على‬
‫أنه ل يحتاج إليه لن البناء المحدود تابع للمسططجد القططديم‪ .‬الثططاني‬
‫والعشرون‪ :‬قال الزركشي أورد بعضهم علططى قططول الصططحاب لططو‬
‫بنى مسجدا وأذن في الصلة فيه لم يصر مسجدا أنططه صططلى اللططه‬
‫عليه وسلم لم ينقل عنه أنه حين بنى مسجده تلفظ بوقفه‪ .‬قلططت‬
‫وقد يجاب عنه بأنه صلى الله عليه وسططلم بنططاه بططأمر اللططه تعططالى‬
‫وبطالوحي فطأغنى ذلطك عطن التصطريح بطوقفه فطإن قطوة الحطاديث‬
‫والخبار تعطي ذلك فيكون ذلك مططن خصططائص مسططجده وتسططتمر‬
‫هذه الخصوصية فيه إلى يوم القيامة فل يحتاج كل من جدده إلططى‬
‫تصريح بوقفه‪ .‬الثالث والعشرون‪ :‬قططال فططي الروضططة وأصططلها نقل‬
‫عن المام ل شك في انقطاع تصطرف المطام عطن بقطاع المسطجد‬
‫فإن المساجد لله انتهى‪ .‬وهذا الكلم صريح في منعه من أن يبنى‬
‫حائطا على بقعة المسجد ويضم إليها زيادة في البناء موصولة بها‬
‫متملكا ذلك ويتصرف في المجموع بفتططح الشططبابيك أو غيططر ذلططك‪.‬‬
‫الرابع والعشرون‪ :‬هل يجوز للمام أو غيره إعادة حططائط المسططجد‬
‫من مال نفسه على نية التملك والتصرف بما شاء مع وجود سهم‬

‫‪24‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫المصالح الذي يجب عليه بناء المسطاجد منططه وإعادتهططا كمطا كطانت‬
‫هذا محل نظططر ومططا أظططن فقيهططا يسططمح بططه إل بشططرط عططدم نيططة‬
‫التملك والتصرف وكذا مع وجود ريع متحصل من وقف المسططجد‪.‬‬
‫الخامس والعشرون‪ :‬قد صرح العلماء بأن ملك النططبي صططلى اللططه‬
‫عليه وسلم ثططابت بعططد مططوته ثبططوت الحيططاة لططه ولهططذا أنفططق علططى‬
‫زوجاته بعد وفاته من سهمه الذي كان يستحقه فكذلك يبنططى منططه‬
‫ما تهدم من مسجده ويعاد على وضعه وشرطه مططن غيططر تعططد ول‬
‫تصططرف‪ .‬السططادس والعشططرون‪ :‬ل شططك فططي أن جميططع مططا بأيططدي‬
‫الملوك الن هو مال بيت المال وليس في أيديهم شيء يثبت أنططه‬
‫ملكهططم بططالطريق الشططرعي وأي جهططة فرضططت فعنهططا الجططواب‬
‫الشافي فالحائط المعاد لطم يططبين بمطال نفسطه فل ملطك لطه فيططه‪.‬‬
‫السابع والعشرون‪ :‬قد أنكر النبي صلى الله عليه وسلم من حيث‬
‫المعنى علططى قريططش حيططث تصططرفوا فططي الكعبططة لمططا بنوهططا ولططم‬
‫يعيدوها على بناء إبراهيم وسدوا أحد بابيهططا وغيططروا موضطع الخططر‬
‫وهم بهدمها وإعادة البابين كما كانا لول حدثان عهططدهم بالجاهليططة‬
‫فمططا منعططه مططن ذلططك إل مصططلحة التططآلف علططى السططلم وخططوف‬
‫ارتدادهم إلى الكفر وهذا يدل علططى أن البنططاء المعادلططة حكططم مططا‬
‫كان قبل الهدم وإل كان يقال أن قريشا إنمططا تصططرفت فططي بنائهططا‬
‫الذي بنته من مالها وأن بناء إبراهيم قد ذهبت عينططه وزال رسططمه‬
‫م النبي صططلى اللططه‬ ‫ولهذا قال السبكي فيما سيأتي نقله عنه أن ه ّ‬
‫عليه وسلم بفتح الباب الثاني في الكعبططة رد لمططا كططانت عليططه أول‬
‫ول فرق بين ما بناه إبراهيم صلى الله عليه وسططلم بططالوحي وبيططن‬
‫ما بناه سيد المرسلين صلى الله عليططه وسططلم بططالوحي وإنمططا قططد‬
‫يفرق بين ذلك وبين سططائر المسططاجد الططتي بناهططا آحططاد النططاس إن‬
‫سلم الفرق وقد وقع في كلم ابن الصلح قيططاس ربططاط الصططوفية‬
‫في إحداث باب فيه على الكعبة‪ .‬الثططامن والعشططرون‪ :‬صططرح ابططن‬
‫العماد في أحكام المساجد بأنه لو كانت مسططاجد متلصططقة فططأراد‬
‫الناظر رفع الجدار التي بينها وجعلهططا مسططجدا واحططدا لططم يجططز لططه‬
‫ذلك لنه يؤدي إلى تغيير معالم الوقف وكذلك ل يجوز ترك جططدار‬
‫المسجد النبوي والقتصار على جدار واحد يجعططل للمدرسططة الططتي‬
‫تلصططقه مكتفيططا بططه عططن جططدار المسططجد علططى جهططة الختصططاص‬
‫بالمدرسة أو الشططتراك بينهططا وبيططن المسططجد بططل لبططد مططن جططدار‬
‫للمسجد متميز منفصل عن جدار غيططره يختططص بططه وتجططري عليططه‬

‫‪25‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫أحكامه‪ .‬التاسع والعشرون‪ :‬هططذه المدرسططة إن لططم تكططن مسططجدا‬
‫كما هو المعروف في المدارس والربط فل يجطوز الشططتراك بينهطا‬
‫وبين المسجد في الجططدار إذ ل يتميططز حينئذ جططدار المسططجد الططذي‬
‫حكمه حكم المسططجد مططن جططدار المدرسططة الططذي ل يعطططى حكططم‬
‫المسجد مططن وجططوه‪ :‬منهططا تحريططم مكططث الجنططب وصططحة القتططداء‬
‫والعتكاف وتحريم البصاق وحمل الجططذوع وإعططادته إذا هططدم مططن‬
‫مال الوقف أو مال بيت المال إلى غيططر ذلططك وإن كططانت مسططجدا‬
‫فينظر إلى ما أورده المفسططرون مططن الحططاديث والثططار فططي آخططر‬
‫سورة براءة ومنهم من قال المنع مخصوص بالقدر الذي كان في‬
‫عهده صلى الله عليه وسلم فأما الزيادة التي وسططع بهططا فل وهططذا‬
‫مردود بنص العلماء على أن المسجدين ولو وسعا معا لم تختلططف‬
‫أحكامهما الثابتة لهما وقد وسع في زمن عثمططان وغيططره واسططتمر‬
‫الصحابة على إبقططاء الحكططم المططذكور وروى الزبيططر بططن بكططار فططي‬
‫أخبار المدينة عططن ابططي هريططرة أن رسططول اللططه صططلى اللططه عليططه‬
‫وسلم قال لو بنى مسجدي هذا إلى صنعاء كططان مسططجدي‪ ،‬وروى‬
‫أيضا عن عمر بن الخطاب قال لو مد مسططجد رسططول اللططه صططلى‬
‫الله عليه وسلم إلى ذي الحليفة لكططان منططه فهططذا الحططديث والثططر‬
‫تصريح بأن أحكام المسجد ثابتة له ولو هدم عما كططان فططي عهططده‬
‫صلى الله عليه وسلم وأعيد ولو وسططع وامتططد وأيضططا فالتوسططعة ل‬
‫تمنع استمرار الحكم لنه يلزم من الستطراق إلى القططدر المزيططد‬
‫الستطراق إلى بقية المسجد وهططو القططدر الططذي كططان فططي عهططده‬
‫فالمحذور باق‪.‬‬
‫)فصل( وقد تعططرض جماعططة مططن متططأخري أصططحابنا للمسططألة‬
‫وعموها في سائر المساجد فسئل الشيخ تقي الدين عن باب فتح‬
‫فططي سططور المسططجد هططل بعططد فتحططه يجططوز السططتطراق منططه إلططى‬
‫المسجد مثططل البططواب الططتي فططي المسططجد الحططرام ومثططل شططباك‬
‫الطيبرسية المجاورة للجامع الزهر أم ل يجططوز ذلططك ويفططرق بيططن‬
‫أن يكون الجدار عريضا بحيث يحتاج إلى وضع القدم فططي وسطططه‬
‫أم ل فأجاب بأن هذه المسألة يتكلم فيهططا فططي موضططعين أحططدهما‬
‫في جواز فتططح البططاب المططذكور الططذي يظهططر علططى قواعططد مططذهب‬
‫الشافعي أنه ل يجوز ول يكاد الشافعية يرتططابون فططي عططدم إيجططاز‬
‫ذلك فططإنهم يحططترزون عططن تغييططر الوقططف جططدا‪ .‬ولمططا فتططح شططباك‬
‫الطيبرسية في جدار الجامع الزهر عظططم ذلططك علططي ورأيتططه مططن‬

‫‪26‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫المنكرات ولمططا فتططح الشططيخ علء الططدين فططي بيتططه فططي المدرسططة‬
‫الشريفية بالقاهرة شباك لطيفا لجل الضوء خشي النكططار فقططال‬
‫لي إنه استند إلى كلم لبن الرفعة في المطلب شططرح الوسططيط‪.‬‬
‫ورأيت أنا ذلك الكلم عند قول الغزالي في تعليططل الططوجه القططائل‬
‫بأنه ل يجوز تزويج الجارية الموقوفة لنه ينقططص الوقططف ويخططالف‬
‫غرض الواقف فقال ابن الرفعة قوله ويخالف غرض الواقف يفهم‬
‫أن أغراض الططواقفين وأن لططم يصططرح بهططا ينظططر إليهططا ولهططذا كططان‬
‫شيخنا عماد الدين يقول إذا اقتضت المصططلحة تغييططر بنططاء الوقططف‬
‫في صطورته لزيططادة ريعطه جططاز ذلططك وإن لططم ينططص عليططه الواقططف‬
‫بلفظه لن دللة الحال شاهدة بططأن ذلطك لططو ذكططره الواقططف حالطة‬
‫الوقف لثبته في كتاب وقفه‪ .‬قال ابن الرفعة وقلططت ذلططك لشططيخ‬
‫السلم في وقته وقاضي القضاة تقي الدين بن دقيططق العيططد وأن‬
‫قاضي القضاة تاج الدين وولده قاضي القضططاة صططدر الططدين عمل‬
‫بذلك في بعض الوقف من تغيير باب من مكان إلططى مكططان فقططال‬
‫لي في جواب ذلك كان والدي يعني الشيخ مجد الدين يقول كططان‬
‫شيخي المقدسي يقول بذلك وأكثر منططه قططال الشططيخ تقططي الططدين‬
‫وناهيك بالمقدسي أو كما قال فأشططعر ذلططك كلططه برضططاه فططاغتبط‬
‫ابن الرفعة بما استشعره من رضى الشيخ تقي الدين وكان قدوة‬
‫زمانه في العلم والدين وكان بحيث يكتفططي منططه بططأدنى مططن ذلططك‬
‫والمقدسي شيخ والده مالكي فقيه محدث قدوة أيضا‪ .‬وقد قلططت‬
‫في شرح المنهاج أن الذي أراه في ذلك الجواز بشرطين أحططدهما‬
‫أن يكون يسيرا ل يغير مسمى الوقف الثاني أن ل يزيل شيئا مططن‬
‫عينه بأن ينقططل بعضططه مططن جططانب إلططى جططانب فططإن اقتضططى زوال‬
‫شيء من العين لم يجز فططإذا وجططد هططذان الشططرطان فل بططأس إذا‬
‫كان في ذلك مصلحة للوقططف فهططذا شططرط ثططالث ل بططد منططه وهططو‬
‫مقصططودي فططي شططرح المنهططاج وإن لططم أصططرح بططه‪ ،‬وفتططح شططباك‬
‫الطيبرسية ل مصططلحة لجططامع الزهططر فيططه فل يجططوز وكططذلك فتططح‬
‫أبواب للحرم ل حاجة للحرم بها وإنما هي لمصلحة سططاكنيها فهططذا‬
‫ل يجوز علططى مقتضططى قواعططد مططذهب المططام الشططافعي ول علططى‬
‫مذهب غيره إذا لم يكن فيه مصططلحة‪ .‬وفططي فتططاوى ابططن الصططلح‪:‬‬
‫رباط موقوف على الصوفية اقتضت المصلحة لهله أن يفتح فيططه‬
‫باب جديد مضافا إلى بابه القديم فهل يجططوز للنططاظر ذلططك وليططس‬
‫في شرط الواقف تعرض لذلك بمنع ول إطلق‪ .‬أجاب أن استلزم‬

‫‪27‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫ذلك تغيير شيء من الموقوف عططن هيئة كططان عليهططا عنططد الوقططف‬
‫إلى هيئة أخرى غير مجانسة لهططا مثططل أن يفتططح البططاب إلططى أرض‬
‫وقفت بستانا مثل فيستلزم تغييططر محططل السططتطراق منططه وجعططل‬
‫ذلك القدر طريقا بعد أن كان أرض غططرس وزراعططة فهططذا وشططبهه‬
‫غير جائز وأن لم يستلزم شيئا من ذلك ولططم يكططن إل مجططرد فتططح‬
‫باب جديد فهذا ل بأس به عند اقتضاء المصلحة له‪ ،‬وفي الحططديث‬
‫والثر الصططحيحين مططا يططدل علططى تسططويغه الحططديث " لططول حططدثان‬
‫قومك بالكفر لجعلت للكعبة بابين" ول فططرق والثططر فعططل عثمططان‬
‫بن عفان في مسططجد رسططول اللططه صططلى اللططه عليططه وسططلم وهططو‬
‫إجماع‪ .‬قلت الذي قاله صحيح لكن في استدلله بالكعبة نظططر لن‬
‫البابين كانا في زمن إبراهيم ففتح الثاني رد لما كططانت عليططه فططي‬
‫الول‪ ،‬وأما فعل عثمان فكان لمصلحة عامة المسططلمين فل يلططزم‬
‫طرده في كل وقت أل ترى أن ذلك هدم بالكلية ولططو جئنططا نفعططل‬
‫ذلك في كل عصر في كل الوقات لم يجز‪ .‬وقال ابن الصلح لبد‬
‫أن يصان ذلك عن هدم شيء لجل الفتططح علططى وجططه ل يسططتعمل‬
‫في موضع آخر من المكان الموقوف فإن ذلك مططن الموقططوف فل‬
‫يجوز إبطال الوقف فيه ببيع وغيره فإذا كان الفتح بانتزاع حجارته‬
‫بأن تجعل في طططرف آخططر مططن المكططان فل بططأس‪ -‬هططذا كلم ابططن‬
‫الصلح‪ .‬ويظهر من هذا أنه يجوز الفتح بهططذه الشططروط فططي بططاب‬
‫جديد في الحرم إذا ضاقت أبططوابه مططن ازدحططام الحجيططج ونحططوهم‬
‫فيفتح فيه باب آخر وأكثر ليتسعوا فهذا هو الططذي نقططول أنططه جططائز‬
‫بالشرط المذكور أما غيره لغرض خاص من جيرانه أو غيرهم فل‪.‬‬
‫الموضع الثاني وهو جواز الستطراق فيه بعد الفتح ول نقل عندي‬
‫في مثله والذي أقوله أنططه حيططث جططاز الفتططح جططاز السططتطراق ول‬
‫إشكال وحيث لم يجز الفتح فقد خطر لي في نظري في ذلك في‬
‫باب الكعبة الذي هو اليوم وهو الذي أحدثته قريش بدل عن الباب‬
‫التحتاني الذي كان في زمن إبراهيم عليه السلم وقد دخل النططبي‬
‫صلى الله عليه وسلم منه وخطر لي في الجططواب عنططه أن دخططول‬
‫الكعبة مشروع سنة وربما كان واجبا فل يترك لفعل قريططش ولططم‬
‫يكن تغيير ذلك الباب ممكنا لما قال صلى اللططه عليططه وسططلم لططول‬
‫حدثان عهد قومك فاجتمع في بطاب الكعبطة أمطران أحططدهما جطواز‬
‫إبقائه في ذلك الوقت والثاني الحاجططة إلططى دخططول الكعبططة إقامططة‬
‫للشرع المسنون والواجب وهكذا الن فططإن الجمططاع انعقططد علططى‬

‫‪28‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫جواز تغييرهما معا ويكفي تقرير النبي صلى الله عليه وسلم دليل‬
‫لجواز إبقاء ذلك الباب والدخول منه ردع يكون فتح على أي وجططه‬
‫كططان وتقريططر النططبي صططلى اللططه عليططه وسططلم ودخططوله منططه شططرع‬
‫مستقل ويكون أيضا في أن الحجر من البيت وقد أفرد عنططه ببنططاء‬
‫لطيف فيه فتحتططان شططرقية وغربيططة فططي جريططة متلصططقتان لجهططة‬
‫الكعبططة والططدخول فيططه مططن إحططدى الفتحططتين أو مططن فططوق جططداره‬
‫اللطيف ما أظن أحدا يمنع منططه ول أدري هططل دخلططه النططبي صططلى‬
‫الله عليه وسلم أول ولكن جاء في الترمذي أنه قال لعائشة صلي‬
‫فيه والمعنى الذي قدمناه من تقرير النبي صلى الله عليططه وسططلم‬
‫أيضا يكفي في مشروعية إبقائه والدخول فيه مططن تلططك الفتحططتين‬
‫ومن التسططور علططى جططداره وكيططف كططان فططإن دعططت الحاجططة إلططى‬
‫الدخول فيه الدخول منه كالدخول فططي الكعبططة لجتمططاع المعنييططن‬
‫وإن تدع الحاجة كان الجواز لجل جواز البقططاء للحططديث المططذكور‬
‫وللتقرير‪ .‬وأما البواب المفتحططة للحططرم مططن أمططاكن لصططحابها فل‬
‫حاجة للمسلمين ول للحرم بها فل يجططوز فتحهططا ول يجططوز إبقاؤهططا‬
‫ول حاجة إلى الدخول إلى الحرم منها فلم يوجد فيهططا شططيء مططن‬
‫المعنيين اللذين فططي الكعبططة فيظهططر أن ل يجططوز لمريططن أحططدهما‬
‫معنى فإن شيخنا ابن الرفعة لما زينت القططاهرة فططي سططنة اثنططتين‬
‫وسبعمائة زينة عظيمة أفتى بتحريططم النظططر إليهططا قططال لنهططا إنمططا‬
‫تعمل لينظر إليها فهو العلة الغايية المطلوبططة منهططا تحريططم النظططر‬
‫إليها حمل على تركها وهكذا إذا تواطأ الناس علططى عططدم الططدخول‬
‫منه كان ذلك داعيا إلى سده الواجب وما ل يتوصل إلططى الططواجب‬
‫إل به فهو واجب وترك الواجب حرام بططل أقططول إن الططدخول منططه‬
‫دعاية إلى الحرام ودوامه فيكون حراما‪ ،‬والثططاني أن الوقططف غيططر‬
‫مملوك لنا وإنما جاز لنا التصرف فيه بإذن من الواقططف شططرطا أو‬
‫عرفا على مقتضى الشرع فواقف الجططامع والحططرم وغيرهمططا مططن‬
‫المساجد ونحوها وقفه علططى صططفة ليططس لنططا أن نتصططرف فيططه إل‬
‫على تلك الصفة والدخول من ذلططك المكططان المفتططوح لططم يقتضططه‬
‫شرط الواقف فل يكون مملوكا لنا وأيضا فمططن ملططك مكانططا ملططك‬
‫تحته إلى تحت تخططوم الرض وفططوقه إلططى السططماء والهططواء الططذي‬
‫فوقه مملوك له فالداخل من الباب متصرف في هططواء غيططره بمططا‬
‫لم يؤذن له فل يجوز مع ملحظة هذين المعنيين فل فرق بيططن أن‬
‫تكون العتبة عريضة بحيث يضططع قططدمه عليهططا أو ل نعططم إن كططانت‬

‫‪29‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫عريضة يتأكد المنع للتصرف فططي الهططواء والقططرار‪ ،‬هططذا هططو الططذي‬
‫يترجح عندي فططي ذلططك‪ .‬ويحتمططل أيضططا أن يقططال المنططع إنمططا كططان‬
‫لوجود الجدار وليططس بمقصططود فططي نفسططه فططإذا زال الجططدار بططأي‬
‫طريق كان فل يمتنع دخول المكان كما لو انهططدم بنفسططه واعتبططار‬
‫ملك الهططواء بحيططث يقططال ليططس لهمططا العبططور إذا انهططدم بنفسططه ل‬
‫تقتضيه قواعد الفقه ول العرف وهو مستنكر فالوجه أن يقال إنما‬
‫يتخيل التحريم من جهة أنها إعانة على ظلم فططإذا لططم يكططن إعانططة‬
‫على ظلم فهو جائز وذلك حيث ل يفيد المتناع من الدخول وإنمططا‬
‫يفيد إذا كان الممتنع مطاعا فيكططون امتنططاعه سططببا لنكططار المنكططر‬
‫فيجب إذا لم يكن بهذه المثابة فل منع ل سيما قد يتفق أن يكططون‬
‫الشخص الذي ل قدر له على التغيير ساكنا في جططوار الحططرم فططي‬
‫مكان قد فتح منه باب كذلك وهو ل يقدر على سده فيحتمل جواز‬
‫دخوله منه ويقططوى ذلططك إذا احتططاج بططأن يكططون فططي الليططل ونحططوه‬
‫وخاف على نفسه أو ما معططه مططن الخططروج فأنططا نقطططع فططي هططذه‬
‫الحالة بجواز دخوله قياسا على الكعبة للحاجططة وأمططا السططكن فيططه‬
‫فل يمتنع‪ -‬هذا كله كلم السبكي في فتاويه‪ .‬وقال الزركشططي فططي‬
‫كتابه أحكام المسططاجد بططوب البخططاري فططي صططحيحه بططاب الخوخططة‬
‫والممر في المسجد وأدخل فيه حديث أبي سعيد أنططه صططلى اللططه‬
‫عليه وسلم خطب وقال ل يبقين في المسجد باب إل سد إل بططاب‬
‫أبي بكر‪ ،‬وظاهر الخبر المنع وخصوصية الصديق بذلك دون غيططره‬
‫هذه عبطارته‪ ،‬وأورد ابطن العمطاد فطي كتطابه أحكطام المسطاجد كلم‬
‫السبكي بحروفه ثم أورد على حديث المر بسططد البططواب إشططكال‬
‫وهططو غيططر وارد فقططال يلططزم علططى الحططديث إشططكال وهططو أن هططذه‬
‫البواب يعني التي أمر بسططدها أن كططانت مططن أصططل الوقططف الططتي‬
‫وضع المسجد عليها لزم عليه جواز تغيير معالم الوقططف وخروجططه‬
‫عن الهيئة التي وضع عليها أو ل وإن كانت محدثة لزم عليه جططواز‬
‫فتح باب في جدار المسجد وكوة يدخل منها الضوء وغير ذلك مما‬
‫تقتضططيه مصططلحة حططتى يجططوز لحططاد الرعيططة أن يفتططح مططن داره‬
‫المجاورة للمسجد بابا إلى المسجد في حائط المسجد وقد تقططدم‬
‫أنه ممنوع ويحتمل أن يقططال يجططوز ذلططك للواقططف دون غيططره لنططه‬
‫صلى الله عليه وسلم هو الذي وقف المسططجد وفيططه أشططكال مططن‬
‫جهة انتقال الوقف وزواله عن ملكه إلى الله تعالى هططذه عبططارته‪.‬‬
‫قلت الشكال ساقط فإن الفتططح أول كططان بططأمر مططن اللططه ووحططي‬

‫‪30‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫فكان جائزا ثم نسخ الله تعالى ذلك وأمر بالسد بطوحي أيضططا كمطا‬
‫تقدم في الحاديث فهو من قبيل الناسخ والمنسططوخ مططن الحكططام‬
‫الشرعية فل إشكال وقطد فهطم مطن كلم السطبكي السطابق أنطه ل‬
‫يجططوز الفتططح إل بثلثططة شططروط أن يكططون يسططيرا ل يغيططر مسططمى‬
‫الوقف وأن ل يزيل شيئا مطن عينطه وأن يكطون فطي ذلطك مصطلحة‬
‫للوقف أو لعامة المسلمين‪ ،‬ويزاد عليهططا شططرط رابططع مططن فتططاوى‬
‫ابن الصلح وأن ل يكون في شرط الواقف نطص علطى منعطه فطإذا‬
‫اجتمعت هذه الشروط الربعة جاز الفتح وإن فقد شرط منهطا لطم‬
‫يجز وقد فقد في مسجد المدينة شرطان الثططالث والرابططع فططإنه ل‬
‫مصلحة في ذلك للمسجد بل للمدرسة المجاورة للمسجد الحرام‬
‫والرابع فأن الواقف وهو صاحب الشططرع صططلى اللططه عليططه وسططلم‬
‫نص على منعه وأسند ذلك إلططى الططوحي الشططريف فططوجب القططول‬
‫بالمنع ولو قيل بططالجواز فططي بقيططة المسططاجد وقططد بنططى السططلطان‬
‫سقاية للشرب في رحبة الجامع الطولططوني وفتططح لططه شططباكا فططي‬
‫الجدار المحوط على الرحبططة ليسططهل شططرب المططارين منهططا وهططذا‬
‫الفتح جائز هنا لوجود المصططلحة العامططة وعططدم نططص مططن الواقططف‬
‫علططى منعططه ولططو أراد السططلطان الن الزيططادة فططي عططدة أبططواب‬
‫المسجد النبوي لجاز له ذلك بل يسططتحب لمريططن لحططدهما وجططود‬
‫المصلحة العامة والثاني الرد إلى ما كططان عليططه أول فسططيأتي أنططه‬
‫كان له في زمن عمر بن عبد العزيز عشططرون بابططا‪) .‬فططائدة نختططم‬
‫بها الكتاب( قال النووي في شرح المهطذب فططرع عططن خارجطة بطن‬
‫زيد بن ثابت آخر فقهاء المدينة السبعة قال بنى رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم مسجده سبعين ذراعا فططي سططتين ذراعططا أو يزيططد‬
‫قال أهل السير جعل عثمان بن عفان طول المسجد مائة وستين‬
‫ذراعا وعرضه مائة وخمسين وجعططل أبططوابه سططتة كمططا كطانت فططي‬
‫زمن عمر وزاده الوليد بن عبطد الملطك فجعطل ططوله مطائتي ذراع‬
‫وعرضه في مقدمه مائتين وفي مؤخره مائة وثمانين ثططم زاد فيططه‬
‫المهدي مائة ذراع من جهة الشام فقط دون الجهططات الثلث هططذا‬
‫ما في شرح المهذب‪ ،‬وأخرج ابن سعد في الطبقات عن الزهططري‬
‫قال بركت ناقة رسول الله صططلى اللططه عليططه وسططلم عنططد موضططع‬
‫المسجد وهو يومئذ يصلي فيه رجال مططن المسططلمين وكططان مربططد‬
‫السهل وسهيل غلمين يتيمين مططن النصططار وكانططا فططي حجططر أبططي‬
‫أمامة لعبد بن زرارة فططدعا رسططول اللططه صططلى اللططه عليططه وسططلم‬

‫‪31‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫بالغلمين فساومهما بالمربد ليتخذه مسجدا فقال بل نهبططه لططك يططا‬
‫رسول الله فأبى رسول الله صلى الله عليططه وسططلم حططتى ابتططاعه‬
‫منهما فابتاعه بعشرة دنانير وأمر أبا بكر أن يعطيهمططا ذلططك فططأمر‬
‫رسول اللطه صطلى اللطه عليطه وسطلم بالنخطل الططذي فططي الحديقططة‬
‫وبالغرقد الذي فيه أن يقطع وأمر باللبن فضرب وكان في المربد‬
‫قبور جاهلية فأمر بها رسول الله صلى الله عليططه وسططلم فنبشططت‬
‫وأمر العظام أن تغيب وكان فطي المربططد مطاء مسطتعمل فسطيروه‬
‫حتى ذهب وأسسوا المسجد فجعلوا طططوله ممططا يلططي القبلطة إلطى‬
‫مؤخره مائة ذراع وفي هذين الجانبين مثل ذلك فهو مربططع ويقططال‬
‫كان اقل من المائة وجعلططوا السططاس قريبططا مططن ثلثططة أذرع علططى‬
‫الرض بالحجارة ثم بنوه باللبن وبناه رسول الله صلى اللططه عليططه‬
‫وسلم وأصحابه وجعل ينقل معهم الحجارة بنفسه ويقول اللهم ل‬
‫عيش إل عيش الخرة فاغفر للنصار والمهاجره وجعل يقول هططذا‬
‫الحمال ل حمال خيبر هذا أبرر بنا وأطهر وجعل له ثلثة أبواب بابا‬
‫في مؤخره وبابا يقال له باب الرحمة وهو الباب الذي يدعى بططاب‬
‫عاتكة والباب الثالث الذي يدخل منه رسول الله صلى اللططه عليططه‬
‫وسلم وهو الباب الذي يلي آل عثمان وجعل طول الجدار بسطططه‬
‫وعنده الجذوع وسقفه جريدا فقيططل لططه أل تسططقفه فقططال عريططش‬
‫كعريش موسى خشيبات وتمام الشأن أعجل من ذلك وبنى بيوتططا‬
‫إلى جنبه باللبن وسطقفها بجطذوع النخطل والجريطد فلمطا فطرغ مطن‬
‫البناء بنى بعائشة في البيت الذي بابه شارع إلى المسططجد وجعططل‬
‫سودة في البيت الخر الذي يليه إلى الباب الذي يلططي آل عثمططان‪،‬‬
‫وأخرج الزبير ابن بكار في أخبار المدينة عن مجمع بن يزيططد قططال‬
‫بنى رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد مرتيططن بنططاه حيططن‬
‫قدم أقل من مائة في مائة فلما فتح الله عليه خيبر بناه وزاد فيه‬
‫مثله في الدور وضرب الحجرات ما بينه وبين القبلة‪ ،‬وأخرج أيضا‬
‫عن أنس قال بناه رسول الله صلى الله عليه وسلم أول مططا بنططاه‬
‫بالجريد وإنما بناه باللبن بعد الهجرة بأربع سنين‪ .‬وأخرج البخططاري‬
‫عن ابن عمر أن المسجد كان على عهططد رسططول اللطه صططلى اللطه‬
‫عليه وسلم مبنيا باللبن وسقفه الجريد وعمده خشب النخططل فلططم‬
‫يزد فيه أبو بكر شيئا وزاد فيطه عمططر وبنطاه علططى بنيطانه فطي عهطد‬
‫رسول الله صلى الله عليططه وسططلم بططاللبن والجريططد وأعططاد عمططده‬
‫خشبا ثم غيره عثمان فزاد فيه زيادة كثيرة وبنى جداره بالحجارة‬

‫‪32‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫المنقوشطة والقصططة وجعطل عمطده مططن حجططارة منقوشططة وسططقفه‬
‫بالساج وقال القفهسي في تاريخ المدينة قيل كان عرض الجططدار‬
‫في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لبنة ثططم إن المسططلمين‬
‫لما كثروا بنوه لبنة ونصفا ثم قالوا يا رسول الله لططو أمططرت لزدنططا‬
‫فقال نعم فزادوا فيه وبنوا جداره لبنتين مختلفططتين ولططم يكططن لططه‬
‫سطح فشكوا الحر فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فططأقيم‬
‫له سواري من جذوع ثم طرحت عليها العوارض والحصر والدخططر‬
‫فأصابتهم المطار فجعل يكطف عليهططم فقططالوا يطا رسططول اللطه لططو‬
‫أمرت بالمسجد فطين فقال عريش كعريش موسى والمر أعجل‬
‫من ذلططك‪ .‬ولمططا زاد فيططه عمططر جعططل طططوله مططائة وأربعيططن ذراعططا‬
‫وعرضه مططائة وعشططرين ذراعططا وبططدل أسططاطينه بططأخر مططن جططذوع‬
‫النخططل وسططقفه بجريططد وجعططل طططول السططقف أحططد عشططر ذراعططا‬
‫وفرشه بالحصى ولما زاد فيه عثمان وذلططك فططي ربيططع الول سططنة‬
‫تسططع وعشططرين جعططل طططوله مططائة وسططتين ذراعططا وعرضططه مططائة‬
‫وخمسين ذراعا وجعل أبططوابه سططتة‪ .‬ولمططا زاد فيططه عمططر بططن عبططد‬
‫العزيز وذلك بأمر الوليد بن عبد الملك وكان عامله علططى المدينططة‬
‫جعل طوله ما تقدم عن شرح المهذب وجعل على كل ركططن مططن‬
‫أركانه الربعططة منططارة للذان وجعططل لططه عشططرين بابططا وبنططى علططى‬
‫الحجرة الشريفة حائطا ولم يلصططقه بجططدار الحجططرة ول بالسططقف‬
‫وطوله مقدار نصف قامة بالجر فلما حج سليمان بن عبططد الملططك‬
‫هدم المنارة التي هي قبلي المسجد من الغرب لنها كانت مطلططة‬
‫على دار مروان فأذن المؤذن فأطل على سليمان وهو في الططدار‬
‫فأمر بهدمها ثم زاد فيه المهدي سنة إحدى وستين ومائة ولم يزد‬
‫بعططده أحططد شططيئا ثططم عمططر الخليفططة الناصططر سططنة سططت وسططبعين‬
‫وخمسمائة في صططحنه قبططة لحفططظ حواصططل الحططرم وذخططائره ثططم‬
‫احترق المسجد الشريف بالنار التي خرجت مطن الحطرة فطي ليلطة‬
‫الجمعة أول شهر رمضططان سططنة أربططع وخمسططين وسططتمائة فكتططب‬
‫بذلك إلى الخليفة المستعصم فأرسل الصططناع واللت مططع حجططاج‬
‫العراق سنة خمس وخمسين وستمائة فسططقفوا فططي هططذه السططنة‬
‫الحجرة الشريفة وما حولها إلططى الحططائط القبلططي والشططرقي إلططى‬
‫باب جبريل وسقفوا الروضة الشريفة إلى المنبر ثم قتل الخليفططة‬
‫سنة ست وخمسين واسططتولى التتطار علططى بغطداد فوصطلت اللت‬
‫من صاحب اليمططن الملططك المظفططر يوسططف بططن عمططر بططن رسططول‬

‫‪33‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫فعمل إلى باب السلم ثم عمل من باب السلم إلى باب الرحمططة‬
‫من سنة ثمان وخمسين من جهططة صططاحب مصططر الملططك المظفططر‬
‫قطن المعزى ثم انتقل الملك آخر هذه السنة إلى الملك الظططاهر‬
‫بيبرس الصالحي فعمل في أيامه باقي المسجد وجعلططت البططواب‬
‫أربعة ثم لما حططج سططنة سططبع وسططتين اراد أن يططدير علططى الحجططرة‬
‫الشريفة داربزينا من خشب فقاس ما حولهططا بيططده وأرسططله سططنة‬
‫ثمان وستين وعمل له ثلثة أبواب وطوله نحو مائتين ثم في سنة‬
‫ثمان وسبعين في أيام الملك المنصور قلوون عملت القبططة علططى‬
‫الحجرة الشريفة ثم في سنة أربع وتسعين في أيام الملك العادل‬
‫كتبغا زيد في الداريزين الذي علططى الحجططرة حططتى وصططل بسططقف‬
‫المسجد الشريف ثم في أيام الملك الناصر محمد بن قلوون في‬
‫سططنة إحططدى وسططبعمائة جططدد سططقف الططرواق الططذي فيططه الروضططة‬
‫الشريفة ثططم جططدد السططقف الشططرقي والغربططي فططي سططنة خمططس‬
‫وسططبعمائة ثططم أمططر بعمططارة المنططارة الرابعططة مكططان الططتي هططدمها‬
‫سليمان بن عبططد الملططك فعمططرت سططنة سططت وسططبعمائة ثططم أمططر‬
‫بإنشاء الرواقين في صحن المسجد من جهة القبلة في سنة تسع‬
‫وعشرين وسبعمائة ثم في أيام الملك الناصر حسن بن محمد بن‬
‫قلوون جددت القبة التي على الحجرة الشريفة ثم أحكمططت فططي‬
‫أيام الملك الشرف شعبان بن حسين بن محمد ابن قلوون سططنة‬
‫خمس وستين وسبعمائة بأن سمر عليها ألططواح مططن خشططب ومططن‬
‫فوقها ألواح الرصاص ثم في أيام سلطان العصر الملك الشططرف‬
‫قايتباي في شهر رمضان سنة ست وثمانين وثمانمططائة عمططر قبططة‬
‫أخرى وأشطياء فطي المسطجد ثطم أعقطب ذلطك نطزول صطاعقة مطن‬
‫السططماء فطأحرقت المسططجد بأسططره وذلططك فططي ليلططة ثططالث عشططر‬
‫رمضان سنة ست وثمانين فأرسل السلطان الصناع واللت سططنة‬
‫سبع وثمططانين وعليهططم الخواجططا شططمس الططدين بططن الزمططن فهططدم‬
‫الحططائط القبليططة وأراد أن يبنططي بجططوار المسططجد مدرسططة باسططم‬
‫السلطان ويجعل الحائط مشتركا بين المسجد والمدرسططة ويفتططح‬
‫فيه بابططا يططدخل منططه إلططى المسططجد وشططبابيك مطلططة عليططه فمنعططه‬
‫جماعة من أهل المدينة فأرسططل يطلططب مرسططوما مططن السططلطان‬
‫بذلك فبلغه منع أهل المدينة فقال استفتوا العلماء فأفتاه القضططاة‬
‫الربعططة وجماعططة بططالجواز وامتنططع آخططرون مططن ذلططك وجططاءني‬
‫المستفتي يوم الحططد رابططع عشططري رجططب مططن السططنة المططذكورة‬

‫‪34‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫فجمعت الحاديث المصدر بها وأرسلتها لقاضي القضاة الشططافعي‬
‫فذكر أنه يرى اختصاصها بالجدار النبططوي وقطد أزيطل وهطذا الجطدار‬
‫ملك السلطان يفتح فيه ما شاء ول يصير وقفا إل بططوقفه فططذكرت‬
‫الجواب عن ذلك من تسعة وعشرين وجها وألحقتها بالحاديث مع‬
‫ما ذكر معها وأفردتها تأليفا‪ ،‬ورأيت ليلططة الثلثططاء سططادس عشططري‬
‫رجب في المنام النبي صلى الله عليه وسلم وهططو فططي همططة وأنططا‬
‫واقف بين يديه فأرسلني ل أدري إلى عمر أو غيططره ول أدري هططل‬
‫أرسلني إليه لدعوه أو لبلغه رسالة ولم أضبط من المنام إل هذا‬
‫القططدر فاسططتيقظت وأنططا أرجططو أن ل يتططم لهططم مططا أرادوه ثططم بططرز‬
‫مرسوم السلطان بالفتح حسبما أفتاه مطن أفتطاه وسطافر القاصطد‬
‫بذلك في أواخر رجب وارسل الططرجلن مططن كبططار أربططاب الحططوال‬
‫يخبراني أن هذا المر ل يتم ففي رمضان جاء الخبر بأن ذلططك قططد‬
‫رجع عنه وعدلوا إلى الفتح من الجهة الغربية وأفتى بعض الحنفية‬
‫بجواز ذلك لن دار أبي بكر رضي الله كانت من تلك الجهة وكططان‬
‫له باب مفتوح فيفتح نظيره فوجب النظططر فططي ذلططك‪ .‬فططأقول قططد‬
‫ثبت في الحاديث السابقة وقرر العلمططاء أن ابططا بكططر رضططي اللططه‬
‫عنه لم يؤذن له في فتح الباب بل أمر بسد بابه وإنما اذن له فططي‬
‫خوخة صغيرة وهي المرادة في حديث البخاري فل يجوز الن فتح‬
‫بططاب كططبير قطعططا وليططس لحططد أن يقططول إن المعنططى السططتطراق‬
‫فيستوي الباب والخوخة في الجواز لن النص مططن الشططارع صططلى‬
‫الله عليه وسلم على التفرقة حيث أمر بسططد بططابه وابقططى خططوخته‬
‫بمنع من التسوية واللحاق وأما جواز فتح الخوخة الن فططأقول لططو‬
‫بقيت دار أبي بكر واتفق هدمها وإعادتها أعيدت بتلك الخوخة كما‬
‫كانت بل مرية وكان يجب مع ذلك أن يعاد مثل تلك الخوخة قططدرا‬
‫ومحل فل تجوز الزيادة فيها بالتوسعة ول جعلهططا فططي موضططع آخططر‬
‫من الحائط اقتصارا على ما ورد الذن مططن الشططارع الواقططف فيططه‬
‫لكن دار أبي بكر هدمت وأدخلت في المسجد زمططن عثمططان وهططل‬
‫يجوز أن يبنى بإزائها دار يفتططح منهططا خوخططة نظيططر ذلططك فيططه نظططر‬
‫وتوقف فيحتمل المنع وهو القرب لطن تلطك خصيصططة كطانت لبططي‬
‫بكر فل تتعدى داره ويحتمل الجواز لمرين أحدهما أن حق المرور‬
‫قد ثبت من هططذه البقعططة الططتي بططإزاء دار أبططي بكططر إلططى المسططجد‬
‫بواسطة دار أبي بكر فيستمر والثاني ل أبديه خوفا أن يتمسك به‬
‫المتوسططعون وعلططى الحتمططال فإنمططا يجططوز بشططرطين يتعططذر الن‬

‫‪35‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫وجودهما أن يكون الذي يفتح بقدر تلك الخوخة ل أوسع منططه وأن‬
‫يكون على سمتها ل فططي محططل آخططر والمططران ل يمكططن الوقططوف‬
‫عليهما الن للجهل بمقدار تلططك الخوخططة ومحلهططا وإذا لططم يتحقططق‬
‫وجود الشرط امتنع المشروط فتلخص من ذلك القطع بالمنع من‬
‫الخوخة ومن الشبابيك أيضا وبتحقق وجود الشططرطين يجططاب عططن‬
‫المر الثاني الذي رمزت إليه ولم أبده إن عثر عليه عططاثر هططذا مططا‬
‫عندي في ذلك‪.‬‬
‫)خاتمة(‪ :‬وأما كسوة الحجرة الشريفة فأول مططن كسططاها ابططن‬
‫أبي الهيجاء وزير ملك مصر بعد أن استأذن الخليفططة المستضططيء‬
‫فكساها ديباجا أبيض ثم بعططد سططنتين أرسططل الخليفططة المستضططيء‬
‫كسوة ديباجا بنفسجيا ثم أرسل الخليفة الناصططر لمططا ولططي كسططوة‬
‫مططن الططديباح السططود ثططم لمطا حجطت أم الخليفطة وعططادت أرسطلت‬
‫كسوة كذلك ثم صارت ترسل الكسوة من جهططة مصططر كططل سططبع‬
‫سنين من الديباج السود‪ .‬ذكر ذلك القفهسي‪.‬‬
‫العجاجة الزرنبية في السللة الزينبية‬
‫مسألة ‪ -‬علي بن أبي طالب رضي اللططه عنططه رزق مططن الولد‬
‫الذكور أحدا وعشرين ولدا ومن الناث ثماني عشططرة علططى خلف‬
‫في ذلك والذين أعقبوا من ولده الذكور خمسة قال ابن سعد في‬
‫الطبقات كان النسطل مطن ولطد علطي لخمسطة الحسطن والحسطين‬
‫ومحمد بن الحنفية والعباس ابن الكلبية وعمر بن التغلبية‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬فاطمة الزهراء رضططي اللططه عنهططا رزقططت مططن الولد‬
‫خمسة الحسن والحسين ومحسن وأم كلثوم وزينب فأما محسططن‬
‫فدرج سقطا وأما الحسن والحسين فأعقبا الكثير الطيب وأمططا أم‬
‫كلثوم فتزوجها عمر بن الخطاب رضي الله عنه وولططدت لططه زيططدا‬
‫ورقية وتزوجها بعده ابططن عمهططا عططون بططن جعفططر بططن أبططي طططالب‬
‫فمات معها ثم تزوجها بعده أخوه محمد فمططات معهططا ثططم تزوجهططا‬
‫بعده أخوه عبد الله بططن جعفططر فمططاتت عنططده ولططم تلططد لحططد مططن‬
‫الثلثة شيئا وأما زينططب فتزوجهططا ابططن عمهططا عبططد اللططه بططن جعفططر‬
‫فولدت له عليا وعونا الكبر وعباسا ومحمدا وأم كلثوم‪.‬‬
‫مسططألة ‪ -‬أولد زينططب المططذكورة مططن عبططد اللططه بططن جعفططر‬
‫موجودون بكثرة ونتكلم عليهم من عشرة أوجه‪:‬‬
‫أحدها‪ :‬أنهم من آل النبي صلى اللططه عليططه وسططلم وأهططل بيتططه‬
‫بالجماع لن آله هم المؤمنون من بني هاشم والمطلططب‪ ،‬وأخططرج‬

‫‪36‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫مسلم والنسائي عن زيد بن أرقم قال قام رسول الله صلى اللططه‬
‫عليه وسلم خطيبا فقال أذكركم اللططه فططي أهططل بيططتي ثلثططا فقيططل‬
‫لزيد بن أرقم ومن أهل بيته قال أهل بيته من حرم الصدقة بعططده‬
‫قبل ومن هم قال آل علي وآل عقيل وآل جعفر وآل عباس‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬أنهم من ذريته وأولده بالجماع‪ ،‬وهذا المعنططى أخططص مططن‬
‫الذي قبله قال البغوي في التهذيب‪ :‬أولد بنات النسان ل ينسبون‬
‫إليه وإن كانوا معدودين في ذريته حتى لو أوصى لولد أولد فلن‬
‫يدخل فيه ولد البنت‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬أنهم هل يشاركون أولد الحسن والحسططين فططي أنهططم‬
‫ينسبون إلى النبي صلى الله عليه وسلم والجواب ل وهذا المعنى‬
‫أخص من الوجه الذي قبله‪ .‬وقد فرق الفقهاء بين من يسمى ولدا‬
‫للرجل وبين مططن ينسططب إليططه ولهططذا قططالوا لططو قططال وقفططت علططى‬
‫أولدي دخل ولد البنت ولو قال وقفت على من ينسططب إلططي مططن‬
‫أولدي لم يدخل ولد البنت‪ ،‬وقد ذكر الفقهاء من خصائصططه صططلى‬
‫الله عليه وسلم أنه ينسب إليه أولد بناته ولططم يططذكروا مثططل ذلططك‬
‫فططي أولد بنططات بنططاته فالخصوصططية للطبقططة العليططا فقططط فططأولد‬
‫فاطمة الربعة ينسبون إليه أولد الحسن والحسين ينسبون إليهما‬
‫فينسبون إليططه وأولد زينطب وأم كلثطوم ينسطبون إلطى أبيهطم عمطر‬
‫وعبد الله ل إلى الم ول إلى أبيها صططلى اللططه عليططه وسططلم لنهططم‬
‫أولد بنت بنته ل أولد بنته فجرى المر فيهم على قاعططدة الشططرع‬
‫في أن الولد يتبع اباه في النسب ل أمه‪ ،‬وإنما خططرج أولد فاطمطة‬
‫وحدها للخصوصية التي ورد الحديث بها وهطو مقصطور علطى ذريطة‬
‫الحسن والحسين‪ ،‬أخرج الحاكم في المسططتدرك عططن جططابر قططال‪:‬‬
‫قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لكل بني أم عصبة إل ابنططي‬
‫فاطمة أنا وليهما وعصبتهما‪ .‬وأخططرج أبططو يعلططى فططي مسططنده عططن‬
‫فاطمة رضي الله عنها قالت قططال رسططول اللططه صططلى اللططه عليططه‬
‫وسلم لكل نبي أم عصططبة إل ابنططي فاطمططة أنططا وليهمططا وعصططبتهما‬
‫فانظر إلى لفظ الحديث كيف خص النتساب والتعصيب بالحسططن‬
‫والحسين دون أختيهما لن أولد أختيهما إنما ينسبون إلى آبططائهم‪.‬‬
‫ولهططذا جططرى السططلف والخلططف علططى أن ابططن الشططريفة ل يكططون‬
‫شريفا‪ .‬ولو كططانت الخصوصططية عامططة فططي أولد بنططاته وإن سططفلن‬
‫لكان ابن كل شريفة شريفا تحرم عليه الصدقة وإن لم يكن أبططوه‬
‫كذلك كما هو معلوم ولهذا حكم صلى الله عليه وسلم بذلك لبني‬

‫‪37‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫فاطمة دون غيرها من بناته لن أختها زينب بنت رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم لم تعقب ذكرا حتى يكون كالحسن والحسين في‬
‫ذلك وإنما أعقبت بنتا وهي أمامة بنت أبي العاصي بن الربيع فلططم‬
‫يحكم لها صلى الله عليه وسلم بهذا الحكم مع وجودها فططي زمنططه‬
‫فدل على أن أولدهططا ل ينسططبون إليهططا لنهططا بنططت بنتططه وأمططا هططي‬
‫فكانت تنسب إليه بناء على أن أولد بناته ينسبون إليه‪ .‬ولططو كططان‬
‫لزينب ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولد ذكر لكان حكمه‬
‫حكم الحسن والحسين في أن ولده ينسبون إليه صلى الله عليططه‬
‫وسلم هذا تحرير القول في هذه المسألة‪ .‬وقد خبط جماعططة مططن‬
‫أهل العصر في ذلك ولم يتكلموا فيه بعلم‪.‬‬
‫الوجه الرابع‪ :‬أنهم هل يطلططق عليهطم أشطراف والجططواب إن اسطم‬
‫الشريف كان يطلق في الصدر الول على كل من كان مططن أهططل‬
‫البيت سواء كان حسنيا أم حسينيا أم علويا مططن ذريططة محمططد بططن‬
‫الحنفية وغيره من أولد علي بن أبي طالب أم جعفريططا أم عقيليططا‬
‫أم عباسيا ولهذا تجد تاريخ الحافظ الذهبي مشحونا فططي الططتراجم‬
‫بططذلك يقططول الشططريف العباسططي الشططريف العقيلططي الشططريف‬
‫الجعفري الشريف الزينبي فلما ولططي الخلفططاء الفططاطميون بمصططر‬
‫قصروا اسم الشريف على ذرية الحسن والحسين فقططط فاسططتمر‬
‫ذلك بمصر إلى الن‪ .‬وقال الحافظ ابن حجر فططي كتططاب اللقططاب‪:‬‬
‫الشريف ببغداد لقب لكل عباسي وبمصر لقب لكل علوي انتهططى‪.‬‬
‫ول شك أن المصطلح القديم أولى وهو إطلقططه علططى كططل علططوي‬
‫وجعفري وعقيلي وعباسططي كمططا صططنعه الططذهبي وكمططا أشططار إليططه‬
‫الماوردي من أصحابنا والقاضي أبو يعلى بن الفططراء مططن الحنابلططة‬
‫كلهما في الحكام السلطانية ونحوه قول ابن مالك في اللفية "‬
‫وآله المستكملين الشرفا" فل ريب في أنه يطلق على ذرية زينب‬
‫المذكورين اشراف وكم أطلق الذهبي في تططاريخه فططي كططثير مططن‬
‫التراجم قوله الشريف الزينبي وقد يقال يطلق على مصطلح أهل‬
‫مصر الشرف أنواع عام لجميع أهل البيت وخاص بالذرية فيططدخل‬
‫فيه الزينبية وأخص منه شرف النسبة وهو مختص بذريططة الحسططن‬
‫والحسين‪.‬‬
‫الوجه الخامس‪ :‬أنهم تحرم عليهم الصدقة بالجمططاع لن بنططي‬
‫جعفر من الل‪.‬‬
‫السادس‪ :‬أنهم يستحقون سهم ذوي القربى بالجماع‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫السابع‪ :‬أنهم يستحقون من وقف بركة الحبططش بالجمططاع لن‬
‫بركة الحبش لم توقطف علطى أولد الحسطن والحسطين خاصطة بطل‬
‫وقفت نصططفين النصطف الول علطى الشطراف وهططم أولد الحسطن‬
‫والحسين والنصف الثاني على الطالبيين وهم ذرية علي بططن أبططي‬
‫طالب من محمد بن الحنفية واخوته وذرية جعفر بططن أبططي طططالب‬
‫وذرية عقيل بن أبي طالب وثبت هذا الوقف على هذا الوجه على‬
‫قاضي القضاة بدر الدين يوسف السنجاوي في ثططاني عشططر ربيططع‬
‫الخر سنة أربعين وستمائة ثم اتصل ثبوته على شيخ السلم عططز‬
‫الططدين بططن عبططد السططلم تاسططع عشططري ربيططع الخططر مططن السططنة‬
‫المذكورة ثططم اتصططل ثبططوته علططى قاضططي القضططاة بططدر الططدين بططن‬
‫جماعة‪ -‬ذكر ذلك ابن المتوج في كتابه إيقاظ المتأمل‪.‬‬
‫الثططامن‪ :‬هططل يلبسططون العلمططة الخضططراء‪ .‬والجططواب أن هططذه‬
‫العلمة ليس لها أصل فططي الشططرع ول فططي السططنة ول كططانت فططي‬
‫الزمن القديم وإنما حدثت في سنة ثلث وسبعين وسبعمائة بططأمر‬
‫الملك الشرف شططعبان بططن حسططين وقططال فططي ذلطك جماعططة مططن‬
‫الشعراء ما يطول ذكره مطن ذلطك قططول أبطي عبطد اللطه بططن جططابر‬
‫الندلسي العمى صاحب شرح اللفية المشهور بالعمى والبصير‬
‫جعلوا لبناء الرسول علمة * إن العلمة شأن من لم يشهر‬
‫نور النبوة في وسيم وجوههم * يغنى الشريف عن الطراز‬
‫الخضر‬
‫وقال الديب شمس الدين محمد بن إبراهيم الدمشقي‪:‬‬
‫أطراف تيجان أتت من سندس * خضر بأعلم على الشراف‬
‫والشرف السلطان خصصهم بها * شرفا ليعرفهم من الطراف‬
‫وحظ الفقيه في ذلك إذا سئل أن يقول ليس هططذه العلمططة بدعططة‬
‫مباحة ل يمنع منها من أرادها من شريف وغيره ول يؤمر بهططا مططن‬
‫تركها من شريف وغيره والمنع منها لحد من الناس كائنا من كان‬
‫ليس أمرا شرعيا لن الناس مضططبوطون بأنسططابهم الثابتططة وليططس‬
‫لبس العلمة مما ورد به شرع فيتبع إباحططة ومنعططا أقصططى مططا فططي‬
‫الباب أنه أحدث التمييططز بهططا لهططؤلء عططن غيرهططم فمططن الجططائز أن‬
‫يخص ذلك بخصوص البناء المنتسبين إلى النبي صططلى اللططه عليططه‬
‫وسلم وهم ذرية الحسن والحسين‪ ،‬ومن الجائز أن يعمم في كططل‬
‫ذريته وإن لم ينتسبوا إليه كالزينبية ومن الجائز أن يعمم فططي كططل‬
‫أهل البيت كباقي العلوية والجعفرية والعقيليططة كططل جططائز شططرعا‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫وقد يستأنس فيها بقوله تعالى )يا أيها النبي قل لزواجططك وبناتططك‬
‫ونساء المؤمنين يدنين عليهم من جلبيبهن ذلططك أدنططى أن يعرفططن‬
‫فل يؤذين( فقد استدل بها بعض العلماء على تخصيص أهل العلططم‬
‫بلباس يختصون بطه مطن تطويططل الكمطاه وإدارة الطيلسطان ونحططو‬
‫ذلك ليعرفوا فيجلوا تكريما للعلم‪ ،‬وهذا وجه حسن والله أعلم‪.‬‬
‫التاسع‪ :‬هل يدخلون في الوصية على الشراف‪.‬‬
‫والعاشر‪ :‬هل يدخلون في الوقف علططى الشططراف؟ والجططواب‬
‫أنه إن وجد في كلم الموصي والواقططف نططص يقتضططي دخططولهم أو‬
‫خروجهم اتبع وإن لم يوجد فيه ما يدل على هذا ول هططذا فقاعططدة‬
‫الفقه أن الوصايا والوقاف تنزل على عططرف البلططد وعططرف مصططر‬
‫مططن عهططد الخلفططاء الفططاطميين إلططى الن أن الشططريف لقططب لكططل‬
‫حسنى وحسططيني خاصططة فل يططدخلون علططى مقتضططى هططذا العططرف‬
‫وإنما قدمت دخولهم في وقف بركة الحبش لن واقفها نص علططى‬
‫وقفه على ذلك حيث وقف نصطفها علطى الشطراف ونصطفها علطى‬
‫الطالبين‪.‬‬

‫آخر العجاجة الزرنبية في السللة الزينبية‬


‫بسم الله الرحمن الرحيم‪:‬‬
‫من كتاب نزهة المجالس لعبد الرحمن الصططفوري عططن النططبي‬
‫صلى الله عليه وسلم قططال مططن لططم يكططن عنططده مططال يتصططدق بططه‬
‫فليلعن اليهود والنصارى‪.‬‬
‫)حكاية( خرج علي بن أبي طططالب رضططي اللططه عنططه يططبيع إزار‬
‫فاطمة رضي الله عنهططا ليططأكلوا بثمنططه فبططاعه بسططتة دراهططم فططرآه‬
‫سائل فأعطاه إياها فجاءه جبريل في صورة أعرابططي ومعططه ناقططة‬
‫فقال يا أبا الحسن اشتر هذه الناقة فقال ما معي ثمنها قال إلططى‬
‫أجل فاشتراها بمائة ثم عرض له ميكائيل في طريقه فقططال أتططبيع‬
‫هذه الناقة قال نعم واشتريتها بمائة قال ولططك مططن الربططح سططتون‬
‫فباعها له فعرض له جبريل قال بعته الناقططة قططال نعططم قططال ادفططع‬
‫ي ديني فدفع له مائة ورجع بستين فقالت لططه فاطمططة مططن أيططن‬ ‫إل ّ‬
‫لك هذا قال تاجرت مع الله بستة فأعطططاني سططتين ثططم جططاء إلططى‬
‫النبي صلى الله عليططه وسططلم واخططبره بططذلك فقططال البططائع جبريططل‬
‫والمشتري ميكائيل والناقة لفاطمة تركبها يوم القيامة‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫)حكاية( رأى عثمان بن عفان رضي الله عنه درع علي رضططي‬
‫الله عنه يبططاع بأربعمططائة درهططم ليلططة عرسططه علططى فاطمططة فقططال‬
‫عثمان رضي الله عنه هذا درع فارس السططلم ل يبططاع أبططدا فططدفع‬
‫لغلم على أربعمططائة درهططم واقسططم عليططه أن ل يخططبره بططذلك ورد‬
‫الدرع معه فلما أصبح عثمان وجططد فططي داره أربعمططائه كيططس فططي‬
‫كل كيططس أربعمططائة درهططم مكتططوب علططى كططل درهططم هططذا ضططرب‬
‫الرحمن لعثمان بن عفططان فططأخبر جبريططل النططبي صططلى اللططه عليططه‬
‫وسلم بذلك فقال هنيئا لك يا عثمان‪ .‬وعن النبي صلى اللططه عليططه‬
‫وسلم قال من تبسم في وجه غريب ضحك الله إليه يوم القيامططة‬
‫وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫قال إذا نظر الغريب عن يمينه وشططماله وعططن أمططامه ومططن خلفططه‬
‫فلم ير أحدا يعرفه غفر الله له ما تقدم من ذنبه‪ .‬وفي حديث آخر‬
‫أن الله تعالى لينظر كل يوم إلى الغريب ألف نظرة‪ .‬وفي حديث‬
‫آخر ما من غريب يمرض فيرى ببصره فل يقع على من يعرفططه إل‬
‫كتب الله له بكل نفس يتنفس به سبعين ألططف حسططنة ومحططا عنططه‬
‫سبعين ألف سيئة‪ .‬وعن النبي صلى الله عليه وسلم قططال أكرمططوا‬
‫الغرباء فإن لهم عند الله شفاعة يوم القيامة أل وأنططه ينططادي يططوم‬
‫القيامططة أل ليقططم الغربططاء فيقومططون يسططتبقون إلططى اللططه أل مططن‬
‫أكرمهم فقد أكرمني ومن أحبهم فقد أحبني ومن أكرم غريبا فططي‬
‫غربته وجبت له الجنة‪ ،‬وعنه عليه السلم أنه قال أل ل غربة علططى‬
‫مؤمن وما مات مؤمن في غربة غاب عنططه بططواكيه إل بكططت عليططه‬
‫السماء والرض‪ .‬وعنه عليه السلم قال ارحموا اليتططامى وأكرمططوا‬
‫الغرباء فإني كنت في الصغر يتيما وفي الكبر غريبططا‪ .‬وقططال عليططه‬
‫السلم من آذى جاره فقد آذاني ومن آذانططي فقططد آذى اللططه ومططن‬
‫حارب جاره فقد حاربني ومن حاربني فقد حارب الله‪ .‬وعنه عليه‬
‫السلم قال مسألة الناس من الفواحش مططا أحططل مططن الفططواحش‬
‫غيرها‪ .‬وسمع النبي صططلى اللططه عليططه وسطلم عليططا يقططول اللهططم ل‬
‫تحوجني إلى أحد من خلقك قال مططن هططم قططال الططذين إذا أعطططوا‬
‫منوا وإذا منعوا عابوا‬
‫)فائدة( أصاب إبراهيم عليه السلم حاجة فذهب إلططى صططديق‬
‫له ليستقرض منه شيئا فلم يقرضططه فرجططع مهمومططا فططأوحى اللططه‬
‫إليه لو سألتني لعطيتك فقال يا رب عرفت مقتك للدنيا فخشيت‬
‫أن أسألك إياهططا فتمقتنططي فططأوحى اللططه إليططه ليسططت الحاجططة مططن‬

‫‪41‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الدنيا‪" .‬حكاية" قال النسفي في زهرة الرياض‪ :‬لما تولى سليمان‬
‫الملك جاءه جميع الحيوانات يهنئونه إل نملة واحططدة فإنهططا جططاءت‬
‫تعزيه فعاتبها النمل في ذلططك فقططالت كيططف أهنئه وقططد علمططت أن‬
‫الله تعالى إذا أحب عبدا زوى عنه الدنيا وحبططب إليططه الخططرة وقططد‬
‫شغل سليمان بأمر ل يدري عاقبته فهو بالتعزية أولى مططن التهنئة‪.‬‬
‫وجاءه في بعض اليام شراب من الجنة فقيططل لططه إن شططربته لططم‬
‫تمت فشاور جنططده إل القنفططذ فططإنه كططان غائبططا فأشططاروا عليططه أن‬
‫يشربه فأرسل الفرس خلططف القنفططذ فلططم يجبهططا فارسططل الكلططب‬
‫خلفها فأجابه فسأله سليمان عططن الشططراب فقططال ل تشططربه فططإن‬
‫الموت في عز خير من البقاء في سجن الدنيا قال صدقت فأراق‬
‫الشراب في البحر فطاب ماؤه ثم قططال لططه كيططف أطعططت الكلططب‬
‫دون الفرس فقال لنها تعدو بصاحبها وبغيره والكلططب ل يطيططع إل‬
‫صاحبه‪ .‬وتقدم في باب المحبة أن النبي صططلى اللططه عليططه وسططلم‬
‫قال حبب إلى من دنياكم هططذه ثلث‪ .‬فططإن قيططل كيططف مطططر اللططه‬
‫على أيوب عليه السلم جرادا من ذهب قيل جعله الله عوضا عن‬
‫الططدود الططذي أكلططه فططالجراد خلعططة الطططائع وعقوبططة العاصططي لنططه‬
‫مخلوق مططن الططذنوب وذلططك أن المريططض تلقططى ذنططوبه فططي البحططر‬
‫فيخلق الله منها التمساح فإذا مات التمساح صار دودا ثططم جططرادا‬
‫بإذن الله تعالى‪ .‬وتقدم فططي فصططل الدب مططن كتططاب المططوت أنططه‬
‫مخلوق من طينة آدم عليططه السططلم‪ ،‬وقططال بعططض الحكمططاء الططدنيا‬
‫ميططراث الغططرور ومسططكن البطططالين وسططوق الراغططبين وميططدان‬
‫الفاسقين وسجن المؤمنين ومزبلة المتقين زاد مؤلفه رحمه اللططه‬
‫ومزرعة للعالمين‪" .‬فائدة" قال ابن عباس التوكؤ على العصا من‬
‫أخلق النبياء وكان النبي عليططه السططلم يتوكططأ عليهططا‪ ،‬وعنططه عليططه‬
‫السلم قال العصا علمة المططؤمن وسططنة النبيططاء ومططن خططرج فططي‬
‫سفر ومعه عصا من لوز مر أمنه اللططه مططن كططل سططبع ضططار ولططص‬
‫عاص ومن كل ذات حمة حتى يرجع إلى أهله ومنزله وكططان معططه‬
‫سبعة وسبعون من المعقبات يستغفرون له حططتى يرجططع ويضططعها‪.‬‬
‫وعن النبي عليه السلم قال من بلغ أربعين سنة ولم يأخذ العصططا‬
‫عدله من الكبر والعجب‪ .‬وقال النبي عليططه السططلم ليططس خيركططم‬
‫من ترك الدنيا للخرة ول الخرة للدنيا ولكن خيركم من أخذ مططن‬
‫هذه لهذه‪" .‬لطيفطة" قطال أنطس خرجطت مطع النطبي عليطه السطلم‬
‫فرأينا طيرا أعمى يضرب بمنقاره على شجرة فقططال النططبي عليططه‬

‫‪42‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫السلم أتدري ما يقول قلت اللططه ورسططوله أعلططم قططال إنططه يقططول‬
‫اللهم أنت العططدل وقططد حجبططت عنططي بصططري وقططد جعططت فططأقبلت‬
‫جرادة فدخلت في فيه ثططم ضططرب بمنقططاره علططى الشططجرة فقططال‬
‫النبي عليه السلم أتدري ما يقول قلت ل قال إنه يقول من توكل‬
‫على الله كفاه‪ .‬وعن أبي هريرة عن النبي عليه السلم قططال مططن‬
‫عمل فرقة بيططن امططرأة وزوجهططا كططان عليططه لعنططة اللططه فططي الططدنيا‬
‫والخرة وحرم الله عليه النظر إلى وجهه الكريم‪" .‬موعظططة" عططن‬
‫عمار بن ياسر عن النبي صلى الله عليطه وسطلم قطال أيمطا امطرأة‬
‫خانت زوجها في الفراش فعليها نصططف عططذاب هططذه المططة‪ .‬وعططن‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم قال من مات وهو يعمططل عمططل قططوم‬
‫لوط لم يلبث في قبره إل ساعة واحدة ثم يرسل الله إليططه ملكططا‬
‫يشططبه الخطططاف فيخطفططه برجليططه ويطرحططه فططي بلد قططوم لططوط‬
‫ويكتب على جبينه آيس من رحمة الله‪ .‬وعنططه عليططه السططلم قططال‬
‫يؤتى يوم القيامة بأطفال ليس لهم رؤوس فيقول الله تعالى مططن‬
‫أنتم فيقولون نحن المظلومون فيقول من ظلمكم فيقولون آباؤنا‬
‫كانوا يأتون الذكران من العالمين فألقونا في الدبططار فيقططول اللططه‬
‫تعالى سوقوهم إلى النار واكتبوا على جباههم آيسططين مططن رحمططة‬
‫الله‪ .‬وعنه عليه السططلم قططال يمسططخ اللططوطي فططي قططبره خنزيططرا‬
‫وتدخل في منخريه وتخرج من دبره كل يوم سططبعين مططرة‪ .‬وقططال‬
‫عليه السلم العفريت أخبرنا عن إبليططس فتططوجه معططه إلططى البحططر‬
‫فوجده على وجه المططاء فقططال أخبرنططا بططأبغض العمططال إلططى اللططه‬
‫وأحبها إليك قال اللواط ولول ممشططاك يططا نططبي اللططه مططا أخبرتططك‪.‬‬
‫وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال مططن مشططى‬
‫في تزويج امرأة حلل يجمع بينهما رزقه الله تعالى ألف امرأة من‬
‫الحور العين كل امرأة في قصططر مططن در ويططاقوت وكططان لططه بكططل‬
‫خطوة خطاها أو كلمة تكلم بها في ذلططك عبططادة سططنة قيططام ليلهططا‬
‫وصيام نهارها‪ .‬وذكر ابن الجوزي أن الله تعالى اتخططذ أربعيططن بططدل‬
‫من الرجال والنساء كذلك كلما مات واحد قططام مقططامه آخططر‪ .‬عططن‬
‫أنس بن مالططك عططن النططبي صططلى اللططه عليططه وسططلم قططال البططدال‬
‫أربعون رجل وأربعون امرأة كلما مات رجل أبدل الله مكططانه رجل‬
‫وكلما مططاتت امططرأة أبططدل اللططه مكانهططا امططرأة‪" .‬فططائدة" عططن ابططن‬
‫مسعود عن النبي عليه السلم قال إذا غسلت المرأة ثياب زوجها‬
‫كتب الله لها ألفي حسنة وغفر لها ألف سططيئة واسططتغفر لهططا كططل‬

‫‪43‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫شيء طلعت عليه الشمس ورفع لها ألفي درجة‪ .‬وقططالت عائشططة‬
‫صرير مغزل المرأة يعططدل التكططبير فططي سططبيل اللططه والتكططبير فططي‬
‫سبيل الله أثقل من السماوات والرض وأيما امرأة كست زوجهططا‬
‫من غزلها كان لها بكل سدى مائدة ألططف حسططنة‪ .‬قططال أبططو قتططادة‬
‫رضي اللطه عنططه صططرير مغططزل المططرأة وقططراءة القططرآن عنططد اللططه‬
‫سواء‪ .‬وقال عليه السلم من اشترى لعياله شططيئا ثططم حملططه بيططده‬
‫إليهم حط الله عنه ذنب سبعين سنة‪ .‬وفي حديث آخططر مططن فططرح‬
‫أنثى فكأنما بكى من خشية الله ومن بكى مططن خشططية اللططه حططرم‬
‫الله بدنه على النار ورأيت في كتاب النورين فططي إصططلح الططدارين‬
‫أن النبي عليه السلم قال البيت الذي فيه البنات ينططزل اللططه فيططه‬
‫كل يوم اثنتي عشرة رحمة من السماء ول تنقطع زيارة الملئكططة‬
‫من ذلك البيت يكتبون لبويهما كل يوم وليلططة عبططادة سططنة‪ .‬وعططن‬
‫حذيفة أن النبي عليه السلم قال أطعمني جبريططل الهريسططة اشططد‬
‫بها ظهري لقيام الليططل‪ .‬أول مططن حططرث آدم عليططه السططلم أدركططه‬
‫التعب آخر النهار فقال لحواء أزرعي ما بقي فصار زرعهططا شططعيرا‬
‫فتعجبت من ذلك فأوحى الله تعالى إلططى آدم لمططا أطططاعت العططدو‬
‫المشير أبدلنا القمح بالشعير‪ -‬وعن النبي عليطه السطلم قطال نعطم‬
‫الطعام الزبيطب يشطد العصطب ويططذهب الوصطب ويطفططئ الغضطب‬
‫ويذهب بالبلغم ويصفي اللون ويطيب النكهططة يعنططي رائحططة الفططم‪.‬‬
‫وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما للنفسططاء‬
‫عندي شفاء مثل الرطب ول للمريطض مثطل العسطل‪ .‬وعطن النطبي‬
‫عليه السلم قال أطعموا نسطاءكم فطي نفاسطهن التمطر فطإنه مطن‬
‫كان طعامها في نفاسها التمر خرج ولدها حليما‪ .‬وعن النبي عليططه‬
‫السلم قال أطعموا حبالكم اللبان يعني بذلك حصى لبططان الططذكر‬
‫فإن يكن في بطنها ذكر يكن ذكي القلب‪ .‬وعنه علي السلم قططال‬
‫عليكم بأكل البلس فإنه يقطع عروق الجذام أل وهو الططتين‪ .‬وعططن‬
‫النبي عليه السلم قال كلوا السفرجل فإنه يجلو عططن الفططؤاد ومططا‬
‫بعث الله نبيا إل وأطعمه من سفرجل الجنة فيزيد في قططوته قططوة‬
‫أربعين رجل‪ .‬وعن جابر بن عبد الله قال سأل النبي عليه السططلم‬
‫ابليس عن ضجيعه فقال السكران وعن جليسه قال الناسي يؤخر‬
‫الصلة عن وقتها وعن ضططيفه فقططال السططارق وعططن أنيسططه فقططال‬
‫الشاعر وعن رسوله فقال الكاهن والساحر وعن قرة عينه فقططال‬
‫الذي يحلف بالطلق وإن كان صادقا وعن حبيبه قال تارك الصلة‬

‫‪44‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫وعن أعز الناس قال من سب أبا بكططر وعمططر‪ .‬ورأيططت فططي بعططض‬
‫كتب الرافضة قال رجل لعلي بن أبي طالب يا أبططا الحسططن كيططف‬
‫سبقك أبو بكر بالخلفة فقال لني كنططت اشططتغلت بتجهيططز رسططول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم ودفنه ثم قال أنت حضرت مبايعة أبططي‬
‫بكر قال نعم قال من بايعه أول قال شيخ كبير معططه عكططاز أخضططر‬
‫فقال علي رضي الله عنه ذاك إبليس أخبرني رسططول اللططه صططلى‬
‫الله عليه وسلم أن أول من يبايع أبا بكر إبليططس‪" .‬لطيفططة" رأيططت‬
‫في شوارد الملح أن النبي صلى الله عليه وسلم عروس المملكة‬
‫والعروس تجلططى تططارة بتططاج وتططارة بعمامططة وتططارة بمنطقططة وتططارة‬
‫بسيف فتاجه أبو بكر وعمامته عمر ومنطقته عثمان وسيفه علططي‬
‫وعن النبي عليه السلم قال أخططبرني جبريططل أن اللططه تعططالى لمططا‬
‫خلق آدم وأدخل الروح في جسده أمرني أن آخذ تفاحة من الجنة‬
‫فأعصرها في حلقه فعصرتها فخلقك الله يططا محمططد مططن القطططرة‬
‫الولى ومن الثانية أبا بكر ومن الثالثة عمر ومططن الرابعططة عثمططان‬
‫ومن الخامسة علي بن أبططي طططالب فقططال آدم يططا رب مططن هططؤلء‬
‫الذين أكرمتهم فقال تعالى هؤلء خمسة أشياخ من ذريتك وهؤلء‬
‫أكرم عندي من جميع خلقي فلما عصططى آدم قططال يططا رب بحرمططة‬
‫أولئك الشياخ الخمسة الططذين فضططلتهم إل تبططت علططى فتططاب اللططه‬
‫عليه‪ .‬وعن النبي عليططه السططلم قططال أول مططن جططزع مططن الشططيب‬
‫إبراهيم عليه السلم حين رآه في عارضططه فقططال يططا رب مططا هططذه‬
‫الشوهة التي شوهت بخليلك فأوحى الله تعالى إليططه هططذا سططربال‬
‫الوقار ونور السلم وعزتي وجللطي مطا ألبسطته أحطدا مطن خلقطي‬
‫يشهد أن ل إله إل أنا وحدي ل شريك لططي إل اسططتحييت منططه يططوم‬
‫القيامة أن أنصب له ميزانا أو أنشر له ديوانا أو أعذبه بالنار فقال‬
‫يا رب زدني وقارا فأصبح رأسه مثل الغمامة البيضاء‪ ،‬وعن النططبي‬
‫عليططه السططلم قططال اختضططبوا فططإن الملئكططة يستبشططرون بخضططاب‬
‫المؤمن‪ .‬وقال أبو طيبة رضي الله عنه نفقة درهم في سبيل الله‬
‫سبعمائة درهم ونفقة درهم في خضاب اللحية بسبعة آلف‪ .‬وعن‬
‫النبي عليه السلم قال إذا دخل المؤمن في قططبره وهططو مختضططب‬
‫بالحناء أتاه منكر ونكيططر فقططال لططه مططن ربططك ومططا دينططك ون نبيططك‬
‫فيقول منكر لنكير ارفق بالمؤمن أما ترى نور اليمان‪ .‬وقال أنس‬
‫دخل رجل على النططبي عليطه السطلم وهطو أبيطض الططرأس واللحيططة‬
‫فقال ألست مسلما قال بلى قال فاختضب‪.‬‬

‫‪45‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫)فائدة( قال ابن كعب قال النبي عليه السلم من سرح رأسه‬
‫ولحيته كل ليلة عوفي من أنواع البلء وزيد في عمره‪ ،‬وعن النبي‬
‫عليه السلم قال من أمر المشط على حاجبه عوفي مططن الوبططاء‪.‬‬
‫وقال علي رضي الله عنه عن النبي صططلى اللططه عليططه وسططلم أنططه‬
‫قال عليكم بالمشط فططإنه يططذهب الفقططر ومططن سططرح لحيتططه حططتى‬
‫يصبح كان له أمانا حتى يمسططي لن اللحيططة زيططن الرجططال وجمططال‬
‫الوجه‪" .‬فائدة" قال وهب رضي الله عنه من سرح لحيتططه بل مططاء‬
‫زاد همه أو بمططاء نقططص همططه ومططن سططرحها يططوم الحططد زاده اللططه‬
‫نشاطا أو الثنين قضى حاجته أو الثلثاء زاده الله رخاء أو الربعاء‬
‫زاده الله نعمة أو الخميس زاد الله فططي حسططناته أو الجمعططة زاده‬
‫الله سرورا أو السبت طهر الله قلبه من المنكرات ومططن سططرحها‬
‫قائما ركبه الدين أو قاعدا ذهب عنه الدين بإذن الله تعالى‪ ،‬وعططن‬
‫النبي عليه السلم قال إن الرجل ليكون من أهل الصلة والصططيام‬
‫والجهاد فما يجزي إل على قدر عقله‪ .‬وعن ابن عباس عنططه عليططه‬
‫السلم قال لكل شيء آلة وآلة المؤمن العقل ولكل شيء دعامة‬
‫ودعامة المؤمن العقل ولكل قوم غاية وغاية العبططاد العقططل ولكططل‬
‫راع وراعى العابدين العقل ولكل تاجر بضاعة وبضاعة المجتهدين‬
‫العقل ولكل أهل بيت قيططم وقيططم بيططوت الصططديقين العقططل ولكططل‬
‫خراب عمارة وعمارة الخرة العقل‪ .‬ورأيططت عططن بعططض الصططحابة‬
‫قال نهانا عليه السلم أن يمشط أحدنا كل يوم‪ .‬وفى الحديث من‬
‫سعادة المرء خفة لحيته رواه ابن عباس‪ .‬وقالت عائشة من أكططل‬
‫اليقطين بالعدس رق قلبه‪ .‬وعن أنس عنه عليططه السططلم قططال إن‬
‫لله مدينة تحت العرش من مسك أذفر على بابها ملك ينططادى كططل‬
‫يوم أل من زار عالما فقد زار الططرب فلططه الجنططة وعططن أنططس عنططه‬
‫عليه السلم انه قال من أحب أن ينظر إلى عتقاء اللططه مططن النططار‬
‫فلينظر إلى المتعلمين فوا الذي نفس محمد بيده مططا مططن متعلططم‬
‫يختلف إلى باب عالم إل كتب الله له بكل قدم عبادة سططنة ويبنططى‬
‫لططه بكططل قططدم مدينططة فططي الجنططة ويمشططى علططى الرض والرض‬
‫تستغفر له‪ .‬وعنه عليه السلم من خاض فططي العلططم يططوم الجمعططة‬
‫فكأنما أعتق سبعين ألف رقبة وكأنمطا تصطدق بطألف دينطار وكأنمطا‬
‫حج أربعين ألف حجة وهو في رضوان الله وعفوه ومغفرته‪ .‬وقال‬
‫عليه السلم من اغبرت قدماه في طلب العلم حرم اللططه جسططده‬
‫على النار واستغفر لططه ملكططاه وإن مططات فططي طلبططه مططات شططهيدا‬

‫‪46‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫وكان قبره روضة من رياض الجنة ويوسع له في قبره مططد البصططر‬
‫وينور على جيرانه أربعين قبرا عن يمينه وأربعين قبرا عن يسططاره‬
‫وأربعين من خلفه وأربعين أمامه‪.‬‬
‫)حكاية( قال أبو جهل يا محمد إن أخرجططت لنططا طاووسططا مططن‬
‫صخرة في داري آمنت بك فدعا ربه عططز وجططل فصططارت الصططخرة‬
‫تئن أنين المرأة الحبلى ثم انشقت عن طاووس صدره من ذهططب‬
‫ورأسه من زبرجد وجناحاه من ياقوت ورجله من جوهر فلما رآه‬
‫أبو جهل أعرض عن اليمان‪ .‬ورأيت فططي الزهططر الفططائح أن النططبي‬
‫عليه السلم كان جالسا فططي أصططحابه فمططرت بططه امططرأة مشططركة‬
‫ومعهططا صططبى دون شططهرين فلمططا دنططت منططه عبسططت فططي وجهططه‬
‫فانتفض الطفل وترك ثديها وقال يططا ظالمططة نفسططها تعبسططي فططي‬
‫وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثططم قططال السطلم عليطك يططا‬
‫رسول الله وأكرم الخلق على الله فقططال مططن أخططبرك أنططى أكططرم‬
‫الخلق على الله قال بذلك فقال جبريل صططدق الغلم ثططم قططال يططا‬
‫نبي الله ادع الله أن يجعلني من خدامك في الجنة فدعا له فمات‬
‫في الحال فقالت أمه جاء الحق وزهق الباطل أنا أشهد أن ل إلططه‬
‫إل الله وأنك رسول الله وا أسفاه على ما فاتنى منططك يططا رسططول‬
‫الله فقال ابشري فقد هدم الغلم عنططك مططا فعلططتيه فططي الجاهليططة‬
‫وإني لنظر إلى كفنك وحنوطك مططع الملئكططة فططي الهططواء فمططاتت‬
‫أيضا في الحال فصلى عليهما النبي صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫)حكاية( فططي روض الفكططار أن امططرأة خرجططت تسططمع كلم النططبي‬
‫صلى الله عليه وسلم فرآها شططاب فقططال إلططى أيططن قططالت أسططمع‬
‫كلم النبي صطلى اللطه عليطه وسطلم قططال أتحطبيه قطالت نعطم قططال‬
‫فبحقه ارفعي نقابك حتى أنظر وجهك ففعلت ثططم أخططبرت زوجهططا‬
‫بذلك فأوقد تنورا ثم قال بحقه عليك أدخلي التنور فألقت نفسططها‬
‫فيه ثم ذهب وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فقططال ارجطع‬
‫واكشف عنها فكشف فرآها سالمة وقد جللها العططرق‪ ،‬ودعططا اللططه‬
‫أن يرد الشمس على علي بن أبي طالب رضي الله عنه في خيبر‬
‫فطلعت بعد ما غربت‪ ،‬وقال عليه السلم معرفة آل محمد بططراءة‬
‫من النار وحب آل محمد جواز على الصططراط والوليططة لل محمططد‬
‫أمان من العذاب‪ .‬رأيت فططي القططول البططديع عططن علططي عنططه عليططه‬
‫السلم قال من حج حجة السلم وغزا بعططدها غططزاة كتبططت غزاتططه‬
‫بأربعمططائة حجططة فانكسططرت قلططوب قططوم ل يقططدرون علططى الجهططاد‬

‫‪47‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫فأوحى الله إليه مططا صططلى عليططك أحططد إل كتبططت صططلته بأربعمططائة‬
‫غزاة كل غزاة بأربعمائة حجة‪ .‬وقال علططي خلططق اللططه تعططالى فططي‬
‫الجنة شجرة ثمرها أكبر من التفاح وأصغر من الرمططان أليططن مططن‬
‫الزبد وأحلى من العسل وأطيب من المسك وأغصانها من اللؤلططؤ‬
‫الرطب وجذوعها من الذهب وورقها من الزبرجد ل يأكل منهططا إل‬
‫من أكثر من الصلة علططى محمططد صططلى اللططه عليططه وسططلم‪ .‬وعططن‬
‫العباس بن عبد المطلب رضططي اللططه عنططه أنططه أحططدق النظططر إلططى‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال هططل مططن حاجططة قططال لمططا‬
‫رفعتططك حليمططة وأنططت ابططن أربعيططن يومططا رأيتططك تخططاطب القمططر‬
‫ويخاطبك بلغة لم أفهمها قال يا عم قرصني القمططاط فططي جططانبي‬
‫اليمن فأردت أن أبكي فقال القمر ل تبك ولو قطر مططن دموعططك‬
‫قطططرة علططى الرض قلططب اللططه الخضططراء علططى الغططبراء فصططفق‬
‫العباس فقال أزيدك يا عم قال نعم قال ثم قرصني القمططاط فططي‬
‫جانبي اليسر فهممت أن أبكي فقال القمر ل تبك يططا حططبيب اللططه‬
‫فان وقع من دموعك قطرة على الرض لططم تنشططق عططن خضططراء‬
‫إلى يوم القيامة فسكت شفقة على أمتي فصططفق العبططاس وقططال‬
‫أكنت تعلم ذلك وأنت ابن أربعين يوما فقال يا عم والططذي نفسططي‬
‫بيده لقد كنت أسمع صرير القلم على اللططوح المحفططوظ وأنططا فططي‬
‫ظلمة الحشاء أفأزيدك يا عم قال نعم قططال والططذي نفسططي بيططده‬
‫لقد خلق الله مائة ألف نبي وأربعا وعشرين ألف نبيا ما منهم من‬
‫نبي علم أنه نبي حتى بلغ أشده وهو أربعون سنة إل عيسى فططانه‬
‫لما نزل من جوف أمه قال إني عبد الله آتاني الكتاب وابن أخيططك‬
‫أفأزيدك يا عم قال نعم لما ولدت ليلططة الثنيططن خلططق اللططه تعططالى‬
‫سططبعة جبططال فططي السططماوات السططبع وملهططا مططن الملئكططة مططا ل‬
‫يحصيهم إل الله يسبحون الله ويقدسونه الى يطوم القيامطة وجعطل‬
‫ثواب تسبيحهم وتقديسططهم لعبططد ذكططرت عنططده بيططن يططديه فأزعططج‬
‫أعضاءه بالصلة على ذكره في شوارد الملح‪ .‬وعنه عليططه السططلم‬
‫قال من صططلى علططى صططلة وجهططر بهططا شططهد لططه كططل حجططر ومططدر‬
‫ورطب ويابس‪ .‬وعنه عليه السلم قال من صططلى علططى فتططح اللططه‬
‫عليه بابا من العافية‪ .‬وعنه عليه السلم قططال أكططثروا مططن الصططلة‬
‫علي فإنها تحل العقد وتفرج الكرب‪ .‬وقال أنس قال النططبي صططلى‬
‫الله عليه وسلم من قال اللهم صل على محمططد وعلططى آل محمططد‬
‫وكان قاعدا غفر له قبل أن يقوم وإن كان قائما غفر لططه قبططل أن‬

‫‪48‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫ي‬
‫يقعد وعنه عليه السلم قال من شم الورد الحمر ولم يصل عل ّ‬
‫فقد جفاني‪ .‬وعن أنس عنه عليططه السططلم قططال خلططق اللططه تعططالى‬
‫الورد الحمر من بهائه وجعله ريحا لنبيائه فمن أراد أن ينظر إلى‬
‫بهاء الله ويشم رائحة النبيططاء فلينظططر إلططى الططورد الحمططر‪ .‬وعنططه‬
‫عليه السلم قال من أراد أن يشم رائحتي فليشم الورد الحمر‪.‬‬
‫)لطيفة( يستحب إكثطار الصطلة علطى النطبي صطلى اللطه عليطه‬
‫وسلم عند أكل الرز لنه كان جططوهرا أودع فيططه نططور محمططد صططلى‬
‫الله عليه وسلم فلما خرج النور منه تفتت وصار حبا‪ .‬وعططن علططي‬
‫أن النبي صلى الله عليه وسلم قال كل شيء أخرجته الرض فيه‬
‫داء وشفاء إل الرز فانه شفاء ل داء فيه‪.‬‬
‫)لطيفة( قال مؤلفه رحمه الله تعططالى سططمعت والططدي رحمططه‬
‫الله يقول لبعض الفقراء تعال كل من هذا العدس المبارك فقططال‬
‫أطعموني من الرز الميشوم‪ .‬رأيت في منططازل النططوار أن جبريططل‬
‫عليه السلم قال للنبي صلى الله عليه وسلم لما خيره بين الططدنيا‬
‫والخرة فاختار الخرة إن الله قد أعطاك قبة فططي الجنططة عرضططها‬
‫ثلثمائة عام قد حفتها رياح الكرامة ل يدخلها إل مططن أكططثر الصططلة‬
‫عليك‪.‬‬
‫)فائدة( قال جابر بن عبد الله عن النبي عليه السلم أنه قططال‬
‫من أصبح وأمسى قال اللهم يا رب محمد صططل علططى محمططد وآل‬
‫محمد واجز محمططدا صططلى اللططه عليططه وسططلم مططا هططو أهلططه أتعططب‬
‫سبعين كاتبا ألف صططباح ولططم يبططق لنططبيه محمططد صططلى اللططه عليططه‬
‫وسلم حق إل أداه وغفر لوالديه وحشر مع محمد وآل محمد‪.‬‬
‫)فائدة( روى ابن أبي مليكة عن ابططن جريططج عططن النططبي عليططه‬
‫السلم أنه قال مطن كطان لطه ذو بطططن فطأجمع أن يسطميه محمطدا‬
‫رزقه الله غلما‪ .‬وقالت جليلة بنت عبد الجليل يا رسول الله إنططي‬
‫امرأة ل يعيش لي ولد فقال اجعلي لله عليططك أن تسططميه محمططدا‬
‫ففعلت فعاش ولدها‪ .‬ورأيت في المورد العذب أنططه عليطه السطلم‬
‫قال من صبح بالصلة علططي فططي الططدنيا صططبحت الملئكططة بالصططلة‬
‫عليه في السماوات العل‪ .‬وعنه عليه السلم قال لططو يعلططم الميططر‬
‫ما في ذكر الله لترك إمارته ولططو يعلططم التططاجر مططا فططي ذكططر اللططه‬
‫لترك تجارته ولو أن ثواب تسبيحة واحدة قسم علططى أهططل الرض‬
‫لصاب كل واحد عشرة أضعاف الدنيا‪ .‬وعططن أنططس أنططه قططال مططن‬
‫قال سبحان الله وبحمده غرست له ألف شططجرة فططي الجنططة مططن‬

‫‪49‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫ذهب طلعها أي ثمرها كثدي البكططار أليططن مططن الزبططد وأحلططى مططن‬
‫الشهد كلما أخذ منها شيئا عاد كما كططان‪ .‬وعنططه عليططه السططلم أنططه‬
‫قال مططن قططال سططبحان اللططه وبحمططده خلططق اللططه ملكططا لططه عينططان‬
‫وجناحان وشفتان ولسان يطير مع الملئكة ويستغفر لقائلهططا إلططى‬
‫يوم القيامة‪.‬‬
‫)فائدة( عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن النبي صططلى‬
‫الله عليه وسلم قال أكثر من الحمد لله فإن لها عينيططن وجنططاحين‬
‫تطير بهما وتستغفر لقائلها إلى يوم القيامة‪.‬‬
‫)موعظة( عن النبي صططلى اللططه عليططه وسططلم قططال مططن قطططع‬
‫سدرة ضرب الله رأسه في النار‪.‬‬
‫)فطائدة( عنطه عليطه السطلم خلططق اللطه نطورا قبططل السططماوات‬
‫والرض بألف عام ثم خلق من ذلك النور مسكا فكتب بططه سططورة‬
‫يس وخلق لها خمسين ألف جناح فلم تمر في سططماء إل خضططعت‬
‫لها سكانها وسجدوا لها فمططن تعلططم يططس وعططرف حقهططا كططان فططي‬
‫الدرجة العليا‪ ،‬وقوله خلق لها أي لثوابها‪ ،‬وعنه عليه السططلم قططال‬
‫يس تدعى في التوراة المعمة قيل وما المعمة قال تعططم صططاحبها‬
‫بخير الدنيا والخرة وتكابد عنه بلوى الدنيا وأهاويل الخططرة‪ .‬وفططي‬
‫الخبر خلق الله تعالى عشرين ألف نهر وقال للقلططم اكتططب فضططل‬
‫قل هو الله أحد‪ .‬وفي كتاب البركة عن النططبي عليططه السططلم قططال‬
‫من ولد له مولود فسماه محمدا حبا لي وتبركا كان هططو ومولططوده‬
‫في الجنة وما قعد قوم على طعام حلل فيهم رجل اسمه اسمي‬
‫إل تضاعفت فيهم البركة‪ .‬وعنه عليه السلم قال زوجنططي عائشططة‬
‫ربي في السماء وأشهد عقدها الملئكططة وأغلقططت أبططواب النيططران‬
‫وفتحت أبواب الجنة أربعين صباحا مسها مس الحرير وريحها ريح‬
‫المسك‪ .‬رأيت فططي بعططض المجططاميع أن محمططدا صططلى اللططه عليططه‬
‫وسلم قال يا جبريل هل كنت تعلم بططراءة عائشططة قططال نعططم قططال‬
‫فكيف لم تخبرني قال أردت ذلك فقططال اللططه تعططالى يططا جبريططل ل‬
‫تفعل الشدة مني والفرج مني‪ .‬وعنه عليه السططلم مططا صططب اللططه‬
‫في صدري شيئا إل صببته في صدر أبططي بكططر‪ .‬وعططن حذيفططة قططال‬
‫صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلة الغداة فلما انصرف‬
‫قال أين أبو بكر قال لبيك قال ألحقت معططي الركعططة الولططى قططال‬
‫كنت معك فططي الصططف الول فوسططوس لططي شططيء فططي الطهططارة‬
‫فخرجت إلى باب المسجد فهتف بي هاتف يا أبا بكر فالتفت فططإذا‬

‫‪50‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫بقدح من ذهب فيه ماء أبيض من الثلج وأطيب من الشهد ‪ -‬بفتططح‬
‫الشين على الفصح ‪ -‬وعليه منططديل مكتططوب عليططه ل إلططه إل اللططه‬
‫محمد رسول الله أبو بكر الصديق فتوضأت ثططم وضططعت المنططديل‬
‫مكانه فقال يا أبا بكر لما فرغت من القططراءة أخططذت ركبططتي فلططم‬
‫أقططدر علططى الركططوع حططتى جئت وإن الططذي وضططأك جبريططل والططذي‬
‫مندلك ميكائيل والذي أخذ بركبتي إسرافيل‪.‬‬
‫)لطيفة( قال النبي عليه السلم يا علي سألت الله أن يقدمك‬
‫فأبى إل أبا بكر‪.‬‬
‫)حكاية( قططال حذيفطة صطنع النطبي عليطه السطلم طعامططا ودعططا‬
‫أصحابه فأطعمهم لقمة لقمة وقال سيد القوم خادمهم وأطعم أبا‬
‫بكر ثلث لقم فسططأله العبططاس عططن ذلططك فقططال لمططا أطعمتططه أول‬
‫لقمة قال له جبريل هنيئا لك يا عتيق فلما لقمتططه الثانيططة قططال لططه‬
‫ميكائيل هنيئا لك يا رفيق فلما لقمتططه الثالثططة قططال لططه رب العططزة‬
‫هنيئا لك يا صديق وقال أبي بن كعب قال النبي عليه السططلم أول‬
‫من يسلم عليه الحق يططوم القيامططة عمططر بططن الخطططاب وأول مططن‬
‫يؤخذ بيده فينطلق إلى الجنة عمر بن الخطاب‪ .‬وكان النبي عليططه‬
‫السلم إذا قطرت قطرة يعني من السماء يقططول رب لططك الحمططد‬
‫ذهب السخط ونزلت الرحمة‪ .‬وقال النبي عليه السلم لعلططي بططن‬
‫أبي طالب إذا تقرب الناس إلى خالقهم بأنواع الططبر فتقططرب إليططه‬
‫بأنواع العقل‪ .‬وعططن النططبي عليططه السططلم قططال دخلططت الجنططة ليلططة‬
‫أسرى بي فأعطيت سفرجلة فانفلقت عن حوراء فقلت لمن أنت‬
‫قالت إن على هذا النهر سبعين ألف شططجرة كططل شططجرة سططبعون‬
‫ألف غصن على كططل غصططن سططبعون ألططف ورقططة علططى كططل ورقططة‬
‫حوراء مثل خلقهن الله لمحبي أبي بكر وعمر‪.‬‬
‫)لطيفة( عن النبي عليه السلم قال رأيت حمططزة وجعفططر بططن‬
‫أبي طالب في المنام وكان بين أيديهما طبق فيططه نبططق كالزبرجططد‬
‫فأكل منه ثم صار عنبا فأكل منه ثم صططار رطبططا فططأكل منططه فقلططت‬
‫لهما ما وجدتما أفضل العمال قال ل إله إل الله قلت ثم مططا قططال‬
‫الصلة عليك قلت ثم ماه قطال حطب أبطي بكطر وعمطر‪ .‬ومطر رجطل‬
‫على النبي عليه السلم فقيل يططا رسططول اللططه هططذا مجنططون فقططال‬
‫المجنون المقيم على معصية الله ولكن قولوا مصاب‪ .‬وعنه عليططه‬
‫السلم قال تهب على النار ريح فيقولون ما رأينططا ريحططا أنتططن مططن‬

‫‪51‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫هذه فيقال لهم هذه ريح من يسب أبا بكر وعمر وكان عمر رضي‬
‫الله عنه إذا ذكر الكوفة قال كنز اليمان ورمح الله الطول‪.‬‬
‫)لطيفة( عطس النبي عليه السطلم بحضطرة يهطودي فقطال يطا‬
‫محمد يرحمك الله فقال يهديك الله فقال أشهد أن محمدا رسول‬
‫الله‪ .‬وقال النبي عليه السلم دخلت الجنة فناولني جبريططل تفاحططة‬
‫فانفلقت عن حوراء عيناء مرضية كأن مقادم عينها أجنحة النسور‬
‫فقلت لمن أنت قالت للخليفة المقتول ظلمططا عثمططان بططن عفططان‪.‬‬
‫وعن جابر بن عبد اللطه عططن النططبي عليطه السطلم لمطا أسططرى بططي‬
‫مررت بملك جالس على سرير من نور إحدى رجليه في المشرق‬
‫والخرى في المغرب والدنيا كلها بين عينيه وبين يديه لوح فقلططت‬
‫يا جبريل من هذا قال عزرائيل تقدم فسططلم عليططه فسططلمت عليططه‬
‫فقال وعليك السلم يا أحمد ما فعططل ابططن عمططك علططي قلططت هططل‬
‫تعرف ابن عمي عليا قال وكيف ل أعرفه وقد وكلني ربططي بقبططض‬
‫أرواح الخلئق مططا خل روحططك وروح ابططن عمططك‪ .‬وعنططه أيضططا قططال‬
‫سمعت النبي عليه السلم يقول لعلي بن أبي طالب أنت الصديق‬
‫الكبر وأنت الفاروق الذي تفرق بين الحق والباطططل‪ .‬وقططال علططي‬
‫قال النبي عليه السلم يا علي إنك أول من يقرع باب الجنة بعدي‬
‫فتدخلها بغير حساب‪ .‬وقال أيضا قال لي عليطه السطلم مططن مططات‬
‫على حبك بعد موتك ختم له بالمن واليمان‪ .‬وقال أنططس خرجططت‬
‫مططع بلل وعلططي بططن أبططي طططالب إلططى السططوق فاشططترى بطيخططا‬
‫وانطلقنا إلى منزلططه فكسططر واحططدة فوجططدها مطرة فططأمر بلل بططرد‬
‫البطيخ إلى صاحبه فلما رده قال أل أحدثكم حديثا حدثنيه رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم قال يا أبططا الحسططن إن اللططه أخططذ حبططك‬
‫على البشر والشجر فمن أجاب إلى حبك عذب وطططاب ومططن لططم‬
‫يجب إلى حبك خبث ومر وأظن هذا البطيخ ممن ل يحبنططي‪ .‬وفططي‬
‫حلوى القلوب الطاهرة وغيره‪ :‬في أرض الله بلد لها بطيخ يخططرج‬
‫من كل واحدة خاروف غنم يعيش أربعين يوما‪.‬‬
‫)فائدة( عنه عليه السلم من أحب عليا بقلبه فله ثططواب ثلططث‬
‫هذه المة ومن أحبه بقلبه ولسانه فله ثواب ثلثي هططذه المططةومن‬
‫أحبه بقلبه ولسانه ويده فله ثواب هذه المططة أل وإن الشططقي كططل‬
‫الشقي من أبغض عليا في حياتي وبعد مماتي‪ .‬وقططال ابطن عبطاس‬
‫رضي الله عنه حب علي بن أبي طالب يأكططل الططذنوب كمططا تأكططل‬
‫النار الحطب ولو اجتمع الناس على حبه ما خلق الله جهنم‪ .‬وقال‬

‫‪52‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫معاذ بن جبل حب علي بن أبي طالب حسنة ل تضر معها معصططية‬
‫وبغضه معصية ل تنفع معها حسنة‪ .‬وعنه عليه السلم مططن أراد أن‬
‫يتمسك بالقضيب الياقوت الحمر الططذي غرسططه فططي جنططات عططدن‬
‫فليتمسك بحب علي‪ .‬وقططال عمططر بططن الخطططاب رضططي اللططه عنططه‬
‫أشهد على النططبي عليططه السططلم أنططه قططال لططو وضططعت السططماوات‬
‫السبع والرضون السبع في كفة ووزن إيمان علي في كفة لرجططح‬
‫إيمان علي‪ .‬وقال ابن عباس كنا عند النبي صلى الله عليه وسططلم‬
‫وإذا بطائر في فمه لوزة خضراء فألقاها فأخذها النبي صطلى اللطه‬
‫عليه وسلم فوجد فيها دودة خضراء مكتوب عليها بالصططفر ل إلططه‬
‫إل الله محمد رسول الله نصططرته بعلططي‪ .‬وقططال النططبي صططلى اللططه‬
‫عليه وسلم لعلي إنك سيد المسلمين وإمام المتقيططن وقططائد الغططر‬
‫المحجلين‪ .‬وعنه عليه السلم قال مكتوب على باب الجنطة محمطد‬
‫رسول الله علي أخو رسول الله قبل أن يخلق السططماوات بططألفي‬
‫عام‪.‬‬
‫)فائدة( رأيططت فططي الزهططر الفاتططح أن النططبي صططلى اللططه عليططه‬
‫وسططلم قططال لعلططي تختططم بططالعقيق الحمططر فططإنه جبططل أقططر للططه‬
‫بالوحدانية ولي بالنبوة ولك بالوصططية ولولدي بالمامططة ولمحبيططك‬
‫بالجنة‪ .‬وعنه عليه السلم قال عليكم بالحناء فإنه خضاب السلم‬
‫ويصفى البصر ويذهب الصداع وإياكم والسواد‪ .‬وعنه عليه السلم‬
‫قال أن الله تعالى خلق الجنة بيضططاء وإن أحططب الثيططاب إلططى اللططه‬
‫البيض‪ .‬وقال النسفي أوحى الله تعالى إلى جبريل وميكائيطل أنطي‬
‫آخيت بينكما وجعلت عمر أحدكما أطول مططن الخططر فأيكمططا يططؤثر‬
‫صاحبه فاختار كل واحد منهما الحياة فأوحى الله إليهما أفل كنتمططا‬
‫كعلي بن أبي طالب آخيت بينه وبين محمد صلى الله عليه وسطلم‬
‫فبات على فراشه يؤثر بنفسطه اهبطططا إلطى الرض واحفظطاه مطن‬
‫عدوه فكان ميكائيل عند رأسه وجبريل عند رجليططه فقططال جبريططل‬
‫من مثلك يا ابن أبي طالب يباهي الله بك الملئكة‪ .‬وقال الحسططن‬
‫حيا النبي صلى الله عليه وسلم بكلتا يديه وردا وقال سيد رياحين‬
‫الجنة سوى الس‪ .‬وقال طاووس عن ابن عباس في قوله تعططالى‬
‫والتين هو أبو بكر والزيتون عمر وطور سينين عثمان وهططذا البلططد‬
‫المين علي بن أبي طالب‪ .‬وفي حديث أنا مدينة وعلي بابها‪.‬‬
‫)فائدة( نزل جبريل بطبق تفاح وقال يا محمد اعط من تحططب‬
‫وكان الطبق مستورا فأدخل يده وأخططذ تفاحططة علططى جانبهططا بسططم‬

‫‪53‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الله الرحمن الرحيم هذه هدية من الله لبي بكططر الصططديق وعلططى‬
‫الجانب الخر من أبغض الصديق فهو زنديق ثم أخططذ أخططرى علططى‬
‫جانبهططا البسططملة هططذه هديططة مططن اللططه الملططك الوهططاب لعمططر بططن‬
‫الخطاب وعلى الخر من أبغض عمر فهو في سقر ثم أخذ أخططرى‬
‫على جانبها البسملة هذه هدية من الله الحنان المنان لعثمان بططن‬
‫عفان وعلى الخر من أبغض عثمططان فخصططمه الرحمططن‪ .‬ثططم أخططذ‬
‫أخرى على جانبها البسملة هذه هدية مطن اللطه الغطالب لعلطي بطن‬
‫أبي طالب وعلى الجانب الخر من أبغض عليا لم يكططن للططه وليططا‪.‬‬
‫فحمد الله محمد صلى الله عليه وسلم‪ .‬قال النسفي وغيططره لمططا‬
‫دخل النبي صلى الله عليه وسلم الجنة ليلة المعططراج ورأى قصططر‬
‫خديجة أخذ جبريل تفاحة من شجرة مططن القصططر وقططال يططا محمططد‬
‫كل هذه فإن الله تعالى يخلق منها بنتطا تحمططل بهطا خديجططة ففعطل‬
‫فلما حملت خديجططة بهططا جططدت رائحططة الجنططة لسططبعة أشططهر فلمططا‬
‫وضعتها انتقلت الرائحة إليها فكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا‬
‫اشططتاق إلططى الجنططة قبططل فاطمططة فلمططا كططبرت قططال يططا تططرى هططذه‬
‫الحورية لمن فجاءه جبريل في بعض اليطام وقطال إن اللطه تعطالى‬
‫يقرئك السلم ويقول لك اليوم كان عقد فاطمة في موطنهططا فططي‬
‫قصر أمها في الجنة الخاطب إسرافيل وجبريل وميكائيل الشططهيد‬
‫ولولي رب العزة والزوج علي بن أبططي طططالب‪ .‬وقططال أنططس بينمططا‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم فطي المسطجد إذ قطال لعلطي بطن أبطي‬
‫طالب هذا جبريل يخبرني أن اللططه تعططالى زوجططك فاطمططة وأشططهد‬
‫على تزويجها أربعيططن ألططف ملططك وأوحططى إلططى شططجرة طططوبى أن‬
‫انثري عليهم الدر واليططاقوت فنططثرت عليهططم فابتططدر الحططور العيططن‬
‫يلتقطن في أطباق الدر واليططاقوت والحططل والحلططل فهططم يتهططادونه‬
‫إلى يوم القيامة‪ .‬وفي رواية قال أبشططر يططا أبططا الحسططن فططإن اللططه‬
‫تعالى زوجك في السماء قبل أن أزوجك في الرض‪ .‬ولفطظ هبطط‬
‫على ملك من السماء قبل أن تأتيني لم أر قبله في الملئكة مثله‬
‫بوجوه شتى وأجنحة شططتى فقططال السططلم عليططك يططا محمططد أبشططر‬
‫باجتماع الشمل وطهارة النسل فقلت وما ذاك قال يططا محمططد أنططا‬
‫الملك الموكططل بإحططدى قطوائم العططرش سطألت ربطي أن يططأذن لطي‬
‫ببشارتك وهذا جبريل على أثري يخبرك عن كرامة ربططك لططك فمططا‬
‫تم كلمه حتى نزل جبريل وقال السلم عليك يططا رسططول اللططه ثططم‬
‫وضع في يده حريرة بيضاء فيها سطران مكتوبان بالنور فقلت ما‬

‫‪54‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫هذه الخطوط قال إن الله تعالى اطلع إلططى الرض فاختططارك مططن‬
‫خلقه وبعثك برسالته ثططم اطلططع عليهططا ثانيططا فاختططار لططك منهططا أخططا‬
‫ووزيرا وصاحبا فزوجه ابنتططك فاطمططة فقلططت يططا جبريططل مططن هططذا‬
‫الرجل قال أخوك في الدين وابن عمك في النسب علي بططن أبططي‬
‫طالب وإن الله أوحططى إلططى الجنططان أن تزخرفططي وإلططى الحططور أن‬
‫تزيني وإلى شجرة طططوبى كمطا تقططدم‪ .‬وقططال جططابر بططن عبططد اللططه‬
‫دخلت أم أيمن علططى النططبي صططلى اللططه عليططه وسططلم وهططي تبكططي‬
‫فسألها عن ذلك فقالت دخلت على رجل من النصار قد زوج بنته‬
‫ونثر عليها اللوز والسكر فتذكرت تزويجك فاطمة ولم تنططثر عليهططا‬
‫شيئا فقال والذي بعثني بالكرامططة واستخصططني بالرسططالة إن اللططه‬
‫لما زوج عليا فاطمة أمر الملئكة المقربيططن أن يحططدقوا بططالعرش‬
‫فيهم جبريل وميكائيل وإسرافيل وأمر الجنان أن تزخرف والحططور‬
‫العين أن تزين ثم أمرها أن ترقص فرقصططت ثططم أمططر الطيططور أن‬
‫تغني فغنت ثم أمر شجرة طوبى أن تنثر عليهم اللؤلؤ الرطب مع‬
‫الدر البيض مع الزبرجد الخضر مع الياقوت الحمر‪ .‬وفي الرواية‬
‫كان الزواج عند سندرة المنتهى ليلة المعراج وأوحططى اللططه تعططالى‬
‫إليها أن انثري ما عليك فنثرت الدر والجوهر والمرجان هذا كططذب‬
‫مفترى ما أنزل الله به مططن سططلطان قاتططل اللططه واضططعه مططا أشططد‬
‫عذابه في النيران والحمد لله الذي جعلنا من حماة السنة بمحمططد‬
‫وآله‪.‬‬
‫والمسططؤول مططن موالينططا وسططاداتنا علمططاء السططلم وحسططنات‬
‫الليالي واليام جمل الله تعالى بوجودهم وأفاض على المسططلمين‬
‫من بركاتهم وجودهم إمعان النظر فيما سطر في هططذه الكراسططة‬
‫هل يجوز أن يدون في كتططاب ويسططمى نزهططة المجططالس ومنتخططب‬
‫النفائس ويتداوله من ل معرفططة لططه تميططز بيططن الصططحيح والسططقيم‬
‫ويكتبه أو يستكتبه ويقرأ وينقل منه على الكراسي والمنابر ومططاذا‬
‫يجب على من استهدف وجمعه بعد أن طلبه خادم السططنة الفقيططر‬
‫إبراهيم الناجي ونصحه ونهاه وفارقه قائل رجعططت عنططه كمططا رجططع‬
‫المام الشافعي عن القول القديم ثم عاد إلى ما كان عليططه ودعططا‬
‫الناس إليه وهل يططؤمر باعططدامه ومططا وجططد مططن نسططخه مططع أن مططا‬
‫اختصر من الكتابة منه خشية الطالة من هذه المقولطة أكططثر ممططا‬
‫كتب أم يبقى على حططاله أمعنططوا فططي الجططواب بططوأكم اللططه زلفططى‬
‫وحسن مآب‪.‬‬

‫‪55‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬

‫الدرة التاجية على السئلة الناجية‬


‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫الحمد لله وسلم على عباده الذين اصطفى‪ .‬وبعد فقد وردت‬
‫هذه الحاديث من دمشق من محدثها الشيخ برهان الدين النططاجي‬
‫وصحبتها كتاب يتضمن أنه أنكر على رجل أودعها تصنيفا له وأنهططا‬
‫باطلة وسأل في الكتابة بذلك فرأيت كثيرا منهططا كمططا قططال وفيهططا‬
‫أحاديث واردة بعضها مقبول وبعضها فيه مقال وها أنا أتكلم عليها‬
‫حديثا حديثا‪:‬‬
‫)الحديث الول( حديث من لم يكن عنده ما يتصدق به فليلعن‬
‫اليهود أخرجه ابن عدى في الكامل من حديث عائشططة والخطيططب‬
‫في تاريخه من حديث أبي هريرة وإسططنادهما ضططعيف وليططس فيططه‬
‫زيادة والنصارى‪.‬‬
‫)الحديث الثاني( حديث الغريططب اخرجططه الططديلمى فططي مسططند‬
‫الفردوس وقال أنا ابن مندويه ثنا أبو نعيم ثنا الغطريفططي ثنططا ابططن‬
‫خزيمة ثنا رافع بن أشرس ثنا النضر بطن كطثير عطن ططاووس عطن‬
‫ابططن عبططاس مرفوعططا فططذكره بطاللفظ المطذكور فططي السطؤال ولطه‬
‫شواهد قال الطبراني في الكبير ثنا حجاج بن عمططران السدوسططي‬
‫ثنا عمرو بن الحصين العقيلي ثنا محمد بن عبد الله بن علثة عططن‬
‫الحكم بن ابان عن وهب بن منبه عن ابن عباس قال قال رسططول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم موت الغريب شهادة إذا احتضر فرمططى‬
‫ببصره عن يمينه وعن يساره فلم ير ال غريبططا وذكططر أهلططه وولططده‬
‫وتنفس فله بكل نفس تنفسه يمحططو اللططه عنططه ألفططي ألططف سططيئة‬
‫ويكتب له ألفي ألف حسنة ‪ -‬عمرو بن الحصين متروك‪.‬‬
‫)الحديث الثططالث( حططديث الغريططب أيضططا قططال ابططن جريططر فططي‬
‫تفسيره ثنا يحيى ابن طلحة ثنا عيسى بن يونس عن صططفوان بططن‬
‫عمرو السكسكى عن شريح بن عبيد الحضرمي قال قال رسططول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم أن السلم بدا غريبا وسططيعود غريبططا أل‬
‫ل غربة على مطؤمن مططا مططات مطؤمن فططي غربططة غططابت عنطه فيهطا‬
‫بواكيه إل بكت عليه السماء والرض ثم قرأ رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسططلم فمططا بكططت عليهططم السططماء والرض ثطم قططال إنهمططا ل‬
‫يبكيان على كافر أخرجه ابن أبي الدنيا في ذكر الموت ثنا محمططد‬

‫‪56‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫بن عبد الله المديني ثنا إسماعيل بن عبططاس حططدثني صططفوان بططن‬
‫عمرو به‪.‬‬
‫)الحديث الرابع( حديث من آذى جاره فقد آذنططي ومططن آذانططي‬
‫فقد آذى الله‪ .‬قال سموية في فوائده ثنا سططعيد ابططن سططليمان ثنططا‬
‫موسى بن خلد عن القاسم العجلي عن أنس بن مالطك قطال قطال‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم من آذى مسلما فقد آذني ومططن‬
‫آذاني فقد آذى الله عز وجل‪ .‬وأخرجه الطبراني في الوسططط ثنططا‬
‫سعيد بن محمد بن المغيرة الواسطي ثنا سططعيد بططن سططليمان ثنططا‬
‫موسى بن خلف العمي ثنا القاسم العجلي به وقال لم يططروه عططن‬
‫القاسم إل موسى تفرد به سعيد‪.‬‬
‫)الحديث الخامس( قال ابطن عبطاس التوكطؤ علطى العصطا مطن‬
‫أخلق النبياء وكططان النططبي صططلى اللططه عليططه وسططلم يتوكططأ عليهططا‪.‬‬
‫أخرجه ابن عدى هكطذا وقطال الطديلمي فطي مسطند الفطردوس أنطا‬
‫عبدوس إجططازة عططن أبططي بكططر الشططيرازي ثنططا محمططد بططن عمططران‬
‫الجرجاني ثنا على بن الفضل بن نصر ببلخ ثنا على بططن إسططماعيل‬
‫بن الفضل وكان معدل ثنا عبد الله بن عاصم المططروزي ثنططا يحيططى‬
‫بن هاشم الغساني عن قتادة عن أنس قال قال رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم حمل العصا علمة المؤمن وسنة النبيططاء‪ .‬وأخططرج‬
‫الديلمي من طريق وثيمة بن موسى عن سططلمة بططن الفضططل عططن‬
‫محمد بن إسحاق عن الزهري عن سططعيد بططن المسططيب عططن ابططن‬
‫عباس رفعه كانت للنبياء كلهم مخصرة يتخصرون بها تواضعا لله‬
‫عز وجل‪ .‬وأخرج البزار في مسنده والطبراني بسند ضططعيف عططن‬
‫معاذ ابن جبل قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أن اتخذ‬
‫العصا فقد اتخذها أبي ابراهيم‪ .‬وأخرج ابن ماجه عططن أبططي امططامه‬
‫قال خرج علينا رسول الله صططلى اللططه عليططه وسططلم وهططو متططوكئ‬
‫على عصا‪ .‬وأخرج الطبراني عن عبد الله بن أنيس أنه أقبططل إلططى‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم ومع رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم عصا يتخصر بها فناولها إياه‪.‬‬
‫)الحديث السادس( ليس خيركططم مططن تططرك الططدنيا للخططرة ول‬
‫الخرة للدنيا ولكن خيركم من أخذ مططن هططذه لهططذه وأخرجططه ابططن‬
‫عساكر في تاريخه والديلمي قال أنا أبي أنا عبد الله ابن علي بن‬
‫إسحاق الطوسي أنا أبو حسان محمد بن أحمد بن محمد المزنططي‬
‫أنا ابراهيم ابن محمد الوراق أنططا سططعيد بططن هاشططم بططن مزيططد ثنططا‬

‫‪57‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫محمد بن هاشم البعلبكي أنا أبي ثنا يزيد بططن زيططاد الدمشططقي ثنططا‬
‫حميد عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسططلم ليططس‬
‫بخيركم من ترك دنياه لخرته ول آخرته لدنياه حتى يصططيب منهمططا‬
‫جميعا فان الدنيا بلغ إلى الخرة ول تكونوا كل على الناس‪ .‬وقال‬
‫الخطيب في تاريخه أخططبرني محمططود ابططن عمططر العكططبري أنططا أبططو‬
‫طالب عبد الله بن محمد بن عبد الله أنا عمي أبو العبططاس أحمططد‬
‫بن عبد الله فيما أجازه لنا أن أحمد بططن عيسططى المصططري حططدثهم‬
‫قال ثنا يغنم بن سالم بن قنبر عن أنس بن مالك عن رسول اللططه‬
‫صلى الله عليه وسلم قال خيركم من لططم يططترك آخرتططه لططدناه ول‬
‫دنياه لخرته ولم يكن كل على الناس‪ ،‬وأخرجه الديلمي مططن وجططه‬
‫آخر عن أحمد بن عيسططى بططه‪ ،‬وأخططرج أبططو نعيططم فططي الحليططة عططن‬
‫حذيفة بن اليمان قال ليس خيركم الذين يتركون الدنيا للخرة ول‬
‫الذين يتركون الخرة للدنيا ولكن يتناولون من كل‪.‬‬
‫)الحديث السابع( حططديث عمططار بططن ياسططر أيمططا امططرأة خططانت‬
‫زوجها في الفراش فعليها نصف عذاب هذه المة‪.‬‬
‫)الحططديث الثططامن( مططن مططات وهططو يعمططل عمططل قططوم لططوط ‪-‬‬
‫الحديث قال الخطيب في تاريخه عن أنس قال قططال رسطول اللطه‬
‫صلى الله عليه وسلم من مات من أمتي يعمططل عمططل قططوم لططوط‬
‫نقله الله تعالى إليهم حتى يحشر معهم عيسى بن مريططم الصططفار‬
‫منكر الحديث وله شاهد أخرجه ابن عساكر عن وكيع قال سططمعنا‬
‫في حديث من مات وهو يعمل عمل قوم لوط سار به قبره حططتى‬
‫يصير معهم ويحشر يوم القيامة معهم‪.‬‬
‫)الحديث التاسع( حديث يمسخ الله اللوطي في قبره خنزيططرا‬
‫أخرجه أبو الفتططح الزدي فططي كتططاب الضططعفاء وابططن الجططوزي مططن‬
‫طريق مروان عن محمد السنجاري عن مسلم بططن خالططد الزنجططي‬
‫عن إسماعيل بن أم درهم عن مجاهططد عططن ابططن عبططاس مرفوعططا‬
‫اللوطي إذا مات ولم يتب مسخ في قبره خنزيرا وسنده واهي‪.‬‬
‫)الحديث العاشر( حديث أنططس مرفوعططا البططدال أربعططون رجل‬
‫وأربعون امرأة كلما مات رجل أبدل الله مكانه رجل وكلمططا مططاتت‬
‫امرأة أبدل الله مكانها امططرأة أخرجططه الحططافظ أبططو محمططد الخلل‬
‫في كرامات الولياء والديلمي فططي مسططند الفططردوس مططن طريططق‬
‫إبراهيم بن الوليد الجشاس ثنططا أبططو عمططر الغططدائي ثنططا أبططو سطلمة‬
‫الخرساني عن عطاء عن أنس مرفوعا به‪.‬‬

‫‪58‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫)الحططديث الحططادي عشططر( حططديث حذيفططة مرفوعططا أطعمنططي‬
‫جبريل الهريسة أشد بها ظهري لقيام الليطل‪ .‬أخرجطه ابطن السطني‬
‫وأبو نعيم كلهما فططي الطططب النبططوي والخطيططب فططي تططاريخه مططن‬
‫طريق محمد بن الحجاج الواسطي عن عبد الملك بن عميططر عططن‬
‫ابن أبي ليلى وربعي عططن حذيفططة بططه ومحمططد بططن الحجططاج كططذاب‬
‫وأورده ابن الجوزي في الموضوعات‪.‬‬
‫)الحططديث الثططاني عشططر( حططديث نعططم الطعططام الزبيططب يشططد‬
‫العصب ويذهب الوصب ويطفئ الغضب ويذهب بططالبلغم ويصططفي‬
‫اللون ويطيب النكهططة ‪ -‬أخرجططه ابططن السططني وأبططو نعيططم معططا فططي‬
‫الطب النبطوي وابطن حبطان فططي الضطعفاء والخطيطب فططي تلخيطص‬
‫التشابه من طريق أبي العباس بن قتيبة ثنا سعيد بن زياد بن قايد‬
‫بن زياد بن أبي هند الداري عن أبيه عن جططده عططن أبيططه عططن أبططي‬
‫هند مرفوعا به قال الزدي سعيد بن زياد متروك وقال ابططن حبططان‬
‫ل أدري البلية ممن هي منه أو من أبيه أو من جده‪.‬‬
‫)الحديث الثالث عشر( حديث أبي هريرة مرفوعا ما للنفسططاء‬
‫عندي شفاء مثل الرطططب ول للمريططض مثططل العسططل أخرجططه أبططو‬
‫نعيم في الطب ثنا عبد الله بططن محمططد بططن جعفططر ثنططا محمططد بططن‬
‫العباس بن أيوب ثنا العباس بن الحسن البلخططي ثنططا الحوسططي أنططا‬
‫علي بن عروة عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة‬
‫مرفوعا به وعلي بن عروة متروك‪.‬‬
‫)الحديث الرابع عشر( حديث أطعمططوا نسططاءكم فططي نفاسططهن‬
‫التمر فانه من كان طعامها في نفاسها التمططر خططرج ولططدها حليمططا‬
‫أخرجه أبو عبد الله بن مندة فططي أخبطار أصطبهان والخطيططب وابططن‬
‫عساكر في تاريخهما من طريق سليمان بن عمرو عططن سططعد بططن‬
‫طارق الشجعي عن سلمة ابن قيس مرفوعا به وسليمان كذاب‪.‬‬
‫وأورده ابن الجوزى في الموضوعات‪.‬‬
‫)الحططديث الخططامس عشططر( حططديث أطعمططوا حبططالكم اللبططان‬
‫الحديث أخرجه أبو نعيم في الطب ثنا محمططد بططن أحمططد بططن العل‬
‫النبعي ثنا الحارث بن محمد بن الحارث بن إسحاق ثنا إبراهيم بن‬
‫محمد الفريابي ثنا الفضططل بططن العبططاس الططتيمي عططن موسططى بططن‬
‫جعفر عن أبيه عن جده قططال قططال رسططول اللططه صططلى اللططه عليططه‬
‫وسلم أطعموا حبالكم اللبان فأن يكن في بطنها ذكططر يكططن ذكططي‬
‫القلب وأن تكن أنثى يحسن خلقها وتعظم عجيزتها‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫)الحديث السادس عشر( حططديث كلططوا السططفرجل فططإنه يجلططو‬
‫عن الفؤاد ‪ -‬أخرج الطبراني والحاكم فططي المسططتدرك وأبططو نعيططم‬
‫في الطب والضياء في المختارة عن طلحة قال دخلت على النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم وفي يططده سططفرجلة فرمططى بهططا إلططي وقططال‬
‫دونكها أيا محمد فإنها تجم الفططؤاد وفططي لفططظ فإنهططا تشططد القلططب‬
‫وتطيب النفس وتذهب بطخاوة الصدر‪ .‬وأخططرج ابططن السططني وأبططو‬
‫نعيم معا في الطب عن جابر بن عبد الله قال أهديت إلى رسططول‬
‫الله صلى الله عليطه وسطلم سطفرجلة مطن الططائف فأكلهطا وقطال‬
‫كلوه فإنه يجلو عن الفؤاد ويذهب طخاء الصدر‪ .‬وأخرج الطبراني‬
‫عن ابن عباس قال جاء جابر بن عبد اللططه إلططى النططبي صططلى اللططه‬
‫عليه وسلم بسفرجلة قططدم بهططا مططن الطططائف فنططاوله إياهططا فقططال‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يذهب بطخاوة الصدر ويجلو‬
‫الفؤاد‪ .‬وأخرج ابن السني وأبو نعيم عططن أنططس قططال قططال رسططول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم كلوا السفرجل على الريق فانه يططذهب‬
‫وغر الصدر‪.‬‬
‫)الحططديث السططابع عشططر( إذا دخططل المططؤمن قططبره الحططديث‪.‬‬
‫أخرجه ابن الجوزى في الموضوعات مططن طريططق داود بططن صططغير‬
‫عن أبي عبد الرحمن البراء عن أنس مرفوعا مططا مططات مخضططوب‬
‫ول دخل القططبر إل ومنكططر ونكيططر ل يسططألنه يقططول منكططر يططا نكيططر‬
‫سائله فيقول كيف أسائله ونور السلم عليططه‪ ،‬قططال ابططن الجططوزي‬
‫داود منكر الحديث‪.‬‬
‫)الحديث الثامن عشر( قال أنس دخل رجل على النبي صططلى‬
‫الله عليه وسلم وهو أبيض الرأس واللحيططة فقططال ألسططت مسططلما‬
‫قال بلى قال فاختضب أخرجه أبو يعلى في مسنده ثنا الجراح بن‬
‫مخلد ثنا إسماعيل بن عبد الحميد ابططن عبططد الرحمططن العجلططي ثنططا‬
‫علي بن أبي سارة عن ثابت عن أنس به‪.‬‬
‫)الحديث التاسع عشر( عن أبي بن كعب مرفوعططا مططن سططرح‬
‫رأسه ولحيته كل ليلطة عطوفي مطن أنطواع البلء أخرجطه تمطام فطي‬
‫فؤاده أنا إبراهيم بن محمد بن سنان ومحمد بن إبراهيم بططن عبططد‬
‫الرحمن قال ثنا زكريا بن يحيى ثنا الفتح بن نصر بن عبد الرحمططن‬
‫الفارسي ثنا حسان بططن غططالب حططدثني مالططك بططن أنططس عططن ابططن‬
‫شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي بن كعب به‪ ،‬وحسان وثقططه‬
‫ابن يونس وحمططل عنططه ابططن حبططان وأخرجططه أبططو نعيططم فططي تاريططخ‬

‫‪60‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫أصبهان من طريقه وقال منكططر بمططرة‪ ،‬وأورده ابططن الجططوزي فططي‬
‫الموضوعات‪.‬‬
‫)الحديث العشرون( حديث إن الرجل ليكون من أهل الصططلة‬
‫والصيام والجهاد وما يجزى إل على قدر عقله ‪ -‬أخرجه الطططبراني‬
‫في الوسط والعقيلي في الضعفاء و والبيهقي في شعب اليمططان‬
‫من حديث ابن عمر وسنده ضعيف‪.‬‬
‫)الحديث الحادي والعشرون( حديث عن بعض الصططحابة نهططى‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم أن يمتشط أحدنا كل يوم هذا أخرجططه‬
‫أبو داود والنسائي والحاكم والبيهقي في السنن هكذا وبهذا ومثله‬
‫يستدل على أن الناجي لم يكن له من الحفظ نصيب‪.‬‬
‫)الحديث الثاني والعشططرون( حططديث ابططن عبططاس مططن سططعادة‬
‫المرء خفة لحيته أخرجه الطبراني والخطيب وضعفه وأورده ابططن‬
‫الجوزي في الموضوعات وقيططل أن فيططه تصططحيفا وإنمططا هططو خفططة‬
‫لحييه بذكر الله حكاه الخطيب‪.‬‬
‫)الحديث الثالث والعشرون( حديث دعا الله أن يرد الشططمس‬
‫على علي بن أبي طالب في خيبر فطلعت بعدما غربت هذا ثططابت‬
‫وله طرق كثيرة اسططتوعبتها فططي التعقبططات علططى موضططوعات ابططن‬
‫الجوزي‪.‬‬
‫)الحديث الرابع والعشرون ( حديث مططن قطططع سططدره صططوب‬
‫الله رأسه في النار‪-‬هذا أخرجه أبو داود في سننه من حديث عبططد‬
‫الله بن حبشي وصححه الضياء المقدسططي فططي المختططار وأخرجططه‬
‫الطبراني في الوسط وزاد في آخططره "يعنططي مططن سططدر الحططرم"‬
‫وأخرجه البيهقي في سننه مططن حططديث جططابر بططن عبططد اللططه ومططن‬
‫حديث عائشة ومن حططديث عمطرو بططن أوس الثقفطي ومططن حططديث‬
‫علي ومن حططديث معاويططة بططن حيططدة ومططن مرسططل عططروة وتكلططم‬
‫الناس على تأويل الحديث ومثل هذا ل يخفى علططى مططن لططه أدنططى‬
‫حفظ وقد أفردت فيه مؤلفا سميته رفع الخدر عن قطع السدر‪.‬‬
‫)الحديث الخامس والعشرون( حديث سورة يططس تططدعى فططي‬
‫التوراة المعمة قيططل ومططا المعمططة قططال تعططم صططاحبها بخيططر الططدنيا‬
‫والخططرة وتكابططد عنططه بلططوى الططدنيا وأهاويططل الخططرة أخرجططه ابططن‬
‫الضريس في فضائل القرآن وابن مردويه في التفسططير والططبيهقي‬
‫في شعب اليمططان والخطيططب فططي تططاريخه مططن حططديث أبططي بكططر‬

‫‪61‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الصديق وسنده ضعيف وأخرجه الخطيب أيضططا مططن حططديث أنططس‬
‫مثله‪.‬‬
‫)الحططديث السططادس والعشططرون( حططديث مططن ولططد لططه مولططود‬
‫فسماه محمدا حبا لي وتبركا كان هو ومولوده في الجنططة أخرجططه‬
‫ابن بكير في فضل من أسمه محمد وأحمد من حديث أبي إمامططة‬
‫وسنده عندي على شرط الحسن‪.‬‬
‫)الحديث السابع والعشرون( حططديث يططا علططي سططألت اللططه أن‬
‫يقدمك فأبى إل تقديم أبي بكر‪-‬أخرجططه الططدار قطنططي فططي الفطراد‬
‫والخطيب وابن عسططاكر فططي تاريخهمططا مططن حططديث علططي وسططنده‬
‫ضعيف‪.‬‬
‫)الحديث الثامن والعشرون( حديث أبي بن كعب مرفوعا أول‬
‫من يصافحه الحق عمر وأول من يسلم عليه وأول من يأخذ بيططده‬
‫فيططدخله الجنططة هططذا أخرجططه ابططن مططاجه فططي سططننه والحططاكم فططي‬
‫مستدركه وابن عدي في كامله وسنده ضعيف‪.‬‬
‫)الحططديث التاسططع والعشططرون( حططديث مططر رجططل فقططالوا هططذا‬
‫مجنون فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم المجنططون المقيططم‬
‫على معصية الله ولكن قولوا مصاب‪ .‬وأخرجططه تمططام فططي فططوائده‬
‫من حديث أبطي هريطرة‪ ،‬وأبطو بكطر الشطافعي فطي الغيلنيطات مطن‬
‫حديث أنس‪.‬‬
‫)الحديث الثلثون( حديث دخلت الجنة فناولني جبريططل تفاحططة‬
‫فططانفلقت عططن حططوراء عينططاء مرضططية كططأن مقططاديم عينهططا أجنحططة‬
‫النسور فقلت لمن أنت قالت للخليفة المقتول ظلمططا عثمططان بططن‬
‫عفان أخرجه خيثمة بن سلمان فططي فضططائل الصططحابة والطططبراني‬
‫في الوسط والعقيلي في الضططعفاء مططن حططديث عقبططة بططن عططامر‬
‫وأخرجه الخطيب في تاريخه مططن حططديث أنططس ومططن حططديث ابططن‬
‫عمطر وأخرجطه الططبراني فطي الكطبير مطن حطديث أوس بطن أوس‬
‫الثقفي وأخرجه أبو يعلى مططن حططديث شططداد بططن أوس وأسططانيدها‬
‫ضعيفة وأمثلها حديث عقبة‪.‬‬
‫)الحديث الحادي والثلثون( حديث جابر بن عبد اللططه مرفوعططا‬
‫أن الله تعالى يوكل بأكل الخل ملكين يستغفران له حططتى يفططرغ ‪-‬‬
‫أخرجه ابن عساكر في تاريخه والديلمي في مسند الفردوس من‬
‫طريقين عن الوليد بن مسلم عن زهير ابن محمد عن محمططد بططن‬
‫المنكدر عن جابر وهؤلء ثقططات معروفططون غيططر أن الوليططد يططدلس‬

‫‪62‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫التسوية وله طريق أخرى عن أنس واهية أخرجها ابن عساكر في‬
‫تاريخه‪.‬‬
‫)الحديث الثاني والثلثون( حديث أبي ذر سمعت النططبي صططلى‬
‫الله عليه وسلم يقول لعلي ابن أبي طططالب أنططت الصططديق الكططبر‬
‫وأنت الفاروق الذي تفرق بين الحق والباطططل أخرجططه الططبزار فططي‬
‫مسنده وسنده ضعيف‪.‬‬
‫)الحديث الثالث والثلثون( حططديث أنططه قططال لعلططي أنططت سططيد‬
‫المسلمين وإمام المتقين وقائد الغر المحجلين أخرجه البزار وابن‬
‫قانع في معجمه والباوردي في المعرفة والحاكم فططي المسططتدرك‬
‫من حديث عبد الله ابن أسعد بن زرارة عن أبيه وسنده ضعيف‪.‬‬
‫)الحديث الرابع والثلثون( حططديث حططديث مكتططوب علططى بططاب‬
‫ي أخططو رسططول اللططه قبططل أن تخلططق‬ ‫الجنة محمد رسططول اللططه علط ّ‬
‫السططماوات والرض بططألفي عططام أخرجططه الطططبراني فططي الوسططط‬
‫وسنده ضعيف‪.‬‬
‫)الحديث الخامس والثلثططون( حططديث عليكططم بالخضططاب فططإنه‬
‫أهيب لعدوكم وأعجب إلى نسائكم أخرجططه ابططن مططاجه فططي سططننه‬
‫من حديث صهيب بلفظ‪ :‬إن أحسن ما اختضططبتم بططه لهططذا السططواد‬
‫أرغب إلى نسائكم وأهيب لكم في صدور عدوكم‪.‬‬
‫)الحططديث السططادس والثلثططون( حططديث عليكططم بالحنططاء فططأنه‬
‫خضاب السلم ويصفى البصر ويذهب الصططدع وإيططاكم والسططواد ‪-‬‬
‫ورد مفرقا في عدة أحاديث‪.‬‬
‫)الحديث السابع والثلثون( حديث أن الله تعططالى خلططق الجنططة‬
‫بيضاء وأن أحب الثياب إلططى اللططه الططبيض ‪ -‬أخرجططه الطططبراني ثنططا‬
‫الحسن ابن علي المعمري ثنا سليمان بن محمد المباركي ثنا أبططو‬
‫شهاب عن حمزة النصيبي عن عمرو بن دينار عن ابن عباس قال‬
‫قال رسول الله صلى الله عليه وسططلم استوصططوا بططالمعزى خيططرا‬
‫فأنها مال رقيق أي ليس له صبر الضأن على الجفاء وشدة الططبرد‬
‫وهو في الجنة وأحب المال إلى الله الضأن وعليكم بالبياض فططإن‬
‫الله خلق الجنة بيضاء فليلبسه أحياؤكم وكفنططوا فيهططا موتططاكم وأن‬
‫دم الشاة البيضاء أعظم عند الله من دم السوداوين‪.‬‬
‫)الحديث الثامن والثلثون( حديث من عمل فرقطة بيطن امطرأة‬
‫وزوجها الحديث‪ -‬أخرجه الدار قطني في الفراد مططن حططديث ابططن‬
‫عباس مرفوعا من عمل في فرقة بيططن امططرأة وزوجهططا كططان فططي‬

‫‪63‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫غضب الله ولعنتططه فططي الططدنيا والخططرة وكططان حقططا علططى اللططه أن‬
‫يضربه بصخرة من نار جهنم إل أن يتوب‪ ،‬وسنده ضعيف‪.‬‬
‫)الحديث التاسع والثلثون( حديث أنا مدينة العلم وعلططي بابهططا‬
‫أخرجه الترمذي من حديث علي والطبراني والحاكم وصححه مططن‬
‫حديث ابن عباس وحسنه الحافظان العلئي وابن حجر‬
‫)الحديث الربعون( حديث من قال اللهططم صططلي علططى محمططد‬
‫وآل محمد واجز محمدا ما هو أهله أتعب سبعين كاتبا ألف صططباح‬
‫قططال الطططبراني ثنططا أحمططد بططن رشططدين ثنططا هططانيء بططن المتوكططل‬
‫السكندراني ثنا معاوية بن صالح عن جعفر بن محمد عن عكرمة‬
‫عن ابن عباس قال قال رسول الله صطلى اللطه عليططه وسططلم مططن‬
‫قال جزى الله محمدا عنا مططا هططو أهلططه أتعططب سططبعين كاتبططا ألططف‬
‫صباح‪.‬‬
‫)حديث حذيفة( صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صططلة‬
‫الغداة فلمططا انصططرف قططال أيططن أبططو بكططر ‪ -‬الحططديث وأخرجططه أبططو‬
‫الحسن بن المهتدي بالله في فوائده وقططال الططذهبي فططي الميططزان‬
‫إنه منكر‪ ،‬وأورده ابن الجوزي في الموضوعات‪ .‬وما عدا ذلك مطن‬
‫الحاديث المسؤول عنها فمقطوع ببطلنه والله أعلم‪.‬‬

‫رفع الخدر عن قطع السدر‬


‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫قال أبو داود في سننه باب في قطع السدر ثنا نصر بن علططي‬
‫ثنا أبو أسامة عن ابن جريج عن عثمان بن أبي سليمان عن سعيد‬
‫بن محمد جبير بن مطعم عن عبد الله بن حبشي قال قال رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم من قطع سدرة صوب الله رأسططه فططي‬
‫النار أخرجه أبو مسلم الكجي في سننه ثنططا أبططو عاصططم عططن ابططن‬
‫جريج بططه‪ ،‬وأخرجططه الططبيهقي فططي سططننه وقططال ل أدري هططل سططمع‬
‫سعيد من عبططد اللططه بططن حبشططي أم ل ويحتمططل أن يكططون سططمعه‪.‬‬
‫وأخرجه الضططياء المقدسططي فططي المختططارة‪ ،‬وقططال الطططبراني فططي‬
‫الوسط ثنا أبو مسلم ثنا أبو عاصم عن ابن جريج عن عثمططان بططن‬
‫أبي سليمان عن سعيد بن محمد عن عبططد اللططه بططن حبشططي قططال‬
‫قال رسول صلى الله عليه وسلم من قطع سدرة صوب الله عططز‬
‫وجل رأسه في النار‪ ،‬يعني من سدر الحططرم‪ .‬وقططال الططبيهقي فططي‬
‫سننه أنا أبو عبد الله الحافظ أنطا محمططد بططن يحيططى الصطلحي بفطم‬

‫‪64‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الصلح ثنا أبو الحوص محمد بن الهيثم ثنا يزيد بن موهب الرملططي‬
‫ثنا مسعدة بن اليسع عن ابن جريج عن عمرو بن دينار عططن جططابر‬
‫بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قطططع‬
‫سدرة صوب الله رأسه في النار‪ ،‬قال أبو عبد الله قال أبططو علططي‬
‫الحافظ هكذا كتبناه من حديث مسعدة وهو خطأ وإنمططا رواه ابططن‬
‫جريج عن عمرو بن دينار عن عروة قوله قال البيهقي أخبرناه أبو‬
‫عبد الله أنا أبو علي أنا علي بن الحسن بن سلمة ثنا موسططى بططن‬
‫عبد الرحمن المسروقي ثنا أبططو أسططامة عططن ابططن جريططج فصططارت‬
‫رواية نصر بن علي عططن أبططي أسططامة بهططذا معلولططة قططال الططبيهقي‬
‫ويحتمل أن يكون أبو أسططامة رواه علططى الططوجهين قططال وقططد رواه‬
‫معمر كما أنا أبططو الحسططين بططن بشططران أنططا إسططماعيل بططن محمططد‬
‫الصفار أنا أحمد بن منصور ثنا عبد الرزاق أنططا معمططر عططن عثمططان‬
‫بن أبي سليم عن رجططل مططن ثقيططف عططن عططروة بططن الزبيططر يرفططع‬
‫الحديث في الذي يقططع السطدر قطال يصططب عليطه العططذاب وقطال‬
‫يصططوب رأسططه فططي النططار‪ ،‬قططال فسططألت بنططي عططروة عططن ذلططك‬
‫فططأخبروني أن عططروة قطططع سططدرة كططانت فططي حططائط فجعططل بابططا‬
‫لحائط‪ ،‬قال البيهقي يشبه أن يكون الرجل مططن ثقيططف عمططرو بططن‬
‫أوس فقد أخبرتا أبو عبد الله الحافظ أنططا أبططو العبططاس محمططد بططن‬
‫يعقوب ثنا أحمد بن عبد الجبار ثنا أبو معاوية عن أبي عثمان عططن‬
‫عمرو بن دينار عن عمرو بن أوس عططن عططروة قططال قططال رسططول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم إن الذين يقطعون السدر يصططبهم اللططه‬
‫على رؤوسهم فطي النطار صطبا‪ ،‬قطال الطبيهقي هطذا هطو محمطد بطن‬
‫شريك المكي هذا هو المحفوظ عنه مرسل وقد رواه القاسم بططن‬
‫أبي شيبه عن وكيع عن محمد بن شريك العامري عططن عمططرو بططن‬
‫دينار عن عمرو بن أوس عن عروة عن عائشة قالت قال رسططول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم إن الذين يقطعون السدر يصططبون فططي‬
‫النار على رؤسهم صبا‪ .‬أخبرنا أبو عبد الله الحططافظ أنططا أبططو علططي‬
‫الحافظ أنا الحسين بن إدريس النصاري ثنا القاسم بن أبي شيبة‬
‫فذكره‪ ،‬قال أبو علي ما أراه حفظططه عططن وكيططع وقططد تكلمططوا فيططه‬
‫يعني القاسم والمحفوظ رواية أبي أحمد الزبيري ومن تابعه على‬
‫روايته عن محمد بن شريك عن عمططرو بططن دينططار عططن عمططرو بططن‬
‫أوس عن عروة أن رسططول اللططه صططلى اللططه عليططه وسططلم مرسططل‬
‫انتهى‪ .‬قلت قد توبع القاسم عن وكيع على وصله‪ :‬قال الطططبراني‬

‫‪65‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫في الوسط ثنا محمد بن عبد الله الحضرمي ثنا مليح بن وكيع بن‬
‫الجراح ثنا أبي عن محمد بن شريك عن عمرو بن دينار عن عمرو‬
‫بن أوس عن عروة عن عائشة قالت قال رسول اللططه صططلى اللططه‬
‫عليه وسططلم إن الططذين يقطعططون السططدر يصططبون فططي النططار علططى‬
‫وجوههم صبا قال الطبراني لم يروه عن عمرو إل محمد تفرد بططه‬
‫مليح بن وكيع عن أبيه هكذا قال وقد علمت أنه لم ينفططرد بططه بططل‬
‫تابعه القاسم بن أبي شططيبة‪ ،‬قططال الططبيهقي وأنططا أبططو الحسططين بططن‬
‫بشران أنا إسماعيل الصفار أنا أحمد بن منصور أنا عبد الرزاق أنا‬
‫إبراهيم بن يزيططد ثنططا عمططرو بططن دينططار عططن عمططرو بططن أوس قططال‬
‫أدركت شيخا من ثقيف قد أفسد السدر زرعططه فقلططت أل تقطعططه‬
‫فأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إل مططن زرع فقططال أنططا‬
‫سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من قطططع السططدر‬
‫إل من زرع صب عليه العذاب صبا فأنا أكره أن أقطعه من الزرع‬
‫ومن غيره‪ ،‬قال البيهقي فهذا إسناد آخططر لعمططرو بططن أوس سططوى‬
‫روايته عن عروة إن كان حفظه إبراهيم بططن يزيططد قططال وقططد روى‬
‫عن إبراهيم بن يزيد كما أخبرنا أبو عبد اللططه الحططافظ حططدثني أبططو‬
‫يزيد أحمد بن محمد بن وكيع ثنا إبراهيم بن نضر الضبي ثنا صططالح‬
‫بن مسمار ثنا هشام بططن سططليمان حططدثني إبراهيططم بططن يزيططد عططن‬
‫عمرو بن دينار عن جعفر بن محمد بن علي عن أبيه عن جده عن‬
‫علي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أخرج فططأذن فططي‬
‫الناس من الله ل من رسوله لعن الله قاطع السدر‪ ،‬قال وأنططا أبططو‬
‫عبد الله الحافظ أنا أبو علي الحسين بن علي الحافظ أنططا محمططد‬
‫بن عمران بن خزيمة الدينوري أبو بكر ثنا أبو عبد الله المخزومي‬
‫سعيد بن عبد الرحمن ثنا هشام بن سليمان عن ابن جريج حدثني‬
‫إبراهيم بن يزيد المكي عن عمرو بن دينار عن الحسن ابن محمد‬
‫بن علي عن أبيه عن علي فذكره‪ ،‬قال أبو علي هكذا قال لنا هططذا‬
‫الشيخ وابن جريج في إسناده وهم‪ ،‬ورواه إبراهيم بن المنذر عططن‬
‫هشام بن سليمان عن إبراهيم ابن يزيد ولم يذكر ابن جريططج فططي‬
‫إسططناده وهططو الصططواب‪ .‬قلططت وكططذا رواه غيططره عططن هشططام قططال‬
‫الطبراني في الوسط ثنا علططي بططن سططعيد الططرازي ثنططا صططالح بططن‬
‫مسمار ثنا هشام بن سليمان عن إبراهيم بن يزيد عن عمططرو بططن‬
‫دينار عن الحسن بن محمد ابن علي عن أبيه عن علي قططال قططال‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم أخرج فناد في الناس لعن اللططه‬

‫‪66‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫قاطع السدر‪ ،‬قال الطبراني لم يروه عن الحسن ل عمرو ول عنه‬
‫إبراهيم و ل عنه إل هشام ثم قال الططبيهقي ورواه علططي بططن ثططابت‬
‫عن إبراهيم بن يزيططد عططن عمططرو بططن دينططار عططن محمططد بططن علططي‬
‫مرسل‪ ،‬قال البيهقي ورواه علي بن هاشم بن البريد عن إبراهيططم‬
‫الخوزي عططن عمططرو بططن دينططار وسططليمان الحططول عططن عمططرو بططن‬
‫شعيب عن أبيه عن جده عن عمرو بططن أوس الثقفططي عططن النططبي‬
‫صلى الله عليططه وسططلموقال إل مططن زرع قططال أبططو علططي الحططافظ‬
‫حديث إبراهيم بططن يزيططد مضطططرب وإبراهيططم ضططعيف‪ .‬قلططت هططذا‬
‫الطريق أخرجه‪ ،‬قال البيهقي ورواه المثنى بن الصباح عن عمططرو‬
‫عن أبي جعفر كما أخبرنا علي بن بشران أنا إسماعيل الصفار ثنا‬
‫أحمد بن منصور ثنا عبد الرزاق قال سططمعت المثنططى بططن الصططباح‬
‫يحدث عن عمرو بن دينار عن أبي جعفططر قططال قططال النططبي صططلى‬
‫الله عليه وسلم لعل في مرضه الذي مات فيه أخرج يا علي فقل‬
‫عن الله ل عن رسططول اللططه لعططن اللططه مططن يقطططع السططدر‪ ،‬وقططال‬
‫البيهقي أنا عبد الله الحافظ حدثنى الزبير بن عبد الواحد الحططافظ‬
‫ثنا محمد بن نوح الجند يسابورى ثنا عبد القدوس بن عبططد الكططبير‬
‫ابن شعيب بن الحبحاب ثنا عبد القططاهر بططن شططعيب عططن بهططز بططن‬
‫حكيم عن أبيه عن جده قططال قططال رسططول اللططه صططلى اللططه عليططه‬
‫وسلم قاطع السدر يصوب الله رأسه في النار‪ ،‬وقال أنا أبططو عبططد‬
‫الله ثنا الزبير بططن عبططد الواحططد الحططافظ أنططا أبططو علططي محمططد بططن‬
‫سليمان المالكي ثنا زيد بن أخزم أنا يحيى بن الحططارث عططن أخيططه‬
‫مخارق بن الحارث عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده عن النططبي‬
‫صلى الله عليه وسلم قال من الله ل من رسوله لعن الله عاضططد‬
‫السدر‪ .‬وقال أبو داود ثنا عبيد الله بن عمر بن ميسرة وحميد بططن‬
‫مسعدة قال ثنا حسان بن إبراهيم قططال سططألت هشططام بططن عططروة‬
‫عن قطع السدر وهطو مسطتند إلطى قصطر عطروة فقطال تطرى هطذه‬
‫البواب والمصاريع إنما هي من سدر عروة كان عروة يقطعه من‬
‫أرضه وقال ل بأس به‪ ،‬زاد حميد وقططال يططا عراقططي جئتنططي ببدعططة‬
‫قال قلت إنمططا البدعططة مططن قبلكططم سططمعت مططن يقططول هططذا لعططن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم من قطع السدر‪ ،‬قططال أبططو داود‬
‫يعني من قطع السدر في فلة يستظل بها ابططن السططبيل والبهططائم‬
‫عبثا وظلما بغير حق يكون له فيها‪ .‬قال البيهقي وقططد قططرأت فططي‬
‫كتاب أبي الحسن العاصمي روايته عن أبططي عبططد اللططه محمططد بططن‬

‫‪67‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫يوسف عن محمد بن يعقططوب بططن الفططرج عططن أبططي ثططور أنططه قططال‬
‫سألت أبا عبد الله الشافعي عن قطع السدر فقال ل بأس به قططد‬
‫روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال اغسله بمططاء وسططدر‬
‫فيكون محمول على ما حمله عليه أبو داود‪ ،‬وروينا عن عططروة بططن‬
‫الزبير أنه كان يقطعه من أرضه وهو أحططد رواة النهططي فيشططبه أن‬
‫يكططون النهططي خاصططا كمططا قططال أبططو داود‪ ،‬وقططرأت فططي كتططاب أبططي‬
‫سليمان الخطابي أن إسماعيل بن يحيى المزنططي سططئل عططن هططذا‬
‫فقال وجهه أن يكون صلى الله عليه وسلم سئل عمن هجم علطى‬
‫قطططع السططدر لقططوم أو ليططتيم أو لمططن حططرم اللططه أن يقطططع عليططه‬
‫فتحامل عليه بقطعه فاستحق مططا قططاله فتكططون المسططألة سططبقت‬
‫السامع فسمع الجواب ولم يسمع المسألة وجعططل نظيططره حططديث‬
‫أسامة بن زيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إنما الربا‬
‫في النسيئة فسمع الجواب ولم يسمع المسألة وقد قال ل تططبيعوا‬
‫الذهب بالذهب إل مثل بمثل يدا بيد‪ ،‬واحتج المزنططي بمططا احتططج بططه‬
‫الشافعي من إجازة النبي صلى الله عليه وسلم أن يغسل الميت‬
‫بالسدر‪ ،‬ولو كان حرامططا لططم يجططز النتفططاع بططه‪ ،‬قططال والططورق مططن‬
‫السدر كالغصن وقد سوى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما‬
‫حرم قطعه من شجر الحرم بين ورقه وغيره فلمططا لططم يمنططع مططن‬
‫ورق السدر دل على جواز قطع السدر انتهى‪ .‬قلت والولى عندي‬
‫في تأويل الحديث أنه محمططول علططى سططدر الحططرم كمططا وقططع فططي‬
‫رواية الطبراني‪ .‬وقال ابن الثير في النهاية قيل أراد به سدر مكة‬
‫لنها حرم وقيل سدر المدينة نهى عططن قطعططه ليكططون أنسططا وظل‬
‫لمن يهاجر إليها وقيل أراد السدر الذي يكون فططي الفلة يسططتظل‬
‫به أبناء السبيل والحيوان أو في ملك إنسان فيتحامل عليه ظططالم‬
‫فيقطعه بغير حق قال ومع هذا فالحديث مضطططرب الروايططة فططأن‬
‫أكثر ما يروى عن عروة بن الزبير وكان هططو يقطططع السططدر ويتخططذ‬
‫منه أبوابا وأهل العلم مجمعون علططى إباحططة قطعططه انتهططى‪ .‬وبقططي‬
‫للحديث طرق فاتت البيهقي قال أبو مسلم الكجي في سططننه ثنططا‬
‫الرمادي ثنا سفيان عن عثمان بن أبي سططليمان عططن ابططن عططم لططه‬
‫يقال له حسين عن رجل من أهل الطائف عن عبد الله بن شططديد‬
‫وعن أبي إسحاق الدوسي رفعه أحدهما قال قال النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم الذين يقطعون السدر يصب الله عليهم العذاب صططبا‪،‬‬

‫‪68‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫وقال الخر ولم يرفعه من قطع سدرة صوب الله رأسططه فططي نططار‬
‫جهنم‪.‬‬

‫العرف الوردي في أخبار المهدي‬


‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫الحمد لله وسلم على عباده الذين اصطفى‪ .‬هذا جزء جمعت‬
‫فيه الحاديث والثار الططواردة فططي المهططدي لخصططت فيططه الربعيططن‬
‫التي جمعها الحافظ أبو نعيم وزدت عليططه مططا فططاته ورمططزت عليططه‬
‫صورة )ك(‪ .‬أخرج )ك( ابن جرير فططي تفسططيره عططن السططدي فططي‬
‫قوله تعالى )ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه‬
‫وسعى في خرابها( قال هم الروم كانوا ظاهروا بخت نصططر علططى‬
‫خراب بيت المقدس‪ .‬وفي قوله )أولئك ما كططان لهططم أن يططدخلوها‬
‫إل خائفين( قال فليططس فططي الرض رومططي يططدخله اليططوم إل وهططو‬
‫خائف أن تضرب عنقه أو قد أخيف بأداء الجزية فهو يؤديها‪ .‬وفططي‬
‫قوله )لهم في الدنيا خزي( قال أما خزيهم في الدنيا فأنه إذا قططام‬
‫المهدي وفتحت القسطنطينية قتلهم فططذلك الخططزي‪ .‬وأخططرج )ك(‬
‫أحمد وابن أبي شيبة وابن ماجه ونعيم بططن حمططاد فططي الفتططن عططن‬
‫علي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم المهدي منا أهططل‬
‫البيت يصلحه الله في ليلة‪ .‬وأخرج )ك( أبو داود ونعيططم بططن حمططاد‬
‫والحاكم عن أبي سططعيد قططال قططال رسططول اللططه صططلى اللططه عليططه‬
‫وسلم المهدي مني أجلى الجبهة أقنططى النططف يمل الرض قسطططا‬
‫وعدل كما ملئت ظلما وجورا يملك سبع سنين‪ .‬وأخططرج أبططو نعيططم‬
‫عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قططال المهططدي منططا‬
‫أهل البيت رجل من أمتي أشم النف يمل الرض عدل كمططا ملئت‬
‫جورا‪ .‬وأخرج )ك( أبو داود وابن ماجه والطبراني والحاكم عططن أم‬
‫سلمة سمعت رسول الله صلى الله عليططه وسططلم يقططول المهططدي‬
‫من عترتي من ولد فاطمة‪ .‬وأخرج ابن ماجه وأبو نعيم عططن أنططس‬
‫سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقطول نحطن سطبعة ولطد‬
‫عبد المطلب سادة أهل الجنة أنا وحمزة وعلي وجعفططر والحسططن‬
‫والحسين والمهدي‪ .‬وأخططرج أحمططد والبططاوردي فططي المعرفططة وأبططو‬
‫نعيم عططن أبططي سططعيد قططال رسططول اللططه صططلى اللططه عليططه وسططلم‬
‫أبشركم بالمهدي رجل من قريش يبعث فططي أمططتي علططى اختلف‬
‫مطن النطاس وزلزل فيمل الرض قسططا كمطا ملئت جطورا وظلمطا‬

‫‪69‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫ويرضى عنه ساكن السماء وساكن الرض ويقسم المططال صططحاحا‬
‫‪ -‬فقال له رجل ما صحاحا قال بالسوية بين النططاس ‪ -‬ويمل قلططوب‬
‫أمة محمد غنى ويسعهم عدله حتى أنه يأمر مناديا فينادي من لططه‬
‫حاجة إلي فما يأتيه أحد إل رجل واحططد يططأتيه فيسططأله فيقططول إئت‬
‫السططادن حططتى يعطيططك فيططأتيه فيقططول أنططا رسططول المهططدي إليططك‬
‫لتعطيني مال فيقول أنا كنت أجشع أمة محمد نفسططا كلهططم دعططي‬
‫إلى هذا المال فتركه غيري فيرده عليه فيقططول إنططا ل نقبططل شططيئا‬
‫اعطيناه فيلبث في ذلك ستا أو سبعا أو ثمانيططا أو تسططع سططنين ول‬
‫خير في الحياة بعده‪ .‬وأخططرج )ك( أبططو داود والطططبراني عططن عبططد‬
‫الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لططو لططم يبططق‬
‫من الدنيا إل يوم لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث فيططه رجططل مططن‬
‫أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي واسططم أبيططه اسططم أبططي يمل الرض‬
‫قسطا وعدل كما ملئت ظلما وجورا‪ .‬وأخرج )ك( أحمد وأبططو داود‬
‫والترمذي وقال حسن صحيح عن ابططن مسططعود عططن النططبي صططلى‬
‫الله عليه وسلم قال ل تذهب الدنيا حتى يملك العططرب رجططل مططن‬
‫أهططل بيططتي يططواطئ اسططمه اسططمي‪ .‬وأخططرج )ك( ابططن أبططي شططيبة‬
‫والطبراني والدارقطني في الفراد وأبطو نعيطم والحططاكم عطن ابطن‬
‫مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ل تذهب الدنيا‬
‫حتى يبعث الله تعالى رجل من أهططل بيططتي يططواطئ اسططمه اسططمي‬
‫وأسم أبيه اسم أبي فيمل الرض عططدل وقسطططا كمططا ملئت ظلمططا‬
‫وجورا‪ .‬وأخرج )ك( الطبراني عن ابططن مسططعود عططن النططبي صططلى‬
‫الله عليه وسلم قال لو لم يبق من الدنيا إل ليلة لملك فيها رجططل‬
‫من أهل بيتي‪ .‬وأخرج )ك( أحمد وابططن أبططي شططيبة وأبططو داود عططن‬
‫علي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لو لم يبق من الدهر إل‬
‫يوم لبعث الله تعالى رجل من أهططل بيططتي يملهططا عططدل كمططا ملئت‬
‫جورا‪ .‬و أخرج أبو داود ونعيم بن حمطاد فطي الفتططن عططن علطي انطه‬
‫نظر إلى ابنه الحسن فقال إن ابنططي هططذا سططيد كمططا سططماه النططبي‬
‫صلى الله عليه وسلم سيخرج من صلبه رجل يسمى أسططم نططبيكم‬
‫يشبهه في الخلق ول يشبهه في الخلق ثططم ذكططر القصططة وزاد يمل‬
‫الرض عدل كما ملئت جورا‪ .‬وأخططرج )ك( ابططن أبططي شططيبة وأحمططد‬
‫وأبو داود أبو يعلى والطبراني عن أم سلمة عن النبي صططلى اللططه‬
‫عليه وسلم يكون اختلف عند موت خليفة فيخرج رجل مططن أهططل‬
‫المدينة هاربا إلى مكة فيأتيه ناس من أهل مكططة فيخرجططونه وهططو‬

‫‪70‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫كاره فيبايعونه بين الركن والمقام ويبعططث إليططه بعططث مططن الشططام‬
‫فيخسف بهم بالبيداء بين مكة والمدينة فإذا رأى الناس ذلطك أتطاه‬
‫ابدال الشام وعصائب أهل العراق فيبططايعونه ثططم ينشططأ رجططل مططن‬
‫قريش أخواله كلب فيبعث إليهم بعثا فيظهرون عليهم وذلك بعث‬
‫كلب والخيبة لمن لم يشهد غنيمة كلب فيقسم المال ويعمل فططي‬
‫الناس بسنة نبيهم صلى الله عليه وسططلم ويلقططي السططلم بجرانططه‬
‫إلى الرض يلبث سبع سنين ثم يتوفى ويصططلي عليططه المسططلمون‪.‬‬
‫وأخرج )ك( أبو داود عن علططي قططال قططال النططبي صططلى اللططه عليططه‬
‫وسلم يخرج رجل مطن وراء النهطر يقطال لطه الحطرث حطراث علطى‬
‫مقدمته رجل يقال له منصور يططوطئ ‪ -‬أو يمكططن‪ -‬لل محمططد كمططا‬
‫مكنت قريش لرسول الله صلى الله عليه وسلم وجب علططى كططل‬
‫مؤمن نصره أو قال إجابته‪ .‬هذا آخر مططا أورده أبططو داود فططي بططاب‬
‫المهدي من سننه‪ .‬وأخرج الترمذي وصححه عن ابن مسططعود عططن‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم قال يلي رجل من أهل بيططتي يططواطئ‬
‫اسمه اسمي‪ .‬وأخرج الترمذي وصححه عن أبي هريرة لو لم يبططق‬
‫من الدنيا إل يوم لطول الله ذلك اليوم حتى يلي‪ .‬وأخرج الترمذي‬
‫وحسنه عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى اللططه عليططه وسططلم‬
‫قال إن في أمتي المهدي يخرج يعيش خمسا أو سططبعا أو تسططعا ‪-‬‬
‫زيد الشاك ‪ -‬فيجيء إليه الرجل فيقول يا مهدي أعطنططي أعطنططي‬
‫فيحثى له في ثوبه ما استطاع أن يحمله‪ .‬وأخططرج )ك( ابططن مططاجه‬
‫عن أبي سعيد أن النبي صططلى اللططه عليططه وسطلم قطال يكططون فططي‬
‫أمتي المهدي أن قصد فسبع وإل فتسع فتنعم فيه أمتي نعمططة لططم‬
‫يسمعوا بمثلها قط يؤتي أكلها ول تدخر عنهم شيئا والمططال يططومئذ‬
‫كططدوس فيقططوم الرجططل فيقططول يططا مهططدي أعطنططي فيقططول خططذوا‪.‬‬
‫وأخرج ابن أبي شيبة ونعيم بن حماد في الفتططن وابططن مططاجه وأبططو‬
‫نعيم عن ابن مسعود قال بينما نحن عند رسططول اللططه صططلى اللططه‬
‫عليه وسلم إذ أقبل فتية من بني هاشططم فلمططا رآهططم النططبي صططلى‬
‫الله عليه وسلم اغرورقت عيناه وتغير لونه فقلت مططا نططزال نططرى‬
‫في وجهك شيئا تكرهه فقال إنا أهل بيططت اختططار اللططه لنططا الخططرة‬
‫على الدنيا وإن أهل بيتي سططيلقون بعططدي بلء وتشططريدا وتطريططدا‬
‫حتى يأتي قوم مططن قبططل المشططرق معهططم رايطات سطود فيسطألون‬
‫الحططق فل يعطططونه فيقططاتلون فينصططرون فيعطططون مططا سططألوا فل‬
‫يقبلونه حتى يدفعوها إلى رجل من أهل بيتي فيملها قسطططا كمططا‬

‫‪71‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫ملؤوها جورا فمن أدرك ذلك منكم فليأتهم ولططو حبططوا علططى الثلططج‬
‫فأنه المهدي‪ .‬قال الحافظ عماد الدين بن كططثير فططي هططذا السططياق‬
‫إشارة لي ملك بني العباس‪ .‬وفيه دللططة علططى أن المهططدي يكططون‬
‫بعد دولة بني العباس‪ .‬وأخرج ابططن مططاجه والحططاكم وصططححه وأبططو‬
‫نعيم عن ثوبان قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقتتططل‬
‫عند كنزكم ثلثة كلهم ابن خليفة ثم ل تصير إلططى واحططد منهططم ثططم‬
‫تطلع الرايات السود من قبل المشططرق فيقتلططونكم قتل لططم يقتلططه‬
‫قوم ثم يجيء خليفة الله المهدي فإذا سمعتم بططه فططأتوه فبططايعوه‬
‫ولو حبوا على الثلطج فطإنه خليفطة اللطه المهطدي‪ .‬وأخطرج )ك( ابطن‬
‫ماجه والطبراني عن عبد الله بن الحطرث بطن جطزء الزبيطدي قطال‬
‫قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج نططاس مططن المشططرق‬
‫فيوطئون للمهدي سلطانه‪ .‬وأخرج )ك( أحمد والترمذي ونعيم بن‬
‫حماد عن أبي هريرة قال قال رسول صلى الله عليه وسلم تخرج‬
‫من خراسان رايات سود فل يردها شيء حتى تنصب بايلياء‪ .‬قططال‬
‫ابن كثير هذه الرايات السود ليست هي التي أقبل بها أبططو مسططلم‬
‫الخراساني فاستلب بها دولة بني أمية بل رايات سططود أخططر تططأتي‬
‫صططحبة المهططدي‪ .‬وأخططرج )ك( الططبزار والحططارث بططن أبططي أسططامة‬
‫والطبراني عن قرة المزني قال قال رسول الله صلى اللططه عليططه‬
‫وسلم لتملون الرض جورا وظلما فططإذا ملئت جططورا وظلمططا بعططث‬
‫الله رجل مني اسمه اسمي واسططم أبيططه اسططم أبططي فيملهططا عططدل‬
‫وقسطا كما ملئت جورا وظلما فل تمنع السماء شيئا مططن قطرهططا‬
‫ول الرض شيئا من نباتها يمكث فيهططم سططبعا أو ثمانيططا فططأن أكططثر‬
‫فتسعا‪ .‬وأخرج )ك( الططبزار عططن أنططس أن النططبي صططلى اللططه عليططه‬
‫وسلم كان نائما في بيت أم سلمة فانتبه وهو يسترجع فقططالت يططا‬
‫رسول الله مططم تسططترجع قططال مططن قبططل جيططش يجيططء مططن قبططل‬
‫العراق في طلب رجل من أهل المدينة يمنعه الله منهم فإذا علوا‬
‫البيداء من ذي الحليفة خسف بهم فل يططدرك أعلهططم أسططفلهم ول‬
‫يدرك أسفلهم أعلهم إلى يططوم القيامططة‪ .‬وأخططرج )ك( الططبزار عططن‬
‫جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يكون فططي أمططتي‬
‫خليفة يحثو المال حثيا ل يعده عدا‪ .‬وأخرج أحمد عططن أبططي سططعيد‬
‫سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقطول أن مطن أمرائكطم‬
‫أميرا يحثو المال حثوا ول يعده يططأتيه الرجططل فيسططأله فيقططول خططذ‬
‫فيبسط ثوبه فيحثو فيه فيأخذه ثم ينطلق‪ .‬وأخططرج )ك( الطططبراني‬

‫‪72‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫في الوسط عن طلحة بن عبيد الله عططن النططبي صططلى اللططه عليططه‬
‫وسلم قال ستكون فتنة ل يهدأ منها جططانب إل جططاش منهططا جططانب‬
‫حتى ينادي مناد من السماء أن أميركم فلن‪ .‬وأخرج أبو نعيم عن‬
‫ابن عمر قال قال صلى اللططه عليططه وسططلم يخططرج المهططدي وعلططى‬
‫رايته عمامة فيها منططاد ينططادي هططذا المهططدي خليفططة اللططه فططاتبعوه‪.‬‬
‫وأخرج )ك( أبو نعيم والخطيب في تلخيص المتشابه عن ابن عمر‬
‫قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يخططرج المهططدي وعلططى‬
‫رأسه ملك ينادي إن هذا المهدي فططاتبعوه‪ .‬وأخططرج )ك( أبططو نعيططم‬
‫والخطيب في تلخيص المتشابه عن ابططن عمططر قططال قططال رسططول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم يخرج المهدي وعلى رأسه ملك ينططادي‬
‫إن هذا المهدي فاتبعوه‪ .‬وأخرج )ك( ابن أبي شيبة عن عاصم بططن‬
‫عمر البجلي قال لينادين باسم رجل من السماء ل ينكططره الططدليل‬
‫ول يمتنطع منطه الطذليل‪ .‬وأخطرج )ك( الططبراني فطي الوسطط مطن‬
‫طريق عمر بن علي عن علي بن أبي طالب أنه قال للنبي صططلى‬
‫الله عليه وسلم أمنا المهدي أم من غيرنا يا رسول اللططه قططال بططل‬
‫منا بنا يختم الله كما بنا فتح وبنا يستنقذون من الشرك وبنا يؤلف‬
‫الله بين قلوبهم بعد عداوة بينة كما ألف بين قلططوبهم بعططد عططداوة‬
‫الشرك‪ .‬وأخرج نعيم بن حماد وأبو نعيم من طريططق مكحططول عططن‬
‫علي قال قلت يا رسول الله أمنا آل محمد المهدي أم مططن غيرنططا‬
‫فقال ل بل منا يختم الله به الدين كما فتططح بنططا وبنططا ينقططذون مططن‬
‫الفتنة كما أنقذوا مططن الشططرك وبنططا يؤلططف اللطه بيططن قلططوبهم بعططد‬
‫عططداوة الفتنططة كمططا ألططف بيططن قلططوبهم بعططد عططداوة الشططرك وبنططا‬
‫يصبحون بعد عداوة الفتنة إخوانا كما أصبحوا بعد عططداوة الشططرك‬
‫اخوانا في دينهم‪ .‬وأخرج )ك( الطبراني في الوسط والحاكم عطن‬
‫أم سلمة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يبايع لرجل‬
‫بين الركن والمقطام عطدة أهطل بطدر فيططأتيه عصططائب أهطل العطراق‬
‫وإبدال أهل الشام فيغزوه جيش من أهططل الشططام حططتى إذا كططانوا‬
‫بالبيداء خسف بهم‪ .‬وأخططرج )ك( الطططبراني فططي الوسططط عططن أم‬
‫سططلمة قططالت قططال رسططول صططلى اللططه عليططه وسططلم يسططير ملططك‬
‫المشرق إلططى ملططك المغططرب فيقتلططه فيبعططث جيشططا إلططى المدينططة‬
‫فيخسف بهم ثم يبعث جيشا فينشأ ناس من أهططل المدينططة فيعططوذ‬
‫عائذ بالحرم فيجتمع الناس إليه كالطططائر الططواردة المتفرقططة حططتى‬
‫يجتمع إليه ثلثمائة وأربعة عشر منهم نسوة فيظهر على كل جبططار‬

‫‪73‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫وابن جبار ويظهر من العدل ما يتمنى له الحياء أمططواتهم فيجيططء‬
‫سططبع سططنين ثططم مططا تحططت الرض خيططر ممططا فوقهططا‪ .‬وأخططرج )ك(‬
‫الطبراني في الوسط عطن ابطن عمطر أن النطبي صطلى اللطه عليطه‬
‫وسلم أخذ بيد علي فقال سيخرج من صلب هذا فططتى يمل الرض‬
‫قسطا وعدل فإذا رأيتم ذلك فليكم بالفتى التميمي فأنه يقبل من‬
‫قبل المشرق وهو صططاحب رايططة المهططدي‪ .‬وأخططرج )ك( الطططبراني‬
‫في الوسط عن أم حبيبة سططمعت رسططول اللططه صططلى اللططه عليططه‬
‫وسلم يقول يخرج ناس من قبل المشرق يريدون رجل عند البيت‬
‫حتى إذا كانوا ببيداء من الرض خسف بهم‪ .‬وأخرج )ك( الطبراني‬
‫في الوسط ونعيم وابن عساكر عن علططي أن رسططول اللططه صططلى‬
‫الله عليه وسلم قال يكون في آخططر الزمططان فتنططة تحصططل النططاس‬
‫كما يحصل الذهب في المعدن فل تسبوا أهل الشام ولكططن سططبوا‬
‫شرارهم فإن فيهطم البطدال يوشطك أن يرسطل علطى أهطل الشطام‬
‫سططيب مططن السططماء فيغططرق جمططاعتهم حططتى لططو قططابلتهم الثعططالب‬
‫غلبتهم فعند ذلك يخرج خارج من أهططل بيططتي ثلث رايططات المكططثر‬
‫يقول هم خمسة عشططر ألفططا والمقلططل يقططول هططم اثنططا عشططر ألفططا‬
‫أمارتهم أمت أمت يلقون سبع رايات تحططت كططل رايططة منهططا رجططل‬
‫يطلب الملك فيقتلهم الله جميعا ويرد الله إلى المسلمين ألفتهططم‬
‫ونعمتهم وقاصيهم ودانيهم وأخرج نعيم بن حماد والحاكم وصححه‬
‫عن علي بن أبي طالب قال ستكون فتنة يحصل الناس منها كمططا‬
‫يحصل الذهب في المعدن فل تسبوا أهل الشطام وسطبوا ظلمتهطم‬
‫فأن فيهم البدال وسيرسل الله سيبا من السماء فيغرقهططم حططتى‬
‫لو قاتلهم الثعالب غلبتهم ثم يبعث الله عنطد ذلطك رجل مطن عطترة‬
‫الرسططول صطلى اللطه عليطه وسطلم فططي اثنطى عشططر ألفطا أن قلطوا‬
‫وخمسة عشر ألفا‪ ،‬إن كططثروا أمططارتهم‪ -‬أي علمتهططم‪ -‬أمططت أمططت‬
‫على ثلث رايات يقاتلهم أهل سبع رايات ليس مططن صططاحب رايططة‬
‫إل وهو يطمع بالملك فيقتلون ويهزمون ثم يظهر الهاشططمي فيططرد‬
‫الله إلى المسططلمين ألفتهططم ونعمتهططم فيكونططون علططى ذلططك حططتى‬
‫يخرج الدجال‪ .‬وأخرج الطبراني في الوسط وأبططو نعيططم عططن أبططي‬
‫سعيد الخدري سمعت رسول الله صطلى اللطه عليطه وسططلم يقطول‬
‫يخرج رجل من أهل بيتي يقول بسنتي ينزل اللططه لططه القطططر مططن‬
‫السماء وتخرج له الرض من بركتها تمل الرض منه قسطا وعدل‬
‫كما ملئت جورا‪ .‬وظلما يعمل على هذه المة سططبع سططنين وينططزل‬

‫‪74‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫بيت المقدس‪ .‬وأخرج )ك( الططدار قطنططي فططي الفططراد والطططبراني‬
‫في الوسط عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قططال‬
‫يكون فططي أمططتي المهططدي ان قصططر عمططره فسططبع وإل فثمططان وإل‬
‫فتسع سنين ينعم أمططتي فيهططا نعمططة لططم ينعمططوا مثلهططا الططبر منهططم‬
‫والفاجر يرسل الله عليهم السماء مططدرارا ول تططدخر الرض شططيئا‬
‫من النبات ويكون المال كدوسا يقططول الرجططل يططا مهططدي أعطنططي‬
‫فيقول خذ‪ .‬وأخطرج )ك( أبطو يعلطي عطن أبطي هريطرة قططال حطدثني‬
‫خليلي أبو القاسم صلى اللططه عليططه وسططلم قططال ل تقططوم السططاعة‬
‫حتى يخرج عليهم رجل من أهل بيتي فيضربهم حتى يرجعططوا إلططى‬
‫الحق قلت وكم يملك قال خمسططا واثنيطن‪ .‬وأخطرج )ك( أبططو يعلطي‬
‫وابن عساكر عن أبي سعيد قال قال رسول الله صلى اللططه عليططه‬
‫وسلم يكون في آخر الزمان عند تظاهر من الفتططن وانقطططاع مططن‬
‫الزمن أمير أول ما يكون عطاؤه للناس أن يأتيه الرجل فيحثى له‬
‫في حجره يهمه من يقبل منه صدقة ذلك المال لما يصيب الناس‬
‫من الفرج‪ .‬وأخرج )ك( أحمد ومسلم عن جابر قططال قططال رسططول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم يكون في آخر أمتي خليفة يحثي المال‬
‫حثيا ول يعده عدا‪ .‬وأخرج )ك( أحمد ومسلم عن أبي سعيد وجابر‬
‫عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يكون في آخر الزمططان‬
‫خليفة يقسم المال ول يعده‪ .‬وأخرج أبو نعيم عن أبي سططعيد عططن‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم قال يكون في أمتي المهدي إن قصر‬
‫عمره فسبع سنين وإل فثمان وإل فتسع سططنين تتنعططم أمططتي فططي‬
‫زمانه نعيما لم يتنعموا مثله قط البر والفاجر يرسل اللططه السططماء‬
‫عليهم مدرارا ول تدخر الرض شيئا مططن نباتهططا‪ .‬وأخططرج أبططو نعيططم‬
‫عن أبي سعيد عططن النططبي صططلى اللططه عليططه وسططلم أنططه قططال تمل‬
‫الرض ظلما وجورا فيقوم رجل من عترتي فيملها قسططا وعطدل‬
‫يملك سبعا أو تسعا‪ .‬وأخرج أحمد وأبو نعيم عططن أبططي سططعيد قططال‬
‫قال النبي صططلى اللططه عليططه وسططلم ل تنقضططي الططدنيا حططتى يملططك‬
‫الرض رجل من أهل بيتي يمل الرض عدل كما ملئت قبلططه جططورا‬
‫يملك سبع سنين‪ .‬وأخططرج أبططو نعيططم والحططاكم عططن أبططي سططعيد أن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يخططرج المهططدي فططي أمططتي‬
‫يبعثه الله غياثا للناس تنعم المة وتعيش الماشططية وتخططرج الرض‬
‫نباتها ويعطى المال صحاحا‪ .‬وأخرج أبو نعيم عن عبد الرحمن بططن‬
‫عوف قال قال رسول الله صلى الله عليططه وسططلم وسططلم ليبعثططن‬

‫‪75‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الله من عترتي رجل أفرق الثنايططا أعلططى الجبهططة يمل الرض عططدل‬
‫يفيض المال فيضا‪ .‬وأخرج أبو نعيم عن حذيفططة قططال قططال رسططول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم لو لم يبق من الدنيا إل يوم واحد لبعث‬
‫الله رجل اسمه اسمى وخلقه خلقي يكنططى أبططا عبططد اللططه‪ .‬وأخططرج‬
‫الحارث بن أبي أسامة وأبو نعيم عن أبي سعيد قال قططال رسططول‬
‫اللططه صططلى اللططه عليططه وسططلم لتملن الرض ظلمططا وعططدوانا ثططم‬
‫ليخرجن رجل من أهل بيتي حتى يملها قسطططا وعططدل كمططا ملئت‬
‫ظلما وعدوانا‪ .‬وأخرج الططبراني فطي الكطبير وأبطو نعيطم عطن ابطن‬
‫مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليططه وسططلم يخططرج رجططل‬
‫من أهل بيتي يواطئ اسمه اسططمي وخلقططه خلقططي يملهططا قسطططا‬
‫وعدل كما ملئت ظلما وجطورا‪ .‬وأخطرج نعيطم وأبطو نعيطم عطن أبطي‬
‫سعيد قال قال رسططول اللططه صططلى اللططه عليططه وسططلم يكططون عنططد‬
‫انقطاع من الزمان وظهور من الفتن رجل يقال له المهدي يكططون‬
‫عطاؤه هنيئا‪ .‬وأخرج أحمد ونعيم بن حماد والحاكم وابو نعيم عططن‬
‫ثوبططان قططال قططال رسططول اللططه صططلى اللططه عليططه وسططلم إذا رأيتططم‬
‫الرايات السود قد أقبلت من خراسان فأتوها ولو حبوا على الثلططج‬
‫فإن فيها خليفة الله المهدي‪ .‬وأخرج أبو نعيم عن حذيفططة سططمعت‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ويح هذه المة من ملططوك‬
‫جبابرة كيف يقتلون ويخيفططون المطيعيططن إل مططن أظهططر طططاعتهم‬
‫فالمؤمن التقي يصانعهم بلسانه ويقومهم بقلبه فططإذا أراد اللططه أن‬
‫يعيد السلم عزيزا قصم كل جبار عنيد وهو القادر على مططا يشططاء‬
‫أن يصلح أمة بعد فسادها يا حذيفة لو لم يبططق مططن الططدنيا إل يططوم‬
‫واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يملك رجل من أهل بيططتي تجططري‬
‫الملحم علططى يططديه ويظهططر السططلم ل يخلططف وعططده وهططو سططريع‬
‫الحساب‪ .‬وأخرج الحسن بن سطفيان وأبطو نعيططم عططن أبططي هريططرة‬
‫قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو لم يبططق مططن الططدنيا‬
‫إل ليلة لملك فيها رجل من أهل بيتي‪ .‬وأخرج الحسن بططن سططفيان‬
‫وأبو نعيم عن ثوبان قال قال رسول الله صلى اللططه عليططه وسططلم‬
‫تجيء الرايات السود من قبل المشرق كطأن قلطوبهم زبططر الحديططد‬
‫فمن سمع بهم فليأتهم فليبايعهم ولو حبوا على الثلج‪ .‬وأخططرج أبطو‬
‫نعيم عن ابن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليططه وسططلم‬
‫لو لم يبق من الدنيا إل ليلة لطول الله تلك الليلة حتى يملك رجل‬
‫من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي واسم أبيططه اسططم أبططي يملؤهططا‬

‫‪76‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫قسطططا وعططدل كمططا ملئت ظلمططا وجططورا ويقسططم المططال بالسططوية‬
‫ويجعل الله الغني في قلوب هذه المة فيمكث سبعا أو تسططعا ثططم‬
‫ل خير في عيش الحياة بعد المهدي‪ .‬وأخرج ابن مطاجه وأبططو نعيططم‬
‫عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قططال لططو لططم يبططق‬
‫من الدنيا إل يوم لطوله الله حتى يملك رجل من أهل بيططتي يفتططح‬
‫القسطنيطينة وجبل الططديلم‪ .‬وأخططرج الطططبراني فططي الكططبير وابططن‬
‫مندة وأبو نعيم وابن عساكر عن قيس بن جابر عن أبيه عن جططده‬
‫أن رسول الله صلى الله عليه وسطلم قطال سطيكون بعطدي خلفطاء‬
‫ومن بعد الخلفاء أمراء ومن بعد المراء ملوك ومططن بعططد الملططوك‬
‫جبابرة ثم يخرج رجل من أهططل بيططتي يمل الرض عططدل كمططا ملئت‬
‫جورا ثم يؤمر بعده القحطاني فوالذي بعثني بالحق ما هو بططدونه‪.‬‬
‫وأخرج أبو نعيم عن أبي سعيد قال قططال رسططول اللططه صططلى اللططه‬
‫عليه وسلم منا الذي يصلي عيسى بططن مريططم خلفططه‪ .‬وأخططرج أبططو‬
‫نعيم عن جابر قال قال رسول الله صلى اللطه عليطه وسططلم ينططزل‬
‫عيسى بن مريم فيقول أميرهم المهدي تعالى صل بنططا فيقططول أل‬
‫وإن بعضكم على بعض أمراء تكرمة الله لهذه المططة‪ .‬وأخططرج أبططو‬
‫نعيم عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى اللططه عليططه وسططلم‬
‫لن تهلك أمة أنا أولها وعيسى بن مريم في آخرهططا والمهططدي فططي‬
‫وسطها‪ .‬وأخرج )ك( ابن أبي شيبة عن أبي سعيد عن النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم قال يخرج في آخر الزمططان خليفططة يعطططي الحططق‬
‫بغير عدد‪ .‬وأخرج )ك( ابن أبططي شططيبة عططن أبططي سططعيد قططال قططال‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج رجل من أهططل بيططتي عنططد‬
‫انقطاع من الزمان وظهور من الفتن يكون عطططاؤه حثيططا‪ .‬وأخططرج‬
‫)ك( الحاكم عن أبططي هريططرة قططال رسططول اللططه صططلى اللططه عليططه‬
‫وسلم يخرج رجل يقال له السفياني في عمق دمشق وعامة مططن‬
‫يتبعه من كلب فيقتطل حطتى يبقطر بططون النسطاء ويقتطل الصطبيان‬
‫فتجمع لهم قيس فيقتلها حتى ل يمنع ذنب تلعة ويخرج رجططل مططن‬
‫أهل بيتي في الحرة فيبلغ السفياني فيبعث إليططه جنططدا مططن جنططده‬
‫فيهزمهم فيسير إليه السفياني بمن معه حتى إذا صار ببيططداء مططن‬
‫الرض خسف بهم فل ينجططو منهططم إل المخططبر عنهططم‪ .‬وأخططرج )ك(‬
‫الحاكم عن أبي سعيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسططلم‬
‫ينزل بأمتي في آخر الزمان بلء شديد من سلطانهم حططتى تضططيق‬
‫الرض عنهططم فيبعططث اللططه رجل مططن عططترتي فيمل الرض قسطططا‬

‫‪77‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫وعدل كما ملئت ظلما وجورا يرضى عنه سططاكن السططماء وسططاكن‬
‫الرض ل تدخر الرض شيئا من بذرها إل أخرجته ول السماء شططيئا‬
‫من قطرها إل صبته يعيططش فيهططم سططبع سططنين أو ثمططان أو تسططعا‪.‬‬
‫وأخرج ابن ماجه والروياني وابن خزيمة وأبو عوانة والحططاكم وأبططو‬
‫نعيم واللفظ له عن أبي أمامة قال خطبنا رسول الله صططلى اللططه‬
‫عليه وسلم وذكر الدجال وقال فتنفططي المدينططة الخبططث منهططا كمططا‬
‫ينفي الكير خبث الحديد ويدعى ذلك اليوم يوم الخلص فقالت أم‬
‫شريك فأين العرب يططا رسططول اللططه يططومئذ قططال هططم يططومئذ قليططل‬
‫رجلهم بيت المقدس وإمامهم المهدي رجل صالح فبينمططا إمططامهم‬
‫قد تقدم يصلى بهم الصبح إذ نزل عليهم عيسى بن مريططم الصططبح‬
‫فرجع ذلك المام ينكص يمشططى القهقططري ليتقططدم عيسططى فيضططع‬
‫عيسى يده بين كتفيه ثم يقول له تقططدم فصططل فإنهططا لططك أقيمططت‬
‫فيصلي بهم إمامهم‪ .‬وأخرج )ك( ابن أبي شيبة في المصطنف عطن‬
‫ابن سيرين قال المهدي من هذه المة وهو الذي يؤم عيسططى بططن‬
‫مريم عليه السلم‪ .‬وأخرج )ك( ابن أبططي شططيبة عططن مجاهططد قططال‬
‫حدثني فلن رجل من أصحاب النططبي صططلى اللططه عليططه وسططلم أن‬
‫المهدي ل يخططرج حططتى تقتططل النفططس الزكيططة فططإذا قتلططت النفططس‬
‫الزكية غضب عليهم من في السماء ومن في الرض فأتى الناس‬
‫المهدي فزفوه كما تزف العروس إلططى زوجهططا ليلططة عرسططها وهططو‬
‫يمل الرض قسطططا وعططدل وتخططرج الرض نباتهططا وتمطططر السططماء‬
‫مطرها وتنعم أمتي وليته نعمة لم تنعمهططا قططط‪ .‬وأخططرج )ك( ابططن‬
‫أبي شيبة عن أبي الجلد قال يكون فتنططة بعططدها فتنططة الولططى فططي‬
‫الخرة كثمرة السوط يتبعها ذباب السيف ثم يكون بعد ذلك فتنططة‬
‫تستحل فيها المخارم كلها ثم تأتي الخلفة خيططر أهططل الرض وهططو‬
‫قاعد في بيته‪ .‬وأخرج )ك( نعيم بططن حمططاد وأبططو الحسططن الحربططي‬
‫في الول من الحربيات عن علي بن عبد اللططه بططن عبططاس قططال ل‬
‫يخرج المهططدي حططتى تطلططع مططع الشططمس آيططة‪ .‬وأخططرج )ك( الططدار‬
‫قطنى في سننه عن محمططد بططن علططي قططال أن لمهططدينا آيططتين لططم‬
‫يكونا منذ خلق الله السماوات والرض ينكسططف القمططر لول ليلططة‬
‫من رمضان وتنكسف الشمس فططي النصططف منططه ولططم يكونططا منططذ‬
‫خلق الله السماوات والرض‪ .‬وأخرج )ك( نعيم بن حماد وعمر بن‬
‫شبة عن عبد الله بن عمر وقال إذا خسف بططالجيش بالبيططداء فهططو‬
‫علمة خروج المهدي‪ .‬وأخطرج )ك( نعيططم بططن حمططاد وابططن عسطاكر‬

‫‪78‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫وتمام في فوائده عن عبد الله ابن عمرو قال يخرج رجل من ولد‬
‫حسن من قبل المشرق لو استقبل به الجبططال لهططدها واتخططذ فيهططا‬
‫طرقا‪ .‬وأخرج أبو نعيم عن أبي أمامة قال قال رسول اللططه صططلى‬
‫الله عليه وسلم بينكم وبين الططروم أربططع هططدن يططوم الرابعططة علططى‬
‫يدي رجل من أهططل هرقططل يططدوم سططبع سططنين فقططال لططه رجططل يططا‬
‫رسول الله من أمام الناس يططومئذ قططال المهططدي مططن ولططدي ابططن‬
‫اربعين سنة كأن وجهه كوكب دري فططي خططده اليمططن خططال أسططود‬
‫عليه عباءتان قطوانيتان كأنه مططن رجططال بنططي إسططرائيل يسططتخرج‬
‫الكنوز ويفتح مدائن الشرك‪ .‬وأخرج )ك( نعيم بن حمططاد والحططاكم‬
‫عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال قال رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسططلم فططي ذي القعططدة تجططاذب القبططائل وعططامئذ ينهططب‬
‫الحاج فتكون ملحمة بمنى حتى يهرب صاحبهم فيبايع بيططن الركططن‬
‫والمقام وهو كاره يبايعه مثل عططدة أهططل بططدر يرضططى عنططه سططاكن‬
‫السماء وساكن الرض‪ .‬وأخرج الرويططاني فططي مسططنده وأبططو نعيططم‬
‫عن حذيفة قال قال رسول الله صطلى اللطه عليطه وسطلم المهطدي‬
‫رجل مططن ولططدي وجهططه كططالكوكب الططدري‪ .‬وأخططرج الرويططاني فططي‬
‫مسنده وأبو نعيم عن حذيفة قال قال رسول الله صلى الله عليططه‬
‫وسلم المهدي رجل من ولططدي لططونه لططون عربططي وجسططمه جسططم‬
‫إسرائيل على خده اليمن خال كأنه كوكب دري يمل الرض عططدل‬
‫كمطا ملئت جطورا يرضطى فطي خلفتطه أهطل الرض وأهططل السطماء‬
‫والطير في الجو‪ .‬وأخرج )ك( ابن جريططر فططي تهططذيب الثططار وفيططه‬
‫ووليكم الجابر خير أمة محمد ألحقوه بمكة فططإنه المهططدي واسططمه‬
‫محمد بن عبد الله يخططرج إليططه البططدال مططن الشططام وعصططب أهططل‬
‫المشرق كططأن قلططوبهم زبططر الحديططد رهبططان بالليططل ليططوث بالنهططار‪.‬‬
‫وأخرج أبو نعيم وأبو بكر بن المقري في معجمه عططن ابططن عمططرو‬
‫قال قال النبي صلى الله عليططه وسططلم يخططرج المهططدي مططن قريططة‬
‫يقال لها كرعة‪ .‬وأخرج أبو نعيم عن الحسين أن النبي صططلى اللططه‬
‫عليه وسلم قططال لفاطمططة المهططدي مططن ولططدك‪ .‬وأخططرج )ك( ابططن‬
‫عساكر عن الحسين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال أبشططري‬
‫يا فاطمة المهدي منك‪ .‬وأخرج الطبراني في الكبير وأبو نعيم عن‬
‫علي الهللي أن رسول الله صلى الله عليه وسططلم قططال لفاطمططة‬
‫والذي بعثني بالحق أن منهما ‪ -‬يعني من الحسن والحسين مهدي‬
‫هططذه المططة إذا صططارت الططدنيا هرجططا ومرجططا وتظططاهرت الفتططن‬

‫‪79‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫وتقطعت السبل وأغار بعضهم على بعطض فل كطبير يرحطم صطغيرا‬
‫ول صغير يوقر كبيرا بعث الله عند ذلك منهمططا مططن يفتططح حصططون‬
‫الضللة وقلوبا غلفا يقوم بالدين في آخر الزمططان كمططا قمططت فططي‬
‫أول الزمططان ويمل الرض عططدل كمططا ملئت جططورا‪ .‬وأخططرج )ك(‬
‫الطبراني عن عوف بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‬
‫تجيء فتنة غبراء مظلمة ثم يتبع الفتن بعضططها بعضططا حططتى يخططرج‬
‫رجل من أهل بيتي يقال له المهدي فإن أدركته فططاتبعه وكططن مططن‬
‫المهتدين‪ .‬وأخرج )ك( الخطيب فطي المتفطق والمفطترق عطن أبطي‬
‫هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليططه وسططلم يخليططن الططروم‬
‫على وال من عترتي اسمه يواطئ اسمي فيقتلططون بمكططان يقططال‬
‫له العماق فيقتلون فيقتل من المسلمين الثلططث أو نحططو ذلططك ثططم‬
‫يقتتلون يوما آخر فيقتل من المسلمين نحو ذلك ثم يقتتلون اليوم‬
‫الثالث فيكون على الروم فل يزالون حتى يفتتحططوا القسطططنطينية‬
‫فبينما هم يقتسمون فيها بالترسة إذ أتاهم صارخ أن الططدجال قططد‬
‫خلفكم في ذراريكم‪ .‬وأخرج )ك( ابن سعد وابططن أبططي شططيبة عططن‬
‫ابن عمرو أنه قال يططا أهططل الكوفططة أنتططم أسططعد النططاس بالمهططدي‪.‬‬
‫وأخرج )ك( نعيم بن حمططاد فططي كتططاب الفتططن بسططند صططحيح علططى‬
‫شرط مسلم عن علي قال الفتن أربع فتنة السراء وفتنة الضططراء‬
‫وفتنة كذا فذكر معدن الططذهب ثططم يخططرج رجططل مططن عططترة النططبي‬
‫صلى الله عليه وسلم يصلح الله علططى يططديه أمرهططم‪ .‬وأخططرج )ك(‬
‫نعيططم بططن حمططاد عططن ابططن أرطططاة قططال يططدخل السططفياني الكوفططة‬
‫فيستلها ثلثة أيام ويقتل من أهلها ستين ألفا ثم يمكث فيها ثمططان‬
‫عشرة ليلة يقسم أموالهطا ودخططول الكوفططة بعطد مطا يقاتطل الطترك‬
‫والروم بقدفنسيا ثم يبعث عليهم خلفهم فتن فترجع طائفة منهططم‬
‫إلى خراسان فيقتل السفياني ويهدم الحصون حتى يدخل الكوفططة‬
‫ويطلب أهل خراسان ويظهر بخراسان قوم تذعن إلى المهدي ثم‬
‫يبعث السفياني إلى المدينة فيأخذ قوما من آل محمد صططلى اللططه‬
‫عليه وسلم حتى يؤديهم الكوفة ثم يخرج المهدي ومنصور هاربين‬
‫ويبعث السفياني في طلبهما فططإذا بلططغ المهططدي ومنصططور الكوفططة‬
‫نزل جيش السفياني إليهما فيخسف بهم ثم يخططرج المهططدي حططتى‬
‫يمر بالمدينة فيستنقذ من كان فيها من بني هاشم وتقبل الرايططات‬
‫السوداء حتى تنزل علططى المططاء فيبلططغ مططن بالكوفططة مططن أصططحاب‬
‫السفياني نزولهم فيهربون ثم ينزل الكوفة حتى يستنقذ من فيهططا‬

‫‪80‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫من بني هاشم ثم يخرج قوم من سواد الكوفة يقال لهم العصططب‬
‫ليس معهم سلح إل قليططل وفيهططم بعططض أهططل البصططرة قططد تركططوا‬
‫أصحاب السفياني فسيستنقذون ما في أيديهم من سططبي الكوفططة‬
‫وتبعث الرايات السود بالبيعة إلى المهدي‪ .‬وأخططرج )ك( نعيططم بططن‬
‫حماد عن محمد بن الحنفية قال يخرج رايات سططود لبنططي العبططاس‬
‫ثم تخرج من خراسان أخرى سططود قلنسططهم سططود وثيططابهم بيططض‬
‫على مقدمتهم رجل يقال له شعيب بن صالح مططن تميططم يهزمططون‬
‫أصططحاب السططفياني حططتى ينططزل بيططت المقططدس يططوطئ للمهططدي‬
‫سلطانه ويمد إليه ثلثمائة من الشام يكون بيططن خروجططه وبيططن أن‬
‫يسلم المر للمهدي اثنان وسبعون شططهرا‪ .‬وأخططرج )ك( نعيططم بططن‬
‫حماد عن الحسن قال يخرج بالري رجل ربعة أسمر من بني تميم‬
‫محروم كوسج يقال له شعيب بططن صططالح فططي أربعططة آلف ثيططابهم‬
‫بيض وراياتهم سود يكطون علطى مقدمطة المهطدي ل يلقطاه أحطد إل‬
‫فله‪ ،‬وأخرج )ك( نعيم عن علي قال ل يخرج المهططدي حططتى يقتططل‬
‫ثلث ويموت ثلث ويبقى ثلث‪ .‬وأخرج )ك( نعيم عططن علططي قططال ل‬
‫يخرج المهدي حتى يبصق بعضططكم فططي وجططه بعططض‪ .‬وأخططرج )ك(‬
‫نعيم عن عمرو بن العاص قال علمططة خططروج المهططدي إذا خسططف‬
‫بجيش في البيداء فهو علمططة خططروج المهططدي‪ .‬وأخططرج )ك( نعيططم‬
‫عن أبي قبيل قال اجتماع الناس على المهدي سنة أربع ومططائتين‪.‬‬
‫واخططرج )ك( نعيططم عططن عمططار بططن ياسططر قططال علمططة المهططدي إذا‬
‫انسططاب عليكططم الططترك ومططات خليفتكططم الططذي يجمططع المططوال‬
‫ويستخلف بعده رجل ضعيف فيخلع بعد سنتين من بيعته ويخسف‬
‫بغربططي مسططجد دمشططق وخططروج ثلثططة نفططر بالشططام وخططروج أهططل‬
‫المغرب إلى مصر وتلك أمارة السططفياني‪ .‬وأخططرج )ك( نعيططم عططن‬
‫علي قال إذا نادى مناد من السماء إن الحق فططي آل محمططد فعنططد‬
‫ذلك يظهر المهدي على أفواه الناس ويشربون حبه ول يكون لهم‬
‫ذكر غيره‪ .‬وأخرج )ك( نعيم بن حمططاد عططن عمططار بططن ياسططر قططال‬
‫المهدي على أولة شعيب بن صططالح‪ .‬وأخططرج )ك( نعيططم بططن حمططاد‬
‫عن أبي جعفر قال يخرج شاب من بني هاشم بكفه اليميططن خططال‬
‫مططن خراسططان برايططات سططود بيططن يططديه شططعيب بططن صططالح يقاتططل‬
‫أصططحاب السططفياني فيهزمهططم‪ .‬وأخططرج )ك( أيضططا عططن كعططب بططن‬
‫علقمة قال يخططرج علطى لططواء المهططدي علم حططدث السطن خفيططف‬
‫اللحية أصفر لو قاتل الجبال لهدها حتى ينزل إيليططاء‪ .‬وأخططرج )ك(‬

‫‪81‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫أيضا عططن كعططب قططال إذا ملططك رجططل الشططام وآخططر مصططر فاقتتططل‬
‫الشامي والمصري وسبى أهل الشام قبائل من مصر وأقبل رجل‬
‫من المشرق برايات سود صططغار قتططل صططاحب الشططام فهططو الططذي‬
‫يؤدي الطاعة إلى المهدي‪ .‬وأخرج )ك( أيضا عططن أبططي قبيططل قططال‬
‫يكون بأفريقية أمير اثنتي عشرة سنة ويكون بعده فتنة ثططم يملططك‬
‫رجل أسمر يملؤها عدل ثم يسير إلى المهدي فيؤدي إليه الطاعططة‬
‫ويقاتل عنه‪ .‬وأخرج )ك( أيضا عن الحسططن أن رسططول اللططه صططلى‬
‫الله عليه وسلم ذكر فل يلقاه أهل بيته حتى يبعث اللططه رايططة مططن‬
‫المشرق سوداء من نصرها نصططره اللططه ومططن خططذلها خططذله حططتى‬
‫يأتوا رجل اسمه كاسططمي فيولططونه أمرهططم فيؤيططده اللططه وينصططره‪.‬‬
‫وأخرج )ك( أيضا عن سعيد بططن المسططيب قططال قططال رسططول اللططه‬
‫صطلى اللطه عليطه وسطلم تخطرج مطن المشطرق رايطات سطود لبنطي‬
‫العباس ثم يمكثون ما شاء الله ثم تخرج رايات سود صغار تقاتططل‬
‫رجل مططن ولططد أبططي سططفيان وأصطحابه مططن قبططل المشططرق يططؤدون‬
‫الطاعة للمهدي‪ .‬وأخرج )ك( أيضططا عططن علططي قططال تخططرج رايططات‬
‫سود تقاتل السفياني فيهم شاب من بني هاشم في كفه اليسرى‬
‫خال وعلى مقدمته رجل من تميم يدعى شعيب بن صطالح فيهططزم‬
‫أصططحابه‪ .‬وأخططرج )ك( أيضططا عططن عمططار بططن ياسططر قططال إذا بلططغ‬
‫السفياني الكوفة وقتل أعوان آل محمد خرج المهدي علططى لططوائه‬
‫شعيب بن صططالح‪ .‬وأخططرج )ك( أيضططا عططن أبططي جعفططر قططال تنططزل‬
‫الرايات السود التي تخرج من خراسان الكوفة فإذا ظهر المهططدي‬
‫بمكة بعث إليه بالبيعة‪ .‬وأخرج )ك( أيضا عن كعططب قططال إذا دارت‬
‫رحا بني العباس وربط أصططحاب الرايططات خيططولهم بزيتططون الشططام‬
‫يهلك الله لهم الصهب ويقتله وعامة أهل بيته على أيديهم حتى ل‬
‫يبقى امرؤ منهم إل هارب أو مختف ويسقط الشعبتان بنططو جعفططر‬
‫وبنو العباس ويجلس ابن آكلة الكبططاد علططى منططبر دمشططق ويخططرج‬
‫البربر إلى سرة الشام فهططو علمططة خططروج المهططدي‪ .‬وأخططرج )ك(‬
‫أيضا عن علي بن أبي طالب قال إذا خرجت خيل السططفياني إلططى‬
‫الكوفة بعث في طلب أهل خراسططان ويخططرج أهططل خراسططان فططي‬
‫طلب المهدي فيلتقي هو والهاشمي برايططات سططود علططى مقططدمته‬
‫شعيب بن صططالح فيلتقططي هططو والسططفياني ببططاب اصطططخر فيكططون‬
‫بينهططم ملحمططة عظيمططة فتظهططر الرايططات السططود وتهططرب خيططل‬
‫السفياني فعند ذلك يتمنى الناس المهدي ويطلبططونه‪ .‬وأخططرج )ك(‬

‫‪82‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫أيضا عن أبي جعفر قال بعططث السططفياني جنططوده فططي الفططاق بعططد‬
‫دخططوله الكوفططة بغططداد فيبلغططه فزعططة مططن وراء النهططر مططن أرض‬
‫خراسان عليهم رجططل مططن بنططي أميططة فيكططون لهططم وقعططة بتططونس‬
‫وواقعة بدولب الري ووقعة بتخوم زريح فعند ذلك تقبططل الرايططات‬
‫السود من خراسان على جميع الناس شاب من بني هاشم بكفططه‬
‫اليمنى خال سهل الله أمره وطريقه ثم يكططون لهططم وقعططة بتخططوم‬
‫خراسان ويسير الهاشمي في طريق الري فيبرح رجططل مططن بنططي‬
‫تميم من الموالي يقال لططه شططعيب بططن صططالح إلططى اصطططخر إلططى‬
‫الموي فيلتقي هو والمهططدي والهاشططمي ببيضططاء اصطططخر فيكططون‬
‫بينهما ملحمة عظيمة حتى تطأ الخيل الدماء الى أرساغها ثم يأتيه‬
‫جنود من سجستان عظيمة عليهم رجل من بني عدي فيظهر الله‬
‫أنصاره وجنوده ثم تكون واقعططة بالمططدائن بعططد وقعططة الططري وفططي‬
‫عاقر قوفا وقعة صلمة تحير بينهطا كطل نطاج ثطم يكطون بعطدها ريطح‬
‫عظيم ببابل ووقعة فططي أرض مططن أرض نصططيبين ثططم يخططرج علططى‬
‫الحوص قططوم مططن سططوادهم وهططم العصططب عططامتهم مططن الكوفططة‬
‫والبصرة حتى يستنقذوا ما في يديه من سبي كوفان‪ .‬وأخرج )ك(‬
‫أيضا عن ضمرة بن حبيب ومشايخهم قالوا يبعث السططفياني خيلططه‬
‫وجنوده فيبلغ عامططة المشططرق مططن أرض خراسططان وأرض فططارس‬
‫فيثور بهم أهل المشرق فيقاتلونهم ويكون بينهم وقعات فططي غيططر‬
‫موضع فإذا طال عليهم قتططالهم إيططاه بططايعوا رجل مططن بنططي هاشططم‬
‫وهم يومئذ في آخر المشرق فيخرج بأهل خراسان علططى مقططدمته‬
‫رجل من بني تميم مولى لهم يقططال لططه شططعيب بططن صططالح أصططفر‬
‫قليل اللحية يخرج إليه في خمسة آلف فإذا بلغه خروجططه شططايعه‬
‫فيصططير علططى مقططدمته لططو اسططتقبل بهططم الجبططال الرواسططي لهططدها‬
‫فيلتقي هو وخيل السفياني فيهزمهم فيقتل منهططم مقتلططة عظيمططة‬
‫ثم تكون الغالبة للسفياني ويهططرب الهاشططمي ويخططرج شططعيب بططن‬
‫صالح مختفيا إلى بيطت المقطدس يطوطئ للمهطدي منزلطه إذا بلغطه‬
‫خروجططه إلططى الشططام‪ ،‬قططال الوليططد بلغنططي أن هططذا الهاشططمي أخططو‬
‫المهدي لبيه وقال بعضهم هو ابن عمه وقال بعضهم إنه ل يمططوت‬
‫ولكنه بعد الهزيمة يخرج إلى مكة فإذا ظهر المهدي خرج وأخططرج‬
‫)ك( أيضا عن علي بن أبي طالب قال يخططرج رجططل قبططل المهططدي‬
‫من أهل بيته بالمشرق يحمل السططيف علططى عططاتقه ثمانيططة أشططهر‬
‫يقتل ويمثطل ويتطوجه إلطى بيطت المقطدس فل يبلغطه حطتى يمطوت‪.‬‬

‫‪83‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫وأخرج )ك( أيضا عن علي قال يبعث بجيش إلى المدينة فيأخذون‬
‫من قدروا عليه من آل محمد صلى الله عليططه وسططلم ويقتططل مططن‬
‫بني هاشم رجال ونسططاء فعنططد ذلططك يهططرب المهططدي والططبيض مططن‬
‫المدينة إلى مكة فيبعث في طلبهما وقد لحقا بحططرم اللططه وأمنططه‪.‬‬
‫وأخرج )ك( أيضا عن يوسف بن ذي قربا قال يكون خليفة بالشام‬
‫يغزو المدينة فإذا بلغ أهل المدينة خروج الجيش إليهم خرج سبعة‬
‫نفر منهم إلى مكة فاستخفوا فيكتب صاحب المدينة إلى صططاحب‬
‫مكة إذا قدم عليك فلن وفلن يسميهم بأسمائهم فاقتلهم فيعظم‬
‫ذلك صاحب مكة ثم بنو مروان بينهم فيأتونه ليل ويسططتجيرون بططه‬
‫فيقول أخرجوا آمنين فيخرجون ثم يبعث إلى رجلين منهم فيقتططل‬
‫أحدهما والخر ينظر ثم يرجع إلى أصحابه فيخرجططون ثططم ينزلططون‬
‫جبل من جبال الطائف فيقيمون فيه ويبعثون إلى الناس فينسططاب‬
‫إليهم ناس فإذا كان كذلك غزاهم أهل مكة فيهزمططونهم ويططدخلون‬
‫مكة فيقتلون أميرها ويكونون بها حتى إذا خسف بطالجيش اسطتعد‬
‫أمره وخرج‪ .‬وأخرج )ك( أيضا عن أبي قبيل قال يبعث السططفياني‬
‫جيشا فيأمر بقتططل كططل مططن كططان فيهططا مططن بنططي هاشططم فيقتلططون‬
‫ويفترقون هاربين إلى البراري والجبال حططتى يظهططر أمططر المهططدي‬
‫فإذا ظهر بمكة اجتمع كل من شذ منهططم إليططه بمكطة‪ .‬وأخطرج )ك(‬
‫أيضا عن أبي هريرة قال يكون بالمدينة وقعططة يغططرق فيهططا أحجططار‬
‫الزيت ما الحرة عندها إل كضربة سوط فينتحي عن المدينططة قططدر‬
‫بريدين ثم يبايع للمهدي‪ .‬وأخرج )ك( أيضططا عططن ابططن عبططاس قططال‬
‫يبعث صططاحب المدينططة إلططى الهاشططميين بمكططة جيشططا فيهزمططونهم‬
‫فيسمع بذلك الخليفططة بالشططام فيقطططع إليهططم بعثططا فيهططم سططتمائة‬
‫غريب فإذا أتوا البيداء فينزلها في ليلة مقمرة اقبططل راعططي ينظططر‬
‫إليهم ويعجب فيقول يا ويح أهططل مكططة مططا جططاءهم فينصططرف إلططى‬
‫غنمه ثططم يرجططع فل يططرى أحططدا فططإذا هططم قططد خسططف بهططم فيقططول‬
‫سبحان الله ارتحلوا في ساعة واحدة فيأتي منزلهم فيجد قطيفططة‬
‫قد خسف ببعضها وبعضها على ظهططر الرض فيعالجهططا فيعلططم أنططه‬
‫قد خسف بهم فينطلق إلى صاحب مكة فيبشططره فيقططول صططاحب‬
‫مكة الحمد الله هذه العلمطة الططتي كنتطم تخططبرون فيسططيرون إلطى‬
‫الشام‪ .‬وأخرج )ك( أيضا عن أبي قبيل قال ل يفلت منهم أحططد إل‬
‫بشير ونذير فأما الذي هو بشير فإنه يأتي المهدي بمكة وأصططحابه‬
‫فيخبرهم بما كان من أمرهم والثاني يأتي السططفياني فيخططبره بمططا‬

‫‪84‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫يؤول بأصحابه وهما رجلن من كلب‪ .‬وأخرج )ك( أيضا عططن كعططب‬
‫قال علمة خروج المهطدي ألويطة تقبطل مطن المغطرب عليهطا رجطل‬
‫أعرج من كنططدة‪ .‬وأخططرج )ك( أيضططا عططن أبططي هريططرة قططال يخططرج‬
‫السفياني والمهدي كفرسي رهان فيغلب السفياني على مططا يليططه‬
‫والمهدي على ما يليططه‪ .‬وأخططرج )ك( أيضططا عططن جعفططر قططال يقططوم‬
‫المهدي سنة مائتين‪ .‬وأخرج )ك( أيضا عن الزهري قططال يسططتخرج‬
‫المهدي كارها من مكة من ولد فاطمة فيبططايع‪ .‬وأخططرج )ك( أيضططا‬
‫عن أبي جعفر قال يظهططر المهططدي بمكططة عنططد العشططاء معطه رايطة‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم وقميصه وسيفه وعلمات ونططور‬
‫وبيان فإذا صلى العشاء نادى بأعلى صوته يقول أذكركم الله أيهططا‬
‫الناس ومقامكم بين يدي ربكططم فقططد اتخططذ الحجططر وبعططث النبيططاء‬
‫وأنزل الكتاب وآمركم أن ل تشركوا به شططيئا وأن تحططافظوا علططى‬
‫طاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسططلم وأن تحيططوا مططا أحيططا‬
‫القرآن وتميتوا ما أمات وتكونوا أعوانا علططى الهططدي ووزراء علططى‬
‫التقوى فإن الدنيا قططد دنططا فناؤهططا وزوالهططا وأذنططت بانصططرام فططأني‬
‫أدعططوكم إلططى اللططه والططى رسططوله والعمططل بكتططابه وإماتططة الباطططل‬
‫وإحياء سنته فيظهر في ثلثمائة وثلثططة عشططر رجل عططدد أهططل بططدر‬
‫على غير ميعاد قزعا كقططزع الخريططف رهبططان بالليططل أسططد بالنهططار‬
‫فيفتح الله للمهدي أرض الحجاز ويستخرج من كططان فططي السططجن‬
‫من بني هاشم وتنزل الرايات السود الكوفططة فيبعططث بالبيعططة إلططى‬
‫المهدي ويبعث المهدي جنططوده فططي الفططاق ويميططت الجططور وأهلططه‬
‫وتستقيم له البلدان ويفتح الله على يططديه القسطططنطينية‪ .‬وأخططرج‬
‫)ك( أيضا عن ابن مسططعود قططال إذا انقطعططت التجططارات والطططرق‬
‫وكثرت الفتن خرج سبعة نفططر علمططاء مططن أفططق شططتى علططى غيططر‬
‫ميعططاد يبططايع لكططل رجططل منهططم ثلثمططائة وبضططعة عشططر رجل حططتى‬
‫يجتمعوا بمكة فيلتقي السبعة فيقول بعضهم لبعططض مططا جططاء بكططم‬
‫فيقولون جئنا في طلب هذا الرجل الذي ينبغي أن تهدأ على يططديه‬
‫هذه الفتن وتفتح له القسطنطينية قد عرفناه باسططمه واسططم أبيططه‬
‫وأمه وجيشه فيتفق السبعة على ذلك فيطلبططونه فيصططيبونه بمكططة‬
‫فيقولون له أنت فلن بن فلن فيقول ل بل أنا رجل مططن النصططار‬
‫حتى يفلت منهم فيصفونه لهل الخبر منه والمعرفة به فيقال هططو‬
‫صططاحبكم الططذي تطلبططونه وقططد لحططق بالمدينططة فيطلبططونه بالمدينططة‬
‫فيخالفهم إلى مكة فيطلبونه بمكة فيصططيبونه فيقولططون أنططت فلن‬

‫‪85‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫ت منططا‬
‫بن فلن وأمك فلنة ابنة فلن وفيك آية كذا وكذا وقططد أفل ط ّ‬
‫مرة فمد يدك نبايعك فيقول لسططت بصططاحبكم حططتى يفلططت منهططم‬
‫فيطلبونه بالمدينة فيخالفهم إلى مكة فيصيبونه بمكة عنططد الركططن‬
‫ويقولون له اثمنا عليك ودماؤنا في عنقك إن لم تمد يططدك نبايعططك‬
‫هذا عسكر السفياني قد توجه في طلبنا عليهططم رجططل مططن حططرام‬
‫فيجلس بين الركن والمقام فيمد يده فيبايع له فيلقى الله محبتططه‬
‫في صططدور النططاس فيصططير مططع قططوم أسططد بالنهططار رهبططان بالليططل‪.‬‬
‫وأخرج )ك( أيضططا عططن الوليططد بططن مسططلم قططال حططدثني محمططد أن‬
‫المهططدي والسططفياني وكلططب يقتتلططون فططي بيططت المقططدس حيططن‬
‫تستقبله البيعة فيؤتى بالسفياني أميرا فيأمر به فيذبططح علططى بططاب‬
‫الرحبة ثم تباع نساؤهم وغنائمهم على دروج دمشق وأخرج أيضططا‬
‫عن الوليد بن مسلم عن محمد بن علي قال إذا سمع العائذ الذي‬
‫بمكة الخسف خرج مع اثني عشر ألفا فيهم البططدال حططتى ينزلططوا‬
‫إيلياء فيقول الذي بعث الجيش حتى يبلغه الخبر مططن إيليططاء لعمططر‬
‫الله لقد جعل اللططه فططي هططذا الرجططل عططبرة بعثططت إليططه مططا بعثططت‬
‫فسططاحوا فططي الرض إن فططي هططذا لعططبرة ونصططرة فيططؤدي إليططه‬
‫السفياني الطاعة فيخرج حتى يلقى كلبا وهم أخواله فيعيرونه بما‬
‫صنع ويقولون كساك الله قميصا فخلعته فيقول ما ترون اسططتقيله‬
‫البيعة فيقولون نعم فيأتيه إلططى إيليططاء فيقططول أقلنططي فيقططول بلططى‬
‫فيقول له أتحب أن أقيلك فيقول نعم فيقيله ثم يقططول هططذا رجططل‬
‫قد خلع طاعتي فبأمر به عند ذلك فيذبح على بلطة باب إيلياء ثم‬
‫يسير إلى كلب فينهبهم فالخائب من خاب يوم نهب كلب‪ .‬وأخططرج‬
‫)ك( أيضا عن علي قططال إذا بعططث السططفياني إلططى المهططدي جيشططا‬
‫فخسف بهم بالبيداء وبلغ ذلك أهل الشام قال لخليفتهم قد خططرج‬
‫المهدي فبايعه وادخل في طاعته إل قتلناك فيرسل إليهم بالبيعططة‬
‫ويسير المهططدي حططتى ينططزل بيططت المقططدس وتنقططل إليططه الخططزائن‬
‫ويدخل العرب والعجم وأهل الحرب والروم وغيرهططم فططي طططاعته‬
‫من غير قتال حتى يبني المساجد بالقسطنطينية وما دونها ويخرج‬
‫قبله رجل من أهل بيططت بالمشططرق ويحمططل السططيف علططى عططاتقه‬
‫ثمانية أشهر يقتل ويمثل ويتوجه إلى بيت المقدس فل يبلغه حتى‬
‫يموت‪ .‬وأخرج )ك( أيضا عططن علططي قططال تفططرح الفتططن برجططل منططا‬
‫يسومهم خسفا ل يعطيهم إل السططيف يضططع السططيف علططى عططاتقه‬
‫ثمانية أشهر حتى يقولوا والله ما هذا من ولد فاطمة ولو كان من‬

‫‪86‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫ولدها لرحمنا يغريه الله ببني العباس وبني أمية‪ .‬وأخرج )ك( أيضا‬
‫عن أبي جعفر قال ل يخرج المهططدي حططتى تططروا الظلمططة‪ .‬وأخططرج‬
‫)ك( أيضا عن طر الوراق قال ل يخرج المهططدي حططتى يكفططر بططالله‬
‫جهرا‪ .‬وأخرج )ك( أيضا عن ابن سيرين قال ل يخرج المهدي حتى‬
‫يقتططل مططن كططل تسططعة سططبعة‪ .‬وأخططرج )ك( أيضططا عططن كعططب قططال‬
‫المهدي خاشع لله كخشوع النسر لجناحه‪ .‬وأخططرج )ك( أيضططا عططن‬
‫عبد الله بن الحارث قال يخرج المهدي وهو ابن أربعين سنة كططأنه‬
‫رجل من بني إسططرائيل‪ .‬وأخططرج )ك( أيضططا عططن أبططي الطفيططل أن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم وصططف المهططدي فططذكر ثقل فططي‬
‫لسانه وضرب فخذه اليسططرى بيططده اليمنططى إذا أبطططأ عليططه الكلم‬
‫أسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي‪ .‬وأخططرج )ك( أيضططا عططن محمططد‬
‫بن حمير قططال المهططدي أزج أبلططج أعيططن يجيططء مططن الحجططاز حططتى‬
‫يستوي على منبر دمشق وهو ابن ثمان عشرة سنة‪ .‬وأخططرج )ك(‬
‫أيضا عن علي بن أبي طالب قال المهدي مولده بالمدينة من أهل‬
‫بيت النبي صلى الله عليه وسلم واسمه اسم نبي ومهططاجره بيططت‬
‫المقدس كث اللحية أكحل العينين براق الثنايا في وجهه خال فططي‬
‫كتفه علمة النبي يخرج براية النطبي صطلى اللطه عليططه وسطلم مطن‬
‫مرط معلمة سوداء مربعة فيها حجر لم تنشر منططذ تططوفي رسططول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم ول تنشر حتى يخرج المهدي يمده الله‬
‫بثلثة آلف مططن الملئكططة يضططربون وجططوه مططن خططالفهم وأدبططارهم‬
‫يبعث وهو ما بيطن الثلثيطن إلطى الربعيطن‪ .‬وأخطرج )ك( أيضطا عطن‬
‫علي قال المهدي مني من قريش أدم ضرب من الرجال‪ .‬وأخططرج‬
‫)ك( أيضا عن أرطأة قال المهدي ابن عشرين سنة‪ .‬وأخططرج أيضطا‬
‫عن ابططن مسططعود عططن النططبي صططلى اللططه عليططه وسططلم قططال اسططم‬
‫المهدي محمد‪ .‬وأخرج )ك( أيضا عن أبي سعيد الخدري عن النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم قال اسم المهدي اسمي‪ .‬وأخرج )ك( أيضا‬
‫عن قتادة قال قلت لسعيد بن المسيب المهدي حق هو قال نعططم‬
‫قلت ممن هو قال مطن ولطد فاطمطة‪ .‬وأخطرج )ك( أيضطا عطن ابطن‬
‫عباس قال المهدي شاب منا أهل البيت قتل عجز عنها شططيوخكم‬
‫ويرجوها شبابكم قال يفعل الله ما يشططاء‪ .‬واخططرج )ك( أيضططا عططن‬
‫ابن عباس قال المهدي منا يدفعها إلى عيسى ابن مريططم‪ .‬وأخططرج‬
‫)ك( أيضا عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم قططال المهططدي‬
‫رجل من عترتي يقاتل على سنتي كمططا قططاتلت أنططا علططى الططوحي‪.‬‬

‫‪87‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫وأخرج )ك( أيضا عن الزهري قال يخرج المهدي بعد الخسف في‬
‫ثلثمائة وأربعة عشر رجل عدد أهل بدر فيلتقي هو وصاحب جيش‬
‫السفياني وأصحاب المهدي يومئذ جنتهططم الططبرادع يعنططي ترأسططهم‬
‫ويقال أنه يسمع يومئذ صوت مناد من السماء ينادي أل إن أوليططاء‬
‫اللططه أصططحاب فلن يعنططي المهططدي فتكططون الططدبرة علططى أصططحاب‬
‫السططفياني فيقتلططون ل يبقططى منهططم إل الشططريد فيهربططون إلططى‬
‫السفياني فيخبرونه ويخرج المهدي إلى الشام فيتلقططى السططفياني‬
‫المهدي ببيعته ويسارع الناس إليه من كل وجه ويمل الرض عدل‪.‬‬
‫وأخرج أيضا عن ابن مسعود قال يبايع للمهدي سبعة رجال علماء‬
‫توجهوا إلى مكة من أفق شتى على غير ميعاد قد بايع لكل رجططل‬
‫منهم ثلثمائة وبضعة عشر رجل فيجتمعون بمكة فيبايعونه ويقذف‬
‫الله محبته في صدور الناس فيسططير بهططم وقططد تططوجه إلططى الططذين‬
‫بايعوا السفياني بمكة عليهم رجل من جرم فططإذا خططرج بيططن مكططة‬
‫خلف أصحابه ومشى في إزار ورداء حتى يططأتي الحططرم فيبططايع لططه‬
‫فيندمه كلب على بيعته فيططأتيه فيسططتقيله البيعططة فيقتلططه ثططم يغيططر‬
‫جيوشه لقتاله فيهزمهم ويهزم الله على يديه الططروم ويططذهب اللطه‬
‫على يديه الفقر وينزل الشام‪ .‬وأخرج )ك( أيضا عططن أرطططأة قططال‬
‫يدخل الصخري الكوفة ثم يبلغه ظهور المهدي بمكة فيبعططث إليططه‬
‫من الكوفة بعثا فيخسف به فل ينجو منهم إل بشططير إلططى المهططدي‬
‫ونذير إلى الصطخري فيقبططل المهططدي مططن مكططة والصططخري مططن‬
‫الكوفة نحو الشام كأنهما فرسا رهططان فيسططبقه الصططخري فيقطططع‬
‫بعثا آخر من الشام إلطى المهططدي فيطأتون المهطدي بطأرض الحجططاز‬
‫فيبايعونه بيعة الهدى ويقبلططون معططه حططتى ينتهططوا إلططى حططد الشططام‬
‫الذي بين الشام والحجاز فيقيم بها ويقال له أنفططذ فيكططره المجططاز‬
‫ويقول اكتب إلى ابن عمي فلن يخلع طاعتي فأنططا صططاحبكم فططإذا‬
‫وصل الكتاب إلى الصخري بايع وسار إلى المهدي حتى ينزل بيت‬
‫المقدس ول يترك المهدي بيد رجل من الشام فترا من الرض إل‬
‫ردها على أهل الذمة ورد المسلمين إلى الجهطات جميعطا فيمكطث‬
‫في ذلك ثلث سنين ثم يخرج رجل من كلب يقال له كنانططة يعينططه‬
‫كوكب من رهط من قططومه حططتى يططأتي الصططخري فيقططول بايعنططاك‬
‫ونصرناك حتى إذا ملكططت بططايعت هططذا ليخرجططن فليقططاتلن فيقططول‬
‫فيمن أخرج فيقول ل يبقى عامريططة أمهططا أكططبر منططك إل لحقتططك ل‬
‫يتخلططف عنططك ذات خسططف ول ظلططف فيرحططل وترحططل معططه عططامر‬

‫‪88‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫بأسرها حتى ينزل بيسان ويوجه إليهم المهدي راية وأعظططم رايططة‬
‫في زمان المهدي مائة رجل فينزلون على ماء ثم إبراهيم فتصف‬
‫كلب جبلها ورجلها وإبلها وغنمها فإذا تشاءمت الخيلت ولت كلب‬
‫أدبارها وأخذ الصخري فيذبططح علططى الصططفا المتعرضططة علططى وجططه‬
‫الرض عند الكنيسة التي في بطن الوادي على طططرف درج طططور‬
‫زيتا المقنطرة التي على يمين الوادي على الصفا المتعرضة على‬
‫وجه الرض عليها يذبح كما تذبح الشططاة فالخططائب مططن خططاب يططوم‬
‫كلب حتى تباع العذراء بثمانية دراهم‪ .‬وأخرج )ك( أيضا عن الوليد‬
‫بططن مسططلم قططال ل يخططرج المهططدي حططتى يقططوم السططفياني علططى‬
‫أعوادها‪ .‬وأخرج )ك( أيضا عططن كعططب قططال المهططدي يبعططث بقتططال‬
‫الططروم يعطططى معططه عشططرة يسططتخرج تططابوت السططكينة مططن غططار‬
‫انطاكية‪ .‬وأخرج أيضا عن كعب قال إنما سمي المهدي لنه يهططدي‬
‫لمططر قططد خفططي يسططتخرج التططابوت مططن أرض يقططال لهططا انطاكيططة‪.‬‬
‫وأخرج )ك( أيضا عن عبد الله بن شططريك قططال مططع المهططدي رايططة‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم المعلمة‪ .‬وأخرج )ك( أيضا عططن‬
‫ابن سيرين قال على راية المهدي مكتوب البيعة لله‪ .‬وأخرج أيضا‬
‫عن طاووس قال علمططة المهططدي أن يكططون شططديدا علططى العمططال‬
‫جوادا بالمال رحيما بالمساكين‪ .‬وأخرج )ك( أيضا عططن علططي قططال‬
‫يكون فتن ثم تكون جماعة على رأس رجل من أهططل بيططتي ليططس‬
‫له عند الله خلت فيقتططل أو يمططوت فيقططوم المهططدي‪ .‬وأخططرج )ك(‬
‫أيضا عن ضمرة عن بعض أصحابه قططال ل يخططرج المهططدي حططتى ل‬
‫يبقى قيل ول ابن قيل إل هلك‪ ،‬والقيل الرأس‪ .‬وأخططرج )ك( أيضططا‬
‫عن أبي قبيل قال يملك رجل مططن بنططي هاشططم فيقتططل بنططي أميططة‬
‫حتى ل يبقى منهم إل اليسر ل يقتل غيرهططم ثططم يخططرج رجططل مططن‬
‫بني أمية فيقتل لكل رجل اثنين حتى ل يبقى إل النساء ثططم يخططرج‬
‫المهدي‪ .‬وأخرج أيضا عن سعيد بن المسيب قال تكون فتنططة كططان‬
‫أولها لعب الصبيان كلما سكنت من جانب طمت مططن جططانب آخططر‬
‫فل تتناهى حتى ينادي مناد مططن السططماء أل إن الميططر فلن ذلكططم‬
‫لمير حقا ثلث مرات‪ .‬وأخرج )ك( أيضا عن أبي جعفر قططال قططال‬
‫ينادي مناد من السماء أن الحق فططي آل محمططد وينططادي منططاد مططن‬
‫الرض إن الحق في آل عيسططى أو قططال العبططاس شططك فيططه وإنمططا‬
‫الصوت السفل كلمة الشيطان والصوت العلى كلمة الله العليططا‪.‬‬
‫وأخرج عن إسحاق بن يحيى عن أمه وكانت قديمة قال قلططت لهططا‬

‫‪89‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫في فتنة ابن الزبير إن هذه الفتنة تهلك النططاس قططالت كل يططا بنططي‬
‫ولكن بعدها فتنة تهلك الناس ل يستقيم أمرهم حططتى ينططادي منططاد‬
‫من السماء عليكم بفلن‪ .‬وأخرج )ك( أيضا عن شهر بططن حوشططب‬
‫قال قال رسول الله صلى اللططه عليططه وسططلم فططي المحططرم ينططادي‬
‫مناد من السماء أل إن صفوة الله فلن فاسمعوا له وأطيعوا فططي‬
‫سنه الضرب والمعمعة‪ .‬وأخرج )ك( أيضا عن عمار بن ياسر قططال‬
‫إذا قتل النفس الزكية وآخره تقتل بمكططة صططنيعة نططادي منططاد مططن‬
‫السماء إن أميركططم فلن وذلططك المهططدي الططذي يمل الرض خصططبا‬
‫وعدل‪ .‬وأخرج )ك( أيضا عن سعيد بن المسيب قطال يكطون فرقطة‬
‫واختلف حتى يطلع كف من السماء وينادي مناد مططن السططماء إن‬
‫أميركططم فلن‪ .‬وأخططرج أيضططا عططن الزهططري قططال التقططى السططفياني‬
‫والمهدي للقتال يومئذ يسمع صوت من السماء أل إن أوليططاء اللطه‬
‫أصحاب فلن يعني المهدي‪ .‬وقالت أسماء بنت عميططس إن أمططارة‬
‫ذلك اليوم أن كفا من السماء مططدلة ينظططر إليهططا النططاس‪ .‬وأخططرج‬
‫)ك( أيضا عن الحكم ابن نافع قال إذا كان الناس بمنططى وعرفططات‬
‫نططادى منططاد بعططد أن تتحططارب القبططائل أل إن أميركططم فلن ويتبعططه‬
‫صوت آخر أل إنه قد صدق فيقتتلون قتططال شططديدا فجططل سططلحهم‬
‫البرادع وعند ذلك يرون كفططا معلمططة فططي السططماء ويشططتد القتططال‬
‫حتى ل يبقى من أنصططار الحططق إل عططدة أهططل بططدر فيططذهبون حططتى‬
‫يبايعوا صاحبهم‪ .‬وأخرج )ك( أيضا عن عبد الله بن عمرو قال يحج‬
‫الناس معا ويعرفون معا على غير إمام فبينما هم نططزول بمنططى إذ‬
‫أخذهم كالكلب فثارت القبائل بعضططهم إلططى بعططض فططاقتتلوا حططتى‬
‫تسيل العقبة دما فيفزعون إلى خيرهم فيأتونه وهو ملصق وجهططه‬
‫إلططى الكعبططة يبكططي كططأنى أنظططر إلططى دمططوعه فيقولططون هلططم إلينططا‬
‫فلنبايعططك فيقططول ويحكططم كططم مططن عهططد نقضططتموه وكططم مططن دم‬
‫سفكتموه فيبايع كرها فططإن أدركتمططوه فبططايعوه فططإن المهططدي فططي‬
‫الرض والمهدي في السماء‪ .‬وأخططرج )ك( أيضططا عططن ابططن عبططاس‬
‫قال يبعث المهدي بعد إياس وحتى يقول الناس ل مهدي وأنصاره‬
‫ناس من أهططل الشططام عططددهم ثلثمططائة وخمسططة عشططر رجل عططدد‬
‫أصحاب بدر يسيرون إليه من الشام حططتى يسططتخرجوه مططن بطططن‬
‫مكة من دار عند الصفا فيبايعوه كرهططا فيصططلي بهطم ركعطتين عنططد‬
‫المقام يصعد المنبر‪ .‬وأخرج )ك( أيضا عن أبي هريططرة قططال يبططايع‬
‫المهدي بين الركن والمقام ل يوقظ نائما ول يهريططق دمططا‪ .‬وأخططرج‬

‫‪90‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫)ك( أيضا عن قتادة قال قال رسول الله صلى اللططه عليططه وسططلم‬
‫يخرج المهدي من المدينة إلى مكة فيستخرجه النططاس مططن بينهططم‬
‫فيبايعونه بين الركن والمقططام وهططو كططاره‪ .‬وأخططرج )ك( أيضططا عططن‬
‫علي قططال إذا خرجططت الرايططات السططود مططن السططفياني الططتي فيهططا‬
‫شعيب بن صالح تمنى الناس المهدي فيطلبونه فيخططرج مططن مكططة‬
‫ومعه راية رسول الله صلى الله عليه وسلم فيصلي ركعططتين بعططد‬
‫أن ييأس الناس من خروجه لما طال عليهم من البليططا فططإذا فططرغ‬
‫من صلته انصرف فقال يا أيها الناس ألح البلء بأمة محمد وبأهل‬
‫بيته خاصة فهو باغ بغى علينا‪ .‬وأخططرج )ك( أيضططا عططن كعططب قططال‬
‫قتادة المهدي خيططر النططاس أهططل نصططرته وبيعتططه مططن أهططل كوفططان‬
‫واليمن وإبدال الشام مقدمته جبريل وساقته ميكائيل محبوب في‬
‫الخلئق يطفئ الله به الفتنة العمياء وتأمن الرض حتى أن المرأة‬
‫لتحج في خمس نسوة ما معهن رجل ل تتقي شيئا إل الله يعطططى‬
‫الرض زكاتها والسماء بركتها‪ .‬وأخرج )ك( أيضا عن مطر أنه ذكر‬
‫عنده عمر بن عبد العزيز فقال بلغنططا أن المهططدي يصططنع شططيئا لططم‬
‫يصنعه عمر بن عبد العزيز قلنا ما هططو قططال يططأتيه فيسططأله فيقططول‬
‫أدخل بيت المال فخذ فيدخل ويخرج ويططرى النططاس شططباعا فينططدم‬
‫فيرجع إليه فيقول خذ مططا أعطيتنططي فيططأبى ويقططول إنططا نعطططي ول‬
‫نأخذ‪ .‬وأخرج )ك( أيضا عن كعب قال إني أجد المهدي مكتوبا في‬
‫أسفار النبياء ما في عمله ظلم ول عيب‪ .‬وأخططرج )ك( أيضططا مططن‬
‫طريق ضمرة عن محمد بن سيرين أنه ذكر فتنة تكططون فقططال إذا‬
‫كان ذلك فاجلسوا في بيوتكم حتى تسمعوا على الناس بخير مططن‬
‫أبي بكر وعمر قيل أبا بكر خير من أبي بكر وعمططر قططال قططد كططان‬
‫يفضل على بعض قلت في هذا ما فيه وقد قال ابن أبي شيبة في‬
‫المصنف في باب المهدي حدثنا أبو أسامة عططن عططون عططن محمططد‬
‫هو ابن سيرين قال يكون في هذه المدة خليفة ل يفضل عليه أبو‬
‫بكر ول عمر‪ .‬قلت‪ :‬هذا إسناد صحيح وهذا اللفظ أخف من اللفظ‬
‫الول والوجه عندي تأويل اللفظين على ما أول عليه حططديث بططل‬
‫أجر خمسين منكم لشدة الفتن في زمان المهدي وتمططالوا الططروم‬
‫بأسرها عليه ومحاصرة الدجال لططه وليططس المططراد بهططذا التفضططيل‬
‫الراجع إلى زيادة الثواب والرفعة عنططد اللططه فالحططاديث الصططحيحة‬
‫والجمططاع علططى أن أبططا بكططر وعمططر أفضططل الخلططق بعططد النططبيين‬
‫والمرسلين‪ .‬وأخرج )ك( نعيم بن حمططاد عططن أبططي سططعيد الخططدري‬

‫‪91‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يأوى إلى المهدي أمتططه كمططا‬
‫تأوي النحل إلى يعسوبها يمل الرض عدل كمططا ملئت جططوارا حططتى‬
‫يكون الناس على مثل أمرهم الول ل يوقظ نائما ول يهريق دمططا‪.‬‬
‫وأخرج )ك( أيضا عن الوليد بن مسططلم قططال سططمعت رجل يحططدث‬
‫قوما فقططال المهططديون ثلثططة مهططدي الخيططر عمططر بططن عبططد العزيططز‬
‫ومهدي الدم وهو الذي تسكن عليه الدماء ومهططدي الططدين عيسططى‬
‫بن مريم تسلم أمته في زمانه‪ .‬وأخرج أيضا عن كعب قال مهططدي‬
‫الخير يخرج بعد السفياني‪ .‬وأخرج )ك( أيضا عن طاووس قال إذا‬
‫كان المهدي يبذل المال ويشتد علططى العمططال ويرحططم المسططاكين‪.‬‬
‫وأخرج )ك( أيضا عن طاووس قال وددت أني ل أموت حتى أدرك‬
‫زمططان المهططدي يططزاد للمحسططن فططي إحسططانه ويثططاب فيططه علططى‬
‫المسيء‪ .‬وأخرج أيضا عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم قال المهدي يصلحه الله في ليلة واحدة‪ .‬وأخططرج )ك(‬
‫أيضا عن عمر بن الخطاب أنه ولج البيت وقال والله ما أدرى أدع‬
‫خزائن البيت وما فيه من السلح والمال أو أقسمه في سبيل الله‬
‫فقال له علططي بططن أبططي طططالب امططض يططا أميططر المططؤمنين فلسططت‬
‫بصاحبه إنما صاحبه منا شاب من قريش يقسمه فططي سططبيل اللططه‬
‫في آخر الزمططان‪ .‬وأخططرج )ك( أيضططا عططن كعططب قططال لططواء يعقططده‬
‫المهدي يبعثه إلى الترك فيهزمهططم ويأخططذ مططا معهططم مططن السططبي‬
‫والموال ثم يصير إلى الشام فيفتحها ثم يعتططق كططل مملططوك معططه‬
‫ويعطي أصحابه قيمتهم‪ .‬وأخططرج )ك( أيضططا عططن ابططن لهيعططة قططال‬
‫يتمنى في زمان المهدي الصغير الكططبير والكططبير الصططغير‪ .‬وأخططرج‬
‫)ك( أيضا عن صباح قال يمكث المهدي فيهم تسططعا وثلثيططن سططنة‬
‫يقول الصغير يا ليتني كبرت ويقول الكبير يا ليتنططي كنططت صططغيرا‪.‬‬
‫وأخرج )ك( أيضا عن عبد الله بن عمر وقال المهدي الططذي يقططول‬
‫عليه عيسى بن مريم ويصلي خلفه عيسى‪ .‬وأخرج )ك( أيضا عططن‬
‫كعب قال المهدي من ولد العباس‪ .‬وأخرج أيضا عن الزهري قططال‬
‫المهدي مطن ولطد فاطمطة‪ .‬وأخطرج )ك( أيضططا عططن كعطب قططال مطا‬
‫المهدي إل من قريش وما الخلفة إل فيهم‪ .‬وأخرج )ك( أيضا عططن‬
‫علي قال المهدي رجل منا من ولد فاطمة‪ .‬وأخرج )ك( أيضا عططن‬
‫ابن عمر أنه قال لبي الحنفية المهططدي الططذي يقولططون كمططا يقططول‬
‫الرجل الصالح إذا كان الرجل صالحا قيل له المهدي‪ .‬وأخططرج )ك(‬
‫أيضا عن أرطاة قال يبقى المهدي أربعين عاما‪ .‬وأخرج )ك( أيضططا‬

‫‪92‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫عن بقية بن الوليد قططال حيطاة المهططدي ثلثططون سطنة‪ .‬وأخططرج )ك(‬
‫أيضا عن محمد بن حمير عن أبيه قال يملك المهططدي سططبع سططنين‬
‫وشهرين وأياما‪ .‬وأخرج )ك( أيضا عن دينططار ابططن دينططار قططال بقططاء‬
‫المهدي أربعون سنة‪ .‬وأخرج )ك( أيضا عططن الزهططري قططال يعيططش‬
‫المهدي أربع عشرة سنة ثم يمططوت موتططا‪ .‬وأخططرج )ك( أيضططا عططن‬
‫علي قال يلي المهدي أمر الناس ثلثيططن أو أربعيططن سططنة‪ .‬وأخططرج‬
‫)ك( أيضا عن كعب قال يموت المهدي موتا ثم يلي النططاس بعططده‬
‫رجل من أهل بيته فيه خير وشطر وشطره أكطثر مطن خيطره يغصطب‬
‫الناس يدعوهم إلى الفرقة بعد الجماعة بقاؤه قليل يثور به رجططل‬
‫من أهل بيته فيقتله‪ .‬وأخرج )ك( أيضططا عططن الزهططري قططال يمططوت‬
‫المهدي موتا ثم يصير الناس بعده في فتنة ويقبل إليهم رجل مططن‬
‫بني مخزوم فيبايع له فيمكث زمانططا ثططم ينططادي منططاد مططن السططماء‬
‫ليس بأنس ول جططان بططايعوا فلنططا ول ترجعططوا علططى أعقططابكم بعططد‬
‫الهجططرة فينظططرون فل يعرفططون الرجططل ثططم ينططادي ثلثططا ثططم يبططايع‬
‫المنصور فيصير إلى المخزومي فينصططره اللططه عليططه فيقتلططه ومططن‬
‫معه‪ .‬وأخرج )ك( أيضا عن كعب قال يتولى رجل من بني مخزوم‬
‫ثم رجل من الموالي ثم يسططير رجططل مططن المغططرب رجططل جسططيم‬
‫طويل عريض ما بين المنكبين فيقتل من لقيططه حططتى يططدخل بيططت‬
‫المقدس فيموت موتا فتكون الدنيا شرا مما كانت ثططم يلططي بعططده‬
‫رجل من مضر يقتل أهل الصلح ظلوم غشططوم ثطم يلطي مطن بعطد‬
‫المضري العماني القحطاني يسير سيرة أخيه المهدي وعلى يديه‬
‫تفتح مدينة الروم‪ .‬وأخرج )ك( أيضططا عططن الوليططد عططن معمططر قططال‬
‫قططال رسططول اللططه صططلى اللططه عليططه وسططلم مططا القحطططاني بططدون‬
‫المهدي‪ .‬وأيضا عن عبد الله بن عمرو قال بعد الجبابرة الجابر ثم‬
‫المهدي ثم المنصور ثم السلم ثم أمير العصب‪ .‬وأخرج )ك( أيضططا‬
‫عن ابن عمرو أنه قال يا معشر اليمن يقولون أن المنصور منكططم‬
‫والذي نفسي بيططده إنططه لقرشططي أبططوه ولططو أشططاء أن اسططميه إلططى‬
‫أقصى جد هو له لفعلت‪ .‬وأخرج أيضا عن قيس بن جابر الصدفي‬
‫أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال سيكون مطن أهطل بيطتي‬
‫رجل يمل الرض عدل كمططا ملئت جططورا ثططم مططن بعططده القحطططاني‬
‫والذي نفسي بيده ما هو دونه‪ .‬وأخرج )ك( أيضا عن أرطططاة قططال‬
‫ينزل المهدي بيت المقدس ثم يكططون خلططف مططن أهططل بيتططه بعططده‬
‫تطول مدتهم ويحبرون حتى يصلي النططاس علططى بنططي العبططاس فل‬

‫‪93‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫يزال الناس كذلك حتى يغزو مع واليهم القسطنطينية وهططو رجططل‬
‫صالح يسلمها إلى عيسى بن مريم ول يزال الناس فططي رخططاء مططا‬
‫لم ينتقص ملك بني العباس فذا انتقص ملكهم لم يزالوا في فتططن‬
‫حتى يقوم المهدي‪ .‬وأخرج )ك( أيضا عن عبد الله بن عمططرو قططال‬
‫ثلثة أمراء يتوالون تفتح كلها عليهم كلهم صالح الجابر ثم المفرج‬
‫ثم ذو العصب يمكثون أربعين سنة ثم ل خيططر فططي الططدنيا بعططدهم‪.‬‬
‫وأخرج )ك( أيضا عن سليمان بن عيسى قططال بلغنططي أن المهططدي‬
‫يمكث أربع عشرة سنة ببيت المقدس ثططم يمططوت ثططم يكططون مططن‬
‫بعده رجل من قوم تبع يقال له المنصططور يمكططث بططبيت المقططدس‬
‫إحدى وعشرين سنة ثم يقتل ثم يملك المولي يمكث ثلث سططنين‬
‫ثم يقتل ثم يملك بعده هشيم المهططدي ثلث سططنين وأربعططة أشططهر‬
‫وعشرة أيام‪ .‬وأخرج )ك( أيضا عن كعب قال يكططون بعططد المهططدي‬
‫خليفة من أهل اليمن من قحطططان أخططو المهططدي فططي دينططه يعمططل‬
‫بعمله وهو الذي يفتح مدينة الططروم ويصططيب غنائمهططا‪ .‬وأخطرج )ك(‬
‫أيضا عن أرطاة قال يكون بين المهدي وبين الروم هدنة ثم يهلططك‬
‫المهدي ثم يلي رجل من أهل بيتططه يعططدل قليل ثططم يقتططل‪ .‬وأخططرج‬
‫)ك( أيضا عن قيس بن جابر الصدفي أن رسول اللططه صططلى اللططه‬
‫عليه وسلم قال القحطاني بعد المهدي وما هو دونه‪ ،‬وأخرج أيضا‬
‫عن أرطاة قال بلغني أن المهدي يعيش أربعيططن عامططا ثططم يمططوت‬
‫على فراشه ثم يخططرج رجططل مططن قحطططان مثقططوب الذنيططن علططى‬
‫سيرة المهدي بقاؤه عشططرين سططنة ثططم يمططوت قططتيل بالسططلح ثططم‬
‫يخرج رجل من أهططل بيططت النططبي صططلى اللططه عليططه وسططلم مهططدي‬
‫حسن السيرة يغزو مدينة قيصر وهططو آخططر أميططر مططن أمططة محمططد‬
‫صلى الله عليه وسلم ثططم يخططرج فططي زمططانه الططدجال وينططزل فططي‬
‫زمانه عيسى بن مريم‪ .‬هذه الثار كلها لخصططتها مططن كتططاب الفتططن‬
‫لنعيم ابن حماد وهو أحططد الئمططة الحفططاظ وأحططد شططيوخ البخططاري‪.‬‬
‫وبقى من أخبار المهدي ما أخرج )ك( ابن أبي شيبة في المصنف‬
‫عن أبي سعيد الخططدري قططال قططال رسططول اللططه صططلى اللططه عليططه‬
‫وسلم يكون في أمتي المهدي أن طال عمره أو قصر عمره ملك‬
‫سبع سنين أو ثمان سنين أو تسع سنين فيملها قسطا وعدل كما‬
‫ملئت جورا وظلما وتمطر السماء مطرهططا وتخططرج الرض بركتهططا‬
‫وتعيش أمتي في زمانه عيشا لم تعشه قبل ذلك وأخرج )ك( ابططن‬
‫أبي شيبة عن ابن عباس قال ل تمضي اليام والليططالي حططتى يلططي‬

‫‪94‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫منا أهل البيت فتى لم يلب الفتن ولم يلبسها قيل يططا أبططا العبططاس‬
‫يعجز عنها مشيختكم وينالها شبابكم قال هو أمططر اللططه يططؤتيه مططن‬
‫يشاء‪ .‬وأخرج )ك( ابن أبي شيبة عن حكيم ابن سعد قال لما قام‬
‫سليمان فأظهر ما أظهر قلت لبي يحيى هذا المهدي الططذي يططذكر‬
‫قال ل‪ .‬وأخرج )ك( ابن أبي شيبة عططن إبراهيططم بططن ميسططرة قططال‬
‫قلت لطاووس عمر ابن عبد العزيز المهدي قططال قططد كططان مهططديا‬
‫وليططس بططه إن المهططدي إذا كططان زيططد فططي إحسططانه ويكتططب علططى‬
‫المسيء من إساءته وهو يبدل المال ويشتد على العمططال ويرحططم‬
‫المسططاكين‪ .‬وأخططرج )ك( أبططو نعيططم فططي الحليططة عططن إبراهيططم بططن‬
‫ميسرة قال قلت لطاووس عمر بن عبد العزيز هططو المهططدي قططال‬
‫هو مهدي وليس به إنه لم يستكمل العدل كله‪ .‬وأخرج المحططاملي‬
‫في آماليه عن أبي جعفر محمد بن علي بن حسين قال يزعمططون‬
‫إني أنا المهدي وأني إلى أجلي أدنى مني إلى ما يططدعون‪ .‬وأخططرج‬
‫)ك( أبو عمر الداني في سننه عن حذيفة قططال قططال رسططول اللططه‬
‫صلى الله عليه وسلم يلتفت المهدي وقد نططزل عيسطى بططن مريطم‬
‫كأنما يقطر من شعره الماء فيقططول المهططدي تقططدم صططل بالنططاس‬
‫فيقول عيسى إنما أقيمططت الصططلة لططك فيصططلى خلططف رجططل مططن‬
‫ولدي‪ -‬الحديث‪ .‬وأخططرج )ك( ابططن الجططوزي فططي تططاريخه عططن ابططن‬
‫عباس قال قال رسول الله صططلى اللططه عليططه وسططلم ملططك الرض‬
‫أربعطططة مؤمنطططان و كطططافران فالمؤمنطططان ذو القرنيطططن وسطططليمان‬
‫والكافران نمروذ وبخت نصر وسططيملكها خططامس مططن أهططل بيططتي‪.‬‬
‫وأخرج )ك( أبو عمرو الداني في سننه عن ابن شودب قططال إنمططا‬
‫سمي المهدي لنه يهدي إلى جبل من جبال الشام يسططتخرج منططه‬
‫أسفار التططوراة يحططاج بهططا اليهططود فيسططلم علططى يططديه جماعططة مططن‬
‫اليهود‪ .‬وأخرج )ك( الداني عن الحكم بن عتيبة قال قلططت لمحمططد‬
‫بن علي سمعنا أنه سيخرج منكم رجل يعدل في هذه المططة قططال‬
‫أنا نرجو ما يرجو الناس وأنا نرجو لو لم يبقططى مططن الططدنيا إل يططوم‬
‫لطول الله ذلك اليوم حتى يكون ما ترجو هططذه المططة وقبططل ذلططك‬
‫فتنة شر فتنة يمسي الرجطل مؤمنطا ويصطبح كطافرا ويصطبح مؤمنطا‬
‫ويمسي كافرا فمن أدرك ذلك منكم فليتق الله وليكن من أحلس‬
‫بيته‪ .‬وأخرج )ك( الداني عن سلمة بطن زفطر قطال قيطل يومطا عنطد‬
‫حذيفة قططد خططرج المهططدي فقططال لقططد أفلحتططم أن خططرج وأصططحاب‬
‫محمد بينكم انه ل يخرج حتى ل يكون غائب أحب إلى الناس منططه‬

‫‪95‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫مما يلقون من الشر‪ .‬وأخرج )ك( الداني عن قتادة قال يجاء إلططى‬
‫المهدي في بيته والناس في فتنة يهراق فيها الدماء يقطال لطه قططم‬
‫علينا فيأبى حتى يخوف بالقتل فإذا خوف بالقتططل قططام عليهططم فل‬
‫يهراق بسببه محجمة دم‪ .‬وأخرج )ك( الداني عن حذيفة قال قططال‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسططلم تكططون وقعططة بططالزوراء قططال يططا‬
‫رسول الله وما الزوراء قال مدينططة بالمشططرق بيططن أنهططار يسططكنها‬
‫شرار خلطق اللطه وجبطابرة مطن أمطتي يقطذف بأربعطة أصطناف مطن‬
‫العذاب بالسيف وخسف وقذف ومسخ‪ .‬وقال رسططول اللططه صططلى‬
‫الله عليه وسلم إذا خرجططت السططودان طلبططت العطرب مكشططوفون‬
‫حتى يلحقوا ببطن الرض أو قال ببطن الردن فبينما هم كذلك إذ‬
‫خرج السفياني في ستين وثلثمططائة راكططب حططتى يططأتي دمشططق فل‬
‫يأتي عليهم شهر حتى يتابعه من كلب ثلثططون ألفططا فيبعططث جيشططا‬
‫إلططى العططراق فيقتططل بططالزوراء مططائة ألططف وينجططرون إلططى الكوفططة‬
‫فينهبونها فعند ذلك تخرج راية مططن المشططرق ويقودهططا رجططل مططن‬
‫تميم يقال له شعيب بن صالح فيستنقذ ما في أيططديهم مططن سططبي‬
‫أهل الكوفة ويقتلهم ويخرج جيش آخر من جيوش السفياني إلططى‬
‫المدينة فينهبونها ثلثة أيام ثم يسططيرون إلططى مكططة حططتى إذا كططانوا‬
‫بالبيداء بعث الله جبريل فيقول يا جبريل عذبهم فيضطربهم برجلطه‬
‫ضربة يخسف الله بهطم فل يبقططى منهطم إل رجلن فيقطدمان علطى‬
‫السفياني فيخبرانه بخسططف الجيططش فل يهططوله ثططم أن رجططال مططن‬
‫قريش يهربططون إلططى قسطططنطينية فيبعططث السططفياني إلططى عظيططم‬
‫الروم أن يبعث بهم في المجامع فيبعث بهم إليه فيضرب أعناقهم‬
‫على باب المدينة بدمشق قال حذيفة حتى إنه يطاف بالمرأة في‬
‫مسجد دمشق في الثوب على مجلططس مجلططس حططتى تططأتي فخططذ‬
‫السفياني فتجلس عليططه وهططو فططي المحططراب قاعططد فيقططوم رجططل‬
‫مسلم من المسلمين فيقول ويحكم أكفرتم بعد إيمانكم أن هذا ل‬
‫يحل فيقوم فيضططرب عنقططه فططي مسططجد دمشططق ويقتططل كططل مططن‬
‫شايعه على ذلك فعند ذلك ينادي مناد من السماء أيهططا النططاس إن‬
‫الله قد قطع عنكم مدة الجبطارين والمنطافقين وأشطياعهم وولكطم‬
‫خير أمة محمططد صططلى اللططه عليططه وسططلم فططالحقوا بططه بمكططة فططإنه‬
‫المهدي واسمه أحمد بن عبد الله قططال حذيفططة فقططام عمططران بططن‬
‫الحصين فقال يا رسول الله كيف لنا حططتى نعرفططه قططال هططو رجططل‬
‫من ولدي كأنه من رجال بني إسططرائيل عليططه عباءتططان قطوانيتططان‬

‫‪96‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫كأن وجهه الكوكب الدري في خده اليمن خال أسود ابططن أربعيططن‬
‫سنة فيخرج البدال من الشام وأشباههم ويخرج إليه النجبططاء مططن‬
‫مصر وعصائب أهل الشرق وأشباههم حتى يططأتوا مكططة فيبططايع لططه‬
‫بين الركن والمقام ثم يخططرج متوجهططا إلططى الشططام وجبريططل علططى‬
‫مقدمته وميكائيل على ساقته فيفرح به أهل السماء وأهل الرض‬
‫والطير والوحوش والحيتان في البحر وتزيد المياه في دولته وتمد‬
‫النهار وتضعف الرض أهلها وتستخرج الكنوز فيقدم الشام فيذبح‬
‫السفياني تحت الشجرة التي أغصانها إلططى بحيططرة طبريططة ويقتططل‬
‫كلبا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فالخائب من خان يططوم‬
‫كلب ولو بعقال قال حذيفة يا رسول الله كيف يحل قتططالهم وهططم‬
‫موحدون فقال رسول الله صلى الله عليططه وسططلم يططا حذيفططة هططم‬
‫يومئذ على ردة يزعمون أن الخمر حلل ول يصلون‪ .‬وأخططرج )ك(‬
‫الداني عن شهر بن حوشب قال قال رسول الله صلى الله عليططه‬
‫وسلم سيكون في رمضان صططوت وفططي شططوال معمعططة وفططي ذي‬
‫القعدة تحارب القبائل وعلمته ينهب الحاج وتكططون ملحمططة بمنططى‬
‫تكثر فيها القتلى وتسططيل فيهططا الططدماء حططتى تسططيل دمططائهم علططى‬
‫الجمرة حتى يهرب صاحبهم فيؤتي بين الركن والمقام فيبايع وهو‬
‫كاره ويقال له أن أبيت ضططربنا عنقططك يرضططى بططه سططاكن السططماء‬
‫وساكن الرض‪ .‬وأخرج )ك( نعيم عن كعططب قططال يطلططع نجططم مططن‬
‫المشرق قبل خروج المهدي لططه ذنططب يضططيء‪ .‬وأخططرج نعيططم عططن‬
‫شريك قال بلغني أنه قبل خروج المهدي ينكسف القمر في شهر‬
‫رمضان مرتين‪ .‬وأخرج أبو غنم الكوفي في كتاب الفتن عن علططي‬
‫بن أبي طالب قال ويحا للطالقان فإن لله فيه كنططوزا ليسططت مططن‬
‫الذهب ول فضة ولكن بهطا رجططال عرفطوا اللطه حططق معرفتططه وهططم‬
‫أنصار المهدي آخر الزمان‪ .‬وأخرج أبططو بكططر السططكاف فططي فططوائد‬
‫الخبار عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليططه‬
‫وسلم من كذب بالدجال فقد كفر ومن كذب بالمهدي فقططد كفططر‪.‬‬
‫وأخرج )ك( نعيم عن جعفر بن يسار الشامي قال يبلغ رد المهدي‬
‫المظالم حتى لو كططان تحططت ضططرس إنسططان شططيء انططتزعه حططتى‬
‫يرده‪ .‬وأخرج )ك( نعيم عن سلمان بن عيسى قال بلغني أنه على‬
‫يدي المهدي يظهر تابوت السكينة من بحيرة طبريططة حططتى يحمططل‬
‫فيوضع بين يديه ببيت المقدس فإذا نظرت إليه اليهود أسلمت إل‬
‫قليل منهم‪ . .‬وفي )ك( الفردوس من حديث ابن عبططاس مرفوعططا‬

‫‪97‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫المهدي طاووس أهل الجنة‪ .‬وأخططرج )ك( أبططو عمططرو الططداني فططي‬
‫سننه عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صطلى اللطه عليطه‬
‫وسلم ل تططزال طائفططة مططن أمططتي تقاتططل علططى الحططق حططتى ينططزل‬
‫عيسى ابن مريم عنططد طلططوع الفجططر بططبيت المقططدس ينططزل علططى‬
‫المهدي فيقال تقدم يا نبي الله فصل بنا فيقول هذه المططة أمططراء‬
‫بعضهم على بعض‪ .‬وأخططرج )ك( نعيططم عططن خالططد بططن سططمير قططال‬
‫هرب موسى بن طلحة بطن عبيطد اللطه مطن المختطار إلطى البصطرة‬
‫وكان الناس يرون في زمانه أنه المهدي‪ .‬وأخرج نعيم عططن صططباح‬
‫قال ل خلفة بعد حمل بني أمية حتى يخرج المهدي‪ .‬وأخرج نعيططم‬
‫عن عبد الله بن عمرو بن العاص قططال وجططدت فططي بعططض الكتططب‬
‫يوم اليرموك أبو بكر الصديق أصططبتم اسططمه عمططر الفططاروق قططرن‬
‫مططن حديططد أصططبتم اسططمه عثمططان ذو النططورين أو فططي كفليططن مططن‬
‫الرحمة لنه قتل مظلوما أصبتم اسمه ثم يكون سططفاح ثططم يكططون‬
‫منصور ثم يكون المين ثم يكون مهططدي ثططم يكططون سططيف وسططلم‬
‫يعني صلحا وعافية ثم يكون أميططر العصططب سططتة منهططم مططن ولططد‬
‫كعب بن لؤي ورجل من قحطان كلهم صالح ل يرى مثله‪ .‬وأخططرج‬
‫)ك( نعيم عن عبد الله بن عمرو قال يكون بعططد الجبططارين الجططابر‬
‫يجبر الله به أمة محمططد صططلى اللططه عليططه وسططلم ثططم المهططدي ثططم‬
‫المنصور ثم السلم ثم أمير العصب فمن قططدر علططى المططوت بعططد‬
‫ذلك فليمت‪ .‬وأخرج نعيم من طريق علي بن أبي طلحة عططن ابططن‬
‫عبططاس قططال قططال رسططول اللطه صطلى اللطه عليططه وسططلم إذا مططات‬
‫الخامس من أهل بيتي فالهرج فالهرج حتى يمططوت السططابع قططالوا‬
‫وما الهرج قال القتل كذلك حتى يقوم المهدي‪ .‬وأخططرج )ك( نعيططم‬
‫عن محمد بن الحنفية قال يملك بنو العبططاس حططتى ييططأس النططاس‬
‫من الخير ثم يتشعث أمرهم فططي سططنة خمططس وتسططعين فططأن لططم‬
‫تجدوا إل جحر عقرب فططادخلوا فيططه فططأنه يكططون فططي النططاس شططر‬
‫طويل ثم يزول ملكهم في سنة سططبع وتسططعين أو تسططع وتسططعين‬
‫ويقوم المهدي في سنة مائتين‪ .‬وأخرج )ك( نعيم عن عبد الله بن‬
‫سلم قال ل يزال الناس بخير في الرخاء ما لم ينقططض ملططك بنططي‬
‫العباس فإذا انتقض ملكهم لم يزالوا في فتنة حتى يقوم المهدي‪.‬‬
‫واخرج )ك( نعيم عن الحكم بن نافع قال يقاتل السططفياني الططترك‬
‫ثم يكون استئصططاله علطى يطد المهطدي وأول لطواء يعقططده المهطدي‬
‫يبعثه إلى الترك وقال ابن سطعد فطي الطبقطات أنطا الواقطدي قطال‬

‫‪98‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫سمعت مالك بن أنس يقول خرج محمد بن عجلن مططع عبططد اللططه‬
‫بن حزحين خرج بالمدينة فلمططا قتططل محمططد ابططن عبططد اللططه وولططي‬
‫جعفر بن سليمان بن علططي المدينططة بعططث إلططى محمططد بططن عجلن‬
‫فأتي به فبكته وكلمه كلما شديدا وقال خرجت مططع الكططذاب فلططم‬
‫يتكلم محمد بن عجلن بكلمة إل أنه يجري شفتيه بشيء ل يططدري‬
‫ما هو فيظن أنه يططدعو فقططام مططن حضططر جعفططر بططن سطليمان مططن‬
‫فقهاء أهل المدينة وأشرافهم فقالوا أصلح الله الميططر محمططد بططن‬
‫عجلن فقيططه أهططل المدينططة وعابططدها وإنمططا شططبه عليططه وظططن أنططه‬
‫المهدي الذي جاءت فيططه الروايططة فلطم يزالططوا يطلبططون إليططه حططتى‬
‫تركه فولى محمد بن عجلن منصرفا لم يتكلططم بكلمططة حططتى أتططى‬
‫منزله‪ .‬وأخرج )ك( نعيم عن كعب قال يحاصطر الططدجال المططؤمنين‬
‫ببيت المقدس فيصيبهم جوع شديد حتى يأكلوا أوتار قسططيهم مططن‬
‫الجوع فبينما هم على ذلك إذ سمعوا صوتا فططي الغلططس فيقولططون‬
‫أن هذا لصوت رجل شبعان فينظرون فإذا بعيسى بن مريم وتقام‬
‫الصلة فيرجع إمام المسلمين المهدي فيقول عيسططى تقططدم فلططك‬
‫أقيمت الصلة فيصلي بهم تلك الليلة ثم يكون عيسى إماما بعده‪.‬‬
‫وأخرج أبو الحسين بن المنادي في كتاب الملحم عططن سططالم بططن‬
‫أبططي الجعططد قططال يكططون المهططدي إحططدى وعشططرين سططنة أو اثنيططن‬
‫وعشرين سنة ثم يكون آخر من بعده وهو دونه وهططو صططالح تسططع‬
‫سططنين‪ .‬وأخططرج ابططن عسططاكر عططن خالططد بططن معططدان قططال يهططزم‬
‫السفياني الجماعة مرتين ثم يهلك ول يخرج المهدي حتى يخسف‬
‫بقرية بالغوطة تسمى حرستا‪ .‬وأخرج ابططن المنططادى فططي الملحططم‬
‫قال ليخرجن رجل من ولططدي عنططد اقططتراب السططاعة حططتى تمططوت‬
‫قلوب المؤمنين كما تموت البدان لما لحقهم من الضرر والشططدة‬
‫والجططوع والقتططل وتططواتر الفتططن والملحططم العظططام وإماتططة السططنن‬
‫وإحياء البدع وترك المر بططالمعروف والنهططي عططن المنكططر فيحيططي‬
‫الله بالمهدي محمد بن عبد اللططه السططنن الططتي قططد أميتططت ويسططر‬
‫بعدله وبركته قلوب المؤمنين وتتألف إليططه عصططب العجططم وقبططائل‬
‫من العرب فيبقى على ذلك سنين ليسططت بططالكثيرة دون العشططرة‬
‫ثم يموت قال ابن المنادي وفي كتاب دانيال أن السططفيانيين ثلثططة‬
‫وأن المهديين ثلثة فيخرج السفياني الول فإذا خرج وفشطا ذكططره‬
‫خرج عليه المهدي الول ثم يخرج السفياني الثططاني فيخططرج عليططه‬
‫المهدي الثاني ثم يخرج السططفياني الثططالث فيخططرج عليططه المهططدي‬

‫‪99‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الثالث فيصلح اللططه بططه كلمططا أفسططد قبلططه ويسططتنقذ اللططه بططه أهططل‬
‫اليمان ويحيي به السنة ويطفئ به نيططران البدعططة ويكططون النططاس‬
‫في زمان أعزاء ظاهرين على من خالفهم ويعيشون أطيب عيش‬
‫ويرسل الله السماء عليهم مدرارا وتخططرج الرض زهرتهططا ونباتهططا‬
‫فل تدخر من نباتها شيئا فيمكث على ذلك سبع سططنين ثططم يمططوت‬
‫ثم قال ثنا أبو بكر أحمد بططن محمططد بططن عبططد اللططه بططن صططدقة ثنططا‬
‫محمد بن إبراهيم أبو أمية الطرسوسي ثنا أبططو نعيططم الفضططل بططن‬
‫دكين ثنا شريك بن عبد الله عن عمار بططن عبططد اللططه الططدهني عططن‬
‫سالم بن أبي الجعد قال يكون المهططدي إحططدى وعشططرين سططنة أو‬
‫اثنتين وعشرين ثم يكون آخر من بعططده وهططو صططالح تسططع سططنين‪.‬‬
‫وأخرج )ك( ابن منططدة فططي تاريططخ أصططبهان عططن ابططن عبططاس قططال‬
‫المهدي شاب منا أهل البيت‪.‬‬
‫)فصل( قال عبد الغافر الفارسططي فططي مجمططع الغططرائب وابططن‬
‫الجوزي في غريب الحديث وابن الثير في النهاية في حديث على‬
‫أنه ذكر المهدي من ولد الحسن فقال أنه أزيل الفخططذين والمططراد‬
‫انفراج فخذيه وتباعد ما بينهما‪.‬‬
‫)تنبيهططات( الول‪ :‬عقططد أبططو داود فططي سططننه بابططا فططي المهططدي‬
‫وأورد في صدره حديث جابر بن سمرة عن رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم ل يزال هذا الدين قائما حتى يكططون اثنططا عشططر خليفططة‬
‫كلهم تجتمع عليه المة وفي رواية ل يزال هذا الططدين عزيططزا إلططى‬
‫اثنى عشر خليفة كلهططم مططن قريططش‪ .‬فأشططار بططذلك إلططى مططا قططاله‬
‫العلماء أن المهدي أحد الثني عشر فإنه لم يقططع إلططى الن وجططود‬
‫اثنططي عشططر اجتمعطت المططة علطى كطل منهططم‪ .‬الثطاني‪ :‬روى الططدار‬
‫قطني في الفراد وابن عساكر في تاريخه عن عثمططان بططن عفططان‬
‫سططمعت النططبي صططلى اللططه عليططه وسططلم يقططول المهططدي مططن ولططد‬
‫العباس عمي قال الدار قطني هذا حديث غريب تفططرد بططه محمططد‬
‫بن الوليد مولى بني هاشم‪ .‬الثالث‪ :‬روى ابن ماجطة عطن أنطس أن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ل يزداد المططر إل شططدة ول‬
‫الدنيا إل إدبارا ول الناس إل شحا ول تقوم الساعة إل على شططرار‬
‫الناس ول مهدي إل عيسى بن مريم قال القرطططبي فططي التططذكرة‬
‫إسناده ضعيف والحاديث عن النبي صططلى اللططه عليططه وسططلم فططي‬
‫التنصيص على خروج المهدي مططن عططترته مططن ولططد فاطمططة ثابتططة‬
‫أصح من هذا الحديث فالحكم بها دونه‪ .‬وقال أبططو الحسططن محمططد‬

‫‪100‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫بن الحسين بن إبراهيم بن عاصططم السططحري قططد تططواترت الخبططار‬
‫واستفاضت بكثرة رواتها عن المصطفى صططلى اللططه عليططه وسططلم‬
‫بمجيء المهدي وأنه من أهل بيتي وإنه سيملك سططبع سططنين وأنططه‬
‫يمل الرض عدل وإنه يخططرج مططع عيسططى عليططه السططلم فيسططاعده‬
‫على قتل الدجال بباب لد بأرض فلسطططين وإنططه يططؤم هططذه المططة‬
‫وعيسى يصلي خلفه في طول من قصططته وأمططره قططال القرطططبي‬
‫ويحتمل أن يكون قططوله عليططه السططلم ول مهططدي إل عيسططى أي ل‬
‫مهدي كامل معصوما إل عيسى قال وعلططى هططذا تجتمططع الحططاديث‬
‫ويرتفع التعارض‪ ،‬وقال ابن كثير هططذا الحططديث فيمططا يظهططر ببططادئ‬
‫الرأي مخالف للحاديث الواردة في إثبات مهدي غيططر عيسططى بططن‬
‫مريم وعند التأمل ل ينافيها بل يكون المراد من ذلططك أن المهططدي‬
‫حق المهدي هو عيسى ول ينفي ذلك أن يكون غيره مهططديا أيضططا‪.‬‬
‫الرابع‪ :‬أورد القرطبي في التذكرة أن المهدي يخططرج مططن الغططرب‬
‫القصى في قصة طويلة ول أصل لذلك والله أعلم‪.‬‬

‫الكشف عن مجاوزة هذه المة اللف‬


‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫الحمد لله وسلم على عباده الططذين اصطططفى وبعططد فقططد كططثر‬
‫السؤال عن الحديث المشططتهر علططى ألسططنة أن النططبي صططلى اللططه‬
‫عليه وسلم ل يمكث في قبره ألف سنة وأنا أجيططب بططأنه باطططل ل‬
‫أصل له ثم جاءني رجل في شهر ربيع الول من هذه السنة وهي‬
‫سنة ثمان وتسعين وثمانمائة ومعه ورقة بخطه ذكر أنه نقلها مططن‬
‫فتيا أفتى بها بعض أكططابر العلمططاء ممططن أدركتططه بالسططن فيهططا أنططه‬
‫اعتمد مقتضى هذا الحديث وأنه يقع فططي المططائة العاشططرة خططروج‬
‫المهدى والدجال ونزول عيسى وسائر الشراط وينفخ في الصور‬
‫النفخة الولى وتمضي الربعون سططنة الططتي بيططن النفخططتين وينفططخ‬
‫نفخة البعث قبل تمام اللف فاستبعدت ذلك من مثل هططذا العططالم‬
‫المشار إليه وكرهت أن أصرح برده تأدبا معه فقلت هذا شططيء ل‬
‫أعرفططه فحططاولني السططائل تحريططر المقططال فططي ذلططك فلططم أبلغططه‬
‫مقصوده وقلت جولوا في الناس جولة فإنه ثم من ينفططخ أشططداقه‬
‫ويدعى مناظرتي وينكر على دعواي الجتهاد والتفرد بطالعلم علططى‬
‫رأس هذه المائة ويزعم أنططه يعارضططني ويسططتجيش علططي مططن لططو‬
‫اجتمع هو وهم في صعيد واحد ونفخت عليهطم نفخطة صطاروا هبطاء‬

‫‪101‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫منثورا فدار السائل المذكور على النططاس وأتططى كططل ذاكططر ونططاس‬
‫وقصد أهل النجدة والباس فلم يجد من يزيل عنه اللباس ومضى‬
‫على ذلك بقية العام‪ .‬والسؤال بكر لم يفططض أحططد ختامهططا بططل ول‬
‫جسططر جاسططر أن يحسططر لثامهططا وكلمططا أراد أحططد أن يططدنو منهططا‬
‫استعصت وامتنعت وكل من حدثته نفسه أن يمد يده إليها قطعت‬
‫وكل من طرق سمعه هذا السؤال لم يجد له بابا يطرقه غير بابى‬
‫وسلم الناس أنه ل كاشف له بعد لساني سوى واحططد وهططو كتططابي‬
‫فقصدني القاصدون في كشططفه وسططألني الططواردون أن أحططبر فيططه‬
‫مؤلفا يزدان يوصفه فأجبتهم إلططى مططا سططألوا وشططرعت لهططم منهل‬
‫فإن شاؤا علوا وإن شاؤا أنهلوا وسميته الكشف عن مجاوزة هذه‬
‫المة اللف فأقول أول الذي دلت عليه الثار أن مططدة هططذه المططة‬
‫تزيد على ألف سنة ول تبلغ الزيادة عليهططا خمسططمائة سططنة وذلططك‬
‫لنه ورد من طرق أن مدة الدنيا سبعة آلف سنة وأن النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم بعث في أواخر اللف السادسة وورد أن الططدجال‬
‫يخرج على رأس مائة وينزل عيسى عليه السلم فيقتله ثم يمكث‬
‫في الرض أربعين سنة وأن الناس يمكثططون بعططد طلططوع الشططمس‬
‫من مغربها مائة وعشططرين سططنة وأن بيططن النفخططتين أربعيططن سططنة‬
‫فهذه مائتططا سططنة ل بططد منهططا والبططاقي الن مططن اللططف مططائة سططنة‬
‫وسنتان والى الن لم تطلع الشمس من مغربها ول خرج الططدجال‬
‫الذي خروجه قبل طلوع الشمس من مغربهططا بعططد نططزول عيسططى‬
‫بسنتين ول ظهر المهدي الذي ظهوره قبططل الططدجال بسططبع سططنين‬
‫ول وقعت الشراط التي قبل ظهور المهدي ول بقي يمكن خططروج‬
‫الدجال عن قريب لنه إنما يخرج على رأس مائة وقبله مقططدمات‬
‫تكون في سنين كثيرة فأقل ما يكون أن يجوز خروجه علططى رأس‬
‫اللف أي لم يتأخر إلى مائة بعدها فكيف يتططوهم أحططد أن السططاعة‬
‫تقوم قبل تمام ألف سنة هذا شيء غير ممكططن بططل اتفططق خططروج‬
‫على رأس ألف وهو الذي أبداه بعض العلماء احتمال مكثت الططدنيا‬
‫بعده أكثر من مائتي سنة المائتين المشار إليهططا والبططاقي مططا بيططن‬
‫خروج الدجال وطلوع الشمس من مغربها ول نططدري كططم هططو وإن‬
‫تأخر الدجال عن رأس ألف إلى مائة أخرج كططانت المططدة أكططثر ول‬
‫يمكطن أن تكطون المطدة ألفطا وخمسطمائة سطنة أصطلوها أنطا أذكطر‬
‫الحاديث والثار التي اعتمدت عليها في ذلك‪.‬‬

‫‪102‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫ذكر ما ورد أن مدة الدنيا سبعة آلف سنة وأن النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم‬
‫بعث في أواخر اللف السادسة‬
‫قال الحكيم الترمذي في نوادر الصول حدثنا صالح بن أحمططد‬
‫بن أبي محمد حدثنا يعلى بن هلل عن ليث عن مجاهططد عططن أبططي‬
‫هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسططلم‬
‫إنما الشفاعة يوم القيامة لمن عمل الكبططائر مططن أمططتي ثططم مططاتوا‬
‫عليها وهم في الباب الول من جهنم ل تسود وجططوههم ول تططزرق‬
‫عيونهم ول يغلون بالغلل ول يقرنون مع الشططياطين ول يضططربون‬
‫بالمقامع ول يطرحون في الدراك منهم من يمكث فيها ساعة ثم‬
‫يخرج ومنهم من يمكث فيها يوما ثم يخرج ومنهم من يمكث فيهططا‬
‫شهرا ثم يخرج ومنهم من يمكث فيهططا سططنة ثططم يخططرج وأطططولهم‬
‫مكثا فيها مثل الدنيا منذ يوم خلقت إلى يوم أفنيططت وذلططك سططبعة‬
‫آلف سنة وذكر بقية الحديث وقال ابن عساكر أخبرنططا أبططو سططعيد‬
‫أحمد بن محمد البغدادي أخبرنا أبو سهل حميد بن أحمد بن عمططر‬
‫الصيرفي أخبرنا أبو عمرو عبد الله بن محمططد بططن أحمططد بططن عبططد‬
‫الوهاب أخبرنا أبو جعفر محمد بن شاذان ابن سعدوية أخبرنا أبططو‬
‫علي الحسن بططن داود البلخططي حططدثنا شططقيق بططن إبراهيططم الزاهططد‬
‫حدثنا أبو هاشم اليلي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم مططن قضططى حاجططة المسططلم فططي اللططه‬
‫كتب الله له عمر الدنيا سبعة آلف سططنة صطام نهططاره وقططام ليلطه‪.‬‬
‫وقال ابن عدي حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد اللططه البلخططي ثنططا‬
‫أحمد بن محمد حدثنا حمزة بن داود حدثنا عمططر بططن يحيططى حططدثنا‬
‫العلء بن زيد عن أنس رضي الله عنه قال قال رسول الله صططلى‬
‫الله عليه وسلم عمر الدنيا سبعة أيام من أيططام الخططرة قططال اللططه‬
‫تعالى )وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون( وقال الطططبراني‬
‫في الكبير حدثنا أحمططد بططن النضططر العسططكري وجعفططر بططن محمططد‬
‫العرياني قال حدثنا الوليد بن عبد الملك بن سرح الحرانططي حططدثنا‬
‫سليمان بططن عطططاء القريشططي الحربططي عططن سططلمة بططن عبططد اللطه‬
‫الجهني عن عمر بن أبي شجعة بن ربيع الجهني عن الضحاك بططن‬
‫زمل الجهني قال رأيت رؤيا فقصصتها على رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم فذكر الحديث وفيه إذا أنا بك يا رسول الله على منبر‬
‫فيه سبع درجات وأنت فطي أعلهطا درجطة فقطال صطلى اللطه عليطه‬

‫‪103‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫وسلم أما المنبر الططذي رأيططت فيططه سططبع درجططات وأنططا فططي أعلهططا‬
‫درجة فالدنيا سبعة آلف سنة وأنا في أخيرها ألفا أخرجه البيهقي‬
‫في الدلئل وأورده السهيلي في الروض النف وقال هذا الحططديث‬
‫وإن كان ضعيف السناد فقد روى موقوفا على ابن عبططاس رضططي‬
‫الله عنه من طرق صحاح أنه قال الدنيا سبعة أيام كططل يططوم ألططف‬
‫سنة وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم فططي آخرهططا وصططحح‬
‫أبو جعفر الطبري هذا الصل وعضده بآثار‪ ،‬وقوله صلى الله عليه‬
‫وسلم في هذا الحديث وأنا في آخرها ألفططا أي معظططم الملططة فططي‬
‫اللف السابعة ليطابق ما سيأتي من أنه بعططث فططي أواخططر اللططف‬
‫السادسة ولو كان بعث في أول اللططف السططابعة كططانت الشططراط‬
‫الكبرى كالدجال ونزول عيسى عليه السلم وطلوع الشمس مططن‬
‫مغربها وجدت قبل اليوم بأكثر من مائة سنة لتقططوم السططاعة عنططد‬
‫تمام اللف ولم يوجد شيء مطن ذلطك فططدل علططى أن البططاقي مططن‬
‫اللف السابعة أكثر من ثلثمائة وقال ابن أبي حططاتم فططي التفسططير‬
‫عن ابن عباس رضي الله عنه قال الدنيا جمعة مططن جمططع الخططرة‬
‫سبعة آلف سنة وقال ابن أبي الططدنيا فططي كتططاب ذم المططل حططدثنا‬
‫علي بن سعد حدثنا حمزة بططن هشططام قططال سططعيد بططن جططبير إنمططا‬
‫الدنيا جمعة من جمع الخططرة وقططال عبططد بططن حميططد فططي تفسططيره‬
‫حدثنا محمد بن الفضل حدثنا حماد بن زيططد عططن يحيططى بططن عططتيق‬
‫عن محمد بن سيرين عن رجل مططن أهططل الكتططاب أسططلم قططال إن‬
‫الله تعالى خلق السماوات والرض في سططتة أيططام وإن يومططا عنططد‬
‫ربك كألف سنة مما تعدون وجعططل أجططل الططدنيا سططتة أيططام وجعططل‬
‫الساعة في اليوم السابع قططد مضطت سطتة أيطام وأنتططم فططي اليطوم‬
‫السابع وقال ابن إسحاق حدثنا محمد بن أبي محمد حدثنا عكرمة‬
‫أو سعيد بن جبير عن ابن عباس أن يهودا كانوا يقولون مدة الدنيا‬
‫سبعة آلف سنة وإنما نعذب لكل ألف سنة مططن أيططام الططدنيا يومططا‬
‫واحدا في النار وإنما هي سبعة أيام معدودات ثم ينقطططع العططذاب‬
‫فططأنزل اللططه تعططالى فططي ذلططك )وقططالوا لططن تمسططنا النططار إل أيامططا‬
‫معدودة( إلى قوله تعالى خالدون‪ ،‬أخرجه ابن جرير وابططن المنططذر‬
‫وابن أبي حاتم وقال عبد بن حميد أنا شبابة عططن ورقططاء عططن ابططن‬
‫أبي نجيح عن مجاهد مثله وقال الدينوري في المجالسة ثنا محمد‬
‫عبد العزيز أخبرنا أبي قال سمعت سالم الخطواص يقطول سطمعت‬
‫عثمان ابن زائدة يقول كان كرز يجتهططد فططي العبططادة فقيططل لططه أل‬

‫‪104‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫ترح نفسك ساعة فقال كطم بلغكططم عططن الططدنيا قطالوا سططبعة آلف‬
‫فقال كم بلغكم مقدار يوم القيامة قالوا خمسين ألططف سططنة قططال‬
‫يعجز أحدكم أن يعمل سبع يومه حتى يأس من ذلك اليوم‪.‬‬

‫ذكر ما ورد أن الدجال ينزل على رأس مائة وينزل عيسى عليه‬
‫السلم‬
‫فيقتله ثم يمكث في الرض أربعين سنة‬
‫قططال ابططن أبططي حططاتم فططي التفسططير حططدثنا يحيططى بططن عبططدك‬
‫القرطبي حدثنا خلف بن الوليد حدثنا المبارك بن فضالة عن علي‬
‫بن زيد عن عبد الرحمن ابن أبي بكر عن العريان بن الهيثططم عططن‬
‫عبد الله بن عمرو بن العاص قال ما كطان منطذ كطانت الطدنيا رأس‬
‫مائة سنة إل كان عند رأس المائة أمر فإذا كططان رأس مططائة خططرج‬
‫الدجال وينزل عيسى فيقتله‪ ،‬وأخرج الطبراني عن عبططد اللططه بططن‬
‫سلم قال يمكث الناس بعد الدجال أربعيططن سططنة تعمططر السططواق‬
‫ويغرس النخل‪ .‬وأخرج الطبراني عن أبي هريرة قال قال رسططول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم ينططزل عيسططى بططن مريططم فيمكططث فططي‬
‫الناس أربعين عاما‪ .‬وأخرج أحمد في مسططنده عططن عائشططة رضططي‬
‫الله عنها قالت قططال رسططول اللططه صططلى اللططه عليططه وسططلم يخططرج‬
‫الدجال فينزل عيسى عليه السلم فيقتله ثم يمكث عيسططى عليططه‬
‫السلم في الرض أربعين عاما إماما عادل وحكما قسطا‪ .‬وأخططرج‬
‫أحمد في الزهد عن أبي هريرة قال يمكث عيسططى عليططه السططلم‬
‫في الرض أربعين سنة لططو يقططول للبطحططاء سططيلي عسططل لسططالت‬
‫وأخرج الحاكم في المستدرك عن ابن مسعود رضي الله عنه عن‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم قال بين أذني حمططار الططدجال أربعططون‬
‫ذراعا فذكر الحديث إلى أن قال وينزل عيسى ابططن مريططم فيقتلططه‬
‫فيتمتعون أربعين سنة ل يموت أحد ول يمرض أحد ويقول الرجططل‬
‫لغنمه ولدوابه اذهبوا فارعوا وتمر الماشية بيططن الزرعيططن ل تأكططل‬
‫منه سنبلة والحيات والعقارب ل تؤذي أحططدا والسططبع علططى أبططواب‬
‫الدور ل يؤذي أحدا ويأخذ الرجل المد من القمح فيبذره بل حططرث‬
‫فيجيء منه سبعمائة مد فيمكثون في ذلك حتى يكسر سد يأجوج‬
‫ومأجوج فيموجون ويفسططدون فططي الرض فيبعططث اللططه دابططة مططن‬
‫الرض فتططدخل آذانهططم فيصططبحون مططوتى أجمعيططن وثنططتين الرض‬
‫منهم فيؤذون الناس بنتنهم فيسططتغيثون بططالله ريحططا يمانيططة غططبراء‬

‫‪105‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫ويكشف ما بهم بعد ثلث وقد قذفت جيفتهم في البحر ول يلبثون‬
‫إل قليل حتى تطلع الشمس من مغربها قال أبو الشيخ فططي كتططاب‬
‫الفتن عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسططول اللططه صططلى‬
‫الله عليه وسلم ينزل عيسططى بططن مريططم فيقتططل الططدجال ويمكططث‬
‫أربعيططن عامططا يعمططل فيهططم بكتططاب اللططه تعططالى وسططنتي ويمططوت‬
‫ويستخلفون بأمر عيسى رجل من بني تميم يقال له المقعططد فططإذا‬
‫مات المقعد لم يأت على الناس ثلث سنيين حططتى يرفططع القططرآن‬
‫من صدور الرجال ومصاحفهم‪ .‬وأخططرج مسططلم والحططاكم وصططححه‬
‫عن عبد الله بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليطه وسطلم‬
‫يخرج الططدجال فيلبططث فططي أمططتي أربعيططن ثططم يبعططث اللططه عيسططى‬
‫فيطلبه حتى يهلكه ثم يبقي الناس بعططده سططبع سططنيين ليططس بيططن‬
‫اثنين عداوة ثم يبعث الله ريحا باردة تجيططء مططن قبططل الشططام فل‬
‫تدع أحدا في قلبه مثقال ذرة من إيمان إل قبضت روحه حططتى لططو‬
‫أن أحدكم دخل في كبد جبل لدخلت عليه حتى تقبضططه ثططم يبقططى‬
‫شرار الناس فيجيئهم الشيطان فيأمرهم بعبادة الوثان فيبعدونها‪.‬‬
‫وأخرج أبو يعلي والروياني في مسنديهما وابن نططافع فططي معجمططه‬
‫والحاكم في المستدرك والضياء في المختارة عن بريدة قال قال‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لله ريحططا يبعثهططا علططى رأس‬
‫مائة سنة تقبض روح كل مؤمن‪.‬‬

‫ذكر مدة مكث الناس بعد طلوع الشمس من مغربها‬


‫قططال ابططن أبططي شططيبة فططي المصططنف حططدثنا أبططو معاويططة عططن‬
‫العمش عن أبي قيس عن الهيثم بن السود قططال خرجططت وافططدا‬
‫في زمن معاوية فإذا أنا بعبد الله بن عمر فقال لي عبططد اللططه بططن‬
‫عمر من أنت فقلت له مططن أهططل العططراق قططال هططل تعططرف أرضططا‬
‫فيكم كثيرة السباخ يقططال لهططا كططوتي قلططت نعططم قططال منهططا يخططرج‬
‫الدجال ثم قططال أن للشططرار بعططد الخيططار عشططرين ومططائة سططنة ل‬
‫يدري أحد من الناس متى يدخل أولها‪ ،‬وأخرجه نعيم بن حماد في‬
‫الفتن وقال ابن أبطي شطيبة حطدثنا وكيطع عطن إسطماعيل عطن أبطي‬
‫خيثمة عططن عبططد اللططه بططن عمططرو قططال يمكططث النططاس بعططد طلططوع‬
‫الشمس من مغربها عشططرين ومططائة سططنة‪ ،‬وقططال عبططد بططن حميططد‬
‫أخبرنا يزيد بن هرون أخبرنا إسماعيل بططن أبططي خالططد سططمعت أبططا‬
‫خيثمة يحدث عن عبد الله بن عمر قال يبقططى النططاس بعططد طلططوع‬

‫‪106‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الشمس من مغربها عشرين ومائة سنة اخرجه نعيم بن حماد في‬
‫الفتن وأخرج نعيم بن حماد عن كعب قال إذا انصرف عيسى بططن‬
‫مريم والمؤمنون من يأجوج ومأجوج لبثوا سنوات فططإذا رأوا كهيئة‬
‫الهرج والغبار فإذا هي ريح قد بعثها اللططه لتقبططض أرواح المططؤمنين‬
‫فتلك آخر عصابة تقبض من المؤمنين ويبقى النططاس بعططدهم مططائة‬
‫عام ل يعرفون دينا ول سنة يتهارجون تهارج الحمططر عليهططم تقططوم‬
‫الساعة‪ ،‬وأخرج نعيم عن عبد الله بن عمر قال يا رسول الله بعد‬
‫يأجوج ومططأجوج ريحططا طيبططة فتقبططض روح عيسططى وأصططحابه وكططل‬
‫مؤمن على وجططه الرض ويبقططى بقايططا الكفططار وهططم شططرار الرض‬
‫مائة سنة‪ ،‬وأخرج نعيم عن عبد الله بن عمر قال ل تقوم السططاعة‬
‫حتى تعبد العرب ما كان يعبد آباؤها عشرين ومائة عام بعد نططزول‬
‫عيسى عليه السلم وبعد الدجال‪.‬‬

‫ذكر مدة ما بين النفختين‬


‫أخرج البخاري ومسلم عن أبي هريططرة رضططي اللططه عنططه قططال‬
‫قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بين النفختين أربعون عاما‪.‬‬
‫وأخرج ابن أبي داود في البعث وابن مردويه عن أبي هريططرة عططن‬
‫النبي صلى اللططه عليططه وسططلم قططال بيططن النفخططتين أربعططون عامططا‪.‬‬
‫وأخرج ابن المبارك فططي الزهططد عططن الحسططن قططال بيططن النفخططتين‬
‫أربعون سنة الولى يميت الله بها كل حي والخرى يحيي الله بهططا‬
‫كل ميت‪ .‬ثم بعد انتهائي بالتأليف الى هنا رأيت فططي كتططاب العلططل‬
‫للمام أحمد بن حنبل قططال حططدثنا إسططماعيل بططن عبططد الكريططم بططن‬
‫معقل بن منبه حدثني عبد الصمد أنه سمع وهبا يقول قد خل مططن‬
‫الدنيا خمسة آلف سنة وستمائة سنة أني لعرف كل زمطان منهطا‬
‫ما كان فيه من الملوك والنبياء وهذا يدل على أن مدة هذه المة‬
‫تزيد على اللف بنحو أربعمائة سنة تقريبا‪.‬‬
‫)فصل( ومما يدل على تأخر المدة أيضا ما أخرجه الحاكم في‬
‫تاريخه قال حدثنا أبططو سططعيد بططن أبططي حامططد حططدثنا عبططد اللططه بططن‬
‫إسحاق بن إلياس حدثنا أبو عمار الحسين بن حريث حدثنا الفضل‬
‫بن موسى عن حسين بن واقد عن عبد الله ابططن بريططدة عططن أبيططه‬
‫قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ل تقوم السططاعة حططتى‬
‫ل يعبد الله في الرض مائة سنة قبل ذلك‪ ،‬ومما يططدل علططى ذلططك‬
‫أيضا ما أخرجه الديلمى في مسند الفردوس قال سططمعت والططدي‬

‫‪107‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫يقول سمعت سليمان الحافظ سمعت أبا عصططمة نططوح بططن مطططر‬
‫الفرغاني سمعت محمد بن أحمد بن سليمان الحافظ سمعت أبططا‬
‫صالح خلف بن محمد سمعت موسى بن أفلح سططمعت أحمططد بططن‬
‫الجنيططد سططمعت عيسططى بططن موسططى سططمعت أبططا حمططزة سططمعت‬
‫العمش سمعت مجاهدا سمعت ابططن عمططر سططمعت رسططول اللططه‬
‫صلى الله عليه وسلم يقول الشرار بعططد الخيططار خمسططين ومططائة‬
‫سنة يملكون جميع أهل الرض وهم الترك قال الديلمي وأخبرنططاه‬
‫عاليا أبي أخبرنا علي الميططداني أخبرنططا سططعيد بططن أبططي عبططد اللططه‬
‫أخبرنا أبو عمططرو بططن المهططدي حططدثنا ابططن مخلططد حططدثنا أحمططد بططن‬
‫الحجاج النيسابوري أخبرنا مقرب بن عمار أخبرنا معمر بططن زائدة‬
‫عن العمش به وأخبرنطا الرويططاني فططي مسطنده حطدثنا محمطد بططن‬
‫إسحاق أخبرنا محمد بن أسد الخشططني أخبرنططا الوليططد بططن مسططلم‬
‫أخبرنا ابن لهيعة عن كعب بن علقمططة حططدثني حسططان بططن كريططب‬
‫قال سمعت أبا ذر يقول أنه سططمع رسططول اللططه صططلى اللططه عليططه‬
‫وسلم يقول سيكون بمصر رجل من قريش أخنططس يلططي سططلطانا‬
‫ثططم يغلططب عليططه أو ينططزع منططه فيفططر إلططى الططروم فيططأتي بهططم إلططى‬
‫السكندرية فيقاتل أهل السلم وذلططك أول الملحططم أخرجططه ابططن‬
‫عساكر في تاريخه وقال رواه غيره عن الوليد فادخل ببن حسططان‬
‫وأبي ذر أبا النجم أخبرنا أبو الحسن علططي بططن أحمططد ابططن منصططور‬
‫وعلي بن مسلم الفقهاني قال أخبرنا أبو الحسين بن أبططي الحديططد‬
‫أخبرنا جدي أخبرنا أبو بكر أخبرنا أبو الفضل أحمد بن عبد الله بن‬
‫نصر بن هلل السلمي حدثنا أبططو عططامر موسططى بططن عططامر أخبرنططا‬
‫الوليد حدثنا ابن لهيعة عن كعب بن علقمة قال حدثني حسان بن‬
‫كريب قال سمعت أبا النجم يقول سمعت أبا ذر يقططول أنططه سططمع‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم يقول سيكون بمصططر رجططل مططن بنططي‬
‫أمية أخنس يلي سلطانا ثططم يغلططب عليططه أو ينططزع منططه فيفططر إلططى‬
‫الروم فيأتي بهم إلى السكندرية فيقاتل أهل السططلم فططذلك أول‬
‫الملحم‪ ،‬ثم أخرج عن أبي عبد اللططه بططن منططدة قططال قططال لنططا أبططو‬
‫سعيد بن يونس أبو النجم يططروي عططن أبططي ذر الغفططاري والحططديث‬
‫معلول‪ ،‬ثم رأيت في كتاب الفتن لنعيم بن حمططاد قططال حططدثنا أبططو‬
‫يوسف المقدسي وكان كوفيا عن محمد بن الحنفية قال يملك بنو‬
‫العباس حتى ييأس الناس من الخير ثم يتشعب أمرهم فططي سططنة‬
‫خمس وتسعين ويكون في الناس شر طويل ثم يزول ملكهم في‬

‫‪108‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫سنة سططبع وتسططعين أو تسططع وتسططعين ويقططوم المهططدي فططي سططنة‬
‫مائتين‪ .‬وأخططرج نعيططم أيضططا عططن جعفططر قططال يقططوم المهططدي سططنة‬
‫مائتين‪ .‬وأخرج أيضا عن أبي قبيططل اجتمططاع النططاس علططى المهططدي‬
‫سطنة أربطع ومطائتين‪ .‬وهطذه الثطار تشطعر بتطأخره إلطى بعطد اللطف‬
‫بمائتين‪ .‬وأخرج أبو نعيم أيضا عططن عمططرو بططن العططاص قططال تهلططك‬
‫مصر إذا رميت بالقسي الربع قوس الترك وقوس الروم وقططوس‬
‫الحبش وقوس أهل الندلس قلت وجططد الول وسططيوجد البططاقون‪.‬‬
‫وأخرج نعيم بن حماد وابن عبد الحكم في فتططوح مصططر عططن عمططر‬
‫بن الخطاب أنه قال لرجل من أهل مصر ليططأتينكم أهططل النططدلس‬
‫فيقاتلونكم بوسيم حتى تركض الخيل في الططدم ثططم يهزمهططم اللططه‬
‫تعالى ثم تأتيكم الحبشة في العام الثاني‪ .‬وأخططرج نعيططم عططن أبططي‬
‫قبيل قال خرج يوما وردان من عند مسلمة بططن مخلططد وهططو أميططر‬
‫على مصر فمر على عبد الله بن عمر مستعجل فناداه فقططال أيططن‬
‫تريد فقال أرسلني المير إلى منف فططاحفر لططه كنططز فرعططون قططال‬
‫فارجع إليه وأقرئه مني السلم وقل له أن كنز فرعون ليططس لططك‬
‫ول لصحابك إنما هو للحبشة يأتون في سفنهم يريدون الفسطاط‬
‫فيسيرون حتى ينزلوا منفا فيظهر لهم الله كنز فرعططون فيأخطذون‬
‫منططه مططا يشططاؤون فيقولططون مططا نبغططي غنيمططة أفضططل مططن هططذه‬
‫فيرجعون‪ ،‬ويخرج المسلمون في آثططارهم حططتى يططدركوهم فيهططزم‬
‫الله تعالى الحبشة فيقتلهم المسلمون ويأسططرونهم‪ .‬وأخططرج نعيططم‬
‫عن عبد الله بن عمر قال يقاتلكم أهل النططدلس بوسططيم فيططأتيكم‬
‫مددكم من الشام فيهزمهطم اللطه تعطالى ثطم يطأتيكم الحبشطة فطي‬
‫ثلثمائة ألف فتقاتلونهم أنتططم وأهططل الشططام فيهزمهططم اللططه تعططالى‬
‫والحمد لله رب العالمين‪.‬‬

‫كشف الريب عن الجيب‬


‫مسألة ‪ -‬سأل سائل عن جيب قميص النبي صططلى اللططه عليططه‬
‫وسلم هل كان على صدره كما هو المعتاد الن في مصر وغيرهططا‬
‫أو على كتفه كما يفعله المغاربة ويسميها أهل مصر فتحة حيدرية‬
‫وذكططر أن قططائل قططال أن هططذا الثططاني هططو السططنة وان الول شططعار‬
‫اليهود‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬لم أقف فططي كلم أحططد مططن العلمططاء علططى أن الول‬
‫شعار اليهود بل الظاهر أنه الذي كططان عليططه قميططص النططبي صططلى‬

‫‪109‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الله عليه وسلم ففططي سططنن أبططي داود‪ :‬بططاب فططي حططل الزرار ثططم‬
‫أخرج فيه من طريق معاوية بن قرة قال حططدثني أبططي قططال أتيططت‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم فطي رهططط مطن مزينطة فبايعنططاه‬
‫وأن قميصططه لمطلططق‪ .‬وفططي روايططة البغططوي فططي معجططم الصططحابة‬
‫لمطلق الزرار قال فبططايعته ثططم أدخلططت يططدي فططي جيططب قميصططه‬
‫فمسست الخاتم قططال عططروة فمططا رأيططت معاويططة ول أبططاه قططط إل‬
‫مطلقى أزرارهما في شتاء ول حر ول يزران أزرارهمططا أبططدا فهططذا‬
‫يدل على أن جيب قميصه كان على صدره كما هططو المعتططاد الن‪.‬‬
‫وقول الفقهاء لو رؤيططت عططورة المصططلي مططن جيبططه فططي ركططوع أو‬
‫سجود لم يكف فليزرره أو يشد وسطه يدل علططى ذلططك أيضططا لن‬
‫العورة إنما ترى من الجيب فطي الركطوع والسطجود إذا كطان علطى‬
‫الصططدر بخلف الفتحططة الحيدريططة وقططد ورد فططي ذلططك حططديث روى‬
‫الشافعي في مسطنده وأحمطد والربعطة وابطن خزيمطة وابطن حبطان‬
‫والحاكم عن سلمة بن الكوع قال قلت يا رسول اللططه إنططي رجططل‬
‫أصيد أفأصلي في القميص الواحد قال نعططم وأزرره ولططو بشططوكة‪.‬‬
‫ثم رأيت النقل في المسألة صريحا ولله الحمد قال البخططاري فططي‬
‫صحيحه بططاب جيططب القميططص مططن عنططد الصططدر وغيططره وأورد فيططه‬
‫حديث الجبتين في مثل المتصدق والبخيططل وفيططه ويقططول بأصططبعه‬
‫هكذا في جيبه‪ ،‬قال الحافظ ابن حجططر فططي شططرحه فالظططاهر أنططه‬
‫كان لبسا قميصططا وكططان فططي طططوقه فتحططة إلططى صططدره قططال بططل‬
‫استدل به ابن بطال على أن الحبيب في ثياب السططلف كططان عنططد‬
‫الصدر قططال وموضططع الدللططة منططه أن البخيططل إذا أراد إخططراج يططده‬
‫أمسكت في الموضع الذي ضاق عليها وهو الثدي والتراقي وذلططك‬
‫في الصدر فبان أن جيبه كان في صدره لنه لو كان في غيره لططم‬
‫يضطر يداه إلى ثدييه وتراقيه قال الحططافظ ابططن حجططر بعططد إيططراد‬
‫كلم ابن بطال وفي حديث قرة بن إيططاس الططذي أخرجططه أبططو داود‬
‫والترمذي وصححه وابططن حبططان لمططا بططايع النططبي صططلى اللططه عليططه‬
‫وسلم قال فأدخلت يدي في جيب قميصططه فمسسططت الخططاتم مططا‬
‫يقتضي أن جيب قميصه كان في صدره لن في أول الحططديث أنططه‬
‫رآه مطلق القميص أي غير مططزرر انتهططى‪ .‬وأخططرج الطططبراني عططن‬
‫زيد بن أبي أوفى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نظططر إلططى‬
‫عثمان بن عفان فإذا أزراره محلولة فزرها رسول الله صلى اللططه‬
‫عليه وسلم بيده ثم قططال اجمططع عطفططي ردائك علططى نحططرك‪ ،‬هططذا‬

‫‪110‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫أيضا يدل على أن جيبه كان على صططدره‪ .‬وأخططرج ابططن أبططي حططاتم‬
‫فططي تفسططيره عططن سططعيد بططن جططبير فططي قططوله تعططالى )وليضططربن‬
‫بخمرهن على جيوبهن( يعنططي علططى النحططر والصططدر فل يططرى منططه‬
‫شيء‪ .‬وقال ابن جرير في تفسيره حدثني المثنى ثنا إسططحاق بططن‬
‫الحجططاج ثنططا إسططحاق بططن إسططماعيل عططن سططليمان بططن أرقططم عططن‬
‫الحسن قال رأيت عثمان بن عفان على منططبر رسططول اللططه صططلى‬
‫الله عليه وسلم عليه قميص محلول الزر‪.‬‬

‫}كتاب البعث{‬
‫مسألة ‪ -‬هططل ورد أن الزامططر يططأتي يططوم القيامططة بمزمططاره أن‬
‫السكران يأتي بقدحه وأن المؤذن يأتي يؤذن‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬نعم ورد ما يقتضي ذلك وورد التصططريح بططأفراد منططه‬
‫ونص عليه العلماء ففي صحيح مسلم يبعث كل عبد على ما مات‬
‫عليه أخرجه من حديث جابر‪ ،‬وروى البيهقي في البعث من حديث‬
‫فضالة ابن عبيد أن النبي صلى اللطه عليطه وسطلم قطال مططن مطات‬
‫على مرتبة من هذه المراتب بعث عليها يوم القيامة وعليطه حمططل‬
‫العلماء مططا رواه أبططو داود مططن حططديث أبططي سططعيد الخططدري يبعططث‬
‫الميت في ثيابه الذي مات فيها أي في أعمططاله الططتي يمططوت فيهططا‬
‫من خير أو شر‪ .‬وقد ثبت في الصحيح أن المجروح في سبيل الله‬
‫يأتي يوم القيامة وجرحه يثعب دما وفيه أيضا أن الذي مات علططى‬
‫إحرامه يبعث ملبيططا وفططي روايططة ملبططدا وقططد روى الصططبهاني فططي‬
‫الترغيب من طريق عباد بن كثير عن أبي الزبير عن جابر مرفوعا‬
‫أن المؤذنين والملبين يخرجططون مططن قبططورهم يططوم القيامططة يططؤذن‬
‫المؤذن ويلبي الملبى وعباد ضططعيف إل أن للحططديث شططواهد منهططا‬
‫الحططاديث الصططحيحة المتقططدم ذكرهططا وروى الصططبهاني أيضططا مططن‬
‫طريق أبي هدبة وهو واه عن أشعث الحداني عططن أنططس مرفوعططا‬
‫من فارق الدنيا وهو سكران دخل القبر سكران وبعططث مطن قطبره‬
‫سكران ‪ -‬الحديث‪ ،‬وقال الغزالططي فططي كشططف علططوم الخططرة مططن‬
‫الناس من يحشر بفتنته الدنيوية فقوم مفتونون بالعود فعند قيامه‬
‫من قبره يأخذ بيمينه فيطرحه فيعود إليه وكذلك يبعططث السططكران‬
‫سكران والزامر زامرا وشططارب الخمططر والكططوز معلططق فططي عنقططه‬
‫وكل أحد على الحال الذي صده في الدنيا عن سبيل اللططه انتهططى‪.‬‬
‫وفي هذا الكلم إشارة إلى تخصيص الحديث السططابق بطأن الحالطة‬

‫‪111‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫التي يأتي عليها في الخرة مما كان عليططه فططي الططدنيا المططراد بهططا‬
‫حالة الطاعة والمعصية بخلف المباحات فل يأتي النجار مثل بآلته‬
‫والبناء ونحوها إل أن يستعملوها فيما ل يجوز شرعا والله أعلم‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬حديث أول ما يأكله أهل الجنة زيادة كبد الحوت هططل‬
‫هو صحيح؟‬
‫الجواب ‪ -‬نعم رواه مسلم في صحيحه من حديث ثوبان‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬في حديث الطططبراني عططن أم سططلمة قططالت قلططت يططا‬
‫رسول الله أخبرني عن قول الله حور عين قال حور بيض ضططخام‬
‫العيون شفر الحوراء بمنزلة جناح النسر فأن الشيخ شمس الدين‬
‫السخاوي استفتى عنه فأفتى وضبطه بخطه شقر بالقاف وضططبط‬
‫الحوراء بالرفع وقال هذه استعارة يعني أن الحوراء بمنزلططة جنططاح‬
‫النسر في السرعة والطيران والخفة وأحضرت إلى الفتوى الططتي‬
‫كتب عليها بذلك فرأيت خطه بذلك‪.‬‬
‫الجططواب ‪ -‬هططذا تصططحيف للحططديث وتبططديل لمعنططاه إنمططا لفططظ‬
‫الحديث شفر الحوراء بالفاء مضافا إلى الحوراء والمراد به هططدب‬
‫العين والمقصود تشبيهه بجناح النسر في الطططول المناسططب ذلططك‬
‫لضخامة العيون وقد ورد التصريح بذلك في رواية ابن أبططي الططدنيا‬
‫في صفة الجنة حيث قال شفر المرأة من الحور العين أطول من‬
‫جناح النسر وما قاله من عنده فططي تفسططير مططا صططحفه فططي غايططة‬
‫الركاكة كما ل يخفى‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬هل ورد أن عدد درج الجنة بعدد آي القرآن‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬نعم قال البيهقي في شعب اليمان أخبرنا أبططو عبططد‬
‫الله الحافظ ثنا أبو الحسين الخياط ثنا أبو عبد الله محمد بن روح‬
‫ثنا الحكم بن موسى ثنا شعيب بن إسحاق عن هشططام بططن عططروة‬
‫عن أبيه عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليططه وسططلم‬
‫عدد درج الجنة عدد آى القرآن فمن دخل الجنة من أهططل القططرآن‬
‫فليس فوقه درجة قال الحاكم إسناد صحيح ولططم يكتططب المتططن إل‬
‫بططه وهططو مططن الشططواذ وروى الططديلمي فططي مسططند الفططردوس مططن‬
‫طريق الفيض بن وثيق عططن فططرات بططن سططلمان عططن ميمططون بططن‬
‫مهران عن عبد الله بن عباس قال قططال رسططول اللططه صططلى اللططه‬
‫عليه وسلم درج الجنة على قدر آي القرآن بكل آيططة درجططة فتلططك‬
‫ستة آلف آية ومائتا آية وست عشرة آية بين كل درجططتين مقططدار‬
‫ما بين السماء والرض‪ .‬الفيض قال فيه ابن معين كذاب خبيث‪.‬‬

‫‪112‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬

‫رفع الصوت بذبح الموت‬


‫مسألة ‪ -‬في الحديث إذا دخل أهططل الجنططة الجنططة وأهططل النططار‬
‫النار يؤتى بالموت في صورة كبش أملح فيوقف بين الجنة والنططار‬
‫ويقال للفريقين أتعرفون هذا فيقولططون نعططم هططو المططوت فيذبططح ‪-‬‬
‫إلى آخره‪ ،‬ول يخفى أن الموت عرض وهو ل يقبل النتقال ول بططد‬
‫له من محل لعدم قيامه بنفسططه ول يتططألف ول يتجسططد ول يتصططور‬
‫بصورة الجسم وكيف يعرفه الفريقان ولم يشاهداه بهططذه الصططفة‬
‫قبل ذلك وما النكتة في فرح أهل الجنة بذبحه مطع علمهطم بططأنه ل‬
‫موت في الجنة ول خروج بعد دخولهططا لمططا تقططدم لهططم مططن أخبططار‬
‫أنبيائهم وتلوة كتبهم‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬اشتمل هذا الكلم على ثلثة أسئلة فأما الول فططإنه‬
‫إشكال قديم له في الوجود أكثر من أربعمائة سططنة قططال القاضططي‬
‫أبو بكر بن العربي استشططكل هططذا الحططديث لكططونه يخططالف صططريح‬
‫العقل لن الموت عرض والعططرض ل ينقلططب جسططما فكيططف يذبططح‬
‫فأنكرت طائفة صحة الحديث ودفعته وتططأولته طائفططة فقططالوا هططذا‬
‫تمثيل ول ذبح هناك حقيقة وقال المازري الموت عندنا عرض من‬
‫العراض وعند المعتزلة عدم محض وعلططى المططذهبين ل يصططح أن‬
‫يكون كبشا ول جسما والمططراد بهططذا التمثيططل والتشططبيه قططال وقططد‬
‫يخلق الله تعالى هذا الجسم ثم يذبح ثم يجعل مثال لن المططوت ل‬
‫يطرأ على أهل الجنططة ونقلططه النططووي فططي شططرح مسططلم واقتصططر‬
‫عليططه‪ ،‬وقططال القرطططبي فططي التططذكرة المططوت معنططى والمعططاني ل‬
‫تنقلب جوهرا وإنما يخلق الله أشخاصا مططن ثططواب العمططال وكططذا‬
‫الموت يخلق الله كبشا يسميه الموت ويلقى في قلوب الفريقين‬
‫إن هذا الموت يكون ذبحه دليل علططى الخلططود فططي الططدارين وقططال‬
‫غيره ل مانع أن ينشئ الله تعططالى مططن العططراض أجسططادا يجعلهططا‬
‫مادة لها كما ثبت فططي صططحيح مسططلم فططي حططديث إن البقططرة وآل‬
‫عمران يجيئان كأنهمططا غمامتططان ونحططو ذلططك مططن الحططاديث‪ ،‬وقططد‬
‫تلخص مما سقناه من كلم العلماء أربعة أجوبة وبقى خططامس لططم‬
‫أحب ذكره‪ .‬وأما السؤال الثاني وهو كيططف يعرفططه الفريقططان ولططم‬
‫يشططاهداه فجططوابه يؤخططذ مططن قططول القرطططبي ويلقططى فططي قلططوب‬
‫الفريقين إلططى آخططره وحاصططله أن اللططه تعططالى يلقططى فططي قلططوبهم‬
‫معرفططة ذلططك‪ .‬وجططواب ثططان وهططو أن الكلططبي ومقططاتل ذكططرا فططي‬

‫‪113‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫تفسيرهما في قوله تعالى )الذي خلططق المططوت والحيططاة( أن اللططه‬
‫تعالى خلق الموت فططي صططورة كبططش ل يمططر علططى أحططد إل مططات‬
‫وخلق الحياة في صورة فرس ل تمططر علططى شططيء إل حيططى وهططذا‬
‫يدل على أن الميت يشاهد حلول الموت به في صططورة كبططش فل‬
‫إشكال حينئذ‪ .‬وأما السؤال الثالث فهو قديم أيضا وجوابه أنططه ورد‬
‫في بعض طرق الحديث عند ابن حبان أنهططم يطلعططون خططائفين أن‬
‫يخرجوا من مكانهم الذي هم فيه وفسطر بطأنه خطوف تطوهم أنطه ل‬
‫يستقر ول ينافي ذلك تقدم علمهم بططأنه ل مططوت فططي الخططرة لن‬
‫التوهمات تطرأ على المعلومات ثم ل تستقر فكان فرحهم بإزالططة‬
‫التوهم‪ .‬وجواب ثان وهو أن عين اليقيططن أقططوى مططن علططم اليقيططن‬
‫فمشاهدتهم ذبح الموت أقوى وأشد في انتفائه من تقطدم علمهطم‬
‫إذ العيان أقوى من الخبر والله أعلم‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬ثعلبة الذي روي أنه نزل فيه قوله تعالى )ومنهم من‬
‫عاهططد اللططه( اليططات ذكططر البططارودي وابططن السططكن وابططن شططاهين‬
‫وغيرهم أنه ثعلبة بن حاطب أحد من شهد بدرا قال الحططافظ ابططن‬
‫حجر في الصابة ول أظططن الخططبر يصططح وإن صططح ففططي كططونه هططو‬
‫البدري نظر وقد ذكر ابن الكلبي أن ثعلبة بن حطاطب الطذي شطهد‬
‫بدرا قتل بأحد فتأكدت المغايرة بينهما فططإن صططاحب القصططة تططأخر‬
‫في خلفة عثمان قال ويقوى ذلططك أن فططي تفسططير ابططن مردويططه‪:‬‬
‫ثعلبة بن أبي حاطب والبدري اتفقوا علططى أنططه ثعلبططة بططن حططاطب‬
‫وقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم قال ل يططدخل النططار أحططد شططهد‬
‫بدرا والحديبية‪ ،‬وحكى عن ربه أنه قال لهل بدر اعملوا ما شططئتم‬
‫فقد غفرت لكم فمن يكون بهذه المثابة كيف يعقبه الله نفاقا في‬
‫قلبه وينزل فيه ما ينزل فالظاهر أنه غيره‪ .‬انتهى‪ .‬ونظير هططذا مططا‬
‫روى في سبب نزول قوله تعالى )وما كان لكططم أن تططؤذوا رسططول‬
‫الله( الية أن طلحة بن عبيد اللطه قططال يطتزوج محمططد بنططات عمنطا‬
‫ويحجبهن عنا لئن مات لتزوجططن عائشطة مطن بعطده فنزلططت‪ .‬وقطد‬
‫كنططت فططي وقفططة شططديدة مططن صططحة هططذا الخططبر لن طلحططة أحططد‬
‫العشرة أجل مقاما من أن يصدر منه ذلك حتى رأيت بعد ذلك أنه‬
‫رجططل آخططر شططاركه فططي اسططمه واسططم أبيططه ونسططبه فططإن طلحططة‬
‫المشهور الذي هو أحد العشرة طلحة بن عبيد الله بن عثمان بططن‬
‫عمرو بن كعب بن سعد بططن تيططم الططتيمي وطلحططة صططاحب القصططة‬
‫طلحة بن عبيد الله بن مسافع بن عياض بن صططخر بططن عططامر بططن‬

‫‪114‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫كعب بن سعد بن تيم التيمي قال أبو موسى في الططذيل عططن ابططن‬
‫شاهين في ترجمته هو الذي نططزل فيططه )ومططا كططان لكططم أن تططؤذوا‬
‫رسول الله( الية وذلك أنه قططال لئن مططات رسططول اللططه لتزوجططن‬
‫عائشة وقال إن جماعة من المفسرين غلططوا وظنطوا أنطه طلحطة‬
‫أحد العشرة‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬أبو ثعلبة الخشني ما اسمه وما اسم أبيه‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬اسمه جرهم بضم الجيم والهاء قاله أحمد بن حنبططل‬
‫ويحيى بن معين وآخرون وقيل جرثوم بضم الجيم والمثلثة وقيططل‬
‫جرثومة وقيل عمرو وقيل ل شم بكسططر الشططين المعجمططة واسططم‬
‫أبيه ناشم بالنون والشين المعجمة جزم بذلك النططووي فططي شططرح‬
‫المهذب وقيل ناشب وقيل ناشر وقيل ناشح‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬أبو عبيدة بن الجراح هل له عقب‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬لم يعقب شيئا بل كان لططه ولططدان زيططد وعميططر ماتططا‬
‫صغيرين وليس له عقب صرح بذلك ابن سعد في الطبقات ونقله‬
‫عنه الحافظ جمال الدين المزي في التهذيب‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬فيما رواه بعض أهل هذا الزمان لشططخص مططن أكططابر‬
‫العيان إن بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم في الرواية ستة‬
‫أنفس وذلك أن شيخه أخبره أنططه روى عططن شططخص مططن أصططحاب‬
‫سيدي يوسف عن شيخه النسر أي عن شيخه سيدي أبي العباس‬
‫الملثم عن معمر الصحابي أن النبي صططلى اللططه عليططه وسططلم رآه‬
‫يوم الخندق وهو ينقل التراب بغلقين وبقية الصحابة ينقلون بغلق‬
‫واحد فضرب بكفه الشريف بين كتفيططه وقططال لططه عمططرك اللططه يططا‬
‫معمر فعاش بعد ذلك أربعمائة سنة ببركة الضربات الططتي ضططربها‬
‫بين كتفيه فإنها كانت أربع ضططربات بعططدد ككططل ضططربة مططائة سططنة‬
‫وقال له بعد أن صافحه من صافحك إلى ست أو سطبع لطم تمسطه‬
‫النار‪ ،‬أروى ذلك أحد من الئمة أم هو كذب وافتراء ل يجططوز لحططد‬
‫نقله لحد من الناس فضل عن أكابر المراء‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬هذا الحديث رواه الشطيخ صطلح الطدين الطرابلسطي‬
‫مرة في مجلس المير تمراز وكنت حاضرا فقلططت لططه هططذا باطططل‬
‫ومعمر هذا كذاب دجال وأوردت له الحططديث الصططحيح الططذي قططاله‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم قبل وفاته بشهر أرأينكم ليلتكم هططذه‬
‫فإن على رأس مائة سنة ل يبقى ممن هو اليوم على ظهر الرض‬
‫أحد وقلت له أن أهل الحديث وغيرهم قالوا إن من ادعى الصحبة‬

‫‪115‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫بعد مائة سنة من وفاته صلى الله عليه وسلم فهو كاذب وأن آخر‬
‫الصحابة موتا أبو الطفيل مات سنة عشر ومائة من الهجرة فقال‬
‫لي لبد من نقل في هططذا بخصوصططه فلمططا رجعططت رأيططت الميططزان‬
‫للذهبي فرأيته ذكر معمر ابن يزبك وأنه عمططر مئيططن مططن السططنين‬
‫وروى عنه أحاديث خماسية باطلة وهي كذب واضح وقال إنه مططن‬
‫نمط رتن الهندي فقبح الله من يكططذب فأرسططلت الميططزان للشططيخ‬
‫صلح الدين فرآه فشكر ودعا ثطم بعطد مطدة أرانطي شطخص ورقطة‬
‫فيها تحديث الشيخ صلح الدين بهذا الحديث وإجازته إيططاه فكتبططت‬
‫فيها أن هذا الحديث كذب ل تحل روايتططه ول التحططديث بططه فليعلططم‬
‫كل مسلم أن معمرا هذا دجال كذاب وقصته هذه كذب وافتراء ل‬
‫يحل لمسلم أن يحدث بها ول يرويهططا ومططن فعططل ذلططك دخططل فططي‬
‫قوله صلى الله عليه وسلم مططن كططذب علططي فليتبططؤا مقعططده مططن‬
‫النار‪ ،‬ثم رأيت بعد ذلك فتيا قدمت للحافظ أبي الفضل بططن حجططر‬
‫في معمر هذا فكتب عليهططا مططا نصططه ل يخلططو طريططق مططن طريططق‬
‫المعمر عن متوقف فيه حتى المعمر نفسه فإن مططن يططدعى هططذه‬
‫الرتبة يتوقف على ثبوت العدالة وثبوت ذلك عقل ل يفيد مع ورود‬
‫الشرع بنفيططه فططإنه صططلى اللططه عليططه وسططلم أخططبر فططي الحططاديث‬
‫الصحيحة بانخرام قرنه بعد مائة سنة من يطوم مقطالته المشطهورة‬
‫فمن ادعى الصحبة بعد ذلك لزم أن يكون مخالفططا لظططاهر الخططبر‪،‬‬
‫ثم رأيت فتيا أخرى دفعت له فكتب عليها ما نصه هططذا الحططديث ل‬
‫أصططل لططه والمعمططر المططذكور إمططا كططذاب أو اختلقططه كططذاب وآخططر‬
‫الصحابة موتا مطلقا أبو الطفيل عامر بن واثلة الليططثي ثبططت ذلططك‬
‫في صحيح مسلم واتفق عليه العلماء واحتج البخاري بحططديث أنططه‬
‫صلى الله عليه وسلم قال قبل مططوته بقليططل أن علططى رأس مططائة‬
‫سنة من تلك الليلة ل يبقى على وجه الرض ممن هطو عليهططا أحططد‬
‫وأراد بذلك انخرام القرن فكل من ادعى الصحبة بعد أبي الطفيل‬
‫فهو كاذب انتهى جواب الحافظ ابن حجر‪.‬‬
‫مسططألة ‪ -‬مططا سططن عائشططة وفاطمططة رضططي اللططه عنهمططا وكططم‬
‫عاشت كل واحدة منهما بعد وفاة النططبي صططلى اللططه عليططه وسططلم‬
‫وأيهما أفضل‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬أما عائشة رضي الله عنها فسنها بضع وستون فططإن‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم تزوجهططا قبططل الهجططرة بسططنتين وقيططل‬
‫بسنة ونصططف وقيططل بثلث سططنين ومططات عنهططا وهططي بنططت ثمططاني‬

‫‪116‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫عشططرة سططنة ومططاتت سططنة سططبع وخمسططين وقيططل سططنة ثمططان‬
‫وخمسين‪ .‬وأما فاطمة رضي الله عنها فقال الططذهبي الصططحيح أن‬
‫عمرها أربع وعشططرون سططنة وقيطل إحططدى وعشططرون وقيطل سطت‬
‫وعشرون وقيل سبع وعشرون وقيل ثمان وعشطرون وقيطل تسطع‬
‫وعشرون وقيل ثلثون وقيل ثلث وثلثون وقيططل خمططس وثلثططون‬
‫وعاشت بعد رسول الله صلى الله عليه وسطلم سطتة أشطهر علطى‬
‫الصحيح وقيل ثمانية أشهر وقيل ثلثة أشهر وقيططل شططهران‪ .‬وأمططا‬
‫أيهما أفضل فثلثططة مططذاهب أصططحها أن فاطمططة رضططي اللططه عنهططا‬
‫أفضل‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬قال ابطن سطعد فطي الطبقطات أنطا عفطان بطن مسطلم‬
‫ويحيى بن حماد وموسططى ابططن إسططماعيل التبططوذكي قططال أنبططأ أبططو‬
‫عوانة ثنا إسططماعيل السططدى قططال سططألت أنططس بططن مالططك أصططلى‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم على ابنه إبراهيططم قططال ل أدري‬
‫رحمة الله على إبراهيططم لططو عططاش لكططان صططديقا نبيططا هططذا إسططناد‬
‫صحيح على شرط مسلم‪ ،‬وقال ابن عسططاكر فططي تططاريخه أنططا أبططو‬
‫القاسم بن السمرقندي أنا أحمد بن أبي عثمان أنا إسططماعيل بططن‬
‫الحسن ثنا أبو عبد الله الحسين بن إسماعيل ثنا أحمد بططن محمططد‬
‫بن يحيى ابن سعيد ثنا عمرو بن محمططد العنقططزي ثنططا أسططباط بططن‬
‫نصر عن السدى قال سألت أنس بن مالك كم كططان بلططغ إبراهيططم‬
‫بن النبي صلى الله عليه وسلم قال قد كان قد مل مهده ولو بقي‬
‫لكان نبيا ولكن لم يكن ليبقى لن نططبيكم آخططر النبيططاء‪ .‬وقططال ابططن‬
‫عساكر أنا أبو غالب أحمد بن الحسن بططن البنططاء أنططا أبططو الحسططين‬
‫محمد بن أحمد بن البنوسي أنا أبو الطيب عثمان بططن عمططرو بططن‬
‫محمد بططن المنتططاب ثنططا يحيططى بططن محمططد بططن صططاعد ثنططا الحسططن‬
‫المروزي أنا ابن مهدي ثنا سفيان عن السططدى سططمعت أنططس بططن‬
‫مالك يقول لو عاش إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم كان‬
‫صديقا نبيططا وقططال البططارودي فططي معرفططة الصططحابة ثنططا محمططد بططن‬
‫عثمان ابن محمد ثنا منجاب بن الحارث ثنا أبو عططامر السططدي ثنططا‬
‫سفيان عن السدى عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صططلى‬
‫اللططه عليططه وسططلم لططو عططاش إبراهيططم لكططان صططديقا نبيططا‪ .‬وقططال‬
‫الطبراني ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني أبي ثنا أبو أسططامة‬
‫ثنا إسماعيل ابن أبي خالد قال قلت لعبد الله بن أبططي أوفططى هططل‬
‫رأيت إبراهيم بن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال مات وهو‬

‫‪117‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫صغير ولو قدر أن يكون نبي بعططد محمططد صططلى اللططه عليططه وسططلم‬
‫لعاش ابنه إبراهيم ولكنه ل نبي بعده‪ .‬وقططال الطططبراني أنططا أسططلم‬
‫بن سهل الواسطي ثنططا وهططب ابططن بقيططة ثنططا محمططد بططن الحسططين‬
‫المدني عن إسماعيل بن أبي خالد قال قلططت لعبططد اللططه بططن أبططي‬
‫أوفى هل رأيت إبراهيم بن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‬
‫توفي وهو صغير ولو قضى أن يكون بعد محمططد صططلى اللططه عليططه‬
‫وسلم نبي لعاش ولكنه ل نبي بعده أخرجه أبو يعلى ثنا زكريا بططن‬
‫يحيى الواسطي ثنا هشيم عن إسماعيل بن أبططي خالططد بططه‪ .‬وقططال‬
‫ابن مندة أنا أحمد بن محمد بن زياد ومحمد بططن يعقططوب قططال ثنططا‬
‫أحمد بن عبد الجبار ثنا يونس بن بكير عن إبراهيم بن عثمان عن‬
‫الحكم بن مقسم عن ابن عباس قطال لمطا ولطدت ماريطة القبطيطة‬
‫لرسول الله صلى الله عليه وسلم إبراهيم ومات قال رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم إن لططه مرضططعا فططي الجنططة ولططو بقططي لكططان‬
‫صديقا نبيا‪ .‬وقال البيهقي أنا علي بن أحمد بن عبدان أنا أحمد بن‬
‫عبيد الصططفار ثنططا محمططد بططن يططونس ثنططا سططعيد بططن أوس أبططو زيططد‬
‫النصاري ثنا شعبة عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس قال لمططا‬
‫مات ابراهيم بن رسول الله صلى الله عليططه وسططلم قططال رسططول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم إن له مرضططعا فططي الجنططة يتططم رضططاعه‬
‫ولو عاش لكان صديقا نبيا‪ .‬وقال ابن عسطاكر أنطا أبطو محمطد هبطة‬
‫الله بن سهل بن عمر السيدي الفقيه وأبو القاسم زاهر بن طاهر‬
‫قال أنا أبو عثمان البحيري أنا أبو عمرو بن حمططدان أنططا أحمططد بططن‬
‫محمد بن سعيد الحافظ ثنا عبيد بن إبراهيم الجعفططي ثنططا الحسططن‬
‫ابن أبي عبد اللطه الفطراء ثنطا مصطعب بطن سطلم عطن أبطي حمطزة‬
‫الثمالي عن أبي جعفر محمد بن علي عن جابر بن عبد اللططه قططال‬
‫قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو عاش إبراهيم لكان نبيا‪.‬‬
‫وقال ابن عساكر أنا أبو القاسم زاهر بن طاهر الشحامي أنططا أبططو‬
‫حامد أحمد بن الحسين أنا أبو محمد الحسن بن أحمططد بططن أحمططد‬
‫بن محمد أنا أبو محمد الحسن بن محمد بن الحسن بن محمد بن‬
‫جططابر ثنططا إبراهيططم بططن الحسططن الهمططداني ثنططا إسططحاق بططن محمططد‬
‫الفروي ثنا عيسى بن عبد الله عن أبيه عططن جططده عططن أبططي جططده‬
‫عن علي بن أبي طالب قال لما توفي إبراهيم بن النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم أرسل النبي صلى اللططه عليططه وسططلم إلططى أمططه ماريططة‬
‫فجاء به فغسله وكفنه وخرج به وخرج الناس معه فططدفنه وأدخططل‬

‫‪118‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم يده في قبره فقال رسول الله صططلى‬
‫اللططه عليططه وسططلم أمططا واللططه إنططه لنططبي ابططن نططبي وبكططى وبكططى‬
‫المسلمون حوله حتى ارتفع الصوت ثططم قططال رسططول اللططه صططلى‬
‫الله عليه وسلم تدمع العين ويحططزن القلططب ول نقططول مططا يغضططب‬
‫الرب وإنا عليك يا إبراهيم لمحزنون‪ .‬قال ابن عساكر‪ :‬عيسى هو‬
‫ابن عبد الله بن محمد بططن عمطر بططن علططي بططن أبطي ططالب ليططس‬
‫بالقوى‪.‬‬
‫)فصل( قال النووي فططي تهططذيب السططماء واللغططات‪ :‬وأمططا مططا‬
‫روى عن بعطض المتقطدمين لططو عططاش إبراهيطم لكططان نبيططا فباطططل‬
‫وجسارة على الكلم على المغيبات ومجازفة وهجوم على عظيططم‬
‫قال الحافظ ابن حجر فططي الصططابة وهططذا عجيططب مططع وروده عططن‬
‫ثلثة من الصحابة ول يظن بالصططحابي أنططه يهجططم علططى مثططل هططذا‬
‫بظنه والله أعلم‪.‬‬
‫)فصل( روى أبو داود عن عائشة قالت مات إبراهيم بن النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثمانية عشر شهرا فلم يصل عليططه‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ابن حزم خبر صحيح‪ .‬قططال‬
‫الزركشي في تخريج أحاديث الشرح اعتل من سلم تططرك الصططلة‬
‫عليه بعلل منها أنه استغنى بفضيلة أبيه عن الصططلة كمططا اسططتغنى‬
‫الشهيد بفضيلة الشهادة ومنها أنه ل يصلي نبي على نبي وقد جاء‬
‫أنه لو عاش لكان نبيا‪) .‬فصل( قال الشيخ تقي الدين فططي حططديث‬
‫)كنت نبيا وآدم بين الروح والجسد( فإن قلت النبططوة وصططف ل بططد‬
‫أن يكون الموصوف به موجودا وإنما يكون بعد بلوغ أربعيططن سططنة‬
‫أيضا فكيف يوصف به قبل وجوده وقبل إرساله‪ .‬قلت قد جططاء أن‬
‫الله تعالى خلق الرواح قبل الجسططاد فقططد تكططون الشططارة بقططوله‬
‫كنت نبيا إلى روحه الشريفة وإلى حقيقته والحقائق تقصر عقولنا‬
‫عن معرفتها وإنما يعلمها خالقها ومن أمده بنور إلهي ثططم إن تلططك‬
‫الحقائق يؤتي الله كل حقيقة منها ما يشاء في الوقت الذي يشاء‬
‫فحقيقة النبي صلى الله عليه وسلم قد تكون مططن قبططل خلططق آدم‬
‫آتاها الله ذلك الوصف بأن يكون خلقها متهيئة لذلك وأفاضه عليها‬
‫من ذلك الوقت فصار نبيا انتهططى‪ .‬ومططن هططذا يعططرف تحقيططق نبططوة‬
‫السيد إبراهيم في حال صغره وإن لم يبلغ سن الوحي‪.‬‬
‫مسططألة ‪ -‬مططن قاضططي القضططاة شططيخ الشططيوخ تططاج الططدين بططن‬
‫عربشان الحنفي المسؤول من تفضلت مولنا شيخ السلم أمتططع‬

‫‪119‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الله بوجوده النام توضيح التحرير في ذكر أولد البتول فططإنه ذكططر‬
‫في مجلس عند بعض عظام المراء أن أولدها الحسن والحسططين‬
‫ومحسن فوقع مططن بعططض الحاضططرين توقططف فططي محسططن فنظططم‬
‫العبد ذلك في أبيات فططأراد عططرض ذلططك علططى المسططامع الكريمططة‬
‫أفاض الله عليها نعمه الجسيمة ليزول ما أشكل من البهام بقصد‬
‫الستفادة من المام فإن الستفادة من المولى أحرى وأولى أمططد‬
‫الله على السلم والمسلمين من مديد فضلكم وأغدق مططن وافططر‬
‫بسططيط طططويلكم فططإن بططابكم العططالي كعبططة الفططادة رزقكططم اللططه‬
‫الحسنى وزيادة‪.‬‬
‫وأجبت وقفت على هذا الدر النظيم والعقططد الططذي حططوى كططل‬
‫جوهر فرد عظيم فوجدت راقمه أعزه الله تعالى أبدع فيمططا رقططم‬
‫وأتى بالعجب العجاب فيما نثر ونظم وأصاب في ذكططره المحسططن‬
‫صوب الصواب وأتى في تقريره بالحكمة وفصل الخطططاب وكيططف‬
‫يتصور أو يمكن توجيه النكار لمحسن وقططد ورد الحططديث المسططند‬
‫والثر عن سيد بني ربيعة ومضر أنه سمى أولد فاطمططة بالحسططن‬
‫والحسين ومحسن ونعم المحبر وقال سميتهم بأسماء ولد هططرون‬
‫شبر وشبير ومشبر‪ ،‬والمنكطر لطذلك حقططه أن يضططرب عنطه صطفحا‬
‫حيططث توقططف وإن ثقططل ومططد عنقططه متطلعططا إلططى مراتططب العلمططاء‬
‫فليخفف‪.‬‬
‫أخبرني زائر رشيد * عن مخبر جاءه يفيد‬
‫أن ابن خزيمة عراه * تغير قبل ما يبيد‬
‫وأنه جاءه بنقل * عن العراقي يستحيد‬
‫فقلت ل تنطقن بهذا * التبس الجد والحفيد‬
‫كلهما في النام يدعى * محمدا واسمه حميد‬
‫والفرق ما بين ذين باد * ما عنه ذو يقظة يحيد‬
‫ذلك إسحاق ذو صحيح * له المعالي غدت تشيد‬
‫في رابع القرن عام إحدى * وعشرة قد قضى الفريد‬
‫ولم يشن قط باختلط * بل وصفه كله سعيد‬
‫وابن ابنه الفضل ذو اختلط * مدة عامين أو تزيد‬
‫ومات في القرن عام سبع * بعد ثمانين يا رشيد‬
‫نص على ذاك كل حبر * وعده الحافظ المجيد‬

‫‪120‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫اتحاف الفرقة برفو الخرقة‬
‫مسألة ‪ -‬أنكر جماعة من الحفاظ سماع الحسن البصري مططن‬
‫علي بن أبي طالب وتمسك بهذا بعض المتأخرين فخدش بططه فططي‬
‫طريق لبس الخرقة وأثبته جماعة وهو الراجح عندي لوجوه‪ ،‬وقططد‬
‫رجحه أيضا الحافظ ضياء الدين المقدسي في المختارة فإنه قططال‬
‫الحسن بن أبي الحسن البصري عن علي وقيططل لططم يسططمع منططه‪،‬‬
‫وتبعه على هذه العبارة الحافظ ابن حجر فططي أطططراف المختططارة‪.‬‬
‫الوجه الول‪ :‬إن العلماء ذكروا في الصول في وجوه الترجيططح أن‬
‫المثبت مقدم على النافي لن معه زيادة علم الثطاني‪ :‬إن الحسطن‬
‫ولد لسنتين بقيتا من خلفة عمر باتفاق وكانت أمه خيرة مولة أم‬
‫سلمة رضططي اللططه عنهططا فكططانت أم سططلمة تخرجططه إلططى الصططحابة‬
‫يباركون عليه وأخرجته إلى عمر فدعا له اللهطم فقهطه فطي الططدين‬
‫وحببه إلى الناس ذكره الحافظ جمال الدين المزي فططي التهططذيب‬
‫وأخرجه العسكري في كتاب المططواعظ بسططنده وذكططر المططزي أنططه‬
‫حضر يوم الدار وله أربع عشرة سنة ومن المعلوم أنططه مططن حيططن‬
‫بلغ سبع سنين أمر بالصلة فكان يحضططر الجماعططة ويصططلي خلططف‬
‫عثمان إلى أن قتل عثمان وعلي إذ ذاك بالمدينطة فطإنه لطم يخطرج‬
‫منها إلى الكوفة إل بعد قتل عثمان فكيططف يسططتنكر سططماعه منططه‬
‫وهو كل يوم يجتمع به في المسجد خمطس مطرات مطن حيطن ميطز‬
‫إلى أن بلغ أربع عشرة سنة وزيادة على ذلك إن عليططا كططان يططزور‬
‫أمهات المؤمنين ومنهن أم سطلمة والحسططن فططي بيتهطا هططو وأمطه‪.‬‬
‫الوجه الثالث‪ :‬إنه ورد عن الحسن ما يدل على سططماعه منططه أورد‬
‫المزي في التهذيب من طريق أبي نعيم قال ثنا ابطو القاسطم عبطد‬
‫الرحمن بن العباس بن عبد الرحمن بن زكريا ثنا أبو حنيفة محمد‬
‫بن صفه الواسطي ثنا محمد بن موسى الجرشطي ثنطا ثمامطة ابطن‬
‫عبيدة ثنططا عطيططة بططن محططارب عططن يططونس بططن عبيططد قططال سططألت‬
‫الحسن قلت يا أبا سعيد إنك تقططول قططال رسططول اللططه صطلى اللطه‬
‫عليه وسلم وإنك لم تدركه قال يا ابن أخي لقد سألتني عن شيء‬
‫ما سألني عنه أحد قبلك ولول منزلتك مني مططا أخبرتططك أنططي فططي‬
‫زمان كما ترى وكان في عمل الحجاج كل شططيء سططمعتني أقططول‬
‫قال رسول الله صلى الله عليططه وسططلم فهططو عططن علططي ابططن أبططي‬
‫طالب غير أني في زمان ل أستطيع أن أذكر عليا‪.‬‬

‫‪121‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫ذكر ما وقع لنا من رواية الحسن عن علي‪:‬‬
‫قال أحمد في مسند ثنطا هشطيم أنطا يطونس عطن الحسطن عطن‬
‫علي قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسططلم يقططول "رفططع‬
‫القلم عن ثلثة عن الصغير حتى يبلغ وعططن النططائم حططتى يسططتيقظ‬
‫وعططن المصططاب حططتى يكشططف عنططه" أخرجططه الترمططذي وحسططنه‬
‫والنسائي والحاكم وصححه والضياء المقدسي في المختططارة قططال‬
‫الحافظ زين الدين العراقي في شرح الترمططذي عنططد الكلم علططى‬
‫هذا الحديث قال علي بن المديني الحسن رأى عليا بالمدينة وهططو‬
‫غلم وقال أبو زرعة كان الحسن البصري يوم بويع لعلي بن أربططع‬
‫عشرة سنة ورأى عليا بالمدينة ثم خرج إلى الكوفة والبصرة ولم‬
‫يلقه الحسن بعد ذلك وقال الحسن رأيت الزبير يبايع عليا انتهططى‪.‬‬
‫قلت وفي هذا القدر كفاية ويحمل قول النافي على ما بعد خروج‬
‫علي من المدينة وقال النسائي ثنا الحسن بن أحمد بن حبيب ثنططا‬
‫شاد بن فياض عن عمر بن إبراهيم عططن قتططادة عططن الحسططن عططن‬
‫علي أن رسول الله صلى اللططه عليططه وسططلم قططال أفطططر الحططاجم‬
‫والمحجوم‪ .‬وقال الطحاوي ثنا نصر بططن مططرزوق ثنططا الخطيططب ثنططا‬
‫حماد بن سلمة عن قتادة عن الحسن عن علي قال قططال رسططول‬
‫الله صلى اللطه عليططه وسططلم إذا كططان فططي الرهططن فضططل فأصططابته‬
‫جائحة فهو بما فيه ‪ -‬الحططديث‪ ،‬وقططال الططدار قطنططي ثنططا أحمططد بططن‬
‫محمد بن عبد الله بن زياد القطان ثنا الحسن بن شبيب المعمري‬
‫قال سمعت محمد بن صدران السلمي ثناء عبد اللططه بططن ميمططون‬
‫المزني ثنا عوف عن الحسن عن علي أن النبي صططلى اللططه عليططه‬
‫وسلم قال لعلي يا علي قد جعلنا إليك هذه السبعة بيططن النططاس ‪-‬‬
‫الحديث‪ .‬وقال الدار قطنى ثنا علططي بططن عبطد اللطه بطن مبشططر ثنطا‬
‫أحمد بن سنان ثنا يزيد بن هرون أنا حميططد الطويططل عططن الحسططن‬
‫قال قال على أن وسع الله عليكم فاجعلوه صاعا مططن بططر وغيططره‬
‫يعني زكاة الفطر‪ .‬وقال الدار قطني ثنا عبططد اللططه بططن محمططد بططن‬
‫عبد العزيز ثنا داود بن رشيد ثنا أبو حفططص البططار عططن عطططاء بططن‬
‫السائب عن الحسن عن علي قال الخلية والبريططة والبتططة والبططائن‬
‫والحرام ثلث ل تحل له حتى تنكح زوجا غيره‪ .‬وقال الطحاوي ثنا‬
‫ابن مرزوق ثنا عمرو بططن أبططي رزيططن ثنططا هشططام بططن حسططان عططن‬
‫الحسن عن علي قال ليس في مس الذكر وضوء‪ ،‬وقال أبو نعيططم‬
‫في الحلية ثنا عبد الله بن محمد ثنا أبو يحيى الرازي ثنططا هنططاد ثنططا‬

‫‪122‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫ابن فضيل عن ليث عن الحسن عططن علططي رضططي اللططه عنططه قططال‬
‫طوبى لكل عبد ثومه عرف الناس ولم يعرفه النططاس عرفططه اللططه‬
‫تعالى برضوان أولئك مصابيح الهدى يكشف الله عنهططم كططل فتنططة‬
‫مظلمة سيدخلهم الله في رحمة منه ليس أولئك بططالمزابيع البططذر‬
‫ول الجفاة المرائين‪ .‬وقال الخطيب في تاريخه أنا الحسن بن أبي‬
‫بكر أنا أبو سهل أحمد بن محمد بن عبد الله بن زياد القطططان ثنططا‬
‫محمد بن غالب ثنا يحيى بن عمططران ثنططا سططليمان بططن أرقططم عططن‬
‫الحسن عن علي قال كفنططت النططبي صططلى اللططه عليططه وسططلم فططي‬
‫قميص أبيض وثوبي حبرة‪ ،‬وقال جعفر بن محمططد بططن محمططد فططي‬
‫كتاب العروس ثنا وكيع عن الربيع عن الحسن عن علططي بططن أبططي‬
‫طالب رفعه من قال في كل يوم ثلث مرات صططلوات اللططه علططى‬
‫آدم غفر الله له الذنوب وإن كططانت أكططثر مططن زبططد البحططر أخرجططه‬
‫الديلمي في مسند الفردوس من طريقه ثططم رأيططت الحططافظ ابططن‬
‫حجر قال في تهططذيب التهططذيب قططال يحيططى بططن معيططن لططم يسططمع‬
‫الحسن من علي بن أبي طالب قيل ألم يسططمع مططن عثمططان قططال‬
‫يقولون عنه رأيت عثمان قام خطيبا وقال غير واحد لم يسمع من‬
‫علي وقد روى عنططه غيططر حطديث وكطان علطي لمططا خطرج بعططد قتططل‬
‫عثمان كان الحسن بالمدينة ثم قدم البصرة فسكنها إلى أن مات‬
‫قال الحافظ ابن حجر ووقع في مسند أبي يعلي قال ثنططا جويريططة‬
‫بن أشرس أنا عقبة بن أبي الصهباء الباهلي قال سمعت الحسططن‬
‫يقول سمعت عليا يقول قال رسول الله صططلى اللططه عليططه وسططلم‬
‫مثل أمطتي مثططل المططر ‪ -‬الحطديث‪ ،‬قطال محمططد بططن الحسطن بططن‬
‫الصيرفي شيخ شيوخنا هذا نططص صططريح فططي سططماع الحسططن مططن‬
‫علي ورجاله ثقات جويرية وثقة ابن حبان وعقبة وثقه أحمد وابططن‬
‫معين‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬ذكر بعضهم أن النبي صططلى اللططه عليططه وسططلم لبططس‬
‫عمامة صفراء فهل لذلك أصل‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬نعم قال الطبراني ثنا محمد بن الحسطين النمططاطي‬
‫البغدادي ثنا مصعب ابن عبد الله بن مصعب الزبيري حدثني أبططي‬
‫عن إسماعيل بن عبد الله بططن جعفططر عططن أبيططه قططال رأيططت علططى‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم ثوبين مصبوغين بزعفططران رداء‬
‫وعمامة‪ ،‬أخرجططه الحططاكم فططي المسططتدرك‪ ،‬وقططال ابططن سططعد فططي‬
‫الطبقات أنا الفضل بن دكين عن هشام بن سططعد عططن يحيططى بططن‬

‫‪123‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫عبد الله بن مالك قال كان رسططول اللططه صططلى اللططه عليططه وسططلم‬
‫يصبغ ثيابه بالزعفران قميصه ورداءه وعمامته‪ ،‬وقال أنا هاشم بن‬
‫القاسم ثنا عاصم بن عمر عن عمر بن محمد عن زيططد بططن أسططلم‬
‫قال كطان رسطول اللطه صطلى اللطه عليطه وسطلم يصطبغ ثيطابه كلهطا‬
‫بالزعفران حطتى العمامطة‪ .‬وأخططرج ابطن عسطاكر فططي تططاريخه مططن‬
‫طريق سلمان بن أرقم عن الزهري عن سعيد ابن المسططيب عططن‬
‫أبي هريرة قال خرج علينططا رسططول اللططه صططلى اللططه عليططه وسططلم‬
‫وعليه قميص أصفر ورداء أصفر وعمامة صفراء‪ .‬وأخرج ابن سعد‬
‫عن ابن عمر قال كان النبي صلى الله عليططه وسططلم يصططفر ثيططابه‪.‬‬
‫وفي الصحيح من حديثه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصبغ‬
‫بالصفرة‪ .‬وقال الطبراني ثنا أسلم بن سهل ثنا محمد بن الصططباح‬
‫ثنا عبيد بن القاسم عن إسماعيل ابن أبي خالد عن ابن أبي أوفى‬
‫قال كان أحب الصططبغ إلططى رسططول اللططه صططلى اللططه عليططه وسططلم‬
‫الصفرة‪ .‬وأخرج ابن عساكر من طريق عباد بططن حمططزة عططن عبططد‬
‫الله بن الزبير أنه بلغه أن الملئكة نزلت يططوم بططدر عليهططم عمططائم‬
‫صفر وكانت على الزبير يومئذ عمامة صططفراء فقططال النططبي صططلى‬
‫الله عليه وسلم نزلت الملئكة اليططوم علططى سططيما أبططي عبططد اللططه‬
‫وجاء النبي صلى الله عليه وسلم وعليه عمامة صفراء وفي ذلططك‬
‫يقول عامر بن صالح بن عبد الله بن عروة بن الزبير‪:‬‬
‫جدي ابن عمة أحمد ووزيره * عند البلء وفارس الشعواء‬
‫وغدة بدر كان أول فارس * شهد الوغى في اللمة الصفراء‬
‫نزلت بسيماه الملئك نصرة * بالحوض يوم تألب العداء‬
‫)في عدد أبواب الجنة( أخرج البخاري عن سهل بن سعد قال‬
‫قال رسول الله صلى الله عليطه وسطلم فططي الجنططة ثمانيطة أبطواب‬
‫فيها باب يسمى الريان ل يدخله إل الصائمون‪ .‬وأخرج مسلم وأبو‬
‫داود والنسائي عن عمر بن الخطاب رضططي اللططه عنططه أن رسططول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم قططال مططا منكططم مططن أحططد يتوضططأ فيبلططغ‬
‫الوضوء ثم يقول حين يفرغ مططن وضططوئه أشططهد أن ل إلططه إل اللططه‬
‫وحده ل شريك له وأن محمدا عبده ورسوله إل فتحت لططه أبططواب‬
‫الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء‪ .‬وأخرج الترمذي عططن عمططر بططن‬
‫الخطاب رضي الله عنه قططال قططال رسططول اللططه صططلى اللططه عليططه‬
‫وسلم من توضأ فأحسن الوضوء ثم قال أشططهد أن ل إلططه إل اللططه‬
‫وحده ل شريك له وأن محمدا عبده ورسططوله اللهططم اجعلنططي مططن‬

‫‪124‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫التوابين واجعلني من المتطهرين فتحططت لططه ثمانيططة أبططواب الجنططة‬
‫يدخل من أيها شاء‪ .‬وأخرج النسائي وابن ماجه والحاكم عن عمر‬
‫أن رسول الله صططلى اللططه عليططه وسططلم قططال مططن توضططأ فأحسططن‬
‫الوضوء ثم رفع بصره إلى السماء فقططال أشططهد أن ل إلططه إل اللططه‬
‫وحده ل شريك لططه وأشططهد أن محمططدا عبططده ورسططوله فتحططت لططه‬
‫ثمانية أبواب الجنة يدخل من أيها شاء‪ .‬وأخططرج أحمططد والطططبراني‬
‫من حديث عقبة بن عامر مثلططه‪ .‬وأخططرج أحمططد وابططن مططاجه وابططن‬
‫السني في عمل يوم وليلة عن أنس قال قال رسططول اللططه صططلى‬
‫الله عليه وسلم من توضأ فأحسن الوضططوء ثططم قططال ثلث مططرات‬
‫أشهد أن ل إله إل الله وحده ل شريك له وأشهد أن محمدا عبططده‬
‫ورسوله فتح له من الجنة ثمانية أبواب من أيها شاء دخل‪ .‬واخرج‬
‫الطبراني من حديث ثوبان مثله‪ .‬وأخططرج ابططن السططني عططن ثوبططان‬
‫قال قال رسول اللططه صططلى اللططه عليططه وسططلم مططن توضططأ فأسططبغ‬
‫الوضوء ثم قططال عنططد فراغططه أشططهد أن ل إلططه إل اللططه واشططهد أن‬
‫محمدا عبده ورسوله اللهططم اجعلنططي مططن التططوابين واجعلنططي مططن‬
‫المتطهرين فتح الله له ثمانية أبواب الجنة يططدخل مططن أيهططا شططاء‪.‬‬
‫وأخرج الخطيب في تاريخه عن أنس قال قال رسول اللططه صططلى‬
‫الله عليه وسلم وسلم مططن توضططأ للصططلة وأسططبغ الوضططوء ورفططع‬
‫رأسه إلى السماء فقال أشهد أن ل إله إل الله وحده ل شريك له‬
‫فتح له ثمانية أبواب الجنططة وقيططل لططه أدخططل مططن أي بططاب شططئت‪.‬‬
‫وأخرج محمد بن نصر فططي كتططاب الصططلة عططن أبططي هريططرة وأبططي‬
‫سعيد قال قال رسول الله صلى الله عليططه وسططلم والططذي نفسططي‬
‫بيده ما من عبد يصلي الصلوات الخمس ويصوم رمضططان ويخططرج‬
‫الزكاة ويجتنب الكبائر السبع إل فتحطت لطه أبطواب الجنطة الثمانيطة‬
‫يوم القيامة حتى أنها لتصطفق‪ .‬وأخرج ابن أبي الططدنيا فططي صططفة‬
‫الجنة وأبو يعلي والطبراني والحاكم عططن ابططن مسططعود قططال قططال‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم للجنة ثمانية أبواب سبعة مغلقة‬
‫وباب مفتوح للتوبة حتى تطلع الشمس من نحططوه‪ .‬وأخططرج أحمططد‬
‫وابن ماجه والطبراني والططبيهقي فططي البعططث عططن عقبططة بططن عبططد‬
‫السلمي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من مسلم‬
‫يموت له ثلثة من الولططد لططم يبلغططوا الحنططث إل تلقططوه مططن أبططواب‬
‫الجنة الثمانية من أيها شاء دخل‪ .‬وأخرج الطططبراني فططي الوسططط‬
‫عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كططان‬

‫‪125‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫له بنتان أو اختان أو عمتان أو خالتططان وعططالهن فتحططت لططه ثمانيططة‬
‫أبواب الجنة‪ .‬وأخرج الطبراني في الوسط عن عائشة قالت قال‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسططلم مططن كططان لططه بنتططان‪ ،‬عططن أبططي‬
‫هريرة عن رسول الله صططلى اللططه عليططه وسططلم قططال أيمططا امططرأة‬
‫اتقت ربها وحفظت فرجها وأطاعت زوجها فتح لها ثمانيططة أبططواب‬
‫الجنة فقيل لها أدخلي من حيث شئت‪ .‬وأخرج ابن أبي حططاتم فططي‬
‫تفسيره عن ابن عباس قطال للجنطة ثمانيطة أبطواب بطاب للمصطلين‬
‫وباب للصائمين وباب للحاجين وباب للمعتمرين وباب للمجاهططدين‬
‫وباب للذاكرين وباب للصططابرين وبططاب للشططاكرين‪ .‬وأخططرج أحمططد‬
‫والطبراني وابو نعيم في الحلية والبيهقي في سننه عن عقبة بططن‬
‫عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم القتلططى ثلثططة‬
‫فذكر الحديث إلى أن قال وادخل من أي أبواب الجنططة شططاء فططإن‬
‫لها ثمانية أبواب ولجهنم سبعة أبواب وبعضططها أفضططل مططن بعططض‪.‬‬
‫وأخرج إسحاق بن راهويه في مسنده عن عمر قططال قططال رسططول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم من مات يؤمن بالله واليوم الخر قيططل‬
‫له ادخل من أي أبواب الجنة الثمانية شطئت‪ .‬واخطرج المسطتغفري‬
‫في الدعوات وحسنه عن البراء بن عازب قططال قططال رسططول اللططه‬
‫صلى الله عليه وسلم ما من عبد يقول حين يتوضأ بسم اللططه ثططم‬
‫يقول لكل عضو أشهد أن ل إله إل الله وحده ل شريك له وأشططهد‬
‫أن محمدا عبده ورسوله ثم يقول حين يفططرغ اللهططم اجعلنططي مططن‬
‫التوابين واجعلني من المتطهرين إل فتحت له ثمانية أبواب الجنططة‬
‫يدخل من أي شاء‪ .‬وأخرج الحاكم في تاريخه عن أنس قال مططات‬
‫ابن لعثمان ابن مظعون فحزن عليه حزنا شديدا فقططال لططه النططبي‬
‫صلى الله عليه وسلم يا عثمان أما ترضى بأن للجنة ثمانية أبواب‬
‫وللنار سبعة وأنت ل تنتهي إلى باب مططن أبططواب الجنططة إل وجططدت‬
‫ابنك قائما عنده آخذا بحجرتك يشفع لك عند ربك قططال بلططى قططال‬
‫المسلمون يا رسول الله ولنا في فرطنا مثل ما لعثمان قال نعططم‬
‫لمن صبر واحتسب‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬فيما هو جار على ألسنة العامة وفي المدائح النبويططة‬
‫أن النبي صلى الله عليه وسلم لن له الصططخر وأثطرت قططدمه فيططه‬
‫وأنه كان إذا مشى على التراب ل تؤثر قدمه فيه هل له أصل في‬
‫كتب الحديث أول وهل إذا ورد فيه شيء من خرجه وصحيح هو أو‬
‫ضعيف وهططل مططا ذكططره الحططافظ شططمس الططدين بططن ناصططر الططدين‬

‫‪126‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الدمشقي في معراجه الذي ألفه مسططجعا ولفظططه ثططم تططوجه نحططو‬
‫صططخرة بيططت المقططدس وعماهططا فصططعد مططن جهططة الشططرق أعلهططا‬
‫فاضطربت تحت قدم نبينا ولنت فأمسكتها الملئكة لمططا تحركططت‬
‫ومالت ألهذا أيضا أصل في كتب الحططديث صططحيح أو ضططعيف أو ل‬
‫وهل هططذا الثططر الموجططود الن بصططخرة بيططت المقططدس المعططروف‬
‫هناك بقدم النبي صلى الله عليه وسلم صحيح أو ل وهل ورد فططي‬
‫كتب الحديث أن سيدنا إبراهيم علططى نبينططا وعليططه أفضططل الصططلة‬
‫والسلم أثرت قدماه في الحجر الذي كان يبنى عليه البيت الططذي‬
‫هو الن بالمسجد الحرام بالمكان المعروف بمقام إبراهيم هل هو‬
‫صحيح أو ضعيف أو ليس له أصل وهططل مططا قططاله بعضططهم أنططه لططم‬
‫يعط نبي معجزة إل حصل لنبينا صطلى اللطه عليطه وسطلم مثلهطا أو‬
‫لحد من أمته صحيح ذلك أو ل ومن هو قططائل ذلططك وهططل صططح أن‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم لما جاء إلططى بيططت أبططي بكططر الصططديق‬
‫بمكة ووقف ينتظره ألزق منكبه ومرفقه بالحائط فغاص المرفططق‬
‫في الحجر وأثر فيططه وبططه سططمي الزقططاق بمكططة زقططاق المرفططق أو‬
‫ليططس لططذلك أصططل وهططل مططا ذكططره الثعلططبي والطرطوشططي فططي‬
‫تفسططيريهما أن النطبي صطلى اللطه عليطه وسطلم لمططا حفطر الخنططدق‬
‫وظهرت الصخرة وعجزت الصحابة عطن كسطرها نطزل صطلى اللطه‬
‫عليه وسططلم إلططى الخنططدق وضططربها ثلث ضططربات وأنهططا لنططت لططه‬
‫وتفتت صحيح ذلك أو ضعيف أو ليس له أصل معتمد وهل إذا ثبت‬
‫أن الصخر لن له صلى الله عليه وسلم وأثرت قططدمه فيططه يكططون‬
‫ذلك معجزة له صلى الله عليه وسلم أو ل‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬أما حديث الصخرة التي ظهرت في الخنططدق وعجططز‬
‫الصحابة عن كسرها وضربها ثلث ضربات فكسططرها فططإنه صططحيح‬
‫ورد من طرق بألفاظ متعددة فأخرجه البيهقي وأبو نعيم معا فططي‬
‫دلئل النبططوة مططن حططديث عمططرو بططن عططوف المزنططي ومططن حططديث‬
‫سلمان الفارسي ومن حديث البراء بن عازب وأصله في الصحيح‬
‫من حديث جابر قال إنا يوم الخندق نحفر فعرضططت كديططة شططديدة‬
‫فجاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا هذه كدية عرضططت‬
‫في الخندق فأخذ المعول فضرب فعاد كثيبا أهيل‪ .‬وأما قططوله هططل‬
‫ورد في كتب الحديث أن سيدنا إبراهيم علططى نبينططا وعليططه أفضططل‬
‫الصلة والسلم أثرت قططدماه فططي الحجططر الططذي كططان يبنططى عليططه‬
‫البيت وهو المقام فنعم ورد ذلك أخرجه الزرقي فططي تاريططخ مكططة‬

‫‪127‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫من طريق أبي سعيد الخدري عن عبد الله بططن سططلم رضططي اللططه‬
‫عنهما موقوفا عليططه بسططند صططحيح‪ ،‬وأخرجططه عبططد بططن حميططد فططي‬
‫تفسيره عن قتادة‪ ،‬وأخرجه أيضا عن عكرمة‪ ،‬وبقية مططا ذكططر فططي‬
‫السئلة لم أقف له على أصل ول سند ول رأيططت مططن خرجططه فططي‬
‫شيء من كتب الحديث‪.‬‬
‫شرط البخاري المام ومسلم * فيما حكاه جماعة متوافره‬
‫تخريج ما يرويه عن خير الورى * اثنان من اصحابه المتكاثرة‬
‫وعليه أورد إنما العمال من * في الحفظ رتبته لديهم قاصره‬
‫فاجابه القاضي أبو بكر هو العربي في شرح البخاري ناصره‬
‫أن رواة أبي سعيد فانتفى إل * يراد وارتفعت حله الفاخرة‬
‫وسواه زاد أبا هريرة فيه مع * أنس فصارت اربعا متظافرة‬
‫وجماعة قالوا بأبلغ منه فإن * يدرجنه في زمرة المتواترة‬
‫فعن ابن مندة قد رواه ثمان عشرة من صحاب كالنجوم الزاهرة‬
‫يا من يروم الخوض في ذا الفن ل * تقدم عليه بهمة متقاصره‬
‫ل يصلح القدام فيما رمته * حتى تلجج في البحار الزاخرة‬
‫مسألة ‪ -‬ذكر ذاكر أن أكثر قراءة النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫في الصلة كانت بقراءة نافع وهذا شيء ل أصل له البتة بل كططان‬
‫يقرأ بجميع الحرف المنزلة عليه وكيف ينسططب إلططى النططبي صططلى‬
‫الله عليه وسلم أمر لم يروه عنه أحد من الصحابة ول خرجه أحططد‬
‫من أئمة الحديث في كتبهم ل بإسناد صحيح ول بإسناد غير صحيح‬
‫ثم أن هذا أمر ل يعرف ل من جهة الصحابة الذين سمعوا قراءتططه‬
‫والذي روى عنهم أنهططم قططالوا قططرأ بسططورة كططذا ولططم يقولططوا فططي‬
‫روايتهم قرأ السورة الفلنية بلفظ كذا ولفظ كذا حتى تطابق تلك‬
‫اللفاظ فتوجد موافقة لقراءة نافع ولو ثبت هذا الكلم عند المام‬
‫مالك رضي الله عنه لكان أول قائل بقراءة البسملة فططي الصططلة‬
‫لن البسملة ثابتة في قراءة قالون عن نافع ولم يثبت عنططد مالططك‬
‫أنه صلى الله عليه وسلم قرأ البسملة في الصلة فهذا يدل علططى‬
‫أنه لم يثبت عنده أنه كان أكثر قراءته بقراءة نافع وما كل حططديث‬
‫وجد مقطوعا بغير سند في كتاب يجوز العتماد عليطه حططتى يثبططت‬
‫تخريجه في كتاب حافظ بسند متصل صحيح وكم في الكتططب مططن‬
‫أحاديث ل أصل لها ثم تبين أن هطذا النقطل ل وجطود لطه وأن الطذي‬
‫نقله القرافي في الذخيرة أنه تسططتحب القططراءة بتسططهيل الهمططزة‬
‫لن ذلك لغة النبي صططلى اللططه عليططه وسططلم وهططذا كلم فططي غايططة‬

‫‪128‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الحسن ل غبار عليه لن العلماء أجمعوا على أن لغة النططبي صططلى‬
‫الله عليططه وسططلم لغططة قريططش ولغططة قريططش عططدم تحقيططق الهمططز‬
‫فيكون ذلك لغة النبي صلى الله عليه وسططلم صططحيح ولكططن ليططس‬
‫فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أكثر قراءتططه فططي الصططلة‬
‫بقراءة نافع ول روى هذا أحد من الصحابة البتة ول خرجه أحد من‬
‫أئمة الحديث بل ول فططي هططذا دللططة علططى أنططه كططان أكططثر قراءتططه‬
‫بتسهيل الهمزة أكثر ما فيه أنطه دل علطى أن ذلطك لغتطه مطن غيطر‬
‫قدر زائد على ذلك وقد كان صلى الله عليه وسلم يقرأ بجميع مططا‬
‫أنزل عليه بتسهيل الهمز الذي هو لغته وبتحقيق الهمز الططذي لغططة‬
‫غير قريش وبترك المالة الذي هو لغة الحجاز وبالمالة التي هططي‬
‫لغة تميم وذكر الكثرية تحتاج إلى نصر مططن الصططحابة مخططرج فططي‬
‫كتاب معتبر بإسناد متصل صحيح ول وجططود لططذلك البتططة وذكططر أن‬
‫القراءة بالترقيق في الصلة مكروهة لنها تذهب الخشوع وليططس‬
‫كذلك لن المكروه ما ورد فيه نهى خاص ولم يرد عن النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم في ذلك نهي وقوله إنها تططذهب الخشططوع ممنططوع‬
‫لنه إن كان ذلك من جهة الفكر في أداء تلك الهيئة فجميع هيئات‬
‫الداء كذلك والفكر في أداء ألفاظ القرآن على الهيئة الططتي أنططزل‬
‫عليها ل ينافي الخشوع لنه من أمور العبادة والططدين وإنمططا ينططافي‬
‫الخشوع الفكر في المططور الدنيويططة ل الدينيططة ول الخرويططة نصططوا‬
‫عليه ثططم إن المكططروه عنططد الصططوليين مططن قسططم القبيططح كمططا أن‬
‫المندوب عندهم من قسم الحسن ول يوصف شططيء مططن القططرآن‬
‫بالقبح فإن قال قائل قد ذهب جماعة إلى أن بعض القرآن أفضل‬
‫من بعض قلنا مع اتفاقهم على أن الكل يقططرأ ول يقططول أحططد بططأن‬
‫غير الفضل تكره قرائته هذا ل يتوهمه أحد ثم إن قططراءة القططرآن‬
‫بالحرف الثابتة في السبعة فرض كفاية بالجماع فكيف يتخيل أن‬
‫يوصف ما هو فرض كفاية بأنه مكططروه ثططم تططبين أن هططذا النقططل ل‬
‫وجود له وأن الذي نقله القرافي في الذخيرة وكره مالك الترقيق‬
‫والتفخيم والروم والشمام فططي الصططلة لنهططا تشططغل عططن أحكططام‬
‫الصطلة وليطس المطراد بهطذه الكراهطة الطتي هطي أقسطام الحكطام‬
‫الخمسة الططتي يصططفها الصططوليون بأنهططا داخلططة فططي قسططم القبيططح‬
‫كالحرام بل الكلم في كلم الئمة المجتهططدين كمالططك والشططافعي‬
‫لها إطلقان أحدهما هططذا ويعططبر عنهططا بالكراهططة الشططرعية والخططر‬
‫بمعنى أن المجتهد أحب واختار أن ل يفعل ذلططك مططن غيططر إدخططاله‬

‫‪129‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫في قسططم المكططروه الططذي هططو مططن نططوع القبيططح ويعططبر عططن هططذه‬
‫بالكراهة الرشادية وهذه الكراهة ل ثواب في تركهطا ول قبططح فطي‬
‫فعلهططا وقططد ذكططر أصططحابنا ذلططك فططي قططول الشططافعي وأنططا أكططره‬
‫المشمس من جهة الطب فاختلفوا هل هذه الكراهة شرعية يثاب‬
‫فيها أو إرشادية ل ثواب فيهططا علططى وجهيططن وقططال الشططافعي وأنططا‬
‫أكره المامططة لنططه وليططة وأنططا أكططره سططائر الوليططات فليططس مططراد‬
‫الشافعي بذلك الكراهططة الططتي هططي أحططد أقسططام الحكططم الخمسططة‬
‫الداخلة في قسم القبيح كيف والمامة فرض كفاية لن بها تنعقططد‬
‫الجماعة التي هي فرض كفاية والرافعططي يقططول إنهططا أفضططل مططن‬
‫الذان وفي كل منهما فضل وذلك مناف للكراهة قطعا وإنما مراد‬
‫الشافعي أنه ل يحب الدخول فيها ول يختاره للمعنى الططذي ذكططره‬
‫فهي كراهة إرشادية ل شرعية فلو فعلها لم يوصف فعله بقبح بل‬
‫هو آت بعبادة فيها فضل إجماعا إما فضل يزيد على فضططل الذان‬
‫كما هو رأي الرافعي أو ينقص عنه كما هو رأي النووي ولو كططانت‬
‫المامططة مكروهططة كراهططة شططرعية لططم يكططن فيهططا فضططل البتططة لن‬
‫الكراهة والثواب ل يجتمعان وكذلك قول القرافي وكره مالططك مططا‬
‫ذكر معناه أنه أحب وأختار أن ل يفعططل ذلططك للمعنططى الططذي ذكططره‬
‫فهو أمر إرشادي وليس مراده الكراهة الططتي يططدخل متعلقهططا فططي‬
‫قسم القبيح معاذ الله هذا ل يظن بمن هو دون مالك بكثير فضططل‬
‫عن هططذا المططام الجليططل إمططام دار الهجططرة وإمططام أهططل المشططرق‬
‫والمغرب رضي الله عنه وعنا به‪.‬‬
‫بلوغ المأمول في خدمة الرسول صلى الله عليه وسلم‬
‫مسألة ‪ -‬حديث من وجدتموه يعمل عمططل قططوم لططوط فططاقتلوا‬
‫الفاعل والمفعططول بططه ورد مططن حططديث ابططن عبططاس وأبططي هريططرة‬
‫وجابر فأما حديث ابن عباس فأخرجه عبططد الططرزاق فططي المصططنف‬
‫وأحمططد فططي مسططنده وابططن جريططر فططي تهططذيب الثططار وأبططو داود‬
‫والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن أبططي الططدنيا فططي ذم الملهططي‬
‫وأبو يعلي والعدني في مسنديهما وعبططد بططن حميططد وابططن الجططارود‬
‫في المنتقى والططدار قطنططى فططي سططننه والطططبراني والحططاكم فططي‬
‫المستدرك وصححه والبيهقي في سططننه والضططياء المقدسططي فططي‬
‫المختارة وقد صححه جمع من الئمة الحفاظ الحاكم كمططا ذكرنططاه‬
‫وابن الجارود وحيث أخرجه في المنتقى فإنه الططتزم فيططه الصططحيح‬
‫والضياء حيث أخرجه في المختارة فإنه التزم فيها الصحيح الططزائد‬

‫‪130‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫على الصحيحين وقالوا أن صحيحها أقوى مططن صططحيح المسططتدرك‬
‫وصححه أيضا ابن الطلع في أحكامه نقله عنه الحافظ ابططن حجططر‬
‫فططي تخريططج أحططاديث الرافعططي ولمططا حكططى الحططافظ أبططو الفضططل‬
‫العراقي في شرح الترمذي أن الحاكم صححه أقره وأورد له عدة‬
‫طرق تقوية لسناده وأما حديث أبططي هريططرة فططأخرجه ابططن مططاجه‬
‫والبزار وابن جرير والحاكم وصححه أيضا ابن الطلع لكططن تعقططب‬
‫الحافظ ابن حجر تصحيح ابن الطلع له فقال حططديث أبططي هريططرة‬
‫لم يصح‪ .‬قلت لكن صحح حديث أبي هريرة وابن عباس معططا ابططن‬
‫جرير في تهذيب الثططار ولعلططه الططذي حمططل الحططاكم علططى تصططحيح‬
‫حديث أبي هريرة وإنما ثبت حططديث ابططن عبططاس وتعقططب الططذهبي‬
‫تصحيح الحاكم لحديث أبي هريرة فقال في سنده عاصم بن عمر‬
‫العمري وهو ضعيف واعتذر عنه الحافظ العراقي بأنه إنما أخرجه‬
‫شاهدا لحديث ابن عباس وأما حديث جططابر فأشططار إليططه الترمططذي‬
‫حيث قال عقب حديث ابططن عبططاس وفططي البططاب عططن جططابر وأبططي‬
‫هريرة وقال العراقي في شرحه رواه ابن حزم من طريق محمططد‬
‫بن القاسم عن يحيى بن أيوب عن عباد بن كثير عن عبد الله بططن‬
‫محمد بن عقيل عن جابر أن رسول الله صططلى اللططه عليططه وسططلم‬
‫قال من عمل عمل قوم لوط فاقتلوه ورواه ابن وهب عن يحيططى‬
‫بن أيوب عن رجل عن ابن عقيل انتهى‪ .‬وقد أخططرج حططديث جططابر‬
‫الحارث ابن أبي أسامة في مسنده وابن جرير فططي تهططذيب الثططار‬
‫من طريق عباد بن كثير عن عبد اللططه بططن محمططد بططن عقيططل عططن‬
‫جابر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على المنططبر‬
‫من عمل عمل قوم لوط فاقتلوه‪ ،‬وقد رأيت لطه طريقطا آخطر مطن‬
‫حديث علي وقد فططات الحططافظين العراقططي وابططن حجططر قططال ابططن‬
‫جرير في تهذيب الثار حدثني محمد بن معمر البحراني ثنططا يحيططى‬
‫بن عبد الله بن بكر ثنا حسين بن زيد عططن جعفططر بططن محمططد عططن‬
‫أبيه عن جده عن علي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫يرجم من عمل عمل قوم لوط أحصن أولم يحصن‪.‬‬
‫)تنبيه( إنما احتاج الحاكم في تصحيح هذا الحديث إلططى شططاهد‬
‫لن راويه عن عكرمة عن ابن عباس عمرو بن أبي عمططرو مططولى‬
‫المطلب وعمططرو وثقططه الجمهططور منهططم مالططك والبخططاري ومسططلم‬
‫وأخرجططا حططديثه فططي الصططحيحين فططي الصططول وضططعفه أبططو داود‬
‫والنسائي ولجل ذلك أنكر النسائي حديثه هططذا وقططال يحيططى كططان‬

‫‪131‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫يستضططعف قططال الططذهبي فططي الميططزان بعططد حكايططة هططذا مططا هططو‬
‫بمستضعف ول بضعيف نعم ول هو في الثقة كالزهري وذويه قططال‬
‫وروى أحمد بن أبي مريم عن ابن معين قال‪ :‬عمرو بن أبي عمرو‬
‫ثقة ينكر عليه حديث عكرمة عن ابن عباس أن النططبي صططلى اللططه‬
‫عليه وسلم قال اقتلوا الفاعل والمفعططول بططه قططال الططذهبي عقططب‬
‫ذلك حديثه صالح حسن منحططط عططن الدرجططة العليططا مططن الصططحيح‬
‫انتهى‪ .‬والمقرر في علوم الحديث أن من يكططون بهططذه الصططفة إذا‬
‫وجد له متابع أو شاهد حكم لحديثه بالصحة فلهططذا احتططاج الحططاكم‬
‫إلى تخريج حديث أبي هريرة ليكططون شططاهدا لحططديث ابططن عبططاس‬
‫وإن كان حديث أبي هريرة ليس على شرط الصحيح إل أنه أورده‬
‫شاهدا ل أصل ليتم له تصحيح حديث ابن عباس وقد أورد الحافظ‬
‫أبو الفضل العراقي عدة طرق لحديث ابن عباس تقويططة لتصططحيح‬
‫الحاكم له فقال قد ورد أيضا من رواية داود بن الحصين وعباد بن‬
‫منصور وحسين بن عبططد اللططه عططن عكرمططة فهططؤلء ثلثططة متططابعين‬
‫لعمططرو بططن أبططي عمططرو فراويططه داود أخرجهططا أحمططد فططي مسططنده‬
‫باللفظ السابق وأخرجها ابن جرير والبيهقي في سننه بلفططظ مططن‬
‫وقع على الرجل فاقتلوه‪ ،‬ورواية عباد أخرجها البيهقي بلفططظ فططي‬
‫الذي يعمل عمل قوم لوط وفي الذي يؤتي في نفسه قططال يقتططل‬
‫وأخرجه ابن جرير في تهذيب الثار بلفظ أن النبي صلى الله عليه‬
‫وسططلم قططال اقتلططوا الفاعططل والمفعططول بططه فططي اللوطيططة‪ ،‬وروايططة‬
‫حسططين أخرجهططا الطططبراني فططي الكططبير بططاللفظ السططابق‪ .‬وأورد‬
‫العراقي أيضا لحططديث أبططي هريططرة طريقيططن آخريططن أحططدهما فططي‬
‫المسططتدرك ومعجططم الطططبراني الوسططط والثططاني فططي المعجططم‬
‫الوسط ولفظهما مخالف للفظ السابق ثم أورد حديث جطابر كمطا‬
‫تقدم ثم قال وفي الباب عن أبي موسى الشططعري عنططد الططبيهقي‬
‫وعن أيوب عند الطبراني في الكبير هذا جميع مططا أورده العراقططي‬
‫من الشواهد لتصحيح حديث ابن عباس‪ .‬قلت وقد وجططدت شططاهدا‬
‫آخر زيادة على ذلك قال أبو نعيم في الحلية ثنا أبو محمططد طلحططة‬
‫وأبو إسحاق سعد أنبأ محمد بن إسحاق الناقد قال ثنططا محمططد بططن‬
‫عثمان بن أبي شيبة ثنا أبي ثنا وكيع ثنا محمد بن قيططس عططن أبططي‬
‫حصين عن أبي عبد الرحمن أن عثمان أشرف علططى النططاس يططوم‬
‫الدار فقال أما علمتم أنه ل يحب القتل إل على أربعططة رجططل كفططر‬
‫بعد إسلمه أو زنى بعد إحصانه أو قتل نفسا بغيططر نفططس أو عمططل‬

‫‪132‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫عمل قوم لوط‪ .‬وقال ابن أبي شططيبة فططي المصططنف ثنططا وكيططع ثنططا‬
‫محمد بن قيس عن أبي حصين عن أبي عبططد الرحمططن أن عثمططان‬
‫أشرف على الناس يططوم الططدار فقططال أمططا علمتططم أنططه ل يحططل دم‬
‫امرئ مسلم إل بأربعططة رجططل عمططل عمططل قططوم لططوط هططذا إسططناد‬
‫صحيح وفي قول عثمان رضي الله عنه للنططاس أمططا علمتططم دليططل‬
‫على اشتهار هذا عندهم كالثلثة المططذكورة معططه‪ .‬وقططال ابططن أبططي‬
‫شيبة ثنا غسان بن مضر عن سعيد بن يزيد عططن أبططي نضططرة قطال‬
‫سئل ابن عباس ما حد اللططوطي قططال ينظططر إلططى أعلططى بنططاء فططي‬
‫القرية فيرمى منه منكسا ثم يتبع بالحجارة‪ .‬وقال عبد الرازق في‬
‫المصنف عن ابن جريج ح وقال ابن أبي شيبة ثنا محمططد بططن بكططر‬
‫عن ابن جريج قال أخبرني عبد اللططه بططن عثمططان بططن حططثيم سططمع‬
‫مجاهدا وسعيد بن جبير يحدثان عن ابن عباس أنه قال في البكططر‬
‫يوجد على اللوطية إنه يرجم وقال ابن أبي شيبة ثنا وكيع عن ابن‬
‫أبي ليلى عن القاسم أبي الوليد عن يزيد بن قيس أن عليططا رجططم‬
‫لوطيا وقال ثنا وكيع عن سفيان عن جابر عن مجاهد في اللوطى‬
‫قال يرجم أحصن أو لم يحصن وقال ثنا يزيد أنا حمططاد بططن سططلمة‬
‫عن حماد ابن أبي سليمان عن إبراهيم في اللوطي قططال لططو كططان‬
‫أحد يرجم مرتين رجم هذا‪ .‬وقال ثنا عبد العلططى عططن سططعيد عططن‬
‫قتادة عن عبيد الله بن عبد الله بن معمر في اللوطي قططال عليططه‬
‫الرجم قتلة قوم لوط‪ .‬وقال ثنا عبد العلى عن سططعيد عططن قتططادة‬
‫عن جابر بن زيد قال حرمة الدبر أعظططم مططن حرمططة الفططرج قططال‬
‫قتادة نحن نحمله علططى الرجططم فهططذه الثططار كلهططا شططواهد لتقويططة‬
‫حديث ابن عباس وكيف يعتمد مولى يحيططى وأبططي داود والنسططائي‬
‫في ضعف راويه لو انفرد وقد وثقه رؤس الئمطة مالطك والبخططاري‬
‫ومسلم الذين هم مقدمون علططى كططل حططافظ فططي عصططرهم ومططن‬
‫بعهدهم وخرجوا له في الصول وقد قططال الططذهبي فططي الموقظططة‬
‫من أخرج له الشيخان أو أحدهما على قسمين أحدهما ما احتجابه‬
‫في الصول وثانيهما من خرجا له متابعططة وشططهادة واعتبططارا فمططن‬
‫احتجابه أو أحدهما ولم يوثق ول عمر فهو ثقطة حطديثه قططوي ومطن‬
‫احتجططابه أو أحططدهما وتكلططم فيططه فتططارة يكططون الكلم فططي تليينططه‬
‫وحفظه له اعتبار فهذا حديثه ل ينحط عن مرتبة الحسن الذي قططد‬
‫يسميها من أدنى درجططات الصططحيح فمططا فططي الكتططابين بحمططد اللططه‬
‫رجل احتج به البخاري أو مسلم في الصول وروايططاته ضططعيفة بططل‬

‫‪133‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫حسنة أو صحيحه ومن خرج له البخططاري أو مسططلم فططي الشططواهد‬
‫والمتابعات ففيهم من في حفظه شططيء وفططي تططوثيقه تططردد فكططل‬
‫من خرج له في الصحيحين فقططد قفططز القنطططرة فل معططدل لططه إل‬
‫ببرهططان بيططن نعططم الصططحيح مراتططب والثقططات طبقططات انتهططى كلم‬
‫الذهبي في الموقظة‪ ،‬وقد ذكططر فططي الميططزان أن عمططرو بططن أبططي‬
‫عمر خرج حديثه في الصحيحين في الصططول فكيططف يحكططم علططى‬
‫حديثه بالضعف كما تراه في كلم الذهبي هذا وهو لم ينفرد بل له‬
‫متابعون عن عكرمة ولحديثه شواهد من رواية عدة من الصططحابة‬
‫فلهذا صححه من صححه من الحفاظ ولم يلتفتوا إلى تضعيف من‬
‫ضعف راويه واحتاج الحاكم إلى إيططراد شططاهد لططه لن أقططل أحططوال‬
‫عمرو أن يكون حديثه حسنا فيحتاج إلى شطاهد يرقيطه إلطى درجطة‬
‫الصحة والله أعلم‪) .‬تنبيه آخر( ذكر الحافظ ابن حجر فططي تخريططج‬
‫أحاديث الرافعي أن حديث ابن عباس المذكور مختلف فططي ثبططوته‬
‫فنبه بذلك على فائدة مهمة من اصطلح الحديث‪ .‬وقد أحببططت أن‬
‫أبينها لن من ل إلمام له بعلم الحديث ل يفهم مراده بذلك وربمططا‬
‫توهم أن ذلك قدح في الحديث كما رأى مططن ل معرفططه لططه بططالفن‬
‫قول الترمذي في حديث أنططا دار الحكمططة وعلططى بابهططا فططي بعططض‬
‫النسخ هذا حديث منكر فظن أنه أراد أنه باطل أو موضططوع لعططدم‬
‫علمه بالمصطلح وجهله أن المنكر من أقسططام الضططعيف الططوارد ل‬
‫مططن أقسطام الباططل الموضططوع وإنمططا هططذا لفطظ اصططلحوا عليطه‬
‫وجعلوه لقبا لنوع محدود من أنواع الضططعيف كمططا اصطططلح النحططاة‬
‫على جعلهم الموصول مثل لقبا لبعططض أنططواع المعرفططة وقططد وقططع‬
‫للخطيب البغدادي أنه روى في تاريخه حديثا باطل وقال عقبه هذا‬
‫حططديث منكططر فتعقبططه الططذهبي فططي الميططزان وقططال العجططب مططن‬
‫الخطيب كيف يطلق لفظ المنكر علططى هططذا الخططبر الباطططل وإنمططا‬
‫أطلططق المنكططر علططى حططديث القلططتين ووصططف فططي الميططزان عططدة‬
‫أحاديث في مسططند أحمططد وسططنن أبططي داود وغيرهمططا مططن الكتططب‬
‫المعتمدة بأنها منكرة بل وفي الصحيحين أيضا وما ذاك إل لمعنى‬
‫يعرفه الحفاظ وهو أن النكططارة ترجططع إلططى الفرديططة ول يلططزم مططن‬
‫الفردية ضعف متن الحديث فضل عن بطلنه وطائفة كابن الصلح‬
‫ترى أن المنكر والشواذ مترادفان وكم فططي الصططحيح مططن حططديث‬
‫وصططف بالشططذوذ كحططديث مسططلم فططي نفططي قططراءة البسططملة فططي‬
‫الصلة فإن المام الشافعي رضي الله عنططه حكططم عليططه بالشططذوذ‬

‫‪134‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫وليس لك أن تقطول قطد شطرطوا فطي الصطحيح أن ل يكطون شطاذا‬
‫فكيف يستقيم أن يكون مخرجا في الصحيح ويحكم عليه بالشذوذ‬
‫لن هذا أيضا من عدم معرفتك بالضعف فإن ابن الصلح لما ذكططر‬
‫ضابط الصحيح وشرط أن ل يكون شاذا قال في آخر الكلم فهططذا‬
‫هو الحديث الذي يحكططم لططه بالصططحة بل خلف بيططن أهططل الحططديث‬
‫فأشار إلى أن هذا ضابط الصحيح المتفق عليه وبقي من الصحيح‬
‫نوع آخر لم يدخل في هططذا الضططابط وهططو الصططحيح المختلططف فيططه‬
‫ولهذا قال الزركشي في شرح مختصر ابن الصلح خططرج الصططحيح‬
‫المختلف فيه عن هذا التعريف ثم قال ابن الصلح بعد هططذا فططوائد‬
‫مهمة‪ :‬أحدها الصحيح يتنوع إلى متفق عليه ومختلطف فيطه ويتنطوع‬
‫إلططى مشططهور وغريططب وبيططن ذلططك قططال الزركشططي فططي شططرحه‬
‫والحافظ ابن حجر في نكته عنططد هططذا الموضططع ذكططر الحططاكم فططي‬
‫المدخل أن الصحيح من الحططديث ينقسططم عشططرة أقسططام خمسططة‬
‫متفق عليها وخمسة مختلف فيها فالول من القسطم الول اختيطار‬
‫البخاري ومسلم وهططو الدرجططة الولططى مططن الصططحيح الططذي يرويططه‬
‫الصططحابي المشططهور الططذي لططه راويططان والحططاديث المرويططة بهططذا‬
‫الشرط ل يبلغ عددها عشرة آلف‪ .‬الثاني‪ :‬الصططحيح بنقططل العططدل‬
‫الضابط عن العدل الضابط إلى الصحابي وليس لططه إل راو واحططد‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬أخبار جماعة من التابعين الططذين ليططس لهططم إل راو واحططد‪.‬‬
‫الرابع‪ :‬هذه الحاديث الفراد والغرائب التي يرويها الثقات العدول‬
‫تفرد بها ثقة من الثقططات وليططس لهططا طططرق مخرجططة فططي الكتططب‪.‬‬
‫الخامس‪ :‬أحاديث جماعة من الئمة عن آبائهم عن أجطدادهم ولطم‬
‫تتواتر الرواية عن آبائهم عن أجدادهم بها إل عنهم‪ .‬وأمطا القسطام‬
‫الخمسة المختلف في صحتها فططالول المرسططل صططحيح عنططد أهططل‬
‫الكوفة‪ .‬الثاني‪ :‬رواية المدلسين إذا لططم يططذكروا سططماعهم ‪ -‬وهططي‬
‫سماعهم ‪ -‬صحيحه عند جماعة منهم‪ .‬الثالث‪ :‬خبر يرويه ثقططة مططن‬
‫الثقات عططن إمططام مططن أئمططة المسططلمين فيسططنده ثططم يرويططه عنططه‬
‫جماعة من الثقات فيرسلونه‪ .‬الرابع‪ :‬رواية محدث صحيح السماع‬
‫صحيح الكتاب ظاهر العدالة غيططر أنططه ل يعططرف مططا يحططدث بططه ول‬
‫يحفظه فإن هذا القسم صحيح عند أكثر أهل الحديث ومنهططم مططن‬
‫ل يرى الحجة به‪ .‬الخامس‪ :‬روايات المبتدعططة وأهططل الهططواء فططإن‬
‫رواياتهم عند أهل العلططم مقبولططة إذا كططانوا صططادقين قططال الحططاكم‬
‫فهذه القسام ذكرتها لئل يتوهم متططوهم أنططه ليططس بصططحيح إل مططا‬

‫‪135‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫أخرجه البخاري ومسلم انتهى‪ .‬إذا عرفت ذلك فقول الحافظ ابططن‬
‫حجر وحديث ابن عباس مختلف في ثبططوته أراد بططه بيططان أنططه مططن‬
‫قسم الصحيح المختلف فيططه ل مططن القسططم المتفططق عليططه وقصططد‬
‫بذلك تكملة الفططائدة فططإن طريقتططه فططي هططذا الكتططاب أنططه إذا كططان‬
‫الحديث من القسم الول أطلق ثبوته وإذا كان من القسم الثططاني‬
‫نبه عليه وفي هذا الكتاب الجليل من نفائس الصناعة الحديثية مططا‬
‫ل يعرفه إل المتبحر في الفن كمؤلفه فليحذر المططرء مططن القططدام‬
‫على التكلم في حديث رسول الله صططلى اللططه عليططه وسططلم بغيططر‬
‫علم وليمعن في تحصيل الفططن حططتى يطططول بططاعه ويرسططخ قططدمه‬
‫ويتبحر فيه لئل يدخل في حديث من تكلم بغير علم لعنتططه ملئكططة‬
‫السماء والرض‪ .‬ول يغتر بكونه ل يجد من ينكططر عليططه فططي الططدنيا‬
‫فبعد الموت يأتيه الخبر إمططا فططي القططبر أو علططى الصططراط والنططبي‬
‫صلى الله عليه وسلم هناك يخاصمه ويقول له كيطف تجطازف فطي‬
‫حديثي وتتكلم في ما ليس لك به علم فأما أن ترد شيئا قلته وإما‬
‫أن تنسب إلى ما لم أقله أما قرأت فيما أنزل علي "ول تقططف مططا‬
‫ليس لك به علم أن السمع والبصر والفططؤاد كططل أولئك كططان عنططه‬
‫مسؤول" فيا خيبته يومئذ ويططا فضططيحته هططذا إن مططات مسططلما وإل‬
‫عوقب والعياذ بالله بسوء الخاتمة كما يقول الخطباء على المنابر‬
‫في بعض الخطب والذنوب فرب ذنب يعططاقب العبططد عليططه بسططوء‬
‫الخاتمة‪ ،‬وكمططا نقططل الشططيخ محيططي الططدين القرشططي الحنفططي فططي‬
‫تذكرته عن المام أبي حنيفططة رضططي اللططه عنططه أنططه قططال أكططثر مططا‬
‫يسلب الناس اليمان عند الموت وأكبر أسططباب ذلططك الظلططم وأي‬
‫ظلم أعظم من الجرأة على الخوض في حديث رسول الله صططلى‬
‫الله عليه وسلم بغير علم نسأل الله السلمة والعافية‪.‬‬

‫الفتاوى الصولية الدينية‬


‫مبحث اللهيات‬
‫مسألة ‪ -‬في تعريف اليمان وركنططه وشططرطه وسططببه ومحلططه‬
‫وهل يزيد وينقص وما الدليل على ذلك‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬اليمان هو التصديق بكل ما جاء به النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم وعلم مجيئه به من الدين بالضرورة وشططرطه التلفططظ‬
‫بكلمتي الشهادتين وقيل هو ركن لططه وسططببه النظططر المططؤدي إلططى‬
‫ذلك ومحله القلب وهططو يزيططد وينقططص عنططدنا وعنططد أكططثر السططلف‬

‫‪136‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫وخالف في ذلك الحنفية‪ ،‬والدلة على زيططادته ونقصططه كططثيرة ذكططر‬
‫البخاري في صدر صحيحه منها جملططة منهططا قططوله تعططالى )ويططزداد‬
‫الذين آمنوا إيمانا ‪ -‬وزدنطاهم هطدى(‪ .‬وفطي الحطديث اليمطان يزيطد‬
‫وينقص أخرجه أحمد في مسنده من حديث معاذ بن جبل مرفوعا‬
‫والديلمي في مسند الفردوس من حديث أبي هريرة مرفوعا‪.‬‬

‫إتمام النعمة في اختصاص السلم بهذه المة‬


‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫الحمد لله وسلم على عباده الذين اصطططفى‪ .‬وبعططد فقططد وقططع‬
‫السؤال هل كان المططم السططابقة يوصططفون بططأنهم مسططلمون أو ل‪.‬‬
‫فأجبت بما نصه‪ :‬اختلف العلماء هل يطلق السلم على كططل ديططن‬
‫حق أو يختص بهذه الملة الشططريفة علططى قططولين أرجحهمططا الثططاني‬
‫فبلغني بعد ذلك أن منكرا أنكر ذلك وأنه استدل بأشياء على كون‬
‫المم السابقة يوصفون بكونهم مسلمين فعجبت من ذلك عجبين‪:‬‬
‫الول‪ :‬من إنكاره فإن كان أنكر أن للعلماء في ذلك قططولين فهططذا‬
‫دليل على جهله بنصوص العلماء وأقططوالهم ومططن هططذا حططاله يقططال‬
‫في حقه ما قاله الغزالططي لططو سططكت مططن ل يعططرف قططل الختلف‬
‫ومن قصر باعه وضاق نظره عن كلم علماء المة والطلع عليططه‬
‫فما له للتكلم فيما ل يدريه والدخول فيما ل يعنيه وحق مثططل هططذا‬
‫أن يلزم السكوت وإذا سمع شيئا لم يسمعه قط يعتقد أنه استفاد‬
‫فائدة جديدة فيعدها نعمة من نعم الله عليطه ويططدعو لمطن أجراهطا‬
‫على يديه ويشكر الله عليها ويططدعو لمططن أجراهططا علططى يططديه وإن‬
‫كان أنكر ترجيح القول الثاني فهذا ليس من وظيفته إنما ذلك من‬
‫وظيفة المجتهططدين العطالمين بوجططوه الترجيحططات ومسططالك الدلطة‬
‫وطرق الحجاج والنظر وإنكططاره أيضططا دليططل علططى جهلططه بنصططوص‬
‫الكتاب والسنة الواردة في ذلك‪ .‬العجب الثاني من استدلله فططإن‬
‫الستدلل إنما يسوغ للمجتهد العالم بطرق السططتدلل أمططا غيططره‬
‫فما له ولذلك قال الغزالي في كتاب التفرقة أن يسكت ويسططكت‬
‫عنه لنه قاصر عن سلوك طريق الحجططاج ولططو كططان أهل لططه كططان‬
‫مستتبعا ل تابعا وإماما ل مأموما‪ .‬وإن خاض المقلد فططي المحاجططة‬
‫فذلك منه فضول والمشتغل بططه ضططارب فططي حديططد بططارد وطططالب‬
‫لصلح فاسد* وهل يصطلح العططار مططا أفسطد الطدهر*هططذه عبطارة‬
‫الغزالي‪ .‬وقال الشيخ عز الدين بن عبد السلم شرط المفططتي أن‬

‫‪137‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫يكون مجتهدا وأما المقلد إذا أفتى فهططو ناقططل وحامططل فقططه ليططس‬
‫بمفت ول فقيه بل هو كمن ينقل فتوى عططن إمططام مططن الئمططة ثططم‬
‫أطال القول في ذلك والعجب من هذا المنكر استدلله بآيات مططن‬
‫القرآن وليس هو ممن أتقن علم المعاني والبيان الططذي ل تعططرف‬
‫بلغة القرآن وأساليبه إل به وذلك من شروط الجتهاد والستنباط‬
‫بل ول أتقن واحدا من العلوم الخمسة عشر التي ل يجوز لحد أن‬
‫يتكلم في القرآن حتى يتقنها‪ .‬والعجب من تصديه لذكر أدلططة ولططو‬
‫أورد عليه أدلة معارضة لما ذكره لم يططدر كيططف يصططنع فيهططا‪ .‬وقططد‬
‫أردت أن أبسط القول في هذه المسألة بذكر أدلة القول الراجططح‬
‫والجوبة عما عارضها فأقول‪ :‬للعلمططاء فططي هططذه المسططألة قططولن‬
‫مشهوران حكاهما غير واحد من الئمة أحدهما إنه يطلق السططلم‬
‫على كل دين حق ول يختص بهذه الملة‪ .‬وبهذا أجاب ابن الصططلح‪،‬‬
‫والقول الثططاني أن السططلم خططاص بهططذه الملططة الشططريفة ووصططف‬
‫المسلمين خاص بهذه المة المحمديططة ولططم يوصططف بططه أحططد مططن‬
‫المم السابقة سوى النبياء فقط فشرفت هذه المة بأن وصططفت‬
‫بالوصف الذي كان يوصف به النبياء تشططريفا لهططا وتكريمططا‪ .‬وهططذا‬
‫القول هو الراجح نقل ودليل لما قططام عليططه مططن الدلططة السططاطعة‪.‬‬
‫وقد خصت هذه المة من بين سائر المم بخصائص لم تكن لحططد‬
‫سواها إل للنبياء من ذلك الوضوء فإنه خصيصة بهططذه المططة ولططم‬
‫يكن أحد من المم يتوضأ إل النبياء فقط في أشياء أخططر‪ .‬وأخططرج‬
‫البيهقي في دلئل النبوة عن وهب بططن منبططه قططال إن اللططه أوحططى‬
‫إلى داود في الزبور يا داود إنه سيأتي من بعدك نبي اسمه أحمططد‬
‫إلى أن قال أمتططه أمططة مرحومططة أعطيتهططم مططن النوافططل مثططل مططا‬
‫أعطيت النبياء وافترضت عليهططم الفططرائض الططتي افترضططت علططى‬
‫النبياء والرسل حتى يأتوني يوم القيامة ونورهم مثل نططور النبيططاء‬
‫وذلططك إنططي افترضططت عليهططم أن يتطهططروا لططي لكططل صططلة كمططا‬
‫افترضت على النبياء قبلهططم وأمرتهططم بالغسططل مططن الجنابططة كمططا‬
‫أمرت النبيططاء قبلهططم وأمرتهططم بالحططج كمططا أمططرت النبيططاء قبلهططم‬
‫وأمرتهم بالجهاد كما أمرت الرسل قبلهططم‪ .‬وأخططرج الغريططاني فططي‬
‫تفسيره عن كعب قال أعطيت هذه المة ثلث خصال لططم يعطهططا‬
‫إل النبياء كان النبي يقال له بلغ ول حرج وأنت شهيد على قومططك‬
‫وادع أجبك وقال لهذه المة ما جعل عليكم في الدين مططن حططرج‪.‬‬
‫وقال لتكونوا شهداء علططى النططاس‪ .‬وقططال ادعططوني أسططتجب لكططم‪.‬‬

‫‪138‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫وأخرج أبو نعيم والبيهقي كلهما في دلئل النبوة عططن كعططب قططال‬
‫في كتاب الله إن لكل نبي يوم القيامة نورين ولكل من اتبعه نطور‬
‫ولمحمد صلى الله عليه وسلم في كل شعرة فططي رأسططه ووجهططه‬
‫نور ولكل من اتبعه نوران يمشططي بهمططا كنططور النبيططاء‪ .‬وخصططائص‬
‫هذه المة كثيرة وفيما أوردناه كفاية‪.‬‬
‫)ذكططر الدلططة للقططول الراجططح( الططدليل الول‪ :‬قططوله تعططالى‬
‫)وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتبططاكم ومططا جعططل عليكططم فططي‬
‫الدين من حرج ما أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين مطن قبطل(‬
‫وفي هذا اختلف في ضمير هو هل هو لبراهيم أو لله على قولين‬
‫سيذكران‪ ،‬وقوله سماكم المسلمين لو لم يكططن ذلططك خاصططا بهططم‬
‫كالذي ذكر قبله لم يكن لتخصيصططه بالططذكر ول لقططترانه بمططا قبلططه‬
‫معنى وهذا هو الذي فهمه السلف من الية‪ :‬أخبرني الشططيخ جلل‬
‫الدين بن الملقن مشافهة عن أبي الفرح العزى أنبأنططا يططونس بططن‬
‫إبراهيم عن أبي الحسن بطن المقيطر أنططا الحطافظ أبططو الفضطل بططن‬
‫ناصر إجازة عن أبي القاسم بن مندة أنا أبي أنا أبو محمد بن أبي‬
‫حاتم في تفسيره أخبرنا أبو يزيد القراطيسي فيما كتططب إلططي أنططا‬
‫أصبغ سمعت ابططن زيططد يقططول فططي قططول اللططه تعططالى هططو سططماكم‬
‫المسلمين من قبل قال لم يذكر الله بالسلم غير هذه المة ولططم‬
‫نسمع بأمة ذكرت بالسلم غيرها هذا إسناد صحيح إلططى ابططن زيططد‬
‫وهو أحد أئمة السلف والتفسير وظيفته في اتباع التابعين‪ .‬وأخرج‬
‫ابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق عطاء عططن ابططن عبططاس فططي‬
‫قوله هو سماكم المسلمين من قبل قال اللططه عططز وجططل سططماكم‬
‫المسلمين‪ .‬وأخرج ابن المنططذر وابططن أبططي حططاتم عططن مجاهططد فططي‬
‫قوله هو سماكم المسلمين قال الله عز وجططل سططماكم مططن قبططل‬
‫قال يعني من قبطل الكتطب كلهطا ومطن قبطل الطذكر فطي هطذا قطال‬
‫القرآن‪ .‬وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتططادة‬
‫فططي قططوله هططو سططماكم المسططلمين قططال اللططه تعططالى سططماكم‬
‫المسلمين من قبل في الكتب وفي هططذا أي فططي كتططابكم‪ .‬وأخططرج‬
‫عبد بن حميد وابن المنططذر عططن سططفيان بططن عيينططة فططي قططوله هططو‬
‫سماكم المسلمين من قبل قال في التططوراة والنجيططل وفططي هططذا‬
‫قال القرآن وذكر ابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان في قوله هططو‬
‫سماكم المسلمين من قبل قال يعني فططي الططذكر فططي أم الكتططاب‬
‫وفي هذا قال في القرآن فهذه نصوص أئمططة السططلف المفسططرين‬

‫‪139‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫مططن الصططحابة والتططابعين وأتبططاعهم أن اللططه سططمى هططذه المططة‬
‫المسططلمين فططي أم الكتططاب وهططو اللططوح المحفططوظ وفططي التططوراة‬
‫والنجيل وسائر كتبه المنزلة في القرآن فإنه اختصهم بهذا السم‬
‫من بين سائر المم‪ .‬وسيأتي الثر عن بعض كتب الله في تسططمية‬
‫هذه المة بهذا السم‪ .‬وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله‬
‫هو سماكم المسلمين قال هططو إبراهيططم أل تططرى إلططى قططوله )ربنططا‬
‫واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة سلمة لك(‪" .‬الططدليل الثططاني"‬
‫قوله تعالى حكاية عن إبراهيم عليه السلم )ربنا واجعلنا مسلمين‬
‫لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك( دعططا بططذلك لنفسططه ولولططده وهمططا‬
‫نبيان ثم دعا به المة من ذريته وهي هذه المة ولهططذا قطال عقططب‬
‫ذلك ربنا وابعث فيهم رسططول منهططم وهططو النططبي صططلى اللططه عليططه‬
‫وسلم بالجماع فأجاب الله دعاءه بالمرين ببعث النبي صلى اللططه‬
‫عليه وسلم فيهم وتسميتهم مسلمين ولهطذا أشطار تعطالى إلطى أن‬
‫إبراهيم هو السبب في ذلك بقوله ملة أبيكم إبراهيم هططو سططماكم‬
‫المسلمين كما تقدم عن ابن زيد‪ .‬أخرج ابن أبي حاتم عططن سططلم‬
‫بن أبي مطيع بن أبي مطيع في قوله )ربنا وأجعلنا مسططلمين لططك(‬
‫قال كانا مسلمين ولكن سأله الثبات‪ .‬وأخرج ابن أبططي حططاتم عططن‬
‫السدي في قوله ومن ذريتنا أم مسططلمة لططك قططال يعنيططان العططرب‬
‫وفي قوله وابعث فيهم رسول منهم قال هو محمد صلى الله عليه‬
‫وسلم وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي العالية فططي قططوله‬
‫ربنا وابعث فيهم رسول منهم قال يعني أمة محمد صلى الله عليه‬
‫وسلم فقيطل لطه قطد أسطتجيب لطك وهطو كطائن فطي آخطر الزمطان‪.‬‬
‫)الدليل الثالث( قوله تعالى )ورضيت لكم السلم دينا( هو ظططاهر‬
‫في الختصاص بهم‪ .‬فإن قلت ل يلزم‪ .‬قلططت ذاك لجهلططك بقواعططد‬
‫المعاني فأن تقديم لكم يستلزمه ويفيد أنه لم يرضه لغيرهم كمططا‬
‫قال صاحب الكشاف في قوله تعالى )وبططالخرة هططم يوقنططون( أن‬
‫تقديم هم تعريض بأهل الكتاب وأنهم ل يوقنون بالخرة وكما قال‬
‫الصفهاني في قوله )وما هم بخارجين مططن النططار( إن تقططديم هططم‬
‫يفيد أن غيرهم يخرج منها وهم الموحدون‪) .‬الدليل الرابططع( قططوله‬
‫تعالى )إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكططم بهططا النططبيون الططذين‬
‫أسلموا للذين هادوا( وبهذه الية استدل من قال أن السلم كططان‬
‫من وصف النبياء دون أممهم أخرج ابن المنذر عن عكرمططة وابططن‬
‫جريج في قوله يحكم بها النبيون الية قال يحكم بها محمططد صططلى‬

‫‪140‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الله عليه وسلم ومن قبله من النبيططاء والربططانيون والحبططار كلهططم‬
‫يحكم بما فيهططا مططن الحططق ليهططود‪) .‬الططدليل الخططامس( مططا أخرجططه‬
‫إسحاق بن راهوية في مسنده وابن أبططي شططيبة فططي مصططنفه عططن‬
‫مكحول قال كان لعمر على رجل حق فأتاه يطلبططه فقططال عمططر ل‬
‫والذي اصطفى محمدا على البشر ل أفارقك فقال اليهودي واللططه‬
‫ما اصطفى الله محمدا على البشر فلطمططه عمططر فططأتى اليهططودي‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال النطبي صطلى اللطه عليطه‬
‫وسلم بل يا يهودي آدم صفى الله وإبراهيططم خليططل اللططه وموسططى‬
‫نجى الله وعيسى روح الله وأنا حبيب الله بططل يططا يهططودى تسططمى‬
‫اللططه باسططمين سططمى بهمططا أمططتي هططو السططلم وسططمى بهططا أمططتي‬
‫المسلمين وهو المؤمن وسمى بها أمتي المطؤمنين بطل يطا يهطودى‬
‫طلبتم يوم ذخر لنا لنا اليوم ولكم غططد وبعططد غططد للنصططارى بططل يططا‬
‫يهودى أنتم الولون ونحن الخرون السابقون يوم القيامططة بططل إن‬
‫الجنة محرمة على النبياء حتى أدخلها وهططي محرمططة علططى المططم‬
‫حتى تدخلها أمتي‪ ،‬هذا الحديث صريح في اختصاص أمتططه بوصططف‬
‫السلم كما أن جميع ما فيه خصائص لها ولو كانت المم مشاركة‬
‫لهططا فططي ذلطك لططم يحسططن إيططراده فططي معططرض التفضططيل إذا كططان‬
‫اليهودي يقول ونحن أيضا كذلك وسائر المم‪) .‬الططدليل السططادس(‬
‫ما أخرجه البخاري في تاريخه والنسائي في سططننه وابططن مردويططه‬
‫فططي تفسططيره عنططد قططوله هططو سططماكم المسططلمين عططن الحططارث‬
‫الشعري عن رسول الله صططلى اللططه عليططه وسططلم قططال مططن دعططا‬
‫بدعوى الجاهلية فإنه من جثاء جهنم قال رجل يا رسول اللططه وإن‬
‫صططام وصططلى قططال نعططم فططادعوا بططدعوة اللططه الططتي سططماكم بهططا‬
‫المسلمين والمؤمنين عباد الله‪) .‬الدليل السططابع( مططا أخرجططه ابططن‬
‫جرير في تفسيره عن قتادة قال ذكر لنا أن نبي اللططه صططلى اللططه‬
‫عليه وسلم كان يقول لما أنزلططت هططذه اليططة )يحكططم بهططا النططبيون‬
‫الذين أسلموا للذين هطادوا( نحطن نحكطم علططى اليهطود وعلطى مطن‬
‫سواهم من أهل الديان‪ .‬هذا صريح في أنه صلى الله عليه وسلم‬
‫فهم اختصاص السلم بدينه‪) .‬الدليل الثامن( ما أخرجه ابن جريططر‬
‫عند قوله )ورضيت لكم السلم دينا( عن قتادة قططال ذكططر لنطا أنطه‬
‫يمثل لهل كل دين دينهم يوم القيامة فأما اليمان فيبشر أصحابه‬
‫وأهله ويعدهم الخير حتى يجيء السلم فيقول رب أنططت السططلم‬
‫وأنا السلم هذا موقوف له حكم الرفع لن مثله ل يقال من قبططل‬

‫‪141‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الرأي وهو صطريح فطي أن السطلم يختطص بهطذا الطدين ول يطلطق‬
‫على كل دين حق كما ترى حيث فرق بينه وبين اليمططان المتعلططق‬
‫بأهل الديان ولهذا أورده ابطن جريطر عنطد هطذه اليطة الدالطة علططى‬
‫اختصاصه بهطذه المطة وفيطه تقويطة للحطديث السطابق هطو السطلم‬
‫وسمى أمتي المسلمين‪) .‬الدليل التاسع( ما أخرجه أبو نعيططم فططي‬
‫دلئل النبوة عن وهب بن منبططه قططال أوحططى اللططه إلططى شططعيا أنططي‬
‫بططاعث نبيططا أميططا مولططده بمكططة ومهططاجره طيبططة عبططدي المتوكططل‬
‫المصطفى إلى أن قال والسلم ملته وأحمد اسمه‪ .‬فهططذا صططريح‬
‫في اختصاص السلم بملته وهذا الثططر أورده صططاحب الشططفا فططي‬
‫كتابه‪ .‬والعجب ممن قرأه وسمعه ولم يتفطن له‪ .‬وقد أخططرج ابططن‬
‫أبي حاتم عن أبي العالية قال بعث محمد صلى اللطه عليطه وسطلم‬
‫بالسططلم وهططو ملططة إبراهيططم وملططة اليهططود والنصططارى اليهوديططة‬
‫والنصرانية‪) .‬الدليل العاشر( ما أخرجططه ابططن أبططي حططاتم عططن ابططن‬
‫عباس إنه كان يقول في قوله )مططا جعططل عليكططم فططي الططدين مططن‬
‫حرج( هو توسعة السلم ما جعل الله من التوبة ومطن الكفطارات‪.‬‬
‫وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عبططاس أنططه قيططل لططه أمططا علينططا فططي‬
‫الدين من حرج في أن نسرق أو نزني قططال بلططى قيططل فمططا جعططل‬
‫عليكططم فططي الططدين مططن حططرج قططال الصططر الططذي كططان علططى بنططي‬
‫إسرائيل وضع عنكم‪ ،‬هذا صريح في أن السلم هو هذه الشططريعة‬
‫السهلة الواسعة بخلف اليهودية والنصرانية المشتمل على الصر‬
‫والضيق فإنه ل يسمى إسلما‪) .‬الدليل الحادي عشططر( مططا أخرجططه‬
‫أحمد عن أبي أمامة قال قال رسول الله صلى اللططه عليططه وسططلم‬
‫بعثت بالحنيفية السمحة‪ .‬واخرج ابن المنذر عن ابططن عبططاس قططال‬
‫قيل يا رسول الله أي الديان أحب إلى الله قال الحنيفية السمحة‬
‫والحنيفية هي السططلم لمططا أخططرج ابططن المنططذر عططن السططدي قططال‬
‫الحنيف المسلم‪ .‬واخرج أبو الشيخ بن حيان في تفسيره في آخططر‬
‫سورة النعام عن عبد الرحمن بن أبزى أن النبي صلى الله عليططه‬
‫وسلم قال أصبحت علططى فطططرة السططلم وكلمططة الخلص وعلططى‬
‫ملة إبراهيم حنيفا مسلما وما كان مطن المشطركين‪ .‬فقطوله حنيفططا‬
‫مسططلما تفسططير لقططوله وعلططى ملططة إبراهيططم فعلططم بمجمططوع ذلططك‬
‫اختصاص السلم بملة النبي صلى الله عليه وسلم التي بعث بهططا‬
‫موافقا لملة إبراهيم‪) .‬الدليل الثاني عشر( قوله تعططالى )مططا كططان‬
‫إبراهيم يهوديا ول نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما( هذه الية دالة‬

‫‪142‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫على أن شريعة موسى تسمى اليهودية وشططريعة عيسططى تسططمى‬
‫النصرانية وشريعة إبراهيم تسمى الحنيفية وبها بعث النططبي صططلى‬
‫الله عليه وسلم وهي صريحة في أن اليهود والنصططارى لططم يططدعوا‬
‫قط أن شريعتهم تسمى السلم ول أن أحدا منهم يسمى مسلما‪.‬‬
‫)الدليل الثالث عشر( قوله تعالى )وقططالوا كونططوا هططودا أو نصططارى‬
‫تهتدوا قل بل ملة إبراهيم حنيفا مسططلما( هططذه اليططة كططالتي قبلهططا‬
‫في الدللة على مططا ذكرنططا والصططراحة فططي أنهططم لططم يططدعوا اسططم‬
‫السطلم لهطم قطط‪) .‬الطدليل الرابطع عشطر( قطوله تعطالى )يطا أهطل‬
‫الكتاب لم تحاجون في إبراهيططم ومططا أنزلططت التططوراة والنجيططل إل‬
‫من بعده أفل تعقلون( أخرج ابن جرير وابن المنذر عن قتادة قال‬
‫ذكر لنا أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا يهود أهل المدينة وهم‬
‫الذين حاجوا في إبراهيم وزعموا أنططه مططات يهوديططا فأكططذبهم اللططه‬
‫فقال يا أهل الكتاب لم تحاجون في إبراهيططم وتزعمططون أنططه كططان‬
‫يهوديا أو نصرانيا وما أنزلت التوراة والنجيل إل من بعططده فكططانت‬
‫اليهودية بعد التوراة وكانت النصرانية بعد النجيل‪ .‬وأخرج ابن أبي‬
‫حاتم عططن السططدي فططي اليططة قططال قططالت النصططارى كططان إبراهيططم‬
‫نصططرانيا وقططالت اليهططود كططان يهوديططا فططأخبرهم اللططه أن التططوراة‬
‫والنجيل إنما أنزلتا من بعططده وبعططده كططانت اليهوديططة والنصططرانية‪.‬‬
‫هذا صريح في أن شريعة التوراة تسمى يهودية وشططريعة النجيططل‬
‫تسمى نصرانية ول يسمى واحدا منهما إسلما‪) .‬الططدليل الخططامس‬
‫عشر( قوله تعالى )وقل للططذين أوتططوا الكتططاب والمييططن أأسططلمتم‬
‫فإن أسلموا فقد اهتدوا( هذه اليططة دالططة علططى أن السططلم خططاص‬
‫بهذا الدين وإل لكان أهل الكتططاب يقولططون إذا قيططل لهططم أأسططلمتم‬
‫نحن مسلمون وديننا إسلم‪) .‬الدليل السططادس عشططر( مططا أخرجططه‬
‫الشيخان في حديث بدء الوحي من قول الططراوي فططي حططق ورقططة‬
‫وكان امرأ تنصططر فططي الجاهليططة فلططو كططان الططدين الحططق مططن ملططة‬
‫عيسى يسمى إسلما وصاحبه مسلم لقال وكان امططرأ أسططلم فططي‬
‫الجاهلية‪) .‬الدليل السابع عشططر( مططا أخرجططه ابططن أبططي حططاتم وأبططو‬
‫الشيخ ابن حبان عططن عبططد اللططه بططن مسططعود قطال تسططمت اليهططود‬
‫باليهودية بكلمططة قالهططا موسططى انططا هططدنا إليططك وتسططمت النصططارى‬
‫بالنصططرانية بكلمططة قالهططا عيسططى مططن أنصططاري إلططى اللططه قططال‬
‫الحواريون نحن أنصار الله فتسططموا بالنصططرانية‪ ،‬هططذا صططريح فططي‬
‫أنهم سموا بهذين السمين من عهد نبيهما ولم يسموا بالمسلمين‬

‫‪143‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫قط ول نقل ذلططك عططن أحططد ول عنهططم فكيططف يططدعى لهططم وصططف‬
‫شريف لم يدعوه هم لنفسهم‪) .‬الدليل الثامن عشططر( مططا أخرجططه‬
‫أبو داود والنسائي وابن حبان في صحيحه وغيرهم عن ابن عباس‬
‫قال كانت المرأة من النصار تكون مقلة ل يكططاد يعيططش لهططا ولططد‬
‫فكانت تجعل على نفسها إن عاش لهططا ولططد أن تهططوده فلمططا جططاء‬
‫السلم الحديث‪ ،‬هذا صريح في أن دين موسى الحق كان يسمى‬
‫يهودية ل إسلما‪) .‬الدليل التاسع عشر( ما أخرجططه مسططلم وغيططره‬
‫عن أبي موسى الشعري أن النبي صططلى اللططه عليططه وسططلم قططال‬
‫والذي نفسي بيده ل يسمع بي أحد من هطذه المطة ول يهطودي ول‬
‫نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت إل كططان مططن أصططحاب‬
‫النار سمى صلى الله عليه وسلم الواحد من أهططل الكتططاب يهوديططا‬
‫أو نصرانيا ولم يطلق على أحد منهم لفططظ السططلم فططي أحططاديث‬
‫كثيرة ل تحصى‪) .‬الدليل العشرون( إطباق ألسنة الخلق كلهم من‬
‫الصحابة والتابعين وأتباعهم والمجتهدين والفقهططاء والعلمططاء علططى‬
‫اختلف فنونهم والمسلمين بأسرهم حتى النساء في قعر بيططوتهن‬
‫والطفططال واليهططود والنصططارى والمجططوس وسططائر الفططرق حططتى‬
‫الحيوانات والحجر في آخر الزمان على تسمية من كان على دين‬
‫موسى يهوديا ومن كان على دين عيسى نصرانيا ومن كططان علططى‬
‫دين نبينا صلى الله عليه وسلم مسلما ل يجترئ في ذلك كبير ول‬
‫صغير ول عالم ول جاهل ول مسلم ول كططافر فططترى هططذا الطبططاق‬
‫ناشئ عن ل شيء ومبني على فساد كل بططل هططو الحططق المطططابق‬
‫للواقع والله الهادي للصواب‪.‬‬
‫)ذكر الدلة الطتي احتطج بهطا القطول الخطر(‪ :‬اسطتند إلطى قطوله‬
‫تعالى )فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين فمططا وجططدنا فيهططا غيططر‬
‫بيت من المسلمين(‪.‬‬
‫والجواب على ذلك ما حققططه صططاحب القططول الراجططح إن هططذا‬
‫الوصف كان يطلق فيما تقدم على النبياء والططبيت المططذكور بيططت‬
‫لوط عليه السلم ولم يكن فيه مسلم إل هو وبناته وهو نبي فصح‬
‫إطلقه عليه بالصالة وأطلق على بناته إمططا علططى سططبيل التغليططب‬
‫وإمططا علططى سططبيل التبعيططة إذ ل مططانع مططن أن يختططص أولد النبيططاء‬
‫بخصائص ل يشاركهم فيها بقية المة كمططا اختططص السططيد إبراهيططم‬
‫بن نبينا صلى الله عليه وسلم بأنه لو كان عططاش لكططان نبيططا وكمططا‬
‫اختصت فاطمة بأنه ل يتزوج عليها وكما اختصت أيضا بأنها تمكث‬

‫‪144‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫في المسجد مع الحيض والجنابة وكططذلك أزواج النططبي صططلى اللططه‬
‫عليه وسلم اختصوا بذلك وكذلك علططي بططن أبططي طططالب والحسططن‬
‫والحسين اختصوا بجواز المكث في المسجد مع الجنابة كططل ذلططك‬
‫على سبيل التبعية للنبي صلى الله عليه وسلم فكذلك ل مانع من‬
‫أن يوصف أولد النبياء بما وصف به آباؤهم تبعا لهم وكذلك قططوله‬
‫تعالى عن أولد يعقوب عليه السلم )قالوا نعبد ألهططك‪ -‬إلططى قططوله‬
‫تعالى ونحن له مسلمون( إما على سبيل التبعية له إن لم يكونططوا‬
‫أنبياء مع أن فيهم يوسف وهو نططبي قطعططا فلعلططه هططو الططذي تططولى‬
‫الجواب فأخبر عن نفسه بالصالة وأدرج إخوته معططه علططى سططبيل‬
‫التغليططب وإن كططانوا أنبيططاء كلهططم فل إشططكال وكططذلك قططوله تعططالى‬
‫)وقال موسى يا قوم إن كنتم آمنتم بططالله فعليططه توكلططوا إن كنتططم‬
‫مسلمين( إما أن يحمل على التغليب فإنه خططاطبهم وفيهططم أخططوه‬
‫هرون ويوشع وهما نبيان فأدرج بقية القوم في الوصططف تغليبططا أو‬
‫يحمل على أن المراد إن كنتم منقادين لي فيما آمركم بططه‪ .‬وهططذه‬
‫اليات أوردت علي مرة في درس التفسير فأجبت فيها بذلك ولم‬
‫أر أحدا استند إليها‪ .‬نعم رأيت ابن الصلح استند إلى قططوله تعططالى‬
‫)فل تمططوتن إل وأنتططم مسططلمون( وهططذا مططن قططول إبراهيططم لبنيططه‬
‫ويعقوب لبنيه وفي بني كل أنبياء فل يحسططن السططتدلل بططه علططى‬
‫غيرهم مع أنه ل يلزم منه طرده في أمة موسى وعيسى لما علم‬
‫من أن ملة إبراهيم تسمى السططلم وبهططا بعططث النططبي صططلى اللططه‬
‫عليه وسلم وكان أولد إبراهيم ويعقوب عليهططا فصططح أن يخططاطبوا‬
‫بذلك ول يتعدى إلى من ملته اليهودية والنصرانية‪ .‬وقد رأيطت مطن‬
‫أورد على ابن الصلح في اختياره ذلك قوله تعالى )ورضيت لكططم‬
‫السلم دينططا( وقططال فمططا فططائدة ذلططك إذا كططان كططل منهططم يسططمى‬
‫مسططلما والتحقيططق الططذي قططامت عليططه الدلططة مططا رجحنططاه مططن‬
‫الخصوصية بالنسبة إلى المططم وإن كططان مططا ورد مططن إطلق ذلططك‬
‫فيمن تقدم فإنما أطلق على نبي أو ولططد نططبي تبعططا لططه أو جماعططة‬
‫فيهم نبي غلب لشرفه ومطن ذلطك قططوله تعططالى )وإذ أوحيططت إلططى‬
‫الحواريين أن آمنوا بي وبرسولي قالوا آمنا واشهد بأننا مسلمون(‬
‫فإن الحواريين فيهم الثلثة المذكورون في قوله تعالى )إذ جاءهططا‬
‫المرسلون إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث فقالوا إنا‬
‫إليكم مرسلون( نص العلماء على أنهم من حططواري عيسططى وأحططد‬
‫قولي العلماء أن الثلثة أنبياء ويرشحه ذكططر الططوحي إليهططم‪ .‬وقططال‬

‫‪145‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الراغب في قططوله )يحكططم بهططا النططبيون الططذين أسططلموا( أي الططذين‬
‫انقادوا من النبيططاء الططذين ليسططوا مططن أولططى العططزم لولططى العططزم‬
‫الذين يهدون بأمر الله ويأتون بالشرائع انتهى‪.‬‬
‫)فصل( قال قائل من الدلة على ذلك قوله تعالى )شرع لكم‬
‫من الدين ما وصى به نوحا ‪ -‬الية( وهذا من أعجططب العجططب فططإن‬
‫المراد من الية استواء الشططرائع كلهططا فططي أصططل التوحيططد وليططس‬
‫السططلم اسططما للتوحيططد فقططط بططل لمجمططوع الشططريعة بفروعهططا‬
‫وأعمالها فالمستدل بهذه الية إما أن يزعططم أن السططلم ل يطلططق‬
‫على العمال أو يزعم استواء الشرائع في الفروع وكلهمططا جهططل‬
‫من قائله ثم لو قدر الستواء لم يصلح الستدلل لن محل النططزاع‬
‫في أمر لفظططي وهططو أنطه هططل تسططمى تلطك الشططرائع إسططلما أو ل‬
‫تسمى مع قطع النظر عططن اتفاقهططا فطي الفطروع واختلفهطا وذلطك‬
‫راجع إلى قاعدة أن الطلق متوقف علططى الططورود والططذي ورد بططه‬
‫الحديث والثططر أنططه ل يطلططق علططى شططيء مططن الشططرائع السططابقة‬
‫إسلما وإن كان حقططا كمططا أنططه ل يطلططق علططى شططيء مططن الكتططب‬
‫السابقة قططرآن وإن كططان فيهططا معنططى الضططم والجمططع وكمططا أنططه ل‬
‫يطلق على شيء من أواخر آي القرآن سططجع بططل فواصططل وقوفططا‬
‫مع ما ورد كما قال النووي أنه ل يقال في حططق النططبي صططلى اللططه‬
‫عليه وسلم عز وجل وإن كان عزيزا جليل ول في حق غير النبياء‬
‫صلى الله عليه وسلم وإن كانت الصططلة بمعنططى الرحمططة وتطلططق‬
‫عليهم الرحمة كل ذلك وقوفا مع الورود‪ ،‬وقد تقدم عططن ابططن زيططد‬
‫أنه قال لم يذكر الله بالسلم غير هذه المة وابن زيططد أحططد أئمططة‬
‫السلف العالمين بالقرآن والتفسير أفتراه غفططل عططن هططذه اليططات‬
‫التي استدل بها قططائل هططذه المقالططة كل لططم يغفططل عنهططا بططل علططم‬
‫تأويلها واطلع على مدرك الجواب عنها فنفى وهو آمن من إيرادها‬
‫عليه وأعظم من ذلك رسول اللططه صططلى اللططه عليططه وسططلم اعلططم‬
‫خلق الله بكتاب الله حيث نص على اختصاص السلم بأمته وذكر‬
‫ذلك لليهودي مبينا به تمييز أمته على سائر المم فلول أنططه صططلى‬
‫الله عليه وسلم فهم ذلك من اليططات الدالططة عليططه وعلططم أن الي‬
‫الخر ل تعارضها لم يقل ذلك ولو كان يطلق على المططم السططابقة‬
‫مسلمون لكان اليهودي يقول له وأمة موسى أيضططا مسططلمون فل‬
‫مزية لمتك عليهم ومن العجب من يستدل بآيات القرآن وهو غير‬
‫متضلع من الحديث ومن المعلوم أن في القرآن المجمل والمبهم‬

‫‪146‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫والمحتمل وكل من الثلثة محتاج إلى السنة تبينه وتعينططه وتوضططح‬
‫المراد منه وقد قال عمر بن الخطاب إنه سيأتي قططوم يجططادلونكم‬
‫بشبهات القرآن فخذوهم بالسنن فإن أصحاب السنن أعلم بكتاب‬
‫الله‪ .‬وأخرج ابن سعد عططن ابططن عبططاس أن علططي بططن أبططي طططالب‬
‫أرسله إلى الخوارج فقطال اذهططب إليهطم فخاصطمهم ول تحططاججهم‬
‫بالقرآن فإنه ذو وجود ولكن خاصمهم بالسنة فقال له ابن عبططاس‬
‫يا أمير المؤمنين أنا أعلم بكتاب اللطه منهطم فطي بيوتنطا نطزل قطال‬
‫صططدقت ولكططن القططرآن جمططال ذو وجططوه تقططول ويقولططون ولكططن‬
‫حططاججهم بالسططنن فططإنهم لططن يجططدوا عنهططا محيصططا فخططرج إليهططم‬
‫فحاجهم بالسنن فلم تبق بأيديهم حجة‪ ،‬وقال يحيى بططن ابططن كططثير‬
‫السنة قاضية على القططرآن أي مبينططة لططه ومفسططرة‪ .‬وقططال المططام‬
‫فخر الدين أنزل القرآن على قسمين محكم ومتشابه ليكون فيططه‬
‫مجال لكل ذي مذهب فينظر فيه جميع أرباب المذاهب طمعططا أن‬
‫يجد كل فيه ما يؤيد مذهبه وينصر مقططالته فيجتهططدون فططي التأمططل‬
‫فيه فإذا بالغوا في ذلك صارت المحكمططات مفسططرة للمتشططابهات‬
‫وبهذا الطريق يتخلص المبطل من باطله ويتصطل إلططى الحطق ولطو‬
‫كان القرآن كله محكما لما كططان مطابقططا إل لمططذهب واحططد وكططان‬
‫بصريحه مبطل لكل ما سوى ذلك المذهب وذلك مما ينفطر أربططاب‬
‫سائر المذهب عططن قبططوله وعططن النظططر فيططه قططال وأيضططا إذا كططان‬
‫القرآن مشتمل على المتشابه افتقر إلى العلم بطريططق التططأويلت‬
‫وترجيح بعضها على بعض وافتقر في تعلم ذلك إلى تحصيل علوم‬
‫كثيرة من علم اللغة والنحو والمعاني والبيان وأصول الفقه وغيططر‬
‫ذلك وفي ذلك مزيد مشقة في الوصول إلططى المططراد منططه وزيططادة‬
‫المشقة توجب مزيد الثواب ولو لم يكن المر كذلك لم يحتج إلى‬
‫تحصيل هذه العلوم الكططثيرة فلططم يكططن فيططه مشططقة تططوجب مزيططد‬
‫الثواب وكان يستوي في إدراك الحق منه الخططواص والعططوام هططذا‬
‫كلم المام فخر الدين ‪ -‬قلت فإذا كان كذلك فكيف يحل لمن لططم‬
‫يتيقن واحدا من العلططوم المشططترطة التكلططم فططي القططرآن وعططدتها‬
‫خمسة عشر أن يتجرأ على الستدلل بآيططات القططرآن علططى حكططم‬
‫من الحكام أو على أمر من المور جاهل بطريق الستدلل عاجزا‬
‫عن تحصيل شروطه ومثل هذا هو الذي ورد فيه الحديث من قال‬
‫في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار وفي رواية فقد كفر‪.‬‬
‫والعجططب أنططه يعمططد إلططى السططتدلل بآيططات مططع قطططع النظططر عططن‬

‫‪147‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫معارضها وعن النظر فيها هل هي مصروفة عن ظاهرها أو ل وقد‬
‫أوجب أهططل الصططول علططى المجتهططد المسططتدل بآيططة أو حططديث أن‬
‫يبحث عن المعارض وجوابه وعن الذي استدل به هل معططه قرينططة‬
‫تصرفه عن ظاهره‪ ،‬وهذا نططح مطع النططاطحين مططن غيططر تأمطل ول‬
‫مراعاة لشرط من الشططروط فلططو اسططتحيا هططذا الرجططل مططن اللططه‬
‫لوقف عند مرتبته وهي التقليد وتططرك السططتدلل لهلططه قططال اللططه‬
‫تعالى )ولو ردوه إلى الرسول والى أولى المر منهم لعلمه الذين‬
‫يستنبطونه منهم( وأولو المر هم المجتهدون كما قال ابن عبططاس‬
‫وجابر بن عبد الله ومجاهد وأبططو العاليططة والضططحاك وغيرهططم أولططو‬
‫المططر هططم أولططو الفقططه وأول الخططبر ولفططظ مجاهططد هططم الفقهططاء‬
‫والعلماء‪ .‬وأخرج ابن جرير عن أبي العالية في قوله تعالى )يا أيها‬
‫الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى المر منكم( قططال‬
‫هم أهل العلم أل ترى أنه يقول ولو ردوه إلى الرسول والى أولى‬
‫المر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ومعلوم أن لفظ الفقهاء‬
‫والعلماء إنما يطلق على المجتهدين وأما المقلد فل يسمى فقيهططا‬
‫ول عالما كما نص عليه أهل الفقه والصول وامتناع إطلق الفقيه‬
‫والعالم على المقلد كامتناع إطلق لفططظ المسططلم علططى اليهططودي‬
‫والنصراني خصوصية من الله ل يسأل عمططا يفعططل وهططم يسططألون‪.‬‬
‫)فصل( ثم ظهر لي )دليل حاد وعشرون( وهططو مططا أخرجططه أحمططد‬
‫وغيره عن عبد الله بن ثابت قال جاء عمر إلى النططبي صططلى اللططه‬
‫عليه وسلم فقال يا رسول الله إني مططررت بططأخ لططي مططن قريظططة‬
‫فكتب لي جوامع من التوراة أل أعرضها عليك فتغير وجططه رسططول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم فقال عمر رضططينا بططالله ربططا وبالسططلم‬
‫دينا وبمحمد رسول فسرى عن رسول الله صلى الله عليه وسططلم‬
‫وقال والذي نفس محمد بيده لو أصبح فيكم موسى ثططم اتبعتمططوه‬
‫لضللتم إنكم حظي من المم وأنا حظكم من النبيين‪ .‬هذا الحديث‬
‫يدل على أن شريعة التوراة ل تسططمى إسططلما لن عمططر لمططا رأى‬
‫غضب النبي صلى الله عليه وسلم من كتابته جوامططع مططن التططوراة‬
‫بادر إلى قوله رضينا بالسلم دينا ليبرئ نفسه من الرضا بشريعة‬
‫التوراة واتباعها‪ .‬فلما قال ذلك سرى عن النططبي صططلى اللططه عليططه‬
‫وسلم لحصول المقصططود مططن عمططر وهططو اقتصططاره علططى شططريعة‬
‫السلم وإعراضه عن شريعة التوراة‪) .‬دليل ثان وعشططرون( وهططو‬
‫قوله صلى الله عليه وسلم لجبريل وقد سططأله مططا السططلم فقططال‬

‫‪148‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫السلم أن تشهد أن ل إله إل الله وأن محمدا رسول اللططه وتقيططم‬
‫الصلة المكتوبة وتؤتي الزكاة المفروضطة وتصطوم رمضطان وتحطج‬
‫البيت زاد فططي روايططة وتغتسططل مططن الجنابططة وهططذا صططريح فططي أن‬
‫السلم مجموع هذه العمال وهذا المجموع مخصوص بهذه المة‬
‫فإن اللم في الصططلة المكتوبططة لعهططد وهططي الخمططس ولططم تكتططب‬
‫الخمس إل على هذه المة وصوم رمضان من خصائص هذه المة‬
‫كما أخرجه ابن جرير عن عطاء والحج والغسطل مطن الجنابطة مطن‬
‫خصائصها أيضا كما تقدم في أثر وهب فدل على أن من لم يعمل‬
‫هططذه العمططال ل يسططمى مسططلما والمططم السططابقة لططم تعملهططا فل‬
‫يسططمون مسططلمين‪" .‬تحقيططق" فططإن قلنططا مططا تحريططر المعنططى فططي‬
‫التخصيص بالتسططمية‪ .‬قلططت‪ :‬فيططه معططان أحططدها أن السططلم اسططم‬
‫للشريعة السمحة السهلة كما قال صلى اللططه عليططه وسططلم بعثططت‬
‫بالحنيفية السمحة وقال ابططن عبططاس فططي قططوله تعططالى )مططا جعططل‬
‫عليكم في الدين من حرج( توسططعة السططلم ووضططع الصططر الططذي‬
‫كان على بني إسرائيل وشريعة اليهود والنصططارى ل سططهولة فيهططا‬
‫بل هي في غاية المشقة والثقل كما هو معلطوم مطن قطوله تعطالى‬
‫)ربنا ول تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنططا( وغيططر‬
‫ذلك فلذلك ل تسمى إسلما‪" .‬المعنططى الثططاني" أن السططلم اسططم‬
‫للشططريعة المشططتملة علططى فواضططل العبططادات مططن الجهططاد والحططج‬
‫والوضوء والغسل من الجنابة ونحو ذلك وذلك خططاص بهططذه المططة‬
‫لم يكتب على غيرها من المم وإنما كتب على النبياء فقططط كمططا‬
‫تقدم في أثر وهب أعطيتهم من النوافل مثل مططا أعطيططت النبيططاء‬
‫وافترضت عليهم الفرائض التي افترضططت علططى النبيططاء والرسططل‬
‫فلططذلك سططميت هططذه المططة مسططلمين كمططا سططمي بططذلك النبيططاء‬
‫والرسل ولم يسم غيرها من المم‪ .‬ويؤيد هذا المعنى مططا أخرجططه‬
‫أبو يعلي من حديث علي مرفوعا السلم ثمانية أسهم شططهادة أن‬
‫ل إلططه إل اللططه والصططلة والزكططاة والحططج والجهططاد وصططوم رمضططان‬
‫والمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومططا أخرجططه ابططن جريططر فططي‬
‫تفسيره والحاكم في المستدرك عن ابن عباس قال ما ابتلى أحد‬
‫بهذا الدين فقام به كله إل إبراهيم قال تعالى )وإذا ابتلى إبراهيططم‬
‫ربه بكلمات فاتمهن( قيل ما الكلمات قال السططلم ثلثططون سططهما‬
‫عشر في قوله )التائبون العابدون( إلى آخر الية وعشر فططي أول‬
‫سورة قد أفلح وسأل سائل وعشر فططي الحططزاب )أن المسططلمين‬

‫‪149‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫والمسلمات( إلى آخر الية فططأتمهن كلهططن فكتططب لططه بططراءة قططال‬
‫تعالى )وإبراهيم الذي وفى(‪ .‬وأخرج الحاكم من وجه آخر عن ابن‬
‫عباس قال سهام السلم ثلثون سهما لم يتمهططا أحططد إل إبراهيططم‬
‫ومحمد عليهما السلم‪ .‬فعططرف بططذلك أن السططلم اسططم لمجمططوع‬
‫هذه السهام ولم تشرع كلها إل في هذه الملة وملة إبراهيم ولهذا‬
‫أمر النبي صلى الله عليه وسلم في غير ما آية من القططرآن باتبططاع‬
‫ملة إبراهيم وهططي الحنيفيططة‪" .‬المعنططى الثططالث" أن السططلم مططدار‬
‫معناه على النقياد والذعان ولم تذعن أمة لنبيها كما أذعنت هططذه‬
‫المة فلذلك سموا مسلمين وكانت النبيططاء تططذعن للرسططل الططذين‬
‫يأتون بالشرائع كما تقططدم فططي عبططارة الراغططب فسططموا مسططلمين‬
‫وكانت المم كثيرة الستعصاء على أنبيائهم كمططا دلطت علططى ذلطك‬
‫الحاديث والثار‪ ،‬منها‪ :‬حطديث إنمطا هلطك مطن كطان قبلكططم بكططثرة‬
‫سؤالهم واختلفهم على أنبيائهم وقد قال المقداد يوم بدر ل نقول‬
‫كما قال بنو إسرائيل لموسى اذهططب أنططت وربططك فقططاتل إنططا ههنططا‬
‫قاعدون ولكن اذهب أنت وربك فقاتل إنا معكم مقاتلون والله لططو‬
‫سرت بنا إلى برك الغماد لتبعناك وفي لفظ لو خضططت بنططا البحططر‬
‫لخضناه معك فلذلك اختصت هذه المة بأن سططموا مسططلمين مططن‬
‫بين سائر المم وكلما وقع في عبارة السلف من قططولهم السططلم‬
‫دين النبياء ونحوه فمرادهم به ديططن النبيططاء وحططدهم دون أممهططم‬
‫لما تقدم تقريططره علططى حططد قططوله صططلى اللططه عليططه وسططلم "هططذا‬
‫وضوئي ووضوء النبياء من قبلي"‪) .‬فصل( لما فرغت مططن تططأليف‬
‫هذه الكراسة واضطططجعت علططى الفططراش للنططوم ورد علططي قططوله‬
‫تعالى )الذين آتيناهم الكتاب من قبلططه هططم بططه يؤمنططون وإذا يتلططى‬
‫عليهم قالوا آمنا به أنه الحق من ربنا إنا كنطا مططن قبلطه مسطلمين(‬
‫ي جبل فإن هذه الية ظاهرها الدللة للقططول بعططدم‬ ‫فكأنما لقي عل ّ‬
‫الخصوصية وقد أفكرت فيها ساعة ولططم يتجططه لططي شططيء فلجططأت‬
‫إلى الله تعالى ورجوت أن يفتططح بططالجواب عنهططا فلمططا اسططتيقظت‬
‫وقت السحر إذا بالجواب قططد فتططح فظهططر لططي عنهططا ثلثططة أجوبططة‪:‬‬
‫الول‪ :‬إن الوصططف فططي قططوله مسططلمين اسططم فاعططل مططراد بططه‬
‫الستقبال كما هو حقيقة فيه ل الحال ول الماضي الذي هو مجططاز‬
‫والتمسك بالحقيقة هو الصل وتقدير الية إنا كنا مططن قبططل مجيئه‬
‫عازمين على السلم به إذا جاء لما كنا نجده فطي كتبنطا مطن نعتطه‬
‫ووصفه‪ ،‬ونظيره قوله تعالى )إنك ميت وإنهم ميتططون( فالوصططفان‬

‫‪150‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫مراد بهما الستقبال أي ستموت وسططيموتون وليططس المططراد بهمططا‬
‫الحال قطعا كما هو ظاهر فكذلك المراد في الية أنا كنا من قبله‬
‫ناوين أن سنسلم إذا جاء ويرشح هذا الجططواب أن السططياق يرشططد‬
‫إلى أن قصدهم الخبار بحقيقططة القططرآن وأنهططم كططانوا علططى قصططد‬
‫السلم به إذا جاء به النبي صلى الله عليه وسلم لما كان عنططدهم‬
‫مططن صططفاته وظهططر لهططم مططن دنططو زمططانه واقططتراب بعثتططه وليططس‬
‫قصدهم الثناء علططى أنفسططهم فططي حططد ذاتهططم بططأنهم كططانوا بصططفة‬
‫السلم أو ل فإن ذلك ينبططو عنطه المقطام كمططا ل يخفطى‪" .‬الجطواب‬
‫الثاني" أن يقدر في الية إنا كنططا مططن قبلططه بططه مسططلمين فوصططف‬
‫السلم سببه القرآن ل التوراة والنجيل ويرشح ذلك ذكططر الصططلة‬
‫في الية الولى حيث قال هططم بططه يؤمنططون فططدل علططى أن الصططلة‬
‫مرادة في الثانية أيضططا وإنمططا حططذفت كراهططة لتكرارهططا فططي اليططة‬
‫وحذفت إزالة لتعلق التكرار‪" .‬الجططواب الثططالث" إن هططذا الوصططف‬
‫منهم بناء على مذهب الشعري من أن من كتب اللططه أنططه يمططوت‬
‫مؤمنا فهو يسمى عند الله مؤمنا ولو في حالة كفطر سطبقت وكطذا‬
‫بالعكس والعياذ بالله‪ .‬وإنما لططم يطلططق عليططه هططذا الوصططف عنططدنا‬
‫لعدم علمنا بالخواتم والمسططتقبلت فكططذلك هططؤلء لمططا ختططم لهططم‬
‫بالططدخول فططي السططلم وصططفوا أنفسططهم بططه مططن أول أمرهططم لن‬
‫العبرة في هذا الوصف بالخاتمة وإذا كان الكافر المشرك يوصف‬
‫في حال شركه بأنه مؤمن عند الشعري لما قدر لطه مططن اليمططان‬
‫عند الخاتمة فلن يوصف بالسططلم عنططد الخاتمططة مططن بططاب أولططى‬
‫وهذا معنى دقيق استفدناه في هذه الية مططن قواعططد علططم الكلم‬
‫وبهذا يعرف أن من لططم يتقططن العلططوم كلهططا ويطلططع علططى مططذاهب‬
‫علماء المة ومداركها وقواعدها لططم يمكنططه اسططتدلل ول اسططتنباط‬
‫وهذا أمر ليس بالهين‪:‬‬
‫ل تحسب المجد تمرا أنت آكله * لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبرا‬
‫)فصل( حيث ذكر الله هذه المة في القرآن ذكرهططا بالسططلم‬
‫أو اليمان خطابا وغيبة كقوله هو سماكم المسلمين‪ ،‬يا أيها الذين‬
‫آمنوا‪ ،‬أيها المؤمنون‪ .‬وحيث ذكر المم السططابقة لططم يصططفهم قططط‬
‫بالسلم ل أن ذمهططم ول أن مططدحهم بططل إن الططذين آمنططوا والططذين‬
‫هططادوا والنصططارى والصططابئين‪ .‬وقططال قططل يططا أيهططا الططذين هططادو إن‬
‫زعمتم‪ .‬وقال يحكم بها النبيون الذين أسلموا للططذين هططادوا وقططال‬
‫)لتجدن أشد النططاس عطداوة للططذين آمنطوا اليهطود والطذين أشططركوا‬

‫‪151‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى ذلك بططأن‬
‫منهم قسيسين ورهبانا ‪ -‬اليات(‪ .‬فهذه الية ذكرت مدحا لمؤمني‬
‫النصارى ولم يسمهم مسلمين بططل قططال الططذين قططالوا إنططا نصططارى‬
‫وقال في غير آية عنططد مططدح المططؤمنين منهططم ومططن اليهططود الططذين‬
‫آتيناهم الكتاب وأن من أهل الكتاب فأكثر مططا أطلططق عليهططم عنططد‬
‫المدح وصفهم بأنهم أوتوا الكتاب ومن أهل الكتاب هذا في كتابنططا‬
‫وأما كتبهم فوصف فيها هذه المة بالسلم كما قططال هططو سططماكم‬
‫المسلمين من قبل قال سفيان بن عيينة أي في التوراة والنجيططل‬
‫ولم يصفهم فيها بالسلم البتة‪ .‬أخرج ابن أبي حاتم فططي تفسططيره‬
‫عن حيثمة قال ما تقرؤون في القرآن يا أيها الذين آمنوا فإنه في‬
‫التوراة يا أيها المساكين‪" .‬فصل" رأيت في كلم المام أبططي عبططد‬
‫الله بن أبططي الفضططل المرسططي مططا يشططهد لمططا قططدمته فقططال فططي‬
‫تفسيره عند قوله تعالى )يا أهل الكتاب لم تحاجون في إبراهيططم(‬
‫ما نصه لما قال الفريقان إن إبراهيم على دينهما رد عليهما وأخبر‬
‫أنه على السلم قال فإن قيل كيف يكون على السلم وهو أيضططا‬
‫نازل بعده قيل القرآن أخبر بططذلك ومططا أخططبرت كتبهططم بمططا ادعططوا‬
‫فإن قيل أن أريططد بكططون إبراهيططم مسططلما كططونه موافقططا لهططم فططي‬
‫الصول فهو أيضا موافق لليهود والنصططارى الططذين كططانوا علططى مططا‬
‫جاء به موسى وعيسى في الصول فإن جميططع النبيططاء متوافقططون‬
‫في الصول وإن أريد به في الفروع فيكون النبي صلى الله عليططه‬
‫وسلم مقررا ل شارعا وأيضا فإن التقيد بالقرآن مططا جططاء موجططودا‬
‫في زمان إبراهيم فتلوته مشروعة في صلتنا وغير مشروعة في‬
‫صلتهم قيل أريد الفططروع ويكططون النططبي صططلى اللططه عليططه وسططلم‬
‫شارعا ل مقررا لن اللطه نسطخ شطريعة إبراهيطم بشطريعة موسططى‬
‫وعيسى ثم نسخ محمد صطلى اللطه عليطه وسطلم شطريعتهم فكطان‬
‫صاحب شريعة لذلك ثم لما كان موافقا في الكثر وإن خالفه في‬
‫القل لم يقدح ذلك في الموافقة انتهى كلم المرسي وهو سطؤال‬
‫حسن وجواب نفيس‪.‬‬
‫)فصل( دليل ثالث وعشرون‪ :‬وهو قوله تعالى )يطا أيهطا الطذين‬
‫آمنوا ادخلوا في السططلم كافططة( قططال أهططل التفسططير نزلططت فيمططن‬
‫أسلم من أهل الكتاب وبقي على تعظيم بعض شططريعته كالسططبت‬
‫وترك لحوم البل فأمرهم أن يدخلوا في شرائع السلم كافططة ول‬
‫يتمسططكوا بشططيء مططن أحكططام التططوراة لنهططا منسططوخة ول تتبعططوا‬

‫‪152‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫خطططوات الشططيطان فططي التمسططك ببعططض أحكططام التططوراة بعططد أن‬
‫عرفتم نسخه وكافة من وصف السلم كأنه قيل ادخلوا في جميططع‬
‫شرائع السلم اعتقادا وعمل‪ .‬هططذه عبططارة المرسططي فططي تفسططير‬
‫هذه الية‪ .‬وقد أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في اليططة قططال‬
‫نزلططت فططي مططؤمني أهططل الكتططاب تمسططكوا ببعططض أمططور التططوراة‬
‫والشرائع التي أنزلت فيهم يقول ادخلوا في شرائع دين محمد ول‬
‫تدعوا منها شططيئا وهططذا صططريح فططي أن شططريعة التططوراة ل تسططمى‬
‫إسلما‪" .‬تنبيه" ذكر السطبكي فطي عبطارته لمطا تكلطم علطى عمطوم‬
‫رسالته صلى الله عليه وسلم إلى الجططن عططدة آيططات مططن القططرآن‬
‫استدل بها على ذلك ثم قال عقب ذلك وأعلم أن المقصود بتكثير‬
‫الدلة أن الية الواحدة واليططتين قططد يمكططن تأويلهططا ويتطططرق إليهططا‬
‫الحتمال فإذا كثرت قد تترقى إلى حد يقطع بإرادتها ظاهرا ونفى‬
‫الحتمططال والتأويططل عنهططا انتهططى‪ .‬أقططول ولططذلك أوردنططا هنططا ثلثططة‬
‫وعشرين دليل لن كل دليل منها علططى انفططراده قططد يمكططن تططأويله‬
‫وتطرق الحتمال إليه فلما كثرت هذه الكثرة ترقت إلى حد غلططب‬
‫على الظن إرادة ظاهرها ونفى الحتمططال والتأويططل عنهططا وعططبرت‬
‫بغلبة الظن دون القطع لجل ما عارضها من اليات الططتي اسططتدل‬
‫بهططا القطول الخططر‪ .‬وهططذا مقطام ل ينظططر فيططه ويحكطم بالترجيطح إل‬
‫لمجتهد والله الموفق‪ .‬آخر الكتاب‪ .‬قططال مططؤلفه شططيخنا نفططع اللططه‬
‫المسلمين ببركته ألفته في شوال سنة ثمان وثمانين وثمانمائة‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬يا مفردا باجتهاد في الوان ويا * بحططر الوفططا والصططفا‬
‫والعلم والعمل‬
‫ما حد توحيدنا لله خالقنا * سبحانه جل عن أين وعن مثل‬
‫الجططواب ‪ -‬روينططا بإسططناد صططحيح مططن طريططق المزنططي أن رجل‬
‫سأله عن شيء من الكلم فقال إني أكره هذا بل أنهى عنططه كمططا‬
‫نهى عنه الشافعي فلقد سمعت الشافعي يقول سططئل مالططك عططن‬
‫الكلم والتوحيد فقال مالك محال أن نظن بالنبي صلى الله عليططه‬
‫وسلم أنه علم أمته الستنجاء ولطم يعلمهطم التوحيطد والتوحيططد مطا‬
‫قاله النبي صلى الله عليططه وسططلم أمططرت أن أقاتططل النططاس حططتى‬
‫يقولوا ل إله إل الله فما عصم به الدم والمال حقيقة التوحيد‪ .‬هذا‬
‫جواب المام مالك رضي الله عنه عن هذا السؤال وبه أجبت‪.‬‬

‫تنزيه العتقاد عن الحلول والتحاد‬

‫‪153‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫الحمد لله وسلم على عباده الذين اصطفى‪ .‬القططول بططالحلول‬
‫والتحاد الذي هو أخو الحلول أول من قططال بططه النصططارى إل أنهططم‬
‫خصوه بعيسى عليه السلم أو به وبمريم أمه ولم يعدوه إلى أحططد‬
‫وخصطوه باتحطاد الكلمطة دون الطذات بحيطث أن علمطاء المسطلمين‬
‫سلكوا في الرد عليهم طريق إلزامهم بأن يقولوا بمثططل ذلططك فططي‬
‫موسى عليه السلم وفي الذات أيضططا وهططم ل يقولططون بططالمرين‪.‬‬
‫وإذا سلموا بطلن ذلططك لططزم إبطططال مططا قططالوه‪ .‬أمططا المتوسططمون‬
‫بسمة السلم فلم يبتدع أحد منهم هذه البدعة وحاشاهم من ذلك‬
‫لنهم أذكى فطرة وأصح لبططا مططن أن يمشططي عليهططم هططذا المحططال‬
‫وإنما مشى ذلك على النصارى لنهم أبلد الخلططق إذهانططا وأعمططاهم‬
‫قلوبا غير أن طائفططة مططن غلة المتصططوفة نقططل عنهططم أنهططم قططالوا‬
‫بمثل هذه المقالة وزادوا على النصارى في تعدية ذلك والنصططارى‬
‫قصروه على واحد‪ .‬فإن صح ذلك عنهم فقد زادوا في الكفر على‬
‫النصارى‪ .‬أحسن ما اعتذر عمن صدرت منططه هططذه الكلمططة الدالططة‬
‫على ذلك وهططي قططوله أنططا الحططق بططأنه قططال ذلططك فططي حططال سططكر‬
‫واستغراق غيبوبة عقل وقد رفع اللططه التكليططف عمططن غططاب عقلططه‬
‫وألغى أقواله فل تعد مقالته هذه شيئا ول يلتفت إليهططا فضططل عططن‬
‫أن تعد مذهبا ينقل‪ .‬وما زالت العلمططاء ومحققططو الصططوفية يططبينون‬
‫بطلن القول بالحلول والتحاد وينبهون على فساده ويحذرون من‬
‫ضلله وهذه نبذة مططن كلم الئمططة فططي ذلططك‪ :‬قططال حجططة السططلم‬
‫الغزالي في الحياء في باب السططماع الحالططة الرابعططة سططماع مططن‬
‫جاوز الحوال والمقامات فعزب عن فهمططه مططا سططوى اللططه تعططالى‬
‫حططتى عططزب عططن نفسططه وأحوالهططا ومعاملتهططا وكططان كالمططدهوش‬
‫الغائص في عين الشهود الذي يضاهى حاله حططال النسططوة اللتططي‬
‫قطعن أيططديهن فططي مشططاهدة جمططال يوسططف حططتى بهتططن وسططقط‬
‫إحساسهن وعن مثل هططذه الحالططة يعططبر الصططوفية بططأنه فنططى عططن‬
‫نفسه ومهما فنى عن نفسه فهو عن غيره أفنى فكططأنه فنططى عططن‬
‫كل شيء إل عن الواحد المشهود‪ .‬وفنى أيضططا عططن الشططهود فططإن‬
‫القلب إن التفت إلى الشهود والى نفسه بأنه مشططاهد فقططد غفططل‬
‫عن المشهود والمستهر بالمرئي ل التفات له في حال اسططتغراقه‬
‫إلى رؤيته والططى عينططه الططتي بهططا رؤيتططه ول إلططى قلبططه الططذي لططذته‬
‫فالسكران ل خيرة له من سكره والملتذ ل خيرة لططه مططن التططذاذه‬

‫‪154‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫إنما خبرته من الملتذ به فقط ومثاله العلططم بالشططيء فططإنه مغططاير‬
‫للعلم بالعلم بذلك الشي فالعالم بالشططيء مهمططا ورد عليططه العلططم‬
‫بالعلم بالشيء كان معرضا عن الشيء‪ .‬ومثل هذه الحال قد نظر‬
‫إلى حق المخلوقين فنظر أيضا في حق الخالقيططة الخططالق ولكنهططا‬
‫في الغالب تكون كالبرق الخاطف الذي ل يثبت ول يدوم فإن دام‬
‫لم تطقه القوى البشرية فربمططا يضطططرب تحططت أعبططائه اضطططرابا‬
‫تهلك فيه نفسه فهذه درجة الصططديقين فططي الفهططم والوجططد وهططي‬
‫أعلى الدرجات لن السماع على الحوال وهططي ممتزجططة بصططفات‬
‫البشرية نططوع قصططور وإنمططا الكمططال أن يفنططى بالكليططة عططن نفسططه‬
‫وأحواله أعنى أنه ينساها فل يبقى له التفططات إليهططا كمططا لططم يكططن‬
‫للنسوة إلى السيد والسكين فيسمع بططالله وللططه وفططي اللططه ومططن‬
‫الله‪ .‬وهذه رتبة مططن خططاض لجططة الحقططائق وعططبر سططاحل الحططوال‬
‫والعمال واتحد لصفاء التوحيد وتحقق بمحض الخلص فلططم يبططق‬
‫فيه منه شيء أصل بل خمدت بالكلية بشريته وأفنى التفططاته إلططى‬
‫صفات البشرية رأسا إلى أن قال ومن هنا نشأ خيططال مططن ادعططى‬
‫الحلول والتحاد وقال أنا الحق وحططوله يدنططدن كلم النصططارى فططي‬
‫دعوى اتحاد اللهوت بالناسوت أو تدر عهابها و حلولها فيهططا علططى‬
‫ما اختلفت فيه عباراتهم وهو غلط محض هذا كله لفططظ الغزالططي‪.‬‬
‫وقال أيضا في باب المحبة من قويت بصططيرته ولططم تضططعف منتططه‬
‫فإنه في حال اعتدال أمره ل يرى إل الله ول يعططرف غيططره ويعلططم‬
‫أنه ليس في الوجود إل الله وأفعاله أثر من آثار قدرته فهي تابعططة‬
‫له فل وجود لها بالحقيقة دونه وإنما الوجود للواحد الحق الذي بططه‬
‫وجود الفعال كلها ومن هذا حاله فل ينظر في شيء من الفعططال‬
‫إل ويرى فيه الفاعل ويذهل عن الفعل من حيث أنه سماء وأرض‬
‫وحيوان وشجر بل ينظر فيه من حيث أنططه أثططره ل مططن حيططث أنططه‬
‫صنع فل يكون نظره مجاوزا له إلططى غيططره كمططن نظططر فططي شططعر‬
‫إنسان أو خطه أو تصنيفه ورأى فيه الشاعر والمصنف ورأى آثاره‬
‫من حيث أنه أثره ل من حيث أنه حبر وعفص وزاج مرقططوم علططى‬
‫بياض فل يكون قد نظر إلى غير المصنف وكطذا العطالم صططنع اللطه‬
‫تعالى فمن نظر إليه من حيث أنه فعل الله وعرفه من حيططث أنططه‬
‫فعل الله وأحبه من حيث أنه فعل الله لم يكن ناظرا إل فططي اللططه‬
‫ول عارفا إل بالله ول محبا إل لله وكان هو الموحد الحططق الططذي ل‬
‫يرى إل الله بل ل ينظر إلى نفسه من حيث نفسه بططل مططن حيططث‬

‫‪155‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫أنه عبد الله فهذا هو الذي يقال فيه أنه فنى في التوحيد وأنه فنى‬
‫عن نفسه وإليه الشارة بقول من قال كنا بنا ففنينا بل نحن فهذه‬
‫أمور معلومة عند ذوي البصار أشكلت لضعف الفهام عن دركهططا‬
‫وقصور قدرة العلماء بها عن إيضاحا وبيانها بعبارة مفهمة موصططلة‬
‫للغرض إلى الفهططام أو لشططتغالهم بأنفسططهم واعتقططادهم أن بيططان‬
‫ذلك لغيرهم مما ل يعنيهم ثم قال وقد تحزب الناس إلى قاصرين‬
‫مالوا إلى التشبيه الظاهر والى غالين مسرفين تجاوزا إلى التحاد‬
‫وقالوا بالحلول حتى قال بعضططهم أنططا الحططق وضططل النصططارى فططي‬
‫عيسى عليه السلم فقالوا هو الله وقال آخطرون تططدرع الناسطوت‬
‫باللهوت وقال آخرون اتحد به‪ .‬وأما الذين انكشف لهططم اسططتحالة‬
‫التشططبية والتمثيططل واسططتحالة التحططاد والحلططول واتضططح لهطم وجطه‬
‫الصواب فهم القلون انتهى‪ .‬كلم الغزالي وبدأنا بالنقل عنططه لنططه‬
‫فقيه أصولي متكلم صوفي وهو أجططل مططن اعتمططد عليططه فططي هططذا‬
‫المقام لجتماع هذه الفنون فيه‪ .‬وقال إمام الحرمين في الرشططاد‬
‫أصل مذهب النصارى أن التحاد لم يقع إل بالمسيح عليطه السطلم‬
‫دون غيره من النبياء واختلفططت مططذاهبهم فيططه فزعططم بعضططهم أن‬
‫المعنى بططه حلططول الكلمططة جسططد المسططيح ل يحططل العططرض محلططه‬
‫وذهبت الططروم إلططى أن الكلمططة مططازجت جسططد المسططيح وخططالطته‬
‫مخالطة الخمر اللبن‪ .‬وهذا كله خبط‪ .‬وقال السططتاذ أبططو بكططر بططن‬
‫فططورك فططي كتططابه المسططمى بالنظططامي فططي أصططول الططدين قططالت‬
‫النصارى إن عيسى عليططه السططلم لهططوتي ناسططوتي وتكلمططوا فططي‬
‫حلول الكلمة لمريم عليها السلم فمنهم من قال إن الكلمة حلت‬
‫فططي مريططم حلططول الممازجططة كمططا يحططل المططاء فططي اللبططن حلططول‬
‫الممازجة والمخالطة ومنهططم مططن قططال إنهططا حلططت فيهططا مططن غيططر‬
‫ممازجة كما أن شخص النسان يتبين في المرآة الصقيلة من غير‬
‫ممازجة بنيهما‪ ،‬ومنهم من قال إن مثل اللهوت مع الناسوت مثل‬
‫الخاتم مع الشمع في أنه يؤثر فيه حططتى يتطبين فيطه النقططش ثطم ل‬
‫يبقى فيه شيء من الثر والول طريقة اليعقوبية والثططاني طريقططة‬
‫الملكية والثالث طريق النسطططورية‪ ،‬ثططم قططال وأعلططم أنهططم قططالوا‬
‫بالتحاد فقالت طائفة منهم في معنى التحاد الكلمة التي هي كن‬
‫حلت جسد المسيح‪ ،‬وقالت اليعقوبية إن التحططاد اختلط وامططتزاج‬
‫وزعمت أن كلمة الله انقلبت لحما ودمططا بالتحططاد‪ ،‬وقططالت طائفططة‬
‫منهم أن التحاد هططو أنططه أودعهططا بإظهططار روح القططدس عليططه وقططد‬

‫‪156‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫حكينا عمن قاله يجري هذا التحاد مجرى وقوع الهيئة في المططرآة‬
‫والنقش من الخاتم في الشططمع ومططا جططرى مجططراه‪ ،‬ويقططال لهططذه‬
‫الطائفة منهم أن ظهور هذه الصورة في المرآة والشيء الصقيل‬
‫ليس اختلط شيء بشيء ول انتقال شيء إلى شططيء بططل أجططرى‬
‫الله العادة بأن الواحد إذا قابل الشيء الصقيل خلق الله له رؤيططة‬
‫يرى بها نفسه إما أن يكون في الصغير علططى شططيء فل أمططا تططرى‬
‫أنه أن لمس وجهه فوجه نفسه لمس ل وجه ظهر فيططه فعلططم أنطه‬
‫ليس في المرآة شيء وهذا القول يوجب عليهم القرار بأنه ليس‬
‫من القديم سبحانه وتعالى في مريم ول في عيسى شيء ويبطل‬
‫عليهم القول بططأنه لهططوتي وناسططوتي وكططذلك القططول فططي الخططاتم‬
‫ونقشه مع الشمع فليططس يحصططل مططن الفططص فططي الشططمع شططيء‬
‫وإنما يتركب الشمع تركيبا من بعضه في بعططض ثططم أن هططذا الططذي‬
‫ذكروه كلطه إنمططا يجططوز بيططن المتماسططين المتجططاورين المتلصططقين‬
‫الجسمين المحدودين الططذين يجططوز فيهمططا طططول الحططوادث وتغيططر‬
‫الوصاف والله تعالى يتنزه عن ذلك كله‪ .‬وأمططا قططولهم أن الكلمططة‬
‫انقلبت لحمططا ودمططا فل يجططوز لنططه لططو جططاز ذلططك لجططاز أن ينقلططب‬
‫القديم محدثا ولو جاز ذلططك لجططاز انقلب المحططدث قططديما فيبطططل‬
‫الفصل بينهما وهذا محال فبطل ما قالوه انتهى‪ .‬وقال المام فخر‬
‫الدين الرازي في كتاب المحصل في أصول الدين مسططألة البططاري‬
‫تعالى ل يتحد بغيره لنه حال التحاد إن بقيا موجودين فهما اثنططان‬
‫ل واحد وأن صارا معدومين فلم يتحدا بططل حططدث ثططالث وإن عططدم‬
‫أحدهما وبقي الخر فلم يتحد لن المعدوم ل يتحد بالموجود وقال‬
‫المام أقضى القضاة أبو الحسن الماوردي صاحب الحاوي الكططبير‬
‫في مناظرة ناظرها لبعض النصارى في ذلططك بططالحلول أو التحططاد‬
‫ليس من المسلمين بالشريعة بل في الظاهر والتسططمية ول ينفططع‬
‫التنزيه مع القول بالتحاد والحلططول فططإن دعططوى التنزيططه مططع ذلططك‬
‫إلحاد وكيف يصح توحيد مع اعتقططاد أنططه سططبحانه حططل فططي البشططر‬
‫المأخوذ من مريططم وهنالططك حلططوله إمططا حلططول عططرض فططي جططوهر‬
‫فيقولون بأنه عرض أو حلول تداخل الجسام فهططو جسططم وهنالططك‬
‫إن حل كله فقد انحصر في القالب البشري وصار ذا نهاية وبدايططة‬
‫أو بعضه فقد انقسم وتبعض وكل هططذه المططور أباطيططل وتضططاليل‪.‬‬
‫وقال القاضي عياض في الشفا ما معناه‪ :‬أجمع المسططلمون علططى‬
‫كفر أصحاب الحلول ومن أدعى حلططول البططاري سططبحانه فططي أحططد‬

‫‪157‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الشخاص كقول بعض المتصوفة والباطنية والنصارى والقرامطة‪.‬‬
‫وقال في موضوع آخر ما عرف الله من شبهه وجسمه من اليهود‬
‫أو أجاز عليه الحلول والنتقال والمتزاج من النصارى ونقلططه عنططه‬
‫النووي في شرح مسلم‪ .‬وقال القاضي ناصر الدين البيضاوي في‬
‫تفسيره في قوله تعالى )لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح‬
‫ابن مريم( هذا قول اليعقوبية القطائلين بالتحطاد‪ .‬وقطال فطي قطوله‬
‫تعالى )أفل يتوبون إلى الله ويسططتغفرونه( أي أل يتوبططون بالنتهططاء‬
‫عن تلك العقائد والقوال الزائغططة ويسططتغفرونه بالتوحيططد والتنزيططه‬
‫عن التحاد والحلول بعد هذا التقرير والتهديد‪ .‬وقال الشططيخ عططزل‬
‫الدين بن عبد السلم في قواعده الكبرى ومن زعم أن الله يحل‬
‫في شيء من أجساد الناس أو غيرهم فهو كافر لن الشططرع إنمططا‬
‫عفا عن المجسمة لغلبة التجسيم علطى النططاس فطإنهم ل يفهمططون‬
‫موجودا في غيططر جهططة بخلف الحلططول فططإنه ل يعططم البتلء بططه ول‬
‫يخطر على قلب عاقل فل يعفى عنه انتهى‪ .‬قلت مقصططود الشططيخ‬
‫أنه ل يجري في تكفيرهم الخلف الذي جططرى فططي المجسططمة بططل‬
‫يقطع بتكفير القائلين بالحلول إجماعططا وإن جططرى فططي المجسططمة‬
‫خلف وقال الحافظ أبو نعيم الصبهاني فططي أول الحليططة أمططا بعططد‬
‫فقد استعنت بالله وأجبتك إلى ما ابتغيت من جمع كتططاب يتضططمن‬
‫أسططامي جماعططة مططن أعلم المحققيططن مططن المتصططوفة وأئمتهططم‬
‫وترتيططب طبقططاتهم مططن النسططاك ومحجتهططم مططن قططرن الصططحابة‬
‫والتابعين وتابعيهم ومن بعدهم ممن عرف الدلة والحقائق وباشر‬
‫الحوال والططرائق وسطاكن الريطاض والحطدائق وفطارق العطوارض‬
‫والعلئق وتبرأ من المتنطعين والمتعمقين ومن أهل الدعاوى مططن‬
‫المتسوفين ومن الكسالى والمتثبطين المشبهين بهم في اللبططاس‬
‫والمقال والمخالفين لهم في العقيدة والفعال وذلك لما بلغك من‬
‫بسط لساننا وألسنة أهل الفقه والثار فططي كططل القطططر والمصططار‬
‫في المنتسططبين إليهططم مططن الفسططقة الفجططار والمباحيططة والحلوليططة‬
‫الكفار وليس ما حل بالكذبة من الوقيعة والنكار بقادح في منقبة‬
‫البررة الخيار وواضع مططن درجططة الصططفوة البططرار‪ .‬وقططال صططاحب‬
‫معيار المريططدين أعلططم أن منشططأ أغلط الفططرق الططتي غلطططت فططي‬
‫التحاد والحلول جهلهم بأصططول الططدين وفروعططه وعططدم معرفتهططم‬
‫بالعلم وقد وردت الحاديث والثار بالتحذير من عابد جاهططل فمططن‬
‫ل يكون له سابقة علم لم ينتج ولم يصح له سلوك وقد قال سهل‬

‫‪158‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫بن عبططد اللططه التسططتري أجتنططب صططحبة ثلثططة أصططناف مططن النططاس‬
‫الجبابرة الغافلين والقراء المداهنين والمتصوفة الجططاهلين فططافهم‬
‫ول تغلط فإن الدين واضح قال وأعلم أنططه وقططع فططي عبططارة بعططض‬
‫المحققين لفططظ التحططاد إشططارة منهططم إلططى حقيقططة التوحيططد فططإن‬
‫التحاد عندهم هو المبالغة فططي التوحيططد والتوحيططد معرفططة الواحططد‬
‫والحد فاشتبه ذلك على من ل يفهم إشارتهم فحملططوه علططى غيططر‬
‫محمله فغلطوا وهلكوا بذلك قال والدليل على بطلن اتحاد العبططد‬
‫مع الله تعالى أن التحاد بين مربططوبين محططال فططإن رجليططن مثل ل‬
‫يصير أحدهما عيططن الخططر لتباينهمططا فططي ذاتيهمططا كمططا هططو معلططوم‬
‫فالتبططاين بيططن العبططد والططرب سططبحانه وتعططالى أعظططم فططإذن أصططل‬
‫التحاد باطل محططال مططردود شططرعا وعقل وعرفططا بإجمططاع النبيططاء‬
‫والولياء ومشايخ الصوفية وسائر العلماء والمسلمين وليططس هططذا‬
‫مذهب الصوفية وإنما قاله طائفة غلة لقلة علمهم وسوء حظهططم‬
‫من الله تعططالى فشططابهوا بهططذا القططول النصططارى الططذين قططالوا فططي‬
‫عيسى عليه السلم اتحد ناسططوته بلهططوته وأمططا مططن حفظططه اللططه‬
‫تعالى بالعناية فإنهم لم يعتقططدوا اتحططادا ول حلططول وإن وقططع منهططم‬
‫لفظ التحاد فإنما يريدون به محو أنفسهم وإثبططات الحططق سططبحانه‬
‫قال وقد يذكر التحاد بمعنططى فنططاء المخالفططات وبقططاء الموافقططات‬
‫وفناء حظوظ النفس من الططدنيا وبقططاء الرغبططة فططي الخططرة وفنططاء‬
‫الوصاف الذميمة وبقططاء الوصططاف الحميططدة وفنططاء الشططك وبقططاء‬
‫اليقيططن وفنططاء الغفلططة وبقططاء الططذكر‪ .‬قططال وأمططا قططول أبططي يزيططد‬
‫البسطامي سبحاني ما أعظم شأني فهو في معرض الحكاية عططن‬
‫الله وكذلك قول من قال أنا الحق محمول على الحكاية ول يظططن‬
‫بهؤلء العارفين الحلول والتحاد لن ذلك غير مظنون بعاقل فضل‬
‫عن المتميزيططن بخصططوص المكاشططفات واليقيططن والمشططاهدات ول‬
‫يظن بالعقلء المتميزين على أهل زمانهم بالعلم الراجططح والعمططل‬
‫الصالح والمجاهدة وحفظ حدود الشرع الغلططط بططالحلول والتحططاد‬
‫كما غلط النصارى في ظنهم ذلك في حططق عيسططى عليططه السططلم‬
‫وإنما حدث ذلك في السلم من واقعططات جهلططة المتصططوفة‪ .‬وأمططا‬
‫العلماء العارفون المحققون فحاشططاهم مططن ذلططك‪ .‬هططذا كلططه كلم‬
‫معيار المريدين بلفظه‪ .‬والحاصل أن لفظ التحاد مشترك فيطلق‬
‫على المعنى المذموم الذي أخو الحلططول وهططو كفططر ويطلططق علططى‬
‫مقططام الفنططاء اصطططلحا اصطططلح عليططه الصططوفية ول مشططاحة فططي‬

‫‪159‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الصطلح إذ ل يمنع أحد من استعمال لفططظ فططي معنططى صططحيح ل‬
‫محذور فيه شرعا ولو كان ممنوعا لم يجططز لحططد أن يتفططوه بلفطظ‬
‫التحاد وأنت تقول بيني وبيططن صططاحبي زيططد اتحططاد وكططم اسططتعمل‬
‫المحدثون والفقهاء والنحاة وغيرهم لفظ التحاد في معان حديثية‬
‫وفقهيططة ونحويططة كقططول المحططدثين اتحططاد مخططرج الحططديث وقططول‬
‫الفقهططاء اتحططد نططوع الماشططية وقططول النحططاة اتحططد العططالم لفظططا أو‬
‫معنى‪ .‬وحيث وقع لفظ التحاد من محققي الصوفية فإنما يريدون‬
‫به معنى الفناء الذي هو محو النفس وإثبات المر كله لله سبحانه‬
‫ل ذلك المعنى المذموم الذي يقشعر له الجلد وقد أشار إلى ذلك‬
‫سيدي على وفا فقال من قصيدة له‪:‬‬
‫يظنوا بي حلول واتحادا * وقلبي من سوى التوحيد خالي‬
‫فتبرأ من التحاد بمعنى الحلول وقال من أبيات أخر‪:‬‬
‫وعلمك أن هذا المر أمري * هو المعنى المسمى باتحاد‬
‫فذكر أن المعنططى الططذي يريططدونه بالتحططاد إذا أطلقططوه هططو تسططليم‬
‫المر كله لله وتططرى الرادة معططه والختيططار والجططري علططى مواقططع‬
‫أقداره من غير اعتراض وترك نسبة شططيء مططا إلططى غيططره‪ .‬وقططال‬
‫صاحب كتاب نهج الرشاد فططي الططرد علططى أهططل الوحططدة والحلططول‬
‫والتحاد حدثني الشيخ كمال الدين المراغي عن الشيخ تقي الدين‬
‫بن دقيق العيطد أنطه قطال لطه مطرة النثطار إنمطا انتشطر فطي بلدكطم‬
‫لنتشار الفلسفة هناك وقلة اعتنائهم بالشططريعة والكتططاب والسططنة‬
‫قال فقلت له في بلدكم ما هو شر من هططذا وهططو قططول التحاديططة‬
‫فقال هذا ل يقوله عاقل فإن قول هؤلء كل أحططد يعططرف فسططاده‪.‬‬
‫قال وحدثني الشيخ كمال الططدين المططذكور قططال اجتمعططت بالشططيخ‬
‫أبي العباس المرسي تلميذ الشيخ الكططبير أبططي الحسططن الشططاذلي‬
‫وفاوضته في هؤلء التحادية فوجدته شديد النكار عليهططم والنهططي‬
‫عن طريقهم وقال أتكون الصنعة هي الصانع انتهططى‪ .‬قلططت ولهططذا‬
‫كططانت طريقططة الشططاذلي هططي أحسططن طططرق التصططوف وهططي فططي‬
‫المتأخرين نظير طريقة الجنيد في المتقدمين؟ وقططد قططال الشططيخ‬
‫تاج الدين بن السبكي في كتاب جمع الجوامع وإن طريططق الجنيططد‬
‫وصططحبه طريططق مقططوم‪ .‬وكططان والططده شططيخ السططلم تقططي الططدين‬
‫السبكي يلزم مجلططس الشططيخ تططاج الططدين بططن عطططاء اللططه يسططمع‬
‫كلمه ووعظه ونقل عنه في كتابه المسمى غيطرة اليمطان الجلطي‬
‫فائدة حسنة في حديث ل تسبوا أصحابي فقال أنه ذكططر أن النططبي‬

‫‪160‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫صلى الله عليه وسلم كانت لططه تجليططات فططرأى فططي بعضططها سططائر‬
‫أمته التين من بعططده فقططال مخاطبططا لهططم ل تسططبوا أصططحابي فلططو‬
‫أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما أدرك مد أحدهم ول نصيفه وارتضى‬
‫السبكي منه هذا التأويل وقال إن الشططيخ تططاج الططدين كططان متكلططم‬
‫الصوفية في عصره على طريق الشاذلية انتهى‪ .‬قلت وهططو تلميطذ‬
‫الشيخ أبي العباس المرسي والشيخ أبو العبططاس تلميططذ الشططاذلي‬
‫وقد طالعت كلم هؤلء السادة الثلثة فلم أر فيه حرفا يحتاج إلى‬
‫تأويل فضل عن أن يكون منكرا صريحا ومططا أحسططن قططول سططيدي‬
‫علي بن وفا‪:‬‬
‫تمسك بحب الشاذلية تلق ما * تروم وحقق ذا الرجاء وحصل‬
‫ول تعدون عيناك عنهم فإنهم * شموس هدى في أعين المتأمل‬
‫ثم قال صاحب نهج الرشاد وما زال عباد الله الصالحون من أهططل‬
‫العلم واليمان ينكرون حال هؤلء التحادية وإن كان بعض النططاس‬
‫قد يكون أعلم واقدر وأحكم من بعض في ذلك وقال الشيخ سعد‬
‫الدين التفتازاني في شرح المقاصد وأمططا المنتمططون إلططى السططلم‬
‫فمنهم بعض غلة الشيعة القائلون بأنه ل يمتنططع ظهططور الروحططاني‬
‫فططي الجسططماني كجبريططل فططي صططورة دحيططة وبعططض الجططن أو‬
‫الشياطين في صورة الناسي قالوا فل يبعد أن يظهر اللططه تعططالى‬
‫في صورة على وأوله تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا قال ومنهططم‬
‫بعططض المتصططوفة القططائلون بططأن السططالك إذا أمعططن فططي السططلوك‬
‫وخططاض لجططة الوصططول فربمططا يحططل اللططه تعططالى اللططه عمططا يقططول‬
‫الظالمون علوا كبيرا فيه كنار في الجمر بحيث ل يتمططايز أو يتحططد‬
‫به بحيث ل أثنينية ول تغاير وصططح أن يقططول هططو أنططا وأنططا هططو قططال‬
‫وفساد الرأيين غنى عن البيان قال وههنا مذهبان آخططران يوهمططان‬
‫الحلول والتحاد وليسا منه في شيء الول‪ :‬أن السالك إذا انتهططى‬
‫سلوكه إلى الله وفي اللطه يسطتغرق فطي بحطر التوحيطد والعرفطان‬
‫بحيث تضمحل ذاته في ذاته وصفاته في صفاته وتغيب عن كل ما‬
‫سواه ول يرى في الوجود إل الله وهذا هططو الططذي يسططمونه الفنططاء‬
‫في التوحيد فحينئذ فربما يصدر عنه عبارات تشعر بالحلو والتحاد‬
‫لقصور العبارة عن بيان تلطك الحططال وبعططد الكشططف عنهطا بالمثطال‬
‫ونحن على ساحل التمني نغترف من بحر التوحيططد بقططدر المكططان‬
‫ونعترف بأن طريق الفناء فيه العيان دون البرهان واللططه الموفططق‬
‫ثم ذكر في المذهب الثاني وهو القول بالوحدة المطلقطة فطإنه بطه‬

‫‪161‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫أجدر‪ ،‬وذكر السيد الجرجاني في شططرح المواقططف نحططو ذلططك وقطد‬
‫سقت أيضا عبارته في الكتاب المشار إليه‪ .‬وقال العلمة شططمس‬
‫الدين بن القيم في كتابه شططرح منططازل السططائرين الدرجططة الثالثططة‬
‫من درجات الفناء فناء خواص الولياء وأئمة المقربين وهو الفنططاء‬
‫عن إرادة السططوى شطائما بططرق القنطا عطن إرادة مطا سطواه سطالكا‬
‫سبيل الجمع على ما يحبه ويرضاه فانيططا بمططراد محبططوبه منططه عططن‬
‫مراده هو من محبوبه فضل عن إرادة غيره قد اتخذ مطراده بمطراد‬
‫محبوبه أعنططى المططراد الططديني المططري ل المططراد الكططوني القططدري‬
‫فصار المرادان واحدا قال وليس في العقل اتحططاد صططحيح إل هططذا‬
‫والتحطططاد فطططي العلطططم والخطططبر فيكطططون المطططرادان والمعلومطططان‬
‫والمذكوران واحدا مع تباين الرادتيططن والعلميططن والخططبرين فغايططة‬
‫المحبة اتحاد مراد المحب بمراد المحبوب وفناء إرادة المحب في‬
‫مراد المحبطوب فهطذا التحطاد والفنطاء هطو اتحطاد خطواص المحطبين‬
‫وفناؤهم قد فنوا بعبادته عن عبادة ما سواه وبحبه وخوفه ورجائه‬
‫والتوكل عليه والستعانة به والطلب منه عن حب ما سططواه ومططن‬
‫تحقق بهذا الفناء ل يحب إل في الله ول يبغططض إل فيططه ول يططوالي‬
‫إل فيه ول يعادي إل فيه ول يعطي إل لله ول يمنع إل لله ول يرجو‬
‫إل إياه ول يستعين إل به فكون دينه كله ظططاهرا للططه ويكططون اللططه‬
‫ورسوله أحب إليه مما سواهما فل يواد من حاد الله ورسوله ولططو‬
‫كان أقرب الخلق إليه بل‪:‬‬
‫يعادي الذي عادى من الناس كلهم * جميعا ولو كان الحبيب‬
‫المصافيا‬
‫وحقيقة ذلك فناؤه عن هوى نفسه وحظوظها بمراضي ربه تعالى‬
‫وحقوقه والجامع لهذا كله تحقيق شططهادة أن ل إلططه إل اللططه علمططا‬
‫ومعرفة وعمل وحال وقصططدا وحقيقططة هططذا النفططي والثبططات الططذي‬
‫تضمنته هذه الشهادة هو الفناء والبقاء ففنى عططن تططأله مططا سططواه‬
‫علما وأفرادا وتعمدا وبقي تألهه وحده فهذا الفناء وهذا البقاء هططو‬
‫حقيقة التوحيد الذي اتفقت عليه المرسلون صططلوات اللططه عليهططم‬
‫وأنزلت به الكتب وخلقططت لجلططه الخليقططة وشططرعت لططه الشططرائع‬
‫وقامت عليه سوق الجنة وأسس عليه الخلق والمر إلططى أن قططال‬
‫وهذا الموضع مما غلط فيه كثير مططن أصططحاب الرادة والمعصططوم‬
‫من عصمه الله والله المستعان‪ .‬وقال في موضططع آخططر وإن كططان‬
‫مشمرا للفناء العالي وهو الفناء عططن إرادة السططوي لططم يبططق فططي‬

‫‪162‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫قلبه مراد يزاحم مراده الديني الشرعي النبوي القرآني بططل يتحططد‬
‫المرادان فيصير عين مراد الرب تعالى هو عين مطراد العبطد وهطذا‬
‫حقيقة المحبة الخالصة وفيها يكون التحططاد الصططحيح وهططو التحططاد‬
‫في المراد ل في المريد ول في الرادة قططال فتططدبر هططذا الفرقططان‬
‫في هذا الموضع الذي طالما زلططت فيططه أقططدام السططالكين وضططلت‬
‫فيه أفهام الواحدين انتهططى‪ .‬وقططد تكططرر كلم ابططن القيططم فططي هططذا‬
‫الكتططاب فططي تضططليل التحاديططة والقططائلين بالوحططدة المطلقططة وقططد‬
‫سقت منه أشياء في كتابي الذي أشرت إليططه فلينظططر منططه واللططه‬
‫أعلم‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬في قول أهل السنة إن العبد له في فعله نوع اختيار‬
‫هل هو معارض لقوله تعالى )وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كططان‬
‫لهم الخيرة(‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬ل معارضة فإن الختيار الذي بمعنى القدرة والرادة‬
‫والنشاء والبداع خاص بالله تعالى ل شريك له وأما الختيار الذي‬
‫أثبته أهل السنة للعبد فالمراد به قصططده ذلططك الفعططل وميلططه إليططه‬
‫ورضاه به الذي هو مخلوق لله تعططالى أيضططا ل علططى وجططه الكططراه‬
‫واللجاء إليه والحاصل أن الله تعالى خلق للعبططد قططدرة بهططا يميططل‬
‫ويفعل فالخلق من الله والميططل والفعططل مططن العبططد صططادران عططن‬
‫تقدير الله له ذلك فهما أثطر الخلططق والقطدرة فالختيططار المنسططوب‬
‫للعبد المفسر بما ذكرناه أثر الختيطار المنسطوب إلطى اللطه تعطالى‬
‫فافترقا ول إنكار في ذلك ول معارضة فيه للية وبهذا يتميططز أهططل‬
‫السنة عن أهل القدر والجبر معا‪ ،‬قال الصبهاني في تفسيره عند‬
‫قوله تعالى )ونمدهم في طغيانهم( أعلم أن كططل فعططل صططدر مططن‬
‫العبد بالختيار فله اعتباران إن نظرت إلى وجوده وحدوثه وما هو‬
‫عليه من وجوه التخصيص فانسب ذلك إلى قططدرة اللططه وإرادتططه ل‬
‫شريك له وإن نظرت إلى تميزه عن القسري الضططروري فانسططبه‬
‫من هذه الجهة إلى العبد وهي النسبة المعبر عنها شرعا بالكسب‬
‫في قوله لها مططا كسططبت وعليهططا مططا اكتسططبت وقططوله بمططا كسططبت‬
‫أيططديهم وهططي المحققططة أيضططا إذا عرضططت فططي ذهنططك الحركططتين‬
‫الضطرارية كالرعشة والختيارية فإنك تميز بينهما ل محالة بتلططك‬
‫النسبة فإذا تقرر تعدد العتبار فمدهم فططي الطغيططان مخلططوق للططه‬
‫تعالى فإضافه إليه ومن حيث كونه واقعا منهم على وجه الختيططار‬
‫المعبر عنه بالكسب إضافة إليهم انتهططى‪ .‬وقططال فططي موضططع آخططر‬

‫‪163‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫منه‪ :‬صفة الرادة للعبد هي القصد‪ .‬فهذا تحرير مذهب أهل السنة‬
‫وحاصله أن الختيار المنسوب إلى العبد هططو قصططده لططذلك الفعططل‬
‫وتوجهه إليه برضا منه وإرادة له وكونه لم يفعله بالجططاء ول إكططراه‬
‫ول قسر فتأمل ذلك وافهم ترشد‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬هل العقل أفضل من العلم الحادث أم العلم‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬هذه المسألة اختلف فيها العلمططاء ورجحططوا تفضططيل‬
‫العلم لن البططاري تعططالى يوصططف بصططفة العلططم ول يوصططف بصططفة‬
‫العقل وما ساغ وصفه تعططالى بططه أفضططل ممططا لططم يسططغ وإن كططان‬
‫العلم الذي يوصف به تعالى قديما ووصططفنا حططادث فططإن البططاري ل‬
‫يوصف بصفة العقل أصل ول على جهططة القططدم ومططن الدلططة علططى‬
‫تفضيل العلم أن متعلقه أشرف وأنططه ورد بفضططله أحططاديث كططثيرة‬
‫صحيحة وحسنة ولم يرد في فضل العقل حططديث وكططل مططا يططروى‬
‫فيه موضوع كذب وكططان شططيخنا العلمططة محيططي الططدين الكططافيجي‬
‫يقول العقل أفضل باعتبار كونه متبعا للعلم وأصل له وحاصططله أن‬
‫فضيلة العلم بالذات وفضيلة العقل بالوسيلة للعلم‪.‬‬

‫مبحث النبوات‬
‫مسألة ‪ -‬كم عدد النبياء والرسل‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬روى الطبراني في الوسط عن أبي أمامة البططاهلي‬
‫أن رجل قال يا رسول الله أنبي كان آدم قطال نعطم قطال كطم بينطه‬
‫وبين نوح قال عشرة قرون قال كم بين نوح وإبراهيم قال عشرة‬
‫قرون قال يا رسول الله كم كانت الرسططل قططال ثلثمططائة وخمسططة‬
‫عشططر‪ .‬رجططاله رجططال الصططحيح‪ .‬وأخططرج ابططن حبططان فططي صططححيه‬
‫والحاكم عن أبي ذر قال قلت يا رسول الله كم النبياء قططال مططائة‬
‫ألف نبي وأربعة وعشرون ألفا قال قلت يا رسول الله كم الرسل‬
‫منهم قال ثلثمائة وثلثة عشر جم غفير‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬ما اشهر القولين يا من علمه * أربططى علططى القططران‬
‫والنظراء‬
‫في موت مشهور الحياة أبي الخضر * وحياته يا فائزا بثناء‬
‫قولن مشهوران قالهما الرضا * شيخ الزمان وفائق العلماء‬
‫بقوام دين الله لقب وهو من * بغداد يشهر بين كل ملء‬
‫وأقام برهانا على فقدانه * فأعجب لذا يا كامل الراء‬
‫ل زلت معدودا لكل ملمة * وجزيت يوم الحشر خير جزاء‬

‫‪164‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الجواب ‪ -‬مططن بعططد حمططدي دائمططا وثنططائي * ثططم الصططلة لسططيد‬
‫النجباء‬
‫للناس خلف شاع في خضر وهل * أدوى قديما أو حبي ببقاء‬
‫ولكل قول حجة مشهورة * تسمو على الجوزاء في العلياء‬
‫والمرتضى قول الحياة فكم له * حجج تجل الدهر عن إحصاء‬
‫خضر وإلياس بأرض مثل ما * عيسى وإدريس بقوا أسماء‬
‫هذا جواب ابن السيوطي الذي * يرجو من الرحمن خير جزاء‬
‫مسألة ‪ -‬يا عالم العصر يا مفتى النام أفد * عبيد بابك أنت البدر‬
‫في الظلم‬
‫كم بين موسى وعيسى من مئ سلفت * وبين عيسى وخير‬
‫الخلق والمم‬
‫أثابك الله جنات النعيم بما * تبديه من رشد للناس أو كرم‬
‫ثم الصلة على أزكى الورى نسبا * محمد سيد العربان والعجم‬
‫الجواب ‪ -‬الحمد لله ربي مسبغ النعم * ثم الصلة على المبعوث‬
‫للمم‬
‫ألف وتسع مئ مع نيف ضبطوا * ما بين موسى وعيسى صاحب‬
‫الكلم‬
‫ونحو ست مئ في ارجح ذكروا * ما بين عيسى وخير الخلق ذي‬
‫الكرم‬
‫والحمد لله في قولي أقدمه * كذا بحمد إله العرش مختتمي‬

‫تزيين الرائك في إرسال النبي صلى الله عليه وسلم إلى الملئك‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫مسألة ‪ -‬ما تقولططون فططي قططول العلمططاء أنططه صططلى اللططه عليططه‬
‫وسططلم لططم يبعططث إلططى الملئكططة وفططي قططول الحططافظ زيططن الططدين‬
‫العراقي إن السماء ليست محل للتكليف وقد أشططكل ذلططك بططأمور‬
‫منهططا قططوله صططلى اللططه عليططه وسططلم وأرسططلت إلططى الخلططق كافططة‬
‫والخلق يعم النس والجن والملئكة فإن فسر بالثقلين فقط فمططا‬
‫المخصططص وقططوله تعططالى )ليكططون للعططالمين نططذيرا( والعططالم يعططم‬
‫الملئكة وقوله )وأوحى إلى هذا القرآن لنذركم به ومن بلغ( وقد‬
‫بلغ الملئكة‪ .‬وقد ورد إن الملئكة ل يفترون عن عبادة ربهم وورد‬
‫صريحا أنهم يتعبدون بعبادات هذه المة كحديث ابن عمر أن أهططل‬
‫السماء ل يسمعون من أهل الرض إل الذان وحططديث سططلمان إذا‬

‫‪165‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫كان الرجل في أرض فأقام الصلة صططلى خلفططه ملكططان فططإذا أذن‬
‫وأقام صلى خلفه من الملئكة ما ل يرى طرفاه يركعون بركططوعه‬
‫ويسجدون بسططجوده ويؤمنططون علططى دعططائه وقططد قططاتلت الملئكططة‬
‫الكفار وتحضر صلة الجمعة وغير ذلك مما يطول أشكل ذلك‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬الحمد لله وسلم على عباه الذين اصطفى‪ .‬سططألت‬
‫أكرمك الله فأحسنت غاية الحسان وأوردت فأتقنت كططل التقططان‬
‫وأنا أجيبك عن ذلك بجوابين أحدهما جططدلي والخططر تحقيقططي‪ :‬أمططا‬
‫الجواب الجدلي فقولك الخلق يعم والعالمين يعططم ومططن بلططغ يعططم‬
‫جوابه أنه من العام المخصوص أو المراد به الخصوص وقولك مططا‬
‫هو المخصص جوابه أن مستنده الجماع الططذي ادعططاه مططن ادعططى‬
‫وقولك ورد أنهم ل يفترون جوابه منع الملزمة بينه وبين المططدعي‬
‫الططذي هططو بعثتططه إليهططم لن عبططادتهم تكططون بالخططذ عططن ربهططم أو‬
‫بإرسال ملك من جنسهم إليهططم كجبريططل أو إسططرافيل أو غيرهمططا‬
‫قال تعالى )الله يصطفى من الملئكة رسططل ومططن النططاس( وقططال‬
‫تعالى )قل لو كططان فططي الرض ملئكططة يمشططون مطمئنيططن لنزلنططا‬
‫عليهم من السماء ملكا رسول( وقولك ورد صريحا أنهططم يتعبططدون‬
‫بعبادات هذه المة ثم أوردت حديث ابططن عمططر وليططس فيططه دللططة‬
‫فضل عن صراحة لن أكثر ما فيه أنهم يسمعون الذان وليس فيه‬
‫أنهم يتعبدون به‪ .‬وحديث سلمان ظاهر فيما ذكرت مع أنططه يمكططن‬
‫أن ل يكون ذلك صادرا عططن بعثتططه إليهططم كمططا تقططدم وقولططك وقططد‬
‫قاتلت الملئكة الكفار فيه أيضا ما تقدم من عدم الملزمة مع أنها‬
‫لم تقاتل إل في بططدر خاصططة وقولططك وتحضططر صططلة الجمعططة إنمططا‬
‫حضططرت لكتابططة الحاضططرين علططى طبقططات مجيئهططم وذلططك مططن‬
‫التكليفات الكونيططة الططتي هططي وظيفططة الملئكططة ل الشططرعية الططتي‬
‫بعثت بها الرسل هذا آخر الجواب الجدلي‪ .‬وأما الجواب التحقيقي‬
‫فاعلم أن العلماء اختلفوا في بعثة النبي صططلى اللططه عليططه وسططلم‬
‫إلى الملئكة على قولين‪ .‬أحدهما أنه لم يكون مبعوثا إليهم وبهططذا‬
‫جزم الحليمي والططبيهقي كلهمططا مططن أئمططة أصططحابنا ومحمططود بططن‬
‫حمططزة الكرمططاني فططي كتططابه العجططائب والغططرائب وهططو مططن أئمططة‬
‫الحنفية‪ .‬ونقل البرهان النسططفي والفخططر الططرازي فططي تفسططيريهما‬
‫الجماع عليه وجزم به من المتأخرين الحافظ زين الدين العراقي‬
‫في نكته على ابن الصلح والشيخ جلل الدين المحلي فططي شططرح‬
‫جمع الجوامطع وتبعتهمطا فطي كتطابي شطرح التقريطب فطي الحطديث‬

‫‪166‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫وشرح الكططوكب السططاطع فططي الصططول‪ .‬والقططول الثططاني أنطه كططان‬
‫مبعوثا إليهم وهذا القول رجحته في كتاب الخصائص‪ .‬وقططد رجحططه‬
‫قبلي الشيخ تقي الدين السبكي وزاد أنه صطلى اللطه عليطه وسطلم‬
‫مرسل إلى جميطع النبيطاء والمطم السطابقة وأن قطوله بعثطت إلطى‬
‫الناس كافة شامل لهم من لططدن آدم إلططى قيططام السططاعة ورجحططه‬
‫أيضا البارزي وزاد أنه مرسططل إلططى جميططع الحيوانططات والجمططادات‬
‫واستدل بشهادة الضب له بالرسالة وشططهادة الحجططر والشططجر لططه‬
‫وأزيد على ذلك أنه مرسل إلى نفسه‪.‬‬

‫ذكر الدلة التي أخذت منها إرساله إلى الملئكة‪:‬‬


‫هططي قسططمان مططا يططدل بطريططق العمططوم ومططا يططدل بطريططق‬
‫الخصوص فالذي يدل بطريق العمططوم قططوله تعططالى )تبططارك الططذي‬
‫نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا(‪ .‬والعالمون شامل‬
‫للملئكة كما هو شامل للنس والجن وقد أجمع المفسططرون علططى‬
‫أن قوله تعالى )الحمد رب العالمين( شامل لهؤلء الثلثة فكططذلك‬
‫هذا والصل بقاء اللفظ على عمومه حتى يدل الدليل على إخراج‬
‫شيء منه ولم يدل هنا دليل على إخراج الملئكططة ول سططبيل إلططى‬
‫وجططوده ل مططن القططرآن‪ ،‬ول مططن الحططديث‪ .‬وقططد نططوزع مططن ادعططى‬
‫الجماع في هذه الدعوى فمن أين تخصيصه بالنس والجن فقططط‬
‫دون الملئكة‪ .‬وكذا قوله تعالى )وما أرسلناك إل رحمة للعططالمين(‬
‫فإنه أيضا شامل للملئكة‪ .‬وذكر صاحب الشفا أن النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم قال لجبريل هل أصابك من هذه الرحمططة شططيء قططال‬
‫ى في القططرآن بقططوله‬ ‫نعم كنت أخشى العاقبة فآمنت لثناء الله عل ّ‬
‫)ذي قوة عند ذي العرش مكين(‪ .‬إل أن هذا الحديث لم يوقف لططه‬
‫على إسناد‪ .‬وأما ما يدل بالخصوص فقد استنبطت أدلة لم اسططبق‬
‫إليها‪ :‬الدليل الول‪ :‬وهو أقواها قوله تعالى )وقالوا اتخططذ الرحمططن‬
‫ولططدا سططبحانه بططل عبططاد مكرمططون ‪ -‬يعنططي الملئكططة ‪ -‬ل يسططبقونه‬
‫بالقول وهم بأمره يعملون يعلططم مططا بيططن أيططديهم ومططا خلفهططم ول‬
‫يشفعون إل لمن ارتضططى وهططم مططن خشططيته مشططفقون( ثططم قططال‬
‫)ومن يقل منهم إني إله من دونه فذلك نجزيه جهنططم( أخططرج ابططن‬
‫أبي حاتم عن الضحاك في قوله ومن يقططل منهططم قططال يعنططي مططن‬
‫الملئكة‪ .‬وأخرج ابن المنذر عن ابن جريططج فططي قططوله ومططن يقططل‬
‫منهم إني إله من دونه قال الملئكة‪ .‬وأخرج ابن المنذر وابن أبططي‬

‫‪167‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫حاتم وابن مردويه والبيهقي في دلئل النبوة عن ابن عبططاس قططال‬
‫إن الله قال لهل السماء‪ :‬ومن يقل منهم إني إله من دونه فذلك‬
‫نجزيه جهنم‪ .‬فهذه الية إنطذار للملئكطة علطى لسطان النطبي صطلى‬
‫الله عليه وسلم فططي القططرآن الططذي أنططزل عليططه وقططد قططال تعططالى‬
‫)وأوحى إلي هذا القرآن لنذركم به ومن بلغ( فثبت بذلك إرسططاله‬
‫إليهم ولم أقف إلططى الن علططى إنططذار وقططع فططي القططرآن للملئكططة‬
‫سوى هذه الية والحكمة فططي ذلططك واضططحة لن غططالب المعاصططي‬
‫راجعة إلى البطن والفرج وذلك ممتنططع عليهططم مططن حيططث الخلقططة‬
‫فاستغنى عن إنذارهم فيه‪ .‬ولما وقططع مططن إبليططس وكططان منهططم أو‬
‫فيهم نظير هذه المعصية أنذروا فيهططا‪ .‬نعططم وقططع فططي القططرآن آيططة‬
‫أخرى بسببهم لكنها من باب الخبار ل النذار المحض وهططي قططوله‬
‫تعالى )كل شيء هالك إل وجهه( أخرج ابن المنذر عن ابن جريططح‬
‫قال لما نزلططت )كططل مططن عليهططا فططان( قططالت الملئكططة هلططك أهططل‬
‫الرض فلما نزلت )كل نفس ذائقة الموت( قططالت الملئكططة هلططك‬
‫كل نفس فلما نزلت )كل شيء هالططك إل وجهططه( قططالت الملئكططة‬
‫هلك أهل السماء وأهل الرض‪" .‬الططدليل الثططاني" مططا أخرجططه عبططد‬
‫الرزاق في مصنفه عططن عكرمططة قططال صططفوف أهططل الرض علططى‬
‫صفوف أهل السماء فإذا وافق آمين في الرض آمين في السماء‬
‫غفر للعبد‪ .‬هذا يدل على أن الملئكططة فطي السطماء تصططلى بصطلة‬
‫أهل الرض‪ .‬ويرشحه ما أخرجه مالك والشططافعي وأحمططد والئمططة‬
‫الستة عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليططه وسططلم قططال‬
‫إذا أمن المام فأمنوا فإنه من وافق تأمينه تأمين الملئكة غفر له‬
‫ما تقدم من ذنبه‪ .‬وأخرج أبو يعلى في مسنده عن أبي هريططرة أن‬
‫رسططول اللططه صططلى اللططه عليططه وسططلم قططال إذا قططال المططام غيططر‬
‫المغضوب عليهم ول الضالين قال الذين خلفططه آميططن التقططت مططن‬
‫أهل السماء وأهل الرض آمين غفر الله للعبد ما تقدم مططن ذنبططه‪.‬‬
‫وأخرج مسلم عن جابر بن سمرة أن النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫خرج على أصحابه فقال أل تصفون كما تصف الملئكططة عنططد ربهططا‬
‫قالوا وكيف تصف الملئكة عند ربهطا قططال يتمططون الصططفوف الول‬
‫فالول ويتراصون في الصف‪ .‬وأخرج سعيد بن منصور فططي سططننه‬
‫وابن أبي شيبة في مصنفه عن أبي بن كعب قال قال رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم الصف الول علططى مثططل الملئكططة‪" .‬الططدليل‬
‫الثالث" ما أخرجه أبو الشططيخ بططن حبططان فططي كتططاب العظمططة مططن‬

‫‪168‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫طريق الليث قال حدثني خالد عن سعيد قططال بلغنططا أن إسططرافيل‬
‫مؤذن أهل السماء يسمع تأذينه من فططي السططماوات السططبع ومططن‬
‫في الرضين إل الجن والنس ثم يتقدم بهم عظيم الملئكة يصلى‬
‫بهم‪ .‬قال وبلغنا أن ميكائيل يؤم الملئكة في البيت المعمور‪ .‬هططذا‬
‫يططدل علططى أن الملئكططة يؤذنططون آذاننططا ويصططلون صططلتنا‪" .‬الططدليل‬
‫الرابع" ما أخرجه سعيد بططن منصططور عططن ابططن مسططعود أنططه دخططل‬
‫المسجد لصلة الفجر فإذا قوم قد اسططندوا ظهططورهم إلططى القبلططة‬
‫فقال هكذا عن وجوه الملئكة ثم قال ل تحولوا بين الملئكة وبين‬
‫صلتها فإن هذه الركعتين صلة الملئكة‪ .‬وأخرج أيضا عن إبراهيم‬
‫النخعي قال كانوا يكرهون التساند إلى القبلة بعد ركعططتي الفجططر‪.‬‬
‫وأخرج أحمد في مسنده عن حابس بن سعد وكانت له صحبة أنططه‬
‫دخل المسجد في السحر فرأى الناس يصلون في صفة المسططجد‬
‫فقال إن الملئكة تصلي في السحر في مقدم المسجد‪ .‬دلت هذه‬
‫الثار على أن الملئكة تصلى في جماعتنا صلة الفجططر وتحضططرها‬
‫في مساجدنا‪ ،‬ويرشحه ما أخرجه البخاري ومسلم عن أبي هريرة‬
‫عن النبي صلى الله عليه وسلم قال تجتمع ملئكة الليل وملئكططة‬
‫النهار في صلة الفجر يقططول أبططو هريططرة اقططرؤا إن شططئتم وقططرآن‬
‫الفجططر إن قططرآن الفجططر كططان مشططهودا‪ .‬وأخططرج أحمططد والترمططذي‬
‫وصححه والنسائي وابن ماجة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله‬
‫عليططه وسططلم فططي قططوله )وقططرآن الفجططر إن قططرآن الفجططر كططان‬
‫مشهودا( قال تشهده ملئكططة الليططل وملئكططة النهططار‪ .‬وأخططرج ابططن‬
‫جرير عن ابن مسعود أنه كان يحدث أن صلة الفجر عندها يجتمع‬
‫الحرسان من ملئكة الله ويقرأ هذه الية‪ .‬وأخرج عططن قتططادة فططي‬
‫قوله وقرآن الفجر قال صلة الفجر وفي قوله كان مشهودا يقول‬
‫ملئكة الليل وملئكططة النهططار يشططهدون تلططك الصططلة‪ .‬وأخططرج عططن‬
‫إبراهيم النخعططي فططي قططوله وقططرآن الفجططر إن قططرآن الفجططر كططان‬
‫مشهودا قال كانوا يقولون تجتمع ملئكة الليل وملئكة النهار فططي‬
‫صططلة الفجططر فيشططهدونها جميعططا ثططم يصططعد هططؤلء ويقيططم هططؤلء‪.‬‬
‫"الدليل الخامس" ما أخرجه سططعيد بططن منصططور وابططن أبططي شططيبة‬
‫والبيهقي في سننه عن سلمان الفارسي موقوفططا‪ ،‬والططبيهقي مططن‬
‫وجه آخر عن سلمان مرفوعا قال إذا كان الرجل في أرض فأقام‬
‫الصلة صلى خلفه ملكان فإن أذن وأقام صلى خلفه من الملئكة‬
‫ما ل يرى طرفاه يركعون بركوعه ويسططجدون بسططجوده ويؤمنططون‬

‫‪169‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫على دعائه‪ .‬وأخرج سعيد بن منصور عن سعيد بن المسططيب قططال‬
‫إذا أقططام الرجططل الصططلة وهططو فططي فلة مططن الرض صططلى خلفططه‬
‫ملكان فإن أذن وأقطام صطلى خلفطه مطن الملئكطة أمثطال الجبطال‪.‬‬
‫وأخرج سعيد بن منصور عن مكحول قال من أقططام الصططلة صططلى‬
‫معه ملكان فإن أذن وأقام صلى خلفه سططبعون ملكططا‪ .‬دلططت هططذه‬
‫الثار على أن الملئكة يصلون خلفنا صلتنا وذلك دليل على أنهططم‬
‫مكلفون بشرعنا‪ .‬ويرشح ذلك فرعان نص عليهما أصططحابنا‪ :‬الول‬
‫ما ذكره السبكي في الحلبيات إن الجماعة تحصل بالملئكططة كمططا‬
‫تحصل بالدميين قال وبعد أن قلت ذلك بحثططا رأيتططه منقططول ففططي‬
‫فتاوى الحناطي من أصحابنا من صلى في فضاء من الرض بأذان‬
‫وإقامة وكان منفردا ثم حلف أنه صلى بالجماعة هططل يحنططث أو ل‬
‫فأجاب بأنه يكون بارا في يمينه ول كفارة عليه لما روى أن النططبي‬
‫صلى الله عليه وسلم قال من أذن وأقططام فططي فضططاء مططن الرض‬
‫وصلى وحده صلت الملئكة خلفططه صططفوفا فططإذا حلططف علططى هططذا‬
‫المعنى ل يحنططث‪ ،‬قططال السططبكي وينبنططي علططى ذلططك أن مططن تططرك‬
‫الجماعة لغير عذر وقلنا بأنها فرض عين هل نقططول يجططب القضططاء‬
‫كمن صلى فاقد الطهورين فإن كان كذلك فصلة الملئكة إن قلنا‬
‫بأنها كصلة الدميين وإنها تصير بها جماعة فقططد يقططال أنهططا تكفططي‬
‫لسططقوط القضططاء‪ .‬الفططرع الثططاني‪ :‬قططول الصططحاب إنططه يسططتحب‬
‫للمصلى إذا سلم أن ينوي السلم على مططن علططى يمينططه ويسططاره‬
‫من ملئكة وإنس وجن‪" .‬الدليل السادس" ما أخرجططه الططبزار عططن‬
‫علي قال لما أراد الله أن يعلططم رسططوله الذان أتططاه جبريططل بدابططة‬
‫يقال لها البراق فذكر الحديث إلى أن قال خرج ملك من الحجاب‬
‫فقال الملك الله الله أكططبر إلططى أن قططال فقططال أشططهد أن محمططدا‬
‫رسول الله إلى أن قال ثم أخذ الملك بيد محمد صطلى اللطه عليطه‬
‫وسلم فقدمه فأم أهل السماء فيططومئذ أكمططل اللططه لمحمططد صططلى‬
‫الله عليه وسلم الشرف على أهل السماوات والرض‪ .‬وأخرج أبو‬
‫نعيم في دلئل النبططوة عططن محمططد بططن الحنفيططة مثلططه وفيطه فقططال‬
‫الملك حي على الصلة فقال الله صدق عبدي دعا إلططى فريضططتي‬
‫إلى أن قال ثم قيل لرسططول اللططه صططلى اللططه عليططه وسططلم تقططدم‬
‫فتقدم فأم أهل السماء فتم له شرفه على سائر الخلق‪ .‬في هططذا‬
‫دللة على إرساله إلى الملئكططة مططن أربعططة أوجططه‪ :‬الول‪ :‬شططهادة‬
‫الملك له بالرسالة مطلقا حيث قال أشهد أن محمدا رسول الله‪،‬‬

‫‪170‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الثاني‪ :‬قول الله في دعاء الملك إلطى الصطلة دعطا إلطى فريضطتي‬
‫فإن ذلك يدل على أنها فرضططت علططى أهططل السططماء كمططا فرضططت‬
‫على أهل الرض‪ ،‬الثالث‪ :‬إمامته لهل السماوات وصلة الملئكططة‬
‫بأسرهم خلفه وذلك دليططل علططى اتبططاعهم لططه وكططونهم مططن جملططة‬
‫اتباعه‪ ،‬الرابع‪ :‬قوله فيومئذٍ أكمل الله لمحمد الشططرف علطى أهطل‬
‫السماوات وإكمال الشرف له ببعثه إليهم وكونهم اتباعا له وكططأنه‬
‫في هذا الوقت أرسطل إليهطم ولطم يكطن أرسطل إليهطم قبطل ذلطك‪.‬‬
‫ويرشح ذلطك أمططر خطامس وهططو القطرآن بيططن أهططل السطماء وأهططل‬
‫الرض في الذكر فكما كان شرفه على أهل الرض بإرساله إليهم‬
‫أجمعيططن فكططذلك شططرفه علططى أهططل السططماوات بإرسططاله إليهططم‬
‫أجمعين‪ .‬وكذا قوله في الرواية الخرى فتم له شرفه علططى سططائر‬
‫الخلق وسائر في اللغة بمعنى البططاقي فكططان معنططى الحططديث أنططه‬
‫كان له الشرف على الثقلين بإرساله إليهم ولم يكططن أرسططل إلططى‬
‫الملئكة فلما أرسل إليهم تم له الشرف على من بقي من الخلق‬
‫وهم الملئكة‪ .‬وأخرج ابن مردويه عن عائشة قططالت قططال رسططول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم لما أسرى بي إلى السماء أذن جبريططل‬
‫فظنت الملئكة أنه يصلي بهم فقدمني فصليت بالملئكة‪" .‬الدليل‬
‫السابع" ما أخرجه أبو نعيم في الحلية عن أبططي هريططرة قططال قططال‬
‫رسول الله صططلى اللططه عليططه وسططلم نططزل آدم بالهنططد واسططتوحش‬
‫فنزل جبريل فنادى بالذان الله الله أكبر الله أكبر أشهد أن ل إلططه‬
‫إل الله مرتين أشهد أن محمدا رسول الله مرتيططن‪ .‬فهططذه شططهادة‬
‫من جبريل برسالة محمد صلى الله عليه وسلم وعلمها لدم فدل‬
‫ذلك على أنه صلى الله عليه وسلم رسول إلى النبيططاء والملئكططة‬
‫معا‪" .‬الدليل الثامن" ما ورد من حديث عمر بططن الخطططاب وأنططس‬
‫وجابر وابن عباس وابن عمر وأبي الدرداء وأبططي هريططرة وغيرهططم‬
‫أن النبي صلى الله عليه وسططلم أخططبر أنططه مكتططوب علططى العططرش‬
‫وعلى كل سماء وعلى باب الجنة وعلى أوراق شجر الجنططة ل إلططه‬
‫إل الله محمد رسول الله صلى الله عليططه وسططلم فمططا كتططب ذلططك‬
‫فططي الملكططوت إل علططى دون أسططماء سططائر النبيططاء إل لتشططهد بططه‬
‫الملئكة وكونه مرسل إليهم‪ .‬وقططد أخططرج ابططن عسططاكر عططن كعططب‬
‫الحبار أن آدم أوصى ابنه شيث فقال كلما ذكرت الله فاذكر إلططى‬
‫جنبه اسم محمد فإني رأيت اسمه مكتوبا على ساق العرش وأنططا‬
‫بين الروح والطين ثم إني طرفت فلم أر في السططماء موضططعا إل‬

‫‪171‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫رأيت اسم محمد مكتوبا عليه ولم أر في الجنة قصرا ول غرفة إل‬
‫اسم محمد مكتوبا عليه ولقد رأيت اسم محمد مكتوبا على نحططور‬
‫الحور العين وعلططى ورق قصططب آجططام الجنططة وعلططى ورق شططجرة‬
‫طوبى وعلى ورق سدرة المنتهططى وعلططى أطططراف الحجططب وبيططن‬
‫أعين الملئكة فأكثر ذكره فإن الملئكة تذكره فططي كططل سططاعاتها‪.‬‬
‫فهططذا يططدل علططى أنططه نططبي الملئكططة حيططث لططم تغفططل عططن ذكططره‪،‬‬
‫واستفدنا من هذا الثططر فططائدة لطيفططة وهططو أنططه صططلى اللططه عليططه‬
‫وسلم أرسل إلى الحور العين والولدان ووضح بذلك أنه لم يدخل‬
‫الجنة أحد ولم يستقر بها ممن خلق فيها إل من آمن به صلى الله‬
‫عليه وسلم ولعل من جملة فوائد السراء ودخوله إلى الجنة تبليغ‬
‫جميع من في السماوات من الملئكة ومن في الجنات من الحور‬
‫والولدان ومن في البرزخ من النبياء رسالته ليؤمنوا به ويصدقوه‬
‫مشافهة في زمنه بعد أن كانوا مؤمنين به قبططل وجططوده‪" .‬الططدليل‬
‫التاسع" قد صرح السططبكي فططي تططأليف لططه بططأنه صططلى اللططه عليططه‬
‫وسلم أرسل إلى جميع النبياء آدم فمن بعده وأنه صلى الله عليه‬
‫وسلم نبي عليهم ورسول إلى جميعهم واستدل على ذلططك بقططوله‬
‫صلى الله عليه وسلم كنت نبيا وآدم بيططن الططروح والجسططد وقططوله‬
‫صلى الله عليه وسلم بعثت إلى الناس كافة قال ولهذا أخططذ اللططه‬
‫المواثيق له على النبياء كما قال الله تعالى )وإذ أخذ اللططه ميثططاق‬
‫النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصططدق لمططا‬
‫معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصرى‬
‫قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين( قلططت‪ :‬أخططرج‬
‫ابن أبي حاتم عن السدى في الية قططال لططم يبعططث نططبي قططط مططن‬
‫لدن نوح إل أخذ الله ميثاقه ليؤمنن بمحمططد‪ .‬وأخططرج ابططن عسططاكر‬
‫عن ابن عباس قال لم يزل الله يتقدم في النبي صلى اللططه عليططه‬
‫وسلم إلى آدم فمن بعده ولم تزل المم تتباشر به وتسططتفتح بططه‪.‬‬
‫وأخرج الحاكم عن ابن عباس قال أوحططى اللططه إلططى عيسططى آمططن‬
‫بمحمد ومر من أدركه مططن أمتططك أن يؤمنططوا بططه فلططول محمططد مططا‬
‫خلقت آدم ول الجنة ول النار‪ .‬قال السبكي عرفنا بالخبر الصططحيح‬
‫حصول الكمال من قبل خلق آدم لنبينا صلى الله عليه وسلم مططن‬
‫ربططه سططبحانه وأنططه أعطططاه النبططوة مططن ذلططك الططوقت ثططم أخططذ لططه‬
‫المواثيططق علططى النبيططاء ليعلمططوا أنططه المقططدم عليهططم وأنططه نططبيهم‬
‫ورسولهم وفي أخذ المواثيق وهي في معنططى السططتخلف ولططذلك‬

‫‪172‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫دخلت لم القسم في لتؤمنن به ولتنصرنه‪" .‬لطيفة أخططرى" وهططي‬
‫كأنها إيمان البيعة التي تؤخذ للخلفاء ولعل إيمططان الخلفططاء أخططذت‬
‫من هنا فانظر هذا التعظيم العظيم للنبي صلى اللططه عليططه وسططلم‬
‫من ربه فإذا عرفت ذلك فالنبي صلى اللططه عليططه وسططلم هططو نططبي‬
‫النبياء ولهذا ظهر ذلك في الخرة جميع النبياء تحت لططوائه وفططي‬
‫الدنيا كذلك ليلة السراء صلى بهم‪ .‬ولو اتفق مجيئه في زمن آدم‬
‫ونططوح وإبراهيططم وموسططى وعيسططى وجططب عليهططم وعلططى أممهططم‬
‫اليمان به ونصرته وبذلك أخذ الله الميثططاق عليهططم فنبططوته عليهططم‬
‫ورسالته إليهم معنى حاصل له‪ .‬وإنما أمره يتوقف على اجتماعهم‬
‫معه فتأخر ذلك لمر راجع إلى وجودهم ل إلططى عططدم اتصططافه بمططا‬
‫يقتضيه وفرق بين توقف الفعل على قبول المحططل وتططوقفه علططى‬
‫أهلية الفاعل فههنا ل توقف مططن جهططة الفاعططل ول مططن جهططة ذات‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم الشططريفة وإنمططا هططو مططن جهططة وجططود‬
‫العصر المشتمل عليه فلططو وجططد فططي عصططرهم لزمهططم اتبططاعه بل‬
‫شك‪ .‬ولهذا يأتي عيسى في آخر الزمان على شريعته ويتعلططق بططه‬
‫ما فيها من أمر ونهي كما يتعلق بسائر المة وهو نبي كريم علططى‬
‫حاله لم ينقص منه شيء‪ .‬وكذلك لو بعث النبي صططلى اللططه عليططه‬
‫وسلم في زمانه أو في زمان موسططى وإبراهيططم ونططوح وآدم كططانوا‬
‫مستمرين على نبوتهم ورسالتهم إلططى أممهططم والنططبي صططلى اللططه‬
‫عليه وسلم نبي عليهم ورسططول إلططى جميعهططم فنبططوتهم ورسططالته‬
‫أعم وأشمل وأعظططم ومتفطق مططع شططرائعهم فططي الصططول لنهطا ل‬
‫تختلف وتقدم شريعته فيما عساه يقع الختلف فيططه مططن الفططروع‬
‫أما على سبيل التخصيص وأمططا علططى سططبيل النسططخ أول نسططخ ول‬
‫تخصيص بل تكون شريعة النبي صلى الله عليططه وسططلم فططي تلططك‬
‫الوقات بالنسبة إلى أولئك المم ما جاءت به أنبيططاؤهم وفططي هططذا‬
‫الوقت بالنسبة إلططى هططذه المططة هططذه الشططريعة والحكططام تختلططف‬
‫باختلف الشطخاص والوقطات انتهطى كلم السطبكي‪ .‬قلطت‪ :‬ويطدل‬
‫لكونه مرسل إلى النبياء ما ورد مططن حططديث عبططادة بططن الصططامت‬
‫وجابر بن عبد الله مرفوعا كان نقش خاتم سليمان بن داود ل إله‬
‫إل الله محمد رسول الله‪ .‬فهذا فيه إشارة إلى أنهططم مططن أتبططاعه‪.‬‬
‫وهذا التقرير الذي قرره السبكي قد أشار إليه الشرف البوصيري‬
‫وقد مات قبل مولد السبكي بقوله في البردة‪:‬‬
‫وكل آي أتى الرسل الكرام بها * فإنما اتصلت من نوره بهم‬

‫‪173‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫فإنه شمس فضل هم كواكبها * يظهرن أنوارها للناس في الظلم‬
‫إذا تقرر انه صلى الله عليه وسلم كان نبي النبياء ورسططول إليهططم‬
‫وقد قامت الدلططة علططى أن النبيططاء أفضططل مططن الملئكططة لططزم أن‬
‫يكون مرسل إلى الملئكة وأن يكونططوا مططن جملططة أتبططاعه بطريططق‬
‫الولى‪ .‬الدليل العاشر" أنططه صططلى اللططه عليططه وسططلم أعطططى مططن‬
‫الملئكة أمورا لم يعطها أحد من النبياء‪ ،‬منها‪ :‬قتالهم معه‪ .‬ومنهططا‬
‫مشيهم خلف ظهره إذا مشى‪ .‬وذلك يططدل علططى أنهططم مططن جملططة‬
‫أتباعه وداخلون في شرعه‪ .‬ومن كلم الرافعي في خطبة المحرر‬
‫وأخدمته الملئك‪ .‬وقال ابن عباس في قططوله تعططالى )لططه معقبططات‬
‫من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله( هذه للنططبي صططلى‬
‫الله عليه وسلم خاصة والمعقبات الملئكة يحفظون محمدا صلى‬
‫الله عليه وسلم أخرجه بن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن‬
‫مردويه وأبو نعيم في الدلئل‪ .‬ومنها ما ورد فططي الحططديث أن اللططه‬
‫أيدني بأربعة وزراء اثنين من أهل السماء جبريل وميكائيل واثنيططن‬
‫من أهل الرض أبي بكر وعمر والوزير مططن اتبططاع الملططك ضططرورة‬
‫فجبريل وميكائيل رؤوس أهل ملته من الملئكططة كمططا أن أبططا بكططر‬
‫وعمر رؤوس أهل ملته من بني آدم‪ ،‬ومنها أنه لما مات صلى الله‬
‫عليه وسلم صلى عليه الملئكة بأسرهم لم يتخلف منهم أحد ولم‬
‫يقع ذلك لغيره من النبياء‪ .‬ومنها أن الملئكة يسألون الموتى في‬
‫قبورهم عنه صلى الله عليه وسلم ولم يكن ذلك لحد من النبيططاء‬
‫سواه‪ .‬ومنها أن الملئكة تحضر أمته إذا قاتلت العططدو فططي سططبيل‬
‫الله لنصرة دينه وهذه خصيصة مستمرة إلى يططوم القيامططة‪ .‬ومنهططا‬
‫أن جبريل عليه السططلم يحضططر مططن مططات مططن أمتططه ليطططرد عنططه‬
‫الشيطان في تلك الحالة‪ ،‬ومنها أن الملئكة تنططزل فططي كططل سططنة‬
‫ليلة القدر على أمتططه وتسططلم عليهططم‪ ،‬ومنهططا أنهططا أعطيططت قططراءة‬
‫سورة الفاتحة من كتابه ولم تعط قراءة شيء مططن سططائر الكتططب‬
‫وهططي حريصططة علططى سططماع بقيططة القططرآن مططن النططس دون سططائر‬
‫الكتب‪ ،‬ومنها أنه نزل إليه صلى الله عليه وسططلم فططي حيططاته مططن‬
‫الملئكة ما لم ينزل إلططى الرض منططذ خلططق كإسططرافيل‪ ،‬ومنهططا أن‬
‫ملك الموت استأذن عليه ولم يستأذن على نبي قبلططه‪ ،‬ومنهططا أنططه‬
‫وكل بقبره الشريف ملك يبلغه سلم من يصلي عليططه‪ ،‬ومنهططا أنططه‬
‫ينزل على قبره الشريف سططبعون ألططف ملططك يضططربونه بططأجنحتهم‬
‫ويحفونه ويستغفرون له ويصلون عليططه كططل يططوم إلططى أن يمسططوا‬

‫‪174‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫فإذا أمسوا عرجوا وهبط سبعون ألف ملططك كططذلك حططتى يصططبحوا‬
‫إلى أن تقوم الساعة فإذا كان يوم القيامة خرج صططلى اللططه عليططه‬
‫وسلم في سبعين ألف ملك ‪ -‬أخرجه ابن المبارك في الزهططد عططن‬
‫كعب الحبار‪.‬‬
‫)خاتمة( في كشف السرار لبططن العمططاد حكايططة أن آدم عليططه‬
‫السلم أرسل إلى الملئكة لينبئهم بما علم من السماء فإن صططح‬
‫ذلك كان أحد الدلة على إرساله صلى الله عليه وسلم إليهم لنططه‬
‫ما أوتي نبي فضيلة إل أوتي نبينا صلى الله عليططه وسططلم مثلهططا أو‬
‫نظيرها‪ .‬وهذه القاعدة كالمجمع عليها‪ ،‬وممططن نططص عليهططا المططام‬
‫الشافعي رضي الله عنه‪ .‬والحمد لله وحده‪.‬‬

‫أنباء الذكياء بحياة النبياء‬


‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫الحمد لله وسلم على عباده الططذين اصطططفى‪ .‬وقططع السططؤال‪:‬‬
‫قد اشتهر أن النبي صلى الله عليه وسلم حي في قبره وورد أنططه‬
‫صلى الله عليه وسلم قال ما من أحد يسلم على إل رد الله علططي‬
‫روحي حتى أرد عليه السلم فظططاهره مفارقططة الططروح فططي بعططض‬
‫الوقات فكيف الجمع وهو سؤال حسن يحتاج إلى النظر والتأمططل‬
‫فأقول حياة النبي صلى اللططه عليططه وسططلم فططي قططبره هططو وسططائر‬
‫النبياء معلومة عندنا علما قطعيا لمططا قططام عنططدنا مططن الدلططة فططي‬
‫ذلك وتواترت الخبار وقد ألف البيهقي جزءا في حياة النبياء فططي‬
‫قبورهم فمن الخبار الدالة على ذلك ما أخرجه مسلم عططن أنططس‬
‫أن النبي صلى الله عليه وسلم ليلة أسرى بططه مططر بموسططى عليططه‬
‫السلم وهو يصلي في قبره‪ ،‬وأخرج أبو نعيم في الحلية عططن ابططن‬
‫عباس أن النبي صططلى اللططه عليططه وسططلم مططر بقططبر موسططى عليططه‬
‫السططلم وهططو قططائم يصططلي فيططه‪ ،‬وأخططرج ابططو يعلططي فططي مسططنده‬
‫والبيهقي في كتاب حيطاة النبيطاء عطن أنطس أن النطبي صطلى اللطه‬
‫عليه وسلم قال النبياء أحياء في قبورهم يصلون‪ ،‬وأخرج أبو نعيم‬
‫في الحلية عن يوسف بن عطية قال سططمعت ثابتططا البنططاني يقططول‬
‫لحميد الطويل هل بلغك أن أحدا يصلي في قططبره إل النبيططاء قططال‬
‫ل‪ ،‬وأخرج أبو داود والبيهقي عن أوس بن أوس الثقفي عن النططبي‬
‫صلى الله عليه وسلم أنططه قططال مططن أفضططل أيططامكم يططوم الجمعططة‬
‫فأكثروا علي الصلة فيه فإن صلتكم تعرض علي قالوا يا رسططول‬

‫‪175‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الله وكيف تعرض عليك صلتنا وقططد أرمططت يعنططي بليططت فقططال أن‬
‫الله حرم على الرض أن تأكل أجسام النبياء‪ ،‬وأخرج البيهقي في‬
‫شعب اليمان والصبهاني في الترغيب عن أبي هريططرة قططال قططال‬
‫رسول الله صلى اللططه عليططه وسططلم مططن صططلى علططي عنططد قططبري‬
‫سمعته ومن صلى علي نائيا بلغتططه‪ ،‬وأخططرج البخططاري فططي تططاريخه‬
‫عن عمار سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول أن لله تعططالى‬
‫ملكا أعطاه أسماع الخلئق قائم على قبري فما مططن أحططد يصططلي‬
‫علي صلة إل بلغتها‪ ،‬وأخرج البيهقي في حياة النبياء والصططبهاني‬
‫في الترغيب عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫من صلى علي مائة في يوم الجمعة وليلة الجمعة قضططى اللططه لططه‬
‫مائة حاجة سبعين من حوائج الخرة وثلثين من حططوائج الططدنيا ثططم‬
‫ي فططي قططبري كمططا يططدخل عليكططم‬‫وكل الله بذلك ملكططا يططدخله علط ّ‬
‫الهدايا أن علمي بعد مططوتي كعلمططي فططي الحيططاة‪ ،‬ولفططظ الططبيهقي‬
‫ي باسمه ونسططبه فططأثبته عنططدي فططي صططحيفة‬ ‫يخبرني من صلى عل ّ‬
‫بيضاء‪ ،‬وأخرج البيهقي عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسططلم‬
‫قال أن النبياء ل يتركون فططي قبططورهم بعططد أربعيططن ليلططة ولكنهططم‬
‫يصلون بين يدي الله حتى ينفخ في الصور‪ ،‬وروى سفيان الثططوري‬
‫في الجامع قال قال شيخ لنا عن سعيد بن المسيب قال ما مكث‬
‫نبي في قبره أكثر من أربعين حتى يرفع‪ ،‬قال البيهقي فعلى هططذا‬
‫يصيرون كسائر الحياء يكونون حيث ينزلهم الله ثم قططال الططبيهقي‬
‫ولحياة النبياء بعد موتهم شطواهد فطذكر قصطة السطراء فطي لقيطه‬
‫جماعة من النبياء وكلمهم وكلموه‪ ،‬وأخرج حديث أبي هريرة فططي‬
‫السراء وفيه وقد رأيتني في جماعة من النبياء فإذا موسى قططائم‬
‫يصلى فإذا رجل ضرب جعد كأنه من رجال شنوة وإذا عيسى بططن‬
‫مريططم قططائم يصططلي وإذا إبراهيططم قططائم يصططلي أشططبه النططاس بططه‬
‫صاحبكم يعني نفسه فحانت الصلة فططأممتهم‪ ،‬وأخططرج حططديث أن‬
‫الناس يصعقون فأكون أول من يفيق وقال هذا إنما يصح على أن‬
‫الله رد على النبياء أرواحهم وهم احياء عند ربهم كالشططهداء فططإذا‬
‫نفخ في الصور النفخة الولى صعقوا فيمن صعق ثم ل يكون ذلك‬
‫موتا في جميع معانيه إل في ذهاب الستشعار انتهى‪ ،‬وأخططرج أبططو‬
‫يعلي عن أبي هريرة سمعت رسول الله صططلى اللططه عليططه وسططلم‬
‫يقول والذي نفسي بيده لينزلن عيسى بن مريم ثم لئن قام على‬
‫قبري فقال يا محمد لجيبنه‪ ،‬وأخرج أبو نعيم في دلئل النبوة عن‬

‫‪176‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫سعيد بن المسيب قال لقد رأيتني ليالي الحططرة ومططا فططي مسططجد‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم غيري وما يططأتي وقططت صططلة إل‬
‫سمعت الذان من القبر‪ ،‬وأخرج الزبير بن بكار في أخبار المدينططة‬
‫عن سعيد بن المسيب قال لم أزل أسمع الذان والقامة في قبر‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم أيططام الحططرة حططتى عططاد النططاس‪،‬‬
‫وأخرج ابن سعد في الطبقات عططن سططعيد بططن المسططيب أنططه كططان‬
‫يلزم المسجد أيام الحرة والناس يقتتلططون قططال فكنططت إذا حططانت‬
‫الصلة أسمع آذانا يخرج من قبل القبر الشريف‪ ،‬وأخرج الططدارمي‬
‫في سنده قال أنبأنا مروان بن محمد عن سعيد ابططن عبططد العزيططز‬
‫قال لما كان أيام الحرة لم يؤذن في مسجد النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم ثلثا ولم يقم ولم يبرح سعيد بن المسيب المسجد وكان ل‬
‫يعرف وقت الصلة إل بهمهة يسمعها مططن قططبر النططبي صططلى اللططه‬
‫عليه وسلم معناه فهذه الخبار دالة على حيططاة النططبي صططلى اللططه‬
‫عليططه وسططلم وسططائر النبيططاء وقططد قططال تعططالى فططي الشططهداء )ول‬
‫تحسبن الذين قتلوا فططي سططبيل اللططه أمواتططا بططل أحيططاء عنططد ربهططم‬
‫يرزقون( والنبياء أولى بذلك فهم أجل وأعظططم ومططا نططبي إل وقططد‬
‫جمع مع النبوة وصف الشططهادة فيططدخلون فططي عمططوم لفططظ اليططة‬
‫أخططرج أحمططد وأبططو يعلططي والطططبراني والحططاكم فططي المسططتدرك‬
‫والبيهقي في دلئل النبوة عن ابن مسعود قططال لن أحلططف تسططعا‬
‫أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل قتل أحططب إلططى مططن أن‬
‫أحلف واحدة أنه لم يقتل وذلك أن الله اتخذه نبيا واتخذه شططهيدا‪،‬‬
‫وأخرج البخاري والبيهقي عن عائشة قالت كان النططبي صططلى اللططه‬
‫عليه وسلم يقول في مرضططه الططذي تططوفي فيططه لططم أزل أجططد ألططم‬
‫الطعام الذي أكلت بخيبر فهذا أو إن انقطع أبهري من ذلك السططم‬
‫فثبت كونه صلى الله عليه وسلم حيا في قبره بنططص القططرآن أمططا‬
‫من عموم اللفظ وأمططا مططن مفهططوم الموافقططة قططال الططبيهقي فططي‬
‫كتاب العتقاد النبيططاء بعططد مططا قبضططوا ردت إليهططم أرواحهططم فهططم‬
‫أحياء عند ربهم كالشهداء‪ ،‬وقال القرطبي في التذكرة في حديث‬
‫الصعقة نقل عن شيخه‪ :‬الموت ليس بعدم محض وإنما هو انتقال‬
‫من حال إلى حال ويدل على ذلك أن الشهداء بعد قتلهم ومططوتهم‬
‫أحياء يرزقون فرحين مستبشرين وهذه صططفة الحيططاء فططي الططدنيا‬
‫وإذا كان هذا في الشهداء فالنبياء أحق بذلك وأولى وقد صططح أن‬
‫الرض ل تأكل أجساد النبياء وأنه صلى اللططه عليططه وسططلم اجتمططع‬

‫‪177‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫بالنبياء ليلة السراء في بيت المقدس وفي السماء ورأى موسى‬
‫قائما يصلي فططي قططبره وأخططبر صططلى اللططه عليططه وسططلم بططأنه يططرد‬
‫السلم على كل من يسلم عليه‪ ،‬إلى غيططر ذلططك ممططا يحصططل مططن‬
‫جملته القطع بأن موت النبياء إنمططا هططو راجططع إلططى أن غيبططوا عنططا‬
‫بحيث ل نططدركهم وإن كططانوا موجططودين أحيططاء وذلططك كالحططال فططي‬
‫الملئكة فإنهم موجودون أحياء ول يراهم أحططد مططن نوعنططا إل مططن‬
‫خصه الله بكرامته من أوليائه انتهططى‪ ،‬وسططئل البططارزي عططن النططبي‬
‫صلى الله عليه وسلم هل هو حي بعد وفاته فأجاب أنه صلى الله‬
‫عليه وسلم حي قال السططتاذ أبططو منصططور عبططد القططاهر بططن طططاهر‬
‫البغططدادي الفقيططه الصططولي شططيخ الشططافعية فططي أجوبططة مسططائل‬
‫الجاجرميين قال المتكلمون المحققون من أصحابنا أن نبينا صططلى‬
‫الله عليه وسلم حي بعد وفاته وإنططه يسططر بطاعططات أمتططه ويحططزن‬
‫بمعاصي العصاة منهم وأنه تبلغه صلة من يصلى عليه مططن أمتططه‪،‬‬
‫وقال أن النبياء ل يبلططون ول تأكططل الرض منهططم شططيئا وقططد مططات‬
‫موسى في زمانه وأخبر نبينا صلى الله عليططه وسططلم أنططه رآه فططي‬
‫قبره مصليا وذكر في حديث المعراج أنه رآه في السطماء الرابعطة‬
‫وأنه رأى آدم فططي السططماء الططدنيا ورأى إبراهيططم وقططال لططه مرحبططا‬
‫بالبن الصالح والنبي الصططالح وإذا صططح لنططا هططذا الصططل قلنططا نبينططا‬
‫صلى الله عليه وسلم قد صار حيا بعد وفاته وهو على نبططوته هططذا‬
‫آخر كلم الستاذ‪ ،‬وقال الحافظ شيخ السنة أبو بكر الططبيهقي فططي‬
‫كتاب العتقاد النبيططاء عليهططم السطلم بعططد مططا قبضططوا ردت إليهططم‬
‫أرواحهم فهم أحياء عند ربهم كالشهداء وقد رأى نبينططا صططلى اللططه‬
‫عليه وسلم جماعة منهم وأمهم في الصلة وأخبروا خبر صدق أن‬
‫صلتنا معروضة عليه وإن سلمنا يبلغه وأن الله حرم على الرض‬
‫أن تأكل أجساد النبياء قال وقد أفردنا لثبططات حيططاتهم كتابططا قططال‬
‫وهو بعد ما قبض نبي الله ورسوله وصفيه وخيرته من خلقه صلى‬
‫الله عليه وسلم اللهم أحينا على سططنته وأمتنططا علططى ملتططه واجمططع‬
‫بيننا وبينه في الططدنيا والخططرة إنططك علططى كططل شططيء قططدير انتهططى‬
‫جواب البارزي‪ ،‬وقال الشططيخ عفيططف الططدين اليططافعي الوليططاء تططرد‬
‫عليهم أحوال يشاهدون فيها ملكوت السماوات والرض وينظرون‬
‫النبياء أحياء غير أموات كما نظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى‬
‫موسى عليه السلم في قبره قال وقططد تقططرر أن مططا جططاز للنبيططاء‬
‫معجزة جاز للولياء كرامة بشرط عدم التحدي قال ول ينكر ذلططك‬

‫‪178‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫إل جاهل ونصوص العلماء في حيططاة النبيططاء كططثيرة فلنكتططف بهططذا‬
‫القدر‪.‬‬
‫)فصل( وأما الحديث الخر فططأخرجه أحمططد فططي مسططنده وأبططو‬
‫داود في سننه والبيهقي في شعب اليمان مططن طريططق أبططي عبططد‬
‫الرحمن المقري عن حيوة بن شريح عن أبي صخر عطن يزيططد بطن‬
‫عبد الله بن قشيط عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه‬
‫ي روحي حططتى أرد‬ ‫وسلم قال ما من أحد يسلم علي إل رد الله إل ّ‬
‫عليه السلم‪ .‬ول شك أن ظاهر هذا الحديث مفارقة الططروح لبططدنه‬
‫الشريف في بعض الوقات وهو مخططالف للحططاديث السططابقة وقططد‬
‫تأملته ففتح علي في الجواب عنه بططأوجه الول وهططو أضططعفها‪ :‬أن‬
‫يططدعى أن الططراوي وهططم فططي لفظططة مططن الحططديث حصططل بسططببها‬
‫الشكال وقد ادعى ذلك العلماء في أحططاديث كططثيرة لكططن الصططل‬
‫خلف ذلك فل يعول على هططذه الططدعوى‪ .‬الثططاني‪ :‬وهططو أقواهططا ول‬
‫يدركه إل ذو باع في العربية أن قوله رد الله جملة حاليططة وقاعططدة‬
‫العربيططة أن جملططة الحططال إذا وقعططت فعل ماضططيا قططدرت فيهططا قططد‬
‫كقوله تعالى )أو جاؤكم حصرت صدورهم( أي قططد حصططرت وكططذا‬
‫تقدر هنا والجملة ماضية سابقة على السلم الواقع مططن كططل أحططد‬
‫وحتى ليست للتعليل بل مجرد حرف عطططف بمعنططى الططواو فصططار‬
‫تقدير الحديث ما من أحد يسلم علي إل قد رد اللططه علططي روحططي‬
‫قبل ذلك فأرد عليه وإنما جاء الشكال من ظن أن جملططة رد اللططه‬
‫علي بمعنططى الحططال أو السططتقبال وظططن أن حططتى تعليليططة وليططس‬
‫كذلك وبهذا الذي قررناه ارتفع الشكال من أصله وأيده من حيث‬
‫المعنى أن الرد ولو أخذ بمعنى الحال والستقبال لزم تكرره عنططد‬
‫تكططرر المسططلمين وتكططرر الططرد يسططتلزم تكططرار المفارقططة وتكططرار‬
‫المفارقة يلطزم عليطه محطذوران أحطدهما تطأليم‪ ،‬الجسطد الشطريف‬
‫بتكرار خروج الروح منه أو نوع ما من مخالفة التكريم إن لم يكن‬
‫تأليم‪ ،‬والخر مخالفة سائر الناس الشهداء وغيرهم فإنه لم يثبططت‬
‫لحد منهم أن يتكرر له مفارقة الروح وعودها في الططبرزخ والنططبي‬
‫صلى الله عليططه وسططلم أولططى بالسططتمرار الططذي هططو أعلططى رتبططة‪،‬‬
‫ومحذور ثططالث وهططو مخالفططة القططرآن فططإنه دل علططى أنططه ليططس إل‬
‫موتتان وحياتان وهذا التكرار يسططتلزم موتطات كططثيرة وهطو باططل‪،‬‬
‫ومحذور رابع وهو مخالفة الحاديث المتواترة السابقة وما خططالف‬
‫القرآن والمتواتر من السنة وجب تأويله وإن لم يقبل التأويل كان‬

‫‪179‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫باطل فلهذا وجب حمل الحديث على ما ذكرناه‪ .‬الوجه الثالث‪ :‬أن‬
‫يقال أن لفظ الرد قد ل يدل على المفارقة بل كنى به عن مطلق‬
‫الصيرورة كما قيل في قوله تعالى حكاية عن شعيب عليه السلم‬
‫قد افترينا على الله كذبا أن عدنا في ملتكم أن لفططظ العططود أريططد‬
‫به مطلق الصيرورة ل العود بعد انتقال لن شعيبا عليه السلم لم‬
‫يكن في ملتهم قط وحسن استعماله هذا اللفظ في هذا الحططديث‬
‫مراعاة المناسبة اللفظية بينه وبين قططوله حططتى أرد عليططه السططلم‬
‫فجاء لفظ الرد في صدر الحديث لمناسبة ذكره في آخر الحديث‪.‬‬
‫الوجه الرابع‪ :‬وهو قوي جدا أنه ليس المراد برد الروح عودها بعططد‬
‫المفارقة للبدن وإنما النطبي صطلى اللطه عليطه وسطلم فططي الطبرزخ‬
‫مشغول بأحوال الملكوت مستغرق في مشاهدة ربه كما كان في‬
‫الدنيا في حالة الوحي وفي أوقات أخر فعبر عن إفاقته مططن تلططك‬
‫المشاهدة وذلك الستغراق برد الروح‪ ،‬ونظيططر هططذا قططول العلمططاء‬
‫في اللفظة التي وقعت فططي بعططض أحططاديث السططراء وهططي قططوله‬
‫فاستيقظت وأنا بالمسجد الحرام ليس المراد الستيقاظ من نططوم‬
‫فإن السراء لم يكن مناما وإنما المططراد الفاقططة ممططا خططامره بططن‬
‫عجايب الملكوت وهذا الجواب الن عندي أقوى ما يجاب بططه عططن‬
‫لفظة الرد وقد كنت رجحت الثططاني ثططم قططوى عنططدي هططذا‪ .‬الططوجه‬
‫الخامس‪ :‬أن يقال إن الرد يستلزم الستمرار لن الزمان ل يخلططو‬
‫من مصل عليه في أقطار الرض فل يخلططو مططن كططون الططروح فططي‬
‫بدنه‪ .‬السادس قد يقططال أنططه أوحططى إليططه بهططذا المططر أول قبططل أن‬
‫يوحي إليه بأنه ل يزال حيا في قبره فأخبر به ثم أوحططى إليططه بعططد‬
‫بذلك فل منافاة لتأخير الخبر الثاني عن الخبر الول‪ ،‬هذا ما أفتططح‬
‫الله به من الجوبة ولم أر شيئا منها منقول لحططد ثططم بعططد كتططابتي‬
‫لذلك راجعت كتاب الفجططر المنيططر فيمططا فضططل بططه البشططير النططذير‬
‫للشيخ تاج الدين بن الفاكهاني المالكي فوجدته قال فيه مططا نصططه‬
‫روينا في الترمذي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسططلم مططا‬
‫من أحد يسلم علي إل رد الله علي روحي حططتى رد عليططه السططلم‬
‫يؤخذ من هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسططلم حططي علططى‬
‫الدوام وذلك أنه محال عادة أن يخلو الوجود كله من واحد مسططلم‬
‫على النبي صلى الله عليه وسلم في ليل أو نهار فإن قلططت قططوله‬
‫ي روحططي ل يلططتئم مططع كططونه حيططا علططى‬ ‫عليه السلم إل رد الله إل ط ّ‬
‫الدوام بل يلزم منه أن تتعدد حياته ووفاته في أقل مططن سططاعة إذ‬

‫‪180‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الوجود ل يخلو من مسلم يسلم عليه كما تقدم بل يتعططدد السططلم‬
‫عليه في الساعة الواحططدة كططثيرة فططالجواب واللططه أعلططم أن يقططال‬
‫المراد بالروح هنا النطق مجازا فكأنه قال عليه السلم إل رد الله‬
‫إلي نطقي وهو حي على الططدوام لكططن ل يلططزم مططن حيططاته نطقططه‬
‫فالله سبحانه يططرد عليططه النطقططة عنططد سططلم كططل مسططلم وعلقططة‬
‫المجاز أن النطق من لزمه وجود الروح كما أن الروح من لزمططه‬
‫وجود النطق بالفعل أو القوة فعبر عليه السلم بأحططد المتلزميططن‬
‫عن الخر ومما يحقق ذلك أن عود الروح ل يكون إل مرتيططن عمل‬
‫بقوله تعالى )قالوا ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين( هطذا لفطظ كلم‬
‫الشيخ تاج الدين وهذا الذي ذكره مططن الجططواب ليططس واحططدا مططن‬
‫الستة التي ذكرتها فهو إن سلم جواب سابع وعندي فيه وقفة من‬
‫حيث أن ظاهره أن النبي صلى الله عليه وسلم مع كونه حيا فططي‬
‫البرزخ يمنع عنه النطق في بعض الوقات ويططرد عليططه عنططد سططلم‬
‫المسططلم عليططه وهططذا بعيططد جططدا بططل ممنططوع فططإن العقططل والنقططل‬
‫يشهدان بخلفه أما النقل فالخبار الططواردة عططن حططاله صططلى اللططه‬
‫عليه وسلم وحال النبياء عليهم السلم في البرزخ مصرحة بططأنهم‬
‫ينطقون كيف شططاؤا ل يمنعططون مططن شططيء بططل وسططائر المططؤمنين‬
‫كططذلك الشططهداء وغيرهططم ينطقططون فططي الططبرزخ بمططا شططاؤا غيططر‬
‫ممنوعين من شيء ولم يرد أن أحدا يمنع من النطق فططي الططبرزخ‬
‫إل من مات عن غير وصية أخرج أبو الشيخ بططن حيططان فططي كتططاب‬
‫الوصايا عن قيس بن قبيصة قال قال يططا رسططول اللططه صططلى اللططه‬
‫عليه وسلم من لم يوص لم يؤذن له في الكلم مع الموتى قيل يا‬
‫رسول الله وهل يتكلم الموتى قال نعم ويتزاورون‪ ،‬وقططال الشططيخ‬
‫تقي الدين السبكي حياة النبياء والشهداء في القبر كحياتهم فططي‬
‫الدنيا ويشهد له صططلة موسططى فططي قططبره فططإن الصططلة تسططتدعي‬
‫جسدا حيا وكذلك الصفات المذكورة في النبياء ليلة السراء كلها‬
‫صفات الجسام ول يلزم من كونها حياة حقيقة أن تكططون البططدان‬
‫معها كما كانت في الدنيا من الحتياج إلى الطعام والشراب وأمططا‬
‫الدراكات كالعلم والسططماع فل شططك أن ذلططك ثططابت لهططم ولسططائر‬
‫الموتى انتهططى وأمططا العقططل فلن الحبططس عططن النطططق فططي بعططض‬
‫الوقات نوع حصر وتعذيب ولهذا عططذب بطه تططارك الوصططية والنططبي‬
‫صلى الله عليه وسلم منزه عن ذلك ول يلحقططه بعططد وفططاته حصططر‬
‫أصل بوجه من الوجططوه كمططا قططال لفاطمططة رضططي اللططه عنهططا فططي‬

‫‪181‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫مرض وفاته ل كرب على أبيك بعد اليوم وإذا كان الشهداء وسائر‬
‫المؤمنين من أمته إل من استثنى من المعذبين ل يحصرون بالمنع‬
‫من النطق فكيف به صلى الله عليه وسلم‪ ،‬نعططم يمكططن أن ينططتزع‬
‫من كلم الشيخ تاج الدين جواب آخر ويقرر بطريق أخرى وهو أن‬
‫يراد بالروح النطق وبالرد الستمرار من غير مفارقة على حططد مططا‬
‫قررته في الوجه الثالث ويكططون فطي الحططديث علطى هططذا مجطازان‬
‫مجاز في لفظ الرد ومجاز في لفظ الروح فالول اسططتعارة تبعيططة‬
‫والثاني مجاز مرسل وعلى ما قررته في الوجه الثالث يكون فيططه‬
‫مجاز واحد في الرد فقط ويتولد من هذا الجواب جواب آخر وهططو‬
‫أن يكون الروح كناية عن السمع ويكون المراد أن الله يططرد عليططه‬
‫سمعه الخارق للعادة بحيث يسمع المسلم وأن بعططد قطططره ويططرد‬
‫عليه مططن غيططر احتيططاج إلططى واسطططة مبلططغ وليططس المططراد سططمعه‬
‫المعتاد وقد كان له صلى الله عليه وسلم في الططدنيا حالططة يسططمع‬
‫فيها سمعا خارقا للعادة بحيث كان يسمع أطيط السماء كما بينت‬
‫ذلك في كتاب المعجزات وهذا قد ينفك في بعض الوقات ويعططود‬
‫ل مانع منه وحالته صلى الله عليه وسططلم فططي بططرزخ كحططالته فططي‬
‫الدنيا سواء‪ .‬وقد يخرج من هذا جواب آخر وهو أن المططراد سططمعه‬
‫المعتاد ويكون المراد برده إفاقته مططن السططتغراق الملكططوتي ومططا‬
‫هو فيه من المشاهدة فيرده الله تلططك السططاعة إلططى خطططاب مططن‬
‫سلم عليه في الدنيا فإذا فرغ من الرد عليه عاد إلى ما كان فيططه‪،‬‬
‫ويخرج من هذا جواب آخر وهو أن المراد برد الططروح التفططرغ مططن‬
‫الشغل وفراغ البال مما هو بصططدده فططي الططبرزخ مططن النظططر فططي‬
‫أعمال أمته والستغفار لهططم مططن السططيآت والططدعاء بكشططف البلء‬
‫عنهم والتردد في أقطار الرض لحلول البركة فيها وحضور جنططازة‬
‫من مات من صالح أمته فإن هذه المور مططن جملططة أشططغاله فططي‬
‫البرزخ كما وردت بذلك الحاديث والثار فلمططا كططان السططلم عليططه‬
‫من أفضل العمال وأجل القربات اختص المسلم عليه بططأن ينططزع‬
‫له من أشغاله المهمة لحظة يرد عليه فيهططا تشططريفا لططه ومجططازاة‬
‫فهذه عشرة أجوبة كلها من استنباطي وقد قال الجططاحظ إذا نكططح‬
‫الفكر الحفظ ولد العجائب‪ ،‬ثم ظهر لي جواب حططادي عشططر وهططو‬
‫أنه ليس المططراد بططالروح روح الحيططاة بططل الرتيططاح كمططا فططي قططوله‬
‫تعالى )فروح وريحان( فإنه قطرئ فطروح بضطم الطراء والمطراد أنطه‬
‫صلى الله عليه وسلم يحصل له بسلم المسلم عليه ارتياح وفرح‬

‫‪182‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫وهشاشة لحبه ذلك فيحمله ذلك على أن يرد عليه‪ ،‬ثططم ظهططر لططي‬
‫جواب ثاني عشر وهو أن المراد بالروح الرحمة الحادثة من ثواب‬
‫الصلة قال ابن الثير في النهاية تكرر ذكر الروح في الحديث كما‬
‫تكرر في القرآن ووردت فيه على معان والغالب منهططا أن المططراد‬
‫بالروح الذي يقوم بططه الجسططد وقططد أطلططق علططى القططرآن والططوحي‬
‫والرحمة وعلى جبريل انتهى‪ ،‬وأخرج ابن المنذر في تفسيره عططن‬
‫الحسن البصري أنه قرأ قوله تعالى فططروح وريحططان بالضططم وقططال‬
‫الروح الرحمة وقد تقدم في حديث أنطس أن الصطلة تطدخل عليطه‬
‫صلى الله عليه وسلم في قبره كما يدخل عليكم بالهدايا والمططراد‬
‫ثواب الصلة وذلك رحمة الله وانعاماته‪ ،‬ثم ظهر لي جواب ثططالث‬
‫عشر وهو أن المراد بالروح الملك الذي وكل بقبره بلغططه السططلم‬
‫والروح يطلق على غير جبريططل أيضططا مططن الملئكططة قططال الراغططب‬
‫إشراف الملئكة تسمى أرواحا انتهى‪ .‬ومعنى رد الله إلططى روحططي‬
‫أي بعث إلى الملك الموكططل بتبليغططي السططلم هططذا غايططة مططا ظهططر‬
‫والله أعلم‪ .‬تنبيه‪ :‬وقع في كلم الشيخ تاج الدين أمططران يحتاجططان‬
‫إلى التنبيه عليهما أحدهما أنه عزا الحديث إلى الترمذي وهو غلط‬
‫فلم يخرجه من أصحاب الكتب الستة إل أبو داود فقط كما ذكططره‬
‫الحافظ جمال الدين المزي في الطراف‪ ،‬الثاني أنه أورد الحديث‬
‫بلفظ رد الله على وهو كططذلك فططي سططنن أبططي داود ولفططظ روايططة‬
‫البيهقي رد الله إلي وهي ألطف وأنسب فإن بين التعططديتين فرقططا‬
‫لطيفا فإن رد يعدى بعلى في الهانة وبإلى في الكططرام قطال فططي‬
‫الصحاح رد عليه الشيء إذا لم يقبله وكذلك إذا خطاه ويقول رده‬
‫إلى منزله ورد إليه جوابا أي رجع وقططال الراغططب مططن الول قططوله‬
‫تعالى يردكم على أعقابكم ردوها علططي ونططرد علططى أعقابنططا ومططن‬
‫الثاني فرددناه إلى أمه ولئن رددت إلططى ربططي لجططدن خيططرا منهططا‬
‫منقلبا‪ .‬ثم يردون إلى عططالم الغيططب والشططهادة ثططم ردوا إلططى اللططه‬
‫مولهم الحق‪.‬‬
‫)فصل( قال الراغب مططن معططاني الططرد التفططويض يقططال رددت‬
‫الحكم في كذا إلى فلن أي فوضته إليه قال تعالى )فإن تنططازعتم‬
‫في شيء فردوه إلى الله والرسول ولو ردوه إلى الرسول والططى‬
‫أولى المر منهم( انتهى‪ .‬ويخرج من هططذا جططواب رابططع عشططر عططن‬
‫الحديث وهو أن المراد فوض الله إلي روحي السططلم عليططه علططى‬
‫أن المراد بالروح الرحمة والصلة من الله الرحمة فكان المسططلم‬

‫‪183‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫بسلمه تعرض لطلب صلة من الله تحقيقا لقوله صلى الله عليططه‬
‫وسلم من صلى علي واحدة صلى الله عليه عشططرا والصططلة مططن‬
‫الله الرحمة ففوض الله أمر هذه الرحمططة إلططى النططبي صططلى اللططه‬
‫عليططه وسططلم ليططدعو بهططا للمسططلم فتحصططل إجططابته قطعططا فتكططون‬
‫الرحمة الحاصلة للمسلم إنما هي ببركططة دعططاء النططبي صططلى اللططه‬
‫عليه وسلم له وسلمه عليه وينزل ذلك منزلة الشفاعة في قبول‬
‫سلم المسلم والثابة عليططه وتكططون الضططافة فططي روحططي لمجططرد‬
‫الملبسة ونظيره قوله في حديث الشفاعة فيردها هططذا إلططى هططذا‬
‫وهذا إلى هذا حتى ينتهي إلى محمد وفططي حططديث السططراء لقيططت‬
‫ليلة أسرى بي إبراهيم وموسططى وعيسططى فتططذاكروا أمططر السططاعة‬
‫فردوا أمرهم إلى إبراهيم فقال ل علم لي بها فردوا أمرهططم إلططى‬
‫موسى فقال ل علم لي بها فردوا أمرهم إلططى عيسططى‪ ،‬والحاصططل‬
‫أن معنى الحديث على هذا الوجه إل فوض الله إلي أمططر الرحمططة‬
‫التي تحصل للمسلم بسببي فأتولى الدعاء بها بنفسي بأن انطططق‬
‫بلفظ السلم على وجه الرد عليه في مقابلة سلمه والططدعاء لططه‪،‬‬
‫ثم ظهر لي جواب خامس عشر وهططو أن المططراد بططالروح الرحمططة‬
‫التي في قلب النبي صلى الله عليه وسلم على أمته والرأفة التي‬
‫جبل عليها وقد يغضب في بعض الحيان على من عظمططت ذنططوبه‬
‫أو انتهك محارم الله والصلة على النبي صططلى اللططه عليططه وسططلم‬
‫سبب لمغفرة الذنوب كما في حديث أذن تكفي همك ويغفر ذنبك‬
‫فأخبر صلى الله عليه وسلم أنه ما من أحد يسلم عليه وأن بلغت‬
‫ذنوبه ما بلغت إل رجعت إليه الرحمة التي جبططل عليهططا حططتى يططرد‬
‫عليه السلم بنفسه ول يمنعه من الرد عليه ما كان منه قبل ذلططك‬
‫من ذنب وهذه فائدة نفيسة وبشرى عظيمططة وتكططون هططذه فططائدة‬
‫زيططادة مططن السططتغراقية فططي أحططد المنفططى الططذي هططو ظططاهر فططي‬
‫الستغراق قبل زيادتها نص فيه بعد زيادتها بحيث انتفى بسببها أن‬
‫يكون من العام المراد به الخصوص‪ ،‬هذا آخر ما فتح الله بططه الن‬
‫من الجوبة وإن فتح بعد ذلك بزيادة ألحقناها والله الموفططق بمنططه‬
‫وكرمه‪ ،‬ثم بعد ذلططك رأيططت الحططديث المسططؤول عنططه مخرجططا فططي‬
‫كتاب حيططاة النبيططاء للططبيهقي بلفططظ إل وقططد رد اللططه علططى روحططي‬
‫فصرح فيه بلفظ وقد فحمدت الله كثيرا وقوى أن رواية إسقاطها‬
‫محمولة على إضمارها وإن حذفها من تصرف الططرواة وهططو المططر‬
‫الذي جنحت إليه في الوجه الثاني من الجوبة وقد عدت الن إلى‬

‫‪184‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫ترجيحه لوجود هذه الرواية فهو أقوى الجوبة ومراد الحديث عليه‬
‫الخبار بأن الله يرد إليه روحه بعد الموت فيصير حيا على الططدوام‬
‫حتى لو سلم عليه أحد رد عليه سطلمه لوجطود الحيطاة فيطه فصطار‬
‫الحديث موافقا للحاديث الواردة في حياته في قبره وواحططدا مططن‬
‫جملتها ل منافيا لها البتة بوجه من الوجود ولله لحمد والمنططة وقططد‬
‫قال بعض الحفاظ لو لم نكتب الحديث من ستين وجها ما عقلنططاه‬
‫وذلك لن الطرق يزيد بعضها على بعطض تطارة فطي ألفطاظ المتطن‬
‫وتارة في السناد فيستبين بالطريق المزيد ما خفي فطي الطريطق‬
‫الناقصة والله تعالى أعلم‪.‬‬

‫كتاب العلم بحكم عيسى عليه السلم‬


‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫الحمد لله وسلم على عباده الططذين اصطططفى وبعططد فقططد ورد‬
‫علططي سططؤال يططوم الخميططس سططادس جمططادى الولططى سططنة ثمططان‬
‫وثمانين وثمانمائة صورته‪ :‬المسؤول الجططواب عمططا يططذكر وهططو أن‬
‫عيسى عليه السلم حين ينزل في آخر الزمططان بمططاذا يحكططم فططي‬
‫هذه المة بشرع نبينا أو بشرعه وإذا قلتم إنططه يحكططم بشططرع نبينططا‬
‫فكيف طريق حكمه به أبمذهب من المذاهب الربعة المتقططررة أو‬
‫باجتهاد منه وإذا قلتم بمذهب من المذاهب الربعططة فبططأي مططذهب‬
‫هو وإذا قلتم بالجتهاد فبأي طريق تصل إليه الدلة الططتي يسططتنبط‬
‫به منهططا الحكططام أبالنقططل الططذي هططو مططن خصططائص هططذه المططة أو‬
‫بالوحي وإذا قلتم بالنقل فكيف طريق معرفته صحيح السططنة مططن‬
‫سقيمها أبحكم الحفاظ عليه أو بطريق آخر وإذا قلتم بالوحي فأي‬
‫وحي هو أوحى إلهام أو بتنزيل ملك فططإذا كطان بالثططاني فططأي ملطك‬
‫وكيف حكمه في أموال بيت المال وأراضططيه ومططا صططدر فيهططا مططن‬
‫الوقاف أيقر ذلك على ما هو الن أو يحكم فيه بغير ذلك‪ .‬وأقططول‬
‫قد ورد علي هططذا السططؤال مططن مططدة تقططارب شططهرين وذلططك يططوم‬
‫الجمعة رابع عشري ربيع الول من هذه السنة جططاءني رجططل مططن‬
‫أهل العلم ممن أخذ العلططم عططن والططدي فسططألني عططن أشططياء مططن‬
‫جملتها هذا السؤال وأجبته عنططه بجططواب مختصططر ومططن جملططة مططا‬
‫سألني عنه في ذلك المجلس قصة استحياء الملئكة مططن عثمططان‬
‫وأخرجت له في ذلططك حططديثين غريططبين خرجتهمططا مططن تاريططخ ابططن‬
‫عساكر وأوردتهما في كتابي تاريخ الخلفاء في ترجمة عثمططان بططن‬

‫‪185‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫عفان رضي الله عنه‪ .‬وها أنا ذاكططر فططي هططذه الوراق جططواب هططذا‬
‫السؤال على طريق البسط ذاكرا في كل كلمة أوردهططا مسططتندي‬
‫فيها من الحاديث والثار وكلم العلماء فقول السائل بماذا يحكططم‬
‫في هذه المة بشرع نبينا أو بشرعه جوابه أنه يحكم بشرع نبينا ل‬
‫بشرعه نص على ذلك العلماء ووردت بططه الحططاديث وانعقططد عليططه‬
‫الجماع فمن جملة نصوص العلماء في ذلططك قططول الخطططابي فططي‬
‫معالم السنن عند ذكر حديث أن عيسى يقتل الخنزيططر فيططه دليططل‬
‫علططى وجططوب قتططل الخنططازير وبيططان أن أعيانهططا نجسططة وذلططك لن‬
‫عيسى عليه السلم إنمطا يقتطل الخنزيطر علطى حكطم شطريعة نبينطا‬
‫محمد صلى الله عليه وسلم لن نزوله إنما يكون في آخر الزمان‬
‫وشريعة السلم باقية‪ .‬ومن ذلك قول النططووي فططي شططرح مسططلم‬
‫ليس المراد بنزول عيسى أنه ينزل بشرع ينسططخ شططرعنا ول فططي‬
‫الحاديث شيء مططن هططذا بططل صططحت الحططاديث بططأنه ينططزل حكمططا‬
‫مقسطا يحكم بشرعنا ويحيى من أمور شرعنا مططا هجططره النططاس‪.‬‬
‫ومططن الحططاديث الططواردة فططي ذلططك مططا أخرجططه أحمططد والططبزار‬
‫والطبراني من حديث سططمرة عططن رسططول اللططه صططلى اللططه عليططه‬
‫وسلم قال ينزل عيسى بن مريم مصدقا بمحمد صلى اللططه عليططه‬
‫وسلم على ملته فيقتل الدجال ثم وإنما هو قيام الساعة‪ ،‬وأخططرج‬
‫الطبراني في الكبير والبيهقي في البعث بسند جيد عن عبططد اللططه‬
‫بن مغفططل قطال قططال رسططول اللطه صططلى اللططه عليططه وسططلم يلبططث‬
‫الدجال فيكم ما شاء الله ثم ينزل عيسى بن مريم مصدقا بمحمد‬
‫وعلى ملته إماما مهديا وحكما عططدل فيقتططل الططدجال‪ ،‬وأخططرج ابططن‬
‫حبان في صحيحه عن أبي هريططرة رضططي اللططه عنططه قططال سططمعت‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم يقططول ينططزل عيسططى بططن مريططم‬
‫فيؤمهم فإذا رفع رأسه من الركعة قال سمع الله لمن حمده قتل‬
‫الله الدجال وأظهر المؤمنين ووجه الستدلل من هذا الحديث أن‬
‫عيسى يقول في صلته يومئذ سمع الله لمطن حمطده وهطذا الطذكر‬
‫في العتدال من خططواص صططلة هططذه المططة كمططا ورد فططي حططديث‬
‫ذكرته في كتاب المعجزات والخصائص‪ .‬وأخرج ابططن عسططاكر عططن‬
‫أبي هريرة قال يهبط المسيح بن مريم فيصطلي الصطلوات ويجمطع‬
‫الجمع‪ .‬فهذا صريح في أنططه ينططزل بشططرعنا لن مجمططوع الصططلوات‬
‫الخمس وصلة الجمعة لم يكونا في غير هذه الملططة‪ .‬وأخططرج ابططن‬
‫عساكر من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص قال قططال رسططول‬

‫‪186‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الله صلى الله عليه وسلم كيف تهلك أمططة أنططا أولهططا وعيسططى بططن‬
‫مريم آخرها‪ .‬وأخرج ابن عساكر أيضا من حديث ابن عبططاس قططال‬
‫قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كيططف تهلططك أمططة أنططا أولهططا‬
‫وعيسى بن مريم آخرهططا والمهططدي مططن أهططل بيططتي فططي وسطططها‪.‬‬
‫وقول السائل وإذا قلتم أنه يحكم بشرع نبينا فكيف طريق حكمططه‬
‫به أبمذهب من المططذاهب الربعططة المقططررة أو باجتهططاد منططه‪ .‬هططذا‬
‫السؤال عجب من سائله واشد عجبا منه قططوله فيططه بمططذهب مططن‬
‫المذاهب الربعة فهل خطر ببططال السططائل أن المططذاهب فططي هططذه‬
‫الملططة الشططريفة منحصططرة فططي أربعططة والمجتهططدون مططن المططة ل‬
‫يحصططون كططثرة وكططل لططه مططذهب مططن الصططحابة والتططابعين وأتبططاع‬
‫التابعين وهلم جرا‪ .‬وقد كططان فططي السططنين الخططوالي نحططو عشططرة‬
‫مذاهب مقلدة أربابها مدونة كتبها وهي الربعة المشهورة ومذهب‬
‫سططفيان الثططوري‪ .‬ومططذهب الوزاعططي‪ .‬ومططذهب الليططث بططن سططعد‪.‬‬
‫ومذهب إسحاق بن راهططويه‪ .‬ومططذهب ابططن جريططر‪ .‬ومططذهب داوود‬
‫وكان لكل من هؤلء أتباع يفتون بقولهم ويقضون وإنمططا انقرضططوا‬
‫بعد الخمسمائة لموت العلمططاء وقصططور الهمططم فالمططذاهب كططثيرة‬
‫فلي شيء خصص السائل المذاهب الربعة ثم كيططف يظططن بنططبي‬
‫أنه يقلد مذهبا من المذاهب والعلماء يقولون أن المجتهططد ل يقلططد‬
‫مجتهدا فإذا كططان المجتهططد مططن آحططاد المططة ل يقلططد فكيططف يظططن‬
‫بالنبي أنه يقلد‪ .‬فإن قلت فتعين حينئذ القول بأنه يحكم بالجتهاد‪.‬‬
‫قلت ل لم يتعين ذلك فإن نبينطا صطلى اللطه عليطه وسطلم كطان‬
‫يحكم بما أوحي إليه في القططرآن ول يسططمى ذلططك اجتهططادا كمططا ل‬
‫يسمى تقليدا‪ .‬والذليل على ذلك أن العلماء حكوا خلفا في جططواز‬
‫الجتهاد للنبي صلى الله عليه وسلم فلططو كططان حكمططه بمططا يفهمططه‬
‫من القرآن يسمى اجتهادا لم تتجه حكاية الخلف‪ .‬فإن قلططت بيططن‬
‫لنا طريق معرفة عيسططى بأحكططام هططذه الشططريعة قلططت يمكططن أن‬
‫يقال في ذلك ثلثة طرق‪ :‬الطريق الول أن جميططع النبيططاء عليهططم‬
‫الصلة والسلم قد كانوا يعلمون في زمططانهم بجميططع شططرائع مططن‬
‫قبلهم ومن بعدهم بططالوحي مططن اللططه تعططالى علططى لسططان جبريططل‬
‫وبالتنبيه على بعض ذلك في الكتاب الططذي أنططزل عليهططم‪ .‬والططدليل‬
‫على ذلك أنه ورد في الحططاديث والثططار أن عيسططى عليططه السططلم‬
‫بشر أمته بمجيء النططبي صططلى اللططه عليططه وسططلم بعططده وأخططبرهم‬
‫بجملة من شريعته يأتي بها تخططالف شططريعة عيسططى وكططذلك وقططع‬

‫‪187‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫لموسى وداود عليهما السلم مططن ذلططك مططا أخرجططه الططبيهقي فططي‬
‫دلئل النبوة عن وهب بن منبه قال أن الله لما قرب موسى نجيططا‬
‫قال رب إني أجد في التوراة أمة خير أمة أخرجت للناس يأمرون‬
‫بالمعروف وينهون عن المنكر ويؤمنون بالله فاجعلهم أمططتي قططال‬
‫تلك أمة أحمد قال رب أني أجططد فططي التططوراة أمططة أنططاجيلهم فططي‬
‫صططدورهم يقرؤونهططا وكططان مططن قبلهططم يقططرؤون كتبهططم نظططرا ول‬
‫يحفظونها فاجعلهم أمتي قال تلك أمة أحمد قال رب أني أجد في‬
‫التوراة أمة يأكلون صططدقاتهم فططي بطططونهم وكططان مططن قبلهططم إذا‬
‫أخرج صدقته بعث الله عليها نارا فأكلتها فإن لم تقبططل لططم تأكلهططا‬
‫النار فاجعلهم أمتي قال تلططك أمططة أحمططد قططال رب أنططي أجططد فططي‬
‫التوراة أمة إذا هم أحدهم بسيئة لم تكتب عليه فإن عملهططا كتبططت‬
‫عليه سيئة واحدة وإذا هم أحططدهم بحسططنة ولططم يعملهططا كتبططت لططه‬
‫حسنة فططإن عملهططا كتططب لططه عشططر أمثالهططا إلططى سططبعمائة ضططعف‬
‫فاجعلهم أمططتي قططال تلططك أمططة أحمططد‪ .‬فهططذه أحكططام فططي شططرعنا‬
‫مخالفة لشرع مططن قبلنططا بينهططا اللططه تعططالى لنططبيه موسططى فعلمهططا‬
‫بالوحي ل بالجتهاد ول بالتقليد‪ ،‬وأخرج الططبيهقي فططي دلئل النبططوة‬
‫أيضا عن وهب بن منبه قال أن الله أوحى في الزبور يططا داود أنططه‬
‫سيأتي من بعدك نبي اسمه أحمططد ومحمططد صططادقا نبيططا ل أغضططب‬
‫عليه أبدا ول يعصيني أبدا وقد غفرت لطه مطا تقطدم مطن ذنبطه ومطا‬
‫تأخر وأمته مرحومة أعطتهم من النوافل مثل ما أعطيططت النبيططاء‬
‫وافترضت عليهم الفرائض التي افترضططت علططى النبيططاء والرسططل‬
‫حتى يططأتوني يططوم القيامططة ونططورهم مثططل نططور النبيططاء وذلططك إنططي‬
‫افترضت عليهم أن يتطهروا إلططى كططل صططلة كمططا افترضططت علططى‬
‫النبياء قبلهم وأمرتهططم بالغسططل مططن الجنابططة كمططا أمططرت النبيططاء‬
‫قبلهم وأمرتهم بالحج كما أمرت النبيططاء قبلهططم وأمرتهططم بالجهططاد‬
‫كما أمرت الرسل قبلهم يا داود أني فضططلت محمططدا وأمتططه علططى‬
‫المططم كلهططم أعطيتهططم خصططال لططم أعطهططا غيرهططم مططن المططم ل‬
‫أؤاخذهم بالخطأ والنسيان وكل ذنب ركبططوه إذا اسططتغفروني منططه‬
‫غفرته وما قدموا لخرتهم من شيء طيبة به أنفسهم عجلته لهططم‬
‫ولهم عندي أضعاف مضاعفة وأعطيتهم على المصائب والبليا إذا‬
‫صبروا وقالوا إنا لله وإنا إليططه راجعططون الصططلة والرحمططة والهططدى‬
‫إلى جنات النعيم‪ .‬وأخرج الدارمي في مسنده عن ابن عباس أنططه‬
‫سأل كعب الحبار كيف تجططد نعططت رسططول اللططه صططلى اللططه عليططه‬

‫‪188‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫وسلم في التوراة قال كعب نجده محمد بن عبد الله مولده بمكة‬
‫ويهاجر إلى طابة ويكون ملكه بالشام وليس بفاحش ول بسططخاب‬
‫في السواق ول يكافئ بالسيئة السططيئة ولكططن يعفططو ويغفططر أمتططه‬
‫الحمادون يحمدون الله في كل سراء ويكبرون الله على كل نجططد‬
‫يوضؤن أطرافهم ويأتزرون فططي أوسططاطهم يصططفون فططي صططلتهم‬
‫كما يصططفون فططي قتططالهم ودويهططم فططي مسططاجدهم كططدويّ النحططل‬
‫يسمع مناديهم في جو السماء‪ ،‬وأخرج أبو نعيططم فططي دلئل النبططوة‬
‫وغيره عن ابن مسططعود قططال قططال رسططول اللططه صططلى اللططه عليططه‬
‫وسلم صفتي في النجيل أحمد المتوكل مولده مكة ومهاجره إلى‬
‫طيبططة ليططس بفططظ ول غليططظ يجططزي بالحسططنة الحسططنة ول يكططافئ‬
‫بالسيئة أمته الحمادون يأتزرون على أنصافهم ويوضؤن أطرافهططم‬
‫أناجيلهم في صدورهم يصفون للصلة كما يصفون للقتال قربانهم‬
‫الدين يتقربون به إلى دماؤهم رهبان بالليل ليوث بالنهار‪ ،‬وأخططرج‬
‫أبو نعيم في دلئل البنوة عن كعب الحبار قططال صططفة هططذه المططة‬
‫في كتاب الله المنزل خير أمة أخرجت للناس يأمرون بططالمعروف‬
‫وينهططون عططن المنكططر ويؤمنططون بالكتططاب الول والكتططاب الخططر‬
‫ويقاتلون أهل الضللة حتى يقاتلوا العور الططدجال هططم الحمططادون‬
‫رعاة الشططمس المحكمططون إذا أراد واحططدهم أمططرا قططال أفعلططه إن‬
‫شاء الله وإذا أشرف أحدهم على شرف كبر الله وإذا هبططط واديططا‬
‫حمد الله الصعيد لهم طهور والرض لهططم مسططجد حيططث مططا كططانوا‬
‫يتطهرون من الجنابة طهورهم بالصعيد كطهورهم بالمططاء حيططث ل‬
‫يجدون الماء غر محجلون من آثار الوضوء فهذه جملة من أحكططام‬
‫شريعتنا مخالفة لشططرع مططن قبلنططا بينهططا اللططه لنبيططائه فيمططا أنزلططه‬
‫عليهم من الكتب‪ .‬وقد وردت الحاديث والثار ببيان أكثر من ذلك‬
‫وتركتها خوف الطالة‪ .‬ووردت الثار أيضا بأن الله بين لنبيائه في‬
‫كتبهم جميع ما هو واقع في هذه المة مططن أحططداث وفتططن وأخبططار‬
‫خلفائها وملوكها‪ ،‬من ذلك ما أخرجه ابن عسططاكر عططن الربيططع بططن‬
‫أنس قال مكتوب في الكتاب الول مثططل أبططي بكططر الصططديق مثططل‬
‫القطر أينما يقع نفع‪ ،‬وأخرج أبططو نعيططم فططي الحليططة عططن عمططر بططن‬
‫الخطاب أنه قال لكعب الحبار كيف تجد نعططتي فططي التططوراة قططال‬
‫خليفة قرن من حديد أمير شديد ل يخاف في اللططه لومططة لئم ثططم‬
‫يكططون مططن بعططدك خليفططة تقتلططه أمططة ظططالمين لططه ثططم يقططع البلء‬
‫بعده‪،‬وأخرج ابن عساكر عن عمر بن الخطططاب أنطه دعطا السططقف‬

‫‪189‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫فقال هل تجدونا في شيء من كتبكم قال نجد صفتكم وأعمالكم‪،‬‬
‫وأخرج البيهقي في دلئل النبوة عن محمد بن يزيططد الثقفططي قططال‬
‫اصطحب قيس بن خرشة وكعب الحبار حتى إذا بلغا صفين وقف‬
‫كعب ثم نظر سططاعة ثططم فقططال ليهراقططن بهططذه البقعططة مططن دمططاء‬
‫المسلمين شيء ل يهراق ببقعة من الرض مثله فقططال قيططس مططا‬
‫يدريك فإن هذا من الغيب الذي استأثر الله به فقال كعب ما مططن‬
‫الرض شبر إل مكتوب في التوراة الذي أنزل الله على موسى ما‬
‫يكون عليه وما يخرج منه إلى يوم القيامة‪ ،‬وأخططرج عبططد اللططه بططن‬
‫أحمد في روايات الزهد عن هشام بططن خالططد الربعططي قططال قططرأت‬
‫في التوراة إن السماء والرض تبكي علططى عمططر بططن عبططد العزيططز‬
‫أربعين سنة‪ .‬والثار في هذا المعنى كثيرة جدا وقططد سططردتها فططي‬
‫كتاب المعجزات وحاصلها القطع بأن اللططه بيططن لنبيططائه جميططع مططا‬
‫يتعلق بهذه المة من أحكام ومططا يحططدث فيهططا مططن حططوادث وفتططن‬
‫فعلم النبياء ذلك بطريق الوحي من الله من غير احتيططاج إلططى أن‬
‫يأخذوه باجتهاد أو تقليد‪.‬‬
‫هذا مططا يتعلططق بططالطريق الول‪ .‬وقططد اعططترض علططي فططي هططذا‬
‫الطريق بأنه يلزم عليه أن يكون كل ما فططي القططرآن مضططمنا فططي‬
‫جميع الكتب السابقة‪ .‬وأقول ل مانع من ذلك بل دلت الدلة علططى‬
‫ثبوت هذا اللزام قال تعالى )وإنه لتنزيل من رب العالمين نزل به‬
‫الروح المين( إلى قوله وإنططه لفططي زبططر الوليططن‪ .‬أخططرج ابططن أبططي‬
‫حاتم عن قتادة في قوله وإنه لتنزيططل رب العططالمين قططال القططرآن‬
‫وفي قوله زبر الولين قال أي في كتب الولين‪ ،‬وأخرج عططن عبططد‬
‫الرحمن بن زيد بن أسلم لفي في الية قال يقول إنه فططي الكتططب‬
‫التي أنزلها على الولين‪ ،‬وأخرج عن مبشر بن عبيد القرشي فططي‬
‫قوله أو لم يكن لهم آية قال يقول أو لم يكن لهم القططرآن آيططة أن‬
‫يعلمه علماء بني إسرائيل فقد دلت هذه الية وكلم السططلف فططي‬
‫تفسيرها على أن المعاني التي تضمنها القرآن موجودة في كتططب‬
‫الله السابقة وقططد نططص علططى هططذا بعينططه المططام أبططو حنيفططة حيططث‬
‫استدل بهذه الية على جواز قراءة القططرآن بغيططر اللسططان العربططي‬
‫وقال إن القرآن مضمن في الكتططب السططابقة وهططي بغيططر اللسططان‬
‫العربي أخذا من هذه الية ومما يشهد بذلك وصفه تعالى للقططرآن‬
‫في عدة مواضع بأنه مصدق لما بين يديه من الكتب فلططول أن مططا‬
‫فيه موجود فيها لم يصح هذا الوصف من ذلك قوله تعالى )وأنزلنا‬

‫‪190‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه في الكتاب ومهيمنا عليه(‬
‫أخرج ابن جرير عن ابن جريج في اليططة قططال القططرآن أميططن علططى‬
‫الكتب فيما أخبرنا أهل الكتاب عن كتابهم فططإن كططان فططي القططرآن‬
‫فصدقوا وإل فكذبوا‪ ،‬وأخرج عن ابن زيد في الية قال كططل شططيء‬
‫أنزله الله من توراة أو إنجيل أو زبور فالقرآن مصططدقا علططى ذلططك‬
‫كل شيء ذكر الله في القرآن فهو مصدق عليها وعلططى مططا حططدث‬
‫عنها أنه حق ومن ذلك قوله تعالى )إن هذا لفطي الصطحف الولطى‬
‫صحف إبراهيم وموسى( أخرج البزار بسند صحيح عن ابن عباس‬
‫قططال لمططا نزلططت أن هططذا لفططي الصططحف الولططى صططحف إبراهيططم‬
‫وموسى قال النبي صلى الله عليه وسلم كان كل هذا في صحف‬
‫إبراهيم وموسى وأخرج سعيد بن منصور عن ابن عباس قال هذه‬
‫السورة في صحف إبراهيم وموسى‪ .‬وأخرج ابططن أبططي حططاتم عططن‬
‫السدى قال إن هذه السورة في صحف إبراهيم وموسى مثل مططا‬
‫نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم وأخططرج عبططد الططرزاق عططن‬
‫قتادة في قوله إن هذا لفي الصحف الولى قال ما قص الله فططي‬
‫هذه السورة‪ ،‬وأخططرج ابططن أبططي حططاتم عططن الحسططن أن هططذا لفططي‬
‫الصحف الولى قال في كتب الله كلها ومن ذلططك قططوله تعططالى أم‬
‫لم ينبأ بما فططي صططحف موسططى وإبراهيططم الططذي وفططي أن ل تططزر‪-‬‬
‫اليات‪ .‬فقد دل ذلك وأمثاله من القططرآن علططى أن معططاني القططرآن‬
‫موجودة في كتب الله تعالى التي أنزلها على أنبيائه واللططه تعططالى‬
‫أعلم‪ .‬الطريق الثاني‪ :‬أن عيسى صلى الله عليه وسلم يمكططن أن‬
‫ينظر في القرآن فيفهم منه جميع الحكام المتعلقة بهذه الشريعة‬
‫من غير احتياج إلى مراجعة الحاديث كما فهططم النططبي صططلى اللططه‬
‫عليه وسلم ذلك من القرآن فإن القرآن العزيز قططد انطططوى علططى‬
‫جميطع الحكطام الشطرعية وفهمهطا النطبي صطلى اللطه عليطه وسطلم‬
‫بفهمه الذي اختص به ثم شرحها لمته في السططنة‪ ،‬وأفهططام المططة‬
‫تقصر عن إدراك ما أدركه صاحب النبوة وعيسى صلى الله عليططه‬
‫وسلم نبي فل يبعد أن يفهم من القططرآن كفهططم النططبي صططلى اللططه‬
‫عليه وسلم وشاهد ما قلناه من أن جميع الحكام الشرعية فهمها‬
‫النبي صلى الله عليه وسططلم مططن القططرآن قططول المططام الشططافعي‬
‫رضي الله عنه جميع ما حكم به النبي صلى الله عليه وسلم فهططو‬
‫مما فهمه من القرآن ويؤيده مططا أخرجططه الطططبراني فططي الوسططط‬
‫من حديث عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قططال إنططي‬

‫‪191‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫ل أحل إل ما أحل الله في كتططابه ول أحططرم إل مططا حططرم اللططه فططي‬
‫كتابه‪ ،‬وقال الشافعي أيضططا جميططع مططا تقططوله المططة شططرح للسططنة‬
‫وجميع السنة شرح للقططرآن‪ ،‬وقططال الشططافعي أيضططا ليسططت تنططزل‬
‫بأحد في الدين نازلة إل في كتاب الله الدليل علططى سططبيل الهططدى‬
‫فيها‪ ،‬وقال ابن برجان ما قال النبي صططلى اللططه عليططه وسططلم مططن‬
‫شيء فهو في القرآن أو فيه أصله قرب أو بعد فهمططه مططن فهمططه‬
‫وعمه من عمه وكذا كل ما حكم أو قضى به‪ ،‬وقال بعضهم ما من‬
‫شيء إل يمكن استخراجه من القططرآن لمططن فهمططه اللططه حططتى أن‬
‫بعضهم استنبط عمر النبي صلى الله عليه وسلم ثلثا وستين مططن‬
‫قوله في سورة المنافقين )ولن يؤخر اللططه نفسططا إذا جططاء أجلهططا(‬
‫فإنها رأس ثلث وستين سورة وعقبها بالتغابن ليظهر التغابن فططي‬
‫فقده‪ ،‬وقال المرسططي فططي تفسططيره جمططع القططرآن علططوم الوليططن‬
‫والخرين بحيث لم يحط بها علما حقيقة إل المتكلم به ثم رسططول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم وسططلم خل مططا اسططتأثر بططه سططبحانه ثططم‬
‫روت عنه معظم ذلططك سططادات الصططحابة وأعلمهططم مثططل الخلفططاء‬
‫الربعة ومثل ابن مسعود وابن عباس حتى قال لو ضاع لي عقال‬
‫بعير لوجدته في كتاب الله‪ ،‬وقال صلى الله عليه وسططلم سططيكون‬
‫فتن قيل وما المخرج منها قال كتاب الله فيه نبأ ما قبلكططم وخططبر‬
‫ما بعدكم وحكم ما بينكم رواه الترمذي وقال الله تعططالى )وأنزلنططا‬
‫إليك الكتاب تبيانا لكل شيء( وقال تعالى )ما فرطنا فططي الكتططاب‬
‫من شيء( وقال صلى الله عليططه وسططلم أن اللططه لططو أغفططل شططيئا‬
‫لغفل الذرة والخردلة والبعوضة‪ ،‬رواه ابن أبي حاتم في تفسططيره‬
‫وأبو الشيخ بن حيان في كتاب العظمططة‪ ،‬وقططال ابططن مسططعود مططن‬
‫أراد العلم فعليه بططالقرآن فططإن فيططه خططبر الوليططن والخريططن‪ ،‬رواه‬
‫سعيد بن منصور في سننه‪ ،‬وقال ابن مسعود أيضا أنزل فططي هطذا‬
‫القرآن كل علم وبين لنا فيه كل شيء ولكن علمنا يقصر عما بين‬
‫لنا في القرآن‪ ،‬رواه ابن جرير وابططن أبططي حططاتم فططي تفسططيريهما‪،‬‬
‫وقال ابن مسعود إذا حدثتكم بحديث أنبأتكم بتصططديقه مططن كتططاب‬
‫الله‪ ،‬رواه ابن أبي حاتم‪ ،‬وقال سعيد بططن جططبير مططا بلغنططي حططديث‬
‫عن رسول اللططه صططلى اللططه عليططه وسططلم علططى وجهططه إل وجططدت‬
‫مصداقه في كتاب الله ‪ -‬رواه ابن أبي حاتم‪ .‬فعرف بمجمططوع مططا‬
‫ذكرناه أن جميع الشريعة منطوية تحت ألفاظ القططرآن غيططر أنططه ل‬
‫ينهض لدراكها منه إل صاحب النبوة قال بعض العلماء العبادة في‬

‫‪192‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫القططرآن للعامططة والشططارة للخاصططة واللطططائف للوليططاء والحقططايق‬
‫للنبياء وعيسى عليه السلم نططبي رسططول فيفهططم مططن القططرآن مططا‬
‫انطوى عليه ويحكم به وأن خالف النجيل وهذا معنى كونه يحكططم‬
‫بشرع نبينططا صططلى اللططه عليططه وسطلم فهططذان طريقططان كططل منهمططا‬
‫محتمل في معرفة عيسى صططلى اللططه عليططه وسططلم بأحكططام هططذه‬
‫الشريعة ومأخذهما قوي في غايططة التجططاه واللططه أعلططم‪ .‬الطريططق‬
‫الثالث ما أشار إليه جماعة من العلماء منهططم السططبكي وغيططره أن‬
‫عيسى عليه السلم مع بقائه علططى نبططوته معططدود فططي أمططة النططبي‬
‫صلى الله عليططه وسططلم وداخططل فططي زمططرة الصططحابة فططإنه اجتمططع‬
‫بالنبي صلى الله عليه وسلم وهي حي مؤمنططا بططه ومصططدقا وكططان‬
‫اجتماعه به مرات في غير ليلة السططراء مططن جملتهططا بمكططة‪ ،‬روى‬
‫ابن عدي في الكامل عن أنس قال بينا نحن مع رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم إذا رأينا بردا ويططدا فقلنططا يططا رسططول اللططه مططا هططذا‬
‫البرد لذي رأينا واليد قال قد رأيتموه قلنا نعم قال ذاك عيسى بن‬
‫مريم سلم على‪ ،‬وأخرج ابن عساكر مططن طريططق آخططر عططن أنططس‬
‫قال كنت أطوف مططع رسططول اللطه صطلى اللطه عليطه وسططلم حططول‬
‫الكعبة إذ رأيتططه صططافح شططيئا ل نططراه قلنططا يططا رسططول اللططه رأينططاك‬
‫صافحت شيئا ول نراه قال ذاك أخي عيسططى ابططن مريططم انتظرتططه‬
‫حتى قضى طوافه فسططلمت عليططه‪ .‬فحينئذ ل مططانع مططن أن يكططون‬
‫تلقى من النبي صلى الله عليه وسلم أحكامه المتعلقططة بشططريعته‬
‫المخالفة لشريعة النجيططل لعلمططه بططأنه سططينزل فططي أمتططه ويحكططم‬
‫فيهم بشريعته فأخذها عنه بل واسطة‪ ،‬وقد روى ابن عساكر عططن‬
‫أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسطلم أل أن ابطن‬
‫مريم ليس بيني وبينه نبي ول رسول إل أنه خليفتي في أمتي من‬
‫بعدي‪ ،‬وقد رأيت في عبارة السبكي في تصنيف له مططا نصططه إنمططا‬
‫يحكم عيسى بشريعة نبينا صلى الله عليه وسلم بالقرآن والسططنة‬
‫وحينئذ فيترجح أن أخذه للسنة من النبي صطلى اللطه عليطه وسطلم‬
‫بطريق المشافهة من غير واسطة وقد عده بعض المحططدثين فططي‬
‫جملططة الصططحابة هططو والخضططر وإليططاس‪ ،‬قططال الططذهبي فططي تجريططد‬
‫الصحابة عيسى بن مريططم عليططه السططلم نططبي وصططحابي فططإنه رأى‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم وسلم عليه فهططو آخططر الصططحابة موتططا‬
‫انتهى‪ .‬وقول السائل وكيف حكمه في أموال بيت المال أيقر ذلك‬
‫على ما هو الن كلم فططي غايططة العجططب فططإن أمططوال بيططت المططال‬

‫‪193‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫جارية الن على غير القانون الشرعي ول يقر نبي على ذلك وقططد‬
‫قال أصحابنا في المواريث أنه ل يورث بيت المال إل عند انتظامه‬
‫وانتظامه أن يكطون كمطا كطان فطي أيطام الصطحابة‪ ،‬وقطد قطال ابطن‬
‫سراقة من أئمتنا وهو قبل الربعمائة‪ :‬لبيت المال سنين كثيرة مططا‬
‫استقام فكيف قرب التسعمائة ول يزداد المر إل شدة وقد ألفططت‬
‫كتابا في آداب الملوك من طالع ما فيه من الحاديث والثار علططم‬
‫أن غالب أمور بيت المال جارية الن على غير القانون الشططرعي‪،‬‬
‫وقد وردت الحاديث بأن المهدي يأتي قبل عيسى بن مريططم فيمل‬
‫الرض عدل بعد ما ملئت جورا ويأتي عيسى فيقر صططنع المهططدي‪،‬‬
‫ومما يعدل فيه المهطدي أنطه يقسطم بيطن المسطلمين فيئهطم الطذي‬
‫استولى عليه ولة التراك وأكلوه واستبدوا به دونهم‪ ،‬روى المططام‬
‫أحمد فططي مسططنده والططبزار والطططبراني‪ ،‬وأبططو نعيططم والحططاكم فططي‬
‫مستدركه بسند صحيح عن سمرة قال قال رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم يوشك أن يمل الله أيديكم من العجم فيأكلون فيئكططم‪،‬‬
‫وورد ذلك أيضا من حديث أنس وحذيفة وابن عمرو وأبي موسططى‬
‫الشعري‪ ،‬وروى ابن حبان في صحيحه عن أم سططلمة قططالت قططال‬
‫رسول الله صلى الله عليططه وسططلم فططي المهططدي أنططه يقسططم بيططن‬
‫المسلمين فيئهم ويعمل فيهم بسنة نبيهم صلى الله عليططه وسططلم‬
‫ويلقى السلم بجرانه إلى الرض يمكث سبع سنين‪ ،‬وأخرج أحمد‬
‫في مسنده وأبو يعلي بسند جيد عن أبي سعيد الخدري قال قططال‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم أبشططركم بالمهططدي يبعططث علططى‬
‫اختلف من الناس وزلزل فيمل الرض قسطططا وعططدل كمططا ملئت‬
‫جورا وظلمططا يرضططى عنططه سططاكن السططماء وسططاكن الرض يقسططم‬
‫المال صحاحا قيل ما صحاحا قال بالسوية بين الناس ويمل قلوب‬
‫أمة محمد غنى ويسعهم عدله حتى يأمر مناديا فينادي من له فططي‬
‫مال حاجة فما يقوم من الناس إل رجل واحد فيكون كططذلك سططبع‬
‫سنين‪ .‬وقول السائل وما صدر فيهططا مططن الوقططاف‪ .‬جططوابه أن مططا‬
‫كططان منهططا وقفططا علططى وجططوه الططبر ومصططالح المسططلمين والعلمططاء‬
‫والقراء وذريططة النططبي صططلى اللططه عليططه وسططلم وأقططاربه والفقططراء‬
‫والمرضى والزمنى والمنقطعين والمدارس والمساجد والحرميططن‬
‫وبيت المقدس وكسوة الكعبة وما شاكل ذلك فهططو وقططف صططحيح‬
‫موافططق للشططريعة فيقططره‪ ،‬ومططا كططان موقفططا علططى نسططاء الملططوك‬
‫والمراء وأولدهم فهو وقف باطل مخالف للشططريعة فيبطلططه‪ .‬ثططم‬

‫‪194‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫ظهر لي طريق رابع وهو أن عيسى عليه السططلم إذا نططزل يجتمططع‬
‫بالنبي صلى الله عليه وسلم في الرض فل مانع من أن يأخذ عنه‬
‫ما احتاج إليه من أحكام شريعته ومستندي في هذا الطريق أمور‪:‬‬
‫الول‪ :‬مططا أخرجططه أبططو يعلططى فططي مسططنده عططن أبططي هريططرة قططال‬
‫سمعت رسول الله صلى اللطه عليطه وسطلم يقطول والطذي نفسطي‬
‫بيده لينزلن عيسى بططن مريططم ثططم لئن قططام علططى قططبري فقططال يططا‬
‫محمد لجيبنه‪ ،‬وأخرج ابن عساكر عن أبي هريرة قال قال رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم ليهبطن اللططه عيسططى بططن مريططم حكمططا‬
‫عططدل وإمامططا مقسطططا فليسططلكن فططج الروحططاء حاجططا أو معتمططرا‬
‫وليقفن على قبري فليسلمن علي ولردن عليه‪ .‬الثططاني أن النططبي‬
‫صلى الله عليه وسلم في حياته كان يرى النبياء ويجتمع بهم فططي‬
‫الرض كما تقدم أنه رأى عيسى في الطواف وصح أنه صلى اللططه‬
‫عليه وسلم مر على موسى وهو يصلي في قبره‪ ،‬وصح أنه صططلى‬
‫الله عليه وسلم قال النبياء أحياء يصلون فكذلك إذا نططزل عيسططى‬
‫عليه السلم إلى الرض يرى النبياء ويجتمططع بهططم ومططن جملتهططم‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم فيأخذ عنه ما احتطاج إليطه مطن أحكطام‬
‫شريعته‪ .‬الثططالث‪ :‬أن جماعططة أئمططة الشططريعة نصططوا علططى أن مططن‬
‫كرامة الولي أن يرى النبي صلى الله عليه وسلم ويجتمع بططه فططي‬
‫اليقظة ويأخذ عنه ما قسم له من معارف ومططواهب‪ ،‬وممططن نططص‬
‫علططى ذلططك مططن أئمططة الشططافعية الغزالططي والبططارزي والتططاج ابططن‬
‫السبكي والعفيف اليافعي ومن أئمة المالكية القرطبي وابن أبططي‬
‫جمرة وابن الحاج في المدخل وقد حكططي عططن بعططض الوليططاء أنططه‬
‫حضر مجلس فقيه فروى ذلك الفقيه حديثا فقططال لططه الططولي هططذا‬
‫الحديث باطل فقال الفقيه ومططن أيططن لططك هططذا فقططال هططذا النططبي‬
‫صلى الله عليه وسلم واقف على رأسك يقول أنططي لططم أقططل هططذا‬
‫الحديث وكشف للفقيه فرآه‪ ،‬وقال الشيخ أبو الحسن الشاذلي لو‬
‫حجبت عن النبي صلى الله عليططه وسططلم طرفططة عيططن مططا عططددت‬
‫نفسي مع المسلمين فإذا كان هذا حال الوليططاء مططع النططبي صططلى‬
‫الله عليه وسلم فعيسى النبي صلى الله عليه وسلم أولططى بططذلك‬
‫أن يجتمع به فططي أي وقططت شططاء ويأخططذ عنططه مططا أراد مططن أحكططام‬
‫شريعته من غيططر احتيططاج إلططى اجتهططاد ول تقليططد لحفططاظ الحططديث‪.‬‬
‫الرابع‪ :‬أنه روى عن أبي هريرة أنه لما أكثر الحططديث وأنكططر عليططه‬
‫الناس قال لئن نزل عيسى بن مريم قبل أن أمططوت لحططدثنه عططن‬

‫‪195‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫رسول الله صلى اللططه عليططه وسططلم فيصططدقني فقططوله فيصططدقني‬
‫دليل على أن عيسى عليه السلم عالم بجميططع سططنة النططبي صططلى‬
‫الله عليه وسلم من غير احتياج إلى أن يأخذها عن أحد من المططة‬
‫حتى أن أبا هريرة الذي سمع النبي صلى الله عليه وسططلم احتططاج‬
‫إلى أن يلجأ إليه يصدقه فيما رواه ويزكيه‪ ،‬هذا آخططر الجططواب‪ ،‬ثططم‬
‫أن مولنا أمير المؤمنين وخليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫على المسلمين وابن عم سططيد المرسططلين المططام المتوكططل علططى‬
‫الله أعزه الله وأعز به الدين وهططو المططر بالكتابططة أول أعططاد المططر‬
‫ثانيططا هططل ثبططت أن عيسططى عليططه السططلم بعططد نزولططه يططأتيه وحططي‬
‫والجواب نعم روى مسلم وأحمططد وأبططو داود والترمططذي والنسططائي‬
‫وغيرهم من حديث النواس بن سمعان قال ذكر رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم الدجال إلى أن قال فبينما هم على ذلططك إذ بعططث‬
‫الله المسيح بن مريم فينزل عند المنارة البيضاء شططرقي دمشططق‬
‫واضعا يده على أجنحة ملكين فيتبعه فيدركه فيقتله عنططد بططاب لططد‬
‫الشرقي فبينما هم كذلك أوحى الله إلى عيسى بن مريم أني قططد‬
‫أخرجت عبادا من عبادي ل يدان لططك بقتططالهم فحططرر عبططادي الططى‬
‫الطور فيبعث الله يأجوج ومأجوج‪ -‬الحديث‪ ،‬فهذا صططريح فططي أنططه‬
‫يوحى إليه بعد النططزول والظططاهر أن الجططائي إليططه بططالوحي جبريططل‬
‫عليه السلم بل هو الذي يقطع به ول يتردد فيه لن ذلك وظيفتططه‬
‫وهططو السططفير بيططن اللططه وبيططن أنبيططائه ل يعططرف ذلططك لغيططره مططن‬
‫الملئكة‪ .‬والدليل على ذلك ما أخرجه أبططو نعيططم فططي دلئل النبططوة‬
‫عن عائشة قالت قال ورقة لخديجة جبريل أميططن اللططه بينططه وبيططن‬
‫رسله‪ ،‬وأخرج ابن أبي حاتم في تفسططيره وأبططو الشططيخ ابططن حبططان‬
‫في كتاب العظمة عن ابن سابط قال فططي أم الكتططاب كططل شططيء‬
‫هو كائن إلى يوم القيامة ووكل به ثلثة من الملئكة فوكل جبريل‬
‫بالكتب والوحي إلى النبياء ووكل أيضا بالهلكططات إذا أراد اللططه أن‬
‫يهلططك قومططا ووكلططه بالنصططر عنططد القتططال ووكططل ميكائيططل بططالقطر‬
‫والنبات ووكل ملك الموت بقبض النفس فططإذا كططان يططوم القيامططة‬
‫عارضوا بين حفظهم وبين ما كان في أم الكتاب فيجططدونه سططواء‪،‬‬
‫وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء بن السائب قال أول من يحاسططب‬
‫جبريل لنه كان أمين الله إلى رسله‪ ،‬وأخرج أبو الشيخ عططن خالططد‬
‫بن أبي عمران قال جبريل أمين الله إلى رسططله وميكائيططل يتلقططى‬
‫الكتب واسرافيل بمنزلة الحاجب‪ ،‬وأخرج أيضططا عططن عكرمططة ابططن‬

‫‪196‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫خالد أن رجل قال يا رسول الله أي الملئكة أكرم على الله فقال‬
‫جبريل وميكائيل واسرافيل وملططك المططوت فأمططا جبريططل فصططاحب‬
‫الحطرب وصطاحب المرسطلين وأمطا ميكائيطل فصطاحب كطل قططرة‬
‫تسقط وكل ورقة تنبت وأما ملك الموت فهططو موكططل يقبططض روح‬
‫كل عبد في بر أو بحططر وأمططا إسططرافيل فططأمين اللططه بينططه وبينهططم‪.‬‬
‫وأخرج أيضططا عططن عبططد العزيططز بططن عميططر قططال اسططم جبريططل فططي‬
‫الملئكة خادم ربه‪ .‬وأخرج ابن أبي زمنين فططي كتططاب السططنة عططن‬
‫كعب قال إذا أراد الله أن يوحي أمرا جططاء اللططوح المحفططوظ حططتى‬
‫يصفق جبهة إسططرافيل فيرفططع رأسططه فينظططر فططإذا المططر مكتططوب‬
‫فينادى جبريل فيجيبه فيقول أمرت بكذا أمرت بكذا فيهبط جبريل‬
‫على النبي صلى الله عليه وسلم فيوحي إليه‪ ،‬وأخططرج أبططو الشططيخ‬
‫عن أبي بكر الهذلي قال إذا أمر اللططه بططالمر تططدلت اللططواح علططى‬
‫إسرافيل بما فيها من أمر اللططه فينظططر فيهططا إسططرافيل ثططم ينططادي‬
‫جبريل فيجيبه‪ ،‬وذكر نحوه‪ .‬وأخرج أيضا عن أبي سنان قال اللططوح‬
‫المحفوظ معلق بالعرش فإذا أراد الله أن يوحي بشيء كتب فططي‬
‫اللوح فيجيء اللوح حتى يقرع جبهة إسرافيل فينظر فيه فإن كان‬
‫إلى أهل السطماء دفعطه إلطى ميكائيطل وإن كطان إلطى أهطل الرض‬
‫دفعه إلى جبريل فأول ما يحاسب يططوم القيامططة اللططوح يططدعى بططه‬
‫ترعد فرائصه فيقال له هل بلغت فيقول نعططم فيقططول مططن يشططهد‬
‫لك فيقول إسرافيل فيدعى إسرافيل ترعد فرائصه فيقال له هططل‬
‫بلغك اللوح فإذا قال نعم قال اللوح الحمد للططه الططذي نجططاني مططن‬
‫سوء الحساب ثم كذلك‪ .‬وأخرج أيضا عن وهيب ابن الورد قال إذا‬
‫كان يوم القيامة دعي إسرافيل ترعد فرائصططه فيقططال مططا صططنعت‬
‫فيما أدى إليك اللوح فيقططول بلغططت جبريططل فيططدعى جبريططل ترعططد‬
‫فرائصططه فيقططال مططا صططنعت فيمططا بلغططك إسططرافيل فيقططول بلغططت‬
‫الرسل فيؤتى بالرسل فيقال ما صططنعتم فيمططا أدى إليكططم جبريططل‬
‫فيقولون بلغنا النططاس فهططو قططوله تعططالى )فلنسططألن الططذين أرسططل‬
‫إليهم ولنسألن المرسلين( وأخرج ابن المبارك في الزهد عن ابن‬
‫أبي جبلة بسنده قال أول من يدعى يوم القيامة إسرافيل فيقططول‬
‫الله هل بلغت عهدي فيقططول نعططم رب قططد بلغططت جبريططل فيططدعى‬
‫جبريل فيقال هل بلغك إسرافيل عهدي فيقططول نعططم فيخلططى عططن‬
‫إسرافيل فيقول لجبريل ما صنعت في عهدي فيقول يا رب بلغت‬
‫الرسططل فيططدعى الرسططل فيقططال لهططم هططل بلغكططم جبريططل عهططدي‬

‫‪197‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫فيقولون نعم فيخلى عن جبريل ‪ -‬الحديث‪ .‬فعرف بمجمططوع هططذه‬
‫الثار اختصاص جبريل من بين سائر الملئكة بالوحي إلى النبياء‪،‬‬
‫وعرف بها أيضا أنه إنما يتلقى الوحي عن الله بواسطة إسططرافيل‬
‫وقد كنا سئلنا عن ذلك منذ أيام‪.‬‬
‫)خاتمة( اشططتهر علططى ألسططنة النططاس أن جبريططل ل ينططزل إلططى‬
‫الرض بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم وهذا شططيء ل أصططل‬
‫له‪ .‬ومن الدليل على بطلنه ما أخرجه الطبراني فططي الكططبير عططن‬
‫ميمونة بنت سعد قالت قلت يا رسول الله هل يرقد الجنططب قططال‬
‫ما أحب أن يرقد حتى يتوضأ فططإني أخططاف أن يتططوفى فل يحضططره‬
‫جبريططل‪ .‬فهططذا الحططديث يططدل علططى أن جبريططل ينططزل إلططى الرض‬
‫ويحضر موتة كططل مططؤمن حضططره المططوت وهططو علططى طهططارة‪ .‬ثططم‬
‫وقفت على حططديث آخططر فيططه نططزول جبريططل إلططى الرض وهططو مططا‬
‫أخرجه نعيم بن حماد في كتاب الفتن والطبراني من حططديث ابططن‬
‫مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم في وصططف الططدجال قططال‬
‫فيمر بمكططة فططإذا هططو بخلططق عظيططم فيقططول مططن أنططت فيقططول أنططا‬
‫ميكائيل بعثني الله لمنعه من حرمه ويمر بالمدينة فإذا هو بخلططق‬
‫عظيم فيقول من أنت فيقول أنطا جبريططل بعثنططي اللطه لمنعطه مطن‬
‫حرمه ثم رأيت في قوله تعالى )تنزل الملئكة والروح فيهططا بططإذن‬
‫ربهم ‪ -‬الية( عن الضططحاك أن الططروح هنططا جبريططل وأنططه ينططزل هططو‬
‫والملئكة في ليلة القدر ويسلمون على المسلمين وذلك في كططل‬
‫سنة‪ ،‬وقد زعم زاعم أن عيسى بن مريططم إذا نططزل ل يططوحى إليططه‬
‫وحيا حقيقيا بل وحططي الهططام وهططذا القططول سططاقط مهمططل لمريططن‬
‫أحدهما منابذته للحديث الثابت عن رسول اللططه صططلى اللططه عليططه‬
‫وسلم كما تقدم من صحيح مسلم وغيططره وقططد رواه الحططاكم فططي‬
‫المستدرك ولفظه فبيناه كذلك إذ أوحى الله إليطه يططا عيسططى إنططي‬
‫قد أخرجت عبادا لي ل يد لحد بقتالهم حططول عبططادي إلططى الطططور‬
‫وقال صحيح علطى شطرط الشططيخين وذلطك صططريح فطي أنطه وحطي‬
‫حقيقي ل وحي إلهام‪ ،‬والثاني أن ما توهمه هذا الزاعم مططن تعططذر‬
‫الوحي الحقيقي فاسد لن عيسى نبي فأي مانع من نزول الوحي‬
‫إليه فإن تخيل في نفسه أن عيسى قد ذهططب وصططف النبططوة عنططه‬
‫وانسلخ منه فهذا قول يقارب الكفر لن النبي ل يذهب عنه وصف‬
‫النبوة أبدا ول بعد موته‪ ،‬وإن تخيل اختصاص الطوحي للنطبي بزمطن‬
‫دون زمن فهو ل دليل عليه ويبطله ثبوت الدليل على خلفططه وقططد‬

‫‪198‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫ألم السبكي بشيء مما ذكرناه فقال في تصنيف له مططا مططن نططبي‬
‫إل أخذ الله عليه الميثاق أنه إن بعث محمد في زمانه ليططؤمنن بططه‬
‫ولينصرنه ويوصي أمته بذلك وفي ذلك مططن التنططويه بططالنبي صططلى‬
‫الله عليه وسلم وتعظيم قدره العلي ما ل يخفى وفيه مع ذلك أنه‬
‫على تقدير مجيئه في زمطانهم يكطون مرسطل إليهطم وتكطون نبطوته‬
‫ورسالته عامة لجميع الخلق من زمن آدم إلى يوم القيامة وتكون‬
‫النبياء وأممهم كلهم من أمته ويكون قوله بعثت إلى الناس كافططة‬
‫ل يختص به الناس مططن زمططانه إلططى يططوم القيامططة بططل يتنططاول مططن‬
‫قبلهم أيضا ‪ -‬إلى أن قال فالنبي صلى الله عليططه وسططلم هططو نططبي‬
‫النبياء ولططو اتفططق مجيئه فططي زمططن آدم ونططوح وإبراهيططم وموسططى‬
‫وعيسى وجب عليهم وعلى أممهم اليمان به ونصرته وبذلك أخططذ‬
‫الله الميثاق عليهم فنبوته عليهم ورسالته إليهم معنططى حاصططل لططه‬
‫وإنما أمره يتوقف علططى اجتمططاعهم معططه فلططو وجططد فططي عصططرهم‬
‫لزمهم اتباعه بل شك ولهذا يططأتي عيسططى فططي آخططر الزمططان علططى‬
‫شريعته وهو نبي كريم علططى حططاله ل كمططا يظططن بعططض النططاس أن‬
‫يأتي واحد من هذه المة نعم هو واحد من هذه المة بما قلناه أن‬
‫اتباعه للنبي صلى الله عليه وسلم وإنما يحكم بشريعة نبينا صططلى‬
‫الله عليه وسلم بالقرآن والسنة وكل ما فيه من أمر أو نهي فهططو‬
‫متعلق به كما يتعلق بسائر المة وهططو نططبي كريططم علططى حططاله لططم‬
‫ينقص منه شيء وكذلك لو بعث النبي صلى الله عليه وسلم فططي‬
‫زمانه أو في زمان موسى وإبراهيططم ونططوح وآدم كططانوا مسططتمرين‬
‫على نبوتهم ورسالتهم إلى أممهم والنبي صلى اللططه عليططه وسططلم‬
‫نبي عليهم ورسول إلططى جميعهططم فنبططوته ورسططالته أعططم وأشططمل‬
‫وأعظم هذا كلم السبكي‪ .‬فعططرف بططذلك أنططه ل تنططافي بيططن كططونه‬
‫ينزل متبعا للنبي صلى الله عليه وسلم وبين كونه باقيا على نبوته‬
‫ويأتيه جبريل بما شطاء اللطه مطن الطوحي واللطه أعلططم‪ .‬قططال زاعطم‬
‫الوحي في حططديث مسططلم مططؤول بططوحي اللهططام قلططت قططال أهططل‬
‫الصول التأويل صرف اللفططظ عططن ظططاهره لططدليل فططإن لططم يكططن‬
‫لدليل فلعب ل تأويل ول دليل على هذا فهو لعططب بالحططديث‪ ،‬قططال‬
‫زاعم الدليل عليه حططديث ل وحططي بعططدي قلنططا هططذا الحططديث بهططذا‬
‫اللفظ باطل‪ ،‬قال زاعم الدليل عليه حديث ل نططبي بعططدي قلنططا يططا‬
‫مسكين ل دللة في هذا الحديث على ما ذكرت بوجه من الوجططوه‬
‫لن المراد ل يحدث بعده بعث نبي بشرع ينسخ شرعه كما فسره‬

‫‪199‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫بذلك العلماء‪ ،‬ثم يقال لهذا الزاعم هل أنت آخططذ بظططاهر الحططديث‬
‫من غير حمل على المعنى المذكور فيلزمك عليه أحد أمريططن إمططا‬
‫نفي نزول عيسى أو نفي النبوة عنه وكلهمططا كفططر‪ ،‬ثططم بعططد مططدة‬
‫من كتابتي لهذا الجواب وقفت على سؤال رفع إلى شيخ السططلم‬
‫ابن حجر صورته ما قولكم في قول سيدنا رسول الله صلى اللططه‬
‫عليه وسلم ينزل عيسى بن مريططم فططي آخططر الزمططان حكمططا فهططل‬
‫ينزل عيسططى عليططه السططلم حافظططا لكتططاب اللططه القططرآن العظيططم‬
‫ولسنة نبينا صلى الله عليه وسلم أو يتلقططى الكتططاب والسططنة عططن‬
‫علماء ذلك الزمان ويجتهد فيها وما الحكططم فططي ذلططك فأجططاب بمططا‬
‫نصه ومن خطه نقلت‪ :‬لم ينقل لنا في ذلك شططيء صططريح والططذي‬
‫يليق بمقطام عيسطى عليطه الصطلة والسطلم أنطه يتلقطى ذلطك عطن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم فيحكم في أمته بما تلقططاه عنططه‬
‫لنه في الحقيقة خليفة عنه والله أعلم‪.‬‬
‫)تنبيه(‪ :‬ويشبه هذا ما بلغني عن بعض المنكرين أنططه أنكططر مططا‬
‫ورد من أن عيسططى عليططه السططلم إذا نططزل يصططلي خلططف المهططدي‬
‫صلة الصبح وأنه صنف في إنكار ذلك كتابا وقال في تططوجيه ذلططك‬
‫أن النبي صلى الله عليه وسلم أجل مقامططا مططن أن يصططلي خلططف‬
‫غير نبي وهذا من أعجب العجب فإن صلة عيسى خلططف المهططدي‬
‫ثابتة في عدة أحاديث صحيحة بأخبار رسول الله صلى اللططه عليططه‬
‫وسلم وهو الصادق المصدوق الذي ل يخلف خططبره‪ ،‬مططن ذلططك مططا‬
‫رواه أحمططد فططي مسططنده والحططاكم فططي المسططتدرك وصططححه عططن‬
‫عثمان بن أبي العاصي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسططلم‬
‫يقول فذكر الحديث وفيه فينزل عيسى عند صططلة الفجططر فيقططول‬
‫له أمين الناس تقدم يا روح الله فصل بنا فيقول أنكم معشر هذه‬
‫المة أمراء بعضكم على بعض تقدم أنت فصل بنا فيتقدم فيصلي‬
‫بهم فإذا انصرف أخذ عيسى حربته نحو الدجال‪ ،‬وفي الصططحيحين‬
‫عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليططه وسططلم كيططف‬
‫أنتم إذا نزل فيكم ابن مريم وإمططامكم منكططم‪ ،‬وفططي مسططند أحمططد‬
‫عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسططلم‬
‫يخرج الدجال فذكر الحديث إلى أن قال فططإذا هططم بعيسططى فتقططام‬
‫الصططلة فيقططال لططه تقططدم يططا روح اللططه فيقططول ليتقططدم إمططامكم ‪-‬‬
‫الحديث‪ ،‬وفي مسند أبو يعلططي عططن جططابر قططال قططال رسططول اللططه‬
‫صلى الله عليه وسططلم ل تططزال طائفططة مططن أمططتي ظططاهرين علططى‬

‫‪200‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الحق حتى ينزل عيسى بن مريم فيقول إمامهم تقدم فيقول أنت‬
‫أحق بعضكم أمراء على بعض أكرم الله به هذه المططة‪ ،‬وروى أبططو‬
‫داود وابن ماجه عن أبي أمامة البططاهلي قططال خطبنططا رسططول اللططه‬
‫صلى الله عليه وسلم فحدثنا عن الدجال فططذكر الحططديث إلططى أن‬
‫قال وإمامهم رجل صالح فبينما إمامهم قد تقدم يصططلي الصططبح إذ‬
‫نزل عليهم عيسى ابططن مريططم الصططبح فرجططع ذلططك المططام يمشططى‬
‫القهقرى ليتقدم عيسى يصلي فيضع عيسططى يططده بيططن كتفيططه ثططم‬
‫يقول له تقدم فصل فإنها لططك أقيمططت فيصططلي بهططم إمططامهم فططإذا‬
‫انصرف قال عيسى أقيمططوا البططاب فيفتططح ووراءه الططدجال‪ ،‬وروى‬
‫مسلم عن جابر عن النططبي صطلى اللطه عليطه وسططلم قططال ل تططزال‬
‫طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة قال‬
‫فينزل عيسى بن مريم فيقول أميرهم تعال صل بنططا فيقططول ل أن‬
‫بعضكم على بعض أمين تكرمة الله هذه المة‪ .‬وقول هذا المنكططر‬
‫إن النبي أجل مقاما من أن يصلي خلف غير نبي‪ .‬جططوابه أن نبينططا‬
‫صلى الله عليه وسططلم أجططل النبيططاء مقامططا وأرفعهططم درجططة وقططد‬
‫صلى خلف عبد الرحمن بن عوف مرة وخلف أبططي بكططر الصططديق‬
‫أخرى وقال إنه لم يمت نبي حتى يصلي خلف رجل من أمته ثبت‬
‫ذلك في أحاديث صحيحة فكيف يتجه لهططذا المنكططر أن يقططول هططذا‬
‫الكلم بعد ذلك ولست أعجب من إنكار من ل يعرف إنمططا أعجططب‬
‫من إقدامه على تسطير ذلك فططي ورق يخلططد بعططده ويسطططر فططي‬
‫صحيفته‪ .‬ثم رأيت في مصنف ابن أبي شططيبة ثنططا أبططو أسططامة عططن‬
‫هشام عن ابن سيرين قال المهدي من هذه المة وهو الططذي يططؤم‬
‫عيسى بن مريم عليه السلم‬

‫لبس اليلب في الجواب عن إيراد حلب‬


‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫وصل كتاب العلم إلى حلب فوقف عليه واقف فططرأى قططولي‬
‫فيه إن جبريل هطو السطفير بيطن اللطه وبيطن أنبيطائه ل يعطرف ذلطك‬
‫لغيره من الملئكة‪ .‬فكتب على الهططامش بخطططه مططا نصططه بططل قططد‬
‫عرف ذلك لغيره من الملئكة قال الحافظ برهططان الططدين الحلططبي‬
‫في شرح البخاري أعلم أن في كيفية نزول الططوحي علططى رسططول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم سبع صور ذكرها السططهيلي فططي روضططه‬
‫إلى أن قال سابعها وحي إسرافيل كما ثبت عن الشعبي أن النبي‬

‫‪201‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫صلى الله عليه وسلم وكل به إسططرافيل فكططان يطتراءى لطه ويطأتيه‬
‫بالكلمة والشيء ثم وكل به جبريل‪ ،‬قططال ابططن عبططد الططبر فططي أول‬
‫الستيعاب وساق سندا إلى الشعبي قال أنزلت عليه النبططوة وهططو‬
‫ابن أربعين سنة فقرن بنبوته إسرافيل ثلث سططنين ثططم نقططل عططن‬
‫شيخه ابن الملقن أن المشهور أن جبريل ابتدأه بالوحي انتهى‪ .‬ما‬
‫كتبه المعترض‪ .‬وأقول الجواب عن ذلططك مططن وجططوه‪ :‬أحططدهما مططا‬
‫نقله المعترض نفسه في آخر كلمه عن ابن الملقن أن المشططهور‬
‫أن جبريل ابتدأه بالوحي وإنما قال ابن الملقططن ذلططك لنططه الثططابت‬
‫في أحاديث الصحيحين وغيرهما وأثر الشططعبي مرسططل أو معضططل‬
‫فكيططف يعتمططد عليططه مططع ثبططوت خلفططه فططي الصططحيحين وغيرهمططا‬
‫والعجب من المعترض كيف اعترض بما لم يثبت مع نقله في آخر‬
‫كلمه أن المشهور خلف ما اعترض به‪" .‬الوجه الثاني" أن المراد‬
‫بالسفير الذي هططو مرصطد لطذلك وذلطك ل يعططرف لغيطر جبريططل ول‬
‫ينافي ذلك مجيء غيره من الملئكة إلططى النططبي صططلى اللططه عليططه‬
‫وسلم في بعض الحيان كما أن كاتب السططر مرصططد للتوقيططع عططن‬
‫السلطان ول ينافي ذلك أن يوقع عنه غيره في بعططض الحيططان فل‬
‫يسلب كاتب السر الختصاص بهذا السم ول يشاركه فيه من وقع‬
‫مرة أو مرتين فكذلك ل يسلب جبريل الختصططاص باسططم السططفير‬
‫ول يشاركه فيه أحد مططن الملئكططة الططذين جطاءوا إلطى النبيططاء فططي‬
‫وقت ما وكم من ملك غير إسططرافيل جططاء إلططى النططبي صططلى اللططه‬
‫عليه وسلم في قضايا متعددة كما هو في كثير من الحاديث وجاء‬
‫ملك الموت إلى إبراهيم عليه السلم فبشره بالخلططة فعجططب مططن‬
‫المعططترض كيططف اقتصططر علططى إسططرافيل دون مجيططء غيططره مططن‬
‫الملئكة‪" .‬الوجه الثالث" إن العبارة التي أوردتها وهو السفير بين‬
‫الله وبين أنبيائه بصيغة الجمع وإسرافيل لم ينططزل إلططى أحططد غيططر‬
‫النبي صلى الله عليه وسططلم كمططا ورد فططي الحططديث‪ ،‬وذكططر بعططض‬
‫العلماء في حكمته أنه الموكل بالنفخ في الصور والنبي صلى الله‬
‫عليه وسلم بعث قرب الساعة وكانت بعثته مططن اشططراطها فبعططث‬
‫إليه إسططرافيل بهططذه المناسططبة ولططم يبعططث إلططى نططبي قبلططه وحينئذ‬
‫فالمبعوث إلى النبي صلى الله عليه وسططلم فقطط ل يصططدق عليططه‬
‫أنه سفير بين الله وبين أنبيائه بصيغة الجمع لنه لططم يكططن سططفيرا‬
‫إل بين الله وبين نبي واحد والحكم المنفي عن المجمططوع ل يلططزم‬
‫نفيه عن فرد من أفراد ذلك المجموع فل يصح النقض به‪" .‬الوجه‬

‫‪202‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الرابع" أنه قد ورد فططي الحططديث مططا يططوهي أثططر الشططعبي وهططو مططا‬
‫أخرجه مسلم والنسائي والحاكم عن ابن عباس قال بينما رسططول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم جالس وعنططده جبريططل إذ سططمع نقيضططا‬
‫من السماء من فوق فرجع جبريططل بصططره إلططى السططماء فقططال يططا‬
‫محمد هذا ملك قد نزل لم ينزل إلى الرض قط قال فططأتى النططبي‬
‫صلى الله عليه وسلم فسلم عليه فقال أبشر بنورين أوتيتهما لططم‬
‫يؤتهما نبي قبلك فاتحة الكتاب وخططواتيم سططورة البقططرة لططن تقططرأ‬
‫حرفا منهما إل أوتيتهما قال جماعططة مططن العلمططاء هططذا الملططك هططو‬
‫إسرافيل‪ .‬وأخرج الطبراني عن ابن عمر قال سمعت رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم يقول لقد هبط علي ملططك مططن السططماء مططا‬
‫هبط على نبي قبلي ول يهبط على أحد بعدي وهو إسرافيل فقال‬
‫أنا رسول ربك إليك أمرني أخبرك إن شئت نبيططا عبططدا وإن شططئت‬
‫نبيا ملكا فنظرت إلى جبريل فأومأ إلى أن تواضع فلططو أنططي قلططت‬
‫نبيا ملكا لسارت الجبال معي ذهبا‪ .‬وهاتططان القضططيتان بعططد ابتططداء‬
‫الوحي بسنين كما يعرف من سائر طرق الحاديث وهما ظططاهران‬
‫في أن إسرافيل لم ينزل إليه قبل ذلك فكيف يصح قول الشططعبي‬
‫أنه أتاه في ابتداء الططوحي‪" .‬الططوجه الخططامس" أنططه قططد أقمنططا فططي‬
‫العلم الدليل على ذلك عقبه وهو قول ورقططة جبريططل أميططن اللططه‬
‫بينه وبين رسوله‪ ،‬وقول ابن سابط فوكل جبريل بالكتب والططوحي‬
‫إلى النبياء‪ .‬وقال عطاء بن السائب أول ما يحاسططب جبريططل لنططه‬
‫كططان أميططن اللططه إلططى رسططله وميكائيططل يتلقططى الكتططب وإسططرافيل‬
‫بمنزلة الحاجب وقوله صلى الله عليه وسلم فأما جبريل فصاحب‬
‫الحرب وصاحب المرسلين ‪ -‬الحديث وآثططار أخططر‪ .‬وقلنططا فططي آخططر‬
‫الكلم فعرف بمجموع هذه الثار اختصاص جبريل من بيططن سططائر‬
‫الملئكة بالوحي إلى النبياء أفما كان عند المعطترض مطن الفطنطة‬
‫ما يهتدي به لصططحة هططذا الكلم أخططذا مططن هططذه الدلططة‪ .‬هططذا آخططر‬
‫الجواب والله أعلم‪.‬‬

‫مبحث المعاد‬
‫وهو ثلثة أقسام‪ :‬أحوال البرزخ‪ ،‬وأشراط الساعة‪ ،‬والبعث‪.‬‬
‫أحوال البرزخ‪:‬‬
‫اللمعة في أجوبة السئلة السبعة‬

‫‪203‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫مسألة ‪ -‬هل يعلم الموات بزيارة الحياء وبمططا هططم فيططه وهططل‬
‫يسمع الميت كلم الناس وما يقططال فيططه وأيططن مقططر الرواح وهططل‬
‫تجتمع ويرى بعضهم بعضا وهل يسأل الشهيد والطفل‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬هذه مسائل مهمة قل من تكلططم عليهططا بمططا يشططفى‬
‫وأنا إن شاء الله تعالى أتتبع الحاديث والثار الواردة في ذلك‪:‬‬
‫أما المسألة الولى فنعم يعلمون بذلك‪ ،‬روى ابططن أبططي الططدنيا‬
‫في كتاب القبور من حديث عائشة قالت قال رسططول اللططه صططلى‬
‫الله عليه وسلم‪" :‬ما من رجل يططزور قططبر أخيططه ويجلططس عليططه إل‬
‫اسططتأنس بططه ورد عليططه حططتى يقططوم"‪ ،‬وروى ابططن عبططد الططبر فططي‬
‫الستذكار والتمهيد من حديث ابن عبططاس قططال قططال رسططول اللططه‬
‫صلى الله عليه وسلم‪" :‬ما من أحد يمر بقططبر أخيططه المططؤمن كططان‬
‫يعرفه في الدنيا فيسلم عليه إل عرفه ورد عليه السلم"‪ ،‬صططححه‬
‫أبو محمد عبد الحق‪ .‬وروى ابن أبي الدنيا فططي كتططاب القبططور عططن‬
‫محمد بن قدامة الجوهري عن معن بن عيسى القزار عططن هشططام‬
‫بن سعد عن زيد بن أسلم عن أبي هريرة قال إذا مر الرجل بقبر‬
‫يعرفه فسلم عليه رد عليه السلم وعرفه وإذا مطر بقطبر ل يعرفطه‬
‫فسلم عليه رد عليه السلم‪ ،‬وروى فيه عن محمد ابن واسع قططال‬
‫بلغني أن الموتى يعلمون بزوارهم يوم الجمعة ويوما قبلططه ويومططا‬
‫بعده وعن الضحاك قططال مططن زار قططبرا يططوم السططبت قبططل طلططوع‬
‫الشمس علم الميت بزيارته قيل له وكيف ذلك قططال لمكططان يططوم‬
‫الجمعة‪.‬‬
‫وأما المسألة الثانية وهي علم المططوات بططأحوال الحيططاء وبمططا‬
‫هم فيه فنعم أيضا‪ ،‬روى المام أحمد في مسنده ثنا عبططد الططرزاق‬
‫عن سفيان عمن سمع أنس بن مالك قال قال رسول اللططه صططلى‬
‫الله عليه وسلم‪" :‬إن أعمالكم تعططرض علططى أقططاربكم وعشططائركم‬
‫من الموات فإن كان خيططرا استبشططروا وإن كططان غيططر ذلططك قططالوا‬
‫اللهم ل تمتهم حتى تهديهم كما هديتنا" وقال أبططو داود الطيالسططي‬
‫في مسنده حدثنا الصلت بن دينار عن الحسن عن جابر ابططن عبططد‬
‫الله قال قال رسول الله صططلى اللططه عليططه وسططلم‪" :‬إن أعمططالكم‬
‫تعرض على عشائركم وعلى أقربائكم في قبورهم فإن كان خيططرا‬
‫استبشروا به وإن كان غيططر ذلططك قططالوا اللهططم ألهمهططم أن يعملططوا‬
‫بطاعتك‪ ،‬وروى الطبراني فططي الوسططط مططن طريططق مسططلمة بططن‬
‫علي وهو ضعيف عن زيد بن واقد وهشام بن الغططاز عططن مكحططول‬

‫‪204‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫عن عبد الرحمن بن سلمة عن أبي رهم عن أبي أيوب النصططاري‬
‫أن رسول الله صلى الله عليه وسططلم قططال أن نفططس المططؤمن إذا‬
‫قبضت تلقاها أهل الرحمة من عباد الله كمططا تلقططون البشططير مططن‬
‫أهل الطدنيا فيقولططون أنظططروا صطاحبكم ليسططتريح فطإنه فططي كطرب‬
‫شديد ثم ليسألونه ما فعل فلن وفلنة هططل تزوجططت فططإذا سططألوه‬
‫عططن الرجططل قططد مططات قبلططه فيقططول أيهططات قططد مططات ذاك قبلططي‬
‫فيقولون إنططا للططه وإنططا إليططه راجعططون ذهبططت بططه إلططى أمططه الهاويططة‬
‫فبئسططت الم وبئسططت المربيططة‪ ،‬وقططال إن أعمططالكم تعططرض علططى‬
‫أقططاربكم وعشططائركم مططن أهططل الخططرة فططإن كططان خيططرا فرحططوا‬
‫واستبشروا وقالوا اللهم هذا فضلك ورحمتك فططأتمم نعمتططك عليططه‬
‫وأمته عليها ويعرض عليهم عمل المسيء فيقولططون اللهططم ألهمططه‬
‫عمل صالحا ترضى به وتقربه إليك‪ ،‬ورواه ابن أبي الدنيا في كتاب‬
‫المنامات عن محمد بن الحسين عن محمد بن إسططحاق عططن عبططد‬
‫الله ابن المبارك عن ثور بن يزيد عن أبي رهم عن أبي أيوب قال‬
‫تعرض أعمالكم على الموتى فإن رأوا حسططنا فرحططوا واستبشططروا‬
‫وإن رأوا سواء قالوا اللهم راجع به‪ ،‬وروى الترمططذي الحكيططم فططي‬
‫نوادر الصول من حديث عبد الغفور بن عبد العزيز عن أبيططه عططن‬
‫جده قال قال رسول الله صلى الله عليه وسططلم تعططرض العمططال‬
‫يوم الثنين ويوم الخميس على الله وتعططرض علططى النبيططاء وعلططى‬
‫الباء والمهات يوم الجمعة فيفرحون بحسناتهم وتططزداد وجططوههم‬
‫بياضا وإشراقا فاتقوا الله ول تؤذوا أمواتكم‪ ،‬وروى ابن أبي الططدنيا‬
‫في كتاب المنامات ثنا القاسم بن هاشم ومحمد بن رزق الله قال‬
‫ثنا يحيى بن صالح الوحاظي ثنا أبططو إسططماعيل السططلولي سططمعت‬
‫مالك بن الطداء يقطول سطمعت النعمطان بطن بشطير يقطول سطمعت‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الله الله في أخوانكم من‬
‫أهل القبور فإن أعمالكم تعطرض عليهطم‪ ،‬وقطال ثنطا عبطد اللطه بطن‬
‫شبيب ثنا أبو بكر بن شيبة الحزامططي ثنططا فليططح بططن إسططماعيل نبططأ‬
‫محمد بن جعفر بن أبي كثير بططن زيططد بططن أسططلم عططن أبططي صططالح‬
‫والمقبري عن أبي هريرة قال قال رسططول اللططه صططلى اللططه عليططه‬
‫وسلم ل تفضططحوا موتططاكم بسططيئات أعمططالكم فإنهططا تعططرض علططى‬
‫أوليائكم من أهل القبططور‪ ،‬وقططال نبططأ الحسططن بططن عبططد العزيططز نبططأ‬
‫عمرو ابن أبي سلمة عن سعيد بن عبد العزيز عططن بلل بططن أبططي‬
‫الدرداء قال كنت أسمع أبا الدرداء يقول اللهم أنططي أعططوذ بططك أن‬

‫‪205‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫يمقتني خالي عبد الله بن رواحة إذا لقيته‪ ،‬وقال ثنا أبو هشام ثنططا‬
‫يحيى بن يمان عن عبد الوهاب بن مجاهد عن أبيه قال أنه ليبشر‬
‫بصلح ولده من بعده لتقر بذلك عينه‪.‬‬
‫وأمططا المسططألة الثالثططة وهططي هططل يسططمع الميططت كلم النططاس‬
‫وثناءهم عليططه وقططولهم فيططه فنعططم أيضططا أخططرج المططام أحمططد فططي‬
‫مسنده والمروزي في الجنائز وابن أبي الدنيا وغيرهم من طريططق‬
‫أبي عامر العقدي عن عبد الملك بن الحسن المدني عن سعد بن‬
‫عمرو بن سططليم عططن معاويططة ‪ -‬أو ابططن معاويططة ‪ -‬عططن أبططي سططعيد‬
‫الخدري قال قال رسول الله صططلى اللططه عليططه وسططلم أن الميططت‬
‫يعرف من يغسله ويحمله ويدليه في قبره‪ .‬وأخرجه الطبراني في‬
‫الوسط من طريق آخر عن أبططي سططعيد‪ .‬وأخططرج ابططن أبططي الططدنيا‬
‫وغيره بأسانيد عن عمططرو بططن دينططار وبكططر بططن عبططد اللططه المزنططي‬
‫وسفيان الثوري وغيرهم معنى ذلك‪ ،‬وقال ابططن أبططي الططدنيا حططدثنا‬
‫سريج بن يونس ثنا عبيدة بن حميد أخبرني عمططار عططن سططالم بططن‬
‫أبي الجعد قال قال حذيفة الططروح بيططد ملططك وأن الجسططد ليغسططل‬
‫وأن الملك ليمشي معططه إلططى القططبر فططإذا سططوى عليططه سططلك فيططه‬
‫فذلك حين يخاطب‪ .‬وقال ثنا الحسين بن عمرو القرشططي ثنططا أبططو‬
‫داود الحفري ثنا سفيان عن العمش عن عبططد الرحمططن بططن زيططاد‬
‫عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال الروح بيد ملك يمشططي بططه مططع‬
‫الجنازة يقول له اسمع ما يقال لك فإذا بلغ حفرته دفنه معه‪.‬‬
‫وأمططا المسططألة الرابعططة وهططي مقططر الرواح فهططي أجططل هططذه‬
‫المسائل وأنا أستوفي لها إن شاء الله تعالى ما وقفت عليططه فططي‬
‫ذلك‪ :‬روى مالك في الموطأ عن أبن شهاب عن عبد الرحمطن بططن‬
‫كعب بن مالك أن أباه كعب بن مالك كان يحططدث أن رسططول اللطه‬
‫صلى الله عليه وسلم قال إنمططا نسططمة المططؤمن طططائر يعلططق فططي‬
‫شجر الجنة حتى يرجعه الله إلى جسططده يططوم يبعثططه‪ ،‬هططذا حططديث‬
‫صحيح أخرجه المام أحمد في مسنده عن الشططافعي عططن مالططك‪،‬‬
‫والنسائي وغيره‪ .‬وأخرج أحمد والطبراني في الكبير بسند حسططن‬
‫عن أم هانئ أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم انططتزاور‬
‫إذا متنا ويرى بعضنا بعضا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫تكون النسم طيرا تعلق بالشجر حتى إذا كان يوم القيامططة دخلططت‬
‫كل نفس في جسدها‪ ،‬وأخرج مسلم وغيره من حططديث عبططد اللططه‬
‫بن مسعود مرفوعا أرواح الشهداء عنططد اللططه فططي حواصططل طيططور‬

‫‪206‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫تسرح في أنهار الجنة حيططث شطاءت ثططم تططأوي إلططى قناديططل تحططت‬
‫العرش‪ ،‬وأخرج أحمد وأبو داود والحاكم وغيرهم بسند صحيح عن‬
‫ابططن عبططاس أن النططبي صططلى اللططه عليططه وسططلم قططال لمططا أصططيب‬
‫أصحابكم بأحد جعل الله أروحهم في أجواف طير خضر ترد أنهططار‬
‫الجنة وتأكل من ثمارها وتططأوي إلططى قناديططل مططن ذهططب فططي ظططل‬
‫العرش‪ .‬وأخرج أحمد وعبد في مسنديهما والطبراني بسند حسن‬
‫عن محمود بن لبيد عن ابن عباس مرفوعططا الشططهداء علططى بططارق‬
‫نهر بباب الجنة في قبططة خضططراء يخططرج إليهططم رزقهططم مططن الجنططة‬
‫غدوة وعشية‪ ،‬وأخرج البيهقي في البعث والطبراني بسططند حسططن‬
‫عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك قال لما حضططرت كعبططا الوفططاة‬
‫أتته أم مبشر بنت البراء فقالت يا أبا عبد الرحمن إن لقيططت كعبططا‬
‫فاقرأه مني السلم فقال لها يغفر الله لك يا أم بشر نحن أشططغل‬
‫من ذلك فقال أما سططمعت رسططول اللططه صططلى اللططه عليططه وسططلم‬
‫يقول أن نسمة المؤمن تسططرح فططي الجنططة حيططث شططاءت ونسططمة‬
‫الكافر في سجين قال بلى قالت فهو ذاك‪ .‬وقال الطبراني حططدثنا‬
‫أبو زرعة الدمشقي ثنا عبد الله بن صالح عططن ضططمرة بططن حططبيب‬
‫قال سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن أرواح المططؤمنين فقططال‬
‫في طير خضر تسرح في الجنة حيث شاءت قالوا يا رسططول اللططه‬
‫وأرواح الكفططار قططال محبوسططة فططي سططجين‪ ،‬هططذا حططديث مرسططل‪،‬‬
‫وأخرج أحمد في مسنده والحاكم فططي مسططتدركه والططبيهقي وابططن‬
‫أبي داود في كتابي البعث لهما وغيرهم من طرق عن أبي هريرة‬
‫قال قال رسول الله صلى اللططه عليططه وسططلم أولد المططؤمنين فططي‬
‫جبل في الجنة يكفلهم إبراهيم وسارة حتى يردهم إلى آبائهم يوم‬
‫القيامة‪ ،‬صححه الحاكم‪ .‬وأخططرج الططبيهقي فططي الططدلئل وابططن أبططي‬
‫حاتم وابن مردويه في تفسيريهما وغيرهم من طريق أبططي محمططد‬
‫الحماني عن أبي هرون العبدي عن أبي سعيد الخدري عن النططبي‬
‫صلى الله عليه وسلم قال أتيت بالمعراج الذي تعططرج عليططه أرواح‬
‫بني آدم فلم تر الخلئق أحسن من المعراج ما رأيت الميت حيططن‬
‫يشق بصره طامحا إلى السماء فإن ذلك عجبه بالمعراج فصعدت‬
‫أنا وجبريل فاستفتح باب السماء فإذا أنا بآدم تعططرض عليططه أرواح‬
‫ذريته المؤمنين فيقول روح طيبة ونفس طيبة اجعلوها في عليين‬
‫ثم تعرض عليه أرواح ذريته الفجار فيقول روح خبيثة ونفس خبيثة‬
‫اجعلوها في سجين‪ ،‬وقططال أبططو نعيططم الصططبهاني حططدثنا أحمططد بططن‬

‫‪207‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫إبراهيم الكيال ثنا موسى بن شعيب أبو عمططران السططمرقندي ثنططا‬
‫محمد بن سهيل ثنا أبو مقاتل السمرقندي ثنا أبو سهل هشام بططن‬
‫مصك عن الحسن عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى اللططه‬
‫عليه وسلم أن أرواح المؤمنين في السماء السابعة ينظرون إلططى‬
‫منازلهم في الجنة‪ .‬هذا ما وقفت عليه مططن الحططاديث المرفوعططة‪،‬‬
‫وأما الموقوفة فقال ابن أبي الدنيا حدثنا محمد بن رجاء ثنا النضر‬
‫بن شميل ثنا حماد بن سلمة ثنا علططي بططن يزيططد بططن جططدعان عططن‬
‫يوسف ابن مهران عن ابن عباس عن علي بططن أبططي طططالب قططال‬
‫أبغض بقعة في الرض إلى اللططه واد يقططال لططه برهططوت فيططه أرواح‬
‫الكفار‪ ،‬وأسططند الططبيهقي فططي البعططث وابططن أبططي الططدنيا فططي كتططاب‬
‫المنامات عن سعيد بن المسيب أن سلمان الفارسططي وعبططد اللططه‬
‫بططن سططلم التقيططا فقططال أحططدهما لصططاحبه أن لقيططت ربططك قبلططي‬
‫فأخبرني ماذا لقيت فقال أو يلقى الحياء الموات فقال نعططم أمططا‬
‫المؤمنون فططإن أرواحهططم فططي الجنططة وهططي تططذهب حيططث شططاءت‪،‬‬
‫وأسند البيهقي والطبراني في الكبير عن عبد الله بن عمططرو قططال‬
‫الجنطة مطويطة فطي قطرون الشطمس تنشطر فطي كطل عطام مرتيطن‬
‫وأرواح المؤمنين في طير كالزرازير تأكل من شجر الجنة‪ ،‬وأسند‬
‫المروزي في الجنائز عططن العبططاس بططن عبططد المطلططب قططال ترفططع‬
‫ارواح المؤمنين إلى جبريل فيقال أنت ولي هذه إلى يوم القيامة‪،‬‬
‫وأسند عن عبد الله ابن عمرو قططال أرواح الكفططار تجمططع بططبرهوت‬
‫سططبخة بحضططرموت وأرواح المططؤمنين تجتمططع بالجابيططة‪ ،‬واسططند‬
‫البيهقي عن ابن عباس عن كعب قال جنة المأوى فيها طير خضر‬
‫ترتقي فيها أرواح الشطهداء تسطرح فطي الجنطة وأرواح آل فرعطون‬
‫في طير سود تغدو على النار وتروح وأن أطفططال المسططلمين فططي‬
‫عصافير الجنة‪ ،‬واسند أبو نعيم في الحلية عن وهب بن منبه قططال‬
‫إن لله في السططماء السططابعة دارا يقططال لهططا البيضططاء تجتمططع فيهططا‬
‫أرواح المؤمنين فططإذا مططات الميططت مططن أهططل الططدنيا تلقتططه الرواح‬
‫يسألونه عن أخبار الدنيا كما يسأل الغطائب أهلطه إذا قططدم عليهطم‪،‬‬
‫وقال ابن أبي الدنيا حدثنا خالد بن خداش سمعت مالك بططن أنططس‬
‫يقول بلغني أن أرواح المؤمنين مرسلة تذهب حيث شاءت‪.‬‬
‫وأما المسألة الخامسة وهي هل تجتمع الرواح ويرى بعضططهم‬
‫بعضططا فنعططم أيضططا وقططد تقططدم ذلططك فططي حططديث أبططي أيططوب عنططد‬
‫الطبراني وفي حديث أم بشر عنده وعند البيهقي وفي أثططر وهططب‬

‫‪208‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫وقال ابن أبي الدنيا حدثني محمد بن عبد الله بن بزيع ثنططا فضططيل‬
‫بن سليمان النميري ثنا يحيى بن عبد الرحمن بططن أبططي لبيبططة عططن‬
‫جده قال لما مات بشر بططن الططبراء بططن معططرور وجططدت عليططه أمططه‬
‫وجدا شديدا فقالت يا رسول الله أنه ل يزال الهالك يهلك من بني‬
‫سلمة فهل تتعارف الموتى فأرسل إلى بشر بالسططلم فقططال نعططم‬
‫والذي نفسي بيده أنهم ليتعارفون كما تتعارف الطير فططي رؤوس‬
‫الشطجر وكطان ل يهلطك هالطك مططن بنططي سطلمة إل جططاءته أم بشطر‬
‫فقالت يا فلن عليك السلم فيقول وعليك فتقول اقرأ على بشططر‬
‫السلم‪ ،‬وقال المام أحمد في مسنده حدثنا الحسن ثنا ابن لهيعة‬
‫عن دراج عن عيسى بن هلل الصدفي عن عبططد اللططه ابططن عمططرو‬
‫قال قال رسول الله صلى الله عليططه وسططلم أن روحططي المططؤمنين‬
‫ليلتقيان على مسيرة يوم وما رأى أحططدهما صططاحبه قططط‪ ،‬وأخططرج‬
‫البزار بسند صحيح عططن أبططي هريططرة رفعططه أن المططؤمن ينططزل بططه‬
‫الموت ويعاين ما يعاين يططود لططو خرجططت نفسططه واللططه يحططب لقططاء‬
‫المططؤمن وأن المططؤمن تصططعد روحططه إلططى السططماء فتططأتيه أرواح‬
‫المططؤمنين فيسططتخبرونه عططن معططارفه مططن أهططل الرض فططإذا قططال‬
‫تركت فلنا في الدنيا أعجبهم ذلك وإذا قال أن فلنا قد مات قالوا‬
‫ما جيء به إلينا‪ ،‬وأخرج ابن أبي الدنيا بأسانيد عن عبيد بن عميططر‬
‫قططال إذا مططات الميططت تلقتططه الرواح فيسططتخبرونه كمططا يسططتخبر‬
‫الراكب ما فعل فلن وفلن‪ ،‬وعن الحسن قال إذا احتضر المؤمن‬
‫حضره خمسمائة ملك يقبضون روحه فيعرجططون بططه إلططى السططماء‬
‫الططدنيا فتلقططاه أرواح المططؤمنين الماضططين فيريططدون أن يسططتخبروه‬
‫فتقول لهم الملئكة ارفقوا به فإنه خرج من كرب عظيم فيسططأله‬
‫الرجل عن أخيه وعن صاحبه‪ ،‬وعن سعيد بن جططبير قططال إذا مططات‬
‫الميت استقبله ولده كما يستقبل الغائب‪ ،‬وعن ثابت البنططاني قططال‬
‫بلغنا أن الميت إذا مات احتوشه أهله وأقططاربه الططذين قططد تقططدموه‬
‫من الموتى فهو أفرح بهم وهططو افططرح بططه مططن المسططافر إذا قططدم‬
‫على أهله‪.‬‬
‫وأما المسألة السادسة وهي أن الشهيد هل يسأل‪ :‬فجططوابه ل‬
‫صرح به جماعة منهم القرطبي واستدل بحديث مسلم أنططه صططلى‬
‫اللططه عليططه وسططلم سططئل هططل يفتططن الشططهيد فقططال كفططى ببارقططة‬
‫السيوف على رأسه فتنة‪ ،‬قال القرطبي ومعنططاه أن السططؤال فططي‬
‫القبر إنما جعل لمتحان المؤمن الصادق في إيمططانه مططن المنططافق‬

‫‪209‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫وثبوته تحت بارقة السيوف أدل دليل على صدقه فططي إيمططانه وإل‬
‫لفر إلى الكفار‪.‬‬
‫وأما المسألة السابعة وهي أن الطفل هل يسأل‪ :‬ففيه قولن‬
‫للحنابلة حكاهما ابن القيم فططي كتططاب الططروح وقططول النططووي فططي‬
‫الروضة وشرح المهذب إن التلقين بعد الدفن مختص بالبططالغ وأن‬
‫الصبي الصغير ل يلقن دليل على اختياره أنه ل يسأل والله أعلم‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬ماذا يقول إمام العصر مجتهد * قد فاق سططالفه فططي‬
‫العجم والعرب‬
‫فيما روى عن رسول الله من كلم * لهل بدر وقد ردوا إلى‬
‫القلب‬
‫وقيل كلمت موتى لسماع لهم * فقال لستم باسمع جاء في‬
‫الكتب‬
‫وقال ل تسمع الموتى الله وذا * معارض للذي قلناه في الرتب‬
‫ل زلت ترشد عبدا ظل في دلك * بواضح الفرق جالى الشك‬
‫والرتب‬
‫الجواب ‪ -‬الحمططد للططه حمططدا دائم الحقططب * ثططم الصططلة علططى‬
‫المبعوث خير نبي‬
‫سماع موتى كلم الخلق معتقد * جاءت به عندنا الثار في الكتب‬
‫وآية النفي معناها سماع هدى * ل يقبلون ول يصغون للدب‬
‫فالنفي جاء على معنى المجاز فخذ * واجمع به بين ذا مع هذه‬
‫تصب‬
‫مسألة ‪ -‬سؤال منكر ونكيططر فططي القططبر هططل هططو عططام لجميططع‬
‫الخلق أو يستثنى منه أحد وهل يسأل الطفال والسقط‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬ليس عامططا للخلططق بططل يسططتثنى منططه الشططهيد ففططي‬
‫الحديث أنه صلى الله عليه وسلم سئل أيفتططن الشططهيد فططي قططبره‬
‫فقال كفى ببارقة السيوف على رأسه فتنططة‪ .‬قططال القرطططبي فططي‬
‫التذكرة نقل عن الحكيم الترمذي معناه أنه لو كان عنده نفاق فططر‬
‫عند التقاء الزحفين وبريق السيوف لن من شأن المنافق الفططرار‬
‫عند ذلك وشأن المططؤمن البططذل والتسططليم للططه فلمططا ظهططر صططدق‬
‫ضميره حيث برز للحرب والقتل لم يعد عليه السططؤال فططي القططبر‬
‫الموضوع لمتحان المسلم الخالص من المنططافق‪ ،‬قططال القرطططبي‬
‫وإذا كان الشهيد ل يفتن فالصديق من باب أولى لنه أجططل قططدرا‪.‬‬
‫وممن يستثنى المرابط فقد ورد فيه أحاديث‪ .‬والمطعون والصابر‬

‫‪210‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫في بلد الطعن محتسبا ومات بغير الطاعون ‪ -‬صططرح بططه الحططافظ‬
‫ابن حجر في كتاب بذل الماعون‪ .‬والطفال في أصح القولين‪.‬‬

‫الحتفال بالطفال‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫مسططألة ‪ -‬اختلططف فططي الطفططال هططل يفتنططون فططي قبططورهم‬
‫ويسألهم منكر ونكير أول على قولين شهيرين حكاهما ابططن القيططم‬
‫فططي كتططاب الططروح عططن أصططحابه الحنابلططة ورأيتهمططا أيضططا للحنفيططة‬
‫وللمالكية ويخرجان من كلم أصطحابنا الشطافعية‪ :‬أحطدهما أنهطم ل‬
‫يسألون وبه جططزم النسططفي مططن الحنفيططة وهططو مقتضططى كلم ابططن‬
‫الصططلح والنططووي وابططن الرفعططة والسططبكي وصططرح بططه الزركشططي‬
‫وأفتى به الحافظ ابن حجططر‪ .‬والثططاني‪ :‬أنهططم يسططألون روينططاه عططن‬
‫الضحاك من التابعين وجزم به من الحنفيططة الططبزازي والبيكسططاري‬
‫والشيخ أكمل الدين وهو مقتضى كلم ابن فورك والمتططولى وابططن‬
‫يونس من أصحابنا ونقله الشيخ سعد الططدين التفتططازاني عططن أبططي‬
‫شجاع وجزم به من المالكية القرطططبي فططي التططذكرة والفاكهططاني‬
‫وابن ناجي والقفهسي وصححه صاحب المصباح في علم الكلم‪.‬‬
‫ذكر نقول القول الول‪:‬‬
‫قال النسفي في بحر الكلم النبياء وأطفططال المططؤمنين ليططس‬
‫عليهططم حسططاب ول عططذاب القططبر ول سططؤال منكططر ونكيططر‪ .‬وقططال‬
‫النووي في الروضة من زوائده وفي شرح المهططذب التلقيططن إنمططا‬
‫هو فططي حططق الميططت المكلططف أمططا الصططبي ونحططوه فل يلقططن قططال‬
‫الزركشي في الخادم هذا تابع فيه ابن الصلح فططإنه قططال ل أصططل‬
‫لتلقينه يعني لنه ل يفتن فططي قططبره‪ .‬وقططال فططي موضططع آخططر فططي‬
‫الخادم ما قاله ابن الصلح والنووي مبني علططى أنططه ل يسططأل فططي‬
‫قططبره انتهططى‪ .‬وقططد تابعهمططا علططى ذلططك ابططن الرفعططة فططي الكفايططة‬
‫والسططبكي فططي شططرح المنهططاج‪ ،‬وسططئل الحططافظ ابططن حجططر عططن‬
‫الطفال هل يسألون فأجاب بأن الططذي يظهططر اختصططاص السططؤال‬
‫بمن يكون مكلفا‪.‬‬
‫ذكر نقول القول الثاني‪:‬‬
‫أخرج ابن جرير في تفسيره عن جويبر قال مات ابن للضحاك بن‬
‫مزاحم ابن ستة أيام فقال إذا وضعت ابني في لحده فأبرز وجهططه‬
‫وحل عقده فإن ابني مجلس ومسؤول فقلت عم يسأل قال عططن‬

‫‪211‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الميثاق الذي أقربه في صلب آدم‪ .‬وقال البزازي من الحنفية فططي‬
‫فتاويه السؤال لكل ذي روح حتى الصبي والله تعالى يلهمه وقططال‬
‫الزركشي في الخادم قد صرح ابن يونس في شرح التعجيططز بططأنه‬
‫يستحب تلقين الطفل واحتج بأن النبي صلى الله عليه وسلم لقن‬
‫ابنه إبراهيم قال وهذا احتج به المتولى في أصل المسططألة‪ .‬وقططال‬
‫السبكي في شرح المنهاج إنما يلقن الميططت المكلطف أمططا الصطبي‬
‫فل يلقن وقال في التتمة إن النبي صلى الله عليه وسلم لما لحططد‬
‫ابنه إبراهيم لقنه وهذا غريططب انتهططى‪ .‬وعبططارة التتمططة الصططل فططي‬
‫التلقين ما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم لما دفططن إبراهيططم‬
‫قال قل الله ربي ورسولي أبي والسلم ديني فقيل له يا رسططول‬
‫الله أنت تلقنه فمن يلقننططا فططأنزل اللططه تعططالى )يثبططت اللططه الططذين‬
‫آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفططي الخططرة( انتهططى‪ .‬وقططال‬
‫الشيخ سعد الدين في شرح العقائد قططال أبططو شططجاع أن للصططبيان‬
‫سؤال‪ .‬وقال صاحب المصباح الصح أن النبياء ل يسألون وتسططأل‬
‫أطفططال المسططلمين‪ ،‬وتوقططف أبططو حنيفططة فططي سططؤال أطفططال‬
‫المشركين‪ .‬وقال القرطبي في التذكرة فإن قالوا ما حكم الصغار‬
‫عنططدكم قلنططاهم كالبططالغين وأن العقططل يكمططل لهططم ليعرفططوا بططذلك‬
‫منزلتهم وسعادتهم ويلهمون الجواب عمططا يسططألون عنططه‪ .‬هططذا مططا‬
‫تقتضيه ظواهر الخبار وقد جاء أن القبر ينضم عليهططم كمططا ينضططم‬
‫على الكبار‪ .‬وقد روى هناد بن السري عططن أبططي هريططرة أنططه كططان‬
‫يصلي على المنفوس ما عمل خطيئة قط فيقول اللهم أجره مططن‬
‫عذاب القبر انتهى‪ .‬والولون قالوا إنما يكون السططؤال لمططن عقططل‬
‫الرسول والمرسل فيسأل هل آمن بالرسول وأطاعه أم ل‪ .‬قططالوا‬
‫والجواب عن حديث أبي هريرة أنه ليس المراد فيه بعططذاب القططبر‬
‫عقططوبته ول السططؤال بططل مجططرد اللططم بططالغم والهططم والحسططرة‬
‫والوحشة والضغطة الططتي تعططم الطفططال وغيرهططم‪ ،‬وقططد يستشططهد‬
‫لصحاب القول الثاني بمططا أخرجططه ابططن شططاهين فططي السططنة قططال‬
‫حدثنا عبد الله بن سليمان قال ثنا عمرو بن عثمان قططال ثنططا بقيططة‬
‫قال حدثني صفوان قال حدثني راشد قال كان النططبي صططلى اللططه‬
‫عليه وسلم يقول تعلموا حجتكم فططإنكم مسططؤولون حططتى إن كططان‬
‫أهططل الططبيت مططن النصططار يحضططر الرجططل منهططم المططوت فيوصططونه‬
‫والغلم إذا عقل فيقولون له إذا سألوك من ربطك فقطل اللطه ربطي‬
‫وما دينك فقل السلم ديني ومن نبيك فقل محمد صلى الله عليه‬

‫‪212‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫وسلم‪ ،‬وإنما رجحت القول الول في كتاب شرح الصططدور وغيططره‬
‫تبعا لهل مذهبنا فإن الئمططة المتططأخرين منهططم عليططه واللطه تعططالى‬
‫أعلم‪ .‬ثم رأيت في شرح الرسالة لبي زيد عبد الرحمن الجزولططي‬
‫مططا نصططه‪ :‬يظهططر مططن أكططثر الحططاديث أن المططؤمنين يفتنططون فططي‬
‫قبورهم سطواء كطانوا مكلفيطن أو غيطر مكلفيطن ويؤخطذ مطن بعطض‬
‫الحاديث إنه إنما أراد المكلفين‪ .‬ويظهر من كلم أبططي محمططد هنططا‬
‫ومما يأتي أنه أراد المكلفين وغير المكلفين لنططه قططال فيمططا يططأتي‬
‫أنه أراد المكلفين وعطافه مطن فتنطة القطبر‪ ،‬وللشطيوخ هنطا تطأويلن‬
‫فمنهم من ترك الكتاب على ظاهره ومنهم من قيططده فقططال يريططد‬
‫المكلفين ولكن يناقضه ما قال في الجنطائز انتهطى‪ .‬وقطال يوسطف‬
‫بططن عمططر فططي شططرح الرسططالة المططراد بططالمؤمنين فططي قططوله وأن‬
‫المؤمنين يفتنون في قبورهم غير المجاهدين الشهيدين في سبيل‬
‫اللطه وغيطر الصطبيان علطى قطول‪ .‬وقطال الشطيخ أكمطل الطدين فطي‬
‫الرشاد السططؤال لكططل ميططت كططبير أو صططغير يسططأل إذا غططاب عططن‬
‫الدميين وإذا مات في البحر أو أكله السبع فهو مسططؤول والصططح‬
‫أن النبياء عليهم السلم ل يسألون‪ .‬ثم رأيت الحديث المشار إليه‬
‫في تلقين إبراهيم أو رده السططتاذ أبططو بكططر بططن فططورك فططي كتططابه‬
‫المسططمى بالنظططامي فططي أصططول الططدين مسططتدل بططه علططى أصططل‬
‫السؤال وعبارته إعلم أن السؤال في القبر حق وأنكرت المعتزلة‬
‫ذلك بناء على أصلهم الواهي ويدل على صططحة مططا قلنططاه مططا روى‬
‫عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لما دفن ولطده إبراهيطم وقطف‬
‫على قبره فقال يا بنططي القلططب يحططزن والعيططن تططدمع ل نقططول مططا‬
‫يسخط الططرب إنططا للططه وإنططا إليططه راجعططون يططا بنططي قططل اللططه ربططي‬
‫والسلم ديني ورسول الله أبي فبكططت الصططحابة وبكططى عمططر بططن‬
‫الخطاب بكاء ارتفع له صوته فالتفت النبي صلى الله عليه وسططلم‬
‫فرأى عمر يبكي والصحابة معه فقال يا عمر مططا يبكيططك فقططال يططا‬
‫رسول الله هذا ولدك وما بلغ الحلم ول جرى عليه القلططم ويحتططاج‬
‫إلى ملقن مثلك يلقنه التوحيد في مثل هذا الوقت فما حطال عمطر‬
‫وقد بلغ الحلم وجرى عليه القلم وليس له ملقن مثلططك أي شططيء‬
‫تكون صورته في مثل هذه الحالطة فبكططى النطبي صطلى اللطه عليطه‬
‫وسلم وبكت الصحابة معه ونزل جبريل وسططأل النططبي صططلى اللططه‬
‫عليه وسلم عن سبب بكائهم فذكر النبي صلى اللططه عليططه وسططلم‬
‫ما قاله عمر وما ورد عليهم من قوله عليه السلم فصططعد جبريططل‬

‫‪213‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫ونزل وقال ربك يقطرئك السطلم ويقطول )يثبطت اللطه الطذين آمنطوا‬
‫بالقول الثابت في الحيططاة الططدنيا وفططي الخططرة( يريططد بططذلك وقططت‬
‫الموت وعند السؤال في القبر فتل النبي صلى اللططه عليططه وسططلم‬
‫عليهم الية فطابت النفس وسكنت القلوب وشكروا الله تعططالى‪.‬‬
‫ومن النقول الموافقة للقول الثاني قال شمس الدين البيكسططاري‬
‫في شرح عمدة النسفي السؤال لكل ميت صططغيرا كططان أو كططبيرا‬
‫وأبو حنيفة توقف في أطفال المشططركين فططي أنهططم هططل يسططألون‬
‫ويدخلون الجنة أم ل وعنططد غيططره يسططألون‪ .‬وذكططر الفاكهططاني فططي‬
‫شرح الرسططالة كلم القرطططبي فططي أن الصططغار يسططألون ثططم قططال‬
‫وقال بعض المتأخرين وليس في إحياء الطفال خططبر مقطططوع بططه‬
‫والعقل يجوزه وقال الجمال القفهسي في شرح الرسططالة ظططاهر‬
‫قول الرسالة وأن المؤمنين يفتنون في قبورهم ويسألون إن كان‬
‫المكلف وغيره يسأل وهو الذي يظهر مططن أكططثر الحططاديث‪ .‬وقططال‬
‫أبو القاسم بن عيسى بن نططاجي فططي شططرح الرسططالة ظططاهر كلم‬
‫الشيخ أن الصبي يفتططن وهططو كططذلك قططاله القرطططبي فططي تططذكرته‪.‬‬
‫وقال أيضا في باب الدعاء للطفل والصلة عليه عند قوله وعططافه‬
‫من فتنة القبر هذا كالنص في أن الصغير يسأله منكر ونكير‪.‬‬

‫طلوع الثريا بإظهار ما كان خفيا‬


‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫مسألة ‪ -‬فتنة الموتى في قبورهم سبعة أيام أوردها غير واحد‬
‫من الئمة في كتبهم فأخرجها المام أحمططد بططن حنبططل فططي كتططاب‬
‫الزهد والحافظ أبو نعيم الصبهاني في كتاب الحلية بالسططناد إلططى‬
‫طططاووس أحططد أئمططة التططابعين‪ .‬وأخرجهططا ابططن جريططج فططي مصططنفه‬
‫بالسناد إلى عبيد بن عمير وهو أكبر من طاووس في التابعين بل‬
‫قيل أنه صحابي وعزاها الحافظ زين الدين بططن رجططب فططي كتططاب‬
‫أهوال القبور إلى مجاهد وعبيططد بططن عميططر فحكططم هططذه الروايططات‬
‫الثلث حكم المراسيل المرفوعة على ما يأتي تقريره وفي روايطة‬
‫عبيططد بططن عميططر زيططادة أن المنططافق يفتططن أربعيططن صططباحا‪ .‬وهططذه‬
‫الرواية بهذه الزيادة أوردها الحططافظ أبططو عمططر بططن عبططد الططبر فططي‬
‫التمهيد والمام أبو علي الحسين بططن رشططيق المططالكي فططي شططرح‬
‫الموطأ وحكاه المام أبو زيد عبد الرحمن الجزولي مططن المالكيططة‬
‫في الشرح الكبير علططى رسططالة المططام أبططي محمططد بططن أبططي زيططد‬

‫‪214‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫والمام أبو القاسم بن عيسى بن نططاجي مططن المالكيططة فططي شططرح‬
‫الرسالة أيضا وأورد الرواية الولى والشيخ كمال الططدين الططدميري‬
‫من الشافعية في حياة الحيططوان وحططافظ العصططر أبططو الفضططل بططن‬
‫حجر في المطالب العالية‪.‬‬
‫ذكر الرواية المسندة عن طاووس‬
‫قال المام أحمد بن حنبل رضي الله عنه في كتاب الزهططد لططه‬
‫حدثنا هاشم بن القاسم قال ثنا الشجعي عططن سططفيان قططال قططال‬
‫طاووس إن الموتى يفتنون في قبورهم سبعا فكانوا يستحبون أن‬
‫يطعموا عنهم تلك اليام‪ .‬قال الحافظ أبو نعيم فططي الحليططة حططدثنا‬
‫أبو بكر بن مالك ثنا عبد الله بن أحمد ابن حنبل ثنا أبي ثنا هاشططم‬
‫بن القاسم ثنا الشجعي عن سفيان قال قال طاووس إن الموتى‬
‫يفتنون في قبورهم سبعا فكانوا يسططتحبون أن يطعططم عنهططم تلططك‬
‫اليام‪) .‬ذكر الرواية المسندة عن عبيد بن عمير(‪ :‬قال ابططن جريططج‬
‫في مصنفه عن الحارث ابن أبي الحارث عن عبيد بن عميططر قططال‬
‫يفتن رجلن مؤمن ومنافق فأما المؤمن فيفتن سبعا‪.‬‬
‫وأما المنافق فيفتن أربعين صباحا‪ .‬الكلم على هذا من وجوه‪:‬‬
‫"الوجه الول" رجال السناد الول رجال الصططحيح وطططاووس مططن‬
‫كبار التابعين قال أبو نعيم في الحليططة هططو أول الطبقططة مططن أهططل‬
‫اليمن‪ ،‬وروى أبو نعيم عنه أنه قال أدركت خمسططين مططن أصططحاب‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسطلم وروى غيططره عنططه قططال أدركططت‬
‫سبعين شيخا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسططلم قططال‬
‫ابن سعد كان له يوم مات بضع وتسعون سنة وسفيان هو الثوري‬
‫وقد أدرك طاووسا فإن وفاة طاووس سنة بضع عشرة ومائة في‬
‫أحد القوال‪ .‬ومولد سفيان سنة سبع وتسعين إل أن أكططثر روايتططه‬
‫عنه بواسطة والشجعي اسمه عبيد الله بين عبيد الرحمن ويقططال‬
‫ابن عبد الرحمن‪ .‬وأما السناد الثاني فعبيد بططن عميططر هططو الليططثي‬
‫قاص أهل مكة‪ .‬قال مسلم بن الحجاج صططاحب الصططحيح إنططه ولططد‬
‫في زمن النبي صلى الله عليه وسططلم قططال غيططره أنططه رأى النططبي‬
‫صلى الله عليه وسلم فعلى هذا يكون صحابيا وكططان يقططص بمكططة‬
‫على عهد عمر بن الخطاب وهو أول من قص بهططا‪ .‬وكططانت وفططاته‬
‫قبل وفاة ابن عمر‪ .‬وأما الحارث فهو ابطن عبططد الرحمططن بطن عبططد‬
‫الله بن سعد بن أبي ذياب الدوسططي روى لططه البخططاري فططي خلططق‬
‫أفعططال العبططاد ومسططلم فططي صططحيحه‪ .‬وروى عنططه ابططن جريططج‬

‫‪215‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫والدراوردي وغيرهما‪ ،‬وأما ابن جريج فهو المططام عبططد الملططك بططن‬
‫عبد العزيز بن جريططج المططوي قططال أحمططد بططن حنبططل هططو أول مططن‬
‫صنف الكتب‪ .‬وقال ابن عيينة سططمعت ابططن جريططج يقططول مططا دّون‬
‫العلم تدويني أحد روى عن خلطق مطن التطابعين ومطات سطنة تسطع‬
‫وأربعين ومائة وقد جاوز المائة‪) .‬الوجه الثاني(‪ :‬المقططرر فططي فططن‬
‫الحططديث والصططول أن مططا روى ممططا ل مجططال للططرأي فيططه كططأمور‬
‫البرزخ والخرة فإن حكمه الرفع ل الوقف وإن لم يصطرح الطراوي‬
‫بنسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال العراقي في اللفية‪:‬‬
‫وما أتى عن صاحب بحيث ل * يقال رأيا حكمه الرفع على‬
‫ما قال في المحصول نحو من أتى * فالحاكم الرفع لهذا ثبتا‬
‫وقال في شرحها ما جاء عن صحابي موقوفا عليه ومثلططه ل يقططال‬
‫من قبل الرأي حكمه حكم المرفوع كما قططال المططام فخططر الططدين‬
‫في المحصول فقطال إذا قطال الصطحابي قطول ليطس للجتهطاد فيطه‬
‫مجال فهو محمططول علططى السططماع تحسططينا للظططن بططه كقططول ابططن‬
‫مسعود من أتى ساحرا أو عرافا فقد كفر بمططا أنططزل علططى محمططد‬
‫صلى الله عليططه وسططلم ترجططم عليططه الحططاكم فططي علططوم الحططديث‬
‫معرفة المسانيد التي ل يذكر سندها عن رسططول اللططه صططلى اللططه‬
‫عليه وسلم فقال ومثال ذلك فذكر ثلثة أحاديث هططذا أحططدها‪ ،‬ومططا‬
‫قاله في المحصول موجود في كلم غيططر واحططد مططن الئمططة كططابي‬
‫عمر بن عبد البر وغيره وقد أدخل ابن عبد البر في كتابه التقصي‬
‫عدة أحاديث ذكرها مالططك فططي الموطططأ موقوفططة مططع أن موضططوع‬
‫الكتاب لما في الموطأ من الحاديث المرفوعة منها حديث سططهل‬
‫بن أبي حثمة في صلة الخوف‪ ،‬وقططال فططي التمهيططد هططذا الحططديث‬
‫موقوف على سهل في الموطأ عند جماعة الرواة عن مالك قططال‬
‫ومثلططه ل يقططال مططن جهططة الططرأي انتهططى كلم العراقططي فططي شططرح‬
‫اللفية‪ .‬وقال الحافظ أبو الفضل بن حجر في شرح النخبة‪ :‬مثططال‬
‫المرفوع من القول حكما ما يقوله الصحابي مما ل مجال للجتهاد‬
‫فيه ول تعلق له ببيططان لغططة أو شططرح غريططب كالخبططار عططن المططور‬
‫الماضية من بدء الخلق وأخبار النبياء أو التيططة كططالملحم والفتططن‬
‫وأحططوال يططوم القيامططة وكططذا الخبططار عمططا يحصططل بفعلططه ثططواب‬
‫مخصوص أو عقاب مخصوص قال وإنمططا كططان لططه حكططم المرفططوع‬
‫لن إخباره بططذلك يقتضططي مخططبرا لططه ومططا ل مجططال للجتهططاد فيططه‬
‫يقتضي موقفا للقائل به ول موقف للصحابة إل النططبي صططلى اللططه‬

‫‪216‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫عليه وسلم‪ .‬وإذا كان كذلك فله حكم ما لو قال قال رسططول اللططه‬
‫صلى الله عليه وسططلم فهططو مرفططوع‪ ،‬مثططال المرفططوع مططن الفعططل‬
‫حكما أن يفعل الصحابي ما ل مجال للجتهاد فيه فينططزل علططى أن‬
‫ذلك عنططده عططن النططبي صططلى اللططه عليططه وسططلم كمططا قططال المططام‬
‫الشافعي رضي الله عنه في صلة علططي فططي الكسططوف فططي كططل‬
‫ركعة أكثر من ركوعين انتهططى كلم شططرح النخبططة‪ .‬وقططال الحططافظ‬
‫ابن حجر في نكته على ابن الصلح ما قاله الصحابي مما ل مجال‬
‫للجتهاد فيه فحكمه الرفع كالخبار عن المور ا لماضططية مططن بططدء‬
‫الخلق وقصص النبياء وعن المور التية كالملحم والفتن والبعث‬
‫وصفة الجنة والنار والخبار عن عمل يحصل بططه ثططواب مخصططوص‬
‫أو عقاب مخصوص فهذه الشياء ل مجال للجتهاد فيها فيحكم لها‬
‫بالرفع‪ .‬قال أبطو عمطرو الطداني قطد يحكطى الصطحابي قطول يطوقفه‬
‫فيخرجه أهل الحديث في المسند لمتناع أن يكططون الصططحابي مططا‬
‫قاله إل بتوقف كما روى أبو صالح السمان عططن أبططي هريططرة قططال‬
‫نسططاء كاسططيات عاريططات مططائلت مميلت ل يجططدن عططرف الجنططة ‪-‬‬
‫الحديث‪ ،‬لن مثل هذا ل يقال بالرأي فيكططون مططن جملططة المسططند‪.‬‬
‫قال الحافظ ابن حجر وهذا هو معتمد خلق كثير مططن كبططار الئمططة‬
‫كصاحبي الصحيح والمططام الشططافعي وأبططي جعفططر الطططبري وأبططي‬
‫جعفر الطحاوي وأبي بكر بن مردويه في تفسيره للسند والبيهقي‬
‫وابن عبد البر في آخرين‪ ،‬قال وقد حكططى ابططن عبططد الططبر الجمططاع‬
‫على أنه مسند وبذلك جططزم الحططاكم فططي علططوم الحططديث والمططام‬
‫فخططر الططدين فططي المحصططول انتهططى‪ .‬وعبططارة المحصططول إذا قططال‬
‫الصحابي قول ل مجال للجتهاد فيه حمل على السماع لنه إذا لم‬
‫يكن من محل الجتهاد فل طريق إل السماع من النبي صلى اللططه‬
‫عليه وسلم انتهى‪ .‬وقال الحافظ أبو الفضططل العراقططي فططي شططرح‬
‫الترمططذي مططا رواه المصططنف عططن عمططر بططن الخطططاب أن الططدعاء‬
‫موقوف بين السماء والرض ل يصعد منه شيء حتى تصلي علططى‬
‫نبيك هو وإن كان موقوفا عليه فمثله ل يقال من قبل الرأي وإنما‬
‫هو أمر توقيفي فحكمه حكم المرفوع كما صططرح بططه جماعططة مططن‬
‫الئمة وأهل الحديث والصول فمن الئمططة الشططافعي رضططي اللططه‬
‫عنه ونص عليه في بعض كتبه كما نقل عنه ومن أهل الحديث أبططو‬
‫عمر بن عبد البر فأدخل في كتططاب التقصططي أحططاديث مططن أقططوال‬
‫الصحابة مع أن موضوع كتابه للحاديث المرفوعة من ذلك حديث‬

‫‪217‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫سهل بن أبي حثمططة فططي صططلة الخططوف‪ .‬وقططال فططي التمهيططد هططذا‬
‫الحديث‪ .‬موقوف على سهل في الموطأ عند جماعططة الططرواة عططن‬
‫مالك ومثله ل يقال من جهة الرأي وكذلك فعططل الحططاكم أبططو عبططد‬
‫الله في كتابه في علوم الحديث فقططال فططي النططوع السططادس مططن‬
‫معرفة الحديث معرفة المسانيد التي ل يذكر سططندها عططن رسططول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم ثم روى فيططه ثلثططة أحططاديث‪ :‬قططول ابططن‬
‫عباس كنا نتمضمض من اللبن ول تتوضططأ منططه‪ .‬وقططول أنططس كططان‬
‫يقال في أيام العشر كل يوم ألف يطوم ويطوم عرفطة عشطرة آلف‬
‫يوم قال يعني في الفضل‪ .‬وقول عبد اللططه بططن مسططعود مططن أتططى‬
‫ساحرا أو عرافا فقد كفر بما أنزل علططى محمططد صططلى اللططه عليططه‬
‫وسلم‪ .‬قال فهذا وأشباهه إذا قططاله الصططحابي فهططو حططديث مسططند‬
‫وكل ذلك مخرج في المسانيد‪ .‬ومن الصوليين المام فخر الططدين‬
‫الرازي فقال في كتططابه المحصططول إذا قططال الصططحابي قططول ليططس‬
‫للجتهاد فيه مجال فهو محمول على السماع‪ .‬وقططال القاضططي أبططو‬
‫بكر بن العربي عقب ذكره لقول عمرو مثل هذا إذا قططاله عمططر ل‬
‫يكون إل توقيفا لنه ل يدرك بنظر انتهى‪ .‬هططذا كلططه إذا صططدر ذلططك‬
‫من الصحابي فيكون مرفوعا متصل فإن صططدر ذلططك مططن التططابعي‬
‫فهو مرفوع مرسل كما ذكر ابن الصلح ذلك فططي نظيططر المسططألة‬
‫وصرح به البيهقي في هطذه المسطألة بخصوصطها فطإنه أخطرج فطي‬
‫شعب اليمان بسنده عن أبي قلبة قال فططي الجنططة قصططر لصططوام‬
‫رجب ثم قال هذا القول عن أبي قلبة وهو من التططابعين فمثلططه ل‬
‫يقول ذلططك إل عططن بلغ ممططن فططوقه عمططن يططأتيه الططوحي‪ .‬وأخططرج‬
‫البيهقي أيضا في شعب اليمان بسطنده عطن أبطي قلبطة قطال مطن‬
‫حفظ عشر آيات من سورة الكهف عصم من فتنططة الططدجال ومططن‬
‫قرأ الكهف في يوم الجمعة حفظ مططن الجمعططة إلططى الجمعططة وإن‬
‫أدرك الدجال لم يضططره وجططاء يططوم القيامططة ووجهططه كططالقمر ليلططة‬
‫البدر‪ .‬ومن قرأ يس غفر له ومن قرأها وهو جائع شبع ومن قرأها‬
‫وهو ضال هدى ومططن قرأهططا ولططه ضططالة وجططدها ومططن قرأهططا عنططد‬
‫طعام خاف قلته كفاه ومن قرأها عند ميت هون عليه ومن قرأها‬
‫عند والدة عسر عليها ولدها يسر عليهططا ومططن قرأهططا فكأنمططا قططرأ‬
‫القرآن إحدى عشرة مرة ولكل شيء قلططب وقلططب القططرآن يططس‪.‬‬
‫ثم قال عقبه هكذا نقل إلينا عن أبي قلبة وهو من كبططار التططابعين‬
‫ول نقول ذلك إن صح عنه إل بلغا‪ ،‬وروى المام مالك في الموطأ‬

‫‪218‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫عن يحيى بن سعيد أنه كان يقول إن المصلي ليصلي الصلة ومططا‬
‫فاته وقتها ولما فاته من وقتها أعظم أو أفضططل مططن أهلططه ومططاله‪.‬‬
‫قال ابن عبد البر هذا له حكم المرفوع إذ يستحيل أن يكون مثلططه‬
‫رأيا ويحيى بن سعيد بن المسيب أنه كان يقول من صططلى بططأرض‬
‫فلة صلى عن يمينه ملك وعن شماله ملك فإن أذن وأقام صططلى‬
‫وراءه من الملئكة أمثال الجبال‪ .‬قال بعضهم هذا ل يقططال بططالرأي‬
‫فهو مرفوع‪ .‬وهذا استدل به السبكي في الحلبيططات علططى حصططول‬
‫فضيلة الجماعة بذلك‪ ،‬وروى عبد الرزاق عن عكرمة قال صفوف‬
‫أهل الرض على صفوف أهل السماء فإذا وافق آمين فططي الرض‬
‫آمين في السماء غفر للعبد أورده الحططافظ ابططن حجططر فططي شططرح‬
‫البخاري في تفسير قوله صلى الله عليه وسلم فمن وافق تططأمينه‬
‫تأمين الملئكططة وقططال مثلططه ل يقططال بططالرأي فالمصططير إليططه أولططى‬
‫وعكرمة تابعي‪ .‬وهذا الثر الذي نحن فيه من ذلك فإنه من أحوال‬
‫البرزخ التي ل مدخل للرأي والجتهاد فيها ول طريق إلى معرفتها‬
‫إل بالتوقيف والبلغ عمن يططأتيه الططوحي وقططد قططال ذلططك عبيططد بططن‬
‫عميططر وطططاووس وهمططا مططن كبططار التططابعين فيكططون حكمططه حكططم‬
‫الحططديث المرفططوع المرسططل وإن ثبتططت صططحبة عميططر بططن عميططر‬
‫فحكمه حكم المرفوع المتصل‪ .‬قال ابن عبد البر في التمهيد فططي‬
‫شططرح حططديث فتنططة القططبر وسططؤاله أحكططام الخططرة ل مططدخل فيهططا‬
‫للقياس والجتهططاد ول للنظططر والحتجططاج واللططه يفعططل مططا يشططاء ل‬
‫شريك له‪ .‬وقال القرطبي في التذكرة هذا الباب ليس فيه مدخل‬
‫للقياس ول مجال للنظر فيه وإنمططا فيططه التسططليم والنقيططاد لقططول‬
‫الصادق المرسل إلى العباد انتهى‪ .‬ويؤيد ما ذكرناه إن هذه المور‬
‫إذا صدرت من التابعين تحمل على الرفع إلى رسططول اللططه صططلى‬
‫الله عليه وسلم ما أخرجه ابن أبي الدنيا بسططنده عططن أبططي جعفططر‬
‫محمد بن علي قال كان علي بن حسين يذكر أن العبد إذا احتمططل‬
‫إلى قبره نادى حملته إذا بشر بالنار فيقول يا اخوتاه ما علمتم ما‬
‫عاينت بعدكم أن أخاكم بشر بالنططار فياحسططرتاه علططى مططا فرطططت‬
‫فططي جنططب اللططه أنشططد بططالله كططل ولططد أو جططار أو صططديق أو أخ إل‬
‫احتبسني عن قططبري فططإنه ليططس بيططن صططاحبكم وبيططن النططار إل أن‬
‫تواروه في التراب والملئكة ينادون امض عدو اللطه فططإذا دنططا مططن‬
‫حفرته يقول مالي من شفيع مطاع ول صديق حميم ثم إذا أدخططل‬
‫القبر ضرب ضربة تذعر لها كل دابة غير الجن والنس‪ .‬وأما ولططى‬

‫‪219‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الله إذا احتمل إلى قبره وبشر بالجنة نادى حملتططه يططا اخوتططاه أمططا‬
‫علمتم أني بشرت بعططدكم بالرضططا مططن اللططه والجنططة والنجططاة مططن‬
‫سخط الله والنار فعجلوا بي إلى حفرتي فيا ليت قططومي يعلمططون‬
‫بما غفر لي ربي وجعلني من المكرميططن والملئكططة ينططادون امططض‬
‫ولي الله إلى رب كريططم يثبططت بالشططيء اليسططير العظيططم الجزيططل‬
‫اللهم اجعلها غطدوة أو روحطة إلطى الجنطة فطإذا أدخطل القطبر تلقطى‬
‫بحزمة من ريحان الجنة يجد ريحها كل ذي ريح غير النس والجططن‬
‫قال أبو جعفر كان علي بططن حسططين إذا ذكططر أشططباه هطذا الحطديث‬
‫بكى ثم يقول إنططي لخططاف اللططه أن أكتمططه ولئن أظهرتططه ليططدخلن‬
‫ي أذى من الفسقة وذلك أن علي بن حسين ذكر حططديث الططذي‬ ‫عل ّ‬
‫ينادي حملته فقال ضمرة بن معبد رجل من بنططي زهططرة واللططه يططا‬
‫علي بن حسين لو أن الميت يفعل كما زعمت بمناشططدتك حملتططه‬
‫إذا لوثب عن أيدي الرجال من سريره فضحك أناس من الفسططقة‬
‫وغضب علي بن حسين وقال اللهم إن ضمرة كططذب بمططا جططاء بططه‬
‫محمد رسولك فخذه أخذ أسف فما لبططث ضططمرة إل أربعيططن ليلططة‬
‫حتى مات فجأة‪ .‬قال أبو جعفر فاشططهد علططى مسططلم ابططن شططعيب‬
‫موله وكان ما علمناه خيارا أنطه أتططى علططي بططن حسططين ليل فقططال‬
‫أشهد أني سمعت ضمرة أعرفه كما كنت أعرف صططوته حيططا وهططو‬
‫ينادي في قبره ويل طويططل لضططمرة إل أن يتططبرأ منططك كططل خليططل‬
‫وحللت في نار الجحيم فيها مبيتك والمقيل فقال علي بن حسططين‬
‫نسأل الله العافية هذا جزاء مططن ضططحك واضططحك النططاس بحططديث‬
‫رسول الله صلى اللططه عليططه وسطلم‪ .‬فططانظر كيططف ذكططر علططي بططن‬
‫حسين الحديث أول من غير تصريح يعزوه إلططى النططبي صططلى اللططه‬
‫عليه وسلم اتكال على علم ذلططك لنططه ليططس ممططا يقططال مططن قبططل‬
‫الرأي‪ .‬وإنما معتمده التوقيف والسماع ثم لما وقعت هذه القصططة‬
‫صرح بأنه حططديث جططاء بططه رسططول اللططه صططلى اللططه عليططه وسططلم‪.‬‬
‫وبالجملة فالحكم على مثططل هططذا بططالرفع مططن المططور الططتي أجمططع‬
‫عليهطا أهطل الحطديث‪" .‬الطوجه الثطالث" إذا تقطرر أن أثطر ططاووس‬
‫حكمططه حكططم الحططديث المرفططوع المرسططل وإسططناده إلططى التططابعي‬
‫صحيح كططان حجططة عنططد الئمططة الثلثططة أبططي حنيفططة ومالططك وأحمططد‬
‫مطلقا من غير شرط وأما عند إمامنا المام الشافعي رضي اللططه‬
‫عنه فإنه يحتج بالمرسل إذا اعتضد بأحد أمور مقططررة فططي محلهططا‬
‫منها مجيء آخر أو صحابي يططوافقه والعتضططاد ههنططا موجططود فططإنه‬

‫‪220‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫روى مثله عن مجاهد وعن عبيد بن عمير وهما تابعيان إن لم يكن‬
‫عبيد صحابيا فهذان مرسلن آخران يعضدان المرسل الول‪ .‬قططال‬
‫الترمذي في آخر كتابه حدثنا أبو بكر عن علي بططن عبططد اللطه قططال‬
‫قال يحيى بن سططعيد مرسططلت مجاهططد أحططب إلططي مططن مرسططلت‬
‫عطاء بن أبي رباح بكثير كان عطاء يأخذ عن كل ضرب قال علي‬
‫قلت ليحيى مرسلت مجاهد أحب إلي أم مرسلت طاووس قططال‬
‫ما اقر بهما‪ .‬وأمططا إذا قلنططا بثبططوت الصططحبة لعبيططد بططن عميططر فططإن‬
‫الحديث يكون مرفوعا متصططل مططن طريقططه وأثططر طططاووس شططاهد‬
‫قوي له يرقيه إلى مرتبة الصحة‪ .‬وقد احتج ابن عبد البر بأثر عبيد‬
‫بن عمير‪ .‬هذا على ما ذهب إليه من اختصاص السططؤال بالمنططافق‬
‫وإن الكافر الصريح ل يسأل ولول ثبوته عنده وصحته ما احتج بططه‪.‬‬
‫وقد قال النووي في شرح مسلم الحططديث المرسططل إذا روى مططن‬
‫طريق آخر متصل تبينا به صحة المرسل وجاز الحتجاج به ويصططير‬
‫فططي المسططألة حططديثان صططحيحان‪" .‬الططوجه الرابططع"‪ :‬قططوله كططانوا‬
‫يستحبون من باب قول التابعي كانوا يفعلططون وفيططه قططولن لهططل‬
‫الحديث والصول أحدهما أنه أيضا مططن بططاب المرفططوع وأن معنططاه‬
‫كان الناس يفعلون ذلك في عهططد النططبي صططلى اللططه عليططه وسططلم‬
‫ويعلم به ويقر عليه‪ .‬والثاني أنه من باب العزو إلى الصططحابة دون‬
‫انتهائه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ثم اختلطف علطى هطذا هطل‬
‫هو إخبار عن جميع الصحابة فيكططون نقل للجمططاع أو عططن بعضططهم‬
‫قولن أصحهما في شرح مسلم للنووي‪ .‬الثاني قال شمس الدين‬
‫البرشنسي في شرح ألفيته المسماة بططالمورد الصططفى فططي علططم‬
‫الحديث قول التابعي كانوا يفعلون يدل علططى فعططل البعططض وقيططل‬
‫يدل على فعل جميع المططة أو البعططض وسططكوت البططاقين أو فعلططوا‬
‫كلهم على وجه ظهطر للنطبي صطلى اللطه عليطه وسطلم ولطم ينكطره‬
‫انتهى‪ .‬وقال الرافعي في شرح المسند مثل هططذا اللفططظ يططراد بططه‬
‫إنه كان مشهورا في ذلططك العهططد مططن غيططر نكيططر فقططول طططاووس‬
‫فكانوا يستحبون إن حمل على الرفططع كمططا هططو القططول الول كططان‬
‫ذلك مططن تتمططة الحططديث المرسططل ويكططون الحططديث اشططتمل علططى‬
‫أمرين أحدهما أصل اعتقادي وهو فتنة الموتى سبعة أيام‪ .‬والثاني‬
‫حكم شرعي فرعي وهو استحباب التصدق والطعام عليهططم مططدة‬
‫تلك اليام السبعة كما استحب سؤال الثتططبيت بعططد الططدفن سططاعة‬
‫ويكون مجموع المرين مرسل السناد لطلق التططابعي لططه وعططدم‬

‫‪221‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫تسميته الصحابي الذي بلغه ذلططك فيكططون مقبططول عنططد مططن يقبططل‬
‫المرسططل مطلقططا وعنططد مططن يقبلططه بشططرط العتضططاد لمجيئه عططن‬
‫مجاهططد وعططن عبيططد بططن عميططر وحينئذ فل خلف بيططن الئمططة فططي‬
‫الحتجاج بهذا المرسل‪ ،‬وإن حملنططا قططوله فكططانوا يسططتحبون علططى‬
‫الخبار عن جميع الصحابة وأنه نقل للجماع كما هو القول الثططاني‬
‫فهو متصل لن طاووسططا أدرك كططثيرا مططن الصططحابة فططأخبر عنهططم‬
‫بالمشاهدة وأخبر عن بقية من لم يدركه منهم بططالبلغ عنهططم مططن‬
‫الصططحابة الططذين أدركهططم‪ ،‬وإن حملنططاه علططى الخبططار عططن بعططض‬
‫الصحابة فقط كما هو القول الثالث وهو الصططح كططان متصططل عططن‬
‫ذلك البعض الذين أدركهم وحينئذ فالحديث مشططتمل علططى أمريططن‬
‫كما ذكرناه‪ .‬فأما الثاني فهو متصططل كمططا هططو الظططاهر‪ .‬وأمططا الول‬
‫فإما مرسططل علططى مططا تقططدم تقريططره لنططه قططول ل يصططدر إل عططن‬
‫صاحب الوحي وقد أطلقه تابعي فيكون مرسططل لحططذف الصطحابي‬
‫المبلغ له من السند‪ .‬وعلى هذا فيكون المر الثاني المنقططول عططن‬
‫الصططحابة أو عططن بعضططهم عاضططدا لططذلك المرسططل لن مططن وجططوه‬
‫اعتضاد المرسل عندنا أن يوافقه فعل صحابي فيكون هذا عاضططدا‬
‫ثالثا بعد العاضدين السابقين وهمططا قططول مجاهططد وقططول عبيططد بططن‬
‫عمير‪ .‬ويكون الحديث مشتمل على جملة مرفوعة مرسلة وجملة‬
‫موقوفة متصططلة عاضططدة لتلطك الجملططة المرسططلة‪ .‬وإنمططا أوردهمططا‬
‫طاووس كذلك لن قصده توجيه الحكم الشططرعي وهططو اسططتحباب‬
‫الطعام عن الموتى مدة سبعة أيام فططذكر أن سططببه ورود فتنتهططم‬
‫في تلك اليام‪ .‬ولهذا فرعه عليه بالفاء حيث قال فكانوا يستحبون‬
‫أن يطعم عنهم تلك اليام‪ .‬ونظير هذا الثططر فططي ذلططك مططا أخرجططه‬
‫الترمذي والبيهقي في شعب اليمان من الزهططري قططال إنمططا كططره‬
‫المنديل بعد الوضوء لن ماء الوضوء يوزن‪ ،‬أراد الزهري وهو مططن‬
‫التابعين تعليل الحكم الشرعي وهططو تططرك التنشططيف بعططد الوضططوء‬
‫بسبب ل يؤخذ إل من الحاديث المرفوعة لن وزن ماء الوضوء ل‬
‫يدرك إل بتوقيف لنه من أحوال القيامة‪ .‬فلما أورد الحديث مططورد‬
‫التعليل أورده مرسل محذوفا منه الصحابي‪ .‬وقد قال النووي فططي‬
‫آخر شرح مسلم قططد عملططت الصططحابة فمططن بعططدهم بهططذا فيفططتى‬
‫النسان منهم بمعنى الحديث عند الحاجة إلى الفتيططا دون الروايططة‬
‫ول يرفعه فإذا كان في وقت آخر رفعه‪ .‬وقال الرافعي في شططرح‬
‫المسند قد يحتج المحتج ويفتي المفتي بلفظ الحططديث ول يسططنده‬

‫‪222‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ويحتمل أثر طططاووس أمططرا‬
‫ثانيا وهو اتصال الجملة الولى أيضا لن الخبار عن الصحابة بأنهم‬
‫كانوا يستحبون الطعام عن الموتى تلك اليام السبعة صريح فططي‬
‫أن ذلططك كططان معلومططا عنططدهم وإنهططم كططانوا يفعلططون ذلططك لقصططد‬
‫التثبيت عند الفتنة في تلك اليام وإن كططان معلومططا عنططد الصططحابة‬
‫كان ناشئا عن التوقيف كما تقدم تقريططره‪ .‬وحينئذ يكططون الحططديث‬
‫من باب المرفوع المتصل ل المرسل لن الرسال قطد زال وتطبين‬
‫التصال بنقل طاووس عن الصحابة‪ .‬ولهذا قلت في أرجوزتي‪:‬‬
‫إسناده قد صح وهو مرسل * وقد يرى من جهة يتصل‬
‫لنه وإن كان مرسل في الصورة الظاهرة إل أنه عند التأمل يتبين‬
‫اتصاله من جهطة مططا نقلطه طططاووس عططن الصططحابة مطن اسطتحباب‬
‫الطعام في تلك اليططام المسططتلزم لكططون السططبب فططي ذلططك وهططو‬
‫الفتنة فيها كططان معلومططا عنططدهم وتططبين بططذلك السططر فططي إرسططال‬
‫طاووس الحديث وعدم تسططمية الصططحابي المبلططغ لططه لكططونه كططان‬
‫مشهورا إذ ذاك والمبلغون له فيهططم كططثرة فاسططتغنى عططن تسططمية‬
‫أحططد منهططم ولن فططي اسططتيعاب ذكططر مططن بلغططه طططول وإن سططمى‬
‫البعض أو هم القتصطار عليطه إن لطم يبلغطه إل ممطن سطمى فقطط‬
‫وخصوصا على القول بأن هطذه الصططيغة تحمطل علططى الخبطار عطن‬
‫جميع المة فإن ذلك يكون أبلغ في عدم تسمية أحد من المبلغين‬
‫وعلى كل تقدير فالحديث مقبول ويحتج به لن المر دائر بيططن أن‬
‫يكون متصل وبين أن يكون مرسل عضده مرسلن آخططران وفعططل‬
‫بعض الصحابة أو كلهم أو كل المة في ذلك العصططر‪ ،‬فهططذا تقريططر‬
‫الكلم على قبول الحديث والحتجطاج بطه مطن جهطة فنطى الحطديث‬
‫والصول والله أعلم‪" .‬الوجه الخامس" قال المام عبد الجليل بن‬
‫موسى القصري فططي شططعب اليمططان ونقلططه عنططه المططام أبططو زيططد‬
‫الجزولي في شرح رسالة أبي زيد البرزخ على ثلثة أقسام مكان‬
‫وزمان ورجال فالمكان من القبر إل عليين تعمره أرواح السططعداء‬
‫ومن القبر إلى سجين تعمططره أرواح الشططقياء‪ .‬وأمططا الزمططان فهططو‬
‫مدة بقاء الخلق فيه من أول من مات أو يموت من الجن والنس‬
‫إلى يوم يبعثون‪ .‬وأما الحال فإما منعمة وإمططا معذبططة أو محبوسططة‬
‫حططتى تتخلططص بالسططؤال مططن الملكيططن الفتططانين انتهططى‪ .‬فقططوله أو‬
‫محبوسة حتى يتخلص من الملكين الفتطانين صطريح أو ظططاهر فططي‬
‫أن فتنة القبر تكون في مدة بحيث يمكث محبوسا لجلها إلططى أن‬

‫‪223‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫يتخلص منها وتلك المدة هطي السططبعة اليططام الططواردة‪ .‬فهططذا تاييططد‬
‫لذلك ويؤيده أيضا ما ذكططر الحططافظ ابططن رجططب فططي كتططاب أهططوال‬
‫القبور عن مجاهد قال الرواح علطى القبطور سطبعة أيطام مطن يطوم‬
‫دفططن الميططت ل تفططارقه‪ .‬فهططذه آثططار يؤيططد بعضططها بعضططا‪" .‬الططوجه‬
‫السادس"‪ :‬أطبق العلمططاء علططى أن المططراد بقططوله يفتنططون وبفتنططة‬
‫القبر سؤال الملكين منكر ونكيططر والحططاديث صططريحة فيططه ولهططذا‬
‫ي‬
‫سمى ملكا السؤال الفتططانين‪ .‬وروى البخططاري حططديث أوحططى إل ط ّ‬
‫أنكم تفتنون في القبور فيقال ما علمك بهذا الرجل فأما المططؤمن‬
‫فيقول هو محمططد رسططول اللططه ‪ -‬الحططديث‪ ،‬وروى أحمططد والططبيهقي‬
‫حديث أما فتنة القبر فبي تفتنون وعني تسألون فإذا كططان الرجططل‬
‫الصالح أجلس في قبره ثم يقال له فيطم كنطت ‪ -‬الحطديث‪ .‬فطانظر‬
‫كيف فسر قوله تفتنون في القبور بسؤال الملكيططن‪ .‬وروى أحمططد‬
‫وأبو داود من حديث أنس مرفوعا أن هذه المة تبتلى في قبورها‬
‫وأن المؤمن إذا وضع في قبره أتاه ملك فسأله ‪ -‬الحططديث‪ .‬وروى‬
‫أحمد والطبراني والبيهقي من طريق أبي الزبير أنه سأل جابر بن‬
‫عبد الله عن فتاني القطبر فقطال سطمعت رسطول اللطه صطلى اللطه‬
‫عليه وسلم يقول أن هططذه المططة تبتلططى فططي قبورهططا‪ .‬فططإذا أدخططل‬
‫المؤمن قبره وتولى عنه أصحابه جاءه ملك شديد النتهار فيقططول‬
‫له ما كنت تقول في هذا الرجططل ‪ -‬الحططديث‪ .‬وروى ابططن أبططي داود‬
‫في البعث والبيهقي عن عمر بن الخطاب قال قلت يا رسول الله‬
‫ومططا منكططر ونكيططر قططال فتانططا القططبر ‪ -‬الحططديث‪ .‬وروى أبططو نعيططم‬
‫والبيهقي من مرسل عطاء بن يسار مثلططه‪ .‬وروى ابططن أبططي الططدنيا‬
‫عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسططلم لعمططر‬
‫كيف أنت إذا رأيت منكرا ونكيرا قال وما منكططر ونكيططر قططال فتانططا‬
‫القبر ‪ -‬الحديث‪ .‬وروى البيهقي عن عائشة قالت قال رسول اللططه‬
‫صلى الله عليه وسلم بي يفتن أهل القبور وفيه نزلت هططذه اليططة‬
‫)يثبت اللططه الططذين آمنططوا بططالقول الثططابت(‪ .‬وروى أحمططد وأبططو داود‬
‫حديث كل ميت يختم على عمله إل الذي مات مرابطا في سططبيل‬
‫الله فإنه ينمو عمله إلططى يططوم القيامططة ويططؤمن مططن فتططاني القططبر‪.‬‬
‫وروى النسائي حديث أن رجل قال يا رسول الله ما بال المؤمنين‬
‫يفتنون في قبورهم إل الشطهيد قططال كفططى ببارقطة السطيوف علطى‬
‫رأسه فتنة‪ .‬وروى جويبر من حديث ابن عباس قططال شطهد رسططول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم جنازة رجل من النصار فطذكر الحططديث‬

‫‪224‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫وفيه سؤال الملكين وقال وهي أشد فتنطة تعطرض علطى المطؤمن‪.‬‬
‫فهذه الحاديث مرفوعة صريحة في أن المراد بفتنة القططبر سطؤال‬
‫منكر ونكير‪ .‬وكذا ما رواه أبو نعيم من مرسل ضمرة فتانو القططبر‬
‫ثلثة أنكر وناكور ورومان‪ .‬وما رواه ابن الجوزي عنه أيضا مرفوعا‬
‫فتانو القبر أربعة منكر ونكير وناكور وسططيدهم رومططان‪ .‬وأمططا كلم‬
‫العلماء فقال ابن الثيططر فططي النهايططة فططي حططديث الكسططوف أنكططم‬
‫تفتنون في القبور يريد مساءلة منكر ونكير مططن الفتنططة المتحططان‬
‫والختبار‪ .‬وقد كثرت استعاذته من فتنة القبر ومنططه الحططديث فططبي‬
‫تفتنططون وعنططي تسططألون أي تمتحنططون بططي فططي قبططوركم ويتعططرف‬
‫إيمانكم بنبوتي‪ .‬وقال النووي في شططرح مسططلم عنططد قططوله صططلى‬
‫الله عليه وسلم رأيتكم تفتنون في القبور معنى تفتنون تمتحنططون‬
‫فيقال ما علمك بهذا الرجل فيقول المؤمن هو رسول الله ويقول‬
‫المنافق سمعت الناس يقولون شيئا فقلته هكذا جاء مفسططرا فططي‬
‫الصحيح‪ .‬وقال الحافظ أبو عمر بن عبد البر في التمهيد في شرح‬
‫هذا الحديث للفتنطة وجطوه كطثيرة‪ .‬ومعناهطا هنطا البتلء والمتحطان‬
‫والختبار وكذا قال الباجي وابن رشيق والقرطططبي فططي شططروحهم‬
‫على الموطأ‪ .‬وقال المام أبو محمد بن أبي زيد في الرسططالة وإن‬
‫المؤمنين يفتنون في قبورهم ويسططألون ويثبططت اللططه الططذين آمنططوا‬
‫بالقول الثابت‪ .‬قططال يوسططف بططن عمططر فططي شططرح الرسططالة قططوله‬
‫تفتنون أي تختبرون وهو قوله ويسططألون وأتططى بططه تفسططيرا لقططوله‬
‫تفتنون‪ .‬وقال الجزولي في شرح الرسالة الفتنة تأتي والمراد بهططا‬
‫الكفر وهو قوله تعالى )والفتنة أشد من القتل( وتأتي والمراد بهططا‬
‫الحتراق وهو قوله )يوم هم على النار يفتنون( وتأتي والمراد بهططا‬
‫الميل وهو قوله )وإن كادوا ليفتنونك( وتطلططق ويططراد بهططا الضططلل‬
‫قال تعالى )إن هي إل فتنتك( وتطلق ويراد بها المرض قال تعالى‬
‫)أول يرون أنهم يفتنون في كل عام مرة أو مرتين( وتطلق ويططراد‬
‫بها الختبار وهو قوله تعالى )وفتناك فتونا( أي اختبرناك قال وهططو‬
‫المراد هنا فيكون قوله تفتنون معناه تختبرون‪ .‬وقال المططام علططم‬
‫الدين السخاوي في أرجوزته في أصول الدين‪:‬‬
‫وكلما أتاك عن محمد * صلى عليه الله خذه ترشد‬
‫من فتنة العباد في القبور * والعرض يوم البعث والنشور‬
‫قال شارحه فتنة القبور سؤال منكططر ونكيططر‪" .‬الططوجه السططابع" إن‬
‫قال قائل‪ :‬لم يرد في سائر الحططاديث تصططريح بططذكر سططبعة أيططام‪،‬‬

‫‪225‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫قلنا ول ورد فيها تصريح بنفيها ول تعرض لكون الفتنة مرة أو أكثر‬
‫بل هي مطلقة صادقة بالمرة وبططأكثر فططإذا ورد ذكططر السططبعة مططن‬
‫طريططق مقبططول وجططب قبططوله وكططان عنططد أهططل الحططديث مططن بططاب‬
‫زيادات الثقات المقبولة وعند أهل الصول من باب حمل المطلق‬
‫على المقيد‪ .‬ونظيره إن أكثر أحاديث السؤال وردت مطلقة وورد‬
‫في حديثين أن السؤال يعاد عليه في المجلس الواحد ثلث مرات‬
‫يحمل ذلك الطلق على هذا‪ .‬والحططديثان المشططار إليهمططا أحططدهما‬
‫أخرجه ابن أبي حاتم فططي تفسططيره مططن حططديث أبططي قتططادة بسططند‬
‫حسن والخر أخرجه ابططن مردويططه فططي تفسططيره مططن حططديث ابططن‬
‫عباس بسند ضعيف‪ .‬ونظيططره أيضططا أنططه ورد فططي أحططاديث مجيططء‬
‫ملكين وفي أحاديث مجيططء ملططك واحططد قططال القرطططبي ل تنططافي‬
‫بينهما لن الذي روى مجيططء ملططك لططم يقططل فططي روايتططه ول يططأتيه‬
‫غيره وكذلك نقول إن الحاديث المطلقة لططم يقططل فيهططا ول يفتططن‬
‫سوى يوم واحد ول قيل ول يأتيان بعد اليوم الول فل تنافي بينهططا‬
‫وبين رواية إنهم يفتنططون سططبعا‪" .‬الططوجه الثططامن"‪ :‬إن قيططل إعططادة‬
‫السؤال بعد اليوم الول هططل هططو تأسططيس أو تأكيططد فططالجواب أنططه‬
‫تأكيد فما هو إل سؤال واحد عن ربططه ودينططه ونططبيه وجططواب واحططد‬
‫يكرر عليه بعد السؤال والجواب الول للتأكيططد‪ .‬وقططد ورد الحططديث‬
‫بأنهم ل يسألون عن شيء سوى ذلك ونص عليه العلماء‪" .‬الططوجه‬
‫التاسع"‪ :‬إن قيل فما الحكمة في التكرير سبعا وهل اكتفى بالول‬
‫فالجواب أول أن نقول هل ظننت أن المقصود مططن السططؤال علططم‬
‫ما عنده حططتى إذا أجططاب أول مططرة حصططل المقصططود معططاذ اللططه ل‬
‫يظن ذلك عاقل قد علم الله ما هو عليه قبططل السططؤال بططل وعلططم‬
‫ذلك الملكان أيضا ولذا ورد في الصحيح أنهما يقولن له إذا أجاب‬
‫نم صالحا فقد علمنا إن كنت لمؤمنا‪ .‬وإنما المقصود من السططؤال‬
‫أمور أحدها إظهار شرف النبي صططلى اللططه عليططه وسططلم ومكططانته‬
‫وخصوصية ومزيته على سائر النبياء فإن سؤال القططبر إنمططا جعططل‬
‫تعظيما له وخصوصيته شرف بأن الميت يسأل عنه في قبره ولم‬
‫يعط ذلك نبي قبله كما قال صلى الله عليه وسلم فأما فتنة القبر‬
‫فبي تفتنون وعني تسألون الحديث‪ ،‬وأخرجه أحمد والططبيهقي مططن‬
‫حديث عائشة بسند صحيح قططال الحكيططم الترمططذي سططؤال القبططور‬
‫خاص بهذه المة لن المم قبلهططا كططانت الرسططل تططأتيهم بالرسططالة‬
‫فإذا أبوا كفت الرسل واعتزلوهم وعولجوا بالعذاب فلما بعث الله‬

‫‪226‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫سبحانه وتعالى محمدا صططلى اللططه عليططه وسططلم بالرحمططة أمسططك‬
‫عنهم العذاب وأعطى السيف حتى يططدخل فططي ديططن السططلم مططن‬
‫دخل لمهابة السيف ثم يرسخ اليمطان فطي قلبطه فمطن هطذا ظهطر‬
‫النفططاق فكططانوا يسططرون الكفططر ويعلنططون اليمططان فكططانوا بيططن‬
‫المسططلمين فططي سططتر فلمططا مططاتوا قيططض اللططه لهططم فتططأنى القططبر‬
‫ليستخرج سرهم بالسؤال وليميز الله الخبيث من الطيب‪ .‬الثاني‪:‬‬
‫قال الحليمي من أصطحابنا فطي شطعب اليمطان لعططل المعنططى فططي‬
‫السؤال والله أعلم أن الميت قد حول من ظهر الرض إلى بطنها‬
‫الذي هو الطريق إلى الهاوية فيجيء هنططاك ويوقططف ويسططأل فططإن‬
‫كان من البرار عرجت الملئكة بنفسططه وروحططه إلططى علييططن وهططو‬
‫نظير إيقافه في المحشر على شفير جهنم واستعراض عمله حتى‬
‫إذا وجد من البرار أجيز على الصراط وإن كان من الفجططار ألقططي‬
‫في النار انتهى كلم الحليمي‪ .‬الثططالث‪ :‬قططال بعضططهم جعلططت فتنططة‬
‫القبر تكرمة للمؤمن وإظهارا ليمانه وتمحيصا لذنوبه‪ .‬وقال بعض‬
‫العلماء من فعل سيئة فإن عقوبتها تططدفع عنططه بعشططرة أشططياء أن‬
‫يتططوب فيتططاب عليططه‪ .‬أو يسططتغفر فيغفططر لططه‪ .‬أو يعمططل حسططنات‬
‫فتمحوهططا فططأن الحسططنات يططذهبن السططيئات‪ .‬أو يبتلططى فططي الططدنيا‬
‫بمصائب فتكفر عنه‪ .‬أو في البرزخ بالضغطة والفتنططة فتكفططر عنططه‬
‫أو يدعو له إخوانه من المؤمنين ويستغفرون له أو يهدون لططه مططن‬
‫ثواب أعمالهم ما ينفعططه‪ .‬أو يبتلططى فططي عرصططات القيامططة بططأهوال‬
‫تكفر عنه‪ .‬أو تدركه شفاعة نبيه‪ .‬أو رحمة ربه‪.‬انتهى‪ .‬الرابع‪ :‬قططال‬
‫عبططد الجليططل القصططري فططي شططعب اليمططان المعنططى فططي سططؤال‬
‫الملكين الفتانين في القبر إن الخلق في الططتزام الشططرائع وقبططول‬
‫اليمان ل بد لهم من الختبار لمر الله ومن النظر فيه وفططي أمططر‬
‫الرسل وما جاءت به وهو المعبر عنه بأول الواجبططات عنططد عططرض‬
‫الشرائع على العقول فيعتقد كل أحد في قلبه وسره على حسب‬
‫ما قدر له حيططن تعترضططهم أفكططار النظططر والفكططر فيمططا جططاءت بططه‬
‫الرسل من أمور الغيب فمن بين منكر جاحد أو شاك مرتاب ومن‬
‫بين مؤمن مصططدق ومططوقن مطمئن ثططابت‪ .‬هططذه حطال الكططل مطدة‬
‫الدنيا من أول ما وجبت عليهم الواجبطات إلططى حيططن المططوت فلمططا‬
‫حصل الخلق في الخططرة فتنططوا بططالجزاء عططن عقططائدهم وأحططوالهم‬
‫جزاء وفاقا‪ .‬ولذلك يقول الملكططان للمسططئول قططد علمنططا أن كنططت‬
‫لمؤمنا ول دريت ول تليت وعلى الشك حييططت وعليططه مططت‪ ،‬علططى‬

‫‪227‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫حسب اختلف أسرار الخلق في الدنيا ثم بعد ذلك يفتح لكل أحططد‬
‫باب إلى الجنة وباب إلى النار وينظر إلى مقعططده منهمططا‪ .‬ومعنططى‬
‫ذلك أن الرسل جاءت من عند الله وفتحططت للعقططول أبططواب ديططن‬
‫السلم حين عرضته على العقول وحين وجوب الواجبات وأمططرت‬
‫بالدخول فيه وأمرت بططالتزام الطاعططات وتططرك المعاصططي وذكططرت‬
‫للعقول أن من التزم الطاعات جوزي بالجنة ودخلها‪ .‬ومن أعرض‬
‫وأبى وقع في الكفر ودخل النار فمن بين داخل مفتوح له بدخوله‬
‫في السلم والشرائع ومططن بيططن خططارج نططافر ‪.‬فيقططال للعبططد ذلططك‬
‫الوقت هذا مقعدك من الجنة أو النططار أبططدلك اللططه بطه مقعططدا مططن‬
‫النططار أو الجنططة كمططا صططنع هططو بنفسططه فططي دار الططدنيا فططافهم ‪.‬‬
‫"الخامس"‪ :‬قال الباجي في شرح الموطأ ليس الختبار في القبر‬
‫بمنزلة التكليف والعبادة وإنما معناه إظهار العمططل وإعلم بالمططآل‬
‫والعاقبة كاختبار الحساب لن العمل والتكليف قد انقطع بططالموت‬
‫قال مالك من مات فقد انقطع عمله وفتنة الرجل لمعنى التكليف‬
‫والتعبد لكنه شبهها بها لصعوبتها وعظم المحنططة بهططا وقلططة الثبططات‬
‫معها انتهى‪ .‬إذا عرفت المقصود من السططؤال عرفططت منططه حكمططة‬
‫التكرير أما على المعنى الول فلن التكرير أبلغ في إظهار شرف‬
‫المصطفى وخصوصططيته ومكططانته وأمططا علططى المعنططى الثططاني فلن‬
‫ذلك هو وقت العروج بالروح إلى عليين والجنة كما قال صلى الله‬
‫عليه وسلم غالية ل تدرك بالهوينا ولهذا جعططل الصططراط الططذي هططو‬
‫أحد من السيف وأدق من الشعر طريقا إلى وصول النسان إليهططا‬
‫ببدنه ول شك في شدة ذلك الطريق فجعل عوضه لوصول الروح‬
‫إليها تكرير الفتنة سبعة أيام ولهذا جعله الحليمططي نظيططرا ليقططاف‬
‫على الصراط‪ .‬وأما على المعنططى الثططالث فواضططح لنططه قططد يكططون‬
‫على المؤمن من صغائر الذنوب ما يقتضططي التشططديد عليططه بططذلك‬
‫وهو رحمة من الله في حقه حيث اكتفى منه بذلك وكفر عنططه بططه‬
‫ولو شاء لنتقم منه بعذاب القبر الذي هو أشد من السؤال بكططثير‬
‫ولكنه لطف بعباده المؤمنين فكفر عنهم الصغائر بمقاساة أهططوال‬
‫السؤال ونحوه وخص عذاب القبر بالكبططائر ونظيططره فططي الحكططام‬
‫الشرعية من وجب عليه تعزير فصولح من العقوبططة علططى الغلظ‬
‫في القول والنتهار رحمة له ورفقا به أو لكططونه مططن ذوي الهيئات‬
‫الذين يكتفي في تعزيرهم بمثل ذلك‪ .‬وقططد ورد الحططديث أن فتنططة‬
‫القبر أشد فتنة تعرض على المططوقن فمططن تمططام شططدتها تكريرهططا‬

‫‪228‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫سبعة أيام‪" .‬الوجه العاشر"‪ :‬إن قيل فما الحكمة فططي هططذا العططدد‬
‫بخصوصه‪ .‬فالجواب أن السبع والثلث لهما نظر في الشططرع فمططا‬
‫أريد تكريره فإنه يكرر فططي الغططالب ثلثططا فططإذا أريططد المبالغططة فططي‬
‫تكريره كرر سبعا‪ .‬ولهططذا كططررت الطهططارة فططي الوضططوء والغسططل‬
‫ثلثا‪ .‬ولما أريد المبالغة في طهارة النجاسة الكلبيططة كططررت سططبعا‬
‫فلمططا كططانت هططذه الفتنططة أشططد فتنططة تعططرض علططى المططؤمن جعططل‬
‫تكريرها سبعا لنه أشد نوعي التكرير وأبلغه‪ .‬وفيططه مناسططبة ثانيططة‬
‫وهي أن استعراض العمال على الصراط يكون على سبع عقبات‬
‫ويروى على سبع قناطر‪ .‬وقد تقدم عن الحليمي أنه جعططل سططؤال‬
‫القبر نظير إيقافه علططى الصططراط فكططان السططؤال فططي القططبر فططي‬
‫سبعة أيام على نمط السططؤال علططى الصططراط فططي سططبعة أمكنططة‪.‬‬
‫ومناسبة ثالثططة‪ :‬وهططي أن الغططالب الوقططوع فططي الحكططام الشططرعية‬
‫يكون ثلثا والنادر الوقوع يكون سبعا ولهذا كانت غسلت الوضططوء‬
‫والغسل وتسبيحات الركططوع والسططجود ونحططو ذلططك ثلثططا وأشططواط‬
‫الطواف والسططعي وتكططبيرات الركعططة الولططى مططن صططلة العيططدين‬
‫والستسقاء سبعا فلما كان السؤال ل يقع في الططدهر للنسططان إل‬
‫نوبة واحدة كططرر سططبعا‪ .‬ومناسططبة رابعططة‪ :‬وهططي أن أيططام السططبوع‬
‫سططبعة ول ثططامن لليططام فططي الططدنيا بططل ول فططي الخططرة وقططد ورد‬
‫الحديث أن أيام السبوع تشهد للنسان بمططا عمططل فيهططا مططن خيططر‬
‫وتشهد عليه بما عمل فيها من شر فناسب أن يسأل أول ما ينزل‬
‫قبره مدة اليام السططبعة الشططاهدة لططه وعليططه‪ .‬ومناسططبة خامسططة‪:‬‬
‫وهي أن السؤال يعقبه الخلص من الهوى إلى سجين وذلك تحت‬
‫سبع أرضين والعروج إلى عليين وذلك فوق سبع سموات فناسب‬
‫أن يسأل سبعة أيام ليكون كل يوم فططي مقابلططة خلص مططن أرض‬
‫وعروج إلى سططماء‪ .‬ومناسططبة سادسططة‪ :‬وهططي أن الحططديث ورد أن‬
‫مدة الدنيا كلها جمعة من جمع الخرة وذلك سبعة آلف سططنة لن‬
‫يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون‪ .‬فناسططب أن يكططون السططؤال‬
‫الموصل للجنططة مططدة جمعططة مططن جمططع الططدنيا وذلططك سططبعة أيططام‪.‬‬
‫ومناسبة سابعة‪ :‬وهي أن السططؤال إذا أحسططن الجططواب عنططه ثبططت‬
‫إيمططانه وخلططص بططذلك مططن أن يكططون مططن أهططل جهنططم وهططي سططبع‬
‫طبقات لها سبعة أبواب فناسب أن يسأل سططبعا ليكططون كططل يططوم‬
‫في مقابلة الخلص مططن طبقططة وبططاب فهططذه سططبع مناسططبات فططي‬
‫السبعة‪ .‬والسبع المعتبرة فططي الشططرع والخلططق كططثيرة جططدا‪ .‬وقططد‬

‫‪229‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫استدل ابن عباس على أن ليلة القدر ليلة سبع وعشرين بأن الله‬
‫جعل السططماوات سططبعا والرض سططبعا والطططواف سططبعا والسططعي‬
‫سبعا وخلق النسان من سبع ومططا أنبتططت الرض سططبع‪ .‬وورد فططي‬
‫أثر إن النسان يميز في سبع ثم يحتلم في سبع ثم يكمططل طططوره‬
‫في سبع ثم يكمل عقله في سبع‪ .‬فظهر مناسبة اعتبار هذا العططدد‬
‫بخصوصه وقد قلت في ذلك أبياتا‪:‬‬
‫في عام سبع أتى سبع المنية إذ * من بعد سبع وسبع كان قد‬
‫غبرا‬
‫إذ مر من أشهر القبطي سبع ربى * لبرهمات الذي بالطعن قد‬
‫شهرا‬
‫وشاع في هذه اليام مسألة * النقل عني فيها في الورى أثرا‬
‫بأن ميت هذا الخلق يسأل في * سبع من الدهر مهما غاب أو‬
‫قبرا‬
‫فثار فيها هرير من أولى سفه * فجاءهم أي سبع في الوغى‬
‫كسرا‬
‫أبديت في حكمة العداد مبتكرا * من التناسب سبعا أنجما زهرا‬
‫يا رب من سبع نيران أجرني بالسبع المثاني وجد بالعفو مقتدرا‬
‫أخرج الحكيم الترمذي بسنده عن حذيفططة بططن اليمططان رضططي اللططه‬
‫عنهما قال في القبر حساب وفطي الخططرة حسطاب فمطن حوسططب‬
‫في القبر نجا ومن حوسب في القيامة عذب‪ .‬وقال ابن أبي شيبة‬
‫في المصنف حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن مجالد عن محمططد‬
‫بن المنتشر عن ابن حراش عن حذيفططة بططن اليمططان قططال إن فططي‬
‫القططبر حسططابا ويططوم القيامططة عططذابا‪ .‬قططال الحكيططم الترمططذي إنمططا‬
‫يحاسب المؤمن في القبر ليكطون أهططون عليططه غطدا فططي الموقطف‬
‫فيمحص في البرزخ ليخرج من القبر وقد اقتص منه انتهى‪ .‬وهططذا‬
‫وإن كان صورته صورة الموقوف علططى حذيفططة فططإن حكمططه حكططم‬
‫المرفوع كما تقدم تقريره وشططاهده مططا أخرجططه المططام أحمططد بططن‬
‫حنبل في مسططنده عططن عائشططة أن رسططول اللططه صططلى اللططه عليططه‬
‫وسلم قال ل يحاسب أحد يططوم القيامططة فيغفططر لططه يططرى المسططلم‬
‫عمله في قبره‪ .‬وأخرج البزار والحاكم وصططححه عططن ابططن عبططاس‬
‫عن النبي صلى الله عليططه وسططلم قططال اتقططوا البططول فططإنه أول مططا‬
‫يحاسب به العبد في القبر‪ ،‬وأخرج البيهقي في كتاب عذاب القبر‬
‫عن أبي هريرة عن النبي صلى اللططه عليططه وسططلم قططال إن عططذاب‬

‫‪230‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫القبر من ثلثططة مططن الغيبططة والنميمططة والبططول فإيططاكم وذلططك‪ .‬ولططه‬
‫شواهد كثيرة قال ابن رجب قد ذكر بعضهم السططر فططي تخصططيص‬
‫البول والنميمة والغيبططة بعططذاب القططبر‪ .‬وهططو أن القططبر أول منططازل‬
‫الخرة وفيه أنموذج ما يقع في يوم القيامة من العقاب والثططواب‪.‬‬
‫والمعاصي التي يعاقب عليها يوم القيامططة نوعططان حططق للططه وحططق‬
‫لعباده وأول ما يقضي فيه يططوم القيامططة مططن حقططوق اللططه الصططلة‬
‫ومن حقوق العباد الدماء‪ .‬وأما البرزخ فيقضي فيططه فططي مقططدمات‬
‫هذين الحقين ووسططائلهما فمقدمططة الصططلة الطهططارة مططن الحططدث‬
‫والخبث ومقدمططة الططدماء النميمططة والوقيعططة فططي العططراض وهمططا‬
‫أيسر أنواع الذى فيبدأ فططي الططبرزخ بالمحاسططبة والعقططاب عليهمططا‬
‫انتهى‪ .‬قال ابن رجب وروى ابن عجلن عن عون بن عبد الله قال‬
‫يقال إن العبد إذا دخل قبره سططئل عططن صططلته أول شططيء يسططأل‬
‫عنه فإن جازت له صلته نظر فيما سوى ذلك مططن عملططه وإن لططم‬
‫يجز له لم ينظر في شيء من عمله بعد‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬إن قيل مقتضى كططون الفتنططة سططبعة أيططام مشططروعية‬
‫التلقين في اليام السبعة‪.‬‬
‫فالجواب ل أما أول فلن التلقين لم يثبت فيططه حططديث صططحيح‬
‫ول حسن بل حديثه ضعيف باتفاق المحدثين ولهططذا ذهططب جمهططور‬
‫المة إلى أن التلقين بدعة‪ .‬وآخر من أفتى بذلك الشيخ عز الططدين‬
‫بن عبد السلم وإنما استحبه ابن الصلح وتبعه النووي نظططرا إلططى‬
‫أن الحديث الضعيف يتسامح بططه فططي فضططائل العمططال‪ .‬وثانيططا أن‬
‫هذه أمور توقيفية ل مدخل للرأي فيها ولم يرد التلقيططن إل سططاعة‬
‫الدفن خاصة‪ .‬وورد في سائر اليام الطعام فاتبع الوارد في ذلك‪.‬‬
‫فإن قلت هل يظهر لختصطاص التلقيطن بطاليوم الول مطن حكمطة‪.‬‬
‫قلت‪ :‬ظهر لي حكمتططان‪ :‬الولططى أن المخططاطب بططذلك مططن حضططر‬
‫الدفن من المؤمنين الشفعاء وذلك إنما يكون في اليوم الول لن‬
‫الشرع لم يرد بتكليططف النططاس المشططي مططع الميططت إلططى قططبره إل‬
‫لدفنه خاصة ولم يكلفهم التردد إلططى قططبره بعططد ذلططك فلططم يشططرع‬
‫التلقين في سائر اليام لما في تكليفهم التردد إليه طول السبوع‬
‫من المشقة فاقتصططر علططى سططاعة الططدفن‪ .‬الثانيططة‪ :‬أن كططل مبتططدأ‬
‫صعب وأول نزوله قططبره سططاعة لططم يتقططدم لططه مثلهططا قططط فططأنس‬
‫بالتلقين وسؤال التثبيت فإذا اعتاد بالسؤال أول يوم وألفططه سططهل‬
‫عليه بقية اليام فلم يحتج إليه وشرع الطعام لنططه قططد يكططون لططه‬

‫‪231‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫ذنوب يحتاج إلى ما يكفرها من صدقة ونحوها فكان فططي الصططدقة‬
‫عنه معونة له علططى تخفيططف الططذنوب ليخفططف عنططه هططول السططؤال‬
‫وصعوبة خطاب الملكين وأغلظهما وانتهارهما‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬لم يرد تصريح ببيان الوقت الذي يجيء فيه الملكططان‬
‫في سائر اليام وإنما ورد أنهما يأتيانه في اليوم الول إذا انصرف‬
‫الناس من دفنه‪ ،‬وقد يؤخذ من قول عبيد بن عمير يفتططن المططؤمن‬
‫سبعا والكطافر أربعيطن صطباحا إنهمطا يأتيطان فطي سطائر اليطام أول‬
‫النهار وقد يكون أراد بقوله أربعين صباحا أربعين يوما كمططا جططرت‬
‫عادتهم بذلك أن يكنططوا عططن اليططوم بالصططباح إطلقططا للجططزء وإرادة‬
‫للكل فل يكون فيه دللططة علططى مجيئهمططا أول النهططار‪ .‬ويحتمططل أن‬
‫يأتيا في سائر اليام في مثل الساعة التي جاء فيها أول يوم دفططن‬
‫والعلم في ذلك عند الله تعالى‪ .‬وإذا كنا لططم نعلططم وقططت مجيئهمططا‬
‫من النهار لكون ذلك من المغيبططات الططتي ل اطلع لحططد عليهططا إل‬
‫بتوقيف من صاحب الوحي ول طريق إلى الستدلل عليها بططالنظر‬
‫فكيف يظن أن أخبار طططاووس وغيططره بوقططوع الفتنططة سططبعة أيططام‬
‫صدر عنهم من غير توقيططف أو سططماع أو بلغ ممططن فططوقهم عمططن‬
‫يأتيه الوحي حاشا وكل ل يظن ذلك من له أدنى تمييز‪.‬‬
‫الجططواب ‪ -‬ورد فططي أحططاديث السططؤال المطلقططة أن الملكيططن‬
‫يعيططدان عليططه السططؤال ثلث مططرات فططي المجلططس كمططا تقططدمت‬
‫الشارة إلى ذلك ولم يرد في حديث اليام السططبعة تصططريح بمثططل‬
‫ذلك فيحتمل جريان ذلك كل يوم بناء على أن الحاديث المتعططددة‬
‫إذا كان في كل واحد منها إطلق من وجه وتقييططد مططن وجططه تقيططد‬
‫إطلق كل حديث بتقييد الخر كما هو قاعدة الصول وهذا منه‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬قال قائل فططي حططديث البخططاري إنططه يقططال لططه عقططب‬
‫السؤال نم صالحا فدل على أنه ل شيء بعده‪.‬‬
‫والجواب أن هذا كلم مططن لططم يتسططع نظططره فططي الحططديث ول‬
‫اطلع على مصطلحات العلمططاء المتكلميططن علططى الحططاديث حيططث‬
‫يجمعون طرق الحاديث كلها ورواياته ويضمون بعضها إلططى بعططض‬
‫ويأخذون من كل حديث ما فيه من فائدة زائدة ويقولون فيما خل‬
‫من تلك الزيادة هططذا حططديث مختصططر ورد فططي غيططره زيططادة عليططه‬
‫والحديث الذي في البخاري لفظه عن أسماء بنططت أبططي بكططر أنهططا‬
‫سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إنه قد أوحى إلطي‬
‫أنكم تفتنون في القبور فيقال ما علمك بهذا الرجل فأما المططؤمن‬

‫‪232‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫أو الموقن فيقول هو محمد رسططول اللططه جاءنططا بالبينططات والهططدى‬
‫فأجبنا واتبعنا فيقطال نطم صطالحا قطد علمنطا إن كنطت لمؤمنطا وأمطا‬
‫المنافق أو المرتاب فيقول ما أدرى سمعت الناس يقولططون شططيئا‬
‫فقلنه‪ ،‬هذا لفظ البخاري من غير زيادة عليططه وهططو أخصططر حططديث‬
‫ورد في السؤال‪ .‬وقططد ورد سططواه أحططاديث مطولططة صططحيحة فيهططا‬
‫زيادات كثيرة اعتمدها الناس ول يسعهم إل اعتمادها فإن أخذ هذا‬
‫الرجل بهذا الحديث فقط وترك مطا سطواه لزمطه رد مطا ثبطت فطي‬
‫الحاديث الصحيحة ول يقع في ذلك عاقل من ذلططك إنططه لططم يططذكر‬
‫في هذا الحديث السؤال عن ربه ودينه وهو ثططابت فططي غيططره وإن‬
‫المؤمن يقول في الجواب ربي الله وديني السلم‪ .‬ومن ذلك أنططه‬
‫لم يسم فيه الملكان بمنكر ونكير وهو ثابت في حديث الترمططذي‪.‬‬
‫وقد أطبق أهل السنة على اعتباره ولم يخططالف فيططه إل المعتزلططة‬
‫فقالوا ل يجوز أن تسمى الملئكة بمنكر ونكيططر ولططم يلتفططت أهططل‬
‫السنة إلى قولهم اعتمادا على ما جاء فططي بعططض طططرق الحططديث‬
‫إلى غير ذلك مططن الزيططادات الواقعططة فططي أحططاديث السططؤال علططى‬
‫كثرتها فإنها أكثر من سبعين حططديثا مططا مططن حططديث منهططا إل وفيططه‬
‫زيادة ليست في غيره فمن لططم يقططف إل علططى حططديث واحططد مططن‬
‫سبعين حططديثا حقططه أن يسططكت مططع السططاكتين ول يقططدم علططى رد‬
‫الحاديث وإلغائها‪ ،‬وتأويل حديث البخاري أنه يقططال لططه نططم صططالحا‬
‫عند آخر جططواب يجيططب بططه فططي آخططر يططوم يسططأل فيططه وذلططك مططن‬
‫المحذوفات المطوي ذكرها في الحديث كسائر ما حذف منه‪ .‬وما‬
‫أحسن ما وقع للحافظ أبي عمطر بططن عبططد الططبر حيطث تكلطم علططى‬
‫الحديث في الموطأ وغيره أن جبريل لم يصططل فططي وقططت فططرض‬
‫الصلة بالنبي صلى الله عليططه وسططلم الصططلوات الخمططس إل مططرة‬
‫واحدة فقال والجواب عن ذلك أنه قد ثبت إمامة جبريططل لوقططتين‪.‬‬
‫وقوله ما بين هذين وقت وهططذه زيططادة يجططب قبولهططا والعمططل بهططا‬
‫لنقل العدول لها وليس ترك التيان بذلك بحجة وإنما الحجططة فططي‬
‫شهادة من شهد ل في رواية من أجمل واختصر‪ .‬انتهططى كلم ابططن‬
‫عبد البر‪ .‬ووقع له أيضا أنه تكلم على حططديث ثططم روى مططن طططرق‬
‫مرسلة زيادة عليه ثم قال ومراسيل مثل هؤلء عنططد مالططك حجططة‬
‫وهو خلف ظاهر حططديث الموطططأ وحططديث هططؤلء بالصططواب أولططى‬
‫لنهططم زادوا وأوضططحوا وفسططروا مططا أجملطه غيرهططم وأهملططه‪ .‬هططذه‬
‫عبارته‪ .‬وقال القرطبي في شرح مسلم في حديث عبططد اللططه بططن‬

‫‪233‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫عمرو بن العاص في صومه وقيامه هططذا الحططديث اشططتهر وكططثرت‬
‫رواته فكثر اختلفه حتى ظن مططن ل بصططيرة عنططده أنططه مضطططرب‬
‫وليس كذلك فإنه إذا تتبع اختلفه وضم بعضه إلى بعططض انتظمططت‬
‫صورته وتناسب مساقه إذ ليس فيه اختلف تنططاقض ول تهططاتر بططل‬
‫يرجع اختلفه إلى أن بعضططهم ذكططر مططا سططكت عنططه غيططره وفصططل‬
‫بعض ما أجمله غيره انتهى‪ .‬ول شك في أنه ل منافاة بيططن حططديث‬
‫السططبعة وحططديث البخططاري فططإنه يجمططع بينهمططا بططأن معنططى حططديث‬
‫البخاري قد أوحى إلي أنكم تفتنون في القبططور فيقططال مططا علمططك‬
‫إلى آخره إن ذلك يقع فططي سططبعة أيططام لنططه لفططظ مطلططق صططادق‬
‫بالمرة وبأكثر‪ .‬فططإذا روى الثقططة إن ذلططك يقططع سططبعا وجططب قبططوله‬
‫وحمل آخر الحديث وهو قوله نطم صطالحا علطى أن ذلطك يقطع عنطد‬
‫انتهاء الفتنة وذلك بآخر يوم منها‪ .‬ولنختم الكتاب بلطائف‪ :‬الولى‪:‬‬
‫إن سنة الطعام سبعة أيام بلغنططي أنهططا مسططتمرة إلططى الن بمكططة‬
‫والمدينة فالظاهر أنها لم تترك من عهد الصحابة إلططى الن وإنهططم‬
‫أخذوها خلفا عن سلف إلى الصدر الول‪ .‬في التواريخ كططثيرا فططي‬
‫تراجم الئمة يقولون وأقام الناس على قبره سبعة أيططام يقططرؤون‬
‫القرآن‪ .‬واخرج الحافظ الكبير أبو القاسم بططن عسططاكر فططي كتططابه‬
‫المسمى تبيين كذب المفتري فيما نسب إلى المام أبططي الحسططن‬
‫الشعري سمعت الشيخ الفقيه أبا الفتح نصر الله بططن محمططد بططن‬
‫عبططد القططوي المصيصططي يقططول تططوفي الشططيخ نصططر بططن إبراهيططم‬
‫المقدسي في يططوم الثلثططاء التاسططع مططن المحططرم سططنة تسططعين و‬
‫أربعمططائة بدمشططق وأقمنططا علططى قططبره سططبع ليططال نقططرأ كططل ليلططة‬
‫عشرين ختمة‪ .‬الثالثة‪:‬قططد عططرف أنططه يسططتثنى جماعططة ل يسططألون‬
‫أصل كالصديق والشهيد والمرابط ومن ألحق بهم‪ .‬ومن اللطططائف‬
‫في ذلك ما أورده الجزولي من أئمة المالكية في شططرح الرسططالة‬
‫قال روى أن النبي صلى الله عليه وسططلم قططال أن منكططرا ونكيططرا‬
‫ينزلن بالميت في قططبره وهمططا فظططان غليظططان أسططودان أزرقططان‬
‫يطان في شعورهما وينتحتان الرض بأنيابهما يمشيان فططي الرض‬
‫كما يمشي أحدكم في الضباب بيططد كططل واحططد منهمططا مرزبططة مططن‬
‫حديد لو وضططعت علططى أعلططى جبططل فططي الططدنيا لططذاب كمططا يططذوب‬
‫الرصاص فيسألنه فقال له عمرو أنا كما أنا الن قططال نعططم فقططال‬
‫إذن والله أخاصمهما فرآه ابنه عبد الله بعد موته فقال له ما كططان‬
‫منك فقال له أتاني الملكان فقال لي من ربطك ومططن نبيططك فقلطت‬

‫‪234‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫ربي الله ونبي محمد وأنتما من ربكما فنظططر أحططدهما إلططى الخططر‬
‫فقال إنه عمر فوليا عنطي‪ .‬قطال الجزولطي ومثلطه يطروي عطن أبطي‬
‫المعالي أنهما وقفا عليه وهابا أن يكلماه فقططال لهمططا مططا شططأنكما‬
‫أنتما ملكا ربططي أفنيططت فططي ذكططره عمططري وبسططرت لنصططرته فمططا‬
‫عسططى أن تقططول وقططد امتلت الططدنيا بططأقوالي وسططميت فيهططا أبططا‬
‫المعالي فقال قد علمنا أنك أبو المعالي نططم هنيئا ول تبططالي‪ .‬قلططت‬
‫أبو المعالي هو إمام الحرمين وهذا الذي وقع له مططن بركططة العلططم‬
‫فلو لم يكططن مططن بركططة العلططم إل هططذا الكططرام لكططان فيططه كفايططة‪،‬‬
‫ويشبه هذا ما أخرجه الحافظ أبو الطاهر السلفي في الطيوريططات‬
‫عن سهل بن عمار قال رأيت يزيد بن هرون في المنام بعد مططوته‬
‫فقلت ما فعل الله بك قال أتاني في قبري ملكان فظان غليظططان‬
‫فقال من ربك وما دينك ومن نبيك فأخذت بلحيتي البيضططاء وقلططت‬
‫لمثلي يقال هذا وقد علمت النطاس جوابكمطا ثمطانين سطنة فطذهبا‪.‬‬
‫وقال الحافظ أبو القاسم الللكائي في السططنة أخبرنططا محمططد بططن‬
‫المظفر بن حرب ثنا إبراهيم بن محمد بن عثمان النيسابوري قال‬
‫سمعت أحمد بن محمد الحيري المزكي يقول حدثني عبد الله بن‬
‫الحرث الصنعاني قال سمعت حوثرة بن محمد المنقري البصططري‬
‫يقول رأيت يزيد بن هرون الواسطي في المنططام بعطد مطوته بطأربع‬
‫ليال فقلت ما فعل الله بك فقال تقبل مني الحسنات وتجاوز عن‬
‫السيئات ووهب لي التبعات‪ .‬قلت‪:‬ومططا كططان بعططد ذلططك قططال وهططل‬
‫يكون من الكريم إل الكرم غفر لي ذنططوبي وأدخلنططي الجنططة قلططت‬
‫فبم نلت الذي نلت قال بمجالس الذكر وقول الحق وصدقي فططي‬
‫الحديث وطول قيامي في الصلة وصبري على الفقر‪.‬قلت ومنكر‬
‫ونكير حق قال إي والله الذي ل إله إل هو لقد أقعططداني وسططألني‬
‫وقال لي من ربططك ومططا دينططك ومططن نبيططك فجعلططت أنفططض لحيططتي‬
‫البيضططاء مططن الططتراب فقلططت مثلططي يسططأل أنططا يزيططد بططن هططرون‬
‫الواسطى وكنت فططي دار الططدنيا سططتين سططنة أعلططم النططاس فقططال‬
‫أحدهما صدق هو يزيد بن هرون نم نومة العروس فل روعة عليك‬
‫بعد اليوم‪ .‬وقال الحافظ أبو ططاهر السطلفي فطي انتخطابه لحطديث‬
‫الفراء‪ :‬أخبرنا أبو عبططد اللططه محمططد بططن حمططد الرتططاحي أنبأنططا أبططو‬
‫الحسن علي بن الحسين الفطراء أنطا أبطو زكريطا عبطد الرحيطم ابطن‬
‫أحمد بن نصر البخاري الحافظ ثنا القاضي أبو الحسن محمططد بططن‬
‫إسحاق الملحمي ثنا أحمد بن محمد بططن مسططروق ثنططا محمططد بططن‬

‫‪235‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫كثير بن بنت يزيد بن هرون قال رأيت جدي يزيططد بططن هططرون فططي‬
‫النوم فقلت له يا جدي كيططف رأيططت منكططرا ونكيططرا فقططال يططا بنططي‬
‫جاآني فأجلساني في قبري وقال لططي مطن ربطك فقلطت لهمططا ألطي‬
‫يقال هذا وقد كنت أعلم الناس الدين منذ ثمانين سنة‪" .‬الثالثططة"‪:‬‬
‫عجبت ممن استغرب سؤال الميت سبعة أيام وقد صرح الغزالططي‬
‫بمططا هططو أعظططم مططن ذلططك ذكططر الشططيخ تططاج الططذين السططبكي فططي‬
‫الطبقات الوسطى في ترجمة الشيخ أبططي الفتططوح أخططي الغزالططي‬
‫أنه حكى يوما على رأس منبره قال سططمعت أخططي حجططة السططلم‬
‫قدس الله روحه يقول إن الميططت مططن حيططن يوضططع علططى النعططش‬
‫يوقططف فطي أربعيططن موقفططا يسطائله ربطه عططز وجطل قطال السطبكي‬
‫فنسططأل اللططه تعططالى أن يثبتنططا علططى دينططه ويختططم لنططا بخيططر بمنططه‬
‫وكرمه‪".‬الرابعة"‪ :‬أخرج ابن سعد في الطبقططات مططن طريططق ليططث‬
‫عن طاووس قططال مططا تعلمططت فتعلمططت لنفسططك فططان النططاس قططد‬
‫ذهبت منهم المانة قال وكان يعد الحديث حرفا حرفا‪ .‬وأخرج أبططو‬
‫نعيم في الحلية من طريق ليث قال قال لي طاووس مططا تعلمططت‬
‫فتعلمه لنفسك فان المانة والصدق قد ذهبا من الناس‪ .‬وقال أبططو‬
‫محمد عبيد الله بن محمططد بططن علططي بططن راشططد قططال سططمعت أبططا‬
‫الربيع العتكي يقول سمعت سفيان بن عيينة يقول إني أخذت من‬
‫كل طير ريشة ومن كططل ثططوب خرقططة قططال وسططمعت سططفيان بططن‬
‫عيينة يقول لصحاب الحديث إني لحرم جلسائي الحديث الغريب‬
‫لموضع رجل واحد ثقيل‪.‬‬

‫أحوال البعث‬
‫مسألة ‪ -‬هل يمر إبليس وكفار النس والجن على الصراط‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬صرح ابن برجان في الرشاد بأن الكفططار ل يمططرون‬
‫على الصراط‪ ،‬وفي الحاديث ما يشهد له وفططي أحططاديث أخططر مططا‬
‫يقتضي خلف ذلك واتهططم يمططرون فحملططت ذلططك علططى المنططافقين‬
‫لكون بعض الروايات فيها ما يدل على ذلك‪ ،‬ثططم رأيططت القرطططبي‬
‫صرح بأن في الخرة صراطين صراط لعموم الخلق إل من يدخل‬
‫الجنة بغير حساب ومن يلتقطهططم عنططق النططار وصططراط للمططؤمنين‬
‫خاصة وهذا جمع حسن وعرف منططه أن مططن يلتقطهططم عنططق النططار‬
‫وهم طوائف مخصوصة من الكفار ل يمرون علططى الصططراط أصططل‬
‫وكذلك بعث النار الذي يخرج من الخلق إليها قبل نصب الصططراط‬

‫‪236‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫دلططت الحططاديث علططى أنهططم ل يمططرون علططى الصططراط أصططل وهططم‬
‫طوائف من الكفار‪ .‬والظاهر أنه ل يمر على الصراط مططن الكفططار‬
‫إل المنافقون وأهل الكتابين اليهود والنصططارى فططان هططؤلء الفططرق‬
‫الثلث ورد في الحديث أنهم يحملطون عليطه فيسططقطون منطه فطي‬
‫النططار‪ .‬وكططذلك مططن ينصططب لططه الميططزان مططن الكفططار وهططم طائفططة‬
‫مخصوصة منهم يمرون عليه فيحضروا وزنهم فططإن الميططزان إنمططا‬
‫هو على الصراط‪ .‬هذا ملخص القول في ذلك وبسططه فطي كتابنطا‬
‫المسمى بالبدور السافرة في أمور الخرة والله أعلم‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬قوله صلى الله عليه وسلم يحشر الناس حفاة عراة‬
‫هل هو على عمومه بدليل قوله فيكون أول من يكسى إبراهيم أو‬
‫هو مخصوص بغير النبياء‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬هو مخصوص وليس على عمومه فقد نص الططبيهقي‬
‫على أن بعض النططاس يحشططر عاريططا وبعضططهم يحشططر فططي أكفططانه‬
‫وحمل على ذلك قوله صلى اللططه عليططه وسططلم يبعططث الميططت فططي‬
‫ثيابه التي يموت فيهططا رواه أبططو داود وابططن حبططان والحططاكم وقططول‬
‫معاذ ابن جبل أحسنوا أكفان موتططاكم فططان النططاس يحشططرون فططي‬
‫أكفانهم رواه ابن أبي الدنيا‪ .‬وأخرج سعيد بططن منصططور فططي سططننه‬
‫عن عمر بن الخطاب مثله وهذان الموقوفططان لهمططا حكططم الرفططع‪.‬‬
‫ونططص القرطططبي علططى أن حططديث الحشططر عططراة مخصططوص بغيططر‬
‫الشططهداء وأن حططديث أبططي داود ونحططوه فططي الشططهداء‪ .‬وأخططرج‬
‫الدينوري في المجالسة عن الحسن قال يحشر الناس كلهم عراة‬
‫ما خل أهل الزهد‪ .‬وإذا خص من الحديث الشططهداء أو أهططل الزهططد‬
‫فالنبياء من باب أولى‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬أحاديث الحشر عراة عارضها أحاديث أخر صرح فيها‬
‫بأن الناس يحشرون في أكفانهم‪ .‬واختلف العلماء في ذلك فمنهم‬
‫من سلك مسلك الترجيح فرجح أحاديث الحشر في الكفان علططى‬
‫أحاديث الحشر عراة وهذا رأي القليل‪ .‬والكثرون سططلكوا مسططلك‬
‫الجمع فجمعوا بيططن الحططاديث بططأن أحططاديث الحشططر فططي الكفططان‬
‫خاصة بالشهداء وأحاديث الحشططر عططراة فططي غيرهططم‪ .‬هكططذا نقلططه‬
‫القرطبي وجمع البيهقي بأن بعض النططاس يحشططر عاريططا وبعضططهم‬
‫يحشر في أكفططانه ولططم يعيططن شططهداء ول غيرهططم‪ .‬ويؤيططد ذلططك مططا‬
‫أخرجه أحمد والنسائي والحاكم وصححه البيهقي عن أبي ذر قططال‬
‫حططدثني الصططادق المصططدوق صططلى اللططه عليططه وسططلم أن النططاس‬

‫‪237‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫يحشرون يطوم القيامطة علطى ثلثطة أفطواج فطوج ططاعمين كاسطين‬
‫راكطبين وفططوج يمشطون ويسططعون وفططوج تسطحبهم الملئكطة علطى‬
‫وجططوههم‪ ،‬ولططه شططاهد مططن حططديث أبططي هريططرة أخرجططه أبططو داود‬
‫والترمذي ومن حديث معاوية بططن حيططدة أخرجططه أحمططد والترمططذي‬
‫والنسائي وفي المجالسة للدينوري عن الحسن قال يحشر الناس‬
‫كلهم عراة ما خل أهل الزهد وهذا له حكم المرفوع المرسل‬
‫مسألة ‪ -‬سألتكمو رجال العلم عما * بدالي حيث ل علم بذاكا‬
‫هل اليمان يوزن يوم الحشر * بميزان وإل ليس ذاكا‬
‫فإن قلتم بوزن هل تقولوا * مع الحسنات أو ضد لذا كا‬
‫وإن قلتم مع الحسنات يبقي * بأن ل وزن مع شيء يحاكا‬
‫ويرجح بعد ذاك بسيئات * فل للنار داخلة هنا كا‬
‫من أهل الحق والتوحيد نفس * فسبحان اللطيف بنا هنا كا‬
‫أوزن مطلقا أول تقولوا * بهذا انتم أهل لذاكا‬
‫أجيبوا العبد فهو لكم محب * وفضلكم بمصر ل يحاكى‬
‫فل زلت لمعضلة تحلوا * وفي الجنات مأواكم هناكا‬
‫الجواب ‪ -‬لرب العرش حمدا ل يحططاكى * وأشطكره ومطا أولططى‬
‫بذاكا‬
‫وللمختار تسليم ثناه * كعرف الزهر ينبت في رباكا‬
‫لقد نص الحكيم الترمذي في * نوادره التي حسنت حباكا‬
‫وعنه حكاه نقل قرطبي * بتذكرة تنمقها حياكا‬
‫بأن الوزن مختص بحشر * بأعمال فتنسلك انسلكا‬
‫وما اليمان موزونا فان الموازن حاله ضد هناكا‬
‫أيجمع واحد كفرا وضدا * ليتزنا محال فرض ذاكا‬
‫وفي خبر البطاقة جاء وزن * لتوحيد وأخبار كذاكا‬
‫فأولها بندب في ادكار * فحقا أعظم الحسنات ذاكا‬
‫ومن يقصد لبسط في اتزان * ففي تأليف بعث لي دراكا‬
‫وناظمه ابن السيوطي أبدي * جوابا لم يغادره مساكا‬
‫بنظم ناسج منوال حسن * على نسق يحاك ول يحاكى‬
‫مسألة ‪ -‬ما قول حبر بحر أفكاره * أبدي عجيبا عم في عصره‬
‫وفاض منه أنهرا بالهدى * في سائر القطار من دره‬
‫تأليفه صاغ لنا عسجدا * عاطره قد ضاع في نشره‬
‫حكى لنظم الدر في جيزه * وحاز حسن السبك في نثره‬

‫‪238‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫في الطفل إن مات صغيرا فهل * يحشر في الخرى على عمره‬
‫وفي جنان الخلد يبقى كذا * أو بعد حشر زيد في قدره‬
‫وهل له في الحور من زوجة * ينكحها ما القول في أمره‬
‫وأمر ولدان حكاهم لنا * رب العل الرحمن في ذكره‬
‫أمن بني آدم أم خلقهم * كالحور يا من فاق في دهره‬
‫لكم علوم أعجزت من مضى * ومن بقي قد صار في فكره‬
‫وسلموا أن الذي نلتمو * منحة رب العرش من سره‬
‫يثيبكم جناته مثل ما * بذلتم الجهاد في نصره‬
‫الجواب ‪ -‬الحمد الله على يسره * وأشكر الهادي على نشره‬
‫الطفل يأتي مثل ما قد مضى * في خلقه والقدر في حشره‬
‫وعند ما يدخل جناته * يزداد كالبالغ في قدره‬
‫وكم له في الخلد من زوجة * من بشر والحور في قصره‬
‫والحور والولدان جنس سوى * ليسوا بني آدم فاستقره‬

‫تحفة الجلساء برؤية الله للنساء‬


‫بسم الله الرحمن الرحيم‪:‬‬
‫مسألة ‪ -‬رؤية الله تعططالى يططوم القيامططة فططي الموقططف حاصططلة‬
‫لكل أحد الرجال والنساء بل نزاع وذهب قوم من أهل السنة إلططى‬
‫أنها تحصل فيه للمنططافقين أيضططا‪ .‬وذهططب آخططرون منهططم إلططى أنهططا‬
‫تحصل للكافرين أيضا ثم يحجبون بعد ذلك ليكون عليهططم حسططرة‪.‬‬
‫وله شاهد رويناه عططن الحسططن البصططري‪ .‬وأمططا الرؤيططة فططي الجنططة‬
‫فأجمع أهل السنة أنها حاصلة للنبياء والرسل والصديقين من كل‬
‫أمة ورجال المؤمنين من البشر من هذه المة واختلططف بعططد ذلططك‬
‫فططي صططور إحططداها النسططاء مططن هططذه المططة وفيهططن ثلثططة مططذاهب‬
‫للعلماء حكاها جماعططة منهططم الحططافظ عمططاد الططدين بططن كططثير فططي‬
‫أواخر تاريخه أحدها أنهططن ل يريططن لنهططن مقصططورات فططي الخيططام‬
‫ولنه لم يرد في أحاديث الرؤيططة تصططريح برؤيتهططن‪ .‬والثططاني انهططن‬
‫يرين أخذا من عمومطات النصطوص الطواردة فطي الرؤيطة‪ .‬والثطالث‬
‫انهن يرين في مثل أيام العياد فانه تعالى يتجلططى فططي مثططل أيططام‬
‫العياد لهل الجنة تجليا عاما فيرينه يحتاج إلى دليل خططاص عليططه‪.‬‬
‫وقال الحافظ ابن رجب فططي اللطططائف كططل يططوم كططان للمسططلمين‬
‫عيدا في الدنيا فانه عيد لهم في الجنة يجتمعون فيططه علططى زيططارة‬
‫ربهم ويتجلى لهم فيه‪ .‬ويوم الجمعة يدعى في الجنة يططوم المزيططد‬

‫‪239‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫ويوما الفطر والضحى يجتمع أهل الجنة فيهما للزيططارة وروى أنططه‬
‫يشارك النساء الرجال فيهما كما كن يشهدن العيدين مططع الرجططال‬
‫دون الجمعة‪ ،‬هذا لعموم أهل الجنة فأما خواصهم فكطل يطوم لهطم‬
‫عيد يزورون ربهم كل يوم بكرة وعشيا انتهى‪ .‬قلت الحديث الذي‬
‫أشار إليه ابن رجب ولم يقف عليه ابن كثير أخرجه الططدار قطنططي‬
‫في كتاب الرؤية قال حدثنا أحمد بن سلمان بن الحسن ثنا محمد‬
‫بن عثمان ابن محمد ثنا مططروان بططن جعفططر ثنططا نططافع أبططو الحسططن‬
‫مولى بني هاشم ثنا عطاء بن أبي ميمونة عن أنس بن مالك قال‬
‫قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كططان يططوم القيامططة رأى‬
‫المؤمنين ربهم عز وجل فأحدثهم عهدا بالنظر إليه في كل جمعططة‬
‫ويراه المؤمنات يوم الفطر ويوم النحر‪ .‬الثانيططة‪ :‬الملئكططة فططذهب‬
‫الشيخ عز الدين بن عبد السلم إلى أنهم ل يرون ربهم لنهططم لططم‬
‫يثبت لهم ذلك كما ثبت للمؤمنين من البشططر وقططد قططال تعططالى )ل‬
‫تدركه البصار( خرج منه مؤمنو البشر بالدلة الثابتططة فبقططى علططى‬
‫عمومه في الملئكة ولن للبشر طاعات لم يثبت مثلهططا للملئكططة‬
‫كالجهاد والصبر على البليا والمحن والرزايا وتحمل المشططاق فططي‬
‫العبادات لجططل اللطه وقططد ثبططت أنهططم يططرون ربهططم ويسططلم عليهططم‬
‫ويبشرهم باحلل رضوانه عليهم أبدا ولم يثبت مثل هططذا للملئكططة‬
‫انتهى‪ .‬وقد نقله عنه جمع من المتأخرين ولم يتعقبوه بنكير منهططم‬
‫المام بدر الدين الشبلي صاحب آكام المرجان في أحكططام الجططان‬
‫والعلمة عطز الطدين بطن جماعطة فطي شطرح جمطع الجوامطع ولكطن‬
‫القوى انهم يرونه فقد نص على ذلك إمام أهل السططنة والجماعططة‬
‫الشيخ أبو الحسططن الشططعري قططال فططي كتططابه البانططة فططي أصططول‬
‫الديانة ومنه نقلت ما نصه‪ :‬أفضل لذات الجنة رؤية الله تعالى ثطم‬
‫رؤية نبيه صلى اللططه عليططه وسططلم فلططذلك لططم يحططرم اللططه أنبيططاءه‬
‫المرسلين وملئكته المقربين وجماعة المؤمنين والصديقين النظر‬
‫إلى وجهه عز وجل انتهى‪ .‬وقططد تططابعه علططى ذلططك المططام الحططافظ‬
‫البيهقي قال في كتاب الرؤية باب ما جاء في رؤية الملئكة ربهططم‬
‫أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأحمد بن الحسن قال ثنا أبططو العبططاس‬
‫محمد ابن يعقوب ثنا محمد بن إسحاق حدثني أمية بططن عبططد اللططه‬
‫بن عمرو بن عثمططان عططن أبيططه سططمعت عبططد اللططه بططن عمططرو بططن‬
‫العاص يحدث مروان بن الحكم قططال خلططق اللططه الملئكططة لعبططادته‬
‫أصنافا وأن منهم لملئكة قياما صافين من يططوم خلقهططم إلططى يططوم‬

‫‪240‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫القيامة وملئكة ركوعا خشوعا من يوم خلقهطم إلطى يطوم القيامطة‬
‫وملئكة سجودا منذ خلقهم إلى يوم القيامة فاذا كان يوم القيامططة‬
‫تجلى لهم تبارك وتعالى ونظروا إلى وجهه الكريم قطالوا سطبحانك‬
‫ما عبدناك حق عبادتك‪ .‬وأخبرنا محمططد بططن عبططد اللططه وأحمططد بططن‬
‫الحسن قال ثنا أبو العباس ثنا محمد بن إسحاق ثنا روح بن عبادة‬
‫ثنا عباد بن منصور قططال سططمعت عططدي بططن أرطططاة يخطططب علططى‬
‫المنبر المدائن فجعل يعظنا حتى بكى وأبكانا ثم قال كونوا كرجل‬
‫قال لبنه وهو يعظه يابني أوصيك أن ل تصلي صلة إل ظننت أنك‬
‫ل تصلي بعدها غيرها حتى تموت‪ .‬ولقد سططمعت فلنططا نسططي عبططاد‬
‫اسمه ما بيني وبين رسول الله صلى الله عليه وسطلم غيططره قططال‬
‫أن رسول الله صلى الله عليطه وسطلم قطال إن للطه ملئكطة ترعطد‬
‫فرائصهم من مخططافته مططا منهططم ملططك تقطططر دمعططة مططن عينططه إل‬
‫وقعت ملكا يسبح قال وملئكة سجودا منذ خلططق اللططه السططماوات‬
‫والرض لططم يرفعططوا رؤوسططهم ول يرفعونهططا إلططى يططوم القيامططة‬
‫وصفوفا لم ينصرفوا عن مصافهم ول ينصرفون إلى يططوم القيامططة‬
‫فاذا كان يوم القيامة تجلى لهم ربهم فينظرون إليه قالوا سبحانك‬
‫ما عبدناك كما ينبغي لك‪ .‬أخرجه أبو الشيخ فططي العظمططة ولفظططه‬
‫فإذا رفعوا ونظروا إلى وجه الله تعالى قالوا سبحانك مططا عبططدناك‬
‫حق عبادتك‪ .‬وممن قطال برؤيطة الملئكطة مطن المتطأخرين العلمطة‬
‫شمس الدين بن القيم وقاضي القضاة جلل الدين البلقينططي وهططو‬
‫الرجح بل شك‪ .‬ومنهم من قال إن جبريل عليه السلم يططراه دون‬
‫سائر الملئكة لنه وقف على الحديث الططذي ورد فيططه رؤيتططه ولططم‬
‫يقف على الحططديثين السطابقين فطي رؤيططة الملئكطة علطى العمططوم‬
‫ومشي عليه أبو إسحاق الصفار البخاري من الحنفية فططإني رأيططت‬
‫في أسئلته المشهورة ما نصه‪ :‬سئل عن الملئكة هل يرون ربهم‪.‬‬
‫فأجاب اعتماد والدي الشهيد ل يرون ربهم سوى جبريل فانه يرى‬
‫ربه مرة واحدة ول يرى أبدا انتهططى‪ .‬والصططواب العمططوم والحططديث‬
‫المططذكور أخرجططه الحططاكم فططي المسططتدرك وصططححه مططن طريططق‬
‫إبراهيم بن سعد عن ابن شهاب عن علي ابن حسين عن جابر أن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسططلم قططال تمططد الرض يططوم القيامططة‬
‫مدا لعظمة الرحمططن ثططم ل يكططون لبشططر مططن بنططي آدم إل موضططع‬
‫قدميه ثم أدعططى أول النططاس فططأخر سططاجدا ثططم يططؤذن لططي فططأقوم‬
‫فأقول يا رب أخبرني هذا لجبريل وهو عن يمين الرحمن والله ما‬

‫‪241‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫رآه جبريل قبلها قط إنك أرسلته إلى قال وجبريل ساكت ل يتكلم‬
‫حتى يقول الله صدق ثم يططؤذن لطي فططي الشططفاعة فططأقول يططا رب‬
‫عبادك عبدوك في أطططراف الرض فططذلك المقططام المحمططود‪ .‬قططال‬
‫الحاكم صحيح على شرط الشيخين قال لكططن أرسططله معمططر عططن‬
‫ابن شهاب عن علي بن حسين بنحوه‪ ،‬وأخرجه الحاكم من طريق‬
‫ابن وهب عن يونس عن ابططن شططهاب عططن علططي بططن حسططين عططن‬
‫رجل من أهل ولم يسمه أن الرض تمططد يططوم القيامططة ‪ -‬الحططديث‪.‬‬
‫وقال عبد الرازق في تفسيره أنا معمر عن الزهري عن علي بططن‬
‫الحسين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا كان يوم القيامططة‬
‫مد الله الرض مد الديم حتى ل يكون لبشر من الناس إل موضططع‬
‫قدميه قال فأكون أول من يدعى وجبريل عن يمين العرش واللططه‬
‫مططا رآه قبلهططا فططأقول أي رب إن هططذا أخططبرني أنططك أرسططلته إلططى‬
‫فيقول الله عز وجل صدق ثم أشططفع فططأقول يططا رب عبططدوك فططي‬
‫أطراف الرض وهو المقام المحمود‪ .‬أخرجه ابن جرير‪ .‬وقال ابططن‬
‫أبي حاتم في تفسيره حدثنا أبو عبيد الله ابن أخي ابططن وهططب ثنططا‬
‫عمي ثنا إبراهيم بن سعد عن ابن شهاب عن علي بن حسين قال‬
‫أخبرني رجل من أهل العلم أن النبي صلى الله عليه وسططلم قططال‬
‫تمد الرض يوم القيامة مد الديم لعظمة الرحمن ول يكون لبشططر‬
‫من بني آدم فيها إل موضع قدمه فأدعى أول الناس فأخر سططاجدا‬
‫ثم يؤذن لي فأقول يا رب أخبرني هذا لجبريل وجبريل عططن يميططن‬
‫الرحمن والله ما رآه جبريل قط قبلها إنططك أرسططلته إلططي وجبريططل‬
‫ساكت ل يتكلم حتى يقول الرحمن تبارك وتعالى صدقت قال ثططم‬
‫يؤذن لي في الشفاعة فأقول أي رب عبادك عبدوك في أطططراف‬
‫الرض فذلك المقام المحمود‪" .‬الثالثة"‪ :‬الجن وقططد نقططل صططاحب‬
‫آكام المرجان مقالة الشيخ عز الدين في الملئكة ثم قال والجططن‬
‫أولى بالمنع منهم‪ .‬وقال الجلل البلقيني لم أقططف علططى كلم أحططد‬
‫من العلماء تعرض لهذه المسألة ولم تثبططت الرؤيططة إل للبشططر ثططم‬
‫نقل كلم الشيخ عز الدين في أن الملئكططة ل يططرون ثططم قططال وإذا‬
‫كان ذلك في الملئكة ففططي الجططن بطريططق الولططى ثططم قططال وقططد‬
‫يتوقف في الولوية لن اليمان في عرف الشرع يشططمل مططؤمني‬
‫الثقلين ثم قططرر ثبططوت الرؤيططة للملئكططة ثططم قططال وعلططى مقتضططى‬
‫استدلل الئمة والشعري يثبت الرؤية لمؤمني الجططن‪" .‬الرابعططة"‪:‬‬

‫‪242‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫مؤمنوا المم السابقة وفيهم احتمالن لبططن أبططي جمططرة وقططال أن‬
‫الظهر مساواتهم لهذه المة في الرؤية والله أعلم‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬قال الدارقطني أخبرنا الحسن بن إسططماعيل انططا أبططو‬
‫الحسن علي بن عبده ثنا يحيى بن سططعيد القطططان عططن ابططن أبططي‬
‫ذئب عن محمد بن المنكدر عن جابر قال قال رسططول اللططه صططلى‬
‫الله عليه وسلم إن الله يتجلططى للنططاس عامططة ويتجلططى لبططي بكططر‬
‫خاصططة‪ ،‬فططي المغنططى للططذهبي علططى بططن عبططده وضططاع وقلتططم فططي‬
‫تأليفكم النكت البططديعيات علططى الموضططوعات أن للحططديث طريقططا‬
‫على شرط الحسن‪ ،‬وأخرجه الحاكم في المستدرك بلفظ يتجلططى‬
‫للخلئق فلم لم تستدلوا به على رؤيططة الملئكططة يططوم القيامططة مططع‬
‫ذينك الحططديثين واللفططظ الول يسططتدل بططه علططى الرؤيططة لبنططي آدم‬
‫مطلقا الرجال والنساء في العيد وغيره وأنططه ليططس مقيططدا بططوقت‬
‫معلوم ل سيما وهو حسن‪.‬‬
‫الجططواب ‪ -‬السططتدلل إنمططا يكططون باللفططاظ الططتي ل يطرقهططا‬
‫الحتمططال ومططتى طططرق اللفططظ الحتمططال سططقط بططه السططتدلل‬
‫والخلئق يحتمططل أن يحمططل علططى بنططي آدم فل يسططتدل بططه علططى‬
‫الملئكة خصوصا وقططد ورد بلفططظ النططاس الخططاص ببنططي آدم وهططذا‬
‫التجلي العام يمكن حمله أول على الذكور الذين يحضرون الزيارة‬
‫فيكون من خصوص الفراد ويمكن حمله على التجلي أيام العياد‬
‫فيكون من خصوص الوقات ويشططمل النططاث ويمكططن حملططه وهططو‬
‫الظهر على التجلي في الموقططف وذلططك شططامل للخلططق بأسططرهم‬
‫النس والجن والملئكة والذكور والناث وإن ورد في بعد ألفططاظه‬
‫يوم القيامة قوي هذا الحمل الخير فانزاح الشكال والله أعلم‪.‬‬

‫مسالك الحنفا في والدي المصطفى‬


‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫الحمد لله وسلم على عباده الذين اصطفى‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬الحكم في أبوي النبي صلى اللططه عليططه وسطلم إنهمططا‬
‫ناجيان وليسا في النار صرح بذلك جمططع مططن العلمططاء‪ ،‬ولهططم فططي‬
‫تقرير ذلك مسالك‪:‬‬
‫المسلك الول‪ :‬أنهما ماتا قبل البعثططة ول تعططذيب قبلهططا لقططوله‬
‫تعالى )وما كنا معططذبين حططتى نبعططث رسططول( وقططد أطبقططت أئمتنططا‬
‫الشاعرة من أهل الكلم والصول والشططافعية مطن الفقهطاء علطى‬

‫‪243‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫أن من مات ولم تبلغططه الططدعوة يمططوت ناجيططا وأنططه ل يقاتططل حططتى‬
‫يدعى إلى السلم وأنه إذا قتل يضمن بالدية والكفارة نططص عليططه‬
‫المام الشافعي رضي اللططه عنططه وسططائر الصططحاب بططل زاد بعططض‬
‫الصحاب وقال أنه يجب في قتله القصاص ولكن الصططحيح خلفططه‬
‫لنه ليس بمسلم حقيقططي وشططرط القصططاص المكافططأة وقططد علططل‬
‫بعض الفقهاء كونه إذا مات ل يعذب بأنه على أصل الفطططرة ولططم‬
‫يقططع منططه عنططاد ول جططاءه رسططول فكططذبه‪ .‬وهططذا المسططلك أول مططا‬
‫سمعته في هذا المقام الذي نحن فيططه مططن شططيخنا شططيخ السططلم‬
‫شرف الدين المناوي فإنه سئل عن والططد النططبي صطلى اللطه عليططه‬
‫وسلم هل هو في النار فزأر فططي السططائل زأرة شططديدة فقططال لططه‬
‫السائل هل ثبت إسلمه فقال إنه مات في الفترة ول تعذيب قبل‬
‫البعثة‪ ،‬ونقلططه سططبط ابططن الجططوزي فططي كتططاب مططرآة الزمططان عططن‬
‫جماعة فإنه حكى كلم جده على حديث إحياء أمه صلى الله عليه‬
‫وسلم ثم قال ما نصه‪ :‬وقال قوم قططد قططال اللططه تعططالى )ومططا كنططا‬
‫معذبين حتى نبعث رسول( والدعوة لم تبلغ أباه وأمه فما ذنبهمططا‪.‬‬
‫وجزم به البي في شططرح مسططلم وسططأذكر عبططارته‪ .‬وقططد ورد فططي‬
‫أهل الفترة أحاديث أنهم يتمحنون يوم القيامة وآيات مشيرة إلططى‬
‫عدم تعططذيبهم وإلططى ذلططك مططال حططافظ العصططر شططيخ السططلم أبططو‬
‫الفضل بن حجر في بعض كتبه فقال والظن بآله صلى اللططه عليططه‬
‫وسلم يعني الذين ماتوا قبل البعثططة أنهطم يطيعططون عنطد المتحططان‬
‫إكراما له صلى الله عليه وسلم لتقربهم عينه‪ .‬ثم رأيتططه قططال فططي‬
‫الصابة ورد من عدة طرق في حق الشيخ الهرم ومططن مططات فططي‬
‫الفترة ومن ولد أكمه أعمى أصم ومن ولد مجنونططا أو طططرأ عليططه‬
‫الجنون قبل أن يبلغ ونحو ذلك أن كل منهم يدلي بحجة ويقول لططو‬
‫عقلت أو ذكرت لمنت فترفع لهم نار ويقال أدخلوها فمططن دخلهططا‬
‫كانت له بردا وسلما ومن امتنع أدخلهططا كرهططا هططذا معنططى مططا ورد‬
‫من ذلك‪ .‬قال وقد جمعت طرقه في جزء مفرد قال ونحططن نرجططو‬
‫أن يدخل عبد المطلب وآل بيته في جملة من يدخلها طائعا فينجو‬
‫إل أبا طالب فإنه أدرك البعثة ولم يؤمن وثبططت أنططه فططي ضحضططاح‬
‫من نار‪ ،‬وقد جعلت قصة المتحان داخلة في هذا المسلك مططع أن‬
‫الظاهر أنها مسططلك مسططتقل لكنططي وجططدت ذلططك لمعنططى دقيططق ل‬
‫يخفى على ذوي التحقيق‪.‬‬

‫‪244‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬

‫ذكر اليات المشيرة إلى ذلك‬


‫الولى قوله تعالى )وما كنا معذبين حتى نبعث رسططول( وهططذه‬
‫الية هي التي اطبقت أئمة السنة على السططتدلل بهططا فططي أنططه ل‬
‫تعذيب قبل البعثة وردوا بها على المعتزلة ومن وافقهم في تحكم‬
‫العقل‪ .‬أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم في تفسيريهما عططن قتططادة‬
‫في قوله )وما كنا معذبين حتى نبعث رسططول( قططال إن اللططه ليططس‬
‫بمعذب أحدا حتى يسبق إليه من الله خبر أو تأتيه مططن اللططه بينططة‪.‬‬
‫الية الثانية‪ :‬قوله تعالى )ذلك إن لم يكن ربك مهلك القرى بظلم‬
‫وأهلها غافلون( أورد هذه الية الزركشي في شرح جمع الجوامططع‬
‫اسططتدلل علططى قاعططدة أن شططكر المنعططم ليططس بططواجب عقل بططل‬
‫بالسمع‪ .‬الثالثة‪ :‬قوله تعالى )ولول أن تصيبهم مصيبة بمططا قططدمت‬
‫أيديهم فيقولوا ربنا لول أرسلت إلينا رسول فنتبع آياتك ونكون من‬
‫المؤمنين( أورد هذه الزركشي أيضا‪ .‬وأخططرج ابططن أبططي خططاتم فططي‬
‫تفسيره عند هذه الية بسند حسن عن أبي سططعيد الخططدري قططال‪:‬‬
‫قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الهالططك فططي الفططترة يقططول‬
‫رب لم يأتني كتاب ول رسول ثم قرأ هذه الية )ربنا لول أرسططلت‬
‫إلينا رسول فنتبع آياتك ونكون من المؤمنين(‪ .‬الرابعة‪ :‬قوله تعالى‬
‫)ولو أنا أهلكناهم بعذاب من قبلططه لقططالوا ربنططا لططول أرسططلت إلينططا‬
‫رسول فنتبع آياتك من قبل أن نذل ونخزى( أخرج ابططن أبططي حططاتم‬
‫في تفسيره عند هذه الية عططن عطيططة العططوفي قططال الهالططك فططي‬
‫الفترة يقول رب لم يأتني كتاب ول رسول وقرأ هذه اليططة لططو أنططا‬
‫أهلكناهم بعذاب من قبله لقالوا ‪ -‬إلى آخر الية‪ .‬الخامسططة‪ :‬قططوله‬
‫تعالى )وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في أمها رسول يتلططو‬
‫عليهم آياتنا( أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس وقتادة فططي اليططة‬
‫قال لم يهلك الله ملة حتى يبعططث إليهطم محمطدا صطلى اللطه عليطه‬
‫وسلم فلما كذبوا وظلمططوا بططذلك هلكططوا‪ .‬السادسططة‪ :‬قططوله تعططالى‬
‫)وهطذا كتطاب أنزلنطاه مبطارك فطاتبعوه واتقطوا لعلكطم ترحمطون أن‬
‫تقولوا إنما أنططزل الكتططاب علططى طططائفتين مططن قبلنططا وإن كنططا عططن‬
‫دراستهم لغافلين(‪ .‬السابعة‪ :‬قوله تعالى ) وما أهلكنا من قرية إل‬
‫لها منذرون ذكرى وما كنا ظططالمين(‪ .‬أخططرج عبططد بططن حميططدو ابططن‬
‫المنذر وابن أبي حاتم في تفاسيرهم عن قتادة في اليططة قططال مططا‬
‫أهلك الله من قرية إل من بعد الحجة والبينة والعذر حططتى يرسططل‬

‫‪245‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الرسل وينزل الكتب تذكرة لهم وموعظة وحجططة للططه ذكططرى ومططا‬
‫كنا ظططالمين‪ .‬يقططول مططا كنططا لنعططذبهم إل مططن بعططد البينططة والحجططة‪.‬‬
‫الثامنة‪ :‬قطوله تعطالى )وهطم يصططرخون فيهطا ربنطا أخرجنطا نعمطل‬
‫صالحا غير الذي كنا نعمل أو لم نعمركم وما يتذكر فيه مططن تططذكر‬
‫وجاءكم النذير( قال المفسرون احتططج عليهططم ببعثططة النططبي محمططد‬
‫صلى الله عليه وسلم وهو المراد بالنذير في الية‪.‬‬

‫ذكر الحاديث الواردة في أن أهل الفترة يمتحنون يوم القيامة‬


‫فمن أطاع منهم‬
‫أدخل الجنة ومن عصى أدخل النار‬
‫الحططديث الول‪ :‬أخططرج المططام أحمططد بططن حنبططل وإسططحاق بططن‬
‫راهوية في مسنديهما والبيهقي في كتططاب العتقططاد وصططححه عططن‬
‫السود بططن سططريع أن النططبي صططلى اللططه عليططه وسططلم قططال أربعططة‬
‫يمتحنون يوم القيامة رجل أصم ل يسمع شيئا ورجل أحمق ورجل‬
‫هططرم ورجططل مططات فططي فططترة فأمططا الصططم فيقططول رب لقططد جططاء‬
‫السلم وما اسمع شيئا وأما الحمق فيقول رب لقد جاء السططلم‬
‫والصبيان يحذفوني بالبعر وأما الهرم فيقول رب لقد جاء السططلم‬
‫وما أعقل شيئا وأما الذي مات في الفططترة فيقططول رب مططا أتططاني‬
‫لك رسول فيأخذ مواثيقهم ليطيعنه فيرسل إليهم أن أدخلوا النططار‬
‫فمن دخلها كانت عليه بردا وسلما ومن لم يدخلها يسحب إليها‪.‬‬
‫الحططديث الثططاني‪ :‬أخططرج أحمططد وإسططحاق بططن راهويططة فططي‬
‫مسنديهما وابن مردويه في تفسيره والططبيهقي فططي العتقططاد عططن‬
‫أبي هريرة أن النبي صلى الله عليطه وسطلم قطال أربعطة يمتحنطون‬
‫فذكر مثل حديث السود بن سريع سواء‪.‬‬
‫الحططديث الثططالث‪ :‬أخططرج الططبزار فططي مسططنده عططن أبططي سططعيد‬
‫الخدري قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤتى بالهالك‬
‫في الفترة والمعتوه والمولود فيقول الهالك في الفترة لططم يططأتني‬
‫كتاب ول رسول ويقول المعتوه أي رب لم أجعل لططي عقل أعقططل‬
‫به خيرا ول شرا‪ .‬ويقول المولود لم أدرك العمل قال فيرفع لهم؟‬
‫فيقال لهم ردوها أو قال ادخلوها فيدخلها من كان فططي علططم اللططه‬
‫سعيدا لو أدرك؟ ويمسك عنها من كططان فططي علططم اللططه شططقيا لططو‬
‫أدرك العمل فيقول تبارك وتعططالى وايططاي عصططيتم فكيططف برسططلي‬

‫‪246‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫بالغيب‪ ،‬في إسناده عطية العوفي فيططه ضططعف والترمططذي يحسططن‬
‫حديثه وهذا الحديث له شواهد تقتضي الحكم بحسنه وثبوته‪.‬‬
‫الحديث الرابع‪ :‬أخرج الططبزار وأبططو يعلططى فططي مسططنديهما عططن‬
‫أنس قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤتى بأربعة يوم‬
‫القيام بالمولود والمعتوه ومن مات الفترة وبالشيخ الفططاني كلهططم‬
‫يتكلم بحجته فيقول اللطه تبططارك وتعطالى لعنطق مطن جهنطم أبططرزي‬
‫فيقول لهم إني كنت أبعث إلى عبططادي رسططل مططن أنفسططهم وإنططي‬
‫رسول نفسي إليكم ادخلوا هذه فيقول من كتب الله عليه الشقاء‬
‫يا رب أتدخلناها ومنها كنا نفرق ومن كتططب لططه السططعادة فيمضططي‬
‫فيقتحم فيها مسرعا فيقول الله قد عصيتموني فأنتم لرسلي أشد‬
‫تكذيبا ومعصية فيدخل هؤلء الجنة وهؤلء النار‪.‬‬
‫الحديث الخامس‪ :‬أخرج عبد الرزاق وابن جريطر وابططن المنطذر‬
‫وابن أبي حاتم عن أبي هريرة قال إذا كان يوم القيامة جمع اللططه‬
‫أهل الفترة والمعتوه والصم والبكم والشيوخ الططذين لططم يططدركوا‬
‫السلم ثم أرسل إليهم رسول أن ادخلوا النار فيقولون كيف ولططم‬
‫تأتنا رسل قال وأيم الله لو دخلوها لكانت عليهم بردا وسططلما ثططم‬
‫يرسل إليهم فيطيعه مططن كططان يريططد أن يطيعططه‪ .‬قططال أبططو هريططرة‬
‫اقرؤوا إن شططئتم )ومططا كنططا معططذبين حططتى نبعططث رسططول( إسططناده‬
‫صحيح على شرط الشيخين ومثلططه ل يقططال مططن قبططل الططرأي فلططه‬
‫حكم الرفع‪.‬‬
‫الحديث السادس‪ :‬أخرج الططبزار والحططاكم فططي مسططتدركه عططن‬
‫ثوبان أن النبي صلى الله عليه وسططلم قططال إذا كططان يططوم القيامططة‬
‫جاء أهل الجاهلية يحملون أوثانهم وعلى ظهورهم فيسألهم ربهططم‬
‫فيقولون ربنا لم ترسل إلينا رسول ولم يأتنا لك أمر ولططو أرسططلت‬
‫إلينا رسول لكنا أطوع عبادك فيقول لهم ربهم أريتكم أن أمرتكططم‬
‫بططأمر تطيعططوني فيقولططون نعططم فيططأمرهم أن يعمططدوا إلططى جهنططم‬
‫فيدخولها فينطلقون حتى إذا دنوا منهططا وجططدوا لهططا تغيظططا وزفيططرا‬
‫فرجعوا إلى ربهم فيقولون ربنا أجرنا منها فيقول لهم الم تزعموا‬
‫أني أن أمرتكم بأمر تطيعوني فيأخذ على ذلططك مططواثيقهم فيقططول‬
‫اعمدوا إليها فادخلوها فينطلقططون حططتى إذا رأوهططا فرقططوا ورجعططوا‬
‫فقططالوا ربنطا فرقنطا منهططا ول نسططتطيع أن نططدخلها فيقططول ادخلوهططا‬
‫داخرين فقال النبي صلى الله عليططه وسططلم لططو دخلوهططا أول مططرة‬

‫‪247‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫كانت عليم بردا وسلما قال الحاكم صحيح علططى شططرط البخططاري‬
‫ومسلم‪.‬‬
‫الحديث السابع‪ :‬أخرج الطبراني وأبو نعيم عن معاذ بططن جبططل‬
‫عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يأتي يوم القيامة بالممسططوخ‬
‫عقل وبالهالك في الفترة وبالهالك صططغيرا فيقططول الممسططوخ عقل‬
‫رب لو آتيتني عقل ما كان من آتيته عقل بأسعد بعقله منططي وذكططر‬
‫في الهالك في الفترة والصغير نحو ذلك فيقول الرب إني آمركططم‬
‫بأمر فتطيعون فيقولون نعم فيقول اذهبوا فادخلوا النار قططال ولططو‬
‫دخلوها ما ضرتهم فتخرج عليهم فرائص فيظنون أنها قططد أهلكططت‬
‫مططا خلططق اللططه مططن شططيء فيرجعططون سططراعا ثططم يططأمرهم الثانيططة‬
‫فيرجعون كذلك فيقططول الططرب قبططل أن أخلقكططم علمططت مططا أنتططم‬
‫عططاملون وعلططى علمططي خلقتكططم وإلططى علمططي تصططيرون ضططميهم‬
‫فتأخذهم‪ .‬قال الكيا الهراسي في تعليقه في الصول فططي مسططألة‬
‫شكر المنعم‪ .‬اعلم أن الذي استقر عليه آراء أهططل السططنة قاطبططة‬
‫أنه ل مدرك للحكام سوى الشرع المنقططول ول يتلقططى حكططم مططن‬
‫قضيات العقططول فأمططا مططن عططدا أهططل الحططق مططن طبقططات الخلططق‬
‫كالرافضططة والكراميططة والمعتزلططة وغيرهططم فططإنهم ذهبططوا إلططى أن‬
‫الحكام منقسمة فمنها ما يتلقى مططن الشططرع المنقططول ومنهططا مططا‬
‫يتلقى من قضيات العقول قال‪ :‬وأما نحططن فنقططول ل يجططب شططيء‬
‫قبل مجيء الرسول فإذا ظهر واقام المعجزة تمكططن العاقططل مططن‬
‫النظر فنقول ل يعلم أول الواجبات إل بالسمع فإذا جططاء الرسططول‬
‫وجب عليه النظططر وعنططد هططذا يسططأل المسططتطرفون فيقولططون مططا‬
‫الواجب الذي هو طاعة وليس بقربة وجططوابه أن النظططر الططذي هططو‬
‫أول الواجبات طاعة وليس بقربة لنه ينظر للمعرفططة فهططو مطيططع‬
‫وليس بمتقرب لنه إنما يتقرب إلططى مططن يعرفططه‪ ،‬قططال وقططد ذكططر‬
‫شططيخنا المططام فططي هططذا المقططام شططيئا حسططنا فقططال قبططل مجيططء‬
‫الرسول تتعارض الخواطر والطرق إذ ما من خاطر يعططرض لططه إل‬
‫ويمكططن أن يقططدر أن يخطططر خططاطر آخططر علططى نقيضططه فتتعططارض‬
‫الخواطر ويقع العقل في حيططرة ودهشططة فيجططب التوقططف إلططى أن‬
‫تنكشف الغمة وليس ذلك إل بمجيء الرسول وههنا قططال السططتاذ‬
‫أبو إسحاق أن قول ل أدري نصف العلم ومعناه أنه انتهططى علمططي‬
‫إلى حد وقف عند مجازه العقل وهططذا إنمططا يقططوله مططن دقططق فططي‬
‫العلم وعرف مجاري العقل مما ل يجري فيه ويقف عنططده انتهططى‪.‬‬

‫‪248‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫وقال المام فخر الططدين الططرازي فططي المحصططول شططكر المنعططم ل‬
‫يجب عقل خلفا للمعتزلة لنا أنططه لططو تحقططق الوجططوب قبططل البعثططة‬
‫لعطذب تطاركه فل وجططوب أمططا الملزمططة فبينططة وأمطا أنطه ل تعطذيب‬
‫فلقوله سبحانه ) وما كنا معذبين حتى نبعث رسول( نفى التعذيب‬
‫إلى غاية البعثة فينتفي وإل وقع الخلف في قول الله وهططو محططال‬
‫انتهططى‪ .‬وذكططر أتبططاعه مثططل ذلططك كصططاحب الحاصططل والتحصططيل‬
‫والبيضاوي في منهاجه‪ .‬وقططال القاضططي تططاج الططدين السططبكي فططي‬
‫شططرح مختصططر ابططن الحططاجب علططى مسططألة شططكر المنعططم تتخططرج‬
‫مسألة من لم تبلغه الططدعوة فعنططدنا يمططوت ناجيططا ول يقاتططل حططتى‬
‫يططدعى إلططى السططلم وهططو مضططمون بالكفططارة والديططة ول يجططب‬
‫القصاص على قاتله على الصحيح‪ .‬وقال البغوي في التهططذيب أمططا‬
‫من لم تبلغه الدعوة فل يجطوز قتلطه قبطل أن يطدعى إلططى السططلم‬
‫فططإن قتططل قبططل أن يططدعي إلططى السططلم وجططب فططي قتلططه الديططة‬
‫والكفارة وعند أبي حنيفة ل يجب الضمان بقتله وأصله أنه عندهم‬
‫محجوج عليه بعقله وعندنا هو غير محجوج عليه قبل بلوغ الدعوة‬
‫إليه لقوله )وما كنا معذبين حتى نبعث رسول( فثبططت أنططه ل حجططة‬
‫عليه قبل مجيء الرسول انتهى‪ .‬وقال الرافعي فططي الشططرح مططن‬
‫لم تبلغه الدعوة ل يجوز قتلططه قبططل العلم والططدعاء إلططى السططلم‬
‫ولو قتل كان مضمونا خلفططا لبططي حنيفططة وبنططي الخلف علططى أنطه‬
‫محجوج عليه بالعقل عنده وعندنا من لم تبلغططه الططدعوى ل تثبططت‬
‫عليه الحجة ول تتوجه المؤاخذة قال تعالى ) وما كنا معذبين حتى‬
‫نبعث رسطول( انتهطى‪ .‬وقطال الغطزال فطي البسطيط مطن لطم تبلغطه‬
‫الدعوة يضمن بالديططة والكفططارة ل بالقصططاص علططى الصططحيح لنططه‬
‫ليس مسلما على التحقيق وإنما هو في معنى المسلم‪ .‬وقال ابن‬
‫الرفعة في الكفاية لنه مولود على الفطرة ولم يظهر منططه عنططاد‪.‬‬
‫وقال النطووي فطي شطرح مسطلم فطي مسطألة أطفطال المشطركين‬
‫المذهب الصحيح المختططار الططذي صططار إليططه المحققططون أنهططم فططي‬
‫الجنة لقوله تعالى )وما كنا معذبين حتى نبعططث رسططول( قططال وإذا‬
‫كان ل يعذب البالغ لكونه لم تبلغه الدعوة فغيره أولى‪ .‬انتهى فإن‬
‫قلت هذا المسلك الذي قررتططه هططل هططو عططام فططي أهططل الجاهليططة‬
‫كلهم‪ .‬قلت ل بل هو خاص بمن لم تبلغه دعوة نبي أصل‪ .‬أما مططن‬
‫بلغته منهم دعوة أحد من النبياء السططابقين ثططم أصططر علططى كفططره‬
‫فهو في النططار قطعططا وهططذا ل نططزاع فيططه‪ .‬وأمططا البططوان الشططريفان‬

‫‪249‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫فالظاهر من حالهما ما ذهبت إليه هذه الطائفة من عدم بلوغهمططا‬
‫دعوة أحد وذلك لمجموع أمور تأخر زمانهما وبعد ما بينهمططا وبيططن‬
‫النبياء السابقين فإن آخر النبياء قبل بعثة نبينططا صططلى اللططه عليططه‬
‫وسلم عيسى عليه السلم وكانت الفترة بينه وبين بعثة نبينططا نحططو‬
‫ستمائة سنة ثم أنهمططا كانططا فططي زمططن جاهليططة وقططد طبططق الجهططل‬
‫الرض شرقا وغربا وفقد من يعرف الشرائع ويبلططغ الططدعوة علططى‬
‫وجهها إل نفرا يسيرا من أحبار أهل الكتططاب مفرقيططن فططي أقطططار‬
‫الرض كالشام وغيرها ولم يعهد لهمططا تقلططب فططي السططفار سططوى‬
‫إلى المدينة ول عمرا عمرا طططويل بحيططث يقططع لهمططا فيططه التنقيططب‬
‫والتفتيش فإن والد النبي صطلى اللطه عليطه وسطلم لطم يعطش مطن‬
‫العمر إل قليل‪ .‬قال المام الحافظ صلح الدين العلئي فططي كتططابه‬
‫الدرة السنية في مولد سيد البرية كان سن عبد الله حين حملططت‬
‫منه آمنة برسول الله صلى الله عليه وسلم نحو ثمانية عشر عاما‬
‫ثم ذهب إلى المدينة ليمتار منها تمرا لهله فمات بها عند أخططواله‬
‫من بني النجار والنبي صلى الله عليه وسلم حمططل علططى الصططحيح‬
‫انتهى‪ .‬وأمه قريبة من ذلك لسيما وهي امرأة مصونة محجبة في‬
‫البيت عن الجتماع بالرجال والغالب على النسططاء أنهططن ل يعرفططن‬
‫ما الرجال فيه مططن أمططر الططديانات والشططرائع خصوصططا فططي زمططان‬
‫الجاهلية الذي رجاله ل يعرفون ذلك فضل عن نسططائه‪ .‬ولهططذا لمططا‬
‫بعث النبي صلى الله عليه وسلم تعجب من بعثته أهل مكة وقالوا‬
‫أبعث الله بشرا رسول‪ .‬وقالوا لو شاء ربنا لنزل ملئكة ما سمعنا‬
‫بهذا في آبائنا الولين‪ .‬فلو كان عندهم علم مططن بعثططة الرسططل مططا‬
‫أنكروا ذلك وربمططا كططانوا يظنططون أن إبراهيططم بعطث بمططا هططم عليططه‬
‫فإنهم لم يجدو من يبلغهم شططريعة إبراهيططم علططى وجههططا لططدثورها‬
‫وفقد من يعرفها إذ كان بينهم وبين زمن إبراهيططم أزيططد مططن ثلثططة‬
‫آلف سنة فاتضح بذلك صحة دخولهما في هذا المسلك‪ .‬ثم رأيططت‬
‫الشيخ عز الدين بن عبد السلم قال في أماليه ما نصططه كططل نططبي‬
‫إنما أرسل إلى قومه إل نبينا صلى الله عليه وسلم قال فعلى هذا‬
‫يكون ما عدا قوم كل نبي من أهل الفترة إل ذرية النططبي السططابق‬
‫فططإنهم مخططاطبون ببعثططة السططابق إل أن تططدرس شططريعة السططابق‬
‫فيصير الكل من أهل الفترة‪ .‬هذا كلمططه فبططان بططذلك أن الوالططدين‬
‫الشريفين من أهل الفترة بل شك لنهما ليسا من ذرية عيسى ول‬
‫من قومه ثم يرشح ما قال حافظ العصر أبو الفضل بططن حجططر أن‬

‫‪250‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الظن بهما أن يطيعططا عنططد المتحططان أمططران أحططدهما‪ :‬مططا أخرجططه‬
‫الحاكم في المستدرك وصححه عن ابن مسعود قططال قططال شططاب‬
‫من النصار لم أر رجل كان أكططثر سططؤال لرسططول اللططه صططلى اللططه‬
‫عليه وسلم منه يا رسول اللططه أرأيططت أبططواك فططي النططار فقططال مططا‬
‫سألتهما ربي فيطيعني فيهما وإني لقائم يومئذ المقططام المحمططود‪.‬‬
‫فهذا الحديث يشعر بططأنه يرتجططي لهمططا الخيططر عنططد قيططامه المقططام‬
‫المحمود وذلك بأن يشططفع لهمططا فيوفقططا للطاعططة إذا امتحنططا حينئذ‬
‫كما يمتحن أهل الفترة ول شك في أنه يقال لططه عنططد قيططامه ذلططك‬
‫المقام سل تعط واشفع تشفع مكان في الحاديث الصحيحة فططإذا‬
‫سأل ذلك أعطيه‪ .‬المر الثاني ما أخرجه ابن جريططر فططي تفسططيره‬
‫عن ابن عباس في قوله تعالى )ولسططوف يعطيططك ربططك فترضططى(‬
‫قال من رضا محمد صلى الله عليه وسططلم أن ل يططدخل أحططد مططن‬
‫أهل بيته النار‪ .‬ولهذا عمم الحافظ ابن حجر في قططوله الظططن بططآل‬
‫بيته كلهم أن يطيعوا عند المتحان‪ .‬وحديث ثالث أخطرج أبطو سطعد‬
‫في شرف النبوة والمل في سيرته عن عمططران بططن حصططين قططال‪:‬‬
‫قال رسول الله صلى الله عليططه وسططلم سططألت ربططي أن ل يططدخل‬
‫النار أحدا من أهل بيتي فأعطاني ذلك أورده الحافظ محب الدين‬
‫الطبري في كتابه ذخائر العقبى‪ .‬وحديث رابع أصططرح مططن هططذين‪:‬‬
‫أخرج تمام الرازي في فوائده بسند ضعيف عططن ابططن عمططر قططال‪:‬‬
‫قططال رسططول اللططه صططلى اللططه عليططه وسططلم إذا كططان يططوم القيامططة‬
‫شفعت لبي وأمي وعمي أبي طالب وأخ لي كططان فططي الجاهليططة‪-‬‬
‫أورده المحب الطبري وهو من الحفاظ والفقهاء في كتابه ذخططائر‬
‫العقبى في مناقب ذوي القربى وقال إن ثبت فهو مؤول في أبططي‬
‫طالب على ما ورد في الصحيح من تخفيف العذاب عنه بشططفاعته‬
‫انتهى‪ .‬وإنما احتاج إلى تأويله في أبي طالب دون الثلثة أبيه وأمه‬
‫وأخيه يعني من الرضاعة لن أبططا طططالب أدرك البعثططة ولططم يسططلم‬
‫والثلثة ماتوا في الفترة‪ .‬وقد ورد هططذا الحططديث مططن طريططق آخططر‬
‫اضعف من هذا الطريق من حديث ابططن عبططاس أخرجططه أبططو نعيططم‬
‫وغيره وفيه التصريح بأن الخ من الرضططاعة‪ .‬فهططذه أحططاديث عططدة‬
‫يشطد بعضطها بعضطا فطإن الحطديث الضطعيف يتقطوى بكطثرة طرقطه‬
‫وأمثلها حديث ابن مسعود فإن الحططاكم صططححه‪ .‬وممططا يرشططح مططا‬
‫نحن فيه ما أخرجططه ابطن أبططي الططدنيا قطال ثنطا القاسطم بططن هاشطم‬
‫السمسار ثنا مقاتل بن سليمان الرملي عن ابي معشر عن سعيد‬

‫‪251‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫المقبري عن أبي هريرة قال‪ :‬قال رسططول اللططه صططلى اللططه عليططه‬
‫وسلم سالت ربي أبناء العشططرين مططن أمططتي فططوهبهم لططي‪ .‬وممططا‬
‫ينضم إلططى ذلططك وأن لططم يكططن صططريحا فططي المقصططود مططا أخرجططه‬
‫الديلمي عن ابن عمر قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫أول من أشفع له يوم القيامة أهل بيتي ثم القرب فالقرب‪ ،‬ومططا‬
‫أورده المحططب الطططبري فططي ذخططائر العقططبى وعططزاه لحمططد فططي‬
‫المناقب عن علي قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسططلم يططا‬
‫معشر بني هاشم والذي بعثني بالحق نبيا لو أخططذت بحلقططة الجنططة‬
‫ما بدأت إل بكم‪ .‬وهذا أخرجططه الخطيططب فططي تططاريخه مططن حططديث‬
‫يغنم عن أنس‪ .‬وما أورده أيضا وعزاه لبن البختري عن جابر ابططن‬
‫عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال مطا بطال أقطوام‬
‫يزعمون أن رحمي ل ينتفع بلى حتى تبلغ حاكم وهم أحططد قبيلططتين‬
‫من اليمن إني لشفع فأشفع حتى أن من أشفع له ليشفع فيشفع‬
‫حتى أن إبليس ليتطاول طمعا في الشفاعة‪ .‬ونحو هذا ما أخرجططه‬
‫الطبراني من حديث أم هاني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‬
‫ما بال أقوام يزعمون أن شفاعتي ل تنال أهل بيتي وأن شفاعتي‬
‫تناول حاوحكم‪ " .‬لطيفططة" نقططل الزركشططي فططي الخططادم عططن ابططن‬
‫دحية أنه جعل من أنواع الشفاعات التخفيف عططن أبططي لهططب فططي‬
‫كل يوم اثنين لسروره بولدة النبي صلى الله عليه وسلم وأعتاقه‬
‫ثويبة حين بشر به‪ .‬قال وإنما هي كرامة له صلى الله عليه وسلم‬
‫تنبيه‪ :‬ثم رأيت المام أبا عبد اللططه محمططد بططن خلططف البططي بسططط‬
‫الكلم على هذه المسألة فططي شططرح مسططلم عنططد حططديث إن أبططي‬
‫واباك في النار فأورد قول النططووي فيططه أن مططن مططات كططافرا فططي‬
‫النار ول تنفعه قرابة القربين ثم قال قلت أنظر هذا الطلق وقططد‬
‫قال السهيلي ليس لنا أن نقول ذلططك فقططد قططال صططلى اللططه عليططه‬
‫وسلم ل تؤذوا الحيططاء بسططب المططوات‪ .‬وقططال تعططالى ) إن الططذين‬
‫يؤذون الله ورسوله( ولعله يصح ما جاء أنه صلى الله عليه وسلم‬
‫سأل الله سبحانه فأحيا له أبويه فآمنا به ورسول الله صططلى اللططه‬
‫عليه وسلم فوق هذا ول يعجز الله سططبحانه شططيء ثططم أورد قططول‬
‫النووي وفيه أن من مات في الفترة على مطا كطانت عليطه العطرب‬
‫من عبادة الوثان في النططار وليططس هططذا مططن التعططذيب قبططل بلططوغ‬
‫الدعوة لنه بلغتهم دعوة إبراهيم وغيره من الرسل‪ .‬ثم قال قلت‬
‫تأمل ما في كلمه من التنططافي فططإن مططن بلغتهططم الططدعوى ليسططوا‬

‫‪252‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫بأهل فترة فإن أهل الفترة هم المططم الكائنططة بيططن أزمنططة الرسططل‬
‫الذين لم يرسل إليهم الول ول أدركوا الثاني كالعراب الذين لططم‬
‫يرسططل إليهططم عيسططى ول لحقططوا النططبي صططلى اللططه عليططه وسططلم‬
‫والفترة بهذا التفسير تشمل ما بين كل رسولين ولكن الفقهاء إذا‬
‫تكلموا في الفترة فإنما يعنون التي بين عيسى والنبي صلى اللططه‬
‫عليه وسلم‪ .‬ولما دلططت القواطططع علططى أنططه ل تعططذيب حططتى تقططوم‬
‫الحجة علمنا أنهم غير معذبين‪ ،‬فإن قلت صحت أحططاديث بتعططذيب‬
‫أهل الفترة كصاحب المحجن وغيره‪ .‬قلت أجاب عطن ذلطك عقيطل‬
‫بن أبي طططالب بثلثططة أجوبططة‪ :‬الول‪ :‬أنهططا أخبططار آحططاد فل تعططارض‬
‫القاطع‪ .‬الثاني قصر التعذيب على هؤلء والله أعلم‪ .‬الثالث قصططر‬
‫التعذيب المذكور في هذه الحاديث على من بدل وغيططر الشططرائع‬
‫وشرع من الضلل ما ل يعذر بططه فططإن أهططل الفططترة ثلثططة أقسططام‪:‬‬
‫الول من أدرك التوحيد ببصيرته ثم من هؤلء من لططم يططدخل فططي‬
‫شريعته كقس بن ساعدة وزيد ابططن عمططرو بططن نفيططل ومنهططم مططن‬
‫دخل في شريعة حق قائمة الرسططم كتبططع وقططومه‪ .‬القسططم الثططاني‬
‫من بدل وغير وأشرك ولم يوحد وشرع لنفسه فحلل وحرم وهططم‬
‫الكثر كعمرو بن لحي أول من سن للعرب عبادة الصططنام وشططرع‬
‫الحكام فبحططر البحيططرة وسططيب السططائبة ووصططل الوصططيلة وحمططى‬
‫الحامي وزادت طائفة من العرب على ما شرعه أن عبططدوا الجططن‬
‫والملئكة وحرقوا البنين والبنات واتخططذوا بيوتططا جعلططوا لهططا سططدنة‬
‫وحجابا يضاهون بها الكعبة كاللت والعزى ومنططاة‪ .‬القسططم الثططالث‬
‫من لم يشرك ولم يوحد ول دخل في شريعة نبي ول ابتكر لنفسه‬
‫شريعة ول اخترع دينا بل بقي عمره على حال غفلة عن هذا كلططه‬
‫وفي الجاهلية من كان كذلك فإذا انقسم أهل الفططترة إلططى الثلثططة‬
‫القسام فيحمل من صح تعذيبه على أهل القسم الثططاني لكفرهططم‬
‫بما ل يعذبون به‪ .‬وأما القسم الثالث فهم أهل الفترة حقيقة وهططم‬
‫غير معذبين للقطع كما تقدم‪ .‬وأما القسم الول فقططد قططال صططلى‬
‫الله عليه وسلم في كل من قس وزيد أنه يبعث أمة وحططده‪ .‬وأمططا‬
‫تبع ونحوه فحكمهم حكم أهل الدين الذين دخلوا فيه ما لم يلحططق‬
‫أحد منهم السلم الناسخ لكل دين انتهى ما أورده البي‪.‬‬
‫)المسلك الثاني(‪ :‬أنهما لم يثبت عنهمططا شططرك بططل كانططا علططى‬
‫الحنيفية دين جدهما إبراهيططم عليططه السططلم كمططا كططان علططى ذلططك‬
‫طائفة مططن العططرب كزيططد بططن عمططرو بططن نفيططل وورقططة بططن نوفططل‬

‫‪253‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫وغيرهما وهذا المسلك ذهبت إليه طائفة منهم المام فخططر الططدين‬
‫الرازي‪ :‬فقال في كتابه أسرار التنزيل مططا نصططه‪ .‬قيططل إن آزر لططم‬
‫يكن والد إبراهيم بل كان عمه واحتجوا عليه بوجوه‪ :‬منها أن آبططاء‬
‫النبياء ما كانوا كفارا ويدل عليه وجوه‪ :‬منها قططوله تعططالى ) الططذي‬
‫يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين قيل معناه أنططه كططان ينقططل‬
‫نوره من ساجد إلى ساجد وبهذا التقدير فالية دالة على أن جميع‬
‫آباء محمد صططلى اللططه عليططه وسططلم كططانوا مسططلمين وحينئذ يجططب‬
‫القطع بططأن والططد إبراهيططم مططا كططان مططن الكططافرين إنمططا ذاك عمططه‬
‫أقصططى مططا فططي البططاب أن يحمططل قططوله تعططالى‪) -‬وتقلبططك فططي‬
‫السططاجدين( علططى وجططوه أخططرى‪ .‬وإذا وردت الروايططات بالكططل ول‬
‫منافاة بينها وجب حمل الية على الكل ومططتى صططح ذلططك ثبططت أن‬
‫والد إبراهيم ما كان من عبدة الوثان ثم قال‪ :‬ومما يدل علططى أن‬
‫آباء محمد صلى الله عليه وسططلم مططا كططانوا مشططركين قططوله عليططه‬
‫السلم لم أزل أنقل من أصلب الطاهرين إلى أرحام الطططاهرات‪.‬‬
‫وقال تعالى )إنما المشركون نجس( فوجب أن ل يكون أحططد مططن‬
‫أجداده مشركا‪ .‬هذا كلم المام فخططر الططدين بحروفططه وناهيططك بططه‬
‫إمامة وجللة فإنه أمام أهل السنة في زمانه والقططائم بططالرد علططى‬
‫فرق المبتدعة في وقته والناصططر لمططذهب الشططاعرة فططي عصططره‬
‫وهو العالم المبعوث على رأس المائة السادسة ليجدد لهذه المة‬
‫أمر دينها‪ .‬وعندي في نصرة هذا المسططلك ومططا ذهططب إليططه المططام‬
‫فخر الدين أمطور‪ :‬أحطدها دليطل اسطتنبطته مركطب مطن مقطدمتين‪:‬‬
‫الولى أن الحاديث الصحيحة على أن كل أصل من أصططول النططبي‬
‫صلى الله عليه وسلم من آدم إلى أبيه عبد الله فهو من خير أهل‬
‫قرنه وأفضلهم‪ .‬والثانية أن الحاديث والثار دلت على انه لم تخل‬
‫الرض من عهد نوح أو آدم إلى بعثة النبي صلى الله عليططه وسططلم‬
‫ثم إلى أن تقططوم السططاعة مططن نططاس علططى الفطططرة يعبططدون اللططه‬
‫ويوحدونه ويصلون له وبهم تحفظ الرض ولططولهم لهلكططت الرض‬
‫ومن عليها‪ .‬وإذا قارنت بين هاتين المقدمتين أنتطج منهطا قطعطا أن‬
‫آباء النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن فيهم مشرك لنه قد ثبت‬
‫في كل منهم أنه من خير قرنه فإن كان النططاس الططذين هططم علططى‬
‫الفطططرة هططم إيططاهم فهططو المططدعي وأن كططانوا غيرهططم وهططم علططى‬
‫الشرك لزم أحد أمرين إما أن يكون المشرك خيططرا مططن المسططلم‬
‫وهو باطل بالجماع وإما أن يكون غيرهم خيططرا منهططم وهططو باطططل‬

‫‪254‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫لمخالفططة الحططاديث الصططحيحة فططوجب قطعططا أن ل يكططون فيهططم‬
‫مشرك ليكونوا من خير أهل الرض كل في قرنه‪.‬‬

‫ذكر أدلة المقدمة الولى‬


‫أخرج البخاري في صحيحه عن أبي هريرة قططال‪ :‬قططال رسططول‬
‫الله صلى الله عليه وسطلم بعثطت مطن خيطر قطرون بنطي آدم قرنطا‬
‫فقرنا حتى بعثت من القرن الذي كنت فيه‪ .‬وأخططرج الططبيهقي فططي‬
‫دلئل النبوة عن أنس أن النطبي صطلى اللطه عليطه وسطلم قططال مطا‬
‫افترق الناس فرقتين إل جعلني اللططه فططي خيرهمططا فططأخرجت مططن‬
‫بين أبوي فلم يصبني شيء من عهد الجاهلية وخرجططت مططن نكططاح‬
‫ولم أخرج من سفاح من لدن آدم حتى انتهيت إلى أبي وأمي فأنا‬
‫خيركم نفسا وخيركم أبا‪ .‬واخرج أبططو نعيططم فططي دلئل النبططوة مططن‬
‫طرق عن ابن عباس قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسططلم‬
‫لم يزل الله ينقلني مططن الصططلب الطيبططة إلططى الرحططام الطططاهرة‬
‫مصفى مهططذبا ل تنشططعب شططعبتان إل كنططت فططي خيرهمططا‪ .‬وأخططرج‬
‫مسلم والترمذي وصححه عن واثلة بن السقع قال‪ :‬قططال رسططول‬
‫الله صلى اللططه عليططه وسططلم أن اللططه اصطططفى مططن ولططد إبراهيططم‬
‫إسماعيل واصطفى من ولد إسماعيل بنططي كنانططة واصطططفى مططن‬
‫بني كنانة قريشا واصطفى من قريش بني هاشم واصطفاني من‬
‫بني هاشم‪ .‬وقد أخرجه الحططافظ أبططو القاسططم حمططزة بططن يوسططف‬
‫السططهمي فططي فضططائل العبططاس مططن حططديث واثلططة بلفططظ أن اللططه‬
‫اصطفى من ولططد آدم إبراهيططم واتخططذه خليل واصطططفى مططن ولططد‬
‫إبراهيم إسماعيل ثم اصطفى من ولد إسماعيل نزار ثم اصطفى‬
‫من ولد نزار مضر ثم اصطفى من مضر كنانططة ثططم اصطططفى مططن‬
‫كنانة قريشا ثم اصطفى من قريش بني هاشم ثططم اصطططفى مططن‬
‫بني هاشم بني عبد المطلب ثم اصطفاني من بني عبططد المطلططب‬
‫أورده المحب الطبري في ذخائر العقططبى‪ .‬وأخطرج ابططن سطعد فطي‬
‫طبقاته عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫خير العرب مضر وخير مضر بنو عبد مناف وخيططر عبططد منططاف بنططو‬
‫هاشم وخير بني هاشم بنو عبد المطلب والله مططا افططترق فرقتططان‬
‫منذ خلق الله آدم إل كنت في خيرهما‪ .‬وأخرج الطبراني والبيهقي‬
‫وأبو نعيم عن ابن عمر قططال‪ :‬قططال رسططول اللططه صططلى اللططه عليططه‬
‫وسلم أن الله خلق الخلق فاختار من الخلق بني آدم واختططار مططن‬

‫‪255‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫بني آدم العرب واختار من العرب مضر واختار مططن مضططر قريشططا‬
‫واختار من قريش بني هاشم واختارني من بنططي هاشططم فأنططا مططن‬
‫خيار إلى خيار‪ .‬وأخرج الترمذي وحسنه والبيهقي عن ابططن عبططاس‬
‫بن عبد المطلب قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليططه وسططلم إن‬
‫الله حين خلقني جعلنططي مططن خيططر خلقططه ثططم حيططن خلططق القبططائل‬
‫جعلني مطن خيرهطم قبيلطة وحيطن خلطق النفططس جعلنطي مطن خيططر‬
‫أنفسهم ثم حين خلق البيوت جعلني من خير بيوتهم فأنططا خيرهططم‬
‫بيتا وخيرهم نفسا‪ .‬وأخرج الطبراني والبيهقي وأبو نعيم عططن ابططن‬
‫عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسططلم إن اللططه قسططم‬
‫الخلق قسمين فجعلني في خيرهما قسما ثم جعل القسمين أثلثا‬
‫فجعلني في خيرها ثلثا ثم جعل الثلث قبائل فجعلني فططي خيرهططا‬
‫ثم جعل القبائل بيوتا فجعلني في خيرها بيتا‪ .‬وأخرج أبو علططي بططن‬
‫شاذان فيما أورده المحب الطبري فططي ذخططائر العقططبى وهططو فططي‬
‫مسند البزار عن ابططن عبططاس قططال دخططل نططاس مططن قريططش علططى‬
‫صفية بنت عبططد المطلططب فجعلططوا يتفططاخرون ويططذكرون الجاهليططة‬
‫فقالت صفية منا رسول الله صلى الله عليه وسططلم فقططالوا تنبططت‬
‫النخلة أو الشجرة في الرض الكبطا فطذكرت ذلطك صطفية لرسطول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم فغضططب وأمططر بلل فنططادى فططي النططاس‬
‫فقام على المنبر فقال أيها الناس من أنا قالوا أنططت رسططول اللططه‬
‫قال أنسبوني قالوا محمد بن عبد الله بن عبد المطلطب قططال فمطا‬
‫بال أقوام ينزلططون أصططلي فططو اللططه إنططي لفضططلهم أصططل وخيرهططم‬
‫موضعا‪ .‬وأخرج الحاكم عن ربيعة بن الحارث قال بلغ النبي صططلى‬
‫الله عليه وسلم أن قوما نالوا منه فقالوا إنمططا مثططل محمططد كمثططل‬
‫نخلة نبتت في كناس فغضب رسول الله صلى اللططه عليططه وسططلم‬
‫وقططال إن اللططه خلططق خلقططه فجعلهططم فرقططتين فجعلنططي فططي خيططر‬
‫الفرقتين ثم جعلهم قبائل فجعلنططي فططي خيرهطم قططبيل ثططم جعلهطم‬
‫بيوتا فجعلني في خيرهم بيتا ثم قال أنا خيركم قبيل وخيركم بيتططا‪.‬‬
‫وأخرج الطبراني في الوسط والبيهقي فططي الططدلئل عططن عائشططة‬
‫قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لي جبريل قلبت‬
‫الرض مشارقها ومغاربها فلم أجد رجل أفضل من محمد ولم أجد‬
‫نبي أب أفضل من بني هاشم‪ .‬قال الحافظ ابن حجططر فططي أمططاليه‬
‫لوائح الصحة ظاهرة على صفحات هططذا المتططن ومططن المعلططوم أن‬

‫‪256‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الخيرية والصطفاء والختيار من الله والفضلية عنده ل تكون مططع‬
‫الشرك‪.‬‬

‫ذكر أدلة المقدمة الثانية‬


‫قال عبد الرزاق في المصنف عن معر عططن ابططن جريططج قططال‪:‬‬
‫قال ابن المسيب قال علي بططن أبططي طططالب لططم يططزل علططى وجططه‬
‫الططدهر فططي الرض سططبعة مسططلمون فصططاعدا فلططول ذلططك هلكططت‬
‫الرض ومن عليها هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين ومثله ل‬
‫يقال من قبل الرأي فله حكم الرفع‪ .‬وقد أخرجه ابن المنططذر فططي‬
‫تفسيره عن الذبري عن عبططد الططرزاق بططه وأخططرج ابططن جريططر فططي‬
‫تفسيره عن شهر بن حوشب قال لم تبق الرض إل وفيهططا أربعططة‬
‫عشططر يططدفع اللططه بهططم عططن أهططل الرض وتخططرج بركتهططا إل زمططن‬
‫إبراهيم فإنه كان وحده‪ .‬وأخرج ابن المنذر في تفسيره عن قتادة‬
‫في قوله تعالى )قلنا اهبطوا منها جميعا فأمططا يططأتينكم منططي هططدى‬
‫فمن تبع هداي ‪ -‬الية( قال ما زال لله في الرض أولياء منذ هبط‬
‫آدم ما أخلى الله الرض لبليس إل وفيهططا أوليططاء لططه يعملططون للططه‬
‫بطاعته‪ .‬وقال الحافظ أبو عمر بن عبد البر روى ابن القاسم عططن‬
‫مالك قال بلغني عن ابن عباس أنه قططال ل يططزال للططه تعططالى فططي‬
‫الرض ولي ما دام فيها للشيطان ولي‪ .‬وأخططرج المططام أحمططد بططن‬
‫حنبل في الزهد والخلل في كرامات الوليططاء بسططند صططحيح علططى‬
‫شرط الشيخين عن ابن عباس قال ما خلت الرض من بعططد نططوح‬
‫من سبعة يدفع الله بهم عن أهل الرض‪ ،‬هذا أيضا له حكم الرفع‪.‬‬
‫وأخرج الزرقي في تاريخ مكة عن زهير بن محمططد قططال لططم يططزل‬
‫علططى وجططه الرض سططبعة مسططلمون فصططاعدا لططول ذلططك لهلكططت‬
‫الرض ومن عليها‪ .‬وأخرج الجندي فططي فضططائل مكططة عططن مجاهططد‬
‫قال لم يزل على الرض سبعة مسلمون فصاعدا لول ذلك هلكت‬
‫الرض ومن عليها‪ .‬وأخرج المام أحمد في الزهد عططن كعططب قططال‬
‫لم يزل بعد نوح في الرض أربعة عشر يدفع بهم العذاب‪ .‬واخططرج‬
‫الخلل في كرامات الولياء عن زادان قططال مططا خلططت الرض بعططد‬
‫نوح مططن اثنططي عشططر فصططاعدا يططدفع اللططه بهططم عططن أهططل الرض‪.‬‬
‫وأخرج ابن المنذر في تفسيره بسند صططحيح عططن ابططن جريططج فططي‬
‫قوله )رب اجعلني مقيم الصلة ومن ذريتي( قال فلططن يططزال مططن‬
‫ذرية إبراهيم صلى الله عليه وسططلم نططاس علططى الفطططرة يعبططدون‬

‫‪257‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الله وإنما وقع التقييد في هذه الثار الثلثة بقوله من بعد نوح لنه‬
‫من قبل نوح كان النططاس كلهططم علططى الهططدى‪ .‬وأخططرج الططبزار فططي‬
‫مسنده وابن جرير وابن المنططذر وابططن أبططي حططاتم فططي تفاسططيرهم‬
‫والحاكم في المستدرك وصححه عن ابن عباس في قططوله تعططالى‬
‫)كان الناس أمة واحدة( قططال كططان بيططن آدم ونططوح عشططرة قططرون‬
‫كلهم على شريعة مططن الحططق فططاختلفوا فبعططث اللططه النططبيين قططال‬
‫وكذلك هي في قراءة عبد الله بن مسعود كان الناس أمة واحططدة‬
‫فاختلفوا‪ .‬وأخرج أبو يعلى والطبراني وابن أبي حاتم بسند صحيح‬
‫عن ابن عباس في قوله كان الناس أمة واحدة قال على السططلم‬
‫كلهم‪ .‬وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في الية قططال ذكططر لنططا أنططه‬
‫كان بين آدم ونوح عشرة قرون كلهم على الهططدى وعلططى شططريعة‬
‫من الحق ثم اختلفوا بعد ذلك فبعث الله نوحططا وكططان أول رسططول‬
‫أرسله الله إلى أهل الرض‪ .‬وأخرج ابن سططعد فططي الطبقططات مططن‬
‫وجه آخر عن ابن عباس قال ما بين نوح إلى آدم من البططاء كططانوا‬
‫على السططلم‪ .‬وأخططرج ابططن سططعد مططن طريططق سططفيان بططن سططعيد‬
‫الثوري عن أبيه عن عكرمة قال كان بين آدم ونوح عشرة قططرون‬
‫كلهم على السلم‪ .‬وفطي التنزيططل حكايططة عططن نططوح عليططه السططلم‬
‫)رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيططتي مؤمنططا( وولططد نططوح سططام‬
‫مؤمن بالجماع والنص لنه نجا مع أبيه في السفينة ولم ينج فيهططا‬
‫إل مؤمن‪ .‬وفي التنزيل )وجعلنا ذريته هم الباقين( بل ورد في أثر‬
‫أنه كان نبيا أخرجه ابن سعد في الطبقات والزبيططر بططن بكططار فططي‬
‫الموفقيات وابن عساكر في تاريخه عطن الكلطبي وولططده ارفخشطد‬
‫صرح بإيمانه في أثر عن ابن عباس أخرجه ابططن عبططد الحكططم فططي‬
‫تاريخ مصر‪ .‬وفيه أنه أدرك جده نوحا وأنه دعططا لططه أن يجعططل اللططه‬
‫الملك والنبططوة فططي ولططده ولططد ارفخشططد إلططى تططارح ورد التصططريح‬
‫بإيمانهم في أثر‪ ،‬أخرج ابن سعد في الطبقات من طريق الكلططبي‬
‫عن أبي صالح عن ابن عباس أن نوحا عليه السلم لما هبططط مططن‬
‫السفينة هبط إلى قرية فبنى كل رجل منهم بيتططا فسططميت سططوق‬
‫الثمانين فغرق بنو قابيل كلهم ومططا بيططن نططوح إلططى آدم مططن البططاء‬
‫كانوا على السلم فلما ضاقت بهططم سططوق الثمططانين تحولططوا إلططى‬
‫بابل فبنوها فكثروا بها حتى بلغوا مائة ألف وهم على السلم ولم‬
‫يزالوا على السلم وهم ببابل حتى ملكهم نمططروذ بططن كططوش بططن‬
‫كنعان بن حام بن نوح فدعاهم نمروذ إلى عبادة الوثططان ففعلططوا‪،‬‬

‫‪258‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫هذا لفظ هذا الثر‪ .‬فعرف من مجموع هذه الثار أن أجططداد النططبي‬
‫صلى الله عليططه وسططلم كططانوا مططؤمنين بيقيططن مططن آدم إلططى زمططن‬
‫نمروذ‪ .‬وفي زمنه كان إبراهيططم عليططه السططلم وآزر فططإن آزر والططد‬
‫إبراهيم فيستثنى من سلسلة النسب وأن كططان عمططه فل اسططتثناء‪.‬‬
‫وهذا القول أعني أن آزر ليس أبططا إبراهيططم ورد عططن جماعططة مططن‬
‫السلف‪ .‬أخرج ابن أبي حاتم بسططند ضططعيف عططن ابططن عبططاس فططي‬
‫قوله )وإذ قططال إبراهيططم لبيططه آزر( قططال إن أبططا إبراهيططم لططم يكططن‬
‫اسمه آزر وإنما كان تارح‪ .‬وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن‬
‫أبي حاتم من طرق بعضها صحيح عططن مجاهططد قططال ليططس آزر أبططا‬
‫إبراهيم‪ .‬وأخرج ابن المنذر بسند صحيح عن ابن جريطج فطي قطوله‬
‫)وإذ قال إبراهيم لبيه آزر( قال ليس آزر بابيه إنما هو إبراهيم بن‬
‫تيرح أوتارح بن شاروخ بن ناحور بن فالخ‪ .‬وأخرج ابططن أبططي حططاتم‬
‫بسند صحيح عن السدي أنه قيل له اسم أبططي إبراهيططم آزر فقططال‬
‫بل اسمه تارح‪ .‬وقد وجه من حيث اللغة بأن العططرب تطلططق لفططظ‬
‫الب على العم إطلقا شائعا وإن كان مجططازا‪ ،‬وفططي التنزيططل ) أم‬
‫كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه مططا تعبططدون مططن‬
‫بعدي قالوا نعبد آلهك وإلططه آبططائك إبراهيططم وإسططماعيل وإسططحاق(‬
‫فأطلق على إسماعيل لفظ الب وهو عم يعقوب كما أطلق على‬
‫إبراهيم وهو جده‪ .‬أخرج ابن أبي حاتم عططن ابططن عبططاس أنططه كططان‬
‫يقول الجد أب ويتلو )قالوا نعبد آلهططك وإلططه آبططائك اليططة(‪ :‬وأخططرج‬
‫عن أبي العالية في قوله وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل قال سمي‬
‫العم أبا‪ .‬وأخرج عن محمطد بطن كعطب القرظطي قطال الخطال والطد‬
‫والعططم والططد وتل هططذه اليططة‪ .‬فهططذه أقططوال السططلف مططن الصططحابة‬
‫والتابعين فططي ذلططك‪ .‬ويرشططحه أيضططا مططا أخرجططه ابططن المنططذر فططي‬
‫تفسيره بسند صحيح عططن سططليمان بططن صططرد قططال لمططا أرادوا أن‬
‫يلقوا إبراهيم في النططار جعلططوا يجمعططون الحطططب حططتى إن كططانت‬
‫العجوز لتجمططع الحططب فلمططا أن أرادوا أن يلقطوه فطي النططار قططال‬
‫حسبي الله ونعم الوكيل فلما ألقوه قال الله )يططا نططار كططوني بططردا‬
‫وسلما علططى إبراهيططم( فقططال عططم إبراهيططم مططن أجلططي دفططع عنططه‬
‫فأرسل الله عليه شرارة من النار فوقعت علططى قططدمه فططأحرقته‪.‬‬
‫فقد صرح في هذا الثر بعم إبراهيم وفيططه فططائدة أخططرى وهططو أنططه‬
‫هلك في أيام إلقاء إبراهيم في النار‪ .‬وقد أخبر اللططه سططبحانه فططي‬
‫القرآن بأن إبراهيم ترك الستغفار له لمططا تططبين لططه أنططه عططدو للططه‬

‫‪259‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫ووردت الثار بأن ذلك تبين له لما مات مشركا وأنططه لططم يسططتغفر‬
‫له بعد ذلك‪ .‬أخرج ابن أبي حاتم بسند صحيح عن ابن عباس قططال‬
‫ما زال إبراهيم يستغفر لبيه حتى مات فلما مات تبين له أنه عدو‬
‫لله فلم يستغفر له‪ .‬وأخرج عن محمد بططن كعططب وقتططادة ومجاهططد‬
‫والحسن وغيرهم قالوا كططان يرجططوه فططي حيططاته فلمططا مططات علططى‬
‫شركه تبرأ منه ثم هاجر إبراهيم عقب واقعة النار إلى الشام كما‬
‫نص الله على ذلك في القرآن ثم بعد مدة من مهاجره دخل مصر‬
‫واتفق له فيها مع الجبار ما اتفق بسبب سارة وأخططدمه هططاجر ثططم‬
‫رجع إلى الشام ثم أمره الله أن ينقلها وولدها إسماعيل إلى مكة‬
‫فنقلهما ودعا فقال )ربنططا أنططي أسططكنت مططن ذريططتي بططواد غيططر ذي‬
‫زرع( إلى قوله ) ربنططا اغفططر لططي ولوالططدي وللمططؤمنين يططوم يقططوم‬
‫الحساب( فاستغفر لوالطديه وذلطك بعطد هلك عمطه بمطدة طويلطة‪.‬‬
‫فيسططتنبط مططن هططذا أن الططذكر فططي القططرآن بططالكفر والتططبري مططن‬
‫الستغفار له هو عمه ل أبوه الحقيقي فلله الحمد علططى مططا ألهططم‪.‬‬
‫روى ابن سعد في الطبقات عن الكلطبي قطال هطاجر إبراهيطم مطن‬
‫بابل إلى الشام وهو يططومئذ ابططن سططبع وثلثيططن سططنة فططأتى حططران‬
‫فأقام بها زمانا ثم أتى الردن فأقام بها زمانا ثم خرج إلططى مصططر‬
‫فأقام بها زمانا ثم رجع إلى الشام فنزل السططبع أرضططا بيططن ايليططاء‬
‫وفلسطين ثم أن بعض أهل البلد آذوه فتحول مططن عنططدهم فنططزل‬
‫منزل بين الرملة وإيلياء‪ .‬وروى ابن سعد عططن الواقططدي قططال ولططد‬
‫لبراهيم إسماعيل وهو ابن تسعين سنة فعرف من هذين الثريططن‬
‫أن بين هجرته من بابل عقب واقعة النار وبين الططدعوة الططتي دعططا‬
‫بها بمكة بضعا وخمسين سنة‪.‬‬
‫)تتميم(‪ :‬ثم استمر التوحيد في ولد إبراهيططم وإسططماعيل قططال‬
‫الشهرستاني في الملل والنحل كان دين إبراهيططم قائمططا والتوحيططد‬
‫في صدر العرب شائعا وأول من غيره واتخذ عبادة الصنام عمرو‬
‫بن لحي‪ .‬قلت وقد صح بذلك الحديث‪ :‬أخرج البخاري ومسلم عن‬
‫أبي هريرة قال قطال رسطول اللطه صطلى اللطه عليطه وسطلم رأيططت‬
‫عمرو بن عامر الخزاعي يجر قصبه في النار كان أول مططن سططيب‬
‫السوائب‪ .‬وأخرج المام أحمد في مسنده عططن ابططن مسططعود عططن‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم قال أن أول من سيب السوائب وعبد‬
‫الصنام أبو خزاعة عمرو بن عططامر وإنططي رأيتططه يجططر أمعططاءه فططي‬
‫النار‪ .‬وأخرج ابن إسحاق وابن جرير في تفسيره عن أبططي هريططرة‬

‫‪260‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم رأيت عمرو لن لحططي‬
‫بن قمعة بن خندف يجر قصبه بالنار أنه أول من غير دين إبراهيم‬
‫‪ -‬ولفظ ابن إسحاق أنه كان أول من غير دين إسططماعيل‪ -‬ونصططب‬
‫الوثططان وبحططر البحيططرة وسططيب السططائبة ووصططل الوصططيلة وحمططى‬
‫الحامي‪ ،‬وله طريق أخرى‪ .‬وأخرج البزار في مسنده بسند صحيح‬
‫عن أنططس قططال كططان النططاس بعططد إسططماعيل علططى السططلم وكططان‬
‫الشيطان يحدث الناس بالشيء يريد أن يردهم عن السلم حططتى‬
‫أدخل عليهم في التلبية لبيططك اللهططم لبيططك لبيططك ل شططريك لططك إل‬
‫شريك هو لك تملكه وما ملطك قططال فمططا زال حططتى أخرجهططم عططن‬
‫السلم إلى الشرك‪ .‬قال السهيلي في الطروض النطف كطان عمطر‬
‫بن لحي حين غلبت خزاعة على البيت ونفت جرهم عن مكططة قططد‬
‫جعلته العرب ربا ل يبتدع لهم بدعة إل اتخططذوها شططرعة لنططه كططان‬
‫يطعم الناس ويكسو في الموسم‪ .‬وقد ذكر ابططن إسططحاق أنططه أول‬
‫من أدخل الصنام الحرم وحمل الناس على عبادتها وكانت التلبية‬
‫من عهد إبراهيم لبيك اللهم لبيططك ل شططريك لططك لبيططك حططتى كططان‬
‫عمرو بن لحي فبينما هو يلبي تمثل له الشيطان في صورة شططيخ‬
‫يلبي معه فقال عمرو لبيك ل شريك لك فقططال الشططيخ إل شططريكا‬
‫هو لك فأنكر ذلك عمرو وقال وما هذا فقال الشيخ قل تملكه وما‬
‫مالك فإنه ل بأس بهذا فقالها عمرو ودانت بها العرب انتهططى كلم‬
‫السهيلي‪ .‬وقال الحافظ عماد الططدين بططن كططثير فططي تططاريخه كططانت‬
‫العرب على دين إبراهيم إلى أن ولي عمططرو بططن عططامر الخزاعططي‬
‫مكة وانتزع ولية البيت من أجداد النططبي صططلى اللططه عليططه وسططلم‬
‫فأحدث عمرو المذكور عبادة الصنام وشرع للعرب الضللت من‬
‫السوائب وغيرها وزاد فططي التلبيططة بعططد قططوله لبيططك ل شططريك لططك‬
‫قوله إل شريكا هو لك تملكططه ومططا ملططك فهططو أول مططن قططال ذلطك‬
‫وتبعته العرب على الشرك فشابهوا بذلك قوم نوح وسططائر المططم‬
‫المتقدمة وفيهم على ذلك بقايططا مططن ديططن إبراهيططم‪ .‬وكططانت مططدة‬
‫ولية خزاعة على البيت ثلثمائة سنة وكانت وليتهم مشئومة إلططى‬
‫أن جاء قصي جد النبي صلى الله عليه وسططلم فقططاتلهم واسططتعان‬
‫على حربهم بالعرب وانتزع ولية الططبيت منهططم إل أن العططرب بعططد‬
‫ذلك لم ترجططع عمططا كططان أحططدثه لهططا عمططرو الخزاعططي مططن عبططادة‬
‫الصنام وغير ذلك لنهم رأوا ذلك دينا في نفسه ل ينبغي أن يغيططر‬
‫انتهى‪ .‬فثبت أن آباء النبي صلى الله عليه وسلم من عهد إبراهيم‬

‫‪261‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫إلى زمان عمططرو كلهططم مؤمنططون بيقيططن‪ .‬ونأخططذ فططي الكلم علططى‬
‫الباقي وعلى زيادة توضيح لهذا القدر‪ .‬المر الثاني‪ :‬مما ينتصر بططه‬
‫لهذا المسلك آيات وآثططار وردت فططي ذريططة إبراهيططم وعقبططه‪ .‬اليططة‬
‫الولى وهي أصرحها قوله تعطالى )وإذ قطال إبراهيطم لبيطه وقطومه‬
‫إنني براء مما تعبدون إل الذي فطرني فإنه سيهدين وجعلها كلمة‬
‫باقية في عقبه( أخرج عبد بن حميد في تفسيره بسنده عططن ابططن‬
‫عباس في قوله وجعلها كلمة باقية في عقبططه قططال ل إلططه إل اللططه‬
‫باقية في عقب إبراهيم‪ .‬وأخرج عبد بططن حميططد وابططن جريططر وابططن‬
‫المنذر عن مجاهد في قوله وجعلها كلمة باقية فططي عقبططه قططال ل‬
‫إله إل الله‪ .‬وقال عبد بن حميد حدثنا يونس عن شيبان عن قتططادة‬
‫في قوله وجعلها كلمة باقية فططي عقبططه قططال شططهادة أن ل الططه إل‬
‫الله والتوحيد ل يزال في ذريته من يقولها مططن بعططده‪ .‬وقططال عبططد‬
‫الرزاق في تفسيره عن معمر عن قتادة في قططوله وجعلهططا كلمططة‬
‫باقية في عقبه قال الخلص والتوحيد ل يزال في ذريته من يوحد‬
‫الله ويعبده أخرجه ابن المنذر ثم قال وقال ابططن جريططج فططي اليططة‬
‫في عقب إبراهيم فلم يزل بعد من ذرية إبراهيططم مططن يوحططد اللططه‬
‫ويعبده أخرجه ابن المنذر ثم قال وقال ابن جريططج فططي اليططة فططي‬
‫عقب إبراهيم فلم يزل بعد من ذرية إبراهيم مططن يقططول ل إلططه إل‬
‫الله قال وقول آخر فلم يزل ناس من ذريته على الفطرة يعبدون‬
‫الله حتى تقوم الساعة‪ .‬وأخرج عبد بططن حميططد عططن الزهططري فططي‬
‫الية قال العقب ولده الذكور والناث وأولد الططذكور‪ .‬وأخططرج عططن‬
‫عطاء قال العقب ولده وعصططبته‪ .‬اليططة الثانيططة‪ :‬قططوله تعططالى )وإذ‬
‫قططال إبراهيططم رب اجعططل هططذا البلططد آمنططا واجنبنططي وبنططي أن نعبططد‬
‫الصنام(‪ .‬أخرج ابن جرير في تفسيره عن مجاهد فططي هططذه اليططة‬
‫قال فاستجاب الله لبراهيم دعوته في ولططده فلططم يعبططد أحططد مططن‬
‫ولده صنما بعد دعطوته واسطتجاب اللطه لطه وجعطل هطذا البلطد آمنطا‬
‫ورزق أهله من الثمرات وجعله إماما وجعل مططن ذريتططه مططن يقيططم‬
‫الصلة‪ .‬وأخرج البيهقي في شعب اليمان عن وهططب بططن منبططه أن‬
‫آدم لما أهبط إلططى الرض اسططتوحش فططذكر الحططديث بطططوله فططي‬
‫قصة البيت الحططرام وفيططه مططن قططول اللططه لدم فططي حططق إبراهيططم‬
‫عليهما السلم واجعله أمة واحدا قانتططا بططأمري داعيططا إلططى سططبيلي‬
‫اجتبيه وأهططديه إلطى صطراط مسطتقيم اسططتجيب دعططوته فططي ولطده‬
‫وذريته من بعده وأشفعه فيهم واجعلهم أهططل ذلططك الططبيت وولتططه‬

‫‪262‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫وحماته الحططديث‪ ،‬هططذا الثططر موافططق لقططول مجاهططد المططذكور آنفططا‬
‫ولشك أن ولية البيت كانت معروفة بأجداد النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم خاصة دون سائر ذرية إبراهيم إلى أن انتزعها منهم عمططرو‬
‫الخزاعي ثم عادت إليهم فعرف أن كل ما ذكر عن ذريططة إبراهيططم‬
‫فططإن أولططى النططاس بططه سلسططلة الجططداد الشططريفة الططذين خصططوا‬
‫بالصطفاء وانتقل إليهم نور النبوة واحدا بعد واحد فهم أولى بططأن‬
‫يكونوا هم البعططض المشططار إليهططم فططي قططوله )رب اجعلنططي مقيططم‬
‫الصلة ومن ذريتي( ‪ .‬وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان بططن عيينططة‬
‫أنه سئل هل عبد أحد من ولد إسماعيل الصنام قال ل ألم تسمع‬
‫قوله )واجنبني وبني أن نعبد الصنام( قيل فكيططف لططم يططدخل ولططد‬
‫إسحاق وسائر ولد إبراهيططم قططال لنططه دعططا لهططل هططذا البلططد أن ل‬
‫يعبدوا إذا أسكنهم إياه فقال اجعل هذا البلد آمنا ولم يططدع لجميططع‬
‫البلد بذلك فقال )واجنبني وبني أن نعبد الصنام( فيططه وقططد خططص‬
‫أهله وقال )ربنا إني أسططكنت مططن ذريططتي بططواد غيططر ذي زرع عنططد‬
‫بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلة(‪ .‬فططانظر إلططى هططذا الجططواب مططن‬
‫سفيان بن عيينططة وهططو أحططد الئمططة المجتهططدين وهططو شططيخ إمامنططا‬
‫المام الشافعي رضي الله عنهما‪ .‬الية الثالثة قوله تعططالى حكايططة‬
‫عن إبراهيم عليه السلم ) رب اجعلني مقيم الصلة ومن ذريتي(‪.‬‬
‫أخرج ابن المنذر عططن ابططن جريططج فططي قططوله )رب اجعلنططي مقيططم‬
‫الصلة ومن ذريتي( قال فلن يزال من ذريططة إبراهيططم نططاس علططى‬
‫الفطرة يعبدون الله‪ .‬آية رابعة أخرج أبو الشيخ في تفسططيره عططن‬
‫زيد بن علي قال قالت سارة لما بشططرتها الملئكططة )يططا ويلتططا أألططد‬
‫وأنططا عجططوز وهططذا بعلططي شططيخا إن هططذا لشططيء عجيططب( فقططالت‬
‫الملئكة ترد على سارة )أتعجبين من أمر الله رحمة الله وبركططاته‬
‫عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد( قال فهو كقوله )فجعلهططا كلمططة‬
‫باقية في عقبة( فحمططد صططلى اللططه عليططه وسططلم وآلططه مططن عقططب‬
‫إبراهيم داخل في ذلك وقد أخرج ابن حبيب في تططاريخه عططن ابططن‬
‫عباس قال كان عدنان ومعد وربيعة ومضططر وخزيمططة وأسططد علططى‬
‫ملة إبراهيم فل تذكروهم إل بخير‪ .‬وذكر أبو جعفر الطبري وغيططره‬
‫أن الله أوحى إلى أرميا أن أذهب إلى بخت نصر فأعلمه أنططي قططد‬
‫سلطته علططى العططرب وأمططر اللططه أرميططا أن يحتمططل معططه معططد بططن‬
‫عدنان على البراق كي ل تصيبه النقمة فإني مستخرج مططن صططلبه‬
‫نبيا كريما أختم به الرسل ففعل ارميا ذلك واحتمل معد إلى أرض‬

‫‪263‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الشام فنشأ مع بني إسرائيل ثم عاد بعد أن هدأت الفتن‪ .‬وأخططرج‬
‫ابن سعد في الطبقات من مرسل عبد اللططه بططن خالططد قططال‪ :‬قططال‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسططلم ل تسططبوا مضططر فططإنه كططان قططد‬
‫أسلم‪ .‬وقال السهيلي في الروض النف فططي الحططديث المططروي ل‬
‫تسططبوا مضططر ول ربيعططة فإنهمططا كانططا مططؤمنين‪ .‬قلططت وقفططت عليططه‬
‫مسندا فأخرجه أبو بكر محمد بن خلف بن حيان المعروف بوكيططع‬
‫في كتاب الغرر من الخبار قال حدثنا إسحاق بن داود بن عيسططى‬
‫المروزي ثنا أبو يعقوب الشعراني ثنططا سططليمان بططن عبططد الرحمططن‬
‫الدمشقي ثنا عثمان بن قايد عن يحيى بططن طلحططة بططن عبيططد اللططه‬
‫عن إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص عن عبد الرحمططن‬
‫بن أبي بكر الصديق عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ل‬
‫تسبوا ربيعة ول مضر فإنهمططا كانططا مسططلمين‪ .‬واخططرج بسططنده عططن‬
‫عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قططال ل تسططبوا تميمططا‬
‫وضبة فإنهما كانا مسلمين‪ .‬وأخرج بسنده عططن ابططن عبططاس قططال‪:‬‬
‫قال رسول الله صلى الله عليطه وسطلم ل تسططبوا قسطا فططإنه كطان‬
‫مسلما‪ .‬ثم قال السهيلي ويذكر عن النبي صلى الله عليططه وسططلم‬
‫أنه قال ل تسبوا إلياس فإنه كان مؤمنا‪ .‬وذكر أنه كان يسمع فططي‬
‫صلبه تلبية النبي صلى الله عليه وسلم بالحج‪ .‬قال وكعب بن لؤي‬
‫أول مططن جمططع يططوم العروبططة وقيططل هططو أول مططن سططماها الجمعططة‬
‫فكطانت قريطش تجتمطع إليطه فطي هطذا اليطوم فيخطبهطم ويطذكرهم‬
‫بمبعططث النططبي صططلى اللططه عليططه وسططلم ويعلمهططم أنططه مططن ولططده‬
‫ويأمرهم بأتباعه واليمان به وينشد في هذا أبياتا منها قوله‪:‬‬
‫يا ليتني شاهدا فحواء دعوته * إذا قريش تبغي الحق خذلنا‬
‫قال وقد ذكر الماوردي هذا الخبر عن كعب في كتططاب العلم لططه‬
‫انتهى‪ .‬قلت هذا الخبر أخرجه أبططو نعيططم فططي دلئل النبططوة بسططنده‬
‫عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عططوف وفططي آخططره وكططان بيططن‬
‫موت كعب ومبعث النبي صلى الله عليططه وسططلم خمسططمائة سططنة‬
‫وسططتون سططنة والمططاوردي المططذكور هططو أحططد أئمططة أصططحابنا وهططو‬
‫صاحب الحاوي الكبير له كتاب أعلم النبوة في مجلد كثير الفوائد‬
‫وقد رأيته وسأنقل منه في هذا الكتططاب‪ .‬فحصططل ممططا أوردنططاه أن‬
‫آباء النبي صلى الله عليه وسلم من عهد إبراهيططم إلططى كعططب بططن‬
‫لؤي كانوا كلهم على دين إبراهيططم وولططد كعططب مططرة الظططاهر أنططه‬
‫كذلك لن أباه أوصاه باليمان وبقي بينه وبين عبد المطلب أربعططة‬

‫‪264‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫آباء وهم كلب وقصي وعبد مناف وهاشم ولم أظفر فيهططم بنقططل‬
‫ل بهذا ول بهذا‪ .‬وأما عبد المطلب ففيه ثلثططة أقططوال‪ :‬أحططدها وهططو‬
‫الشبه أنه لم تبلغططه الططدعوى لجططل الحططديث الططذي فططي البخططاري‬
‫وغيره‪ .‬والثاني أنه كان علططى التوحيططد وملططة إبراهيططم وهططو ظططاهر‬
‫عموم كلم المام فخر الدين وما تقدم عططن مجاهططد وسططفيان بططن‬
‫عيينة وغيرهما في تفسير اليات السابقة‪ .‬والثالث أن اللططه أحيططاه‬
‫بعد بعثة النبي صلى الله عليه وسلم حتى آمن به وأسلم ثم مات‬
‫حكاه ابن سيد الناس وهذا أضعف القوال وأسقطها وأوهاها لنططه‬
‫ل دليل عليه ولم يرد قط في حديث ل ضططعيف ول غيططره ول قططال‬
‫هذا القول أحد من أئمة السنة إنما حكوه عن بعض الشيعة ولهذا‬
‫اقتصر غالب المصنفين على حكاية القولين الوليططن وسططكتوا عططن‬
‫حكايططة الثططالث لن خلف الشططيعة ل يعتططد بططه قططال السططهيلي فططي‬
‫الروض النف وفي الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسططلم‬
‫دخل على أبي طالب عند موته وعنده أبططو جهططل وابططن أبططي أميططة‬
‫فقال يا عم قل ل إله إل الله كلمة أشهد لك بها عند الله فقال له‬
‫أبو جهل وابن أبي أمية أترغب عطن ملطة عبطد المطلطب فقطال أنطا‬
‫على ملة عبد المطلب قال فظاهر هذا الحططديث يقتضططي أن عبططد‬
‫المطلططب مططات علططى الشططرك قططال ووجططدت فططي بعططض كتططب‬
‫المسعودي اختلفا في عبد المطلب وأنه قد قيل فيه مات مسلما‬
‫لما رأى من الدلئل على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم وعلططم‬
‫أنططه ل يبعططث إل بالتوحيططد فططالله أعلططم غيططر أن فططي مسططند الططبزار‬
‫وكتاب النسائي من حططديث عبططد اللططه بططن عمططرو أن رسططول اللططه‬
‫صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة وقد عططزت قومططا مططن النصططار‬
‫عن ميتهم لعلك بلغت معهم الكدى فقالت ل فقال لو كنت بلغططت‬
‫معهم الكدى ما رأيت الجنة حتى يراها جد أبيك قططال وقططد خرجططه‬
‫أبو داود ولم يذكر فيه حتى يراها جد أبيك قال وفي قوله جد أبيك‬
‫ولم يقل جدك تقوية للحديث الضعيف الذي قطدمنا ذكططره أن اللطه‬
‫أحيا أباه وأمه وآمنا به فالله أعلم‪ .‬قال ويحتمل أنططه أراد تخويفهططا‬
‫بذلك لن قوله صلى الله عليه وسلم حق وبلوغها معهم الكططدى ل‬
‫يوجب خلططودا فططي النططار هططذا كلططه كلم السططهيلي بحروفططه‪ .‬وقططال‬
‫الشهرستاني في الملل والنحل ظهر نور النططبي صططلى اللططه عليططه‬
‫وسلم في أسارير عبد المطلب بعض الظهور وببركططة ذلططك النططور‬
‫الهم النذر في ذبططح ولططده وبطبركته كطان يططأمر ولططده بطترك الظلطم‬

‫‪265‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫والبغي ويحثهم علططى مكطارم الخلق وينهطاهم عططن دنيطات المطور‬
‫وببركة ذلك النور كان يقول في وصاياه أنه لططن يخططرج مططن الططدنيا‬
‫ظلوم حتى ينتقم منه وتصيبه عقوبة إلى أن هلك رجل ظلططوم لططم‬
‫تصبه عقوبة فقيل لعبد المطلب فططي ذلططك ففكططر وقططال واللططه إن‬
‫وراء هذا الدار دارا يجزى فيهططا المحسططن بإحسططانه ويعططاقب فيهططا‬
‫المسيء بإساءته وببركة ذلك النور قال لبرهة إن لهذا البيت ربططا‬
‫يحفظه ومنه قال وقد صعد أبا قبيس‪:‬‬
‫ل هم إن المرء يمنع * رحله فامنع حللك‬
‫ل يغلبن صليبهم * ومحالهم عدوا محالك‬
‫فانصر على آل الصليب * وعابديه اليوم آلك‬
‫انتهى كلم الشهرستاني‪ ،‬ويناسق ما ذكره مططا أخرجططه ابططن سططعد‬
‫في طبقاته عن ابن عباس قال كانت الدية عشرا من البل وعبططد‬
‫المطلب أول من سططن ديططة النفططس مططائة مططن البططل فجططرت فططي‬
‫قريش والعرب مائة من البل واقرها رسول الله صلى الله عليططه‬
‫وسلم وينضم إلى ذلك أن النبي صططلى اللططه عليططه وسططلم انتسططب‬
‫إليه يوم حنين فقال‪:‬‬
‫أنا النبي ل كذب * أنا ابن عبد المطلب‬
‫وهذا أقوى ما تقوى به مقالة المام فخططر الططدين ومطن وافقطه لن‬
‫الحاديث وردت في النهى عن النتساب إلططى البططاء الكفططار‪ .‬روى‬
‫البيهقي في شعب اليمان من حديث أبي بن كعب ومعاذ بن جبل‬
‫أن رجلين انتسبا على عهد رسططول اللططه صططلى اللططه عليططه وسططلم‬
‫فقال أحدهما أنا فلن ابططن فلن أنططا فلن بططن فلن فقططال رسططول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم انتسب رجلن على عهد موسى فقططال‬
‫أحدهما أنا فلن بن فلن إلى تسعة وقال الخر أنططا فلن بططن فلن‬
‫ابن السلم فأوحى الله إلى موسى هذان المنتسبان أما أنت أيها‬
‫المنتسب إلى تسعة آباء في النار فأنت عاشرهم فططي النططار وأمططا‬
‫أنططت أيهططا المنتسططب إلططى اثنيططن فططأنت ثالثهمططا فططي الجنططة‪ .‬وروى‬
‫البيهقي أيضا عن أبي ريحانة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‬
‫مططن انتسططب إلططى تسططعة آبططاء كفططار يريططد بهططم عططزا وشططرفا فهططو‬
‫عاشرهم في النار‪ .‬وروى البيهقي أيضا عن ابن عباس أن رسططول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم قال ل تفتخروا بآبائكم الذين ماتوا فططي‬
‫الجاهلية فوالذي نفسي بيده لمططا يدحططدح الجعططل بططأنفه خيططر مططن‬
‫آبائكم الذين مططاتوا فططي الجاهليططة‪ .‬وروى الططبيهقي أيضططا عططن أبططي‬

‫‪266‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫هريرة عن النبي صلى الله عليططه وسططلم قططال إن اللططه قططد أذهططب‬
‫عنكم عيبة الجاهلية وفخرها بالباء لينتهين أقوام يفتخرون برجال‬
‫إنما هم فحططم مططن فحططم جهنططم أو ليكططونن أهططون علططى اللططه مططن‬
‫الجعلن التي تدفع النتن بأنفها‪ .‬والحاديث في هذا المعنططى كططثيرة‬
‫وأوضح من ذلك في التقرير أن البيهقي أورد فططي شططعب اليمططان‬
‫حديث مسلم أن في أمتي أربعا من أمر الجاهلية ليسوا بتططاركيهن‬
‫الفخر فططي الحسططاب ‪ -‬الحططديث‪ .‬وقططال عقبططة فططإن عططورض هططذا‬
‫بحديث النبي صلى الله عليه وسلم في اصطفائه من هاشم فقططد‬
‫قططال الحليمططي لططم يططرد بططذلك الفخططر إنمططا أراد تعريططف منططازل‬
‫المذكورين ومراتبهم كرجل يقول كان أبي فقيها ل يريد به الفخططر‬
‫وإنما يريد به تعريف حاله دون ما عططداه قططال وقططد يكططون أراد بططه‬
‫الشارة بنعمة الله عليه في نفسه وآبائه على وجه الشكر وليططس‬
‫ذلك من الستطالة والفخر في شيء انتهططى‪ .‬فقططوله أراد تعريططف‬
‫منازل المذكورين ومراتبهم أو الشارة بنعمة الله عليه في نفسططه‬
‫وآبائه على وجه الشكر فيه تقويططة لمقالططة المططام وإجرائهططا علططى‬
‫عمومهططا كمططا ل يخفططى إذ الصطططفاء ل يكططون إل لمططن هططو علططى‬
‫التوحيد ول شك أن الترجيح في عبد المطلب بخصوصه عسر جدا‬
‫لن حديث البخاري مصادم قطوي‪ .‬وأن أخطذ فطي تطأويله لطم يوجطد‬
‫تأويل قريطب والتأويطل البعيطد يأبطاه أهطل الصطول ولهطذا لمطا رأى‬
‫السهيلي تصادم الدلة فيه لم يقططدر علططى الترجيططح فوقططف وقططال‬
‫فالله أعلم وهذا يصلح أن يعد قول رابعا فيه وهو الوقف واكثر مططا‬
‫خطر لي في تأويل الحديث وجهان بعيدان فتركتهمططا وأمططا حططديث‬
‫النسائي فتأويله قريب وقد فتططح السططهيلي بططابه وأن لططم يسططتوفه‬
‫وإنما سهل الترجيح في جانب عبد الله مططع أن فيططه معارضططا قويططا‬
‫وهو حديث مسلم لن ذاك سهل تططأويله بتأويططل قريططب فططي غايططة‬
‫الجلء والوضوح وقامت الدلة على رجحان جانب التأويططل فسططهل‬
‫المصير إليه والله أعلم‪ .‬ثططم رأيططت المططام أبططا الحسططن المططاوردي‬
‫أشططار إلططى نحططو مططا ذكططره المططام فخططر الططدين إل أنططه لططم يصططرح‬
‫كتصريحه فقال في كتابه أعلم النبوة لما كان أنبيططاء اللططه صططفوة‬
‫عباده وخيرة خلقه لما كلفهم مططن القيططام بحقططه والرشططاد لخلقططه‬
‫استخلصهم من أكرم العناصر واجتباهم بمحكم الواصر فلم يكططن‬
‫لنسبهم من قدح ولمنصبهم من جرح لتكون القلططوب لهططم أصططفى‬
‫والنفوس لهم أوطا فيكون الناس إلى إجابتهم أسططرع ولوامرهططم‬

‫‪267‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫أطوع وأن الله استخلص رسوله صلى الله عليه وسلم من أطيب‬
‫المناكح وحماه من دنس الفواحش ونقله من أصلب طاهرة إلططى‬
‫أرحام منزهة وقد قال ابن عباس فططي تأويططل قططول اللططه )وتقلبططك‬
‫في الساجدين( أي تقلبك من أصلب طاهرة من أب بعد أب إلططى‬
‫أن جعلك نبيا فكان نور النبوة ظاهرا في آبائه ثم لم يشططركه فططي‬
‫ولدته من أبويه أخ ول أخت لنتهاء صفوتهما إليه وقصور نسططبهما‬
‫عليه ليكون مختصا بنسب جعله اللططه للنبططوة غايططة ولتفططرده نهايططة‬
‫فيزول عنه أن يشارك فيه ويماثل فيه فلذلك مات عنه أبواه فططي‬
‫صغره‪ .‬فأما أبوه فمات وهو حمل وأما أمه فماتت وهو ابن سططت‬
‫سنين‪ .‬وإذا خبرت حال نسبه وعرفت طهططارة مولططده علمططت أنططه‬
‫سللة آباء كرام ليس في آبائه مسترذل ول مغمططوز مسططتبذل بططل‬
‫كلهم سادة قططادة وشططرف النسططب وطهططارة المولططد مططن شططروط‬
‫النبوة انتهى كلم الماوردي بحروفه‪ .‬وقال أبو جعفر النحاس فططي‬
‫معاني القرآن في قوله )وتقلبططك فططي السططاجدين( روى عططن ابططن‬
‫عباس أنه قال تقلبه في الظهططور حططتى أخرجططه نبيططا‪ .‬ومططا أحسططن‬
‫قول الحافظ شمس الدين ابن ناصر الدين الدمشقي رحمططه اللططه‬
‫تعالى‪:‬‬
‫تنقل أحمد نورا عظيما * تلل في جباه الساجدينا‬
‫تقلب فيهم قرنا فقرنا * إلى أن جاء خير المرسلينا‬
‫وقال أيضا‪:‬‬
‫حفظ الله كرامة لمحمد * آباءه المجاد صونا لسمه‬
‫تركوا السفاح فلم يصبهم عاره * من آدم وإلى أبيه وأمه‬
‫وقال الشرف البوصيري صاحب البردة‪:‬‬
‫كيف ترقى رقيك النبياء * يا سماء ما طاولتها سماء‬
‫لم يساووك في علك وقد حا * ل سنى منك دونهم وسناء‬
‫إنما مثلوا صفاتك للناس * كما مثل النجوم الماء‬
‫أنت مصباح كل فضل فما تصدر * إل عن ضوئك الضواء‬
‫لك ذات العلوم من عالم الغيب * ومنه لدم السماء‬
‫لم تزل في ضمائر الغيب تختار * لك المهات والباء‬
‫ما مضت فترة من الرسل إل * بشرت قومها بك النبياء‬
‫تتباهى بك العصور وتسمو * بك علياء بعدها علياء‬
‫وبدا للوجود منك كريم * من كريم آباؤه كرماء‬
‫نسب تحسب العل بحله * قلدتها نجومها الجوزاء‬

‫‪268‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫ومنها‪:‬‬
‫فهنيئا به لمنة الفضل * الذي شرفت به حواء‬
‫من لحواء أنها حملت أحمد * أو أنها به نفساء‬
‫يوم نالت بوضعه ابنة وهب * من فخار ما لم تنله النساء‬
‫فأتت قومها بأفضل مما * حملت قبل مريم العذراء‬
‫)فائدة(‪ :‬قال ابن أبي حاتم في تفسيره حدثنا أبي ثنا موسططى‬
‫بن أيوب النصيبي ثنا ضمرة عن عثمان بطن عطططاء عطن أبيطه قطال‬
‫بين النبي صلى اللطه عليطه وسططلم وبيططن آدم تسططعة وأربعططون أبططا‪.‬‬
‫المر الثالث‪ :‬أثر ورد في أم النبي صلى الله عليه وسلم خاصة‪.‬‬
‫أخرج أبططو نعيططم فططي دلئل النبططوة بسططند ضططعيف مططن طريططق‬
‫الزهري عن أم سماعة بنت أبي رهم عن أمها قالت شهدت آمنططة‬
‫أم رسول الله صلى الله عليه وسلم في علتهططا الططتي مططاتت فيهططا‬
‫ومحمد غلم يفع له خمس سنين عند رأسها فنظططرت إلططى وجهططه‬
‫ثم قالت‪:‬‬
‫بارك فيك الله من غلم * يا ابن الذي من حرمة الحمام‬
‫نجا بعون الملك المنعام * فودى غداة الضرب بالسهام‬
‫بمائة من إبل سوام * أن صح ما أبصرت في المنام‬
‫فأنت مبعوث إلى النام * من عند ذي الجلل والكرام‬
‫تبعث في الحل وفي الحرام * تبعث بالتحقيق والسلم‬
‫دين أبيك البر إبراهام * فالله أنهاك عن الصنام‬
‫أن ل تواليها مع القوام ثم قالت كططل حططي ميططت وكططل جديططد بططال‬
‫وكل كبير يفنى وأنا ميتططة وذكططرى بططاق وقططد تركططت خيططرا وولططدت‬
‫طهرا ثم ماتت فكنا نسمع نوح الجن عليها فحفظنا من ذلك‪:‬‬
‫نبكي الفتاة البرة المينة * ذات الجمال العفة الرزينه‬
‫زوجة عبد الله والقرينة * أم نبي الله ذي السكينة‬
‫وصاحب المنبر بالمدينة * صارت لدى حفرتها رهينة‪.‬‬
‫فأنت ترى هذا الكلم منها صريحا في النهى عططن مططوالة الصططنام‬
‫مع القوام والعتراف بدين إبراهيم ويبعث ولدها إلططى النططام مططن‬
‫عند ذي الجلل والكرام بالسلم‪ .‬وهذه اللفططاظ منافيططة للشططرك‬
‫وقولها تبعث بالتحقيق كذا هو فططي النسططخة وعنططدي أنططه تصططحيف‬
‫وإنما هو بالتخفيف ثم إني استقرأت أمهات النبياء عليهم السططلم‬
‫فوجدتهن مؤمنات فأم إسحاق وموسى وهرون وعيسى وحواء أم‬
‫شيث مذكورات فططي القططرآن بططل قيططل بنبططوتهن ووردت الحططاديث‬

‫‪269‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫بإيمططان هططاجر أم إسططماعيل وأم يعقططوب وأمهططات أولده وأم داود‬
‫وسليمان وزكريا ويحيططى وشططمويل وشططمعون وذي الكفططل‪ .‬ونططص‬
‫بعض المفسرين على إيمان أم نوح وأم إبراهيم ورجحه أبو حيططان‬
‫في تفسيره‪ .‬وقد تقدم عن ابن عباس أنه لم يكن بيططن نططوح وآدم‬
‫والد كافر ولهذا قططال )رب اغفططر لططي ولوالططدي ولمططن دخططل بيططتي‬
‫مؤمنا( وقال إبراهيم )رب اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم‬
‫الحساب( ولم يعتذر عططن اسططتغفار إبراهيططم فططي القططرآن إل لبيططه‬
‫خاصة دون أمه فدل على أنها كانت مؤمنططة‪ .‬وأخططرج الحططاكم فططي‬
‫المستدرك وصححه عن ابن عبططاس قططال كططانت النبيططاء مططن بنططي‬
‫إسرائيل إل عشرة نوح‪ .‬وهود‪ .‬وصالح‪ .‬ولوط‪ .‬وشعيب‪ .‬وإبراهيم‪.‬‬
‫وإسططماعيل‪ .‬وإسططحاق‪ .‬ويعقططوب‪ .‬ومحمططد عليهططم السططلم‪ .‬وبنططو‬
‫إسرائيل كلهم كانوا مططؤمنين لططم يكططن فيهططم كططافر إلططى أن بعططث‬
‫عيسى فكفر به من كفر فأمهات النبياء الذين من بنططي إسططرائيل‬
‫كلهم مؤمنات‪ .‬وأيضا فغالب أنبياء نبي إسرائيل كططانوا أولد أنبيططاء‬
‫أو أولد أولدهم فإن النبوة كانت تكون في سبط منهم يتناسططلون‬
‫كما هو معروف في أخبارهم‪ .‬وأما العشرة المططذكورون مططن غيططر‬
‫بني إسرائيل فقد ثبت إيمان أم نوح وإبراهيم وإسماعيل وإسحاق‬
‫ويعقوب وبقي أم هود وصالح ولوط وشططعيب يحتططاج إلططى نقططل أو‬
‫دليل والظاهر إن شاء الله تعالى إيمانهن فكذلك أم النططبي صططلى‬
‫الله عليه وسلم وكان السر في ذلك ما يرينه مططن النططور كمططا ورد‬
‫في الحديث‪ .‬أخرج أحمططد والططبزار والطططبراني والحططاكم والططبيهقي‬
‫عن العرباض بن سارية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‬
‫إني عبد الله لخاتم النبيين وأن آدم لمنجدل في طينته وسأخبركم‬
‫عن ذلك دعوة أبي إبراهيم وبشارة عيسى ورؤيا أمططي الططتي رأت‬
‫وكذلك أمهات النبيين يرين وأن أم رسططول اللططه صططلى اللططه عليططه‬
‫وسلم رأت حين وضعته نورا أضاءت له قصور الشام‪ .‬ول شك أن‬
‫الذي رأته أم النبي صططلى اللططه عليططه وسططلم فططي حططال حملهططا بططه‬
‫وولدتها له من اليات أكثر وأعظم مما رآه سططائر أمهططات النبيططاء‬
‫كما سقنا الخبار بذلك في كتاب المعجزات‪ .‬وقد ذكر بعضهم أنططه‬
‫لم ترضعه مرضعة إل أسلمت قال ومرضططعاته أربططع أمططه وحليمططة‬
‫السعدية وثويبة وأم ايمن انتهى‪ .‬فإن قلططت فمططا تصططنع بالحططاديث‬
‫الدالة على كفرها وأنها في النار وهي حديث أنه صلى اللططه عليططه‬
‫وسلم قال ليططت شطعري مططا فعططل أبططواي فنزلططت )ول تسطال عططن‬

‫‪270‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫أصحاب الجحيم( وحديث أنططه اسططتغفر لمططه فضططرب جبريططل فططي‬
‫صدره وقال ل تستغفر لمن مات مشركا‪ ،‬وحططديث أنططه نططزل فيهططا‬
‫)ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين( وحديث أنططه‬
‫قال لبني مليكة أمكما في النار فشق عليهما فططدعاهما فقططال إن‬
‫أمي مع أمكما‪ .‬قلت الجواب أن غالب ما يروى من ذلططك ضططعيف‬
‫ولم يصح في أم النبي صلى اللططه عليططه وسططلم سططوى حططديث أنططه‬
‫استأذن في الستغفار لها فلم يؤذن له ولم يصح أيضا في أبيططه إل‬
‫حديث مسلم خاصة‪ .‬وسيأتي الجواب عنهما‪ .‬وأما الحططاديث الططتي‬
‫ذكرت فحديث ليت شعري ما فعل أبواي فنزلت اليططة لططم يخططرج‬
‫في شيء من الكتب المعتمططدة‪ .‬وإنمططا ذكططر فططي بعططض التفاسططير‬
‫بسند منقطع ل يحتج به ول يعول عليه ولططو جئنططا نحتططج بالحططاديث‬
‫الواهية لعارضناك بحديث واه أخرجه ابن الجوزي من حديث علي‬
‫مرفوعا هبط جبريل علي فقال إن الله يقرئك السلم ويقول إني‬
‫حرمت النار على صلب أنزلك وبطن حملك وحجر كفلططك ويكططون‬
‫من باب معارضة الواهي بالواهي إل أنا ل نرى ذلك ول نحتططج بططه‪،‬‬
‫ثم إن هذا السبب مردود بوجوه أخرى من جهة الصططول والبلغططة‬
‫وأسرار البيان وذلك أن اليات من قبل هذه الية ومن بعدها كلهططا‬
‫في اليهود من قوله تعالى )يا بنطي إسطرائيل اذكطروا نعمطتي الطتي‬
‫أنعمت عليكم وأوفوا بعهدي أوف بعهططدكم وإيططاي فططارهبون( إلططى‬
‫قوله )وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات( ولهذا ختمت القصة بمثل ما‬
‫صدرت به وهو قوله تعالى )يا بني إسططرائيل اذكططروا نعمططتي الططتي‬
‫أنعمت عليكم( اليتين فتبين أن المراد بأصحاب الجحيم كفار أهل‬
‫الكتاب‪ .‬وقد ورد ذلك مصرحا به في الثر‪ :‬أخرج عبططد بططن حميططدو‬
‫الفريابي وابن جرير وابن المنذر في تفاسيرهم عططن مجاهططد قططال‬
‫من أول البقرة أربع آيططات فططي نعططت المططؤمنين وآيتططان فططي نعططت‬
‫الكافرين وثلث عشرة آية في نعت المنططافقين ومططن أربعيططن آيططة‬
‫إلى عشرين ومائة في بني إسرائيل إسططناده صططحيح‪ .‬وممططا يؤكططد‬
‫ذلك أن السورة مدنية وأكثر ما خوطب فيها اليهود‪ .‬ويرشططح ذلططك‬
‫من حيث المناسبة أن الجحيم اسم لما عظططم مططن النططار كمططا هططو‬
‫مقتضى اللغة والثار‪ .‬أخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك في قوله‬
‫تعالى أصحاب الجحيم قال الجحيم ما عظم من النار‪ .‬وأخرج ابن‬
‫جرير وابن المنططذر عططن ابططن جريططج فططي قططوله تعططالى )لهططا سططبعة‬
‫أبواب( قال أولها جهنم ثم لظى ثم الحطمة ثم السعير ثططم سططقر‬

‫‪271‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫ثم الجحيم ثم الهاوية قال والجحيم فيها أبو جهططل إسططناده صططحيح‬
‫أيضا فاللئق بهذه المنزلة من عظم كفره واشتد وزره وعاند عند‬
‫الدعوة وبدل وحرف وجحد بعد علم ل مططن هططو بمظنططة التخفيططف‬
‫وإذا كان قد صح في أبي طالب أنه أهون أهل النار عذابا لقرابتططه‬
‫منه صلى الله عليه وسلم وبره بططه مططع اداركططه الططدعوة وامتنططاعه‬
‫من الجابة وطول عمره فما ظنك بططأبويه اللططذين همططا أشططد منططه‬
‫قربا وآكد حبا وابسط عذرا وأقصر عمرا فمعاذ الله أن يظن بهما‬
‫انهما في طبقة الجحيم وأن يشدد عليهما العذاب العظيططم هططذا ل‬
‫يفهمه من له أدنى ذوق سليم‪ .‬وأما حديث أن جبريل ضططرب فططي‬
‫صدره وقال ل تستغفر لمن مات مشركا فإن البزار أخرجه بسططند‬
‫فيه من ل يعرف‪ .‬وأما نزول الية في ذلك فضعيف أيضططا والثططابت‬
‫في الصحيحين أنها نزلت في أبي طالب وقططوله صططلى اللططه عليططه‬
‫وسلم له لستغفرن لك مالم أنه عنك‪ .‬وأما حديث أمي مع أمكما‬
‫فأخرجه الحاكم في مسططتدركه وقططال صططحيح‪ .‬وشططأن المسططتدرك‬
‫في تساهله في التصحيح معروف وقد تقرر في علوم الحديث أنه‬
‫ل يقبل تفرده بالتصحيح‪ .‬ثم إن الططذهبي فططي مختصططر المسططتدرك‬
‫لما أورد هذا الحديث ونقل قول الحاكم صحيح قال عقبطه قلطت ل‬
‫والله فعثمان بن عمير ضعفه الططدار قطنططي فططبين الططذهبي ضططعف‬
‫الحديث وحلف عليه يمينططا شطرعيا وإذا لطم يكطن فططي المسطالة إل‬
‫أحاديث ضعيفة كان للنظر في غيرها مجال‪".‬المططر الرابططع"‪ :‬ممططا‬
‫ينتصر به لهذا المسلك أنه قد ثبططت عططن جماعططة كططانوا فططي زمططن‬
‫الجاهلية أنهم تحنفوا وتدينوا بططدين إبراهيططم عليططه السططلم وتركططوا‬
‫الشرك فما المانع أن يكططون أبططوا النططبي صططلى اللططه عليططه وسططلم‬
‫سلكوا سبيلهم في ذلك‪ .‬قال الحافظ أبو الفرج ابن الجططوزي فططي‬
‫التلقيح تسمية من رفض عبططادة الصططنام فططي الجاهليططة‪ :‬أبططو بكططر‬
‫الصديق‪ ،‬زيد بن عمرو بن نفيل‪ ،‬عبيد الله بن جحش‪ ،‬عثمططان بططن‬
‫الحططويرث ورقططة بططن نوفططل‪ ،‬ريططاب بططن الططبراء‪ ،‬اسططعد أبططو كريططب‬
‫الحميري‪ ،‬قس بن ساعدة اليادي‪ ،‬أبو قس بن صرمة انتهى‪ .‬وقد‬
‫وردت الحاديث بتحنف زيد بن عمرو وورقة وقس‪ ،‬وقد روى ابططن‬
‫إسحاق وأصله في الصحيح تعليقا عن أسماء بنت أبي بكططر قططالت‬
‫لقد رأيت زيد بن عمرو بن نفيل مستندا ظهره إلى الكعبططة يقططول‬
‫يا معشر قريش ما أصبح منكم أحد على ديططن إبراهيططم غيططري ثططم‬
‫يقول اللهم إني لو أعلم أحب الوجططوه إليططك عبططدتك بططه ولكنططي ل‬

‫‪272‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫أعلم‪ .‬قلت وهذا يؤيد ما تقدم في المسططلك الول أنططه لططم يبططق إذ‬
‫ذاك من يبلغ الدعوة ويعرف حقيقتها على وجهها‪ .‬وأخرج أبو نعيم‬
‫في دلئل النبوة عن عمرو بططن عبسططة السططلمي رغبططت عططن آلهططة‬
‫قومي في الجاهلية ورأيت أنها الباطل يعبططدون الحجططارة‪ .‬وأخططرج‬
‫البيهقي وأبو نعيم كلهما في الدلئل من طريق الشعبي عن شيخ‬
‫من جهينة أن عمير بن حبيب الجهني ترك الشططرك فططي الجاهليططة‬
‫وصلى لله وعاش حتى أدرك السلم‪ .‬وقال إمام الشاعرة الشيخ‬
‫أبو الحسن الشعري وأبو بكر مططا زال بعيططن الرضططا منططه فططاختلف‬
‫الناس في مراده بهذا الكلم فقال بعضهم أن الشعري يقططول أن‬
‫أبا بكر الصديق كان مؤمنا قبل البعثة وقال آخرون بل أراد أنه لم‬
‫يزل بحالة غير مغضوب فيها عليه لعلم اللططه تعططالى بططأنه سططيؤمن‬
‫ويصير من خلصة البرار‪ .‬قال الشيخ تقي الدين السبكي لو كططان‬
‫هططذا مططراده لسططتوى الصططديق وسططائر الصططحابة فططي ذلططك‪ .‬وهططذه‬
‫العبارة التي قالها الشعري في حق الصديق لم تحفططظ عنططه فططي‬
‫حق غيره فالصواب أن يقال أن الصديق لم يثبت عنططه حالططة كفططر‬
‫بالله فلعل حاله قبل البعث كحال زيد بن عمرو بن نفيل وأقرانططه‬
‫فلهذا خصص الصديق بالذكر عن غيطره مطن الصطحابة انتهططى كلم‬
‫السبكي‪ .‬قلت وكذلك نقول في حق أبوي النبي صططلى اللططه عليططه‬
‫وسلم أنهما لم يثبت عنهما حالة كفر بالله فلعل حالهما كحال زيد‬
‫بن عمرو بن نفيل وأبي بكر الصديق وأضططرابهما مططع أن الصططديق‬
‫وزيد بن عمرو إنما حصل لهما التحنف في الجاهليطة ببركطة النطبي‬
‫صلى الله عليه وسلم فإنهما كانططا صططديقين لططه قبططل البعثططة وكانططا‬
‫يوادانه كثيرا فأبوانه أولى بعود بركته عليهما وحفظهمطا ممطا كطان‬
‫عليه أهل الجاهلية‪ .‬فإن قلت بقيططت عقططدة واحططدة وهططي مططا رواه‬
‫مسلم عن أنس أن رجل قال يا رسول الله أين أبي قال في النار‬
‫فلما قفى دعاه فقال إن أبي وأباك في النار‪ ،‬وحديث مسلم وأبي‬
‫داود عططن أبططي هريططرة أنططه صططلى اللططه عليططه وسططلم اسططتأذن فططي‬
‫الستغفار لمططه فلططم يططؤذن لططه فاحلططل هططذه العقططدة‪ .‬قلططت علططى‬
‫الرأس والعين‪ :‬الجواب أن هذه اللفظة وهي قوله أن أبططي وأبططاك‬
‫في النار لم يتفق على ذكرها الرواة وإنما ذكرها حماد بططن سططلمة‬
‫عن ثابت عططن أنططس وهططي الطريططق الططتي رواه مسططلم منهططا وقططد‬
‫خالفه معمر عن ثابت فلم يذكر أن أبي وأباك في النار ولكن قال‬
‫له إذا مررت بقبر كافر فبشره بالنططار‪ .‬وهططذا اللفططظ ل دللططة فيططه‬

‫‪273‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫على والده صلى الله عليه وسلم بأمر البتة وهو أثبططت مططن حيططث‬
‫الرواية فإن معمر اثبت من حمططاد فططإن حمططادا تكلططم فططي حفظططه‬
‫ووقع في أحاديثه منططاكير ذكططروا أن ربيبططه دسططها فططي كتبططه وكططان‬
‫حماد ل يحفظ فحدث بها فوهم فيها ومن ثم لم يخرج له البخاري‬
‫شيئا ول خرج له مسلم في الصول إل من روايته عن ثططابت قططال‬
‫الحاكم في المدخل ما خططرج مسططلم لحمططاد فططي الصططول إل مططن‬
‫حديثه عن ثابت وقد خرج له في الشواهد عن طائفة؟ وأما معمر‬
‫فلم يتكلم في حفظه ول استنكر شططيء مططن حططديثه واتفططق علططى‬
‫التخريج له الشيخان فكان لفظه أثبت‪ ،‬ثم وجدنا الحديث ورد من‬
‫حديث سعد بن أبي وقاص بمثل لفظ رواية معمر عطن ثطابت عططن‬
‫أنس فأخرج البزار والطبراني والططبيهقي مططن طريططق إبراهيططم بططن‬
‫سعد عن الزهري عن عططامر بططن سططعد عططن أبيططه أن أعرابيططا قططال‬
‫لرسول الله صلى الله عليه وسلم أيططن أبططي قططال فططي النططار قططال‬
‫فأين أبوك قال حيثما مررت بقبر كافر فبشره بالنار‪ .‬وهذا إسططناد‬
‫على شرط الشيخين فتعيططن العتمططاد علططى هططذا اللفططظ وتقططديمه‬
‫على غيره‪ .‬وقد زاد الطططبراني والططبيهقي فططي آخططره قططال فاسططلم‬
‫العرابي بعد فقال لقد كلفني رسول الله صلى الله عليططه وسططلم‬
‫تعبا ما مررت بقبر كافر إل بشرته بالنار‪ .‬وقد أخرج ابن ماجه من‬
‫طريق إبراهيم بن سعد عن الزهري عن سالم عن أبيه قططال جططاء‬
‫أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يططا رسططول اللططه إن‬
‫أبي كان يصل الرحم وكان فأين هو قال في النار قال فكأنه وجططد‬
‫من ذلك فقال يا رسول الله فأين أبططوك قططال رسططول اللططه صططلى‬
‫الله عليه وسططلم حيططث مططررت بقططبر مشططرك فبشططره بالنططار قططال‬
‫فأسلم العرابي بعد قال لقد كلفني رسول الله صططلى اللططه عليططه‬
‫وسلم تعبا ما مررت بقططبر كططافر إل بشططرته بالنططار‪ .‬فهططذه الزيططادة‬
‫أوضحت بل شك أن هذا اللفظ العام هو الذي صدر منه صلى الله‬
‫عليه وسلم ورآه العرابي بعد إسلمه أمرا مقتضيا للمتثططال فلططم‬
‫يسعه إل امتثاله ولو كان الجواب باللفظ الول لم يكططن فيططه أمططر‬
‫بشيء البتة فعلم أن هذا اللفططظ الول مططن تصططرف الططراوي رواه‬
‫بالمعنى على حسب فهمه‪ .‬وقد وقع في الصحيحين روايات كثيرة‬
‫من هذا النمط فيها لفططظ تصططرف فيططه الططراوي وغيططره أثبططت منططه‬
‫كحديث مسلم عططن أنططس فططي نفططي قططراءة البسططملة‪ .‬وقططد أعلططه‬
‫المام الشافعي رضي الله عنه بذلك وقال إن الثابت مططن طريططق‬

‫‪274‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫آخر نفى سماعها ففهم منه الراوي نفي قراءتهططا فططرواه بططالمعنى‬
‫على ما فهمططه فأخطططأ ونحططن أجبنططا عططن حططديث مسططلم فططي هططذا‬
‫المقام بنظير ما أجاب به إمامنططا الشططافعي رضططي اللططه عنططه عططن‬
‫حديث مسلم في نفي قراءة البسملة‪ .‬ثم لو فرض اتفططاق الططرواة‬
‫على اللفططظ الول كططان معارضططا بمططا تقططدم مططن الدلططة والحططديث‬
‫الصحيح إذا عارضه أدلة أخرى هي أرجح منه وجب تأويله وتقططديم‬
‫تلك الدلة عليه كما هو مقرر في الصول‪ .‬وبهططذا الجططواب الخيططر‬
‫يجاب عن حديث عدم الذن في الستغفار لمططه علططى أنططه يمكططن‬
‫فيه دعوى عدم الملزمة بدليل أنه كان في صدر السلم ممنوعططا‬
‫من الصلة على مططن عليططه ديططن وهططو مسططلم فلعلططه كططانت عليهططا‬
‫تبعات غير الكفر فمنع من الستغفار لها بسططببها‪ .‬والجططواب الول‬
‫اقعد وهذا تأويل في الجملة‪ .‬ثم رأيت طريقا أخرى للحديث مثططل‬
‫لفظ رواية معمر وأزيد وضوحا وذلك أنه صططرح فيططه بططأن السططائل‬
‫أراد أن يسأل عن أبيه صططلى اللططه عليططه وسططلم فعططدل عططن ذلططك‬
‫تجمل وتأدبا‪ .‬فأخرج الحاكم في المستدرك وصححه عن لقيط بن‬
‫عامر أنه خرج وافدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعططه‬
‫نهيك بن عاصم بن مالك بن المنتفق فقال قدمنا المدينة لنسططلخ‬
‫رجب فصلينا معه صلة الغداة فقام رسول الله صططلى اللططه عليططه‬
‫وسلم في النططاس خطيبططا فططذكر الحططديث إلططى أن قططال فقلططت يططا‬
‫رسول الله هل أحد ممن مضى منططا فطي جاهليطة مطن خيطر فقططال‬
‫رجل من عرض قريش أن أباك المنتفق في النار فكأنه وقططع حططر‬
‫بين جلد وجهي ولحمي مما قال لبي على رؤوس الناس فهممت‬
‫أن أقول وأبوك يا رسول الله ثم نظرت فإذا الخرى أجمل فقلت‬
‫وأهلك يا رسطول اللطه فقطال مطا أتيطت عليطه مطن قبطل قرشطي أو‬
‫عامري مشرك فقل أرسلني إليك محمططد فأبشططرك بمططا يسططوءك‪.‬‬
‫هذه رواية ل إشكال فيهططا وهططي أوضططح الروايططات وأبينهططا‪" .‬تقريططر‬
‫آخر"‪ :‬ما المانع أن يكون قول السططائل فططأين أبططوك وقططوله صططلى‬
‫الله عليه وسلم في حديث أنس أن أبي أن ثبت المططراد بططه عمططه‬
‫أبو طالب ل أبوه عبد الله كما قال بذلك المططام فخططر الططدين فططي‬
‫أبي إبراهيم أنه عمه وقد تقدم نقله عن ابن عباس ومجاهد وابططن‬
‫جريج والسدي‪ .‬ويرشحه هنططا أمططران‪ :‬الول أن إطلق ذلططك علططى‬
‫أبي طالب كان شائعا في زمن النبي صلى الله عليه وسططلم ولططذا‬
‫كانوا يقولون له قل لبنك يرجططع عططن شططتم آلهتنططا وقططال لهططم أبططو‬

‫‪275‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫طالب مرة لما قالوا له أعطنا ابنك نقتلططه وخططذ هططذا الولططد مكططانه‬
‫أعطيكم ابني تقتلونه وآخذ ابنكم أكفله لكم ولما سافر أبو طالب‬
‫إلى الشام ومعه النبي صلى الله عليه وسلم نزل له بحيططرا فقططال‬
‫له ما هذا منك قال هو ابني فقال ما ينبغططي لهططذا الغلم أن يكططون‬
‫أبوه حيا فكانت تسمية أبي طالب أبا للنبي صلى الله عليه وسلم‬
‫شائعة عندهم لكونه عمططه وكططونه ربططاه وكفلططه مططن صططغره وكططان‬
‫يحوطه ويحفظه وينصره فكان مظنة السؤال عنه‪ .‬والمططر الثططاني‬
‫أنه وقع في حديث يشبه هذا ذكططر أبططي طططالب فططي ذيططل القصططة‪،‬‬
‫أخرج الطبراني عن أم سطلمة أن الحطارث بطن هشطام أتطى النطبي‬
‫صلى الله عليه وسلم يوم حجة الوداع فقال يططا رسططول اللططه إنططك‬
‫تحث على صلة الرحم والحسان إلى الجار وإيواء اليطتيم وإطعطام‬
‫الضيف وإطعام المسكين وكل هذا كان يفعله هشام بططن المغيططرة‬
‫فما ظنك به يا رسططول اللططه فقططال رسططول اللططه صططلى اللططه عليططه‬
‫وسلم كل قبر ل يشهد صاحبه أن ل إلططه إل اللططه فهططو جططذوة مططن‬
‫النار‪ .‬وقد وجدتعمي أبا طالب في طمطتم من النار فأخرجه الله‬
‫ي فجعله في ضحضاح من النار‪.‬‬ ‫لمكانه مني وإحسانه إل ّ‬
‫)تنبيه(‪ :‬قد استراح جماعة من هذه الجوبة كلها وأجططابوا عططن‬
‫الحاديث الواردة فيها منسوخة كما أجابوا عطن الحطاديث الططواردة‬
‫في أطفططال المشططركين أنهططم فططي النططار وقططالوا الناسططخ لحططاديث‬
‫أطفطططال المشطططركين قطططوله تعطططالى )ول تطططزر وازرة وزر أخطططرى(‬
‫ولحاديث البوين قوله تعالى )وما كنا معذبين حتى نبعث رسططول(‬
‫ومن اللطائف كططون الجملططتين فططي الفريقيططن مقترنططتين فططي آيططة‬
‫واحدة متعاطفتين متناسقتين في النظططم‪ ،‬وهططذا الجططواب مختصططر‬
‫مفيد يغني عن كل جواب إل أنه إنمططا يتططأتى علططى المسططلك الول‬
‫دون الثاني كما هو واضح فلهذا احتجنطا إلطى تحريطر الجوبطة عنهطا‬
‫على المسلك الثاني؟ "تتمة" قططد ثبططت فططي الحططديث الصططحيح أن‬
‫أهون أهل النار عذابا أبو طالب وانه في ضحضططاح مططن النططار فططي‬
‫رجليه نعلن يغلي منهمططا دمططاغه‪ .‬وهططذا ممططا يططدل علططى أن أبططوي‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم ليسا فططي النططار لنهمططا لططو كططان فيهططا‬
‫لكانا أهون عذابا من أبي طالب لنهما أقططرب منططه مكانططا وأبسططط‬
‫عذرا فإنهما لم يططدركا البعثططة ول عططرض عليهمططا السططلم فامتنعططا‬
‫بخلف أبي طالب وقد أخبر الصادق المصدوق أنه أهون أهل النار‬

‫‪276‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫عذابا فليس أبواه من أهلها‪ ،‬وهذا يسمى عند أهل الصططول دللططة‬
‫الشارة‪.‬‬
‫)نصططب ميططداني جططدلي(‪ :‬المجططادلون فططي هططذا الزمططان كططثير‬
‫خصوصا فططي هططذه المسططألة وأكططثرهم ليططس لهططم معرفططة بطططرق‬
‫الستدلل فالكلم معهم ضائع غير أني أنظر الذي يجططادل وأكلمططه‬
‫بطريقة تقرب من ذهنه فإنه أكثر ما عنده أن يقول الذي ثبت في‬
‫صحيح مسلم يدل علططى خلف مططا تقططول فططإن كططان الططذي يجططادل‬
‫بذلك من أهل مططذهبنا شططافعي المططذهب أقططول لططه قططد ثبططت فططي‬
‫صحيح مسلم أنه صلى الله عليه وسلم لم يقرأ في الصططلة بسططم‬
‫الله الرحمن الرحيم وأنت ل تصحح الصلة بططدون البسططملة وثبططت‬
‫في الصحيحين أنه صلى الله عليه وسططلم قططال إنمططا جعططل المططام‬
‫ليؤتم به فل تختلفوا عليه فإذا ركع فاركعوا وإذا رفع فططارفعوا وإذا‬
‫قال سمع الله لمن حمده فقولوا ربنا لك الحمد وإذا صلى جالسططا‬
‫فصلوا جلوسا أجمعون وأنت إذا قال المام سمع الله لمن حمططده‬
‫تقول سمع الله لمن حمده مثله وإذا صلى جالسا لعذر وأنت قادر‬
‫تصلي خلفطه قائمططا ل جالسطا‪ .‬وثبططت فططي الصطحيحين فطي حطديث‬
‫التيمم إنما يكفيك أن تقول بيططديك هكططذا ثططم ضططرب بيططديه ضططربة‬
‫واحدة ومسح الشمال على اليمين وظاهر كفيططه ووجهططه وأنططت ل‬
‫تكتفي في التيمم بضربة واحدة ول بالمسح إلى الكططوعين فكيططف‬
‫خالفت الحاديث التي تثبتت في الصططحيحين أو أحططدهما فلبططد إن‬
‫كانت عنده رائحة من العلم أن يقول قامت أدلططة أخططرى معارضططة‬
‫لهذه فقدمت عليها‪ .‬فأقول له وهططذا مثلططه ل يحتططج عليططه إل بهططذه‬
‫الطريقططة فإنهططا ملزمططة لططه ولمثططاله‪ .‬وإن كططان المجططادل مططالكي‬
‫المذهب أقول له قد ثبت في الصططحيحين البيعططان بالخيططار مططا لططم‬
‫يتفرقا وأنت ل تثبت خيار المجلس وثبطت فطي صطحيح مسطلم أنطه‬
‫صلى الله عليه وسلم توضأ ولم يمسح كل رأسه وأنت توجب في‬
‫الوضوء مسح كططل الططرأس فكيططف خططالفت مططا ثبططت فططي الصططحيح‬
‫فيقول قامت أدلة أخرى معارضططة لططه فقططدمت عليططه‪ .‬فططأقول لططه‬
‫وهذا مثله‪ .‬وإن كان المجادل حنفي المذهب أقول له قد ثبت في‬
‫الصحيح إذا ولغ الكلب فططي إنططاء أحططدكم فليغسططله سططبعا وأنططت ل‬
‫تشرط في النجاسة الكلبية سبعا وثبططت فططي الصططحيحين ل صططلة‬
‫لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب وأنت تصحح الصلة بدونها وثبططت فططي‬
‫الصحيحين ثم ارفع حتى تعتدل قائما وأنططت تصططحح الصططلة بططدون‬

‫‪277‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الطمأنينة في العتدال وصح في الحديث إذا بلغ المططاء قلططتين لططم‬
‫يحمل خبثا وأنت ل تعتبر القلتين وصح فططي الصططحيحين أنططه صططلى‬
‫الله عليطه وسطلم بطاع المطدبر وأنطت ل تقطول بطبيع المطدبر فكيطف‬
‫خططالفت هططذه الحططاديث الصططحيحة‪ .‬فيقططول قططامت أدلططة أخططرى‬
‫معارضططة لهططا تقططدمت عليهططا‪ .‬فططأقول لططه وهططذا مثلططه‪ .‬وإن كططان‬
‫المجادل حنبلي المذهب أقول له قد ثبت في الصحيحين من صام‬
‫يوم الشك فقد عصى أبا القاسم وثبططت فيهمططا ل تقططدموا رمضططان‬
‫بصوم يوم ول يومين وأنت تقول بصيام يوم الشك فكيف خططالفت‬
‫ما ثبت فططي الصططحيحين فيقططول قططامت أدلططة أخططرى معارضططة لططه‬
‫فقدمت عليه‪ .‬فأقول له وهذا مثله‪.‬‬
‫هذا أقرب ما يقرب به لذهان الناس اليوم‪ .‬وإن كان المجادل‬
‫ممن يكتب الحديث ول فقه عنططده يقططال لططه قططد قططالت القططدمون‬
‫المحدث بل فقه كعطار غير طبيب فالدوية حاصلة فططي دكططانه ول‬
‫يدري لماذا تصلح والفقيه بل حديث كطبيب ليس بعطار يعرف ما‬
‫تصلح له الدوية إل أنها ليست عنده‪.‬‬
‫وإني بحمد الله قططد اجتمططع عنططدي الحططديث والفقططه والصططول‬
‫وسائر اللت من العربية والمعاني والبيان وغير ذلك فأنططا أعططرف‬
‫كيف أتكلم وكيف أقول وكيف استدل وكيططف ارجططح وأمططا أنططت يططا‬
‫أخي وفقني الله وإياك فل يصلح لك ذلك لنك ل تططدري الفقططه ول‬
‫الصول ول شيئا من اللت والكلم فططي الحططديث والسططتدلل بططه‬
‫ليس بالهين ول يحل القدام على التكلم فيه لمن لططم يجمططع هططذه‬
‫العلوم فاقتصر على ما آتاك الله وهو أنك إذا سططئلت عططن حططديث‬
‫تقول ورد أو لم يرد وصححه الحفاظ وحسنوه وضططعفوه ول يحططل‬
‫لك في الفتاء سوى هذا القدر وخل ما عدا ذلك لهله‪:‬‬
‫ل تحسب المجد تمرا أنت آكله * لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبرا‬
‫وثم أمر آخر أخططاطب بططه كططل ذي مططذهب مططن مقلططدي المططذاهب‬
‫الربعة وذلططك أن مسططلما روى فططي صططحيحه عططن ابططن عبططاس أن‬
‫الطلق الثلث كان يجعل واحدة في عهد رسول اللططه صططلى اللططه‬
‫عليه وسلم وأبي بكر وصدرا من أمارة عمر‪ .‬فأقول لكططل طططالب‬
‫علم هل تقول أنت بمقتضى هططذا الحططديث وأن مططن قططال لزوجتططه‬
‫أنت طالق ثلثا تطلق واحدة فقططط فطإن قطال نعطم أعرضطت عنطه‬
‫وإن قال ل أقول له فكيف تخالف ما ثبت في صحيح مسططلم فططإن‬
‫قال لما عارضه أقول له فاجعل هذا مثلططه والمقصططود مططن سططياق‬

‫‪278‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫هذا كله أنه ليس كططل حططديث فططي صططحيح مسططلم يقططال بمقتضططاه‬
‫لوجود المعارض له‪.‬‬
‫)المسلك الثالث(‪ :‬أن الله أحيا له أبططويه حططتى آمنططا بططه‪ .‬وهططذا‬
‫المسلك مال إليططه طائفططة كططثيرة مططن حفططاظ المحططدثين وغيرهططم‬
‫منهم ابن شاهين والحافظ أبو بكر الخطيططب البغططدادي والسططهيلي‬
‫والقرطططبي والمحططب الطططبري والعلمططة ناصططر الططدين بططن المنيططر‬
‫وغيرهططم واسططتدلوا لططذلك بمططا أخرجططه ابططن شططاهين فططي الناسططخ‬
‫والمنسوخ والخطيب البغدادي في السابق واللحق والدار قطنططي‬
‫وابن عساكر كلهما في غرائب مالطك بسطند ضطعيف عطن عائشطة‬
‫قالت حج بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة الططوداع فمططر‬
‫بي على عقبة الحجون وهو باك حزين مغتططم فنططزل فمكططث عنططي‬
‫طويل ثم عاد إلي وهو فرح مبتسم فقلططت لططه فقططال ذهبططت لقططبر‬
‫أمي فسالت الله أن يحييها فأحياها فططآمنت بططي وردهططا اللططه‪ .‬هططذا‬
‫الحططديث ضططعيف باتفططاق المحططدثين بططل قيططل إنططه موضططوع لكططن‬
‫الصواب ضعفه ل وضعه وقد ألفت فططي بيططان ذلططك جططزءا مفططردا‪،‬‬
‫وأورد السهيلي في الروض النف بسند قال أن فيه مجهولين عن‬
‫عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سططأل ربططه أن يحيططي‬
‫أبويه فأحياهما له فآمنا به ثم أماتهما‪ .‬وقال السهيلي بعططد إيططراده‬
‫الله قادر على كل شيء وليس تعجز رحمتططه وقططدرته عططن شططيء‬
‫ونبيه صلى الله عليه وسلم أهل أن يختططص بمططا شططاء مططن فضططله‬
‫وينعم عليه بما شاء من كرامتططه‪ .‬وقططال القرطططبي ل تعططارض بيططن‬
‫حديث الحياء وحديث النهي عن الستغفار فططإن إحياءهمططا متططأخر‬
‫عن الستغفار لهما بدليل حديث عائشططة أن ذلططك كططان فططي حجططة‬
‫الوداع ولذلك جعله ابن شاهين ناسخا لما ذكر من الخبططار‪ .‬وقططال‬
‫العلمة ناصر الدين بن المنيطر المططالكي فططي كتطاب المقتفطى فططي‬
‫شرف المصططفى قطد وقطع لنبينطا صطلى اللطه عليططه وسطلم إحيطاء‬
‫الموتى نظير ما وقططع لعيسططى بططن مريططم إلططى أن قططال وجططاء فططي‬
‫حديث أن النبي صلى اللططه عليططه وسططلم لمططا منططع مططن السططتغفار‬
‫للكفار دعا الله أن يحي لطه أبطويه فأحياهمطا لطه فآمنطا بطه وصطدقا‬
‫وماتا مؤمنين‪ .‬وقال القرطبي فضائل النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫لم تزل تتوالى وتتابع إلى حين مماته فيكون هذا ممططا فضططله اللططه‬
‫به وأكرمه قال وليس إحياؤهما وإيمانهما به يمتنع عقل ول شططرعا‬
‫فقد ورد في القرآن إحياء قتيل بني إسرائيل وإخباره بقاتله وكان‬

‫‪279‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫عيسططى عليططه السططلم يحيططي المططوتى وكططذلك نبينططا عليططه الصططلة‬
‫والسلم أحيا الله على يديه جماعة من الموتى قال وإذا ثبت هططذا‬
‫فما يمتنع من إيمانهمططا بعططد إحيائهمططا زيططادة كرامططة فططي فضططيلته‪.‬‬
‫وقال الحافظ فتح الدين بن سيد الناس في سيرته بعد ذكر قصططة‬
‫الحياء والحاديث الواردة في التعذيب وذكر بعض أهل العلم فططي‬
‫الجمع بين هططذه الروايططات مطا حاصطله أن النطبي صطلى اللطه عليطه‬
‫وسلم لم يزل راقيا في المقامات السططنية صططاعدا فططي الططدرجات‬
‫العلية إلى أن قبض الله روحه الطاهرة إليه وأزلفه بمططا خصططه بططه‬
‫لديه من الكرامة حين القططدوم عليططه فمططن الجططائز أن تكططون هططذه‬
‫درجة حصلت له صلى الله عليه وسلم بعد أن لم تكن وأن يكططون‬
‫الحياء واليمان متأخرا عن تلك الحاديث فل تعارض انتهططى‪ .‬وقططد‬
‫أشار إلى ذلك بعططض العلمططاء فقططال بعططد إيططراده خططبر حلمططه خططبر‬
‫حليمة وما أسره صلى الله عليه وسلم إليها حين قدومها عليه‪:‬‬
‫هذا جزاء الم عن إرضاعه * لكن جزاء الله عنه عظيم‬
‫وكذاك أرجو أن يكون لمه * عن ذاك آمنة يد ونعيم‬
‫ويكون أحياها الله وآمنت * بمحمد فحديثها معلوم‬
‫فلربما سعدت به أيضا كما * سعدت به بعد الشقاء حليم‬
‫وقال الحافظ شمس الدين بن ناصر الدين الدمشططقي فططي كتططابه‬
‫المسططمى مططورد الصططادي فططي مولططد الهططادي بعططد إيططراد الحططديث‬
‫المذكور منشدا لنفسه‪:‬‬
‫حبا الله النبي مزيد فضل * على فضل وكان به رؤوفا‬
‫فأحيا أمه وكذا أباه * ليمان به فضل لطيفا‬
‫فسلم فالقديم بذا قدير * وإن كان الحديث به ضعيفا‬
‫)خاتمة( وجمططع مططن العلمططاء لططم تقططو عنططدهم هططذه المسططالك‬
‫فأبقوا حديثي مسلم ونحوهما على ظاهرهما من غير عدول عنهططا‬
‫بدعوى نسخ ول غيره ومع ذلك قالوا ل يجوز لحد أن يططذكر ذلططك‪.‬‬
‫قال السهيلي في الروض النف بعد إيراده حططديث مسططلم وليططس‬
‫لنا نحن أن نقول ذلك في أبويه صلى الله عليططه وسططلم لقططوله "ل‬
‫تؤذوا الحياء بسب الموات" وقال تعطالى )إن الطذين يطؤذون اللطه‬
‫ورسوله( اليططة‪ .‬وسططئل القاضططي أبططو بكططر بططن العربططي أحططد أئمططة‬
‫المالكية عن رجل قال أن أبا النططبي صططلى اللططه عليططه وسططلم فططي‬
‫النار‪ .‬فأجاب بأن من قال ذلك فهو ملعون لقوله تعالى )إن الذين‬
‫يؤذون الله ورسوله لعنهم الله فططي الططدنيا والخططرة( قططال ول أذى‬

‫‪280‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫أعظم من أن يقال عن أبيه إنه في النار‪ .‬ومن العلماء مططن ذهططب‬
‫إلى قول خامس وهو الوقف‪ ،‬قال الشيخ تاج الدين الفاكهاني في‬
‫كتابه الفجر المنير الله أعلم بحال أبويه‪ .‬وقال الباجي فططي شططرح‬
‫الموطأ قال بعض العلماء‪ :‬أنه ل يجوز أن يؤذي النططبي صططلى اللططه‬
‫عليه وسلم بفعل مباح ول غيره‪ ،‬وأما غيره من النططاس فيجططوز أن‬
‫يؤذي بمباح وليس لنا المنع منه ول يأثم فاعططل المبططاح وأن وصططل‬
‫بذلك أذى إلى غيره قال ولذلك قال النبي صلى الله عليططه وسططلم‬
‫إذ أراد علي بن أبي طالب أن يتزوج ابنة أبططي جهططل إنمططا فاطمططة‬
‫بضعة مني وإني ل احرم ما أحل اللططه ولكططن واللططه ل تجتمططع ابنططة‬
‫رسول الله وابنة عدو الله عند رجل أبدا فجعل حكمهما في ذلططك‬
‫أنه ل يجوز أن يططؤذى بمبططاح واحتططج علططى ذلططك بقططوله تعططالى )إن‬
‫الططذين يططؤذون اللططه ورسططوله لعنهططم اللططه( اليططتين فشططرط علططى‬
‫المؤمنين أن يؤذوا بغير ما اكتسبوا وأطلق الذى في خاصة النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم من غير شرط انتهى‪ .‬واخططرج ابططن عسططاكر‬
‫في تاريخه من طريق يحيى بططن عبططد الملططك بططن أبططي أغنيططة قططال‬
‫حدثنا نوفل بن الفرات وكان عامل لعمر بن عبد العزيز قططال كططان‬
‫رجل من كتاب الشام مأمونططا عنططدهم اسططتعمل رجل علططى كططورة‬
‫الشام وكان أبوه يزن بالمنانيططة فبلططغ ذلططك عمططر بططن عبططد العزيططز‬
‫فقططال مططا حملططك علططى أن تسططتعمل رجل علططى كططورة مططن كططور‬
‫المسلمين كان أبوه يزن بالمنانية قال أصلح اللططه أميططر المططؤمنين‬
‫وما على كان أبوه النبي صلى الله عليه وسلم مشركا فقال عمر‬
‫آه ثم سكت ثم رفع رأسه فقال أأقطع لسانه أأقطططع يططده ورجلططه‬
‫أأضرب عنقه ثم قال ل تلى لطي شططيئا مططا بقيططت‪ .‬وقططد سططئلت أن‬
‫أنظم في هذه المسالة أبياتا أختم بها هذا التأليف فقلت‪:‬‬
‫إن الذي بعث النبي محمد * أنجى به الثقلين مما يجحف‬
‫ولمه وأبيه حكم شائع * أبداه أهل العلم فيما صنفوا‬
‫فجماعة أجروهما مجرى الذي * لم يأته خبر الدعاة المسعف‬
‫والحكم فيمن لم تجئه دعوة * أن ل عذاب عليه حكم يؤلف‬
‫فبذاك قال الشافعية كلهم * والشعرية ما بهم متوقف‬
‫وبسورة السراء فيه حجة * وبنجو ذا في الذكر آى تعرف‬
‫ولبعض أهل الفقه في تعليله * معنى أرق من النسيم وألطف‬
‫ونحا المام الفخر رازي الورى * منحى به للسامعين تشنف‬
‫إذ هم على الفطر التي ولدوا ولم * يظهر عناد منهم وتخلف‬

‫‪281‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫قال الولى ولدوا النبي المصطفى * كل على التوحيد إذ يتحنف‬
‫من آدم لبيه عبد الله ما * فيهم أخو شرك ول مستنكف‬
‫فالمشركون كما بسورة توبة * نجس وكلهم بطهر يوصف‬
‫وبسورة الشعراء فيه تقلب * في الساجدين فكلهم متحنف‬
‫هذا كلم الشيخ فخر الدين في * أسراره هطلت عليه الذرف‬
‫فجزاه رب العرش خير جزائه * وحباه جنات النعيم تزخرف‬
‫فلقد تدين في زمان الجاهلية * فرقة دين الهدى وتحنفوا‬
‫زيد بن عمر وابن نوفل هكذا * الصديق ما شرك عليه يعكف‬
‫قد فسر السبكي بذاك مقالة * للشعري وما سواه مزيف‬
‫إذ لم تزل عين الرضا منه على * الصديق وهو بطول عمر أحنف‬
‫عادت عليه صحبة الهادي فما * في الجاهلية بالضللة يقرف‬
‫فلمه وأبوه أحرى سيما * ورأت من اليات ما ل يوصف‬
‫وجماعة ذهبوا إلى إحيائه * أبويه حتى آمنا ل خوفوا‬
‫وروى ابن شاهين حديثا مسندا * في ذاك لكن الحديث مضعف‬
‫هذي مسالك لو تفرد بعضها * لكفى فكيف بها إذا تتألف‬
‫وبحسب من ل يرتضيها صمته * أدبا ولكن أين من هو منصف‬
‫صلى الله على النبي محمد * ما جدد الدين الحنيف محنف‬
‫)حديث متعلق بهما( قال البيهقي فططي شططعب اليمططان أخبرنططا‬
‫أبو الحسين بن بشران أنا أبو جعفر الرزاز ثنا يحيى بن جعفططر أنططا‬
‫زيد بن الحباب أنا يس بن معاذ ثنا عبد الله بن قريد عن طلق بن‬
‫علي قال سمعت رسول اللططه صططلى اللططه عليططه وسططلم يقططول لططو‬
‫أدركت والدي أو أحدهما وأنا في صططلة العشططاء وقططد قططرأت فيهططا‬
‫بفاتحة الكتاب تنادي يا محمد لجبتها لبيك‪ .‬قال البيهقي‪ :‬يس بططن‬
‫معاذ ضعيف‪.‬‬
‫)فائدة( قال الزرقي في تاريخ مكططة حططدثنا محمططد بططن يحيططى‬
‫عن عبد العزيز بن عمران عن هشام بن عاصم السلمي قال لما‬
‫خرجت قريش إلى النبي صلى الله عليططه وسططلم فططي غططزوة أحططد‬
‫فنزلوا بالبواء قالت هند ابنة عتبة لبي سفيان بن حرب لو بحثتم‬
‫قبر آمنة أم محمد فإنه بالبواء فإن اسر أحططدكم افتططديتم بططه كططل‬
‫إنسان بارب مطن أرابهطا فطذكر ذلطك أبطو سطفيان لقريطش فقطالت‬
‫قريش ل تفتح علينا هذا الباب إذا تبحث بنو بكر موتانا‪.‬‬
‫)فائدة( من شعر عبد الله والد رسول اللططه صططلى اللططه عليططه‬
‫وسلم أورده الصلح الصفدي في تذكرته‪:‬‬

‫‪282‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫لقد حكم السارون في كل بلدة * بأن لنا فضل على سادة الرض‬
‫وإن أبي ذو المجد والسؤدد الذي * يشار به ما بين نشر إلى‬
‫خفض‬
‫وجدي وآباء له اثلوا العل * قد يما بطيب العرق والحسب المحض‬
‫)فائدة( قال المام موفق الدين بن قدامه الحنبلي في المقنع‬
‫ومن قذف أم النبي صلى الله عليططه وسططلم قتططل مسططلما كططان أو‬
‫كافرا‪.‬‬

‫الفتاوى المتعلقة بالتصوف‬


‫مسألة ‪ -‬فيما نقله الحافظ أبو نعيم في الحلية عن أبططي عبططد‬
‫الله محمد بن الوراق لما سئل عن أشياء فعد ّ منها بططان قططال مططن‬
‫اكتفى بالفقه دون الزهد يفسق فمططا معنططى ذلططك ومططا هططو الزهططد‬
‫الذي يكتفي بالفقه دونه وهل الفقيه إذا اكتفى بالفقه وخططرج مططن‬
‫الخلف هل يعد هذا من الزهد الذي عناه الشيخ هنا‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬هططذا كلم رجططل صطوفي تكلططم بحسطب مقططامه فططإن‬
‫الخواص يطلقون لفظ الكفر والفسق على مططا ل يطلقططه الفقهططاء‬
‫كما قال بعض السلف حسنات البططرار سططيئات المقربيططن فططأطلق‬
‫ي مقططامهم كمططا قططال ابططن‬‫على الحسنات سيئات بالنسبة إلى عل ط ّ‬
‫الفارض رضي الله عنه‪:‬‬
‫وإن خطرت لي في سواك إرادة * على خاطري سهوا قضيت‬
‫بردتي‬
‫ومعلوم أن هذا ليس بردة حقيقية‪ ،‬ومن هذا النمط قول الصوفية‬
‫إن الغيبة تفطر الصائم فكططل هطذا مطن طريقططة الخطواص يلزمططون‬
‫أنفسهم بما ل يلزم العامة‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬في جماعة صوفية اجتمعوا في مجلططس ذكططر ثططم إن‬
‫شخصا من الجماعة قام من المجلس ذاكططرا واسططتمر علططى ذلططك‬
‫لوارد حصل له فهل له فعل ذلك سططواء كططان باختيططاره أم ل وهططل‬
‫لحد منعه وزجره عن ذلك‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬ل إنكار عليه في ذلك‪ .‬وقد سئل عططن هططذا السططؤال‬
‫بعينه شيخ السلم سراج الدين البلقيني فأجاب بأنه ل إنكار عليططه‬
‫في ذلك وليس لمانع التعدي بمنعه ويلزم المتعدى بذلك التعزيططر‪.‬‬
‫وسئل عنه العلمة برهان الدين البناسي فأجاب بمثططل ذلططك وزاد‬
‫أن صاحب الحال مغلوب والمنكر محروم ما ذاق لذة التواجططد ول‬

‫‪283‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫صفا له المشروب إلى أن قال في آخر جوابه وبالجملة فالسلمة‬
‫في تسليم حال القوم‪ .‬وأجاب أيضا بمثل ذلك بعض أئمة الحنفيططة‬
‫والمالكيططة كلهططم كتبططوا علططى هططذا السططؤال بالموافقططة مططن غيططر‬
‫مخالفة‪ .‬أقول وكيف ينكر الذكر قائما والقيام ذاكرا وقد قال اللططه‬
‫تعالى )الذين يذكرون الله قيامططا وقعططودا وعلططى جنططوبهم( وقططالت‬
‫عائشة رضي الله عنها كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الله‬
‫على كل أحيانه‪ ،‬وإن انضم إلى هذا القيام رقص أو نحوه فل إنكار‬
‫عليهم فذلك من لذات الشهود أو المواجيد وقد ورد فططي الحططديث‬
‫رقص جعفر بن أبي طالب بين يدي النبي صلى الله عليططه وسططلم‬
‫لما قال له أشبهت خلقي وخلقي وذلك من لذة هذا الخطاب ولم‬
‫ينكر ذلك عليه النبي صلى الله عليه وسلم فكططان هططذا أصططل فططي‬
‫رقص الصوفية لما يدركونه من لذات المواجيططد وقططد صططح القيططام‬
‫والرقص في مجالس الذكر والسماع عن جماعة من كبططار الئمططة‬
‫منهم شيخ السلم عز الدين بن عبد السلم‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬في قططول الشططيخ أبططي العبططاس المرسططي فططي حزبططه‬
‫إلهي معصيتك نادتني بالطاعططة وطاعتططك نططادتني بالمعصططية ففططي‬
‫أيهما أخافك وفي أيهما أرجوك أن قلت بالمعصية قابلتني بفضلك‬
‫فلم تدع لي خوفا وإن قلت بالطاعة قابلبتني بعدلك فلم تدع لططي‬
‫رجاء فليت شعري كيف أرى إحساني مع إحسانك أم كيف أجهططل‬
‫فضلك مع عصططيانك ق ج سططران مططن سططرك وكلهمططا دالن علططى‬
‫غيرك فبالسر الجامع الدال عليك ل تدعني لغيرك إنططك علططى كططل‬
‫شيء قدير‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬حسبما ظهر قوله إلهططي معصططيتك نططادتني بالطاعططة‬
‫يعني لما يتسبب عنها من الندم والخوف والنكسار والذل ورجططاء‬
‫التوبططة والعططتراف بالتقصططير ونططزول المرتبططة‪ ،‬وطاعتططك نططادتني‬
‫بالمعصية لما قد ينشأ عنها من اضداد ذلك ومن مخالطططة العجططب‬
‫والرياء وفي معنى ذلك ما أخرجه أبو الشيخ بن حبططان فططي كتططاب‬
‫الثواب عن كليب الجهني عن النبي صطلى اللطه عليطه وسطلم قطال‬
‫قال الله عز وجل لول أن الذنب خير لعبدي المططؤمن مططن العجططب‬
‫ما خليت بين عبدي المؤمن وبين الذنب‪ .‬وما أخرجه الديلمي فططي‬
‫مسند الفردوس من حديث أبي هريطرة مرفوعططا لطول أن المطؤمن‬
‫يعجب بعمله لعصم من الذنب حتى ل يهم به ولكن الذنب خير له‬
‫من العجب‪ .‬وما أخرجه أبو نعيططم وغيططره مططن حططديث أنططس وأبططي‬

‫‪284‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫سعيد مرفوعا لو لم تكونوا تذنبون لخفت عليكم ما هو أكططبر مططن‬
‫ذلك العجب العجب‪ .‬وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب الوليططاء وأبططو‬
‫نعيم في الحلية من حديث أنس عن النبي صلى الله عليططه وسطلم‬
‫عن جبريططل يقططول اللططه وإن مططن عبططادي المططؤمنين لمططن يسططألني‬
‫الباب من العبادة فأكفه إن ل يدخله عجب فيفسده ذلططك ‪ -‬ذكططره‬
‫فططي أثنططاء حططديث طويططل‪ .‬وأيضططا فالطاعططة قططد تكططون مذمومططة‬
‫لنقصانها بتخلف أمور ينبغي أن ل يتخلطف عنهطا كالطذكر ينبغطي أن‬
‫يقارنه حضور القلب ولهذا قال بعض الولياء استغفارنا يحتاج إلى‬
‫استغفار وكالمر بالمعروف والنهي عن المنكططر ينبغططي أن يقططارنه‬
‫الئتمار والنتهاء ولهطذا قطال تعطالى فطي معطرض النكطار والتوبيطخ‬
‫)أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم ( في أحططاديث كططثيرة فططي‬
‫ذم من أمر بالمعروف ولم يأتمر به ونهططى عططن المنكططر ولططم ينتططه‬
‫عنه وكالصلة ينبغي أن تكون ناهيططة عططن الفحشططاء والمنكططر كمططا‬
‫وصططفها اللططه تعططالى بططذلك وكالصططوم ينبغططي أن ينططزه عططن الغيبططة‬
‫ونحوها كما قال عليه الصططلة والسططلم مططن لططم يططدع قططول الططزور‬
‫والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشططرابه إلططى غيططر‬
‫ذلك من أفراد الطاعات الططتي ل تحمططد مططا لططم تبلططغ رتبططة الكمططال‬
‫وتخلص من شوائب النقصططان‪ .‬قططوله إن قلططت بالمعصططية قططابلتني‬
‫بفضلك أي ذكرتني فضلك وسعة رحمتك ومغفرتك فلططم تططدع لططي‬
‫خوفا وفتحت لي أبواب الرجططاء‪ ،‬فططي الحططديث لططول أنكططم تططذنبون‬
‫لجاء الله بقوم يذنبون فيستغفرون فيغفر لهم إلى غيططر ذلططك مططن‬
‫الحاديث في هذا المعنى‪ .‬قوله وإن قلت بالطاعة قابلتني بعططدلك‬
‫أي ذكرتني ما لي من الذنوب وما في طاعتي من التقصططير الططذي‬
‫يكاد أن يمنعها من العتداد بها فضل عن تكفير الخواتم‪ .‬قوله فلم‬
‫تدع لي رجاء لتساع الخططوف حينئذ علططي ‪ -‬فططي الحططديث أن رجل‬
‫يجر على وجهه من يوم ولد إلى أن يموت هرما في مرضات الله‬
‫لخفره يوم القيامة‪ .‬قططوله فليططت شططعري كيططف أرى إحسططاني مططع‬
‫إحسانك أي كيف أعده إحسانا يسططتوجب الجططزاء مططع أن أقططداري‬
‫عليه إحسان منك ونعمططة تسططتوجب الشططكر والمزيططد فططي العمططل‬
‫وكل ما وقع مني شيء من ذلك فالمر فيه كذلك وهلططم جططرا مططع‬
‫مزيد الحسان وجزيل الفضططال الخططارج عططن ذلططك وهططذه الجملططة‬
‫تناسب جملة الخوف‪ .‬قوله أم كيف أجهل فضلك بالحلم والمهال‬
‫والنعام مع عصياني لك وهذه الجملة تناسب جملة الرجاء‪ .‬قططوله‬

‫‪285‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫ق ج سران من سرك الظاهر والله أعلم أنه أخذ هططذين الحرفيططن‬
‫من وصفين من صفاته تعالى كما هو رواية عططن ابططن عبططاس فططي‬
‫أوائل السور آلم‪ .‬وطس‪ .‬وق‪ .‬ون‪ .‬وص أنها حروف مقطعططة مططن‬
‫أسططماء اللططه تعططالى‪ ،‬وفططي روايططة أنهططا مططن السططم العظططم وعططن‬
‫الشعبي أنها من أسرار الله تعالى فالقططاف مططأخوذة مططن قططدير أو‬
‫مقتدر والجيم من جواد وكلهما مناسبان لمططا تقططدم مططن الخططوف‬
‫والرجاء فالخوف يناسبه القدرة أو القتدار والرجاء يناسبه الجود‪.‬‬
‫قوله وكلهما دالن على غيرك يحتمل أمريططن أحططدهما أن المططراد‬
‫لهما تعلق بالغير فإن القدرة تتعلق بمقدور والقتدار بمقدور عليه‬
‫والجططود بمتفضططل عليططه‪ .‬الثططاني‪ :‬أن المططراد أنططه يجططوز شططرعا أن‬
‫يوصف بهما غيره تعالى وأن يطلقا عليه ولذا قططال عقبططه فبالسططر‬
‫الجامع الدال عليك أي بالسم الخاص بك وهو اللططه فططإنه ل تعلططق‬
‫له بالغير ول يجوز أن يسمى به غيره تعالى وهططو السططم العظططم‬
‫فيما روى عن غير واحد من السلف وهو الدال علططى الططذات وهططو‬
‫الجامع لجميع الصفات بخلف سائر السماء فإنها خاصة بالوصططف‬
‫بمدلولها‪ .‬قوله ل تدعني لغيرك بل اجعلنططي لططك عبططادتي ودعططائي‬
‫وخوفي ورجائي وتوجهي وحركططاتي وسططكناتي‪ .‬هططذا مططا ظهططر ثططم‬
‫رأيت بعد ذلك كلما للشهاب أحمد بن عبد الواحد بن الميلق على‬
‫هذا الفصل قال قول الستاذ يعني أبا العباس المرسي رضي الله‬
‫عنه إلهي معصيتك نادتني بالطاعة يحتمططل واللططه أعلططم أن يكططون‬
‫مشيرا إلى أنه سبق تعلق علمططك بهطا وقطدرتك بإيجادهططا وإرادتطك‬
‫بتخصيصططها فتعيططن وجودهططا علططى حسططب تعلططق العلططم والقططدرة‬
‫والرادة تعيينا لزوميا للعبد ضرورة بطلن تعلق العلم وتبدله جهل‬
‫وتعلق القدرة وتبدلها عجزا وتعلق الرادة وتبدلها قسرا فليس إل‬
‫وقوع هذا المقتضى على حسب سابق القضاء فإني يمكططن العبططد‬
‫الحول عنها ووقوعها منططه حتمططا عططدل مططن القهططار ل ظلمططا فلهططذا‬
‫كططانت مناديططة عليططه بالطاعططة أي بالططدخول تحططت مجططاري القهططر‬
‫استسلما للقهار كما قال جل وعل )ثم استوى إلى السططماء وهططي‬
‫دخان فقال لها وللرض إئتيطا طوعطا أو كرهطا قالتطا أتينطا ططائعين(‬
‫فهذه الطاعة المشار إليها في كلم الستاذ واللططه أعلططم‪ .‬وسططيأتي‬
‫بيان أنها مجاز في تلو هذا الكلم‪ .‬وقوله رضي الله عنه وطاعتططك‬
‫نادتني بالمعصية يحتمل والله أعلم أن يكون مشيرا إلى ما سططبق‬
‫تعلق العلم والقدرة والرادة كما ذكرنططا بططدأ بالطاعططة الططتي جططرت‬

‫‪286‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫على يد العبد فكان الحق وقوعها والباطل امتناعها لما تقدم بيانه‬
‫هذا مع أن العبد يرى أنه قد أطاع وما خالف فيكططون مناديططا علططى‬
‫نفسططه بلسططان حططال رؤيتططه طططاعته مططوله بططدعوى القططدرة علططى‬
‫المخالفة في حال الطاعة حقيقططة فعططدل عططن المخالفططة للطاعططة‬
‫فأطاع وإذا كططان بهططذه الحالططة فططي حططال جريططان الفضططل المقططدر‬
‫المسمى بالطاعة فهو في عين المعصية فتبين من هنططا أن نسططبة‬
‫الطاعة له مجاز كنسبتها للسموات والرض وقد فهططم الغططرض إن‬
‫شاء الله ومن هذا الموطن يفهم معنى قوله عز وجل لسيد خلقه‬
‫عليه أفضل الصلة والسلم )ليس لططك مططن المططر شططيء( وقططوله‬
‫تعالى أيضا لططه صططلى اللططه عليططه وسططلم )وإليططه يرجططع المططر كلططه‬
‫فاعبده وتوكل عليه( ثم قال ففي أيهما أخافك وفي أيهما أرجططوك‬
‫إن قلت بالمعصية قططابلتني بفضططلك فلططم تططدع لططي خوفططا أو قلططت‬
‫بالطاعة قابلتني بعد ذلك فلم تدع لي رجططاء يريططد واللططه أعلططم إن‬
‫رأيت معصيتي لك مني من حيث الدب الشرعي قام الخوف بططي‬
‫ي بإشهادي الحقيقططة مططن لططدنك‬ ‫منك فأطفأه وارد الفضل منك عل ّ‬
‫)ولو شئنا لتينا كل نفس هداها( فينزهق الخوف هنا‪ .‬وقوله رضي‬
‫الله عنه وأن قلت بالطاعة قابلتني بعدلك فلم تدع لي رجاء يريططد‬
‫والله أعلم وأن رأيت طاعتي مني لك من حيث النسب الشططرعي‬
‫ي بإشهادي الحقيقة من‬ ‫قام الرجاء بي فأفناه وارد العدل منك عل ّ‬
‫لدنك )وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة سبحان الله‬
‫وتعالى عما يشركون( وإذ قد تقرر هذا فلتعلم أن للفضل تعلقات‬
‫وللعدل تعلقططات وكلهمططا دالن علططى غنططاه عططن كططل شططيء فمططن‬
‫تعلقات فضله مططا يعامططل بططه مططن عصططاه مططن سططتر وبططر وعطططف‬
‫ولطف وحنان وإحسان وجود وبسط يد الرحمة للعاصي مططن غيططر‬
‫حدود‪ .‬ومن متعلقات عدله ما يعامل به من إطاعه من قبض فططي‬
‫الرزق ودحوض بين الخلططق وضططعف فططي الجسططد وقلططة حططظ فططي‬
‫الهل والمال والبلد والخوان والخدان والولططد‪ .‬وإذ قططد تططبين هططذا‬
‫فاعلم أن مقابلة العاصي بأثر من آثار الفضططل فططي حططال عصططيانه‬
‫ربما يزيل عنه الخوف ومقابلة الطططائع بططأثر مططن آثططار العططدل فططي‬
‫حال طاعته ربما يزيل عنه الرجاء وذلك لنه ل بد له من ورود أثر‬
‫الفضل على سلمة العاقبة ول بد لططه مططن ورود أثططر العططدل علططى‬
‫عطب العاقبة وإذا كان المر كذلك وقع البهام على الخلق فجططاء‬
‫المراد بقوله تعالى )وإليه يرجع المر كلططه فاعبططده وتوكططل عليططه(‬

‫‪287‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫وهو رؤية الشياء منه حقيقة مع التبرى مططن الحططول والقططوة منهططا‬
‫حقيقططة ورد الشططياء اللئقططة بالنسططب للعبططاد كسططبا شططريعة مططع‬
‫النسلخ عن لحوظ الحظوظ توكل عليه واستسلما إليه وفناء لططه‬
‫بين يططديه وهططذا مقتضططى العبوديططة والعبططادة فططي ضططمن مططا أشططار‬
‫الستاذ إليه حسب فهمي عنه في هذا القول والله أسأل المغفرة‬
‫وهو حسبي ونعم الوكيل‪.‬‬
‫ثم بعد مدة رأيت فائدة‪:‬‬
‫لقد رمز الشياخ سرا مكتما * عن القاف لم يبدوا لها أبدا حل‬
‫يقولون عند القاف قف لترى الذي * أردناه ل تبغى به بدل أصل‬
‫وسئل عن ذلك الشيخ عبد السلم البغدادي فأجاب‪:‬‬
‫يريدون قاف الرق يا ذا النهى فكن * بمقصودهم كي تدرك العلم‬
‫والفضل‬
‫ففي الخبر المشهور هم يزعمون من * عرف نفسه فهو الذي‬
‫عرف المولى‬
‫عرفها برق وانكسار وذلة * وخالقه رب له المثل العلى‬
‫وقد جاء في نص القرآن دليلهم * هي المبتغى من خلقه حقق‬
‫النقل‬
‫بآخر آي الذاريات تراهم * بتأويلهم كي يعرفوا حبذا وصل‬
‫تلثمائة علم لمن شاء فهمها * من الراء والقاف الله اجعل الصل‬
‫منازل سير السالكين تعدها * بأقسام عشر فاجعلن مائة عدل‬
‫فأولها باب النابة يا فتى * وآخرها التوحيد والمطلب العلى‬
‫ثلث علوم من طباق أتى بها * هو الشيخ عبد الله جاد بها نقل‬
‫ص‬
‫عوام خواص ثم خاص خواصها * فكن أوحديا عارفا راتعا فحل‬
‫فهذا جواب من فقير محصل * وطالب فهم الهم الرمز والحل‬
‫ومولده دار السلم واسمه * بعبد السلم مصركم نازل حل‬
‫إلى العالم النحرير نعمان ينتمي * إمام الهدى والفقه كم مشكل‬
‫حل‬
‫وأجاب سيدي محمد بن سلطان العزى رحمه الله تعالى ونفعنا‬
‫الله ببركاته‪:‬‬
‫أيا سائل عن سر رمز مكتم * توقف فذا قاف غدا فاؤه أصل‬
‫يشير بمحمول لعين وحاؤه * بموضع مبسوط له موردا أصل‬
‫وكبراه قد أبدى نتيجة داله * وصغراه محذور لقد حقق الوصل‬

‫‪288‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫هيولؤه وافي بشكل مثمن * وتسديس ذاك الشكل جهرا لقد‬
‫أملى‬
‫وآخره جيم فراء أبا وجها * حضيض لصاد سينه حرر النقل‬
‫فهذا جواب من فقير جويهل * مسيء جريء أكثر النوم والكل‬
‫دعى بابن سلطان محمد في الورى * وخادم فتى كيلن ذي‬
‫النسب العلى‬

‫القول الشبه‬
‫في حديث "من عرف نفسه فقد عرف ربه"‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫الحمد لله وسلم على عباده الذين اصطططفى‪ .‬وبعططد فقططد كطثر‬
‫السؤال عن معنى الحديث الذي اشتهر على اللسططنة مططن عططرف‬
‫نفسه فقد عرف ربه وربما فهم منه معنى ل صحة له وربما نسبه‬
‫إلى قوم أكابر فرقمت في هذه الكراسططة مططا يططبين الحططال ويزيططل‬
‫الشكال وفيه مقالن‪:‬‬
‫المقال الول‪ :‬إن هذا الحديث ليططس بصططحيح وقططد سططئل عنططه‬
‫النووي في فتاويه فقال أنه ليططس بثططابت وقططال ابططن تيميططة وقططال‬
‫الزركشي ص في الحاديث المشططتهرة ذكططر ابططن السططمعاني أنططه‬
‫من كلم يحيى بن معاذ الرازي‪.‬‬
‫المقال الثاني في معناه‪ :‬قال النووي في فتططاويه‪ :‬معنططاه مططن‬
‫عرف نفسه بالضعف والفتقار إلى الله والعبوديططة لططه عططرف ربططه‬
‫بالقوة والربوبية والكمال المطلق والصفات العلى‪ .‬وقططال الشططيخ‬
‫تاج الدين بن عطاء اللططه فططي لطططائف المنططن سططمعت شططيخنا أبططا‬
‫العباس المرسي يقول في هذا الحططديث تططأويلن أحططدهما أي مططن‬
‫عرف نفسه بذلها وعجزها وفقرها عرف الله بعزه وقدرته وغنططاه‬
‫فتكون معرفة النفس أول ثم معرفة الله من بعد والثططاني أن مططن‬
‫عرف نفسه فقد دل ذلك منه على أنه عرف الله من قبل فالول‬
‫حال السالكين والثاني حال المجذوبين‪ .‬وقطال أبطو ططالب المكطي‬
‫في قوت القلطوب معنططاه إذا عرفطت صططفات نفسطك فططي معاملطة‬
‫الخلق وأنك تكره العتراض عليك في افعالك وأن يعاب عليك مططا‬
‫تصنعه عرفت منها صفات خالقك وأنه يكره ذلططك فططارض بقضططائه‬
‫وعامله بما تحب أن تعامل به‪ .‬وقال الشيخ عز الدين قد ظهر لي‬

‫‪289‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫من سر هذا الحديث ما يجب كشططفه ويستحسططن وصططفه وهططو أن‬
‫الله سبحانه وتعالى وضع هطذه الطروح الروحانيطة فطي هطذه الجثطة‬
‫الجثمانية لطيفة لهوتية موضوعة في كتيفططة ناسططوتية دالططة علططى‬
‫وحدانيته وربانيته‪ .‬ووجه الستدلل بذلك من عشرة أوجططه‪ :‬الول‪:‬‬
‫أن هذا الهيكل النساني لما كان مفتقرا إلى مدبر ومحرك وهططذه‬
‫الروح مططدبرة ومحركططة علمنططا أن هططذا العططالم لبططد لططه مططن مططدبر‬
‫ومحرك‪ .‬الوجه الثاني‪ :‬لما كان مططدبر الهيكططل واحططدا وهططو الططروح‬
‫علمنا أن مدبر هذا العالم واحدا ل شريك له في تططدبيره وتقططديره‬
‫ول جائز أن يكون له شريكا في ملكه قططال اللططه تعططالى )لططو كططان‬
‫فيهما آلهة إل الله لفسدتا( وقال تعططالى )لططو كططان معططه آلهططة كمططا‬
‫يقولون إذا لبتغططوا إلططى ذي العططرش سططبيل سططبحانه وتعططالى عمططا‬
‫يقولون علوا كبيرا( وقال تعالى )وما كان معه من إلططه إذ الططذهب‬
‫كططل إلططه بمططا خلططق ولعل بعضططهم علططى بعططض سططبحان اللططه عمططا‬
‫يصفون(‪ .‬الوجه الثالث‪ :‬لما كان هذا الجسططد ل يتحططرك إل بططإرادة‬
‫الروح وتحريكها له علمنا أنه مريد لما هو كائن في كونه ل يتحرك‬
‫متحرك بخير أو شر إل بتقديره وإرادته وقضائه‪ .‬الوجه الرابع‪ :‬ص‬
‫لما كان ل يتحرك في الجسد شيء إل بعلم الروح وشعورها بططه ل‬
‫يخفى على الروح من حركات السجد وسكناته شيء علمنا أنططه ل‬
‫يعططزب عنططه مثقططال ذرة فططي الرض ول فططي السططماء‪ ،‬الططوجه‬
‫الخامس‪ :‬لما كان هذا الجسد لم يكن فيه شيء أقرب إلى الروح‬
‫من شيء بل هو قريب إلى كل شيء في الجسد علمنا أنه اقرب‬
‫إلى كل شيء ليس شيء أقرب إليه من شيء ول شيء أبعد إليه‬
‫من شيء ل بمعنى قططرب المسططافة لنططه منططزه عططن ذلططك‪ ،‬الططوجه‬
‫السططادس‪ :‬لمططا كططان الططروح موجططودا قبططل وجططود الجسططد ويكططون‬
‫موجودا بعد عدم الجسد علمنا أنه سططبحانه وتعططالى موجططودا قبططل‬
‫كون خلقه ويكون موجودا بعد فقد خلقه مازال ول يططزال وتقططدس‬
‫عن الزوال‪ ،‬الوجه السابع‪ :‬لما كان الروح في الجسد ل يعرف لططه‬
‫كيفية علمنا أنه مقدس عن الكيفية‪ ،‬الوجه الثامن‪ :‬لما كان الروح‬
‫في الجسد ل يعلم له أينية علمنا أنه منزه عن الكيفية والينية فل‬
‫يوصف بأين ول كيف بل الروح موجططودة فططي كططل الجسططد مططا خل‬
‫منها شيء من الجسد وكذلك الحق سططبحانه وتعططالى موجططود فططي‬
‫كل مكان ما خل منه مكططان وتنططزه عططن المكططان والزمططان‪ ،‬الططوجه‬
‫التاسططع‪ :‬لمططا كططان الططروح فططي الجسططد ل يططدرك بالبصططر ول يمثططل‬

‫‪290‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫بالصور علمنا أنططه ل تططدركه البصططار ول يمثططل بالصططور والثططار ول‬
‫يشططبه بالشططموس والقمططار )وليططس كمثلططه شططيء وهططو السططميع‬
‫البصير( الوجه العاشر‪ :‬لما كان الروح ل يحس ول يمس علمنا أنه‬
‫منزه عن الحس والجسم واللمس والمس فهذا معنطى قطوله مطن‬
‫عرف نفسه عرف ربه فطوبى لمن عططرف وبططذنبه اعططترف‪ .‬وفططي‬
‫هذا الحديث تفسير آخر وهو أنك تعططرف أن صططفات نفسططك علططى‬
‫الضد من صفات ربك فمن عرف نفسه بالفناء عرف ربططه بالبقططاء‬
‫ومن عرف نفسه بالجفاء والخطأ عرف ربه بالوفاء والعطاء ومن‬
‫عرف نفسه كما هي عرف ربه كما هو واعلم أنه ل سبيل لك إلى‬
‫معرفة إياك كما إياك فكيف لك سبيل إلى معرفططة إيططاه كمططا إيططاه‬
‫فكأنه في قوله من عرف نفسه عرف ربه علق المسططتحيل علططى‬
‫مستحيل لنه مستحيل أن تعرف نفسك وكيفيتها وكميتها فإنك إذا‬
‫كنت ل تطيق بأن تصف نفسك التي هي بين جنبيك بكيفية وأينيططة‬
‫ول بسجية‪ ،‬ول هيكلية ول هططي بمرئيططة فكيططف يليططق بعبوديتططك أن‬
‫تصف الربوبية بكيف وأين وهو مقدس عططن الكيططف واليططن‪ .‬وفططي‬
‫ذلك أقول‪:‬‬
‫قل لمن يفهم عني ما أقول * قصر القول فذا شرح يطول‬
‫هو سر غامض من دونه * ضربت والله أعناق الفحول‬
‫أنت ل تعرف إياك ول * تدر من أنت ول كيف الوصول‬
‫ل ول تدري صفات ركبت * فيك حارت في خفاياها العقول‬
‫أين منك الروح في جوهرها * هل تراها فترى كيف تجول‬
‫هذه النفاس هل تحصرها * ل ول تدري متى منك تزول‬
‫اين منك العقل والفهم إذا * غلب النوم فقل لي يا جهول‬
‫أنت أكل الخبز ل تعرفه * كيف يجري منك أم كيف تبول‬
‫فإذا كانت طواياك التي * بين جنبيك كذا فيها خلول‬
‫كيف تدري من على العرش استوى * ل تقل كيف استوى كيف‬
‫النزول‬
‫كيف تجلى الله أم كيف يرى * فلعمري ليس ذا إل فضول‬
‫هو ل كيف ول أين له * وهو رب الكيف والكيف يحول‬
‫وهو فوق الفوق ل فوق له * وهو في كل النواحي ل يزول‬
‫جل ذاتا وصفاتا وسما * وتعالى قدره عما أقول‬
‫وقال القونوي في شرح التعرف‪ :‬ذكر بعضهم في هذا الحديث أنه‬
‫من باب التعليق بمططا ل يكططون وذلططك أن معرفططة النفططس قططد سططد‬

‫‪291‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الشارع بابها لقوله )قل الروح من أمر ربي( فنبططه بططذلك علططى أن‬
‫النسان إذا عجز عن إدراك نفسه التي هي من جملة المخلوقات‬
‫)وهي أقرب الشياء إليه فهططو عططن معرفططة خططالقه أعجططز بططل هططو‬
‫عاجز عن إدراك حقيقططة قططوله وحواسططه كسططمعه وبصططره وشططمه‬
‫وكلمه وغير ذلك فإن للناس في كل منهططا اختلفططات ومططذاهب ل‬
‫يحصل الناظر منها على طائل كاختلفهم في أن البصار بالنطباع‬
‫أو بخروج الشعاع وأن الشم بتكيف الهططواء وبانبثططاث الجططزاء مططن‬
‫ذي الرائحة‪ ،‬إلى غير ذلططك مططن الختلفططات المشططهورة فططإذا كططان‬
‫الحال في هذه الشياء الظاهرة التي يلبسططها النسططان علططى هططذا‬
‫المنوال فكيف يكون الحال في معرفة الكبير المتعال‪.‬‬
‫وقد تحصل مما سقناه في معنى هذا الثر أقوال والله أعلم‬

‫الخبر الدال على وجود القطب والوتاد والنجباء والبدال‬


‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسططلم الحمططد للططه‬
‫الذي فاوت بين خلقه في المراتب وجعل في كططل قططرن سططابقين‬
‫بهم يحيى ويميت وينزل الغمام السططاكب والصططلة والسططلم علططى‬
‫سيدنا محمد البدر المنيططر وعلططى آلططه وأصططحابه الهططداة الكططواكب‪.‬‬
‫وبعد فقد بلغني عن بعض من ل علم عنده إنكططار مططا اشططتهر عططن‬
‫السادة الولياء من أن منهم أبدال ونقباء ونجباء وأوتططادا وأقطابططا‪،‬‬
‫وقد وردت الحاديث والثار بإثبات ذلك فجمعتهططا فططي هططذا الجططزء‬
‫لتستفاد ول يعول على إنكار أهل العناد وسميته الخبر الدال علططى‬
‫وجود القطب والوتاد والنجباء والبدال والله الموفق فططأقول ورد‬
‫في ذلك مرفوعا وموقوفا من حديث عمر بن الخطاب وعلي بططن‬
‫أبي طالب وأنس وحذيفة بطن اليمطان وعبطادة بطن الصطامت وابطن‬
‫عباس وعبد الله بن عمر وعبد الله بن مسعود وعططوف بططن مالططك‬
‫ومعاذ بن جبل وواثلة بن السقع وأبي سعيد الخدري وأبي هريططرة‬
‫وأبي الططدرداء وأم سططلمة رضططي اللططه تعططالى عنهططم ومططن مرسططل‬
‫الحسن وعطاء وبكر بططن خنيططس ومططن الثططار عططن التططابعين ومططن‬
‫بعدهم ما ل يحصى‪:‬‬
‫)حديث عمر( قال أبو طاهر المخلص أنا أحمد بن عبد الله بن‬
‫سعيد ثنا السري بن يحيى ثنا شعيب بن إبراهيم حططدثنا سطيف بططن‬
‫عمر عن أبي عمر عن زيد بن اسلم عن أبيه قال كان الشططام قططد‬

‫‪292‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫أسكن فإذا اقبل جند من اليمن وممن بين المدينة واليمن فاختططار‬
‫أحد منهم الشام قال عمر رضي الله تعالى عنططه يططا ليططت شططعري‬
‫عن البدال هل مرت بهم الركاب أخرجه بططن عسططاكر فططي تاريططخ‬
‫دمشق‪ ،‬وأخرج أيضا من طريق سيف بن عمر عن محمد وطلحططة‬
‫وسهل قال كتب عمر إلى أبي عبيدة إذا أنت فرغت مططن دمشططق‬
‫إن شاء الله فاصرف أهل العراق إلى العراق فإنه قططد ألقططى فططي‬
‫روعي أنكططم سططتفتحونها ثططم تططدركون إخططوانكم فتنصططرونهم علططى‬
‫عدوهم وأقام عمر بالمدينة لمرور الناس بططه وذلططك أنهططم ضططربوا‬
‫إليه من بلدانهم فجعل إذا سرح قوما إلى الشام قال ليت شعري‬
‫عن البدال فهططل مططرت بهططم الركططاب أم ل وإذا سططرح قومططا إلططى‬
‫العراق قال ليت شعري كم في هذا الخير من البدال‪.‬‬
‫)حديث علي( قال المام أحمد ابن حنبل في مسططنده ثنططا أبططو‬
‫المغيرة ثنا صفوان عن شريح بن عبيد قال ذكر أهطل الشططام عنططد‬
‫علي بن أبي طالب وهو بالعراق فقالوا العنهم يططا أميططر المططؤمنين‬
‫قال ل سمعت رسول الله صلى اللططه عليططه وسططلم يقططول البططدال‬
‫بالشام وهم أربعون رجل كلما مات رجططل أبططدل اللططه مكططانه رجل‬
‫يسقي بهم الغيث وينتصر بهططم علططى العططداء ويصططرف عططن أهططل‬
‫الشام بهم العذاب ‪ -‬رجاله رجال الصحيح غير شريح بن عبيد وهو‬
‫ثقة‪.‬‬
‫)طريق ثانية( قال ابططن عسططاكر فططي تططاريخه أنططا أبططو القاسططم‬
‫الحسيني ثنا عبد العزيز بن أحمد الكناني أنططا أبططو محمططد بططن أبططي‬
‫نصر أنا الحسن بين حبيب ثنا زكريا بن يحيى ثنا الحسن بن عرفة‬
‫ثنا إسماعيل بن عياش عططن صططفوان بططن عمططرو السكسططكي عططن‬
‫شريح بن عبيد الحضرمي قال ذكر أهل الشام عند علي بططن أبططي‬
‫طالب فقالوا يا أمير المؤمنين العنهم فقال ل إني سمعت رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم يقول أن البدال بالشام يكونططون وهططم‬
‫أربعون رجل بهططم تسططقون الغيططث وبهططم تنصططرون علططى أعططدائكم‬
‫ويصرف عططن أهططل الرض البلء والغططرق‪ ،‬قططال ابططن عسططاكر هططذا‬
‫منقطع بين شريح وعلي فإنه لم يلقه‪.‬‬
‫)طريق أخرى عنطه( قطال ابطن أبطي الطدنيا فطي كتطاب الوليطاء‬
‫حدثني أبو الحسن خلف بن محمد الواسطي ثنا يعقوب بن محمد‬
‫الزهري ثنا مجاشع بن عمرو عن ابن لهيعة عن إبراهيم عططن عبططد‬
‫الله بن زرير عن علي سألت رسول الله صلى اللططه عليططه وسططلم‬

‫‪293‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫عن البدال قال هم ستون رجل فقلت يططا رسططول اللططه حلهططم لططي‬
‫قال ليسوا بالمتنطعين ول بالمبتدعين وبططالمتعمقين لططم ينططالوا مططا‬
‫نططالوا بكططثرة صططلة ول صططيام ول صططدقة ولكططن بسططخاء النفططس‬
‫وسلمة القلطوب والنصطيحة لئمتهطم أخرجطه الخلل فطي كرامطات‬
‫الوليططاء وفيططه بططدل )ول بططالمتعمقين( )ول بططالمعجبين( وزاد فططي‬
‫أخرى أنهم يا علي في أمتي اقل من الكبريت الحمر‪.‬‬
‫)طريق أخرى عنه(‪ :‬قال الطبراني ثنا علي بن سططعيد الططرزاي‬
‫ثنا علي بن الحسين الخواص الموصلي ثنا زيد ابن أبي الزرقاء ثنا‬
‫ابن لهيعة ثنا عياش بن عبططاس القتبططاني عططن عبططد اللططه بططن زريططر‬
‫الغافقي عن علي بن أبي طالب أن رسول الله صططلى اللططه عليططه‬
‫وسلم قال ل تسبوا أهل الشام فإن فيهم البدال‪ ،‬قططال الطططبراني‬
‫لم يرو هذا الحديث إل زيد بن أبي الزرقاء قال ابططن عسططاكر هططذا‬
‫وهم من الطبراني بل رواه الوليد بن مسلم أيضا عن ابططن لهيعططة‬
‫ثم قال أنا أبو طاهر محمد بن الحسين أنا أبو عبد الله محمططد بططن‬
‫عبد السلم بن سعدان أنا محمد بن سليمان الربعي ثنا علططي بططن‬
‫الحسين بن ثابت ثنا هشام بن خالد ثنا الوليد ابن مسططلم ثنططا ابططن‬
‫لهيعة به‪ ،‬قطال ورواه الحطارث بطن يزيطد المصطري عطن ابطن زريطر‬
‫فوقفه على علي ولم يرفعه اخبرناه أبو بكر محمد بطن محمطد أنطا‬
‫أبو بكر محمد بن علي المقري أنا أحمد بن عبد اللططه بططن الخضططر‬
‫ثنا أحمد بن علي بن محمد أنا أبي أنا عمرو محمد بن مروان ابطن‬
‫عمر السعيدي ثنا أحمد بن منصور الرمادي ثنا عبد الله بن صططالح‬
‫حدثني أبو شريح أنه سمع الحارث بن يزيد يقول حدثني عبد اللططه‬
‫بن زرير الغافقي أنه سمع علي بن أبي طالب يقول ل تسبوا أهل‬
‫الشام فططإن فيهططم البططدال وسططبوا ظلمتهططم‪ -‬أخرجططه الحططاكم فططي‬
‫المستدرك من طريق أحمد بن الحارث بن يزيد بططه وقططال صططحيح‬
‫وأقره الذهبي في مختصره‪.‬‬
‫)طريق أخرى عنه موقوفة(‪ :‬وبه إلى أبي عمرو السعيدي ثنططا‬
‫زياد بن يحيى أبو الخطاب ثنا أبو داود الطيالسطي عطن الفطرج بطن‬
‫فضالة ثنا عروة ابن رويم اللخمي عن رجاء بن حيوة عن الحارث‬
‫بن حومل عن علي بن أبي طالب قال ل تسبوا أهططل الشططام فططإن‬
‫فيهم البدال‪ .‬وقال الحارث يا رجاء اذكر لي رجلين صططالحين مططن‬
‫أهل بيسان فإنه بلغني أن الله تعالى اختص أهططل بيسططان برجليططن‬
‫صالحين من البدال ل يموت واحد إل أبدل اللططه مكططانه واحططدا ول‬

‫‪294‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫تذكر لي منهما متماوتا ول طعانا على الئمة فطإنه ل يكطون منهمططا‬
‫البدال‪ ،‬له طرق عن الفرج بن فضالة‪.‬‬
‫)طريق أخرى عططن علططي موقوفططة(‪ :‬قططال ابططن أبططي الططدنيا ثنططا‬
‫الحسن بن أبي الربيع أنا عبد الرزاق أنا معمططر عططن الزهططري عططن‬
‫عبد الله بن صفوان قال‪ :‬قال رجل يوم صططفين اللهططم العططن أهططل‬
‫الشام فقال علي ل تسب أهل الشططام فططإن بهططا البططدال فططإن بهططا‬
‫البدال فإن بها البدال أخرجه البيهقي والخلل وابن عساكر‪ ،‬ولططه‬
‫طرق عن الزهري وفي بعضها عن صفوان بن عبد الله بططدل عبططد‬
‫الله بن صفوان وفي بعضها عن الزهري عن أبي عثمان بطن سطنة‬
‫عن علي وفي بعضها عن الزهري عن علي‪.‬‬
‫)طريق أخرى عنه(‪ :‬قال يعقوب بن سفيان ثنا يحيى بططن عبططد‬
‫الحميد ثنا شريك عن عثمان بن أبي زرعة عططن أبططي صططادق قططال‬
‫سمع على رجن وهو يلعن أهل الشططام فقططال علططي ل تعمططم فططإن‬
‫فيهم البدال‪.‬‬
‫)طريططق أخططرى عنططه(‪ :‬قططال ابططن عسططاكر أنبأنططا أبططو البركططات‬
‫النماطي أنا المبارك ابن عبد الجبار أنا أبططو بكططر عبططد البططاقي بططن‬
‫عبد الكريم بن عمر الشيرازي أنا عبد الرحمن بن عمر بططن أحمططد‬
‫بن حمة أنا أبا بكر محمد بن أحمد بن يعقوب بن شططيبة ثنططا جططدي‬
‫ثنا عثمان بن محمد ثنا جرير عن العمش عن حبيب بن أبي ثابت‬
‫عن أبي الطفيل قال خطبنا علي فذكر الخوارج فقام رجل فلعططن‬
‫أهل الشام فقططال لططه ويحططك ل تعمططم فططإن منهططم البططدال ومنكططم‬
‫العصب‪ ،‬وبالسند السابق إلى أبي عمرو السعيدي ثنا الحسين بن‬
‫عبد الرحمن أنا وكيع عن فطر عن أبي الطفيل عططن علططي رضططي‬
‫الله عنه قال البدال بالشام والنجباء بالكوفة‪ ،‬وقال ابططن عسططاكر‬
‫أنبأنا أبو الغنائم عططن محمططد ابططن علططي بططن الحسططن الحسططني ثنططا‬
‫محمد بن عبد الله الجعفي ثنا محمد بن عمار العطار ثنا علي ابن‬
‫محمد بن خبية ثنا عمرو بن حماد بن طلحة ثنا إسحاق بن إبراهيم‬
‫الزدي عن فطر عن أبي الطفيل عن علي قططال إذا قططام قططائم آل‬
‫محمد جمع الله له أهل المشرق وأهططل المغططرب فيجتمعططون كمططا‬
‫يجتمع قزع الخريف فأما الرفقاء فمن أهططل الكوفططة وأمططا البططدال‬
‫فمن أهل الشام‪.‬‬
‫)طريق أخرى عنه(‪ :‬وبه إلى محمططد بططن عمططار ثنططا جعفططر بططن‬
‫علي بن نجيح ثنا حسن بن حسين عن علي بن القاسم عن صباح‬

‫‪295‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫بن يحيى المزني عن سعيد بن الوليد الهجري عن أبيه قططال‪ :‬قططال‬
‫علي أل أن الوتاد من أبناء الكوفة ومن أهل الشام أبدال‪.‬‬
‫)طريطق أخطرى(‪ :‬قطال الخلل ثنطا علطي بطن عمطرو بطن سطهل‬
‫الحريري ثنا علي بن محمططد بططن كلطس ثنطا الحسططن بطن علطي بططن‬
‫عفان ثنا زيد بن الحبططاب حططدثني ابططن لهيعططة عططن خالططد بططن يزيططد‬
‫السكسكي عن سعيد بن أبي هلل عن علي رضي الله تعالى عنه‬
‫قططال قبططة السططلم بالكوفططة والهجططرة بالمدينططة والنجبططاء بمصططر‬
‫والبدال بالشام وهم قليل‪ -‬أخرجه ابططن عسطاكر مطن طريطق أبططي‬
‫سعيد بن العرابي عن الحسن بن علي بن عفان به‪.‬‬
‫)طريق أخرى عنهم(‪ :‬قال ابن عساكر أنا نصر بططن أحمططد بططن‬
‫مقاتل عن أبي الفرج سهل بن بشر السفراييني أنططا أبططو الحسططن‬
‫علي بن منير بن أحمد الخلل أنا الحسن بن رشيق ثنططا أبططو علططي‬
‫الحسين بن حميد العك ثنا زهير بن عباد ثنا الوليد بن مسططلم عططن‬
‫الليث بن سعد عن عياش بططن عبططاس القتيططاني أن علططي بططن أبططي‬
‫طالب قال البدال من الشام والنجباء من أهل مصر والخيار مططن‬
‫أهل العراق‪.‬‬
‫)طريق أخرى عنه(‪ :‬قال الحافظ أبو محمد الخلل في كتططاب‬
‫كرامات الولياء ثنا عبد الله بن عثمان الصفار أنا محمد بن مخلططد‬
‫الصفار ثنا أحمد بن منصور زاج ثنا حسين بن علي عن زائدة عططن‬
‫عمار الذهبي عن حبيب بن أبي ثابت عن رجل عن علططي قططال إن‬
‫الله تعالى ليدفع عن القرية بسبعة مؤمنين يكونططون فيهططا‪ .‬حططديث‬
‫أنس قال الحكيم الترمذي في نوادر الصول ثنا عمر بن يحيى بن‬
‫نافع اليلي )ح( وقال ابن عدي وابن شاهين والحططافظ أبططو محمططد‬
‫الخلل في كتطاب كرامططات الوليطاء معططا ثنططا محمططد بططن زهيطر بططن‬
‫الفضل اليلي ثنا عمر بن يحيى بن نافع ثنططا العلء بططن زيططدل عططن‬
‫أنس بططن مالططك عططن النططبي صططلى اللططه عليططه وسططلم قططال البططدلء‬
‫أربعون رجل اثنان وعشرون بالشام وثمانية عشططر بططالعراق كلمططا‬
‫مات منهم واحدا أبدل الله مكانه آخر فإذا جاء المر قبضوا كلهططم‬
‫فعند ذلك تقوم الساعة‪.‬‬
‫)طريق ثان عنه(‪ :‬قال الحططافظ أبطو محمطد الخلل فططي كتطاب‬
‫كرامات الولياء أنا أبو بكر بن شاذان ثنا عمر بن محمد الصابوني‬
‫ثنا إبراهيم بن الوليد الجشاش ثنا أبو عمر الغداني ثنططا أبططو سططلمة‬
‫الخراساني عن عطاء عن أنس قال‪ :‬قال رسول اللططه صططلى اللططه‬

‫‪296‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫عليه وسلم البدال أربعون رجن وأربعون امرأة كلمططا مططات رجططل‬
‫أبدل الله مكان رجل ولكما ماتت امرأة أبدل الله مكانهططا امططرأة‪-‬‬
‫أخرجططه الططديلمي فططي مسططند الفططردوس مططن طريططق أخططرى عططن‬
‫إبراهيم بن الوليد‪.‬‬
‫)طريق ثالث عنه(‪ :‬قال ابن لل فططي مكططارم الخلق ثنططا عبططد‬
‫الله بن يزيد بن يعقوب الدقاق ثنا محمد بن عبد العزيز الططدينوري‬
‫ثنا عثمان ين الهيثم ثنا عوف عططن الحسططن عططن أنططس أن رسططول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم قال إن بططدلء أمططتي لططم يططدخلوا الجنططة‬
‫بكططثرة صططلتهم ول صططيامهم ولكططن دخولهططا بسططلمة صططدورهم‬
‫وسططخاوة أنفسططهم‪ -‬أخرجططه ابططن عططدي والخلل وزاد فططي آخططره‬
‫والنصح للمسلمين‪.‬‬
‫)طريق رابع عنطه(‪ :‬قطال ابطن عسطاكر قطرأت بخطط تمطام بطن‬
‫محمد أنا ابو علي محمد بن هططارون بططن شططعيب النصططاري حططدثنا‬
‫زكريا بن يحيى ثنا المنذر بن العبططاس بططن نجيططح القرشططي حططدثني‬
‫أبي عن الوليد بن مسلم عن الوزاعي عن حسان بن عطيططة عططن‬
‫يزيد الرقاشي عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫قال أن دعامة أمتي عصب اليمن وأبدال الشام وهم أربعون رجل‬
‫كلمططا هلططك رجططل أبططدل اللططه مكططانه آخططر ليسططوا بالمتمططاوتين ول‬
‫بالمتهالكين ول المتناوشين لططم يبلغططوا مططا بلغططوا بكططثرة صططوم ول‬
‫صلة وإنما بلغوا ذلك بالسخاء وصحة القلوب والمناصططحة لجميططع‬
‫المسلمين‪ .‬وقال ابن عسطاكر أيضطا أنبأنطا أبطو الفضطل محمطد بطن‬
‫ناصر أنا أحمد بن عبد القادر بن محمد بن يوسف البغدادي أنا أبو‬
‫الحسن محمد بن علي بن محمد بن صخر الزدي البصططري بمكططة‬
‫ثنا أبو محمد الحسن بن علي بن الحسن ثنططا بكططر بططن محمططد بططن‬
‫سعيد ثنا نصر بن علي ثنا نوح بن قيس عن عبد الملك بن معقططل‬
‫عن يزيد الرقاشي عن أنس به ‪.‬‬
‫)طريق أخرى عنه(‪ :‬قال الطبراني في الوسط ثنا عططن أنططس‬
‫قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لطن تخلططو الرض مطن‬
‫أربعين رجل مثل خليل الرحمن فبهم يسططقون وبهططم ينصططرون مططا‬
‫مات منهم أحد إل أبدل الله مكانه آخر‪ ،‬قال قتادة لسنا نشططك أن‬
‫الحسن منهم‪ ،‬قال الحافظ أبو الحسن الهيتمي في مجمع الزوائد‬
‫إسناده حسن‪.‬‬

‫‪297‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫)حديث حذيفة بن اليمان(‪ :‬قطال الحكيطم الترمطذي فطي نطوادر‬
‫الصول ثنا أبي ثنا سليمان ثنا إسحاق بن عبد الله بن أبططي فططروة‬
‫عن محمود بن لبيد عن حذيفة بن اليمان قال البدال بالشام وهم‬
‫ثلثون رجل على منهاج إبراهيم كلما مات رجل أبططدل اللططه مكططانه‬
‫آخر عشرون منهم على منهاج عيسى بن مريططم وعشططرون منهططم‬
‫قد أوتوا من مزامير آل داود‪.‬‬
‫)حديث عبادة بن الصامت(‪ :‬قال المام أحمد في مسططنده ثنططا‬
‫عبد الوهاب بن عطاء أنا الحسن بن ذكوان عططن عبططد الواحططد بططن‬
‫قيس عن عبادة بن الصامت عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‬
‫البدال في هذه المة ثلثططون مثططل إبراهيططم خليططل الرحمططن كلمططا‬
‫مات رجل أبدل الله مكططانه رجل‪ .‬وأخرجططه الحكيططم الترمططذي فططي‬
‫نوادر الصول والخلل في كرامات الولياء ورجاله رجال الصططحيح‬
‫غير عبد الواحد وقد وثقة العجلي وأبو زرعة‪.‬‬
‫)طريق ثان عنه(‪ :‬قال الطبراني في الكبير ثنططا عبططد اللططه بططن‬
‫أحمد بن حنبل حدثني محمد بن الفرح ثنا زيد بن الحباب أخططبرني‬
‫عمر البزار عن عبيسة الخواص عن قتادة عن أبي قلبة عن أبططي‬
‫الشعث عن عبادة بن الصامت قال‪ :‬قال رسول اللططه صططلى اللططه‬
‫عليططه وسططلم البططدال فططي أمططتي ثلثططون بهططم تقططوم الرض وبهططم‬
‫تمطرون وبهم تنصرون‪ ،‬قال قتادة إنططي أرجططو أن يكططون الحسططن‬
‫منهم‪.‬‬
‫)حديث ابن عبططاس(‪ :‬قططال المططام أحمططد فططي الزهططد ثنططا عبططد‬
‫الرحمن ثنا سفيان عن العمش عن المنهال بن عمرو عن سططعيد‬
‫بن جبير عن ابن عباس قططال مططا خلططت الرض مططن بعططد نططوح مططن‬
‫سبعة يدفع الله بهم عن أهل الرض‪ -‬أخرجه الخلل‪.‬‬
‫)حططديث ابططن عمططر(‪ :‬قططال الطططبراني ثنططا محمططد بططن الخططزر‬
‫الطبراني ثنا سعيد بن أبي زيدون ثنا عبد الله ابن هارون الصوري‬
‫ثنا الوزاعي عن الزهري عن نافع عن ابن عمر قال‪ :‬قال رسططول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم خيططار أمططتي فططي كططل قططرن خمسططمائة‬
‫والبدال أربعون فل الخمسمائة ينقصون ول الربعططون كلمططا مططات‬
‫رجل أبدل الله من الخمسمائة مكانه وأدخل من الربعيططن مكططانه‬
‫قالوا يا رسول الله دلنا على أعمالهم قططال يعفططون عمططن ظلمهططم‬
‫ويحسنون إلى من أساء إليهم ويتواسون فيما آتاهم اللططه‪ ،‬أخرجططه‬
‫أبو نعيم وتمام وابن عساكر من هذا الطريق وأخرجه ابن عساكر‬

‫‪298‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫أيضا من طريق آخر عن محمد بن الخزر ولفظه كلما مات بططديل‪،‬‬
‫وأخرجه من طريق آخر عن سعيد بن عبدوس عططن عبططد اللططه بططن‬
‫هارون بلفططظ كلمططا مططات أحططد بططدل اللططه مططن الخمسططمائة مكططانه‬
‫وأدخل في الخمسمائة مكانه‪.‬‬
‫)طريق ثان(‪ :‬قال الخلل في كتاب كرامات الولياء ثنا أحمططد‬
‫بن محمد بن يوسف ثنا عبد الصمد بن علي بن مكططرم ثنططا محمططد‬
‫بن زكريا الغلبي ثنا يحيى بن بسطام ثنططا محمططد بططن الحططارث ثنططا‬
‫محمد بن عبد الرحمن بن البيلماني عن أبيه عن ابططن عمططر قططال‪:‬‬
‫قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ل يزال أربعون رجل يحفظ‬
‫الله بهم الرض كلما مات رجل ابططدل اللططه مكططانه آخططر وهططم فططي‬
‫الرض كلها‪ .‬واخرج أبو نعيم في الحلية ثنا عبد الله بن جعفططر ثنططا‬
‫إسماعيل ابن عبد الله ثنا سعيد بن أبي مريم ثنا يحيى بططن أيططوب‬
‫عن ابن عجلن عن عياض ابن عبد الله عن ابطن عمطر عطن النطبي‬
‫صلى الله عليه وسلم قال لكل قططرن مططن أمططتي سططابقون‪ .‬وقططال‬
‫الحكيم الترمذي حدثنا أبي ثنا محمد بن الحسن ثنا عبططد اللططه بططن‬
‫المبارك ثنا ليث بن سعد عن محمد بن عجلن قال‪ :‬قططال رسططول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم في كل قرن من أمتي سابقون‪.‬‬
‫)حديث ابن مسعود(‪ :‬قال أبو نعيططم ثنططا محمططد بططن أحمططد بططن‬
‫الحسن ثنا محمد بن السري القنطري ثنا قيططس بططن إبراهيططم بططن‬
‫قيس السامري ثنا عبد الرحيم بن يحيططى الرمنططي ثنططا عثمططان بططن‬
‫عمارة ثنا المعافى بن عمران عن سفيان الثوري عن منصور عن‬
‫إبراهيم عن السود عن عبد الله قال‪ :‬قال رسول الله صلى اللططه‬
‫عليه وسلم إن لله عز وجل في الخلق ثلثمائة قلوبهم على قلططب‬
‫آدم عليططه السططلم وللططه فططي الخلططق أربعططون قلططوبهم علططى قلططب‬
‫موسى عليه السلم وللططه فططي الخلططق سططبعة قلططوبهم علططى قلططب‬
‫إبراهيم عليه السلم ولله في الخلططق خمسططة قلططوبهم علططى قلططب‬
‫جبريل عليططه السططلم وللططه فططي الخلططق ثلثططة قلططوبهم علططى قلططب‬
‫ميكائيططل عليططه السططلم وللططه فططي الخلططق واحططد قلبططه علططى قلططب‬
‫إسرافيل عليه السططلم فططإذا مططات الواحططد أبططدل اللططه مكططانه مططن‬
‫الثلثة وإذا مات من الثلثة أبدل الله مكانه من الخمسة وإذا مات‬
‫من الخمسة بدل الله مكانه مططن السططبعة وإذا مططات مططن السططبعة‬
‫أبدل الله مكانه من الربعين وإذا مات من الربعيططن أبططدل مكططانه‬
‫من الثلثمائة وإذا مات من الثلثمائة أبدل الله مكانه مططن العامططة‬

‫‪299‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫فبهم يحيى ويميت ويمطر وينبت ويدفع البلء قيططل لعبططد اللططه بططن‬
‫مسعود وكيف بهم يحيى ويميططت قططال لنهططم يسططألون اللططه إكثططار‬
‫المم فيكططثرون ويططدعون علططى الجبططابرة فيقصططمون ويستسططقون‬
‫فيسقون ويسألون فتنبت لهم الرض ويططدعون فيططدفع بهططم أنططواع‬
‫البلء‪ ،‬أخرجه ابن عساكر‪.‬‬
‫)طريق آخر(" قطال الططبراني فطي الكطبير أنطا أحمطد بطن داود‬
‫المكي ثنا ثابت بن عياش الحدب ثنا أبو رجاء الكلبي ثنا العمش‬
‫عن زيد بن وهب عن ابن مسعود قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم ل يططزال أربعططون رجل مططن أمططتي قلططوبهم علططى قلططب‬
‫إبراهيم عليه السلم يطدفع اللطه بهطم عططن أهططل الرض يقطال لهطم‬
‫البططدال إنهططم لططن يططدركوها بصططلة ول صططوم ول بصططدقة قططالوا يططا‬
‫رسول الله فبم أدركوها قال بالسخاء والنصيحة للمسلمين حديث‬
‫عوف بن مالك قال الطبراني ثنا أبو زرعة عبد الرحمن ابن عمرو‬
‫الدمشقي ثنا محمد بن المبارك الصوري ثنا عمرو بططن واقططد عططن‬
‫يزيد بن أبي مالك عن شططهر بططن حوشططب قططال لمططا فتحططت مصططر‬
‫سبوا أهل الشام فأخرج عوف ابن مالك رأسه من برنسه ثم قال‬
‫يا أهل مصر أنا عوف بن مالك ل تسبوا أهل الشام فإني سططمعت‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فيهم البدال بهم تنصرون‬
‫وبهم ترزقون‪ ،‬أخرجه ابن عساكر من هطذا الطريطق ومطن طريطق‬
‫هشام بن عمار عن عمرو بططن واقططد ورجططال السططناد ثقططات غيططره‬
‫فإن الجمهور ضعفوه ووثقططه محمططد ابططن مبططارك الصططوري وشططهر‬
‫مختلف فيه‪.‬‬
‫)حديث معاذ بن جبل(‪ :‬قططال أبططو عبططد الرحمططن السططلمي فططي‬
‫كتاب سنن الصوفية ثنا أحمد بن علي بططن الحسططن ثنططا جعفططر بططن‬
‫عبد الوهاب السرخسي ثنا عبيد بن آدم عن أبيه عططن أبططي حمططزة‬
‫عن ميسرة بن عبططد ربططه عططن المغيططرة بططن قيططس عططن شططهر بططن‬
‫حوشب عن عبد الرحمن بن غنم عططن معططاذ بططن جبططل قططال‪ :‬قططال‬
‫رسول الله صلى اللططه عليططه وسططلم ثلث مططن كططن فيططه فهططو مططن‬
‫البدال الذين بهم قوام الدنيا وأهلها الرضطا بالقضطاء والصطبر عطن‬
‫محارم الله والغضب في ذات اللططه‪ ،‬أخرجططه الططديلمي فططي مسططند‬
‫الفردوس‪.‬‬
‫)حديث واثلة(‪ :‬قال ابططن عسططاكر قططرئ علططي أبططي محمططد بططن‬
‫الكفاني وأنا أسمع عن عبد العزيز بن أحمد أنططا عبططد الوهطاب بططن‬

‫‪300‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫جعفر الميداني أنا أبو الحارث أحمد بن محمد بن عمارة بططن أبططي‬
‫الخطاب الليثي الدمشططقي ثنططا أبططو سططهل سططعيد بططه ابططن الحسططن‬
‫الصبهاني ثنا محمططد بططن أحمططد بططن إبراهيططم ثنططا هشططام بططن خالططد‬
‫الزرق ثنا الوليد بن مسلم ثنا ابن جابر عن عبد الله بن عامر عن‬
‫واثلة بن السقع قال‪ :‬قططال رسططول اللططه صططلى اللططه عليططه وسططلم‬
‫ستكون دمشق في آخر الزمططان أكططثر المططدن أهططن وأكططثره أبططدال‬
‫وأكثره مساجد وأكثره زهادا وأكثره مال ورجال واقله كفارا وهططي‬
‫معقل لهلها‪.‬‬
‫)حديث أبي سعيد الخدري(‪ :‬قال البيهقي فططي شططعب اليمططان‬
‫أنا علي بن أحمد بن عبدان أنا أحمد بن عبيد ثنا ابن أبي شيبة ثنططا‬
‫محمد بن عمران بن أبي ليل أنا سلمة بن رجاء كوفي عن صططالح‬
‫المزي عن الحسن عططن أبططي سططعيد الخططدري أو غيططره قططال‪ :‬قططال‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أبدال أمتي لم يدخلوا الجنطة‬
‫بالعمططال إنمططا دخولهططا برحمططة اللططه وسططخاوة النفططس وسططلمة‬
‫الصططدور ورحمططة لجميططع المسططلمين‪ ،‬قططال الططبيهقي رواه عثمططان‬
‫الدارمي عن محمد بن عمران فقال عططن أبططي سططعيد لططم يقططل أو‬
‫غيره وقيل عن صالح المزي عن ثابت عن أنس‪.‬‬
‫)حديث أبي هريرة(‪ :‬قال ابن حبان في التاريخ ثنططا محمططد بططن‬
‫المسيب ثنا عبد الرحمن بن مططرزوق ثنططا عبططد الوهطاب بطن عططاء‬
‫الخفاف عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبططي هريططرة عططن‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم قال لن تخلو الرض مططن ثلثيططن مثططل‬
‫إبراهيم خليل الرحمن بهم تغاثون وبهم ترزقون وبهم تمطرون‪.‬‬
‫)طريق ثططان عنططه(‪ :‬قططال الخلل كتططب إلططي أحمططد بططن هشططام‬
‫بالكوفة يذكر أن عبد الله ابن زيدان حدثهم ثنا أحمد بن حازم ثنططا‬
‫الحكم بن سليمان الحبلى ثنا سيف بن عمر عن موسى بططن أبططي‬
‫عقيل البصري عن ثابت البناني عن أبي هريرة قططال دخلططت علططى‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم فقال لي يا أبا هريرة يدخل علي مططن‬
‫هذا الباب الساعة رجل من أحد السبعة الذين يدفع الله عن أهططل‬
‫الرض بهم فإذا حبشي قد طلع من ذلك الباب أقططرع أجططدع علططى‬
‫رأسه جرة من ماء فقال رسول الله صططلى اللططه عليططه وسططلم أبططا‬
‫هريرة هو هططذا وقططال رسططول اللططه صططلى اللططه عليططه وسططلم ثلث‬
‫مرات مرحبا بيسططار وكططان يططرش المسططجد ويكنسططه وكططان غلمططا‬
‫للمغيرة بن شعبة‪.‬‬

‫‪301‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫)حديث أبي الدرداء(‪ :‬قال الحكيم الترمذي في نوادر الصططول‬
‫ثنا عبد الرحيم ابن حبيب ثنا داود بن محبر عن ميسططرة عططن أبططي‬
‫عبد الله الشامي عن مكحول عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال‬
‫أن النبيططاء كططانوا أوتططاد الرض فلمططا انقطعططت النبططوة أبططدل اللططه‬
‫مكانهم قوما من أمططة محمططد صططلى اللططه عليططه وسططلم يقططال لهططم‬
‫البدال لم يفضلوا الناس بكثرة صططوم ول صططلة ول تسططبيح ولكططن‬
‫بحسن الخلق وبصدق الورع وحسن النية وسلمة قلططوبهم لجميططع‬
‫المسلمين والنصيحة لله‪.‬‬
‫)حططديث أم سططلمة(‪ :‬قططال أبططو داود فططي سططننه ثنططا محمططد بططن‬
‫المثنى ثنا معاذ بن هشام حدثني أبي عططن قتططادة عططن صططالح أبططي‬
‫الخليل عن صاحب له عن أم سططلمة زوج النططبي صططلى اللططه عليططه‬
‫وسلم عن النبي صلى الله عليططه وسططلم قططال يكططون اختلف عنططد‬
‫موت خليفة فيخرج رجل من المدينة هاربا إلى مكططة فيططأتيه نططاس‬
‫من أهل مكة فيخرجونه وهو كاره فيبايعونه بيططن الركططن والمقططام‬
‫ويبعططث إليططه بعططث مططن الشططام فيخسططف بهططم بالبيططداء بيططن مكططة‬
‫والمدينة فإذا رأى الناس ذلططك أتططوا أبططدال أهططل الشططام وعصططائب‬
‫أهل العراق فيبايعونه ‪ -‬الحديث أخرجه المام أحمططد فططي مسططنده‬
‫وابن أبي شيبة في المصنف وأبططو يعلططى والحططاكم والططبيهيقي ولططه‬
‫طرق سمي في بعضها المبهم مجاهدا وفي بعضططها عبططد اللططه بططن‬
‫الحارث‪.‬‬
‫)مرسل الحسن( قال ابن أبططي الططدنيا فططي كتططاب السططخاء ثنططا‬
‫إسماعيل بن إبراهيم بن بسام ثنا صططالح المططزي عططن الحسططن أن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن بدلء أمططتي لططم يططدخلوا‬
‫الجنة بكثرة صلتهم ول صططيامهم ولكططن دخلوهططا بسططلمة الصططدور‬
‫وسخاوة أنفسهم‪ ،‬وأخرجه البيهقي فططي شططعب اليمططان عططن أبططي‬
‫عبد الله الحافظ عن أبي حامد أحمد بن محمد بططن الحسططين عططن‬
‫داود بططن الحسططين عططن يحيططى بططن يحيططى عططن صططالح المططزي بططه‪،‬‬
‫وأخرجه الحكيم الترمذي في نوادر الصول ثنا أبي ثنا عبد العزيططز‬
‫ابن المغيرة البصططري ثنططا صططالح المططزي عططن الحسططن قططال‪ :‬قططال‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم إن بدلء أمتي لم يدخلوا الجنططة‬
‫بكثرة صوم ول صلة ولكن دخلوها برحمة اللططه وسططلمة الصططدور‬
‫وسخاوة النفس والرحمة بجميع المسلمين‪.‬‬

‫‪302‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫)مرسل عطاء( قال أبو داود ثنا محمد بن عيسى بططن الطبططاع‬
‫ثنا ابن فضيل عن أبيه عن الرجال بن سالم عن عطاء قططال‪ :‬قططال‬
‫رسول الله صلى الله عليططه وسططلم البططدال مططن المططوالي أخرجططه‬
‫الحاكم في الكنى‬
‫)مرسل بكر بن خنيس( قال ابن أبي الدنيا في كتاب الوليططاء‬
‫حدثني عبد الرحمن بن صالح الزدي ثنا عبططد الرحمططن بططن محمططد‬
‫المحاربي عن بكر بن خنيططس يرفعططه علمططة أبططدال أمططتي أنهططم ل‬
‫يلعنون شيئا أبدا‪.‬‬
‫الثططار‪) :‬أثططر عططن الحسططن( أخططرج ابططن عسططاكر عططن الحسططن‬
‫البصري قال لن تخلو الرض مطن سطبعين صطديقا وهطم البطدال ل‬
‫يهلك منهم رجل إل أخلف الله مكانه مثله أربعون بالشام وثلثون‬
‫من سائر الرضين‪) .‬اثر عن قتادة( أخرج ابن عسططاكر عططن قتططادة‬
‫قال لن تخلو الرض من اربعين بهم يغاث النططاس وبهططم ينصططرون‬
‫وبهم يرزقون كلما مات منهططم واحططد أبططدل اللططه مكططانه رجل قططال‬
‫قتادة والله إني لرجو أن يكون الحسن منهم‪) .‬أثر عططن خالططد بططن‬
‫معدان( أخرج الخلل وابن عساكر عن خالد بن معدان قال قططالت‬
‫الرض رب كيف تدعني وليس علططى نططبي قططال سططوف أدع عليططك‬
‫أربعيططن صططديقا بالشططام‪) .‬اثططر عططن شططهر( أخططرج ابططن جريططر فططي‬
‫تفسيره عن شهر بن حوشب قال لن تبقى الرض إل وفيها أربعة‬
‫عشططر يططدفع اللططه بهططم عططن أهططل الرض ويخططرج بركتهططا إل زمططن‬
‫إبراهيم فإنه كان وحده‪) .‬اثر عن أبي الزاهرية ومن بعططده( أخططرج‬
‫ابن عساكر عن أبي الزاهرية قال البدال ثلثون رجل بالشام بهم‬
‫يجططارون وبهططم يرزقططون إذا مططات منهططم رجططل ابططدل اللططه مكططانه‪،‬‬
‫وأخرج عن الفضل بططن فضططالة قططال البططدال بالشططام فططي حمططص‬
‫خمسة وعشرون رجل وفي دمشططق ثلثططة عشططر وببيسططان اثنططان‪،‬‬
‫وأخرج عن الحسن بن يحيى الخشني قططال بدمشططق مططن البططدال‬
‫سبعة عشر نفسا وببيسان أربعططة‪ ،‬واخططرج ابططن أبططي خيثمططة وابططن‬
‫عساكر عططن ابططن شططوذب قططال البططدال سططبعون فسططتون بالشططام‬
‫وعشرون بسائر الرضين وأخرج من طريق عمان بن عطططاء عططن‬
‫أبيه قال البدال أربعون إنسانا قلت له أربعططون رجل قططال ل تقططل‬
‫أربعون رجل ولكن قل أربعون إنسانا لعل فيهم نساء وأخططرج ابطن‬
‫عساكر من طريق أحمد بن أبي الحواري قال سمعت أبا سلميان‬
‫يقول البدال بالشططام والنجبططاء بمصططر والعصططب بططاليمن والخيططار‬

‫‪303‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫بالعراق‪ ،‬وأخرج هو والخطيططب مططن طريططق عبيططد اللططه بططن محمططد‬
‫العبسططي قططال سططمعت الكنططاني يقططول النقبططاء ثلثمططائة والنجبططاء‬
‫سبعون والبدلء أربعون والخيار سبعة والعمد أربعة والغوث واحد‬
‫فمسكن النقباء المغرب ومسكن النبجططاء مصططر ومسططكن البططدال‬
‫الشططام والخيططار سططياحون فططي الرض والعمططد فططي زوايططا الرض‬
‫ومسكن الغوث مكة فإذا عرضت الحاجة مططن أمططر العامططة ابتهططل‬
‫فيها النقباء ثم النجباء ثم البدال ثم الخيار ثم العمططد فططإن أجيبططوا‬
‫وإل ابتهل الغوث فل تتم مسألته حتى تجاب دعططوته‪ .‬وأخططرج ابططن‬
‫أبي الدنيا ثنا محمد بن ادريطس أبطو حطاتم الطرازي ثنطا عثمطان بطن‬
‫مطيع ثنا سفيان ابن عيينة قال‪ :‬قال أبو الزناد لمططا ذهبططت النبططوة‬
‫وكانوا أوتاد الرض أخلف الله مكانهم أربعين رجل من أمة محمططد‬
‫صلى الله عليه وسلم يقططال لهططم البططدال ل يمططوت الرجططل منهططم‬
‫حتى ينشئ الله مكانه آخر يخلفه وهم أوتاد الرض قلططوب ثلثيططن‬
‫منهم على مثل يقين إبراهيم لم يفضلوا الناس بكططثرة الصططلة ول‬
‫بكثرة الصيام ول بحسن التخشع ول بحسن الحليططة ولكططن بصططدق‬
‫الورع وحسن النية وسلمة القلوب والنصططيحة لجميططع المسططلمين‬
‫ابتغاء مرضاة الله بصبر حليم ولب رحيم وتواضع في غير مذلططة ل‬
‫يلعنون أحدا ول يططؤذون أحططدا ول يتطططاولون علططى أحططد تحتهططم ول‬
‫يحقرونه ول يحسدون أحدا فوقهم ليسوا بمتخشعين ول متماوتين‬
‫ول معجططبين ل يحبططون لططدنيا ول يحبططون الططدنيا ليسططوا اليططوم فططي‬
‫وحشة ول غدا في غفلة‪ ،‬وأخرج الخلل عن إبراهيم النخعططي قططال‬
‫ما من قرية ول بلدة إل يكون فيها من يدفع الله به عنهم‪ .‬وأخططرج‬
‫عن زادان قال ما خلت الرض بعد نوح مططن اثنططي عشططر فصططاعدا‬
‫يدفع الله بهم عن أهل الرض‪ ،‬وأخرج المام أحمد في الزهد عطن‬
‫كعب قال لم يزل من بعد نوح في الرض أربعة عشططر يططدفع اللططه‬
‫بهم العذاب‪ ،‬وأخرج أبو الحسين بن المنادي في جططزء جمعططه فططي‬
‫أخبار الخضر قال ثنا أحمد ابن ملعب ثنا يحيى بن سعيد السعدي‬
‫أخبرني أبو جعفر الكططوفي عططن أبططي عمططر النصططيبي قططال خرجططت‬
‫أطلب مسألة مططن مصططقلة بالشططام وكططان يقططال أنططه مططن البططدال‬
‫فلقيته بوادي الردن فقال لي أل أخبرك بشططيء رأيتططه اليططوم فططي‬
‫هذا الوادي فقلت بلى قال دخلت فإذا أنا بشيخ يصلي إلى شجرة‬
‫ي‬
‫فألقي في روعي أنه إلياس فدنوت منه فسلمت عليه فططرد عل ط ّ‬
‫فقلت من أنت يرحمك الله قال أنا الياس النبي فقلت يا نبي الله‬

‫‪304‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫هل في الرض اليوم من البدال أحططد قططال نعططم هططم سططتون رجل‬
‫منهم خمسون بالشام فيما بين العريش إلى الفرات ومنهم ثلثططة‬
‫بالمصيصططة وواحططد بأنطاكيططة وسططائر العشططرة فططي سططائر أمصططار‬
‫العرب‪ ،‬وأخرج اسحاق بن إبراهيم الختلي فططي كتططاب الططديباج لططه‬
‫بسنده عن داود بن يحيى مططولى عططون الطفططاوي عططن رجططل كططان‬
‫مرابطا بعسقلن قال بينا أنا أسير بالردن إذ أنا برجل فططي ناحيططة‬
‫الوادي قائم يصلي فوقع في قلبي إنه الياس فذكر نحو مططا قبلططه‪،‬‬
‫ولفظه قلت فكم البدال قال هططم سططتون رجل خمسططون مططا بيططن‬
‫عريططش مصططر إلططى شططاطئ الفططرات ورجلن بالمصيصططة ورجططل‬
‫بأنطاكية وسططبعة فططي سططائر المصططار بهططم تسططقون الغيططث وبهططم‬
‫تنصرون على العدو وبهم يقيططم اللططه أمططر الططدنيا حططتى إذا اراد أن‬
‫يهلك الدنيا أماتهم جميعا‪ .‬وفي كفاية المعتقد لليافعي نفعنططا اللططه‬
‫تعططالى بططبركته قططال بعططض العططارفين‪ :‬الصططالحون كططثير مخططالطون‬
‫للعوام لصلح الناس في دينهم ودنياهم والنجبططاء فططي العططدد أقططل‬
‫منهططم والنقبططاء فططي العططدد أقططل منهططم وهططم مخططالطون الخططواص‬
‫والبدال في العدد أقل منهم نازلون في المصار العظام ل يكططون‬
‫في المصر منهم إل الواحد بعططد الواحططد فطططوبى لهططل بلططدة كططان‬
‫فيها اثنان منهم والوتاد واحد بططاليمن وواحططد بالشططام وواحططد فططي‬
‫المشرق وواحططد فططي المغططرب واللططه سططبحانه يططدير القطططب فططي‬
‫الفاق الربعة من أركان الدنيا كططدوران الفلططك فططي أفططق السططماء‬
‫وقد سترت أحوال القطب وهو الغوث عن العامة والخاصة غيططرة‬
‫من الحق عليه غير أنه يرى عالما كجاهل ابله كفطططن تاركططا آخططذا‬
‫قريبا بعيدا سهل عسرا آمنا حذرا وكشف أحططوال الوتططاد للخاصططة‬
‫وكشف أحوال البططدلء للخاصططة والعططارفين وسططتر أحططوال النجبططاء‬
‫والنقباء عن العامة خاصططة وكشططف بعضططهم لبعططض وكشططف حططال‬
‫الصالحين للعموم والخصوص ليقضي الله أمرا كان مفعول‪ .‬وعدة‬
‫النجباء ثلثمائة والنقباء أربعون والبدلء قيططل ثلثططون وقيططل أربعططة‬
‫عشر وقيل سبعة وهو الصحيح والوتاد أربعططة فططإذا مططات القطططب‬
‫جعل مكانه خيار الربعة وإذا مات أحد الربعططة جعططل مكططانه خيططار‬
‫السبعة وإذا مات أحد السبعة جعل مكانه خيار الربعين وإذا مططات‬
‫أحد الربعين جعل مكانه خيار الثلثمائة وإذا مططات أحططد الثلثمططائة‬
‫جعل مكانه خيار الصالحين وإذا أراد الله أن يقيم السططاعة أمططاتهم‬
‫أجمعين وبهططم يططدفع اللططه عططن عبططاده البلء وينططزل قطططر السططماء‬

‫‪305‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫انتهى‪ .‬ثم قال وقال بعض العارفين والقطب هو الواحططد المططذكور‬
‫في حديث ابن مسعود أنه على قلب إسرافيل ومكانه من الولياء‬
‫كالنقطة في الدائرة التي هي مركزها به يقططع صططلح العططالم قططال‬
‫وقال بعضهم لم يذكر رسول الله صلى الله عليه وسططلم أن أحططدا‬
‫على قلبه إذ لم يخلق الله في عططالم الخلططق والمططر أعططز وألطططف‬
‫وأشرف من قلبه صلى الله عليه وسلم فقلوب النبياء والملئكططة‬
‫والولياء بالضافة إلى قلبططه كإضططافة سططائر الكططواكب إلططى كمططال‬
‫الشمس انتهى‪ ،‬وأخرج القشططيري فططي الرسططالة بسططنده عططن بلل‬
‫الخواص قططال كنطت فططي تيطه بنطي إسطرائيل فططإذا رجططل يماشططيني‬
‫فتعجبت فألهمت أنه الخضر عليه السلم فقلت له بحق الحق من‬
‫أنت قال أخوك الخضر قلت أريططد أن أسططألك قططال سططل قلططت مططا‬
‫تقول في الشافعي قال هو من الوتاد قلت وما تقططول فططي أحمططد‬
‫بن حنبل قال رجل صديق قلت ما تقول في بشر الحافي قال لم‬
‫يخلق بعده مثله قلت بأي وسيلة رأيتك قال ببركططة أمططك‪ ،‬وأخططرج‬
‫المام أحمد في الزهد وابن أبي الدنيا وأبططو نعيططم والططبيهقي وابططن‬
‫عساكر عن جليس وهب بن منبه قال رأيت رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم في المنام فقلت يا رسول الله اين بدلء أمتك فأومططأ‬
‫بيده نحو الشام قلت يا رسول الله أمططا بططالعراق منهططم أحططد قططال‬
‫بلى محمد بن واسع وحسان بن أبي سنان ومالك بن دينططار الططذي‬
‫يمشي في الناس بمثل زهد أبي ذر في زمططانه‪ .‬واخططرج أبططو نعيططم‬
‫عن داود بن يحيى بن يمان قال رأيت رسول الله صلى الله عليططه‬
‫وسلم في النوم فقلت يا رسول اللططه مططن البططدال قططال الططذين ل‬
‫يضربون بأيديهم شططيئا وأن وكيططع بططن الجططراح منهططم‪ ،‬وأخططرج ابططن‬
‫عساكر عن أبي مطيع معاوية بن يحيى أن شيخا من أهططل حمططص‬
‫خرج يريد المسجد وهو يرى أنه قد أصبح فإذا عليه ليل فلما صار‬
‫تحت القبة سمع صوت جرس الخيل على البلط فإذا فوارس قططد‬
‫لقى بعضهم بعضا قال بعضهم لبعض من أين قططدمتم قططالوا أولططم‬
‫تكونوا معنا قالوا ل قالوا قدمنا من جنازة البديل خالد ابن معططدان‬
‫قالوا وقد مات ما علمنا بموته فمن استخلفتم بعده قططالوا أرطططأة‬
‫ابن المنذر فلما أصبح الشيخ حدث أصحابه فقالوا ما علمنا بموت‬
‫خالد بن معدان فلما كططان نصططف النهططار قططدم البريططد بخططبر مططوته‪.‬‬
‫وفي كفاية المعتقد لليافعي عن بعض أصحاب الشيخ عبططد القططادر‬
‫الكيلني قال خرج الشيخ عبد القادر من داره ليلة فنططاولته إبريقططا‬

‫‪306‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫فلم يأخذه وقصد باب المدرسة فانفتح له البططاب فخططرج وخرجططت‬
‫خلفه ثم عاد الباب مغلقا ومشى إلى قرب من باب بغداد فانفتططح‬
‫له فخرج وخرجت معه ثم عاد الباب مغلقا ومشى غير بعيططد فططإذا‬
‫نحن في بلد ل أعرفه فدخل فيططه مكانططا شططبيها بالربططاط وإذا فيططه‬
‫ستة نفر فبطادروا إلطى السطلم عليطه والتجطأت إلططى سطارية هنطاك‬
‫وسمعت من جانب ذلك المكططان أنينططا فلططم نلبططث إل يسططيرا حططتى‬
‫سكن النين ودخططل رجطل وذهطب إلططى الجهطة الطتي سطمعت فيهططا‬
‫النين ثم خرج يحمل شخصططا علططى عططاتقه ودخططل آخططر مكشططوف‬
‫الرأس طويل الشارب وجلس بين يدي الشيخ فأخذ عليططه الشططيخ‬
‫الشططهادتين وقططص شططعر رأسططه وشططاربه وألبسططه طاقيططة وسططماه‬
‫محمدا وقال لولئك النفر قد أمرت أن يكون هذا بدل عن الميططت‬
‫قالوا سمعا وطاعة ثم خرج الشيخ وتركهم وخرجت خلفه ومشينا‬
‫غير بعيطد وإذا نحطن عنطد بطاب بغطداد فانفتطح كطأول مطرة ثطم أتطى‬
‫المدرسة فانفتح له بابها ودخل داره فلما كان الغد أقسمت عليططه‬
‫أن يبين لي ما رأيت قال أما البلد فنهاوند وأما الستة فهم البدال‬
‫وصاحب النيططن سططابعهم كططان مريضططا فلمططا حضططرت وفططاته جئت‬
‫أحضره وأما الرجل الذي خرج يحمل شخصا فأبو العباس الخضططر‬
‫عليه السلم ذهب به ليتولى أمره وأما الرجل الططذي أخططذت عليططه‬
‫الشهادتين فرجل من أهل القسطنطينية كان نصططرانيا وأمططرت أن‬
‫يكون بدل عن المتوفي فأتى به فأسلم على يدي وهو الن منهم‪.‬‬
‫)فائدة( أخرج أبو نعيم في الحلية عططن أبططي يزيططد البسطططامي‬
‫أنه قيل له إنك من البدال السبعة الذين هم أوتاد الرض فقال أنا‬
‫كل السبعة‪.‬‬
‫)فائدة( أخرج الشيخ نصر المقدسي في كتاب الحجة على تارك‬
‫المحجة بسنده عن أحمد ابن حنبل أنه قيل له هل لله في الرض‬
‫أبدال قال نعم قيل من هم قال إن لم يكن أصحاب الحديث هم‬
‫البدال فما أعرف لله أبدال‪ .‬وقال الحافظ محب الدين بن النجار‬
‫في تاريخ بغداد أنشدنا محمد بن ناصر السلمي أنشدنا المبارك‬
‫بن عبد الجبار الصيرفي أنشدنا الحافظ أبو عبد الله محمد بن‬
‫علي بن عبد الله الصوري لنفسه‪:‬‬
‫عاب قوم علم الحديث وقالوا * هو علم طلبه جهال‬
‫عدلوا عن محجة العلم لما * دق عنهم فهم العلوم وقالوا‬
‫إنما الشرع يا أخي كتاب الله * ل هوية به ول إشكال‬

‫‪307‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫ثم من بعده حديث رسول الله * قاض يقضي إليه المآل‬
‫وطريق الثار تعرف بالنقط * طل وللنقل فاعلمنه رجال‬
‫همهم نقله ونفي الذي قد * وضعته عصابة ضلل‬
‫لم ينوا فيه جاهدين ولم تقط * ططعهم عن طلبه الشغال‬
‫وقضوا لذة الحياة اغتباطا * بالذي حرروه منه وقالوا‬
‫ورضوه من كل شيء بديل * فلعمري لنعم ذاك البدال‬
‫ولقد جاءنا عن السيد ألما * جد خلف العلياء فيهم مقال‬
‫أحمد المنتمي إلى حنبل أكط * طرم به فيه مفخر وجمال‬
‫إنه أبدال أمة المصطفى أحط * طمدهم حين تذكر البدال‬
‫)فائدة( قال سهل بن عبد الله‪ :‬صططارت البططدال أبططدال بأربعططة‬
‫قلة الكلم وقلة الطعام وقلة المنام واعططتزال النططام‪ ،‬وأخططرج أبططو‬
‫نعيم في الحلية عن بشر بن الحارث أنه سئل عططن التوكططل فقططال‬
‫اضطراب بل سكون رجل يضطططرب بجططوارحه وقلبططه سططاكن إلططى‬
‫الله تعالى ل إلى عمله وسططكون بل اضطططراب رجططل سططاكن إلططى‬
‫الله تعالى بل حركة وهذا عزيز وهو مططن صططفات البططدال‪ ،‬وأخططرج‬
‫عن معروف الكرخي قال من قال في كل يوم عشر مرات اللهم‬
‫أصلح أمة محمد اللهم فرج عن أمة محمد اللهم ارحم أمة محمططد‬
‫كتب من البدال‪ ،‬وأخرج عن أبي عبد الله النباجي قال إن أحببتططم‬
‫أن تكونوا أبدال فأحبوا ما شاء الله ومططن أحططب مططا شططاء اللططه لططم‬
‫ينزل به من مقادير الله شيء إل أحبه‪.‬‬
‫)فائدة( في كتاب كفاية المعتقد لليافعي نفعنا الله تعططالى بططه‬
‫قيل إنما سمي البدال أبدال لنهم إذا غابوا تبدل في مكانهم صور‬
‫روحانيططة تخلفهططم وبنططي علططى ذلططك مططا حكططي عططن الشططيخ مفططرج‬
‫الداماميلي أنه رآه بعض أصحابه يوم عرفة ورآه آخططر فططي مكططانه‬
‫من زاويته بدماميل لم يفطارقه فطي جميطع ذلطك اليطوم فلمطا رجطع‬
‫الحاج ذكر كل واحد منهما ذلك لصاحبه وتنازعطا فطي ذلطك وحلطف‬
‫كل بالطلق فاختصما إليه فأقرهما وأبقى كل منهما على الزوجية‬
‫فسئل عن الحكمة في عدم حنث الثنين مع كططون صططدق أحططدهما‬
‫يوجب حنث الخر فقال‪ :‬الططولي إذا تحقططق فططي وليتططه مكططن مططن‬
‫التصور في صطور عديطدة وتظهطر روحطانيته فطي وقطت واحططد فطي‬
‫جهططات متعططددة فالصططورة الططتي ظهططرت لمططن رآهططا بعرفططة حططق‬
‫والصورة التي رآها الخر في مكططانه فططي ذلططك الططوقت حططق وكططل‬
‫منهما صادق في يمينه ول يلزم من ذلك وجود شخص في مكانين‬

‫‪308‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫في وقت واحد لن ذلك إثبات تعدد الصور الروحانية ل الجسمانية‬
‫انتهى‪ .‬وقد قررت نظير ذلك في الروح بعد الموت في بططاب مقططر‬
‫الرواح في كتاب البرزخ قال شمس الداودي قطال مطؤلفه شطيخنا‬
‫رضي الله عنه وأرضاه ألفته يوم السبت ثططامن محططرم سططنة ثلث‬
‫وثمانين وثمانمائة أحسن الله ختامها بمحمد وآله أجمعين‪.‬‬

‫تنوير الحلك في إمكان رؤية النبي والملك‬


‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫الحمد لله وسلم على عباده الذين اصطططفى‪ .‬وبعططد فقططد كطثر‬
‫السؤال عن رؤية أرباب الحوال للنبي صلى الله عليه وسلم فططي‬
‫اليقظة وإن طائفة من أهل العصر ممططن ل قططدم لهططم فططي العلططم‬
‫بالغوا في إنكار ذلك والتعجب منططه وادعططوا أنططه مسططتحيل فططألفت‬
‫هذه الكراسة في ذلططك وسططميتها تنططوير الحلططك فططي إمكططان رؤيططة‬
‫النططبي والملططك ونبططدأ بالحططديث الصططحيح الططوارد فططي ذلططك‪ :‬أخططرج‬
‫البخاري ومسلم وأبو داود عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم من رآني في المنططام فسططيراني‬
‫في اليقظة ول يتمثل الشيطان بططي‪ ،‬وأخططرج الطططبراني مثلطه مططن‬
‫حديث مالك بن عبد الله الخثعمي ومن حديث أبي بكططرة‪ ،‬وأخططرج‬
‫الدارمي مثله من حططديث أبططي قتططادة‪ .‬قططال العلمططاء اختلفططوا فططي‬
‫معنطى قطوله فسطيراني فطي اليقظطة فقيطل معنطاه فسطيراني فطي‬
‫القيامة وتعقب بططأنه بل فططائدة فططي هططذا التخصططيص لن كططل أمتططه‬
‫يرونه يوم القيامة من رآه منهم ومن لم يططره‪ ،‬وقيططل المططراد مططن‬
‫آمن به في حياته ولم يره لكونه حينئذ غائبا عنه فيكون مبشرا له‬
‫أنه ل بد أن يططراه فططي اليقظططة قبططل مططوته‪ ،‬وقططال قططوم هططو علططى‬
‫ظاهره فمن رآه في النوم فل بد أن يراه في اليقظة يعني بعينططي‬
‫رأسه وقيل بعين في قلبه حكاهما القاضي أبو بكططر ابططن العربططي‪،‬‬
‫وقال المام أبو محمد بن أبي جمرة فططي تعليقططه علططى الحططاديث‬
‫التي انتقاها من البخاري‪ :‬هذا الحديث يدل على أنه من رآه صلى‬
‫الله عليه وسلم في النوم فسططيراه فططي اليقظططة وهططل هططذا علططى‬
‫عمومه في حياته وبعد مماته أو هذا كان في حياته وهل ذلك لكل‬
‫من رآه مطلقططا أو خططاص بمططن فيططه الهليططة والتبططاع لسططنته عليططه‬
‫السلم اللفططظ يعطططى العمططوم ومططن يططدعي الخصططوص فيططه بغيططر‬
‫مخصص منه صلى الله عليه وسلم فمتعسف قال وقططد وقططع مططن‬

‫‪309‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫بعض الناس عدم التصديق بعمومه وقططال علططى مططا أعطططاه عقلططه‬
‫وكيف يكون من قد مات يراه الحي في عالم الشططاهد قططال وفططي‬
‫قططول هططذا القططول مططن المحططذور وجهططان خطططران أحططدهما عططدم‬
‫التصديق لقول الصادق عليططه السططلم الططذي ل ينطططق عططن الهططوى‬
‫والثاني الجهل بقدرة القادر وتعجيزها كأنه لم يسططمع فططي سططورة‬
‫البقرة قصة البقرة وكيف قال الله تعالى )اضربوه ببعضططها كططذلك‬
‫يحيي الله الموتى( وقصة إبراهيططم عليططه السططلم فططي الربططع مططن‬
‫الطير وقصة عزير فالذي جعل ضرب الميت ببعططض البقططرة سططببا‬
‫لحياته وجعل دعاء إبراهيم سببا لحياء الطيور وجعل تعجب عزير‬
‫سببا لموته وموت حماره ثم لحيائها بعد مائة سنة قادر أن يجعل‬
‫رؤيته صلى الله عليه وسلم في النططوم سططببا لرؤيتططه فططي اليقظططة‬
‫وقد ذكر عن بعض الصحابة أظنه ابن عباس رضي الله عنهما أنططه‬
‫رأى النبي صلى الله عليه وسلم فططي النططوم فتططذكر هططذا الحططديث‬
‫وبقي يفكر فيه ثم دخططل علططى بعططض أزواج النططبي أظنهططا ميمونططة‬
‫فقص عليها قصته فقططامت وأخرجططت لططه مرآتططه صططلى اللططه عليططه‬
‫وسلم قال رضي الله عنه فنظرت في المرآة فرأيت صورة النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم ولم أر لنفسي صططورة قططال وقططد ذكططر عططن‬
‫بعض السلف والخلف وهلم جرا ممن كانوا رأوه صلى اللططه عليططه‬
‫وسلم في النوم وكانوا ممن يصططدقون بهططذا الحططديث فططرأوه بعططد‬
‫ذلططك فططي اليقظططة وسططألوه عططن أشططياء كططانوا منهططا متشوشططين‬
‫فأخبرهم بتفريجها ونص لهم على الوجوه التي منها يكطون فرجهطا‬
‫فجاء المر كذلك بل زيادة ول نقص قال والمنكر لهذا ل يخلططو إمططا‬
‫أن يصدق بكرامات الولياء أو يكذب بها فإن كان ممن يكذب بهططا‬
‫فقططد سططقط البحططث معططه فططإنه يكططذب مططا أثبتتططه السططنة بالططدلئل‬
‫الواضحة وإن كان مصدقا بها فهذه مططن ذلططك القبيططل لن الوليططاء‬
‫يكشططف لهططم بخططرق العططادة عططن أشططياء فططي العططالمين العلططوي‬
‫والسفلي عديدة فل ينكر هذا مع التصديق بططذلك انتهططى كلم ابططن‬
‫أبي جمرة‪ .‬وقوله إن ذلططك عططام وليططس بخططاص بمططن فيططه الهليططة‬
‫والتباع لسنته عليه السلم مراده وقوع الرؤية الموعططود بهططا فططي‬
‫اليقظة على الرؤية فططي المنططام ولططو مططرة واحططدة تحقيقططا لوعططده‬
‫الشريف الذي ل يخلف وأكثر ما يقع ذلك للعامة قبيل الموت عند‬
‫الحتضار فل يخرج روحه من جسده حتى يراه وفططاء بوعططده وأمططا‬
‫غيرهم فتحصل لهم الرؤية في طول حياتهم إمططا كططثيرا وإمططا قليل‬

‫‪310‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫بحسب اجتهادهم ومحافظتهم على السنة‪ ،‬والخلل بالسططنة مططانع‬
‫كبير أخرج مسلم في صحيحه عن مطرف قال قططال لططي عمططران‬
‫بن حصين قد كان يسلم علي حتى اكتويت فترك ثم تركت الكططي‬
‫فعاد وأخرج مسططلم مططن وجططه آخططر عططن مطططرف قططال بعططث إلططي‬
‫عمران بن حصين في مرضه الذي توفي فقال إنططي محططدثك فططإن‬
‫عشت فاكتم عني وإن مططت فحططدث بهططا إن شططئت إنططه قططد سططلم‬
‫ي‪ ،‬قططال النططووي فططي شططرح مسططلم معنططى الحططديث الول أن‬ ‫عل ط ّ‬
‫عمران بن حصين كانت به بواسير فكان يصبر على ألمها وكططانت‬
‫الملئكة تسلم عليه واكتوى وانقطع سلمهم عليه ثططم تططرك الكططي‬
‫فعاد سلمهم عليه‪ ،‬قال وقططوله فططي الحططديث الثططاني فططإن عشطت‬
‫فاكتم عني أراد به الخبار بالسلم عليه لنططه كططره أن يشططاع عنططه‬
‫ذلك في حياته لما فيه من التعرض للفتنة بخلف ما بعططد المططوت‪،‬‬
‫وقال القرطبي في شرح مسططلم يعنططي أن الملئكططة كططانت تسططلم‬
‫عليه إكراما له واحتراما إلى أن اكتوى فتركت السلم عليه ففيططه‬
‫إثبططات كرامططات الوليططاء انتهططى‪ ،‬وأخططرج الحططاكم فططي المسططتدرك‬
‫وصححه من طريق مطرف بن عبد الله عططن عمططران بططن حصططين‬
‫قال اعلم يا مطرف أنه كان يسلم على الملئكة عند رأسي وعند‬
‫البيت وعند باب الحجرة فلمططا اكتططويت ذهططب ذاك قططال فلمططا بططرأ‬
‫كلمه قال اعلم يا مطرف أنه عاد إلي الذي كنت اكتم علطي حطتى‬
‫أموت‪ .‬فانظر كيططف حجططب عمططران عططن سططماع تسططليم الملئكططة‬
‫لكونه اكتوى مع شدة الضرورة الداعية إلى ذلك لن الكططي خلف‬
‫السنة‪ ،‬قال البيهقي في شعب اليمان لطو كطان النهطي عطن الكطي‬
‫على طريق التحريم لم يكتططو عمططران مططع علمططه بططالنهي غيططر أنططه‬
‫ركب المكروه ففارقه ملططك كططان يسططلم عليططه فحططزن علططى ذلططك‬
‫وقال هذا القول ثم قد روي أنه عاد إليه قبل مططوته انتهططى‪ .‬وقططال‬
‫ابن الثير في النهاية يعنططي أن الملئكططة كططانت تسططلم عليططه فلمططا‬
‫اكتططوى بسططبب مرضططه تركططوا السططلم عليططه لن الكططي يقططدح فططي‬
‫التوكل والتسليم إلى الله والصبر على ما يبتلى بططه العبططد وطلططب‬
‫الشفاء من عنده وليس ذلك قادحا في جططواز الكططي ولكنططه قططادح‬
‫في التوكل وهي درجة عالية وراء مباشرة السططبات‪ ،‬وأخططرج ابططن‬
‫سعد في الطبقات عن قتادة أن الملئكة كانت تصافح عمران بن‬
‫حصين حتى اكتوى فتنحت عنه‪ ،‬وأخرج أبو نعيم فططي دلئل النبططوة‬
‫عططن يحيططى بططن سططعيد القطططان قططال مططا قططدم علينططا البصططرة مططن‬

‫‪311‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الصحابة أفضل من عمططران ابططن حصططين أتططت عليططه ثلثططون سططنة‬
‫تسلم عليه الملئكة من جوانب بيته‪ ،‬وأخرج الترمذي فططي تططاريخه‬
‫وأبو نعيم والبيهقي في دلئل النبوة عن غزالة قالت كان عمططران‬
‫بن حصين يأمرنا أن نكنس الدار ونسططمع السططلم عليكططم السططلم‬
‫عليكم ول نرى أحدا‪ ،‬قططال الترمططذي هططذا تسططليم الملئكططة‪ .‬وقططال‬
‫حجة السلم أبو حامد الغزالي في كتاب المنقذ مططن الضططلل ثططم‬
‫أنني لما فرغت من العلوم أقبلططت بهمططتي علططى طريططق الصططوفية‬
‫والقدر الذي اذكره لينتفع به أننططي علمططت يقينططا أن الصططوفية هططم‬
‫السططالكون لطططرق اللططه وأن سططيرهم وسططيرتهم أحسططن السططير‬
‫وطريقهم أحسن الطرق وأخلقهم أزكى الخلق بل لو جمع عقل‬
‫العقلء وحكمة الحكماء وعلم الواقفين علططى أسططرار الشططرع مططن‬
‫العلماء لغيروا شيئا من سيرهم وأخلقهم ويبدلوه بما هو خير منه‬
‫لم يجدوا إليه سبيل فإن جميع حركاتهم وسكناتهم في ظططواهرهم‬
‫وبواطنهم مقتبس وليس وراء نططور النبططوة علططى وجططه الرض نططور‬
‫يستضاء به إلى أن قال حتى أنهططم وهططم فططي يقظتهططم يشططاهدون‬
‫الملئكة وأرواح النبياء ويسمعون منهم أصططواتا ويقتبسططون منهططم‬
‫فوائد ثم يرتقي الحال من مشاهدة الصور والمثططال إلططى درجططات‬
‫يضيق عنها نطاق النطق هذا كلم الغزالي‪ ،‬وقال تلميذه القاضططي‬
‫أبو بكر بن العربي أحد أئمططة المالكيططة فططي كتططاب قططانون التأويططل‬
‫ذهبت الصوفية إلططى أنططه إذا حصططل للنسططان طهططارة النفططس فططي‬
‫تزكية القلب وقطع العلئق وحسم مواد أسباب الططدنيا مططن الجططاه‬
‫والمال والخلطة بالجنس والقبال على اللططه تعططالى بالكليططة علمططا‬
‫دائما وعمل مسططتمرا كشططفت لططه القلططوب ورأى الملئكططة وسططمع‬
‫أقولهم واطلع علططى أرواح النبيططاء وسططمع كلمهططم‪ ،‬ثططم قططال ابططن‬
‫العربي من عنده ورؤية النبياء والملئكة وسططماع كلمهططم ممكططن‬
‫للمؤمن كرامة وللكافر عقوبة انتهى‪ .‬وقال الشيخ عططز الططدين بططن‬
‫عبد السلم في القواعد الكططبرى وقططال ابططن الحططاج فططي المططدخل‬
‫رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة باب ضيق وقل مططن‬
‫يقع له ذلك إل من كان على صفة عزيز وجودها في هططذا الزمططان‬
‫بل عدمت غالبا مع أننا ل ننكر من يقع له هططذا مططن الكططابر الططذين‬
‫حفظهم الله في ظواهرهم وبواطنهم‪ .‬قال وقد أنكر بعض علمططاء‬
‫الظاهر رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة وعلططل ذلططك‬
‫بأن قال العين الفانية ل ترى العين الباقية والنبي صلى الله عليططه‬

‫‪312‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫وسلم في دار البقاء والرائي في دار الفناء‪ .‬وقد كططان سططيدي أبططو‬
‫محمد بن أبي جمرة يحططل هططذا الشططكال ويططرده بططأن المططؤمن إذا‬
‫مات يرى الله وهو ل يموت والواحططد منهططم يمططوت فططي كططل يططوم‬
‫سبعين مرة انتهى‪ .‬وقال القاضي شرف الدين هبة اللططه بططن عبططد‬
‫الرحيم البارزي في كتاب توثيق عرى اليمططان قططال الططبيهقي فططي‬
‫كتاب العتقاد النبيططاء بعططد مططا قبضططوا ردت إليهططم أرواحهططم فهططم‬
‫أحياء عند ربهم كالشهداء وقد رأى نبينططا صططلى اللططه عليططه وسططلم‬
‫ليلة المعراج جماعة منهم وأخبر وخبره صدق أن صلتنا معروضة‬
‫عليه وأن سلمنا يبلغه وأن الله تعالى حرم علططى الرض أن تأكططل‬
‫لحوم النبياء قال البارزي وقد سمع من جماعة مططن الوليططاء فططي‬
‫زماننا وقبله أنهم رأوا النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة حيا‬
‫بعد وفاته قال وقد ذكر ذلك الشيخ المام شيخ السلم أبو البيططان‬
‫نبا ابن محمد بن محفططوظ الدمشططقي فططي نظيمتططه انتهططى‪ .‬وقططال‬
‫الشيخ أكمططل الططدين البططابرتي الحنفططي فططي شططرح المشططارق فططي‬
‫حديث من رآني‪ :‬الجتماع بالشخصين يقظة ومناما لحصول ما به‬
‫التحاد وله خمسة أصول كلية الشتراك في الططذات أو فططي صططفة‬
‫فصاعدا أو في حال فصاعدا أو في الفعال أو في المراتططب وكططل‬
‫ما يتعقل من المناسططبة بيططن شططيئين أو أشططياء ل يخططرج عططن هططذه‬
‫الخمسة وبحسب قوته على ما به الختلف وضعفه يكثر الجتماع‬
‫ويقل وقد يقوى على ضده فتقوى المحبة بحيث يكططاد الشخصططان‬
‫ل يفترقان وقد يكون بالعكس ومن حصل الصول الخمسة وثبتت‬
‫المناسبة بينه وبين أرواح الكمل الماضين اجتمع بهططم مططتى شططاء‪.‬‬
‫وقال الشيخ صفي الدين بن أبططي المنصططور فططي رسططالته والشططيخ‬
‫عفيف الدين اليافعي في روض الرياحين قال الشيخ الكبير قططدوة‬
‫الشيوخ العارفين وبركة أهل زمانه أبو عبد الله القرشي لمططا جططاء‬
‫الغلء الكبير إلى ديار مصر توجهت لن ادعو فقيل لي ل تدع فمططا‬
‫يسمع لحد منكم في هذا المر دعاء فسططافرت إلططى الشططام فلمططا‬
‫وصلت إلططى قريططب ضططريح الخليططل عليططه السططلم تلقططاني الخليططل‬
‫فقلت يا رسول الله اجعل ضيافتي عندك الدعاء لهل مصر فدعا‬
‫لهم ففرج الله عنهم‪ .‬قال اليافعي وقوله تلقاني الخليل قول حق‬
‫ل ينكططره إل جاهططل بمعرفططة مططا يططرد عليهططم مططن الحططوال الططتي‬
‫يشاهدون فيها ملكططوت السططماء والرض وينظططرون النبيططاء أحيططاء‬
‫غير أموات كما نظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى موسى عليه‬

‫‪313‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫السططلم فططي الرض ونظططره أيضططا هططو وجماعططة مططن النبيططاء فططي‬
‫السماوات وسمع منهم مخاطبات وقططد تقططرر أن مططا جططاز للنبيططاء‬
‫معجزة جاز للوليططاء كرامططة بشططرط عططدم التحططدي‪ .‬وقططال الشططيخ‬
‫سراج الدين بططن الملقططن فططي طبقططات الوليططاء قططال الشططيخ عبططد‬
‫القادر الكيلني رأيططت رسططول اللططه صططلى اللططه عليططه وسططلم قبططل‬
‫الظهر فقال لي يا بني لم ل تتكلم قلت يا أبتاه أنططا رجططل أعجمططي‬
‫كيف أتكلم على فصحاء بغداد فقال افتح فاك ففتحتطه فتفطل فيططه‬
‫سططبعا وقططال تكلططم علططى النططاس وادع إلططى سططبيل ربططك بالحكمططة‬
‫والموعظة الحسنة فصليت الظهر وجلست وحضططرني خلططق كططثير‬
‫ي فرأيت عليا قائما بأزائي في المجلس فقال لي يا بني‬ ‫فارتج عل ّ‬
‫لم ل تتكلم قلت يا أبتاه قد ارتططج علططي فقططال افتططح فططاك ففتحتططه‬
‫فتفل فيه ستا فقلت لم ل تكملها سبعا قال أدبطا مططع رسططول اللطه‬
‫صلى الله عليه وسلم ثم توارى عني فقلت غواص الفكططر يغططوص‬
‫في بحر القلب على در المعارف فيستخرجها إلى سططاحل الصططدر‬
‫فينططادي عليهططا ترجمططان اللسططان فتشططتري بنفططائس أثمططان حسططن‬
‫الطاعة في بيوت أذن الله أن ترفع‪ .‬وقال أيضا في ترجمة الشيخ‬
‫خليفة بن موسى النهر ملكي كان كثير الرؤية لرسول اللططه صططلى‬
‫الله عليه وسلم يقظة ومناما فكان يقططال أن أكططثر أفعططاله متلقططاة‬
‫منه بأمر منه إمططا يقظططة وإمططا منامططا ورآه فططي ليلططة واحططدة سططبع‬
‫عشرة مرة قال له في إحداهن يا خليفة ل تضجر منططي كططثير مططن‬
‫الولياء مات بحسرة رؤيني‪ .‬وقططال الكمططال الدفططوي فططي الطططالع‬
‫السعيد في ترجمة الصفي أبي عبد الله محمد بن يحيى السواني‬
‫نزيططل أخميططم مططن أصططحاب أبططي يحيططى بططن شططافع كططان مشططهورا‬
‫بالصلح وله مكاشفات وكرامات كتب عنه ابن دقيططق العيططد وابططن‬
‫النعمان والقطب العسقلني وكان يذكر أنه يرى النبي صلى اللططه‬
‫عليه وسلم ويجتمع به‪ .‬وقال الشيخ عبد الغفار بن نططوح القوصططي‬
‫في كتابه الوحيططد مططن أصططحاب الشططيخ أبططي يحيططى أبططو عبططد اللططه‬
‫السواني المقيم بأخميم كان يخبر أنه يرى رسول الله صلى اللططه‬
‫عليه وسلم في كل ساعة حتى ل تكاد ساعة إل ويخبر عنه‪ .‬وقال‬
‫في الوحيد أيضا كان للشيخ أبي العبططاس المرسططي وصططلة بططالنبي‬
‫صلى الله عليه وسلم إذا سلم على النبي صلى الله عليططه وسططلم‬
‫رد عليه السلم ويجاوبه إذا تحدث معه‪ .‬وقططال الشططيخ تططاج الططدين‬
‫بن عطاء الله في لطائف المنن قططال رجططل للشططيخ أبططي العبططاس‬

‫‪314‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫المرسي يا سيدي صافحني بكفطك هطذه فإنطك لقيطت رجطال وبلدا‬
‫فقال والله ما صافحت بكفي هذه إل رسول الله صلى اللطه عليططه‬
‫وسلم‪ .‬قال وقال الشيخ لو حجططب عنططي رسططول اللططه صططلى اللططه‬
‫عليه وسلم طرفة عين ما عططددت نفسططي مططن المسططلمين‪ .‬وقططال‬
‫الشيخ صفي الدين بططن أبططي المنصططور فططي رسططالته والشططيخ عبططد‬
‫الغفار في الوحيططد حكططي عططن الشططيخ أبططي الحسططن الونططاني قططال‬
‫أخبرني الشيخ أبو العباس الطنجي قال وردت على سططيدي أحمططد‬
‫بن الرفاعي فقططال لططي مططا أنططا شططيخك شططيخك عبططد الرحيططم بقنططا‬
‫فسافرت إلى قنططا فططدخلت علططى الشططيخ عبططد الرحيططم فقططال لططي‬
‫عرفت رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت ل قال رح إلى بيت‬
‫المقططدس فحيططن وضططعت رجلططي وإذا بالسططماء والرض والعططرش‬
‫والكرسي مملوءة من رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجعططت‬
‫إلى الشيخ فقال لي عرفت رسول اللططه صططلى اللططه عليططه وسططلم‬
‫قلططت نعططم قططال الن كملططت طريقتططك لططم تكططن القطططاب أقطابططا‬
‫والوتاد أوتادا والولياء أولياء إل بمعرفته صططلى اللططه عليططه وسططلم‬
‫وقال في الوحيططد وممططن رأيتططه بمكططة الشططيخ عبططد اللططه الدلصططي‬
‫أخبرني أنه لم تصح له صلة في عمره إل صلة واحدة قال وذلك‬
‫أني كنت بالمسجد الحرام فططي صططلة الصططبح فلمططا أحططرم المططام‬
‫وأحرمت أخذتني أخذة فرأيت رسول الله صلى الله عليططه وسططلم‬
‫يصلي إماما وخلفه العشرة فصليت معهططم وكططان ذلططك فططي سططنة‬
‫ثلث وسبعين وستمائة فقرأ صلى اللططه عليططه وسططلم فططي الركعططة‬
‫الولى سورة المدثر وفي الثانية عططم يتسططاءلون فلمططا سططلم دعططا‬
‫بهذا الدعاء‪ :‬اللهم اجعلنا هداة مهديين غيططر ضططالين ول مضططلين ل‬
‫طمعا في برك ول رغبة فيما عندك لن لططك المنططة علينططا بإيجادنططا‬
‫قبل أن لم نكن فلك الحمد على ذلططك ل إلططه إل أنططت‪ .‬فلمططا فططرغ‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسططلم سططلم المططام فعقلططت تسططليمه‬
‫فسلمت‪ .‬وقال الشيخ صفي الدين في رسططالته‪ :‬قططال لططي الشططيخ‬
‫أبو العباس الحرار دخلت على النبي صلى الله عليططه وسططلم مططرة‬
‫فوجدته يكتب مناشير للولياء بالولية وكتططب لخططي محمططد منهططم‬
‫منشورا قال وكان أخو الشيخ كبيرا في الوليططة كططان علططى وجهططه‬
‫نور ل يخفى على أحد أنه ولي فسألنا الشيخ عن ذلك فقططال نفططخ‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم في وجهه فأثرت النفخططة هططذا النططور‪.‬‬
‫قال الشيخ صفي الدين ورأيت الشيخ الجليل الكبير أبططا عبططد اللططه‬

‫‪315‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫القرطبي أجل أصحاب الشيخ القرشي وكان أكثر إقامته بالمدينططة‬
‫النبوية وكان له بالنبي صلى الله عليططه وسططلم وصططلة وأجوبططة ورد‬
‫للسلم حمله رسول الله صططلى اللططه عليططه وسططلم رسططالة للملططك‬
‫الكامل وتوجه بها إلى مصر وأداها وعاد إلى المدينة‪ ،‬قططال وممططن‬
‫رأيت بمصر الشيخ أبا العباس العسططقلني أخططص أصططحاب الشططيخ‬
‫القرشي زاهد مصر في وقته وكان أكططثر أوقططاته فططي آخططر عمططره‬
‫بمكة يقال أنه دخل مرة على النبي صلى الله عليه وسططلم فقططال‬
‫له النبي صلى الله عليه وسلم أخذ الله بيدك يا أحمد‪ .‬وحكي عن‬
‫بعض الولياء أنه حضططر مجلططس فقيططه فططروى ذلططك الفقيططه حططديثا‬
‫فقال له الولي هذا الحديث باطل فقال الفقيه ومن أيططن لطك هطذا‬
‫فقال هذا النبي صلى الله عليه وسلم واقططف علططى رأسططك يقططول‬
‫أني لم أقل هذا الحديث وكشف للفقيه فرآه‪ .‬وفططي كتططاب المنططح‬
‫اللهية في مناقب السادة الوفائية لبن فارس قال سمعت سيدي‬
‫علي رضي الله عنه يقول كنت وأنا ابن خمس سنين أقرأ القططرآن‬
‫على رجل يقال له الشيخ يعقوب فأتيته يوما فرأيططت النططبي صططلى‬
‫الله عليه وسلم يقظة ل مناما وعليه قميص أبيض قطن ثم رأيططت‬
‫القميص علي فقال لي اقرأ فقرأت عليططه سططورة والضططحى وألططم‬
‫نشرح ثم غاب عني فلما أن بلغت إحدى وعشرين سططنة أحرمططت‬
‫لصلة الصبح بالقرافة فرأيت النبي صلى الله عليططه وسططلم قبالططة‬
‫وجهي فعانقني وقال لي )وأما بنعمة ربك فحدث( فأوتيت لسططانه‬
‫من ذلك الوقت انتهططى‪ .‬وفططي بعططض المجططاميع حططج سططيدي أحمططد‬
‫الرفاعي فلما وقف تجاه الحجرة الشريفة أنشد‪:‬‬
‫في حالة البعد روحي كنت أرسلها * تقبل الرض عني فهي‬
‫نائبتي‬
‫وهذه نوبة الشباح قد حضرت * فامدد يمينك كي تحظى بها‬
‫شفتي‬
‫فخرجت اليد الشريفة مططن القططبر الشططريف فقبلهططا‪ .‬وفططي معجططم‬
‫الشيخ برهان الدين البقاعي حدثني المططام أبططو الفضططل ابططن أبططي‬
‫الفضل النويري أن السيد نور الدين اليجي والد الشططريف عفيططف‬
‫الدين لما ورد إلى الروضة الشريفة وقال السلم عليك أيها النبي‬
‫ورحمة الله وبركاته وسمع من كان بحضرته قائل من القبر يقططول‬
‫وعليك السلم يا ولدي‪ .‬وقال الحافظ محب الدين بن النجططار فططي‬
‫تاريخه أخبرني أبو أحمد داود بن علي بن هبة الله بن المسلمة أنا‬

‫‪316‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫أبو الفرج المبارك بن عبد الله بططن محمططد بططن النقططور قططال حكططى‬
‫شيخنا أبو نصر عبد الواحد بن عبد الملك بن محمد بن أبططي سططعد‬
‫الصوفي الكرخي قال حججت وزرت النبي صلى الله عليه وسططلم‬
‫فبينا أنا جالس عند الحجرة إذ دخل الشيخ أبططو بكططر الططديار بكططري‬
‫ووقف بإزاء وجه النبي صلى الله عليه وسلم وقال السلم عليططك‬
‫يا رسول الله فسمعت صوتا من داخل الحجرة وعليك السططلم يططا‬
‫أبططا بكططر وسططمعه مططن حضططر‪ .‬وفططي كتططاب مصططباح الظلم فططي‬
‫المستغيثين بخير النام للمام شمس الدين محمد بن موسى بططن‬
‫النعمان قال سمعت يوسف بن علططي الزنططاني يحكططي عططن امططرأة‬
‫هاشمية كانت مجاورة بالمدينة وكان بعططض الخططدام يؤذيهططا قططالت‬
‫فاستغثت بالنبي صلى الله عليه وسلم فسمعت قائل من الروضة‬
‫ي أسوة فاصططبري كمططا صططبرت أو نحططو هططذا قططالت‬ ‫يقول أما لك ف ّ‬
‫فزال عني ما كنت فيه ومات الخدام الثلثة الذين كانوا يططؤذونني‪.‬‬
‫وقال ابن السمعاني في الدلئل أخبرنا أبو بكر هبة الله بن الفرج‬
‫أخبرنا أبو القاسم يوسف بن محمد ابطن يوسطف الخطيطب أخبرنطا‬
‫أبو القاسم عبد الرحمن بن عمر بن تميم المؤدب حدثنا علي بططن‬
‫إبراهيم بن علن أخبرنا علي بن محمد بن علططي حططدثنا أحمططد بططن‬
‫الهيثم الطائي حدثني أبي عن أبيه عن سلمة بططن كهيططل عططن أبططي‬
‫صادق عن علي بن أبي طططالب رضططي اللططه عنططه قططال قططدم علينططا‬
‫أعرابي بعد ما دفنطا رسطول اللطه صطلى اللطه عليطه وسطلم فرمطى‬
‫بنفسه على قبر النبي صلى الله عليه وسلم وحثا من ترابططه علططى‬
‫رأسه وقال يا رسول الله قلت فسمعنا قولططك ووعيططت عططن اللططه‬
‫فأوعينا عنططك وكطان فيمطا أنطزل اللطه عليططك )ولططو أنهطم إذ ظلمطوا‬
‫أنفسهم جاؤك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله‬
‫توابا رحيما( وقد ظلمت نفسي وجئتططك تسططتغفر لططي فنططودي مططن‬
‫القبر أنه قد غفر لك‪ ،‬ثططم رأيططت فططي كتططاب مزيططل الشططبهات فططي‬
‫إثبات الكرامات للمططام عمططاد الططدن إسططماعيل بططن هبططة اللططه بططن‬
‫باطيس ما نصه‪ :‬ومن الدليل على إثبططات الكرامططات آثططار منقولططة‬
‫عن الصحابة والتابعين فمن بعدهم منهم المام أبططو بكططر الصططديق‬
‫رضي الله عنططه قططال لعائشططة رضططي اللططه عنهططا إنمططا همططا أخططواك‬
‫وأختاك قططالت هططذان أخططواي محمططد وعبططد الرحمططن فمططن أختططاي‬
‫وليس لطي إل أسطماء فقطال ذو بططن ابنطة خارجطة قطد ألقطى فطي‬
‫روعي أنهططا جاريططة فولططدت أم كلثططوم‪ .‬ومنهططم عمططر بططن الخطططاب‬

‫‪317‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫رضي الله عنه في قصة سارية حيطث نطادى وهطو فطي الخطبطة يطا‬
‫سارية الجبل الجبل فأسمع الله سارية كلمه وهو بنهاوند‪ ،‬وقصته‬
‫مع نيل مصر ومراسلته إياه وجريانه بعد انقطاعه‪ .‬ومنهم عثمططان‬
‫بن عفان رضي الله عنه قال عبد الله بن سلم ثططم أتيططت عثمططان‬
‫لسلم عليه وهو محصور فقططال مرحبططا بططأخي رأيططت رسططول اللططه‬
‫صلى الله عليه وسلم في هذه الخوخة فقال يططا عثمططان حصططروك‬
‫قلت نعم قال عطشوك قلت نعم فأدلى لي دلوا فيه ماء فشربت‬
‫ي وبيططن كتفططي فقططال إن‬ ‫حتى رويت حتى أني لجد برده بيططن ثططدي ّ‬
‫شئت نصرت عليهم وإن شئت أفطرت عنططدنا فططاخترت أن أفطططر‬
‫عنده فقتل ذلك اليوم انتهى‪ .‬وهذه القصطة مشططهورة عططن عثمططان‬
‫مخرجة في كتب الحديث بالسناد أخرجها الحارث بن أبي أسططامة‬
‫في مسنده وغيره وقد فهم المنصف منها أنها رؤية يقظة وإن لم‬
‫يصلح عدها في الكرامات لن رؤية المنام يسططتوي فيهططا كططل أحططد‬
‫وليست من الخوارق المعدودة في الكرامات ول ينكرها من ينكططر‬
‫كرامات الولياء‪ .‬ومما ذكره ابططن بططاطيس فططي هططذا الكتططاب قططال‬
‫ومنهم أبو الحسين محمد بن سمعون البغدادي الصوفي قططال أبططو‬
‫طاهر محمد بن علي العلن حضرت أبا الحسين بن سمعون يومطا‬
‫في مجلس الوعظ وهو جالس على كرسيه يتكلم فكان أبو الفتح‬
‫القواس جالسا إلى جنب الكرسي فغشيه النعططاس ونططام فأمسططك‬
‫أبو الحسين ساعة من الكلم حتى استيقظ أبو الفتح ورفع رأسططه‬
‫فقال له أبو الحسين رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في نومططك‬
‫قال نعم قال أبططو الحسططين لططذلك أمسططكت عططن الكلم خططوف أن‬
‫تنزعج وينقطع ما كنت فيططه‪ .‬فهططذا يشططعر بططأن ابططن سططمعون رأى‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم يقظة لما حضططر ورآه أبططو الفتططح فططي‬
‫نومه‪ ،‬وقال أبو بكر بن أبيض في جزئه سططمعت أبططا الحسططن بنانططا‬
‫الحمال الزاهد يقول حدثني بعض أصحابنا قططال كططان بمكططة رجططل‬
‫يعرف بابن ثابت قد خرج من مكة إلى المدينة سططتين سططنة ليططس‬
‫إل للسلم على رسول الله صلى اللططه عليططه وسططلم ويرجططع فلمططا‬
‫كان في بعض السنين تخلف لشغل أو سبب فقال بينططا هططو قاعططد‬
‫في الحجرة بين النائم واليقظططان إذا رأى النططبي صططلى اللططه عليططه‬
‫وسلم وهو يقول يا ابن ثابت لم تزرنا فزرناك‪.‬‬
‫)تنبيهات( الول‪ :‬أكثر ما تقع رؤية النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫في اليقظة بالقلب ثططم يططترقى إلططى أن يططرى بالبصططر‪ ،‬وقططد تقططدم‬

‫‪318‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫المران في كلم القاضي أبي بكر بن العربي لكن ليسططت الرؤيططة‬
‫البصرية كالرؤية المتعارفة عند النططاس مططن رؤيططة بعضططهم لبعططض‬
‫وإنمططا هطي جمعيطة حاليططة وحالطة برزخيطة وأمططر وجطداني ل يطدرك‬
‫حقيقته إل من باشره‪ .‬وقد تقدم عططن الشططيخ عبططد اللططه الدلصططي‬
‫فلما أحرم المام وأحرمت أخذتني أخذة فرأيت رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم فأشار بقوله أخذه إلى هذه الحالططة‪ .‬الثططاني‪ :‬هططل‬
‫الرؤية لذات المصطفى صلى الله عليه وسلم بجسططمه وروحططه أو‬
‫لمثاله؟ الذين رأيتهم من أرباب الحوال يقولون بالثاني وبه صرح‬
‫الغزالي فقال ليس المراد أنه يرى جسمه وبدنه بل مثال له صططار‬
‫ذلك المثال آلة يتأدى بها المعنى الذي في نفسه قال واللططة تططارة‬
‫تكون حقيقة وتارة تكون خيالية والنفس غير المثال المتخيل فمططا‬
‫رآه من الشكل ليس هو روح المصطفى ول شخصه بل هو مثططال‬
‫له على التحقيق قال ومثل ذلك من يرى اللططه تعططالى فططي المنططام‬
‫فإن ذاته منزهة عن الشكل والصورة ولكن تنتهططي تعريفططاته إلططى‬
‫العبد بواسطة مثال محسوس من نور أو غيره ويكون ذلك المثال‬
‫حقا في كونه واسطة في التعريف فيقول الرائي رأيططت اللططه فططي‬
‫المنام ل يعني أني رأيت ذات الله كما تقول في حق غيره انتهى‪.‬‬
‫وفصل القاضي أبو بكر بن العربي فقططال رؤيططة النططبي صططلى اللططه‬
‫عليه وسلم بصفته المعلومة إدراك على الحقيقة ورؤيته على غير‬
‫صفته إدراك للمثال‪ .‬وهذا الذي قاله فططي غايططة الحسططن ول يمتنططع‬
‫رؤية ذاته الشريفة بجسططده وروحططه وذلططك لنططه صططلى اللططه عليططه‬
‫وسلم وسائر النبيططاء أحيططاء ردت إليهططم أرواحهططم بعططد مططا قبضططوا‬
‫وأذن لهم بالخروج من قبورهم والتصططرف فططي الملكططوت العلططوي‬
‫والسفلي‪ .‬وقد ألف البيهقي جططزءا فططي حيططاة النبيططاء‪ .‬وقططال فططي‬
‫دلئل النبوة النبياء أحياء عند ربهططم كالشططهداء‪ .‬وقططال فططي كتططاب‬
‫العتقاد النبياء بعد ما قبضوا ردت إليهم أرواحهم فهم أحياء عنططد‬
‫ربهم كالشهداء‪ .‬وقال الستاذ أبو منصططور عبططد القططاهر بططن طططاهر‬
‫البغدادي المتكلمون المحققون مططن أصططحابنا أن نبينططا صططلى اللططه‬
‫عليططه وسططلم حططي بعططد وفططاته وأنططه يبشططر بطاعططات أمتططه ويحططزن‬
‫بمعاصي العصاة منهم وأنه تبلغه صلة من يصلي عليه مططن أمتططه‪.‬‬
‫وقال أن النبياء ل يبلون ول تأكططل الرض منهططم شططيئا‪ .‬وقططد مططات‬
‫موسى في زمانه فأخبر نبينا صلى الله عليططه وسططلم أنططه رآه فططي‬
‫قبره مصليا‪ .‬وذكر في حديث المعراج أنه رآه في السماء الرابعة‬

‫‪319‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫ورأى آدم وإبراهيم وإذا صح لنا هذا الصططل قلنططا نبينططا صططلى اللططه‬
‫عليه وسلم قد صار حيا بعد وفاته وهططو علططى نبططوته انتهططى‪ .‬وقططال‬
‫القرطبي في التذكرة في حديث الصعقة نقل عن شيخه‪ :‬المططوت‬
‫ليس بعدم محض وإنما هو انتقال من حال إلى حططال ويططدل علططى‬
‫ذلططك أن الشططهداء بعططد قتلهططم ومططوتهم أحيططاء يرزقططون فرحيططن‬
‫مستبشططرين وهططذه صططفة الحيططاء فططي الططدنيا وإذا كططان هططذا فططي‬
‫الشهداء فالنبياء أحق بذلك وأولططى‪ .‬وقططد صططح أن الرض ل تأكططل‬
‫أجساد النبياء وأنطه صطلى اللطه عليطه وسطلم اجتمطع بالنبيطاء ليلطة‬
‫السراء في بيت المقدس وفي السماء ورأى موسى قائما يصلي‬
‫في قبره وأخبر صلى الله عليه وسلم أنطه يطرد السططلم علططى كطل‬
‫من يسلم عليه إلى عير ذلك مما يحصل مططن جملتططه القطططع بططأن‬
‫موت النبياء إنما هو راجع إلى أن غيبوا عنا بحيث ل نططدركهم وإن‬
‫كانوا موجودين أحياء وذلك كالحال في الملئكة فططإنهم موجططودين‬
‫أحياء ول يراهم أحد من نوعنا إل مططن خصططه اللططه تعططالى بكرامتططه‬
‫انتهططى‪ .‬وأخططرج أو يعلططى فططي مسططنده والططبيهقي فططي كتططاب حيططاة‬
‫النبياء عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال النبياء أحياء‬
‫في قبورهم يصلون‪ ،‬وأخرج البيهقي عططن أنططس عططن النططبي صططلى‬
‫الله عليه وسلم قال أن النبياء ل يتركون في قبورهم بعد أربعيططن‬
‫ليلة ولكنهم يصلون بين يدي الله تعططالى حططتى ينفططخ فططي الصططور‪.‬‬
‫وروى سفيان الثوري في الجامع قال قال شيخ لنا عن سططعيد بططن‬
‫المسيب قال ما مكث نبي في قبره أكثر مططن أربعيططن ليلططة حططتى‬
‫يرفع‪ .‬قال الططبيهقي فعلططى هططذا يصططيرون كسططائر الحيططاء يكونططون‬
‫حيططث ينزلهططم اللططه تعططالى‪ .‬وروى عبططد الططرزاق فططي مصططنفه عططن‬
‫الثوري عن أبي المقدام عن سعيد ابططن المسططيب قططال مططا مكططث‬
‫نبي في الرض أكثر من أربعين يوما‪ ،‬وأبو المقططدام هططو ثططابت بططن‬
‫هرمز شيخ صالح وأخرج ابططن حبططان فططي تططاريخه والطططبراني فططي‬
‫الكبير وأبو نعيم في الحلية عن أنس قال قال رسططول اللططه صططلى‬
‫الله عليه وسلم ما مططن نططبي يمططوت فيقيططم فططي قططبره إل أربعيططن‬
‫صباحا‪ .‬وقال إمام الحرمين في النهاية ثططم الرافعططي فططي الشططرح‬
‫روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال أنا أكرم علطى ربططي مططن‬
‫أن يتركني في قبري بعد ثلث‪ ،‬زاد إمام الحرمين وروي أكثر مططن‬
‫يومين‪ .‬وذكر أبو الحسن بططن الزاغططوني الحنبلططي فططي بعططض كتبططه‬

‫‪320‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫حديثا ان الله ل يترك نبيا في قططبره أكططثر مططن نصططف يططوم‪ .‬وقططال‬
‫المام بدر الدين بن الصاحب في تذكرته‪.‬‬
‫)فصل( في حياته صلى الله عليه وسلم بعد موته في الططبرزخ‬
‫وقد دل علططى ذلططك تصططريح الشططارع وإيمططاؤه ومططن القططرآن قططوله‬
‫تعالى )ول تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عنططد‬
‫ربهم يرزقون( فهذه الحالة وهي الحياة فططي الططبرزخ بعططد المططوت‬
‫حاصلة لحاد المة من الشهداء وحالهم أعلى وأفضططل ممططن تكططن‬
‫له هذه الرتبة ل سيما في البرزخ ول تكططون رتبططة أحططد مططن المططة‬
‫أعلى من رتبة النبي صلى الله عليططه وسططلم بططل إنمططا حصططل لهططم‬
‫هططذه الرتبططة بططتزكيته وتبعيتططه وأيضططا فإنمططا اسططتحقوا هططذه الرتبططة‬
‫بالشهادة والشهادة حاصلة للنبي صلى الله عليه وسلم علططى أتططم‬
‫الوجوه وقال عليه السلم مررت على موسى ليلة أسري بي عند‬
‫الكثيب الحمر وهو قائم يصلي في قبره‪ .‬وهذا صطريح فطي إثبطات‬
‫الحياة لموسى فإنه وصفه بالصلة وأنططه كططان قائمططا ومثططل هططذا ل‬
‫يوصف به الروح وإنما وصف بططه الجسططد‪ ،‬وفططي تخصيصططه بططالقبر‬
‫دليل على هذا فإنه لو كان من أوصاف الروح لم يحتج لتخصيصططه‬
‫بالقبر فإن أحدا لم يقل ان أرواح النبياء مسجونة فططي القططبر مططع‬
‫الجساد وأرواح الشهداء أو المؤمنين في الجنة‪ .‬وفي حططديث ابططن‬
‫عباس سرنا مططع رسططول اللططه صططلى اللططه عليططه وسططلم بيططن مكططة‬
‫والمدينة فمررنا بواد فقال أي واد هذا فقططالوا وادي الزرق فقططال‬
‫كأني أنظر إلى موسى واضعا أصبعيه في أذنيه له جؤار إلططى اللططه‬
‫بالتلبية مارا بهذا الوادي ثم سرنا حتى أتينا علططى ثنيططة قططال كططأني‬
‫أنظر إلى يونس علططى ناقططة حمططراء عليططه جبططة صططوف مططارا بهططذا‬
‫الوادي ملبيا‪ ،‬سئل هنا كيف ذكر حجهم وتلبيتهم وهم أموات وهططم‬
‫في الخرى وليست دار عمل وأجيب بأن الشهداء أحياء عند ربهم‬
‫يرزقون فل يبعد أن يحجوا ويصلوا ويتقربوا بما اسططتطاعوا وأنهططم‬
‫وإن كانوا في الخرى فإنهم في هذه الططدنيا الططتي هططي دار العمططل‬
‫حتى إذا فنيت مدتها واعتقبتها الخرى التي هي دار الجزاء انقطططع‬
‫العمل‪ .‬هذا لفظ القاضي عياض فإذا كططان القاضططي عيططاض يقططول‬
‫أنهم يحجون بأجسادهم ويفارقون قبورهم فكيف يستنكر مفارقططة‬
‫النبي صلى الله عليه وسططلم لقططبره فططإن النططبي صططلى اللططه عليططه‬
‫وسلم إذا كان حاجا وإذا كان مصليا بجسططده فططي السططماء فليططس‬
‫مططدفونا فططي القططبر انتهططى‪ .‬فحصططل مططن مجمططوع هططذا النقططول‬

‫‪321‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫والحاديث أن النبي صلى الله عليططه وسططلم حططي بجسططده وروحططه‬
‫وأنه يتصرف ويسير حيث شاء في أقطططار الرض وفططي الملكططوت‬
‫وهو بهيئته التي كان عليها قبل وفاته لططم يتبططدل منططه شططيء وأنططه‬
‫مغيب عن البصار كما غيبت الملئكة مع كونهم أحيططاء بأجسططادهم‬
‫فإذا أراد اللططه رفططع الحجططاب عمططن أراد إكرامططه برؤيتططه رآه علططى‬
‫هيئته التي هو عليهططا ل مططانع مططن ذلططك ول داعططي إلططى التخصططيص‬
‫برؤية المثال‪ .‬الثالث‪ :‬سئل بعضهم كيف يراه الططراؤن المتعططددون‬
‫في أقطار متباعدة فأنشد‪:‬‬
‫كالشمس في كبد السماء وضوؤها * يغشى البلد مشارقا‬
‫ومغاربا‬
‫وفي مناقب الشيخ تاج الدين بطن عططاء عطن بعطض تلمطذته قطال‬
‫حججططت فلمططا كنططت فططي الطططواف رأيططت الشططيخ تططاج الططدين فططي‬
‫الطواف فنويت أن أسلم عليه إذا فرغ من طوافه فلما فططرغ مططن‬
‫الططواف جئت فلططم أره ثططم رأيتطه فطي عرفطة كطذلك وفططي سطائر‬
‫المشاهد كذلك فلما رجعت إلى القاهرة سألت عن الشططيخ فقيططل‬
‫لي طيب فقلت هططل سططافر قططالوا ل فجئت إلططى الشططيخ وسططلمت‬
‫عليه فقال لي من رأيت فقلت يا سيد رأيتك فقال يا فلن الرجل‬
‫الكبير يمل الكون لططو دعططي القطططب مططن حجططر لجططاب فططإذا كططان‬
‫القطب يمل الكون فسيد المرسلين صلى اللططه عليططه وسططلم مططن‬
‫باب أولى‪ .‬وقد تقدم عن الشططيخ أبططي العبططاس الطنجططي أنططه قططال‬
‫وإذا بالسماء والرض والعرش والكرسي مملوءة من رسول اللططه‬
‫صلى الله عليه وسلم‪ .‬الرابع‪ :‬قال قائل يلزم علططى هططذا أن تثبططت‬
‫الصحبة لمن رآه‪ .‬والجواب أن ذلططك ليططس بلزم أمططا أن قلنططا بططأن‬
‫المرئي المثال فواضح لن الصحبة إنما تثبت برؤية ذاته الشططريفة‬
‫جسدا وروحا‪ .‬وإن قلنا المططرئي الططذات فشططرط الصططحبة أن يططراه‬
‫وهو في عالم الملك وهذه رؤية وهططو فططي عططالم الملكططوت وهططذه‬
‫الرؤية ل تثبت صحبته‪ .‬ويؤيد ذلك أن الحططاديث وردت بططأن جميططع‬
‫أمته عرضوا عليه فرآهم ورأوه ولططم تثبططت الصططحبة للجميططع لنهططا‬
‫رؤية في عالم الملكوت فل تفيد صحبته‪.‬‬
‫)خاتمططة( أخططرج أحمططد فططي مسططنده والخرائطططي فططي مكططارم‬
‫الخلق من طريق أبي العالية عن رجل من النصار قططال خرجططت‬
‫من أهلي أريد النبي صلى الله عليه وسططلم فططإذا بططه قططائم ورجططل‬
‫معه مقبل عليه فظننت أن لهمططا حاجططة قططال النصططاري لقططد قططام‬

‫‪322‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جعلت ارثي له مططن طططول‬
‫القيام فلما انصرف قلت يا رسول الله لقد قططام بططك هططذا الرجططل‬
‫حتى جعلت أرثى لك من طول القيام قال ولقططد رأيتططه قلططت نعططم‬
‫قلت أتدري من هو قلت ل قال ذاك جبريل مازال يوصيني بالجططار‬
‫حتى ظننت أنططه سططيورثه ثططم قططال أمططا إنططك لططو سططلمت رد عليططك‬
‫السلم‪ .‬وأخرج أبو موسى المططديني فططي المعرفططة عططن تميططم بططن‬
‫سلمة قال بينا أنا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ انصرف مططن‬
‫عنده رجل فنظرت إليه موليا معتما بعمامة قد أرسلها مططن وراءه‬
‫قلططت يططا رسططول اللططه مططن هططذا قططال هططذا جبريططل‪ .‬وأخططرج أحمططد‬
‫والطططبراني والططبيهقي فططي الططدلئل عططن حارثططة بططن النعمططان قططال‬
‫مررت علططى رسططول اللططه صططلى اللططه عليططه وسططلم ومعططه جبريططل‬
‫فسلمت عليه ومررت فلما رجعنا وانصرف النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم ومعه جبريل فسلمت عليه ومطررت فلمطا رجعنطا وانصطرف‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم قال هل رأيت الذي كططان معططي قلططت‬
‫نعم قال فإنه جبريل وقد رد عليك السلم‪ .‬وأخرج ابن سططعد عططن‬
‫حارثة قال رأيت جبريل من الدهر مرتين‪ .‬وأخرج أحمطد والطبيهقي‬
‫عن ابن عباس قلت كنت مع أبي عند رسول الله صلى الله عليططه‬
‫وسلم وعنده رجل يناجيه فكان كالمعرض عن أبي فخرجنا فقططال‬
‫لي أبي يا بني ألم تر إلى ابن عمك كالمعرض عني قلططت يططا أبططت‬
‫إنه كان عنده رجل يناجيه فرجع فقال يططا رسططول اللططه قلططت لعبططد‬
‫الله كذا كذا فقال أنه كان عندك رجططل يناجيططك فهططل كططان عنططدك‬
‫أحد قال وهل رأيته يا عبد الله قلت نعم قال ذاك جبريل هو الذي‬
‫يشغلني عنك‪ .‬وأخرج ابن سعد عن ابن عباس قال رأيططت جبريططل‬
‫مرتين‪ .‬وأخرج البيهقي عن ابن عباس قال عاد رسول الله صططلى‬
‫الله عليه وسلم رجل من النصار فلما دنا من منزله سمعه يتكلططم‬
‫في الداخل فلما دخل لم ير أحططدا فقططال رسططول اللططه صططلى اللططه‬
‫عليه وسلم من كنت تكلم قال يا رسول الله دخل علي داخل مططا‬
‫رأيت رجل قط بعدك أكرم مجلسا ول أحسن حديثا منه قططال ذاك‬
‫جبريل وإن منكم لرجططال لططو أن أحططدهم يقسططم علططى اللططه لبططره‪.‬‬
‫وأخرج أبو بكر بن أبي داود في كتاب المصاحف عططن أبططي جعفططر‬
‫قال كان أبو بكططر يسططمع مناجططاة جبريططل للنططبي صططلى اللططه عليططه‬
‫وسلم‪ .‬وأخرج محمد بططن نصططر المططروزي فططي كتططاب الصططلة عططن‬
‫حذيفة بن اليمان أنه أتى النبي صلى اللططه عليططه وسططلم فقططال لططه‬

‫‪323‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫بينما أنا أصلي إذ سمعت متكلما يقول اللهم لك الحمد كلططه ولططك‬
‫الملك كله وبيدك الخير كله وإليك يرجع المر كله علنيتططه وسططره‬
‫أهل أن تحمد إنك على كل شيء قدير اللهم إغفططر لططي جميططع مططا‬
‫مضى من ذنوبي واعصمني فيما بقي مططن عمططري وارزقنططي عمل‬
‫زاكيا ترضى به عني فقال النبي صلى الله عليه وسططلم ذاك ملططك‬
‫أتاك يعلمك تحميد ربك‪ ،‬وأخرج محمد بططن نصططر عططن أبططي هريططرة‬
‫قال بينما أنا أصلي إذ سمعت متكلما يقول اللهم لططك الحمططد كلططه‬
‫قال فذكر الحديث نحوه‪ .‬وأخرج ابن أبي الططدنيا فططي كتططاب الططذكر‬
‫عطن أنطس بطن مالطك قطال قطال أبطي بطن كعطب لدخلطن المسطجد‬
‫فلصلين ولحمدن الله بمحامططد لططم يحمططده بهططا أحططد فلمططا صططلى‬
‫وجلس ليحمد الله ويثني عليه إذا هو بصوت عال من خلف يقططول‬
‫اللهم لك الحمد كله ولك الملك كله وبيدك الخير كله وإليك يرجع‬
‫المر كله علنيته وسره لك الحمد إنك على كل شيء قدير إغفططر‬
‫لي ما مضى من ذنوبي واعصمني فيما بقي من عمري وارزقنططي‬
‫أعمال زاكية ترضى بها عني وتب علططي فططأتى رسططول اللططه صططلى‬
‫الله عليه وسلم فقص عليه فقال ذاك جبريططل‪ .‬وأخططرج الطططبراني‬
‫والبيهقي عن محمد بططن مسططلمة قططال مططررت علططى رسططول اللططه‬
‫صلى الله عليه وسلم واضعا خده على خططد رجططل فلططم أسططلم ثططم‬
‫رجعت فقال لي ما منعك أن تسططلم قلططت يططا رسططول اللططه رأيتططك‬
‫فعلت بهذا الرجل شططيئا مططا فعلتططه بأحططد مططن النططاس فكرهططت أن‬
‫أقطع عليك حديثك فمن كان يا رسول اللططه قططال جبريططل‪ .‬وأخططرج‬
‫الحاكم عن عائشة قالت رأيططت جبريططل واقفططا فططي حجرتططي هططذه‬
‫ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينططاجيه فقلططت يططا رسططول اللططه‬
‫من هذا قططال بمططن شططبهته قلططت بدحيططة قططال لقططد رأيططت جبريططل‪.‬‬
‫وأخرج البيهقي عن حذيفة قال صلى بنططا رسططول اللططه صططلى اللططه‬
‫عليه وسلم ثم خرج فتبعته فإذا عارض قد عرض له فقطال لطي يطا‬
‫حذيفة هل رأيت العارض الذي عرض لي قلت نعم قال ذاك ملك‬
‫من الملئكة لم يهبط إلى الرض قبلها اسططتأذن ربططه فسططلم علططي‬
‫وبشرني بالحسن والحسططين أنهمططا سططيدا شططباب أهططل الجنططة وأن‬
‫فاطمة سيدة نسططاء أهططل الجنططة‪ .‬وأخططرج أحمططد والبخططاري تعليقططا‬
‫ومسلم والنسائي وأبو نعيم والبيهقي كلهما في دلئل النبوة عططن‬
‫أسيد بن حضير أنه بينما هو يقرأ من الليل سورة البقططرة وفرسططه‬
‫مربوطة عنده إذ جالت الفرس فسكت فسكنت ثططم قططرأ فجططالت‬

‫‪324‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫فسكت فسكنت فرفع رأسه إلى السططماء فططإذا هططي بمثططل الظلططة‬
‫فيها أمثال المصابيح عرجت إلى السماء حتى ما يراها فلما أصبح‬
‫حدث رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك فقال تلططك الملئكططة‬
‫دنت لصططوتك ولططو قططرأت لصططبحت تنظططر النططاس إليهططا ل تتططوارى‬
‫منهم‪ .‬وأخرج الواقدي وابن عساكر عن عبد الرحمططن ابططن عططوف‬
‫قال رأيت يوم بدر رجلين عن يمين النبي صلى اللططه عليططه وسططلم‬
‫أحدهما وعن يساره أحدهما يقططاتلن أشططد القتططال ثططم ثلثهمططا مططن‬
‫خلفه ثم ربعهما رابع أمامه‪.‬وأخرج إسحاق ابن راهويه في مسنده‬
‫وابن جرير في تفسيره وأبو نعيم البيهقي كلهما في دلئل النبطوة‬
‫عن أبي أسيد الساعدي رضي الله عنه أنه قال بعطد مطا عمطي لطو‬
‫كنططت معكططم ببططدر الن ومعططي بصططري لخططبرتكم بالشططعب الططذي‬
‫خرجت منه الملئكة ل أشك ول أتمارى‪ ،‬وأخرج البيهقي عططن أبططي‬
‫بردة بن نيار قال جئت يوم بدر بثلثة رؤوس فوضعتهن بيططن يططدي‬
‫النبي صلى الله عليططه وسططلم فقلططت يططا رسططول اللططه أمططا رأسططان‬
‫فقتلتهما وأما الثالث فإني رأيت رجل أبيض طويل ضططربه فأخططذت‬
‫رأسه فقال رسططول اللططه صططلى اللططه عليططه وسططلم ذاك فلن مططن‬
‫الملئكة‪ .‬وأخرج البيهقي عن ابن عباس قططال كططان الملططك يتصططور‬
‫في صورة من تعرفططون مططن النططاس يثبتططونهم فيقططول إنططي دنططوت‬
‫منهم فسمعتهم يقولطون لطو حملطوا علينطا مطا ثبتنطا ليسطوا بشطيء‬
‫فذلك قوله تعالى )إذ يوحي ربك إلى الملئكططة إنططي معكططم فثبتططوا‬
‫الذين آمنوا(‪ .‬وأخرج أحمد وابن سعد وابن جريططر وأبططو نعيططم فططي‬
‫الدلئل عن ابن عباس قطال كططان الططذي أسططر العبططاس أبططو اليسططر‬
‫كعب بن عمرو وكان أبو اليسططر رجل جموعططا وكططان العبططاس رجل‬
‫جسيما فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أبا اليسططر كيططف‬
‫أسرت العباس قال يا رسول الله لقد أعانني عليه رجل مططا رأيتططه‬
‫قبل ذلك ول بعده هيئته كذا وكططذا فقططال رسططول اللططه صططلى اللططه‬
‫عليه وسلم لقد أعانك عليه ملك كريم‪ ،‬وأخرج ابن سعد والبيهقي‬
‫عن عمار بن أبي عمار أن حمزة بن عبد المطلب قال يططا رسططول‬
‫الله أرني جبريل في صورته قال أقعد فقعططد فنططزل جبريططل علططى‬
‫خشبة كانت في الكعبة فقال النبي صلى الله عليططه وسططلم ارفططع‬
‫طرفك فرأى قدميه مثل الزبرجد الخضر‪ ،‬وأخرج ابن أبططي الططدنيا‬
‫في كتاب القبور والطبراني في الوسط عن ابن عمر قال بينا أنا‬
‫أسير بجنبططات بططدر إذ خططرج رجططل مططن حفططرة فططي عنقططه سلسططلة‬

‫‪325‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫فناداني يا عبد الله اسقني وخرج رجل من تلك الحفططرة فططي يططده‬
‫سوط فناداني يا عبد الله ل تسقه فإنه كططافر ثططم ضططربه بالسططوط‬
‫حتى عاد إلى حفرته فأتيت النبي صلى الله عليه وسططلم فططأخبرته‬
‫فقال لي أو قد رأيته نعم قال ذاك عدو الله أبو جهل وذاك عططذابه‬
‫إلى يوم القيامة‪ ،‬محل الستدلل رؤيته الرجططل الططذي خططرج عقبططه‬
‫وضربه بالسوط فإنه الملك الموكل بتعذيبه‪ ،‬وأخرج ابن أبي الدنيا‬
‫والطبراني وابن عساكر من طريق عروة بن رويم عططن العربططاض‬
‫بن سارية الصحابي رضي الله عنه أنه كان يحب أن يقبض فكططان‬
‫يدعو اللهم كبرت سني ووهن عظمي فاقبضني إليك قططال فبينمططا‬
‫أنا يوما في مسجد دمشق وأنا أصلي وأدعو أن أقبض إذا أنا بفتى‬
‫شاب من أجمل الرجال وعليططه رواج أخضططر فقططال مططا هططذا الططذي‬
‫تدعو به قلت وكيف أدعو قال قل اللهم حسن العمل وبلغ الجططل‬
‫قلت من أنت يرحمك الله قال أنا رتابيل الذي يسططل الحططزن مططن‬
‫صدور المؤمنين ثم ألتفت فلم أر أحدا‪ ،‬وأخرج ابططن عسططاكر فططي‬
‫تاريخه عن سعيد بن سنان قال أتيت بيت المقططدس أريططد الصططلة‬
‫فدخلت المسجد فبينما أنا على ذلك إذ سمعت خفيفا لطه جناحططان‬
‫قد أقبل وهو يقول سططبحان الططدائم القططائم سططبحان الحططي القيططوم‬
‫سبحان الملك القدوس سبحان رب الملئكة والروح سبحان اللططه‬
‫وبحمده سبحان العلي العلططى سططبحانه وتعططالى ثططم أقبططل خفيططف‬
‫يتلوه ويقول مثل ذلك ثم أقبل حفيططف بعططد حفيططف يتجططاوبون بهططا‬
‫حتى امتل المسجد فإذا بعضهم قريب مني فقال آدمي قلت نعططم‬
‫قال لروع عليك هذه الملئكة‪.‬‬
‫)تذنيب( ومما يمكططن أن يططدخل هنططا مططا أخرجططه أبططو داود مططن‬
‫طريق أبي عمير بن أنس عن عمومة له من النصار أن عبد اللططه‬
‫بن زيد قال يا رسططول اللطه إنططي لططبين نططائم ويقظططان إذ أتططاني آت‬
‫فأراني الذان وكان عمر بططن الخطططاب قططد رآه قبططل ذلططك فكتمططه‬
‫عشرين يوما‪ .‬وفي كتاب الصلة لبي نعيططم الفضططل بططن دكيططن أن‬
‫عبد الله بن زيد قال لول اتهامي لنفسي لقلت أني لم أكن نائمططا‪.‬‬
‫وفي سطنن أبطي داود مطن طريطق ابطن أبطي ليلطى جطاء رجطل مطن‬
‫النصار فقال يا رسول الله رأيت رجل كأن عليططه ثططوبين أخضططرين‬
‫فأذن ثم قعد قعدة ثم قططام فقططال مثلهططا إل أنططه يقططول قططد قططامت‬
‫الصلة ولول أن يقول النططاس لقلططت أنططي كنططت يقظانططا غيططر نططائم‬
‫فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد أراك الله خيرا‪ .‬فقال‬

‫‪326‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الشيخ ولي الدين العراقي فططي شططرح سططنن أبططي داود قططوله أنططي‬
‫لبين نائم ويقظان مشططكل لن الحططال ل يخلططو عططن نططوم أو يقظططة‬
‫فكان مراده أن نومه كان خفيفا قريبططا مططن اليقظططة فصططار كططأنه‬
‫درجة متوسطة بين النوم واليقظة‪ .‬قلت أظهر من هذا أن يحمططل‬
‫علططى الحالططة الططتي تعططتري أربططاب الحططوال ويشططاهدون فيهططا مططا‬
‫يشاهدون ويسمعون ما يسمعون والصحابة رضي الله عنهططم هططم‬
‫رؤس أرباب الحوال‪ .‬وقد ورد في عدة أحاديث أن أبا بكر وعمططر‬
‫وبلل رأوا مثل ما رأى عبد الله بن زيد‪ .‬وذكر إمام الحرميططن فططي‬
‫النهاية والغزالي في البسيط أن بضعة عشر مططن الصططحابة كلهططم‬
‫قد رأى مثل ذلك‪ .‬وفي الحديث الذي نادى بططالذان فسططمعه عمططر‬
‫وبلل وجبريل أخرجه الحارث بن أبي أسامة في مسططنده‪ ،‬ويشططبه‬
‫هذا ما أخرجه ابن عساكر في تاريخه عن محمد بن المنكدر قططال‬
‫دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبططي بكططر فططرآه ثقيل‬
‫فخرج من عنده فططدخل علططى عائشططة ليخبرهططا بوجططع أبططي بكططر إذ‬
‫دخل أبو بكر يستأذن فدخل فجعل النبي صططلى اللططه عليططه وسططلم‬
‫يتعجب لما عجل الله له من العافيطة فقططال مطا هطو إل أن خرجطت‬
‫من عندي فغفوت فأتاني جبريل عليه السططلم فسطططعني سطططعة‬
‫فقمت وقد برأت فلعل هذه حال ل غفوة نوم‪.‬‬

‫الفتاوى النحوية وما ضم إليها‬


‫مسألة ‪ -‬قول ابن المنصف حد النحو في الصطلح عبارة عن‬
‫العلم بأحكام مسططتنبطة مططن اسططتقراء كلم العططرب أعنططي أحكططام‬
‫الكلم في ذواتها وما يعرض لها بالتركيب‪،‬هل قوله وما يعرض لهططا‬
‫بأو أو بالواو وما معنى ذلك‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬هو بالواو قصد بذلك حد النحططو علططى مصطططلح أبيططه‬
‫الشامل للعراب والتصطريف معطا فأحكطام الكلطم فطي ذواتهطا هطو‬
‫المبحوث عنه في التصريف وما يعرض لها بالتركيب هو المبحوث‬
‫عنططه فططي العططراب ويطلططق النحططو إطلقططا آخططر علططى مططا يططرادف‬
‫العراب ويقابل التصريف وله حد غير ما ذكر‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬في قوله صلى الله عليه وسلم مططن شططهد أن ل إلططه‬
‫إل الله وأن محمدا رسول الله والجنة حق والنار حططق هططل الجنططة‬
‫بالرفع أو بالنصب‪.‬‬

‫‪327‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الجواب ‪ -‬هطو بالنصطب ل يجطوز غيطره لنطه الطذي يسطتقيم بطه‬
‫المعنى ول ينافي هذا قول النحاة يجوز الرفع بعد استكمال الخططبر‬
‫لنه حيث جاز أن يكون مستأنفا والستئناف هنا يخططل بططالمعنى إذ‬
‫يصير المراد الخبططار بططأن الجنططة حططق وليططس مططرادا وإنمططا المططراد‬
‫إدخاله في المشهور به فتعين النصب‪.‬‬
‫ي مططن‬ ‫مسألة ‪ -‬ما إعراب قوله صلى الله عليه وسلم حبب إل ّ‬
‫دنياكم ثلث النساء والطيب وقرة عيني في الصلة‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬ليس فططي الحططديث لفططظ ثلث وأمططا إعرابططه فحبططب‬
‫فعل مبني للمفعول والظرفان بعده متعلقان به والطيططب مرفططوع‬
‫به نائبا عن الفاعل والنسططاء معطططوف عليططه‪ .‬وأمططا بقيططة الحططديث‬
‫فلفظ وجعل قرة عيني في الصلة فقرة مفعول جعل الول أقيم‬
‫مقام فاعله لما بني للمفعول والجططار والمجططرور مفعططوله الثططاني‪.‬‬
‫ومن زاد في الحديث لفظة ثلث فقد وهمططوه لن الصططلة ليسططت‬
‫من أمور الدنيا فالمخصططوص بحبططه مططن أمططر الططدنيا اثنططان النسططاء‬
‫والطيب وهما بالنسبة إليه دين ل دنيا ولهذا قال مططن دنيططاكم ولططم‬
‫يقل من دنياي ول من الدنيا فأشار بهذه الضططافة إلططى أنهمططا مططن‬
‫دنيا الناس لنهم يقصدونهما للستلذاذ وحظوظ النفس وهو صلى‬
‫الله عليه وسلم منزه عن ذلك وإنما حبب إليه النساء لينقلن عنططه‬
‫محاسنه ومعجزاته الباطنة وأحكام الشططريعة الططتي ل يطلططع عليهططا‬
‫الرجال غالبا ولقيام بأودهن وليتشططرف أصططحابه بمصططاهرته وغيططر‬
‫ذلك من الفوائد الدينية وحبب إليه الطيب لملقاته الملئكططة وهططم‬
‫يحبونه ويكرهون الريح الخبيثة‪ .‬ولهذا امتنع من أكل الثططوم ونحططوه‬
‫لجل أن جبريل يأتيه‪ .‬وقططد ورد فططي الملئكططة أنهططم ل يططأكلون ول‬
‫يشربون ولكن يجدون الريح‪.‬‬
‫مسططألة ‪ -‬قططوله صططلى اللططه عليططه وسططلم للجاريططة الططتي دعتططه‬
‫لحاجتها اجلسي في أي سططكك المدينططة شططئت أجلططس إليططك‪ ،‬هططل‬
‫أجلس بالجزم أم بالرفع أم بالوجهين‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬المعروف في هذا وأمثططاله الجططزم وبططه ورد القططرآن‬
‫قال تعالى )قل لعبادي الذين آمنوا يقيمطوا الصطلة( والشططهر فططي‬
‫توجيهه أنه جواب شرط محذوف‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬قول الخزرجية‪:‬‬

‫‪328‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫إذا استكمل الجزاء بيت كحشوه * عروض وضرب ثم أو خولفت‬
‫وفا‬
‫علم رفع قوله عروض وضرب‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬عروض مبتدأ وضرب عطف عليه والجططار والمجططرور‬
‫وهططو كحشططوه الخططبر وتقططديمه هططو الططذي سططوغ البتططداء بططالنكرة‬
‫والتقدير كالحشو في الستكمال العروض والضرب‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬في قوله صلى الله عليه وسططلم فيمططا رواه البخططاري‬
‫لو كان ذاك وأنا حي فأستغفر لك‪ .‬هل لفظ فأستغفر بالنصططب أو‬
‫بالرفع‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬هو بالنصب بتقديران بعد الفاء في جواب لططو وهططي‬
‫للتمني ل للشرط على حد قوله تعططالى )فلططو أن لنططا كططرة فنكططون‬
‫من المؤمنين( ول يصح كون "لو" فططي الحططديث للشططرط لوجططوه‪:‬‬
‫أحدها‪ :‬إن هذا إخبار عن مستقبل ولو إنما تقع شرطا في المضي‬
‫وإذا وقع المضارع بعدها أول بالمضي‪ .‬الثاني‪ :‬أن لططو الشططرطية ل‬
‫يقع جوابها مضارعا بل ماضي اللفظ والمعنى‪ .‬الثالث‪ :‬أن جططواب‬
‫الشرط إذا كان مضططارعا ل يجططوز اقططترانه بالفططاء بالجمططاع فعلططم‬
‫بذلك كله أن لو هنا للتمني ل للشرط‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬في إعراب تركيطب وقطع فططي بعطض الكتططب نصططه ول‬
‫يمكن الوارث أخذها‪ ،‬هل الطوارث مرفطوع علطى الفاعليطة وأخطذها‬
‫بالنصب على المفعولية أو بالعكس‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬الوارث هو المفعول المنصوب وأخططذها هططو الفاعططل‬
‫المرفوع ل يجوز غير ذلك ومن عكس فهو عار مططن علططم العربيططة‬
‫بالكلية وذلك مأخوذ من قاعدة قررهطا أهطل النحطو واتفقطوا عليهطا‬
‫منهم الزجاجي في الجمل وابن هشام في المغني فقال إذا اشتبه‬
‫عليك الفاعل من المفعول فرد السم إلى الضمير فما رجططع إلططى‬
‫ضططمير المتكلططم المرفططوع فهططو الفاعططل ومططا رجططع إلططى ضططميره‬
‫المنصوب فهو المفعول‪ .‬قطال ابطن هشطام تقطول أمكطن المسطافر‬
‫السططفر بنصططب المسططافر لنططك تقططول أمكننططي السططفر ول تقططول‬
‫أمكنت السفر انتهى‪ .‬وكذلك التركيب المسططؤول عنططه لططو رجعططت‬
‫الوارث إلى الضططمير لقلططت فططي التكلططم ول يمكننططي أخططذها وفططي‬
‫الخطاب ول يمكنك أخذها وفي الغيبة ول يمكنه أخططذها فالضططمائر‬
‫كلها منصوبة وأخذها هو الفاعل وكذا الوارث الواقع موقعه‪ ،‬ومططن‬
‫ظن أن الوارث هو الفاعل لكونه من ذوي العقل دون الخططذ فهططو‬

‫‪329‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫في غاية الوهم كيف والمكطان وعطدمه إنمطا هطو متعلطق بالخطذ ل‬
‫بالوارث‪ .‬ومن نظائر ذلك قوله تعالى )كمثل غيث أعجططب الكفططار‬
‫نباته( وقوله تعالى )ل ينال عهدي الظالمين( في آيات أخططر تططرى‬
‫الفاعل فيها غير أولى العقل‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬فيمن سمع إنسانا ينشططد قططول العلمططة ناصططح الططدين‬
‫الرجاني‪:‬‬
‫هذا الزمان على ما فيه من كدر * حكى انقلب لياليه بأهليه‬
‫غدير ماء تراءى في أسافله * خيال قوم تمشوا في نواحيه‬
‫فالرأس ينظر منكوسا أسافله * والرجل ينظر مرفوعا أعاليه‬
‫فأعرب الططرأس مبتططدأ وينظططر المبنططي لمططا لططم يسططم فططاعله خططبر‬
‫والضمير المستتر فيه العائد إلى الرأس معمول لينظططر ومنكوسططا‬
‫حال منه وأسافل منصوب على الظرف والضمير المتصل به عائد‬
‫إلى الغدير وتقدير الكلم ينظر الرأس حال كونه منكوسا أسططافل‬
‫الغدير والظرف متعلق بينظر وكذا النصف الثاني فيكططون تقططديره‬
‫ينظر الرجل حال كونه مرفوعا في أعالي الغدير فيكططون الشططاعر‬
‫قد شبه رأس النسان برأس النسان والرجططل بالسططافل والغططدير‬
‫في حال تمثطل الشطكال فيطه منقلبطة بالزمطان فطي انقلبطه بطأهله‬
‫ومراتب العلو والسططفل الواقططع فططي الحسططن بمشططاهدة الشططكال‬
‫المنتكسة في الغدير الموهومة أنها سطوح وقيعان الغدير مراتب‬
‫الططدنيا ومناصططبها ويكططون سططكن يططاء أعططاليه للضططرورة فهططل هططذا‬
‫العراب صحيح مستقيم أو فاسد باطل أو له وجه ما في الجملططة‬
‫أو ما قاله من رد على هذا المعرب هو الصططواب وهططو أن أسططافل‬
‫مرفوع علططى أنططه معمططول لينظططر أعنططي أنططه النططائب عططن الفاعططل‬
‫والمراد به أعني السافل الرجل والضمير المتصل بططه عططائد إلططى‬
‫الرأس والمراد بالرأس هنا النسان من باب إطلق الجططزء وإرادة‬
‫الكل وإن هذا مثل قولهم فلن رأس بنططي فلن وعنططدي خمسططون‬
‫رأسا من البل ومنكوسططا حططال مططن الططرأس فيكططون تقططدير الكلم‬
‫ينظططر أسططافل النسططان حططال كططون النسططان منكوسططا فهططل هططذا‬
‫العراب صحيح وما اعتبره من مجططاز الططرأس معتططبر علقتططه بينططه‬
‫وقرينتططه الصططارفة عططن اللفططظ المسططتعمل عمططا وضططع لططه فططي‬
‫التخاطب صالحة أول لنه ل اعتبار لكون النسان شريفا أو وضيعا‬
‫بالنسبة إلى تمثطل خيطاله فطي الغطدير وإنمطا العتبطار فطي إنكطاس‬
‫الرأس المشبهة بصاحب الفضل والكمال والشططرف المعتططبر عنططد‬

‫‪330‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫أهططل النظططر والعقططل وارتفططاع الرجططل المشططبه بططأرذال النططاس‬
‫وسقاطهم على تقدير صحة كطل ذلطك هطل يتمشطى ذلطك لطه فطي‬
‫النصف الثاني من البيت وهل قول القائل إن إطلق الرأس علططى‬
‫النسان في مثل هذا الموضع أعني حيططث ل علقططة ول قرينططة لططم‬
‫يستعمله أحد من العططرب ول مططن غيرهططم مططن المولططدين وأربططاب‬
‫البلغة والفصاحة مثططل أن يقططال رأيططت رأسططا ويريططد شخصططا مططن‬
‫النسان من غير حصول قرينة تدل على ذلك وأن مثططل ذلططك غيططر‬
‫فصيح بل غير جائز وإن قيل بجوازه فهططو مسططتهجن غيططر مططألوف‬
‫صحيح وهل يكون قول القائل فططي جططواز ذلططك صططرح الصططوليون‬
‫بعدم اشتراط الوضع في المجاز سفسطة وهذيانا‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬العراب الول هو الصواب والثاني الذي قاله الراد خطأ‬
‫بالكلية ل وجه له ولو أعربه على وجه آخططر فقططال أن النططائب عططن‬
‫الفاعل ضمير ينظر وأسافله مرفوع بالوصف قبله على أنه نططائب‬
‫فاعل اسم المفعططول علططى حططد زيططد يصططبح مضططروبا غلمططه وكططذا‬
‫المصراع الثاني لكان له وجه في الجملة ومع إمكططان هططذا الططوجه‬
‫فالول هو الصواب‪ .‬ولهذا الططوجه قططادح خفططي‪ .‬وأمططا الططوجه الططذي‬
‫قاله الراد فل وجه له البتة وهو خطأ صراح والقدح فيه أظهر مططن‬
‫أن ينبه عليه وكيف يصح مططا ذكططره مططن المعنططى وهططو أن التقططدير‬
‫ينظر أسططافل النسططان حططال كططون النسططان منكوسططا وهططو ينظططر‬
‫بجملة أسافله وأعاليه معا وأيضا فل يتططم لططه التشططبيه الططذي عقططد‬
‫البيت لجله وأيضا فالنكس قلططب العلططى أسططفل ل عكسططه الططذي‬
‫قرره هذا الراد وهططو قلططب السططفل أعلططى فططذاك يسططمى رفعططا ل‬
‫نكسططا فلهططذا عططبر الشططاعر فططي الططرأس بمنكططوس وفططي الرجططل‬
‫بمرفوع ولو كان ما قططرره هططذا الططراد كططانت العبططارة فالنسططان أو‬
‫فالرأس أي النسان ينظر مرفوعة أسافله وأيضا فجعططل منكوسططا‬
‫حال َ من الرأس يقدح فيه بأمرين كونه مططن المبتططدأ وأكططثر النحططاة‬
‫على منعه وكونه يشعر بأن النسان إذا قام على الغدير يكون لططه‬
‫حالتان حالة يكون فيها منكوسا وحالة ل يكون فيها كططذلك وليططس‬
‫المر كذلك بل ل يكون إل منكوسططا والصططل فططي الحططال النتقططال‬
‫فإذا جعل حال مططن ضططمير ينظطر خل مطن هططذا القطادح واسطتعمال‬
‫الططرأس هنططا بمعنططى النسططان ل يمكططن تصططحيحه أمططا أول فلفسططاد‬
‫المعنى المراد من التشبيه الذي ساق الشططاعر الكلم لجلططه وأمططا‬
‫ثانيا فلن مقابلته بالرجل تأبى ذلك هذا هو المعول عليه هنططا فططي‬

‫‪331‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫إبطال ذلك‪ .‬وأما عدم القرينة والتنظير برأيت رأسا فل مدخل له‬
‫هنا‪ .‬وأما قططول القططائل فططي جططواب ذلططك صططرح الصططوليون بعططدم‬
‫اشتراط الوضع في المجاز فكلم غيطر واقطع مطوقعه ول لطه تعلطق‬
‫بالمقصود‪ .‬وهذا البيت ل تؤخذ معرفته من علم الصططول بططل مططن‬
‫علم البلغة وتوابعه وكذلك البيان والبديع والنشاء والترسل ونقططد‬
‫الشعر‪:‬‬
‫وللعلوم رجال يعرفون بها * وللدواوين كتاب وحساب‬
‫مسألة ‪ -‬ما الفرق بين المثيل والشبيه والنظير‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬المثيل أخص الثلثة والشبيه أعم من المثيل وأخص‬
‫مططن النظيططر والنظيططر أعططم مططن الشططبيه وبيططان ذلططك أن المماثلططة‬
‫تستلزم المشابهة وزيادة والمشابهة ل تستلزم المماثلططة فل يلططزم‬
‫أن يكون شبه الشططيء ممططا ثللططه والنظيططر قططد ل يكططون مشططابها‪.‬‬
‫وحاصل هذا الفرق أن المماثلة تقتضططي المسططاواة مططن كططل وجططه‬
‫والمشابهة تقتضي الشتراك في أكثر الوجططوه ل كلهططا والمنططاظرة‬
‫تكفي في بعض الوجوه ولو وجها واحدا يقال هذا نظيططر هططذا فططي‬
‫كذا وأن خالفه في سائر جهاته‪ ،‬ويؤيد هذا الذي قلته من المنقول‬
‫ما نقله الشيخ سعد الططدين فططي شططرح العقططائد عططن الشططعرية أن‬
‫المماثلة عندهم إنما تثبت بالشتراك في جميع الوصاف حططتى لططو‬
‫اختلفا في وصف واحد انتفت المماثلة وأما اللغويون فإنهم جعلوا‬
‫المثيل والشبيه والنظير بمعنى واحد‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬قول الداعي اللهم أرنا وجه نبينا وأوردنا حوضططه هططل‬
‫صوابه وأوردنا أو أردنا وهل بينهما فرق مططن جهططة المططادة والنقططل‬
‫والمعنى؟‪.‬‬
‫الجططواب ‪ -‬الصططواب أوردنططا مططن الططورود والماضططي أورد و‬
‫مضارعه يورد وأما أردنا فهو من الرادة ول معنى له هنا‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬في قوله صلى الله عليه وسلم أو مخرجي هم كيططف‬
‫عطف وهو إنشاء علططى قططول ورقطة إذ يخرجططك قومططك وهططو خططبر‬
‫وعطف النشاء على الخبر ل يجوز وأيضا فهو عطف جملططة علططى‬
‫جملة والمتكلم مختلف‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬القول بأن عطف النشططاء علططى الخططبر ل يجططوز هططو‬
‫رأى أهل البيططان والصططح عنططد أهططل العربيططة جططوازه وأهططل البيططان‬
‫يقدرون في مثل ذلك جملة بين الهمططزة والططواو وهططي المعطططوف‬
‫عليها فالتركيب سائغ على رأى أهل الفنين أما المجوزون لعطططف‬

‫‪332‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫النشاء على الخبر فواضح‪ .‬وأما المانعون فعلى التقططدير المططذكور‬
‫أقول ويصح أن تكون جملة الستفهام معطوفة على جملة التمني‬
‫في قوله ليتني أكون حيا إذ يخرجططك قومططك بططل هططذا هططو الظططاهر‬
‫فيكون المعطوف عليه أول الجملة ل ذيلها الذي هو ظرف متعلق‬
‫بها والتمني إنشططاء فهططو مططن عطططف النشططاء علططى النشططاء وأمططا‬
‫العطف على جملة فططي كلم الغيططر فسططائغ معططروف فططي القططرآن‬
‫والكلم الفصططيح قططال تعططالى )وإذا ابتلططى إبراهيططم ربططه بكلمططات‬
‫فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي(‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬قول الشاعر‪:‬‬
‫ومستودع عندي حديثا يخاف من * إذاعته في الناس أن ينفد‬
‫العمر‬
‫هل يجططوز أن يقططدر فيططه إلططى لن المعنططى ينحططل إلططى أن المططودع‬
‫يخاف إذاعة سره في الناس ما دام حيا إلى حين نفططاد عمططره أو‬
‫يمتنع تقدير إلى‪ ،‬وقول الخر‪:‬‬
‫ومودع سره عندي ويحذر أن * أبديه مني إلى أن ينفد العمر‬
‫هل دخول إلى في هذا البيت ممتنع وإذا لم يمتنططع فهططل يجططوز أن‬
‫يكون هذا البيت شاهدا على تقدير إلى في البيت الول‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬البيت الول وإن أمكن أن يقدر فيه إلططى علططى بعططد‬
‫لكن الظهر أن ل تقدر فيه لن أن ينفذ في محططل مفعططول يخططاف‬
‫فمتى قدر فيه إلى لططزم كططونه يخططاف بل مفعططول فيصططير المعنططى‬
‫ركيكا ولن تقدير إلى التي هي لنتهاء الغاية ل تكون إل بعد تقططدم‬
‫من التي هي لبتداء الغاية والبيت خال منها فيكططون تقططديرها مططن‬
‫حيث اللفظ ركيكا‪ .‬فلما اجتمع قي تقديرها ركاكة اللفظ والمعنى‬
‫وجب العدول عنه‪ .‬وأما البيت الثاني فمفعول يحططذر موجططود وهططو‬
‫أن وصلتها وابتداء الغاية موجود وهططو مططتى فجططاز أن يقابططل بططإلى‬
‫وكل بيت لططه معنططى يخصططه أوجططب ذلططك ثططم تططذكرت قاعططدة فططي‬
‫العربية تقتضي أن البيت الول ل يجوز تقدير إلى فيططه بططوجه مططن‬
‫ن المصططدريتين ل‬ ‫ن أن وأ ّ‬
‫الوجططوه وذلططك أن النحططاة نصططوا علططى أ ّ‬
‫يحذف معهما من حروف الجر إل ما دل عيه الفعل السابق لكونه‬
‫دى بذلك الحططرف فيقططال مثل عجبططت أن تقططوم فيقططدر مططن لن‬ ‫يع ّ‬
‫عجبت يتعدى بمن وفرحت أن تقوم فتقدر البططاء لن فططرح يتعططدى‬
‫بالباء ورغبت أن تجططئ فيقططدر فططي لن رغبططت يتعططدى بفططي وهططذا‬
‫البيت فيه من الفعال يخاف وهو إنما يتعططدى بمططن ل بططإلى ومططن‬

‫‪333‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫المعدية له موجودة فل يجوز تقدير إلى فيمططا بعططده لن الفعططل ل‬
‫يدل عليها‪ .‬وهذه قاعدة نفيسة ينبغي أن تحفظ‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬يا عالما فاق أهل العصططر والثططر * وزان أهططل النهططي‬
‫في الخبر والخبر‬
‫هل لم يطلع مضموم ويضبطها * بذاك ذاكرها في البدو والحضر‬
‫أو ينصبوها وضم اللم ذا خطأ * كما تفوه شخص من أولي الفكر‬
‫وما تحقق من قول الذين مضوا * وصنفوا كتبا في الصرف‬
‫للبشر‬
‫ل زال مجدك محروسا بأربعة * العز والنصر والقبال والظفر‬
‫الجواب ‪ -‬الحمد لله مزجي السحب بالمطر * ثم الصلة على‬
‫المختار من مضر‬
‫بالضم يطلع منقول وشاهده * تطلع على قوم المقروء في الزبر‬
‫مسألة ‪ -‬يا عالمططا زاده رب العل شططرفا * علططى رجططال سططموا‬
‫بالفضل والدب‬
‫هل رسم أرجو وأشباه لها كتبوا * بالواو مع ألف أمضوه في‬
‫الحقب‬
‫أو واوها آخرا فاكشف لنا كربا * ل زلت تنجدنا في السلم‬
‫والحرب‬
‫الجواب ‪ -‬الحمد لله حمدا دائما أبدا * ثططم الصططلة علططى خيططر‬
‫الهدى العربي‬
‫ما كان فعل لفرد ما به ألف * وفعل جمع به زد هذه تصب‬
‫مسألة ‪ -‬خطيب قال في خطبته والله لتشططربن كأسططا أمططالت‬
‫الرؤوس ودقت عنقا قالها بضططم الططدال فاعترضططه معططترض وقططال‬
‫إنما هي بفتح الدال مبني للفاعل وعنقا مفعول‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬الخطيب مصططيب والمعططترض مخطططئ ودقططت بضططم‬
‫الدال مبني للمفعول وعنقا تمييز محول عن النططائب عططن الفاعططل‬
‫وكان الصل أمالت الرؤوس ودقت أعناقها‪ .‬فلما حول أسند دقت‬
‫إلى ضمير الرؤوس وانتصب ما بعده تمييزا فططأفرد كمططا هططو مططن‬
‫قواعد التمييز ويوهي كونه بالفتح ونصب عنقا مفعططول الططذي جنططح‬
‫إليه المعترض كونه العنق بصيغة الفططراد والكططأس لططم تططدق عنقططا‬
‫واحدة بل دقت أعناقا كثيرة كما أمالت رؤوسا كثيرة فذكر العنق‬
‫بالفراد على أنهططا مفعططول فططي مقابلططة الططرؤوس الططتي هططي جمططع‬
‫ركيك‪.‬‬

‫‪334‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫مسألة ‪ -‬حديث كما تكونوا يولي عليكم لم حذفت النططون مططن‬
‫تكونوا دون ناصب وجازم‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬هذا الحديث روي هكذا بل نون فططي شططعب اليمططان‬
‫للبيهقي وغيره قد خرج على ثلثة أوجه‪ :‬أحدها‪ :‬أنه على لغة مططن‬
‫يحططذف النططون دون ناصططب وجططازم كقططول الشططاعر‪ :‬أبيططت أسططري‬
‫وتبيتي تدلكي‪ ،‬وخرج على هذه اللغة من الحديث قوله صلى اللططه‬
‫عليه وسلم ل تدخلوا الجنة حططتى تؤمنططوا ول تؤمنططوا حططتى تحططابوا‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬وهو رأى الكوفيين والمبرد أنه منصوب أورده شاهدا على‬
‫مذهبهم أن كما تنصب وعدوها من نواصب المضارع وهططو مططذهب‬
‫ضعيف‪ .‬والثالث أنه من تغييرات الرواة‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬قول الموثقين زوجا باب ما مدلول هذا اللفظ‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬مططدلوله كمططدلول مصططراعي البططاب وهمططا الفردتططان‬
‫المركبتان عليه قال في الصحاح‪ :‬الزوج خلف الفرد وكططل منهمططا‬
‫يسمى زوجا يقال هما زوجططان للثنيططن وهمططا زوج كمططا يقططال همططا‬
‫سيان وهما سواء وتقول اشتريت زوجي حمططام وأنططت تعنططي ذكططر‬
‫وأنثى وعندي زوجا نعل‪ .‬وقال تعالى )من كل زوجين اثنين(‬
‫مسألة ‪ -‬في إعراب تركيب وقع في بعض الكتب نصه يقضططي‬
‫بالشفعة دافعا عهططدتها الططدفع إلططى ذي اليططد هططل دافعططا حططال مططن‬
‫الفاعل وهو الدفع أو من النائب عنه وهو بالشفعة‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬الططوجه إعرابططه حططال مططن النططائب عططن الفاعططل وهططو‬
‫بالشفعة ل مطن الطدفع الطذي هطو فاعطل اسطم الفاعطل وهطو دافطع‬
‫والذي ذكر أنه حال منه إنما هططو تفسططير معنططى ل تفسططير إعططراب‬
‫وتفسير المعنى يتسمح فيه من غير مراعاة مططا تقتضططيه الصططناعة‬
‫العرابية والذي تقتضيه الصناعة قطعا هو كونه حال من بالشططفعة‬
‫وإن كان في المعنى إنما هو صفة للدفع فهططو حططال سططببية جاريططة‬
‫على غير من هي له كالصفة السببية والخبر السببي فهططو كقولططك‬
‫جئ بهند ضاربا أبوها عمططرا فضططاربا حططال مططن بهنططد ل مططن أبوهططا‬
‫الفاعل به وإن كان في المعنططى لططه ونظيططره فططي الصططفة مططررت‬
‫بامرأة ضارب أبوهططا عمططرا وفططي الخططبر هنططد ضططارب أبوهططا عمططرا‬
‫فضارب صفة لمرأة ل لبيها وخبر عن هند ل عططن أبيهططا وإن كططان‬
‫في المعنى إنما هو للب وتفكيططك العبططارة يقضططي بالشططفعة حططال‬
‫كونها دافعا عهدتها الدفع إلى آخره ول أعرب حال من الدفع لكان‬
‫حقه التأخير وحينئذ يصير التركيب يقضي بالشفعة الدفع إلططى ذي‬

‫‪335‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫اليد دافعا عهدتها وهذا التركيب مفلت غير ملتئم وأعجب من ذلك‬
‫أن يظططن أن دافعططا حططال مططن الططدفع وهططو فاعططل بططه‪ .‬وفططي ذلططك‬
‫محذوران من جهة العربية‪ :‬أحدهما أنه باعتبار كونه حال منه حقططه‬
‫التأخير عنه وباعتبار كونه عامل في الططدفع الفاعليططة حقططه التقططدم‬
‫عليه وهذان أمران متناقضان‪ .‬الثاني‪ :‬أن اسططم الفاعططل هنططا وهططو‬
‫دافع إنما سوغ عمله الفاعلية و المفعولية كونه حال كما تقرر في‬
‫العربية أنه إنما يعمل في مواضع مخصوصة منها كونه حال فل بططد‬
‫أن يكون حططال قبططل العمططل حططتى يصططح عملططه فل يصططح أن يعمططل‬
‫الفاعلية ثم يصير حال من الفاعل لنه عمططل قبططل وجططود الشططرط‬
‫وذلك باطل بالجماع‬
‫مسألة ‪ -‬في قول القاضي عياض في الفصل الخططامس عقططب‬
‫الكلم على آيططات النجططم‪ :‬اشططتملت هططذه اليططات علططى إعلم اللطه‬
‫تعالى بتزكية جملته صلى الله عليه وسلم وعصططمتها مططن الفططات‬
‫في هذا المسرى فزكى فؤاده ولسانه وجططوارحه وقططع فططي بعططض‬
‫النسخ فزكى قلبه بقوله تعالى )ما كذب الفؤاد( الية بالفاء وفططي‬
‫بعضها بالواو فهل يتعين التيان بالفططاء أو الططواو فططإن قلتططم بططالول‬
‫فما وجهه أو بالثاني فما وجهه‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬يتعين في مثل هذا التعبير بالفاء وهططي تفسطيرية ول‬
‫يجوز التعبير بالواو ومن أمعن النظر في القططرآن والحططديث وكلم‬
‫العرب والعلماء والبلغاء لم يمتر في ذلك فمططن أمثلططة ذلططك قططوله‬
‫تعالى )أهلكناها فجاءها بأسططنا( فططإن قططوله فجاءهططا بأسططنا تفسططير‬
‫لهلكنا والفاء تفسيرية‪ .‬وفي صططحيح البخططاري أنهططم شططكوا سططعدا‬
‫فشكوا أنه ل يحسن أن يصططلي قططال شططراحه الفططاء هنططا تفسططيرية‬
‫وقال جماعة في قوله تعالى )فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم(‬
‫إن الفاء في فاقتلوا تفسيرية لن توبتهم كانت نفس القتل‪ .‬وكططذا‬
‫قول صاحب الشفاء فزكى قلبه بقططوله إلططى آخططره تفسططير لقططوله‬
‫قبله فزكى فؤاده وقوله فزكى فططؤاده ولسططانه وجططوارحه تفسططير‬
‫لقوله اشتملت هذه اليات على إعلم الله بتزكية جملته والتعططبير‬
‫في مثل ذلك بالواو مخل بالمعنى والله أعلم‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬في تعريططف اللفططظ بالصططوت المشططتمل علططى بعططض‬
‫الحروف هل هو غير جامع وإذا قلتططم أنططه غيططر جططامع فلططم اقتصططر‬
‫عليه الموضح وغيره من النحاة مع أنه زاده في موضع آخر فقططال‬

‫‪336‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫هو الصوت المشتمل على بعض الحروف أو ما هو في قططوة ذلططك‬
‫وهو المراد بقول بعضهم بالفعل أو بالقوة‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬نعم هو غير جطامع لنطه يخطرج عنطه الحطرف الواحطد‬
‫كطواو العططف وفطائه وبططاء الجططر ولمططه إذ ل يقططال فطي الجططر أنطه‬
‫مشتمل علططى نفسططه‪ .‬وقططد اعططترض المحققططون بططذلك علططى ابططن‬
‫المنصف في حياته وسلمه‪ .‬قال بعضهم فالحسن تعريططف اللفططظ‬
‫بالصوت المعتمد على مقطع فططإنه تعريططف سططالم مططن كططل إيططراد‬
‫ولهذا عبرت به في شرحي‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬يا حبذا أنت الوسيلة والقصدا هل هو تركيططب صططحيح‬
‫أو ل وإذا كان صحيحا فما وجه نصب الوسيلة والقصد وهل يجططوز‬
‫رفعهما‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬النصب في مثططل هططذا واجططب لكططن شططرطه أن يقططع‬
‫نكرة واختلف هل هو حال أو تمييز كقططول الشططاعر أل حبططذا قومططا‬
‫سليم فإنه* وقول الخر‪:‬‬
‫حبذا الصبر شيمة لمرئ * رام مباراة مولع بالمعالي‬
‫فتعريفه إما على حد تعريف الحال في قراءة مططن قططرأ )ليخرجططن‬
‫العز منها الذل( أو التمييز في قوله *وطبت النفس يا قيس عن‬
‫عمرو* لكن يحتاج إلى ثبوت أن النحاة يجيططزون وقططوع المعططروف‬
‫بعد حبذا قبل مخصوصها أو بعده وهو شيء لم يصرحوا به ‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬في قول بعض الشعراء‪:‬‬
‫خذوا قودي من أسير الكلل * فواعجبا من أسير قتل‬
‫هل المراد به الجفون‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬الكلل هنا جمع كلة وهي ستر مربططع وقططال الهططروي‬
‫هو ستر رقيق يخاط كالبيت ويطلق أيضا على الهططودج والصططوامع‬
‫والقباب ول يصح إرادة الجفون هنا لن الشططاعر أراد بالسططير هنططا‬
‫المرأة المخدرة المحجوبة ول يصح أن تكون أسيرة لجفونها وإنما‬
‫أسير جفونها هو الشاعر نفسه‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬يا من غدا بمططراح الصططرف مشططغول * وحططاز مططا فيططه‬
‫منقول ومعقول‬
‫ما الراح سابق رحراح بخطبته * أفده من لغة بقيت منقول‬
‫موافقا للذي قال الشروح فكم * من فاضل صار بالفضال‬
‫مشمول‬
‫وقوله قيل مردوفا بآخره * بأجوف في بناء الفعل مجهول‬

‫‪337‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫فإن معلومه قد صرفوه إلى * حد ويقصر ذا عن حده طول‬
‫في بادئ الرأي يا من ل نظير له * ومن يرى عن خفايا العلم‬
‫مسئول‬
‫ل زلت في نعمة تبدي العلوم لمن * بالحق يعلم ما تبديه منقول‬
‫الجواب ‪ -‬لله حمدا أتى بالذكر مشمول * من مخلططص ل يططرى‬
‫بالغش معلول‬
‫ثم الصلة على الهادي وعترته * وصحبه الغر والتسليم منحول‬
‫الراح لفظ أتى في النقل مشتركا * له معان حكاها ذو يد طول‬
‫منها الراضي ذوات الستواء بها * نبت رأيناها في القاموس‬
‫منقول‬
‫وقيل صرفه كالمعلوم ل حذر * كالكلمتان أيا أهل النهي قيل‬
‫لزال فضلك منشورا بل كدر * مؤيدا برداء العز مشمول‬
‫مسألة ‪ -‬ما قولكم في جواب قول القائل‪:‬‬
‫يا بحر علم طافح رأينا * مقرونة بالغسل في المنهاج‬
‫بالرفع مضبوطا لمنشيه وقد * جوز فيه النصب للمحتاج‬
‫والقصد توجيه لكل منهما * ليرتوي من بحرك العجاج‬
‫الجواب ‪ -‬لله حمد والصلة للذي * قد خصه الوهاب بالمعراج‬
‫الرفع وصف نية لنها * نكرة تجري على المنهاج‬
‫والنصف وصف نية محذوفة * معمولة المذكور في المنهاج‬
‫مسألة ‪ -‬أيا علماء النحو هل مثل كافر * محلى بلم مثل جمع‬
‫منكر‬
‫لتحكم فيما بعد إل له تلت * بجر لوصف يا أخا المتفكر‬
‫فقد جاء في المنهاج ما هو موهم * وإن جاز غير النصب فامنن‬
‫وذكر‬
‫فأنت لها كهف وأنت ملذنا * فحمدا وشكرا للمليك الميسر‬
‫ونولي صلة تستدام على الرضا * وآل وصحب للنبي المبشر‬
‫الجواب ‪ -‬أل الحمد لله العلططي المقططدر * وأثنططى علططى الهططادي‬
‫النبي المبشر‬
‫محلى بلم الجنس تجري كجمعهم * وتتلى بالستثناء من غير‬
‫تنكر‬
‫فإن كان في نفي فأبدله متبعا * وإن شئت فانصبه بغير المشهر‬
‫وخرج على هذا الذي في عبارة الن * واوي في المرتد والجر‬
‫واذكر‬

‫‪338‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫وما صح في إل هنا الوصف ظاهرا * فإن شروط الوصف منها هنا‬
‫عري‬

‫فجر الثمد في إعراب أكمل الحمد‬


‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫مسألة ‪ -‬سئل شيخنا العلمة محي الدين الكافيجي فططي سططنة‬
‫أربع وسبعين وثمانمائة عن قول القائل الحمططد للططه أكمططل الحمططد‬
‫هل أكمل متعين النصب أو يجوز الجر فططإن ثططم مططن قططال بجططوازه‬
‫فوافقه الشيخ على جوازه بل وزاد ترجيحططه وألططف فططي المسططألة‬
‫مؤلفا قال فيه مطا ملخصطه‪ :‬أنطه وصططف سططببي للطه محططول أصطله‬
‫أكمل حمده فحول بالضافة وأنه نظير قولك مررت بالرجل قططائم‬
‫الب فإن أصله قبل التحويل مررت برجل قائم أبططوه فحططول إلططى‬
‫ما ترى فاستتر الضمير في اسم الفاعل وأضيف إلى الب وقولك‬
‫مررت بالرجل حسن الوجه فإن أصله مررت برجل حسططن وجهططه‬
‫وعلل ترجيحه بأنه ل يحتاج إلى إضمار والنصب يحتاج إلى إضططمار‬
‫هذا حاصل مطا ذكطره الشطيخ‪ .‬وأقطول المتعيطن فطي هطذا الطتركيب‬
‫النصب ول يجوز الجر ووجهه أنه نائب منططاب المصططدر المحططذوف‬
‫الذي هو في الصل وصف لططه تقططديره حمططدا أكمططل الحمططد‪ ،‬قططال‬
‫النحاة في باب المفعططول المطلططق ومنهططم ابططن مالططك فططي شططرح‬
‫الكافيططة وابططن هشططام فططي التوضططيح يقططوم مقططام المصططدر وصططفه‬
‫مضافا إليه كسرت أحسططن السططير ومثططل غيرهمططا بقولططك ضططربته‬
‫أشد الضرب ومثله في شرح التسهيل بقول ليلى الخيلية‪:‬‬
‫نظرت ودوني من عماية منكب * وبطن رداء أي نظرة ناظر‬
‫وبقول الخر *وضائع أي جرى ما أردت به * ونظيره قططوله تعططالى‬
‫)فل تميلوا كل الميل( فهذه المثلة كلها منصوبة على النيابططة عططن‬
‫المصدر والمثال مثلهططا‪ .‬وعلططم مططن ذلططك دفططع محططذورين وارديططن‬
‫أحدهما الضمار الذي فّر منه الشيخ فإنه إذا كان على وجه النيابة‬
‫ل إضمار بل يكون المصدر محذوفا وهططذا قططائم مقططامه نيابططة عنططه‬
‫والثططاني إنططه قططد يقططال إن المصططدر المقططدر نكططرة فكيططف يوصططف‬
‫بالمعرف بالضافة وقد علم أنه ل تقططدير ول إضططمار وإنمططا حططذف‬
‫أصل وأقيم مقامه وصفه مضافا إليه للبيان وكان أصله الحمد للططه‬
‫حمدا كمل بل إضافة هذا توجيه النصب‪ ،‬وأمططا امتنططاع الجططر فيكططاد‬
‫يكون بديهيا ل يقام عليه دليل فإن أكمل صفة للحمد قطعا ل لله‪.‬‬

‫‪339‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫أما أول فلن أوصافه تعالى توقيفيططة ولططم يططرد هططذا الوصططف فيهططا‬
‫وأما ثانيا فلن الصل عدم إطلق أفعل التفضيل في حطق اللطه إل‬
‫ما ورد مثل أكبر وأحسن الخططالقين لمططا يشططعر بالمشططاركة‪ .‬وأمططا‬
‫ثالثا فلن المقصود وصططف الحمططد المثبططت للططه بالكمليططة والبلططوغ‬
‫نهاية التمام ل وصف الله بذلك‪ .‬وأما رابعا فلن العلماء عبروا بما‬
‫يدل على أنه وصف للحمد ل لله أل تططرى إلططى قططول النططووي فططي‬
‫المنهاج أحمده أبلغ حمطد وأكملطه وأزكطاه وأشططمله فططأتى بطالجميع‬
‫صفات للحمد ومصادر له‪ .‬وقول الشططيخ أنططه نظيططر قولططك مططررت‬
‫بالرجل قائم الب مخالف لقواعد العربية من أربعة أوجططه‪ .‬الول‪:‬‬
‫أن هذا الطتركيب فاسطد ل يقطول أحطد بصطحته لن الرجطل معرفطة‬
‫وقائم الب نكرة فططإن إضططافته لفظيططة ل تفيططد التعريططف فل يصططح‬
‫وصف الرجل به وإنما توصف به النكرة كقططوله تعططالى )هطديا بطالغ‬
‫الكعبططة( وإنمططا يسططتقيم أن يقططال مثل برجططل قططائم الب وحينئذ‬
‫تستحيل المسألة وكذا مررت بالرجططل حسططن الططوجه‪ .‬الثططاني‪ :‬مططا‬
‫قاله من التحويل والضافة إلى المرفوع ل يجوز في اسم الفاعل‬
‫إجماعا بل هو من خواص الصططفة المشططبهة وألحطق بهطا فططي ذلطك‬
‫اسم المفعول نص عليه ابن مالك في كتبه وقال في اللفية وقططد‬
‫يضاف ذا )أي اسم المفعططول( إلططى اسططم مرتفططع معنططى كمحمططود‬
‫المقاصد الورع‪ ،‬وقططال فططي شططرح الكافيططة انفططرد اسططم المفعططول‬
‫بجواز إضافته إلططى مططا هططو مرفططوع معنططى نحططو زيططد يكسططو العبططد‬
‫ومحمود المقاصد‪ ،‬وقال أبو حيان في شرح التسهيل انفططرد اسططم‬
‫المفعول بجواز إضافته إلى مرفططوع بخلف اسططم الفاعططل فططإنه ل‬
‫يجوز إضافته إلى فاعله ل تقول فططي مططررت برجططل ضططارب أبططوه‬
‫زيدا برجل ضارب أبيططه زيططدا‪ .‬قططال الصططحيح أنهططا أيضططا فططي اسططم‬
‫المفعول إضافة من منصوب ل من مرفوع الثالث‪ :‬أن قوله أصططله‬
‫أكمل حمده يؤدي إلى استعمال أكمل مقطوعا عن الضافة ومططن‬
‫وهو أمر ل يعرف في أفعل التفضيل‪ .‬الرابع‪ :‬أن قططوله أن الصططل‬
‫أكمل حمده وأن الحمد فاعل وأنه حول عن الفاعليططة ثططم أضططيف‬
‫إليه فاستتر الضمير غفلة عظيمة عن قواعططد العربيططة فططإن أفعططل‬
‫التفضيل ل يرفع الظاهر أصل إل في مسألة الكحططل وهططذا المثططال‬
‫ليس من ضابطها بالجماع فبطل هذا القول بل نزاع والله أعلم‪.‬‬

‫ألوية النصر في خصيصى بالقصر‬

‫‪340‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫ي فططي ختططم كتططاب الشططفا بالخانقططاه‬
‫مسططألة ‪ -‬قططرأ قططارئ علط ّ‬
‫الشيخونية قوله ويخصنا بخصيصططى زمططرة نبينططا وجمططاعته فقرأهططا‬
‫بخصيصي بالياء الساكنة آخرها على أن الكلمة مثناة مضططافة لمططا‬
‫بعدها فرددت عليه وقلت عليه وقلت لطه بخصيصطى أعنطي بطألف‬
‫القصر‪ ،‬وذلك بحضرة شيخنا المام العلمة محي الدين الكططافيجي‬
‫فقال الشيخ نعم بخصيصى يعنططي بططاللف فقططال القططارئ المططذكور‬
‫فيها الوجهان فقلت ليس فيها إل وجه واحد فذهب فكتططب صططورة‬
‫سؤال وأخذ عليه خطوط جماعطة بتصطويب مطا قطاله وهطم الشطيخ‬
‫أمين الدين القصرائي والشيخ زين الدين قاسم الحنفططي والشططيخ‬
‫سططراج الططدين العبططادي والحططافظ فخططر الططدين الططديمي والمحططدث‬
‫المؤرخ شمس الدين السخاوي فجمعت نقول أئمة العربية واللغة‬
‫وأرسططلتها إلططى الجماعططة المططذكورين مططا عططدا السططخاوي فعرفططوا‬
‫الصواب في ذلك ورجعوا عما كتبوه أول وكتبوا ثانيططا بتصططويب مططا‬
‫قلته أنها باللف المقصورة فذهب القارئ إلى السططخاوي يسططتنجد‬
‫به فكتب له على سؤال آخر كتابة طويلة عريضة مضمونها أنططه ل‬
‫يرجع كما رجع هؤلء وأن مستنده في ذلططك أن عنططده نسططخة مططن‬
‫الشفا صططحيحة قططرأت علططى شططيوخ عططدة وفيهططا صططورة السططكون‬
‫مرقومة بالقلم على الياء فقلت كفى بهططذا الكلم جهل ومططن هططذا‬
‫مبلغ علمه فهو غني عن الرد عليه‪ ،‬أطبقططت أئمططة اللغططة والعربيططة‬
‫على أن خصيصى بألف القصر وقد تمططد شططذوذا فيقططال خصيصططاء‬
‫مصطططدر بمعنطططى الخصوصطططية ويقطططال خصطططه بالشطططيء خصوصطططا‬
‫وخصوصية وخصيصى وخصيصاء في لغة وخاصة نص علططى ذلططك‬
‫سيبويه في كتابه والسيرافي شرحه‪ .‬والقالي في كتابه المقصططور‬
‫والممدود‪ .‬والفارابي في ديوان الدب وابن فارس فططي المجمططل‪.‬‬
‫ونشوان الحميري فططي شطمس العلططوم وابطن دريططد فطي الجمهططرة‬
‫والجوهري في الصحاح‪ .‬وابن سيده في المحكططم‪ .‬والخفططاف فططي‬
‫شرح الجمل‪ .‬وأبو البقاء العكبري في اللبططاب‪ .‬والزمشططخري فططي‬
‫كتاب المصادر‪ .‬والعبسططي فططي الخلصططة‪.‬والصططغاني فططي العبططاب‪.‬‬
‫وابن عصفور فططي الممتططع‪ .‬والزدي فططي الططدرر‪ .‬وابططن مالططك فططي‬
‫منظططومته وشططرحها‪ .‬وابنططه فططي شططرح اللفيططة وفططي شططرح لميططة‬
‫الفعال‪ .‬وأبو حيان في شرح التسهيل‪ .‬وابن هشام في التوضططيح‪.‬‬
‫وابن جابر في منظومته‪ .‬والفيروزبططاذي فططي القططاموس والخلئق‪.‬‬

‫‪341‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫ومن نظائرها الحثيثي والخطيبي والدليلي والزليلي والمكيثي في‬
‫ألفاظ عدة ولم يرد خصيص البتة حتى يقال في تثنيته خصيصططان‪.‬‬
‫وقد عقد ابن دريد في الجمهرة بابا َ لفعيل وفعيلى فططذكر مططا جططاء‬
‫منهما ثططم قططال بعططد ذلططك ليططس لمولططد أن يبنططى فعيل إل مططا بنططت‬
‫العرب وتكلمت به ولو أجيز ذلك لقلب أكثر الكلم فل تلتفت إلى‬
‫ما جاء على فعيل مما ل تسمعه إل أن يجئ به شعر فصيح‪.‬‬

‫الزند الوري في الجواب عن السؤال السكندري‬


‫مسألة ‪ -‬ورد من السكندرية سؤال صورته‪ :‬روي فططي صططحيح‬
‫مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‪" :‬والذي نفططس محمططد‬
‫بيده ل يسمع بي أحد من هذه المة يهودي أو نصراني ثططم يمططوت‬
‫ولم يؤمن بالذي أرسلت به إل كان من أصحاب النار" قال الشيخ‬
‫محي الدين النووي في شرحه لصططحيح مسططلم‪ :‬قططوله صططلى اللططه‬
‫عليه وسلم ل يسمع بي أحد من هذه المة أي ممن هو وجود في‬
‫زمني وبعدي إلى يوم القيامة فكلهم ممن يجب عليه الدخول في‬
‫طاعته وإنما ذكر اليهودي والنصراني تنبيها على من سواهما فططإذا‬
‫كان هذا شأنهم مع أن لهم كتابا فغيرهم ممن ل كتططاب لططه أولططى‪.‬‬
‫قلت‪ :‬وقد أشكل هذا الحديث على بعض النطاس مطن جهطة تنزيطل‬
‫المقصود منه على القواعد النحوية فإن المقصود من الحديث أنه‬
‫من سمع بنبينا عليه الصلة السلم ممن شملته بعثتططه العامططة ثططم‬
‫مات غير مؤمن بما أرسل به كان من أصحاب النار‪ .‬وفططي تنزيططل‬
‫لفظ الحديث على هذا المقصود قلق كما سيأتي‪ .‬وهططذا الشططكال‬
‫يعرض كثيرا َ في غير لفظ الحديث أيضا كقولك ما جططاءني زيططد إل‬
‫ي وما أنعمت علططى عمططر‬ ‫أكرمته وما أحسنت إلى لئيم إل أساء إل ّ‬
‫إل شكر‪ ،‬وأمثال ذلطك كططثيرة فطي الكتططاب والسطنة وكلم العططرب‪،‬‬
‫والغرض في الجميع أن يكون الواقع بعد إل مرتبطا مضطمونه علطى‬
‫مضمون ما بعد حرف النفي أي مهما جططاءني زيططد أكرمتططه ومهمططا‬
‫أحسنت إلى اللئيم أسططاء إلططي ومهمططا أنعمططت علططى عمططرو شططكر‬
‫وهكذا في سائر المثلة التي بهذه المثابططة‪ ،‬وتطططبيق اللفططظ علططى‬
‫هذا الغرض غير متأت بحسب الظاهر فإن غاية ما يتخيل في هططذا‬
‫الستثناء أن يكون مفرغا باعتبار الحوال فتكون الجملططة الواقعططة‬
‫بعد إل في محل نصب على أنها حال من الفاعل أو من المفعططول‬
‫المتقدم ذكره أي ما جاءني زيد إل في حال كوني مكرما لططه ومططا‬

‫‪342‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫ي ومططا أنعمططت علططى‬ ‫أحسنت إلى لئيم إل في حال كونه مسيئا إل ط ّ‬
‫عمرو إل في حال كونه شاكرا للنعمططة‪.‬وهططذا مشططكل فططإن الحططال‬
‫مقيططدة لعاملهططا ومقارنططة لططه وليططس الكططرام مقيططدا بمجيططء زيططد‬
‫بحسب المقصود ول مقارنا له في الزمن وكذا بقية المثلططة‪ .‬فططإن‬
‫قلت أجعل الحال مقدرة كما في قولهم مررت برجل معططه صططقر‬
‫صائدا به غدا أي مريدا الصيد به فكذا فططي المثلططة أي مططا جططاءني‬
‫زيد إل في حال كوني مريدا لكرامه وما أحسنت إلى لئيم إل فططي‬
‫ي وما أنعمت علططى عمططر إل فططي حططال‬ ‫حال كونه مريدا الساءة إل ّ‬
‫كونه مريدا الشكر وعلى هذا تأتي المقارنططة والتقييططد ول إشططكال‪.‬‬
‫قلت‪ :‬هذا وأن كان في نفسه معنططى ممكططن السططتقامة فهططو غيططر‬
‫مفيد للغرض المصوغ لهططذا الكلم إذ المقصططود كمططا سططبق وقططوع‬
‫مضمون ما بعد حرف الستثناء مرتبا على مضمون ما بعد حططرف‬
‫النفي ول يلزم من إنعامك على عمرو في حال إرادته للشططكر أن‬
‫يكون الشكر وقع بالفعل مرتبطا علطى النعطام عليطه لجطواز تخلططف‬
‫متعلق الرادة الحادثة عنها‪ .‬وكذا الكلم في بقية المثلة فقد ظهر‬
‫امتناع جعل ما بعد إل حططال ل مططن قبيططل الحططال المحققططة ول مططن‬
‫قبيل الحال المقدرة ول مساغ لغير الحال فيه فيمططا يظهططر ببططادئ‬
‫الططرأي فتقططرر الشططكال‪ .‬فططإن قلطت لطم ل تجعططل التفريططع باعتبطار‬
‫ظرف الزمان أي ما جاءني زيد في حين من الحيان إل في حيططن‬
‫أكرمته فحذف الحين كما في قولهم جئتك صلة العصططر أي حيططن‬
‫صلة العصر فحذف المضاف وأقيم المضاف إليططه مقططامه‪ .‬قلططت‪:‬‬
‫يمتنع ذلك لفظا ومعنى أما لفظا فلن الظرف في مسططألتنا علططى‬
‫زعمك مضاف إلى الجملة ول يحذف مضاف إلططى الجملططة وتقططوم‬
‫الجملة مقامه وإنما ذلك إذا كططان المضططاف إليططه مفططردا كمططا فططي‬
‫جئتك في صططلة العصططر‪ ،‬ومططا أجططازه أبططو حيططان فططي قططوله تعططالى‬
‫)واتقوا يوما ل تجططزى نفططس( مططن أن الصططل يومططا يططوم ل تجططزى‬
‫نفس فأبدل يوم الثاني من الول ثم حذف المضاف مردود‪ .‬قططال‬
‫ابن هشام ل نعلططم هططذا واقعططا فططي الكلم ثططم أن أدعططي علططى أن‬
‫الجملة باقية على محلها من الجر فشاذ أوانها أنيبت عن المضاف‬
‫فل تكون الجملة مفعول في مثل هذا الموضع‪ .‬وأما معنى فيظهططر‬
‫مما أبطلنا به وجهي الحال المحققة والمقدرة إذ ليس المططراد أن‬
‫زيدا لم يجئ إل في حال إكرامك له أو حال إرادتك لكرامه وإنمططا‬
‫حينئذ المقصططود مططا أسططلفناه والكلم فططي تنزيططل اللفططظ عليططه‬

‫‪343‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫فالشكال بحالة‪ .‬وفي الحديث أشكال مططن جهططة أخططرى وهططو أنططه‬
‫يقدم الستثناء الواقع فيه جمل فإن أعدته إلى الجميع وبنينا علططى‬
‫أن العامططل فططي المسططتثنى هططو مططن قبططل إل مططن فعططل أو معنططاه‬
‫بواسطة إل كما يراه البصريون لزم اجتماع عوامل علططى معمططول‬
‫واحد وهو باطل علططى مططا تقططرر فططي علططم النحططو وإن أعططدته إلططى‬
‫الجملة الولى فقط لزم الخلف في الخبر وذلك أن تقدير حينئذ ل‬
‫يسمع بططي أحططد مططن هططذه المططة يهططودي أو نصططراني إل كططان مططن‬
‫أصحاب النار وكم من يهودي ونصططراني يسططمع بططه بعططد البعثططة ول‬
‫يكون من أصحاب النار بأن يسلم ويموت على السلم وإن جعلته‬
‫راجعا إلى ما بعد الجملة الولى فقط على ما فيه صارت الجملططة‬
‫الولى ل تعرض فيها إلى الستثناء فيلزم الخلف أيضا إذ كثير مططن‬
‫اليهود والنصارى يسمع به بعد البعثة ‪ -‬هذا آخر السؤال‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬قال ابن مالك في التسهيل في تقرير القاعدة التي‬
‫من أفرادها هذا الحديث ويليها أي إل في النفططي فعططل مضططارع بل‬
‫شرط وماض مسططبوق بفعططل أو مقططرون بقططد‪ .‬وقططال فططي شططرحه‬
‫مثال المضارع ما كان زيد إل يفعل كذا وما خرج زيد إل يجر ثططوبه‬
‫وما زيد إل يفعل كذا ومثال الماضي مسططبوقا بفعططل قططوله تعططالى‬
‫)ما يأتيهم من رسول إل كانوا( ومقرونا بقد قول الشاعر‪:‬‬
‫ما المجد إل قد تبين أنه * تبدي وحلم ل يزال مؤثل‬
‫قال‪ :‬وإنما أعني اقتران الماضي بقد عن تقدم فعل لن قد تقربه‬
‫من الحططال فيكططون بططذلك شططبيها بالمضططارع وإنمططا كططان المضططارع‬
‫مستغنيا عن شرط لنه شبيه بالسططم وإنمططا سططاغ بتقططديم الفعططل‬
‫مقرونا بالنفي لجعل الكلم بمعنى كلما كان كذا فكان فيططه فعلن‬
‫كما كان مع كلما فلو قلت ما زيد إل قائم لم يجز لنططه ليططس ممططا‬
‫ذكر وعلططة ذلططك أن المسططتثنى ل يكططون إل اسططما أو مططؤول باسططم‬
‫والماضي المجرد من قد بعيد من شبه السم وأما قولهم أنشططدك‬
‫بالله أل فعلت فإنه في معنى النفي كقولهم شططرا هططر ذا نططاب أي‬
‫ما أسألك إل فعلك انتهى‪ .‬قططال أبططو البقططاء فططي قططوله تعططالى )مططا‬
‫يأتيهم من رسول إل كانوا( إن الجملة حططال مططن ضططمير المفعططول‬
‫في يأتيهم وهي حال مقدرة ويجوز أن تكون صططفة لرسططول علططى‬
‫اللفظ أو الموضططع انتهططى‪ .‬فعلططم مططن ذلططك تخريططج الحططديث علططى‬
‫الوجهين والرجططح الحاليططة لمريططن‪ :‬أحططدهما أن وقططوع مططا بعططد إل‬
‫وصفا لما قبلها رأي ضعيف في العربية بل قططال ابطن مالططك أنطه ل‬

‫‪344‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫يعططرف لبصططري ول لكططوفي وأن الزمخشططري تفططرد بططذلك وأن مططا‬
‫اوهم خلف ذلك فمؤول على الحال‪ .‬وكأن أبا البقاء تابع في ذلك‬
‫الزمخشري‪ .‬الثاني أن الحالية تطرد في جميع المثلططة والوصططفية‬
‫ل تطرد بل تختص بما إذا كان السم السابق نكرة كالحططديث أمططا‬
‫نحو ما جاءني زيد إل أكرمته فل يمكن فيه الوصفية كما ل يخفططى‬
‫فعلم بذلك ترجيح الحالية وكأنها مقدرة كما صرح بططه أبططو البقططاء‪،‬‬
‫وما أورد على ذلك من عدم الملزمة وجواز تخلف متعلططق الرادة‬
‫الحادثة عنها فهو وإن كان كلما صحيحا في نفسه إل أنططه ل يقطدح‬
‫في التخريج ولو روعي هذا المعنى لم يكن يصح لنا حططال مقططدرة‬
‫وكم من قاعدة نحوية قدرت ولم يبال بمخالفتها للقواعد العقليططة‬
‫فإن من النحو والفقه معقول من منقول كما ذكر ذلك ابططن جنططي‬
‫فتارة يلحظ فيها المر العقلي وتارة يلحظ المر النقلي على أن‬
‫ما ذكر من الترتيب وما أورد عليه من عدم الملزمة إنما يتجه لططو‬
‫كان الترتيب المططذكور عقليططا ل يتخلططف وليططس المططر كططذلك فططإن‬
‫الترتيب الذي في الحططديث شططرعي ل عقلططي والططذي فططي المثلططة‬
‫أيضا ليس بعقلي بل عادي خاص أي بحسب عادة المتكلم أو مططن‬
‫تعلق به فعله ومثل ذلك يكتفى به في الحال المقدرة‪ .‬وأمر آخر‪:‬‬
‫وهو أن ما ذكر في وجه الترتيب تفسير معنى وما ذكر في تقريططر‬
‫الحال تفسير إعراب وهم يفرقططون بيططن تفسططير المعنططى وتفسططير‬
‫العراب ول يلططتزمون توافقهمططا كمططا وقططع ذلططك كططثيرا لسططيبويه و‬
‫الزمخشري وغيرهما‪ .‬وأما الشططكال الثططاني ففططي غايططة السططقوط‬
‫لن الجمل السابقة ليست مستقلة بل جملة ثم يمططوت ول يططؤمن‬
‫مرتبطة بالجملة الولى على أنها قيد فيهططا وثططم هنططا واقعططة موقططع‬
‫الفاء فإنها لمجرد الربططط ل للططتراخي كمططا فططي قططوله *جططرى فططي‬
‫النابيب ثم اضطرب* وفي بعض طرق الحديث ل يسمع بططي مططن‬
‫يهودي ول نصراني فلم يؤمن بي إل كان من أصحاب النار‪ .‬فعلططم‬
‫أن جملة يؤمن مرتبطة بالولى وفاء الربططط تصططير الجملططتين فططي‬
‫حكم جملة واحدة كما قرره النحاة في باب العطططف فططي مسططالة‬
‫الذي يطيططر فيغضططب زيططد الططذباب فقططوله إن أعططدته إلططى الجملططة‬
‫الولى لزم الخلف إلطى آخطره مططدفوع بططأنه إذا أعيططد إليهطا مقيطدة‬
‫بمضمون ما بعدها ل يلزم ما ذكر والله تعالى أعلم‪.‬‬

‫رفع السنه في نصب الزنه‬

‫‪345‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫الحمد لله الذي ل تأخذه سنة ول يقدر لعرشططه زنططة‪ .‬والصططلة‬
‫والسططلم علططى سططيدنا محمططد الططذي نططزل عليططه أفصططح الحططديث‬
‫وأحسنه‪ .‬وبعد فقد سئلت عن وجه النصب فططي قططوله صططلى اللططه‬
‫عليه وسلم سبحان الله وبحمده زنططة عرشططه ورضططا نفسططه وعططدد‬
‫خلقططه ومططداد كلمططاته والجططواب عنططدي أن هططذه الكلمططات الربططع‬
‫منصوبات علططى تقططدير الظططرف والتقططدير قططدر زنططة عرشططه وكططذا‬
‫البواقي فلما حذف الظرف قام المضاف إليه مقامه فططي إعرابططه‬
‫فهذا العراب هو المتجه المطرد السالم من النتقاض‪ ،‬وقططد ذكططر‬
‫السائل أنه هل يصح أن يكون منصوبا على المصدر أو على الحال‬
‫أو على حذف الخافض‪ .‬وأقططول‪ :‬أمططا النصططب علططى المصططدر فقططد‬
‫ذكره المظهري في شرح المصابيح قال عدد خلقه منصوب علططى‬
‫المصدر أي أعد تسبيحه وتحميده بعططد خلقططه وبمقططدار مططا ترضططاه‬
‫خالصا وبثقل عرشه ومقداره وبمقدار كلمططاته‪ ،‬وسططبقه إلططى ذلططك‬
‫الشرقي في شرحه قال عدد خلقه وكذلك ما بعده منصوب على‬
‫المصدر أي سبحته تسبيحا يساوي خلقه عند التعداد وزنطة عرشططه‬
‫ومداد كلماته في المقدار يوجب رضا نفسه انتهى‪ .‬فإن أراد بذلك‬
‫أن نفسه مصدر وأنه منصوب على أنه مفعططول مطلططق فل يخفططى‬
‫ما فيه فإنه ل يكططون مصططدرا للتسططبيح كمططا هططو واضططح بططل يكططون‬
‫مصدرا لفعططل مططن الزنططة ويكطون التقططدير سططبحان اللطه أزنطة زنطة‬
‫عرشه ول يخفى فساد هذا التقدير لنه ليططس المططراد إنشططاء وزن‬
‫التسبيح بل المراد إنشاء قططول التسططبيح والمعنططى أقططول سططبحان‬
‫الله قول كثيرا مقدار زنة عرشه في الكثرة والعظم وعلى تقططدير‬
‫فعل الزنططة يكططون المعنططى أزن التسططبيح زنططة عرشططه وهططو ظططاهر‬
‫الفساد‪ ،‬ثم إذا قدر في الخرى أعططده عططدد خلقططه كمططا أفصططح بططه‬
‫المظهري أدى إلى أن المعنى إنشاء عد التسبيح وليس مرادا بططل‬
‫المراد أقوله قول َ عدد خلقه ثم ل يمكنه ذلك في رضا نفسه فططإن‬
‫قيل يقدر أرضيه رضا نفسططه قلنططا حينئذ يعططود الضططمير علططى غيططر‬
‫التسبيح وهي في أزنه وأعده عائد على التسبيح فيختططل التناسططق‬
‫في الكلمات ثم ل يمكن ذلططك فططي مططداد كلمططاته بل مريططة ويبقططى‬
‫على المظهري تعقبان‪ :‬أحدهما أن عددا لو كان مصدرا لططم يجططئ‬
‫بالفك لن مصدر عد على فعططل بسططكون العيططن فيجططب أن يططدغم‬
‫فيقال عد بالتشديد كرد ومد وشد قال تعالى )إنما نعد لهططم عططدا(‬

‫‪346‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫والثاني أنه قال منصوب على المصططدر ثططم قططال أي أعططد تسططبيحه‬
‫بعدد خلقه فأدخل عليه الباء وليس هططذا شططأن المصططدر الططذي هططو‬
‫مفعول مطلق ل يقططال ضططربت زيططدا يضططرب فططي موضططع ضططربته‬
‫ضربا‪ ،‬ثم قال وبمقدار ما يرضاه وبثقل عرشه ومقداره وبمقططدار‬
‫كلماته وهذا كله يبطل القول بأنه منصوب علططى المصططدر ويططؤول‬
‫إلى نزع الخافض أو الظرفيططة فططإن النصططب علططى الظرفيططة ونططزع‬
‫الخافض متقاربان فإن الظططرف منصططوب علططى إسططقاط الخططافض‬
‫الذي هو في غير أنه باب مطرد والنصب بنزع الخططافض فططي غيططر‬
‫الظرف غير مطرد فاتجه بذلك أنه منصوب على الظططرف بتقططدير‬
‫قدر وقد صرح بططذلك الخطططابي فططي معططالم السططنن‪ ،‬قططوله ومططداد‬
‫كلماته أي قدر ما يوازنها في العدد والكثرة‪ .‬وقال ابن الثير فططي‬
‫النهاية ومداد كلماته أي مثططل عططددها وقيططل قططدر مططا يوازنهططا فططي‬
‫الكثرة عيار كيل أو وزن أو ما أشبهه وهذا تمثيل يراد به التقريططب‬
‫انتهى‪ .‬فأشار بقوله مثل إلططى المصططدر أو الوصططف وبقططوله وقيططل‬
‫قدر إلى الظرف‪ .‬وقال الشيخ أكمل الططدين فططي شططرح المشططارق‬
‫قوله عدد خلقه أي عددا كعدد خلقه وزنة عرشه أي بمقدار وزنططه‬
‫ورضا نفسه أي غير منقطع فأشار إلى أن لكل واحدة إعرابا على‬
‫حدة الولى مصدر والثانية ظرف والثالثة حال ول شك أن تساوي‬
‫الكل في العراب حيث أمكن أولى وتقططدير قططدر فططي كططل منهمططا‬
‫صحيح فاتجه نصب الكل على الظرف بتقدير قططدر فططإن قيططل لططم‬
‫يصرح أحد بأن قدر انتصب على الظرف قلت ذلك لعدم اطلعططك‬
‫فططي أمهططات الكتططب ‪.‬وقططد صططرح الخطيططب التططبريزي والمرزوقططي‬
‫كلهما في شرح الحماسة وقول الشاعر ‪:‬‬
‫فسايرته مقدار ميل وليتني‪ ،‬وفي قوله‪:‬‬
‫هل الوجد إل أن قلبي لو دنا * من الجمر قيد الرمح لحترق‬
‫الجمر‬
‫بأن نصب مقدار وقيد كلهما على الظرف وقيد بمعنى قدر‪ .‬قططال‬
‫ابن شمعون في شرح اليضاح في قول الفرزدق‪:‬‬
‫ما زال مذ عقدت يداه أزاره * فسما فادرك خمسة الشبار‬
‫يجوز نصب خمسة الشبار نصب الظرف بسما بتقدير مضاف أي‬
‫سما مقدار خمسة الشبار‪ .‬وقال جماعططة فططي حططديث أن موسططى‬
‫سأل ربه أن يدنيه من الرض المقدسة رمية بحجر إن رمية نصب‬
‫على الظرف بتقدير قد رأى قدر رمية بحجر‪ .‬وقططال الطيططبي فططي‬

‫‪347‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫شرح المشكاة في حططديث فضططل الصططلة الططتي يسططتاك لهططا علططى‬
‫الصلة الططتي ل يسططتاك لهططا سططبعين ضططعفا قططوله سططبعين مفعططول‬
‫مطلق أو ظرف أي تفضل مقطدار سطبعين‪ .‬وقطال أبططو البقطاء فطي‬
‫حططديث مططن فططارق الجماعططة شططبرا هططو منصططوب علططى الظططرف‬
‫ي شططبرا‬ ‫والتقدير قدر شبر‪ .‬وقال الطيبي في حديث من تقرب إل ّ‬
‫ي ذراعططا تقربططت منططه باعططا شططبرا‬‫تقربت منه ذراعا ومن تقرب إل ّ‬
‫وذراعا وباعا في الشرط والجزاء منصوبان على الظرفية أي مططن‬
‫ي مقدار شبر وقال أيضا في حديث من ظلططم شططبرا مططن‬ ‫تقرب إل ّ‬
‫أرض المفعول به محذوف وشبرا يجوز أن يكون مفعول أي ظلططم‬
‫شبرا ومفعول فيه مقدار شبر‪ .‬وقال أيضططا فططي حططديث أنططه صططلى‬
‫الله عليه وسلم أقطع الزبير حضر فرسه نصب حضر على حططذف‬
‫المضاف أي قدر ما يعدو عدوة واحدة ثططم إن المسططألة منصوصططة‬
‫في كتب النحو‪ :‬قططال ابططن مالططك فططي التسططهيل الصططالح للظرفيططة‬
‫القياسية ما دل على مقدار‪ ،‬وقال في اللفية‪:‬‬
‫وقد تنوب عن مكان مصدر * وذاك في ظرف الزمان يكثر‬
‫وقال ابن هشام في التوضيح ينوب المصدر عن الظططرف إذا كططان‬
‫معينا لمقدار نحو انتظرتك حلب ناقة‪ .‬وقال أبطو حيططان فطي شطرح‬
‫التسططهيل قططال الصططفار فططي شططرح الكتططاب أعلططم أن المصططدر إذا‬
‫استعمل في معنى الظرف جاز أن يضاف إلى الفعل تقول أتيتططك‬
‫ريث قام زيد أي قدر بطء قيامه فلما خرجططت إلططى الظططرف جططاز‬
‫فيها ما جاز في الظرف ثم إن نصب زنة بخصوصها على الظرفية‬
‫منصوص عليه من سيبويه وأئمة النحو‪ .‬قال ابن مالك فططي شططرح‬
‫التسهيل من الجاري مجرى ظرف الزمان باطراد مصططادر قططامت‬
‫مقام مضاف إليها تقديرا نحو قولهم هو قرب الططدار ووزن الجبططل‬
‫وزنته‪ .‬والمراد بالطراد أن ل تختص ظرفيته بعامل ما كاختصططاص‬
‫ظرفيته المشتق من اسم الواقع فيه انتهى‪ .‬وقال أبططو حيططان فططي‬
‫شرح التسهيل وذكر سيبويه من المنتصب ظرفا صططددك وصططفيك‬
‫ووزن الجبل وزنة الجبل وأقطار البلد وهططذه كلهططا ينصططبها الفعططل‬
‫اللزم لبهامها انتهى‪ .‬وقال في الرتشاف فرق سططيبويه بيططن وزن‬
‫الجبططل وزنططة الجبططل فمعنططى وزن الجبططل ناحيططة تططوازنه أي تقططابله‬
‫قريبة كانت منه أو بعيدة وزنة الجبل حذاءه أي متصلة به وكلهما‬
‫مبهططم يصططل إليهمططا الفعططل وينتصططب ظرفططا انتهططى‪ .‬وقططد قططال‬
‫التوربشتى شارح المصابيح في هذا الحديث زنة عرشه ما يططوازنه‬

‫‪348‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫في القدر يقال هو زنة الجبل أي حذاه في الثقل والوزانة انتهططى‪.‬‬
‫وهذا منه إيماء إلى تخريج الحديث على الظرفية وقد خرجوا على‬
‫الظرفية ما هو أبلغ من ذلك‪ ،‬روي أن معاوية اسططتعمل ابططن أخيططه‬
‫عمرو بن عتبة بن أبي سفيان على صدقات كلب فاعتططدى عليهططم‬
‫فقال ابن العداء الكلبي‪:‬‬
‫سعى عقال فلم يترك لنا سندا * فكيف لو قد سعى عمرو‬
‫عقالين‬
‫قال ابن الثير فططي النهايططة نصططب عقططال علططى الظططرف أراد مططدة‬
‫عقال والعقال صدقة عام‪ .‬وقال ابن يعيططش فططي شططرح المفصططل‬
‫من المنصوب على الظرف قولهم سير عليه ترويحتين وانتظر به‬
‫نحو جزورين والمراد مدة ذلك والترويحتين تثنية الترويحة واحططدة‬
‫التراويح في الصلة‪ .‬وقال أبو البقططاء فططي قططوله صططلى اللططه عليططه‬
‫وسلم ليصل أحدكم نشاطه أنه منصوب علططى تقططدير الظططرف أي‬
‫مدة نشاطه فحذفه وأقام المصططدر مقططامه‪ .‬وقططال الشططرقي فططي‬
‫شرح المصابيح يجوز أن يكون نشاطه بمعنى الوقت وأن يراد بططه‬
‫الصلة التي نشط لها‪ .‬فإن قلت فما تقول في نصبه على الصططفة‬
‫للمصدر‪ .‬قلت هذا ذكره طائفة‪ .‬وأقول ل يخلو إما أن يجعل صفة‬
‫للمصدر المذكور وهو سبحان أو لمقدر‪ .‬فأمططا الول فيعكططر عليططه‬
‫الفصل بينه وبين موصوفه بقوله وبحمده وذلك ضعيف أو ممنططوع‬
‫مع أن عندي في جواز وصف سبحان وقفة فإنه غير متصرف ولم‬
‫يستعمل إل علما للتسبيح منصوبا ولم يتصرف فيططه بشططيء‪ .‬وأمططا‬
‫الثاني وهو أن يجعل التقدير سبحان الله تسبيحا زنة عرشه ففيططه‬
‫وقفة من وجططوه‪ .‬الول أنططه تقططدير مططا ل حاجططة إليططه لن المصططدر‬
‫يصرح به في اللفظ فأي حاجة إلى تقدير مصدر آخططر‪ .‬الثططاني‪ :‬أن‬
‫المصدر المذكور منصوب بفعل مقدر فإذا قططدر مصططدر آخططر لططزم‬
‫منه تقدير ثلثة فعل المصدر الظاهر والمصدر المقدر وفعل آخر‬
‫له لن الفعطل الواحطد ل ينصططب مصططدرين ول ضطرورة تطدعو إلططى‬
‫ذلك‪ .‬الثالث‪ :‬أن الكلم ل يصح إل بتقدير آخططر لن التسططبيح ليططس‬
‫نفس الزنة فيكططون التقططدير مثططل زنططة عرشططه وإذا آل المططر إلططى‬
‫تقططدير فططالمراد المثليططة فططي المقططدار فرجططع إلططى مططا قلنططاه مططن‬
‫الظرفية خصوصا أن قوله رضا نفسه ل يصح فيه تقططدير المثاليططة‪.‬‬
‫ولهذا قال الشرقي يساوي خلقه عنططد التعططداد وزنططة عرشططه فططي‬
‫المقدار ويوجب رضا نفسه فططأخرجه عططن حيططز المسططاواة وتقططدير‬

‫‪349‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫قدر صحيح فيه أي قدرا يبلططغ رضططا نفسططه‪ .‬فططإن قلططت بقططي وجططه‬
‫أبطال الحال‪ .‬قلت إذا قططدر أسططبح أو أقططول سططبحان اللططه موازنططا‬
‫لعرشه فإن جعل حال من الفاعل نافره أن المفعططول هنططا مطلططق‬
‫والمعهططود مجيططء الحططال مططن المفعططول بططه ول يمكططن كططونه مططن‬
‫المضاف إليه كما ل يخفى ول يطرد التقططدير بالمشططتق فططي مططداد‬
‫كلماته كما هو ظاهر فبطل الحال‪ .‬وبقي من الوجوه الممكنة في‬
‫إعرابه أربعة‪ :‬أحدها أن يجعل مفعول به لفعل أو وصف مقططدر أي‬
‫يبلططغ زنططة عرشططه أو بالغططا زنططة عرشططه‪ .‬الثططاني‪ :‬أن يكططون القططول‬
‫مقدارا وسبحان الله مفعول أول وزنة عرشططه مفعططول ثططان علططى‬
‫لغة من يجري القول مجرى ظن بل شرط‪ .‬الثالث‪ :‬أن يكون خبرا‬
‫لكان مقدرة هي واسمها ضططميرا راجعطا إلططى التسطبيح وتقططدر إمططا‬
‫بصيغة المضارع أو اسم الفاعل‪ .‬الرابع‪ :‬وهططو خططاص برضططا نفسططه‬
‫أن يجعل مفعططول لططه علططى جعططل الرضططا بمعنططى الرضططاء كقولططك‬
‫سبحت ابتغاء وجه الله وكلها ل يعططول عليهططا والعمططدة علططى الول‬
‫والله أعلم آخره والحمد لله‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬وقع السؤال عن حديث من كان يؤمن بططالله واليططوم‬
‫الخر فعليه الجمعة يوم الجمعة إل مريض أو امططرأة أو مسططافر أو‬
‫صبي أو مملوك‪ .‬رواه الدارقطني من حططديث جططابر بططن عبططد اللططه‬
‫فإن هذا الستثناء من كلم تام مططوجب فيكططون مططا بعططد إل واجططب‬
‫النصب فما وجه رفعه وخاض الناس في توجيه ذلك والذي عنططدي‬
‫في الجواب أن هذه الكلمات الواقعة بعد إل منصوبة ولكن كتبططت‬
‫بل ألف وهذا ذكره الئمططة فطي أحطاديث كطثيرة‪ .‬قطال النطووي فطي‬
‫شرح مسلم في حديث ابن عباس في السراء وأرى مالكا خططازن‬
‫النار وقع في أكثر الصول مالك بالرفع وهذا قد ينكطر ويقطال هطذا‬
‫لحن ل يجوز في العربية ولكن عنه جططواب حسططن وهططو أن لفظططة‬
‫مالططك منصططوبة ولكططن أسططقطت اللططف فططي الكتابططة وهططذا يفعلططه‬
‫المحططدثون كططثيرا فيكتبططون سططمعت أنسططا بغيططر ألططف ويقرؤونططه‬
‫بالنصب فكذلك مالك كتبوه بغير ألف ويقرؤونه بالنصططب فهططذا إن‬
‫شاء الله من أحسن ما يقال فيه هذا كلم النووي‪ .‬وقال أيضا في‬
‫باب الحج وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم لهل المدينة ذا‬
‫الحليفة ولهل الشام الجحفة ولهل نجططد قططرن ‪ -‬هكططذا وقططع فططي‬
‫أكثر النسخ قرن بغير ألططف بعططد النططون وهططو مصططروف لنططه اسططم‬
‫لجبل ويقرأ منونا وإنما حذفوا اللف منططه كمططا جططرت عططادة بعططض‬

‫‪350‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫المحدثين يكتبون سمعت أنططس بغيططر ألططف ويقططرأ بططالتنوين وقططال‬
‫القرطبي في شرح مسلم في كتاب النكاح في قول عائشة كططان‬
‫صداقه لزواجه ثنتي عشططر أوقيططة ونططش قططوله ونططش هططو معططرب‬
‫منون غير أنططه وقططع هنططا نططش علططى لغططة مططن يقططف علططى المنططون‬
‫بالسكون بغير ألف‪ .‬وقال الشيخ ولي الططدين العراقططي فططي شططرح‬
‫سنن أبي داود قوله سمعت خلس الهجري كططذا فططي أصططلنا بغيططر‬
‫ألف فقد يتوهم أنه غير مصروف وليس كططذلك إذ ل مططانع لططه مططن‬
‫الصرف وهذا اصطلح لبعضهم أنه يستغني عن كتابة اللف بجعل‬
‫فتحتين فوق آخر الكلمة لكن قد يغفل الكاتب تلك الفتحتين فيقع‬
‫في البهام‪ .‬وقال أيضا في حططديث عمططرو بططن ميمططون قططدم علينططا‬
‫معططاذ بططن جبططل اليمططن فسططمعت تكططبيره مططع الفجططر رجططل أجططش‬
‫الصوت يجوز في قوله أجش الصوت النصب على الحططال والرفططع‬
‫على أنه خبر مبتدأ محذوف‪ .‬وقد ضبطنا في أصلنا بالوجهين قوله‬
‫أجش الصوت‪ .‬وأما قوله رجل فهو مكتوب فططي أصططلنا بغيططر ألططف‬
‫فأمططا أن يكططون مرفوعططا أو منصططوبا وكتبططه بغيططر ألططف وكططثير مططن‬
‫النساخ يفعل ذلك والله أعلم‪.‬‬

‫الجوبة الزكية عن اللغاز السبكية‬


‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫ورد على شيخنا المام العالم العلمة عبد الرحمن نجل المام‬
‫كمال الدين أبي بكر السيوطي الشافعي عامله الله بلطفه ورحم‬
‫سططلفه الكريططم فططي سططادس شططهر رمضططان سططنة سططت وسططبعين‬
‫وثمانمائة أوراق مكتوب فيها ما صورته‪ :‬الحمد لله رب العططالمين‪.‬‬
‫وبعد فقد وقطف العبطد كطاتب هططذه الحططرف فقيططر رحمطة ربطه ذي‬
‫اللطف الخفي محمد بن علي بططن سططودون الحنفططي علططى سططؤال‬
‫كتب قاضي القضاة شيخ السلم تاج الدين أبو نصر السبكي فططي‬
‫ثاني عشر ذي القعدة الحرام سنة إحدى وسططتين وسططبعمائة إلططى‬
‫الشيخ صلح الدين خليل ابن أيبك الصفدي الشاعر المشهور‪:‬‬
‫للمشكلت إذا ما احتطن بالفكر * والمعضلت إذا اظلمن في‬
‫النظر‬
‫وكدرت صافي الكدار عندك يا * أبا الصفاء جلء القلب والبصر‬
‫فما سؤالت من وفاك يسأل ما * حرف هو السم فعل غير معتبر‬
‫وأي شكل به البرهان منتهض * ول يعد من الشكال والصور‬

‫‪351‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫وأي بيت على بحرين منتظم * بيت من الشعر ل بيت من الشعر‬
‫وأي ميت من الموات ما طلعت * بموته روحه في ثابت الخبر‬
‫من عد من المراء المؤمنين ولم * يحكم على الناس من بدو‬
‫ومن حضر‬
‫ولم يكن قرشيا حين عد ول * يجوز أن يتولى إمرة البشر‬
‫من باتفاق جميع الخلق أفضل من * شيخ الصحاب أبي بكر ومن‬
‫عمر‬
‫ومن علي ومن عثمان وهو فتى * من أمة المصطفى المبعوث‬
‫من مضر‬
‫من أبصرت في دمشق عينه صنما * مصورا وهو منحوت من‬
‫الحجر‬
‫إن جاع يأكل وإن يعطش تضلع من * ماء غير زلل ثم منهمر‬
‫من قال إن الزنا والشرب مصلحة * ولم يقل هو ذنب غير مغتفر‬
‫من قال أن نكاح الم يقرب من * تقوى الله مقال غير مبتكر‬
‫من قال سفك دماء المسلمين على الط * طصلة أوجبه الرحمن‬
‫في الزبر‬
‫وما اللفيفة جاءت والسخينة في * غريب ما صح مما جاء في‬
‫الثر‬
‫وهات قل لي إبراهيم أربعة * بعض عن البعض من هم تحظ‬
‫بالظفر‬
‫وهكذا خلف من الرواة كذا * محمد في المغازي جاء والسير‬
‫وعن فتاة لها زوجان ما برحا * تزوجت ثالثا حل بل نكر‬
‫وآخر راح يشري طعم زوجته * فعاد وهو على حال من الغير‬
‫قالت له أنت عبدي قد وهبتك من * زوج تزوجته فاخدمه واعتبر‬
‫وخمسة من زناة الناس خامسهم * ما ناله بالزنا شيء من‬
‫الضرر‬
‫والقتل والرجم والجلد الليم كذا ال * تغريب وزع في الباقين‬
‫فاعتبر‬
‫أجب فأنت جزاك الله صالحة * من لم يرع عند أشكال ولم يحر‬
‫فكتب إليه أبياتا يمدحه فيها وذكر في أثنائها أنه يجيب عن ذلططك‬
‫نثرا ولم ير العبد له جوابا عن ذلططك ل نظمططا ول نططثرا‪ .‬والمسططؤول‬
‫من صدقات سيدنا ومولنا أبقاه الله في خير ورحمة‪.‬‬
‫الجواب عن ذلك نظما ونثرا فكتب شيخنا ما صورته‪:‬‬

‫‪352‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الحمد لله وسلم على عباده الذين اصطططفى‪ .‬الجططواب نططثرا ‪ -‬أمططا‬
‫الحرف الذي يكون أيضا اسما وفعل فهو على فططإنه يكططون حططرف‬
‫جر واسما بمعنى فوق فيدخل عليه حططرف الجططر كقططول الشططاعر‪:‬‬
‫*غدت من عليه* وفعل من العلو قال تعالى )إن فرعططون عل فططي‬
‫الرض( هكذا ذكر جماعة من العلماء أن علططى اسططتكملت أقسططام‬
‫الكلمة ولم يذكروا غيرها وقططد اسططتدركت عليهططم قططديما لفظططتين‬
‫أيضا‪ .‬الولى من فإنهططا تكططون حططرف وفعططل أمططر مططن مططان يميططن‬
‫واسما قال الزمخشري في الكشاف في قوله تعالى )فططأخرج بططه‬
‫من الثمرات رزقا لكم( إذا كانت مططن للتبعيططض فهططي فططي موضططع‬
‫المفعول به ورزقا مفعول من أجله ولكم مفعول بططه لرزقططا لنططه‬
‫حينئذ مصدر‪ .‬قططال الطيططبي وإذا قططدرت مططن مفعططول كططانت اسططما‬
‫كعن في قوله*من عن يميني مرة وأمامي* الثانية‪ :‬في فإنها تقططع‬
‫حرف جر واسما بمعنى الفم فططي حالططة الجططر كقططوله صططلى اللططه‬
‫عليه وسلم حتى مططا تجعططل فططي إمرتططك‪ .‬وفعططل أمططر مططن الوفططاء‬
‫بإشباع وقوله وأي شكل إلى آخره هذا أمر يتعلططق بعلططم المنطططق‬
‫وهططو علططم حططرام خططبيث ل أخططوض فيططه وقططد سططئل الشططرف ابططن‬
‫المهدي بأسئلة نظم فيها‪:‬‬
‫وما عكس السوالب يا مرجى * أي الجزئي منها في النظام‬
‫فأجاب عن السئلة بيتا بيتا وقال في هذا البيت‪:‬‬

‫وعن عكس السوالب ل تسلني * فذاك مقدم العلم الحرام‬


‫قوله وأي بيت على بحرين منتظططم هططذا نططوع معططروف مططن أنططواع‬
‫البديع يسمى التشريع أول مططن اخططترعه الحريططري وهططو أن يكططون‬
‫البيت مبنيا على بحرين وقافيتين يصح الوقططوف علططى كططل منهمططا‬
‫كقوله‪:‬‬
‫يا طالب الدنيا الدنية إنها * شرك الردى وقرارة الكدار‬
‫دار متى ما أضحكت في يومها * أبكت غدا بعدا لها من دار‬
‫فإنه يصح أن يقول‪:‬‬
‫يا طالب الدنيا إنها شرك الردى * دار متى ما أضحكت في يومها‬
‫أبكت غدا‬
‫قوله وأي ميت إلى آخره الظاهر أنه أراد به مططا فططي قططوله تعططالى‬
‫)وكنتططم أمواتططا فأحيططاكم( أي نطفططا فططي الصططلب فططأطلق عليهططا‬
‫الموت مع عدم وجود روح فيها خرجت منهططا‪ .‬قططوله مططن عططد مططن‬

‫‪353‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫المراء المؤمنين إلى آخره هو أسامة بن زيد مططولى النططبي صططلى‬
‫الله عليه وسلم أمره على جيش فيططه أبططو بكططر وعمططر فلططم ينفططد‬
‫حتى توفي صلى الله عليه وسلم فبعثه أبو بكر إلى الشططام وكططان‬
‫الصحابة في ذلك السفر يدعونه أمير المؤمنين‪ .‬وروينا عططن عمططر‬
‫ابن الخطاب رضي الله عنه أنه كان إذا رأى أسامة بططن زيططد قططال‬
‫السلم عليططك أيهططا الميططر فيقططول أسططامة غفططر اللططه لططك يططا أميططر‬
‫المؤمنين تقول لي هذا فيقططول ل أزال أدعططوك مططا عشططت الميططر‬
‫مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنت علي أمير‪ .‬ولم يكططن‬
‫أسامة من قريش بل من الموالي‪ .‬قوله من باتفاق إلى آخره من‬
‫فيه استفهام نفي أو إنكار وكذا من قال أن الزنا والبيتان بعده أي‬
‫لم يقططل ذلططك أحططد كططذا رأيططت صططاحب النظططم الشططيخ تططاج الططدين‬
‫السبكي فسره في بعض تعاليقه وجوز في قوله من قال أن الزنا‬
‫من مبتدأ خبره غير مغتفر أي ل يغتفر له هذا القول بل يؤاخذ به‪.‬‬
‫قول من أبصرت إلى آخره أراد بهططذا مططا رواه الحططاكم فططي تاريططخ‬
‫نيسابور بسنده إلى أبو عبد الله البوشنجي عن عبد الله بططن يزيططد‬
‫الدمشقي عن عبد الرحمن بطن زيطد بطن جطابر قطال رأيططت ببغطداد‬
‫صنما من نحاس إذا عطططش نططزل فشططرب قططال البوشططنجي ربمططا‬
‫تكلمت العلمطاء علطى قطدر فهطم الحاضطرين تأديبطا وامتحانطا فهطذا‬
‫الرجل ابن جططابر أحططد علمططاء الشططام ومعنططى كلمططه أن الصططنم ل‬
‫يعطش ولو عطش نططزل فشططرب فنفططي عنططه النططزول والعطططش‪.‬‬
‫وقوله وما اللفيططف إلططى آخططره قططال ابططن الثيططر فططي النهايططة قططال‬
‫معاوية للحنف بن قيططس وهططو يمططازحه مططا الشططيء الملفططف فططي‬
‫البجاد قال هو السخينة يا أمير المؤمنين قال ابططن الثيططر الملفططف‬
‫في البجاد وطب اللبن يلف فيه ليحمي ويدرك وكانت تميططم تعيططر‬
‫به والسخينة حساء يعمططل مططن دقيططق وسططمن يؤكططل فططي الجططدب‬
‫وكانت قريش تعير بها فلمططا مططازحه معاويططة بمططا يعططاب بططه قططومه‬
‫مازحه الحنف بمثله‪ .‬قوله وهات قل لي إلى آخره هططذا نططوع مططن‬
‫أنواع علوم الحديث وهو من اتفططق اسططمه واسططم شططيخه فصططاعدا‬
‫والربعة اللذين رووا بعضهم عن بعض وكل منهم يسمى إبراهيططم‬
‫كثير منهم إبراهيم بن شماس السمرقندي عن إبراهيم بن محمططد‬
‫الفزاري الكوفي عن إبراهيم بططن أدهططم الزاهططد عططن إبراهيططم بططن‬
‫ميمون الصائغ‪ ،‬والربعة الذين كل منهم اسمه خلف وقع ذلك في‬
‫علوم الحديث للحاكم في إسناد واحد بل خمسة فقططال ثنططا خلططف‬

‫‪354‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫ثنا خلف ثنا خلف ثنا خلف ثنا خلف الول الميططر خلططف بططن أحمططد‬
‫السجزي والثاني أبو صالح خلف بن محمد البخاري والثالث خلططف‬
‫بن سليمان النسفي والرابع خلف بن محمد الواسطي والخططامس‬
‫خلف بن موسى بن خلف‪ .‬وأما لمحمدون في إسططناد واحططد ففططي‬
‫صحيح البخاري من ذلك شيء كثير وقد وقع لي حديث كل رواتططه‬
‫يسمى محمدا من شيخنا إلى النبي صلى الله عليه وسططلم‪ .‬قططوله‬
‫وعن قتادة إلى آخره رأيت بخط صاحب النظم الشيخ تططاج الططدين‬
‫في تذكرته ما صورته‪ :‬امرأة لها زوجان ويجوز أن يتزوجهططا ثططالث‬
‫هذه امرأة لها عبد وأمة زوجت أحدهما بالخر فصدق أنهططا امططرأة‬
‫لها زوجان وإذا جاء ثططالث حططر فلططه نكاحهططا‪ .‬قططوله وآخططر راح إلططى‬
‫آخره رأيت بخطه أيضا أن صورتها عبد زوجه مططوله بططابنته ودخططل‬
‫بها ثططم مططات مططوله ووقعططت الفرقططة لنهططا ملكططت زوجهططا بططالرث‬
‫وكانت حامل فوضعت فانقضت العدة فتزوجت ووهبت ذلك العبططد‬
‫لزوجها‪ .‬وقوله وخمسة إلى آخره رأيت بخطه أيضا قيل أن محمد‬
‫ابن الحسن سأل الشافعي عن خمسة زنوا بططامرأة فططوجب علططى‬
‫واحد القتل وآخر الرجم والثالث الجلد والرابططع نصططفه ولططم يجططب‬
‫على الخامس شططيء فقططال الشططافعي الول ذمططي زنططى بمسططلمة‬
‫فانتقض عهده فيقتل‪ .‬والثاني محصططن والثططالث بكططر والرابططع عبططد‬
‫والخامس مجنون انتهى‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬ولططم أقططف علططى شططيء مططن أجوبططة هططذه المسططائل‬
‫لغيري إل هذه المواضع الثلثة التي نقلتها عططن الشططيخ تططاج الططدين‬
‫والموضع السابق فططي مططن وبططاقي المسططائل ممططا أخططذته بططالفهم‪.‬‬
‫وقلت في الجواب نظما‪:‬‬
‫الحمد لله ربي بارئ البشر * ثم الصلة على المختار من مضر‬
‫هذا جواب سؤلت المام أبي * نصر عليه همت هطالة الدرر‬
‫أما الذي هو حرف ثم جاء سمى * أيضا وفعل مقال غير ذي نكر‬
‫على أتت حرف جر ثم فعل عل * واسما كفوق وزد من غير‬
‫مقتصر‬
‫ثم الذي هو شكل من علوم ردى * ول يليق بأهل الشرع والثر‬
‫والبيت ينظم من بحرين ناظمه * فذاك تشريعهم ما فيه من‬
‫حصر‬
‫والميت من غير روح منه قد خرجت * ما كان في صلبه من‬
‫نطفة البشر‬

‫‪355‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫ثم المسمى أمير المؤمنين ولم * يحكم على الناس من بدو ول‬
‫حضر‬
‫أسامة حين وله النبي على * سرية لقبوه ذاك في السفر‬
‫و "من" في الربعة البيات نافية * أي لم يقل ذاك شخص أي‬
‫معتبر‬
‫فصاحب النظم هذا القصد بين في * تعليق تذكرة يا طيب مدكر‬
‫وبعضهم قال في الصنام إن عطشت * تنزل كل ذاك ل يلقى‬
‫لمختبر‬
‫ثم اللفيفة أكل والسخينة في * جدب بها عيب أهل البدو والحضر‬
‫ثم المسمون إبراهيم أربعة * عن بعضهم قدر ووافي صادق‬
‫الخبر‬
‫السمرقندي عن الكوفي عن العجلي * عن ابن ميمون فاحفظه‬
‫ول تحر‬
‫وهكذا خلف خمس أتت نسقا * في مسند قد رواه الحاكم الثري‬
‫ومن محمد يدعي عدة نسقا * في جملة من أسانيد من الثر‬
‫ومرأة ملكت زوجين ل ريب * فإن أرادت نكاحا غير محتظر‬
‫والعبد زوجه موله بابنته * فمات تملكه بانت بل ضرر‬
‫ألقت جنينا فوفت عدة نكحت * فملكته له ضرب من القدر‬
‫ثم الذين زنوا ذمي بمسلمة * فاقتل ومحصنهم فارجمه بالمدر‬
‫والبكر فاحدد وعبدا نصفه أبدا * ومن خل من صفات العاقلين ذر‬
‫ثم الجواب ول لبس يخالطه * فالحمد لله حمدا غير منحصر‬
‫وقاله عابد الرحمن نجل أبي * بكر السيوطي يرجو عفو مقتدر‬
‫ثم بعد اثني عشر سنة وذلك في ذي القعدة سططنة ثمططان وثمططانين‬
‫وقفت على كراسة بخط المام علم الدين العراقي قططال فيهطا مطا‬
‫ملخصططه‪ :‬قططال مولنططا القاضططي الفاضططل كريططم الططدين عبططد اللططه‬
‫الشافعي‪ :‬وبعد فإن بعض أكابر العلماء السادة المعروفين بزيادة‬
‫التحقيق وكثرة الفادة وضع سبعة عشططر مططن المعططاني المحكمططة‬
‫بالسؤالت المشكلة وجعلها نظما لتكون أعسططر فهمططا تحططار فيهططا‬
‫عقول أولي اللباب ويعجزون عن أن يأتوا لها بجواب فلما وقفططت‬
‫عليها أردت أن أجرب ذهني الكليل فأحببت عنها غير مسألة تعذر‬
‫تحقيقها لشكال معناها وهي هذه‪ .‬الولى‪:‬‬
‫من باتفاق جميع الخلق أفضل من * شيخ الصحاب أبي بكر ومن‬
‫عمر‬

‫‪356‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫ومن علي ومن عثمان وهو فتى * من أمة المصطفى المختار‬
‫من مضر‬
‫الجواب ‪ -‬إن كطان عنطي بطالفتى عيسطى بطن مريطم فل يطلطق‬
‫اسططم الفططتى علططى النبيططاء وإنمططا يسططمى بططذلك الصططبيان والعبيططد‬
‫والخدم والماء وإن كان أراد إبراهيم ولد النططبي صططلى اللططه عليططه‬
‫وسلم فل يطلق عليه فتى فقد نططص الزهططري علططى أن الصططبي ل‬
‫يسمى فتى حتى يراهق وإن كططان أراد الحسططن فططأبو بكططر افضططل‬
‫منه فلو قال بططدل فططتى شططخص صططح علططى عيسططى عليططه السططلم‬
‫وعلى إبراهيم ولد النططبي صططلى اللططه عليططه وسططلم وعلططى فاطمططة‬
‫رضي الله عنها لقول النبي صلى الله عليه وسططلم فاطمططة بضططعة‬
‫مني قال مالك رضي اللطه عنطه ل أفضطل علطى بضطعة مطن النطبي‬
‫صلى الله عليه وسلم أحدا‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬من كان والدها ابنا في البنيططن لهططا وذاك غيططر عجيططب‬
‫عند ذي نظر‬
‫الجواب ‪ -‬تلك عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسططلم فإنهططا‬
‫أم المؤمنين وابنة أبي بكر فهي أمه وابنته‪ .‬الثالثة‪:‬‬
‫من الفتاة لها زوجان ما برحا * تزوجت ثالثا حل بل نكر‬
‫الجواب ‪ -‬لهططا زوجططان مططن بقططر أو غنططم أو غيططر ذلططك قططال تعططالى‬
‫)احمل فيها من كل زوجين اثنين( )ومن كل الثمططرات جعططل فيهططا‬
‫زوجين اثنين(‪ .‬الرابعة‪:‬‬
‫من طلقت فتلقت أربعا عددا * عن الوجوب بدار أي مبتدر‬
‫الجواب ‪ -‬هذه كانت حامل فولدت أربعة من الولد فإن العدة‬
‫ل تنقضي إل بانفصال الربعة هذا إن كان قوله عططددا بفتططح العيططن‬
‫فإن كان بكسرها فهذه أمة دون البلوغ طلقطت فاعتطدت بالشطهر‬
‫ثم حاضت في أثناء ذلك فانتقلت إلى القراء ثم عتقططت فططانتقلت‬
‫إلططى عططدة الحططرائر ثططم مططات الططزوج فططانتقلت إلططى عططدة الوفططاة‪.‬‬
‫الخامسة‪:‬‬
‫من إن يزد جرمه تنقص مؤاخذة * ويفتدي بعض ما يجنيه كالهدر‬
‫الجواب ‪ -‬إن كان جرمه بضم الجيم فهذا رجل ارتكب صغيرة‬
‫ثم عزم على ارتكاب كبيرة ثم تركها خوفا مططن اللططه فكططان تركططه‬
‫للكبيرة بعد العزم عليها مكفرا لتلك الصططغيرة الططتي ارتكبهططا‪ .‬وإن‬
‫كططان جرمططه بكسططر الجيططم فهططو الميططزاب الخططارج عططن الحططائط‬

‫‪357‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫والروشن إذا وقع نصفه على إنسان فقتله كان على المالك الدية‬
‫كاملة وإن وقع بجملته كان عليه نصف الدية‪ .‬السادسة‪:‬‬
‫من إن تل في صلة آية فيبؤ * بالثم والصمت منه ليس من‬
‫حصر‬
‫الجواب ‪ -‬تل آية في الصلة فغلط فيها أو لحن وكان معه مطن‬
‫يصلي فرد عليه فأصر علططى غلطططه الول وهططو يظططن مططا يقططرؤوه‬
‫صحيحا فأعططاد ذاك الططراد عليططه فتوقططف وسططكت وبطلططت الصططلة‬
‫وكان سكوته ل عططن حصططر وهططو عططدم القططدرة علططى الكلم وإنمططا‬
‫سكت للعجز عططن الحفططظ والمعانططدة وإن ل يرجططع للغيططر فأبطططل‬
‫الصلة فأثم لجططل ذلططك‪ .‬قلططت هططذا جططواب مخبططط وكلم طويططل‪.‬‬
‫والجواب عن هذه أنه فاقد الطهورين وهططو جنططب يصططلي ول يقططرأ‬
‫آية زيادة على الفاتحة‪ .‬وهذا الستدراك من عندي ل من المجيططب‬
‫ول العلم العراقي‪ .‬ثم قال السابعة‪:‬‬
‫من قال وسط جمادى الصوم مفترض * وقد يصل لنا العيدان‬
‫في صفر‬
‫الجواب ‪ -‬جمادى عند العرب الشططتاء كلططه قططال الشططاعر‪ :‬فططي‬
‫ليلة من جمادى ذات أندية‪ ،‬قال‪ :‬وقوله قد يصلى لنا العيدان فططي‬
‫صفر الصلة هنا معناها الدعاء والعيططدان مثنططى عيططد وهططو الططوقت‬
‫الذي يعود فيه الفرح أو ذكر الشوق والمحبة فططالمعنى يططدعى لنططا‬
‫بحصول عود الفرح وتجديد الشططوق إلططى الحططبيب‪ .‬قلططت مططا أدرك‬
‫هذا الجواب وقد اعترف صاحبه بأنه ما قدر على أكططثر مططن ذلططك‪.‬‬
‫والصططواب الططذي ظهططر لططي أن يصططلى بمعنططى النحنططاء والتقططويم‬
‫والتليين من قولهم صليت العود على النططار‪ ،‬والعيططدان جمططع عططود‬
‫وهو آلة اللهو المشهورة‪ ،‬والصفر صفير القصب‪ .‬وهذا الستدراك‬
‫من عندي أيضا‪ .‬ثم قال الثامنة ‪:‬‬
‫وآكل وسط شهر الصوم منفردا * عمدا نهارا ولم يفطر ولم يزر‬
‫الجواب ‪ -‬النهار فرخ القطاة وولد الحبارى كما أن الليططل ولططد‬
‫الكروان ‪ .‬التاسعة‪:‬‬
‫وآكل فيه ليل لم يقل أحد * بصومه من سراة الرأي والثر‬
‫تقدم جوابه أن الليل ولد الكروان‪ .‬العاشرة‪:‬‬
‫وواحد قد يصلي وهو منفرد * وقد يؤم ول يأتم للقدر‬
‫الجواب هذا أعمططى أصططم ل يصططح إقتططداؤه بأحططد لنططه ل يططرى‬
‫أفعال المام ول يسمع المبلغ‪ .‬الحادية عشر‪:‬‬

‫‪358‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫وقائل ل قصاص في السيوف بلى * إن القصاص لفي شعر وفي‬
‫ظفر‬
‫الجططواب ‪ -‬ل قصططاص فططي السططيوف هططو فططي بعططض الجططروح‬
‫كالجائفة وما دون الموضحة وقوله إن القصاص في شططعر وشططعر‬
‫القصاص هنا من قص الشعر يقصه ومنططه حططديث جططابر أن النططبي‬
‫صططلى اللططه عليططه وسططلم كططان يسططجد علططى قصططاص الشططعر قططال‬
‫الزهططري هططو بالفتططح والكسططر منتهططى شططعر الططرأس حيططث يؤخططذ‬
‫بالمقص‪ .‬الثانية عشرة‪:‬‬
‫ثلثة فرج انثى منه ما خرجوا * وأوجد الروح فيهم خالق الصور‬
‫الجواب ‪ -‬هم آدم وحواء وناقة صالح‪ .‬الثالثة عشرة‪:‬‬
‫وسارق هتك الحرز الحريز ولم * يقطع بل شبهة والمال ذو خطر‬
‫الجواب ‪ -‬هو الصبي والمجنون‪ ،‬والحربي‪ ،‬قلت هططذا ظططاهر ل‬
‫يلغز به‪ .‬الرابعة عشرة‪:‬‬
‫وسارق ما حوى المسروق يعطه * وسارق ما حوى المسروق لم‬
‫يضر‬
‫الجواب ‪ -‬ما الولى موصولة والثانية نافيططة قلططت فططي كليهمططا‬
‫نظر‪ .‬الخامسة عشرة‪:‬‬
‫وسار قبر بمن فيه إلى أمد * من الزمان فل ينكر لذي خبر‬
‫الجواب ‪ -‬هو يونس عليه السلم لمطا كطان فطي بططن الحطوت‬
‫كالقبر له وهو سائر في البحر‪.‬‬
‫السادسة عشرة والسابعة عشرة‪:‬‬
‫وآخر راح يشري طعم زوجته * فعاد وهو على حال من الغير‬
‫قالت له أنت عبدي قد وهبتك من * زوج تزوجته فاخدمه واعتبر‬
‫وخمسة من زناة الناس خامسهم * ما ناله بالزنا شيء من‬
‫الضرر‬
‫والرجم والقتل والضرب الليم مع التط * طغريب وزع في الباقين‬
‫فافتكر‬
‫والجواب عنها كالذي قدمته والله أعلم والحمد لله وحده‪.‬‬

‫السئلة المائة‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫الحمد لله صلى ذو الجلل على * خلصة النبيا كنز المساكين‬
‫من أثبت الله مولنا رسالته * قدما وآدم بين الماء والطين‬

‫‪359‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫محمد خير خلق الله قاطبة * والل مع صحبه الشم العرانين‬
‫ويرحم الله مولنا وسيدنا * منشى العلوم بتحرير وتدوين‬
‫أبا حنيفة نعمان بن ثابت من * استنبط الفقه إيضاحا بتبيين‬
‫ومالكا وابن إدريس وأحمد من * هم نجوم الهدى للناس في‬
‫الدين‬
‫الكاشفين بما قد حرروه لنا * عن الفؤاد حجاب الجهل والرين‬
‫ما ضاء برق وما ضاع الشذا وشدا * حاد وغرد طير بالفانين‬
‫أئمة العلم لزلتم نجوم هدى * للعالمين بإظهار البراهين‬
‫ما حكم قول إله العرش خالقنا * سبحانه جل عن كيف وعن أين‬
‫في آية هي في الحزاب تذكر * أن المسلمين إلى وعد‬
‫العظيمين‬
‫غفران ذنبهم مع عظم أجرهم * يوم الجزاء لدى نشر الدواوين‬
‫هل ما أعد لمجموع الفضائل أم * لكل فرد أم الفراد بالدون‬
‫ورؤية الله هل أنس تخص بها * أم مؤمنو النس والجن الفريقين‬
‫ومؤمنات الورى يشهدن رؤيته * كالمؤمنين الحنيفين التقيين‬
‫أم ل تراه أناث المؤمنين فما * جوابكم نلتم عزا بدارين‬
‫أم بعضهن يرى المولى كفاطمة * ومريم وحليلت النبيين‬
‫ما آية هي أرجى في القرآن وما * أشد خوفا به عند الموازين‬
‫متى اشترى الله نفس المؤمنين ومع * من كان هذا الشرا هل‬
‫قبل تكوين‬
‫ولم يخص بأموال وأنفسهم * دون القلوب وفيها معدن الدين‬
‫أمشرقا فضلوا أم مغربا وسما * أم أرضنا ثم ما خير الراضين‬
‫أين السماوات والجنات أفضل من * باق واية أرض انجم الدين‬
‫في الذكر بورك فيها للنام بها * في سورة النبيا تتلى أفيدوني‬
‫ما السر في طمس نور النيرين غدا * وما السواد يرى في البدر‬
‫بالعين‬
‫أين الذهاب لشمس بعد مغربها * هل تقطع الليل سيرا تحت‬
‫أرضين‬
‫وهل إذا غربت ترقى فتسجد تحت * العرش أم ل وما مقدارها‬
‫أفتوني‬
‫أي البلد بها المهدي يظهر وال * مسيح ينزل بالرحمى أجيبوني‬
‫وأي شهر ويوم أيما جبل * وأي بحر لهم فضل بتعيين‬

‫‪360‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫أي بأفضل ذو الفقر الصبور أم * الشكور ذو النعم الموسى‬
‫المساكين‬
‫ما أول خلقه بدء وأول ما * باللوح سطر يا أهل البراهين‬
‫ما حكمة في دخول المؤمنين لنا * رثم في قسم المولى‬
‫بطاسين‬
‫والميم تالية ما قدره ذرة من * يعمل بمثقالها خيرا أفيدوني‬
‫ما حد علم يقين ثم عين اليقين * ثم حق اليقين يا أولي الدين‬
‫هل أفضل الذكر سر أم علنية * وهل يجوز بأنواع التلحين‬
‫بحيث تزداد بالتلحين أحرفه * وينتج الحرف بالشباع حرفين‬
‫ما الفضل اللبن المنساغ أم عسل * وماء زمزم أم ما كوثر‬
‫أفتوني‬
‫والخوف أم ضده والليل سادتنا * أم النهار وما سر لذي الكون‬
‫في خلق آدم من طين ولم خلقت * حواء من ضلع يا أهل‬
‫البراهين‬
‫ورفع عيسى ولم سمي المسيح وكم * يقيم إذا عاد من عام‬
‫أجيبوني‬
‫كم قد أقام نبي الله يوسف في * سجن وفي بطن حوت قام ذو‬
‫النون‬
‫هل جاز إنشاد مدح الهاشمي على * آلت لهو كموصول وقانون‬
‫وهل للياس والخضر الوفى واد * ريس الحياة إلى ذا الوقت‬
‫والحين‬
‫والسيد الخضر المرضي هل ثبتت * له النبوة ساداتي أفيدوني‬
‫ووالدي خير خلق الله منقذنا * من الضلل الرسول ابن الذبيحين‬
‫في جنة إذ هما لم يعبدان سوى * ذي العرش من خلق النسان‬
‫من طين‬
‫ماتا على ملة إبراهيم سيدنا * خليله أمره ذبح القرابين‬
‫عليه والمصطفى خير النام سل * م الله ثم على كل النبيين‬
‫هل قائل غير هذا تعلمون وما * عليه إن قال في حق الحنيفين‬
‫ما شرطكم لوجوبات الوضوء وما * شرط لصحته جودوا بتبيين‬
‫ما قولكم في إمام ثوبه نجس * صلى ولم يدر إل بعد يومين‬
‫أهل عليهم يعيدوا أم إمامهم * أم كلهم لم يعيدوها أجيبوني‬
‫وفي خطيب مطيل سجع خطبته * وعظا وحشوا بأنواع التفانين‬
‫وفيه إيذاء معذور وذي سقم * وصاحب الحاجة اللهف المساكين‬

‫‪361‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫أهل تلوته القرآن أفضل أم * صلة نفل وماذا يفت في ذين‬
‫ما قدر قيراط أجر في الصلة على * ميت وحكمتها صفا وصفين‬
‫من عندهم لم تغب شمس النهار سوى * قدر الصلة ويبدو‬
‫الفجر في الحين‬
‫والصوم وافي فإن صلوا يفوتهم * من العشا ما به يقووا لفرضين‬
‫أيأكلون ويقضوا فرض مغربهم * وحكمهم في العشا ماذا‬
‫أجيبوني‬
‫من في السفينة صلى وهي راسية * بالبر هل صح أو موحولة‬
‫الطين‬
‫هل يفسد الصوم ما تبقيه مضمضة * من بلة بفم أم ل أفيدوني‬
‫ما حكم بيع على شرط البراءة من * كل العيوب بما قد بيع من‬
‫عين‬
‫وطالب رد ذا عيب فاقبضه * عن أرشه خصمه نقدا من العين‬
‫هل طاب هذا له أم ل ويمنعه * ردا وما الحكم في ذا بين الثنين‬
‫ومشتري أمة في الفور أنكحها * زوجا وطلقها من قبل تمكين‬
‫هل ذاك مسقط استبراءها ولمو * لها الوقاع والستمتاع في‬
‫الحين‬
‫وهل يصح لنا يا سادتي سلم * على الفلوس إذا راجت بنقدين‬
‫أم حكمها في رواج والكسادسوا * وبيعها أجل هل حكم هذين‬
‫ومن أقر بألفي درهم ونأى * عن البيان فماذا يقض بالدين‬
‫من ذا يزوج من بعضا لها عتقوا * محرر البعض أم غير أفيدوني‬
‫ما حكم عقد نكاح الغائبين إذا * لم يذكر اسم أب والجد الثنين‬
‫وزوجة أنكرت بعد الدخول بها * قبض المعجل من مهر بتلوين‬
‫هل قولها أم مقال الزوج معتبر * جودوا وقيتم بتوضيح وتبيين‬
‫وذي الماهل له وطء لواحدة * وهن يسمعن أو ينظرن بالعين‬
‫وهل له وطء إحدى الزوجتين ورا * ستاره ولهم تصغي بأذنين‬
‫وهل يجوز له وطء بحضرة من * قد أذهب الله منها نور عينين‬
‫بحيث ل تدرك العمياء ما فعل * وما جرى بين الثنين الحبيبين‬
‫ي سعاد * بانت ودعها بنار الهجر تكويني‬
‫وقائل كلما عادت إل ّ‬
‫وقائل إن تبن مني فقبل تكن * من عصمتي بائنا أولى وثنتين‬
‫وبعد ما أصدر التعليق طلقها * ما الحكم فيه وسر فيه مكنون‬
‫ومن يطلق أكراها وفي سكر * ما حكمه ثم ماذا حكم مديون‬
‫عليه عشر مثاقيل ثلث مئ * كل من العشرة المضروبة العين‬

‫‪362‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫قرضا ونودي على المثقال خمس مئ * كذا على العكس ما حكم‬
‫في الثنين‬
‫وقائل لفتاة كان يألفها * من فاتكات اللحاظ الخرد العين‬
‫لئن وطئتك في ملكي فأنت إذن * عتيقة فأبيعت بيع تمكين‬
‫وبعد عادت له ملكا وواقعها * أحكمها عتقها أم ل أجيبوني‬
‫ومرأة عتقت من ملكت ولدا * لها صغيرا بذاك الوقت والحين‬
‫والحال ل قائل شرعي معتبر * له فما صح من هذين المرين‬
‫من أكرهوه على عتق أينفذ ذا * أم ل وإكراهه ما حده أفتوني‬
‫أو أكرهوه على خمر أيشربها * أم ل ويقضي اصطبارا غير مفتون‬
‫هل من مجوز قتل للكلب ل فط * طساد الطريق بتنجيس الخبيثين‬
‫هل فاسق مدع بضرب مندله * جمعا لجن لملموس ومجنون‬
‫وهل من السحر تأليب وتفرقة * وكتب حرز وحجب للمجانين‬
‫ما ليس بالعربي معناه يفهم هل * تحل رقيا به أم ل أجيبوني‬
‫ما الحكم في ذاكر الشهاد ممتنع * عن الدا طالبا أجرا أفيدوني‬
‫وشاهد قال لم أشهد بذا أبدا * وبعده ذاكر الشهاد في حين‬
‫أمنه تقبل أم تلغى شهادته * فيه بذلك يا أهل البراهين‬
‫وحاكم منكر حكما به شهدا * عليه يقبل أم قول الشهيدين‬
‫أهل لذي الجهل تصحيح الولية أم * شرط القضا علمه الحكام‬
‫في الدين‬
‫ماذا تقولون في علم له نقلوا * عن المام أبي الفضل بن سيرين‬
‫أعني بذا العلم تعبير المنام واخبار * المعبر عن غيب ومكنون‬
‫يقول قد دلت الرؤيا بأن سيكن * كذا من المر في علمي‬
‫وتيقيني‬
‫هل آثم بالذي ينبي المعبر أم * ل إثم فيه أجيبوني بتبيين‬
‫ما حكمة الله في عود النبي رسو * ل الله عيسى إلى الرض‬
‫أجيبوني‬
‫ماذا جوابكم فيمن يمد على * همز الجللة في تكبيره أفتوني‬
‫ومن يمد على لم الجللة أو * هاء الجللة يا أهل البراهين‬
‫هل بين هذي السما والرض سادتنا * بحر من الما يقينا أو‬
‫بمظنون‬
‫وهل به في فلك تجري كواكبه * به كشمس وبدر ثم باقين‬
‫أم سير بدر كما قالوا باولة * كذا برابعة شمس أفيدوني‬
‫نلتم ثوابا من المولى ومغفرة * على الدوام وأجرا غير ممنون‬

‫‪363‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫ثم الصلة على أعلى الورى شرفا * محمد المصطفى خير‬
‫النبيين‬
‫والل والصحب ماهب الصبا وصبا * صب لذكر أحاديث المحبين‬

‫تعريف الفئة بأجوبة السئلة المائة‬


‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫الحمد لله وسلم على عباده الذين اصطفى‪ .‬وبعد فإني رجل‬
‫حبب إلى العلم والنظر فيه دقيقه وجليله والغططوص علططى حقططائقه‬
‫والتطلع إلى إدراك دقائقه والفحص عن أصوله وجبلت على ذلططك‬
‫ي منبت شعرة إل وهي ممحونة بذلك‪ ،‬وقد أوذيططت علططى‬ ‫فليس ف ّ‬
‫ذلك أذى كثيرا مططن الجططاهلين والقاصططرين‪ ،‬وذلططك سططنة اللططه فططي‬
‫العلماء السططالفين فلططم يزالططوا مبتليططن بإسططقاط الخلططق وأراذلهططم‬
‫وبمن هو من طائفتهم ممن لم يرتق إلى محلهططم‪ .‬ومططن المعلططوم‬
‫في كتب الحديث والتاريططخ مططا قاسططاه ابططن عبططاس مططن نططافع ابططن‬
‫الزرق وما أسمعه من الذى وما تعنتططه بططه مططن السططئلة‪ .‬وأسططئلة‬
‫نافع ابن الزرق لبن عباس مشهورة مروية لنا بالسططناد المتصططل‬
‫مدونة في ثلث كراريس‪ ،‬وقطد سطقت غالبهطا فطي التقطان وقطول‬
‫نافع لرفيقه لما أراد تعنت ابن عباس قم بنا إلى هذا الططذي نصططب‬
‫نفسه لتفسير القرآن بغير علم حتى نسأله‪ .‬ورد ابن عباس عليططه‬
‫بأبلغ رد‪ .‬ومن المعططروف فططي صططحيح البخططاري وغيططره مططا قاسططاه‬
‫سعد بن أبي وقاص أحد العشرة المشهود لهم بالجنططة مططن جهططال‬
‫أهل الكوفة وشكواهم إياه لعمر بن الخطاب حططتى قططال لططه عمططر‬
‫شكوك في كل شيء حتى قالوا أنك ل تحسن أن تصلي فططانظروا‬
‫بالله الذين أسلموا البارحة يزعمون في صاحب رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم الططذي كططان يسططمى ثلططث السططلم أو ربعططه أنططه ل‬
‫يحسن الصلة وكذلك من المعلوم ما قاساه المام مالك من أهل‬
‫عصره لما برز عليهم‪ .‬وما قاساه المام الشافعي من أهططل مصططر‬
‫لما ألف الرد على مالك واضطراب البلططد حططتى كططاد البلططد يفتتططن‪.‬‬
‫وما قاساه البخاري من أنداده‪ .‬والغزالي من أعدائه وغيرهططم مططن‬
‫المتقدمين والمتأخرين وقد اجتمعططوا كلهططم عنططد اللططه وظهططر لهططم‬
‫المحق من المبطل والرفع رتبططة عنططد اللططه مططن غيططره وظهططر لنططا‬
‫مصططداق ذلططك فططي هططذه الططدار ببقططاء كلم هططذه الئمططة وانتشططاره‬
‫وظهوره واضمحلل من رد عليهططم وطمططس ذلططك ودثططروه‪ .‬وهططذه‬

‫‪364‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫السئلة قد رفعت إلي وهي محتاجة إلى فضل نظر وسعة اطلع‪.‬‬
‫فأجيب عنها أول نثرا ثم أعقده نظما فأقول‪) :‬أما السططؤال الول(‬
‫ي من مدة وأجبت عنه بما نصه‪ :‬العداد في هذه الية‬ ‫فقد ورد عل ّ‬
‫مرتب على المسلمين الموصططوفين بكططل مططا ذكططر فططي اليططة مططن‬
‫الصفات ل على فرد فرد من الصفات و المعطوفطات مطن عططف‬
‫الصفة ل من عطف الذوات والمراد بهم البططالغون درجططة الكمططال‬
‫من هذه المة‪ ،‬والمراد بالمعد أكمل ما أعططد بططدليل تنكيططر مغفططرة‬
‫الدال على التعظيم وتنكير أجر الدال عليه أيضططا ووصططفه بعظيمططا‬
‫وإذا قال الله لشيء عظيم فهو عظيم جدا ل يعبر عنه وذلك أبلططغ‬
‫مما أعد المسلمين الذين لم يتصفوا بكل هذه الصفات أو ببعضها‬
‫فإن أجرهم دون ذلك هذا من حيث الستنباط المأخوذ من قواعططد‬
‫العربية والمعططاني وأمططا مططن حيططث النقططل عططن العلمططاء فقططد قططال‬
‫الغزالي في بعض كلمه أن الموعود في القططرآن بالجنططة لططم يقططع‬
‫مرتبططا علططى مجططرد السططلم أو اليمططان بططل لططم يقططع إل مقرونططا‬
‫باشتراط انضمام العمال إليه ذكر ذلك في معططرض الحططث علططى‬
‫العمال فهذا يدل على العمال الواقعة في هططذه اليططة كططل منهططا‬
‫جزء المحكوم عليه وليس كل منها محكوما عليه استقلل‪ .‬ويؤيده‬
‫أيضا مططن حيططث السططتنباط أنططه لططو كططان كططل فططرد محكومططا عليططه‬
‫استقلل لزم الحكم على فططرد مططن العمططال كالصططوم أو الصططدقة‬
‫المذكور في الية مجردا عططن الوصططف المصططدر بططه وهططو السططلم‬
‫واليمان وهو باطل وإذا بطل اللزم بطل الملزوم‪ .‬فإن قال قائل‬
‫هططذا مسططتثنى ل بططد مططن اعتبططاره لمططا دل عليططه مططن خططارج قلططت‬
‫والباقي أيضا دل على اعتبار مجمططوعه القواعططد العربيططة والبيانيططة‬
‫والسططياق يرشططد إليططه والحططاديث الططواردة فططي الحسططاب والططوزن‬
‫والتقاص إذا وقططف عليهططا بلفظهططا مططع مراعططاة قواعططد السططتدلل‬
‫وأساليب البيان وغيطر ذلطك مطن المطور المشطترطة فطي الجتهطاد‬
‫أنتجت للمجتهد أن العداد مرتب على المجموع ل على كططل فططرد‬
‫فططرد واللططه أعلططم‪) .‬وأمططا السططؤال الثططاني(‪ :‬فططذكر صططاحب آكططام‬
‫المرجان في أحكام الجان أن قياس قططول الشططيخ عططز الططدين بططن‬
‫عبد السلم في الملئكة أنهم ل يرون ربهم إن الجن أيضا ل يرون‬
‫ربهم‪ .‬ومستند الشطيخ عطز الطدين فطي الملئكطة قطوله تعطالى‪) :‬ل‬
‫تدركه البصار( خص من ذلك المؤمنون فبقطي علططى عمطومه فططي‬
‫الملئكة لكن ما قاله الشيخ عز الططدين فططي الملئكططة ممنططوع كمططا‬

‫‪365‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫بينته في الكتاب الذي ألفته في الرؤيططة ومططا قططاله صططاحب الكططام‬
‫في الجن خالفه فيه البلقيني ومال إلى أنهم يططرون والططذي أقططوله‬
‫أن الجن تحصل لهم الرؤية في الموقف مططع سططائر الخلططق قطعططا‬
‫ويحصل لهم في الجنة فططي وقططت مططا مططن غيططر قطططع بططذلك لكططن‬
‫باحتمال راجح أمططا أنهططم يسطاوون النططس فططي الرؤيططة كططل جمعطة‬
‫فالظاهر خلفه‪) .‬وأما السؤال الثالث(‪ :‬فقد حكططى ابططن كططثير فططي‬
‫كتاب البداية والنهاية في رؤية النساء ثلثة مذاهب‪ :‬أحططدها‪ :‬أنهططن‬
‫يرين أدراجا لهن في عموم الخبار الواردة فططي الرؤيططة‪ .‬والثططاني‪:‬‬
‫أنهن ل يرين أصل لعدم التصريح برؤيتهططن فططي الحططديث‪ .‬والثططالث‬
‫أنهن يرين في العياد خاصة ول يرين مع الرجال في أيططام الجمططع‬
‫لورود حديث في ذلك‪ .‬وهذا القول الثططالث هططو الراجططح وبططه جططزم‬
‫ابن رجب وأنططا اسططتثني أزواج النبيططاء وبنططاتهم وسططائر الصططديقات‬
‫فأقول أنهن يرين في غير العياد أيضا خصوصية لهن كمططا اختططص‬
‫الصديقون من الرجططال بمزيططة فططي الرؤيططة ليسططت لغيرهططم‪ .‬وقططد‬
‫بسطططنا الكلم علططى هططذه المسططألة فططي مؤلططف مسططتقل سططميناه‬
‫إسبال الكساء على النساء ولخصططناه فططي مختصططر سططميناه )رفططع‬
‫السى عن النسا(‪) .‬وأما السؤال الرابع والخامس( فذكر صططاحب‬
‫كشف السرار عما خفي عن الفكار إنه قيل في أرجططى آيططة فططي‬
‫القرآن قوله )فهل يهلك إل القوم الفاسقون(‪ .‬وقيططل )أن العططذاب‬
‫على من كذب وتولى( وقيل )ل تقنطوا من رحمة الله( وقيل )إن‬
‫تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكطم سطيآتكم( وقيطل )قطل كطل‬
‫يعمل على شاكلته( وقيل )اليوم أكملت لكم دينكم( وقيل )ولكططن‬
‫يريد ليطهركم( وقيل )الططذين آمنططوا ولططم يلبسططوا إيمططانهم بظلططم(‬
‫وقيل )إن الذين قططالوا ربنططا اللططه ثططم اسططتقاموا( وقيططل )ولسططوف‬
‫يعطيك ربك فترضى( وقال في أخططوف آيططة قيططل )ويحططذركم اللططه‬
‫نفسه( وقيططل )سططنفرغ لكططم أيهططا الثقلن( وقيططل )فططأين تططذهبون(‬
‫وقيل )من يعمل سوءا يجططز بططه( وقيططل )أفحسططبتم أنمططا خلقنططاكم‬
‫عبثططا( وقيططل )إن بطططش ربططك لشططديد( وقيططل )أم حسططب الططذين‬
‫اجترحوا السيئات ‪ -‬الية( وأقول بقي في أرجى آية أقططوال فقيططل‬
‫قوله )وهل يجازى إل الكفور‪ .‬وقيل قططوله )ولكططن ليطمئن قلططبي(‬
‫وقيل قوله )وما أصابكم من مصيبة فما كسبت أيديكم ويعفو عن‬
‫كثير( وقيل )إن الله ل يغفر أن يشططرك بططه( وقيططل )ل يأتططل أولططوا‬
‫الفضل منكم والسعة( ‪ -‬إلى قوله ‪) -‬أل تحبون أن يغفر الله لكم(‬

‫‪366‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫وقيل )وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عمل صططالحا وآخططر سططيئا(‬
‫وقيل )وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهططم( وقيططل )يتيمططا ذا‬
‫مقربة أو مسكينا ذا متربة( وقيل )إنا قططد أوحططي إلينططا أن العططذاب‬
‫على من كذب وتولى( وقيل )قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم‬
‫ما قد سلف(‪ .‬وقيل آية الدين‪ .‬وبقي في أخوف آية أقططوال‪ :‬فعططن‬
‫أبي حنيفة قوله تعالى )واتقوا النار التي أعططدت للكططافرين( وعططن‬
‫الشططافعي قططوله تعططالى )إن النسططان لفططي خسططر إل الططذين آمنططوا‬
‫وعملوا الصالحات( وعن الشبلي قال أخوف آية في القرآن علططى‬
‫طالبي أهل الدنيا قوله تعالى )منكم من يريططد الططدنيا ومنكططم مططن‬
‫يريد الخرة( وأخرج ابن المنذر في تفسيره عن ابن سطيرين قطال‬
‫لم يكن عندهم شيء أخوف من هذه الية )ومن الناس من يقول‬
‫آمنططا بططالله وبططاليوم الخططر ومططا هططم بمططؤمنين(‪" .‬وأمططا السططؤال‬
‫السادس"‪ :‬فأقول أن الشراء قد وقع في الزل بالعلم وعند نزول‬
‫الية بالفعل وهذا شأن صفات الفعططال فططإن قططوله اشططتري صططفة‬
‫فعل مسندة إلى الله وبهذا يحصل الجططواب عططن السططؤال السططابع‬
‫وهو أنه لم يكن في الزل من يشتري منه‪ .‬ويحتمل أن يجاب عنه‬
‫بأن ذلك وقع مع المؤمنين وهم في عالم الذر لكن هذا يحتاج إلى‬
‫ورود حديث به أو أثر ولم نقف عليه‪) .‬وأما السؤال الثامن(‪ :‬فإنما‬
‫خص الموال والنفس وهي الرواح لنهما أعز الشياء عند الخلق‬
‫فأعز شيء على النسان نفسططه الططتي هططي روحططه والمططال عططديل‬
‫الططروح فاشططترى منهططم النفططس ليبططذلوها للقتططل فططي سططبيل اللططه‬
‫والموال لينفقوهططا فططي الجهططاد ولططم يططذكر القلططوب لنططه إن أريططد‬
‫بالقلب ما هو حططال فيططه وهططو الططروح فقططد ذكططر ذلططك الحططال وهططو‬
‫النفس فأغنى عن ذكر المحططل الططذي هططو وعططاء محططض وإن أريططد‬
‫بالقلب المحل الذي هو الشكل الصنوبري وهو الوعاء فهططذا ليططس‬
‫بشيء حتى يططذكر لنططه عبططارة عططن قطعططة لحططم وجططزء مططن بططدن‬
‫النسان وقد ذكر ما هو أشطرف منططه وأعططز مطن كطل البططدن وهطي‬
‫النفس فلم يكن لططذكر القلططوب معنططى‪) .‬وأمططا السططؤال التاسططع(‪:‬‬
‫فقال صاحب كشف السططرار قططال الطططوخي فططي أسططرار التنزيططل‬
‫اختلف في أي الجهتين أفضل فقططال المشططارقة المشططرق أفضططل‬
‫واحتجوا بوجوه‪ :‬الول‪ :‬إن اللططه تعططالى لططم يططذكر الموضططعين فططي‬
‫موضع إل قدم ذكططر المشططرق‪ .‬الثططاني‪ :‬الفضططاء يكططون مظلمططا فل‬
‫يضيء إل بطلوع الشمس من المشرق‪ .‬الثالث‪ :‬أن الئمة الربعة‬

‫‪367‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫في الفقه من الشرق‪ .‬الرابططع‪ :‬أن الرض الططتي بططورك فيهططا بنططص‬
‫القرآن وهي أرض مصر والشام وأرض الجزيرة من المشرق لن‬
‫الناس اتفقوا على أن أرض مصر حد ما بيططن المشططرق والمغططرب‬
‫فما كان من مصر إلى جهة مطلع الشمس فهططو مشططرق فيتنططاول‬
‫الحجاز والشام واليمن والعططراق ومططا بعططدها‪ ،‬والمصططر فططي اللغططة‬
‫الحد ولذا سميت مصر بمصر‪ .‬واحتج المغاربططة بوجططوه‪ :‬أحططدها أن‬
‫الله تعالى بدأ بذكر المغرب في قصة ذي القرنين والثططاني‪ :‬قططوله‬
‫صلى الله عليه وسلم ل يزال طائفطة مططن أمطتي ظططاهرين ‪ -‬وفططي‬
‫رواية ل يزال أهل الغرب ظاهرين وأجيب بأن الثابت وهم بالشام‬
‫لن الشام غربي المدينة‪ .‬وأما لفظ الغرب فل يثبت وأن ثبت فهو‬
‫محمول على الغرب وهو الدلو التي يستقي بها وأكططثرهم بططاليمن‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬أن المغرب اختص بظهور الهلة التي هي مواقيت للنططاس‬
‫والحططج ترمقهططا أبصططار النططاس دون المشططرق‪ ،‬وعططورض بطلططوع‬
‫الشمس من المشرق وبأن القمر يطلع أول من المشرق ممحوقا‬
‫ثم يظهر بالمغرب وبأن بططاب التوبططة سططعته أربعيططن عامططا ثططم أنططه‬
‫يغلق بالمغرب‪ .‬الرابع‪ :‬أن المهططدي يظهططر بططالمغرب وأجيططب بططأن‬
‫المشهور ظهوره بمكة أو اليمن أو العراق‪ ،‬قالت المغاربة نحن ل‬
‫يظهر الدجال مططن عنططدنا ول يططأجوج ومططأجوج ول سططائر الفتططن ول‬
‫أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى بلدنا فقال الفتنة من ههنططا‪،‬‬
‫قالت المشارقة هططذا عططدول عططن تقريططر المنططاقب إلططى التعريططض‬
‫بالمثالب فإن كان المر كططذلك فيكفيكططم أن الشططمس آيططة النهططار‬
‫وأنها تغرب عندكم وتظلم القطار ويغلق باب التوبططة مططن جهتكططم‬
‫فل تنفططع التوبططة والسططتغفار‪ .‬وأقططول لططم يترجططح عنططدي تفضططيل‬
‫المشرق على المغرب ول عكسه لتعارض دليل كططل منهمططا‪ ،‬وقططد‬
‫أردت أن أفضل المشرق لن النبياء بعثوا منه ولم نقف على أنططه‬
‫بعث من المغرب نبي ثم وقفت عن ذلك لحتمال أن يكططون بعططث‬
‫منه نبي وأن لم يرد بططه خططبر لن النبيططاء مططائة ألططف نططبي وأربعططة‬
‫وعشرون ألططف نططبي فططأي مططانع مططن أن يكططون طائفططة منهططم مططن‬
‫المغرب ولم ترد الخبار بتفضيل حال خمسين نبيا فضل ُ عن أكططثر‬
‫من ذلك حتى يؤخذ منها‪) .‬وأما السططؤال العاشططر(‪ :‬فقططال صططاحب‬
‫كشف السرار اختلفوا في ذلططك والكططثرون علططى تفضططيل الرض‬
‫على السماء لن النبياء خلقوا منها وعبدوا الله فيها ودفنوا فيهططا‪.‬‬
‫)وأما السؤال الحادي عشططر(‪ :‬فططذكر صططاحب كشططف السططرار مططا‬

‫‪368‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫نصه‪ :‬في كلم بعضهم الرض العليطا أفضطل ممطا تحتهطا لسطتقرار‬
‫ذرية آدم فيها ولنتفاعنا بها ودفن النبياء بها وهططي مهبططط الططوحي‬
‫وغيره‪ .‬قلت ورد بططه الثططر عططن ابططن عبططاس كمططا سططنذكره‪) .‬وأمططا‬
‫السؤال الثاني عشر(‪ :‬ففي كشف السرار قططال بعضططهم السططماء‬
‫الولى أفضل مما سواها لقوله تعططالى )ولقططد زينططا السططماء الططدنيا‬
‫بمصابيح( قلت ورد الثر بخلفه‪ :‬أخرج عثمان بن سططعيد الططدارمي‬
‫في كتاب الرد على الجهمية عن ابن عباس قال سططيد السططماوات‬
‫السماء التي فيها العططرش وسطيد الرض الطتي نحطن عليهطا‪) .‬وأمطا‬
‫السؤال الثالث عشر(‪ :‬فأخرج الشيخان عن أبي هريرة قططال قططال‬
‫رسططول اللططه صططلى اللططه عليططه وسططلم إذا سططألتم اللططه فاسططألوه‬
‫الفردوس فإنه وسط الجنة وأعلى الجنة وفططوقه عططرش الرحمططن‬
‫ومنه تفجر أنهار الجنة‪ .‬وأخططرج ابططن أبططي حططاتم عططن أبططي موسططى‬
‫الشعري قال قال رسول الله صلى اللططه عليططه وسططلم الفططردوس‬
‫مقصورة الرحمن فيها خيار الشجار والنهار‪) .‬وأما السؤال الرابع‬
‫عشر( فأخرج ابن أبي حاتم عن أبططي بططن كعططب فططي قططوله تعططالى‬
‫)ونجيناه ولوطا إلى الرض التي باركنا فيها للعالمين( قال الشام‪.‬‬
‫وأخرج أيضا عن أبي العالية قال هي الرض المقدسططة بططارك اللططه‬
‫فيها للعالمين لن كل ماء في الرض عططذب هططو منهططا يخططرج مططن‬
‫أصل الصخرة الططتي فططي بيططت المقططدس يهبططط مططن السططماء إلططى‬
‫الصخرة ثم يتفرق في الرض‪ .‬وأخرج عن قتططادة قططال هططي أرض‬
‫الشام وهي أرض المحشر والمنشر وبها ينطزل عيسطى بططن مريطم‬
‫وبها يهلك المسيح الضللة الططدجال‪ .‬وأخططرج عططن كعططب قططال هططي‬
‫حران ‪ .‬وأخططرج مططن طريططق العططوفي عططن ابططن عبططاس فططي قططوله‬
‫)ونجيناه ولوطا إلى الرض التي باركنا فيها للعططالمين( قططال يعنططي‬
‫مكة ونزول إسماعيل البيت أل ترى أنه يقول )إن أول بيططت وضططع‬
‫للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين(‪) .‬وأما السؤال الخامس‬
‫عشر(‪ :‬ففي كشف السرار قيل الحكمة في أن الشمس والقمططر‬
‫يططوم القيامططة يطمططس نورهمططا ويلقيططان فططي جهنططم ليظهططر لعبططدة‬
‫الشمس والقمر أنهما ليسا آلهطة لنهمطا لطو كانطا آلهطة لططدفعا عططن‬
‫أنفسهما ولما ذهب ضوؤهما وهذا هططو السططر فططي ذهططاب ضططوئهما‬
‫في الدنيا بالخسوف وإنما ألقيا في جهنم يوم القيامططة ليقططال مططن‬
‫كططان يعبططد شططيئا فليتبعططه فيتبعططونهم فططي جهنططم‪) .‬وأمططا السططؤال‬
‫السادس عشر(‪ :‬ففي كشف السرار أن قيل ما هذا السواد الذي‬

‫‪369‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫في القمر قيل سأل ابن اللواء عليا رضي الله عنه عن ذلك فقيل‬
‫أنه أثر مسح جناح جبريل وذلطك أن اللططه تعططالى خلططق نططور القمططر‬
‫سبعين جزءا وكذلك نور الشمس ثم أتى جبريل فمسططحه بجنططاحه‬
‫فمحا من القمر تسعة وستين جزءا فحولها إلى الشططمس فططأذهب‬
‫عنه الضوء وأبقي فيه النور فذلك قوله تعالى )فمحونططا آيططة الليططل‬
‫وجعلنا آية النهار مبصرة( وأنت إذا تأملت السواد الذي في القمططر‬
‫وجدتها حروفا أولها الجيم وثانيها الميططم وثالثهططا اليططاء واللم ألططف‬
‫آخر الكل مكتوب عليه جميل‪ ،‬وقططد شططاهدت ذلططك وقرأتططه مططرات‬
‫فسبحان من خلقه جميل‪ .‬قلططت أخططرج الططبيهقي فططي دلئل النبططوة‬
‫عن سعيد المقبري أن عبد الله بن سلم سططأل النططبي صططلى اللططه‬
‫عليه وسلم عن السواد الذي في القمر فقال كانا شمسين فقططال‬
‫قال الله تعالى )وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل( قططال‬
‫والذي رأيت هو المحو‪ .‬وأخرج ابن أبي حاتم وابططن مردويططه بسططند‬
‫واه عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسطلم قطال إن اللطه‬
‫خلق شمسين من نور عرشه فأما ما كططان فططي سططابق علمططه أنططه‬
‫يدعها شمسا فإنه خلقها مثل الدنيا على قدرها مططا بيططن مشططارقها‬
‫ومغاربها وأما ما كان في سابق علمه أنه يطمسها ويجعلهططا قمططرا‬
‫فإنه خلقها دون الشمس في العظم ولكن إنما يرى صغرها لشدة‬
‫ارتفاع السماء وبعططدها مططن الرض فلططو تططرك الشططمس كمططا كططان‬
‫خلقها أول مرة لم يعرف الليل من النهار ول النهار من الليل ولم‬
‫يدر الصائم متى يصططوم ومططتى يفطططر ولططم يططدر المسططلمون مططتى‬
‫وقططت حجهططم وكيططف عططدد اليططام والشططهور والسططنين والحسططاب‬
‫فأرسل جبريل فأمر جناحه على وجطه القمططر وهططو يططومئذ شططمس‬
‫ثلث مرات فطمس عنه الضوء وبقي فيه النور فذلك قوله تعالى‬
‫)وجعلنا الليل والنهار آيتين( وأخرج عبد الرزاق في المصططنف عططن‬
‫مجاهد قال كتب هرقل إلى معاويططة يسططأله عططن ثلثططة أشططياء‪ :‬أي‬
‫مكان إذا صليت فيه ظننت أنططك لططم تصططل إلططى قبلططة‪ ،‬وأي مكططان‬
‫طلعت فيه الشمس مرة لم تطلع فيه قبل ول بعد‪ ،‬وعن السططواد‬
‫الذي في القمر فأرسل معاوية إلى ابن عباس يسأله فكتططب إليططه‬
‫أما المكان الول فهو ظهر الكعبة‪ .‬وأما الثاني فالبحر حيططن فرقططه‬
‫الله لموسى‪ .‬وأمططا السططواد الططذي فططي القمططر فهططو المحططو‪) .‬وأمططا‬
‫السططؤال السططابع عشططر والثططامن عشططر(‪ :‬ففططي كشططف السططرار‬
‫الشططمس إذا غربططت أيططن تططذهب‪ .‬قططال الطرطوشططي فططي شططرح‬

‫‪370‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الرسالة اختلف في ذلك فقيل يبتلعها حوت وقيل تغرب في عيططن‬
‫حمئة كمططا قططال اللططه تعططالى والحمططأة بططالهمز ذات حمططأة وطيططن‬
‫وقرئت حامية بغير همز أي حارة ساخنة‪ .‬قال الطرطوشي وقيططل‬
‫أنها تطلع من سماء إلى سماء حتى تسجد تحت العرش وتقول يا‬
‫رب أن قوما يعصونك فيقططول اللططه تعططالى لهططا ارجعططي مططن حيططث‬
‫جئت فتنزل من سماء إلى سططماء حططتى تطلططع مططن المشططرق وإذا‬
‫نزلت إلى سماء الططدنيا طلططع الفجططر حينئذ‪ .‬وقططال إمططام الحرميططن‬
‫وغيره ل خلف أن الشمس تغرب عند قططوم وتطلططع علططى آخريططن‬
‫والليل يطول عند قوم ويقصططر عنططد آخريططن وعنططد خططط السططتواء‬
‫يكون الليل والنهار مستويين أبدا‪ .‬وسئل الشيخ أبو حامد عططن بلد‬
‫بلغار كيف يصلون فإنه ذكر أن الشمس ل تغرب عندهم إل مقدار‬
‫ما بين المغرب والعشاء ثم تطلع فقططال يعتططبر صططومهم وصططلتهم‬
‫بأقرب البلد إليهم‪ ،‬والحسن وبه قال بعض الشيوخ أنهم يقدرون‬
‫ذلك ويعتبرون الليل والنهار كما قال صلى اللططه عليططه وسططلم فططي‬
‫يوم الدجال الذي كسنة وكشهر )قدروا لططه( حيططن سططأله الصططحابة‬
‫عن الصوم والصلة فيه‪ ،‬وبلغار بضم الباء الموحدة وإسططكان اللم‬
‫وبالغين المعجمة وبالراء المهملططة فططي آخططره أقصططى بلد الططترك‪.‬‬
‫وذكر لي بعضهم عمن أخبره أن الشمس إذا غربططت عنططدهم مططن‬
‫ههنا طلططع الفجططر وصططار يمشططي قليل ثططم تطلططع الشططمس‪ .‬وبهططذا‬
‫الجواب المذكور يحصل الجواب عن تردد أبداه القرافي في قططوم‬
‫ل تغيب الشمس عندهم إل مقدار الصططلة فهططل يشططتغلون بصططلة‬
‫المغططرب أو بالكططل حططتى يقططووا علططى صططوم الغططد إذا كططان شططهر‬
‫رمضان وإذا علمت من هطذه القاعطدة أن الليطل يقصطر عنطد قطوم‬
‫ويطول عند آخرين ظهر لك وجه الجمع بين الروايات الواردة عنه‬
‫عليه السلم في قوله ينزل ربنا كل ليلة حين يذهب ثلططث الليططل ‪-‬‬
‫وفي رواية حين يذهب نصف الليل ‪ -‬ويقول هل من تططائب فططأتوب‬
‫عليه هل من مستغفر فأغفر له من يقرض غير عديم ول ظلططوم ‪-‬‬
‫الحديث‪ .‬وكذا أجطاب بعطض العلمطاء بهطذا الجطواب وهطو أن نطزول‬
‫الملك يكون دائما نصف الليل قال ونصف الليل يكون نصططفا عنططد‬
‫قوم وثلثا عند آخرين فل تنافي بين الروايتين قال والمعنى فيه أن‬
‫الشططمس إذا انتصططف الليططل أحططدثت فططي العططالم حركططة بطبعهططا‬
‫وحرارتها فل يبقى حيوان نائم إل وتحرك لنهططا تقططرب مططن الرض‬
‫فططإذا تحططرك اسططتيقظ فططي الغططالب فططإذا اسططتيقظ تلقططاه المنططادي‬

‫‪371‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫ونشطه إلى القيام إلى الطاعة فيقول هل من مستغفر هططل مططن‬
‫تائب هل من طططالب حاجططة‪ .‬فهططذه أسططرار غريبططة ومعططان لطيفططة‬
‫فسبحان من هذا عطاؤه وجل مططن هططذا قضططاؤه‪ .‬قلططت الحططاديث‬
‫والثار مختلفة في ذهاب الشمس بعططد غروبهططا‪ :‬فططأخرج البخططاري‬
‫عن أبي ذر قال كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد‬
‫عند غروب الشمس فقال يا أبا ذر تدري أين تغرب الشمس قلت‬
‫الله ورسوله أعلم قططال فإنهططا تططذهب حططتى تجسططد تحططت العططرش‬
‫فططذلك قططوله تعططالى )والشططمس تجططري لمسططتقر لهططا( وأخرجططه‬
‫النسائي بلفظ فإنها تذهب حتى تنتهي تحت العرش عند ربهططا ثططم‬
‫تستأذن فيؤذن لها ويوشك أن تستأذن فل يؤذن لها وتطلططب فططإذا‬
‫كان ذلك قيل لها اطلعي من مكانك فذلك قططول اللططه )والشططمس‬
‫تجري لمستقر لها( وأخرج عبد الرزاق عن عبد الله بن عمرو في‬
‫قوله تعططالى )والشططمس تجططري لمسططتقر لهططا( قططال مسططتقرها أن‬
‫تطلططع فتردهططا ذنططوب بنططي آدم فططإذا غربططت سططلمت وسططجدت‬
‫واستأذنت فيؤذن لها حتى إذا غربت سلمت وسططجدت واسططتأذنت‬
‫فل يؤذن لهططا فتقططول إن السططير بعيططد وإنططي إن يططؤذن لططي ل أبلططغ‬
‫فتحبس ما شاء الله ثم يقال اطلعي من حيث غربت قال الحافظ‬
‫ابن حجر في شرح البخاري ل تخالف بين هططذا وبيططن قططوله تعططالى‬
‫) وجدها تغرب في عين حمئة( فإن المراد به نهاية مططدرك البصططر‬
‫إليها حال الغروب وسجودها تحت العرش إنمططا هططو بعططد الغططروب‬
‫وقال الخطابي يحتمل أن يكون المراد باستقرارها تحططت العططرش‬
‫أنها تستقر تحته استقرارا ل نحيط بطه نحطن وليطس فطي سطجودها‬
‫كل ليلة تحت العرش ما يعيق عن دورانها في سيرها‪ .‬وأخرج ابن‬
‫أبي حاتم في تفسيره وأبططو الشططيخ فططي كتططاب العظمططة عططن ابططن‬
‫عباس قال الشمس بمنزلة الساقية تجري بالنهار في السماء في‬
‫فلكها فإذا غربت جرت الليل في فلكها تحططت الرض حططتى تطلططع‬
‫من مشرقها وكذلك القمر‪ .‬وأخرج أبو الشيخ عن الحسن البصري‬
‫قال إذا غربططت الشططمس دارت فططي فلططك السططماء ممططا يلططي دبططر‬
‫القبلططة حططتى ترجططع إلططى المشططرق الططذي تطلططع منططه وتجططري فططي‬
‫السماء من شرقها إلى غربها ثم ترجع إلى الرض ممططا يلططي دبططر‬
‫القبلة إلى شرقها كذلك هططي مسططخرة فططي فلكهططا وكططذلك القمططر‬
‫وأخرج أبو الشيخ عن عكرمة قال أن الشططمس إذا غربططت دخلططت‬
‫بحرا تحت العرش فتسبح الله حتى إذا هي أصبحت استعفت ربها‬

‫‪372‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫من الخروج قال ولم قالت أني خرجت عبدت من دونططك‪ .‬وأخططرج‬
‫أبو الشيخ بسند واه عن ابن عبططاس قططال أن الشططمس إذا غربططت‬
‫رفع بها إلى السماء السابعة في سرعة طيران الملئكططة وتحبططس‬
‫تحت العرش فتستأذن من أين تؤمر بططالطلوع ثططم ينطلططق بهططا مططا‬
‫بيططن السططماء السططابعة وبيططن أسططفل درجططات الجنططان فططي سططرعة‬
‫طيران الملئكة فتنحدر حيال المشرق من سماء إلى سططماء فططإذا‬
‫وصلت إلى هذه السماء فذلك حين ينفجر الصبح فإذا وصلت إلى‬
‫هذا الوجه من السطماء فططذلك حيططن تطلطع الشطمس‪ .‬وأخططرج ابطن‬
‫عساكر عن الزهري أن خزيمة بططن حكيططم السططلمي سططأل رسططول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم عن حر المططاء فططي الشططتاء وبططرده فططي‬
‫الصيف فقال أن الشمس إذا سقطت تحططت الرض سططارت حططتى‬
‫تطلع من مكانها فإذا طال الليل في الشتاء كثر لبثهططا فططي الرض‬
‫فيسخن الماء لذلك فإذا كان الصيف مرت مسرعة ل تلبث تحططت‬
‫الرض لقصر الليل فثبت الماء على حاله بططاردا‪ .‬هططذا مجمططوع مططا‬
‫وقفت عليه في هذه المسألة من الحاديث والثار‪) .‬وأما السططؤال‬
‫التاسع عشر(‪ :‬فقد تقدم في الحديث المرفوع أن الشططمس علططى‬
‫قدر الدنيا ما بين مشارقها ومغاربها‪ .‬وأخرج ابططن أبططي حططاتم وأبططو‬
‫الشيخ عن عكرمة قال الشمس سعة الرض وزيادة ثلث والقمططر‬
‫على قدر سططعة الرض‪ .‬وأخرجططا أيضططا عططن قتططادة قططال الشططمس‬
‫طولها ثمططانون فرسططخا فططي عططرض ثمططانين فرسططخا‪ .‬وأخططرج أبططو‬
‫الشيخ من طريق الكلبي عن أبي صالح عططن ابططن عبططاس أن رجل‬
‫قال له كم طول الشمس وكم عرضها قال تسعمائة فرسططخ فططي‬
‫تسططعمائة وطططول الكططواكب اثنططا عشططر فرسططخا فططي اثنططي عشططر‬
‫فرسخا‪) .‬وأما السؤال العشرون(‪ :‬فقد ثبت في أحاديث أنه يخرج‬
‫من قبل المشرق وأنه يبططايع لططه بمكططة بيططن الركططن والمقططام وأنططه‬
‫يسكن بيت المقطدس‪) .‬وأمططا السطؤال الحططادي والعشططرون(‪ :‬فقططد‬
‫صح في مسلم مططن حططديث النططواس بططن سططمعان أنططه ينططزل عنططد‬
‫المنارة البيضاء شرقي دمشق قال ابن كثير هذا هططو الشططهر فططي‬
‫موضع نزوله وورد في بعططض الحططاديث أنططه ينططزل بيططت المقططدس‬
‫وجمع بعض العلماء بينهما بأنه ينزل بيت المقدس وبيت المقدس‬
‫هو شرقي دمشق‪ .‬وفي بعض الروايات أنططه ينططزل بططالردن‪ .‬وفططي‬
‫رواية بعسكر المسلمين‪) .‬وأما السؤال الثاني والعشرون والثالث‬
‫والعشرون(‪ :‬فأخرج الطبراني بسند ضعيف عن ابططن عبططاس قططال‬

‫‪373‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ :‬أفضل اليام يططوم الجمعططة‬
‫وأفضل الشهور شهر رمضان وأفضططل الليططالي ليلططة القططدر‪ .‬ففططي‬
‫كشف السططرار أن يططوم عرفططة ويططوم الجمعططة علططى خلف فيهمططا‬
‫أفضل من سائر اليام لما فططي يططوم عرفططة مططن تجلططي الحططق عططز‬
‫وجططل ومباهططاته الملئكططة بالحططاج وفيططض عظيططم عفططوه وفضططله‬
‫ورحمته عليهم بالعتق من النططار والمغفططرة ولمططا حصططل فططي يططوم‬
‫الجمعة من خلق آدم وقبول توبته وإجابة الططدعاء فيططه فططي سططاعة‬
‫منه والذن لهل الجنة فطي زيطارة الطرب عطز وجطل انتهطى‪) .‬وأمطا‬
‫السؤال الرابع والعشرون(‪ :‬فالذي أقططوله اسططتنباطا أن جبططل أحططد‬
‫أفضل الجبال لقوله صلى الله عليه وسلم‪ :‬أحد يحبنا ونحبططه وورد‬
‫أنه على باب من أبواب الجنة ولنه من جملة أرض المدينططة الططتي‬
‫هي أفضل البقاع ولنه مذكور في القرآن باسمه فططي قططراءة مططن‬
‫قرأ )إذ تصعدون ول تلوون علططى أحططد(‪) .‬وأمططا السططؤال الخططامس‬
‫والعشرون(‪ :‬فأخرج ابن أبي حاتم في تفسيره عن عبططد اللططه بططن‬
‫عمرو رضي الله عنهما قال نيل مصر سيد النهططار سططخر اللططه لططه‬
‫كططل نهططر مططن المشططرق والمغططرب‪) .‬وأمططا السططؤال السططادس‬
‫والعشرون(‪ :‬فقد اختلف الناس قديما وحديثا في ذلك فمنهم مططن‬
‫فضل الفقير الصابر على الغني الشاكر ومنهم من عكططس ومنهططم‬
‫من توسط ففضل الكفاف وهو المختار‪ .‬قال صاحب الوحيد ذهب‬
‫الجنيد إلى أن الفقير الصابر أفضل وهو الذي أراه وعلله بأن قال‬
‫ما من ألم نفسه كم أراح نفسه‪ .‬وذهب ابن عطاء إلططى أن الغنططي‬
‫الشاكر أفضل واستدل بططأن الغنططى صططفة مططن صططفات اللططه وهططذا‬
‫مشتق منه فقال له الجنيد إن غنى اللططه بططذاته وهططذا الغنططى تمتططد‬
‫إليه يد السارق والغاضططب فل يشططتق هططذا منططه وقططال الشططيخ عططز‬
‫الدين بن عبد السلم في القواعد الكططبرى فططإن قيططل أيمططا أفضططل‬
‫حال الغنياء أم حال الفقراء‪ .‬فالجواب إن النطاس أقسطام أحطدهم‬
‫من يستقيم على الغنى ويفسد حاله بالفقر ول خلف أن غنى هذا‬
‫خير له من فقره‪ .‬والثاني أن يستقيم على الفقر ويفسططده الغنططى‬
‫ويحمله على الطغيان فل خلف أن فقططر هططذا خيططر لططه مططن غنططاه‪.‬‬
‫الثالث من إذا افتقر قام بجمع وظائف الفقر كالرضا والصططبر وإن‬
‫استغنى قام بجميع وظططائف الغنططى مططن البططذل والحسططان وشططكر‬
‫الملك الديان فقد اختلف الناس قي أي حططال هططذا أفضططل فططذهب‬
‫قوم إلى أن الفقر لهططذا أفضططل‪ .‬وقططال آخططرون غنططاه أفضططل وهططو‬

‫‪374‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫المختار لستعاذته صلى الله عليه وسلم من الفقر ول يجوز حمله‬
‫على فقر النفس لنه خلف الظاهر بغير دليل وقد يستدل لهططؤلء‬
‫بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان أغلب أحواله الفقططر إلططى أن‬
‫أغناه الله بحصططول خيططبر وفططدك والعططوالي وأمططوال بنططي النضططير‪.‬‬
‫والجواب عن هذا أن النبياء والولياء ل يططأتي عليهططم يططوم إل كططان‬
‫أفضل من الذي قبله وقد ختم آخططر أمططر رسططول اللططه صططلى اللططه‬
‫عليه وسلم بالغنى ولم يخرجه غناه عمططا كططان يتعاطططاه فططي أيططام‬
‫فقره من البذل و اليثار والتقليل حتى أنططه مططات ودرعططه مرهونططة‬
‫عند يهودي على آصع من الشعير وكيف ل يكون ذلططك وهططو صططلى‬
‫الله عليه وسلم يقول ابن آدم إنك إن تبذل الفضل خيططر لططك وإن‬
‫تمسك شر لك‪ .‬أراد بالفضل ما فضططل عططن الحاجططة الماسططة كمططا‬
‫فعل صلى الله عليه وسلم فمن سلك مططن الغنيططاء هططذا الطريططق‬
‫فبذل الفضل كله مقتصرا على عيش مثل عيش النبي صلى اللططه‬
‫عليه وسلم فل امتراء إن غنى هذا خير من فقره ويدل على ذلططك‬
‫حططديث الصططحيحين ذهططب ذوو المططوال بالططدرجات العلططى والنعيططم‬
‫المقيم ‪ -‬الحديث‪ ،‬وفيه ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء‪ .‬وأما قططوله‬
‫صلى الله عليه وسلم يدخل فقراء المسلمين الجنة قبططل الغنيططاء‬
‫بنصف يوم وهططو خمسططمائة عططام وقططوله صططلى اللططه عليططه وسططلم‬
‫اطلعت على الجنة فرأيت أكثر أهلها الفقططراء فططإن ذلططك محمططول‬
‫على الغالب من أحوال الغنياء والفقراء إذ ل يتصف مططن الغنيططاء‬
‫بما ذكرناه من أن يعيش عيش الفقططراء أو يتقططرب إلططى اللططه بمططا‬
‫فضل من عيشه مقدما لفضل البذل فأفضله إل الشذوذ النادرون‬
‫الذين ل يكطادون يوجطدون والصطابرون علطى الفقطر قليطل مطا هطم‬
‫والراضون أقل من ذلك القليل‪ .‬هذا كلم الشيخ عز الططدين وقططال‬
‫ابن بطال في حديث ذهب ذوو الموال بالدرجات العلى فططي هططذا‬
‫الحديث فضل الغنى نصا ل تأويل إذا استوت أعمال الغني والفقير‬
‫فيمططا افططترض اللططه عليهمططا فللغنططى حينئذ فضططل عمططل الططبر مططن‬
‫الصدقة ونحوها مما ل سبيل للفقير إليه‪ .‬وقططال ابططن دقيططق العيططد‬
‫ظاهر الحديث القريب من النص أنه فضططل الغنططى وبعططض النططاس‬
‫تأوله بتأويل مستكره‪ ،‬قال والذي يقتضيه النظر أنهمططا إن تسططاويا‬
‫وفضلت العبادة المالية أن يكون الغنى أفضططل وهططذا ل شططك فيططه‬
‫وإنما النظر إذا تساويا وانفرد كل منهما بمصلحة ما هو فيه أيهمططا‬
‫أفضططل؟ إن فسططر الفضططل بزيططادة الثططواب فالقيططاس يقتضططي أن‬

‫‪375‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫المصالح المتعدية أفضل من القاصططرة فيترجططح الغنططى وإن فسططر‬
‫بالشططرف بالنسططبة إلططى صططفات النفططس فالططذي يحصططل لهططا مططن‬
‫التطهير بسبب الفقر أشرف فيترجح الفقر ومن ثم ذهب جمهططور‬
‫الصططوفية إلططى ترجيططح الفقيططر الصططابر وقططال القرطططبي فططي هططذه‬
‫المسطألة للعلمطاء خمسطة أقطوال ثالثهطا الفضطل الكفطاف‪ .‬رابعهطا‬
‫يختلططف بططاختلف الشططخاص‪ .‬خامسططها التوقططف‪) .‬وأمططا السططؤال‬
‫السابع والعشرون(‪ :‬ففي كشططف السططرار قططال النيسططابوري قططال‬
‫بعضهم خلق الله أول زمردة خضراء ويقططال اللططوح والقلططم ويقططال‬
‫الوقت والزمان ويقال العرش والكرسططي ويقططال خلططق أول عططاقل‬
‫لنه أراد أن ينتفططع بعقلططه غيططره ويقططال خلططق جططوهرا متفرقططا مططن‬
‫اللوان والطباع والهيئات ثططم خلططق الهيئات فركبهططا بيططن الطبططاع‬
‫واللوان و صارت بسيطة مؤلفة مطبوعة ويقال خلططق أول نقطططة‬
‫ثم نظر إليها بالهبية فتضعضعت وتمايلت فصيرها الله تعالى ألفطا‪.‬‬
‫)وأما السططؤال الثططامن والعشططرون(‪ :‬فططأخرج ابططن أبططي حططاتم فططي‬
‫تفسيره عن أبي زرعة عمرو بن جرير قال أن أول شيء كتب أنا‬
‫التواب أتوب على من تاب‪) .‬وأمططا السططؤال التاسططع والعشططرون(‪:‬‬
‫ففططي كشططف السططرار قيططل الحكمططة فططي إدخططال المططؤمنين النططار‬
‫ليعرفوا قدر الجنة ومقدار ما دفع اللططه عنهططم مططن عظيططم النقمططة‬
‫لن تعظيم النعمة واجب في الحكمة‪ .‬وقيل ليكون المؤمنون دليل‬
‫للكافرين كما أن جبريل كططان دليل لفرعططون فططي البحططر لن عبططاد‬
‫الصنم يوم القيامططة يططؤمرون بططدخول النططار مططع أصططنامهم فيططأبون‬
‫فيقول الله للمؤمنين ادخلططوا فيقولططون لبيططك وسططعديك إن أمرتنططا‬
‫فذلك قوله تعالى )والذين آمنوا أشد حبا لله( وحينئذ يتبين للخلططق‬
‫أن بره في النار للعططارفين أكططثر مططن بططره فططي الجنططة للمطيعيططن‪.‬‬
‫وقيل أراد الله تعالى أن يطيب النار كما طيب بطن الحوت بإلقاء‬
‫يونس عليه السلم لن النار شططكت إلططى ربهططا فقططالت يططا رب مططا‬
‫عصيتك قط فلم جعلتني مأوى المتكبرين والجبططارين فقططال أريططك‬
‫النبياء والمطيعين وقيل ليرى المؤمنون عيانا ما أخطبرهم بطه مططن‬
‫نجاة ابراهيم من نططار نمططروذ فقططال لبراهيططم )يططا نططار كططوني بططردا‬
‫وسلما على ابراهيططم( وقططال للمططؤمنين وردتموهططا وهططي خامططدة‪.‬‬
‫وقيل ليرى الكفرة جودة عنصر المطؤمنين لن الجطوهر الصطلي ل‬
‫تعمل فيه النار ول تفسده فكذلك المططؤمن‪ .‬وقيططل ليظهططر للخلططق‬
‫أنه جامع النور و الظلمة لنططه هططو المنجططي مططن الظلمططة والموقططع‬

‫‪376‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫فيها‪ .‬وقيل ليرى الخلق كمال قططدرته فرقططة يسططتغيثون مططن النططار‬
‫وفرقة تسططتغيث النططار منهططم وهططذا كمططا جعططل المططاء رحمططة علططى‬
‫موسى وعقوبة على قططوم فرعططون كططذلك النططار رحمططة للمططؤمنين‬
‫نقمة للكافرين‪ .‬وقيل لن الله تعالى وعد النار أن يملهططا وهططي ل‬
‫تمل بالكفرة فتقططول هططل مططن مزيططد فيططورد المططؤمنين فيهططا فتمل‬
‫وتقول قط‪) .‬وأما السؤال الثلثون(‪ .‬ففي كشف السرار أن طططاء‬
‫شجرة طوبى وسين سدرة المنتهى وميم محمد صلى اللططه عليططه‬
‫وسلم‪ .‬وأخرج ابن أبي حاتم فططي تفسططيره عططن محمططد بططن كعططب‬
‫القرظي في قوله طسم فإن الطاء من ذي الطول والسططين مططن‬
‫القدوس والميم من الرحمن والقططوال فططي فواتططح السططور كططثيرة‬
‫مشهورة والذي أختاره أنها من المتشابه الططذي ل يعلططم تططأويله إل‬
‫الله‪ .‬أخرج ابن المنذر في تفسططيره عططن الشططعبي أنططه سططئل عططن‬
‫فواتح السور فقال إن لكل كتاب سرا وإن سر هذا القرآن فواتططح‬
‫السور‪) .‬وأما السطؤال الحطادي والثلثطون(‪ :‬ففطي كشطف السطرار‬
‫قال النيسابوري سططبعون ذرة تططزن جنططاح بعوضططة وسططبعون جنططاح‬
‫بعوضططة تططزن حبططة‪) .‬وأمططا السططؤال الثططاني والثلثططون( ‪ :‬فقططال‬
‫السهروردي في عوارف المعارف علم اليقين ما كان مطن طريطق‬
‫النظر والسططتدلل وعيططن اليقيططن مططا كططان مططن طريططق الكشططوف‬
‫والنوال وحق اليقين ما كان بتحقيق النفصال عن لوث الصلصال‬
‫بططورود رائد الوصططال‪ .‬قططال فططارس علططم اليقيططن ل اضططراب فيططه‬
‫وعين اليقين هو العلم الذي أودعه الله للسططرار والعلططم إذا تفططرد‬
‫من نعت اليقين كان علما بشبهة فإذا انضم إليه عين اليقين كططان‬
‫علما بل شبهة وحق اليقين هو حقيقة ما يشططير إليططه علططم اليقيططن‬
‫وعين اليقين‪ .‬قال الجنيد حق اليقين ما يتحقق العبد بذلك وهو أن‬
‫يشاهد الغيوب كما يشاهد المرئيطات مشطاهدة عيطان ويحكطم فطي‬
‫الغيب فيخبر عنه بالصدق كما أخبر الصديق حين قططال لطه رسططول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم ماذا أبقيت لعيالك قططال اللططه ورسططوله‪.‬‬
‫وقال بعضهم علم اليقين حال المعرفة وعين اليقيطن حطال الجمطع‬
‫وحق اليقين جمع الجمع بلسان التوحيد‪ .‬وقيل اليقين اسم ورسم‬
‫وعلم وعين وحططق فالسططم والرسططم للعططوام والعلططم علططم اليقيططن‬
‫للولياء وعين اليقين لخواص الولياء وحق اليقين للنبياء وحقيقططة‬
‫حق اليقين اختص به نبينططا صططلى اللططه عليططه وسطلم‪ .‬وفططي كشططف‬
‫السططرار علططم اليقيططن هططو المسططتفاد مططن الخبططار وعيططن اليقيططن‬

‫‪377‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫مستفاد من المشاهدة وحططق اليقيططن يكططون بالمعاينططة والمباشططرة‬
‫قال تعالى في حق الكفار )ثم لترونها عين اليقيططن( ولمططا دخلوهططا‬
‫وباشروا عذابها قال تعالى )فنزل من حميم وتصلية جحيم إن هذا‬
‫لهو حق اليقين( وقال سيدي محمد السعودي من أصحاب سططيدي‬
‫يوسف العجمي علم اليقين معرفة الله بططك إذ أنططت عيططن الططدليل‬
‫عليه وهو إثبات ذات غير مكيفة ول معلومة الماهيططة محكومططا لهططا‬
‫باللوهية سلطانا وحجة ل ريططب فيططه عيططن اليقيططن مشططاهدة هططذه‬
‫الذات بعينها ل بعينك أي بعين الذات فناء كليا ل يعقل معها نسططبة‬
‫اللوهية إثباتا أو نفيا بل مشاهدة تفني الحكام والرسوم وتمحططق‬
‫الثار‪ .‬حق اليقين نسبة اللوهية إلى هذه الذات بعد المشططاهدة ل‬
‫قبلها وهو الفرق بين العلم والحق ليس إل وهنا سكت المحققون‬
‫وبعد هذه حقيقة حق اليقين وهو ظهور النفعالت عططن العبططد مططع‬
‫غيبته عنها فيه غيبا كليا وفناء محققا وهذه غاية المراتططب فالثلثططة‬
‫كتابية علم و عين وحق‪ .‬والرابعة سنية قال صلى الله عليه وسلم‬
‫إن لكل حق حقيقة فما حقيقة إيمانططك فهططذه الحقيقططة بهططا يختططبر‬
‫العبد المتحقق نفسه في دعواه فططي معرفططة حقيقططة حططق اليقيططن‬
‫فتططأمله‪) .‬وأمططا السططؤال الثططالث والثلثططون(‪ :‬فقططد وردت أحططاديث‬
‫تقتضططي اسططتحباب الجهططر بالططذكر وأحططاديث تقتضططي اسططتحباب‬
‫السططرار بططه والجمططع بينهمططا إن ذلططك يختلططف بططاختلف الحططوال‬
‫والشططخاص‪ .‬قططال سططيدي يوسططف العجمططي رضططي اللططه عنططه قططد‬
‫اعترض بعض الفضلء علططى الجهططر بالططذكر مسططتدل بقططوله تعططالى‬
‫)واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة( الية وقوله صلى الله عليه‬
‫وسلم خير الذكر ما خفي‪ .‬والجواب أن الله تعططالى خططاطب عامططة‬
‫عباده بمثل قوله )أفل ينظرون إلى البل كيططف خلقططت( وخططاطب‬
‫الخاص بمثل قوله )أفل يتدبرون القرآن أم علططى قلططوب أقفالهططا(‬
‫وخاطب سيد أهل الحضرة محمدا صلى الله عليه وسططلم بعططد أن‬
‫عرفه بربه ونفسه وأراه كيف مد الظل بمثل قوله )اذكر ربك في‬
‫نفسك تضرعا وخيفة( وقوله )ألم تر إلططى ربططك كيططف مططد الظططل(‬
‫فمن ل يعرف ربه ول نفسه ول أراه كيف مد الظططل فكيططف يططذكر‬
‫ربه في نفسه أو كيف يرى مد الظططل بططل هططم المخططاطبون بمثططل‬
‫قوله تعالى )اذكروا الله ذكرا كثيرا( وأمططا الططذكر الخفططي فهططو مططا‬
‫خفي عن الحفظة ل ما يخفططض بطه الصططوت وهططو أيضططا خطاص بطه‬
‫صلى الله عليه وسلم وبمن له به أسوة حسنة‪ ،‬وعن جططابر رضططي‬

‫‪378‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الله عنه أن رجل كان يرفع صوته بالططذكر فقططال رجططل لططو أن هططذا‬
‫خفض من صوته فقال صلى الله عليه وسلم دعه فإنه أواه‪ .‬وقال‬
‫صلى الله عليه وسلم إذا مررتم برياض الجنططة فططارتعوا قيططل ومططا‬
‫رياض الجنة قال حلق الططذكر‪ .‬وروى أنططه صططلى اللططه عليططه وسططلم‬
‫خرج على حلقة من أصحابه قال ما أجلسططكم قططالوا جلسططنا نططذكر‬
‫ن به علينططا قططال آللططه‬
‫الله تعالى ونحمده على ما هدانا للسلم وم ّ‬
‫ما أجلسكم إل ذلك قالوا آلله ما أجلسنا إل ذلك قال أمططا أنططي لطم‬
‫أستحلفكم تهمة لكم ولكنه أتاني جبريل عليه السلم فأخبرني أن‬
‫الله تعالى يباهي بكم الملئكة‪ .‬وعن أبي قتادة رضي الله عنططه أن‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم قال لبي بكر مررت بططك وأنططت تقططرأ‬
‫وأنت تخفض من صوتك فقال إني أسمعت من ناجيت فقال ارفع‬
‫صوتك قليل‪ .‬وقال لعمر مررت بططك وأنططت تقططرأ وأنططت ترفططع مططن‬
‫صوتك فقال أني أوقظ الوسططنان وأطططرد الشططيطان قططال أخفططض‬
‫قليل‪ .‬وروي أن النططاس كططانوا يططذكرون اللططه تعططالى عنططد غططروب‬
‫الشمس يرفعون أصواتهم بالذكر فإذا خفيططت أرسططل إليهططم عمططر‬
‫بن الخطاب رضي الله عنهم أن نوروا الذكر أي ارفعوا أصططواتكم‪.‬‬
‫والجمع بين الية والحديث السابقين الذين استدل بهما وبين هططذه‬
‫الحاديث والثران الذاكرين إذا كانوا مجتمعين على الذكر فالولى‬
‫في حقهم رفع الصوت بالذكر والقوة وأما إذا كططان الططذاكر وحططده‬
‫فإن كان من الخاص فالخفاء في حقه أولى وإن كططان مططن العططام‬
‫فالجهر في حقه أفضل‪ .‬وقد شبه الغزالي رحمه الله ذكر شططخص‬
‫واحد وذكر جماعة مجتمعين بمؤذن واحد وجماعططة مططؤذنين فكمططا‬
‫أن أصوات الجماعة تقطع جططرم الهططواء أكططثر مططن صططوت شططخص‬
‫واحد فكططذا ذكططر جماعططة علططى قلططب واحططد أكططثر تططأثيرا فططي رفططع‬
‫الحجب من ذكر شخص واحد ومن حيث الثواب فلكل واحد ثواب‬
‫ذكر نفسه وثواب سماع ذكر رفقائه‪ .‬وأما قوله أنه أكثر تأثيرا في‬
‫رفع الحجب فلن الله تعالى شبه القلوب بالحجارة في قوله )ثططم‬
‫قسططت قلططوبكم مططن بعططد ذلططك فهططي كالحجططارة أو أشططد قسططوة(‬
‫ومعلوم أن الحجر ل ينكسر إل بقوة فقوة ذكر جماعططة مجتمعيططن‬
‫على قلب واحد أشد من قوة ذكر شخص واحد‪ .‬ولهذا قال الشيخ‬
‫نجم الدين الكبري رحمة اللططه عليططه أن القططوة فططي الططذكر شططرط‬
‫واستدل بهذه الية انتهى‪) .‬وأما السؤال الرابع والثلثون(‪ :‬فجوابه‬
‫أن أحداث اللحان في الذكر بدعة لم تكن في عهططد النططبي صططلى‬

‫‪379‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الله عليططه وسططلم ول أبططي بكططر و ل عمططر ول عثمططان ول علططي ول‬
‫فعلها أحد مططن الصططحابة ول التططابعين ول السططلف الصططالحين فططإن‬
‫انضططم إلططى ذلططك تمطيططط الحططرف والشططباع فططي غيططر موضططعه‬
‫والختلس في غير موضعه والترقيص والتطريططب وتعويططج الحنططك‬
‫والرأس فهذا مغن ل ذاكر وأخشى عليه أن يجطاب مطن قبطل اللطه‬
‫باللعنة فإن سططر الططذاكر إحضططار عظمططة اللططه وهيبتططه فططي القلططب‬
‫بخشوع وخضوع وإعراض عما سواه والملحططن فططي شططغل شطاغل‬
‫عن ذلك وليعرض النسان على نفسه أن لو وقططف شططخص تحططت‬
‫بيته ونادى آه يا سيدي فلن وكطرر ذلطك بهطذا التلحيطن والطترقيص‬
‫أكان يرضططيه ذلطك‪ .‬أو يعططده قليططل الدب فالتططأدب مططع اللطه أولططى‬
‫وأحق‪) .‬وأما السؤال الخامس والثلثون(‪ :‬فططأقول مقتضططى الدلططة‬
‫تفضيل اللبن على العسل لمططور‪ :‬منهططا أنططه يربططى بططه الطفططل ول‬
‫يقوم العسططل ول غيططره مقططامه فططي ذلططك‪ .‬ومنهططا أنططه يجططزئ عططن‬
‫الطعام والشراب وليس العسل ول غيره بهططذه المثابططة‪ .‬روى أبططو‬
‫داود والترمذي وحسنه وابن ماجه عن ابن عباس قال قال رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم من سقاه الله لبنا فليقططل اللهططم بططارك‬
‫لنا فيه وزدنا منه فإنه ليس شطيء يجططزئ مطن الطعطام والشططراب‬
‫غير اللبن‪ .‬ومنها أنططه ل يشططرق بططه أحططد وليططس العسططل ول غيططره‬
‫كذلك روى ابن مردويه في تفسيره عن أبي لبيبة أن رسول اللططه‬
‫صلى الله عليه وسلم قال ما شرب أحد لبنا فشرق إن الله يقول‬
‫)لبنا خالصا سائغا للشاربين( ومنها أنه صلى الله عليه وسلم ليلططة‬
‫السراء أتى بإناء من خمر وإناء من لبن وإناء مططن عسططل فاختططار‬
‫اللبططن فقيططل هططذه الفطططرة أنططت عليهططا وأمتططك ‪ -‬رواه الشططيخان‬
‫وغيرهما فاختياره اللبن علططى العسططل ظططاهر فططي تفضططيله عليططه‪.‬‬
‫ومن الصريح فططي ذلططك أيضططا مططا رواه ابططن أبططي عاصططم عططن ابططن‬
‫عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أطعمه الله‬
‫طعاما فليقل اللهم بارك لنا فيه وأطعمنططا خيططرا منططه ومططن سططقاه‬
‫الله لبنا فليقل اللهم بارك لنا فيه وزدنططا منططه وإنططي ل أعلططم شططيئا‬
‫يجزئ من الطعام والشراب إل اللبن‪ .‬والحديث أصله في السططنن‬
‫الربعة فقوله في الول وأطعمنا خيرا منه وفي اللبططن وزدنططا منططه‬
‫يعطططي أنططه ل شططيء خيططر مططن اللبططن‪) .‬وأمططا السططؤال السططادس‬
‫والثلثون(‪ :‬فقد كنت سئلت عنه قديما وأجبت بأنه لم يرد حططديث‬
‫ول أثر في التفضيل بينهما والتفضيل يحتاج إلى توقيف‪ .‬وذكر عن‬

‫‪380‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫حافظ العصر أبي الفضل بن حجر أنه سئل عن ذلك فأجططاب بططأن‬
‫ماء زمزم أفضل مياه الدنيا وماء الكوثر أفضل مياه الخرة‪ .‬وهذا‬
‫الجواب كما ترى ليس فيه نص على تفضيل أحدهما علططى الخططر‪.‬‬
‫وقد يقال لمن خطر بباله تفضيل ماء زمزم انه يشهد له أنه صلى‬
‫الله عليه وسلم غسل صططدره بططه لمططا شططقه جبريططل ولكططن الططذي‬
‫يظهر تفضيل الكوثر لنه عطية الله للنبي صلى الله عليططه وسططلم‬
‫وزمططزم عطيططة اللططه لسططماعيل ولن الكططوثر مصططرح بططذكره فططي‬
‫القرآن في معرض المتنان مسندا إلى نون العظمة ولم يقع فططي‬
‫زمزم مثل ذلك‪) .‬وأما السططؤال السططابع والثلثططون(‪ :‬ففططي كشططف‬
‫السرار قططال بعضططهم همططا سططواء ل يفضططل أحططدهما علططى الخططر‪.‬‬
‫ويقططال مططا دام الرجططل صططحيحا فططالخوف أفضططل ومططا دام مريضططا‬
‫فالرجاء أفضل ويقططال الخططوف للعاصططي أفضططل والرجططاء للمطيططع‬
‫أفضل ويقال الخوف قبل الذنب أفضل والرجاء بعد الذنب أفضططل‬
‫لربعة أشياء‪ :‬أحدها إلى فضله والخوف من عدله والفضططل أكططرم‬
‫من العدل‪ .‬والثاني الرجاء إلططى الوعططد والوعططد مططن بحططر الرحمططة‬
‫والخوف من الوعيد والوعيططد مططن بحططر الغضططب ورحمتططه سططبقت‬
‫غضبه‪ .‬الثالث الرجاء بالطاعة والخوف من المعصية ومن الطاعة‬
‫ما يعلو على المعاصي كالتوحيد‪ .‬والرابع الرجاء بالرحمة والخوف‬
‫من الذنوب والذنوب لها نهاية والرحمة ل نهاية لها ويقال الخططوف‬
‫أفضل منه لنه وعد بالخوف جنتين ولم يعد بالرجاء إل جنة واحدة‬
‫وأيضا الخوف يمنع من الططذنوب وتططرك الططذنوب أفضططل مططن فعططل‬
‫الخيرات‪ .‬ويقال من عبد الله بالخوف فهو حروري ومن عبططد اللططه‬
‫بالرجاء فهو مرجئ ومن عبد الله بططالحب فهططو زنططديق ومططن عبططد‬
‫الله بالثلثة فهو مستقيم‪) .‬وأما السؤال الثططامن والثلثططون(‪ :‬ففططي‬
‫كشف السرار قال النيسططابوري الليططل أفضططل لوجططوه‪ .‬أحططدها أن‬
‫الليل راحة والراحة من الجنة والنهار تعب والتعب من النار وأيضا‬
‫فالليل حظ الفراش والنهار حظ اللبططاس ولن اللططه تعططالى سططمى‬
‫ليلة القدر خير من ألف شهر وليس في اليام مثلها‪ .‬وقيل النهططار‬
‫أفضل لنه نور وأيضا ل يكون في الجنة ليل وأيضططا النهططار للمعططاد‬
‫والمعاش‪ .‬قلت قد وقفت علططى تططأليف فططي التفضططيل بيططن الليططل‬
‫والنهار لبي الحسين بن فارس اللغوي صاحب المجمل فذكر فيه‬
‫وجوها في تفضيل هذا ووجوها في تفضيل هططذا فممططا ذكططره فططي‬
‫تفضيل الليل أن الله أنزل فيه سططورة مسططماة سططورة الليططل ولططم‬

‫‪381‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫ينزل في النهار سورة تسمى سطورة النهطار وأن اللطه قططدم ذكطره‬
‫على النهار في أكثر اليات كقططوله )والليططل إذا يغشططى والنهططار إذا‬
‫تجلى( )وجعلنا الليل والنهار آيتين( )جعل لكم الليل لتسططكنوا فيططه‬
‫والنهار مبصرا( )قل أرأيتططم إن جعططل اللطه عليكططم الليططل سططرمدا(‬
‫وأن الله خلقه قبل النهار وأن ليالي الشهر سابقة على أيامه وأن‬
‫في الليل ليلة خير من ألف شهر وليس في اليام مثلهططا وأن فططي‬
‫كل ليلة ساعة إجابة وليس ذلك فططي النهططار إل فططي يططوم الجمعططة‬
‫خاصة وأن النهار فيه أوقات تكره فيها الصططلة وليططس فططي شططيء‬
‫من ساعات الليل وقت كراهة والصلة من أشططرف العبططادات وأن‬
‫فيه التهجد والسططتغفار بالسططحار وهمططا أفضططل مططن صططلة النهططار‬
‫واستغفاره‪ .‬وأنه أصح لتلوة الططذكر قططال تعططالى )إن ناشططئة الليططل‬
‫هي أشد وطأ وأقوم قيل( وقال )أمن هو قانت آناء الليل سططاجدا(‬
‫وأن السراء وقع بالليل قال تعطالى )سطبحان الططذي أسططرى بعبططده‬
‫ليل( وقال تعالى )فأسر بأهلك بقطع من ليططل( وقططال أهططل العلططم‬
‫في الليططل تنقطططع الشططغال وتجططم الذهططان ويصططح النظططر وتؤلططف‬
‫الحكططم وتططدر الخططواطر ويتسططع مجططال القلططب ومؤلفططو الكتططاب‬
‫يختارونه على النهار لن القلب بالنهار طائر وبالليل ساكن وكذلك‬
‫مدبرو الملك‪ .‬وقديما كان يقال الليل نهار الريب وقال القائل‪:‬‬
‫ولم أر مثل الليل جنة فاتك * إذا هم أمضى أو غنيمة ناسك‬
‫وعارضه صاحب النهار بأن الله قدم ذكره فططي قططوله )والنهططار إذا‬
‫جلها والليل إذا يغشاها( وبأن التقديم ل يدل علططى أفضططليته فقططد‬
‫قدم الله الموت على الحياة والجن على النس والعمى والصططم‬
‫على البصططير و السططميع فططي قططوله )خلططق المططوت والحيططاة( )ومططا‬
‫خلقت الجن والنس إل ليعبدون( )مثل الفريقين كالعمى والصم‬
‫والبصير والسميع( والمتأخر مما ذكر أفضططل مططن المتقططدم قطعططا‬
‫وبأن النور قبل الظلمة قال تعالى )الله نططور السططماوات والرض(‬
‫وبأن الناس والشعراء مازالوا يذمون الليل ويشكونه كقول امططرئ‬
‫القيططس‪ :‬وليططل كمططوج البحططر‪ -‬البيططات‪ .‬وقططد اسططتعاذوا بططالله مططن‬
‫البهمين ويقال العميين السيل والليل وبالليل تدب الهوام وتثططور‬
‫السططباع وتنشططر اللصططوص وتشططن الغططارات وترتكططب المعاصططي‬
‫والفاحشات ولذلك قيل الليل أخفى للويل وقد شبه الله تعالى به‬
‫وجططوه أعططدائه فقططال )كأنمططا أغشططيت وجططوههم قطعططا مططن الليططل‬
‫مظلما( وكان الحسن يقول ما خلططق اللططه خلقططا أشططد سطوادا مططن‬

‫‪382‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الليل وقال تعالى )ومن شر غاسق إذا وقططب( قيططل هططو الليططل إذا‬
‫أظلم وتقول العرب للمكثار حاطب ليل لما يخشى عليه فيه مططن‬
‫نهش أو تنهش ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن جداد الليططل‬
‫وصرام الليل وأمر بغلق البواب وكططف الصططبيان بالليططل وقططال أن‬
‫للشيطان انتشارا وخطفة‪ ،‬وافتخرت العططرب باليططام دون الليططالي‬
‫فقالوا يوم ذي قار ويوم كذا‪ ،‬والسبوع أيامه مسماة دون الليططالي‬
‫فإنما تذكر بالضافة إلى اليام فيقال ليلة الحد وليلة كططذا وليططس‬
‫المضاف كالمضاف إليه‪ ،‬واليططام النبيهططة أكططثر مططن الليططالي كيططوم‬
‫الجمعطططة ويطططوم عرفطططة ويطططوم عاشطططوراء واليطططام المعلومطططات‬
‫والمعدودات وليس في الليالي إل ليلة القدر وليلة نصف شططعبان‪.‬‬
‫وقال صلى الله عليه وسلم اللهم بططارك لمططتي فططي بكورهططا ولططم‬
‫يقل ذلك في شيء من الليالي‪) .‬وأما السؤال التاسع والثلثططون(‪:‬‬
‫ففي كشف السرار إنما خلق آدم من التراب دون غيره لنططه لططم‬
‫يكن قبل آدم شيء إل التراب فخلقه منه ثم خلططق حططواء مططن آدم‬
‫لنه أراد أن يكونا من جنس واحد وخلقها من الضططلع ليعلططم أنهططن‬
‫خلقن من العوج فل يطمع في تقويمهن‪) .‬وأما السؤال الربعون(‪:‬‬
‫ففي كشف السرار سؤال لم رفع عيسى إلى السططماء قيططل لنططه‬
‫أراد أن يصحب الملئكة ليحصل لهططم بركتططه كمططا صططحبه التططائبون‬
‫في الدنيا وأيضا لما لم يكن دخوله من باب الشهوة وخروجططه لططم‬
‫يكن من باب المنية بطل دخطل مطن بطاب القطدرة وخطرج مطن بطاب‬
‫العزة‪) .‬وأما السؤال الحادي والربعون(‪ :‬ففي كشف السرار إنما‬
‫سمي مسيحا لنططه كططان يسططيح فططي الرض ويقططال ولططد ممسططوحا‬
‫بالدهن ويقال لنططه يمسططح الضططر عططن العمططى والبططرص والكمططه‬
‫ويقال لنه لم يكن لقدمه أخمص‪ .‬وزاد ابن الثيططر فططي النهايططة مططا‬
‫نصه‪ :‬وقيل المسيح الصديق وقيل هطو بالعبرانيطة مشطيحا فعطرب‪.‬‬
‫)وأما السؤال الثاني والربعون(‪ :‬ففي صحيح مسلم أنه يقيم سبع‬
‫سنين‪ .‬وفي مسند أبي داود الطيالسي في أثناء حططديث أنططه يقيططم‬
‫أربعين سنة‪ .‬وجمع بينهما بأن المراد بططالربعين مجمططوع لبثططه فططي‬
‫الرض قبل الرفع وبعده فإنه رفع ولطه ثلث وثلثطون سطنة‪) .‬وأمطا‬
‫السؤال الثالث والربعون(‪ :‬ففي كشف السرار قيل اثنتي عشرة‬
‫سنة بعدد حروف )اذكرنططي عنطد ربطك( روي أن النطبي صطلى اللطه‬
‫عليه وسلم قال لول كلمة يوسف ما لبث فططي السططجن طططول مططا‬
‫لبث‪ .‬وأقول أخرج ابن أبي حاتم في تفسيره من طريق الضططحاك‬

‫‪383‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫عن ابن عباس في قوله تعالى )فلبث فططي السططجن بضططع سططنين(‬
‫قال اثنتي عشرة سنة‪ .‬وأخرج ابططن المنططذر وابططن أبططي حططاتم فططي‬
‫تفسيرهما عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه لبث سبع سططنين‪.‬‬
‫وأخرج ابن جرير مثلطه عططن قتطادة ووهطب بططن منبططه وابططن جريططح‪.‬‬
‫وأخرج من طريق ابن جريح عن ابن عباس في قوله بضططع سططنين‬
‫قال دون العشرة‪ .‬وأخرج عن مجاهد في قوله بضع سنين قال ما‬
‫بين الثلثة إلططى التسططع‪) .‬وأمططا السططؤال الرابططع والربعططون(‪ :‬ففططي‬
‫كشف السرار أنه لبث أربعين يوما‪ .‬وأخرج الحاكم في مستدركه‬
‫عن ابن عباس قال مكث يونس فططي بطططن الحططوت أربعيططن يومططا‬
‫وأخرج أيضا عن الشعبي قال التقمه الحوت ضحى ولفظه عشية‪.‬‬
‫)وأما السؤال الخططامس والربعططون(‪ :‬فططالجواب أن المشططهور فططي‬
‫المذاهب الربعططة تحريططم آلت اللهططو وأجازهططا طائفططة منهططم أهططل‬
‫الظاهر‪ .‬والمختار في هذه المسألة ما ذهب إليططه محققططون منهططم‬
‫الشيخ عططز الططدين ابططن عبططد السططلم إباحططة ذلططك للصططوفية خاصطة‬
‫وتحريمه على غيرهم وبسططط ذلططك فططي حواشططي الروضططة‪) .‬وأمططا‬
‫السؤال السادس والسابع والثامن والربعون( فالجواب أن الثلثة‬
‫أحياء أخرج ابن أبي حاتم في تفسيره عن مجاهد في قوله تعالى‬
‫)ورفعناه مكانا عليا( قال رفع إدريس كما رفع عيسى ولططم يمططت‪.‬‬
‫وأخرج ابن المنذر في تفسيره مططن طريططق الليططث بططن سططعد عططن‬
‫عمر مولى غفرة يرفع الحديث إلى النبي صلى اللططه عليططه وسططلم‬
‫أن إدريس كان صديقا لملططك المططوت فقططال لططه إدريططس أحططب أن‬
‫تذيقني الموت وتفرق بين روحي وجسدي حتى أجد طعم المططوت‬
‫ثم تططرد روحططي فقططال لططه ملططك المططوت ل أقططدر علططى ذلططك إل أن‬
‫أستأذن فيه ربي فقال له إدريس فأستأذنه في ذلططك فعططرج ملططك‬
‫الموت إلى ربه فأذن له فقبض نفسه وفرق بيططن روحططه وجسططده‬
‫فلما سقط إدريس ميتا رد الله إليه روحه الحديث بطوله‪ .‬وأخططرج‬
‫ابن أبي حاتم من طريق داود بن أبي هند عن بعض أصططحابه قططال‬
‫كان ملك الموت صديقا لدريس فقططال لططه يومططا يططا ملططك المططوت‬
‫أمتني فأستأذن ربه فقال له أمته فلمططا مططات رد اللططه إليططه روحططه‬
‫فمكث ما شاء الله حيططا ثططم قططال يططا ملططك المططوت أدخلنططي الجنططة‬
‫فأستأذن ربه فقططال أدخلططه الجنططة فططاحتمله ملططك المططوت فططأدخله‬
‫الجنة فكان فيها ما شاء الله فقال له ملك الموت اخرج بنا قال ل‬
‫قال الله تعالى )أفما نحن بميتين إل موتتنا الولى( وقال )وما هم‬

‫‪384‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫منها بمخرجين( وما أنا بخارج منهطا قطال ملطك المطوت يطا رب قطد‬
‫تسمع ما يقول عبدك إدريس قال الله له صدق فأخرج منها ودعه‬
‫فيها وذلك قول الله تعالى )ورفعناه مكانا عليا( قال بعض العلماء‬
‫أربعة أنبياء أحياء اثنان في السططماء إدريططس وعيسططى واثنططان فططي‬
‫الرض إلياس والخضر‪ .‬وفي حديث رواه نعيم بن حماد في كتططاب‬
‫الفتن أن الياس يكون مع الدجال ينذر الناس فإذا قال الدجال أنططا‬
‫رب العالمين قال له الياس كططذبت‪ .‬وفططي حططديث رواه ابططن عططدي‬
‫في الكامل أن اليططاس والخضططر يلتقيططان فططي كططل عططام بالموسططم‬
‫فيحلق كل واحد منهما رأس صاحبه ويتفرقان عن هؤلء الكلمات‬
‫بسم الله مططا شططاء اللططه ل يسططوق الخيططر إل اللططه مططا شططاء اللططه ل‬
‫يصرف السوء إل الله ما شاء الله ما كان من نعمة فمن اللططه مططا‬
‫شاء الله ل حول ول قططوة إل بططالله‪ .‬كططذا أخرجططه مططن حططديث ابططن‬
‫عباس مرفوعا‪ .‬وأخرج ابن عساكر في تاريخ دمشق عن ابن أبي‬
‫رواد قال الياس والخضر يصومان شهر رمضان في بيت المقدس‬
‫ويحجان في كل سططنة ويشططربان مططن زمططزم شططربة تكفيهمططا إلططى‬
‫مثلها من قابل‪) .‬وأما السؤال التاسع والربعون(‪ :‬فجطوابه أن فيطه‬
‫ثلثة أقوال‪ .‬أحدهما أنه نبي‪ .‬والثاني أنه رسول‪ .‬والثالث أنه ولططي‬
‫وعليه الجمهور‪) .‬وأما السططؤال الخمسططون(‪ :‬فططالجواب أنهمططا فططي‬
‫الجنة وقد ألفت في ذلك كتاب سميته التعظيم والمنة قررت فيه‬
‫الدلة على ذلك وأقربها طرق‪ :‬أحدها أنهما كانا على ملة إبراهيططم‬
‫الحنيفية كورقة بن نوفل وزيد بن عمرو بن نفيططل وغيرهمططا ممططن‬
‫تحنطف فطي الجاهليطة‪ .‬والثطاني أنهمطا كانطا فطي الفطترة والفطترة ل‬
‫تكليف فيها‪ .‬والثالث أنهما أحييا له صلى الله عليه وسلم وآمنا به‪.‬‬
‫)وأما السؤال الحادي والخمسون( فجوابه أنه من قال من العوام‬
‫أو من الفقهاء بحضرة العوام في حق أبوي النبي صلى الله عليططه‬
‫وسلم أنهما في النار أو أنهما كانا كافرين أنه يلزمه التعزيز البليغ‬
‫أو أكثر من ذلك‪ .‬وقد سئل القاضي أبو بكر بن العربي أحططد أئمططة‬
‫المالكية عن رجل قال في حق والد النبي صلى الله عليططه وسططلم‬
‫إنه كافر‪ .‬فأجاب بأن قائل ذلك ملعون لن هذا القول يؤذي النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم وقد قال الله تعالى )إن الذين يططؤذون اللططه‬
‫ورسوله لعنهم اللططه فططي الططدنيا والخططرة(‪) .‬وأمططا السططؤال الثططاني‬
‫والخمسون( فجوابه أن شرط وجوب الوضططوء التكليططف والحططدث‬
‫ودخول وقت الصططلة وقولنططا التكليططف يجمططع ثلث صططفات البلططوغ‬

‫‪385‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫والعقل والسلم‪) .‬وأما السؤال الثالث والخمسون(‪ :‬فجوابه أنهططا‬
‫بضططعة عشططر شططرطا المططاء الطهططور والعلططم والظططن بطهططوريته‬
‫والسلم والتمييز وعدم المنافي وفقد المانع وطهارة العضو مططن‬
‫نجاسته والعلم بكيفيته وتمييز فرائضه من سننه وترتيبه علططى مططا‬
‫جنحت إليه في حواشي الروضة ولم أسبق إليه والصططحاب عططدوا‬
‫الترتيب ركنا ل شرطا وتزيد المرأة بشرط وهو النقاء عن الحيض‬
‫والنفاس ويزيططد صططاحب الضططرورة بسططتة شططروط دخططول الططوقت‬
‫وتقديم إزالة النجاسة والستنجاء وحشططو المنفططذ وإيلؤه الوضططوء‬
‫والمططوالة فيططه‪) .‬وأمططا السططؤال الرابططع والخمسططون(‪ :‬فجططوابه أن‬
‫المام تجب عليه العادة ول تجب على المأمومين‪ .‬هذا هو الصح‬
‫فيهما‪) .‬وأما السؤال الخططامس والخمسططون(‪:‬فططي إطالططة الخطبططة‬
‫فجوابه أنه يكره له ذلك‪) .‬وأمططا السططؤال السططادس والخمسططون(‪:‬‬
‫فجوابه أن تلوة القرآن كثير أفضل من صططلة نفططل قليلططة وصططلة‬
‫النفططل الكططثيرة أفضططل مططن تلوة قليلططة فططإن اسططتوى الزمططان‬
‫المصروف إليهما كنصططف يططوم مثل أراد النسططان أن يصططرفه فططي‬
‫أحد النوعين فمقتضططى كلم الفقهططاء حيططث قططالوا أفضططل عبططادات‬
‫البططدن الصططلة وقططوله صططلى اللططه عليططه وسططلم إن خيططر أعمططالكم‬
‫الصططلة أن تكططون صططلة النفططل أفضططل مططن تلوة القططرآن‪) .‬وأمططا‬
‫السططؤال السططابع والخمسططون(‪ :‬ففططي كشططف السططرار إنمططا عططبر‬
‫بالقيراط لنه أول المقادير الطتي يطوزن بهطا وإنمطا قطال أصطغرهما‬
‫مثل أحد لنه أكبر جبل عندهم وقيل هو أكبر جبل في الططدنيا لنططه‬
‫يبلغ إلططى الرض السططفلى وأبهططم القيططراط الخططر لن عطططاء اللططه‬
‫واسع فل يحد‪ .‬وقيل ليس القيراط منسططوبا إلططى أربعططة وعشططرين‬
‫قيراطا بل إلى العمال التي تتعلق بالميت مططن تغميضططه وتقططبيله‬
‫إلى القبلة وشد لحييه بعصابة ونزع ثيابه التي مططات فيهططا ووضططعه‬
‫على سريره وتغسيله وتكفينه وحمله والمشي معه والصلة عليططه‬
‫وحضور دفنه وحفر القبر ووضعه فيه وسده عليه وإهالطة الططتراب‪.‬‬
‫فهذه خمسة عشر فمن أتى بالصلة فله قيراط من خمسة عشر‬
‫قيراطا والخمسة عشر هي جملة الجططر ومططن حضططر الططدفن فلططه‬
‫قيططراط آخططر‪ .‬وهططذه القراريططط بعضططها أفضططل مططن بعططض‪) .‬وأمططا‬
‫السؤال الثامن والخمسون(‪ :‬فجططوابه أن الحكمططة فططي ذلطك اتبططاع‬
‫الحديث وقد أشار فيه إلى أنه موجب للمغفرة وهططو مططا رواه أبططو‬
‫داود والترمذي وحسنه والحاكم وصححه والبيهقي عططن مالططك بططن‬

‫‪386‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما مططن مسططلم يمططوت‬
‫فيصلي عليه ثلثة صفوف من المسلمين إل أوجب‪ ،‬ولفظ الحاكم‬
‫والبيهقي إل غفر له‪ .‬قال النووي وهو معنى أوجب‪) .‬وأما السؤال‬
‫التاسع والخمسون والستون(‪ :‬فجوابه أن البرهان الفططزاري أفططتى‬
‫بوجوب صلة العشاء والحالة هذه‪ .‬وأفتى معاصروه بأنهطا ل تجطب‬
‫عليهم لعدم سبب الوجوب في حقهططم وهططو الططوقت‪ .‬ويؤيططد الول‬
‫الحديث الوارد في أيام الدجال حيث قال فيه اقدروا له قدره قال‬
‫الزركشي في الخادم وعلى هططذا يحكططم لهططم فططي رمضططان بططأنهم‬
‫يأكلون بالليل إلى وقت طلوع الفجططر فططي أقططرب البلد إليهططم ثططم‬
‫يمسكون ويفطرون بالنهار كذلك قبل غروب الشططمس إذا غربططت‬
‫عند غيرهم كمططا يأكططل المسططلمون ويصططومون فططي أيططام الططدجال‪.‬‬
‫)وأما السؤال الحادي والسططتون(‪ :‬فجططوابه أن الصططلة صططحيحة بل‬
‫خلف عندنا إذا استقبل القبلة وأتم الركان‪) .‬وأما السؤال الثططاني‬
‫والستون(‪ :‬فجوابه أنه ل يفسد الصططوم قططال فططي شططرح المططذهب‬
‫قال المتولي وغيره إذا تمضمض الصائم لزمه مج الماء ول يلزمه‬
‫تنشيف فمه بخرقة ونحوها بل خلف قطال المتططولي لن فططي ذلطك‬
‫مشقة قال ولنه ل يبقى فططي الفططم بعططد ذلططك المططج إل رطوبططة ل‬
‫تنفصططل عطن الموضطع إذ لطو انفصططلت لخرجطت فطي المطج‪) .‬وأمطا‬
‫السططؤال الثططالث والسططتون(‪ :‬فجططوابه أنططه يططبرأ عططن عيططب بططاطن‬
‫بالحيوان لم يعلمه البائع ول يبرأ من عيططب ظططاهر ول بططاطن بغيططر‬
‫الحيططوان ول بططه إذا علمططه‪) .‬وأمططا السططؤال الرابططع والخططامس‬
‫والسططتون(‪ :‬فططالجواب أنططه ل يحططل و يمنعططه الططرد‪) .‬وأمططا السططؤال‬
‫السادس والستون(‪ :‬ففي الروضة لو اشططترى أمططة وأراد تزويجهططا‬
‫قبل الستبراء فإن كان البائع وطئها لم يجز إل أن يزوجها بططه وإن‬
‫لم يكن وطئها واستبرءها قبل البيع أو كان النتقال مططن امططرأة أو‬
‫صبي جاز تزويجها في الحال على الصح انتهى‪ :‬ومقتضى القواعد‬
‫أنها إذا طلقت وفي الحالة هذه ل يطؤها السيد حتى يستبرئها لئل‬
‫يظهر بها حمل فيتعذر عليه نفيه لنططه ل سططبيل إلططى نفيططه إل بططأن‬
‫يططدعى السططتبراء وذلططك ل يمكططن إل بعططد الططوطء‪) .‬وأمططا السططؤال‬
‫السابع والثامن والستون(‪ :‬فالجواب أنه يصح السلم في الفلططوس‬
‫راجت أم لم ترج وكذا بيعها إلى أجل لن حكمهططا حكططم العططروض‬
‫وإن راجت رواج النقود‪) .‬وأما السؤال التاسع والستون(‪ :‬فجططوابه‬
‫أنه يرجع فيه إلى العرف فططإن كططان فططي بلططد الغططالب فيهططا إطلق‬

‫‪387‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الدراهم على الفلوس حمل عليها وإن كان في بلططد ل تطلططق فيططه‬
‫الدراهم إل على الفضة حمل عليها فإن استوى الطلقان في بلد‬
‫ولم يبين حمل على الفلوس لنططه القططل وقاعططدة القططرار الحمططل‬
‫على القدر المططتيقن لن الصططل بططراءة الذمططة فيمططا عططداه‪) .‬وأمططا‬
‫السؤال السبعون(‪:‬فجوابه أنه يزوجهططا مالططك البعططض ومعططه وليهططا‬
‫القريب فإن لم يكن فمعتق البعض وإل فالسلطان هذا هو الصططح‬
‫من خمسة أوجه‪ .‬والثاني أن يكططون معططه معتططق البعططض‪ .‬والثططالث‬
‫معه السلطان‪ .‬والرابع يستقل مالططك البعططض‪ .‬والخططامس ل يجططوز‬
‫تزويجها أصططل لضططعف الملططك والوليططة بططالتبعيض‪) .‬وأمططا السططؤال‬
‫الحادي والسبعون(‪ :‬فجطوابه أنهمطا إن كانطا معينيطن عنطد القاضطي‬
‫الذي عقد والشهود صح النكاح من غير ذلك اسم الب والجططد وإل‬
‫بأن قال لوكيل الغائب زوجت موكلك فاطمة ولم يذكر بنططت فلن‬
‫لم يصح النكاح‪ .‬وفي الروضة لو كان اسم ابنتططه الواحططدة فاطمططة‬
‫فقططال زوجتططك فاطمططة ولططم يقططل بنططتي فل يصططح النكططاح لكططثرة‬
‫الفواطم لكن لططو نواهططا صططح كططذا قطططع بططه العراقيططون والبغططوي‪.‬‬
‫واعترض ابن الصباغ بأن الشهادة شرط والشهود ل يطلعون على‬
‫النية وهذا أقوى ولهذا الصل منعنا النكاح بالكنايات انتهططى‪) .‬وأمططا‬
‫السؤال الثاني والسبعون(‪ :‬فجوابه أن القول قولها بيمينها وعلططى‬
‫الزوج البينة‪) .‬وأما السؤال الثالث والرابع والخامس والسططبعون(‪:‬‬
‫فالجواب في الثلثة الجواز مع الكراهة نص عليه في الروضة في‬
‫مسططألة وطططء إحططدى الزوجططتين بحضططرة الخططرى‪) .‬وأمططا السططؤال‬
‫السططادس والسططبعون(‪ :‬فجططوابه أن هططذا التعليططق باطططل عنططدنا إذا‬
‫كانت أجنبية أو مطلقة في عدة بينونة فمتى تزوجهططا صططح النكططاح‬
‫ولم تطلق‪ .‬فإن كطان فطي عطدة رجعيطة وراجعهطا فطي تلطك العطدة‬
‫طلقططت‪) .‬وأمططا السططؤال السططابع والسططبعون(‪ :‬فهططذه المسططألة‬
‫السريجية والحكم فيها وقوع الطلق المنجز فقط هذا هططو الصططح‬
‫عنططد الشططيخين‪) .‬وأمططا السططؤال الثططامن والتاسططع والسططبعون(‪:‬‬
‫فططالجواب أن طلق المكططره ل يقططع وطلق السططكران يقططع‪) .‬وأمططا‬
‫السؤال الثمانون(‪ :‬فجوابه أن عليه المثاقيل التي ثبتت في ذمتططه‬
‫زادت قيمتها أو نقصت‪) .‬وأما السؤال الحادي والثمانون(‪ :‬فجوابه‬
‫أن البيع أبطل التعليق فإذا وطئها بعد ملكها ثانيا لم تعتططق‪) .‬وأمططا‬
‫السؤال الثططاني والثمططانون(‪ :‬فجططوابه أن التمليططك لططم يصططح لعططدم‬
‫القبول والعتق صادف ملك المرأة المعتقة فيصح‪) .‬وأمططا السططؤال‬

‫‪388‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الثالث والرابع والثمانون(‪ :‬فجوابه أن عتططق المكططره ل ينفططذ وحططد‬
‫الكراه التخويف بأمر يؤثر العاقل القدام على ما أكره عليه حذرا‬
‫مما هدد به‪) .‬وأما السؤال الخامس والثمانون(‪ :‬فجوابه أنططه يبططاح‬
‫بالكراه شرب الخمر ول يجب الحد على الصحيح‪) .‬وأمططا السططؤال‬
‫السادس والثمانون(‪ :‬فجوابه أن في قتل الكلب غير العقور خلفا‬
‫في مذهبنا واضطرب ترجيح الشيخين في ذلك ففي موضع رجحططا‬
‫الجواز وفي موضع رجحا المنع هو اختياري‪) .‬وأما السؤال السططابع‬
‫والثمططانون( فططالجواب أنططه ل فسططق فططي هططذا الفعططل بعينططه إل أن‬
‫يتضططمن محرمططا مططن رقططى مخالفططة للشططرع أو نحططو ذلططك‪) .‬وأمططا‬
‫السؤال الثامن والثمانون(‪ :‬فالجواب أن التفرقة من السحر نططص‬
‫عليه غير واحد من السلف‪ .‬وأما التأليف وكتططب الحططرز والحجططاب‬
‫فليس منه قططد سططئل بعططض السططلف عططن شططيء مططن ذلططك فقططال‬
‫للسائل من استطاع أن ينفع أخاه المسلم فليفعل‪) .‬وأما السؤال‬
‫التاسع والثمانون(‪ :‬فالجواب أنططه ل يجططوز لحتمططال أن يكططون مططن‬
‫الكفريات وقرابين الجن التي هي كفر كذا أجاب به شيخنا المططام‬
‫تقي الدين الشمني‪ .‬وقد سئل عن ذلك وأنا حاضر‪) .‬وأما السؤال‬
‫التسططعون(‪ :‬فجططوابه أنططه ليططس للشططاهد أخططذ الجططرة علططى أداء‬
‫الشهادة وأما على إتيان القاضي والحضور عنططده فططإن كططان معططه‬
‫في البلد فل يأخذ شيئا وإن كططان يططأتيه مططن مسططافة العططدوى فمططا‬
‫فوقها فله طلب نفقة المركوب ونفقة الطريق‪ .‬قال في الروضططة‬
‫ولم يتعرض أكثر الصحاب لما سوى هذا لكن فططي تعليططق الشططيخ‬
‫أبي حامد أن الشاهد لو كان فقيرا يكسب قوته يومططا يومططا وكططان‬
‫في صرف الزمان إلططى أداء الشططهادة مططا يشططغله عططن كسططبه لططم‬
‫يلزمه الداء إل إذا بذل له المشهود له قدر كسبه في ذلك الوقت‬
‫انتهى‪ .‬وعلى هذا يقال في الممتنع المذكور أنه ل شططيء عليططه إذا‬
‫كان بصفة الفقر‪) .‬وأما السؤال الحادي والتسعون(‪ :‬فططالجواب إذا‬
‫قال لم أشهد بذلك ثم شهد لططم تقبططل شططهادته فططي الجططانبين وإن‬
‫قال ل أذكر ثم شهد تقبططل‪ ،‬هططذا مقتضططى القواعططد فططي الجططانبين‪.‬‬
‫)وأمططا السططؤال الثططاني والتسططعون(‪ :‬فططالجواب أنططه تقبططل شططهادة‬
‫الشططاهدين علططى الحطططاكم أنططه حكططم‪) .‬وأمطططا السطططؤال الثطططالث‬
‫والتسعون(‪ :‬فجوابه أن ولية الجاهل باطلة‪) .‬وأما السؤال الرابططع‬
‫والتسعون(‪ :‬فجوابه أن علم تعططبير الرؤيططا علططم معتططبر أصططله فططي‬
‫الكتططاب والسططنة ول اسططم علططى المعططبر إذا لططم يتعمططد خطططأ أو‬

‫‪389‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫مجازفططة‪) .‬وأمططا السططؤال الخططامس والتسططعون(‪ :‬فططذكر بعططض‬
‫المتأخرين أن العلماء اختلفوا في حكمة نزوله علططى ثلثططة أجوبططة‬
‫أحدها يحتمل أن يكون ذلك لن اليهود همت بقتله وصططلبه وجططرى‬
‫أمره معهم على ما نبطه اللطه تعطالى فططي كتططابه العزيططز وهططم أبطدا‬
‫يدعون أنهم قتلوه وينسبونه إلى السحر وغيره إلى مططا كططان اللططه‬
‫برأه ونزهه عنه‪ .‬وقد ضرب الله عليهم الذلة فلططم تقططم لهططم منططذ‬
‫أعز الله السلم وأظهره راية ول كططان لهططم فططي بقعططة مططن بقططاع‬
‫الرض سلطان ول قوة ول شوكة ول يزالططون كططذلك حططتى تقططرب‬
‫السططاعة فيظهططر الططدجال وهططو أسططحر السططحرة فتتططابعه اليهططود‬
‫فيكونون يومئذ جنده مقرريطن أنهططم ينتقمططون بطه مططن المسطلمين‬
‫فإذا صار أمرهم إلى هذا أنططزل اللططه عيسططى عليططه السططلم الططذين‬
‫عندهم أنه قتلوه وأبرزه لهم ولغيرهم من المنططافقين والمخططالفين‬
‫ونصره على رئيسهم وكبيرهم الذي ادعى الربوبيططة فقتلططه وهططزم‬
‫جنده من اليهود لمططن معطه مططن المططؤمنين فل يجططدون مهربطا وإن‬
‫توارى أحد منهم بشجرة أو بحجر أو بجدار ناداه يا روح اللططه ههنططا‬
‫يهودي حتى يقف عليه فإما أن يسلم وإما أن يقتل وكذا كل كافر‬
‫من كل صنف حتى ل يبقى على وجه الرض كططافر ويسططتثنى مططن‬
‫الشجر شجر الغرقد فإنه شجر اليهود فإنه ل يططدل علططى اليهططودي‬
‫إذا توارى به‪ .‬والجواب الثاني يحتمل أن يكون انزاله لدنو أجلططه ل‬
‫لقتال الدجال لنه ل ينبغططي لمخلططوق مططن الططتراب أن يمططوت فططي‬
‫السماء لكن أمره يجري على ما قال اللططه تعططالى )منهططا خلقنططاكم‬
‫وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى( فينزله الله تعالى ليقططره‬
‫في الرض يراه فيها من يقرب منه ويسمع بططه مططن نططأى عنططه ثططم‬
‫يقبض فيتولى المسلمون أمره ويصلون عليططه ويططدفن حيططث دفططن‬
‫فيه النبياء الذين أمه من نسلهم وهي الرض المقدسة فينشر إذا‬
‫نشروا نشر معهم هذا سبب إنزاله غير أنه يتفططق فططي تلططك اليططام‬
‫من بلوغ الدجال الذي قد بلطغ مططن فتنتططه أن ادعططى الربوبيططة ولططم‬
‫ينتصب لقتاله أحد من المؤمنين لقتلهم كان هو أحق بالتوجه إليططه‬
‫ويجري قتله على يديه إذ كان ممن اصطفاه الله لرسططالته وأنططزل‬
‫عليه كتابه وجعله وأمه آية فعلى هذا الوجه يكون المططر بططإنزاله ل‬
‫إنه ينزل لقتال الدجال قصدا‪ .‬الثالث أنه وجد فططي النجيططل فضططل‬
‫أمة محمد صلى الله عليه وسططلم حسططبما قططاله وقططوله نحططو ذلططك‬
‫)مثلهم فططي التططوراة ومثلهططم فططي النجيططل( فططدعا اللططه تعططالى أن‬

‫‪390‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫يجعله من أمة محمد صلى الله عليه وسلم فاستجاب الله دعططاءه‬
‫ورفعه إلى السماء إلى أن ينزل آخر الزمان مجددا لما درس من‬
‫دين السلم شريعة محمد صلى الله عليه وسططلم فيوافططق خططروج‬
‫الدجال فيقتله ول يبعد على هذا أن يقال قتططاله الططدجال يجططوز أن‬
‫يكون من حيث أنه إذا حصل بين ظهراني الناس وهم مفتتنون قد‬
‫عم فرض الجهاد أعيانهم وهو أحدهم لزمططه مططن هططذا الغططرض مططا‬
‫يلزم غيره فلذلك يقوم به وذلك داخل في اتباع نبينا محمد صططلى‬
‫الله عليه وسلم وبالله التوفيق )وأما السططؤال السططادس والسططابع‬
‫والثطامن والتسطعون(‪ :‬فالمطد علطى الهمطز والهطاء خططأ ول يبططل‬
‫الصلة إل إن قصد الستفهام وأما المد على اللم فحسططن‪) .‬وأمططا‬
‫السؤال التاسع والتسعون والموفى مائة(‪:‬فقد قال ابن المنير في‬
‫كتابه شرف المصطفى‪ :‬ذكر ابن حططبيب أن بيططن السططماء والرض‬
‫بحرا يسمى المكفوف يكون بحططر الرض بالنسططبة إليططه كططالقطرة‬
‫من البحر المحيط وأن هذا البحر انفلططق لنبينططا محمططد صططلى اللططه‬
‫عليه وسلم ليلططة السططراء حططتى جططاوزه وذلططك أعظططم مططن انفلق‬
‫البحر لموسى‪ .‬وأخرج أبو الشيخ ابن حيان في كتاب العظمة عطن‬
‫حسان بن عطية قططال الشططمس والقمططر والنجططوم فططي فلططك بيططن‬
‫السماء والرض تدور‪ .‬وأخرج أيضا بسند واه جدا عن ابططن عبططاس‬
‫قال خلق الله بحرا دون السماء بمقططدار ثلثططة فراسططخ فهططو مططوج‬
‫مكفوف قائم في الهواء بأمر الله ل يقطططر منططه قطططرة جططار فططي‬
‫سرعة السهم يجري فيه القمططر والشططمس والنجططوم فططذلك قططوله‬
‫تعالى )كل في فلك يسططبحون( هطذا آخططر الجوبطة وقطد قلطت فططي‬
‫الجواب نظما‪:‬‬
‫سبحان رب العلى مؤتي البراهين * وباعث الرسل إرشادا‬
‫لمهدبن‬
‫صلى عليه إله العرش قاطبة * خصوصا المصطفى خير النبيين‬
‫من اجتباه وأتاه خصائص ل * تحصى بعد ول ترمى بتوهين‬
‫ولم يزل شرعه يعلو بمجتهد * يقوم حفظا له في كل ما حين‬
‫وكل قرن أتى في رأسه رجل * يقيمه الله في التجديد للدين‬
‫نعم وأني بحمد الله مجتهد * العصر الخير على رغم الشياطين‬
‫أقول ذلك تحديثا بنعمته * ل أقصد الفخر أو صنع المرائين‬
‫نعم وأنى بحمد الله يغدق بي * فتح المغالق مع حل العويصين‬
‫إذا بدا مشكل في العلم أقصد في * ايضاحه فأوفيه بتبيين‬

‫‪391‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫إن شئت نقل فأروى فيه أبحره * أو الدليل فآتي بالبراهين‬
‫دع ذا وعد لهم أو لفائدة * واحفظ جواب سؤالت بتمكين‬
‫كتبتها سرعة في ساعتين كما * كتمتها عزة للعلم والدين‬
‫وهذه سردها للناظرين فما * يغبش الشمس إل طامس العين‬
‫الوعد في آية الحزاب يرجع * للمجموع ل الفرد للتعظيم في‬
‫دين‬
‫ورؤية الله خذ عني محررها * ودع أولي الجهل والتخبيط والشين‬
‫كل النام يروه في القيامة من * إنس وجن مع الملك بالعين‬
‫وفي الجنان يراه القوم في جمع * وللنسا رؤية في يوم عيدين‬
‫نعم ويختص صديقاتنا بزيا * دات عليهم كما ذا للوليين‬
‫والجن فيهم خلف والذي نره * بأن لهم رؤية بعض الحايين‬
‫وبضعة مع عشر عندنا نقولوا * في آية هي ارجى للمنيبين‬
‫قل يا عبادي تلو في منتهى زمر * بشر ففيها ارتياح للمساكين‬
‫والخلف أيضا جرى فيما يضاددها * ومنتهى زلزلت أخرى بتعيين‬
‫قدما شرى الله نفس المؤمنين على * علم وإذ نزلت أحداث‬
‫تكوين‬
‫والروح إذا بذلت للقتل أنفسهم * والمال للبذل كانا حق تثمين‬
‫والقلب ليس له معنى يخص به * والنفس مغنية عنه بتسكين‬
‫إذ القلوب محل الروح مسكنها * والروح نفس وإن قدرت‬
‫نفسين‬
‫فحيث كانت نفوس القوم باذلة * كان الوعاء لها ملغى عن العين‬
‫والخلف في الشرق مع غرب وفضل سما * والرض قد شاع ما‬
‫هذا بمكنون‬
‫وليس عندي ترجيح بذين لما * فيه تعارض مدلول الدليلين‬
‫خير السماوات علياها رويت وها * ذي الرض فيما روينا خير‬
‫الرضين‬
‫وخير جناتها الفردوس أرفعها * والرض في النبيا شام بتعيين‬
‫والسر في طمس نور النيرين وفي * القاهما النار تبكيت‬
‫العبيدين‬
‫ثم السواد يرى في بدرنا أثر * بمسح جبريل وهو المحو للزين‬
‫والشمس تغرب تأتي العرش تسجد أو * تسير في الرض جآءا‬
‫في حديثين‬
‫وقدرها مثل الدنيا وزد ثلثا * كذا رويناه عن بعض الحنيفين‬

‫‪392‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫بمكة يظهر المهدي ثم دمشق * الشام فيها يجيء عيسى بتزيين‬
‫والنيل مع رمضان جمعة أحد * لها شغوف على باقي الفانين‬
‫وفي فقير صبور مع شكور غني * خلف وفضل كفافا فوق هذين‬
‫وأول الخلق في قول أرجحه * لما رووا قلم يجري بمسنون‬
‫وكتبه أول باللوح أسطره * إني أنا بعده التواب فادعوني‬
‫وحكمة في ورود النار مؤمنهم * تعريف قدر نعيم غير ممنون‬
‫ونحو طس عندي ل أفسره * فذاك مخزون علم آي مخزون‬
‫وذرة أن تصر سبعين عدتها * لها جناح بعوض قدر موزون‬
‫علم اليقين على الخبار معتمد * عين اليقين الذي شاهدت‬
‫بالعين‬
‫حق اليقين إذا باشرت ثمت مع * يا ذاكر الله ذكراه بتلحين‬
‫والذكر أفضل سرا للولى كملوا * ويجهر المخنشى شر‬
‫الشياطين‬
‫وعندي اللبن العلى فليلة السراء * اختاره إذ أتى خير النبيين‬
‫ما كوثر خير ما الخرى وزمزم قل * خير المياه على وجه‬
‫الراضين‬
‫والخوف أفضل للنسان صح كما * لدى الممات الرجا أولى‬
‫فرجوني‬
‫والليل أفضل في قول أرجحه * لقوله جل من ذا فيه يدعوني‬
‫وخلق آدم تشريفا لعنصره * من التراب الطهور الطاهر الطين‬
‫وخلق حواء من ضلع مجانسة * لوصفها ولتجنيس بزوجين‬
‫ورفع عيسى ليأتي في أواخرنا * لقتل دجالهم رأس اليهودين‬
‫وبالمسيح يسمى حيث خلقته * من غير أخمص ممسوح لرجلين‬
‫يقيم سبع سنين إذ يعود كما * قد صح في الخبر الشياخ رووني‬
‫كذا أقام بسجن يوسف وثوى * في الحوت شهرا وثلثا قيل ذو‬
‫النون‬
‫ول نبيح لشخص آلة سمعت * سوى ذوي الحال سادات المحبين‬
‫إدريس حي بل خلف والرجح في * إلياس والخضر البقا فحيوني‬
‫والخلف في خضر هل بالنبوة أو * له الولية مشهور بتحسين‬
‫وولدا خير خلق الله نزلهما * في جنة الخلد علم أي مكنون‬
‫ومن يصرح بكفر أو بنار لظى * في ذين فهو لعين أي ملعون‬
‫شرط الوضوء وجوبا وقته حدث * عقل بلوغ مع السلم والدين‬
‫وشرط صحته الماء الطهور كذا * علم بإطلقه أو خذ بمظنون‬

‫‪393‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫دين وفقد مناف فقد مانعه * عقل وتمييز مفروض ومسنون‬
‫طهارة العضو ترتيب لدى نقا * حيض وفي سلس وقت بلمين‬
‫تقديم حشو والستنجا وطهر أذى * والفور بعد توال بين عضوين‬
‫ومن يصلي إماما ثوبه نجس * يعيد من دون مأموم بتبيين‬
‫ومن يطل خطبة يكره وفضل من * أتى الصلة على كل القرابين‬
‫من خمس عشرة جزء جزأ العلماء * قيراط أجر مصله ومدفون‬
‫وجاء في خبر تمثيله أحدا * بقدر أصغر قيراط لموزون‬
‫وحكمة الصف اتباع الحديث فمن * صلى عليه صفوف فاز باللين‬
‫ومن يطل عندهم شمس النهار ول * تغيب إل كلحظ أو كلحظين‬
‫يقدروا الصوم مع فرض العشاء كما * يقدروا زمن الدجال بالحين‬
‫صحت صلة مصل في السفينة إن * سارت وإن ترس أو تنساخ‬
‫في الطين‬
‫ل يفسد الصوم ما تبقيه مضمضة * من بلة لم تكن مفصولة‬
‫العين‬
‫من باع بيعا شرط البراءة من * كل العيوب يخص البرء باثنين‬
‫بباطن من ذوي روح وبائعه * بجهله عالم أو غير مبطون‬
‫ومن يصالح عن عيب بالرش وها * ويسقط الرد هذا غير مغبون‬
‫وليس يسقط الستبراء إن نكحت * وطلق الزوج حال قبل تمكين‬
‫وفي الفلوس يصح البيع مع سلم * إلى زمان وإن راجت كنقدين‬
‫ومن أقر بألفي درهم ونأى * بالعرف يقضي إذا ماجا بتبيين‬
‫ومن تبعض يزوجها المليك مع * القريب أو معتق أو مع سلطين‬
‫عقد النكاح صحيح حيث يعرف من * يعقد عليها وإل ألغ بالدون‬
‫وزوجة أنكرت قبض الذي نحلت * فقولها القول حكم أي مسنون‬
‫ووطء سرية أو زوجة بحذا * ضرائر فهو كره بين الثنين‬
‫كذا بحضرة عميا غير باصرة * ل إثم فيه ول تحريم في الدين‬
‫ومن يقل أن تعدلي فهي طالقة * يلغى المقال ببعد أو ببينون‬
‫وذات دور بها يلغى المعلق ل * منجز فليقع هذا بتكوين‬
‫ومن يطلق إكراها ويعتق ل * يقع وفي السكر نفذ فيه هذين‬
‫وحد الكراه تهديد بما سمحت * نفس المروآت منه للمريدين‬
‫والقرض يوفي بوزن مثلما قبضوا * إن زاد أو إن تنقص قيمة‬
‫العين‬
‫وكل تعليق عتق حله أبدا * بيع ويبدأ ملك الغير موهون‬

‫‪394‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫ومن تملك لها طفل وليس له * من قابل يلغ ذا التمليك في‬
‫الحين‬
‫فان تملكه عبدا ثم تعتقه * فلينفذ العتق منها غير موهون‬
‫من أكرهوه على خمر تباح له * من غير حتم ويقضى غير مفتون‬
‫وقد جرى الخلف في قتل الكلب ول * أفتى به أبدا إل لمؤذين‬
‫ول أفسقه في ضرب مندله * ول ألوم على حجب لمجنون‬
‫عدوا من السحر تفريقا وتأخذه * ل كتب حرز وتأليف لزوجين‬
‫ول تبيح بما لم يدر رقيته * حذار ذلك من كفر القرابين‬
‫كذا أجاب به قدما بحضرتنا * شيخى الشمنى ذو التقوى وذو‬
‫الدين‬
‫للشاهد الجر مع بعد المسافة أو * ان عد في الفقرا ذا‬
‫والمساكين‬
‫وشاهد قال لم أشهد فما قبلت * ان جاء يشهد هذا غير مأمون‬
‫وحيث ينكر حكما حاكم قبلت * عليه فيما نفى قول الشهيدين‬
‫ول تصح وليات القضا أبدا * لجاهل طرق الحكام في الدين‬
‫وعلم تعبير رؤيا النوم معتبر * له أصول بمكتوب و مسنون‬
‫ومن يعانيه ل إثم عليه إذا * راعى القواعد فيه غير مفتون‬
‫تم الجواب بهذا عن مسائله * فالحمد لله حمدا غير ممنون‬
‫ثم الصلة على الهادي وعترته * وصحبه ما أتى شاد بموزون‬

‫السئلة الوزيرية وأجوبتها‬


‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫الحمد لله مجيب السائلين مططا يقططول علمططة الزمططان والفططائق‬
‫على سائر القران في الجواب عن أسئلة على وجططه يرتفططع عنهططا‬
‫غريب الشكال حتى تهدي الطالب لوجه الحق فيها علططى أحسططن‬
‫حططال‪:‬الول هططل الوضططع فططي أسططماء الشططارة للمعنططى العططام أو‬
‫للخصوصيات المشتركة فإن قلت بالول ورد أنه ل يجوز إطلقهططا‬
‫عليه إذ ل يطلق إل على الخصوصيات فل يقال هططذا والمططراد أحططد‬
‫مما يشار إليه ولو كان كما يقول لجاز ذلك كما في رجل مططع أنططه‬
‫يلزم أن يكون استعماله في الخصوصيات مجازا ول قائل بططه وإن‬
‫قلت إنه موضوع للخصوصيات لزمططك أن يكططون المعنططى مشططتركا‬
‫لفظيا ول قائل به مع أنه يشططار بططه إلططى أمططر كلططى مططذكور وذلططك‬
‫ينافي وضعه للخاص‪ ،‬الثاني اطلق العططام وإرادة الخططاص أحقيقططة‬

‫‪395‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫أم مجاز فإن قلت بالول أورد أنه اسططتعمال اللفططظ فططي غيططر مططا‬
‫وضع له فكيف يكون حقيقة وإن قلت بالثاني ورد ما ذكططره بعططض‬
‫المحققين من أنه قد يكون في هططذه الحالططة حقيقططة‪ ،‬الثططالث هططل‬
‫النسان بالنسبة إلى الب والبن مشكك أم متواطئ‪ ،‬الرابططع هططل‬
‫ينطبق على مجاز الزيادة والنقصططان تعريططف المجططاز بططأنه اللفططظ‬
‫المستعمل في غير ما وضع له لعلقة أم ل‪ ،‬الخططامس أن العلقططة‬
‫في مثل قوله تعالى )وجزاء سيئة سيئة( ما هي ومططن أي النططواع‬
‫المذكورة في العلقة‪ ،‬السادس وهططو أعظمهططا إشططكال كيططف صططح‬
‫التكليف باليمان مع أن باليمان في الشرع هو التصديق بمططا جططاء‬
‫به محمد صلى الله عليه وسلم وكل تصديق فهططو كيططف فاليمططان‬
‫كيف ول شيء من الكيف بمكلف به فل شيء من اليمان بمكلف‬
‫به أما الصغرى فواضحة وأما الكبرى فلما تقرر في الصططول مططن‬
‫أنه ل تكليف إل بفعل والمسؤول مططن السططتاذ المحقططق والمططولى‬
‫المدقق كشف الحجاب عن هذه السئلة بإيضاح الصواب‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬الحمد لله وسلم على عباده الذين اصطفى‪ .‬وردت‬
‫على هذه السئلة من مولى ل يخفى على مثله جوابها ول يطلططب‬
‫من غيره صوابها غير أنه قصد بذلك تجديد العهططد القططديم وتططذكير‬
‫الود القديم‪ ،‬فأقول والله الهادي إلى صراط مستقيم هذه السئلة‬
‫كلها مسطورة وأجوبتها معروفة مشططهورة‪) .‬أمططا السططؤال الول(‪:‬‬
‫فقد ذكره وجوابه القرافي علمة المالكية لكن في المضمر فقال‬
‫اختلف الفضلء في مسمى المضمر حيث وجد هططل هططو جططزئي أو‬
‫كلى فقال الكثرون مسماه جزئي واحتجططوا بإجمططاع النحططاة علططى‬
‫أنه معرفة ولو كان مسماه كليا لكان نكرة وبأنه لو كان كليا كططان‬
‫دال على ما هو أعم مططن الشططخص المعيططن والقاعططدة العقليططة أن‬
‫الدال على العم غير دال على الخص فيلزم أن ل يططدل المضططمر‬
‫على شخص خاص البتة وليططس كطذلك وهططذا معنططى قطول السطائل‬
‫حفظه الله وإن قلت بططالول ورد أنططه ل يجططوز اطلقهططا عليططه إلططى‬
‫آخره ثم قال القرافي وذهب القلون وهو الذي أجزم بصحته إلى‬
‫أن مسماه كلي قال والدليل عليه أنه لو كططان مسططماه جزئيططا لمططا‬
‫صدق على شططخص آخططر إل بوضططع آخططر كططالعلم فإنهططا لمططا كططان‬
‫مسماها جزئيا لم يصدق على غير من وضططعت لططه إل بوضططع ثططان‬
‫فإذا قال قائل أنا فإن كططان اللفططظ موضططوعا بططإزاء خصوصططه مططن‬
‫حيث هو هو وخصوصه ليس موجودا في غيره فيلزم أن ل يصططدق‬

‫‪396‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫على غيره إل بوضع آخر وإن كان موضططوعا لمفهططوم المتكلططم بهططا‬
‫وهو قدر مشترك بينه وبين غيره والمشترك كلي فيكون لفظ أنططا‬
‫حقيقية في كل من قططال أنططا لنططه متكلططم بهططذا الططذي هططو مسططمى‬
‫اللفظ فينطبططق ذلططك علططى الواقططع قططال والجططواب عمططا احتططج بططه‬
‫الولون أن دللة اللفظ على الشخص المعين لها سببان إحططداهما‬
‫وضع اللفظ بططأزاء خصوصططه فيفهططم الشططخص حينئذ للوضططع بططازاء‬
‫الخصوص وهذا كالعلم‪ ،‬والثاني أن يوضع اللفظ بازاء معنططى عططام‬
‫ويدل الواقع على أن مسمى اللفططظ محصططور فططي شططخص معيططن‬
‫فيدل اللفظ عليه لنحصار مسماه فيه ل للوضع بازائه ومططن ذلططك‬
‫المضمرات وضعت العرب لفظة أنا مثل لمفهوم المتكلم بها فططإذا‬
‫قال القائل أنا فهم هو لن الواقع أنه لم يقل هذه اللفظططة الن إل‬
‫هو ففهمناه لنحصار المسمى فيطه ل للوضطع بطأزائه وكطذلك بقيطة‬
‫المضمرات قال وبهططذا يحصططل الجططواب عططن القاعططدة العقليططة أن‬
‫اللفظ الموضوع لمعنى أعم ل يدل على مططا هططو أخططص منططه فططإن‬
‫الدللططة لططم تططأت مططن اللفططظ وإنمططا أتططت مططن جهطة حصططر الواقططع‬
‫المسمى في ذلك الخص‪ ،‬هططذا كلم القرافططي ملخصططا‪ ،‬ومططا قططاله‬
‫في المضمرات بعينه في اسم الشارة‪ ،‬وقول السائل حفظه الله‬
‫إن قلت بالول ورد كذا وإن قلت بالثاني لططزم أن يكططون مشططتركا‬
‫لفظيا ول قائل به إلى آخره جوابه أنه ليس من باب المشترك ول‬
‫من باب المجاز بل من باب الوضع للقدر المشترك والوضع للقدر‬
‫المشترك معروف في الصول في مواضع فليس الوضع منحصططرا‬
‫فيما ردد السائل فهذا مثل وضع لمشار إليه مفططرد ذكططر حاضططرا و‬
‫في حكمه وهو مفهوم كلططي وانحصططاره فططي خططاص ليططس للوضططع‬
‫بازائه بل لن المتكلم لم يشططر بططه الن إل لزيططد مثل وهططذا معنططى‬
‫قططول بعططض النحططاة المحققيططن أن المضططمر واسططم الشططارة كلططي‬
‫وضعا جططزئي اسططتعمال ونظيططره قططول بعططض الصططوليين أن المططر‬
‫موضوع للقدر المشترك بين الوجوب والندب وهططو الطلططب حططذرا‬
‫من المجاز والشتراك فاسططتعمال صططيغة المططر فططي النططدب وفططي‬
‫الوجوب مثل نقططول فططي كطل منهمطا إنطه حقيقططة غيططر مجططاز وغيططر‬
‫مشترك لن الوضع على هذا القططول ليططس لكططل منهمططا ول لواحططد‬
‫منهما ثم استعمل فططي غيطره وإنمطا هططو لمعنطى صطادق علططى كطل‬
‫منهما وهو الطلب وكذا نقول في اسم الشططارة والمضططمر‪ :‬ليططس‬
‫الوضع فيهما لواحد فقط بحيث يستعمل في غيره مجازا ول لكططل‬

‫‪397‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫واحد بحيث يكون مشتركا بل لمفهوم صادق على كططل فططرد وهططو‬
‫في اسم الشارة مشار إليططه مفططرد ذكططر حاضططر كمططا قلنططاه وفططي‬
‫المضمر متكلم مفرد أو غيره كما قططاله القرافططي‪) .‬وأمططا السططؤال‬
‫الثاني(‪ :‬وهو أن العام المراد به الخصوص هل هو حقيقة أو مجططاز‬
‫فجوابه أنه مجاز قطعا كذا ذكره جماعة منهططم ابططن السططبكي فططي‬
‫جمع الجوامع وقول السائل حفظه الله إن بعططض المحققيططن ذكططر‬
‫أنه قد يكون في هذه الحالة حقيقة فجططوابه أن المحقططق المشططار‬
‫إليه هو الشيخ تقي الدين السبكي والد صاحب جمع الجوامع فإنه‬
‫ذكر ذلططك فططي بعططض تصططانيفه لكططن بحثططا مططن عنططده بعططد حكططايته‬
‫الجماع على خلفه وفرعه على القول بأن دللة العططام علططى كططل‬
‫فرد من أفراده دللة مطابقة لنه حينئذ ليس استعمال للفظ فططي‬
‫غير موضوعه ول في بعض موضوعه بل هو كاستعمال المشططترك‬
‫في أحد معنييطه وهطو اسطتعمال حقيقططي هطذه عبططارته وقطد عططرف‬
‫بكلمه هذا توجيه ما ذهب إليه ورد ما أورده السائل علططى القططول‬
‫بأنه حقيقة‪) .‬وأما السؤال الثالث(‪ :‬وهو أن النسان بالنسططبة إلططى‬
‫الب والبن مشكك أو متواطئ فجوابه أنه متواطئ لنه متسططاوي‬
‫المعنى في ذلك ولن الختلف في ذلططك ليططس بططأمور مططن جنططس‬
‫المسمى كالبياض والنور بل بأمور خارجة عنه كالططذكورة والنوثططة‬
‫وهذه علمة المتواطئ كمططا قططرره أهططل الصططول‪) .‬وأمططا السططؤال‬
‫الرابع(‪ :‬وهو أنه هل ينطبق على مجاز الزيططادة والنقصططان تعريططف‬
‫المجاز إلى آخره فجوابه أنا نقول أول اختلف في الزيادة والحذف‬
‫هل هما من قبيل المجاز فذهب ذاهبون إلى أنهما ليسا من قبيططل‬
‫المجاز وعلططى هططذا ل إيططراد وذهططب آخطرون إلططى أنهمطا مطن قبيطل‬
‫المجططاز وأورد عليططه أن تعريططف المجططاز ل يصططدق عليهمططا وفصططل‬
‫آخططرون منهططم صططاحب اليضططاح البيططاني فقططال إن كططان الحططذف‬
‫والزيادة يوجبططان تغييططر العططراب فمجططاز وإل فل‪ ،‬وقططال القرافططي‬
‫الحذف أربعططة أقسططام ليططس منهططا مجططاز إل قسططم واحططد وهططو مططا‬
‫يتوقف عليه صحة اللفظ ومعناه مططن حيططث السططناد نحططو واسططئل‬
‫القرية إذ ل يصح إسناد السؤال إليها وبقيططة القسططام ليسططت مططن‬
‫أنواع المجاز‪ ،‬وقال صاحب المعيار إنمططا يكططون الحططذف مجططازا إذا‬
‫تغير حكمه فإن لططم يتغيططر كحططذف خططبر المبتططدأ المعطططوف علططى‬
‫جملة فل‪ .‬فأنت ترى هذه القوال كالمتضافرة على عططدم انطبططاق‬
‫تعريف المجاز عليه مع أننا لو شئنا لتمحلنططا وجهططا لنطبططاقه عليططه‬

‫‪398‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫مطلقا لكن الذي نختاره في هذا ما ذهب إليططه القرافططي وصططاحب‬
‫اليضاح وانطباق المجططاز علططى مططا ذكططراه واضططح‪) .‬وأمططا السططؤال‬
‫الخامس(‪ :‬وهو أن العلقة في مثل )وجزاء سططيئة سططيئة( مططا هططي‬
‫فأقول ما أحسن هذا السؤال وألطفه ولقد أثلج خاطري بموافقططة‬
‫السائل حفظه الله تعالى على أن هذا من نوع المجاز وإنما قلططت‬
‫ذلك لني رأيت بعض متأخري أهل البيان قال في نططوع المشططاكلة‬
‫الذي هذه الية فرد من أفططراد أمثلتهططا أنططه واسطططة بيططن الحقيقططة‬
‫والمجاز وقال وليس بحقيقة لنه استعمال اللفظ في ما لم يوضع‬
‫له ول مجاز لعدم العلقة المعتبرة هكذا قططال وليططس بشططيء وقططد‬
‫نازعته في ذلك قديما في كتاب شرح ألفية المعاني واخططترت أنططه‬
‫مجاز قطعا وأن ما قاله مطن عططدم العلقطة ممنطوع فطإن قلطت مطا‬
‫العلقة قلت الشكل والشبه الصوري كما يطلق النسان والفرس‬
‫على الصورة المصورة وكذا الجزاء أطلق عليه سيئة لكططونه مثططل‬
‫السيئة المبتدأ بها في الصورة وكذا قوله )فاعتدوا عليه بمثططل مططا‬
‫اعتدى عليكم( أطلق على الجزاء اعتداء لشبهه بالعتططداء المبتططدأ‬
‫به في الصورة‪) .‬وأما السؤال السادس(‪ :‬في اليمان فهططو سططؤال‬
‫مذكور مسطور أجاب عنه جماعة منهم خاتمة المحققيططن الشططيخ‬
‫جلل الططدين المحلططي فططي شططرح جمططع الجوامططع فقططال التكليططف‬
‫بالتصديق وإن كان من الكيفيات النفسية دون الفعططال الختياريططة‬
‫المراد به التكليف بأسبابه كالقاء الططذهن وصططرف النظططر وتططوجب‬
‫الحواس ورفع الموانع هذه عبارته فهططذا مططا حضططرنا فططي الجططواب‬
‫ي‬
‫عن هذه السطئلة وقطد علقطت هطذا الجطواب سطاعة ورودهطا علط ّ‬
‫فانظروا فيه فططإن رضططيتموه وإل فططأتحفوا بجططوابكم مططا قططاله عبططد‬
‫الرحمن بن أبي بكر السيوطي الشططافعي يططوم السططبت العشططرين‬
‫من رجب سنة ثمان وسبعين وثمانمائة وسميته نفططح الطيططب مططن‬
‫أسئلة الخطيب‪ ،‬فكتب الشيخ شمس الططدين الططوزيري علططى هططذه‬
‫الجوبة ما صورته الحمططد للططه رب العططالمين أقططول وبططالله العططون‬
‫والتوفيق بيده أزمة الهدى والتحقيق لم يظهر ممططا ذكططره العلمططة‬
‫من هذه الجوبة دفع هذه السئلة‪ ،‬أما الجواب عن السططؤال الول‬
‫فقوله فيه وهذا معنى قول السططائل فططإن قلططت بططالول ورد أنططه ل‬
‫يجوز إلى آخره مشيرا إلى ما نقله القرافي عن الكثرين من أنططه‬
‫لو كان مسماه كليا إلى قوله على خاص البتة وليس كططذلك ليططس‬
‫المر كما زعم فإن اللزم من كطون مسطماه كليطا علطى مطا ذكطره‬

‫‪399‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫الكثرون أمران الول كونه نكرة والثاني عدم دللته على شططخص‬
‫وهما غير ما ألزمه السائل على تقدير كططون المسططمى كليططا حيططث‬
‫قال فإن قلت بالول ورد فإن اللزم على ما ذكره أمران أحدهما‬
‫جواز إطلق لفظ المعنى العام مع أنه ل يطلططق عليططه والثططاني أن‬
‫يكون استعماله في الخصوصيات مجازا هططذا مططع أن القرافططي لططم‬
‫يجب عطن اللطزام الول فطي كلم الكطثرين وهطو قطولهم لطو كطان‬
‫مسماه كليا لكان نكرة وإنما أجاب عن الثاني كما ل يخفططى علططى‬
‫من تأمل كلمه فقد تبين انه ل شيء من السؤال وجوابه بمططذكور‬
‫في كلم القرافي كما ذكره العلمة وقططوله جططوابه أنططه ليططس مططن‬
‫باب المشترك إلى آخره صطريح فطي أن مطا أجطاب بطه هطو اختيطار‬
‫قسم ثالث غير القسمين اللذين في كلم السائل ومحصل جططوابه‬
‫أن اسم الشارة كهذا مثل وضططع للقططدر المشططترك وهططو المفهططوم‬
‫الكلي المعبر عنه بقولنططا مشططار إليططه مفططرد مططذكر حاضططر أو فططي‬
‫حكمه وهو الذي اختاره القرافي في المضمر من أن مسماه كلي‬
‫كما اعترف بطه العلمطة فطي آخطر جطوابه وأنطت تعلطم أن هطذا هطو‬
‫القسم الول في كلم السائل أعني قوله هل الوضطع فطي أسطماء‬
‫الشارة للمعنى العام والعجب كيف خفي مثل هططذا علططى العلمططة‬
‫مع ظهوره على هططذا فططاللزم علططى القسططم الول بططاقي بحططاله إذ‬
‫ليس في كلمه حفظه الله ما يدفعه‪ ،‬وأما الجططواب عططن السططؤال‬
‫الثاني فقوله إنه مجاز هو اختيار القسم الثاني وقد عرف مططا يططرد‬
‫عليه من كلم بعض المحققين‪ ،‬وأما قوله أن المحقق المشار إليه‬
‫هو الشيخ تقي الططدين السططبكي فليططس كططذلك فططإن مقتضططى كلم‬
‫السبكي أنه حقيقة عنده دائما وأما ذلطك المحقطق فلطم يقططل بطأنه‬
‫حقيقة مطلقا بل في بعض الحوال كمططا يشططعر بططه قططول السططائل‬
‫ورد ما ذكره بعض المحققين من أنه قططد يكططون فططي هططذه الحالططة‬
‫حقيقة وحاصل السؤال أن الجططواب بططأنه مجططاز إطلق فططي محططل‬
‫التقييد وأما قول العلمة السبكي أن دللة العام على كل فرد من‬
‫أفراده دللة مطابقة فإن أراد أن العام إذا أطلق وأريد به الخاص‬
‫كان دال عليه مطابقة فهو خلف ما أطبططق عليططه المحققططون مططن‬
‫أنه ل دللة للعام على الخاص بإحططدى الططدللت الثلث وقططد ظهططر‬
‫بهذا أن مططا أورده السططائل علططى القططول بططأنه حقيقططة كلم ل غبططار‬
‫عليه‪ .‬وأما الجواب عن السؤال الثالث ففيه أنه جعل حفظططه اللططه‬
‫علمة التواطؤ أن ل يختلف بأمور من جنططس المسططمى ومقتضططاه‬

‫‪400‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫أن علمة التشكيك الختلف بططأمور مططن جنططس المسططمى ليسططت‬
‫خارجة وهذا مما لم تره في كلم أحد فإن التشكيك يكون بالتقدم‬
‫والتططأخر وبالشططدة والضططعف وبالولويططة وكلهططا أمططور خارجططة عططن‬
‫المسمى ثم إن قوله لنه متساوي المعنى ما يحتاج إلى بيان فإن‬
‫النسان متقططدم فططي الب علططى البططن فقططد تفططاوت أفططراد الكلططى‬
‫بالتقدم والتأخر وذلك يقتضي التشكيك‪ ،‬وأما الجواب عن السؤال‬
‫الرابع ففيه أنه اختار أنه مجاز بشططرط ثططم ادعططى أن انطبططاق حططد‬
‫المجاز عليه الواضح فليس كذلك بل واضح عدم النطباق أل ترى‬
‫أن قوله تعالى )واسئل القرية( ليس فيه لفظ استعمل فيما وضع‬
‫له لعلقة فإن لفظ السؤال مسططتعمل فيمططا وضططع لططه وكططذا لفططظ‬
‫القرية‪ ،‬وقططد صططرح بططذلك جماعططة مططن المحققيططن منهططم النحريططر‬
‫التفتططازاني والعلمططة الجلل المحلططي علططى أنطه لطم يظهططر تضططافر‬
‫القوال التي حكاها على عدم انطبطاق تعريططف المجططاز عليطه فطإن‬
‫محصل القوال حاشا الول أنه يطلق عليه المجاز إما مطلقا وإما‬
‫بشرط وإما أنه هل ينطبق تعريف المجاز عليه أول فأمر مسكوت‬
‫عنه على أنها ظاهرة في النطبططاق‪) .‬وأمططا الجططواب عططن السططؤال‬
‫الخامس( فتحصيله أن العلقة في مجاز المشاكلة التي الية مططن‬
‫أفرادها هو الشبه الصططوري حططتى أنططه أطلططق علططى جططزاء السططيئة‬
‫سيئة لكونها مثلها في الصورة وفيه أن ذلك يخرج الية عططن بططاب‬
‫المشططاكلة إلططى بططاب السططتعارة فططإن المشططاكلة علططى مططا ذكططره‬
‫المحقق التفتازاني هي التعبير عطن الشططيء بلفطظ غيططره لوقطوعه‬
‫في صحبته وقد صرح التفتازاني بذلك في بعطض كتبطه حيطث قطال‬
‫السيئة استعارة عمططا يشططبه السططيئ صططورة ثططم قطال لكططن وصطف‬
‫السيئة بقوله مثلها يأبى هذه الستعارة لنه بمنزلة أن تقططول زيططد‬
‫أسد مثله والحق أن الية من قبيططل المشططاكلة انتهططى فططأنت تططرى‬
‫كيف جعل الية باعتبار الشبه الصوري من بطاب السطتعارة ل مطن‬
‫باب المشاكلة على أن ما ذكره العلمة مططن أن العلقططة فططي نططوع‬
‫المشاكلة هو الشبه الصوري ل يتمشى في قوله‪:‬‬
‫قالوا اقترح شيأ نجد لك طبخه * قلت اطبخوا لي جبة وقميصا‬
‫إذ ل مشابهة بين الطبخ والخياطة في الصورة كما ل يخفى‪ .‬وأمططا‬
‫الجواب عن السؤال السادس فهططو كمططا ذكططره أعططزه اللططه تعططالى‬
‫وهططذا الجططواب قططد أخططذه العلمططة المحلططي مططن كلم المحقططق‬
‫التفتازاني ومحصله أن اليمان لم يكلططف بططه وإنمططا كلططف بأسططبابه‬

‫‪401‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫وفيه من الشكال ما ل يخفى قال ذلطك وكتبطه العبططد الفقيطر إلططى‬
‫الله تعطالى المغططى بالزلطل والتقصطير راجطي عفطو ربطه القريطب‬
‫القططدير محمطد بطن إبراهيطم المسططمى بططالخطيب فطي ليلطة يسططفر‬
‫صباحها عن اليوم الرابع والعشرين مططن شططهر رجططب الفططرد سططنة‬
‫ثمان وسبعين وثمانمائة فكتب شيخنا المام العالم العامل العلمة‬
‫البحر الحبر الفهامة خاتمة الحفططاظ والمجتهططدين جلل الططدين أبططو‬
‫الفضل عبد الرحمن ابن شيخ السططلم والمسططلمين كمططال الططدين‬
‫ابن أبي بكر السيوطي الشافعي أعز الله تعالى بططه الططدين وأمتططع‬
‫ببقائه السلم والمسلمين الجوبة عن هذه العتراضات بما نصططه‬
‫الحمد للططه أقططول واللططه الهططادي للصططواب وإليططه المرجططع والمططآب‬
‫وردت على هذه العتراضات فتأملتها بعين النصاف فوجدتها غيططر‬
‫واردة وها أنا أسوق كلماتها مع الجواب عنها واحطدة واحطدة قطوله‬
‫ليس المر كما زعم فإن اللزم مططن كططون مسططماه كليططا علططى مططا‬
‫ذكره الكثرون أمران كونه نكرة وعدم دللته علطى شططخص وهمطا‬
‫غير ما ألزمه السائل عليه وذلك أمران جواز إطلقه على المعنى‬
‫العام مع أنططه ل يطلططق عليططه وكططون اسططتعماله فططي الخصوصططيات‬
‫مجازا أقول ليس المر كذلك بل أحططد إلزامططي الكططثرين هططو أحططد‬
‫إلزامي السائل بعينه الططذي أشططرت إليططه فططي الجططواب وهططو عططدم‬
‫دللته على شخص معين وبيان ذلك أن الكططثرين قططالوا يلططزم مططن‬
‫كونه وضع للمعنى العام أنه ل يدل إل عليه فبطططل الملططزوم وهططو‬
‫كونه كليا وهذا مؤدى قول السائل أنه يلزم على كطونه كليطا جطواز‬
‫إطلقه على المعنى العام مع أنه ل يطلططق عليططه أي وإنمططا يطلططق‬
‫على الخاص فمؤدى العبارتين واحد بل شك غاية ما في الباب أن‬
‫بينهما قلبا لفظيا فإن العبارة الثانية هططي مقلططوب العبططارة الولططى‬
‫وفي كل من العبارتين مقدرات اقتضاها اليجاز ل بد من إظهارها‬
‫ليتم المطلوب من الستمتاج فعند إظهارها وتفكيططك الكلم ينحططل‬
‫مؤداها إلى واحد وإذا تقرران هذا اللزام الذي ذكطره السطائل هطو‬
‫عين اللزام الذي ذكططره الكططثرون فقططد حصططل الجططواب عنططه بمططا‬
‫أجاب به القرافي ومحصله أنا لو خلينططا ومقتضططى الوضططع لطلططق‬
‫على العام وإنما منع منططه مططا عططرض عنططد السططتعمال مططن حصططر‬
‫الواقططع المسططمى فططي شططخص خططاص وحاصططل هططذا الجططواب منططع‬
‫التلزم بين الوضع والطلق فقد يوضع الشيء للعام ول يسططتعمل‬
‫إل خاصا بدليل الشمس فإنها وضعت كليططا ول تسططتعمل إل جزئيططا‬

‫‪402‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫وأوضح منه ما ذكره القرافي من تشبيه ذلك بالعلم الغالبة فإنها‬
‫وضعت كلية ثم غلب استعمالها في خاص فصارت أعلمططا بالغلبططة‬
‫وسنزيد هذا وضوحا قريبا‪ ،‬وقوله أن القرافي لم يجب عن اللزام‬
‫في كلم الكثرين وهو قططولهم لططو كططان مسططماه كليططا لكططان نكططرة‬
‫وإنما أجاب عن الثاني أقول ممنوع فقد صرح القرافي نفسططه أن‬
‫الجواب الذي ذكططره جططواب عططن اللزاميططن وأنططا لططم أسططق كلمططه‬
‫بلفظه بل أوردته ملخصا كما نبهت في آخره ونكتة عدم تعرضططي‬
‫لما يوضع كونه جوابا عن اللزام الخر من كونه نكرة إنططه ل ذكططر‬
‫له في كلم السائل البتة فاستغنيت عن إيراده‪ ،‬وعبططارة القرافططي‬
‫وأما قولهم في الوجهين يعني اللططذين احتجططوا بهططا فططالجواب عنططه‬
‫واحد وهو أن دللة اللفظ وساق ما قدمته عنه إلى أن قططال فلمططا‬
‫كان حصر مسمى اللفظ في شخص معين من الواقع قال النحططاة‬
‫هي معارف فإن فهم الجزئي ل يكاد ينفك عنها هذا لفظططه فأشططار‬
‫أول إلى أن الجواب عن اللزامين معططا وأتططى آخططرا بهططذه الجملططة‬
‫لتقرير الجواب عن لزوم كونه نكططرة ومتحصططل كلمططه أنططه أجططاب‬
‫عن اللزامين معا بجواب واحد إما كونه يدل على خططاص ول يططدل‬
‫على العام فلما عرض في السططتعمال ل لمططر فططي أصططل الوضططع‬
‫وأما كونه معرفططة ل نكططرة فلن فهططم الجططزئي ل يكططاد ينفططك عنططه‬
‫ومعلوم عندك أن التعريف و التنكيططر ل تلزم بينهمططا وبيطن الوضطع‬
‫حططتى يقططال أن وضططعه كليططا يسططتلزم كططونه نكططرة ووضططعه جزئيططا‬
‫يستلزم كونه معرفة لن التعريف يحدث بعططد الوضططع لمططا يعططرض‬
‫في الستعمال أل ترى أن رجل وضع نكرة وإذا نططودي مططع القصططد‬
‫صار معرفة وليس لطك أن تقطول أن التعريطف حصطل مطن الوضطع‬
‫أيضا لن يا وضعت لتعريف المنادى لنا نقول ذلك مردود بوجهين‬
‫أحدهما أن ياقد توجد ول تعريف في نططداء غيططر المقصططود والثططاني‬
‫قططول النحططاة أن تعريططف المنططادى المقصططود إنمططا هططو بالقصططد‬
‫والمواجهة كاسم الشارة وجعلوه في مرتبته فهذا أول دليل على‬
‫أن التعريف في الشارة إنما حصل بالمواجهة ونحوهططا دون أصططل‬
‫الوضع فهو أمر طططارئ عليططه وحططادث بعططده فل تنططافى بيططن وضططع‬
‫الشارة والمضمر كليا وكونه معرفة مستعمل فططي الجططزئي وممططا‬
‫يدل على أن التعريف والتنكير ل تعلق لهما بالوضع وإنما هما مططن‬
‫الستعمال قططول خلئق مططن النحططاة إن المضططمر قططد يكططون نكططرة‬
‫وذلك في الضمير المجرور برب وقول آخريططن إن الضططمير العططائد‬

‫‪403‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫على النكططرة نكططرة مطلقططا وقططول آخريططن إن العططائد علططى واجططب‬
‫التنكيططر كططالتمييز نكططرة فططإن تخيلططت أن التنكيططر والتعريططف فططي‬
‫المضمر من أصل الوضع لزمك الشتراك اللفظططي وتعططدد الوضططع‬
‫ول قائل به وإن سلمت أنه حططادث فططي السططتعمال فهططو المططدعى‬
‫وبططه يحصططل النفصططال عططن اللططزام وإن قلططت أنططه وضططع معرفططة‬
‫واستعماله نكرة عارض من الستعمال فبعيد مع أنه يثبت مططدعانا‬
‫أيضا بطريق قياس العكس إذ ل فارق فثبت بهذا كلططه أن الضططمير‬
‫واسم الشارة وضعا للمعنى العام وعدم إطلقهما عليططه إنمططا هططو‬
‫لما عرض في الستعمال كالمر فططي أصططل الوضططع وهططذا تحقيططق‬
‫القول بأنه كلي وضعا جزئي اسططتعمال وهططو مططن أحسططن مططا قيططل‬
‫واندفع أحد اللزامين اللذين أوردهما السائل ثم بتقرير كونه وضع‬
‫للمعنى العام الذي هو القططدر المشططترك والمفهططوم الكلططي يكططون‬
‫استعماله في آحاد ما يصدق عليه حقيقة ل مجططازا كمططا هططو شططأن‬
‫الوضع للقدر المشترك فاندفع اللزام الثاني كما ل يخفططى وقططوله‬
‫إنما في جوابنا من كونه ليس من باب المشترك إلى آخره صريح‬
‫في أنه اختيار قسم ثالث غير القسمين اللططذين فططي كلم السططائل‬
‫إلى أن قال وأنت تعلم أن هذا هو القسم الول في كلم السططائل‬
‫أقول كان المعترض حفظه اللطه يشططير إلططى أنططه وقططع فططي كلمنططا‬
‫تناقض ثم جزم بذلك وادعى أنه خفي علينططا وليططس كططذلك وهططذه‬
‫غفلة عظيمة من المعترض أعزه الله أحاسبه بهططا وبيططان ذلططك أن‬
‫القسمين اللذين في كلم السائل اللذين ما اخترناه فططي التططوجيه‬
‫غيرهما ليسا بالقسمين اللططذين مططا اخترنططاه فططي التعييططن أحططدهما‬
‫فالقسمان الولن هما اللزامان الواردان والخران همططا الملططزوم‬
‫عنهما المورد عليهما فل تناقض لختلف مورد القسمة والحاصططل‬
‫أن السائل أورد قسمين وطلب تعيين أحدهما وهما هل هو للعططام‬
‫أو الخاص فعينا الول ثم أورد على القسمين ثلث الزامطات علطى‬
‫الول اثنان وعلى الثاني واحد فأجبنا عن أول الزاميه بمنع التلزم‬
‫بيططن الوضططع والطلق وعططن الثططاني بتقريططر كططونه وضططع للقططدر‬
‫المشترك فاندفع المجاز كما اندفع الشتراك اللفظي وهو الثططالث‬
‫ضرورة فتقريرنا كونه للقدر المشترك هو عين القسطم الول مطن‬
‫القسمين المطلوب تعيين أحدهما وهو كططونه للعططام وغيططر المجططاز‬
‫والشتراك الموردين على القسم الول والثاني فططأي تنططاقض فططي‬
‫هذا وقوله فاللزم على القسم الول باق بحطاله قطول ممنططوع بططل‬

‫‪404‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫ذهططب فططي الغططابرين وانقطططع فططي الداحضططين أمططا الطلق فيمنططع‬
‫التلزم وأما المجاز فبكطونه للقطدر المشططترك وسطندهما مططا تقططدم‬
‫واضحا وبهطذا أقيطم الجطواب ويتضطح الصطواب وينكشطف الحجطاب‬
‫وتطلع الشمس المنيرة ليس دونهططا سططحاب‪ ،‬قططوله وأمططا الجططواب‬
‫عن السؤال الثاني فقوله أنه مجاز هو اختيار القسططم الثططاني وقططد‬
‫عرف ما يططرد عليططه مططن كلم بعططض المحققيططن إلططى آخططره أقططول‬
‫قصارى ما ذكره السائل عن بعض المحققين أنه ذهب إلططى قططول‬
‫مفصل في مقابلة قطططع الجمهططور بططأنه مجططاز ومعلططوم عنططدك أن‬
‫المسألة ذات القوال ل يكون قول منها واردا علططى القططول الخططر‬
‫وإنما يصلح لليراد تقرير شبهة أو إلزام أمر فاسطد والسطائل قططال‬
‫ورد ما ذكره بعض المحققين من أنه قد يكون حقيقة فلم يورد إل‬
‫القول ل اللزام ول الشبهة وهذا ما ل يصلح إيراده وأنا لم أر فططي‬
‫المسألة بعططد قطططع النططاس بططأنه مجططاز إل بحططث السططبكي فلنططذكر‬
‫شبهة هذا المحقق الخر لينظر في جوابها ودفعها أو في التوفيططق‬
‫بينها وبين كلم الجمهور وقوله أن ما قاله السططبكي مططن أن دللططة‬
‫العام دللة مطابقة خلف ما أطبططق عليططه المحققططون يقططال عليططه‬
‫وهو أول من المحققون أن كانوا مططن المتططأخرين كالعضططد ونحططوه‬
‫فكلمهم ل يصلح أن يعارض به المنقول عططن الجططم الغفيططر وإنمططا‬
‫يذكر علطى سطبيل البحطث والتخليطة والتعطبير بلفطظ أطبطق تهطديل‬
‫وليس صحيحا في نفسه كيططف والمجططزوم بططه فططي كتططب الصططول‬
‫ذلك أعنى أن دللته بالمطابقة ولم أقف على من نططازع فططي ذلططك‬
‫إل القرافي وقد رد عليه الصفهاني في شرح المحصططول فشططفى‬
‫وكفى وقوله وأما الجططواب عططن السططؤال الثططالث ففيططه أنططه جعططل‬
‫علمة التواطئ أن ل يختلف بأمور من جنس المسططمى ومقتضططاه‬
‫أن علمة التشكيك الختلف بأمور من جنس ليست خارجة وهططذا‬
‫مما لم نره في كلم أحد أقول نحن قد رأينططاه فططي كلم القرافططي‬
‫جزم بذلك بهذا اللفظ فططي الجططانبين ونقلططه عنططه غيططره واحططد وإل‬
‫فانظروه تجدوه والعذر لكم في هذا وأمثاله أنكططم تقتصططرون فططي‬
‫كتططب الصططول والبيططان علططى نحططو العضططد والحاشططية والمطططول‬
‫والحاشية فتجدون فيها أبحاثا فتظنون أنها منقولت أهططل الفططن أو‬
‫المجزوم بهططا فتعتمطدونها وتطدعون أن المحققيطن عليهططا وتشطربها‬
‫قلططوبكم وتضططربون عططن غيرهططا صططفحا ولططو تجططاوزتم إلططى كتططب‬
‫المتقدمين والمتأخرين وألممتم بما حططوته مططن القططوال المختلفططة‬

‫‪405‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫والمباحث المتفرقة والتفريعات لعلمتم حقيقة المر في ذلك وأنططا‬
‫ل اعتمد فططي الصططول علططى أنططاس قصططارى أمرهططم الرجططوع إلططى‬
‫القواعد المنطقية وتنزيل القواعد الصلية عليهططا أبططدا إنمططا اعتمططد‬
‫علططى أئمططة جططامعين للصططول والفقططه متضططلعين منهططا محيطيططن‬
‫بقواعطدهما عطارفين بطتركيب الفطروع علطى الصطول قطد خطالطت‬
‫علوم الشرع والسططنن لحططومهم ودمططائهم فططأين أنططت مططن رسططالة‬
‫المام الشافعي رضي الله تعالى عنه مبتكر هذا الفططن ومططا عليهططا‬
‫من الشروح المغطية وما تل ذلك إلى كتب إمام الحرميططن والكيططا‬
‫الهراسططي وحجططة السططلم الغزالططي والمططام فخططر الططدين الططرازي‬
‫والسيف المدي وهلم جرا وبعد فالنسان بالنسبة إلى الب البططن‬
‫متواطئ قطعا لن معناه مستوفي النسبة إليهمططا بل شططبهة كيططف‬
‫ومعنى النسان الحيوان الناطق وهذا المعنططى ل يتفططاوت بالنسططبة‬
‫إلى الب والبن كما ل يتفاوت بالنسبة إلى الذكر والنثى والعططالم‬
‫والجاهططل والطويططل والقصططير وتفططاوته بالتقططدم والتططأخر كتفططاوته‬
‫بالنسبة إلى المذكورات وليس بالنسبة لماهية النسان الططتي هططي‬
‫الحيوانية والناطقية بخلف تفطاوت النطور فطي الشطمس والسطراج‬
‫فإنه بالنظر إلى جنس المسمى ومططاهيته هططذا أمططر ل شططبهة فيططه‪،‬‬
‫قوله وأما الجواب عن السؤال الرابع إلى آخططره أقططول مططا ادعططاه‬
‫من كون لفظ القبيح مستعمل فيما وضع له وإن صرح بططه جماعططة‬
‫جوابه المنع ومن صرح بذلك لم يقله على قول الجمهور أنه مجاز‬
‫لغوي إنما قاله بناء على قول مططن قططال أنططه مجططاز عقلططي فجعططل‬
‫القرية المسططتعملة فططي حقيقتهططا كمططا سططئل والمجططاز فططي إسططناد‬
‫السؤال إليها فهو علططى هططذا مجططاز تركيططب ل مجططاز إفططراد وليططس‬
‫الكلم فيططه وأمططا علططى القططول بططأنه مجططاز إفططراد فالقريططة قطعططا‬
‫مستعملة في غير ما وضعت له وهو الهل فإنها قائمة مقامه في‬
‫المعنى كما قامت مقامه في العططراب وبهططذا يظهططر انطبططاق حططد‬
‫المجاز على مثل هذا‪ ،‬وقوله لم يظهر تضافر القوال التي حكاهططا‬
‫على عططدم النطبططاق جططوابه أنططي لططم أدعططي التضططافر وإنمططا قلططت‬
‫كالمتضافرة وشتان ما بين العبارتين عنططد البلغططاء ووجططه ذلططك أن‬
‫اختلفهم في كونه مجاز بين ناف مطلقططا وتفصططيل دليططل علططى أن‬
‫آراءهم اقتضت عدم دخوله في حططد المجططاز حططتى اضطططربوا فيططه‬
‫فقال بعضهم أنه ليس منططه مطلقططا ورأى بعضططهم أنططه ليططس منططه‬
‫مطلقا ورأى بعضهم أن منه نوعا قريب الدخول فيه فططأدخله فيططه‬

‫‪406‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫وأنواعا بعيدة فلم يدخلها فيه فكططل لططبيب يفهططم بططالقوة مططن هططذا‬
‫الختلف والضطراب أنه إنما نشأ عن اقتضططاء آرائهططم بعططده عططن‬
‫الدخول في حد المجاز وأنا لم أقل إنها مصرحة بذلك بططل عططبرت‬
‫بعبارة تشعر بخلف ذلك فقوله أن النطباق وعدمه أمر مسكوت‬
‫عنه غير وارد حينئذ لني لم أدع التصططريح بططه بططل أتيططت بمططا يططدل‬
‫على أنه يؤخذ منه بالقوة وقوله على أنها ظاهرة في النطباق ان‬
‫أراد انها ظاهرة في انطباق حد المجاز على كل حذف فممنوع إل‬
‫القول الثاني كيف والمفصلون يططأبون تسططمية مططن أنططواعه مجططازا‬
‫والنافي مطلقا واضح وإن أراد أنها ظاهرة في النطباق علططى مططا‬
‫يسمونه مجازا فصحيح وهو ما ادعيناه في الجواب حيططث قلنططا إن‬
‫النطباق على ما ذكره القرافي وصاحب اليضاح واضح به ويندفع‬
‫قططول المعططترض أول أنططه غيططر واضططح والعجططب كيططف أدعططى عططدم‬
‫وضططوحه أول وظهططوره آخططرا‪ .‬قططوله وأمططا الجططواب عططن السططؤال‬
‫الخامس إلى آخره‪ .‬أقول ما ادعاه من أن كون العلقة فططي اليططة‬
‫المشابهة يخرجها عن باب المشاكلة إلى بططاب السططتعارة ممنططوع‬
‫فططإنه ل تلزم بيططن المشططابهة والسططتعارة وإن كططان كططل اسططتعارة‬
‫علقتها المشابهة فليس كل ما علقته المشططابهة اسططتعارة بططدليل‬
‫أن المحققين على أن التشبيه المقططدر فيططه الداة نحططو صططم بكططم‬
‫عمي يسمى تشبيها بليغا ل استعارة وهو ظاهر بل شططك وإذا كططان‬
‫هذا فيما قدرت فيه الداة فما ظنططك بمططا صططرح فيططه بلفططظ مثلهططا‬
‫فالية لذلك خارجة عن باب الستعارة داخلة فططي بططاب المشططاكلة‬
‫والعلقططة المشططابهة لمططا تقططرر مططن منططع الملزمططة‪ .‬وقططوله فططإن‬
‫المشاكلة على ما ذكره التفتازاني هي التعبير عن الشططيء بلفططظ‬
‫غيططره لوقططوعه فطي صطحبته هطذا مطن نمطط مطا قطدمته مططن أنكططم‬
‫تقتصرون في هذه المور على كتب مثل التفتازاني وتضربون عن‬
‫غيرها صفحا وإل فما وجه نقل مثل هذا الكلم عنه وهو فططي متططن‬
‫التلخيص الذي التفتازاني شارح كلمه بل وفي كلم السكاكي من‬
‫قبله وأطبق عليه أهل البديع قاطبة ومثل هذا حقططه أن يقططال فيططه‬
‫قال أهل البديع وإل فالنقل عططن التفتططازاني يشططعر بططأنه قططال مططن‬
‫عنده ولم يسبق إليه ويشعر أيضا بغرابتططه فططإن النقططل لكلم عططن‬
‫متأخر مع وجوده في كلم المتقدمين عيب فما ظنك إذا كان فططي‬
‫كلم أهل الفن قاطبة وإنما ينقل عن المتأخر مطا قطاله مطن عنطده‬
‫بحثا مخالفا لما قبله أو تحقيقا لكلم من تقدمه أو نحو ذلك‪.‬‬

‫‪407‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫وقوله إنما ذكر من أن العلقة الشبه ل يتمشى في قوله اطبخططوا‬
‫لي جبة صحيح وهو اعتراض حسن وليس فططي هططذه العتراضططات‬
‫أقعد منه‪ .‬وجوابه أنه لم أدع أن الشبه علقة نططوع المشططاكلة مططن‬
‫حيث هو حتى يلزمني تمشيتها في جميع أفرادها إنما أدعيططت أنططه‬
‫علقة الية لظهورها فيها‪ .‬وأما علقة أصل المشاكلة فقد ذكرتهططا‬
‫قديما في كتابي شرح ألفية المعاني اسطتخراجا بفكطري ثططم ظهطر‬
‫لي أخذها من قول صاحب التلخيص حيث قال المشابهة هي ذكططر‬
‫الشيء بلفظ غيره لوقوعه في صحبته‪ .‬فقوله ذكر الشيء بلفططظ‬
‫غيره صريح في أنها من باب المجاز‪ .‬وقططوله وقططوعه فططي صططحبته‬
‫إشارة إلى العلقة وهي الصحبة والمجاورة في اللفظ كما سميت‬
‫القربة راوية لمجاورتهططا للجمططل المسططمى بهططا حقيقططة فهططذه هططي‬
‫علقة أصل المشاكلة‪ .‬وقوله وأما الجواب عن السططؤال السططادس‬
‫فهو كما ذكطره‪ .‬أقطول إن كطان هطذا تسطليما لصطحة الجطواب فهطو‬
‫المقصود وإن كان تسليما لعزوه وهو الظاهر بقرينة ما عقبه مططن‬
‫الشكال فجوابه أنه ل إشكال عند التأمل واللمحة المشططيرة إليططه‬
‫أن دقائق أهل المعقول ل يعبأ بها أهل الفقه وحملة الشرع الططذي‬
‫مرجططع التكليططف إليهططم واللططه أعلططم‪ .‬وكتبططه يططوم الثنيططن التاسططع‬
‫والعشططرين مططن رجططب سططنة ثمططان وسططبعين وثمانمططائة وسططميته‬
‫الجواب المصيب عن أسئلة اعتراضات الخطيب‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬أيططا عالمططا أضططحى بطه الططدهر باسططما * يشططبه بالططدهر‬
‫القديم وبالصدر‬
‫تأمل رعاك الله قولي فإنني * جهول به لكنه جال في فكري‬
‫فلم أجد الشافي لدائي فلم أزل * أفتش في أهل الفضائل‬
‫والذكر‬
‫فدلني العقل السليم عليكم * لنكم أهل المآثر والفخر‬
‫وفضلكم في الناس أشهر من قفا * وخيركم عم البوادي مع‬
‫الحضر‬
‫فجردته كي تسعدوني تفضل * عّلي لتحظوا في القيامة بالجر‬
‫وأنشره في الناس من بعض فضلكم * مضافا إلى ما كان في‬
‫سالف العمر‬
‫فقد ورد التصحيح في كل مسند * بأن إله العرش ينظر في‬
‫الحشر‬

‫‪408‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫ولم ير في الدنيا فما القول ههنا * وما حكمة في المنع يا عالم‬
‫العصر‬
‫وقد ينزل المهدي عيسى لرضنا * فيكسر صلبانا كما صح في‬
‫الذكر‬
‫فهل ثم صلبان وفي الرض عصبة * تقوم على حق إلى آخر‬
‫الدهر‬
‫وهل صح أن المصطفى سيد الورى * رسول إله العرش خصص‬
‫بالفخر‬
‫ي وأمتي * ليوم قيام الخلق في موقف الحشر‬ ‫يقول بأن الخير ف ّ‬
‫وما رسل الجن الذي جاء ذكرها * صريحا بنص القول في محكم‬
‫الذكر‬
‫وهل لنبي الله هرون لحية * ترى في الجنان إذ به النص في‬
‫الذكر‬
‫وهل في جنان الخلد قوم تعاشروا * جمال وترعى في مراتعها‬
‫الخضر‬
‫وتشرب من أنهارها هل مساعد * لناقل هذا أو يقابل بالنكر‬
‫ومن هو بعد الختم يدعو لميت * بتسمية هل في المقالة من نكر‬
‫وما الحين أن قال امرؤ في يمينه * لزوجته ل جئت حينا من‬
‫الدهر‬
‫وما جاء في التحذير من ضرب أوجه * على صورة مخلوقة صح‬
‫في الثر‬
‫وما شرحه ما القول فيه محققا * لعلكم تنجو من النار والوزر‬
‫وهل أن تبكر مرأة ببنية * من اليمن قول ناقلوه ذوو خبر‬
‫وإن ماتت الولد من أهل ذمة * قبيل بلوغ ما يكونون في الحشر‬
‫أفي نار أو في جنة فاز أهلها * بمقعد صدة مع كثير من الجر‬
‫تفضل وجد يا سيدا فاق عصره * بكل جواب لو يوازن بالتبر‬
‫لكان قليل طال عمرك للورى * تبث علوما ما حييت مدى الدهر‬
‫وصلى إله العرش جل جلله * على أحمد المبعوث بالفتح والنصر‬
‫وأصحابه والل ما طار طائر * على فنن أو حن وحش إلى وكر‬
‫الجواب ‪ -‬أل الحمد لله المنزل للططذكر * وأتبططع حمططدي بالثنططاء‬
‫وبالشكر‬
‫وصلى إله العرش ما لح كوكب * على المصطفى المختار ذي‬
‫المجد والفخر‬

‫‪409‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫سألت عن الباري يرى في قيامة * ولم ير في الدنيا سوى للذي‬
‫أسري‬
‫وحكمته ضعف القوى لولى الدنا * فغير مطلق رؤية الواحد البر‬
‫ولم يكن الباري القديم يرى بحا * دث بصر قد قال بعض أولي‬
‫الخبر‬
‫ولما يكون البعث تعظم قوة * بجعل إلهي فاستطاع ذوو القدر‬
‫وأقدر رب العرش حقا نبيه * على رؤية الباري فناهيك من فخر‬
‫وصلبان كفر في البلد كثيرة * يعقبها عيسى إذا جاء بالكسر‬
‫وكم بلد فيها كنائس جمة * وصلبان كفر في بلد أولي الكفر‬
‫ي وأمتي * فلم يأتي هذا اللفظ في سند‬ ‫وأما حديث الخير ف ّ‬
‫ندري‬
‫ولكن بمعناه حديث بعصبة * تقوم على حق إلى آخر الدهر‬
‫وفي الجن رسل أرسل الرسل عنهم * لقوامهم وهي المسماة‬
‫بالنذر‬
‫وما في جنان الخلد ذو لحية يرى * سوى آدم فيما رويناه في‬
‫الثر‬
‫وما جاء في هرون الذهبي قد * رأى ذاك موضوعا فكن صقيل‬
‫الفكر‬
‫ولم أر في أمر الجمال مخبرا * من النقل والثار ليست مدى‬
‫حصر‬
‫ومطلق حين لحظة ثم من دعا * لميته في الختم ليس بذي نكر‬
‫ضرب وجه صح نهى لفضله * وفي الصورة التأويل غير‬ ‫وعن َ‬
‫أولي الخبر‬
‫على أوجه شتى حكاها محققو * أولى السنة الغراء أيدت بالنصر‬
‫فأسلمها إذ ل تكون مفوضا * إضافة تشريف كروحي وما يجري‬
‫كما قيل بيت الله أو ناقة له * أضيفت ففي هذاك مقنع ذي ذكر‬
‫وأما حديث اليمن في اللئي بكرت * بأنثى فواه ل يصح فطب‬
‫وأدرى‬
‫وأولد أهل الكفر قبل بلوغهم * فأمرهم لله فهو الذي يدري‬
‫فذا القول صححه وصحح بعضهم * بأنهم في جنة مع أولي البر‬
‫فهذا جواب ابن السيوطي راجيا * نوال من الرحمن في موقف‬
‫الحشر‬

‫‪410‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫مسألة ‪ -‬أيا عالما قد فاز بالرشد سططائله * أواخططر أهططل العلططم‬
‫صارت أوائله‬
‫جوابك في قول بمختصر نمى * إلى زاهر عما حكا فيه قائله‬
‫بأن سليمان النبي بدا له * نواريز أعياد أتتها فعائله‬
‫وتجتمع الجناس فيها بجمعهم * وتهدي هدايا للنبي تقابله‬
‫وأن بوقت قد هدت فيه نملة * له نبقة لم تكترثها شمائله‬
‫فقالت بكسر القلب تبغي قبولها * وتذكر ما أبقي إليها تمايله‬
‫على المرء حق فهو لبد فاعله * وإن عظم المولى وجلت‬
‫فضائله‬
‫ألم ترنا نهدي إلى الله ماله * ولو كان عنه ذا غنى فهو قابله‬
‫ولو كان يهدى للجليل بقدره * لقصر ماء البحر عنه مناهله‬
‫وأن نبي الله أوحي له إذن * أن أقبل فقد أبكي المقال وقائله‬
‫لهل السما والرض هذا مقالة * بمختصر قلناه معنى تفاصله‬
‫فهل في اعتراض في مقالة قائل * ولو كان عنه ذا غنى فهو‬
‫قائله‬
‫وهل تحتمل لو للغنى أو لغيره * ابن عالما في الدهر ضاءت‬
‫دلئله‬
‫ووالد خضر في الورى يعلم اسمه * وأن تعلموا هذا فماذا قبائله‬
‫وهل من يقين جازم في حياته * ابن ما خفي يا عالما عم وابله‬
‫لكم جنة المأوى تزاهت قصورها * وأجركم فيه تناهت وسائله‬
‫الجواب ‪ -‬بحمد إلهي ابتدى مططا أحططاوله * وأتبعططه شططكرا تزيططد‬
‫نوافله‬
‫وأتبع هذا بالصلة على الذي * بتخصيصه عم النام رسائله‬
‫محمد الهادي النبي وآله * وأصحابه ما در بالقطر وابله‬
‫نعم قول لو فيه اعتراض موجه * وواجبه أن يصلح القول قائله‬
‫ووالد خضر إن تسائل عن اسمه * ففيه أقاويل حكتها أوائله‬
‫فقيل ابن ملكان وقيل ابن مالك * وقيل ابن عاميل بن عيص‬
‫قبائله‬
‫وقيل ابن فرعون وقيل ابن آدم * وقيل ابن قابيل الذي هو قاتله‬
‫وأكثرهم يختار فيه حياته * إلى أن يجى الدجال حالت مقاتله‬
‫فهذا كلم فيه تحرير مقصد * وهذا جواب للذي أنت سائله‬
‫فخذها عروسا من محب ومهرها * دعاء يرجى أن يرى الله قائله‬
‫وأن ابن السيوطي قد خطه على * مناهجه حتى تجلت دلئله‬

‫‪411‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫مسألة ‪ -‬ما القول للحبر والبحر المحيطط ومطن * زان الوجططود‬
‫به الخلق للبشر‬
‫في مشتري يوسف الصديق حين له * باعوه إخوته بالبخس في‬
‫الذكر‬
‫هل يملكون الذين الن بيع لهم * ما ذلك المر يا مخصوص بالثر‬
‫وفي قضية يحيى حيث مات وقد * صحت حياة أبيه الطهر في‬
‫الخبر‬
‫وكان من قبل يدعو ربه طلبا * نجل يورثه في مدة العمر‬
‫من آل يعقوب ميراثا بذاك أتى * نص المهيمن بالخبار في الزبر‬
‫والحكم في الدين أن الرث يأخذه * مخلف بعد مقبول بل نكر‬
‫ما الشأن في ذاك يا مفتي النام ومن * أبدى الفوائد حتى صار‬
‫كالقمر‬
‫وهل تصحح للراوي روايته * فيما روى عن رسول الله في أثر‬
‫من ل إمام له إن شا يموت كذا * يهودا أو غيره من عصبة الكفر‬
‫أول وأن صح هذا القول مرجعه * إلى إمام الهدى المعروف‬
‫للبشر‬
‫للمؤمنين أمير وهو سيدنا * سلطاننا ل يرضى منه في خفر‬
‫أو غيره أفتنا أنت المام لنا * في مشكل غرة في جبهة الدهر‬
‫أثابك الله جنات النعيم بما * أبنت من غرر يشرقن كالدرر‬
‫بجاه خير الورى الهادي لمته * من الضلل وحاميهم من الضرر‬
‫الجواب ‪ -‬الحمد لله باري الخلططق والبشططر * ثططم الصططلة علططى‬
‫المختار من مضر‬
‫لم يملك المشتري الصديق قط ول * يظن هذا ببيع الحر فاعتبر‬
‫وإرث يحيى لعلم ل لمال أب * فالنبيا إرثهم حظر على البشر‬
‫وبعضهم وهو الطيبى قال بأن * قد أخرت دعوة فيه بل ضرر‬
‫وفي المام أحديث بذا وردت * وهو الخليفة فافهمه ول تحر‬

‫الوج في خبر عوج‬


‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫سؤال ورد من الشام صورته‪ :‬ما تقول السططادة العلمططاء أئمططة‬
‫الدين وعلماء المسلمين وفقهم الله لطاعته أجمعين في عوج بن‬
‫عنق هل كان له وجود في الخارج في الزمطن الماضطي أم ل فطإن‬
‫لم يكن له وجود في الخارج أصل فما الجواب عما وقع في غالب‬

‫‪412‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫التفاسير كتفسير القرطبي والبغوي فإنه ذكره في أربعططة مواضططع‬
‫متفرقة على ما اطلعت عليه والكرمططاني وابططن الخططازن والثعلططبي‬
‫وابن عطية وغيرهطم مطن المفسطرين مطن التنطويه بطذكره وتكطرار‬
‫قصته في مكان بعد آخر على أن القرطبي والثعلبي نقل ذلك عن‬
‫ابن عمر والكرماني في تفسيره نقله عن ابن عباس‪ .‬وإن كان له‬
‫وجود فهل بقي إلى زمن موسى عليه السلم وهلك علططى يططده أو‬
‫هلك في الطوفان مع من هلك فإن قلتم ببقائه إلى زمن موسططى‬
‫عليه السلم فما الجواب عن قطوله تعطالى حكايطة عطن نطوح عليطه‬
‫السلم )رب ل تذر على الرض من الكافرين ديارا( فإنها عامة أو‬
‫بهلكه مع من هلك بدعاء نوح عليه السلم من الكافرين فما هططذا‬
‫الذي وقع للبغوي فططي تفسططيره مططن إدعططائه اتفططاق العلمططاء علططى‬
‫هلكه على يد موسى عليه السلم عند تفسير قططوله تعططالى )قططال‬
‫فإنها محرمة عليهم أربعين سنة( الية ولغيره كالثعلبي من إدعططاء‬
‫الجماع على ذلك‪ ،‬وهل كان طوله هذا الطول العظيم الذي ذكره‬
‫المفسططرون وهططو ثلثططة آلف ذراع وثلثمططائة ذراع وثلث وثلثططون‬
‫ذراعا وثلث ذراع أو كان كآحاد بني آدم فططإن كططان طططوله مططا ذكططر‬
‫فما الجواب عن حططديث )إن اللططه خلططق آدم علططى صططورته سططتون‬
‫ذراعا ثم لم يططزل الخلططق ينقططص بعططد حططتى الن( وهططل وجططد مططن‬
‫البشر من قوم عاد أو غيرهم من كان طوله أكثر من ستين ذراعا‬
‫أو لم يوجد أحد فإن بعض الناس تمسك بالحديث المططذكور وقططال‬
‫ل يمكن أن يوجد من البشططر خلططق أطططول مططن آدم عليططه السططلم‬
‫ونفى وجود ابن عنق من الصل وقال لم يوجد في العالم شخص‬
‫اسططمه هططذا السططم وادعططى أن جميططع مططا وقططع للمفسططرين فططي‬
‫تفاسططيرهم مططن ذلططك كططذب واختلق‪ .‬والمسططؤول بسططط الجططواب‬
‫والكلم على الحديث المططذكور و اليططة المططذكورة أول وهططل اليططة‬
‫والحديث مططن العططام الططذي لططم يخططص وبقططي علططى عمططومه لعططدم‬
‫المخصططص أم ل وذكططر موقططع للمفسططرين فططي ذلططك علططى طريططق‬
‫البسط واليضاح وذكر الصواب فططي ذلططك كلططه وهططل تعططرض أحططد‬
‫لضبطه وضططبط اسططمه أفتونططا مططأجورين أثططابكم اللططه الجنططة بمنططه‬
‫وكرمه‪.‬‬
‫الجواب ‪ -‬الحمد لله وسلم على عبططاده الططذين اصطططفى قططال‬
‫العلمة شمس الدين بن القيم في كتابه المسمى بالمنار المنيططف‬
‫في الصحيح والضعيف‪ :‬من المور التي يعرف بهططا كططون الحططديث‬

‫‪413‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫موضططوعا أن يكططون ممططا تقططوم الشططواهد الصططحيحة علططى بطلنططه‬
‫كحديث عوج بن عنق الطويل الذي قصد واضعه الطعن في أخبار‬
‫النبياء فإنهم يخبرون على هذه الخبار فإن فططي هططذا الحططديث أن‬
‫طوله كان ثلثة آلف ذراع وثلثمائة وثلثة وثلثين وثلث وأن نوحططا‬
‫عليه السلم لما خوفه الغرق قال له احملنططي فططي قصططعتك هططذه‬
‫وأن الطوفان لم يصل إلى كعبططه وأنططه خططاض البحططر فوصططل إلططى‬
‫حجزته وأنه كان يأخذ الحوت من قططرار البحططر فيشططويه فططي عيططن‬
‫الشمس وأنه قلع صخرة عظيمة على قططدر عسططكر موسططى وأراد‬
‫أن يرصعهم بها فقورها الله في عنقه مثل الطوق‪ .‬وليس العجب‬
‫من جرأة مثل هذا الكذاب على الله إنما العجب ممن يططدخل هططذا‬
‫الحديث في كتب العلم من التفسير وغيططره ول يططبين أمططره وهططذا‬
‫عندهم ليس من ذريططة نططوح وقططد قططال تعططالى )وجعلنططا ذريتططه هططم‬
‫الباقين( فأخبر أن كل من بقي علططى وجططه الرض فهططو مططن ذريططة‬
‫نوح فلو كان لعوج وجود لم يبق بعد نوح‪ .‬وأيضا فإن النططبي صططلى‬
‫الله عليه وسلم قال )خلق اللططه آدم وطططوله فططي السططماء سططتون‬
‫ذراعا فلم يزل الخلق ينقص حتى الن( وأيضططا فططإن بيططن السططماء‬
‫والرض خمسمائة عام وسططمكها كططذلك وإذا كططانت الشططمس فططي‬
‫السماء الرابعة بيننا وبينها هططذه المسططافة العظيمططة فكيططف يصططل‬
‫إليها من طوله ثلثة آلف ذراع حتى يشوي في عينها الحططوت‪ ،‬ول‬
‫ريب أن هذا وأمثاله من وضع زنادقة أهططل الكتططاب الططذين قصططدوا‬
‫الستهزاء والسطخرية بالرسطل وأتبطاعهم‪ .‬انتهطى كلم ابطن القيطم‪.‬‬
‫وتابعه على ذلك الحافظ عمططاد الططدين بططن كططثير فقططال فططي كتططابه‬
‫البداية والنهاية قصة عوج بن عنق وجميع ما يحكون عنه هذيان ل‬
‫أصل له وهو من مختلقات زنادقة أهل الكتاب ولم يكن قط علططى‬
‫عهد نوح ولم يسلم من الغرق من الكفار أحططد‪ .‬قلططت وقططد أخططرج‬
‫ابن المنذر في تفسيره بسنده عن ابن عمر قال طول عوج ثلثططة‬
‫عشر ألف ذراع وعوج رجل من قوم عاد يغدو مع الشمس ويروح‬
‫معها‪ .‬وقد أورد بعض المصنفين هذا في تأليفه ثم قال وهططذا ممططا‬
‫يستحي الشخص أن ينسبه إلى ابن عمر ولضططعفه عنططه قططال ورد ّ‬
‫ذلك آخرون بما ثبت في الصحيح أن الله تعططالى خلططق آدم سططتين‬
‫ذراعا ثم ما زال الناس ينقصون حتى اليوم قططال وأجططاب بعضططهم‬
‫عن هذا بأنه على الغالب والكثر وغير منكر أن يطول الولد عططن‬
‫آبائهم‪ .‬وقال صاحب القاموس‪ :‬عوج بن عنق بضططمهما رجططل ولططد‬

‫‪414‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫في منزل آدم فعاش إلططى زمططن موسططى وذكططر مططن عظططم خلقططه‬
‫بشططاعة‪ .‬وقططال الطططبراني فططي المعجططم الكططبير حططدثنا أبططو مسططلم‬
‫الكجي ثنا معمر بن عبد الله النصاري ثنا المسعودي عن القاسم‬
‫بن عبد الرحمن عن عبد الله بن مسعود قال كططان طططول موسططى‬
‫عليه السلم اثني عشر ذراعا وعصاه اثني عشر وثبته اثني عشططر‬
‫فضرب عوج بن عنق فما أصاب منه إل كعبه‪ .‬وقال أبو الشيخ بن‬
‫حيان في كتاب العظمة حدثنا إسططحاق بططن جميططل ثنططا أبططو هشططام‬
‫الرفاعي ثنا أبو بكر بن عياش ثنا الكلبي عن أبي صططالح عططن ابططن‬
‫عباس قال كان أقصر قوم عاد سبعين ذراعا وأطولهم مططائة ذراع‬
‫وكان طول موسى سبع أذرع وطول عصاه سبع أذرع ووثططب فططي‬
‫السماء سبع أذرع فأصاب كعب عوج فقتلططه‪ .‬وقططال أنططا أحمططد بططن‬
‫الحسن الصوفي ثنا على بن الجعد أنا أبططو خيثمططة زهيططر عططن أبططي‬
‫إسحاق الهمذاني عن نوف قال إن سرير عوج الذي قتله موسططى‬
‫طوله ثمانمائة ذراع وعرضططه أربعمططائة ذراع وكططان موسططى عشططر‬
‫أذرع وعصططاه عشططر أذرع ووثبتططه حيططن وثططب عشططر أذرع فأصططاب‬
‫عقبه فخر على نيل مصر فحسره للناس عاما يمرون على صططلبه‬
‫وأضلعه‪ .‬وقال ثنا أحمد بن محمد المصاحفي ثنا محمد بن أحمططد‬
‫بن البراء ثنا عبد المنعم بن إدريس عن أبيه قطال ذكطر وهطب بطأن‬
‫عوج بن عنق كانت أمه مططن بنططات آدم عليططه السططلم وكططانت مططن‬
‫أحسنهن وأجملهن وكان عوج ممن ولطد فططي دار آدم وكطان جبطارا‬
‫خلقه الله كمططا شططاء أن يخلقططه ول يوصططف عظمططا وطططول وعمططرا‬
‫فعمر ثلثة آلف سنة وسططتمائة سططنة وكططان طططوله ثمانمططائة ذراع‬
‫وعرضه أربعمائة ذراع حتى أدرك زمان موسى عليه السلم وكان‬
‫قد سأل نوحا أن يحمله مع السفينة فقال له نوح لططم أؤمططر بططذلك‬
‫أي عدو الله أغرب عنططي فكططان المططاء زمططان الغططرق إلططى حجزتططه‬
‫وكان يتناول الحوت من البحر فيرفعه بيططده فططي الهططواء فينضططجه‬
‫بحّر الشطمس ثطم يطأكله وكطان سطبب هلكطه أنطه طلطع علطى بنطي‬
‫إسططرائيل وهططم فططي عسططكرهم فحططزره حططتى عططرف قططدره وكططان‬
‫عسكرهم فرسخين فططي فرسططخين فعمططد إلططى جبططل فسططلخ منططه‬
‫حجرا على قدر العسكر ثططم احتملططه علططى رأسططه يريططد أن يطبقططه‬
‫عليهم فأرسل الله هدهدا ليريهم قدرته فأقبل وفي منقططاره خططط‬
‫من السامور فجاءه الحجر على قدر رأس عوج وهططو ل يططدري ثططم‬
‫ضرب بجناحه ضربة فوقع في عنقه فططأخبر موسططى خططبره فخططرج‬

‫‪415‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫إليه ومعه العصا فلما نظر إليططه موسططى حمططل عليططه فكططان قامططة‬
‫موسى وبسطته سبع أذرع وطططول العصططا سططبع أذرع ووثبتططه إلططى‬
‫السماء سبع أذرع فضربه بالعصا أسفل مططن كعبططه فقتلططه فمكططث‬
‫زمانا بين ظهراني بني إسرائيل ميتا‪ .‬قلت هذا الخبر باطططل كططذب‬
‫آفته عبد المنعم بن إدريططس‪ .‬قططال الططذهبي فططي الميططزان قصططاص‬
‫ليس يعتمد عليه تركه غير واحد‪ .‬وأفصططح أحمططد بططن حنبططل فقططال‬
‫كان يكذب على وهب بططن منبططه‪ .‬وقططال البخططاري ذاهططب الحططديث‪.‬‬
‫وقال ابن حبان يضع الحديث على أبيه وعلى غيره‪ .‬وقال الحافظ‬
‫ابن حجر في اللسان نقل ابن أبي حططاتم عططن إسططماعيل بططن عبططد‬
‫الكريم قال مات إدريس وعبد المنعم رضيع‪ .‬وكذا قططال أحمططد إذا‬
‫سئل عنه لم يسمع من أبيه شيئا‪ .‬وقال ابن معيططن كططذاب خططبيث‪.‬‬
‫وقال الفلس متروك‪ .‬وقال أبو زرعططة واهططي الحططديث‪ .‬وقططال أبططو‬
‫أحمد الحاكم ذاهب الحديث‪ .‬وقال ابططن المططديني والنسططائي ليططس‬
‫بثقة انتهى‪ .‬وما رأيتهم أوردوا حططديثا مططن روايتططه إل حكمططوا عليططه‬
‫بالبطلن‪ .‬وفي كتاب الموضوعات لبن الجططوزي مططن ذلططك شططيء‬
‫كثير بل ذكر ابن الجوزي أن أباه إدريس أيضا متروك فسقط هذا‬
‫الخبر بالكلية‪ .‬والقرب في أمره أنه كان من بقية عططاد وأنططه كططان‬
‫له طول في الجملة مائة ذراع أو شبه ذلك ل هذا القططدر المططذكور‬
‫وأن موسى عليه السلم قتله بعصاه هذا القدر الذي يحتمل قبوله‬
‫والله أعلم‪.‬‬
‫مسألة ‪ -‬عبيد جاء مغترفططا وفططاء * مططن البحططر الططذي هططو جططبر‬
‫كسرى‬
‫إمام عالم حبر وبحر * سما فضل على زيد وعمرو‬
‫لخلق الله لم يسمح زمان * بمثل علومه بدوام دهر‬
‫وما في العصر مجتهد سواه * تفرد كم له ثان بشكر‬
‫بنعليه على أرقاب قوم * هم الحساد قد ماتوا بقهر‬
‫فموتوا حاسديه أما تروه * بخير علومه صرتم بشر‬
‫جل مرآة فقرى من جلها * جلل الدين أنت فريد عصري‬
‫فيا عين الزمان فكم غريب * أتيت به تقرره وتقرى‬
‫بفضلك جدو سدوارق المعالي * فكم أبرزت من طي ونشر‬
‫رثيت بحرقة يا بحر نجلى * ورحبي ضاق من ضيقان صدري‬
‫وقلبي بالنوى أضحى حريقا * وبحر الدمع من عيني يجري‬
‫لنجل كان لي ما لي سواه * عليه يا إمام ضاع صبري‬

‫‪416‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫قضى بفنائه الباقي دواما * وقد سلمت للحكام أمري‬
‫رثيت إذا وفكري في اشتغال * برقم عاجل سطرا بسطر‬
‫فعاب رثاء ما أبديت شخص * لشعر لم يكن يا حبر يدري‬
‫لقولي ابريسم الفراح فيه * وكتان أضفت له بحري‬
‫فكتكته السى فغدا مشاقا * وهذا قلته يا خير حبر‬
‫فدار به على النظام لما * رأوه غاليا في السعر شعري‬
‫فمن حسد له أبدوا هجاء * فهل لمقابل النعما بكفر‬
‫لهل الفضل جئت به أجابوا * برقم عنه تبيانا بشكر‬
‫وها هم خطأوا من قال هجوا * وقالوا حاسد أضحى بخسر‬
‫ومنهم من أجاب عليه نظما * وكم من قابل الهاجي بنشر‬
‫فلو أبصرت هجوهم و هجوى * لقلت رأيت تبنا عند تبرى‬
‫لهم قد جئت ميدانا لحرب * وأطلقت اللسان وجال فكري‬
‫فجد بنفيس درك لي بشيء * لكسرهم به ويكون نصري‬
‫ففهمي مثل رشح الكوز أضحى * وأنت البحر كن يا بر جسري‬
‫ونجل البرد دار يكون منكم * قبول سيدي مع بسط عذري‬
‫فدم وأسلم وعش ما دام بدر * ونجم حوله في الليل يسري‬
‫بجاه محمد خير البرايا * شفيع الخلق طه يوم حشري‬
‫عليه وآله والصحب جمعا * صلة ما انقضى ليل بفجر‬
‫وما غنت على الوراق ورق * بتلحين على ورد وزهر‬
‫جوابه لشيخنا‪:‬‬
‫سرحت أفكاري والعلم راق * والجهل بالشياء مر المذاق‬
‫في بيت شعر قاله شاعر * يجري مع الحلبة عند السباق‬
‫ابريسم الفراح من بعده * كتكته الحزن فأضحى مشاق‬
‫وقول من أنكر ألفاظه * وأنها معدودة في النعاق‬
‫ل وجه للنكار في هذه * فكلها بالستعارات راق‬
‫وقد أتى في خبر المصطفى * لفظ مشاق عربي انبثاق‬
‫ونص أهل العلم في كتبهم * وأودعوه في بطان البطاق‬
‫مسألة الكتان والشعر مع * ابريسم تدعى المشاق المشاق‬
‫وقوله كتكته وجهه * أهزله صيره في الرقاق‬
‫فذاك معنى لغويّ له * نقل أتى في الكتب بين الرفاق‬
‫وفيه معنى آخر ريق * يدركه ذو العلم بالشتقاق‬
‫تصريف فعل عربي أتى * من لفظ تركي إليه استباق‬
‫من كت بمعنى رح فتأويله * اذهبه صيره في انمحاق‬

‫‪417‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫فذاك حسن بعد حسن غدا * يشاق لللباب لما يساق‬
‫وحق من ذلك من شعره * أن يلحظوه بالحداق الحذاق‬
‫وقد أتى مستفردا طالبا * إجازة تدرجه في الطباق‬
‫أجزته بالشعر فهو الذي * يحق أن يقضى له باللحاق‬
‫بشرط تقوى الله في شعره * وتركه الهجو وما ل يطاق‬
‫والحمد لله على نعمة * يضيق عن شكري فيها النطاق‬
‫ثم صلة الله تهدى إلى * أفضل من أهدي إليه البراق‬
‫مسألة ‪ -‬يا حاوي اللطف والمعاني * بديعه بهجة وظرف‬
‫ويا سنى المجد في المباني * منطقه معرب ولطف‬
‫أمنن بكشف عن اسم طير * النصف ظرف والنصف حرف‬
‫الجواب ‪ -‬يا من أتى لغزه المعمى * يبتغي للنام كشف‬
‫هو اسم طير إن صحفوه * فثمر بالندى يحف‬
‫أو حشف يابس تراه * مرادفا بالثرى يجف‬
‫وإن يكن في ابتداء عين * فمغرم للمنام يجف‬
‫أو أبدلوا باءه بواو * فذاك كلب وفيه عرف‬
‫أو أبدلوا باءه براء * فإنه في القلوب طرف‬
‫أو أبدلوا ياءه بنون * فإنه قد عراه عرف‬
‫وإن ترخمه فهو راش * للترك كل إليه يقفو‬
‫وذيله دائر محيط * يضمه في الكتاب صحف‬
‫هذا جوابي غزير معنى * وفيه لطف وفيه ظرف‬
‫والله سبحانه وتعالى أعلم‪.‬‬

‫]تنبيه[‪ :‬وجد في بعض النسخ التي كنا نراجع عليها أثناء الطبع‬
‫في آخرها ما نصه‪:‬‬
‫وكان الفراغ من تعليططق هططذه النسططخة المباركططة فططي سططلخ شططهر‬
‫محرم الحطرام افتتطاح عطام سطنة تسطعين وتسطعمائة أحسطن اللطه‬
‫عاقبتها وما بعدها آمين بجاه سيدنا محمد خير النبيين وآله وصحبه‬
‫أجمعين‪ .‬وذلك على يد أقل عبيد الله وأحوجهم إلى عفوه وأسططير‬
‫وصمة ذنبه المعترف بطالعجز والتقصطير راقطم هطذه الحطرف عبطد‬
‫الططرزاق بططن عبططد المحسططن الشططعراوي الشططافعي غفططر اللططه لططه‬
‫ولوالديه ومشايخه ولمؤلف هذا الكتاب ومطالعيه ولمن دعططا لهططم‬
‫بالرحمة والمغفرة آمين آمين وصلى الله على سيدنا محمططد وآلططه‬
‫وصحبه وسلم تسليما كثيرا دائما أبدا وحسبنا الله ونعم الوكيل‪.‬‬

‫‪418‬‬
‫الجزء الثاني من الحاوى للفتاوى‬
‫جلل الدين السيوطي‬
‫وكتبت هذه النسخة المباركة وهي الفتاوى للمططام العططالم‬
‫العلمة الشيخ جلل الدين السيوطي نفعنا الله ببركاته من نسخة‬
‫الشيخ محمد الداوودي وقال بخطه فيها ‪ :‬هذا آخر ما وقفت عليه‬
‫من الفتاوى لشيخنا رحمه الله ونفعنا والمسلمين ببركاته وبركات‬
‫علومه آمين آمين آمين‪.‬‬

‫‪419‬‬

You might also like