You are on page 1of 197

‫جامعـــــــــــــــــــــــــــة بخت الرضــــــــــــــــــــــــــا‬

‫كلـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــية اآلدب‬
‫عمادة الدراسات العليا والبحث العلمي‬
‫قسم الدراســـــــــــــــــات اإلســــــــــــــــــالمية‬

‫أطروحة لنيل درجة الدكتوراه في الدراسات اإلسالمية بعنوان‪:‬‬


‫الدعاوى والبينات في الفقه اإلسالمي‬

‫إشراف‪:‬‬ ‫إعداد الطالب‪:‬‬


‫أ‪ .‬د علي عوض قاسم‬ ‫ُحسني آدم المهدي‬

‫مارس‪2017 /‬م‬
‫ﭑﭒﭓﭔ‬
‫اآلية‬

‫قال تعالى‪:‬‬
‫ﱫﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯨ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ )‬
‫صدق هللا العظيم‬
‫سورة النساء اآلية ‪65‬‬

‫أ‬
‫الحديث‬

‫قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪:‬‬


‫ي إن الناس سيتقاضون إليك فإذا أتاك الخصمان فال تقضين ألحدهما حتى تسمع من‬ ‫(يا عل ُّ‬
‫ي‪:‬‬
‫اآلخر كما سمعت من األول‪ ،‬فإنه أحرى أن يتبين لك القضاء‪ ،‬وتعلم لمن الحق‪ ،‬قال عل َّ‬
‫فما شككت في قضاء بعد))‪.(1‬‬
‫قال الفقيه ابن القيم)‪( :(2‬إذا ظهرت أمارات العدل وأسفر وجهه بأي طريقة كان‪ ،‬فثم وجه هللا‬
‫ودينه))‪.(3‬‬

‫(‪ )1‬أخرجه الترمذي في سننه – محمد بن عيسى بن سورة بن موسى الترمذي – ك‪ :‬األحكام – ب‪ :‬ال يقضي بين الخصمين حتى يسمع كالهما – ح ر‬
‫‪ – 1331‬ج‪ – 3‬صـ ‪11‬‬
‫(‪ )2‬هو شمس الدين أبو عبد هللا محمد بن أبي بكر بن أيوب المعروف بابن القيم الجوزية – محدث أصولي فقيه أديب واعظ ولد سنة ‪691‬ه – من‬
‫مصنفاته الطرق الحكمية – أعالم الموقعين – زاد الميعاد وغيرها توفى سنة ‪751‬ه‪.‬‬
‫(‪ ) 3‬النظام القضائي في الفقه اإلسالمي ‪ -‬محمد رأفت عثمان دار البيان للنشر – ط‪1415 - 2‬ه ‪ -‬ـ‪1994‬م – ص‪1‬‬

‫ب‬
‫إهداء‬

‫إقتداءا ً بقوله صلى هللا عليه وسلم‪( :‬تهادوا تحابوا ‪)...‬‬


‫)‪( 1‬‬

‫ب مزاجه من تسنيم‬ ‫أهدي ثمرة هذا الجهد المتواضع برا ً و وفاءا ً إلى نبعٍ عذ ٍ‬
‫أمي الحبيبة‬
‫متعها هللا بالصحة والعافية وبارك في أيامها وجزاها عنا خير الجزاء وأنالني رضاها‪.‬‬
‫ي محبة العلم والمعرفة‪.‬‬‫إلى من كان سندا ً لي في حياتي العلمية وغرس ف َّ‬
‫أبي الكريم‬
‫إلى كل من علمني حرفا ً على مر سنين حياتي‬
‫وإلى الذين تعلمت منهم الكثير وما زلت‬
‫إلى كل زمالء الدراسة وطالب الدراسات العليا‬
‫إلى هؤالء وغيرهم أهدي هذه الكلمات الغالية وأخشى من حروف كلماتي بأن ال توفي معناها‬

‫الباحث‬

‫(‪ )1‬أخرجه مالك في الموطأ – مالك بن أنس – ب‪ :‬ما جاء في المهاجرة – ج ‪ - 2‬ح ر ‪ – 16‬صـ ‪908‬‬

‫ج‬
‫شكر وتقدير‬
‫يقول هللا عز وجل‪ :‬ﱫﭰ ﭱ ﭲﱫ)‪.(1‬‬
‫فالشكر هلل عز وجل أوالً وآخيرا ً وحده وتعالى على عظيم نعمته وكريم فضله الذي وفقني‬
‫إلتمام هذا البحث فله الحمد في األولى واآلخرة‪.‬‬
‫ويقول النبي صلى هللا عليه وسلم‪( :‬من لم يشكر الناس لم يشكر هللا ‪. )...‬‬
‫)‪(2‬‬

‫فمن منطوق هذا الحديث النبوي أتقدم بالشكر واالعتراف بالجميل إلى جامعة بخت الرضا‪،‬‬
‫وأسأل هللا سبحانه وتعالى أن يجزي القائمين عن أمر هذه الجامعة كل خير‪.‬‬
‫وأتقدم بفائق شكري إلى األستاذ الجليل الدكتور‪ /‬علي عوض قاسم الذي تقبل اإلشراف على‬
‫هذه الرسالة رغم ضيق وقته وكثرة مسئولياته‪.‬‬
‫وأتقدم بالشكر إلى أسرة مكتبة أمدرمان اإلسالمية وجامعة أفريقيا كلية الشريعة‪.‬‬
‫وأسرة مكتبة المنار (فتح الرحمن التوم األمين)‬
‫كما أتقدم بالشكر ألستاذي الجليلين عضوي لجنة المناقشة‬
‫الدكتور‪ ................................................................ /‬مناقشا ً خارجيا‬
‫الدكتور‪.................................................................. /‬مناقشا ً داخليا ً‬
‫واللذان تكرما بدراسة الموضوع واجازته ولما بذاله من جهد و وقت في قراءته رغم‬
‫أعبائهما‪ ،‬وأسأل هللا سبحانه وتعالى أن ينفعني بمالحظاتهما التي يبديانها لتحسين هذا البحث‪.‬‬
‫وآخيرا ً أتقدم بخالص شكري وتقديري لكل من كان له فضل بإهداء زيادة نصح أو ارشاد أو‬
‫اعارة كتاب‪ ،‬وأن يجزي الجميع عني خير الجزاء وأن يوفقنا لخدمة دينه وإعالء كلمته‪ ،‬وأن‬
‫يجعل أعمالنا خالصة لوجه الكريم وهو حسبنا ونعم الوكيل‪.‬‬

‫الباحث‬
‫الفصل التمهيدي‬
‫مقدمة‬
‫الحمد هلل رب العالمين القائل‪ :‬ﱫﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟﱫ)‪ (3‬والصالة والسالم على المبعوث رحمة‬
‫للعالمين القائل‪( :‬إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران‪ ،‬وإذا حكم فاجتهد فأخطأ فله‬
‫أجر))‪.(4‬‬
‫وبعد‪:‬‬
‫إن القضاء في اإلسالم إحدى الوظائف التي تندرج تحت الخالفة التي (هي نيابة عن صاحب‬
‫الشرع في حفظ بعض الدين وسياسة الدنيا به))‪.(1‬‬

‫(‪ )1‬سورة إبراهيم اآلية ‪7‬‬


‫(‪ )2‬أخرجه الترمذي في سننه – ك‪ :‬البر والصلة – ‪ 25‬باب ما جاء في الشكر لمن أحسن إليك – ح ر ‪1954‬‬
‫(‪ )3‬سورة المائدة اآلية ‪49‬‬
‫(‪ )4‬محمد بن حيان بن أحمد التميمي – صحيح ابن حيان – تحقيق‪ :‬شعيب األرنؤوط مؤسسة الرسالة – بيروت – ط‪1414( 2‬ه – ‪1993‬م) – ح ر‬
‫‪5061‬‬

‫د‬
‫ولما كان للقضاء في اإلسالم مكانة عظيمة‪ ،‬وأهمية كبرى‪ ،‬فإن حدا ذلك بفقهاء المسلمين‬
‫إلى بحثه بتوسع؛ حيث خصصوا له في كتبهم المعتمدة أبوابا ً وفصوالً‪ ،‬مثلها مثل الجوانب‬
‫األخرى التي تم التوسع فيها كالصالة والصوم والحج والزكاة والعقود وغيرها‪.‬‬
‫كما أن القضاء يتمتع بجاللة قدر ألن أول من مارسه هو الرسول صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬وإن‬
‫التشريع اإلسالمي تشريع متكامل غايته تنظيم الحقوق بين الناس وفقا ً لقواعد العدل والحق‪،‬‬
‫ولذا فإنه قبل أن يقرر نظامه المتكامل للحقوق فإنه قد وجه االهتمام إلى العناية بتربية الفرد‬
‫تربيةً سليمةً بإيجاد سلطة رقابة نابعة من ضميره تجعله في مراقبة هللا سبحانه وتعالى‬
‫والخوف من عقوبته‪ ،‬ولقد جعل للعبادة الدور األساسي في تنمية هذه الرقابة حتى ال يكون‬
‫عرضة لإلنجرار وراء الشهوات والرغبات واالعتداء على اآلخرين أو نهب حقوقهم دون‬
‫وجه حق‪.‬‬
‫لكن هذه الرقابة عند إ نعدام األخذ بما يقويها أو إغفالها تجعل الفرد حريصا ً على أخذ الشيء‬
‫بحق أو بدون حق وبوسائل مشروعة أو غير مشروعة‪ ،‬وفي هذا يقول الرسول صلى هللا‬
‫ي‪ ،‬ولعل بعضكم يكون ألحن بحجته من بعض‬ ‫بشر وإنكم تختصمون إل َّ‬
‫عليه وسلم‪( :‬إنما أنا ٌ‬
‫فأقضي له على نحو ما أسمع منه؛ فمن قضيت له بشيء من حق أخيه فال يأخذنه‪ ،‬فإنما أقطع‬
‫له قطعة من النار))‪.(2‬‬
‫ولذلك وضع اإلسالم قواعدا ً وطرقا ً يمكن إثبات الحقوق بها واعادتها ألصحابها‪ ،‬وقد أولت‬
‫الشريعة اإلسالمية عنايةً فائقةً لهذا الجانب‪ ،‬وهو جانب الحفاظ على حقوق الناس وأرواحهم‬
‫وأعراضهم من أن تنتهك أو يعتدى عليها‪ ،‬فنراها قد وضعت سبالً إلثبات تلك الحقوق‬
‫وحمايتها السيما عند وقوع المنازعات وحصول الخصومات‪.‬‬
‫ولهذا كان لإلثبات أهميةً كبرى وفائدة ً عظمى؛ إذ أنه أداة للحصول على الحقوق التي لدى‬
‫اآلخرين وأمارة صدق الدعوى وصحتها وهو السبيل الوحيد للوصول إلى الحق وتأييد‬
‫وجوده‪.‬‬
‫وعندما وضعت الشريعة اإلسالمية قواعد اإلثبات أخذت بعين االعتبار تنوع الحقوق‬
‫واختالفها من حيث أهميتها ودرجة ضعفها أو قوتها وما يترتب على ذلك‪ ،‬فجعلت لكل حق‬
‫من الحقوق ما يناسبه من أنواع اإلثبات فاذا كان الحق فيه مساس بالمجتمع كانت وسائل‬
‫إثباته كإثبات الحدود حيث يشترط في أدلته القوة التي ال يتطرق إليها أدنى شك أو احتمال‪،‬‬
‫أما أدلته إن كان الحق للفرد فإن الشريعة يسرت طرق إثباته بالشهادة والكتابة مثالً‪ ،‬وسبب‬
‫ذلك حرص الشريعة على المحافظة على حقوق العباد لحاجتهم الماسة إليها بخالف حقوق‬
‫هللا تعالى فإنها مبنية على المسامحة وهللا تعالى في غنى عن العباد‪.‬‬

‫(‪ ) 1‬األحكام السلطانية – الماوردي – ص‪ 3‬وما بعدها‪.‬‬


‫(‪ )2‬مسلم بن الحجاج أبو الحسين النيسابوري – تحقيق‪ :‬محمد فؤاد عبد الباقي – دار إحياء التراث العربي – بيروت – ب‪ :‬الحكم بالظاهر واللحن‬
‫بالحجة – ح ر ‪ – 1713‬ج‪ – 3‬صــ ‪1337‬‬

‫ه‬
‫ويأتي الحديث الشريف ليبين مركز االثبات وأهميته يقول صلى هللا عليه وسلم‪( :‬لو يعطى‬
‫الناس بدعواهم ألدعى أناس دماء رجال وأموالهم ولكن البينة على المدعى واليمين على من‬
‫أنكر))‪.(1‬‬
‫ولما كان لإل ثبات هذه األهمية البالغة لما يترتب عليه من صحة الدعوى‪ ،‬وإثبات الحقوق‬
‫ألصحابها فقد أواله فقهاء اإلسالم أهمية خاصة حتى ألفوا فيه مؤلفات كما فعل ابن القيم في‬
‫الطرق الحكمية وابن فرحون في تبصرة الحكام‪.‬‬
‫موضوع الدراسة‬
‫ستتناول هذه الدراسة الدعاوى والبينات في الفقه اإلسالمي دراسة فقهية مقارنة‪.‬‬
‫أسباب اختيار الموضوع‬
‫‪ .1‬محاولة اظهار دور الفقه اإلسالمي وأنه سبق سائر القوانين في وضع قواعد تحكم كل‬
‫حالة على حده وإن كان ينقصها الجمع والتقنين‪.‬‬
‫‪ .2‬المساس المباشر لهذا الموضوع بواقع الناس وحياتهم ألنه يلمس واقعا ً يعيشونه‬
‫ويتفاعلون معه ولهذا كان البد من بيان الحكم لهذا االمر‪.‬‬
‫‪ .3‬الدور األعظم الذي يكاد أن يضيع للقرائن في عملية اإلثبات‪.‬‬
‫‪ .4‬أحببت أن أبرز التوافق الكبير ما بين الحقائق العلمية السيما في االكتشافات الحديثة‬
‫المبتكرة‪.‬‬
‫أهمية الموضوع‬
‫‪ .1‬تنبع أهمية الموضوع من أهمية القضاء بشكل عام‪ ،‬حيث يعتبر القضاء الركيزة األساسية‬
‫في حفظ الحقوق واستتباب األمن ونشر العدل‪ ،‬وتطوير المجتمعات ورخائها‪.‬‬
‫‪ .2‬المساهمة في إثراء المكتبة الفقهية بموضوع يجمع بين األصالة والتحديث‪.‬‬
‫‪ .3‬كما أن أدلة اإلثبات ذات أهمية بالغة بالنسبة للقاضي وأعوانه والخصوم‪ ،‬كونها تيسر‬
‫أمور التقاضي‪ ،‬فتجعل الناس يشعرون باألمن والطمأنينة‪ ،‬فينصرفوا لقضاء حوائجهم الدينية‬
‫والدنيوية‪.‬‬
‫‪ .4‬بيان قيمة الشهادة و ُحجيتها في اإلثبات‬
‫أهداف الدراسة‬
‫‪ .1‬ابراز األحكام الشرعية الصحيحة فيما يتعلق بالبحث موضوع الدراسة‪.‬‬
‫‪ .2‬القاء الضوء على وسائل االثبات ومدى امكانية األخذ بها في اإلثبات الجنائي‪.‬‬
‫‪ .3‬ابراز الدور الفعَّال للقرائن في اإلثبات الجنائي حيث ينعدم الدليل المباشر كاإلقرار‬
‫والشهادة‪.‬‬

‫(‪ )1‬السنن الكبرى للبيهقي – كتاب الدعوى والبينات – باب البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه – صـ ‪253‬‬

‫و‬
‫‪ .4‬بيان مدى ُحجية البصمة الوراثية في اإلثبات الجنائي في الشريعة اإلسالمية والقانون‬
‫الوضعي‪.‬‬

‫ز‬
‫الدراسات السابقة‬
‫الدراسة االولى‪ :‬دراسة قام بها محمد عثمان العساف ‪1428‬ه – ‪2007‬م بعنوان‪( :‬طرق‬
‫اإلثبات وأدلته في الفقه اإلسالمي وتطبيقاته في نظام المرافعات الشرعية)؛ رسالة ماجستير‬
‫تناول في الباب األول طرق اإلثبات المتفق عليها‪ ،‬الفصل األول تناول األحكام العامة في‬
‫اإلثبات؛ التعريف بأدلة اإلثبات – الدعوى ومشروعيتها عبء االثبات‪ ،‬الفصل الثاني‪:‬‬
‫الشهادة أهميتها وأركنها وشروطها‪ ،‬الفصل الثالث‪ :‬اليمين ُحجيتة وشروطه‪ ،‬الفصل الرابع‪:‬‬
‫النكول عن اليمين‪ ،‬الفصل الخامس‪ :‬المستندات الخطية (الكتابية)‪.‬‬
‫الباب الثاني‪ :‬طرق اإلثبات المختلف فيها‬
‫الفصل األول‪ :‬القرائن الفصل الثاني‪ :‬القسامة ومشروعيتها ثم انتقل إلى الفصل الثالث علم‬
‫القاضي والخبرة ثم المعاينة‪.‬‬
‫الفرق بين دراسة محمد عثمان والدراسة الحالية‬
‫يتفقان في كونهما يتناوالن أدلة اإلثبات‪ ،‬غير أن الدراستين تختلفان في كون الدراسة الحالية‬
‫تناولت أدلة اإلثبات بوجه عام مع ذكر الوسائل العلمية الحديثة بيد أن الدراسة السابقة تتناول‬
‫األدلة المتفق عليها والمختلف فيها وفي موضوع بعينه‪.‬‬
‫الدراسة الثانية‪ :‬قام بها المعز هارون محمد ابراهيم ‪1432‬ه – ‪2001‬م بعنوان‪( :‬القرائن‬
‫الحديثة وأثرها في إثبات الجريمة – رسالة دكتوراة)؛ تناول في الباب األول القرائن‬
‫والبصمات‪ ،‬ثم انتقل الفصل األول وفيه تعريف القرائن وحجيتها وأقسامها والفصل الثاني‬
‫البصمات وحجيتها‪ ،‬ثم تناول في الفصل الثالث البصمة الوراثية ‪ DNA‬وخصائصها وطرق‬
‫العمل بها‪ ،‬ثم تناول في الباب الثاني اآلثار البيولوجية وأهميتها وتناول في الباب الثالث‬
‫اآلثار المادية والدليل المادي‪.‬‬

‫ح‬
‫الفرق بين الدراسة الحالية ودراسة المعز هارون محمد‬
‫تناولت في الدراسة الحالية البينات وأنواعها‪ ،‬ثم تناولت األدلة الجنائية التقليدية والحديثة مثل‬
‫البصمة وخصائصها‪ ،‬أما الدراسة السابقة اقتصرت على دراسة القرائن والبصمات فقط‬
‫وهي جزء من الدراسة الحالية‪.‬‬
‫الدراسة الثالثة‪ :‬قام بها منصور محمد الهندي ‪1425‬ه – بعنوان‪( :‬اجراءات اإلثبات‬
‫بالشهادة في نظام االجراءات الجزائية) رسالة ماجستير‪ ،‬تناول في الفصل التمهيدي‬
‫التعريف بمفردات البحث‪ ،‬بينما تناول في الفصل األول اجراءات استدعاء الشهود فقط‬
‫ونظاما ً واجراءات إبالغ الشاهد بالحضور وإجراءات قبول شهادة الشاهد إذا حضر من تلقاء‬
‫نفسه فقها ً ونظاماً‪ ،‬أما الفصل الثاني تناول فيه الباحث اجراءات سماع الشهود ومكان أداء‬
‫الشهادة واجراءات استجواب القاضي للشهود واجراءات سماع المدعى عليه للشهود‪،‬‬
‫واجراءات التفريق بين الشهود ومواجهتهم وكذا اجراءات منع التأثير عليهم وموانع الشهادة‪،‬‬
‫وانتهى الباحث بخاتمة ذكر فيها أبرز النتائج وبعض التوصيات‪.‬‬
‫الفرق بين الدراستين‬
‫تتشابه الدراسة الحالية مع دراسة منصور بن محمد في كونهما يتناوالن أدلة اإلثبات مقارنة‬
‫بنظامين غير أنهما يختلفان في كون الدراسة الحالية تناولت أدلة اإلثبات بشكل عام بما فيها‬
‫أنواع البينات‪ ،‬بينما تناولت الدراسة السابقة دليل واحد من أدلة اإلثبات وقارنته بنظام‬
‫االجراءات‪.‬‬
‫الدراسة الرابعة‬
‫قامت بها الباحثة‪ :‬إلهام علي محمد معوض‪1426 ،‬ه ‪2005‬م بعنوان‪ُ ( :‬حجية البينة في‬
‫مرحلتي التحري والتحقيق في الفقة اإلسالمي) رسالة ماجستير‪ ،‬تناولت في الفصل األول‬
‫البينة وشروطها‪ ،‬التحري الجنائي والتحقيق االبتدائي‪ ،‬ثم تناولت في الفصل الثاني‪ :‬الحديث‬
‫عن سلطات أشخاص التحري‪ ،‬ثم الفصل الثالث تناولت فيه الحديث عن ُحجية االستدالل‬
‫القولية (أقوال الشهود‪ ،‬حجية االقرار) ثم تناولت في الفصل الرابع الحديث عن ُحجية‬
‫االستدالل المادية والفنية ( ُحجية المعاينة‪ُ ،‬حجية بينة الخبير‪ ،‬مفهوم الخبرة وأهميتها) ثم‬
‫تناولت في الفصل الخامس‪ُ ،‬حجية األوامر الصادرة من النيابة العامة في مرحلة التحري‪.‬‬
‫الفرق بين الدراسة الحالية والسابقة‬
‫تتشابة الدراسة الحالية والسابقة في كونهما يتناوالن أدلة اإلثبات‪ ،‬أنهما يختلفان في أن‬
‫الدراسة الحالية تناولت أدلة اإلثبات بشكل عام بما فيها بينة الخبير‪ ،‬أما الدراسة السابقة‬
‫حصرت الدراسة على ُحجية البينة وهي دليل واحد من هذه األدلة‪.‬‬
‫منهج الدراسة‬
‫اتخذ الباحث منهجا ً تحليليا ً في البحث يتضمن ثالثة أمور على النحو التالي‪:‬‬

‫ط‬
‫األول‪ :‬منهج الكتابة في الموضوع ذاته على النحو التالي‪:‬‬
‫‪ .1‬االعتماد عند الكتابة على المصادر األصلية ما أمكن‪.‬‬
‫‪ .2‬التمهيد للمسألة بما تحتاج إليه من توضيح إن احتاج المقام لذلك‪.‬‬
‫‪ .3‬يكون مقدار البحث ألي مسألة حسب ما يناسبها في مقام البحث‪.‬‬
‫‪ .4‬كتابة البحث با سلوب الباحث الخاص بالمعنى ال بالنص ما لم يتطلب المقام ذلك الكالم‬
‫بنصه‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬منهج التعليق والتهميش‪ ،‬فيكون على النحو التالي‬
‫‪ .1‬بيان أرقام اآليات وعزوها إلى سورها‪.‬‬
‫‪ .2‬بالنسبة لتخريج الحديث‪ ،‬فأكتفي بتخريج الحديث أو األثر بنفس النص الموجود في البحث‬
‫تخريجا ً واحدا ً (أي إذا كان أخرجه أكثر من واحد فأكتفي باخراج واحد للحديث‪ ،‬وأقوم‬
‫بإحالة الحديث على المصدر بذكر الكتاب والباب ثم الحزء والصفحة ورقم الحديث‪.‬‬
‫‪ .3‬أعزو نصوص العلماء وآرائهم إلى كتبهم مباشرة وال ألجأ للعزو بالوساطة إال عند تعذر‬
‫األصل‪.‬‬
‫‪ .4‬توثيق المعاني اللغوية من معاجم اللغة المعتمدة وتكون اإلحالة بالجزء والصفحة‪.‬‬
‫‪ .5‬المعلومات المتعلقة بالمراجع (اسم المؤلف – عنوان الكتاب – جهة النشر – رقم الطبعة‬
‫ومكانها وتاريخها)‪.‬‬
‫ثالثاً‪ :‬ما يتعلق بالناحية الشكلية‬
‫‪ .1‬االعتناء بصحة المكتوب‪ ،‬وسالمته من الناحية اللغوية واالمالئية والنحوية ومراعات‬
‫حسن تناسق الكالم ورقي أسلوبه‪.‬‬
‫‪ .2‬العناية بعالمات الترقيم و وضعها في موضعها الصحيح‪.‬‬
‫‪ .3‬شرح غريب األلفاظ في الهامش‪.‬‬
‫‪ .4‬ترجمة األعالم الذين ورد ذكرهم في ثنايا البحث عند االستشهاد بأقوالهم‪.‬‬
‫‪ .5‬أثبت النصوص القرآنية بالخط العثماني‪ ،‬وأضع اآليات بين قوسين ﱫﱫ‪.‬‬
‫‪ .6‬أضع األحاديث بين قوسين ( )‪ .‬حيث هنالك مصطلحات تواطأ عليها الفقهاء والكتاب‬
‫فقد تم ايرادها في البحث اختصارا ً للكلمات واستفادة ً للزمن وهي‪:‬‬
‫ج‪ :‬اختصار كلمة جزء‪.‬‬ ‫د‪ :‬اختصار كلمة دكتور‪.‬‬ ‫ح ر‪ :‬اختصار كلمة‪:‬‬
‫صـ‪ :‬اختصار كلمة صفحة‪.‬‬ ‫ط‪ :‬اختصار كلمة طبعة‪.‬‬ ‫حديث رقم‪.‬‬
‫ه‪ :‬اختصار كلمة هجرية‪.‬‬ ‫ك‪ :‬اختصار كلمة كتاب‪.‬‬ ‫م ج‪ :‬اختصار كلمة مجلد‪.‬‬
‫م‪ :‬اختصار كلمة ميالدية‪.‬‬ ‫ب‪ :‬اختصار كلمة باب‪.‬‬

‫ي‬
‫ن‬
‫المستخلص بالعربية‬
‫تهدف هذه األطروحة إلى جمع شتات البينات التي تؤدي إلى إثبات الحقوق؛ جنائية كانت أم‬
‫مدنية‪ ،‬وأصول اإلثبات من الكتاب والسنة وأقوال الفقهاء‪.‬‬
‫قدَّمت في الفصل األول التعريف بالدعوى وأنواعها و ُحجيتها وأركانها وشروطها‪ ،‬كما‬
‫قدَّمت في الفصل الثاني الحديث عن البينات المقبولة منها اإلقرار ومشروعيته وشروطه‬
‫والشهادة وأنواعها ومشروعيتها من الكتاب والسنة واإلجماع؛ و البينة الظرفية وحاالت‬
‫قبولها‪ ،‬واليمين والنكول عنه والقسامة‪ .‬في الفصل الثالث يأتي الحديث عن الكتابة ودروها‬
‫في اإلثبات وأنواعها‪ .‬في الفصل الرابع تناولت القرائن ودورها في اإلثبات والعالقة بين‬
‫القرينة والدليل المادي وأركان القرينة و ُحجيتها في القضاء وشروط العمل بها‪ ،‬وأقسامها‪.‬‬
‫في الفصل الخامس‪ ،‬جاء الحديث عن األدلة الجنائية ودورها في اإلثبات والمتمثلة في‬
‫الخبرة والقيافة والفراسة وعلم القاضي والبصمة الوراثية؛ وخصائصها ومميزاتها وإفادة‬
‫الكلب البوليسي‪ ،‬والفحص المعملي ‪ DNA‬ومجاالت العمل به‪ .‬ثم توصلت األطروحة إلى‬
‫أهم النتائج والتوصيات‪.‬‬

‫س‬
(Abstract) ‫المستخلص باالنجليزية‬
This Thesis aims to a collection of Statoil data which leads to proof rights,
whether it is criminal or civil and the assets of proof from Quran, Sunnah and
Sayings of scholars.
In the first chapter it gives definition of lawsuit, its types, authentic, staff
lawsuit and terms lawsuit. In the second chapter it talks about data
acceptance like deposition its types and legality of depositions from Quran,
Sunnah of consensus and circumstantial evidence and cases of acceptance,
swearing, withdraws from it and Alksamh. In the third chapter comes the talk
about writing, its role in prove rights and kinds of it. In the fourth chapter it
talks about contexts, its authentic and role in prove and the relation between
the contexts and the context of physical evidence, its stall lawsuit and
conditions of work with. In the fifth chapter comes the talk about criminal
evidence its role in prove rights which depends on experiences,
physiognomy, alkievh and judge science; DNA and its properties and
testimony bloodhound, DNA laboratory testing and its fields of application,
At last it gives the best results and Recommendations.

‫ع‬
‫م‬
‫مصطلحات الدراسة‬
‫البينة‪ :‬لغة مشتقة من الفعل (بان‪ ،‬يبين‪ ،‬وهي مؤنث بيَّن‪ ،‬وتجمع على بينات)‪(1‬؛ وهي اسم‬
‫لكل ما يبين به الشيء‪ .‬والبينة في االصطالح‪ :‬الحجة الواضحة القوية ألنها تبين الحق‬
‫وتظهره‪.‬‬
‫الدعوى لغة‪ :‬اسم من االدعاء‪ ،‬وهو مصدر أي أنها اسم لما يدعى وتجمع على دعاوى بكسر‬
‫الواو وفتحها والفتح أفصح)‪.(2‬‬
‫وفي االصطالح‪ :‬قول مقبول أو ما يقوم مقامه في مجلس يقصد به انسان طلب حق له أو‬
‫لمن يمثله‪ ،‬أو حماية‪.‬‬
‫الشهادة‪ :‬مشتقة من الفعل (شهد) يشهد شهادة فهو شاهد والجمع أشهاد وشهود)‪.(3‬‬
‫وفي االصطالح‪ :‬إخبار عن صدق بلفظ الشهادة في مجلس القضاء والحكم‪.‬‬
‫اإلقرار‪ :‬لغة‪ :‬قر الشيء قرا ً من باب ضرب استقر بالمكان وأقر بالشيء اعترف به)‪.(4‬‬
‫في االصطالح‪ :‬هو إخبار عن حق سابق على المخبر فإن كان بحق له على غيره‪.‬‬
‫الدليل‪ :‬لغة‪ ،‬هو ما يستدل به‪ ،‬وهو المرشد والكاشف)‪ (5‬وجمعه أدلة‪.‬‬
‫وفي االصطالح‪ :‬هو الذي يلزم به العلم بشيء آخر)‪.(6‬‬
‫القرينة‪ :‬لغة‪ ،‬مأخوذة من المقارنة أي المصاحبة‪ ،‬يقال‪ :‬فالن قرين لفالن‪ ،‬أي مصاحب‬
‫له)‪ .(7‬والقرينة في االصطالح‪ :‬أمر يشير إلى المطلوب)‪.(8‬‬
‫هيكل البحث‬
‫قسمت هذا البحث إلى خمسة فصول مقسمة إلى مباحث ومطالب على النحو التالي‪:‬‬
‫الفصل األول‪ :‬الدعوى‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬تعريف الدعوى لغة واصطالحا ً‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬أركان الدعوى‪.‬‬
‫المبحث الثاث‪ :‬شروط الدعوى‪.‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬أنواع الدعاوى‪.‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬البينات المقبولة‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬اإلقرار‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬تعريف اإلقرار ومشروعيته وحكمه‪.‬‬

‫(‪ )1‬معجم مقاييس اللغة – أحمد بن فارس بن زكريا – تحقيق‪ :‬عبد السالم محمد – دار الفكر – ‪1399‬ه – ‪1979‬م – ج‪ – 2‬صـ ‪327‬‬
‫(‪ )2‬لسان العرب ابن منظور – محمد بن مكرم بن علي ابن منظور – دار صادر – بيوت – ط‪1414 3‬ه ‪ -‬ج‪ – 12‬صـ ‪257‬‬
‫(‪ )3‬تهذيب لسان العرب – البن منظور – مرجع سابق – صـ ‪699‬‬
‫(‪ )4‬المصباح المنير في غريب الشرح الكبير – أحمد بن علي الفيوم – المكتبة العلمية – ج‪ – 2‬صـ ‪496‬‬
‫(‪ )5‬المصباح المنير – مرجع سابق – صـ ‪198‬‬
‫(‪ )6‬التعريفات – الجرجاني – بيروت – دار الكتب العلمية – ط‪ – 1‬صـ ‪104‬‬
‫(‪ )7‬القاموس المحيط – الفيروزآبادي – القاهرة – الهيئة المصرية العامة للكتاب – ط‪ – 1980 -4‬ج‪ – 4‬صـ ‪254‬‬
‫(‪ )8‬التعريفات للجرجاني – مرجع سابق – صـ ‪174‬‬

‫ن‬
‫المطلب الثاني‪ :‬أركان اإلقرار‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬شروط اإلقرار‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬الشهادة‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬تعريف الشهادة وبيان مشروعيتها‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬أنواع الشهادة‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬شروط الشهادة‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬البينة الظرفية‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬تعريف البينة الظرفية‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬حجية البينة الظرفية في اإلثبات‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬حاالت قبول البينة الظرفية‪.‬‬
‫المطلب الرابع‪ :‬شروط قبول البينة الظرفية‪.‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬اليمين والنكول عنه‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬تعريف اليمين لغة واصطالحا ً‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬مشروعية اليمين وحكم اليمين ومحاسنها‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬اليمين برهان و ُح َّجة ودليل‪.‬‬
‫شروط و ُجوب اليمين‪.‬‬ ‫المطلب الرابع‪ُ :‬‬
‫المطلب الخامس‪ :‬أنواع اليمين وما يجري فيه الحلف من الحقوق‪.‬‬
‫المطلب السادس‪ :‬معنى النكول لغة وشرعا ً وحجية النكول‪.‬‬
‫المبحث الخامس‪ :‬القسامة‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬تعريف القسامة لغة واصطالحا ً ومشروعيتها‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬كيفية القسامة‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬شروط القسامة‪.‬‬
‫المطلب الرابع‪ :‬مسقطات اللوث وما يستحق بالقسامة‪.‬‬
‫الفصل الثاث‪ :‬الكتابة ودورها في اإلثبات‪.‬‬
‫المبحث االول‪ :‬التعريف بالكتابة وأنواعها (المستندات الخطية)‪.‬‬
‫المطلب االول‪ :‬تعريف الكتابة‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬أنواع الكتابة‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬مشروعية اإلثبات بالكتابة‪.‬‬
‫المطلب االول‪ :‬مشروعية المستندات الخطية في اإلثبات‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬أحكام الكتابة كدليل لإلثبات في الفقه اإلسالمي‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬أنواع المستندات الخطية‪.‬‬

‫س‬
‫المطلب األول‪ :‬المستندات الرسمية‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬المستندات غير الرسمية‪.‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬حكم اإلثبات بالمستندات الخطية (الكتابة)‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬األثر المترتب عليها باختالف أنواعها‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬أثر اإلثبات بالمستندات الخطية على غير صاحبها‪.‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬القرائن ودورها في اإلثبات‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬تعريف القرينة لغة واصطالحا ً‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬تعريف القرينة في اللغة‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬تعريف القرينة في االصطالح‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬أركان القرينة‪.‬‬
‫المطلب الرابع‪ :‬الدليل المادي والقرينة‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ُ :‬حجية القضاء بالقرائن في الشريعة اإلسالمية‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬مشروعية القضاء بالقرائن‪.‬‬
‫المطب الثاني‪ :‬الحكمة من مشروعية القضاء بالقرائن‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬شروط العمل بالقرينة‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬أقسام القرائن في الشريعة اإلسالمية‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬القرائن من حيث قوتها وقيمها في اإلثبات‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬القرائن من حيث مصدرها (شرعية ‪ -‬فقهية ‪ -‬قضائية)‪.‬‬
‫الفصل الخامس‪ :‬األدلة الجنائية‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬الخبرة‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬القيافة‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬الفراسة (قص األثر)‪.‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬علم القاضي‪.‬‬
‫المبحث الخامس‪ :‬البصمة الوراثية – إفادة الكلب البوليسي – الفحص المعملي – ‪.DNA‬‬
‫المطلب األول‪ :‬التطور التاريخي للبصمات‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬مفهوم البصمة لغة واصطالحا ً وموقف الشريعة اإلسالمية منها‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬أنواع البصمات واشكالها وفوائدها‪.‬‬
‫المطلب الرابع‪ :‬إفادة الكلب البوليسي‪.‬‬
‫المبحث السادس‪ :‬الفحص المعملي ‪.DNA‬‬
‫المطلب األول‪ :‬تعريف الحمض النووي‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬مميزات بصمة الحمض النووي‪.‬‬

‫ع‬
‫المطلب الثالث‪ :‬مجاالت العمل بالحمض النووي وأهميته‪.‬‬
‫المطلب الرابع‪ُ :‬ح َّجية بصمة الحمض النووي في اإلثبات‪.‬‬

‫ف‬
‫الفصل األول‬
‫المبحث األول‪ :‬تعريف الدعوى لغة واصطالحا ً‬
‫الدعوى في اللغة‪ :‬اسم من االدعاء‪ ،‬أي لما يُدعى ويُجمع على دعاوى‪.‬‬
‫قال ابن فارس(‪( :)1‬الدال والعين‪ ،‬والحرف المعتل‪ ،‬من أصل واحد وهو أن تميل الشيء إليك‬
‫بصوت وكالم يكون منك‪ .‬قال الخليل)‪ :(2‬االدعاء أن تدعي حقا ً لك أو لغيرك‪ ،‬نقول ادعى حقا ً أو‬
‫باطالً)‪.(3‬‬
‫(ودعوى فالن كذا أي قوله‪ ،‬وادعيت الشيء تمنيته وادعيته لنفسي وجمع الدعوى‪ :‬دعاوى‪،‬‬
‫بكسر الواو وفتحها‪ ،‬وتداعى الناس على فالن تألبوا عليه‪ ،‬وتداعوا باأللقاب دعا بعضهم بعضا ً‬
‫بذلك)‪.(4‬‬
‫قال ابن منظور)‪ :(5‬الدعوى إسم لما يدعيه‪ ،‬والدعوى تصلح أن تكون في معنى الدعاء‪ .‬وتستعمل‬
‫لفظ الدعوى ومشتقاته في معاني كثيرة ومن ذلك قولهم‪( :‬تداعوا عليه) أي تجمعوا أو دعا‬
‫بعضهم بعضا ً أي التناصر عليهم)‪.(6‬‬
‫وتطلق على عدة اطالقات ترجع أغلبها إلى معنى (الطلب) وأقربها إلى االصطالحي عند الفقهاء‬
‫ما يلي‪:‬‬
‫أ‪ .‬الطلب والتمني)‪ (7‬نحو قوله تعالى‪ :‬ﱫﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦﱫ)‪ (8‬أي يطلبون أو يتمنون‪.‬‬
‫ب‪ .‬وتستعمل بمعنى الدعاء ومنه قوله تعالى‪ :‬ﱫﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿﱫ)‪ ، (9‬وقال تعالى‪ :‬ﱫﭕ ﭖ ﭗ‬
‫ﭘ ﭙ ﭚﱫ)‪.(10‬‬
‫ج‪ .‬الزعم‪ :‬فيقال عن مسيلمة مثالً ُمدَّعيا ً النبوة‪ ،‬ألنها ال تطلق عند العرب على القول المدعوم‬
‫بالحجة والبرهان‪ ،‬بل يسمى ما هو كذلك حقاً‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ﱫﯣ ﯤ ﯥ ﯦﱫ(‪ )11‬وتجمع على دعاوى‬
‫وتستعمل بمعنى اضافة اإلنسان إلى نفسه شيئاً‪ ،‬سواء بالملك‪ ،‬لقوله تعالى‪ :‬ﱫﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ‬
‫ﭯ ﭰ ﭱ ﭲﱫ)‪ (12‬فالزعيم بمعنى الكفيل والضمين)‪ ،(13‬أو باإلستحقاق كان بطريق المنازعة أو‬
‫عرفها بعضهم بقوله‪( :‬قول يقصد به اإلنسان إيجاب‬‫المسالمة‪ ،‬كقوله هو لي أو ملكي‪ ،‬ومن هنا َّ‬
‫حق على غيره لنفسه))‪.(14‬‬

‫(‪ ) 1‬هو اإلمام العالمة اللغوي أبو الحسين أحمد بن فارس بن زكريا صاحب كتاب المعجم ومعجم مقاييس اللغة‪ ،‬توفي سنة ‪395‬هـ‪.‬‬
‫(‪ ) 2‬هو اإلمام صاحب العربية ومنشيء علم العروض‪ ،‬أبو عبد الرحمن الخليل بن أحمد الفراهيدي‪.‬‬
‫(‪ ) 3‬معجم مقاييس اللغة – أحمد بن فارس بن زكريا‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد السالم محمد هارون‪ ،‬دار الفكر‪1399 ،‬هـ ‪1979 -‬م – ج‪ – 2‬صـ ‪.279‬‬
‫(‪ ) 4‬مختار الصحاح‪ -‬زين الدين أبو عبد هللا بن أبي محمد – تحقيق‪ :‬يوسف الشيخ‪ ،‬المكتبة العصرية – بيروت – ‪1420‬هـ ‪1999 -‬م – ج‪ – 1‬صـ ‪.105‬‬
‫(‪ ) 5‬هو محمد بن مكرم بن علي أبو الفضل جمال الدين ابن منظور توفي سنة ‪711‬هـ‪.‬‬
‫(‪ ) 6‬المعجم الوسيط – ابراهيم مصطفى وآخرون – دار الدعوة – بدون طبعة – ج‪ – 1‬صـ ‪287‬‬
‫(‪ ) 7‬التعريفات‪ ،‬علي بن محمد الجرجاني ‪ ،‬دار الكتب العلمية – بيروت – لبنان – ط‪1403( 1‬هـ ‪1983 -‬م) – ج‪ – 1‬صـ ‪104‬‬
‫(‪ ) 8‬سورة يس اآلية ‪57‬‬
‫(‪ ) 9‬سورة يونس اآلية ‪10‬‬
‫(‪ ) 10‬سورة الكهف اآلية ‪28‬‬
‫(‪ ) 11‬سورة مريم اآلية ‪91‬‬
‫(‪ ) 12‬سورة يوسف اآلية ‪72‬‬
‫(‪ ) 13‬الجامع ألحكام القرآن – أبوعبد هللا محمد القرطبي – تحقيق‪ :‬أحمد المبردوني – دار الكتب المصرية – القاهرة – ‪1964 -1984‬م – صـ ‪231‬‬
‫(‪ ) 14‬المدعى عليه وحقوقه بين الشريعة والقانون – عبد الرحمن بن عبد العزيز الفالح‪ ،‬مكتبة التوبة – ط‪1426( 1‬هـ ‪2005 -‬م) – صـ ‪17‬‬

‫‪1‬‬
‫تعريف الدعوى في االصطالح‬
‫عرفها الفقهاء بتعاريف متعددة‬
‫تعريفها عند الحنفية‪ :‬قو ٌل مقبول عند القاضي يقصد به طلب حق قبل غيره‪ ،‬أو دفعه عن حق‬
‫نفسه)‪ ،‬قوله (عند القاضي) يفيد الفرق بين الدعوى بمعناها اللغوي والمعنى الشرعي‪ ،‬حيث أن‬
‫الدعوى في اللغة متحققة بالقول المتضمن للطلب سواء كانت عند القاضي أو عند غيره‪ ،‬قوله‪:‬‬
‫(يقصد به طلب حق غيره) احترز بهذا القيد عن الشهادة واإلقرار‪ ،‬حيث يقصد بها إثبات حق‬
‫للغير‪ ،‬فالشهادة إخبار بحق للغير على الغير‪ ،‬واإلقرار إخبار بحق للغير للمقر)‪.(1‬‬
‫تعريف آخر‪ :‬هي إضافة الشيء إلى نفسه في حالة المنازعة بأن يقول هذه العين لي)‪.(2‬‬
‫تعريف الدعوى عند المالكية‪ ( :‬هي طلب معين أو ما في ذمة معين أو ما يترتب عليه أحدهما‬
‫معتبرة شرعا ً ال تكذبها العادة)‪.‬‬
‫ومعنى هذا أن الدعوى ال تكون إال بطلب شيءٍ معلوم في الحق المدعى به كدعوى أن السلعة‬
‫المعينة اشتراها منه أو غصبت منه‪.‬‬
‫وقوله (أو ما في ذمة معين) فيه إشارة إلى دعوى الدَّين الذي في الذمة‪( .‬أو ما يترتب عليه‬
‫أحدهما) فيه إشارة إلى الدعاوى التي ال يكون المدعى به فيها حقا ً من الحقوق‪ ،‬ولكن يترتب‬
‫عليه طلب معين‪ ،‬مثل دعوى الوارث موت مورثه فيترتب عليه إستحقاق الميراث‪ .‬وهذا‬
‫التعريف وإن تعرض لكثير من القيود إال أنه لم يتعرض ألمر جوهري يفرق بين الدعوى‬
‫اللغوية واالصطالحية وهو أن تكون أمام القاضي فكان غير مانع)‪.(3‬‬
‫تعريف الدعوى عند الشافعية‪( :‬هي إخبار عن وجوب حق على غيره عند حاكم) وقوله‪( :‬عن‬
‫وجوب حق على غيره) احترز بهذا القول من الشهادة واإلقرار حيث يقصد بها إثبات حق‬
‫الغير)‪.(4‬‬
‫تعريف الحنابلة للدعوى ‪( :‬هي إضافة اإلنسان إلى نفسه استحقاق شيء في يد غيره أو في ذمته)‬
‫لم يتعرض هذا التعريف لذكر إقامة الدعوى لدى القاضي ليميزها عن الدعوى اللغوية‪ ،‬ويؤخذ‬
‫على هذا التعريف أنه حصر الدعوى في نوعين هما دعوى الدين ودعوى العين مع أن الدعوى‬
‫ال تنحصر في هذين النوعين فقط كما في دعوى النسب)‪.(5‬‬
‫التعريف المختار للدعوى‪ :‬يظهر من التعاريف السابقة للدعوى أن التعريف الذي يمكن أن يكون‬
‫شامالً مانعا ً هو تعريف الحنفية وهو (قول مقبول عند القاضي يقصد به طلب حق قبل غيره أو‬
‫دفعه عن حق نفسه) وقد أخذ بهذا التعريف أكثر العلماء المعاصرين الذين ألفوا في الدعوى‪.‬‬

‫(‪ ) 1‬تنفيذ األحكام القضائية في الفقه اإلسالمي – محمود األمير يوسف الصادق – ‪2008‬م – دار الجامعة الجديدة – صـ ‪134‬‬
‫(‪ ) 2‬الفروق أنوار البروق – أبو العباس شهاب الدين أحمد بن إدريس القرافي – عالم الكتب – بدون طبعة – ج‪ – 6‬صـ ‪116‬‬
‫(‪ ) 3‬المدعى عليه وحقوقه بين الشريعة والقانون – عبد الرحمن بن عبد العزيز – مرجع سابق – صـ ‪17‬‬
‫(‪ ) 4‬نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج – شمس الدين محمد بن أبي العباس بن شهاب الدين الرملي – دار الفكر – بيروت – ط‪1404( 1‬هـ ‪1984 -‬م) ‪ -‬ج‪8‬‬
‫– صـ ‪333‬‬
‫(‪ ) 5‬كشاف القناع عن متن اإلقناع – منصور بن يونس بن صالح الدين ابن إدريس البهوتي – دار الكتب العلمية – ج‪ – 6‬صـ ‪384‬‬

‫‪2‬‬
‫يرى الباحث ‪ :‬أن الدعوى هي الوسيلة األساسية للوصول إلى الحق المتنازع عليه أو المختلف‬
‫فيه أو المعتدى عليه‪ ،‬وهي الوسيلة للدفاع عن النفس وحفظ األموال وحماية األعراض‪.‬‬
‫مشروعية الدعوى‪:‬‬
‫يُستدل على مشروعيتها من اآليات المصرحة بوجوب الحكم بين الناس بشرع هللا عز وجل‪،‬‬
‫إقامةً للعدل ورفعا ً للظلم ونشرا ً لألمن والطمأنينة بين الناس‪ ،‬وذلك يكون عند التنازع بين الناس‬
‫ورفع األمر للقضاء للفصل فيه‪ ،‬وفي ذلك دليل على مشروعية الدعوى)‪ ،(1‬ومن ذلك قوله تعالى‪:‬‬
‫ﱫ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯨ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮﱫ )‪ (2‬وقوله‪ :‬ﱫﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮﱫ)‪ (3‬وقوله‬
‫تعالى‪ :‬ﱫﯦ ﯧ ﯨ ﯨ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵﱫ )‪ (4‬وقوله‪ :‬ﱫﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧﱫ)‪. (5‬‬
‫الدليل على مشروعية الدعوى من السنة‪:‬‬
‫عن ابن عباس)‪ (6‬رضي هللا عنهما أن النبي صلى هللا عليه وسلم قال‪( :‬لو يعطى الناس بدعواهم‬
‫ألدعى ناس دماء رجال وأموالهم ولكن اليمين على المدعي عليه))‪.(7‬‬
‫ما ورد عن أم سلمة)‪ :(8‬رضي هللا عنها قالت‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪( :‬إنما أنا بشر‬
‫ي ولعل بعضكم يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي له على نحو ما أسمع‬ ‫وإنكم تختصمون إل َّ‬
‫منه)‪ (9‬فمن قضيت له من حق أخيه بشيء فال يأخذ منه شيئا ً فإنما أقطع له قطعة من النار))‪.(10‬‬
‫وجه الداللة من الحديث هو‪( :‬قولها يختصمان في مواريث) وقول‪ :‬النبي صلى هللا عليه وسلم‪:‬‬
‫تختصمون إلى رسول هللا وقوله‪( :‬إنما أقضي بينكم على نحو ما أسمع)‪ .‬فإقرار النبي صلى هللا‬
‫عليه وسلم لرفع خصومتهما إليه‪ ،‬وسماعه لدعواعهم وقضاؤه بينهما وفقا ً لما يسمع منهما‪ ،‬دليل‬
‫على مشروعيته للدعوى والقضاء بناءا ً عليها)‪.(11‬‬
‫وروى ابن عباس رضي هللا عنهما أن رجالً من حضرموت ورجالً من كنده‪ ،‬اختصما إلى النبي‬
‫صلى هللا عليه وسلم فقال الحضرمي‪ :‬يارسول هللا غلبني على أرض لي كانت ألبي‪ ،‬فقال الكندي‬
‫حق‪ ،‬فقال النبي صلى هللا عليه وسلم للحضرمي‪( :‬ألك‬ ‫عها‪ ،‬ليست له فيها ٌ‬ ‫هي أرض في يدي أزر ُ‬
‫فاجر ال يبالي على ما حلف عليه ليس‬ ‫ٌ‬ ‫بينة) قال‪ :‬ال‪ ،‬قال‪( :‬فلك يمينهُ) قال‪ :‬يارسول هللا‪ :‬الرجل‬

‫(‪ ) 1‬الدعاوى والبينات والقضاء – مصطفى ديب البغا وآخرون – دار المصطفى – ط‪1427 1‬ه – ‪2006‬م – صـ ‪16‬‬
‫(‪ ) 2‬النساء اآلية ‪65‬‬
‫(‪ ) 3‬المائدة ‪42‬‬
‫(‪ ) 4‬النساء ‪105‬‬
‫(‪ ) 5‬النساء ‪58‬‬
‫(‪ ) 6‬عبد هللا بن عبد المطلب القرشي ابن عم رسول هللا صلى هللا عليه وسلم توفي بالطائف سنة ‪68‬هـ‬
‫(‪ ) 7‬أخرجه مسلم في صحيحه – مسلم بن الحجاج أبو الحسن – تحقيق‪ :‬محمد فؤاد عبد الباقي – ك األقضية – ب اليمين على المدعي عليه – ح ر ‪1711‬‬
‫– ج‪ – 5‬دار التراث العربي ‪ -‬صـ ‪ ،336‬والسنن الصغرى للبيهقي – ك الدعاوى والبينات – ب البينة على المدعى واليمين على من أنكر – ح ر ‪– 3385‬‬
‫صـ ‪188‬‬
‫(‪ ) 8‬هند بنت سهيل المعروف بأبي أمية المخزومية من زوجات رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‬
‫(‪ ) 9‬أخرجه البخاري في صحيحه – محمد بن إسماعيل أبو عبد هللا البخاري – تحقيق‪ :‬محمد زهير – ك الحيل – ب إذا غصب جاريه فزعم أنها ماتت‬
‫فقضى بقيمة الجارية – ح ر ‪ – 6967‬ط‪1422( 1‬هـ) – ج‪ – 9‬صـ ‪25‬‬
‫(‪ ) 10‬كتاب أقضية رسول هللا صلى هللا عليه وسلم – محمد بن الفرج القرطبي – دار الكتاب العربي – بيروت – عالم النشر – ‪1426‬هـ ‪ -‬ج‪ – 1‬صـ ‪.91‬‬
‫(‪ ) 11‬الدعاوى والبينات والقضاء – مصطفى ديب البغا – مرجع سابق – صـ ‪17‬‬

‫‪3‬‬
‫يتورع عن شيء‪ ،‬فقال‪( :‬ليس لك إال ذلك) فانطلق ليحلف‪ ،‬فقال عليه السالم لما أدبر (أما لئن‬
‫حلف على ماله ليأكله ظلما ً ليلقين هللا وهو عنه ُمعرض))‪.(1‬‬
‫عن األشعث بن قيس رضي هللا عنه قال‪ :‬كان بيني وبين رجل خصومة في بئر‪ ،‬فأختصنا إلى‬
‫رسول هللا صلى هللا عليه وسلم فقال رسول هللا‪( :‬شاهداك أو يمينه) قلت إنه يحلف وال يبالي فقال‬
‫فاجر لقي هللا‬
‫ٌ‬ ‫رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪( :‬من حلف على يمين)‪ (2‬يستحق بها ماالً وهو فيها‬
‫وهو عليه غضبان))‪ ،(3‬فأنزل هللا تعالى تصديق ذلك‪ :‬ﱫﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ‬
‫ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ‪...‬ﱫ)‪. (4‬‬
‫فالحديثان صريحان في رفع الدعوى إلى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم في النزاع والخصومة‬
‫التي وقعت بين الحضرمي والكندي‪ ،‬وبين األشعث ورجل آخر وسمع رسول هللا صلى هللا عليه‬
‫وسلم الدعوى ونظر فيها وطلب اإلثبات)‪ (5‬من المدعي واليمين من المدعي عليه‪ ،‬وفعل رسول‬
‫هللا صلى هللا عليه وسلم سنة وتشريع للمسلمين عامة‪.‬‬
‫لذلك إن الخصومات والمنازعات واقعة بين الناس فيجب الفصل فيها‪ ،‬ألنها لو لم يفصل فيها‬
‫لحدث الشر والفساد بين الناس‪ ،‬فكان البد من القضاء على هذا الشر وذلك بالفصل في هذه‬
‫الخصومات وتلك المنازعات‪ ،‬وال طريق يؤدي هذا العرض إال طريق الدعوى‪ ،‬فيرفع المدعى‬
‫دعواه ويكلف إلثباتها بالبينة‪ ،‬ألن جانبه ضعيف وذلك لدعواه خالف األصل فيكلف ال ُحجة‬
‫القوية)‪.(6‬‬
‫أما اإلجماع فقد قام الخلفاء الراشدون بالفصل في الخصومات والمنازعات إقتدا ًء بالرسول صلى‬
‫هللا عليه وسلم وأرسلوا بعض الصحابة والتابعين لألمصار ليقوموا بالفصل بين الناس‪ ،‬وسار‬
‫المسلمون على ذلك ولم ينكر على ذلك أحد فكان إجماعا ً)‪.(7‬‬

‫(‪ ) 1‬نيل األوطار – محمد بن علي بن محمد بن عبد هللا الشوكاني – تحقيق‪ :‬عصام الدين الصبايطي – دار الحديث ط‪1413( 1‬هـ ‪1993 -‬م) ج‪ – 8‬ك‬
‫األقضية واألحكام – صـ ‪.349‬‬
‫(‪ ) 2‬نصب الراية ألحاديث الهداية – جمال الدين أبو محمد عبد هللا – تحقيق‪ :‬محمد عوامة – مؤسسة الريان – بيروت – لبنان – ط‪1418 (1‬هـ ‪1997 -‬م)‬
‫– ج‪ – 4‬صـ ‪.94‬‬
‫(‪ ) 3‬أخرجه أبوداؤود في سننه – سليمان بن األشعث – تحقيق‪ :‬محمد محي الدين – ك األقضية – ب إذا كان المدعى عليه ذميا ً أيحلف؟ ‪ -‬ح ر ‪– 3621‬‬
‫المكتبة العصرية – بيروت – ج‪ – 3‬صـ ‪311‬‬
‫(‪ ) 4‬سورة آل عمران ‪77‬‬
‫(‪ ) 5‬التنظيم القضائي في الفقه اإلسالمي – د‪ .‬محمد الزحيلي – ط‪1423( 2‬هـ ‪2002 -‬م) دار الفكر – دمشق – صـ ‪295‬‬
‫(‪ ) 6‬تنفيذ األحكام القضائية في الفقه اإلسالمي – محمود األمير يوسف – مرجع سابق – صـ ‪138‬‬
‫(‪ ) 7‬المدعى عليه وحقوقه – عبد الرحمن بن عبد العزيز – مرجع سابق – صـ ‪20‬‬

‫‪4‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬أركان الدعوى‬
‫األركان جمع ركن‪ ،‬وهو في اللغة يدل على القوة‪ ،‬فركن الشيء جانبه األقوى‪ ،‬وهو يأوي إلى‬
‫ركن شديد‪ ،‬أي عز ومنعة)‪.(1‬‬ ‫ٍ‬
‫التقوم‪ ،‬إذ قوام الشيء بركنه‪ ،‬ال من‬
‫ُّ‬ ‫وفي اصطالح الفقهاء‪ :‬هو ما يقوم به ذلك الشيء‪ ،‬ومن‬
‫القيام‪ ،‬وقيل ركن الشيء ما يتم به‪ ،‬وهو داخل فيه بخالف شرطه‪ ،‬وهو خارج عنه)‪.(2‬‬
‫ويرى جمهور الفقهاء أن أركان الدعوى أربعة وهي‪ :‬المدعي‪ ،‬والمدعى عليه‪ ،‬والمدعى به‪،‬‬
‫والصيغة‪ ،‬ألن الدعوى تتوقف على هذه األمور األربعة‪ ،‬فالمدعي والمدعى عليه هما طرفا‬
‫الدعوى والخصومة‪ ،‬والمدعى به هو الحق المتنازع عليه‪ ،‬أو المطالب به‪ ،‬ويسمى عند البينة‪:‬‬
‫محل اإلثبات‪ ،‬ويسمى في نهاية الدعوى‪ :‬المحكوم به‪ ،‬ويشترط أن يكون مما يقره الشرع‪،‬‬
‫والصيغة هي الطلب المقدم إلى القاضي للنظر فيه‪ ،‬والحكم به والمطالبة به من الخصم‪.‬‬
‫ويرى الحنفية ‪ :‬أن ركن الدعوى هو الصيغة والطلب فقط أو هو القول وما يقوم مقامه المرفوع‬
‫إلى القاضي للنظر فيه للمطالبة بحق من الحقوق‪ ،‬ألن هذا الطلب هو الذي يكون به قوام‬
‫الدعوى‪ ،‬ويعد جزءا ً داخالً فيها‪ ،‬أما المدعي‪ ،‬والمدعى عليه فهما من مقومات الدعوى أو هما‬
‫طرفا الدعوى‪ ،‬ألنه ال يتصور وجود الدعوى إال بهما‪ ،‬ولكنها ليست جزءا ً داخالً في الدعوى فال‬
‫تعد أركانا ً فيها)‪.(3‬‬
‫تعريف المدعى عليه‬
‫هو من ترفع ضدة دعوى أو من ادعى عليه شخص بحق‪ ،‬سواء كان دما ً أو ماالً عند ٍ‬
‫قاض أو‬
‫ُمحكم‪ ،‬ويطلق عليه ابن قدامة)‪ (4‬في كتابه المغني (المستعدي عليه) حيث قال‪ :‬وال يخلو‬
‫المستعدي عليه من أن يكون حاضرا ً أو غائبا ً)‪.(5‬‬
‫أما ابن القيم)‪ (6‬فيطلق لفظ (المتهم) لمن إدعى عليه ارتكاب جريمة‪ ،‬هذا وقد فضلت األخذ بلفظ‬
‫(المدعى عليه) دون سائر التعبيرات األخرى ألن لفظ المدعى عليه لفظ عام يطلق على كل من‬
‫ادُّعي عليه بأي دعوى سواء كانت جنائية أو مدنية أو غيرها من الدعاوى‪ ،‬أما األلفاظ األخرى‬
‫التي أشرت إليها فهي ألفاظ ليست عامة‪ ،‬كما أن لفظ المدعى عليه لفظ مستساغ و واضح في‬
‫المعنى بأن المقصود منه من)‪ (7‬تقام ضده دعوى‪ ،‬بخالف لفظ (المستعدى عليه) الذي استخدمه‬
‫ابن قدامة)‪.(8‬‬
‫فالمدعى‪ :‬هو من ال يجبر على الخصومة إذا تركها‪ ،‬وهو يضيف إلى نفسه ما ليس بثابت‪،‬‬
‫والمدعي عليه من يتمسك بما هو ثابت بظاهر اليد‪ ،‬فلو أداه على رجل‪ ،‬فأدعى الوفاء أو البراءة‬

‫(‪ ) 1‬معجم مقاييس اللغة – أحمد بن فارس – مرجع سابق – صـ ‪430‬‬


‫(‪ ) 2‬التعريفات – علي بن محمد بن علي الجرجاني – مرجع سابق – صـ ‪.112‬‬
‫(‪ ) 3‬التنظيم القضائي في الفقه اإلسالمي – محمد الزخيلي – مرجع سابق – صـ ‪296‬‬
‫(‪ ) 4‬هو أبو محمد موفق الدين عبد هللا بن أحمد بن قدامة – توفي بدمشق – سنة ‪620‬هـ‬
‫(‪ ) 5‬المغنى البن قدامة – مكتبة القاهرة – بدون طبعة – ‪1388‬هـ ‪1968 -‬م – ج‪ – 14‬صـ ‪500‬‬
‫(‪ ) 6‬هو شمس الدين محمد بن أبي بكر بن أيوب المشهور بابن القيم الجوزيه – ولد بدمشق سنة ‪691‬هـ وألف تصانيف كثيرة منها (زاد المعياد) وغيرها‬
‫– توفي سنة ‪751‬هـ‪.‬‬
‫(‪ ) 7‬الطرق الحكمية – محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن القيم – مكتبة دار البيان – بدون طبعة – ج‪ – 1‬صـ ‪89‬‬
‫(‪ ) 8‬المدعى عليه وحقوقه – عبد الرحمن عبد العزيز – مرجع سابق – صـ ‪36‬‬

‫‪5‬‬
‫صار مدعيا ً لدعواه ما ليس بثابت وهو فراغ ذمته بعد اتفاقها على الشغل‪ ،‬وقيل المدعى من ال‬
‫يستحق إال بحجة كالخارج‪ ،‬والمدعي يطلب ما في يد غيره على أنه حقه‪ ،‬وهو مجبر على‬
‫التمادي في المطالبة به‪ ،‬بخالف المدعى عليه‪ ،‬فهو متمسك بما في يده‪ ،‬وللمدعي أن يثبت أنه‬
‫حقه بشتى أنواع الوسائل‪ ،‬والدعوى بهذا المفهوم الذي أوردناه إذا صحت عند القاضي أوجبت‬
‫على الخصم الحضور إلى مجلس القاضي قال تعالى‪ :‬ﱫﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﭨ ﭩ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨﱫ)‪ (1‬ذمهم هللا‬
‫تبارك وتعالى على ترك الحضور‪ ،‬وهو االعراض عن اإلجابة)‪ (2‬والمدعى عليه هو المنكر‪،‬‬
‫والمدعي هو إضافة الشيء إلى نفسه حالة المنازعة)‪.(3‬‬
‫وعن علي رضي هللا عنه أن امرأة الوليد بن عقبة جاءت إلى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‬
‫تستعدي على زوجها‪ ،‬فأعداها‪ ،‬فقالت‪ :‬أبى أن يجيء‪ ،‬فأعطاها هدية من ثوبه فجاءت به)‪.(4‬‬
‫وألن الناس يحضرون بمجرد دعوى الحكام)‪.(5‬‬
‫شروط ال ُمدَّعي‪:‬‬
‫اشترط الفقهاء في المدعى ليكون أهالً للدعوى ما يأتي‪:‬‬
‫‪ .1‬أن يكون مكلفاً‪ ،‬أي بالغا ً عاقالً‪ ،‬فالصبي ال تصح منه الدعوى‪ ،‬ألنه ليس أهالً لها فال يستطيع‬
‫أن يقوم بالعبء الذي وكل إليه فيها‪ ،‬من االتيان بالبينة وتمييز الخصم من غيره وتعيين الشيء‬
‫الذي يدعيه‪.‬‬
‫‪ .2‬أال يكون حربيا ً ال أمان له‪ ،‬بمعنى أن يكون المدعي ملتزما ً لألحكام‪ ،‬فالحربي)‪ (6‬ال تسمع منه‬
‫الدعوى وال عليه‪ ،‬ألنه ال أمان له‪.‬‬
‫‪ .3‬أن تكون له صفة الدعوى‪ ،‬بمعنى أن تكون له صفة أو حق المطالبة وهذه الصفة تختلف‬
‫باختالف المدعى به‪ ،‬أن يكن المدعى معيناً‪.‬‬
‫شروط المدعى عليه‬
‫‪ .1‬التكليف‪ :‬فال تصح الدعوى على مجنون أو صبي غير مميز ألن كالً منهما ال يصلح خصما ً‬
‫لجواز أن تكون هناك أدلة تبطل دعوى المدعي‪ ،‬وكل منهما ال يهتدي إليها لعدم تمييزه‪ ،‬أما‬
‫حضور الصبي إلى مجلس الحكم فهو موضع خالف بين العلماء‪ ،‬والذي حققوه أن الصبي‬
‫المحجور عليه إذا لم يكن لمن يدعى عليه بينة فال يكون له إحضاره ألنه ال فائدة فيه‪.‬‬
‫‪ .1‬عدم حربية المدعى عليه‪ ،‬فال تسمع الدعوى على حربي‪.‬‬
‫‪ .2‬التعيين‪ ،‬بمعنى أن يكون المدعى عليه معينا ً أو معلوما ً لدى المدعي‪.‬‬
‫‪ .3‬أن يكون ذا شأن في الدعوى بأن يكون أصيالً فيها أو نائبا ً عنه بطريق الوالية أو الوكالة)‪.(7‬‬

‫(‪ ) 1‬سورة النور ‪.48‬‬


‫(‪ ) 2‬درر الحكام شرح غرر األحكام – محمد بن فرامرز بن علي – دار إحياء الكتب العلمية – ج‪ – 2‬صـ ‪.329‬‬
‫(‪ ) 3‬البحر الرائق شرح كنز الدقائق – زين الدين بن ابراهيم – دار الكتاب اإلسالمي – ط‪ – 2‬ج‪ – 7‬صـ ‪.191‬‬
‫(‪ ) 4‬بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع – عالء الدين أبوبكر – دار الكتب العلمية – ط‪1406( 2‬هـ ‪1986 -‬م) – ج‪ – 6‬صـ ‪224‬‬
‫(‪ ) 5‬وسائل اإلثبات في الفقه اإلسالمي – عبد المطلب عبد الرازق – دار الجامعة الجديدة – ‪2007‬م – صـ ‪8‬‬
‫(‪ ) 6‬الكافر الذي يقيم في دار الكفر‬
‫(‪ ) 7‬المحاماه في الشريعة – د‪ .‬رجائي سيد أحمد – دار الجامعة الجديدة – ‪2007‬م – صـ ‪111‬‬

‫‪6‬‬
7
‫شروط المدعى به‬
‫هو الركن الثالث من أركان الدعوى ويشترط فيه أن يكون معلوما ً على أي وجه‪ ،‬سواء كان ذلك‬
‫بالعين أو الوصف‪ ،‬وبناء على ذلك فإنه ال تصلح الدعوى بالمجهول)‪.(1‬‬
‫التمييز بين طرفي الدعوى‬
‫التمييز بين (المدعي والمدعى عليه)‬
‫يقول رسول هللا صلى هللا عليه وسلم (البينة على المدعي واليمين على من أنكر) ‪ ،‬وفي رواية‬
‫)‪(2‬‬

‫(واليمين على المدعى عليه))‪.(3‬‬


‫إن المدعي والمدعى عليه هما طرفا الخصومة في الدعاوى‪ ،‬وبما أنه يترتب على كل منهما‬
‫واجبات والتزامات‪ ،‬فيجب التفريق بينهما وتمييز المدعي من المدعى عليه)‪.(4‬‬
‫ترجع أهمية التمييز بين المدَّعي والمدعى عليه لعدة أمور أهمها‪:‬‬
‫‪ -‬اعانة القاضي على إصابة الحق في األحكام التي يصدرها‪ ،‬فإن الشارع جعل عبء إثبات‬
‫الدعوى بالبينة على المدعي‪ ،‬وعبء رفعها باليمين على المدعى عليه إذا لم يثبتها المدعي‬
‫بالبينة‪ ،‬وعبء المدعي أثقل من عبء المدعى عليه الذي هو اليمين‪ ،‬فلو أخطأ القاضي في‬
‫التمييز بينهما تحمل المدعى عليه العبء األثقل‪ ،‬وهو البينة‪.‬‬
‫‪ -‬إذا كانت الدعوى في أصلها طلب الحق‪ ،‬فالظاهر أن المدعي هو الطالب للحق‪ ،‬والمدعى عليه‬
‫هو المطلوب منه الحق‪.‬‬
‫واال عتماد على هذا الظاهر في كل قضية من دواعي التنكب عن مواطن الدقة في فصل‬
‫المنازعات‪ ،‬ولهذا بذل الفقهاء جهدا ً كبيرا ً في وضع الضوابط التي يستعين بها القضاة على‬
‫التمييز بين طرفي الدعوى‪.‬‬
‫معيار الحنفية‪:‬‬
‫ذهب معظم فقهاء الحنفية إلى التفريق بين المدعي والمدعى عليه هو أن المدعي من إذا ترك‬
‫الخصومة ال يجبر عليها والمدعى عليه من إذا ترك الخصومة أجبر عليها‪ ،‬وهذا المعيار الذي‬
‫وضعه الحنفية يعود إلى النظر في خاصية أساسية في المدعي والمدعى عليه‪ ،‬ورجح معظم‬
‫الحنفية هذا المعيار على غيره لعمومه وعدم خروج شيءٍ من الفروع عليه)‪.(5‬‬
‫أمثلة على معيار الحنفية‪:‬‬
‫لو ادعى تأجيل الدين الذي يطالبه به غيره‪ ،‬أو وفاءه‪ ،‬أو إبراء الدائن له منه‪ ،‬فإنه مدَّع‪ ،‬النه ال‬
‫يجبر على ما ادَّعاه‪ ،‬ولو لم يدَّع ما ذكر لكان مدعى عليه‪ ،‬يجبر على الجواب‪.‬‬

‫(‪ ) 1‬نظرية الدعوى واإلثبات في الفقه اإلسالمي – د‪ .‬نصر فريد واصل – دار الشروق – ط‪2002 1‬م – صـ ‪14‬‬
‫(‪ ) 2‬السنن الكبرى للبيهقي – كتاب الدعاوى والبينات – باب البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه – صـ ‪.253‬‬
‫(‪ ) 3‬هذا الحديث سبق تخريجه ص‪4‬‬
‫(‪ ) 4‬التنظيم القضائي في الفقه اإلسالمي – محمد الزحيلي – مرجع سابق – صـ ‪297‬‬
‫(‪ ) 5‬الدعاوى والبينات والقضاء – مصطفى ديب البغا – مرجع سابق – صـ ‪33‬‬

‫‪8‬‬
‫أيضا ً لو ادَّعى شخص فساد العقد الذي بينه وبين شخص آخر فإنه مدَّع مع أنه ُمطالب بتنفيذ‬
‫العقد لو لم يخاصم في فساده‪.‬‬
‫معيار المالكية‪:‬‬
‫يكاد يتفق المالكية على أن المدعي هو من تجردت دعواه عن أمر يصدقه‪ ،‬أو كان أضعف‬
‫المتداعين أمرا ً في الداللة على الصدق‪.‬‬
‫صدق بمعهود أو أصل عليه يكون المدعي هو من لم يترجح قوله أو أصل‪،‬‬ ‫وفسروا األمر الم َّ‬
‫والمدعى عليه هو من ترجح قوله بمعهود‪ ،‬والمراد بالمعهود العرف والعادة والغالب‪.‬‬
‫وقيد بعضهم ضابط المدعي بحال الدعوى‪ ،‬أي التجرد المقصود‪ ،‬وهو الذي يكون حال الدعوى‬
‫وقيل إقامة البينة من قبل المدعي)‪.(1‬‬
‫معيار الشافعية‪:‬‬
‫تعددت أقوال الشافعية في معيار التمييز بين المدَّعي والمدَّعى عليه إلى ثالثة أقوال‪:‬‬
‫‪ .1‬إن المدعي هو المخبر بحق له على غيره وفقا ً لتعريفهم للدعوى بأنها خبر يتضمن طالب‬
‫حق من آخر‪.‬‬
‫‪ .2‬إن المدعي هو من ال يجبر على الخصومة وهو موافق لمعيار الحنفية‪.‬‬
‫‪ .3‬وذهب جمهورهم إلى أن المدعي هو من يلتمس خالف الظاهر والمدعى عليه هو من يتمسك‬
‫بالظاهر‪.‬‬
‫معيار الحنابلة وبعض علماء المذاهب األخرى‪:‬‬
‫ذهب كثير من الحنابلة إلى اشتقاق تعريف المدَّعي والمدعى عليه من تعريف الدعوى نفسها‬
‫فكأنهم يقولون‪ :‬إن المدَّعي هو فاعل الدعوى‪ ،‬والمدَّعى عليه هو من توجهت ضده الدعوى‪ ،‬وقد‬
‫اختلفت عباراتهم في معيار التمييز بين المدعي والمدعى عليه على األوجه التالية‪:‬‬
‫أ‪ .‬المدعي هو من يضيف إلى نفسه استحقاق شيء على اآلخر‪ ،‬والمدعى عليه هو من يضاف‬
‫استحقاقه عليه‪.‬‬
‫ب‪ .‬المدعي هو من يطالب غيره بحق يذكر استحقاقه عليه والمدعى عليه هو من يطالبه غيره‬
‫)‪.(2‬‬
‫بحق يذكر استحقاقه عليه‬
‫ج‪ .‬المدعي هو من يخبر بحق له على غيره‪.‬‬
‫د‪ .‬والمدعي هو من يشهد بما في يد غيره لنفسه‪.‬‬
‫ه‪ .‬المدعي هو من يلتمس قبل غيره لنفسه عينا ً أو دينا ً أو حقاً‪ ،‬والمدعى عليه هو من يدفع ذلك‬
‫عن نفسه‪.‬‬
‫و‪ .‬والمدعي هو من يخبر عما في يد غيره لنفسه‪ ،‬والمدعى عليه هو من يخبر عما في يد نفسه‬
‫لنفسه‪.‬‬

‫(‪ )1‬الدعاوى والبينات والقضاء – مصطفى ديب البغا – مرجع سابق – ص ‪36‬‬
‫(‪ ) 2‬الدعاوى والبينات والقضاء – مصطفى ديب – مرجع سابق – صـ ‪37‬‬

‫‪9‬‬
‫الترجيح‪ :‬خالصة القول بعد النظر في هذه المعايير‪ :‬إن ما ذهب إليه جمهور الحنفية وبعض‬
‫الشافعية أجدى في تحقيق الهدف‪ ،‬وهو وضع معيار شامل يميز بين المدعي المدعى عليه‬
‫ليعرف من المكلف بالبينة للوصول إلى الحق‪ ،‬ويرجع ترجيح هذا المعيار لما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬أنه ضابط شامل‪ ،‬ال ينتج عنه فراغ إال في النادر القليل‪ ،‬بخالف غيره من المعايير لخروج‬
‫كثير من الفروع عليه‪.‬‬
‫سبل‪ ،‬فما على‬ ‫‪ -‬سهولة هذا الضابط‪ ،‬فإنه يوصل إلى التمييز بين طرفي الدعوى بأيسر ال ُّ‬
‫القاضي إال يفترض في ذهنه أن أحد الخصمين قفل راجعا ً بعد أن حضر مجلسه واآلخر ظل‬
‫ُمصرا ً على كالمه الذي قاله‪ ،‬فإذا ترتب على هذا الفرد وجوب صرف هذا اآلخر الذي لم‬
‫يرجع ألنه ال حق له بطلبه من غيره‪ ،‬كان الذي رجع ُمدَّعيا ً واآلخر مدعى عليه‪.‬‬
‫‪ -‬إن ضابط الحنفية مشتق من إحدى خصائص الدعوى التي ال ينازع فيها أحد من الفقهاء‪ ،‬هو‬
‫أنها (تصرف مباح مرتبط بإرادة صاحبه يقوم به متى شاء))‪.(1‬‬

‫(‪ ) 1‬الدعاوى والبينات والقضاء – مصطفى ديب – مرجع سابق – صـ ‪38‬‬

‫‪10‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬شروط الدعوى‬
‫ساعة أعال ُمها و ُهو منهُ وفي التَّنزيل‬
‫ط ال َّ‬ ‫العالمةُ والجم ُع أشرا ٌ‬
‫ط وأشرا ُ‬ ‫شرط لغة‪:‬‬ ‫تعريف ال َّ‬ ‫)‪( 1‬‬

‫ﱫﱫ ﱫ ﱫ ﱫ)‪.(2‬‬
‫وفي االصطالح‪ :‬ما يتوقف عليه الشيء‪ ،‬ويكون خارجا ً عن ماهيته‪ ،‬وتتنوع الشروط فإما أن‬
‫تكون شروط إنعقاد وصحة أو شروط لزوم أو شروط نفاذ‪.‬‬
‫أهم شروط الدعوى‪:‬‬
‫األهلية ‪ :‬المراد بها أهلية األداء‪ ،‬فيشترط في كل من المدعي والمدعى عليه أن يكون أهالً لرفع‬
‫الدعوى‪ ،‬والجواب عنها والقيام بإجراءاتها‪ ،‬بأن يكون بالغا ً عاقالً‪ ،‬فال تصح الدعوى من‬
‫الصغير والمجنون‪ ،‬وال تصح الدعوى عليهما‪ ،‬ألن الدعوى تصرف شرعي يترتب عليه آثار‬
‫ونتائج شرعية‪ ،‬فيشترط فيها ما يشترط في التصرفات الشرعية‪ ،‬واستثنى الحنفية الصبي المميز‬
‫فأجازوا له أن يكون مدعيا ً ومدعى عليه بإذن وليه كما أجاز المالكية للصبي أن يكون مدعيا ً فقط‬
‫من دون إذن‪.‬‬
‫الصفة‪ :‬يشترط في كل من المدعي والمدعى عليه أن يكون له صفة الدعوى‪ ،‬بأن يكون ذا شأن‬
‫وعالقة وارتباط في القضية التي أثيرت حولها الدعوى‪ ،‬وأن يعترف الشرع لكل منهما بهذه‬
‫يخول المدعي حق االدعاء والمطالبة‪ ،‬ويكلف المدعى عليه بالجواب والمخاصمة‪،‬‬ ‫الصفة بأن َّ‬
‫وذلك بأن يكون المدعي يطلب الحق لنفسه أو يدعي الحق لغيره نيابة عنه‪ ،‬أو بالوكالة‪ ،‬وأن يكون‬
‫المدعى عليه طرفا ً في القضية)‪.(3‬‬
‫الحضور‪ :‬اشترط الحنفية في الدعوى أن تكون على خصم حاضر‪ ،‬فال تسمع الدعوى على‬
‫غائب‪ ،‬وال تقبل البينة واألدلة أثناء غياب المدعى عليه وال يصدر الحكم إال بحضوره‪.‬‬
‫ويستثنى عند الحنفية من ذلك حاالت يجوز القضاء فيها على الغائب وضابطها إذا كان ما يدعى‬
‫على الغائب سببا ً ال محالة لما يدَّعى على الحاضر‪ ،‬ويصير مقضيا ً عليه‪ ،‬كالدعوى أن العين‬
‫التي عند الحاضر كانت ملكا ً لفالن الغائب‪ ،‬وأن المدعي إشتراها منه‪ ،‬وأقام البينة برغم انكار‬
‫المدعى عليه‪ ،‬فيقضي بها للحاضر ويكون الحكم على الغائب بالبيع)‪.(4‬‬
‫وقال جمهور الفقهاء يجوز الدعوى على الغائب‪ ،‬والقضاء عليه بشروط وأوصاف خاصة‬
‫واجراءات محددة‪ ،‬تعرف في الفقه بالقضاء على الغائب‪.‬‬
‫مشروعية المدَّعى به‪ :‬يشترط في المدَّعى به أن يكون مشروعاً‪ ،‬أي يقره الشارع‪ ،‬أو أن يكون‬
‫المدعى به جائزا ً شرعا ً بأن يكون فيه مصلحة للمدعي‪ ،‬وأن تكون هذه المصلحة محمية بالقضاء‬

‫(‪ ) 1‬المحكم والمحيط األعظم – أبو الحسن علي بن اسماعيل – تحقيق‪ :‬عبد الحميد هنداوي – دار الكتب العلمية – بيروت – ط‪1421( 1‬هـ ‪2001 -‬م) –‬
‫ج‪ – 8‬صـ ‪13‬‬
‫(‪ ) 2‬سورة محمد ‪18‬‬
‫(‪ ) 3‬التنظيم القضائي في الفقة اإلسالمي – محمد الزحيلي – مرجع سابق – صـ ‪.301‬‬
‫(‪ ) 4‬شرح القواعد الفقهية – أحمد بن الشيخ محمد الزرقا – تحقيق‪ :‬مصطفى أحمد الزرقا – دار القلم – دمشق – ط‪1409( 2‬هـ ‪1989 -‬م) – ج‪ - 1‬صـ‬
‫‪247‬‬

‫‪11‬‬
‫ألن القضاء يرعى األحكام التي أقرها الشرع ألصحابها ويحميها لهم ويدافع عن اإلعتداء عليها‪،‬‬
‫وتسمى األحكام ذات اإلعتبار القضائي‪.‬‬
‫أما إذا كان المدعى به ال يقره الشرع كالخمر ومال الربا والقمار واآلثار المترتبة على الفاسد‬
‫والباطل‪ ،‬فال يحمية الشرع وال تقبل الدعوى به‪.‬‬
‫المعلومية‪ :‬يشترط في المدعى به أن يكون معلوما ً وذلك بتميزه عن غيره إما باإلشارة إليه كهذه‬
‫السيارة أو بيان حدوده لألرض والعقارات‪ ،‬أو تعيين أوصافه بالجنس والنوع والصفة والمقدار‪،‬‬
‫تختلف المعلومية بحسب المدعى به)‪ (1‬من عقار إلى منقول إلى نقود إلى أعيان‪ ،‬وذلك حتى‬
‫يتحدد المدعى به في الدعوى‪ ،‬ويتم االدعاء واالجراءات والخصومة عليه‪ ،‬وبالتالى يحكم به‬
‫القاضي ويتم عليه تنفيذ األحكام‪.‬‬
‫أن يكون المدعى به مما يحتمل الثبوت عقالً أو عادة‪ :‬فال تقبل الدعوى بما يكذبه العقل أو العادة‬
‫كمن يدعي نسب شخص ال يولد مثله تمثله‪ ،‬أو أن يدعي فقير على غني بأن أقرضه مبلغا ً كبيرا ً‬
‫من المال ال يعهد له بمثله)‪ .(2‬وأن يكون المدعى به مما يحتمل الثبوت والبيان هذا الشرط اشترط‬
‫الفقهاء لصحة الدعوى أن يكون المدعى به قابالً للثبوت‪ ،‬بأن ال يكون مستحيالً في الحس أو‬
‫العقل‪ ،‬أو في العادة‪ ،‬لذلك إدعاؤه مثل الجبل ذهبا ً أو فضة‪ ،‬فإن إدعى أنه أعطاه أو أخذ مثل هذا‬
‫الجبل ذهباً‪ ،‬فمثل هذه الدعوى ال يلتفت إليها‪ ،‬ألن هذه القضية ال تتصور ألننا لم نسمع أو لم نر‬
‫أن رجالً يمتلك مثل الجبل ذهبا ً أو فضة فهي من المستحيالت)‪.(3‬‬
‫مجلس القضاء‪ :‬أن تكون الدعوى في مجلس القضاء‪ ،‬فإذا رفعت الدعوى في مجلس القضاء فال‬
‫تكون صحيحة بالقياس على الشهادة فإنها ال تسمع إال أمام القاضي)‪.(4‬‬
‫الجزم‪ :‬يشترط في صيغة الدعوى أن تكون بعبارة جازمة تدل على رغبة صاحبها في مدَّعاه‪،‬‬
‫وإضافته لنفسه بشكل جازم‪ ،‬أما إذا قال‪ :‬أشك أو أظن فال تسمع دعواه‪.‬‬
‫شروط في الصيغة‪ :‬ذكر الفقهاء عدة شروط أخرى في صيغة الدعوى‪ ،‬بأال تكون متناقضة مع‬
‫كالم سابق من المدعي ‪ ،‬وأن يذكر في الدعوى مطالبة خصمه بالحق‪ ،‬وأن يطلب من القاضي‬
‫إحضار الخصم أو أن يطالبه بالجواب‪ ،‬واشترط الحنفية أن تكون الدعوى بلسان المدعي‪ ،‬فال‬
‫تصح الوكالة في رفع الدعوى إال بموافقة المدعى عليه)‪.(5‬‬

‫(‪ ) 1‬التنظيم القضائي في الفقه اإلسالمي – محمد الزحيلي – مرجع سابق – صـ ‪.302‬‬
‫(‪ ) 2‬تبصرة الحكام في أصول األقضية ومنهاج األحكام – إبراهيم بن علي بن فرحون – مكتبة الكليات األزهرية – ط‪1406( 1‬هـ ‪1986 -‬م) – ج‪ – 2‬صـ‬
‫‪119‬‬
‫(‪ ) 3‬وسائل اإلثبات في الفقه اإلسالمي – عبد المطلب عبد الرازق – مرجع سابق – صـ ‪11‬‬
‫(‪ ) 4‬الهداية في شرح بداية المبتدى – علي بن أبي بكر بن عبد الجليل المرغيناني أبو الحسن برهان الدين‪ ،‬تحقيق‪ :‬طالل يوسف‪ ،‬دار إحياء التراث‬
‫العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ج‪ – 4‬صـ ‪154‬‬
‫(‪ ) 5‬بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع – عالء الدين أبوبكر – مرجع سابق – صـ ‪222‬‬

‫‪12‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬أنواع الدعاوى‬
‫تنقسم الدعاوى باعتبارات متعددة أهمها‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬أقسام الدعاوى بحسب الشروط واألركان‪:‬‬
‫تنقسم الدعاوى بحسب توافر شروطها وأركانها‪ ،‬وعدمه إلى ثالثة أنواع وهي‪:‬‬
‫‪ /1‬الدعاوى الصحيحة‪ :‬وهي الدعاوى التي توافرت فيها جميع األركان والشروط‪ ،‬ويترتب‬
‫عليها وجوب قبولها من القاضي ووجوب سماعها والنظر فيها والسير في إجراءاتها)‪.(1‬‬
‫وقال الرافعي‪( :‬يشترط فيها أن تكون معلومة وأن تكون ملزمة) ومعنى ذلك يكون في ثالثة‬
‫أمور‪:‬‬
‫أ‪ /‬أن تكون معلومة إال فيما يأتي استثناؤة‪ ،‬فلو ادَّعى نقدا ً أو ديناً‪ ،‬أو متقوما ً وجب ذكر الجنس‪،‬‬
‫والنوع والقدر والصيغة المؤثرة في القيمة مع ما هو معلوم القدر كالدينار‪ ،‬ال يحتاج إلى بيان‬
‫قدر‪.‬‬
‫ب‪ /‬أن تكون ملزمة بأن يكون المدعى به الزما ً فال يسمع دعوى هبة شيء أو بيعه أو إقرار به‪،‬‬
‫حتى يقول المدعي‪.‬‬
‫ج‪َّ /‬أال ينافيها دعوى أخرى‪ ،‬فلو ادعى على واحد انفراده بالقتل‪ ،‬ثم على آخر شركة أو انفراد لم‬
‫تسمع الثانية‪ ،‬ألن األولى تكذبها ومنه أ َّال يكذب المدعى أصله )‪.(2‬‬
‫أيضا ً هي المستوفية لجميع شروطها ويترتب عليها جميع أحكامها وهي‪:‬‬
‫‪ -‬تكليف الخصم بالحضور‪.‬‬
‫‪ -‬طلب الجواب مع الخصم عند حضوره‪.‬‬
‫‪ -‬طلب البينة من المدعي إذا أنكر المدعى عليه‪.‬‬

‫‪ -‬توجيه اليمين إلى المدعى عليه عند عجز المدعي عن البينة)‪.(3‬‬


‫‪ /2‬الدعوى الفاسدة‪ :‬هي التي فقدت أحد الشروط المعتبرة لصحة الدعوى وبالتالي ال تتعلق بها‬
‫أحكام الدعوى وال يترتب عليها آثارها‪ ،‬وهي الدعوى التي استوفت جميع شروطها األساسية)‪،(4‬‬
‫بحيث تكون صحيحة األصل ولكنها مختلفة في بعض أوصافها الخارجية‪ ،‬أي بعض النواحي‬
‫الفرعية بحيث يمكن إصالحها وتصحيحها‪ ،‬ومثال لها‪:‬‬
‫أن يدَّعي شخص على آخر بدين‪ ،‬وال يبين مقداره‪ ،‬أو يدعي عليه استحقاق عقار وال يبين‬
‫حدوده‪.‬‬
‫وفساد الدعوى يرجع إلى نقصانها من أحد شرطين‪:‬‬

‫(‪ ) 1‬التنظيم القضائي في الفقه االسالمي – محمد الزحيلي – مرجع سابق – صـ ‪305‬‬
‫(‪ ) 2‬أدب القضاء – عيسى بن عثمان بن غازي الغزي – مكتبة مصطفى الباز – الرياض – ط‪1417( 1‬هـ ‪1996 -‬م) – صـ ‪.101‬‬
‫(‪ ) 3‬البينات والدعاوى والقضاء – مصطفى ديب – مرجع سابق – صـ ‪39‬‬
‫(‪ ) 4‬الفتاوى الهندية – علماء برئاسة نظام الدين البلخي – دار الفكر – ط‪1310( 2‬ه) – ج‪ – 4‬صـ ‪3‬‬

‫‪13‬‬
‫أ‪ /‬شرط المعلومية‪ :‬سواء كان النقص في معلومية الشيء المدعى ذاته كما في المثال السابق أو‬
‫نقصان معلومية سبب اإلستحقاق فيما يشترط فيه ذكر السبب‪ ،‬وهي دعوى المثل عند الحنفية‪،‬‬
‫وجميع أنواع الدعاوى في الراجح عند المالكية‪.‬‬
‫ب‪ /‬الشروط المطلوبة في التعبير المكون للدعوى‪ :‬وذلك الشتراط بعض االمور في الخبر‬
‫المكون للدعوى‪ ،‬فإن لم يذكر المدعى هذه األمور أو بعضها لم تكن الدعوى باطلة‪ ،‬وإنما تكون‬
‫فاسدة يمكن تصحيحها بذكر ما ينقصها ومثال ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬الدعوى في طلب عين من األعيان‪ ،‬وال يذكر المدعي أنها بيد المدعى عليه أو أن المدعى عليه‬
‫أخذها بغير حق‪.‬‬
‫‪ -‬أن يتردد المدعي فيما يستعمله من ألفاظ كقوله‪( :‬أشك أو أظن‪ ،‬أن لي على فالن ألف دينار)‬
‫سمعت‬ ‫ففي المثالين ونحوهما ال ترد الدعوى وإنما يطلب من المدعي إكمال ما ينقصها‪ ،‬فإذا فعل ُ‬
‫دعواه وطلب الجواب من خصمه‪ ،‬وإذا لم يصححها ترد حتى يفعل ذلك‪.‬‬
‫ويسمي الحنفية هذا النوع من الدعاوى بالفاسدة نظرا ً لتوقف أثرها على البيان‪ ،‬وبينما يسميها‬
‫الشافعية بالدعاوى الناقصة‪ .‬وهي كل دعوى يفتقر القاضي في فصل الخصومة معها إلى شيء‬
‫آخر‪ ،‬وقسموها إلى ناقصة الصفة وناقصة الشرط‪.‬‬
‫ناقصة الصفة‪ :‬هي الدعوى التي لم يفصل المدعي فيها أوصاف الشيء المدعى به الالزم‬
‫ذكرها‪.‬‬
‫ومثال لها‪ :‬كأن يدَّعي عقارا ً على أحد وال يحدد حدوده أو دينا ً دون تحديد مقداره‪ ،‬ونحوها فإن‬
‫أكملت ص َّحت وإال فال‪.‬‬
‫ناقصة الشرط‪ :‬وهي الدعوى التي يختل فيها شرط من شروط صحتها‪ :‬كدعوى النكاح‪ ،‬وال‬
‫يذكر فيها الولي وال الشهود‪.‬‬
‫وسائر المذاهب متفقة في الحكم بعدم رد هذه الدعاوى وإنما يسأل عنها‪ :‬فإن أكملها سمعت منه‬
‫ويترتب عليها آثارها)‪.(1‬‬
‫‪ /3‬الدعوى الباطلة‪ :‬هي التي ال تصح أصالً وال يترتب عليها حكم‪ ،‬ألن إصالحها غير ممكن‬
‫ومن أمثلتها‪:‬‬
‫‪ -‬لو ادعى شخص أن جاره فالن موسر‪ ،‬وهو فقير معسر وال يعطيه‪ ،‬فطلب الحكم على جاره‬
‫باعطائه صدقة أو وجوب اقراضه ماالً‪ ،‬فهذه دعوى باطلة ألنها ال تستند إلى حق في الظاهر‪.‬‬
‫‪ -‬دعوى الفضولي‪ :‬وهي الدعاوى التي يرفعها من ال يكون له صفة في رفعها‪.‬‬
‫‪ -‬الدعوى المرفوعة من شخص ليس له أهلية التصرفات الشرعية‪.‬‬
‫‪ -‬دعوى ليس مشروعا ً‪ ،‬كدعوى المطالبة بثمن خمر‪ ،‬خنزير أو ميتة‪ ،‬هذه الدعاوى يسميها‬
‫الجمهور غير الحنفية بالدعاوى الفاسدة أيضا ً لعدم تفريقهم بين الباطل والفاسد في االصالح)‪.(2‬‬

‫(‪ ) 1‬الدعاوى والبينات والقضاء – مصطفى ديب – مرجع سابق – صـ ‪41-40‬‬


‫(‪ ) 2‬المحاماه في الشريعة اإلسالمية – رجائي سيد أحمد – مرجع سابق – صـ ‪131‬‬

‫‪14‬‬
15
‫مكان الدعوى (مجلس القضاء)‪:‬‬
‫األصل أن جميع األمكنة واألزمنة صالحة لتلقي المنازعات والنظر في الخصومات شرعاً‪،‬‬
‫وليس منها ما يحرم فيه النظر‪ ،‬ما لم يؤدي إلى ترك واجب كالتقاضي في وقت صالة الجمعة أو‬
‫في ملك إنسان من غير الحصول على إذنه‪ ،‬وألهمية القضاء ومكانته فقد نص الفقهاء على‬
‫صفات وخصائص يستحب توفرها في األماكن التي يخصصها ولي األمر للقضاء فيها‪.‬‬
‫وترجع هذه الصفات إلى أمرين هامين‪:‬‬
‫األول‪ :‬إن يكون الوصول إليه سهالً على جميع الناس وذلك بأن يكون اإلهتداء إلى موضع‬
‫القضاء ميسوراً‪ ،‬بحيث يتوخى العدل بين الناس جميعا ً فيما يبذلونه من جهد للوصول إليه بقدر‬
‫اإلمكان‪ ،‬ويتبين على هذا األمر‪:‬‬
‫‪ /1‬أن يكون مجلس القضاء في وسط البلد ليسهل الوصول إليه وال يكون في أطراف البلد فيشق‬
‫الوصل إليه من أغلب الناس‪.‬‬
‫‪ /2‬أن يكون بارزاً‪ ،‬وال يكون في مكان مستتر غير مشهور أو دونه حجاب فال يهتدي إليه‬
‫الغرباء‪.‬‬
‫‪ /3‬أن يكون في مكان عا ٍل مشرفا ً على طريق عام لتسهل معرفته على الناس‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬أن يكون بحيث يوفر اإلستقرار النفسي‪ ،‬والراحة الجسدية للناس الذين يقصدونه‬
‫للتقاضي‪ ،‬للقضاة الذين يتخذونه مجلسا ً ألجل القيام بوظيفة القضاء‪.‬‬
‫وينبني على هذا الشرط‪ :‬أن يكون مجلس القضاة فسيحا ً ال يتأذى الحاضرون بضيقه‪ ،‬وأن يكون‬
‫بحيث ال يؤثر فيه الحر والبرد والغبار ونحو ذلك)‪.(1‬‬
‫والسبب في اشتر اط هذين الشرطين‪ :‬أن ولوج باب القضاء ثقيل على النفس فإذا أضيف إليه‬
‫مشقة البحث على مكانه و لم تتوفر فيها الراحة النفسية وال الجسدية ربما عذف الناس عن طلب‬
‫حقوقهم وذلك مخالف لمقصد تحقيق العدالة بين العباد‪.‬‬
‫اتخاذ البَّواب والحاجب في مجلس القضاء‪:‬‬
‫ذهب بعض الفقهاء إلى كراهة ذلك إال إذا خشى اإلزدحام على القاضي‪ ،‬أو في غير وقت‬
‫القضاء‪.‬‬
‫ودليلهم على ذلك قوله صلى هللا عليه وسلم‪( :‬من واله هللا من أمر الناس شيئا ً فأحتجب عن‬
‫حاجتهم وخلتهم وفاقتهم‪ ،‬احتجب هللا عنه يوم القيامة حاجته وفاقته)‪.‬‬
‫وما روى عن أبو الحسن قال‪ :‬قال‪ :‬عمرو بن مرة لمعاوية إني سمعت رسول هللا صلى هللا عليه‬
‫وسلم يقول‪( :‬ما من إمام يغلق بابه دون ذوي الحاجة والخلة والمسكنة إال أغلق هللا أبواب السماء‬
‫دون خلته وحاجته ومسكنه‪ ،‬فجعل معاوية رجالً على حوائج الناس))‪.(2‬‬

‫(‪ ) 1‬الدعاوى والبينات والقضاء – مصطفى ديب – مرجع سابق – صـ ‪22‬‬


‫(‪ ) 2‬الجامع الكبير – سنن الترمذي – محمد بن عيسى بن سورة – تحقيق‪ :‬بشار عواد – دار الغرب اإلسالمي – بيروت – ‪1998‬م – ك األحكام – ب ما‬
‫جاء في إمام الرعية – ح ر ‪ – 1332‬صـ ‪12‬‬

‫‪16‬‬
‫كما استدلوا بما جاء في الصحيح من انه عليه الصالة والسالم لم يكن له بواب)‪.(1‬‬
‫وذهب فريق آخر من الفقهاء إلى جواز اتخاذ الحاجب مستدلين على ذلك بما جاء عن أبي موسى‬
‫األشعري رضي هللا عنه أنه كان بوابا ً لرسول هللا صلى هللا عليه وسلم لما جلست على القف‪.‬‬
‫ألن القاضي إذا لم يفعل ذلك ودخل عليه من شاء لبطلت هيبته كما أن في اتخاذ الحاجب الستر‬
‫على الخصمين واتاحة الفرصة للقاضي ليستجمع فكره‪ ،‬وقد يقال‪ :‬إن فساد الناس وانتشار‬
‫الفوضى وكثرة المنازعات‪ ،‬يكون غدرا ً في اتخاذ الحاجب من ضرورة اختيار ذوي الخلق‬
‫الكريم حتى ال يكون من المتغطرسين فينفر الناس)‪.(2‬‬

‫(‪ ) 1‬أخرجه البخاري في صحيحه – محمد بن إسماعيل البخاري – تحقيق‪ :‬محمد زهير – دار طوق النجاة – ط‪1422( 1‬هـ) ك األحكام – ب ما ذكر أن‬
‫النبي صلى هللا عليه وسلم لم يكن له بواب – ح ر ‪ – 7154‬ج‪ – 9‬صـ ‪65‬‬
‫(‪ ) 2‬أخرجه مسلم في صحيحه – أبو الحجاج مسلم بن الحسين النيسابوري – ك فضائل الصحابة – ب من فضائل عثمان – ح ر ‪ – 2403‬ج‪ – 4‬صـ‬
‫‪.1868‬‬

‫‪17‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬البينات المقبولة‬
‫تمهيد‪:‬‬
‫تعريف البينة في اللغة‪:‬‬
‫مشتقة من الفعل (بان يبين‪ ،‬وهي مؤنث بيَّن‪ ،‬وتجمع على بيَّنات وهي اسم لكل ما يبين به‬
‫)‪(1‬‬

‫الشيء‪ ،‬وقد وردت في عدة مواضع في القرآن الكريم وكلها بمعنى الظهور واإليضاح‬
‫وبمعنى التثبت وبمعنى ال ُحجة والبرهان‪.‬‬
‫بمعان أخرى في القرآن الكريم ومنها أحيانا ً معنى المعجزة‪ ،‬إال أن جميع‬‫ٍ‬ ‫كما جاءت البينة‬
‫هذه المعاني تتفق في أنها اسم لكل ما يبين الشيء ويظهره)‪.(2‬‬
‫ويطلق أصلها على معنيين هما‪:‬‬
‫أ‪ /‬الوضوح واالنكشاف‪ :‬فيقال‪ :‬بان األمر يبين فهو بيَّن إذا اتضح وانكشف)‪ ،(3‬منه قوله‬
‫تعالى‪ :‬ﱫﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ي ي‪...‬ﱫ)‪ ،(4‬ومعنى قوله ﱫﯸ ﯹﱫ أي على يقين‬
‫وأمر جلي)‪.(5‬‬
‫ومعنى الوضوح واالنكشاف كما جاء في معاجم اللغة‪ ،‬ال ُحجة الظاهرة فيقال‪ :‬جاء ببيان ذلك‬
‫وبينه أي بحجته منه‪ ،‬قوله تعالى‪ :‬ﱫﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝﱫ)‪ .(6‬أي على برهان و ُحجة)‪.(7‬‬
‫ب‪ /‬البعد واالنفصال واالنقطاع‪ :‬فيقال‪ :‬بان الشيء بيانا ً إذا إنقطع عنه وانفصل‪ ،‬ومنه بانت‬
‫المرأة عن زوجها أي انفصلت عنه بطالق‪ ،‬وبان صاحبه أي فارقه وهجره فهو بائن)‪.(8‬‬
‫البينة في االصطالح‪ :‬هي الحجة الواضحة القوية ألنها تبين الحق وتظهره وبهذا المدلول لها‬
‫معنيان‪:‬‬
‫‪ /1‬عام‪ :‬وهو الحجة والدليل كيفما كان‪ ،‬كتابة أو شهادة‪ ،‬أو قرائن‪ ،‬كما جاء في قوله صلى‬
‫هللا عليه وسلم‪( :‬البينة على المدعي واليمين على من أنكر)‬
‫‪ /2‬معنى خاص ‪ :‬وهو شهادة الشهود‪ ،‬والشهود هم األشخاص الذين يؤدون صحة الحادث أو‬
‫العمل القانوني المدعى به بإعتبار أنهم على علم بوقوعه)‪.(9‬‬
‫شروط البينة في الفقه اإلسالمي والقانون الوضعي‪:‬‬
‫أوالً شروط البينة في الفقة اإلسالمي‪:‬‬
‫لقد وضع فقهاء الشريعة اإلسالمية عدة شروط لقبول البينات المقدمة إلثبات النزاع وهي‪:‬‬
‫(‪ ) 1‬معجم مقاييس اللغة – ابن فارس – مرجع سابق – صـ ‪327‬‬
‫(‪ ) 2‬لسان العرب – البن منظور – مرجع سابق – ج‪ – 16‬صـ ‪215‬‬
‫(‪ ) 3‬مختار الصحاح – زين الدين أبو عبد هللا محمد – تحقيق‪ :‬يوسف الشيخ – المكتبة العصرية – ط‪1420( 5‬هـ ‪1999 -‬م) – ج‪ – 1‬صـ ‪43‬‬
‫(‪ ) 4‬سورة هود ‪28‬‬
‫(‪ ) 5‬تفسير القرآن العظيم – أبو الفداء اسماعيل بن كثير – تحقيق‪ :‬سامي بن محمد سالمة – دار طيبة للنشر – ط‪1420( 2‬هـ ‪1999‬م) ج‪– 4‬‬
‫صـ ‪317‬‬
‫(‪ ) 6‬سورة هود ‪17‬‬
‫(‪ ) 7‬نظم الدرر في تناسب اآليات والسور – إبراهيم عمر – دار الكتاب اإلسالمي – ج‪ – 9‬صـ ‪252‬‬
‫(‪ ) 8‬المصباح المنير – أحمد بن محمد – مرجع سابق – صـ ‪70‬‬
‫(‪ ) 9‬مجلة البحث العلمي – جامعة محمد الخامس السنة ‪ – 10‬العدد ‪ – 21 – 20‬صـ ‪1973 - 33‬‬

‫‪18‬‬
‫أن تكون البينة بلفظ الشهادة ‪ -‬أن تكون البينة شفاهةً ‪ -‬أن تكون البينة موافقة للدعوى ‪ -‬أن‬
‫تكون البينة في مجلس القضاء‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬شروط البينة في القانون الوضعي‪:‬‬
‫تأدية البينة في مجلس القضاء ‪ -‬أن تكون البينة شفاهةً ‪ -‬أن تكون البينة بلفظ أشهد أو ما يفيده‬
‫‪ -‬أن يكون مضمونها اخبار بحق للغير ‪ -‬أن تكون على اليمين ‪ -‬أن تكون موافقة للدعوى‪.‬‬
‫إضافة إلى‪ :‬أن تكون الواقعة متعلقةً بالدعوى ‪ -‬أن تكون الواقعة منتجة في الدعوى ‪ -‬أن‬
‫تكون الواقعة جائزة القبول)‪.(1‬‬

‫(‪ ) 1‬شرح قانون البينات واالجراء – د‪ .‬آدم وهب النداوي – ط‪1998( 1‬م) – مكتبة الثقافة للنشر والتوزيع – عمان – صـ ‪.35 – 34‬‬

‫‪19‬‬
‫المبحث األول‪ :‬اإلقرار‬
‫المطلب األول‪ :‬تعريف اإلقرار‪:‬‬
‫وأقر بالشيء اعترف به)‪.(1‬‬ ‫َّ‬ ‫قر الشيء قرا ً من باب ضرب‪ ،‬استقر بالمكان‬ ‫اإلقرار في اللغة‪َّ :‬‬
‫واإلقرار‪ :‬اإلعتراف بالشيء)‪ ،(2‬واإلقرار هو اإلذعان للحق وقد قرره عليه وهو االعتراف‬
‫أو هو اظهار الحق)‪.(3‬‬
‫اإلقرار في اإلصطالح‪ :‬للفقهاء تعريفات مختلفة‪:‬‬
‫تعريف الحنفية لإلقرار‪ :‬إخبار عن ثبوت حق للغير على نفسه‪ ،‬عرفوا اإلقرار بحقيقتة)‪.(4‬‬
‫تعريف المالكية‪ :‬خبر يوجب حكم صدقة على قائله فقط بلفظه أو بلفظ نائبه‪ ،‬عرفوا اإلقرار‬
‫بالزمة)‪.(5‬‬
‫الشافعية‪ :‬هو اخبار عن حق سابق على المخبر فإن كان بحق له على غيره )‪.(6‬‬
‫الحنابلة‪ :‬هو االعتراف وهو اظهار الحق لفظا ً أو كتابة أو اشارة‪ ،‬وقيل هو اظهار المكلف‬
‫الرشيد المختار ما عليه لفظا ً أو كتابة)‪.(7‬‬
‫عرف اإلقرار بحقيقته)‪.(8‬‬‫القول الراجح‪ :‬تعريف الحنفية ألنه جام ٌع مان ٌع وألنه َّ‬

‫(‪) 1‬المصباح المنير – أحمد بن محمد – مرجع سابق – صـ‪496‬‬


‫(‪ ) 2‬معجم العين – الفراهيدي – تحقيق‪ :‬مهدي المخزومي – دار مكتبة الهالل – ج‪ – 5‬صـ ‪22‬‬
‫(‪ ) 3‬القاموس المحيط – الفيروز آبادي – مؤسسة الرسالة للطباعة – بيروت – لبنان – ط‪1426( – 8‬هـ ‪2005 -‬م) – ج‪ – 1‬صـ ‪461‬‬
‫(‪ ) 4‬لسان الحكام في معرفة األحكام – أحمد بن محمد الوليد – مرجع سابق – صـ ‪265‬‬
‫(‪ ) 5‬مواهب الجليل في شرح مختصر خليل – شمس الدين أبو عبد هللا محمد – دار الفكر – ط‪1412( 3‬هـ ‪1992 -‬م) – ج‪ – 5‬صـ ‪216‬‬
‫(‪ ) 6‬روضة الطالبين وعمدة المفتين – أبو زكريا محي الدين بن يحي – تحقيق‪ :‬زهير الشاويش – المكتب اإلسالمي – بيروت – ط‪3‬‬
‫(‪1412‬هـ) – ج‪ – 4‬صـ ‪349‬‬
‫(‪ ) 7‬المحرر في الفقه على مذهب اإلمام أحمد بن حنبل – عبد السالم بن عبد هللا – مكتبة المعارف – الرياض – ط‪1404( 2‬هـ) – ج‪ – 2‬صـ‬
‫‪459‬‬
‫(‪ ) 8‬أصول المحاكمات الشرعية – أحمد محمد على – ج‪ – 1‬ط‪2004( 1‬م) – صـ ‪305‬‬

‫‪20‬‬
‫اإلقرار في القانون‪:‬‬
‫اإلقرار في القانون هو اعتراف خصم بخصمه بالحق الذي يدعيه مقدرا ً نتيجة قاصرا ً إلزام‬
‫نفسه بمقتضاه‪ ،‬وهو سيَّد األدلة في المسائل المدنية‪ ،‬ألنه يعتبر حجة قاطعة على اشتغال ذمة‬
‫صاحبه بما أقر به‪ ،‬ويجب األخذ به في جميع األحوال مهما كانت قيمة الدعوى‪.‬‬
‫ومهما كان فيه من المخالفة لمصلحة المقر الثابتة له بعقد رسمي أو عرفي إال إذا كان إقرارا ً‬
‫بأمر مخالف للنظام العام أو فيه عيب يبطله)‪.(1‬‬
‫مشروعية اإلقرار‪:‬‬
‫اإلقرار سيد األدلة قديما ً وحديثاً‪ ،‬وهو الفيصل الحاسم في إنهاء النزاع أمام القاضي ألن‬
‫المدعى عليه أما أن ينكر‪ ،‬وحينئ ٍذ يجب على المدعى إحضار الدليل وتهيئة الحجة بالبينات‬
‫إلثبات حقه‪ ،‬وإما أن يقر فيقطع النزاع ويعفي المدعى من عبء اإلثبات‪ .‬لذلك أجازت‬
‫الشريعة اإل سالمية اإلقرار وجعلته وسيلة من وسائل اإلثبات والدليل على ذلك من الكتاب‬
‫والسنة واإلجماع‪.‬‬
‫‪ /1‬الكتاب‪ :‬قال تعالى‪ :‬ﱫﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟﱫ)‪.(2‬‬
‫وجه الداللة‪ :‬أن هللا تعالى أقام ال ُحجة عليهم بإقرارهم بأخذ الميثاق‪ ،‬فاإلقرار ُحجة في إثبات‬
‫الحق والتزام صاحبه به‪.‬‬
‫‪ /2‬قال تعالى‪ :‬ﱫ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﭨ ﭩ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ه ه ه ه ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ‬
‫ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟﱫ)‪.(3‬‬
‫وجه الداللة‪ :‬أن هللا تعالى بين أن اإلقرار حجة على المقر َّ‬
‫وإال لما طلبه منه‪.‬‬
‫)‪(5‬‬
‫‪ /3‬قال تعالى‪ :‬ﱫﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜﱫ)‪ ،(4‬وجاء في تفسير الكشاف للزمخشري‬
‫معنى الشهادة على نفسه هي اإلقرار على نفسه‪ ،‬ألنه في معنى الشهادة عليها بإلزام الحق‬
‫لها‪ ،‬وقال المفسرين شهادة المرء إقرار)‪.(6‬‬
‫‪ /4‬قال تعالى‪ :‬ﱫﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵﱫ)‪.(7‬‬
‫وجه االستدالل‪ :‬جاء في المبسوط )‪ (8‬فأمر من عليه الحق باإلقرار بما عليه دليل واضح‬
‫على أنه حجة والنهي عن الكتمان وهذا دليل على أن إقراره حجة‪.‬‬

‫(‪ ) 1‬رسالة اإلثبات – أحمد نشأت – ج‪ – 2‬ط‪ – 7‬بدون تاريخ – صـ ‪3‬‬


‫(‪ ) 2‬سورة البقرة اآلية ‪84‬‬
‫(‪ ) 3‬آل عمران اآلية ‪81‬‬
‫(‪ ) 4‬سورة النساء اآلية ‪135‬‬
‫(‪ ) 5‬الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل – أبو القاسم محمود بن عمرو الزمخشري – دار الكتاب العربي – بيروت – ط‪1407( 3‬هـ ) – ج‪1‬‬
‫– صـ ‪575‬‬
‫(‪ ) 6‬أصول المحاكمات الشرعية – أحمد محمد علي – مرجع سابق – صـ ‪306‬‬
‫(‪ ) 7‬سورة البقرة ‪282‬‬
‫(‪ ) 8‬المبسوط – محمد أحمد السرخسي – دار المعرفة – بيروت – بدون ط – ‪1414‬هـ ‪1993 -‬م – ج ‪ – 17‬صـ ‪185‬‬

‫‪21‬‬
‫قال تعالى‪ :‬ﱫﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲﱫ)‪ (1‬في تفسير القرطبي)‪ (2‬قال األخفش‪ :‬جعله هو البصيرة‪ ،‬كما‬
‫تقول للرجل أنت ُحجة على نفسك‪ ،‬وقال‪ :‬ابن عباس‪ :‬بصيرة‪ ،‬أي شاهد وهو شهود‬
‫جوارحه‪.‬‬
‫ثانيا ً من السنة‪:‬‬
‫لقد وردت أحاديث كثيرة في مشروعية اإلقرار و ُحجيته منها‪:‬‬
‫‪ /1‬عن أبي هريرة وزيد بن خالد الجهني رضي هللا عنهما أنهما قاال‪ :‬أن رجالً من األعراب‬
‫أتى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم فقال‪ :‬يا رسول هللا‪ :‬أنشدك هللا إال قضيت لي بكتاب هللا؟‬
‫فقال‪ :‬الخصم اآلخر وهو أفقه منه‪ :‬نعم فأقضي بيننا بكتاب هللا وأذن لي فقال رسول هللا صلى‬
‫هللا عليه وسلم‪ :‬قل‪ ،‬قال‪ :‬إن النبي صلى هللا عليه وسلم كان عسيفا ً على هذا فزنى بإمرأته‪،‬‬
‫وإنى أخبرت أن على النبي صلى هللا عليه وسلم الرجم فافتديت منه بمائة شاة‪ ،‬و وليدة‪.‬‬
‫فسألت أهل العلم فأخبروني إنما على النبي صلى هللا عليه وسلم جلده مائة جلدة وتغريب‬
‫عام‪ ،‬وأن على إمرأة هذا‪ ،‬الرجم‪ ،‬فقال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪( :‬والذي نفسي بيده‬
‫َّ‬
‫ألقضين بينكما بكتاب هللا‪ ،‬الوليدة والغنم ُّرد وعلى ابنك جلدٌ وتغريب عام أغد ُ يا أنيس)‪ (3‬إلى‬
‫امرأة هذا فإن اعترفت فأرجمها))‪.(4‬‬
‫قال‪ :‬فغدا عليها فأعترفت فأمر بها رسول هللا صلى هللا عليه وسلم فرجمت‪.‬‬
‫وجه االستدالل‪ :‬ورد في الحديث (فإن اعترفت فأرجمها) واالعتراف هو اإلقرار لذا‬
‫فالحديث واضح الداللة على مشروعية اإلقرار وحجته‪.‬‬
‫‪ /2‬عن أبي هريرة رضي هللا عنه أنه قال‪ :‬أتى رجل من المسلمين رسول هللا صلى هللا عليه‬
‫وسلم وهو في المسجد‪ ،‬فناداه فقال‪ :‬يارسول هللا إني زنيت‪ ،‬فأعرض عنه فتنحى تلقاء وجهه‪،‬‬
‫فقال له‪ :‬يا رسول هللا إني زنيت فأعرض عنه حتى ثنى ذلك عليه أربع مرات‪ ،‬فلما شهد‬
‫على نفسه أربع شهادات دعاه رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬فقال‪( :‬أبك جنون؟) قال‪ :‬ال‪،‬‬
‫قال‪( :‬فهل أحصنت؟) قال‪ :‬نعم‪ ،‬فقال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪( :‬إذهبوا به‬
‫فأرجموه))‪ (5‬وهذا دليل على أن اإلحصان يثبت باإلقرار مرة وإن الجواب بنعم إقرار‪.‬‬
‫‪ /3‬ما ثبت عن النبي صلى هللا عليه وسلم أن ماعز)‪ (6‬أقر بالزنى فأمر النبي صلى هللا عليه‬
‫وسلم برجمه)‪ (1‬وهذا دليل على أن اإلقرار كافٍ لإلثبات وإال لما أمر النبي صلى هللا عليه‬
‫وسلم برجم ماعزا ً بعد إقراره بالزنى‪.‬‬
‫(‪ ) 1‬القيامة اآلية ‪14‬‬
‫(‪ ) 2‬الجامع ألحكام القرآن – أبو عبد هللا محمد بن أحمد القرطبي‪ -‬تحقيق‪ :‬أحمد البردوني – دار الكتب المصرية – القاهرة – ط‪1384( 2‬هـ ‪-‬‬
‫‪1964‬م) – ج‪ – 19‬صـ ‪99‬‬
‫(‪ ) 3‬أنيس بن الضحاك األسلمي صحابي شهد فتح مكة وحنين‬
‫(‪ ) 4‬صحيح البخاري – محمد بن إسماعيل البخاري – تحقيق‪ :‬محمد زهير – ط‪142( 1‬هـ) ‪ ،‬ك الشروط – ب الشروط التي ال تحل في الحدود‬
‫– ح ر ‪ – 2724‬ج‪ – 3‬صـ ‪191‬‬
‫(‪ ) 5‬صحيح مسلم – مسلم بن الحجاج أبو الحسن النيسابوري – تحقيق‪ :‬محمد فؤاد – دار احياء التراث العربي – بيروت – ك الحدود – باب‬
‫من اعترف على نفسه بالزنى – ح ر ‪ – 1691‬ج‪ – 3‬صـ ‪1318‬‬
‫(‪ ) 6‬ماعز بن مالك األسلمي له صحبة وهو الذي رجم في عهد النبي صلى هللا عليه وسلم‬

‫‪22‬‬
‫أما اإلجماع‪:‬‬
‫اتفقت كلمة المسلمين سلفا ً وخلفا ً على أن اإلقرار قد عمل به الخلفاء الراشدون والصحابة‬
‫والتابعين منذ زمن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم إلى يومنا هذا‪ ،‬وأجمعوا على كون‬
‫اإلقرار حجة على المقر‪ ،‬سواء كان في التعامل أم أمام القضاء)‪.(2‬‬
‫حكم اإلقرار‪ :‬المراد به األثر المترتب عليه‪ ،‬فمتى صدر اإلقرار مستوفيا ً لشروطه الشرعية‬
‫ترتب عليه ا ظهار الحق‪ ،‬وإلزام المقر بما أقر به‪ ،‬وإلزام القاضي الحكم بموجبه‪ ،‬وألن‬
‫اإلقرار إذا صدر على لسان المقر فإنه يظهر الحق‪ ،‬ويتبين أن هذا الحق كان ثابتا ً من قبل‬
‫فيأمر القاضي المقر بالخروج من العهدة‪ ،‬وتنفيذ مقتضى اإلقرار‪ ،‬وألن القاضي مأمور‬
‫بالحكم متى ظهر الحق‪.‬‬
‫قال تعالى‪ :‬ﱫﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ي ي ﱫﱫ)‪ ،(3‬وقال مخاطبا ً نبيه محمدا ً صلى هللا عليه وسلم‬
‫ﱫﯦ ﯧ ﯨ ﯨ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰﱫ)‪.(4‬‬
‫واإلقرار يقطع النزاع وينهي الخالف‪ ،‬ويجعل المدعى به ثابتا ً غير متنازع فيه ويقتصر‬
‫القاضي على األمر بالتسليم ودفع المقر به‪ ،‬سواء كان قليالً أو كثيرا ً وليس للقاضي االمتناع‬
‫عن الحكم أو التوقف‪ ،‬وإال كان آثماً‪ ،‬ولهذا اعتبر اإلقرار وسيلة لإلثبات‪ ،‬ألن البينات‬
‫والحجة إلثبات الحق المتنازع عليه فيه‪ ،‬واإلقرار العمدة‪ ،‬وفيه إثبات)‪ (5‬الحق دون بينات‬
‫ومن هذه األحكام‪:‬‬
‫أ‪ /‬اإلقرار حجة كاملة في اإلثبات‪ :‬ال يحتاج إلى ما يؤيده في اظهار الحق‪ ،‬وهو في الوقت‬
‫نفسه صدر ممن له حق الوالية على نفسه وماله‪ ،‬المقر يعترف وهو كامل العقل واإلدراك‬
‫ويلزم نفسه بنفسه‪.‬‬
‫ب‪ /‬اإلقرار حجة قاصرة على المقر‪ :‬ومع كونه حجة إال أنها قاصرة على المقر ال تتعدى‬
‫غير المقر‪ ،‬فلو أقر على الغير فإن إقراره عليه ال يجوز بخالف البينة فإنها حجة متعدية إلى‬
‫الغير فلو إدعى مدع على آخرين دينا ً وأقر به بعضهم وأنكر البعض فإن اإلقرار ال يلزم إال‬
‫من أقر)‪.(6‬‬

‫(‪ ) 1‬صحيح مسلم – مسلم بن الحجاج – ك الحدود – ب من اعترف على نفسه بالزنى – ح ر ‪ – 1691‬ج‪ – 3‬صـ ‪1319‬‬
‫(‪ ) 2‬اصول المحاكمات الشرعية – أحمد محمد على – مرجع سابق – صـ ‪.312‬‬
‫(‪ ) 3‬سورة صـ اإلية ‪26‬‬
‫(‪ ) 4‬سورة النساء اآلية ‪105‬‬
‫(‪ ) 5‬الدعاوى والبينات والقضاء – مصطفى ديب – مرجع سابق – صـ ‪114‬‬
‫(‪ ) 6‬فقه السنة – سيد سابق – دار الكتاب العربي – بيروت – لبنان – ط‪1397( 3‬هـ ‪1977 -‬م) – ج‪ – 3‬صـ ‪423‬‬

‫‪23‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬أركان اإلقرار‬
‫اختلف الفقهاء في أركان اإلقرار على قولين‪:‬‬
‫أ‪ /‬قال الحنفية‪ :‬إن ركن اإلقرار هو الصيغة‪ ،‬وهو اللفظ الدال على معناه صراحةً أو داللة أو‬
‫اشارة‪.‬‬
‫ب‪ /‬قال جمهور الفقهاء‪ :‬إن لإلقرار أربعة أركان‪( :‬الصيغة – المقر – المقر له – المقر‬
‫به))‪.(1‬‬
‫وسبب الخالف‪ :‬هو أن الحنفية يعرفون الركن بقولهم‪( :‬ما توقف عليه وجود الشيء وكان‬
‫جزءا ً من ماهيته‪.‬‬
‫والجمهور يعرفون الركن بأنه ما توقف عليه وجود الشيء وتصوره في العقل‪ ،‬سواء كان‬
‫جزءا ً منه أو لم يكن جزءا ً منه‪ ،‬ونالحظ أن المؤدى واحد عند األحناف والجمهور‪.‬‬
‫مذهب الحنفية‪ :‬ركن اإلقرار هو الصيغة الدالة عليه صراحة أو داللة فركنه نوعان‪ :‬صريح‬
‫وداللة‪.‬‬
‫ي كلمة إيجاب لغة وشرعاً‪ ،‬قال‬ ‫ي ألف درهم‪ ،‬ألن كلمة عل َّ‬ ‫فالصريح‪ :‬نحو أن لفالن عل َّ‬
‫تعالى‪ :‬ﱫه ه ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕﱫ)‪ (2‬كذلك لو قال لرجل‪ :‬عليك ألف درهم فقال الرجل‬
‫نعم‪ ،‬ألن كلمة نعم خرجت جوابا ً ككالمه وهذا إقرار ألن القبالة والكفالة اسم للضمان‪ .‬أما‬
‫الداللة فهي أن يقول له رجل لى عليك ألف‪ :‬فيقول قد قضيتها‪ ،‬ألن القضاء اسم لتسليم مثل‬
‫الواجب في الذمة‪ ،‬فيقضي سابقيه الوجوب)‪.(3‬‬
‫وسنتناول األركان األربعة عند الجمهور‪:‬‬
‫المقر‪ :‬هو الذي يظهر حقا ً آلخر عليه وقد عبَّر بالشخص الطبيعي والشخص اإلعتباري‪،‬‬
‫وهو المخبر بالحق عليه والمقرون ضربان‪ :‬مكلف وغير مكلف فأما غير المكلف وهو‬
‫الصبي والمجنون فإقرارهما باطل‪.‬‬
‫المقر له ‪ :‬هو الذي يصدر اإلقرار لصالحه وهو صاحب الحق وهو المستحق لما تضمنه‬
‫اإلقرار من حق وال يخلو حاله من أحد أمرين أما أن يكون آدميا ً أو غير آدميا ً)‪.(4‬‬
‫المقر به ‪ :‬وهو محل التقاضي وهو الحق الذي أخبر عنه المقر‪ ،‬ويشمل ما يثبت للشخص من‬
‫دين أو عين أو حقوق أو ابداء أو مقاصة‪ ،‬سواء كانت من حقوق هللا أو كانت من حقوق‬
‫اآلدميين إيجابية كانت أو سلبية‪.‬‬
‫والحق اإليجابي‪ :‬هو الثابت لغيره عليه مباشرة‬

‫(‪ ) 1‬التاج واإلكليل المختصر – محمد يوسف – دار الكتب العلمية – ط‪1416( 1‬هـ ‪1994 -‬م) ج‪ – 7‬صـ ‪215‬‬
‫(‪ ) 2‬سورة آل عمران – اآلية ‪97‬‬
‫(‪ ) 3‬بدائع الصنائع – عالء الدين أبوبكر – مرجع سابق – صـ ‪208‬‬
‫(‪ ) 4‬الحاوي الكبير – أبو الحسن علي بن محمد – تحقيق‪ :‬الشيخ علي محمد – دار الكتب العلمية – بيروت – ط‪1419( 1‬هـ ‪1999 -‬م) – ج‪7‬‬
‫– صـ ‪8‬‬

‫‪24‬‬
‫والحق السلبي‪ :‬الحق الواقع بطريق النفي‪ ،‬كأن يُقر بأنه ال حق له على شخص‪ ،‬وهو يشمل‬
‫اسقاط الدين والشفعة والعفو عن القصاص‪ ،‬وعن ذلك أن المقر به كالمدعى به يصح أن‬
‫يكون وجوديا ً أو عدميا ً فمن أقر بطالق بائن بمقابلة للمرأة حق عدم تعرض الزوج لها ال في‬
‫حقوق النكاح وال في الرجعة التي ال تثبت بالطالق البائن‪.‬‬
‫الصيغة ‪ :‬وهي اللفظ أو ما يقوم مقامه مما يدل على اإلخبار في ثبوت الحق للغير على‬
‫النفس‪ ،‬واللفظ قد يكون صريحا ً في داللته وهو اللفظ الموضوع لإلخبار للمقر له مثل‪ :‬له‬
‫ي‪ ،‬ويكون اللفظ غير صريح في داللته بأن يكون اللفظ غير موضوع في معناه األصلي‬ ‫عل َّ‬
‫وال يدل عليه تلقائياً‪ ،‬وإنما يستلزمه‪ ،‬كأن يقول لي عندك نقود فيقول أديتها)‪.(1‬‬
‫ويرى الباحث أن هذا الخالف يبدو شكليا ً ويرجح رأي الجمهور‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬شروط اإلقرار‬
‫أوالً‪ :‬شروط ال ُمقر‪:‬‬
‫‪ -‬أن يكون ال ُمقر بالغا ً عاقالً‪ ،‬فال يصح إقرار الصبي)‪ (2‬والمجنون لحديث‪ :‬عن عائشة أن‬
‫رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قال‪( :‬رفع القلم عن ثالثة‪ :‬عن النائم حتى يستيقظ‪ ،‬وعن‬
‫الصغير حتى يكبر وعن المجنون حتى يعقل أو يفيق))‪.(3‬‬
‫‪ -‬أن يكون المقر مختارا ً فال يصح اإلقرار ال ُمكره بالمال أو الطالق أو غيرهما لما جاء عن‬
‫النبي صلى هللا عليه وسلم عن أبي ذر الغفاري قال‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪( :‬إن‬
‫هللا قد تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه))‪.(4‬‬
‫‪ -‬أن ال يكون المقر متهما ً بإقراره ألن التهمة تخل برجحان جانب الصدق على الكذب‪ ،‬مثل‬
‫إقرار المريض مرض الموت لوارث بدين عليه‪ ،‬فال يُقبل ألنه متهم بمحاباته‪.‬‬
‫‪ -‬أن يكون ال ُمقر معلوماً‪ ،‬فلو كان مجهوالً لم يصح فلو قال واحد ٌ من جماعة على واحد منا‬
‫ألف لاير لفالن‪ ،‬لم يصح اإلقرار لتعذر القضاء على المجهول‪.‬‬
‫‪ -‬أن ال يكون المقر محجورا ً عليه فهذا يمنعه من التصرفات كالسفيه المحجور عليه لمصلحة‬
‫اآلخرين وهو المدين المفلس‪.‬‬
‫‪ -‬أن يكون اإلقرار صادرا ً من المتهم نفسه بارتكاب الجريمة المستندة إليه)‪.(5‬‬

‫(‪ ) 1‬أصول المحاكمات الشرعية – أحمد محمد علي – مرجع سابق – صـ ‪313‬‬
‫(‪ ) 2‬الجرائم الماسة بالنزاهة بين الشريعة والقانون – عزت حسنين – ط‪1987( 1‬م) – صـ ‪115‬‬
‫(‪ ) 3‬سنن ابن ماجة – ابن ماجة أبو عبد هللا محمد – تحقيق‪ :‬شعيب األرنؤوط – دار الرسالة العالمية – ط‪1430( 1‬هـ ‪2009 -‬م) – ك الطالق‬
‫– باب المعتوه والصغير والنائم – ح ر ‪ – 2041‬ج‪ – 3‬صـ ‪198‬‬
‫(‪ ) 4‬سنن ابن ماجه – ك الطالب – باب المكره والناسي – ح ر ‪ - 2043‬صـ ‪199‬‬
‫(‪ ) 5‬المقاصد الشرعية للعقوبات – ُحسني الجندي – ط‪1425( 1‬هـ ‪2005 -‬م) – دار النهضة – صـ ‪.766‬‬

‫‪25‬‬
‫شروط المقر له‪:‬‬
‫‪ -‬أن يكون المقر له معنيا ً بحيث يمكن المطالبة بالمقر به أو يكون ضمن جماعة محصورة‬
‫أو أن ال يكون مجهوالً مما له جهالة فاحشة فإن أقر وقال‪ :‬عل َّ‬
‫ي ألف لاير ولم يبيَّن الدَّائن لم‬
‫يصح إقراره‪.‬‬
‫‪ -‬أن يكون المقر له ذا أهلية للتملك ولو بالمال كالحمل فال يقبل للدابة ألنها ليست أهالً‬
‫للتملك‪.‬‬
‫‪ -‬أال يكذب المقر له المقر في إقراره فإن كذبه بطل اإلقرار‪ ،‬فاإلقرار صحيح الزم بمجرد‬
‫صدوره‪ ،‬ولكن إذا كذب المقر له المقر في إقراره ردَّه بطل اإلقرار‪.‬‬
‫‪ -‬أن يكون سبب استحقاق المقر له للمقر مقبوالً عقالً‪ ،‬فإذا كان غير مقبول لم يصح )‪.(1‬‬
‫شروط المقر به‪:‬‬
‫‪ -‬أن يكون ال ُمقر به مما يقره الشرع بأن يكون ماالً متموالً أو حقا ً مجرداً‪ ،‬كحقوق االرتفاق‬
‫وغيرها مما يجوز المطالبة فيه‪.‬‬
‫‪ -‬أن يكون ال ُمقر به معلوما ً في العقود أو التصرفات التي ال تصح مع الجهالة كالبيع‬
‫والتجارة‪ ،‬ويصح بالمجهول ويطلب من ال ُمقر تفسيره بكل ما يتمول ويتفق مع لفظه لغة‬
‫وعرفاً‪.‬‬
‫‪ -‬أن يكون ال ُمقر به محاالً عقالً وشرعاً‪ ،‬فإذا كان شرعا ً بأن كان الشرع يعده باطالً لم يصح‬
‫اإلقرار به‪ ،‬فمثال باإلقرار بالمحال العقلي‪ :‬أن يقر بأن فالنا ً أقرضه مائة دينار في اليوم‬
‫الفالني‪ ،‬وقد مات فالن قبله‪ ،‬ومثال اإلقرار بالمحال الشرعي أن يقر إنسان بقدر من السهام‬
‫لوارث أكثر مما هو مقدر له شرعا ً )‪.(2‬‬

‫(‪ ) 1‬المرافعات الشرعية – معوض مصطفى سرحان – ط‪1371( 1‬هـ ‪1952 -‬م) – صـ ‪97‬‬
‫(‪ ) 2‬القضايا واألحكام في المحاكم الشرعية – أحمد محمد علي – دار الثقافة – عمان – ط‪2005 1‬م – صـ ‪84‬‬

‫‪26‬‬
‫شروط الصيغة‪:‬‬
‫‪ -‬أن تكون الصيغة لفظا ً أو اشارة‪ ،‬وإشارة األخرص فيها مناقشة عند الفقهاء‪.‬‬
‫‪ -‬أن تكون الصيغة دالة على الجزم واليقين‪ ،‬ولو كانت شكالً أو ظنا ً في اإلقرار ال يؤاخذ به‬
‫صاحبه مثل قوله‪( :‬أشك أو أظن أنها لفالن)‬
‫‪ -‬أن تكون الصيغة منجدة غير معلقة على شرط‪ ،‬ألن اإلقرار اخبار واالخبار يبين ظهور‬
‫الحق وكشفه‪ ،‬فال يصح تعليقه في المستقبل‪.‬‬
‫تجزئة اإلقرار‪:‬‬
‫يختلف الحكم في جواز تجزئة اإلقرار ومنعه بحسب أنواعه فينقسم اإلقرار بحسب الصيغة‬
‫إلى ثالثة أنواع‪( :‬بسيط‪ ،‬وموصوف‪ ،‬ومركب)‪.‬‬
‫اإلقرار البسيط‪:‬‬
‫ويسمى التام أو الكامل وهو أن يُقر الشخص بالحق كما يدعي المدعى تماما ً دون تعديل‪ ،‬أي‬
‫ينصب على الواقعة المدعى بها دون تعديل فيها أو ادعاء بواقعة أخرى تناقضها‪.‬‬
‫مثل‪ :‬لو ادعى قرضا ً فأقر به أو ادعى قرضا ً وأجالً فأقر بهم أو ادعى وديعة بأوصاف معينة‬
‫بالنوع والصفة فأقر بها كما هي‪.‬‬
‫اإلقرار الموصوف‪ :‬أو المعدل وهو عدم االعتراف بالحق المدعى به كما هو‪ ،‬وإنما يكون‬
‫اإلقرار بالحق معدالً الوصف‪.‬‬
‫مثال‪ :‬أن يدعي دينا ً مؤجالً إلى سنتين وقد انتهى األجل فيقر بالدين المؤجل إلى ثالث‬
‫سنوات ولم ينقض األجل‪.‬‬
‫اإلقرار المركب‪:‬‬
‫هو اإلقرار بالواقعة األصلية ثم اقترانها بواقعة أخرى منفصلة عنها‪ ،‬مثل‪ :‬إذا أقر بدين‪،‬‬
‫وادعى سداده أو المقاصة فيه أو البراءة منه)‪.(1‬‬
‫اإلقرار بغير النطق‪:‬‬
‫حكم إقرار األخرس فيه خالف‪:‬‬
‫‪ /1‬قال الحنفية‪ :‬إن إقرار األخرس باإلشارة بحق خالص هلل ال يعتبر‪ ،‬لقيام الحدود على‬
‫صريح البيان وفي اإلشارة شبهة‪ ،‬والحدود تُدرأ بالشبهات‪ ،‬أما حق العبد الذي فيه حد‬
‫عرف منه ما يدل على ذلك فإنه يؤخذ به‪.‬‬ ‫كالقصاص والقذف فإقرار األخرس به إذا ُ‬
‫أما إقراره بالنسب والنكاح وغيره فهي مقبوله من األخرس بشرط فهمها‪.‬‬
‫‪ /2‬المالكية‪ :‬قالوا إن إقرار األخرس صحيح باإلشارة إذا كانت مفهومة‪.‬‬
‫‪ /3‬الشافعية‪ :‬قالوا إن إقرار األخرس معتبر في الحدود والعقود واإلحالل‪ ،‬ألن إشارته‬
‫تشعر باإللزام بالحق‪ ،‬بشرط فهم اإلشارة‪.‬‬

‫(‪ ) 1‬وسائل اإلثبات في الشريعة اإلسالمية – د‪ .‬محمد مصطفى الزحيلي – مرجع سابق – صـ ‪261‬‬

‫‪27‬‬
‫‪ /4‬الحنابلة ‪ :‬قالوا إن إشارة األخرس معتبرة إذا فهمت‪ ،‬وال تصح اإلشارة من الناطق‪،‬‬
‫وتصح اإلشارة من معتقل اللسان‪ ،‬ألنه غير ميؤوس من نطقه‪.‬‬
‫الخالصة‪ :‬المالكية والشافعية والحنابلة‪ :‬إن اإلشارة باإلقرار من األخرس معتبرة‪ ،‬سواء‬
‫كانت في العقود أو الحدود‪ ،‬بشرط أن تكون مفهومة‪.‬‬
‫الحنفية‪ :‬قالوا ال يقبل إقرار األخرس باإلشارة في حقوق هللا كالحدود‪ ،‬وتقبل في حقوق العبد‬
‫كالقصاص وغيره ‪.‬‬
‫الراجح‪ :‬اعتبار إشارة األخرس في الحدود والعقود إن فهمت وجاءت واضحة)‪.(1‬‬

‫(‪ ) 1‬الدعاوى والبينات والقضاء – مصطفى ديب – مرجع سابق – صـ ‪120‬‬

‫‪28‬‬
‫المطلب الرابع‪ :‬الرجوع عن اإلقرار‬
‫الرجوع لغة‪ :‬هو نقيض الذهاب والرجوع في الكالم ردَّه‪ ،‬والمراد به اصطالحاً‪ :‬أن يصدر‬
‫من المقر قو ٌل أو فع ٌل يناقض قوله السابق ويحصل الرجوع بقوله‪ :‬كذبت أو رجعت أو‬
‫يحصل بالهرب من الرجم‪ ،‬وبتسليم المقر به‪.‬‬
‫وقد ا تفق الفقهاء على أن الرجوع عن اإلقرار شبهة مؤثرة في الحدود كرجوع المقر بالزنا‬
‫وشرب الخمر‪ ،‬كما ورد في الجامع الكببير‪ ،‬ما روى عن أبي هريرة رضي هللا عنه قال‪:‬‬
‫َّللاُ عليه وسلَّم فقال‪ :‬إنَّهُ قد زنى‪ ،‬فأعرض عنهُ‪ ،‬ث ُ َّم‬ ‫سول هللا صلَّى َّ‬ ‫جاء ماع ٌز األسلم ُّ‬
‫ي إلى ر ُ‬
‫سول هللا‪ ،‬إنَّهُ قد زنى‪ ،‬فأعرض عنهُ‪ ،‬ث ُ َّم جاء من شقه اآلخر‪،‬‬ ‫جاء من شقه اآلخر‪ ،‬فقال‪ :‬يا ر ُ‬
‫الرابعة‪ ،‬فأُخرج إلى الح َّرة ف ُرجم بالحجارة)‪،(1‬‬ ‫سول هللا‪ ،‬إنَّهُ قد زنى‪ ،‬فأمر به في َّ‬ ‫فقال‪ :‬يا ر ُ‬
‫ي جم ٍل فضربهُ به‪ ،‬وضربهُ‬ ‫س الحجارة ف َّر يشتدُّ‪ ،‬حتَّى م َّر بر ُج ٍل معهُ لح ُ‬ ‫فل َّما وجد م َّ‬
‫)‪(2‬‬

‫س الحجارة‬ ‫َّللاُ عليه وسلَّم أنَّهُ ف َّر حين وجد م َّ‬


‫سول هللا صلَّى َّ‬ ‫اس حتَّى مات‪ ،‬فذك ُروا ذلك لر ُ‬ ‫النَّ ُ‬
‫َّللاُ عليه وسلَّم‪ :‬هالَّ تركت ُ ُموهُ وألن الحدود ت ُدرأ‬ ‫سو ُل هللا صلَّى َّ‬‫س الموت‪ ،‬فقال ر ُ‬ ‫وم َّ‬
‫بالشبهات‪ ،‬وألن حق هللا بني على المسامحة‪ ،‬كالرجوع عن اإلقرار يبطله‪.‬‬
‫أما الرجوع عن اإلقرار في حقوق اآلدميين وحقوق هللا التي ال تدرأ بالشبهات‪ ،‬كالزكاة‬
‫والكفارات فالشبهة هنا ال تؤثر فيها فال يُقبل الرجوع عنها وتعلق حق المقر له بالمقر به‪،‬‬
‫وألنه ال يجوز إلغاء كالم المكلف بال مقتضى ألن حقوق العباد مبنية على المشاحنة إللحاق‬
‫الضرر بهم وألنه حق ثبت لغيره فال يملك اسقاطه بغير رضاه سواء كانت حقوق اآلدميين‬
‫مالية أو غير مالية‪ ،‬كالنسب والنكاح فال يقبل الرجوع عنها ألن الرجوع عنها يحدث شبهة‬
‫في ثبوتها وهي ثبتت مع الشبهة‪.‬‬
‫اإلقرار بالكتابة‪:‬‬
‫ليس المراد باإلقرار اللفظي فقط وإنما المراد المعنى الذي يدل عليه سواء كان باللفظ أو‬
‫باإلشارة لألخرس أو من في حكمه أو في السكوت في حاالت خاصة‪ ،‬أما بالكتابة كاللفظ‬
‫وتمتاز عنه بالثبات والضبط‪.‬‬
‫واإلقرار بالكتابة أن يخبر الشخص في ثبوت حق لغيره على نفسه كتابة واضحة مقصودة‬
‫ويعني هذا أن تكون ظاهرة ثابتة‪ ،‬وقد اختلف العلماء في ثبوت الحق باإلقرار بالكتابة على‬
‫ثالثة أقوال‪:‬‬

‫(‪ ) 1‬الجامع الكبير ‪ -‬سنن الترمذي ‪ -‬محمد بن عيسى بن سورة بن موسى بن الضحاك‪ ،‬الترمذي‪ ،‬أبو عيسى (المتوفى‪279 :‬هـ ‪ -‬تحقيق‪:‬‬
‫بشار عواد معروف ‪ -‬دار الغرب اإلسالمي – بيروت ‪ 1998 -‬م‪ -‬ج‪ - 3‬ح ر ‪ – 1428‬ص‪88‬‬
‫(‪ ) 2‬النظام القضائي في الفقه اإلسالمي – محمد رأفت عثمان – دار البيان – ط‪1994 – 1415( 2‬م) – ج‪ – 1‬صـ ‪298‬‬

‫‪29‬‬
‫‪ /1‬إن اإلقرار بالكتابة ال تثبت به الحقوق سوا ًء شهد عليها أم ال‪ ،‬واستدلوا أن الكتابة تمثل‬
‫لونا من التزوير وتشابه الخطوط وهذه االحتماالت تضعف من قوة الكتابة في ثبوت الحقوق‬
‫فال تعتبر‪ ،‬ألن الدليل إذا تطرق إليه االحتمال سقط به)‪.(1‬‬
‫‪ /2‬إن اإلقرار بالكتابة ال تثبت به الحقوق سوا ًء أشهد عليها أم لم يشهد مطلق وهو الراجح‪.‬‬
‫واستدلوا أن اإلقرار بالكتابة كاإلقرار لفظا ً بل هو أوعى منه‪ ،‬ألن الكاتب يتمعن ويُفكر قبل‬
‫كتابة إقراره بخالف اللفظ فإنه قد يصدر مزاحا ً أو خطأ ومع هذا معتبر فكان اإلقرار بالكتابة‬
‫أولى باالعتبار‪.‬‬
‫‪ /3‬إن اإلقرار بالكتابة تثبت به الحقوق إذا أشهد عليها فإذا لم يُشهد عليها فال تثبت الحقوق‬
‫بها‪.‬‬
‫استدلوا أن اإلقرار بالكتابة إذا اشهد عليها جاز اإلثبات بها‪ ،‬ومن هنا نرى أن اإلقرار‬
‫بالكتابة مقبول شرعا ً وهو ما نرجحه بناء على األدلة من الكتاب والسنة والمعقول‪.‬‬
‫الكتاب‪ :‬قال تعالى‪ :‬ﱫﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚﱫ)‪.(2‬‬
‫فاآلية صريحة في األمر بالكتابة وإمالءه المدين لكتابة إقراره‪ ،‬ويكون إقراره بالكتابة ُح َّجة‪،‬‬
‫ولو لم تكن الكتابة وسيلة لحفظ الحقوق لما أمر هللا بها وحذر من تركها‪.‬‬
‫السنة ‪ :‬عن ابن عمر رضي هللا عنهما أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قال‪( :‬ما حق‬
‫إمريء مسلم له شيءٍ يريد أن يوصى فيه يبيت ليلتين إال و وصيته مكتوبة عنده))‪.(3‬‬
‫والشاهد أن الكتابة ُحجة في اإلثبات‪.‬‬
‫أما المعقول‪ :‬الحاجة الضروري ة داعية إلى الكتابة ألن المدين يحتاج إلى اإلقرار بالحقوق‬
‫التي عليه وال يجد شهود ليُشهدهم ألنه قد يكون وحيدا ً ومن جهة أخرى قد يكون مشرف‬
‫مرض فيحتاج إلى كتابة الحق واالعتراف به فالحاجة والضرورة من دواعي‬ ‫ٍ‬ ‫ت أو‬‫على مو ٍ‬
‫الكتابة‪ ،‬وعبارة (اإلقرار بالكتابة كاإلقرار باللسان) ونتيجة لهذه االعتبارات فقد اتجه فقهاء‬
‫العصر الحديث إلى مشروعية الكتابة في جميع األحوال)‪.(4‬‬
‫إقرار المريض‪:‬‬
‫المقصود بالمريض هنا‪ :‬المريض مرض الموت وهو ما يعجز صاحبه عن القيام بمصالحه‬
‫العادية ويغلب فيه الهالك ويالزمه حتى الموت وال تزيد مدته عن سنة‪.‬‬
‫ويقصد بإقرار المريض‪ :‬االعتراف في مرض الموت بحق ال يعرف له سبب وال طريق‬
‫لثبوته إال اإلقرار‪.‬‬

‫(‪ ) 1‬الدعاوى والبينات والقضاء – مصطفى ديب – مرجع سابق – صـ ‪125‬‬


‫(‪ ) 2‬سورة البقرة ‪282‬‬
‫(‪ ) 3‬صحيح البخاري – محمد بن اسماعيل البخاري – ك الوصايا – باب الوصايا وقوله النبي صلى هللا عليه وسلم (وصية الرجل مكتوبة‬
‫عنده) ح ر ‪ – 2738‬ج‪ – 4‬صـ ‪2738‬‬
‫(‪ ) 4‬الدعاوى والبينات والقضاء – مصطفى ديب – مرجع سابق – صـ ‪122‬‬

‫‪30‬‬
‫فإذا كان الشخص صحيحا ً أو كان مريضا ً لفترة أو باستمرار وأقر بحق آلخر‪ ،‬فإقراره‬
‫صحيح الزم‪ ،‬سوا ًء اإلقرار لوارث أو غير وارث‪ ،‬وسوا ُء كان مدينا ً أم غير مدين وسوا ًء‬
‫كان مستغرقا ً أو غير مستغرق‪ ،‬لما تقدم من ُحجية اإلقرار ومشروعيته‪.‬‬

‫اختلف الفقهاء في إقرار المريض على قولين‪:‬‬


‫‪ /1‬الجمهور (األحناف والمالكية والشافعية) إن إقرار المريض بغير وارث صحيح والزم‪،‬‬
‫ألنه ال فرق بين إقرار الصحيح لغير وارث وإقرار المريض لوارث‪ ،‬وذلك النتفاء التهمة‬
‫وكما أنه ال تهمة في إقرار الصحيح فكذلك ال تهمة في إقرار المريض )‪.(1‬‬
‫‪ /2‬قال بعض الحنابلة‪ :‬إن إقرار المريض لغير وارث غير صحيح ألنه يشبه اإلقرار‬
‫لوارث‪ ،‬فكل منهما فيه مجال لتعلق حق الورثة بالمال حال المرض واالشراف على الموت‪،‬‬
‫فيحجر على أمواله وتصرفاته‪ ،‬كالمفلس‪ ،‬رعاية لحق المفلس والغرماء‪.‬‬
‫واعترض‪ :‬أنه ال تهمة في اإلقرار لغير الوارث‪ ،‬ومتى انتفت التهمة فال مانع من ص َّحة‬
‫إقراره كما هو مقر في القواعد العامة لإلقرار‪.‬‬
‫الراجح‪ :‬قول الجمهور بص َّحة إقرار المريض لغير وارث ألن أهلية المريض وواليته‬
‫كاملتان وإن القول بعدم صحة إقراره يوقع الناس في حرج ويجلب الفوضى في المعامالت‪،‬‬
‫الحتمال خطر المرض وابطال الحقوق)‪.(2‬‬
‫إقرار المريض لوارث‪:‬‬
‫أقر الشخص في مرض موته لوارث بدين أو عين و أقر بقبض في الدين منه‪ ،‬فقد اختلف‬ ‫إذا َّ‬
‫الفقهاء في ذلك على قولين‪:‬‬
‫‪ /1‬الحنفية‪ :‬وهو المشهور إن اإلقرار غير صحيح وموقوف على إجازة الغرماء والورثه‪،‬‬
‫فإن أجازوه لزم وإن منعوه بطل‪ ،‬وهذا إذا كان المقر مدينا ً وله ورثة فإن لم يكن مدينا ً ولم‬
‫يرثه أحد غير المقر له‪ ،‬فاإلقرار صحيح الزم ويعتبر نوعا ً من الوصية‪.‬‬
‫‪ /2‬المالكية‪ :‬وهو قول عند الشافعية إن اإلقرار لورثة صحيح سواء كان المقر مدينا ً أو ليس‬
‫مدينا ً وسواء كان ورثة أو ليس ورثة‪.‬‬
‫أدلة القول األول‪( :‬السنة والمعقول)‬
‫السنة‪ :‬ما روى الدارقطني)‪ :(3‬عن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أنه قال‪( :‬ال وصية‬
‫لوارث‪ ،‬وال إقرار بدين‪.(1))...‬‬

‫(‪ ) 1‬العناية شرح الهداية – محمد بن محمود – دار الفكر – ج‪ – 1‬صـ ‪ – 385‬الكافي في فقه أهل المدينة ‪ -‬أبو عمر يوسف بن عبد هللا بن‬
‫محمد بن عبد البر بن عاصم النمري القرطبي (المتوفى‪463 :‬هـ) ‪ -‬تحيق‪ :‬محمد محمد أحيد ولد ماديك الموريتاني ‪ -‬مكتبة الرياض الحديثة‪،‬‬
‫الرياض‪ ،‬المملكة العربية السعودية – ط‪1400 ،2‬هـ‪1980/‬م – صـ ‪887‬‬
‫(‪ ) 2‬شرح الزركشي – شمس الدين محمد بن عبد هللا الزركشي – دار العبيكان – ط‪1413( 1‬هـ ‪1993 -‬م) – ج‪ – 4‬صـ ‪.163‬‬
‫(‪ ) 3‬أبو الحسن علي بن أحمد بن مسعود البغدادي الدارقطني توفي سنة ‪385‬هـ‬

‫‪31‬‬
‫المعقول‪ :‬هو أقوى ُح َّجة يتمسك بها هؤالء وهو أن الورثة قد تعلق حقهم بالتركة في مرض‬
‫الموت ألنه أشرف على الهالك‪ ،‬وبعدئ ٍذ تصبح التركة حقا ً خالصا ً لجميع الورثة بالتساوي‪،‬‬
‫فإقراره لواحد منهم فيه تهمة كبيرة في التفضيل واإليثار‪ ،‬وقالوا أيضاً‪ :‬أن اإلقرار ُح َّجة‬
‫قاصرة على المقر‪ ،‬وهنا تعدي على حق الورثة الذي تعلق بالتركة‪.‬‬
‫أدلة القول الثاني‪ :‬استدلوا بالقواعد العامة لإلقرار وهو عدم التفرقة بين اإلقرار لوارث أو‬
‫غير وارث وعدم التفرقة بين إقرار المريض وإقرار الصحيح‪.‬‬
‫الراجح‪ :‬وهو القول بالصحة لعموم األدلة)‪.(2‬‬

‫(‪ ) 1‬سنن الدارقطني ‪ -‬أبو الحسن علي بن أحمد بن مسعود البغدادي الدارقطني – تحقيق‪ :‬شعيب األرنؤوط – مؤسسة الرسالة – ط‪1‬‬
‫(‪1424‬هـ ‪2004 -‬م) – ك الوصايا – ح ر ‪ – 4298‬ج‪ – 5‬صـ ‪268‬‬
‫(‪ ) 2‬الدعاوى والبينات والقضاء – مصطفى ديب – مرجع سابق – صـ ‪128‬‬

‫‪32‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬الشهادة‬
‫المطلب األول‪ :‬تعريف الشهادة وبيان مشروعيتها‬
‫الشهادة في اللغة‪ :‬مصدر مشتق من شهد يشهد شهادة فهو شاهد‪ ،‬والجمع أشهاد وشهود‪،‬‬
‫معان في اللغة)‪.(1‬‬
‫ٍ‬ ‫وللشهادة عدة‬
‫ومن معانيها‪:‬‬
‫‪ /1‬الحضور‪ :‬يُقال‪ :‬شهده شهودا ً أي حضره‪ ،‬فهو شاهد‪ ،‬وقوم شهود أي حضور ومن ذلك‬
‫قوله تعالى‪ :‬ﱫﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩﱫ )‪ (2‬أي‪ :‬إذا حضر وفيه احضار تقديره من حضر منكم المصر في‬
‫الشهر عاقالً بالغا ً صحيحا ً ُمقيما ً فليصمه)‪ (3‬ومنه قوله تعالى‪ :‬ﱫﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ه هﱫ)‪ .(4‬أي‬
‫محضور يحضره أهل السماء واألرض‪ ،‬ويجتمع فيه الخلق كلهم وهو يوم القيامة )‪ ،(5‬وقوله‪:‬‬
‫ﱫﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭﱫ)‪ ،(6‬أي حضور‪.‬‬
‫‪ /2‬المعاينة‪ :‬يُقال‪ :‬شهدت الشيء أي‪ :‬عاينته والمشاهدة المعاينة لقوله تعالى‪ :‬ﱫﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ‬
‫ﭳ ﭴ ﱫ)‪.(7‬‬
‫‪ /3‬العلم والبيان‪ :‬كقول المؤذن‪ :‬أشهد أن ال إله إال هللا‪ ،‬أي أعلم وأبين أن ال إله إال هللا ومنه‬
‫قوله تعالى‪( :‬ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭳ ﭴ) أي بين وأعلم‪ ،‬والشاهد هو الذي يعلم الشيء ويبينه))‪.(8‬‬
‫‪ /4‬الخبر القاطع‪ :‬تقول‪ :‬شهد الرجل على كذا‪ ،‬أي أخبر به خبرا ً قاطعا ً)‪.(9‬‬
‫‪ /1‬اإلخبار واألداء‪ :‬تقول شهد له بكذا شهادة أي‪ :‬أدى ما عنده من الشهادة فهو شاهد وأصل‬
‫الشهادة‪ :‬االخبار بما شاهده‪.‬‬
‫‪ /2‬القسم واليمين‪ :‬تقول اشهد بكذا أي أحلف ومنه)‪ ،(10‬قوله تعالى‪ :‬ﱫﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛﱫ)‪ ،(11‬أي‬
‫أربعة أيمان‪ ،‬فالشهادة هنا معناها اليمين‪ ،‬أيضا ً الشهادة بمعنى اإلقرار لقوله تعالى‪ :‬ﱫﮌ ﮍ‬
‫ﮎ ﮏﱫ)‪.(12‬‬
‫معان كثيرة غير ذلك‪ ،‬ولكن يكتفى بما سبق لداللته على معنى الشهادة التي تعتمد على‬ ‫ٍ‬ ‫ولها‬
‫الحضور الذي يترتب عليه العلم اليقين‪ ،‬بحيث تؤكد عند القاضي ظنا ً راجحا ً بصدق الشاهد‪،‬‬
‫وثبوت الواقعة)‪.(1‬‬

‫(‪ ) 1‬تهذيب لسان العرب – ابن منظور – دار الكتب العلمية – ط‪1413( 1‬هـ) – م‪ – 1‬صـ ‪699‬‬
‫(‪ ) 2‬سورة البقرة اآلية ‪185‬‬
‫(‪ ) 3‬تفسير القرطبي – الجامع ألحكام القرآن – أبو عبد هللا محمد – مرجع سابق – صـ ‪299‬‬
‫(‪ ) 4‬سورة هود اآلية ‪103‬‬
‫(‪ ) 5‬تفسير الطبري – جامع البيان – محمد بن جرير بن كثير الطبري – تحقيق‪ :‬د‪ .‬عبد هللا بن عبد المحسن – دار الهجرة – ط‪1422( 1‬هـ ‪-‬‬
‫‪2001‬م) – ج‪ – 12‬صـ ‪574‬‬
‫(‪ ) 6‬سورة البروج اآلية ‪7‬‬
‫(‪ ) 7‬سورة آل عمران اآلية ‪18‬‬
‫(‪ ) 8‬القاموس المحيط – الفيروزآبادي – مرجع سابق – صـ ‪373‬‬
‫(‪ ) 9‬لسان العرب البن منظور – مرجع سابق – صـ ‪2348‬‬
‫(‪ ) 10‬مقاصد الشريعة اإلسالمية في الشهادة – بركات أحمد – دار النفائس – ط‪1425( 1‬هـ ‪2005 -‬م) – صـ ‪50‬‬
‫(‪ ) 11‬سورة النور اآلية ‪6‬‬
‫(‪ ) 12‬سورة التوبة اآلية ‪17‬‬

‫‪33‬‬
‫الشهادة في اصطالح الفقهاء‪:‬‬
‫عرف الفقهاء الشهادة بتعريفات كثيرة متقاربة المعنى‪ ،‬تدور جميعا ً حول معنى واحد‪ ،‬وهو‬
‫اخبار الشاهد العدل بما علمه في مجلس القضاء على التفصيل اآلتي‪:‬‬

‫‪ /1‬عند الحنفية‪ :‬هي إخبار عن صدق‪ ،‬بلفظ الشهادة في مجلس القضاء والحكم)‪ ،(2‬وهي‬
‫اخبار صدق الثبات حق‪ ،‬بلفظ الشهادة في مجلس القضاء‪ ،‬وهي عبارة عن اخبار بصدق‬
‫مشروط في مجلس القضاء ولفظ الشهادة)‪ ،(3‬وعرفتها مجلة األحكام العدلية بأنها‪( :‬اإلخبار‬
‫بلفظ الشهادة) يعني يقول‪ :‬أشهد باثبات حق أحد الذي هو في ذمة اآلخر‪ ،‬في حضور القاضي‬
‫ومواجهة الخصمين‪ ،‬يُقال للمخبر شاهد‪ ،‬ولصاحب الحق مشهود له‪ ،‬وللمخبر عليه مشهود‬
‫عليه وللحق مشهود به )‪.(4‬‬
‫‪ /2‬عند المالكية‪( :‬إخبار عدل حاكما ً بما علم‪ ،‬ولو بأمر عام ليحكم بمقتضاه)‪ ،‬وتعريف آخر‪:‬‬
‫علم ليقتضي بمقتضاه‪ ،‬وإنما تصح شهادة العدل)‪.(5‬‬‫(الشهادة إخبار حاكم عن ٍ‬
‫‪ /3‬عند الشافعية‪( :‬اإلخبار بحق للغير بلفظ أشهد)‪ ،‬وقال بعضهم‪ :‬هي إخبار عن شيء بلفظ‬
‫خاص‪ ،‬لذلك التعريف األول أدل على معنى الشهادة‪ ،‬من الثاني وإن كان اآلخير أشمل)‪.(6‬‬
‫‪ /4‬عند الحنابلة‪( :‬اإلخبار بما علمه بلفظ أشهد أو شهدت))‪.(7‬‬
‫تعريف آخر‪( :‬اإلخبار بما علمه بلفظ خاص))‪.(8‬‬
‫وعرفها صاحب المبدع في شرح المقنع (هي االخبار ع َّما شوهد أو علم ويلزم من ذلك‬
‫انعقادها))‪.(9‬‬
‫بعد عرض تعريفات الفقهاء للشهادة يظهر لنا أن تعريفهم لها متقارب في معناه‪ ،‬وإن كان‬
‫هنالك اختالف ففي أمرين كما يبدو‪:‬‬
‫األول‪ :‬اشتراط أداء الشهادة بلفظ معين وهو (أشهد) وهو ما قال به الحنفية والمالكية في قول‬
‫الشافعية ورواية عند الحنابلة‪ ،‬أما المالكية في أظهر القولين عندهم و الحنابلة في الرواية‬
‫األخرى فال يشترطون ذلك‪.‬‬
‫وأرى أن ما ذهب إليه المالكية في المشهور هو األولى بالقبول‪ ،‬ألن الشهادة إخبار بما رآه‬
‫الشاهد والمدار على ما يدل على حصول علمه‪.‬‬

‫(‪ ) 1‬أحكام شهادة النساء – د‪ .‬محمد فتح هللا النشار – دار الجامعة الجديدة – بدون ط – ‪2006‬م – صـ ‪14‬‬
‫(‪ ) 2‬البناية شرح الهداية – أبو محمد محمود الغيتابي – دار الكتب العلمية – ط‪1420( 1‬هـ ‪2000 -‬م) – ج‪ – 9‬صـ ‪100‬‬
‫(‪ ) 3‬الجوهرة النيرة – أبوبكر بن علي – المطبعة الخيرية – ط‪1322( 1‬هـ ‪ -‬ج‪ – 2‬صـ ‪224‬‬
‫(‪ ) 4‬درر الحكام شرح مجلة األحكام ‪ -‬حمد بن فرامرز بن علي الشهير بمال – دار احياء الكتب العربية – بيروت – ط‪ – 1‬صـ ‪345‬‬
‫(‪ ) 5‬حاشية الدسوقي على شرح الكبير – محمد بن أحمد بن عرفة المالكي – دار الفكر – بدون ط – ج‪ – 4‬ص‪164 ،‬‬
‫(‪ ) 6‬مقاصد الشريعة اإلسالمية في الشهادات – بركات أحمد – مرجع سابق – صـ ‪51‬‬
‫(‪ ) 7‬حاشية الروض المربع شرح زاد المستنقع – عبد الرحمن بن محمد بن قاسم – ط‪1397( 1‬هـ) – ج‪ – 7‬صـ ‪580‬‬
‫(‪ ) 8‬اإلقناع في فقه اإلمام أحمد – موسى بن أحمد – تحقيق‪ :‬عبد اللطيف محمد – دار المعرفة – بيروت – ج‪ – 4‬صـ ‪430‬‬
‫(‪ ) 9‬المبدع في شرح المقنع – إبراهيم بن محمد بن عبد هللا – دار الكتب العلمية – بيروت – ط‪1418( 1‬هـ ‪1997 -‬م) – ج‪ – 8‬صـ ‪281‬‬

‫‪34‬‬
‫الثاني‪ :‬اشتراط أدائها في مجلس القضاء وهو الذي يظهر من تعريف الحنفية‪ ،‬ويستنبط من‬
‫تعريف المالكية‪ ،‬حيث أنهم قيَّدوا اإلخبار بكونه الحاكم‪ ،‬وهو ما يغلب عليه أن يكون في‬
‫مجلس القضاء‪ ،‬وأما الشافعية والحنابلة فالذي يظهر من تعريفهم عدم اشتراط ذلك‪.‬‬
‫ويرى الباحث أن ما ذهب إليه الحنابلة والمالكية هو األولى بالقبول)‪.(1‬‬
‫من خالل التعريفات السابقة للشهادة يتضح أن الشهادة تتميز بعدة خصائص هي‪:‬‬
‫‪ /1‬إن الشهادة ال تكون إال في مجلس القضاء‪.‬‬
‫‪ /2‬إن الشهادة تصدر عن شخص ليس خصما ً في الدعوى‪.‬‬
‫‪ /3‬الشهادة ُح َّجة غير قاطعة‪ ،‬ألن ما يثبت من خاللها يقبل النفي بشهادة أخرى‪ ،‬بخالف‬
‫اإلقرار واليمين حيث يعتبران ُحجة قاطعة‪.‬‬
‫‪ /4‬الشهادة حجة متعدية‪ ،‬أي أن ما يُثبت عن طريقها يُعتبر ثابتا ً بالنسبة للكافة‪ ،‬بخالف‬
‫اإلقرار الذي يُعتبر ُح َّجة قاصرة على المقر)‪.(2‬‬

‫(‪ ) 1‬أحكام شهادة النساء – محمد فتح هللا – مرجع سابق – صـ ‪18‬‬
‫(‪ ) 2‬أصول اإلثبات – شرف الدين أحمد – ج‪ – 1‬طبعة نادي القضاة – القاهرة – صـ ‪282‬‬

‫‪35‬‬
‫مكانة الشهادة بين غيرها من وسائل اإلثبات‪:‬‬
‫الشهادة من طرق االثبات التي عظم هللا قدرها ورفع مكانتها فأضافها إلى ذاته العلمية‪،‬‬
‫)‪(1‬‬
‫ووصف بها المالئكة والعلماء‪ ،‬يقول هللا تعالى‪ :‬ﱫﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯﱫ‬
‫فأكتسب بذلك شرفا ً حيث جعلها هللا تعالى أداة لتوثيق الحقوق وحفظها صونا لها من الجحود‬
‫واالنكار‪ ،‬فالحاجة إليها ماسة والضرورة إليها داعية‪ ،‬الختالف طبائع الناس وأخالقهم و‬
‫وقوع التخاصم والتنازع والتجاحد فيما بينهم فأمر سبحانه بإقامتها‪ ،‬وندب إليها‪ ،‬لقوله تعالى‪:‬‬
‫ﱫﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎﱫ)‪ ،(2‬وقوله تعالى‪ :‬ﱫﮉ ﮊ ﮋ ﮌﱫ)‪.(3‬‬
‫كما نهى عن التقاعس عن أدائها وكتمها‪ ،‬وجعل اإلثم قرين من يفعل ذلك‪ ،‬لقوله تعالى‪ :‬ﱫﭨ ﭩ‬
‫ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰﱫ)‪ ،(4‬كما حذر من إقامتها على غير وجهها فقال تعالى‪ :‬ﱫﮨ ﮩ ه ه ه ه‬
‫ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝﱫ)‪.(5‬‬
‫ومن ثم اكتسبت الشهادة من بين وسائل االثبات المكانة الرفيعة‪ ،‬والمنزلة العليا)‪.(6‬‬
‫أدلة مشروعيتها‪:‬‬
‫تضافرت األدلة من القرآن الكريم والسنة واإلجماع والمعقول على مشروعية الشهادة‬
‫وأهميتها وضرورتها في إثبات الحقوق وإيصالها إلى أصحابها واستقرار المجتمع اإلسالمي‬
‫ودوام تماسكه وتوازنه‪.‬‬
‫أوالً القرآن الكريم‪ /1 :‬قال تعالى‪ :‬ﱫﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵﱫ)‪.(7‬‬
‫وجه الداللة ‪ :‬على مشروعية الشهادة أنها أمانة وأن الشخص ملزم بأدائها‪ ،‬كسائر األمانات‬
‫وإنما خص القلب باإلثم‪ ،‬ألنه موضوع العلم بها)‪ (8‬وقوله تعالى‪ :‬ﱫﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎﱫ)‪.(9‬‬
‫قال الجصاص في قوله تعالى‪ :‬ﱫ ﮌ ﮍ ﮎﱫ إن هذا فيه أمر بإقامة الشهادات عند الحكام‬
‫على الحقوق كلها)‪.(10‬‬
‫‪ /2‬وقوله تعالى‪ :‬ﱫﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟﱫ)‪.(11‬‬
‫وجه الداللة‪ :‬دلت اآليات السابقة على أن هللا سبحانه وتعالى أمر باالشهاد إلثبات الحق‪ ،‬فلو‬
‫لم تكن الشهادة مشروعة لما أمر هللا بها‪ ،‬فدل ذلك على مشروعية الشهادة ك ُح َّجة عند‬
‫التنازع ووسيلة إلثبات الحق أمام القضاء‪.‬‬

‫(‪ ) 1‬سورة آل عمران اآلية ‪18‬‬


‫(‪ ) 2‬سورة الطالق اآلية ‪2‬‬
‫(‪ ) 3‬سورة البقرة اآلية ‪282‬‬
‫(‪ ) 4‬سورة البقرة اآلية ‪283‬‬
‫(‪ ) 5‬سورة المائدة اآلية ‪8‬‬
‫(‪ ) 6‬أحكام شهادة النساء – محمد فتح هللا النشار – مرجع سابق – صـ ‪19‬‬
‫(‪ ) 7‬سورة البقرة اآلية ‪283‬‬
‫(‪ ) 8‬الجامع ألحكام القرآن – القرطبي – مرجع سابق – صـ ‪286‬‬
‫(‪ ) 9‬سورة الطالق اآلية ‪2‬‬
‫(‪ ) 10‬أحكام القرآن – أبوبكر أحمد الجصاص – دار الفكر – بيروت – ‪1993‬م – ج‪ – 3‬صـ ‪682‬‬
‫(‪ ) 11‬سورة النور اآلية ‪4‬‬

‫‪36‬‬
‫ثانياً‪ :‬السنة النبوية‪ /1 :‬عن األشعث بن قيس قال‪ :‬كان بيني وبين رجل خصومة في بئر‬
‫فاختصمنا إلى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم فقال رسول هللا‪( :‬شاهداك أو يمينه‪ ،‬فقلت إنه‬
‫يحلف وال يبالي‪ ،‬فقال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ :‬من حلف على يمين يستحق بها ماالً‬
‫هو فيها فأجر‪ ،‬لقي هللا وهو غضبان))‪.(1‬‬
‫وجه الداللة‪ :‬طلب الرسول صلى هللا عليه وسلم من المدعى إثبات حقه بشهادة الشهود‪ ،‬وهذا‬
‫يدل على أنها إحدى وسائل االثبات في القضاء‪.‬‬
‫‪ /2‬ما روى عن زيد بن خالد الجهمي أنه سمع النبي صلى هللا عليه وسلم يقول‪( :‬خير‬
‫الشهداء من أدى شهادته قبل أن يسألها‪.(2))...‬‬
‫وجه الداللة‪ :‬إن النبي صلى هللا عليه وسلم يخبر عن خير الشهداء وأكملهم ثوابا ً عند هللا‬
‫وهو الذي يأتي ألداء الشهادة قبل أن يُطلب ويسأل منه‪ ،‬ألن بها ت ُحمى الحقوق من الضياع‬
‫وبتركها تعطل بعض األحكام)‪.(3‬‬
‫‪ /3‬عن عبد هللا بن عباس رضي هللا عنهما أن النبي صلى هللا عليه وسلم قال‪( :‬البينة على‬
‫المدعي واليمين على المدعى عليه))‪.(4‬‬
‫وجه الداللة‪ :‬البينة تشمل الشهادة كنوع من أنواع البينة فتكون إحدى الطرق التي يتم بها‬
‫اإلثبات‪.‬‬
‫ثالثا ً اإلجماع‪ :‬أجمع الفقهاء على أن الشهادة ُح َّجة شرعية وطريق من طرق القضاء ووسيلة‬
‫إلثبات الحق‪ ،‬ولم يُخالف في ذلك أحد من العلماء إلى هذا اليوم على اعتبار الشهادة وسيلة‬
‫من وسائل اإلثبات مستندا ً على ما جاء من نصوص القرآن والسنة النبوية)‪.(5‬‬
‫رابعا ً المعقول‪ :‬العقل يحكم بأن اإلنسان بحاجة إلى الشهادة وذلك بوجود الحاجة الداعية‬
‫لذلك‪ ،‬ولوجود التخاصم والنزاعات بين الناس فالبد من ُح َّجة تلزم الطرفين بالحق‪ ،‬فمن‬
‫خاللها يتم فض النزاعات وإيصال الحقوق إلى أصحابها‪.‬‬
‫فكان تشريع الشهادة لمقصد عظيم وهو تحقيق مصالح العباد في الدنيا واآلخرة وحماية الفرد‬
‫من الظلم والكذب‪ ،‬والقياس يأتى كون الشهادة ُح َّجة في األحكام ألنه خبر محتمل للصدق‬
‫والكذب والمحتمل ال يكون ُح َّجة ملزمة‪ ،‬وألن خبر الواحد ال يوجب العلم إال أنه يوجب‬
‫العمل به والقضاء كذلك‪ ،‬وألنه ملزم فيستدعي سببا ً موجبا ً للعلم وهو المعاينة ولكننا تركنا‬

‫(‪ ) 1‬هذا الحديث سبق تخريجه – صـ ‪6‬‬


‫(‪ ) 2‬أخرجه مسلم في صحيحه – أبو الحجاج مسلم النيسابوري – ك االقضية – ب خير الشهود – ح ر ‪ – 1719‬ج‪ – 3‬صـ ‪1344‬‬
‫(‪ ) 3‬مقاصد الشريعة اإلسالمية في الشهادات – بركات أحمد – مرجع سابق – صـ ‪57‬‬
‫(‪ ) 4‬أخرجه الترمذي في سننه – محمد بن عيسى بن سورة الترمذي – تحقيق‪ :‬بشار عواد – ك األحكام – باب ما جاء في البينة على المدعي‬
‫واليمين على المدعى عليه – ح ر ‪ – 1341‬ج‪ – 3‬صـ ‪19‬‬
‫(‪ ) 5‬المبسوط – شمس الدين السرخسي – مرجع سابق – صـ ‪112‬‬

‫‪37‬‬
‫وقوله‬ ‫ذلك للنصوص التي فيها أحكام العمل بالشهادة من ذلك قوله تعالى‪ :‬ﱫﮉ ﮊ ﮋ ﮌﱫ‬
‫)‪(1‬‬

‫صلى هللا عليه وسلم‪( :‬شاهداك أو يمينه))‪.(2‬‬


‫وفيه معنيان‪ :‬أحدهما حاجة الناس إلى ذلك‪ ،‬ألن المنازعات والخصومة تكثر بين الناس‬
‫وتعذر إقامة ال ُح َّجة الموجبة للعلم في كل خصومة والتكليف بحسب الوسع‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬إلزام الشهود حيث جعل الشرع شهادتهم ُح َّجة إليجاب القضاء مع احتمال الكذب إذا‬
‫ظهر رحجان جانب الصدق ولما خص هللا تعالى هذه األمة بكرامات وخصهم بكونهم شهداء‬
‫على الناس في يوم القيامة قال تعالى‪ :‬ﱫﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱﱫ)‪ .(3‬لذلك جاءت الشهادة‬
‫ق حقه‪ ،‬قال شريح)‪( :(4‬القضاء جمر‪ ،‬فنحه عنك‬ ‫لتسهيل أعمال القضاء وإعطاء كل ذي ح ٍ‬
‫بعودين يعني الشاهدين‪ ،‬وإنما الخصم دا ٌء‪ ،‬والشهود شفاء‪ ،‬فأفرغ الشفاء على الداء))‪.(5‬‬
‫الحكمة من مشروعية الشهادة‪:‬‬
‫أباحت الشريعة اإلسالمية الشهادة كوسيلة من وسائل إثبات الحقوق لحاجة الناس إليها‪ ،‬ولما‬
‫يترتب عليها من منافع كثيرة منها‪:‬‬
‫‪ /1‬الشهادة طريقة من الطرق التي تدعم الروابط االجتماعية بين الناس وتوثيق الصالت‬
‫بينهم‪ ،‬فأمر هللا الناس باإلشهاد على الحقوق‪ ،‬وفرض عليهم تأديتها وعدم كتمانها لقوله‬
‫تعالى‪ :‬ﱫﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰﱫ)‪.(6‬‬
‫‪ /2‬الشهادة سبب إلحياء الحقوق وصيانة األعراض‪.‬‬
‫‪ /3‬الشهادة من وسائل اإلثبات التي تثبت بها الحقوق سوا ًء كانت هلل أم للعباد‪.‬‬
‫‪ /4‬الشهادة فيها نصرة للحق الذي يحمله المسلم على غيره من المسلمين‪.‬‬
‫‪ /5‬إن للشهود مكانة في الشريعة اإلسالمية‪ ،‬حيث يتبين بهم الحق ويُرفع بهم الظلم)‪.(7‬‬
‫‪ /6‬إن في تشريع الشهادة تيسيرا ً على الناس في ضبط معامالتهم وتصرفاتهم‪ ،‬وهذا التيسير‬
‫هو أحد المقاصد التي جاءت بها الشريعة اإلسالمية)‪.(8‬‬

‫(‪ ) 1‬سورة البقرة اآلية ‪282‬‬


‫(‪ ) 2‬هذا الحديث سبق تخريجه صـ‪7‬‬
‫(‪ ) 3‬سورة البقرة اآلية ‪143‬‬
‫(‪ ) 4‬هو شريح بن الحارث بن قيس بن الجهم أبو أمية الكندي – ولي قضاء الكوفة في زمن عمر بن الخطاب – توفي سنة ‪87‬هـ‬
‫(‪ ) 5‬الفروق – شهاب الدين أحمد بن إدريس القرافي – عالم الكتب – بيروت – ج‪ – 4‬صـ ‪34‬‬
‫(‪ ) 6‬سورة البقرة اآلية ‪283‬‬
‫(‪ ) 7‬تبصرة األحكام – بن فرحون – ط مصطفى الحلبي – بيروت – ج‪ – 1‬صـ ‪209‬‬
‫(‪ ) 8‬وسائل اإلثبات في الشريعة اإلسالمية –محمد الزحيلي – مرجع سابق – صـ ‪119‬‬

‫‪38‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬أنواع الشهادة‬
‫هنالك أنواع مختلفة من الشهادة‪ ،‬منها شهادة الرؤية أو مباشرة؛ فيشهد الشاهد بما رآه بعينه‬
‫وهي أقوى أنواع الشهادات ألن أساسها المشاهدة والمناظرة‪ ،‬وهنالك نوع آخر وهي الشهادة‬
‫السمعية أو المنقولة أو غير المباشرة‪ ،‬باإلضافة إلى نوعين آخرين هما الشهادة بالتسامع‬
‫والشهادة بالشهرة العامة‪.‬‬
‫أوالً الشهادة األصلية (المباشرة)‪:‬‬
‫ويعبر عنها بالشهادة المباشرة‪ ،‬وهي األصل ألن األصل في الشهادة أن تكون مباشرة وهي‬
‫الشهادة التي تكون بناءا ً على معاينة مباشرة أو شهادة متيقنة أو سماع مباشرة إذا كان مما‬
‫يُرى أو يسمع‪ ،‬فيكون التحمل بمعاينة المشهود به بنفسه ال بغيره)‪.(1‬‬
‫وهي التي تؤدي إلى الحقيقة رأسا ً وبغير واسطة ألنها تنصب على ذات الواقعة المراد‬
‫إثباتها‪ ،‬فهي يجب أن تؤدى مباشرة من الشاهد الذي رأى أو سمع أو أدرك الواقعة محل‬
‫الشهادة‪.‬‬
‫وقد تكون حاسة الشاهد الذي أدرك أو عاين بها الواقعة هي بصره‪ ،‬كما لو ذكر أنه شاهد‬
‫سم للمجني عليه في شرابه‪ ،‬وقد تكون حاسته السمع‪ ،‬كما لو شهد أنه سمع‬ ‫المتهم أنه يضع ال ُّ‬
‫عبارات القذف والسب التي وجهها المتهم إلى المجني عليه ففي الحالتين الشهادة مباشرة إذ‬
‫أن الشاهد قد عاين الواقعة بحواسه الشخصية‪ ،‬وعلى هذا فالشهادة المباشرة تعد النموذج‬
‫األصلي للشهادة)‪.(2‬‬
‫ويستدل على أن األصل بالشهادة العلم واليقين لقوله تعالى‪ :‬ﱫﯨ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮﱫ)‪ ،(3‬وقوله‬
‫تعالى‪ :‬ﱫﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ي يﱫ)‪.(4‬‬
‫ويعرف بعض الفقه القانوني)‪ ،(5‬الشهادة األصلية بأنها قيام الشاهد باإلدالء أمام مجلس‬
‫القضاء بما وقع تحت سمعه وبصره مباشرة دون أن يعتمد في نقل هذه الوقائع على آخرين‬
‫كحدوث واقعة ضرب أمام شخص‪ ،‬فيشهد بما رآه وسمعه‪ ،‬وتعد الشهادة األصلية في القانون‬
‫من أقوى الشهادات ما لم يثبت تزويرها)‪.(6‬‬
‫ومن هنا يرى الباحث‪ :‬أن القانون يقترب من الشريعة اإلسالمية بضرورة مباشرة الشهادة‬
‫األصلية بالمعاينة أو السماع المباشر وهذا االتفاق ينطلق من ضرورة الضبط الواجب‬
‫توافره في الشهادة األصلية‪.‬‬
‫ثانيا ً الشهادة الثانوية (غير المباشرة)‪:‬‬
‫(‪ُ ) 1‬حجية الشهادة في اإلثبات في النص اإلسالمي والقانون المقارن – الخياري عبد هللا علي – دون سنة نشر – مركز األمن للنشر – صـ‬
‫‪385‬‬
‫(‪ ) 2‬اإلثبات الجنائي في القانون المقارن والفقه اإلسالمي – د‪ .‬أيمن فاروق عبد المعبود – ‪1433‬هـ ‪2011 -‬م – صـ ‪166‬‬
‫(‪ ) 3‬الزخرف اآلية ‪86‬‬
‫(‪ ) 4‬اإلسراء اآلية ‪36‬‬
‫(‪ ) 5‬شرح أحكام قانون البينات – العبودي عباس – دار الثقافة – عمان – ‪2005‬م – صـ ‪145‬‬
‫(‪ ) 6‬دور الحاكم المدني في اإلثبات – النداوي آدم وهيب – دراسة مقارنة – دار الثقافة – عمان – ط‪2001 – 1‬م – صـ ‪316‬‬

‫‪39‬‬
‫ويعبر عنها بالشهادة غير المباشرة‪ ،‬وتختلف عن الشهادة األصلية في أن يشهد الشاهد بما‬
‫سمع وليس بما أدرك مباشرة‪ ،‬فيشهد الشاهد بواقعة معينة بالذات في حين الشاهد في الشهادة‬
‫األصلية يشهد أنه رأى هذه الواقعة بعينه أو سمعها بأذنه‪ ،‬فالشهادة الثانوية هي شهادة‬
‫سماعية‪ ،‬فيشهد الشاهد أنه سمع الواقعة التي يرويها له شاهد يكون هو الذي رآها أو سمعها‬
‫بأذنه‪ ،‬فهي شهادة منقولة تعتمد على السمع)‪.(1‬‬
‫ومن الشهادة الثانوية الشهادة بالظن الغالب‪ ،‬وذلك فيما ال يثبت بالحس‪ ،‬بل بقرائن األحوال‬
‫أو الخبرة الباطنة‪ ،‬فكيَّف الظن القريب اليقين‪.‬‬
‫وتسمى بالشهادة على الشهادة بحيث يشهد الشاهد بما سمعه من شخص آخر‪ ،‬أي أن الشاهد‬
‫سميت هذه‬ ‫هنا لم يُشاهد الواقعة أو الحادثة بنفسه بل سمع عنها من شخص آخر‪ ،‬ولهذا ُ‬
‫الشهادة غير المباشرة بالشهادة السماعية)‪ ،(2‬فمثالً قد يُصاب شخص بطلق ناري من آخر‬
‫وقبل أن تصعد روحه إلى بارئها فقد يتلفظ ويقول عبارات صريحة بأن الذي قتله فالن‪،‬‬
‫ويحكي أمام من حضر إليه ولحقه قبل احتضاره‪ ،‬ثم يموت بعد برهة وجيزة‪ ،‬وهنا يتقدم‬
‫شخص أو أكثر وينقل هذه الشهادة‪ ،‬ويشهد على ما سمعه نقالً عن المجني عليه قبل موته إلى‬
‫مجلس التحقيق والقضاء فهذه هي الشهادة السماعية)‪.(3‬‬
‫وهي شهادة الشاهد بما سمع نقالً عن غيره الذي رآها بعينه أو سمعها بأذنه‪ ،‬وهي أقل قيمة‬
‫من الشهادة المباشرة من حيث اقتناع القاضي بها)‪.(4‬‬
‫الشهادة السماعية لها ثالث مراتب‪:‬‬
‫‪ /1‬المرتبة األولى‪ :‬شهادة تفيد العلم ويعبر عنها بالتواتر بأن يتلقى الشاهد عن جمع من‬
‫الناس باحتالف مواطنهم واتفقوا على عدالتهم وأمانتهم وصدقهم‪ ،‬وال يتصور تواطئهم على‬
‫الكذب‪ ،‬فإذا تلقى الشاهد عن هذا الجمع من الناس أفاده علما ً قاطعاً‪ ،‬وكان بمنزلة الشهادة‬
‫بالرؤية وغيرها مما يفيد العلم ومثل ذلك‪.‬‬
‫‪ /2‬المرتبة الثانية‪ :‬شهادة االستفاضة‪ ،‬هذه الشهادة تفيد ظنا ً قويا ً يقرب من القطع‪ ،‬تدفع عن‬
‫شهادة السماع‪ ،‬كمن يشهد أن عليا ً ابن أبي طالب ولم يعلم ذلك أصالً هذه الشهادة يجوز‬
‫االسناد إليها وحكمها حكم الخبر المستفيض‪ ،‬رأى الخبر المشهور الذي يتلقاه الشخص عن‬
‫عدد كثير من الثقاة الذين لم يبلغوا حد بالتواتر‪.‬‬

‫(‪ ) 1‬الطرق الحكمية – ابن القيم – دون سنة نشر – دار البيان – بيروت – صـ ‪17‬‬
‫(‪ ) 2‬الوجيز في قانون أصول المحاكمات الجزائية – محمد صبحي نجم – دار الثقافة – عمان – ط‪2006 1‬م – صـ ‪304‬‬
‫(‪ ) 3‬مناقشة الشهود واستجوابهم في الشريعة والقانون الوضعي ‪ -‬محمود محمد عبد العزيز– الجامعة الجديدة ‪ -‬مصر – ‪2004‬م – صـ‬
‫‪147 - 136‬‬
‫(‪ ) 4‬مجلة البحث العلمي – يُصدرها المركز الجامعي للبحث العلمي – الرباط – السنة العاشرة – العدد ‪ – 21 – 20‬يونيو ‪1972‬م – صـ ‪34‬‬

‫‪40‬‬
‫‪ /3‬المرتبة الثالثة‪ :‬شهادة السماع وفيها يجوز للشاهد أن يشهد إذا أخبره أن يثق به‪ ،‬ويشتهر‬
‫عند األمر المشهود به ويستفيض‪ ،‬وقد أقيمت الشهرة واالستفاضة مقام العيان في المسائل‬
‫التي تثبت بالتسامع)‪.(1‬‬
‫ثالثاً‪ :‬الشهادة بالتسامع‪:‬‬
‫عبارة عن إشاعة عامة تداولتها األلسن من غير إمكان تتبعها إلى أصلها‪ ،‬أو بمعنى آخر‬
‫هي شهادة بما يتسامعه الناس وهذه الشهادة تعد أضعف أنواع الشهادات‪ ،‬لجهل مصدرها ال‬
‫يمكن تحقيقها ومراقبة صحتها‪ ،‬األمر الذي يقلل من قيمتها أو يكاد يهدرها كلياً‪.‬‬
‫وتختلف الشهادة بالتسامع عن الشهادة المباشرة في أنها أي الشهادة بالتسامع ال تنصب على‬
‫الواقعة المراد إثباتها بالذات‪ ،‬بل على الرأي الشائع لدى جمهور الناس عن هذه الواقعة‪ ،‬أما‬
‫الشهادة غير المباشرة فقد سبق أن أوضحنا أنها تنصب على الواقعة المراد إثباتها بالذات‪،‬‬
‫ولكن ال على أن الشاهد الذي رآها بعينه أو سمعها بأذنه‪ ،‬بل على أنه سمعها ت ُروى له ممن‬
‫رآها بعينه أو سمعها بأذنه‪.‬‬
‫فالشهادة غير المباشرة يمكن إذن تحري مبلغ الصدق فيها وصاحبها يحمل مسئولية شخصية‬
‫فيما سمعه بنفسه عن غيره من الرواية عن واقعة معينة بالذات‪.‬‬
‫أما الشهادة بالتسامع فصاحبها ال يروي عن شخص معين وال عن الواقعة بالذات‪ ،‬بل يشهد‬
‫بما تتسامعه الناس عن هذه الواقعة وما شاع بين جمهور الناس في شأنها‪ ،‬فهي غير قابلة‬
‫للتحري وال يحمل صاحبها مسئولية شخصية فيما يشهد به)‪.(2‬‬
‫وتعتمد شهادة التسامع على السامع من العدول وغيرهم‪ ،‬وصيغتها‪ :‬أن يقول الشهود سمعنا‬
‫سماعا ً من أهل العدل وغيرهم أن هذه الدار مثالً صدقة على بني فالن‪.‬‬
‫أي البد من الجمع بين العدول وغيرهم في المنقول عنهم بالقول‪.‬‬
‫وشهادة التسامع ال تجوز إال بتوافر شروط معينة تجعلها مشروعة وهي‪:‬‬
‫سمعت من عدلين فأكثر ويكتفي لهما على المشهود‪.‬‬ ‫‪ .1‬أن تكون الشهادة قد ُ‬
‫‪ .2‬السالمة من الريب والشك‪.‬‬
‫‪ .3‬أن يحلف المشهود له‪ ،‬فال يقضي القاضي ألحد بشهادة التسامع إال بعد اداء اليمين)‪.(3‬‬
‫الشهادة بالشهرة العامة‪:‬‬
‫تتمثل فيما يشهد به الشهود أمام جهة رسمية بمعرفتهم لواقعة أو وقائع معينة عن طريق‬
‫الشهرة العامة‪ ،‬فيقوم الموظف بتدوين هذه الوقائع في ورقة تعد دليالً عليها‪ ،‬ومن ذلك‬
‫محضر التركة وتقدير التركة وتقرير غيبة المفقود)‪.(4‬‬

‫(‪ ) 1‬التعليق على نصوص قانون تنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي – أحمد نصر الجندي – دار الكتب القانونية – مصر – ‪2001‬م –‬
‫صـ ‪49‬‬
‫(‪ ) 2‬اإلثبات الجنائي في القانون المقارن والفقه اإلسالمي وتطبيقاته في النظام السعودي – د‪ .‬أيمن فاروق – مرجع سابق – صـ ‪172‬‬
‫(‪ ) 3‬تبصرة األحكام – ابن فرحون – مصطفى الحلبي – مرجع سابق– صـ ‪434‬‬
‫(‪ ) 4‬اإلثبات في المواد المدنية والتجارية – نبيل ابراهيم سعد – دار المعارف – االسكندرية – ‪2000‬م – صـ ‪173 - 172‬‬

‫‪41‬‬
‫خصائص الشهادة‪:‬‬
‫تنفرد الشهادة كدليل اثبات بجملة من الخصائص يمكن إيرادها في اآلتي‪:‬‬
‫‪ /1‬الشهادة شخصية‪ :‬اجتمعت القوانين الوضعية على أن أقوال الشاهد شخصية‪ ،‬فيجب أن‬
‫يؤدي شهادته بنفسه‪ ،‬فال يجوز اإلنابة في الشهادة‪ ،‬فيجب على الشاهد الحضور شخصيا ً أمام‬
‫المحكمة)‪.(1‬‬
‫‪ /2‬الشهادة ُحجية مقنعة وليست ملزمة‪ :‬فتقدير قيمة الشهادة يخضع لسلطة القاضي المطلقة‬
‫أيا ً كان عدد الشهود وأيا ً كانت صفاتهم‪ ،‬وال رقابة لمحكمة النقض عليه في ذلك‪.‬‬

‫‪ /3‬الشهادة دليل مقيد‪ :‬أي أن نطاقها محصور‪ ،‬وهذا نظرا ً للخطورة التي يمكن أن تتمحض‬
‫عنها إذا لحقها خلل من كذب ونسيان إلى غيرها من عيوب الشهادة)‪.(2‬‬
‫‪ُ /1‬حجية غير قاطعة‪ :‬بمعنى أن ما يُثبت بواسطتها يقبل النفي بأي دليل من أدلة اإلثبات‬
‫األخرى‪ ،‬كما يقبل أيضا ً إثبات عكسه بشهادة النفي‪ ،‬وذلك على عكس األدلة القاطعة‬
‫كاإلقرار واليمين‪.‬‬
‫‪ُ /2‬حجية متعدية‪ :‬أي أن الثابت بواسطتها يعتبر ثابتا ً بالنسبة لكل الناس‪ ،‬على عكس اإلقرار‬
‫ألنها صادرة من شخص عدل من غير الخصوم وليس له مصلحة في النزاع‪.‬‬
‫‪ /3‬الشهادة تنصب على ما يدركه الشاهد بحاسة من حواسه‪ :‬وأهمها البصر والسمع‬
‫والشم‪ ،‬فالشهادة تعبير عن مضمون اإلدراك الحسي للشاهد عن الواقعة التي يشهد عليها)‪.(3‬‬

‫(‪ُ ) 1‬حجية الشهادة في اإلثبات – عماد محمد ربيع – دار الثقافة للنشر – عمان – ط‪2011 – 1‬م – صـ ‪121‬‬
‫(‪ ) 2‬االثبات في المواد المدنية ‪ -‬نبيل أحمد سعد – مرجع سابق – صـ ‪170‬‬
‫(‪ ) 3‬اإلثبات في المواد المدنية والتجارية – عماد محمد ربيع – مرجع سابق – صـ ‪123‬‬

‫‪42‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬شروط الشهادة‬
‫للشهادة جانبان‪ :‬جانب يسمى التحمل وهو القدرة على الحفظ والضبط والجانب اآلخر‬
‫يسمى األداء وهو القدرة على التعبير الشرعي الصحيح والشروط المطلوبة في الشاهد‬
‫نوعان‪:‬‬
‫‪ .1‬شروط في تحمل الشهادة‪.‬‬
‫‪ .2‬شروط في أداء الشهادة)‪.(1‬‬
‫وتحملها يعني أن يشهد على الواقعة إذا طلب إلى ذلك أو دعت الحاجة إليه‪ ،‬ودعى فريضة‬
‫تحملها‪ ،‬قوله تعالى‪ :‬ﱫﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﭨ ﭩ ﮤﱫ)‪.(2‬‬
‫وأداؤها يعني‪ :‬أن يدلي بما عنده من علم عن القضية التي شاهدها أو سمعها حين يُدعى إلى‬
‫ذلك بل حتى وإذا لم يدع وظ َّن أن الحق يضيع على صاحبه إن لم يشهد‪ ،‬ودل على وجوب‬
‫ذلك قوله تعالى‪ :‬ﱫﭨ ﭩ ﭪﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰﱫ)‪ ،(3‬نسب اإلثم إلى القلب ألن القلب موضع العلم‬
‫بالشهادة‪ ،‬وألن الشهادة أمانة فيلزم أداؤها كغيرها من االمانات وهللا تعالى يقول‪ :‬ﱫﯙ ﯚ ﯛ ﯜ‬
‫ﯝ ﯞ ﯟ ﯠﱫ)‪ ،(4‬فيلزم أداؤها عند طلبها كغيرها من االمانات)‪.(5‬‬
‫شروط التحمل منها‪:‬‬
‫مجنون وال صبي ٍ ال يعقل‪ ،‬ألن‬
‫ٍ‬ ‫‪ /1‬أن يكون الشاهد عاقالً وقت التح ُّمل فال يصح تحملها من‬
‫تحمل الشهادة عبارة عن فهم الحادثة وضبطها‪ ،‬وال يحدث ذلك إال بآلية الفهم والضبط وهي‬
‫العقل‪ ،‬والمقصود بالضبط حسن السماع والفهم والحفظ أي وقت األداء‪ ،‬ففي حال تحمل‬
‫الشهادة ليس من شروط الشاهد فيها إال كأنه على صفة واحدة وهي الضبط والتمييز صغيرا ً‬
‫كان أو كبير‪ ،‬حرا ً أو عبدا ً مسلما ً أو كافراً‪ ،‬عدالً كان أو فاسقاً‪ ،‬وهذا ما عليه جمهور‬
‫العلماء)‪.(6‬‬
‫‪ /2‬أن يكون بصيرا ً فال يصح التحمل من األعمى عن الحنفية)‪ ،(7‬وذهب المالكية والشافعية‬
‫والحنابلة إلى صحة تحملها فيما يجري فيه التسامع إذا تيقن الصوت وقطع بأنه صوت‬
‫فالن)‪.(8‬‬

‫(‪ ) 1‬نظرية اإلثبات في الفقه الجنائي اإلسالمي – أحمد فتحي بهنس – الشركة العربية للطباعة – مصر – ‪1381‬هـ ‪1962 -‬م – صـ ‪2‬‬
‫(‪ ) 2‬البقرة اآلية ‪282‬‬
‫(‪ ) 3‬البقرة اآلية ‪283‬‬
‫(‪ ) 4‬النساء اآلية ‪58‬‬
‫(‪ ) 5‬المغنى البن قدامة – أبو محمد موفق الدين عبد هللا بن أحمد – مكتبة القاهرة – بدون طبعة – ‪1388‬هـ ‪1968 -‬م – ج‪ – 10‬صـ ‪129‬‬
‫(‪ ) 6‬بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع – عالء الدين أبوبكر – مرجع سابق – صـ ‪266‬‬
‫(‪ ) 7‬تحفة الفقهاء – محمد بن أحمد بن أبي أحمد أبوبكر عالء الدين السمرقندظي‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪1414 ،2‬ه – ‪1994‬م‬
‫– ج‪ – 3‬صـ ‪361‬‬
‫(‪ ) 8‬الشرح الكبير على متن المقنع – عبد الرحمن بن محمد بن أحمد – دار الكتاب العربي – ج‪ – 12‬صـ ‪ ،68‬وأنظر البناية في شرح الهداية‬
‫– أبو محمد محمود بن أحمد – دار الكتب العلمية – ط‪1420( 1‬هـ ‪2000 -‬م) – ج‪ – 9‬صـ ‪ ،134‬الهداية في شرح بداية المبتدي – علي بن‬
‫أبوبكر – مرجع سابق – صـ ‪121‬‬

‫‪43‬‬
‫علم أو معاينة للشيء المشهود به بنفسه ال بغيره‪ ،‬وذلك لما ورد عن‬ ‫‪ :3‬أن يكون التحمل عن ٍ‬
‫ابن عباس ر ضي هللا عنهما قال سئل الرسول صلى هللا عليه وسلم عن الشهادة‪ ،‬فقال‪( :‬هل‬
‫ترى الشمس‪ .‬قال‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬على مثلها فأشهد وإال فدع)‪ (1‬الدليل على ذلك قوله تعالى‪ :‬ﱫ ﯨ‬
‫ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮﱫ)‪ ،(2‬أي يشهد عن علم وال يتم ذلك إال بالعلم أو المعاينة إال فيما تصح فيه‬
‫الشهادة بالتسامع كالنكاح والنسب‪ ،‬والموت وغير ذلك مما نص عليه الفقهاء أما ما سوى‬
‫ذلك فتشترط فيه المعاينة‪.‬‬
‫هذا ولم يشترط فقهاء الشريعة اإلسالمية لتحمل الشهادة‪ :‬البلوغ ولحرية اإلسالم والعدالة‪،‬‬
‫حتى لو كان الشاهد وقت التحمل صبيا ً أو عبدا ً أو كافرا ً أو فاسقاً‪ ،‬ثم بلغ الصبي وأعتق العبد‬
‫وأسلم الكافر‪ ،‬وتاب الفاسق‪ ،‬فشهدوا للقاضي‪ ،‬قبلت شهادتهم)‪.(3‬‬
‫شروط األداء‪:‬‬
‫الشروط الواجب توافرها في الشاهد حال أداء الشهادة‪:‬‬
‫إن أداء الشهادة ال يمكن قبوله وال يمكن أن يترتب على الحكم أي أثر إال بتوافر شروط‬
‫معينة‪ ،‬وهذه الشروط على أنواع فهمنا ما يرجع إلى الشاهد الذي يؤدي الشهادة ومنها إلى‬
‫الشهادة ذاتها‪ ،‬ومنها ما يرجع إلى المشهود به‪:‬‬
‫أوالً الشروط التي ترجع إلى الشاهد‪:‬‬
‫إن يكون الشاهد أهالً للشهادة‪ ،‬وذلك بتوفر شروطها فيه ومن تلك الشروط‪:‬‬
‫البلوغ‪ :‬فال تصح شهادة األطفال والصبيان لقوله تعالى‪ :‬ﱫﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ‬
‫(رفع القلم عن ثالثة‪ :‬النائم‬
‫ﮓﱫ)‪ ،(4‬والصبي ليس من الرجال لقوله صلى هللا عليه وسلم‪ُ :‬‬
‫حتى يستيقظ‪ ،‬وعن الصغير حتى يكبر‪ ،‬وعن المجنون حتى يعقل أو يفيق))‪ ،(5‬وألنه إذا لم‬
‫يؤمن على حفظ أمواله فال يؤمن حفظ حقوق غيره)‪ ،(6‬وذهب بعض المالكية وبعض الحنابلة‬
‫إلى جواز شهادة الصبيان فيما بينهم في الجراح والقتل قبل أن يتفرقوا‪ ،‬وزاد المالكية أن‬
‫يتفقوا في شهادتهم‪ ،‬وأن ال يدخل بينهم كبير‪.‬‬
‫و ُحجتهم‪ :‬أنه إذا لم تقبل شهادتهم في ذلك ضاع حق بعضهم ألن الغالب من حالهم في ألعابهم‬
‫واجتماعهم أنهم ال يحضرهم من تقوم به البينة من الكبار والظاهر من حالهم صدقهم طالما‬
‫أنهم لم يتفرقوا‪.‬‬

‫(‪ ) 1‬المهذب في فقه اإلمام الشافعي – أبو إسحاق ابراهيم الشيرازي – دار الكتب العلمية – بدون طبعة – ج‪ – 3‬صـ ‪ ، 455‬نصب الراية ‪-‬‬
‫جمال الدين أبو محمد عبد هللا – مرجع سابق – صـ ‪82‬‬
‫(‪ ) 2‬سورة الزخرف اآلية ‪86‬‬
‫(‪ ) 3‬الموسوعة الفقهية الكويتية – صادرة عن وزارة األوقاف والشئون اإلسالمية – الكويت – ط‪ – 2‬ج‪ – 6‬صـ ‪220‬‬
‫(‪ ) 4‬البقرة اآلية ‪281‬‬
‫(‪ ) 5‬هذا الحديث سبق تخريجه صـ ‪32‬‬
‫(‪ ) 6‬المهذب في فقه اإلمام الشافعي – أبو اسحاق إبراهيم – مرجع سابق – صـ ‪436‬‬

‫‪44‬‬
‫واحتج أيضا ً بما رواه في الموطأ من أن عبد هللا بن الزبير رضي هللا عنهما)‪ (1‬كان يقضي‬
‫بشهادة الصبيان فيما بينهم من الجراح‪ ،‬وما ورد عن علي رضي هللا عنه أنه قال‪( :‬شهادة‬
‫الصبي على الصبي جائزة))‪ (2‬كما روى الشافعي رحمه هللا تعالى في األم)‪ (3‬والراجح أن‬
‫شهادة الصبيان تقبل فيما بينهم من الجراح إن كان الصبي لم يظهر منه الكذب وكان مدركا ً‬
‫لم ضمون الشهادة‪ ،‬ألن الحاجة داعية إلى ذلك ولو لم تقبل لضاعت حقوق كثيرة وهو من‬
‫باب الضرورة والضرورات تبيح المحظورات‪.‬‬
‫شروط المالكية لقبول شهادة الصبيان‪:‬‬
‫‪ /1‬أن تكون من مميزين يعقلون الشهادة‪.‬‬
‫‪ /2‬أن يكنوا ذكورا ً‪.‬‬
‫‪ /3‬أن يكونوا اثنين فأكثر‪.‬‬
‫‪ /4‬أن يكونوا مسلمين‪ ،‬أي محكوم لهم باإلسالم‪.‬‬
‫‪ /5‬أن تكون الشهادة قبل تفرقهم‪.‬‬
‫‪ /6‬أن تكون الشهادة متفرقة وغير مختلفة‪.‬‬
‫‪ /7‬أن ال يحضر الواقعة أحد ٌ من الكبار‪.‬‬
‫‪ /8‬أن يكون فيما بين الصبيان خاصة)‪.(4‬‬
‫العقل‪ :‬فال تصح شهادة غير العاقل إجماعا ً ألنه ال يعقل ما يقوله وال يصفه)‪.(5‬‬

‫اإلسالم‪ :‬فال تقبل الشهادة من الكافر الفاسق مطلقا ً لقوله تعالى‪ :‬ﱫﮈ ﮉ ﮊ ﮋﱫ)‪ (6‬وأثبت‬
‫الحنفية أن شهادة الكفار على بعضهم لقوله تعالى‪ :‬ﱫه ه ه ﮮ ﮯ ﱫ)‪ ،(7‬وعلى رأي‬
‫الجمهور عند الحنفية فإن الكافر ليس بعدل وليس أمينا ً وألنه أفسق الفساق ويكذب على هللا‬
‫تعالى فال يؤمن الكذب منه على خلق هللا‪ ،‬وألن الشهادة من باب الوالية وليس للكافر والية‪،‬‬
‫سواء كانت الشهادة على مسلم أو على غير مسلم)‪.(8‬‬
‫الحرية‪ :‬فال تقبل شهادة العبد ألن الشهادة تجري مجرى الوالية والتمليك‪ ،‬والعبد مسلوب‬
‫منها‪ ،‬فال والية له على غيره وال يملك‪ ،‬وبالتالي ال شهادة له‪.‬‬
‫وذهب بعض الحنابلة إلى قبول شهادة الرقيق في كل شيء إال الحدود والقصاص)‪.(9‬‬

‫(‪ ) 1‬المنتقى شرح الموطأ – أبو الوليد سليمان بن خلف – مطبعة السعادة – مصر – ط‪1332( 1‬هـ) ‪ -‬ج‪ – 5‬صـ ‪229‬‬
‫(‪ ) 2‬الموطأ – مالك بن أنس األصبحي – ك األقضية – باب القضاء في شهادة الصبيان – ح ر ‪ – 2690‬ج‪ – 4‬صـ ‪1051‬‬
‫(‪ ) 3‬األم – الشافعي عبد هللا بن محمد بن إدريس – دار المعرفة – بيروت – بدون طبعة – ‪1410‬هـ ‪1990 -‬م – ج‪ – 7‬صـ ‪51‬‬
‫(‪ ) 4‬الدعاوى والبينات والقضاء – مصطفى ديب – مرجع سابق – صـ ‪66‬‬
‫(‪ ) 5‬اإلنصاف في معرفة الراجح من الخالف – عالء الدين أبو الحسن علي – دار إحياء التراث العربي – ط‪ – 2‬بدون تاريخ طبعة – ج‪– 12‬‬
‫صـ ‪38‬‬
‫(‪ ) 6‬سورة الطالق اآلية ‪2‬‬
‫(‪ ) 7‬سورة األنفال اآلية ‪71‬‬
‫(‪ ) 8‬المهذب ‪ -‬الشيرازي إبراهيم – مرجع سابق – صـ ‪371‬‬
‫(‪ ) 9‬المغنى – ابن قدامة – مرجع سابق – صـ ‪185‬‬

‫‪45‬‬
‫البصر‪ :‬فال تصح شهادة األعمى عند الحنفية مطلقا ً)‪ ،(1‬وذهب الشافعية إلى أنه ال تصح‬
‫شهادة األعمى في األفعال‪ ،‬ألن طريق العلم بها البصر‪ ،‬وكذا في األقوال إال فيما يثبت‬
‫باالستفاضة‪ ،‬ألن مستندها السماع وليس الرؤية وإال في الترجمة بحضرة القاضي ألنه يفسر‬
‫ماسمعه‪.‬‬
‫وعند المالكية تجوز شهادته في األقوال دون األفعال فيما ال يشتبه عليه من األقوال إذا كان‬
‫شك في شيءٍ منها‬ ‫فطنا ً وال يشتبه عليه األصوات‪ ،‬وتيقن المشهود له‪ ،‬والمشهود عليه‪ ،‬فإذا َّ‬
‫فال تجوز شهادته‪.‬‬
‫وعند الحنابلة‪ :‬تجوز شهادة األعمى إذا تيقن الصوت ألنه رج ٌل عد ٌل مقبول الرواية فقبلت‬
‫شهادته كالبصير‪ ،‬ألن السمع أحد الحواس التي يحصل بها اليقين‪ ،‬وقد يكون المشهود عليه‬
‫من ألفه األعمى‪ ،‬وكثرت صحبته له‪ ،‬وعرف صوته يقينا ً فيجب أن تُقبل شهادته فيما تيقنه‬
‫كالبصير وال سبيل إلى انكار حدوث اليقين في بعض األحوال)‪.(2‬‬
‫النطق‪ :‬فال تصح شهادة األخرس عند الجمهور وذهب مالك إلى صحة شهادته إذا عرفت‬
‫شهادته‪ .‬ويرى الحنابلة ال تقبل شهادة األخرس إال إذا أداها بخطه)‪.(3‬‬
‫العدالة‪ :‬ال خالف بين الفقهاء في اشتراط عدالة الشهود لقوله تعالى‪ :‬ﱫﮈ ﮉ ﮊ ﮋﱫ)‪ (4‬ولهذا ال‬
‫تقبل شهادة الفاسق‪.‬‬
‫والعدالة عرفها المالكية‪ :‬بالمحافظة الدينية على اجتناب الكبائر وتوقي الصغائر وأداء‬
‫األمانة وحسن المعاملة‪ ،‬وأن يكون صالحه أكثر من فساده وهي شروط وجوب القبول)‪.(5‬‬
‫وعرفها الحنابلة‪ :‬الصالح في الدين وهو أداء الفرائض برواتبها واجتناب الكبائر وعدم‬
‫اإلصرار على الصغائر‪ ،‬ويعتبر فيها أيضا ً استعمال المروءة بفعل ما يحمله ويزينه وترك ما‬
‫يرلسه ويشنيه‪.‬‬
‫واعتبر الشافعية المروءة شرطا ً مستقالً‪ ،‬وينظر التفصيل في مصطلح (عدالة)‪ ،‬والعدالة‬
‫شرط وجوب القبول على القاضي ال جوازه)‪ ،(6‬فإذا توفرت في الشاهد وجب على القاضي‬
‫أن يأخذ بشهادته‪.‬‬
‫والعدالة أحد أسباب حصول أهلية الشاعد ألداء الشهادة‪ ،‬والمعتبر بعدالة الشاهد صالح دينه‬
‫بأداء الفريضة واجتناب المحرم بأن ال يأتي الكبيرة‪ ،‬وذكر بعض العلماء أداء األمانة وحسن‬
‫المعاملة)‪.(7‬‬

‫(‪ ) 1‬بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع – عالء الدين أبوبكر – مرجع سابق – صـ ‪266‬‬
‫(‪ ) 2‬الموسوعة الفقهية الكويتية – وزارة األوقاف والشئون اإلسالمية – الكويت – صـ ‪221‬‬
‫(‪ ) 3‬اإلقناع في فقه اإلمام أحمد بن حنبل – موسى بن أحمد بن سالم – مرجع سابق – صـ ‪436‬‬
‫(‪ ) 4‬سورة الطالق اآلية ‪2‬‬
‫(‪ ) 5‬التاج واإلكليل لمختصر خليل – محمد بن يوسف – مرجع سابق – صـ ‪ – 162‬وأنظر شرح مختصر خليل الخرشي – محمد بن عبد هللا –‬
‫دار الفكر للطباعة – بيروت – بدون طبعة – ج‪ – 7‬صـ ‪177‬‬
‫(‪ ) 6‬الكافي في فقه اإلمام احمد بن حنبل – أحمد أبو محمد موفق الدين – مرجع سابق – صـ ‪272‬‬
‫(‪ ) 7‬المغنى – ابن قدامة – مرجع سابق – صـ ‪39‬‬

‫‪46‬‬
‫فال تقبل شهادة فاسق لقوله تعالى‪ :‬ﱫﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪﱫ)‪ ،(1‬وقوله تعالى‪ :‬ﱫﮗ‬
‫ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟﱫ)‪ ،(2‬وروى عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال‪ :‬قال رسول‬
‫هللا صلى هللا عليه وسلم‪( :‬ال تجوز شهادة خائن‪ ،‬وال خائنة وال ذي غمر على أخيه))‪.(3‬‬
‫أن ال يكون الشاهد محدودا في قذف‪ :‬لقوله تعالى‪ :‬ﱫﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ‬
‫ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟﱫ)‪.(4‬‬
‫فقد ذهب الجمهور إلى قبول شهادته‪ ،‬قوله بعد اآلية السابقة مباشرة ﱫﮡ ﭨ ﭩ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ه‬
‫هﱫ)‪.(5‬‬
‫وذهب جمهور الحنفية إلى عدم قبول شهادته ولو تاب)‪.(6‬‬
‫وقال المالكية‪ :‬ال تقبل شهادة المحدود فيما ُحدَّ وتقبل فيما عداه إن تاب‪ ،‬ومناط الخالف في‬
‫هذه اآلية في ورود االستثناء يعد مذكورين أيشملهم كلهم أم يعود إلى أقرب مذكور‪ ،‬فعند‬
‫الحنفية أ ن اإلستثناء يعود إلى اآلخير وهو هنا التوبة من الفسق فقط‪ ،‬وعند الجمهور يعود‬
‫إلى جميع ما ذكر)‪.(7‬‬
‫الذكورة ‪ :‬في الشهادة على الحدود والقصاص وذلك ما رواه مالك عن الزهري (مضت السنة‬
‫بأن ال شهادة للنساء في الحدود والقصاص))‪.(8‬‬
‫عدم التهمة‪ :‬وللتهمة أسباب منها‪:‬‬
‫مورثه بجرح قبل‬ ‫أ‪ /‬أن يجر بشهادته إلى نفسه نفعا ً أو يرفع ضراً‪ ،‬فال تقبل شهادة الوارث ب َّ‬
‫إندماله وال الضامن للمضمون عنه باألداء وال اإلبراء لقوله صلى هللا عليه وسلم‪( :‬ال شهادة‬
‫لجار المغنم وال لدافع المغرم))‪.(9‬‬
‫وذهب جمهور الفقهاء إلى أنه ال تقبل شهادة أحد الزوجين لآلخر وخالف في هذا الشافعية‪.‬‬
‫أ‪ /‬البعضية‪ :‬فال تقبل شهادة أصل لفرعه‪ ،‬وال فرع ألصله وتقبل شهادة أحدهما لآلخر‪.‬‬
‫ب‪ /‬العداوة‪ :‬فال تقبل شهادة عدو على عدوه‪ ،‬والمراد بالعداوة هنا‪ :‬العداوة الدنيوية ال الدينية‪،‬‬
‫فتقبل شهادة المسلم على الكافر‪.‬‬
‫فاسق ورد القاضي شهادته ثم تاب بشروط التوبة‬ ‫ٌ‬ ‫ج‪ /‬أن يدفع عن نفسه عار الكذب فإن شهد‬
‫فشهادته المستأنفة مقبولة بعد ذلك ولو أعاد تلك الشهادة التي ردت لم تقبل‪.‬‬

‫(‪ ) 1‬الحجرات اآلية ‪6‬‬


‫(‪ ) 2‬النور اآلية ‪4‬‬
‫(‪ ) 3‬سنن أبي داؤود – أبو داؤود سليمان بن األشعث – ك األقضية – ب‪ :‬من ترد شهادته – ح ر ‪ – 3601‬ج‪ – 5‬صـ ‪ – 453‬أيضا ً ابن ماجة‬
‫– ك األحكام – ب من ال تجوز شهادته – ح ر ‪ – 2366‬ج‪ – 3‬صـ ‪ – 452‬والترمذي – ك الشهادات – ب ما جاء فيمن ال تجوز شهادته – ح ر‬
‫‪ – 2298‬ج‪ – 4‬صـ ‪120‬‬
‫(‪ ) 4‬النور اآلية ‪4‬‬
‫(‪ ) 5‬النور اآلية ‪5‬‬
‫(‪ ) 6‬المبسوط – السرخسي – مرجع سابق – صـ ‪113‬‬
‫(‪ ) 7‬الفتاوى الهندية – لجنة علماء برئاسة نظام الدين البلخي – مرجع سابق – صـ ‪450‬‬
‫(‪ ) 8‬المصنف – ابن أبي شيبة أبوبكر عبد هللا – تحقيق‪ :‬عبد الخالق األفقاني – ج‪ – 4‬ح ر ‪ – 22855‬صـ ‪530‬‬
‫(‪ ) 9‬الموسوعة الفقهية – وزارة الشئون اإلسالمية – الكويت – مرجع سابق – صـ ‪225‬‬

‫‪47‬‬
‫التيقظ أو الضبط‪ :‬ال تقبل شهادة مغف ٍل ال يضبط أصالً أو غالبا ً لعدم التوثيق بقوله‪ ،‬أما من ال‬
‫يضبط نادرا ً واألغلب فيه الحفظ والضبط‪ ،‬فتقبل قطعا ً ألن أحد ال يسلم من ذلك)‪.(1‬‬
‫ثانياً‪ :‬الشروط التي ترجع إلى الشهادة ذاتها‪:‬‬
‫وتتمثل هذه الشروط في‪ :‬أن تكون الشهادة في مجلس القضاء‪ ،‬بأن يدلي الشاهد بها أمام‬
‫القاضي (الحاكم) ‪ ،‬بما وقع تحت سمعه وبصره مباشرة وذلك ألن المقصود من اإلثبات‬
‫بالشهادة الحكم بموجبها والحكم ال يعتبر حكما ً قضائيا ً إال إذا صدر في مجلس القضاء)‪.(2‬‬
‫‪ -‬أن تكون الشهادة في حضور المشهود عليه أو وكيله‪ ،‬وذلك إعماالً لمبدأ المواجهة باالدلة‬
‫كحق للخصم في مواجهة الخصم اآلخر‪.‬‬
‫‪ -‬أن تؤدى الشهادة بلفظ (أشهد)‪ ،‬فال تقبل الشهادة بأي لفظ آخر غيره‪ ،‬وإن كان يؤدى في‬
‫الشهادة)‪.(3‬‬
‫ويجب أن تكون بلفظ المضارع الحال‪ ،‬فيقول مثالً‪ :‬أشهد أن فالنا ً فعل كذا‪.‬‬
‫وي رى المالكية أنه ال يشترط في الشهادة أن تؤدى بلفظ معين بل يصح أداؤها بكل لفظ أو‬
‫صيغة‪ ،‬كأن يقول الشاهد‪ :‬سمعت كذا‪ ،‬أو علمت كذا‪ ،‬وذلك ألن مقصود الشهادة هو إخبار‬
‫القاضي بما يتقنه الشاهد‪ ،‬وال يتوقف هذا على لفظ أو صيغة معينة)‪.(4‬‬
‫‪ -‬أن تت قدم الشهادة دعوى شاملة لها‪ ،‬وذلك في حقوق العباد أما الشهادة على حقوق هللا تعالى‬
‫فال يشترط فيها وجود الدعوى‪ ،‬وذلك على رأي جمهور الفقهاء)‪.(5‬‬
‫‪ -‬أال تكون الشهادة بالنفي الصرف إال إذا اقتضى اإلثبات‪ ،‬مثل‪ :‬أيشهد الشاهد أن ال حق‬
‫لخالد على عبد هللا‪ ،‬أو أن هذا الشيء ليس لفالن وهكذا‪.‬‬
‫‪ -‬أال ت كذب الشهادة الواقع‪ ،‬إذ يشترط في الشهادة أن ال يكذبها الواقع‪ ،‬أو العقل أو ظاهر‬
‫الحال‪ ،‬فإن كذبها شيءٍ فال تقبل وال تجوز أن يُبنى عليها الحكم‪ ،‬وذلك كما لو شهد الشاهد‬
‫بأن فالنا ً طعن فالن بخنجره‪ ،‬وأماته‪ ،‬ثم تبين أثناء التحقيق أن جسم المجني عليه سليم‪ ،‬وأنه‬
‫ال يوجد أي أثر إلستعمال آله حادة)‪.(6‬‬

‫(‪ ) 1‬القوانين الفقهية – أبو القاسم محمد أحمد – بدون ط – ج‪ – 1‬صـ ‪203‬‬
‫(‪ ) 2‬بدائع الصنائع – عالء الدين أبوبكر – مرجع سابق – صـ ‪270‬‬
‫(‪ ) 3‬المغنى – ابن قدامة – مرجع سابق – صـ ‪216‬‬
‫(‪ ) 4‬تبصرة الحكام – ابن فرحون – مرجع سابق – صـ ‪260‬‬
‫(‪ ) 5‬الموسوعة الفقهية – مرجع سابق – صـ ‪225‬‬
‫(‪ُ ) 6‬حجية الشهادة في اإلثبات – عبد هللا الخياري – مرجع سابق – صـ ‪372‬‬

‫‪48‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬البينة الظرفية‬
‫يشترط قانون االثبات لقبول أي بينة أن تكون متعلقة بالدعوى‪ ،‬حيث جاء في المادة (‪ )8‬من‬
‫قانون االثبات لسنة ‪1993‬م (يجب أن تكون الوقائع المراد اثباتها متعلقة بالدعوى‪ ،‬منتجة‬
‫فيها‪ ،‬جائز قبولها)‪.‬‬
‫ومفاذ هذا النص أن البينة حتى يمكن قبولها يجب أن تكون متصلة بالوقائع محل النزاع‬
‫بحيث تقود بشكل أو آخر إلى اثبات أو نفي تلك الوقائع أو بعضها‪.‬‬
‫ولكن تعلق البينة بوقائع الدعوى ال يكون مباشرة في جميع األحوال‪ ،‬إذ قد تفيد البينة في‬
‫إثبات أو نفي واقعة ما عن طريق الداللة دون أن تنصب مباشرة على الواقعة المراد إثباتها‬
‫كما الحال بالنسبة للقرائن والبينات الظرفية‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬تعريف البينة الظرفية‪:‬‬
‫أجاز القانون قبول البينة الظرفية (البينة غير المباشرة) واعتبارها متعلقة بالدعوى‪ .‬والبينة‬
‫الظرفية هي‪( :‬تلك التي يمكن أن يستخلص منها منطقيا ً ثبوت واقعة ذات عالقة بالواقعة‬
‫محل النزاع القضائي) فالبينة الظرفية في جوهرها بينة تنص على وقائع مغايرة للوقائع‬
‫موضوع النزاع‪ ،‬إال أنها مع ذلك تفيد في إثبات هذه الوقائع بطريق الداللة‪ ،‬بناءا ً على قوانين‬
‫المنطق وطبيعة األشياء‪.‬‬
‫فمثالً إذا كان شخص متهما ً بجريمة القتل العمد وحضر شاهد وأوضح أنه رأى المتهم‬
‫يتشاجر مع القتيل في وقت مقارب من حادثة القتل‪ ،‬أو رآه يحوم حول منزل القتيل ليالً‪ ،‬فإن‬
‫الشاهد بذلك يدلي بينته غير مباشرة إلرتكاب المتهم جريمة القتل‪ ،‬وتعتبر رؤية الشاهد‬
‫للمتهم وهو يتشاجر مع المتهم أو واقعة ترصده بالقتيل بينة ظرفية على ارتكاب جريمة‬
‫القتل)‪.(1‬‬
‫أما لدى فقهاء القانون االنجليزي فإن البينة الظرفية هي (البينة التي تتيح للقاضي أو‬
‫المحلفين استنباط واقعة معينة مجهولة من واقعة أخرى أقيم عليها الدليل)‪.‬‬
‫وفي الواقع يصعب استخالص التعريف الذي أخذ به المشرع السوداني البينة الظرفية من‬
‫صياغة المادة (‪ )7‬من قانون االثبات؛ حيث مال هذا النص إلى إيراد أمثلة للوقائع الظرفية‬
‫التي تتعلق بالدعوى‪ ،‬أكثر من أن يضع تعريفا ً عاما ً لهذا النوع من البينة‪ ،‬بيد أن التعريف‬
‫العام الذي يمكننا استيقاؤه من ذلك النص للبينة الظرفية هو ما يلي‪( :‬البينات التي تنصب‬
‫على الوقائع الظرفية المحيطة بالواقعة محل النزاع أو نفيها)‪.‬‬
‫نشير أخيرا ً إلى أن بعض الفقهاء ال يفرقون بين البينة الظرفية والقرينة‪ ،‬بل يعتبرونها شيئا ً‬
‫واحداً‪ ،‬ويعتبرون أن البينة الظرفية تشمل كل بينة مستخلصة منطقيا ً من فعل وقع أو من‬
‫الظروف المحيطة تؤدي إلى إثبات الواقعة محل النزاع على وجه مؤكد‪ ،‬وأنها تشمل العالمة‬
‫التي تؤكد ثبوت أو نفي الواقعة‪.‬‬

‫(‪ )1‬اإلثبات القضائي قواعده وطرقه بين النظرية والتطبيق – د‪ .‬عز الدين محمد أحمد األمين‪ -‬عضو إتحاد المحاميين الدولي – ‪2005‬م – صـ ‪- 50‬‬
‫‪51‬‬

‫‪49‬‬
‫والذي نراه أن هذا الرأي وإن لم يجانب الصواب كليا ً‪ ،‬إال أنه ومن خالل نص المادة (‪ )7‬من‬
‫قانون االثبات في هذا الشأن‪ ،‬نالحظ أن البينة الظرفية هي في الحقيقة صورة خاصة من‬
‫القرائن تقوم على ا جتماع أكثر من قرينة تتصل بالواقعة محل االثبات وتقود في مجموعها‬
‫إلى ثبوت تلك الواقعة أو نفيها‪ ،‬والبينة الظرفية بهذا المعنى أخص من القرينة كطريق‬
‫مستقل من طرق االثبات‪ ،‬بمعنى أن كل بينة ظرفية هي قرينة‪ ،‬بينما العكس غير صحيح)‪.(1‬‬

‫(‪ )1‬اإلثبات القضائي قواعده وطرقه بين النظرية والتطبيق – د‪ .‬عز الدين محمد أحمد األمين‪ -‬مرجع سابق– صـ ‪53 - 52‬‬

‫‪50‬‬
‫المطلب الثاني‪ُ :‬حجية البينة الظرفية في اإلثبات‬
‫تعتمد ُحجية البينة الظرفية في اإلثبات على تماسكها وقوة الوقائع التي تقوم عليها ومدى‬
‫داللتها على الواقعة المراد اثباتها‪ ،‬ألن البينة الظرفية تقوم في االساس على استنباط‬
‫واستخالص الواقعة المطلوب إثباتها بناءا ً على قواعد المنطق وطبيعة األشياء من الوقائع‬
‫الثابتة في الدعوى‪ ،‬فإن داللتها في اإلثبات تعتمد بشكل أساسي على ثبوت الوقائع أمام‬
‫المحكمة أوالً‪ ،‬وعلى قوة منطقية علمية اإلستنباط التي تقوم بها المحكمة ألجل الوصول إلى‬
‫الوقائع المراد إثباتها من ناحية ثانية‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬حاالت قبول البينة الظرفية‬
‫أجازت المادة السابقة قبول الوقائع الظرفية التي تبني أو تشكل دافعا ً أو قصدا ً ألي واقعة‬
‫محل نزاع‪ ،‬فالدوافع التي تعتمد في صدر االنسان والمقاصد التي يرمي إلى تحقيقها تشكل‬
‫عنصرا ً هاما ً في إثبات قصد الجاني الرتكاب الفعل‪ ،‬وهي غالبا ً ما تثبت عن طريق سلوك‬
‫صدر من جانب الشخص المعني‪.‬‬
‫وتبدو أهمية هذا النوع من الوقائع بشكل خاص في مجال الدعاوى الجنائية‪ ،‬فالشخص الذي‬
‫اتهم بجريمة قتل مثالً ولم تكن ثمة بينة على ارتكابه الجريمة فإن عداوته السابقة للمجني‬
‫عليه يمكن أن تكون دافعا ً أو قصدا ً ال رتكاب تلك الجريمة‪ ،‬كما أن واقعة حصوله على‬
‫األدوات التي استعملت في الجريمة تعتبر عامالً يستبعد معه عنصر المصادفة في وقوع‬
‫الفعل اإلجرامي‪ ،‬وهي لذلك واقعة ظرفية متعلقة بالدعوى)‪.(1‬‬
‫وأيضا ً تع تبر متعلقة بالدعوى الوقائع التي تكشف عن حالة ذهنية أو نية أو إحساس‪ ،‬مما‬
‫يتصل بالواقعة محل النزاع‪ ،‬ومؤدى ذلك أن وجود أي حالة ذهنية مثل النية والعلم تعتبر‬
‫وقائع ظرفية متعلقة بالدعوى وذلك بإثباتها لوجود هذه النية أو العلم مثالً تعتبر البينات التي‬
‫تنصب على الحالة العقلية أو النفسية للشخص‪ ،‬بينات ظرفية على توفير عنصر اإلدراك في‬
‫الفعل موضوع اإلدعاء كما أنه في الحالة التي يضبط فيها المتهم بحيازة أموال مسروقة فمن‬
‫الجائز أن يكون قد اشتراها بحسن نية أو حصل عليها من السارق عالما ً بسرقتها وللتدليل‬
‫على سوء إدانته باستالم المال المسروق وأيضا ً تعتبر متعلقة بالدعوى البينات الظرفية التي‬
‫تبين هوية األشخاص وأطراف الدعوى وطبيعة أجسامهم من ضخامة أو نحافة وتصرفاتهم‬
‫وعالقاتهم ببعض فإذا ادعى شخص متهم بتنفيذ جريمة قتل أنه ارتكب الجريمة بناءا ً على‬
‫توجيهات مخدمة و أوامره‪ ،‬وثبت أمام المحكمة أن هنالك دافعا ً الرتكاب الجريمة من المخدم‬
‫فإن عالقة المتهم بالمخدم وعمله تحت إمرته يشكل واقعة ظرفية على عالقة المخدم‬
‫بالتحريض على الجريمة‪.‬‬

‫(‪ )1‬اإلثبات القضائي قواعده وطرقه بين النظرية والتطبيق – د‪ .‬عز الدين محمد أحمد األمين‪ -‬مرجع سابق– صـ ‪54 - 53‬‬

‫‪51‬‬
‫كما أن ثبوت وفاة المرحوم بارتجاج في المخ بعد المعركة التي دارت بينه وبين المتهم في‬
‫ضوء التفاوت الكبير بينهما في القوة الجسمانية يشكل واقعة ظرفية على المتهم لما يتمتع به‬
‫من ضخامة في الجسم وقوة هائلة قد تسبب في وفاة المرحوم النحيف البنيان‪.‬‬
‫فالشخص الذي أدين أكثر من مرة بارتكاب جرائم تتعلق بالدعارة إذا وجد في داره مجموعة‬
‫من الرجال والنساء الذين ال تربط بينهم عالقة تكون اإلدانات السابقة بينة في مواجهة إلقامة‬
‫الدليل على أن اجتماع الرجال والنساء في بيته لم يكن مصادفة‪ ،‬وإنما جزء من ترتيب محدد‬
‫بحيث يكون فيها الشخص ذاته ذا صلة بالجريمة وتعتبر مقبولة في اإلثبات)‪.(1‬‬

‫(‪ )1‬اإلثبات القضائي قواعده وطرقه بين النظرية والتطبيق – د‪ .‬عز الدين محمد أحمد األمين‪ -‬مرجع سابق– صـ ‪54 - 53‬‬

‫‪52‬‬
‫المطلب الرابع‪ :‬شروط قبول البينة الظرفية‬
‫نص قانون اإلثبات على جواز قبول البينات الظرفية أو باألصح قبول البينات التي تنص‬
‫على الوقائع الظرفية‪ ،‬دون أن يضع ضوابط أو معايير خاصة لقبول هذه البينات‪.‬‬
‫والبينة الظرفية كغيرها من طرق اإلثبات تخضع للشروط العامة للبينة والتي تفرضها‬
‫القواعد األصولية في قانون اإلثبات فهذه البينة يجب أن تكون منتجة في الدعوى‪ ،‬بحيث تفيد‬
‫في إثبات الوقائع محل النزاع‪ ،‬وتكون مشروطة ال تخالف القانون أو النظام العام أو اآلداب‪،‬‬
‫بجانب ذلك فإن ثمة شروط عملية يجب توافرها في البينة الظرفية حتى يمكن الركون إليها‬
‫وهذه الشروط أرساها القضاء وجرت عليها أحكامه‪.‬‬
‫وهذه الشروط ترتبط بطبيعة البينة الظرفية القائمة على االستنتاج وإعمال العقل والفطنة في‬
‫الوصول إلى الحقيقة‪ ،‬فالبينة الظرفية كما اسلفنا القول تقوم على االستنتاج والمنطق‪ ،‬وألن‬
‫هذا االستنتاج يقوم معه احتمال الخطأ)‪.(1‬‬
‫ومن هذه الشروط‪:‬‬
‫‪ -‬البد أن تكون الواقعة المراد إثباتها متعلقة بالدعوى‪.‬‬
‫‪ -‬أن تكون الواقعة المراد إثباتها منتجة في الدعوى‪.‬‬
‫‪ -‬أن تكون الواقعة المراد إثباتها جائز قبولها‪.‬‬
‫‪ /1‬أن تكون الواقعة متعلقة بالدعوى‪:‬‬
‫يجب أن تكون الواقعة المراد إثباتها ذات صلة بموضوع الدعوى محل النزاع‪ ،‬فال يقبل‬
‫اإلثبات لوقائع ال عالقة لها بالدعوى مطلقا ً وبذل األطراف جهدا ً في إثبات أو نفي تلك‬
‫الوقائع‪.‬‬
‫وقد حدد حاالت تكون الوقائع متعلقة بالدعوى فجاء في المادة (‪ )7‬من قانون االثبات سنة‬
‫‪1993‬م بيان تلك الحاالت وهي‪:‬‬
‫أ‪ /‬الوقائع محل الدعوى‪ :‬كان قانون االثبات لسنة ‪1983‬م الملغي يعرف الواقعة محل النزاع‬
‫بأنه‪( :‬يقصد بها أي واقعة يستتبعها الضرورة وجود أو عدم وجود أو طبيعة أو مدى أي حق‬
‫أو التزام أو وضع قانون) وفي القانون الحالي يقصد بها (كل واقعة ينكرها الخصم ويشمل‬
‫ذلك بيان طبيعة تلك الواقعة ومداها))‪.(2‬‬
‫ب‪ /‬وتعتبر متعلقة ب الدعوى الوقائع المرتبطة بالوقائع محل النزاع بحيث تشكل معها جزءا ً‬
‫من عملية واحدة‪ ،‬لقد جرى العمل في السودان على أن كل ما يمثل جزءا ً من األحداث‬
‫المكونة للفعل اإلجرامي أو الوقائع محل النزاع في الدعوى المدنية بحيث يشكل معها جزءا ً‬
‫من عملية واحدة‪.‬‬
‫ج‪ /‬تعتبر متعلقة بالدعوى الوقائع الظرفية‪:‬‬

‫(‪ )1‬اإلثبات القضائي قواعده وطرقه بين النظرية والتطبيق – د‪ .‬عز الدين محمد أحمد األمين مرجع ‪ -‬مرجع سابق – صـ ‪56 - 55‬‬
‫(‪ )2‬االثبات في المواد المدنية والتجارية – د‪ .‬مفلح القضاة – دبي – االمارات العربية المتحدة – صـ ‪38‬‬

‫‪53‬‬
‫أوالً‪ :‬تكون مناسبة أو سببا ً أو نتيجة للوقائع محل النزاع أو تكشف عن طبيعتها أو مداها أو‬
‫مكانها أو زمانها وغير ذلك مما يحيط بها‪ ،‬تتكون البينة الظرفية من وقائع ذات عالقة‬
‫بالوقائع المتنازع عليها ويجوز أن تثبت هذه الوقائع اإلثباتية عن طريق شهادة أو شهادة‬
‫نقلية مقبولة)‪.(1‬‬
‫ثانياً‪ :‬الوقائع الظرفية التي تبنى أو تُشكل دافعا ً أو قصدا ً ألي واقعة محل النزاع والوقائع التي‬
‫تكشف عن حالة ذهنية أو احساس مما يتصل بالواقعة محل النزاع‪.‬‬
‫وتتكون هذه الفقرة من جزئين‪ :‬الجزء األول منها يختص بالوقائع الظرفية التي تبني أو‬
‫تشكل دافعا ً أو قصدا ً ألي واقعة‪ ،‬ومقتضى هذا الدافع الذي يحرك أو يغري الطرف ليقوم‬
‫بفعل أو أن يقوم باالستعداد لتنفيذ ذلك الفعل؛ والثاني من هذه الفقرة فهو يختص بالوقائع التي‬
‫تكشف عن حالة ذهنية أو نية أو احساس مما يتصل بالواقعة)‪.(2‬‬
‫ثالثاً‪ :‬تبين هوية األشخاص وأحوالهم الجسدية وسلوكهم وعالقتهم والوقائع المؤثرة على ذلك‬
‫مما يكون متصالً بالواقعة محل النزاع‪.‬‬
‫رابعاً‪ :‬تبين كون الفعل ال ُمبين من نهج سوابق متشابهة كانت للفاعل صلة بها من أجل إثبات‬
‫أن الفعل كان عرضا ً أو مقصودا ً أو أنه اتخذ بقصد أو علم خاص أو تبين أسلوب تعامل يتم‬
‫به الفعل عادة من أجل إثبات أنه قد تم أو لم يتم‪.‬‬
‫وقد استقرت هذه الشروط في القضاء السوداني وطبقتها المحكمة العليا في العديد من‬
‫أحكامها؛ ففي قضية حكومة السودان ضد محمد ابراهيم خليل أوردت المحكمة العليا‬
‫المباديء التالية باعتبارها الشروط الالزمة لقبول البينة الظرفية‪:‬‬
‫‪ .1‬أن تثبت حلقات البينة الظرفية المعنية وراء مرحلة الشك المعقول‪.‬‬
‫‪ .2‬أن يؤدي استقراء حلقات تلك البينة الظرفية إلى استنتاج معقول)‪.(3‬‬

‫(‪ )1‬شرح قانون االثبات االسالمي السوداني وتطبيقاته القضائية – د‪ .‬بدرية عبد المنعم حسونة – ط ‪2000‬م – صـ ‪30‬‬
‫(‪ )2‬قانون االثبات وما عليه في السودان – د‪ .‬البخاري عبد هللا الجعلي – ط‪1984 1‬م – صـ ‪76‬‬
‫(‪ )3‬االثبات القضائي وقواعده وطرقه – د‪ .‬عز الدين محمد أحمد – مرجع سابق – صـ ‪56‬‬

‫‪54‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬اليمين والنكول عنه‬
‫تمهيد‪:‬‬
‫اليمين هي الوسيلة الثالثة من وسائل اإلثبات التي يستند إليها القاضي في اصدار الحكم في‬
‫فصل النزاع‪ ،‬وإنهاء الخالف بين االطراف المتنازعة‪ ،‬وهي وسيلة داخلة تعتمد على‬
‫الضمير والعقيدة وتصل إلى حقيقة األمور‪.‬‬
‫واليمين وسيلة لإلثبات منذ أقدم العصور وقد تلونت أشكالها وطريقة أدائها في المجتمعات‬
‫بحسب العقائد واألديان واألفكار التي تسودها‪ ،‬وكانت سائدة عند العرب قبل اإلسالم فأقرها‬
‫الشارع اإلسالمي الحنيف بما يتفق مع العقيدة السليمة‪ ،‬وبقيت كذلك في الشرائع والقوانين‬
‫حتى العصر الحاضر‪ ،‬رغم تباين العقائد واألفكار وشيوع المذاهب(‪.)1‬‬

‫المطلب األول‪ :‬تعريف اليمين في اللغة واالصطالح‬


‫اليمين في اللغة‪:‬‬
‫معناه القوة والق سم‪ ،‬ويجمع على أيمان وأيمن وسميت بذلك ألنهم كانوا إذا تحالفوا ضرب كل‬
‫منهم يمينه على يمين صاحبه واليمين معناه البركة)‪.(2‬‬
‫واليمين بمعنى القوة والقدرة‪ ،‬ثم أطلقت على الجارحة والحلف فسميت إحدى اليدين باليمين‪،‬‬
‫لزيادة في قوتها على األخرى‪ ،‬وسمي الحلف باهلل يميناً‪ ،‬ألنه يتقوى به أحد طرفي الخبر‬
‫وهو الصدق واليمين والقسم والجمع أيمن وأيمان)‪.(3‬‬
‫ٌ‬
‫وأيمان وأيا ُمن وأيامين‪ ،‬كما تجمع اليمين ضد اليسار على‬ ‫وجمع اليمين أي ُمن بضم الميم‬
‫يمائن‪ ،‬وإن جعلت اليمين ظرفا ً لم تجمعه ألن الظروف ال تكاد تجمع ألنها جهات وأقطار‬
‫مختلفة االلفاظ)‪.(4‬‬
‫معان‪:‬‬
‫ٍ‬ ‫واليمين في اللغة له ثالثة‬
‫‪ /1‬القوة‪ :‬لقوله تعالى‪ :‬ﱫﮌ ﮍ ﮎﱫ)‪ (5‬أي القوة‪.‬‬
‫‪ /2‬اليد اليمنى وقد سمي العضو باليمين لوفور قوته‪.‬‬
‫‪ /3‬القسم والحلف وأطلقت اليمين على الحلف ألن الناس كانوا إذا تحالفوا يأخذ كل واحد‬
‫منهم يمين صاحبه)‪.(6‬‬
‫اليمين في االصطالح‪:‬‬
‫عرفها الحنفية‪ :‬عقد قوي به عزم الحالف على الفعل أو الترك ‪.‬‬
‫)‪(1‬‬

‫(‪ )1‬وسائل اإلثبات في الشريعة اإلسالمية – د‪ .‬محمد مصطفى الزحيلي – مرجع سابق – صـ ‪316‬‬
‫(‪ )2‬لسان العرب – ابن منظور – مرجع سابق – صـ ‪458‬‬
‫(‪ )3‬مختار الصحاح – زين الدين أبو عبد هللا محمد – تحقيق‪ :‬يوسف الشيخ محمد – المكتبة العصرية – بيروت – ط‪1420 – 5‬هـ ‪1999 -‬م – صـ‬
‫‪350‬‬
‫(‪ )4‬لسان العرب – ابن منظور – مرجع سابق – صـ ‪461‬‬
‫(‪ )5‬سورة الحاقة اآلية ‪45‬‬
‫(‪ )6‬وسائل اإلثبات في الفقه اإلسالمي – عبد المطلب عبد الرازق حمدان‪ -‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬جامعة األزهر‪2007 ،‬م‪.‬‬
‫– صـ ‪192‬‬

‫‪55‬‬
‫عرفها المالكية‪ :‬تحقيق أمر لم يجب عقالً أو عادة بذكر إسم هللا أو صفته)‪.(2‬‬
‫عرفها الشافعية‪ :‬تحقيق أمر غير ثابت ماضيا ً كان أو مستقبالً نفيا ً أو إثبات ممكنا ً أو ممتنعا ً‬
‫صادقة كانت اليمين أو كاذبة مع العلم بالحال أو مع الجهل به)‪.(3‬‬
‫عرفها الحنابلة‪ :‬اليمين باهلل تعالى أو صفة من صفاته)‪.(4‬‬
‫المالحظ على هذه التعاريف وإن اختلفت لفظا ً إال أن معناها متحد من ثم يكفي أيا ً منها لبيان‬
‫حقيقة اليمين‪ ،‬وإن كانت النفس تميل إلى ما ذهب إليه الشافعية لوضوحه وشموله‪ .‬كذلك‬
‫اليمين هي تأكيد ثبوت الحق أو نفيه باستشهاد هللا تعالى أمام القاضي‪ ،‬وال تنعقد اليمين إال‬
‫بالقسم باهلل تعالى باتفاق العلماء‪ ،‬لما روى عمر بن الخطاب رضي هللا عنه أن رسول هللا‬
‫صلى هللا عليه وسلم قال‪( :‬أال إن هللا ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم ومن كان حالفا ً فليحلف باهلل أو‬
‫ليصمت))‪ ،(5‬بل حرم الحلف بغير هللا‪ ،‬ألن الحلف للتعظيم وال يجوز أن يعظم إال هللا سبحانه‬
‫وتعالى ومن حلف بغير هللا فقد كفر‪.‬‬
‫لحديث رسول هللا صلى هللا عليه وسلم (من حلف بغير هللا فقد كفر )‬
‫)‪(7) (6‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬مشروعية اليمين‬


‫اتفق العلماء على أن اليمين وسيلة من وسائل اإلثبات أمام القضاء‪ ،‬وأنها مشروعة لتأكيد‬
‫جانب الصدق على جانب الكذب في إثبات الحقوق أو نفيها‪ ،‬وهي تلعب دورا ً عظيما ً في‬
‫المحاكم عند العجز عن تقديم األدلة والبراهين‪ ،‬ويدل على ذلك الكتاب والسنة واإلجماع)‪.(8‬‬
‫أوالً من الكتاب‪ :‬قوله تعالى‪ :‬ﱫﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝﱫ)‪ (9‬أي قصدتموها‪ ،‬بدليل قوله‬
‫تعالى في آية أخرى‪ :‬ﱫﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛﱫ)‪ ،(10‬وقوله تعالى‪ :‬ﱫﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ‬
‫ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ي ي ﱫ ﱫ ﱫﱫ)‪ ،(11‬وقوله تعالى‪ :‬ﱫﯵ ﯶ ﭴﯸ ﯹﱫ)‪ ،(12‬أي باإلكثار منها أو‬
‫بالحنث فيها إذا لم تكن آثمة)‪.(13‬‬

‫(‪ )1‬الجوهرة النيرة – أبوبكر علي محمد الحدادي العبادي – المطبعة الخيرية – ط‪1322( 1‬هـ) – ج‪ – 2‬صـ ‪191‬‬
‫(‪ )2‬السلطة التقديرية للقاضي في الفقه اإلسالمي – د‪ .‬محمد محمود ناصر – إشراف د‪ .‬وهبة الزحيلي‪ ،‬دار النفائس‪ ،‬األردن‪ ،‬ط‪1427 ،1‬ه –‬
‫‪2007‬م‪ –.‬صـ ‪255‬‬
‫(‪ )3‬مغني المحتاج إلى معرفة معاني األلفاظ – شمس الدين محمد الخطيب الشربيني – دار الكتب العلمية – ط‪1415( 1‬هـ ‪1994 -‬م) – ج‪ – 6‬صـ‬
‫‪180‬‬
‫(‪ )4‬اإلنصاف في معرفة الراجح من الخالف – عالء الدين أبو الحسن علي الدمشقي – دار إحياء التراث العربي – ط‪ 2‬بدون تاريخ طبعة – ج‪– 11‬‬
‫صـ ‪12‬‬
‫(‪ )5‬مختصر صحيح البخاري – أبو عبد هللا بن ناصر بن الحاج – مكتبة المعارف – الرياض – ط‪1422( 1‬هـ ‪2002 -‬م) – ج‪– 4‬ك‪ :‬األيمان والنذور‬
‫– ب‪ :‬ال تحلفوا بآبائكم – ح ر ‪ – 2550‬صـ ‪181‬‬
‫(‪)6‬أخرجه أبي دارود في سننه – أبو داؤود األشعث بن أسحاق – تحقيق‪ :‬محمد محي الدين – المكتبة العصرية – بيروت – ك‪ :‬األيمان والنذور –‬
‫ب‪ :‬كراهية الحلف باآلباء – ح ر ‪ – 3251‬ج‪ – 3‬صـ ‪223‬‬
‫(‪ )7‬التنظيم القضائي في الفقه اإلسالمي – د‪ .‬محمد الزحيلي ‪ -‬مرجع سابق – صـ ‪371‬‬
‫(‪ )8‬وسائل اإلثبات في الشريعة – د‪ .‬محمد مصطفى الزحيلي – مرجع سابق – صـ ‪316‬‬
‫(‪ )9‬سورة المائدة اآلية ‪89‬‬
‫(‪ )10‬سورة البقرة اآلية ‪225‬‬
‫(‪ )11‬سورة آل عمران اآلية ‪77‬‬
‫(‪ )12‬سورة البقرة اآلية ‪224‬‬
‫(‪ )13‬القضاء واإلثبات في الفقه اإلسالمي مع المقارنة بقانون اإلثبات اليمني – عبد الفتاح محمد أبو العنين – صـ ‪357‬‬

‫‪56‬‬
‫ثانياً‪ :‬من السنة ‪ :‬قوله عليه الصالة والسالم‪( :‬لو يعطى الناس بدعواهم الدعى رجال دماء‬
‫قوم وأموالهم ولكن اليمين على المدعى عليه))‪.(1‬‬
‫وقوله صلى هللا عليه وسلم‪( :‬البينة على المدعي واليمين على من أنكر))‪.(2‬‬
‫ثالثاً‪ :‬اإلجماع‪ :‬أما اإلجماع فإن فقهاء األمة قد اتفقوا على مشروعيتها‪.‬‬
‫حكم اليمين ومحاسنها‪:‬‬
‫اليمين ذات أثر ديني ودنيوي لما يترتب عليها من األجر والثواب أو المحن والعقاب‬
‫واالعتبار الديني‪ ،‬ولما تفضي إليه من فض النزاع واكتساب الحق أو نفيه في االعتبار‬
‫القضائي‪ ،‬ويتجلى فيها أثر الوزاع الديني‪ ،‬وخشية هللا تعالى ألن الحق أصبح معلقا ً على ذمة‬
‫الحالف وضميره ومبلغ أيمانه وعقيدته‪ ،‬لذلك شدد الشارع الحكيم في شأن األيمان وحث‬
‫على التثبت فيها قبل الحلف‪ ،‬وأوعد الحالف كذبا ً بالهالك والبوار والدمار في الدنيا والعذاب‬
‫والنكال في اآلخرة‪ ،‬والنصوص صريحة في اعتبار اليمين الكاذبة كبيرة من الكبائر وأنها‬
‫تغمس صاحبها في النار)‪ (3‬لحديث الرسول صلى هللا عليه وسلم‪( :‬من اقتطع بيمينه مال‬
‫مرئ حرم هللا عليه الجنة ‪.(4))...‬‬
‫ا ٍ‬

‫(‪ )1‬هذا الحديث سبق تخريجه – صـ ‪7‬‬


‫(‪ )2‬هذا الحديث سبق تخريجه – صـ ‪10‬‬
‫(‪ )3‬وسائل اإلثبات في الشريعة اإلسالمية – د‪ .‬محمد مصطفى الزحيلي – مرجع سابق – صـ ‪327‬‬
‫(‪ )4‬الج امع الصحيح المختصر من أمور رسول هللا صلى هللا عليه وسلم – محمد بن اسماعيل البخاري – تحقيق‪ :‬زهير بن ناصر – ط‪1421( 1‬ه) –‬
‫ك األيمان والنذور – ب‪ :‬قوله تعالى‪ :‬ﱫﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﱫ ‪ -‬ح ر ‪ – 667‬ج‪ – 8‬صـ ‪137‬‬

‫‪57‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬اليمين برهان و ُحجة ودليل‬
‫أوالً‪ :‬اليمين برهان‪:‬‬
‫إذا اعتبرنا اليمين برهانا ً فذلك يعني أنها الحجة الفاصلة والبينة التي تقطع الخصومة بين‬
‫أطراف الدعوى‪ ،‬كما أنها تعني الدليل القاطع الذي بموجبه يستطيع أحد أطراف الدعوى‬
‫إثبات ادعائه وكسب الدعوى المتنازع فيها‪.‬‬
‫وبناءا ً على ذلك فلو اعتبرنا اليمين برهانا ً فإنها سوف تشمل كل أنواع األيمان المعروفة عند‬
‫فقهاء الشريعة اإلسالمية‪ ،‬كذلك ستشمل كل أنواع األيمان التي يحلفها المدعى عليه عند‬
‫انكاره لدعوى خصمه المدعي لكي ينفي بها تلك الدعوى‪.‬‬
‫ثانيا ً اليمين ُحجة‪:‬‬
‫وإذا قلنا أن اليمين حجة فذلك يعني أنها تدفع عن حالفها دعوى خصمه في الدعوى ومثالها‬
‫اليمين الحاسمة التي يحلفها المدعى عليه عندما يوجهها إليه المدعي لكي يحسم بها النزاع‬
‫تطبيقا ً لنص المادة (‪ )54‬من قانون اإلثبات السوداني ‪1994‬م‪.‬‬
‫ثالثاً‪ :‬اليمين دليل‪ :‬وإذا اعتبرنا أن اليمين دليالً فإن ذلك يعني أنها تدل من حلفها على‬
‫طلباته في دعواه أي أنها تثبت له دعواه وترشده على حقه الذي يدَّعيه وتظهره له بعد أن‬
‫كان خفيا ً وتبينه له‪ ،‬ومثال لها يمين االستظهار الواجبة في األحوال التي أوجبها فقهاء‬
‫المذاهب اإلسالمية على المدعي استظهارا ً لحقه‪ ،‬قبل صدور الحكم لصالحه)‪.(1‬‬
‫تعريف البرهان‪ :‬برهن التهذيب قال هللا عز وجل‪ :‬ﱫﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥﱫ)‪ ،(2‬والبرهان الحجة‬
‫الفاصلة البينة‪ ،‬يقال‪ :‬برهن يبرهن برهنة‪ ،‬إذا جاء بحجة قاطعة وجمع البرهان‪ :‬براهين‪ ،‬وقد‬
‫برهن عليه أقام ال ُحجة والبرهان ال ُحجة والدليل)‪.(3‬‬
‫أما كلمة برهان في االصطالح‪ :‬لقد عرفها السرخسي في كتابه أصول السرخسي‪( :‬البرهان‬
‫بمعنى الحجة‪ ،‬وكذلك فإنه مستعمل استعمال الحجة في لسان الفقهاء))‪. (4‬‬
‫أما ابن كثير فقد فسر البرهان بمعنى الدليل لقوله تعالى‪ :‬ﱫ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯨ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ‬
‫ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷﱫ)‪ ،(5‬أي من أشرك باهلل ال برهان له وال دليل له على قوله)‪.(6‬‬
‫تعريف الحجة لغة‪:‬‬
‫جاء في كتاب التعريفات للجرجاني)‪ (7‬معنى الحجة ما دل على صحة الدعوى‪ ،‬وقيل الحجة‬
‫والدليل واحد‪.‬‬

‫(‪ )1‬تحليف المتهم اليمين في الدعوى الجنائية في الفقه اإلسالمي والقانون المقارن – د‪ .‬سليمان محمد شائب – قاضي المحكمة العليا السودانية –‬
‫الخرطوم – ط‪1430( 1‬ه‪2009 -‬م) – صـ ‪98‬‬
‫(‪ )2‬سورة النمل اآلية ‪64‬‬
‫(‪ )3‬لسان العرب البن منظور – مرجع سابق – صـ ‪51‬‬
‫(‪ )4‬كتاب أصول السرخسي – االمام السرخسي – دار المعرفة للطباعة والنشر – بيروت – لبنان ‪1393 –1‬ه – ‪1973‬م – ج – صـ ‪278 - 277‬‬
‫(‪ )5‬سورة المؤمنون اآلية ‪117‬‬
‫(‪ )6‬تفسير القرآن العظيم‪ -‬البن كثير – دار المعرفة – بيروت – ط (‪1403‬ه – ‪1983‬م) – ج‪ – 3‬صـ ‪259‬‬
‫(‪ )7‬كتاب التعريفات – الجرجاني – مرجع سابق – صـ ‪87‬‬

‫‪58‬‬
‫معنى ال ُحجة في االصطالح‪:‬‬
‫جاء في كتاب أصول السرخسي بصدد تعريف الحجة في الشريعة‪( :‬قال أعلم بأن الحجة لغة‬
‫اسم من قول القائل حج أي غلب ويقال‪ :‬الرجل حاججته فحججته أي ألزمته بالحجة فصار‬
‫مغلوباً‪ ،‬ثم سميت الحجة في الشريعة ألنه يلز ُمنا حق هللا تعالى بها‪ ،‬ويجوز أن يكون مأخوذ‬
‫من معنى الرجوع إليه‪.‬‬
‫تعريف الدليل‪ :‬جاء في كتاب الجرجاني‪ :‬الدليل لغة هو المرشد وما به اإلرشاد‪ ،‬والدليل في‬
‫االصطالح جاء في كتاب أصول السرخسي هو اسم لحجة‪ ،‬منطق يظهر به ما كان خفيا ً‬
‫والدليل خاص لما هو مظهر‪ ،‬وعلى ذلك فالدليل عنده بمعنى الحجة المظهرة ظهورا ً موجبا ً‬
‫للعلم به أو دون ذلك)‪.(1‬‬

‫(‪ )1‬أصول السرخسي – لإلمام السرخسي – مرجع سابق – صـ ‪279 - 278‬‬

‫‪59‬‬
‫المطلب الرابع‪ :‬شروط وجوب اليمين‬
‫يشترط لوجوب اليمين شروط معينة إذا تحققت توجب على المدعى عليه أن يحلف وإال يعد‬
‫ناكالً وهي‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬أن يكون المدعى عليه منكرا ً للحق المدعى به‪ ،‬فلو كان مقراً‪ ،‬فال يحلف‪ ،‬ألن الحق‬
‫ثبت بإقراره‪ ،‬فال داعي لتحليفه‪ ،‬وألنه إنما يحلف ليدفع تهمة الكذب عن نفسه في إنكاره‬
‫وحيث أقر فال تهمه‪.‬‬
‫ثانيا ً‪ :‬أن يطلب المدعي تحليف المدعى عليه ألن اليمين وجبت حقا ً للمدعي‪ ،‬توصالً إلثبات‬
‫ما ادعاه‪ ،‬فإذا لم يطلب حقه ال يجب اإليفاء‪ ،‬هذا هو األصل‪.‬‬
‫ثالثا ً‪ :‬أال تكون للمدعي بينة حاضرة في مجلس القضاء ألن اليمين إنما شرعت للعجز عن‬
‫البينة‪ ،‬وحيث وجدت البينة في مجلس القضاء ال يتحقق العجز)‪.(1‬‬
‫رابعا ً‪ :‬أن يكون الحالف مكلفا ً (بالغا ً عاقالً) مختارا ً فال يحلف الصبي والمجنون وال تعتبر‬
‫يمين النائم والمستكره‪.‬‬
‫خامسا ً‪ :‬أن تكون اليمين شخصية فال تقبل اليمين النيابية‪ ،‬لصلتها بذمة الخالق ودينه‪ ،‬فال‬
‫يحلف الوكيل أو ولي القاصر‪ ،‬ويوقف األمر حتى يبلغ‪.‬‬
‫سادسا ً‪ :‬أال يكون المدعى به حقا ً خالصا ً هلل تعالى‪ ،‬كالحدود ألن التحليف ألجل النكول‪،‬‬
‫والنكول إما بذل وإما إقرار فيه شبهة والحدود ليست مما يبذل وال تثبت بإقرار فيه شبهة‪ ،‬إذ‬
‫الحدود تدرأ بالشبهات‪ ،‬فال يحلف فيها لعدم الفائدة)‪.(2‬‬
‫سابعا ً‪ :‬أن تكون الدعوى صحيحة ومقبولة السماع‪.‬‬
‫ثامنا ً‪ :‬أن يكون الشيء المدعى به مما يجري فيه االستحالف)‪.(3‬‬
‫يمين االستيثاق أو االستظهار‪ :‬وهي التي يحلفها المدعي بطلب القاضي لدفع التهمة عنه‬
‫بعد تقديم األدلة المطلوبة في الدعوى‪ ،‬فهي تكمل األدلة كالشهادة ويثبت بها القاضي)‪.(4‬‬
‫ما يجري فيه الحلف من الحقوق‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬تنقسم الحقوق إلى قسمين‪ :‬حقوق هلل تعالى وحقوق للبشر‪.‬‬
‫أ‪ /‬حقوق هلل تعالى‪ :‬ال خالف بين الفقهاء على أن التحليف في حقوق هللا تعالى الخالصة ال‬
‫يجوز‪ ،‬سواء كانت حدود كالزنا وشرب الخمر والسرقة أم كانت عبادة كالصالة والزكاة‬
‫والصوم والحج والكفارة والنذور‪ ،‬وغايته أنه إذا كان غرض المدعي من دعواه في السرقة‬
‫تضمين المدعى عليه المال أو يأخذ منه ما سرقه فإنه يستحلف لحق المدعي‪ ،‬ألنه حق مالي‬

‫(‪ )1‬المرافعات الشرعية – معوض محمد مصطفى – ط‪1371( 1‬ه – ‪1952‬م) – صـ ‪189‬‬
‫(‪ )2‬موسوعة الفقه اإلسالمي والقضايا المعاصرة – د‪ .‬وهبة الزحيلي – دار الفكر – دمشق – ط‪1433( 3‬ه – ‪2012‬م) – ج‪ – 6‬صـ ‪514‬‬
‫(‪ )3‬أحكام المرافعات في الفقه االسالمي وتطبيفاته المعاصرة في المحاكم الشرعية – د‪ .‬حميد بن عبد هللا الحميدان – الرياض – ‪1420‬ه – صـ ‪240‬‬
‫(‪ )4‬موسوعة الفقه اإلسالمي والقضايا المعاصرة – د‪ .‬وهبة الزحيلي – مرجع سابق صـ ‪517‬‬

‫‪60‬‬
‫فإن نكل عن اليمين ضمن المال وال يقطع‪ ،‬ألن النكول إقرار فيه شبهة فيعمل في الضمان‬
‫الذي هو حق اآلدمي دون القطع الذي هو حق هللا تعالى)‪.(1‬‬
‫ب‪ /‬حقوق البشر‪ :‬هذه الحقوق تتنوع إلى نوعين‪ :‬نوعها األول‪ :‬ما كان موضوعه المال أو‬
‫المقصود منه المال وكل القضايا المتعلقة بالمنازعات في الحقوق من هذا النوع‪ ،‬وعند‬
‫اإلنكار من قبل المدعى عليه فيها تحسم القضية عند عدم البينة بتوجيه اليمين إلى المدعى‬
‫عليه وهذا باتفاق الفقهاء‪ ،‬لكن النوع الثاني من حقوق البشر وهي تلك الحقوق التي ال تعد‬
‫ماالً وال يقصد منها المال‪ ،‬كالقضايا المتعلقة بالقصاص والدماء والنكاح والرجعة والطالق‬
‫والعتق والوالء‪ ،‬وحول طلب اليمين للفصل فيها هناك رأيان للفقهاء‪ ،‬أحدهما الرأي الذي‬
‫يقول‪ :‬بوجوب أن يطلب من المدعى عليه عند االنكار في تلك القضايا‪ ،‬أن يحلف اليمين لدفع‬
‫دعوى المدعي وقد ورد هذا الرأي في إحدى الروايتين عن اإلمام أحمد كما قال به اإلمام‬
‫الشافعي‪ ،‬وهو ما أخذ به أبو يوسف ومحمد بن الحسن من الحنفية‪ ،‬وذلك استدالالً للحديث‬
‫الذي يربط بين المدعى عليه واليمين كما أن النبي صلى هللا عليه وسلم صرح في هذه‬
‫المسائل بما يدل على طلب اليمين لدفع الدعوى‪ ،‬وذلك في قوله عليه الصالة والسالم‪( :‬البينة‬
‫على المدعي واليمين على المدعى عليه))‪ ،(2‬وهذا الحديث وإن كان عاما ً في كل مدعى إال‬
‫أنه أيضا ً نص في دعاوى الدماء ولكن نجد في المقابل وجهة نظر أخرى وقد عبر عن رأيها‬
‫اإلمام أبو حنيفة والرواية الثانية ع ن اإلمام أحمد وأنه ال يستحلف المدعى عليه وال تعرض‬
‫عليه اليمين عندما تكون القضية متعلقة بحقوق ال تعد ماالً‪ ،‬وال يقصد منها المال‪ ،‬وقد نقل‬
‫عن اإلمام أحمد قوله في ذلك‪ :‬لم أسمع من مضى جوزوا األيمان إال في األموال والعروض‬
‫خاصة‪ ،‬وقد نقل ذلك عن اإلمام مالك‪ ،‬وأبو حنيفة يرى ذلك خالفا ً لصاحبه‪ ،‬ألن يشترط‬
‫لوجوب طلب اليمين من المدعى عليه أن يكون المدعى به مما يحتمل البذل‪ ،‬و لما كانت تلك‬
‫المسائل التي ال تعد ماالً وال هي في حكم المال ال تحتمل البذل وال تثبت بإقرار فيه شبهة‪،‬‬
‫لذا ال يحلف فيها)‪.(3‬‬
‫ما تنعقد به اليمين؟‬
‫ال تنعقد اليمين إال باسم باهلل تعالى أو صفة من صفاته‪.‬‬

‫(‪ )1‬أدلة اإلثبات في الفقه اإلسالمي ‪ -‬د‪ .‬أحمد فراج حسين – دار الجامعة الجديدة – ‪2004‬م – صـ ‪425‬‬
‫(‪)2‬هذا الحديث سبق تخريجه – صـ‪10‬‬
‫(‪ )3‬أحكام المرافعات في الفقه اإلسالمي – د‪ .‬حميد بن عبد هللا الحميدان – مرجع سابق – صـ ‪242 - 241‬‬

‫‪61‬‬
‫المطلب الخامس‪ :‬أنواع اليمين‬
‫اليمين بحسب الحالف ثالثة أنواع (يمين الشاهد‪ ،‬ويمين المدعى عليه‪ ،‬ويمين المدعي)‬
‫‪ /1‬يمين الشاهد‪ :‬هي اليمين التي يحلفها الشاهد قبل أداء الشهادة لالطمئنان إلى صدقه‪ ،‬وهي‬
‫التي يلجأ إليها في عصرنا بدالً من تزكية الشاهد وقد أجازها المالكية لفساد الزمان وضعف‬
‫الوازع الديني ومنعها الجمهور‪.‬‬
‫‪ /2‬يمين المدعى عليه‪ :‬وتسمى اليمين األصلية أو الواجبة أو الدافعة أو الرافعة وهي يحلفها‬
‫المدعى عليه بطلب القاضي بناءا ً على طلب المدعي لتأكيد جوابه عن الدعوى‪ ،‬وهي حجة‬
‫المدعى عليه للحديث المتقدم (ولكن اليمين على المدعى عليه)‪.‬‬
‫‪ /3‬يمين المدعي‪ :‬وهي عند الجمهور غير الحنفية اليمين التي يؤديها المدعي لدفع التهمة‬
‫عنه أو إلثبات حقه أو لرد اليمين عليه وهي ثالثة أنواع‪:‬‬
‫اليمين الجالبة‪ :‬وهي التي يحلفها المدعي إلثبات حقه؛ إما مع شهادة شاهد واحد وهي اليمين‬
‫مع الشاهد‪ ،‬وإما بسبب نكول المدعى عليه عن اليمين األصلية وردها إلى المدعي ليحلف‬
‫وهي اليمين المردودة‪.‬‬
‫يمين التهمة‪ :‬وهي التي توجه على المدعي بقصد رد دعوى غير محققة على المدعى‬
‫عليه)‪.(1‬‬
‫اليمين القضائية‪ :‬هي تؤدى أمام القضاء‪ ،‬وتنقسم إلى قسمين (اليمين المتممة‪ ،‬واليمين‬
‫الحاسمة)‪.‬‬
‫أوالً‪ :‬اليمين الحاسمة ‪ :‬هي يمين يوجهها الخصم إلى خصمه عندما يتعذر كل دليل آخر حتى‬
‫يحسم بها النزاع‪.‬‬
‫ويقصد باليمين الحاسمة‪ ،‬قسم باهلل يصدر من أحد الخصمين على صحة ما يزعمه أو‬
‫عدمه صحة ما يدعيه الخصم اآلخر‪ ،‬وال تعد اليمين طريقا ً عاديا ً لإلثبات ألن المتقاضي ال‬
‫يلجأ إليها إال إذا تعذر عليه الدليل المطلوب‪ ،‬فيحتكم إلى ذمة الخصم وضميره‪ ،‬فتعد اليمين‬
‫نظاما ً من نظام العدالة)‪.(2‬‬
‫ثانيا ً‪ :‬اليمين المتممة‪ :‬وهي التي يوجهها القاضي من تلقاء نفسه إلى أحد الخصمين‪ ،‬ويقصد‬
‫بها إنارة القاضي وإراحة ضميره عندما تكون األدلة المقدمة في الدعوى غير كافية‪ ،‬وهي‬
‫ليست عقدا ً وال صلحا ً وال عمالً قانونيا ً وال حتى دليل‪ ،‬وإنما هي إجراء يتخذه القاضي رغبة‬
‫منه في استقصاء الحقيقة‪ ،‬بما له من دور توجيهي في الدعوى أعطاه إياها المشرع خروجا ً‬
‫على مبدأ الحياد الذي يقصر وظيفة القضاء على تقدير األدلة التي تقدم إليه فحسب‪.‬‬

‫(‪ )1‬موسوعة الفقه اإلسالمي والقضايا المعاصرة – د‪ .‬وهبة الزحيلي – مرجع سابق – صـ ‪516‬‬
‫(‪ )2‬أصول اإلثبات ‪ -‬داراسة في ضوء أحكام قانون اإلثبات – د‪ .‬عصمت عبد المجيد بكر – مكتبة الجامعة – الشارقة – ط‪2012 1‬م – صـ ‪289‬‬

‫‪62‬‬
‫وكالً من اليمين الحاسمة والمتممة تعتبر دليالً من أدلة اإلثبات أمام القضاء)‪.(1‬‬

‫(‪ )1‬اإلثبات بالقرائن في القانون والشريعة اإلسالمية – دكتوراه مقدمة إلى كلية الحقوق من الباحث‪ :‬محمد علي عطاء هللا في مصر في العام ‪2001‬م‬
‫– صـ ‪57‬‬

‫‪63‬‬
‫المطلب السادس‪ :‬معنى النكول لغة وشرعا ً‬
‫النكول في اللغة‪:‬‬
‫معناه التأخير والتراجع والنكوص واالنصراف والجبن والضعف واالمتناع‪ ،‬وكلمة نكل من‬
‫األضداد تدل على مفرداتها على معنيين متضاربين‪ ،‬فالنكل هو القوي والنكل الضعف‬
‫والجبن‪ ،‬يقال‪ :‬نكل عن العدو‪ :‬أي ضعف وجبن عن لقائه‪ ،‬ونكل بالكسر نكص‪ ،‬والنكل‪:‬‬
‫القيد‪ ،‬ويجمع على انكال ونكول)‪.(1‬‬
‫ونكل عن اليمين امتنع منها ونكل به يُنكل من باب قتل نكله)‪.(2‬‬
‫النكول في الشرع‪:‬‬
‫هو أن يقول المدعى عليه بعد عرض القاضي اليمين عليه أنا ناكل عنها‪ ،‬أو يقول القاضي‬
‫أحلف فيقول ال أحلف)‪.(3‬‬
‫وقيل هو‪ :‬االمتناع عن حلف اليمين الموجهة إلى المدعى عليه بطريق القاضي)‪ ،(4‬وقيل هو‪:‬‬
‫استنكاف الخصم عن حلف اليمين الموجهة عليه من القاضي‪.‬‬
‫والمعنى في التعاريف السابقة متحد وإن اختلف التعبير‪.‬‬
‫ُحجية النكول‪:‬‬
‫اختلف الفقهاء في حجية النكول وتمخض الخالف عن اآلراء اآلتية‪:‬‬
‫الرأي األول‪ :‬النكول ُحجة وطريقة من طرق اإلثبات‪ ،‬فإذا نكل المدعى عليه قضى عليه‬
‫نكوله وهو ما عليه االحناف والحنابلة والزيدية واإلمامية‪ ،‬وهو قول سيدنا عثمان بن عفان‬
‫رضي هللا عنه وقضاء شريح)‪.(5‬‬
‫الرأي الثاني‪ :‬النكول ليس ُحجة وال يعتبر طريقا ً من طرق اإلثبات‪ ،‬فإذا نكل المدعى عليه‬
‫ردت اليمين على المدعى‪ ،‬وهو ما عليه الشافعية والمالكية)‪ ،(6‬وروي عن ابن عمر وعلي‬
‫والمقداد واألسود أبي بن كعب وزيد بن ثابت رضي هللا عنه مثله‪.‬‬
‫الرأي الثالث‪ :‬النكول ليست ُحجة وال يعتبر طريقا ً من طرق اإلثبات وال يقضى به في شيءٍ‬
‫أصالً‪ ،‬فإذا نكل المدعى عليه أجبر على الحلف بالضرب وال ترد اليمين على المدعى‪ ،‬وهو‬
‫ما عليه ابن حزم)‪.(7‬‬
‫أدلة الرأي األول‪:‬‬

‫(‪ )1‬المصباح المنير في غريب الشرح الكبير – أحمد محمد علي – مرجع سابق – صـ ‪ - 625‬لسان العرب – البن منظور – مرجع سابق – صـ‬
‫‪4544‬‬
‫(‪ )2‬مختار الصحاح – زين الدين أبو عبد هللا – مرجع سابق – صـ ‪319‬‬
‫(‪ )3‬مغني المحتاج – محمد بن محمد بن أحمد الشربيني – مرجع سابق – صـ ‪478‬‬
‫(‪ )4‬الفقه اإلسالمي وأدلته – د‪ .‬وهبة الزحيلي – مرجع سابق – صـ ‪392‬‬
‫(‪ )5‬الطرق الحكمية – محمد بن أبي بكر بن أيوب – مكتبة دار البيان – بدون طبعة وتاريخ – ج‪ – 1‬صـ ‪101‬‬
‫(‪ )6‬مغني المحتاج – محمد بن محمد بن أحمد – مرجع سابق – صـ ‪477‬‬
‫(‪ )7‬المحلى البن محمد بن أحمد بن حزم – دار اآلفاق الجديدة – بيروت – صـ ‪372‬‬

‫‪64‬‬
‫‪ /1‬ماروى عن سالم بن عبد هللا بن عمر أن أباه باع عبدا ً له بثمانمائة درهم بالبراءة‪ ،‬ثم إن‬
‫صاحب العبد خاصم فيه ابن عمر إلى عثمان‪ ،‬فقال عثمان البن عمر‪ :‬أحلف باهلل لقد بعته‬
‫وما به داء علمته فأبى ابن عمر أن يحلف‪ ،‬فرد عليه عثمان العبد)‪.(1‬‬
‫وجة الداللة من األثر‪ :‬إن سيدنا عثمان قضى على ابن عمر بالنكول‪ ،‬فدل ذلك على أن‬
‫النكول حجة ألنه لو لم يكن ُحجة ما قضى به‪ ،‬ولكنه قضى به فدل ذلك على ُحجته‪.‬‬
‫‪ /2‬ما ُروي أن النبي صلى هللا عليه وسلم قال‪( :‬البينة على المدعى واليمين على من‬
‫أنكر))‪.(2‬‬
‫وجه الداللة من الحديث‪ :‬حصر اليمين في جانب المدعى عليه‪ ،‬فإذا نكل عن اليمين قضي‬
‫عليه بنكوله فدل ذلك على ُحجية النكول‪.‬‬
‫أدلة الرأي الثاني‪ :‬استدل أصحاب هذا الرأي بما يلي‪:‬‬

‫ماروي عن نافع عن ابن عمر أن النبي صلى هللا عليه وسلم رد اليمين على طالب‬ ‫‪ُ /1‬‬
‫الحق)‪.(3‬‬
‫وجه الداللة من الحديث‪ :‬أن النبي صلى هللا عليه وسلم رد اليمين على طالب الحق بمجرد‬
‫نكول المدعى عليه فدل ذلك على أن النكول ليست ُحجة‪ ،‬ألنه لو كان ُحجة ما رد اليمين‬
‫على طالب الحق بمجرد النكول‪.‬‬
‫‪ /2‬ماروى أن المقداد)‪ (4‬استقرض من عثمان سبعة آالف درهم‪ ،‬فلما تقاضاه‪ ،‬قال‪ :‬إنها‬
‫أربعة آالف درهم‪ ،‬فخاصمه إلى عمر‪ ،‬فقال للمقداد‪ :‬أحلف أنها سبعة آالف؟ فأبى فقال عمر‬
‫خذ ما أعطاك)‪.(5‬‬
‫وجه الداللة من األثر‪ :‬أن سيدنا عمر لم يقضي بمجرد النكول فدل على عدم ُحجيته وهو‬
‫المطلوب‪.‬‬
‫‪ /3‬إن النكول يحتمل أن يكون امتناعا ً عن الحلف وتورعا ً عن اليمين الكاذبة كما هو الشأن‬
‫في المسلم‪ ،‬ويحتمل أن يكون امتناعا ً عن الحلف من باب الترفع عن اليمين الصادقة‪ ،‬كما‬
‫إن عثمان حلف كذبا ً‬‫منع عثمان لما وجهت إليه اليمين‪ ،‬وقال أنى أن يوافقها قضاء‪ ،‬فيقال‪َّ :‬‬
‫ويحتمل اشتباه الحال باال يدري أنه صادقة في إنكاره أو كاذبة فيه فيمتنع‪ ،‬وإذا كان األمر‬

‫(‪ )1‬السنن الكبرى – ألبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي – دار الفكر – بيروت – ط‪1424( 3‬ه – ‪2003‬م) – كتاب البيوع – باب بيع البراءة – ج‪– 5‬‬
‫صـ ‪328‬‬
‫(‪ )2‬هذا الحديث سبق تخريجه صـ ‪6‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه البيهقي في سننه – أحمد بن علي بن موسى أبوبكر البيهقي – تحقيق‪ :‬محمد عبد القادر عطا – دار الكتب العلمية – بيروت – لبنان –‬
‫ط‪1424( 3‬ه – ‪2003‬م) – كتاب الشهادات – ب‪ :‬النكول ورد اليمين – ح ر ‪ – 20739‬ج‪ – 10‬صـ ‪310‬‬
‫(‪ )4‬هو المقداد بن عمرو – يعرف بابن األسود الكندي الحضرمي – توفى سنة ‪33‬ه‬
‫(‪ )5‬أخرجه البيهقي في السنن الكبرى – أحمد بن الحسين بن علي البيهقي – تحقيق‪ :‬محمد عبد القادر – دار الكتب العلمية – ط‪1424( 3‬ه –‬
‫‪2003‬م) – ك الشهادات – ب‪ :‬النكول ورد اليمين – ح ر ‪ – 2074‬ج ‪ – 10‬صـ ‪310‬‬

‫‪65‬‬
‫كذلك فال يصح أن يكون النكول ُحجة بل ترد اليمين على المدعى‪ ،‬فإن حلف قضى له وإن‬
‫أنكل خسر الدعوى)‪.(1‬‬

‫(‪ )1‬مغني المحتاج – محمد بن أحمد بن أحمد – مرجع سابق – صـ ‪477‬‬

‫‪66‬‬
‫أدلة القول الثالث‪:‬‬
‫استدل ابن حزم لما ذهب إليه من أدلة أنه ال يقضى بالنكول في شيءٍ من األشياء‪ ،‬بما استدل‬
‫به أصحاب القول الثاني وباألدلة اآلتية‪:‬‬
‫‪ /1‬بما رواه الشعبي)‪ (1‬قال‪ :‬كان بين أ ُبي كعب وعمر بن الخطاب رضي هللا عنهما منازعة‬
‫وخصومة في حائط‪ ،‬فقال‪ :‬بيني وبينك زيد بن ثابت رضي هللا عنه‪ ،‬فأتياه فضربا عليه الباب‬
‫فخرج‪ ،‬فقال يا أمير المؤمنين أال أرسلت إلي حتى أتيتك؟ فقال عمر‪ :‬بيته يؤتى الحكم‪،‬‬
‫فأخرج زيد وسادة فألقاها‪ ،‬فقال له عمر‪ :‬هنا أول جورك‪ ،‬وأبى أن يجلس عليها فتكلما‪ ،‬فقال‬
‫زيد ألبي كعب‪ :‬بينتك؟ وإن أردت أن تعفي أمير المؤمنين من اليمين فأعفه‪ ،‬فقال عمر‬
‫ي باليمين وال أحلف فحلف)‪.(2‬‬ ‫رضي هللا عنه‪ :‬تقضي عل َّ‬
‫وجه الداللة من األثر‪ :‬إن زيد بن ثابت لم يذكر رد اليمين ولم يحكم بالنكول‪ ،‬وإنما أوجب‬
‫اليمين على المنكر قطعا ً إال أن يسقطها الطالب‪.‬‬
‫‪ /2‬أنه لم يأت قرآن وال سنة وال إجماع على القضاء بالنكول وال باليمين المردودة‪ ،‬وجاء‬
‫نص القرآن برد اليمين في مسألة الوصية‪ ،‬ونص السنة بردها في مسألة القسامة‪ ،‬والشاهد‬
‫واليمين فأقتص رنا على ما جاء في كتاب هللا وسنة رسوله صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬ولم نعد ذلك‬
‫إلى غيره‪ ،‬وليس قول أحد ُحجة سوى قول المعصوم وكل من سواه مأخوذ من قوله‬
‫ومتروك)‪.(3‬‬
‫الرأي المختار‪ :‬بعد عرض اآلراء السابقة ومناقشة ما استدل به كل فريق فإن النفس تميل‬
‫إلى ترجيح ما ذهب إليه الرأي األول من أن النكول ُحجة وطريق من طرق اإلثبات‪ ،‬فإذا‬
‫نكل المدعى عليه قضى عليه بنكوله وذلك لما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬قُ َّوة أدلَّت ُهم وسالمت ُها من ال ُّمعارضةُ‪.‬‬
‫‪ .2‬إ َّن في القول بجواز القضاء بالنُّ ُكول حس ٌم لل ُمنازعات وتوف ٌ‬
‫ير للوقت وال ُّجهد أمام القضاء‪.‬‬
‫إن ال ُمدَّعى عليه إذا علم أنَّهُ سيُقضى عليه ب ُمج َّرد النُّ ُكول فإنَّهُ سيحرص على إجابة‬ ‫‪َّ .3‬‬
‫الدَّعوى واإلقرار بال َّحق أو ال َّحلف على نفسه د ُون إبطاءٍ ‪.‬‬

‫(‪ )1‬هو عامر بن شرحبيل أبو عمرو – ولد في إمرة عمر بن الخطاب – توفى سنة ‪104‬ه‬
‫(‪ )2‬أخرجه البيهقي في السنن الكبرى – أحمد بن الحسين بن علي البيهقي – تحقيق‪ :‬محمد عطا – دار الكتب العلمية – ط‪1424( 3‬ه – ‪2003‬م) –‬
‫ك‪ :‬أدب القاضي – ب‪ :‬إنصاف الخصمين في المدخل عليه – ح ر ‪ – 20463‬ج‪ – 10‬صـ ‪229‬‬
‫(‪ )3‬المحلى باآلثار البن حزم – مرجع سابق – صـ ‪374‬‬

‫‪67‬‬
‫المبحث الخامس‪ :‬القسامة‬
‫المطلب األول‪ :‬تعريف القسامة لغة وشرعا ً‬
‫أوالً‪ :‬القسامة لغة‪:‬‬
‫هي مصدر أقسم أقساما ً وقسامة إذا حلف وجاءت على وزن عزامة وحمالة)‪.(1‬‬
‫والقسامة تعني اليمين والحلف)‪ ،(2‬والقسامة الجماعة يقسمون على الشيء أو يشهدون ويمين‬
‫القسامة منسوب إليهم)‪ . (3‬وقيل القسامة هي أيمان تقسم على المتهمين في الدم‪ ،‬وقال‬
‫الجرجاني)‪ (4‬هي أيمان تقسم على المتهمين بالدم)‪.(5‬‬
‫والقسامة‪ :‬مأخوذة من القسم أي اليمين‪.‬‬
‫والقسامة في اللغة تستعمل بمعنى الوسامة وهو الحسن والجمال يقال فالن قسيم أي حسن‬
‫جميل وتستعمل أيضا ً بمعنى القسم وهو اليمين)‪.(6‬‬
‫ثانياً‪ :‬القسامة في االصطالح‪:‬‬
‫عرفها الحنفية‪( :‬هي أيمان يقسم بها أهل محلة أو دار أو موضع خارج من مصر أو قرية‬
‫قريب منه) بحيث يسمع الصوت منه إذا وجدت في شيءٍ منها قتيل به أثر ال يعلم من قتله‪،‬‬
‫يقول كل واحد منهم باهلل ما قتلته وال علمت له قاتالً‪.‬‬
‫عرفها المالكية‪ :‬هي (حلف خمسين يمينا ً أو جزءها على إثبات الدم)‪.‬‬
‫عرفها الشافعية‪ :‬هي إسم لأليمان تقسم على أولياء الدم أو هي األيمان في الدماء‪.‬‬
‫عند الحنابلة‪ :‬هي (األيمان المكررة في دعوى القتل‪ ،‬أو هي أيمان مكررة في دعوى قتل‬
‫معصوم))‪.(7‬‬
‫ولعل أرجح التعاريف لها أنها (حلف معين عند التهمة بالقتل على اإلثبات أو النفي)‬
‫والمالحظ على هذه التعاريف أنها متحدة في المعنى وإن اختلف ألفاظها‪ ،‬ومن ثم فإن أيا ً منها‬
‫يكفي في بيان حقيقة القسامة‪.‬‬
‫مشروعية القسامة‪:‬‬
‫القسامة كانت في الجاهلية وأقرها الشرع‪ ،‬حيث كان العرب في الجاهلية يحكمون بالقسامة‪،‬‬
‫وبعد مجيء اإلسالم‪ ،‬اختلف الفقهاء في في مشروعيتها ووجب العمل بها‪ .‬وتبلور هذا‬
‫الخالف إلى اتجاهين أساسيين‪.‬‬
‫الرأي األول‪ :‬ذهب جمهور الفقهاء إلى القول بمشروعية القسامة والعمل بها)‪.(8‬‬
‫(‪ )1‬تاج العروس – محب الدين محمد مرتضى الزبيري – تحقيق‪ :‬عبد الكريم الغرباوي – وزارة اإلرشاد واألنباء – الكويت – ‪1386‬ه – ج‪ – 9‬صـ‬
‫‪26‬‬
‫(‪ )2‬أساس البالغة – جار هللا أبو القاسم الزمخشري – دار مطابع الشعب – القاهرة – ‪1960‬م – صـ ‪366‬‬
‫(‪ )3‬لسان العرب – ابن منظور – مرجع سابق – صـ ‪478‬‬
‫(‪ )4‬الجرجاني‪ :‬هو علي بن محمد بن علي الزين الشريف الجرجاني – توفى سنة ‪816‬ه‬
‫(‪ )5‬التعريفات للجرجاني – مرجع سابق – صـ ‪224‬‬
‫(‪ )6‬نظرية االثبات في الفقه الجنائي االسالمي – أحمد فتحي بهنس – مرجع سابق – صـ ‪227‬‬
‫(‪ )7‬القسامة في الفقه االسالمي – محمد اسماعيل البسيط – مؤسسة الرسالة – ط‪1402 1‬ه ‪1981 -‬م – صـ ‪21-20‬‬
‫(‪ )8‬بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع – عالء الدين أبوبكر – مرجع سابق – صـ ‪286‬‬

‫‪68‬‬
‫بن عبد هللا وغيرهم إلى عدم‬ ‫الرأي الثاني‪ :‬ذهب بعض الفقهاء (كأبي قالبة)‪ ،(1‬وسالم‬
‫)‪(2‬‬

‫مشروعية القسامة وعدم اعتبارها دليل تثبت به األحكام)‪.(3‬‬


‫أدلة الرأي األول‪ :‬استدل جمهور الفقهاء لما ذهبوا إليه بما يلي‪:‬‬
‫‪ /1‬ما روي عن سهل بن أبي حثمة ورافع بن خريج أنهما قاال‪( :‬خرج عبد هللا بن سهل بن‬
‫زيد بن مسعود حتى إذا كانا بخيبر تفرقا في بعض ما هناك‪ ،‬ثم إذا محيصة يجد عبد هللا بن‬
‫سهل قتيالً فدفنه‪ ،‬ثم أقبل إلى الرسول صلى هللا عليه وسلم هو وحويصة بن مسعود وعبد‬
‫الرحمن بن سهل وكان أصغر القوم‪ ،‬فذهب عبد الرحمن ليتكلم قبل صاحبه‪ ،‬فقال له رسول‬
‫هللا صلى هللا عليه وسلم‪ :‬وسالم كبر الكبر في السن فصمت فتكلم صاحباه‪ ،‬وتكلم معهما‬
‫فذكروا لرسول هللا صلى هللا عليه وسلم مقتل عبد هللا بن سهل فقال لهم أتحلفون خمسين يمينا ً‬
‫فتستحقون صاحبكم أو قاتلكم‪ ،‬قالوا كيف نحلف ولم نشهد‪ ،‬قال‪ :‬فتبرئكم يهود بخمسين يمينا ً‬
‫قالوا‪ :‬وكيف نقبل أيمان قوم كفار؟ فلما رأى ذلك رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أعطى‬
‫عقله))‪.(4‬‬
‫وجه الداللة من الحديث‪ :‬أن النبي صلى هللا عليه وسلم قال‪ :‬فتبرئكم يهود بخمسين يمينا ً‬
‫وهذا دليل واضح على مشروعية القسامة ألنها لو لم تكن مشروعة لما قال ذلك ولكنه قال‬
‫فدل على مشروعيتها‪.‬‬
‫‪ /2‬عن سلمة بن عبد الرحمن وسلمان بن يسار عن أناس من أصحاب رسول هللا صلى هللا‬
‫عليه وسلم رضي هللا عنهم (إن القسامة كانت في الجاهلية فأقرها رسول هللا صلى هللا عليه‬
‫وسلم على ما كانت عليه في الجاهلية‪ ،‬وقضى بها بين ناس من األنصار في قتيل أدعوه على‬
‫يهود خيبر))‪.(5‬‬
‫وجه الداللة من الحديث ‪ :‬هذا الحديث صريح في مشروعية القسامة‪ ،‬ألن اإلقرار دليل على‬
‫المشروعية‪ ،‬كما أنه صلى هللا عليه وسلم قضى بها بين ناس من األنصار وهو صلى هللا‬
‫عليه وسلم ال يقضي إال بما هو مشروع‪.‬‬
‫أدلة الرأي الثاني‪ :‬استدل أصحاب هذا الرأي من عدم مشروعية القسامة بما يلي‪:‬‬
‫* ما روى عن أبي قالبة أن عمر بن عبد العزيز أبرز سريره يوما للناس وأذن لهم فدخلوا‬
‫عليه‪ ،‬فقال‪ :‬ما ت قول في القسامة؟ فقالوا أن القسامة قود بها الحق قد قاد بها الخلفاء‪ ،‬فقال ما‬
‫تقولوا يا أبا قالبة؟ نصيحتي للناس فقلت‪ :‬يا أمير المؤمنين عندك أشراف العرب ورؤساء‬
‫األجناد أرأيت لو أن خمسين رجالً شهدوا على رجل أنه زنى بدمشق أكنت ترجمه؟ قال ال‬

‫(‪ )1‬هو عبد هللا بن زيد بن عمرو الجرمي – عالم بالقضاء واألحكام من أهل البصرة – توفى سنة ‪104‬ه‬
‫(‪ )2‬هو سالم بن عبد هللا بن عمر بن الخطاب بن نفيل بن عدي بن كعب – توفى سنة ‪106‬ه‬
‫(‪ )3‬نيل األوطار – محمد بن علي بن محمد بن عبد هللا الشوكاني – مرجع سابق – صـ ‪41‬‬
‫(‪ )4‬أخرجه مسلم في صحيحه – مسلم بن الحجاج أبو الحسن النيسابوري – تحقيق‪ :‬محمد فؤاد عبد الباقي – دار إحياء التراث العرب – بيروت – ك‬
‫القسامة والمحاربين والقصاص والديات – ب‪ :‬القسامة – ح ر ‪ – 1669‬ج‪ – 3‬صـ ‪1291‬‬
‫(‪ )5‬أخرجه مسلم في صحيحه – ك القسامة والمحاربين والقصاص – ب القسامة – ح ر ‪ ، 1670‬والبيهقي في السنن الكبرى – ك‪ :‬القسامة – ب‪:‬‬
‫أصل القسامة والبداية فيها مع اللوث بأيمان المدعى – ح ر ‪ – 16442‬ج‪ – 8‬صـ ‪212‬‬

‫‪69‬‬
‫قال أرأيت لو أن خمسين رجالً شهدوا عندك أنه سرق بحمص ولم يروه أكنت تقطعه؟ قال‬
‫ال‪ ،‬وفي بعض الروايات قلت فما بالهم إذا شهدوا أنه قتل بأرض كذا وهم عندك؟ أخذت منه‬
‫بشهادتهم‪ ،‬قال‪ :‬فكتب عمر بن عبد العزيز في القسامة أنهم إن قاموا شاهد عدل أن فالنا ً قتله‬
‫فاقده وال يقبل بشهادة الخمسين الذين أقسموا))‪.(1‬‬
‫وجه الداللة من الحديث‪ :‬أن سيدنا عمر بن عبد العزيز قدم شهادة العدل الواحد على شهادة‬
‫الخمسين الذين قسموا وهذا دليل على عدم مشروعية القسامة ألنها لو كانت مشروعة لديه‬
‫لما قدم شهادة العدل عليها ولكن قدم فدل ذلك على عدم مشروعيتها‪.‬‬
‫الرأي المختار ‪ :‬يتضح مما سبق بعد ذكر أدلة الفريقين أن ما ذهب إليه جمهور الفقهاء من‬
‫مشروعية القسامة واإلعتماد عليها في بناء األحكام هو الراحج لما يلي‪:‬‬
‫‪ /1‬قوة أدلتهم وسالمتها من المعارض‪.‬‬
‫‪ /2‬إن القوة بمشروعية القسامة تترتب عليه فائدة حيث أن غالب المواضيع التي تكون فيها‬
‫القسامة حجة إنما هي الجرائم التي تقع في أماكن مظلمة خفية‪ ،‬فيتعذر معها وجود البينة‪ ،‬فلو‬
‫طرحت القسامة جانبا ً ولم يعتمد عليها ترتيب على ذلك إفالت المجرمين الذين يرتكبون‬
‫جرائمهم في تلك األماكن ولضاعت الحكمة من تشريع القضاء)‪.(2‬‬
‫وإن ما استدل به الفريق الثاني غير وارد على أصل موضوع القسامة وإنما وارد على‬
‫بعض أحكامها‪.‬‬
‫الحكمة من مشروعية القسامة‪:‬‬
‫للقسامة فائدتان‪ :‬أولهما‪ :‬تعظيم شأن الدماء وإال تذهب هدرا ً بالقدر المستطاع‪ ،‬فالشريعة‬
‫اإلسالمية تحرص أشد الحرص على الدماء وصيانتها وعدم إهدارها‪ ،‬لما كان القتل يكثر‬
‫بينما تقل الشهادة عليه‪ ،‬ألن القاتل يتحرى بالقتل مواضع الخلوات ُجعلت القسامة حفظا ً‬
‫للدماء‪.‬‬
‫والثانية‪ :‬بعث روح اليقظة واالنتباه في أهل القرى والمحالت والمدن واألماكن الخاصة إلى‬
‫ما يقع فيها أو قريبا ً منها جرائم القتل منعا ً لها بالقدر الممكن وإشعارا ً بالمسئولية الشاملة‬
‫بالتضامن وتقدير لألمن والضرب على أيدي أهل الدعارة واألشرار الذين يعيشون في‬
‫األرض فسادا ً ومراقبتهم من جميع من لهم صلة بهم وتتبعهم داخالً وخارجا ً وذلك يشعر‬
‫الجميع بالمسئولية المشتركة والتضامن)‪.(3‬‬

‫(‪ )1‬أخرجه البخاري في صحيحه – محمد بن اسماعيل أبو عبد هللا البخاري – تحقيق‪ :‬محمد زهير بن ناصر – ط‪1422 1‬ه – ك الديات – ب‪:‬‬
‫القسامة – ح ر ‪ – 6899‬ج‪ – 9‬صـ ‪9‬‬
‫(‪ )2‬حجية الدليل المادي في اإلثبات – ماجستير مقدم إلى كلية الشريعة والقانون بالقاهرة من الباحث‪ :‬شحاتة عبد المطلب حسن في العام الجامعي‬
‫(‪1417‬ه – ‪1997‬م) – صـ ‪66‬‬
‫(‪ )3‬قواعد المرافعات الشرعية فقها ً ونظاما ً – د‪ .‬سعد بن محمد بن علي – ط‪1422( 1‬ه – ‪2001‬م) – صـ ‪189-188‬‬

‫‪70‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬كيفية القسامة‬
‫هناك خالف في الفقه حول كيفية القسامة وفي ذلك اختلف الفقهاء على رأيين‪:‬‬
‫الرأي األول‪ :‬يرى أن القسامة خمسون يمينا ً يحلفها أهل المحلة التي وجد بينهم قتيل وال‬
‫يدرى قاتله‪ ،‬هي أن يقول خمسون من أهل المحلة إذا وجد قتيل فيها باهلل ما قتلناه وال علمنا‬
‫قاتالً‪ ،‬فإذا حلفوا يغرمون الدية)‪ ،(1‬وإن نقصوا عن الخمسين كررت األيمان عليهم حتى تتم‬
‫الخمسون لما روي إن الذين جاءوا إلى عمر رضي هللا عنه من أهل وداعة كانوا تسعة‬
‫وأربعين رجالً منهم فحلفوا‪ ،‬ثم اختار منهم واحدا ً فكرر عليه اليمين‪ ،‬وهذا ألن عدد اليمين‬
‫في القسامة منصوص عليه وال يجوز االخالل بالعدد المنصوص عليه‪ ،‬وال يجوز تكرار‬
‫اليمين من واحد كما في كلمات‪ ،‬وفي ح الة ما إذا أبى المدعى عليهم أن يحلفوا فإن التقاضي‬
‫يستحلف خمسين من المدعين أن حقنا قبلكم ثم يعطون الدية‪ ،‬وهذا هو مذهب أبوحنيفة‪،‬‬
‫ودليلهم على ذلك ما أخرجه الترمذي عن محمد بن عبيد هللا عن عمرو عن النبي صلى هللا‬
‫عليه وسلم قال‪( :‬البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه))‪.(2‬‬
‫وعن أبي سلمة بن أبي عبد الرحمن وسليمان بن يسار عن رجا ٌل من كبراء األنصار أن‬
‫رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قال لليهود وبدأ بهم‪( :‬أيحلف منكم خمسون رجالً خمسين‬
‫يميناً؟ فأبوا فقال لألنصار‪ :‬أحلفوا فقالوا‪ :‬أنحلف عن الغيب يا رسول هللا فجعلها رسول هللا‬
‫صلى هللا عليه وسلم دية على اليهود) ألنه وجد بين أظهرهم أولياء القتيل أن يختاروا في‬
‫القسامة صالحي العشيرة من الذين وجد بين أظهرهم القتيل فيحلفونهم ألن النبي صلى هللا‬
‫عليه وسلم قال ألخ القتيل اختر منهم خمسين رجالً‪ ،‬فدل أن الخيار له‪ ،‬وهو حقه يستوفى‬
‫بطلبه له وله أن يختار الشبان والفسقة منهم‪ ،‬ألن القتيل عليهن أظهر وله أن يختار المشايخ‬
‫والصلحاء منهم ألنهم يتحرزون عن اليمين الكاذبة مما يتحرز الفسقة فإذا علموا القاتل منهم‬
‫أظهروا ولم يحلفوا‪.‬‬
‫الرأي الثاني‪ :‬يذهب إلى القسامة خمسون يمينا ً يحلفها أولياء القتيل عند وجود اللوث‪ ،‬وهو‬
‫قرينة تدل على صدق المدعى بأن يغلب معها الظن صدقة في دعوى القتيل على من يدعيه‬
‫عليه فإن لم يحلفوا استحلف المدعى عليه الخمسين يميناً‪.‬‬
‫ويمثل هذا اإلتجاه المالكية والشافعية والحنابلة‪ ،‬وقد استدلوا بحديث مالك عن سهل بن أبي‬
‫حتمة وفيه قال لهم رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ :‬أتحلفون وتستحقون دم صاحبكم؟ وكذلك‬
‫ما رواه بن مرسل بشير بن بشار فقال لهم رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪( :‬أتحلفون يمينا ً‬
‫وتستحقون دم صاحبكم أو قاتلكم) وهذا دليل على مشروعيتها‪.‬‬
‫وفي اعتقادي أن ما ذهب إليه الحنفية في تصويرهم للقسامة يتفق مع القواعد الفقهية ذلك ألن‬
‫أهل الحي أو القبيلة التي وجد القتيل فيها يكونون في وضع اإلتهام والبينة على من ادعى‬
‫(‪ )1‬المبسوط – محمد بن أحمد أبي سهل السرخسي – مرجع سابق – صـ ‪110‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه البيهقي في السنن الكبرى – مرجع سابق – ك‪ :‬القسامة – ب‪ :‬أصل القسامة – ح ر ‪ – 16432‬صـ ‪205‬‬

‫‪71‬‬
‫واليمين على من أنكر كما أن ذلك يتفق مع القصد من القسامة وهو أال يذهب دم في اإلسالم‬
‫هدرا ً‪ ،‬كما قال اإلمام علي كرم هللا وجهه‪ ،‬ألن أهل القرية أو المحلة التي وجد فيها القتيل إذا‬
‫علموا أنهم يغرمون دية القتيل الذي لم يظهر قاتله اجتهدوا في منع المشبوهين من اإلقامة‬
‫بين ظهرانهم)‪.(1‬‬
‫ما هو اللوث عند الفقهاء؟‬
‫اللوث هو الدليل الناقص المقترن بشبهة والذي ال يمكن إدانة المتهم به بجريمة القتل خلف‬
‫مرحلة الشك المعقول أو هو أمر ينشأ عن غلبة الظن بصدق المدعي‪ ،‬أو هو قرينة توقع في‬
‫القلب صدق المدعي ومن صور اللوث وأنواعه العداوة الظاهرة بين المقتول وبين المدعى‬
‫عليه كنحو ما بين األنصار ويهود خيبر‪ ،‬وما بين القاتل واألحياء وأهل القرى الذين بينهم‬
‫الدماء والحروب‪ ،‬وما بين أهل العدل وما بين القبائل واألحياء وأهل القرى الذين بينهم‬
‫الدماء والحروب‪.‬‬
‫ومن صوره كذلك وجود جثة القتيل في محل أعدائه أو تفرق جماعة عن قتيل أو رؤية‬
‫المتهم على رأس القتيل ومعه سكين أو سالح مخضب بالدماء أو شهادة عدة نسوة أو عدد‬
‫من الفسقة أو من الكفار أو إشاعة سائدة أو شهادة شاهدين لم تثبت عدالتهما أو شهادة‬
‫الصبيان بالقتل‪ ،‬ومن صوره شهادة الصبيان بالقتل؛ ومن صوره أيضا ً شهادة متهم على‬
‫غيره)‪.(2‬‬

‫(‪ )1‬إثبات جرائم الحدود في الشريعة والقانون – د‪ .‬بدرية عبد المنعم حسونة – مرجع سابق – صلى هللا عليه وسلم (‪)110 - 108‬‬
‫(‪ )2‬تحليف المتهم في الدعوى – سليمان محمد شائب – مرجع سابق – صـ ‪495‬‬

‫‪72‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬شروط القسامة‬
‫للقسامة شروط البد من توفرها للحكم بموجبها عند القائلين بذلك وهذه الشروط منها ما هو‬
‫متفق عليه وبعضها مختلف فيه وهذه الشروط اجماالً هي‪:‬‬
‫‪ /1‬وجود اللوث ‪ :‬واختلف في تعريف اللوث الراجح أنه قرينة تثير الظن وتوقع القلب صدق‬
‫المدعي)‪.(1‬‬
‫‪ /2‬أن يكون المدعى عليه بالقتل مكلفا ً فال تصح الدعوى على غير المكلف كالصغير‬
‫والمجنون)‪.(2‬‬
‫‪ /3‬أن يكون المدعي مكلفا ً فال تسمع دعوى صبي أو مجنون‪ ،‬وإنما يدعي عنها من له الصفة‬
‫المعتبرة شرعا ً كالولي أو ينتظهر حتى كمالهما‪.‬‬
‫‪ /4‬أن يكون المدعى عليه بالقتل يمكن صدور الفعل منه بأن تتوافر له الظروف لكي يقترف‬
‫الجرم فلو كان مريضا ً مزمنا ً أو بعيدا ً عن مكان الجريمة بعدا ً ال يتصور معه امكانية تواجده‬
‫فيه لم تصح الدعوى ولم تقبل‪.‬‬
‫‪ /5‬أن يكون المدعى عليه معينا ً فلو ادعى على أهل مدينة أو محلة أو على واحد غير معين‬
‫أو جماعة بغير أعيانها ال تجب القسامة‪.‬‬
‫‪ /6‬أن يصف المدعي في دعوى القتل كيفية القتل مبينا ً من خاللها األداة المستخدمة في‬
‫الجريمة من سكين أو سيف أو سالح ناري ويحدد كذلك موقع اإلصابة من الجسم من يد أو‬
‫رجل أو صدر وكيف تم القتل‪ ،‬وهل هو بالضرب أو الخنق وال يمكن المدعى من الحلف‬
‫حتى يوضح ذلك ألن القسامة ترتبط بذلك فهو يحلف على الوصف الذي ذكره)‪.(3‬‬
‫‪ /7‬اتفاق أولياء القتيل على القتل‪ :‬يشترط لوجوب القسامة اتفاق أولياء القتيل على القتل فإن‬
‫كذب بعضهم بعضاً‪ ،‬فقال أحدهم قتله هذا‪ ،‬وقال اآلخر لم يقتله هذا أو قال بل قتله هذا اآلخر‬
‫لم تثبت القسامة)‪.(4‬‬
‫وذ ُكر عن الشافعي أن القسامة ال تبطل بتكذيب الفاسق ألن قوله غير مقبول‪ ،‬كذلك إن قال‬
‫القتيل قتلني فالن عمدا ً قالوا بل قتله خطأ أو العكس‪ ،‬فإن ال قسامة لهم وبطل حقهم وليس لهم‬
‫أن يرجعوا إلى قول الميت بعد ذلك وال يحابوا لذلك ألنهم كذبوا أنفسهم)‪.(5‬‬
‫‪ /8‬أن يكون أولياء القتيل ذكورا ً مكلفين‪ :‬يشترط أن يكون أولياء القتيل ذكورا ً مكلفين وال‬
‫مدخل للنساء والمجانين والصبيان في القسامة عمدا ً وكذلك ال يحلف رجل واحد‪ ،‬وإنما‬

‫(‪ )1‬قواعد المرافعات الشرعية فقها ً ونظاما ً – د‪ .‬سعد بن محمد بن علي – مرجع سابق – صـ ‪191‬‬
‫(‪ )2‬أحكام المرافعات في الفقه اإلسالمي – حميد بن عبد هللا – مرجع سابق – صـ ‪249‬‬
‫(‪ )3‬أحكام المرافعات في الفقه اإلسالمي – د‪ .‬حميد بن عبد هللا – مرجع سابق – صـ ‪250‬‬
‫(‪ )4‬اثبات جرائم الحدود في الشريعة والقانون – د‪ .‬بدرية عبد المنعم حسونة – مرجع سابق – صـ ‪114‬‬
‫(‪ )5‬األم – لإلمام الشافعي – مرجع سابق – صـ ‪84‬‬

‫‪73‬‬
‫يحلف رجالن فأكثر وتقسم األيمان بينهم على قدر عددهم فيستحقون القصاص‪ ،‬فإن نكلوا‪،‬‬
‫ردت على المدعى عليه فيحلف خمسين يمينا ً أنه ما قتل)‪.(1‬‬
‫‪ /9‬انكار المدعى عليه التهمة الموجهه إليه‪.‬‬
‫‪ /10‬أن يكون المقتول مسلما ً وهذا الشرط عند المالكية‪.‬‬
‫‪ /11‬أ ن يكون بالقتيل أثر قتل من جراحه أو ضرب أو خنق ونحوها فإن لم يكن له من ذلك‬
‫فال قسامة وال دية‪.‬‬
‫‪ /12‬أ ن يوجد القتيل في محل مملوك ألحد أو في يد أحد وهذا الشرط عند األحناف‪ ،‬ويترتب‬
‫على ذلك أنه لو وجد القتيل في مكان من األرض ليست ملكا ً ألحد فإن ال قسامة فيه وال دية‬
‫بحيث ال يسمع الصوت من األمصار وال القرية‪ ،‬فإن كان بحيث يسمع تجب القسامة على‬
‫أقرب المواضع إليه‪.‬‬
‫‪ /13‬أن يتفق جميع ورثة المقتول في دعواهم الدم والقتل وأن يطالبوا به جميعا ً ألن ال يحق‬
‫ألحدهم اإلنفراد بذلك باعتباره يخص الجميع وأن يصرح الجميع بالدعوى وال يكتفي بعدم‬
‫تكذيب بعضهم لبعض)‪.(2‬‬
‫المطلب الرابع‪ :‬مسقطات اللوث‬
‫يسقط اللوث بعدة أمور نكتفي فيها باآلتي‪:‬‬
‫‪ /1‬تكاذ ُب الورثة وذلك كما لو كان للقتيل ابنان فقال أحدهما قتله فالن‪ ،‬وظهر على المتهم‬
‫لوث وكذبة اآلخر‪ ،‬فقال لم يقتله فهنا يبطل اللوث والسبب هو أن العادة قد جرت بحرص‬
‫القريب على التشفي من قاتل قريبه وعدم تبرئته فإذا برأه كان هذا معارضا ً للوث واللوث‬
‫ليس ب ُح َّجة‪ ،‬وإنما هو مثير للظن فيبطل بالتكذيب واشترط البعض أال يكون فاسقا ً فإن كان‬
‫فاسقا ً ال يعتد بتكذيبه‪ ،‬ألن قول الفاسق غير معتبر في الشرع‪ ،‬ولكن األصح عدم االعتداد‬
‫بهذا الشرط فال فرق في التكذيب بين العدل والفاسق‪ ،‬ألن قول الفاسق فيما يسقط حق مقبول‬
‫إلنتفاء التهمة ال يعتبر من التكذيب‪ ،‬ما إذا قال أحد االبنين قتله فالن وقال اآلخر ال أعلم من‬
‫قتله أو قال أحدهما قتله فالن وسكت اآلخر فلم يكذبه ولم يصدقه فال يبطل اللوث‪ ،‬ومحل‬
‫بطالن اللوث بالتكاذيب فيم لو كان اللوث يشير إلى قاتل معين‪ ،‬أما لو كان اللوث يشير إلى‬
‫أهل محلة مثالً فعين أحد الوارثين واحدا ً منهم وكذبه اآلخر‪ ،‬وعين غيره فهناك يبطل اللوث‪،‬‬
‫لبقاء أصله‪ ،‬وهو المحلة وانخدامه إنما هو في المعين وهذا ال يؤثر‪.‬‬
‫‪ /2‬ادعاء الورثة القتل على غير أهل المحلة التي وجد فيها القتيل‪ ،‬بصورة أو ضح وأعلم‬
‫ادعاؤهم القتل على غير من ظهر عليه اللوث‪ ،‬فإذا ادعى الورثة هذا االدعاء بطل اللوث وال‬
‫يكون ثمة مبرر للقسامة‪ ،‬ويكون على الورثة أن يقيموا بيَّنة على دعواهم)‪.(3‬‬

‫(‪ )1‬إثبات جرائم الحدود في الشريعة والقانون – د‪ .‬بدرية عبد المنعم – حسونة – مرجع سابق – صـ ‪114‬‬
‫(‪)2‬أحكام المرافعات في الفقه اإلسالمي – حميد بن عبد هللا – مرجع سابق – صـ ‪250‬‬
‫(‪ )3‬القضاء واالثبات في الفقه اإلسالمي – عبد الفتاح محمد أبو العنين – مرجع سابق – صـ ‪391‬‬

‫‪74‬‬
‫‪ /3‬انكار المدعى عليه اللوث في حقه‪ ،‬كما لو قال‪ :‬كنت غايبا ً وقت القتل فإنه يصدق بيمينه‪،‬‬
‫فإن أقام المدعى بينة على أنه كان مجودا ً ثبت اللوث‪ ،‬وإن أقام المدعى عليه بينة على أنه‬
‫كان غايبا ً وأقام المدعى بينة أنه كان موجودا ً قدمت بينة المدعى عليه لزيادة عليها وألن‬
‫األصل في اإلنسان البراءة)‪.(1‬‬

‫(‪ )1‬القضاء واالثبات في الفقه االسالمي – عبد الفتاح محمد أبو العنين – مرجع سابق – صـ ‪391‬‬

‫‪75‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫المبحث األول‪ :‬التعريف بالكتابة وأنواعها (المستندات الخطية)‬
‫المطلب األول‪ :‬تعريف الكتابة‬
‫أوالً‪ :‬تعريف الكتابة لغةً‪:‬‬
‫الكتابة مصدر من مصادر كتب (كتبتُ الكتاب أكتُبُهُ كتبًا وكتبةً)‪ ،‬ويستعمل ُمخفَّفا ً أو‬
‫ُمضاعفا فيقال‪ :‬كتب الشيء يكتُبه كتبا ً وكتابا ً وكتابةً‪ ،‬وكتَّبه‪ :‬خ َّ‬
‫طه)‪. (1‬‬
‫والكتابة لغة هي الخط وهو تصوير اللفظ بحروف هجائية‪ ،‬والكتابة اسم المكتوب‪،‬‬
‫والكتاب اسم لما كتب مجموعا ً(‪.)2‬‬
‫تعريف الكتابة اصطالحاً‪:‬‬
‫لم يتعرض الفقهاء لتعريف الكتابة باعتبارها دليالً في إثبات الحقوق‪ ،‬بل أطلقوا على‬
‫الكتابة باعتبارها دليالً لإلثبات ألفاظ مختلفة‪ ،‬استعمل بعضهم جميعاً‪ ،‬واستعمل بعضهم‬
‫أنواعا ً منها وهي تنحصر في العبارت التالية (الصك والحجة ‪ -‬والمحضر والسجل‬
‫والوثيقة)‪ .‬وعرفوها بتعريفات مختلفة نذكر هذه التعريفات باعتبارها من أفراد الدليل‬
‫الكتابي ثم نذكر تعريفا ً عاما ً للكتابة‪:‬‬
‫‪ ‬الصك‪ :‬هو الكتاب الذي يكتب فيه المعامالت واألقارير‪.‬‬
‫‪ ‬ال ُّحجة‪ :‬هي الكتابة التي تبين الواقعة وتتضمن عالمة القاضي في أعالها وخط‬
‫بمعان كثيرة كالبرهان ‪-‬‬ ‫ٍ‬ ‫الشاهدين في أسفلها وتعطى للخصم(‪ )3‬وتستعمل في اللغة‬
‫الدليل‪.‬‬
‫‪ ‬المحضر‪ :‬هو الكتاب الذي يتضمن الوقائع وكالم الخصوم و ُحجج ُهم‪.‬‬
‫‪ ‬السجل‪ :‬هو الكتاب الذي يتضمن حكم القاضي‪.‬‬
‫الوثيقة‪ :‬الوثيقة بشكل عام تشمل الحجة والمحضر والسجل وبناءا ً على هذه التعريفات‬
‫التي ذكرناها يمكن تعريف الكتابة باعتبارها دليالً لإلثبات بأنها‪:‬‬
‫هي الخط الذي يعتمد عليه في توثيق الحقوق ومايتعلق بها ‪ ،‬للرجوع إليه عند اإلثبات‪ ،‬أو‬
‫الخط الذي يوثق الحقوق بالطريقة المعتادة ليرجع إليها عند الحاجة‪.‬‬
‫والقصد من الكتابة والهدف منها هو حفظ الحقوق من الضياع‪ ،‬ولتساعد على الحفظ‬
‫والتذكر‪ ،‬ولتثبت الحق عند التنازع لقطع الشقاق والخالف في التفاصيل(‪.)4‬‬
‫وعرفت الكتابة بأنها‪ :‬البيانات الرقمية واللفظية التي تفيد مفرداتها منفعة‪ ،‬أو مجتمعة في‬
‫معنى قانونيا ً أو تثبت واقعة قانونية أو تصرفا ً قانونيا ً(‪.)5‬‬‫ً‬ ‫السياق‬

‫(‪ ) 1‬لسان العرب البن منظور – مرجع سابق – ص ‪698‬‬


‫‪ ))2‬المصباح المنير ‪ ،‬أحمد بن محمد بن علي الفيومي ‪ ،‬المكتبة العلمية ـــ بيروت ‪ ،‬ج‪ ، 2‬ص‪524‬‬
‫‪ ))3‬التعريفات للجرجاني ‪ ،‬مرجع سابق ص‪56‬‬
‫‪ ))4‬وسائل اإلثبات في الشريعة اإلسالمية ‪ ،‬محمد مصطفى الزحيلي ‪ ،‬مرجع سابق ص‪.415‬‬
‫‪ ))5‬نظرية اإلثبات في المراجعة ‪ ،‬شوقي رياض ابراهيم ـــ القاهرة ‪ ، 1970‬ص‪.141‬‬

‫‪76‬‬
‫ويعرف الدليل الكتابي‪ :‬بأنه الورقة أو المحرر الذي يعد دليالً كامالً المثبت لتصرف من‬
‫التصرفات‪ ،‬سواء أكانت ورقة رسمية أم كانت ورقة عرفية موقعا ً عليها‪ ،‬وقيل في‬
‫تعريفها‪ :‬هي اثبات الحق بواسطة دليل كتابي معه منسقا ً‪.‬‬
‫أو هي المحرر الذي بواسطتة يثبت للشخص حقا ً أو بعض منه متى ما كان مستوفيا ً‬
‫لشروطه سواء أعد عند نشوء الحق أم بعده‪.‬‬
‫وعرفها فقهاء القانون بأنها‪:‬‬
‫‪ /1‬األوراق المكتوبة التي من شأنها أن تثبت حقا ً من جانب اإليجاب أو تنفيه من جانب‬
‫السلب أو تشير إليه من طرف خفي فتقربه من الحقيقة من طريق التصريح أو التلميح‬
‫دون إثباته كل اإلثبات‪.‬‬
‫‪ /2‬كل كتابة يمكن االستدالل بها إلثبات حق أو نفي حق(‪.)1‬‬

‫‪ ))1‬اإلثبات بالكتابة في الفقه اإلسالمي ‪ ،‬د‪ .‬عبدالكريم عبدالرحمن ‪2000 -‬م ‪ ،‬ص‪.75 ، 74‬‬

‫‪77‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬أنواع الكتابة‬
‫الكتابة من حيث تصويرها وطريقة عرضها ‪-‬ثالثة أنواع وهي‪( :‬الكتابة المستبينه‬
‫المرسومه– والمستبينه غير المرسومه‪ -‬والكتابة غير المستبينة)‪.‬‬
‫‪ /1‬الكتابة المستبينه المرسومة‪ :‬هي الكتابة الظاهرة المعنونة‪ ،‬فالمستبينة هي الظاهرة‬
‫التى يكون لها بقاء بعد الفراغ منها ويمكن قراءتها وفهم معانيها‪ ،‬والمرسومة هى‬
‫المعنونه باسم كاتبها واسم المكتوب إليه‪ ،‬مثل أن يكتب أعلى الورقة من فالن إلى فالن أو‬
‫أنا فالن تثبت في ذمتي أو وصلني من فالن كذا(‪.)1‬‬
‫وهذا النوع أعلى درجات الكتابة وهو مقبول لدى جميع المذاهب ويصح به التصرف‬
‫كالبيع واالجاره(‪.)2‬‬
‫‪ /2‬الكتابة المستبينة غير المرسومة‪ :‬وهي الظاهرة غير المعنونه‪ ،‬أي المكتوبة على‬
‫شيء تظهر وتثبت عليه كالكتابة على الورق أو على اللوح‪ ،‬ولكنها غير معنونه باسم‬
‫المرسل والمرسل إليه‪ ،‬أو باسم الدائن والمدين‪.‬‬
‫واختلف الفقهاء باعتبار هذا النوع دليالً فى إثبات الحقوق واالعتماد على ماورد فيه‪،‬‬
‫وأساس االختالف هو العرف فقد كان العرف فى الكتابة معنونة باسم المرسل والمرسل‬
‫إليه فى أعلي الصفحة وال تقبل الكتابة غير المعنونة ثم أصبح العرف يكتفي بأن يكون‬
‫الكتابة المعنونة باسم المرسل إليه فقط وتوقيع المرسل فى األسفل فتقبل هذه الكتابة‪ .‬مثل‬
‫وجد بخطه وقرأ من خطه كذا أخذ التوقيع كتمييز للكاتب‪.‬‬
‫‪ /3‬الكتابة غير المستبينة‪ :‬أي غير الظاهرة وهى الكتابة التي ليس لها بقاء بعد اإلنتهاء‬
‫منها‪ ،‬ويظهر فيها الخط‪ ،‬كالكتابة على الماء أو فى الهواء‪ ،‬وهذه الكتابة أدنى األنواع‪،‬‬
‫وال يصح االعتماد عليها باتفاق المذاهب لتعذر فهم المكتوب‪ .‬وعدم معرفة حقيقة ماقصد‬
‫منها‪ ،‬وهى أقرب إلى العبث واللَّهو والتسلية منها إلى الجد والحقيقة(‪.)3‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬مشروعية اإلثبات بالكتابة‬
‫المطلب االول‪ :‬مشروعية المستندات الخطية في اإلثبات‬
‫أ‪ /‬من الكتاب‪ :‬قوله تعالى ﱫﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚﱫ(‪ .)4‬وقوله تعالى ﱫﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﭨ ﭩ‬
‫ﮤ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ه ه ه ه ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔﱫ(‪.)5‬‬
‫ب‪ /‬من السنة‪ :‬اعتمد رسول هللا صلى هللا عليه وسلم على الكتابة فى أهم أمر من أمور‬
‫الرساله‪ ،‬وهو تبليغ دعوته للناس‪ ،‬قد كتب إلى الملوك والرؤساء يدعوهم فيها إلى‬
‫اإلسالم كما اعتمد على الكتابة فى رسائله إلى والته‪ ،‬وقد أمر صلى هللا عليه وسلم بكتابة‬

‫‪ ))1‬حجية الكتابة أمام القضاء ‪ ،‬عبدالرحمن المليفي ‪ ،‬جامعة اإلمام محمد بن سعود اإلسالمية ‪ ،‬الرياض ‪ ، 1409‬ص‪14‬‬
‫‪ ))2‬درر الحكام ‪ ،‬علي حيدر ‪ ،‬دار الجيل – بيروت ‪1411 ،‬هــ ‪،‬ج‪ 1‬ص‪68‬‬
‫‪ ))3‬وسائل اإلثبات فى الشريعه اإلسالمية ‪ ،‬محمد مصطفى الزحيلي ‪ -‬مرجع سابق ص ‪.418‬‬
‫‪ ))4‬سورة البقرة اإلية ‪282‬‬
‫‪ ))5‬النمل اإلية ‪.31- 29‬‬

‫‪78‬‬
‫الوصيه بقوله‪( :‬ماحق امريءٍ مسلم له شيءٍ يوصى فيه يبيت ليلتين إال ووصيته مكتوبة‬
‫عنده)(‪.)2()1‬‬
‫ج‪ /‬المعقول‪ :‬الكتابة كالخطاب والخط كالفظ فى التعبير عن اإلرادة واظهار النية وإبراز‬
‫العزيمة وتمتاز الكتابة عن اللفظ باإلثبات والضبط‪ ،‬وتقول العرب الخط كأحد اللسانين‪،‬‬
‫وحسنه إحدى الفصاحتين ولذلك فإن الكتابة الظاهره المعنونة تكون ُحجه على صاحبها‬
‫بما ثبت فيها(‪.)3‬‬

‫‪ ))1‬صحيح البخاري ‪ ،‬محمد بن إسماعيل البخاري ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ك الوصايا ‪ ،‬ب الوصايا وقول النبي صلى هللا عليه وسلم (وصية الرجل‬
‫مكتوبة عنده) ح ر ‪ ، 2738‬ص ‪.1005‬‬
‫‪ ))2‬احكام المرافعات فى الفقه اإلسالمي ‪ ،‬حميد بن عبد هللا مرجع سابق ص ‪.257‬‬
‫‪ ))3‬وسائل اإلثبات فى الشريعة ‪ ،‬محمد مصطفى الزحيلى ‪ -‬مرجع سابق ص‪.430‬‬

‫‪79‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬أحكام الكتابة كدليل لإلثبات فى الفقه اإلسالمي‬
‫اختلف الفقهاء فى األخذ بالكتابة كدليل إثبات فى الدعوى‪ ،‬واتسع هذا الخالف حتى في‬
‫المذهب نفسه‪ ،‬كذلك كان الخالف فى تحديد الموضوعات والصور التى يمكن أن يؤخذ‬
‫بالكتابة فيها على أنها وسيلة إثبات‪ .‬وبتتبع آراء الفقهاء نجد أن لهم (فى الجمله) قوالن‪:‬‬
‫القول األول‪ :‬أن الكتابة وسيلة من وسائل اإلثبات الشرعية التى يعتد بها‪ ،‬ويُبنى عليها‬
‫أحكام‪.‬‬
‫القول الثانى‪ :‬أن الكتابة ليست طريقا ً من طرق إثبات الدعوى وال يعتد بها فى اإلثبات‪.‬‬
‫أوال‪ :‬أدلة المانعين‪:‬‬
‫‪ /1‬إن الخطوط تتشابه ويصعب التميز بينهما‪ ،‬وقد يُخيل للشخص أن الخطين متشابهان‬
‫وأنهما لشخص واحد والواقع غير ذلك وباختصار فإن الكتابة تحتمل التزوير واالفتعال‬
‫ومادامت كذلك فال تعتبر دليال فى اإلثبات ألن الدليل إذا تطرق إليه االحتمال سقط به‬
‫االستدالل(‪.)1‬‬
‫ويمكن أن يرد على هذا االستدالل بإن التشابه نادر وال حكم له اضافه إلى أن كشف‬
‫التزوير ممكن ألهل االختصاص والفطنة‪.‬‬
‫كما ويتعرض على هذا االستدالل بأن هذا االحتمال ال يلغى حجية الكتابة‪ ،‬فالشهادة‬
‫واليمين وسائل تحتمل التزوير والكذب ومع هذه االحتماالت رغم وقوعها فعالً فإن‬
‫الشرع أجاز اإلثبات بها(‪.)2‬‬
‫‪ /2‬وإن الخطوط قابلة للمشابهة والمحاكاة فهي مما يزور ويفتعل ويسهل تقليدها فطالما‬
‫أن هذا االحتمال قائم فال يجوز االحتجاج بالخط‪.‬‬
‫‪ /3‬الكتابة‪ :‬قد تكون للتجربة واللعب والتسلية فال تعتبر دليال لآلخر لعدم القصد إليها(‪.)3‬‬
‫‪ /4‬تغيير الزمان وفساد أهله‪ ،‬فإن الناس قد أحدثوا ضروبا ً من الفجور حتى قال اإلمام‬
‫مالك فى الناس‪( :‬تحدث لهم أقضية على نحو ما أحدثوا من الفجور)‪.‬‬
‫فإ ذا كانت الكتابة معتبرة في الزمان األول فذلك بسبب تقاهم وورعهم وقوة الوازع الديني‬
‫لديهم بحيث يؤخذ بكتابتهم ويعتمد عليها (ولكن كان ذاك إذا الناس ناس‪ ،‬وأما اآلن فكال‬
‫‪ ) ...‬قال مالك (كان من أمر الناس القديم إجازة الخواتم حتى إن القاضي يكتب للرجل‬
‫الكتاب فما يزيد على ختمه حتى اتهم الناس فصار ال يقبل إال شاهدان)(‪.)4‬‬
‫‪ /5‬إن األدلة الشرعية التى يستند إليها فى اإلثبات هى اإلقرار والبينه والنكول ‪ -‬هذا عند‬
‫األحناف ‪ -‬أما الخط فقد اعتبره بعضهم خارجا ً عن حجج الشرع ‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬أدلة المجيزين‪:‬‬
‫استدل أصحاب هذا الرأي بالكتاب والسنة واالجماع والمعقول‬

‫‪ ))1‬رد المختار على الدر المختار ‪ ،‬ابن عابدين محمد أمين ‪ ،‬مكتبة مصطفى البابي الحلبي ط ‪1386 2‬ه‪ ،‬ص ‪.435‬‬
‫‪ ))2‬تبصرة الحكام فى أصول األقضيه واألحكام ‪ ،‬ابن فرحون إبراهيم بن محمد ‪ ،‬مرجع سابق ‪ -‬ص ‪.285 -284‬‬
‫‪ ))3‬وسائل اإلثبات فى الشريعة ‪ ،‬محمد مصطفى الزحيلي ‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.424‬‬
‫‪ ))4‬الطرق الحكمية البن القيم ‪ -‬مرجع سابق ‪ -‬ص‪.220‬‬

‫‪80‬‬
‫‪ /1‬الكتاب‪ :‬قوله تعالى‪ :‬ﱫﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ‬
‫ﭪﱫ(‪.)1‬‬
‫وجه االستدالل‪ :‬أمر هللا تعالى بالكتابة وقد اختلف العلماء فى مقتضى هذا االمر هل‬
‫للوجوب أم للندب واالرشاد؟ سواء قلنا بالقول األول أو الثاني فاآلية تقرر اعتبار الكتابة‬
‫وثيقة فى المعامالت يرجع إليها عند االنكار والجحود‪ ،‬وهى حجة أمام القضاء(‪.)2‬‬
‫‪ /2‬السنة‪ :‬ماروى أبي هريرة رضي هللا عنه قال‪ :‬لما فتحت مكة قام رسول هللا صلى هللا‬
‫عليه وسلم فقال‪( :‬من قتل له قتيل فهو بخير النظرين إما أن يودي وإما أن يقاد فقال رجل‬
‫من أهل اليمن يقال له أبو شاه فقال‪ :‬يا رسول هللا اكتب لي فقال رسول هللا صلى هللا عليه‬
‫وسلم اكتبوا ألبي شاه)(‪.)3‬‬
‫وجه االستدالل‪ :‬أمر الرسول صلى هللا عليه وسلم بالكتابة فى األحكام واألمر بالكتابة‬
‫يدل على أنها للحفظ والتذكير واالعتماد عليها عند الحاجه‪ ،‬وقد كتب رسول هللا صلى هللا‬
‫عليه وسلم كتابا فى األحكام والزكوات والديات لعمرو بن حزم فصار فى الدين شرعا ً‬
‫ثابتا ً وعمالً مستفيضا ً وتلقه األمة بالقبول(‪.)4‬‬
‫أيضا كتب رسول هللا صلى هللا عليه وسلم كتابا فى الصلح والمعاهدات وأهمها صلح‬
‫الحديبية(‪ )5‬وهذا ايضا يدل على مشروعية الكتابة واالعتماد عليها فى اإلثبات عند‬
‫اإلنكار‪ ،‬ولو لم يكن األمر كذلك كما كان لألمر بالكتابة أية فائدة ‪.‬‬
‫وقوله صلى هللا عليه وسلم (ماحق امريءٍ مسلم له شيءٍ يوصى فيه يبيت ليلتين إال‬
‫ووصية مكتوبة عنده)(‪.)6‬‬
‫وجه االستدالل‪ :‬لو لم يجز االعتماد على الخط لم يكن للكتابة ووصيته فائدة(‪. )7‬‬
‫‪ /3‬االجماع ‪ :‬فقد نقل بعض العلماء اجماع الصحابة على العمل بالخط‪ ،‬وأن الصحابة‬
‫رضوان هللا عليهم كانت تعمل بكتب النبي صلى هللا عليه وسلم وقد قيل أنه لم يزل‬
‫الخلفاء واألمراء والعمال يعتمدون على كتب بعضهم إلى بعض وال يشهدون حاملها على‬
‫ما فيها وال يقرؤونها عليه ‪ .‬وهذا عمل الناس منذ زمن نبيهم إلى األن(‪.)8‬‬
‫‪ /4‬من المعقول‪ :‬ذكروا أوجها ً عدة يستدلون بها على مشروعية الكتابة فى اإلثبات وهذه‬
‫األوجه هى‪:‬‬

‫‪ ))1‬سورة البقرة األية ‪.282‬‬


‫‪ ))2‬أحكام القرآن ‪ ،‬أحمد علي ابوبكر الرازي الجصاص ‪ ،‬تحقيق محمد صادق قمحاوي ‪ ،‬دار إحياء التراث العربي ‪ -‬بيروت ‪ 1405 ،‬ه‪ .‬ج‪ 2‬ص‬
‫‪205‬‬
‫‪ ))3‬صحيح البخاري – محمد بن اسماعيل البخاري ‪ -‬مرجع سابق ‪ ،‬باب من قتل له قتيل فهو بخير النظرين ‪ ،‬ج‪ ، 6‬ح ر ‪ ،6486‬ص ‪، 2522‬‬
‫وأخرجه ابن ماجة فى سننه ‪ ،‬ابن ماجة أبو عبد هللا محمد بن يزيد ‪ ،‬تحقيق ‪ ،‬محمد فؤاد ‪ ،‬دار إحياء الكتب العلميه‪ ،‬ك الديات ‪ ،‬ب من قتل له‬
‫قتيل فهو بالخيار ‪ ،‬ح ر ‪ ، 2624‬ج ‪ 2‬ص ‪. 876‬‬
‫‪ ))4‬الحاوي الكبير ‪ ،‬أبو الحسن علي بن محمد البصري الماوردي ‪ ،‬تحقيق ‪ ،‬الشيخ علي محمد ‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ -‬بيروت ‪ ،‬ط ‪1419‬ه ‪-‬‬
‫‪1999‬م ج ‪ ، 16‬ص ‪.212‬‬
‫‪ ))5‬صحيح البخاري ‪ ،‬محمد بن اسماعيل البخاري ‪ -‬مرجع سابق ك الشروط ‪ ،‬باب الشروط فى الجهاد والمصالح مع أهل الحرب ‪ ،‬ح ر ‪2581‬‬
‫‪ ،‬ج ‪ ، 2‬ص ‪.974‬‬
‫‪ ))6‬هذا الحديث سبق تخريجه ص‪.38‬‬
‫‪ ))7‬الطرق الحكمية البن القيم ‪ -‬مرجع سابق ‪ -‬ص ‪.262‬‬
‫‪ ))8‬قواعد المرافعات الشرعية ‪ -‬سعد بن محمد بن علي ‪ -‬مرجع سابق ‪ -‬ص ‪.155‬‬

‫‪81‬‬
‫‪ /1‬بالكتابة حفظ هللا هذه الشريعة حتى علمها من تأخر كما علمها ومن تقدم‪ ،‬ولوال ذلك‬
‫لذهبت الشريعة وال سيما فى العصور المتاخرة فإن الحفاظ فيها غاية القلة ولم يبقى من‬
‫العلم إال ما حوته بطون الدفاتر‪.‬‬
‫‪ /2‬إن الخطوط وإن كان يشبه بعضها من بعض لكن االشتباه بينها قليل أو نادرا ً‪ ،‬وقد‬
‫يزول عند تدقيق النظر فيها كسائد األشخاص والصور التى يشبه بعضها بعضا ً‪ ،‬لكن مع‬
‫التفاوت والسيما عند إمعاء النظر‪ ،‬وقد تظهر الفوارق بذلك فقلما يوجد التشابه التام من‬
‫كل جهة بين خطين كما يندر أو ال يوجد التشابه التام بين شخصين(‪.)1‬‬
‫‪ /3‬دلت األدلة المتضافرة التى تقرب من القطع على قبول شهادة األعمى فيما طريقة‬
‫السمع إذا عرف الصوت‪ ،‬مع إن تشابه األصوات إن لم يكن أعظم من تشابه الخطوط‬
‫فليس دونه‪.‬‬
‫‪ /4‬إن القصد حصول العلم بنسبة الخط إلى الكتابة‪ ،‬فإذا عرف ذلك وتيقن كان كالعلم‬
‫بحسبة كاللفظ إليه‪ ،‬فإن الخط دال على اللفظ‪ ،‬واللفظ دال على القصد واإلرادة وغاية‬
‫مايقدر اشتباه الخطوط وذلك كما يعرض من اشتباه الصور واألصوات وقد جعل هللا‬
‫تعالى لخط كل كتاب ما يتميز به من خط غيره كتميز صورته وصوته عن صورته‬
‫وصوته‪ .‬والناس يشهدون شهاده وال يستديبون فيها أن هذا خط فالن وإن جازت محاكاته‬
‫ومشابهته فالبد من فرق وهذا أمر يختص بالخط العربي(‪.)2‬‬
‫الرأي المختار‪ :‬وبعد هذه الجولة السريعة والنظر فى أدلة الفريقين فإنني أميل إلى القول‬
‫بمشروعية اإلثبات بالكتابة لقوة األدلة التى استند إليه المجيزون‪ ،‬ولحاجة الناس إليها‪.‬‬
‫وألن القول بعدم حجية الكتابة فى اإلثبات يوقع الناس فى الحرج والمشقه فتتعطل‬
‫مصالحهم وتضيع حقوقهم نظرا ً لعدم تيسير الشهود دائماً‪ ،‬وحتى لو وجد الشهود فقد‬
‫يموتون أو ينسون أو يغيبون عند التنازع(‪ )3‬وهللا أعلم‪.‬‬
‫والمالحظ أن من تتبع أقوال الفقهاء فى حجية الكتابة تبين له أن المعول عليه عندهم هو‬
‫التأكد من صحة عزو الكتابة وعدم وجود شبهة فيها‪ ،‬فإذا انتفت شبهة التزوير والمحاكاة‬
‫عمل بها وإال فال(‪.)4‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬المستندات الخطية‬
‫المطلب األول‪ :‬المستندات الرسمية‬
‫هى التى يقوم بتحريرها موظف عمومي من سلطة عمومية كالقرارت اإلدارية والقوانين‬
‫أو األوراق القضائية التى ت ُحرر بمناسبة الدعاوى المقدمة للقضاء‪ ،‬وهي التى يتلقاها‬
‫الموظفون العموميون الذين لهم صالحية التوثيق فى مكان تحرير العقد(‪.)5‬‬

‫‪ ))1‬طرق اإلثبات الشرعية ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.57‬‬


‫‪ ))2‬الطرق الحكمية ألبن القيم ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪217‬‬
‫‪ ))3‬وسائل اإلثبات فى الشريعة اإلسالمية ‪ ،‬محمد مصطفى الزحيلى ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪431‬‬
‫‪ ))4‬تعارض البينات القضائية فى الفقه اإلسالمي ‪ ،‬عبد الرحمن محمد عبد الرحمن شرفي ‪1406 ،‬ه ‪1986 ،‬م ‪ ،‬ص ‪.213‬‬
‫‪ ))5‬مجلة البحث العلمي ‪ -‬المركز الجامعي للبحث العلمي ‪ -‬الرباط السنه العاشرة جمادى الثاني ‪1392 ،‬ه ‪ -‬يونيو ‪ ، 1973‬العدد ‪،21 – 20‬‬
‫ص‪.31-30‬‬

‫‪82‬‬
‫والمستندات الرسمية‪ :‬هى التى يثبت فيها شخص مكلف بخدمه عامه ما تم عليه بداية أو‬
‫تلقاه من ذوي الشأن وذلك طبقا ً لألوضاع القانونية فى حدود سلطته واختصاصه(‪.)1‬‬
‫فالمستند الرسمي ( هو الذي يحرره أو يتلقاه موظف عام أو مأمور عمومي أو شخص‬
‫مكلف خدمه عامه فى حدود سلطته واختصاصه‪ ،‬وطبقا للصورة التي يقتضيها‬
‫القانون)(‪.)2‬‬
‫ومن هنا يتبين لنا أن الورقة الرسمية لكي تكون كذلك‪ ،‬يجب أن تتوفر فيها أربعة شروط‪:‬‬
‫‪ /1‬أن تكون صادرة من موظف عمومي أو شخص مكلف بخدمة عمومية‪ ،‬والموظف‬
‫العمومي هنا شخص معين من طرف الدولة للقيام بعمل من أعمالها سواء أجرته على‬
‫ذلك أم ال‪.‬‬
‫‪ /2‬أن يكون تحديد هذه الورقة داخالً في وظيفه ذلك الشخص سوا ًء من حيث الموضوع‬
‫أو من حيث المكان‪ ،‬فال يكفي لصحة الورقه الرسمية أن يقوم بتحريره موظف عمومي‬
‫بل يجب أن يكون هذا الموظف مختصا ً بكتابتها من حيث الموضوع والمكان‪.‬‬
‫‪ /3‬أن تكون الورقة مشتمله على جميع البيانات واألوضاع التي أوجب القانون توفرها‬
‫فيها‪.‬‬
‫سلطة العمل في المكان الذي صورت فيه الورقة(‪.)3‬‬ ‫‪ /4‬أن يكون لذلك الشخص ُ‬
‫ُحجية المحررات الرسمية‪:‬‬
‫متى توافر للمحرر الرسمي الشروط المطلوبة وكان مظهره الخارجي ناطقا ً برسميته‪،‬‬
‫قامت هناك قرينة على سالمته من الناحيه المادية ومن حيث ضرورة من األشخاص‬
‫الذين وقعوا عليه‪ ،‬ويعتبر المحرر الرسمي حجة بذاته دون حاجة إلى اإلقرار به كما هو‬
‫الحال بالنسبة للمحرر العرفي الذي ال يعتبر حجة بما فيه اإل إذا لم ينكره من نسب إليه‬
‫توقيعه‪ ،‬فإن انكر كان على من تمسك به إقامة الدليل على صحته‪.‬‬
‫أما إذا كان المظهر الخارجي للمحرر الرسمي يدل على أن به تزوير واضحا ً كوجود‬
‫كشط أو على أنه باطل لتخلف شرط من شروطه جاز للمحكمة من تلقاء نفسها أن تقفي‬
‫باعتباره مزورا باطالً(‪.)4‬‬
‫ُحجية المحررات الرسمية بالنسبة لألشخاص‪:‬‬
‫والمحررات الرسمية ُحجة على الناس كافة بما دون فيها من أمور وقام بها محررها فى‬
‫حدود مهمته أو وقعت من ذوي الشأن في حضوره مالم يتبين تزويرها بالطرق المقررة‬
‫قانونا ً‪ .‬وعلى ذلك يعتبر المحرر الرسمي ُحجة بالنسبة لذوي الشأن‪ ،‬وكذلك بالنسبة‬
‫للغير‪ ،‬ومن أراد أن يدحض ماجاء فيه فليس أمامه من سبيل إال الطعن بالتزوير على‬

‫‪ ))1‬شرح قانون اإلثبات لسنة ‪ 1994‬م‪ ،‬دار بدرية عبد المنعم حسونة ‪ -‬ط‪2005 ، 8‬م ص‪154‬‬
‫‪ ))2‬إثبات الملكية في الوثائق الغربية دار جمال الخولي ‪ ،‬الدار المصرية اللبنانية ط‪1415 1‬ه ‪1994 -‬م ‪ -‬ص‪47‬‬
‫‪ ))3‬قواعد المرافعات في التشريع المصري والمقارن ‪ ،‬محمد العشماوي وآخرون ‪ ،‬ط‪1958 1‬م ‪ ،‬ص‪.489‬‬
‫‪ ))4‬قواعد اإلثبات في المود المدنية والتجارية ‪ ،‬د توفيق حسن فرح ‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية ‪ ،‬بيروت ‪ -‬لبنان ‪2003 ،‬م ‪ ،‬ص‪91 - 89‬‬

‫‪83‬‬
‫التفصيل الذي سنراه‪ ،‬فيما يلي بالنسبة للبيانات الواردة في المحرر‪ .‬و القيد الذي يحتج‬
‫عليه بالمحرر الرسمي هو نفس القيد الذي يحتج عليه بالتصرف القانوني(‪.)1‬‬
‫إذن فالمستندات الرسمية حجة من ناحيتين‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬هو ُحجة من ذاته بضرورة من األشخاص المنسوب إليهم توقيعه سواء في ذلك‬
‫الشخص المكلف بخدمة عامه الذي قام بتحريره من ذوي الشأن الذين حضروا تحديده‬
‫ووقعوه‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬الورقة الرسمية ُحجة على الناس كافة وهي ُحجة بما دُون فيها من أمور قام بها‬
‫محررها في حدود مهمته(‪.)2‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬المستندات غير الرسمية‬
‫المستندات غير الرسمية أو المحررات العرفية هي المحررات الصادرة من األفراد دون‬
‫أن يتدخل موظف عام في تحريرها(‪.)3‬‬
‫وعرفها أحمد داؤود بأنها هي‪( :‬التي يكتبها الناس بينهم دون أن توثق لدى الجهات‬
‫الحكومية)(‪.)4‬‬
‫عرف الناس في‬ ‫وأيضا عرفها العمروسي‪ :‬بأنها (الذي يحررها طبقا ً لما جرى عليه ُ‬
‫التعامل أذ لم يرسم له القانون المصري شكالً خاصا ً‪ ،‬سوى توقيع من صدر منه عليه‬
‫سوا ًء أكان عقدا ً تبادليا ً ملزما ً لطرفيه‪ ،‬أم عقد صادرا ً من جانب واحد(‪.)5‬‬
‫أنواع المحررات العرفية‪:‬‬
‫أ‪ /‬محررات عرفية أعدت مقدما ً لإلثبات وتكون موقعة ممن هي ُحجة عليه‪ ،‬فهي أدلة‬
‫مهيأة‪.‬‬
‫ب‪ /‬محررات عرفية لم تعد مقدما لإلثبات وذلك كدفاتر التجارة والدفاتر واألوراق‬
‫المنزلية‪ ،‬والرسائل والبرقيات ويغلب في هذه المحررات أال تكون موقعة ممن هي ُحجة‬
‫عليه ومع ذلك فإن القانون يعطيها ُحجية في اإلثبات(‪.)6‬‬
‫شروط المحررات العرفية‪:‬‬
‫يشترط في هذا النوع من المحررات العرفية شروط معينة حتى تعتبر دليالً في اإلثبات‪،‬‬
‫على أن أهم شرط لصحتها هو التوقيع ممن عليه ُحجة عليه‪ .‬وال يلزم في المحررات‬
‫العرفية أي شكل خاص فكل ما يكتب ويؤدي للمعنى يعتبر كافيا ً وال تهم اللغة التى تكتب‬
‫بها وال يهم ما إذا كانت الكتابة بالحبر أو الرصاص‪ ،‬وال يهم ما إذا كانت الكتابة باليد أو‬
‫مطبوعة‪ ،‬كما اليهم ماإذا كانت الكتابة بخط المدين أو شخص آخر‪ ،‬وكل ما يهم في‬
‫المحرر هو التوقيع‪ ،‬فهو الذي يعطي لتلك المحررات حجيتها في اإلثبات‪.‬‬

‫‪ ))1‬أصول المرافعات الشرعية في مسائل األحوال الشخصية ‪ ،‬أنور العمروسي ‪ ،‬ط‪ ، 2‬ص ‪.683‬‬
‫‪ ))2‬شرح قانون اإلثبات لسنة ‪1994‬م ‪ ،‬بدرية عبد المنعم ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.162_161‬‬
‫‪ ))3‬قواعد اإلثبات في المواد المدنية والتجارية ‪ ،‬د توفيق حسن فرح ‪ ،‬مرجع سابق ص‪.101‬‬
‫‪ ))4‬أصول المحاكمات الشرعية ‪ ،‬د أحمد محمد علي داؤود ‪ ،‬ج‪ ، 2‬ص‪.537‬‬
‫‪ ))5‬أصول المرافعات الشرعية في مسائل األحوال الشخصية ‪ ،‬أنور العمروسي ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.740‬‬
‫‪ ))6‬حجية البينة في مرحلتين التحري والتحقيق في الفقه اإلسالمي والقانون الوضعي ‪ -‬ماجستير في الفقه المقارن الباحثة إلهام علي محمد ‪،‬‬
‫للعام ‪1426‬ه ‪2005 -‬م – ص ‪320‬‬

‫‪84‬‬
‫والتوقيع يكون بإمضاء الشخص نفسه‪ ،‬كما يكون أيضا بالختم أو ببصمة األصبع‪،‬‬
‫ويشترط أن يشتمل التوقيع باإلمضاء أو الختم على اسم الموقع ولقبه كاملين‪ ،‬فال يكفي‬
‫في ذلك عالمة مألوفة أو إمضاء مختصره‪ ،‬وإنما ال يلزم أن يكون التوقيع باالسم المثبت‬
‫في شهادة الميالد‪ ،‬بل يكفي اسم الشهرة أو االسم الذي اعتاد التوقيع به‪.‬‬
‫والمهم أن يكون التوقيع التي يشتمل عليه المحرر يمكن معها الجزم بأنه صادر حقيقة‬
‫عن منشئه أو عن منشئية‪ ،‬فإذا خلت المحررات العرفية من التوقيع اصبحت ال قيمة لها‪،‬‬
‫اللهم إال إذا كانت مكتوبة بخط المدين‪ ،‬فإنها تصلح مبدأ ثبوت بالكتابة(‪.)1‬‬
‫ُحجية المحررات العرفية في اإلثبات‪:‬‬
‫المحررات العرفية ال تكون ُحجة إال إذا لم ينكرها من نسبت إليه إنكارا ً صريحا ً‪ .‬فإذا من‬
‫يحتج عليه بالمحررات وارثا ً أو خليفاً‪ ،‬فيه يطلب من اإلنكار‪ ،‬وإنما يكتفي منه أن يقرر‬
‫أنه ال يعلم أن الخط أو اإلمضاء أو الختم أو البصمة هي لمن تلقى عنه الحق‪ ،‬مع تعزيز‬
‫ذلك بيمينه‪ ،‬وال يتطلب من الوارث‪ ،‬السقاط ُحجية الورقة سلوك الطعن بالتزوير‪.‬‬
‫فإذا أنكر من نسب إليه المحرر‪ ،‬أو نفى الوارث أو الحلف عليه بذلك‪ ،‬وذلك قبل مناقشة‬
‫الموضوع‪ ،‬زالت عنه ُحجيته مؤقتا ً وفي الحالة يقع على من يحتج به عبء إثبات‬
‫صدوره من صاحب التوقيع‪ ،‬فيطلب إحالته على التحقيق وفقا ً لالجراءت المبنية في‬
‫قانون اإلثبات بالنسبة لتحقيق التوقيع والخطوط‪ ،‬وهي اجراءات تلجأ إليها المحكمة أذا لم‬
‫تتوافر لديها عناصر االقتناع في شأن صحة الخط أو التوقيع‪ .‬فإذا توافر لدى المحكمة‪،‬‬
‫من وقائع الدعوى ومستنداتها‪ ،‬ما يكفي القتناعها بصحة التوقيع‪ ،‬فإنها ال تلتزم باجراء‬
‫التحقيق‪ .‬وفي هذه الحالة يكون لها أن تاخذ بالورقة من غير اجراء التحقيق‪ .‬أما إذا رأت‬
‫احالة األمر إلى التحقيق‪ ،‬واثبت التحقيق صدور التوقيع ممن وقعه‪ ،‬صار له قوته في‬
‫اإلثبات كما هو الشأن تماما في حالة عدم انكاره‪.‬‬
‫وقد يحدث أن يعترف الشخص الذي نسب إليه المحرر العرفي بأن بصمة الختم الموقع‬
‫بها هي بصمة ختمه‪ ،‬إال أنه ينكر أنه وقع بها على هذا المحرر‪ .‬وهذا أمر متصور من‬
‫الناحية العلمية فقد يضيع الختم أو يعهد به إلى شخص يخون األمانه‪ ،‬فيحصل التوقيع من‬
‫غير صاحب الختم‪ ،‬وقد ثار الخالف حول هذا الشأن‪ ،‬ولكن قضاء محكمة النقض قد‬
‫استقر على أن مجرد االعتراف ببصمة الختم لثبوت الحجية للمحرر العرفي‪ ،‬فال يطلب‬
‫من المتمسك به أي دليل آخر العتماد صحته واالحتجاج به على خصمه(‪.)2‬‬
‫المستندات المكتوبة‪:‬‬
‫توجد اليوم في ثالثة أنواع وهي‪ /1 :‬المستندات الموقعة‪.‬‬
‫‪ /2‬المستندات الصادرة عن دوائر رسمية أو أهلية‪.‬‬
‫‪ /3‬المستندات غير الموقعة‪.‬‬

‫‪ ))1‬قواعد اإلثبات في المواد المدنية والتجارية ‪ ،‬د توفيق حسن ‪ ،‬مرجع سابق ص‪.103‬‬
‫‪ ))2‬قواعد اإلثبات في المواد المدنية والتجارية ‪ ،‬د توفيق حسن فرح ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.112-109‬‬

‫‪85‬‬
‫أوال ‪ :‬المستندات الموقعة من المقر‪ :‬المستندات الموقعة من المقر جميعها سواء جرى‬
‫توقيعها أمام كاتب العدل أو أمام أي دائرة رسمية أو وقعها صاحبها من نفسه ليس أمام‬
‫دائرة رسمية كلها تعتبر إقرارا ً بالكتابة وتنطبق عليها أحكام اإلقرار بالكتابة واإلقرار‬
‫بالكتابة كاإلقرار باللسان سواءا ً بسواء وعليه فإن أقر الموقع بتوقيعه وأنه هو‪ ،‬فيكون قد‬
‫ثبت التوقيع وثبت اإلقرار الموقع عليه بجميع محتوياته‪.‬‬
‫أما إذا لم يقر بالتوقيع بأن انكره وطعن عليه انكره من يسري عليهم هذا التوقيع كأن‬
‫ينكره الورثة بعد موت المورث المنسوب إليه التوقيع‪ ،‬فهل يعمل بالسند أم يحتاج األمر‬
‫الى إثبات التوقيع من جديد فى المسألة خالف نبينة فيما يلي‪:‬‬
‫رأي ابن القيم‪ :‬يرى ابن القيم أن السند طلما كان محفوظا ً من التزوير‪ ،‬والتزييف باحدى‬
‫وسائل الحفظ المعروفة كأن تكون الوثيقة قد صدق على التوقيع عليها أمام جهة تحفظ‬
‫المستندات ‪ ،‬وتشهد عليها عند التوقيع وكانت القرائن توحى بعدم التزوير فإن القاضي‬
‫يعمل بالسند دون حاجه إلى إثبات التوقيع من جديد واستشهد بذلك األمر(‪ )1‬بكتابة‬
‫الوصية ولو لم يجد اإلعتماد على الخط لم يكن للكتابة وصية وفائدة‪.‬‬
‫قال إسحاق ابن إبراهيم‪ :‬قلت ألحمد‪( :‬الرجل يموت ويوجد له وصية تحت راسه من غير‬
‫أن يكون أشهد عليها أو أعلم بها أحداً‪ ،‬هل يجوز إنفاذ ما فيها؟ قال‪ :‬إن كان قد عرف‬
‫خطه وكان مشهور الخط فإنه ينفذ)‪.‬‬
‫الرأي الذي تميل إليه النفس هو األخذ بالرأي المذكور عن اإلمام أحمد رحمه هللا تسهال‬
‫على الناس في معامالتهم فقوله هو كالنص جواز االعتماد على خط الموحى‪ ،‬وفي كتبه‬
‫صلى هللا عليه وسلم إلى عماله وإلى الملوك وغيرهم ما يدل علي ذلك‪ ،‬وألن الكتابة تدل‬
‫على المقصود فهي كاللفظ ولهذا يقع الطالق بالكتابة ‪ -‬شريطة أن يكون مرسوما‬
‫وواضحا ً منه إنه لفالن هذا المكتوب ‪.‬‬
‫ثانيا ً‪ :‬الطعن على السند‪ :‬إذا طعن على التوقيع باإلنكار أو التزوير فاألمر يختلف بالنسبة‬
‫للسند هل وقعه المقر وحفظه عنده دون أن يعلم به أحد أم ال‪ .‬فإن كان كتبه كله بخطه‬
‫ووقعه فإن األمر ال يحتاج إلى إثبات للتوقيع‪ ،‬إذا كان التوقيع والخط مشهورين بالنسبه‬
‫للكاتب والموقع‪ ،‬أما إذا كان األمر غير ذلك فالبد من إثبات جديد‪.‬‬
‫صت المادة الحادي واألربعون بعد المائة من نظام المرافعات الشرعية السعودي‬ ‫حيث ن َّ‬
‫على أنه (إذا انكر من نسب إليه مضمون ما في الورقة خطه أو امضاءه أو بصمته أو‬
‫ختمه أو انكر ذلك كانت الورقة متجه في النزاع ولم يكف وقائع الدعوى ومستنداتها‬
‫القناع المحكمة بمدى صحة الخط أو اإلمضاء وللمحكمة اجراء المقارنة تحت إشرافها‬
‫بواسطة خبير أو اكثر تسميهم في قرار المقارنة‪.‬‬

‫‪ ))1‬علم القضاء ‪ ،‬أحمد الحصري ‪ ،‬دار الكتاب العربي ‪ -‬بيروت ‪ ،‬ط‪1406 1‬ه – ‪1986‬م ‪ -‬ج‪ - 1‬ص‪.52‬‬

‫‪86‬‬
‫صت المادة (‪ )147‬من النظام ذاته على أنه (يجوز لمن بيده ورقة عادية أن يخاصم‬ ‫كما ن َّ‬
‫من تتضمن هذه الورقة حقا ً عليه ليقرر بها ولو كان االلتزام الوارد فيها غير مستحق‬
‫األداء وقت االختصار‪ ،‬ويكون ذلك بدعوى تتبع فيها االجراءات المعتادة(‪.)1‬‬
‫فإذا حضر المدعى عليه فأقر فعلى المحكمة أن تثبت إقراره وإن انكر فتأمر المحكمة‬
‫بتحقيقها وفقا ً لالجراءات السالفة الذكر(‪.)2‬‬
‫ثالثاً‪ :‬الطعن على الورقة الرسمية‪ :‬أما الورقة الرسمية إذا كانت موقعة لدى جهه رسمية‬
‫وشهد عليها شاهدان عدالن أمام تلك الجهة وطعن عليها باالنكار فال يقبل االنكار‪ .‬أما إذا‬
‫طعن عليها بالتزوير فيمكن معرفة صحة هذا االدعاء من عدمه بتكليف القاضي لذوي‬
‫االختصاص في ذلك‪.‬‬
‫ص ت المادة الثالثة والخمسون بعد المائة من نظام المرافعات الشرعية السعودي على أنه‬ ‫ن َّ‬
‫يجوز لمن يخشى االحتجاج عليه بورقة مزورة أن يخاصم من بيده هذه الورقة‪ ،‬ومن‬
‫يستفيد منها لسماع الحكم بتزويرها ويكون ذلك بدعوى ترفع وفقا ً لألوضاع المعتادة‬
‫وتراعي المحكمة في تحقيق هذه الدعوى والقواعد واالجراءات سالفة الذكر‪.‬‬
‫رابعاً‪ :‬البرقيات الالسلكية‪ :‬ال تعتبر البرقيات ُحجة كتابية‪ ،‬ألن كاتبها ال يوقع عليها‬
‫بحضور الموظف المختص‪ ،‬وال يتحرى عن الموقع إال في حاالت خاصة ولذلك ال تعتبر‬
‫مستندا ً‪ .‬لكن إذا أقر بها المدعى عليه فيحكم بإقراره ال بالبرقية(‪.)3‬‬

‫‪ ))1‬علم القضاء ‪ ،‬أحمد الحصري ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.53-52‬‬


‫‪ ))2‬المادة السابعة واألربعون بعد المائة من نظام المرافعات الشرعية‪.‬‬
‫‪ ))3‬علم القضاء ‪ ،‬أحمد الحصري ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪54‬‬

‫‪87‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬حكم اإلثبات بالمستندات الخطية (الكتابة)‬
‫المطلب األول‪ :‬األثر المرتب عليها باختالف أنواعها‬
‫ذكر الفقهاء أحكام الكتابة‪ ،‬وبينوا قيمة الكتابة في التعاقد كما تعرضوا لبعض حاالت‬
‫الكتابة التى تستعمل في القضاء واإلثبات‪ ،‬وهذه الحاالت إما تصدر من رئيس الدولة‬
‫ومن ينوب منابه في تسيير األعمال العامة للناس‪ ،‬وإما أن تصدر من األفراد العاديين‬
‫الذين يؤدون األعمال فيما بينهم‪ ،‬وحكم المستندات الخطية في اإلثبات هو األثر المرتب‬
‫عليها في إثبات الحق المكتوب‪ ،‬وفي وجوب القضاء والحكم بموجبه‪ ،‬ويختلف األثر‬
‫المرتب عليها باختالف أنواع المستندات الخطية كما يتبين ذلك فيما يلي‪:‬‬
‫‪ /1‬البراءات السلطانية والدفاتر السلطانية‪ :‬وهي األوامر الكتابية التي تصدر من الحاكم‬
‫األعلى فيما يتعلق بموضوع خاص أو عام‪ ،‬وتكون ممهورة بخاتم الدولة وموقعة من‬
‫رئيسها(‪.)1‬‬
‫وهي مأمونة من التغيير والتبديل‪ ،‬ويندر التزوير فيها‪ ،‬وتكون قد صدرت عن إدارة‬
‫جازمة بعد المشاورات والبحث وتنتقل للناس بالتواتر‪ ،‬وتحتوي على تعيين أو عزل أو‬
‫صرف مرتب أو مكافأة أو نقل أو تمليك أو تنظيم أو غير ذلك‪.‬‬
‫فإذا حصل نزاع أمام القاضي واستند المدعي إلى البراءات السلطانية أو الدفاتر الرسمية‬
‫فيجب على القاضي الحكم له بموجبها؛ ألن لها قوة إثبات كاملة ويشبه في أيامنا الحاضرة‬
‫المراسم الملكية والقرارات الوزارية أو األوامر اإلدارية(‪.)2‬‬
‫قاض آخر كتابا ً يتضمن حكما ً‬‫‪ /2‬كتاب القاضي‪ :‬هو أن يرسل القاضي في بلد معين إلى ٍ‬
‫على شخص اصبح تحت السلطة المكتوبة إليه قضائيا ً ليقوم بتنفيذ الحكم بحقه‪ ،‬أو يتضمن‬
‫هذا الكتاب شهادة رجل أو رجلين يتعزر وصولهما إليه أو تعديل شهود معينين(‪.)3‬‬
‫قاض آخر في سماع شهادة أو الحكم لشخص‬ ‫تعريف آخر‪ :‬هو ما يكتبه أحد القضاة إلى ٍ‬
‫على آخر‪ ،‬سواء كان الكاتب موثقا ً بالخاتم والتوقيع وبمعرفة خط القاضي كما يقول‬
‫بعض الفقهاء‪ ،‬أم كان موثقا ً باإلضافة إلى ذلك بشهادة عدلين عليه‪ ،‬وكتاب القاضي‬
‫قاض آخر‪ ،‬ويعتبر حجة كاملة وملزمة له‪ ،‬فإن كان شهادة معدلة‬ ‫ٍ‬ ‫واجب العمل به عند‬
‫طلب الخصم وقرأ الكتاب عليه وتحقق من الدعوى والخصوم وحكم بالشهادة وإن كانت‬
‫الشهادة غير معدلة سأل عن الشهود والحكم بها‪ .‬وإن كان حكما نفذه وعمل بموجبه‬
‫واستوفى المال من المدعى عليه(‪.)4‬‬
‫‪ /3‬الكتابة التى يقوم بها الطرفان في توثيق التصرفات‪ :‬بينهم وضبطها كتابة واالشهاد‬
‫عليها‪ ،‬وهذه الصورة هي التى وردت في القرآن الكريم في آية المداينة‪ .‬وهي التى عرفها‬
‫الفقهاء بالحجة أو الصك(‪ )5‬فإذا ثبتت صحة الكتابة لدى القاضي بشهادة الشاهدين‬

‫‪ ))1‬وسائل اإلثبات ‪ ،‬محمد مصطفى الزحيلي ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.443‬‬


‫‪ ))2‬الدر المختار ‪ ،‬محمد أمين بن عمر بن عابدين ‪ ،‬حاشية قرة عيون األخبار دار النشر ‪ -‬بيروت ‪ ،‬ط‪1386 2‬ه ‪ ،‬ج‪ 5‬ص‬
‫‪.435‬‬
‫‪ ))3‬القضاء في اإلسالم ‪ ،‬أبو فارس محمد عبد القادر ‪ ،‬دار الفرقان ‪ -‬عمان ط‪ 1405 ، 4‬ه _ ص‪.89‬‬
‫‪ ))4‬دار المختار ‪ ،‬محمد أمين عمر بن عابدين ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.435‬‬
‫‪ ))5‬تفسير القرطبي ‪ ،‬محمد بن أحمد القرطبي ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪. 382‬‬

‫‪88‬‬
‫السابقين أو بشهادة غيرهم‪ ،‬أو بإقرار الخصم بالصك فقد اختلف الفقهاء في وجوب العمل‬
‫بها في اإلثبات‪ ،‬في من قبلها – وهو الراجح – كانت قوتها في اإلثبات ملزمة للقاضي‬
‫ليحكم فيها‪.‬‬
‫ويسري هذا الحكم على الشهادة التي يؤديها الشاهد على أن هذا خط المقر‪ ،‬والشهادة على‬
‫أن هذا خط الشاهد الغائب أو الميت والشهادة على خط المورث‪.‬‬
‫واعتبار هذا النوع في االثبات كافٍ أمام القاضي‪ ،‬وال يحتاج معها إلى يمين المدعي‬
‫لتكميل النصاب‪ ،‬وهذا ال يمنع من توجيه يمين القضاء‪ ،‬أو يمين االستظهار من قبل‬
‫القاضي إلكمال قناعته قبل الحكم)‪.(1‬‬
‫‪ /4‬الكتابة التي تثبت الحق من طرف واحد كخط البياع أو السمسار أو الصراف أو‬
‫الرسالة اتفق المتأخرون على وجوب العمل بها؛ ألنهم ال يكتبون إال ما لهم وما عليهم في‬
‫شئونهم التجارية مع استبعاد فكرة التجربة والتسلية ولجريان العرف بذلك‪ ،‬فإذا أنكر‬
‫الكاتب أو وارثه الحق فال يُسمع منه ويُحكم عليه بكتابه حتى يثبت العكس‪ ،‬وكذا الدفاتر‬
‫والرسائل الخاصة‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬أثر اإلثبات بالمستندات الخطية على غير صاحبها‬
‫هذه القوة الثبوتية السابقة للخط والكتابة بالنسبة إلى أصحابها مباشرة وهم األطراف فيها‪،‬‬
‫ومن تتعلق بهم‪ ،‬أما قوتها بالنسبة إلى غير صاحبها فتختلف من نوع إلى آخر‪.‬‬
‫فالبراءات السلطانية والدفاتر الرسمية‪ ،‬واألوامر الحكومية تسري قوتها على جميع‬
‫الناس‪ ،‬سواء من تتعلق به مباشرة أو غيره‪ ،‬وكذلك فإن ديوان القاضي حجة على الجميع‬
‫بما دون فيه كالوقف‪ ،‬ومال األيتام‪ ،‬وتعيين األوصياء وغيرها‪.‬‬
‫صت المادة األربعون بعد المائة من نظام المرافعات الشرعية السعودية على أنه "ال‬ ‫ن َّ‬
‫يقبل الطعن في األوراق الرسمية إال بادعاء التزوير‪ ،‬ما لم يكن ما هو مذكور فيها مخالفا ً‬
‫للشرع")‪.(2‬‬
‫أما دفاتر التجار وخط المورث واإلقرار كتابة والشهادة المكتوبة فإنها حجة على‬
‫أصحابها‪ ،‬وعلى من يخلفهم‪ ،‬فيلتزم الوارث بما ورد في دفتر أبيه التاجر‪ ،‬وما كتب‬
‫بخطه‪ ،‬وقد نصت الفقرة األولى من المادة الحادية واألربعون بعد المائة من نظام‬
‫المرافعات الشرعية السعودي على أنه "إذا تبين للقاضي صحة الخط أو اإلمضاء أو‬
‫البصمة أو الختم الذي أنكره الخصم فيذكر مستنده على ذلك وال حاجة إلجراء المقارنة"‬
‫وفي الفقرة الثانية من نفس المادة نصت على أن‪" :‬انكار الحلف أو النائب مضمون‬
‫الورقة عقب مصادقة األصيل عليه غير قادح الورقة")‪.(3)(4‬‬

‫(‪ ) 1‬تيصرة الحكام – ابن فرحون – مرجع سابق – ص ‪362‬‬


‫(‪ ) 2‬المادة ‪ 140‬من نظام المرافعات الشرعية‬
‫(‪ ) 3‬المادة ‪ 141‬من نظام المرافعات الشرعية‬
‫(‪ ) 4‬وسائل اإلثبات – مصطفى الزحيلي – مرجع سابق – ص ‪443‬‬

‫‪89‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬القرائن ودورها في اإلثبات‬
‫المبحث األول‪ :‬تعريف القرينة لغة واصطالحا ً‬
‫المطلب األول‪ :‬تعريف القرينة في اللغة‬
‫(‪)1‬‬
‫وهي على وزن‬ ‫القرينة بفتح القاف‪ ،‬مؤنث القرين‪ ،‬مأخوذ من المقارنة والمصاحبة‬
‫فعيلة‪ ،‬بمعنى مفعولة من االقتران وقد اقترن الشيئان وتقارنا(‪.)2‬‬
‫يقال قرنت الشيء اقرنه قرنا ً‪ ،‬أي شددته‪ ،‬وسمي ذو القرنيين ألنه ضرب ضربتين على‬
‫قرينة‪ ،‬والقرين صاحبك الذي يقارنك(‪ )3‬أن القرين بالمقارن يقتدي وقوله تعالى‪ :‬ﱫﯚ ﯛ ﯜ‬
‫ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣﱫ(‪.)4‬‬
‫ويقال قرن الشيء بالشيء أي اتصل به(‪ )5‬ﱫﱫ ﱫ ﱫ ﱫ ﱫ ﱫ ﱫﱫ(‪ )6‬وقوله تعالى‪:‬‬
‫ﱫﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣﱫ(‪ ،)7‬أي مكتفين ُمصفَّدين بعضهم إلى بعض(‪.)8‬‬
‫والقرينة جمعها قرائن على وزن مفاعل وهي مايدل على الشيء مصاحبا ً له‪ ،‬يقال‪ :‬فالن‬
‫قرين لفالن أي مصاحب له‪ ،‬يق ال‪ :‬فالن قرين لفالن أي مصاحب له‪ ،‬وتقارن الشيئان ‪:‬‬
‫تالزما‪ ،‬وقارنه مقارنة وقرانا ً‪ :‬صاحبه واقترن به‪ ،‬وقرنت الشيء بالشيء وصلته به(‪.)9‬‬
‫ور قرائن‪ :‬أي متقابالن‪ .‬والقران الجمع بين تمرتين في‬ ‫وقرن بين الحج والعمرة قرانا ً‪ ،‬ود ُ ٌ‬
‫األكل(‪.)10‬‬
‫معان منها‪ :‬النفس وسميت بذلك ألنها مقارنة لإلنسان‬ ‫ٍ‬ ‫والقرنية في اللغة‪ :‬تطلق على عدة‬
‫مصاحبة له ‪ ،‬ومنها الزوجة ألنها تقارن الزوج وتالزمه في حياته(‪.)11‬‬
‫ويقصد بالقرنية األمر الدال على الشيء من غير استعمال فيه بل لمجرد المقارنة‬
‫والمصاحبة أو هي أمر يشير إلى المقصود وما يدل على المراد من غير كونه‬
‫صريحا ً(‪.)12‬‬
‫جاء في تفسير الطبري(‪ )13‬قرين أي خليالً ومصاحبا ً‪ .‬ومقرنين‪ :‬أي قرنت أيديهم إلى‬
‫أعناقهم‪ ،‬وقرناء نظراء ومقترنين‪ :‬قد اقترن بعضهم ببعض‬
‫وجاء في تفسير الجاللين(‪ :)1‬قرين أي صاحب‪ ،‬ومقرنين أي جمعت أيدهم إلى أعناقهم‪،‬‬
‫ومقترنين أي متتابعين‪.‬‬

‫‪ ))1‬القاموس المحيط – مجد الدين بن يعقوب الفيروزآبادي – مرجع سابق – صـ ‪254‬‬


‫‪ ))2‬لسان العرب – ابن منظور – مرجع سابق – صـ ‪339‬‬
‫‪ ))3‬كتاب العين – عبد الرحمن الخليل أحمد الفراهيدي – د‪ .‬محمد المخزومي – مكتبة الهالل دار الشئون الثقافية – ج‪ – 5‬صـ ‪143‬‬
‫‪ ))4‬سورة ق األية ‪27‬‬
‫‪ ))5‬المصباح المنير – أحمد بن محمد بن علي – مرجع سابق – صـ ‪686‬‬
‫‪ ))6‬سورة الصافات اآلية ‪51‬‬
‫‪ ))7‬سورة الفرقان اآلية ‪13‬‬
‫‪ ))8‬الجامع الحكام القرآن – القرطبي – مرجع سابق – صـ ‪13‬‬
‫‪ ))9‬الصحاح تاج اللغة – اسماعيل بن حماد – مرجع سابق – صـ ‪2181‬‬
‫‪ ))10‬أساس البالغة – جار هللا أبو القاسم الزمخشري – مرجع سابق – صـ ‪248‬‬
‫‪ ))11‬المعجم الوسيط – مجمع اللغة العربية – مصر ‪ -‬مرجع سابق – صـ ‪731‬‬
‫‪ ))12‬البصمة الوراثية ودورها في االثبات الجنائي بين الشريعة والقانون الوضعي – رسالة ماجستير – جامعة نايف – الباحث‪ :‬ابراهيم بن‬
‫سطم – منشورة سنة ‪1425‬ه – ‪2004‬م – صـ ‪26‬‬
‫‪ ))13‬جامع البيان عن تأويل القرآن – أبو جعفر بن محمد بن جرير الطبري – تحقيق‪ :‬عبد هللا عبد المحسن – القاهرة – دار هجر – ج‪– 7‬‬
‫‪2001‬م – صـ ‪415‬‬

‫‪90‬‬
‫معان متعددة تدور حول التالزم‬
‫ٍ‬ ‫يتضح من كل ذلك أن القرينة في اللغة تطلق على‬
‫والمصاحبة‪.‬‬
‫وسميت بالقرينة ألن لها اتصاالً بما يستدل بها عليه‪ ،‬فهي األمر الدال على الشيء فيه‪ ،‬أو‬
‫لمجرد المقارنة والمصاحبة)‪.(2‬‬

‫‪ ))1‬تفسير الجاللين – السيوطي جالل الدين عبد الرحمن بن أبي بكر – تحقيق‪ :‬محمد عبد الرحمن المرغشلي – بيروت – دار إحيار التراث‬
‫العربي – ط‪1999( 1‬م ) – ص ‪85‬‬
‫(‪ )2‬القرائن ودورها في االثبات في الفقه الجنائي االسالمي – د‪ .‬أنور دبور – دار الثقافة العربية – ‪1405‬ه – ‪1985‬م – صـ ‪78‬‬

‫‪91‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬القرينة في االصطالح‬
‫يتضح لنا من استقراء كتب فقهاء الشريعة اإلسالمية األوائل مما وسعني االطالع عليه‪،‬‬
‫أنهم لم يعرفوا القرينة تعريفا ً ثابتا ً رغم ذكرهم لها والعمل بها في مسائل كثيرة واعتبار‬
‫بعضهم لها في إثبات الحدود والدماء ويرجع ذلك ألمور أهمها‪ :‬وضوح القرينة وعدم‬
‫خفائها‪ ،‬ولذا نجد الفقهاء اكتفوا بعطف التفسير أو المرادف عن الحديث عن القرينة‪،‬‬
‫فيقولون القرينة واألمارة والعالمة‪ .‬ويفهم من كالمهم أن القرائن هي أمارات معلومة تدل‬
‫على أمور مجهولة‪ ،‬وهو ما أشار إليه أهل العربية(‪.)1‬‬
‫أما فقهاء الشريعة اإلسالمية المحدثين فقد تعددت تعريفاتهم للقرينة كل منهم عرفها‬
‫بتعريف يختلف من األخر من الناحية اللفظية وإن كانت في مضمونها واحدة إال أن‬
‫بعضها أكمل من األخر‪.‬‬
‫وأذكر هنا بعضا ً من هذه التعاريف التي ذكرها الفقهاء مع اإلشارة إلى التعريف المختار‬
‫منها والذي يؤدي إلى الغرض المقصود من القرينة على الوجه األكمل‪.‬‬
‫أوالً‪ :‬عرفها الجرجاني‪( :‬هي أمر يشير إلى المطلوب))‪.(2‬‬
‫شرح التعريف‪ :‬لفظ (أمر) جنس في التعريف يشمل كل أمر‪( ،‬يشير) اإلشارة لغة‪ :‬هي‬
‫التلويح واإليماء إلى شيء ما‪ ،‬وتكون بأي شيء يدل على اإليماء كالعين والحاجب واليد‪،‬‬
‫(المطلوب) هو الشيء المقصود‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬عرفها بن عابدين بقوله‪( :‬هي التي تصير األمر في حيز المقطوع به))‪.(3‬‬
‫ثالثاً‪ :‬عر فها الشيخ فتح هللا زيد بأنها‪( :‬األمارة التي ينص عليها الشارع أو استنبطها أئمة‬
‫الشريعة باجتهادهم أو استنتجها القاضي من الحادثة وظروفها وما يكتنفها من أحوال)‪.(4‬‬
‫رابعاً‪ :‬عرفها االستاذ مصطفى الزرقا فقال‪ :‬القرينة هي كل أمارة ظاهرة تقارن شيئا ً خفيا ً‬
‫فدل عليه)‪.(5‬‬
‫خامساً‪ :‬ورد تعريف القرينة في مجلة االحكام العدلية بأنها األمارة البالغة حد اليقين)‪.(6‬‬
‫وعرفها االستاذ عبد العال عطوة بأنها‪( :‬األمارة التي تدل على أمر خفي مصاحب لها‬
‫بواسطة نص أو عرف أو سنة أو غيرها)‪.‬‬
‫وعرفها االستاذ ابراهيم محمد الفائد بأنها‪( :‬األمارة التي تدلنا على األمر المجهول‬
‫استنباطا ً واستخالصا ً من األمارة المصاحبة والمقارنة لذلك األمر الخفي المجهول‪،‬‬
‫ولوالها لما أمكن التوصل إليه)‪.(7‬‬
‫ظاهر يصاحب شيئا ً خفيا ً فيُشير إليه على سبيل الترجيح ال اليقين)‪.(1‬‬ ‫ٌ‬ ‫(أمر‬
‫ٌ‬ ‫كما ذُكر بأنها‪:‬‬

‫‪ ))1‬وسائل االثبات في المعامالت المدنية واالحوال الشخصية – دكتوراه مقدمة إلى كلية الشريعة والقانون بالقاهرة عام ‪1971‬م – من الباحث‪:‬‬
‫محمد مصطفى الزحيلي – صـ ‪387 - 486‬‬
‫(‪ )2‬التعريفات – الجرجاني – مرجع سابق – صـ ‪152‬‬
‫(‪ )3‬رد المختار على الدر المختار – ابن عابدين – مرجع سابق – صـ ‪23‬‬
‫(‪ )4‬وسائل االثبات في الشريعة االسالمية – محمد الزحيلي – مرجع سابق – صـ ‪489‬‬
‫(‪ )5‬المدخل الفقهي العام – د‪ .‬مصطفى الزرقا – ط‪ – 10‬دمشق – صـ ‪918‬‬
‫(‪ )6‬المجلة العدلية – كتاب نادر – القسطنطينية – ‪1305‬ه – المادة ‪ – 1741‬صـ‪ ، 310‬حيدر علي – درر االحكام شرح مجلة االحكام – بيروت‬
‫– دار الكتب العلمية – ‪1991‬م – ط‪ – 1‬مادة ‪ – 1741‬صـ‪430‬‬
‫(‪ )7‬االثبات بالقرائن في الفقه االسالمي – الفائز ابراهيم محمد – مرجع سابق – صـ ‪63‬‬

‫‪92‬‬
‫بالنظر إلى‬ ‫مناقشة التعاريف السابقة وبيان المختار منها في األحوال المدنية‪:‬‬
‫التعاريف السابقة يتضح اآلتي‪:‬‬
‫‪ /1‬إن تعريف الجرجاني والدكتور مصطفى الزرقا للقرينة‪ ،‬تعريف عام ال يقتصر على‬
‫القرينة عند الفقهاء‪ ،‬بل يتسع ليشمل القرينة لدى الفقهاء وغيرهم كالقرينة البالغية)‪.(2‬‬
‫والتعريف يجب أن يقتصر على القرينة عند الفقهاء ألنها هي المقصودة من كالمهم)‪.(3‬‬
‫‪ /2‬إن تعريف د‪ .‬فتح هللا للقرينة يؤخذ عليه‪ :‬أنه فسر القرينة بالمراد منها ولم يبين‬
‫حقيقتها‪ ،‬فيكون التعريف خفيا ً بالنسبة لحقيقة القرينة)‪.(4‬‬
‫‪ /3‬إن تعريف مجلة األحكام العدلية للقرينة يؤخذ عليه‪ :‬أنه تعريف قاصر على أحد أنواع‬
‫القرينة وهو القرينة القاطعة دون غيرها‪ ،‬علما ً بأن هناك الكثير من القرائن منها ما هو‬
‫قاطع‪ ،‬ومنها ما هو دون ذلك‪ ،‬ولهذا فإن التعريف يعد غير شامل ألنواع القرينة‪.‬‬
‫ويتضح مما سبق أن الفقهاء مختلفون في تعريف القرينة كل منهم عرفها بتعريف مختلف‬
‫عن اآلخر‪ ،‬وإن هذه التعاريف لم تخلو من النقد‪ ،‬إال أن تعريف د‪ .‬فتح هللا زيد رغم ما‬
‫وجه إليه من نقد لكن تبقى له أهمية‪ ،‬وذلك لألمور التالية‪:‬‬
‫أ‪ /‬إن هذا التعريف جاء شامالً لكل أنواع القرينة سواء التي نص عليها الشارع‪ ،‬أو التي‬
‫استنبطها األئمة المجتهدون‪ ،‬أو التي استنبطها القضاة من الوقائع والظروف والمالبسات‬
‫المحيطة بها‪ ،‬وبذلك يكون التعريف جامع‪.‬‬
‫ب‪ /‬إن هذا التعريف مانع أيضا ً حيث منع غير القرينة الفقهية من الدخول في التعريف‪،‬‬
‫وبذلك يكون التعريف مانع جامع‪.‬‬
‫القرائن‪ :‬هي استنتاج الواقعة المراد اثباتها من وقائع أخرى ثابتة كدخول رجلين معا ً دارا ً‬
‫خالية ثم خروج أحدهما وحده‪ ،‬وبعد برهة وجد اآلخر مقتوالً داخل الدار)‪.(5‬‬

‫(‪ )1‬القضاء بقرائن االحوال – محمد جنيد الديرشوي – دمشق – دار الحافظ – ط‪1998( 1‬م) – صـ ‪20‬‬
‫(‪ )2‬القرينة البالغية‪ :‬هي األمر الذي ينصبه المتكلم دليالً على أنه أراد باللفظ غير معناه األصلى كما في قولك رأيت أسدا ً يصول في جبهة‬
‫القتال‪ ،‬فالمراد باألسد ليس الحيوان بل الرجل الشجاع‪.‬‬
‫(‪ )3‬القرائن ودورها في االثبات – د‪ .‬أنور دبور – مرجع سابق – صـ ‪9‬‬
‫(‪ )4‬االثبات بالقرائن في الفقه االسالمي – ابراهيم محمد الفائز – مرجع سابق – صـ ‪54‬‬
‫(‪ )5‬يقين القاضي الجنائي – إيمان محمد علي – مكتبة المعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪2005 ،‬م – صـ ‪484‬‬

‫‪93‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬أركان القرينة‬
‫إن القرينة تقوم على ركنين أو عنصرين كما يسميها البعض وهما‪:‬‬
‫‪ /1‬الركن المادي‪ :‬يتمثل الركن ا لمادي في الواقعة أو الوقائع الثابتة والظاهرة التي تتخذ‬
‫أساسا ً الستنباط الواقعة المجهولة‪ ،‬وهذه الواقعة يجب أن تثبت ثبوتا ً قطعيا ً حتى يكون‬
‫االستنباط المبني عليها سليماً‪ ،‬ويشترط أن تكون الواقعة المعلومة التي تم اختيارها‬
‫بمعرفة القاضي وسلطته أثناء نظر الدعوى؛ لها من الداللة ما يعين في كشف الواقعة‬
‫المجهولة التي يجري البحث عنها‪ ،‬وعلى ذلك فإن افتقار هذه الصفة الالزمة خلو الواقعة‬
‫من الداللة يجعل منها واقعة عادبة ال يصلح االستناد إليها باعتبارها ركنا ً ماديا ً للقرينة)‪.(1‬‬
‫‪ /2‬الركن المعنوي‪ :‬اشتمل التعريف السابق للقرينة على مصاحبة أمر خفي يُستدل عليه‬
‫بحدوث األمر الظاهر‪ ،‬وهذا االستدالل هو بمثابة الركن المعنوي الذي يأخذ به القاضي‪.‬‬
‫فالقاضي في استنباطه للواقعة المجهولة من الواقعة المعلومة والثابتة‪ ،‬يأخذ بفكرة ما هو‬
‫راجح وغالب الوقوع في المسائل المدنية)‪.(2‬‬
‫مما سبق لنا أن للقرينة ركنين رئسيين مادي ومعنوي‪ ،‬فاألساس في الواقعة هو الركن‬
‫المادي والذي عبرنا عنه بالواقعة المعلومة التي ال تقبل الجدل؛ حتى تصلح ألنه يبنى‬
‫عليها االستنباط الصحيح‪ ،‬كما أن الصلة بين الواقعة المعلومة والمجهولة وإن كانت‬
‫تختلف من حالة إلى أخرى‪ ،‬إال أنه يجب أن يكون بينهما ارتباطا ً وثيقا ً قام على أساس من‬
‫المنطق والعقل وليس الوهم والخيال‪.‬‬
‫وتجدر االشارة إلى أن أركان القرينة أو عناصرها ال تختلف عند فقهاء الشريعة‬
‫اإلسالمية‪ ،‬عنها لدى فقهاء القانون الوضعي‪.‬‬

‫(‪ )1‬الوسيط في شرح القانون المدني – عبد الرازق أحمد السنهوري – دار إحياء التراث العربي – بيروت – صـ ‪603‬‬
‫(‪ )2‬االثبات بالقرائن في المواد الجنائية والتجارية – يوسف محمد المصاروة – عمان – دار الثقافة – ‪1996‬م – صـ‪39‬‬

‫‪94‬‬
‫الدليل المادي والقرينة‪:‬‬
‫لما كان ج َّل هذا المطلب يتعلق بالدليل المادي والذي ينتمي إلى القرائن‪ ،‬سأورد في‬
‫الصفحات التالية ما كتبه اللواء الدكتور أحمد أبو القاسم عن االسناد المادي في القرآن‬
‫الكريم في رده على القائلين بعدم ُحجية القرائن في اإلثبات‪ ،‬ويبدأ حديثه متسائالً ما هو‬
‫موقف القرآن الكريم من االسناد المادي؟ وفي هذا المجال تبرز سورة يوسف عليه السالم‬
‫لتقدم مجموعة من القضايا والمواقف والوقائع التي كانت بحاجة إلى إثبات ولعب فيها‬
‫االسناد المادي دورا ً بارزا ً مهماً‪ ،‬بل يكاد يكون دليل اإلثبات الوحيد في هذه الدعاوى‪،‬‬
‫ويعرض الباحث هذه النماذج من االسناد المادي فيما يلي‪:‬‬
‫أوالً قميص يوسف ‪ -‬عليه السالم ‪ -‬ودليل االدانة المادي‪:‬‬
‫واقعة إلقاء يوسف عليه السالم في الجب واالدعاء بأن الذئب أكله‪ ،‬وتقديم اخوته قميصا ً‬
‫ملوثا ً بالدماء دليالً على صحة الواقعة‪ ،‬جريمة كاملة‪ ،‬بداية من الدافع‪ ،‬ومرورا ً‬
‫بالتخطيط‪ ،‬ثم التنفيذ‪ ،‬وبعد أن تمت الجريمة جاء دور التبرير واالدعاء الكاذب الذي يدرأ‬
‫عنهم االتهام في قوله تعالى‪ :‬ﱫﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭽ ﭾ ﭿ‬
‫ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑﱫ)‪.(1‬‬
‫وتدل هذه اآليات على أن يعقوب والد يوسف عليهما السالم لم يقتنع بما ادعاه اخوة‬
‫يوسف من افتراس الذئب له‪ ،‬بعدما فحص قميصه الذي قدم له كأثر للجريمة)‪ ،(2‬وخلص‬
‫من ذلك إلى أنه لو كان الذئب قد أكله لتمزق قميصه‪ ،‬ولكنه لم يجد به شيئا ً من ذلك‪ ،‬وفي‬
‫ذلك يروى عن ابن عباس أنه قال‪( :‬لو كان أكله السبع لخرق قميصه) وقيل في رواية أن‬
‫يعقوب عليه السالم أخذ يقلب القميص ويقول‪( :‬ما أرى به أثر ناب وال ظفر‪ ،‬إن هذا‬
‫السبع رحيم) وفي رواية أخرى قيل بأنه‪( :‬أخذ القميص وبكى حتى خضب وجهه بدم‬
‫القميص‪ ،‬وقال‪ :‬تاهلل ما رأيت كاليوم ذئبا ً أحلم من هذا‪ ،‬أكل ابني ولم يمزق عليه‬
‫قميصه))‪.(3‬‬
‫كما أنه لو أن اخوة يوسف – عليه السالم – مزقوا قميصه قبل عرضه على أبيهم لكان‬
‫إيهامهم له أقوى من تلطخه بالدم‪ ،‬ولكن ذلك كان مقدرا ً من هللا سبحانه وتعالى ليظهر‬
‫كذبهم‪ ،‬وبذلك فإن سالمة القميص من أي تمزيق دليل مادي على كذب ادعاء اخوته‪ ،‬وقد‬
‫أشار كثير من العلماء إلى أن هذه اآلية يؤخذ منها الحكم باألدلة المادية)‪.(4‬‬
‫وتعتبر هذه الواقعة نموذجا ً مثاليا ً لتجسيد مفهوم داللة األثر المادي‪ ،‬ومدى ُحجيته في‬
‫اإلثبات الجنائي‪( ،‬وبلغة العصر) يعرض الباحث عناصر هذه القضية في النقاط التالية‪:‬‬
‫‪ /1‬وقائع البالغ واحتماالت آثاره المادية‪:‬‬

‫(‪ )1‬سورة يوسف اآليات – ‪18-17‬‬


‫(‪ )2‬الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل – أبو القاسم محمود الزمخشري – دار الكتاب العربي – بيروت – ط‪1407( 3‬ه – ج‪ – 2‬صـ ‪، 451‬‬
‫تفسير روح المعاني – البي الفضل شهاب الدين بن عبد هللا األلوسي – مرجع سابق – صـ ‪179‬‬
‫(‪ )3‬الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل – أبو القاسم محمود الزمخشري – مرجع سابق – صـ ‪ ، 451‬تفسير روح المعاني – البي الفضل‬
‫شهاب الدين بن عبد هللا األلوسي – مرجع سابق – صـ ‪179‬‬
‫(‪ )4‬الجامع الجكام القرآن – القرطبي – مرجع سابق – صـ ‪150‬‬

‫‪95‬‬
‫أبلغ اخوة يوسف عليه السالم العشرة أباهم أنهم ذهبوا في سباق وتركوا يوسف ‪ -‬عليه‬
‫السالم ‪ -‬عند متاعهم فهاجمه ذئب وأكله‪ ،‬ومن خالل هذا البالغ يمكن تصور اآلثار‬
‫المادية التي يجب أن تختلف عن الحادث فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬ق ميص ممزق بأشكال غير منتظمة ويصاحب التمزق وجود ثقوب في كثير من أجزائه‬
‫مع ضياع بعض أجزائه)‪.(1‬‬
‫‪ -‬تلوث دموي يغطي كل ما تبقى من أجزاء القميص نظرا ً الستمرار نزيف الجروح دن‬
‫توقف‪.‬‬
‫‪ /2‬أدلة المبلغين المادية على صحة البالغ‪:‬‬
‫قدم المبلغون قميص يوسف عليه السالم‪ ،‬وقد ظهر من المعاينة التالية‪:‬‬
‫‪ -‬إن القميص كامل األجزاء غير ممزق أو به ثقوب‪.‬‬
‫‪ -‬لم تتخلف خاليا بشرية على أجزاء منه‪ ،‬وأماكن التلوث بالدماء محدودة األماكن‬
‫والمساحات‪.‬‬
‫‪ /3‬نقاط االختالف بين اآلثار المادية وأوجه داللتها اإلثباتية‪:‬‬
‫أ‪ /‬تؤكد سالمة القميص وتكامل أجزائه وخلوه من التمزقات والثقوب بشكل قاطع على‬
‫عدم وقوع هجوم وافتراس من ذئب على مرتدي هذا القميص‪.‬‬
‫ب‪ /‬إن آثار الدماء والتي قيل أنها بشرية لم تكن من الكثرة والشمول بما يتفق مع طبيعة‬
‫عمل االفتراس والتي البد ان يصاحبها تعدد الجروح‪ ،‬وجميع هذه اآلثار سواء كانت في‬
‫شكل سلبي لعدم العثور عليها‪ ،‬أو إيجابي بوجودها في شكل غير منطقي‪ ،‬تؤكد كذب ما‬
‫ادعى به اخوة يوسف عليه السالم‪.‬‬
‫المضمون العلمي والفلسفي للواقعة‪:‬‬
‫يظهر من تحليل مضمون هذه القصة الحقائق التالية‪:‬‬
‫‪ -‬إن يقين سيدنا يعقوب عليه السالم بكذب هذه الرواية قد تكون لديه من دالئل مادية‬
‫ملموسة اشتقاها من معاينته للقميص‪ ،‬حيث فحصه فحصا ً دقيقا ً بحثا ً عن اآلثار المادية‬
‫التي تعزز أو تنفي ذلك البالغ‪ ،‬وهذا يبين أن نبي هللا يعقوب ‪ -‬عليه السالم ‪ -‬قد اعتمد في‬
‫بحثه الثبات الواقعة على منهج علمي سليم‪ ،‬فهو قد عاين وفحص األثر المادي وربط بينه‬
‫وبين األشياء واستنتج منه ما تسمح به الواقعة من داللة يقينية فتكونت لديه العقيدة فقال‪:‬‬
‫ﱫﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈﱫ)‪.(3) (2‬‬
‫‪ -‬إن سيدنا يعقوب عليه السالم وهو نبي يوحى إليه وأوتي من العلم والمعرفة ما يمكنه‬
‫من أداء المهام الجسام التي يكلف بها من هللا عز وجل قد اعتمد على اآلثار المادية‬
‫وداللتها في تقدير حكم يخالف ما شهد به عشرة أشخاص هم أبناؤه وهو أيضا ً ما يؤكد‬
‫قدرة الدليل المادي على أن يتخطى في قوته اإلثباتية عشرة من الشهود‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬قميص يوسف ‪ -‬عليه السالم – دليل البراءة المادي‪:‬‬

‫(‪ )1‬الدليل الجنائي المادي ودوره في اثبات جرائم الحدود والقصاص – اللواء د‪ .‬أحمد أبو القاسم – المركز العربي للدراسات األمنية والتدريب‬
‫– الرياض‪ -‬ج‪1414 - 2‬ه – ‪1993‬م – صـ ‪218‬‬
‫(‪ )2‬سورة يوسف اآلية ‪18‬‬
‫(‪ )3‬الدليل المادي الجنائي ودوره في إثبات جرائم الحدود والقصاص – د‪ .‬أحمد أبو القاسم مرجع سابق – صـ ‪221‬‬

‫‪96‬‬
‫مرة أخرى يؤدي قميص يوسف عليه السالم دورا ً إيجابيا ً في احداث جريمة اغتصاب‪،‬‬
‫ويظهر كدليل مادي يثبت براءة يوسف عليه السالم مما ادعته امرأة العزيز‪.‬‬
‫ويعرض الباحث وقائع هذه الجريمة على النحو التالي‪:‬‬
‫قال تعالى‪ :‬ﱫﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ‬
‫ﮡﭨﭩﮤﮥﮦﮧﮨﮩههههﮮﮯﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯨ‬
‫ﯪﱫ)‪.(1‬‬
‫ُبر) على صدق‬ ‫فهذه اآليات تدل على أن الشاهد قد استدل بدليل (قد القميص من قُب ٍل أو د ٍ‬
‫أحدهما وكذب اآلخر‪ ،‬وقد قص القرآن هذا الحكم على سبيل التقرير ال االنكار فدل على‬
‫جواز القضاء بالدليل المادي‪ ،‬وهذا الدليل هنا هو (الثوب) الذي من المنطقي أن شق من‬
‫الخلف إن كانت هي الطالبة له‪ ،‬وكان هو الهارب منها‪ ،‬وقد تبين من المعاينة والفحص‬
‫أن الثوب قد شق من الوراء‪ ،‬مما اثبت صدق يوسف عليه السالم)‪ ،(2‬وكذب زوجة‬
‫العزيز الذي حكم‪ ،‬فقال ليوسف‪ :‬ﱫﯭ ﯮ ﯯﱫ)‪ ،(3‬أي أكتم هذا األمر وال تذكره ألحد‪،‬‬
‫وقال لزوجته‪ ،‬إن هذا األمر من جملة مكركن واحتيالكن إن كيدكن لعظيم))‪.(4‬‬
‫وهذا هو التفسير الذي قدمه الفقهاء والذي يؤكد يقينهم بشرعية االعتماد على األثر‬
‫المادي والنزول على داللته والباحث يعرض عناصر هذه الجريمة بلغة العصر في‬
‫النقاط التالية‪:‬‬
‫‪ /1‬موجز االدعاءات المتبادلة واسلوب المعاينة الفنية‪:‬‬
‫تلعب المعاينة الفنية في وقتنا المعاصر دورا ً بالغ األهمية‪ ،‬حيث تعمتد على اآلثار المادية‬
‫المتخلَّفة على مسرح الجريمة في تقديم أقوال المبلغ والشهود والمتهمين‪ ،‬كما تدل على‬
‫كيفية وقوع الجريمة وتقديم الدليل على الجناة‪ ،‬وهذا االسلوب العلمي تراه مجسدا ً في هذا‬
‫الحادث‪ ،‬حيث تورد اآليات الكريمة اتهاما ً يحتاج إلى دليل إلثباته‪:‬‬
‫ﱫﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚﱫ ودفاع يحتاج أيضا ً إلى دليل البراءة ﱫﮜ ﮝ‬
‫ﮞ ﮟ ﮠﱫ والنفي واإلثبات لطرفي الخصومة هنا يحتاج إلى الدليل القاطع‪ ،‬ألن ما تم‬
‫بينهما ليس عليه شاهد‪ ،‬وكان مسرح الجريمة وما تخلف عليه من آثار هدفا ً للبحث عن‬
‫أثر يقود إلى دليل‪ ،‬وتجسد ذلك األثر في تمزق القميص ﱫﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈﱫ وهو أمر يلزم‬
‫معاينة وفحصا ً واستنتاج‪ ،‬أوحى بداللة شاهد من أهلها قال‪ :‬ﱫﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ه ه ه ه ﮮ ﮯﱫ‬
‫وثبوت ذلك يؤدي إلى إدانة يوسف ‪ -‬عليه السالم ‪ -‬ﱫﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛﱫ وفي‬
‫ذلك دليل براءة يوسف ‪ -‬عليه السالم ‪ ،-‬وبعد تمام المعاينة والفحص جاءت النتيجة‬
‫والحكم ﱫﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯨ ﯪﱫ‪.‬‬
‫‪ /2‬المضمون العلمي والفلسفي للواقعة‪:‬‬

‫(‪ )1‬سورة يوسف اآليات ‪28-25‬‬


‫(‪ )2‬صفوة التفاسير – محمد علي الصابوني – بيروت – دار القرآن الكريم – ‪1401‬ه – ‪1981‬م – ج‪ – 2‬صـ ‪48‬‬
‫(‪ )3‬سورة يوسف اآلة ‪29‬‬
‫(‪ )4‬صفوة التفاسير – محمد علي الصابوني – مرجع سابق – صـ ‪48‬‬

‫‪97‬‬
‫يظهر من دراسة وتحليل هذا النموذج القرآني إن هللا سبحانه وتعالى يرشدنا إلى أهمية‬
‫المعاينة في التعرف على الحقيقة‪ ،‬وإن دقة التأمل وحسن التدبير يمدان الباحث بالكثير‬
‫من المعرفة‪ ،‬كما أنهما يجسدان بشكل واضح حقيقة أن الفعل الجنائي والذي يمثل الركن‬
‫المادي للجريمة تحكمه قواعد تحتم تخلُّف أثر مادي عنها )‪ ،(1‬وأن لهذا األثر داللة يقينية‬
‫البد من االستفادة منها و وضعها في االعتبار عند الحكم على االشياء كما تؤكد هذه‬
‫الواقعة إن الدليل المادي كان أقوى في داللته من ادعاء مبلغه عندما أظهر كذبهم حيث‬
‫صدق العزيز دفاع خادمه وناشده الكتمان بقوله ﱫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯﱫ ورفض دعوى زوجته‬
‫بل أدانها بقوله ﱫﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷﱫ)‪.(2‬‬

‫(‪ )1‬الدليل المادي والجنائي ودوره في إثبات جرائم الحدود والقصاص – د‪ .‬أحمد أبو القاسم – مرجع سابق – ص ‪224 -223‬‬
‫(‪ )2‬الدليل المادي والجنائي ودوره في اثبات جرائم الحدود والقصاص – د‪ .‬أحمد أبو القاسم – مرجع سابق – صـ ‪224 - 223‬‬

‫‪98‬‬
‫ثالثاً‪ :‬قميص يوسف – عليه السالم – والدليل غير المباشر‪:‬‬
‫وبعد أن أدى قميص يوسف عليه السالم دوره كدليل إدانة وبراءة نأتي إلى دوره ليحمل‬
‫البشرى إلى والد يوسف ‪ -‬عليه السالم ‪ -‬بقوله تعالى‪ :‬ﱫﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯪ ﯫ‬
‫ﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶ ﯸﯹﯺﯻﯼﯽ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡ‬
‫ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﱫ)‪.(1‬‬
‫توضح هذه اآليات الكريمة أن اخوة يوسف عليه السالم بعد أن اعتزوا له‪ ،‬أمرهم بأن‬
‫يذهبوا بقميصه فيلقوه على وجه أبيه‪ ،‬والذي كان قد عمي من كثرة البكاء‪ ،‬ولما خرجت‬
‫العير من مصر قال يعقوب عليه السالم لمن عنده من بنيه‪ :‬ﱫﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶﱫ‬
‫وقال أبو العباس‪( :‬البشير) البريد‪ ،‬وقال السدي‪( :‬هو يهوذا ابن يعقوب‪ ،‬وإنما جاء به ألنه‬
‫هو الذي جاء بالقميص وهو ملطخ بدم كذب‪ ،‬فأحب أن يغسل ذلك بهذا‪ ،‬فجاء بالقميص‬
‫فألقاه على وجه أبيه فرجع بصيراً))‪.(2‬‬
‫فلما تعجبوا مما حدث هدأ من روعهم بقوله‪( :‬ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ) ويمكن القول بأن قميص‬
‫يوسف ‪-‬عليه السالم‪ -‬قد حمل أثرا ً من آثاره وهي رائحته التي أدركها يعقوب ‪-‬عليه‬
‫السالم‪ -‬من ريح أتته بمجرد خروج العير من مصر ﱫﯯ ﯰ ﯱ ﯲﱫ)‪.(3‬‬
‫وا قامة يعقوب عليه السالم الدليل على وجود يوسف من شعوره بوجود رائحته يعد بلغة‬
‫العصر دليالً ماديا ً غير مباشر‪.‬‬
‫وهنا تثور عدة تساؤالت‪ :‬كيف اشتم يعقوب عليه السالم الرائحة وقميص يوسف عليه‬
‫السالم على بعد كبير منه؟ وكيف تعرف على خصائصها ونسبتها إلى يوسف؟ وخاصة‬
‫إن ذلك حدث منذ قرون بعيدة؟ لم تهيأ فيها االسباب لمعرفة مثل هذه االمور العلمية‬
‫البالغة التعقيد؟ وتكون االجابة إنه إعجاز الخالق جل وعأل وعلمه الذي علمه يعقوب ‪-‬‬
‫عليه السالم‪.‬‬
‫وفي هذا يقول القرأن الكريم على لسان يعقوب عليه السالم‪ :‬ﱫﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ‬
‫ﭥﱫ)‪ (4‬ويظل األمر في هللا معلقا ً بمشيئته ليكشف العلم الحديث بعد آالف السنين أن‬
‫الرائحة أثر مهم يمكن االستناد إليه في تحقيق شخصية االنسان ويستخدم لهذا أجهزة‬
‫بالغة التعقيد‪ ،‬أفال يكون ذلك توجيها ً واشارة إلى ما سيتحقق في المستقبل في اكتشاف‬
‫لدور هذا األثر كما يدل على شرعية الدليل المادي ودوره في االثبات و ُحجيته في االسناد‬
‫في مجال الدليل غير المباشر)‪.(5‬‬

‫(‪ )1‬سورة يوسف اآليات من ‪96 - 93‬‬


‫(‪ )2‬تفسير القرآن العظيم – أبو الفداء اسماعيل بن عمر بن كثير – تحقيق‪ :‬سامي بن محمد سالمة – دار طيبة للنشر – ط‪1420( 2‬ه –‬
‫‪1999‬م) – ج‪ – 4‬صـ ‪410‬‬
‫(‪ )3‬سورة يوسف اآلية ‪94‬‬
‫(‪ )4‬سورة يوسف اآلية ‪69‬‬
‫(‪ )5‬الدليل الجنائي المادي ودوره في اثبات جرائم الحدود والقصاص – د‪ .‬أحمد أبو القاسم – مرجع سابق – صـ ‪226‬‬

‫‪99‬‬
‫المبحث الثاني‪ُ :‬حجية القضاء بالقرائن في الشريعة اإلسالمية‬
‫المطلب األول‪ :‬مشروعية القضاء بالقرائن‬
‫إن المتتبع لكتب أئمة فقهاء المذاهب اإلسالمية يرى أنهم لم يذكروا القرائن صراحة في‬
‫باب البينات‪ ،‬فقد اقتصروا على الشهادة واإلقرار واليمين والنكول عنه؛ ولم يخصوها‬
‫ببحث أو عنوان مستقل ومع ذلك فإنه يجد أنهم استندوا إليها في كثير من االحكام‪.‬‬
‫وهذا الموقف من جانب العلماء كان مبعث الخالف بين متأخري هذه المذاهب في مدى‬
‫جواز اإلثبات بالقرائن والحكم بمقتضاها بين مؤيد ومعارض وانقسموا بذلك إلى فريقين‪:‬‬
‫الفريق األول‪ :‬يعتبر القرينة وسيلة من وسائل اإلثبات الشرعية وأجازوا العمل بالقرينة‪.‬‬
‫الفريق الثاني‪ :‬ال يعتد بالقرينة كوسيلة من وسائل اإلثبات الشرعية‪ ،‬وقد منعوا العمل‬
‫بالقرائن‪.‬‬
‫القائلين بالمذهب األول‪ :‬قال جمهور الفقهاء)‪ (1‬على اختالف فيما بينهم حول مدى ُحجيتها‬
‫ومن هؤالء‪:‬‬
‫)‪(6‬‬
‫أ‪ /‬المذهب الحنفي‪ :‬الذيلغي)‪ ،(2‬ابن الفرس)‪ ،(3‬ابن نجيم)‪ ،(4‬الطرابلسي)‪ ،(5‬ابن عابدين‬
‫ب‪ /‬المذهب المالكي‪ :‬ابن فرحون)‪.(7‬‬
‫ج‪ /‬المذهب الشافعي‪ :‬ابن عبد السالم )‪ ،(8‬ابن أبي الدم)‪.(9‬‬
‫أ‪ .‬المذهب الحنبلي‪ :‬ابن تيمية)‪ (10‬ابن القيم)‪.(11‬‬
‫ب‪ .‬كما أخذ به بعض الفقهاء والباحثين المعاصرين)‪.(12‬‬
‫القائلين بالمذهب الثاني‪:‬‬
‫بهذا قال بعض األحناف كالخير الرملي)‪ (13‬والجصاص)‪ (14‬وبعض فقهاء المالكية‬
‫كالقرافي)‪ (15‬وبعض الفقهاء المعاصرين)‪.(16‬‬
‫الفرع األول‪ :‬أدلة القائلين بحجة القرائن‪:‬‬
‫استدل القائلين بأن القرائن حجة باالدلة من القرآن الكريم والسنة النبوية واالجماع‬
‫والمعقول وسنفصل ذلك في اآلتي‪:‬‬

‫(‪ )1‬الطرق الحكمية – ابن القيم الجوزية – مرجع سابق – صـ ‪25‬‬


‫(‪ )2‬هو فخر الدين عثمان بن علي – فقيه حنفي قدم القاهرة سنة ‪705‬ه – توفى سنة ‪743‬ه‬
‫(‪ )3‬هو محمد بن محمد بن خليل فقيه حنفي معروف – ولد سنة ‪832‬ه – توفى سنة ‪894‬ه‬
‫(‪ )4‬زين العابدين ابراهيم بن نجيم المصري – من مؤلفاته (األشباه والنظائر) وغيرها توفى سنة ‪970‬ه‬
‫(‪ )5‬هو علي بن خليل الطرابلسي توفى سنة ‪844‬ه‬
‫(‪ )6‬هو محمد بن عمرو بن عبد العزيز بن عابدين ولد سنة ‪1098‬ه – توفى سنة ‪1153‬‬
‫(‪ )7‬هو برهان الدين بن ابراهيم بن علي نشأ ومات في المدينة توفى سنة ‪799‬ه‬
‫(‪ )8‬هو عبد العزيز السلمي ولد سنة ‪566‬ه – توفى سنة ‪677‬‬
‫(‪ )9‬هو شهاب الدين أبو اسحاق ابراهيم االحمد – ولد سنة ‪583‬ه – توفى سنة ‪642‬ه‬
‫(‪ )10‬تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السالم بن عبد هللا بن أبي القاسم بن محمد ابن تيمية الحراني الحنبلي‬
‫الدمشقي (المتوفى‪728 :‬هـ)‬
‫(‪ )11‬أحمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد شمس الدين ابن قيم الجوزية (المتوفى‪751 :‬هـ)‬
‫(‪ )12‬مثل د‪ .‬محمد سالم في (كتاب القضاء في االسالم) – صـ ‪96 - 93‬‬
‫(‪ )13‬هو محمد خير الدين بن أحمد من أهل الرملة بفلسطين ولد سنة ‪993‬ه‬
‫(‪)14‬هو أحمد بن علي – عالم فاضل من أهل الرأي – ولد سنة ‪305‬ه‬
‫(‪ )15‬هو أحمد بن إدريس بن عبد الرحمن القرافي – توفى سنة ‪684‬‬
‫(‪ )16‬الشيخ علي قراعة في كتابه (األصول القضائية في المرافعات الشرعية) – صـ ‪276‬‬

‫‪100‬‬
‫أوالً‪ :‬من القرآن الكريم‪ :‬قال تعالى‪ :‬ﱫﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ‬
‫ﮑﱫ)‪ (1‬لم يصدق النبي الكريم يعقوب ‪-‬عليه السالم‪ -‬والد يوسف عليه السالم دعوة اخوته‬
‫بافتراس الذئب لسيدنا يوسف ‪-‬عليه السالم‪ -‬وذلك بقوله ﱫﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉﱫ وذلك لعدة‬
‫قرائن دلت على كذب اخوة يوسف ‪-‬عليه السالم‪ -‬وهي‪:‬‬
‫أ‪ /‬التبرير الكاذب الذي قدمه أخوة يوسف عليه السالم عندما قدموا قميص سيدنا يوسف‬
‫عليه السالم‪ -‬كأثر لجريمة الذئب فلم يقتنع سيدنا يعقوب ‪ -‬عليه السالم ‪ -‬ببينتهم وذلك‬
‫لما رواه ابن عباس حكاية عن سيدنا يعقوب –عليه السالم‪ -‬أنه قال‪( :‬لو كان أكله السبع‬
‫لخرق قميصه)‪ ،‬لذلك قال لهم‪ :‬متى كان الذئب حليما ً يأكل يوسف وال يخرق قميصه)‪.(2‬‬
‫ب‪ /‬إن يعقوب عليه السالم كان يعلم بأن اخوة يوسف ‪-‬عليه السالم‪ -‬يحسدونه ويشير إلى‬
‫ذلك القول لما قص سيدنا يوسف ‪-‬عليه السالم‪ -‬رؤيته‪ ،‬قال يعقوب عليه السالم‪ :‬ﱫﭑ ﭒ‬
‫ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﱫ)‪.(3‬‬
‫ج‪ /‬اختالف اخوة يوسف ‪-‬عليه السالم‪ -‬في أقوالهم بأنه أكله الذئب وآخرين قتله‬
‫اللصوص‪ ،‬فعرف بذلك كذب ادعائهم‪.‬‬
‫دلَّت هذه القرائن على كذب اخوة يوسف ‪-‬عليه السالم‪ -‬في دعواهم وهي أقوى بدون شك‬
‫من قرينة وجود الدم على ثوبه وقد أشار كثير من العلماء إلى هذه اآلية واألخذ بها للحكم‬
‫بالقرائن واألمارات (األدلة المادية)‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬قوله تعالى‪ :‬ﱫﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﭨ ﭩ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ه ه ه ه ﮮ ﮯ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ‬
‫ﯛ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯨ ﯪ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﱫ)‪ ،(4‬اختلف‬
‫المفسرون في تعيين الشاهد الذي ورد في اآلية ﮰ على أربعة أقوال‪ :‬أنه القميص‪،‬‬
‫)‪(5‬‬
‫الثاني‪ :‬ابن عمها‪ ،‬الثالث‪ :‬أنه كان من أصحاب العزيز‪ ،‬الرابع‪ :‬أنه كان صبيا ً في المهد‬
‫واختالف المفسرين في الشاهد ال يؤثر في داللة اآلية فاستدل الشاهد بقرينة قد القميص‬
‫من قُبل أو من دُبر‪ ،‬على صدق أحدهما وكذب اآلخر وعندما قص القرآن الكريم هذا‬
‫االستدالل كان على سبيل التقرير ال االنكار فدل على جواز القضاء بالقرائن في الشريعة‬
‫االسالمية‪ ،‬وقوله‪ :‬ﱫﯬ ﯭ ﯮ ﯯﱫ)‪ (6‬أي أكتم األمر وال تذكره ألحد مخافة شيوع الخبر‬
‫في المجتمع)‪ ،(7‬وهذا هو التفسير الذي قدمه المفسرون والذي يؤكد تمام اليقين بشرعية‬
‫وجواز االعتماد على ُحجية االثبات بالقرائن‪.‬‬
‫)‪( 8‬‬
‫ثالثاً‪ :‬قوله تعالى‪ :‬ﱫﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ‪...‬ﱫ‬

‫(‪ )1‬سورة يوسف اآلية ‪18‬‬


‫(‪ )2‬تبصرة االحكام البن فرحون – مرجع سابق – صـ ‪92‬‬
‫(‪ )3‬سورة يوسف اآلية ‪.5‬‬
‫(‪ )4‬سورة يوسف اآليات من ‪.29 – 26‬‬
‫(‪ )5‬الجامع ألحكام القرآن الكريم ‪ -‬محمد بن أحمد االنصاري القرطبي – توفى سنة ‪67‬ه– مرجع سابق – صـ ‪.150‬‬
‫(‪ )6‬سورة يوسف اآلية ‪.29‬‬
‫(‪ )7‬صفوة التفاسير – محمد الصابوني – مرجع سابق – صـ ‪.48‬‬
‫(‪ )8‬سورة البقرة اآلية ‪.228‬‬

‫‪101‬‬
‫وجه الداللة‪ :‬إن هللا سبحانه وتعالى جعل القروء وهي حيضات أو أطهارا على خالف‬
‫بين العلماء عالمة وأمارة على عدم وجود حمل لدى المرأة المطلقة وال شك أن هذا مجال‬
‫للقرينة وجواز العمل بها‪.‬‬
‫أدلة القائلون ب ُحجية القرائن من السنة‪:‬‬
‫استدلوا بأحاديث كثيرة منها‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬روى ابن عباس رضي هللا عنهما إن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قال‪( :‬األيم‬
‫أحق بنفسها من وليها والبكر تستأمر وإذنها سكوتها))‪.(1‬‬
‫وجه الداللة‪ :‬اعتبر النبي صلى هللا عليه وسلم سكوت البكر أمارة وقرينة على رضاها‬
‫النكاح‪ ،‬وذلك ألن حياءها يمنعها من التصريح بالقبول ولكنه ال يمنعها من التصريح‬
‫بالرفض‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬ما أخرجه البخاري ومسلم عن عبد الرحمن بن عوف ‪-‬رضي هللا عنه‪ -‬أن ابني‬
‫عفراء تداعيا قتل أبي جهل يوم بدر‪ ،‬فقال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم هل مسحتما‬
‫سيفكما؟ فقاال‪ :‬ال‪ ،‬فقال‪ :‬أرياني سيفيكما‪ ،‬فلما نظر إليهما قال‪ :‬كالهما قتله‪ ،‬وقضى بسلبه‬
‫لمعاذ بن عمرو بن الجموح‪ ،‬وكانا معاذ بن عمرو بن الجموح ومعاذ بن عفراء)‪.(2‬‬
‫وجه الداللة ‪ :‬إن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أخبر أن كليهما قتله بناءا ً على قرينة أثر‬
‫الدم الموجود على السيفين‪ ،‬ثم أنه صلى هللا عليه وسلم قضى بالسلب ألحدهما بناءا ً على‬
‫قرينة أثر الدم أيضا ً في تمييز السابق بالقتل‪ ،‬مما يدل على مشروعية العمل بالقرائن‪.‬‬
‫ثالثاً‪ :‬عن أبي موسى االشعري)‪ (3‬رضي هللا عنه إن رجلين ادعيا بعيرا ً أو دابة إلى النبي‬
‫صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬ليست ألحدهما بينة فجعله صلى هللا عليه وسلم بينهما))‪.(4‬‬
‫وجه الداللة‪ :‬دل الحديث على أن النبي صلى هللا عليه وسلم قضى بقسمة البعير أو الدابة‬
‫بين الرجلين اعتمادا ً على قرينة وضع اليد‪ ،‬التي كانت لها‪ ،‬ولو كان الشيء المتنازع في‬
‫يد أحدهما أو في يد غيرهما ما قضى به لهما معاً‪.‬‬
‫ولذلك قال الخطابي)‪( (5‬يشبه إن يكون هذا البعير أو الدابة كان في أيديهما معا ً جعله النبي‬
‫صلى هللا عليه وسلم بينهما)‪.‬‬
‫رابعاً‪ :‬إن االعتماد على القرينة في الحكم أمر متقرر في الشرائع السابقة‪ ،‬يدل على ذلك‬
‫ما روى أبوهريرة ‪-‬رضي هللا عنه‪ -‬عن النبي صلى هللا عليه وسلم قال‪( :‬بينما امرأتان‬
‫معهما ابناهما جاء الذئب فذهب بابن أحدهما‪ ،‬فقالت هذه لصاحبتها‪ :‬إنما ذهب بابنك أنت‪،‬‬
‫وقالت األخرى‪ :‬إنما ذهب بابنك انت فتحاكمتا إلى داؤود‪ ،‬فقضى به للكبرى فخرجتا على‬

‫(‪ )1‬أخرجه مسلم في صحيحه – مسلم بن الحجاج – مرجع سابق – ك النكاح – ب‪ :‬استئذان الثيب بالنطق والبكر بالسكوت – ح ر ‪ – 1421‬صـ‬
‫‪.1037‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه مسلم في صحيحه مرجع سابق – ك الجهاد والسير – ب‪ :‬استحقاق القاتل سلب القتيل – ح ر ‪ – 1752‬والبخاري في ك‪ :‬المغازي‬
‫– ب‪ :‬قتل أبي جهل – ح ر ‪. 3964‬‬
‫(‪ )3‬هو عبد هللا بن قيس بن سليم المشهور بأبي موسى االشعري من كبار الصحابة توفى سنة ‪42‬ه‪.‬‬
‫(‪ )4‬سنن الدارقطني – أبو الحسن علي بن عمر البغدادي الدارقطني – تحقيق‪ :‬شعيب األرنؤوط – مؤسسة الرسالة – بيروت – لبنان – ط‪1‬‬
‫(‪1424‬ه – ‪2004‬م) – ك‪ :‬االقضية – ب‪ :‬االحكام – ح ر ‪ – 4483‬ج‪ – 5‬صـ ‪.377‬‬
‫(‪ )5‬هو أبو سليمان محمد بن إبراهيم بن خطاب – فقيه ومحدث من بالد كابول – له معالم السنن في شرح سنن أبي داؤود ولد سنة ‪317‬ه‬

‫‪102‬‬
‫سليمان بن داؤود عليه السالم‪ ،‬فأخبرتاه‪ ،‬فقال ائتوني بالسكين أشقه بينكما فقالت‬
‫الصغرى‪ :‬ال يرحمك هللا هو ابنها فقضى به للصغرى))‪.(1‬‬
‫وجه الداللة‪ :‬فقد استدل سليمان –عليه السالم‪ -‬بعدم موافقة الصغرى على شقه على أنها‬
‫أمه‪ ،‬وإن اعترافها بالولد للكبرى راجع إلى شدة شفقتها عليه‪ ،‬فأثرت أن يحكم به لغيرها‬
‫على أن يصيبه سوء‪ ،‬فحكم ‪-‬عليه السالم‪ -‬بالولد للصغرى بناءا ً على هذه القرينة‬
‫الظاهرة‪ ،‬وقدم تلك القرينة على إقرارها ببينته للكبرى لعلمه أنه إقرار غير صحيح فلو لم‬
‫يكن الحكم بالقرائن مشروعا ً كما حكم سليمان بذلك)‪ (2‬وشرع من قبلنا شرع لنا ما يرد‬
‫شرعنا بخالفه‪.‬‬
‫ثالثاً‪ :‬االجماع (عمل الصحابة بالقرائن)‪:‬‬
‫إن الصحابة الكرام ‪-‬رضوان هللا عليهم‪ -‬عملوا بالقرائن‪ ،‬وخاصة في الحدود؛ ومن ذلك‬
‫ما حكم به عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وابن مسعود وعثمان بن عفان‪ ،‬وال‬
‫يُعرف لهم مخالف)‪.(3‬‬
‫وهذا ما حدث في عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي هللا عنه‪ ،‬لما جاءت امرأة‬
‫قد تعلقت بشاب من األنصار واتهمته بأنه اغتصبها وأنه غلبها على نفسها وفضحها في‬
‫أهلها‪ ،‬وهذه آثار فعاله على ثيابي‪ ،‬فسأل عمر النساء؟ فقلن له‪ :‬ببدنها أثر المني‪ ،‬فه َّم‬
‫عمر بعقوبة الشاب فجعل يستغيث ويقول يا أمير المؤمنين تثبت في أمري؛ فو هللا ما‬
‫أتيت فاحشة وال هممت بها‪ ،‬ولقد راودتني عن نفسي فاستعصمت‪ ،‬فقال عمر‪ :‬ما ترى يا‬
‫أبا الحسن؟ فنظر علي ‪-‬رضي هللا عنه‪ -‬إلى الثوب ثم دعا بماء حار شديد الغليان فصبه‬
‫على الثوب‪ ،‬فجمد ذلك البياض‪ ،‬ثم أخذه وشمه وذاقه فعرف أنه طعم ببياض بيض؛‬
‫فزجر المرأة‪ ،‬فأعترفت انها صبت على ثوبها ورجليها بياض بيض لتتهم الرجل‪.‬‬
‫ومنها حكم به ابن الخطاب والصحابة الكرام برجم المرأة التي ظهر بها حمل وال زوج‬
‫لها وال سيد اعتمادا ً على القرينة الظاهرة‪.‬‬
‫حكم عمر وابن مسعود وعثمان رضي هللا عنهم بوجود الحد على من وجدت منه رائحة‬
‫الخمر‪ ،‬أو قاءها‪ ،‬ولم يعلم لهم مخالف‪.‬‬
‫رابعا ً المعقول‪:‬‬
‫استدل القائلون بحجية القرائن من شأنه إضاعة عدة وجوه أهمها‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬إن إهدار العمل بالقرائن من شأنه إضاعة حقوق الناس وتسهيل ارتكاب المجرمين‬
‫جرائمهم دون رادع لصعوبة إثباتها بسبب عدم توفير األدلة المباشرة غالبا ً في إثباتها‪.‬‬
‫يقول في هذا اإلمام ابن القيم‪ :‬فهذه مسألة كبيرة عظيمة النفع جليلة القرار‪ ،‬إن أهملها‬
‫الحاكم أو الوالي أضاع حقا ً كثيراً‪ ،‬وأقام باطالً كبيراً‪ ،‬وإن توسع وجعل ُمعقوله عليها‬
‫دون االوضاع الشرعية وقع في أنواع من الظلم والفساد)‪.(1‬‬

‫(‪ )1‬أخرجه البخاري في صحيحه – محمد بن إسماعيل البخاري – مرجع سابق – ك‪ :‬الفرائض – ب‪ :‬إذا ادعت المرأة ابنا ً – ح ر ‪– 6769‬‬
‫ج‪ – 8‬صـ ‪.156‬‬
‫(‪ )2‬الطرق الحكمية – البن القيم – مرجع سابق – صـ ‪.5‬‬
‫(‪ )3‬معين الحكام فيما يتردد بين الخصمين‪ ،‬أبو الحسن عالء الدين الطرابلسي – دار الفكر – بدون طبعة – ج‪ – 1‬صـ ‪.166‬‬

‫‪103‬‬
‫ثانيا ً‪ :‬إن إلغاء العمل بالقرائن يتنافى مع مقاصد الشريعة في تحقيق العدالة‪.‬‬
‫فالعمل بالقرائن يؤدي إلى تحقيق العدالة بين الناس كغيرها من طرق اإلثبات األخرى‪.‬‬
‫ثالثا ً‪ :‬إن منع العمل بالقرائن من شأنه أن يضلل القضاة و رجال العدالة و يحول بينهم‬
‫وبين فهم ما يقع بين أيديهم من قضايا ومنازعات‪ ،‬مما يترتب عليه جور أحكامهم‬
‫ومجانبتها للصواب والعدل‪.‬‬
‫لذلك يقول ابن القيم‪( :‬وال يتمكن المفتي وال الحاكم من الفتوى والحكم بالحق إال بنوعين‬
‫من الفهم‪ ،‬أحدهما‪ :‬فهم الواقع والفقه واستنباط علم حقيقة ما وقع بالقرائن واألمارات‬
‫والعالمات حتى يحيط به علماً‪ ،‬والنوع الثاني‪ :‬فهم الواجب في الواقع‪ ،‬وهو فهم حكم هللا‬
‫الذي حكم به في كتابه أو على لسان رسوله‪ ،‬ثم يطبق أحدهما على اآلخر‪.‬‬
‫رابعا ً‪ :‬إن القرائن داخله ضمن مفهوم البينة الواردة في قوله صلى هللا عليه وسلم‪( :‬البينة‬
‫على المدعى واليمين على من أنكر))‪ (2‬وذلك لآلتى‪:‬‬
‫أ‪ /‬إن البينة في هذا الحديث تشمل كل ما يبين الحق ويظهره سواء كان شهادة أم قرينة أم‬
‫غير ذلك من وسائل اإلثبات‪ ،‬وقد استعملت البينة ومراد بها مطلق الحجة والبرهان‪.‬‬
‫ب‪ /‬ورد أحاديث كثيرة تدل على األخذ بالقرائن واالعتماد عليها واعتبارها من طرق‬
‫االثبات)‪.(3‬‬
‫يرى الباحث‪ :‬إن القرائن التي تفيد العلم واليقين هي حجة وهي ما تسمى بالقرائن‬
‫القاطعة‪ ،‬مثل قرائن البلوغ لسن الرشد عبارة عن أمارات ظاهرة‪ ،‬وأيضا ً قد تكون قرائن‬
‫غير قاطعة كالحيازة التي بموجبها يكسب المرء حق‪ ،‬أو القرائن القضائية التي يترك‬
‫تقديرها إلى القاضي في استنباطها وتقدير مدى قوتها‪ ،‬وإن كانت القرائن أحيانا ً قابلة‬
‫إلثبات العكس‪ ،‬إال أن تركها قد يؤدي إلى ضياع حقوق الناس‪.‬‬
‫المذهب الثاني‪ :‬أدلة القائلين بعدم ُحجية القرائن‪:‬‬
‫أوالً أدلتهم من السنة‪ :‬أ‪ /‬استدلوا بحديث ابن عباس روى فيه أن رسول هللا صلى هللا عليه‬
‫وسلم قال‪( :‬لو كنت راجما ً أحدا ً بغير بينة لرجمت فالنة؛ فقد ظهر منها الريبة في منطقها‬
‫وهيبتها ومن يدخل عليها))‪.(4‬‬
‫وجه الداللة‪ :‬أنه لو كانت القرائن ُحجة في االثبات ألقام النبي صلى هللا عليه وسلم الحد‬
‫على هذه المرأة‪ ،‬لما ثبت عنده أمارات وقوع الزنا منها‪ ،‬ومع هذه القرائن فقد أهدرها‬
‫الرسول صلى هللا عليه وسلم ولم يعمل بها‪ ،‬فدل ذلك على عدم مشروعية العمل بالقرائن‪.‬‬
‫وقد رد المجيزون للعمل بالقرائن على ذلك بما يلي‪:‬‬
‫إن الرسول صلى هللا عليه وسلم لم يحكم على المرأة لعدم جواز الحكم بالقرائن ولكن ألن‬
‫هذه القرائن ليست قاطعة تدل على فعل فاحشة الزنا بل ضعيفة‪ ،‬ولهذا لم يعتبرها‬
‫الرسول صلى هللا عليه وسلم في إقامة الحد‪.‬‬
‫(‪ )1‬الطرق الحكمية – ابن القيم – مرجع سابق – صـ ‪.70‬‬
‫(‪ )2‬هذا الحديث سبق تخريجه – صـ ‪.6‬‬
‫(‪ )3‬القرائن ودورها في االثبات – دبور أنور محمد – مرجع سابق – صـ ‪.67‬‬
‫(‪ )4‬أخرجه ابن ماجة في سننه – أبو عبد هللا محمد بن يزيد بن ماجه – تحقيق‪ :‬شعيب األرنؤوط – دار الرسالة – ط‪1430( 1‬ه – ‪2009‬م) –‬
‫ك‪ :‬الحدود – ب‪ :‬من أظهر الفاحشة – ح ر ‪ – 2559‬ج‪ – 3‬صـ ‪.593‬‬

‫‪104‬‬
‫ب‪ /‬ما روى أن أمير المؤمنين عليا ً رضي هللا عنه أتى وهو باليمين في ثالثة قد وقعوا‬
‫على امرأة في طهر واحد فسأل اثنين‪ :‬أتقران لهذا بالولد؟ قاال‪ :‬ال‪ ،‬ثم سأل اثنين‪ :‬أتقران‬
‫لهذا بالولد؟ قاال‪ :‬ال‪ ،‬فجعل كل ما سأل اثنين أتقران لهذا الولد قاال ال‪ ،‬فأقرع بينهم فألحق‬
‫الولد بالذي أصابته القرعة‪ ،‬وجعل عليه ثلثي الدية فذكر للنبي صلى هللا عليه وسلم‪،‬‬
‫فضحك حتى بدأت نواجزه))‪.(1‬‬
‫وجه الداللة ‪ :‬فقد دل ضحك النبي صلى هللا عليه وسلم على رضاه بقضاء سيدنا علي‬
‫رضي هللا عنه في هذه الواقعة‪ ،‬ولو كان القضاء بالقرائن مشروعا ً لما عدل عنه سيدنا‬
‫علي إلى القضاء بالقرعة ولما وافقه النبي صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬
‫ج‪ /‬عن عائشة رضي هللا عنها أنها قالت‪ :‬اختصم سعد بن أبي وقاص وعبد بن زمعة في‬
‫غالم‪ ،‬فقال سعد‪( :‬هذا يا رسول هللا ابن أخي عتبة بن أبي وقاص عهد إلي أنه ابنه أنظر‬
‫إلى شبهه)‪.‬‬
‫قال عبد بن زمعة‪ :‬هذا أخي يا رسول هللا ولد على فراش أبي من وليدته‪ ،‬فنظر رسول‬
‫هللا صلى هللا عليه وسلم إلى شبهه فرأى شبها بينا ً بعتبة‪ ،‬فقال‪ :‬هو لك يا عبد؛ الولد‬
‫للفراش‪ ،‬وللعاهد الحجرة واحتجبي منه يا سودة بنت زمعة‪ ،‬قالت‪ :‬أي عائشة – فلم ير‬
‫سودة قط))‪.(2‬‬
‫وجه االستدالل‪ :‬إن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قضى بالغالم لعبد هللا بن زمعة بناءا ً‬
‫على قرينة الفراش ولم يقض به لسعد ابن أبي وقاص بناء على قرينة الشبه ولكن لم‬
‫يقض به له‪ ،‬فدل ذلك على عدم مشروعية االحتجاج بالقرائن‪.‬‬
‫مناقشة هذا االستدالل‪:‬‬
‫إن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قضى بالغالم لعبد بن زمعة ألن قرينة الفراش أقوى‬
‫من قرينة الشبه‪ ،‬على هذا ففي الحديث احتجاج بالقرائن من ناحيتين‪ ،‬كما سبق و وضحنا‬
‫في أدلة المحتجين بالقرائن‪ ،‬األولى‪ :‬قضاؤه صلى هللا عليه وسلم بالغالم لعبد بن زمعة‬
‫قائم على قرينة الفراش‪ ،‬والثانية‪ :‬قوله صلى هللا عليه وسلم لسودة زوجته (احتجبي منه يا‬
‫سودة) فإن أمره لها باالحتجاب ورد بناءا ً على قرينة شبهه بعتبة)‪.(3‬‬
‫أدلتهم من المعقول‪:‬‬
‫استدل القائلون بعدم حجية القرائن من ثالثة أوجه‪:‬‬
‫الوجه األول‪ :‬إن القرائن قد تكون قوية عند القضاء بها‪ ،‬ثم يظهر األمر بعد ذلك على‬
‫خالفها فهي لذلك ال تصلح للحكم بها‪.‬‬
‫مناقشة الوجه األول‪ :‬تشارك القرائن جميع وسائل االثبات األخرى في احتمال ورود‬
‫االحكام والمؤسسة والمبنية عليها على خالف الحقيقة والواقع‪ ،‬فمثالً‪ :‬قد يرجع المقر عن‬

‫(‪ )1‬أخرجه النسائي في سننه – أبو عبد الرحمن أحمد شعيب النسائي – تحقيق‪ :‬عبد الفتاح أبو غدة – ط‪1406( 2‬ه – ‪1986‬م) – ك‪ :‬الطالق –‬
‫ب‪ :‬القرعة في الولد إذا تنازعوا – ح ر ‪ – 3488‬ج‪ – 6‬صـ ‪.182‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه مسلم في صحيحه – مسلم بن الحجاج النيسابوري – مرجع سابق – ك الرضاع – ب‪ :‬الولد للفراش – ح ر ‪ – 1457‬ج‪ – 2‬صـ‬
‫‪1080‬‬
‫(‪ )3‬نيل األوطار – محمد علي الشوكاني – مرجع سابق – صـ ‪301‬‬

‫‪105‬‬
‫إقراره والشهود عن شهادتهم ومع ذلك فاإلقرار والشهادة وسائل اثبات ال يقلل شأنها‬
‫رجوع المقر أو كذب الشهود إذ العبرة بقوة طريق االثبات عند الحكم ال بعده)‪.(1‬‬
‫الوجه الثاني ‪ :‬إن تحكيم القرائن غير مطرد‪ ،‬فقد ال يحكم بها كما (لو ولدت الزوجه ولدا ً‬
‫أسود) ادعاه رجل أسود يشبه الوليد من كل وجه فهو لزوجها األول‪.‬‬
‫مناقشة هذا الوجه‪ :‬إن الحكم بالقرائن يحتاج إلى نظرة سديدة وتوفيق وتأييد‪ ،‬والنظر‬
‫السديد هنا يقدم قرينة الفراش على قرينة الشبه ألن قرينة الفراش أقوى من قرينة الشبه‪.‬‬
‫ويرى الباحث ‪ :‬أن الحكم بقرينة الفراش أقوى وأنه يتماشى مع روح الشريعة االسالمية‬
‫ومبادئها العامة ألن األصل البراءة في االنسان من كل جرم حتى يثبت عكس ذلك‪.‬‬
‫وأيضا ً في أرض الواقع ال نجد أن األبناء جميعهم يشبهون آباءهم أو أمهاتهم‪ ،‬فربما يكون‬
‫الشبه من جهة األجداد واألعمام وغيرهم‪.‬‬
‫الوجه الثالث‪ :‬القرائن تفيد الظن‪ ،‬والقضاء بها اتباع الظن مذموم شرعا ً ‪،‬لقوله تعالى‪:‬‬
‫ﱫﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬﱫ)‪.(2‬‬
‫الرأي الراجح‪:‬‬
‫بعد العرض السابق لألدلة يترجح لدي أدلة القول األول القائلون بالعمل بالقرائن لما يلي‪:‬‬
‫‪ /1‬قوة أدلتهم التي استندوا إليها‪.‬‬
‫‪ /2‬امكانية الرد على أدلة المانعين‪ ،‬بل واالستدالل بأدلتهم وتوجيهها على جواز العمل‬
‫بالقرائن‪.‬‬
‫‪ /3‬إن المقصود من القضاء هو اظهار الحق‪ ،‬وهذا يكون عن طريق البينات‪ ،‬والقرائن‬
‫تعتبر من البينات التي تبين الحق وتظهره‪.‬‬
‫‪ /4‬القضاء بالقرائن يتفق مع روح الشريعة في اثبات الحق لصاحبه إن تبين‪ ،‬وإال وجب‬
‫البحث عما يظهره ويجليه‪.‬‬
‫‪ /5‬إن القرائن القوية وسيلة من وسائل االثبات‪ ،‬ال يخلو منها كتاب من كتب الفقه‪ ،‬وحتى‬
‫الذين يقولون بعدم اعتبار القرائن حجة في االثبات‪ ،‬قد عملوا بموجبها وبنوا أحكامهم‬
‫مستندين إليها في مسائل كثيرة‪.‬‬

‫(‪)1‬القرائن ودورها في االثبات – أ‪ .‬د محمد دبور – مرجع سابق – صـ ‪72‬‬


‫(‪ )2‬سورة النجم اآلية ‪28‬‬

‫‪106‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬الحكمة من مشروعية القضاء بالقرائن‬
‫قد يظن بعض الناس أنه ال حاجة إلى اعتبار القرائن وسيلة من وسائل االثبات‪ ،‬ما دام‬
‫يمكن أن تقوم مقامها وسائل االثبات األخرى‪ ،‬كاليمين مثالً‪ ،‬فإن لم يستطع المدعي إثبات‬
‫دعواه بالبينة ولم يقر المدعى عليه‪ ،‬توجه إليه اليمين وتُحسم القضية‪ ،‬ولنا أن نتصور‬
‫عجز المدعي عن إثبات دعواه ولم يقر المدعى عليه‪ ،‬والمدعي واثق من دعواه تمام‬
‫الثقة‪ ،‬والمدعى عليه ُمصر على باطله‪ ،‬بل ويتبعه نشوة وطربا ً ويحلف األيمان الكاذبة‪،‬‬
‫فهل نتركه هكذا؟‬
‫مع أننا نرى الدالئل والقرائن واضحة في اثبات حق المدعي فهل يضيع الحق بين غياب‬
‫البينة واالجتراء على اليمين؟‬
‫وإن نظرة ً واحدة ً على تاريخ القضاة تدل على أنهم ال يدعون أمثال هؤالء على بطالنهم‬
‫ويلجأؤن إلى شتى الوسائل لإليقاع بهم و الوصول إلى الحقيقة‪ ،‬إما عن طريق االتهام أو‬
‫التهديد أو الترغيب حتى يُرد الحق إلى صاحبه‪ ،‬وهذا يؤكد ضرورة القضاء بالقرائن‬
‫وفائدتها في االثبات وإن اليمين ال تغني عنها لكثرة من يبادر إلى الحلف ويتبرع باأليمان‬
‫على الباطل)‪.(1‬‬

‫(‪ )1‬وسائل االثبات – محمد الزحيلي – مرجع سابق – صـ ‪.514‬‬

‫‪107‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬شروط العمل بالقرينة‬
‫لكي تكون القرينة حجة ويعمل بها أمام القضاء فإنه البد من توافر الشروط التالية‪:‬‬
‫أوال‪ :‬أن تكون القرينة قطعية‪:‬‬
‫من شروط العمل بالقرينة أن تكون قطعية؛ أي داللتها قوية بحيث تقرب من إفادة اليقين‬
‫وتجعل األمر في حيز المقطوع به‪ ،‬أما إذا كانت ضعيفة فإنه ال يعول عليها في االثبات‬
‫أمام القضاء)‪ (1‬ومن أمثلة ذلك قوله تعالى‪ :‬ﱫﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ‬
‫ﮎﱫ)‪ ،(2‬إن سيدنا يعقوب ‪-‬عليه السالم‪ -‬اعتبر سالمة القميص من التمزيق قرينة قوية‬
‫على أن الذئب لم يأكل يوسف ‪-‬عليه السالم‪ ،-‬إذ من غير المعقول أن يأكل الذئب يوسف‬
‫وهو البس القميص ويسلم القميص من التمزيق‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬أال يعارض القرينة قرينة أخرى أو دليل آخر‪:‬‬
‫لكي يعمل بالقرينة لدى الفقهاء البد من انتقاء المعارض سواء تمثل في قرينة أو دليل‪،‬‬
‫فإذا وجد المعارض فإنه ال يعمل بها لقوله تعالى‪ :‬ﱫﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁﱫ‬
‫وجه الداللة ‪ :‬إن اخوة يوسف عليه السالم كما حكى القرآن جاءوا بقميص سيدنا يوسف‬
‫وعليه آثار الدم‪ ،‬وادعوا أن الذئب أكله‪ ،‬وجعلوا آثار الدم على القميص قرينة تؤيد‬
‫دعواهم حتى يصدقهم أبوهم‪ ،‬ولكن المولى عز وجل قرن ذلك بقرينة أخرى وهي سالمة‬
‫القميص من التمزيق‪ ،‬وذلك داللة على كذبهم وال شك أن هذه القرينة أقوى من القرينة‬
‫األولى‪ ،‬األمر الذي جعل نبي هللا يعقوب يقول‪ :‬ﱫ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎﱫ لذلك‬
‫قيل إن اخوة يوسف لما أرادوا أن يجعلوا الدم عالمة على صدقهم قرينة‪ ،‬قرن هللا تعالى‬
‫بعالمة أخرى تكذبهم وهي سالمة القميص من التمزق‪.‬‬
‫ثالثاً‪ :‬إن يكون المرجع في تقديرها إلى الحاكم‪ :‬إن يكون المرجع في تقديرها إلى‬
‫الحاكم‪ ،‬فليس الحكم بالقرائن لكل شخص القيام به أو التعول عليه‪ ،‬بل البد من وجود‬
‫حاكم فقيه يعي االحكام و واقع األمر وأحوال الناس)‪.(3‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬أقسام القرائن في الشريعة اإلسالمية‬
‫المطلب األول‪ :‬القرائن من حيث قوتها وقيمها في اإلثبات‬
‫يقسم الفقه اإلسالمي القرائن من حيث قوتها إلى قرائن قوية أو قاطعة‪ ،‬وإلى قرائن غير‬
‫قاطعة‪.‬‬
‫‪ /1‬القرينة القوية أو القاطعة‪ :‬هي ما علم من األمارات ودالئل الحال المصاحبة للواقعة‬
‫المراد اثباتها؛ بحيث يقطع المستدل بأن هذه األمارات هي سبب العلم اليقين الذي حصل‬
‫عنده في هذه الواقعة بالذات بدون تردد وال احتمال)‪ (4‬أو هي األمارة البالغة حد اليقين أو‬
‫األمارة الواضحة التي تجعل األمر في حيز المقطوع به)‪ (5‬ومثال لذلك من القرآن الكريم‬
‫قوله تعالى‪ :‬ﱫﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﭨ ﭩ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ه ه ه ه ﮮ ﮯ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ‬
‫ﱫ )‪ ،(6‬ومثال لها من السنة أن الرسول صلى هللا عليه وسلم أمر الزبير ابن العوام رضي‬

‫(‪ )1‬رد المختار على الدر المختار – ابن عابدين – مرجع سابق – صـ ‪.919‬‬
‫(‪ )2‬سورة يوسف اآلية ‪.18‬‬
‫(‪ )3‬ضوابط الحكم بالعقوبة وتنفيذها في الشريعة االسالمية – د‪ .‬صالح الشيخ محمود ابراهيم – دكتوراه مقدمة إلى كلية الشريعة والقانون‬
‫بأسيوط عام ‪1989‬م – ص ‪.298‬‬
‫(‪ )4‬نظرية الدعوى واالثبات في الفقه االسالمي – د‪ .‬نصر فريد واصل – مرجع سابق – صـ ‪.145‬‬
‫(‪ )5‬القضاء ونظام االثبات في الفقه االسالمي واالنظمة الوضعية – محمد محمود هاشم – جامعة الملك سعود للنشر العلمي – صـ ‪314‬‬
‫(‪ )6‬سورة يوسف اآليات ‪.27-26‬‬

‫‪108‬‬
‫هللا عنه أن يقرر عم حيي ابن أخطب اليهودي بالعذاب‪ ،‬على اخراجه المال الذي غيَّبه‬
‫وادعى نفاده وقال له‪ :‬العهد قريب والمال أكثر من ذلك‪ ،‬فهاتان القرينتان في غاية القوة‬
‫(كثرة المال‪ ،‬وقصر المدة التي ال يحتمل انفاق المال كله فيها)‪.(1‬‬
‫‪ /2‬القرائن الضعيفة أو غير القاطعة‪ :‬هي التي تدل على الشيء داللة ظنية أو مرجوحة‪،‬‬
‫وهذه ال تعتبر مطلقاً؛ ألنها مخالفة ألصل الحكم القائم على اليقين‪ ،‬فلذا تستبعد في مجال‬
‫القضاء‪ ،‬كاليد إذا قارنتها قرينة أقوى منها في حالة من يحمل عمامة وعلى رأسه عمامة‪،‬‬
‫وآخر يعدو وراءه حاسر الرأس‪ ،‬وال عادة له في ذلك‪ ،‬فتقدم هذه القرينة على يد‬
‫الخاطف‪ ،‬وكذلك اليد مع الشهادة ضعيفة وكذلك النكول مع الشهادة)‪.(2‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬القرائن من حيث مصدرها‬
‫تنقسم القرائن من حيث مصدرها إلى ثالثة أنواع (قرائن شرعية – فقهية – قضائية)‬
‫‪ /1‬قرائن نصية (شرعية)‪:‬‬
‫هي القرائن الثابتة بنص من قبل الشارع سواء تمثل هذا النص في الكتاب أو السنة‪ ،‬أو‬
‫هي ما نص عليها الشارع أو استنبطها أئمة الشريعة‪.‬‬
‫فإذا جعل المولى تبارك وتعالى قرينة معينة أمارة على شيء فإن مصدر القرينة هو‬
‫المولى تبارك وتعالى والذي يتضمن ذلك هو القرآن الكريم‪.‬‬
‫كما أن النبي صلى هللا عليه وسلم إذا جعل قرينة معينة أمارة على شيء؛ فإن مصدر‬
‫القرينة يكون هو النبي صلى هللا عليه وسلم والذي يتضمن ذلك هو السنة النبوية‬
‫باعتبارها المتضمنة ألقوال الرسول صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬ومثال لها من القرآن قوله‬
‫تعالى‪ :‬ﱫ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ه ه ه ه ﮮ ﮯ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﱫ)‪ (3‬إذ جعل سبحانة‬
‫وتعالى شق الثوب قرينة على المباشرة)‪ ،(4‬أيضاً‪ :‬قال تعالى‪ :‬ﱫﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡﱫ)‪ ،(5‬إن هللا‬
‫سبحانه وتعالى نصب العالمات واألمارات التي يهتدي بها الناس في أمور دنياهم‬
‫كالسفر‪ ،‬وفي أ مور دينهم كمعرفة جهة القبلة قرائن على ما جعلت من أجله‪ ،‬والذي يبين‬
‫لنا ذلك هو القرآن الكريم فدل على أن مصدر القرينة هو القرآن الكريم‪.‬‬
‫ومن السنة ‪ :‬جعل الشرع الفراش أمارة وقرينة على نسبة الولد إلى الزوج‪ ،‬ومثله الشبه‬
‫في القافة)‪ ،(6‬واللوث في القسامة وهذه القرائن النصية يجب الحكم بموجبها وتطبيق‬
‫الحكم الشرعي الثابت بها‪ ،‬دون النظر إلى أساس الحكم أو باعث تشريعه‪ ،‬وكذلك ال‬
‫يجوز إثبات عكسه إال بالطرق المشروعة‪ ،‬فقرينة الولد للفراش مثالً ال يمكن إثبات‬
‫عكسها إال عن طريق المالعنة)‪.(7‬‬
‫‪ /2‬قرائن فقهية‪:‬‬

‫(‪ )1‬الطرق الحكمية – ابن القيم – مرجع سابق صـ ‪.7‬‬


‫(‪ )2‬وسائل االثبات – محمد الزحيلي – مرجع سابق – صـ ‪.494‬‬
‫(‪ )3‬سورة يوسف اآليات ‪.27-26‬‬
‫(‪ )4‬القضاء ونظام االثبات – محمود هاشم – مرجع سابق – صـ ‪.314‬‬
‫(‪ )5‬سورة النحل اآلية ‪.16‬‬
‫ً‬
‫(‪ )6‬هي من قاف يقوف قوفا وقيافة‪ ،‬ومنه فالن يقوف األثر أي يتبعه والجمع قافة‪.‬‬
‫(‪ )7‬فقه السنة – السيد سابق – مرجع سابق – صـ ‪.270‬‬

‫‪109‬‬
‫هي مجموعة من القرائن التي استخرجها أئمة الفقه اإلسالمي‪ ،‬وجعلوا منها أدلة على‬
‫أمور أخرى)‪.(1‬‬
‫و ُكتب الفقهاء مملوءة بالنص على مثل هذه القرائن وإليك بعض األمثلة التي توضح ذلك‪:‬‬
‫ما جاء في تبصرة الحكام‪( :‬وأن الفقهاء كلهم يقولون بجواز وطء الرجل المرأة إذا‬
‫أ ُهديت إليه ليلة الزفاف‪ ،‬وإن لم يشهد عنده عدالن من الرجال أن هذه فالنة بنت فالن‬
‫والتي عقدت عليها‪ ،‬وإن لم يستنطق النساء أن هذه امرأته اعتمادا ً على القرينة الظاهرة‬
‫المنزلة منزلة الشهادة)‪.(2‬‬
‫وهذا النوع من القرائن اتفق عليه الفقهاء‪ ،‬ولذلك فإنه يندرج في نطاق القرائن الشرعية‬
‫ألن اجماع الفقهاء عليها دليل على قبولها دليالً للحكم عندهم‪ ،‬ومن ثم يلتزم القاضي‬
‫باألخذ بها في قضائه لما تتصف به من يقين يُعين على الحكم)‪.(3‬‬
‫‪ /3‬القرائن القضائية‪ :‬هي التي يستنبطها القضاة من الوقائع المعروضة عليهم بمقتضى‬
‫ما يتمتعون به من فطنة وذكاء‪ .‬أو هي القرائن التي يستنبطها القضاة بحكم ممارسة‬
‫القضاء ومعرفة األحكام الشرعية التي تجعل عندهم ملكة يستطيعون بها االستدالل‪،‬‬
‫وإقامة القرائن في القضايا ومواضع الخالف)‪.(4‬‬
‫أو هي استنباط القاضي من واقعة معلومة الثبات واقعة مجهولة‪ ،‬وهذا النوع من القرائن‬
‫ال يمكن حصره حيث يتالزم مع القضاء‪ ،‬فلكل عصر فيه قضاء توجد فيه قرائن قضائية‪.‬‬
‫شروط القرينة القضائية‪:‬‬
‫أ‪ /‬أن تكون القرينة قوية واضحة‪ :‬البد أن تكون واضحة وذلك حتى يتيسر للخصوم‬
‫االستناد إليها‪ ،‬ويستطيع القاضي أن يعتمد عليها في اصدار حكمه‪ ،‬وأن تكون قوية‪ ،‬وال‬
‫شك أن اشتراط كونها قوية يعني شرط الوضوح‪ ،‬ألنها لن تكون قوية إال إذا كانت‬
‫واضحة)‪.(5‬‬
‫ب‪ /‬أن يكون استخالص القرائن من قبل القاضي استخالصا ً سائقا ً مؤديا ً عقالً إلى النتيجة‬
‫التي ينتهي إليها في حكمه‪.‬‬
‫ج‪ /‬أن يوجد اتصال بين القرينة والواقعة محل االثبات‪.‬‬
‫أ‪ .‬أن تكون القرينة مرتبطة تماما ً بالواقعة الرئسية‪ ،‬وأن تكون ثابتة بيقين‪.‬‬
‫أمثلة للقرائن القضائية‪:‬‬
‫‪ /1‬ما روى من أنه أتت سيدنا عمر بن الخطاب رضي هللا عنه امرأة فشكرت زوجها‬
‫وقالت هو من خير أهل الدنيا يقوم الليل حتى الصباح‪ ،‬ويصوم النهار حتى يمسى ثم‬
‫أدركها الحياء‪ ،‬فقالت جزاك هللا خيرا ً فقد أحسنت الثناء‪ ،‬فلما ولت؛ قال كعب بن سور‪ :‬يا‬
‫أمير المؤمنين لقد أبلغت إليك في الشكوى‪ ،‬فقال‪ :‬وما اشتكت؟ قال زوجها‪ ،‬قال‪ :‬على‬
‫بها‪ ،‬ثم قال كعب أقضي بينهما‪ ،‬قال أقضي وأنت شاهد‪ ،‬قال‪ :‬إنك قد فطنت إلى ما لم‬
‫(‪ )1‬االثبات بالقرائن في الشريعة االسالمية – د‪ .‬علي البدري الشرقاوي – مجلة كلية الحقوق بأسيوط – العدد ‪ – 8‬يونيو ‪1986‬م – صـ ‪.269‬‬
‫(‪ )2‬تبصرة الحكام – ابن فرحون – مرجع سابق – صـ ‪.95‬‬
‫(‪ )3‬القرائن في االثبات الجنائي بين الشريعة والقانون الوضعي – دكتوراه مقدمة إلى كلية الشرطة – الباحث‪ /‬عبد الحافظ عبد الهادي عابد –‬
‫بدون تاريخ – صـ ‪.169‬‬
‫(‪ )4‬وسائل االثبات في الشريعة االسالمية – مصطفى الزحيلي – مرجع سابق – صـ ‪.495‬‬
‫(‪ )5‬الوسيط شرح القانون المدني – السنهوري – مرجع سابق – صـ ‪603‬‬

‫‪110‬‬
‫أفطن إليه‪ ،‬قال‪ :‬إن هللا تعالى يقول‪ :‬ﱫﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒﱫ)‪ ،(1‬صم ثالثة أيام‬
‫وأفطر عندها يوما ً وقم ثالث ليا ٍل وبت عندها ليلة‪ ،‬فقال عمر‪ :‬هذا أعجب من األول؛‬
‫فبعثه قاضيا ً ألهل البصرة فكان يقع له في الحكومة من الفراسة أمورا ً عجيبة)‪.(2‬‬
‫ففي هذه الواقعة حث على االستنباط من قبل القاضي للقرائن من خالل الواقعة‬
‫المعرو ضة عليه حتى يصل إلى إحقاق الحق بين الخصمين وهو ما يتطلب في القاضي‬
‫أن يكون فطنا ً وعلى قدر كبير من الذكاء يمكنه من مالحظة أحوال الخصوم وتصرفاتهم‪.‬‬
‫‪ /2‬قال جعفر بن محمد أتى عمر بن الخطاب رضي هللا عنه امرأة قد تعلقت بشاب من‬
‫األنصار‪ ،‬وكانت تهواه فلما لم يساعدها احتالت عليه فأخذت بيضة فألقت صفرتها‬
‫وصبت البياض على ثوبها وبين فخذيها ثم جاءت إلى عمر صارخة‪ ،‬وقالت هذا الرجل‬
‫غلبني على نفسي وفضحني وهذا أثر فعاله‪ ،‬فسأل عمر النساء فقلن له إن ببدنها وثوبها‬
‫أثر المني‪ ،‬فهم عمر بعقوبة الشاب‪ ،‬فجعل يستغيث ويقول يا أمير المؤمنين تثبت في‬
‫أمري فوا هللا ما أتيت فاحشة وال هممت بها وهي التي راودتني عن نفسي فاستعصمت‪،‬‬
‫فقال عمر‪ :‬ما ترى يا أبا الحسن في أمرها؟ فنظر االمام علي إلى ما على الثوب ثم دعا‬
‫بماء حار شديد الغليان فصب على الثوب فجمد ذلك البياض‪ ،‬ثم أخذه فأشتمه وذاقه‬
‫فعرف طعم البيض فزجر المرأة فأعترفت)‪.(3‬‬
‫‪ /3‬ما روى عن الشعبي من أنه قال شهدت شريحا ً وجاءت امرأة تخاصم رجالً فأرسلت‬
‫عينها وبكت فقال‪ :‬يا أبا أمية ما أظن هذه البائسة إال مظلومة فقال يا شعبي‪ :‬إن اخوة‬
‫يوسف جاءوا أباهم عشاءا ً يبكون)‪.(4‬‬
‫هذا ويوجد العديد من القرائن القضائية التي تضمنتها كتب الفقه‪ ،‬ومن أراد المزيد‬
‫فليرجع على سبيل المثال إلى معين الحكام‪ ،‬وتبصرة الحكام والطرق الحكمية‪.‬‬

‫(‪ )1‬النساء اآلية ‪3‬‬


‫(‪ )2‬شرح قانون االثبات لعام ‪1993‬م – د‪ .‬بدرية عبد المنعم – مرجع سابق – صـ ‪128‬‬
‫(‪ )3‬الطرق الحكمية – البن القيم – مرجع سابق – صـ ‪55‬‬
‫(‪ )4‬عيون االخبار – أبي محمد عبد هللا بن مسلم – دار الكتب العلمية – بيروت – ج‪ – 1‬صـ ‪132‬‬

‫‪111‬‬
‫الفصل الخامس‪ :‬األدلة الجنائية‬
‫المبحث األول‪ :‬تعريف الخبرة ومشروعيتها‬
‫الخبرة لغة‪ :‬نقول‪ :‬خبرت باألمر أي علمته‪ ،‬وخبرت األمر‪ :‬عرفته على حقيقته‪ ،‬والخبير‪:‬‬
‫من اسماء هللا عز وجل العالم بما كان وما يكون‪ ،‬وهي صيغة مبالغة‪ :‬كعليم وقدير)‪ (1‬وقوله‬
‫تعالى‪ :‬ﱫﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆﱫ)‪ (2‬أي أسأل عن خلق ما ذكر خبيرا ً‬
‫به يخبرك بحقيقته‪ ،‬وهو هللا سبحانه وتعالى‪ ،‬فال يعلم تفاصيل تلك المخلوقات إال هو‪.‬‬
‫وخبرت بالشيء من باب قتل خبرا‪ :‬علمته فأنا خبير به؛ واسم ما ينقل ويتحدث به خبر‪،‬‬
‫والجمع أخبار‪ ،‬وأخبرني فالن بالشيء فخبرته‪ ،‬فخبرت األرض للزراعة فأنا خبير‪ ،‬ومنه‬
‫المخابرة وهي المزارعة على بعض ما يخرج من األرض)‪.(3‬‬
‫فالخبرة تعني االختبار وهو العلم بالشيء على حقيقته والخبير العالم‪.‬‬
‫الخبرة في االصطالح‪ :‬هي اإلخبار عن حقيقة الشيء المتنازع فيه بطلب من القاضي)‪.(4‬‬
‫الخبرة في الفقه والقانون‪:‬‬
‫لقد تكلم الفقهاء في الخبرة واعتمدوا على قول الخبير في كثير من المواقع واالحكام الفقهية‬
‫كقيم المتلفات وأروش الجنايات)‪ (5‬وقيم السلع المبيعة أو المأجورة إلثبات العيب أو الجور أو‬
‫الغرر عند أهل التجارة‪ ،‬ومن نصوصهم في هذا المقام ما جاء في مجلة األحكام العدلية‪،‬‬
‫ير معلُو ًما بإخبار أهل الخبرة‬‫ان الثَّمن يص ُ‬ ‫حيث نصت المادة (‪ )346‬منها على أن‪( :‬نُقص ُ‬
‫الخالين عن الغرض وذلك بأن يُق َّوم ذلك الثَّو ُ‬
‫ب سال ًما ث ُ َّم يُق َّوم معيبًا فما كان بين القيمتين من‬
‫ب إلى الثَّمن ال ُمس َّمى وعلى ُمقتضى تلك النسبة يرج ُع ال ُمشتري على البائع‬ ‫التَّف ُ‬
‫اوت يُنس ُ‬
‫بالنُّقصان )‪.(6‬‬
‫كما عبر بعض الفقهاء عن الخبرة بلفظ البصيرة وبعضهم بلفظ المعرفة‪ ،‬ففي التبصرة عقد‬
‫ابن فرحون بابا ً خاصا ً في القضاء يقول أهل المعرفة)‪ (7‬وعلى هذا يمكن القول بأن الخبرة‬
‫هي‪( :‬إخبار خبير عن حقيقة الشيء المتنازع فيه بطلب من القاضي))‪.(8‬‬
‫فمجاالت الخبرة واسعة ومتعددة لتعدد العلوم والفنون ويعنينا منها ما كان متعلقا ً بمحل‬
‫النزاع وادعاء كل طرف أن الحق له دون صاحبه‪ ،‬مما يدفع القاضي لإلستعانة بمن له علم‬
‫ودراية في واقعة الدعوى ليبديء رأيه فيها بتجرد وحياد‪ ،‬فتشكل بذلك تصور حقيقي وقناعة‬
‫واضحة لدى القاضي عن القضية ليساعده عند النطق بالحكم‪.‬‬
‫(‪ )1‬لسان العرب البن منظور – مرجع سابق – صـ ‪.226‬‬
‫(‪ )2‬سورة الفرقان اآلية ‪.59‬‬
‫(‪ )3‬المصباح المنير – أحمد بن محمد بن علي – مرجع سابق – صـ ‪.162‬‬
‫(‪ )4‬وسائل االثبات في الشريعة االسالمية – الزحيلي – مرجع سابق – صـ ‪.594‬‬
‫(‪ )5‬من الجراحات‪ :‬ما ليس له قدر معلوم وقيل هو دية الجراحات – لسان العرب البن منظور مادة (أرشي) – ج‪ – 6‬صـ ‪.263‬‬
‫(‪ )6‬مجلة األحكام العدلية – لجنة مكونة من عدة علماء وفقهاء في الخالفة العثمانية ‪ -‬تحقيق‪ :‬نجيب هواويني – الناشر‪ :‬نور محمد‪ ،‬كارخانه تجارت‬
‫كتب‪ ،‬آرام باغ‪ ،‬كراتشي – صـ‪.68‬‬
‫(‪ )7‬ذو بصيرة أي علم وخبرة وبصرت بالشيء‪ :‬أي علمته والبصير‪ :‬العالم – لسان العرب – مادة – (بصر) – باب الراء – فصل الباء – صـ ‪65‬‬
‫(‪ )8‬وسائل االثبات – محمد الزحيلي – مرجع سابق – صـ ‪.594‬‬

‫‪112‬‬
‫والخبير‪( :‬هو كل شخص له دراية خاصة بمسألة من المسائل))‪ (1‬فالشخص المتخصص في‬
‫فن ما ويتم االستعانة به في كشف الغموض في المسألة المختص بها إلثبات وقائع الدعوى‬
‫المنظورة لدى المحكمة يسمى خبيراً‪ ،‬إذ أن التقرير الفني المقدم من الخبير يعتبر دليالً في‬
‫اإلثبات يخضع لتقدير القاضي مثل بقية األدلة المقدمة في الدعوى‪ ،‬نرى العالقة بين المعنى‬
‫اللغوي والفقهي والقانوني للخبرة واضحة فجميعها تقوم على العلم والمعرفة المتخصصة‬
‫لكنة الشيء وحقيقته بحيث يستطيع الخبير المختص إظهار ما يتعلق به من تفسيرات بطلب‬
‫من القاضي للوقوف على جوهر الواقعة في القضية المتنازع عليها‪.‬‬

‫(‪ )1‬مجلة جامعة النجاح نابلس – فلسطين – م‪2002 – 16‬م – صـ ‪.277‬‬

‫‪113‬‬
‫أهمية الخبرة ومشروعيتها في الفقه والقانون‪:‬‬
‫الخبرة في حقيقتها نوع من أنواع المعاينة التي ال تحصل بمباشرة المحكمة وإنما بوساطة‬
‫أهل االختصاص‪ ،‬ولهذا يطلق عليها المعاينة الفنية ألنها تتم ممن يتوافر لديهم كفاءة فنية‬
‫خاصة غير متوفرة لدى القضاة‪ ،‬فالقاضي شخص متخصص في العلوم القضائية وال يمكن‬
‫له اإللمام بباقي العلوم والفنون لكثرة تنوعها وتعددها فكان لزاما ً عليه أن يستعين بذوي‬
‫اإلختصاص والصنعة في مختلف أنواع المعارف والعلوم إلبداء رأيهم فيها ليكون الحكم‬
‫القضائي مبنيا ً على أساس من الوضوح‪.‬‬
‫فيؤخذ برأي األطباء في قضية طبية‪ ،‬والمهندسين في قضية هندسية‪ ،‬وبرأي القائف في‬
‫قضايا تحديد النسب‪ ،‬وبرأي أهل االختصاص في أمور البيع والتجارة‪ ،‬وبرأي خبراء‬
‫والخطوط عند مضاهاة بعضها ببعض‪ ،‬للكشف عن التزوير‪ ،‬وهذا فضالً عن المختبرات‬
‫العلمية التي يقوم عليها أخصائيون لمعرفة حقائق األشياء المتنازع عليها كمختبرات الطب‬
‫الشرعي‪ ،‬وما تقوم به من عمليات تحليل لتحديد أسباب الوفاة‪ ،‬وتحليل الدماء وفحص‬
‫البصمات والكتابات والمالبس لمعرفة أصحابها‪.‬‬
‫وقد أقيمت معاهد وكليات خاصة لهذه الغاية)‪ (1‬وقديما ً َّميز سيدنا علي بن أبي طالب ‪ -‬كرم‬
‫هللا وجهه – بياض البيض عن المني باستعمال الماء الساخن عندما اتهمت امرأة شابا ً‬
‫باغتصابها)‪.(2‬‬
‫فقضية االستعانة بأهل الخبرة واالختصاص أمر ملح وضروري في بناء تصور واضح عن‬
‫القضية المتنازع عليها لذا فهي تعتبر من أهم طرق االثبات عند الفقهاء والقانونيين‪.‬‬
‫فبها يحسم النزاع على أساس من الحق والعدل خاصة إذا لم يكن ثمة وسيلة إثبات أخرى‬
‫وليس بين أوراق الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدة المحكمة حول موضوع النزاع‪ ،‬واألصل‬
‫في ذلك قوله تعالى‪ :‬ﱫﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ هﱫ)‪.(3‬‬
‫وإن ذهب علماء التفسير إلى أن المقصود بأهل الذكر هم علماء أهل الكتاب الواقفين على‬
‫أحوال الرسل‪ ،‬إال أن اآلية تشمل بعمومها أهل العلم في كل فن‪ ،‬وإنما خص المفسرون أهل‬
‫العلم بأهل الكتاب لتعلق الموضوع بالكتب والرسل السابقين‪ ،‬والعبرة لعموم اللفظ ال‬
‫لخصوص السبب‪.‬‬
‫كما أخذ القانون بالخبرة كوسي لة إثبات‪ ،‬وقد نظم موادها قانون أصول المحاكمات المدنية‬
‫األردني رقم (‪ )24‬لسنة ‪1988‬م)‪.(4‬‬
‫أهمية الخبرة والحاجة إليها‪:‬‬

‫(‪ )1‬رسالة االثبات – أحمد نشأت – ج‪ – 2‬صـ ‪433‬‬


‫(‪ )2‬الطرق الحكمية – ابن القيم – مرجع سابق – صـ ‪44‬‬
‫(‪ )3‬سورة األنبياء اآلية ‪7‬‬
‫(‪ )4‬مجلة جامعة النجاح لألبحاث (العلوم االنسانية) – فلسطين – م‪ – 16‬سنة ‪2002‬م – صـ ‪278‬‬

‫‪114‬‬
‫يتبين وجه الحاجة إلى الخبي ر في المسائل الفنية التي يتعذر على القاضي الوقوف على‬
‫حقيقتها إذا هو اقتصر على مجهوده الشخصي‪ ،‬وإن تقدم العلوم وتفرع االبحاث وزيادة‬
‫التخصص وتقسيم العمل في جميع فروعه يؤكد الحاجة إلى الخبرة وفائدتها وأهميتها فإن‬
‫القضاة بأشد الحاجة إلى أهل الخبرة واالختصاص في جميع األمور اليومية إذا أرادوا‬
‫الوصول إلى حقائق األمور فيطلبون االستعانة بذوي االختصاص في النواحي العلمية‬
‫والتطبيقية وفي مجال العمران والتقدم وأعمال الدولة والظواهر العلمية والخبير بين حقيقة‬
‫الشيء و بعد التجارب واالبحاث العلمية التي استغرقت سنوات كثيرة في حياته بحيث يزول‬
‫معه العامل الشخصي تقريباً‪ ،‬وبذلك يكون رأي الخبير هو الخبرة ذاتها‪ ،‬وال ينظر إلى‬
‫التكوين الشخصي له‪ ،‬وخا صة إذا كانت الخبرة معتمدة على اآلالت العلمية‪ ،‬والطرق المادية‬
‫والقوانين الثابتة والظواهر المسلمة ويقدم رأيه بناءا ً على النظر واالستدالل)‪.(1‬‬
‫ويشترط في الخبير أن يكون أهل المعرفة فعالً في صنعته ومهنته واختصاصه الذي يُسأل‬
‫فيه‪ ،‬وال يشترط فيه غير ذلك عند المالكية الذين قالوا يصح من الرجل والمرأة والمسلم‬
‫والكافر والفاسق‪ ،‬وال يشترط فيه العدد فيجوز الرجوع إلى خبير واحد أو أكثر؛ ألنه يشبه‬
‫الشهادة من جهة؛ وألنه إلزام لمعين؛ ويشبه الرواية من جهة ثانية؛ ألن حكمه ينفذ)‪.(2‬‬
‫وإنما يشترط العدد أو العدالة عند المالكية إذا تعلق باألخبار حد من الحدود كتقويم المسروق‪،‬‬
‫أو تعلق به عبادة؛ كالهالل في رمضان فيشترط اثنان عدالن‪ ،‬ألنه من باب الشهادة‪.‬‬
‫وكذلك يرى الحنابلة قبول قول الواحد واالثنان أولى‪ ،‬فيقبل قول طبيب واحد في الجروح‬
‫واألمراض‪ ،‬وقول بيطار في الدواب وغيرهما‪ ،‬وتقبل شهادة امرأة واحدة عدل فيما ال يطلع‬
‫عليه الرجال كعيوب النساء تحت الثياب والبكارة والثيوبة والحيض والوالدة والرضاع)‪.(3‬‬

‫(‪ )1‬الفروق – شهاب الدين أبو العباس أحمد بن إدريس القرافي – مرجع سابق ‪ -‬صـ ‪55‬‬
‫(‪ )2‬تبصرة الحكام – ابن فرحون ‪ -‬مرجع سابق – صـ ‪290‬‬
‫(‪ )3‬وسائل االثبات في الشريعة االسالمية – محمد الزحيلي – مرجع سابق – صـ ‪598‬‬

‫‪115‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬القيافة‬
‫القيافة في اللغة‪ :‬مصدر الفعل الثالثي (قاف‪ ،‬يقوف‪ ،‬قوفاً)؛ وقيافة أي تتبع األثر‪ ،‬والجمع‬
‫قافة‪ ،‬ويقال‪ :‬قفت األثر‪ :‬إذا اتبعته مثل قفوت أثره)‪.(1‬‬
‫والقيافة في االصطالح‪ :‬ال تخرج على المعنى اللغوي‪ ،‬حيث الفقهاء يعرفونها بهذا المعنى‬
‫وهي تتبع اآلثار ومعرفة الشبه بالشبه‪ ،‬والقائف الذي يتبع اآلثار ويعرف شبه الرجل باخيه‬
‫وأبيه‪.‬‬
‫والقائف هو الذي يعرف النسب بفراسته ونظره إلى أعضاء المولود)‪.(2‬‬
‫وهي من يلحق النسب بغيره عند االشتباه بما خصه هللا تعالى به من علم ذلك)‪.(3‬‬
‫قال صاحب فتح الباري‪( :‬القائف هو الذي يعرف الشبه ويميز األثر‪ ،‬وسمى بذلك ألنه يقفو‬
‫األشياء‪ ،‬أي يتبعها فكأنه مقلوب من القافي)‪.(4‬‬
‫وقد ورد في كتاب سبل السالم‪( :‬إن القائف الذي يتتبع اآلثار ويعرفها‪ ،‬ويعرف شبه الرجل‬
‫بأبيه وأخيه))‪.(5‬‬
‫والقافة‪ :‬قوم يعرفون األنساب بالشبه)‪ (6‬وال شك أن القيافة معناها اللغوي واالصطالحي‬
‫يصبان في نفس المصب؛ حيث المقصود بها التتبع ومعرفة الشبه بالشبه‪.‬‬
‫حكم العمل بالقيافة‪:‬‬
‫للقيافة معنيان‪:‬‬
‫األول‪ :‬تتبع األثر واقتفائه‪ :‬وهذا النوع ال خالف بين فقهاء المسلمين على اعتباره والعمل به‬
‫مثل أثر األقدام واأليدي‪ ،‬والقيافة بهذا المعنى تدخل في باب الخبرة المعمول بها في كل‬
‫النظم اإلجرائية الوضعية‪ ،‬حيث تعتبر من قبيل القرائن الفنية التي يجب أن تؤخذ في‬
‫االعتبار‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬القيافة بمعنى النسب والنظر إلى أعضاء المولود‪ :‬وهذا النوع من القيافة اختلف‬
‫الفقهاء في اعتباره والعمل‪ ،‬به وينحصر هذا الخالف في اآلتي‪:‬‬
‫المذهب األول‪ :‬ذهب جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة إلى أن النسب يثبت‬
‫بالقيافة)‪ (7‬بناءا ً على األمارات التي يعرفها القائف‪.‬‬
‫المذهب الثاني‪ :‬ذهب االحناف إلى أن النسب ال يثبت بالقيافة)‪.(8‬‬
‫أدلة المذهب األول‪:‬‬

‫(‪ )1‬لسان العرب – ابن منظور – مرجع سابق – صـ ‪ ،293‬تهذيب اللغة – محمد بن أحمد األزهري الهروي – تحقيق‪ :‬محمد عوض مرعب – دار‬
‫إحياء التراث العربي – بيروت – ط‪2001 1‬م – صـ ‪249‬‬
‫(‪ )2‬التعريفات للجرجاني – مرجع سابق – صـ ‪171‬‬
‫(‪ )3‬مغنى المحتاج للشربيني – مرجع سابق – صـ ‪646‬‬
‫(‪ )4‬فتح الباري – أحمد بن حجر العسقالني – دار المعرفة – بيروت – ‪1379‬ه – ج‪ – 12‬صـ ‪56‬‬
‫(‪ )5‬سبل السالم – محمد ين اسماعيل الصنعاني – دار الحديث – ج‪ – 2‬صـ ‪595 - 594‬‬
‫(‪ )6‬كشاف القناع – البهوتي – مرجع سابق – صـ ‪237‬‬
‫(‪ )7‬جواهر اإلكليل شرح مختصر العالمة الشيخ الخليل – دار احياء الكتب العربية – ج‪ – 2‬صـ ‪139‬‬
‫(‪ )8‬المبسوط – للسرخسي – مرجع سابق – صـ ‪226‬‬

‫‪116‬‬
‫‪ /1‬ما روى عن عائشة رضي هللا عنها‪ ،‬قالت‪( :‬دخل رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ذات‬
‫مسرور تبرق أسارير وجهه‪ ،‬فقالت ألم ترى مجزرا ً المدلجي نظر آنفا ً إلى زيد بن‬ ‫ٌ‬ ‫يوم‬
‫حارثة وأسامة بن زيد وقد غطيا وجههما بقطيفتين‪ ،‬فقال‪ :‬هذه األقدام بعضها من بعض))‪.(1‬‬
‫سر بشهادة مجزر المدلجي وسروره يدل على‬ ‫وجه الداللة‪ :‬إن النبي صلى هللا عليه وسلم ُ‬
‫اعتبار قوله دليل على العمل بقول القافة في النسب ألنه صلى هللا عليه وسلم ال يُسر إال‬
‫بالحق‪.‬‬
‫‪ /2‬ما روى عن سليمان بن يسار أن عمر رضي هللا عنه كان يليط (يلصق) أو يلحق أوالد‬
‫الجاهلية بمن ادعاهم إلى اإلسالم)‪.(2‬‬
‫فهذا األثر يدل على أن سيدنا عمر رضي هللا عنه كان يعتد بقول القافة في النسب وهو دليل‬
‫على أنه ُحجة‪.‬‬
‫‪ /3‬إن االعتماد على القيافة في الحكم يستند إلى أمور خفية وظاهرة توجب للنفس سكونا ً‬
‫يغلب على ظن اإلنسان صدقه فوجب اعتباره كنقد الناقد وتقويم المقوم)‪.(3‬‬
‫ثانياً‪ :‬أدلة المذهب الثاني‪ :‬استدل االحناف ومن معهم لما ذهبوا إليه بما يلي‪:‬‬
‫‪ /1‬قال تعالى‪ :‬ﱫ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺﱫ)‪ .(4‬وقوله‪ :‬ﱫﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ‬
‫ﭬﱫ)‪.(5‬‬
‫وجه االستدالل من اآليات السابقة‪:‬‬
‫إن المولى عز وجل ينهى في هذه اآليات عن اتباع الظن‪ ،‬وقول القائف ظن وتخمين فيكون‬
‫منهي عنه بنص اآلية)‪,(6‬‬
‫وقوله تعالى‪ :‬ﱫﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵﱫ)‪ (7‬فقالوا‪ :‬وهذه صفة القائف؛ حيث إن قوله رجم‬
‫بالغيب‪ ،‬وقوله‪ :‬ﱫﯲ ﯳ ﯴ ﯵﱫ)‪ (8‬والقيافة ليست إال حذر وتخمين‪ ،‬فال يجوز االعتماد‬
‫عليها‪.‬‬
‫واستدلوا كذلك بقوله تعالى‪ :‬ﱫي ي ﱫﱫ)‪ ،(9‬فقالوا‪ :‬القيافة من أحكام الجاهلية وقد انكرت بعد‬
‫اإلسالم وعدت من الباطل)‪.(10‬‬
‫‪ /2‬ما روى عن أبي هريرة رضي هللا عنه إن رجالً من فزارة أتى رسول هللا صلى هللا عليه‬
‫وسلم فقال‪ :‬إن امرأتي ولدت غالما ً أسود‪ ،‬فقال‪ :‬النبي صلى هللا عليه وسلم هل لك من إبل‪،‬‬

‫(‪ )1‬أخرجه البخاري في صحيحه – مرجع سابق – ك الفرائض – ب‪ :‬القائف – ح ر ‪ – 6770‬ج‪ – 8‬صـ ‪155‬‬
‫(‪ )2‬سبل السالم – الصنعاني –مرجع سابق – ب‪ :‬الدعاوى والبينات – ج‪ – 4‬صـ ‪1493‬‬
‫(‪ )3‬الطرق الحكمية – ابن القيم ‪ -‬مرجع سابق – صـ ‪.228‬‬
‫(‪ )4‬سورة النجم اآلية ‪.23‬‬
‫(‪ )5‬سورة النجم اآلية ‪.28‬‬
‫(‪ )6‬معين األحكام – للطرابلسي – مرجع سابق – صـ ‪.168‬‬
‫(‪ )7‬سورة اإلسراء اآلية ‪.36‬‬
‫(‪ )8‬سورة لقمان اآلية ‪.34‬‬
‫(‪ )9‬سورة المائدة اآلية ‪.50‬‬
‫(‪ )10‬الحاوي الكبير – الماوردي – مرجع سابق – ج‪ – 17‬صـ ‪.381‬‬

‫‪117‬‬
‫فقال نعم‪ ،‬قال‪ :‬فما ألوانها؟ قال‪ُ :‬حمرة‪ ،‬قال‪ :‬فهل فيها من أورق)‪ (1‬قال‪ :‬فيها أورقاً‪ ،‬قال‪:‬‬
‫فأنى أتاها ذلك؟ قال عسى أن يكون نزعة عرق‪ ،‬قال‪ :‬وهذا عسى أن يكون نزعة عرق))‪.(2‬‬
‫وجه الداللة من الحديث‪ :‬إن النبي صلى هللا عليه وسلم رغم اختالف الشبه بين االبن وأبيه‬
‫األمر الذي يوجب نفي نسب االبن ألحق االبن بصاحب الفراش وألغى الشبه‪ ،‬مما يدل على‬
‫عدم اعتبار الشبه (القيافة) في الحكم‪.‬‬
‫‪ /3‬إن القيافة لو كانت علم لعل م الناس‪ ،‬ولم يختص به قوم دون قوم وألمكن أن يتعاطاه كل‬
‫من أراده كسائر العلوم‪ ،‬فلم لم يعُم‪ ،‬ولم يتمكن أحد من تعلمه؛ بطل أن يكون علما ً وأن يتعلق‬
‫به حكم)‪.(3‬‬
‫الرأي الراجح‪ :‬بعد عرض اآلراء السابقة ومناقشتها وما استدل به كل رأي فإني أميل إلى‬
‫ترجيح ما ذهب إليه الجمهور من ثبوت النسب بالقيافة لما يلي‪:‬‬
‫‪ /1‬قوة أدلتهم وسالمتها‪.‬‬
‫‪ /2‬إن القيافة علم له أصوله وقواعده‪ ،‬حكم به النبي صلى هللا عليه وسلم والصحابة من بعده‪،‬‬
‫والتابعين‪ ،‬كما كان العرب يعملون به قبل اإلسالم في ثبوت النسب خصوصا ً وإن الشارع‬
‫الحكيم يتساهل في إثبات النسب دفعا ً للحرج وتيسيرا ً على الناس‪ ،‬فاإلعتداد بالقيافة يتفق مع‬
‫قواعد الشرع ومبادئه إذا تحققت شروطها‪.‬‬
‫شروط القائف‪:‬‬
‫بما أن القيافة علم معتبر وبحاجة إلى متخصصين في هذا العلم فالبد أن يكون للقيافة شروط‬
‫وهذه الشروط قد نص عليها الفقهاء أبرزها‪:‬‬
‫‪ /1‬أن يكون مسلما ً)‪ ،(4‬وقد اختلف الفقهاء في هذا الشرط ولعل الراجح هو جوازه من غير‬
‫المسلم إن عرف صدقه وعلمت خبرته‪.‬‬
‫‪ /2‬أن يكون رجالً‪ ،‬وسبب اشتراط الذكور كما قال الحاوي‪( :‬إنه متردد الحال بين حكم‬
‫وشهادة))‪ (5‬وقال المطالب (ألن القيافة حكم مستندها النظر واالستدالل؛ فاعتبرت فيه‬
‫الذكورة‪ ،‬كالقضاء‪ .‬والصحيح إن الخبرة تختلف عن الشهادة وأن الخبير ليس حاكماً‪،‬‬
‫فالراجح أنه ال بأس بالخبير أن يكون غير ذكر‪.‬‬
‫‪ /3‬أن يكون حراً‪ ،‬وليس هنا وجه الشتراط هذا القول فالراجح‪ :‬أنه يجوز أن يكون الخبير‬
‫عبداً‪ ،‬إال أن يؤمن عدم تحيزه الستضعافه‪,‬‬

‫(‪ )1‬األورق من اإلبل‪ :‬الذي في لونه بياض إلى سواد‪ ،‬الورقة‪ :‬سواد غبرة‪ ،‬وقيل سواد وبياض‬
‫(‪ )2‬فتح الباري على شرح صحيح البخاري – أحمد بن حجر العسقالني – ك الطالق – ب‪ :‬إذا عرض بنفي الولد – ج‪ – 9‬ح ر ‪424‬‬
‫(‪ )3‬الطرق الحكمية – ابن القيم الجوزية – مرجع سابق – صـ ‪219‬‬
‫(‪ )4‬مغني المحتاج – الشربيني – مرجع سابق – صـ ‪.431‬‬
‫(‪ )5‬الحاوي الكبير – المارودي – مرجع سابق – صـ ‪.370‬‬

‫‪118‬‬
‫‪ /4‬أن يكون عدالً)‪ (1‬وبعض الفقهاء ال يشترط العدالة‪ ،‬قالوا‪ :‬وإن لم يكن عدالً؛ ألنه علم‬
‫يؤديه وليس من طريق الشهادة‪ ،‬كما يقبل قول النصراني الطبيب فيما يحتاج إلى معرفة من‬
‫ناحية الطب‪ ،‬كالعيوب والجراحات‪ ،‬والراجح أن العدالة شرط في الخبير‪ ،‬ألن بها يترجح‬
‫جانب الصدق‪.‬‬
‫‪ /5‬أن يكون مجديا ً قال الماوردي في الحاوي‪( :‬فأما علمه بالقيافة فهو المقصود منه) فالبد‬
‫أن يكون معتبرا ً فيه ومختبرا ً عليه‪ ،‬وقد ذكر الفقهاء كيفيات للتجربة حتى يكون القائف‬
‫مجرباً‪ ،‬وكلها تصب في مصب واحد مجملها اختباره أكثر من مرة في ولد نسبه معروف‬
‫بين رجال أو بين نسوة تكون في مرات أبوه أو أمه المعروف ليس فيهم‪ ،‬ثم يكون بعد ذلك‬
‫فيهم‪ ،‬فإن أصاب في الجميع كان مجربا ً وإال فال)‪,(2‬‬
‫‪ /6‬العدد في القيافة‪ ،‬اختلفوا في العدد المشترط في القيافة فقال بعضهم‪ :‬ال يشترط فيه عدد‬
‫على الصحيح؛ ألن النبي صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬أقر محرزا ً وهو واحد‪ ،‬وقال في المنار‪:‬‬
‫سر بقول محرز وحده)‬ ‫(ويكفي قائف واحد إلحاق النسب‪ ،‬ألن النبي صلى هللا عليه وسلم ُ‬
‫وهو كالحاكم فيكفي مجرد خبرة ألنه ينفذ ما يقول بخالف الشاهد)‪.(3‬‬
‫‪ /7‬واشترطوا أن يكون بصيرا ً ناطقا ً)‪(4‬؛ إذ إن القيافة البد فيها من النظر بين الفرع واألصل‬
‫حتى يصدر فيها الحكم الذي ال يكتفي فيه باإلشارة فالبد من النطق كذلك‪.‬‬

‫(‪ )1‬الحاوي الكبير ‪ -‬الماوردي – نفس المرجع – صـ ‪.386‬‬


‫(‪ )2‬الحاوي الكبير – الماوردي ‪ -‬مرجع سابق صـ ‪.387‬‬
‫(‪ )3‬منار السبيل ابراهيم محمد ضويان – ج‪ – 1‬صـ ‪434.‬‬
‫(‪ )4‬المرجع نفسه – صـ ‪.431‬‬

‫‪119‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬الفراسة‬
‫سم‪ ،‬يُقال تف َّرس فيه الشيء‪،‬‬ ‫الفراسة في اللغة‪ :‬الفراسةُ‪ ،‬بالكسر‪ :‬اس ٌم من التَّف ُّرس‪ ،‬و ُهو التَّو ُّ‬
‫سمه‪ ،‬وتفرست فيه خيراً‪ ،‬توسمته‪ ،‬وهو يتفرس يثبت وينظر‪ ،‬فالتفرس والتوسم‬ ‫إذا تو َّ‬
‫معناهما واحد‪ ،‬أي يفسر أحدهما باآلخر)‪.(1‬‬
‫وهي التثبت والنظر)‪.(2‬‬
‫وفي االصطالح‪ :‬هي االستدالل باألمر الظاهر على األمور الخفية)‪(3‬؛ سواء كان ذلك مما‬
‫يوقعه هللا تعالى في قلوب المؤمنين وبما يلهمه عباده الصالحين‪ ،‬أو بما يكتسب بالتعليم من‬
‫الدالئل والتجارب‪ ،‬وال ُخلق والخلق‪ ،‬وممارسة أحوال الناس وعاداتهم وعرفوها التهانوي‬
‫)‪( 4‬‬
‫تعريفا خاصا ً فقال‪:‬‬
‫(علم الفراسة علم بقوانين يُعرف بها األمور الخفية بالنظر في األمور الظاهرة‪ ،‬وموضوعه‬
‫العالمات واألمور الظاهرة في بدن االنسان على ما يخفى)‪.‬‬
‫والفراسة كما يقول األلوسي‪ :‬هي االستدالل بهيئة االنسان وأشكاله وألوانه وأقواله على‬
‫أخالقه وفضائله وردائه‪.‬‬
‫واألصل في الفراسة قوله تعالى‪ :‬ﱫﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯﱫ)‪ (5‬فذكر أهل التفسير أن المتوسمين يعني‬
‫المتفرسين‪ ،‬وذلك اعتمادا ً على ما أثر عنه النبي صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬فقد روى أبو سعيد‬
‫الخدري رضي هللا عنه أن النبي صلى هللا عليه وسلم قال‪( :‬اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر‬
‫بنور هللا))‪ (6‬ثم تال اآلية‪.‬‬
‫َّللاُ عليه وسلَّم ‪« :-‬إ َّن َّّلِل عبادًا يعرفُون النَّاس‬ ‫َّللا ‪ -‬صلَّى َّ‬
‫سو ُل َّ‬
‫عن أن ٍس قال‪ :‬قال ر ُ‬
‫سم»)‪. (7‬‬‫بالتَّو ُّ‬
‫ُح َّجية الفراسة‪:‬‬
‫اختلف الفقهاء قي ُح َّجية الفراسة واالعتماد عليها في إصدار األحكام وينحصر هذا الخالف‬
‫في اآلتي‪:‬‬
‫المذهب األول‪ :‬وهو ما عليه جمهور الفقهاء (أنه ال يجوز االعتماد على الفراسة في‬
‫الحكم))‪.(8‬‬
‫المذهب الثاني‪ :‬وهو ما عليه ابن القيم (حيث يرى جواز االعتماد على الفراسة في الحكم))‪.(1‬‬

‫(‪ )1‬تاج العروس – محمد بن عبد الرازق الزبيدي – فصل الفاء – حرف السين – ج‪ – 16‬مرجع سابق – صـ ‪.328‬‬
‫(‪ )2‬المصباح المنير ‪ -‬أحمد بن محمد بن علي الفيومي– مرجع سابق – صـ ‪.639‬‬
‫(‪ )3‬وسائل االثبات – الزحيلي – مرجع سابق – صـ ‪.553‬‬
‫(‪ )4‬الحكم بالقرائن والفراسة والقيافة وعلم القاضي – د‪ .‬أحمد كامل السقا – دكتوراه مقدمة لكلية الشريعة بالقاهرة سنة ‪ – 1943‬صـ ‪.85‬‬
‫(‪ )5‬سورة الحجر اآلية ‪.75‬‬
‫(‪ )6‬نوادر األحوال في احاديث الرسول صلى هللا عليه وسلم – محمد بن عبد هللا الترمذي – تحقيق‪ :‬عبد الرحمن عميرة – دار الجيل – بيروت ‪ -‬ج‪2‬‬
‫‪ -‬صـ ‪.271‬‬
‫(‪ )7‬مجمع الزوائد – أبو الحسن نور الدين علي بن أبي بكر بن سليمان الهيثمي (المتوفى‪807 :‬هـ) ‪ -‬تحقيق‪ :‬حسام الدين القدسي ‪ -‬مكتبة القدسي‪،‬‬
‫القاهرة ‪ 1414 -‬هـ‪ 1994 ،‬م – ج‪ - 10‬ح ر ‪ – 17939‬صـ ‪.268‬‬
‫(‪ )8‬معين الحكام ‪ -‬للطرابلسي– مرجع سابق – صـ ‪.168‬‬

‫‪120‬‬
‫أدلة المذهب األول‪ :‬استدل الجمهور لما ذهبوا إليه بالسنة والمعقول‪:‬‬
‫‪ /1‬من السنة‪:‬‬
‫ي ولعل‬ ‫أ‪ /‬ما روى أن النبي صلى هللا عليه وسلم قال‪( :‬إنما أنا بشر وإنكم تختصمون إل َّ‬
‫بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض‪ ،‬فأقضي له على نحو ما أسمع؛ فمن قضيت له بحق‬
‫أخيه شيئا ً فال يأخذه فإنما أقطع له قطعة من النار))‪.(2‬‬
‫إن النبي صلى هللا عليه وسلم أبى أن يحكم بالفراسة واقتصر في حكمه على األدلة الظاهرة‬
‫فدل ذلك على عدم جواز الحكم بالفراسة وإال لما امتنع عن الحكم بها‪.‬‬
‫ب‪ /‬ما روى أن النبي صلى هللا عليه وسلم قال‪( :‬إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث))‪.(3‬‬
‫وجه االستدالل‪ :‬إن النبي صلى هللا عليه وسلم نهى عن اتباع الظن‪ ،‬والفراسة ظن‪ ،‬فيكون‬
‫منهي عنها بنص الحديث‪.‬‬
‫‪ /2‬من المعقول‪:‬‬
‫إن الحكم بالفراسة مثل بالحكم بالظن والحذر والتخمين والحكم بمثل هذه األمور باطل‪،‬‬
‫فيكون الحكم بالفراسة باطل‪.‬‬
‫وفي هذا ي قول ابن فرحون (إن الحكم بالفراسة مثل الحكم بالظن والتخمين‪ ،‬وذلك فسق‬
‫وجور من الحاكم والظن يخطيء ويصيب))‪.(4‬‬
‫أدلة المذهب الثاني‪:‬‬
‫استدل ابن القيم على جواز الحكم بالفراسة بما يلي‪:‬‬
‫‪ /1‬من الكتاب‪ :‬قال تعالى‪ :‬ﱫﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯﱫ)‪ ،(5‬وجه الداللة‪ :‬من اآلية‪ :‬إن هللا تعالى جعل‬
‫أعمال القوم وموقفهم من بينهم واهالكهم بالصيحة دالئل وعالمات للناظرين المتفكرين‬
‫وهذه العالمات ال تدرك إال بالتأمل والنظر‪ ،‬قال القرطبي‪( :‬المتوسومين) المستدلين‬
‫باألمارات)‪.(6‬‬
‫َّللاُ عليه وسلَّم ‪« :-‬إ َّن َّّلِل عبادًا‬
‫َّللا ‪ -‬صلَّى َّ‬
‫سو ُل َّ‬ ‫‪ /2‬من السنة‪ :‬عَن أن ٍس قال‪ :‬قال ر ُ‬
‫يعرفُون النَّاس بالتَّو ُّ‬
‫سم»)‪. (7‬‬
‫وجه االستدالل من الحديث‪ :‬إن الفراسة لو لم تكن مشروعة ما أمرنا النبي صلى هللا عليه‬
‫وسلم بأن نتقي فراسة المؤمن ولكنه أمرنا بذلك‪ ،‬واألمر دليل على المشروعية‪ ،‬فتكون‬
‫الفراسة مشروعة‪.‬‬

‫(‪ )1‬الطرق الحكمية – البن القيم – مرجع سابق – صـ ‪.27‬‬


‫(‪ )2‬هذا الحديث سبق تخريجه صـ ‪.160‬‬
‫(‪ )3‬اخرجه البخاري في صحيحه – محمد بن اسماعيل البخاري – مرجع سابق – ك الفرائض – ب‪ :‬تعليم الفرائض – ح ر ‪.6724‬‬
‫(‪ )4‬تبصرة الحكام – ابن فرحون – مرجع سابق – صـ ‪.104‬‬
‫(‪ )5‬سورة الحجر اآلية ‪.75‬‬
‫(‪ )6‬الجامع ألحكام القرآن للقرطبي – مرجع سابق – صـ ‪.43‬‬
‫(‪ )7‬هذا الحديث سبق تخريجه – صـ‪.160‬‬

‫‪121‬‬
‫‪ /3‬من المعقول ‪ :‬إن الصحابة رضوان هللا عليهم والتابعين عملوا بالفراسة واعتمدوا عليها‬
‫في اصدار االحكام وفي هذا يقول ابن القيم‪( :‬ولم يزل حذاق الحكام والوالة يستخرجون‬
‫الحقوق بالفراسة‪ ،‬واألمارات‪ ،‬فإذا ظهرت لم يقدموا عليها شهادة تخالفها وال إقرار))‪.(1‬‬
‫مناقشة أدلة ابن القيم‪:‬‬
‫ناقش الجمهور أدلة ابن القيم على جواز الحكم بالفراسة‪ :‬بأن ما استدل به من أدلة ال يبرر‬
‫قاض‪ ،‬وإن الصحابة وإن كانوا استعانوا بها في‬ ‫الحكم بالفراسة وال يجعله مستساغا ً من كل ٍ‬
‫قضائهم فإنه ال ينبغي أن يقاس غيرهم بهم ألنهم قوم نور هللا قلوبهم وصفى نفوسهم‪ ،‬كما ال‬
‫توجد وقائع ثابته أو معلومة يستنتج منها القاضي‪ ،‬وإنما يستنتج من وحي ضميره ومن ثم‬
‫يصعب التحقيق منها أو تبريرها تبريرا ً سليما ً)‪.(2‬‬
‫الرأي الراجح‪:‬‬
‫وعليه فإن النفس تميل إلى ترجيح ما ذهب إليه جمهور الفقهاء من أن الفراسة ال يستند إليها‬
‫في اصدار االحكام وذلك لما يلي‪:‬‬
‫‪ /1‬قوة أدلتهم وسالمتها من المعارضة‪.‬‬
‫‪ /2‬إن الفراسة ال تعتمد على ُح َّجة ظاهرة محسوسة‪ ،‬وإنما تعتمد على أمور غيبية ال يدركها‬
‫إال المتفرس فلو جاز العمل بها لتمكن أصحاب النفوس المريضة من القضاء بما يوافق‬
‫أهوائهم ومأربهم‪.‬‬

‫(‪ )1‬الطرق الحكمية في السياسة الشرعية – البن القيم – مرجع سابق – صـ ‪27‬‬
‫(‪ )2‬االثبات في المواد الجنائية – د‪ .‬هاللي عبد هللا – صـ ‪989‬‬

‫‪122‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬علم القاضي‬
‫المراد بعلم القاضي ظنه المؤكد الذي يجوز له الشهادة مستندا ً إليه إذ من المعروف في‬
‫الشريعة اإلسالمية أنه ينبغي ألجل أن يكون القضاء صحيحا ً منطبقا ً على الحق والعدل أن‬
‫يحصل للقاضي حين فصل القضاء علمان‪:‬‬
‫األول‪ :‬علمه بالحادثة التي يراد منه الفصل فيها علما ً منطقبا ً على الواقع‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬علمه بحكم هللا تعالى في تلك الحادثة‪.‬‬
‫أما العلم الثاني فيحصل له من معرفته بالشريعة المطهرة من نصوصها القطعية أو‬
‫باالجتهاد‪ ،‬وأما العلم األول فيحصل له بأحد أمرين‪:‬‬
‫أولهما‪ :‬أن يشاهد الحادثة بنفسه ويحيط بها علما ً إحاطة تامة‪.‬‬
‫ثانيهما‪ :‬أن يصل إليه خبرها بطريق جازم مفيد للعلم وذلك عن طريق غيره كالشهود‬
‫وإقرار المدعى عليه وكتابته والقرائن المحيطة به وهو علم ظني)‪.(1‬‬
‫مشروعية القضاء بعلم القاضي‪:‬‬
‫إذا كان علم القاضي بالحق أو الواقعة يفيد اليقين والعلم بخالف الوسائل األخرى‪ ،‬فإنها‬
‫تكسبه غلبة الظن والبينة كل ما يبي ن الحق ويظهره‪ ،‬فهل يعتبر علم القاضي الذي اكتسبه‬
‫بنفسه مباشرة وسيلة لإلثبات ليعتمد عليها في القضاء أم ال؟‬
‫اختلف الفقهاء في علم القاضي على قولين‪:‬‬
‫القول األول‪ :‬ذهب الجمهور من المالكية)‪ (2‬والشافعية والحنابلة)‪ (3‬إلى أن القضاء بعلم‬
‫القاضي ال يجوز مطلقا ً سواء علم ذلك قبل القضاء أو بعده‪.‬‬
‫استدلوا بما يأتي‪:‬‬
‫‪ /1‬قوله تعالى‪ :‬ﱫﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖﱫ)‪ ،(4‬فأمر بجلدهم عند عدم البينة‪ ،‬وإن‬
‫علم صدقوهم‪.‬‬
‫ي ولعل‬ ‫‪ /2‬قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪( :‬إنما أنا بشر مثلكم وإنكم تختصمون إل َّ‬
‫بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض وأقضي له على نحو ما أسمع))‪. (5‬‬
‫دل هذا الحديث على أن القضاء يكون بحسب المسموع ال بحسب المعلوم)‪.(6‬‬
‫‪ /3‬ما روى عن البخاري ومسلم أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قال‪( :‬شاهداك أو يمينه)‬
‫فحصر الحجة في البينة واليمين دون علم الحاكم‪ ،‬وهو المطلوب)‪.(7‬‬

‫(‪ )1‬قواعد المرافعات الشرعية – سعد بن محمد بن علي – مرجع سابق – صـ ‪200‬‬
‫(‪ )2‬الفروق – للقرافي – مرجع سابق – صـ ‪44‬‬
‫(‪ )3‬المغني البن قدامة – مرجع سابق – صـ ‪48‬‬
‫(‪ )4‬سورة النور اآلية ‪.4‬‬
‫(‪ )5‬هذا الحديث سبق تخريجه صـ‪.6‬‬
‫(‪ )6‬الفروق للقرافي – مرجع سابق – صـ ‪.45‬‬
‫(‪ )7‬المهذب في فقه االمام الشافعي – أبو اسحاق إبراهيم الشيرازي – دار الكتب العلمية – ج‪ – 3‬صـ ‪.399‬‬

‫‪123‬‬
‫‪ /4‬ما روى البخاري ومسلم في قصة هالل وشريك إن جاءت به كذا فهو لهالل يعني‬
‫الزواج‪ ،‬وإن جاءت به كذا فهو لشريك ابن سمحاء‪ ،‬يعني المقذوف فجاءت به على النعت‬
‫المكروه‪ ،‬فقال صلى هللا عليه وسلم‪( :‬لو رجمتُ أحدًا بغير بينةٍ‪ ،‬رجمتُ هذه))‪ ،(1‬فدل ذلك‬
‫على أنه ال يقضي في الحدود بعلمه ألن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ال يقول إال حقاً‪ ،‬وقد‬
‫وقع ما قال فيكون العلم حاصالً له ومع ذلك ما رجم وعلل بعدم البينة)‪.(2‬‬
‫‪ /5‬روى الخرائطي)‪ (3‬والبيهقي)‪ (4‬عن أبي بكر الصديق رضي هللا عنه قال‪( :‬لو رأيتُ رجالً‬
‫على حد من حدود هللا عز وجل ما أخذته وال دعوت له أحدا ً حتى معي غيري)‪.‬‬
‫‪ /6‬ما روى ابن أبي شيبة)‪ (5‬عن عمر بن الخطاب رضي هللا عنه أنه تقاضى إليه نفسان فقال‬
‫أحدهما‪ :‬أنت شاهدي‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫(إن شئتما شهدت ولم أقض بينكما وإن شئتما قضيت ولم أشهد)‬
‫‪ /7‬إن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قد علم من كفر المنافقين ما لم يحكم فيه بعلمه‪.‬‬
‫‪ /8‬إن الحاكم غير معصوم فيتهم بالقضاء بعلمه فلعل المحكوم له ولي أو المحكوم عليه‬
‫صديق وال نعلم نحن ذلك فحسمنا المادة صونا ً لمنصب القضاء عن التهم‪.‬‬
‫‪ /9‬إن الشاهد مندوب لإلثبات والقاضي مندوب للحكم فلما لم يجز إن يكون الشاهد قاضيا ً‬
‫بشهادته لم يجز أن يكون القاضي شاهدا ً لحكمه)‪.(6‬‬
‫‪ /10‬إن الشهادة ال تجوز بأقل من اثنين فلو جاز للقاضي أن يحكم بعلمه لصار اثبات الحق‬
‫بشهادة واحد‪.‬‬
‫‪ /11‬إنه لو كان علمه كشهادة اثنين النعقد النكاح به وحده)‪.(7‬‬
‫القول الثاني ‪ :‬ما ذهب إليه أبو يوسف محمد بن الحسن من الحنفية(‪ (8‬إلى أنه يجوز قضاء‬
‫القاضي بعلمه مطلق سواء علم به قبل توليه القضاء أو بعده‪ ،‬استدلوا بما يلي‪:‬‬
‫‪ /1‬قال تعالى‪ :‬ﱫﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ي ي ﱫﱫ)‪ (9‬وقوله تعالى‪ :‬ﱫﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩﱫ والحق هو‬
‫)‪(10‬‬

‫ضد الباطل‪ ،‬ولم يفرق بين أن يحكم القاضي بالبينة أو بعلمه‪ ،‬وقوله تعالى‪ :‬ﱫﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ‬
‫ﯴ ﯵﱫ)‪ (11‬فد َّل على أنه يجوز أن يقفو ما له به علم‪.‬‬

‫(‪ ) 1‬أخرجه البخاري في صحيحه‪ ،‬محمد بن اسماعيل البخاري‪ ،‬ك‪ :‬الطالق‪ ،‬ب قول النَّبي صلَّى هللاُ عليه وسلَّم‪« :‬لو كُنتُ راج ًما بغير بين ٍة»‪ ،‬ح ر‬
‫‪ ،5310‬ج‪ ،7‬ص‪.54‬‬
‫(‪ )2‬مكارم األخالق – محمد بن جعفر الخرائطي‪ :‬تحقيق ايمن عبد الماجد البحيري – دار اآلفاق العربية – القاهرة – ط‪1419( 1‬ه – ‪1999‬م) – ح ر‬
‫‪ – 431‬صـ ‪.147‬‬
‫(‪ )3‬الفروق للقرافي – مرجع سابق – صـ ‪.254‬‬
‫(‪ )4‬السنن الكبرى للبيهقي – مرجع سابق – ح ر ‪.20505‬‬
‫(‪ )5‬المصنف ‪ -‬البن أبي شيبة – ح ر ‪.21930‬‬
‫(‪ )6‬الحاوي الكبير – الماوردي – مرجع سابق – صـ ‪.323‬‬
‫(‪ )7‬المهذب للشيرازي – مرجع سابق – صـ ‪.399‬‬
‫(‪ )8‬المبسوط للسرخسي – مرجع سابق – صـ ‪105.‬‬
‫(‪ )9‬سورة ص اآلية ‪.26‬‬
‫(‪ )10‬سورة المائدة اآلية ‪.42‬‬
‫(‪ )11‬سورة اإلسراء اآلية ‪.36‬‬

‫‪124‬‬
‫َّللا إ َّن أبا ُ‬
‫سفيان ر ُج ٌل‬ ‫سول َّ‬ ‫‪ /2‬ما روى البخاري عن عائشة‪ ،‬أ َّن هند بنت ُ‬
‫عتبة‪ ،‬قالت‪ :‬يا ر ُ‬
‫شحي ٌح وليس يُعطيني ما يكفيني وولدي‪ ،‬إ َّال ما أخذتُ منهُ و ُهو ال يعل ُم‪ ،‬فقال‪ُ « :‬خذي ما‬
‫يكفيك وولدك‪ ،‬بالمع ُروف»)‪ ، (1‬فحكم لها من غير بينة وال إقرار وهذا يدل على قضائه‬
‫بعلمه‪.‬‬
‫‪ /1‬أنه لما جاز أن يحكم في الجرح والتعديل بعلمه‪ ،‬جاز أن يحكم في غيرهما بعلمه‪ ،‬لثبوته‬
‫بأقوى أسبابه‪.‬‬
‫‪ /2‬إن الحكم باألقوى أولى من الحكم باألضعف‪ ،‬والحكم في الشهادة بغالب الظن وبالعلم من‬
‫طريق اليقين والقطع‪ ،‬فلما جاز للحكم بالشهادة فال يجوز أن يقضي بما علمه بنفسه من‬
‫طريق القطع أولى)‪.(2‬‬
‫‪ /3‬إن علمه بمعاينة السبب ال يختلف بما بعد أن يستقضي وقبله وهو أقوى من العلم الذي‬
‫يحصل له بشهادة الشهود‪ ،‬فإن معاينة السبب ت فيده علم اليقين وشهادة الشهود ال تفيده ذلك‪،‬‬
‫أي أنه لما جاز له أن يقضي بالعلم المستفاد في زمن القضاء‪ ،‬جاز له أن يقضي بالعلم‬
‫المستفاد قبل زمن القضاء؛ ألن العلم في الحالين على حد واحد)‪.(3‬‬
‫مناقشة األدلة مع الترجيح‪:‬‬
‫أوالً مناقشة دليل أبي حنيفة‪:‬‬
‫الفرق بين العلمين هو أن العلم الحادث له في زمن القضاء علم في وقت هو مكلف فيه‬
‫بالقضاء‪ ،‬فأشبه البينة القائمة فيه؛ والعلم الحاصل في غير زمن القضاء‪ ،‬علم في وقت هو‬
‫غير مكلف فيه بالقضاء فأشبه البينة القائمة فيه‪.‬‬
‫الرد عليه ‪ :‬أنه ال داعي للتفريق بين العلم الحادث في زمن القضاء والعلم الحادث في غير‬
‫زمن القضاء‪ ،‬وأن العلم الذي حدث للقاضي واحد‪ ،‬والدليل على التسوية بين ما قبل الوالية‬
‫وبعدها أنه لما جاز أن يحكم في ال ُجرح التعديل بعلمه قبل الوالية وبعدها‪ ،‬و لم يجز أن يحكم‬
‫في الحدود بعلمه قبل الوالية وبعدها‪ ،‬وجب ان يكون ما عداهما معتبرا ً بهما‪ ،‬وإن جاز الحكم‬
‫فيه بالعلم استوى ما علمه قبل الوالية وبعدها كالجرح والتعديل‪ ،‬وإن لم يجز أن يحكم فيه‬
‫استوى ما علمه قبل الوالية وبعدها؛ كالحدود فبطل بهذا الفرق بين العلمين)‪.(4‬‬
‫ثانياً‪ :‬مناقشة أدلة الجمهور‪:‬‬
‫ي ولعل بعضكم‬ ‫قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪( :‬إنما أنا بشر مثلكم وإنكم تختصمون إل َّ‬
‫)‪( 5‬‬
‫أن يكون ألحن ب ُحجته ‪)...‬‬

‫الر ُج ُل فللمرأة أن تأ ُخذ بغير علمه ما يكفيها وولدها‬


‫(‪ )1‬أخرجه البخاري في صحيحه‪ ،‬محمد بن اسماعيل البخاري‪ ،‬ك‪ :‬الطالق‪ ،‬ب‪ :‬إذا لم يُنفق َّ‬
‫بالمع ُروف‪ ،‬ح ر ‪ ،5364‬ج‪ ،7‬ص‪.65‬‬
‫(‪ )2‬المهذب للشيرازي – مرجع سابق – صـ ‪.400‬‬
‫(‪ )3‬المبسوط للسرخسي – مرجع سابق – صـ ‪.105‬‬
‫(‪ )4‬الحاوي الكبير ‪ -‬الماوردي – مرجع سابق – صـ ‪.324‬‬
‫(‪ )5‬هذا الحديث سبق تخريجه – صـ‪.6‬‬

‫‪125‬‬
‫الرد عليهم)‪ :(1‬إن التنصيص على السماع ال ينفي كون غيره طريقا ً للحكم فإن العلم أقوى من‬
‫السماع ألنه يمكن بطالن ما سمعه اإلنسان وال يمكن ما يعلمه‪ ،‬ففحوى الخطاب تقتضي‬
‫جواز القضاء بالعلم‪.‬‬
‫وما روى أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قال‪( :‬شاهداك أو يمينه))‪.(2‬‬
‫يرد عليهم من وجهين‪:‬‬
‫األول‪ :‬أن التنصيص على ما ذكر ال ينفي ما عداه)‪.(3‬‬
‫ي صلَّى هللاُ عليه وسلَّم‪( :‬شاهداك أو يمينُه))‪. (4‬‬ ‫الثاني‪ :‬أنه في رواية أخرى صحيحة عن النَّب ُّ‬
‫)‪(5‬‬
‫ومن البينة التي ال بينة أبين منها صحة علم الحاكم بصحة حقه فهو في جملة هذا الخبر‬
‫وما روى في قضية هالل وشريك حيث قال ‪( :‬لو رجمتُ أحدًا بغير بينةٍ‪ ،‬رجمتُ هذه))‪.(6‬‬
‫الرد عليهم‪ :‬أن النبي صلى هللا عليه وسلم إنما يعمل بعلمه لكونه قد حصل التالعن وهو أحد‬
‫األسباب الشرعية الموجبة للحكم بعدم الرجم‪ ،‬والنزاع إنما هو في الحكم بالعلم من دون أن‬
‫يتقدم سبب شرعي ينافيه‪.‬‬
‫أما الدليل‪ :‬أن الحاكم غير معصوم فيتهم بالقضاء بعلمه‪ ،‬فلعل المحكوم له ولي أو المحكوم‬
‫عليه صديق‪ ،‬وال نعلم نحن ذلك فحسمنا المادة صونا ً لمنصب القضاء عن التهم‪.‬‬
‫الرد عليهم‪ :‬إن التهمة قد تدخل عليه من قبل البينة فيقبل قول من ال يقبل‪.‬‬
‫الجواب عن هذا الرد‪ :‬إن التهمة مع مشاركة الغير أضعف بخالف ما يستقل به‪ ،‬وقد تقدم أن‬
‫التهم كلها ليست معتبرة بل بعضها‪ .‬أما حديث هند (أن أبا سفيان رجل شحيح)‪:‬‬
‫الرد عليهم‪ :‬إن قصة هند فتيا ً ال حكم ألنه الغالب من تصرفاته صلى هللا عليه وسلم ألنه مبلغ‬
‫عن هللا تعالى‪ ،‬والتبليغ فتيا ً ال حكم والتصرف بغيرها قليل فيحمل على الغالب وألن أبا‬
‫سفيان كان حاضرا ً في البلد وال خالف أنه ال يقضي على حاضر من غير أن يعرف)‪.(7‬‬
‫يرجح الباحث ما ذهب إليه الجمهور وهو أنه ال يجوز للقاضي القضاء بعلمه سواء علم به‬
‫قبل توليه القضاء أو بعده لألسباب التالية‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬لقوة أدلتهم وقوة مناقشتهم ألدلة المخالفين‪.‬‬
‫ثانيا ً‪ :‬لم يرد نص صريح يجيز للقاضي أن يقضي بعلمه‪.‬‬
‫ثالثا ً‪ :‬إن الشاهد مندوب لإلثبات والقاضي مندوب للحكم فلما لم يجز أن يكون الشاهد قاضيا ً‬
‫بشهادته لم يجز أن يكون القاضي شاهدا ً لحكمه)‪.(8‬‬
‫(‪ )1‬نيل األوطار – الشوكاني – مرجع سابق – صـ ‪.332‬‬
‫(‪ )2‬هذا الحديث سبق تخريجه ص‪.5‬‬
‫(‪ )3‬نيل األوطار – الشوكاني – مرجع سابق – صـ ‪332‬‬
‫(‪ )4‬أخرجه البخاري في صحيحه‪ ،‬محمد بن اسماعيل البخاري‪ ،‬ك‪ :‬الشهادات‪ ،‬ب‪ :‬ب‪ :‬اليمينُ على ال ُمدَّعى عليه في األموال وال ُحدُود‪ ،‬ح ر‬
‫‪ ،2666‬ج‪ ،3‬صـ‪.177‬‬
‫(‪ )5‬المحلى باآلثار – أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم األندلسي‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬بدون طبعة ج‪ –6‬صـ ‪526‬‬
‫(‪ )6‬هذا الحديث سبق تخريجه صـ ‪.165‬‬
‫(‪ )7‬الفروق – القرافي – مرجع سابق – صـ ‪.46‬‬
‫(‪ )8‬الحاوي الكبير – الماوردي – مرجع سابق – صـ ‪.323‬‬

‫‪126‬‬
‫رابعا ً‪ :‬لفساد هذا الزمان‪ ،‬وفساد أخالق القضاة في هذا الزمان‪.‬‬
‫المبحث الخامس‪ :‬البصمة الوراثية‬
‫تعتبر مسألة البصمةُ الوراثية من القضايا المستجدة التي اختلف فيها فقهاء العصر وتنازعوا‬
‫في المجاالت التي يستفاد منها‪ ،‬وتعتبر فيها ُحجة يعتمد عليها كليا ً أو جزئياً‪ ،‬وقد شاع‬
‫استعمال البصمة الوراثية في الدول الغربية وقبلت بها عدد من المحاكم األوربية وبدأ‬
‫االعتماد عليها مؤخرا ً في البالد االسالمية)‪.(1‬‬
‫المطلب األول‪ :‬التطور التاريخي للبصمات‪:‬‬
‫وردت اإلشارة إلى علم البصمات في القرآن الكريم من خالل آيات قرآنية متعلقة بخلق‬
‫اإلنسان قبل أن يكتشف أو يتحدث عن البصمات أي إنسان؛ حيث كشفت عن عجيب صنع‬
‫هللا تعالى فيه‪ ،‬ومن هذه اآليات الباهرات قوله تعالى‪ :‬ﱫﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟﱫ)‪.(2‬‬
‫وقد تعرض بعض العلماء المعاصرين لعلم البصمات عند تفسيره لهذه اآلية؛ قال الصابوني‪:‬‬
‫(وإنما ذكر هللا تعالى البنان وهي أطراف األصابع‪ ،‬لما فيها من غرابة الوضع ودقة الصنع‬
‫ألن الخطوط والتج اويف الدقيقة التي في أطراف اصابع اإلنسان‪ ،‬ال تمثاثلها خطوط أخرى‬
‫في أصابع شخص آخر على وجه األرض‪ ،‬ولذلك يعتمدون على بصمات األصابع في تحقيق‬
‫شخصية اإلنسان في هذا العصر)‪.(3‬‬
‫ولما صاغ الزرقاني هذه اآلية قال‪( :‬أرجو أن نقف قليالً عند تخصيصة البنان بالتسوية في‬
‫هذا المقام ثم نسمع بعد ذلك إلى هذا العلم الوليد (علم تحقيق الشخصية) في عصرنا اآلخير‬
‫وهو يقرر أن أدق شيءٍ وأبدعه في بناء جسم اإلنسان هو تسوية البنان حتى أنه ال يمكن أن‬
‫نجد بنانا ً ألحد يشبه بنان اآلخر بحال من األحوال‪ ،‬وقد انتهوا من هذا القرار إلى أن حكموا‬
‫البنان في كثير من القضايا والحوادث)‪.(4‬‬
‫إذن تخصيص هللا تعالى البنان في اآلية وهي أطراف االصابع‪ ،‬مع قدرة هللا تعالى المطلقة‪،‬‬
‫لم يكن أمرا ً خرافيا ً وإنما كان لحكمة اكتشفت في زماننا‪.‬‬
‫ويرجع تاريخ استعمال البصمات بصورة عملية إلى أكثر من ألف عام‪ ،‬وكان الصينيون أول‬
‫من استعملها واكتشف أهميتها‪ ،‬وكانوا يوقعون بها على األوراق الرسمية إلثبات ما بها من‬
‫بيانات أو التزامات‪ ،‬وكان األلماني (بيركنج) أول من كتب في هذا العلم إال أنه لم يلق‬
‫اهتماماً‪ ،‬وذلك أن هذا الموضوع كان مجهوالً وجديدا ً وفي غالب األحيان يجد الجديد‬
‫معارضة ورفضا ً‪ .‬وجاء عالم انجليزي (وليام هيرشل) وكان حاكما على أحد أقاليم الهند‪،‬‬

‫(‪ )1‬البصمة الوراثية ومدى حجيتها في اإلثبات – دراسة فقهية مقارنة بين الفقه والقانون الوضعي – حُسني محمود عبد الدائم – دار الفكر الجامعي‬
‫– االسكندرية – ط‪2007 1‬م – صـ ‪.62‬‬
‫(‪ )2‬سورة القيامة اآلية ‪.4‬‬
‫(‪ )3‬صفوة التفاسير – الصابوني – مرجع سابق – صـ ‪ – 38‬والتبيان في علوم القرآن‪ ،‬محمد علي الصابوني‪ ،‬دار محمد علي الصابوني‪ ،‬دار عالم‬
‫الكتب‪ – 1985 ،‬صـ ‪.136‬‬
‫(‪ )4‬مناهل العرفان في علوم القرآن – محمد عبد العظيم الزرقاني‪ ،‬مطبعة عيسى البابي وشركاؤه – ط‪ – 3‬ج‪ – 1‬صـ ‪.19‬‬

‫‪127‬‬
‫فأصدر قرار يلزم فيه األهالي بالتوقيع ببصماتهم كوسيلة الزامية واثباتا ً للشخصية ولم‬
‫يستطيع أن يوظف البصمات أكثر من ذلك ثم جاء بعده (فرانسيس جالتون) ودرس البصمات‬
‫دراسة أكبر من سابقيه وعمل ارشيفا ً لها‪.‬‬
‫وكان الدور األعظم للعالم االنجليزي (ادورد هنري) الذي نظم العمل بالبصمات وقسمها‬
‫بطريقة خاصة تعرف باسمه‪ ،‬كان له الدور األكبر في مواجهة الحكومة البريطانية على‬
‫استعمال هذه الطريقة سنة ‪1900‬م لحفظ وترتيب بصمات االصابع وأدخل عليها كثيرا ً من‬
‫التحسينات‪ ،‬أما (خوان فوسيتيس) هو كرواتي هاجر إلى األرجنتين عام ‪1884‬م والتحق‬
‫بشرطة العاصمة (بيرنس آيرس) وقرأ ما كتبه جالتون وأخذ الفكره العامة ثم طورها وطبقها‬
‫وكشف كثيرا ً من الجرائم باستخدام البصمات‪ ،‬وال تزال هذه الطريقة مطبقة في معظم البالد‬
‫التي تتكلم األسبانية)‪.(1‬‬

‫(‪)1‬التحقيق الجنائي الفني – عبد الفتاح مراد – دار الكتب المصرية ‪ -‬صـ ‪.183 -182‬‬

‫‪128‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬مفهوم البصمة لغة واصطالحا ً‬
‫أوالً‪ :‬البصمة لغة‪ :‬كلمةٌ عاميَّةٌ تعني العالمةُ‪ ،‬نقُو ُل‪ :‬بصم القُم ُ‬
‫اش بصما ً أي رسم عليه‪ ،‬وقد‬
‫ظ البصمةُ بمعنى أث ُر الختم باألصب ُع‪.‬‬‫أق َّر ُمج َّم ُع اللُّغةُ العربيةُ لف ُ‬
‫وهي مشتقة من البُصم‪ ،‬وهو فوت ما بين الخنصر إلى طرف البنصر‪ ،‬يقال‪ :‬ما فارقتك‬
‫شبراً‪ ،‬وال فترا ً وال رتبا ً وال بصماً‪ ،‬ورجل ذو بصم أي غليط البصم‪.‬‬
‫والبصمة‪ :‬مأخوذة من بصم يبصم‪ ،‬أي ختم بطرف اصبعه‪ ،‬والبصمة أثر الختم باالصبع)‪.(1‬‬
‫والبصمة اصطالحا ً‪ :‬عرفها رجال التحقيق الجنائي بأنها‪( :‬خطوط البشرة الطبيعية على‬
‫باطن اليدين والقدمين))‪ .(2‬وقيل هي عبارة عن الخطوط التي تظهر في راحة اليدين‬
‫واألصابع ومشطي وإبهامي القدمين‪ .‬وتتكون آثار البصمات عندما توضع هذه الخطوط على‬
‫حامل األثر وهو (أشياء غير خشنة وأسطح المعة)‪ .‬إذن البصمات هي األثر الناتج عن‬
‫مالمسة البشرة التي تكسو األصابع واألقدام ألي سطح أملس)‪.(3‬‬
‫ثانياً‪ :‬الوراثة‪ :‬الوراثة نعت وهي مشتقة من الوراثة ومعانيها في اللغة االنتقال‪ ،‬نقول ورث‬
‫فالن أباه يرثه وراثة وميراثا ً‪ ،‬أي صار إليه بعد موت مورثه‪ ،‬ويقال‪ :‬ورثت فالن ماالً ارثه‬
‫ورثا وورثا‪.‬‬
‫وقال تعالى اخبارا ً عن زكريا عليه السالم ودعائه إياه‪ :‬ﱫﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ‬
‫ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄﱫ)‪.(4‬‬
‫والوراثة علم يبحث في انتقال صفات الكائن الحي من جيل إلى جيل آخر وتفسير الظواهر‬
‫المتعلقة بطريقة هذا االنتقال)‪.(5‬‬
‫خصائص ومميزات البصمة الوراثية‪:‬‬
‫لقد أظهرت البحوث الطبية البيولوجية أن البصمة الوراثية تتمتع بمجموعة من الخصائص‬
‫والمزايا التي تجعلها متميزة بالمقارنة باألدلة األخرى‪ ،‬ومن أهم هذه الخصائص‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬تختلف البصمة الوراثية من شخص آلخر وال يوجد شخصان على وجه األرض‬
‫يتشابهان في هذه البصمة‪ ،‬ما عدا التوئم المتطابق (الحقيقي) أي التي أصلها بويضة واحدة‬
‫رغم أنهما يختلفان في بصمات األصابع – لذلك عدم تطابق بصمتين لشخص واحد)‪.(6‬‬

‫(‪ )1‬لسان العرب – ابن منظور – مرجع سابق – ج‪ – 12‬صـ ‪ ،50‬المعجم الوسيط – ابراهيم مصطفى وآخرون – ج‪ – 1‬صـ ‪.60‬‬
‫(‪ )2‬األدلة الجنائية والتحقيق الجنائي – منصور المعايطة – دار الثقافة – صـ ‪ ،71‬أساليب التحقيق الفني – خليل الجديسي – مطبعة االخوة – غذة –‬
‫صـ ‪.142‬‬
‫(‪ )3‬اذا اطلق لفظ بصمات فإنه يعني األثر الناتج عن مالمسة البشرة التي تكسو األصابع واألقدام‪ ،‬ولكن هنالك بصمات أخرى غير اليدين والقدمين‬
‫مثل بصمات الشفاة واألذن والصوت والبصمة الجنينية وغيرها‪.‬‬
‫(‪ )4‬سورة مريم اآلية ‪.6-5‬‬
‫(‪ )5‬ال ُمنجد في اللغة واألعالم – اعداد‪ :‬مجموعة من أهل اللغة والعلم – منشورات دار المشرق – بيروت – ط‪1992( 33‬م) – صـ ‪.40‬‬
‫(‪ )6‬التحقيق الجنائي الفني – عبد الفتاح مراد – مرجع سابق – صـ ‪.184‬‬

‫‪129‬‬
‫ثانيا ً‪ :‬تتميز البصمة بتعدد وتنوع مصادرها‪ ،‬مما يجعل من الممكن عمل هذه البصمة من أي‬
‫مخلفات آدمية (دم – لعاب – وغيرها) وهذه الخاصية تعني عدم وجود آثار لبصمات‬
‫األصابع للمجرمين في مسرح الجريمة‪.‬‬
‫ثالثا ً‪ :‬البصمة الوراثية موجودة في كل خاليا الجسم (ما عدا كريات الدم الحمراء) ولها تباين‬
‫عظيم‪.‬‬
‫إن بصمة الحمض النووي تظهر على شكل خطوط عريضة تسهل قراءتها والتعرف‬ ‫رابعا ً‪َّ :‬‬
‫عليها وحفظها وتخزينها في الحاسب اآللي لحين الحاجة إليها‪.‬‬
‫خامسا ً‪ :‬يتيح استخدام البصمة الوراثية اكتشاف اآلالف من الجرائم التي قيدت ضد مجهول‬
‫وقد برأت البصمة مئات األشخاص من جرائم القتل واالغتصاب‪ ،‬كما أدانت آخرين‪ ،‬وكانت‬
‫لها الكلمة الفاصلة في قضايا االنساب‪.‬‬
‫سادسا ً‪ :‬تعتبر البصمة أحد األساليب التي تسهم بشكل فعال في مساعدة الضحايا‪.‬‬
‫سابعا ً‪ :‬دقة البصمة الوراثية؛ تعتبر البصمة أدق وسيلة عرفت حتى اآلن في تحديد هوية‬
‫اإلنسان وذلك ألن نتائجها قطعية ال تقبل الشك والظن)‪.(1‬‬
‫موقف الشريعة اإلسالمية من علم البصمات‪:‬‬
‫لم يرد في كتب فقهاء المسلمين ذكر لعلم البصمات وذلك ألن البصمات كوسيلة من وسائل‬
‫اإلثبات لم تعرف إال في القرن التاسع عشر‪ ،‬إال أن بعض العلماء المحدثين تعرضوا لهذه‬
‫القضية عند تفسيرهم لقوله تعالى‪ :‬ﱫﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟﱫ)‪ (2‬فقد فسرها العالمة طنطاوي‬
‫جوهر)‪ (3‬بقوله‪( :‬أعلم أن تسوية البنان من أبدع ما جاء به الذكر الحكيم ومن أعجب‬
‫المعجزات القرآنية ثم قال‪ :‬بعد أن بينت هذه اآلية تشير إلى علم البصمات‪ ،‬إذن ذكر البنان‬
‫في القرآن لحكمة لم يظهر أثرها في الحياة الدنيا ظهورا ً واضحا ً إال في زماننا)‪.(4‬‬
‫وعند تفسيره لقوله تعالى‪ :‬ﱫﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ هﱫ)‪ ،(5‬تكلم عن إكتشاف البصمات ودورها في‬
‫اكتشاف الجرائم والداللة على المجرمين ربطا ً بين هذه اآلية وبين هذا العلم حديث الظهور‪.‬‬
‫)‪(6‬‬
‫وفي تفسير قوله تعالى‪ :‬ﱫﯻ ﯼ ﯽ ي ي ﱫ ﱫ ﱫ ﱫ ﱫ ﱫ ﱫ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙﱫ‬
‫وهذه اآليات موجهات الصالح نفوسنا ولها داللتان‪:‬‬
‫األولى‪ :‬أن هللا عليم بأعمالنا‪ ،‬والثانية‪ :‬أنه ضرب لنا مثالً بأن أيدينا وأرجلنا فيها عالمات؛‬
‫ولصدق هذه العالمات الداالت على أفعالنا‪.‬‬

‫(‪ )1‬البصمة الوراثية وأثرها على االحكام الفقهية – دراسة فقهية مقارنة – خليفة علي الكعبي – دار النفائس للنشر والتوزيع – األردن – ط‪1‬‬
‫‪2006‬م – صـ‪.48‬‬
‫(‪ )2‬سورة القيامة اآلية ‪.4‬‬
‫(‪ )3‬طنطاوي جوهر المصري – فاضل له انشغال بالتفسير والعلوم الحديثة ولد في مصر له مصنفات الجواهر في تفسير القرآن ‪ 26‬جزءاً‪.‬‬
‫(‪ )4‬الجواهر في تفسير القرآن – طنطاوي جوهر – دار الفكر – بيروت – ‪1350‬ه – ج‪ – 24‬صـ ‪.317‬‬
‫(‪ )5‬سورة يس اآلية ‪.65‬‬
‫(‪ )6‬سورة فصلت اآلية ‪.21-20‬‬

‫‪130‬‬
‫إن هذه اآليات تشير إلى أن هللا عز وجل قد جعل لجلد الكفين والقدمين‬ ‫وخالصة القول‪َّ :‬‬
‫خصائص ومميزات تنفرد بها ويمكن عن طريقها التدليل على أفعال أصحابها‪.‬‬
‫أن الفقهاء في ذلك العصر لم يتوصلوا إليها إال أن ذلك ال يمنع من األخذ بها‬ ‫وعلى الرغم من َّ‬
‫ألن الشريعة ال تقعد عن تحقيق أي مصلحة وال مسايرة الزمن فطالما أثبت العلم أن البصمة‬
‫تعتبر دليالً قاطعا ً في إثبات شخصية المتهم‪ ،‬وأنها تساعد في القبض على المجرمين‬
‫وتقديمهم للقضاء ومعاقبتهم على ما ارتكبوه من الجرائم‪ ،‬األمر الذي يؤدي إلى القضاء على‬
‫الفساد‪ ،‬فال يوجد مانع من األخذ بكل ما يدرأ المفسدة ويحقق المصلحة ما دام ال يتعدى حدود‬
‫الشريعة وال يخرج عنها‪.‬‬
‫كما أن مقاصد الشريعة اإل سالمية تحفظ للناس أنفسهم وأعراضهم وأموالهم‪ ،‬فإن األخذ بدليل‬
‫البصمة يتفق مع مقصد من مقاصد الشريعة اإلسالمية في أن تحفظ للناس أنفسهم‬
‫ي من األخذ بدليل البصمة في اإلثبات‬ ‫وأعراضهم وأموالهم‪ ،‬مما يعني أنه ال يوجد مان ٌع شرع ُّ‬
‫طالما أنها تحقق مصالح العباد وال تتعدى حدود الشريعة اإلسالمية)‪.(1‬‬

‫(‪ ) 1‬البصمة الوراثية وأثرها على االحكام الفقهية – دراسة فقهية مقارنة – خليفة علي الكعبي – مرجع سابق‪ ،‬ص‪.49‬‬

‫‪131‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬أنواع البصمات وأشكالها وفوائدها‬
‫تختلف البصمات بحسب أشكالها التي قد تتشابه بمظهرها العام؛ ولكن ال تتطابق في‬
‫المميزات والتفاصيل إطالقاً‪ ،‬فقد قسمت األشكال التي تبدو فيها الخطوط في بصمات‬
‫األصابع إلى ثالثة أنواع رئسية وهي‪:‬‬
‫النوع األول المقوسات‪ :‬وهي ذلك النوع من البصمات التي تظهر منها الخطوط الحلمية‬
‫على شكل أقواس‪ ،‬دون أن ينحني أحدهما أو يغير اتجاهه وهي قسمان‪:‬‬
‫أ‪ /‬المقوسات البسيطة‪ :‬وهي التي تظهر فيها الخطوط الحلمية على شكل أقواس متجهة من‬
‫عرفت المقوسات بشكل عام‪.‬‬ ‫جانب آلخر‪ ،‬وبها ُ‬
‫ب‪ /‬المقوسات الخيمية‪ :‬وهي البصمة التي ترتفع خطوطها إلى أعلى بواسطة خط أو أكثر‬
‫دون أن ينثني إلى جهة‪ ،‬وتتكون حوله باقي الخطوط بشكل مظلة‪.‬‬
‫النوع الثاني المنحدرات‪ :‬وهي ذلك النوع من البصمات التي تتخذ فيه الخطوط الحلمية خطا ً‬
‫واحدا ً أو أكثر يدخل من أحد جانبي الشكل العام للبصمة‪ ،‬ثم يلتوي بتقوس يقطع في سيره‬
‫الخط الوهمي الممتد من الزاوية ويتميز هذا النوع من البصمات بوجود مركز وهو مهم في‬
‫عد خطوط البصمة)‪.(1‬‬
‫النوع الثالث الدوائر والمستديرات‪ :‬وفي هذا النوع تتخذ الخطوط الحلمية الشكل الدائري‬
‫بحيث يمكن رؤيته بالعين المجردة وقد تكون االستدارة باتجاه عقارب الساعة أو بعكسها)‪.(2‬‬
‫أشكال البصمات‪:‬‬
‫البصمات وهي عبارة عن الزوائد الجلدية الموجودة على شكل خطوط متوازنة تعرف‬
‫بالخطوط الحلمية على الطبقة الخارجية لسطح الجلد في منطقة الكفين وباطن القدم وتتخذ‬
‫هذه الزوائد ثالثة أشكال عامة بمنطقة األصابع والتي اتخذها العلماء أساسا ً لتصنيف‬
‫البصمات وأهم هذه األشكال هي‪:‬‬
‫الشكل الخيمي‪ ،‬الشكل المنحني‪ ،‬الشكل الدائري‬
‫والصورة التالية توضح هذه األشكال‪:‬‬

‫(‪ )1‬أساليب التحقيق الجنائي الفني – خليل الجريس – مرجع سابق – صـ ‪.149 – 148‬‬
‫(‪ )2‬التحقيق الجنائي عبد الفتاح مراد – مرجع سابق – صـ ‪.186‬‬

‫‪132‬‬
133
‫فوائد علم البصمات‪:‬‬
‫يستمد علم البصمات فائدته من الثبات الذي يالزم البصمة من المهد حتى فناء الجلد وعدم‬
‫تغيرها وتبدلها والستحالة تطابق بصمة مع بصمة أخرى ومن هذه الفوائد‪:‬‬
‫‪ /1‬تحمل البصمة الكثير من الصفات المميزة ألصحابها والتي تعتبر مدخالً علميا ً وفنيا ً‬
‫يسهل التعرف عليه حتى يستطيع الخبير أن يحدد أن هناك جرحا ً بأحد األصابع أو أصبعا ً‬
‫مبتوراً‪ ،‬كما يمكن العثور على جنس صاحب البصمة ذكر أو أنثى صغيرا ً أو كبيرا ً‪.‬‬
‫‪ /2‬لتحديد مكان العثور على البصمة أهمية بالغة‪ ،‬فوجود هذا األثر في مكان ال يستطيع‬
‫صاحبها أن ينكر وجوده‪ ،‬فمثالً وجود بصمة الخادم بحجرة الطعام أو على مقبض الباب‪،‬‬
‫فإن هذا األمر ال يعد شيئا ً أما لو وجد األثر للخادم على خزانة المال فإن األثر يعتبر قرينة‬
‫على مالمسة الخادم للخزانة‪.‬‬
‫‪ /3‬تساعد بصمة األصابع في محل الحادثة على معرفة تحركات الفاعل في مسرح الجريمة‬
‫واسلوب وهدف ارتكابها‪ ،‬وكذلك عدد الجناة‪ ،‬وكشف النقاب عن كثير من الجرائم والتي‬
‫كانت البصمة مفتاحا ً لمعرفة الجاني)‪.(1‬‬
‫‪ /4‬استخدام البصمات في إثبات النسب والبنوة‪ :‬كشفت الوقائع المتكررة وفي ظروف كثيرة‪،‬‬
‫أن مجرد ا صدار شهادة الميالد لطفل حديث الوالدة ال تكفي لتحقيق شخصية أو نسبه لوالده‪،‬‬
‫السيما إذا ما أثير نزاع حول حقيقة النسب بين الطفل ووالديه‪ ،‬قد استخدم الفقه قديما ً وتناول‬
‫مسألتي القيافة والفراسة في إثبات النسب‪ ،‬كما استخدم علماء تحقيق الشخصية حديثا ً‬
‫بصمات األطفال في اثبات شخصياتهم‪ ،‬حيث يتم تسجيل بصمات أصابع القدم اليمنى‬
‫لألطفال عقب والدتهم مباشرة على نموذج خاص يسجل فيه بيانات والدي الطفل ويسلم إليها‬
‫بموجب هذه البطاقة)‪.(2‬‬
‫حجية البصمة في اإلثبات‪:‬‬
‫لم يتعرض الفقهاء األوائل لإلثبات بالبصمات ألنها لم تكن معروفة لديهم إال أنهم تعرضوا‬
‫لوسائل كان لها واقع في حياتهم القضائية‪ ،‬ومن هذه الوسائل التي تعتبر قرينة في اإلثبات‬
‫(القيافة والفراسة) ومن وسائل اإلثبات التي كان لها نطاق واسع في كشف الجريمة قديما ً‬
‫داللة األثر‪ ،‬فالناس كانوا قديما ً إذا ضلت لهم دابة أو سرقت تتبعوا آثارها لعلهم يهتدون إلى‬
‫مكانها وكانوا كذلك إذا ضلوا الطريق بحثوا عن آثار األقدام حتى يهتدوا إلى الطريقة‬
‫المطروقة‪.‬‬
‫لقد استخدم النبي صلى هللا عليه وسلم هذا األسلوب عندما بعث قافة تتبعوا آثار العرثيين‪،‬‬
‫فاستطاعوا أن يعرفوا الطريق التي سلكوها عن طريق األثر)‪.(3‬‬

‫(‪ )1‬التحقيق الجنائي – عبد الفتاح مراد – مرجع سابق – صـ ‪.186‬‬


‫(‪ )2‬التحقيق الجنائي – عبد الفتاح مراد – مرجع سابق – صـ ‪.202 – 201‬‬
‫(‪ )3‬صحيح البخاري – محمد بن اسماعيل البخاري – ك الوضوء – ب‪ :‬أبوال اإلبل – ج‪ – 1‬ح ر ‪.335‬‬

‫‪134‬‬
‫صاص الذين كانوا هم أهل هذا العلم‪ ،‬بل أصبح‬ ‫وفي هذا الزمان لم يعد األمر قاصرا ً على القُ َّ‬
‫لداللة األثر فن مستقل في مجاالت البحث الجنائي‪.‬‬
‫ولقد تبين من دراسة الكشف عن المجرمين عن طريق داللة أثر األقدام أن هذه الداللة التي‬
‫يتبعها القاص ويستند إليه في حكمه ضعيفة واهية وليست قوية من حيث اإلثبات الذاتي الدال‬
‫مباشرة على المجرم‪ ،‬ولكنه يعتبر قرينة قوية قاطعة على وجود صاحب األثر في مكان‬
‫الحادث‪ ،‬ومن هنا كانت أهميتها بارزة وواضحة ويستفاد منها في الداللة على الجناة والجهة‬
‫التي سلكوها‪.‬‬
‫إن البصمة تعتبر ُحجة قوية وقاطعة في اإلثبات في الشريعة اإلسالمية لألمور التالية‪:‬‬
‫‪ /1‬إن وسائل االثبات أقرب إلى المعامالت منه إلى العبادات إذ إن المراعى في العبادات هو‬
‫النص أما في المعامالت فيراعى غالبا ً منها التعليل ومناط الحكم (المصلحة العامة) ألن‬
‫المقصود من هذه الوسائل تحقيق مصالح العباد وتلبية حاجاتهم‪ ،‬فلذلك كان كل ما من شأنه‬
‫أن يحقق هذا المقصد ويأتي بهذه المصلحة ويشيع األمن واالطمئنان والعدل بين الناس يعتبر‬
‫وسيلة مقبولة ومعتدة شرعا ً فاألخذ بالبصمة واعتبارها وسيلة من وسائل اإلثبات وطريقا ً من‬
‫طرق الحكم من خير الوسائل وأفضلها؛ التي تنشر األمن وتحارب الفساد‪ ،‬كذلك ما تتسم به‬
‫من دقة ومميزات وخصائص منحها هللا تعالى لكل فرد من الناس‪ ،‬فأخذ بالبصمة واعتبارها‬
‫وسيلة من وسائل اإلثبات وطريقا ً من طرق الحكم مما يتالئم ويتوافق مع روح الشريعة‬
‫اإلسالمية ومقاصدها في إشاعة األمن بين الناس والحفاظ على الضروريات الخمس التي‬
‫جاءت في الشريعة اإلسالمية مؤكدة لحرمتها و وجوب صيانتها)‪.(1‬‬
‫‪ /2‬إن القول بعدم اعتبار البصمة رغم ما ذكر من خصائص ومميزات عن البصمات ورغم‬
‫الدقة المتناهية في البحث عنها واستخدامها كدليل يقدم ضد المتهم‪ ،‬يجعل الشريعة تقف‬
‫حائرة وال تدري ماذا تفعل إزاء الجرائم واألفاعيل التي يقوم بها المجرمين األزكياء الذين‬
‫ارتكبوا جريمتهم بتجهيز وتحضير وحرصوا أال يراهم أحد من الناس‪ ،‬فاشتراط الشهود أو‬
‫االعتراف واهمال كل ما من شأنه يبين الحق ويظهر األمر ب ُحجة عدم وجود الدليل‪ ،‬إنما هو‬
‫تسهيل على المجرمين وفتح الطريق أمامهم دون محاسبة وال مراقبة ما دامت البصمات غير‬
‫معترف بها من القضاء وال يلقى لها بال‪.‬‬
‫‪ /3‬إن داللة البصمة على صاحبها هي داللة قوية قاطعة ال شك وال ريب‪ ،‬وقد عرف هذا‬
‫مما بينته سابقا ً من خصائص البصمات كذلك استحالة تطابق بصمتين‪ ،‬وكذلك الثبات التي‬
‫تمتاز به البصمة من المهد إلى اللحد ال تتغير وال تتبدل وهاتان الصفتان تعطيان للبصمة‬
‫صفة القطعية في الداللة على شخصية صاحبها‪.‬‬

‫(‪ )1‬أعالم الموقعين ‪ -‬ابن القيم ‪ -‬مرجع سابق – صـ ‪.378‬‬

‫‪135‬‬
‫‪ /4‬إن احتمال الخطأ من الخبير في أن البصمة هي لفالن من الناس غير وارد‪ ،‬وذلك‬
‫ال عتبارات عدة منها دقة عمل الخبير في رفع البصمات وأخذها من مكانها‪ ،‬مع ما عند‬
‫الخبير من البصمات المحفوظة إن وجد‪ ،‬ومعظم هذه الطرق تتم بطرق كيميائية دقيقة‪ ،‬وإن‬
‫الخبير ال يعمل وحده‪ ،‬بل معه قسم كامل ومؤهل تأهيالً تاماً‪.‬‬
‫فدور الخبير هو أن يثبت فنيا ً أن البصمة هي لفالن من الناس وهذا يدل داللة قاطعة على‬
‫وجوده في المكان الذي وجدت فيه البصمة‪ ،‬وهذا المراد بقولي البصمة ُحجة في اإلثبات‪،‬‬
‫وهذا حدود عمل الخبير‪ ،‬ثم يرفع األمر للقاضي الذي يقوم بدوره على االستنصاح من‬
‫صاحب البصمة عن سبب وجوده في المكان ما دام ليس هنالك سبب مشروع في وجوده في‬
‫هذا المكان‪.‬‬
‫‪ /5‬إن احتمال التزوير والتبديل في البصمة أمر مستحيل فلذلك تعتبر داللتها قوية وثابتة ال‬
‫تتغير وال يعتد بها الضعف والوهن‪ ،‬فلهذا كله اعتبرت البصمة قرينة قوية قاطعة و ُحجة‬
‫قوية في اإلثبات في الشريعة اإلسالمية)‪.(1‬‬

‫(‪ ) 1‬دور القرائنالحديثة في اإلثبات في الشريعة اإلسالمية وتطبيقاتها في المحاكم الشرعية قطاع غزة‪ ،‬رسالة دكتوراه مقدمة للجامعة اإلسالمية‬
‫غزة‪ ،‬من الباحث زياد عبد الحميد محمد أبو الحاج‪1426 ،‬ه – ‪2005‬م‪ ،‬ص‪.46‬‬

‫‪136‬‬
‫المطلب الرابع‪ :‬إفادة الكلب البوليسي‬
‫من الوسائل التي دلت التجارب على فعاليتها في التعرف على شخصية الجاني‪ :‬الكلب‬
‫البوليسي بواسطة حاسة شمه التي تتميز بالقوة الشديدة‪ ،‬ويتم ذلك عادة باصطحابه إلى مكان‬
‫وقوع الجريمة‪ ،‬وتمكينه من شم أثر من آثار المجني عليه؛ كقميصه‪ ،‬ثم يعرض عليه المتهم‬
‫وأناس آخرون غير متهمين في شكل طابور؛ فيقوم الكلب بالتعرف على الجاني من بينهم‪،‬‬
‫وكلما كان الكلب على درجة كبيرة من التعلم والتمرين كلما كانت النتيجة في التعرف على‬
‫الجاني أفضل‪.‬‬
‫وقد قبلت البينة على سلوك الكلب البوليسي في كل من شمال ايرلندا واسكتلندا وكندا‬
‫ونيوزيلندا‪ ،‬ولكنها لم تقبل أمام محاكم جنوب أفريقيا‪.‬‬
‫وقد حظيت أحكام تلك المحاكم بقدر طيب من الجدل األكاديمي)‪.(1‬‬
‫ولعل أشهر السوابق التي أرخت وشرحت وجهة النظر القضائية في السودان في شأن إفادة‬
‫الكلب البوليسي هي سابقة‪:‬‬
‫حكومة السودان‪ //‬ضد‪ //‬عبد الرحيم شرف الدين وآخرون – ‪1969‬م‪.‬‬
‫أما القوانين السودانية كانت وما زالت صامتة بالنسبة لقبول ومصداقية و وزن الكلب‬
‫البوليسي‪ ،‬فقانون اإلثبات لسنة ‪1983‬م الملغي وكذلك قانون اإلثبات لسنة ‪1994‬م لم يتفرق‬
‫لموضوع بينة الكلب البوليسي بالرغم من أنهما أفردا فصالً للقرائن بما في ذلك البينة‬
‫المادية‪ ،‬مما يوحي بأن المشرع لم يصل لقناعة بعد في هذا الخصوص)‪.(2‬‬

‫(‪ )1‬أحكام االثبات في السودان – دراسة مقارنة – د‪ .‬كرستينا فاسديف – ترجمة‪ :‬هنري رياض – عبد العزيز صفوت – مطبعة دار الجيل – ط‪1‬‬
‫(‪1989 – 1986‬م)‪.‬‬
‫(‪ )2‬قانون االثبات لسنة ‪1994‬م – د‪ .‬البخاري عبد هللا الجعلي – صـ ‪.216‬‬

‫‪137‬‬
‫أسباب القدح في بينة إفادة الكلب البوليسي‪:‬‬
‫من الواضح أن بينة الكلب البوليسي محل خالف في مختلف األنظمة القانونية‪ ،‬وأن األنظمة‬
‫التي قبلتها قد أخذت بها مقترنة بقيود ومحازير‪.‬‬
‫وقد اتفق عموما ً على اعتبارها مكملة أو معززة‪ ،‬وهي ال تعدو أن تكون في أحسن حاالتها‬
‫قرينة تخضع لتقدير القاضي في اطار كل ما توفر لديه في القضية بهدف إدانتة أو براءته‪.‬‬
‫مقتضى هذا أنها ال تشكل بينة قاطعة بالجزم وإذا ما أخذت على حده فإنها غير كافية لإلدانة‪،‬‬
‫وتوجد اشارات في العديد من القضايا بأن الكلب البوليسي ذات قيمة صغيرة من حيث وزنها‬
‫وال ينظر إليها عموما ً لصالحها ويبدو أن اإلدانة القائمة جزئيا ً على بينة الكلب البوليسي ال‬
‫يمكن تأييدها إذا كانت البينة األخرى التي تتجه نحو تجريم المتهم غير مؤسسة وضعيفة)‪.(1‬‬
‫وقد انتهت المحكمة العليا السودانية في سابقة‪:‬‬
‫حكومة السودان‪ //‬ضد‪ //‬عبد الرحيم شرف الدين وآخرون)‪ (2‬إلى أن هذا النوع من البينة‬
‫ينبغي عدم قبوله كبينة‪ ،‬ويجب اعتباره جزءا ً من االجراءات المادية التي يقوم بها المتحري‬
‫في مسار تحرياته‪ ،‬وهو يسعى لتحديد أو لتضييق حلقة االشتباه‪ ،‬وليس هناك اعتراض بأن‬
‫تسمح المحكمة للمتحري لكي يوضح النتائج التي توصل إليها في هذا الصدد والكيفية التي‬
‫استخدم بها الكلب ومدربه ولكن ال ينبغي أن تسمح باستدعاء مدرب الكلب ليحضر أمام‬
‫المحكمة ليدلي بينتة هي معروفة سلفا ً بأنها غير مقبولة‪ ،‬فإذا كانت بينة الكلب هي شريحة‬
‫البينة الوحيدة المتوفرة لربط المتهم مع الجريمة‪.‬‬
‫فقد وجبت براءة المتهم وبالطبع ليس هناك ما يمنع الشرطي من استعمال كالبه لمساعدته‬
‫في تحرياته لكن ال ينبغي أبدا ً السماح لهم باستعمال سلوك إفادة هذا الحيوان كجزء من‬
‫بيناتهم أمام المحكمة‪.‬‬
‫وقد أكدت سابقة حكومة السودان‪ //‬ضد‪ //‬كوكو تيه ‪1971‬م؛ التكيف القانوني إلفادة الكلب‬
‫البوليسي الذي أرسته سابقة حكومة السودان‪ //‬ضد‪ //‬عبد الرحيم شرف الدين‪.‬‬
‫فقد قررت‪ :‬أن استعمال الكالب البوليسية أحد الوسائل الناجحة التي يستعملها البوليس في‬
‫مراحل التحري لتساعده في الكشف عن الجريمة وأنها دربت خصيصا ً لهذا الغرض)‪.(3‬‬
‫ويمكن تلخيص القوادح ضد هذا النوع من البينات في اآلتي‪:‬‬
‫‪ /1‬إن العناصر المرتبطة بهذا الموضوع مثل تدريب وخبرة وطريقة استخدم الكلب‬
‫البوليسي والظروف التي أحاطت بالتحري تجعل هذا النوع من البينة غير مؤتمن وال يعتمد‬
‫عليه على نحو ال يبرر قبوله في المحاكم الجنائية‪.‬‬
‫‪ /2‬ال ينبغي وضع حياة وحرية المواطن تحت رحمة الكلب‪.‬‬

‫(‪ )1‬الكتاب العشرون في الفقه االمريكي – صـ ‪ ،1078‬مشار إليه في مؤلف شرح قانون االثبات – د‪ .‬البخاري عبدهللا صـ ‪.217‬‬
‫(‪ )2‬سابقة حكومة السودان – ضد‪ :‬عبد الرحيم شرف الدين – مجلة االحكام القضائية لسنة ‪1986‬م – صـ ‪.119‬‬
‫(‪ )3‬سابقة حكومة السودان ضد‪ :‬كوكو تيه – مجلة االحكام القضائية لسنة ‪1971‬م – صـ ‪.95‬‬

‫‪138‬‬
‫‪ /3‬ال يستطيع المتهم مناقشة الكلب‪ ،‬إذ أن المناقشة حق أصيل للدفاع‪ ،‬وكما هو معروف فإن‬
‫مناقشة الشاهد أساسية الستنتاج وسائل معرفتة وأسباب اعتقاده وكيفية مالحظاته وأي‬
‫ظروف أخرى توضح أي أخطاء أو تناقضات أو عدم احتمال ما أدلى به‪ ،‬وبداهةً أن الكلب‬
‫ال يمكن مناقشته وبالتالي فإن ما يقال بواسطة مدربه يقبل دون مناقشة ومقتضى قبول إفادة‬
‫مدرب الكلب هو حرمان المتهم من حقه في مناقشة الشاهد الحقيقي‪.‬‬
‫‪ /4‬إن ما يدلي به مدرب الكلب عن سلوك الكلب ليس بينة أصلية‪ ،‬بل هو بينة نقلية‪ ،‬والكلب‬
‫الذي ش َّم الرائحة وتابع األثر حتى المتهم ال يمكن تقديمه أمام المحكمة ألنه ال يستطيع أن‬
‫يدلي بأقوال على اليمين بشأن مالحظته‪ ،‬صحيح أنه توجد استثناءات واردة على الشهادة‬
‫النقلية لكن هذا النوع من البينة ليس واحدا ً منها‪ ،‬ولهذا السبب فهي غير مقبولة‪.‬‬
‫‪ /5‬إن المتهم قد جرد وحرم من حقه الدستوري في مواجهته بالشهود الذين أدلوا بشهادة‬
‫ضده‪.‬‬
‫‪ /6‬لم تتمكن المحاكم بعد من اختبار سلوك الكلب ألنها ال تملك الوسائل التي تكشف بها عن‬
‫األسباب التي جعلت الكلب يسلك ذلك السلوك‪ .‬وما يدلي به مدرب الكلب مبني على التخمين‬
‫واالستنتاج و ما بني على ذلك االساس يكون دائما ً مضلالً)‪.(1‬‬

‫(‪ )1‬الكتاب العشرون في الفقه االمريكي – صـ ‪ ،1078‬مشار إليه في مؤلف شرح قانون االثبات – د‪ .‬البخاري عبد هللا الجعلي – صـ ‪.219 – 218‬‬

‫‪139‬‬
‫المبحث السادس‪ :‬الفحص المعملي ‪DNA‬‬
‫المطلب األول‪ :‬تعريف الحمض النووي‬
‫بصمة الحمض النووي أو البصمة الوراثية ألي إنسان هي‪( :‬أصل كل العالمات الوراثية‬
‫الموجودة بالجنين منذ بداية تشكله في رحم أمه))‪ (1‬وهي المسئولة عن لون البشرة وشكل‬
‫البصمات وكذلك المسئولة عن وظائف الخاليا‪ ،‬ولذلك إذا حصل أي خلل في الحمض‬
‫النووي فإن ذلك ينعكس على االنسان على شكل مرض أو عاهة‪.‬‬
‫الحامض النووي )‪ DNA(2‬هو(الحامض الرايبوزي منزوع االوكسجين ويوجد داخل نواة‬
‫الخلية في صورة كروموزومات (الصبغيات))‪.‬‬
‫وهي عبارة عن مواد بروتينية التركيب اضافة إلى الحمض النووي ويعتبر من األحماض‬
‫لوجود مادة الفوسفات ضمن تركيبه الكيميائي لذلك يصنف كيميائيا ً كحمض‪ ،‬ويتكون‬
‫الحمض النووي من قواعد رئيسية ويوجد الحمض النووي على شكل ساللم ملتفة حول‬
‫بعضها البعض ومكونة من أربعة قواعد نيتروجينية وهي‪:‬‬
‫أ‪ .‬أدنين ‪Adenine‬‬
‫ب‪ .‬جوانين ‪Guanine‬‬
‫ج‪ .‬ساتيوزين ‪Cytosine‬‬
‫د‪ .‬ثايمين ‪Thymine‬‬
‫ويتصل االدنين دائما ً بالثايمين‪ ،‬ويتصل الجوانين بالسيتوزين‪ ،‬ثم يتصل كل واحد من هذه‬
‫القواعد بسكر الرايبوز منزوع االوكسجين وترتبط جزيئات السكر مع بعضها البعض‬
‫بواسطة مجموعة الفوسفات)‪.(3‬‬
‫والستخالص الحمض النووي طريقة خاصة تبدأ برفع العينة من مكان الحادث معملياً‪ ،‬ثم‬
‫تنقى العينة من المواد المصاحبة كالمواد الصلبة وكريات الدم الحمراء‪ ،‬ويتم استخالص نواة‬
‫خلية الدم البيضاء بواسطة االنزيمات‪ ،‬وذلك من خالل تحليل غالف الخلية الحية وصوالً‬
‫إلى الشريط الحلزوني المزدوج في صورة راسب أبيض هالمي هو (البصمة الجينية‬
‫المرادة))‪.(4‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬مميزات بصمة الحمض النووي ‪DNA‬‬
‫الخلية اآلدمية الواحدة تحتوي على ما يقارب ‪ 3,3‬بليون زوج من القواعد النيتروجينية‪،‬‬
‫وهي تمثل المادة الوراثية الالزمة للحياة‪ ،‬وتحتوي على ‪ 9905‬من األحماض الوراثية التي‬
‫تكون متشابهة في جميع األشخاص‪.‬‬

‫(‪ )1‬األدلة الجنائية والتحقيق الجنائي ‪ – Acid‬منصور المعايطة ‪ -‬مرجع سابق – صـ ‪.79‬‬
‫(‪ )2‬الحمض النووي هو اختصار لـ ‪ (Dioxyribo Nucleic Acid‬وقد سمى بالنووي ألنه موجود في أنوية خاليا الكاينات الحية – أدلة االثبات‬
‫الجنائي والتكنلوجيا الحديثة – جمال عبد الباقي الصغير – دار الكتب المصرية‪ – 2002 ،‬صـ ‪.59‬‬
‫(‪ )3‬أدلة االثبات الجنائي والتكنلوجيا الحديثة – جميل عبد الباقي الصغير‪ ،‬دار النهضة العربية‪2002 ،‬م– صـ ‪.61‬‬
‫(‪ ) 4‬الطب الشرعي في التحقيقات الجنائية‪ ،‬د‪ .‬إبراهيم الصادق الجندي‪ ،‬ط‪1420 ،1‬ه – ‪200‬م‪ ،‬ص ‪.222‬‬

‫‪140‬‬
‫وهذا ما يجعل الناس متشابهين في األيدي واألرجل‪ ،‬ومن هنا كانت ميزة الحمض النووي‬
‫عن غيره‪ ،‬أنه يؤخذ من أي خلية من الجسم ويتم تحليلها ثم تدوين النتائج‪ ،‬بل يمكن عمل‬
‫البصمة الج ينية من أي مخلفات بشرية سائلة بشرط أن تحتوي على خاليا ن جسم االنسان‬
‫مثل الدم واللعاب والمني‪ ،‬أو أنسجة مثل الجلد والعظام والشعر‪ ،‬حتى لو مضى على هذه‬
‫المخلفات أربع سنوات‪ ،‬وتظهر بصمة الحمض النووي على هيئة خطوط عريضة يسهل‬
‫قراءتها وحفظها وتخزينها في الكمبيوتر لمقارنتها حين الطلب)‪ .(1‬بعكس بصمات األصابع‬
‫والتي ال يمكن حفظها في الكمبيوتر وقد بدأت بعض الدول في عمل بنك بقاعدة بيانات‬
‫للحمض النووي للمواطنين جميعا ً أو على األقل للمشتبه فيهم حتى يكون لديهم الدليل في‬
‫حالة االشتباه)‪.(2‬‬

‫(‪ )1‬األدلة الجنائية – سلسلة محاضرات لمادة االدلة الجنائية – عبد القادر الخياط – أكاديمية شرطة دبي – ‪2003‬م – صـ ‪.85‬‬
‫(‪ ) 2‬الطب الشرعي في التحقيقات الجنائية‪ ،‬د‪ .‬إبراهيم صادق الجندي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.224‬‬

‫‪141‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬مجاالت العمل بالحمض النووي ‪DNA‬‬
‫وقد أدى التطور العلمي الحديث إلى التطور في البحث عن اآلثار المساعدة في البحث‬
‫الجنائي‪ ،‬ولتحقيق شخصية إنسان وتمييزه عن اآلخرين‪ ،‬من خالل الحمض النووي‪ ،‬الذي‬
‫يوجد في أي خلية من الجسم‪ ،‬حيث أجريت تجارب على الحمض النووي‪ ،‬فأخذت عينات‬
‫من أشخاص ال توجد صلة بينهم وعولجت كيميائياً‪ ،‬فلوحظ أن الحمض النووي كان مميزا ً‬
‫لكل واحد من اآلخرين‪ ،‬ويمكن الحصول على كمية كافية من الحمض النووي من قطرة دم‬
‫واحدة للتعرف على صاحب هذا الدم بشكل يقيني عند إجراء عملية المضاهاة‪ ،‬ولو أخذنا‬
‫نقطة دم و عينة من السائل المنوي لشخص واحد ثم فحص الحمض النووي في كل عينة فإن‬
‫النتيجة حتما ً تكون متطابقة ألنها لشخص واحد‪.‬‬
‫وتظهر أهمية الحمض النووي فيما يلي‪:‬‬
‫‪ /1‬إثبات البنوة واألبوة ‪ :‬تعتبر وسيلة اثبات البنوة عبر الحمض النووي من أثبت الطرق‬
‫العلمية إلى اآلن‪ ،‬وتخالف بصمة الحمض النووي في هذا المجال طريقة تحليل الدم آتية‬
‫الذكر‪ ،‬بأن طريقة تحليل الدم هي داللة نفي أكثر منها داللة إثبات‪ ،‬أما الحمض النووي فإنه‬
‫يعتبر وسيلة نفي واثبات بمعدل (‪ )100%‬وذلك أنه من المعروف أن أي طفل يستمد تركيبه‬
‫الوراثي من أبويه مناصفة‪ ،‬كما أن أبويه مصدر وراثي الخوته‪ ،‬ويمكن استخالص البصمة‬
‫الجينية إلثبات نسب الطفل إلى كال أبويه أو أحدهما وبالتالي يتوقف على ذلك قبول أو رفض‬
‫دعاوى البنوة)‪.(1‬‬
‫لذلك تستخدم طريقة البصمة الجينية في اإلثبات في حاالت ادعاء طفل زورا ً إلى غير أبويه‪،‬‬
‫وجرائم خطف األطفال حديثي الوالدة‪.‬‬
‫‪ /2‬إثبات درجة القرابة في االسرة‪ :‬تستعمل البصمة الجينية أيضا ً في إثبات النفي في حاالت‬
‫ادعاء القرابة وذلك لو ادعى شخص بقربته بشخص ميت بغرض االرث)‪.(2‬‬
‫فإن أمكن الحصول على عينة من جثمان الشخص المتوفى‪ ،‬يمكن إثبات صحة االدعاء أو‬
‫كذبه‪.‬‬
‫ويكفي ألخذ البصمة جزء يسير من أي مادة متوفرة من الميت‪ ،‬مثل شعره أو جزر شعرة‬
‫ويكفي لهذا الغرض قطرة دم واحدة ولو كانت صغيرة‪.‬‬
‫‪ /3‬المجال الجنائي‪ :‬لم يقف األمر عند تقديم وسائل جديدة لحسم المنازعات في البنوة‬
‫ومسائل القرب‪ ،‬بل لعبت دورا ً كبيرا ً في إثبات االتهام الجنائي عن طريق الوصول إلى‬
‫ال جاني الحقيقي من خالل تحليل آثار الدماء أو السائل المنوي في جرائم االغتصاب عن‬
‫طريق فحص البصمة النووية المستمدة من مني المتهم العالق بالمجني عليه‪.‬‬

‫(‪ )1‬البوليس العلمي أو فن التحقيق‪ – ،‬رمسيس بنهام – منشأة المعارف للنشر‪ ،‬ط‪ – 2000 ،1‬صـ ‪.151‬‬
‫(‪ )2‬األدلة الجنائية – منصور المعايطة – مرجع سابق – صـ ‪.81‬‬

‫‪142‬‬
‫وللبصمة أثرها الخاص بالمشتبه به نفيا ً وإثباتاً‪ ،‬كما تستخدم هذه التقنية العجيبة في جرائم‬
‫الدم (القتل والجرح) عن طريق فحص الدم الملتقط من مسرح الجريمة‪ ،‬هل هو لشخص‬
‫واحد أو لشخصين متباينين وعليه تتم العملية‪.‬‬
‫وكما استخدمت تقنية تحليل الحمض النووي المذكور بأخذ عينات دم من أقارب ضحايا‬
‫الطائرة المصرية التي سقطت بالقرب من الشواطيء األمريكية عام ‪1999‬م وذلك للتعرف‬
‫على أشالء ه ؤالء الضحايا من خالل مضاهاة الصفات الوراثية للدم واالسنان وشعر‬
‫الرأس)‪.(1‬‬
‫للحمض النووي أهمية كبرى في القضايا التالية‪:‬‬
‫‪ /1‬قضايا المفقودين (أطفال‪ ،‬جثث مجهولة الهوية‪ ،‬سقوط طائرات)‪.‬‬
‫‪ /2‬قضايا إثبات صلة الرحم‪ ،‬قضايا الهجرة‪ ،‬إذا ادعى أحد نسب فالن ليدخله الحدود معه‬
‫بحجة أنه قريبه‪.‬‬
‫‪ /3‬ربط عدة قضايا مع بعضها‪ ،‬إعادة فتح قضايا مجهولة‪.‬‬
‫‪ /4‬تطبيقات في المجاالت الطبية (األمراض الوراثية‪ ،‬وأمراض االيدز)‪.‬‬
‫‪ /5‬حاالت االشتباه في المواليد في المستشفيات وكذلك أطفال األنابيب‪.‬‬
‫‪ /6‬في حاالت نفي الولد عن الرجل الذي يتزوج زواجا ً عرفيا ً وينكر نسب الولد المتولد‬
‫منهما إليه وهذا يكثر في ديار مصر)‪.(2‬‬
‫المطلب الرابع‪ُ :‬حجية الحمض النووي في اإلثبات‬
‫لقد أصبحت األدلة المادية والتحاليل العلمية من االجراءات الضرورية والتي يعتمد عليها في‬
‫الكشف عن الكثير من القضايا‪ ،‬ولكن يشترط من أجل ضمان صحة نتائج الحمض النووي‬
‫ما يلي‪:‬‬
‫‪ /1‬أن يكون مقبوالً على الصعيد العلمي‪ ،‬وأن تكون جميع التجارب التي أجريت عليه قد‬
‫ثبت صالحيتها قبل السماح باستخدام القضاء‪.‬‬
‫‪ /2‬أن يكون األسلوب العلمي ذا عالقة مباشرة بالقضية المراد البحث عنها‪.‬‬
‫‪ /3‬توثيق خطوة من خطوات تحليل البصمة الوراثية مع حفظ هذه الوثائق المكانية الرجوع‬
‫إليها عند الحاجة‪.‬‬
‫شهد لهم بالخبرة وسالمة العمل‪ .‬فهذه التحاليل قد‬ ‫‪ /4‬أن يكون العاملون في هذا المجال ممن ُ‬
‫تم دراستها بشكل مستفيض‪ ،‬لذلك كان للحمض النووي فضالً عظيما ً بإذن هللا تعالى في كثير‬
‫من القضايا آنقة الذكر في مطلب أهمية الحمض النووي)‪.(3‬‬

‫(‪ )1‬أدلة االثبات الجنائي – جميل عبد الباقي الصغير – مرجع سابق – صـ ‪.66‬‬
‫(‪ )2‬أدلة االثبات الجنائي – جمال عبد الباقي الصغير – مرجع سابق – صـ ‪.67‬‬
‫(‪ )3‬األدلة الجنائية – منصور المعايطة – مرجع سابق – صـ ‪.82‬‬

‫‪143‬‬
‫وقد خلصت الندوة الفقهية الطبية المنعقدة بالكويت في الفترة من (‪ )15 – 13‬اكتوبر سنة‬
‫‪ 1998‬م إلى تأكيد دقة البصمة الوراثية وإلى أنها ترقى إلى مستوى القرينة القاطعة‪ ،‬ورغم‬
‫ذلك أرجأت الندوة مسألة إثبات النسب بداللة البصمة الوراثية لمزيد من الدراسة‪.‬‬
‫والذي أراه وهللا أعلم أن الداللة للحمض النووي قاطعة إال في مسألة النسب المتوافر فيه‬
‫الفراش لحديث النبي صلى هللا عليه وسلم‪( :‬إن الولد للفراش ‪ ،(1))...‬وبذلك يلزم االعتداد‬
‫بمشروعية الفراش‪.‬‬
‫ولقد اعتبرت كثير من الدول المتقدمة في المجال العلمي بصمة الحمض النووي في إثبات‬
‫األ نساب والجرائم‪ ،‬ولقد أوصى المؤتمر العربي الثالث لرؤساء أجهزة الدول الجنائية‬
‫المنعقدة في عمان ما بين ‪ 12 – 10‬ما يو ‪1993‬م على تصنيف السوائل البيولوجية بنظام‬
‫بصمة الحمض النووي ومدى امكانية االستفادة منه في مجال العدالة الجنائية بالدول‬
‫العربية)‪.(2‬‬
‫وفي مصر أدخلت البصمة الوراثية في المحاكم الجنائية لتستخدم كدليل في تحديد هوية‬
‫المجني عليهم في جريمة القتل وقد أخذت بها الشرطة المصرية ألول مرة عام ‪1968‬م في‬
‫قضية تم فيها احراق حثة المجني عليها‪ ،‬فأخذت عينة من آثار دمائها من محل الواقعة وتم‬
‫بالفعل استخراج الحمض النووي من قطرات الدم‪ ،‬إال أن التحقيق لم يستكمل وذلك لقلة‬
‫اآلثار التي تم العثور عليها واختالطها بغيرها‪.‬‬
‫وعليه يتعبر البصمة الجينية (بصمة الحمض النووي) داللة قاطعة في االثبات إال في مقام‬
‫النسب المقترن بالفراس بين الزوجين لألسباب التالية‪:‬‬
‫‪ /1‬ما ثبت علميا ً بالدليل القاطع أن البصمة الجينية هي وسيلة من نوع خاص‪ ،‬ألنها مجدية‬
‫على صعيدي النفي واإلثبات‪ ،‬وهذه مزية تفترق عن تحليل الدم مثالً والذي ال يكون في‬
‫مجال النفي فقط وال يقطع بثبوت البنوة‪.‬‬
‫‪ /2‬األمثلة السابقة الذكر وغيرها من األمثلة كانت بمثابة االستقراء واألمر المستفيض على‬
‫قطعية اإلثبات بالحمض النووي‪.‬‬
‫‪ /3‬قدرة اإلثبات بالحمض النووي باالعتماد على أجزاء ولو يسيرة أو دقيقة مثل قطة دم أو‬
‫غشاء لعاب الفم‪ ،‬أو أصل شعرة‪ ،‬ويضاعف خالل أقل من ساعتين‪.‬‬
‫فالعينات الضعيفة جدا ً يمكن مضاعفتها ومن ثم سهولة فحصها وتشبه عمليات المضاعفة‬
‫بعملية استنساخ عدد كبير من نفس األوراق عن طريق آلة التصوير‪ ،‬فسبحان هللا رب‬
‫العالمين‪.‬‬

‫(‪ )1‬أخرجه البخاري في صحيحه‪ ،‬محمد بن اسماعيل البخاري‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد زهير بن ناصر‪ ،‬دار طوق النجاة‪1422 ،‬ه – ك‪ :‬الحدود‪ ،‬ب‪ :‬العاهر‬
‫للحجر‪ ،‬ح ر ‪ ،6817‬ص‪.165‬‬
‫(‪ )2‬األدلة الجنائية – منصور المعايطة – مرجع سابق – صـ ‪.82‬‬

‫‪144‬‬
‫‪ /4‬أما عن عدم األخذ بنتيجة الحمض النووي في مجال إثبات النسب المتوافر فيه الفراش‪،‬‬
‫لوجود نص شرعي قطعي في مجال الزوجية الصحيحة‪ ،‬أن الولد للفراش‪ ،‬فهو نص في‬
‫إثبات نسبة الولد ألبويه وال يجوز ترك النص والعدول عنه إلى أمر آخر مهما بلغ من القوة‬
‫االثباتية‪.‬‬
‫‪ /5‬إن األخذ بالبصمة الجينية فيها إظهار لقدرة الخالق جل وعأل الذي سخر ما في الكون‬
‫لهذا االنسان)‪.(1‬‬

‫(‪ )1‬االثبات بالقرائن في القانون االداري والشريعة االسالمية – دراسة فقهية مقارنة – رسالة دكتوراه – محمد علي عطا هللا – سنة ‪2001‬م – صـ‬
‫‪.64 – 63‬‬

‫‪145‬‬
‫الخاتمة‬
‫الحمد هلل الذي بنعمته تتم الصالحات‪ ،‬له الحمد أوالً وآخيرا ً وله الشكر على ما تفضل به من‬
‫نعم كثيرة‪ ،‬منها اكمال هذا البحث الذي أرجوا أن يكون كل ما بذل فيه من جهد إنما هو لنيل‬
‫رضاه وأن تكون النية فيه متجهه باخالص إلى المساهمة في بيان طرق اإلثبات وأدلتها في‬
‫الفقه اإلسالمي الذي يشكل نقله نوعية متقدمة في تطوير اجراءات الدعاوى والبينات في‬
‫الفقه اإلسالمي بين الشريعة والقانون الوضعي‪.‬‬
‫ومن خالل استعراض الباحث الجراءات الدعاوى والبيَّنات في الفقه اإلسالمي يمكن‬
‫استخالص النتائج والتوصيات والمقترحات التالية‪:‬‬
‫أوالً النتائج‪:‬‬
‫‪ /1‬إن أدلة اإلثبات هي ال ُحجج الشرعية التي يقدمها الخصوم أمام القضاء عند نظر‬
‫الخصومة إلثبات دعوى أو دفع المدعى عليه لهذه الدعوى أو إثبات واقعة معينة يتصل‬
‫إثباتها بالفصل بالدعوى‪.‬‬
‫‪ /2‬إن الحق بال أدلة إثبات يتجرد من كل قيمة إذ أن الحق إذا تجرد عن دليله يصبح عند‬
‫المنازعة هو والعدم سواء‪.‬‬
‫‪ /3‬إن النظام اإلسالمي يحرص على تمكين أصحاب الحقوق من التمتع بقضاء عادل لكي ال‬
‫يأخذ الخصم غير حقه‪.‬‬
‫‪ /4‬إن النظام اإلسالمي حض الخصم أال يأخذ غير حقه ولو قُضي له به‪ ،‬إذ يقول الرسول‬
‫ي ولعل بعضكم ألحن بحجته من بعض فأقضي له‬ ‫صلى هللا عليه وسلم‪( :‬إنكم تختصمون إل َّ‬
‫على نحو ما اسمع منه فمن قطعت له من أخيه شيئا ً فال يأخذه فإنما أقطع له قطعة من‬
‫النار))‪.(1‬‬
‫‪ /5‬إن النظام اإلسالمي نظم الدعوى وبيَّن شروطها وأنواعها ومتى تكون الدعوى صحيحة‬
‫مقبولة ومسموعة ومتى تكون فاسدة ال تقبل وال تسمع‪.‬‬
‫‪ /6‬إن األصل أن المدعي هو الذي يقوم بإثبات كافة العناصر والشروط التي يجب توافرها‬
‫لوجود الحق المدعى به‪ ،‬ولكن نظرا ً ألن ذلك يعد تكليفا ً بما ال يستطاع؛ فإنه يكتفي من بيان‬
‫ما يجعل وجود هذا الحق راجحا ً في جانبه كما يتحمل المدعى عليه جزءا ً من تبعات هذا‬
‫العبء‪.‬‬
‫‪ /7‬إن الق اعدة العامة في القضايا المدنية أن مستوى اإلثبات يكون بترجيح البينات‪ ،‬أما‬
‫اإلثبات في القضايا الجنائية فيكون بما ال يدع مجاالً للشك المعقول‪.‬‬

‫(‪ )1‬ها الحديث سبق تخريجه – صـ‪.6‬‬

‫‪146‬‬
‫‪ /8‬إن للشهادة قيمة كبرى في اإلثبات في النظام اإلسالمي وذلك ألن كل مسلم مكلف شرعا ً‬
‫باإلفصاح للعدالة عما لديه من معلومات علمها بنفسه تيقُّناً‪ ،‬إذ أن الشهادة أمانة يلزم أداؤها‬
‫عند استلزام األمر لها أو طلبها‪.‬‬
‫‪ /9‬إن الشهادة في النظام اإلسالمي تتقدم سائد البينات‪ ،‬وانعقد اإلجماع على أن الشهادة‬
‫حجيتها المطلقة في اإلثبات إذ يتم بها إثبات جميع الوقائع والتصرفات أيا ً كان نوعها وأيا ً‬
‫كانت قيمتها‪.‬‬
‫‪ /10‬إن الشهادة في الفقه اإلسالمي حتى تكون صحيحة يبنى عليها إثبات الحقوق البد من‬
‫توافر أركانها وشروطها ونصابها‪.‬‬
‫‪ /11‬إن اجراءات الشهادة في الفقه اإلسالمي تتميز باليسر والبساطة انطالقا ً من يُسر‬
‫الشريعة وبساطتها؛ فقد تركت األمر كله لقاضي الدعوى وأعطته السلطة كاملة في اتخاذ ما‬
‫يراه‪ ،‬وصوالً إلى الحقيقة وتحري الدقة بالنسبة للشهود والمشهود به‪ ،‬ولم تقيده الشريعة في‬
‫هذا الخصوص بأية اجراءات وإن أوجبت عليه السؤال عن الشاهد سرا ً أو عالنية من يثق‬
‫فيهم من العدول وهو ما يعرف بنظام التزكية وأن يتحقق من شخصية الشاهد ومعرفته‬
‫بالمشهود له‪ ،‬والمشهود عليه ومناقشة الشاهد فيما يدلي به من أقوال وذلك دون أي تقييد‬
‫للقاضي في ذلك باجراء معين أو وقت محدد‪ ،‬بينما يختلف األمر كثيرا ً في القوانين الوضعية‬
‫التي توجب اتخاذ بعض االجراءات لإلثبات بشهادة الشهود باجراءات فرعية أو اجراءات‬
‫أصلية‪.‬‬
‫‪ /12‬تنقسم الشهادة في الشريعة اإلسالمية والقانون من حيث درجتها والعلم الحاصل بها إلى‬
‫شهادة أصلية (مباشرة) وشهادة ثانوية (غير مباشرة) وشهادة السماع‪.‬‬
‫‪ /13‬إن اإلقرار قد يكون صراحة أو داللة؛ ويكون إما باللفظ أو الكتابة أو االشارة المعهودة‬
‫من األخرس الذي ال يعرف الكتابة‪.‬‬
‫‪ /14‬إن اهتمام فقهاء الشريعة اإلسالمية السابقين والمعاصرين بأمر الشهادة لم يأت من‬
‫فراغ‪ ،‬بل من عظمة الشهادة والدور الكبير الذي تلعبه في مجال إثبات الحقوق وتحقيق‬
‫العدالة‪.‬‬
‫‪ /15‬إن الفقه اإلسالمي قد حوى نظاما ً متميزا ً ومتفردا ً في اإلثبات يتسق مع نظامه الشامل‬
‫العادل‪ ،‬فهو مع عدم تحديده ألدلة معينة بعينها إلثبات الدعوى على ما ذهب إليه جمهور‬
‫الفقهاء‪ ،‬جعل سلطة القاضي في تقدير األدلة منضبطة حتى ال يجعل وظيفة القاضي آلية ال‬
‫أثر لها في الحكم‪ ،‬كما أنه لم يطلق للقاضي الحرية الكاملة في تحديد األدلة تجنبا ً لتعسف‬
‫القضاة في استعمال هذا الحق فيستغلون سلطة وظيفتهم‪.‬‬
‫‪ /16‬إن اإلقرار لكي يكون صحيحا ً البد له من شروط وأركان‪.‬‬

‫‪147‬‬
‫‪ /17‬إن اإلقرار حجة قاصرة على المقر ال يتعداه إلى غيره ألن المقر ال والية له على غيره‬
‫فيسري كالمه على نفسه دون غيره‪.‬‬
‫‪ /18‬إن اليمين ُح َّجة في اإلثبات تنقطع بها الخصومة‪.‬‬
‫‪ /19‬إن اليمين ال تكون إال بطلب من الخصم أو ممن فوضه في ذلك‪ ،‬يحدد فيه بدقة الوقائع‬
‫التي تكون محالً لليمين ويذكر بوضوح صيغة اليمين التي يريد من خصمه حلفها وهذا ما‬
‫نص عليه نظام المرافعات الشرعية السعودي في المادة (‪.)107‬‬
‫‪ /20‬أعطت الشريعة اإلسالمية الحق لطرفي الخصومة بأن يدفع الخصومة عن نفسه بالدليل‬
‫ويعطي القاضي مهلة كافية للمدعى عليه ليأتي بدفعه على الوجه الصحيح‪.‬‬
‫‪ /21‬بينت الدراسة أن البينة اسم لكل ما يبين الحق ويظهره من أدلة اإلثبات المختلفة‪ ،‬وأنها‬
‫ليست مقصورة في شهادة الشهود‪ ،‬ألن الشهادة إحدى أنواع البينات المقررة شرعا ً وقانونا ً‬
‫وأن البينة قد تأتي بمعنى اإلثبات وال ُحجة والبرهان‪.‬‬
‫‪ /22‬إن الكتابة وسيلة إثبات وأن هللا تعالى حفظ بها هذه الشريعة‪.‬‬
‫‪ /23‬إن النكول عن اليمين دليل إثبات به قضى عمر وعثمان وعلي وعبد هللا بن عمر وابن‬
‫عباس وأبو موسى األشعري رضي هللا عنهم وشريح وغيره من القضاة‪.‬‬
‫‪ /24‬إن القسامة دليل إثبات وأن الحكمة من مشروعيتها تعظيم شأن الدماء وحفظا ً لها وأال‬
‫تذهب هدرا ً بالقدر المستطاع‪.‬‬
‫‪ /25‬تنقسم البينة الخطية غير الرسمية إلى بينة خطية معدة لإلثبات التي يكتبها الناس فيما‬
‫بينهم وتشمل على توقيع من صدر منه أو خاتمه أو بصمة أصبعه‪ ،‬وبينة خطية غير معدة‬
‫لإلثبات‪ ،‬ال تكون عادة موقعة من قبل أصحابها كدفتر البياع واألوراق المنزلية‪.‬‬
‫‪ /26‬يشترط في البينة الخطية غير الرسمية المعدة لإلثبات التوقيع من صاحب الشأن ألنها‬
‫تستمد ُحجيتها من التوقيع وهو الشرط الجوهري‪.‬‬
‫‪ /27‬إن القرائن القاطعة دليل إثبات دلت على ذلك النصوص في القرآن الكريم والسنة‬
‫النبوية الصحيحة التي أثبتت العمل بالقرائن واألمارات الظاهرة‪.‬‬
‫‪ /28‬إن الخبرة والعمل بمقتضى ما يراه الخبراء مشروع باتفاق الفقهاء‪.‬‬
‫‪ /29‬إن الحاجة داعية إلى الخبراء في المسائل الفنية التي قد يتعذر على القاضي الوقوف‬
‫على كنفها وتعرف حقيقتها إذا هو اقتصر على مجهوده الشخصي‪.‬‬
‫‪ /30‬إنه لم يرد نص صريح يجيز للقاضي أن يقضي بعلمه فكان البد من النظر إلى ما يعود‬
‫على المجتمع من نفع أو ضرر من خير أو شر ورعاية لجانب المصلحة‪ ،‬وترجح لدى‬
‫الباحث عدم جواز قضاء القاضي بعلمه مطلقا ً العتبارات تتعلق بتطور الزمان وفساد أهله‬
‫وضعف النفس البشرية وقلة الوازع الديني وكثرة المغريات مع قلة الورع وذلك سد‬
‫للزرائع‪.‬‬

‫‪148‬‬
‫‪ /31‬األخذ بالدليل المادي الحديث يؤدي إلى اتساع دائرة اإلثبات‪ ،‬األمر الذي يمكن المجتمع‬
‫من مالحقة المجرم وتنزيل العقوبة عليه‪.‬‬
‫‪ /32‬األخذ بنتائج األدلة الحديثة في اإلثبات يؤدي إلى توطيد أركان العدل واستتباب األمن‬
‫واالستقرار في المجتمع‪ ،‬وبهذا يتحقق مقصد الشارع في أن يحفظ للناس أرواحهم‬
‫وأعراضهم وأموالهم من االعتداء وصيانتها والمحافظة عليها من االنتهاك‪.‬‬
‫‪ /33‬إن دور البصمة في إثبات الحدود أنها تنير الطريق للعدالة وترشدهم إلى األشخاص‬
‫الذين مروا بالفعل على مسرح الجريمة أو جسم الضحية وللعدالة برؤيتها الثاقبة أن تقرر‬
‫مؤاخذة المتهمين والمشتبه فيهم بالعقاب التعزيري أوالً على أساس استبعاد تطبيق الحدود‬
‫الشرعية مع وجود أدنى شبهة‪.‬‬
‫‪ /34‬ضرورة اعتماد قرينة الحامض النووي في اإلثبات بشكل أولي وذلك ألنها بلغت درجة‬
‫اليقين‪.‬‬
‫‪ /35‬داللة بصمة اليد واألصايع على صاحبها هي داللة قاطعة قوية دون أدنى شك وهذا‬
‫يؤيد قطعا ً وجود صاحب البصمة في المكان الذي وجدت فيه‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬التوصيات والمقترحات‪:‬‬
‫‪ /1‬يوصي الباحث بتهيئة سبل الراحة للشهود وتهيئة األمور لهم وتقديرهم خاصة إذا كان‬
‫شيخا ً كبيرا ً في السن أو امرأة أو مريضاً‪.‬‬
‫‪ /2‬يوصي الباحث بأن تكون األسئلة التي توجه إلى الشاهد أو المقر سهلة ومباشرة وغير‬
‫معقدة و واضحة ال غموض فيها‪.‬‬
‫‪ /3‬يوصي الباحث أن يؤخذ في االعتبار تحليل شهادة الشاهد من قبل المحكمة وما تضمنته‬
‫من معلومات وأن تتأكد من صحة أو كذب هذه المعلومات‪.‬‬
‫‪ /4‬يجب على القائمين على أمر التشريع وفقهاء الشريعة اإلسالمية في الدول العربية‬
‫واإلسالمية مضاعفة الجهد الخراج هذه الكنوز إلى حيز الوجود وتقنين القواعد الخاصة‬
‫بالشهادة في شكل مواد تضاف لألنظمة االجرائية المعمول بها اآلن بما يتوافق مع ثوابتها‬
‫الشرعية‪.‬‬
‫التعرف على حقيقة األثر المادي لحصر دائرة‬ ‫ُّ‬ ‫‪ /5‬استخدام األدلة المادية واالستفادة منها في‬
‫االشتباه لعمليات البحث والتحقيق الجنائي‪.‬‬
‫‪ /6‬ا نشاء المعاهد والمراكز المتخصصة لدراسة األدلة المادية الحديثة في اإلثبات من‬
‫وجهات النظر المختلفة العلمية الشرعية والقانونية والقضائية والتوصل إلى نتائج وتوصيات‬
‫ومقترحات تساعد كثيرا ً في التعرف على حقيقة وماهيَّة الدليل الجنائي المادي الحديث‪.‬‬
‫‪ /7‬لفت نظر وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بوضع منهج جامعي خاص لكليات‬
‫الشريعة والقانون يتضمن دراسة الطب الشرعي وعالقته بالجريمة وايجاد عالقة بين هذه‬

‫‪149‬‬
‫الدراسة العلمية وآثارها في تحقيق العدالة عن طريق كشف الجريمة والتعرف عليها وعلى‬
‫داللتها مما يساعد في قبض الجناة واالستقرار واألمن‪.‬‬
‫وفي ختام هذا البحث الذي وفقني هللا تعالى إلى اكماله على هذه الصورة التي أرجو أن يجد‬
‫القبول‪ ،‬ويتجاوز عما يدور فيه من نقص أو خلل غير مقصود‪ ،‬والكمال غاية ال تدرك‪،‬‬
‫والحمد هلل أوالً وآخيرا ً على ما أنعم وتفضل‪ ،‬وأسأل هللا بأسمائه ال ُحسنى وصفاته العليا أن‬
‫يرزقنا وإياكم وسائر المسلمين العلم النافع والعمل الصالح وحسن الدعوة إليه‪ ،‬وأن يوفق‬
‫علماءنا جميعا ً في كل مكان وهم دعاة الحق والبصيرة النافذة والسير على المنهج الذي سار‬
‫عليه أفضل الصالة والسالم‪.‬‬
‫وعلى نبينا محمد صلى هللا عليه وسلم وآله وصحبه ومن تبعهم باحسان إلى يوم الدين‪.‬‬

‫وفي الختام أسأل هللا أن يجعل عملي هذا خالصا ً لوجهه ويتقبله مني؛ مختتمه بما ختم هللا به‬
‫سورة البقرة ﱫﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯨ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ي ي ﱫ ﱫ ﱫ‬
‫ﱫ ﱫ ﱫ ﱫ ﱫ ﱫ ﱫ ﱫ ﱫ ﱫ ﱫﱫ)‪.(1‬‬

‫(‪ )1‬سورة البقرة اآلية ‪286‬‬

‫‪150‬‬
‫فهرس اآليات القرآنية‬
‫الصفحة‬ ‫رقم اآلية‬ ‫اآلية‬ ‫الرقم‬
‫سورة البقرة‬
‫‪25‬‬ ‫‪84‬‬ ‫ﱫﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ‪...‬ﱫ‬ ‫‪1‬‬
‫‪48‬‬ ‫‪143‬‬ ‫ﱫﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ‪...‬ﱫ‬ ‫‪2‬‬
‫‪41‬‬ ‫‪185‬‬ ‫ﱫﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ‪...‬ﱫ‬ ‫‪3‬‬
‫‪75‬‬ ‫‪224‬‬ ‫ﱫﯵ ﯶ ﯸ ﯹ‪...‬ﱫ‬ ‫‪4‬‬
‫‪89‬‬ ‫‪225‬‬ ‫ﱫﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ‪...‬ﱫ‬ ‫‪5‬‬
‫‪134‬‬ ‫‪228‬‬ ‫ﱫﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ‪...‬ﱫ‬ ‫‪6‬‬
‫‪37‬‬ ‫‪282‬‬ ‫ﱫﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ‪...‬ﱫ‬ ‫‪7‬‬
‫‪26‬‬ ‫‪282‬‬ ‫ﱫﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ‪...‬ﱫ‬ ‫‪8‬‬
‫‪45‬‬ ‫‪282‬‬ ‫ﱫﮉ ﮊ ﮋ ﮌ‪...‬ﱫ‬ ‫‪9‬‬
‫‪56‬‬ ‫‪282‬‬ ‫ﱫﮟ ﮠ ﮡ ﭨ ﭩ ﮤ‪...‬ﱫ‬ ‫‪10‬‬
‫‪45‬‬ ‫‪283‬‬ ‫ﱫﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ‪...‬ﱫ‬ ‫‪11‬‬
‫سورة آل عمران‬
‫‪41‬‬ ‫‪18‬‬ ‫ﱫﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ‪...‬ﱫ‬ ‫‪1‬‬
‫‪6‬‬ ‫‪77‬‬ ‫ﱫﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ‪...‬ﱫ‬ ‫‪2‬‬
‫‪25‬‬ ‫‪81‬‬ ‫ﱫﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﭨ ﭩ ﮤ ‪...‬ﱫ‬ ‫‪3‬‬
‫‪30‬‬ ‫‪97‬‬ ‫ﱫه ه ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ‪...‬ﱫ‬ ‫‪4‬‬
‫سورة النساء‬
‫‪147‬‬ ‫‪3‬‬ ‫ﱫﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ‪...‬ﱫ‬ ‫‪1‬‬
‫‪4‬‬ ‫‪58‬‬ ‫ﱫﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ‪...‬ﱫ‬ ‫‪2‬‬
‫‪4‬‬ ‫‪58‬‬ ‫ﱫﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ‪...‬ﱫ‬ ‫‪3‬‬
‫‪4‬‬ ‫‪65‬‬ ‫ﱫﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ‪...‬ﱫ‬ ‫‪4‬‬
‫‪28‬‬ ‫‪105‬‬ ‫ﱫﯦ ﯧ ﯨ ﯨ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ‪...‬ﱫ‬ ‫‪5‬‬
‫‪26‬‬ ‫‪135‬‬ ‫ﱫﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ‪...‬ﱫ‬ ‫‪6‬‬
‫سورة المائدة‬
‫‪45‬‬ ‫‪8‬‬ ‫ﱫﮨ ﮩ ه ه ه ه ﮮ ﮯ‪...‬ﱫ‬ ‫‪1‬‬
‫‪4‬‬ ‫‪42‬‬ ‫ﱫﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ‪...‬ﱫ‬ ‫‪2‬‬

‫‪151‬‬
‫‪5‬‬ ‫‪49‬‬ ‫ﱫﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ‪...‬ﱫ‬ ‫‪3‬‬
‫‪156‬‬ ‫‪50‬‬ ‫ﱫي ي ﱫ‪...‬ﱫ‬ ‫‪4‬‬
‫‪74‬‬ ‫‪89‬‬ ‫ﱫﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ‪...‬ﱫ‬ ‫‪5‬‬
‫سورة األنفال‬
‫‪60‬‬ ‫‪71‬‬ ‫ﱫه ه ه ﮮ ﮯ‪...‬ﱫ‬ ‫‪6‬‬
‫سورة التوبة‬
‫‪42‬‬ ‫‪17‬‬ ‫ﱫﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ‪...‬ﱫ‬ ‫‪7‬‬
‫سورة يونس‬
‫‪2‬‬ ‫‪10‬‬ ‫ﱫﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ‪...‬ﱫ‬ ‫‪8‬‬
‫سورة هود‬
‫‪22‬‬ ‫‪17‬‬ ‫ﱫﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ي ي‪...‬ﱫ‬
‫‪22‬‬ ‫‪28‬‬ ‫ﱫﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ي ي‪...‬ﱫ‬ ‫‪9‬‬
‫‪41‬‬ ‫‪103‬‬ ‫‪ 10‬ﱫﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ه ه‪...‬ﱫ‬
‫سورة يوسف‬
‫‪133‬‬ ‫‪5‬‬ ‫ﱫﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ‪...‬ﱫ‬ ‫‪11‬‬
‫‪124‬‬ ‫‪17‬‬ ‫ﱫﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ‪...‬ﱫ‬ ‫‪12‬‬
‫‪126‬‬ ‫‪18‬‬ ‫ﱫﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ‪...‬ﱫ‬ ‫‪13‬‬
‫‪127‬‬ ‫‪28-25‬‬ ‫ﱫﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ‪...‬ﱫ‬ ‫‪14‬‬
‫‪133‬‬ ‫‪29‬‬ ‫ﱫﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﭨ ﭩ ﮤ ﮥ‪...‬ﱫ‬ ‫‪15‬‬
‫‪2‬‬ ‫‪72‬‬ ‫ﱫﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ‪...‬ﱫ‬ ‫‪16‬‬
‫‪129‬‬ ‫‪96-93‬‬ ‫ﱫﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ‪...‬ﱫ‬ ‫‪17‬‬
‫سورة إبراهيم‬
‫‪4‬‬ ‫‪7‬‬ ‫ﱫﭰ ﭱ ﭲ‪...‬ﱫ‬ ‫‪18‬‬
‫سورة النحل‬
‫‪145‬‬ ‫‪16‬‬ ‫ﱫﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ‪...‬ﱫ‬ ‫‪19‬‬
‫سورة اإلسراء‬
‫‪156‬‬ ‫‪36‬‬ ‫ﱫﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ‪...‬ﱫ‬ ‫‪20‬‬
‫سورة الكهف‬

‫‪152‬‬
‫‪2‬‬ ‫‪28‬‬ ‫ﱫﭕ ﭖ ﭗ ﭘ‪...‬ﱫ‬ ‫‪21‬‬
‫سورة مريم‬
‫‪172‬‬ ‫‪6-5‬‬ ‫ﱫﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ‪...‬ﱫ‬
‫‪2‬‬ ‫‪91‬‬ ‫ﱫﯣ ﯤ ﯥ ﯦ‪...‬ﱫ‬ ‫‪22‬‬
‫سورة األنبياء‬
‫‪152‬‬ ‫‪7‬‬ ‫ﱫﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ه‪...‬ﱫ‬ ‫‪23‬‬
‫سورة المؤمنون‬
‫‪77‬‬ ‫‪117‬‬ ‫ﱫﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯨ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ‪...‬ﱫ‬ ‫‪24‬‬
‫سورة النور‬
‫‪46‬‬ ‫‪4‬‬ ‫ﱫﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ‪...‬ﱫ‬ ‫‪25‬‬
‫‪62‬‬ ‫‪5‬‬ ‫ﱫﮡ ﭨ ﭩ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ه ه‪...‬ﱫ‬ ‫‪25‬‬
‫‪42‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪ 26‬ﱫﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ‪...‬ﱫ‬
‫‪8‬‬ ‫‪48‬‬ ‫‪ 27‬ﱫﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﭨ ﭩ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ‪...‬ﱫ‬
‫سورة الفرقان‬
‫‪118‬‬ ‫‪13‬‬ ‫ﱫﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ‪...‬ﱫ‬ ‫‪28‬‬
‫‪149‬‬ ‫‪59‬‬ ‫ﱫﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ‪...‬ﱫ‬ ‫‪29‬‬
‫سورة النمل‬
‫‪103‬‬ ‫‪31- 29‬‬ ‫ﱫﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﭨ ﭩ ﮤ‪...‬ﱫ‬
‫‪76‬‬ ‫‪64‬‬ ‫ﭟ ﱫﭠ ﭡ ﭢ‪...‬ﱫ‬ ‫‪30‬‬
‫سورة لقمان‬
‫‪156‬‬ ‫‪34‬‬ ‫ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ‪...‬ﱫ‬ ‫‪31‬‬
‫سورة يس‬
‫‪1‬‬ ‫‪57‬‬ ‫ﱫﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ‪...‬ﱫ‬ ‫‪32‬‬
‫‪174‬‬ ‫‪65‬‬ ‫ﱫﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ه‪...‬ﱫ‬ ‫‪33‬‬
‫سورة الصافات‬
‫‪118‬‬ ‫‪51‬‬ ‫ﱫﱫ ﱫ ﱫ ﱫ ﱫ ﱫ ﱫ‪...‬ﱫ‬ ‫‪34‬‬
‫سورة ص‬
‫‪28‬‬ ‫‪26‬‬ ‫ﱫﯷ ﯸ ﯹ ﯺ‪...‬ﱫ‬ ‫‪35‬‬

‫‪153‬‬
‫سورة فصلت‬
‫‪174‬‬ ‫‪22-21‬‬ ‫ﱫﯻ ﯼ ﯽ ي ي ﱫ ﱫ ﱫ‪...‬ﱫ‬ ‫‪36‬‬
‫سورة الزخرف‬
‫‪51‬‬ ‫‪86‬‬ ‫ﱫﯨ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ‪...‬ﱫ‬ ‫‪37‬‬
‫سورة محمد‬
‫‪14‬‬ ‫‪18‬‬ ‫ﱫﱫ ﱫ ﱫ‪...‬ﱫ‬ ‫‪38‬‬
‫سورة الحجرات‬
‫‪62‬‬ ‫‪6‬‬ ‫ﱫﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ‪...‬ﱫ‬ ‫‪39‬‬
‫سورة ق‬
‫‪118‬‬ ‫‪27‬‬ ‫ﱫﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ‪...‬ﱫ‬ ‫‪40‬‬
‫سورة النجم‬
‫‪156‬‬ ‫‪23‬‬ ‫ﱫﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ‪...‬ﱫ‬ ‫‪41‬‬
‫‪140‬‬ ‫‪28‬‬ ‫‪ 42‬ﱫﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ‪...‬ﱫ‬
‫سورة الطالق‬
‫‪71 ،70 ،55 ،54‬‬ ‫‪2‬‬ ‫ﱫﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ‪...‬ﱫ‬ ‫‪43‬‬
‫سورة الحاقة‬
‫‪73‬‬ ‫‪45‬‬ ‫ﱫﮌ ﮍ ﮎ‪...‬ﱫ‬ ‫‪44‬‬
‫سورة القيامة‬
‫‪170‬‬ ‫‪4‬‬ ‫ﱫﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ‪...‬ﱫ‬ ‫‪45‬‬
‫‪26‬‬ ‫‪14‬‬ ‫‪ 46‬ﱫﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ‪...‬ﱫ‬
‫سورة البروج‬
‫‪41‬‬ ‫‪7‬‬ ‫ﱫﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ‪...‬ﱫ‬ ‫‪47‬‬

‫‪154‬‬
‫فهرس األحاديث‬
‫الصفحة‬ ‫طرف الحديث‬ ‫الرقم‬
‫‪7‬‬ ‫‪( 1‬لو يعطى الناس بدعواهم ألدعى ناس دماء رجال‪)...‬‬
‫‪6‬‬ ‫‪( 2‬إنما أنا بشر وإنكم تختصمون إل َّ‬
‫ي‪)...‬‬
‫‪5‬‬ ‫‪( 3‬شاهداك أو يمينه ‪)...‬‬
‫‪7‬‬ ‫‪( 4‬البينة على المدعى واليمين على من أنكر ‪)...‬‬
‫‪21‬‬ ‫‪ ( 5‬من واله هللا من أمر الناس شيئا ً فأحتجب عن حاجتهم‪)...‬‬
‫‪21‬‬ ‫‪( 6‬ما من إمام يغلق بابه إال أغلق هللا أبواب السماء دون خلته‪)...‬‬
‫‪21‬‬ ‫‪ ...( 7‬أنه كان بوابا ً لرسول هللا ‪)...‬‬
‫‪27‬‬ ‫‪( 8‬والذي نفسي بيده ألقضين بينكما بكتاب هللا ‪)...‬‬
‫‪27‬‬ ‫‪ ...( 9‬فإن اعترفت فأرجمها ‪)...‬‬
‫‪27‬‬ ‫‪( 10‬يا رسول هللا إني زنيت فأعرض عنه‪)...‬‬
‫‪32‬‬ ‫‪( 11‬رفع القلم عن ثالثة‪ :‬النائم حتى يستيقظ وعن الصغير حتى يكبر ‪)...‬‬
‫‪32‬‬ ‫‪( 12‬إن هللا قد تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه ‪)...‬‬
‫‪38‬‬ ‫‪( 13‬ما حق امريء مسلم له شيء يريد أن يوصى فيه ‪)...‬‬
‫‪40‬‬ ‫‪( 14‬ال وصية لوارث ‪)...‬‬
‫‪5‬‬ ‫‪( 15‬كان بيني وبين رجل خصومة ‪)...‬‬
‫‪47‬‬ ‫‪( 16‬خير الشهداء من أدى شهادته قبل أن يسألها ‪)...‬‬
‫‪5‬‬ ‫‪( 17‬من حلف على يمين يستحق بها ماال هو فيها فاجر ‪)...‬‬
‫‪59‬‬ ‫‪( 18‬شهادة الصبي على الصبي جائزة ‪)...‬‬
‫‪62‬‬ ‫‪( 19‬ال تجوز شهادة خائن وال خائنة وال ذي غمر على أخيه ‪)...‬‬
‫‪74‬‬ ‫‪( 20‬أال أن هللا ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم ‪)...‬‬
‫‪74‬‬ ‫‪( 21‬من حلف بغير هللا فقد كفر ‪)...‬‬
‫‪75‬‬ ‫‪ ( 22‬من اقتطع بيمينه مال امريء حرم هللا عليه الجنة ‪)...‬‬
‫‪85‬‬ ‫‪( 23‬رد اليمين على طالب الحق ‪)...‬‬
‫‪86‬‬ ‫‪ ...( 24‬تقضي علي باليمين وال أحلف فحلف ‪)...‬‬
‫‪89‬‬ ‫‪ ...( 25‬أتحلفون خمسين يمينا فتستحقوا صاحبكم ‪)...‬‬
‫‪90‬‬ ‫‪( 26‬إن القسامة كانت في الجاهلية فأقرها ‪)...‬‬
‫‪90‬‬ ‫‪( 27‬أرأيت لو أن خمسين رجالً شهدوا على رجل أنه زنى بدمشق ‪)...‬‬

‫‪155‬‬
‫‪105‬‬ ‫(قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أكتبوا ألبي شاه ‪)...‬‬ ‫‪28‬‬
‫‪124‬‬ ‫(لو كان أكله السبع لخرق قميصه ‪)...‬‬ ‫‪29‬‬
‫‪134‬‬ ‫(األيم أحق بنفسها من وليها ‪)...‬‬ ‫‪30‬‬
‫‪134‬‬ ‫(هل مسحتما سيفيكما ‪)...‬‬ ‫‪31‬‬
‫‪135‬‬ ‫(إن رجلين ادعيا بعيرا ً أو دابة ‪)...‬‬ ‫‪32‬‬
‫‪138‬‬ ‫(لو كنت راجما ً أحدا ً بغير بينة لرجمت هذه ‪)...‬‬ ‫‪33‬‬
‫‪138‬‬ ‫(‪ ...‬فضحك حتى بدأت نواجزه ‪)...‬‬ ‫‪34‬‬
‫‪139‬‬ ‫(هذا يا رسول هللا ابن أخي عتبة ‪)...‬‬ ‫‪35‬‬
‫‪155‬‬ ‫(دخل رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ذات يوم مسرور تبرق أسارير‬ ‫‪36‬‬
‫وجهه‪)...‬‬
‫‪157‬‬ ‫(أتى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم فقال‪ :‬إن امرأتي ولدت غالما ً ‪)...‬‬ ‫‪37‬‬
‫‪161‬‬ ‫(إن هلل عبادا ً يعرفون الناس بالتوسم ‪)...‬‬ ‫‪38‬‬
‫‪160‬‬ ‫(اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور هللا ‪)...‬‬ ‫‪39‬‬
‫‪161‬‬ ‫(إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث ‪)...‬‬ ‫‪40‬‬
‫‪166‬‬ ‫(إن شئتما شهدت ولم أقض بينكما ‪)...‬‬ ‫‪41‬‬
‫‪167‬‬ ‫(‪ ...‬إن أبا سفيان رجل شحيح وليس يعطيني ما يكفيني و ولدي ‪)...‬‬ ‫‪42‬‬
‫‪191‬‬ ‫(‪ ...‬الولد للفراش‪)...‬‬ ‫‪43‬‬

‫‪156‬‬
‫فهرس األعالم المترجم لها‬
‫الصفحة‬ ‫العلم‬ ‫الرقم‬
‫‪1‬‬ ‫‪ 1‬الخليل ‪ :‬هو أبو عبد الرحمن الخليل بن أحمد الفراهيدي‪ ،‬صاحب العربية ومنشيء‬
‫علم العروض‬
‫‪133‬‬ ‫‪ 2‬الذيلغي ‪ :‬هو فخر الدين عثمان بن علي فقيه حنفي قدم القاهرة سنة ‪705‬ه – توفى‬
‫سنة ‪743‬ه‪.‬‬
‫‪133‬‬ ‫‪ 3‬الطرابلسي‪ :‬علي بن خليل الطرابلسي – توفى سنة ‪844‬ه‬
‫‪133‬‬ ‫‪ 4‬القرافي‪ :‬أحمد بن إدريس بن عبد الرحمن القرافي – توفى سنة ‪684‬ه‬
‫‪133‬‬ ‫‪ 5‬الجصاص‪ :‬هو أحمد بن علي – عالم فاضل من أهل الرأي ولد سنة ‪305‬ه‬
‫‪133‬‬ ‫‪ 6‬الرملي‪ :‬هو محمد خير الدين بن أحمد من أهل الرملة بفلسطين ولد سنة ‪993‬ه‬
‫‪1‬‬ ‫‪ 7‬ابن فارس‪ :‬أبو الحسين أحمد بن فارس بن زكريا – صاحب كتاب معجم مقاييس‬
‫اللغة – توفى سنة ‪395‬ه‬
‫‪1‬‬ ‫‪ 8‬ابن منظور‪ :‬محمد بن مكرم – صاحب معجم لسان العرب – توفى سنة ‪711‬ه‬
‫‪135‬‬ ‫‪ 9‬أبي موسى األشعري ‪ :‬هو عبد هللا بن قيس بن سليم المشهور بأبي موسى األشعري –‬
‫من كبار الصحابة توفى سنة ‪42‬ه‬
‫‪89‬‬ ‫‪ 10‬أبي قالبة‪ :‬هو عبد هللا بن زيد بن عمرو الجرمي –عالم بالقضاء واألحكام من أهل‬
‫البصرة – توفى سنة ‪104‬ه‬
‫‪7‬‬ ‫‪ 11‬ابن قدامة‪ :‬أبو محمد موفق الدين عبد هللا ابن أحمد بن قدامة – توفى بدمشق سنة‬
‫‪620‬ه‬
‫‪8‬‬ ‫‪ 12‬ابن القيم ‪ :‬شمس الدين محمد بن أبي بكر بن أيوب المشهور بابن جوزية – ولد‬
‫بدمشق – وتوفى سنة ‪751‬ه‬
‫‪131‬‬ ‫‪ 13‬ابن عابدين ‪ :‬محمد بن عمرو بن عبد العزيز بن عابدين‪ ،‬ولد سنة ‪19098‬ه وتوفى‬
‫سنة ‪1152‬ه‬
‫‪131‬‬ ‫‪ 14‬ابن فرحون‪ :‬برهان الدين ابن ابراهيم بن علي – نشأ ومات في المدينة – توفى سنة‬
‫‪799‬ه‬
‫‪131‬‬ ‫‪ 15‬ابن عبد السالم‪ :‬عبد العزيز السلمي ولد سنة ‪577‬ه‬
‫‪131‬‬ ‫‪ 16‬ابن تيمية‪ :‬أحمد بن عبد الحليم عبد السالم ولد سنة ‪661‬ه – وتوفى سنة ‪728‬ه‬
‫بدمشق‬
‫‪131‬‬ ‫‪ 17‬ابن أبي الدم‪ :‬هو شهاب الدين أبو اسحاق إبراهيم األحمد‪ ،‬ولد سنة ‪583‬ه ‪ ،‬وتوفى‬
‫سنة ‪642‬ه‬
‫‪131‬‬ ‫‪ 18‬ابن الفرس‪ :‬محمد بن محمد بن خليل‪ ،‬فقيه حنفي معروف‪ ،‬ولد سنة ‪832‬ه‪ ،‬وتوفى‬
‫سنة ‪894‬ه‪.‬‬
‫‪131‬‬ ‫‪ 19‬ابن نجيم ‪ :‬زين العابدين ابراهيم بن نجيم المصري من مؤلفاته (األشباه والنظائر)‬
‫وغيرهما توفى سنة ‪970‬ه‬

‫‪157‬‬
‫‪88‬‬ ‫الجرجاني‪ :‬علي بن محمد بن علي الزين الشريف الجرجاني – توفى سنة ‪816‬ه‬ ‫‪20‬‬
‫‪40‬‬ ‫الدارقطني ‪ :‬أبو الحسن علي بن عمر بن أحمد بن مسعود البغدادي الدارقطني‪ ،‬توفى‬ ‫‪21‬‬
‫سنة ‪385‬ه‬
‫‪135‬‬ ‫الخطابي ‪ :‬أبو سليمان محمد بن إبراهيم بن خطاب‪ ،‬فقيه ومحدث‪ ،‬من بالد كابل له‬ ‫‪22‬‬
‫معالم السنن في شرح سنن أبي داؤود ولد سنة ‪317‬ه‬
‫‪86‬‬ ‫الشعبي‪ :‬عامر بن شرحبيل أبو عمرو ولد في إمارة عمر الفاروق توفى سنة ‪104‬ه‬ ‫‪23‬‬
‫‪85‬‬ ‫المقداد‪ :‬المقداد بن عمرو يعرف بابن األسود الكندي الحضرمي – توفى سنة ‪33‬ه‬ ‫‪24‬‬
‫‪4‬‬ ‫ابن عباس‪ :‬عبد هللا بن عباس بن عبد المطلب القرشي ابن عم رسول هللا صلى هللا‬ ‫‪25‬‬
‫عليه وسلم – توفى سنة ‪68‬ه‬
‫‪27‬‬ ‫أنيس بن الضحاك‪ :‬األسلمي صحابي شهد فتح مكة وحنين‬ ‫‪26‬‬
‫‪4‬‬ ‫أم سلمة‪ :‬هي هند بنت سهيل المعروف بأبي أمية المخزومية من زوجات رسول هللا‬ ‫‪27‬‬
‫صلى هللا عليه وسلم‬
‫‪27‬‬ ‫ماعز بن مالك األسلمي له صحبة وهو الذي رجم في عهد النبي صلى هللا عليه وسلم‬ ‫‪28‬‬
‫‪48‬‬ ‫شريح ‪ :‬شريح بن الحارث بن قيس بن الجهم أبو أمية الكندي‪ ،‬ولى قضاء الكوفة في‬ ‫‪29‬‬
‫زمن عمر بن الخطاب ‪ ،‬توفى سنة ‪78‬ه‪.‬‬
‫‪89‬‬ ‫سالم ‪ :‬سالم بن عبد هللا بن عمر بن الخطاب بن نفيل بن عدي بن كعب ‪ ،‬توفى سنة‬ ‫‪30‬‬
‫‪106‬ه‬

‫‪158‬‬
‫فهرس المصادر والمراجع‬
‫أوالً‪ :‬القرآن الكريم وعلومه‬
‫‪ .1‬القرآن الكريم (كتب التفسير)‪.‬‬
‫‪ .2‬الجامع ألحكام القرآن‪ ،‬أبو عبد هللا محمد بن أحمد بن أبي بكر األنصاري القرطبي‪،‬‬
‫تحقيق‪ :‬أحمد البردوني‪ ،‬دار الكتب المصرية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬الطبعة الثانية‪1384 :‬ه –‬
‫‪1964‬م‪.‬‬
‫‪ .3‬جامع البيان عن تأويل القرآن‪ ،‬أبو جعفر بن محمد بن جرير الطبري‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد هللا بن‬
‫عبد المحسن التركي‪ ،‬الطبعة األولى‪1422 :‬ه – ‪2001‬م‪ ،‬الجزء السابع‪.‬‬
‫‪ .4‬تفسير القرآن العظيم‪ ،‬أبو الفداء إسماعيل بن كثير‪ ،‬تحقيق‪ :‬سامي بن محمد سالمة‪،‬‬
‫الطبعة الثانية‪1420 :‬ه – ‪1999‬م‪.‬‬
‫‪ .5‬صفوة التفاسير‪ ،‬محمد علي الصابوني‪ ،‬دار الصابوني للطباعة والنشر‪ ،‬القاهرة‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى ‪1417‬ه – ‪1997‬م – الجزء الثاني‪.‬‬
‫‪ .6‬تفسير الجاللين‪ ،‬جالل الدين محمد بن أحمد السيوطي‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد عبد الرحمن‬
‫المرغشلي‪ ،‬الطبعة األولى ‪1999‬م‪ ،‬الجزء األول‪.‬‬
‫‪ .7‬تفسير روح المعاني‪ ،‬ألبي الفضل شهاب الدين بن عبد هللا الحسيني األلوسي‪ ،‬تحقيق‪:‬‬
‫علي عبد الباري عطية‪ ،‬الطبعة األولى ‪1415‬ه‪.‬‬
‫‪ .8‬الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل‪ ،‬أبو القاسم محمود الزمخشري‪ ،‬دار الكتاب‬
‫العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬الطبعة الثالثة ‪1407‬ه‪ ،‬الجزء األول‪.‬‬
‫‪ .9‬أحكام القرآن‪ ،‬أحمد بن علي أبوبكر الرازي‪ ،‬الجصاص‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد صادق‬
‫القمحاوي‪ ،‬دار إحياء التراث العربي‪ ،‬بيروت‪1405 ،‬ه الجزء الثاني‪.‬‬
‫‪ .10‬الجواهر في تفسير القرآن الكريم‪ ،‬طنطاوي جوهرة‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫‪1350‬ه‪ ،‬الجزء الرابع وعشرون‪.‬‬
‫‪ .11‬نظم الدرر في تناسب اآليات والسور‪ ،‬إبراهيم عمر حسن‪ ،‬دار الكتاب اإلسالمي‪،‬‬
‫القاهرة‪ ،‬الجزء السابع‪.‬‬
‫‪ .12‬مناهل العرفان في علوم القرآن‪ ،‬محمد عبد العظيم الزرقاني‪ ،‬مطبعة عيسى البابي‬
‫الحلبي‪ ،‬الطبعة الثالثة‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬كتب اللغة العربية‪:‬‬
‫‪ .13‬لسان العرب‪ ،‬محمد بن مكرم بن علي‪ ،‬أبو الفضل جمال الدين ابن منظور‪ ،‬دار صادر‪،‬‬
‫بيروت‪ ،‬الطبعة الثالثة ‪1414‬م‪ ،‬الجزء السادس عشر‪.‬‬

‫‪159‬‬
‫‪ .14‬القاموس المحيط‪ ،‬مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد نعيم‬
‫العرقسوسي‪ ،‬مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر‪ ،‬الطبعة الثامنة ‪1426‬ه – ‪2005‬م ‪،‬‬
‫الجزء الرابع‪.‬‬
‫‪ .15‬كتاب العين‪ ،‬أبو عبد الرحمن الخليل بن أحمد بن عمرو الفراهيدي‪ ،‬د‪ .‬مهدي‬
‫المخزومي‪ ،‬دار مكتبة الهالل‪ ،‬الجزء الخامس‪.‬‬
‫‪ .16‬الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية‪ ،‬إسماعيل بن حماد الجوهري‪ ،‬تحقيق‪ :‬أحمد عبد‬
‫الغفور عطار‪ ،‬دار العلم للمالئين‪ ،‬بيروت‪ ،‬الطبعة الرابعة ‪1407‬ه – ‪1987‬م‪.‬‬
‫‪ .17‬تاج العروس من جواهر القاموس‪ ،‬محمد بن عبد الرازق الحسيني الزبيدي‪( ،‬المتوفى‪:‬‬
‫‪1205‬هـ) المحقق‪ :‬مجموعة من المحققين‪ ،‬دار الهداية‬
‫‪ .18‬معجم مقاييس اللغة‪ ،‬أحمد بن فارس بن زكريا القزويني الرازي‪ ،‬أبو الحسين (المتوفى‪:‬‬
‫‪395‬هـ‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد السالم محمد هارون‪ ،‬دار الفكر ‪1399 ،‬هـ ‪1979 -‬م الجزء الثاني‪.‬‬
‫‪ .19‬مختار الصحاح‪ ،‬زين الدين أبو عبد هللا محمد بن أبي بكر بن عبد القادر الحنفي الرازي‬
‫(المتوفى‪666 :‬هـ)‪ ،‬تحقيق‪ :‬يوسف الشيخ محمد‪ ،‬المكتبة العصرية ‪ -‬الدار النموذجية‪،‬‬
‫بيروت – صيدا‪ ،‬الطبعة‪ :‬الخامسة‪1420 ،‬هـ ‪1999 /‬م‬
‫‪ .20‬المعجم الوسيط‪ ،‬إبراهيم مصطفى وآخرون‪ ،‬دار الدعوة‪ ،‬بدون طبعة‪ ،‬الجزء األول‪.‬‬
‫‪ .21‬التعريفات‪ ،‬علي بن محمد بن علي الزين الشريف الجرجاني (المتوفى‪816 :‬هـ)‪ ،‬تحقيق‪:‬‬
‫ضبطه وصححه جماعة من العلماء بإشراف الناشر‪ :‬دار الكتب العلمية بيروت –ل بنان‬
‫الطبعة‪ :‬األولى ‪1403‬هـ ‪1983-‬م‪.‬‬
‫‪ .22‬المحكم والمحيط األعظم‪ ،‬أبو الحسن علي بن إسماعيل‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد الحميد هنداوي‪ ،‬دار‬
‫الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬الطبعة األولى ‪1421‬ه ‪2001-‬م‪.‬‬
‫‪ .23‬المصباح المنير في غريب الشرح الكبير‪ ،‬أحمد بن محمد بن علي الفيومي ثم الحموي‪،‬‬
‫أبو العباس (المتوفى‪ :‬نحو ‪770‬هـ)‪ ،‬المكتبة العلمية – بيروت‪.‬‬
‫‪ .24‬ال ُمن َّجد في اللغة علي بن الحسن ال ُهنائي األزدي‪ ،‬تحقيق‪ :‬دكتور أحمد مختار عمر‪،‬‬
‫دكتور ضاحي عبد الباقي‪ ،‬عالم الكتب‪ ،‬القاهرة‪ ،‬الطبعة‪ :‬الثانية‪ 1988 ،‬م‪ ،‬الجزء األول‪.‬‬
‫‪ .25‬أساس البالغة‪ ،‬أبو القاسم محمود بن عمرو بن أحمد‪ ،‬الزمخشري جار هللا (المتوفى‪:‬‬
‫‪538‬هـ)‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد باسل عيون السود‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت – لبنان‪ ،‬الطبعة‪:‬‬
‫األولى‪ 1419 ،‬هـ ‪ 1998 -‬م‪ ،‬الجزء الثاني‪.‬‬
‫ثانيا ً كتب األحاديث وشروحه‪:‬‬
‫‪ .26‬صحيح البخاري‪ ،‬محمد بن إسماعيل أبو عبدهللا البخاري‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد زهير بن ناصر‬
‫الناصر‪ ،‬دار طوق النجاة‪ ،‬الطبعة األولى‪1422 ،‬هـ‪ ،‬الجزء التاسع‪.‬‬

‫‪160‬‬
‫‪ .27‬صحيح مسلم‪ ،‬مسلم بن الحجاج أبو الحسين القشيري النيسابوري‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد فؤاد‬
‫عبد الباقي‪ ،‬دار إحياء التراث العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬الجزء الخامس‪.‬‬
‫‪ .28‬فتح الباري شرح صحيح البخاري‪ ،‬أحمد بن علي بن حجر أبو الفضل العسقالني‪،‬‬
‫تحقيق‪ :‬محمد فؤاد عبد الباقي‪ ،‬دار المعرفة‪ ،‬بيروت‪1379 ،‬ه‪ ،‬الجزء الثاني عشر‪.‬‬
‫‪ .29‬الجامع الكبير سنن الترمزي‪ ،‬محمد بن عيسى بن سورة الترمذي‪ ،‬تحقيق‪ :‬بشار عواد‪،‬‬
‫دار الغرب اإلسالمي‪ ،‬بيروت‪1998 ،‬م‪ ،‬الجزء السادس‪.‬‬
‫‪ .30‬سنن أبي داؤود‪ ،‬أبو داؤود سليمان بن األشعث بن إسحاق بن بشير‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد محي‬
‫الدين عبد الحميد‪ ،‬المكتبة العصرية‪ ،‬بيروت‪ ،‬الجزء الثالث‪.‬‬
‫‪ .31‬سنن ابن ماجه‪ ،‬أبو عبد هللا محمد بن يزيد ابن ماجه‪ ،‬تحقيق‪ :‬شعيب األرنؤوط وآخرون‪،‬‬
‫دار الرسالة العالمية‪ ،‬الطبعة األولى ‪1430‬ه‪2009 ،‬م‪ ،‬الجزء الثالث‪.‬‬
‫‪ .32‬سنن النسائي‪ ،‬أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن علي الخرساني النسائي‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد‬
‫الفتاح أبو غدة‪ ،‬مكتب المطبوعات اإلسالمية‪ ،‬حلب‪ ،‬الطبعة الثانية‪1406 ،‬ه – ‪1986‬م‪،‬‬
‫الجزء السادس‪.‬‬
‫‪ .33‬سنن الدارقطني‪ ،‬أبو الحسن علي بن عمر بن أحمد مهدي بن مسعود البغدادي‬
‫الدارقطني‪ ،‬تحقيق‪ :‬شعيب األرنؤوط وآخرون‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬بيروت‪ ،‬الطبعة األولى‬
‫‪1424‬ه – ‪2004‬م‪ ،‬الجزء الرابع‪.‬‬
‫‪ .34‬السنن الكبرى‪ ،‬أحمد بن الحسين بن علي بن موسى الخرساني‪ ،‬أبوبكر البيهقي‪ ،‬تحقيق‪:‬‬
‫محمد عبد القادر عطا‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬الطبعة الثالثة‪1424 ،‬ه –‬
‫‪2004‬م‪.‬‬
‫‪ .35‬كتاب أقضية رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬محمد بن الفرج القرطبي‪ ،‬دار الكتاب‬
‫العربي‪ ،‬بيروت‪1426 ،‬ه‪ ،‬الجزء األول‪.‬‬
‫‪ .36‬نوادر األصول في أحاديث الرسول صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬محمد عبد الرحمن عميرة‪ ،‬دار‬
‫الجيل‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫‪ .37‬نصب الراية ألحاديث الهداية (الهداية مع حاشية)‪ ،‬جمال الدين أبو محمد عبد هللا بن‬
‫يوسف الذيلغي‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد عوامة‪ ،‬مؤسسة الريان للطباعة والنشر‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪،‬‬
‫الطبعة األولى ‪1418‬ه – ‪1997‬م‪ ،‬الجزء األول‪.‬‬
‫‪ .38‬مجمع الزوائد – أبو الحسن نور الدين علي بن أبي بكر بن سليمان الهيثمي (المتوفى‪:‬‬
‫‪807‬هـ) ‪ -‬تحقيق‪ :‬حسام الدين القدسي ‪ -‬مكتبة القدسي‪ ،‬القاهرة ‪ 1414 -‬هـ‪1994 ،‬م –‬
‫الجزء العاشر ‪.10‬‬

‫‪161‬‬
‫‪ .39‬السنن الصغرى‪ ،‬البيهقي‪ ،‬أحمد بن الحسين بن علي بن موسى الخرساني أبوبكر‬
‫البيهقي‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد المعطي أمين قلعجي‪ ،‬دار جامعة الدراسات اإلسالمية‪ ،‬كراتشي‪،‬‬
‫باكستان‪ ،‬الطبعة األولى ‪1410‬ه – ‪1989‬م‪ ،‬الجزء الرابع‪.‬‬
‫‪ .40‬نيل األوطار ‪ ،‬محمد بن علي بن محمد بن عبد هللا الشوكاني‪ ،‬تحقيق‪ :‬عصام الدين‬
‫الصبايطي‪ ،‬دار الحديث‪ ،‬مصر‪ ،‬الطبعة األولى ‪1413‬ه – ‪1993‬م‪ ،‬الجزء الثامن‪.‬‬
‫رابعاً‪ :‬كتب الفقه‬
‫أ‪ /‬كتب الفقه العام‪:‬‬
‫‪ .41‬الفقه االسالمي وأدلته‪ ،‬د‪ .‬وهبه بن مصطفى الزحيلي‪ ،‬أستاذ ورئيس قسم الفقه االسالمي‬
‫بجامعة دمشق‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬سوريا‪ ،‬دمشق‪ ،‬الطبعة الرابعة‪ ،‬الجزء السابع‪.‬‬
‫‪ .42‬موسوعة الفقه اإلسالمي والقضايا المعاصرة‪ ،‬وهبة الزحيلي‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬دمشق‪ ،‬الطبعة‬
‫الثالثة‪1432 ،‬ه – ‪2012‬م‪ ،‬الجزء السادس‪.‬‬
‫‪ .43‬نظام اإلثبات في الفقه اإلسالمي‪ ،‬عوض عبد هللا أبوبكر‪ ،‬مجلة الجامعة اإلسالمية‪،‬‬
‫المدينة المنورة‪.‬‬
‫‪ .44‬أدلة اإلثبات في الفقة اإلسالمي‪ ،‬دكتور أحمد فراج حسين‪ ،‬أستاذ الشريعة اإلسالمية‬
‫بكلية الحقوق‪ ،‬جامعة اإلسكندرية‪ ،‬دار الجامعة الجديدة اإلسكندرية‪2004 ،.‬م‪.‬‬
‫‪ .45‬فقه السنة‪ ،‬السيد سابق‪ ،‬دار الكتاب العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬الطبعة الثالثة‪1397 ،‬ه –‬
‫‪1977‬م‪ ،‬الجزء الثالث‪.‬‬
‫‪ .46‬وسائل اإلثبات في الفقه اإلسالمي‪ ،‬عبد المطلب عبد الرازق‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪،‬‬
‫القاهرة‪ ،‬جامعة األزهر‪2007 ،‬م‪.‬‬
‫‪ .47‬وسائل اإلثبات في الشريعة اإلسالمية في المعامالت المدنية واألحوال الشخصية‪ ،‬محمد‬
‫مصطفى الزحيلي‪ ،‬مكتبة دار البيان‪ ،‬دمشق‪ ،‬بيروت‪ ،‬الطبعة األولى‪1402 ،‬ه –‬
‫‪1982‬م‪ ،‬الجزء األول‪.‬‬
‫‪ .48‬الموسوعة الفقهية الكويتية‪ ،‬صادر عن وزارة األوقاف والشئون اإلسالمية‪ ،‬الكويت‪ ،‬دار‬
‫السالسل‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬الجزء الرابع والعشرون‪.‬‬
‫‪ .49‬قواعد المرافعات الشرعية فقها ً ونظاماً‪ ،‬د‪ .‬سعد بن محمد بن علي‪ ،‬الطبعة األولى‪،‬‬
‫‪1422‬ه – ‪2001‬م‪.‬‬
‫‪ .50‬أحكام المرافعات في الفقه اإلسالمي وتطبيقاتها المعاصرة في المحاكم الشرعية‪ ،‬د‪ .‬حميد‬
‫بن عبد هللا الحميدان‪ ،‬الرياض‪1420 ،‬ه‪.‬‬
‫‪ .51‬اإلثبات بالقرائن في الفقه اإلسالمي‪ ،‬إبراهيم محمد الفائز‪ ،‬الطبعة األولى ‪1982‬م‪.‬‬
‫‪ .52‬سبل السالم‪ ،‬محمد بن إسماعيل بن صالح بن محمد الحسين الكحالني الصنعاني‪ ،‬دار‬
‫الحديث‪ ،‬بدون طبعة‪ ،‬الجزء الثاني‪.‬‬

‫‪162‬‬
‫‪ .53‬المحلى باآلثار‪ ،‬أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم األندلسي القرطبي‪ ،‬دار الفكر‪،‬‬
‫بدون طبعة‪ ،‬الجزء السادس‪.‬‬
‫‪ .54‬شرح القواعد الفقهية‪ ،‬أحمد بن الشيخ محمد الزرقا‪ ،‬تحقيق‪ :‬مصطفى أحمد الزرقا‪ ،‬دار‬
‫القلم‪ ،‬دمشق‪ ،‬سوريا‪ ،‬الطبعة الثانية‪1409 ،‬ه – ‪1989‬م‪ ،‬الجزء األول‪.‬‬
‫‪ .55‬المدخل الفقهي العام‪ ،‬د‪ .‬مصطفى الزرقا‪ ،‬الطبعة العاشرة‪.‬‬
‫‪ .56‬نظرية الدعوى في اإلثبات في الفقه اإلسالمي‪ ،‬د‪ .‬نصر فريد واصل‪ ،‬دار الشروق‪،‬‬
‫الطبعة األولى ‪2002‬م‪.‬‬
‫‪ .57‬القسامة في الفقه اإلسالمي‪ ،‬محمد إسماعيل البسيط‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬الطبعة األولى‪،‬‬
‫‪1402‬ه – ‪2001‬م‪.‬‬
‫‪ .58‬مكارم األخالق‪ ،‬محمد بن جعفر الخرائطي‪ ،‬تحقيق‪ :‬أيمن عبد الجابر البحيري‪ ،‬دار‬
‫اآلفاق العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬الطبعة األولى‪1419 ،‬ه – ‪1999‬م‪.‬‬
‫‪ .59‬أحكام شهادة النساء‪ ،‬د‪ .‬محمد فتح هللا النشار‪ ،‬كلية الشريعة والقانون قسم الفقه المقارن‪،‬‬
‫دار الجامعة الجديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪2006 ،‬م‪.‬‬
‫‪ .60‬مقاصد الشريعة االسالمية في الشهادات‪ ،‬بركات أحمد بن ملحم‪ ،‬دار النفائس للنشر‪،‬‬
‫األردن‪ ،‬الطبعة األولى ‪1425‬ه – ‪2005‬م‪.‬‬
‫ب‪ /‬كتب الفقه الحنفي‪:‬‬
‫‪ .61‬مجمع األنهر في شرح ملتقى األبحر‪ ،‬عبد الرحمن محمد بن سليمان المعروف بداماد‬
‫أفندي‪ ،‬دار إحياء التراث العربي‪1300 ،‬ه‪.‬‬
‫‪ .62‬رد المختار على الدر المختار‪ ،‬محمد أمين بن عمر عبد العزيز ابن عابدين‪ ،‬دار الفكر‪،‬‬
‫بيروت‪ ،‬الطبعة الثانية‪1412 ،‬ه – ‪1992‬م‪.‬‬
‫‪ .63‬تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق‪ ،‬للعالمة فخر الدين عثمان بن علي الذيلغي‪ ،‬المطبعة‬
‫الكبرى األميرية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬الطبعة األولى ‪1313‬ه‪.‬‬
‫‪ .64‬تحفة الفقهاء‪ ،‬محمد بن أحمد بن أبي أحمد أبوبكر عالء الدين السمرقندي‪ ،‬دار الكتب‬
‫العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬الطبعة الثانية‪1414 ،‬ه – ‪1994‬م‪.‬‬
‫‪ .65‬لسان األحكام في معرفة األحكام‪ ،‬أحمد بن محمد بن محمد الوليد لسان الدين ابن الشحنة‬
‫الثقفي‪ ،‬البابي الحلبي‪ ،‬القاهرة‪ ،‬الطبعة الثانية‪1393 ،‬ه – ‪1973‬م‪ ،‬الجزء األول‪.‬‬
‫‪ .66‬بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع‪ ،‬عالء الدين أبوبكر مسعود بن أحمد الكاساني‪ ،‬دار‬
‫الكتب العلمية‪ ،‬الطبعة الثانية‪1406 ،‬ه – ‪1986‬م‪ ،‬الجزء الثاني‪.‬‬
‫‪ .67‬البحر الرائق شرح كنز الدقائق‪ ،‬زين الدين بن إبراهيم بن محمد المعروف بابن نجيم‬
‫المصري‪ ،‬دار الكتب اإلسالمية‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬بدون تاريخ طبعة‪ ،‬الجزء السابع‪.‬‬

‫‪163‬‬
‫‪ .68‬الهداية في شرح بداية المبتدي‪ ،‬علي بن أبي بكر بن عبد الجليل المرغيناني أبو الحسن‬
‫برهان الدين‪ ،‬تحقيق‪ :‬طالل يوسف‪ ،‬دار إحياء التراث العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬الجزء‬
‫الرابع‪.‬‬
‫‪ .69‬المبسوط‪ ،‬محمد بن أحمد بن أبي سهيل السرخسي‪ ،‬دار المعرفة‪ ،‬بيروت‪ ،‬بدون طبعة‪،‬‬
‫‪1414‬ه – ‪1993‬م‪ ،‬الجزء السابع عشر‪.‬‬
‫‪ .70‬العناية شرح الهداية‪ ،‬محمد بن محمد بن محمود أكمل الدين أبو عبد هللا البابرتي‪ ،‬دار‬
‫الفكر‪ ،‬بدون طبعة‪.‬‬
‫‪ .71‬البناية شرح الهداية‪ ،‬أبو محمد محمود بن أحمد بن موسى بن حسين العيتابي‪ ،‬دار الكتب‬
‫العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬الطبعة األولى‪1420 ،‬ه – ‪2000‬م‪ ،‬الجزء التاسع‪.‬‬
‫‪ .72‬الجوهرة النيرة‪ ،‬أبوبكر بن علي بن محمد الحدادي العبادي الزبيري‪ ،‬المطبعة الخيرية‪،‬‬
‫الطبعة األولى ‪1322‬ه‪ ،‬الجزء الثاني‪.‬‬
‫‪ .73‬درر األحكام شرح غرر األحكام‪ ،‬محمد بن فرامرز بن علي‪ ،‬دار إحياء الكتب العربية‪،‬‬
‫بدون طبعة‪ ،‬الجزء الثاني‪.‬‬
‫‪ .74‬معين الحكام فيما يتردد بين الخصمين من األحكام‪ ،‬أبو يوسف عالء الدين علي بن خليل‬
‫الطرابلسي‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬الطبعة الثانية‪1393 ،‬ه – ‪1973‬م‪.‬‬
‫‪ .75‬مجلة األحكام العدلية‪ ،‬إعداد لجنة من العلماء‪ ،‬المطبعة األدبية‪ ،‬بيروت‪1302 ،‬ه‪.‬‬
‫‪ .76‬الفتاوي الهندية‪ ،‬لجنة علماء برئاسة نظام الدين البلخي‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬الطبعة الثانية‪،‬‬
‫‪1310‬ه‪ ،‬الجزء الرابع‪.‬‬

‫ج‪ /‬كتب الفقه المالكي‪:‬‬


‫‪ .77‬المنتقى شرح الموطأ‪ ،‬أبو الوليد سليمان بن خلف بن سعد بن أيوب‪ ،‬مطبعة السعادة‪،‬‬
‫مصر‪ ،‬الطبعة األولى ‪1332‬ه‪ ،‬الجزء الخامس‪.‬‬
‫‪ .78‬الفروق‪ ،‬أبو العباس شهاب الدين أحمد بن إدريس بن عبد الرحمن‪ ،‬عالم الكتب‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫لبنان‪1347 ،‬ه‪ ،‬الجزء الرابع‪.‬‬
‫‪ .79‬مواهب الجليل في شرح مختصر خليل‪ ،‬شمس الدين أبو عبد هللا محمد‪ ،‬دار الفكر‪،‬‬
‫المطبعة الثالثة‪1412 ،‬ه – ‪1992‬م‪ ،‬الجزء الخامس‪.‬‬
‫‪ .80‬التاج واإلكليل المختصر‪ ،‬محمد يوسف‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬الطبعة األولى‪1416 ،‬ه –‬
‫‪1994‬م‪ ،‬الجزء السابع‪.‬‬
‫‪ .81‬حاشية الدسوقي على الشرح الكبير‪ ،‬محمد عرفة الدسوقي‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد عليش‪ ،‬دار‬
‫الفكر‪ ،‬بيروت‪ ،‬الجزء الرابع‪.‬‬

‫‪164‬‬
‫‪ .82‬شرح مختصر خليل للخرشي‪ ،‬محمد بن عبد هللا الخرشي‪ ،‬دار الفكر للطباعة‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫تحقيق‪ :‬أحمد جاد‪ ،‬الطبعة األولى ‪1426‬ه – ‪2005‬م‪ ،‬الجزء األول‪.‬‬
‫‪ .83‬الكافي في فقه أهل المدينة المالكي‪ ،‬أبي عمر يوسف بن عبد هللا النمري القرطبي‪ ،‬دار‬
‫الكتب العلمية‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪1413 ،‬ه – ‪1992‬م‪.‬‬
‫‪ .84‬القوانين الفقهية‪ ،‬أبو القاسم محمد بن أحمد بن محمد بن عبد هللا العرناطي‪ ،‬بدون طبعة‪،‬‬
‫الجزء األول‪.‬‬
‫‪ .85‬بداية المجتهد ونهاية المقتصد‪ ،‬أبو الوليد محمد بن أحمد بن رشيد القرطبي‪ ،‬دار الحديث‪،‬‬
‫القاهرة‪1425 ،‬ه – ‪2004‬م‪ ،‬الجزء الرابع‪.‬‬
‫‪ .86‬منح الجليل شرح مختصر خليل‪ ،‬محمد بن أحمد بن محمد عليش أبو عبد هللا المالكي‪،‬‬
‫دار الفكر‪ ،‬بيروت‪ ،‬بدون طبعة‪1409 ،‬ه – ‪1989‬م‪ ،‬الجزء الثالث‪.‬‬
‫‪ .87‬تبصرة الحكام في أصول األقضية ومناهج األحكام‪ ،‬برهان الدين إبراهيم بن علي القاسم‬
‫بن محمد بن فرحون‪ ،‬مكتبة الكليات األزهرية‪ ،‬الطبعة األولى‪1406 ،‬ه – ‪1986‬م‪،‬‬
‫الجزء الثاني‪.‬‬
‫د‪ /‬كتب الفقه الشافعي‪:‬‬
‫‪ .88‬كتاب األم‪ ،‬لإلمام أبي عبد هللا محمد بن إدريس الشافعي‪ ،‬دار المعرفة‪ ،‬بدون طبعة‪،‬‬
‫‪1410‬ه – ‪1990‬م‪ ،‬الجزء الثالث‪.‬‬
‫‪ .89‬اللباب في الفقه الشافعي‪ ،‬أحمد بن أحمد القاسم‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد الكريم صيتان العمري‪ ،‬دار‬
‫البخاري‪ ،‬المدينة المنورة‪ ،‬الطبعة األولى‪1416 ،‬ه – الجزء األول‪.‬‬
‫‪ .90‬الحاوي الكبير في فقه اإلمام الشافعي‪ ،‬أبو الحسن بن علي بن محمد بن حبيب البصري‬
‫البغدادي‪ ،‬تحقيق‪ :‬الشيخ علي محمد معوض وآخرون‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫لبنان‪ ،‬الطبعة األولى‪1419 ،‬ه – ‪1999‬م‪ ،‬الجزء السادس‪.‬‬
‫‪ .91‬روضة الطالبين وعمدة المفتين‪ ،‬أبو زكريا محي الدين يحي بن شرف النووي‪ ،‬تحقيق‪:‬‬
‫زهير الشاويش‪ ،‬المكتب اإلسالمي‪ ،‬بيروت‪ ،‬دمشق‪ ،‬عمان‪ ،‬الطبعة الثالثة‪1412 ،‬ه –‬
‫‪1991‬م‪ ،‬الجزء الرابع‪.‬‬
‫‪ .92‬المهذب في فقه اإلمام الشافعي‪ ،‬أبو إسحاق إبراهيم بن علي بن يوسف الشيرازي‪ ،‬دار‬
‫الكتب العلمية‪ ،‬بدون طبعة‪ ،‬الجزء الثالث‪ ،‬المجلد األول‪.‬‬
‫‪ .93‬مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج‪ ،‬شمس الدين محمد بن أحمد الخطيب‬
‫الشربيني‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬الطبعة األولى‪1415 ،‬ه – ‪1994‬م‪ ،‬الجزء السادس‪.‬‬
‫‪ .94‬نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج‪ ،‬شمس الدين محمد بن أبي العباس أحمد بن حمزة‬
‫شهاب الدين الرملي‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬بيروت‪ ،‬الطبعة األولى‪1404 ،‬ه – ‪1984‬م‪ ،‬الجزء‬
‫الثامن‪.‬‬

‫‪165‬‬
‫ه‪ /‬كتب الفقه الحنبلي‪:‬‬
‫‪ .95‬المغنى البن قدامة‪ ،‬أبو محمد موفق الدين عبد هللا بن أحمد بن قدامة المقدسي‪ ،‬دار الفكر‪،‬‬
‫بيروت‪ ،‬الطبعة األولى‪1404 ،‬ه – ‪1984‬م‪ ،‬الجزء الثامن‪.‬‬
‫‪ .96‬كشاف القناع عن متن اإلقناع‪ ،‬منصور بن يونس بن إدريس البهوتي‪ ،‬تحقيق‪ :‬هالل‬
‫مصيلحي مصطفى‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪1402 ،‬ه – ‪1983‬م‪ ،‬الجزء السادس‪.‬‬
‫‪ .97‬شرح الزركشي على مختصر الخرقي‪ ،‬شمس الدين أبي عبد هللا محمد الزركشي‬
‫المصري الحنبلي‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد هللا عبد الرحمن‪ ،‬مكتبة العبيكان‪ ،‬الرياض‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى‪1413 ،‬ه – ‪1993‬م‪ ،‬الجزء الرابع‪.‬‬
‫‪ .98‬الروض المربع بشرح زاد المستنقع‪ ،‬للشيخ منصور بن يونس البهوتي‪ ،‬تحقيق‪ :‬سعيد‬
‫محمد اللَّحاح‪ ،‬المكتبة الثقافية‪ ،‬بيروت‪1409 ،‬ه – ‪1989‬م‪ ،‬الجزء السابع‪.‬‬
‫‪ .99‬اإلقناع في فقه اإلمام أحمد بن حنبل‪ ،‬موسى بن أحمد بن سالم بن عيسى‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد‬
‫اللطيف محمد موسى السبكي‪ ،‬دار المعرفة‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬الجزء الرابع‪.‬‬
‫‪ .100‬المبدع في شرح المقنع‪ ،‬إبراهيم بن محمد بن عبد هللا بن مفلح أبو إسحاق‪ ،‬دار الكتب‬
‫العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬الطبعة األولى‪1418 ،‬ه – ‪1997‬م‪ ،‬الجزء الثامن‪.‬‬
‫‪ .101‬اإلنصاف في معرفة الراجح من الخالف‪ ،‬عالء الدين أبو الحسن علي بن سليمان‬
‫المرداوي الدمشقي‪ ،‬تحقيق‪ :‬أبي عبد هللا محمد حسن إسماعيل‪ ،‬دار الكتب العلمية‪،‬‬
‫بيوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬الطبعة األولى‪1418 ،‬ه – ‪1997‬م‪ ،‬الجزء التاسع‪.‬‬
‫‪ .102‬الكافي في فقه اإلمام أحمد‪ ،‬أبو محمد موفق الدين عبد هللا بن أحمد بن قدامة المقدسي‪،‬‬
‫دار الكتب العلمية‪ ،‬الطبعة األولى‪1414 ،‬ه – ‪1994‬م‪ ،‬الجزء الثاني‪.‬‬
‫‪ .103‬المحرر في الفقه على مذهب اإلمام أحمد بن حنبل‪ ،‬عبد السالم بن عبد هللا بن الخضر‬
‫بن محمد بن تيمية الحراني‪ ،‬مكتبة المعارف‪ ،‬الرياض‪ ،‬الطبعة الثانية‪1404 ،‬ه –‬
‫‪1984‬م‪ ،‬الجزء الثاني‪.‬‬
‫‪ .104‬منار السبيل في شرح الدليل‪ ،‬ابن ضو]ان إبراهيم بن محمد بن سالم‪ ،‬تحقيق‪ :‬زهير‬
‫الشاويش‪ ،‬المكتب اإلسالمي‪ ،‬الطبعة السابعة‪1409 ،‬ه – ‪1989‬م‪ ،‬الجزء الثاني‪.‬‬
‫‪.105‬أعالم الموقعين‪ ،‬محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد شمس الدين ابن القيم الجوزية‪،‬‬
‫تحقيق‪ :‬محمد عبد السالم إبراهيم‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬الطبعة األولى‪1411 ،‬ه –‬
‫‪1991‬م‪ ،‬الجزء الثاني‪.‬‬
‫‪ .106‬الطرق الحكمية في السياسة الشرعية‪ ،‬محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد شمس الدين‬
‫ابن القيم الجوزية‪ ،‬مكتبة دار البيان‪ ،‬الجزء األول‪.‬‬

‫‪166‬‬
‫‪ .107‬الشرح الكبير على متن المقنع‪ ،‬عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن قدامة المقدسي‪ ،‬دار‬
‫الكتاب العربي للنشر والتوزيع‪.‬‬
‫خامساً‪ :‬كتب النظام القضائي‬
‫‪ .108‬النظام القضائي في الفقه اإلسالمي‪ ،‬محمد رأفت عثمان‪ ،‬دار البيان‪ ،‬الطبعة الثانية‪،‬‬
‫‪1415‬ه – ‪1994‬م‪ ،‬الجزء األول‪.‬‬
‫‪ .109‬القضاء واإلثبات في الفقه اإلسالمي مع المقارنة بقانون اإلثبات اليمني‪ ،‬عبد الفتاح‬
‫محمد أبو العنين‪.‬‬
‫‪.110‬اإلثبات القضائي قواعده وطرقه بين النظرية والتطبيق‪ ،‬د‪ .‬عز الدين محمد أحمد‬
‫األمين‪ ،‬عضو إتحاد المحامين الدولي‪2005 ،‬م‪.‬‬
‫‪ .111‬علم القضاء‪ ،‬د‪ .‬أحمد الحصري‪ ،‬مكتبة الكليات األزهرية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬األزهر‪1387 ،‬ه ‪0‬‬
‫‪1977‬م‪ ،‬المجلد الرابع وعشرون‪.‬‬
‫‪ .112‬تنفيذ األحكام القضائية في الفقه اإلسالمي‪ ،‬دراسة مقارنة بقانون المرافعات‪ ،‬د‪ .‬محمود‬
‫األمين يوسف الصادق‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪2008 ،‬م‪.‬‬
‫‪ .113‬التنظيم القضائي في الفقه اإلسالمي‪ ،‬د‪ .‬محمد الزحيلي‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬دمشق‪ ،‬سوريا‪،‬‬
‫الطبعة الثانية ‪1423‬ه – ‪2002‬م‪.‬‬
‫‪ .114‬أدب القضاء‪ ،‬عيسى بن عثمان بن غازي الغزي‪ ،‬مكتبة مصطفى الباز‪ ،‬الرياض‪،‬‬
‫الطبعة األولى‪1417 ،‬ه – ‪1996‬م‪.‬‬
‫‪ .115‬القضايا واألحكام في المحاكم الشرعية‪ ،‬د‪ .‬الشيخ أحمد محمد بن علي داؤود‪ ،‬دار‬
‫الثقافة‪ ،‬عمان‪ ،‬الطبعة األولى‪1427 ،‬ه – ‪2006‬م‪ ،‬الجزء األول‪.‬‬
‫‪ .116‬السلطة التنفيذية للقاضي في الفقه اإلسالمي‪ ،‬د‪ .‬محمود محمد بركات‪ ،‬إشراف د‪ .‬وهبة‬
‫الزحيلي‪ ،‬دار النفائس‪ ،‬األردن‪ ،‬الطبعة األولى‪1427 ،‬ه – ‪2007‬م‪.‬‬
‫‪ .117‬اإلثبات أمام القضاء الدولي‪ ،‬د‪ .‬أحمد رفعت مهدي خطاب‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى‪2009 ،‬م‪.‬‬
‫‪ .118‬إثبات جرائم الحدود في الشريعة والقانون‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬د‪ .‬بدرية عبد المنعم حسونة‪،‬‬
‫قاض المحكمة العليا‪ ،‬السودان‪ ،‬تحقيق‪ :‬أ‪ .‬د محمد محي الدين عوض‪ ،‬أكاديمية نايف‬
‫للعلوم األمنية‪ ،‬الرياض‪ ،‬الطبعة الثانية ‪2002‬م‪.‬‬
‫‪ .119‬نظرية اإلثبات في الفقه الجنائي اإلسالمي‪ ،‬دراسة فقهية مقارنة‪ ،‬أحمد فتحي بهنس‪،‬‬
‫مكتبة الوعي العربي‪ ،‬الطبعة الثانية‪1387 ،‬ه – ‪1967‬م‪.‬‬
‫‪ .120‬المحاماة في الشريعة اإلسالمية (نظرية التوكيل في الدعوى بين المتخاصمين في‬
‫الشريعة) د‪ .‬رجائي سيد أحمد العطافي الفقي‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪،‬‬
‫‪2006‬م‪.‬‬

‫‪167‬‬
‫‪ .121‬يقين القاضي الجنائي‪ ،‬د‪ .‬إيمان محمد علي الجابري‪ ،‬مكتبة المعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪،‬‬
‫‪2005‬م‪.‬‬
‫‪ .122‬الجرائم الماسة بالنزاهة بين الشريعة والقانون‪ ،‬عزت حسنين‪ ،‬الطبعة األولى‪1987 ،‬م‪.‬‬
‫‪ .123‬المقاصد الشرعية للعقوبات في اإلسالم‪ ،‬د‪ُ .‬حسني الجندي‪ ،‬دار النهضة العربية‪،‬‬
‫القاهرة الطبعة األولى‪2006 ،‬م‪.‬‬
‫‪ .124‬المرافعات الشرعية‪ ،‬معوض محمد مصطفى سرحان‪ ،‬الطبعة األولى‪1371 ،‬ه –‬
‫‪1952‬م‪.‬‬
‫‪ .125‬أصول المحاكمات الشرعية‪ ،‬د‪ .‬أحمد محمد علي داؤود‪ ،‬مكتبة الثقافة للنشر والتوزيع‪،‬‬
‫عمان‪ ،‬الطبعة األولى‪2004 ،‬م‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬والثاني‪.‬‬
‫‪ .126‬أصول المحاكمات الشرعية الجزائية‪ ،‬أسامة علي مصطفى الفغير‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد نعيم‬
‫ياسين‪ ،‬دار النفائس‪ ،‬األردن‪ ،‬الطبعة األولى‪1425 ،‬ه – ‪2005‬م‪.‬‬
‫‪ .127‬تحليف المتهم اليمين في الدعوى الجنائية في الفقه اإلسالمي‪ ،‬د‪ .‬سليمان محمد شائب‬
‫عبد الحميد‪ ،‬قاضي بالمحكمة العليا السودانية‪ ،‬الخرطوم‪ ،‬الطبعة األولى‪1430 ،‬ه –‬
‫‪2009‬م‪.‬‬
‫‪ .128‬المدعى عليه وحقوقه بين الشريعة والقانون‪ ،‬د‪ .‬عبد الرحمن بن عبد العزيز الفالح‪،‬‬
‫مكتبة التوبة‪ ،‬الرياض‪ ،‬الطبعة األولى‪1426 ،‬ه – ‪2005‬م‪.‬‬
‫‪ .129‬أصول المرافعات الشرعية في مسائل األحوال الشخصية‪ ،‬أنور العمروسي‪ ،‬الطبعة‬
‫الثاني‪.‬‬
‫‪ .130‬رسالة اإلثبات‪ ،‬أحمد نشأت‪ ،‬الطبعة السابعة‪.‬‬
‫‪ .131‬حجية الكتابة أمام القضاء‪ ،‬د‪ .‬عبد الرحمن المليفي‪ ،‬جامعة اإلمام محمد بن سعود‬
‫اإلسالمية‪ ،‬الرياض‪1409 ،‬ه‪ ،‬الجزء األول‪.‬‬
‫‪ .132‬إثبات الملكية في الوثائق العربية‪ ،‬د‪ .‬جمال الخولي‪ ،‬الدار المصرية اللبنانية‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى‪1415 ،‬ه – ‪1994‬م‪.‬‬
‫‪ .133‬القضاء في اإلسالم‪ ،‬أبو فارس محمد عبد القادر‪ ،‬دار الفرقان‪ ،‬عمان‪ ،‬الطبعة الرابعة‪،‬‬
‫‪1405‬ه‪.‬‬
‫‪ .134‬قواعد المرافعات في التشريع المصري والمقارن‪ ،‬محمد العشماوي وآخرون‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى‪1958 ،‬م‪.‬‬
‫‪ .135‬الدعاوى والبينات والقضاء‪ ،‬مصطفى ديب البغاء وآخرون‪ ،‬دار المصطفى‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى‪1427 ،‬ه – ‪2006‬م‪.‬‬

‫‪168‬‬
‫‪ .136‬الدليل الجنائي المادي ودوره في إثبات جرائم الحدود والقصاص‪ ،‬اللواء الدكتور‪ :‬أحمد‬
‫أبو القاسم‪ ،‬المركز العربي للدراسات األمنية والتدريب‪ ،‬الرياض‪1414 ،‬ه – ‪1993‬م‪،‬‬
‫الجزء الثاني‪.‬‬
‫‪ .137‬القضاء بقرائن األحوال‪ ،‬محمد جنيد الديرشوي‪ ،‬الطبعة األولى‪1998 ،‬م‪.‬‬
‫‪ .138‬القرائن ودورها في الفقه اإلسالمي‪ ،‬د‪ .‬أنور دبور‪1405 ،‬ه – ‪1975‬م‪.‬‬
‫سادساً‪ :‬قائمة الكتب القانوينة‬
‫‪ .139‬شرح قانون البينات واإلجراءات‪ ،‬د‪ .‬آدم وهب النداوي‪ ،‬مكتبة الثقافة للنشر والتوزيع‪،‬‬
‫عمان‪ ،‬الطبعة األولى‪1998 ،‬م‪.،‬‬
‫‪ .140‬الوجيز في قانون أصول المحاكمات الجزائية‪ ،‬محمد صبحي نجم‪ ،‬دار الثقافة‪ ،‬عمان‪،‬‬
‫األردن‪ ،‬الطبعة األولى‪2006 ،‬م‪.‬‬
‫‪ .141‬التعليق على نصوص قانون تنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل‬
‫األحوال الشخصية‪ ،‬أحمد نصر الجندي‪ ،‬دار الكتب القانونية‪ ،‬مصر‪2001 ،‬م‪.‬‬
‫‪ .142‬شرح قانون اإلثبات لسنة ‪1994‬م فقها ً تشريعيا ً قضائياً‪ ،‬د‪ .‬بدرية عبد المنعم حسونة‪،‬‬
‫قاضي المحكمة العليا‪ ،‬الطبعة الثامنة‪2005 ،‬م‪.‬‬
‫‪ .143‬الوسيط شرح القانون المدني‪ ،‬عبد الرازق أحمد السنهوري‪ ،‬دار إحياء التراث العربي‪،‬‬
‫بيروت‪.‬‬
‫‪ .144‬أصول اإلثبات دراسة في ضوء أحكام قانون اإلثبات العراقي والتشريعات المقارنة‪ ،‬د‪.‬‬
‫عصمت عبد المجيد بكر‪ ،‬مكتبة الجامعة‪ ،‬الشارقة‪ ،‬الطبعة األولى‪2012 ،‬م‪.‬‬
‫‪ .145‬اإلثبات في المواد المدنية والتجارية والشرعية‪ ،‬محمد شتا أبو سعد‪ ،‬دار الفكر العربي‪،‬‬
‫القاهرة‪1418 ،‬ه – ‪.1997‬‬
‫‪ .146‬شرح قانون اإلثبات اإلسالمي السوداني وتطبيقاته القضائية‪ ،‬د‪ .‬بدرية عبد المنعم‬
‫حسونة‪2000 ،‬م‪.‬‬
‫‪ .147‬قانون اإلثبات وما عليه العمل السوداني‪ ،‬د‪ .‬البخاري عبد هللا الجعلي‪ ،‬الطبعة األولى‪،‬‬
‫‪1984‬م‪.‬‬
‫‪ .148‬مناقشة الشهود واستجوابهم في الشريعة والقانون الوضعي‪ ،‬محمود محمد عبد العزيز‪،‬‬
‫الجامعة الجديدة‪ ،‬مصر‪2004 ،‬م‪.‬‬
‫‪ .149‬دور الحاكم المدني في اإلثبات‪ ،‬النداوي آدم وهيب‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬دار الثقافة‪ ،‬عمان‪،‬‬
‫الطبعة األولى ‪2001‬م‪.‬‬
‫‪ .150‬اإلثبات الجنائي في القانون المقارن والفقه اإلسالمي‪ ،‬د‪ .‬أيمن فاروق عبد المعبود‪،‬‬
‫‪1433‬ه – ‪2011‬م‪.‬‬

‫‪169‬‬
‫‪ .151‬قواعد اإلثبات في المواد المدنية والتجارية‪ ،‬د‪ .‬توفيق حسن فرج‪ ،‬منشورات الحلبي‬
‫الحقوقية‪2003 ،‬م‪.‬‬
‫‪.152‬تعارض البينات القضائية في الفقه اإلسالمي‪ ،‬دراسة فقهية قانونية تطبيقية مقارنة‪ ،‬عبد‬
‫الرحمن شرفي‪ ،‬مكتبة الكامالبي‪ ،‬القاهرة‪1406 ،‬ه – ‪1986‬م‪.‬‬
‫‪ .153‬التحقيق الجنائي الفني‪ ،‬عبد الفتاح مراد‪ ،‬دار الكتب المصرية‪.‬‬
‫‪ .154‬األدلة الجنائية والتحقيق الجنائي‪ ،‬منصور المعايطة‪ ،‬دار الثقافة‪.‬‬
‫‪ .155‬أساليب التحقيق الفني‪ ،‬خليل الجريسي‪ ،‬مطبعة اإلخوة‪ ،‬غذة‪.‬‬
‫‪ .156‬أدلة اإلثبات الجنائي والتكنولوجيا الحديثة‪ ،‬جميل عبد الباقي الصغير‪ ،‬دار النهضة‬
‫العربية ‪2002‬م‪.‬‬
‫‪ .157‬البوليس العلمي أو فن التحقيق‪ ،‬رمسيس بنهام‪ ،‬منشأة المعارف للنشر الطبعة األولى‬
‫‪2000‬م‪.‬‬
‫‪.158‬األدلة الجنائية‪ ،‬سلسلة محاضرات لمادة األدلة الجنائية‪ ،‬عبد القادر الخياط‪ ،‬أكاديمية‬
‫شرطة دبي‪2003 ،‬م‪.‬‬
‫‪ .159‬الطب الشرعي في التحقيقات الجنائية‪ ،‬دكتور إبراهيم صادق الجندي‪ ،‬الطبعة األولى‪،‬‬
‫‪1420‬ه – ‪2000‬م‪.‬‬
‫‪ .160‬اإلثبات بالقرائن في المواد الجنائية والتجارية‪ ،‬يوسف محمد المصاروة‪ ،‬دار الثقافة‪،‬‬
‫‪1996‬م‪.‬‬
‫‪ .161‬البصمة الوراثية ومدى ُحجيتها في اإلثبات‪ ،‬دراسة فقهية مقارنة بين الفقه والقانون‬
‫الوضعي‪ُ ،‬حسني محمود عبد الدائم‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬الطبعة األولى‬
‫‪2007‬م‪.‬‬
‫‪ .162‬البصمة الوراثية وأثرها على االحكام الفقهية – دراسة فقهية مقارنة – خليفة علي‬
‫الكعبي – دار النفائس للنشر والتوزيع – األردن – ط‪2006 1‬م‬
‫‪ُ .163‬حجية الشهادة في اإلثبات في الفقه اإلسالمي والقانون المقارن‪ ،‬الخياري عبد هللا علي‪،‬‬
‫دون سنة نشر‪ ،‬مركز األمن للنشر‪.‬‬
‫‪ .164‬أحكام اإلثبات في السودان‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬دار كرستينا فاسديف‪ ،‬ترجمة هندي‬
‫رياض‪ ،‬عبد العزيز صفوت‪ ،‬مطبعة دار الجيل‪ ،‬الطبعة األولى ‪1986‬م‪.‬‬
‫سابعاً‪ :‬الرسائل الجامعية‬
‫‪ .165‬البصمة الوراثية ودورها في اإلثبات الجنائي بين الشريعة والقانون الوضعي‪ ،‬إبراهيم‬
‫بن سطم (رسالة ماجستير) جامعة نايف‪1425 ،‬ه – ‪2004‬م‪.‬‬
‫‪ .166‬وسائل اإلثبات في المعامالت المدني واألحوال الشخصية‪ ،‬محمد مصطفى الزحيلي‪،‬‬
‫(رسالة دكتوراه) كلية الشريعة والقانون‪ ،‬القاهرة‪1971 ،‬م‪.‬‬

‫‪170‬‬
‫‪ .167‬ضوابط الحكم بالعقوبة وتنفيذها في الشريعة اإلسالمية‪ ،‬محمود إبراهيم‪( ،‬رسالة‬
‫دكتوراه) كلية الشريعة والقانون‪ ،‬أسيوط‪1982 ،‬م‪.‬‬
‫‪ .168‬القرائن في اإلثبات الجنائي بين الشريعة والقانون الوضعي‪ ،‬عبد الحافظ عبد الهادي‬
‫عابد (رسالة دكتوراه) مقدمة إلى كلية الشرطة‪.‬‬
‫‪ُ .169‬حج ية الدليل المادي في اإلثبات‪ ،‬شحاته عبد المطلب حسن‪( ،‬رسالة ماجستير)‪ ،‬مقدمة‬
‫لكلية الشريعة والقانون ‪ ،‬القاهرة‪1417 ،‬ه – ‪1997‬م‪.‬‬
‫‪ُ .170‬حجية البينة في مرحلتي التحري والتحقيق في الفقه اإلسالمي والقانون الوضعي‪ ،‬إلهام‬
‫محمد معوض‪( ،‬رسالة ماجستير) مقدمة لكلية الشريعة والقانون جامعة أمدرمان‬
‫اإلسالمية‪1426 ،‬ه – ‪2005‬م‪.‬‬
‫‪ .171‬الحكم بالقرائن والفراسة والقيافة وعلم القاضي‪ ،‬أحمد كامل السقا‪( ،‬رسالة دكتوراه)‬
‫مقدمة لكلية الشريعة بالقاهرة‪1943 ،‬م‪.‬‬
‫‪ .172‬اإلثبات بالقرائن في القانون الوضعي اإلداري والشريعة اإلسالمية‪ ،‬دراسة فقهية‬
‫مقارنة‪ ،‬محمد علي عطا هللا‪( ،‬رسالة دكتوراه) مقدمة إلى كلية الحقوق‪ ،‬مصر‪2001 ،‬م‪.‬‬
‫ثامناً‪ :‬قسم الدوريات والمجالت العلمية‬
‫‪ .173‬مجلة البحث العلمي‪ ،‬جامعة محمد الخامس السنة العاشرة‪ ،‬العدد ‪1973 ،21 – 20‬م‪.‬‬
‫‪.174‬مجلة البحث العلمي‪ ،‬المركز الجامعي للبحث العلمي‪ ،‬الرياض‪ ،‬السنة العاشرة‪ ،‬العدد‪،‬‬
‫‪ /21 ،20‬يونيو ‪1972‬م‪.‬‬
‫‪.175‬مجلة كلية الحقوق بأسيوط‪ ،‬العدد ‪ ،8‬يونيو ‪1986‬م‪.‬‬
‫‪ .176‬مجلة جامعة النجاح لألبحاث (العلوم اإلنسانية)‪ ،‬فلسطين‪ ،‬المجلد السادس عشر‪ ،‬سنة‬
‫‪2002‬م‪.‬‬
‫‪ .177‬مجلة كلية الشريعة والقانون‪ ،‬طنطا‪ ،‬العدد الرابع والعشرون‪ ،‬الجزء األول‪1430 ،‬ه –‬
‫‪2009‬م‪.‬‬
‫‪ .178‬مجلة جامعة صنعاء للقانون والدراسات اإلسالمية‪ ،‬العدد الثالث‪ ،‬يناير – يونيو‬
‫‪2005‬م‪.‬‬
‫‪.179‬مجلة األحكام العدلية – لجنة مكونة من عدة علماء وفقهاء في الخالفة العثمانية ‪-‬‬
‫تحقيق‪ :‬نجيب هواويني – الناشر‪ :‬نور محمد‪ ،‬كارخانه تجارت كتب‪ ،‬آرام باغ‪ ،‬كراتشي‪.‬‬

‫‪171‬‬
‫فهرس الموضوعات‬
‫رقم الصفحة‬ ‫الموضــــــوع‬
‫أ‬ ‫اآلية‬
‫ب‬ ‫الحديث‬
‫ج‬ ‫إهداء‬
‫د‬ ‫شكر وتقدير‬
‫د‬ ‫الفصل التمهيدي‬
‫د‬ ‫مقدمة‬
‫و‬ ‫موضوع الدراسة‬
‫و‬ ‫أسباب اختيار الموضوع‬
‫و‬ ‫أهمية الموضوع‬
‫و‬ ‫أهداف الدراسة‬
‫ح‬ ‫الدراسات السابقة‬
‫س‬ ‫المستخلص بالعربية‬
‫ع‬ ‫المستخلص باالنجليزية )‪(Abstract‬‬
‫ن‬ ‫مصطلحات الدراسة‬
‫ن‬ ‫هيكل البحث‬
‫‪1‬‬ ‫الفصل األول‬
‫‪1‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬تعريف الدعوى لغة واصطالحا ً‬
‫‪1‬‬ ‫الدعوى في اللغة‬
‫‪2‬‬ ‫تعريف الدعوى في االصطالح‬
‫‪3‬‬ ‫مشروعية الدعوى‪:‬‬
‫‪5‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬أركان الدعوى‬
‫‪5‬‬ ‫تعريف المدعى عليه‬
‫‪6‬‬ ‫شروط ال ُمدَّعي‪:‬‬
‫‪6‬‬ ‫شروط المدعى عليه‬
‫‪8‬‬ ‫شروط المدعى به‬
‫‪8‬‬ ‫التمييز بين طرفي الدعوى‬
‫‪8‬‬ ‫التمييز بين (المدعي والمدعى عليه)‬
‫‪11‬‬ ‫المبحث الثالث‪ :‬شروط الدعوى‬
‫‪11‬‬ ‫أهم شروط الدعوى‪:‬‬
‫‪11‬‬ ‫مشروعية المدَّعى به‪:‬‬
‫‪13‬‬ ‫المبحث الرابع‪ :‬أنواع الدعاوى‬
‫‪16‬‬ ‫مكان الدعوى (مجلس القضاء)‪:‬‬
‫‪18‬‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬البينات المقبولة‬

‫‪172‬‬
‫‪18‬‬ ‫تمهيد‬
‫‪18‬‬ ‫تعريف البينة في اللغة‪:‬‬
‫‪18‬‬ ‫البينة في االصطالح‬
‫‪18‬‬ ‫شروط البينة في الفقه اإلسالمي والقانون الوضعي‪:‬‬
‫‪18‬‬ ‫أوالً شروط البينة في الفقة اإلسالمي‬
‫‪20‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬اإلقرار‬
‫‪20‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬تعريف اإلقرار‪:‬‬
‫‪21‬‬ ‫اإلقرار في القانون‪:‬‬
‫‪21‬‬ ‫مشروعية اإلقرار‪:‬‬
‫‪23‬‬ ‫حكم اإلقرار‬
‫‪24‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬أركان اإلقرار‬
‫‪25‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬شروط اإلقرار‬
‫‪25‬‬ ‫أوالً‪ :‬شروط ال ُمقر‪:‬‬
‫‪26‬‬ ‫شروط المقر له‪:‬‬
‫‪26‬‬ ‫شروط المقر به‪:‬‬
‫‪27‬‬ ‫شروط الصيغة‪:‬‬
‫‪27‬‬ ‫تجزئة اإلقرار‪:‬‬
‫‪27‬‬ ‫اإلقرار البسيط‪:‬‬
‫‪27‬‬ ‫اإلقرار المركب‪:‬‬
‫‪27‬‬ ‫اإلقرار بغير النطق‪:‬‬
‫‪27‬‬ ‫حكم إقرار األخرس فيه خالف‪:‬‬
‫‪29‬‬ ‫المطلب الرابع‪ :‬الرجوع عن اإلقرار‬
‫‪29‬‬ ‫اإلقرار بالكتابة‪:‬‬
‫‪30‬‬ ‫إقرار المريض‪:‬‬
‫‪31‬‬ ‫إقرار المريض لوارث‪:‬‬
‫‪33‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬الشهادة‬
‫‪33‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬تعريف الشهادة وبيان مشروعيتها‬
‫‪34‬‬ ‫الشهادة في اصطالح الفقهاء‪:‬‬
‫‪36‬‬ ‫مكانة الشهادة بين غيرها من وسائل اإلثبات‪:‬‬
‫‪36‬‬ ‫أدلة مشروعيتها‪:‬‬
‫‪38‬‬ ‫الحكمة من مشروعية الشهادة‪:‬‬
‫‪39‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬أنواع الشهادة‬
‫‪41‬‬ ‫الشهادة بالشهرة العامة‪:‬‬
‫‪42‬‬ ‫خصائص الشهادة‪:‬‬
‫‪43‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬شروط الشهادة‬
‫‪44‬‬ ‫شروط األداء‪:‬‬

‫‪173‬‬
‫‪44‬‬ ‫الشروط الواجب توافرها في الشاهد حال أداء الشهادة‪:‬‬
‫‪44‬‬ ‫أوالً الشروط التي ترجع إلى الشاهد‪:‬‬
‫‪45‬‬ ‫شروط المالكية لقبول شهادة الصبيان‪:‬‬
‫‪48‬‬ ‫ثانياً‪ :‬الشروط التي ترجع إلى الشهادة ذاتها‪:‬‬
‫‪49‬‬ ‫المبحث الثالث‪ :‬البينة الظرفية‬
‫‪49‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬تعريف البينة الظرفية‪:‬‬
‫‪51‬‬ ‫المطلب الثاني‪ُ :‬حجية البينة الظرفية في اإلثبات‬
‫‪51‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬حاالت قبول البينة الظرفية‬
‫‪53‬‬ ‫المطلب الرابع‪ :‬شروط قبول البينة الظرفية‬
‫‪55‬‬ ‫المبحث الرابع‪ :‬اليمين والنكول عنه‬
‫‪55‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬تعريف اليمين في اللغة واالصطالح‬
‫‪55‬‬ ‫اليمين في اللغة‪:‬‬
‫‪55‬‬ ‫اليمين في االصطالح‪:‬‬
‫‪56‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬مشروعية اليمين‬
‫‪57‬‬ ‫حكم اليمين ومحاسنها‪:‬‬
‫‪58‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬اليمين برهان و ُحجة ودليل‬
‫‪58‬‬ ‫أوالً‪ :‬اليمين برهان‪:‬‬
‫‪58‬‬ ‫ثانيا ً اليمين ُحجة‪:‬‬
‫‪58‬‬ ‫تعريف الحجة لغة‪:‬‬
‫‪59‬‬ ‫معنى ال ُحجة في االصطالح‪:‬‬
‫‪60‬‬ ‫المطلب الرابع‪ :‬شروط وجوب اليمين‬
‫‪61‬‬ ‫ما تنعقد به اليمين؟‬
‫‪62‬‬ ‫المطلب الخامس‪ :‬أنواع اليمين‬
‫‪64‬‬ ‫المطلب السادس‪ :‬معنى النكول لغة وشرعا ً‬
‫‪64‬‬ ‫النكول في اللغة‪:‬‬
‫‪64‬‬ ‫النكول في الشرع‪:‬‬
‫‪68‬‬ ‫المبحث الخامس‪ :‬القسامة‬
‫‪68‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬تعريف القسامة لغة وشرعا ً‬
‫‪68‬‬ ‫مشروعية القسامة‪:‬‬
‫‪70‬‬ ‫الحكمة من مشروعية القسامة‪:‬‬
‫‪71‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬كيفية القسامة‬
‫‪72‬‬ ‫ما هو اللوث عند الفقهاء؟‬
‫‪73‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬شروط القسامة‬
‫‪74‬‬ ‫المطلب الرابع‪ :‬مسقطات اللوث‬
‫‪76‬‬ ‫الفصل الثالث‬
‫‪76‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬التعريف بالكتابة وأنواعها (المستندات الخطية)‬

‫‪174‬‬
‫‪76‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬تعريف الكتابة‬
‫‪76‬‬ ‫أوالً‪ :‬تعريف الكتابة لغةً‪:‬‬
‫‪76‬‬ ‫تعريف الكتابة اصطالحاً‪:‬‬
‫‪78‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬أنواع الكتابة‬
‫‪78‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬مشروعية اإلثبات بالكتابة‬
‫‪78‬‬ ‫المطلب االول‪ :‬مشروعية المستندات الخطية في اإلثبات‬
‫‪80‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬أحكام الكتابة كدليل لإلثبات فى الفقه اإلسالمي‬
‫‪82‬‬ ‫المبحث الثالث‪ :‬المستندات الخطية‬
‫‪82‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬المستندات الرسمية‬
‫‪83‬‬ ‫ُحجية المحررات الرسمية‪:‬‬
‫‪83‬‬ ‫ُحجية المحررات الرسمية بالنسبة لألشخاص‪:‬‬
‫‪84‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬المستندات غير الرسمية‬
‫‪84‬‬ ‫أنواع المحررات العرفية‪:‬‬
‫‪84‬‬ ‫شروط المحررات العرفية‪:‬‬
‫‪85‬‬ ‫ُحجية المحررات العرفية في اإلثبات‪:‬‬
‫‪85‬‬ ‫المستندات المكتوبة‪:‬‬
‫‪88‬‬ ‫المبحث الرابع‪ :‬حكم اإلثبات بالمستندات الخطية (الكتابة)‬
‫‪88‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬األثر المرتب عليها باختالف أنواعها‬
‫‪89‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬أثر اإلثبات بالمستندات الخطية على غير صاحبها‬
‫‪90‬‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬القرائن ودورها في اإلثبات‬
‫‪90‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬تعريف القرينة لغة واصطالحا ً‬
‫‪90‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬تعريف القرينة في اللغة‬
‫‪92‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬القرينة في االصطالح‬
‫‪94‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬أركان القرينة‬
‫‪95‬‬ ‫الدليل المادي والقرينة‪:‬‬
‫‪95‬‬ ‫أوالً قميص يوسف ‪ -‬عليه السالم ‪ -‬ودليل االدانة المادي‪:‬‬
‫‪96‬‬ ‫ثانياً‪ :‬قميص يوسف ‪ -‬عليه السالم – دليل البراءة المادي‪:‬‬
‫‪99‬‬ ‫ثالثاً‪ :‬قميص يوسف – عليه السالم – والدليل غير المباشر‪:‬‬
‫‪100‬‬ ‫المبحث الثاني‪ُ :‬حجية القضاء بالقرائن في الشريعة اإلسالمية‬
‫‪100‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬مشروعية القضاء بالقرائن‬
‫‪100‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬أدلة القائلين بحجة القرائن‪:‬‬
‫‪102‬‬ ‫أدلة القائلون ب ُحجية القرائن من السنة‪:‬‬
‫‪103‬‬ ‫ثالثاً‪ :‬االجماع (عمل الصحابة بالقرائن)‪:‬‬
‫‪104‬‬ ‫المذهب الثاني‪ :‬أدلة القائلين بعدم ُحجية القرائن‪:‬‬
‫‪107‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬الحكمة من مشروعية القضاء بالقرائن‬
‫‪108‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬شروط العمل بالقرينة‬

‫‪175‬‬
‫‪108‬‬ ‫المبحث الثالث‪ :‬أقسام القرائن في الشريعة اإلسالمية‬
‫‪108‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬القرائن من حيث قوتها وقيمها في اإلثبات‬
‫‪112‬‬ ‫الفصل الخامس‪ :‬األدلة الجنائية‬
‫‪112‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬تعريف الخبرة ومشروعيتها‬
‫‪112‬‬ ‫الخبرة في الفقه والقانون‪:‬‬
‫‪114‬‬ ‫أهمية الخبرة ومشروعيتها في الفقه والقانون‪:‬‬
‫‪114‬‬ ‫أهمية الخبرة والحاجة إليها‪:‬‬
‫‪116‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬القيافة‬
‫‪116‬‬ ‫حكم العمل بالقيافة‪:‬‬
‫‪118‬‬ ‫شروط القائف‪:‬‬
‫‪120‬‬ ‫المبحث الثالث‪ :‬الفراسة‬
‫‪120‬‬ ‫ُح َّجية الفراسة‪:‬‬
‫‪123‬‬ ‫المبحث الرابع‪ :‬علم القاضي‬
‫‪123‬‬ ‫مشروعية القضاء بعلم القاضي‪:‬‬
‫‪127‬‬ ‫المبحث الخامس‪ :‬البصمة الوراثية‬
‫‪127‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬التطور التاريخي للبصمات‪:‬‬
‫‪129‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬مفهوم البصمة لغة واصطالحا ً‬
‫‪129‬‬ ‫خصائص ومميزات البصمة الوراثية‪:‬‬
‫‪130‬‬ ‫موقف الشريعة اإلسالمية من علم البصمات‪:‬‬
‫‪132‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬أنواع البصمات وأشكالها وفوائدها‬
‫‪132‬‬ ‫أشكال البصمات‪:‬‬
‫‪134‬‬ ‫فوائد علم البصمات‪:‬‬
‫‪134‬‬ ‫حجية البصمة في اإلثبات‪:‬‬
‫‪137‬‬ ‫المطلب الرابع‪ :‬إفادة الكلب البوليسي‬
‫‪138‬‬ ‫أسباب القدح في بينة إفادة الكلب البوليسي‪:‬‬
‫‪140‬‬ ‫المبحث السادس‪ :‬الفحص المعملي ‪DNA‬‬
‫‪140‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬تعريف الحمض النووي‬
‫‪140‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬مميزات بصمة الحمض النووي ‪DNA‬‬
‫‪142‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬مجاالت العمل بالحمض النووي ‪DNA‬‬
‫‪143‬‬ ‫المطلب الرابع‪ُ :‬حجية الحمض النووي في اإلثبات‬
‫‪146‬‬ ‫الخاتمة‬
‫‪146‬‬ ‫أوالً النتائج‪:‬‬
‫‪149‬‬ ‫ثانياً‪ :‬التوصيات والمقترحات‪:‬‬
‫‪151‬‬ ‫فهرس اآليات القرآنية‬
‫‪155‬‬ ‫فهرس األحاديث‬
‫‪157‬‬ ‫فهرس األعالم المترجم لها‬

‫‪176‬‬
‫‪159‬‬ ‫فهرس المصادر والمراجع‬
‫‪172‬‬ ‫فهرس الموضوعات‬

‫‪177‬‬

You might also like