You are on page 1of 283

‫الطاقات الخفيةالالإنسانية‬

‫تأليف‬

‫د ‪ .‬مخلص عبد الحليم الريس‬

‫‪THE JENI' S WORLD‬‬


‫‪BY‬‬
‫‪Dr . MOKLESS - RAYESS‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ 4002‬أيلول ـ دمشق‬ ‫الطبعة األولى ‪:‬‬
‫رقم اإليداع في مكتبة األسد ‪:‬‬

‫الطاقات الخفية الالإنسانية ‪ /‬تأليف مخلص عبد الحليم الريس‬


‫ص ‪ 42 ,‬سم‬ ‫‪ 0‬ـ دمشق ‪ ] :‬د‪ 0‬ن [ ‪ 4002 ,‬ـ‬
‫‪ 4‬ـ العنوان‬ ‫‪ 1‬ـ ‪ 13332‬ر ي س ط‬
‫مكتبة األسد‬ ‫‪ 3‬ـ الريس‬

‫‪2‬‬
‫موافقة وزارة اإلعالم ـ مديرية المراقبة ‪77777‬‬
‫تاريخ ‪4002 / 7 / 47‬‬

‫جميع الحقوق محفوظة للمؤلف‬

‫يمنع طبع هذا الكتاب أو أي جزء منه بكل طرق الطبع والتصوير والنقل والترجمـة‬
‫واالقتباس والتسجيل المرئي والمسموع والحاسوبي وغيرها من الحقوق إال بإذن خطي من‬
‫المؤلِف ‪ .‬وهو محمي بموجب حماية الملكية الفكرية ‪.‬‬
‫َ‬

‫بسم اهلل الرمحمن الرحيم‬

‫مــقــدمـــة‬
‫وحـي أو تجـرب ٌة‬
‫ٌ‬ ‫العلـم إما‬
‫تحدثت جميع الحضارات اإلنسانية القديمة منها والحديثة عن شئ أسمه الجن أو الجان‬
‫والشياطين والمردة والعفاريت ‪ ،‬كما ذكرت تلك الحضارات أن لتلك الكائنـات صفات‬
‫ومميزة ليست لغيرها من الكائنات ‪ ،...‬وكان السؤال ومازال هو‬
‫وخصائص وقدرات فريدة ّ‬
‫‪:‬‬

‫‪3‬‬
‫هل هذه المخلوقات ألالمرئية موجودة فعالً ؟ وان كانت موجودة فعالً!!‪ ،‬فأين عالمها ؟‬
‫وما هو دورها في حياتنا ؟‬
‫هل قصص ألف ليلة وليلة بما تحويه من سحر وسحرة وجن وعفاريت صحيحة ؟ أم هي‬
‫ي بارعٌ وكان الهدف منها التسليـة واضاعة‬
‫فكر بشر ٌ‬
‫مجرد أوهام من نسج الخيال صنعها ٌ‬
‫الوقت ؟ ‪ .‬ربما لم يكن التكهن بوجود الجان أكثر من هوس نفسي أو عقلي أو اجتماعي‬
‫تط ّفل على تلك الحضارات ولوثها بلوثة من التخلف !! ؟ ‪.‬‬
‫ليبرر ِ‬
‫عجزه عن اإلحاطة بأسرار الكـون‬ ‫لعل اإلنسان هو الذي اخترع موضوع الجن ّ‬
‫ليفسر األمور حسب هواه ومدى ثقافته العلمية ؟ أي هي‬
‫وتفسيرها ‪ ،‬فاخترع تلك الفكرة ّ‬
‫ليفسر ما وراء مداركه ويتجاوز أداءه المعرفي‪ ،‬خاصة أنه لم‬
‫حيلةٌ لجأ إليها اإلنسان قديماً ّ‬
‫يؤت من العلم إال قليالً ‪.‬‬
‫َ‬
‫لنحاول اإلجابة على السؤال التالي ‪:‬‬
‫لماذا ال يتسلط الجن والعفاريت إال على أصحاب العقول الضعيفة والنفوس المريضة‬
‫واألشخاص المحبطين والمتواكلين والكسالى؟ وأيضاً على أؤلئك الذين يحلمون بالدخول‬
‫إلى عالم تلك الكائنات للتعامل معهم بطريقة سرية واستغالل قدراتها في السيطرة على‬
‫عقول الناس والتحكم بهم !! ‪.‬‬
‫وغني بالفكر والخيال‬
‫ٌ‬ ‫خصب‬
‫ٌ‬ ‫الحقيقة أن موضوع القوى الخفية وعالم الجن هو مجال‬
‫هوى في نفوسهم ومهما كانت مستوياتهم‬
‫ويشغل حي اًز واسعاً من عقول الناس ‪ ،‬ويالقي ً‬
‫الفكرية والعلمية واالجتماعية والثقافية ‪ ،‬والغريب أن مثل تلك المستويات تتضمن أطباء‬
‫ومهندسين وعلماء ورجال أعمال أثرياء ‪ ،‬وشمل ذلك الهوس طيفاً واسعاً من الناس من‬
‫أفقرهم إلـى أغناهم ‪ ،‬ويالحظ أن للمرأة النصيب األوفر في االهتمام بهذه المواضيـع فهي‬
‫أكثر تأث اًر بها من الرجل ‪ ،‬ولربما كان مرد تلك الظاهرة إلى العداء األزلي بينهـا وبين‬
‫الجن ‪ ،‬والذي بدأت إرهاصاته األولى عندما غدر الشيطان بحواء وآدم في الجنة والتي‬
‫مازالت آثاره مغروسةً في أعماقها إلى اآلن‪ ،‬فالمرأة تشعر بق اررة نفسها أن الجن لعـب دو اًر‬
‫لتحميلها خطيئةً أخرجتها وزوجهـا من الجنة وجعلتها تلد‬
‫سلبياً في حياتها األولى أدى ّ‬
‫أبناءها باأللم ‪ ،‬وأن تعيش كل حياتها الدنيوية قلقـةً خائفةً على نسلهـا من عبث الجن‬

‫‪4‬‬
‫وأذاهم ‪ ،‬وأغلب الظن أنها محقةٌ في ذلك الشعور ألن ما نشاهده اليـوم من شر واجرام‬
‫وعنف ومن أعمال الشيطان ما يؤكد هواجسها ومخاوفها ‪ .‬وهنا يجـدر أن نذكر أن‬
‫الوحيدين المعاذ ين من الجن والشياطين وخالفهما هما سيدا البشرية واإلنسانية السيـد‬
‫المسيح عليه السالم وسيدنا محمد صلى اهلل عليه وسلم ‪.‬‬
‫ط كثي اًر في‬
‫الغريب أن موضوع الكينونات الطاقية الخفية الالإنسانية (عالم الجن) نش َ‬
‫اآلونة األخيرة بدل أن يتضاءل رغم التقدم العلمي الهائل الذي حدث‪ .‬فانتشرت القصص‬
‫الخرافية واألساطير وأفالم الرعب ومصاصي الدماء وقراءة األبراج ‪ ،‬انتشار النار في‬
‫الهشيم‪ ،‬وسادت أخبارها مجالس الناس ومجتمعاتهم ولمدى أبعد مما كان عليه الحال في‬
‫العصور القديمة ‪ ،‬وربما يعزى ذلك األمر للوقع الخيالي الساحر لمثل تلك المواضيع في‬
‫النفوس ولإلثارة النفسية والفكرية التي تصاحبها ‪ ،‬والتي ربما تعجز عن صنعها الحقائق‬
‫العلمية الجادة ذاتها ‪ ،‬والخيال يسبق العلم ‪ ،‬أو ربما كانت تلك الظواهر صحيحة وتمس‬
‫المؤلف النادر والطريف !!‬
‫حياتنا فعالً ‪ ،‬وما علينا سوى التحقّق من ذلك اآلن وفي هذا ّ‬
‫فما هي حقيقة هذا األمر ؟‬
‫المؤلف الطريف بحثاً في طبيعة الجن وحقيقتهم وعالمهم معتمداً في ذلك‬
‫يتضمن هذا ّ‬
‫ٍ‬
‫علمية واكتشافات واختراعات ‪ ،‬ومتمماً مـا كنت‬ ‫على ما قدمه العصر الحديث من منجز ٍ‬
‫ات‬
‫قد كتبته في مؤلّ ٍ‬
‫ف سابق هو " طبيعة الروح وأسرارها " ‪ .‬والهدف من ذلك هـو التنوير‬
‫والتوعية والتثقيف وازالة الخوف والرهبة من النفوس تجاه كائنات ال مرئيـة ال تضر وال تنفع‬
‫‪ .‬وطبعاً إلنجاز ذلك األمر سنقوم برحلة فكرية تأملية خيالية علمية نربط خاللها كل ما‬
‫توصل إليه التراث الحضاري والتقدم العلمي ‪ ،‬ومن ثم رسم صورة حسية متكاملة يتقبلها‬
‫العقل لعالم الطاقات الخفية الالإنسانية ‪.‬‬
‫لن ننفي وجود تلك الكائنات وهم الجان ‪ ،‬خاصة أن الديانات السماوية جميعها بـال‬
‫استثناء ال تنفى وجودهم ‪ ،‬بل على العكس نتصدى لهذا الموضوع بقوة ون ّثبت ما يتوافق‬
‫ونجمد ما يتنافى إلى أن يصبح األمر قابالً للتعليل‪ .‬ومجاالت العلـم رحبـةٌ‬
‫ّ‬ ‫مع العلم ‪،‬‬
‫واسعةٌ تستوعب مثل تلك الموضوعات وقادرة على التعامل معها وتفسيرها بسهولة ٍ‬
‫تامة‬
‫ولربما أمكن مستقبالً االقتراب أكثر منهم والدخول في عالمهم والتعامل معهم مباشرة !!‬

‫‪5‬‬
‫ولكن إلى أي مدى سوف يساهم العلم الحديث في دعم هذه األفكار ؟ وتتمة األمر طبعاً‬
‫متروك لتقدم العلم واالكتشاف‬
‫من خالل هذا البحث سأحاول إزالة ٍ‬
‫كثير من األوهام والمخاوف المتعلقة بهم ‪ ،‬وأن‬
‫أضع األمور في نصابها ‪ ،‬و أ ّبين ضآلة تأثيرهم في حياتنا واستحالة دخولنا عالمهم في‬
‫عصرنا هذا‪ .‬وبالتالي يستحيل اآلن علينا التعامل معهم أو تسخيرهم لمآرب خاصـة أو‬
‫بالعكس ‪ ،‬وهدفنا من ذلك هو التوعية وكشف كذب ادعاء البعض ممن يدعي التعامل‬
‫معهم ‪ ،‬فقد صار لدى البشر في هذا العصر من العلم والحس العلمي والثقافي ما يكفـي‬
‫لجعلهم مهيئين لقبول التفسيرات المنطقية حول هذا األمر‪ ،‬وأغلب الظن أنهم سيرحبون‬
‫ٍ‬
‫صرف لألذى‬ ‫تثقيف وتوعيةٌ وحمايةٌ لحياتهم من عبث العابثين و‬
‫ٌ‬ ‫بذلك‪ ،‬ففي هذا الطرح‬
‫عرف أوال على طبيعة الجن وعالمهم!!كتبت هذا‬‫عنهم‪ ،‬ولكي يتحقق هذا الهدف يجب الت ّ‬
‫مبسط تجاوزت به حدود المادة وعالمها والذي‬
‫الموضوع بأسلوب علمي خيالي تحليلي ّ‬
‫صار ممكناً اآلن بعدما تم اكتشاف حقيقتها وطبيعتها الموجية ‪ ، ..‬فالمادة ليست سـوى‬
‫سراباً موجياً!! فكيف بعالم الجان ‪ ..‬وبالتالي صار فهمها في متناول الجميع‪ ،‬وأن أدخل‬
‫موجي غير‬
‫ٌ‬ ‫القارئ في دائرة الضوء المعرفي لعوالم ما وراء الطبيعة والتي هي امتداد‬
‫منظور للمادة ‪ .‬فعدت إلى مرحلة ما قبل بداية الخلق والتكوين ‪ ،‬أي إلى بداية النشأة من‬
‫العدم والذي تم بأمر اهلل ثم ُسرت مع مجريات األمور ورتبتها بأسلوب االستقراء العلمي‬
‫تمكنت من خالله أن أعطي تفسي اًر لموضوعي الحالي وهو " الطاقات الخفية الالإنسانية ‪،‬‬
‫قل أن يأتي به ُمؤلَّف آخر بمثل هذا العمق والشمول‬
‫أو روح االنسان وخفايا الجان " َّ‬
‫هنا يتضح هدفنا ‪ ،‬فمن خالل دراستنا لطاقات اإلنسان والطاقات الخفية الالإنسانيـة نحاول‬
‫الوصول لطرق يمكن استخدمها لتحقيق سعادة لإلنسان وأن نحميه من شياطيـن األنس ‪،‬‬
‫كما نهدف إلى كشف حقيقة تلك الطاقات الخفية الالإنسانية وتفاهـة دورها في حياتنا ليكف‬
‫الناس عن الجري والسعي خلف سراب مضلِّل ال سلطان له عليهم‪ ،‬هذا من ناحية ‪ .‬ومن‬
‫ناحية أخرى يوجد استحالة كاملة لدخول عالمهم أو االتصال بهم ‪ .‬لربمـا أمكن ذلك‬
‫مستقبالً إذا تطورت علوم الباراسايكولوجي في المناحي التجريبية ‪ .‬ومع ذلك قد يتضمن‬
‫هذا األمر أخطا اًر جمة ال تخطر على بال ‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫وحرصاً منا على وقت الناس وعقولهم وأموالهم من الضياع واالستغـالل من ِقَب ِل‬
‫مشعوذين جهلة خطرين ‪ .....‬امتهنوا سراباً ليجنوا أرباحاً ‪ ...‬وضعت هذا المؤلَّف ‪.‬‬
‫وأخي اًر لو نظرنا حولنا باحثين ومتسائلين ‪ .....‬ماذا فعل الجن ؟ وماذا أنتجوا في هـذا‬
‫الكون ؟‬
‫والجواب ‪ ......‬الشيء البتة ‪ ..‬سوى األوهام واألمراض النفسية والمشاكل االجتماعية‬
‫لألشخاص الالمتزنين الذين يتعاملون مع هذه األشياء‪ .‬ولوال الموضوع اإليماني وورود‬
‫ذكرهم في الكتب المقدسة لما اهتم بهم أي عالم من علماء الكون والطبيعة ‪.‬‬

‫المؤلف‬
‫الباحث في علوم ماوراء الطبيعة الفيزيائي‬
‫د‪ .‬مخلص عبد الحليم الريس‬

‫سوريا ـ دمشق ‪2002 / 2 / 1‬‬


‫ــــــــــــــــ‬
‫الفصل األول‬
‫الفالسفة‬ ‫عـلوم اإلنسـان‬

‫احلقيقيون يف هذا العصر هم الفيزيائيون والعلماء‬

‫املفكر األديب السوري ندره اليازجي‬


‫عشر عاماً حينما التحق الطالب غاليلو غاليلي لدراسة‬
‫كان عمره ال يزيد عن سبعةَ َ‬
‫الطب في جامعة بي از اإليطالية‪ .‬وقد صدف في أحد أيام عام ‪1251‬م أن وقف لي ارقـب‬
‫الحركة االهت اززيـة لشمعدان ( قنديل ) معلّق بسقف كاتدرائية بي از بعد أن أشعل الخادم‬
‫شمعاته وأطلقه للحركه‪ ،...‬وكم كانت دهشته عظيمة حينما اكتشف أن لجميع اهت اززات‬

‫‪7‬‬
‫ذلك القنديل نفس الزمن الدوري بالرغم من تخامد سعة الحركة ‪ ،‬وتم لغاليلو قياس هذا‬
‫عد نبضات قلبه فوجدها هي ذاتها مهما كانت سعة االهتزاز ‪.‬‬ ‫الزمن الدوري بِ ّ‬
‫من هنا اكتشف غاليليو قوانين الحركة االهت اززية والموجية وذبذباتها وأطوالها الموجية‬
‫والتي كانت الحجر األساس في اكتشاف علم الميكانيكا الكوانتية والذي م ّكن من التغلغل‬
‫في أعماق المادة واكتشاف طبيعتها الموجية ‪ .‬وبتعميم تلك الظاهرة أمكن فهم شئ عن‬
‫طبيعـة الروح وأسرارها ‪.‬‬
‫في أحد أيام عام ‪ 1851‬م ‪ ،‬بينما كان الفتى اسحق نيوتن سارحاً بفكره وهو مستل ٍ‬
‫ق‬
‫على األرض تحت شجرة تفاح سقطت على رأسه تفاحة‪ ،‬وهنا خطر بباله السؤال التالي‬
‫" لماذا ال تصعد التفاحة نحو األعلى بدل سقوطها لألسفل‪ ...‬؟؟ "‬
‫وكان الجواب هو اكتشافه الطريف لقانون الجاذبية الثقالية‪ ،‬والذي يشمل كل موجودات‬
‫الكون بدون استثناء ‪.‬‬
‫وفي عام ‪ 1000‬م اكتشف العالم الفيزيائي ماكس بالنك طبيعة الضوء ‪ ،‬وقال‪:‬‬
‫"الضوء هو حبيبـات من الطاقة المهتزة ‪ ,‬واهت اززاتها هي أمواج كهرطيسيـة "‬
‫ودعى تلك الحبيبات الضوئية بالفوتونات ‪ .‬ويمثل الفوتون في الواقع حقيقة وطبيعـة‬
‫مكونة من جسيـم يحمل‬
‫االزدواجية في كل موجودات الكون ‪ ،‬والفوتون ما هو إال مثنوية ّ‬
‫موجة تحمل طاقة مهتزة ‪ ،‬وتلك الطاقة تحركه بسرعة ‪ 000‬ألـف كيلومتر في كل ثانية‬
‫زمنيةٍ ‪.‬‬
‫لم يكد عام ‪ 1002‬م على وشك االنتهاء حتى وضع عالم فيزيائي لبنة أخرى فـي‬
‫صرح العلم الحديث هو العالم ألبرت أينشتاين بنظريته النسبية الخاصة ‪ ،‬والتي تنـص على‬
‫أن ‪:‬‬
‫" أي مقدار فيزيائي في الوجود ليس مطلقاً بل هو نسبي "‬
‫فمثالً الكتلة والطول والزمن هي مقادير ليست ثابتة في حالة السرعات الكبيرة ‪ ،‬بل هي‬
‫مقادير متغيرة معها ‪ ،‬فاألطوال تتقلص واألزمنة تتمدد والكتل تتزايد مع تزايد السرعة‬
‫وعندما تصبح سرعة الجسم مساويةً لسرعة الضوء ينعدم طوله ويخلد أي ال يعد يحول‬
‫عليه زمن ويصبح النهائياً أبدياً سرمدياً ‪ ،‬ويتطابق حينها الماضي والحاضر والمستقبل‬

‫‪8‬‬
‫وعندئذ تغدو الكتلة النهائية وتمأل الكون بكامله‪ ..‬أي يتحول الجسم إلى طاقة هائلة‪، ...‬‬
‫لها طبيعة موجية ‪ ...‬وبالتحديد هي أمواج فائقة ‪.‬‬
‫في عام ‪1012‬م أتبع أينشتاين نظريته الخاصة بنظريته في النسبية العامة والتي تبحث‬
‫في الجمل الكتلية ( العطالية ) المتحركة بحركات متغيرة السرعة والمتسارعة في حقل‬
‫جاذبية أجسام أخرى ‪ ،‬ونصت تلك النظرية على أن ‪:‬‬
‫مكون من نسيج متصل زماني ومكاني بنفس اللحظة ‪ .‬ويتقعر‬ ‫" الفضاء ما هو إال حقل ّ‬
‫هذا النسيج ( يتحدب) حول األجسام المادية مولداً ما يشبه حقل جاذبية ‪ ،‬فإذا دخل جسم‬
‫حيز هذا التقعر انجذب إليه " ‪ .‬ودعى العالم أينشتايـن هذا النسيـج بالمتصل‬
‫آخر في ّ‬
‫نفق يفتحه الجسم أمامه‬
‫الزمكاني ‪ .‬ووفق هذه النظرية يعتبر مسار حركة أي جسم كأنه ٌ‬
‫وينزلـق فيه ‪ .‬فمثالً حركة دوران القمر حول األرض تتم بأن يفتح جسم القمر أمامـه مسا اًر‬
‫حولها ومن ثم ينزلق فيه ‪ .‬وسقـوط األجسام نحو سطح األرض يتم بأن يفتـح الجسم تحته‬
‫أنبوباً ثم ينزلق فيه نحوها ‪ ..‬وهكذا ‪.‬‬
‫نستشف من ذلك ‪ ...‬وكأن للمادة وعي للوجود المحيط بها وتخطط مسبقاً لما ستواجهه‬
‫فيه من أحداث مستقبلية فترسم مسار حركتها المستقبلي في النسيج الزمكانـي ثم تنزلق فيه‬
‫هكذا تخيل اينشتاين حركة األجسام ‪ ،‬وكأن لها إدراكاً مستقبليـاً تخطط على أساسه كل‬
‫حركاتها القادمة ‪.‬‬
‫في عام ‪1021‬م وضع العالم لويس دوبروي فرضيةً مدهشةً أثارت استغراب جميع‬
‫معاصريه آنذاك ‪ ،‬ونصت فرضيته تلك على أن ‪:‬‬
‫" كل جسيم مادي متحرك ومهما كان نوعه وحجمه وسرعته تواكبه موجة ال تنفصل‬
‫عنه إطالقا إال إذا توقف عن الحركة‪ ،‬وطولها يتناسب عكسياً مع السرعة ‪ ...‬فإذا حرك‬
‫شخص يده انطلقت موجة مادية تدعى موجة دوبروي ‪. !! ....‬‬
‫في عام ‪ 1021‬م وضع العالم هايزينبيرغ مبدأ الشك أو االرتياب ‪ ،‬والذي يشير إلى‬
‫عجز اإلنسان الواضح في التعامل مع مقدارين مرتبطين معاً بنفس اللحظة ‪ ،‬وبالتالي ال‬
‫يمكن التعامل مع مقادير مطلقة الستحالة الوصول لها ألنها ليست منفردة أو منعزلة (أي‬
‫ليست مستقلة) بل هي مرتبطة بغيرها ‪ .‬فمثالً إذا درسنا حركة سيارة نتوه عن مادتهـا‬

‫‪9‬‬
‫وضاع عنا جسمها ‪ ،‬واذا درسنا مادتها وتعمقنا فيها تاه عن بالنا سرعتها وحركتها‪ ،‬وأن‬
‫التعمق في الشيء يجعلنا نفقده ونخرج منه ‪ .‬فإذا درسنا مادة جسم اإلنسان وخاليـاه‬
‫فقدنا إحداثيات روحه ‪ ,‬واذا ما درسنا روحه ال نعـد نتلمس مادته ‪ ,‬ونكون قد خرجنا‬
‫منها إلى المطلق ‪ .‬ووسائلنا المادية ودقة أجهزة القياس الحالية ال تسمح لنا بالوصـول إلى‬
‫تلك اآلفاق البعيدة ‪.‬‬
‫توج العالم الفيزيائي اإلنكليزي إيرفين شرود نغر في عام ‪1020‬م منجزات القرن‬
‫وأخي اًر ّ‬
‫الماضي باكتشافه علم الفيزياء الكوانتية ‪ ،‬ووضع معادلة وصف بها طبيعة المادة َّ‬
‫وبين‬
‫فيها أن ‪:‬‬
‫"الجسيمات المادية ليست سوى أمواج متراكب ًة بطريقة ب ّناءة في حيز الجسم وبطريقة‬
‫هدامة خارجه ‪ ,‬وأن تلك األمواج ممتدة من الالنهاية السالبة إلى الالنهاية الموجبـة‬
‫ومارة بالكون بكل الكون " ‪.‬‬
‫وبالتالي فإن احتمال وجود أي جسيم في هذا الكون هو واحد " ‪.‬‬
‫عالج علماء الفيزياء في القرن الماضي الحقيقة الموجية للمادة ‪ ،‬وأهملوا إمتداداتها رغم أن‬
‫تلك اإلمتدادات مازالت تتضمن العديد من األسرار القابعة خلف حدود المادة ولتلك‬
‫األمواج ذبذبات النهائية وأطوال موجية غاية في القصر‪ ،‬وال يوجد مقياس أو جهـاز في‬
‫كوننا قادر على إدراكها أو التعامل معها ‪ ،‬ومازال المستقبل يحمل في جعبته الكثير من‬
‫المفاجآت حول هذا الموضوع ‪.‬‬
‫وهكذا نكتشف أن المادة العاتمة لنا هي في الواقع أكثر شفافية مما كنا نظن ‪ .‬وبذلك‬
‫تحولت قوانين الحتمية المادية إلى قوانين الالحتمية الموجية ‪ .‬وما نراه اليـوم من مادة ليس‬
‫سوى قمة صغيرة بارزة لجبل جليدي هائل يغوص في أعماق محيط لجب‪ .‬ولنذكر هنا‬
‫مقولة أينشتاين الشهيرة التالية ‪:‬‬
‫" يا الهي إننا نعيش في عالم رائع من األمواج "‬
‫فما أكثر األمواج في حياتنا !!‪ ،‬فهي مادة و ضوء وصوت وح اررة واشارات السلكيـة‬
‫وتلفزيونية وألوان ‪ ......‬وأكوان ومادة وروح وحياة ‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫طور كل منها واحد‬ ‫أحد‬ ‫=‬ ‫اهلل‬ ‫الحقيقة =‬
‫طور كل منها واحد *‬ ‫مادة = موج‬ ‫كما أن‬
‫ــــــــــــــــــــــ‬
‫* ‪ -‬هذه الطريقة اكتشفها الدكتور الطبيب العبقري أحمد عبد الرزاق مغربل ‪ ,‬ونشرها تحت‬
‫اسم " إثبات صوت القلب " ـ تاريخ ‪ . 1872 / 5 / 42‬وتعتبر هذه الطريقة ميزان‬
‫الحرف في الحل والربط واتخاذ القرار ‪ .‬وسوف نشرحها الحقا ‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫ذبذبة ( أي عشرة‬ ‫إذا مثلنا الذبذبات الموجية الموجودة في الكون وهي بحدود ‪10‬‬
‫وبجوارها خمساً وعشرين صف اًر )‬
‫( ‪) 100000000000000000000000000‬‬ ‫أي‬
‫شدة ) ووضعناها فوق بعضها بعضاً فإننا نصنع منها عموداً يصـل‬ ‫بورق لعب ( ورق ّ‬
‫ضبِطَ لترى أعيننا ورقة لعب واحدة من ذلك‬
‫طوله لنصف كرة الكون ‪ ،‬ومجال الرؤية لدينا ُ‬

‫‪11‬‬
‫العمود من أوراق اللعب ‪ ،‬أي من هذا العمود الكوني من الذبذبات ‪ .‬وتمثّل ورقـة اللعب‬
‫الواحدة منها األلوان السبعة التي ت ارهـا أعيننا‪ .‬فالعين هي العماء بذاته‪ ،‬لذلك ‪:‬‬

‫(( ثم أرجع البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسئا ً وهو حسير ))‬
‫قرآن كريم سورة الملك آية ( ‪) 2‬‬
‫إذن قدمت علوم هذا العصر الحديث أجوبة شافية لكل التساؤالت حول األمور الكونيـة‬
‫وأسرارها ‪ ،‬وأضاءت تلك العلوم المادة من داخلها وجعلتها شفافة وكشفت عن ماهيتهـا‬
‫وقربت الباحث أكثر لمنابع الحقيقة المطلقة‪ .‬ومع ذلك فمازالت البشرية في أول الطريق‬
‫ّ‬
‫للوصول للحقيقة ‪.‬‬
‫وهكذا نجد أن فلسفة عصرنا اخترقت الحدود المادية لما وراءها وردت الوجود الحتمي‬
‫المشهود لها إلى وجود الحتمي غيبي مطلق‪ ،‬وانتقلت موضوعاتها من المتقطع المتحرك‬
‫والمتغير إلى المطلق الثابت ‪ ،‬ومن المحدود إلى الالمحدود ‪.‬‬
‫من هنا تبدأ حكايتنا في تفسير طبيعة الجن والطاقات الخفية الالإنسانية والدخول إلى‬
‫عالمها الغامض ‪ ،‬فما نراه بالعين المجردة وبحواسنا ليس سوى جـزٍء ٍ‬
‫يسير جداً لمـا هو‬
‫موجود فعالً في هذا الكون !! ‪.‬‬

‫*************************************************‬

‫‪12‬‬
‫ــــــــــــــــــــــ‬
‫الفصـل الثانـي‬
‫رحـلــة إلى العـــدم‬
‫" اخليال أهم من املعرفة " اينشتاين‬
‫لنفرض أننا ركبنا سفينة اينشتاين الفضائية وانطلقنا بها بسرعة متزايدة بغية بلوغها‬
‫سرعة الضوء ‪ ،‬وبفرض أنها تتسارع بتسارع الجاذبية األرضية ( ج = ‪ 0،51‬م‪ /‬ثا‪) 2‬‬
‫فهي تحتاج زمناً مقداره عاماً واحداً وهي كي تبلغ سرعتها سرعة الضوء ‪ .‬وأثناء تلك‬
‫الرحلة نشاهد األجرام السماوية التي نمر بها ونتجاوزها تعود ثانية من الخلف إلىاألمام‬
‫لتسبقنا وتتجمع أمام مركبتنا في بقعة مضيئة بألوان زرقاء وبنفسجية‪ ،‬وتشبه تلك النقطة‬
‫ثقباً مضيأً في نهاية نفق مظلم ‪ ،‬ولو قُدر لشخص يقف على األرض ويرى السفينة من‬
‫خلفها لشاهدها محفوفة بألوان حمراء وبرتقالية وصفراء ‪ ، ..‬وعندما تبلغ السفينة سرعة‬
‫الضوء تخترق ذلك الثقب المضيء‪ ،‬عندها نرى أفق الحدث للثقب األسود (الكون) الذي‬
‫كان يبتلعنا ‪ ،‬وها نحن خرجنا للتو منه ‪ ،‬عندها نرى ماضيه وحاضره ومستقبله وكـل‬
‫ساعاته ‪ .‬وتغدو باليين السنين كأنها ثانيةً واحدة ‪ .‬ويتوقف زمنها وال يعد يحول وتصبح‬
‫المشاهد للمركبة من خارجها يراها تنكمش ثم تختفي ‪ ،‬وكتلتها تصبح النهائية‬ ‫خالدة ‪ ،‬و ُ‬
‫وتتحول لطاقـة فائقـة عدميـة موجيـة القوام ‪ ،‬أو لقـوة هائلة ‪ .‬واإلنسان بفطرتـه وعلى سجيته‬
‫يقول ‪:‬‬
‫" ال حول وال قوة إال باهلل العلي العظيم "‬
‫بهذا القول الحكيـم يكون اإلنسان قد لخص ودون أن يدري نظريات العلم الحديثة (‬
‫نظرية اينشتاين في النسبيـة ) ‪ ،‬والتي كشفت طبيعـة مادة الكون الطاقية الموجيـة‬
‫بعد تجاوزنا سرعة الضوء نكتشف أننا دخلنا عالمـاً جديداً غريباً يختلف كلياً عن‬
‫شفاف متناظر متعدد‬
‫ٌ‬ ‫صامت‬
‫ٌ‬ ‫كوننا شكالً وهندسةً ‪ .‬فالعالم الجديد اآلخر هو عالم هادئ‬
‫األبعاد والشيء فيه ونظيف من كل شئ‪ ،‬أي ال توجد فيه مادة وال أطوال وال أزمنة وال‬
‫أضواء وال ح اررة وال كهرباء ‪ ،.‬وكينونته طاقة هائلة النهائية خامدة ال تحرك ساكنـاً وقواه‬
‫عظيمة فائقة لكنها متفانية ال تقوم بأي عمل ‪ ،‬هذا العالم الغريب هو‪......‬العـدم‬

‫‪13‬‬
‫واآلن ما هي طبيعة هذا العدم وحقيقته ؟؟‬
‫العدم ليس عدماً بل هو كون األضداد المتزاوجة والطاقات الخامدة والقوى المتفانية‬
‫خال ونظيف من كل شئ وهو أصل كل شئ ‪ ،‬هو وجود مطلـق شفاف‬ ‫‪ ....‬وهو عالم ٍ‬
‫اء كانـت‬
‫متناظر النهائي األبعاد ‪ ،‬ليس له أول وليس له آخر ‪ ،‬ومنه انبثقت المادة سو ً‬
‫جامدة أم حية ‪ ،‬المرئي منها والالمرئي ‪ .‬ولكي تتحقق كل هذه الصفات في العـدم البد أن‬
‫يكون له تركيب خاص ‪ ،‬وذلك التركيب يقتضي أن يكون نسيجه موجياً له خصائص‬
‫معينة ‪ ,...‬فأمواجه متزاوجة ومتراكبة (متحدة) بطريقة التعاكس بحيث تلغي كل موجة فيه‬
‫نظيرتها ( ضدها وهي موجة أخرى معاكسة لها بالوضع ) ‪ ،‬أي تلتقي قمة الموجة بقاع‬
‫ٍ‬
‫وتفان ( ألين و اليانغ )‪ .‬وهذا هو أل (‬ ‫موجة أخرى ‪ .......‬فيحدث لهما إشباع واكتفاء‬
‫عـدم ) ذي الطاقات المتخامدة والقوى المتفانية ‪ .‬وأمواجه فائقة متعددة األبعـاد وتحمل‬
‫طاقات الوجود كله ‪ .‬وفي حال التحامها تكون عديمة األبعاد ‪ ،‬أي أبعادها صفر والنهاية‬
‫بنفس اللحظة و لهذا كان العدم شفافاً متناظ اًر ‪.‬‬

‫األمواج الفائقة‬ ‫ــــــــ‬ ‫العدم‬

‫ألين واليانغ‬

‫وطبعاً لتلك األمواج ذبذبات وأطوال موجية وارتفاعات قمم وقيعان ال يمكن إدراكها أو‬
‫تخيلها ‪.‬‬

‫أمر التكوين‬
‫عندما صدر األمر اإللهي بالتكوين " كن فيكون " انتشرت في العدم صيحة التكويـن‬
‫وحدث انشطار ألمواجه الفائقة الساكنة وتقطعت مكونةً نقاطاً (مراكز) منفصلة أي حدث‬
‫لها تكميم وصار لها أبعاداً أخفض مما كانت عليه قبل االنشطار‪ ،‬وغدا لبعضها طبيعـة‬

‫‪14‬‬
‫مادية ( أمواجها كثيفة لها جهة اهتزاز معينة )‪ ،‬ولبعضها اآلخر طبيعـة ضـد ماديـة (‬
‫أمواجها كثيفة جهة اهتزازها معاكس لألمواج األولى ) ‪ ،‬ففي األولى يلتقي قمة موجة بقمة‬
‫موجة أخرى ‪ .‬بينما في النموذج اآلخر يلتقي القاع بالقاع ‪ .‬ومن هنا نشأت أولـى‬
‫الجسيمات المادية وأضدادها‪ ..‬أو مايسمى بالكواركات المادية وضدها‪ ..‬وبسبب الحركة‬
‫تباعدت عن بعضها‪ ،‬ولكن لو صدف وتالقى أحدهما بضده لحدث لهما اتحـاد انفجاري‬
‫مكون من هذه الجسيمات وتتخذ‬ ‫وعادا معاً للعدم كموجة فائقة من جديد ‪ .‬وكوننا الحالي َّ‬
‫شكل أوتار عمالقة تدعى باألوتار الكونية المادية وضد المادية ‪ .‬وسرى هذا المبدأ على‬
‫كل العدم ومازال سارياً لغاية اليوم ‪ ،‬ومنه ظهرت كل موجودات الكون المرئـي منها‬
‫والال مرئي ‪.‬‬
‫تكمم العدم بالصيحة‬
‫‪..................‬‬
‫‪.................‬‬
‫‪.................‬‬

‫كوارك ضد مادي وأمواجه الممتدة منه‬ ‫كوارك مادي وأمواجه الفائقة الممتدة منه‬
‫يسود في كوننا الحالي النوعان معاً من هذه الجسيمات األولية‪ ،‬لكننا ال نرى منهما سوى‬
‫التمود ‪.‬‬
‫األول فقط بشكله المادي الكامل ّ‬
‫التكون هو الوتر المهتز في آلة موسيقية ( العود مثالً ) ‪ .‬حيث يبدو‬
‫إن أبسط مثال على ّ‬
‫بشكل خط مستقيم وهو ساكن ( يمثل العدم المطلق القديم ) ‪ ،‬وأثناء إهت اززه يتشكل فيه ما‬
‫التكون) ويوضح الشكـل التالي‬
‫يشبه المغازل المتصلة ببعضها البعض ( وهذا الشكل يمثل ّ‬
‫هاتين الحالتين ‪.‬‬

‫حالة العدم الساكن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ وتر ساكن‬

‫كون‬ ‫فضاء‬ ‫كون‬

‫‪15‬‬
‫ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ منبع مهتز في العدم‬ ‫حالة التكون‬

‫تكون يتخلق ( مادة ‪ ،‬كون ‪ ،‬شموس ‪ ،‬كواكب ‪ ،‬الخاليـا العضوية البناءة‬


‫ففي مناطق ال ّ‬
‫لألحياء ‪...‬الخ)‪ .‬في حين يمكن اعتبار مناطق االهتزاز المعدوم فضاآ ٍت أثيرية ال مادية‬
‫ٍ‬
‫محسوس ذي طبيعة‬ ‫ٍ‬
‫شيء أثيريٍ‬ ‫ولكنها ال تشير إلى عدمٍ مطلق ‪ ،‬بل تشير إلى وجود‬
‫موجية محصلتها معدومة لكنها ليست عدماً ‪.‬‬
‫كي يمكن تحقيق مثل هذه الرحلة الخيالية يجب بناء سفينة فضائية بمواصفات ربمـا‬
‫تعجز البشرية عن تحقيقها‪ ،‬كأن تُعطى طاقة دفع تعادل طاقة النجوم أو طاقة جذب ثقب‬
‫أسود‪ ،‬ولكن اكتشف حديثاً أنه باإلمكان تحقيق مثل هذه الرحلة في عالم الدقائق الصغيرة‬
‫كاإللكترون مثالً أو النترون ولربما في ذرة الهيدروجين ‪ ،‬وذلك بطرق التبريـد الشديد‬
‫والوصول لدرجة الصفـر المطلـق ‪ ،‬عندها تًسحب كل طاقة اإللكترون فيتوقـف عن الدوران‬
‫حول النواة ويسقط عليها فتتعادل شحنتها متحولة لنيتـرون ‪ ،‬ثم يحدث سحب لجميع‬
‫الطاقات فيها فتنهار المادة وتتحطم على نفسها متحولةً ألمواجٍ فائقةٍ وتعود للعدم كما‬
‫بدأت أول مرة ‪:‬‬
‫((‪ ...‬كما بدأنا أول خلق نعيده ‪. )) ...‬‬
‫قرآن كريم ‪ ,‬سورة األنبياء آية ( ‪) 102‬‬
‫اكتشف حديثاً وجود أنواعٍ عديدةٍ من الدقائق والجسيمات األولية التي تنبثق باستمرار‬
‫من العدم ثم تعود إليه لتختفي فيه ثانية ‪ ،‬ويتم ذلك األمر خالل أزمنة غاية في ِ‬
‫الصغـر‬
‫ومن رتبة ( ‪12-10‬جزء من الثانية الزمنية الواحدة ) ‪ ،‬ويتم هذا االنبثاق عبـر أنفـاق كونية‬
‫أو مسالك دودية ‪ ،‬يكون فيها الزمن مطوياً تقريباً ( ملغى ) ‪.‬‬
‫من هنا تبدأ محاولتنا في تفسير ظواهر القوى الخفية ألال إنسانية والدخول لعالم الجان‬
‫المحظور علينا ‪ .‬والسؤال اآلن هـو ‪:‬‬
‫أين يقع عالم الجان من كل هذا ؟ وكيف يمكننا اختراقه والدخول فيه ؟‬

‫‪16‬‬
‫****************************************************‬

‫ــــــــــــــــــــــ‬
‫الفصل الثالث‬
‫مـارج النـار‬
‫الصيحة ‪ ...‬كن فيكون‬
‫سرى أمر اهلل بالنشأة والتكوين من العدم ‪ ،‬وانتشر األمر اإللهي صيحةً فيه أثارت‬
‫طاقاته وتفتقت أمواجه الفائقة لشطرين ‪ ،‬مثلما ينشطر شريط أل (‪ ) DNA‬الوراثي عند‬
‫الكائنات الحية لشطرين خالل مرحلة انقسام كل خلية حية وتكاثرها ‪ ،‬وكأن هذا الشريط‬
‫يكرر عملية الفتق األولى التي حدثت لألمواج الفائقة مع بداية الخلق‬
‫الوراثي المزدوج ّ‬
‫‪ ، .........‬وهكذا نجد أن ‪:‬‬
‫( ومن كل شئ خلقنا زوجين لعلكم تذكرون)‬
‫قرآن كريم سورة الذاريات آية (‪)28‬‬
‫و حسب نظرية طور الكلمة التي تقرر أن اللغة العربية هي ‪:‬‬
‫العربية = لغة اهلل‬
‫= ‪1+2‬‬ ‫‪0‬‬ ‫طورها‬
‫صيحة ‪ +‬عدم = خلق = كلمة = عمر‬ ‫فإن ‪:‬‬
‫= ‪10 = 10 = 10‬‬ ‫‪8 +‬‬ ‫‪1‬‬ ‫طورها‬
‫وجدنا كيف رافق إيقاظ الطاقات والقوى في العدم بالصيحة تحطُم تناظره وبعض أبعاده‬
‫مما أدى النخفاض شفافيته ‪ .‬ووجدنا كيف حدث تقطع وانشطار في كل موجـة فائقـة‬

‫‪17‬‬
‫ونشوء تكوينات مغلقة ذات اهتزاز عنيف لها شكل حلقات وترية بالغة ِ‬
‫الص َغر دعاهـا‬
‫العلماء المعاصرون بـ ( برينات ) ‪ ،‬والعالم مصنوع من هذه األوتار الحلقية وأبعادها‬
‫متعددة لكنها محدودة العدد ومنها تشكلت أدق المكونات المادية وهي الكواركات ‪، ....‬‬
‫والشكل التالي يبين رسماً تخيلياً لما يسمى البرين ونظيره في المرآة ‪:‬‬

‫تولد فيما بينها قوى مختلفة من تجاذب وتنافر وتصادم ‪ ،‬و حدث‬
‫وفور ظهور البرينات ّ‬
‫رشق متجانس لها فانطلقت فيها الحركات بمظاهرها المختلفة من دوران وصدم وضغط‬
‫وسحق وهرس‪ .....‬الخ ‪ ،‬وكل ذلك تم خالل زمن خيالي في القصر ال يمكن أن يتخيله‬
‫‪10-‬‬
‫) جزء من الثانية ‪ ،‬أي جزء من عشرة وبجوارها ( ‪ )10‬صف اًر من‬ ‫عقل ومقداره ( ‪10‬‬
‫الثانية الواحدة‪ ،‬وهذا ما تحدث عنه العالم الفيزيائي اإلنكليزي ستيفن هاوكنغ‪ ،‬ودعاه بالزمن‬
‫االفتراضي أو التخيلي ( ‪. ( virtual time‬‬
‫لم تدم تلك الفترة طويالً ‪ ،‬إذ جذب العدم تلك التكوينات لداخله وضغطها معاً وسحقها‬
‫‪100‬‬
‫) مرة من‬ ‫ليشكل منها نقطة ال أبعاد هندسية لها ‪ ،‬وربما بلغت كثافتها أكثر من (‪10‬‬
‫كثافة معدن الرصاص‪ ،‬تلك هي البيضة الكونية األولى والرحم العدمي الذي نشأ منهـا‬
‫كوننا ‪ ،‬وطبعاً كل ذلك تم بأمر اهلل وبدون أي شك وكان ذلك قبل حوالي عشرين بيليون‬
‫سنة ‪.‬‬
‫فور اكتمال تلك البيضة ودخول آخر برين فيها حدث لها انفجار هائل أدى لتفتقهـا‬
‫وتناثر محتوياتها‪ .‬ودعى علماء الكون هذا الحدث باالنفجار األعظم أو بالضربة الكبرى‬
‫لم تستغرق عملية الخلق تلك سوى جزء يسير من الزمن ‪ ،‬وخالل زمن مقداره جزء من‬
‫مائة جزء من الثانية الواحدة كان للكون حجم البرتقالة ‪ .‬وبقي الكون يتوسع ويتوسع‬
‫وتتخلق أكوان وأكوان إلى اآلن ‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫وهكذا نتساءل !! كم كانت طويلة تلك األيام الستة األولى من عمر الكون ؟ وكم كانـت‬
‫غنيةً باألحداث ؟ !! ‪.‬‬
‫لعل نشأتنا نحن البشر وكذلك كل األحياء في الكون تتم بطريقة مماثلة لنشأة الكون ‪،‬‬
‫إن لم نقل أنها مشابهة له تماماً ‪ ،‬فالبويضة األنثوية الواحدة تُلقح من قبل حيوان منـوي‬
‫واحد مختار من أكثر من (‪ 200‬مليون حيوان منوي ) ‪ ،‬وعلى هذا الحيوان المنوي أن‬
‫يخترق بويضة أنثوية أكبر منه بـ (‪ ) 5200‬مرة‪ ،‬وتلك الصورة تماثل رجالً يقف أمام جبال‬
‫الهيماليا العمالقة ويحاول أن يخترقها ‪ ،‬والجنين البشري كشف قصة التكوين تلك من‬
‫بدايتها إلى نهايتها‪ ،‬وهو يعيدها بأمر اهلل كاملةً من العدم إلى اآلن وملخصاً ما جرى‬
‫في الكون من أحداث ‪.‬‬
‫( إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون )‬
‫قرآن كريم سورة يس ( ‪) 74‬‬
‫يبين الشكالن التاليان صورةً لدخول البرين للبويضة الكونية وبداية الخلق وصورة دخول‬
‫حيوان منوي لتلقيح بويضة أنثوية ‪ .‬الحظ مدى التطابق بين الحالتيـن ‪.‬‬

‫حيوان منوي‬ ‫البويضة األنثوية‬ ‫برين‬ ‫البيضة الكونية‬

‫كان هذا االنفجار هادئاً صامتاً ال ضياء فيه وال نار ألن الذرات لم تكن قد تخلّقت بعد‬
‫وتناثرت محتوياته البيضة المنفجرة بتجانس في كل االتجاهات وتم ذلك بسرعات هائلة‬
‫ربما بلغت ماليين المرات من سرعة الضوء ‪ ،‬واختلطت حينها شظايا االنفجار األعظم‬
‫فتكونت جسيمات أولية أكثر كثافة مادية عمن سبقها ‪ ،‬دعاها العلماء بالكواركات‬
‫بالفراغ ّ‬

‫‪19‬‬
‫والتي كانت البدآءآت والبذور األولى لتشكل الجسيمات مادون الذرية ثم الذرات المادية‬
‫فيما بعد ‪.‬‬
‫خالصة القول أن المادة نشأت بالتنضيد المعقّد لألمواج الفائقة المنشطرة عن بعضها‬
‫المجزأة من العدم بالفتق ‪ ،‬مما أضفى عليها صفات التشكل البعدي والحجمي‬‫البعض و ّ‬
‫والمادي ‪ ،‬وأن يكون لها كثافات وخواص مختلفة وأطياف يقع بعضها في مجال الطيف‬
‫حيةٍ قدر اهلل لها أن تنبثق في الكون مستقبالً ‪.‬‬
‫صممةً لبناء أجساد ّ‬
‫وم ّ‬
‫المرئي ُ‬
‫ومازال مفعول االنفجار األعظم أو الضربة الكبرى التي حدثت قبل عشرين بيليون سنة‬
‫سارياً ومستم اًر حتى اآلن ‪.‬‬
‫يبين الشكل التالي اللحظات األولى المتتالية من عمر الكون وفق نموذج نظرية الضربة‬
‫الكبرى ‪ .‬بدءاً من عمر الصفر للكون إلى اآلن ‪ .‬ووفـق تسلسل زمني مصاحب لتفتق‬
‫المواد واألجرام الكونية من البيضة الكونية المنفجرة ‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫ومازال الكون يتوسع وتتباعد أجرامه عن بعضها البعض وبسرعات ضوئية تقريبـاً ‪.‬‬
‫( والسماء بنيناها بأيد وانا لموسعون )‬

‫‪21‬‬
‫قرآن كريم ‪ ,‬سورة الذاريات آية ( ‪ ) 27‬وهذا‬
‫ما أثبته علم األطياف الحديث المستند لظاهرة دوبلر ‪:‬‬
‫تنص هذه الظاهرة على أن طول وذبذبة الموجة الضوئية أوالصوتية المنتشرة تتغير‬
‫بسبب السرعة ‪ ،‬فتزداد ذبذبتها ويقصر طولها الموجي في حالة اقتراب المنبع الصوتي‪،‬‬
‫بينما تنخفض ذبذبتها ويزداد طول موجتها في حالة االبتعاد عنه ‪ ،‬فصوت بوق السيارة‬
‫يكون حاداً في حالة اقتراب المنبع ‪ ،‬وخشناً في حالة ابتعاده ‪.‬‬
‫تصح هذه الظاهرة أيضاً على األمواج الضوئية ‪ ،‬إذ تنحرف ذبذباتهـا نحو اللون‬
‫األزرق في حالة االقتراب من المنبع الضوئي المشع للضوء ‪ ،‬ونحو اللون األحمـر في‬
‫حالة االبتعاد عنه ‪ .‬ومن خالل األرصاد الفلكية وجد أن األضواء الواردة من كل أرجاء‬
‫الكون تنحرف ذبذباتها نحو اللون األحمر ‪ ،‬مما يعني أن الكون يتوسع و بسرعات هائلة‬
‫شبه ضوئية ‪ .‬أنظر الشكل التالي ‪:‬‬

‫‪22‬‬
‫طبيعة مــارج النــار‬
‫ربما فاقت درجة ح اررة ذلك االنفجار العاتم باليين الدرجات المئوية ‪ ،‬وعلى أقل تقدير‬
‫ربما بلغت أكثر من ثالثين مليون مرة من درجة ح اررة أعماق شمسنا والبالغة أكثر من‬
‫عشرين مليون درجة‪ .‬وكل ذلك كان بدون نار!!‪ ،‬ألن المادة هي وقود النار ولم تك قد‬
‫ُخلقت بعد ‪ .‬والنار التي نعرفها في عالمنا تدعى بالزما ‪ ،‬وتمثل الحالة الرابعة للمـادة‬
‫المكونة من غمامة من أيونات موجبة ( بروتونات) وأخرى سالبة ( إلكترونات)‪ ،‬وتلك‬ ‫ّ‬
‫الجسيمات لم تك قد ُخلقت بعد كما ذكرنا ‪.‬‬
‫رافق االنفجار األعظم انبثاق أنواع عديدة من األمواج الفائقة والمنخفضة األبعـاد‬
‫والمختلفة في أعدادها ‪ .....‬منها مارج النار ‪ .‬ويعتقد العلماء المعاصرون أن الكون كله‬
‫كبير منها لمادة سوداء‬
‫خلق من طاقـة سوداء ال مرئية على اإلطالق ‪ ،‬وتحول جزٌء ٌ‬
‫صغير جداً منها إلى مادة مرئية‪ .‬أي مازال معظم مادة كوننا الحالي عاتمةً ال‬
‫ٌ‬ ‫وتحول جزء‬
‫مرئيةً ‪ ،‬وال يشكل الجـزء المرئي منها سوى ( ‪ ) % 1‬فقط مما يحتويـه الكون من‬
‫موجودات ‪ .‬وسبب هذا االعتقاد هو اكتشاف وجود كميات هائلة من الطاقات السوداء ال‬
‫مرئية تمأل الكون ومازالت كما كانت عليه منذ لحظة تشكلها األول ‪. !! ...‬‬
‫ربما كانت الطاقة السوداء المكتشفة حديثاً هـي بقايا مارج النار القديم الذي انبثـق من‬
‫العدم بغ ازرة لحظة حدوث االنفجار األعظم ‪ ،‬والذي كانت له طبيعة األمواج الفائقة‬
‫المستمرة المنخفضة األبعاد ‪ (،‬لعل الجن خلقوا منها ) ‪ ,‬كما ُيظن أنها كانت ذات طبيعة‬
‫كهربائية وحيدة النوع والقطبية ‪ ،‬وتلك القطبية هي ليست بالموجبة وال بالسالبة بل هي (‬
‫نار السموم ) ‪ ،‬وبدقة أكبر يمكن القول أن الطبيعـة الكهربائية الوحيدة القطبيـة لتلك‬
‫األمواج سببها تقطعها وأشكالها الوترية الحلقية واهتزازها بذبذبات فائقة الطاقة والتردد‪،‬‬
‫وبالتالي يمكن تسميتها بما فوق األمواج الكهرطيسية الذبذبية ‪.‬‬
‫يمكن القول أيضاً أن مارج النار األولى كانت شفافةً مظلمةً نقيةً ال ضياء فيها وال نور‬
‫وال دخان ألن أساسها كان موجياً فائقاً سائد الوجود قبيل ظهور المادة ‪ ،‬والجان خلقوا من‬
‫أحسن تلك النار ومن أطراف لهبها فيما بعد ‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫بقي أن نقول كم هي قريبة كلمة ( َم ْرَج ) من كلمة ( َم ْو َج ) وكلمة ( ِ‬
‫مارج ) من كلمة (‬
‫مائج )‪ ،‬وكلمة (موج) في نظرية طور الكلمة تعني ( الحقيقة ) وطور كل منهما واحد‬

‫خلق اجلان‬
‫التمود وظهور‬
‫محدد قبل ظهور المادة ‪ ،‬ولكن مع بدايات ّ‬ ‫لم يك لمارج النار أي شكل ّ‬
‫المادة في الوجود ألول مرة أعطى اهلل المادة ثالثة أبعاد مكانية وبعداً رابعاً زمانياً ممـا‬
‫أعطى المادة خواصها وأشكالها وصفاتها وأدوارها الحركية ‪ ،‬كما أعطى لمارج النـار بعدين‬
‫هما البعد الخامس الالزمني والسادس الذبذبي ‪ ،‬وعندما خلق اهلل الجان أعطاهـم نصف‬
‫بعد زمني إضافي يحيون به ‪.‬‬
‫وهكذا خلق اهلل الجان من موج النار الالمرئي ذو الكهربائية الوحيدة القطبية والتي هي نار‬
‫السموم ‪.‬‬
‫( وخلق الجان من مارج من نار )‬
‫قرآن كريم سورة الرحمن آية ( ‪) 15‬‬
‫السموم )‬
‫ّ‬ ‫( والجان خلقناه من قبل من نار‬
‫آية ( ‪) 47‬‬ ‫قرآن كريم سورة الحجر‬
‫وعندما سوى اهلل جسد اإلنسان من مادةٍ عضويةٍ مر ٍ‬
‫ئية صلصالية أساسها ذرات مادية‬
‫رباعية األبعاد ولها طبيعة كهربائية ثنائية القطبية من حماءٍ مسنون ‪ ،‬نفخ فيه من روحه‬
‫فكان لإلنسان روح ذات عشرة أبعاد ‪ ،‬أما المخلوقات الحية الدونية األخرى فكان لهـا روح‬
‫ذات ستة أبعاد ‪ .‬وهكذا تحددت أبعاد كل مخلوق سيظهر في الكون الحقاً ‪.‬‬
‫( ولقد خلقنا اإلنسان من صلصال من حماء مسنون)‬
‫آية ( ‪) 42‬‬ ‫قرآن كريم سورة الحجر‬
‫وهكذا رسم اإلله صور كل المخلوقات فأحسن تصويرهـا بتخصيص كل منها بأبعـاد وعوالم‬
‫طاقي ذبذبي ذو طبيعة‬
‫ٌ‬ ‫ـي‬
‫محددة تماماً ‪ .‬و بحيث يكون لكل كينونة منها مجـا ٌل طيف ٌ‬
‫كهربائية يحيط بها ويدل على وجودها الكوني الواعي‪ ،‬ولكن بالنسبة لإلنسان فله أيضاً‬
‫مجال طاقي أثيري يدل على دوره ومهمته في هذا الوجود بأنواعه التالية ‪ ......‬الوجود‬
‫الكوني ( العقل الباطن الشامل) ‪ ...‬والوجود الذاتي ( العقل الباطن الخاص) ‪ ...‬والوجود‬

‫‪24‬‬
‫الواعي واإلدراكي والنفسي وهو ما يدعوه علماء النفس اليوم ( بالعقل الباطن الواعي‬
‫والعقل الباطن الذاتي ) ‪.‬‬

‫حقيقـة اجلـان ‪:‬‬


‫هم مخلوقات ال مرئية لنا مثل العديد من المخلوقات التي ال نراها‪ ،‬فمقدار ما نراه من‬
‫كوننا ال يعادل حبة رمل واحدة من عدد رمال شواطئ بحار ومحيطات كرتنا األرضية‬
‫وصحاريها كلها ‪.‬‬
‫تبدأ كلمة جن أو جان بحرف ( ج ) ‪ ،‬وهو حرف يدل على معنيين هما الغمـوض‬
‫والطغيان والتجاوز‪ ،‬أي يدل على تجاوز الشيء لحدوده واكتساح غيره وغمره له ‪ ،‬كما يدل‬
‫على الجبروت والقهر ‪ .‬ولنالحظ الكلمات التالية ‪:‬‬
‫جدي ـ‬
‫جنة ـ جنين ـ جنس ـ ّ‬
‫جبار ـ جامد ـ جائر ـ جاد ـ جهوري ـ جدار ـ جن ـ جن الليل ـ ّ‬
‫جانح ‪ ...‬الخ ‪.‬‬
‫أما كلمة الشيطان في كالم العرب فتعني متمرد سواء كان جناً أو أنساً أو دابةً ‪ ،‬وتشمل‬
‫كل متمرد ‪.‬‬
‫ُذ ِك َر الجن في القرآن الكريم (‪ )22‬مرة ‪ ،‬والشيطان (‪ )85‬مرة وكلمة الشياطين (‪ )11‬مما‬
‫يشير إلى ضآلة أهميتهم وعدم فعاليتهم وتأثيرهم في الكون ‪ .‬ويظهر تأثيرهـم في سلوك‬
‫وتصرفات األشرار واألشخاص المتمردين على اهلل بشكل استباحةٍ لحدود شرعه واخت ار ِ‬
‫ق‬
‫االلتفاف عليها لتحقيق مكاسب ال يستحقونها وليست مكتوبـةً لهـم وكل ما نـراه‬
‫َ‬ ‫القوانين و‬
‫من مظاهر الفساد والشرور والعنف والفتن والحروب ما هي إال نتيجـة لهاتين المخالفتين‬
‫المدعومتين من الجن والشياطين ‪ .‬والفرق بين الجن والشياطين هو أن الجان يرعى الشر‬
‫وكل أنواع األذى لكن الشياطين ترعى باإلضافة لذلك الكفر واإللحاد والتمرد على الخالق‬
‫‪ ,‬وباستخدام قاعدة طور الكلمة نجد ‪:‬‬
‫البشر = خليفة اهلل‬ ‫الشياطين ضد البشر‬
‫‪1+ 1‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪2‬‬
‫ضالل ضد سواء السبيل‬ ‫وعمل الشيطان هو‬
‫‪1 + 8 1 9‬‬

‫‪25‬‬
‫طبيعة اجلان‬
‫العلم الحديث ال ينفي وجودهم بل يثبته ‪ ،‬كما يثبت كثي اًر من األمور الميتا فيزيقية التي‬
‫حار الناس في أمرها قديماً ‪ ،‬وتجاهلها علمـاء الطبيعـة األقدمون كثي اًر ظناً منهم أنهم‬
‫يخدمون العلم وينزهون الحقيقة العلمية إال أن العكس هو الذي حدث تماماً ‪ .‬واكتشاف‬
‫علم الفيزياء الكوانتيـة ونمو الحس العلمي لإلنسان الحالي كشف الحقيقة ألن هذا العلم‬
‫م ّكنه من التعامل بسهولة مع مواضيع تقع جذورها خلف حدود المادة ‪ ،‬واستطاع إغناء‬
‫مشجعة جداً فـي هذا‬
‫دراساته لتلك المواضيع بالمحاكمةً والتفسير والفلسفة ‪ .‬وجاءت النتائج ّ‬
‫المجال‪ ،‬فالعلم يثبت وجودهم من ناحية ‪ ،‬ويكشف لنا من ناحية أخرى مدى ضعفهم‬
‫الفعال بنا ‪،‬وأنهم من البساطـة والهيافـة والضعف بحيـث ال يبدو‬
‫وعجزهم التام عن التأثير ّ‬
‫أن لهم أية قيمة أو فعالية في حياتنا وفي الكـون ‪ .‬وأننا إذا استطعنا رؤيتهم فهم لن‬
‫ٍ‬
‫خاسئة ‪ .‬لكن الذي يزيد من فعالية تأثيرهم‬ ‫يبدوا ألعيننا أكثر من قرودٍ ضيئلةٍ عابثةٍ‬
‫علينا هو وجود ميل فطري وتهيئة نفسية مسبقة لدينا نحو البشر مزروع أصالً في أل ( د‬
‫المخزن في نوى خاليانا انتقل إلينا وراثيـاً من آبائنا وهي تنتقل إلينا خالل لحظات‬
‫ّ‬ ‫نأ)‬
‫تكويننا كما تظهر فينا بشكل رغبات وحاجات ‪ ،‬وتأثيرهم يمكن إحباطـه وتثبيطه إذا أردنا‬
‫نحن ذلك‪ ،‬لذلك للنفس البشرية وارادتها وللعقل دور كبير في الترحاب بالشر أو رفضه ‪.‬‬
‫الم َن ّزل ‪:‬‬
‫لذلك صح القول ً‬
‫" ونفـس وما سـواهـا ‪,‬‬
‫فألهمها فجورها وتقواها ‪,‬‬
‫قـد أفلـح مـن زكاهـا ‪,‬‬
‫وقـد خـاب من دساهـا "‬
‫قرآن كريم ‪ :‬سورة الشمس أية ( ‪ 7‬ـ ‪) 10‬‬

‫****************************************************‬

‫‪26‬‬
‫ــــــــــــــــــــــ‬
‫الفصـل الـرابـع‬
‫األبعـــاد‬
‫أين موضع الروح في الجسد البشري ؟ ماهي إحداثياتها ؟‬
‫أين هو عالم الجن ؟ وأين ساحات وجودهم وتواجدهم ؟ ولماذا ال نراهم ؟‬
‫كيف يتوصلون إلينا و يقترنون بنا ؟ وهل العالقة بهم جسدية أم روحية ؟‬
‫ما هو أسلوب تعاملهم معنا ؟ وما هي الطريقة التي يتم بها هذا التعامل ؟‬
‫لإلجابة على مثل تلك األسئلة ‪ ،‬ولمعرفة أي عالم يشغله الجن ‪ ،‬البد لنا من أن نتعرف‬
‫على مفهومي األبعاد واألنفاق الكونية !‬
‫خلق اهلل الجان من مارج النار الذي انبثق من االنفجار األعظم‪ ،‬وببنية جسدية غير تلك‬
‫حية ثالثية األبعاد وهي الطول‬
‫التي نحن عليها ‪ ،‬فنحن كائنات ذات بنية مادية عضوية ّ‬
‫والعرض واالرتفاع ‪ ،‬ويلتصق بهذه األبعاد التصاقاً إسمنتياً بعد رابع هو البعد الزمني‪ ،‬أي‬
‫محدبةً في البعد الرابع الزمني الذي يلتحم بها بصرامة‬
‫ّ‬ ‫أن تلك األبعاد المكانية الثالثة‬
‫وبرابطة إسمنتية ال انفصام فيها ‪.‬‬
‫أما أرواحنا فهي ذات عشرة أبعاد ‪ ،‬تشارك أجسادنا بأربعة منها وهي التي ذكرت تواً‬
‫وتختفي في أبعاد ستة أخرى ال يمكن اختراقها بأقوى اآلالت المتوفرة لدى البشر‪ .‬أمـا‬
‫ومكونة من‬
‫ّ‬ ‫الجان كما وجدنا أنهم كائنات ذات طبيعة نارية فائقة ال ح اررية وبنية شفافة‬
‫بعدين ونصف البعد ‪ .‬وهذه األبعاد هي ‪:‬‬
‫نصف بعد رابع زمني قادر على االلتحام بمارج النار ويكفي لذلك ألن طبيعته أمـواج‬
‫ذبذبية فائقة وليس مادة كاملة ‪ ،‬والبعد الخامس وهو بعد ال زمني مستقل عن الزمن وذو‬
‫طبيعة نفقية‪ ،‬والبعد السادس ذو طبيعة موجية ذبذبية أصلها كهربائي وحيد القطب‪ ،‬وهو‬
‫بعد االتصاالت التي تتم عبر العقول الباطنة ‪ .‬وسوف أتناول موضوع األبعاد بالتفصيل‬
‫ألهميتها في كل سبل الحياة ‪ ،‬وهي ‪:‬‬

‫الكون الوحيد البعد [ الطول ] ‪:‬‬

‫‪27‬‬
‫هو كل خط مستقيم ممتد بشكل النهائي ‪ ،‬والساكن فيه ليس أكثر من نقطـة ‪ ،‬وهذا‬
‫الساكن ال يرى سوى جارين أبديين على جانبيه‪ ،‬وفي هذا الكون المظلم لن يرى الساكن‬
‫سماء أو نجوماً ‪ ،‬كما أنه لن‬
‫ً‬ ‫شمساً أو قم اًر أو‬
‫يشعر بح اررة أو برودة ألن أمواجهـا ثالثية‬
‫األبعاد ‪ .‬واذا أراد هذا الساكن الحركة فيجب‬
‫على كل جيرانه أن يتحركوا معه!! واذا سار‬
‫باستمرار محاوالً الوصول لنهاية كونه ‪ ،‬فسيكتشف أنه قد حرك معه جميع سكان عالمه‬
‫محدب‬
‫األحادي البعد ‪ ،‬ومن ثم عاد ثانية لنقطة انطالقه األولى ‪ ،‬كما يكتشف أن كونه ّ‬
‫في البعد الثاني ‪.‬‬

‫وماذا عن الكون الثنائي البعد [ الطول والعرض ] ‪:‬‬


‫في هذه الحالة يكون الكون مستوياً مسطحاً ‪ ،‬ولسكانه أشكال مربعات ومثلثات ودوائر‬
‫وهم يتحركون جانبياً ‪ ،‬ويرون بعضهم بشكل خطوط مستقيمة‪ ،‬وفي مثل هذا العالـم ال‬
‫سماء وال شمساً وال قم اًر وكلها مكسوفة له بسبب حجب أجساد جيرانه لها فهي‬
‫ً‬ ‫يرى ساكنه‬
‫تقع على خط النظر معهم وفي مستواهم ‪.‬‬
‫لنفرض أن أحد سكان ذلك العالم أراد القيام برحلة طويلة ليصل بها لنهاية عالمه‪ ،‬فإذا به‬
‫محدب في البعد‬
‫يكتشف أنه قد عاد ثانيةً لنقطة انطالقه األولى أي يكتشف أن عالمه ّ‬
‫الثالث وأعضاؤه معكوسة الوضع بحيث صار يمينه يسا اًر ويساره يميناً ‪ ،‬ويمكن شرح ذلك‬
‫بمفعول عصابة موبيوس التالية ‪:‬‬

‫‪28‬‬
‫لنفرض أن كائناُ ثالثي األبعاد (كرة مثالً) أراد زيارة هذه المدينة وحام فوقها‪ ،‬فإنه سيفاجأ‬
‫بأنه يرى ما بداخل بيوتها وسكانها‪ .‬واذا تحدث إلى أحد هم ‪ ،‬فإن ذلك الساكـن سوف‬
‫يسمع الصوت ٍ‬
‫آت من أعماقه (من داخله) وال يرى أحداً ‪ ،‬ألن الزائر فوق ‪ ، ...‬والمشكلة‬
‫أن سكان ذلك العالـم ال يعرفون‬
‫معنى فوق أو تحت ‪ ،‬واذا حاول هذا الزائر‬
‫الدخول لهذه البلدة المستوية ‪ ،‬فإن سكانها‬
‫يرون أن نقطة برزت لهم من العدم ‪ ،‬وهي‬
‫نقطة تقاطع الكرة مع البلدة المستوية ومن‬
‫ثم تأخذ تلك النقطة بالتوسع حتى تصبح خطاً‬
‫مستقيماً ‪ .‬وهي أثر تقاطع الكرة مع المستوي ‪.‬‬
‫لنتخيل أن ذلك الزائر أراد الخروج من تلك البلدة واصطحب معه أحد سكانها‪ ،‬عندئذ‬
‫يدهش ذلك المواطن وهو يرى مدينته من نقطة غريبة بصورة عجيبة وغير مألوفة لـه وغير‬
‫متوقعة ‪ ......‬من فوق ‪ .‬أما بالنسبة لقومه فيفسرون اختفاءه ‪ ،‬على أنه بينما كان في‬
‫بيته تعرض لحـادث من نوع غير مألوف واختفى بطريقة ال يمكن تفسيرها ‪ ......‬أين !! ؟‬
‫وحدث مواطنيـه بما شاهد فوق ‪،‬‬
‫ويأتي الجواب ‪ ...‬في العدم ‪ .‬واذا ما عاد ذلك الساكن ّ‬
‫وأوحى لهم بوجود بعد ثالث عمودي على مدينتهم‪ ،‬عندئذ ترتعد فرائصهم خوفاً من هذا‬
‫البعد الغامض لعدم إدراكهم لطبيعته ويظنون أنه هوة سحيقة تحيق بعالمهم ويخشون‬
‫السقوط فيـه ؟!! ‪.‬‬
‫وأخي اًر لكي يتخلصوا من هذه الورطة العويصة التي شغلت أفكارهم وأدخلت ألهـم والغم‬
‫والحزن إلى بيوتهم ‪ ،‬فإنهم سيحاولون نسيان أمرها وينسبونها إلى هلوسة كانـت تصيب‬
‫أجداد هذا الساكن ‪ ،‬وال يملكون سوى أن يرثوا لحاله ويتركوه متمنين له الشفاء‬
‫في أحد األيام سمع أحد علماء الرياضيات في تلك المدينة المسطحة بقصة البعد الثالث‬
‫وتخيل ذلك البعد الثالث وحاول شرح األمر لمواطنيه ‪.‬‬
‫وحاول أن يفسره ويفلسفه ‪ّ ،....‬‬
‫طبعاً لن يقتنع أحد بكالمه منهم !! وستكون االعتراضات والتساؤالت كثيرة ‪ ، ...‬فكيف‬
‫يمكن إنشاء عمود قائم وبنفس الوقت على كل المدينة وعلى كل نقطة فيها ؟؟ والى أين‬

‫‪29‬‬
‫سيمتد طول هذا البعد الثالث الذي فرض نفسه دون مبرر أو إقناع !! ؟؟ وكيف يمكـن‬
‫إقامته بدون نقطة استناد ؟؟ ‪....‬‬
‫أخي اًر ‪ ...‬يشعر الناس باليأس واإلحباط من هذا البعد الثالث المشؤوم والقائم على بلدتهم‬
‫وال يرونه ‪ ،‬ويحاولون نسيان أمره وتحاشي ِذكره ‪، ...‬‬
‫وهكذا بقي سر ذلك البعد الثالث عقدة كأداء في حياة السكان المستوين ‪ ،‬وهم يحاولون‬
‫دوماً تحقيق حلمهم في اكتشاف ذلك البعد المعجزة ‪.‬‬
‫في عالمنا نحن أمكن باستخدام الكمبيوترات تحقيق حلم السكان الثنائيين‪ ،‬وذلك بإدخال‬
‫وصورت من‬
‫ّ‬ ‫حولت رموزها لرموز رقمية‬ ‫صورة فوتوغرافية ثنائية األبعاد لحاسوب ‪ ،‬ثم ّ‬
‫ثالثة اتجاهات ‪ .‬وبعد ذلك رسم الكمبيوتر منظو اًر مجسماً ( هولوغرامياً ) لها‪ ،‬مما جعل‬
‫الصورة اإللكترونية تبدو وكأنها تشاهد وتتحرك في األبعاد الثالثة ‪.‬‬

‫وماذا عن كوننا الثالثي األبعاد ‪:‬‬


‫إذا عممنا القصة السابقة على حالنا نحن سكان األرض بأن نضيف بعداً مكانياً رابعاً‬
‫متعامداً مع كل األبعـاد المكانية الثالثة ‪ ،‬وهي الطول والعرض واالرتفاع وبـآن واحد‬
‫لوصلنا للحالة الواقعية التي هي عليها كوننا ‪ ،....‬ولكي نقترب من فكرة الكون الرباعي‬
‫حملنا كل نقطة منه ببعد رابع قائم عليها وفي كل لحظة‬
‫األبعاد أكثر‪ ،‬لنتخيل مكعباً وقد ّ‬
‫وهذا البعد ليس من اليسار إلى اليمين وال من األمام إلى الخلف ‪ ،‬وال من األعلى إلـى‬
‫األسفل بل هو قائم بزوايا قائمة و بآن واحد وفي جميع االتجاهات على أوجـه المكعب‬
‫الثالثي األبعاد ‪ .‬فنحصل على ما يسمى بفـوق المكعب أو بالمكعب الفائـق ‪ ،‬وبما أننا‬
‫مقيدة بتلك األبعاد الثالثة ‪ ،‬بينمـا إذا نظرنا من‬
‫بداخله فإننا نراه ثالثياً ألن حواسنا الخمسة ّ‬
‫خارجه فسيبدو لنا كمجسم جميع أطواله متساوية وزواياه قائمة ‪ ،‬وكأنهما مكعبـان أحدهما‬
‫معلّـق بداخل اآلخر ‪ .‬أنظر الشكلين التاليين ‪:‬‬

‫‪31‬‬
‫إضافة البعد الرابع هندسياً‬ ‫كوننا المحدب في البعد الرابع‬

‫اآلن ‪:‬‬
‫لو قام أحد سكان هذا الكون برحلة طويلة جدا ًً جداً وفي خط مستقيم فسوف يكتشـف‬
‫أخي اًر أنه قد عاد لنقطة انطالقه‪،‬‬
‫لكنه معكوس األعضاء‪ ،‬فاليمين‬
‫صار يسا اًر ‪ ،‬واليسار صار يميناً‪.‬‬
‫ولو أنه استخدم تلسكوباً قوياً يريه‬
‫نهاية العالم فسوف يفاجأ بأنه يرى‬
‫قفـاه أنظر الشكل التالي ‪:‬‬
‫محدب في البعد‬ ‫إذن كوننا كروي ّ‬
‫الرابع وليس له بداية والنهايـة‬
‫وال مركز‪ ،‬وحجمه محدود بدون حدود ‪ .‬كما نكتشف أيضاً أن ذلك البعد الرابع ليس سوى‬
‫البعد الزمني ‪.‬‬

‫حقيقة البعد الرابع ‪:‬‬


‫يظن البعض أن هذا البعد هو بعد مكاني صرف أي هو بعد مادي ‪ ،‬لكنه في الحقيقية‬
‫هو بعد أحادي متفرد وملتصق بطريقة إسمنتيـة بدقائـق المادة ‪ ،‬بحيث يكون لكل بعد‬
‫مادي فيها ثلث بعد زمني ‪ ،‬والتحامهما سرمدي أبدي يستحيل فصلهما عن بعضهما واال‬
‫زاال معاً وعادا لحالة األمواج الفائقة العدمية األولى ‪ .‬فالمادة شرهة جداً المتصاص ذلك‬
‫البعد الزماني والعمل من خالله ‪ ،‬وبالتالي ال توجد مادة مطلقة نقية من الزمن ‪ ،‬ألنه ال‬
‫يوجد زمن بذاته مستقل عن المادة‪ ،‬وال وجود لكليهما بدون وجود حركة‪ ،‬وطبيعة المادة هو‬
‫التقطع والحركة مع الزمن ‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫واآلن ‪ :‬ما هو الزمن ؟‬
‫الحقيقة أن الزمن هو أمواج نصفيـة فائقـة منشطرة حافظت على طبيعتها الموجية‬
‫وملتحمة بالمادة وممتدة في العدم ولمدى بعيد ‪ ،‬وال يظهر الزمن إال من خالل التصاقه‬
‫بالمادة قطعاً بحيث يكون لكل جسيم زمنه المحلي الخاص ‪ ،‬ويرتبط الزمن بوعي المادة‬
‫للوجود ‪ ،‬ولكن في حالة الكائنات الحية فهو يرتبط أيضاً بمدى إدراكها للكون والعالـم الذي‬
‫تحيا فيه تلك الكائنات ‪ .‬واذا اتحد مع غيره من األجسام التحمت أمواجهما الزمنية وصار‬
‫لهما زمناً محلياً مشتركاً‪ ،‬فمثالً إن الزمن الخاص في عالم الجراثيم يختلف كليـاً عنه في‬
‫عالم الفيروسات وزمن البكتيريا يختلف عن ذاك الذي عند اإلنسان ‪ ....‬وهكذا‪ .‬وللجملة‬
‫من هذه الكائنات التي تعيش في منطقة واحدة زمن كلي ‪ ...‬وهكذا يكون الزمن على‬
‫أرضنا حتماً ليس بالضبط هو الزمن في ثقب أسود ! ‪.‬‬
‫وجد باستخدام قوانين اينشتاين أنه يمكن إطالة الزمن أو تصغيره وحتى تثبيته بتغير‬
‫سرعة حركة الجسم ‪ ،‬وفي مرحلة متقدمـة عندما تصبح سرعة الجسم مساوية لسرعة‬
‫الضوء يصبح الزمن النهائياً أي أبدياً سرمدياً وال يحول ‪ ....‬وعندها يسود خلود دائم ‪.‬‬
‫ظهر الزمن للوجود لحظة والدة الكون من العدم بأمر اهلل ‪ ،‬أي في لحظـة االنفجار‬
‫األعظم ‪ .‬وهو لم يختلط بالفراغ كما حدث للمادة ‪ ،‬بل بقي شط اًر موجيـاً فائقاً ممتـداً إلى‬
‫الوجود العدمي ‪ ،‬والشطر اآلخر من موجة الزمن الصق بالمادة المضادة ‪ .‬ويظـن البعض‬
‫من علماء الفيزياء أن ‪ :‬قوة الجاذبية الكونية والثقالية تعمل من خالل تجاذب هذين‬
‫الشطرين المتناظرين من األمواج الزمنية وضدها ‪.‬‬
‫يصح هذا األمر في حالة المادة الثالثية األبعاد (الكون‪ ،‬األرض‪ ،‬اإللكترون) ‪ ،‬بينما‬
‫في حالة القوى الخفية الالإنسانية ( الجن ) ذات الطبيعة الالمادية فان كيانه يرتبط فقـط‬
‫بنصف بعد زمني ‪ ،‬لهذا يكون التحام الزمن بكينونة الجن هشاً ضعيفاً جزئياً‪ ،‬وال يلعب‬
‫دو اًر أساسياً في حياة الجان كما هو الحال عند اإلنسان‪ .‬كما ال يحول الزمن على الجان‬
‫بشكل صارم كما يحدث في بقية مادة الكون واإلنسان ‪ ،‬وبالتالي فإن عالمهم يخلو مـن‬
‫الجاذبية الثقالية تماماً ‪ ،‬لذلك فهم يتحركون بمنتهى السهولة في عالمنا ودون أن يعيـق‬
‫حركتهم أي عائق ‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫لربما بلغ متوسط أعمارهم العديد من ألوف السنين ‪ ،‬واألغرب من ذلك أنه يوجد نوع من‬
‫الجان ال يتأثر بالعامل الزمني إطالقا وال يخضع له ‪ ،‬ذلك هم الشياطين المنبوذيـن‬
‫والمنظرين ‪ .‬فهم يعيشون طويالً جداً وال يموتون والزمن عندهم مطوي ومتوقف تماماً وال‬
‫يحول عليهم إطالقاً‪ ،‬فهم محرومون من نعمة النوم الهانئ ( الموت ) ومن ثم البعث‬
‫والحساب ‪ ،‬فالموت بالنسبة لهم هو مطلبهم ومناهم وهو ليس أكثر من نوم هانئ لهـم ‪،‬‬
‫وحينما قلدهم اإلنسان في تكاثرهم الجنسي أصيب بعدوى الموت ‪ .‬ولكن شتان ما بين‬
‫موت الجان فهو رحمة لهم وموت اإلنسان وهو كارثة عليه ‪.‬‬
‫باإلمكان تشبيه اإلنظار للشياطين بعدم الموت إلى ميقات يوم معلوم بالمقارنـة مع‬
‫البشر كما لو أن البشر حرموا من نعمة النوم باألرق والسهر والمصحوب بالكآبة والقلق‬
‫وعذاب الضمير ‪.‬‬
‫قال رب فأنظرني إلى يوم يبعثون ‪ ,‬قال فإنك من المنظرين ‪ ,‬إلى يوم الوقت المعلوم‬
‫قرآن كريم سورة الحجر آية ( ‪ 32‬إلى ‪) 37‬‬
‫وكل ذلك سببه غرور إبليس وتكبره ‪ ،‬قال اهلل تعالى ‪:‬‬
‫قال ما منعك أال تسجد إذ أمرتك قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين‬
‫قرآن كريم سورة األعراف (‪) 14‬‬
‫إذن غرور إبليس والجن عموماً هو الذي أدى لطردهم من الجنة ولعنهم وسجنهم في‬
‫قمقم البعد النصف الزمني المقيت لهم ‪ ،‬إذ صارت مقيدة بنصف ُبعد لم تكن تألفه سابقاً‬
‫و ُسجنِـت في كون مادي غريب على طبيعتها فصار لهم تكوينات شكلية شبه مح ّـددة‬
‫وليست كالتي كانت لهم قبال ًً‪ ،‬إذ أصبحت مقيدةً وحبيسةً في هذا الكون ‪ ،‬و منعوا من‬
‫الصعود للسماوات العال بعد أن كان كل ما في الوجود تحت تصرفهم‪ ،‬فقد كانوا منعمين‬
‫بكل أنواع الحرية ‪.‬‬

‫إذن ‪:‬‬
‫بسبب اللعنة التي أصابتهم صارت أعمارهم محدودة بعد أن كانت حياتهم سرمدية‬
‫أزلية‪ ،‬فقد كانوا خالدين ومتحررين من كل شئ ‪ ،‬كما صارت قدراتهم محدودة وتغيـر‬
‫تركيبهم التكويني ‪ ،‬ومع حلولهم في الكون وبعد ظهور اإلنسان في األرض وتقدم الزمن‬

‫‪33‬‬
‫صارت أشكالهم تميل إلى الشفافيـة واالختفـاء من ساحة الرؤيا البشرية ‪ .‬وفي النهاية‬
‫صاروا يموتون ميتة شبه مادية تتحلل به أجسادهم ألمواج مارج النـار في قبور هـي‬
‫الثقوب السوداء‪،‬‬

‫****************************************************‬
‫ـــــــــــــــــــ‬
‫الفصـل الخـامس‬
‫البعد الخامس الال زمني‬
‫األنفـاق الكونيـة‬
‫هل ترتبط أرواح الكائنات الحية بأجسادها عبر أنفاق كونية ؟ وأين تتشكل هذه األنفاق ؟‬
‫وما هو نوعها ؟ وهل لجزيئات الماء عالقة بتلك األنفاق ؟‬
‫يعب َر‬ ‫ِ‬
‫ب على كل من ُيخلق في هذا الكون ( كواركات ‪ ،‬ذرات ‪ ، ....‬أحياء ) أن ُ‬ ‫هل ُكت َ‬
‫نفقاً كونياً ؟ وكيف يتم ذلك ؟‬
‫ما هي القـوة الهائلة الدافعة التي تجعل األجسام الدقيقة وغيرها تنبثـق من العدم عبر أنفاق‬
‫‪10 -‬‬
‫ثا ) ؟‬ ‫كونية وخالل لمحة زمنية قصيرة ومقدارها ( ‪10‬‬

‫واآلن ‪:‬‬
‫ما عالقة األنفاق الكونية بالجن ‪.....‬؟ هذا ما سوف نراه في الفقرات التالية ‪:‬‬
‫ّبين العالم اينشتاين أن فضاءنا الكوني ما هو إال نسيج متصل زمكاني وغير متجانس‬
‫وهو يتكون من أنفاق وأخاديد وممرات ملتوية ‪ ،‬أو ما يدعوه علماء الكون المعاصرون‬
‫ويشبه كوننا بالجبن السويسري ‪ ،‬لكثرة ما يحوي بداخله من ثقوب و‬
‫بالمسالك الدوديـة‪ّ .‬‬
‫فراغات‪ ،‬واذا تفحصنا سطحه فلن نجده أملس بل يبدو خشناً ومشوهاً‪ .‬ويدعي العلماء‬
‫ب هذا التغير في معالم‬ ‫وسب ْ‬
‫أيضاً أن كوننا ذي طبيعة رغوية إسفنجية ومتغيرة المعالم ‪َ ،‬‬
‫صورته ومظهره هو انطبـاع أحداث وفعاليـات الكون الحركية والطاقية فيها ‪ .‬أي أن النسيج‬
‫ويتشوه كأنه الكائن الحي‪ ،‬وتتطور تلك التشوهات الكونية وتلتف‬
‫ّ‬ ‫يتموج ويتحرك‬
‫الكوني ّ‬

‫‪34‬‬
‫مشكلة شبكةً من أخاديد وأنفاق متداخلة ومعقدة ‪ ،‬تدعى باألنفاق الكونية والغريب أن أفالم‬
‫الخيال العلمي الغربية الحديثة تتضمن الكثير من تلك األنفاق الكونية ‪ ،‬واألكثر غرابة أنهـا‬
‫مذكورة بطريقة إعجازية في القرآن الكريم في سورة الذاريات اآلية ( ‪) 1‬‬
‫(( والسماء ذات الحبك )) ‪.‬‬
‫الحُبـك كما جاء في التفسير هي األنفاق والممرات الكونية‪ .‬وعدد المرات التي ُذ ِكرت فيها‬
‫و ُ‬
‫أبواب السماوات والمعارج في القرآن كثيرة جداً ‪.‬‬
‫الشيء األساسي الذي تمتاز به األنفاق الكونية هو أنها تمثل البعد الخامس والذي يتصف‬
‫بخلوه من الزمن تقريباً ‪ ،‬وبتحديد أكثر تعتبر تلك األنفاق فارغةً منه تماماً‪ ،‬حيث تجري فيه‬
‫األحداث مستقلة تقريباً عن الزمن ‪ ،‬وكأن عملية طي وحذف للبعد الزمني تمت فيه‪ ،‬وهذا‬
‫يثير تساؤالً أولياً‪ ...‬طالما أن الجان يعيش طويالً أو ربما كان ُمنظ اًر ‪ ،‬فهل توجد عالقة‬
‫بين هذا البعد وطبيعة الجان وتركيب كينونتهم ؟؟ ‪.‬‬

‫إذن ‪:‬‬
‫البعد الخامس هو البعد الال زمني والذي تقع فيه األحداث من حركة وتحريك ونقـل‬
‫وانتقال وبشكل آني كما حدث في نقل عرش الملكة بلقيس‪ ،‬أي تقع فيه األحداث فـي‬
‫لمحات ال يحول فيها زمن وال يدور ‪ ،‬أي ال يتقدم وال يتأخر‪ .‬وقد تحدث العالم ستيفن‬
‫هاوكنغ عن اللمحة الزمنية وعن وجودها حين قال " بأن الكون كلـه انبثق من العـدم وعبر‬
‫وعرفها بأنها جزء من عشرة‬
‫نفق في لمحة زمنية واحدة ( ‪ّ ، ) VIRTUAL TIME‬‬
‫وبجوارها ثالث وأربعون صف اًر من الثانية الزمنية الواحدة‪ .‬والمسافر عبـر أحد تلك األنفاق‬
‫الالزمنية يختفي عن األنظار تماماً فال يعد يراه أحد من خارج النفق‪ ،‬وعلى العكس من‬
‫ذلك فإن المسافر عبره يرى كل ما يحدث خارج هذا النفق وبسرعة هائلـة ( وأغلب الظن‬
‫أن هذه هي الحال مع الجان إذ هم يروننـا ولكننا نحـن ال نراهـم ) ‪ .‬وبإمكان ذلك‬
‫الشخص أن يختفي في كون ويظهر في كون آخر بنفس اللحظة إذا تمكن من استثمار‬
‫خاصة الطي الزمني لألنفاق الكونية ‪ .‬وطبعاً لم يتمكن أحد من البشر إلـى اآلن االستفادة‬
‫من هذه الظاهرة عدا األنبياء قديماً ‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫لعل اكتشاف ظاهرة وجود األنفاق الكونية وامكانية السفر الالزمني عبرها يقدم تفسي اًر‬
‫علمياً ًً يريح الناس بصحة االعتقاد بهبوط آدم وحواء من الجنة وانبثاقهما اآلني في هـذا‬
‫الكون ‪ .‬وكذلك صعود المالئكة واألرواح وبعض األنبياء للسماوات العال على أنها تمت (‬
‫أو تتم ) عبر أنفاق كونية في البعد الخامس ‪ ،‬خاصة أن مثل هذا الصعـود من ِق َب ِـل‬
‫المالئكة يتـم في يوم كان مقداره خمسون ألف سنة ‪ ،‬وطبعاً يتم هذا االنتقال بسرعات فوق‬
‫ضوئية ألنهم ال يشاهدون ضوئياً خالله ‪ .‬ومن أمثلة ذلك صحـة صعود سيدنـا المسيح‬
‫عليه السالم للسماء وصحة معجزة النبوة واإليحاء ومعجزتي اإلسراء والمعراج لسيدنا محمـد‬
‫صلى اهلل عليه وسلـم ‪ .‬واهلل أعلم ‪.!!...‬‬
‫لنعد لموضوعنا وهو األنفاق الكونية الالزمنية ‪ ،‬فنجد بالبحث في خواصه ومقارنتها‬
‫بصفات الجان نكتشف أن عالم الجان وكينونتهم الطاقية الخفية الالإنسانية هو ذاته عالم‬
‫األنفاق الكونية وبيئتهم !! ؟ ‪ ،‬ولكن كيف ذلك ؟‬

‫اجلواب بسيط ‪:‬‬


‫يعيش الجان طويالً ولربما عاش كل منهم بضع آالف من السنين ‪ ،‬ولربما مر جي ٌل‬
‫واحدٌ منهم على جميع العهود التي بعث اهلل فيها أنبيائه‪ .‬ولعل الجان الذي حضر طوفان‬
‫نوح مازال موجوداً لآلن ‪ ،‬وطبعاً المكان الالزمني األمثل إلقامتهم المديدة هي األنفـاق‬
‫الكونية الالزمنية ‪ ،‬فهي عالمهم المريـح والبيئة المفضلة إلقامتهـم !! وأنسب العوالـم‬
‫لتكاثرهم وتناسلهم ورعاية مواليدهم ‪ ،‬وعالم تلك األنفاق يالئم ويناسب طبيعتهم التكوينية‬
‫الشفافة الشبه المادية والنصف زمنية ‪ ،‬مما يدل على أن طبيعة تلك األنفاق وخواصهـا‬
‫تتوافق ولمدى بعيد مع تركيب جسد الجان وتدخل فيه ‪ ،‬مثلما تدخل ذرات كوننـا في‬
‫تركيب أجسادنا نحن البشر ( والمقيدة كلياً بعامل الزمن) ‪ .‬أما مدافنهـم فهي الثقـوب‬
‫السوداء ‪ ،‬والتي هي نوع من األنفاق الكونية ذات بعدين فقط ‪ ،‬وهي ذاتها أبعاد الجـن‬
‫تقريباً ‪ ،‬حيث تتفكك كينوناتها هناك ألمواج مارج النار ‪.‬‬
‫أما إقامة الجان في كوننا المادي خاصتنا فهي إقامةُ َس ْجنٍ وطردٍ ونفيٍ وممارسـة نوع‬
‫من الحياة يمارسون خاللها عبثهم وأعمالهم الطائشة كرسوا لها حياتهم وألزمـوا أنفسهم بها‬
‫‪ ....‬منها أذى اإلنسان وايقاع الفتن بين الناس إال من رحم ربي ‪، ....‬‬

‫‪36‬‬
‫المدهش في األمر هو أن تلك األنفاق ليست بعيدة عنا بل هي مختلطة مع المادة واألثير‬
‫وكل شئ في كوننا ‪.‬‬
‫توقع علماء الفيزياء الكوانتية أن الجسيمات الدقيقة بإمكانها أن تصنع أنفاقاً كونية دقيقة‬
‫جداً تصل بين العدم والكون المادي وتعبرها بلمحة زمنية صغيرة جداً ‪ .‬وآلية فتح النفق‬
‫وعبوره تتم بالطريقة التالية ‪:‬‬
‫يقترض جسيم دقيق جداً طاقةً كبيرةً نسبياً من الوسط المحيط به في العدم‪ .‬وتلك الطاقة‬
‫تجعله يتحرك مندفعاً بسرعة هائلة ليغادر العدم ‪ ،‬وتلك السرعة الهائلة تفتح أمامه نفقـاً آنياً‬
‫ويشبـه ذلك األمر باندفاع‬
‫في نسيج الزمكان ويجتازه مندفعاً إلى الكون المادي لينبثق فيه ‪ّ ،‬‬
‫طائرة على المدرج بسرعة هائلة‬
‫لتكتسب أكبر طاقة ممكنة تجعلها ترتفع‬
‫وتحلق في الجو أو بصورة أدق ‪ ،‬مثل‬
‫ليعبر‬
‫اندفاع جمل هائج بسرعة كبيرة ُ‬
‫المخيط كما وجد أن بإمكـان‬
‫ّ‬ ‫سم إبرة‬
‫خروج اإللكترون من النواة عبر نفق‬ ‫العديد من تلك الجسيمات قادر على العودة‬
‫إلى العدم ثانية بآلية مماثلة‪ .‬وبالفعل اكتشفت في القرن الماضي ظاهرة انبثاق دقائـق‬
‫معدلـه ذرة‬
‫مادية عديدة األنواع من العدم بحيث إذا التحمت مع بعضها فإنها تشكل ما ّ‬
‫واحدة من غاز الهيدروجين في كل ثانية وضمن حجم مقداره ثالثون مت اًر مكعبـاً مـن‬
‫الفضاء ‪ ،‬وهذا يعني أن كوننا غني جداً بتلك األنفاق ‪ ،‬وأنه يوجد على األقل ما مقداره‬
‫نفقاً كونياً واحداً في كل حجم مقداره ثالثون مت اًر مكعباً من الفضاء ‪ .‬ومن المعلوم أن غاز‬
‫الهيدروجين هو العنصر األولي واللبنة األساسية في بناء هذا الكون الهائل برمته ‪.‬‬
‫وكذلك في بناء جسد اإلنسان ‪ ..‬إذن كل ذرة في أجسادنا وما دونها مرت يوماً ما عبر‬
‫نفق كونيٍ ‪ .‬هذا عدا األنفاق الجسدية في جسدي األبوين ‪.‬‬

‫إذن ‪:‬‬
‫يمكن اعتبار النفق الكوني الحبل السري الواصل بين المشيمة في العدم وكوننا المادي‬
‫المولود منه بأمر اهلل ‪ ،‬وعبر تلك األنفاق تمر الجسيمات مادون الكواركات لتنبثق مـن‬

‫‪37‬‬
‫العـدم بأعداد ال حصر لها في كوننا الرباعي األبعاد لتشكل الكواركات المادية ومن ثم‬
‫الجسيمات النوويـة وأخي اًر الذرات ‪ ،‬وهذا ضروري لتغذيـة وترميم الكون وتطـوره وأحجام‬
‫تلك األنفاق الكونية ودقتها وأعدادها هي من رتبة حجم ودقة وأعداد الجسيمات التي تعبرها‬
‫‪ ،‬وبالتالي فإن تلك األنفاق ليست غريبة أو بعيدة عن جسد كوننا المـادي ‪ ،‬وحتى عن‬
‫جسدنا نحن ‪ ،‬وكالنا ليس مستقالً عنها ‪.‬‬
‫ربما تخيل البعض أن األنفاق الكونية ماهي إال شرايين وأوردة لها فتحات في كوننا‬
‫وتمده بالحياة مادة وحركة‬
‫تسلك سلوك المسامات في الجلـد وتغذي جسم الكون بأكمله ُ‬
‫حي ُولـَِد من العدم بأمر اهلل ويتلقى غذاءه‬
‫وتُبقـي على وجوده وتطوره ‪ ،‬وكأن الكون كائن ٌ‬
‫ومقومات وجوده وبقائه واستمراريته عبر تلك األنفاق الكونية ‪.‬‬

‫وهذا يثري السؤال الغريب واملثري التايل ‪:‬‬


‫طالما أنه قُِد َر على كل من ُيخلق أن يمر بنفق كوني أو أنفاق كونية ‪ ،‬فلماذا ال تكـون‬
‫الروح عند األحياء مرتبطة بالعضوية الحية عبر أنفاق كونية من نوع آخر ‪ ،‬تصنعهـا هذه‬
‫المرة جزيئات الماء المهتزة ‪ ،‬فالجزيئات المائية المهتزة بسرعة هائلة جداً ‪ ،‬وهـذا معلوم في‬
‫تعب ُرها‬
‫تكون أنفقاً كونية ال متناهيةٍ في الدقة والصغر بحيث ُ‬
‫علوم الكيمياء والفيزياء ّ‬
‫الشبكـة الروحية الجسدية وفوتوناتها وترتبط بخاليا الجسد الحي من خالل تلك األنفاق ‪.‬‬
‫وهكذا ‪ .....‬كان ‪:‬‬
‫( وكان عرشه على الماء )‬
‫قرآن كريم سورة هود اآلية ( ‪) 7‬‬

‫وماذا عن مثلث برمودا ؟‬


‫لربما كان لغز مثلث برمودا مثاالً واقعياً حياً على وجود مثل تلك األنفاق‪ ،‬حيث وقعت‬
‫في تلك المنطقة من العالم أحـداث مثيرة وغامضة حول اختفـاء عديد من الطائـرات والسفن‬
‫واألشخاص ‪ ،‬والقصص لكثرتها حول هذا الموضوع بحيث ال يمكن للمرء الذي يبحث في‬
‫الظواهر الغريبة أن يتجاهلها‪ ،‬ويمكن تفسير هذه الظاهرة بافتراض تشكل نفق كوني من‬
‫أمواج قاسية غير معلومة الطول الموجي والذبذبة وفترات تشكلها ‪ .‬وذلك في المنطقة‬
‫سرق من‬
‫القريبة من جزيرة بورتوريكو ‪ ،‬حيث تجرى من خالله عملية سطـو كونيـة ُي َ‬

‫‪38‬‬
‫خاللها الماء من كرتنا األرضية ‪ ،‬ومن ِقَبل سكان أحد الكواكـب المأهولـة لحاجتهم إليه‬
‫للشرب أو للزراعة أو للتنفس‪ ،‬ويتم لهم ذلك بامتصاص الماء بواسطة نفق كوني طبيعي‬
‫يعلمون زمن تشكله ومدة عمله ‪ ،‬فيستغلون تلك الفرصة ويمتصون المـاء وغالباً ما يرافق‬
‫تلك العملية اختفاء البواخر والطائرات التي يتقاطع خط سيرها مع جسم النفق أثناء تشكله‬
‫‪ ،‬حيث تُنقل تلك األجسام مع الماء آنيـاً وعبر الال زمن إلى العوالـم األخرى حيث تختفي‬
‫فيها إلى األبد ودون رجعة ‪ ،‬ولربما كانت تلك األنفاق من صنعهم هم‪ ،‬وأغلب الظن أن‬
‫ذلك النفق يحتله الجان أو يشغلونه إبان تشكله باعتباره منتزهاً لهم ومكان تكاثرهم وتمتعهم‬
‫‪ ،‬ولربما هم من يساعد على اختفاء تلك البواخر والطائـرات كما يعتقد أن الكوارث‬
‫واألعاصير والزالزل التي تحدث في األرض سببها أفاق كونيـة يصطنعها الجان ويفتحون‬
‫لتلك الكوارث مساراتها وهذا ما يتوافق تماماً ولحد بعيد مع نظرية اينشتاين في النسبية‬
‫العامـة ‪.‬‬
‫اكتشف العالم ستيفن هاوكينغ أن بإمكان الشخص المسافر عبر نفق كوني أن ينطلق‬
‫من مجرة ( آ ) ألخرى ( ب) بلمحة زمنية وأن يقطع المسافة بين المجرتين ذهاباً واياباً‬
‫دون أن يتقدم به الزمن أو يتأخر وقبل أن يبرد موضعه الذي كان جالساً عليه في دنياه‬
‫فكيف ينكر من يدعي العلم أن معجزات األنبياء غير منطقية !‪.‬‬
‫في هذه الحالة يغدو حجم الكون بالنسبة للمسافر أصغر من حجم البروتون بماليين‬
‫المرات ‪ ،‬في حين يحتاج باليين السنين ليقطع المسافة الفعلية بينهما‪ ،‬ألن الحركات التي‬
‫نجز عبر هذه األنفاق تتم بطريقة أسرع من الضوء بكثير‪ ،‬لهذا كان ‪:‬‬
‫تُ َ‬
‫( وما أمرنا إال واحدة كلمح بالبصر )‬
‫قرآن كريم سورة القمر آية ( ‪) 50‬‬

‫‪39‬‬
‫ربما كان على اإلنسان في العصور القليلة القادمة أن يتقن فن التحري واصطياد األنفاق‬
‫الكونية ‪ ،‬ألنها ستكون مطيته ووسيلتـه الوحيدة في المستقبل في السفر الفضائي عبـر‬
‫الفضاء إلى الكواكب والمجرات ‪ ،‬وأن يحقق أمله في االتصال بأحياء آخرين ربما كانوا‬
‫موجودين في الكون ‪ ،‬أو أن يحقق أمانيه في العيش السعيد الهانئ في عوالم بعيدة ليست‬
‫منظورة لقرنائه األرضيين المشاكسين ‪.‬‬
‫تثير قضية ُرقي عضوية اإلنسان دهشةً كبيرةً لدى علماء البيولوجيا ‪ ،‬فعمر األرض‬
‫الرقي فيها‪ ،‬وأنه يلزم‬
‫وكيفما كانت طريقة تقديره‪ ،‬ال يكفي لتطور أية عضوية بمثل هذا ُ‬
‫الرقي أزمنة أطـول بكثير من عمر األرض وحتى أطول من‬ ‫لتطورها إلى هذه الدرجة من ُ‬
‫عمر المجموعة الشمسية كلها ‪ .‬لهذا يعتقد العلماء أن العناصر األولى لبذور الحيـاة ربما‬
‫لم تنشأ على األرض ‪ ،‬بل ربما تخلّقـت قبالً بأمر اهلل في عوالم أخرى ثم انتقلت لألرض‬
‫عبر عدة أنفاق كونية متتالية وفي أزمنة موغلة في القدم‪ .‬وأخي اًر حط رحالهـا هنا على‬
‫سطح األرض حيث تكاملت تلك العناصر ‪ ،‬ولما كانت الظروف مالئمة بدأت الحياة‬
‫باالنبثاق والترعرع والنمو ‪.‬‬
‫نعيد هنا مرة أخرى األسئلة التي أوردناها في بداية هذا الفصل وهي ‪:‬‬
‫هل ترتبط أرواح الكائنات الحية بأجسادها العضوية عبر أنفاق كونية ؟ واذا تم األمـر‬
‫كذلك ‪ .‬فأين تتشكل هذه األنفاق ؟ وماهي طبيعتها ؟ وهل لجزيئات الماء عالقة بتلـك‬
‫األنفاق ؟‬

‫‪41‬‬
‫هل كتب على كل من يخلق في هذا الكون ( كواركات ‪ ،‬ذرات ‪ ، ....‬أحياء ) أن يعبر‬
‫نفقاً كونياً ؟ وكيف تم ذلك ؟‬
‫ماهي القوة الهائلة الدافعة التي تجعل األجسام الدقيقة وغيرها تنبثق من العدم عبر أنفاق‬
‫‪10 -‬‬
‫ثا ) ؟‬ ‫كونية وخالل لمحة زمنية قصيرة ومقدارها ( ‪10‬‬
‫ما عالقة األنفاق الكونية بالجن ‪.....‬؟‬
‫هذا ما شاهدنا أجوبته في الفقرات السابقة والتي كانت اإلجابة عليها ‪ .......‬نعم‬
‫ولمزيد من التفصيل واإلجابة على مثل تلك األسئلة موجود في كتابنا " طبيعـة الروح‬
‫وأسرارها " ‪ .‬أما جواب السؤال األخير فهو متضمن قي الفقرات التالية ‪:‬‬

‫كائن البعد اخلامس ‪:‬‬


‫لقد كان أحد أسباب غرور الشيطان واعتداده بنفسه وتمرده هو البعد الخامس ‪ ،‬ولكن‬
‫كيف كان ذلك ؟‬
‫لنتخيل شكل أحد سكان هذا العالم الخماسي األبعاد ‪ ،‬والذي يشبه لحد ما شكل كينونة‬
‫الجن ‪ ،‬ولنحاول رسم صورة وصفية لذلك الكائن الخماسي األبعاد !!‪.‬‬
‫هو مخلوق عجيب شكله أجاصي ‪ ،‬ويعيش في مكان يبدو لناظره وكأنه مكعب مضغوط‬
‫ٍ‬
‫وملتو ‪ .‬وغرفته عجيبة يمتد من كل زاوية فيها أربعة خطوط بدل ثالثة كما هي الحال في‬
‫عالمنا الثالثي األبعاد ‪ ،‬بحيث تلتقي معاً مشكلةً زوايا قائمة عددها ستة عشرة زاوية بدل‬
‫ثمانيـة كما نراها نحن في عالمنا‪ .‬واذا التقطت صورة ذات بعديـن لهذا المكعب فستبدو‬
‫الصورة كما لو كان هناك مكعب صغير معلق بخيوط رفيعة داخل مكعب أكبر وأنت إذا‬
‫استطعت الدخـول لذلك العالم ووقفـت في هكـذا زاوية ودون أن يكون لك رجالن إضافيتان‬
‫فسترى ذلك الكائن بشكله الال منتظم والال مألوف لنا وبعينيه الستـة الواسعة المحجر جداً‪،‬‬
‫ورأسه الصغير جداً‪ ،‬أي يبدو كل ما فيه مغاير لمقاييسنا ‪ ،‬فالكبير عنده صغيـر عندنا‬
‫وبالعكس الصغير عندنا كبير عنده ‪ ...‬وهكذا ‪ .‬ولسانـه أطول من ذراعيه وشفتـاه ال وجود‬
‫لهما وعيونه الستـة ترى في كل االتجاهات ‪ ،‬وهي صغيرة الحدقة واسعة المحجـر ‪ ،‬وال‬
‫بطن له وال رقبة ‪ ،‬وبالنسبة ألقدامه الستة فبعضها قصير جداً وبعضها طويل جداً ‪ .‬كما‬
‫أنك لن تستطيع التعامل مع حوائجه وأشياءه ‪ ،‬أي أنك لن تستطيع أكل طعامه وال شرب‬

‫‪41‬‬
‫مائه ألن طرف كأسه منتفخ أكثر من الكأس ذاتها والتي ربما ال وجود لقعر لها ‪ .‬وسيارته‬
‫لها ثمان عجالت غير متساوية األحجام واألقطـار ‪ ،‬وكل منها يمر على خط يختلف في‬
‫طوله واتجاهه عن غيره ‪ ،‬بعضها طويل وبعضهـا قصير حتى ولو سارت نفس المسافة ‪،‬‬
‫كما أن طرقه ليست مستوية بل هي أسطوانيـة حلزونيـة ‪ .‬وبعض العجالت في األعلى‬
‫وبعضهـا اآلخر يستنـد إلى جوانب الطريق المحلّزنة في األسفل ‪ .‬والزمن ليس متجانسـاً وال‬
‫متناظ اًر و متمدداً في أحـد األركان ومتقلّص في مكان آخر‪ .‬وترى المنظ اًر وكأنه يقع خلف‬
‫قارورة زجاجية مملوءة بالماء‬
‫لنتابع حكايتنا ولنفترض أن هذا المخلوق بإمكانه أن يتجسد في كوننا الثالثي األبعـاد‬
‫يغير شكله حسبما يريد هو‬
‫فنكتشف عندئذ شيئاً غريباً وهو أن بإمكان ذلك المخلوق أن ّ‬
‫ولديه القدرة المالئمة لدخوله عالمنا بسهولة كبيرة ‪ .‬كما أنه يستطيع أن يرى ما بداخلنا وما‬
‫في أفئدتنا‪ ،‬وكأن أجسامنا تبدو شفافة له ‪ ،‬كما نكتشف أن بإمكانه المرور بعضويتنا‬
‫بسهولة ‪ ،‬وهو قادر على أن يقلب ما بداخلنا خارجاً ‪ ،‬أي باستطاعته أن يخرج أحشاءنا‬
‫وأعضاءنا الداخلية ‪ ،‬فهي تبدو له شفافة وهشة وسهلة التشكل بأياديـه المتعددة وحسبما‬
‫يشاء وحسب طرائقه الغريبة والال مألوفة ‪ ،‬كما بإمكانه أن ُيدخـل ما هو خارجنا إلـى داخلنا‬
‫‪ ....‬كأن ي ِ‬
‫دخل صخرةً أو جبالً أو أرضاً أو كوكباً ‪ ....‬أو مجرةً ‪ .‬وربما يحلـو له أن‬ ‫ُ‬
‫ي ِ‬
‫دخل ‪ ...‬الكون فينا ‪ .‬وتبدو له أالعيبه تلك حقيقيةً بالنسبة له ويعايشها ‪ ،‬إال أنها في‬ ‫ُ‬
‫الواقع التهمنا وال تؤثر فينا إطالقاً ‪ ،‬والسبب بسيط وهو أن عضويتنا نحن الثالثيـو األبعاد‬
‫ال تتجاوب وال تتفاعل مع ما يقوم به ذلك الكائن من أالعيب وحركات ‪ .‬فأعماله ال تؤذي‬
‫وال تؤثر في حواسنا التي تعمل في األبعاد الثالثة ‪ ،‬ألن حركاته البهلوانية هي حركات‬
‫ظاهرية تحدث في البعد الخامس الالزمني وليست حقيقية بالنسبة لنا وال تقع في عالمنا *‪.‬‬
‫أما بالنسبة له فيشعـر أن ما يقوم به من أعمال تحـدث فعالً ‪ ،‬وأنه استطاع فعـالً أن‬
‫ابيس ال نستطيع الفرار منها ‪ .‬لكن مما يبعث‬ ‫ٍ‬
‫يغرس فينا أعماله وأذاه ومزعجات وكو َ‬
‫البهجة في نفوسنا أننا ال نرى ذلك الساكن في البعد الخامس‪ .‬أما هو فهـو يرانا وينظر‬
‫إلينا بازدراء وسخريـة بأعينه الستة ‪ ،‬ونبدو له كمخلوقات متخلفةً ساكن ٍة دون حـراك في‬

‫‪42‬‬
‫عالمنا وكأننا صورة مسطحة ملونة ثنائية األبعاد ‪ .‬ويشعر أن بإمكانه أن يحتفظ بنا‬
‫ملونة مزركشة براقة في دوالب خزانته ‪ ،‬أو كأننا صو اًر قديمة تذكارية تـم‬
‫كلوحـات ّ‬
‫تصويرها في زمن متخلف باألبعاد الثنائية ‪ .‬ولربما بدونا لعيونـه وكأننـا خردةً مهملةً‬
‫يفضل التخلص منها كل حين‪ ،‬فهو يظن نفسه كائناً راقياً رائعاً منعماً في كونه الخماسي‬
‫ــــــــــــــــــــــ‬
‫* ـ لربما تمت حادثة شق الصدر عند سيدنا محمد ( ص ) في هذا البعد من قبل المالئكة ‪ ,‬فهي‬
‫أيضاً متآلفة مع هذا البعد وتنتقل خالل األكوان عبره ‪.‬‬

‫األبعاد وما نحن بالنسبة له سوى صورة مسطحة جامدة ال حراك فيها ‪ .‬وحركاتنـا ال تعني‬
‫له شيئاً ‪ ،‬وأنه ال حول لنا وال قوة بالنسبة لعالمه المثالي الحالم ‪.‬‬
‫لربما كان للجن هذا البعد الخامس فهو يمارس حياته وأعمالـه وأالعيبـه فينا وبنفس‬
‫طريقة الساكن في البعد الخامس ‪ ،‬وكما قلنا فهي أعمال غير مجدية فينـا ‪ ،‬وهذا البعد‬
‫يدخل في تركيب جسد الجني الذي يحيا به ‪ ،‬وليس له تأثير علينا سوى في أحالمنـا ‪ ،‬ألن‬
‫له سبيالً إلى ذلك كما سنرى الحقاً ‪ .‬لكن الذي له التأثير األعظم والدور األساسـي في‬
‫التطفـل والتدخل في تركيب أجسادنا ومحاولـة التحكم بسلوكنا وحياتنا هو البعـد السادس ‪.‬‬
‫فما هو هذا البعد السادس ؟؟ ‪.‬‬

‫****************************************************‬

‫‪43‬‬
‫ـــــــــــــــــــ‬
‫الفصل السادس‬
‫العقل الباطن الشامل‬
‫أوالً ‪ :‬العقل الباطن املوجي األثريي‬
‫عندما تمت والدة الكون من نقطة واحدة من العدم وذلك باألمر اإللهي " كن فيكـون "‬
‫رافق ذلك الحدث انبجاس سيل من األمواج الفائقة التي ما لبثت أن انشطرت لنصفيـن‬
‫وسرعان ما شغل أحدهما آنياً وبشكل تناظري متجانس كل الفراغ حول مركز االنفجار‬
‫األعظم ‪ ،‬وكانت سرعة اندفاع سيل تلك األمواج آنيـة وفوق ضوئية بحيث مألت كل‬
‫الفراغ في لحظة واحدة ‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫ك تلك األمواج هي الوحيدة التي تولدت عن هذا االنفجار ‪ ،‬بل رافقها والدة دقائق‬
‫لم تَ ُ‬
‫أولية رباعية األبعاد ‪ ،‬حيث اندفعت تلك الدقائق بسرعات شبه ضوئية محاولة اللحـاق‬
‫بسيل األمواج المتدفقة ‪ .‬وما زالت تلك الدقائق ومواد كوننا المتوسع إلى اآلن سابحـة فيه‬
‫وبسرعات تصل ل (‪ )% 00‬من سرعة الضوء ‪ ،‬وقد اكتشف حديثاً وجود أجـرام كونية تقع‬
‫على حافة الكون وهي متحركة بمثل تلك السرعات الشبه الضوئية ‪ ،‬ودعاها علمـاء الفلك‬
‫بالكوا ازرات ‪ .‬ومن هذا النوع من األمواج المتدفقة والدقائق تشكل الكون المادي المنظور‬
‫والمواد العاتمة فيه ‪ ،‬بينما شغل النصف اآلخر من األمواج وجوداً آخر مضاد وتشكل‬
‫منها كون آخر ضد مادة ‪.‬‬
‫شكل السيل الموجي الشبه الفائق والالمحدود األبعاد تقريباً خلفيةً موجيةً لكل الموجودات‬
‫في الكون واألساس المرجعي لكل كينونة ظهرت فيه ومهما كانت طبيعتها سواء كانت‬
‫مادية أو حية ‪ .‬إذن ‪:‬‬
‫لهذه األمواج المستمرة خواص عدمية وطاقة هائلة ‪ ,‬ولحظة انبثاقها من العدم مألت‬
‫الوجود كله في لحظة واحدة هي لحظة االنفجار األعظم‪ ,‬وبها صار في الوجود تكوين‬
‫موجي أثيري سكوني ويحتوي كل شئ ظهر أو سيظهر في هذا الوجود ‪ .‬لذلك يدعى‬
‫بالعقل الباطن األثيري ( اللوح المحفوظ ) ‪.‬‬
‫يتضمن هذا العقل الباطن الموجي األثيري المنهاج الكامل أو الناموس األعظـم‬
‫المصممة لمجريات األحداث في الكون سواء كانت مادية‬
‫ّ‬ ‫والخطة التي تجري وفقها البرامج‬
‫أو معنوية ( روحية ) ‪ ،‬وبهذا فهو يتضمن مسائل القدر وتخضع له كل موجودات الكون‬
‫الجامدة والحية المرئي منها والالمرئي بما فيها الجان واإلنسان ‪ ،‬أي هو العقـل الباطن‬
‫الواعي والحافظ والخازن المدرك لكل البرامج ‪ ،‬كما أنه ساحـة تالقي العقـول الباطنة‬
‫الخاصة لسائر الكينونات البشرية في الوجود‪ ،‬وساحة وجود أرواحها بعد الموت‬

‫ثانياً ‪ :‬العقل الباطن املوجي الذبذبي‬


‫تَ َولّ َد باإلضافة لسيل األمواج المتدفقة األثيرية المستمرة أمواج أخرى لها شكل أوتار‬
‫حلقية منفصلة مغلقة‪ ،‬واتخذت شكل دقائق كهربائية ال قطبية مهتزة بذبذبات فائقة التردد‬
‫والطاقة‪ ،‬ويمكن اعتبارها أمواجاً فوق كهرطيسية‪ .‬وسبب عدم قطبيتها هو عدم تعرضها‬

‫‪45‬‬
‫لضغوط أو تشوهات أثناء تشكلها‪ ،‬كما حدث للدقائق المادية في كوننا ذات الكهربائيـة‬
‫القطبية الموجبة والسالبة ( ألين واليانغ ) ‪.‬‬

‫قطبية كهربائية سالبة‬ ‫كهربائية القطبية‬ ‫قطبية كهربائية موجبة‬

‫تتمتع تلك األمواج الذبذبية بخواص فريدة في الشكل والحركة واالهتزاز ‪ ،‬فهي خيطية‬
‫حلقية منفصلة ومتقطعة وقادرة على الحركة واإلنتقال واهتزازاتها عالية التردد جـداً وأطوالها‬
‫دركـةً وتدعو تلك الصفات‬
‫الموجية ال متناهية في الصغر ‪ ،‬وطاقاتها شبه فائقة خفية ال ُم َ‬
‫لتسميتها بالعقل الباطن الموجي الذبذبي الديناميكي المتحرك ‪ .‬ويشغل هذا العقل بعداً‬
‫واحداً هو البعد السادس الذبذبي ‪ ،‬وأصلها كان مارج النار ونار السموم التي خلق منها‬
‫الجان‪ ،‬وتقوم هذه األمواج مقام المادة العضوية التي خلق منها الجسد البشري وكل‬
‫األحياء في الكون‬
‫يحمل هذا القول بين طياته شيئأ طريفاً وفريداً وهو أن عالم األمواج الشبه الفائقة‬
‫كسب موجوداته بعضاً من صفة الوعي الكوني ‪ ...‬وتختلـف‬ ‫والممتد عبر كل الوجود ي ِ‬
‫ُ‬
‫درجة الوعي الكوني لدى الكينونات المختلفة حسب درجة ُرقي نظم برمجيات وب ارمـج‬
‫تركيبها الدقيق في الكون ‪ .‬ولكي تكون الكينونـة الواعية ُم ِ‬
‫دركةٌ يجب أن يقترن الوعي لديها‬
‫بأداء حركي يعتمد على اختيار فكري يحقق تعامالً إيجابياً مع البيئة ‪ .‬لذلك اإلدراك هو‬
‫وعي واختيار فكري وحسن أداء حركي يتوافق إيجابياً مع البيئة‪ .‬وبما أن اإلنسان يتمتع‬
‫بنظم برمجية دقيقة جداً وراقية لذلك كان هو األعظم وعياً وادراكاً دون مخلوقات اهلل في‬
‫الكون ‪.‬‬

‫‪46‬‬
‫في علم الفيزياء من األدلة والبراهين والتجارب ما يثبت صحة هذا االدعاء فنحن مثالً‬
‫عندما نريد قياس طول قطعة قماش مثالً بدقة كبيرة ال يهمنا نوعها أو لونها أو وزنهـا أي‬
‫يتوه عن بالنا نوعها ولونها ‪ ،...‬مما يعني أن بمقدور وعينا ونظم برمجياتنا الدقيقة والراقية‬
‫جداً أن نضخم مدى إدراكنا إلختيـار دقة أكبر لقياس طول قطعة القماش على حساب‬
‫وعينا وادراكنا في اختيار دقة قياس وزنها مثالً ‪ ،‬وبالتالي أدخلنا وعينا وادراكنا في عملية‬
‫قياس طبيعية وصرنا مشاركين فيها باختيار الدقة ألننا نحن جزء من الطبيعة نؤثر فيها‬
‫ي في الكون ‪ ،‬كما أن الكـون ضروري لوجود‬ ‫وتؤثر فينا ‪ ،‬لهذا كان وجـود اإلنسان ضرور ُ‬
‫اإلنسان ‪ ،‬والعالقة بينهما تشاركيه تكاملية معتمدة على ‪ .....‬الوعي واإلدراك والعقل ‪.‬‬
‫يقول عالم الفيزياء الشهير ( ي ـ فيغنر ) الحائز على جائزة نوبل ما يلي ‪:‬‬
‫" ال يمكن وصف الظواهر الذرية بشكل صحيح ما لم يؤخذ بعين االعتبار عامل الوعي"‬
‫وطبعاً هذا يتوافق تماماً ويتطابق مع مبدأ الشك ( االرتياب)الذي وضعه العالم الفيزيائي‬
‫هايزنبيرغ في عام ‪. 1021‬‬
‫اكتشف حديثاً وجود نوع من اإلدراك الواعي بين الجسيمات ما دون الذرية‪ ،‬فمثالً عند‬
‫تفكك جسيم يدعى البيون ينطلق منه فوتونـان متناظران باتجاهيـن متعاكسين ويدوران حول‬
‫نفسيهما في اتجاهين متعاكسين أيضاً ‪ ،‬والغريب في الموضوع هو أننا إذا أثرنـا على‬
‫أحدهما بمؤثر مغناطيس مثالً وحرفناه عن مساره‪ ،‬فإن اآلخر ينحرف فجأة وتلقائياً وبنفس‬
‫اللحظة وباتجاه معاكس مناظر لألول وبدون أن يخضع هو ألي تأثير مغناطيسي ويتم‬
‫هذا األمر مهما كانت المسافـة بينهما كبيرة ‪ ،‬حتى ولو كانت المسافة هي الكـون بأسره ‪،‬‬
‫وبالتالي نكتشف وجود نوع من التماسك الالمادي والال زمني ‪ ,‬وهذا يتخطـى قوانين العلة‬
‫والسببية والنتيجة المألوفة في علوم الفيزياء ‪ .‬مما يوحي بوجود وعي لدى موجودات الكون‬
‫كله ‪ .‬وتختلف درجة اإلدراك من كينونة ألخرى حسب رقي تركيبها ‪.‬‬

‫‪47‬‬
‫الشكل ‪ :‬انحراف الفوتونان النظيران من تفكك البيون في حقل مغناطيسي‬
‫عندما طُـ ِّورت تجربة شقي يونغ والتي يتم فيها الحصول على أهداب تداخلية مضيئة‬
‫وأخرى مظلمة في تجارب الضوء الفيزيائي ‪ ،‬واستخدمت حزمـة من إلكترونـات بدل الضوء‬
‫اكتشف أن لدى لإللكترون وعي لما سوف يصادفه من أحداث ‪ ،‬فهو يعي مسبقـاً بأنه‬
‫حاجز فيـه شقين ضيقين ‪ ،‬وأن الشروط في أحد الشقين هي ذاتها محققة في الشق‬
‫اً‬ ‫سيواجه‬
‫اآلخر‪ ،‬وهو يعي تلك الحالة تماماً وعليه أن يختار أحد الشقين ليمر من خالله !! إال أنه‬
‫يطلق موجتيـن متماسكتين لتعب ار الشقين معاً بنفس اللحظة ‪ ،‬وبمعنى آخر أن اإللكترون‬
‫نفسه تواجـد عند الشقين معاً وعبرهما معاً وبآن واحد ‪ ،‬في حين تقضي القوانين‬
‫الفيزيائية المألوفة بأن عليه أن يعبر أحد الشقين فقط ألنه الكترون واحد‬

‫تجربة‬
‫شقـي‬
‫يونغ‬

‫إذن يتضمن العقل الباطن الموجي الذبذبي النامـوس األعظم الذي تسير وفقه األحداث‬
‫الحركية والديناميكية في الوجود وتخضع له كل موجوداته الجامدة والحية المرئي منها‬
‫والالمرئي بما فيها الجان واإلنسان ‪ ،‬فهو يتضمن كل برامجها التنفيذية جملة وتفصيالً ‪،‬‬
‫أي هو العقل الباطن الواعي الحركي وساحة العمل والتنفيذ والحركة وميدان االتصال بين‬
‫سائر الكينونات في الوجود ‪ ،‬و يعتمد في ذلك آلية الذبذبة الموجية عالية التردد ‪ .‬ومن‬

‫‪48‬‬
‫هنا ينشط الجان في عمله في نفوس الناس ‪ ،‬فهو يعي دون إدراك واتصاله مع النفس‬
‫البشرية يتم عن طريق األمواج الذبذبية وبآلية البث واإليحاء والسمع والوسوسة واألزيز‬
‫الالمسموع واالستفزاز ‪ ،...‬وهي نشطة جداً بين الجان وروح اإلنسان الجسدية ونفسيته‬
‫وعقله !!! ‪.‬‬
‫مستتر ال محدود‬
‫ٌ‬ ‫وعي‬
‫وهكذا يمكن اعتبار هذا العقل الباطن الموجي الذبذبي على أنه ٌ‬
‫اء‬
‫طبيعته موجية شبه فائقة ‪ ......‬ويمأل كل الوجود ويتخلل كل كينونة موجودة فيه سو ً‬
‫جنية ‪، ...‬‬
‫كانت مادية أو حية روحية أو ّ‬
‫العقل الباطن الشامل ‪:‬‬
‫وهو العقل الباطن الشامل ( األثيري والذبذبي معاً ) الواعي والمدرك ‪ ،‬وطاقته هي‬
‫طاقة مجمل طاقتي الحقلين األثيري والذبذبي السائدين في الوجود ‪ .‬وهو نسيج متصـل‬
‫مستمر ال انقطاع فيه وتتوزع خالله الدقائـق الكهربائية الال قطبيـة والمهتزة بذبذبات فائقة‬
‫التردد والطاقة ( أمواج فوق كهرطيسية ) ‪.‬‬
‫يحيا اإلنسان بعقله الخاص وميدانه العقل الشامل بشقيه األثيري والذبذبي ‪ ،‬فيكون‬
‫الحي ِة والالعاقلة فإنها تعيش بعقلها الباطن‬
‫واعياً مدركاً ‪ ،‬بينما أما بقية موجودات الكون ّ‬
‫الخاص دون وعي منها أو إدراك وميدانـه العقل الباطن الذبذبي ‪ .‬وخالل هذا العقـل‬
‫الذبذبي ينشط عمل الجان الذي هو عقل الوعي دون إدراك ‪ ،‬ويالحظ أن العقل الذبذبي‬
‫مشترك بين سائر تلك العقول جميعها ‪.‬‬
‫ينظر البعض للعقل الباطن المطلق والشامل على أنه طاقة هائلة عظمى تمأل الكون وما‬
‫فيه ويعطونه تسميات مثل اليوغا واليوغا بـرانا والنيرفانـا ‪ ....‬وقد ورد له كثير من‬
‫التسميات في الفلسفات الهندية القديمة ‪.‬‬
‫ولعل هذا العقل هو ذاك العالم الصامت الهادئ المثالي والمطلق السكينة والذي يحاول‬
‫المتأملون الروحانيون دوماً دخوله بممارسة ما يسمى برياضة التأمل التجاوزي ‪ ،‬حيث‬
‫يمارسون طريقتها في خلوة مع تركيز التفكير في شئ واحد حتماً وفي جو من الشفافية‬
‫الروحية للوصول لحالة الوعي الصافي والتعامل مع العقل الباطن المطلق ‪ ....‬األثيري‬
‫فهم يعتقـدون بوجود تعامل خفـي مرجعي المادي فيما بين جميع الكينونات في هـذا‬

‫‪49‬‬
‫عباداً وزّهاداً‬
‫الوجود بما فيها اإلنسان من خالل العقل الباطن األثيري‪ .‬وكثي اًر ما نشاهد ّ‬
‫وأصحاب ألباب ّنيرة يمارسون مثل تلك الطقوس المضنية بأفئدة خاشعة صادقة صافية‬
‫للدخول في عالـم ذلك العقل الباطن األثيري والعيش في رحابـه ليشعروا بالقرب من الخالق‬
‫العظيم ‪ .‬ويحاولون إدخال طاقته ألجسامهم عن طريق استنشاق الهواء والتنفس العميق‬
‫وممارسة رياضات اليوغـا المتنوعة وطرق التأمل التجاوزي والتركيز الفكري والتصوف‬
‫والتزهد للوصول للوعي الصافي‪ .‬وتوجد حالياً عشرات الطرق لممارسة تلك الرياضات‬
‫المرهقة ‪ .‬والتي تحتاج إلى كثير من الوقت والصبر والجهد ‪ .‬وفي كثير من األحيان تكون‬
‫غير مجدية ‪ .‬وبدل أن يتحدوا بالخالق إذا ببعضهم يدخـل العقل الباطـن الذبذبي ويتعامل‬
‫مع الجان والشياطين بدل أن يتعامل مع المالئكة والقديسين والصالحين وينقلب إلى‬
‫شيطان متمرد ذو كيد عظيم ‪.‬‬

‫‪:‬‬ ‫ألن‬
‫العقل الباطن الشامـل هو ساحة عمل الروح الكاملة (روح اإلنسان) بشطريها الجسدي‬
‫والقدسي ‪ ،‬والتي تنشط في تنفيذ برنامجها اإلحيائي من خالله فور تلقيها أمر التكليـف‬
‫اإللهي في الخلق والنشأة والتكوين ‪ ،‬أي هذا العقل هو ميدان ومجال عملها عند تلقيهـا‬
‫ملف برنامج حياة عضويتها في الكون‪ .‬ومن ناحية األبعاد فلهذا العقل الشامل عـدد ال‬
‫عد و ٍ‬
‫احد منها فقط ‪ ،‬وبما أن للروح عشرة أبعـاد ( كما‬ ‫يحصى منها ‪ ،‬وال يقبل العمل على ب ٍ‬
‫ُ‬
‫مصمم لذلك ‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫سنرى فيما بعد ) لذلك هي قادرة على التعامل معه بسهولة ‪ .‬وهو أصالً‬
‫احد ‪ ،‬كأن‬‫عد و ٍ‬
‫لكن في ممارسة بعض أنواع من الرياضات الفكرية التي ساحتها ب ٍ‬
‫ُ‬
‫تأملي قسرٍي مع تثبيت بقية الجسـد‬
‫ٍ‬ ‫ُيخضع فيها الدماغ البشري لضغط فكرٍي وتركيز‬
‫وي َثب ِطُ األخرى فيـه ‪،‬‬
‫ويخمد ُ‬
‫ِّ‬ ‫نشط عمل بعض مناطق الدماغ‬ ‫البشري من الحركة‪ ،‬مما ُي ِّ‬
‫ب فيه عمل جزء على حساب عمل بقية األجزاء ‪ ....‬ومثل هذا األمر ال يقبلـه‬ ‫ِ‬
‫أي ُي َغل َ‬
‫العقل الباطن الشامل ‪ ......‬لذلك يجب االنتباه لهذا األمر ‪ ،‬وان بدى طريفاً لذيذاً جذاباً‬
‫ومسلياً في أوله ‪ .‬خاصة أن هذا البعد هو البعد السادس الذبذبي ‪ ،‬والمعمور بسكانه من‬
‫الجان والشياطين ‪.‬‬

‫‪51‬‬
‫من المعلوم أن لكل موجة ومهما كان نوعها طول موجة وذبذبـة ( تردد ) وطاقـة‬
‫وتكتسب األمواج عند اتحادها وتراكبها وتداخلها خصائص ومميزات جديدة لم تكن لها‬
‫أصالً ‪ ،‬كما أنها ربما قد تخسر مميزات وخصائص كانت لها ‪ .‬واألمواج الشبه الفائقة‬
‫ذات األصل العدمي لها أيضاً ذبذبات وترددات عالية جداً ربما فاقت ( ‪00 10‬هرت اًز ) ‪( ،‬‬
‫أي عشرة وبجوارها ثالث وثالثون صف اًر ) وطاقتها هائلة ال يمكن تخيلها كما أنهـا مستقلة‬
‫عن الزمان وتمأل الكون بكامله وتشكل أساساً مرجعياً وسجالً أرشيفياً لكل ما في الكون من‬
‫مـادة ونظـم ونواميس وقوانيـن طبيعية وأقدار وأحداث قديمها وحاضرها ومستقبلها ‪ ،‬ويجب‬
‫اء كان حياً أو جامداً ‪ ،‬مرئيـاً كان أم خفياً أن يخضع‬
‫على كل من ظهر في هذا الوجود سو ً‬
‫لها ولقوانينها الصارمة ‪ ، ....‬أي ‪:‬‬

‫العقل الباطن الشامل بشقيه األثيري (الم َبرمج الساكن) والذبذبي ( الحركي التنفيذي )‬
‫عي هذا العقل باسم العقل الباطن الشامل ‪....‬‬
‫هو ذاكرة الكون وأرشيفه القدري‪ ,‬لهذا د َ‬

‫إذن يتضمن العقل الباطن الشامل الناموس األعظم الذي تسير وفقه أحداث الوجود كله‬
‫حيث تخضع له كل موجوداته الجامدة والحية بما فيها الجان واإلنسـان ‪ ،‬وهو يتضمن‬
‫أقدارها المحتومة جملةً وتفصيالً آجالً وعاجالً ‪ ،‬أي هو عقل الواعي واإلدراك واللوح‬
‫المحفوظ والخازن الشامل الذي ُس ِج َل فيه كل برامج التكوين واألقدار للجوامد واألحياء‬

‫وبالنسبة للجن وعامله‬


‫خلق اهلل الجان من مارج النار وفي بعدين ونصف البعد فقط ‪ ،‬ولم يكن لتلك النار‬
‫مكمم ‪ ،‬وعمل الجان مقيد في البعد السادس أي بالعقل الباطن الذبذبي فقط‬‫أصل مادي ّ‬
‫أو بمعنى آخر لم يكن لتلك النار أبعاد المادة ومظهرها وطبيعتها ‪.‬مما يؤكد انتفاء وجود‬
‫جسد مادي للجان ‪ ،‬أي أن تركيبهم ليس مادياً على اإلطالق مما يدحض وينفي إدعاء‬
‫المشعوذين ويكشف كذبهم في تعاملهـم مع الجان ورؤيتهم لهم وحديثهم معهم‪ .‬ومثل‬
‫هذا األمر غير وارد على اإلطالق ‪.‬‬

‫‪51‬‬
‫لكن ذلك ال ينفي عدم وجودهم ‪ ،‬فهم موجودون دون أن تدركهم أبصارنا وحواسنا‬
‫ولكن ندرك وجودهم لحظة دخولنا في خطيئة ‪ ،‬ومن خالل الصراع الذي نعيشه أثناءها‬
‫وبعدها ومن نتائج أعمالهم الظاهرة في كوننا ( زالزل ـ كوارث ـ أوبئة ـ حروب عدوانية ـ‬
‫قتل ـ كذب ـ سرقة ‪ )....‬وفي أعماق أنفسنا ( الشر ـ الحقد ـ الحسد ـ العنف ـ األنانية ـ‬
‫الظلم ـ أذى الغير ـ واألنا ـ واألنا األعلى ـ وأنا ربكم األعلى ـ والنية والقصد الخبيثان ‪......‬‬
‫وغيرها كثير ) حيث تتجلى تلك المظاهر واضحة من خالل أعمالنا وتصرفاتنا وسلوكنا‬
‫االجتماعي والروحي نحن البشر ‪.‬‬
‫العقل الباطن الشامل هو العقل الذي يحيا به اإلنسان فقط دون غيره من الكائنات‬
‫األخرى ‪ ،‬والسبب في ذلك هو أن روح اإلنسان خلقت مباشرة بأمر اهلل كاملة بشطريها (‬
‫الحية األخرى( الحيوانات والنباتـات‬
‫الجسدي والقدسي ) ‪ ،‬بينما ليس لبقية المخلوقات ّ‬
‫والحشرات والكائنات الحية الدقيقة من جراثيم وبكتيريا وفيروسات ‪ ....‬الخ ‪ ).‬مثل هذا‬
‫الكمال الروحي ‪ ،‬وأرواح جميع الكائنات الحية عدا اإلنسان هي أرواح جسدية غريزية‬
‫حتى لو كان لها عضوية جسد اإلنسان ‪ ،‬ولكن ليس لها روحـه الكاملة وعقلـه الكامل‬
‫وبالتالي ليس لها أن تتعامـل مع العقل الباطن الشامـل كاإلنسـان ‪ ،‬وحتى الجان وقد كانوا‬
‫معززين عند اهلل إال أنهم مخلوقات من مارج النار وليست لهم أ رواح وتركيبهم محدود في‬
‫بعدين ونصف البعد وطاقاتهم حركية خفية ال مدركة من قبلنا وتعاملها مـع موجودات‬
‫الكون يتم فقط من خالل العقل الباطن الموجي الذبذبي ‪ ,‬وحتى المالئكة وهم أجسام‬
‫تحدها أبعاد تتعامل من خالل العقل الباطن األثيري فقط ‪ ،‬أما اإلنسان‬
‫نورانية قدسية وال ّ‬
‫فقط تميز على الجميع فكان األكمل روحاً وجسداً واألكثر جماالً ‪ ،‬وتعامله مـع كل الوجود‬
‫يتم عبر العقل الشامل ‪ ،‬فكان هو أقدس مخلوق في الكون ‪ .‬وأننا لو بحثنـا في مئة مليار‬
‫مجرة فلن نجد إنساناً ‪ .‬فلنحب بعضنا بعضاً والعلم كشف كل األسـرار ‪.‬‬

‫***************************************************‬
‫ـــــــــــــــــــــ‬
‫الفصل السابع‬

‫‪52‬‬
‫العقل الباطن الخاص‬
‫لعل أول من اكتشفه هم قدماء الهنود ‪ ،‬وربما سبقهم إلى ذلك البابليون ‪ ،‬وازدهر هذا‬
‫العلم كثي اًر وتطور على يد قدماء المصريين والذين يعتقد أنهم استخدموا مثل تلك القوى‬
‫الخفية في بناء أهراماتهم ‪ ،‬خاصة أنهم برعوا كثي اًر في مجال السحر والعرافة والكهانة‬
‫والفراسة وعديد من العلوم السرية وما يسمى بعلم استحضار األرواح‪ .‬وكانوا يحتكرون تلك‬
‫العلوم ويتخذونها كحرفة يستطلعوا بها أخبار األعداء ويسخروها ضدهم لقهرهم أو‬
‫ليستفيـدوا منها كوسيلة عالج من األمراض ‪ ،‬أو ليتنبـؤا بأنواع األدوية الالزمة لشفاء‬
‫المرضى ‪ ،‬وكانوا يمارسون تلك المهارات بأساليب تشبه عمليات التنويم المغناطيسـي التي‬
‫نعرفها اليـوم ‪ ،‬واحتاج األمر منهم تدريبـات طويلة وشاقة ‪ ،‬حيث اعتمدت تلك المهارات‬
‫على القـدرات العقلية من تركيز التفكير واالستقراء الداخلي والتأمل الذاتـي واالستخارة‬
‫والسحر والتنويم المغناطيسي والتداعي النفسي ‪.، ....‬‬
‫يعتقد كثير من الهنود أن في الكون شعاع من روح اهلل هو عبارة عن طاقـة أو قوة‬
‫فاعلة المحدودة وقادرة على فعل أي شئ والعارفة لكل شئ‪ ،‬وهي موجودة في األثيـر‬
‫الكوني في كل زمان ومكان ‪ ،‬وهي تغلف كل كينونة ظهرت في الوجود ‪ ،‬وتكون على‬
‫المفَ ِكرة ‪ ،‬حيث ال يوجد كبت وال قيود عليها‬
‫أعلـى درجة من النشـاط في العضويات الحية ُ‬
‫‪ ،‬وتعرف تلك الطاقة حديثاً باسم بالعقل الباطن الخاص‪.‬‬
‫يعتقد الهنود بإمكانية إدخال تلك الطاقة األثيـرية لجسم اإلنسان وشحن جسده بها عن‬
‫طريق ممارسته لرياضة خاصة تدعى رياضة اليوغا ‪ .‬وتدريباتها تكون عادة مصحوبة‬
‫التخيل بأن العمـود الفقـري ما هو إال أنبوب فارغ‬
‫بالتنفس العميق والتركيز الفكري الشديد و ّ‬
‫مسدود من أسفله ‪ ،‬وأن هناك طريقة لتخزين الطاقة فيه عن طريق التنفس العميق للهواء‬
‫التخيل بأنه مشحون بطاقة األثير ‪ .‬وعلى الشخص المتدرب أن يتخيل فكرياً امتالء‬
‫ّ‬ ‫مع‬
‫هذا األنبوب تدريجياً بهذا األثيـر ‪ ،‬وعندما يدرك الشخص أن األنبـوب أمتلئ بالطاقة‬
‫يضغط الهواء في رئتيه بقوة نحو األسفل كي يفتح األنبوب أسفل عموده الفقري وبالفعل‬
‫خزنهـا في عموده‬
‫يشعر بانفجار وانفتاح لذلك األنبوب ويشعر لحظتها أن الطاقة التي ّ‬
‫الفقري اتصلت بالطاقة األثيرية الكونية والتي تدعى البرانا والنيرفانا ‪ ، ...‬والحقيقة أن الذي‬

‫‪53‬‬
‫حدث ‪ ...‬هو أن التركيز الفكري حرر عقله الباطن الخاص من قيـد وأسر العقل الواعي‬
‫والعقل الذاتي لديه ‪ ،‬وخضع لحالة تشبه التنويم المغناطيسي ‪.‬‬
‫كانت البداية الصحيحة الكتشاف العقل الباطن الخاص في البحر األحمر‪ ،‬فبين الحين‬
‫والحين كان الصيادون يمسكون نوعاً من األسماك يثير في يدهم خد اًر وفتو اًر ذهني ـاً ونعاساً‬
‫فجائياً ‪ ،‬كما اكتشف في الهند نوعاً من الثعابين النهرية يصطاد فرائسه بالصعقة الكهربائية‬
‫‪ ،‬ويكفي أن يمد الشخص يده في حوض سباحتها فتطلق عليه شحنة كهربائية صاعقة‬
‫تصيبه بهزة عنيفة ‪ .‬وهكذا اكتشفت الكهرباء الحيوية ‪ ....‬وتوالت االكتشافـات حتى‬
‫وصلت لألفاعي واإلنسان ‪ ، .....‬حيث أكتشف أن الكهرباء هي المسؤولة عن كل النشاط‬
‫البيولوجي لدى كل الكائنات الحية الموجودة في هذا الكون‪ .‬حتى أن كل األعمال الجليلة‬
‫التي يقوم بها الدمـاغ تتم بواسطة الكهرباء ‪ ،‬والتي تسري فيه بشكل نبضـات كهربائية‬
‫خالل مدد زمنية قصيرة جداً ويرافقهـا صدور إشارات كهرطيسية تنتشر في الفضاء‬
‫وبمنتهى السهولة ‪ ،‬مما يعني أن كل التفاعالت في الخاليا العصبيـة في الدماغ والتي تبلغ‬
‫أعدادها ألوف المليارات تُرافق بصدور إشارات موجية كهرطيسيـة مختلفة األطوال الموجية‬
‫والذبذبات ‪ .‬ولو تمكنا من رؤية تلك اإلشارات بشكل نبضات ضوئية لبدى لنا الدماغ‬
‫وكأنه مجرة تتألق بأضواء المليارات والمليارات من النجوم ‪ ،‬وتتراقص أضواؤها بإيقاع‬
‫تخيل عظمته وروعته ‪، ....‬‬
‫كوني ال يمكن ّ‬
‫للجسم السليم المعافى من األمراض شحنة كهربائية سالبة‪ ،‬واذا حدث مرض أو التهاب أو‬
‫جرح ‪ ،‬فان المنطقة المصابـة تكتسب شحـنة موجبة تجذب إليها الكريات البيضاء السالبة‬
‫الشحنة ‪ ،‬ويساعد في ذلك نشوء فرق جهد كهربائي متولد بين هاتيـن المنطقتين واذا‬
‫ضغط المصاب على منطقة الجرح تباعدت أخالط هاتين المنطقتين وانخفض فرق الجهد‬
‫بينهما وخف األلم قليالً ‪ .‬وهكذا نجد أن ‪:‬‬
‫لكل كينونة مادية موجودة في الوجود عقل باطن خاص ذبذبي يتعامل ويمارس وجوده مع‬
‫العقل الباطن الذبذبي من العقل الباطن الشامل ‪.‬‬

‫ما رأي العلم يف هذا ؟‬

‫‪54‬‬
‫أمكن لعلم الفيزياء الكوانتية أن يفسر الطاقات الخفية على ضوء المكتشفات الحديثة‬
‫لطبيعة المادة وتوصل لما يلي ‪:‬‬
‫كل مادة هذا الكون المنظور منها وغير المنظور هي أمواج فائقـة لها شكل أوتار‬
‫كونية حلقية ‪ ،‬وبتحديد أكثر هي أمواج فائقة منشطرة نصفية تقطعت وتكاثفت في حيز‬
‫المـادة ( ضمنها ) مما أعطاها صفة االنفصال والتقطع والحـركة ‪ ،‬وبقي الموجـات‬
‫إمتدادات منتشرة في كل الفضاء حـول كرة المادة ومولدة حقوالً كهربائية منها القوي ومنها‬
‫الضعيف ‪ .‬وسبب تشكل القطبية الكهربائية الموجبة هو تَ َع ُرض بعض من تلـك التكوينات‬
‫ض البعض اآلخر للتخلخل والتفريغ فولّد طبيعة كهربائية‬ ‫للهرس والضغط ‪ ،‬بينما تَ َع َر َ‬
‫سالبة القطبية ‪ .‬فالهرس سبب تقاربـاً بين األمـواج وولّد طبيعـة كهربائيـة موجبة ‪ ،‬أما‬
‫التخلخل والتفريغ بين األمواج فولد طبيعة كهربائية سالبة‪ .‬وعلى هذا يكون العقل الباطن‬
‫في حين‬ ‫الخاص لكل تكوين ظهر في الوجود ذو طبيعة كهربائية ذبذبية ال قطبية‬
‫أن المادة نفسها لها قطبية كهربائية ‪.‬‬
‫لنذكر هنا جسيماً يقيم الدنيا كل يوم وال يقعدها أال وهو اإللكترون !!‪ .‬فما هو اإللكترون‬
‫وما هي حقيقته ؟ والجواب هو ‪:‬‬
‫اإللكترون هو قشرة كهربائية ال كتلة له وال وزن تقريباً ‪ ،‬ومع ذلك ال وجود للكون‬
‫بدونه !! ‪ .‬فسبحان الخالق الذي وضع سره في أضعف خلقه ‪. ، ....‬‬
‫لنذكر هنا أيضاً جسيماً آخر أثار العجب والدهشة وحتى قبل اكتشافه ‪ !! ..‬أال وهو‬
‫النيوترينو ‪ !! ....‬؟ ‪ .‬فما هو هذا النيوترينو العجيب ؟ وما هو سره العظيم ؟ وما هي‬
‫أهميته في الكون ؟ وما هي قصة حياته ؟ ‪.‬‬
‫في عام ‪ 1000‬م تنبأ العالم الفيزيائي باولي الحائز على جائزة نوبل للسالم بوجود هذا‬
‫الجسيم العجيب وذلك لتصحيح توازن معادالت التفكك واالندماج اإلشعاعي لعديـد من‬
‫العناصر المشعة ‪ ،‬ولكي تتم متوازنة مثل تلك المعادالت كان البد من افتراض وجـود هذا‬
‫الجسيم وفي عام ‪1028‬م تمكن العالمان رينز ـ كوان من اكتشافه ‪،...‬‬
‫هو جسيم ال كتلة له تقريباً ‪ ،‬وهي أصغر من كتلة اإللكترون بألف مرة ‪ ،‬وأخف من‬
‫النيترون بماليين المرات ‪ .‬كما أنه ال يملك شحنةً كهربائيةً وال حقالً كهربائياً وال شحنة‬

‫‪55‬‬
‫ب وال يتنافر وال يستميل إليه أية جزيئات أخرى ‪ ،‬لكن‬ ‫ِ‬
‫مغناطيسية ‪ .‬وبالتالي فهو ال َيجذ ُ‬
‫لديه طاقة لف ذاتي ‪ ،‬أي لهذا الجسيم مواصفات عدمية وسلوك موجي ‪ ،‬أي هو روح بال‬
‫جسد ‪.‬‬
‫ينشأ هذا الجسيم في أعماق النجوم والشموس ويقطع الكون كله وبكامله ويخرج منه في‬
‫الال زمن وكأن الكون شفاف له وال يشعر بوجوده ‪ ،‬أي ال يخضع هذا الجسيم لعامل الزمن‬
‫بسبب سرعته الهائلة المستقلة عن الزمن وكأنه يتحرك في نفـق كوني الزمنـي وسر هذا‬
‫الجسيم هو أنه ال يبدي أية بادرة تنم عن وجوده ألنه ال يتفاعل وال يتعامل مع أي شئ في‬
‫الكون إال في بعض الحاالت النادرة حيث يتصادم مع جسيم ما ‪ .‬وهو يجتاز كرتنا‬
‫األرضية وأجسامنا وبدون أن نشعر به وبمعدل (‪ 10‬نيوترينو في كل ثانية ولكل سنتيمتر‬
‫مربع واحد من المساحة ) ‪ .‬وتكون حركته في الكون وكأنـه يتحرك في حيز فارغ من‬
‫المادة تماماً ‪.‬‬
‫وأخي اًر يخرج من الكون ‪ ، !!!! ...‬ولكن إلى أين ؟؟‬
‫ويأتي الجواب من المختبرات الفيزيائية ‪:‬‬
‫وهو أنه يدخل العدم ويغوص فيه بشكل موجة فائقة عالية الذبذبة والطاقة ‪.....‬‬
‫وكأنه عاد إلى عالم نشأته األولى ‪ ،‬وكما بدأنا أول خلق نعيده ‪ ، ....‬ومن هنا اكتشـف أن‬
‫في داخل كل نيوترينو أمواجاً شبيه كل الشبه باألشعة اآلتية من مسافات بعيدة جـداً من‬
‫الفضاءً ‪،...‬‬
‫مبسطةً عن طريقة التعامل اآلني الالزمني بين‬
‫وهكذا ‪ ...‬يقدم لنا هذا الجسيم فكرة ّ‬
‫العقل الباطن الشامل بشقيه األثيري والذبذبي مع اإلنسان ‪ ،‬وتعامل العقل الباطن الذبذبي‬
‫مع كل موجودات الكون ‪ .‬ولربما تضمن هذا التواصل الحواري بين موجودات الكـون‬
‫والعقل الباطن تسبيحها وتمجيدها للخالق العظيم ‪ ، ....‬والتساؤل الذي يخطر على بالنا‬
‫اآلن هو ‪:‬‬
‫ماذا عن دور العقل الباطن بالجان ؟‬

‫صفات العقل الباطن اخلاص‬

‫‪56‬‬
‫العقل الباطن الشامل هو طاقة األمواج الفائقة األثيرية والذبذبية الغامرة والمهيمنة‬
‫على كل ما في الوجود من كينونات ‪ .‬بينما العقل الباطن الخاص لكينونة ما هو مجمل‬
‫طاقات الحقول الكهربائية الساكنة واألمواج الذبذبية فيها ‪ ،‬وهذان العقالن على اتصـال و‬
‫حوار مستمر فيما بينهما عن طريق تبادل إشارات ذبذبية ‪ .‬حيث يقوم كل منهما بدور‬
‫المرسل والمستقبل ‪ .‬وكالهما ال يخضع لعوامل الزمان والمكان ‪ ،‬ويفترض علم النفس‬
‫الحديث أن العقل الباطن الخاص ينشـط في ساحة الال شعور لدى الكائنات الحية ‪ ،‬بما‬
‫فيهم اإلنسان ‪.‬‬

‫العقل الباطن اخلاص لدى االنسان ‪:‬‬


‫يولد اإلنسان وعقله الباطن الخاص كامل النمو ‪ ،‬وهو طاقة مسيطرة على كل األمور‬
‫الحياتية للكائن الحي وهو نشط فعال حتى قبل تشكل الخلية األولى في جسد الكائن الحي‬
‫بسبب ارتباطه بالروح الجسدية وتبعيته لها ‪ .‬ويبـدأ عمله الفعلي لحظة تكليـف الروح باألمر‬
‫اإللهي في تكوين المخلوق القادم للحياة‪ .‬وهذا العقل ال يهدأ وال ينام وال يضعف إطالقاً‪،‬‬
‫ويعتبر عقل الفطرة السليمة والغرائز الجسدية وساحة العنف الزواحفي وهدفـه المباشر‬
‫إشباع الشهوات والرغبات واألحاسيس الجسدية وتحقيق اللـذة والمتعة وحـب الذات ‪،‬‬
‫والهدف غير المعلن هو التحكم المطلق والتركيز على الذات في تنفيـذ عمليـة الخلق‬
‫والتكاثر وتحقيق الوجود والبقاء ‪ .‬مما جعله أداةَ الروح في إن ِ‬
‫جاز مهماتها وساحةَ عملها‬
‫في تنفيذ واقامة ما تكلف به‪ ،‬فهو الذي يجمع بداآت العناصر والذرات والحموض اآلمينية‬
‫التي ستتشكل منها عضوية الكائن الحي ‪ .‬كما يقدم الطاقة لتلك البداآت الحيوية كي تقلع‬
‫في الحياة والحركة ‪ ،‬وبكلمة أخرى هو األداة التي تستخدمها الروح في بنـاء وتحريك الجسد‬
‫الحي‪ ،‬باإلضافة لذلك فهو يسيطر على الطاقات الفكرية والعقليـة عند اإلنسان ‪.‬‬
‫كان هذا العقل ح اًر طليقاً في العصور األولى لظهور اإلنسان في الكون والمرحلة التي‬
‫سبقتها ‪ ،‬لذلك كان اإلنسان يـرى أشيـاء لم يعد يراها اليوم ‪ ،‬فمثالً كان يرى الجـن‬
‫والعفاريت وربما المالئكة وغيرها كثير‪ ،...‬وربما بطريقة ال بصرية ومستقلة تماماً عن‬
‫العين وآلية الرؤية فيها ‪ ،‬كما كان يسمـع أصواتاً تصل إلى لُبِـ ِه مباشرة وعن طريق مستقل‬
‫عن آلية األذن في السمع‪ .‬وبطرق تخالف ما هي عليه حال النواميس اليوم ‪ ،‬إذ كان‬

‫‪57‬‬
‫بمقدور اإلنسان أن يتحاور تلقائياً مع أية كينونة أخرى عن طريق التركيز التفكير كما‬
‫كان بمقدوره التخاطر ذهنياً مع أقرانه من البشر وتبادل أط ارف الحديث واألفكار معهم‬
‫بدون كالم‪ .‬لكن مع تطور الحياة وتَ َعقُِد مظاهرها نمى لدى اإلنسان عقالن ا‬
‫آخرن‬
‫يخضعان كلياً لعوامل الزمان والمكان هما العقل الواعي ( الشعور ) والعقـل الذاتـي (‬
‫العازل ) ‪ ،‬وصار هذا األخير يسلك سلوك صمـام أمان يفصـل بين العقلين الواعي‬
‫والخاص ويمنع تسرب وتبادل المعلومات بينهما ‪ ،‬لكنه ينشط في اللحظات الفاصلة بين‬
‫اء كان النوم‬
‫حالتي النوم واليقظة‪ ،‬أي في لحظات اإلغفاءة األولى والدخول في النوم سو ً‬
‫طبيعياً أم صنعياً كما في حاالت التنويـم المغناطيسي والغيبوبة وفقدان الوعي الحسـي‬
‫كإصابة الدماغ بصدمة أو بالتخدير الجراحي أو في حال تناول المسكرات والمخدرات ‪...‬‬
‫مما أدى لتسمية هذا العقل (الذاتي) بمملكة النسيان ومسح الذاكرة واخفاء المعلومات‬
‫عندها يبدأ العقل الباطن بالتحرر واالنطالق ‪ .‬وتعتبر هذه المرحلة من أخطر المراحل‬
‫التي تمر بها النفس البشرية ‪ ،‬ألن كل العقول تكون متحررة ومهيأة للتالقي واالتصال بأي‬
‫ـدء من العقل الباطن الخاص ألي كينونة إلى العقل الباطن ‪....‬‬‫من العقول األخرى وب ً‬
‫هنا ينشط الكشف بجميع أنواعه ‪ ..‬الروحي والنفسي والفؤادي والخاطري والفكري والحلمي‬
‫والعاطفي والحدسي واإليحاء والتنبؤ ‪، .....‬‬
‫مع مرور الزمن‪ ..‬ازدادت مشاغل الحياة وازداد تعقيدها‪ ،‬وتذوق اإلنسان متعها ولذاتها‬
‫واقترن ذلك بزيادة مباهجها ومسراتها وتألق مظاهرها‪ .‬فأسر جمالها لب اإلنسان وعقله‬
‫فانصرف إليها بكل كيانه ‪ ،‬فنمى لديه العقل الواعي وضمر العقل الباطن وصار سجيناً‬
‫وأسي اًر في أعماق النفس البشرية وغدا الوصول إليه صعباً وغالباً ما يكون عقيماً ‪ ،‬مما‬
‫جعل طاقات اإلنسان الخارقة خفيةً وقدراته العقلية والفكرية ضعيفة ‪ ..‬وتحولت الحاالت‬
‫المخيـةَ الموسوعيـة لحاالت ذهنيـة مهلهلة تخضع بمجملها لعوامل البيئة والظروف المكانية‬
‫ُ‬
‫والزمانية ‪.‬‬
‫يسيطر العقل الباطن الخاص عند اإلنسان على كل الدماغ ويبدأ عمله حتى قبل والدته‬
‫ويكون نشطاً في األزمنة المبكرة من عمر المولود البشري ‪ ،‬نم ينزوي سجيناً مع تقـدم‬
‫العمر والدخول في مراحل المراهقة والشباب‪ ،‬لكنه يعمل ح اًر طليقاً قوياً بشكل دائم لدى‬

‫‪58‬‬
‫حالة الحيوانات ‪ ،‬ألنه ليس لديها عقل واعٍ أو ذاتي‪ .‬وانما هي تحيا دوماً بعقلها الباطن‬
‫الخاص ‪ ،‬وبالتالي فهي تدرك أشياء ال يدركها اآلخرون ‪ ،‬وترى وتسمع ماال يستطيـع‬
‫غيرها أن يفعل‬
‫هو عقل يمكن السيطرة عليه باإليحاء و بطرق التخاطر الفكرية وطاقات الحاسة‬
‫السادسة وأساليبها ‪ .‬وعن طريـق هذا العقل يتسلل الجـان والشياطين إلى قلب اإلنسان‬
‫إلغرائه واضالله بالوسوسة ‪ ...‬أي هو العقل الذي يتمكن به الجن وكذلك الشياطين من‬
‫الوصول إلى لب اإلنسان والعبث بخواطره وفؤاده مما ينعكس سلباً على فكره وسلوكه‬
‫وأخالقه ‪ ،‬هذا عدا عن الخلل التركيبـي الذي يسببه لإلنسان خـالل نشأته الفيزيائيـة‬
‫العضوية ( كما سنرى فيما بعد ) ‪ .‬وهذا يشبه دخول فيروس فتاك إلى جهاز كمبيوتر ‪.‬‬
‫يسيطر هذا العقل على كامل دماغ الجنين كما هو الحال عند الحيوانات‪ .‬وبعد الوالدة‬
‫ومرور الوقت تتحول سيطرته إلى النصف األيمن من الدماغ فقط وتقتصر سيطرته في‬
‫هذه الحالة علـى األعضاء اليسارية للطفل بسبب التعاكس التصالبي لألعصاب المنطلقة‬
‫من الدماغ إلى أعضاء جسم اإلنسان ‪.‬‬
‫يتأثر هذا النصف من الدماغ بالفنون الجميلة الراقية مثل الموسيقى والشعـر واألدب‬
‫والرقص ‪ ...‬إلخ ‪ ،‬لذلك يدعى بالدماغ الفنان وهو مرتع خصب للجان والشياطين فهما‬
‫أعسران ‪ .‬ورغم أن الموسيقى والشعر واألدب هي من الفنون الراقية الجميلة إال أنهـا‬
‫تكتسب مسحة شيطانية إذا تجاوزت الحد المألوف لها‪ ،.......‬ولكي يكون اإلنسان أشـد‬
‫حصانة وأبعد عن الغواية فيجب أن يقوي النصف األيسر من دماغه فهو النصف العلمي‬
‫والمنطقي من الدماغ ‪ .‬فهو يشعر أن الفن جميل لكن إذا زاد عن حده انقلب إلى جنـون‬
‫وفوضى وضياع وتدمير لألفكار ‪.‬‬
‫أما من الناحية الروحية ‪ :‬يسيطر على الجسد والدماغ وفي جميع مراحل الحياة الشطر‬
‫الروحي الجسدي من الروح الكاملة ‪ ،‬وهو يتعاون مع كلِ من العقلين الخاص والشطـر‬
‫الذبذبي من العقل الشامل ‪ .‬بينما يسيطر مع تقدم العمر شطر الروح القدسية من الروح‬
‫الكاملة على ما يعلو الدماغ من بقايا المخ وهو القشرة المخية النبيلة ‪.‬‬

‫طبيعة العقل الباطن اخلاص عند اإلنسان ‪:‬‬

‫‪59‬‬
‫للعقل الباطن الخاص لدى اإلنسان ثالثة مستويات أو درجات‪ ،‬ويعتمد هذا التصنيف‬
‫الم َولِدة للعقل الباطن ذاته ونوع المهام التي سيقوم بهـا‬
‫على طبيعة العنصر أو الكينونة ُ‬
‫هذا المستوى من العقل الباطن الخاص ‪.‬‬
‫إن أول تلك المستويات هو العقل الباطن األثيري الخاص ‪ ،‬وهو ذو طبيعة موجية فائقة‬
‫سيالية مستمرة متعددة األبعاد وال تخضع لعاملي الزمان والمكان ‪ ،‬واإلنسان هو الكائن‬
‫الوحيد الذي له هذا العقل دون سائر الكائنات كلها‪ ،‬وسبب الصفة األثيرية له هي طبيعته‬
‫الموجية الفائقة القديمة األولى ذات الصفات العدمية المطلقة ‪ ، ...‬ومظهره لدى عضوية‬
‫اإلنسان هو إدراك وسمع كوني وفي المخ حدس وبصيرة وقوى عقلية وحـوار فكري وحكمة‬
‫‪.‬‬
‫ولكن كيف يتولد هذا العقل عند اإلنسان ؟‬
‫الجواب هو ‪:‬‬
‫المكونـة‬
‫ِّ‬ ‫أن الجزيئات المكونة للخاليا النبيلة للقشرة المخية في دماغه وكذلك الجزيئات‬
‫لشريط أل (د ن أ) الوراثي المحفوظ في كل خلية من خاليا جسمه تبث من أعماقها هذه‬
‫األمواج الفائقة بحيث تمتد وتنتشر لتمأل آنياً كل الوجود لكونها ال تخضع لعاملي الزمان‬
‫والمكان ‪ ،‬فهما مطويان بالنسبة لها وكأنها تعمل من خالل أنفاق كونية ال زمنية ‪ .‬كمـا أن‬
‫لتلك الخاليا القدرة على استقبال مثيلتها الصادرة عن الشطر األثيري للعقل الشامـل وكأن‬
‫هناك حوار تبادلي بينهما ال يوجد مثيل له في الكون‪ .‬وعن طريق هذا الحوار يتم إيصال‬
‫اإليحـاء واإللهام والتنبؤ للنفوس البشرية ‪ ،‬وباعتبار أن هذا العقـل هو اللـوح المحفوظ ويضم‬
‫كل البرامج فهو المسؤول عن انبثاق اإلنسان في الكون ومنحه لباً واعياً يدرك به الوجود و‬
‫مظهر تلك النعمة هي زرع القـدرات العقلية والفكرية لدى اإلنسان واكسابه مواهب وملكات‬
‫وامكانات ليس ألي كائن مثلها‪ ...‬والروح تتلقى عبره قدرهـا ورزقها وحظها في الدنيا ‪،‬‬
‫ويعتبر جواز سفر لوجود اإلنسان في هذا الكون وقبوله فيه‬
‫ُيولِّ ُد هذا العقل األثيري الخاص هالةً أثيريـةً ال مرئيةً عميقة الجذور تغلف الجسد‬
‫البشري‪ .‬وتمتد ساحتها ألعماق الكون وتتصل بالشطر األثيـري للعقل الباطن الشامـل‬
‫وتكون شيفرتها بمثابة طاقة تعارف وقبول لإلنسان في هذا الوجود ‪ .‬كما يعتقد أن هـذا‬

‫‪61‬‬
‫العقل هو عالم البرزخ الذي تكون فيه األرواح قبل خلق اإلنسان وتلتقي فيه بعد موتـه‪،‬‬
‫المثُ ِل العليا‬
‫وعبره يمارس الشطر القدسي من الروح عمله في ربط اإلنسان بالسمـاء وزرع ُ‬
‫والمعاني الراقية والسامية في قلب اإلنسان لجعل حياته سعيدة ‪ .‬كما ُيعتَقد أيضـاً أن له‬
‫الدور األساسي في األحالم القدسية عند اإلنسان ‪.‬‬
‫أما المستوى الثاني األقل عمقاً فهو العقل الباطن الخاص الذبذبي وأمواجه فـوق‬
‫كهرطيسية وتصدر عن اهتزاز فائق لألوتار الكونية الحلقية والموجودة في كل ما هـو‬
‫مادي التركيب ‪ ،‬ويعمل هذا العقل في البعد السادس الذبذبي والذي هو أحد أبعاد عالـم‬
‫الجان وكينونتهم ‪ .‬وهذا العقل قوي جداً عند اإلنسان وأقوى منابع مشعة له هي خاليـا‬
‫العقد العصبية فيه ‪ ،‬وذرات العناصـر المكونة‬
‫الدماغ والشحنات المتفرغة على أطراف ُ‬
‫لشرائط أل ( د ن أ ) ‪ ،‬إذ تسلك تلك الجسيمـات سلوك باليين محطات البث واإلرسال‬
‫الذبذبي الفوق كهرطيسي ‪ ،‬ويشكل مجالها هالة ذبذبية عظيمة فوق كهرطيسية تحيـط‬
‫بالجسم ويمتد مجالها بعيداً ليتصل بالعقل الباطن الذبذبي الكوني ‪.‬‬
‫عندما يأذن اهلل بخلق اإلنسان تتلقى الروح من اهلل الخالق العظيم أمر تكليفها واشارة‬
‫البدء بالنشأة والتكوين لعضويته الحية ‪ .‬وفور ذلك تشرع الروح الجسدية في ممارسـة دورها‬
‫لتنفيذ األمر‪ .‬وتتلقى من العقل األثيري شيفرة مخطط التركيب والنشأة‪ ،‬كما تتلقى من العقل‬
‫الذبذبي طاقات التكوين وتستخدمها في حث وتحريض إرهاصات النشأة فـي عناصر البيئة‬
‫حولها لتنسج خاليا الجسد العضوي الحي‪ .‬وأول ما تبدأ بإنشائه هو خاليا الدماغ من‬
‫شرائط ( د ن أ ) لألبوين لتأسس وتهيـأ لها أول منابـع بث ذبذبيـة فوق كهرطيسية لتأمين‬
‫اتصال دائم بالعقل الباطن الذبذبي الكوني ‪ ،‬وتلك هي أول مرحلة في تأسيس الوعي لدى‬
‫تلك الخاليا ‪ .‬ومع مرور الوقت ينمو هذا العقل الذبذبي الخاص مع نمو العضوية الحية‬
‫وتطورها في جسم اإلنسان‪ .‬ويرافق ذلك أيضاً بنمو التحاور الذبذبي بين عضوية جسم‬
‫اإلنسان وكل موجودات الكون ‪ .‬خاصة أن لهذا العقل الذبذبي صفـة التراكميـة واتباعـه‬
‫عامل الزمن في العضوية الحية المتطورة ‪ ،‬لكنه ال يخضع لعامل المكان ‪ .‬ويأتي السؤال‬
‫التالي ‪ :‬ما هو دور الجن وموقعه من كل هـذا وذاك ؟ ‪.‬‬
‫الجواب هو ‪:‬‬

‫‪61‬‬
‫يجب أن ال ننسى أن هذا البعد هو ذاته بعد من أبعاد عالم الجن وطبيعة كينونتهم !!‬
‫فالجان يستطيع بحكم تركيبه ذي األبعاد االثنين والنصف ‪ ،‬وكذلك طبيعة عالمه الغريب‬
‫أن يتسلل ويتحرك بسهولة كاملة في العقل الباطن الذبذبي فقط ‪ .‬كما بإمكانه أن يتخـذ‬
‫المقعد الذي يريده في العقل الباطن الذبذبي الواعي لإلنسان‪ .‬ومن هذا الموقع يتابع تخلّق‬
‫عضوية الجنين البشري ورصـد حركاته وادراك خلجاته من لحظة بدايـة تركيب أول خلية‬
‫في جسده ‪ .‬ويحاول التدخل والعبث في تركيب أدق وأهم نظم نشأة جسد الجنين أال وهي‬
‫المورثات المرصوفة على شريط ألدنـا الوراثي وسبيله في ذلك هو البث والحث واألزيز‬
‫واالستفزاز باستخدام األمواج الذبذبية ‪ ،‬والتي قد تتراكم طاقاتها الالمتناهية في الصغر‬
‫لتصبح على قدر يكفي لتشويش تركيب ألدنا الجديد المتولد في جسم الجنيـن ‪.‬‬
‫مما يكسبها طاقات ونشاطات وادراكات هي ليست بحاجة لها‪ ،‬أي بكلمة أخرى تكسبها‬
‫قدرات ضارة وغير مفيدة ونشطة تعمل في المحظور الالمباح ‪ ،‬وهذا األثر ينجزه العقل‬
‫الباطن الخاص للجان في العقل الباطن الذبذبي لإلنسان وعبر ساحة العقـل الشامـل ‪.‬‬
‫ويتجلى هذا األثر بشكل لوثة شر زرعت في أل ( د ن أ) الوراثية لإلنسان وعليه تحمل‬
‫تبعاتها وأن يفلح في تزكية نفسه منها‪ ،‬وعليه أيضاً أن ال يتبع حماقاتها ‪ ،‬وأن ال يخضع‬
‫تسول به نفس اإلنسان وما يجول في لبه و‬
‫إلغراآتها ‪ .‬من هنا نكتشف أن الجان يعي ما ّ‬
‫خاطره ويعي ما يقول لسان حاله ‪ ،‬كما أنه يحاور ويناور كي يحقـق هدفه في إيقاع‬
‫المصائب واألذى باإلنسان ‪ .‬والغريب أن الحيوانات ال تتأثر بهذه اآللية ولو اقترب منها‬
‫الجان ألنه ال يتعامل معها بسبب تسبيحها الخالق باستمرار بعقلها الباطن فال يؤثر الجان‬
‫عليها إطالقاً ‪.‬‬
‫إذن للعقل الباطن الذبذبي الخاص للجان والخاص لإلنسان وللشامل نفس الصفات ‪ ،‬ومن‬
‫هنا نكتشف أن الجن يسكن كل العقل الباطن لإلنسان ولمدى أكبر منها في الحيوانـات‬
‫ورغم أنها تعيش كل حياتها بعقلها الباطن الذبذبي إال أن الجان ال يؤثر بها إطالقاً فهي‬
‫ليست في جدول مهماته ومقاصده ‪ ،‬وبالتالي فهي آمنة منه ‪.‬‬
‫أما المستوي الثالث فهو العقل الباطن الصاعق أو الكارثي وطبيعته الكهرباء الالطية‬
‫(الساكنة) والمتولدة في خاليا الجسد الحي سواء عند اإلنسان أو عند أي كائن حي آخر‪،‬‬

‫‪62‬‬
‫وتُوِل ُد هذه الكهرباء مجاالً كهربائياً يحيط بالجسم ويغلفه بهالة ال مرئية يستخدمه الكائن في‬
‫تغذيتـه أو في انتقامـه من ُم َعِذبِه ‪ ،‬ويمتد هذا المجال لمسافات محدودة جداً ‪ ،‬ومن أمثلته‬
‫الحقل الكهربائي الذي يطلقه ثعبان الماء وبعض األسماك البحرية لصعق فرائسها وأعدائها‬
‫‪ ،‬ويبلغ جهد الصدمة الكهربائية قي مثل تلك األحوال عدة آالف من الفولطات تصعق به‬
‫تولد حولها مجاالً‬ ‫فرائسها وتشل حركتها وتلتهمها ‪ ،‬وكذلك يوجد أنواع من الثعابين البرية ّ‬
‫كهربائياً قوياً تطلقه نحو طائر محلق في الجو أو نحو سنجاب على شجرة لتأسره ‪ ،‬فإذا‬
‫دخل هذا المجال صار يدور حولها وهو يزعق خوفاً ورعباً وأخي اًر يسقط عليها وتلتهمه ‪.‬‬
‫ومعظم الحيوانات المفترسة تلجأ إلى مثل هذه التقنية في صيد طرائدها وتشلها رعباً بعقلها‬
‫الباطن الصاعق وحقله الكهربائي المقذوف ‪.‬‬
‫بالنسبة لإلنسان فيتولد لديه مثل هذا الحقل الكهربائي المقذوف (الالذع الصامت) إذا‬
‫تعرض لتعذيب شديد‬
‫قاس مضني وبذل فيه جهد عضلي عنيف ‪ ،‬أو إذا ما َّ‬ ‫ما قام بعمل ٍ‬
‫موجهاً إلى ُم َعِذبِ ِه والى كل من حوله‬
‫وطويل ودائم ‪ ،‬وفي مثل هذا الحاالت يكون الحقل َّ‬
‫فيص َعق عقلهم الباطن الذبذبـي دون أن يشعروا بما حصل ‪ ،‬وهنا تعمل‬ ‫في ذلك المكان ُ‬
‫الكارما السالبة في نفوسهم وبعنف‪ .‬وتبدو آثارها السلبية خلالً في صحة أجسادهم وخيبة‬
‫في آمالهم وفشل في أعمالهم وحياتهم وغالباً ما يؤدي ذلك األمر بالمصاب إلـى حاالت‬
‫إحباط نفسية وكآبة وقلق دائم ال يدري سببها‪ ،‬وتقع له كوارث ومصائب ال دافع لها ‪ ،‬إذا‬
‫الم َع َّذب ينطلق من عقله الباطن الصاعق حقالً كهربائياً يشحـن به‬
‫حدث مـوت للشخص ُ‬
‫المبرر ‪ ،‬وتبقى آثاره فترة‬
‫مكان وجوده ويملؤه شؤمـاً ونحساً بأفكاره وآالمه وغضبه وحقده ّ‬
‫طويلة من الزمن ‪ ،‬فإذا مر شخص بذلك المكان تهيأ له وجود شبـح مخيف وترى عيناه‬
‫صورة مجسَّدة للشبح المزعوم يرسمه العقل الباطن الصاعق للميت في عقله الذبذبي‬
‫الخاص فيرى شبحاً ال وجود له ‪ ......‬هي صورة آالم وأفكـار ذلك الشخص الميت‬
‫الم َّ‬
‫عذب والتي أطلقها عقله الباطن الصاعق في يوم ما ‪ .‬وما األحـالم المزعجة والكوابيس‬ ‫ُ‬
‫التي يراها بعض الناس أثناء نومهم إال إشارة لوقوع الشخص النائم تحت تأثير هذا العقل‬
‫ب يوماً ما ‪ ، ....‬وقصص شكسبيـر وقصص حرق النساء‬ ‫ِ‬
‫الباطن الصاعق لشخص ُعذ َ‬

‫‪63‬‬
‫بتهمة تعاطي السحر في العصور الوسطى في أوروبا غنية بمثل تلك المواضيع ‪ .‬كما‬
‫يعتقد أن للتقمص دو اًر كبي اًر في هذه الظواهر ‪.‬‬
‫أما المستوي الرابع فهو العقل الباطن السطحي وتولده الشحنات الكهربائية الضعيفة‬
‫المتولدة أصالً من التفاعالت الكيميائية الحيوية الطبيعية في الجسد الحي ‪ ،‬وطبعاً لكـل‬
‫كينونة موجودة في هذا الكون مجال كهربائي سيالي خفيف( كهرباء باردة ) سواء كانت‬
‫نباتاً أم حيواناً أم جماداً أم إنساناً‪ .‬ورغم أن هذا النوع من الحقول ليس قوياً عند اإلنسان‬
‫إال أنه يمكن اإلحساس به ‪ ،‬ولربما دعم العقل الباطن الخاص الذبذبي عند اإلنسان هذا‬
‫الحقل الضعيف وولد عند االنسان بعض القوى الخفية ‪ .‬ولكنها تحتاج لكثير من المران‬
‫لذلك تعتبر الكهرباء أعظم قوى الطبيعية على اإلطالق ‪ ،‬وظهورها سبق ظهور كل‬
‫الطاقات األخرى بما فيها الطاقات النووية والتي هي ذاتها شكل من أشكال الكهربـاء ‪.‬‬
‫ومن الممكن تقوية هذا العقل بممارسة بعض أنواع من الرياضات لتزيد من شدة تلك‬
‫التفاعالت وزيادة مردود إنتاجها من تلك الكهرباء الساكنة لكنها التصل لحد الصعـق ‪.‬‬
‫مثل تلك الرياضة هي عمليـة التنفـس العميـق والشديد وتكرارها لمدد زمنية طويلة فيحدث‬
‫خاللها تراكم للشحنات ‪ .‬ويظن أن تلك الرياضة يجب أن تكون مصحوبة بنوع من التركيز‬
‫الفكري للوصول إلى الوعي الصافي لدى اإلنسان ‪.‬‬
‫تُولَّ ُد هذه الشحنات هالة كهربائية ال مرئية تحيط بكل الجسم وتمتد لمسافات محدودة‬
‫جداً حوله ربما التتعدى مداه بضع سانتيمترات‪ .‬ويدعى هذا الطيف باللهيب الروحانـي (‬
‫مصور بطريقة‬
‫َّ‬ ‫وطبعاً ليس له عالقة بالروح ) ‪ .‬ويبين الشكل التالي هذا الطيف وهو‬
‫عرض فيها‬
‫خاصة تدعى تصوير كيرلياني ‪ ،‬وهو عالم روسي إخترع هذه الطريقة‪ ،‬إذ ُي َّ‬
‫المصور لحقل كهربائي شديد ‪ ،‬فتبدو هالته الطيفية وكأنها ماليين النقاط المضيئة‬
‫الجسم ُ‬
‫وكأنها نجوم ميكروية متأللئة ‪ ،‬والعجيب في الموضوع هو أن تجزئـة الجسم ال يؤدي‬
‫ص ِوَر الجسم بعد اقتطاع جزء منه ولو بعد‬
‫لتجزئة الطيف ‪ ،‬بل يبدو الطيف كامالً ولو ُ‬
‫حين ‪ .‬هذه الطريقة في التصوير تم شرحها باستفاضة في كتابنا طبيعة الروح وأسرارها‬
‫صدر في ‪. 2001 / 0 /0‬‬

‫‪64‬‬
‫صورة كف يد انسان مصورة بطريقة كيرليان‬

‫وأكثر ما يتركز هذا الطيف حول الدماغ والعمود الفقري عند اإلنسان وبسبب اهتـزاز تلك‬
‫المالييـن من النقـاط المضيئـة المتأللئة تنطلق من الدماغ الباليين من األمـواج الكهرطيسية‬

‫‪65‬‬
‫المسؤولة عما يعرف بالحاسة السادسة والرؤية عن بعد والتخاطر ‪ ...‬وعن طريق ذلك‬
‫المدجـَّن أن يدرك أفكار صاحبه اإلنسي والحيوانـات المحيطة به‬
‫العقل يمكن للحيوان ُ‬
‫المسالم منها والمتوحش فيتجنبها ‪ ،‬وهذا ما يفسر سرعة تدجيـن الحيوانات الشرسة وحتى‬
‫المفترسة وجعلها أليفة ‪، ..‬‬

‫أما المستوي الخامس واألخير فهو العقل الباطن النفسي وهو ذو طبيعية أثيرية‬
‫وال يوجد للكائنات األخرى مثله ‪ ،‬فهو إنساني الطابع ال يتقوى بأي نوع من الرياضة ‪ ،‬بل‬
‫يتقوى داخلياً وبشكل نفسي وروحي يعتمد مبدأ إقامة العـدل والحـق وتذوق الجمال واراحة‬
‫الضمير والرضى والقبول والتسليم بكل شئ مسموح وترك كل ما هو مريـب ومع العمل‬
‫دون انتظار مكافأة ومحاطاً بسكينة واطمئنان روحي ‪ .‬والغريب أن هالة هذا العقل الباطن‬
‫ترى بالعيـن المجردة مباشرة أو تدركهـا القلوب بغير عناء وبـدون أي مساعدة كما في‬
‫طريقة كيرلياني‪ ،‬إذ تبدو الهالة بشكل نور يضئ وجه الشخص‪ ،‬وغالباً ما تشاهد مثل هذه‬
‫الهالة المضيئة لدى الصالحين من الناس ‪ ،‬وتلك الهالة متغيرة الشكل والمدى والوضوح‬
‫حسب الحالة النفسية لإلنسان ومدى تقواه وما تجني يداه ‪.‬‬
‫ضمن قدرات هذا العقل يمكن لصاحبه أن يدرك ما في نفوس الناس وحاجاتهم دون‬
‫أن ينطقـوا بها ‪ .‬أو أن يرى أحالماً تتحقـق ‪ ،‬أو أن يكتشف وقوع أحداث قبل أوانها‪ ،‬وطبعاً‬
‫اإلنسان الذي يستطيع أن يحيا بهذا العقل الباطن األثيري وقادر على التعامل معه يكون‬
‫مجاب الطلب والدعاء واألماني ‪ ،‬ويكون آمناً من فتك الوحوش وينام بجوارهـا دون أن‬
‫تؤذيه ألنها ال تراه وال تحسس بوجوده ‪ .‬وقد ُو ِج َد أن لبعض البلهاء والبسطاء والدراويش‬
‫وفقـراء الهنـود والمتصوفيـن قدرات خارقـة في التهجم على الضواري واألفاعي دون أن‬
‫يصيبهم ضرر منها ‪ ،‬ألن هذا العقل الباطن النفسي لديهم فعا ٌل ونشط فيتمكنون من‬
‫السيطرة به على الحيوان ‪.‬‬
‫وهذا الطيف قادر على االنتقال من شخص آلخر ‪ ..‬بالمصافحة أوبالعناق أوبالتقبيل‬
‫وهو سبب الحب أو الكره أو القرف من أول نظرة ‪ .‬وأقوى انتقال له يتم عند لقاء الذكر‬

‫‪66‬‬
‫باألنثى وغالباً ما يصاحب بانتقال أو تبادل أو زرع أفكار أو كلمات أو صور في دماغ‬
‫القرين ودون أن يشعر أي منهما بما يحصل ‪.‬‬

‫طريقة رؤية اهلالة الطيفية للعقل الباطن السطحي اخلاص ‪:‬‬


‫توجد طريقة لرؤية هذا السيال الكهربائي وذلك بتركيز التفكير في الشيء المراد رؤية‬
‫سياله ‪ ،‬ويتم ذلك وفق الخطوات التالية ‪:‬‬
‫الم َج ِرب خلوة هادئة ومظلمة قليالً ‪ ،‬ويدخل معه بذرة نبات سريع النمو‬
‫يدخل الشخص ُ‬
‫ويتأملها متفك ار في طبيعتها ونوعها ونموها وفوائدها لمدة عشر دقائق كل يوم ‪ ،‬ويطبع‬
‫شكلها في مخيلته ويتصوره وهو مغمض العينين ثم يزرعها ‪ ،‬مع تكرار العملية عـدة مرات‬
‫ولعدة أيام ‪ ،‬واذ بالمتأمل يرى طيفاً حياً حيوياً كامـالً شبحياً رقيقاً أزرق اللـون لنبتة مع أن‬
‫البذرة لم تنتش بعد ‪ ،‬ويبدو هذا الطيف كلهيب شمعة تحركـه هبات رقيقة من النسيم ‪،‬‬
‫وتزداد شدته مع مرور األيام وتكرار التجـربة كما يالحظ أنه يشعر بمـا حوله ويتأثر به ‪.‬‬
‫غربة من ذلك‬
‫والغريب في الموضوع هو أن أي شخص آخر يمكنـه أن يراه أيضاً واألشد ا‬
‫هو أنه عندما تم تصويره بطريقة العالم كيرليـان شوهد طيـف شجرة كاملة تامة النمو مع‬
‫أنها مازالت نبتة صغيرة جداً ‪ .‬هذا ما دعى العلماء لتسميـة الهالـة باللهيب الروحاني ‪ .‬واذا‬
‫لمسنا النبتة بيدنا فإن الطيف يزول تماماً وتموت النبتة فـو اًر ‪.‬‬
‫تثير هذه التجربة الكثير من التساؤالت عن الروح وطبيعتها وطيفها ‪ ،‬وعن الهالـة‬
‫للمجـَِرب‬
‫النباتية وزوالها بالموت عند لمسها‪ .‬والسؤال األهم ‪ ....‬هو هل للعقل الباطن ُ‬
‫وارادته أي دور في إطفاء الهالة وايقاع الموت بالنبتة ؟؟ وهل موت اإلنسان يحـدث بمثل‬
‫تلك اآللية عبر العقل الباطن ؟؟‬
‫ينشط هذا السيال عند اإلنسان في حاالت النوم واإلغماء والغيبوبة والصرع وفـي‬
‫حاالت التنويم المغناطيسي واالستهواء والتخاطر‪ ،‬ويفيد في تسريع الشفاء من األمراض‬
‫والتئام الجروح ‪ .‬وللوصول لدرجات عالية من الكشف يجب على الدماغ والعقل الباطن‬
‫لينجز أعمالهما في الجسد البشري ‪ .‬وغالبـاً ما يلزم‬
‫ا‬ ‫يتحرر من العقلين الواعي والذاتي‬
‫ا‬ ‫أن‬
‫وجود إيحاء ووسيط للوصول لهذه السوية من العقل الباطن ‪.‬‬

‫‪67‬‬
‫أضف إلى ذلك أن الكهرباء المتولدة والمتحركة بسرعة ثابتة داخل كل عضو من‬
‫أعضاء الجسم البشري ‪ .....‬الخاليا العصبية في الدماغ والمخ ‪ .‬وفي العين يتولد تيـار‬
‫كهربائي ضعيف مستمر لدى تعرضها لضوء شديد ‪ ،‬ويسري فيها هذا التيار من الخلف‬
‫لألمام ‪ ،‬ومن المعلوم أيضاً أن أي تيار كهربائي مستمر يولد حوله حقالً مغناطيسياً أثناء‬
‫جريانه ‪ ،‬وهكذا صار باإلمكان أن ندرك بعض أسرار العيون وسبب سحر جاذبيتها في‬
‫النفوس وعدم قدرتنا على إطالة النظر فـي عيون اآلخرين ‪ .‬وطبعاً ال يقف األمر عند هذا‬
‫‪ ،‬بل يتبعه تداعيات كثيرة وكبيرة ‪ ...‬كالحب والعشق مثالً ‪ ،‬ومثل تلك الظاهـرة تحدث في‬
‫األذن لدى سماعها األصوات الشديدة ‪ .‬وهنا ندرك سبب ومدى تأثر اإلنسان وطربه لدى‬
‫سماعه الموسيقى والغناء وخاصة الصاخب منها ‪ ،‬وهذا يعلل سبب قـوة العقل الباطن‬
‫الشديدة لدى هؤالء األشخاص وقوة شخصيتهم غالباً ‪ .‬ألن الدمـاغ يتأثر بالحقل‬
‫المحرض من التيارات الكهربائية المتولدة في أعضاء الجسم البشري ‪.‬‬
‫َّ‬ ‫الفعال‬
‫المغناطيسي ّ‬
‫ومثل تلك العوامل تدعم قوة العقل الباطن الخاص وتنشط عمله لدى اإلنسان وبالتالي‬
‫توسع ملكة اإلدراك والوعي عنده وتحفز األمور الفكرية والذهنية والنواحـي النفسية لديه ‪.‬‬

‫العقل الباطن يكشف املاء !! ‪.‬‬


‫من إحدى التطبيقات الطريفة التي يستخدم اإلنسان فيها هذا العقل الباطن العميق هي‬
‫تجربة الكشف عن مكامن المياه الجوفية وبدون استخدام أية أجهزة ‪ ،‬إذ يكفي أن يمسك‬
‫المجرب قضيب رمان ويسير به موجهاً إياه نحو األمام ‪ ،‬فإذا بالقضيب يهتز أو ينحرف‬
‫نحو األسفل مشي اًر لموضع الماء في األرض أسفله ‪.‬‬
‫يبدو أن هذا العقل يخضع إلرادة اإلنسان ‪ ،‬ويعمل في حالة اليقظـة وال يشترط أن‬
‫يكون صاحبه نائماً كي يعمل ‪ .‬كما ال يحتاج إليحاء خارجي أو وسيط للكشف كما فـي‬
‫حالة التنويم المغناطيسي ‪.‬‬
‫يعتمد هذا النوع من الكشف على المستوي الرابع السطحي للعقل الباطن والذي يعمل‬
‫في مجال الحاسة السادسة من خالل الوصول ألعماق الوعـي الصافـي ( الفـؤاد) أو اللب‬
‫‪ ،‬ومادته األساسية هي أمواج كهرطيسية قوية صادرة اهتزاز الشحنات الكهربائية المتولدة‬

‫‪68‬‬
‫في المصانع الميتوكوندورية للطاقة والموجودة في كل خلية حية ‪ ،‬وبهذا العقل تهتدي‬
‫الحيوانات لمواضع المياه وينابيعها في الصحاري ‪. ،..‬‬

‫وفعالً ‪:‬‬
‫اكتشف في األعوام القليلة الماضية أن الخاليا الحية تصدر إشعاعات كهرطيسية تقع‬
‫في مجال األشعة فوق البنفسجية عند انقسامها ‪ .‬كما تقوم بعض المورثات في شريـط أل (‬
‫د ن أ ) بإصدار إشعاعات كهرطيسية مترابطة لها صفة أشعة الليزر‪ ،‬كما وجـد أنها‬
‫تستقبل إشعاعات مماثلة من الوسط الخارجي المحيط بها‪ .‬بحيث يكون هناك توافق بين‬
‫األطوال الموجية الصادرة عنها والواردة لها ‪.‬‬
‫اعتقد التطوريون أن هذا الحوار الطاقي الموجي بين العقل الباطن الخاص للعضوية‬
‫والعقل الباطن الشامل هو المسؤول عن تراكم دفقات من الطاقات الالمتناهية في الصغر‬
‫والتي ربما أثرت بدورها في شرائط ال ( د ن أ ) قديماً وولّدت طفرات حيوية أعطـت‬
‫بنتيجتها أنواعاً متعددة من الكائنات الحية النباتية والحيوانية بما فيها اإلنسان‪ .‬لربما كان‬
‫هناك لظاهرة الطنين والتجاوب بين أنواع الذبذبات المتبادلة لهذين العقلين عند اإلنسان‬
‫األثر األكبر في رقي عضويته وتفوقه الفكري ‪.‬‬
‫إذن العقل الباطن الخاص هو المخ الشفاف للنفس البشرية ‪ ،‬وهو ال مرتبط زمانياً أو‬
‫مكانياً وال يعترف بحدود وال يحس بها ‪ ،‬فهو النهائي وفيه كل الحكمة والقوة وصلـة‬
‫الوصل بين الروح الجسدية والعقل الباطن الشامل من ناحية‪ ،‬وبينها وبين الروح القدسية‬
‫من ناحية أخرى‪ .‬كما أنه ليس متطو اًر وال يخضع لقانون النشـوء واالرتقـاء ومازال على ما‬
‫كان عليه منذ ظهور أول إنسان في الوجود وحتى اآلن ‪.‬‬
‫يخضع العقل الباطن الخاص لقانون اإليحاء والوسوسة ويقبل دون مناقشة أو محاكمة‬
‫تحسب أليـة‬
‫كل ما يوحى إليه ‪ ،‬وينفذ دون أي اعتراض كل ما يطلب إليه وبدون أي ّ‬
‫نتيجة ‪ ،‬وهو ال يستنتج وال يستقرئ وال يختار بين أمرين وينفذ أولهمـا ‪ ،‬وينشـط في حاالت‬
‫النوم والغيبوبة ‪ ،‬إذ يتحرر من العقلين الواعي والذاتي وينطلق في كل الوجود ‪ .‬وطبعاً‬
‫لكل عقل باطن طبيعته وصفاته وأس ارره ‪.‬‬
‫****************************************************‬

‫‪69‬‬
‫ــــــــــــــــــــــ‬
‫الفصل الثامن‬
‫طبيعــة الــروح‬
‫(( ومن كل شئ خلقنا زوجين لعلكم تذكرون ))‬
‫قرآن كريم سورة الذاريات آية ( ‪) 28‬‬
‫بقيت طبيعة الروح وستبقى س اًر ال يدركه أحد ‪ ،‬ولكن في العصر الحالـي حدثـت‬
‫إنسان قط‬
‫ٌ‬ ‫تطورات واسعة في المجاالت العلمية كافة ‪ ،‬وفتحت آفاق واسعة لم يكن يتوقعها‬
‫‪ ،‬وتكمن أهميتها في اكتشاف طبيعة المادة والتي كانت أيضاً لغ اًز عويصاً وحتـى لفترة‬
‫قريبة من الزمن ‪ .‬وقد رأينا كيف أن علماء الطبيعة أعطوا أخي اًر الوصف الدقيق لها أال‬
‫وهو كونها أمواجاً منشطرة فائقة عدمية منفصلة الطاقة ‪ ، ...‬ولها شكـل أوتار كونية حلقية‬
‫النهائية في صغرها ( برينات) ‪ ،‬ومن ذلك أمكن تعريف الجسيمات المادية بأنها أمواج‬
‫محددٍ في أربعة أبعاد ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫حيزٍ‬
‫متراكبة ومتكاثفـة في ّ‬
‫ربما أوحى ذلك بأن الروح أيضاً هي ذات طبيعة موجية ‪ ،‬وأنها مرّكبة من تداخـل‬
‫أمواج فائقة ‪ ،‬ومن المعلوم في علم الفيزيائية أن للتداخل الموجي ميزات جديدة ليسـت‬
‫متوفـرة في األمواج األساسية المكونة لها ‪ .‬بحيث تدعـم األمواج بعضها في مواضع وتلغي‬
‫بعضها في مواضع أخرى ‪ .‬أنظر الشكلين التاليين ‪:‬‬

‫‪71‬‬
‫بصمة اإلصبع‬ ‫التداخل الموجي‬
‫يظن أن اختالف الروح عن المادة هو اختالف كثافة األمواج الم َك ِو ِ‬
‫نة لهما وذبذبتهـا‬ ‫ُ‬
‫وأيضاً في اختالف عدد األبعاد بينهما ‪ ،‬فللروح عشرة أبعاد أما في المادة فلها أربعـة أبعاد‬
‫فقط‪ .‬تشارك الروح الجسد بهذه األبعاد األربعة وتختفي في األبعاد الستة األخرى‪ ،‬ويعتقد‬
‫البعض أن الروح شفافة رقيقة لطيفة وقليلة الكثافة‪ ،‬وأن الفرق بين طبيعة الروح وطبيعة‬
‫المادة هو فرق في الدرجة ال في الجوهر‪ ،‬وأن كالهما واحد ولهما وجود واحد يتصف‬
‫بمراتب اهت اززية متدرجة من الكثافة المادية الشديدة إلى اللطافة الروحية الرقيقة وأن الفرق‬
‫( التفاوت) بينهما هو في درجة االهتزاز والذبذبة فقط ‪ ، ...‬إال أن الحقيقـة تشير إلى‬
‫عكس ذلك!! فالروح قوية صلبة جداً ال يمكن اختراق عالمها وكينونتها بأقوى اآلالت‬
‫المتوفرة في الكون ‪ .‬وهذا يدل على أنه تكمن في الروح الواحدة طاقة مختزنـة هائلة ربما‬
‫فاقت طاقة الكون كله !!!‪.‬‬
‫خلقت المادة في مراحل تطورية متدرجة طويلة األمد ‪ ،‬ربما دام طهيها في المطابـخ‬
‫الكونية وهي النجوم العمالقة والشموس وكذلك ما قبلها من مراحل التصنيع مدة أكبـر من‬
‫خمس عشرة بليون سنة ‪ ،‬بينما خلقت الروح مباشرة في لحظة واحدة بأمـر ربـي وبنفخة منه‬
‫وباألمـر الصارم " كن فيكون "‪ .‬وبمعنى آخر أن الفرق بين المادة والروح هو فرق في‬

‫‪71‬‬
‫درجة الوعي واإلدراك ‪ .‬وهذا ما أكسب اإلنسان عقالً باطناً خاصاً قويـاً منح اإلنسان ملكة‬
‫االتصال والتحاور المستمر مع كل موجودات الكون عن طريق العقل الباطن الشامل ‪.‬‬
‫المعمقة نجدهـا‬
‫ّ‬ ‫الحقيقة ‪ ...‬أنه كلما أردنا أن نفلسف العلوم والدراسات العلمية الحديثة‬
‫تسعى حثيثاً وعن غير قصد منها نحو هدف واحد وهو تضيق الفجوة بين الروح والمادة‬
‫ومع مرور الوقت ‪ ...‬نكتشف أن كل مناحي العلم المعاصر تصب في مجرى وحيد هو‬
‫توحيد القوى في الكون وكذلك توحيد الروح والمادة ‪ ،‬خاصة بعد اكتشاف علم الميكانيك‬
‫الكوانتي والذي تبحث قوانينه في أعماق المادة ‪ .، ....‬ولربما حمل المستقبل مفاجـآت‬
‫تعاكس هذا التوقع !!‪.‬‬
‫إن اختفـاء الروح في األبعاد الستـة األخرى يجعلها عصيةً على اإلدراك والرؤية‬
‫التجسد والتعامل معها‪ ،‬بحيث يستحيل إخضاعها أو السيطرة عليها ألنها ببساطة ليست‬‫و ّ‬
‫موجودة في عالمنا ‪ ،‬وأمرها بيد اهلل فقط ‪ .‬ولهذا لم ولن يفلح أي إنسان في استحضارها أو‬
‫مخاطبتها أو التعامل معها ‪.‬‬
‫ُخلقت روح اإلنسان مباشرة بأمر اهلل الصارم " كن فيكون " وكان ذلك في الال زمن أي‬
‫خلقت كلها دفعة واحدة ولم تخلق بشكل تطوري كالمادة وبشكل أدق كالجسد‪ ،‬والـروح ال‬
‫تحل بجسد أو تخرج منه إال بأمر اهلل ‪ ،‬لذلك هي من أمر ربي تخليقاً وتكليفاً ووجوداً كما‬
‫أن لكل روح شفرة كودية ( بصمة ) خاصة بها تطبعها على كل المواد التي تنسـج منها‬
‫الجسد العضوي للكائن الحي خاصتها ‪ .‬وطبعـاً تختلف طبيعـة الروح وشفرتهـا الكودية من‬
‫كائن آلخر وحتى بين التوائم‪ .‬فالروح وحـدةٌ قائمةٌ بذاتها وال توجد صلـةُ قربى بين األرواح‬
‫‪ ، ......‬وبشكل عام لكل روح خواصها النوعية ومهامها وبرامجها الخاصة والعامـة ‪.‬‬
‫والروح ال حجم لها وال كتلة وتشغل الصفر من المكان والالنهايـة كما أنها ال تصعد مكانياً‬
‫وال تهبط وال تأتي وال تذهب وهي ليست مرنة وال قاسية وهي ترتبط بالعضوية الحية عبر‬
‫أنفاق ميكروية مائية كونية ‪.‬‬

‫أنواع الروح‬
‫عندما خلق اهلل آدم وأحسن تسويته واقامته جسدياً بأن جمع كل توازنات الكون فـي‬
‫ِجبِلَتِ ِه ( طين األرض و صلصالها ‪ ) ....‬نفخ اهلل فيه الروح الكاملة الخالدة ‪ ،‬فكان بش اًر‬

‫‪72‬‬
‫سويا ‪ ،‬ولكن الخطيئـة التي حلت بآدم وحواء عندما أغراهما الشيطـان بشجرة الخلـد ( وهي‬
‫ق ٍ‬
‫متعة كانت‬ ‫شجرة التكاثر الجنسي )‪ ،‬وما تالها من وسوسته لهما بكشف عوراتهما وتـ َذو ِ‬
‫َ‬
‫ث‬‫تطور مفاجئـاً رافقه َح ٌ‬
‫اً‬ ‫عليهما محظورة أو مؤجلة ‪ .‬أحدثت تلك اللذة في جسديهما‬
‫اق للرغبات والحاجات الغذائية والجنسية ‪ ..‬إلخ ‪ .‬وتحول الخلق عندها من خلق آني‬ ‫واشر ٌ‬
‫مباشر باألمر ( باالنفصال ) إلى خلق متطور ال مباشر ( بالـوالدة ) وأن تكلّف الروح‬
‫مؤجلة أو في‬‫حملت الروح الكاملة مهمةً كانـت ّ‬ ‫بتنفذه في كون رباعي األبعاد ‪ .‬وهكذا ّ‬
‫غنى عنها أال وهي بناء الجسد البشري ونسـج خالياه ذرةً ذرة وجعلـه يشغل حي اًز في الوجود‬
‫وأن ينبثق في عالم رباعي األبعاد ‪ ،‬وهكذا صار للروح مهمتان أولهما مهمة جسدية بناءة‬
‫( روح قائد ) ‪ ،‬واألخرى مهمة قدسية واعية مدركة ( شاهد ) تعنى بأمور الفكر والعقل‬
‫والصالح ‪.‬‬
‫" ونفخ في الصور ذلك يوم الوعيد ‪ ,‬وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد "‬
‫قرآن كريم سورة ( ق ) آية ( ‪ 40‬ـ ‪) 41‬‬

‫الروح اجلسدية ( روح قائد )‬


‫وهي الشطر الروحي المشرف على األمور التخليقية والحياتية والحركية للكائن الحي‬
‫مثل التغذية والتكاثر والبقاء ‪ ،‬أي هي المسؤولة عن أمور الغريزة والفطرة لدى الكائن الحي‬
‫ومهما كان نوعه‪ ،‬فهي تنفذ مهمة بناء الجسد العضوي للكائن الحي ووفق شيفرتها‬
‫الذكورية أو األنثوية ‪ ،‬ذاك أن لبنية الشيفرتيـن الجسدية أل ( د ن أ ) صفتي االنفصال‬
‫والتكامل ‪ ،‬وتشرف تلك الروح وتسيطر على كل فعاليات الجسد الحيوية ( البيولوجية )‬
‫تحرم شيئاً )‬
‫طيلة حياته ‪ ،‬وهي تنفذ ما تكلّف به بوعيٍ دون إدراك ( أي ال تحلّل وال ّ‬
‫وبدون مناقشة أو اعتراض ‪ .‬وتشرع في عملها التنفيـذي فور التقـاء الكروموزومات الذكريـة‬
‫باألنثويـة‪ .‬وتسيطر على الكائن الحي وحتى قبل أن تتشكل الخلية األولى في جسده ‪ .‬وهي‬
‫التي تولد العقل الباطن للكائن الحي وتعمل من خالله وتربطه بالوجود وبالعقل الشامل ‪.‬‬
‫هي روح الحيوان التي تعمل من خالل الدماغ ‪ ،‬وتتلقى التكليـف بالتخليق من الخالق‬
‫عبر العقل الباطن الشامل ‪ ،‬ولحظة الميقات المعلوم تشرع بِ َحـ ِث وتحريـض البداءآت‬
‫العضوية لتنسج الجسد الفيزيقي للكائن الحي ومهما كان نوعه وحسب خريطته الجينية ‪.‬‬

‫‪73‬‬
‫وتسيطر تلك الروح الجسدية على كل أجـزاء الدمـاغ لدى الحيـوان والجنين البشري و‬
‫الطفل في أول عمره‪ .‬كما ينسب إليها السلوك الغريزي والعدواني والجنسي والحركي عند‬
‫الكائنات الحية والمعتمد على الجهد العضلي‪ .‬أما في اإلنسان فينسب إليها إضافـة لذلك‬
‫صفة الشر عنده ألنها تتعامل بال ( د ن أ ) المزرعة أصـالً بلوثة الشـر قديمـاً كما سنرى‬
‫فيما بعد ‪.‬‬
‫تشغل الروح الجسدية األبعاد الستة األولى ‪ ،‬والتي هي ثالثة أبعاد مكانية وبعد رابـع‬
‫زمني وبعد خامس ( موجي نفقي الزمني ) وبعد سادس ( موجي ذبذبي طاقي ) ‪ ،‬أي هي‬
‫تشارك األجسام الحية في تركيبها العضوي المادي الخاضع لعوامل المكان والزمان ما‬
‫تشارك الجان في عالمهم وتتأثر بهم وتتعامل معهم أو باألحرى هم يتعاملون معهـا‬
‫وبمنتهى السهولة عن طريق العقل الباطن الموجي الذبذبي الطاقي ( الذي يشغل البعـد‬
‫السادس الذبذبي ) ‪.‬‬

‫الروح القدسية ( روح شاهد )‬


‫هي روح الوعي واإلدراك ‪ ..‬روح الفكر والمثل العليا والمعاني الراقية والتي تعمل من خالل‬
‫العقل الباطن األثيري ‪ .....‬روح الحب والخير والحق والعدل والضمير‪ ،‬وهي ال تدخل إال‬
‫الم َنف ْذ بدقـة تخليقيـة فائقة ال مثيـل لها في الوجود ‪ .‬حيث‬
‫الجسد البشري الكامل التكوين و ُ‬
‫محددة لها ال تحيد عنها أبداً‪.‬‬
‫ّ‬ ‫تقوم الروح الجسدية بتنفيذ هذا التصميم الرائع وفق شيفرة‬
‫لهذا يكون يتأخر حلول الروح القدسية في الجسد البشري حوالي أربعة أشهر من لحظة‬
‫بداية انقسام أول خلية في جسم الجنين ألنها تح ُل في أرقى عضوية في اإلنسان وهي‬
‫المخ ‪ ،‬وبتحديد أكثر في القشرة المخية التي تضم مناطق الوعي واإلدراك والذاكرة والحفظ‬
‫والتفكير ‪ ،...‬لذلك كل أعمالها معنوية عقلية فكرية سلوكية تسجيليـة وليست حركية أو‬
‫جسدية (عضلية) ‪ .‬لهذا كانت تلك الروح هي روح الوعي واإلدراك من ناحية ( روح عقلية‬
‫) ‪ ،‬ومن ناحية أخرى هي روح اتصال ومحاورة مع كل ما هو واعٍ في هذا الوجود ( روح‬
‫أثيرية ) ‪ ،‬وهي روح الحوار المتبادل بين العقل والنفس ‪ ،‬وتقوم بتسجيل كل ما يمر بحياة‬
‫اإلنسان من أحداث ( لذلك كانت شاهد ) ‪.‬‬

‫‪74‬‬
‫كل االتصاالت والمحاورات التي تقوم بها الروح القدسية تتم بشكل آني ولحظي في‬
‫ساحات العقل الباطن الخاص لإلنسان (فؤاده ) والعقل الباطن الشامل بشقيـه األثيري‬
‫والذبذبي ‪ .‬ولهذه الروح طيف أثيري نوراني قابل للتطوير باإليمان والتقوى وباألعمال‬
‫الصالحة ويرتبط بالعقل الباطن ذي المستوي الخامس النفسي ‪ .‬ويتركز طيفه النوراني حول‬
‫رأس اإلنسان ألنه متوضع في القشرة المخية ربما غمر جسده بكامله وذلك حسب إيمانه‬
‫وعمله ونقاء سريرته ‪ .‬لهذا كان األقدمون يرسمون هاالت نورانية حول رؤوس القديسين‬
‫والصالحين في اللوحات التصويرية ‪ .‬وهذا الطيـف النورانـي ال ينتقل عبر األجيال وال‬
‫وحسنِ عمله أما في حالة‬
‫يورث‪ ،‬واتساعه بقدر إيمان المرء و سمو فكره ونقاء سريرته ُ‬
‫األشخاص المغضوبين فتلك الهالة مفقودة لديهم ‪.‬‬

‫عندما خلق اهلل اإلنسان وسواه في أحسن تقويم علّمه األسماء كلها ‪ ،‬حينها كان آلدم مخاً‬
‫عالماً تاماً ودماغاً ضئيال ًً‪ ،‬لهذا كان آدم يحيا سعادةً مطلقةً وكانت كل حلول جاهزة في‬
‫مخه ‪ ،‬وكانت صفة روحه الكليـة قدسيـة أما روحه الجسدية فال دور لها‪ .‬وعندما خلق اهلل‬
‫حواء كان لها شبكة روحية جسدية تكاملية مع شبكة الروح الجسدية آلدم ‪ ،‬في حيـن كانت‬
‫روحها القدسية تناظرية مع روحه القدسية ‪ ،‬لهذا كانت عاطفة الحب بينهما تناظرية‪ ،‬أما‬
‫دافع الجنس بينهما فكان غريزة تكاملية‪ .‬فالحب هو تذوق الجمال بالتناظر‪ ،‬بينما الجنس‬
‫هو تذوق الجمال بالتكامل ‪ ،‬وهما معاً يحمالن في طياتهما روعـة العالـم العدمي األول‬
‫ولذة النشأة والتكوين ‪.‬‬
‫عندما هبط اإلنسان األول إلى األرض وتنفس هواءها وأكل من نباتها وشرب من مائها‬
‫امتص جسده مادة الكون فصار ترابيـاً عضويـاً ونسله متطور من ماء مهين ‪ ،‬عندها‬
‫ض ُم َر مخه وتضاءل إلى قشرة رقيقة سنجابية اللون ال يتجاوز ثخنها بضع ميكرونات ‪،‬‬
‫َ‬
‫وتراجعت قدراته الذهنية واضمحلت علومه التي علمه اهلل إياها‪ ،‬وحبست روحه القدسية‬
‫لصالح الروح الجسدية التي آل إليها مهمة بناء الجسد البشري بأمر اهلل ‪ ،‬وتطور الدماغ‬
‫الغريزي عند اإلنسان والمقيد بأبعاد الزمان والمكان على حساب مخه ‪ ،‬وطغت الغريزة‬

‫‪75‬‬
‫الجسدية على حكمة العقل‪ .‬فضعف اتصاله بالعقل الباطن الشامل األثيري جزئياً‪ ،‬ونمت‬
‫فيه قدرات الغريزة الفطرية وحبه للبقاء والتكاثر وحب الذات ‪ .‬و صار يورثها لنسلـه‪ ،‬لهذا‬
‫ضعف نشاط مخه باالتصال بالعقل الباطن الشامل ‪ ،‬كما قُّي َد عقلـه الباطن الخاص من‬
‫قبل العقل الواعي ( الحياتي ) والعقل الذاتي المسؤول عن ( النوم ) ‪ ،‬وصار أكثـر‬
‫اتصاالته بالعقل الذبذبي ‪ ،‬ويجب أن نتذكر هنـا أن هذا العقل األخير هو بنفس الوقـت‬
‫عالم الجان ودنياهم وساحة عملهم الطاقي الخفي ‪.‬‬
‫يشغل الشطر الروحي الجسدي من الروح عند اإلنسان األبعاد الستة األولى ويكون‬ ‫ُ‬
‫جل أعماله الظاهرية ‪ ...‬حياتية وتتم في األبعاد األربعة األولى ‪ .‬ويشارك الجان بأبعاده‬
‫وعددها بعدين ونصف البعد ‪ .‬بينما يشغل الشطر القدسي من الروح البشرية بقية األبعاد‬
‫وعددها أربعة (السابع والثامن والتاسع والعاشر)‪ .‬من هنا نالحظ أن الجان ال يتعامل مع‬
‫الشطر القدسي من الروح وال يلتقي بها وذلك بسبب قدسيتها ِ‬
‫وعلمها وقَ ْد ِرها عند اهلل ‪.‬‬
‫والعقل الباطن الشامل أو الخاص ال يجمع بينهما فأبعاد الجان أدنى من أبعـاد الـروح‬
‫محدد بأبعـاد‬
‫القدسية والكاملة لدى اإلنسان ‪ ،‬باإلضافة لذلك ال يوجد للجان جسد مادي ّ‬
‫واضحة مرئية المعالم ‪ ،‬في حين يخضع للروح البشرية الكاملة جسد مادي متطور دوماً‬
‫من هنا تولد لدى الجان شعور بالنقص وعقدة الشفافية الجسدية ‪ ،‬وفاض األمر أكثر لدى‬
‫ِ‬
‫إبليس عندما علّم اهلل آدم األسماء كلها ( أي العلوم كلها) ومّيزه بعقل ُمفكرٍ ُم َدبِرٍ َ‬
‫وح َرَم‬
‫إبليس منها ‪ ،‬فحقد إبليس على آدم ونذر كينونتـه وطاقاتـه الخفية إليقاع األذى بجميع‬
‫أنواعه بآدم ونسله ِ‬
‫ليحرفَهم عن الحق ويزّين لهم الكفر والضالل ‪.‬‬
‫يبين المخطط التالي موقع كل كينونة خلقها اهلل ومجاالت مشاركتها مع غيرها من‬
‫الكينونات التي ظهرت في هذا الوجود ‪ .‬وهي الروح الكاملة بشطريها والعقل الباطـن‬
‫الشامل بشقيه وكذلك عالم الجان وعالم الشيطان وللمادة الجامدة والعقل الباطن الخاص‬
‫لإلنسان ‪.‬‬

‫اـــــــــــــــ الروح الكاملة عند اإلنسان ـــــــــــــــــــــا‬


‫ـــــــــــــــــــــا‬ ‫اــــــــــــــــ العقل الباطن الشامل‬

‫‪76‬‬
‫اــــ‬ ‫اــــ العقل الباطن الموجي الذبذبي ـــــ اـــ ا لعقل الباطن األثيري ــــــــــا‬
‫اــــاــــاــــاــاــاــــاــــاــــــاــــــاــــــاــــــا‬ ‫الروح الجسدية ـــــــــــــاـــ الروح القدسية ـــــــــــــا‬
‫‪10‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪1‬‬
‫اــ عالم الجن ــا‬
‫وحية ــ ا عالم الشيطان ‪1‬‬ ‫اـ أبعاد المادة‪ ,‬جامدة ّ‬
‫اـــ العقل الباطن الخاص الذبذبي لإلنسان ـــاـــ العقل الباطن الخاص األثيري إلنسان ـ‪1‬‬

‫مخطط أبعاد الروح والمادة والجان والعقول الباطنة‬


‫االتصال ( التحاور )‬
‫من هنا نكتشف أن للمادة العضوية وحتى الجامد في الجسد البشري وعياً مستتـ اًر‬
‫يعمل عند اإلنسان في مجال ما تحت الشعور( الال شعور) وعبر العقل الباطن المطلـق‬
‫الشامل ( األثيري والذبذبي معاً ) ‪ ،‬بينما عند الكائنات األخرى‪ ....‬الحيوانات والنباتات‬
‫وحتى في الجوامد يتم االتصال عن طريق العقل الباطن الكوني الموجي الذبذبي فقط ‪،‬‬
‫وعن طريق ذبذباته السمعية الفائقة التردد الال ُمدركة حسياً ‪ .‬أي تتعامل مع جسم الكائن‬
‫مباشرة دون المرور بأعضائه الحسية ‪ .‬ويتم بشكل محاورات متبادلة بين العقل الباطن‬
‫الخاص لجميع الكينونات في هذا الوجود والعقل الذبذبي ‪ .‬وقد اكتشف فعالً وجود مثـل‬
‫اء في‬
‫هذا االتصال ‪ ،‬إذ اكتشف أن كل خلية في دماغ اإلنسان تبث وتستقبـل باستمرار سو ً‬
‫حاالت النوم أو في حاالت اليقظة ما يزيد على عشرة آالف موجة للفضاء الخارجي‬
‫المحيط بها ‪ .‬وبما أن عدد خاليا الدماغ أكثر من مائة بيليون خلية ‪ ،‬وهذا العدد يقارب‬
‫عدد نجوم مجرتنا درب اللبانة ‪ ،‬فلنا أن نتصور العدد الهائل من األمواج التي يتحـاور بها‬
‫دماغ كل منا مع هذا الكون الرحب المحيط بنا !!! ‪.‬‬
‫اعتقد علماء البيولوجيا في القرنين الماضيين أن هذا التحاور التبادلي ربما كان هـو‬
‫المسؤول عن حدوث تطور نوع من خاص من الوعي والموجـّه نحو تراكم الطاقـة والمادة‬
‫‪ ,‬خاصة أن ذلك الحوار ال يخضع لعاملي الزمان والمكان ‪ ،‬وهذا التراكـم في الوعي أنتج‬
‫بنهايته طفرات حياتية ‪ ،‬ولعل العالم داروين هو أحد هؤالء العلمـاء الذين اعتقدوا بوقوع‬
‫ذلك التراكم في الوعي والطاقة عبر باليين السنين والذي أدى بنهايتـه لحدوث تطور في‬

‫‪77‬‬
‫بعض المواد الكيميائية باتجاه نشوء المادة الحية‪ ،‬وبشكل أكثر صرامة نحو العضوية الحية‬
‫تزيد ونمو الوعي واإلدراك ‪ ..‬جعل الحياة تدب في بعض الكينونات ‪....‬‬
‫المفكرة ‪ .‬أي ا‬
‫فظهرت للوجود أنواع حياتية متعددة ومتطورة وصار يدب على سطح األرض أكثر من‬
‫عشرة ماليين فصيلة حية‪ ،‬ولكل منها تصميمه الجسدي والحسي والنفسي ‪ ....‬وأحد هذه‬
‫الفصائل الحية هي اإلنسان ‪.‬‬
‫ربما كان لهؤالء العلماء عذرهم في آرائهم الخاطئة حول التطور البيولوجي لألحياء‬
‫والذي جرى من األبسط إلى األعقد كونهم لم يدركوا عصر اكتشاف شرائط ال (د ن أ)‬
‫الوراثية والذي تم في عام ‪ 1020‬على يد العالمين (كريك ـ واطسون ) لهذا لم يدركوا‬
‫خطأ اعتقادهم في التطور الحيوي آنذاك ‪ ، ..‬ولم يكونوا يعلمون أن ‪:‬‬
‫األنواع الحية للكائنات منفصلة عن بعضها تماماً وحتى قبل تخلقها ‪ ،‬وأن لكل نـوع منها‬
‫خريطته الجينية النوعية المميزة والمحددة والمصممة بدقة هائلة ال يتخيلها عقل إنسان‬
‫‪ , ...‬وأنه ال توجد صدفة أو احتمال لحدوث أي خلق أو تشكل عشوائي فيها ‪ ..‬وكل‬
‫ذلك مبرمج في شرائط أل ( د ن أ ) الوراثية المختلفة بين الكائنات ‪ .‬لذلك حملت سفينة‬
‫نوح كل األنواع الحية التي كانت موجودة على األرض حاملة معها تصاميمها الهندسية‬
‫كي ال تتعرض لإلنقرض ‪.‬‬
‫وتلك النظم مصممة في غاية من الدقة واإلتقان بحيث تحتوي كل منها على شيفـرة‬
‫وراثية ( كود وراثي ) ومن خواصها القدرة على نسخ وتكرار ذاتها‪ ،‬لكي يحافظ الكائن‬
‫الحي على بقائه واستم ارريته في هذا الوجود‪ .‬وطبعاً هذا يفند ادعاءات علماء البيولوجيا‬
‫األقدمين حين افترضوا أن أصل اإلنسان كان قـرداً ‪ .‬ألنه عندما أجريت فحـوص ال ( د‬
‫ن أ ) لكل منهما وجدا أنهما مختلفان تماماً عن بعضهما البعض ‪.‬‬
‫تميز الحي عن‬
‫صحيح أنه يحدث في الكائنات الحية عملية االستقالب األيضي والتي ّ‬
‫الجماد ‪ ،‬والتي تتحول به المواد الميتة إلى مواد تبني بها العضوية جسدها ‪ .‬إال أن ذلك‬
‫األمر ال يتم عشوائياً وال توجد فوضى في الكون ‪.‬‬

‫وهكذا‬

‫‪78‬‬
‫لكل كينونة حية ولو كانت جامدة حقالً طاقياً صغي اًر ( أي عقل باطن خاص ) ‪ ،‬وعن‬
‫طريقه تتصل العضوية وتتحاور مع العقل الشامل ‪ ،‬ووسيلة االتصال هي موجات ذبذبية‬
‫ذات ترددات عالية ‪ ،‬مما يعني أن الجن والبشر يتشاركـان في الحقل الذبذبي منه وأن‬
‫المكونة‬
‫التعامل بينهما قائم باستمرار ضمنه‪ .‬لذلك يتعامل الجان مع البشر طيلة حياته و ّ‬
‫من مرحلتين ‪:‬‬
‫تبدأ المرحلة األولى قبل نشوء أول خلية في جسم الجنين البشري إذ يتعامل الجان مع‬
‫الجينات الوراثية لألبوين ويحاولون العبث ببرامجها الحيوية المنضضده في ش ارئـط ال ( د‬
‫ن أ ) لهما وتخريب أكثر ما يمكن تخريبه من الصفات الجيدة الجسدية والنفسية فيها‬
‫إليقاع أكبر ضرر ُخلُقي ونفسي بالجنين ‪ ،‬وربما وصل األمر لحد إسقاطه ‪ ،‬ووسيلتهـم في‬
‫ذلك هو بث واصدار ذبذبات موجية إلثارة الطاقات الدقيقة المختزنة في كل قطعـة من تلك‬
‫الشرائط‪ .‬وتكون اإلثارة عظمى إذا حدث تجاوب واستجابة بينهما ‪.‬‬
‫تستمر المرحلة الثانية من التعامل بين الجان واإلنسان طيلة حياة هذا األخير ‪ .‬حيـث‬
‫يعمد الجان الستفزاز الناس بالوسوسة الذبذبية وتحريض واثارة الطاقات الحية المختزنة في‬
‫عضويتهم الواعية ( الدماغ ) ‪ .‬والهدف من ذلك هو إشاعة الفوضى والعشوائية في‬
‫التفاعالت الكيميائية الحيوية لدى اإلنسان والعبث بهرمونات الجسد البشري ليؤدي ذلك في‬
‫النهاية لحدوث اضطراب في قدرات اإلنسان النفسية والعقلية والذهنية بحيث يغلـب على‬
‫تصرفاته وأعماله وسلوكه صفة الشر والعنف والغريزة ‪.‬‬
‫لكل كينونة في هذا الوجود درجة كثافة موجية وطاقات تختلف بهما عن غيرها مـن‬
‫الكينونات األخرى أال أنها مشتركة باألبعاد‪ ،‬وبالتالي تختلف طبيعة الجان تماماً عن تلك‬
‫التي ألجسامنا لكنها تشترك في بعض األبعاد معاً ‪ ...‬وهذا يشير إلى وجود تداخل بيـن‬
‫عوالم متعددة وعالمنا ‪،‬‬
‫اع ومدرك ويتجسد في هذا الوجـود حياً‬
‫اإلنسان ووفق هذا التعريف هو كيان طاقي مادي و ٍ‬
‫في أحسن تقويم بأجسامه الكاملة العديدة منها األجسام األثيرية واأليونية والفيزيقيـة‬
‫والروحية والعقلية والنفسية ‪ .،...‬ولتلك األجسام َملكات إدراك ال مثيل لها لدى الكائنات‬
‫األخرى ‪ ،‬وتعتبر الكهرباء أهم ظاهرة تربط بين مكونات الكون المادي وكذلك مكونات‬

‫‪79‬‬
‫الجسد البشري ‪ .‬ويجب أن ال ننسى أن للكهرباء طبيعة موجيـة فائقة انبثقت من العدم‬
‫قديماً باألمر اإللهي كن فيكون ‪.‬‬

‫****************************************************‬

‫ــــــــــــــــــــــ‬
‫الفصل التاسع‬
‫السمع الكوني‬
‫(( وهو الذي أنشأ لكم السمع واألبصار واألفئدة ‪ ,‬قليال ما تشكرون ))‬
‫قرآن كريم سورة المؤمنون آية ( ‪) 77‬‬
‫السمع هو استقبال أو التقاط إشارة موجية قد تكون صوتية أو ضوئية أو فوقهـا‬
‫سن َعِّرف‬
‫وادراكها من قبل جهاز ما داخل الجسد العضوي كاألذن أو العين مثالً ‪ ،‬وهنا ُ‬
‫السمع بطريقة أخرى ‪ ....‬على أنه خاصة فيزيولوجية من عموم خواص الدماغ أو أي‬
‫عضو آخر مثل النخاع الشوكي ‪ ...‬أي ال يشترط أن يكون السمع أذني فقط ‪ .‬فالرؤيـة‬
‫مثالً ما هي إال صوت مرئي يحرك أحاسيس معينة في جهاز استقبال خاص هو العيـن‬

‫‪81‬‬
‫واللمس ما هو إال سمع عن طريق الجلد ‪ ،‬والتذوق أيضاً هو سمع عن طريق اللسان ‪..‬‬
‫وكذلك الشم هو سمع عن طريق األنف ‪ ...‬وهكذا ‪،‬‬
‫إذن السمع هو اتصال إدراكي بين حقلين للطاقة ومادته هي األمواج ‪ ،‬ونقصد بحقلي‬
‫الطاقة العقل الباطن الشامل والعقل الباطن الخاص لدى اإلنسان بشقيه الذبذبي واألثيري‬
‫أما في حالة أي كينونة أخرى في هذا الوجود‪ ،‬جماد‪ ،‬نبات‪ ،‬حيوان فنقصد بحقلي الطاقة‬
‫بأنهما الشطران الذبذبيان للعقل الباطن الشامل والعقل الباطن الخاص للكينونة ‪ .‬والسمع‬
‫قد يكون شعورياً أو الشعورياً لدى اإلنسان ‪ ،‬أي يمكن أن يحدث في حالة اليقظة أو في‬
‫حالة النوم أو الغيبوبة ‪ ....‬الخ ‪ .‬والسمع يأتي قبل الرؤيـة فالجنين يسمع وهو في بطن‬
‫أمه ومنذ لحظة كونه خلية واحدة وقبل أن يرى النور‪ ،‬فسرعة انتشار الصوت في الماء‬
‫األمينوسـي الذي يسبح فيه الجنين أكبر من سرعة الطلقة النارية بحوالي أربع مـرات‬
‫وسرعة انتشار الضوء وسماعه الرؤيوي هي من رتبة (‪ 000‬مليون متر‪ /‬ثانية ) ‪ ،‬لكن‬
‫أجهزة الرؤية عند الجنين ال تعمل إال بعد الوالدة وبفترة ال بأس فيها ‪.‬‬
‫للسمع خمس آليات مختلفة ‪ ....‬وهي السمع الواعي (المادي) والسمع الذبذبي ( ومنه‬
‫االتصال بالجان ) والسمع اإلد اركـي (عند األحياء) والسمع األثيري الوجداني الروحي (عند‬
‫اإلنسان) وأخي اًر الحسي العضوي (عن طريق األعضاء الحسية في الجسد الحي ) بحيث‬
‫يعتبر االتصال بالجان نوع من السمع اللحظي وآليته من النوع الثاني ويتم فـي الالزمن‬
‫كما رأينا في حالة األنفاق الكونية ‪ .‬ويعتبر هذا النوع من أخطر أنواع السمـع ألنه يعمل‬
‫في عمق النفس البشرية وفي عقلها الباطن الخاص ‪.‬‬
‫قد يبعث السمع الحياة ففي ذبذباته طاقة قد تسرع انقسام الخاليا وتؤدي لنمو الجنين‬
‫كما يمكن أن يؤدي للمـوت ‪ ،‬وما عملية تفتيـت الحصى في الكلية إال نتيجة الستعمال‬
‫تقنيات الذبذبات الفوق السمعيـة في المعالجات الطبية ‪ .‬وكذلك عملية التصويـر الفوق‬
‫صوتية للجنين في رحم أمه ما هو إال نوع من السمع الرؤيوي ‪.‬‬
‫لكل نوع من الذبذبات الواردة إلى عضوية حية فع ٌل معين‪ ،‬فمنها ما يثير االضطراب‬
‫إيحاء أو مساً أو‬
‫ً‬ ‫والقلق والكآبة ‪ ،‬ومنها ما يسبب السعادة والفرح ‪ ،‬وأخرى تحمل إلهاماً أو‬
‫وسوسةً ‪ ...‬وهكذا ‪ .‬والصوت وكذلك صور األحداث الكونية ما هي إال ذبذبة وطاقة ال‬

‫‪81‬‬
‫وتسجل هناك وتُختََزن‬
‫ّ‬ ‫تتالشى في هذا المحيط الكوني بل تندمج بالعقل الباطن الشامل‬
‫ومصان في هذا الكون الذي ال عبث فيه وال فوضى ‪.‬‬ ‫فكل شئ محفوظ ُ‬
‫الصوت هو أساس كل حركة وخلق ‪ ،‬فهو بدأ بالصيحة وسوف ينتهي بها ‪ ،‬والغريب‬
‫في هذا الموضوع أن كثي اًر ممن يحاول تنشيط القوى الخارقة لديه يلجأ للصوم لتنطلـق قواه‬
‫الروحانية إال أن العكس هو الصحيح ‪ ،‬فقد ُو ِج َد أن الطعام الجيد يقوي لدى اإلنسان مثل‬
‫تلك القدرات ويطلقها‪ ،‬وهذا ما نالحظه لدى الناس أقوياء البنية وعلى عكس ما كان ُيظن‬
‫بأن األشخاص نحيلو القوام هم أكثر روحانيةً وشفافية ‪ ،‬وهذا يمكن تفسيره بسهولة كبيرة‬
‫وهو أن الطعام الجيد يمتلك طاقات غزيرة ومتنوعة أساسها موجـي ذبذبي‪ ،‬لذلك صح القول‬
‫الشريف " أن اللحم هو سيد الطعام ويزيد في السمع "‬
‫من صفات العقل البشري الوعي واإلدراك وهذا بدوره له عالقة بالعلم واللغة‪ ،‬والعلم‬
‫المنطوق (القراءة) له عالقة بالسمع ‪ ،‬ففي السمع نقل صورة رمز أو حرف إلى المـخ‬
‫لذلك عندما علَّم اهلل آدم األسماء كلها علمه إياها عن طريق السمع باإليحاء واإللهام ‪، ..‬‬
‫في األذن ثالثة أجهـزة حساسة جداً وهي الجهاز السمعي الصوتي ‪ ،‬وآخر للسمع‬
‫التوازني الواعي مع الكون ‪ ،‬أما األخير فهو للسمع الزمني ‪ .‬لذلك عندما ضربنا علـى‬
‫آذانهم في الكهف سنين عدداً ‪ ،‬أي عندما أوقفنا جهاز السمع الزمني لديهم والذي يستقبل‬
‫الذبذبات الزمنية لم يعودوا يدركوا الزمن ولم تعد ذبذباته تحول عليهم أو يسجلها جهاز‬
‫السمع الزمني لديهم فناموا أكثر من ثالثمائة عام ‪.‬‬

‫األشعة اجملهولة‬
‫بدأت إرهاصات الحياة األولى في كرتنا األرضية قبل أكثر من ثالثة باليين سنة وتـم ذلك‬
‫في طين األرض‪ ،‬حيث تبلورت بذورها بالتنضيـد الفسيفسائي للحموض األمينيـة المتعددة‬
‫األنواع ‪ ،‬والتي توافرت بكثرة في الحسـاء العضوي المتشكل آنذاك من أديـم األرض وجوها‬
‫ومائها‪ ،‬واتخذت تلك النظم شكل جدائل سلّمية حلزونية دعيت بش ارئـط أل(د ن أ) الوراثية‬
‫‪،‬‬
‫شكل يبين ‪:‬‬
‫تكوين وتطور‬
‫مراحل ُّ‬

‫‪82‬‬
‫أل (رن أ ) في طين‬
‫األرض ‪ ،‬ومن ثُ َـم‬
‫تكون البروتينات التي‬
‫ُّ‬
‫تشكلت منها المـادة‬
‫العضوية الحية ‪،‬‬

‫يعتقد البعض أن فلـز‬


‫البيريت في الطين ربما‬
‫كان هو الوسيط الذي‬
‫أطلق تفاعالت طاقية‬
‫تشبه التركيب الضوئي‬
‫وتال ذلك عملية استنساخ‬
‫وتشكل غالف ونشوء‬
‫أل ( ر ن أ )‬
‫وأل ( د ن أ ) ‪.‬‬

‫وابان تلك الفترة كانت البيئة تعج بأضواء البرق وقصف الرعود الصواعق وأصـوات الرياح‬
‫والعواصف وخرير الماء وجريان السيول وحفيف أوراق الشجر ‪ ،‬وأثرت تلـك العوامل‬
‫النظم الحيوية (‬
‫وتدخلت بذبذباتها الموجية السمعية والفوق سمعية ولمدى بعيد في تركيب ُ‬
‫د ن أ)‪ .‬وانطبعت آثارها في جسم كل خلية حية ظهرت في الوجود وبالتحديد في عقلها‬
‫الباطن بشكل ذبذبات موجية موسيقية‪ ،‬وانتقلت تلك السمفونية بالوراثة لألجيال المتعاقبة‬
‫حاملة معها آثا اًر سمعية ( واعية ‪ ،‬حسية ‪ ،‬صوتية ‪ ،‬كهرطيسية وما فوقها‪)...‬‬
‫تنوع حاجاتها‬
‫تكيفها وتأقلمها مع البيئة والكون ‪ ،‬ومع ّ‬
‫خالل مراحل تطور الخلية و ّ‬
‫وتنفر من تلك‬
‫كانت الخلية تطرب للذبذبات التي تدعم حاجاتها وتخاطب فطرتها وغرائزها ُ‬
‫فتكون لها عقل باطن قادر على التحسس والتذوق واالختيار ‪ ،‬لهذا‬
‫التي تعاكسها ‪َّ ..‬‬

‫‪83‬‬
‫آثار قديمةٌ لها دخلت في تركيب‬
‫يطرب اإلنسان لدى سماعه الموسيقى ففي عقله الباطن ٌ‬
‫خالياه وتعيد لخاليا دماغه ذكـرى نشأتهـا األولى ‪ ،‬من هنا نكتشف مدى تغلغل الجان‬
‫بتركيب خاليانا وتأثيرهم فيها وقوة لوثة الشر التي زرعوها في خاليانا ‪ .......‬والعامل‬
‫المشترك في هذا هو ذبذبات سمعية أو فوق سمعية لها مظهر موسيقي ساحر ‪.، ......‬‬
‫تتضمن الذبذبات الفوق سمعية إيحاء جان ووسوسة إبليس واستفزاز شيطان ‪.....‬‬
‫اق محظور ‪ ،‬وكل‬
‫فيها دغدغة أحالم وتزيين حرام واُختَصار مسافات وتُحطُم ناموس واُختر ُ‬
‫ذلك رهن إشارة صغيرة من إصبع إبليس إلنسان ‪ ،‬والهدف إضاعة حق وبث شر وايقاع‬
‫ضرر وتدمير بشر ‪ ,‬فإذا اإلنسان دساها ساد الشيطان وقهر ‪ .‬أما إذا زكاها أفلح اإلنسان‬
‫وانتصر ‪ .‬ففي نفسه إلهام فجورها وتقواها ‪ ،‬وفي عقله ميزان الختيار الحكمـة و ِ‬
‫الع َبر ‪.‬‬
‫لوحظ أن إدمان المرء على سماع الموسيقى الصاخبة يؤدي لتشوهات دماغية خطرة‬
‫مؤقتة أو دائمة ‪ ،‬مما ُي َخ ِر ُ‬
‫ب البرامج العقلية والنفسية والبنيوية والوراثية للمدمن ويؤثر في‬
‫نفسيته‪ ،‬ومن أهم مظاهر تلك اآلثار الكآبة والقلق والتمزق النفسي والتشتت الفكري‬
‫واإلحساس بفقدان الذات وبوشيش وضجيج صوتي دائم في الدماغ ينتهي غالباً بالهلوسة‬
‫والجنون وبمظاهر التخلف العقلي والنفسي لدى المواليد الحديثـة لدى األجيال القادمـة‬
‫في الموسيقى الصاخبة دعوة للجان والشيطان لدخول دماغ اإلنسان واستجرار عملهم‬
‫تحيد عمل الروح القدسية‬
‫في الوسوسة والعبث بنفسية اإلنسان ‪ ،‬وأحد أشكال العمل هو ّ‬
‫وتعطيل برامجها في الخير والصالح ‪ ،‬والغاء دورها في الحياة اإلنسانيـة لصالح الشر‬
‫واألشرار‪ ،‬لهذا اتخذت بعض الفرق المتمـردة والخارجة على المألوف من الموسيقـى وسيلة‬
‫للتأثير على الدماغ والسيطرة على اإلنسان ‪ ،‬وجعلتها وسيلة اتصال وتقارب مع الشيطان‬
‫‪ ،..‬وصمموا لذلك موسيقى شاذة تتضمن ألحانها ذبذبات خطرة ‪ ،‬تسبب خلـالً وتخدي اًر‬
‫تحييد قسري ألعمالها ‪ ،‬واحدث استفزاز ونشاط ازئـد في مناطق‬
‫لبعض مناطق الدماغ و ّ‬
‫أخرى منه ‪ ،‬فينفصل عملهما عن بعضهما وعن عمل بقية الدماغ‪ ،‬فيفقد المخ جزءاً من‬
‫وعيه وادراكه ويقل اتزان المرء ‪ ....‬فيشعر المرء بأنه يطير في الهواء مثالً أو يحلق في‬
‫الفضاء ويتالشى ‪ ،‬أو يغوص في أعماق البحار والمحيطات ويذوب فيهما‪ ،‬وقد تغدو تلك‬
‫التشوهات دائمـة ‪ ،‬وغالباً ماتودي بصاحبها إلى الهالك والفناء ‪.‬‬

‫‪84‬‬
‫األغرب من ذلك هو أن بعض الفئات التأملية وغالباً ما يكونوا من غير المتعلمين‬
‫وحتى الصوفية منهم ( وعلى جهل منهم ) اتخذوا من الموسيقى الصاخبة ( والتي تدعى‬
‫بالزار) وسيلة للوصول ألعماق النفس البشرية وتقوية الكشف الروحي لديهم ‪ ،‬وصحيح أن‬
‫تحرر نفسية اإلنسان من الكبت وعقله الباطن من أسر العقل الواعي إال أن‬
‫تلك الطريقة ِّ‬
‫تلك الطريقة خطرة ‪ ...‬إذ تدخل صاحبها ساحة عمل الجان بسهولة وتجعله عرضة‬
‫للتعامل المباشر مع الجان‪ .‬ففي تلك الحفالت الصاخبة تحدث إثارة جنسية جماعية عنيفة‬
‫مصحوبة بفقدان الوعي واإلدراك وغيبوبة في العقل واالتزان‪ ،‬وغالباً ما تنتهي مثل تلك‬
‫الحفالت بممارسات واستباحات شاذة ال أخالقية يقودها جان وشيطان ‪.‬‬
‫والسؤال اآلن ‪:‬‬
‫هو كيف يؤثر الجان في اإلنسان عن طريق الذبذبات الموسيقية ؟‬
‫والجواب على ذلك هو كما يلي ‪:‬‬
‫عند سماع الموسيقى يحدث توافق وتجـاوب بين ذبذباتها وذبذبات األصوات التي‬
‫رافقت نشأة الخاليا الحية األولى والتي بقيت آثارها مخزونة في خاليا الدماغ ‪ .‬وهـذا‬
‫ويحرره ‪ .‬واذا كان التجاوب حاداً وقويـاً‬
‫التجاوب والتناغم يوقظ العقل الباطن الخاص َّ‬
‫ينشط الجان في ساحة العقل الباطن الخاص الذبذبي لإلنسان ويلعب دوره كامالً فيه‬
‫ويبث فيه ذبذباته الوسواسية واالستف اززية وكأنها فيروسات موجية فتاكة تشوش العقـل‬
‫الباطن وتسيطـر عليه وتفسد أداءه إن لم تعطبه وتهلك صاحبه ‪ .‬فالذبذبـات المتكررة‬
‫المسموع منها والالمسموع تؤثر بشدة على الغدد الهرمونية واألنزيمية وتسبب لها خلالً في‬
‫عملها وتجعلها تغير من معدالت إفرازها للهرمونات أو األنزيمات ‪ ..‬ولربما جعلتها تتوقف‬
‫عن اإلفراز كليـاً ‪ .‬وهذا يؤدي بدوره لفوضى في كيميائيـات الجسـد البشري وتفاعالتها وقوع‬
‫الخطر ‪ .‬ولكي ندرك أهمية دور هذه المركبات على اإلنسان يكفي أن نقول ‪ ،‬أنه لوال‬
‫وجود األنزيمات في أجسامنا الحتجنا أربعين ألف سنةٍ كي نتمكن من قراءة هذه‬
‫الصفحة من الكتـاب ‪ .‬وما اإلجهاض وعدم الحمل وكذلك العيوب الوراثية والتشوهات‬
‫الخلقية وحتى التوأمية والخنوثة والتوائم الملتصقة واألمراض النفسية ما هي إال نتيجة لهذا‬

‫‪85‬‬
‫التدخل والتداخل الذبذبي الصادر عن الجن في العقل الباطن الخاص لكل من األب واألم‬
‫والجنين ‪.‬‬
‫يظن البعض أن موضوع تلك األشعة غير واقعي وليس هناك أي دليل على وجود‬
‫مثل هذا التأثير الموجي الذبذبي‪ .‬ولكن نقول إن األدلة كثيرة‪ ،‬فلكل كائن أس ارره في هذا‬
‫يولد أمواجـاً فوق صوتية ترددها حوالي (‬
‫الميدان فمثالً الخفاش ‪ :‬هو طائر ثديي أعمى ّ‬
‫‪ 80‬ألف هرتز ) يطلقها ليرسم بها خريطة آنية للبيئة حولـه ‪ .‬ويرى صدى األمواج المرتدة‬
‫بأذنيه ألن سمعه شديد في المجال فوق الصوتي ‪ .‬وهناك أمثلة كثيرة على ذلك فمثالً‬
‫أسماك القرش والدالفيـن تسمع وترى وتتكلم بأمواج فوق صوتية ال ندركها نحن البشر ‪،‬‬
‫لكنها ترى بتلك األمواج ما بداخل أجسادنا ‪ .‬ونحن من وجهة نظرها لسنا أكثر من أكياس‬
‫بالستيك شفافة مملوءة باألحشاء ‪.‬‬
‫بعض الحيوانات كالقطط والكالب يصيبها ذعر ورعب شديد أثنـاء وقوع الزالزل‬
‫والكوارث وبما ال يتناسب مع حجم الحادثة فتأخذ بالجري والصياح والنباح والزعيـق وكأنه‬
‫مقضي عليها ال محالة ‪ ....‬والسبب الحقيقي في ذلك ليس سماعها ذبذبات احتكاك ذرات‬
‫ٌ‬
‫الصخور العالية التردد ‪ ،‬بل هو في رؤيتهم للجان وهم في حالة غير مألوفة من النشاط‬
‫والهياج والبث ‪ ...‬فمثل تلك الذبذبات تثير الجن وتجعله يهتاج وينشط في بثـه‬
‫ولربما كان العكس هو الصحيح ‪ ...‬أي ربما كانت الزالزل والكوارث هي من عمل‬
‫الجان حيث ينجزونها بالبث الذبذبي الموجه لذرات الصخور وحدوث تجاوب بينهما ‪..‬‬
‫ربما تضمنت اآلالت الميكانيكية واألجهزة الكهربائية واإللكترونية التي اخترعهـا‬
‫اإلنسان وكذلك الطائرات والسفن البحرية ترددات موجية عالية الذبذبة‪ ،‬مما أثار الخوف‬
‫والرعب أو الكآبة والحزن في نفوس الحيتان وبعض فصائل الجرذان ظناً منهم أن تلك‬
‫الترددات صادرة عن الجن وبطريقة ليست مألوفة لهم من مئات الماليين من السنيـن ‪،‬‬
‫فصاروا يفضلون االنتحار على خضوعهم لمثل هذا األزيز الصادر عن الجن‪ ،‬والحقيقة‬
‫التي ال يدركوها أن الذي يزعجهم هو اإلنسان صانع الحضارات العظيمة ‪ .‬فهو يمارس‬
‫دور الجن والشياطين معاً دون أن يدري !!! ‪.‬‬

‫جهاز التوازن الكوني‬

‫‪86‬‬
‫يوجد في األذن الداخلية لإلنسان وربما عند بعض الحيوانات جهاز حساس دقيق جداً‬
‫عرف على رؤوسنا‬ ‫‪ ....‬ومن مهام هذا الجهاز أنه يجعلنا ندرك به أعضاء جسدنا وأن نت ّ‬
‫من أرجلنا ‪ ،‬وأن ندرك إحداثيات موقعنا في غرفتنا وبيتنا وبلدنا وفي الكرة األرضية ‪ ،‬تلك‬
‫هي حاسة التوازن فينا ‪ ..‬وتلك الحاسة تعمل بطريقة ميكانيكية بيولوجية فـذة فـي جسدنا ‪،‬‬
‫مثل عمل جهاز الجيروسكوب في توجيه الطائرات والصواريخ وموقع جهازها هو في األذن‬
‫‪.‬‬
‫الحقيقة أن لدى اإلنسان جهازان ‪ ...‬في كل أذن جهاز ‪ ،‬وعمل كل منها يشبه عمـل‬
‫آالف الموازين الدقيقة المنصوبة ‪ ،‬ولها أثقالها التي تتوازن بها‪ ،‬وتلك األثقال ما هي إال‬
‫أحجار متبلورة من كربونات الكالسيوم الدقيقة جداً والتي ال تُرى بلوراتهـا إال بالمجهر‬
‫اإللكتروني ‪ ،‬وتبدو تلك األثقال كصخور متراكمة فوق بعضها البعض وقابلة للحركـة‬
‫والتدحرج على بعضها البعض لتضغط على أهداب شعـرية دقيقة جداً وتحنيها مسجلة‬
‫أدنى ميالن في وضعية الرأس ‪ .‬لحظتها يتولد لدى اإلنسان شعور بالميالن وبمقداره ‪،‬‬
‫وتصل دقة هذا الجهاز لجزء من مائة ألف من الدرجة القوسية الواحدة ‪ .‬كما أن هذا‬
‫صمـم للتعامل بدقة مع الجاذبية األرضية وكأنه جيروسكوب بيولوجي يعمـل على‬
‫الجهاز ُم ّ‬
‫حفظ توازننا دون دوران واال سوف نحيد عن خط سيرنا في كل مرة نسير بهـا ‪ .‬أو كأنه‬
‫نواس أو بندول معلق في رؤوسنا ليحفظ توازننا ‪.‬‬
‫ولكي ندرك دقة األمواج الذبذبية وقصر طول موجتها وفائقية تردداتها ‪ ،.‬نقـول أن‬
‫بإمكان طبلة األذن أن تهتز لدى سماعها األصوات الضعيفة بسعة اهتزاز من رتبة قطر‬
‫الذرة الواحدة ‪ ،‬وفي حالة أعلى األصوات فإنها تهتز بسعة من رتبة قطر الجزئ المادي‬
‫وأن طاقـه مقدارها جوالً واحداً فقط ( وهي طاقة ليست بالكبيرة ) إال أنها كافيـة ألن تجعل‬
‫طبلة األذن تهتز باستمرار وبدون توقف لمدة تزيد على عشرة مليـون مليـون سنة فيما لو‬
‫بقيت تلك األذن سليمة دون فناء ‪ .‬إذن كم هي رقيقة وجميلة وحساسة تلك األذن البشرية‬
‫بما تتضمنه من أجهزة رائعة ؟؟ وكم هي هائلـة في حساسيتهـا !!؟؟‪.‬‬
‫وبالرغم من هذه الحساسية العالية جداً لألذن أال أنها غير قادرة على التقاط اإلشارات‬
‫الذبذبية التي يبثها الجان ‪ ،‬أو تلك التي تشكل بنية أجسامهم فال تراهم العين ‪ .‬لكـن في‬

‫‪87‬‬
‫جسد اإلنسان أجهزة لها حساسية ُم ِ‬
‫فرطة أكثـر من األذن قادرة على إدراك الذبذبـات‬
‫الموجية الصادرة عن الجان أو تلك التي تدخل في تركيب أجسادهم ‪ .‬وهو العقل الباطن‬
‫وسوف نرى في الفصول القادمة ما يوضح هذه الفكـرة ‪.‬‬

‫****************************************************‬

‫ــــــــــــــــــــــ‬
‫الفصل العاشر‬
‫العيـن الثالثـة‬
‫يوجد في دماغ اإلنسان غدة خاصة بحجم حبة الذرة ليس لعملها أية عالقة بالحواس‬
‫الخمسة التي ال تدرك األحاسيس المطلقة بل النسبية وتجسيدها في الدماغ ‪ ،‬ويساعدهـا‬
‫في ذلك خيط خفي أثيري ينحدر من وسط الدماغ إلى العمود الفقري ويمتد على امتـداد‬

‫‪88‬‬
‫طوله ‪ .‬ومن خالله تسيل الطاقات الحاذقـة ( الزيت الذهبي ) وتنتشر في كل فـروع شجرة‬
‫األعصاب ( شجرة الحياة ) لدى اإلنسان ‪.‬‬
‫قديماً لم يكن يعرف عملها فسميت جسماً صنوبرياً ‪ .‬ولكن عندما عرف أنها تفرز‬
‫هرموناً هو الميالتونين سميت بالغدة الصنوبرية ‪ .‬ومع مرور الوقت تزايـدت معارفنا حول‬
‫هذه الغدة وأهميتها ‪ .‬فهي أول غدة تتشكل عند اإلنسان ‪ ،‬وتتكون بعد ثالثة أسابيع من‬
‫أإللقاح‪ ،‬وال يبدأ إفرازها إال بعد ثالثة أشهر من عمر الوليد‪ .‬ومن هنا كانت معاناة األهل‬
‫من عدم نوم الوليد خالل تلك الفترة وبكاؤه المستمر الذي ال ينقطع ‪ ،‬وطبعاً سببه هو ندرة‬
‫وجود ذلك الهرمون في دم الوليد‪ ،‬وربما كان سبب بكائه أال متوقف هو رؤيته للجن‬
‫والعفاريت من حوله وعبثهم ونخسهم المستمر لجسده إزعاجاً لألهل علهم يكرهون تلك‬
‫الهدية اإللهية‪ ،‬وتلك هي اللوثة الثانيـة التي يتعرض لها الوليد بعد اللوثة البكائيـة األولى‬
‫الوالدية ‪ .‬فما من طفـل إال ونخسه الشيطان عند والدته إال عيسى بن مريـم وسيدنا‬
‫ومحميين منه ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫محمد (ص ) فقد كانا معاذين من الشيطان‬
‫يزداد إفراز هذا الهرمون بغ ازرة للقمة من سنة إلى ثالث سنوات من عمر الطفل ‪ ،‬ثم‬
‫يتناقص بمعدل (‪ )%50‬منه عند قمة الطفولة حتى يستقر نسبته عند البلوغ‪ .‬عندها يعود‬
‫الجان والشياطين للعبث بجسـد ونفسيـة الشاب اليافع الضمحالل الدرع الميالتوني أو ربما‬
‫انهياره ‪ .‬ويتم زوال هذا الدرع كلياً في السنوات المتقدمة من العمر ‪ .‬عندها يظهر عبث‬
‫الجان والشيطان في جلياً في تلك المرحلة ‪ ،‬وهذا ما يفسر ما يعرف بجهل الكبـر لدى‬
‫المسنين وكذلك رؤيتهم لألحالم المزعجة ووقوعهم في األمراض‪ .‬ولعل أحد أسباب إصابة‬
‫اإلنسان بالسرطـان هو التع ّـرض للضوء الشديد أوالضوء الصناعي ولفتـرات طويلة واإلنسان‬
‫صاح ًٍ‪ ..‬أي أثناء النهار‪ ،‬فمثل تلك الظروف ربما تخفض نسبة هرمون الميالتونين‬
‫بشدة‪ ،‬مما يعني أن السهر الطويل هو من األسباب األساسية المؤدية النهيار صحة‬
‫اإلنسان وتهيئة جسده لعبث الجن وانهاكه باألمراض ‪.‬‬
‫لتلك الغدة تركيب يشبه لحد كبير تركيب العين الحقيقية ففيها عدسة وشبكية وعليها‬
‫منطقة شفافة ال تحجب الضوء أو أية إشعاعات أخرى ‪ ،‬ومع ذلك فهي ال تؤدي عمـل‬
‫معدة اللتقاط أنواع أخرى من األمواج ذات ترددات خاصة محددة‬
‫العين العادية ‪ ،‬وكأنها ّ‬

‫‪89‬‬
‫غير تلك التي لألمواج الضوئية‪ .‬وصحيح أن الضوء هو أشعة صامتة مسموعة من ِقَبل‬
‫آلة العين ‪ ،‬إال أنه ليس هو الذي تتعامل معه الغدة الصنوبرية وليس مسموع لها ‪.‬‬
‫إذن هذه الغدة ليست مخصصة للسمع وال للنظر بل هي مخصصة للرؤية السمعيـة‬
‫ذات الترددات العالية جداً‪ .‬واعتقد البعض أنها عضـو الرؤية الروحيـة عند اإلنسـان ووسيلة‬
‫االتصال بالعالم المطلق الذي يحتوي الوجود وما فيه‪ ،‬ألن تلك الغدة كانت نامية ونشطة‬
‫قبل ماليين السنين ‪ ،‬وكان موقعها على سطح الرأس وفي مؤخرته ‪ ،‬ومع تطور الحياة‬
‫وخشونـة العيش تصلبـّت هذه العين وغاصت شيئاً فشيئاً في الجمجمة وتحولت لعين ثالثة‬
‫داخلية ‪ .‬لكن مازالت موجودة كعين فعلية ثالثة في بعض الفقاريات البدائيـة أما في‬
‫الفقاريات الراقية فلوحظ ضمور وانحالل العصب المتصل بتلك الغدة مع تقـدم السن ‪.‬‬
‫ورغم ضمورها وزوالها من العديد من الكائنات الحية مازال البعض يعتبرهـا عيناً أثرية ‪.‬‬
‫قد تظهر تلك العين في حاالت نادرة على جبين اإلنسان ‪ .‬وما قصص السيكلوبيين‬
‫( السيكلوب هو إنسان أسطوري له عين واحدة في منتصف جبينه ) بغريبة وقد وردت‬
‫قصصهم في األساطير اإلغريقية القديمة ‪ .‬كما أنها تظهر في بعض الحيوانات واألفاعي‬
‫بشكل خاص مثل ( أم األجراس )‪ ،‬إذ تسلك تلك العين عندها سلوك كامي ار حية ح اررية‬
‫ترى في الظالم الدامس أكثر مما ترى في النهار ‪ ،‬وماعدا ذلك فاألفعى صماء ال تسمع‬
‫فاألفعى ترى الجان والشياطين وهي األكثر عداءاً لإلنسان وملعونة مثل الشياطين‪.....‬‬

‫االكتشاف املفاجئ ‪:‬‬


‫أتت المفاجأة أال متوقعة في األربعينيات من القرن الماضي ‪ ،‬إذ اكتشف أن في تلك‬
‫العين أجهزة إرسال واستقبال فريدة من نوعها ‪ ،‬وتتعامل تلك األجهزة مع أمواج ليست‬
‫ضوئية ‪ ،‬وهذه العين الثالثة ( الغدة الصنوبرية ) عند اإلنسان مملوءة بعنصر الفوسفور‬
‫الغني باإللكترونات ومتصلة بجزء من الدماغ اختصاصه استالم إشارات معينة والتعامل‬
‫معها ‪ ،‬حيث كان سقف جمجمـة اإلنسان األول والقديم مفتوحاً ومهيأً لوصول مثل تلك‬

‫‪91‬‬
‫اإلشارات بغ ازرة وبدفق كبير إلى تلك الغدة‪ ،‬وظاهرة الجمجمة المفتوحة‪ ..‬فتحة اليافوخ‬
‫تالحظ عند جميع األطفال حديثي الوالدة ‪ ،‬وتحتاج قرابة ستة أشهر كي تغلق هذه الفتحة‬
‫وفي الحالة الجنينية التي يمر فها الجنين بمراحل التطور السمكي والضفدعي والزاحفي‬
‫تكون مغطاة بغشاء واسع يدعى غشاء اليافـوخ ‪ ،‬حيث يمكن لدماغ الجنيـن أن يرسل‬
‫ويستقبل من خالله إشا ارت ( رسائل ) ذات ترددات خاصة تتجاوز أعدادها البالييـن‬
‫ومن خاللها تتحاور هذه الغدة لدى الجنين مع كل البيئة المحيطة به ‪ ،‬أي مع كل الكون‬
‫المحيط به ‪ ،‬وبكلمة أخرى تتحاور مع العقل الباطن الشامل ‪ ،‬وعبره ربما تتلقى الروح‬
‫الجسدية طاقتها لتنفيذ األمر اإللهي بالخلق والتكوين ‪ ،‬لهذا السبب يبقى اليافوخ مفتوحـاً‬
‫لدى المولود عدة أشهر بعد الوالدة ليؤمن االتصاالت ووصول اإلشعاع للغدة الصنوبرية‬
‫مع عدم وجـود حاجز عظمي ‪ ،‬ويستمر ذلك األمر حتى تمام اكتمال التخلق واغـالق فتحة‬
‫اليافوخ عندها يدب الطفل على قدميه كائناً كامالً روحاً وجسداً ‪.‬‬
‫تمثل الغدة الصنوبرية الساعة البيولوجية عند اإلنسان ‪ ،‬بسبب تأثرها بالفترة الضوئية (‬
‫نسبة زمن ضوء النهار‪ /‬زمن ظالم الليل) ‪ ،‬وهي تحس وتتحسس باألمواج الح اررية‬
‫واألشعة تحت الحمراء وبإشعاعات أخرى موجية عديدة غير معروفة الذبذبات‪ .‬مما يدل‬
‫على أنها كانت قديماً ترى أشياء ال نراها اليوم ‪ ،‬وبما أن طبيعـة الجن من مارج النار (نار‬
‫السموم ذات الطبيعة الكهربائية الوحيدة القطبية ) كان األقدمون يرونهم ويتعايشون معهم‬
‫ويجزرونهم وينهرونهم ويلعبون بهم‪ ،‬فقد كانـوا في نظر األقدمين آنذاك كالقردة في عالمنا‬
‫اليوم ‪ ....‬حيث ال كرامة لهم وال كمـال ‪.‬‬

‫سر امليالتونني ( هرمون الظالم )‬


‫كان اكتشاف سر هرمون الميالتونين المفاجأة األعظم في موضوع االتصاالت بين‬
‫العقل الباطن الشامل والعقل الباطن الخاص لإلنسان ‪ ،‬فهذا الهرمـون موجـود في كل‬
‫الكائنات الحية بدون استثناء وحتى في وحيدات الخلية ‪ ،‬وتركيبه وصيغته هي ذاتها لـم‬
‫يلمح إلى أن تلك الكائنات ترى‬
‫تتغير في أجسادها لمدة تزيد على ثالثة باليين سنة‪ .‬مما ّ‬
‫فرزه الغـدة الصنوبريـة ليالً وذروة إف ارزه تكون عند الفجر‬
‫الجن باستمرار‪ .‬وعند اإلنسان تُ َ‬

‫‪91‬‬
‫ولحظة بزوغ الشمس ‪ ،‬ويتوقف إنتاجه نها اًر‪ .‬والمهم هو حلول الظالم ليتم توليده ألن‬
‫الضوء الوارد على شبكية العين يجعلها ترسل نبضات عصبية إلى الغدة الصنوبرية تجعلها‬
‫تقف عن إنتاجه‪ .‬وبالتالي له دور في الساعة البيولوجية لـدى األحياء‪ .‬وتََوْفـر هذا الهرمون‬
‫في الجسم يكسبه صحة ومناعة ضد الجراثيم واألمراض ويزيد من عـدد الخاليا المناعية‬
‫في الدم تلك التي تقهر جنود الجن والشياطين من جراثيم وفيروسـات وبكتيريا ‪ .‬لذلك‬
‫كانت أفضل ساعات الصحو من النوم عند اإلنسان هي ما قبل الفجـر مباشرة حتى‬
‫لحظات بزوغ الشمس وشروقها ‪ .‬حيث يستفيد اإلنسان من ذلك الهرمـون وهو في قمـة‬
‫غ ازرته ‪ ،‬مما يحفظه من الجان والشياطين ويثبط عملهم ويجعل المـرء ينجز أعماله طيلة‬
‫النهار وهو بكامل حيويته ونشاطه وبسعادة ونشوة ال نظير لهما‪ ،‬ألنه يكسب المرء حيويةً‬
‫ونضارة وشباباً دائمين ال هرم معهما ‪ ،‬ويضبط الساعة البيولوجية لإلنسان فيثير النوم لديه‬
‫في فترة محددة ويوقظه في فترة محددة ويخفف القلق والكآبـة عنده ( والتي ربما كان للجن‬
‫والشياطين النصيب األكبر فيهما ) ‪ .‬ومن صفاته الكيميائية عمله كمضاد للتأكسد وتثبّيط‬
‫الجذور الحرة المحبة لإللكترونات والهادمة ألنسجة الجسم وخالياه ‪ .‬فهذا الهرمون يكنس‬
‫تلك الجذور بأن يعطيها إلكترونات فتُلغى عملية التأكسد في الجسد البشري ويؤخر ترهل‬
‫الخاليا مما يقيه من األورام الخبيثة وتصلّب الشرايين‬
‫يق ُل إنتاج هذا الهرمون مع تقدم العمر ‪ ،‬وتقل مناعة الجسم وتزداد األمراض ‪ .‬ووجد‬
‫أن أحد أسباب نشوء السرطان هو الضوء الصناعي الشديد الذي يحرم اإلنسان من النوم‬
‫ويؤدي النخفاض إفراز هذا الهرمون ‪ ،‬مما يعني أن السهر ضار جداً بالصحة عمومـاً‬
‫والصحة النفسية خصوصاً ‪ ،‬وربما أدى ذلك النهيار عقل اإلنسان ونفسيته ‪.‬‬
‫يؤثر انخفاض الميالتونين في الـدم بشكل كبير على الجهاز العصبي لإلنسان وعلى‬
‫صحته الجسدية بشكل عام ‪ ،‬مما يفقده نعومة الحياة وسعادتها ويحدث في عقله الواعي‬
‫خلالً وفي عقله الذاتي ضعفاً ‪ ،‬وقد يمر المريض بحـاالت من الغيبوبة وفقدان الوعي مما‬
‫يهيئ فرصاً واسعةً لتحرر عقله الباطن وخضوع المريض له ‪.‬‬
‫لربما أثناء تحرر هذا العقل الباطن وانطالقه في ملكوت اهلل تكون الفرصة مهيأة له‬
‫لدخول عالم الجن وااللتقاء بهم ‪ ،‬حيث يسهل على ذبذباتهما التالقي معاً وانتقال صـور‬

‫‪92‬‬
‫ذلك العالم لدماغ المريض ‪ ،‬وهي صور متحركة لجن يرتع ويمرح ويرقص ويعبـث ‪ ،‬وهـذا‬
‫يفسر التخيالت والتهيوآت والهلوسـات والكوابيس التي يعاني منها المرضى في حالة‬
‫ما ّ‬
‫دخولهم في غيبوبة أو في حالة إغماء ‪ ،‬وكذلك فقدانهم الشعـور بالزمن وخلالً في الساعة‬
‫البيولوجية لديهم‪ .‬بحيث ال يعد يدري اإلنسان في أية ساعة هو عندما يصحو وهل الوقت‬
‫صباحاً أم هو يوم آخر ‪ ،‬ويتساءل كم مر عليه من الوقت وهو نائم ‪ ،‬لربما ظن أنه نام‬
‫يوم أو أكثر ‪ ،‬وعاش في نومه قصـة مرعبة أكثر أبطالهـا جن وعفاريت ومردة ‪ .‬وهذا‬
‫سببه انخفاض الميالتونين وتزايد نشاط الجن في جسده ومخيلتـه ‪.‬‬
‫نوم القيلولة الطويل ال يزيد من إفراز هذا الهرمون في الدم ‪ ،‬مما يسبب خلالً فـي‬
‫الساعة البيولوجية لإلنسان ويفقده الشعور بالزمن‪ ،‬وعندما يصحو ال يدرك في أي ساعة‬
‫مساء أم هو يوم آخر ؟ ولربما ظن أنه قد نام‬
‫ً‬ ‫هو ‪ ......‬ويتساءل هل الوقت صباحا أم‬
‫ده اًر مديداً وعاشر جناً وعفاريتاً وشياطين ومردة ‪.‬‬

‫إذن السهر‬
‫هو سبب الكثير من األمراض النفسية والعقلية فهو يخفض هرمون الميالتونين ويجعل‬
‫اء وعرضةً للذبذبات المختلفة ‪ ......‬الوسوسة واالستفـزاز‬
‫الجهاز العصبي لإلنسان هو ً‬
‫الصادرة عن الجن وسواهم بالبث واإليحاء والواصلة لإلنسان من البعد السادس وعبـر‬
‫العقل الباطن الخاص لديه ‪ ،‬والذي هو أيضاً ساحة عمل الجن والشياطين بال استثناء ‪،‬‬
‫لهذا يغدو اإلنسان كئيباً نزقاً شري اًر وتقل مناعة جسده في مقاومته لألمراض النفسيـة‬
‫والجسدية والتي يسببها الجن والشياطين ‪.‬‬
‫****************************************************‬
‫ـــــــــــــــــــــ‬
‫الفصل الحادي عشر‬
‫الشاكـ ارت‬
‫دوامـات أعاصير الطاقة الحيوية‬

‫‪93‬‬
‫تتضمن الحضارة الهندية القديمة أفكا اًر غايةً في الذكاء والجمال والعمق الفلسفي‬
‫حيث أمكن بواسطة هذا الفلسفة الشرقية التوصل ألشياء وظواهر لم يتمكن العلم الحديث‬
‫من تفسيرها بعد ‪.‬‬

‫فهم يعتقدون ‪:‬‬


‫أنه باإلضافة للجملة العصبية الحسيـة في الجسد البشري يوجد جهاز آخر أثيـري‬
‫يتكون من قناة ضيقة أثيرية ( سوشومنا ) تمتد داخل النخاع الشوكي لتصل بين الغدتين‬
‫ّ‬
‫الصنوبرية والنخامية الواقعتين في وسط الدماغ من طرف ومنطقة ( كانـدا ) في أسفل‬
‫العمود الفقري من الطرف اآلخر ‪ .‬وتوجد في منطقة كاندا كرة ملتفة على ذاتها للطاقة‬
‫الكونية أسمها ( كونداليني ) ‪ .‬وطبيعتها كهرباء حيوية كأنها نار كامنة عظيمة متّقـدة‬
‫ويسيل في تلك القناة الطاقات الذكية األثيرية ( البرانا ) ‪ .‬واعتقدوا أن تلك الطاقـات‬
‫األثيرية ماهي إال الزيت الذهبي الذي يغذي شجرة الحياة لدى اإلنسان وتنتشر في كل‬
‫الجسد بواسطة أعصاب أثيرية أيضاً ‪ .‬ويعتبر أصحاب هذه الفلسفة أن كالً من هاتيـن‬
‫مخ حقيقي كامل‪ .‬ولهما قطبيتان كهربائيتان متعاكستان‬
‫الغدتين الصنوبرية والنخامية هي ٌ‬
‫األولى منهما ذات شحنة موجبة ( ذكريه)‪ ،‬واألخرى ذات شحنة سالبة (أنثوية) ‪ .‬ويحيط‬
‫بكل منهما هالة ذهبية ينبثق منهما باستمرار نبضات موجية ذبذباتها متعددة ال حصر لها‬
‫ولكل واحدة من تلك الموجات دور ومهمة خاصة مع العقل الشامل ‪.‬‬
‫تلتقط الغدة الصنوبرية قدرة البرانا الموجبة الذكرية الواردة من الشمس وتركزها في قمة‬
‫الرأس ‪ ،‬بينما تجذب الغدة النخامية قوى البرانا السالبة من األرض وتدفعها باتجـاه األعلى‬
‫إلى الرأس وتركزها بين الحاجبين ‪ .‬وتعمل طاقة الب ارنـا الموجبة نحو األسفل بينما تعمل‬
‫الطاقة السالبة نحو األعلى وبتوازن وانسجام فيما بينهما عبر القناة الرئيسـة سوشومنا ‪،‬‬
‫ويتقاطع مسلكي هاتين الطاقتين عند نقاط سبعة تدعى بالشاكرات ‪ .‬وهكـذا تكون كل شاك ار‬
‫هي نقطة تقاطع دوامات أعاصير الطاقات األثيرية المذكرة والمؤنثـة في الجسد البشري ‪،‬‬
‫وهي تتوزع على امتداد العمود الفقري من أسفله حتى قمة الرأس وهذه الدوامات‬
‫اإلعصارية هي ‪:‬‬

‫‪94‬‬
‫‪ -1‬الدوامة الحوضية ‪ :‬وهي ضفيرة عنصر التراب ومخزن القوة الكونية بكاملها‬
‫وموقعها بين الشرج والعضو التناسلي ‪.‬‬
‫‪ -2‬الدوامة الخشلية‪ :‬وهي ضفيرة عنصر الماء ومقعد السعادة وموقعها بين السرة‬
‫والعانة‬
‫‪ -0‬الدوامة الشمسية‪ :‬وهي مركز النـار والطاقة الغذائية والشهـوات والرغبات‬
‫ومقعد الجان ومركز عمله في جسد اإلنسان ‪ ، ...‬وموقعها عند السرة ‪ .‬ولعل‬
‫عادة كشف السرة لدى النساء في الهند القصد منه زيادة الطاقة الجنسية لديهن‬
‫لتلقي المزيد منها أو بالعكس ‪ ،‬أي لتخفيفها بكشفها للهواء ‪.‬‬
‫‪ -1‬الدوامة القلبية ‪ :‬وهي مركز الهواء والتنفس وموقعها في منطقة القلب ‪.‬‬
‫‪ -2‬الدوامة البلعومية‪ :‬وهي مركز طاقة األثير والحياة وموضعها منطقة الحنجرة‬
‫‪ -8‬الدوامة العقلية ‪ :‬وهي مركز العقل وموقعها بين العينين والحاجبين ‪.‬‬
‫‪ -1‬الدوامة الدماغية‪ :‬وهي مقعد اإلله في الجسد البشري وضفيرة األعصاب فيه‬
‫وموقعها في قمة الرأس ‪ .‬يبين الشكل التالي مواضع تلك الدوامات‬

‫‪95‬‬
‫كما يعتقد هؤالء الفالسفة ‪:‬‬
‫أن الغدة النخامية تتطابق مع الحس العقلي عند اإلنسان أو ما يسمى بالحاسة السادسة‬
‫( وموقعها موجود فينا) ‪ ،‬بينما تتطابق الغدة الصنوبرية مع الحس الروحي أو ما يسمى‬
‫بالحاسة السابعة (وموقعها في الكون المحيط بنا) ‪ .‬مما يؤكد على وجود اتصال تبادلي‬
‫مثير بين العقل الباطن الخاص والعقل الباطن الشامل‪ .‬وعند حدوث تجاوب أعظمي بين‬
‫هاتين الحاستين وهذين العقلين تنفتح العين الثالثة عين البصر والبصيرة واللب والفؤاد ‪،‬‬
‫وينكشف لها من أسرار الكون ما يعجز الفكر البشري عن اإلحاطة به أو إدراكـه ‪.‬‬
‫وجد أنه باإلمكان تطوير المواهب الروحية ( الحاسة السابعة ) عند اإلنسان وذلك‬
‫بإثارة وتنشيط الغدة الصنوبرية لديه ‪ ،‬فهي في الحاالت العادية غافلة وسابته لديه ولمدة‬
‫طويلة من الزمن ‪ .‬ويتم ذلك األمر بممارسة رياضات اليوغا المختلفة ‪ ،‬وكلمـة يوغـا تعني‬
‫سحب العقل وتجريده من المادة وتركيزه على األلوهية ‪ ...‬ليصل في ذروته لحالة اتصال‬
‫واتحاد مع اهلل ‪.‬‬
‫تساعد هذه الرياضة في السيطرة على جميع األعضاء الالإراديـة وضبطها لـدى‬
‫اإلنسان والتحكم بها ‪ ،‬كما أن تلك الرياضات قادرة على إحيـاء مراكز الطاقة السبعة‬
‫وايقاظ القدرة الواعية األثيرية الكامنة في كونداليني وتحويلهـا لطاقة ديناميكية ‪ ،‬عندها‬
‫كلي‬
‫يذوب الجسمان المادي واألثيري معاً ويجذبـا إليهما القدرة اإللهية ‪ ،‬ويصبح اإلنسـان ّ‬
‫المعرفة والحكمة ‪ ،‬ويكشف له كل العلـوم والكلمات التي علمه اهلل إياها في عالـم التسوية‬
‫األولى ( أي في عالم نشأته األولى )‪ .‬ويغدو عندها اإلنسان جديداً سامياً وينتقل فكره من‬
‫الجسم المادي إلى األثيري إلى العاطفـي إلى العقلـي حتى يصل أخيـ اًر إلى المحبة والقدر‬
‫واإلدراك والـروح الكاملـة ‪ ،‬ويصبح قاد اًر على تحقيق الوحدة مع اهلل وتحقيق ما يريد ‪.‬‬

‫وما هو دور اجلنس يف هذه الظواهر ؟ ‪.‬‬


‫يظن هؤالء الفالسفة أن الجنس والنشاط الجنسي يشوش هاتين الحاستين ‪ ،‬أو بكلمة‬
‫أخرى أنه ُي ْحِدث خلالً في انتقال الطاقات األثيرية الكونية إلى الجسد وفوضى في حركة‬

‫‪96‬‬
‫الطاقات األثيرية بين الدوامات ‪ ،‬مما يضعف االتصال فيما بينهما ‪ ،‬لذلك ينصح هؤالء‬
‫الفالسفة بعدم المبالغة في ممارسة الجنس ‪ ،‬واألفضل لديهم هو تركه والتخلي عنه نهائياً‬
‫لعدم ضرورته ولما يسببه من أذى لإلنسان‪ ،‬لكن تشير الدراسات واألبحاث البيولوجيـة‬
‫والنفسية والروحية الحديثة إال أن العكس هو الصحيح !‪ .‬إذ اكتشف أن الجنس هو حاجة‬
‫ضرورية لألحياء وأساس حياتها ووجودها الواعي المادي والروحي والنفسي وهو ليس‬
‫ظاهرة كمالية أو دخيلة على النفس البشرية كما يدعي هؤالء الفالسفة ‪ .‬فالجنس هـو‬
‫بحت ويرتبط بالبعدين السادس و السابع‬
‫روحي ٌ‬ ‫غريزة فطرية للنفس الحية ‪ِ ...‬‬
‫دافعه‬
‫ٌ‬
‫الروحيين ‪ .‬وتتركز شجرته في العقل الباطن الخاص لإلنسان الخاضع للعقل الشامـل‬
‫المؤتَ ِمر بأمر اهلل ‪.‬‬
‫ُ‬
‫إذن ‪ :‬الجنس هو الوسيلة المادية الوحيدة السريعة التي يصل بها الشعور والالشعور‬
‫اإلنساني إلى الحقيقة المطلقة مباشرة ‪ ,‬وتبقي اإلنسان على ٍ‬
‫قدر من االتصال بالحقيقة‬
‫المطلقة عبر العقلين الخاص والشامل ‪ ,‬ويصل اإلنسان باهلل ‪ .‬لذلك كان الزواج نصف‬
‫الدين ففيه إستباحة مباحة للجنس ‪ ,‬واتصال حسي بالحقيقة المطلقة وانجاز شموليـة‬
‫الوعي واإلدراك وتحقيق وجود الذات في هذا الوجود ‪ .‬أي هو جسر ( ظاهره مـادي‬
‫غريزي وحقيقته روحية مطلقة ) يصل بها كينونة الوجود اإلنساني الحـي إلى الحقيقة‬
‫المطلقة ‪ ،‬وخالله ينسل برنامج حياة كينونة أخرى فتنبثق في الكون خلق جديد‪ ،‬حتى أن‬
‫الحيوانات على بساطة وعيها تعرف سر هذه الوسيلة في التناسل وتعيش حقيقتها كاملة‪،‬‬
‫مما يبقيها دوماً سعيدة مطمئنة ومسبحة خالقها وعلى صلة كاملة بالعقل الباطن الذبذبـي‬
‫ومع أنها تعيش بروحها الدونية مع الجان إال أنها ال تخاف في عالمها أحداً سوى خالقها‬
‫وخانقها ‪.‬‬
‫بعضهم رغم وعيه وادراكه تغاضى عن تلك الحقيقة واعتبرها شهوة حيوانية تُبعد‬
‫ٍ‬
‫فلسفات وقيـوَد وآراء‬ ‫اإلنسان عن الشفافية الروحية واالتحاد بالذات اإللهية ‪ ،‬ووضعوا‬
‫تُحظّر حتى من مجرد التفكير بها ‪ ،‬وعمدوا إلى تكريه الناس بها ‪ ،‬وبعثوا في النفـوس‬
‫النفور واالشمئزاز من ممارستها ‪ ،‬ووضعوا قوانين اجتماعية صارمة وعقبات جمـة‬
‫لممارستها ‪ ،‬ووصل األمر لدى بعضهم أن أعتبر الجنس محرماً أو خطيئةً أو رجساً من‬

‫‪97‬‬
‫عمل الشيطان وعلى البشر اجتنابه ‪ ،‬وهدفهم من ذلك هو السيطرة على عقول النـاس‬
‫والتحكم بأسلوب حياتهم إلبقائهم أسرى فلسفات وأهواء العلمية والمنطقية ‪ ....‬وبالتالي لـم‬
‫تَح ّل هذه الفلسفات أية مشكلة بل على العكس زادت األمر سوءاً ‪ ......‬وازدادت النفوس‬
‫كبتاً واحباطاً وأوصلت الناس لطريق مسدود بعد أن سببت لهم على مر الدهور كوارث‬
‫وصراعات وآالم وأمراض نفسية ال حصر لها ‪ ...‬وما الحروب والفتن التـي شهدتها‬
‫البشرية منذ ظهورها وحتى اآلن إال نتيجة لمثل تلك الفلسفات الفكرية الالعلمية ومن‬
‫أشهر تلك الطرق ‪..‬الصوفية والتأملية والزهد والصفاء الروحي ومحاولة الوصول إلى‬
‫الوعي الصافي ‪ ...‬الخ ‪ .‬وهي طرق ُمنهكة للروح والجسد ‪ ،‬ويحتاج اتباعها فترات زمنية‬
‫طويلة لممارسة طقوسها المضنية‪ ،‬ولربما احتاجت عمر اإلنسان كله لتحقيق مـا قد يظن‬
‫فعال‬ ‫ٍ‬
‫المرء أنه اتحد بالذات اإللهية ‪ ،‬واذا تم حدوث ذلك االتصال فعالً كان غير مجد أو ّ‬
‫وصاحبها َه ِرمٍ ال حول له وال قوة ‪ ...‬لهذا السبب يفشل كثير ممن يمارس تلك الرياضات‬
‫التأملية في الوصول للحقيقة المطلقة ‪.‬‬
‫ويحرره من أسر وضغط العقلين الواعي والذاتي‬ ‫ِّ‬
‫ُينشط الجنس العقل الباطن الخاص ّ‬
‫المطَ ِرد لهذين العقلين الذي ُيحـُِد من‬
‫وبتحرره يزيل الكبت الذي نشأ في أنفسنا بسبب النمو ُ‬
‫االتصال بين العقل الخاص بالعقل الشامل ‪.‬‬
‫ألغى الكبـت عبر آماد طويلة من عمر اإلنسان بعضاً من وظائف دماغه ومخه ‪،‬‬
‫ت نصف الكرة المخية اليساري ( وهو النصف العلمي الجدي‬ ‫ولكنه من ناحية أخرى َك َب َ‬
‫ش ًَ ًَ ًّط نصـف الكرة المخي األيمـن ( وهو‬
‫المجادل والمتشدد الالعاطفي من المخ ) ‪ ،‬وَن َ‬
‫النصف الفنان العاطفي الحالم والمتسامح ) ‪ .‬والذي يمتلك قدرة كبيرة على التآلف مـع‬
‫اإلشارات والذبذبات العليا واالتصال مع العقل الشامل‪ِ .‬‬
‫ووج َد أن الجنس يقوي المواهب‬
‫الروحية ( الحواس ما بعد الحاسة السابعة ) فعند االلتقاء الفيزيقي لألجساد يحدث تالقي‬
‫روحي وتوحيد لألجسام األثيرية وللطاقات المتناظرة المثارة فيهما ويتحرر خالل هـذا اللقاء‬
‫الجسدي والروحي العديد من الذبذبات إلى العقل الشامل ‪ ،‬كما يستقبال منه ذبذبات نشطة‬
‫تحمل طاقات تبعث في الجسدين سعادة وسكينة يشعران من خاللها بصداقة الكون‬

‫‪98‬‬
‫ورعايته لهما ‪ .‬ففي الجنس شحن لإلنسان بطاقات أثيرية فائقة تشعره بالوجود ‪ ...‬لذلك‬
‫كان إنجاز الجنس ضرورة وواجب كل كائن حي ‪،.....‬‬
‫من هنا أفلح فرويد وأمثاله فيما ظن الناس بأنه منقذ للبشرية من أمراضها السقيمة ‪،‬‬
‫ونظُِم حياتهم ‪.، ....‬‬
‫ولم يدركوا أن الحل موجود أصالً في عقولهم ُ‬
‫عالجت شجرة الحياة وطاقات كونداليني األمور في حاالتها العازبة ولم تتطـرق‬
‫للحاالت الزوجية ‪ ،‬حيث أهملت الجانب الجسدي والروحي للذكر واألنثى ‪ ،‬ففي اللقـاء‬
‫تكامل جسدي وزوال كبتٍ وتناظر روحي وتحرر وانطالق العقل الباطن وتتكامل فيـه‬
‫الطاقات ‪ ،‬فالرجل شحنته موجبـة ويتأثر بالغدة الصنوبرية المرتبطة بالحاسة السابعـة (‬
‫رابطة روحية )‪ ،‬بينما المرأة شحنتها سالبة وتتأثر بالغدة النخامية المرتبطة بالحاسـة‬
‫السادسة ( رابطة روحية شعورية ) ‪.‬‬
‫فالحب هو لقاء تكاملي تناظري مرآتي لشطري الروح القدسية لدى الذكر واألنثى‬
‫وظاهرة تذوق سعيد للجمال المطلق ‪ ،‬والجنس هو لقاء جسدي وتكامل روحي جسدي ‪،‬‬
‫وظاهرة تذوق متعة الجمال الكوني المادي ‪ .‬وبالتالي كي يحدث انعتاق كونداليني البـد من‬
‫اللقاء وتفريغ الشحنات وتكامل الحس الروحي ‪ ،‬وال سعادة لمخلوق إذا لم يحقق هذا‬
‫التكامل واالكتفاء ‪.‬‬

‫الكارما يوغا‬
‫نحن نحصد ما زرعناه ‪ ،‬وكل ألم نحس به اآلن سببه يعود ألفعالنا الماضية ‪ .‬وكلمة‬
‫كارما تعني الفعل المستند لسبب‪ ،‬فالتمني والرغبة يسببان ألماً ومعاناةً ووسيلة النجاة من‬
‫ذلك هو أن نعمل دون أن نتوقع مكافـأة ‪ ،‬ويجب علينا أن نعمل بسبب ترابـط مصالح‬
‫الجنس البشري كله ‪ ،‬لذاك ال توجد كارما فردية بل توجد كارما جماعية‪ .‬عندها تأتـي‬
‫السعادة من داخلنا ‪ ،‬وعندما يؤذي إنسان غيره فهذا يسبب مخالفة لنظم الكون الدقيقـة‬
‫ويحدث تلوث في النظم األخرى واختالل لديه ويعاقب عليه بالكارما‪ .‬أي العقاب ذاتـي‬
‫بسبب خلل النظم المجاورة ‪ ،‬لذا يجب على اإلنسان أن يحقق كارماه ‪ ،‬أي أن ينجز فعله‬
‫وواجبه حتى يحقق إيمانه باهلل ‪.‬‬

‫‪99‬‬
‫يظن البعض ممن يمارس رياضة التأمل التجاوزي والتي اكتشفها أحد الفالسفة الهنود‬
‫مدهش وخارق ‪ ،‬ولكن لو بحثنا في طبيعة تلك الحالة التأملية‬
‫ٌ‬ ‫المعاصرين على أنها شئ‬
‫لوجدناها حالة طبيعية مألوفة لدى العديد من أصحاب الطرق الصوفية ‪ ،‬حيث يمـارس‬
‫اع من األذكار واألوراد مع التأمل وتركيز التفكير على شئ واحد محدد ال‬
‫هؤالء ترديد أنو ٍ‬
‫معنى له‪ ،‬أو بتركيز الذهن والتفكير في كلمة واحدة يدعي معلموا هذه الطريقة علـى أنها‬
‫للم َج ِر ًِب الذي يتلقاها من مدربه في أول جلسة له ‪ ،‬ومع كثرة‬
‫الرمز النفسي السري ُ‬
‫التكرار والترديد لهذا الرمز أو يحدث نوع من التخديـر لبعض مناطق دماغ اإلنسـان ويرافقه‬
‫تنشيط عمل مناطق أخرى منه وخالل نفس اللحظة ‪ ،‬فتستيقظ طاقاتها وأمواجها الذبذبية ‪،‬‬
‫أي بمعنى آخر تتحرر بعض مناطق الدماغ في عملهـا من سيطرة بعضهـا اآلخر ‪ ،‬عندها‬
‫يتج أز العقل الباطن لشطرين‪ ...‬يبقى أحدهما مقيداً بالعضوية الحية ‪ ،‬أما اآلخر فإنه‬
‫يتحرر وينطلق ليجوب الفضاء مستقالً عن اإلحداثيات المكانية لآلخر ‪ ،.....‬ويشعر‬
‫اإلنسان أن طلبه يتحقق وأن أمانيه تُنفذ ‪ ...‬كأن يشعر بأنه يطير أو يزور مكاناً مقدساً‬
‫‪...‬الخ ‪ ،‬ويشعر أن أمانيه تتحقق فعالً بالصوت والصورة إحساساً ‪ .‬والحقيقة أن المرء في‬
‫نوم باإليحاء الذاتي للترداد الطويل‬
‫تلك الحالة يكون شبه نائم وفي غيبوبة خفيفة ‪ ،‬أو ُم ّ‬
‫المتكرر ألذكار أو كلمة الرمز‪ ،‬والحقيقة أن المجرب ال يتجاوز مكانه إال بالفكر والخيال ‪.‬‬
‫يمكن لإلنسان بهذه الطريقة أن يصل ألعلى درجات الرقي الروحي والشفافية النفسية‬
‫والقداسة إذا صاحب تلك الطريقة خشوع إيماني ‪ ،‬فال يعد يشعر المتعبـد بالزمـان أو‬
‫بالمكان ‪ ،‬ويغيب عنه اإلحساس بالجسد المادي ويصبح فكره هائماً في عوالم قد تبدو له‬
‫سرمدية أبدية ‪.‬‬
‫يشكل اإلنسان بفكره أقوى كارما ألنه األذكى واألكثر إدراكاً ووعياً في الكون ‪ ،‬وهو‬
‫يؤثر على غيره وعلى البيئة من حوله ‪ ،‬وهذا ما م ّك ًنهُ من السيطرة عليها والعيش فيها‬
‫وكانت له مسخرة ‪ ،‬وناد اًر مايكون هناك شئ في بيئته ال يخضع لمشيئته ‪ .‬وقيل ‪:‬‬
‫حديث قدسي‬ ‫"عبدي كن ربانياً ‪ ,‬تقل للشيء كن فيكون "‬
‫" لو كان في قلب أحدكم ذرة إيمان ‪ ,‬ثم قال للجبل تحرك ‪ ,‬لتحرك " يسوع الناصري‬

‫‪111‬‬
‫****************************************************‬

‫ـــــــــــــــــــ‬
‫الفصل الثاني عشر‬
‫جسـد الجـان‬
‫ليس لهم جسد مادي ‪ ،‬وجسدهم ال يتكون من ذرات مادية وال يحوي فراغات ‪ ،‬بل هو‬
‫أصم البنية ومستمر دونما انقطاع ألنه خلق قبل أن تخلق المادة ومن مارج النار أو من‬
‫نار السمـوم ذات الطبيعة الموجية الكهربائية الالقطبية والتي سادت اللحظـات األولى‬
‫لإلنفجار األعظم ‪ .‬وهي ليست كالنار التي نعرفها في عالمنا ذات الطاقة الح اررية ‪ .‬كما‬
‫أن أرواحهم ليست كاملة وليست راقية كما هو الحال عنـد اإلنسان‪ ،‬ومن هنا كان حقده‬
‫وحسده آلدم‪ ،‬فقد كان آدم كامل الجسم جميل الشكل وروحه كاملة ‪ ،‬وبكلمة أخرى كان في‬
‫أحسن تقويم ومجهّز بعضوية واعية ومدركة ذكية مفكرة وعاقلة اتسعت واستوعبت كل‬
‫العلوم التي علمها اهلل آلدم وهي المخ‪ .‬وما التفكير عند اإلنسان إال عملية استرجاع‬
‫واستقراء وتذكر آلثار تلك العلوم التي علمها اهلل لإلنسان األول قديماً ‪.‬‬
‫وازداد حقد إبليس أكثر عندما أمر اهلل المالئكة بالسجود تحية آلدم فسجدوا إال أن إبليس‬
‫أبى فكان من المغضوبين ‪.‬‬
‫للجان أشكال جميلة في عالمهم ‪ ،‬فقد كانوا سماويين خزنـة الجنة ‪ ،‬ويحبون الجمال‬
‫ويعشقونه‪ ،‬ولكن عندما ظهر اإلنسان وكان في أحسن تقويم وأجمل منهم شكالً واقامـة‬
‫وأذكى منهم عقالً وأكمل أبعاداً دبت الغيرة والحقد والحسد في نفوسهم‪ ،‬وتال ذلك تَمـَُرَد‬
‫إبليس وعصيانه ألمر رب العالمين وتحديه للخالق العظيم‪ ،‬فأتى أمر اهلل األول بالطـرد من‬
‫ان كل‬
‫الجنـة ‪ ،‬ثم تاله األمر الثاني بالهبوط من السماوات العال‪ ،‬وأعقبه أمر ثالث وهـو إقر ٌ‬
‫ٍ‬
‫شيطان قرين‪ ...‬قرين السوء الذي ال يتخلى عن صاحبه اإلنسي أبـداً وهو الذي‬ ‫إنسان ب‬
‫يمأل مخيلة وصدر اإلنسان بالمغريات والتخيالت الشاذة واألماني المحرمـة ومعظم ما‬

‫‪111‬‬
‫يحيكه صدر اإلنسان في عقله وصدره من أذى للغير ولسان حاله ما هو إال محاورة مع‬
‫هذا القرين الشيطاني ‪ .‬وهكذا نجد أن ‪:‬‬
‫( قال قرينه هذا ما لدي عتيد‪ ,‬ألقيا في جهنم كل كفار عنيد‪ ,‬مناع للخير معتد مريب ‪,‬‬
‫الذي جعل مع اهلل إلها آخر فألقيـاه في العذاب الشديد‪ ,‬قال قرينـه ربنا ما أطغيته‬
‫ولكن كان في ضالل بعيد ‪ ,‬قال ال تختصموا لدي وقد قدمت إليكم بالوعيد ‪) ,‬‬
‫قرآن كريم سورة ( ق ) آية ( ‪) 47 – 43‬‬

‫طبيعة اجلان‬
‫لربما لم يك سبب غرور إبليس هو جماله فقط ‪ ،‬بل تلك الخاصة الفريدة التي لجسـده‬
‫وليس لإلنسان مثلها‪ ،‬وهي تمتعه بالبعد الخامس الالزمني والذي كان الجان يستطيع من‬
‫يغير شكله كما يريد باإلضافة لقدرته على‬
‫خالله أن يجتاز الكون كله بلمحة واحدة‪ ،‬وأن ّ‬
‫رؤية اإلنسان من دون أن يراه اإلنسان‪ .‬وطبعاً ليس لجسد اإلنسان مثل هذا البعد لكـن‬
‫لروحه مثل هذا البعد ‪ .‬ومن خالل هذا البعد يشعر الجان ويتهيأ له بأن له القدرة علـى‬
‫اللعب باإلنسان والعبث بحياته وملئها بالكوابيس ‪ .‬ولكن هذا األمر ال يحدث في الواقـع‬
‫وكلها مجرد تهيؤات لكائن شفاف هالمي يعيش في البعد الخامس ‪.‬‬
‫للجان خاصة بنيويـة أخرى فريدة وهي أن لتركيب أجسادهم طبيعة موجية ذبذبية‬
‫المادية ( مارج النار) وذبذباتها وأطوالها الموجية هي فوق كهرطيسية وال تقع ضمـن حدود‬
‫محدد الشكل ومرونته تسمح للجـان أن يتخذ أي‬
‫الطيف الكهرطيسي وذات قالب مرن شبه ّ‬
‫شكل أو حجم أو عالم أو ُبعد يريده ‪ .‬وللجان أصوات طبيعتها موجية أيضاً إال أنها ليست‬
‫من طبيعة بنيته الجسدية كما هو حال الصوت عند اإلنسان‪ ،‬وكما أن اإلنسان ُخلق من‬
‫مادة أصلها أمواج وأن طبيعة صوته موجية أيضاً إال أنها اهت اززية ميكانيكيـة ال تماثل‬
‫أمواج بنيته البتة والتي اتخذت مظه اًر مادياً ‪.‬‬
‫للجان عقل باطن خاص‪ ،‬ولهذا العقل مجال طاقي (طيف) كسائر المخلوقات األخرى‬
‫وبهذا المجال يعي الجان وجوده وكل ما في عالمه‪ ،‬ومن خالله يمارس تعامله مع كـل‬
‫موجودات الوجود مباشرة وبسهولة ويسر تام‪ ،‬ألن هذا العقل مستقل عن عوامل الزمان‬
‫اء كانت‬
‫والمكان‪ .‬وهذا ما جعله الجان قاد اًر على اختراق كل العوالم والتخلخل فيها سو ً‬

‫‪112‬‬
‫أثيريةً أم ذبذبيةً أم ماديةً أم روحيةً ‪ ،‬لكن في الحالة األخيرة تكون ضمن حدود غايـة في‬
‫الضيق ‪ .‬أما في حالة اإلنسان فاألمر ليس بهذه السهولة ‪ ..‬فلكي يتحرر عقله الباطن‬
‫الخاص وينطلق ليتعامل مع غيره من موجودات ماوراء الطبيعة الالمرئية فإنه يحتـاج‬
‫لجهود كبيرة مضنية يعتمد معظمها على إخماد الوعي واإلد ارك لديه (مثل الغيبوبـة أو‬
‫النوم العميق أو التأمل العقلي أو التنويم المغناطيسي ‪ ...‬إلخ ) ‪ .‬هذا إذا بقي اإلنسان‬
‫مدركاً لما يفعله أو يريده أثناء نومه أو غيبوبته ‪.‬‬

‫كينونة جسد اجلان‬


‫محددة ‪ ،‬والتي ذكرناهـا‬
‫ق ذات أبعاد ّ‬ ‫مجسد في عالمهم ولهم طبيعةُ خل ٍ‬
‫ّ‬ ‫للجان شبه جسد‬
‫سابقاً وهما البعدان الخامس النفقي الالزمني والسادس الذبذبي‪ ،‬وهذان البعدان هما اللذان‬
‫المجسد المرن الوهمي الرقيق‬
‫ّ‬ ‫يكونان كينونـة جسد الجان ‪ .‬أما الذي أكسبه شبه الجسد‬
‫والمتحول هو نصف البعد الزمني ‪ ،‬والذي يرتبط البعد الكامل منه بالدقائق المادية كبعد‬
‫رابع لها ‪ ،‬ألنه يسلك سلوك مادة أسمنتيـة الصقة ألبعادها األخرى ‪ .‬لذلك غدا الجان‬
‫أسرى في هذا الكون ومقيدين فيه بهذا القيد الصلب‪ ،‬وهو نصف البعد الزمني ‪ .‬وبمعنى‬
‫آخر أنه تم سجنهم وحشر أجسادهم الشفافة الرقيقة الالمادية قسرياً في الكون الرباعـي‬
‫األبعاد كسجن لهم ‪ .‬وهم مكرهون على ذلك بسبب هذا البعد النصفي ‪ ،‬وهذا ما جعلهم‬
‫يح ُد من سلطانهم في الوجود شئ‬
‫غير مرئيين لإلنسان ‪ ،‬بعد أن كانوا مرئيين أح ار اًر ال ُ‬
‫كما صار لهم بسبب ذلك آجال محدودة والموت خاتمة لها ماعدا المنظرون منهم ‪.‬‬
‫صحيح أن بنية جسم اإلنسان خلقت من طين وأن شرائط أل (د ن أ) البشرية تبلّورت‬
‫في الطين األرضي‪ ،‬ويقصد بالبلّـورة عملية انتظام الحموض األمينيـة التي تمت وفق نظام‬
‫ق معين ‪ .‬لكن حقيقة األمر‬ ‫تكوين خل ٍ‬
‫مصمم من قبل الخالق والغاية منه ّ‬
‫ّ‬ ‫كودي فسيفسائي‬
‫تكونت تلك الذرات وطُبِ َخت قديماً في‬
‫أن ذرات تلك الحموض ذات أصل غير أرضي ‪ ،‬بل ّ‬
‫نجوم عمالقة هائلة وفي درجات حـ اررة بلغت آالف المالييـن من الدرجات المئوية ‪ ،‬وحين‬
‫انفجرت تلك النجوم بانفجارات السوبر نوفا ‪ .‬تناثرت أشالؤهـا في كل الفضاء من حولها ‪،‬‬
‫اء ‪ .....‬ومن‬
‫ومن شظاياها تلقفت األرض نصيبها فصار لها مادةً وأديماً وجـواً غازياً ومـ ً‬
‫خالل تفاعلها مع البرق والرعود تشكلت جزيئات الحمـوض األمينية والبروتينيات ‪،‬‬

‫‪113‬‬
‫وتشكلت ضفائر أل ( د ن ا ) للفيروسات ثم الجراثيم والبكتيريا ووحيدات الخاليا ثم‬
‫متعددات الخاليا ‪ ......‬وكان على اإلنسان الكوني ( أي الذي إنبثق في الكون ) أن يمر‬
‫ومبرمـج من ِقَب ِل اهلل‬
‫بهذه المراحل جميعها ‪ ،‬مع العلم أن له خلق سوي مثالي ( سابق ) ُ‬
‫مباشرة ليكون في أحسن تقويـم ‪ ،‬ولربما كانت الغاية من هـذا البرنامج الطويل في الخلق‬
‫يتكبر من جهة‪ ،‬وأن ال يبخس قَ ْد َر نفسه من جهة أخرى ‪،‬‬
‫الكوني المادي لإلنسان كي ال ّ‬
‫وأن يدرك كم كانت فرص احتماالت تكوينه وصدفها نادرة وغير متوقعة على اإلطالق ‪،‬‬
‫ومع ذلك فقد خلقه اهلل من العدم وبكلمة منه ‪ ،‬وبالتالـي الوجود للصدف في هذا الوجود وال‬
‫ومصمم بدقة ال يمكن ألي عقلٍ أن يتخيلها !! فأي معجزة‬ ‫احتماالت ‪ ،‬بل كل شئ موزون ُ‬
‫مدهشـة في قصة الخلق ؟‪ .‬وعلى اإلنسان أن يخجل وأن يشعر بضعفه وأنه ليس هو الذي‬
‫ق من مكونات الكون جميعها ‪.‬‬ ‫جمع نفسه وركب جسده من كل هذا ‪ .‬فهو ُخِل َ‬
‫يالحظ بعد رحلة الخلق الطويلة هذه ‪ ....‬أن اإلنسان لم يعد خلقه طيناً ‪ ،‬وأن نسله‬
‫تحول إلى ماء مهين ‪ .‬وصحيح أن ذرات جسده تصنعت في أفران نجمية عمالقة بلغت‬
‫درجات ح اررتها الباليين لكن درجة ح اررة جسم اإلنسان اليوم منخفضة جداً ال تتجاوز‬
‫تغير في هذا المجال بزيادة أو نقصان‬
‫المجال بين ‪ 08‬و ‪ 05‬درجـة مئوية‪ .‬واذا حدث ّ‬
‫مقداره درجتان مئويتان فقط ‪ ،‬فهذا كفيل بالقضاء عليه وزواله من الوجود ‪ .‬فانظر أيها‬
‫اإلنسان كم هي حساسة تلك المقارنة الح اررية ؟‪ .‬وكم هي دقة خلق الكون واإلنسان ؟ وكم‬
‫هو عدد النقاط الحدية والحرجة التي مرت بها مراحل تشكل الكون وبالتحديد خاليا جسم‬
‫اإلنسان ؟ ففي كل جـزِء جـزٍء من الثانية الزمنية كانت تتكون أكوان وأكـون فكيف هو‬
‫األمر بأيام الخلق الستة !! وكم كانت طويلة تلك األيام ؟؟ !! ‪.‬‬
‫لقد سوى اهلل اإلنسان وخلقه من طين وخلق الجان قبالً من مارج النار وأصل مادة‬
‫جسديهما هي أمواج شبه عدمية فائقة لها عدة أبعاد ‪ .‬ولربما بلغت درجات ح اررة تخلق‬
‫مارج النار التريليونات (التريليون هو ألف ببليون‪ ،‬والبليون هو ألف مليون) من درجات‬
‫لتحول طبيعة اإلنسان إلى مادة عضوية وساللته إلـى ماء‬
‫الح اررة المئوية‪ ،‬وبطريقة مماثلة ّ‬
‫مهين‪ ،‬كذلك طبيعة الجان اليوم ليست كما كانت عليه قبالً ‪ ،‬أي لم يعودوا ح ارريين وعلى‬
‫تحول تركيب أجسادهم ألمواج ذبذبية ال‬
‫نفس الدرجة التي كانوا عليها من قبل ‪ ،‬بل ّ‬

‫‪114‬‬
‫ح اررية عالية التردد وذات بعيدين ونصف البعد فقط ‪ .‬وصار لهم شبه طبيعة جسدية‬
‫خاصة ‪ .‬وطبعاً لكل مخلوق عالمه وبيئته ومعاشه وغذاءه وسعادته وعقابه وكل من هذه‬
‫األمـور هي من جنس عالم وطبيعـة المخلوق ‪ .‬إذ تكفي كتلـة مادية صغيـرة (طلقة‬
‫رصاص أو حجر مثالً ) أن تقتل إنساناً كونياً مادي الجسد‪ ،‬وكذلك فإن طلقـة راجمـة‬
‫شهابية ناريةً القوام تكفي لمعاقبة الجني وثقبه وربما موته‪ .‬وكلمة ثقبه تشير إلى طبيعته‬
‫الصمـاء المستمـرة لكنها الماديـة ‪ ،‬وحركة الشهـاب وقذفه تقتضي وجود حركـة لجسم‬
‫اج ح اررية وأخـرى ح اررية فائقة‬ ‫يز وضوٍء ٍ‬
‫ونار وأمو ٍ‬ ‫ٍ‬
‫صوت وأز ٍ‬ ‫مادي ولكنه يتضمن حدوث‬
‫‪ ،‬أو فوق ح اررية ‪ .‬وطبعاً الشهاب ال يـرى إال فـي جو األرض وفـي غالفها الغازي ‪ ،‬مما‬
‫يشير إلى أن السكن الحالـي للجان هو على األغلـب في األرض وجوها ‪ ، ......‬وهكذا‬
‫نجد أن طبيعة كل قاتل هي من جنس مادة المقتـول‪ .‬وبالتالـي فاإلنسان ال يستطيع أن‬
‫يقتل جناً والجان ال يستطيع قتل إنسان لكنه يحاول ‪.‬‬

‫ولكن كيف ميارس اجلان تأثريهم على الناس رغم أنه الحيرك ساكناً ؟‬
‫للجان صوت فائق في ذبذباته ( تردداته عالية جداً )‪ ،‬وأطواله الموجية ( قصيرة جداً )‬
‫وسعة اهت اززه صغيرة جداً ‪ ،‬مما يجعلها غير مسموعة ‪ .‬كما أن الجان قادر على بـث‬
‫موجات ذات طبيعـة كهربائيـة ال قطبية ‪ ،‬وهو يبثها للتأثير على شرائط أل ( د ن أ )‬
‫الموجودة في خاليا األجنة البشرية ‪ ،‬وأنواع أخرى يبثها في دماغ اإلنسان للعبث بفكره‬
‫وأخرى لها صفة اإليحاء وأخرى لتخريب خالياه واضعاف مناعته وامراضه ‪ ،‬ومن ثم قتله‬
‫غيرها للوسوسة وأخرى لتعقيمه من اإلنجاب ‪ ،‬وأخرى لتحريض غرائزه وشهواته للطعام‬
‫والجنس وجميعها تعمل آنياً عبر العقل الباطن ‪ ،‬واإلنسان هو الوحيد من بين كل‬
‫المخلوقات التي تتقبل طبيعته مثل تلك الذبذبات‪ ،‬ففي جسده وجوانحه وحتى في كل ذرة‬
‫من خالياه من األجهزة المتخصصة الستقبالها والتناغم معها ما يمكن أن يمأل كل حياته‬
‫ث هذا االتصال األشعة‬
‫اء في عالم يقظته أو في عالم نومه‪ .‬وَي ُح ُ‬
‫بإيحاآتها وأصواتها سو ً‬
‫المجهولة ‪ ....‬السمفونية الموسيقية من األصوات والذبذبات والتأثيرات التي اختزنت في‬
‫المـادة العضوية الحية لإلنسان عندما سواها الخالق من الطين وابان خلقه للخاليا الحية‬
‫من الممكن تلخيص تأثيرات تلك االتصاالت كما يلي ‪:‬‬

‫‪115‬‬
‫تأثيرات ‪ :‬وجودية ـ روحية ـ مادية ـ نفسية ـ فكرية ـ إيمانية ـ جسدية ـ صحية‬
‫ـ وراثية ـ سلوكية ـ غريزية ‪ ......‬إلخ ) ‪.‬‬
‫وكل ذلك يتم عن طريق البث واألزيز ألمواج ال تقع أطوالها وتواتراتها ضمن الطيـف‬
‫الكهرطيسي المألوف لنا في هذا الكون‪ ،‬والحقيقة أن لتلك األمواج صفات عدمية أو شبه‬
‫عدمية ذات ٍ‬
‫بعد واحد هو البعد السادس الذبذبي‪ .‬وبهذه الذبذبات يمكن للجان أن يتالعب‬
‫بدماغ اإلنسان والتأثير على تفكيره وافساد نفسيته وتصرفاته ‪ ،‬ولكن الضرر األكبر من‬
‫الجان وبالتحديد الشياطين هو تأثيرهم على تركيب أل ( د ن ا ) الوراثية لإلنسان خالل‬
‫فترة نمو تلك الشرائط و قبيل انقسام خاليا جسم الجنين البشري أثناء تكاثرهـا ‪.‬‬
‫يسيطر الجان بعقله الباطن الخاص على النصف األيمن من الدماغ البشري ‪ ،‬وهـذا‬
‫الشطر من الدماغ هو النصف الغريزي العنيف الالعاطفي وأيضاً هو مخ األنا األعلـى‬
‫عند اإلنسان ‪ ،‬وفي هذه الحالة يركز الكائن كل أحاسيسـه على نفسه وذاته ‪ ،‬وال يعـد‬
‫يشعر سوى بنفسه‪ .‬ويغذي الجان الجانب الجسدي والغريزي عند اإلنسان ‪ ،‬ويجعل له‬
‫هدفاً حياتياً مبدؤه اللذة والمتعة وطيب العيش والبقاء ‪ .‬ويوجه كل اهتمامات المـرء إلى‬
‫التركيز على الذات واعتبارها المحور الذي تدور حوله أحداث الوجود بكاملها ‪.......‬‬
‫فيتخيل اإلنسان نفسه مرك اًز للكون من هنا كان شعار األنا واألنا األعلى ‪ ....‬وأنا ربكم‬
‫األعلى ‪ ،.....‬ولتحقيق هذه الشعارات النفسية يركز المرء اهتمامه للحصول على أعظم‬
‫راحة وسعادة ومتع ممكنة في الحياة ‪ ،‬وهنا قد تأخذ األمور أحد المنحييـن التالييـن أو‬
‫تأخذهما معاً ‪.‬‬
‫إما أن تلجأ طبيعة اإلنسان إلى الغريزة ووسيلتها العنف والقسوة والظلم والفتك ‪ ،‬أو إلى‬
‫أسلوب أكثر إنسانيـة وحضارةً كي يسهل عليها الحصول على ما تريد بهدوء‪ ،‬ولكي تأتي‬
‫الدنيا إليها طواعية‪ ،‬فتتخذ تلك الطبيعة سمة الدعة والطيبة والنعومـة والرقة فـي بحث‬
‫األمور الستغاللها حتى الثمالة ‪ ،‬فتبدو تلك الطبيعة نابضة باإلحساس والمشاعـر الرقيقة‬
‫وتقوى لدى صاحبها صناعة الكالم فيكون شاع اًر أو موسيقياً أو أديباً أو مغنيـاً‪ ،‬لذلك كان‬
‫ذلك النصف األيمن من الدماغ هو النصف الفنان الحالم‪ .‬والذي يعيش صاحبه في قصر‬
‫العسل وراعيه هو الجان والشيطان ‪ ..‬لذلك كان هناك شيطان الشعر وشيطان األدب ‪...‬‬

‫‪116‬‬
‫فعـاالً فـي السنوات األولى‬
‫والموسيقى ‪ ...‬وآخر لإللهام ‪ ،..‬ويكون هذا النصف من الدماغ َّ‬
‫من عمر اإلنسان ‪ ،‬ثم يتقلص دوره تدريجياً بسبب تطور عمل النصف اآلخر من الدماغ‬
‫‪ ...‬وهو النصف العلمي المنطقي والعقالني لدى اإلنسان ‪.‬‬
‫يبتعد الجان والشيطان عن النصف األيسر من الدماغ لعدم قدرته اخت ارقـه بعقله‬
‫الباطن والسيطرة عليه ‪ ،‬ألن هذا النصف يحيا دوماً حالة يقظة وانتباه وال يعيش بعقله‬
‫الباطن ‪ ،‬ويكون هذا النصف من الدماغ نامياً في السنوات المتقدمة من العمر ‪.‬‬

‫حياة اجلـان‬
‫للجان حياتهم المألوفة لهم ‪ ،‬وعالمهم الذي يضج بالحركة والصخب والنشاط ولغتهم‬
‫ذبذبات وأزيز موجي ‪ ،‬فاألمواج هي قوام تركيب أجسادهم ولغات اتصالهم مع أبنـاء قومهم‬
‫وعشيرتهم ‪ .‬وهم يتزاوجون ويتناكحون ويتناسلون ويأكلون ويشربون ‪ ،‬وحياتهم خاضعة‬
‫لقوانيـن عالمهم الغريب والبعيد تماماً عن عالمنا وادراكنـا ‪ .‬وهم يمارسون حياتهم كما‬
‫نمارسها نحن لكن الفرق بيننا وبينهم هو أنهم ال يتأثرون بعامل الزمن كمـا نتأثر به نحن ‪،‬‬
‫إذ يعتبر الزمن عامالً أساسياً في حياتنا وتقاس به أعمارنا ‪ .‬أما بالنسبة لهم فالزمن ليس‬
‫له أي معنى أو وجود في حياتهم تقريباً ‪ ،‬كما أنه ليس قابالً للقيـاس ‪ .‬فهو طويل جداً في‬
‫عالمهم ‪ ،‬وأعمارهم مديدة وشبه أبدية ‪ ،‬لهذا فهم يعاملونا كما يعامل الطفل دميته السريعة‬
‫الفناء‪ ،‬وكأننا أدوات لهو وتسلية سريعوا العطب قصيروا األعمار‪ ،‬واذا عبثوا بنا ثو ٍ‬
‫ان قليلة‬
‫من حياتهم يكون قد مضى علينا دهو اًر مديدة ونحن نعاني من عبثهم ‪ ،‬كما أنهم ال‬
‫يلحظون حركاتنا وال يشعرون بها ‪ ....‬فنحن جامـدون بالنسبة لهم أو بطيئـون جداً ‪،‬‬
‫وينظرون إلينا كأننـا صورة جامدة ال حراك فيها ‪ ،‬وكل ذلك سببه اختالف تأثير العامل‬
‫الزمني بيننا وبينهم ‪.‬‬
‫هم أقوام فيها الذكور واإلناث ويتكاثرون ويتناسلون جنسياً ‪ ،‬وشهوتهم الجنسية قوية جداً‬
‫‪ ،‬ويدركون الجمال ويعشقوه ‪ .‬وهم يتزاوجـون ويتكاثـرون في األنفاق الكونيـة الالزمنية‬
‫مالذهم اآلمن ‪ .‬وفيهم الفتى والشاب والهرم ‪ ،‬وهم ال ينامون أبداً ونومهم هو موتهم ‪،‬‬
‫والعكس صحيح أي أن موتهم هو نومهم ‪ .‬والمنظرون منهم ( المتمردون على أمر اهلل )‬

‫‪117‬‬
‫فهم ال يموتون إطالقاً إلى يوم القيامة ‪ ،‬ويتمنون الموت وال يجدونه ‪ .‬وبالتالي قلة النوم هو‬
‫لعنة اهلل عليهم إلى يوم يبعثون ‪.‬‬

‫صفات اجلان‬
‫هم سكان البعد الخامس وأجسادهم ليست مثل أجسادنا‪ ،‬وكذلك أرواحهم ليست كاملة‬
‫كأرواح البشر ‪ ،‬ولربما كانت أخف منها وعلى ٍ‬
‫قدر من اللطافة والرقة بحيث ال نحـس بهم‬
‫‪ ،‬وليست لهم روح كاملة وهي ذات بعدين ونصف ‪ ،‬مثل تركيب كينونتهم بالضبط‪ ،‬بينما‬
‫هي عند اإلنسان هي ذات عشرة أبعاد ‪ .‬وأصل الروح والجسد هو أمواج أثيريـة فائقة قديمة‬
‫‪ ،‬واالختالف بينهما هو اختالف درجة كثافة ورقة ولطافة ‪ ،‬ويدل على ذلك حالياً‬
‫الدراسات الفيزيائية الحديثة والنظرية النسبية وحتى الدراسات الفكرية والفلسفيـة القديمة التي‬
‫تعتمد مبادئ الحكمة الثيوزوفية والتي تعني الحكمة اإللهية الشاملة والمبنية على تجاوز‬
‫العلوم المادية بالعلم والعقل والمنطـق والمعرفة ‪ ،‬وكذلك تجاوز التجربـة الحسية المادية‪،‬‬
‫وتوصلت تلك الحكمة لنتائج أعمق بكثير مما توصلت إليه العلوم المادية والتي تتعامل مع‬
‫الظواهر في حدود المادة ودون أي تعمق أكثر فيما وراءها ‪ ،‬وتوصل أصحاب تلك‬
‫الفلسفة بالطرق الروحيـة لنتائج مذهلة وكشفوا كثي اًر من أسرار الكـون والحياة واإلنسان ‪.‬‬
‫وكأن تلك الفلسفة اعتمدت على جذور غيبية للعلم ‪.‬‬
‫من صفاتهم أن لهم القدرة على رؤية كل شئ بلحظة واحدة كأن كل شئ شفاف لعيونهم‬
‫فهم يرون كل ما بداخل اإلنسان ويعون ما يجول بخاطره كما أن لهم القدرة على سماع‬
‫كل شئ بنفس اللحظة ‪.‬‬

‫رؤية اجلان ومن يراهم ؟‬


‫ربما كان لإلنسان القديم (األقرب آلدم وزوجه) من القدرات واإلمكانات والقوى ما ليس‬
‫لإلنسان الحالي مثلها ‪ ،‬فهو كان يراهم ويتعايش معهم كما يتعايش اإلنسان الحالي مـع‬
‫الحيوانات األليفة في أيامنا هذه كالقطط والكالب والدجاج ‪ ....‬الخ ‪ ،.‬و كانت تبدو لـه‬
‫كمسوخ ناقصة الخلقة ومشوهه الشكل والعقل والفكر ‪ .‬وأنهم في سوية أدنى من سويـة القرد‬
‫في عيون اإلنسان الحالي‪ ،‬والسبب هو انحطاط منظره وضآلة شكله وهيافة جسده ورقته‬
‫رغم جمال شكله بشكل عام ‪ .‬ألن إنسان ذلك الزمان لم يكن بمقدوره أن يتـذوق جمالهم أو‬

‫‪118‬‬
‫أن يتآلف معهم‪ .‬وأغلب الظن أن الجان كان يخاف اإلنسان القديم ويهرب منه أو يتحاشاه‬
‫خشية أن يجزره أو أن يصيبه أذى أو مكروه منه ‪ ،‬فقد كانت قـوى اإلنسان آنذاك خارقة‬
‫والجني يخشاها ويتحاشاها ‪ ،‬وأحد مظاهرها القدرة على اإلمساك بالجنـي وسجنه وحرقه‬
‫وجزره ‪ ....‬وربما ضربه أو أغرى األوالد باللعب به دون خوف منهم كما حدث مرة للنبي‬
‫(ص) مع جني‪ .‬فقد كان لإلنسان عليهم سلطان‪ ..‬خاصة بعدما غدا الشيطان قريناً‬
‫لإلنسان ومرتبطاً به فصار يتلقى منه صفعات الدعاء بالخزي واللعنة ‪ ،‬هذا باإلضافة‬
‫إلحساسهم بالخزي لما فعلوه بآدم وحواء ‪ .‬وأداة ذلك السلطان هو العقـل الباطن الخاص‬
‫طر ومتحر ارً ‪.‬‬
‫لإلنسان الذي كان حينها قوياً ومسي اً‬
‫في تلك اآلونة لم يكن ذلك اإلنسان يعرف الكالم وال التكلم ‪ .‬ولم يكن يدرك معنى‬
‫الصوت أو مفهوم اللغة‪ ،‬وكان الحوار وتبادل األفكار بين البشر يتم عن طريق التخاطر‬
‫الفكري وليس عن طريق الكالم والحديث ‪ ،‬وكل ما كان يجيـده ذلك اإلنسان القديم هو‬
‫الصفير إذ كان يستخدمه في التعامل مع الكائنات الموجودة حوله ‪ ...‬ومثل هذا السلوك‬
‫طير أو ٍ‬
‫قطة ‪..‬‬ ‫في الصفير كثي اًر ما نشاهده حتى اليوم عند تعامل اإلنسان مع ٍ‬
‫كلب أو ٍ‬
‫ك قد نمى بعد العقلين الواعي والذاتي لدى اإلنسان وكانت العين‬
‫في تلك اآلونة لم ي ُ‬
‫الثالثة لديه نشطة ولم تكن ضامرةً كما هي عليه الحال اليوم ‪ .‬وكانت مخصصةٌ للتعامل‬
‫مع أمواج واشارات غير معروفة حالياً ‪ ،‬وعن طريقها َّ‬
‫تمكن اإلنسان القديم من أن يرى‬
‫أشياء حوله وعن ٍ‬
‫بعد ليس من السهل رؤيتها اليوم‪ .‬أما إدراكهم الواعي فكان يعتمد على‬
‫توحد واندماج العقل الباطن الخاص بالعقل الشامل ‪ ،‬وما نتخيَّله في بعض األحيان مـن‬
‫وجود ظواهر خارقة أو قوى خارقة لم تكن في قديم الزمان سوى أمور طبيعيـة عادية‬
‫ومألوفة‪ ...‬وعلى العكس من ذلك فالرؤيا المادية والسمعية والكالم والفكر الالئى نحيـا‬
‫مظاهرها اليوم ‪ ...‬هي ظواهر خارقة أعين األقدمين‪ .‬ولو اطلع عليها أحدهم لوال ف ار اًر‬
‫ألنها تبدو له ظواهر خارقة وغير طبيعية ‪.‬‬
‫تمتع اإلنسان القديم بنشاط فكـري فائق وعقل كامل ومازال مخه يحتفظ بكثير من‬
‫العلوم التي علمه اهلل إياه في الجنة ‪ ،‬إال أنه فقد الكثير من ثروة وكنوز القدرات والقوى‬
‫والطاقات األثيرية والذبذبية لحظة تعرضه لصدمة الحلول في الكون ( الهبوط للكون )‬

‫‪119‬‬
‫وارتدائه الثوب المادي الفيزيقي‪ ،‬والقليل الباقي من تلك القدرات صار يعمل متخفياً من‬
‫وراء ُج ُد ِر العقول الباطنة المتعددة التي صنعها ونماها اإلنسان بإرادته فتقلصت عنده‬
‫ساحات اإلدراك والسمع والرؤية األثيرية ‪.‬‬
‫عندما حل اإلنسان في األرض ألول مرة وتنفس هواءها وشرب من مائها وأكل من‬
‫نباتها ‪ ،‬نمت وتطورت أحاسيسه العضوية ‪ ،‬وطغى دماغه الغريزي على مخه العاقـل وقُيِ َد‬
‫عقله الباطن بنمو العقلين الواعي والذاتي وسيط ار على دماغه ‪ ،‬عندها نمت لديـه قدرة‬
‫الكالم واستعمال هواء التنفس المنفوث من رئتيه في التكلم والتحدث ‪ ،‬وصار يرى األشياء‬
‫بعينيه من خالل حزمة ضيقة من األمواج الكهرطيسية (الضوء المرئي) ‪ ،‬ومع مرور‬
‫الزمن تآلف مع بيئتة وتأقلم معها وصار ُيتقن استخدام حواسه الخمسة المعروفـة بسهولة ‪.‬‬
‫ولكنه بقي يرى الجان بقدر ما تبقى له من قدرات أثيرية‪ ...‬وحالياً زالت تماماً من عالمنا‬
‫المنظور إال في بعض حاالت نادرة تظهر تلك الطاقات بشكل استثنائي ‪.‬‬
‫يغير من خواصها ويجعلها تكتسب‬ ‫من المعلوم أن تغيير أية صفة من صفات األمواج ّ‬
‫خواصاً جديدة لم تكن لها أصالً ‪ ،‬أو ربما جعلها تخسر بعضاً منها ‪ .‬وتمدد الكون رافقه‬
‫تمدد لألمواج الصادرة عن أجسـاد الجان وأصواتهـم فانتقلت ذبذباتها من طيف مرئي ألخر‬
‫غير مرئي‪ ...‬فلم تعد ترى اليوم ‪ .‬ولربما كان من أحد أسباب عدم رؤيتنا لهم هو تمدد‬
‫الكون وتمدد األمواج الذبذبية المنتشرة فيه وزيادة أطوالها الموجية فلم تعد مرئيـة كما كانت‬
‫قديماً ‪ ،‬وبقيت على حالها دون أن تتحول ألمواج مادية أو ضوئية مرئيـة أو كهرطيسية‬
‫مثل أمواج الراديو أو التلفزيـون والتي يسهل الكشف عنها باستخدام أجهزة معينة‪ ،‬خاصة‬
‫أن توسع الكون والتمدد الموجي في بداياته األولى كان شبه لحظي وتـم بسرعات أكبر من‬
‫سرعة الضوء بماليين المرات ‪،‬‬
‫لهذا السبب نحن لم ولن نرى الجان مهما حاولنا ‪ ,‬فهم لم يعودوا موجودين في عالمنا‬
‫المنظور إطالقاً ‪ ,‬وكل من يدعي رؤيتهم أو محادثتهم أو استحضارهم أو التعامل معهم‬
‫فهو كاذب أفاق ال ضمير له ‪ ,‬وقصده ليس نزيهاً ‪ ,‬ألن العلم كشف اللعبة ‪.‬‬
‫ومثال على فكرة إخفاء أو إظهار األمواج أمكن التوصل إليه بما يعرف بعلم تداخل‬
‫األمواج المعروف تماماً في علم الفيزياء ‪ ،‬حيث تمكن علماء الفيزياء في السنة الماضية‬

‫‪111‬‬
‫من اختراع صفائح بالستيكية شفافة يرى الناظر من خاللها ما بداخل جسم اإلنسـان من‬
‫أعضاء مثل الهيكل العظمي أو القلب أو الكبد أو الدماغ‪..‬الخ‪ .‬والغريب أن تحريك‬
‫الصفيحة ُيم ّك ْن المشاهد من رؤية مناطق أخرى من المشهد ‪ .‬واألكثر إثارة ودهشة هو‬
‫اختراعهم نوع آخر من الصفائح يرى من خاللها أشياء تقع خلف الجسم البشري حتى‬
‫ولو كانت متحركة ‪ .‬أي غدا جسم اإلنسان العاتم شفافاً ترى من خالله األشياء الواقعة‬
‫بداخله أو خلفه ‪ .‬وهذا يبشر بمزيد من الكشف عما يقع خلف المنظور‪ ...‬فلربما أمكن‬
‫في المستقبل اختراع صفائح خاصة إذا ارتداها شخص فإنه يختفي عن األنظار وال يعد‬
‫يرى أو أخرى تتعامل مع ٍ‬
‫أبعاد أعلى للوصول لرؤية األمواج الذبذبية واألنفاق الكونية‬
‫عندها سيتمكن األ نسان من رؤية الجان والدخول إلى عالمهم ‪ ...‬ولكننا عندما نراهـم‬
‫سنواجه المفاجأة التالية ‪:‬‬
‫عندما نراهم على حقيقتهم مباشرة بأعيننا سندرك بسرعة بساطة تكوينهم ورقة وضآلة‬
‫ورهافة أجسامهم ‪ ،‬إذ تبدو كغاللة سوداء شبه شفافة من نسيج موجي ذبذبي دقيق جـداً‬
‫وسوف نفاجئ كثي اًر بمدى ضعف قوتهم وقلة حيلتهم وجبنهم وخوفهم منا وأنه ال حول لهم‬
‫وال قوة وعكس ما كنا نتوقعه عنهم ‪ ،‬كما نكتشف انعدام كرامتهم ِ‬
‫وقدرهم رغم أنهم‬
‫مخلوقات جميلة في عالمها‪ .‬لكنهم ضعفاء ُمقززون ومنبوذون من عالمنا‪ ،‬كما سنتكشف‬
‫مدى خيبة الناس الكبيرة في نظرتهم السابقة المهيبة لهم‪ ،‬وسيدركون في نفس الوقت كم‬
‫كانوا مغفلين وساذجين الهتمامهم بأمر الجان والخوف منهم وسوف يأسفون كثي اًر على‬
‫الوقت الذي أضاعوه من عمرهم خوفاً أو سعياً أو بحثاً عن آثارهم في محاولة رؤيتهـم‬
‫وعقٍَد وأمراض نفسية ال‬
‫واالتصال بهم‪ ،‬ولسوف يحزنون أكثر لما عانوه من خوف ورهبة ُ‬
‫مبرر لها ‪ .‬وكان الدجالون ينسبونها للجن ترزقاً ‪ .‬عندها يكتشفون أن ذلك الوهم لم يكن‬
‫له أي مبرر أثيري أو غيبي أو روحي ‪ ،‬وأنهم هم الذين صنعوا هذا الصنم ‪ .‬كمـا‬
‫سيكتشفون أن صورتهم الحقيقية هي عكس يلك التي رسمتها األساطير واألقاويل عنهم‬
‫والتي كانت توحي بضخامتهم وجبروتهم الالمحدود ‪ ،..‬ولسوف تختفي تماماً من حياتنا‬
‫وأفكارنا وأحالمنا أدبيات ما كتب الناس والمؤلفون عنهم ولسوف نكتشف زيف كل مـا قيل‬
‫عنهم ‪ .‬ومع ذلك يبقى السؤال القائم هو ؟‬

‫‪111‬‬
‫ما هي طبيعة الجان التي سنكتشفها حينئذ ؟‬

‫وصفهم‬
‫عندما تراهم أخي اًر ستدرك أنه ليسهم كتلة وال وزن وال عطالة وال حجم وال كثافة‪،‬‬
‫محدد أو جسم معين ‪ ،‬وهم قادرون على تغيير أشكالهم باستمرار‬ ‫وبالتالي ليس لهم شكل ّ‬
‫مثل المتحول الزحاري أو كوحيدات الخاليا‪ ،‬فيمكنهـم اتخاذ شكل إنسان أو حيـوان أو‬
‫أفاعي ‪ ،‬عقارب ‪ ،‬كالب ‪ ،‬قطط ‪...‬ويمكن ألحدهم أن يتخذ أي حجم من حجم الفيروس‬
‫إلى حجم الكون كله ( بكتيريا ‪ ،‬جراثيم ‪ ،‬فيروسات‪...‬الخ ) ومقاييسه هذه ال معنى لهـا في‬
‫عالمنا الرباعي األبعاد‪ .‬كما أنهم قادرون على الحركة في الال مكـان والال زمـان وبالتالي‬
‫فهم قادرون على الحلول ولبس وامتالك أي جسد مادي يشاءون بما فيها جسـد اإلنسان‬
‫وبمنتهى السهولة‪ ،‬والعملية كلها عملية ت ار كب أمواج ذبذبية‪ .‬أي يستطيع الجان أن يسكن‬
‫أعماق النفس البشرية وبمنتهى السهولة وبالتحديد في عقله الباطن ‪.‬‬
‫ال يتأثر الجان بالكهرباء وال بالمغناطيسية وال بقوى اإلشعاع قاطبة وكذلك اليتأثر بقوى‬
‫الجاذبية الثقالية ‪ .‬ومثل تلك األشياء ال تعني له شيئا ‪ ،‬كما أنها ال تقدم وال تؤخـر شيئاً‬
‫بالنسبة له ‪ .‬فالكهرباء السائدة في كوننا هي كهرباء متطورة ذات قطبين والمغناطيسيـة‬
‫المتولدة عنها هي أيضاً ذات قطبين ‪ ،‬وهم لن يتأثروا ‪.‬‬
‫الجان أعمى بصير !؟ فهو أعمى ال يستطيع رؤية النور وال الضوء‪ ،‬وال يجرؤ على‬
‫النظر للمالئكة وال إلى السماوات العال‪ .‬والكون العاتم صديقه والنجوم والكواكب منازله‬
‫وقذائـف الشهـب والنيازك قاتالت له فهي حارقةٌ له بأصواتها وأزيزها ونارها ‪ ،‬لهذا يكون‬
‫أكثر أوقات انتشاره في األرض في األماكن المظلمة وفي األيام المظلمة العاتمـة التي ال‬
‫ضياء فيها وال قمر‪.‬‬

‫لوهنم املفضل‬
‫اللون األسود هو لونهم المفضل ‪ ،‬ألن اللون األسود هو األجمع للقوى الشيطانية وفيه‬
‫قوة الح اررة وجبروتها ‪ .‬وان كان لهم روح فهي سوداء عاتمة شفافة ومارج النار هـو مادتها‬

‫‪112‬‬
‫‪ ،‬وبكل األحوال روحهم ناقصة وليست مثل أروحنا ألن أبعاد روحهم ال تتعـدى البعدين‬
‫والنصف البعد ‪ ،‬أما أرواحنا وأجسامنا فهي أكمل مما لديهم بجميع المقاييـس ‪.‬‬

‫ماذا عن الصوت ؟‬
‫ال يتعامل الجن مع الصوت البشري إال عند بعض الذبذبات‪ ،‬ولربما كان لصفير اإلنسان‬
‫تأثير عليه وخاصة الصفير الحاد ‪ ،‬ألنه يتأثر باألصوات ذات الذبذبات الفوقية العليا من‬
‫طرف والمنخفضة التردد جدًا من طرف آخر‪ .‬وتلك هي وسيلة اتصاله بالعوالم األخرى‬
‫غير عالمه ‪ ...‬أي هي السمع والرؤية السمعية وليست الرؤية الضوئية ‪َّ ،‬‬
‫ويشبه في ذلك‬
‫بالخفاش‪ ،‬فالخفاش طائر أعمى لكنه يـرى بإن يصدر أمواجاً ذبذباتها عالية من رتبـة (‬
‫‪ 10‬ألف هرتز) ثم يلتقط صداها بعد ارتدادها على األشياء الموجودة حوله ويرسم لها‬
‫خريطة يراها سمعياً بإذنيه ‪ .‬لربما كان الجان يسمعون بآلية مماثلة لكن مع اختالف في‬
‫رتبة التردد (تفوق تلك التي للخفاش تريليونات المرات) ‪ ،‬لذا فهو يرى سمعياً ما بداخل‬
‫هنات وحركات ويدرك كل ما يجول بخاطره وفؤاده من أفكار ‪ ،‬وكل ذلك‬ ‫جسم اإلنسان من ٍ‬
‫مرتبط بالعقل الباطن لإلنسان الذي هو ساحة عمل الجان ونشاطه ‪ .‬واألذن البشرية ال‬
‫تدرك تلك الذبذبات وال تشعر بها‪ ،‬بل يدركها العقل الباطن‪ ،‬وأكثر حاالت إدراكه لها هي‬
‫في حاالت الغيبوبة واإلغماء والنوم والتنويم المغناطيسي ‪ .‬حيث تعتبر تلك الحاالت من‬
‫أنشط حاالت جسم اإلنسان في إرسال واستقبال األمواج ‪ ،....‬وبالتأكيد يوجد مناطق في‬
‫الدماغ أو في القلب أو في بعض الغدد تتأثر بمثل تلك الترددات وتستجيب لها ‪.‬‬

‫االختيار‬
‫اإلنسـان والجـان هما المخلوقان الوحيدان اللذان أعطاهما اهلل حرية االختيار‪ ،‬لكن‬
‫الشيطان أساء االختيار بكفره ‪ .‬إذ اختار الشر واألذى ‪ .‬وابليس أول من قاس وقـارن أي‬
‫نظر لنفسه بطرق المقايسة والمقارنة بينـه وبين آدم لكنه أخطأ في القياس ‪ .‬ففـي الطين‬
‫رزانة وحلم وصبر وأناة وسكون وتطور‪ ،‬وهو أساس الحياة والنمو والبناء‪ ،‬بينما صفة النار‬
‫هي الطيش والعنف والهياج والخفة واإلحراق والتدمير ‪.‬‬

‫‪113‬‬
‫من يكره ؟‬
‫الجان يكره اإلنسان لغيرته وحسده له من ناحية ‪ ،‬لكنه من ناحية أخرى يعشق جماله‬
‫وكماله وروعته‪ .‬فجمال اإلنسان هو قمة جمال الكون وخالصته‪ .‬والجان يخاف اإلنسان‬
‫المؤمن ويهرب منه خشية السجن والحرق بالنار فبيد اإلنسان مفاتيحهما‪ ،‬ومع ذلك يبقى‬
‫الجن بجواره ومالزم له‪ ،‬أما الشيطان فهو يكره اإلنسان وال يعشقه وال يخاف منه ألنه قرينه‬
‫وال يهرب منه وال يشعر بالخزي إال إذا ُذ ِك َر اهلل ‪ ،‬ويالزمه من لحظة والدته إلى لحظة‬
‫مماته‪ ،‬ويكرهه غيرةً وحسداً ويعشق جماله وأماكن عفته ويشتهي جسده الكامـل وروحه‬
‫الكاملة (بشطريها الجسدي والقدسي)‪ .‬ويدرك الجان قلة قدره وكرامته بالمقارنة مع اإلنسان‬
‫اء كانت جسديةً أو قدسيةً‪ ،‬وبتحديد أكثر ليس لهم روح‬
‫لعدم وجود روح كاملة لهم سو ً‬
‫قدسية أصالً واإلنسان هو المخلوق الوحيد من بين جميع الكائنات الحية الذي له هذا‬
‫الشطر الروحي الطاهر المقدس والعقالني ‪ .‬كما أنه ليس لهم مشاعر أو أحاسيس وكل‬
‫نشاطه جنسي ‪ ،‬وليس له عقل مفكر أو مبدع كاإلنسان‪ .‬وليس لهم ذاكرة حافظة أو‬
‫دركة ‪ .‬وطاقة الجني وقوته مقيدة ومحبوسة في أبعاد قليلة جعلته ضعيفاً ال‬ ‫ُمس ِجلة أو ُم ِ‬
‫يقوى إال على التعامل باألمواج الذبذبية الشفافة الهشة دون المادة الصلبة القوام ‪ .‬وهـذا ما‬
‫يبدو جلياً من خالل أساليب تعامله المعنوية مع النفس البشرية وهي الغواية واإلغراء والبث‬
‫واالستفزاز والوسوسة واإليحاء والتحريض بالبث الذبذبي ‪ .‬وهكذا بات الجـان منبوذاً مهيناً‬
‫مطروداً لتمرده بعد أن كان ذو حظوة عند رب العالمين ‪.‬‬

‫اخلطيئة وحتول اخللق‬


‫عندما أدرك الجان مدى جمال وكمال جسدي آدم وحواء‪ ،‬وعرف أماكن ومكامن‬
‫تقرب إليهما وحاول أن يدلهما إلى مواضعها وأغراهمـا بكشف‬
‫اإلثارة والفتنة في جسديهما ‪ّ ،‬‬
‫عوراتهما لكنه لم يفلح ‪ ،‬فأتاهما من طريق آخر ‪ ،‬إذ وسوس لهما بأن اهلل جهـز جسديهما‬
‫بشجرة خلد‪ .‬وزين لهما عملهما في كشف سرها وممارسة برنامجها ليضمنـا الخلد ‪ ،‬وكانت‬
‫تلك الشجرة هي شجرة التكاثر والتناسل اآلدمي بالوالدة ‪ ،‬وكانت غايـة الشيطان أن يجعل‬
‫ألدم صفة تماثل صفته هو من ناحية التكاثر الوالدي كي التكون آلدم ميزة يتفوق بها‬
‫عليه وهكذا انطوت سريرته على إيقاع الشر واألذى بآدم وزوجـه ‪.‬‬

‫‪114‬‬
‫فور وقوع الخطيئة حدث تطور مفاجئ وسريع في جسديهما ‪ .‬إذ بدأ الزمن بالحؤل‬
‫والدوران ‪ ،‬وتحول الخلق من آني مباشر يحدث بالكلمة ال يعتمد عاملي الزمان والمكان‬
‫إلى خلق متطور يبدأ من العدم ويعيد قصة النشأة الكونية كاملة ومعتمداً في ذلك علـى‬
‫عاملي الزمان والمكان‪ ،‬ففي الحالة األولى يحدث خاللها انفصال أو انشطار لجسد كامل‬
‫ناضج عن جسد آخر كامل وناضج ويتكامل معه بالتركيب ‪ ،‬يتولد فيه زوجة واحدة لكل‬
‫ذكر ومن ذاته ‪ ،‬فال يتفوق عدد اإلناث على عدد الذكور‪ ،‬وكذلك ال يضيع الزوجان وال‬
‫يفترقا عن بعضهما ‪ ،‬كما ال يحتاجان زمناً يبحثا فيه عن بعضهما ليتحدا ثانية بالزواج ‪،‬‬
‫حول الخلق من‬
‫إذن كشف سر الخلود التناسلي آلدم وحواء قبل أوانه باإلغراء والغواية ّ‬
‫ٍ‬
‫متطور‬ ‫جنسي‬
‫ٍ‬ ‫خلق مباشر طاهر قدسي كان يتم بأمر اهلل وبالكلمة "كن فيكون" إلى خل ٍ‬
‫ق‬
‫ال مباشر مثل خلق الجان أنفسهم‪ ،‬وما ظاهرة خلق السيد المسيح بكلمة اهلل المباشرة إال‬
‫مصممة أصالً لتكاثر البشر جميعاً‬
‫ّ‬ ‫نموذجاً حياً لهذه الطريقة المثالية القدسية والتي كانت‬
‫وهي حدثت مرة واحدة في حالة آدم وحواء ألن الشيطان أفسدها بحماقته وحقده فأضل‬
‫شقاء أبدياً ال يـزول ‪،‬‬
‫ً‬ ‫البشرية وأبعدها عما كان مخططاً لها من نعيم الخلد وأنزل بها‬
‫وصار البشر بعد تلك الزلة يتكاثرون بالوالدة وباأللم كالجان أنفسهم وخرجوا مما كانوا فيه‬
‫من نعمة الخلق المباشر القدسي وفي أحسن تقويم إلى عذاب الخلق بالخطيئـة ‪.‬‬
‫لقد كان سبب حقد الشيطان على اإلنسان هو شعوره بالنقص في خلقه والمهانة في‬
‫كرامته بالمقارنة مع ما كان معداً لهذا المخلوق الكامل الجديد ذي الروح الكاملة والجسد‬
‫الكامل‪ .‬والسبب اآلخر هو شعور إبليس بالتكبر والغرور والتفوق على اإلنسان المخلوق‬
‫من طين‪ ،‬وتركز نصيب الشيطان وحصته من اإلنسان في قلبه ( فكانت النية والقصد )‬
‫وفي أماكن عفته وطهارته ( فكانت شهواته وحاجاته) ‪ ،‬وغدت تلك األعضاء أدوات بيد‬
‫الشيطان يقود بها اإلنسان ويتحكم بهواه‪ .‬لكن كان العقل لدى اإلنسان وعمله في الميزان‬

‫أسلوب عملهم‬
‫يدرك الجان طبيعة النفس البشرية ‪ ،‬كما يدركون مثل اإلنسان معنى الجمال وسحره‬
‫وتأثيره على النفس البشرية ‪ .‬وبسبب حبهـم للجمال وعشقهم له وحقدهم على صاحبـه تمرد‬
‫الشيطان على الحـق فهو يريده له ويريد أن يتمتـع به ‪ .‬فتذوق الجمال وفتنتـه والتنعم بلذته‬

‫‪115‬‬
‫ورشف رحيقه قاسم مشترك بين الجان واإلنسان ‪ ،‬لذلك كان أحد أقوى أسلحتهم في محاربة‬
‫اإلنسان والتسلط على مشاعره ومن ثم على عقله إلضالله وابعاده عن الحق ‪ .‬ووسيلتهم‬
‫في ذلك الغواية واإلغراء والتزيين والترغيـب ‪.‬‬

‫اجلن والنفس‬
‫تلمع في مخ المرء فكرة دافعها أُمنية ال مباحة ‪ ،‬فيخترق الشيطان العقل الواعي إلى‬
‫مخ اإلنسان ودماغه ومع التركيز الفكري والنفسي والوسوسة تنطلق أحالم يقظة وردية‬
‫مغلفة بغيبوبة فيكثر الشرود وتوارد الخواطر ويزين الشيطان األمنية ويضخم منافعهـا‬
‫ومتعها فتتحول لرغبة تراود قلب المرء ويحاول المخ بما لديه من قيم وأعراف وروادع‬
‫ومبادئ أن يعيد المرء إلى عالم الواقع ليمنع االنهيار فيقع صراع بين العقل والنفس ‪...‬‬
‫وبين الخير والشر‪ ،‬والحق والباطل والصح والخطأ ‪ ...‬فإذا انتصرت النفس على العقل‬
‫عندها يكون الشيطان قد وصل إلى العقل الذاتي ‪ ،‬ومع إلحاح نفس اإلنسان واصرارها‬
‫واندفاعها لتحقيق الرغبة يفتح اإلنسان عقله الباطن طواعية لعمل الشيطان والذي هـو‬
‫عقل الغريزة والشهوة واللذة وساحة عمل الجان والشيطان ‪ ....‬وهكـذا ي ِ‬
‫دخل اإلنسان بإرادته‬ ‫ً‬
‫الجان والشيطان ألعماق نفسه البشرية ويدعم حضورهم ونشاطهـم في جسده ودماغه‪،‬‬
‫فتستيقظ في نفسه غرائز الحيوان وعنفه وتطغى على طبيعته اإلنسانية فال يعد يشعر‬
‫المحرم وكل شئ ال يمكن الوصـول له بالطرق‬
‫بأفعاله ألن تلك الكينونات زينت المحظور و ّ‬
‫الطبيعية أو المشروعة (سرقة‪ ،‬قتل‪ ،‬زنا‪ ،‬إباحية‪ ، )..‬واإلنسان يدرك بق اررة نفسه ماهو‬
‫مباح وماهو محظور إال أن طمعه واغراء الشيطان يزينان له الحصول على متع ليست‬
‫من حقه وبسرعة وفي غير أوانها وفي غفلـة من اآلخرين ‪ ،‬وبدون تكلفـة أو جهد ويساعده‬
‫الشيطان في إيجاد المبررات المالئمة ‪ .‬ويبني له قصو اًر في الهـواء لكن تتدخل الروح‬
‫القدسية لتحول دون وقوع هذا األمر فيغدو قلب المرء وعقله ساحـة صراع نفسي بين الخير‬
‫والشر ‪ ،‬أي صراع بين رغبة جامحة من ناحية والخوف مـن افتضاح األمر وقسوة العقاب‬
‫من ناحية أخرى‪ ،‬فإذا انتصر الشر تخامد الشعور اإلنساني وتح َّـول اإلنسان لوحش ضـار‬
‫يؤذي نفسه ومجتمعه ‪ ،‬بعد أن كان بعقلـه الكامل في مصاف المالئكة والقديسين ‪،‬‬

‫األنا األعلى‬

‫‪116‬‬
‫يالحظ أنه كلما زادت درجة المنع والتحريـم لشيء ما زادت درجة الرغبة فيه أكثر‬
‫خاصة عند أصحاب النفوس الضعيفة ( زنا المحارم‪ ،‬االغتصاب‪ ،‬التعذيب‪ ،‬الجنوسية )‬
‫وما أكثر هؤالء األشخاص الشاذين‪ .‬ومما يزيد في سعيهم وغلوهم في االندفاع لممارسة‬
‫مثل تلك المغامرات الالطبيعية هو مايصاحب تنفيذها من إثارة نفسية ولذة جسدية ومتعة‬
‫الم َخِدرة المصممة للوصول لمثل تلك‬
‫جنسية هائلة‪ .‬ربما تعجز عن تحقيقها أعظم المواد ُ‬
‫الدرجـة العالية من اإلثـارة والنشوة‪ ،‬ألن تلك الرغبات الشاذة الجامحـة تُ َع ِطل بشكل مفاجئ‬
‫تحرٍر صاعـق وآنـي للعقل الباطن‬
‫أحاسيس اإلنسان وادراكه وتشل عقله الواعي ‪ ،‬ويرافقها ّ‬
‫دون المرور بصمام األمان النفسي وهوالعقل الذاتي‪ ،‬عندها يشعر المـرء بخدر حسي‬
‫تجاه بعدي الزمان والمكان‪ ،‬فال يعد يشعر المرء بهما فيثبت المكان ويتجمد الزمان وينمـو‬
‫لدى المرء إدراك الشعوري بانتشار الذات في وجود مطلق ينشـط فيه حضور الجان‬
‫والشيطان وعملهم وتنفتح لهم ساحة العقل الباطن واسعة فيبثوا إيحاآتهـم الباطلة بخلود‬
‫المرء وأنه في مصاف اآللهة فيطغى شعوره باألنا األعلى أو األنا األعظم أو أنا ربكم‬
‫األعلى ‪ (...‬والفطرة اإلنسانية ترفض ذلك الشعور ‪ ,‬ألنها تعلم أن اإلنسان لم يخلق أي‬
‫شيئ في هذا الكون ‪ .‬ولم يشارك في أي خلق ‪ ,‬بل يشعر اإلنسان أنه هو مخلوق ٍ‬
‫فان‬
‫غير با ٍ‬
‫ق ‪. )....‬‬
‫الشعور‪ ...‬أنا ربكم األعلى كان سائداً لدى الحضارات القديمة الفرعونية واإلغريقية‬
‫والرومانية والفارسية واللذين اتخذوا من عبادة اآللهة المتعددة أو األصنام أو األشخاص‬
‫ديناً لهم ‪ ....‬هنا نتساءل كم من الموبقات اقترفت شعوب تلك الحضارات حتى كان لهم‬
‫مثل تلك الديانات ؟ وكم من آلهة زرائعية اخترعها فالسفتهم ومفكريهم ليقرروا مبـدأ أنا‬
‫ربكم األعلى لملوكهم ؟ فكان الناس الخاطئون أول ضحايا ذلك المبدأ ‪، ....‬‬
‫أن هدف تلك الكينونات الالإنسانية هو إثارة نفسية اإلنسان وروحه وعضويته واعطائه‬
‫شعو اًر بالقدرة المطلقة والجبروت وضعه في صعيد مواجهة تمرٍد ٍ‬
‫وتحد للخالق واحداث‬
‫قطيعة بينهما ‪ ،‬وجعل الشر والظلم هما الناموسان السائدان في الكون ‪.‬‬

‫روحياً‬

‫‪117‬‬
‫بسبب هول الموقف الذي يمر به هذا اإلنسان لحظة تحطم جدار المحظور والممنوع‬
‫وسيطرة الشيطان الكاملة على الجسد والفكر والنفس عن طريق البث واالستفزاز عبـر‬
‫العقل الباطن يحدث تفعيل لدور الروح الجسدية واثارتها لحد ٍ‬
‫عال جداً ‪ ،‬وقد تسبب مثل‬
‫هذه المواقف المفاجئة صدمة كارثية جسدية مفاجئة لإلنسان قد تودي بحياته مثل الخثرة‬
‫الدمويـة أو توقف عضلة القلب أو الشلل الدماغـي‪ ،‬ولربما حدثت تغيرات عنيفة فـي‬
‫التوازنات األنزيمية أو الهرمونية أو الكيمائية في جسد البشري وانقلبت سموماً تسبب له‬
‫مرضاً عضالية ال براء منها ‪ .‬وربما تأثرت الروح الجسديـة بما يحدث خاصة إذا ما‬
‫أ ا‬
‫تسرب إليها عبر العقل الباطن ذبذبات الشيطان‪ .‬حيث تسلك تلك الذبذبات سلوك فيروس‬
‫ويحبِطَ برامجها االنشائية ويجعلها تسيئ صناعتها‬
‫شرير يتدخل في عمل الروح الجسدية ُ‬
‫للجينات الوراثية بما يزرعه فيها من لوثات الشر ‪.‬‬
‫لذلك ُي َح ْرم على اإلنسان حتى مجرد التفكير بمثل هذه الممارسات ‪ .‬أما ما يحدث للروح‬
‫القدسية فهو أدهى وأمر ‪ ،‬إذ يحدث تحييد كامل لدورها الواعي اإلدراكي أثناء المـرور‬
‫تجمد والغاء تام لدورها السامي في النفس‬
‫بمثل تلك المواقف‪ ،‬أو بمعنى آخر هو حدوث ُّ‬
‫وهذا الشطر القدسي من الروح هو الذي يميز االنسان عن الحيوان وهو يعمل من خالل‬
‫مواضع وجوده في القشرة المخية لدى االنسان ‪ ،‬وكلمة تجميد هنا تعني الموت‪ ،‬وبمعنى‬
‫أدق هو قتل المبادئ السامية والراقية في عديد من الخاليا النبيلة في مخ اإلنسان الشاذ ‪،‬‬
‫وحدوث موت لقدراته ومواهبه الذهنية والفكرية ‪ ،‬وهذا الكالم يوازي قول البعـض‪ ..‬حذف‬
‫البركة من جسد المرء وعمره ‪ ،‬ألن النور القدسي في جسـد وروح ذلك اإلنسان الشاذ قد‬
‫انطفئ‪ ،‬ولم تعد المالئكة تباركه وال الخالق‪ ،‬ويحل مكانها نحس وغضب ومقت وطرد من‬
‫رحمة اهلل ‪ ،‬ويغدو ذلك الكائن أكثر ش اًر من الشيطان ذاته ‪.‬‬

‫ماذا حيدث فعالً ؟؟ !! ‪.‬‬


‫محرم يحدث تحريض واثارة لطاقاته الجسدية الكامنة ورفعها‬
‫عند قيام شخص بعمل ّ‬
‫ص ِّممت لتكون عليها عضويته بحالة طبيعية وفـي‬
‫لسوية أعلى بكثير من السوية التي ُ‬
‫ك‬
‫أحسن تقويم ‪ .....‬ونفس الشيء يحدث لقدراته الفكرية والذهنية والعقلية ‪ .‬إذ يصيبهـا إربا ٌ‬

‫‪118‬‬
‫وفوضى واضطراب وتشتت وتمرد فال تعد تلك العضوية مستقرة وتغدو فعاليات اإلنسان‬
‫ُم َد ِمرةٌ بدل أن تكون بناءة ‪.‬‬
‫بعد انتهاء الموقف الشاذ وزوال حمأته يعود اإلنسان للواقع واذا به يكتشف خطـأه وما‬
‫ومثالي فـي روحه‬ ‫هشم كل ما هو جميل‬‫جنت يداه فينهار جسدياً ونفسياً ‪ ،‬إذ يتهيأ له أنه َّ‬
‫ٌ‬
‫وحطَّم ُبرقُ َع إنسانيتها بطريقة اليمكن إصالحها أبداً بما مارسه من فجور وفساد‬
‫وحياته َ‬
‫عرض‬ ‫ٍ‬
‫الم َبرر ‪ ،‬إذ جعل نفسه متمردة وفي مواجهة تحد حقيقي ومباشر لما هو مثالـي و ّ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫نفسه لصدمات ُمحبطة ‪.....‬روحية زعزعت إيمانه وأخالقية أضاعت إنسانيته‪ ،‬واجتماعية‬
‫أذلته وأهدرت كرامته ‪ ،‬ونفسية أفقدته شخصيته وعيه وادراكه ‪ ...‬وعندمـا يصحو ويعود‬
‫للواقع يكتشف مدى ما أوقع بغيره ( وغالباً ماتكون في عائلته ) من أذى ‪ ..‬فينهار ويأتي‬
‫الندم والعقاب كارموياً ذاتياً منطلقاً من األعماق ‪ ،‬ليعاقب المخطئُ نفسه بنفسه ‪ ،‬ويعذب‬
‫نفسه بنفسه ‪. ..‬طالباً الرحمة والغفران على ما أقدمت على فعله يـداه وربما أودى هذا‬
‫العمل بصاحبه إلى الهالك ‪ ...‬فمن عمله هذا جنى ثم اًر ‪ .....‬مـ اًر ‪.‬‬

‫ولكن كيف تُضَخَم الطاقة النفسية واجلسدية ؟‬


‫لنتخيل شخصاً يجري هارباً أمام كلب مسعور أو يفر من قاتل مأجور يحاول النيل منه‬
‫أوعندما يثور ويغضب أو يمر بتجربة جنسية المباحة نجده ينجز أعماالً خارقة التصدق‬
‫وبلمح البصر يستحيل عليه تنفيذها في الظروف العادية ‪ ..‬فمثالً يقفز فوق حواجز عالية‬
‫أو يتسلق جدا اًر مرتفعاً أو يكسر باباً عصياً ليفتح فيه ثغرة لينجو‪ ،..‬فماهي حقيقة ذلك ؟‬
‫تحرض وتثير وتنشط بشكل فجائي والإرادي هرمونـات‬
‫والجواب هو أن تلك الظروف ِّ‬
‫وأنزيمات وكيميائيات الجسم البشري فتتعاظم قواه الجسدية العضلية والنفسية والحسيـة‬
‫وبالمقابل تنخفض قواه العقلية والفكرية بشكل كبير بحيث يعمل جزء صغير من المـخ‬
‫وجزء كبير من الدماغ ‪ ،‬لحظتها يتحرر العقل الباطن بكامل طاقته ويضع االنسان تحت‬
‫حوله لوحش هائج مندفع ال يبالي بشيء ‪ ..‬فينفذ أفعاالً هائلة تبـدو‬
‫سيطرته المباشرة وي ِّ‬
‫خارقة وشبه مستقلة عن عاملي الزمان والمكان يستحيل عليه تحقيقها في ظروف عادية‬
‫وهذا بالضبط مايحدث للشخص حال ارتكابه معصية أو عمالً محظو اًر واختراقه ُج ُـد َر‬
‫الممنوعات واستباحته المحرمات ‪ .....‬فإذا به يقف موقف تحد وتمرد وعصيان ويغدو‬

‫‪119‬‬
‫عقله الباطن المتحرر عرضة لعبث الجان والشيطان بالبث والوسوسة وااليحاء ‪، ....‬‬
‫والسؤال اآلن ‪:‬‬
‫هو كيف يمكن لإلنسان أن ينجز أعماالً ميكانيكية أو نفسية تفوق أضعاف طاقته بكثير ؟‬

‫التفسري‬
‫في علم الفيزياء الكوانتية حاالت مماثلة تمارسها أجسام دقيقة كاإللكترونات مثالً ‪ ،‬فمن‬
‫المعلوم أن اإللكترونات تدور حول نواة الذرة ال أن تخرج منها‪ ،‬وبالعفل شوهد مثل هذا‬
‫الخروج العجيب ‪ ،‬وهو يتم بتحريض اإللكترون على أن يمتص طاقة هائلة من البيئـة‬
‫المحيطة به داخل النواة ويثار بها ويندفع بسرعة هائلة نحو جدارها ‪ ....‬فإذا بجدارهـا‬
‫فتح من تلقاء نفسه ويتكون خالله طريق واسع بشكل نفق أمام الجسيم المندفـع‬
‫السميك َي ُ‬
‫لخارج النواة ‪ ...‬وكأن أذرعاً طويلة انبثقت منه وامتدت أمامه وفتحت له الطريق للعالم‬
‫اآلخر الموجود خارج النواة ‪ ،‬وهكذا يتمكن اإللكترون من اختراق قشرة النواة السميكة جداً‬
‫بالنسبة له إلى العالم الموجود في الطرف اآلخر من النواة ‪ .‬وهذا بالضبط مايحدث‬
‫للطاقات البشرية عندما تُحرض وتثار من قبل كينونات طاقية الإنسانية بالوسوسة والبث‬
‫والتحريض فتُدفع إلى أحضان العقل الباطن حيث يثيرها ويحرر أمواجها الذبذبية لتفتح‬
‫تحد ومواجهة معه‬‫أمامها طرقاً يصل من خاللها إلى العقل الباطن الشامل لتقف موقف ٍ‬

‫خروج اإللكترون من النواة عبر نفق كموني في جدارها‬

‫وماذا عن الناحية اجلسدية ؟؟‬


‫في هذه المرحلة الجسدية والنفسية الالطبيعية تكون اإلف ارزات الهرمونية والتفاعالت‬
‫الكيميائية واإلثارات الكهربائية في ذروة نشاطها ‪ ،‬ويرفق تلك الحالة ضجيج عاطفي ال حـد‬

‫‪121‬‬
‫له‪ ،‬ويختلط في هذه المرحلة عدة أمور مثل الخوف من العقاب وصدمة الموقـف ونشوة‬
‫النصر بتحطم جدار المحظور والتمرد على الممنوع ولذة اإلثارة الحسية المقترنة بالشهوة‬
‫الجسدية وفرحة الوصول وتحقق ٍ‬
‫أمر كان مستحيالً‪ ...‬لكن يبقى المجهول اآلتي هو‬
‫األمر‪ .‬فبعد مضي فترة يشعر االنسان (السوي) بخطورة وسوء ماأقدم على فعله ‪،‬‬
‫األدهى و ّ‬
‫ويشعر بسخافة وضآلة ما كسب ويدرك الضرر الذي أوقعه بنفسه وبغيره ‪ ،‬وهنا يبدأ‬
‫عذاب الضمير والتأنيب ولوم النفس إلى ما شاء اهلل ‪ ...‬ويندم المرء على ما فعـل ويسعى‬
‫لتوبة‪ .‬وان حدثت فآثار الضرر باقية متوارثة ال تمحى مع مرور الزمـان ‪.‬‬

‫انتصار اجلان والشيطان على اإلنسان‬


‫يفرح الجان والشيطان بما أقدم عليه اإلنسان من آثام وفساد وما أنجز من شر وأذى ‪،‬‬
‫وسبب فرحهم هو نجاح وسائلهم في إغراء وتحريض االنسان وغوايته وجعله ينحـرف عن‬
‫الحق ‪ ،‬ثم بعد ذلك ال يلبثوا أن يسخروا منه ويتخلوا عنه ‪ ،‬وخاصة عندما ُيكتشف أمره‬
‫من قبل الناس والمجتمع ‪ ،‬فيكونوا له من الشامتين ‪.‬‬
‫من الناس من يحب تلك المغامرات الصعبة الالمشروعة والعيش في أجوائها المسمومة‬
‫ويسعى إليها بكل ماأوتي من قوة ويبذل الغالي والنفيس ليحيا أجواءها رغم عدم حاجته‬
‫إليها ‪ ،‬فملذاتها محققة له بالطرق المشروعة لكنه يرغبها بطرق ملتوية‪ ..‬باحثاً فيها عن‬
‫إثارة فائقة ولذة عميقة وآثام فاجرة يستبدل فيها الطيب الحالل بالغث الحرام ‪ ....‬يطلب‬
‫صد عن الرحيق العذب السليم‪ ..‬نفسه غاوية فاجرة يعبث بها جان‬ ‫فيها الصعب السقيم وي ُ‬
‫وغانية ‪ ..‬أعماله متردية ‪ ..‬تُفرح شيطاناً وتسعد جاناً وتُغضب رباً وتُ ِ‬
‫حزُن مالئكة ‪،...‬‬
‫وممارساته أذى وسادية وماسوشية وعبادة صنم وموبقات توصل صاحبها الهاوية ‪.....‬‬
‫وأخي اًر ‪ ..‬غضب الرحمن له بالكارما ماحقـة ‪.‬‬

‫من خالهلا تتحقق توبة !! ‪.‬‬


‫محرم أواختـراق ممنوع‬
‫إذن يمكن إثارة الطاقات الجسدية والنفسية لدرجة عالية بممارسة َّ‬
‫وأقواها تلك التي تحدث أول مرة ‪ ..‬ففيها تخدير لإلدراك الواعي فال يعد يخضع لعاملي‬
‫الزمان والمكان ويبلغ المرء خاللها قمة اإلحساس الجسدي والعاطفي ‪ ،‬والتلبث تلك الحالة‬
‫أن تنتهي بالوصول للوعي الصافي والوقوف على حافة اإلحساس بالوجـود الذاتي الفائق‬

‫‪121‬‬
‫‪ ...‬لحظتها يقف المرء موقف مواجهة حقيقية مع نواميس الكون ومثاليـة الوجود والقوى‬
‫الفاعلة فيهما تلك هي أقصى درجات اإلتحاد والعبودية هلل ‪ ،‬وهي تحدث دون أن يدري‬
‫المرء بها أو يقصدها‪ ،‬فهو يريدها تَ َحٍد لكنها تتحول التحاد مع اهلل وقرب منه في إطار‬
‫العبودية والخضوع له‪ ..‬ويغدو اإليمان حقيقة وتتفتح أبواب السماء ‪ ...‬هنا تصح القاعدة‬
‫التالية ‪ :‬للخروج من شيء يجب الدخول فيه أكثر ‪ ....‬فإذا استطاع المرء االستفادة من‬
‫هذه القاعدة وأيقظ عقله الواعي وارادته وأدرك قيمة تلك اللحظة وثاب إلى رشده وتغلب‬
‫على إغـراء الجان والشيطان ووسوساتهم له وارتدع لتوه ورجع عن ِ‬
‫غيه وتاب من لحظته‬
‫عن خطيئته وأحسن خاتمة اللعبة ودعا اهلل مستغف اًر الستجيب له حتماً وتاب اهلل عليه‬
‫ِ‬
‫وكون أحاسيسه ومشاعره‬ ‫وحقق له كل مايطلبه ألن كل األقنية مفتوحة مع السماء‬
‫وتنبهها ‪ ،‬وكذلك طاقات خاليا جسـده كلها في حالة‬
‫وانفعاالته في ذروة إثارتها واستنفارها ُ‬
‫استيقاظ وثورة عارمة وأداء كامل‪ ،‬وكذلك عقله الباطن يضج بالمحاورات الموجية الذبذبية‬
‫مع العقل الشامل ال يحدها حاجز وال يوقفها عائق ‪ .....‬ولعظم شدتهـا وغ ازرتها تنفذ بعيداً‬
‫في أعماق الفضاء والوجود وربما وصلت العدم (العالم المطلق ‪ ...‬عالم النشأة األولى ) ‪.‬‬
‫تحو َل من ُمتَ ِحٍد مع اهلل إلى ُمتَ َحٍد له‪ ..‬وغدا‬
‫وان لم يحسن المرء هذه اللعبة ( النفحة) َ‬
‫شيطاناً مطروداً منبوذاً من رحمة اهلل وخارجاً على الحقيقة وقوانين الكون ونواميس الوجود‬
‫‪ .‬والمرء الذكي هو الذي يستغل هذه النفحة لصالحـه ‪.‬‬

‫البعض ميارسها بطريقة روحية قدسية !؟‬


‫العباد والزّهاد لمثل هذه الحالة من اإلحساس بالوجود الذاتي‬
‫من الممكن أن يصل بعض ّ‬
‫الفائق إذا أمكنهم شحن أنفسهم بالطاقة ‪ ،‬وذلك عن طريق االختـالء والتأمـل الفكري الشديد‬
‫يحرر العقل الباطن لديهم‬
‫أثناء ممارستهم العبادات وتكرار ترديد أدعية باستمرار‪ ،‬مما ِّ‬
‫ويجعله يتحد مع العقل الشامل ‪ ،‬مما يحقق للعابد الزاهد اتصاالً روحياً ساميـاً قد يجني‬
‫منه خي اًر كثي اًر ‪ ،‬وفي هذه الحالة ال يحقق الجان أي اتصال بالعابد إطالقاً رغـم انفتاح‬
‫العقل الباطن بينهما ‪ ،‬وسيي الفشل هو أن الروح القدسية هي التي تسيطر خالل تلك‬
‫المرحلة وتحول دون حدوث مثل هذا االتصال ‪ ،‬والروح الجسدية ليس لها أي دور في هذه‬
‫المرحلة‪ ،‬ولكن إذا سرح العابد بذهنه إلى األمور الجسدية والجنسية في هكـذا مرحلة‬

‫‪122‬‬
‫سيطرت الروح الجسدية على تفكيره عندئذ يتمكن من االتصال بالعابد واغ ارئـه والعبث‬
‫بمخه وعقله وذلك عن طريق عقله الباطن‪ ،‬ويكون من نتيجة ذلك حدوث صدمة عنيفة‬
‫تصيب العابد قد تفقده عقله أو دينه أو صحته أو حياته بدل أن يجني خي اًر‪ ،‬وحياة‬
‫الصوفيين عامرة بمثل تلك القصص والتي أعطت عكس ما كان يرجى منها ‪ ،‬وأحيانـاً‬
‫كثيرةً نسمع أو نصادف أشخاصاً ارتدوا وكانوا غاية في التعبد والزهد ‪ ...‬وطبعاً سبب ذلك‬
‫هو الدخول الزائد في التعبد حيث فُتِ َح باب العقل الباطن للجان والشياطين واسعاً ومارسوا‬
‫فيه عبثهم ولعبهم بِحر ٍ‬
‫ية كاملة !!‪.‬‬ ‫ُ‬
‫الدعاء‬
‫الدعاء هلل في حالة الرجوع الفوري عن معصية أثناء إتيانها وفي حالة التعبد والزهد‬
‫الشديد يكون في أغلب األحيان مستجاباً ‪ ،‬كما توجد حالة ثالثة يمكن أن تحقق مثل األمر‬
‫وهو أن يكون اإلنسان منهمكاً في عمل ما ‪ ،‬وفكره مرّكز على نقطة محددة مثل القراءة أو‬
‫الكتابة لمدة طويلة ‪ ،‬وبسبب حماس العمل وح اررة والحاح الداعي والجو المحيط به تلعب‬
‫طاقات الجسم البشري المثـارة واألمواج القويـة والغزيرة الصـادرة عنها دو اًر أساسياً في التحام‬
‫العقلين الباطنين الخاص والشامل ‪ ،‬وقد يؤدي ذلك التحادهما بالقـوى العظمى الفاعلة في‬
‫الكون وتحقق ٍ‬
‫شئ مما هو مرجو من الدعاء ‪ ، ...‬حيث يمر الداعي بغيبوبة لطيفة‬
‫ينفصل خاللها وبسببها عن وعيه وعن واقعه المادي المحيط به ويدخـل الملكوت األعلى‬
‫حرر الوعي الصافي ‪ .‬عندها‬
‫وبطريقة تشبه طريقة التأمل الذاتي أو التأمل التجاوزي وت ّ‬
‫يكون دعاءه صافياً واضحاً ربما كان مستجاباً إذا كان له في اللـوح المحفوظ صدى جذور‬
‫واحتواء ‪.‬‬

‫***************************************************‬

‫‪123‬‬
‫ــــــــــــــــــــــ‬
‫الفصل الثالث عشر‬
‫سكـن الجـان‬
‫بشكل عام لهم ثالثة حاالت سكنية كونية ‪ ،‬األولى منها هي سكنهم التناسلي ويشغلونهـا‬
‫عند الوالدة والتكاثر وهي األنفاق الكونية الالزمنية‪ ،‬والثانية في الكون المادي وبالتحديد في‬
‫األماكن الساخنة منه ‪ ،‬أما الثالثة فهي في األجسام الحية الدنيوية كجسم اإلنسان وفي كل‬
‫عضوية حية تمتلك شريط ال ( د ن أ ) ؟؟ ‪،‬‬
‫قديماً سكنوا الكون كله ومنذ اللحظات األولى لنشأته بأمر اهلل‪ ،‬عندها كان صغي اًروفارغاً‬
‫فهو بدأ من نقطة رحمية عدمية جمعت بداخلها كل ما ظهر في الوجود الحقاً من مـادة‬
‫وتم ذلك لحظة تلقيحها بآخر جسيم دخلها‪ ،‬وعندما انفجر الكون وتوسع وصار له حجم‬
‫كرة البيسبول كان ما يزال عاتماً وخاوياً من المادة ‪ ،‬وج ّل محتوياته آنذاك كانت أمواجاً‬
‫منشطرة شبه فائقة تجاوزت درجة ح اررتهـا التريليونـات من الدرجات المئوية وبدون نور أو‬
‫نار أو ضياء ‪ ،‬ومنها كان مارج النار ونار السموم التي خلق منها الجان ‪ .‬وعندما صار‬
‫للكون حجم كرة القدم بدأت إرهاصات المادة ودقائق الكواركات باالنبثاق ضمن السيل‬

‫‪124‬‬
‫الموجي الشبه الفائق المتدفق من العدم ‪ ،‬ومأل الفراغ كله في لحظة واحدة تقريباً فور‬
‫حدوث االنفجار األعظم ‪.‬‬

‫سكنهم األول‬
‫لم تلبث الحركة أن دبت في هذه الدقائق ونتج عن تالطمها وتصادمها معاً أن اندمجت‬
‫بأشكال مختلفة مولدة جسيمات المادة األولية ‪ ،‬ومنها تشكلت الذرات ذات النمط الواحـد (‬
‫ذرات الهيدروجين ) ‪ .‬والتي شكلت فيما بعد سحباً سديمية غازية القوام يسودها حركة‬
‫ودوران وبدأت الطاقة الح اررية بالظهور ‪ .‬وتلى ذلك عملية تفتق تلك السدم عن بعضها‬
‫البعض وتكاثفت محتوياتها واشتعلت فيها االنفجارات النووية والهيدروجينية ‪ .‬ولم يلبث أن‬
‫نشأت المجـرات والنجـوم والتي صارت عندها السكـن المالئم للجان بسبب تآلف طبيعتهم‬
‫النارية والطبيعة الح اررية لتلك األجرام‪ .‬كما سكنوا أيضاً الكواكب إبان تشكلها وفي مراحلها‬
‫الملتهبة بما فيها الكرة األرضية ‪ ،‬وكان ذلك قبل حوالي خمسة باليين سنة تقريباً وهو‬
‫عمر األرض والمجموعة الشمسية ‪ .‬وكان السكان حينها على نوعين ِ‬
‫ألح ُن و ِ‬
‫الج ُن‪ .‬النوع‬
‫األول منهما كان ضعيفاً‪ ،‬بينما كان النوع اآلخر شرساً عنيفاً‪ ،‬فساد بينهما اقتتال عنيف‬
‫سفكوا فيه دماء بعضهم بعضاً ‪ ،‬وأخي اًر سيطر الجن على األرض بعد أن عاثوا فيها فساداً‬
‫وتخريباً وسفكاً للدماء ‪.‬‬

‫الطرد من األرض‬
‫وأخي اًر طردتهم المالئكة من األرض لتهيئتها وتجهيزها النبثاق الحياة وحلول األرواح فيها‬
‫وظهور اإلنسان ‪ .‬وأول تلك المظاهـر كان تَبـَُّرَد األرض وتشكل جوها الغازي الهوائي‬
‫برمجة في طينها ‪ ،‬وهي شرائـط أل ( د ن أ )‬ ‫الم َ‬
‫والمائي وتلى ذلك تبلور شرائط الحياة ً‬
‫الوراثية‪ ،‬وتم ذلك بتصميم مطلق الدقة ووفق برنامج إلهي ال خلل فيه‪ ،‬ومنها ظهرت النظم‬
‫الحياتية كلها ‪......‬النباتية والحيوانية ‪ ...‬إلخ ‪.‬‬
‫كما خص اهلل نقطة رحمية في العدم انبثق منها الكون ‪ ...‬خص نقطة في بقعة طاهرة‬
‫من األرض كانت مركز انطالق الحياة‪ .‬وهذا التطابق بين العالمين العدمي والمادي أمر‬
‫محقق في كل نقطة في الكون وفي األرض والواصل بينهما هي أنفاق كونية الزمنية ‪..‬‬
‫فجعل اهلل من طينها إنساناً ونفخ فيه من روحه فكان بش اًر سوياً‪ ،‬وأخي اًر تم انبثاق الحياة‬

‫‪125‬‬
‫وحلـول االنسان في األرض آنيـاً بأمر اهلل عبر أنفاق كونية في جسم األرض لم يزد طولها‬
‫عن بضع أقطار من النترونات ) ‪ ،‬وهكذا انبثقت ذرات جسدي آدم وحواء آنيـاً من تراب‬
‫األرض وفيه ‪ .‬فإذا بهما أحياء يدبان على سطحها ‪. ، ....‬‬
‫لعل الطين الطهور الذي خلق اهلل منه اإلنسان اختزن كل التأثيرات والظروف الحديـة‬
‫العدمية والمادية التي مر بها الكون ‪ ،‬أي أن تلك القطعة الطينية ربما خضعت لجميع ما‬
‫مر به الكون من تفاعالت وظروف ومؤثرات ‪ ،‬وبالتالي فهي ثمرة هذا الكون وتتضمن‬
‫السجل الكامل للنشأة والخلق والتكوين‪ ،‬وما تبلور شرائط أل ( د ن أ ) الوراثية لإلنسان‬
‫األول بهذه الطريقة والشكل والترتيب والتي بقيت محتفظة بصورتها إلى اآلن إال سجل‬
‫فر ُمشفَّر للنظام الكوني برمته ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ألحداث الكون كله وس ٌ‬
‫لربما كانت تلك البقعة التي سوى اهلل منها وفيها خليفته في األرض ونفخ فيه من روحه‬
‫هي بقعة من الفردوس ( جنة ) مشتركة بين األرض والعدم والوجود ‪َ ،‬فلِ َم ال تكون تلك‬
‫تقديس جميع األديـان‬ ‫البقعة المقدسة هي مكة أو القدس (الشام) ‪ .‬وهذا ربما فسر سر ّ‬
‫السماوية لهذه المناطق من األرض وتحج لها الشعوب ‪، ....‬‬
‫يعتقد البعض باحتمال وجود مخلوقات حية أخرى في الكون‪ ،‬والحقيقة إذا كان األمر‬
‫كذلك فإنهم قطعاً لن يكونوا بش اًر مثلنا ‪ ،‬وأنه لو تجولنا في مائة مليار مجرة فلن نجـد فيها‬
‫إنساناً يشبهنا أو له عقلنا أو قدسية حياتنا ‪ ، ...‬فكم هو مقدس هذا اإلنسان األرضي في‬
‫كل معايير الكون والوجود ؟! وكم كانت والدته عزيزة وثمينـة وضرورية للكون ‪.‬‬

‫اخلديعة‬
‫في تلك البقعة من الفردوس ( الجنة ) خلق اهلل حواء من جسد آدم باالنفصال وليس‬
‫بالوالدة ‪ ،‬ولم يكن االنفصال يومها موصوماً بلوثة جنسية أو بخطيئة‪ ،‬ولم يكونا يعرفان‬
‫شيئاً عن التكاثر والتناسل بهذه الطريقة ‪ ،‬كما لم يكن لهما أية شهوة جنسية حينها وكانا‬
‫طاهرين مطهرين ‪ ،‬وخلقهما اهلل باألمر المباشر وبالكلمة‪ ..‬فكان إنفصاالً ‪ .‬لكن إبليـس‬
‫أغراهما بشجرة الخلد وارتكب خطيئة بحقهما ودلهما إلى موضع الشجرة في جسديهمـا‬
‫وكشف لهما عوراتهما وأطلعهما عليها قبل أوانها فقد كان برنامج التكاثر مؤجالً‪.‬وبسبب‬
‫ٍ‬
‫ومحو لنتائجها صار‬ ‫هول الخطيئة والخوف من هيبة الخالق وتبرئة من آثار الخطيئـة‬

‫‪126‬‬
‫نسل حواء من اإلناث يحيض ‪ .‬عندها تحول التكاثر اآلني باالنفصال التناظري المباشر‬
‫نجز هذه‬
‫ولجميع الخاليا الجسدية إلى تكاثر إجرائي برمجي تكاملي والدي قاس ومؤلم ‪ ،‬وتُ ُ‬
‫العملية عضمن عضوية واحدة داخل الجسد الحي ‪ ،‬وهي عملية تطورية تحتـاج لعاملين‬
‫أساسيين هما عاملي المكان والزمان ‪ ،‬وهما متوفران في الكون ولم يكونا قـد امتزجا بعد‬
‫بعضوية جسديهما ‪ ..‬فقد كانا خالدين ال حاجة لهما بهذين البعدين فـي ذاك الفردوس ‪...‬‬
‫وعندما وقعت الخطيئة فيهما والمعصية في إبليس تحول الخلق إلى تناسل تكاثري والدي‬
‫شجري (شجرة الخلد) تنتقل فيه الكارما وكل نظم الحياة وبرامجها كاملة وسليمة من جيل‬
‫آلخر ‪ ، ...‬أي أن شرائط ال ( د ن أ ) الموجودة في خاليانا اليوم هي ذاتها التي كانت‬
‫موجودة في خاليا آدم وحواء ‪ ،..‬وقبل الخطيئة لم تتضمن تلك البرامج نظام الموت بل‬
‫تحول الخلق من خلق مباشر خالد ال زمني‬ ‫ِ‬
‫قُد َر الموت بقضاء اهلل بعدها ‪ .‬عندها ّ‬
‫بالتسوية وبالكلمة واالنفصال إلى خلق حياتي تطوري ومؤقت زمنياً ومرتبـط بالمادة ‪ .‬ومثل‬
‫هذا البرنامج غير قابل للتنفيذ في عالم النشأة األول ‪ ،‬لذلك كان ضرورياً على آدم وحواء‬
‫االنبثاق والحلول في الكون المادي وفي أنسب جرم فيه ليتابعا مهمتهما في إعماره ‪.....‬‬
‫وكانت األرض هي ذلك الكوكب األزرق المفضل والذي صنع اهلل من طينه جسدي آدم‬
‫وحواء الكاملين وموضع إقامتهما في الكون ‪.‬‬

‫نظام الكارما والعودة للسعادة‬


‫سببت الخطيئة آلدم وحواء تشويشاً وفوضى في نظام حياتهم ‪ ،‬وأدت باعتبارها حدثـاً‬
‫طارئاً على نظام حياتهما إلى نتاج عقلي ونفسي ترجم فيما بعد إلى هالة أثيرية تتضمن‬
‫طاقة جوهرها فعل أثيرٍي محيط ‪ ( ..‬كارما ) ‪ ،‬والكارما هو الفعل الذي يقوم على العلة أو‬
‫السبب ‪ ،‬أي هو خطة الفكر وطريقته في معاقبـة الذات من داخلها ‪ ،‬وبسبب الكارما التي‬
‫أوجداها بعملهما آنذاك صا ار يحصدان ما زرعاه ‪ ،‬فعانـا فقدان لـذة ونعيم نظام الحياة‬
‫األولى لهما‪ ،‬كما عانيـا من تحول الخلق من خلق فوري باالنفصال ممتع إلـى خلق والدي‬
‫كارموي صـارم‬
‫ٍ‬ ‫مؤلم لم يكن متضمناً في نظام حياتهما الذي سبق الخطيئة‪ .‬وخضعا لنظـ ٍام‬
‫المجسـد لهما في الكون والموت‬
‫ّ‬ ‫ومؤلـم ‪ ،‬والذي كان من نتائجه ( الهبوط ) االنبثاق المادي‬
‫الذي غدا قد اًر محتوماً عليهما وعلى ذريتهما بعد أن كانا خالدين ومن نتائجه أيضاً أنهما‬

‫‪127‬‬
‫صا ار يأكالن الطعام ويشربا الماء ويتنفسا الهواء وصارت نتائج تلك الكارما وآثارها تنتقل‬
‫بين األجيال المتعاقبة في ساللتهما‪ .‬وهما يحاوالن معالجة تلك الحالة الكارموية في الدنيا‬
‫والغاء الخطيئة بتخفيف كارماها بالزواج واالقتران الشرعي‪ ،‬ومازالت األجيال المتعاقبة‬
‫تعاني من ذلك حتى يومنا هذا ‪ .‬ألن قانون الكارما هو قانون إلهي دقيق ال مجال ألحد‬
‫أن يشذ عنه‪ .‬وسوف يستمر ذلك القانون إلى أبـد اآلبديـن ‪.‬‬
‫ضمن أو‬‫إن السبب الحقيقي لكل ما جرى هو الرغبة والتمني والتعلق بما هو غير ُمتَ َ‬
‫قدر في نظم الحياة والذي ال يعتمد على العمل ‪ ،‬وعندما ينجز اإلنسان كارماه أي فعله‬‫ُم َ‬
‫دون أن يتوقع ثواباً على ما أنجز تأتي السعادة من داخله وليس من خارجه ‪ ....‬فالعمل‬
‫هو الخالص ويجب أن نخلص فيه ‪ .‬وللتخلص من حالة كارموية ال يوجد سوى طريق‬
‫واحد وعلى اإلنسان أن يتبعه أال وهو طريق المحبة الصافية ألال مشروطة وطريقهـا‬
‫التسامح مع الناس وتمجيد اهلل ليحدث التناغم والتوافق مع الخالق ‪ .‬عندها فقط يمكـن‬
‫لإلنسان أن يحقق كارماه وأن يزيل كل البرامج السلبية منها ‪.‬‬
‫عندما حل الجميع باألرض بعد صدور قراري الطرد للشيطان والهبوط الجماعي آلدم‬
‫وجوها ومنعوا من الصعود للسماء أي‬
‫وحواء تم تحديد إقامة الجان والشياطين في األرض ّ‬
‫سجنوا مع نسلهم وكذلك آدم وحواء ونسلهما في األرض ‪ ،‬وصاروا في حالة اختبار ليميز‬
‫اهللُ الخبيث الذي بقي يتبع خطوات الشيطان من الطيب الذي آمن وأصلح وتـاب أي الذي‬
‫صلحت نفسيته وكارماه ‪ .‬كما منع الجان من النظر إلى السماء واستراق السمع وقد كانوا‬
‫يفعلون ذلك قديماً ويدركون خبر السماء ‪ ،‬ولكن عندما ُملئت السماء كواكـب وشهب‬
‫ونيازك ‪ ...‬صار ُيرجم كل جان يسترق السمع ‪ .‬وتلك الرجم النارية هي طلقات ثاقبة‬
‫بح اررتها العالية وأزيز صوتها الفتاك في جسد الجني العابث ‪.‬‬
‫( وانا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرساً شديداً وشهباً ) قرآن كريم سورة الجن ( ‪) 7‬‬
‫اإل ِ‬
‫نظار‬ ‫إن سبب العقاب بالطرد من السماء والسجن في األرض والقذف بالشهب وكذلك ِ‬
‫للشياطين من الموت ليوم القيامة هو الكارما الهائلة التي أنتجها عمل جدهم إبليس األول‬
‫عندما عصى أمر اهلل وتمرد عليه ‪. ، ...‬‬

‫واآلن ماذا عن سكنهم احلايل ؟‬

‫‪128‬‬
‫يمكن القول أنه وفق طبيعتهم النارية وتركيب كينونتهم ذات البعدين والنصف يشير‬
‫إلى أن أفضل األماكن لتواجدهم هي األماكن الحارة والساخنة جداً وكذلك الصامتة جداً أو‬
‫الصاخبة جداً ‪ ،‬وكذلك األماكن الشديدة الظالم والعتمة المفرطة واألماكن التي يتباطأ فيها‬
‫كل من تلك المواضع‬ ‫الزمن أو يتوقف تماماً كما في حالة األنفاق الكونية ‪ .‬إذ تتمتع ٍ‬
‫بخاصة أو بصفة تالئم طبيعة الجن وتركيب جسدهم‪ .‬فمثالً حالة الصمت الشديد التي ال‬
‫يوجد فيها أي صوت أو بث موجـي ذبذبـي تبرز وتتوضح الذبذبات الموجية للصوت‬
‫الصادر عن الجن وتبدو اضحة لعدم وجود خلفية ذبذبية أخرى مشوشة لها فال تبدو من‬
‫خاللها ‪ .‬ويصح هذا الكالم من أجل بقية الحاالت الح اررية والضوئية‪ ...‬وهكذا‪ .‬وأغلب‬
‫تلك الظروف تتحقق في البراكين وأعماق األرض وينابيع الميـاه الساخنة والصحاري‬
‫والحمامات ‪ ....‬وفي المناطق الدافئـة من جسم اإلنسان ومواضع المرض واإلثـارة الجنسبة‬
‫لديه ‪ ،‬واألماكن غير النظيفة والموبوءة ‪ ،‬إذ تعتبر هذه المواضع أمكنة مثاليـة لوجودهـا ‪،‬‬
‫خاصة أن لها جنـداً ترعاها وتنشطها في تلك األماكـن وهم الفيروسات والجراثيم والبكتيريا‪،‬‬
‫وأما أماكن عمـل الجان الصاخبة فهي األماكن التي ال تقوى فيها وال صالح‪ ،‬أي في‬
‫األماكن التي يحدث فيها كل ما يخالف سنن الطبيعة السليمة وينتج الكارما السلبية‬
‫المؤذية لإلنسان‪ .‬ومثل تلك األماكن هي أماكن اللهو والفجور والمجون والمتع والرذيلة ‪،‬‬
‫وكل األماكن التي تلبي رغبات اإلنسان وشهواته الجنسية ومحورهـا األول واألخير هو‬
‫المرأة والتمتع بجمالها ‪ ،‬وأما أماكن عمل الجن الهادئ فهي في دماغ اإلنسان وفي قلبه ‪،‬‬
‫المتَع أما اآلخر فهو مركز النية والقصد والغاية‬
‫وطبعاً األول هو مركز الغرائز والعنف و ُ‬
‫لدى اإلنسان ‪.‬‬
‫والسؤال اآلن ‪ :‬هو كيف يتسنى للجان توصيل رسائله لإلنسان ؟ والجـواب ‪ :‬يتم ذلك‬
‫بطرق متعددة سبق أن تحدثنا عنها ‪ ،‬وساحة التوصيل في هذه الحالة هو العقل الشامل‪،‬‬
‫حيث يلتقي فيها العقل الباطن الذبذبي للجن والعقل الباطن الخاص لإلنسان ‪.‬‬

‫كيف سيطر اإلنسان القديم عليهم ؟‬


‫كان يسيطر عليهم بعقله الباطن الخاص ‪ ،‬وسمة هذا العقل الوعي واإلدراك الالحسي‬
‫أي الذي يعمل في الالشعور ‪ .‬فقد كان هذا العقل ح اًر طليقاً قوياً ال يحد من قوته زمان‬

‫‪129‬‬
‫وال مكان ‪ ،‬كما كان قاد اًر على االنتقال عبر الزمن بلمحات ويتجاوز المسافات الشاسعة‬
‫في خطوات ويسمع ويرى كل شئ في مكانه ولو كان في آخر الدنيا ‪ ،‬وتبدو له األشياء‬
‫شفافةً وال يخفى عليه منها خافية ‪ ،‬فقد كان بصره يومها حديد وكل شئ كان طوع بنانه‬
‫وارادته وأعماله اليعيقها أي شئ‪ ،‬ويكفي صاحبه مجرد تركيز فكري بسيط واذا بالشيء‬
‫المطلوب يتحقق ‪ .‬فقد كانت قواه ( الرؤيوية ‪ ،‬السمعية ‪ ،‬الوعي) مطلقة‪ .‬لكن مع مرور‬
‫الزمن وتزايد ضغوط ظروف الحياة ومتطلباتها عليه وانشغال المرء بأمورها واهتمامه‬
‫بمظاهرها نمى لإلنسان عقالن آخران ( العقل الواعي والعقل الذاتي ) وصا ار يضغطان‬
‫على العقل الباطن فغدا أسي اًر سجيناً بينهما ‪ ،‬كما نمى لدى اإلنسان الشعـور والمشاعر‬
‫والعواطف ‪ ،‬وكذلك الحس واألحاسيس والحواس الخمسة ‪ ،‬وصـار يستشعر البيئة من حوله‬
‫ويتأقلم معها ‪ .‬فنمى لديه اإلدراك واإلحساس بالزمن ‪ ،‬أي صار دماغـه ومخـه وملكاته‬
‫الفكرية والذهنية تدرك اإلحداثيات الزمانية والمكانية مما جعل حواسه تـدرك وتسنوعب‬
‫الحركات والقوى والطاقات من حوله مما زاد من تأقلمه مع البيئة من حوله كما عمل هو‬
‫تكييفها وترويضهـا لمصلحته ‪ .‬وازداد زمن فترات نومـه وطعامه وشرابه والتلذذ بهما ‪،‬‬
‫على ّ‬
‫كذلك ازداد سعيـه وطلبه للمتـع واللحظات السعيدة فصار يهتم بمظهره وبالمظاهر‬
‫وبالمجتمع من حوله ‪ .‬فانكمشت ج ّل قدراته الجسدية وضعف جسده وتقلص سلطانه فغدا‬
‫نحيالً صغير القامة قصير العمر‪ ،‬واختفى كثير من قدراته الخارقة الجسدية والفكرية‬
‫وغاب عن فكره جل العلم الذي علمه اهلل إياه في الجنة فبدت أفكـاره متخامدة مشتتة زائغة‬
‫ال تركيز فيها وطغى دماغه الزواحفي الغريزي الالمبالي علـى مخه الثديي العاطفي ‪ .‬ولم‬
‫يعد يرى الجان أو الشياطين ‪ ،‬أي لم يعد يدرك إحداثياتها وال مواضعها واليرى ما تفعله أو‬
‫ما تُ ِع ُد له من أذى ‪.‬‬
‫من هنا بدأ توجسه وهلوسته وتخوفه والتطير والتشاؤم منها ‪ ،‬وصار يخشاها ويخاف‬
‫منها ومن أعمالها ‪ ،‬كما علم أوالده الخوف منها ‪ ،‬وقذف في قلوبهم الرعب وزرع في‬
‫نفوسهم األمراض والعقد النفسية بما كان يروي لهم من قصص زائفة عنها ‪ .‬وما اهتمام‬
‫كثير من الناس اليوم وعلى مختلف أنواعهم وسوياتهم الفكرية بقصص الجـان والجري‬

‫‪131‬‬
‫خلف المشعوذين والدجالين والعرافين والكهنة إال نتيجة لعدم تم ُكن اإلنسـان الحالي من‬
‫رؤيتهم بسبب تزايد وعيه وادراكه للوجود المادي من حوله وابتعاده عن الروحانيات ‪.‬‬

‫هل هناك استثناء ما؟‬


‫الجواب نعم !! كان هناك استثناء لهذه القاعدة وهم األنبياء إذ كانوا يرونهم ويسمعونهم‬
‫ولكن الجان كانوا يتحاشونهم ويفرون منهم ‪ ،‬وكما هو معلوم كانت أرواح األنبياء كاملة‬
‫بشطريها الجسدي والقدسي ‪ ،‬ونفوسهم طاهرة بحيث كانوا دوماً على اتصال بالسماوات‬
‫العال ‪ ..‬وبهذا يختلفون عن باقي البشر فهم ‪ ....‬مختارون ‪ ،‬وعقلهم الباطن قوي جـداً‬
‫ليس لبشر مثله ‪ ،‬وأحاسيسهم وحواسهم كانت مهيأة ومضبوطة ( مدوزنة ) للتعامل مع‬
‫ماهو موجود في ساحة العقلين الباطنين الخاص والشامل ‪ ،‬لذلك كان من الطبيعي على‬
‫األنبياء أن يروا الجان وأن يتعاملوا معهم وأن يزجرهم أو يطردهم أو يسخروهم لقضاء‬
‫حوائج معينة لهم بأمر اهلل‪ .‬لكن كان بعض األنبياء مقتصداً بهذا التعامل وبعضهم اآلخر‬
‫أستخدمهم ألبعد مدى حتى قيل أن عفريتاً من الجن ( العفريت هو من أقوى الجن ) نقل‬
‫عرش الملكة بلقيس للنبي سليمان من اليمن إلى القدس في طرفة عين ‪.‬‬

‫أداة الرؤية‬
‫كان اإلنسان القديم يراهم رؤيا العين لكون الغدة الصنوبرية ( العين الثالثة ) لديه نامية‬
‫ونشطة آنذاك ‪ ...‬ولكن كيف كان ذلك ؟‬
‫المفرزة من ِقَبل تلك الغدة كبيرة جداً ومدة إفرازها طويلة أيضاً‬
‫حينها كانت كمية الهرمونات ُ‬
‫‪ ،‬مما جعلها عيناً ثالثة قادرة على تحسس األمواج الذبذبية الفوق سمعية الصادرة عن‬
‫أجساد الجن وقادرة على التقاط األمواج الفوق صوتية الصادرة عن صفيرهم وبثهم وكانت‬
‫طبيعة تلك الرؤية موجية ذبذبية فوق سمعية يعيها العقل الباطن الخاص لإلنسان ويدركها‬
‫فؤاده ‪ ،‬وكان لهذا الهرمون دور التغذية المستمرة ألجهزة التحسس تلك والتي كانت نامية‬
‫لدى اإلنسان القديم ولم تعد كذلك اآلن إال فيما ندر من حاالت ‪ .‬وألية عمل تلك األجهزة‬
‫في التحسس الفوق سمعي لدى اإلنسان قائمة على ظاهرة التجاوب والطنين والتناغم‬
‫المتَقبـِل بشكل بث وسواسي‬
‫الموجي المعروفة في علم الفيزياء ‪ ،‬ويتجلى أثرها لدى اإلنسان ُ‬
‫استفزازي يثير الفوضى والعبث في الفكر والقلق واإليحاء والصراع فـي النفس البشرية‪.‬‬

‫‪131‬‬
‫والعقل الباطن( الفؤاد) يدركها وال يستطيع تجنبها ألنها تقع ضمن مجال عمله هذا من‬
‫ناحية ‪ ،‬ومن ناحية أخرى كان الكون صغي اًر وجميع األمواج المنتشرة فيه سواء كهرطيسية‬
‫أم ضوئية أم عدمية فائقة أم مادية كانت أطوالها الموجية قصيرة جـداً وخصائصها لم تكن‬
‫كما هي عليه اليوم ‪ ،‬ولن تبقى كذلك بعد ألف سنة قادمة ألن الكون يتوسع بسرعة هائلة‬
‫شبه ضوئية‪ ،‬إذ اكتشف حديثاً وجود مجرات تتباعـد عن بعضهـا بسرعات شبه ضوئية‪.‬‬
‫ومع تمدد الكون تمددت تلك األمواج وتحولت أطوالها الموجيـة من قصيـرة لطويلـة‪ .‬ومن‬
‫يغير مـن خصائصها ومميزاتها ‪ ،‬فقد‬‫تغير في الطول الموجي لموجة ّ‬
‫المعلوم أن كل ّ‬
‫ميزة وتخسر أخرى ‪ ...‬وهكذا حتى صارت بنهاية األمر أمواجاً ذبذبية غير مرئية‬
‫تكتسب ّ‬
‫للعين البشرية ‪ .‬واختفى من ساحة رؤيتنـا عالم الجان الرائع والمدهش بكامله ولم يعودوا‬
‫مرئيين لنا ‪ ،‬و ُم ِس َحت كامل صور الجان من دماغنا ومخنا ‪ ،‬وغدت أعيننا وأفئدتنا ُعم ٌي‬
‫لتلك األمواج التي دخلت ضمن حيز الترددات أل ( ‪ ) 25+10‬تردداً المحظورة على رؤية‬
‫اإلنسان وسمعه وادراكه ووعيه ‪.‬‬
‫بعد االختفاء الرؤيوي لعالم الجن من قبل اإلنسان وفقدان االتصال بهم ‪ ،‬انتشر الجان‬
‫في كل األرض وتحرروا من متابعة اإلنسان لهم‪ .‬فاإلنسان كان الكائـن الوحيد القـادر على‬
‫متابعتها ومراقبتها وزجرها وتقييدها‪ ،‬وحالياً لم يعـد بوسعه القيام بمثل هذا الدور لعدة‬
‫أسباب‪ ،‬منها ضمور أجهزة التحسس الفوق سمعية والفوق صوتية لديه والتي كانت تعمل‬
‫ضمن ذاك المجال‪ ،‬وثانيها تمدد األمواج الصادرة عن أجسامها وأصواتها‪ ،‬وثالثها محاصرة‬
‫العقل الباطن الخاص ( الفؤاد ) من ِقَبل العقلين الواعي والذاتي لديه ‪ ،‬ورابعها ازدياد‬
‫نشاطه الفكري والعقلي على حساب طاقاته وقواه الفوقية والتي تحولت مع مرور الوقت‬
‫لقوى خفية غير نامية إال في بعض الحاالت النادرة ‪ ،‬والتي تظهر أحياناً بعـض آثارها‬
‫لدى بعض األفراد هنا وهناك‪ ،‬وخامسها طبيعتهم الخاصة في االنزواء واالختباء في‬
‫مناطق الصمت المطلق والضجيج الصاخب والظالم الدامس والح اررة المرتفعة‪،‬وفي مثل‬
‫هذه األجواء والبيئات يفقد اإلنسان كثي اًر من قدراته الفوقية وتصاب بالشلل والتحييد‬

‫اجلن يف الصحراء‬

‫‪132‬‬
‫كثي اًر ما يحدث أن يتراءى للبدو واألعراب في بيئتهم الصحراوية أطيافاً سرابيةً أثناء‬
‫النهار وحتى في الليل ‪ ،‬ويتخيلون فيها أشكال جن وعفاريت مهتزين ومتراقصين‪ ،‬وهم في‬
‫الواقع ال يرونه رؤيا العين ولكن يرونهم بعقلهم الباطن ‪ .‬وتفسير ذلك كما يلي ‪:‬‬
‫لربما كان لطول المدة التي يحياها هؤالء الناس في تلك البيئة الصحراوية أثر علـى‬
‫قدراتهم الفوقية وطاقاتهم الخفية فيحدث لها تن ّشيط وتحرّيض وحث لها‪ .‬مما يجعل العقل‬
‫الباطن لديهم يتحرر ويجعله يتحد مع العقل الشامل ‪ ،‬والذي هو ساحة عمل الجن فصار‬
‫الدماغ يراهم دون العيون ‪.‬‬
‫تكشف هذه الظاهرة عن شيء فريد وخاص وهي مدى قوة العقل الباطن العظيمة التي‬
‫يتمتع بها اإلنسان الصحراوي ‪ .‬فدماغه قادر على تَ َمثُ ِل المشهد الإرادياً والقيام بعمليـة‬
‫ضغط قسري إلدخال تلك المشاهد إلى ساحة الرؤيا في دماغه والتي عادة ما يتجاهلهـا‬
‫العقلين الواعي والذاتي لديه ‪ .‬وهذان العقالن مهمالن من قبل الصحراوي‪ ..‬وهو اليهتم‬
‫بمظهره والبمأكله ويهمل الكثير من الرفاهية واألمور الكمالية ولكنه بالمقابل يكون أكثر‬
‫شاعرية وأخصب خياالً وأقوى عاطفة من األشخاص المدنيين ‪ .‬لهذا يكون البدو وسكان‬
‫ذكاء من كثير من سكان‬‫وصفاء فكرياً وربما ً‬
‫ً‬ ‫الصحراء أكثر شاعرية وروحانية والهاماً‬
‫المدن‪ .‬وهذا مايفسر قدرتهم الواسعة على قراءة األفكار ومعرفة الطباع واتقانهم علـوم‬
‫الفراسة والقيافة وتتبع األثر ‪ .‬ويعتبرون الذهاب للمدينة رغم متعته أم اًر غير محبَّب لهم‬
‫ألنهم في الحقيقة يدركون ُج َل أفكار أهل المدينة ويقرؤونها بسهولة‪ ،‬بينما النقيض مـن ذلك‬
‫هو الصح عند سكان المدن إذ يكون العقل الباطن لديهم خامالً شبه ميت ال ينفعهـم في‬
‫شيء أللهم إال في رؤية أحالم مرعبة وكوابيس كارثية مفجعة أثناء نومهم بعد وجبة عشاء‬
‫دسمة جداً‬
‫ماذا عن احليوانات واجلن ؟‬
‫للحيوانات قدرة عجيبة على رؤيتهم مباشرة وبعقلهم الباطن النشط جداً والذي هو بنفس‬
‫الوقت دنيا الجان وعالمهم الذي يسرحون فيه ويمرحون ويعبثون ‪ ،‬لكن الحيوانـات ال تهتم‬
‫بهم وال ألمرهم لتفاهتهم وضعفهم بالنسبة لها ‪ ،‬وهم يتعايشون معهم دون أي خوف منهم‬
‫أو اكتراث بهم ‪ ،‬مع أن التعايش بينهم ليس هادئاً دوماً ‪ ،‬إذ غالباً ما يكون صاخباً عنيفاً‬

‫‪133‬‬
‫بسبب الصراع المستمر فيما بينهم ‪ ،‬ففي كثير من األحيان يمر الحيوان بحـاالت من الثورة‬
‫والهياج والجنون ال تعرف أسبابها ‪ ،‬والحقيقـة الغريبة في هذا األمر هو أن الحيوان يعاني‬
‫ث ًَ َم دفعه للهياج والجنون وربما‬
‫حينها من عبث الجن واثارتهم له ووخزه واستف اززه ومن َ‬
‫االنتحار‪ ،‬وهذا الصراع ال يؤثر على الجان بشيء إال أنه ينهك الحيوان ويزعجه ‪ ،‬وبالتالي‬
‫يمكن تعليل شراسة الحيوانات وحياتها الغريزة البهيمية القائمة على العنف والتوحش على‬
‫أنها تحيا بعقلها الباطن وتتعايش مع الجن من خالله وهو مسرح الجان وساحة عملهم ‪ .‬و‬
‫لعل شراسة الحيوانات الالحمة أو حتى الحيوانات النباتية مثل الثيران والجياد وحمار‬
‫الوحش والنعام‪ ،‬فيرجع سبب شراستها لما تعانيه من أذى ووخز الجن ومشاكستهم لها ‪...‬‬
‫وهي تنفر من اإلنسان لخوفها من شيطانه القرين ‪ ،‬وما حقيقة صداقة الكلب لإلنسان إال‬
‫صداقة للشيطان القرين لإلنسان وما عواء الكالب ليالً إال نوع من المهاوشة والمناوشة‬
‫معهـم والتحية لهم فهم أصدقاءه األقربون ‪ ..‬ففي الليل ينشـط كالهما ‪ ،‬ويبقى الكلب عدواً‬
‫لإلنسان ذاته ويعوي عليه ويهاجمه ‪ ،‬ولربما أكلـه أو أذاه وعندما يقذف إنسان كلباً بحجر‬
‫ِ‬
‫استجداء ٍ‬
‫عون من صديقه الشيطان القرين‬ ‫يتغير لحن عوائه ‪ ..‬ويصبح زعيق خيبة ٍ‬
‫أمل و‬
‫‪..‬حتى نهيق الحمار ماهو إال خوف من عبثهم وخشية من أذاهم له ‪ ..‬أما صياح الديك‬
‫فج اًر ما هو إال فرحة بانتهاء الليل وقدوم النهار‪ .‬فمع بزوغ أول خيط نور للنهار تحضر‬
‫المالئكة وينهزم الجن ‪.‬‬

‫سر العالقة بني اجلن واجلمل‬


‫لربما كان للجمل قدرةً عجيبةً على رؤيتهم أكثر من غيره من الحيوانات ‪ ،‬والعداوة بينه‬
‫وبينهم كبيرة‪ ،‬وهي عداوة قرابة وأبناء عمومة فهو ُخلق من عنانها ‪ ..‬وهو يحاول أن يكون‬
‫مسالماً لكن طبيعة الجن العدوانية متأصلة في أعماقه مما أكسبه طبيعة كئيبة ‪ ،‬وبشاعة‬
‫شديدة وهذا ما يفسر سرعة غضبه ولؤمه وحقده وكآبته وتمرده وغـدره وعدم األمان في‬
‫االقتراب منه أو النوم بجواره ‪ ،‬فكلها أمور خطيرة يجب تجنبها بحضرتـه كما يفسر ذلك‬
‫حياءه عند اقترانـه بأنثاه‪ ،‬ذ يحاول االبتعاد بإنثاه إلى أبعد ما يمكن كي اليراه أنس والجان‬
‫‪ ،‬وهي نفس طريقة الجان في اإلقتران باألنثى‪ ،‬إذ يتم االقتران لدى الجن بعيداً عن‬
‫األنظار وفي أنفاق كونية اليراه فيها أحد حتى من أبناء قومه من الجان والشياطين فهو‬

‫‪134‬‬
‫يخشى غدرهم ‪ .‬فالجان هم األعداء التقليديون األلداء للجمل‪ ،‬وهم سكان الصحراء الال‬
‫مرغوب فيهم من ِقَبلِ ِه والمشاركين له قس اًر في مسكنه ‪...‬الصحـراء ‪ .‬والجمل كمخلوق حي‬
‫ال يكره اإلنسان بل يكره ويتطاير من الشيطان قرين اإلنسـان ‪.‬‬
‫لربما قام الجمل بحركات غريبة ال متوقعة أثناء هياجه وثورته مثل الرفس والجري‬
‫ب أو‬ ‫والقفز واالنبطاح على األرض واصداره أصوات البعبعة بصورة توحي بأنه َي ِ‬
‫ضر ُ‬
‫ضرب أو يواجه عدواً أو يتصارع معه ‪ .‬ويالحظ أن غضبه ال يقف عند حـد ‪ ،‬وهو مهيؤ‬
‫ُي َ‬
‫للهياج في أية لحظة ولسان حاله يقول " الكآبة كنز ال يفنى "‪ ،‬وأكثر ما يغيظه هو رؤية‬
‫األفعى أو إنسان غريب أو ولد صغير يقترب منه ( والعياذ باهلل ) والسبب في ذلك هو‬
‫رؤيته للشيطان القرين بهذه المخلوقات ‪ ،‬فهو يدرك ما تكنه له الشياطين القرينة لهذه‬
‫الكائنات من أذى وألم ( خاصة األوالد عندما يرجمونه بالحجارة) ‪ .‬بينما ال يثور إطالقاً‬
‫إذا ما شاهد مالكه أو طفلة أنثى صغيرة ‪ ،‬فهو على العكس يأنس لها‪ ،‬وربما َح َّن إليهـا‬
‫ومكنها من متنه خاصة إذا كانت إمرأة ‪ ،‬فهو يدرك بفطرته أن‬ ‫وس َّر للقائها وخضع لها َّ‬
‫ُ‬
‫قيد ال يؤذيه‪ .‬وما براءة األطفال وطهارتهم النفسية وحف المالئكة بهم إال نتيجة‬
‫قرينها ُم ّ‬
‫لتقييد قرينهم من الشياطين والجان ‪ .‬لهذا فالجمل ال يتبرم عندما تمتطيـه طفلة أو امرأة‬
‫كما أن المرأة تحب ركوبه أكثر من أي حيوان آخر ‪ ،‬وهو يشعر باالطمئنان معهـا ‪.‬‬

‫فاكهة يكرهها اجلان !!‬


‫األغرب من موضوع الجمل والصحراء هو فاكهة الصحراء الوحيدة وهي التمور‬
‫بأنواعها ( البلح والعجوة ‪ ....‬إلخ ) ‪ ،‬وهذه التمور بأنواعها هي الغذاء األساسي لسكانها‬
‫ولكن الجان والشياطين تكره التمر كثي اًر ‪ ،‬وحتى الجمال تكرهها بشدة واذا اضطـرت ألكلها‬
‫فذلك بسبب الجوع ليس إال ‪ ،‬وسبب ذلك الكره بقي مجهوالً ودون تفسير واضح حتى كان‬
‫االكتشاف التالي ‪ .‬فمنذ وقت قريب اكتشف أن أكل التمر أو البلح يولد هالـةً طاقيةً طيفيةً‬
‫زرقاء اللون حول جسم اإلنسان ‪ ،‬ووجد أن تلك الهالة الطيفية ذات اللـون األزرق تشكل‬
‫درعاً واقياً وحاج اًز مانعاً لعديد من األمواج الكهرطيسية الالمرئية ومـن الجان والحسد‬
‫والسحر وخالفه ‪ ...‬والعين الحاسدة والجان يصبحون غير قادرين علـى اختراق هذا‬
‫الحاجز الذي ولدته الطاقة المنبثة من العناصر الموجودة في التمر وخاصة عنصر‬

‫‪135‬‬
‫الفسفور الغني باإللكترونات والتي تزيل الشحنات الموجبة التي يحبهـا الجـان ومظهرها‬
‫اإلثارة والتهيج لدى اإلنسان‪ .‬ومن المعلوم أن لمركبات هذا العنصر إشعاعات تألقية‬
‫فسفورية تدعم الطيف األزرق وتمنع اختراق الجان لهذا الحاجز الطيفي‪ ،‬في حين أنهم‬
‫قادرون على اختراق أطياف بقية األلوان والتعامل معها‪ ،‬والسر اآلخر هو أن التمر‬
‫بأنواعه المختلفة يمد الجسم البشري بطاقة عالية ونشاط زائد كما يقوي الدم ويقضـي على‬
‫كثير من الفيروسات الجراثيم والبكتيريا التي هي الجند المطيع للجان ‪ ،‬وهكذا نجد أن في‬
‫الصحراء الداء والدواء ‪.‬‬

‫هل للغنم دور يف ظاهرة اجلن ؟‬


‫الغنم هو الحيوان الثاني الذي يرى الجان وال يخشاه إطالقا‪ ،‬وهدوءها وسكينتها يدالن‬
‫على أن العقل الباطن الخاص الذي تحيا به متحد بالعقل الشامل وبطريقة ال يستطيع فيها‬
‫الجن وال الشيطان اختراقه‪ ،‬وبالتالي ليس لهم في لحمها أو صوفها أو حتى تصرفاتهـا أي‬
‫نصيب ‪ ،‬لذلك يعيش الغنم طيلة حياته مطمئناً وفي أمان من أذاهم وعبثهم واثاراتهم‬
‫واستفزازهم له ‪ ،‬فهو ال يخضع لسيطرتهم إطالقاً وهو خارج دائرة نفوذ بثهم الموجـي‬
‫الذبذبي واليتجاوب معها‪ ،‬لذلك كانت هذه المخلوقات مباركة مبروكة في جسدها ودمائها‬
‫ووبرها‪ ...‬ووجودها يدل على الخير ‪ ،‬وطبيعتها ال تقبل بذور الشر وال لوثات الشيطان أو‬
‫بصماته من نحس واجرام وأذى وأحقاد وطبائع سيئة ‪ .‬وال ينقل معايشتها للبشر أية صفات‬
‫اء وقوة‬
‫سيئة ‪ ،‬كما أن لحومها طيبة نقية ال تحمل أمراضاً خطيرة ‪ ،‬وتكسب آكلها ذك ً‬
‫ذهنية وزيادة في قدرة الحواس وخاصة حاسة السمع ‪ ، ...‬ورأينا العالقة العجيبة الفريدة‬
‫القائمة بين تلك الحاسة والجان وسنرى هذ أوضح في فصول الحقة ‪ ، .....‬لهذا تلح‬
‫الشريعة دوماً على نحر األضاحي وتعتبرها واجباً دينياً في كثير من المناسبـات ‪.‬‬

‫األنبياء واألغنام ( اإلبل )‬


‫تتآلف الخرفان سريعاً مع اإلنسان إذا ما عاشت بجواره وأنست معاملته ولو لفترة‬
‫وجيزة ‪ ،‬مما يؤكد أنها تدرك عقله الباطن الخاص بسرعة وتعي ما يدور في لبه وفؤاده‬
‫كما أنها تتحسس طيفـه األثيري وتـدرك بفطرتها كونه طيب النفس أم شرير الطويـة‬
‫فتأنس له في الحالة األولى وتضطرب منه في الحالة الثانية‪ .‬ولكن كيف يمكن لها ذلك ؟‬

‫‪136‬‬
‫الحقيقة أن الخراف تعيش بعقلها الباطن الذي يلتقي بالعقل الباطن لإلنسان فتأنس لروحه‬
‫الكاملة وترتـاح لشطر روحه القدسي القوي جداً ‪ ،‬والذي ليس لكائن آخر مثله ‪ ،‬فهـو‬
‫ود َع ٍـة فتطمئن له‬
‫يتضمن المعاني الراقية لدى اإلنسان من إيمان ومحبة ورفق وحنان ِ‬
‫وتأنس به فتخضع ألوامـره ‪ .‬حتى أنها تدرك ِف ْك َرهُ إذا أراد نحـرها فتأتي إليه مذعنة طائعة ‪،‬‬
‫وكل ما يحدث يتم في غياب الجان ‪ ....‬ودون أن يكون له أي دور فيه‪ ،‬فهـو غائب من‬
‫ساحة العقل الباطن لها لعدم قدرته على اختراقها‪ .‬ولهذا السبب ال يحظَّر النوم مع اإلبل‬
‫في مرابطها‪ .‬وما قصة فداء سيدنا إسماعيل بذبح عظيم إالمثاالً على هـذا ‪.‬‬
‫ورفقة الراعي لها تعلمه الصبر والسكينة واألناة وتنمي فيه الطباع الحسنة مثل الهدوء‬
‫والتأمل واللطافة والنعومة‪ ،‬ويظن أن االقت ارب منها ومخالطتها يطرد الشيطان القريـن‬
‫لإلنسان‪ ،‬وهذا القرين الشيطاني ال يمكنه التواجد مع الخراف وال يقترب منها مثله مثل‬
‫بقية الجان ‪ .‬رغم أن اإلبل ضعيفة جداً ‪ .‬والسبب في ذلك هو أن عقلها الباطن ذبذبـي‬
‫وقوي جداً يطغى العقل الباطن للجان‪ ،‬وطبعاً مثل هذه األمور ال تقاس بالحجم أو بالقوة‬
‫فالفيروس هو أصغر الكائنات في الكون ويعتبر حلقة الوصل بين الموت والحياة أي هو‬
‫الحي الميت ‪ ،‬ومع ذلك قرينه الشيطاني هو من أقوى الشياطين وأعظمها أذى لهذا ‪:‬‬
‫كان كل األنبياء رعاة أغنام ‪ ،‬ونبينا محمد ( ص) كان راعياً ‪ ,‬وأماكن والدتهم كانت‬
‫محفوفة باألغنام ‪ ,‬مثل ميالد سيدنا المسيح عليه السالم فقد كان مهده محاطاً باألغنام‬
‫والرعيان ‪ ...‬فاألغنام تحمي اإلنسان من الجان والشيطان وحتى من قرينه الشيطاني‬
‫وكل هذا بسبب البركة التي أعطاها اهلل لها وجعل لها عقالً باطناً بهيمياً قوياً قاد اًر على‬
‫طرد الجان والشياطين ‪ ،‬فال يصيبها منهم لوثة أو عبث أو أذى ‪ .‬كما جعل اهلل غذاءها‬
‫وحبذه لفائدته العظيمة‬
‫نباتات طاهرة خفيفة ال غلظة فيها وال خبث ‪ ،‬وحلّل أكل لحومها َ‬
‫لإلنسان أكثر من أي طعام آخر‪ .‬فهو طاهر مبارك ال دنس فيه وال نجس ال يقرب آكله‬
‫جان وال شيطان ‪ ،‬ألن ليس لهما على أجسادها من سلطان ‪ ،‬لهذا كانت األضاحي بهـا‬
‫واجباً شرعياً ًً‪ ،‬وعكس ماهو عليه الحال في الحيوانات األخرى‪ ،‬والتي تتجلى فيها لوثات‬
‫الشر الشيطانية بصورة غرائز العنف والشراسة والوحشية والصراع والعراك‪ ،‬لهذا كان الفداء‬
‫اإللهي المبارك للنبي إسماعيل هو ذبح عظيم ‪ ...‬أي خروف عظيم‪ .‬وكذلك الخيل هي‬

‫‪137‬‬
‫من الحيوانات الكريمة وفيها الخير والبركة واليقربها جان والشيطان ‪ ،‬وهي تـراه وتشمئز‬
‫منه وتنفر لوجوده ‪ ،‬كما أنها تنفر من قرين اإلنسان حتى تأنس لإلنسان ذاتـه‪.‬‬

‫املزمار‬
‫بقي المزمار وصوتـه موضع استغراب اإلنسان على مدى العصور والدهور ولغ اًز محي اًر‬
‫لألجيال المتعاقبة ‪ ،‬وسؤاالً عجز الكثيرون عن اإلجابة عليه ‪ ،‬والسؤال هـو ‪ :‬لماذا تَ ِح ّن‬
‫اإلبل وتخضع لصوت المزمار عندما يعزف الراعي وينفخ فيه ؟ وما هو سر هذه القصبة‬
‫الخشبية الجوفاء المثقبة والتي تصدر أصواتاً تأسر الشاة وحتى اإلنسـان ؟ وهل يصدر هذا‬
‫الصوت جن أو عفاريت أم ماذا ؟‬
‫اعتقد األقدمون أن في صوت المزمار الموسيقي يكمن شئ غريب غير قبل للتفسير ‪ .‬له‬
‫ويغير من سلوكهـا‬ ‫ِ‬
‫أخاذ يؤثر في دماغ الشاة ويهدأ من طبيعتها البهيمية الالعاقلة ّ‬
‫سحر ّ‬
‫الغريزي‪ .‬وفي فترة اعتقدوا أن الجان هي التي تدخل ذلك السحر في رؤوس الخـراف‬
‫وتسبب لها السكينة والخدر والنعاس والنوم ‪ ،‬وأن هذا السحر ما هو إال أصوات خفيـة‬
‫ألنفاس الجان يصدرونها عبر المزمار وهدفهم من ذلك السيطرة على اإلبل واخضاعها‬
‫إلرادتهم وبالتالي إيذاء اإلنسان والتحكم بعقله ونفسيته ‪ .‬لهذا كان الناس يرتابون كثيـ اًر‬
‫ويتوجسون خيفة من األشخاص المحبين الشغوفين بصناعة الموسيقى أو االستماع لهـا فقد‬
‫كان ينظر إليهم المجتمع آنذاك على أنهم أعوان الجن والشياطين والمردة‪ .‬وبالتالـي كانوا‬
‫عرضة للمحاربة والمطاردة و في أحسن الحاالت لفقدان الهيبة والكرامة فهم بنظر المجتمع‬
‫غاوين ضالين مأفونين ال خير فيهم وال أمل يرتجي منهم ‪ ،‬لكن مع تقدم العلـم والمعرفة‬
‫واكتشاف قوانين الفيزياء وتفسير العديد من الظواهر الطبيعية أمكن فهم طبيعة الموسيقى‬
‫ونفسية الموسيقيين ‪.‬‬
‫صوت المزمار الموسيقي هو أمواج إهت اززية ذات ترددات منسجمة في إيقاعات وألحان‬
‫تستسيغها األذن‪ ،‬وحتى صوت حفيف أوراق الشجر هو موسيقى تردداتها تقع في مجال‬
‫السمع لإلنسان والحيوان فيأنس لها ‪ ،‬وهذا ال عالقة له بالجان واإلبل هي أبعد ما يكون‬
‫عن الجان والشياطين ‪ ،‬فالخراف تحيا بعقلها الباطن القوي وتطرد الجان عنها ومع ذلك‬
‫فإن لبعض ذبذباته الموسيقى تأثير شجي عليها وكذلك نحن ‪.‬‬

‫‪138‬‬
‫هل التأمل التجاوزي يرينا اجلان ؟‬
‫توصل الهنود األقدمون لطريقة طريفة يستطيع بها أحدهم أن يرى الجن والشياطين إذا ما‬
‫أراد ذلك ‪ ،‬وتعتمد تلك الطريقة على رياضة تأمل فكرية يتم البحث فيها عن الجذور‬
‫العميقة للوعي ( بيت المعرفة والحكمة ) في أعماق النفس البشرية ‪ .‬وتوصلوا ألشيـاء‬
‫خارقة في هذا المجال ‪ ،‬وتعتمد هذه الرياضة على التركيز في بعض أجزاء الدماغ التي‬
‫لها دور كبير في األمور الباراسيكولوجية (ما وراء علم النفس)‪ .‬ففي الجهة اليسرى من‬
‫الدماغ توجد منطقة مسؤولة عن اإلحساس بذات الجسد وأين تنتهي لتبدأ بقية العالم ( أي‬
‫منطقة اإلحساس بالنفس)‪ ،‬وتوجد في المنطقة اليمنى من الدماغ منطقة أخرى مسؤولـة عن‬
‫اإلحساس البعدي للمكان (منطقة اإلحساس باإلحداثيات المكانية للجسد ) ‪ ،‬كما توجد‬
‫منطقة أخرى لإلحساس بالزمن‪ ...‬وهكذا‪ .‬وتعتبر منطقة الربط البصري في الدماغ هي‬
‫المسؤولة عن ربط الصور بالمشاعر ‪ ،‬ففي هذه الرياضة يحدث إثارة للفص الدماغـي‬
‫األيسر الذي يحتفظ بإحساسنا بالذات بينما يبقى الجزء األيمن من الدماغ ساكناً خامداً ‪،‬‬
‫فيتولد شعور باالنفصـال بين هاتين المنطقتين من الدماغ وتشعر الذات بفقدان الوزن‬
‫تحررت وغادرت الجسد وصارت تحلّق في السماء أو تسبح في الفضـاء ‪ ،‬أي يخرج‬
‫وأنها َّ‬
‫اإلنسان من جسده‪ ،‬كما يدرك وجود الخالق والمالئكة والجان والشياطين ‪ .‬حتى أنه يشعر‬
‫بحرية اختياره للمشهد الذي يريد مشاهدته ‪ ،‬فإذا أراد رؤية الجان والشياطين لحدث ذلك‪.‬‬
‫ولعل هذا يفسر طبيعة القدرات الخارقة الخاصة لبعض البسطاء والدراويش والمتصوفين‬
‫وغيرهم والزهاد والعارفين والمتأملين في الذات والكون من إدراكهم أشياء ال يدركها غيرهم‬
‫إطالقا ‪ ،‬حتى أن بعضهم يمارسها دون أن يعرف حقيقة ما يفعله هو ومعتقداً أنها تحدث‬
‫لغيره من الناس بطريقة مماثلة ‪ ،‬وهذه الحاالت ليس مردها مرضياً أو نفسياً ‪ ،‬بل سببها‬
‫القدرة الكبيرة لعقلهم الباطن الخاص وقوة الشطـر القدسي لروحهم وزيادة الوعي الالشعوري‬
‫لديهم ‪ ،‬وطبعاً ال يعني هذا انتقاصاً من شخصيتهم أو احتقا اًر لهم ‪ ،‬بل على العكس هو‬
‫ميزة لهم ويكشف لنا عن مدى قيمة هؤالء الناس في الطبيعة وامتالكهم قدرات ومواهب‬
‫مميزة ال تقدر بثمن ‪ .‬وليس لغيرهم مثلها ‪.‬‬
‫ّ‬
‫هل تريد أنت أن تراهم‬

‫‪139‬‬
‫كسب جسدك بعض الخصائص التي‬ ‫كي تتمكن أيها القارئ من رؤيتهم البد لك من أن تُ ِ‬
‫كانت لألقدمين ‪ ،‬وأن تُ َد ِرب وتنمي لديك إمكانات ومواهب بادت من الجنس البشري منذ‬
‫زمن طويل ولم تعد موجودة لديهم اآلن‪ ،‬كما لم يعد أمر استحضارها وارداً في عصرنا‬
‫ون فقراء الهنود يمارسون مثل تلك التدريبات‬
‫دع َ‬
‫المادي الحالي ‪ .‬قلة من الهنود ‪ُ .....‬ي َ‬
‫الصارمة لطي اإلحساس بالمكان والزمان ونشر ذاتهم ‪ ،‬والحقيقة أنهم يمارسون رياضة‬
‫للتخلـص من عمل العقلين الواعي والذاتي لتحريـر العقل الباطن لديهم ‪ ،‬كما يمارس‬
‫أصحاب األوزان الكبيرة من البشر نظام حمية صارم أو ريجيماً لتخفيف أوزانهم‪ .‬ولكن في‬
‫يدعي أصحابها ) يصل أصحابها إلى درجة ال بأس‬ ‫هذه العملية الفكرية (أو الروحية كما ّ‬
‫بها من قوة الكشف والمعرفة والحكمة ‪ ،‬لكنهم يرعان ما يزهدون بما أنجزوه من مكاسب ‪.‬‬
‫إذ يكتشفون أن ما جنوه من فائدة من هذه العملية اليعادل وال يكافئ ما بذلوه من جهد‬
‫ومعاناة وتقشف وتوتر نفسي ‪ ،‬ويشعرون باإلحباط وباألسف على الوقت الذي أضاعوه‬
‫من عمرهم سدى ‪ .‬وأنت أيها القارئ‪ ،‬إذا رغبت القيام بمثل تلك الممارسة ‪ ...‬فما عليك‬
‫سوى التفرغ التام لها وأن تلجأ لطرق التأمل الذاتي وأن تلغي من دماغك كل األحاسيس‬
‫ت في جسـدك اإلحساس بالزمن‬ ‫البعدية المرتبطة بأبعاد الزمان والمكان‪ ،‬أي أن تُ ِ‬
‫سك َ‬
‫والوقت والتوقيت والسمع والرؤية ‪ ،‬بأن تغلق عينيك مدة طويلـة من الزمن كل يوم‪ ،‬وأن‬
‫تلغي من فكرك أية صورة وأية فكره تخطر على بالك‪ ،‬وكذلك أن تغلق أذنيك وأن ال‬
‫تسمع شئ خالل تلك الفترة ‪ ،‬وأن تحاول إلغاء حاستي التذوق والشم لديك ‪ ،‬أي بكلمة‬
‫أخرى يجب أن تلغي إحساسك بجسدك‪ ،‬وأن تخرج منه وتنظر لنفسك من خارجك وأن‬
‫تجعل فكرك وأحاسيسك تعود للمرحلتك الجنينية وأن تلغي وزنك وقوة جذب الثقالة األرضيـة‬
‫والكونية عليك ‪ ،‬وأن تلغي ضيـاء الضوء وصدى األصوات ورجعهـا من دماغك وكل القوى‬
‫المؤثرة فيك وأخي اًر أن تشعر بالتحليق في الفضاء كما يحلِّق الجنين سابحاً في السائل‬
‫األمينوسي في رحم أمه ‪ ،‬عندئذ تراهم ‪ ,‬ألن الجنيـن في المرحلـة الجنينية هو الوحيد‬
‫القادر على رؤيتهم ‪ ،‬فأثناء تكامل بناؤه الجسدي يتعاملون معه ومع خالياه ويحاولون‬
‫زرع لوثة الشر في أل( د ن أ ) له‪ ،‬لكنهم يهربون لحظة حلول روحه القدسية‪ ،‬وطبعاً هو‬
‫تغير‬ ‫ال يتذكر لقاءهم بعد والدته وخروجه للدنيا ألن صدمة الوالدة ُّ‬
‫وتغير البيئة لحظتها ّ‬

‫‪141‬‬
‫الكثير من تركيبه وحياته وأولها صدمة مالمسة جلده للهواء الجوي واستنشاقه له ألول مرة‬
‫‪ ،‬ومعها ينسى تماماً كل ما حدث له في بطن أمه ‪.‬‬
‫هناك حالة ظرفية ربما تماثل الحالة السابقة وهي النوم‪ ،‬فأثناء النوم يتحرر العقل الباطن‬
‫الخاص من قبضتي العقلين الواعي والذاتي ليخرج من الجسد مع الشطر القدسي للروح‬
‫هائمين ليجوبا الكون والفضاء ولربما وصال العدم والتمسا اللوح المحفوظ بطريقة تماثل‬
‫تلك التي تحدث للجنين في بطن أمه ‪ ،‬عندها يمكن للعقل الباطن السارح في ملكوت اهلل‬
‫أن يرى الجان ‪ ،‬ولكن تلك الرؤية ليست عينية بل هي رؤية إدراكية ال شعورية وتُنجز في‬
‫العقل الباطن الخاص للنائم وخالل لمحات زمنية غاية في ِ‬
‫القصر ‪.‬‬
‫من الممكن رؤيتهم بشكل قوي وواضح إذا ألح الشخص قبل النوم على ذلك األمـر‬
‫وركز تفكيره بشدة فيه وكرر ذكره مئات المرات ‪ . !! ....‬ولكن تلك الرؤية لن تسـره إطالقاً‬
‫في جميع األحوال ألنها تحمل إليه غالباً كل ما يسوء ويزعج ‪.‬‬
‫*************************************************************‬
‫ـــــــــــــــــــــ‬
‫الفصل الرابع عشر‬
‫لــوثة الشــر‬
‫قصة الخلق‬
‫سكن الجان الكون المادي منذ نشأته ثم سجنوا في األرض قبل هبوط اإلنسان لها‬
‫(ظهوره فيها) ‪ ،‬وربما حدث ذلك قبل إقالع اإلرهاصات األولى للنشأة العضوية أي في‬
‫فترة تشكل جزيئات النيوكليدات في الحساء العضوي األرضي وتشكل الحموض األمينية‬
‫من جوها ومائها وطينها ‪ ،‬وواكبوا مراحل تركيب جزيئات الحموض النوويـة الريبية‬
‫المنقوصة األوكسجين‪ .‬والتي تنضدت وتبلورت في طين األرض وفق شيفرات إعجازية‬
‫مشكلة سالسل أل ( د ن أ ) المختلفة والتي خلق اهلل منها كل مايدب على األرض مـن‬
‫أحياء ‪ ،‬وكانت الظروف المناخية لألرض متعاونة ومشجعة على عملية التبلور النتـاج‬
‫شرائط ألدنا ‪ .‬ولعبت تغيرات الحقل المغناطيسي األرضي دو اًر كبي اًر في حدوث الطفرة‬
‫الحياتية على األرض‪ ،‬إذ اكتشف أن قطبية هذا الحقل المغناطيسي تتغير كل مليون سنة‬

‫‪141‬‬
‫بحيث ينقلب القطب الشمالي جنوبي والجنوبي شمالي وهكذا ‪ ،‬وأثناء ذلك يمر هذا الحقل‬
‫بحالة انعدام الشدة مما يسمح للجسيمات الكونية المشحونة بالكهرباء التي تحملها الرياح‬
‫الشمسية من الوصول لألرض والتأثير على الجينات الوراثية لألحياء فأحدثت طفـرات فيها‬
‫أنتجت أنواعاً جديدة من الفصائل واألجناس ‪ ،‬بحيث وصل عددها الباليين من نبات‬
‫وحيوان وحشرات وكائنات دقيقة وألكثر من عشرين بيليون نوع ‪ .‬وحينها عبث الجان بالدنا‬
‫لتلك الكائنات وزرعوا فيها لوثة الحيوانية والشر والغريزة ‪.‬‬
‫من جملة تلك الشرائط خلق اهلل أرقى وأدق وأطهر أعظم وأندر سلسلة منفردة وحيدة من‬
‫شريط أل (د ن أ) المضاعف ‪ ،‬وكان لها شفرة يستحيل معها التكون بالصدفة‪ .‬فـال يوجد‬
‫صدفة أو احتمال في الخلق‪ .‬وكانت هي السلسلة الوحيدة التي ظهرت للوجود في أحسن‬
‫تسوية وأقامة (صنعة) ‪ ،‬تلك هي الجد األول لجزيئات أل(د ن أ) البشرية ‪ ،‬وكان ذلك قبل‬
‫ظهور اإلنسان الفعلي بباليين السنين ‪ ،‬مما َم ّك َن الجان من التعرف على بيئـة وجوهر‬
‫ف على خريطته‬ ‫وطبيعة المادة األولى األساسية الم َك ِونة لجسم اإلنسان ‪ ،‬وتمكنوا من التعـ ُّر ِ‬
‫ُ‬
‫الجينية ومورثاتها فغرسوا فيها صفة الشر ‪ .‬وكل ذلك تم في ساحة العقل الباطن الشامل‬
‫المشترك بين كل المخلوقات في الكون ‪.‬‬
‫وهكذا تعتبر صفـة الشـر عند الشر خطأً أصاب جزيئات ألدنا لديهم إبان نشأتها‬
‫األولى ‪ ،‬واسفيناً غرسه الشيطان في كل خلية من خاليا جسم اإلنسان ‪ ،‬وكرس وجوده‬
‫ليعمل على تقويتها على حساب صفة الخير عند اإلنسان ‪ .‬والدليل على صحة ذلك هو‬
‫أن صفة الشر وكثير من الصفات البنيوية والسلوكية والنفسية لها جذور وراثية قوية ‪...‬‬
‫وهذا مصداق للقول الموحى من أن اهلل ألهم النفس البشرية فجورها أي ( فطرها ) كما‬
‫ألهمها تقواها ( فطرها على اإليمان ) وجهزها بعقل م ِّ‬
‫فكر ُمدب ٍِّر جبار كمعيار للتمييـز بين‬ ‫ُ‬
‫الصح والخطأ وبين الخير والشر ‪ ،‬والحق والباطل ‪ ،....‬وقد أفلح من زكاها وخاب من‬
‫دساها ‪.‬‬
‫بعد أن سوى اهلل آدم من أديم األرض ونفخ فيه من روحه ودبت الروح الكاملة في‬
‫الجسد اإلنساني الكامل كانت كل خلية في هذا الجسد تمتلك شريط ألدنا الذي تبلور سابقاً‬
‫في طين األرض وأديمها‪ ،‬ويحوي كل قوة الحيـاة ومخططات تركيب الجسد البشـري‬

‫‪142‬‬
‫الفيزيقي والنفسي والتي تحولت بدورها فيما بعد لتعليمات وراثية مشفرة تنتقل من جيل آلخر‬
‫‪ .‬وتمت تلك المرحلة من التخليق في جنة مشتركة مع األرض ‪ ،‬وتال ذلك خلـق حواء من‬
‫جسد آدم ‪ ...‬حيث ُزِر َ‬
‫ع في جسديهما شجرة الحياة ‪.‬‬
‫بعد الخطيئة وما كان من أمرها ‪ .‬صدر األمر اإللهي بالهبوط أي باالنبثاق والظهور‬
‫في األرض‪ ،‬عندها تحول الخلق فيها لخلق آخر ‪ ،‬إذ حلت في الجسد اآلدمي الطبيعـة‬
‫وتحول خلقه من طين كوني‬‫ّ‬ ‫المحددة بأربعة أبعاد (المكانية والزمانية)‬
‫ّ‬ ‫العضوية المادية‬
‫طاهر بالتسوية ونفخ الروح إلى خلق آخر مادي عضوي حي ‪ .‬وعماد تلك النشأة هـو‬
‫شرائط ألدنا التي تبلورت في طين األرض بأمر اهلل كما رأينا ‪ ،‬ثم تطور األمر وصار‬
‫مكون من بويضة أنثوية وحيوان منوي ذكري ) ‪ .‬وحتى يتـم إنتاش‬ ‫التكاثر بالماء المهين ( ّ‬
‫بذرة الحياة كان البد من تالقيهما محتوياتهما شرائط ألدنا لها واندماجهما معـاً ‪ .‬والجان‬
‫يعرف هذه النشأة ويعرف سرها الكامن في شرائط ألدنا ‪ ،‬ولكن اإلنسان اكتشف سرها‬
‫متأخ اًر في هذا العصر حين أذن له رب العالمين بذلك وتم األمر على يد العالمين ( كريك‬
‫ـ واطسون ) في عام ‪1020‬م ‪ .‬حين شاهدا تلك الشرائط بالمجهر اإللكتروني ألول مرة في‬
‫مرة في تاريخ البشرية ‪ ،‬وفتحا بذلك علم الجينـات والو ارثـة والحيـاة وقُ ِرأت شي ا‬
‫فرتها واكتشفت‬
‫ف الكثير عن‬ ‫خواصها (في النسخ وتكرار الذات)‪ .‬ومن خالل مسيرة تقدم هذا العلم ُك ِش َ‬
‫أسرار الحياة وتم التوصل إلى ما ُيعرف بعلم الهندسة الجينية وعلم االستنساخ‪ .‬ففي تقنية‬
‫هذا العلم صار باإلمكان إنبات إنسان في أنبوب أو استنساخ شخص آخر هو نسخة عنه‬
‫حتى من شريط ( د ن أ ) ميت ‪ .‬ألن تلك الشرائط ال تموت والتفنى إطالقاً سواء‬
‫تعرضت لح اررة أو إشعاع أو أية ألية مادة كيميائية‪ .‬وهذا ما حث العلماء على التفكير في‬
‫البحث عن طبيعة الروح وكشف أسرارها والبحث في موضوع القوى الخفية اإلنسانية‬
‫والالإنسانية (عالم الجان ‪..‬ومضوع كتابنا هذا) وما كان محظو اًر التفكير به باألمس بات‬
‫مباحـاً العمل به اليوم ألن العلـم وصل لمرحلة غاية في التقدم وكشف المادية لعديد من‬
‫المعجزات القديمة ومنها تفسير طبيعة الجن و ُك ِش َ‬
‫ف عالَ َمهم ‪...‬‬
‫يمارس الجان والشياطين لعبة العبث بشرائط ألدنا لإلنسان وبالتحديد في جيناته الوراثية‬
‫المتعلقة بالنواحي الفكرية والنفسية والسلوكية‪ ،‬وأكثر مايتسلطون عليه هو الغدد التناسلية‬

‫‪143‬‬
‫واألعضاء التابعة لها لدى الرجل والمرأة ( وخاصة خالل فترة حيضها وحملها )‪ ،‬وفي‬
‫الحالة الجنينية تتم هذه اللعبة خالل فترة انقسام الخاليا وسيطرة الروح الجسدية وغياب‬
‫الروح القدسية والتي يأتي دخولها جسد الجنين في الشهر الرابع من عمره ‪ ،‬أي تكـون‬
‫نشطة في عملها خالل فترة عمل الروح الجسدية في إقامة جسد الجنين الفيزيقي وقبـل‬
‫دخول الروح القدسية له وحلولها في خاليا القشرة المخية النبيلة والمسؤولة عن النواحي‬
‫الفكرية والعقلية لدى اإلنسان ‪.‬‬

‫ولكن كيف يتم ذ لك ؟‬


‫تحوي نواة الخلية الحية شرائط أل ( د ن أ ) بطريقة مشابهة لمعمل معكرونة وقد‬
‫حدث فيه انفجار ‪ ،‬ويبلغ طول ذلك الشريط اإلجمالي لدى اإلنسان حوالي المتر ونصف‬
‫المتر وله شكل وشيعة حلزونية مكونة من شريط مـزدوج وملفوف ومضغوط بحيث ال‬
‫اء من الميكرون الواحد ومحشور في محفظة مغلقة هي نواة الخليـة‬
‫يتجاوز حجمه أجز َ‬
‫الحية ويأخذ شكل وشيعة حلزونية ( سلم ملتف ذي مراقي ) ‪.‬‬
‫تتكون جزيئة ألدنا من أربعة أنواع من النوكليوتيدات يشكل كل منها حرفاً أساسياً للغـة‬
‫ٍ‬
‫بشكل‬ ‫الحياة ‪ ،‬أي لغة الوراثة هي أربعة أحرف مرتبة بأعدادها الهائلة ( ثالثة باليين )‬
‫فسيفسائي تبادلي توافقي ووفق قوانيـن رياضيـة تفشل معها جميع قوانين االحتماالت‬
‫تميز األنواع الحية عن بعضها تماماً بحيث‬
‫والصدفة عن إنجازها ومشكلة شيفرة كودية ّ‬
‫تأخذ شكل ُسلَمٍ مكون من شريطين متوازيين ملتفين ذي مراق ( دواسات )‪ ،‬و تشكل كل‬
‫مجموعة أعداد من تلك األحرف جمالً أو صيغاً عددها عشرون جملة ‪ ،‬يدعى كل منها‬
‫حمضاً أمينياً ‪ .‬وهي متوفرة بكثرة في سوائل الخلية‪ ،‬ويكون لبضعة أعداد منها سمة أو‬
‫صفة وراثية محددة فتدعى مورثة أو ( جينة ) وبالطبع كل خلية تظهر في جسم اإلنسان‬
‫محدد على شريط الدنـا‬
‫وحتى في أي كائن حي مورثة نسجتها ‪ ، ...‬ولكل جينة موقع ّ‬
‫ويحتوي شريط الدنا من ‪ 000‬ألف مورثة ‪.‬‬
‫قبيل انقسام الخلية ينحل غشاء النواة وينشطر شريط الدنا طولياً‪ .‬ثم ال يلبث كل شطر‬
‫أن يجمع عليه من الحموض اآلمينية والنيوكليـدات السابحة في الخلية ما يعيد له شكله‬
‫السابق ومكر اًر ذاته وناسخاً نفسه ‪ .‬والتلبث تلك الشرائط أن تتخذ أشكاالً جديدة تدعـى‬

‫‪144‬‬
‫الصبغيات أو(الكروموزومات)‪ .‬وتستمر مراحل االنقسام حتى تتولد خليتان متناظرتـان‬
‫تماماً‪ .‬إذن الكروموزوم البشري النموذجي هو جزيئه ( د ن أ= ‪ ) DNA‬واحدة شفافة ‪،‬‬
‫واسمها العلمي هو حمض ريبي نووي منقوص االوكسجين ‪ ،‬وكل كروموزوم يحتـوي‬
‫خمسة مليارات من أزواج النيوكليدات ‪ .‬أنظر الشكل التالي ‪:‬‬

‫جزئ ال ( د ن أ ) املذهل‬
‫إذا ترجمنا التعليمات الوراثية في خلية إنسانية واحدة إلى اللغة اإلنكليزية فإنها ستمأل‬
‫ألف مجلد من مجلدات دائرة المعارف البريطانية ‪ ،‬فشريط أل ( د ن أ ) الواحد يحتوي‬
‫ثالثة باليين من القواعد ( النيوكليدات) وهي (الثايمين والسيتوزين والغوانين واآلدينين )‬
‫وهـي موجودة بأعداد تكفي لتشفير ‪ 000‬ألف مورثة أو مايعادل معلومات ألف دليـل‬
‫للهاتف يتكون كل منها من ألف صفحة ‪ .‬وهكذا نجد أن الكروموزوم النموذجي لجزيئة‬
‫ألدنا البشري تحتوي خمسة مليارات من أزواج النوكليوتيدات ‪ ،‬وهذا العدد يمثل مكتبـة‬
‫هائلة من المعلومات ‪.‬‬

‫السر يف أضعف اخللق !!! ‪.‬‬

‫‪145‬‬
‫يحوي هذا العدد من المعلومات خريطة جسم اإلنسان بكامله واألعجب من ذلك أنها‬
‫موجودة بكاملها في كل خلية حية من خاليا جسم الكائن الحي وطريقة ترتيبها التبادلـي‬
‫على امتداد الشريط الدنا هو الذي يحدد نوع الكائن الحي ‪ .‬مما يؤكد أن كل الكائنـات‬
‫تميز عنها وتفوق‬
‫الحية نشأت جميعها من جد مشترك واحد ‪ ،‬واإلنسان هو الوحيد الذي ّ‬
‫عليها بعضوية مفكرة راقية وبامتالكه روحاً قدسية كاملة ليس لمخلوق مثلها ‪ .‬مما يؤكد‬
‫على أن عضويته لم تتخلق في األرض فقط وانما في عوالم وظروف أخرى أدت لخلق‬
‫اإلنسان بهذه النوعية الفائقة من الدقة والرقي‪ ،‬مما لزم األمر زمناً أكبر من عمراألرض‬
‫ذاتها ! وهنا يكمن السؤال التالي أين نشأ اإلنسان فعالً قبل ظهوره على سطح األرض ؟‬
‫بحيث بقيت دنا أجداده في خالياه هي ذاتها منذ بدء الخليقة وحتى اآلن‪ ،‬وستبقى محتوية‬
‫نفس المعلومات الوراثية حتى آخر مخلوق بشري سيظهر في الكون ‪ .‬واألكثر عجباً هو‬
‫سر ألدنا في قدرتها على نسخ ذاتها وتكرار نفسها باالنشطار عند انقسام الخلية‪ .‬وكونها ال‬
‫تتخرب بموت العضوية وال بالحرارة وال باإلشعاع وتبقى هكذا حتى يبعثون ‪ . .‬كما أن لهذا‬
‫الشريط القدرة على تدوين وتخزين كل الحوادث التي مرت بالكائنات الحية أوالً بأول وكأنها‬
‫ديوان أو سجل للمعلومات يسلمه األبوان أمانة لألجيال المتعاقبة ‪.‬‬
‫يميز الشيفرة الوراثية أنها قابلة دائماً للتغير‪ ،‬وهذا يعني التطور والتجديد ولكنه ال‬
‫أهم ما ّ‬
‫يعني تغير اإلنسان لكائن آخر ‪ ،‬فالبشر متطابقون بما يعادل ( ‪ ) % 00‬في الشيفـرة‬
‫الوراثيـة لهم ‪ ،‬واالختالف بينهم هو فقط بنسبة ( ‪ ، ) % 1‬وهذه النسبة الضئيلة هـي‬
‫المسؤولة عن اختالف أشكال البشر وشخصياتهم ‪ .‬وبالتالي ليس أصل اإلنسان قرد وال‬
‫توجد قرابة بينهما قطعاً ‪ ...‬والدليل يكمن في شريط الدنا الوراثي والذي لم يدرك زمنه‬
‫داروين ولم يعلم به ولم يراه ‪.‬‬

‫زرع اللوثة‬
‫من المعلوم أن شريط الدنا هو سلسلة طويلة من حموض أمينية مترابطة ‪ ،‬وكل من تلك‬
‫مكون من ت اربـط ( ‪) 00‬‬
‫مكون بدوره من نيوكليوتيدات ‪ ،‬والنيوكليوتيـد هو جزئ ّ‬
‫الحموض ّ‬
‫ذرة من الهيدروجين واألوكسجين والكربون والنتروجين‪ ،‬ومهما كانت طريقـة ترابطها‬
‫فالرابطة أوالً وأخي اًر هي ذات طبيعة كهربائية ( تماسك الكتروني) ‪ ..‬أساسـه اإللكترونات‪،‬‬

‫‪146‬‬
‫ويصح ذلك األمر من أجل جميع ذرات خاليا الجسم الحي ‪ .‬كما أنه توجد في تلك الخاليا‬
‫سوائل ومواد كيمائية وحيوية مثل الهرمونات واألنزيمات والتي أسـاس تركيبها الـذرات‬
‫وااللكترونـات ‪ ،‬ومن المعلوم أن أحد أهم خواص تلك الجسيمات هو إمتصاصها واختزانها‬
‫للطاقة وتأثرها بها مثل الطاقة الح اررية ‪ ،‬االشعاعية ‪ ،‬الكهربائية الكهرطيسية ‪ ،‬والذبذبية‬
‫مافـوق الكهرطيسيـة‪ ،‬ومن مظاهر هذا التأثر زيادة نشاطهـا الحركي والكموني ‪ ...‬ويزداد‬
‫الممتصة‬
‫هذا التأثر فعالية إذا تحقـق نوع من التجاوب واالنسجام (التناغم) بين تردد الطاقة ُ‬
‫وتردد اإللكترون في روابطه ‪.‬‬
‫بمثل هذه اآللية يزرع الشيطان لوثة الشر في بعض جينات (مورثات) جسم الجنيـن‬
‫فأثناء فترة انشطار شريط الدنا الوراثي وقبيل لحظة انقسام الخلية الحية لخليتين يـزرع‬
‫ميزة لصفة‬
‫الشيطان لوثـة الشر بأن يسلط صوته الذبذبي الفوق كهرطيسي إلى مورثة ُم ّ‬
‫راقية عند الجنين االنساني (عقلية ‪ ،‬فكرية ‪ ،‬إنسانية ‪ ،‬عاطفية ‪ ،‬حب ‪ ،‬خير‪ )..‬ويحقنها‬
‫بجرعة طاقة شيطانية فتدخلها وكأنها فيروس يخرق عضية ما ليحتلها ويعبث بمكوناتها‬
‫ليغير من طبيعتها وحيويتها ونشاطها ونهج ومنهج عملها ليغدو سلبياً (ضار ومؤذي) أو‬
‫ّ‬
‫حبط وحظ عاثر ) أو أن يحدث في مكان أو زمان غير مناسبيـن‬ ‫غير ذي نفع ( عمل ُم َ‬
‫(إضاعة وقت وجهد) ‪ ،‬وعمل المرء يكشف عن معدنه وطبيعة مورثاته وماهو َّ‬
‫مخزن‬
‫فيها من لوثات الشر والتي هي أساس فجور النفس البشرية وعلى االنسان تزكيتها ‪.‬‬
‫أغلب الظن أن زرع اللوثة يتم قبيل االنقسام الرابع للبويضة الملقَّحة ‪ ،‬أي قبل أن تبدأ‬
‫الخاليا بالتخصص والتمايز لتشغل اللوثة أكبر عدد ممكن من الخاليا المتولدة باالنقسام‬
‫وفي أكثرها نبالً ونوعية وتماي اًز تلك هي خاليا المخ والدماغ ‪ ،‬فيتكون لدى المرِء نوع من‬
‫االستعداد والتهيئة لقبول اإلعاقات العقلية والنفسية والتي تؤدي بالمرء لقيامه بأعمال‬
‫مادي على‬
‫ٌ‬ ‫مخالفة للطبيعة االنسانية ‪ .....‬فتكون اللوثة معنوية ‪ ،‬ولبعض اللوثات تأثير‬
‫فيغير من حالتها الطاقية ويثير الفوضى والخلل في أخالط الخلية الحية ‪....‬‬
‫المورثات ّ‬
‫خلل هرموني ‪ ،‬أنزيمي ‪ ،‬كيميائي ‪ ،‬مناعي ‪ ،‬كهربائي في الدماغ ‪ ، ...‬حينها تتكـون‬
‫خاليا شاذة وغير طبيعية تفرز طفرات وعاهات خلقية في جسم المولود وربما أمراضاً‬
‫وراثية ومنغولية وسرطانية ‪ ...‬ويبدو هذا األمر جلياً في بنية جسم االنسان خاصـة إذا‬

‫‪147‬‬
‫كانت الظروف المحيطة مشجعة على ذلك ‪ ، ..‬وكل ذلك يشير إلى أن لوثة الشر ماهي‬
‫إال خطأ بيولوجي وقع بسبب استفزاز الشيطان بذبذباته للمورثات في الكروموزومـات وهي‬
‫صفة ليست أصيلة لدى االنسان بل دخيلـة على جيناته ‪ ،‬حيث دخلت إليها لحظة وقوع‬
‫الخطيئـة مباشرة‪ ،‬لهذا كانت صفة الشر خطأً بيولوجياً مقصوداً سببته كينونات طاقية‬
‫خفية آلدم وحواء قديماً ‪ ..‬ونفوسنا جنت فجو ارً من ذلك الخطأ ‪ ...‬وعلينا نحن البشر‬
‫أن نزكي أنفسنا منه ‪, ...‬‬
‫من هنا كانت النفس ُملهمة على ارتكاب الفجور‪ ،‬فهو مغروس في جينات إنسانها وعليه‬
‫تزكيتها ‪ ، ..‬وكأن تلك الجرعة الفيروسية من الطاقة الشيطانية دخلت النفس البشريـة‬
‫السليمة لتفتك بها ‪ ، ....‬وهذا يدل على أن للشيطان حصة في جسد االنسان وعقله وأنه‬
‫يغطي بعقله الباطن الخاص ( أي ذبذباته) كل خاليا الجسد البشري وقادر بتلك الذبذبات‬
‫على العبث وتغير طبيعة مورثة ما إلى األسوأ‪ ،‬وأن تراكم طاقات دفقات األمواج الفوق‬
‫الكهرطيسية وشحناتها الكهربائية الوحدة القطبية الالمتناهية في الصغر يكسب مورثة ما‬
‫ٍ‬
‫مألوف ومؤدياً لوقوع خلل توازني في عمل خاليا الجسم البشري ‪ ،‬وهكـذا صار‬ ‫نشاطاً غير‬
‫للشيطان مكان ومركز في تركيب الجسد البشرى ومورثاته ‪ ،‬لهذا يعتقد البعـض أن صفة‬
‫الشر موروثة لحد ما ووصلتنا من الجدين األولين عبر شجرة الخلد ‪ ..‬التناسل‬

‫عودة إىل العقل الباطن اخلاص ‪:‬‬


‫ُج َل عمليات الدماغ تتم بالسياالت العصبية التي أساسها إشارات كهربائية ميكروية‬
‫المدركة فائقة الذبذبة تجعل من شريط الدنا شبكة مكونة من‬
‫يواكبهـا بث أمواج كهرطيسية ُ‬
‫باليين محطات البث واإلرسال الموجي الذبذبي الفوق كهرطيسي ‪ ،‬ولربما كانـت أعدادها‬
‫التحصى حتى على مستوى الخلية الواحدة ‪ .‬بمعنى آخر يولّد شريط الدنا حوله مجاالً‬
‫ميكروياً دقيقاً ذبذبي فوق كهرطيسي ‪ ..‬هو العقل الباطن الخاص بالشريط ‪.‬‬
‫يسري الدم عبر جميع الخاليا الحية ناقالً إليها األوكسجين والطاقة الغذائية ‪ ،‬ويوجد في‬
‫مكونة من البروتينات تدعى الميتوكوندوريات‬
‫كل خلية حية تكوينـات دقيقة جداً وكثيرة ّ‬

‫‪148‬‬
‫وعملها هو امتصاص الطاقة الغذائية واألوكسجين وتحويلهمـا لطاقة ضرورية لحيـاة الخلية‬
‫من ضمنها الطاقة كهربائية ‪ .‬وحجم إحداها اليزيد عن ( ‪ 100/1‬من الميليمتر ) وأثناء‬
‫توليدها للطاقة الكهربائية تنتشر ومضات المتناهية في الصغر تواكبها أمواج فوق‬
‫كهرطيسية وبأعداد هائلة حتى على مستوى الخلية الواحدة ‪ .‬والنتيجة هو نشوء حقل أو‬
‫مجال فوق كهرطيسي يغلف الجسد البشري كله ويمتد عميقاً في الفضاء وربما وصـل العدم‬
‫‪ ...‬هو‪ ....‬العقل الباطن الخاص ( الذبذبي واألثيري ) لإلنسان ‪ .‬ورد في الحديث‬
‫الشريف ( أن الشيطان يجري من اإلنسان مجرى الدم في العروق ) ‪.‬‬
‫لكل شيء موجود في الكون سواء كان جامداً أو حياً ‪ ..‬نباتاً أم حيواناً أم بش اًر أم جناً‬
‫مثيل آخر له عبر العقل الشامل‬ ‫عقل باطن خاص ويمكن ألي عقل باطن أن يتعامل مع ٍ‬
‫تتركز ميادين عمل لوثة الشيطان عند االنسان في مناطق جسده وأعضائه ذات المهام‬
‫المتعية والرغبات والدوافع والحاجات مثل الحاجة للطعام والشراب والجنس مما عـ ّزز‬
‫الصفات الغريزية لديه والقائمة على العنف والقسوة والشر‪ ،‬وطغت تلك الصفات علـى‬
‫سلوكه وغدت محور حياته‪ ،‬فصار االنسان يمارس الشر إرادياً وبرغبته وبمدى يتناسب مع‬
‫مقدار ما تحمله مورثاته من تلك الصفة ‪ ،‬وهذا ماجعله عرضة لعقاب كارما سلبيـة يولد‬
‫عقله وتحيق به وتعاقبه ذاتياً على مافعل‪ .‬وما الصراع إال نتيجة حتمية لتلك الصفة التي‬
‫كانت ضعيفة متنحية قديماً وصارت قوية متوارثة بين األجيال على مـر الدهور ‪.‬‬
‫****************************************************‬
‫ــــــــــــــــــــــ‬
‫الفصل الخامس عشر‬
‫الجن والمرأة‬

‫حواء‬
‫بعد الصبر ما طال ‪ ...‬وأضنى الوجود الترحال ‪ ....‬تحققت آلدم اآلمال ‪ ....‬وانبثقت‬
‫من جسده بأمر اهلل حواء ‪ ...‬ودب حينها في أوصال الوجود حياة ‪ ...‬فحط رحاله ‪...‬‬
‫وسلَّم أمانة لمن صار إنسان ‪ ....‬نصفه األول رجل أسمه آدم ونصفه اآلخر‪ ...‬أنثـى‬
‫تدعى ‪ ..‬حـواء ‪..‬‬

‫‪149‬‬
‫حواء‬
‫بـدأ الكـون عند قدميـك وانتهت ‪ .....‬حـدوده عنـد أطـراف هدبيـك ‪....‬‬
‫جمعت سحره في عينيـك فتألقت ‪ ......‬ألـوانـه بهيـة فـي مقلتيـك ‪......‬‬
‫اختزلت أنوثتك كل أس ارره ورست ‪ .....‬فتنتـه عنـد شواطـئ جفنيـك ‪.....‬‬
‫ِ‬
‫غدوت سر الوجـود ووعيه وقلبه ‪ ......‬النابض حيـاةً وخلوداً أبدياً سرمـدي‬
‫في الدنيـا أنت أنثى فاتنـة وعلى ‪ ......‬مـدى الزمـان أنت سحر ساحـري‬
‫ضمت أعطافك الحانية آدم ورعت ‪ ......‬أنوثتك سر الحيـاة والخلود واألج ِـل‬
‫غاية رجائه إبتسامةٌ عذبةٌ واعـدةٌ ‪ ......‬حوارها لهفة ٍ‬
‫حب وهوى يهز الكي ِ‬
‫ـان‬
‫تتنسم روحه نشوةً ِعطـر أنفاسك ‪ ......‬نسمات ُخ ٍلد يحظى بها من يسعد ِ‬
‫بلقاك‬ ‫َ‬ ‫ُُ‬
‫ـان وال إنس ِ‬
‫ـان‬ ‫حي وال ‪ ......‬انبثـق في الكون ج ٌ‬
‫فلوالك ماظهر في الوجود ٌ‬
‫ـان ولس ِ‬
‫ـان‬ ‫حي ذي جن ٍ‬
‫حي ‪ ......‬فكنت األ َُم لكل ٍ‬
‫من جسدك الرائع أقام اإلله كل ٍ‬
‫ِ‬
‫إنسان‬ ‫تعيد حناياك قصة نشأة الكون برمته ‪ .....‬من العدم إلى األزل في رحلة خلق‬
‫بطلهـا في الوجود جنين مسافـر ‪ .......‬ركـب المـاء سفينـةً عبـر األكـو ِ‬
‫ان‬
‫عابد ‪ ..‬فأنت قصيدةُ ٍ‬
‫حياة و ُم َولِدةُ أب ِ‬
‫ـدان‬ ‫ولوال ذاك لم يك هناك ُم َّدكـٌِر وال ‪ٌ ......‬‬
‫قت وحـن ‪ ......‬ضجيجه فانساب ألحاناً شجية من ف ِ‬
‫ـاك‬ ‫هدأت ثورة الكون لما ُخلِ ِ‬
‫َّ‬
‫غيب حـواء حـور ِ‬
‫اء‬ ‫ِ‬
‫صنعته ‪ ......‬لما أنشأ في عالم ٍ‬ ‫سن‬
‫َ‬ ‫وح ُ‬
‫تج ّل ًّت عظَ َمةُ الخالق ُ‬
‫غرس اهلل في قلبك إنسانيـة الحـب ‪ .....‬فجعلتِها ناموس الهدى وسعادةَ األجي ِ‬
‫ـال‬ ‫َ‬
‫غدا العشق أمانـةً في جسدك والكل ‪ .....‬يطلب بهجة اللقيا ورشف رحيق هو ِ‬
‫اك‬
‫ِ‬
‫ألحانك‬ ‫لن ُي ِبد َ‬
‫ع شاع ٌـر أو ُيلهَم قصيـدةً إن ‪ .....‬لم تلمس شغاف قلبه عذبةً ترانيم‬
‫ِ‬
‫شفاهك‬ ‫ف عن رشف الشهد رطباً من‬ ‫وليس بإنسان وان طابت معايشه من ‪َ .....‬ع َّ‬
‫دنياه ليست بدنيا من لم يسكره هوى ‪ ....‬ويطويه فوق السحاب على النهدين ذر ِ‬
‫اعك‬ ‫ً‬
‫حلم ونشوةٌ ومنى وطلب والعقل ‪ .....‬خلع النهى فرحاً سعيداً بلقاء جنة نـارك‬
‫أنت ٌ‬
‫سحر من لحظ أجفانك‬ ‫ضاع بين عينيك نهى ولُ ِ‬
‫ـب عاش ٍ‬
‫ق ‪ .....‬فوقاه الردى لمسة ُ‬
‫ونهى طيف كيانـك ؟‬
‫فكيف ال يحترمك كل مخلوق ويقدس ‪ .....‬لك كل ذي روح ُ‬
‫وكيف ال يجثو على ركبتيه إنسـان ‪ .....‬يطالب المودة والرحمة والرضى أمامك ؟‬

‫‪151‬‬
‫أخضر تحت قدميك !!‬
‫َ‬ ‫الخ ِلد بستاناً نعيماً‬
‫ورب العالمين جعل لك جنة ‪ُ .....‬‬
‫كيف ال ُ‬
‫حواء‬
‫عشقك كل من رآك ‪ ...‬المالئكة والجان ‪ ...‬وتأخر آدم ‪ ...‬وله العذر ‪ ...‬فقد كان نائماً‬
‫يحلم بما أوحاه اهلل له من أطيافك ‪....‬وقبل أن تكتحل عيونه برؤيتك رسم اإلله في حلم‬
‫آدم صورتك وزرع في قلبه حبك وهواك وعشقك ‪ ...‬فكانت روحه أول الغارقين بحبك‬
‫سواك اإلله أنثى كاملة من جسد آدم وجسَّدك ‪ ...‬وعندما صحا آدم من حلمه كنت غافية‬
‫بجواره فرآك ‪ ....‬فهام في حبك ‪ ....‬وحار في ُك ِ‬
‫نه ِ‬
‫سرك ‪.!! ....‬‬
‫سجد آدم هلل شك اًر وتحية على نعمته في إحيائك وشطرك من نفسه وذاته ‪ ....‬كنت في‬
‫الخلق لغ اًز غامضاً ‪ ...‬حار في كشف سره العلماء والحكماء والفقهاء ‪ ....‬وعبثاً لـم تفلح‬
‫دواوين الفكر والعلم والشعر أن تدرك طبيعتك أو أن تفك لغز سحرك وفتنتـك ‪.‬‬
‫بدأت حواء حورية في الجنة ‪ ..‬وصرت في الدنيا إمرأة محبوبة ‪ ..‬هداية ورسمية وفتنة‬
‫وبهيرة وكل امرأة فوق الثرى ‪ ...‬وطغى سنا ضياك ومأل الكون نو اًر والنفـس والمهجة‬
‫والقلب حباً وعشقاً وهوى ‪ ...‬أنت أغنية آدم السرمدية التي طالما بها شقى ‪ ...‬ترددها‬
‫شفاهه و شغاف قلبه مهما طال عمره ووعى ‪ ...‬ويتساءل آدم دوماً ‪ .....‬ترى بمن كانت‬
‫تحلم حواء في الجنة قبل أن ترى ‪ ..‬؟ ومازال آدم إلى اآلن يسأل نفسه كل يوم ‪ ....‬ترى‬
‫هل تحبني حواء أم بعثت لتشقيني ‪ ......‬؟‬

‫وجوابهـا !!‬
‫في جنتك أنت يا إمام العاشقين كنت أهيم ‪ ....‬زرع اإلله في قلبي رسم صورتك قبل أن‬
‫أراك ‪ ..‬فأنا منك أحييت ‪ ....‬وألجلك خلقت ‪ ....‬وإلسعادك وجدت ‪....‬وفي بحور عشقك‬
‫أقلع زورقي شراعه ‪ .....‬وعلى حبك وهواك عاهدت ‪ ....‬فبعثت ‪ ....‬ولوال وجودك في‬
‫كنت لك الرفيق ‪....‬‬
‫حللت بها ُ‬
‫َ‬ ‫هذا الكون ‪ ....‬ما حللت به وال نزلت ‪ ....‬وفي أية زاوية‬
‫السكن والسكينة والسعادة المنشودة ‪.‬‬

‫هناك‬
‫كنتما واحداً يسكن جنة ونعيماً ‪ .....‬ويعيش كل منكما حلـم اآلخر حقيقة مرئيـة !!!‬

‫‪151‬‬
‫لكن ‪ ...‬لسوء الحظ لم يكونا هناك وحدهما ‪ ...‬بل كان هناك عاشق آخر ‪ ...‬وصـار من‬
‫العشق ما قتل !! ؟ ‪.‬‬
‫تقرب لك رئيس المالئكة إبليس ‪....‬عاشقاً ‪ ،‬فقد أسرته فتنتك ‪ ...‬وشغف لبه سحـرك‬‫ّ‬
‫قدر ‪ ..‬وكشف لك‬
‫وأفقده اتزانه رقتك ‪ ...‬فتهور وغازلك ‪ ..‬وأقدم على فعل منكر لم يكن ُم ّ‬
‫س اًر ما كان ينبغي له أن يكشف ‪ ....‬تلك هي شجرة الخلد ‪ ...‬لكنك قتلته بإخالصك‬
‫لنصفك الحالم آدم ‪ ..‬فغدا إبليس ملعوناً مطروداً مزدجر ‪ ، ...‬وعندما لم ينل ‪ ...‬انتحر‬
‫بالغضب ‪ ،‬وانقلب حبه عداوة وحقداً ال مغتفر على بني البشر ‪ ...‬إذ أخلصت لنصفـك‬
‫الحلو ‪ ..‬آدم الحبيب ‪ ..‬وأدخلته شجرة الخلد ‪ ..‬زوجاً عاشقاً وقرين ‪ ...‬فال رفيـق في‬
‫الكون سواه وال حبيب ‪ ....‬وما الحب إال ‪ ....‬ألول حبيب ‪.‬‬
‫وطرد إبليس من النعيم مرتين ‪ ،‬من نعيم حواء أوالً ومن نعيم الجنة ثانياً ‪ ....‬وصار‬
‫مطروداً بحكم رب العالمين إلى يوم الدين ‪ .‬وغلب عليه حقده وشره فصار لها ولذريتها‬
‫عدو مبين ‪ ،‬ومع ذلك مازال إبليس يأمل بالعودة إلى نعيم حواء ويطاردها راجياً منهـا لقاء‬
‫‪ ....‬ولكن المجيب ‪ ....‬الجان يعشقها ويغار منها وابليس يهواها وبسبب إحباطـه ويسعى‬
‫حول عشقـه وحبـه لها لحقد‬
‫إلى أذاها وشعاره دوماً " ومن الحب والعشق ما قتل " إذ ّ‬
‫وحسد وغيرة وعداوة لها ولقرينها ولذريتها القادمة ‪.‬‬
‫كان أمر اهلل لهما أال يقتربا منها ‪ ...‬تلك هي شجرة الخلد ‪ ...‬شجرة التكاثر والتناسل إذ‬
‫تسرع في كشف سرها‬‫جعلها اهلل برنامجاً حياتياً مؤجالً آلدم وحواء حتى حين‪ ،‬ولكن إبليس ّ‬
‫طمعاً في مغازلتها والتقرب منها وحسداً إلخراجهما من نعيم الجنة وادخالهـم عالمه ‪،‬‬
‫وتعليمهما مافي عالمه وماهو وقبيله عليه من اقتران باألنثى والتكاثر بالوالدة وتم له األمر‬
‫وكشف لهما عوراتهما وسر شجرة الخلد في جسديهما وتذوقا لـذةً قبـل أوانها ‪ ،‬وفي مكان‬
‫غير مكانها ‪ ،‬فخالفا أمر اهلل " أال يقتربا منها " فكانت الخطيئـة المقترنة بلذة كانت‬
‫عليهما آنذاك محظورة ( لذة الجنس ) وتذوقا متعتها ألول مـرة في الجنة ‪ ,‬لذلك متعة‬
‫الجنس هي متعة من متع الجنة غرسها اهلل شجرتها في جسديهمـا وعندما أمرهما اهلل‬
‫بالهبوط ربط بها شجرة التكاثر الوالدي المؤلمة عقاباً‪ ،‬وبقيت ذكرى تلك اللذة حية في‬
‫خاطرهما وغدت العصب األساسي والمحور الحياتي الجسدي لهما في الحياة الدنيوية ‪،‬‬

‫‪152‬‬
‫ومنذ ذلك الحين دبت قوة الحياة في البرنامج الشجري للتكاثر الجنسي في جسديهما‬
‫الكاملين والمتكاملين ‪ ،‬وتغيرت طبيعـة البرنامـج التكاثري من مباشـر ال جنسي يتم باألمر‬
‫اإللهي المباشر واآلني باالنفصال إلى تكاثر تطوري يحتاج لعاملي الزمان والمكان‬
‫الماديين ‪ ،‬وسجل عقلهما الباطن (عقل الغريزة ) تلك الحادثة على أنها خطيئة أو كارما‬
‫سالبة ‪ ،‬وحفظ ذلك العقل ذكرى تلك اللذةً األولى في الالشعور عند آدم وحواء ‪َّ ،‬‬
‫وخزن في‬
‫العقل الواعي لديهما بعضاً من الشعور الحسي الجسدي العضـوي لصورة هذه اللذة التي‬
‫غدت محور حياة االنسان ‪ ،‬وجس اًر لعودة آنية للشعور لديه إلـى عالم الجنة القديم عبر‬
‫الالشعور والعقل الباطن ‪ .‬ففي العودة حج لمنابع النشأة األولـى‬
‫بالرغم من قناعة اإلنسان وعقله الباطن على أن ما جرى كان خطيئة من ناحيـة‬
‫الناموس األعظم ‪ ،‬إال أنها صارت حاجة جسدية وروحية مطلوبة ال يمكن تجاهلها مـن‬
‫ناحية أخرى ‪ ،‬والزوجان طيلة حياتهما الدنيوية يسعيان دائبين في طلب تلك اللذة لعلهـا‬
‫تعيد لهما بعضاً مما كانا فيه من متعة وتوازن وتكامل واستقرار وسكينة وهناء ‪ ،‬فهـي اللذة‬
‫الوحيدة الباقية لهما من الجنة والتي بقيت صورتها مغروسة في أحاسيس جسديهما‬
‫وتربطهما بعالم النشأة األولى ‪ .‬وسبب بقائها أن االنسان بقي يمارس لعبتها وعلى عكس‬
‫مافعله في العلوم األخرى التي علمه اهلل إياها في الجنة ‪ ...‬ومـا مشاعر الحب والعشق‬
‫والغرام ولقاء األنثى بالذكر إال مظاهر تهيئة ومحاولة للوصول إلى اللذة العظمـى التي‬
‫أحس بها الزوجان في الجنة ‪ ،‬ومن خالل ذلك قد يستعيدان أحاسيس تحقيق وحدة الذات‬
‫وتحقيق العودة إلى المخلوق الواحد الكامل والمتكامل ‪ .‬وفي الدنيا مازال العقل الباطن‬
‫يحمل الشعور باإلثـم من تلك الخطيئة التي أوقعهم بها الشيطـان رغم أن اهلل قد تاب‬
‫عليهما وغفر لهما زلتهما ‪ .‬ومن مظاهر قبول التوبة وتجاوز الخطيئة أن اهلل حلّل لهما‬
‫الزواج بكلمة منه ‪.‬‬
‫إذن في الدنيا تم تجاوز تلك الخطيئة بالزواج ‪ .‬ولكن ما فتئ الشيطان يراود نفوس‬
‫الناس ويداعب خيال كل الرجال وكل النساء ويزين لهم العودة إلى الخطيئة ويحرضهم‬
‫على اقترافها ليتخذوها وسيلة مختصرة للحصول على اللذة الفائقة األولـى التي حصل‬
‫عليها آبانا آدم وحواء في الجنة ‪ ،‬ويحثهما ويثيرهما على طلبها ثانيـة ولو بطرق غير‬

‫‪153‬‬
‫مشروعة كي يخرجهما دوماً مما هم فيه من سعادة وهناء ‪ ،‬كما أخرج أبويهما قديماً من‬
‫الجنة ‪ .‬ووسائله في ذلك األمر نوعان األولى معنوية وتعتمد على اإلحساس بالجمـال‬
‫وتذوقه والميل إليه واالطمئنان له ووسائله في ذلك اإلغراء واإلغواء واإليحاء ‪ ،‬بينمـا الثانية‬
‫هي عملية فيزيولوجية تعتمد آلية الوسوسة واالستفزاز والتحريض بالبث الموجي الفائـق‬
‫الذبذبة وغير معلومة التردد وتنتشر في البعد السابع من عالم الجان عبر العقل الشامل‬
‫الذبذبي لتصل لإلنسان وتسيطر على نفسه البشرية‪ ،‬في هذه الحالة ين ّشط الشطر الروحي‬
‫الجسـدي لديه على حساب الشطر القدسـي من روحه ‪ ،‬وتعبث تلك الذبذبات بكيمياء‬
‫دماغه وعقله وتحث وتبعث فيه لوثات الشر نشطة فعالة وتلغي دور العقل فـي الفكر‬
‫والمحاكمة والمنطق لدى اإلنسان وعليه أن يتحمل نتائجها فيما بعد ‪.‬‬

‫اللذة احلرام‬
‫المحرم تلك التي تتم بالحالل لسببين أولهما حدوث وقوع أمر غير‬
‫ّ‬ ‫قد تفوق لذة اللقاء‬
‫طبيعي وغير متوقع للنفس البشرية ودخولها في مغامرة تمردٍ ٍ‬
‫وتحد روحيٍ غيبي خفي‬
‫تقيده وتحـ ُد من حريته ‪ ،‬وثانيهما حدوث اختـراق لقوانين‬
‫ألوامـر يظن اإلنسان أنها ّ‬
‫فترض بها أن تمنع الفرد من ارتكاب ممارسات تضر بنفسه وبالمجتمع مـن‬‫اجتماعية ُي ُ‬
‫حوله ‪ ،‬وهذا يؤدي بالفرد إلثارة إنفجارية واستنفار فائق مفاجئ الإرادي وشامل لجميع‬
‫قدرات اإلنسان وأحاسيسه‪ ،‬خاصةً أنها تثور خالل فترة قصيرة جداً من الزمن ومنعشة‬
‫لوثة الشر الشيطانية المزروعة في مورثاته الجينية ودافعةً إياه في اتجاه ال يستطيع معه‬
‫التراجع‪ ،‬ومما يزيد األمر تعقيداً هو أن الحدث يكون مصحوباً بلذة فائقة وشعور بتعاظم‬
‫القـدرات والطاقات الجسديـة والنفسيـة‪ ،‬وواضعةً المرء في صعيد ٍ‬
‫تحد ال رجعة فيه للنواميس‬
‫الطبيعية والقوانين واألعراف االجتماعية ومخترقة كل ما هو حالل ومقترفـة كل ما هو‬
‫حرام‪ ،‬خاصة أن كل ممنوع مرغوب‪ ،‬عندها يشعر الغاويان (الذكر واألنثى) خالل تلك‬
‫الحالة أنهما خرجا للتو من لب الكون لوجود يقع خارجه وصا ار يقفان علـى حافة صعيد‬
‫ٍ‬
‫تحد واختراق لكل قواه ومتجاوزين حدود زمانه ومكانه‪ ، ..‬فأي إرهاق هذا الذي يعيشه‬
‫أي فوضى‬
‫الذكر واألنثى خالل المرور بمثل تلك الحاالت من المعصية ‪ ...‬؟؟ ‪ ،‬و ُ‬
‫مدمر يصيب أعصابهما ؟؟ وأي آثار سلبية سوف تصيبهم؟؟‬
‫واضطراب وارتعاش عنيف ِّ‬

‫‪154‬‬
‫وأي كارما سلبية صنعوها بعملهم هذا ؟؟ وكم هي قسوة العقاب الذي ستوقعه بهما تلك‬
‫الكارما نتيجة ما أقدما عليه مـن فعل شائن في مخالفة نظم الكون الدقيقة ؟؟‪ .‬وبعد فوات‬
‫األوان يكتشف الخاطئان أن ما اقترفوه كان إثماً من عمل الشيطان ليضلهما شرعياً ويفتك‬
‫بهم جسدياً ونفسياً وسلوكيـاً واجتماعياً ‪ ،‬خاصة أن ُج َّل دوافع الدمـاغ غريزية حيوانية‬
‫عنيفة ال سمو فيها وال رادع وال حق وتعتمد مبدأ صراع البقاء وبقـاء األقوى واألكثر شهوة‬
‫وقبوالً جنسياً ‪ ،‬ومادة عمل هذا الدماغ هو العقل الباطن الخـاص المتصل بالعقل الشامـل ‪،‬‬
‫واإلنسان بعمله هذا يشكل كارمـا سلبية ليست مألوفة للنظم الدقيقة في الكون ويدخلها فيه‬
‫ليحقق ذاته قسرياً ويفرض وجوده فيما ال يحق له ‪ .‬لذلك تكون دوماً آثار كارما الزنا عنيفة‬
‫مدمرةً روحياً ونفسياً وصحياً واجتماعياً ‪.‬‬
‫قاسية ّ‬
‫ماذا عن دور الروح يف هذا األمر ؟‬
‫إذا ما رجعنا لطبيعة الروح البشرية نجد أن طبيعة الحب بين الرجل والمرأة ما هي إال‬
‫تذوق الجمال بالتناظر والتقابل بين شطري الروح القدسية لهما فهو قدسي الجوهـر والهدف‬
‫وعاطفته سامية راقية‪ ،‬والهدف هنا هو العودة للسكن والسكينة والمتعة الروحية الدائمة التي‬
‫عاشها آدم وحواء في الجنة ‪.‬‬
‫يلعب العقل الواعي والعقل المف ّكر والمدرك دو اًر هاماً في هذه الظاهرة بهدوء وسكينة ‪.‬‬
‫ومركز هذه العاطفة هو القلب والمخ وساحة عملها العقل الباطن الخاص المتصل بالعقل‬
‫الباطن األثيري من العقل الشامل في الوجود ‪ .‬مما يكسب الزوجان متعة حقيقية سعيدة ال‬
‫مثل تلك اللذة الحرام السريعة الهوجاء المشوبة بالخوف والقلق والصراع مع الوجود ومع‬
‫المكر السيء الذي يحيق بصاحبه ( الكارما السالبة التي صنعها بيديه ) ‪.‬‬
‫في حالة االقتران المشروع ال يقترب شيطان أو جان من العقل الباطن األثيري وهو‬
‫عقل تباركه المالئكة ألنه سكنها القدسي وساحة عملها ‪ ،‬ومحتواه رضى وسكينة وسعادة‬
‫واطمئنان ‪ ،‬وهو نقي من الشهوات واألماني والرغبات ألن الحب الصافي ال يبحث في‬
‫المكاسب الجسدية ‪ ،‬وبالتالي اليبحث موضوع التكاثر والتناسل ألن أهدافه ارقية وسامية‬
‫وهدفه الدنيوي هو تحقق العدل والحق والحب والسالم بين البشر وتذوق المعاني الجمال‬

‫‪155‬‬
‫في كل وجود وكينونة‪ ،‬أما هدفه األسمى فهو الوصول لحالة السكينة الروحية المطلقـة في‬
‫العالم الملق األول للنشأة ‪.‬‬
‫أما الجنس فهو تذوق الجمال باالتحاد والتكامل ويرعاه الشطر الجسدي من الروح‬
‫ومركزه الدماغ وأداة عمله العقل الباطن الخاص حيث يرتع الشيطان والجان المرتبـط‬
‫بالعضوية المادية مباشرة وصفته غريزية حركيـة في الجسم الحي سوءاً كان بش اًر أم حيواناً‬
‫‪ ،‬وهذا العقل يضج بالذبذبات الموجية وبالوسوسة وباإليحاآت واالستفزاز البثـي والتحريضي‬
‫المتضمن أسلوب اإلثارات الجنسية المختلفة ‪ ،‬وهدفه المعنوي هو طغيـان النفس البشرية‬
‫والتفوق والتمايز على اآلخرين وأخذ ما بيدهم وما هو ليس بحق وتحقيق الـذات واألنـا‬
‫للمشرع األعظم من خالل مجابهات مع العقل الباطن الشامل والشق‬
‫ِّ‬ ‫األعلى والتحدي‬
‫األثيري منه ‪ ،‬لذلك كان هذا العمل مشفوعاً بحب الذات والطمع والعدوان والحقد والحسد‬
‫والى ما هنالك من صفات سلبية ‪ ،‬وعالمه هو عالم كآبـة وندم وخوف‪ ،‬وساحة عمله هي‬
‫منطقة القلب والدماغ والغدد التناسلية وكل عضو له مرتبط باللـذة ‪.‬‬
‫تتمتع المرأة بعقلين نشيطين جداً هما العقل الواعي والعقل الباطن الخاص ‪ ،‬األول‬
‫منهما قريب جداً والمرأة تحيا به باستمرار والثاني من السهل عليها الوصول له وحتى وهي‬
‫صاحية ‪ ،‬لذلك تكون أحالم يقظتها كثيرة وواسعة ولسان حالها يعمل بنشاط خاصة إذا‬
‫كانت وحيدة ‪ .‬وكل الفعاليـات والنشاطات البيولوجية والنفسية والتخليقية تحدث في هذا‬
‫العقل وفي ساحته ‪ ،‬ومن المعلوم أيضاً أن هذا العقل هو ساحة عمل الجن واألحالم‬
‫واالتصاالت بالعقل الباطن الشامل عام ‪ ،‬ومما يزيد في جدوى هذا العقل نشاطه الفعال‬
‫جداً ‪ ،‬فهو ال يهدأ وال يسكن أبداً ويعمل باستمرار سواء كانت المرأة صاحيـة أم كانت‬
‫نائمة ‪ ،‬وبالتالي يضج دماغها ويزدحم باألفكار والصور والتخيالت والمناقشات الفكرية‬
‫ويعتمد ذلك أيضاً شدة ذكائها وذاكرتها القوية جداً وحساسيتها الفائقة ودقـة مالحظتهـا‬
‫واصرارها اللحوح في متابعة األمور لنهايتها ويساعدها في ذلك صفاء سريرتها وطيبة‬
‫صدقت ما قيل لها‬
‫قلبها‪ ....‬ومـا سبب الخطيئة األولى إال حسن نيتها وصدقها ‪ ،‬حيث ّ‬
‫ولم تتوقع الغدر والغش والخداع من رئيس المالئكة ‪ ،...‬وما مر بها من معاناة من تلك‬
‫الخبرة ( الخطيئة ) زرعت في نفسيتها الشك والخوف واتخاذ أسباب الحيطة والحذر في‬

‫‪156‬‬
‫تعاملها مع البشر ‪ ،‬وصارت تلك الصفات غريزة متوارثـة لديها ودون أن ترغب هي بذاك‬
‫‪ ،‬والجنين في رحم أمه يعيش عقلها الباطن الخاص وفعالياته ‪.‬‬
‫أما العقل الثاني فهو عقل اليقظة واإلدراك وتذوق الجمال وغايته السعي لتحقيق أكبر‬
‫قدر ممكن من اإلحساس بالوجود والسعادة والرفاهية ‪ ،‬ويتضمن ذلك البرنامج الحصول‬
‫على متع نفسيـة روحيـةً وملذات حياتية شفافة راقية ليست دنيئة تتعلق بمظاهر الجسد‬
‫وجمال شكله ولطافته ورقته ‪ ....‬وقد تجلى ذلك بمحبة المرأة لألناقة والنظافة الشديـدة‬
‫يعبر بشكل واضح عن رقتها وأنوثتها ‪ ،‬وأملها من ذلك هو‬ ‫التجمل والظهور بمظهر الئق ّ‬
‫و ّ‬
‫تقديم صورة الخلق الكامل وجماله المطلق وتحقيق حلمها الدائم ‪ ...‬حلم حواء الدائم ‪..‬‬
‫وهو المرأة المثالية ‪ .‬ففيه إراحة لنفسها وادخال السكينة إليها وأنها نجحت في تحقيق حلم‬
‫ومحبذ لتقدم البشرية‬
‫ّ‬ ‫األنثى األولى في الكون ‪ .‬وطبعاً هذا شئ غير سيء بل هو ضروري‬
‫وتحقيق سعادتها ورفاهية حياتها وبناء حضارة إنسانية ‪.‬‬
‫لربما حدث شئ من المغاالة في هذا الموضوع لدى بعض النساء فانقلب األمر لضده‬
‫ٍ‬
‫وحضور‬ ‫وتح َّـول لديهم إلى رغبة في جـذب األنظار واثـارة االهتمام وتحقيق تفو ٍ‬
‫ق‬
‫مميز ‪ ،‬ومن ثم تطـ َّور األمر الحقاً إلى غرور ُّ‬
‫وتكبر وعبادة النفس وفرض الذات‬ ‫اجتماعيٍ ّ‬
‫على اآلخرين واحتقارهم ‪ ،‬أي انقلب تطلع المرأة اإلنساني للمثالية الشفافة لنـوع من حب‬
‫الذات وكره اآلخرين ‪ ،‬وكثي اًر ما وصل هذا األمر إلى حد تأليه النفس‪ ،‬وهـذا بالضبط ما‬
‫سعى إليه الشيطان وشجع المرأة على فعله بإيحاآته ووسوسته‪ .‬فالجمال كان دوماً سالحه‬
‫والورقة الرابحة بيده في إثارة الفتن والمشاكل‪ ،‬وما يساعده في ذلك هو أن للمرأة بناء‬
‫جسدي رائع فائق الجمال والرقة ‪ ،‬هنا ينشط عمل الشيطان ويزين لها عملها ويبعث في‬
‫نفسها مشاعر التفوق والفوقية واأللوهية مما يجعلها تسعى المتالك أكثر مما يمتلكه‬
‫التمرد وفطرتها الالإ اردية‬
‫غيرها ‪ ،‬وهذا نمى لديها صفة الغرور ومشاعر الحسد والغيرة و ّ‬
‫على حب النفوذ والغنى والسلطة واالمتالك ‪ ،‬وهي تعرف مواضـع الحسن والجمال‬
‫ومواضع اإلثارة في جسدها وتعي وتدرك معناها وقيمتها وجدواها عند الذكور فتعمل على‬
‫تضخيمها وابرازهـا مدعومة بوسوسة الشيطان وتشجيع الجان لها بااليحاء بأنها األكمل‬
‫واألجمل واألقدر واألحق على االستحواذ واالمتالك ‪ ..‬كون تلك الكينونات تعشق الجمال‬

‫‪157‬‬
‫وتحبه وتالزم أهله ‪ ،‬فاهتدت المرأة الستعمـال مواد التجميل وبإسـراف شديد ( وهذا ال بأس‬
‫لحد ما ‪ ...‬إن لم يكن لفساد ) ‪ .‬فوقع كثير من النساء ضحايـا غرورهن وتمردهن‬ ‫فيه ٍ‬
‫وأصبحن جنداً للشيطان وسهمه الذي يرمي به فال يخطئ وموضع سره وحيلته دون أن‬
‫تدري المرأة بما صنعته يداها ‪ .‬ويكمن عمل الجان هنا في جعـل المرأة تعيش أحالم يقظة‬
‫وردية خيالية تكون هي بطلته الوحيدة فتزداد أنانيتها وتركيزها على الذات وحب الذات ‪،‬‬
‫وتذكرنا األساطير القديمة ولدى جميع الحضارات تقريباً بوعد الشيطان الكاذب للمرأة بأنها‬
‫سيدة الكون والهة البشر ‪ ،‬وما أساطير فينـوس وأفروديت وعشتار وغيرها إال أمثلةً لما‬
‫أوحى به الشيطان للناس قديماً فاتخذوا من هؤالء النسـوة آلهةً وعبدوها ‪ ،‬ومازالت مقاييس‬
‫الجمال في تماثيلهن إلى اآلن معايير تأمل كل أمـرأة أن تحتذيها وأن تتقمصها للوصول‬
‫ط االعجاب واالهتمام‪ .‬وصار الحب والعشق‬
‫لدرجة التأليه والتقديس ‪ ،‬وأن تكون َم َحـ َ‬
‫وغذاء وخب اًز يومياً‪ ،‬مما أفسد كثي اًر من نفسية‬
‫ً‬ ‫والغزل والمديح واإلطراء واالعجاب بهن هدفاً‬
‫كرهيتهـا الشديدة ألية أنثى أخرى‬ ‫المرأة وجعلها ال تشعر إال بنفسها‪ ،‬وهذا مايفسر مدى ا‬
‫تظهر في حياتها ألنها تخشى منافستها ومهما كانت درجة القرابة بينهما حتى ولو كانت‬
‫زوجة ابنها ( كنتهـا) ألن شعورها وعقلهـا الباطن ال يقبالن بأنثى غيرها ملكة في هذا‬
‫الكون‪ ....‬فلربما عشقت المرأة زوج ابنتهـا أو زوج شقيقتها أو زوج أمها شهوة أو انتقاماً‬
‫‪، ......‬‬
‫بعضهن يشعر أن التكاثر والتناسل والتباهي به يحقق لهم هدفهم في تحقيق الفوقية‬
‫والتفوق والذات وحب السيطرة واالمتالك ‪ ..‬فجعلوه سلوكـاً وغايةً ووسيلة للسيطـرة وبسط‬
‫النفوذ ‪ ،‬وال تشعرن بكمالهن وبصداقة الكون وبقبولهن فيه إال بوجود ذرية لهن ‪ ،‬وطبعاً‬
‫التكاثر ليس أم اًر سيئاً ولكن تحوير الهدف والغاية منه بهذه الطريقة هو األمـر السيء ‪،‬‬
‫يحرض في نفس المرأة ويشجع مثل تلك األفكار والمشاعر هو بث الجان والشيطان‬‫وما ّ‬
‫عبر العقل الباطن الخاص بها وآليته هي الوسوسة واإليحاء ‪ .‬ومما يصلـح األمر وجود‬
‫روادع أخالقية واجتماعية ودينية أو ثقافية ‪ ،‬عندئـذ تتحجم تلك التطلعات المنحرفة‬
‫والشاذة وتعود األمور لنصابها ‪.‬‬

‫‪158‬‬
‫إن مدة مالزمة الجن للمرأة أطول بكثير منها عند الرجل ويخشى أن تكون عند المرأة‬
‫بصورة دائمةً ‪ .‬فهي تبدأ مع المراحل األولى للدورة الشهرية وحتى قبل لحظة تشكـل‬
‫البويضة األنثوية لديها ‪ ،‬يستمر ذلك األمر حتى في لحظات التلقيح وبداية انقسام الخاليا‬
‫الحيـة وتشكل جسم الجنين‪ ،‬ويعتقد البعض بوجود عالقة بين أطـوار القمر وأوضاعه‬
‫وتأثيراته الضوئية واإلشعاعية على الدورة الشهرية للمرأة ‪ ،‬وأن الجان ينشط في فتـرة غياب‬
‫القمر فيعبث بالبويضة األنثوية محاوالً تعطيلها أو تشويهها واتالف الجينات فيها‬
‫(كروموزوماتها) كي ال تنجح أو تثمر عملية التكاثر‪ ،‬ولعل هذا يفسر التشوهات الوالدية‬
‫والخلقية وحاالت التخلف لدى بعض المواليد‪ ،‬لهذا يعتقد الكثيرون أن ألطوار القمر دور‬
‫رئيسي في العقم وعدم اإلنجاب لدى المرأة‪ ،‬واليظن أن لمثل هذه الظاهرة أي تأثيرعلى‬
‫الحيوانات المنوية الذكرية ألن أعدادها تبلغ أكثر من خمسمائة مليون حيوان منوي فـي‬
‫القذفة الواحدة ‪..‬وكثير منها قادر على النجاة من أذى الجان وعبثهم‪ ،‬وبحكم طبيعة الجن‬
‫فهم مطلعـون ومتابعون لمراحل نشوء كل خلية في جسد الجنين ومحاوالتهـم مستمرة لزرع‬
‫لوثة الشر فيها بالبث والتشويش الذبذبي الموجي بأنواعه الكهربائية واألثيرية ‪ ...‬هذا إذا لم‬
‫يفلحوا في قتلها‪..‬والتهدأ هذه المرحلة إال بعد الشهر تمام الرابع أي حتى تمام اكتمال البناء‬
‫الجسدي للجنين ‪ ،‬وخالل كل تلك الفترة الزمنية تكون الروح الجسدية وهي ( الروح القائد )‬
‫هي المسيطرة والفاعلة في إنشاء الجسد البشري ودماغه وتسويته فـي أحسن تقويم والذي‬
‫يتجلى ببناء القشرة المخية له والتي هي مقر الروح القدسية فيما بعد‪ ،‬حيث تستقر فيها ‪..‬‬
‫عندها يشرع العقل بالعمل ( الفكر ـ الخيال ـ التأمل ـ الوعي ـ اإلدراك ـ الضمير ـ تذوق‬
‫الجمال والمعاني الراقية ‪ ..‬الحق ‪ ،‬العدل ـ ضبط السلوك اإلنساني ـ الشخصية ) ‪...‬‬
‫لحظة دخول الروح القدسية ( الشاهد) يهرب الجن من رحم المرأة وينتظرون خارجه‬
‫لحظة الوالدة وظهور الوليد للدنيا ألول مرة ‪ ،‬عندها يعود الجـن إلى جسده مع اندفاع‬
‫الهواء لرئتيه ‪ ..‬وينخسون الوليد فيصرخ باكياً من ألم هذا الدخول ‪ ،‬وما من طفـل إال‬
‫ونخسه الشيطان إال سيدنا محمد (ص) فقد أعاذه اهلل وهوفي صلب أبيه ثم في بطن أمه‬
‫وكذلك السيد المسيح عيسى بن مريم عليه السالم ألنه كان معاذاً وأمه من الشيطان من‬

‫‪159‬‬
‫ٍ‬
‫طاهر طيب وحالل وروحهما الكاملة قدسية‬ ‫ِقب ِل جدته ألمه ‪ ،‬لذلك خلق النبيان من ٍ‬
‫نبت‬ ‫َ‬
‫لم يمسهما شيطان وال جان ‪.‬‬
‫العقل الواعي لدى المرأة أقوى منه لدى الرجل ‪ ،‬وبالتالي ال يتحرر عقلها الباطـن‬
‫بسهولة لذلك تأتي أحالمها متأخرة واضحة وعميقة وأكثر التقاطاً وكشفاً لألحداث وأكثر‬
‫نشاطاً وجدوى من أحالم الرجل الذي يحتاج األمر لديه لفترة أطول ليتحرر عقله الباطن‬
‫فتأتي أحالمه كثيرة وطويلة وعنيفة ‪ ،‬لذلك أحالم المرأة مختلفةً كلياً عن أحالم الرجل ‪،‬‬
‫وصبغتها وردية تمس النواحي النفسية والعاطفية‪ ،‬بينما عند الرجل فهي تمس النواحـي‬
‫الجنسية والحياتية والمعيشية والصراع والعنف ‪.‬‬
‫يسيطر الجن كلياً على الغريزة الجنسية لدى البشر ( والتي كانت الوسيلة األولى اليقاع‬
‫آدم وحواء في الخطيئة األولى قديماً)‪ ،‬والمظاهر النفسية لتلك السيطرة رغبات وأمانـي‬
‫تهيج واثارة وشبق وغريزة وساحة نشاطهـا هو العقل‬
‫وحاجات جسدية ومظهرها الديناميكي ّ‬
‫المنفذة وهي الدماغ والنفس والجسد ‪ ،‬وأكثر لحظات السيطرة هي اللحظات‬
‫الباطن وأدواته ً‬
‫التي يغالب فيها االنسان النعاس وقبيل النوم مباشرة ‪ ،‬أي في حالة الال وعـي بين اليقظة‬
‫والنوم حينها يكون اللقاء ( الإرادياً ) حميماً بين اإلنسان والجان وعلى أشده خالل في‬
‫الظالم الدامس ‪ ،‬ففي تلك الفترة يتخامد العقل الواعي ويتحرر العقل الباطـن ويتمكن‬
‫الشيطان والجان من خالله من إحكام سيطرتهم على لب اإلنسان ويحرضـون رغباته‬
‫ويثيرون شهواته ويوصلونها للقمة ‪ ،‬واكتشف حديثاً وجود صلة قوية بين النوم واإلثارات‬
‫العضوية الجنسية ‪ .‬ومما يزيد األمر فعاليةً ونشاطاً وتعقيداً هو تدفق هرمون الميالتونين‬
‫في الدم أثناء تلك المرحلة ‪ .‬والذي يعرف باسم هرمون الظـالم أو هرمون الشباب ‪ ...‬وقد‬
‫يكون اللقاء عنيفاً فيدخل المرء في حالة غيبوبة وفقدان للوعي واالدراك مصحوباً بتعاظم‬
‫الشعور بالذات وطغيانها مما قد يدفع بالشخص لممارسات شاذة ‪ .‬وبما أن الجان يالزم‬
‫أماكن الظالم الدامس ويمارس نشاطه فيه ‪ ،‬لذلك يفضل إضاءة مصباح ضعيف اإلضاءة‬
‫في غرف النوم خالل الليل لتجنب تضافر العوامل الداعمة لعمل الجن والشياطين ‪ ،‬وربما‬
‫كان اللون األخضر هو المفضل ‪ ،‬أما األضواء الباهرة الشديـدة أو ذات اللون األحمر‬
‫واألشعة تحت الحمراء الح اررية ( الصديقة للجن والشياطين) فإنهـا تنشط عملهم وتضعف‬

‫‪161‬‬
‫إفراز هرمون الظالم على المدى الطويل ‪ ،‬مما يضعف الخاليـا الحية ويجعلها تتقدم في‬
‫السن فيبدو اإلنسان في عمر يزيد عن عمره الحقيقي ويشيخ قبل أوانه ‪ ،‬ولقد أدرك‬
‫أصحاب المواخير وعلب الليل تأثير األضواء الباهرة والخافته علـى الحالة النفسية لإلنسان‬
‫ودورها في إثارة غرائزه وجوعه الجنسي ‪ ...‬وهـم يستخدمونها في مشروعاتهم التجارية‬
‫دونما حساب أو أي رادع وجداني أو أخالقي‪ .‬هذا باإلضافـة لألصوات الموسيقية‬
‫الصاخبة التي ال ترحم مستمعيها ‪.‬‬
‫لهرمون الميالتونين في بداية تدفقه أثناء الدخول في النوم ليالً صدمة ٍ‬
‫لذة واثارة تتزامن مع‬
‫تحرر العقل الباطن ودخول الجن والشياطين ساحة الدماغ البشري وممارسة عبثهم فيه ‪،‬‬‫ّ‬
‫لكن مع تزايد إف ارزه ُيطرد الجن والعفاريت من الجسد البشري خاصة في ساعات الفجر‬
‫األولى حيث تبلغ تلك االف ارزات ذروتها مما يكسب المرء حيويـةً وشباباً واتزاناً‬
‫اجلن واللقاآت اجلسدية‬
‫أكثر الحاالت التي يكون فيها الجن والشيطان قرباً من الذكر واألنثى هي في حاالت‬
‫اللقاآت العاطفية الحميمة وبالتحديد في حاالت اللقاءآت الجسدية ‪ ،‬إذ تكـون اإلثـارات‬
‫الحسية هائلة وفي قمتها والعقل الباطن الخاص لديهما متحرر ونشط ‪ ....‬فإذا كان اللقاء‬
‫رحمانياً حالالً نفذته الروح الجسدية بكل شفافية برعاية الروح القدسية وبركتها ‪ ،‬ويتحد‬
‫خالله عقالهما الباطنان مع العقل األثيري ‪ ...‬فيتذوق الزوجان لذة روحية مثل تلك التي‬
‫تذوقها آدم وحواء قديماً في عالمهما الوردي المثالي األول (الجنة) فيجنيا من ذلك سعادة‬
‫جسدية وروحية صافية ال شائبة فيها مثل تلك التي عاشها أبونا آدم وأمنا حواء قديمـاً‬
‫وخاليةً من عبث الشيطان وخطيئته ألن الزواج حصنها‪ ،‬ففي هذا اللقاء تتطابق روحيهما‬
‫تناظرياً بالحب وتكاملياً بالجنس ‪ ،‬ويكون الوليد شديد الشبه جداً بأبويه وطبعاً هذا يعتمد‬
‫على طبيعة شرائط الدنا البيولوجية الطبيعية لألبوين ‪ ،‬وغلو شدة شبه الوليد ألحد أبويه‬
‫سببه زيادة عشق أحد الزوجين لآلخر مما يكسبه صفات الزوج المعشوق وغالباً ماتكون‬
‫هي األجمل ‪ ..‬ويعزى ذلك إلى ح اررة اإلثارة وعاطفة أحد الزوجين وشدة حبه لآلخـر مما‬
‫اشتهاء فتظهر لدى الوليد ‪.‬‬
‫ً‬ ‫يعزز الصفات األكثر‬
‫ّ‬

‫‪161‬‬
‫إذا حدث أثناء اللقاء عبث شيطاني ‪ ..‬تثبط اإلثارة الرومانسية وعذوبتها ويغدو اللقاء‬
‫خالياً من كل بركة ومن دور الروح القدسية وينشط بالمقابل دور الروح الجسدية والعقل‬
‫الباطن الغريـزي خالل هذا اللقاء‪ ،‬وتزداد اإلثارات الغريزية ذات الصفات الحيوانيـة‬
‫المشحونة بالعنف والقسوة ‪ ...‬وربما وصل األمر لممارسة أنواع من األعمال الشـاذة (‬
‫السادية ‪ ،‬الماسوشية ‪ ،‬االباحية ‪ ،‬زنا المحارم ‪ ...‬قتل ) ‪.‬‬
‫خالل اللقاء تحدث أعمق وأكبر عملية إتصال بين العقول الباطنة المختلفة يتم خاللها‬
‫حدوث تبادل فكري واسع للمعلومات يتضمن معلومات ‪ ..‬قدريـة ‪ ،‬حياتيـة ‪ ،‬فكريـة نفسية‬
‫بل العضوية الحية‬ ‫( دوافع وحاجات ورغبات ‪ ، ) ..‬لكنها ال تكون مدركة لحظتها من ِق ِ‬
‫رغم وعيها الشديد ألن تلك المعلومات تكون سريعة ومشفَّرة ‪ ،‬مما يفسر اإلدراك المستقبلي‬
‫ألحدهما لكثير من أفكار اآلخر ‪ ،‬ففي كثير من األحيان يقـ أر الرجل أفكـار زوجته والعكس‬
‫أيضاً صحيح عند المرأة ‪ ،‬ولربما كان هذا األمر أكثر جدوى لديها من الرجل ‪ ،‬فهي تدرك‬
‫بغريزتها كثي اًر مما يجول في خاطر الرجل وخلده وتق أر أفكـاره وتدرك نواياه بسهولة أكبر ‪.‬‬
‫فأثناء االثـارة واالنفعـال تُطلق كل خلية عصبية دماغية نبضات كهربائيةً ضعيفةً يرافقها‬
‫بث موجات كهرطيسية في الفضاء حولها حاملة معها معلومة ربما ال يرغب صاحبها‬
‫إفشاؤها ‪ ...‬فيقرؤها الشخص اآلخر ويدرك مافيها ‪ ...‬وهذا ما يفسر البرود الجنسي‬
‫المفاجيء الذي يقع أحياناً بين الزوجين ومغادرة أحدهمـا لفراش اآلخر فجأة دونما أسباب‬
‫ُمقنعة‪ ،‬أي أن نتائج تلك الخبرة ‪ ..‬خبرة القراءة الفكرية ربما هي ليست في صالح أي‬
‫منهما ‪ ،‬لربما أدى ذلك األمر في نهاية المطاف إلى وقوع العديد من الخالفات والمشاكل‬
‫وفقدان الثقة والسعادة من حياتهمـا ‪.‬‬
‫اللقاءات الال مشروعة هي أعياد الجان والشياطين وهم ينجزون خاللها أذى أكثر مما‬
‫ينجزونه في أعمال أخرى مما كرسوا وجودهم له ‪ ..‬تمرد ‪ ،‬إلحاد ‪ ،‬ومعاندة اهلل وتحديه‬
‫واإلثارة الشديدة الفائقة خالل هذا اللقاء وما يعقبه من خوف وقلق وكآبـة والخشية من‬
‫اكتشاف األمر من قبل المجتمع ‪ ،‬كل ذلك يضر باألعصاب ويثير لدى المرء مشاكـل‬
‫وجدانية ونفسية واجتماعية خطرة ‪ ، ..‬خاصة إذا أثمر ذلك اللقاء عن وليد غير شرعي‬
‫عندئذ يشعر الجان والشيطان بالنصر وبالفرحة والبهجة ‪ ،‬وقد يكون المولود في هـذه الحالة‬

‫‪162‬‬
‫جميالً لكنه ذو نفسية شاذة وغير سوية ‪ ،‬وطبيعة شرسة شريرة ال خير فيها وال ضمير وال‬
‫بركة وال تعرف الحق وال العدل وال يدرك صاحبها معنى الجمال وال يتذوقه ولربما كان‬
‫مختل العقل أو فائق الذكاء لكنه إجرامي ال خير فيه ألنه من عمل الشيطان وأول ما‬
‫قصد أو غير ٍ‬
‫قصد ‪،‬‬ ‫يؤذي أقرب الناس إليه بما فيهم أبويه‪ ،‬وربما حدث ذلك معه عن ٍ‬
‫ويبقى هذا المخلوق دوماً تحت مظلة الشيطان ومستعداً لتنفيذ أوامره وما تحمله إليه‬
‫عرابه ‪ ...‬وهو عبده الطائع الذي ال ذنب له ‪,‬‬
‫ذبذبات الشيطان وايحاآته ‪ ....‬فالشيطان َّ‬
‫وأبواه هما المسؤوالن عما تجني يداه ‪ .‬وماقصة الملك أوديب إال مثاالً على ذلك‬
‫في اللقاء الال شرعي يتدخل الجن بذبذباته القوية ويلغي دور الروح القدسية وبركتها‬
‫ويشجع دور الروح الجسدية وعملها ويجعل احتمال حدوث الحمل السفاح كبي اًر جداً ‪...‬‬
‫ولربما جعله أكيداً مستغالً في ذلك قدرة التخلق التي وضع اهلل سرها في العضوية الحية‬
‫وينشط العقل الباطن ( ساحة عمل الجان ) ويعبث باألمواج الكهرطيسية الصادرة عـن‬
‫المستجـ َّرة ‪ ..‬مما يعني تأثيـره‬
‫الذكر واألنثى أثناء اللقاء ‪ ،‬ويسيطر على روح الجنين ً‬
‫المباشر على بنيان الجنين الجسدي والروحي والفكري والنفسي والعضوي ‪.‬‬

‫****************************************************‬

‫ـــــــــــــــــــــ‬
‫الفصل السادس عشر‬
‫الرجـل والجـن‬

‫‪163‬‬
‫قد يكون الرجل أقل تأث اًر بالجـان من المرأة ‪ ،‬ذلك أن الرجل بحكم بنائه الجسدي‬
‫القوي وصالبة عوده وبعد أغـوار عقله الباطن وصعوبة الوصول له جعله أقل تأثـ اًر‬
‫بوسوسة الشيطان وبثه واستف اززه ‪ ،‬ولو كان عكس ذلك ‪ ....‬تغلّبت على طباع الرجـل في‬
‫الدرجة األولى صفات الطمع والصراع واألنانية وحب الـذات واستغل أدواتها وهي المـال‬
‫والنفوذ والنسـاء ‪ ،‬وهي ذاتها أدوات عمل الشيطان ووسيلته في السيطرة على النفوس‬
‫والتحكم بها ‪ .‬ومن مظاهرها انغماس الرجـل في األمور الماديـة والدنيويـة وممارسة طقوس‬
‫وصل برامج ومشاريع تلك الصفات إلى‬ ‫الطمع والجشع والربح والسيطرة ‪ ،‬وكثي اًر ما تُ ِ‬
‫العنف والجريمة ‪ ......‬ويلي ذلك في الدرجة الثانية ممارسة طقـوس الأخالقية ( اإلباحية‬
‫والسيطرة الجسدية ) وباعث ذلك األمر هو شر شيطاني ِ‬
‫ص ْـرف ‪ .‬ويأتي بالدرجة الثالثة‬
‫التحكم بمشاعر المرأة وعقلها وعواطفها بدعوى الحب والعشـق وطبعاً ليس كل الحب‬
‫والعشق باعثه شيطاني ‪ ..‬بل معظمه عاطفة قدسية سامية هدفهـا وخاتمتها الطبيعية هو‬
‫الزواج‪ .‬ولكن هذا النوع من الرجال يخشى هذا النوع من العالقة التشاركيـة العاطفية رغم‬
‫أنها نبيلة ومباركـة ‪ ،‬فمن وجهة نظره الزواج مؤسسة لهـا متطلباتها وواجباتها ومسؤولياتها‬
‫وعليه إنجازها‪ ، ...‬من هنا يدخل الشيطان إلى النفس البشرية عبر العقل الواعي ويعبـث‬
‫بالوسوسـة والتحريض في العقل الباطـن للرجل ويضعف مقاومته تجاه المحظور ويشجعه‬
‫على تحطيم حواجزه ومن ثم تطبيق البرنامج الثاني وهو الجنس اإلباحي ‪ ،‬وطبعاً الرجل‬
‫النقي صاحب الفكر الواعي والقلب الطيـب والسريرة الصافية والنفس السوية وكذلك كثير‬
‫من النساء ال يقبـل بمثل هذا األمر وان بدى األمر لذيذاً وممتع لما فيه من مغامرات مثيرة‬
‫لكنه محفوف بالمخاطر والمهالك ‪ ..‬لذلك تقاومه المجتمعات السليمـة وتضع العوائق في‬
‫طريقه وال تسمح بوقوعـه فيهـا بسبب البناء الجسدي القوي للرجل تكون أحالم اليقظة‬
‫عنده أقل منها عند المرأة ‪ ،‬وان حدثت كانت أكثر مادية وواقعية وموضوعية منها عند‬
‫المرأة‪ .‬فتركيب جسدها الرقيـق وأحاسيسها المرهفة ونبل أفكارها وشفافيتها تشير بجالء إلى‬
‫طبيعة روحها النقية وقـوة عقلها الباطن وقدرته الكبيرة على الكشف ‪ ،‬مما يجعلهـا أكثر‬
‫وتقبـالً إليحاءآت الجن ووسوسة الشيطان من الرجل‪ ،‬وهذا ما يفسر كثرة‬
‫عرضـةً وتأث اًر ُ‬
‫أحالم يقظتها الوردية والمتعددة المواضيع والموضوعات ‪ ،‬وبالتالي فهي تشغل مساحةً‬

‫‪164‬‬
‫ض ِّمن أحالم‬
‫ذهنية وزمنية البـأس بها من فكرها ونفسيتها ‪ ،‬ولشدة خجلها ونعومتها تُ َ‬
‫يقظتها كل أمانيها وما قد تستحي أن تبوح به لآلخرين حتى ولو كان حقاً لها‪ .‬لذلك يستغل‬
‫الجن والشيطان وبشكل دائم هذه الناحية الرقيقة الشفافة من نفسيتها فال تعد أحالم يقظتها‬
‫وردية عذبة أحيانـاً ‪.‬‬
‫قد تكون أنشط فترات تعامل الجن مع اإلنسان خالل نومه ‪ ،‬فعند استغراق الرجل في‬
‫النوم ينطلق عقله الباطن الخاص ويجول في أغوار بعيدة قد تكون عميقة داخل نفسه أو‬
‫خارجها أو االثنين معاً ‪ ،‬ويواجه خاللها أحداثاً صاخبةً ويخوض غمار معارك حاميـة‬
‫وغاية عقله الباطن هو تحقيق الذات والنصر على األعداء والتغلب على ما قد مر بـه‬
‫الرجل من أسى في يومه ‪ .....‬وجل أحالمه يسيطر عليها الجان والشياطين ويغ ّذوهـا‬
‫بصور العنف والقسوة والسيطرة ‪ ،‬وكثي اًر ما تنتهـي أحالم الرجل باألمور الغريزيـة والشهوات‬
‫الجسدية وهي مجال عمل الجن والشياطين حيث يتركز ج ّل عبثهـم في أكثر األماكن‬
‫حساسية واثارةً في جسد الرجل ‪ ،‬ولعل تلك األماكن هي الغدد النبيلة التناسليـة وجعلها‬
‫تتخلى الإرادياً عن ماء الحياة فيها‪ .‬وغاية الجن من ذلك هو إتالف ماء الحيـاة واقالل‬
‫فرص التكاثر والتناسل عند البشر‪ .‬وطبعاً التكرار اليومي لمثل تلك الظروف قد يؤدي‬
‫بالرجل إلى حاالت مرضية مثل الصراع النفسي والشعور بالقلق والكآبة ‪ .‬أن ما يحدث له‬
‫هو شئ غير طبيعي ويخالف كل الشرائع ويظن أن نفسيته غير صالحة فيأخذ في لوم‬
‫فرط ‪ ،‬ولكن حقيقة ما جرى لم يكن بإرادته ولكن الشياطين والجن هم اللذين‬
‫نفسه على ما ّ‬
‫يحمل نفسه فوق طاقتهـا وأن ال يلوم نفسه ‪،‬‬
‫أوقعوه في هذه الورطة ‪ ،‬ويجب عليه أن ال ّ‬
‫فذلك من عمل الجن والشياطين ‪ ،‬وما عليه سوى االستغفار ومحاولة ضبط نفسه ليس إال‬
‫‪ ، ....‬يرصد الجن والشياطين لحظات اللقاء الحيوي بين الرجل والمرأة مهما كان نوعه‬
‫اء كان شرعياً أم ال ‪ ...‬ويشجعون عليه لغرض في أنفسهم ‪ ،‬فبعـد اللقاء يخرج الجن‬
‫سو ً‬
‫والشيطان القرين من جسد الرجل األنسي ويدخلون جسد المرأة ‪ ،‬أما الرجل فيخلـد بعد‬
‫اللقاء للراحة والسكينة‪ ،‬بينما تدخل المرأة في دوامة الهواجس والقلق والكآبة والخوف مما قد‬
‫يحمله المستقبل لها من مفاجآت ومعاناة ‪ ،‬ويكون الصراع أشد وأعنف إذا كان اللقاء غير‬
‫مشروع ‪ ..‬لقد دخل الجن وشيطان الرجل القرين في جسدها عن طريق عقلها الباطن‬

‫‪165‬‬
‫‪ ......‬وحلت هذه الكينونات الخفيـة في جسدها بالرغم عنها ال بإرادتها ليتابعوا خالل فترة‬
‫تكون الجنين داخل رحمها‪ ،‬وهذه الكينونات الخفية سوف تحاول مع مرور‬ ‫الحمل مسيرة ّ‬
‫الوقت متابعة العبث بتفاعالت كيمياء جسدها وهرموناته وكهربائيته وأخالطه وتوازناته‪...‬‬
‫مما يفسر تقلب أهواءها وأطوارها خالل فترة الحمل وهم سيمكثون داخل جسدها أو‬
‫بالقرب الشديد منه وخالل كل فترة الحمل وحتى انتهائه بالوالدة ليتابعوا مسيرة تركيب جسد‬
‫فكر أو خيال أن يتصور أو يدرك‬ ‫علم أو ٍ‬ ‫الجنين ‪ .‬واليستطيع أي إنسان مهما أوتي من ٍ‬
‫مدى الهول الصامت الذي تمر به األنثى الحامل ‪ ،‬ويقصد من هذا القول مدى األخطار‬
‫الجسدية والنفسية والوهن الذي ينتابها خالل فترة الحمل ألنها تواجه خالله أم اًر كونياً فائق‬
‫الغرابة بالنسبة لها ‪ ....‬وهذا غير خوفها على جنينها وغير ألـم الوالدة في نهاية األمر‬
‫‪، .....‬‬

‫****************************************************‬

‫‪166‬‬
‫ــــــــــــــــــــــ‬
‫الفصل السابع عشر‬
‫الجـن والجنيـن‬
‫(( قال أرأيتـك هـذا الـذي كرمـت علـ ّي لئـن أخرتـن إلى يـوم القيامـة‬
‫قرآن كريم سورة اإلسراء ( ‪ 24‬ـ ‪) 25‬‬ ‫ألحتنكـن ذريته إال قليـال ))‬
‫يفرح الجن والشياطين بلقاء الذكر واألنثى ويراقبون تلك المرحلة باهتمام كبير ألن‬
‫ج ّل عملهم يتركز في تلك الظاهرة الطبيعية لدى البشر ‪ ،‬ألن تلك الظاهرة كانت مفتاح‬
‫العالقة بين الجن والبشر ‪ .‬ولشعورهم أيضاً أن األنثى والذكر المتالقيان يمارسان واقعة‬
‫يمارسها الجن أنفسهم بنفس األسلوب والطريقة وعلى طريقة ‪ ..‬ماحدا أحسن من حدا‪،..‬‬
‫وأن تلك الواقعة تفتح لهم ومها كان نوع اللقاء سبيالً وطريقاً ومجاالً لعملهم ‪ ،‬وهم من‬
‫خالل ذلك يتابعون الُبداآت المادية والنفسية لنشأة اإلنسان وعناصر تركيب جسده النفسية‬
‫والفكرية دون أن يستطيعوا مس روحه ألنه ال سلطان لهم عليها لطبيعتها الالمادية والال‬
‫تطورية مع الزمن ‪ ......‬فهي تُخلق مباشرة بأمر اهلل وبكلمته ‪ .‬وبالتالي ليس لها طبيعة‬
‫مادية كي يتعلق بها الجان ويمارسوا أفعالهم من خاللها‪ ،‬أما ظاهرة خلق الجسد البشري‬
‫فيتابعه الجان وحتى قبل أن تُخلق أول خلية حيـة فيه ‪ ،‬وبالتالي فهم يدركـون طبيعة‬
‫جسدي األبوين ونفسية كل منهما ويدركون آثار الحالل والحرام لديهما والخبرات التـي مرت‬
‫بكل منهما ‪ ،‬كما أنهم مطلعون على نفسية وسريرة وطوية كل منها ومايجول في خاطره‬
‫وما ران على قلبه من كسب وظروف وخبرات وحتى على مستوى نسمة الهواء الواحدة ‪.‬‬
‫فكل ما يمر به االنسان تنغرس آثاره في فؤاده ( العقل الباطن ) ‪ ،‬لذا تعتبـر لحظة اللقاء‬
‫الجسدي أكثر الظروف مالئمةً لزرع لوثة الشر وتنشيطها في الدنا البشرية الجديدة للجنين‬
‫وذلك إبان حياكة األخيرة لعضوية الجنين ‪ ،‬وكأن اللوثة فيروس يزرعه الجان والشيطان‬
‫ويرعاه في عضوية اإلنسان وفي فكره وعقله ‪ ،...‬أو هي عملية تنشيط فيروس الشر الذي‬

‫‪167‬‬
‫زرعه إبليس في الدنا البشر األوائل ‪ ..‬والذي ظهر عن طريقه الظلم والفساد في األرض‬
‫وساد حتى اآلن ‪.‬‬
‫تعتبر تلك المرحلة ومايليها من مراحل ‪ ......‬هي حالة تفتق حيوية وظهور مولود‬
‫باالنفصال ‪ ،‬وتكون هذه المرحلة صاخبةً بانشطارات ال حصر لها لشرائط الدنا وانقسام‬
‫الخاليا العضوية الحية‪ ،‬لذلك تعتبر لحظات تلك المرحلة من أخطر لحظات عمر الجنين‬
‫والجن يرقبون لحظة اللقاء الجنسي ويشجعون عليه سواء كان حالالً أم حراماً فال فرق‬
‫ليتدخلوا لحظة اندماج محتويات الحيوان المنوي بالبويضة األنثوية‪ ،‬ويحققوا مـن وراء ذلك‬
‫انتصا اًر ويغيروا من خلق اهلل ‪ ،‬وطبعاً موضوع االختراق والتدخل هو أمر ميسـّر لهم ألنهم‬
‫يعملون من خالل العقل الباطن الخاص ومن خالل البعد الخامس الالزمنـي المرتبط‬
‫بطبيعتهم ‪ ،‬وهم يشجعون أي لقاء بتحريض الشهوات واثارة الغرائز وبالحـث واالستفزاز‬
‫واإليحاء والتزيين بالمغريات وصور اللذة والمتعة الجنسية والراحة النفسية والحسية‪،..‬‬
‫وأدواتهم الفيزيائية التنفيذية في ذلك هي كهرباء الجسد والتفاعالت الكيميائية والهرمونية فيه‬
‫‪ ، ...‬وهم يغالون في اإلثارة كي يتجاوز اللقاء حدوده الطبيعية والوقوع في دوامـة االنهيار‬
‫النفسي واالحساس بانهيار الزمان والمكان وتعاظم اإلحساس بالذات والقدرة على تحدي‬
‫قوانين الطبيعة واختراق حجبها ومحظوراتها وتحطيم أسوار المح ِ‬
‫َّرم فيها ‪ ،‬وربما دفع هذا‬ ‫ُ‬
‫الشعور بصاحبه لممارسة أنواع من الشذوذ واإلباحية بغية تحقيق أعلى درجة من المتعة‬
‫والنشوة وينهل خاللها أعظم لذة ممكنة‪ ،‬فاختراق الممنوع يضخم الطاقة الحيوية ألبعد‬
‫مدى‪ .‬ويبدو األمر خاللها وكأن المرء يحاول اقتناص فرصة نادرة لن يتكرر ثانية في‬
‫حياته وعليه أن يحقق منها أعظم مكسب‪ ،‬ويبدو له األمر كمن يسرق شيئاً ليس من حقه‬
‫وفي غفلة من الزمن‪ ،‬عندها يتجمع في عقله الباطن وروحه الجسدية وفي فؤاده كل‬
‫الوعي الكوني الحسي ويتخامد نشاط المخ عندئذ ويلغى دوره في الردع ‪ ،‬لحظتها يتمكن‬
‫الشيطان من ناصية االنسان واحكام السيطرة عليه والتحكم بعقله وسلوكه ويجعل منه‬
‫متحدياً للخالق ومتمرداً عليه ‪ .‬ومما يسرع في هذا اللقاء الال شرعي هـو كونه أكثر متعة‬
‫واثارة ولذة من اللقاء الشرعي وآثاره وذكراه ال تنسى مع مرور األيام وكأنها طُبعت في‬
‫العقل الباطن لإلنسان رغم قناعة المخ وادراكه الكامل بعدم شرعيـة هذا اللقاء‪ ،‬ورغم شعور‬

‫‪168‬‬
‫المرء الدائم بالخوف من عقاب السماء أو المجتمع ولكن الدماغ ما يفتأ يستعيد تلك الخبرة‬
‫في ذاكرته باستمرار ويستمتع باجترار متعتها ولذتها ‪ ،‬فالعقل الباطن هو الذي سجل‬
‫واحتفظ بصور العواطف والمشاعر وهي في قمة ثورتها العظمى لذلك يتذكرها المرؤ دون‬
‫أي إحساس بالندم ‪ ...‬وأن الزمن كفيل بالصفح والنسيان ‪ ،‬أما إذا كان اللقاء مشروعاً فال‬
‫توجد فيه مثل تلك التحديات واإلثارات والطاقات العالية كما التوجد فيه ح اررة اإلثم وال‬
‫عاطفته وال إثارته ‪ ،‬لهذا السبب ال ينجح كثير من مثل هذه اللقاءات رغم كونها حالالً ‪،‬‬
‫مجردةً من الشغف واللهفة وقـد ال يثمر مثل هذا اللقاء بحمل ‪،..‬‬
‫وان حدثت كانت باردة َّ‬
‫وطبعاً هذا ال يعني أن الحرام هو األكمل ‪ ،‬بل العكس هو الصحيح ذلك أن وقع الحرام‬
‫على قـدرات االنسان الجسدية وملكاته النفسية والروحية يكون عنيفاً ومرهقاً لها ويترك آالماً‬
‫روحية عميقة التزول مع الزمن ‪ ،‬مما ُيفقد المرؤ سريعاً حماسه وقوته وشبابه واتزانه‬
‫وبشكل مأساوي وبطريقة ال تعويض فيهـا ‪.‬‬
‫في الحالتين ( اللقاء الشرعي والالشرعي ) يتابع الجان والشياطين مسيرة الحيوانات‬
‫المنوية المتدفقة في جسد المرأة وبأعدادها الهائلة التي ربما وصلت نصف مليار حيوان‬
‫منوي في القذفة الواحدة ‪ ،‬ويشجع الجان الحيوانات المنويـة على الوصول للبويضـة األنثوية‬
‫واالقتران بها إلحداث حمل سفاح في الحالة األولى بغية إيقاع األذى باألبوين ‪ ،‬ولربما‬
‫شجعـوا حيواناً منوياً غبيـاً من الوصول للبويضة َّ‬
‫ومكنوه من دخول البويضة األنثوية‬
‫وتلقيحها ‪ ،‬خاصة أن عدد الحيوانات المنوية الغبية حوالي (‪ ) %00‬من العـدد الكلي‬
‫للحيوانات المنوية والباقي وهو( ‪ ) %1‬فقط هو الذكي منهـا ‪.‬‬
‫أما في الحالة الثانية فهم يحاولون قتل جميع الحيوانات المنوية وخاصة الذكية منهـا‬
‫بطرق شتى أثناء تسابقها مندفعة نحو البويضة األنثوية وهذا من جملة عملهم ‪ ،‬ويتم لهم‬
‫ذلك بوضع عوائق ذبذبية عديدة يبثونها ليسببوا خلالً حيوياً في األخالط الجسدية للرجل‬
‫وللمرأة ‪ ....‬مثالً العبث بمقياس الحموضة ونسبه يجعل من تلك األخالط أوسطـاً غير‬
‫ويقضى على كثير منها‬‫مالئمة كيمائياً لحركة الحيوانات المنوية باتجاه البويضة األنثوية ُ‬
‫وهذا ما يفسر سبب حاالت العقم الدائم أو المؤقت لدى النساء والرجال ‪ ،‬ومما قد يساعد‬
‫الجن في عملهم وجود موانع اصطناعية يضعها االنسان نفسه وغالباً ما تكون كيميائيـةً‬

‫‪169‬‬
‫أو هرمونيةً ومثل تلك المواد خطرة بحد ذاتها على صحة االنسان ‪ .....‬إلخ ‪ .‬والنتيجة‬
‫حدوث تشوهات خلقية أو نفسية ‪، ....‬‬
‫لربما كان لتلك التشوهات ما يدعمها وراثياً سببها لوثة مزروعة قديماً في دنا األبوين‬
‫فيشجع الجن على انتقالها للجنين ‪.‬‬
‫تمكن أحدها من الوصول للبويضة المتهادية في حركتها على جدار أحد بوقي‬ ‫لكن ربما َّ‬
‫المبيضين ‪ ،‬وعندما يصل إليها ‪ ..‬تبدو له كجبل هائل يتجاوز ارتفاعه أكثر تسعة آالف‬
‫متر ‪ ..‬وعليه اختراقها ‪ .‬ويتم له الفوز باختراقها عندما يكتشف ممرها السري ويلج فيه‬
‫ولكن يستغل الجان تلك اللحظة ويدخلون البويضة معه ‪ ،‬وهي فرصتهم الذهبية الوحيدة‬
‫لدخول البويضة األنثوية ‪ ،‬ألنهم غير قادرين من تلقاء أنفسهم على دخولها لوحدهم فهي‬
‫محروسة من المالئكة‪ ،‬فهم عاجزون عن فتح أي شيء مغلق أو إغالق أي شيء مفتوح‬
‫فهم قاصرون تماماً عن القيام بأي حركة ميكانيكية وها قد قام بهذه المهمة حيوان منوي‬
‫وهم جاهزون لألنقضاض ودخول البويضة معه‪ ،‬ولديهم برنامج عمل دائم مع المخلوق‬
‫الجديد ‪ ..‬وهو الجنين ‪ ،‬وها قد سنحت الفرصـة ‪.‬‬
‫اليكتمل إحساس المرأة بوجودها في هذا الكون إال بالتكاثر‪ ..‬وتكون فرحتها العظمى‬
‫لحظة أحساسها بانبثاق الجنين في أحشائها ‪ ،‬لذلك كان الـزواج واالنجـاب ضروريان للمرأة‬
‫أكثر من الرجل‪ ،‬والزواج هو أسهل وأسرع وسيلة لإل تصال بالخالق وأفضل من الزهد‬
‫والتصوف وأكثر جدوى منهما ‪ .‬لذلك يجب على االنسان تحقيق الـزواج وتعدده ليشمل كل‬
‫ذي أنثى ‪ .‬حينها تبلغ األنثى ذروة سعادتها وأحساسها بالوجود من حولهـا ‪.‬‬
‫عالقة الكون بالحياة موجههٌ للتعامل مع األنثى يحديداً وفي حاالت نادرة مع الذكـر‪،‬‬
‫وفي حالة االنسان يتعامل الكون مع المرأة مباشرة ‪ .‬فالجنين ينمو في أحشائهـا واليحيا‬
‫لحظة واحدة في جسم والده ‪ ..‬وعندما يمر بجسد والده فهو ليس بجنين بل هـو نصف‬
‫حقيقة وبشكل حيوان منوي ( نطفة ) ليس فيها حياة ‪ ،‬وروحه الجسدية تنسج جسده من‬
‫جسد أمه وباشراف روحها الكاملة ‪ ،‬وبالتالي فهي تميه من جميع قوى الكون والطبيعة وما‬
‫هو خلف الطبيعة ‪.‬‬

‫الوحم واجلن‬

‫‪171‬‬
‫الوحم هو حالة خاصة نسائية وليست ذكورية‪ ،‬هدفه البيولوجي هو إتمام تجميع العناصر‬
‫البناءة لتركيب جسم الجنين والتي يلح جسد المرأة في طلبها وتأخذ شكل رغبة أو شهوة أو‬
‫أمنية تبديها المرأة الحامل وعادة ما تكون غذائية‪ ،‬وأغلب الظن أن الجسـد البشري األنثوي‬
‫قد يعاني من نقص لنوع من العناصر الكيميائية أو العضوية أو الهرمونية فيبدأ جسدها‬
‫بطلب تلك العناصر بشكل وحام ‪ ،‬وبما أن جسدها يتمتع بتركيب خاص وحساس جداً‬
‫فعال بشكل دائم ‪..‬وبوتيرة أعلى أثناء مرحلة من الحمل‬ ‫وكذلك عقلها الباطن نشط و ّ‬
‫وتأثر لما يوحى إليها ‪ ،‬ويكون الجان‬
‫اً‬ ‫عندها تكون الحامل من الناحية النفسية أكثر قبوالً‬
‫أيضاً نشيطاً في عمله من خالل ساحة عقلها الباطن‪ ،‬لذا تعتبر فترة الوحم فرصةً سانحة‬
‫ومجاالً خصباً ليمارس فيه الجن والشيطان عملهما ‪ ،‬ومرحلة يتشوقان لها وينتظرانهـا‬
‫المرة والجنين‪ .‬إذ تكون في أشد حاالتها البيولوجية ضعفاً‬
‫ويرحبان بها ليعمال في جسد أ‬
‫من الناحية الصحية‪ ،‬واألعظم نشاطاً في بناء جسد جنينها وأعلى تقبالً ال إرادياً لعملهما‬
‫وكل ذلك يتم دون إد ارك أو وعي منها ‪ ،‬وعن طريق الذبذبات يحاول الجان التدخل في‬
‫عمل الروح الجسدية للمرأة ولجنينها ‪ ،‬ويوجه ذبذباته لدنا الجنين أثناء تشكلها ويحاول‬
‫تغيير طبيعتها وج أًز من خريطتها ليسجل فيها مخططاً استثنائياً فيروسياً يتضمن رسمـاً‬
‫للوحمة واظهارها في جسد الجنين ‪ ،‬والعقل الباطن الخاص هو الذي يقود كل فعاليـات‬
‫نشوء الوحمة وظهورها ‪ ،‬وطبعاً ال تخلو الوحمة والوحام من بصمات الجان وعبثهـم‬
‫يظن البعض أن مشروع ظهور الوحمة يبدأ عندما تشتهي المرأة الحامل شيئاً ما ‪..‬‬
‫وترغب في الحصول عليه ثم تحك أو تهرش مكاناً ما في جلدها ‪ ،‬وحين يولد المولـود تبدو‬
‫الوحمة مسجَّلةً في جسد المولود وفي نفس البقعة المناظرة لها من جسد األم والتي كانت‬
‫موضع الحكة األولى في جسدها ‪.‬‬
‫وقد روى لي بعضهم أن أبويه قاما بتجربة الوحمة عليه ‪ ...‬ذلك أن في جسد الزوج‬
‫عالمة ( شهوة ) بشكل شامة ‪ ،‬وأطلع زوجته عليها وكانت حامالً ‪ ...‬وح ّكت جلدها في‬
‫مكان آخر غير ذاك الذي لزوجها ‪ ..‬وبعد الوالدة ظهرت الشامة في جسد الجنين فـي نفس‬
‫البقعة ( منطقة الهرش ‪..‬الحكة ) وليس في البقعة المناظرة في جسم األب ‪ ...‬إذن التفكير‬

‫‪171‬‬
‫في الشيء والتركيز عليه ربما كان له دور كبير في تحققه ‪ .....‬وأن للرغبـة واإلرادة‬
‫مجد في تحقق األمر ‪ ،‬وأغلب الظن أن آلية زرع الوحمة هي كما يلي ‪:‬‬ ‫والتمني أثر ٍ‬
‫لربما كان للتركيز الفكري واطالة التمني والغلو في الرغبة لشيء ما أثر كبير على‬
‫ور أو تغي اًر في مسيـرة‬
‫العقل الباطن للمرأة والذي بدوره يؤثر في الدنا الحيوية مما يسبب تطـ اً‬
‫التفاعالت الكيميائية والهرمونيـة نحو تلبية الرغبة التي يلح بها خاطر المرأة وفكرها‪ ،‬فيتأثر‬
‫دنا الجنين وتنطبع صورة المشتهى فيه ‪ ،‬خاصـة أن للمورثات البشرية مايماثلها في‬
‫الكائنات األخرى ‪ ،‬مثالً مورثات العين أو السمع الموجودة عند اإلنسـان موجود مثلها أيضاً‬
‫لدى العديد من الكائنات الحية األخرى‪ ..‬كما وجد أنه باالمكان تقوية مورثة على حساب‬
‫أخرى فيطغى تأثيرها على نسيج جسد الجنين وتحدث عملية تحوير لدنا الجنين باتجاه‬
‫صيغة الدنا للمشتهى من الفاكهة أو باتجاه صورة الدنا لحيوان مشتهى فتنطبع على الجلد‬
‫مثالً صورة كرزة أو توتة مثالً ‪ ،‬وغالبا مايشاهد مثل تلك الوحمـات على وجه الوليد أو‬
‫رقبته أو خده ولها نفس شكل الوحمة التي أرادتها األم ‪ ،‬أي حـدث تشجيع وحث لمورثة في‬
‫جسم الجنين أكثر من غيرها فكانت نشطة وفعالة فبرزت آثار تعاليمها واضحة في جسم‬
‫الجنين ‪.‬‬
‫غالباُ ما يحلو للمرأة الوحام ألشياء غير متوقعة‪ ،‬وقد تبدو ( شاذة ) لكثير من الناس كأن‬
‫تشتهي المرأة هيئة حيو ٍ‬
‫ان ‪ ..‬أرنب أو فأر مثال ًً‪ ..‬وتركز تفكيرها بشدة على تلك الفكرة‬
‫واألغرب من ذلك أن المولود يكتسب صفات تلك الكائنات وتصرفاتها وحتى نفسيتهـا وربما‬
‫عاداتها وسلوكها لحد ما‪ ،‬قد شاهدت بنفسي مثل تلك الحاالت فعالً ‪ ...‬وقد تتفتح شهية‬
‫المرأة الغذائية على أكل أشياء ال يصدقها العقل فقد تأكل الطين ‪ ،‬أو تحب تنسـم روائح ال‬
‫تخطر على بال ‪، ....‬‬
‫قد ال تبدو الوحمة واضحة لدى المولود في األيام العادية ‪ ،‬ولكنها قد تتضح ويشتد‬
‫ظهورها وعنفوانها في أوان نضوج الفاكهة األصل المشتهاة ‪ ،‬مثل التوت أو العنب إذ‬
‫يحدث فوره أو ثورة للوحمة فتبدو واضحة أوان نضوج فاكهتها في الصيف مثالً ‪ ،‬ثـم تعود‬
‫لتختفي ثانية في غير أوانها ‪.‬‬

‫‪172‬‬
‫أغلب الظن أن كل ما تطلبه نفس المرأة الحامل يتحقق عندما تركز فكرها فيه خاصة‬
‫أيام الحمل األخيرة‪ .‬وبتحديد أكثر مع اقتراب موعد الوالدة لما يحدث في تلك الفترة من‬
‫نشاط فائق للتفاعالت الكيميائية والهرمونية والكهربائية والبنائية لخاليا الجسد والدمـاغ‬
‫واطالق األمواج المختلفة األنواع والترددات فيتصل عقلها الباطن بسهولة كبيرة بالعالم‬
‫ويلبى طلبها بشكل استثنائي ‪ ،‬ولربما كان السبب في تحقق رغباتها هو غـ ازرة وشدة‬
‫العلوي ُ‬
‫فعالية األمواج الكهرطيسية الصادرة عن خاليا دماغها وشفافيـة روحها وسهولة تحرر‬
‫عقلها الباطن الخاص أثناء فترة الحمل ‪ ،‬وهذا مايفسر قدرة المرأة الحامل علـى إدراك إدرك‬
‫ٍ‬
‫كثير مما يدور في أذهان الناس حولها‪ ،‬كما أن اتصالها الالإرادي مع الجن يكون أم اًر‬
‫أشده ألنها تحيا بعقلها الباطن الذي هو بنفس الوقت ساحة عمل الجن ‪،‬‬
‫وارداً وعلى ّ‬
‫والمرأة بطبيعتها تخشى الجان وأفعالهم وأذاهم ‪ ،‬فهم سبب تعاستها وزوال النعيم الذي‬
‫كانت تحيا به في الجنة والشيطان هو الذي جعلها تلد باأللم ‪ ...‬لذلك تلجأ األنثـى فطريـاً‬
‫وفور شعورها بالحمـل إلى التعبد واللجوء إلى الخالق راجيةً أن يحمي ما في بطنها من‬
‫أذى الجان والشيطان وأن ُيجنب جنينها كل شر ‪ ،‬وبذلك تُحسن صنعـاً ‪.‬‬

‫ولكن كيف يتم ذلك ؟‬


‫يحاول الجان العبث بالشيفرة الوراثية للجنين عن طريق إثارة جيناته(مورثاته) بالبث‬
‫والتحريض القسري للطاقات المختزنة في ذراتها والروابط فيما بينها ‪ ،‬وذلك بأمـواج عالية‬
‫الذبذبة ‪ ،‬حيث يرشق الكروموزومات ( الصبغيات ) التي يحملها الحيوان المنوي الذكري‬
‫بذبذبات موجية خاصة تثير فيها نشاطـاً زائـداً واضطراباً وفوضى ال يحدث مثلها في‬
‫الحاالت الطبيعية للنشأة ‪ ،‬وهي تختلف عن لوثة الشر المسؤولة عن التشوهات الخلقية‬
‫ٍ‬
‫عاهة‬ ‫والعقلية والذهنية النفسية ‪ ..‬بسبب حدوث تحور في بنيتها ‪ ...‬لذلك كان ك ُل ذي‬
‫جبار ‪ ،‬ويدل مقدار التشوه بأنواعه على مدى نجاح الجان في التأثير على جـزئ الدنا‬
‫الوراثي وزرع لوثتهم فيه ‪ ،‬ومن ثم ظهور أثرها البيولوجي كتشوه في جسم الوليد الحقاً ‪،‬‬
‫فينتج نس ٌل ضعيف البنية متخلف ال يتأقلم وال يتكيف مع البيئة والمجتمع بسهولة فيقع في‬
‫ُ‬
‫حاالت من سوء تمثّل الظروف والتأقلم معها فتأتي تصرفاته شاذة غير مقبولـة تجعل‬
‫تعايشه معها صعبةً‪ ،‬وما األطفال المنغوليين إال نموذجاً لتلك التشوهات الخلقيـة‬

‫‪173‬‬
‫إن نجاح الجان في ذلك األمر يثبت عبثهم ونشاطهم الالمرئي عبر العقل الباطن للجنين‬
‫أي بكلمة أخرى أنهم تمكنوا من التدخل واإلخالل بعمل الروح الجسديـة أثناء تنفيذهـا‬
‫البرنامج المكلفة به إلهياً في نسج وحياكة خاليا جسد الجنين والتي يبلغ عددها أكثر من‬
‫تريليون خلية ‪ ،‬ويتم ذلك التدخل خالل فترة أربعة أشهر األولى من الحمل وأثناء انقسام‬
‫الخاليا وتمايزها ليكون الجسد كامالً وجاه اًز الستقبال الروح القدسية‪ ،‬والتي هي الشطر‬
‫الثاني للروح اإلنسانية ‪.‬‬
‫قد يظن المرؤ أن مثل تلك الذبذبات غير فعالة أو غير مؤثرة بسبب ضعفها الشديد ‪،‬‬
‫لكن الحقيقة عكس ذلك فهي ذات تأثير بالغ ‪ .‬ويمكن شرح ذلك كما يلي ‪:‬‬
‫إذا علمنا أن البشر يتطابقون وراثياً بما يعادل (‪ )%00،0‬ويختلفون بمقدار( ‪) %0.1‬‬
‫فقط عن بعضهم البعض ‪ ،‬وهذه النسبة في أل (د ن أ) للبشر هي المسؤولة عن اختالف‬
‫أشكال البشر وطباعهم وسلوكهم وشخصيتهم وتؤمن التنوع الواسع الوافر بين الجماعات‬
‫البشرية ‪ ،‬وهذا االختالف هو الذي جعل هذا الفرد إفريقيـاً أسود اللون وهذا أوروبيـاً أبيض‬
‫اللون وذاك صينياً أصفر اللون ‪ ..‬وهكذا‪ ،‬مما يدل على حساسية مكونات الجسم البشري‬
‫ألي مؤثر خارجي مهما كان ضعيفاً‪ ،‬ويكفي في هذا المقام أن نعرف أن التشابه بين (د ن‬
‫أ) لإلنسان والشمبانزي يفوق ما نسبته (‪ )% 00، 5‬ومع ذاك فاإلنسان يختلف في‬
‫شخصيته وسلوكه كلياً عن الشمبانزي رغم التشابه الكبير جداً في الخريطة الوراثية لهما ‪،‬‬
‫خاصة أنه اكتشف في اآلونة األخيرة وجود مناطق في صامتة في أل ( د ن أ ) البشرية‬
‫عرف‬
‫وغير نشطة تنتظر من يحرضها ويحثها ويستفزها على العمل ‪ ،‬ومناطق أخرى ال ُي ُ‬
‫عملها أو وظيفتها حتى اآلن رغم التقدم العلمي الهائل الذي وصل إليه العصر الحديث ‪،‬‬
‫فمثالً لدى اإلنسان مورثة مسؤولة عن نمو ذيل الفأر لديه لكنها صامتة‪ ،‬ولكن لو تهيأ لها‬
‫تحريض واثارة مالئمين ‪ ...‬مثالً بث موجي يسلط على تلك المورثة له تردد يتوافـق أو‬
‫يتجـاوب مع بعض الطاقـات الرابطة بين القطع الفسيفسائية لمكونات ألدنا البشرية معها‬
‫لجعلها تنبعث نشطة وتنمو ويغدو لإلنسان ذيل كالفأرة تمامـاً ‪.‬‬
‫هذا يفسر مدى النجاح الكبير للجن في زرع لوثاتهم وأذاهم في المورثات ِّ‬
‫وتغير سلوك‬
‫ك معظـم‬
‫وتفكير اإلنسان بما يكفي لجعله مجرماً أو ملحداً أو ظالماً‪ ،‬لهذا السبب ال يدر ُ‬

‫‪174‬‬
‫جبار‬
‫ملحد ٌ‬
‫المشوهين خلقياً أو نفسياً النواحي القدسيـة والجماليـة في هذا الوجود ‪ ،‬وأكثرهم ٌ‬
‫وغير مؤمن بالخالق ‪ .‬لذلك التمسوا الخير عند حسان الوجوه فهم أكمل روحـاً من هنا‬
‫يجب أن نتن ّبه وأن نستنتج أو( أن نتساءل) ‪ ...‬ربما كان سبب معظم التشوهات الوالدية‬
‫الخلقية أو النفسية أو السلوكية‪ ،‬وكذلك لوثة الشر لدى البشر وبما تحمله لهم من أذى‬
‫سببها بث الجـن لذبذبات معينة على مورثة ( جينة ) معينة واستفزازها للعمـل وجعلها‬
‫تؤدي مهاماً غير مرغوب بها اجتماعياً أوانسانياً أوروحياً أو صحياً ‪ ،...‬لربما أنكر‬
‫ملموس تدركه‬
‫ٌ‬ ‫الناس هذا األمر في البداية‪ ،‬ويعود ذلك لعدم إدراكهم أو قناعتهم إال لماهو‬
‫مقاييسهم وتراه عيونهم ‪ .‬ومما يؤكد صحة ذلك هو أن الروح الجسدية والجـان والشياطين‬
‫تعمل كلها في مجال العقل الباطن ألالمرتبط بأبعاد الزمان والمكان‪ .‬لكن مما يهدئ هذه‬
‫الحالة في اللقاء الشرعي كونه غير صاخب واإلثارة فيه قليلة ألنه غالباً مـا يكون هادئً‬
‫رتيباً روتينياً الحماس فيه فينجو الزرع من عبث الجن لبرهة ‪.‬‬
‫عي فيشجع الجان الحيوانات المنوية الذكية والغبية على حد سواء ال‬
‫أما إذا اللقاء غير شر ٍ‬
‫فرق للوصول للبويضة الهدف وتلقيحها دون عوائق تذكر ‪ ،‬ولكي يضمن تحقق زرع لوثته‬
‫في الدنا البشرية والتي يكون تقبلها للوثة الشر الصادرة عن الجن أسهل وأسرع منها في‬
‫حالة اللقاء الشرعي ‪ .‬وذلك بسبب اإلثارة الشديدة لألنثى وللذكر ومدى الطاقة العظمى‬
‫ودهاء‬
‫ً‬ ‫وذكاء‬
‫ً‬ ‫التي يمران بها في هذه الحالة الممنوعة ‪ ،‬والتي قد تعطي وليداً أكثر جمـاالً‬
‫من الوليد الشرعي لكنه يكون أكثر شذوذاً وحقداً وشرو اًر ‪ ،‬وتسيطر على فطرته غريزة‬
‫العنف وعقلية أنا األعلى وال خير في أعماله وال حب في قلبه وال جمال في أحاسيسه ‪..‬‬
‫وأول من يقع في دائرة شروره هم أهله وأخوته واألقربون إليه‪ ..‬وربما نفذ فيهم أذاه دون أن‬
‫يدري هو بقرابتهم له ‪ ..‬وما قصة الملك أوديب اإلغريقي الشهيرة إال مثاالً على مثل تلك‬
‫الحالة ‪ ،‬فهو ابن زنا ألمه الملكة جوغاستا‪ ،‬وعندما شعر زوجها الملك بخيانتها سلم وليدهـا‬
‫اع كفل تربيته ‪ ،‬وعندما شب‬
‫ألحد حراسه ليقتله ‪ ،‬لكن ذلك الحارس سلم الطفل إلى ر ٍ‬
‫أوديب غدر بالراعي الذي رباه وذهب للمدينة ‪ ،‬وفي الطريق وعند مفترق طرق كادت‬
‫عربة تجرها الخيول أن تدوسه ‪ ،‬فما كان منه إال أن قفز على العربة وضرب سائقها وقتله‬
‫‪ ،‬ثم قتل رجالً مسناً كان بداخلها وهو ال يعلـم أنه الملك ‪ ،‬وعندما وصل مدينة كورنثا‬

‫‪175‬‬
‫وجدها في حالة بؤس شديد‪ .‬ذلك أن اإلله أبولو كان غاضباً عليها و َّ‬
‫أحل نقمته عليها‪،‬‬
‫وجلس رابضـاً بشكل وحش ضخم على جبل األولمب المطل على المدينة‪ ،‬وكان يتربص‬
‫بسكانها المنون ويمنع عنهم الماء والخير ‪ ،‬وكان شرطـه لرفع الغضب أن يجيب أحد‬
‫ٍ‬
‫متحد ال يستطع‬ ‫سكانها على سؤاله المعجز المتضمن لغ اًز محي اًر ‪ ،‬وكـان القتل نصيب كل‬
‫اإلجابة على هذا سؤاله ‪ .‬وكان هناك ثمة إعالن عـن مكافأة بأن يتزوج الملكة من يستطيع‬
‫حل لغز هذا السؤال ‪.‬‬
‫المعجـز التالـي ‪:‬‬
‫صعد أوديب ذلك الجبل متحدياً أبولو ‪ .‬وفاجأه أبولو بالسؤال ُ‬
‫ما هو الشيء الذي يسير على أربع أول النهار وعلى اثنين في وسط النهار وعلى‬
‫ثالث آخر النهار‪ .‬واستطاع أوديب أن يجيب على ذلك السؤال ‪ ....‬لقد كان الجواب هو‬
‫اإلنسان ‪ ...‬فهو يحبو على أربع عندما يكون طفالً ثم يسير على قدميه منتصب القامـة‬
‫عندما يصبح شاباً ثم يسير على ثالث وهي رجاله وعكازه عندما يشيخ ويهرم ‪ ،‬وهكذا‬
‫استطاع أوديب أن يحل اللغز ‪ ..‬ويرحل أبولو ويتزوج أوديب الملكة‪ ،‬والتي كانت أمـه دون‬
‫أن يدري ‪ ،‬وبعد أن أنجب منها طفلين ذكرين وابنتين وكبروا أخبره في أحد األيام شخص‬
‫بحقيقة قصة مقتل الملك‪ ،‬فإذا به يكتشف أنه قتل أبيه وتزوج من أمه وأن أوالده منها هم‬
‫في الحقيقة إخوته أيضاً ‪ ،‬وفي ثورة غضبه وندمه على ما فعل انتقم من نفسـه وفقأ عينيه‬
‫كي ال يرى ما صنعت يداه ‪ ،‬ولم تلبث أن انتحرت الملكة أمه لهول ما جرى وهام أوديب‬
‫على وجهه في البراري والسهول وابنتاه تخدمانه في تشرده ومحنته ‪ ..‬ولم تنتهي القصة‬
‫هاهنا‪ ،‬بل أصبح أوالده ملوكاً متناحرين وتحاربوا فيما بينهم وقتل بعضهم بعضـاً ‪.‬‬
‫القصة طبعاً التخلو من عبث الجن وأذاهم في خلط األمور وتدمير النفوس وما نشاهده‬
‫مكررةً عن قصة الملك أوديب‬
‫ّ‬ ‫بوضوح في المجتمعات اإلباحية الحديثة ماهو إال صورةً‬
‫والتي يعتقد الكثيرون بأنها كانت قصة حقيقية ‪ ،‬ورغم تقدم الحضارة الغربية المعاصرة‬
‫والمدهشة إال أن الغربيون لم يدركوا بعد أفاعيل كينونات طاقية خفية قابعة في عوالـم ما‬
‫وراء الطبيعة وخلف حدود المادة الجهرية في عالمنا ‪ ...‬هذا من ناحية ‪ .‬ومن ناحية أخرى‬
‫لعل وراء إنكارهم وجود مثل تلك الكينونات حكمـة ما ‪ ،‬وأغلب الظن أنهـم لو آمنوا‬
‫بوجودها وتمكنـوا من الوصول لها وتعاملـوا معها الستغلوها ضد البشر أبشـع استغالل‬

‫‪176‬‬
‫وفعلوا البِ َدع ونكلوا بالبشر وسينقلبون عندئذ وحوشاً أكثر شراسة من الوحوش والضواري‬
‫الحيوانية ألن نفوس الكثيرين منهم أصالً فاجرة وغير سويـة ‪.‬‬
‫روح المخلوق البشري الشرير( وبالتحديد االبن غير الشرعي ) ليست كاملة وهي ليست‬
‫أكثر من روح جسدية حيوانية عدوانية ‪ ....‬وروحه القدسية إن كانت موجودة لديه فهي‬
‫معطَّلة خامدة ال تستطيع ممارسة مهمتها ألنها َّ‬
‫مكبلة بإثم وخطيئة األبوين ‪ ،‬وال تقربـه‬
‫المالئكة وال تباركه ‪ ،‬وكل أعماله ُمحبطة وغير مباركة وال تجديه نفعاً بشيء‪ ،‬كما يجد‬
‫نفسه غير مقبول اجتماعياً‪ ،‬وللخالص واصالح األمر يحتاج هذا المرؤ لكثير من التقوى‬
‫يئة لم يرتكبها هو ‪ ،‬ويقع واجب التطهر من‬‫يمة خط ٍ‬
‫والتطهير كي تتحرر نفسيته من جر ِ‬
‫الخطيئة على عاتق أبويه ‪ ،‬ويتم ذلك عملياً بالزواج الشرعي والتوبة والندم ‪ .‬ومن ثـم‬
‫المشوشة وادخـال‬
‫احتواء االبن وتوجيهه للخير والعمل على تهدئـة نفسه المضطربة و ّ‬
‫السكينة واالطمئنان إليها فتنشط روحه القدسية فتباركه المالئكة عندها يلفظ جسده كل ما‬
‫زرعه الشيطان من لوثات شر أو تلك التي استفزها الجن بالبث والوسوسة في مورثاته أثناء‬
‫المحرم وقبل أن يكون جنينـاً ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫اللقاء‬

‫آلية الزرع !! ؟ ‪.‬‬


‫ربما كانت اآللية التي يستخدمها الجن والشيطان في التأثير على ألدنا البشرية في هـذه‬
‫الحالة أكثر عجباً ونوعية عن سواها من عمليات الزرع ‪ ،‬ففي ذاك الجو الحميم المفعم‬
‫باإلثارة الصاخبة والمشحونة بالطاقة ‪ ،‬يطلق الجان والشيطان وسوستهم وبثهم وأزيزهم‬
‫الستفزاز المورثات في الدنا البشرية لكال الرجل واألنثى المتالقيين ‪ ،‬وتكـون ترددات‬
‫ذبذباتهم منفردة عالية التردد ‪ ،‬أي وحيدة التردد والنقية تماماً ‪ ،‬وليست بشكل حزمة من‬
‫ضباب ذبذبي ( أي ليست طيفاً من الذبذبات ) ‪ ،‬لذلك يكون تأثيرها حاداً دقيقاً ونوعيـاً‬
‫فعَّاالً وفتاكاً وانتقائياً مخصصاً وليس عشوائياً أو طائشاً ‪ ،‬لهذا غالبـاً ماتكون تلك اآللية‬
‫مجديـة ‪ ،‬وكأن لذلك التردد الذبذبي صفة أشعة ليزر‪ ، ..‬فمن المعلوم أن لشعاع الليزر‬
‫تردد ذبذبي وحيد وطاقته هائلة يمكن تركيزها في شعاع قطره أرفع من قطر الشعـرة الواحدة‬
‫ألوف المرات ‪ ،‬وأغلب الظن أن لموجة الشعاع الصوتي الفائق الالمسموع الذي يستخدمه‬
‫الجن في التأثير على ألدنا البشرية وزرع لوثة الشر فيها وتلك التي يستخدمها في البث‬

‫‪177‬‬
‫واألزيز واستفزاز الناس تردداً مماثالً في خواصـه لشعاع الليزر لكنه ينتشر في بعدين ‪..‬‬
‫السادس الالزمني والسابع الموجي الذبذبي ‪ ،‬وكالهما مادة جسد الجـان وصوته وعالمه‬
‫‪ ....‬وأصلهما من مارج النار الموجي الكهربي ‪.‬‬
‫تتخزن طاقة إشارات البث الذبذبية بشكل طاقة محقونة في المورثات مما يثبط عمل‬
‫تلك المورثات بشكل كامل ويجعلها تقوم بأعمال منقوصة شاذة مشوهـة ال جدوى منها وال‬
‫خير فيها ‪ ،‬وأكثر جدوى للبث يكون في الطور الذي تكون فيه شرائط الدنـا بشكل‬
‫كروموزومات لحظة اندماج محتويات الحيوان المنوي بمحتويات البويضة وقبيل انقسام‬
‫الخاليا أي في لحظة التلقيح مباشرة ‪ .‬وربما اعتقد البعض أن مثل ذلك األمر بعيد عـن‬
‫الواقع ولكن سنذكر مثاالً بسيطاً على ذلك مثالً يسبب ارتفاع درجة الح اررة لدى البعض‬
‫إف ارزات هرمونية أو أنزيمية وتوليد بروتينيات ومواد أكثر مما هو طبيعي يكسب المرء‬
‫نشاطاً حيوياً زائداً واثارة تفاعالت كيميائية قد ال يحتاجها جسمه وربما سببت له األذى‬
‫والضرر الحقاً ‪ .‬وفي جسد االنسان ما يتأثر بتغيرات ح اررية من رتبة جزء من ألـف من‬
‫الدرجة الواحدة ‪.‬‬
‫ال يتخلى الجن وال الشيطان عن المرأة بشكل عام وبشكل خاص في حالة الحمل مهما‬
‫كان نوع الحمل سواء كان شرعياً أم غير ذلك ‪ ،‬فهم يسكنـون جسدهـا ودماغها دوماً وال‬
‫يتركونها لحظة واحدة ويشاكسون روحها الجسدية ويشغلون عقلها الباطن ويعبثون بمخها‬
‫وفكرها وهذه األمور هامة جداً للمرأة الحامل خاصة إذا علمنا أن الجنين يحيـا وينمو‬
‫برعاية عقلها الباطن ‪ ،‬وروح األم الجسدية هي التي تقدم المـواد البناءة للـروح الجسدية‬
‫للجنين لتختار منها ماتنسـج به خاليا جسده وبتوافـق زماني ومكاني ال يمكن تخيل دقته‬
‫وايقاعه ‪ ،‬وبالتالي فكل مكونات جسد الجنيـن هي من مكونـات جسد أمـه وهكـذا كان‬
‫عضوي أو عاطفي‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫إحساس‬ ‫إحساسها بجنينها أوالً ‪ ..‬ثم بوليدها ثانياً ليس مجرد‬
‫فحسب‪ ,‬بل هو إحساس بالذات الواحدة التي التقبل التجزئة والاالنشطار وحتى على‬
‫مستوى ال َنفَس الواحد ‪ ...‬ألن عاطفة األمومة تنمو لدى المرأة في عقلها الباطن وليس‬
‫في جسدها فقط‪ .‬فالجنين ينمو في بطن أمه برعاية عقلها الباطن مدة تسعة أشهر كاملة‬
‫لكنه يتأثر بهذا العقل طيلة حياته ويحيا من خالله ومن خالل وعي أمه للوجـود الكوني‬

‫‪178‬‬
‫وتغيـرات جسدية‬
‫شاء هو ذلك أم أبى ألنه يعيش بخالياها التي انغرست فيها ظروف ّ‬
‫بيولوجية وأحاسيس وعواطف ‪ ،‬حتى أنه يسمع صوت تنفسها ودقات قلبها وكل األصوات‬
‫التي تسمعها‪ ،‬وتبقى آثار تلك الرحلة مغروسة في ذاكرته ال تمحى مهما طال عمره ‪،‬‬
‫صور من أحالمها في مخيلته ‪ ،‬وبالتالي ال يوجد في الطبيعـة عاطفة‬
‫ٌ‬ ‫وكثي اًر ما تظهر‬
‫أقوى من عاطفة األمومة وجذورها أعمق مما يتخيله إنسان ‪ ،..‬أما عند الرجـل فتكون قوة‬
‫تلك العاطفة الخاصة بدرجة أقل نسبياً مما هي عند األم‪ ،‬لذلك كان من السهل على الجان‬
‫أن يتعاملوا مع جسد المرأة الحامل وأكثر بكثير من التعامل مع جسد الرجل لذلك هم‬
‫يشوهون أحالمها ويقلِقون نومها ويقذفون الفزع والرعب في خاطرها ويثيرون في نفسها‬
‫أفكار سوداء مفجعة كارثية في فؤادها‬
‫اً‬ ‫القلق والخوف والكآبة والوساوس ‪ ،‬ويرسمون‬
‫وخاطرها باإليحاء والوسوسة والبث‪ .‬وأكثر مايخيفها من تلك الصور هو إيقـاع األذى‬
‫بغدد اإلفراز الهرموني‬
‫بجنينها ‪ ..‬أي يمسكونها من اليد التي تؤلمها ‪ ،‬كما يحاولـون العبث ُ‬
‫في جسدها وفي جسد الجنين ‪ ،‬ويتحينون الفرص إليقاع األذى بهما طيلة فترة الحمل‪،‬‬
‫ويشعروا بالنصر والفرح إذا حدث إسقاط للجنين أو إذا نجحوا باحداث تشوهات خلقية أو‬
‫نفسية لدى الجنين ‪ .‬وفي هاتين الحالتين يفرح الجان والشياطين ‪ ،‬فقتل اإلنسان وايقاع‬
‫األذى به هو غايتهم التي مافتؤا يسعون إليها مذ خلق اهلل اإلنسان ‪ ،‬ألنهم بعملهم هذا‬
‫يمزقون أُسرةً ويحطمون آماالً ‪ ..‬وهذا غاية وجودهم في هذا الكون ‪ ،‬لذلك أكثر ما تخشاه‬
‫المرأة على جنينها ونسلها هو الجان والعفاريت والشياطين ‪ ،‬لكن في حالة الحمل المشروع‬
‫فإن المالئكة تباركه وتبث الخير والفرح واألمل والسكينة والحنين وتـدب في نفس األم‬
‫الحامل وروحها عاطفة ال تعادلها عاطفة ‪ ،‬ويبعث هذا الشعور فيها الطمأنينة والسعادة‬
‫‪ ...‬وتحاول هي دوماً التمسك بهذا واستج ارره عن طريق التعبد والتقـرب هلل والدعاء إليه‬
‫كي يحفظها وجنينها وأن ينمو الجنين في أحشائها بهدوء وسالم ومعاذاً من أذى الجان‬
‫والشياطين ‪ .‬فهي ال تشعر بوجودها مالم تؤدي مهمتها وتنجب ول ـداً ‪.‬‬
‫ال تزيد مدة بقاء الجن المصاحب للحيوية الجنسية عند الرجل أكثر من أسبوع واحد‬
‫في جسده ‪ ،‬وتتركز أماكن وجود الجن حول السرة باعتبارها مركز الضفيرة الشمسيـة أو‬
‫ضفيرة النار أو مقعد الجن عند الرجل والمرأة ‪ ،‬واللون الطيفـي لهذه الضفيرة هو اللون‬

‫‪179‬‬
‫أزرق‪ ،‬وال يقصد بكلمة النار على أنها ح اررة أو تشير لوجود حرارة‪ ،‬بل ُيقصـد بها طبيعتها‬
‫الجنية والشيطانيـة ‪ ،‬وبتحديد أكثر يقصد بهذه الضفيرة على أنها المكـان المفضل لتواجد‬
‫الجان إبان تشكل جسد الجنين ومراقبتهم ومتابعتهم لكل ما يدخل جسـد الجنين من غذاء‬
‫وأمواج كونية وأشعاعات ‪ ..‬فالسرة هي أول نقطة اتصال بين المخلوق والوجود وأول نقطة‬
‫يبدؤ الجنين حياته منها ومن خاللها يتلقى أول نقطة غـذاء وأول كرية دم تجري في جسده‬
‫‪ ،‬كما أنها أكثر األماكن مالءمة لطبيعة الجان ‪ ...‬مارج النار ذات الطاقة الشبه فائقة‬
‫وذبذباتها العالية جداً والتي ال يقع طيفها ضمن طيف األمـواج الكهرطيسية المألوفة‬
‫لإلنسان ‪.‬‬
‫أهم ميادين نشاط عمل الجان والشياطين هي الغدد التناسلية والخاليا الحيوية المولِّدة‬
‫لها عند االنسان ‪ .‬وهم يتابعون مراحل تطورها ويعملون على استفزازها وحثِها علـى إفراز‬
‫الهرمونات المثيرة للشهوات والغرائز ‪ ،‬ويالزمون نتاجها من الحيوانات المنويـة ويشرفون‬
‫على مهامها من لحظة قذفها ومسيرتها في جسد المـرأة حتى وصولها الرحم ودخول أحدها‬
‫البويضة األنثوية ‪ ،‬ويتسللون لداخلها مع الحيوان المنوي الوحيد المنتخب الذي يكتشف‬
‫الممر السري في جدارها ويخترقه ‪ ،‬وهدف هذه الطاقات الخفية الالإنسانية هو إعاقة عمل‬
‫الروح الجسدية ومشاكستها في نسج خاليا الجنين وال يبدأ هؤالء الدخالء عملهم فو اًر ‪ ،‬بل‬
‫ينتظرون تمام اندماج محتويات الحيوان المنوي بمحتويات البويضـة األنثوية عندها‬
‫زرعة لوثة الشر في الجينات الحرة السابحة داخـل السوائل في‬
‫يمارسون عبثهم في ا‬
‫البويضة وقبيل لحظة نسخ وتكرار ذاتها‪ ،‬أي قبيل مرحلة تشكل وبناء أول خلية حيـة من‬
‫جسد الجنين وقبل االنقسام األول لها ‪ ،‬ويأخذون ببث ذبذباتهم الموجيـة بشكل طاقية‬
‫ليحوروا مااستطاعوا في تركيب ألدنا الناتجة عن التلقيح بغرس لوثة شر فيها (‬ ‫إعصارية ّ‬
‫جسدية أو نفسية أو ُخلُقية ) ومع بداية االنقسام الخليوي وانطالق الحياة في البويضة‬
‫يكونوا قد زرعوا لوثتهم‪ ،‬وتستمر هذه العملية رغم سرعة عمليات االنقسام الخليوي التي‬
‫تحدث بمعـدل عشرين ألف خلية عصبيـة دماغيه في الدقيقة الواحـدة ‪ ،‬وبمعدل إثنا عشر‬
‫مليون خلية جسدية في الدقيقة ‪ ،‬وحتى خالل مراحل تخصص الخاليا وتمايزها عن‬
‫بعضها البعض يكون للجان أيضاً تخصصاته ‪ ،‬بحيث يوجد جان يؤثر في الخاليا‬

‫‪181‬‬
‫العصبيـة وآخرون يؤثرون في العظـام وغيرهم في الـدم ‪ ،‬وغيرهم يؤثر في األعضاء‬
‫الحسية كالسمع و النظر والشم والتذوق ووكذلك في الغدد والدماغ والمخ ‪ ،..‬وللجان جنود‬
‫وأعوان هم الفيروسات والجراثيم والبكتيريات وبأعداد التحصى ‪ ،‬وكل ذلك هدفه إيذاء‬
‫الجنين ومحاولة إسقاطه أو تلويثه بملوثات َم َرضية أو تشويهية ‪. ، ...‬‬
‫ويبذلـون جهـداً مستميتاً ( بالنسبة لهم من عالمهم ذي األبعاد اإلثنان والنصف ) كي يدمروا‬
‫الجنين جسدياً ونفسياً وفكرياً‪ ،‬لكن الروح الجسدية لألم تحمي ما تقوم به الروح الجسدية‬
‫بناء واقامة جسد ‪.‬‬ ‫للجنين من ٍ‬
‫تحاول الروح الجسدية تثبيط عمل الجان بأن تكسب الجنين مناعات جسدية صحية قوية‬
‫ضد األمراض‪ ،‬وقد يدوم مفعول تلكط المناعات طيلة حياة ذلك المخلوق البشري‪ ،‬ويبدو‬
‫ذلك األمر جلياً أكثر لدى األشخاص الروحانيين الذين غالباً مايتمتعون بأجساد نقية قوية‬
‫وناد اًر مايصيبهم مرض رغم نحول أجسامهم الشديد ‪ .‬فالروح الجسدية تتحكـم بإيقـاع إفراز‬
‫الغدد للهرمونات واألنزيمات وبشكل صحي سليم ‪ ،‬وكذلك بالتفاعالت الكيميائية في‬
‫العضوية الحية ‪ ،‬بحيث تنتج مواداً تكسب الجسم مناعةً قوية ضد األمراض وتطهّره‬
‫وتعقمه مما يكون قد زرعه الجن والشياطين فيه من لوثات شر عضوية أو بنيوية والتي‬
‫تبدو آثارها بشكل أمراض وعلل وتشوهات ُخلُقية وجندها النشط الفتاك هم الفيروسـات‬
‫والجراثيم والبكتيريا ‪ ..‬وربما أيضاً كائنات أخرى أدق من ذلك لم يكتشفها العلم الحديث‬
‫بعد‪ ،‬ألنها تقع خارج دقة أجهزته المتداولة حالياً‪ ،‬والحقيقة أنه رغم التقدم الهائل للتقنيات‬
‫المعاصرة إال أنها مازالت عاجزةً وبعيدةً كل البعد عن التعامل مع عوالم تلك الكينونات‬
‫الخفية وطاقاتها ‪ ، ...‬وكثير من الناس وبشكل فطري يعتقد أن معظم األمراض سببهـا‬
‫كينونات دقيقة جداً ال يمكن إدراكها أوالسيطرة عليها ألنها خاضعة للجن وسيطرتهم ‪،..‬‬
‫ولعل أحد تلك األمراض هو السرطان واإليدز والسارس ‪.....‬إلخ ‪ .‬وأغلب الظن أن في‬
‫شيء من الصحـة ‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫هذا االعتقاد‬
‫يسمع الجنين كل األصوات وهو في بطن أمه وحتى األصوات التي قد ال تسمعها هي‬
‫نفسها ولربما أدرك أصواتاً فوق سمعية ‪ ،‬ألن تلك الحاسة قوية جداً لديه ولربما كان في‬
‫بعد بويضة ملقحة ‪ ..‬فسرعة‬
‫تركيب جسده أجهزة إدراك خاصة تقوم بذلك وهو لم يزل ُ‬

‫‪181‬‬
‫الصـوت في السائل األمينوسي الذي يتخلق فيه الجنين أكبر من سرعة الطلقة الناريـة‬
‫بحوالي أربع مرات‪ ،‬وسرعة نمو تلك الحاسة لديه أكبر بكثير من سرعة نمو غيرها من‬
‫الحواس‪ ،‬مما جعلها الوسيلة األهم التصاالت عضويته بالوجود واألثيـر الكوني ودون‬
‫وعيٍ منه ( لعدم وجود ذاكرة له ) وبالتالي فهو يدرك أشياء دون إرادته ودون أن يعيها ‪..‬‬
‫ومخالفاً بذلك كل نواميس الوجود وطبيعة األشياء (فهي تعي دون أن تدرك) ‪ ،‬وحتى‬
‫البشر أنفسهم ليس لديهم القدرة على إدراك مثل تلك األشياء ‪ ..‬لسبب بسيط هو أنـه لم يعد‬
‫لها أجهزة جسد الجنين ووسائل إتصاله مع الوجود واألثير ‪ ،‬لكن الغريب أن لبعض‬
‫الكائنات الحية األخرى القدرة على إدراكها عن طريق العقل الباطن ‪ ،‬مما جعلها تدرك‬
‫سخرةٌ وصديقة له ‪ .‬وبعد الوالدة وظهور الوليد‬
‫بعضاً مما في نفس االنسان وأن تكون ُم َ‬
‫في الدنيا ألول مرة ال يعد يتذكر شيئاً مما واجهه في مراحل نموه الجنينة‪ ..‬لسبب بسيط‬
‫هو أن ذاكرته لم تكن قد نمت بالقدر الذي يجعلها تحتفظ بصدى تلك اإلدراكات ‪ ،‬وكذلك‬
‫زوال أجهزة االدراك الخاصة بتلك المرحلة ‪.‬‬
‫حاسة الرؤية لدى الجنين ( قوة البصر ) ضعيفة جداً وليست فعالة وهو في بطن أمه‬
‫بقع مضيئة وأخرى‬
‫واذا كان لديه أي إحساس بالرؤية فال يعدو كونها رؤيـة ضبابيـة ل ٍ‬
‫مظلمة ال أكثر ‪ ،‬وبعد الوالدة يمكث الوليد فترة البأس بها وهو اليرى‪ ،‬ويمكن القول أن‬
‫ُج َّل إدراكات الجنين في بطن أمه هي سمعية أو سمعية فائقة كي ينشأ بأمر اهلل جسـده‬
‫أما تعامله مع الجان واشاراتها الالصوتية ‪ ...‬واألزيز الالمسموع الصادر عن الشيطان‬
‫فيتم عن طريق العقل الباطن النشط جداً والكامل النمو لديه منذ اللحظات األولى لنشأته‪.‬‬
‫والحقيقة أنه يراهم ويبتسم لهم ويدرك وجودهم كما كان آدم وحواء يرونهم ويدركـون‬
‫وجودهم في العالم المطلـق القديم الذي خلقا فيه ‪ ،‬والجنين يفرح بلَ ِعبِهـم ودغدغتهـم‬
‫وتحريكهم له ‪ ،‬والذي يتم بمنتهى السهولة ألنه يكون في حالة انعدام الوزن تماماً وهو‬
‫سابح في السائل األمينوسي في بطن أمه‪ ،‬فال يخضع أثناءها إطالقاً ألي تأثيرات أخرى‬
‫ولو كانت جاذبية ثقالية مثل قوى جذب الكواكب أو النجوم ‪ ،‬في هـذه الحالة الكونية‬
‫الفريدة فقط يتجلى العمل الفيزيائي الضعيف جداً للكينونات الخفية‪ ..‬الجان والشياطين‬

‫‪182‬‬
‫أي في هذه الحالة الوحيدة والطريفة يظهر عمل تلك الكينونات ذات البعدين والنصف‬
‫وبالتالي كشف العلم َك ِـذب الدجالين قاطبةً ‪.‬‬
‫يجزم البعض أن معظم حركات الجنين سببها المالئكة وآخرون يعتقدون أنها مداعبات‬
‫جان هدفها تحيُّن الفرص اليقاع األذى بالجنين ‪ .‬وغالباً ما يتضمن لعب األطفال ولهوهم‬
‫عت‬
‫ماي َن ُ‬
‫صو اًر لمثل هذه األذى وما أكثره بينهم واألمهات في غفلة عن أطفلهن ‪ ،‬وكثي اًر ُ‬
‫األوالد بالعفاريت أو بالشياطين أو بالجن‪ ،‬ولعل مثل تلك النعوت لم يأت جزافاً‪ ،‬بل فيها‬
‫جزء من الحقيقة وأعمالهم ليس باعثها البراءة والشفافية ‪ ،‬بل باعثها لوثة شر زرعهـا الجن‬
‫في عضويتهم وأدمغتهم قديماً ونماها أعمال آبائهم ‪، ....‬‬
‫يولد الطفل ويخرج للدنيا وهو في أكمل بناء جسدي فيزيقي وله أكبر مناعة مكتسبة‬
‫ممكنة ‪ ،‬وقد اليكون ألمه مثلها ‪ ،‬وأعضاؤه سليمة معافاة وفي تمام الصحة ما لم يكن قد‬
‫فخلِ َ‬
‫ق مشوهاً أو عليـالً ‪.‬‬ ‫غلب عليها قبالً لوثات الجن ُ‬
‫تجري كل هذه األحداث في مسرح العقل الباطن الخاص بالجنين وبغياب روحه القدسية‬
‫والتي ال يحين موعد دخولها جسم الجنين البشري قبل اكتمال إقامته وبلوغه من العمـر‬
‫أربعة أشهر ‪ ..‬واآلن جاء دور الروح القدسيـة ( الشاهد ) الم ِ‬
‫دركـة ‪..‬‬
‫في لحظة معينة محددة تدخل الروح القدسية لتشغل مقعدها العضوي في جسم الجنين‬
‫وهو القشرة المخية التي تعلو الدماغ ِ‬
‫وتتو َجهُ ‪ ،‬عندها تكتمل الروح وتصبح كاملة مكونة‬
‫من ( روح جسدية ‪ +‬روح قدسية ) أو ( روح سائق ‪ +‬روح شاهد ) ‪ ،‬وتُسجل لحظـة‬
‫دخولها الجسد الفيزيقي للجنين بانبثاق البصمات في قدميه وأكفه وأصابع يديه إعالنـاً‬
‫إنساني سـوي ‪,‬‬
‫ٍ‬ ‫ق بشرٍي‬ ‫ق بشرٍي ٍ‬
‫بهيم حيواني إلى خلـ ٍ‬ ‫وايذاناً بتحول الخلق من خل ٍ‬
‫وتعتبر تلك اللحظة أيضاً إشارةً إليقاف عبث الجن والشياطين بجسد الجنين ‪ .‬وما كان‬
‫يحمي الجنين في مرحلة ماقبل دخول الروح القدسية ويدافع عنه هو روح األم وعقلها‬
‫ويثبـَط‬
‫لجم عمل الجان والشياطين ُ‬‫الباطن الخاص والعقل األثيري الشامل ‪ ....‬عندئذ ُي َ‬
‫كيدهم فيفروا لخارج جسم الجنين ويتجمعوا عند السرة ليتابعوا من هناك مراقبة كل ما يدخل‬
‫وما يخرج منه عبر الحبل السري في بطنه‪ ..‬من غذاء وهواء وسوائل وطاقـات خاصة‬
‫الطاقات األثيرية ‪ ،‬فالحبل السري هو النفق الوحيد لدخول كل شئ لجسم الجنين بدءاً من‬

‫‪183‬‬
‫أول كرية حمراء إلى أول جزيئة غذاء وهواء ويبقى الحال على ماهو عليـه حتى لحظة‬
‫والدته ‪ ،‬ولعل الحبل السري الواصل بين جسد الجنين وجسم أمه هو السبيل الذي تدخل‬
‫منه الروح القدسية لجسم الجنين لتتخـذ مقعدهـا لديه في القشرة المخيـة ‪ ،‬وتشرع في ممارسة‬
‫مهمتها في لجم الجان والشياطين وتطهير عضوية الجنين وفـؤاده ومداركه مما أصاب‬
‫مراكزها من لوثاتهم وتثبيط عملها واحباطه ‪ ،‬وبعدها تقوم بتنميـة خاصة التفكيـر في‬
‫بعض مراكز المخ فينمو فيها الخيـال والمنطق والمحاكمة والتأمل مما أكسب االنسان‬
‫عقالً غنياً زاخ اًر بالمعاني الراقية والسامية وليس لكائن آخر مثيل له‬
‫بهذا العقل يتذوق االنسان لذة الحب وسحر الجمال ودفء العاطفة وأن ينمو الخيـر‬
‫والضمير والعدل في قلبه وفؤاده ‪ ...‬هذه المعاني الراقية والسامية جعلت الكائن البشري‬
‫إنساناً كامل الوعي واالدراك ‪ ،‬مما أكسبه قدرات معنوية وعقلية وفكرية ونفسية ليـس لكائن‬
‫آخر مثلها ويدعمها في ذلك العقل الباطن الشامل ويمدها ببرنامج قدرها المكتوب وال‬
‫تكون هذه الفعاليات مستيقظة قبل دخول الروح القدسية والوالدة ‪ ،‬وتنشط مع نمـو االنسان‬
‫واكتمال وعيه وادراكه مع الزمن ‪، ....‬‬
‫تمارس الروح الكاملة دورها في بناء وتنمية مراكز األحاسيس الراقية والسامية لدى‬
‫اإلنسان‪ ،‬وأولها المراكز المعنوية والتي تشكل فؤاد االنسان ( لبه أو خاطره)‪ ،‬والفـؤاد هو‬
‫في الواقع جوهر اإلنسان وطويته وسريرته وحصيلة كل ما دخل في تركيبه المادي‬
‫والمعنوي ‪ ،‬وصفته اإلدراك والوعي والبصر والبصيرة ‪ ،‬ودوره األول هو جعل الكائن‬
‫البشري يدرك ويعي الوجود من حوله ويعرف موقعه فيه ‪ ،‬ودوره الثاني هو دور عقلي‬
‫فكري يجعل االنسان يتفكر في موجودات الكون وأدواته في ذلك الفكر والعقل والمنطق‬
‫والجدل والخيال وتذوق الجمال‪ ،‬أما دوره الثالث فهو دور نفسي تتجلى مهمته في تحديد‬
‫شخصية الكائن البشري من خالل تقدير مدى تأقلمه وتكيفه وتوازنه مع البيئة المحيطـة به‬
‫وأسلوب تعامله معها‪ ،‬أو بكلمة أخرى تحديد سلوك االنسان العملي في الكون المادي‬
‫ومايترك فيه من آثار فيزيائية أو نفسية أي يترجم هذا الدور ويفلسف الهدف والسبـب‬
‫الذي و ِج َد من أجله اإلنسان في هذا الكون ‪.‬‬

‫‪184‬‬
‫البصمة على أطراف أصابعنا هي صورة تذكارية الكتمال الروح فينا وبداية إنسانيتنـا‬
‫ولحظة دخولنا في حماية وحصانة الروح الكاملة لدينا وتوقف عبث الجان والشيطان في‬
‫كينونتنا‪ ،‬ونصبح معاذين منهم خالل الخمسة األشهر التالية من الحمل ‪ ...‬وتستمر هذه‬
‫الحماية لحين خروجنا لعالم الدنيا ‪ .‬وتلك اإلعاذة مؤقتة ولم تكن دائمة إال للسيد المسيح‬
‫عليه السالم ولسيدنا محمد صلى اهلل عليه وسلم ‪.‬‬
‫عندما يخرج المولود للدنيا ويالمـس جلده الهواء تبدأ آلته الجسدية بالعمل الميكانيكي‬
‫فيستنشق أول جرعة هواء‪ ،‬فيصرخ باكياً عندها تغلق الفتحة القلبية وتبدأ الرئتان بالعمل‬
‫ويعتقد البعض أن سبب البكاء هو نخس الشيطان للمولود ‪ ،‬إذ يتذكر الوليـد أالعيبهـم‬
‫وأذاهم له فيثير ذلك الفزع والخوف في نفسه ‪ .‬وعملية الوخس بحد ذاتها تتضمن عودة‬
‫الجن والشياطين للمولـود لحظة إنفصال عقله الباطن الخاص عن العقل الباطن ألمـه‬
‫والذي كان يحميه في بطنها‪ ،‬وعليه اآلن أن يواجه قدره مستقالً عن أمه‪ ،‬وأكثر المناطق‬
‫التي يحـل بها الجن في جسد الوليد هي األماكن األشد صمتاً وعتمةً وح اررة وبالتحديد في‬
‫الدماغ واألعضاء الجنسية لديه ‪ ،‬وهكذا ما من طفل ُولِ َد إال ونخسه الشيطان عنـد والدته‬
‫إال عيسى بن مريم ألن أمها أعـاذت ابنتها السيدة مريـم العـذراء وذريتها من الشيطان ‪.‬‬
‫وكذلك سيدنا محمد ( ص ) فقد أعاذه اهلل من الشيطان وحتى قبل أن يولـد ‪ ،‬وقال " إني‬
‫معاذ " ‪.‬‬
‫وبالتالي لم تصب هذين النبيين لوثة الشيطان أو الجان إطالقاً فكانا طاهرين مطهرين‬
‫جسداً وروحاً ‪ .‬وفي حياتهما الدنيوية كانت الشياطين تهرب منهما وتخاف من زجرهما‬
‫فكانا يشفيان بأمر اهلل وبروحيهما القدسية األجساد المريضـة والنفوس الملوثة بلوثات الجن‬
‫والشياطين ‪ .‬ومازالت معجزاتهما قائمة إلى اآلن ‪،‬‬

‫‪185‬‬
‫****************************************************‬

‫ـــــــــــــــــــــ‬
‫الفصل الثامن عشر‬
‫الجـن والجـنس‬
‫لم يكن الموت مقر اًر كخاتمة لإلنسان األول في عالم النشأة األولى ‪ ،‬وكل ما كان‬
‫مقر اًر عليه في ذلك العالم هو أن يتكاثر باإلنقسام المرآتي الالجنسي الذي يشبه مايعرف‬
‫اليوم في عالمنا باالستنساخ‪ ،‬تلك هي سنة النشأة األولى للحياة اإلنسانية التي كانت سنها‬
‫اهلل وتحدث بأمره " كن فيكون " فكانت الخاليا تنقسم مباشرة ‪ ...‬وهكذا خلقت حواء من‬
‫جسد آدم الكامل البناء باالنشطار دفعة واحدة ‪ ،..‬وقد كان لهذه الطريقة ميـزات كثيرة‬
‫أهمها أنه ال يوجد مـوت فيها ‪ ،‬وبالتالي كان آدم وحواء وساللتهما لو قدر لها الظهور‬
‫بهذه الطريقة خالدين بشكل مطلق ‪ ،‬وكانوا سيحيون حياةً متجددة وشباباً دائماً ال يزول ‪،‬‬
‫وثانيها أن عدد اإلناث يساوي دوماً عدد الذكور وهم في حالة زواج دائم من بعضهـم‬
‫البعض وبشكل طبيعي ‪ ..‬وبتحديد أكثر كل ذكر زوجته هي انثاه القرين له ‪ ،..‬وبالتالي‬
‫كانت السعادة دائمة وال حاجة لتعدد الزوجات أو التخاذ عشيقات وسراري ‪ ،‬وثالثها أن‬
‫عملية االنشطار لم تك مصحوبة بأي ألم أو أذى‪ ،‬حتى أن آدم لم يشعر بأي شيء عندما‬
‫انفصلت حواء منه فقد كان نائماً ‪ ،‬والحقيقة أنها مصحوب بلذة ومتعة مطلقتان دائمتـان ال‬
‫تزوال بعد االنشطار ‪ ،‬وجسد آدم وحواء كانا متناظرين متكاملين رائعين في االقامـة والبناء‬
‫وال يصيبهما مرض ‪ ،‬واإللفة بينهما كانت حباً صافياً تناظرياً العشقاً جسدياً ‪ ...‬فهما جسد‬
‫واحد والذات محققة ‪ .‬ومن الناحية الروحيـة فقد كانت روح حواء مناظـرةً تماماً لروح آدم‬

‫‪186‬‬
‫صمم اإلله هذه الطريقة في الخلق ليكون آدم وحواء‬
‫بشقيها الجسدي والقدسي ‪ ،‬وقد ّ‬
‫خالدين ال يصيبهما موت‪ ،‬فهذا النوع من التكاثر ال يخضع لعوامل الزمـان والمكان وال‬
‫لقوانين النشوء والتطور واالرتقاء المصحوبة بالمعاناة واأللم ‪ .‬وحدث هذا النوع من الخلق‬
‫لمرة واحدة فقط في عمر اإلنسان ‪ ،‬ويعتقد البعض أن الدورة الشهرية التي تحدث للمرأة‬
‫ماهي إال أثر باقي من تلك الظاهرة في التكاثر ‪.‬‬
‫في عالمنا اليوم مازالت كل الكائنات الحية االبتدائية من وحيدات الخاليا تستخدم هذه‬
‫الطريقة في تكاثرها ‪ .‬فعندما تشعر الخلية الحية الوحيدة ( من هذه األنواع ) بنضوجها‬
‫وتقدمها في السن وبداية هرمها تلجأ لعملية اإلنقسام لخليتين متناظرتين شابتين كـي ال‬
‫تجدد تلك الخاليا حياتها وشبابها بأن تولّد من ذاتها خاليا نظيرة مماثلـة لها‬
‫تموت ‪ ،‬وهكذا ّ‬
‫تماماً ودونما أي لقاء جسدي جنسي بين ذكر وأنثى ‪.‬‬
‫أما التكاثر الجنسي والوالدة باإلنفصال فقد كان برنامجاً مؤجالً إلى حين بأمـر اهلل ‪ ،‬وهذا‬
‫النوع من التكاثر يحقق خلوداً للنوع من خالل التناسل وامتداده الشاقولي واليحقق لألفراد‬
‫خلوداً أفقياً ألنه ينهي حياة الفرد بالموت‪ ،‬وهذا النوع من التكاثـر ليس سهالً أو يسي اًر‬
‫ويحتاج لعوالم ذات أبعاد محددة ‪ ،‬وابليس لسوء قصده أيقظ هذا البرنامج بأكذوبة الخلود‬
‫مع أنهما كانا خالدين بدونه ‪ ،‬لسبب بسيط وهو أن برنامج وجوده هو ذاته يعتمد طريقة‬
‫التكاثر بالوالدة وليس باالنشطار ‪ .‬وهو كائـن يعيش في عالم ذي أبعاد محـددة (بعدين‬
‫ونصف) ‪ ،‬فدل آدم وحواء على شجرة الخلد في جسديهما وكشف لهما عوراتهما وأوقعهما‬
‫في فتنة الخلد ‪ .‬فكان أمر اهلل لهما بالهبوط لعالم الدنيا ويدخلوا عوالم األبعـاد‬
‫والخضوع لقوانينها في النشوء بالوالدة والتطور واالرتقاء ‪ ،‬وفي النهاية يكون الموت هو‬
‫الخاتمة الحتمية لهذا النوع من الخلود ‪ ...‬لقد كان وعد إبليس لإلنسان بالخلود كذبة وكان‬
‫الخلود وهماً وسرابأ لإلنسان وذريته في هذه الدنيا‪.‬‬
‫وكان ماكان من أمر الهبوط‪ .‬هنا تفرق الزوجان وتباعدا‪ ،‬وغدا اللقاء بينهما حلماً وأمنية ال‬
‫تتحقق إال من خالل معاناة وجهد وشقاء‪ ،‬بحيث صار االنسان يكد ويسعى طيلة حياته‬
‫جاهداً ًً لينجز إندماجـه ثانية بأنثـاه‪ .‬فكان عليه أن يتزوجها بكلمات اهلل ليعيد ارتباطـه بها‬
‫ويستحل جسدها ليحققا خلوداً وسوسه الشيطان لهما ‪ ،‬وأن يتكاث ار بالوالة المصحوبة باأللم‬

‫‪187‬‬
‫والشقاء والمعاناة ‪ ،‬وتقلصت ساحة اللقاء واللذة عندهما زمانياً ومكانياً ‪ ،‬فلم تعـد بهجة‬
‫اللقيا ونشوتها سوى فسحة مكانية وتنجز خالل لمحة زمانية ال يكاد المرؤ يعيهـا أو يتبلغ‬
‫رحيقها وعبيرها ‪ ،‬واتخذت شكل شحنة طاقة تتفرغ بالجهد والعناء خالل مـدة غاية في‬
‫صر ‪ ..‬ليست أكثر من لحظات ال تشبع لإلنسان نهماً وال تريح له عقالً وال جسد ‪ ،‬وال‬ ‫ِ‬
‫الق َ‬
‫تحقق له سعادة وال خلوداً لألبـد ‪ ،‬وصار هدف الزواج امتالك جسد ‪ ....‬للتكامل وتحقيق‬
‫الذات مع القرين ‪ ..‬على حساب القرين ‪ ،‬وبات الحب السماوي الطاهر في خطر‪ ،‬وغدا‬
‫عشقاً للجسد ‪ ..‬غايته قضاء وطر ‪ ..‬ورغبة في إراحة بدن ‪ ..‬وصحبة المالئكة اليوم ندر‬
‫‪ ..‬وكيد الشيطان فيها انتصر ‪ ،‬بعد أن كان في السماء رحمة يباركها خالق ويرعاها ملك‬
‫‪.‬‬

‫العقاب اإلهلي األول ( تغري اخللق )‪:‬‬


‫استجاب آدم وحواء إلغراءات إبليس فأضلهما وكشف لهما سر شجرة الخلد و سر‬
‫عوراتهما فأوقعهما في الخطيئة ‪ ..‬وفور وقوعها ُرَّد الخلق( الذي كان في أحسن تقويم) من‬
‫مباشر بالكلمة إلى خلق ( في أسفل سافلين ) والدي تطوري خاضع لألبعاد وعوامل الزمان‬
‫والمكان وقوانين التطور والنشوءاالرتقاء ‪ ،‬أي كانت العقوبة اإللهيـة لهمـا أن حرمهما اهلل‬
‫من النعيم المقيم والسعادة الروحية الدائمة وغيـَّر طريقة الخلق لديهما ‪ ،‬إذ وجب عليهما‬
‫في حال التكاثر أن يعيدا قصة النشأة بكاملها من بدايتها إلى نهايتها ‪ ،‬وأن يتحمال آالمها‬
‫‪ ،‬وهكذا كتب على كل مولود بهذه الطريقة أن يعيد قصة النشأة كاملة في كون مادي ‪...‬‬
‫وتقلصت مساحات اللذة الروحية الدائمة إلى عينات صغيرة قد ال يشعر بها سوى بعض‬
‫المؤمنين والعباد والزهاد أحياناً ‪ ..‬وهيهات أن يدركها اآلخرون ‪ ،‬ألنها تحتاج لكثير من‬
‫التهيئة والجهد والصبر ‪ .‬ولكن تطورت عند اإلنسان لذة من نوع آخر وهي اللذة الجنسية‬
‫ذات المتعة جسدية ‪ ...‬والتي سرعان ما أصبحت ميداناً وملعباً للجان والشياطين ‪ ،‬وغدت‬
‫تلك الكينونات قرناء سوء مالزمين لإلنسان وأعداءه في الدنيا بعد أن كانت المالئكة ترعاه‬
‫في عالم النشأة األولى ‪ .‬وما فتئ الشيطان وذريته يغرون بني آدم بمتع الجسد ويعظمونها‬
‫له كي يبتعد عن الحق ‪ ..‬حتى آل أمر البشريـة إلى ما هو عليه اليوم من ضياع الحقوق‬

‫‪188‬‬
‫وانتشار الظلم والشر والعنف واإلجرام ‪ ،‬وغدا االنحراف شريعة قلبت الحالل حراماً والحرام‬
‫حالالً ‪ ...‬فخسر اإلنسان الكثير باستجابته للشيطان‬

‫العقاب اإلهلي الثاني ( تسلط الشيطان ) ‪:‬‬


‫كان نتيجة العقاب األول أن كلّفت الروح البشرية في الدنيا بأن تنسج خاليا جسد إنسانها‬
‫البشري من العدم وفي مجاالت العقل الباطن الخاص والشامل ‪ ،‬وهذاالعقل هو ساحـة‬
‫يشترك فيها كل موجودات الوجود كلها بما فيهم الكينونات الخفية الإلنسانية ‪ ،‬خاصة أن‬
‫اهلل ألزم كل إنسان بشيطان قرين ‪ ،‬لهذا كان عمل الروح الجسدية في نسج خاليا الجسد‬
‫البشري مكشوفاً للجان وفي متناولهم ‪ ،‬وكان عليها أن تتغلب في كل مرة على أالعيب‬
‫وعبث الجان والشياطين في األخـالط الحيويـة لإلنسان بهدف إفساد وافشال عملها في‬
‫إنشاء االنسان واقامته‪ ،‬لذلك كان إسقاط األجنة من عمل الجن والشياطين ‪ .‬وطبعاً اليتم‬
‫أمر إال بإرادة اهلل‪ .‬والهدف من إسقاط الجنين هو قتل االنسان أو إدخال اإلحباط واليأس‬
‫في نفسه ليصل إلى حد الكفر ‪.‬‬

‫العقاب اإلهلي الثالث ( املوت ) ‪:‬‬


‫كان لظاهرة تحول الخلق من خلق مباشر آني باالنقسام إلى خلق تطـوري توالـدي‬
‫باالنفصال أثر سلبي أيضاً ‪ ،‬فالخلق األول كان آنياً لحظياً الزمن فيه ولذته روحية دائمة‬
‫غامرة وسعادتها التنتهي ويتم بسهولة وبالكلمة ‪ ،‬والقرين االنساني ُيخلق من ذات النفس‬
‫أما الخلق التوالدي فهو خلق تطوري يحتاج كوناً مادياً ذي أبعاد‪ ،‬واللذة فيه ذات شكلين‬
‫أُوالها لذة روحية يسعى إليها العابدون ‪ ،‬واألخرى جسدية حيوية (بيولوجية) يسعى إليها كل‬
‫مخلوق حي ‪ ،‬هدفها إشباع حاجة وتلبية رغبة باالتحاد والتكامل مع القرين ‪ ،‬وآليتها تفريغ‬
‫شحنات طاقية غريزية بيولوجية وتعادلها مع تلك التي للقرين ‪ ،‬فأتت إحداثياتهـا (وقعها)‬
‫متقلصة الزمان والمكان ‪ ..‬أي مساحتها الزمنية التتعدى سوى لحظات قصيرة من الزمن‬
‫‪ ..‬كما أن الوصول لها أمر ليس سهالً‪ ،‬بل يحتاج جهداً كبي اُر وأعما اًر طويلة وبالتالي تلك‬
‫اللذة ليست سهلة ‪ ،‬كما أنها ليست مجانية ألنه يجب على العضوية أن تدفع ثمناً باهظاً‬
‫جداً لها ‪ ،‬وذلك الثمن هو الموت في آخر األمر وزوالها من الدنيا كلياً ودون أن تترك لها‬

‫‪189‬‬
‫ث حيةً من جديد بأمر اهلل ‪ ...‬أي‬
‫بع َ‬
‫أي أثر معتبر‪ ،‬وما عليها سوى االنتظار الطويل لتُ َ‬
‫عليها انتظار يوم القيامة حيث ينعكس محور الزمن وتجري األحداث عكسياً‬
‫استجاب آدم وحواء لدعوى إبليس واغراآته ‪ ..‬وابليس من الجان‪ ..‬ومتعة الجان هي‬
‫ممارسة الجنس والنوم ‪ ،‬وحين استجاب آدم وحواء إليحاآت إبليس وكانت الخطيئـة ‪ ..‬أتى‬
‫أمر اهلل لهم جميعاً بالخروج من الجنة ‪ ،‬وأن ُيلزم كل إنسان بقرين من الجن فصار‬
‫اإلنسان يحيا حياة مثيل من أغراه‪ ..‬فكان عليه أن ينام قس اًر مثل الجان كل يوم ( الموتة‬
‫الصغرى) وأن ينام آخر عمره نوماً طويالً اليستيقظ منه أبداً ‪ ..‬ذلك هو الموت ‪ ..‬وقد‬
‫تكون حكمة الموت وفلسفته لدى البشر هو أن وأطاعوه وكان من الجن ‪ ،‬فأتى العقـاب‬
‫اإللهي لإلنسان ( ِمثلي أي مشابه لما كان عند الجان) وهو أن ينام اإلنسان مثل الجن ‪..‬‬
‫فكان الموت لإلنسان هو عقاب‪ ،‬بينما عقاب الجن صار عكس طبيعتهم ‪ ..‬إذ حرموا من‬
‫من نعمة النوم لمدد طويلة من الزمن ‪ ،‬والعصاة منهم وهم الشياطين فكان عقابهم لعنـةٌ‬
‫وِا ٍ‬
‫نظار ‪ ..‬أي حبسوا عن النوم إلى يوم الدين ‪ ،‬وهكذا حدث تبادل في األدوار فاإلنسان‬
‫الذي كان خالداً صار تطورياً ينام ( أي يموت ) ‪ ،‬والشيطان وذريته صاروا منظرين ال‬
‫طرد من الجنة وموت‬
‫يموتون ‪ .‬وهكذا نكتشف كم هو مرتفع ثمن اللذة الجنسية ؟ فهو ٌ‬
‫وفناء ‪ ...‬وهكذا نال ك ٌل عكس ما أ ِ‬
‫ُع َد له وما كان يشتهي ‪.‬‬

‫التقاء مقعدي النار‬


‫ربما كانت الرعشة الجنسية هي عينة صغيرة أو صورة مصغرة أو ترجمة ماديـة للذة‬
‫العالم الروحي األول الذي نشأ فيه آدم وحواء قديماً عندما كانا واحداً ‪ ،‬لهذا كانـت لحظة‬
‫حدوثها في العالم المادي عندما يتحد الجسدان وروحيهما الجسدية ويلتقي عقالهما‬
‫الباطنان الخاصين وهما في أنشط حاالتهما ‪ ،‬مما يجعلهما يندمجا بالعقل الشامـل حيث‬
‫يسرح الجن ويمرح ‪ ،‬ألن تلك المجاالت هي ميادين عملهم في إدخال السم للعسـل ‪.‬‬
‫من المعلوم أن السرة لدى كل من الذكر واألنثى هي مقعد عنصر النار‪ ،‬أي هي مقعد‬
‫الشهوة الجنسية لديهما ومقعد الجان والشياطين مذ أن كان االنسان جنيناً في رحم أمـه‬
‫ويستغل الجان لحظات إلتقاء المقعدين خالل اللقاء السعيد بينهما ويعمد إلى البث واثارة‬
‫عي ويجعله‬
‫طاقات الجسدين باألزيز إلى أعلى درجة لها خاصة إذا كان اللقاء غير شر ٍ‬

‫‪191‬‬
‫صاخباً لعله يثمر سفاحاً ‪ .‬وخالل هذا اللقاء الصاخب باإلثارة ‪ ...‬يوسوس الشيطان بأنه‬
‫هو صانع اللذة ومانحهم لهم‪ ..‬فيغشاهما شعور عارم بطغيان سلطانه واتحاده بهم وانهم‬
‫بالغوا أعلى درجات اللذة والنشوة وتذوق لذة الشعور بالفناء وامتالك الكون والذوبان فيه ‪...‬‬
‫وهو شعور من صنع الشيطان ‪ ،‬ألن الشيطان ليس نفساً وال جسـد له مثل البشر ‪.‬‬
‫ربما كان في األمر بعض الصحة فإبليس هو الذي كشف آلدم وحواء سر اللذة واقترانها‬
‫بشجرة الخلد وهي شجرة التناسل والتكاثر بالطريقة الجنسية وهو الذي كشف لهما ِس َـر‬
‫العـورة لديهما ودلهما على فعل المنكر وأوقعهما في الخطيئة‪ ،‬وأوهـََم االنسان أن تلك اللذة‬
‫هي األغلى في حياته وعليه أن يقدسها وأن يجعلها هدف حياته ‪ ،‬وأن يسعى إليهـا بكل‬
‫أحاسيسه ‪ ،‬وأن يكرس كل عواطفه في خدمتها ويسخر كل إمكانياته للسعي وراءها‬
‫والحصول عليها مهما بلغت التضحيات من أجلها حتى ولو دفع حياته ثمناً لها ‪ ،‬لذلك‬
‫كان ‪:‬‬
‫" الحب روحي من الرحمن والعشق جسدي من الشيطان "‬
‫يؤدي الشعور بتعاظم األحاسيس والطاقات لدى الذكر واألنثى تعاظم الشعور بالذات‬
‫وباألنا األعلى‪ ،‬فيشعر كل منهما بأنه غدا السيد المطلق المالك للكون والسابح في فضائه‬
‫التكبر األعظم وتحطم نفسية اإلنسان وابتعاده‬ ‫ِ‬
‫وأنهما صا ار آلهةً خالدة ‪ ..‬تلك هي لحظة ّ‬
‫عن الطبيعة القدسية له وانسالخه عن إنسانيته ‪ ،‬عندها يزرع الشيطان لوثة الشر وحقنة‬
‫عي ‪ ، ..‬وكم هي‬
‫األذى والمرض في كل من الجسدين المتالقيين إذا كان اللقاء غير شر ٍ‬
‫كثيرة وغريبة األمراض السائدة في مثل تلك الحاالت وغالباً ما تكون خطرة النجاة منها وال‬
‫برء ‪.‬‬
‫ا‬

‫ولكن ما هو دور الروح القدسية ؟‬


‫طالما أن الروح القدسية موجودة في اإلنسان فقط وهي روح سامية مهمتها حمل األمانة‬
‫التي لم يتج أر أي مخلوقات على حملها وهي أمانة العقل واإلدراك والوعي واإليمـان ‪،‬‬
‫وحملها االنسان‪ ،‬وهي روح مثالية شعارها الحق والعدل ومهمتها إدخال المعاني ال ارقية‬
‫السامية والطبيعة اإلنسانية في الفكر البشري لتحسين سلوكه وتحقيق سعادته وخالفة اهلل‬
‫في األرض واعمارها بالعدل والحق‪ ،‬وهي متصلة بالعالم المثالي عبر الجزء األثيـري من‬

‫‪191‬‬
‫ِّ‬
‫المفكر‬ ‫ونور ‪ ،‬أي بكلمة أخرى هي جوهـر العقـل‬
‫ك ٌ‬ ‫وعي واد ار ٌ‬
‫العقل الشامل ومظهرها ٌ‬
‫المدبِ ِر المو ِجه والم َنبِه و ِ‬
‫الشاهد على عمل اإلنسان ‪ ،‬ودورها في اللقـاء الجسدي هو أن‬ ‫ُ‬ ‫َُ‬ ‫ُ‬
‫وتميز كونه حـالالً أم ح ارمـاً ونسبتهما منهما ‪.‬‬
‫ومقيمةً لهذا اللقاء ‪ّ ،‬‬
‫تكون شاهدةً وقيِّمةً ّ‬
‫فتبارك اللقاء المشروع وتسعد الزوجين ‪ ،‬بينما تلعن الثاني وتمحق صاحبيه فال يهنأ لهما‬
‫عيش بعده ويطردا من رحمة الخالق العظيم ‪ ،‬وتصبح قلوبهم هواء ونفوسهـم ساحةً للخوف‬
‫والقلق والصراع بما يوسوس الشيطان في عقلهمـا الباطن الذبذبـي من صور الرعب من‬
‫عواقب األمور ‪.‬‬
‫في اللقاء المشروع يتذوق الزوجان سعادة جسدية هي في األصل سعادة روحية قوامها‬
‫سكينة مطلقة ولذة دائمة المحدودة في عالم مطلق‪ ..‬هي تذوق لذة الالمكان والالزمان‪..‬‬
‫وليس تذوق الفناء والذوبان في الكون ‪ ،‬فهذا اللقاء هو رحلة حج روحية ورحلة جس ٍـد إلى‬
‫العالم الذي سوى اهلل فيه اإلنسان ونفخ فيه من روحه ‪ ..‬فكان بش اًر سوياً ‪ ..‬هو حج‬
‫لمواضع الطهر والنشأة األولى ‪ ..‬هدفه تجديد اإليمان باهلل وتقويته وزيادة القرب منه ‪..‬‬
‫ففي الزواج تقرب من اهلل ومسح للخطيئة األولى وتطهير ألبوينا آدم وحواء من الخطيئة‬
‫لذلك كان واجب على االنسان تحقيق الزواج وتعدده ليشمل كل الذكور واألناث من بني‬
‫البشر فال يبقى أحد منهم فرداً منفرداً ‪ ،‬وبهذا تتحقق معادلة الحب األزلي الخالد األول‬
‫الذي كان آلدم وحواء في السماء ‪.‬‬
‫اللقاء الحالل هو تجاوب شاعري متناغم طروب بين روحين كانتا أصالً روحاً واحدة ‪..‬‬
‫وسعادته عظمى تشرق لحظة التكامل وتالقي الروحين بتناظرهما ‪ ،‬ومدتها لمحة في عمر‬
‫الزمان يطوى فيها الزمان والمكان ‪.‬‬
‫هو ‪ ..‬حوار إيمان وخلود‪ ..‬لغته إحساس بالوجود‪ ..‬فيه أسفار مسطّرة‪ ..‬رسائلها مشفّرة ‪..‬‬
‫مصممة ‪ ..‬هو ‪ ..‬أقصر سبيل لتلمس العالم المطلق فينا‪ ..‬وأسرع الطرق‬
‫ّ‬ ‫ونظم حياة‬
‫لتقوية إيمان روحنا وتجديد حياة أجسادنا وشحذ عزيمة أنفسنا‪ ..‬فتتألق بالنقاء واالنسانية‬
‫وقد تتولد من هذا اللقاء بأمر اهلل حياة ‪ ..‬تباركها مالئكة ‪ ..‬فينبثق في الكون خلفاء اهلل‪..‬‬
‫اء ‪....‬‬
‫خلو وبر ٌ‬
‫طيبين وطيبات ‪ ..‬مباركين ومباركات ‪ ..‬ويغدو العقل الباطن شفاف ‪ٌ ..‬‬
‫المحرم من أدران ‪.‬‬
‫من عمل الشيطان ‪ ..‬وبعيداً عما يحدث في اللقاء ّ‬

‫‪192‬‬
‫إذا تأملنا ظاهرة لقاء رجل وامرأة‪ ..‬وتساءلنا‪ ..‬ما معنى هذا ؟ نقول أنه إذا كان اللقاء‬
‫بهذا القدر من السحر والجمال ‪ ،‬ويحدث خالله تالقي أحاسيس مادية وآخرى روحيـة‬
‫وهذه العوالم كائنة في ذاتنا وفي أعماقنا ! إذن ‪ ...‬كم كانت عظيمة السعادة الروحيـة‬
‫الحقيقية التي عاشها أبوينا آدم وحواء معاً قديماً في الالزمان والالمكان ‪ ..‬العالم المطلق‬
‫لعلها هي السعادة الروحية هي التي وعد اهلل بها الصالحين من الناس !! والتي نشعـر‬
‫ٍ‬
‫جنس ونشوة في دنيانا ‪ .‬فأي لذة تلك التي كانت للتكاثر الخالد الذي‬ ‫بأثرها الفيزيائي لذةً‬
‫حدث باالنشطار وانفصال حواء عن آدم من تلك التي أغرى بها إبليس آدم وحواء ذات‬
‫يوم ‪ ..‬فصار بعدها التكاثر جنسياً والدياً مماثالً لتكاثر الجن والشياطين ‪ ،‬كما نتسـاءل‬
‫أيضاً ‪ ..‬كم هي شدة اللذة التي تحسها وحيدات الخاليا في دنيانا وهي تتكاثر باالنقسـام‬
‫المباشر دون اللجوء آللية الجنس ‪ ...‬؟ الحقيقة أن دقائق كل خلية تتذوق هذه اللذة كاملة‬
‫دون الحاجة للجنس وعواهنه ‪ .‬وكذلك األمر في نموذج التكاثر االنساني الخالد بالتسوية‬
‫ونفخ الروح لذة كاملة لكل دقائق الجسد ‪ ..‬لكن في التكاثر الوالدي شقاء وموت وزوال ‪..‬‬
‫وهنا نتساءل بأسف عن هول الثمن الذي دفعه اإلنسان ثمناً للخطيئة ولذتها المحدودة كما‬
‫نتساءل عن خسارته الجسيمة التي وقعت نتيجة خديعة الشيطان له وتحول خلقه من‬
‫تسوية بالكلمة إلى خلق تكاثري والدي مثل الجان ؟‬
‫في اللقاء يتقارب الكونداليني الذكري واألنثوي من بعضهما ‪ ،‬ولحظة تالقي السرتين‬
‫تنطبق ضفيرتاهما الشمسيتان ( مرك از النار والطاقة الجنسية ) ومقعدا الجن والشياطين‬
‫عند االنسان ‪ ،‬وهذه الكينونات متحررة وغير مقيدة في هذه الضفيرة ‪ ،‬ومنها ينتشرون‬
‫لكامل أعضاء الجسد أثناء اللقاء ويتصلون بالروح الجسدية عبر العقل الباطن الخـاص‬
‫للمتالقيين ويتدخلوا بعملها الحقاً أثناء نسجها جسد الجنين ويحاولوا إعاقتهـا وتشويـه الجنين‬
‫ّ‬
‫أو ربما إسقاطه هذا إذا كان اللقاء شرعياً ويحاولون زرع لوثـة الشر في دنـاه وقبل أن‬
‫تتشكل الخلية األولى في جسده ‪ .‬أما إذا كان اللقاء غير شرعي فيشتد عبثهـم بالنظم‬
‫الفسيفسائية لجزيئآت ألدنا السليمة ويحورون تركيبها‪ ،‬وغالباً ما ينجحوا في زرع لوثة الشر‬
‫فيها ‪ ،‬باإلضافة لذلك يعبثون ببعض المورثات في شريط الدنا ويسببون خلالً توازنياً فيها ‪،‬‬
‫ولربما ألقى هذا التفسير الضوء على ما يصيب بعض األفراد من أمراض مستعصية ال‬

‫‪193‬‬
‫شفاء لها يسميها األطباء أمراضاً وراثية ال تُعرف أسبابها‪..‬وغالباً ما يفتتح فيروس خبيث‬
‫هذه األمراض ‪ .‬وهذا ال يعني بالضرورة أن سبب كل األمراض هو لقاء غير شرعي ‪،‬‬
‫أما في حالة اللقاء الشرعي فالروح القدسية هي التي ترعى المخلوق الجديد ‪ِ ،‬‬
‫وذ ِ‬
‫كر اهلل‬
‫لحظة اللقاء تحفظه ‪ ،‬لذا على اإلنسان تزكية نفسه ‪ ،‬وطبعا الجن يعبث بالجسد ودناه‬
‫ولكن السلطان له على الروح القدسية لدى االنسان وال على عقله ‪.‬‬
‫تشرف الروح الجسدية على نمو جسد الجنين البشري لغاية الشهر الرابع من عمره ‪،‬‬
‫حينها تدخل الروح القدسية لجسد الجنين الذي غدا كامالً‪ ،‬وبدخولها ينبثق التوقيع اإللهي‬
‫على أطراف أصابع الجنين وكأنها لوحة تذكارية تعلن بداية رحلة إنسان كامل في هـذا‬
‫الوجود الكوني تلك هي بصمات أصابعه ‪ ،‬في تلك اللحظة يتوقف الجن عن عبثهم بالدنا‬
‫للجنين ويهرب كثير منهم لخارج جسد الجنين‪ ،‬فيغدو جسد األم متضمناً روحين كاملتين‬
‫طاهرتين ‪ ..‬روحها وروح الجنين ‪ ،‬لذلك كانت الجنة تحت أقدام األمهات ‪.‬‬
‫يتجمع الفارون المنبوذون عند سرة الجنين ليتابعوا من هناك كل ما يدخل ويخرج من‬
‫والى جسده عبر المدخل والمخرج الوحيد ( الحبل السري ) ‪ ..‬من طاقات مادية وأثيرية‬
‫وغذاء وهواء وسوائل ‪ ،‬ويرصدون كل ٍ‬
‫شئ حتى دخول أول كرية حمراء وجزيئة غذاء‬
‫وجزيئة أوكسجين يتنفسها الكائن الحي منذ لحظة نشوء أول خلية فيه وحتى لحظة مماته‬
‫فإذا كان اللقاء الشرعياً حدث لهم أكبر ٍ‬
‫حشد عندها‪ ..‬مما يساعدهم على اختراق الهالـة‬
‫األثيريـة النورانية التي تغلف بها الروح القدسية الجسد البشري‪ ،‬والتي تتركز في أكثر‬
‫المواضع قدسيـة عند اإلنسان وهو الرأس ويثبِّطون عمل تلك الهالة‪ ،‬وينجحون خـالل اللقاء‬
‫وحمأته وبحجة زيادة مساحة اللذة واطالتها أن يقتلوا الحيوانات المنوية الذكيـة أو يشجعوا‬
‫حيواناً غبياً منها للوصول للبويضة والفوز بها كي يكون النسل متخلفاً متراجعاً أو منغولياً‬
‫‪ ،‬أو يشوهون البويضة الملقحة أو يتلفونها أو يحاولون إضعاف قدرة الحيوان المنوي على‬
‫اختراق البويضة وتلقيحها‪ ،..‬ويكون انتصارهم ساحقاً وسعادتهم عظمى في حالة اللقاء‬
‫عي ورؤيتهم اإلنسان وهو يسقط في هاوية الخطيئة وحلول اللعنة به وبذريته ‪ ،‬تلك‬
‫غير شر ٍ‬
‫هي ساعة الفرح األكبر عندهم لشعورهم كيف بانتصار كيدهم الضعيـف الالمرئي في‬
‫اختراق جميع الدفاعات القوية لغريمهم اإلنسان وحواجزه العقلية والنفسية والفكرية ‪ ،‬ذلك‬

‫‪194‬‬
‫الغريم القوي المجهز بأقوى آلية عاقلـة مفكرة في الكون فهم استطاعوا التسلل إلى جسده‬
‫وروحه وجعلوه متمرداً على اهلل ‪ ،‬وهذا غاية ما يسعون إليه في هـذا الوجود ‪ ،‬وفي النتيجة‬
‫صرح به شرعياً لذلك ال تقربه الروح‬
‫استجروا روحاً جسدية لبناء جسد بشرٍي غير ُم َّ‬
‫القدسية وتبقى بعيدة عنه وال تباركـه وال تزكيـه وتتركه تحـت تصرف الروح الجسدية والعقل‬
‫الباطن الخاص ‪ ،‬مما يكسبه روح الحيوانات وطبيعتهـا وصفات الحيوان البهيمية والغريزية‬
‫الخالية من العقالنية‪ ،‬وتقيم سلوكه على لوثات الشر التي زرعها الجن في الدنا له ‪،‬‬
‫وتبعث في نفسيته الشر واالإجرام وانعدام الضميـر ‪.‬‬
‫إذن ‪ ....‬مهرجان انتصارهم هو في تحقق هدفهم في إضالل اإلنسان وجعله يدمر‬
‫نفسه ذاتياً وجسدياً وروحياً ‪.‬‬
‫لربما كان للمولود الالشرعي جسد جميل وشكل جذاب ووجه برئ ‪ ،‬ولربما كان في‬
‫غاية الذكـاء والدهاء كي تكتمل دائـرة السوء والشر لديه ‪ ،‬ولربما كان من النابغيـن والعباقرة‬
‫والمخترعيـن وما أكثرهم في ديار الغرب‪ ،‬وهم ناجحون جداً في وأعمالهـم وتجاراتهم‬
‫وصناعاتهم وفي زراعاتهم واكتشافاتهم ‪ ،‬وهم ينجزونها بإتقان فائق وبإرادة حديدية ‪ .‬ولكن‬
‫على الرغم من تقدمهم العلمي إال أنه تقدم زائف خطر محفوف بالمهالك فالقوة التدميريـة‬
‫التي أعدوها وهيئوها إلفنـاء البشرية تفـوق كثي اًر تلك التي أعدوها إلسعادها ‪ .‬وبمقدار قذارة‬
‫نفوسهم وحقدهم على اإلنسانية كانت قوة أسلحتهم وشدة فتكها الهائلة ‪ .‬واألرض تعج‬
‫بأمثال هؤالء المفسدون الذين غلب على أمرهم عبث الشياطيـن والجان بجذورهم الوراثية‬
‫والروحية والنفسية ‪ ،‬وهدفهم الدائم هو األذى والوصول إلى ‪ ....‬وشعارهم في هذا " كل‬
‫شئ ممكن من أجل الوصول " وهم ينجزون مخططاتهـم في غياب المعاني السامية‬
‫والراقية لدى اإلنسان الكامـل وهي الضمير والحق والعـدل واإلنسانية ‪ ، ....‬وهم قادرون‬
‫على االلتفاف على القوانين واألعراف وتبرير أعمالهـم الالنزيهة والملتوية بالشطارة والذكاء‬
‫‪ ......‬وما الدعـارة والقتل والمخدرات والتمييز العنصري بكل أشكاله بين البشر وخطف‬
‫األطفال واالتجـار بأعضاء البشر ووجبـات األجنة الفاخرة في مطاعمهم إال نتيجة لصفة‬
‫الشر التي زرعتها الشياطين في مورثاتهم والتي يغذونها دوماً بالوسوسة والبث واإليحاء ‪.‬‬

‫‪195‬‬
‫عندما يموت اإلنسان يرى ِجنِ ِه وشياطينه وهم يسخرون منه ومن أعماله السيئة التي‬
‫قام بها في حياته بإيحاء منهم ‪ .‬عندها يدرك مدى سذاجته وغبائه وكيف ترك أمره لهذه‬
‫الكينونات الخفية الضيئلة القيمة والكرامة ‪ ،‬ويكتشف حينها مدى ضآلتهم وقلة كرامتهـم‬
‫وضعفهم وسخفهم وأنهم ليسوا أكثر من مسوخ هايفة منحطة ال جسد مادي لها وال حول‬
‫لها وال قوة ‪ ،‬ويشعر اإلنسـان عندئذ بخيبة الرجاء فيما صنع أثناء حياته بوسوسة منهم‬
‫ويدرك حينها كم كان مغفالً في اتباعه طريق الشيطان‪ .‬وأن حصاده ليس أكثر من هشيم‬
‫الغرور وكيف‬
‫ال يسمن وال يغني من جوع ‪ ،‬ويشعر بالندم في خضوعه لسلطانهـم ووعدهـم َ‬
‫سلم نفسـه وروحـه لهذه الكينونات المنبـوذة الناقصة الالمدركة والالواعيـة والالعقالنية ‪...‬‬
‫هنا يبدأ عذاب الروح على ما فاتها من خير وعذاب الجسد بعدئذ ‪، ..‬‬

‫الشر يف أنفسنا ليس حديثاً‬


‫لو عدنا لموضوع الذبذبات التي يبثها الجن في الالزمن عبر البعد السادس فينا فإننا‬
‫نجد أن تأثيراتها غاية في الضآلة والضحالة ‪ ،‬وبكلمة أخرى ليست فعالة آنياً ‪ ،‬وأنه كي‬
‫مجد وملموس البد من دعمها من قبل لوثات شر مزروعة قديمـاً في‬ ‫يحدث لها تأثير ٍ‬
‫أجسادنا ‪ ،‬مما يدل على أن أي أن سلوك لإلنسان هو نتيجة تأثير ذبذبات زرعها الجـن‬
‫قديماً ‪ ،‬لهذا يقال " ك ٌل يعمل حسب معدنه " أو يقال أن هذا الشخص معدنه جيد ‪ ،‬أو أنه‬
‫إبن أصل وهكذا ‪ ..‬لذلك نفسية اإلنسان الحالي ليست وليدة اليوم ‪ ،‬بل هي نتاج أفعـال‬
‫الجن من وسوسة وذبذبة واستفزاز وعبث بشرائط ألدنا للجنين في رحم أمه إبان انقسام‬
‫خاليا جسده الحية لحظات تخلّقها ‪ ،‬ولربما احتاج األمر فترات زمنية طويلة كي تتبلور‬
‫نفسية الكائن البشري ‪ ،‬ويستتب مفعولها سلوكاً في نفوسنا وتصرفات في أعمالنا ‪ ،‬لذلك‬
‫الشر الذي نحيا به اليوم ليس وليد الساعة ‪ ،‬بل هو من صنع الشيطان زرعه قديماً فـي‬
‫جيناتنا قبل أن ُنخلق ‪ ،‬ومن هنا ندرك معنى القول اإللهي ‪:‬‬
‫" ونفس وما سواها ‪ ,‬فألهمها فجورها وتقواها "‬
‫لذلك على اإلنسان تزكيتها ‪ ،‬وكبح مفعول لوثات الشيطان واستف اززه الذبذبي في أنفسنا‬
‫فالشر الذي يواجهنا اليوم ‪ ...‬جذوره مزروعة قديماً في دنا خاليا أجدادنا األقدميـن ‪.‬‬

‫‪196‬‬
‫ربما كانوا يعيشون حياة طيبة عندما زرع الشيطان لوثات الشر فيهم وانتقلت إلينا عن‬
‫طريق الوراثة‪ ،‬فأثرت في سلوكنا وتصرفاتنا وطبعت شخصياتنا‪ .‬أما الشر الذي يزرعه‬
‫الشيطان فينا اآلن سيظهر حتماً وخالل فترات قادمة في األجيال القادمة‪ ..‬وبما أن كمية‬
‫الشر في أجسادنا أصبحت وافرة جداً نتيجة التراكمات الالمحدودة خالل عمر البشريـة‬
‫الطويل في هذا العالم فنرجو من اهلل اللطف ‪ ...‬ألن القليل منه يكفي إلضاعة البشريـة‬
‫عدة مرات والى األبد ‪ ،‬وقد بدت سيماء ومالمح تلك الظاهرة بالبروز واضحة على يد‬
‫كثير من الغربيين الذين ال تعرف قلوبهم رحمة أو إنسانية‪ ،‬وخاصة أن الدنا في خاليـا‬
‫أجسادهم صارت مشبعة ولمدى واسع بالشر ‪ ،‬ولوثة الشر لديهم ناميـة ومهيـأة لتنفيذ‬
‫وصايا الشيطان في أية لحظة ‪ ،‬وما الفتن والحروب الكثيرة التي أشعلوها ويشعلونها كل‬
‫يوم إال دليل واثبات على صحة هذه الفكرة ‪ ،‬وأن الشر القادم سيكون أشد عنفـاً وظلماً‬
‫العدة علناً لمثل ذلك الشر‪،‬‬
‫وأوسع مساحة عما وقـع قديماً وخاصة أن علمـاء الغرب يعدون ُ‬
‫وقد جربـوا واستخدموا العديد من األسلحة الفتاكة التي ال رحمة معها وال دواء وال حائل‬
‫يمنع الناس من أذاها ‪.‬‬
‫العدة لتجنب تلك الكارثة الجائحـة الطائحـة التي يعد‬
‫لذلك على األجيال القادمة إعداد ُ‬
‫لها علماء الشر والفناء‪ ،‬ألنه إذا نجح شرهم فلن يبقي ولن يذر‪ ،‬ولكي تفلح البشرية في‬
‫إيقاف مثل هذا الشر فما عليها إال المحبة والعلم والثقافة واإلخاء بين الناس جميعـاً‬
‫وتحقيق العدل بينهم ‪.‬‬

‫االستنساخ واجلن‬
‫في السنوات القليلة الماضية نجح العلماء في استنساخ عضويات حية متنوعة والقوا‬
‫نجاحاً باه اًر ‪ ،‬وتم لهم ذلك بتقنية خاصة دعيت باالستنساخ ‪ ،‬وبهذه التقنية أمكن استيالد‬
‫كائن حي دون الحاجة إلى لقاء جنسي ومن شريط دنا مأخوذ من أية خلية حية في جسد‬
‫كائن حي ‪ ،‬وقد نجحت مثل تلك العملية في بعض الكائنات الحية ومتوقع نجاحها في كل‬
‫الكائنات الحية بما فيها اإلنسان ‪ ،‬وهنا تكمن الخطورة ‪ ...‬ألن كل مااستنسخ لغاية اآلن‬
‫هي كائنات دونية ال إنسانية وكذلك روحها دونية جسدية قوية ‪ ،‬لكن روح اإلنسان كاملة‬
‫لها شطرين أحدهما جسدي واآلخر قدسي ‪ ،‬واذا نجح استنساخ اإلنسان مستقبالً فسيكون‬

‫‪197‬‬
‫مخلوقاً تعيساً وروحه جسدية فقط مثل الحيوانات لعدم تمتعه بروح قدسية‪ ،‬أي أن روحه‬
‫ليست كاملة ولو كان جسده كامالً وجميالً‪ ،‬وفي هذه الحالة سيخضع المخلوق البشـري‬
‫المستنسخ لسيطرة عقله الباطن الخاص مثل الحيوانـات تماماً‪ ،‬وستكون حياته العاديـة‬
‫واليومية متحررة من قيود وسيطرة العقلين الواعي والذاتي ‪ ،‬لعدم امتالك بنيته ونفسيته لهما‬
‫‪ ،‬وهذان العقالن هما المسؤوالن عن تحديـد سلوك الفرد وتصرفاتـه وشخصيته وتوازناته مع‬
‫بيئته‪ .‬وبالتالي سيكون لعبة بيد الجن والشياطين ويأتمر بأمرها وخاضعاً لسيطرتها مادامت‬
‫لوثة الشر هي أساس بناء جوانحه وجوارحه وسيغدو العنف والقسوة والجنس الالمنضبط‬
‫من األمور الطبيعية لديه ‪ ،‬وأغلب الظن أن أسمهم آنذاك سيكون ‪:‬‬

‫يأجوجو ومأجوج‬
‫هم مخلوقات روحهم جسدية شيطانية قوية جداً ال خير فيهم ‪ ،‬وكل أعمالهم غريزيـة قائمة‬
‫على العنف والتوحش‪ ،‬وكل مطلبهم هو الجنس والتكاثر واثارة الفوضى والدمـار وتحطيم‬
‫الحضارة فهم أدوات تدمير وآالت لذة يبحث عنها عشاق المتع من الجنسيـن ولديهم من‬
‫الجمال والقوة الجسدية والجنسية مايفوق أي إنسان طبيعي ‪ ،‬ويمارسون تلبية حاجاتهـم‬
‫وشهواتهـم وتنفيذ كل مايطلب إليهم بدون أي تفكير أو تعقـل وبشكل دقيق وببراعة ربما‬
‫فاقت براعة البشر العاديين‪ .‬ومما يجعل هذا األمر قابـالً للتطبيـق هـو سهولة السيطرة‬
‫عليهم عن طريق العقل الباطن وتحريكه باإليحـاء والبـث والوسوسة واالستهواء ‪ ،‬وهنا تكمن‬
‫الخطورة ‪ ....‬فهم سينفذون شرورهم وشرور من يستخدمهـم وبمنتهى البساطة ‪ .‬ولربما‬
‫صاروا أدوات طيعة بيد عصابات المافيا وعصابات الجريمة المنظمة وتجار الدعارة‬
‫وسيدفع المجتمع حينئذ ثمناً غالياً جداً أقله فوضى وانعدام أمـن وأمان وفقدان كل ما هو‬
‫جميل في حياة البشرية ‪، ...‬‬
‫االستنساخ هو ظاهرة مراوحة مكانية وزمانية ‪ ،‬خاصة إذا نجح الباحثون في استنساخ‬
‫نسخ حية ألشخاص رحلوا قديماً عن عالمنا ‪ ..‬فراعنة ‪ ،‬ديناصورات‪ ....‬إلخ ‪ ،‬ففي هذه‬
‫الحالة سيكون االستنساخ عملية إعادة وتكرار لمخلوقات كانت موجودة أصالً ‪ ،‬أي هي‬
‫عملية إحياء تراجعية لمخلوقات استنفذت فرصة حياتها األولى قديماً وصارت من ج أًز‬
‫التاريخ ‪.‬‬

‫‪198‬‬
‫لربما كان لعملية االستنساخ التراجعية بعض الفائدة في الكشف عن التراث البشـري‬
‫القديم وكشف أسرار الحضارات القديمة وأحداثها التاريخية الدراماتيكية‪ ،‬أو لربما تم ّكن‬
‫العلماء من التوصل لتقنية تحسين الصحة البشرية بالحصول على أعضاء حية للمرضى‬
‫من البشر ومن جنس مادة جسدهم ‪ ،‬لكن الشيء المهم هو أن الخلق الجديد ال تتكرر فيه‬
‫الدنا ذاتها إطالقاً ‪ ،‬ألن التغير والتمايز الطبيعي موجود بين األفراد واألجيال بنسبة قـد‬
‫تصل ( ‪ ) % 0.1‬والتطابق بينهم هو (‪ ، )% 00.0‬واالستنساخ يخالف القاعدة األبديـة‬
‫في التناسل‪ ،‬كما أن الظروف المكانية والزمانية تغيرت‪ ،‬ولم تعد البيئة هي ذاتها القديمة‬
‫التي عاشتها العضوية األصلية ‪.‬‬
‫لربما كان في االستنساخ شئٌ ما يشبه تثبيت الزمن أو الرجوع عكسياً فيه مع وجـود‬
‫احتمال االستفادة منه ‪ ،‬إال أن نتائجه ليست محمودة دوماً وان سلمت‪ ،‬وأغلب الظن أنها‬
‫ستكون سلبية على البشرية ‪ ،‬ألنه ليس للمستنسخ الجديد ذاكرة االنسان القديم أو ذكرياته‬
‫وأنا أظن أنها بداية انهيار حضارة هذا العصر خاصة إذا استمر علماء حمقى بالعبـث‬
‫بنظم الحياة الدقيقة وبتهور وال مباالة مقصودين ‪ ،‬واذا لم يتم السيطرة على هذه العلـوم‬
‫وضبطها في بدايتها فسوف تخرج األمور من يد البشرية ولن ينفع عندئذ الندم ‪ ،‬خاصة أن‬
‫ما نشاهده في هذه األيام من أفالم تدعى أفالم الخيال العلمي ‪ ،‬ما هي في الحقيقة إال‬
‫مشوهة وشاذة يحلم الغربيون بإيجادها فعالً على مسرح الحيـاة والواقع‬
‫أفـالم أبطالهـا مسوخ ّ‬
‫‪ ،‬ومؤلفوا قصصها أكثرهم مدمنون ‪، ...‬‬
‫أثار هذا العلم جدالً واسعاً لم يثره علم آخر‪ ،‬ألنه علم يتعلق بوجود اإلنسان بذاتـه‪..‬‬
‫ٍ‬
‫ومنافس لإلنسان ومـن ذاته‬ ‫كائن مز ٍ‬
‫احم‬ ‫بلحمه وشحمه وعضويته ‪ ،‬واألمر يتضمن استيالد ٍ‬
‫المزحـم ليس هو ابنـه وال أبيه وال حتى شقيقه بل هو نسخة حيوانية‬
‫ومن جسده ‪ ،‬وهذا ا‬
‫ٍّ‬
‫مكررة عنه‪ ،‬وهنا نتوقع حدوث أمور اجتماعية غاية في الغرابة والشذوذ‪ ،‬أولها اختالط‬
‫اع مدرك مفكر قابل للتعلم وحيوان بهيم ال يـدرك سوى الغذاء‬
‫النسل وضياعه بين إنسان و ٍ‬
‫والتكاثر والمتعة‪ ،‬وستكون الظروف المحيطة في صالح هذا الحيوان لجماله وقوته الجسدية‬
‫والجنسية الفريدة‪ ،‬ورغبات االنسان الطبيعي ( الرجل أو المرأة ) ترحب بمثل هذه الصفات‬
‫والخصائص إلشباع الميول والرغبات والشهوات ‪ .....‬ممـا سيؤدي لظهور فوضى‬

‫‪199‬‬
‫اجتماعية و صحية عارمة ال حدود لها‪ ،‬ولربمـا أدت لنشوب حـروب مدمرة أو انتشار‬
‫أمراض فتاكة ال دواء ٍ‬
‫شاف لها ‪، ....‬‬
‫ٍ‬
‫سليمة‪ ،‬مثل‬ ‫لربما كان هناك بعض الفائدة من هذا العلم‪ ،‬إذا أمكن التعامل معه بطر ٍ‬
‫ق‬
‫استنساخ بعض ملوك الفراعنة األقدمين أو الديناصورات أو بعض الكائنات المنقرضـة التي‬
‫سادت األرض في أحقاب جيولوجية قديمة من عمر األرض ‪ ،‬ويكفي لذلك التقـاط بعض‬
‫رفات تلك األموات واستنساخ الدنا لها بتلقيحها وزرعها في بويضة أنثوية مناسبة ثم زرعها‬
‫في رحم أنثوي ‪ ...‬فإذا بها تعطي نسخةً مطابقةً تماماً لألصل ‪ ..‬وهكذا صح القول المنزل‬
‫( ألهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر) ‪ .‬وكم هو جميل ومدهش أن نستنسخ أجدادنا وآباءنا‬
‫وأمهاتنا الذين ماتوا ‪ ، ...‬وكم سيكون الفرعون منبتاح الرابض مومياؤه حالياً في قاعة‬
‫الملوك في المتحف المصري في القاهرة سعيداً لبعثه حياً بعد سبعة آالف سنة من موته‬
‫ليروي لنا قصته الحقيقية مع النبي موسى كما جرت قديماً ‪ ،‬هذا إذا بقي شئُ في ذاكرته‬
‫عما حدث آنذاك ‪، .....‬‬
‫أما عالقة الجن باالستنساخ فهي عالقة وثيقة جداً ‪ ،‬ففيه استيالد كائن حي يعيـش‬
‫بروح جسدية وعقل باطن قوي ‪ ،‬وهو على صلة قوية بالعقل الباطن الذبذبي ( مسـرح الجن‬
‫والعفاريت والشياطين )‪ ،‬وهذا المخلوق عنيف له طبيعة الحيوان الغريزية الشرسة المتوحشة‬
‫خلو مـن الشطر الروحي‬
‫درك فكرياً أو عقلياً ‪ .‬وروحه ٌ‬‫الالم ِ‬
‫المستندة إلى الوعي المحسوس و ُ‬
‫القدسي اإلنساني الحامل لصفة الوعي واإلدراك والعقل والفكر والتذوق الجمالي واإلحساس‬
‫به‪ ،‬ونفسيته التدرك المعاني الراقية في اإلنسان مثل الضمير والحق والعدل والرادعة‬
‫للعنف والتوحش‪ ،‬مما يجعله يتعايش مع الجن والشياطين وبتآلف كبير وخاضعاً بشكل‬
‫وي َن ِف ُذ كل‬
‫منوم مغناطيسياً من قبلهم ‪ُ ،‬‬
‫مباشر لسيطرتهم وايحاءهم ‪ .‬فهو كائن يحيا وكأنه ّ‬
‫ما ُيطلب إليه بدون أي تردد أو إدراك ‪ ،‬ومهما كانت الخطورة ‪ ،‬وهو مطروداً من رحمة‬
‫الخالق وال يباركـه اهلل وال المالئكة وكأنه ابن زنا ال خير فيه ‪، ..‬‬

‫‪211‬‬
‫****************************************************‬

‫ــــــــــــــــــــــ‬
‫الفصل التاسع عشر‬
‫عمـل الجـن‬
‫عملهم بالتحديد هو تعطيل دور الشطر الروحي القدسي عند االنسان وتخميد صفة‬
‫الخير لديه ‪ ،‬وتشجيع دور الشطر الجسدي من روحه لتسيطر طبيعته الجسدية الحيوانية‬
‫تحييد دور الروح القدسيـة‬
‫على طبيعته االنسانية العاقلة ‪ ،‬إذ يعمد الجن والشياطين إلى ّ‬
‫والغاء عملها النوراني في النفس البشرية بأن يلغوا عمل العقل ودوره في التمييز بين ما هو‬
‫خطأ وما هو صح ‪ ..‬وماهو خير وماهو شر ‪ ..‬أي يسببون خلالً في تفكير اإلنسان‪،‬‬
‫ويلغون دور العواطف والوجدان والضمير والمحبة في نفسه‪ ..‬فيفقد فؤاده القدرة علـى تذوق‬
‫المعاني الراقية والسمو بها وتمنعه من التمسك بها‪ ،‬أي عملهم هو إحباط وتثبيـط والغاء‬
‫دور كل ماهو إنساني جميل في حياته والعودة لطبائع إنسان الغاب الشرس ‪ ،‬مما يعني‬

‫‪211‬‬
‫إفساد حياته وجعلها فوضى وصخب وغضب ونكـد ‪ ،‬ويتم لهم ذلك إذا استطاعوا التدخل‬
‫في عمل الروح الجسدية والعبث بفعالياتها عبر ساحة العقل الباطن لإلنسـان ‪ ،‬وأدواتهم‬
‫وحثها على‬‫الخفية في ذلك هي آليات البث والوسوسة واإليحاء واالستفزاز وزرع اللوثـة َ‬
‫العمل‪ .‬مما يؤدي لفقدان المرِء توازنه النفسي وتجمد سلوكه االنساني‪ ، ....‬طبعاً لكل نوع‬
‫من الشر جان أو شيطان خاص به ‪..‬والنتيجة هي طغيان صفة الشر لدى االنسان على‬
‫وي ِح ُد من أثر هذه الظاهـرة ‪ ..‬ويمكن شرح‬
‫صفة الخير ‪ ..‬لكن هناك الكثير مما يخفف َ‬
‫أنواع عملهم وفق األدوار التاليـة ‪:‬‬
‫‪ ) 1‬دور اجلان املعلوماتي ‪:‬‬
‫وهو االستماع واستراق السمع من السماوات العال الختطاف معلومة قدرية مستقبلية‬
‫ويقصد باللـوح المحفوظ جملة البرامج والمخططات التي وضعها‬
‫من اللوح المحفوظ ‪ُ ،‬‬
‫صممها ) لمسيرة الكون في هذا الوجود‪ .‬ومعنى هذا أن اللوح‬
‫الخالق العظيم وقدرها ( ّ‬
‫يضم كل كبيرة وصغيرة في هذا الوجود واليغيب عن ذلك حتى مثقال ذرة أو أقل ‪ ...‬ومن‬
‫ضمنها البرامج المستقبلية الحياتية للكائنات الحية وأقـدارها بما فيها اإلنسـان ‪ ،‬بعد استراقهم‬
‫للمعلومات من اللوح المحفوظ ونجاتهم من قذف الشهب يدخلونها دمـاغ اإلنسان باإليحاء‬
‫والوسوسة والبث ‪ ..‬وبالتحديد عن طريق العقل الباطن‪ ،‬ممـا يعني أن االنسان يجب أن‬
‫يكون على اتصال ذبذبي معهم ومهيأ نفسياً لذلك ‪ .‬وطبعاً ال يحدث هذا األمر ببساطة‪،‬‬
‫بل يتطلب إعداداً وتدريباً شاقاً طويالً ليتحقق االتصال معهم‪ ،‬مما يقتضي مرور الشخص‬
‫المتعـاون معهم في غيبوبـة تشبه غيبوبة التنويم المغناطيسي ليتلقـى ماطلب من معلومات‬
‫‪ ....‬لذلك يكذب كل من يدعي اتصاله بهم وهو في حالة اليقظـة وحتى في حالة الغيبوبة‬
‫ال ينجح اللقاء عادة و ال يتم استالم الرسالة ‪ ،‬ولم يثبت التحقق الفعلي من االتصال بهم‬
‫على مدى التاريخ سوى على يد بعض االنبياء ‪ ....‬مثل النبـي سليمان ‪ ،‬وآخرون غيره‬
‫كانوا يرونهم ويتحاورون معهم ويزجرونهم‪ .‬حتى أن نبينا كاد أن يقيد أحدها ‪ ،‬والسيد‬
‫المسيح كان يطردها من األجساد المريضة فيشفيهـا بأمر اهلل ‪ .‬هذا الدور هو الذي يستغله‬
‫المشعوذن والدجالون في ابتزاز الناس ‪ ،‬ويعطونه تسميـات متنوعة مثل جلسات‬

‫‪212‬‬
‫استحضار األرواح البشرية أو استحضار الجان ‪ ..‬وكلها أكاذيب‪ ..‬فما استطاع مخلوق‬
‫الوصول لهذه الدرجة من التعامل مع الجان إال بعض األنبياء ‪، ..‬‬
‫لهذا الدور المعلوماتي آثار سلبية هائلة على صعيد النفس البشرية‪ ..‬فمن خالله ي ِ‬
‫حك ُم‬‫ُ‬
‫الجان سيطرته على عقل االنسان وجوانحه‪ ،‬ويبهرعقله ويشوش تفكيره ويدمر توازنـه‬
‫النفسي‪ ،‬ويصعق شخصيته بغية إيقاع أكبر أذى بالمتعاون وبمن حوله وليورده واياهـم‬
‫موارد التهلكة‪ .‬حيث ُيدخلون ذبذباتهم مع المعلومات لدماغ المتعاون ‪ ..‬وهي تعمل عمل‬
‫الفيروسات في الخاليا الحية ‪ ، ..‬فيتمكن الجان والشياطين من التحكـم بسلوك المـرء‬
‫وتصرفاته فيغدو من جندهم ‪.‬‬
‫صحيح أن اإلنسان قد يتمكن من التعاون معهم وأستخدامهم لتنفيذ مآربه ‪ ،‬لكن األمر‬
‫أخطر من ذلك‪ ،‬إذ ال يلبث أن ينقلب الحال ويصبح االنسان تحت سيطرتهم وعبداً طائعاً‬
‫ألوامرهم ‪ ،‬وأخي اًر يجني اإلنسان من تلك العالقة علقمـاً‪ ...‬كأن يفقد عقله أو ينتحر ‪.‬‬
‫وباالختصار التعاون مع الجان هو أمر خطر جداً ‪ ،‬هذا إذا تمكن اإلنسان فعالً مـن‬
‫التوصل إليهم حقيقة ‪ ،‬وطبعاً الدجالين في مثل هذه األمور بارعين وال حصر لعددهـم‬
‫واألفضل اجتنابهم ‪ .‬ويبقى حقيقة هدف االنسان من االتصال بهم هو الشر البعيد كـل‬
‫البعد عن الخير وايقاع األذى بالناس واقتناص ما بيدهم بغير حق ‪ ،‬والنتيجة ُيطـرد‬
‫اإلنسان الباحث في تلك األمور من رحمة الخالق ‪.‬‬
‫‪ ) 2‬دور اجلان البيولوجي ‪:‬‬
‫وهو العبث الذبذبي بالمكونات األساسية للخاليا الحية قبيل وأثناء عملية انقسام كل‬
‫خلية حية والتدخل في تركيب شرائط الدنا للخلية وزرع لوثة الشر فيها لتكون موروثة في‬
‫األجيال القادمة ‪ ،‬وتكون تلك اللوثة إما بشكل خطأ في تركيب الدنا أو تخزين دفقـة طاقة‬
‫زائدة في بعض أجزاء شريط الدنا وجاهزة للعمل الغريزي الفوري لحظة انبثـاق الكائن الحي‬
‫في الكون ‪ ،‬ولعل أول مظاهرها بكاء الطفل لحظة والدته‪ ،‬ونشاط األطفال الزائد وصخبهم‬
‫الخارج عن المألوف ‪ ،‬وتهورهم في اللعب والذي كثيـ اًر مايصل حـد الخطر‪ .‬أي أنها تشحن‬
‫نفسية اإلنسان بالشر واألذى وتجعل تفكيره سطحياً وبعيداً عـن المنطق والحق خالل حياته‬

‫‪213‬‬
‫االجتماعية والمعاشية ‪ ،‬وتتجلى تلك الحالة بسيطرة الشطـر الروحي الجسدي من الروح‬
‫وتحييد العواطف السامية لديه ‪.‬‬
‫فيغلب على اإلنسان طبيعة العنف والقسوة واألجرام ّ‬
‫‪ )0‬دور اجلان اجلنسي ‪:‬‬
‫كان الجنس وسيلة الجان في التكاثر الوالدي ‪ ،‬ويتم لهم هذا األمر في األنفاق الكونية‬
‫الالزمنية وفي المواضع التي تتفق مع طبيعتهم ‪ .‬وأساس الجنس هو العشق واليشتـرط فيه‬
‫الحب ‪ ،‬فالحب عاطفة غريزية اخترعتها الثدييـات( من بينها االنسان ) في األرض لتحافظ‬
‫صالتها وعالقاتها ببعضها البعض ‪ ،‬وهو عاطفة رقيقة هشة يتخيل االنسان أنها‬ ‫على ِ‬
‫راقية‪ ،‬وهي أول الخطوات نحو العشق والجنس ‪ ..‬لذلك اليشترط في الزواج الحب بل‬
‫العشق ألن الحب سرعان مايزول لحساب اآلخر ‪.‬‬
‫أحب آدم حواء لما رآها ولكن سرعان ماعشقها إبليس‪ ،‬وبسبب اختالف طبيعة خلق‬
‫كن إبليس العداء لهما ‪ .‬فكان أول ماوسوس إليهما هو كشف عوراتهما وكشف‬ ‫كل منهم ّ‬
‫سر شجرة الخلد التي أساسها العشق والجنس ‪ ..‬فكان ماكان ‪ ..‬فكان الجنس نقمة إبليس‬
‫حول الخطيئة من نقمة‬ ‫التي أصاب بها آدم وحواء ولعنةً عليه أصاب بها نفسه‪ ،‬لكن اهلل َّ‬
‫لنعمة حالل بأن َّ‬
‫أحل الزواج ‪ .‬وأبطل اهلل خطيئـة الجنس وصار تعاطيـه مباحاً بالعقد‬
‫القران والمزيد منه يذهب عمل الشيطان ويطفئ غضب الرب ويثاب عليه المرء‪ .‬لذلك‬ ‫وِ‬
‫حب َبة ومباركة ‪ ،‬تُفـرح المالئكة وتـؤذي الشيطان‬
‫كانت ممارسة هذه النعمة بالحالل ُم َ‬
‫وتلغي كيده وتبطل عمله وتقلص مساحة عبثه في النفس البشرية ‪ ،‬وتنمي العقل الواعي‬
‫والذاتي لدى االنسان ‪ ،‬وتنقي سريرته وترقي إنسانيته ‪ ،‬وتنشط ذاكرته وتنظم تفكيـره وتقوي‬
‫شخصيته وتحسن أداءه ‪ ،...‬لذلك كان على اإلنسان أن يتمم نصفه الديني باتحاده مع‬
‫نصفـه الحلو ‪ ،‬وأن يزيد من مخالطته له وأن ال يتخلى عنه‪ .‬وهذا يغيظ الشيطـان ويدحره ‪،‬‬
‫وأن يتمنى االنسان على اهلل أن يجنب الشيطان ما رزقه ‪ .‬ففي االقتران تفريغ للوثة والغاء‬
‫للخطيئة وارثها المتوارث ‪.‬‬
‫يحاول الشيطان من خالل هذا الدور السيطرة على الغدد النبيلة الضعيفة عند اإلنسان‬
‫مثل الغدد التناسلية الذكرية واألنثوية ‪ ،‬وبالتحديد على الحيوانات المنوية والخاليـا التي‬
‫تتكون فيها وتفرزها‪ ،‬وكذلك على البويضة األنثويـة واألجهزة المولدة لها عند المـرأة ويعمد‬

‫‪214‬‬
‫الجان إلى حث واثارة تلك الخاليا لدرجة عالية من اإلثارة وتنشيطها واستعجالها للقيام‬
‫مقنعاً بعاطفـة كاذبة بين‬
‫بعملها البيولوجي وبأية طريقة ممكنة ‪ ،‬وقد يكون هذا الدور ّ‬
‫الزوجين ولو كانت حالالً ‪ ،‬وينجزه الشيطان واإلنسان في غيبوبة ذهنية واحتجاب العقل‬
‫واإلدراك‪ ،‬فإذا لم يتنبه االنسان إلى ذلك فينتهي به األمر الرتكاب خطيئة المبررة فيغدو‬
‫مارقاً متمرداً على العرف والقيم األخالقية والتقاليد وكل المعاني السامية والقدسية‬
‫إن أكثر مايسعى إليه الشيطان هو إثارة الرغبات والشهوات الجنسية الالشرعية لدى‬
‫اإلنسان في غير أوقاتها وفي أماكن غير مالئمة ومع أشخاص ليسوا محلّلين له‪ ،‬وأقوى‬
‫حاالت عمل الشيطان واثارته العظمى للرغبات تكون عند االجتماع والجلوس مع قريب‬
‫محرم ‪ ،‬ألنه يحقق إثارة غير متوقعـة تفوق تلك التي تحدث في حاالت اللقاء الشرعي‬
‫ّ‬
‫الطبيعي وحتى في حاالت الشذوذ الال مسموحة لذلك تكثر حاالت زنا المحارم والشذوذ‬
‫الجنسي المثلي في البالد المتحررة جنسياً‪ ،‬ولكي ينقذ اإلنسان نفسه من مثل هذه الحاالت‬
‫كر ينظف النفس البشرية ويفرغ شحنة‬ ‫ِ‬
‫يكفي أن يذكـر المرء ربه فيهرب الشيطان‪ ،‬فالذ ُ‬
‫الشيطان وطاقتها العالية الثائرة في النفس ويزيل الغشاوة التي ضربها الشيطان على مخ‬
‫اإلنسان ‪ ،‬فتسكن ثورته ويهدأ اندفاعه وتتيقظ أحاسيسه وتسمو مشاعره وتتفرغ طاقاتـه‬
‫الثائرة بفعل الجان والشيطان من جوانحه بسـالم ‪.‬‬
‫‪ ) 4‬دور اجلان النفسي ‪:‬‬
‫قد يلجأ الشيطان لطرق نفسية تكون أكثر جدوى وفاعلية لتحقيق مآربه وذلك بتهيئة‬
‫النفس البشرية للوقوع في الخطأ مستغالً حاجات النفس ورغباتها وشهواتها وأمانيها ‪ ...‬مثل‬
‫الطعام والملبس والجنس والسلطة والسيطرة والنفوذ‪ ..‬فيغذي أماني اإلنسان وأحالم يقظته‬
‫ويجعله يعيش في العسل‪ ..‬وبعدها يحرك في نفسه مشاعر األنانية من طمع وحقد وجشع‬
‫وغيرة وحسد‪ ،..‬ثم يستخدم أسرع وأنجع طرق التنفيذ وهي الغواية واإلغراء ‪ ..‬ووسائلها‬
‫المال والنساء وكل ماهو ممتع للنفس البشرية ويحقق لها سعادة سهلة دون بذل جهد أو‬
‫المسكرات والمخدرات واالنحرافات الجنسية والمبالغة في الشذوذ فيها وهو ينجز‬
‫عناء مثل ُ‬
‫ذلك عبر العقل الباطن الخاص لإلنسان بآلية بث ذبذباته العالية التردد فيؤثر في أعصاب‬
‫االنسان ويعبث بهرموناته وبكيمياء أخالطه وبطاقاته األثيرية‪ ..‬فيغير مـن نفسيته ومن قواه‬

‫‪215‬‬
‫النفسية وحتى العقلية بأن يثير أعصابه وقدراته السلوكية باالستفـزاز الصوتي الذبذبي‬
‫الالمسموع ‪ ،‬مما يبعث في نفسية المرء الشعور بالقلق والكآبة والخوف والفوضى‬
‫واالضطراب‪ ،‬ومقترناً ذاك بالحزن والرعب واألرق والتطير‪ .‬والنتيجة هـو حدوث ٍ‬
‫خلل في‬
‫توازن المرء مع الظروف المحيطة به فتغدو معادية له ‪ ،‬وينعدم التالؤم والتكيف بينهما‬
‫ط عمله ‪ .‬وكل ذلك يتم عن بسبب ذبذبات الجان الالمسموعة التـي تتلقاها أجهزة‬
‫حب َ‬
‫في َ‬
‫ُ‬
‫استقبال موجودة في جملتنا العصبية ومن ضمنها العصـب األساسي الذي هو النخاع‬
‫الشوكي والقناة األثيرية فيها‪ ،‬وطبعاً ال يقف األمر عند هذا الحد لكن يتعـداه إلى إحداث‬
‫فوضى في كيمياء الجسد وتفاعالتها وفي إفراز الهرمونات والعبث بكهرباء الدماغ‪ ،‬ويرافق‬
‫ذلك حدوث توتر نفسي واختالل عقلي ومن ثم أيقاظ غرائز الحيوان في نفسه ‪ ،‬وهذا الحال‬
‫محرمة وذاق ملذات كانت عليه محظورة ‪ ،‬فإذا بالدنيا‬
‫غالبـاً مايشاهد فيمن استبـاح ُمتعاً ّ‬
‫تنتقم منه ‪ ..‬فترهقه بشؤونها وتشغله بمصائبها ‪ ....‬فيحصد مـن عمره فيها هشيماً ‪.‬‬

‫‪ ) 5‬دور مرضي ‪:‬‬


‫وهو من أهم األدوار التي يمارسها الجان على االنسان بغية جعله يتمرد على خالقه‬
‫وعلى واقعه ويجعله يخرج عن طوره‪ ،‬ذلك أن المرض يتضمن آالماً وأوجاعاً قد تكون‬
‫مبرحة ‪ ....‬فيضخم الجن والشيطان أثرهما في نفس المريض وجسده ‪ ،‬ويبث في نفسه‬
‫الشعور بفقدان األمل من الشفاء‪ ،‬وربما أوصل هذا االيحـاء بالمريض لفقدانه الصبـر‬
‫الحلُ ُم وااليمان فيصيبه اليأس واالحباط فينهار ميؤذياً نفسه ‪ ....‬وربما أوردها موارد‬
‫و ُ‬
‫الهالك ‪ ،‬كل ذلك من عمل الجان والشيطان ويساعده في ذلك جنده األقويـاء واألوفياء من‬
‫فيروسات وجراثيم وبكتيريات‪ .‬لهذا يجب على االنسان طلب الدواء ألن اهلل ما أنزل من‬
‫ٍ‬
‫داء إال وأنزل له الدواء ‪.‬‬
‫‪ )6‬املس ‪:‬‬
‫قد يمر االنسان بحالة ذات ٍ‬
‫جو استثنائي يصيبه فيها رعب وخوف شديدين فيدخـل‬
‫الجان جسده ويتسللون إلى عقله الباطن‪ ،‬وبعد فترة من زوال تلك الحال ينشط عمل هذه‬
‫الكينونات وتأثيرهـم في العقول ‪ ..‬الباطن والواعي والذاتي وبأداتهم العضوية في جسد‬

‫‪216‬‬
‫الممسوس وهو الدماغ‪ ،‬وتبدو مظاهره المس لدى األشخاص الممسوسين بشكل خمـول‬
‫العرف‬‫وشرود وتكاسل وأرق وصدود عن المثاليـات والمباالة بأمور األخالق والدين و ُ‬
‫ظمها‪ ،‬وتظهر قوة المس الجسدية والحيوانيـة في‬ ‫ون ِ‬
‫وتجاهل كامل للبرتوكوالت االجتماعية ُ‬
‫حاالت الخوف والغضب الشديدين وفي حاالت طغيان الرغبات والحاجات‪ ..‬وأقواها الرغبة‬
‫الجنسية ‪ .‬وأكثر الناس عرضة للمس هم األشخاص الحساسون نحيلوا األجسام ‪.‬‬
‫س عدة مظاهر‪ ..‬ففي بعض الحاالت يكون هادئاً ولصاحبه مظهر هادئ ولطيـف‬ ‫لم ِ‬ ‫ِ‬
‫لَ‬
‫تماماً‪ ،‬ويتجلى مظهره لدى المصاب بشكل اهتمام زائد بأمور الدنيا والتمسك بها وتذوق‬
‫مستمر لملذاتها ومتعها واالشتغال بها وانقطاع صاحبها تماماً عن غيرها من األمـور ‪،‬‬
‫كإدمانه على ممارسة هواية قد تكون فنية جميلة كالطرب والموسيقى أو الرقص ‪ ..‬إلخ‬
‫كما أن للمس حاالت متطرفة حادة تصل بصاحبه حد الهوس والهلوسة والجنون ‪ .‬ومن‬
‫مظاهر تلك الحالة ولعه في ممارسة أنواع قاسية وعنيفة من الرياضة ‪ ،‬أو تأخذ شكـل‬
‫تشدد وتعصب أعمى واندفاع متهور مقترن بالعنف جرياً وراء ٍ‬
‫مبدء أو فكرة قد يكونـا‬
‫في َنبذ‬
‫ساميين ‪ ،‬لكن أسلوب الطرح بهذا الشكل ليس مقبوالً زمانياً أو مكانياً أو اجتماعياً‪ُ ،‬‬
‫الممسوس وال يعد مرحباً به ‪.‬‬
‫ِّ‬
‫المخدرة والمسكرة والتدخين‬ ‫من مظاهر المس أيضاً إدمان المصاب على تعاطي المواد‬
‫بشراهه لتغييب عقله وشل تفكيره لعدم قدرته قبول اآلخرين وأفكارهم‪ ...‬وهذا بالتحديد غاية‬
‫الجان والشيطان من المس ‪.‬‬
‫كل أنواع المس تُ ِ‬
‫خرج المصاب عن توازنه وطوره وتتلف شخصيته وتحطم نفسيته ‪..‬‬
‫وما أكثر هذه الحاالت اليوم ‪ .‬وللشفاء من المس يجب إخضاع المصاب لتجربة ظروفها‬
‫مماثلة تماماً للتي مر بها أول مرة حدث له ُم َس فيها ‪ ....‬أي بتعريضه لصدمة نفسيـة‬
‫فيها من الرعب والخوف ما يكفي إلزالة هول أحداث الصدمة األولى ‪، ..‬‬
‫اإلنسان هو أغلى وأثمن مافي الوجود ولو بحثنا في مئة مليار مجرة فلن نجد إنساناً‪،‬‬
‫لذا يجب بذل المستحيل إلسعاده وازالة الضر عنه ‪.‬‬
‫‪ )7‬النسيان وضرب الذاكرة ‪:‬‬
‫الشيطان هو ملك النسيان ‪،‬‬

‫‪217‬‬
‫إن السبب الفيزيائي لعلة النسيان هو ضرب مناطق التذكر والذاكرة في المخ‪ ،‬وآليته‬
‫الداخلية قد تكون وراثية أو إصابة عضوية ‪ ،‬ولكن في كثير من األحيـان يكون السبب هو‬
‫عبث الجان بالغدد الهرمونية وبمعدالت إفراز المواد ِ‬
‫المخدرة الطبيعية الموجودة في الجسم‬
‫البشري بشكل طبيعي ‪ ،‬وكذلك عبثه بالتفاعالت الكيميائية الجارية فيه‪ .‬أما أدواته المادية‬
‫المخدرة بشكل عام‪ ،‬والتي عادة مـا تدعى بمواد‬ ‫ِ‬ ‫المسيئة للمخ البشري فهي المواد‬
‫الخارجية ُ‬
‫التدمير الذاتي ‪ ،‬أو مواد حذف الذات ‪ ،‬وتلك المواد تسبب غيبوبة في الذهن وضياع‬
‫الذاكرة وفوضى في التفكير ولحس المعلومات من المخ واضمحاللها أوالً‪ ،‬ثـم فقدانها نهائياً‬
‫فيما بعد‪ ،‬فمعاقرة اإلنسان للخمور والمسكرات والمخدرات وحتى المنبهات القوية‬
‫والمنشطات بكثرة وبجميع أصنافها سواء كانت طبيعية أم صناعية متلفـة للذاكرة على‬
‫المدى البعيد ‪ ،‬لذلك تعتبر تلك المواد واإلدمان عليها من عمل الشيطان ‪ ،‬والحقيقة أن‬
‫اإلدمان هو بحد ذاته جريمة بحق النفس ‪ ،‬ألنه جريمة حذف الذات‪ ،‬وكل ٍ‬
‫شئ يزيـد عن‬
‫ب الفكر ويحجب العقل بقناع كثيف وكتيم‬ ‫ِ‬
‫حده ينقلب لضده‪ ،‬فاإلدمان على تلك المواد ُيذه ُ‬
‫(غشاوة) عن أمور اليقظة والواقع‪ ،‬وتبعد صاحبها عن شؤون الحياة وتقطع صلته بها‬
‫ولوقت طويل ‪ ،‬ولربما أكسبت صاحبها نوعاً من الهدوء الظاهري‪ ،‬لكن حقيقة األمر سببت‬
‫له خلالً في توازنه العقلي والنفسي وضعفاً شديداً في العقلين الواعي والذاتي لـه وانطالق‬
‫عقله الباطن الالمتوازن ليمرح مع الجان والشياطين‪ .‬لذلك أذكر ربك إذ نسيت‬
‫من الممكن اعتبار ظاهرة التنويم المغناطيسي نوعاً من الضرب للذاكرة والعبث بها‬
‫وربما وصل خطره إلى تدمير الذاكرة والقدرات الذهنية والعقلية‪ ،‬ويزداد األمر خطورة إذا‬
‫المنوم مغناطيسياً يسرح بعقله الباطن‬
‫المنوم خبيث النية ويعلم أن دماغ الوسيط َّ‬
‫كان ِّ‬
‫الخاص في كل الوجود ‪ ،‬أي يتصل بالعقل الباطن الشامل والذي هو أيضاً ساحة عمـل‬
‫الشياطين والجن ‪ ،‬عندها ندرك مدى الخطر الذي يحيق بالوسيط النائم من ِ‬
‫قبل الشياطين‬
‫المنوم ثانياً‪ ،‬خاصة إذا علـم هذا األخيـر بوجود‬
‫قبل ِّ‬‫والجان أوالً ‪ ،‬ومن خطر استغاللـه من ِ‬
‫اتصال مفتوح بين النائم وعالم الجان فيستغلهم في تنفيذ مآربه الخاصة ‪ ،‬والتـي غالباً ما‬
‫المنـََّوم ‪.‬‬
‫تكون إجرامية وعلى حساب الوسيط ُ‬
‫‪ )8‬دوره يف الشر اجلماعي ‪:‬‬

‫‪218‬‬
‫الجن يعرف الخير كله ويخالفه ‪ ..‬مثل كثير من الناس ‪ .‬وبرنامج عمله قائم على إلغاء‬
‫الخير من النفوس البشرية وبث الشر فيها ‪ .‬ويعمل على جمع النفوس الشريرة وتأليـف‬
‫القلوب على حب األذى والضرر وابعاد اإلنسان عن الخير والهداية‪ ،‬بحيث يصبح الشر‬
‫جماعياً له هوس يصيب معظم أفراد المجتمع‪ ،‬وماعصابات اإلجرام المنظّم التي تمارس‬
‫القتل المأجور والدعارة وتهريب المخدرات وخطف األطفال والتجارة بهم وبأعضائهـم‬
‫الجسدية ماهي إال أنواع من الشر الجماعي‪ ،‬والذي غالباً ما تكون وسائله وطرائقه قذرة‬
‫ومنحرفة‪ .‬وحتى الحروب التي هدفها القتل والتخريب والسيطرة وبسط النفوذ وتشريـد الناس‬
‫عن أوطانهم هي أعظم أنواع الشر الجماعي الذي يغذيه الجان والشياطين ‪ ..‬ألن فيه‬
‫إلغاء لآلخرين وعودة بالمجتمعات إلى حالة الفساد األولى التي سادت األرض قديماً عندما‬
‫سكنها الجان ووقعت بينهم حروب سفكوا فيها الدماء ‪ ،‬حتى أن المالئكـة ضجت بشرورهم‬
‫‪ ،‬واألذى حرفتهم ومادة لهوهم‪ ..‬وما صناعة األسلحة الفتاكة المرعبة في هذا العصر‬
‫الحالي (على األخص ) ذات القوة تدميرية الهائلة ‪ ،‬وكذلك حروب اإلبادة التـي تمارسها‬
‫بعض األمم على األخرين ما هي إال نتيجة لفكر الشر الجماعي الذي يرعـاه الجن‬
‫والشياطين في أدمغة طائعيه وصدور الحاقدين وناقصي العقل والوجدان ويحثونهم على‬
‫ممارسته‪ ،‬وهم برغم تقدمهم العلمي الهائل فمازالت الشياطين ترتع في قلوبهم وفي كل ذرة‬
‫من أجسامهم ‪ ...‬وهدفهم كان ومازال هو عبادة الشيطان وتحطيم االنسـان ‪.‬‬
‫‪ )9‬دوره يف أحالم اليقظة ‪:‬‬
‫يشجع الجان والشياطين أحالم اليقظة والشرود الفكري عند اإلنسان ‪ ،‬وربما غالـى‬
‫اإلنسان فيها‪ ،‬ألنها تمتاز بالخصوصية واللذة الفكرية التخيلية‪ ،‬وغالباً ماتكون لذيذةً عذبة‬
‫مغمورةً بالعسل ‪ ،‬وتحقق ذهنياً لصاحبها كل ما يتمناه بسهولة ودون أن يبذل أي جهـد‬
‫فيشعر باالنتعاش والغبطة والسرور ‪ ،‬ومع تكرارها واإلدمان عليها تتحول تلك األحالم لنوع‬
‫من المرض النفسي أو الهوس العقلي ‪ ،‬وقد يدخل هذا النوع من األحالم الشخص الحالم‬
‫عالم العقل الباطن الالمتزن الذي ال خجل فيه وال قيود ‪ ،‬والذي هو عالم الجـان‬
‫ٍ‬
‫تخيلية ألنواع من الشذوذ النفسي أو‬ ‫بممارسات فكر ٍ‬
‫ية‬ ‫ٍ‬ ‫والشياطين‪ ،‬فيحثوه ويزينون له القيام‬
‫الجسدي أو الجنسي ‪ ،‬وربما وصل األمر لحد الزنا والقتل أو التخطيط له أو السرقة‬

‫‪219‬‬
‫والتخطيط لها‪ ..‬الخ ‪ ،‬وتنشط مثل تلك األحالم كثي اًر لدى األطفال والشباب حديثي السن‬
‫لكون العقل الباطن لديهم قوي جداً ‪ ،‬وهم يعززون أحالم يقظتهم بما يشاهدونه من أفالم‬
‫المغامرات الوهمية والتخيلية ‪ ..‬وهنا مكمن الخطر ‪ ..‬إذ يغدو الجـن والشياطين أبطال‬
‫وخالنِ ِه ‪ ،‬وهم يرتعون في دماغه ومخيلته طيلة‬
‫أحالمهم وأفالمهم وقدوة الطفل وقرناءه ِ‬
‫ُ‬
‫آت سيكون أدهى وأمر‬‫النهار والليل ودون أن يدرك هو بخطورة ما يجري ‪ ،..‬وما هو ٍ‬
‫تجعل تلك األحالم اإلنسان هامشياً هوائياً تواكلياً ضعيف الحيلة واإلرادة ذو شخصية‬
‫مهترئة ‪ ..‬وعقل متطير ويجعل من توافه األمور عظائمها ‪ .‬ولكي يحقق أحالمه وآماله‬
‫وينجز أعماله يستشير النجوم والمنجمين ليقرؤوا له برجه ويستنبطون طالعه وحظه من‬
‫الكواكب والنجوم ‪ ،‬ويتابع أيام وأرقام سعده ونحسه ‪ ....‬الخ من تلك السخافـات التـي‬
‫يمارسها منجمون محترفون منحرفون وما أكثرهم هذه األيـام ‪ ،‬وهم يتزايدون حاليـاً بأعداد‬
‫عجيبة مثيرة للشك والريبة ‪ .....‬توحي بعودة البشرية إلى العصور الحجريـة المتخلفة ‪....‬‬
‫إنهم أعوان الجن والشياطين ‪ ، ....‬وعلى العاقل أن يتنبـه !!!‪.‬‬
‫‪ )11‬إثارة الغضب ‪:‬‬
‫يستفز الجن والشياطين فؤاد اإلنسان بأصواتهم الذبذبية الالمسموعة وبشكل دائم ‪،‬‬
‫فشل ألم به‪ ،‬وكان وضعه النفسي ٍ‬
‫مترد وخاليا‬ ‫ويصدف أن شخصاً يعاني من إحباط أو ٍ‬
‫دماغه عامرة بالطاقات الثائرة والمتأججة باألمواج الذبذبية المشحونة بالكهرباء‪ ،‬ويحدث أن‬
‫تتالقى أمواج الطرفين معاً فتنتج أمواج قوية تثير أعصابه وتعبث باتزان عقله ومخه‬
‫وتسبب خلالً في مراكز التفكير والمحاكمة المنطقية لديه‪ ،‬فيندفع بتصرفاته دون أن يعي‬
‫عواقب ما يقوم به من أعمال حمقاء المنطقية ‪.‬‬
‫وحقيقة الغضب أي طبيعته الفيزيائية تشير إلى أن ذبذبات صوت الجن تستفز طاقة‬
‫خاليا الدماغ فتجعلها تبث أمواجاً كهرطيسية في ساحة العقل الباطن المتحرر جزئياً في‬
‫مثل هذه الحاالت ‪ ،‬ويلي ذلك تالقي هذين النوعين من األمواج ويسود بينهما نـوع من‬
‫التجاوب والتناغم ‪ .‬عندها يضغط العقل الباطن على مراكز اإلدراك والوعي واالتـزان في‬
‫المخ تجعله يتجاوز ظروف المكان والزمان المقيدان بحدود العقل الواعي‪ ،‬فتتعاظـم الطاقة‬
‫المثارة فال يعد يشعر المرء إال بنفسه فقط‪ ،‬ويصل إلى حالة األنا ‪ ،‬ومع استمرار زيادة‬

‫‪211‬‬
‫الغضب والشحن والتركيز على الذات اليعد المرء بشعر بمن حوله ‪..‬عندها يحقق األنا‬
‫األعلى واألقوى ‪ ...‬وهنا تقع الكارثة إذ يفقد المرء شعوره اإلنساني وال يعد بعدها قاد اًر على‬
‫ضبط نفسه وأعصابه وتتعطل لديه آلة العقل والتعقل وينهار فؤاده وعناصر الرحمة‬
‫والسكينة لديه فال يعد المرء الغاضب إنساناً ‪ ،‬بل هو أقرب للوحش الكاسر ‪.‬‬
‫(واذ قلنا للمالئكة اسجدوا آلدم فسجدوا إال إبليس قال ءأسجد لمن خلقت طيناً ‪ ,‬قال‬
‫ألحتنكن ذريته إال قليال‪ ,‬قال‬
‫ّ‬ ‫كرمت علي لئن أخرتن إلى يوم القيامة‬
‫أرءيتك هذا الذي ّ‬
‫اء موفو ارً‪ ,‬واستفزز مـن استطعت منهم‬ ‫اذهب فمن تبعك منهم فإن جهنم جزاؤكم جز ً‬
‫بصوتك واجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في األموال واألوالد وعدهم وما يعدهم‬
‫الشيطان إال غرو ارً‪ ,‬إن عبادي ليس لك عليهم سلطان وكفى بربك وكيال ‪) ,‬‬
‫قرآن كريم ـ سورة اإلسراء ( ‪ 24‬ـ ‪. ) 25‬‬

‫************************************************************‬

‫ــــــــــــــــــــــ‬
‫الفصل العشرون‬
‫طعام الجن‬
‫كثرت األقاويل في هذا المجال ‪ ،‬فمن الناس من قال أن الجن ال يأكلون وال يشربون‬
‫وأنهـم ليسوا بحاجة للتغذية والغذاء‪ ،‬وان كانوا يأكلون فطعامهم ليس مادياً قطعاً‪ ،‬ألنهم‬
‫كائنات تعيش في الالزمن أي ال يحول عليهم زمن تقريباً‪ ،‬لذلك ال يحتاج الجان لغـذاء‬
‫فعالً وأن فعل ذلك فالهدف هو محاولته إيذاء البشر بإفساد أطعمتهم وشرابهم ‪ ،‬وان كان‬
‫يحتاجه فعالً فغذاؤه عبارة طاقة أساسها موجي وليست مادية على اإلطالق ‪ ...‬فالجني‬
‫يعيش ألوف السنين سواء أكل أم ال ‪ ،‬واألغرب من ذلك أن من الشياطين من ال يموت‬
‫فهو ُمنظَر إلى يوم القيامة فلماذا يأكل ‪ ......‬لربما كان هدفـه من أكل طعام األنس هو‬
‫إزالة النعمة والبركة منها ‪ ،‬واتالف مال صاحبه ‪ ،‬فاألكل هنا هو كالم رمزي يقصد به رفع‬
‫البركة ونزع الخير‪ ،‬أو ربما كان القصـد أن اهلل يفتح على الكافر شهوتـي البطن والفرج‬

‫‪211‬‬
‫ويحرض الغدد عند‬
‫بتسليط الشيطان عليه ال تالف ماله وصحته ‪ ،‬حيث يستفـز الشيطان ّ‬
‫الكافر على اإلفراز للعصارات الهاضمة بوفرة كي تستنفذ الغذاء من جسـده فيشعر بالجوع‬
‫ثانية ‪ ..‬فيأكل ‪ ..‬وهكذا ‪ ،‬وكذلك يحرض الغـدد التناسليـة على إفراز الهرمونات المثيرة‬
‫للجنس كي يبقى االنسان في حالة شبق جنسي دائم ال يرتوي وشهوة جنسية طاغية قاتلة‬
‫ال تنطفئ‪ ،‬ربما جعلته ينغمس في المعاصي والملذات فيستهلك بذلك صحته وماله وعمره‬
‫‪ .‬إذن أكل الجني هو ضرر لإلنسان‬
‫بعضهم يرى أن الجان هم كائنات حية لها تقريباً نفس مواصفات البشر ولكن خلقها‬
‫اهلل في أشكال جسدية غير طبيعية ‪ ،‬ولهم أنواع ‪ :‬أرضي ـ هوائي ـ فضائي ـ متدين ـ‬
‫عاص ‪ ..‬وهم قرائن للبشر ويالزمونهم بشكل دائم ‪ ،‬بحيث يكون لكل إنسان قريـن‬
‫يصاحبه وال يتخلـى عنه أبداً ‪ ،‬ويعرف عن صاحبه اإلنسي كل شئ ‪ ،‬ومن هنا نشـط‬
‫السحرة في محاوالتهـم أسر مثل هؤالء القرناء ليتوصلوا منهم إلى معلومات عن الناس‬
‫ليستغلوها في إيقاعهم في األذى والضرر ‪ ،‬ومعظم من يستخدم هذه الطـرق يدعي أن‬
‫الجان يأكل الطعام وبالتحديد طعام اإلنسان ويلبس لباسه ‪ ،‬لذلك فهم يطلبون من زبائنهم‬
‫أطعمةً شهية ومالبس فاخرةً وأمواالً كثيرةً بذريعة تقديمها لألعوان من الجن ‪ ،‬وطبعـاً هذا‬
‫كالم غير صحيح وغير صحيح إطالقاً وكل مايطلبونه من زبائنهم المغفلين يذهـب‬
‫لجيوبهم وبطونهم بالتحديد ‪.‬‬
‫لربما كان للجن والشياطين أعوان أو جنـد يدعمونهم ويساندونهم في تخريب مادة‬
‫جسم اإلنسان العضوية واصابتها باألمراض وافساد طعامه‪ ..‬وهؤالء األعوان يتغـذون فعالً‬
‫على عناصر تلك المواد ‪ ..‬وهؤالء األعوان هم الفيروسات والجراثيم والبكتيريات ‪ ..‬أما‬
‫الجان فال يحتمل أن يتغذوا بمثل هذه الطريقة‪ ..‬ألنهم أصالً ليسوا بحاجة للطعام‬
‫فأعمارهم مديدة جداً ربما بلغت مليارات السنين وكثير منها هي ُمنظر ال يموت‪ ..‬فلماذا‬
‫يأكلون ؟ وماذا يأكلون ؟ فأبعادهم ليست أبعادنا وعالمهم ليس عالمنا‪ ،‬والطعام من جنس‬
‫مكون من مواد عضوية هيدروكربونية وغذاؤه أيضاً من‬
‫نوع الطاعم ‪ ..‬فاالنسان جسده َّ‬
‫نفس هذه األنواع سواء كانت حيوانية أم نباتية ‪ .‬ولتلك الكينونات الخفية (الجن وخالفه)‬
‫عالم ذي بعدين ونصف البعد ‪ ..‬وبالتالي كي تتغذى يجب أن يكون لغذائها نفس أبعادها‬

‫‪212‬‬
‫لذلك هي بحاجة لوسيط يؤمن لها غذاءها من عالمنا وهم الفيروسات ونحوها ‪ ..‬أي أن‬
‫للجان طهاة وخدم وحشم يرعون شؤونهم وهم الفيروسات ‪ .‬ويتـم األمر كما يلـي ‪:‬‬
‫يعيش الفيروس عم اًر مديداً ال يموت وعند شعوره باقتراب الموت ينشطر ‪ .‬واذا لم‬
‫يتوفر له الغذاء فإنه يثبت ثبوتاً شبه مطلق يشبه الموت ولمدة طويلة جداً من الزمـن ‪،‬‬
‫ربما بلغت عشرات األلوف من السنين‪ ،‬لكنه ما إن يشعر بوجود غذاء مناسب بجـواره إذا‬
‫به ينتفض فجأة وينبعث حياً نشطاً فتاكاً ‪ ..‬ويقفز على هذا الغذاء ليلتهمه ‪ ..‬وال يعدو‬
‫هذا الغذاء أكثر من خلية حية مثالً ( خاليا جسم اإلنسان ‪ ،‬مادة عضوية ‪ ..‬جرثومة ‪...‬‬
‫بكتيريا ‪ ..‬إلخ ) عندئذ يقفز إليها ويثقبها ويقذف بداخلها الدنا (الحامض النووي) الخاص‬
‫به ‪ ،‬تأخذ جزيئآت الدنا الغازية بإثارة الفوضى واالضطراب في الخلية‪ ،‬ثم تتدخل فـي نظم‬
‫سير العمليات الحيوية فيها ‪ ،‬وأخي اًر تسيطر على مقاليد األمور فيها وتتلفها ثم تأخذ في‬
‫هضم وامتصاص محتوياتها ‪ ،‬وأخي اًر ينسخ الفيروس نفسه ويتكاثر من مادة الخليـة البائسة‬
‫ذاتها وبأعداد فلكية من النسخ‪ ،‬أخي اًر تغادر هذه الجموع الهائلة من الفيروسـات الوليدة‬
‫الخلية وقد تركتها قاعاً صفصفاً لتقفز منها إلى خاليا حية أخرى ‪ ....‬وهكـذا ‪ ،‬ال يحتاج‬
‫إنجاز هذا األمر كله ألكثر من جزء من مليار جزء من الثانية الزمنية الواحدة ‪ ..‬أو ربما‬
‫أقل من ذلك بحيث ال يتجاوز زمنها بضع لمحات زمنية على مقياس العالـم االنكليزي‬
‫هاوكينـغ ‪.‬‬
‫الشيء الغريب في هذا األمر هو أن لتلك الكائنات الفتاكة بيولوجياً ( الفيروسـات)‬
‫أجهزة دقيقة جداً تتحسس بها وتتأثر باألمواج والذبذبات العالية التردد وتتعامل معهـا ‪،‬‬
‫وطبعاً مثل تلك األمواج يمكن اعتبارها صلة الوصل فيما بينها وبين الكينونات الخفيـة‬
‫الالإنسانية وهم الجن والشاطين ‪ .‬ومسرح جميع عمليات االتصال بين الجن والشياطين‬
‫والفيروسات هو العقل الباطن المشترك بينهما ‪ ،‬ومطاعم الجن والشياطين هي األمكنة‬
‫الفاسدة صحياً والموبوءة وأماكن القاذورات‪ ،‬وخدم تلك المطاعم النشطين هم الفيروسات‬
‫حيث تُحلّل الفيروسات بقايا المواد الغذائية لجسيمات دقيقـة جداً ‪ ،‬ثم لجزيئات كيميائية‬
‫وبعدها لذرات ‪ ..‬وأخي اًر تحولها لدقائق ذات بنية موجية ذبذبية ذات أبعاد تالئم وتتوافق مع‬
‫غذاء له ‪ ،‬وهكذا‬
‫طبيعة أبعاد جسد الجن ( ذات البعدين ونصف البعد ) فيقبله الجن ك ً‬

‫‪213‬‬
‫تمتص هذه الكينونات الخفية ألالإنسانية غذاءها اللذيذ الشهي بشكل وجبات موجية ذبذبية‬
‫الم ِبذر والبعيد عن التُقى والقداسـة ‪.‬‬ ‫دسمـة سريعة سرقتها من عالم االنسان ِ‬
‫البطر ُ‬
‫َ‬
‫منهم من يقول أن غذاء الجن هو العظام و روث الحيوانات ‪ ..‬ولعل ذلك األمر يبدو‬
‫مقبوالً بعض الشيء ويتوافق مع المبدأ المذكور سابقاً ‪ ،‬ألن تلك المواد تخضع بطبيعـة‬
‫غذاء للجن ‪ ..‬لكن يبقـى‬
‫ً‬ ‫الحال للتحلل والتفكك لتنتهي أخي اًر إلى أمواج ذبذبية صالحة‬
‫السؤال ‪ ..‬هل هذا التفسير صحيح ؟ وهل حقيقة أن الجن يأكل ؟ وماذا يأكلون فعالً ‪..‬؟‬
‫والجواب هو ‪:‬‬
‫أغلب الظن أنهم ال يأكلون !! واذا كانوا يأكلون ‪ ..‬فبالطبع لن تكون ألوان أطعمتهم‬
‫مثل ألوان أطعمتنا بشكلها المألوف لنا‪ ،‬وال تصلهم مباشرة من عالمنا ألن أبعاد عوالمهم‬
‫ليست كأبعاد عوالمنا ‪ ...‬وهم اليملكون أجساداً ماديةً كأجسامنا‪ ،‬لذلك طعامهم ليس مادياً‬
‫قطعاً‪ ،‬واذا أرادوا أكل طعامنا ‪ ..‬فما عليهم سوى أن يأمروا جنودهم الفيروسات لتحويله‬
‫ألمواج ذبذبية شهية يتلذذون بها ‪ .‬واذا أردنا منعهم من ذلك ‪ ..‬فاألمر سهل جداً ‪ ..‬وما‬
‫علينا سوى أن نذكر اسم اهلل بالبسملة فيهرب الجن والشياطين ويبيتون جياعـاً ‪*** .‬‬

‫ــــــــــــــــــــــ‬
‫الفصل الحادي والعشرون‬
‫الجـن واألحـالم‬
‫توجد ثالث أحوال رئيسة للعقل في الكائنات البشرية هي اليقظة والنوم والحلم‪ ،‬وطبعاً‬
‫لكل حالة من هذه الحاالت يوجد نشاط كهربائـي دماغـي تسجله األجهزة اإللكترونية بشكل‬
‫فرق جهد كهربائي ( فرق كمون ) ‪ ،‬ولكل حالة فرق جهد كهربائي وجد له تردد موجي‬
‫يتراوح بين ( ‪1‬ـ ‪ 20‬هرت اًز ) ‪ .‬وكلمة هرتز تعني هزة في كل ثانية زمنيـة ‪.‬‬
‫الحلم هو وظيفة أساسية وتطور مبكر لدى الثدييات يدل على نمو اإلدراك عندها ‪،‬‬
‫وهو ساحة يتحرك خاللها العقل الباطن الخاص ‪ ،‬وله عالقة بهرمون الميالتونين الذي‬
‫يدعى بهرمون الشباب ‪ ،‬وآخرون يعتبرونه هرمون الجن أيضاً ‪ ،‬ومن المعلوم أن للجن‬
‫عالقةً بالبعد السادس ‪ ،‬وهو بعد االتصاالت الذبذبية الموجية العالية التردد والسائدة عبر‬

‫‪214‬‬
‫العقل الباطن الشامل والذي يتغلغل في األفئدة البشرية ‪ .‬والحلم هو الحالة الوحيدة غيـر‬
‫الموت التي تنفصل فيها الروح القدسية مؤقتاً عن الجسد ودون أن تغادره‪ ،‬لذلك يعتبـر‬
‫النوم هو الموت األصغر (جزئي) وليس كلي ‪ ،‬وخالل النوم ( الموتة الصغرى ) تجول‬
‫الروح القدسية في العالم المطلق الذي خلقت فيه بأمر اهلل تعالى ويتحرر العقل الباطـن‬
‫الخاص لإلنسان ويجوب كل الفضاء عبر العقل الباطن الشامل فيسهل على الجن اإللتقاء‬
‫به والدخول لدماغ اإلنسان لغياب الروح القدسية عنه ‪ ،‬فالجن ال يدخل الدماغ البشـري إال‬
‫في حاالت غياب الروح القدسية عنه ‪ ،‬وهي ثالث حـاالت ‪:‬‬
‫تكون جسم الجنين خالل األشهر األربعة األولى من عمره في بطن أمه ‪.‬‬‫أولهما عند ّ‬
‫الثانيـة أثناء النوم ودخول النائم في األحالم الجسديـة ‪.‬‬
‫الثالثـة حين موت اإلنسان ‪ .‬إذ تدخل الجراثيم والبكتيريا والفيروسات الجسد الميـت‬
‫وتحلله فيتغذى الجان بـه ‪.‬‬
‫ففي حالة النوم تسيطر الروح الجسدية على النائم ‪ ،‬وتنطلق الروح القدسية لتلتمس العالم‬
‫المطلق وتتصل باللوح المحفوظ لتأخذ منه قدرهـا وتتسلم رزق كائنها ‪ ،‬أثناءها ينشـط الجان‬
‫ويأخذ بالبث والتحريض واالستفزاز عبر العقل الباطن الخاص المتحرر أيضاً من دماغ‬
‫اإلنسان دون أن يغادره ‪ ،‬فتأتي صور الحلم شفافـة ضبابيـةً رمزية مشوهة في بعدين‬
‫وخالية من األلوان واألنوار ومعظم موضوعاتها هي رسائل شيطانية متضمنـةً كوابيس‬
‫ومواقف خطرة أو محرجة هدفها إثارة القلق والرعب في نفس النائم‪ ،‬وغالباً ما يصحو النائم‬
‫وقد انخلع قلبه رعباً‪ .‬ويتفاجئ بصمت الليل الشديد من حوله‪ ،‬ويسأل المرء نفسه هل ما‬
‫فسر تلك األحالم الجسدية الخالية من الروح القدسية‬
‫رآه حقيقة أم مجرد حلم ؟ ومع ذاك تُ ّ‬
‫صور الحلم ما هي‬
‫رغم رهبتها لصالح الحالم ‪ ،‬أي بعكس ما رأى النائـم في الحلم وكـأن َ‬
‫إال صور سلبية ( نيجاتيف ) للرؤيا‪ .‬ولكي يتجنب المرء الخوف من مثل هذه األحالم فما‬
‫سور من القرآن يمأل بها عقله الباطن ويشغله‬
‫عليه إال أن يذكر اهلل قبل النوم ‪ ..‬أو يق أر َ‬
‫بها أثناء النوم فيبعده هذا اإلجراء عن مجابهة كوابيس الشياطيـن والجان ويحميه منهم ‪.‬‬
‫ذلك أن تركيز التفكر بشيء واحد يزيد من إفراز كمية هرمـون االندروفين المريح‬
‫لألعصاب ‪ .‬ويجعل الفكر ينفصل عن المادة والواقـع ويسترخـي ‪.‬‬

‫‪215‬‬
‫أما األحالم القدسية فتحدث والروح القدسية مازالت في الجسد ولم تكن قد غادرته‬
‫بعد فتأتي أحالمها سريعة صادقة ومغمورة بالنور والضياء ‪ .‬وعندما يستيقظ صاحبها‬
‫يكون منشرح القلب والصدر متفائالً ويشعر براحة نفسية ال يمكن تخيلهـا ‪ ،‬أما إذا كان‬
‫صاحب الحلم ( القدسي ) ضـال وبعيد عن الحـق ‪ ،‬فغالباً مايصحو من حلمه مبهو اًر‬
‫مذعو اًر باكياً مرتاعاً لما رأى ‪ ،‬فيأخذ باالستغفار وقراءة القرآن خوفاً الرسالة الرمزية التي‬
‫يحملها الحلم ‪ ،‬وتبقى صور تلك األحالم طويالً في ذهن صاحبها‪ .‬واألحالم القدسية تفسر‬
‫كما تُشاهد مهما كانت نفسية صاحبهـا ‪ ..‬كرؤيـة األنبيـاء والرسل والمالئكـة والصالحين ‪.‬‬
‫وبالتحديد رؤية سيدنا محمد (ص) وسيدنا المسيح عيسى عليه السالم وأمه مريم العذراء‬
‫البتول ‪ ،‬ألن األرواح القدسية الطاهرة هي التي تلتقي وتتقابل في مثل هذه األحالم ‪ ،‬كما‬
‫أن هذه األحالم خالية من الجن والعفاريت والشياطين ‪ .‬وقراءة القرآن في هذه الحالة تربط‬
‫العقل الباطن الخاص لإلنسان بروحه القدسية وتحميه من عبث الجـان والشياطين وتمنع‬
‫دخولهما إلى دماغ النائم والسيطرة عليه ‪ ،‬ويستمر هذا االرتباط حتى بعد تحررهما من‬
‫الجسد ‪ .‬ويلتمسا اللوح المحفوظ معاً ‪ ..‬فيأخذ هذا العقل منه بمقـدار قدسيته من الخير‬
‫والكشف ‪، ....‬‬

‫من أين تأتي األحالم ؟‬


‫تتقرر حياتنا الذهنية من نسيان الطفولة واألحالم والذاكرة بواسطة القسم الزواحفـي‬
‫والقسم الحوفي ويساهم في ذلك نصف الكرة األيمن من القشرة المخية‪ ،‬والتي ال تكـون‬
‫متطورة كثي اًر في مرحلة الطفولة ‪ ،‬وتتشكل األحالم بأنواعها تحديداً في العقل الباطـن‬
‫الخاص عند اإلنسان وترتسم صورها في الدماغ وكأنه شاشة تلفزيونية‪ .‬وبسبب الطبيعة‬
‫الت اركمية لتطور الدماغ فقد احتفظ بانطباعات وصور األحداث القديمة التي مرت بهـا‬
‫العضوية البشرية منذ نشوئها وتطورها حتى اآلن ‪ ،‬وانغرست تلك الصور وآثارها في العقل‬
‫الباطن الخاص للعضوية وبالتحديد في دماغها المادي الفيزيقي ‪ ،‬وبين حين وآخر تظهر‬
‫مجسدةً في خاطرنا‬
‫َ‬ ‫لنا بشكل أحالم اليمكننا التخلص منها ‪ ،‬ونعيشها قصصاً حيةً‬
‫وأدمغتنا ‪ ،‬وتؤثر فينا بطريقة اليمكننا تجاهلها ‪ .‬ولقد شرحنا موضوع األحالم وتفسيرها في‬
‫كتابنا ( طبيعـة الـروح وأسـرارها ) فمثالً الطيران في الحلم هو ذكرى للحالـة التي خلقت فيه‬

‫‪216‬‬
‫صورهُ عند األجنة في بطون أمهاتهم‪ ،‬أما الخوف والهروب في الحلم‬
‫ُ‬ ‫أرواحنا‪ ،‬والذي تتكرر‬
‫فهي صورة مطاردة وحش ألجدادنا قديماً وقد انخلع قلبه من الرعب وانغرست صور تلك‬
‫الحادثة التي مر لها في شريط الدنا له ثم انتقلت إلينا عن طريـق الوراثة ‪ .‬إذن بعض‬
‫األحالم هي أرث موروث يستحيل التخلص منه ‪ ،‬ألنه مغـروس في عقلنا الباطن وفي‬
‫أدمغتنا منذ أن ظهر آدم وحواء في هذا الكون ‪ ،‬وعلينا نحـن أن نعيش حوادثهم شئنا أم‬
‫أبينا ‪ ،‬وأن ننقله أيضاً لألجيال القادمة هديةً سمجةً ثقيلةً‪ ،‬هذا إن لم تكن قدسية عذبة‬
‫صنعتها روح قدسية طاهرة ‪ ،‬والتي عادة ما تحمل رسالة أو بشرى سعيدة ‪ ،‬ونحن نرحب‬
‫بهذه األحالم ونحبذ معايشتها ألنها تُفَ َسر كما ترى ‪ ،‬وتحقق لنـا ولمن سيأتي بعدنا سعادةً‬
‫تريح النفس وتسعدها في حياتها اليومية‪ ...‬عندها اليشعر النائم بالخوف من رؤيته‬
‫األفاعي والوحوش في أحالمه ‪ ،‬بل يجدها كائنات لطيفة وصديقة له‬
‫في الحلم يحدث كبت لنصف الكرة المخي اليساري المنطقي العلمي من الدماغ ‪ ،‬ومع‬
‫ذلك ال يتوقف نشاطه كلياً أثناء النوم‪ .‬بينما ينشط نصف الكرة اليميني العاطفي الغريزي‬
‫ويسيطر على النصف األيسر أيضاً ‪ ،‬كما أنه يملك قدرةً هائلةً على التآلف مع اإلشارات‬
‫الموجية العالية الذبذبة ‪ ،‬وهو عقل الزواحف ‪ ..‬أي هو عقل الغرائز والعنف والشهوات‬
‫الجنسية ‪ ،‬وطبعاً هنا بيت القصيد ‪ ..‬فالجن والشياطين يمارسون لعبهم وعبثهم في هـذا‬
‫العقل ‪ .‬فأثناء النوم تتغير فيزيولوجيا الجسد الحي وكيميائياته ‪ ،‬ويسرح الجان ويمـرح في‬
‫هذه الحالة الجسدية الال قدسية ويرسم في مخيلة النائم ما شاء له أن يرسـم ‪، ....‬‬
‫وبسبب سيطرة هذا النصف الكرة أثناء النوم أمكن تفسير العالقة المذهلة المتبادلة بيـن‬
‫انتصاب األعضاء الجنسية لدى الذكر واألنثى والنوم ‪ ،‬حتى بدون أن يكون الحلم حاوياً‬
‫على أي نوع من المظاهر الجنسية‪ ،‬مما يدل على أن االنتصاب الجنسي سببه وظائـف‬
‫عدوانية وطقوس جنسية مرتبطة بالقسم الزواحفي الغريزي من الدماغ البشري ‪ ،‬والذي‬
‫يعمل منفرداً ومستقالً عن الروح القدسية في األحالم البشرية أثناء النوم ‪ ،‬والغارق كلياً في‬
‫العقل الباطن الخاص الذي هو بنفس الوقت ساحة عمل الجن والشياطين والذبذبـات العالية‬
‫الترددات‪ ،‬أي بكلمة أخرى إن سبب وجود ت اربـط شديد الصلة بين االنتصـاب الجنسي لدى‬
‫الذكر واألنثى واألحالم هو ذبذبات الجن واستفـزازها وايحاآتهـا القويـة المسيطرة على العقل‬

‫‪217‬‬
‫الباطن لعدم طهارته وخضوعه للروح الجسدية فقط ‪ ،‬وكذلك سوء نية صاحبه ‪ .‬لذلك يجب‬
‫أن نحرص على أن تكون أحالمنا سعيدة قدسية تغلفها البركـة والنية الطيبة الشفافة‬
‫المملوءة بالمحبة الصافية الال مشروطة ‪ ،‬فيغدو العقل الباطن رفيق الروح القدسية ‪..‬‬
‫الدهر حظه ‪ ...‬وال‬
‫ُ‬ ‫ويسعـُِد‬
‫فتحميه وصاحبه من الجان والشياطين ‪ ...‬فيطول عمره ‪ُ ...‬‬
‫جسده ‪،...‬‬ ‫ان ِ‬
‫الجن َ‬ ‫يقرب أعو ُ‬
‫ظاهرة عجيبة جداً !! مساع أصوات األقدمني ومشاهدهتم ‪.‬‬
‫قد يستيقظ النائم على صوت ما كقرع الباب مثالً أو عامل يطرق بمطرقته ‪ ....‬فالمـخ‬
‫يصنع قصـة كاملة تغطي مجريات األحداث التي سبقت وقوع الحدث نفسه (الطـرق)‬
‫وبطريقة تراجعية تجعل من سماع الطرق نهاية تلك القصة ‪ ...‬هذه الظاهرة العجيبة من‬
‫صوُرهم إذا أمكـن تملك هذه‬
‫الممكن استغاللها في الحصول على أصوات األقدمين ‪ ،‬وربما َ‬
‫الظاهرة والتعامل معها والتحكم بآليتها‪ ،‬إذ يكفي أن ندخل في دماغ النائم نهاية قصة‬
‫يتحرض ويكشف تفاصيل مجرياتها كما حدثت فعالً قديماً‬
‫واقعية حدثت قديماً فإذا بالمخ َّ‬
‫‪ ..‬وكثي اًر مانشاهد في أحالمنا وبشكل تلقائي مثل تلك القصص ‪ .‬لكننا هنا نأمل تحويلها‬
‫ألداة طيعة يمكن التحكم بها في أي وقت وزمان لكشف ماسلف من أحداث تاريخية **‬
‫ــــــــــــــــــــــ‬
‫الفصل الثاني والعشرون‬
‫الجـن والتقمـص‬
‫هل عشت سابقاً ؟ وهل تستطيع الخروج من جسدك ؟ وأن تنتقل بروحك عبر الكون ؟‬
‫وهل بإمكان الروح أن تتقمص جسداً ما ؟ وماهي حكمة التقمص ؟‬
‫موضوع التقمص هو موضوع قديم جداً تحدثت عنه حضارات كثيرة مثل الحضارة‬
‫الهندية والصينية ‪ ،‬وفي التيبت وفي البالد العربية أيضاً ‪.‬‬
‫يعتقد البعض ممن يؤمن بهذه الفكرة هو أن الموت ليس نهاية فعلية للحياة ‪ ،‬وانمـا هـو‬
‫متكررة ‪ ،‬وأنه في حال موت اإلنسان يحدث انتقال لروحه لكائن‬
‫مرحلة في دورة حياتية ّ‬
‫حي آخر يولد حديثاً ‪ ،‬أي تبعث تلك الروح ثانية في جسد آخر وال يشترط أن يتم ذلك في‬
‫نفس البلد أو في نفس المنطقة أو في نفس الفترة الزمنية أو حولها ‪ ،‬بحيث يتابع الكائن‬

‫‪218‬‬
‫الحـي الجديد مسيرة حياة الشخص المتوفـي ويحقق له رسالته في الحياة وكأن األمر‬
‫طبيعي تماماً ‪ ،‬والغريب في الموضوع أن مثل تلك األحداث ربما تركت في جسد المتوفي‬ ‫ٌ‬
‫رم اًز أو خدشاً أو أث اًر لعملية جراحية‪ ،‬وتظهر العالمة المميزة في جسد المولود الجديد‬
‫بنفس الشكل والموضع كما كانت للشخص المتوفي‪ ،‬وتبدو مظاهـر تلك الحالـة جلية من‬
‫خالل أحاديـث األطفال وتصرفاتهـم البريئة وهم في سنوات العمر األولى أو بعدها بقليل ‪،‬‬
‫فيتحدثون ببراءة عن أحداث مرت بهم قديماً وفي حياة عاشوها سابقاً دون أن يكونوا قد‬
‫مروا بها في حياتهم الجديدة‪ ،‬وأحيانا يمارسون ألعابهم في أماكن ( قصور ‪ ..‬منازل‬
‫مهجورة ) ولهم دراية ومعرفة سابقة بتلك األماكن وكأنهم عاشوا فيها فعـالً‬
‫لربما يرى أحدهم حلماً ويصفه لزمالئه بشكل جيد عن زيارته لمكان ما أو يصف‬
‫أحداثاً عنيفة وقعت بتفاصيل دقيقة كما لو كان قد عاشها فعالً ‪ ،‬وكم سمعنا من القصص‬
‫الغريبة عن أشخاص أحياء عاشوا في أحالمهم أحداثاً تاريخية قديمة وتحدثوا عنها بدقة‬
‫أثبت التاريخ صحتها فيما بعد ‪.‬‬
‫في عام ‪ 1081‬روت سيدة مصرية القصة التالية وكانت تحيا في مدينة أخرى غير‬
‫مدينة القاهرة ‪ :‬وهي أنها كانت ترى دوماً في أحالمها قص اًر عام اًر بالناس والحركـة‬
‫واألضواء‪ ،‬ووصفت للصحافة آنذاك ذلك القصر بدقة عجيبة وأعطت أسماء أشخـاص‬
‫عاشوا فيه ‪ ،‬وروت من األحداث والوقائع مايشير إلى أنها كانت تحيا فيه فعالً وفي تلك‬
‫الفترة الزمنية دقيقة بدقيقة ‪ ،‬وبالبحث والتقصي أمكن معرفة زمن وقوع تلك األحـداث وهي‬
‫الفترة األولى من عهد المماليك ‪ ،‬والتي تعود إلى ما قبل مائة وخمسين سنة مضت‬
‫مكونة من علماء تاريخ وآثار وسياحة وصحافة من السيدة المذكورة أن‬
‫وعندما طلبت لجنة ّ‬
‫ترافقهم لزيارة قصر يقع في مدينة القاهرة ُد ِهشت لشدة انطباق مواصفات القصر مع ما‬
‫كانت تراه في الحلم‪ .‬وأثناء الزيارة كانت ترشد اللجنة بسهولة تامة إلى كل مكان في‬
‫ين لهم كثي اًر مما أغفله التاريخ ولم يعرفه أحد عن ذلك القصر‪ ..‬ردهاتـه‪،‬‬
‫القصر ‪ ،‬وتَُب ُ‬
‫حجراته‪ ،‬ممراته السرية‪ ،‬األماكن الخفية فيه ‪ ، ..‬وكذلك األحداث التي وقعت فيه كمـا لو‬
‫أنها عاشت فعالً فيه ‪ ،‬واألغرب من ذلك هو أنها كشفت لهم وجود بعض الدمى من‬

‫‪219‬‬
‫القماش البالي كانت تلعب بها في حياتها األولى وهي مخبـأة في مكان سري ال أحـد يعرفه‬
‫سواها ‪، ...‬‬
‫أحياناً يكون الشخص المتوفي مات مقتوالً‪ ،‬أو مسجوناً‪ ،‬أو مظلوماً ‪ ،‬أو مقهـو اًر ‪...‬‬
‫يتعرف‬
‫فيخبر الشخص الجديد برسالته ‪ ،‬وعلى الشخص الجديد الذي حلت فيه الـروح أن ّ‬
‫على قاتله ويطارده في حياته ويكشف سره ‪ ،‬كما أن الشخص المتوفي قد يكون أخفى شيئاً‬
‫مادياً ‪ ..‬نقود ‪ ،‬مجوهرات ‪ ،‬كنز‪ ،‬فيدل الحي المتقمص لروحه على مكـان الكنز ويكشف‬
‫له سره ‪ ..‬والى ما هنالك من قصص في هذا المجال ‪ ،‬حيث تبدأ بشخص يتوفى ويأتي‬
‫آخر في عصر آخر أو من جنس آخر ويتابع مسيرة حياته وينفذ وصيتـه‬
‫الحقيقة أن مثل تلك القصص تتكرر يومياً في عديد من المناطق على سطح كرتنـا‬
‫األرضية‪ ،‬بل إنها حدثت وتحدث وبغ ازرة لدى عديد من الشعوب والحضارات واألديان وال‬
‫عالقة لها بالتقدم العلمي أو بالتخلف ‪.‬‬
‫إذا بحثنا ذلك األمر من الناحية العلمية‪ ،‬فال شيء يمنع حدوث مثل تلك الظاهرة‪ ،‬فكما‬
‫حلت الروح أوالً في جسد ما بتطابق شيفرتي الروح والجسد‪ ،‬فباإلمكان أن تحل في أي‬
‫جسم عضوي آخر طالما أن المادة الموجودة في كوننا ثابتة الكمية‪ .‬وجميع األحياء على‬
‫سطح األرض ‪ ...‬وفي أي عصر أو زمان ما ُهم إال إعادة تركيب وتكرار لنفس الجمل‬
‫الكيميائية (جذور ومركبات وحموض آمينية) سبق أن تركبت في الطبيعة سابقاً‪ .‬فالجنين‬
‫الذي تتكون خاليا جسده اآلن ‪ ،‬إنما يتم ذلك من مواد كيميائية موجودة في األرض‪ ،‬وقد‬
‫تكون لشخص مات قديماً وتحلل جسده ووصلت للجنين عن طريق تغذيـة الوالدين مما‬
‫أكاله من ثمار األرض وخضارها ‪ ،‬إذن العضويات الحية الحديثة ما هي إال شكل مـن‬
‫أشكال إعادة تركيب العضويات بأشكال مختلفة ‪ .‬أما بالنسبة للروح فهي ال تتفكـك وال‬
‫تتحلل‪ ،‬وهي قوية جداً ولها أطياف معقدة أعدادها الباليين‪ ،‬ولها شيفرات ورموز خاصة‬
‫متشابكة غاية في التعقيد تشكل بمجموعها شبكة الروح الجسدية ولكل منها شيفرة محددة‬
‫وعلم الروح وعلى ضوء هذه النظرية ال ينفي حدوث هذه الظاهرة‪ ،‬ألنه من المحتمـل‬
‫والمتوقع وبشكل طبيعي أن تتشابه الشيفرات الروحية الجسدية ولمدى كبير بين البشـر‬
‫طالما أن وظائفها متماثلة كما تتشابه أجسام النوع الواحد من الكائنات الحية‪ .‬ففي بيئـة‬

‫‪221‬‬
‫واحدة يتناول سكانهـا نفس ألوان الطعام وشرابه وهوائه‪ ،‬ولهم عـادات متماثلة مثـل ساعات‬
‫النوم والصحو والعمل ‪ .‬كل ذلك يجعل من أمر التطابق الطيفي الجسدي أمـ اًر وارداً فعالً‬
‫فيحصل نوع من التآخي أو التبني بين الشخص الميت والمولود الجديد ‪ ،‬لهذا يمكن أن‬
‫يحل طيف شبكته الروحية في النسيج الجسدي للمولود الجديد‪ .‬ويساعد في ذلك ليونة‬
‫عضوية جسده المولود حديثاً وكون خالياه مازالت خاليا جسدية فقـط ولم تتحول بعد‬
‫لخاليا جنسية ‪ .‬إذن التقمص هو انتقال جزء من طاقة المتوفي إلى روح وليد حديث وعبر‬
‫عقله الباطن ‪ .‬ليتابع له حل مسألة ما ‪ ،‬أو ليبلغ عنه رسالة ما ‪، ...‬‬
‫إذن هناك نوع من الحلول الروحي لبعض نماذج الطيف الروحي الجسدي للشخص‬
‫المتوفي بتطابق بعض من شيفرتها مع شيفرة‪ .‬ومن خالل ذلك تكتسب العضوية الجديدة‬
‫شعـو اًر باالستمرار وتتسلم معلومات ورسائل موجهـة من الشخص المتوفي إلى أبناء جنسه‬
‫لم يتمكن هو من إبالغها لهم خالل حياته‪ ،‬كما تتضمن تلك الرسائل أس ار اًر عديدة مر بها‬
‫أو قصصاً لم تنته معه‪ ،‬وعلى العضوية الجديدة أن تبحث لها عن خاتمة أو نهاية تضع‬
‫حداً آلالم الشخص المتوفي‪ .‬لذلك تحدث تلك الظاهرة في العضوية اإلنسانية الحية التي‬
‫تتكون حديثـاً ‪ ،‬وعند بلوغ الطفل سن الرشد يخرج منه الطيف الروحي للشخص المتوفي‬
‫ولألبد ‪ .‬بعد أن يكون الطفل قد بلغ رسالة المتوفي كاملة ‪ .‬عندها تشعـر روح المتوفي‬
‫بالراحة واالطمئنان بوصول الحق ألصحابه وتحقق أمانيها وتنفيذ وصاياهـا ‪.‬‬
‫ومما يبعث على تصديق تلك الظاهرة هي أنها صادرة عن أطفال وهم في سن البـراءة‬
‫يدعون أشياء غير صحيحة أو لم يمروا بها‬ ‫وتحدث عند معظم األطفال تقريباً ‪ ،‬فهم ال ّ‬
‫كما أنه ليس لديهم بعد موهبة االختراع وبراعة التأليف القصصي المتسلسل والمت اربـط‬
‫األحداث ‪ ،‬كما أن البيئة من حولهم صالحة ال تسمح لهم بالكذب‪ ،‬وهم غير مضطريـن له‬
‫لتبرير ذنب ما كما يفعل الكبار أحياناً ‪ .‬وبالتالي فإن ج َّـل أقوالهم صادقـة معبـرة وصادرة‬
‫عن قلب وفكر سليم لم تشوهها بعد أمور الحياة ‪.‬‬

‫ما هي احلكمة من ذلك ؟‬


‫في هذه الظاهرة المدهشة تخرج الروح عند الوفاة لخارج نطاق الزمان والمكان‪ .‬وبعد زمن‬
‫ما قد يطول أو يقصر تعود ثانية ‪ ،‬لكن بالنسبة لها ال يمرعليها زمن‪ ،‬والهدف من العودة‬

‫‪221‬‬
‫هو التطهير والتخلص من أخطاء وآثام قد يكون مر بها اإلنسان في حياته األولى‬
‫فالروح تعود لتتقمص شخصاً حديث الوالدة كي تتطهر من خاللـه ‪ ،‬ألنه يعطيها جسداً‬
‫تتحرك به ‪ ..‬فتطهر نفسها وتصبح جاهزة فيما بعد للمحاكمة اإللهيـة العادلة ‪.‬‬
‫التقمص حق للجميع لتحقيق تكافؤ الفرص بين أشخاص أحدهم طفل عاش مثالً عشر‬
‫سنوات وآخر عاش ثمانين عاماً ‪ .‬فيعود الطفل ُليتِ َم زمن حياته بالتقمص ‪ .‬وأما سبـب‬
‫ظهورها في أقوام وعدم ظهورها في أقوام أخرى! فالجواب بسيط‪ ،‬تحدث هذه الظاهرة عند‬
‫جميع األطفال ‪ ،‬لكن بعض األقوام اليسكتون الطفل عند شروعه بالحديث بمثل تلك‬
‫القصص ‪ ،‬بل ربما شجعوه كي يتسلموا رسالة الشخص المتوفي ليعملوا بها ‪ ،‬مما يشير‬
‫إلى احترامهم اإلنسان وانسانية الشخص المتوفي ‪ .‬ومن ثم يعملوا على تنفيذ وصيته بعد‬
‫اكتشافهم لها من خالل ظاهرة التقمص ‪.‬‬
‫أما األقوام األخرى فلربما لجؤوا إلسكات الطفل‪ ،‬وربما قاموا بتعنيفه لذكره مثل تلك‬
‫األقاويل ‪ .‬مما يؤدي به إلى حالة من الكبت النفسي واإلرهاق الروحي واإلحباط العقلي‬
‫وتعقيد فكري وعدم الثقة بالنفس وضعف في الشخصيه‪ ،‬وأخي اًر يكف عن التعرض لمثل‬
‫تلك المواضيع النفسية الراقية والروحية الهامـة ‪.‬‬
‫تستمر ظاهرة التقمص مشهودة حتى يصل الطفل إلى سن المراهقة تقريباً ‪ ،‬وخاللها‬
‫يبقى تقمص الذكر ذك اًر واألنثى أنثى ‪ ..‬وهكذا ‪ ..‬بغض النظر عن السن والعرق ‪ ،‬كما‬
‫أنه ليس للروح طائفةً دينيةً معينةً ‪ .‬فقد تُبعث الروح بالتقمص من شخص مسيحي لمسلم‬
‫أو بالعكس ‪ ،‬وطبعاً هذا يؤدي لتآلف الناس وترابطهم وتالحمهم‪ ،‬وللتقمص أشكال عديدة‬
‫هي ‪ :‬تقمص نسخ أو مسخ أو فسخ أو رسخ ‪ ،..‬ففي األول يحدث انتقال روح من جسد‬
‫إنساني لجسد إنساني آخر ‪ .‬وفي الثاني يحدث انتقال روح من جسد إنساني لجسد حيوان‬
‫( وهي حالة عقاب للروح على ما فعلت في الدنيا من آثام ) ‪ .‬وفي الثالث يحدث انتقال‬
‫روح من جسد إنساني لجسم نباتي ‪ .‬وفي الرابع يحدث انتقال روح من جسد إنساني أو‬
‫غير إنساني إلى جسد جامد ‪ ..‬حجر أو معدن أو أي شيء جامد ‪.‬‬
‫لربما كان التقمص هو إشارة إلى أننا قد عشنا حياة سابقة ‪ ،‬وعدنا اليوم لنتابع تلك‬
‫الحياة ‪ ..‬خاصة في الحاالت التي حدثت فيها كوارث طبيعية طوفان ‪ ،‬زالزل ‪ ،‬براكين‬

‫‪222‬‬
‫حروب حيث تقضي مثل تلك الكوارث على عشرات األلوف من البشر الذين لم يتمكنوا‬
‫من إتمام حياتهم القديمة ‪ ،‬فمثالً األحياء الذين ماتوا في انفجار قارة األطلنطس وغرقهم‬
‫في قاع المحيط األطلسي ‪ ..‬فمنهم أطفال ونساء ورجال وشيوخ ماتوا دون أن يكون لهم‬
‫نفس العمر ودون أن يأخذ كل منهم نصيبه كامالً من الحياة ‪ ،‬فمن المحتمل أن تتقمص‬
‫أرواحهم أجساداً جديدة تتابع مسيرة حياتهم كاملة ويتحقق لهم العدل والتكافؤ والمساواة مع‬
‫غيرهم من األرواح ‪ ،‬ولتكون أرواحهم جاهزة للمحاكمة اإللهيـة ‪.‬‬
‫ما أكثر أحالمنا الغنية بالمشاهد الكارثية الحية ‪ ..‬لربما كانت لنا هناك حياة ‪ ..‬ونحـن‬
‫نتممها اآلن !! ‪ .‬والسؤال اآلن هو ‪ :‬هل توجد عالقة بين ظاهرة التقمص والجـن ؟‬
‫والجواب هو‪ :‬أن ظاهرة التقمص هي ظاهرة روحية بحتة ‪ ..‬ال تتم عن طريق العقـل‬
‫الباطن ألنه يزول بحلول الموت ‪ ،‬وبالتالي ال توجد أية عالقة بين هذه الظاهرة والجـن أو‬
‫الشياطين ‪ ،‬فالروح التي تتقمص هي روح إنسانية شفافة المادية تبحث عن جسد كي‬
‫تطهر نفسها من خالله مما قد أصابها من آثام ‪ .‬والتقمص ظاهرة روحية وليست أثيرية أو‬
‫ذبذبية فال تلتقي بالجن وال بالشياطين ‪ ،‬واالختالف بينهم هو اختالف طبيعـة وليس‬
‫اختالف عالقة ‪ .‬وتبقى تلك الظاهرة نقية ال يقربها جن وال شيطـان ‪******** .‬‬

‫ـــــــــــــــــــــ‬
‫الفصل الثالث والعشرون‬
‫االتصـال بالجـان‬
‫ثمة مساحة ضيقة المجال يتماثل فيها شيء من طبيعة اإلنسان مع كينونة الجـان‪،‬‬
‫ففي هذه المساحة يتشابه أو يتماثل بعض أبعاد الروح الجسدية لإلنسان مع مثيل لها في‬
‫كينونة الجان ‪ ،‬وتلك األبعاد هي النصف البعد الزمني الرابع ‪ ،‬والبعد الخامس الالزمني‬
‫الذي يسود في األنفاق الكونية ‪ ،‬واألخير هو البعد السادس الموجي الذبذبي الفائق التردد‬
‫ومن المعلوم أن لإلنسان جسداً فيزيقياً مادياُ يشغل أربعة أبعاد ثالثة منها مكانية والبعـد‬
‫الرابع للزمن‪ ،‬ولروحه الكاملة عشرة أبعاد‪ ،‬ستة منها للروح الجسدية ( قائـد) ومهمتها قيادة‬
‫كل ذرة من ذرات جسد االنسان ( المنضدة في شرائط الدنا وغيرها ) لتنشىء منها وتقيم‬

‫‪223‬‬
‫جسد االنسان‪ .‬ومن ثم تشرف على حركته وحياته وبطريقة مماثلة لبقية الكائنـات الحية ‪،‬‬
‫وتتبع في ذلك مخططاً ذي شيفرة خاصة تسويته مسبقة التصميم من قبل الخالق العظيم ‪،‬‬
‫وتختلف هذه الشيفرات حتى في نفس النوع والجنس والفصيلة ‪.‬‬
‫تبدأ الروح الجسدية في تنفيذ مهمتها لحظة التقاء الحيوان المنوي المختار من بين مئآت‬
‫الماليين منها مع البويضة األنثوية الوحيدة ‪ ،‬وتبني الجسد من البيئة الحيـة الحاضنة له‬
‫كون الدماغ ليكون أداتها في متابعة تنفيذ مهمتها في‬
‫وهي بالتحديد جسم األم ‪ ،‬وأول ما تُ ِّ‬
‫إنشاء جسد الجنين واقامته ‪ ،‬ومعه يتك َّـون العقل الباطن الخاص للجنين البشري ويجعله‬
‫على صلة بالوجود والكون وبإشراف الروح الجسدية‪ ،‬ولكل من العقل الباطن وكينونـة‬
‫الجان من خالل البعدين ونصف البعد عالقة بالكهرباء وباألمواج الذبذبية‪ ..‬من هنا كان‬
‫مجال تأثير الجن في االنسان ‪ ،‬إذ يتم بين العقل الباطن الخاص لإلنسان والذبذبي للجان‬
‫وبالتالي فإن صفات الجان هي صفات العقل الباطن الخاص‪ ،‬لكن هذا المجـال ال يمس‬
‫إطالقاً الشطر اآلخر من الروح البشرية لإلنسان وهو الشطر القدسي منها ( الشاهد ) ‪( ،‬‬
‫وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد ـ قرآن كريم )‪ ،‬فهي روح قدسية عالمه طاهرة تح ُل‬
‫بالجسد البشري الكامل بأمر اهلل مباشرة وبكلمة منه وفي لحظة مح َّـددة ‪ ،‬وتتوضع في‬
‫أعلى طبقات دماغ الجنين البشري وأكثرها نبالً ‪ ..‬وهي خاليا القشرة المخيـة ذات المميزات‬
‫الراقية ‪ ،‬والتي تكسب االنسان إنسانيته وتزود عقله وفؤاده باالدراك والفكـر وتذوق الجمال ‪،‬‬
‫وتغني قلبه بالحب والمشاعر الوجدانية والنبيلة ‪ ..‬فيمتاز على الكائنات األخرى ‪، ..‬‬
‫تشغل الروح القدسية أربعة ٍ‬
‫أبعاد راقية نقية ال تشارك بها أية كينونة أخرى في الوجود بل‬
‫على العكس هناك تباعد ونفور بينها وبين الكينونات الخفية الال إنسانية ‪ ،‬وهم يفرون منها‬
‫ويتفادوها لقدسيتها واتصال الكامل بالعقل الباطن األثيري وباللـوح المحفوظ الذي أمرها‬
‫قـد َر و ِر َ‬
‫زق إنسانها كل ليلة ‪, ...‬‬ ‫فيه وتتلقى منه َ‬
‫يعتقد البعض بإمكانية تأسيس طرق اتصال مع الجن عن طريق العقل الباطن الخاص‬
‫عند االنسان معتمدين في ذلك على طبيعة هذا العقل وعلى عالقته بالكهرباء وبطبيعـة‬
‫الجان الذبذبية ‪،‬‬

‫‪224‬‬
‫محددة الترددات يستشعرها‬
‫تعتمد آلية االتصال على آلية األزيز في بث أمواج ذبذبية ّ‬
‫الجان‪ ،‬لكن المشكلة هي أن االنسان ال يعرف بعد ماهي الترددات المناسبة لذلك‪ ،‬وعليه‬
‫أن يبحـث ويجـرب كثي اًر في مجال األمواج بأنواعها ‪ ،‬وأن يطبق علوم الرياضيـات‬
‫واالحتماالت للتوصل لها ‪ ،‬فإذا ظفر بها واكتشفها الستطاع أن يمتلك ناصية الجن وأن‬
‫يخضعهم لسيطرته ويحقق عن طريقهم خوارق في األرض ال يمكن تخيلها !!!؟؟‪.‬‬
‫للوصول للعقل الباطن وتحقيق اتصال مع الجن البد من تخميد العقلين الواعي والذاتي‬
‫لدى اإلنسان ‪ ،‬ويتم هذا بجعله يقع في غيبوبة ‪ ،‬أو في حالة نوم قسري أو مغناطيسـي‬
‫سكر ‪ ،‬بحيث تجعل الشخـص في‬ ‫وهذا ممكن عملياً باستخدام مواد ذات تأثير تخديري أو م ِ‬
‫ُ‬
‫حالة وسطية بين النوم واليقظة ‪ ،‬عندئذ يمكن للشخص التعامل معهم أو على األقـل تخيُّل‬
‫تمكن من رؤيتهم )‪ ،‬ولعل أسهل طريقة وأفضلها هي التي يمارسها‬ ‫حضورهم ( ‪ ...‬لربما َّ‬
‫بعض العوام من الناس في االتصال بهم وهي النوم‪ ،..‬وعادة يلجأ المح ِ‬
‫ضرون للطريقة‬ ‫َُ‬
‫التالية ‪:‬‬
‫المنوم في موضع يكون فيه الصمت الشديد هو السائد‪ ..‬سكون مطلق‬
‫جعل الشخص َّ‬ ‫ُي َ‬
‫ٍ‬
‫كقاعدة مرجعية للتحري وكشف الذبذبات الصوتية الصادرة‬ ‫تقريباً‪ ،‬إذ يسلك هذا السكون‬
‫عن بث وأزيز الجان لإلنسان ‪ ،‬وتوضع أجهزة استقبال خاصة ذات حساسية فائقة قادرة‬
‫نوم ‪ ،‬فإذا استجابة عضويتـه‬
‫الم َّ‬
‫على التقاط مثل تلك الذبذبات وايصالها لدماغ االنسان ُ‬
‫فأنه يراهم رؤيا العين ‪ ،‬وكأن عمل تلك األجهزة هو ترجمة صورتهم له بطريقة مماثلة لما‬
‫تفعله أجهزة االستقبال الديجيتال في البث التلفزيوني ‪.‬‬
‫عندما يصوم االنسان صوماً شديداً ولعدة أيام متتالية يتعرض لحالة من فقـر دم شديـد‬
‫تسبب خلالً في هرمونات وأنزيمات جسمه ‪ ،‬ويدخل دماغه في غيبوبة نشطة بالتهيؤات‬
‫والهلوسة ‪ ..‬قد يرى اإلنسان من خاللها الجن وخالفه‪ ،..‬كما ُيعتقد أن اإلنسان الشخص‬
‫ضر يرى الجن أثناء مروره بسكرات الموت ويتحدثون معه ليحرفوه عن مشاعره‬ ‫المحتَ ِ‬
‫ُ‬
‫اإليمانية والروحية‪ ،‬وفي حال موته يكون سرورهم عظيماً لتخلصهم من بشر سواء كان‬
‫صالحاً أم طالحاً ‪ ،‬ألنهم في كلتا الحالتين ضمنوا عدم ِذكر اهلل ‪، ..‬‬

‫‪225‬‬
‫قد يشاهدهم اإلنسان في حاالت المرض الشديد ‪ ..‬مثالً حمى مصحوبة بارتفاع كبير‬
‫في درجة الح اررة أو في حاالت ارتفاع ضغط الدم أو انخفاضه الشديد‪ ،‬أو عند إغماض‬
‫ـث على‬
‫العينين أو عصبهما لمدة طويلة من الزمن ‪ .‬عندها تنشط الغدة الصنوبرية وتُح ُ‬
‫إفراز هرمون الميالتونين فيرى اإلنسان الجـن ‪ ،‬إذ يكون في هذه الحالة شبه نائم وفي حالة‬
‫غيبوبة حلمية مصطنعة ‪ ،‬كما تحدث لحظة مداعبة النوم ألجفاننا‪ ،‬وصور مثل تلك‬
‫المرحلة يعرفها كل البشر‪.‬‬
‫يدعي بعض من يمارس لعبـة التنويم المغناطيسي أو لعبة التنويم الذاتـي وااليحاء‬
‫الذاتي أن بإمكانه االتصال بالجن‪ ،‬وبعضهم يستعين مثل هذه األلعاب والمهارات بوضع‬
‫كأس من الماء أمامه لتسهيل عملية االتصال والرؤية أو بوضع شمعتين مشتعلتين ‪ .‬ففي‬
‫الحالة األولى يحدث امتصاص لألشعة الح اررية وما تحت الحمراء ‪ ...‬وربما إشعاعات‬
‫أخرى لها صلة بطبيعة الجن ‪ ،‬بينما في الحالة الثانية يحدث إغناء الجو بهذه اإلشعاعات‬
‫فتسهل رؤيتهم ‪.‬‬
‫المسكرات وأبخرة الكحول‬
‫المخدرات و ُ‬
‫يجب أن ال ننسى أيضاً دور العطور والبخور و ُ‬
‫والبنزينيات في هذا المجال‪ ،‬خاصة إذا ماتعامل اإلنسان معها بغ ازرة أو أدمن استعمالها‬
‫واستنشاقها‪ ،‬فهي تضعف الوعي وتلغي اإلدراك وتشتت اإلنتباه وتخدر الحواس ‪ ،‬وتهيم‬
‫باألحاسيس في أجواء وعوالم خيالية فضائية سحابية شاعرية ال وجود لها من صنـع الدماغ‬
‫الغارق في بحور العقل الباطن وغياب المخ والروح القدسية ‪ ..‬مثل تلك المـواد لها القدرة‬
‫على إدخال االنسان عوالم التهيؤات والهلوسة الصديقة لعالم الجان والشياطين‬
‫كما يعتقد آخرون أنه باإلمكان رؤية الجن والتخاطب معهم عن طريق ممارسة رياضة‬
‫اليوغا في خلوة هادئة وأن يمارس معها رياضة التأمل الفكري ‪ ،‬ففي هذه الحالة يحدث‬
‫تثبيط عمل عدة مناطق عصبية في الدماغ وبقاء منطقة واحدة تعمل بنشاط وافر فيشعر‬
‫اإلنسان أثناءها بشعور غريب كأن يشعر بأنه يطير أو يغوص في بحر أو يدخل قص اًر أو‬
‫يتخيل نفسه ملكاً أو أمي اًر ‪ ، ..‬أو أنه يرى جناً أو عفاريتاً أو شياطيناً ويكلمهم ‪،...‬‬
‫ُي ِظ ُن أن استعمال أبواق ضخمة (تكبير صيوان األذن) ربما يقوي الرؤيا السمعية عند‬
‫االنسان ‪ ،‬بحيث تصبح أجهزة االستقبال المرتبطـة بآلة السمـع لديه قادرة على إلتقاط‬

‫‪226‬‬
‫األمواج الالمسموعة الصادرة عن الجن ‪ ،..‬وبالتالي يمكن إدراك موضعه والتعامل معه‬
‫والرؤيا هنا ليست عينية بل هي إدراكية داخلية وتتم عن طريق العقل الباطن ‪، ..‬‬
‫ربما أدى تعاطي أنواع من األدوية أو إدخال مواد كيميائية غريبة للجسد البشري( كما‬
‫يحدث اآلن ‪ ..‬إدخال مادة السيلكون في الجراحة التجميلية) إلى حدوث خلل في اإلفراز‬
‫الهرموني واألنزيمي واختالل نسبهما في الدم ‪ ،‬مما يغير في كيميائه وكهربائية الشوارد‬
‫فيه ‪ ،‬وكهربائية السياالت العصبية الدماغية ‪ ،‬ومؤدياً ذلك لحدوث تغيُّر في منحى عمل‬
‫الجملة العصبية وتغير في درجة الوعي واإلدراك فيها ‪ ..‬بطريقة تجعل الجسم البشري‬
‫يصبح قاد اًر على إلتقاط أمواج لم يكن قاد اًر على إلتقاطها في حاالته العادية ‪ ،‬عندهـا يرى‬
‫اإلنسان الجن ‪ ، ...‬ويالها من رؤية ‪.‬‬
‫قد يقوم السهر الطويل بهذه المهمة‪ ،‬فالسهر الطويل يخفض كثي اًر من إفراز الغـدة‬
‫الصنوبرية لهرمون الميالتونين مما يحدث خلالً هرمونياً في الزيت األثيري الساري بين‬
‫كوندالينـي والغدة الصنوبريـة‪ ،‬فيسهل على العقل الباطن الخاص أن ينطلق في ميدان عمل‬
‫فيرى الجن ‪.‬‬
‫الجن ‪ ،‬فيغزو األخير دماغ االنسان ‪ُ ..‬‬
‫االتصال بالجن خطر جداً ألن تصرفاتهم ليست منضبطة أو مأمونة أو متوقعة‪ ،‬فهي‬
‫عبثية فوضوية ساخرة الجدية وال مسؤولة‪ ،‬وبالتالي عواقب االتصال بهم ليس مضموناً أو‬
‫حميداً في جميع الحاالت ‪ ..‬لربما لبسوا الشخص المتعامل معهم أو أصابوه بالمـس‬
‫واالستحواذ ‪ ،‬أو يعمدون إلى إتالف جزء من مخه فيفقد مساحة ال بأس بها من ادراكه‬
‫لذبذبات طبيعية كانت تصله من الكون فيضعف اتصاله واحساسه به تدريجياً ‪ ،‬وممـا يزيد‬
‫في خطورته أيضاً ما يرافقه من موسيقى صاخبة وأضواء ُمبهرة كما في حفـالت الزار‬
‫والحفالت الخالعية‪ ،‬إذ أن لبعض تلك األصوات واألضواء ذبذبات غير محسوسة تردداتها‬
‫فتاكة تسبب تشوهات دائمة في الدماغ والمخ فتُثبِط نشاطهما‪ ،‬مثالً صوت سوية شدته ‪12‬‬
‫ديسيبل ُيتلِف خاليا اإلدراك في الدماغ ‪ ،‬وتزداد خطورته أكثر اذا تجـاوزت ‪ 50‬ديسيبل‪،‬‬
‫حينها تتعطل مراكز اإلحساس بالمكان والكتلة فيشعر اإلنسان بخفة وزنـه وطيرانه في‬
‫الهواء أو سباحته في الفضاء وزيارته بعض أجرام الكون أو يشعر بتقلصه ودخوله عوالم‬
‫ال متناهيـة في الصغر ‪ ...‬كالذرة مثالً ‪ ،‬أو بانتفاخه وشعوره بالعظمـة واأللوهية وقدرته‬

‫‪227‬‬
‫على اختراق المحظورات ‪ ،‬لذلك تنتهي مثل هذه الحفالت بممارسات إباحية الأخالقية‪،‬‬
‫ومثل تلك التخيالت والهيؤآت يشعر بها مدمنو المخدرات والمسكرات لذلك عواقب‬
‫االتصال بهم ليست آمنة بجميع األحوال وال يفرز سوى األمراض النفسية والعاهات(‬
‫انفصام شخصية‪ ،‬انهيار عصبي‪ ،‬حذف الذات‪ ،‬انتحار‪ ،‬قتل اآلخرين‪ ،‬عاهات جسدية‪،‬‬
‫عمى بصري وبصيرة‪ ،‬الصمم‪ ،‬النسيان‪ ،‬فقدان الذاكرة‪ ،‬الشعور بالخواء الكوني والفضائي ‪،‬‬
‫الوهن الجسدي ‪ ..‬إلخ‪ ،).‬ويفسَّر ذلك طبياً على أن االتصال يسبب خلالً في كميات‬
‫ونسب الهرمونات واألنزيمات التي تفرزها الغدد الصماء وكذلك حدوث اختالل في النشاط‬
‫الكهربائي والكيميائي للجسم ‪ ،‬مما يجعل المتصل يعيش حياة فكرية ضبابية في عوالم‬
‫وهمية مرعبة النهاية لها والقرار وتصبح حياته مشفوعة بالكآبة والقلق وعدم اإلتزان‪ ،‬إذ‬
‫تضعف لديه الحواس المألوفة ‪ ،‬فيسمع أصواتاً التدركها أذناه ويرى عوالـم التدركها عيناه‬
‫‪ ..‬فهو دخل عوالم ماوراء الطبيعة من خالل عقله الباطن الذي ح َّـررهُ بنفسه ‪ ...‬فصار‬
‫يتحمل مسؤولية مافعـل ‪.‬‬
‫عليه أن يرتع مع الجان والشياطين وأن ُّ‬
‫إتصال شفاف‬
‫لربما كان هناك اتصال روحي شفاف بين أناس عميقوا اإليمان والجن‪ ،‬وغالباً ما يحدث‬
‫لهم ذلك في خلواتهم وفي حاالت الصفاء واالطمئنان الروحي وشفافيته ‪ ،‬وتساهم الروح‬
‫الكاملة في هذا اللقاء وفي إطار البعد السادس الذبذبي وعبر العقل الباطن الخاص بهـا‬
‫واألمر هنا ليس وسوسة شيطان أو إيحاء شر‪ ،‬فالروح تأسر الجني وتجعله خادماً طائعاً‬
‫لها ‪ ،‬ويتخذ اإلتصال في هذه الحالة شكل ظواهر خارقة مثل التخاطر واالستبصار عن‬
‫بعد وقراءة األفكار ونقل المعلومات ‪ ،‬وهذا ُيفسِّر ظواهر الحاسة السادسة عند اإلنسان ‪،‬‬
‫والتي يستقبل فيها معلومات عن طريق غير طريق الحواس الخمسة المألوفة ‪ ..‬فالروح‬
‫تدرك كل الذبذبات الموجية للجان ضمن نطاق البعدين والنصف ‪ ،‬ألن تلك األبعاد هي‬
‫أبعاد شطرها الجسدي‪ ،‬والعالقة هنا هي عالقة تعامل ‪ ،‬خاصة أن لكل إنسان قرين من‬
‫الجن ‪ ( ،‬ولوال كثرة الحفظة لتخطفتكم الجن من على فرشكم وفي طرقاتكم ) ـ حديث‬
‫نبوي شريف‪ ،‬لذلك الصالحون األتقياء فعالً والزاهدون في أمور الدنيا وفي حال دخولهم‬
‫عالم السكينة فإنهم يرون أشياء ال يراها اإلنسان العادي ويسمعون ما اليسمعه اآلخرون‬

‫‪228‬‬
‫تدريب لإلتصال ‪:‬‬
‫ُيظن أن االتصال بهم ممكن عن طريق تدريب العقل الباطن على التحرر واالنطالق‬
‫واالنفتاح ‪ ،‬وأحد التدريبات مثالً شل العينين بالجلوس لفترة طويلة في خلوة مظلمة ثـم‬
‫فتحهما فجأة أمام نور قوي ‪ ،‬أو عصبهما زمناً طويالً للضغط على المقلتين لنقل الوعي‬
‫واإلدراك إلى أعماق الوعي الصافي عند التدرب ‪ ..‬عندها تتعامل حواسه وما هو خلفها‬
‫شط عمل‬‫مع عقله الباطن فيراهم ‪ ،‬ويظن أن إضاءة مصباح أحمر صغير في الظُلمة ي َن ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫الغدة الصنوبرية المتكلسة عند كبار السن أو المتخامدة مع مرور األجيال وتعاقبها‪ ،‬وهذا‬
‫التنشيط يجعلها تلتقط الذبذبات الموجية المختلفة الصادرة عن األنس والجن ألن ساحـة‬
‫عمل هذه الغدة هي ساحة العقل الباطن‪ ..‬كما يمكن تقويتها بشكل كبير بالصمت والخلوة‬
‫لمدة أربعين يوماً مع قراءة القرآن والصوم وتركيز التفكير بشيء محدد لفترة طويلـة‬
‫ذهب تلك الجوائز‬ ‫الفواحش والفساد والحقد والحسد والغيرة والطمع والشر واألذى تُ ِ‬
‫الروحية والروحانية ‪ .‬والتي صار كثير من الناس يفتقر لمثلها في أيامنا هــذه ‪.‬‬
‫إذن ‪:‬‬
‫دنيا الجن وعالمهم هو عالم الصمت المطلق والظالم المطلق والح اررة العالية وعملهم يتم‬
‫من خالل العقل الباطن ‪ ،‬الذي هو عقل الحيوانات ‪****************** .‬‬

‫ــــــــــــــــــــــ‬
‫الفصل الرابع والعشرون‬
‫ألعـاب يمارسها الجـان‬
‫الصـرع ـ الشقيقة ـ المشي النومي ـ لعبة الشيش‬
‫يصدف أحياناً وأنت تمر في الشارع أن تجد شخصاً فاقد الوعي مرمياً على األرض‬
‫وهو يتلوى من تشنجات تصيب كل أعضاء جسده وقد تجمع الناس من حوله يحاولـون‬
‫مساعدته دون جدوى ‪ ،‬واذا سألتهم ماذا أصابه ؟ يكون جواب أحدهم أنه وقع بالساعـة ‪..‬‬
‫ص َرع‪ ،..‬وثالث يجيب بأنها نوبة ‪ ..‬إلخ من هذه األقوال‬
‫ويجيب آخر بقوله هذه حالة َ‬

‫‪229‬‬
‫قد تصادف مرة فتاة صغيرة السن وعلى غاية من الجمال وهي تتلوى من ألم دفيـن في‬
‫رأسها ‪ ،‬واذا سألتها عن السبب قالت ‪ ....‬هي الشقيقة ‪ ،‬وغالباً ما نسمع عن حاالت‬
‫عديدة الصابة نساء بهذه اآلفة عقب الوالدة ‪، ..‬‬
‫قد ترى أحياناً فيلماً سينمائياً أو تسمع أو ترى حاالت يمشي فيها النائم أو يتكلم‪ ،‬أو‬
‫يقوم بأعمال قد ال تخطر على بال ‪..‬كأن يمشي على طرف سور بناء مرتفع وبثقة تامة‬
‫أحد االمساك‬
‫ودون أي خوف من السقوط ‪ ..‬ولو سقط ربما اليصيبه سوء ‪ ،‬واذا حاول ٌ‬
‫به واعادته لسريره ال يفلح ‪ ،..‬ولو صحا هذا النائم من نومه فجأة وهو في هذه المرحلة‬
‫ألصابه رعب وذعر هائل مما يفعل‪ ..‬وربما سقط من لحظته وانتهى أمره ‪ ..‬بعضهـم‬
‫يمشي وهو نائم إلى الثالجة في منزله ويتناول الطعام ‪ ...‬ومنهم من يقوم بتنفيذ جريمة‬
‫دون تخطيط مسبق لها ‪ ..‬سرقة أو قتل‪ ،‬وينفذها في غاية االتقان‪ ..‬وربما في مكان بعيد‬
‫عن منزله وبدون أن يدرك شيئاً مما يفعل ‪ ،‬أي هذا النائم ينجز أثناء نومه وبدون إدراك‬
‫صاح‪ ،‬وعندما يصحـو ال يتذكـر شيئاً مما فعل ‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫منه أعماالً يستحيل عليه أداؤها وهو‬
‫قد تحضر إحتفاالً يمارس فيه بعض الصوفيين أو فقراء الهنود خوارقهـم المدهشـة فتراهم‬
‫يدخلون السيوف في أجسادهم أو يأكلون الزجاج أو يمسكون الجمر المشتعـل أو يسيرون‬
‫عليه أو يبتلعون المسامير إلى آخره من هذه الخوارق التي لم يستطـع العلـم إيجاد تفسير‬
‫لها بعد ‪،...‬‬

‫جميع هذه الحاالت الغريبة ( النوبات ) معروفة لكثير من الناس ‪ ،‬وتتخذ شكل أمراض‬
‫في حالتي الصرع والشقيقة ‪ ،‬وتتخذ شكل قدرات خارقة في الحاالت األخيـرة ‪ ،..‬ربما نجح‬
‫الم َرضية منها وايجاد أدوية مناسبة لتسكين آالمها‪ .‬لكن‬
‫علم الطب في تشخيص األنواع َ‬
‫العلم رغم تقدمه الهائل لم يزل عاج اًز عن تفسير أسبابها الحقيقية‪ ،‬ألن هذه النوبات في‬
‫حقيقة جوهرها ليست مادية رغم اتخاذها هذا المظهر‪ ،‬وانما هي حالة فوق نفسيـة جذورها‬
‫تقع خارج حدود المادة أي في ما وراء الطبيعة وال يندرج أمرها تحت أي بند علم مادي‬
‫إطالقاً ‪ ..‬وفلسفتها تعتمد على حدوث انهيار مفاجيء كامل للعقلين الواعـي والذاتي‬
‫للمصاب وتَ َح ّرٍر ٍ‬
‫كلي لعقله الباطن وانطالقه‪ ..‬ومن ثم اندماجه في العقل الذبذبي‬

‫‪231‬‬
‫الكوني‪ ..‬فيصبح نافذة للجان يتسللون عبرها للجسد البشري ويسيطرون على كـل ذرة وخلية‬
‫وشريان وعصب فيه‪ .‬ففي حالة الصرع يفقد المصاب وعيه تماماً فال يستفيد من هذه‬
‫خوارق هذه الحالة ‪ ،‬وكذلك األمر في حالة الشقيقة يطغـى األلم الحسي على هـذه القدرة‬
‫ويطمسها ‪ ،‬لكن الذي يستفيد ويستغل هذه الظاهرة هم أصحاب الطرق الصوفيـة وفقراء‬
‫الهنود‪ ،‬ألن اإلدراك لدى أحدهم يكون أثناء الحالة أعظمياً ‪ ،‬ويدرك تماماً مـاذا يفعل‬
‫ويستطيع السيطرة الكاملة على أفعاله وجسده تماماً‪ ،‬بينما يكون الوعي لديه ُم َّ‬
‫خد اًر‬
‫ومسيط اًر عليه من قبل العقل الباطن والجان فال يشعر بأية أحاسيس عضوية جسدية أو‬
‫‪ ...‬ألم ‪ .‬ويفسَّر ذلك من الناحية النفسية على أن صدمة تقع لحظة الدخول الفجائي للعقل‬
‫الباطن المتحرر إلى العقل الباطن الكوني الذبذبي ولقائه بالجن ‪ ،‬وتلك الصدمة تُ َع ِطـل‬
‫الوعي واالدراك في حالة الصرع ‪ ،‬وتعطل االدراك فقط في حالة الشقيقة ‪ ،...‬بينما في‬
‫حالة الخوارق تقوي االدراك وتوصله لقيمة عظمى وتُ َخِدر الوعي ألدنى مستوياته فـال يعد‬
‫يشعر المرء بما يفعل ‪ .‬إذ تولِّ ُد الصدمة درعاً غير مرئيٍ من أمواج ذبذبية تغلِّـف الجسد‬
‫المادي وتعزلـه عما يحيط به من مؤثرات وتقطع كل اتصال بينهما ‪ ،‬فيفقد هذا الشخص‬
‫إحساسه بالزمان والمكان فال يعد جسده يشعر بهما أو يتأثر بأي عامل خارجي فإذا ما‬
‫ب الشخص أو تعرض لعنف جسدي أو سقوط أو ُج ِرَح فإنه ال يتأثر إطالقاً بما يجرى‬
‫ض ِر َ‬
‫ُ‬
‫له‪ ،‬والغريب أنه عندما يصحو من النوبة ال تشاهد أية آثار عنف أو جـروح جسدية لديه ‪،‬‬
‫وبنفس الوقت تبعث الصدمة فيه طاقة أو قوة أو حالة فوق نفسية ( فائقة ) تجعله يقوم‬
‫قة تفوق قدراته الطبيعية ‪ ،‬وكأن مخلوقات خفيـة غير عاقلة من عوالم أخرى‬‫بأعمال خار ٍ‬
‫مقدر لها أن تُنفذ ‪ ،‬ويتم لها التحكم بفعالياته االرادية‬
‫تستعيـر جسده لتنفـذ من خالله مهمة ٌ‬
‫والالإرادية عن ب ٍ‬
‫عد بأن تلقي عليه درعاً ذبذبياً قوياً ‪ ،‬تغلفه به وتأسره به ‪ ،‬وهذا الدرع‬ ‫ُ‬
‫صلب جداً ال يمكن اختراقه ‪ ،‬وبنفس الوقت هو مرن جداً بحيث يسمح للجسد الحركة من‬
‫خالله ‪ ،‬فتبدو حركته الجسد كأنها مبرمجة ومشابهة لحركة الرابوت اآللي ‪ ..‬وهذا ما‬
‫يشاهد فعالً في حركات من يمارس الطرق الصوفيـة لحظات تقديمهم عروضهم الخارقة‬
‫‪، ..‬‬

‫‪231‬‬
‫التفسير العلمي‪ :‬يسبب االنهيار الفجائي للعقلين الواعي والذاتي للمصاب خالل النوبة‬
‫تغي اًر في غـ ازرة تدفـق الشحنات الكهربائية الميكروية الدقيقة عبر الدماغ ‪ ،‬أي بكلمة أخرى‬
‫يسبب خلالً محسوساً ومقيساً في كهرباء الدماغ‪ ،..‬فيتغير أداءه الكهربائي بطريقة ترفع من‬
‫قدراته العملية لمستويات أعلى من طبيعتها‪ ،‬مما يقيد فعاليـات الدماغ الواعية الحسية‬
‫واإلدراكية عند المصروع ‪ ،‬فتصبح حركاته ال واعية وال إرادية وال إدراك فيها ‪ ..‬وسببها‬
‫مؤثرات بث ذبذبية صادرة عن الجان عبر العقل الباطن الخاص لإلنسان‪ .‬أما في حالة‬
‫الشقيقة تكون العضوية واعية حسياً ولكن ال إدراك فيها ‪ .‬أما في حالة األلعاب الخارقة‬
‫دركة ذات إرادة ولكنها غير واعية وال إحساس فيها‪ .‬وهـذا بالضبط ما‬ ‫فتكون العضوية ُم ِ‬
‫يفسر سر ألعاب الشيش المعروفة في الطرق الصوفية والتي يصلون فيهـا لمستويات عالية‬
‫من القدرة الخارقة والعجيبة على إدخال السيوف المعدنية في أجسادهم أو أكلهم للزجاج أو‬
‫ابتالعهم للمسامير ‪ ..‬أو مشي ِهم على الجمر الملتهب أو إمساكهم له ‪ ...‬أو يدوس حصان‬
‫برجليه فوق بطونهم العارية ‪ ،..‬أو الوصول لمرحلة النوم الطويل أو التخشب وتخفيض‬
‫عمل القلب ‪ ..‬وربما إيقاف عمله ‪ ،‬فهم عن طريق ترديد الترانيم الدينية وما قد يصاحبها‬
‫من موسيقى صاخبة قوية ذات إيقاعات منتظمة ولمدة طويلة من الزمن ي ِ‬
‫دخلون عقلهم‬ ‫ُ‬
‫الباطن قس اًر لساحة الجان (المؤمن) ويجلبونهم ألجسادهم عب َـره ويحثونهم على التعامل‬
‫معها‪ ..‬فيغلفهـا الجان بدرع ذبذبي ويدعمـون قوتها بالطاقـة ويخدرون اعصابها فيمكنون‬
‫أصحابها من التحكم فيها‪ ..‬وحتى التحكم بسرعة جريـان الدم في عروقها ‪ ،‬فال تعد تتأثر‬
‫بالسيوف الخارقة وال بأي شيء من األذى‪ ،‬ولكن حالتا الصرع والشقيقة تختلفان قليالً عن‬
‫هذا ‪ ..‬فالمصروع يفقد الوعي واليتحرك من مكانه ‪ ،‬والمصاب بالشقيقة غالباً اليفقد الوعي‬
‫مع أنه يرحب بها كي يتخلص من آالمها‪ ،‬وعكس هذا الحال يحدث في نوبات المشي أو‬
‫الكالم أثناء النوم ‪ ،‬فهي حاالت ال يصاحبها ألـم بل ربما صاحبها سرور وزوال كبت ‪.‬‬
‫يظن البعض أن الضرب وتعنيف المصاب يخرجه من غيبوبته التي يمر بها أثناء النوبة‬
‫لكن هذا غير صحيح ‪ ،‬فالضرب والعنف اليؤثران فيه إطالقاً ألنه محمي بـدرع ذبذبي‬
‫واقٍ ‪ ،‬وحتى عندما يصحو ال تشاهد أية آثار عنف أو ضرب على الجسد ‪، ..‬‬

‫‪232‬‬
‫الص َرع والشقيقة والمشي أو الكالم أثناء النوم وحتى لعبة الشيش هي حاالت ليسـت‬
‫َ‬
‫مرضيـة عضوية وال تحدث نتيجة إصابة المرء بفيروسات أو جراثيم أو غيرها ‪ ،‬بل سببها‬
‫هيمنة الجان على دماغ الشخص المصاب وسيطرتها على طاقاته وتضخيمها له ‪.‬‬
‫أغلب الظن أن المصروع وأصحاب الشقيقة وأصحاب الطرق الصوفية يرون الجان‬
‫ويتعاملون معهم ويخاطبونهم ويتشاجرون معهم عبر العقل الباطن‪ ،‬ويبدو هذا األمر جلياً‬
‫من خالل حركاتهم وتشنجاتهم أثناء وقوع النوبة ‪ ،‬وعندما يصحون من تلك الحالة ربما‬
‫بعد ساعة أو أكثر يكونوا في أحسن حال ‪ ..‬وفي غاية السعادة واالنشراح وبطريقة غير‬
‫قابلة للتفسير‪ .‬كما اليبدو عليهم اإلنهاك أو التعب‪ .‬والغريب في الموضوع أن آثار غرز‬
‫السهام والسيوف تـزول سريعاً من جسدهم وال يبقى لها أي أثر فيه‪ ،‬مما يدعـم الرأي القائل‬
‫بسيطرة العقل الباطن عليه كلياً أثناء النوبة وكأنه كان محمياً خاللها ومحفوظاً من األذى‬
‫‪..‬حتى ولو أصيب بجروح بسبب الطعن والضرب وتبعاتهما‪ ..‬فإنها تلتئم بسرعة فائقة ‪.‬‬
‫مما يجعل مثل هذه النوبات لهم كأنها محطات است ارحـة أو غفـوة نوم هانيء في بحر من‬
‫عسل ‪ ..‬أو هو حلم يقظة وردي لذيذ ‪.‬‬
‫قد يسبـق نوبة الصرع حدوث تشنـج نفسي مثل الكآبة واألرق والهلوسة والعصاب‬
‫واالضطـراب‪ ،‬ويعتقد البعض أن تكرار نوبات الصرع قد يؤدي لحدوث مرض نفسي مثل‬
‫الجنون أو انفصام الشخصية لدى المصابين به ‪ ،‬وقد أثبتت البحوث الطبية أن لدى‬
‫مرضى الصرع ذبذبات أثيرية غريبة غير مستقرة في الدماغ وغير معروفـة األسباب سببها‬
‫الظاهري المادي هو تزايد في كهربائية الدماغ وحدوث خلل في كهربائية السيالة العصبية‬
‫‪ ،‬لكن ربما كانت الحقيقية غير ذلك وأن للجان دو اًر كبي اًر فيها ‪ .‬واستناداً لذلك يمكن‬
‫االعتقاد أن عملية غسـل المخ وازالة الذاكـرة ومسح المعلومات المخزنة فيهـا وبالتالي مسح‬
‫شخصية اإلنسان ما هي إال عملية دخول لعقله الباطن وتنشيط عمل الجن فيه بإعطاء‬
‫الدماغ جرعات كهربائية قوية بذبذبات معينة فتفتك بنظام العقل والذاكـرة وتدمر ُنظُ َمهُ‬
‫المعلوماتية وتبعثرها‪ .‬وطبعاً هذا العمل وادخال الجان في هذه اللعبة غالبا ما يؤدي لفقدان‬
‫اإلنسان لشخصيته وادراكه وربما وعيه‪ ..‬وأخي اًر ربما أوصله للمـوت ‪ ..‬بنفس هذه اآللية‬
‫ِ‬
‫وجد أنه باالمكان تشويش عمل الدماغ والتأثير على الذاكرة بتسليط أمواج كهرطيسية‬

‫‪233‬‬
‫بذبذبات خاصة عليه‪ ،‬ولوحظ أن هذا األمر يحدث بشكل طبيعي ولكن بسوية أقل بين‬
‫شخصين في حال تركيز تفكير أحدهما باآلخر ‪ ،‬إذ يحدث تنشيـط للعقل الباطن ألحدهما‬
‫فيسيطر على اآلخر ويغمره بذبذباته ويشوش تفكيره‪ ،‬لذلك كانت أفضل طريقة للدراسة عند‬
‫الطالب هي أن ينفرد كل طالب بنفسه في غرفة مستقلة واليشاركه فيها أحد ‪.‬‬
‫من الممكن أن ِ‬
‫يوص َل االنسان نفسه إصطناعياً إلى مرحلة الغيبوبة اإلدراكية الالواعية‬
‫وأن يتمكن من إيقاف جميع فعاليات جسده الحيوية والحركية تماماً‪ ،‬وأن يصل لمرحلـة‬
‫يبدو فيها ميتاً تماماً ( الالوعي ) مع أنه في كامل إدراكه لما يجري حوله ‪ ،‬وقد قابلـت‬
‫صحفياً يعمل في إحدى الصحف السورية مر بمثل هذه التجـربة عدة مرات ‪ ،‬حتى أن‬
‫الصحيفة التي يعمل بها نشرت الخبر التالي‪ ..‬مات وشيعوا جثمانه ‪ ..‬ثم عاد للحياة !!‬
‫وذلك في عددها ‪ /12202‬تاريخ ‪ 20‬رجب ‪1122‬هـ ‪ 1 /‬إيلول ‪ 2001‬م ‪ ،‬وخـالل‬
‫مقابلتي له وبحضور آخرين تبين أن موته السريري استمر لمدة ست عشرة ساعة كان‬
‫يدرك خاللها كل ماكان يجري حوله من كالم وأصوات وتشييع وصالة ونزول قبـر‪ ،‬وعند‬
‫َح ِل عقدة الكفن استنفر كل طاقته وصرخ عالياً وهو يقول ‪ (:‬أنا مازلـت حيـاً ) فهرب‬
‫المشيعون ‪...‬‬
‫من خالل شرحه للواقعة علمت أنه كان قد تناول قبلها كميات ال بأس بها من مادة ُم َنبِهه‬
‫نشط عقله الباطن بشدة فسيطرعلى‬ ‫وهي القهـوة وبشكل دفعات لعدة أيام متتالية ‪ ،‬مما َّ‬
‫كامل جسده وضخم قدراته جميعها ‪ ..‬فصار سمعه مطلقاً والرؤية مطلقة ‪ ..‬أي صـار‬
‫يسمع كل األصوات والكالم ويرى كل مايجري في الغرف المجاورة‪ ،‬كما صار بإمكانه أن‬
‫يدرك كل ما يجري حوله ‪ !!..‬وبقي على هذا الحال صاحياً بدون نوم مدة ثالثة أيام‬
‫وكان يشعر خاللها بهدوء عجيب ‪ ..‬وبعدها لم يعد يشعر بما يجري حوله من حركـات‬
‫وأصوات‪ ..‬وتتابعت األحداث ‪ ،‬وأخي اًر ظن أنه يعاني من كابوس جاءه أثناء النوم وشل‬
‫حركته بالكامل بحيث أبقى عيناه وجفناه ثابتان اليتحركان!! مع شعوره هذا صار يتذكر‬
‫كل ما جرى له خالل حياته ومنذ الطفولة وكأنه يستعرض شريطاً سينمائياً خالل دقيقة‪.. .‬‬
‫وأخي اًر أقتنع بأنه ميت ‪ ...‬وشعر كما لو أنه يسير في األثير محموالً عبر الضبـاب على‬
‫شيء لم يتمكن من إدراكه وقوة تضغطه نحواألسفل ‪.!! ...‬‬

‫‪234‬‬
‫الحقيقة أن ماجرى له هو حدوث انهيـار قسري للعقلين الواعي والذاتي بسبب تناوله‬
‫المادة المنبهه بكثرة ‪ ،‬وتال ذلك تَ َح ُّرٌر مفاجيء للعقل الباطن وبسط سيطرته على كامل‬
‫جسده وعقله‪ .‬مما أدخله في حالة فـوق نفسيـة اختلط فيها عقله الباطن بالعقل الباطن‬
‫الشامل ‪ ..‬فشاهد خالل سبوته عوالم غريبة محفوفة بالنور ‪ ،‬وكان من بين ما شاهده‪...‬‬
‫كائنات بشرية كانت حيةً في الدنيا ومحبوبةً لديه ‪ ،‬وأخرى كانت تمر من خالل جسـده‬
‫النفوذ الشفاف لم يدرك ماهيتها ‪ .!! ..‬والسؤال اآلن ‪ :‬هل مارآه هذا االنسان هو العالم‬
‫اآلخر ؟ أم هو عالم العقل الباطن الشامل ؟ أم هو عالم الكينونات الخفية ؟ وهل الموت‬
‫هو الكابوس األكبر في حياة االنسان ‪ ..‬؟ واالجابةعلى ذلك ‪ ..‬هي اهلل أعلم ‪ .‬والمهم أن‬
‫صاحب القصة عاد بسالم ‪ ..‬وسعيداً بنجاته ‪ ..‬وبما شاهد هناك ‪.!! ....‬‬
‫من الممكن معالجة الحاالت فوق النفسية المصحوبة بفقدان الوعي أو االدراك أو كليهما‬
‫معاً‪ ،‬كما في حاالت الصرع والشقيقة والمشي أثناء النوم ورؤية الكوابيس ‪ ....‬بهرمون‬
‫يعيد للعقلين الواعـي والذاتـي قوتهما ودورهما في الجسد البشري ليتغلبا على العقـل الباطن‬
‫ويأسراه ويعيدانه إلى قمقمه الذي فر منه أثناء النوبة ‪ .‬وهذا الهرمون السحـري هو‬
‫استقرره وهدوءه بإبعاده عـن ساحة العقل‬
‫الميالتونين الذي يعيد للجسد البشري توازنه و ا‬
‫الباطن الكوني الذبذبي الذي هو ساحة عمل الجان‪ ،‬ويعيد دماغ االنسان من عوالم ما‬
‫وراء الطبيعة إلى عالم الواقع والحقيقية ‪ .‬وينتهي بذلك فصل عنيف من فصول لعب الجن‬
‫**************‬ ‫باالنسان ‪، ....‬‬

‫ــــــــــــــــــــــ‬
‫الفصل الخامس والعشرون‬
‫عواطـف الجـن‬
‫االستحواذ‬
‫ظاهرة معروفة للعديد من الناس بتعرف باسم االستحواذ ‪ ،‬وسببها أن للجن رغبات‬
‫وشهوات جنسية وحاجات كاإلنسان تماماً ‪ ،‬فهم يتزاوجون ويتناكحون ويتناسلون كالبشر‬
‫تماماً ‪ .‬ولهم أسر وقبائل وعوالم ومواضع سكن كالبشر ‪ ،‬ويدركون كمال وجمال الجسد‬

‫‪235‬‬
‫البشري خاصةً أنهم يرونه عارياً‪ ،‬ويطلعون على كل عوراته ومناطق عفته الصغـرى‬
‫والعظمى لديه ‪ ،‬حتى أنهم يعيشون فيها أحياناً ‪ ،‬لكنهم ممنوعون عن رؤية بعض أطيافه‬
‫الجسدية إذا كان اإلنسان مستو اًر أو محجوباً بارتداء مالبس‪ ،..‬لهـذا كان على اإلنسان‬
‫االحتشام بالملبس أو على األقل لمناطق العفة لديه‪ .‬ولقصة نزع لباسهما داللة واضحة‬
‫على أن الجن ال يرى ِّ‬
‫بحدة وبوضوح ما هو محجوب برداء أو بستر ‪ ،‬وقراءة القـرآن‬
‫تكسب الجسد البشري ثوباً ال مرئياً وحائـالً يستحيل على الجان والشياطين دخولـه أو الرؤية‬
‫من خالله‪ .‬وما محاوالت الشيطان األولى في الجنة للتق ُّـرب من حواء وآدم إال لإلطالع‬
‫على جمال جسديهما الكاملين والمتكاملين والتمتع بمنظر تلك الصورة الجميلة لهما‪ .‬وتم له‬
‫ذلك فعالً حينما أوحى لهما نزع لباسهما فرأى سوآتهما وأراهما سوآتهمـا وأماكن عفتهما ‪،‬‬
‫وكشف لهما سـر شجرة الخلد وهي التناسل والتكاثر‪ ،‬وعلَّمهما آليـة الجنس ‪ ،..‬بحيث‬
‫شغلت تلك الشجرة وتبعاتها ‪ ..‬عقليهما وشغفت قلبيهما وجعلتهما ينسيا ذكر اهلل برهة‬
‫فكانت خطيئة ‪ ،‬وفقدا قدسية الجسد‪ ،‬ولم يعودا طاهرين بعدها لوال أن اهلل قبل توبتهما‬
‫وحلل الخطيئة بالزواج ‪ ،‬ومع ذلك مازالت آثارها ساحرة تشغل بال اإلنسان حتى يومنا هذا‬
‫‪ ،‬فقد انغرست صورتها وآثار لذتها عميقاً في جينات آدم وحواء وفـي عقلهما الباطن ‪..‬‬
‫وتحولت الخطيئة بفضل اهلل إلى حاجة حيوية لديهما‪ ،‬وعليهما إشباعها بالزواج‪ ..‬فأتى‬
‫حبها عشقاً يمأل الكيان‪ ،‬وأتى عشقه حباً يمنح حياة ‪،‬وغدا الحب والعشق محور وجود‬
‫وبرنامج حاجة تحقق الذات‪ ،‬ففي تنفيذه إزالة خطيئة وسعادة كيان بالزواج ولسان حالهما‬
‫يقول ‪ " :‬للخروج من شئ يجب الدخول فيه أكثر " لذلك كان الـزواج وتعدده واجباً‬
‫تحرر عقل وراحة نفس وتبرئة روح وتطهيـر جسد ومسح‬
‫مقدساً على الجميع ‪ ،‬ففيه ُّ‬
‫الديان‪ ،‬والعزوبية لعنة‬
‫ب من ّ‬ ‫وتقر ٌ‬
‫خطيئة‪ ،‬واإلكثار منه خير وبركة ‪ ..‬فهو رحمة رحمان‪ُّ ،‬‬
‫جان وندوة شيطان ‪ .‬وجميع الخالئق َو َعت هذه الحقيقة ‪ ..‬فأكثرت مـن االقتران ‪ ..‬حتى‬
‫على مستوى الذرة والبروتون واإللكترون والميزون‪ ..‬فالمادة حققته ‪ ..‬وعلى االنسان أن‬
‫يفهم الدرس ‪.!! ..‬‬
‫الجان ثنائي الكيان ‪ ..‬رغباته وحاجاته وشهواته مثل ثنائيات الكيان ‪ ..‬ومنها االنسان ‪..‬‬
‫وكالهما لذات الجمال يتذوقان ويعشقان‪ ..‬وبطقوس التكامل الجنسي وباالنفصـال الوالدي‬

‫‪236‬‬
‫ق ولذةُ ٍ‬
‫متعة‬ ‫جنس ولهفةُ شب ٍ‬
‫ٍ‬ ‫يتكاثران ‪ ،‬ويجمع لبهما ذات الحاجات واأللحان ‪ ..‬هي رغبةُ‬
‫واحساس نشوةِ عمرها عمر الزمان ‪ ،..‬وعلى هدى تلك الخطى أدرك الجان جمال‬
‫مفتون بفتَّانِ ‪ ،‬أغراهما‬
‫ٍ‬ ‫االنسان ‪ ،‬ولما اكتشف مواضع اإلثارة فيهما‪َ ..‬رَك َن إليها فكان أول‬
‫األجيال ‪،..‬‬
‫َ‬ ‫نظر إليها فكانت خطيئةٌ ‪ ..‬سحرت لب آدم وحواء و‬ ‫ق ُجرعةَ ٍ‬ ‫بتذو ِ‬
‫خلق اهلل اإلنسان في أحسن تقويم في عالم رباعي األبعاد ‪ ،‬وزينه بعقل حليم رشيـد ‪،‬‬
‫وخلق الجان من نار السموم الرقيق ‪ ،‬وال كرامة لهم وال قدسية مثل االنسان ‪ ،‬ومع ذلك هم‬
‫كينونات جميلة وليست قبيحة وأكثر ما يتخيَّله فنان ‪ ،‬ومعيار الجمال لديهم دقيق جداً‬
‫وحساس ‪ ،‬أدركوا به مدى روعة جمال البشر وتذوقوه فوجدوه في ريعان ‪ .‬وابليس كان أول‬
‫من أجرى في الوجود مقارنة القياس بين األشياء‪ ،‬فاكتشف سر تفضيل اهلل لإلنسان ‪..‬‬
‫فتمرد على الفاضل ‪ ..‬وجعل عشقه غيرةً ومن نفسه عدواً ذي شأن ‪.‬‬
‫ضياء وج ٍـه وتنهيـد آيـة‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫َيفتُنـهُ‬ ‫حذرنا اهلل بآياتـه استِحـوا َذ ج ٍـن‬
‫َّ‬
‫وعداوتهـم لهـم غيـرةٌ وهوايـة‬ ‫لهم في عشق اآلدمين مأرب وغاية‬
‫ولقصتنا معهم ألف رواية وحكايـة‬ ‫لـم يفارقونـا لحظة مـُذ ُخلِقنـا‬
‫ق واألحبابا‬ ‫العشا ِ‬‫أخلص ُ‬
‫َ‬ ‫على المدى‬ ‫قلب أنثى فكانت له‬ ‫جن ٍ‬
‫مغرم َ‬ ‫غزى ُ‬
‫فتقَطَّع ماكان لليانعات ُ‬
‫الخ َّرِد األترابا‬ ‫ـى‬
‫وجنيةٌ راودت بالعشق حل َـم فت ً‬
‫دم والخطايـا‬ ‫ذم وال ٌ‬‫في عشقنا لهم ٌ‬ ‫ولسان حالهم يقول لنسعد بهم فليس‬
‫َنحظَ بمثلها قبالً من أحبائنا ِ‬
‫الخالنـا‬ ‫اء لـم‬
‫لننهل من رحيقهـم نشوةً غر َ‬
‫يق وحـ اررة ‪..‬‬
‫لهفـةٌ ورغبـةٌ وحر ُ‬ ‫فتنة لغتهـا‬ ‫شعل في أجسادهم نار ٍ‬ ‫ُلن ِ‬
‫ـق في لهيب أجوائها الحمراء َجنانـا‬ ‫حلَّ َ‬ ‫فأشعلوا من عطر أجسادهم فينا نا اًر‬
‫وح ِرَم علينا فغنمناه منكم استحواذا‬ ‫حالالً ُ‬ ‫يابني آدم علمناكم العشق وغدا لكم‬
‫لكم فياليت ك ٌل منا ينقلب عاشقاً إنسانـا‬ ‫ِ‬
‫رحمات اهلل‬ ‫واعذروا َح َس َدنا لكم على‬
‫االستحواذ عند النساء أكثر من الرجال ‪ ،‬سببه األول هو عشق االنسان لنفسه واعجابـه‬
‫بجماله والتمتع به ‪ .‬يصاحبه إختالء المفتون بنفسه وتلذذه بالنظر لمفاتن جسده واهتمامه‬
‫بها وتعظيمها بالتزين والتبرج ‪ ...‬ومع تزايد وسوسة الشيطان في قلب صاحبها يصبـه‬
‫غرور وتكبُّر وتعاظم األنا األعلى عنده ليصل حد التمرد‪ ،‬عندها يهبط الجان من دماغه‬

‫‪237‬‬
‫ِ‬
‫ويستحوَذ مواضـع عفتـه ‪ ،‬ويسيطر عليها ويالزمها ويعبث بها مثي اًر رغباتها الكامنة‬ ‫ألسفله‬
‫حوذ (ذكر أو أنثى) تشنجات جسدية في غير وقتهـا وزمانها‬
‫بشكل فاضح ‪ ،‬فيعاني المستَ َ‬
‫يصل بنهايتها لمتعـة صاخبة عارمة قد ال يجدها في الزواج ‪ ،‬لذلك كثير من المستحوذين‬
‫يصبح ملبوساً من قبل الجان ِ‬
‫ويعزف عن الزواج ‪ ،‬والمتزوج منهم ُيحبـط في زواجه‬
‫ويصبح الزواج عبأً عليه اليستطيع تأدية طقوسه مع زوجه الشرعي فيفشل‪ ..‬لذلك كثي اًر‬
‫نساء ورجاالً وعلى غاية من الجمال والفتنة وقد أصابتهم العونسة ‪ ،‬أو طلبوا‬
‫ً‬ ‫مانشاهد‬
‫حوذون بالجسد البشري من ذكورالجان واناثها‬‫المستَ ِ‬
‫الطالق من أزواجهم ‪ ..‬هنا ينفرد ُ‬
‫والشياطين ويحظون بالكثير من المتعة في معاشرتهم الجسد البشري‪ ،‬واذا تمكن أحدهم من‬
‫استحواذ كامل جسد االنسان وعقله تحول االستحواذ إلى ٍ‬
‫لبس ال رحمة فيه‪ ..‬عندها يعاشر‬
‫الجني الذكر معشوقته اإلنسية في أي وقت يشاء وفي أي مكان وبعنف ‪ ..‬حتى أمام‬
‫الناس اآلخرين وتحت وقع أبصارهم وسمعهم ‪ ،‬وال يعد للملبوس في مثل هذه الحالة عقل‬
‫أو إدراك أو وعي ‪ ،‬والضحية ال تدري ما يحدث لها ‪ ،‬ولربما َّ‬
‫ظن المشاهد أنها حالة أو‬
‫شكل من أشكال الصرع لعنف ما يشاهده من تشنجات عضلية وجسدية تلم بالضحية ‪..‬‬
‫أو أنها مسرحية تقوم بها ‪ ...‬إال أنها حقيقة فعلية ‪ ، ..‬وتتم المعاشرة بيـن الذكر الجني‬
‫واألنثى اإلنسية الملبوسة تماماً كما يعاشر الرجل زوجته‪ ،‬وكذلك األمر في حالة معاشرة‬
‫أنثى جنية لضحية ملبوسة ذكر آدمي ‪ .‬ويشعر الملبوس أثناء النوبة بنشوة فيزيولوجية‬
‫فائقة ال تماثلها نشوة أخرى في الدنيا ‪ ،‬وتجعله هذه اللذة يغيب عن الوعـي لشدتها وكأنه‬
‫الملبوس وقع في حالة من حاالت الصرع ‪ .‬ويمكن استنتاج ذلك من حالة السـرور‬
‫واالنشراح التي تعقب هذه النوبات ‪ ...‬لتلك النوبات نتائج سلبية خطرة على صاحبها‪ ،‬ومن‬
‫مظاهرها تشوش التفكير واالختالل النفسي وفقدان الوعي والذي ربمـا أدى هذا بصاحبها‬
‫إلى االنتحار للتخلص من تلك النوبات ومما تسبب لحياته من تنغيص وتحويلها جحيماً ال‬
‫يطاق ‪ ،‬وكذلك إحرجه بإثارات جنسيةً ال أخالقية ال تقبلها األعراف االجتماعية وفي‬
‫أوقات وأمكنة غير مالئمين ‪ ..‬أو تسبب له العقم أو توقعه بمشاكل مع إناثه العديدين‬
‫حرض للغيرة والحقد والحسد‪ ،‬ودو اًر آخر هو دور‬
‫الم ِّ‬
‫العاشقين له‪ ،‬إذ يلعب الجان دور ُ‬
‫بيولوجي بحت إذ يوقظ لوثة الشر عند األشخاص الملبوسين من البشر ‪ ..‬فيحدث ماال‬

‫‪238‬‬
‫تحمد عقباه ‪ .‬وهذا مانراه ونحيا قصصه حية في عالمنا الدنيوي في كل يوم من استحواذ‬
‫الجان أو الجنيات على اإلنسان ‪ .‬وهو ال يقتصر على فئة معينة من الناس‪ ،‬واحتمال‬
‫حدوثه لدى المثقفين والعامة هو سواء‪ ،‬ويغلب حدوثه في اإلناث بين عمر تسع سنوات‬
‫إلى حوالي أربع وعشرين سنة ‪ ،‬بينما عند الذكور بين الثالثة عشرة سنة إلـى الثانية‬
‫والعشرين سنة ‪ .‬أي في األعمار التي يكون فيها االنسان يانعاً فتياً نشطاُ وجميالً‬
‫إن أكثر الحاالت التي ينشط فيها الجن بنوعيه الذكري واألنثوي هي أثناء النـوم ‪ ،‬إذ‬
‫تحدث إثارة وانتصاب لألعضاء التناسلية لدى الجنسين من البشر وبطريقة عجز العلـم‬
‫النفسي عن تفسيرها أو تحليلها‪ .‬ولربما تضمنت فصول األحالم وتفسيرها التي أوردناها في‬
‫كتابنا طبيعة الروح بعضاً من هذه التحاليل الدقيقة والهامة والمقبولة علمياً ‪.‬‬
‫إن مجال التالقي الطبيعي بين الجن واإلنسان هو مجال العقل الباطن والذي هو عقل‬
‫الشهوات والغرائز وحب الخلود والبقاء بالتكاثر الوالدي ‪ ،‬والذي اكتشفه اإلنسان بعد أن‬
‫دلهما الشيطان عليه‪ ،‬والذي اعتمد الجنس كأداة لتحقيقه‪.‬‬
‫يتمكن الجن من دخول الجسد البشري واستحواذه أو لبسه في الحاالت التالية ‪:‬‬
‫الحزن الشديد ـ الغضب الشديد ـ العنف الشديد ـ الخوف الشديد ـ الشهوة الجنسية الطاغية‬
‫‪ ..‬أي في حاالت الحب العنيف والعشق الصارخ ( االقدمون كانوا يهيمون على وجوههم‬
‫من العشق ‪ ،‬ويقرضون األشعار المطولة فيه ) ـ حاالت الفـرح الشديد وما يصاحبه من‬
‫دخل االنسان في حالة من التالشي النفسي‬‫غـرور وتكبـُّر وهرج ومرج وصخب ‪ ،‬مما ي ِ‬
‫ُ‬
‫وتحرر العقل الباطن الخاص وسيطرته على الجسد ‪ ،‬حتى ولو لـم يك هناك نوم أو أية‬
‫ُّ‬
‫إغفاءة‪ ،‬أي ال يلزم في هذه الحالة حدوث نوم تام أو غيبوبة كي يتحرر العقل الباطن ‪،‬‬
‫ليغدو مرتعاً ونافـذةً لدخول الجان والشياطين واستحواذ الجسد البشري وتملكه ولُبسه ‪.‬‬
‫عندها ينقلب االنسان خط اًر شرساً اليؤمن جانبه وهو في قمة نشوتـه العارمة ‪ ،‬وهذا يفسر‬
‫كثي اًر مما يقع مع الملبوس من معارك وشجار واقتتال عندما يكون في نشوته القصوى‬
‫والتي يفقد معها رشده ‪ .‬ويزداد األمر خطورة إذا كان ثمالً ‪ ،‬عندها يشغل الجن كامل‬
‫ساحة عقله الباطن وطاقاته النفسية والجسدية بغيـاب عقليه الواعي و الذاتي ‪ ..‬عندها‬
‫يفرض الجن سيطرته المطلقة ويتحكم به وبتصرفاته بشكل كلي ‪ ،‬ويثير لديه رغباته‬

‫‪239‬‬
‫المحرمـة ‪ ،‬وطبعاً هذا أمر سهل ويسير ألن جذور تلك الشهوات‬
‫َّ‬ ‫المكبوتة وشهواته‬
‫والرغبات مزروعة في كل خلية من خاليا الجسد البشري ‪ ،‬وبالتحديد في دناه‬
‫إلخراج الجني الذكر أو الجنية األنثى ال توجد وسيلة إال بإعادة الجسد البشري لحالة‬
‫طبيعية ُيغيَّب فيها العقل الباطن تماماً ‪ ،‬أي بمحاصرته واخماد سيطرته ‪ ،‬وذلك بتقويـة‬
‫وتعزيز العقلين الواعي والذاتي ودعمهما بشكل كبير‪ ،‬ويتم ذلك بجعل الشخص الملبوس‬
‫يندمـج بكل مشاعره وأحاسيسه بالحياة من حولـه ‪ ،‬وأن يخالط الناس ويتكلـم معهـم‬
‫ويحاورهم ‪ ،‬وأن يثير الناس من حوله اهتمامه بمظهره وأن يهتموا هم بأمره ويحرموه من‬
‫االختالء بنفسه ومشاغلته وبجعله يتمتع بالحياة ويتذوق أطايب الطعام والحلويـات والفواكه‬
‫كي ينشط عقله الواعي ليطغى على عقله الباطن ويسجنه‪ ،‬وكذلك تخفيض عدد ساعات‬
‫نومه لتقوية عقله الذاتي‪ ،‬الذي هو الصمام بين اليقظة والنوم والذي يمنع تسرب وتسلل‬
‫العقل الباطن إلى عالم اليقظة ‪ ، ..‬كما يحبذ في مثل هذه الحاالت تشجيعه علـى أن‬
‫يمارس األنواع العنيفة من الرياضة مثل المصارعة والمالكمة ‪ ،‬ألن األلم المصاحب لها‬
‫ينشط العقل الواعي ويضخم االحساس الجسدي لديه ‪ ،‬فال يبقى لدى الملبوس مساحة‬
‫زمانيـة أو مكانيـة خالية أو نفسية يمكن أن يستغلها الجان ليمارس نشاطه في الجسد‬
‫البشري الملبوس ‪ ...‬واألجدى من ذلك كله هو جعل اإلنسان يذكر اهلل كثي اًر ‪ ،‬ألن فـي‬
‫ذكر اهلل وتالوة القرآن كثي اًر مما يوقـظ المشاعـر وينبهها ويكسبها مناعـة ضد الشر ويدخلها‬
‫المدخل الصحيح والسليم لعالم الواقع الدنيوي واآلخر ‪ ،‬ويعيد العقل الباطن إلى قمقمه‬
‫حبط عمل الجـان‬
‫في َ‬
‫ِّد شراسته ‪ ....‬ويكفي الناس شره وضالله ‪ُ ..‬‬
‫ويقي َ‬
‫ومربضه ُ‬
‫ثمة طريقة يستخدمها بعض العرافين الشعبيين أو أصحاب الطرق الصوفية العارفين‬
‫وتعتمد هذه الطريقة على إ ارقـة دم حيـوان في نفس المكان الذي أُصيب فيه الملبوس ألول‬
‫مرة وبحضور الشخص الملبوس ‪ .‬وأن يحضر معه أمه ومن أقاربه المتقدمين في السن ‪،‬‬
‫ويمنع حضورها األطفال وحديثي السن‪ ،‬وأتذكر أنني حضرت مثل هذه الجلسة سماعيـاً‬
‫عندما كنت غالماً أبلغ من العمر حوالي عشر سنـوات ‪ ،‬وقد جمعنا أصحاب البيت نحن‬
‫األطفال في غرفة مجاورة لموضع ذبح األضحية ‪ ،‬وكانت الملبوسة هي إبنة الجيـران‬
‫وعلى آية من الجمال وكان لها من العمر حوالي إثنا عشرة سنة‪ ،‬فقد كانـت تعاني من‬

‫‪241‬‬
‫نوبات (علمنا فيما بعد أنها كانت) عمليات جنس مرهقة تغيب خاللها وبعدها عن الوعي‬
‫فترة البأس بها من الزمن‪ ،‬وعندما تستيقظ من النوبة تكون في غاية حاالت التعب‬
‫واالرهاق والراحة ‪.‬‬
‫لعل الصدفة وحب الفضول هما اللذان أوجداني في تلك الجلسة ‪ ،‬وكان العالج هـو‬
‫أن يذبح ذووها ديكاً لونه بني يميل للسواد ‪ .‬وبالفعل تم ذلك وأثناء عملية الذبح أطلقـت‬
‫وكلمات رعب ذاعرة ‪ ..‬وبصوت ليس هو بصوت طفلة‬ ‫ٍ‬ ‫الطفلة الملبوسة صراخاً مدوياً‬
‫صغيرة ‪ ،‬وانما كان الصوت خشناً أجشاً متحجرج استمر صدوره بضع دقائق ‪ ..‬كنـا‬
‫خاللها نحن األطفال المستمعين ( وأعتقد حتى الحضور من كبار السن ) نرتجف رعباً لما‬
‫يحدث ‪ ،‬وبعدها هدأ كل شيء وعندما سألنا عن سبب هذا الصراخ ‪ ..‬كان الجـواب أنه‬
‫صراخ الجني بصوت الفتاة أثناء اقتالعه وانتزاعه من جوف الفتاة الصغيرة ‪ ،‬وأنه لو‬
‫صدف أن وجد الجني طفالً مناسباً أثناء خروجه منها لدخل فيه مباشرة وللتو‪ .‬لهـذا السبب‬
‫عزلنا األطفال عن حضور هذه الجلسة ‪ ،...‬وبالفعل شفيت الفتاة من تلك النوبات تماماً‪،‬‬
‫وبعد سنوات تزوجت وكان ألطفالها الكثير من الجمال ‪ ،‬وصدف مرة أن تجرأت وسألتها‬
‫مطولة وبلهفة ُمستَغربة كأنها تروي لي وأنا صديق‬ ‫عن حادثة لُ ِ‬
‫بسها ‪ ...‬فأجابت بأجابة َّ‬
‫الطفولة القديم قصةً مازالت تعيش فصولها حية مشوقة إلى اآلن‪ ..‬استشفيت منها مدى‬
‫حنينها لتلك الحالة الممتعة الفوق نفسية الغير قابلة للنسيان ‪...‬؟؟!! ‪.‬‬

‫********************************************‬

‫ــــــــــــــــــــــ‬

‫الفصل السادس والعشرون‬


‫الجـن والسحـر‬
‫وجدنا في حالة االستحواذ كيف يستطيع الجان الدخول والسكن وامتالك ناصيـة‬
‫االنسان‪ ،‬واستغالله جسدياً ‪ ،..‬لكن في حالة السحر نحن البشر اللذين ندخلهم بأيدينا إلى‬

‫‪241‬‬
‫لُبِنا وأفئدتنا ( إلى عقلنا الباطن ) بمراودة أنفسنا في الحصول على أشياء ليست من حقنا‬
‫أو ال نستحقها ‪ ..‬فيلجأ بعض ضعاف النفوس والعقول المشوهة من البشر اللذين فقـدوا‬
‫إنسانيتهم وقدسية روحهم بممارسة أنواع من األعمال الخطرة الالمشروعـة ليحصلـوا على‬
‫مكاسب ليست من حقهم وبطرق تؤذي آخرين وقد تودي بهم إلى التهلكة ‪ .‬ولكـن من‬
‫رحمة الخالق أن كثي اًر من حاالت السحر ينقلـب فيها السحر على صاحبه ‪ ....‬ألن‬
‫السحر يولد كارمـا تحيـق بصاحبه وتُحبِـط عمله‪ ،..‬إن من يقوم بهذه الممارسات هم‬
‫حاقدون الضمير لهم يفتحون بعملهم هذا نافذة لدخـول الجان عبر العقل الكوني الذبذبي‬
‫إلى العقل الباطن الخاص للشخص المسحور‪ .‬ويتم إدخالهم أو حشرهـم بطرق قسريـة‬
‫سحرية غير طبيعية ‪ ،...‬وللسحر أنواع عديدة ‪ ،‬أهمهـا وأقواها هو السحر الذي يعتمد‬
‫الملكة الكهربائية للعقل الباطن والتي سنشرحها كما يلي ‪:‬‬
‫إن أداة ذلك السحر هي الكهرباء الساكنة ‪ ،‬حيث يشحن الساحر نفسه بكهرباء ساكنة‬
‫ويخزنها في جسده بحيث تصل مادتها لكل أعضاء جسده بما فيها دماغه ومخه‪ ،‬ويتم له‬
‫ذلك بأن يمسك بيده مادة عازلة كالزجاج أو األلماس أو العقيق‪ ..‬ويدلكها لمدة طويلة من‬
‫الزمن بمواد عازلة أخرى كالقطن أو الصوف أو فرو غزال أو شعر قط‪ ..‬إلخ فتدخـل‬
‫الكهرباء إلى جسده عن طريق أصابع يديه وتتركز في رأسه وعيونه وأيضاً في كل ما هو‬
‫رفيع مدبب طويل يمسكه بيده‪ ..‬عصى رفيعة مثالً ‪ ..‬من هنا جاء تقديس الفراعنـة‬
‫للحيوانات ذات الشعر أو الوبر أوالريش كالقطط وابن آوى والنسور والصقور واألفاعي ‪..‬‬
‫إعتقاداً منهم بقواها السحرية ‪ .‬وكان الساحر يعزل جسده بارتدائـه المالبس الكثيرة ُلي ِّ‬
‫خزن‬
‫ويحتفـظ بأكبر كمية ممكنة من الطاقـة الكهربائية في جسده ‪ .‬وبنفس الوقـت أثناء الدلك‬
‫كانت القطع الصلبة المدلوكة تكتسب شحنات كهربائية قوية ‪ ،‬وكان الكهنـة يدفنوها مع‬
‫موميات ملوكهم من الفراعنة لحمايتهم وكنوزهم المدفونة معهم من السرقـة بدعوى أنها‬
‫مسحورة وتصيب باللعنة كل من يدخل قبور الفراعنة ويسرقها ‪ ،‬والقصص كثيرة جداً في‬
‫هذا المجال ‪، ..‬‬
‫في أيامنا هذه ومن خالل العلم وخبرتنا اليومية أمكن تفسير عملية الشحن الكهربائية هذه‬
‫فاالنسان الذي يسيـر جيئة وذهاباً ولمدة البأس بها من الزمن على أرض بيته المغطاة‬

‫‪242‬‬
‫بالسجاد يشحن جسده كهربائياً بالتحريض بشحنات كهربائية ساكنة شديدة‪ ،‬وتزداد شدتها‬
‫مع زيادة الحركة وزيادة العزل‪ .‬واذا صدف أن المس هذا الشخص بالمصافحة ضيفـاً‬
‫حضر إليه ألصابه بش اررة كهربائية صاعقة بسبب إنفراغ الشحنة فيه ‪ ،..‬والحقيقـة أن لهذه‬
‫الشحنات في الحاالت العادية ضررها على نفسية االنسان وصحته الجسدية ‪،...‬‬
‫خزنة في جسم الساحر بحقلها الساكن في التفاعالت الكهركيميائية‬ ‫الم َّ‬
‫تؤثر الشحنات ُ‬
‫في خاليا دماغه وخاليا جملته العصبية ‪ ،‬وتلعب دو اًر هاماً في إفـراز الغدد الصمـاء‬
‫للهرمونات واألنزيمات والسوائل في جسده ‪ ،‬فيغدو جسد الساحر مشوهاً صحياً‪ ..‬نحيالً‬
‫ضعف‬‫عليالً وغير متوازن نفسياً ‪ ،‬يخترق هذا الحقل العقل الواعي كلياً للساحر‪ ،‬بينما ي ِ‬
‫ُ‬
‫عقله الذاتي فيتحرر عقله الباطن جزئياً وليس كلياً فال يتمكن من االنطالق والتحرر وأن‬
‫يفعل ما يريد ‪ .‬مما يبقيه خاضعاً إلرادة وسيطرة الساحر ‪ ،‬وكأنه نمر خاضـع إلرادة مدربه‬
‫‪ ،‬مما يرهق الساحر ويبقيه دوماً كئيباً متوجساً متطي اًر يقظاً ِ‬
‫حذ اًر قليل النـوم ‪ ،‬والجان يرتع‬
‫بحرية في جسده ولُبِه ‪ ،‬ربما م ّكن التحرر الجزئي للعقل الباطن الساحـر من إدراك بعضاً‬
‫مما يجول في خواطر ضحاياهم من أفكار ‪..‬‬
‫أما الحقل اآلخر فهو حقل كهربائي ذبذبي فوق كهرطيسي ينشأ من حركة الشوارد‬
‫والش اررات الكهربائية األدق من ميكرويـة في الوصالت العصبية الدماغية وغيرهـا‪ ،‬وهو‬
‫الذي ينقل الرسالـة الكوديـة من دماغ الساحر إلى مخ الشخص المسحور بشكل إشارات‬
‫ذبذبية تحمل فكرة محددة ‪ ..‬وهـذان الحقالن من القـوة بحيث يجعالن سيطرة الساحر على‬
‫الجان صارمة ومطلقة‪ ،‬فالينشط عملهم إال من خالل عقله الباطن وارادته وأوامره ‪ ..‬مما‬
‫يجعل تعاملهم معه مجدياً وفعاالً ولصالحه ‪، ..‬‬
‫تتركز الشحنات الكهربائية في أطراف أصابع الساحر وفي عصاه وهي تنتقل إلى‬
‫ضحيته عندما يلمسها بأي منهما بشكل سيال كهربائي وينتقل معها الجان ‪ .‬ويسبب هذا‬
‫السيال للضحية خد اًر وغيبوبة ‪ ..‬فتقع في حالة فقدان جزئي أو كلي للوعي حسب مقدار‬
‫جرعة السيال الواردة لها ‪ ،‬وأخطرها الغيبوبة الصاحية التي يكون فيها المسحور ال هو نائم‬
‫صاح ‪ ،‬وخالل تلك المرحلة يتسلل الجان إلى األعماق الداخلية للشخـص المسحور‬
‫ٍ‬ ‫وال هو‬
‫حتى يصل إلى عقله الباطن ويحتلها ‪ .‬بعدها يطلق الساحر أفكاره الحاقدة من من خالل‬

‫‪243‬‬
‫نظرات عينيه ويركزها في عيني الضحية فتدخلها بشكل إشارات كهربائيـة ذبذبية ‪ ..‬ويثبتها‬
‫ب إليه بدون أي إدراك أو‬ ‫ِ‬
‫الجان في دماغ المسحور وعقله الباطن ‪ ..‬فينفذ كل ما طُل َ‬
‫اعتراض أومناقشة ‪ .‬يستغل الساحر حالة الغيبوبة الصاحية ألبعد الحـدود وبشكل مجدي‬
‫ب إليه تنفيذه من‬ ‫ِ‬
‫وفعال بسبب قدرة المسحور خاللها على الحركة واالنتقال وتنفيذ ما طُل َ‬
‫مررها إليه الساحر وغرسها الجان في عقله الباطن بالبث واإليحاء ‪ ،‬ويفقد‬ ‫أعمال وأوامر ّ‬
‫المسحور خالل تلك المرحلة كل إحساس بالوجود من حوله وبوجـوده و بشخصيته ‪ ،‬وان‬
‫شعر بشيء فإنما يشعر شعور الخادم المطيع ‪ ،‬أو كحيوان تتحكم به غرائزه وطبعاً هذا‬
‫يصورون له مقدار اللذة التي سجنيهـا من تنفيذ ما طلب إليه‬
‫كله في صالح الجان ‪ ،‬إذ ِّ‬
‫ويغرونه بمكاسب ومتع جسدية كثيرة ‪ ،‬ويضخمون طلبات السـاحر وهيبته‪ ،‬وطبعاً السحر‬
‫ال يغير من طبيعة األشياء لكنه يؤثر في نفسية المسحور ويجعلها تتشكل وفق القالب‬
‫الذي صممه الساحر في فكره وبطنه وأوحاها بشكل إشارات ذبذبيـة للمسحور ‪ ،‬ويساعد‬
‫الجان في رسم تلك الصورة في دماغ المسحور ومخيلته خاصة أن طبيعتهم البعدية‬
‫السادسة والسابعة هي من طبيعة العقل الباطن للمسحور ‪ .‬فيصدق كـل ما يوحى له ‪.‬‬
‫غالبا ماتكون مطالب الساحر ومآربه غير قابل لإلنجاز بطرق طبيعية ‪ ،‬وأغلبها ُيراد به‬
‫إيقاع الشر واألذى بالمسحور أو بمن حوله‪ ،‬والنفس االنسانيـة السليمة تأبـى بشكل فطري‬
‫إيقاع األذى باآلخرين ‪ ،‬لكن يمكن للشياطين من الجن واإلنس ممن ألغى صفـة االنسانية‬
‫لديه أن يعبث بلب وفؤاد اآلخرين عبر العقل الباطن وأن يؤثر فيه‪ ،‬وهذا هـو هدف كل‬
‫ساحر مأفون يساعده في ذلك جان وشيطان ملعون ‪ ..‬فمن طبيعة الجـن أن يحث على‬
‫الشر ويشجع وقوع األذى والضرر باإلنسان وهذه مبتغاه أصالً ‪ ،‬وها قد أتى السحر‬
‫والساحر وفتحـا بابـاً لعمل الجان والشياطين في النفس البشرية‪ ،‬فانجز الساحر وشياطينه‬
‫معاً من خالل جسد بشري ما ال يمكن لهم إنجازه في عالم الحقيقة ذاتيـاً ‪ ،‬إذ حطـم لهم‬
‫الساحر وأزال عوائـق وحجب كانت تحول بينهم وبين تنفيذهم الشر واألذى بالبشر هذا من‬
‫ناحية ‪ ،‬ومن ناحية الشخص المسحور إذا استمر السحر طويالً إنهـارت قواه الجسدية‬
‫والعقلية مع مرور الزمن ‪.‬‬

‫‪244‬‬
‫من الناحية العملية العلمية أمكن الوصول إلى هذه الدرجة من اللقاء بين الجان والعقل‬
‫الباطن لكن بطرق أقل قسوة واجراماً من تلك‪ ،‬وذلك عن طريق التنويم المغناطيسـي ‪.‬‬
‫وج َد أنه من الممكن التخلص من السحر بغمر الشخص المسحور عدة مرات بالماء‬ ‫ِ‬
‫الم َملَح يحتوي على شوارد كهربائية ‪ ..‬وعند‬
‫المالح كماء البحر مثالً ‪ ،‬فالماء المالح أو ُ‬
‫غمر المسحور فيها تُ َعِدل الشحنات الكهربائية المسيطرة عليه وتساعده في التخلص منها‬
‫كما يمكن إخراجهـا بجعل المسحور يقوم بحركـات عنيفة ورقصات صاخبة فيستهلك الطاقة‬
‫المختزنة في جسده فيتحرر من الشحنات اإلضافية التي أدخلها الساحر في جسده كما‬
‫غني‬
‫يمكن تخليصه منها بإسكانه في غابة باردة رطبة لمدة من الزمن ‪ ..‬ألن جوها ٌ‬
‫بشحنات كهربائية معاكسة وهي اإللكترونات ‪ ، ..‬وعلى هذا األساس يمكن إجراء عالج‬
‫لمثل هذه الحاالت بلمس الشخص المصاب بقطع معدنية باردة فيحدث تفريغ للشحنـات‬
‫الكهربائية بواسطتها ‪ ،‬ولعل العالم االنكليزي مسمر هو أول من استخدم في معالجاتـه‬
‫لمرضاه النفسيين قضباناً معدنية أو مغانط مغمورة في مغاطس مائية ظناً منه أنها تشفي‬
‫من األمرض النفسية‪ ،‬لكنه في الحقيقة كان يزيل الشحنات الكهربائية المختزنة في العقل‬
‫الباطن لهؤالء المرضى ‪، ..‬‬
‫إن المعالجة من مثل هذه الحاالت ضروري جداً كي التتحول الغيبوبة الصاحية إلى‬
‫غيبوبة دائمة أو إلى شلل أو فقدان كامل لإلرادة واإلدراك ‪.‬‬
‫إشعاع‬
‫ٍ‬ ‫وج َد أن أكل بضع تمرات وبالتحديد سبع تمرات ُيولِّ ُـد حول الجسد البشري هالـةَ‬
‫ِ‬
‫غريبة التكوين والطبيعة‪ ،‬لونها أزرق التستطيع أية موجة كهرطيسية أو أي حقل كهربائي‬
‫اختراقها‪ ،‬أي تشكل الهالة الزرقاء اللون حول الجسم درعاً منيعاً المرئياً يحميه من كل ما‬
‫يحيط به من مؤثرات ‪ ،..‬وبالتالـي ُيلغى مفعول السحر والحسد وعمل الجن والشياطين‪،‬‬
‫فالعين الحاسدة تمتص كل األلوان ماعدا اللون األزرق فهي غير قادرة على امتصاصه أو‬
‫اختراقه ‪ ،‬وكما هو معروف أن اللون األزرق هو اللون الذي تتعامـل به االلكترونات بشكل‬
‫طبيعي مع الطاقات حولها‪ .‬ومن المعلوم أيضاً أن مناطق نمو أشجار النخيل هي‬
‫الصحاري ‪ ،‬وهي بنفس الوقت األماكن األكثر تواجداً وازدحاماً بالجن‪ ،‬لذلك كانت‬
‫الصحراء هي الـداء ( معمورة بالجان ) وهي الـدواء ألن الثمر الذي ينمو فيها هو التمر‬

‫‪245‬‬
‫والبلح والعجوة‪ ،‬ففي هذه التمـور واألعنـاب عالج لكل األمراض األثيريـة والذبذبيـة ‪ ,‬التي‬
‫ٍ‬
‫وسـر يكمن‬ ‫ربما كانت أسبابها آتيـة من عوالم تقـع في مـا وراء الطبيعـة فأي عجـب‬
‫في هذه الفاكهـة الثمريـة !!؟؟ ‪.‬‬
‫واآلن نصل لنهاية قصتنا وبحثنا في طبيعة الجن ونتساءل أال يوجد نهاية للجن ؟ وكيف‬
‫تكون تلك النهاية ؟‬
‫ويأتي الجواب التالي ‪ :‬طبعاً هناك نهاية‪ ،‬فلكل مخلوق نهاية ‪ ،‬فعندما تحين ساعة النهاية‬
‫‪ ....‬يختل نظام الكون ‪ ...‬يموت الجن جميعاً كما يموت أي كائن آخـر ‪ ..‬ويعـودوا إلى‬
‫عنصر مادتهم األولى التي خلقوا منها ‪ ....‬وهي مارج النـار ‪.‬‬

‫*********************************************‬

‫ــــــــــــــــــــــ‬

‫‪246‬‬
‫الفصل السابع والعشرون‬
‫الجـان والكـوارث‬
‫أحياناً يقدم المذيع التلفزيوني النشرة الجوية وهو مبتسم ويخبر المشاهدين أن اليوم‬
‫التالي سيكون يوماً دافئاً لطيفاً ‪ ،‬ويشجع المشاهدين على القيام بنزهات سياحية والسفـر إلى‬
‫األرياف لقضاء يوم عطلة جميل ‪ .‬ويفرح المشاهدون بمثل هذه التنبؤات ويبـدؤون‬
‫بالتخطيط للقيام بنزهة أو برحلة استجمام و ارحة‪ ،‬وفي منتصف ذلك النهار وهم ينعمون‬
‫بنهار مشرق جميل ‪ ،‬إذ تأخذ السحب بالتكاثف فجأة ‪ ..‬وتتلبد السماء بالغيوم ويصاحب‬
‫ذلك هبوب رياح قوية ‪ ،‬وال تلبث أن تلمع السماء بالبرق ويضج األفق بالرعد ‪ ،..‬ويبدأ‬
‫المطر بالهطول ‪ ،‬واذ بإعصار عنيف غير متوقع يضرب في ذلك اليوم ويشتت النـاس‬
‫ٍ‬
‫نحس أغبـر ‪ !!...‬لماذا‬ ‫ذات اليمين وذات الشمال ‪ ،‬ويتحول ذلك اليوم بقدرة قادر إلى يوم‬
‫حدث هذا األمر الالمتوقع فجأة بالرغم من استخدام أحسن التقنيات وأفضل الوسائل في‬
‫التنبؤ واألرصاد الجوية ؟ ويكون جواب علماء األرصاد بأن شيئاً ما قـد حدث وال يدرون‬
‫سببه‪ ،‬وأن ما أذاعوه هو بالضبط ما أخبرتهم به أجهزة الرصد المتطورة لديهم ‪ ،‬ومهما‬
‫حاولوا تبرير ما حصل فإنهم يفشلون تماماً ويسقط في أيديهم‪ ،..‬وكذلك األمر في حالة‬
‫الزالزل والبراكين ‪ ..‬إذ تحدثا أيضاً بآلية مماثلة‪ .‬ويالحظ أن جميع هذه الظواهـر تكون‬
‫مصحوبة بحركة وصوت ‪ ،‬وتقع بشكل فجائي المتوقع وخالل فترة قصيرة جـداً من الزمن‬
‫‪ .‬لكن لو فكرنا بطريقة أخرى ونحن نعلم أن لكل حدث ُم َسبِ ِب‪ ..‬وصحيح أن األمر كله‬
‫يتم بإذن اهلل ‪ ..‬من خلق وتصريف الرياح ‪ !!...‬لكن لو فرضنـا أن مثل هذه الظواهر ربما‬
‫استغلتها كينونات خفية ال إنسانية ( الجان ) في بعض األحوال ‪ ..‬لربمـا قدم هذا التعليل‬
‫تفسي اًر لما يحدث ؟‬
‫لدى دراسة تلك الظواهر اكتُ ِش َ‬
‫ف حديثاً على أنها تنشأ من تراكم مقادير صغيرة جداً من‬
‫طاقة مجهولة ( اعتقد العلماء أنها ح اررية ) ‪ ،‬ومن شدة صغرها لم يتمكنوا من إدراكها‬
‫واالمساك بها ودراستها ومعرفة ماهيتها ‪ ،‬وبالتالي لم يروا مبر اًر إلدخالها في حساباتهم‬
‫وتوقعاتهم ظناً منهم بعدم فعاليتها ‪،‬ولكن ثبت العكس‪ ،‬فمع استمرار دراستهم لها اكتشفوا‬
‫أن تلك الطاقات الالمتناهية في الصغر يحدث لها تراكم هاديء ثم يتسارع إلى أن يصل‬

‫‪247‬‬
‫لسوية هائلة من العنف‪ ،‬وأن تلك الطاقات الالمتناهية في الصغر تسبب نوعاً من الحركة‬
‫الدقيقة لذرات وجزيئات الهواء‪ ،‬ومع تراكم تلك الطاقات وتزايد حركات جزيئات الهواء‬
‫تتحول حركتها إلى رياح عاتية التلبث أن تتعاظم وتتحول فجأة ودون سابق إنذار إلـى‬
‫إعصار كارثي مدمر ‪ .‬وانتهت دراسة العلماء إلى أن تلك الظواهر تخضع لقوانين غير‬
‫مألوفة وحتى غريبة جداً ودعيت بقوانين الفوضى والعشوائية‪ ...‬وحتى في تسميتهم هذه‬
‫إشارة لعبث غير مدرك ال ُكنه ‪ ..‬وصرحوا أن هذه القوانين هي التي تصنع العواصـف‬
‫والزالزل المرعبة وتحكمانها‪ .‬وبنفس الوقت مازالوا يعترفون أن االسباب الحقيقة لمثل هذه‬
‫الظواهر والطاقات المسببة لها مازالت مجهولة وغير مدركة لآلن ‪ ،...‬وهكذا أوجد العلماء‬
‫طريقة طريفة للخروج من مثل هذه المواقف ‪ ،‬واستعانوا في دراساتهم بأجهـزة حواسيب‬
‫متقدمة أعطتهم حلوالً بيانيـة لها شكل أجنحة الفراشة‪ ،‬وسموا تلك الظواهـر بظواهر الفراشة‬
‫مقنع ‪ ،‬فكيف لمثل هذه الطاقـات الهادئـة المجهولة الطبيعة‬
‫‪ ..‬ومع ذلك بقي الحل غير ٍ‬
‫والالمتناهية في الصغر تتراكم فجأة وتنقلب خالل فترة قصيرة جـداً من الزمن مولدة‬
‫إعصا اًر كارثياً ؟ وماالذي يجعلها تتراكم بهكذا طريقـة ؟‬

‫االنسان والقدر‬
‫نعود هنا لموضوع استغالل الكينونات الخفية لمثل هذه الظواهر ‪ ،‬ونقول الحقيقة إن‬
‫لهذه الكينونات صفة أو خاصة تشترك بها مع االنسان وهي ملكة أو خاصة اإل ختيـار‬
‫وهما المخلوقان الوحيدان في الوجود اللذان يملكان هذه الخاصة‪ ،‬فجميع الكائنات تخضع‬
‫للقدر ولِما هو مسطر في اللوح المحفوظ بحذافيره ‪ ،‬واالنسان ال يخضع له كلياً إال ٍ‬
‫بقدر‬
‫وضمن خطة القدر العام وما تفرضه عليه عطالته الجسدية المادية ‪ ،‬لذلك كان االنسـان‬
‫وم َّ‬
‫سي اًر فيما ال يعلم ‪ ..‬أي هو مسيٌَّر ومخيٌَّر بآن واحد وذلك المتالكـه آلة‬ ‫ُم َّ‬
‫خي اًر فيما يعلم ُ‬
‫التمييز واالختيار وهو العقل‪ ..‬لذلك االنسان هو الوحيد في الوجود الذي يصنع قدره بنفسه‬
‫أي ينفذه بيده ضمن خطة القدر العام ‪ ..‬وهنا يأتي دور العقل والقناعة وااليمـان والنية‬
‫الحسنة‪ ،‬وبالتالي كان االيمان بالقدر خيره وشره ‪ ..‬من اهلل ‪ ،‬بينما االنسان الكافر يظن أنه‬
‫القصد‬
‫فيلوث قدره الخاص برغباته وشهواته واشباع حاجاته كمـا يريد ‪ ،‬و ُ‬
‫يصنع قدره بنفسه ِّ‬
‫هو الذي ُيمي ُِّز بينهمـا ‪، ..‬‬

‫‪248‬‬
‫األعاصري وعبث اجلان‬
‫من فكرة االختيار تأتي فكرة ُّ‬
‫تدخل الجان باألعاصير وعبثهم بها وتحويلهم لها لكوارث‬
‫مدمرة قاتلة‪ .‬فهم باختيـارهم الظروف المواتيـة للطاقات الح اررية وتراكمها وحركـة ذرات‬
‫الهواء الدقيقة ‪ .‬وبسبب سوء نيتهم وعبثهم وقصدهم الشرير وفرحهم بما يقوم به االنسان‬
‫من فجـور وضالل وظلـم ألخيه االنسان والشذوذ في عالقاته الجنسية يبثون طاقات ذبذبية‬
‫بشكل أزيز وصفير وهسيس غير مسموع بترددات تتأثر بها ذرات الهواء وجزيئآته فيساهموا‬
‫في زيادة ثورتها وهيجانها ‪ ،‬وتحدث الكارثة إذا حدث تجاوب بينهما (التجاوب هو تناغم‬
‫بين ذبذبة األزيز الصادرة عن الجان وذبذبة اهتزاز ذرات الهـواء وجزيئآته ويدعى هذا في‬
‫علم الفيزياء بالطنين أو بالتجاوب) عندها تصبح حركة ذرات الهواء وجزيئاته متعاظمة‬
‫السرعة والطاقات ‪ ..‬حركية ‪ ،‬ح اررية ‪ ،‬ذبذبية ‪ ...‬إلـخ ‪ ،‬وخالل لحظات زمنية قصيرة جداً‬
‫‪ ،‬ال تلبث أن تتراكم الطاقات وتتحول أخي اًر إلعصار وزوابع وأمواج بحرية عاتية وكوارث‬
‫‪، ..‬‬
‫يعتقد أيضاً أن هول كوارث الزالزل والبراكين ربما كان للجان دور فيها ‪ ،‬فقد تكون‬
‫طبقات األرض وصخورها متوازنة ومستقرة وال توجد فيها حركة ‪ ،‬وسبب سكونها هو وجود‬
‫احتكاك شديد بين الصخور يمنع انزالقهـا ولكنها في بعض الظروف قد تتعرض لموجات‬
‫ذبذبية عالية التردد صادرة عن الجان بشكل أزيـز وصفير وهسيس وتت اركـم طاقاتها‬
‫وتتضخم خالل لحظات ‪ ..‬تصل فيها لسوية شدة عالية ويساهم التجاوب الموجي بين أزيز‬
‫الجان وصفيره والذبذبة احتكاك ذرات الصخور ببعضها ببعض أثناء انزالقها‪ ،‬مما يقوي‬
‫ويدعم حركتها وانزالقها مؤدياً النهيارات أرضية ووقوع زالزل مروعة ‪ ،..‬سببها نفخ الجن‬
‫وصفيرهم وعبثهم ‪، ...‬‬
‫يتطابق هذا القول تماماً مع خواص جمع األمواج وتراكبها وحدوث تجاوب وطنيـن فيما‬
‫بينها‪ .‬وأغلب الظن أن بعض الترددات المرافقة لهذه الظواهر والغير مسموعة لنـا تسمعها‬
‫الحيوانات وتخشاها فتهرب من هولها ‪ ..‬رهبةً وخوفاً مما سيقع من كوارث ‪ ،‬إذ تدرك تلك‬
‫الحيوانات بِ ِح ِسها الخطر الذي سيوقعه الجان من خالل هذا اإلعصار أو ذاك ‪ ..‬مع العلم‬

‫‪249‬‬
‫أن معظم الحيوانات في الظروف العادية يرون الجان ويتعايشون معهم ‪ ،..‬واليخافونهم‬
‫‪،‬لكنهم في مثل هذه الظروف يدركون كآبة الجن وأذاهم ‪ ..‬فيفرون منهم !!‬
‫والسبب ‪ .‬هو أن تلك األصوات المتراكبة الالمسموعة الناتجة عن نفخ الجان والعفاريت‬
‫وصفيرهم تصبح على قدر كبير من االزعاج لتلك الحيوانات فال تستطيع سماعهـا ‪ ...‬فتفر‬
‫منها‪ ،‬والذي حدث في إعصار تسونامي أنه لم توجد أية جثة ألي ضحية لحيـوان فيه ‪ ،‬إذ‬
‫فرت جميعها قبل حدوث الكارثة بفترة البأس بها‪ ..‬في حين لم تدركها أحاسيس االنسان‬
‫وال أجهزته الرصدية المتطورة ‪، ...‬‬
‫توحي ظاهرة التجاوب بين أزيز وصفير صوت الجان وأزيز احتكاك ذرات الصخور فيما‬
‫بينها أثناء انزالقها فكرةً مثيرةً جداً ‪ ..‬وهي دراسة ترددات ذبذبات ذرات الصخور أثناء‬
‫انزالقها ‪ ،‬وايجاد الترددات المالئمة إلقامة وتأسيس وسيلة إتصال عملية معهـم ‪ ،‬واستغالل‬
‫السمع الكوني المشترك للتحاور معهم‪ .‬فهم يحاورون االنسان ويعبثون بدماغه وفؤاده ومن‬
‫طرف واحد ويبثون فيه مايشاؤون ‪ ،‬فلماذا النستغل نحن مثل هذه الدراسة العلمية ونحاول‬
‫االتصال بهم على مبدأ الفعل ورد الفعل ‪ ، ..‬وكثي اًر ما تتعرض األفالم السينمائية لمثل‬
‫هذه األفكار المثيرة ‪ ...‬لكن دون أن تعطي لها أي أساس ولو شبه علمي يفسرها ‪ ..‬والذي‬
‫صار اآلن متاحاً من خالل هذه الدراسة العلمية التخيلية لدور عوالـم خفية ال إنسانية تقع‬
‫فيما وراء الطبيعة وتتدخل فينا ‪. ،..‬‬
‫المكونة من ترابط الذرات بانتطام دوري صارم هي‬
‫إن ظاهرة بث البلورات الصخرية و َّ‬
‫ظاهرة مألوفة في علم الفيزياء ‪ .‬فبعض الذرات إذا ضغط أعطى ح اررة أو كهرباء أو‬
‫اهت از اًز أو استقطابية ضوئية ‪ ، ...‬وعلى هذا لو أمكن اكتشاف طرق نؤثر بها نحن على‬
‫مثل تلك البلورات بحيث تصدر ترددات خاصة مالئمة ألمكن بواسطتها تأسيـس طرق‬
‫لإلتصال بهم ودخول عالمهم ‪ ،...‬والكرة في ملعبنا اآلن !!‪.‬‬
‫قابلت في مناسبات عدة أشخاصاً ادعوا قدرتهم على التعامل مع الجان وعن طريـق‬
‫إصدارهم ذبذبات بصرير من أسنانهم ‪ ،..‬وقد كنت مندهشاً جداً لما كانوا ينجزونـه من‬
‫أعمال إذ بدت خارقة بعض الشيء ‪ ،‬مثل معرفة ما يدور في خاطر الشخص أو إيجـاد‬
‫حل لمشكلة وقع بها أو إخراج جن ( أي خلعه ) ‪ ..‬خاصة أنني أعلم المبدأ الفيزيائـي‬

‫‪251‬‬
‫ُس ِو َ‬
‫ق أمو اًر قد تكون جذورها واصلة فعالً‬ ‫لمثل تلك األمور ‪ ..‬وكنت أبقى ساكتاً كي ال أ َ‬
‫إلى عوالم غير مرئية تقع فيما وراء الطبيعة ‪ ..‬كي ال يتاجر بها إنسان جاهل ويستغلها‬
‫لمآربه الشخصية ‪.‬‬
‫من الممكن تفسير تشكل الكوارث واألعاصير والزالزل في األرض والكوارث التـي حدثت‬
‫وتحدث للبواخر والطائرات العابرة فوق المحيط األطلسي واختفائها في منطقـة برمودا ‪..‬‬
‫على أن سببها الجان اللذين يسكنون ذلك النفق ويحتلونه ويشغلونه في فترات تشكله‬
‫باعتباره مستراحاً لهم ومنتزهاً موسمياً ومكان تكاثرهم ومتعهم الخاصة ‪ ،‬وهم يفتتون مادة‬
‫البواخر والطائرات بأزيزهم وصفيرهم ألمواج ومن ثم دفعها عبر النفـق لتصل عوالم أخرى‬
‫ال رجعة منها ‪، ...‬‬
‫في حاالت أخرى يفتح الجان أنفاقاً كونية في النسيج الزمكاني الذي تحدث عنه وكشف‬
‫عنه العالم إينشتاين ‪ ،‬وذلك بإصدارهم ذبذبات خاصة يفتحون بها تلك األنفـاق الكونية‬
‫الصغيرة الدردورية الدودية والواصلة بين األصقاع المختلفة في هذا الكون‪ ،‬أي يسببون‬
‫خلالً لحظياً في نسيج الكون بصفيرهم وذبذبتهم ‪ ،‬ومن ثَُم ُيحركون بها الهواء والسحب‬
‫وماء البحار والمحيطات بشكل دوامات دردورية إعصارية فتحدث األعاصير والكوارث‬
‫والفوضى في الطقس والمناخ ‪ ..‬وخالل ذلك ينجزون عبثهم األكبر وايقاع أعظم األذى‬
‫والضرر باالنسان‪ ..‬ولعل كارثة اختفاء قارة األطلنتس في أعماق المحيط األطلسي كان‬
‫من األمثلة المأساوية على عبثهم الجان في االنسان حينها ‪ ..‬ففي ذلك الزمـان تمكـَّن‬
‫سكان تلك القارة من االتصال بالجن والتعامل معهم ‪ .‬وبنوا بمساعدتهم حضارة رهيبـة‬
‫قامت على القسوة والعنف ‪ ..‬وكان جنودها يستحمون بمياه البراكين ليجعلوا جلودهـم قاسية‬
‫ال تخترقها السيوف والرماح ‪ .‬كما كانوا يغيـِّرون خلق األسرى وأشكالهم إلـى حيوانات‬
‫كالجواميس والقرود بتعريضهم لمواد مشعة واعطائهم جرعات منها أثرت مع مرور الوقت‬
‫في جيناتهم الوراثية ‪ .‬ولكن التعامل مع الجن ليس مأموناً دوماً إذ فتحـوا نفقاً كونياً ضخماً‬
‫أسفل القارة فغاصت في مياه المحيط وانتقلت عبره إلى عوالم أخرى غير مجهولة غير‬
‫معلومـة ‪،.....‬‬

‫‪251‬‬
‫طبعاً ال يتعارض هذا التفسير ‪ ..‬بل يتطابق لحد بعيد مع ماجاء في نظرية اينشتاين‬
‫في النسبية العامة‪ ،‬ومما يدعم هذا التفسير أيضاً أن االختفـاء تم فعـالً في قديم الزمان وفي‬
‫ظروف غامضة ودون أن يترك أي أثر مادي أو حطام أو بقايا لمدن ‪ ...‬كما لـم يتمكن‬
‫أي باحث في هذا األمر ومهما كان مجال تخصصه أن يحصل على أي أثـر أو أية بقايا‬
‫مادية لتلك القارة المفقودة رغم أن الدراسات الجيولوجية والمناخية توحي بذلك‪ .‬ولعل بروز‬
‫الحضـارة الفرعونيـة ودوامها ألوف السنين ثم اختفائهـا فجأة مع بقـاء جثث ملوكها محنطة‬
‫التفنى وكذلك بقاء اهراماتهم وآثارهم كعجائب في الدنيا ‪ ،‬وكذلـك اختفاء حضارات المايا‬
‫واألزيتك ‪ ....‬هي من األمثلة على تعامل األنس مع الجان ثـم انقالب الجان عليهم بغدر‬
‫ِ‬
‫ماحق ‪، ...‬‬

‫*********************************************‬

‫‪252‬‬
‫ـــــــــــــــــــــ‬
‫الفصل الثامن والعشرون‬
‫نحـن محميـون منهم‬
‫الجان قوي جداً وقوتهم الفعالة التي تؤثر فينا هي طاقة فوق سمعية‪ ،‬وتبدو قوتهم‬
‫هذه في ميادين الحركة والصوت واالهتزاز ‪ ،‬أما قوتهم البدنية فهي ضعيفة جداً إن لـم تكن‬
‫معدومة تماماً لعدم وجود جسد مادي لهم‪ ،‬وهم من بساطة الجسد وهيافته وضعفـه بحيث‬
‫ال يبدو لهم أية أو فعالية مادية في حياتنا وفي الكون‬
‫نعم نحن محميون منهم أوالً بقدر ما نحمي نحن أنفسنا منهم وذلك باجتناب كل مـا‬
‫يوردنا مواضع االلتقاء بهم أو مايقربهم منا( الصمت المطلق‪ ،‬الضجيج المطلق‪ ،‬الضوء‬
‫القوي المطلق ‪ ،‬الظالم المطلق‪ ..‬الوحدانية الدائمة‪ ..‬كل ما هو مطلق في عالمنا وكذلك‬
‫الغضب الشديد ‪ ،‬الفرح الشديد ‪ ،‬والتبرج الزائد ) ففي مثل هذه الحاالت تظهر قواهـم‬
‫الذبذبية واضحة تماماً على خلفية خالية من أي عامل ‪ ،‬عندها يتجلى عبثهم في النفوس‬
‫وتلويثهم العقول وتدنيسهم األفكار ونشر الشر واعاثة الفوضى والحروب والدمار ‪ .‬وهم‬
‫كرسوا حياتهم إليقاع األذى باإلنسان في الدنيا ‪.‬‬
‫نحن محميون منهم ثانياً ألن اهلل صمـم طبيعتهم القائمة على بعدين ونصف البعـد‬
‫وهما نصف البعد الرابع الزمني والبعد الخامس النفقي الالزمني والبعد السادس الموجي‬
‫الذبذبي ‪ ،‬وهذه األبعاد القليلة تجعل عالمهم ضيقاً محدوداً وغير شامل ‪ ،‬كما ال تتقاطـع‬
‫تلك األبعاد والتلتقي بأبعاد أجسادنا المادية‪ ،‬وهي تقيِّدهم وتسجنهم وال تسمح لهم بالتدخل‬

‫‪253‬‬
‫في طبيعتنا الجسدية الكاملة وفي روحنا الكاملة أو في أي ٍ‬
‫شأن من شؤون حياتنا العملية‬
‫وهم يتدخلـون فقط في عمل شطر الروح الجسديـة فينا وعبر العقل الباطن الخـاص بوسائل‬
‫األزيز والبث واالستفزاز والصفير الموجي الذبذبي‪ ،‬ورغم تدخلهم في عمل هذا الشطر‬
‫الروحي الجسدي ومحاوالتهم إفساد ما تنسجه من خاليا حية وشرائط الدنا فيهـا بزرع لوثة‬
‫الشر فيها أو تشويهها خلقياً‪ ،‬إال أنهم غالباً مايفشلون لضعفهم ولدعاء األبوين أن يجنبهم‬
‫اهلل الشيطان مارزقهما من نِ َعٍم ‪. ، ..‬‬
‫نحن محميون أيضاً خالل حياتنا اليومية مما يمارسونه فينا من بث واستفزاز واثارة‬
‫بأصواتهم الذبذبية ‪ ..‬في أفئدتنا وأدمغتنا وجملتنا العصبية ‪ ...‬ليلعبوا بغرائزنا وعواطفنا‬
‫ويداعبوا خيالنا ويتسللوا إلى أحالمنا ويوسوسوا في صدورنا كل ما يفسد في قالب شهي‬
‫ممتع محبب ألنفسنا من األماني واآلمال ‪ ،‬ومتسلقيـن حاجاتنا ورغباتنا ‪ ..‬ومتجاوزين‬
‫المبادئ اإلنسانية ‪ ..‬وطريقة الحماية في هذه الحالة هي في أيدينا ‪ ..‬وهي أن نذكر اهلل‬
‫ونحمده ونشكره فيهرب الجن والشيطان ‪ .‬ويحبط عملهم ‪.‬‬
‫نحن محميون منهم أخي اًر بمقدار التطهر والتعبد وباإليمان وبالمحبة ‪ ،‬ففي ذكر اهلل‬
‫وقراءة القرآن ما يحجب اإلنسان عن تأثيرهم فيه ‪ ،‬ففي هذه الحالة تتركز الطاقة الذهنية‬
‫والنفسية والروحية مولدة هالة نورانية أثيرية عقالنية حول الجسد البشري ‪ ،‬وهي تنبـع‬
‫مستمدة من الكونداليني ألنها الضفيرة الوحيدة التي تصد الشياطين والجن وتلغي عملهم‪.‬‬
‫إذ تعمل تلك الهالة عمل درٍع وا ٍ‬
‫ق يحمي اإلنسان من ذبذبات الجان والشياطين ‪.،..‬‬
‫والحقيقة النهائية هي أن الحماية أتت بنزول القرآن ‪ ..‬وتالوته هي التي تحول بيـن‬
‫الجن وخبر السماء ‪ ،‬فقد قال اهلل في كتابه العزيز ‪:‬‬
‫" فإدا قرأت القرآن فاستعذ باهلل من الشيطان الرجيم ‪ ,‬إنه ليس له سلطان على الذين‬
‫آمنوا وعلى ربهم يتوكلون ‪ ,‬إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون "‬
‫قرآن كريم ـ سورة النحل ـ آية ( ‪ 87‬ـ ‪ 88‬ـ ‪) 100‬‬
‫وفي حديث نبوي شريف ورد فيه أنه " لوال كثرة الحفظة لتخطفتكم الجن من على‬
‫فرشكم وفي طرقاتكم " ومنذئـذ ال سلطان لهم على اإلنسان وال سلطان لإلنسان عليهم سوى‬
‫ذاك الذي كان للنبي سليمان عليه السالم قديماً إذ قال ‪:‬‬
‫قرآن كريم‬ ‫(( رب اغفر لي وهب لي ملكا الينبغي ألحد من بعدي ))‬

‫‪254‬‬
‫لذلك ال خوف منهم وهم بالنسبة لنا ليسوا سوى مسوخ غير كاملي البنية والـروح‪ ،‬كما أنهم‬
‫منعوا من الحركة في كل أرجاء الكون ‪ ،‬والعائق الذي يمنعهم من ذلك هو طبيعتهم التي‬
‫لم تعد مارجاً من النار كما كانت قبل ظهور المادة ونشوء الكون المادي وامتالئـه بالشهب‬
‫والحرس الشديد‪ .‬ألنهم صاروا مرجومين ومعاقبين بالشهب وبالحرق والرجـم‬
‫(( وانا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرساً شديداً وشهباً ))‬
‫قرآن كريم ـ سورة الجن ـ آية ( ‪) 7‬‬
‫وبما أننا نحاول تفسير األمور علمياً وفيزيائياً وتأملياً وعلى ضوء اكتشاف ظاهرة تمدد‬
‫الكون وتغيُّر األطوال الموجية وخواصها بشكل جذري أختفى الجن من ساحة الرؤيـة عند‬
‫االنسان وغاصوا في عالم خلف مداركه الحالية فلم يعد يراهم أو يستدل على مكان‬
‫وجودهم ‪ .‬حتى أنه لم يعد يدرك أعمالهم فيه إال من نتائج أعماله هو‪ .‬وكل أعمالهم تتم‬
‫عبر العقل الباطن وفي النواحي النفسية والعقلية وفي األحالم والغيبوبة واألمور الغيبية‬
‫وبالتالي فنحن ال نراهم وال نتحسس وجودهم مادياً ‪ ،‬وكذلك فإن ضمور واختفاء الغـدة‬
‫الصنوبرية داخل الدماغ ‪ ،‬وهي العيـن الثالثـة عند االنسان القديم ‪ ،‬والتي كانت نشطة عنده‬
‫قطع اتصالهم بنا نهائياً ‪ ..‬لذلك ال توجد حالياً أية طريقة التصالهم بنا وال يوجـد من‬
‫يستطيع أن يتصل بهم فعلياً ولو لمرة واحدة ألنهم لم يعودوا في أبعادنا المادية قطعاً وتلك‬
‫هي نعمة أخرى عظيمة ‪ ،‬وبالتالي يستحيل على أي إنسان دخول عالمهم والتعامل معهم‬
‫مهما عظمت قدراته وعال شأنه سوى األنبياء وبشكل محدود أيضا فسيدنا محمـد ( ص )‬
‫شاهدهم واجتمع بهم وهداهم وأخذ عهداً عليهم بعدم ظهورهم ألمته ‪ ،‬واذا ظهر أحدهم‬
‫النسان منا فليذكره بالعهد الذي بينهم وبين النبي ( ص ) ‪.‬‬
‫وسيدنا المسيح (عليه السالم) كان يراهم ويعرف أماكن وجودهم ويأمرهم بالخروج من‬
‫أجسام األشخاص الملبسون ويداوي الناس من شرورهم واألمراض التي كانوا يسببونها‬
‫للناس آنذاك ‪ ،‬وكانوا يخشون قدسيته فيفرون منه ‪، ...‬‬
‫أغلب الظن أن الجن ال يظهر ألي إنسان يتكلم اللغة العربية أو يتحدث بها أو يكتب‬
‫أحرفها ألنها لغة مقدسة فال يقرب حان والشيطان من يق أر القرآن ‪.‬‬
‫لذلك يجب أن يتنبه االنسان كي ال يقع في أشراك الدجالين والمشعوذين الجهلة ويصدق‬
‫دعواهم باتصالهم بالجن ‪ ،‬فاالتصال المادي بهم أمر مستحيل تماماً‪ ..‬ويحتاج لتقنيات لم‬

‫‪255‬‬
‫يتوصل لها العلم بعد ‪ .‬من هنا نكتشف أن الجان ليس مؤذياً لإلنسان إال بمقدار ما يؤذي‬
‫به االنسان نفسه ألننا محميون منهم ‪ ،‬ولكن الخطر الحقيقي واألدهى يأتي من الشيطان‬
‫القرين الذي يمأل نفوس وصدور الحاقدين والمنحرفين من الناس ‪ ..‬فينفذون ما يأمرهم به‬
‫شيطانهم القرين ‪ ..‬وهنـا مكمن الخطـر ‪.‬‬
‫****************************************************‬

‫ــــــــــــــــــــــ‬
‫الفصل التاسع والعشرون‬
‫االستخارة بطريقة الحرف العربي المقدس‬
‫قاعدة طور الكلمة لمكتشفها الدكتور عبد الرزاق المغربل‪1873‬‬
‫لدى اطالعي على هذه الطريقة في معالجة طور الكلمة وألول مرة دهشت بها وقمت‬
‫بتجربتها عدداً من المرات واختبرتها لمدة طويلة من الزمن بطريقة السـؤال والجواب وهل‬
‫الفكرة أو الموضوع أو األمر الذي يهمني قابـل للتحقـق أم ال ؟ وكنت أجد دوماً تطابقـاً‬
‫شديـداً بما تتوقعـه هذه النظرية وما يحدث في الواقع فعالً ‪ !!..‬وبت أعتبرها مي ازنـاً أو‬
‫معادلـةً مثل معادالت علم الكيمياء أو الرياضيات أو الفيزياء في الكشـف عن الحلول‬
‫الصحيحة وايجاد األجوبة ألية مسألة عويصة‪ .‬أو للتأكد من صحة معالجـة موضوع ما أو‬
‫سالمة فكرة ما ‪ ..‬زهكذا ؟ وصرت أعتبر هذه الطريقة ميـزان الحرف في الحل والربط‬
‫والقرار ‪ ..‬وأظن أن فلسفة تلك الطريقة تعتمد المبدأ التالي ‪ ،‬وهو أن ‪:‬‬
‫" أن أية فكرة أو مسألة هي ذات شقين‪ ....‬قرار وجواب "‬
‫وبالتالي فالمسألة وجوابها أو حلها كالهما موجودان في المخ وكالهما يمكن التعبير عنه‬
‫بأحرف اللغة العربية ‪ ،‬ففي تلك األحرف من األسرار ما يذهل ‪..‬ألنها لغة الفكر والفؤاد‬

‫‪256‬‬
‫والعقل والعلم األول الذي علمه اهلل لإلنسان‪ ،‬فكل معارف االنسان مسجَّلة في مخه بشكل‬
‫أحرف لكل منها ثالث خصائص ‪ ..‬صوتية حركية لونية‪ ،‬وأن كل ما في النفس البشرية‬
‫والوجود يمكن التعبير عنه بحروف وكلمات ‪ ،‬وفي أحرف الكلمات خصائص السـؤال‬
‫وخصائص الجواب والقرار ‪ ..‬وخصائص النتيجة ألن تلك األحرف بنيت على ‪:‬‬
‫صوت = حركة = نور‬ ‫خصائص‬
‫= ‪ 12‬وهو طور الكلمة األعظـم‬ ‫‪1 +‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪+‬‬ ‫‪1‬‬ ‫طورها‬
‫والرقم (‪ )12‬يقابل الطور( ‪ ) 0‬الذي يعني التعادل والحياد والتسوية واالستواء ‪ ،‬ويكون‬
‫التوافق تاماً ( القبول أو الجواب ) إيجابياً إذا تساوى الطورين ‪ .‬أما إذا كان الطـوران‬
‫قريبان من بعضهما ‪ ..‬فيحسب الفرق بينهما ويعطي نسبة احتمال تحققـه ‪ ،‬فكلما كـان‬
‫الفرق صغي اًر كان احتمال التوافق أكبر ‪ ، ..‬ويفضل الرجوع للمؤلف األصلي ألهميته‬
‫لكاتبه الفذ الدكتور عبد الزاق المغربل وعنوان ُم َؤ ِلفـِه هو ‪:‬‬
‫" اثبات صوت القلب ونظرية طور الكلمة "‬
‫والفلسفة التي تعتمد عليها هذه النظرية هي حقيقة ارتباط اللغة معنوياً بالفكر والعقل‬
‫وآلياً بالقشرة المخية‪ ،‬وكل ذلك مرتبط بالوعي واإلدراك لدى اإلنسان‪ .‬فاللغة هي أعلى‬
‫درجات الوعي واإلدراك في المخ البشري ‪ ،‬ومرتبطة بالعقلين الواعي والباطن الخاص (‬
‫الفؤاد ) لدى اإلنسان ‪ ،‬كما أنها الوسيلة العقلية للوصول للعقل الباطن الشامل للتحري عن‬
‫حقيقة كامنة ‪ ،‬وهي أخي اًر موجودة في مخ اإلنسان برموز حرفية لغوية ‪.‬‬
‫إنساني مفكر ظهرت في هذا الوجود وجامعة‬
‫ٍ‬ ‫لذلك تعتبر اللغة العربية أقوى لغة عقل‬
‫لكل العلوم التي علمها اهلل آلدم ‪ .‬ففي أحرفها نوع من الترابط الفكري الغيبي بين أسماء‬
‫األشياء ‪ ،‬وبالتالي كلماتها ليست مجرد منظومات ميته لألحرف كما في اللغات األخرى‬
‫من هنا نكتشف مدى عظمتها وقدسيتها‪ .‬وطور حرفها يوصلنا للمعرفة ‪ .‬وهنا نقول أن‬
‫ـــــــــــــــــــ‬
‫الحروف العربية = نور = كون‬ ‫العربية = القرآن = لغة اهلل‬
‫= ‪2‬‬ ‫‪2 = 3 + 1‬‬ ‫= ‪1+ 4‬‬ ‫= ‪3‬‬ ‫‪3‬‬
‫ــــــــــــــــــــــ‬

‫‪257‬‬
‫وسأورد أمثلة لتلك الطريقة الطريفة والتي تتعلق بمؤلفنا هذا " عوالم خفية الإنسانية أو‬
‫عالم الجن " وعلى سبيل اإليضاح والفائدة نكتب ‪:‬‬
‫ــــــــــــــــــــــ‬
‫نور ‪ +‬عدم = صيحة ‪ +‬عدم = نور ‪ +‬ماء = روح = خلق = كلمة = عيسى‬
‫= ‪10 = 10 = 10 = 10 = 8 + 1‬‬ ‫‪8 + 1‬‬ ‫‪= 8 + 1‬‬
‫ـــــــــــــــــــــ‬
‫سبحان = أحـد‬ ‫=‬ ‫الحقيقة = موج‬
‫‪ = 10‬الطور لكل كلمة = ‪1‬‬ ‫‪= 10‬‬ ‫=‬ ‫‪10‬‬ ‫=‬ ‫‪01‬‬

‫محمد = م ح م م د = هداية = رحمة‬


‫َّ‬
‫‪ 0 = 21 = 21‬وهو طور الكلمة األعظم‬ ‫=‬ ‫‪21‬‬ ‫=‬ ‫‪21‬‬
‫في الكـون ‪.‬‬
‫ألن هذا الرقم هو من أمثال (مضاعفات) الدور األعظم في الكون وهو الرقم (‪) 0 =12‬‬
‫األضداد ‪:‬‬
‫ضوء × شيطان = وسواس الخناس‬ ‫الجان × االنسان = وسواس × حقيقة‬
‫‪1= 0 +‬‬ ‫= ‪1‬‬ ‫‪10 +‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪1 = 0 + 1‬‬ ‫=‬ ‫‪10 +‬‬ ‫‪0‬‬

‫ماء × عدم‬ ‫صلح × اختالف‬ ‫شر × عقل‬ ‫الشيطان × البشر‬


‫‪8‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪2‬‬

‫اإلنسان‬ ‫سوى‬ ‫اهلل‬ ‫معادلة‬


‫= طور كل منها = ‪1‬‬ ‫= ‪10‬‬ ‫= ‪10‬‬ ‫‪22‬‬

‫تتلخص هذه الطريقة بان ُيقرن كل حرف بعدد أو برقم ثم تجمع أرقام الكلمة الواحـدة وتقسم‬
‫على الرقم ( ‪ ) 12‬والبـاقي يدعى طـور الكلمة ‪ ،‬ومن ثم يقارن طور الكلمـة المرغوب في‬

‫‪258‬‬
‫اختبارها مع طور كلمة أخرى تُعطي جواباً ‪ ،‬وفي حال تساوي الطورين فهذا يعني تحقق‬
‫األمر أو يوجد احتمال كبير لحدوثه أو لصحته‪ .‬حيث يمثل الرقم (‪ )12‬عدد األبراج وعدد‬
‫األشهر في السنة ‪ .‬والقاعدة تعطي األرقام التالية لألحرف كما يلي ‪:‬‬
‫ــــــــــــــــــــــ‬
‫ز ضحك رفث ط عي‬ ‫غذ تقدم هاء وصل‬ ‫أ بن ج‬ ‫شخظس‬
‫‪10 0‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪1 1‬‬ ‫‪0 2 1‬‬ ‫‪0‬‬
‫ــــــــــــــــــــــ‬

‫****************************************************‬

‫ــــــــــــــــــــــ‬

‫الفصـل الثالثـون‬
‫تحليـل الشخصيـة‬
‫اختبر قدسية روحك وخلوها من الجن والشياطين‬
‫أجب بصدق ( مع نفسك ) وبتجرد على األسئلة الصريحة التالية‪ ،‬وهذا االختبار صحيح‬
‫للرجل والمرأة ‪ .‬والنصيحة أن ال تنظر للصفحة األخيرة من هذا االختبار كي تحصـل على‬
‫تقويم حقيقي لطبيعة نفسك ‪ ،‬وعليك قبول هذه النتيجة بروح رياضية ‪ .‬إن الهـدف من هذا‬
‫االختبار هو بيان مدى سيطرة الجان على جسدك وتأثير الشيطان القرين علـى فؤادك‬
‫وعبثه وبيان مقدار مايوسوس لك في نفسك ومقدار استحواذ الجان على جسـدك‬

‫‪ ) 1‬ـ هل تجري األمور معك بطريقة عكس ما تريد ؟‬


‫‪ ) 2‬ـ هل إذا توقعت الشر يحدث ؟‬
‫‪ ) 0‬ـ هل تختار الحل الخائب ( الجواب الخطأ ) دوماً ؟‬

‫‪259‬‬
‫‪ ) 1‬ـ هل أنت كئيب دوماً ؟‬
‫‪ ) 2‬ـ هل ترى أن حظك خائب دوماً ؟‬
‫‪ ) 8‬ـ هل تثق بنفسك ثقة مطلقة ؟‬
‫‪ ) 1‬ـ هل تظن نفسك مخلداً في الدنيا ؟‬
‫‪ ) 5‬ـ هل تنسى كثي اًر ؟‬
‫‪ ) 0‬ـ هل تعتبر اآلخرين خدماً لك ؟‬
‫‪ )10‬ـ هل تسخر من اآلخرين بق اررة نفسك ؟‬
‫‪ )11‬ـ هل تعتبر اآلخرين تافهين في نظرك ؟‬
‫‪ )12‬ـ هل تحب النوم كثي اًر ؟‬
‫‪ )10‬ـ هل تكتب بيدك اليسرى ؟‬
‫‪ )11‬ـ هل تعتبر السرقة شطارة ؟‬
‫تو ِسط أحداً للحصول على ماالتستحق ؟‬
‫‪ )12‬ـ هل َ‬
‫‪ )18‬ـ هل تكره الرياضة اللطيفة ؟‬
‫‪ )11‬ـ هل تحب المصارعة الحرة ؟‬
‫‪ )15‬ـ هل تحب الموسيقى الصاخبة ؟‬
‫‪ )10‬ـ هل تحب الموسيقى الهادئـة ؟‬
‫‪ )20‬ـ هل تشرد كثي اًر ؟‬
‫‪ )21‬ـ هل أحالم اليقظة عندك وردية ؟‬
‫‪ )22‬ـ هل تمارس رياضات تأملية ؟‬
‫‪ )20‬ـ هل تكره التمر ؟‬
‫‪ )21‬ـ هل تحب الكالب السوداء ؟‬
‫‪ )22‬ـ هل تتشاءم من صياح الديك ؟‬
‫‪ )28‬ـ هل تتناول وجبة عشاء دسمة كل يوم ؟‬
‫‪ )21‬ـ هل استيقظت يوماً من حلم وأنت تبكي ؟‬
‫‪ )25‬ـ هل تحب الون األحمر ؟‬

‫‪261‬‬
‫‪ )20‬ـ هل تحب الظالم الشديد ؟‬
‫‪ )00‬ـ هل تكره لحم الغنم ؟‬
‫‪ )01‬ـ هل تحب األضواء الخافتة ؟‬
‫‪ )02‬ـ هل تحب الصوت الصادر من داخل صدفة بحرية ؟‬
‫‪ )00‬ـ هل تتحدث بصوت ٍ‬
‫عال في الطريق ؟‬
‫‪ )01‬ـ هل تشعر بأنك ( ِ‬
‫بأنك ) أجمل الناس ( من النساء األخريات ) ؟‬
‫‪ )02‬ـ هل تخاف األماكن الواسعة ؟‬
‫‪ )08‬ـ هل تعتقد بوجود الجن في الكون ؟‬
‫‪ )01‬ـ هل تحب الطعام كثي اًر ؟‬
‫عر وتالوته ؟‬ ‫ِ‬
‫‪ )05‬ـ هل أنت مغرم بحفظ الش َ‬
‫‪ )00‬ـ هل تُسر لرؤية الـدم ؟‬
‫‪ )10‬ـ هل تحب الحـروب ؟‬
‫‪ )11‬ـ هل أنت فَ ِرٌح دوماً ؟‬
‫‪ )12‬ـ هل أنت تخاف من األيام القادمة ؟‬
‫‪ )10‬ـ هل تضحك بصوت ٍ‬
‫عال دوماُ ؟‬
‫‪ )11‬ـ هل ترغب في قتل من سرق منك شيء ؟‬
‫‪ )12‬ـ هل تشك في كل ما يقال لك ؟‬
‫‪ )18‬ـ هل تؤمن بوجود السحر حالياً ؟‬
‫‪ )11‬ـ هل تشاهد الماء كثي اًر في أحالمك ؟‬
‫‪ )15‬ـ هل أنت كثير الكـالم ؟‬
‫‪ )10‬ـ هل تربي حيوانات أليفة للمتعة ؟‬
‫‪ )20‬ـ هل تستأنس بعواء الكلب ؟‬
‫‪ )21‬ـ هل تصدق قراءة الفنجان ؟‬
‫‪ )22‬ـ هل تتوقع ش اًر دوماً ؟‬
‫‪ )20‬ـ هل أنت تثور بسرعة ؟‬

‫‪261‬‬
‫‪ )21‬ـ هل تحب المال كثي اًر ؟‬
‫‪ )22‬ـ هل تتمنى حدوث شر فال يقـع ؟‬
‫‪ )28‬ـ هل تتوقع حدوث خير فال يقـع ؟‬
‫‪ )21‬ـ هل تصدق المنجمين ولو كذبوا ؟‬
‫‪ )25‬ـ هل تصدق المنجمين ولو صدقوا ؟‬
‫‪ )20‬ـ هل تؤمن باألبراج ؟‬
‫‪ )80‬ـ هل أنت معجب بجمالك جداً ؟‬
‫‪ )81‬ـ هل تكره الزواج ؟‬
‫‪ )82‬ـ هل تكره تعدد الزوجات ؟‬
‫‪ )80‬ـ هل تحب الغناء ؟‬
‫‪ )81‬ـ هل تشعر بالضيق إذا سمعت صوتاً حاداً ( رفيعاً ) ؟‬
‫‪ )82‬ـ هل تحب األثرياء المتعجرفين ؟‬
‫‪ )88‬ـ هل تحب األثرياء وأنت تعلم أن ثراءهم ليس نظيفاً ؟‬
‫‪ )81‬ـ هل تحب أن تكون وجهاً اجتماعياً بار اًز ؟‬
‫‪ )85‬ـ هل تحب مظاهر الثراء الفاحش ؟‬
‫‪ )80‬ـ هل تتحقق كل رغباتك ولو كانت غير طبيعية ؟‬
‫‪ )10‬ـ هل تدعو على إنسان بالشر فيقع ؟ أي هل تتمنى الشر بإنسان فيقع ؟‬
‫‪ )11‬ـ هل تتمنى الخير إلنسان وأنت تعلم أنه شرير ؟‬
‫‪ )12‬ـ هل تجد الناس فجأة من حولك إذا أردت أن تنجز منك اًر ؟‬
‫‪ )10‬ـ هل تحصل على األسوء عندما تُخيَّر بين شيئين ؟‬
‫‪ )11‬ـ هل تعاني من رؤية أحالم مزعجة أثناء نومك ؟‬
‫‪ )12‬ـ هل تحب أن تَُرِّوح عن نفسك وأنت تمارس عمالً جاداً ؟‬
‫‪ )18‬ـ هل تحترم اإلنسان الغني لماله ؟‬
‫‪ )11‬هل تحب اإلنسان لمركزه االجتماعي ؟‬
‫‪ )15‬ـ هل تندم على مافات ؟‬

‫‪262‬‬
‫‪ )10‬ـ هل تقتنع بأفالم مصاصي الدماء ؟‬
‫‪ )50‬ـ هل تخترع قصصاً غير حقيقية للتخلص من مأزق ؟‬
‫‪ )51‬ـ هل تهفو نفسك ألي أمرأة ولو لم تكن جميلة ؟‬
‫‪ )52‬ـ هل تشعر بعدم االهتمام ألمور الناس اآلخرين ؟‬
‫‪ )50‬ـ هل أنت غير مبالي لسعادة اآلخرين ؟‬
‫‪ )51‬ـ هل أنت التبالي بأحوال الناس ؟‬
‫‪ )52‬ـ هل تحب األطفال المزعجين ؟‬
‫‪ ) 58‬ـ هل تحب األطفال الشرسين ؟‬
‫‪ )51‬ـ هل ربحك أكيد دوماً في تجارتك ؟‬
‫‪ )55‬ـ هل أنت مدمن تدخين ؟‬
‫‪ )50‬ـ هل تُسعد نفسك على حساب أطفالك ؟‬
‫‪ )00‬ـ هل تحب الرقص ؟‬
‫‪ )01‬هل تتالعب بالكالم كي تحقق مكسباً ؟‬
‫‪ )02‬ـ هل تجادل كثيـ اًر ؟‬
‫‪ )00‬ـ هل تشعر بالغباء كثي اًر ؟‬
‫‪ )01‬ـ هل تكره القراءة ؟‬
‫‪ )02‬ـ هل تكره األفالم العلمية ؟‬
‫‪ )08‬ـ هل تكره الجنس ؟‬
‫‪ )01‬ـ هل أنت مدمن استعمال العطور ؟ أي هل تستعمل العطور بكثرة ؟‬
‫‪ )05‬ـ هل تحب حضور حفالت الزار الموسيقية ؟‬
‫‪ )00‬ـ هل تتابع برامج ستار أكاديمي باستمرار ؟‬
‫‪ )100‬ـ هل تتابع مثل هذه البرامج وأنت تدرك أنك تضيع أوقاتاً كثيرة من أجلهـا ؟‬
‫‪ %‬نعم ) ثم أق أر الشرح التالي وبعدها‬ ‫اكتب نتيجة االختبار هنا (‬
‫أنظـر الصفحة التالية لتجد تحليل شخصيتك !!‬
‫النتيجة ‪:‬‬

‫‪263‬‬
‫إذا كانت أجابتك هي (‪ % 100‬نعم ) ‪ ..‬فهذا يعني أن روحك شيطانية تماماً‪ ،‬وأعمالك‬
‫كلها يسيطرعليها عقلك الباطن الذي هو ميدان عمل الجان والشياطين‪ ،‬وروحك الجسدية‬
‫قوية وتحب المتع واللذة‪ ،‬وأنت بعيد عن كل ماهو حق واليهمك سوى ُمتَ ِع َك وسعادتـك ولو‬
‫على حساب اآلخرين‪ ،‬مما يجعل جسدك عرضة لإلستحواذ واللبس من قبل الجـان ومثل‬
‫هذه النتيجة تكون سائدة عند المنجمين ‪ ..‬فهم يظنون أنهم يتنبؤون بأحداث لكنهـم في‬
‫الحقيقة هم يتوقعون ش أًر فيقع ألن نفوسهم شريرة‪ .‬فمثالً توقعات نوستراداموس التي تحقق‬
‫بعضها في عالمنا اليوم هي توقعات شيطانية صدرت عن انسان شرير النفس ‪...‬‬
‫وشيطاني الروح ‪ ..‬وهي ليست نبوآت كما يعتقد البعض ألن‪ ...‬الشرير يتوقع ش اًر فيقع‬
‫واليعني هذا أنه تنبأ بها وتحققت ‪.‬‬
‫أذا كانت النتيجة ( ‪ % 0‬نعم ) فهذا يعني أن روحك قدسية ونفسيتك إنسانية شفافـة‬
‫راقية ‪ ،‬وأنك إنسان روحاني مثالي األداء ‪ ،‬نقي السريرة ‪ .‬أعمالك مبروكـة‪ .‬وعقلـك الباطن‬
‫ٍ‬
‫خال من الجان والشياطين وعبثهم ‪، ...‬‬
‫بشكل عالم كلما انخفضت نسبة اإلجابة ب ( نعم ) كلما كانت نتيجة االختبار جيـدة‬
‫وأفضـل وروحك ِّ‬
‫خيـرة ونفسيتـك إنسانية وعقلك الباطن سليم ال يعبث به جان وال شيطان ‪.‬‬
‫أي كل نتيجة اختبار تقترب من قيمة الصفـر ( نعم ) ‪ ..‬كلما كانت الـروح أكثر قدسية‬
‫وأفكار صاحبها أكثر رقياً وانسانية ‪ ،‬ونفسيته أكثر شفافية ورحمانية واتزاناً وابتعاداً عن‬
‫األمور الشيطانية ‪ ..‬طبعاً النتيجة ليست مطلقة ‪ ..‬فال تحزن إذا أتت عكس ما كنت ترغب‬
‫أو تتوقع ‪ ..‬ألن األمر نسبي يخضع لعوامل عديدة مثل عوامل الزمـان والمكان والبيئة‬
‫والوراثة ‪ ..‬والقـدر‪ ،‬لذلك تَقََبل النتيجة بروح رياضية واعتبرها نوعاً من الفكاهة ‪ ..‬كما‬
‫ُيفضَّل تكرار هذا االختبار عدداً من المرات ثم أخـذ متوسط النتيجة وبعدها قارن‬
‫ماحصلت عليه بما هو في الجدول التالي ‪:‬‬
‫‪ %‬نعم )‬ ‫يوضح الجدول التالي طبيعتك استنادا للنتيجة التي حصلت عليها وهي (‬

‫طبيعتـك‬ ‫النتيجـة‬
‫أنت إنسان روحاني قدسي‪ ،‬مثالي األداء‪ ،‬وجدانـي‬ ‫نعم‬ ‫‪% 0‬‬

‫‪264‬‬
‫أنت طبيعي اليسيطر عليك جان والشيطان‪ ،‬متسامح‬ ‫"‬ ‫‪% 10‬‬
‫نفسك تردعك عن ارتكاب المعاصي‪ُ .‬محب للنـاس‬
‫تستمع لوسوسة شيطانك القرين وتهفو نفسك للمتـع‬ ‫"‬ ‫‪% 20‬‬
‫المحرمة‪ ،‬أحالم يقظتك وردية كثيرة ‪ .‬لكنك تقـاوم‬
‫َّ‬
‫يسيطر عليك الجن والشيطان القرين‪ ،‬لكنك تتجنـب‬ ‫"‬ ‫‪% 00‬‬
‫القيام بعمل سيء خشية أن يضرك‪ ،‬تعاني ص ارعـاً‬
‫نفسياً بين الخير والشر ‪ .‬فأنت إنساني مرة وشيطاني‬
‫مرة أخرى ‪ .‬تستمتع بمراقبة الناس في خلواتهـم ‪.‬‬
‫تكره الناس وتحتقرهم‪ ،‬واثق من نفسك كثي اًر وتحب‬ ‫"‬ ‫‪% 10‬‬
‫العنف وكل مايخالف القانون والعرف ‪ ،‬الرادع لديك‬
‫ونفسك مرتع لعبث الشيطان القرين ‪.‬‬
‫المثـل‬
‫تكره كل ماهو نبيل وسامي وال تحب القيَّم و ُ‬ ‫‪" % 20‬‬
‫العليا والمباديء اإلنسانية ‪ .‬وتتمنى الضرر لآلخرين‬
‫وأنت عون للشياطين ‪.‬‬
‫أناني‪ ..‬تحب نفسك كثي اًر وتحب التعصب واالنحرف‬ ‫"‬ ‫‪%‬‬ ‫‪80‬‬
‫التحب إال المكاسب واالرباح ولسان حالك يقول من‬
‫بعدي الطوفان ‪ ،‬وتحب أذى اآلخرين وتشمت بهـم‬
‫وتفرح بأذاهم ‪.‬‬
‫معظم أعمالك شيطانية‪ ،‬الرادع أخالقي لديك‪ ،‬وتبغي‬ ‫"‬ ‫‪%‬‬ ‫‪10‬‬
‫الفائـدة والمكسب حتى على حساب أطفالك وبيتـك‬
‫وليرحم اهلل من يقع بين يديك ‪ .‬العاطفة بين جناحيك‬
‫كل أعمالك شيطانية ‪ ،‬وهدفك إيقاع األذى والفتن بين‬ ‫"‬ ‫‪%‬‬ ‫‪50‬‬
‫الناس ‪ ،‬والتشعر بالسعادة إال بتدمير كل ماهو جميل‬
‫في حياة الناس ‪.‬‬
‫أنت شيطان أنسي الترحم ‪ ،‬حقود جحود ظلوم جشع‬ ‫"‬ ‫‪%‬‬ ‫‪00‬‬

‫‪265‬‬
‫وطماع وصدرك مملوء بالشر وكره اآلخريـن ‪.‬‬
‫أنت شيطان أكبر ‪ ..‬ال قلب لك ‪ ..‬والخيـر فيـك‪..‬‬ ‫"‬ ‫‪%‬‬ ‫‪100‬‬
‫أفكارك سوداء ‪ ..‬وأنت ال تحيا وال تسعد إال برؤية‬
‫الشر و األذى يسود بين البشر ‪ ...‬ويكفيك عا اًر أنك‬
‫عدو للخير والحياة وتكره المرأة والتمر والعسل ‪، ...‬‬
‫ٌ‬
‫ـــــــــــــــــــــ‬
‫اجلائزة ‪:‬‬
‫االنسان الخيِّر يتوقع الخير فيحدث ‪ ..‬واذا توقع الشر يحدث لكنه إذا تمنى الشر اليقع‬
‫كما يشعر بحماية إلهية ترعاه وتحميه من المصائب ‪ .‬ويشعر بنشوة لوجوده في الكـون‬
‫واذا خير بين أمرين فإنه يختار األفضل ‪.‬‬
‫االنسان الشرير يتوقع الخير فال يحدث ‪ ..‬واذا توقع الشر يحدث لكنه إذا تمنى الشر‬
‫لشرير ال يحدث واذا تمناه النسان خيِّر فإنه يقع ‪ .‬واذا خير بين أمرين اختار األسوأ ‪،..‬‬

‫ـــــــــــــــــــــ‬
‫الفصل الحـادي والثال ثون‬
‫علـم الفراسـة‬
‫مخطط اختيار الزوج ‪ /‬الزوجة‬
‫المبدأ الفلسفي لعلم الفراسة والقاعدة الذهبية فيه هي االستدالل باألمور الظاهرة علـى‬
‫األمور الخفية ‪ ،‬وبهذه القاعدة نستطيع كشف أغوار االنسان ‪ ،‬ويستخدم هذا العلـم في‬
‫حاالت الزواج والتدريس والتربية والمشاركة والتعامل بين الناس والصداقـة ‪ .‬أي أن شكل‬
‫االنسان هو مرآة تنعكس فوقه مكنونات نفسه ‪ ،‬ومن مالحظتنا مدى حسن تركيب خلقته‬
‫ندرك مكنونات نفسيته وطبيعة مشاعره ‪ ،‬وقد أشار سيدنا محمد ( ص ) إلى هذه الناحية‬
‫بقوله ‪:‬‬
‫" اطلبوا الخير عند حسان الوجوه ‪ ...‬والوجه الحسن يورث الفرح "‬

‫‪266‬‬
‫وبناء على هذا وضعت هذه الدراسة لتكون عوناً للشباب ذكـو اًر واناثـاً في ارشادهم للطريقة‬
‫ً‬
‫المثلى في اختيار الخطيب أو الخطيبة ‪ ....‬زوج أو زوجة المستقبل ‪ ،‬والطريقة تعتمد أن‬
‫كل انسان يتمتع بقسط من صفات رئيسة ثالثة‪ ،‬بحيث يكون مجموعها لديه هو ( ‪100‬‬
‫‪ ،) %‬و يكون لكل منها مقدار ( ‪ ،)% 00.00‬وهي ليست متساوية عند البشر بل‬
‫تختلف نسبها من شخص آلخر وبالتالي تختلف طبيعته ونفسيته وفق نسب مزج هذه‬
‫الصفات ‪ .‬والصفات هي ‪:‬‬
‫الطاعم ورمزه ( ط ) ‪ :‬وهو يحـب الطعام ويتلذذ به ‪ ،‬شهواني يحب الجنس والمتـع‬
‫واللذات الجسدية ‪ ،‬مرح يحب السفر والرحالت ويحب االإدارة ومساعدة عماله في حل‬
‫مشاكلهم ‪ ،‬يحب الضحك ‪ ،‬جبان حذر اليغامر ‪ ،‬ال يحب العنف ‪ .‬قصير كروي الشكل‬
‫ثرثار‪ ،‬حديثه جميل يجذب الناس له ‪ .‬يحب الحياة والتجارة والمال والكسب الكثير بجهد‬
‫قليل ‪ ،‬كريم ‪.‬‬
‫النشيط ورمزه ( ن ) ‪ :‬طويل الوجه والقامة ‪ ،‬أي رياضي‪ ،‬يحب المغامرات واألسفار‬
‫اليخاف المخاطر ‪ ،‬يثق بتفسه كثي اًر ‪ ،‬يعتمـد على نفسه كثي اًر ‪ ،‬ذكـي نظرياً وعملياً‬
‫محبوب ‪ ،‬حديثه منطقي ‪ ،‬عزيز النفس طموح ‪ ،‬يحب النظام ‪ ،‬صبور ‪ ،‬صاحب مهـن‬
‫وأعمال وصنعات ‪ ،‬مبدع ‪.‬‬
‫الحساس ورمزه ( ح ) ‪ :‬نحيل الجسم قصير القامة‪ ،‬دقيق المالمح‪ ،‬رقيق الشفاه ‪ ،‬واسع‬
‫الجبهة والعينين ‪ ،‬طويل الحاجبين ‪ ،‬دقيق الفـم ‪ ،‬خيالـي‪ ،‬أديب يحب الشعـر واألدب‬
‫والموسيقى ‪ ،‬الفن عنده أهم من الغذاء ‪ ،‬عبقري في فكره ‪.‬‬
‫يتشكل من هذه الصفات ثالثة أنواع أساسية نقية هي ( ط ) و ( ن ) و( ح ) ‪ .‬ففي هذه‬
‫األنواع تكون صفة واحدة هي المسيطرة وبقية الصفات ضعيفة أو متنحية ‪ ،‬أي موجودة‬
‫بنسب ضعيفة ‪ .‬واإلنسان الجيد هو الذي تكون فيه هذه الصفات متساوية النسب ‪، ...‬‬
‫يتشكل من هذه الصفات ثالثة أنواع مختلطة (أي مركبة) بتشارك نسب مختلفة منها‬
‫فنحصل على األنواع التالية ‪ :‬طاعم نشط ( ط ن ) ـ وطاعم حساس ( ط ح ) وحساس‬
‫نشط ( ح ن ) ‪ ،‬مع وجود الصفة الثالثة الباقية في هذه األنواع لكنها ضعيفـة ‪.‬‬

‫‪267‬‬
‫وهناك صنف سابع متزن ( م ) تتساوى فيه نسب الصفات الثالث‪ ،‬أما الصنف الثامـن‬
‫األخير فهو الصنف غير المتزن ( غ م ) وهو الذي تنقلـب صفاته فجأة لضدها ودون‬
‫سابق إنذار قينقلب من حال لحال ‪ ...‬من عبقري لمجنون ‪ ..‬ومن شخص أنيق إلى آخر‬
‫مزدري ‪ ..‬وهكذا‪ ،‬حيث تسيطر عليه صفة واحدة فقط وتطغى على الصفتين األخيرتين‬
‫أي يصدف أن تتزايد صفة على حساب غيرها في حاالت خاصة ‪ ،..‬وهذا النوع خطر‬
‫جداً ‪ ،‬والتعامل معه صعب جداً ‪ ،‬فالمرء اليدري كيف يتعامل معه رغم جمال شكلـه‬
‫وذكائه ‪ ،‬بينما التعامل مع المتزن مريح جـداً ‪,‬‬
‫حتى يتمكن الشخص من معرفة القرين المناسب له يحدد أوالً الصنف الذي يتبعـه‬
‫هو ذاته بأن يق أر ماجاء في الشرح السابق ‪ ..‬ويختار النموذج األقرب إليه والى طبعـه‬
‫هل هو طاعم ( ط ) أو نشيط ( ن ) أو حساس ( ح ) أو أي صنف مركب آخر مزيج‬
‫منهما ‪ ..‬ثم ينظر إلى المخطط التالي ويحدد موقعه عليه ‪ ,..‬ثم ينظر إلى الشخص‬
‫الذي ينوي االقتران به ويحدد موقعه على المخطط‪ ..‬ثم ينظر في المخطط إلى الخط‬
‫الواصل بين الموقعين ‪ ,‬وينتبه لنوع الخط الواصل ‪ ,‬بالرجوع لجدول الخطوط الموجود‬
‫أسفـل المخطط يمكنه معرفة مدى التوافق أو التطابق بينه وبين قرينه ‪ ..‬كما يمكنه أن‬
‫يحدس نسبة التوافق واالنسجام أو عدمه‪ ,‬وفي هذه الطريقة مساعدة للشخص كي‬
‫يحسن اختيار شريكه في الحياة ‪ ,‬واال عاش كل حياته نادماً ويلعن الساعة التي اختار‬
‫م‬ ‫فيها زوجتـه أو زوجها حيث الينفع الندم ‪.‬‬

‫‪268‬‬
‫طح‬ ‫ح‬

‫ط ط‬ ‫حن‬

‫ن‬
‫طن‬
‫ن‬
‫غم‬
‫حسن‬ ‫الخط الواحد‬ ‫ممتاز‬ ‫الخط المتصل‬

‫رديء‬ ‫ال خـط‬ ‫وسط‬ ‫‪............‬‬ ‫الخط المنقط‬

‫‪269‬‬
‫الناس أعداء ما جهلوا‬
‫كان القصد من كتابة هذا المؤلف هو مواكبة التقدم العلمي الذي شمل كل ميادين الحياة‪،‬‬
‫وكذلك تخبط األفكار واآلراء والمعتقدات حول طبيعة الـروح وطبيعـة الجن وعالمهم‪ .‬أضف‬
‫إلى ذلك فقد كان علماء الطبيعة السابقون يتجاهلون عن عمد البحث في مثل هذه‬
‫الظواهر ويغمضون أعينهم عنها ‪ ،‬رغم أن العلم الحديث يحتوي تفاصيل كاملة ودقيقـة‬
‫لهذه الحقيقة ‪ ،‬لعدم وجود أجهزة قياس أو كشف لمثل تلك العوالم تدعم أبحاثهم ‪ ،‬وثانياً‬
‫لم يكن لديهم الجرأة الكافية للتصدي لفلسفات تأملية ضبابية المضمون‪ ،‬فكانوا يضعـون‬
‫إط اًر لمجاالت أبحاثهم العلمية كي اليصل مداها إلى حقائق مطلقة تصل خيوطها إلى ما‬
‫وراء الطبيعة‪ .‬لذلك شمل التقـدم العلمي كل ميادين الحيـاة ماعدا المجاالت الروحيـة‬
‫والعوالم الخفية للجن والذي دفعني لكتابة مؤلفي " طبيعة الروح وأسرارها " وكذلك هذا‬
‫المؤلف " الطاقات الخفية الإلنسانية " هو رؤية اآلخرين وقد فتحـوا بابـاً علمياً جديداً‬
‫اكتشفوا من خالله تقنية البعث الحيوي ( االستنساخ ) ‪ ،‬بحيث بهرت تلك التقنية الحيوية‬
‫الجديدة أعين الناس وأفكارهم ‪ ..‬وما كان خب اًر غيبياً مسجالً في كتاب ‪ ..‬تحقق خبـره وغدا‬
‫تقنية عضوية روحية ُمطبقة ‪ ،‬ومع ذلك ال يوجد هناك مرجع واحد تناول بحـث هذا‬
‫الموضوع الخطير أو فلسفه من الناحية الروحية ‪ .‬من هنا كان لزاماً البحث فـي عوالم تقع‬
‫فيما وراء الطبيعة لسبر أسرارها ‪ ..‬والعلم يرحب بذلك ويحث عليه ‪ ،‬فقد آن لملف طبيعة‬
‫الروح وعوالم الكينونات الخفية أن ُيفتح ‪ ،‬ومما يبعث على االطمئنان أنـه ال يوجد أي‬
‫تعارض بين العلم وأي معتقد ديني ‪ .‬وموضوعات هذين المؤلفين تتضمـن إجابات كافية‬
‫ووافية لكل ظاهرة روحية حار فيها الفكر البشري قديماً ‪ .‬وهاهو القـرن الواحد والعشرون‬
‫(بداية االلفية الثالثة) يقدم من التفسيرات العلمية ما يالئم ويدعم إيماننا كما أعتقد أن هذا‬
‫المؤلف إوجد حلقات كثيرة كانت مفقودة في قصص الكون والعدم والروح والحياة والموت‬
‫وعالم الجان والشياطين ‪.‬‬

‫‪271‬‬
‫ربما كانت موضوعات هذا المؤلف مغرقة فى الخيال والتفسر التأملي‪ ..‬إال أنها تستند‬
‫إلى أساس علمي هو حصيلة ماوصلت إليه علوم هذا العصر المتقدم ‪، ..‬‬
‫*******‬

‫‪ -‬د ‪ .‬مخلص عبد الحليم الريس ‪ / 1825/‬سورية ‪.‬‬


‫أستاذ مدرس لمادة الفيزياء في جامعة دمشق – كلية الهندسة الميكانيكية والكهربائية‬
‫منذ عام ‪ .1012‬متخرج من جامعات دمشق والقاهرة ولندن وموضوع تخصصـه‬
‫فيزياء الجسم الصلب وأشعة ليزر وتطبيقاتها ـ كلية بيدفـورد ـ جامعة لنـدن ‪.‬‬
‫مؤلفاته ‪:‬‬
‫كتاب الصوت والليزر‪/‬كتاب الضوء الفيزيائي وتطبيقاته ‪/‬كتاب الفيزياء (‪ )2‬وتتضمن‬
‫الفيزياء الكالسيكية والحديثة ‪ /‬تجارب في الفيزياء العملية ‪ /‬علم الفلك أسسه ومفاهيمه ‪/‬‬
‫المنظومة الشمسية ‪ /‬تاريخ علم الفلك ‪ /‬المجرة درب التبانة ‪ /‬المذنبات ( مذنب هالي) ‪/‬‬
‫رحلة مذنب هالي‪ /‬قصة نشوء الكون ‪ /‬الليزر وتطبيقاته ‪ /‬الكون والحيـاة ‪ /‬الكسـوف‬
‫الشمسي ‪ 11‬آب ‪ / 1000‬طبيعة الروح وأسرارها ‪ /‬العديد من المقـاالت والمقابـالت‬
‫اإلذاعية والتلفزيونية العلمية في مجال علمي الفيزياء والفلك ‪ .‬اشترك في تأليف بعضها‬
‫الدكتور علي موسـى ‪.‬‬

‫***‬ ‫***‬ ‫***‬

‫‪271‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫المراجع‬
‫‪1‬ـ سلسلة عالم المعرفة ‪ :‬األعداد ‪/ 281/221/202/225/151/115 /180/120/‬‬
‫‪/ 288 /‬‬
‫‪2‬ـ علم البصمات ‪ :‬نظير شميص ‪ /‬فوزي خضر‪ /‬مكتبة دار الحياة بيروت ‪1081.‬‬
‫‪0‬ـ علم البصمات‪ :‬إبراهيم غازي ‪ /‬الجزء األول ‪. 1021 /‬‬
‫‪1‬ـ كتاب االستنساخ واإلنجاب ‪ :‬د ‪ .‬كارم السيد غنيم ‪ /‬دار الفكر العربي ‪. 1005‬‬
‫‪ 2‬ـ المدخل إلى ميكانيك الكم ‪ :‬ر‪ .‬ديكه ‪/‬ج ‪ .‬ويتكه ‪ .‬ترجمة د‪ .‬آحو يوسف ‪ /‬تدقيق‬
‫ومراجعة د ‪ .‬محمد علي سالمه ‪ /‬المركز العربي للتعريب والترجمة والنشر‪1000 /‬‬
‫‪8‬ـ ميكانيكا الكم ‪ :‬ع ‪.‬الملحم‪ /‬م ‪.‬الغفرى‪ /‬جامعة الملك فيصل‪ /‬السعودية عام ‪1001‬‬
‫‪1‬ـ الفيزياء الحديثة ‪ :‬د‪ .‬بسام المغربي‪ /‬د‪ .‬عدنان محاسب ‪ /‬جامعة دمشق ‪. 1001 /‬‬
‫‪ 5‬ـ الضوء الفيزيائي وتطبيقاته ‪ :‬د مخلص الريس ‪ /‬جامعة دمشق ‪. 1051 /‬‬
‫‪ 0‬ـ الصوت والليزر ‪ :‬د‪ .‬مخلص الريس ‪ /‬جامعة دمشق ‪. 1052 /‬‬
‫‪10‬ـ الليزر وتطبيقاتها ‪ :‬د ‪ .‬مخلص الريس ‪ /‬جامعة دمشق ‪. 1050‬‬
‫‪11‬ـ تنانين عدن ‪ :‬كارل ساغان‪ /‬ترجمة نافع أيوب لبس‪ /‬اتحاد الكتاب العرب‪1000 /‬‬
‫‪ 12‬ـ أمواج وجسيمات‪ :‬المؤلفة الفيزيائية هيفاء شعيتاني ‪ /‬دار المعاجم‪. 1001/‬‬
‫‪10‬ـ المادة كما ترى اليوم ‪ :‬ترجمة وائل أتاسي‪/‬و ازرة الثقافة ‪/‬دمشق ‪. 1052/‬‬
‫‪11‬ـ عوالم ضمن عوالم ‪ :‬ترجمة مظفر شعبان وآخرون ‪ /‬و ازرة الثقافة دمشق ‪1050‬‬
‫‪12‬ـ الصحة النفسية ‪ :‬د ‪ .‬نعيم الرفاعي ‪ /‬جامعة دمشق ‪. 1055 /‬‬
‫‪18‬ـ الكون والنسبية بين القرآن الكريم والنظرية ‪ :‬عبدو أحمر ‪. 1001 /‬‬

‫‪272‬‬
‫‪11‬ـ الروح ـ البن القيم الجوزية ‪ :‬مكتبة المدني ‪ /‬جده ‪. 1051/‬‬
‫‪15‬ـ المادة والروح ‪ :‬األستاذ ندره اليازجي ‪/‬دار الغربال ‪/‬دمشق ‪1080/‬‬
‫‪10‬ـ النظرية الروحية‪ :‬د‪ .‬راتب السمان‪ /‬الرياض‪ /‬مطابع الجمعة اإللكترونية ‪2000/‬‬
‫‪20‬ـ ويسألونك عن الروح ‪ :‬د ‪ .‬راتب السمان ‪ /‬دار الفكر ‪ /‬دمشق ‪. 1001 /‬‬
‫‪21‬ـ وقاية اإلنسان من الجن والشيطان ‪ :‬د‪ .‬وحيد بالى ‪/‬دار البشير ‪/‬القاهرة‪. 1011/‬‬
‫‪22‬ـ بداية خلق الكون ‪ :‬اإلمام الحافظ ابن كثير ‪ /‬تحقيق عادل أبو المعاطي ‪.1011 /‬‬
‫‪20‬ـ عجائب الحاسة السادسة ‪ :‬إعداد محمد البيطار ‪ /‬دار البشير ‪ /‬دمشق ‪. 1055 /‬‬
‫‪21‬ـ من يلعب النرد ‪ :‬سلسلة الثقافة المميزة (‪ / )1‬ترجمة د‪ .‬بسام المغربي ‪/‬مراجعة‬
‫د ‪ .‬حسن كنيش ـ دار طالس ‪. 1000/‬‬
‫‪22‬ـ العوالم األخرى ‪ :‬سلسلة الثقافة المميزة ‪ /‬بول ديفز ‪ /‬ترجمة د ‪ .‬حاتم النجدي ‪/‬‬
‫مراجعة د ‪ .‬أدهم السمان ـ دار طالس ‪. 1000 /‬‬
‫‪28‬ـ مجلة الصفر ‪ :‬العدد (‪ / )20‬المجلد (‪ / )1‬المركز العربي للدراسات الدوليـة ‪/‬‬
‫آذار ‪ /‬مارس ‪. 1055/‬‬
‫‪21‬ـ مجلة العربي ‪ :‬العدد ( ‪ / ) 005‬يناير ‪. 1002‬‬
‫‪ 25‬ـ مجلة العربي ‪ :‬العدد (‪ / ) 100‬سبتمبر ‪. 1000‬‬
‫‪ 20‬ـ نظرية ثبات طور الكلمة ‪ :‬د‪ .‬أحمد عبد الرزاق مغربل ‪ /‬المطبعة الحديثـة ‪/‬‬
‫حمـاه ‪. 1052 /‬‬
‫‪ 00‬ـ أسرار الخلقة وابداعها ‪ :‬د‪ .‬إحسان حقي ‪ /‬دار اليقظة العربية ‪ 1085 /‬دمشق‬
‫‪ 01‬ـ أسرار الظواهر المغناطيسية والروحانية وتدريباتها العملية ‪ :‬د‪ .‬رمزي مفتاح‬
‫القاهرة ‪. 1015 /‬‬
‫‪ 02‬ـ المبادئ األساسية في الطب النفسي ‪ :‬د‪ .‬محمد إياد الشطي وآخرون ‪. 1000 /‬‬
‫‪ 00‬ـ طبيعة الروح وأسرارها ‪ :‬تأليف ‪ :‬د‪ .‬مخلص عبد الحليم الريس‪ /2001/‬دمشق‬
‫‪ 01‬ـ الكون ‪ :‬كارل ساغان ـ مترجم مجلة المعرفة الكويتيـة‬

‫****************************************************‬

‫‪273‬‬
‫طح‬ ‫ح‬

‫ط ط‬ ‫حن‬

‫ن‬
‫طن‬
‫ن‬
‫غم‬
‫حسن‬ ‫الخط الواحد‬ ‫ممتاز‬ ‫الخط المتصل‬

‫رديء‬ ‫ال خـط‬ ‫وسط‬ ‫‪............‬‬ ‫الخط المنقط‬

‫‪274‬‬
275
‫ـــــــــــــــــ‬

‫مقدمة‬
‫‪ 1‬ـ الفصل األول ‪ :‬علوم اإلنسان ‪) 7 ( ..................................‬‬
‫‪ 4‬ـ الفصل الثاني ‪ :‬رحلة إلى العدم ـ ماهو العـدم ‪)13( ................‬‬
‫‪ 3‬ـ الفصل الثالث ‪ :‬مارج النار ـ طبيعة مـارج النـار ـ حقيقـة الجان ـ‬
‫طبيعة الجان ـ النفس وعربة فايدروس ‪)17( ..............‬‬
‫‪ 2‬ـ الفصل الرابع ‪ :‬األبعاد ـ األبعاد واألكـوان ـ عصابـة موبيـوس ـ‬
‫ماهـو الزمـن ‪)42( ....................................‬‬
‫‪ 5‬ـ الفصل الخامس ‪ :‬البعد الخامس الالزمني ـ األنفـاق الكونية ـ مثلـث‬
‫برمـودا ـ شـق الصـدر ‪)33( ......................‬‬
‫‪ 2‬ـ الفصل السادس ‪ :‬العقل الباطن المطلق الشامل ـ األثيري ـ الذبذبي(‪)23‬‬
‫‪ 7‬ـ الفصل السابـع ‪ :‬العقل الباطن الخاص ـ صفاته ـ اللهيب الروحانـي‬
‫ـ مستوياته ـ الوعي الصافي ـ هالـة العقل الباطـن‬
‫عمل هذا العقل ـ كشف الماء ‪)51( ....................‬‬
‫‪ :‬طبيعة الروح ـ أنواع الروح ـ الروح الجسدية ـ‬ ‫‪ 7‬ـ الفصل الثامن‬
‫الروح القدسية ـ مخطط أبعاد الروح ـ االتصال ‪)27(...‬‬
‫‪ :‬السمع الكوني ـ األشعة المجهولة ـ إدمان الموسيقـى‬ ‫‪ 8‬ـ الفصل التاسع‬
‫جهـاز التـوازن الكونـي ‪)77( .......................‬‬
‫‪ 10‬ـ الفصل العاشر ‪ :‬العين الثالثة ـ الزيـت الذهبـي ـ االكتشاف المفاجئ‬
‫ـ السيكلـوب ـ سر الميالتونيـن ‪ 11 )72( ...............‬ـ‬
‫الفصل الحادي عشر‪ :‬الشاكرات (ضفائـر الطاقة) أو دوامات أعاصيـر‬

‫‪276‬‬
‫الطاقة الحيوية ـ الشاكرات والجنس ـ الكارما يوغا(‪)81‬‬
‫‪ 14‬ـ الفصل الثاني عشر ‪ :‬جسد الجان ـ ـ طبيعة الجان ـ كينونة جسده‬
‫ـ تأثيرهم على الناس ـ حياة الجان ـ صفاتهم ـ‬
‫من يراهم ـ وصفهم ولونهم المفضل ـ تأثير الصوت‬
‫فيهم ـ االختيار ـ من يكره ـ الجن والنفس ـ‬
‫الخطيئة ـ أسلوب عملهم ـ األنا األعلى ـ تضخيم‬
‫الطاقة الجسدية ـ التوبة ـ انتصار الجان ـ البعض‬
‫يمارسها بطريقة روحية قدسية ـ الدعاء ‪)87( .....‬‬
‫‪ 13‬ـ الفصل الثالث عشر ‪ :‬سكن الجان ـ سكنهم األول ـ الطرد ـ الخديعة‬
‫نظام الكارما والسعادة ـ سكنهم الحالي ـ السيطرة‬
‫عليهم ـ أداة الرؤية ـ الجان والجمل ـ الجن فـي‬
‫الصحراء ـ فاكهة يكرهها الجن ـ الجان والغنم ـ‬
‫األنبياء رعاة األغنام ـ المزمار ـ التأمل التجاوزي‬
‫يرينا الجن ـ هل تريد أن تراهم ‪)141( ...........‬‬
‫‪ 12‬ـ الفصل الرابع عشر ‪ :‬لوثة الشر ـ قصة الخلق ـ جزيء أل ( د ن أ )‬
‫المذهل ـ السر في أضعف الخلق ـ زرع اللوثـة‬
‫وعودة للعقل الباطن ‪..............‬‬
‫(‪ 15)137‬ـ الفصل الخامس عشر‪ :‬الجن والمرأة ـ اللـذة الحرام ـ دور الروح ـ‬
‫للمرأة عقلين ـ مالزمـة الجان للمرأة ـ الجـان‬
‫واللقاءآت الجسدية ‪)122( ........................‬‬
‫‪ 12‬ـ الفصل السادس عشر ‪ :‬الجن والرجل ‪)120( .....................‬‬

‫‪277‬‬
‫‪ 17‬ـ الفصل السابع عشر ‪ :‬الجن والجنين ـ الوحم والجن ـ أوديب ملكـاً‬
‫ـ آلية الزرع ـ حواس الجنين ‪)123( .........‬‬
‫‪ 17‬ـ الفصل الثامن عشر ‪ :‬الجن والجنس ـ العقاب اإللهي ـ التقاء مقعدي‬
‫النار ـ دور الروح القدسية ـ دور العقل الباطن‬
‫ـ الشر فينا ليس حديثاً ـ االستنساخ والجن ـ‬
‫يأجـوج ومأجـوج ‪)174 ( ..................‬‬
‫‪ 18‬ـ الفصل التاسع عشر‪ :‬عمل الجن ـ أدوار العمل ( معلوماتي ‪ ،‬بيولوجي‬
‫جنسي‪ ،‬المس‪ ،‬النسيان‪ ،‬ضرب الذاكرة‪ ،‬أحالم اليقظة‬
‫الشر الجماعي‪ ،‬الغضب ) ‪)187( ..................‬‬
‫‪ :‬طعام الجن ـ طهاة الجان ـ خدم إسمه الفيـروس‬ ‫‪ 40‬ـ الفصل العشرون‬
‫‪)407 ( ....................‬‬
‫‪ 41‬ـ الفصل الحادي والعشرون‪ :‬الجن واألحالم ـ أنواعها ـ من أين تأتـي‬
‫األحالم ـ تفسيرها ـ استرجاع وسماع صوت‬
‫األقدميـن ورؤيتهـم ( كشف أحداث التاريـخ‬
‫الحقيقية ) باألحالم ‪)410( ..................‬‬
‫‪ 44‬ـ الفصل الثاني والعشرون‪ :‬الجن والتقمص ـ حكمة التقمص وأنواعه‬
‫ـ ال دور للجن فيه ‪)412( ................‬‬
‫‪ 43‬ـ الفصل الثالث والعشرون‪ :‬االتصال بالجان ـ اتصال الروح الجسدية‬
‫الغيبوبة ـ العطور والبخور ـ اتصال شفاف‬
‫ـ تدريبات االتصال ‪)418( ...............‬‬

‫‪278‬‬
‫‪ 42‬ـ الفصل الرابع والعشرون ‪ :‬ألعـاب يمارسها الجـان ـ الصـرع ـ‬
‫الشقيقة ـ المشي النومي ـ الطرق الصوفيـة‬
‫وسر لعبة السيف والشيش ـ التفسير العلمـي‬
‫انهيار العقلين الواعي والذاتي ـ مات وشيعوا‬
‫جثمانه ‪ ....‬ثم عاد للحياة ـ تحدثت إلى رجل‬
‫عائد من الموت ـ سر القهوة ‪)445( .......‬‬
‫‪45‬ـ الفصل الخامس والعشرون‪ :‬عواطف الجان ـ شهوة الجن ـ عشق حواء‬

‫االستحواذ ـ اللبس ـ المتعة مع الجان ـ حنين‬


‫لعشقهم ـ خلـع الجـن ‪)431( .............‬‬
‫‪ 42‬ـ الفصل السادس والعشرون‪ :‬الجن والسحر ـ العلم يكشف سر السحر‬
‫ـ لعنة الفراعنة ـ إزالة السحر ـ التمـر‬
‫والسحر ‪)437( ...........................‬‬

‫‪ 47‬ـ الفصل السابع والعشرون ‪ :‬الجن والكوارث ـ االنسان يصنع قَ َـد َرهُ‬
‫صفير الجان وعبثهم (األعاصير‪ ،‬الكوارث)‬
‫منتزهات الجان ـ اينشتاين والجان‪)424( ..‬‬
‫‪ 47‬ـ الفصل الثامن والعشرون ‪ :‬نحن محميون منهم ـ المسيح كان يشفي‬
‫من الجان ـ عهدهم للنبي(ص) ‪)427( ....‬‬
‫‪48‬ـ الفصل التاسع والعشرون ‪ :‬االستخـارة بطريقة الحـرف العربـي‬
‫المقدس ـ نظرية طـور الكلمـة ـ ميزان‬
‫الحل والربط واالستخارة العقلية ‪)451( .....‬‬
‫خيرة أم شريرة ؟‬
‫‪30‬ـ الفصل الثالثون‪ :‬تحليل الشخصية واختبار الروح ِّ‬

‫‪279‬‬
‫‪)452( ....................‬‬
‫‪31‬ـ الفصل الحادي والثالثون‪ :‬علـم الفراسـة ‪:‬‬
‫مخطط اختيار الزوج ‪ /‬الزوجة ‪)421( .......‬‬
‫‪)422( ........................‬‬ ‫‪:‬‬ ‫خاتمـــــــة‬
‫‪)425( ........................‬‬ ‫‪:‬‬ ‫حول المؤلف‬
‫‪)422( ........................‬‬ ‫‪:‬‬ ‫المراجــــــــع‬
‫‪)427( ........................‬‬ ‫‪:‬‬ ‫المحتوى‬

‫****************************************************‬
‫*************‬

‫بشرى للقراء الباحثني عن طبيعة الروح والطاقات اخلفية الال إنسانية !!!‬
‫بعد نجاح ونفاذ مؤلَّ ِ‬
‫فه الخامس عشر" طبيعة الروح وأسرارها " والذي كان من أغلى‬
‫وأكثر الكتب العربية مبيعـاً في أمريكا يسر الكاتب المؤلف الدكتور الفيزيائي مخلص عبد‬
‫الحليم الريس أن يعلن عن إعادة طبع هذا المؤلف بغالفه الجديـد‪ ,‬ويتضمن هذا َّ‬
‫المؤلف‬
‫موضوعات كثيرة ‪ ..‬فهو يقدم محاولة علمية بأسلوب فكري تأملـي لتفسيـر طبيعـة المادة‬
‫والزمـن والكهرباء والمغناطيسية والجاذبيـة الكونية والتي أمكن من خاللها تفسير طبيعة‬
‫الروح وكيفية ارتباطها بالعضوية الحية ‪ ..‬مما م ّكـَن من كشف العديد من أسرارهـا ‪..‬‬
‫طاقاتها ‪ ..‬أماكن وجودها ‪ ..‬أنواعها ‪ ..‬أطيافها ‪ ..‬ومن ثـم مناقشة دورها في األحالم‬
‫وتفسيرها‪ ,‬التنبؤ‪ ,‬الدعاء والقدر‪ ,‬اإليحاء ‪ ,‬الحب والجنس‪ ,‬الحسد والسحر ‪ ,‬المـوت‬
‫ومابعده ‪ ,‬التقمص الروحي ‪ ,‬استحضار األرواح ‪ ,‬الحاسة السادسة ‪ ,‬التخاطر وقراءة‬
‫األفكار‪ ,‬الرؤيـة عن بعد ‪ ,‬القوى الخفية عنـد اإلنسان ‪ ,‬االستنساخ والروح ‪ ,‬الروح عند‬
‫القيامـة ‪ ,‬وأخي ارً محاولة التقريـب العلمي لبعـض المعجزات وهبوط آدم وحواء لألرض ‪,‬‬
‫وتفسير عدم رؤيتنا للجن ‪ ,‬وكشف سر مثلث برمودا ‪ ,‬وكشف سر بصمة اليد ‪ ,‬مع‬
‫اختبار من مائة سؤال لطبيعة الروح ( خيـِّرة أم شريرة ) ‪.‬‬

‫‪281‬‬
‫كما يسر المؤلف أن يقدم كتابه الجديد بعنوان" الطاقات الخفية الالإنسانية " ويتضمن‬
‫هذا الكتاب بحثاً موسوعيـاً علميـاً طريفاً َّ‬
‫قل نظيره ألحد أهم الموضوعات الروحانية وهو‬
‫عالم الجان ‪ ..‬ويبين هذا المؤلَّف طبيعة كينونتهم وصفاتهم وأعمالهم على ضوء ماسبق‬
‫من علوم ومعارف قديمة ثابتة‪ ,‬ومن ثم على ضوء ماتوصل إليه العلم الحديث من‬
‫نظريات ‪.‬‬
‫كما يناقش هذا َّ‬
‫المؤلف دورهم في ‪:‬‬
‫زرع لوثة الشر في مورثات االنسان ـ مالزمتهم للرجل والمرأة والجنين ودورهم في‬
‫العقم‪ ,‬االسقاط‪ ,‬الوحم‪ ,‬األحالم‪ ,‬العشق‪ ,‬السحر‪ ,‬االستنساخ ‪ ,‬يأ جـوج ومأ جوج ‪, ...‬‬
‫الكوارث واألعاصير والزالزل ـ مفعول الفراشة ‪. !! ...‬‬
‫كما يبحث في عواطفهم وشهواتهم ـ اإلستحواذ والتملك ـ المتعة مع الجن ـ حمى‬
‫الشهوة الجنسية ـ اللقاآت الجسدية ـ التقاء مقعدي النار ـ اللذة الحرام وعنفوانها الصرع‬
‫والشقيقة وعالجهما ـ المس والخلـع ـ منتزهـات الجان ـ هل تريـد أن تراهم ؟ ‪ ....‬تدريبات‬
‫ـ ال دور لهم في التقمص ‪ ..‬هل التأمل التجاوزي يرينا إياهم؟‬
‫وتق أر في هذا الكتاب ‪:‬‬
‫السمع الكوني وجهاز التوازن الكوني ـ العين الثالثة ـ السايكلوب ذو العين الواحدة ـ‬
‫الشاكرات وضفائر الطاقة ـ كوانداليني وسر الزيت الذهبي ـ سر هرمون الظـالم ‪..‬‬
‫الميالتونين ـ خدم الجن وطهاة طعامهم ـ انتصار الجان ـ الملك أوديب والجـان سر قارة‬
‫األطلنتس المفقودة ـ لعنة الفراعنـة ـ عربة فا يدروس ـ االنفاق الكونية والسفر عبرها ـ‬
‫مات وشيعوا جثمانه ‪ ..‬وعاد للحياة ‪ ..‬وأخبرني ‪ ....‬ـ الرابـوص األعظم ـ سر القهوة ـ‬
‫رؤية األقدمين وسماع أصواتهم ـ مثلث برمودا ـ ثمـرة يكرهها الجان ـ حيوان ال يقربه‬
‫جان ـ صوت المزمار ـ عواء الكلب ـ اينشتايـن والجان ـ سر لعبة الشيش ـ اإلستخـارة‬
‫بطريقة الحرف العربي المقدس ـ اختبـر قدسية روحك وخلوها منهم بإجابتك على مائة‬
‫ِ‬
‫لزوجتك ‪ ,...‬في كل‬ ‫اختيار َك‬ ‫ِ‬
‫لزوجك ـ أق أر مخطط‬ ‫اختيارِك‬
‫ِ‬ ‫سؤال مختار ـ أقرأي مخطط‬
‫َ‬
‫سطر فكرة وعبرة ‪.!! ..‬‬

‫‪281‬‬
‫متوفران في المكتبات وفي معهد السحاب ‪ ....‬السعر ‪ 300 /‬ل س لكل كتاب ‪ /‬مـع‬
‫كتاب هدية ‪ , ...‬تصميم األغلفة الفنان محمد سامر الريس ‪.‬‬

‫*************************************‬

‫‪ 7‬ـ الدوامة الدماغية‬

‫‪282‬‬
‫‪ 2‬ـ الدوامة العقليـة‬
‫‪ 5‬ـ الدوامة البلعومية‬
‫‪ 2‬ـ الدوامة القلبيـة‬
‫‪ 3‬ـ الدوامة الشمسية‬
‫‪ 4‬ـ الدوامة الخشلية‬
‫‪1‬ـ الدوامة الحوضية‬

‫‪18‬‬ ‫‪11‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪11‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪85‬‬ ‫‪81‬‬ ‫‪82‬‬ ‫‪81‬‬ ‫‪80‬‬

‫‪00‬‬ ‫‪50‬‬ ‫‪55‬‬ ‫‪58‬‬ ‫‪52‬‬ ‫‪50‬‬ ‫‪52‬‬ ‫‪15‬‬ ‫‪11‬‬

‫‪101‬‬ ‫‪108‬‬ ‫‪100‬‬ ‫‪101‬‬ ‫‪02‬‬ ‫‪01‬‬

‫‪283‬‬

You might also like