Professional Documents
Culture Documents
تأليف
1
4002أيلول ـ دمشق الطبعة األولى :
رقم اإليداع في مكتبة األسد :
2
موافقة وزارة اإلعالم ـ مديرية المراقبة 77777
تاريخ 4002 / 7 / 47
يمنع طبع هذا الكتاب أو أي جزء منه بكل طرق الطبع والتصوير والنقل والترجمـة
واالقتباس والتسجيل المرئي والمسموع والحاسوبي وغيرها من الحقوق إال بإذن خطي من
المؤلِف .وهو محمي بموجب حماية الملكية الفكرية .
َ
مــقــدمـــة
وحـي أو تجـرب ٌة
ٌ العلـم إما
تحدثت جميع الحضارات اإلنسانية القديمة منها والحديثة عن شئ أسمه الجن أو الجان
والشياطين والمردة والعفاريت ،كما ذكرت تلك الحضارات أن لتلك الكائنـات صفات
ومميزة ليست لغيرها من الكائنات ،...وكان السؤال ومازال هو
وخصائص وقدرات فريدة ّ
:
3
هل هذه المخلوقات ألالمرئية موجودة فعالً ؟ وان كانت موجودة فعالً!! ،فأين عالمها ؟
وما هو دورها في حياتنا ؟
هل قصص ألف ليلة وليلة بما تحويه من سحر وسحرة وجن وعفاريت صحيحة ؟ أم هي
ي بارعٌ وكان الهدف منها التسليـة واضاعة
فكر بشر ٌ
مجرد أوهام من نسج الخيال صنعها ٌ
الوقت ؟ .ربما لم يكن التكهن بوجود الجان أكثر من هوس نفسي أو عقلي أو اجتماعي
تط ّفل على تلك الحضارات ولوثها بلوثة من التخلف !! ؟ .
ليبرر ِ
عجزه عن اإلحاطة بأسرار الكـون لعل اإلنسان هو الذي اخترع موضوع الجن ّ
ليفسر األمور حسب هواه ومدى ثقافته العلمية ؟ أي هي
وتفسيرها ،فاخترع تلك الفكرة ّ
ليفسر ما وراء مداركه ويتجاوز أداءه المعرفي ،خاصة أنه لم
حيلةٌ لجأ إليها اإلنسان قديماً ّ
يؤت من العلم إال قليالً .
َ
لنحاول اإلجابة على السؤال التالي :
لماذا ال يتسلط الجن والعفاريت إال على أصحاب العقول الضعيفة والنفوس المريضة
واألشخاص المحبطين والمتواكلين والكسالى؟ وأيضاً على أؤلئك الذين يحلمون بالدخول
إلى عالم تلك الكائنات للتعامل معهم بطريقة سرية واستغالل قدراتها في السيطرة على
عقول الناس والتحكم بهم !! .
وغني بالفكر والخيال
ٌ خصب
ٌ الحقيقة أن موضوع القوى الخفية وعالم الجن هو مجال
هوى في نفوسهم ومهما كانت مستوياتهم
ويشغل حي اًز واسعاً من عقول الناس ،ويالقي ً
الفكرية والعلمية واالجتماعية والثقافية ،والغريب أن مثل تلك المستويات تتضمن أطباء
ومهندسين وعلماء ورجال أعمال أثرياء ،وشمل ذلك الهوس طيفاً واسعاً من الناس من
أفقرهم إلـى أغناهم ،ويالحظ أن للمرأة النصيب األوفر في االهتمام بهذه المواضيـع فهي
أكثر تأث اًر بها من الرجل ،ولربما كان مرد تلك الظاهرة إلى العداء األزلي بينهـا وبين
الجن ،والذي بدأت إرهاصاته األولى عندما غدر الشيطان بحواء وآدم في الجنة والتي
مازالت آثاره مغروسةً في أعماقها إلى اآلن ،فالمرأة تشعر بق اررة نفسها أن الجن لعـب دو اًر
لتحميلها خطيئةً أخرجتها وزوجهـا من الجنة وجعلتها تلد
سلبياً في حياتها األولى أدى ّ
أبناءها باأللم ،وأن تعيش كل حياتها الدنيوية قلقـةً خائفةً على نسلهـا من عبث الجن
4
وأذاهم ،وأغلب الظن أنها محقةٌ في ذلك الشعور ألن ما نشاهده اليـوم من شر واجرام
وعنف ومن أعمال الشيطان ما يؤكد هواجسها ومخاوفها .وهنا يجـدر أن نذكر أن
الوحيدين المعاذ ين من الجن والشياطين وخالفهما هما سيدا البشرية واإلنسانية السيـد
المسيح عليه السالم وسيدنا محمد صلى اهلل عليه وسلم .
ط كثي اًر في
الغريب أن موضوع الكينونات الطاقية الخفية الالإنسانية (عالم الجن) نش َ
اآلونة األخيرة بدل أن يتضاءل رغم التقدم العلمي الهائل الذي حدث .فانتشرت القصص
الخرافية واألساطير وأفالم الرعب ومصاصي الدماء وقراءة األبراج ،انتشار النار في
الهشيم ،وسادت أخبارها مجالس الناس ومجتمعاتهم ولمدى أبعد مما كان عليه الحال في
العصور القديمة ،وربما يعزى ذلك األمر للوقع الخيالي الساحر لمثل تلك المواضيع في
النفوس ولإلثارة النفسية والفكرية التي تصاحبها ،والتي ربما تعجز عن صنعها الحقائق
العلمية الجادة ذاتها ،والخيال يسبق العلم ،أو ربما كانت تلك الظواهر صحيحة وتمس
المؤلف النادر والطريف !!
حياتنا فعالً ،وما علينا سوى التحقّق من ذلك اآلن وفي هذا ّ
فما هي حقيقة هذا األمر ؟
المؤلف الطريف بحثاً في طبيعة الجن وحقيقتهم وعالمهم معتمداً في ذلك
يتضمن هذا ّ
ٍ
علمية واكتشافات واختراعات ،ومتمماً مـا كنت على ما قدمه العصر الحديث من منجز ٍ
ات
قد كتبته في مؤلّ ٍ
ف سابق هو " طبيعة الروح وأسرارها " .والهدف من ذلك هـو التنوير
والتوعية والتثقيف وازالة الخوف والرهبة من النفوس تجاه كائنات ال مرئيـة ال تضر وال تنفع
.وطبعاً إلنجاز ذلك األمر سنقوم برحلة فكرية تأملية خيالية علمية نربط خاللها كل ما
توصل إليه التراث الحضاري والتقدم العلمي ،ومن ثم رسم صورة حسية متكاملة يتقبلها
العقل لعالم الطاقات الخفية الالإنسانية .
لن ننفي وجود تلك الكائنات وهم الجان ،خاصة أن الديانات السماوية جميعها بـال
استثناء ال تنفى وجودهم ،بل على العكس نتصدى لهذا الموضوع بقوة ون ّثبت ما يتوافق
ونجمد ما يتنافى إلى أن يصبح األمر قابالً للتعليل .ومجاالت العلـم رحبـةٌ
ّ مع العلم ،
واسعةٌ تستوعب مثل تلك الموضوعات وقادرة على التعامل معها وتفسيرها بسهولة ٍ
تامة
ولربما أمكن مستقبالً االقتراب أكثر منهم والدخول في عالمهم والتعامل معهم مباشرة !!
5
ولكن إلى أي مدى سوف يساهم العلم الحديث في دعم هذه األفكار ؟ وتتمة األمر طبعاً
متروك لتقدم العلم واالكتشاف
من خالل هذا البحث سأحاول إزالة ٍ
كثير من األوهام والمخاوف المتعلقة بهم ،وأن
أضع األمور في نصابها ،و أ ّبين ضآلة تأثيرهم في حياتنا واستحالة دخولنا عالمهم في
عصرنا هذا .وبالتالي يستحيل اآلن علينا التعامل معهم أو تسخيرهم لمآرب خاصـة أو
بالعكس ،وهدفنا من ذلك هو التوعية وكشف كذب ادعاء البعض ممن يدعي التعامل
معهم ،فقد صار لدى البشر في هذا العصر من العلم والحس العلمي والثقافي ما يكفـي
لجعلهم مهيئين لقبول التفسيرات المنطقية حول هذا األمر ،وأغلب الظن أنهم سيرحبون
ٍ
صرف لألذى تثقيف وتوعيةٌ وحمايةٌ لحياتهم من عبث العابثين و
ٌ بذلك ،ففي هذا الطرح
عرف أوال على طبيعة الجن وعالمهم!!كتبت هذاعنهم ،ولكي يتحقق هذا الهدف يجب الت ّ
مبسط تجاوزت به حدود المادة وعالمها والذي
الموضوع بأسلوب علمي خيالي تحليلي ّ
صار ممكناً اآلن بعدما تم اكتشاف حقيقتها وطبيعتها الموجية ، ..فالمادة ليست سـوى
سراباً موجياً!! فكيف بعالم الجان ..وبالتالي صار فهمها في متناول الجميع ،وأن أدخل
موجي غير
ٌ القارئ في دائرة الضوء المعرفي لعوالم ما وراء الطبيعة والتي هي امتداد
منظور للمادة .فعدت إلى مرحلة ما قبل بداية الخلق والتكوين ،أي إلى بداية النشأة من
العدم والذي تم بأمر اهلل ثم ُسرت مع مجريات األمور ورتبتها بأسلوب االستقراء العلمي
تمكنت من خالله أن أعطي تفسي اًر لموضوعي الحالي وهو " الطاقات الخفية الالإنسانية ،
قل أن يأتي به ُمؤلَّف آخر بمثل هذا العمق والشمول
أو روح االنسان وخفايا الجان " َّ
هنا يتضح هدفنا ،فمن خالل دراستنا لطاقات اإلنسان والطاقات الخفية الالإنسانيـة نحاول
الوصول لطرق يمكن استخدمها لتحقيق سعادة لإلنسان وأن نحميه من شياطيـن األنس ،
كما نهدف إلى كشف حقيقة تلك الطاقات الخفية الالإنسانية وتفاهـة دورها في حياتنا ليكف
الناس عن الجري والسعي خلف سراب مضلِّل ال سلطان له عليهم ،هذا من ناحية .ومن
ناحية أخرى يوجد استحالة كاملة لدخول عالمهم أو االتصال بهم .لربمـا أمكن ذلك
مستقبالً إذا تطورت علوم الباراسايكولوجي في المناحي التجريبية .ومع ذلك قد يتضمن
هذا األمر أخطا اًر جمة ال تخطر على بال .
6
وحرصاً منا على وقت الناس وعقولهم وأموالهم من الضياع واالستغـالل من ِقَب ِل
مشعوذين جهلة خطرين .....امتهنوا سراباً ليجنوا أرباحاً ...وضعت هذا المؤلَّف .
وأخي اًر لو نظرنا حولنا باحثين ومتسائلين .....ماذا فعل الجن ؟ وماذا أنتجوا في هـذا
الكون ؟
والجواب ......الشيء البتة ..سوى األوهام واألمراض النفسية والمشاكل االجتماعية
لألشخاص الالمتزنين الذين يتعاملون مع هذه األشياء .ولوال الموضوع اإليماني وورود
ذكرهم في الكتب المقدسة لما اهتم بهم أي عالم من علماء الكون والطبيعة .
المؤلف
الباحث في علوم ماوراء الطبيعة الفيزيائي
د .مخلص عبد الحليم الريس
7
ذلك القنديل نفس الزمن الدوري بالرغم من تخامد سعة الحركة ،وتم لغاليلو قياس هذا
عد نبضات قلبه فوجدها هي ذاتها مهما كانت سعة االهتزاز . الزمن الدوري بِ ّ
من هنا اكتشف غاليليو قوانين الحركة االهت اززية والموجية وذبذباتها وأطوالها الموجية
والتي كانت الحجر األساس في اكتشاف علم الميكانيكا الكوانتية والذي م ّكن من التغلغل
في أعماق المادة واكتشاف طبيعتها الموجية .وبتعميم تلك الظاهرة أمكن فهم شئ عن
طبيعـة الروح وأسرارها .
في أحد أيام عام 1851م ،بينما كان الفتى اسحق نيوتن سارحاً بفكره وهو مستل ٍ
ق
على األرض تحت شجرة تفاح سقطت على رأسه تفاحة ،وهنا خطر بباله السؤال التالي
" لماذا ال تصعد التفاحة نحو األعلى بدل سقوطها لألسفل ...؟؟ "
وكان الجواب هو اكتشافه الطريف لقانون الجاذبية الثقالية ،والذي يشمل كل موجودات
الكون بدون استثناء .
وفي عام 1000م اكتشف العالم الفيزيائي ماكس بالنك طبيعة الضوء ،وقال:
"الضوء هو حبيبـات من الطاقة المهتزة ,واهت اززاتها هي أمواج كهرطيسيـة "
ودعى تلك الحبيبات الضوئية بالفوتونات .ويمثل الفوتون في الواقع حقيقة وطبيعـة
مكونة من جسيـم يحمل
االزدواجية في كل موجودات الكون ،والفوتون ما هو إال مثنوية ّ
موجة تحمل طاقة مهتزة ،وتلك الطاقة تحركه بسرعة 000ألـف كيلومتر في كل ثانية
زمنيةٍ .
لم يكد عام 1002م على وشك االنتهاء حتى وضع عالم فيزيائي لبنة أخرى فـي
صرح العلم الحديث هو العالم ألبرت أينشتاين بنظريته النسبية الخاصة ،والتي تنـص على
أن :
" أي مقدار فيزيائي في الوجود ليس مطلقاً بل هو نسبي "
فمثالً الكتلة والطول والزمن هي مقادير ليست ثابتة في حالة السرعات الكبيرة ،بل هي
مقادير متغيرة معها ،فاألطوال تتقلص واألزمنة تتمدد والكتل تتزايد مع تزايد السرعة
وعندما تصبح سرعة الجسم مساويةً لسرعة الضوء ينعدم طوله ويخلد أي ال يعد يحول
عليه زمن ويصبح النهائياً أبدياً سرمدياً ،ويتطابق حينها الماضي والحاضر والمستقبل
8
وعندئذ تغدو الكتلة النهائية وتمأل الكون بكامله ..أي يتحول الجسم إلى طاقة هائلة، ...
لها طبيعة موجية ...وبالتحديد هي أمواج فائقة .
في عام 1012م أتبع أينشتاين نظريته الخاصة بنظريته في النسبية العامة والتي تبحث
في الجمل الكتلية ( العطالية ) المتحركة بحركات متغيرة السرعة والمتسارعة في حقل
جاذبية أجسام أخرى ،ونصت تلك النظرية على أن :
مكون من نسيج متصل زماني ومكاني بنفس اللحظة .ويتقعر " الفضاء ما هو إال حقل ّ
هذا النسيج ( يتحدب) حول األجسام المادية مولداً ما يشبه حقل جاذبية ،فإذا دخل جسم
حيز هذا التقعر انجذب إليه " .ودعى العالم أينشتايـن هذا النسيـج بالمتصل
آخر في ّ
نفق يفتحه الجسم أمامه
الزمكاني .ووفق هذه النظرية يعتبر مسار حركة أي جسم كأنه ٌ
وينزلـق فيه .فمثالً حركة دوران القمر حول األرض تتم بأن يفتح جسم القمر أمامـه مسا اًر
حولها ومن ثم ينزلق فيه .وسقـوط األجسام نحو سطح األرض يتم بأن يفتـح الجسم تحته
أنبوباً ثم ينزلق فيه نحوها ..وهكذا .
نستشف من ذلك ...وكأن للمادة وعي للوجود المحيط بها وتخطط مسبقاً لما ستواجهه
فيه من أحداث مستقبلية فترسم مسار حركتها المستقبلي في النسيج الزمكانـي ثم تنزلق فيه
هكذا تخيل اينشتاين حركة األجسام ،وكأن لها إدراكاً مستقبليـاً تخطط على أساسه كل
حركاتها القادمة .
في عام 1021م وضع العالم لويس دوبروي فرضيةً مدهشةً أثارت استغراب جميع
معاصريه آنذاك ،ونصت فرضيته تلك على أن :
" كل جسيم مادي متحرك ومهما كان نوعه وحجمه وسرعته تواكبه موجة ال تنفصل
عنه إطالقا إال إذا توقف عن الحركة ،وطولها يتناسب عكسياً مع السرعة ...فإذا حرك
شخص يده انطلقت موجة مادية تدعى موجة دوبروي . !! ....
في عام 1021م وضع العالم هايزينبيرغ مبدأ الشك أو االرتياب ،والذي يشير إلى
عجز اإلنسان الواضح في التعامل مع مقدارين مرتبطين معاً بنفس اللحظة ،وبالتالي ال
يمكن التعامل مع مقادير مطلقة الستحالة الوصول لها ألنها ليست منفردة أو منعزلة (أي
ليست مستقلة) بل هي مرتبطة بغيرها .فمثالً إذا درسنا حركة سيارة نتوه عن مادتهـا
9
وضاع عنا جسمها ،واذا درسنا مادتها وتعمقنا فيها تاه عن بالنا سرعتها وحركتها ،وأن
التعمق في الشيء يجعلنا نفقده ونخرج منه .فإذا درسنا مادة جسم اإلنسان وخاليـاه
فقدنا إحداثيات روحه ,واذا ما درسنا روحه ال نعـد نتلمس مادته ,ونكون قد خرجنا
منها إلى المطلق .ووسائلنا المادية ودقة أجهزة القياس الحالية ال تسمح لنا بالوصـول إلى
تلك اآلفاق البعيدة .
توج العالم الفيزيائي اإلنكليزي إيرفين شرود نغر في عام 1020م منجزات القرن
وأخي اًر ّ
الماضي باكتشافه علم الفيزياء الكوانتية ،ووضع معادلة وصف بها طبيعة المادة َّ
وبين
فيها أن :
"الجسيمات المادية ليست سوى أمواج متراكب ًة بطريقة ب ّناءة في حيز الجسم وبطريقة
هدامة خارجه ,وأن تلك األمواج ممتدة من الالنهاية السالبة إلى الالنهاية الموجبـة
ومارة بالكون بكل الكون " .
وبالتالي فإن احتمال وجود أي جسيم في هذا الكون هو واحد " .
عالج علماء الفيزياء في القرن الماضي الحقيقة الموجية للمادة ،وأهملوا إمتداداتها رغم أن
تلك اإلمتدادات مازالت تتضمن العديد من األسرار القابعة خلف حدود المادة ولتلك
األمواج ذبذبات النهائية وأطوال موجية غاية في القصر ،وال يوجد مقياس أو جهـاز في
كوننا قادر على إدراكها أو التعامل معها ،ومازال المستقبل يحمل في جعبته الكثير من
المفاجآت حول هذا الموضوع .
وهكذا نكتشف أن المادة العاتمة لنا هي في الواقع أكثر شفافية مما كنا نظن .وبذلك
تحولت قوانين الحتمية المادية إلى قوانين الالحتمية الموجية .وما نراه اليـوم من مادة ليس
سوى قمة صغيرة بارزة لجبل جليدي هائل يغوص في أعماق محيط لجب .ولنذكر هنا
مقولة أينشتاين الشهيرة التالية :
" يا الهي إننا نعيش في عالم رائع من األمواج "
فما أكثر األمواج في حياتنا !! ،فهي مادة و ضوء وصوت وح اررة واشارات السلكيـة
وتلفزيونية وألوان ......وأكوان ومادة وروح وحياة .
11
طور كل منها واحد أحد = اهلل الحقيقة =
طور كل منها واحد * مادة = موج كما أن
ــــــــــــــــــــــ
* -هذه الطريقة اكتشفها الدكتور الطبيب العبقري أحمد عبد الرزاق مغربل ,ونشرها تحت
اسم " إثبات صوت القلب " ـ تاريخ . 1872 / 5 / 42وتعتبر هذه الطريقة ميزان
الحرف في الحل والربط واتخاذ القرار .وسوف نشرحها الحقا .
22
ذبذبة ( أي عشرة إذا مثلنا الذبذبات الموجية الموجودة في الكون وهي بحدود 10
وبجوارها خمساً وعشرين صف اًر )
( ) 100000000000000000000000000 أي
شدة ) ووضعناها فوق بعضها بعضاً فإننا نصنع منها عموداً يصـل بورق لعب ( ورق ّ
ضبِطَ لترى أعيننا ورقة لعب واحدة من ذلك
طوله لنصف كرة الكون ،ومجال الرؤية لدينا ُ
11
العمود من أوراق اللعب ،أي من هذا العمود الكوني من الذبذبات .وتمثّل ورقـة اللعب
الواحدة منها األلوان السبعة التي ت ارهـا أعيننا .فالعين هي العماء بذاته ،لذلك :
(( ثم أرجع البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسئا ً وهو حسير ))
قرآن كريم سورة الملك آية ( ) 2
إذن قدمت علوم هذا العصر الحديث أجوبة شافية لكل التساؤالت حول األمور الكونيـة
وأسرارها ،وأضاءت تلك العلوم المادة من داخلها وجعلتها شفافة وكشفت عن ماهيتهـا
وقربت الباحث أكثر لمنابع الحقيقة المطلقة .ومع ذلك فمازالت البشرية في أول الطريق
ّ
للوصول للحقيقة .
وهكذا نجد أن فلسفة عصرنا اخترقت الحدود المادية لما وراءها وردت الوجود الحتمي
المشهود لها إلى وجود الحتمي غيبي مطلق ،وانتقلت موضوعاتها من المتقطع المتحرك
والمتغير إلى المطلق الثابت ،ومن المحدود إلى الالمحدود .
من هنا تبدأ حكايتنا في تفسير طبيعة الجن والطاقات الخفية الالإنسانية والدخول إلى
عالمها الغامض ،فما نراه بالعين المجردة وبحواسنا ليس سوى جـزٍء ٍ
يسير جداً لمـا هو
موجود فعالً في هذا الكون !! .
*************************************************
12
ــــــــــــــــــــــ
الفصـل الثانـي
رحـلــة إلى العـــدم
" اخليال أهم من املعرفة " اينشتاين
لنفرض أننا ركبنا سفينة اينشتاين الفضائية وانطلقنا بها بسرعة متزايدة بغية بلوغها
سرعة الضوء ،وبفرض أنها تتسارع بتسارع الجاذبية األرضية ( ج = 0،51م /ثا) 2
فهي تحتاج زمناً مقداره عاماً واحداً وهي كي تبلغ سرعتها سرعة الضوء .وأثناء تلك
الرحلة نشاهد األجرام السماوية التي نمر بها ونتجاوزها تعود ثانية من الخلف إلىاألمام
لتسبقنا وتتجمع أمام مركبتنا في بقعة مضيئة بألوان زرقاء وبنفسجية ،وتشبه تلك النقطة
ثقباً مضيأً في نهاية نفق مظلم ،ولو قُدر لشخص يقف على األرض ويرى السفينة من
خلفها لشاهدها محفوفة بألوان حمراء وبرتقالية وصفراء ، ..وعندما تبلغ السفينة سرعة
الضوء تخترق ذلك الثقب المضيء ،عندها نرى أفق الحدث للثقب األسود (الكون) الذي
كان يبتلعنا ،وها نحن خرجنا للتو منه ،عندها نرى ماضيه وحاضره ومستقبله وكـل
ساعاته .وتغدو باليين السنين كأنها ثانيةً واحدة .ويتوقف زمنها وال يعد يحول وتصبح
المشاهد للمركبة من خارجها يراها تنكمش ثم تختفي ،وكتلتها تصبح النهائية خالدة ،و ُ
وتتحول لطاقـة فائقـة عدميـة موجيـة القوام ،أو لقـوة هائلة .واإلنسان بفطرتـه وعلى سجيته
يقول :
" ال حول وال قوة إال باهلل العلي العظيم "
بهذا القول الحكيـم يكون اإلنسان قد لخص ودون أن يدري نظريات العلم الحديثة (
نظرية اينشتاين في النسبيـة ) ،والتي كشفت طبيعـة مادة الكون الطاقية الموجيـة
بعد تجاوزنا سرعة الضوء نكتشف أننا دخلنا عالمـاً جديداً غريباً يختلف كلياً عن
شفاف متناظر متعدد
ٌ صامت
ٌ كوننا شكالً وهندسةً .فالعالم الجديد اآلخر هو عالم هادئ
األبعاد والشيء فيه ونظيف من كل شئ ،أي ال توجد فيه مادة وال أطوال وال أزمنة وال
أضواء وال ح اررة وال كهرباء ،.وكينونته طاقة هائلة النهائية خامدة ال تحرك ساكنـاً وقواه
عظيمة فائقة لكنها متفانية ال تقوم بأي عمل ،هذا العالم الغريب هو......العـدم
13
واآلن ما هي طبيعة هذا العدم وحقيقته ؟؟
العدم ليس عدماً بل هو كون األضداد المتزاوجة والطاقات الخامدة والقوى المتفانية
خال ونظيف من كل شئ وهو أصل كل شئ ،هو وجود مطلـق شفاف ....وهو عالم ٍ
اء كانـت
متناظر النهائي األبعاد ،ليس له أول وليس له آخر ،ومنه انبثقت المادة سو ً
جامدة أم حية ،المرئي منها والالمرئي .ولكي تتحقق كل هذه الصفات في العـدم البد أن
يكون له تركيب خاص ،وذلك التركيب يقتضي أن يكون نسيجه موجياً له خصائص
معينة ,...فأمواجه متزاوجة ومتراكبة (متحدة) بطريقة التعاكس بحيث تلغي كل موجة فيه
نظيرتها ( ضدها وهي موجة أخرى معاكسة لها بالوضع ) ،أي تلتقي قمة الموجة بقاع
ٍ
وتفان ( ألين و اليانغ ) .وهذا هو أل ( موجة أخرى .......فيحدث لهما إشباع واكتفاء
عـدم ) ذي الطاقات المتخامدة والقوى المتفانية .وأمواجه فائقة متعددة األبعـاد وتحمل
طاقات الوجود كله .وفي حال التحامها تكون عديمة األبعاد ،أي أبعادها صفر والنهاية
بنفس اللحظة و لهذا كان العدم شفافاً متناظ اًر .
ألين واليانغ
وطبعاً لتلك األمواج ذبذبات وأطوال موجية وارتفاعات قمم وقيعان ال يمكن إدراكها أو
تخيلها .
أمر التكوين
عندما صدر األمر اإللهي بالتكوين " كن فيكون " انتشرت في العدم صيحة التكويـن
وحدث انشطار ألمواجه الفائقة الساكنة وتقطعت مكونةً نقاطاً (مراكز) منفصلة أي حدث
لها تكميم وصار لها أبعاداً أخفض مما كانت عليه قبل االنشطار ،وغدا لبعضها طبيعـة
14
مادية ( أمواجها كثيفة لها جهة اهتزاز معينة ) ،ولبعضها اآلخر طبيعـة ضـد ماديـة (
أمواجها كثيفة جهة اهتزازها معاكس لألمواج األولى ) ،ففي األولى يلتقي قمة موجة بقمة
موجة أخرى .بينما في النموذج اآلخر يلتقي القاع بالقاع .ومن هنا نشأت أولـى
الجسيمات المادية وأضدادها ..أو مايسمى بالكواركات المادية وضدها ..وبسبب الحركة
تباعدت عن بعضها ،ولكن لو صدف وتالقى أحدهما بضده لحدث لهما اتحـاد انفجاري
مكون من هذه الجسيمات وتتخذ وعادا معاً للعدم كموجة فائقة من جديد .وكوننا الحالي َّ
شكل أوتار عمالقة تدعى باألوتار الكونية المادية وضد المادية .وسرى هذا المبدأ على
كل العدم ومازال سارياً لغاية اليوم ،ومنه ظهرت كل موجودات الكون المرئـي منها
والال مرئي .
تكمم العدم بالصيحة
..................
.................
.................
كوارك ضد مادي وأمواجه الممتدة منه كوارك مادي وأمواجه الفائقة الممتدة منه
يسود في كوننا الحالي النوعان معاً من هذه الجسيمات األولية ،لكننا ال نرى منهما سوى
التمود .
األول فقط بشكله المادي الكامل ّ
التكون هو الوتر المهتز في آلة موسيقية ( العود مثالً ) .حيث يبدو
إن أبسط مثال على ّ
بشكل خط مستقيم وهو ساكن ( يمثل العدم المطلق القديم ) ،وأثناء إهت اززه يتشكل فيه ما
التكون) ويوضح الشكـل التالي
يشبه المغازل المتصلة ببعضها البعض ( وهذا الشكل يمثل ّ
هاتين الحالتين .
15
ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ منبع مهتز في العدم حالة التكون
16
****************************************************
ــــــــــــــــــــــ
الفصل الثالث
مـارج النـار
الصيحة ...كن فيكون
سرى أمر اهلل بالنشأة والتكوين من العدم ،وانتشر األمر اإللهي صيحةً فيه أثارت
طاقاته وتفتقت أمواجه الفائقة لشطرين ،مثلما ينشطر شريط أل ( ) DNAالوراثي عند
الكائنات الحية لشطرين خالل مرحلة انقسام كل خلية حية وتكاثرها ،وكأن هذا الشريط
يكرر عملية الفتق األولى التي حدثت لألمواج الفائقة مع بداية الخلق
الوراثي المزدوج ّ
، .........وهكذا نجد أن :
( ومن كل شئ خلقنا زوجين لعلكم تذكرون)
قرآن كريم سورة الذاريات آية ()28
و حسب نظرية طور الكلمة التي تقرر أن اللغة العربية هي :
العربية = لغة اهلل
= 1+2 0 طورها
صيحة +عدم = خلق = كلمة = عمر فإن :
= 10 = 10 = 10 8 + 1 طورها
وجدنا كيف رافق إيقاظ الطاقات والقوى في العدم بالصيحة تحطُم تناظره وبعض أبعاده
مما أدى النخفاض شفافيته .ووجدنا كيف حدث تقطع وانشطار في كل موجـة فائقـة
17
ونشوء تكوينات مغلقة ذات اهتزاز عنيف لها شكل حلقات وترية بالغة ِ
الص َغر دعاهـا
العلماء المعاصرون بـ ( برينات ) ،والعالم مصنوع من هذه األوتار الحلقية وأبعادها
متعددة لكنها محدودة العدد ومنها تشكلت أدق المكونات المادية وهي الكواركات ، ....
والشكل التالي يبين رسماً تخيلياً لما يسمى البرين ونظيره في المرآة :
تولد فيما بينها قوى مختلفة من تجاذب وتنافر وتصادم ،و حدث
وفور ظهور البرينات ّ
رشق متجانس لها فانطلقت فيها الحركات بمظاهرها المختلفة من دوران وصدم وضغط
وسحق وهرس .....الخ ،وكل ذلك تم خالل زمن خيالي في القصر ال يمكن أن يتخيله
10-
) جزء من الثانية ،أي جزء من عشرة وبجوارها ( )10صف اًر من عقل ومقداره ( 10
الثانية الواحدة ،وهذا ما تحدث عنه العالم الفيزيائي اإلنكليزي ستيفن هاوكنغ ،ودعاه بالزمن
االفتراضي أو التخيلي ( . ( virtual time
لم تدم تلك الفترة طويالً ،إذ جذب العدم تلك التكوينات لداخله وضغطها معاً وسحقها
100
) مرة من ليشكل منها نقطة ال أبعاد هندسية لها ،وربما بلغت كثافتها أكثر من (10
كثافة معدن الرصاص ،تلك هي البيضة الكونية األولى والرحم العدمي الذي نشأ منهـا
كوننا ،وطبعاً كل ذلك تم بأمر اهلل وبدون أي شك وكان ذلك قبل حوالي عشرين بيليون
سنة .
فور اكتمال تلك البيضة ودخول آخر برين فيها حدث لها انفجار هائل أدى لتفتقهـا
وتناثر محتوياتها .ودعى علماء الكون هذا الحدث باالنفجار األعظم أو بالضربة الكبرى
لم تستغرق عملية الخلق تلك سوى جزء يسير من الزمن ،وخالل زمن مقداره جزء من
مائة جزء من الثانية الواحدة كان للكون حجم البرتقالة .وبقي الكون يتوسع ويتوسع
وتتخلق أكوان وأكوان إلى اآلن .
18
وهكذا نتساءل !! كم كانت طويلة تلك األيام الستة األولى من عمر الكون ؟ وكم كانـت
غنيةً باألحداث ؟ !! .
لعل نشأتنا نحن البشر وكذلك كل األحياء في الكون تتم بطريقة مماثلة لنشأة الكون ،
إن لم نقل أنها مشابهة له تماماً ،فالبويضة األنثوية الواحدة تُلقح من قبل حيوان منـوي
واحد مختار من أكثر من ( 200مليون حيوان منوي ) ،وعلى هذا الحيوان المنوي أن
يخترق بويضة أنثوية أكبر منه بـ ( ) 5200مرة ،وتلك الصورة تماثل رجالً يقف أمام جبال
الهيماليا العمالقة ويحاول أن يخترقها ،والجنين البشري كشف قصة التكوين تلك من
بدايتها إلى نهايتها ،وهو يعيدها بأمر اهلل كاملةً من العدم إلى اآلن وملخصاً ما جرى
في الكون من أحداث .
( إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون )
قرآن كريم سورة يس ( ) 74
يبين الشكالن التاليان صورةً لدخول البرين للبويضة الكونية وبداية الخلق وصورة دخول
حيوان منوي لتلقيح بويضة أنثوية .الحظ مدى التطابق بين الحالتيـن .
كان هذا االنفجار هادئاً صامتاً ال ضياء فيه وال نار ألن الذرات لم تكن قد تخلّقت بعد
وتناثرت محتوياته البيضة المنفجرة بتجانس في كل االتجاهات وتم ذلك بسرعات هائلة
ربما بلغت ماليين المرات من سرعة الضوء ،واختلطت حينها شظايا االنفجار األعظم
فتكونت جسيمات أولية أكثر كثافة مادية عمن سبقها ،دعاها العلماء بالكواركات
بالفراغ ّ
19
والتي كانت البدآءآت والبذور األولى لتشكل الجسيمات مادون الذرية ثم الذرات المادية
فيما بعد .
خالصة القول أن المادة نشأت بالتنضيد المعقّد لألمواج الفائقة المنشطرة عن بعضها
المجزأة من العدم بالفتق ،مما أضفى عليها صفات التشكل البعدي والحجميالبعض و ّ
والمادي ،وأن يكون لها كثافات وخواص مختلفة وأطياف يقع بعضها في مجال الطيف
حيةٍ قدر اهلل لها أن تنبثق في الكون مستقبالً .
صممةً لبناء أجساد ّ
وم ّ
المرئي ُ
ومازال مفعول االنفجار األعظم أو الضربة الكبرى التي حدثت قبل عشرين بيليون سنة
سارياً ومستم اًر حتى اآلن .
يبين الشكل التالي اللحظات األولى المتتالية من عمر الكون وفق نموذج نظرية الضربة
الكبرى .بدءاً من عمر الصفر للكون إلى اآلن .ووفـق تسلسل زمني مصاحب لتفتق
المواد واألجرام الكونية من البيضة الكونية المنفجرة .
21
ومازال الكون يتوسع وتتباعد أجرامه عن بعضها البعض وبسرعات ضوئية تقريبـاً .
( والسماء بنيناها بأيد وانا لموسعون )
21
قرآن كريم ,سورة الذاريات آية ( ) 27وهذا
ما أثبته علم األطياف الحديث المستند لظاهرة دوبلر :
تنص هذه الظاهرة على أن طول وذبذبة الموجة الضوئية أوالصوتية المنتشرة تتغير
بسبب السرعة ،فتزداد ذبذبتها ويقصر طولها الموجي في حالة اقتراب المنبع الصوتي،
بينما تنخفض ذبذبتها ويزداد طول موجتها في حالة االبتعاد عنه ،فصوت بوق السيارة
يكون حاداً في حالة اقتراب المنبع ،وخشناً في حالة ابتعاده .
تصح هذه الظاهرة أيضاً على األمواج الضوئية ،إذ تنحرف ذبذباتهـا نحو اللون
األزرق في حالة االقتراب من المنبع الضوئي المشع للضوء ،ونحو اللون األحمـر في
حالة االبتعاد عنه .ومن خالل األرصاد الفلكية وجد أن األضواء الواردة من كل أرجاء
الكون تنحرف ذبذباتها نحو اللون األحمر ،مما يعني أن الكون يتوسع و بسرعات هائلة
شبه ضوئية .أنظر الشكل التالي :
22
طبيعة مــارج النــار
ربما فاقت درجة ح اررة ذلك االنفجار العاتم باليين الدرجات المئوية ،وعلى أقل تقدير
ربما بلغت أكثر من ثالثين مليون مرة من درجة ح اررة أعماق شمسنا والبالغة أكثر من
عشرين مليون درجة .وكل ذلك كان بدون نار!! ،ألن المادة هي وقود النار ولم تك قد
ُخلقت بعد .والنار التي نعرفها في عالمنا تدعى بالزما ،وتمثل الحالة الرابعة للمـادة
المكونة من غمامة من أيونات موجبة ( بروتونات) وأخرى سالبة ( إلكترونات) ،وتلك ّ
الجسيمات لم تك قد ُخلقت بعد كما ذكرنا .
رافق االنفجار األعظم انبثاق أنواع عديدة من األمواج الفائقة والمنخفضة األبعـاد
والمختلفة في أعدادها .....منها مارج النار .ويعتقد العلماء المعاصرون أن الكون كله
كبير منها لمادة سوداء
خلق من طاقـة سوداء ال مرئية على اإلطالق ،وتحول جزٌء ٌ
صغير جداً منها إلى مادة مرئية .أي مازال معظم مادة كوننا الحالي عاتمةً ال
ٌ وتحول جزء
مرئيةً ،وال يشكل الجـزء المرئي منها سوى ( ) % 1فقط مما يحتويـه الكون من
موجودات .وسبب هذا االعتقاد هو اكتشاف وجود كميات هائلة من الطاقات السوداء ال
مرئية تمأل الكون ومازالت كما كانت عليه منذ لحظة تشكلها األول . !! ...
ربما كانت الطاقة السوداء المكتشفة حديثاً هـي بقايا مارج النار القديم الذي انبثـق من
العدم بغ ازرة لحظة حدوث االنفجار األعظم ،والذي كانت له طبيعة األمواج الفائقة
المستمرة المنخفضة األبعاد (،لعل الجن خلقوا منها ) ,كما ُيظن أنها كانت ذات طبيعة
كهربائية وحيدة النوع والقطبية ،وتلك القطبية هي ليست بالموجبة وال بالسالبة بل هي (
نار السموم ) ،وبدقة أكبر يمكن القول أن الطبيعـة الكهربائية الوحيدة القطبيـة لتلك
األمواج سببها تقطعها وأشكالها الوترية الحلقية واهتزازها بذبذبات فائقة الطاقة والتردد،
وبالتالي يمكن تسميتها بما فوق األمواج الكهرطيسية الذبذبية .
يمكن القول أيضاً أن مارج النار األولى كانت شفافةً مظلمةً نقيةً ال ضياء فيها وال نور
وال دخان ألن أساسها كان موجياً فائقاً سائد الوجود قبيل ظهور المادة ،والجان خلقوا من
أحسن تلك النار ومن أطراف لهبها فيما بعد .
23
بقي أن نقول كم هي قريبة كلمة ( َم ْرَج ) من كلمة ( َم ْو َج ) وكلمة ( ِ
مارج ) من كلمة (
مائج ) ،وكلمة (موج) في نظرية طور الكلمة تعني ( الحقيقة ) وطور كل منهما واحد
خلق اجلان
التمود وظهور
محدد قبل ظهور المادة ،ولكن مع بدايات ّ لم يك لمارج النار أي شكل ّ
المادة في الوجود ألول مرة أعطى اهلل المادة ثالثة أبعاد مكانية وبعداً رابعاً زمانياً ممـا
أعطى المادة خواصها وأشكالها وصفاتها وأدوارها الحركية ،كما أعطى لمارج النـار بعدين
هما البعد الخامس الالزمني والسادس الذبذبي ،وعندما خلق اهلل الجان أعطاهـم نصف
بعد زمني إضافي يحيون به .
وهكذا خلق اهلل الجان من موج النار الالمرئي ذو الكهربائية الوحيدة القطبية والتي هي نار
السموم .
( وخلق الجان من مارج من نار )
قرآن كريم سورة الرحمن آية ( ) 15
السموم )
ّ ( والجان خلقناه من قبل من نار
آية ( ) 47 قرآن كريم سورة الحجر
وعندما سوى اهلل جسد اإلنسان من مادةٍ عضويةٍ مر ٍ
ئية صلصالية أساسها ذرات مادية
رباعية األبعاد ولها طبيعة كهربائية ثنائية القطبية من حماءٍ مسنون ،نفخ فيه من روحه
فكان لإلنسان روح ذات عشرة أبعاد ،أما المخلوقات الحية الدونية األخرى فكان لهـا روح
ذات ستة أبعاد .وهكذا تحددت أبعاد كل مخلوق سيظهر في الكون الحقاً .
( ولقد خلقنا اإلنسان من صلصال من حماء مسنون)
آية ( ) 42 قرآن كريم سورة الحجر
وهكذا رسم اإلله صور كل المخلوقات فأحسن تصويرهـا بتخصيص كل منها بأبعـاد وعوالم
طاقي ذبذبي ذو طبيعة
ٌ ـي
محددة تماماً .و بحيث يكون لكل كينونة منها مجـا ٌل طيف ٌ
كهربائية يحيط بها ويدل على وجودها الكوني الواعي ،ولكن بالنسبة لإلنسان فله أيضاً
مجال طاقي أثيري يدل على دوره ومهمته في هذا الوجود بأنواعه التالية ......الوجود
الكوني ( العقل الباطن الشامل) ...والوجود الذاتي ( العقل الباطن الخاص) ...والوجود
24
الواعي واإلدراكي والنفسي وهو ما يدعوه علماء النفس اليوم ( بالعقل الباطن الواعي
والعقل الباطن الذاتي ) .
25
طبيعة اجلان
العلم الحديث ال ينفي وجودهم بل يثبته ،كما يثبت كثي اًر من األمور الميتا فيزيقية التي
حار الناس في أمرها قديماً ،وتجاهلها علمـاء الطبيعـة األقدمون كثي اًر ظناً منهم أنهم
يخدمون العلم وينزهون الحقيقة العلمية إال أن العكس هو الذي حدث تماماً .واكتشاف
علم الفيزياء الكوانتيـة ونمو الحس العلمي لإلنسان الحالي كشف الحقيقة ألن هذا العلم
م ّكنه من التعامل بسهولة مع مواضيع تقع جذورها خلف حدود المادة ،واستطاع إغناء
مشجعة جداً فـي هذا
دراساته لتلك المواضيع بالمحاكمةً والتفسير والفلسفة .وجاءت النتائج ّ
المجال ،فالعلم يثبت وجودهم من ناحية ،ويكشف لنا من ناحية أخرى مدى ضعفهم
الفعال بنا ،وأنهم من البساطـة والهيافـة والضعف بحيـث ال يبدو
وعجزهم التام عن التأثير ّ
أن لهم أية قيمة أو فعالية في حياتنا وفي الكـون .وأننا إذا استطعنا رؤيتهم فهم لن
ٍ
خاسئة .لكن الذي يزيد من فعالية تأثيرهم يبدوا ألعيننا أكثر من قرودٍ ضيئلةٍ عابثةٍ
علينا هو وجود ميل فطري وتهيئة نفسية مسبقة لدينا نحو البشر مزروع أصالً في أل ( د
المخزن في نوى خاليانا انتقل إلينا وراثيـاً من آبائنا وهي تنتقل إلينا خالل لحظات
ّ نأ)
تكويننا كما تظهر فينا بشكل رغبات وحاجات ،وتأثيرهم يمكن إحباطـه وتثبيطه إذا أردنا
نحن ذلك ،لذلك للنفس البشرية وارادتها وللعقل دور كبير في الترحاب بالشر أو رفضه .
الم َن ّزل :
لذلك صح القول ً
" ونفـس وما سـواهـا ,
فألهمها فجورها وتقواها ,
قـد أفلـح مـن زكاهـا ,
وقـد خـاب من دساهـا "
قرآن كريم :سورة الشمس أية ( 7ـ ) 10
****************************************************
26
ــــــــــــــــــــــ
الفصـل الـرابـع
األبعـــاد
أين موضع الروح في الجسد البشري ؟ ماهي إحداثياتها ؟
أين هو عالم الجن ؟ وأين ساحات وجودهم وتواجدهم ؟ ولماذا ال نراهم ؟
كيف يتوصلون إلينا و يقترنون بنا ؟ وهل العالقة بهم جسدية أم روحية ؟
ما هو أسلوب تعاملهم معنا ؟ وما هي الطريقة التي يتم بها هذا التعامل ؟
لإلجابة على مثل تلك األسئلة ،ولمعرفة أي عالم يشغله الجن ،البد لنا من أن نتعرف
على مفهومي األبعاد واألنفاق الكونية !
خلق اهلل الجان من مارج النار الذي انبثق من االنفجار األعظم ،وببنية جسدية غير تلك
حية ثالثية األبعاد وهي الطول
التي نحن عليها ،فنحن كائنات ذات بنية مادية عضوية ّ
والعرض واالرتفاع ،ويلتصق بهذه األبعاد التصاقاً إسمنتياً بعد رابع هو البعد الزمني ،أي
محدبةً في البعد الرابع الزمني الذي يلتحم بها بصرامة
ّ أن تلك األبعاد المكانية الثالثة
وبرابطة إسمنتية ال انفصام فيها .
أما أرواحنا فهي ذات عشرة أبعاد ،تشارك أجسادنا بأربعة منها وهي التي ذكرت تواً
وتختفي في أبعاد ستة أخرى ال يمكن اختراقها بأقوى اآلالت المتوفرة لدى البشر .أمـا
ومكونة من
ّ الجان كما وجدنا أنهم كائنات ذات طبيعة نارية فائقة ال ح اررية وبنية شفافة
بعدين ونصف البعد .وهذه األبعاد هي :
نصف بعد رابع زمني قادر على االلتحام بمارج النار ويكفي لذلك ألن طبيعته أمـواج
ذبذبية فائقة وليس مادة كاملة ،والبعد الخامس وهو بعد ال زمني مستقل عن الزمن وذو
طبيعة نفقية ،والبعد السادس ذو طبيعة موجية ذبذبية أصلها كهربائي وحيد القطب ،وهو
بعد االتصاالت التي تتم عبر العقول الباطنة .وسوف أتناول موضوع األبعاد بالتفصيل
ألهميتها في كل سبل الحياة ،وهي :
27
هو كل خط مستقيم ممتد بشكل النهائي ،والساكن فيه ليس أكثر من نقطـة ،وهذا
الساكن ال يرى سوى جارين أبديين على جانبيه ،وفي هذا الكون المظلم لن يرى الساكن
سماء أو نجوماً ،كما أنه لن
ً شمساً أو قم اًر أو
يشعر بح اررة أو برودة ألن أمواجهـا ثالثية
األبعاد .واذا أراد هذا الساكن الحركة فيجب
على كل جيرانه أن يتحركوا معه!! واذا سار
باستمرار محاوالً الوصول لنهاية كونه ،فسيكتشف أنه قد حرك معه جميع سكان عالمه
محدب
األحادي البعد ،ومن ثم عاد ثانية لنقطة انطالقه األولى ،كما يكتشف أن كونه ّ
في البعد الثاني .
28
لنفرض أن كائناُ ثالثي األبعاد (كرة مثالً) أراد زيارة هذه المدينة وحام فوقها ،فإنه سيفاجأ
بأنه يرى ما بداخل بيوتها وسكانها .واذا تحدث إلى أحد هم ،فإن ذلك الساكـن سوف
يسمع الصوت ٍ
آت من أعماقه (من داخله) وال يرى أحداً ،ألن الزائر فوق ، ...والمشكلة
أن سكان ذلك العالـم ال يعرفون
معنى فوق أو تحت ،واذا حاول هذا الزائر
الدخول لهذه البلدة المستوية ،فإن سكانها
يرون أن نقطة برزت لهم من العدم ،وهي
نقطة تقاطع الكرة مع البلدة المستوية ومن
ثم تأخذ تلك النقطة بالتوسع حتى تصبح خطاً
مستقيماً .وهي أثر تقاطع الكرة مع المستوي .
لنتخيل أن ذلك الزائر أراد الخروج من تلك البلدة واصطحب معه أحد سكانها ،عندئذ
يدهش ذلك المواطن وهو يرى مدينته من نقطة غريبة بصورة عجيبة وغير مألوفة لـه وغير
متوقعة ......من فوق .أما بالنسبة لقومه فيفسرون اختفاءه ،على أنه بينما كان في
بيته تعرض لحـادث من نوع غير مألوف واختفى بطريقة ال يمكن تفسيرها ......أين !! ؟
وحدث مواطنيـه بما شاهد فوق ،
ويأتي الجواب ...في العدم .واذا ما عاد ذلك الساكن ّ
وأوحى لهم بوجود بعد ثالث عمودي على مدينتهم ،عندئذ ترتعد فرائصهم خوفاً من هذا
البعد الغامض لعدم إدراكهم لطبيعته ويظنون أنه هوة سحيقة تحيق بعالمهم ويخشون
السقوط فيـه ؟!! .
وأخي اًر لكي يتخلصوا من هذه الورطة العويصة التي شغلت أفكارهم وأدخلت ألهـم والغم
والحزن إلى بيوتهم ،فإنهم سيحاولون نسيان أمرها وينسبونها إلى هلوسة كانـت تصيب
أجداد هذا الساكن ،وال يملكون سوى أن يرثوا لحاله ويتركوه متمنين له الشفاء
في أحد األيام سمع أحد علماء الرياضيات في تلك المدينة المسطحة بقصة البعد الثالث
وتخيل ذلك البعد الثالث وحاول شرح األمر لمواطنيه .
وحاول أن يفسره ويفلسفه ّ ،....
طبعاً لن يقتنع أحد بكالمه منهم !! وستكون االعتراضات والتساؤالت كثيرة ، ...فكيف
يمكن إنشاء عمود قائم وبنفس الوقت على كل المدينة وعلى كل نقطة فيها ؟؟ والى أين
29
سيمتد طول هذا البعد الثالث الذي فرض نفسه دون مبرر أو إقناع !! ؟؟ وكيف يمكـن
إقامته بدون نقطة استناد ؟؟ ....
أخي اًر ...يشعر الناس باليأس واإلحباط من هذا البعد الثالث المشؤوم والقائم على بلدتهم
وال يرونه ،ويحاولون نسيان أمره وتحاشي ِذكره ، ...
وهكذا بقي سر ذلك البعد الثالث عقدة كأداء في حياة السكان المستوين ،وهم يحاولون
دوماً تحقيق حلمهم في اكتشاف ذلك البعد المعجزة .
في عالمنا نحن أمكن باستخدام الكمبيوترات تحقيق حلم السكان الثنائيين ،وذلك بإدخال
وصورت من
ّ حولت رموزها لرموز رقمية صورة فوتوغرافية ثنائية األبعاد لحاسوب ،ثم ّ
ثالثة اتجاهات .وبعد ذلك رسم الكمبيوتر منظو اًر مجسماً ( هولوغرامياً ) لها ،مما جعل
الصورة اإللكترونية تبدو وكأنها تشاهد وتتحرك في األبعاد الثالثة .
31
إضافة البعد الرابع هندسياً كوننا المحدب في البعد الرابع
اآلن :
لو قام أحد سكان هذا الكون برحلة طويلة جدا ًً جداً وفي خط مستقيم فسوف يكتشـف
أخي اًر أنه قد عاد لنقطة انطالقه،
لكنه معكوس األعضاء ،فاليمين
صار يسا اًر ،واليسار صار يميناً.
ولو أنه استخدم تلسكوباً قوياً يريه
نهاية العالم فسوف يفاجأ بأنه يرى
قفـاه أنظر الشكل التالي :
محدب في البعد إذن كوننا كروي ّ
الرابع وليس له بداية والنهايـة
وال مركز ،وحجمه محدود بدون حدود .كما نكتشف أيضاً أن ذلك البعد الرابع ليس سوى
البعد الزمني .
31
واآلن :ما هو الزمن ؟
الحقيقة أن الزمن هو أمواج نصفيـة فائقـة منشطرة حافظت على طبيعتها الموجية
وملتحمة بالمادة وممتدة في العدم ولمدى بعيد ،وال يظهر الزمن إال من خالل التصاقه
بالمادة قطعاً بحيث يكون لكل جسيم زمنه المحلي الخاص ،ويرتبط الزمن بوعي المادة
للوجود ،ولكن في حالة الكائنات الحية فهو يرتبط أيضاً بمدى إدراكها للكون والعالـم الذي
تحيا فيه تلك الكائنات .واذا اتحد مع غيره من األجسام التحمت أمواجهما الزمنية وصار
لهما زمناً محلياً مشتركاً ،فمثالً إن الزمن الخاص في عالم الجراثيم يختلف كليـاً عنه في
عالم الفيروسات وزمن البكتيريا يختلف عن ذاك الذي عند اإلنسان ....وهكذا .وللجملة
من هذه الكائنات التي تعيش في منطقة واحدة زمن كلي ...وهكذا يكون الزمن على
أرضنا حتماً ليس بالضبط هو الزمن في ثقب أسود ! .
وجد باستخدام قوانين اينشتاين أنه يمكن إطالة الزمن أو تصغيره وحتى تثبيته بتغير
سرعة حركة الجسم ،وفي مرحلة متقدمـة عندما تصبح سرعة الجسم مساوية لسرعة
الضوء يصبح الزمن النهائياً أي أبدياً سرمدياً وال يحول ....وعندها يسود خلود دائم .
ظهر الزمن للوجود لحظة والدة الكون من العدم بأمر اهلل ،أي في لحظـة االنفجار
األعظم .وهو لم يختلط بالفراغ كما حدث للمادة ،بل بقي شط اًر موجيـاً فائقاً ممتـداً إلى
الوجود العدمي ،والشطر اآلخر من موجة الزمن الصق بالمادة المضادة .ويظـن البعض
من علماء الفيزياء أن :قوة الجاذبية الكونية والثقالية تعمل من خالل تجاذب هذين
الشطرين المتناظرين من األمواج الزمنية وضدها .
يصح هذا األمر في حالة المادة الثالثية األبعاد (الكون ،األرض ،اإللكترون) ،بينما
في حالة القوى الخفية الالإنسانية ( الجن ) ذات الطبيعة الالمادية فان كيانه يرتبط فقـط
بنصف بعد زمني ،لهذا يكون التحام الزمن بكينونة الجن هشاً ضعيفاً جزئياً ،وال يلعب
دو اًر أساسياً في حياة الجان كما هو الحال عند اإلنسان .كما ال يحول الزمن على الجان
بشكل صارم كما يحدث في بقية مادة الكون واإلنسان ،وبالتالي فإن عالمهم يخلو مـن
الجاذبية الثقالية تماماً ،لذلك فهم يتحركون بمنتهى السهولة في عالمنا ودون أن يعيـق
حركتهم أي عائق .
32
لربما بلغ متوسط أعمارهم العديد من ألوف السنين ،واألغرب من ذلك أنه يوجد نوع من
الجان ال يتأثر بالعامل الزمني إطالقا وال يخضع له ،ذلك هم الشياطين المنبوذيـن
والمنظرين .فهم يعيشون طويالً جداً وال يموتون والزمن عندهم مطوي ومتوقف تماماً وال
يحول عليهم إطالقاً ،فهم محرومون من نعمة النوم الهانئ ( الموت ) ومن ثم البعث
والحساب ،فالموت بالنسبة لهم هو مطلبهم ومناهم وهو ليس أكثر من نوم هانئ لهـم ،
وحينما قلدهم اإلنسان في تكاثرهم الجنسي أصيب بعدوى الموت .ولكن شتان ما بين
موت الجان فهو رحمة لهم وموت اإلنسان وهو كارثة عليه .
باإلمكان تشبيه اإلنظار للشياطين بعدم الموت إلى ميقات يوم معلوم بالمقارنـة مع
البشر كما لو أن البشر حرموا من نعمة النوم باألرق والسهر والمصحوب بالكآبة والقلق
وعذاب الضمير .
قال رب فأنظرني إلى يوم يبعثون ,قال فإنك من المنظرين ,إلى يوم الوقت المعلوم
قرآن كريم سورة الحجر آية ( 32إلى ) 37
وكل ذلك سببه غرور إبليس وتكبره ،قال اهلل تعالى :
قال ما منعك أال تسجد إذ أمرتك قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين
قرآن كريم سورة األعراف () 14
إذن غرور إبليس والجن عموماً هو الذي أدى لطردهم من الجنة ولعنهم وسجنهم في
قمقم البعد النصف الزمني المقيت لهم ،إذ صارت مقيدة بنصف ُبعد لم تكن تألفه سابقاً
و ُسجنِـت في كون مادي غريب على طبيعتها فصار لهم تكوينات شكلية شبه مح ّـددة
وليست كالتي كانت لهم قبال ًً ،إذ أصبحت مقيدةً وحبيسةً في هذا الكون ،و منعوا من
الصعود للسماوات العال بعد أن كان كل ما في الوجود تحت تصرفهم ،فقد كانوا منعمين
بكل أنواع الحرية .
إذن :
بسبب اللعنة التي أصابتهم صارت أعمارهم محدودة بعد أن كانت حياتهم سرمدية
أزلية ،فقد كانوا خالدين ومتحررين من كل شئ ،كما صارت قدراتهم محدودة وتغيـر
تركيبهم التكويني ،ومع حلولهم في الكون وبعد ظهور اإلنسان في األرض وتقدم الزمن
33
صارت أشكالهم تميل إلى الشفافيـة واالختفـاء من ساحة الرؤيا البشرية .وفي النهاية
صاروا يموتون ميتة شبه مادية تتحلل به أجسادهم ألمواج مارج النـار في قبور هـي
الثقوب السوداء،
****************************************************
ـــــــــــــــــــ
الفصـل الخـامس
البعد الخامس الال زمني
األنفـاق الكونيـة
هل ترتبط أرواح الكائنات الحية بأجسادها عبر أنفاق كونية ؟ وأين تتشكل هذه األنفاق ؟
وما هو نوعها ؟ وهل لجزيئات الماء عالقة بتلك األنفاق ؟
يعب َر ِ
ب على كل من ُيخلق في هذا الكون ( كواركات ،ذرات ، ....أحياء ) أن ُ هل ُكت َ
نفقاً كونياً ؟ وكيف يتم ذلك ؟
ما هي القـوة الهائلة الدافعة التي تجعل األجسام الدقيقة وغيرها تنبثـق من العدم عبر أنفاق
10 -
ثا ) ؟ كونية وخالل لمحة زمنية قصيرة ومقدارها ( 10
واآلن :
ما عالقة األنفاق الكونية بالجن .....؟ هذا ما سوف نراه في الفقرات التالية :
ّبين العالم اينشتاين أن فضاءنا الكوني ما هو إال نسيج متصل زمكاني وغير متجانس
وهو يتكون من أنفاق وأخاديد وممرات ملتوية ،أو ما يدعوه علماء الكون المعاصرون
ويشبه كوننا بالجبن السويسري ،لكثرة ما يحوي بداخله من ثقوب و
بالمسالك الدوديـةّ .
فراغات ،واذا تفحصنا سطحه فلن نجده أملس بل يبدو خشناً ومشوهاً .ويدعي العلماء
ب هذا التغير في معالم وسب ْ
أيضاً أن كوننا ذي طبيعة رغوية إسفنجية ومتغيرة المعالم َ ،
صورته ومظهره هو انطبـاع أحداث وفعاليـات الكون الحركية والطاقية فيها .أي أن النسيج
ويتشوه كأنه الكائن الحي ،وتتطور تلك التشوهات الكونية وتلتف
ّ يتموج ويتحرك
الكوني ّ
34
مشكلة شبكةً من أخاديد وأنفاق متداخلة ومعقدة ،تدعى باألنفاق الكونية والغريب أن أفالم
الخيال العلمي الغربية الحديثة تتضمن الكثير من تلك األنفاق الكونية ،واألكثر غرابة أنهـا
مذكورة بطريقة إعجازية في القرآن الكريم في سورة الذاريات اآلية ( ) 1
(( والسماء ذات الحبك )) .
الحُبـك كما جاء في التفسير هي األنفاق والممرات الكونية .وعدد المرات التي ُذ ِكرت فيها
و ُ
أبواب السماوات والمعارج في القرآن كثيرة جداً .
الشيء األساسي الذي تمتاز به األنفاق الكونية هو أنها تمثل البعد الخامس والذي يتصف
بخلوه من الزمن تقريباً ،وبتحديد أكثر تعتبر تلك األنفاق فارغةً منه تماماً ،حيث تجري فيه
األحداث مستقلة تقريباً عن الزمن ،وكأن عملية طي وحذف للبعد الزمني تمت فيه ،وهذا
يثير تساؤالً أولياً ...طالما أن الجان يعيش طويالً أو ربما كان ُمنظ اًر ،فهل توجد عالقة
بين هذا البعد وطبيعة الجان وتركيب كينونتهم ؟؟ .
إذن :
البعد الخامس هو البعد الال زمني والذي تقع فيه األحداث من حركة وتحريك ونقـل
وانتقال وبشكل آني كما حدث في نقل عرش الملكة بلقيس ،أي تقع فيه األحداث فـي
لمحات ال يحول فيها زمن وال يدور ،أي ال يتقدم وال يتأخر .وقد تحدث العالم ستيفن
هاوكنغ عن اللمحة الزمنية وعن وجودها حين قال " بأن الكون كلـه انبثق من العـدم وعبر
وعرفها بأنها جزء من عشرة
نفق في لمحة زمنية واحدة ( ّ ، ) VIRTUAL TIME
وبجوارها ثالث وأربعون صف اًر من الثانية الزمنية الواحدة .والمسافر عبـر أحد تلك األنفاق
الالزمنية يختفي عن األنظار تماماً فال يعد يراه أحد من خارج النفق ،وعلى العكس من
ذلك فإن المسافر عبره يرى كل ما يحدث خارج هذا النفق وبسرعة هائلـة ( وأغلب الظن
أن هذه هي الحال مع الجان إذ هم يروننـا ولكننا نحـن ال نراهـم ) .وبإمكان ذلك
الشخص أن يختفي في كون ويظهر في كون آخر بنفس اللحظة إذا تمكن من استثمار
خاصة الطي الزمني لألنفاق الكونية .وطبعاً لم يتمكن أحد من البشر إلـى اآلن االستفادة
من هذه الظاهرة عدا األنبياء قديماً .
35
لعل اكتشاف ظاهرة وجود األنفاق الكونية وامكانية السفر الالزمني عبرها يقدم تفسي اًر
علمياً ًً يريح الناس بصحة االعتقاد بهبوط آدم وحواء من الجنة وانبثاقهما اآلني في هـذا
الكون .وكذلك صعود المالئكة واألرواح وبعض األنبياء للسماوات العال على أنها تمت (
أو تتم ) عبر أنفاق كونية في البعد الخامس ،خاصة أن مثل هذا الصعـود من ِق َب ِـل
المالئكة يتـم في يوم كان مقداره خمسون ألف سنة ،وطبعاً يتم هذا االنتقال بسرعات فوق
ضوئية ألنهم ال يشاهدون ضوئياً خالله .ومن أمثلة ذلك صحـة صعود سيدنـا المسيح
عليه السالم للسماء وصحة معجزة النبوة واإليحاء ومعجزتي اإلسراء والمعراج لسيدنا محمـد
صلى اهلل عليه وسلـم .واهلل أعلم .!!...
لنعد لموضوعنا وهو األنفاق الكونية الالزمنية ،فنجد بالبحث في خواصه ومقارنتها
بصفات الجان نكتشف أن عالم الجان وكينونتهم الطاقية الخفية الالإنسانية هو ذاته عالم
األنفاق الكونية وبيئتهم !! ؟ ،ولكن كيف ذلك ؟
36
المدهش في األمر هو أن تلك األنفاق ليست بعيدة عنا بل هي مختلطة مع المادة واألثير
وكل شئ في كوننا .
توقع علماء الفيزياء الكوانتية أن الجسيمات الدقيقة بإمكانها أن تصنع أنفاقاً كونية دقيقة
جداً تصل بين العدم والكون المادي وتعبرها بلمحة زمنية صغيرة جداً .وآلية فتح النفق
وعبوره تتم بالطريقة التالية :
يقترض جسيم دقيق جداً طاقةً كبيرةً نسبياً من الوسط المحيط به في العدم .وتلك الطاقة
تجعله يتحرك مندفعاً بسرعة هائلة ليغادر العدم ،وتلك السرعة الهائلة تفتح أمامه نفقـاً آنياً
ويشبـه ذلك األمر باندفاع
في نسيج الزمكان ويجتازه مندفعاً إلى الكون المادي لينبثق فيه ّ ،
طائرة على المدرج بسرعة هائلة
لتكتسب أكبر طاقة ممكنة تجعلها ترتفع
وتحلق في الجو أو بصورة أدق ،مثل
ليعبر
اندفاع جمل هائج بسرعة كبيرة ُ
المخيط كما وجد أن بإمكـان
ّ سم إبرة
خروج اإللكترون من النواة عبر نفق العديد من تلك الجسيمات قادر على العودة
إلى العدم ثانية بآلية مماثلة .وبالفعل اكتشفت في القرن الماضي ظاهرة انبثاق دقائـق
معدلـه ذرة
مادية عديدة األنواع من العدم بحيث إذا التحمت مع بعضها فإنها تشكل ما ّ
واحدة من غاز الهيدروجين في كل ثانية وضمن حجم مقداره ثالثون مت اًر مكعبـاً مـن
الفضاء ،وهذا يعني أن كوننا غني جداً بتلك األنفاق ،وأنه يوجد على األقل ما مقداره
نفقاً كونياً واحداً في كل حجم مقداره ثالثون مت اًر مكعباً من الفضاء .ومن المعلوم أن غاز
الهيدروجين هو العنصر األولي واللبنة األساسية في بناء هذا الكون الهائل برمته .
وكذلك في بناء جسد اإلنسان ..إذن كل ذرة في أجسادنا وما دونها مرت يوماً ما عبر
نفق كونيٍ .هذا عدا األنفاق الجسدية في جسدي األبوين .
إذن :
يمكن اعتبار النفق الكوني الحبل السري الواصل بين المشيمة في العدم وكوننا المادي
المولود منه بأمر اهلل ،وعبر تلك األنفاق تمر الجسيمات مادون الكواركات لتنبثق مـن
37
العـدم بأعداد ال حصر لها في كوننا الرباعي األبعاد لتشكل الكواركات المادية ومن ثم
الجسيمات النوويـة وأخي اًر الذرات ،وهذا ضروري لتغذيـة وترميم الكون وتطـوره وأحجام
تلك األنفاق الكونية ودقتها وأعدادها هي من رتبة حجم ودقة وأعداد الجسيمات التي تعبرها
،وبالتالي فإن تلك األنفاق ليست غريبة أو بعيدة عن جسد كوننا المـادي ،وحتى عن
جسدنا نحن ،وكالنا ليس مستقالً عنها .
ربما تخيل البعض أن األنفاق الكونية ماهي إال شرايين وأوردة لها فتحات في كوننا
وتمده بالحياة مادة وحركة
تسلك سلوك المسامات في الجلـد وتغذي جسم الكون بأكمله ُ
حي ُولـَِد من العدم بأمر اهلل ويتلقى غذاءه
وتُبقـي على وجوده وتطوره ،وكأن الكون كائن ٌ
ومقومات وجوده وبقائه واستمراريته عبر تلك األنفاق الكونية .
38
خاللها الماء من كرتنا األرضية ،ومن ِقَبل سكان أحد الكواكـب المأهولـة لحاجتهم إليه
للشرب أو للزراعة أو للتنفس ،ويتم لهم ذلك بامتصاص الماء بواسطة نفق كوني طبيعي
يعلمون زمن تشكله ومدة عمله ،فيستغلون تلك الفرصة ويمتصون المـاء وغالباً ما يرافق
تلك العملية اختفاء البواخر والطائرات التي يتقاطع خط سيرها مع جسم النفق أثناء تشكله
،حيث تُنقل تلك األجسام مع الماء آنيـاً وعبر الال زمن إلى العوالـم األخرى حيث تختفي
فيها إلى األبد ودون رجعة ،ولربما كانت تلك األنفاق من صنعهم هم ،وأغلب الظن أن
ذلك النفق يحتله الجان أو يشغلونه إبان تشكله باعتباره منتزهاً لهم ومكان تكاثرهم وتمتعهم
،ولربما هم من يساعد على اختفاء تلك البواخر والطائـرات كما يعتقد أن الكوارث
واألعاصير والزالزل التي تحدث في األرض سببها أفاق كونيـة يصطنعها الجان ويفتحون
لتلك الكوارث مساراتها وهذا ما يتوافق تماماً ولحد بعيد مع نظرية اينشتاين في النسبية
العامـة .
اكتشف العالم ستيفن هاوكينغ أن بإمكان الشخص المسافر عبر نفق كوني أن ينطلق
من مجرة ( آ ) ألخرى ( ب) بلمحة زمنية وأن يقطع المسافة بين المجرتين ذهاباً واياباً
دون أن يتقدم به الزمن أو يتأخر وقبل أن يبرد موضعه الذي كان جالساً عليه في دنياه
فكيف ينكر من يدعي العلم أن معجزات األنبياء غير منطقية !.
في هذه الحالة يغدو حجم الكون بالنسبة للمسافر أصغر من حجم البروتون بماليين
المرات ،في حين يحتاج باليين السنين ليقطع المسافة الفعلية بينهما ،ألن الحركات التي
نجز عبر هذه األنفاق تتم بطريقة أسرع من الضوء بكثير ،لهذا كان :
تُ َ
( وما أمرنا إال واحدة كلمح بالبصر )
قرآن كريم سورة القمر آية ( ) 50
39
ربما كان على اإلنسان في العصور القليلة القادمة أن يتقن فن التحري واصطياد األنفاق
الكونية ،ألنها ستكون مطيته ووسيلتـه الوحيدة في المستقبل في السفر الفضائي عبـر
الفضاء إلى الكواكب والمجرات ،وأن يحقق أمله في االتصال بأحياء آخرين ربما كانوا
موجودين في الكون ،أو أن يحقق أمانيه في العيش السعيد الهانئ في عوالم بعيدة ليست
منظورة لقرنائه األرضيين المشاكسين .
تثير قضية ُرقي عضوية اإلنسان دهشةً كبيرةً لدى علماء البيولوجيا ،فعمر األرض
الرقي فيها ،وأنه يلزم
وكيفما كانت طريقة تقديره ،ال يكفي لتطور أية عضوية بمثل هذا ُ
الرقي أزمنة أطـول بكثير من عمر األرض وحتى أطول من لتطورها إلى هذه الدرجة من ُ
عمر المجموعة الشمسية كلها .لهذا يعتقد العلماء أن العناصر األولى لبذور الحيـاة ربما
لم تنشأ على األرض ،بل ربما تخلّقـت قبالً بأمر اهلل في عوالم أخرى ثم انتقلت لألرض
عبر عدة أنفاق كونية متتالية وفي أزمنة موغلة في القدم .وأخي اًر حط رحالهـا هنا على
سطح األرض حيث تكاملت تلك العناصر ،ولما كانت الظروف مالئمة بدأت الحياة
باالنبثاق والترعرع والنمو .
نعيد هنا مرة أخرى األسئلة التي أوردناها في بداية هذا الفصل وهي :
هل ترتبط أرواح الكائنات الحية بأجسادها العضوية عبر أنفاق كونية ؟ واذا تم األمـر
كذلك .فأين تتشكل هذه األنفاق ؟ وماهي طبيعتها ؟ وهل لجزيئات الماء عالقة بتلـك
األنفاق ؟
41
هل كتب على كل من يخلق في هذا الكون ( كواركات ،ذرات ، ....أحياء ) أن يعبر
نفقاً كونياً ؟ وكيف تم ذلك ؟
ماهي القوة الهائلة الدافعة التي تجعل األجسام الدقيقة وغيرها تنبثق من العدم عبر أنفاق
10 -
ثا ) ؟ كونية وخالل لمحة زمنية قصيرة ومقدارها ( 10
ما عالقة األنفاق الكونية بالجن .....؟
هذا ما شاهدنا أجوبته في الفقرات السابقة والتي كانت اإلجابة عليها .......نعم
ولمزيد من التفصيل واإلجابة على مثل تلك األسئلة موجود في كتابنا " طبيعـة الروح
وأسرارها " .أما جواب السؤال األخير فهو متضمن قي الفقرات التالية :
41
مائه ألن طرف كأسه منتفخ أكثر من الكأس ذاتها والتي ربما ال وجود لقعر لها .وسيارته
لها ثمان عجالت غير متساوية األحجام واألقطـار ،وكل منها يمر على خط يختلف في
طوله واتجاهه عن غيره ،بعضها طويل وبعضهـا قصير حتى ولو سارت نفس المسافة ،
كما أن طرقه ليست مستوية بل هي أسطوانيـة حلزونيـة .وبعض العجالت في األعلى
وبعضهـا اآلخر يستنـد إلى جوانب الطريق المحلّزنة في األسفل .والزمن ليس متجانسـاً وال
متناظ اًر و متمدداً في أحـد األركان ومتقلّص في مكان آخر .وترى المنظ اًر وكأنه يقع خلف
قارورة زجاجية مملوءة بالماء
لنتابع حكايتنا ولنفترض أن هذا المخلوق بإمكانه أن يتجسد في كوننا الثالثي األبعـاد
يغير شكله حسبما يريد هو
فنكتشف عندئذ شيئاً غريباً وهو أن بإمكان ذلك المخلوق أن ّ
ولديه القدرة المالئمة لدخوله عالمنا بسهولة كبيرة .كما أنه يستطيع أن يرى ما بداخلنا وما
في أفئدتنا ،وكأن أجسامنا تبدو شفافة له ،كما نكتشف أن بإمكانه المرور بعضويتنا
بسهولة ،وهو قادر على أن يقلب ما بداخلنا خارجاً ،أي باستطاعته أن يخرج أحشاءنا
وأعضاءنا الداخلية ،فهي تبدو له شفافة وهشة وسهلة التشكل بأياديـه المتعددة وحسبما
يشاء وحسب طرائقه الغريبة والال مألوفة ،كما بإمكانه أن ُيدخـل ما هو خارجنا إلـى داخلنا
....كأن ي ِ
دخل صخرةً أو جبالً أو أرضاً أو كوكباً ....أو مجرةً .وربما يحلـو له أن ُ
ي ِ
دخل ...الكون فينا .وتبدو له أالعيبه تلك حقيقيةً بالنسبة له ويعايشها ،إال أنها في ُ
الواقع التهمنا وال تؤثر فينا إطالقاً ،والسبب بسيط وهو أن عضويتنا نحن الثالثيـو األبعاد
ال تتجاوب وال تتفاعل مع ما يقوم به ذلك الكائن من أالعيب وحركات .فأعماله ال تؤذي
وال تؤثر في حواسنا التي تعمل في األبعاد الثالثة ،ألن حركاته البهلوانية هي حركات
ظاهرية تحدث في البعد الخامس الالزمني وليست حقيقية بالنسبة لنا وال تقع في عالمنا *.
أما بالنسبة له فيشعـر أن ما يقوم به من أعمال تحـدث فعالً ،وأنه استطاع فعـالً أن
ابيس ال نستطيع الفرار منها .لكن مما يبعث ٍ
يغرس فينا أعماله وأذاه ومزعجات وكو َ
البهجة في نفوسنا أننا ال نرى ذلك الساكن في البعد الخامس .أما هو فهـو يرانا وينظر
إلينا بازدراء وسخريـة بأعينه الستة ،ونبدو له كمخلوقات متخلفةً ساكن ٍة دون حـراك في
42
عالمنا وكأننا صورة مسطحة ملونة ثنائية األبعاد .ويشعر أن بإمكانه أن يحتفظ بنا
ملونة مزركشة براقة في دوالب خزانته ،أو كأننا صو اًر قديمة تذكارية تـم
كلوحـات ّ
تصويرها في زمن متخلف باألبعاد الثنائية .ولربما بدونا لعيونـه وكأننـا خردةً مهملةً
يفضل التخلص منها كل حين ،فهو يظن نفسه كائناً راقياً رائعاً منعماً في كونه الخماسي
ــــــــــــــــــــــ
* ـ لربما تمت حادثة شق الصدر عند سيدنا محمد ( ص ) في هذا البعد من قبل المالئكة ,فهي
أيضاً متآلفة مع هذا البعد وتنتقل خالل األكوان عبره .
األبعاد وما نحن بالنسبة له سوى صورة مسطحة جامدة ال حراك فيها .وحركاتنـا ال تعني
له شيئاً ،وأنه ال حول لنا وال قوة بالنسبة لعالمه المثالي الحالم .
لربما كان للجن هذا البعد الخامس فهو يمارس حياته وأعمالـه وأالعيبـه فينا وبنفس
طريقة الساكن في البعد الخامس ،وكما قلنا فهي أعمال غير مجدية فينـا ،وهذا البعد
يدخل في تركيب جسد الجني الذي يحيا به ،وليس له تأثير علينا سوى في أحالمنـا ،ألن
له سبيالً إلى ذلك كما سنرى الحقاً .لكن الذي له التأثير األعظم والدور األساسـي في
التطفـل والتدخل في تركيب أجسادنا ومحاولـة التحكم بسلوكنا وحياتنا هو البعـد السادس .
فما هو هذا البعد السادس ؟؟ .
****************************************************
43
ـــــــــــــــــــ
الفصل السادس
العقل الباطن الشامل
أوالً :العقل الباطن املوجي األثريي
عندما تمت والدة الكون من نقطة واحدة من العدم وذلك باألمر اإللهي " كن فيكـون "
رافق ذلك الحدث انبجاس سيل من األمواج الفائقة التي ما لبثت أن انشطرت لنصفيـن
وسرعان ما شغل أحدهما آنياً وبشكل تناظري متجانس كل الفراغ حول مركز االنفجار
األعظم ،وكانت سرعة اندفاع سيل تلك األمواج آنيـة وفوق ضوئية بحيث مألت كل
الفراغ في لحظة واحدة .
44
ك تلك األمواج هي الوحيدة التي تولدت عن هذا االنفجار ،بل رافقها والدة دقائق
لم تَ ُ
أولية رباعية األبعاد ،حيث اندفعت تلك الدقائق بسرعات شبه ضوئية محاولة اللحـاق
بسيل األمواج المتدفقة .وما زالت تلك الدقائق ومواد كوننا المتوسع إلى اآلن سابحـة فيه
وبسرعات تصل ل ( )% 00من سرعة الضوء ،وقد اكتشف حديثاً وجود أجـرام كونية تقع
على حافة الكون وهي متحركة بمثل تلك السرعات الشبه الضوئية ،ودعاها علمـاء الفلك
بالكوا ازرات .ومن هذا النوع من األمواج المتدفقة والدقائق تشكل الكون المادي المنظور
والمواد العاتمة فيه ،بينما شغل النصف اآلخر من األمواج وجوداً آخر مضاد وتشكل
منها كون آخر ضد مادة .
شكل السيل الموجي الشبه الفائق والالمحدود األبعاد تقريباً خلفيةً موجيةً لكل الموجودات
في الكون واألساس المرجعي لكل كينونة ظهرت فيه ومهما كانت طبيعتها سواء كانت
مادية أو حية .إذن :
لهذه األمواج المستمرة خواص عدمية وطاقة هائلة ,ولحظة انبثاقها من العدم مألت
الوجود كله في لحظة واحدة هي لحظة االنفجار األعظم ,وبها صار في الوجود تكوين
موجي أثيري سكوني ويحتوي كل شئ ظهر أو سيظهر في هذا الوجود .لذلك يدعى
بالعقل الباطن األثيري ( اللوح المحفوظ ) .
يتضمن هذا العقل الباطن الموجي األثيري المنهاج الكامل أو الناموس األعظـم
المصممة لمجريات األحداث في الكون سواء كانت مادية
ّ والخطة التي تجري وفقها البرامج
أو معنوية ( روحية ) ،وبهذا فهو يتضمن مسائل القدر وتخضع له كل موجودات الكون
الجامدة والحية المرئي منها والالمرئي بما فيها الجان واإلنسان ،أي هو العقـل الباطن
الواعي والحافظ والخازن المدرك لكل البرامج ،كما أنه ساحـة تالقي العقـول الباطنة
الخاصة لسائر الكينونات البشرية في الوجود ،وساحة وجود أرواحها بعد الموت
45
لضغوط أو تشوهات أثناء تشكلها ،كما حدث للدقائق المادية في كوننا ذات الكهربائيـة
القطبية الموجبة والسالبة ( ألين واليانغ ) .
تتمتع تلك األمواج الذبذبية بخواص فريدة في الشكل والحركة واالهتزاز ،فهي خيطية
حلقية منفصلة ومتقطعة وقادرة على الحركة واإلنتقال واهتزازاتها عالية التردد جـداً وأطوالها
دركـةً وتدعو تلك الصفات
الموجية ال متناهية في الصغر ،وطاقاتها شبه فائقة خفية ال ُم َ
لتسميتها بالعقل الباطن الموجي الذبذبي الديناميكي المتحرك .ويشغل هذا العقل بعداً
واحداً هو البعد السادس الذبذبي ،وأصلها كان مارج النار ونار السموم التي خلق منها
الجان ،وتقوم هذه األمواج مقام المادة العضوية التي خلق منها الجسد البشري وكل
األحياء في الكون
يحمل هذا القول بين طياته شيئأ طريفاً وفريداً وهو أن عالم األمواج الشبه الفائقة
كسب موجوداته بعضاً من صفة الوعي الكوني ...وتختلـف والممتد عبر كل الوجود ي ِ
ُ
درجة الوعي الكوني لدى الكينونات المختلفة حسب درجة ُرقي نظم برمجيات وب ارمـج
تركيبها الدقيق في الكون .ولكي تكون الكينونـة الواعية ُم ِ
دركةٌ يجب أن يقترن الوعي لديها
بأداء حركي يعتمد على اختيار فكري يحقق تعامالً إيجابياً مع البيئة .لذلك اإلدراك هو
وعي واختيار فكري وحسن أداء حركي يتوافق إيجابياً مع البيئة .وبما أن اإلنسان يتمتع
بنظم برمجية دقيقة جداً وراقية لذلك كان هو األعظم وعياً وادراكاً دون مخلوقات اهلل في
الكون .
46
في علم الفيزياء من األدلة والبراهين والتجارب ما يثبت صحة هذا االدعاء فنحن مثالً
عندما نريد قياس طول قطعة قماش مثالً بدقة كبيرة ال يهمنا نوعها أو لونها أو وزنهـا أي
يتوه عن بالنا نوعها ولونها ،...مما يعني أن بمقدور وعينا ونظم برمجياتنا الدقيقة والراقية
جداً أن نضخم مدى إدراكنا إلختيـار دقة أكبر لقياس طول قطعة القماش على حساب
وعينا وادراكنا في اختيار دقة قياس وزنها مثالً ،وبالتالي أدخلنا وعينا وادراكنا في عملية
قياس طبيعية وصرنا مشاركين فيها باختيار الدقة ألننا نحن جزء من الطبيعة نؤثر فيها
ي في الكون ،كما أن الكـون ضروري لوجود وتؤثر فينا ،لهذا كان وجـود اإلنسان ضرور ُ
اإلنسان ،والعالقة بينهما تشاركيه تكاملية معتمدة على .....الوعي واإلدراك والعقل .
يقول عالم الفيزياء الشهير ( ي ـ فيغنر ) الحائز على جائزة نوبل ما يلي :
" ال يمكن وصف الظواهر الذرية بشكل صحيح ما لم يؤخذ بعين االعتبار عامل الوعي"
وطبعاً هذا يتوافق تماماً ويتطابق مع مبدأ الشك ( االرتياب)الذي وضعه العالم الفيزيائي
هايزنبيرغ في عام . 1021
اكتشف حديثاً وجود نوع من اإلدراك الواعي بين الجسيمات ما دون الذرية ،فمثالً عند
تفكك جسيم يدعى البيون ينطلق منه فوتونـان متناظران باتجاهيـن متعاكسين ويدوران حول
نفسيهما في اتجاهين متعاكسين أيضاً ،والغريب في الموضوع هو أننا إذا أثرنـا على
أحدهما بمؤثر مغناطيس مثالً وحرفناه عن مساره ،فإن اآلخر ينحرف فجأة وتلقائياً وبنفس
اللحظة وباتجاه معاكس مناظر لألول وبدون أن يخضع هو ألي تأثير مغناطيسي ويتم
هذا األمر مهما كانت المسافـة بينهما كبيرة ،حتى ولو كانت المسافة هي الكـون بأسره ،
وبالتالي نكتشف وجود نوع من التماسك الالمادي والال زمني ,وهذا يتخطـى قوانين العلة
والسببية والنتيجة المألوفة في علوم الفيزياء .مما يوحي بوجود وعي لدى موجودات الكون
كله .وتختلف درجة اإلدراك من كينونة ألخرى حسب رقي تركيبها .
47
الشكل :انحراف الفوتونان النظيران من تفكك البيون في حقل مغناطيسي
عندما طُـ ِّورت تجربة شقي يونغ والتي يتم فيها الحصول على أهداب تداخلية مضيئة
وأخرى مظلمة في تجارب الضوء الفيزيائي ،واستخدمت حزمـة من إلكترونـات بدل الضوء
اكتشف أن لدى لإللكترون وعي لما سوف يصادفه من أحداث ،فهو يعي مسبقـاً بأنه
حاجز فيـه شقين ضيقين ،وأن الشروط في أحد الشقين هي ذاتها محققة في الشق
اً سيواجه
اآلخر ،وهو يعي تلك الحالة تماماً وعليه أن يختار أحد الشقين ليمر من خالله !! إال أنه
يطلق موجتيـن متماسكتين لتعب ار الشقين معاً بنفس اللحظة ،وبمعنى آخر أن اإللكترون
نفسه تواجـد عند الشقين معاً وعبرهما معاً وبآن واحد ،في حين تقضي القوانين
الفيزيائية المألوفة بأن عليه أن يعبر أحد الشقين فقط ألنه الكترون واحد
تجربة
شقـي
يونغ
إذن يتضمن العقل الباطن الموجي الذبذبي النامـوس األعظم الذي تسير وفقه األحداث
الحركية والديناميكية في الوجود وتخضع له كل موجوداته الجامدة والحية المرئي منها
والالمرئي بما فيها الجان واإلنسان ،فهو يتضمن كل برامجها التنفيذية جملة وتفصيالً ،
أي هو العقل الباطن الواعي الحركي وساحة العمل والتنفيذ والحركة وميدان االتصال بين
سائر الكينونات في الوجود ،و يعتمد في ذلك آلية الذبذبة الموجية عالية التردد .ومن
48
هنا ينشط الجان في عمله في نفوس الناس ،فهو يعي دون إدراك واتصاله مع النفس
البشرية يتم عن طريق األمواج الذبذبية وبآلية البث واإليحاء والسمع والوسوسة واألزيز
الالمسموع واالستفزاز ،...وهي نشطة جداً بين الجان وروح اإلنسان الجسدية ونفسيته
وعقله !!! .
مستتر ال محدود
ٌ وعي
وهكذا يمكن اعتبار هذا العقل الباطن الموجي الذبذبي على أنه ٌ
اء
طبيعته موجية شبه فائقة ......ويمأل كل الوجود ويتخلل كل كينونة موجودة فيه سو ً
جنية ، ...
كانت مادية أو حية روحية أو ّ
العقل الباطن الشامل :
وهو العقل الباطن الشامل ( األثيري والذبذبي معاً ) الواعي والمدرك ،وطاقته هي
طاقة مجمل طاقتي الحقلين األثيري والذبذبي السائدين في الوجود .وهو نسيج متصـل
مستمر ال انقطاع فيه وتتوزع خالله الدقائـق الكهربائية الال قطبيـة والمهتزة بذبذبات فائقة
التردد والطاقة ( أمواج فوق كهرطيسية ) .
يحيا اإلنسان بعقله الخاص وميدانه العقل الشامل بشقيه األثيري والذبذبي ،فيكون
الحي ِة والالعاقلة فإنها تعيش بعقلها الباطن
واعياً مدركاً ،بينما أما بقية موجودات الكون ّ
الخاص دون وعي منها أو إدراك وميدانـه العقل الباطن الذبذبي .وخالل هذا العقـل
الذبذبي ينشط عمل الجان الذي هو عقل الوعي دون إدراك ،ويالحظ أن العقل الذبذبي
مشترك بين سائر تلك العقول جميعها .
ينظر البعض للعقل الباطن المطلق والشامل على أنه طاقة هائلة عظمى تمأل الكون وما
فيه ويعطونه تسميات مثل اليوغا واليوغا بـرانا والنيرفانـا ....وقد ورد له كثير من
التسميات في الفلسفات الهندية القديمة .
ولعل هذا العقل هو ذاك العالم الصامت الهادئ المثالي والمطلق السكينة والذي يحاول
المتأملون الروحانيون دوماً دخوله بممارسة ما يسمى برياضة التأمل التجاوزي ،حيث
يمارسون طريقتها في خلوة مع تركيز التفكير في شئ واحد حتماً وفي جو من الشفافية
الروحية للوصول لحالة الوعي الصافي والتعامل مع العقل الباطن المطلق ....األثيري
فهم يعتقـدون بوجود تعامل خفـي مرجعي المادي فيما بين جميع الكينونات في هـذا
49
عباداً وزّهاداً
الوجود بما فيها اإلنسان من خالل العقل الباطن األثيري .وكثي اًر ما نشاهد ّ
وأصحاب ألباب ّنيرة يمارسون مثل تلك الطقوس المضنية بأفئدة خاشعة صادقة صافية
للدخول في عالـم ذلك العقل الباطن األثيري والعيش في رحابـه ليشعروا بالقرب من الخالق
العظيم .ويحاولون إدخال طاقته ألجسامهم عن طريق استنشاق الهواء والتنفس العميق
وممارسة رياضات اليوغـا المتنوعة وطرق التأمل التجاوزي والتركيز الفكري والتصوف
والتزهد للوصول للوعي الصافي .وتوجد حالياً عشرات الطرق لممارسة تلك الرياضات
المرهقة .والتي تحتاج إلى كثير من الوقت والصبر والجهد .وفي كثير من األحيان تكون
غير مجدية .وبدل أن يتحدوا بالخالق إذا ببعضهم يدخـل العقل الباطـن الذبذبي ويتعامل
مع الجان والشياطين بدل أن يتعامل مع المالئكة والقديسين والصالحين وينقلب إلى
شيطان متمرد ذو كيد عظيم .
: ألن
العقل الباطن الشامـل هو ساحة عمل الروح الكاملة (روح اإلنسان) بشطريها الجسدي
والقدسي ،والتي تنشط في تنفيذ برنامجها اإلحيائي من خالله فور تلقيها أمر التكليـف
اإللهي في الخلق والنشأة والتكوين ،أي هذا العقل هو ميدان ومجال عملها عند تلقيهـا
ملف برنامج حياة عضويتها في الكون .ومن ناحية األبعاد فلهذا العقل الشامل عـدد ال
عد و ٍ
احد منها فقط ،وبما أن للروح عشرة أبعـاد ( كما يحصى منها ،وال يقبل العمل على ب ٍ
ُ
مصمم لذلك .
ٌ سنرى فيما بعد ) لذلك هي قادرة على التعامل معه بسهولة .وهو أصالً
احد ،كأنعد و ٍ
لكن في ممارسة بعض أنواع من الرياضات الفكرية التي ساحتها ب ٍ
ُ
تأملي قسرٍي مع تثبيت بقية الجسـد
ٍ ُيخضع فيها الدماغ البشري لضغط فكرٍي وتركيز
وي َثب ِطُ األخرى فيـه ،
ويخمد ُ
ِّ نشط عمل بعض مناطق الدماغ البشري من الحركة ،مما ُي ِّ
ب فيه عمل جزء على حساب عمل بقية األجزاء ....ومثل هذا األمر ال يقبلـه ِ
أي ُي َغل َ
العقل الباطن الشامل ......لذلك يجب االنتباه لهذا األمر ،وان بدى طريفاً لذيذاً جذاباً
ومسلياً في أوله .خاصة أن هذا البعد هو البعد السادس الذبذبي ،والمعمور بسكانه من
الجان والشياطين .
51
من المعلوم أن لكل موجة ومهما كان نوعها طول موجة وذبذبـة ( تردد ) وطاقـة
وتكتسب األمواج عند اتحادها وتراكبها وتداخلها خصائص ومميزات جديدة لم تكن لها
أصالً ،كما أنها ربما قد تخسر مميزات وخصائص كانت لها .واألمواج الشبه الفائقة
ذات األصل العدمي لها أيضاً ذبذبات وترددات عالية جداً ربما فاقت ( 00 10هرت اًز ) ( ،
أي عشرة وبجوارها ثالث وثالثون صف اًر ) وطاقتها هائلة ال يمكن تخيلها كما أنهـا مستقلة
عن الزمان وتمأل الكون بكامله وتشكل أساساً مرجعياً وسجالً أرشيفياً لكل ما في الكون من
مـادة ونظـم ونواميس وقوانيـن طبيعية وأقدار وأحداث قديمها وحاضرها ومستقبلها ،ويجب
اء كان حياً أو جامداً ،مرئيـاً كان أم خفياً أن يخضع
على كل من ظهر في هذا الوجود سو ً
لها ولقوانينها الصارمة ، ....أي :
العقل الباطن الشامل بشقيه األثيري (الم َبرمج الساكن) والذبذبي ( الحركي التنفيذي )
عي هذا العقل باسم العقل الباطن الشامل ....
هو ذاكرة الكون وأرشيفه القدري ,لهذا د َ
إذن يتضمن العقل الباطن الشامل الناموس األعظم الذي تسير وفقه أحداث الوجود كله
حيث تخضع له كل موجوداته الجامدة والحية بما فيها الجان واإلنسـان ،وهو يتضمن
أقدارها المحتومة جملةً وتفصيالً آجالً وعاجالً ،أي هو عقل الواعي واإلدراك واللوح
المحفوظ والخازن الشامل الذي ُس ِج َل فيه كل برامج التكوين واألقدار للجوامد واألحياء
51
لكن ذلك ال ينفي عدم وجودهم ،فهم موجودون دون أن تدركهم أبصارنا وحواسنا
ولكن ندرك وجودهم لحظة دخولنا في خطيئة ،ومن خالل الصراع الذي نعيشه أثناءها
وبعدها ومن نتائج أعمالهم الظاهرة في كوننا ( زالزل ـ كوارث ـ أوبئة ـ حروب عدوانية ـ
قتل ـ كذب ـ سرقة )....وفي أعماق أنفسنا ( الشر ـ الحقد ـ الحسد ـ العنف ـ األنانية ـ
الظلم ـ أذى الغير ـ واألنا ـ واألنا األعلى ـ وأنا ربكم األعلى ـ والنية والقصد الخبيثان ......
وغيرها كثير ) حيث تتجلى تلك المظاهر واضحة من خالل أعمالنا وتصرفاتنا وسلوكنا
االجتماعي والروحي نحن البشر .
العقل الباطن الشامل هو العقل الذي يحيا به اإلنسان فقط دون غيره من الكائنات
األخرى ،والسبب في ذلك هو أن روح اإلنسان خلقت مباشرة بأمر اهلل كاملة بشطريها (
الحية األخرى( الحيوانات والنباتـات
الجسدي والقدسي ) ،بينما ليس لبقية المخلوقات ّ
والحشرات والكائنات الحية الدقيقة من جراثيم وبكتيريا وفيروسات ....الخ ).مثل هذا
الكمال الروحي ،وأرواح جميع الكائنات الحية عدا اإلنسان هي أرواح جسدية غريزية
حتى لو كان لها عضوية جسد اإلنسان ،ولكن ليس لها روحـه الكاملة وعقلـه الكامل
وبالتالي ليس لها أن تتعامـل مع العقل الباطن الشامـل كاإلنسـان ،وحتى الجان وقد كانوا
معززين عند اهلل إال أنهم مخلوقات من مارج النار وليست لهم أ رواح وتركيبهم محدود في
بعدين ونصف البعد وطاقاتهم حركية خفية ال مدركة من قبلنا وتعاملها مـع موجودات
الكون يتم فقط من خالل العقل الباطن الموجي الذبذبي ,وحتى المالئكة وهم أجسام
تحدها أبعاد تتعامل من خالل العقل الباطن األثيري فقط ،أما اإلنسان
نورانية قدسية وال ّ
فقط تميز على الجميع فكان األكمل روحاً وجسداً واألكثر جماالً ،وتعامله مـع كل الوجود
يتم عبر العقل الشامل ،فكان هو أقدس مخلوق في الكون .وأننا لو بحثنـا في مئة مليار
مجرة فلن نجد إنساناً .فلنحب بعضنا بعضاً والعلم كشف كل األسـرار .
***************************************************
ـــــــــــــــــــــ
الفصل السابع
52
العقل الباطن الخاص
لعل أول من اكتشفه هم قدماء الهنود ،وربما سبقهم إلى ذلك البابليون ،وازدهر هذا
العلم كثي اًر وتطور على يد قدماء المصريين والذين يعتقد أنهم استخدموا مثل تلك القوى
الخفية في بناء أهراماتهم ،خاصة أنهم برعوا كثي اًر في مجال السحر والعرافة والكهانة
والفراسة وعديد من العلوم السرية وما يسمى بعلم استحضار األرواح .وكانوا يحتكرون تلك
العلوم ويتخذونها كحرفة يستطلعوا بها أخبار األعداء ويسخروها ضدهم لقهرهم أو
ليستفيـدوا منها كوسيلة عالج من األمراض ،أو ليتنبـؤا بأنواع األدوية الالزمة لشفاء
المرضى ،وكانوا يمارسون تلك المهارات بأساليب تشبه عمليات التنويم المغناطيسـي التي
نعرفها اليـوم ،واحتاج األمر منهم تدريبـات طويلة وشاقة ،حيث اعتمدت تلك المهارات
على القـدرات العقلية من تركيز التفكير واالستقراء الداخلي والتأمل الذاتـي واالستخارة
والسحر والتنويم المغناطيسي والتداعي النفسي .، ....
يعتقد كثير من الهنود أن في الكون شعاع من روح اهلل هو عبارة عن طاقـة أو قوة
فاعلة المحدودة وقادرة على فعل أي شئ والعارفة لكل شئ ،وهي موجودة في األثيـر
الكوني في كل زمان ومكان ،وهي تغلف كل كينونة ظهرت في الوجود ،وتكون على
المفَ ِكرة ،حيث ال يوجد كبت وال قيود عليها
أعلـى درجة من النشـاط في العضويات الحية ُ
،وتعرف تلك الطاقة حديثاً باسم بالعقل الباطن الخاص.
يعتقد الهنود بإمكانية إدخال تلك الطاقة األثيـرية لجسم اإلنسان وشحن جسده بها عن
طريق ممارسته لرياضة خاصة تدعى رياضة اليوغا .وتدريباتها تكون عادة مصحوبة
التخيل بأن العمـود الفقـري ما هو إال أنبوب فارغ
بالتنفس العميق والتركيز الفكري الشديد و ّ
مسدود من أسفله ،وأن هناك طريقة لتخزين الطاقة فيه عن طريق التنفس العميق للهواء
التخيل بأنه مشحون بطاقة األثير .وعلى الشخص المتدرب أن يتخيل فكرياً امتالء
ّ مع
هذا األنبوب تدريجياً بهذا األثيـر ،وعندما يدرك الشخص أن األنبـوب أمتلئ بالطاقة
يضغط الهواء في رئتيه بقوة نحو األسفل كي يفتح األنبوب أسفل عموده الفقري وبالفعل
خزنهـا في عموده
يشعر بانفجار وانفتاح لذلك األنبوب ويشعر لحظتها أن الطاقة التي ّ
الفقري اتصلت بالطاقة األثيرية الكونية والتي تدعى البرانا والنيرفانا ، ...والحقيقة أن الذي
53
حدث ...هو أن التركيز الفكري حرر عقله الباطن الخاص من قيـد وأسر العقل الواعي
والعقل الذاتي لديه ،وخضع لحالة تشبه التنويم المغناطيسي .
كانت البداية الصحيحة الكتشاف العقل الباطن الخاص في البحر األحمر ،فبين الحين
والحين كان الصيادون يمسكون نوعاً من األسماك يثير في يدهم خد اًر وفتو اًر ذهني ـاً ونعاساً
فجائياً ،كما اكتشف في الهند نوعاً من الثعابين النهرية يصطاد فرائسه بالصعقة الكهربائية
،ويكفي أن يمد الشخص يده في حوض سباحتها فتطلق عليه شحنة كهربائية صاعقة
تصيبه بهزة عنيفة .وهكذا اكتشفت الكهرباء الحيوية ....وتوالت االكتشافـات حتى
وصلت لألفاعي واإلنسان ، .....حيث أكتشف أن الكهرباء هي المسؤولة عن كل النشاط
البيولوجي لدى كل الكائنات الحية الموجودة في هذا الكون .حتى أن كل األعمال الجليلة
التي يقوم بها الدمـاغ تتم بواسطة الكهرباء ،والتي تسري فيه بشكل نبضـات كهربائية
خالل مدد زمنية قصيرة جداً ويرافقهـا صدور إشارات كهرطيسية تنتشر في الفضاء
وبمنتهى السهولة ،مما يعني أن كل التفاعالت في الخاليا العصبيـة في الدماغ والتي تبلغ
أعدادها ألوف المليارات تُرافق بصدور إشارات موجية كهرطيسيـة مختلفة األطوال الموجية
والذبذبات .ولو تمكنا من رؤية تلك اإلشارات بشكل نبضات ضوئية لبدى لنا الدماغ
وكأنه مجرة تتألق بأضواء المليارات والمليارات من النجوم ،وتتراقص أضواؤها بإيقاع
تخيل عظمته وروعته ، ....
كوني ال يمكن ّ
للجسم السليم المعافى من األمراض شحنة كهربائية سالبة ،واذا حدث مرض أو التهاب أو
جرح ،فان المنطقة المصابـة تكتسب شحـنة موجبة تجذب إليها الكريات البيضاء السالبة
الشحنة ،ويساعد في ذلك نشوء فرق جهد كهربائي متولد بين هاتيـن المنطقتين واذا
ضغط المصاب على منطقة الجرح تباعدت أخالط هاتين المنطقتين وانخفض فرق الجهد
بينهما وخف األلم قليالً .وهكذا نجد أن :
لكل كينونة مادية موجودة في الوجود عقل باطن خاص ذبذبي يتعامل ويمارس وجوده مع
العقل الباطن الذبذبي من العقل الباطن الشامل .
54
أمكن لعلم الفيزياء الكوانتية أن يفسر الطاقات الخفية على ضوء المكتشفات الحديثة
لطبيعة المادة وتوصل لما يلي :
كل مادة هذا الكون المنظور منها وغير المنظور هي أمواج فائقـة لها شكل أوتار
كونية حلقية ،وبتحديد أكثر هي أمواج فائقة منشطرة نصفية تقطعت وتكاثفت في حيز
المـادة ( ضمنها ) مما أعطاها صفة االنفصال والتقطع والحـركة ،وبقي الموجـات
إمتدادات منتشرة في كل الفضاء حـول كرة المادة ومولدة حقوالً كهربائية منها القوي ومنها
الضعيف .وسبب تشكل القطبية الكهربائية الموجبة هو تَ َع ُرض بعض من تلـك التكوينات
ض البعض اآلخر للتخلخل والتفريغ فولّد طبيعة كهربائية للهرس والضغط ،بينما تَ َع َر َ
سالبة القطبية .فالهرس سبب تقاربـاً بين األمـواج وولّد طبيعـة كهربائيـة موجبة ،أما
التخلخل والتفريغ بين األمواج فولد طبيعة كهربائية سالبة .وعلى هذا يكون العقل الباطن
في حين الخاص لكل تكوين ظهر في الوجود ذو طبيعة كهربائية ذبذبية ال قطبية
أن المادة نفسها لها قطبية كهربائية .
لنذكر هنا جسيماً يقيم الدنيا كل يوم وال يقعدها أال وهو اإللكترون !! .فما هو اإللكترون
وما هي حقيقته ؟ والجواب هو :
اإللكترون هو قشرة كهربائية ال كتلة له وال وزن تقريباً ،ومع ذلك ال وجود للكون
بدونه !! .فسبحان الخالق الذي وضع سره في أضعف خلقه . ، ....
لنذكر هنا أيضاً جسيماً آخر أثار العجب والدهشة وحتى قبل اكتشافه !! ..أال وهو
النيوترينو !! ....؟ .فما هو هذا النيوترينو العجيب ؟ وما هو سره العظيم ؟ وما هي
أهميته في الكون ؟ وما هي قصة حياته ؟ .
في عام 1000م تنبأ العالم الفيزيائي باولي الحائز على جائزة نوبل للسالم بوجود هذا
الجسيم العجيب وذلك لتصحيح توازن معادالت التفكك واالندماج اإلشعاعي لعديـد من
العناصر المشعة ،ولكي تتم متوازنة مثل تلك المعادالت كان البد من افتراض وجـود هذا
الجسيم وفي عام 1028م تمكن العالمان رينز ـ كوان من اكتشافه ،...
هو جسيم ال كتلة له تقريباً ،وهي أصغر من كتلة اإللكترون بألف مرة ،وأخف من
النيترون بماليين المرات .كما أنه ال يملك شحنةً كهربائيةً وال حقالً كهربائياً وال شحنة
55
ب وال يتنافر وال يستميل إليه أية جزيئات أخرى ،لكن ِ
مغناطيسية .وبالتالي فهو ال َيجذ ُ
لديه طاقة لف ذاتي ،أي لهذا الجسيم مواصفات عدمية وسلوك موجي ،أي هو روح بال
جسد .
ينشأ هذا الجسيم في أعماق النجوم والشموس ويقطع الكون كله وبكامله ويخرج منه في
الال زمن وكأن الكون شفاف له وال يشعر بوجوده ،أي ال يخضع هذا الجسيم لعامل الزمن
بسبب سرعته الهائلة المستقلة عن الزمن وكأنه يتحرك في نفـق كوني الزمنـي وسر هذا
الجسيم هو أنه ال يبدي أية بادرة تنم عن وجوده ألنه ال يتفاعل وال يتعامل مع أي شئ في
الكون إال في بعض الحاالت النادرة حيث يتصادم مع جسيم ما .وهو يجتاز كرتنا
األرضية وأجسامنا وبدون أن نشعر به وبمعدل ( 10نيوترينو في كل ثانية ولكل سنتيمتر
مربع واحد من المساحة ) .وتكون حركته في الكون وكأنـه يتحرك في حيز فارغ من
المادة تماماً .
وأخي اًر يخرج من الكون ، !!!! ...ولكن إلى أين ؟؟
ويأتي الجواب من المختبرات الفيزيائية :
وهو أنه يدخل العدم ويغوص فيه بشكل موجة فائقة عالية الذبذبة والطاقة .....
وكأنه عاد إلى عالم نشأته األولى ،وكما بدأنا أول خلق نعيده ، ....ومن هنا اكتشـف أن
في داخل كل نيوترينو أمواجاً شبيه كل الشبه باألشعة اآلتية من مسافات بعيدة جـداً من
الفضاءً ،...
مبسطةً عن طريقة التعامل اآلني الالزمني بين
وهكذا ...يقدم لنا هذا الجسيم فكرة ّ
العقل الباطن الشامل بشقيه األثيري والذبذبي مع اإلنسان ،وتعامل العقل الباطن الذبذبي
مع كل موجودات الكون .ولربما تضمن هذا التواصل الحواري بين موجودات الكـون
والعقل الباطن تسبيحها وتمجيدها للخالق العظيم ، ....والتساؤل الذي يخطر على بالنا
اآلن هو :
ماذا عن دور العقل الباطن بالجان ؟
56
العقل الباطن الشامل هو طاقة األمواج الفائقة األثيرية والذبذبية الغامرة والمهيمنة
على كل ما في الوجود من كينونات .بينما العقل الباطن الخاص لكينونة ما هو مجمل
طاقات الحقول الكهربائية الساكنة واألمواج الذبذبية فيها ،وهذان العقالن على اتصـال و
حوار مستمر فيما بينهما عن طريق تبادل إشارات ذبذبية .حيث يقوم كل منهما بدور
المرسل والمستقبل .وكالهما ال يخضع لعوامل الزمان والمكان ،ويفترض علم النفس
الحديث أن العقل الباطن الخاص ينشـط في ساحة الال شعور لدى الكائنات الحية ،بما
فيهم اإلنسان .
57
بمقدور اإلنسان أن يتحاور تلقائياً مع أية كينونة أخرى عن طريق التركيز التفكير كما
كان بمقدوره التخاطر ذهنياً مع أقرانه من البشر وتبادل أط ارف الحديث واألفكار معهم
بدون كالم .لكن مع تطور الحياة وتَ َعقُِد مظاهرها نمى لدى اإلنسان عقالن ا
آخرن
يخضعان كلياً لعوامل الزمان والمكان هما العقل الواعي ( الشعور ) والعقـل الذاتـي (
العازل ) ،وصار هذا األخير يسلك سلوك صمـام أمان يفصـل بين العقلين الواعي
والخاص ويمنع تسرب وتبادل المعلومات بينهما ،لكنه ينشط في اللحظات الفاصلة بين
اء كان النوم
حالتي النوم واليقظة ،أي في لحظات اإلغفاءة األولى والدخول في النوم سو ً
طبيعياً أم صنعياً كما في حاالت التنويـم المغناطيسي والغيبوبة وفقدان الوعي الحسـي
كإصابة الدماغ بصدمة أو بالتخدير الجراحي أو في حال تناول المسكرات والمخدرات ...
مما أدى لتسمية هذا العقل (الذاتي) بمملكة النسيان ومسح الذاكرة واخفاء المعلومات
عندها يبدأ العقل الباطن بالتحرر واالنطالق .وتعتبر هذه المرحلة من أخطر المراحل
التي تمر بها النفس البشرية ،ألن كل العقول تكون متحررة ومهيأة للتالقي واالتصال بأي
ـدء من العقل الباطن الخاص ألي كينونة إلى العقل الباطن ....من العقول األخرى وب ً
هنا ينشط الكشف بجميع أنواعه ..الروحي والنفسي والفؤادي والخاطري والفكري والحلمي
والعاطفي والحدسي واإليحاء والتنبؤ ، .....
مع مرور الزمن ..ازدادت مشاغل الحياة وازداد تعقيدها ،وتذوق اإلنسان متعها ولذاتها
واقترن ذلك بزيادة مباهجها ومسراتها وتألق مظاهرها .فأسر جمالها لب اإلنسان وعقله
فانصرف إليها بكل كيانه ،فنمى لديه العقل الواعي وضمر العقل الباطن وصار سجيناً
وأسي اًر في أعماق النفس البشرية وغدا الوصول إليه صعباً وغالباً ما يكون عقيماً ،مما
جعل طاقات اإلنسان الخارقة خفيةً وقدراته العقلية والفكرية ضعيفة ..وتحولت الحاالت
المخيـةَ الموسوعيـة لحاالت ذهنيـة مهلهلة تخضع بمجملها لعوامل البيئة والظروف المكانية
ُ
والزمانية .
يسيطر العقل الباطن الخاص عند اإلنسان على كل الدماغ ويبدأ عمله حتى قبل والدته
ويكون نشطاً في األزمنة المبكرة من عمر المولود البشري ،نم ينزوي سجيناً مع تقـدم
العمر والدخول في مراحل المراهقة والشباب ،لكنه يعمل ح اًر طليقاً قوياً بشكل دائم لدى
58
حالة الحيوانات ،ألنه ليس لديها عقل واعٍ أو ذاتي .وانما هي تحيا دوماً بعقلها الباطن
الخاص ،وبالتالي فهي تدرك أشياء ال يدركها اآلخرون ،وترى وتسمع ماال يستطيـع
غيرها أن يفعل
هو عقل يمكن السيطرة عليه باإليحاء و بطرق التخاطر الفكرية وطاقات الحاسة
السادسة وأساليبها .وعن طريـق هذا العقل يتسلل الجـان والشياطين إلى قلب اإلنسان
إلغرائه واضالله بالوسوسة ...أي هو العقل الذي يتمكن به الجن وكذلك الشياطين من
الوصول إلى لب اإلنسان والعبث بخواطره وفؤاده مما ينعكس سلباً على فكره وسلوكه
وأخالقه ،هذا عدا عن الخلل التركيبـي الذي يسببه لإلنسان خـالل نشأته الفيزيائيـة
العضوية ( كما سنرى فيما بعد ) .وهذا يشبه دخول فيروس فتاك إلى جهاز كمبيوتر .
يسيطر هذا العقل على كامل دماغ الجنين كما هو الحال عند الحيوانات .وبعد الوالدة
ومرور الوقت تتحول سيطرته إلى النصف األيمن من الدماغ فقط وتقتصر سيطرته في
هذه الحالة علـى األعضاء اليسارية للطفل بسبب التعاكس التصالبي لألعصاب المنطلقة
من الدماغ إلى أعضاء جسم اإلنسان .
يتأثر هذا النصف من الدماغ بالفنون الجميلة الراقية مثل الموسيقى والشعـر واألدب
والرقص ...إلخ ،لذلك يدعى بالدماغ الفنان وهو مرتع خصب للجان والشياطين فهما
أعسران .ورغم أن الموسيقى والشعر واألدب هي من الفنون الراقية الجميلة إال أنهـا
تكتسب مسحة شيطانية إذا تجاوزت الحد المألوف لها ،.......ولكي يكون اإلنسان أشـد
حصانة وأبعد عن الغواية فيجب أن يقوي النصف األيسر من دماغه فهو النصف العلمي
والمنطقي من الدماغ .فهو يشعر أن الفن جميل لكن إذا زاد عن حده انقلب إلى جنـون
وفوضى وضياع وتدمير لألفكار .
أما من الناحية الروحية :يسيطر على الجسد والدماغ وفي جميع مراحل الحياة الشطر
الروحي الجسدي من الروح الكاملة ،وهو يتعاون مع كلِ من العقلين الخاص والشطـر
الذبذبي من العقل الشامل .بينما يسيطر مع تقدم العمر شطر الروح القدسية من الروح
الكاملة على ما يعلو الدماغ من بقايا المخ وهو القشرة المخية النبيلة .
59
للعقل الباطن الخاص لدى اإلنسان ثالثة مستويات أو درجات ،ويعتمد هذا التصنيف
الم َولِدة للعقل الباطن ذاته ونوع المهام التي سيقوم بهـا
على طبيعة العنصر أو الكينونة ُ
هذا المستوى من العقل الباطن الخاص .
إن أول تلك المستويات هو العقل الباطن األثيري الخاص ،وهو ذو طبيعة موجية فائقة
سيالية مستمرة متعددة األبعاد وال تخضع لعاملي الزمان والمكان ،واإلنسان هو الكائن
الوحيد الذي له هذا العقل دون سائر الكائنات كلها ،وسبب الصفة األثيرية له هي طبيعته
الموجية الفائقة القديمة األولى ذات الصفات العدمية المطلقة ، ...ومظهره لدى عضوية
اإلنسان هو إدراك وسمع كوني وفي المخ حدس وبصيرة وقوى عقلية وحـوار فكري وحكمة
.
ولكن كيف يتولد هذا العقل عند اإلنسان ؟
الجواب هو :
المكونـة
ِّ أن الجزيئات المكونة للخاليا النبيلة للقشرة المخية في دماغه وكذلك الجزيئات
لشريط أل (د ن أ) الوراثي المحفوظ في كل خلية من خاليا جسمه تبث من أعماقها هذه
األمواج الفائقة بحيث تمتد وتنتشر لتمأل آنياً كل الوجود لكونها ال تخضع لعاملي الزمان
والمكان ،فهما مطويان بالنسبة لها وكأنها تعمل من خالل أنفاق كونية ال زمنية .كمـا أن
لتلك الخاليا القدرة على استقبال مثيلتها الصادرة عن الشطر األثيري للعقل الشامـل وكأن
هناك حوار تبادلي بينهما ال يوجد مثيل له في الكون .وعن طريق هذا الحوار يتم إيصال
اإليحـاء واإللهام والتنبؤ للنفوس البشرية ،وباعتبار أن هذا العقـل هو اللـوح المحفوظ ويضم
كل البرامج فهو المسؤول عن انبثاق اإلنسان في الكون ومنحه لباً واعياً يدرك به الوجود و
مظهر تلك النعمة هي زرع القـدرات العقلية والفكرية لدى اإلنسان واكسابه مواهب وملكات
وامكانات ليس ألي كائن مثلها ...والروح تتلقى عبره قدرهـا ورزقها وحظها في الدنيا ،
ويعتبر جواز سفر لوجود اإلنسان في هذا الكون وقبوله فيه
ُيولِّ ُد هذا العقل األثيري الخاص هالةً أثيريـةً ال مرئيةً عميقة الجذور تغلف الجسد
البشري .وتمتد ساحتها ألعماق الكون وتتصل بالشطر األثيـري للعقل الباطن الشامـل
وتكون شيفرتها بمثابة طاقة تعارف وقبول لإلنسان في هذا الوجود .كما يعتقد أن هـذا
61
العقل هو عالم البرزخ الذي تكون فيه األرواح قبل خلق اإلنسان وتلتقي فيه بعد موتـه،
المثُ ِل العليا
وعبره يمارس الشطر القدسي من الروح عمله في ربط اإلنسان بالسمـاء وزرع ُ
والمعاني الراقية والسامية في قلب اإلنسان لجعل حياته سعيدة .كما ُيعتَقد أيضـاً أن له
الدور األساسي في األحالم القدسية عند اإلنسان .
أما المستوى الثاني األقل عمقاً فهو العقل الباطن الخاص الذبذبي وأمواجه فـوق
كهرطيسية وتصدر عن اهتزاز فائق لألوتار الكونية الحلقية والموجودة في كل ما هـو
مادي التركيب ،ويعمل هذا العقل في البعد السادس الذبذبي والذي هو أحد أبعاد عالـم
الجان وكينونتهم .وهذا العقل قوي جداً عند اإلنسان وأقوى منابع مشعة له هي خاليـا
العقد العصبية فيه ،وذرات العناصـر المكونة
الدماغ والشحنات المتفرغة على أطراف ُ
لشرائط أل ( د ن أ ) ،إذ تسلك تلك الجسيمـات سلوك باليين محطات البث واإلرسال
الذبذبي الفوق كهرطيسي ،ويشكل مجالها هالة ذبذبية عظيمة فوق كهرطيسية تحيـط
بالجسم ويمتد مجالها بعيداً ليتصل بالعقل الباطن الذبذبي الكوني .
عندما يأذن اهلل بخلق اإلنسان تتلقى الروح من اهلل الخالق العظيم أمر تكليفها واشارة
البدء بالنشأة والتكوين لعضويته الحية .وفور ذلك تشرع الروح الجسدية في ممارسـة دورها
لتنفيذ األمر .وتتلقى من العقل األثيري شيفرة مخطط التركيب والنشأة ،كما تتلقى من العقل
الذبذبي طاقات التكوين وتستخدمها في حث وتحريض إرهاصات النشأة فـي عناصر البيئة
حولها لتنسج خاليا الجسد العضوي الحي .وأول ما تبدأ بإنشائه هو خاليا الدماغ من
شرائط ( د ن أ ) لألبوين لتأسس وتهيـأ لها أول منابـع بث ذبذبيـة فوق كهرطيسية لتأمين
اتصال دائم بالعقل الباطن الذبذبي الكوني ،وتلك هي أول مرحلة في تأسيس الوعي لدى
تلك الخاليا .ومع مرور الوقت ينمو هذا العقل الذبذبي الخاص مع نمو العضوية الحية
وتطورها في جسم اإلنسان .ويرافق ذلك أيضاً بنمو التحاور الذبذبي بين عضوية جسم
اإلنسان وكل موجودات الكون .خاصة أن لهذا العقل الذبذبي صفـة التراكميـة واتباعـه
عامل الزمن في العضوية الحية المتطورة ،لكنه ال يخضع لعامل المكان .ويأتي السؤال
التالي :ما هو دور الجن وموقعه من كل هـذا وذاك ؟ .
الجواب هو :
61
يجب أن ال ننسى أن هذا البعد هو ذاته بعد من أبعاد عالم الجن وطبيعة كينونتهم !!
فالجان يستطيع بحكم تركيبه ذي األبعاد االثنين والنصف ،وكذلك طبيعة عالمه الغريب
أن يتسلل ويتحرك بسهولة كاملة في العقل الباطن الذبذبي فقط .كما بإمكانه أن يتخـذ
المقعد الذي يريده في العقل الباطن الذبذبي الواعي لإلنسان .ومن هذا الموقع يتابع تخلّق
عضوية الجنين البشري ورصـد حركاته وادراك خلجاته من لحظة بدايـة تركيب أول خلية
في جسده .ويحاول التدخل والعبث في تركيب أدق وأهم نظم نشأة جسد الجنين أال وهي
المورثات المرصوفة على شريط ألدنـا الوراثي وسبيله في ذلك هو البث والحث واألزيز
واالستفزاز باستخدام األمواج الذبذبية ،والتي قد تتراكم طاقاتها الالمتناهية في الصغر
لتصبح على قدر يكفي لتشويش تركيب ألدنا الجديد المتولد في جسم الجنيـن .
مما يكسبها طاقات ونشاطات وادراكات هي ليست بحاجة لها ،أي بكلمة أخرى تكسبها
قدرات ضارة وغير مفيدة ونشطة تعمل في المحظور الالمباح ،وهذا األثر ينجزه العقل
الباطن الخاص للجان في العقل الباطن الذبذبي لإلنسان وعبر ساحة العقـل الشامـل .
ويتجلى هذا األثر بشكل لوثة شر زرعت في أل ( د ن أ) الوراثية لإلنسان وعليه تحمل
تبعاتها وأن يفلح في تزكية نفسه منها ،وعليه أيضاً أن ال يتبع حماقاتها ،وأن ال يخضع
تسول به نفس اإلنسان وما يجول في لبه و
إلغراآتها .من هنا نكتشف أن الجان يعي ما ّ
خاطره ويعي ما يقول لسان حاله ،كما أنه يحاور ويناور كي يحقـق هدفه في إيقاع
المصائب واألذى باإلنسان .والغريب أن الحيوانات ال تتأثر بهذه اآللية ولو اقترب منها
الجان ألنه ال يتعامل معها بسبب تسبيحها الخالق باستمرار بعقلها الباطن فال يؤثر الجان
عليها إطالقاً .
إذن للعقل الباطن الذبذبي الخاص للجان والخاص لإلنسان وللشامل نفس الصفات ،ومن
هنا نكتشف أن الجن يسكن كل العقل الباطن لإلنسان ولمدى أكبر منها في الحيوانـات
ورغم أنها تعيش كل حياتها بعقلها الباطن الذبذبي إال أن الجان ال يؤثر بها إطالقاً فهي
ليست في جدول مهماته ومقاصده ،وبالتالي فهي آمنة منه .
أما المستوي الثالث فهو العقل الباطن الصاعق أو الكارثي وطبيعته الكهرباء الالطية
(الساكنة) والمتولدة في خاليا الجسد الحي سواء عند اإلنسان أو عند أي كائن حي آخر،
62
وتُوِل ُد هذه الكهرباء مجاالً كهربائياً يحيط بالجسم ويغلفه بهالة ال مرئية يستخدمه الكائن في
تغذيتـه أو في انتقامـه من ُم َعِذبِه ،ويمتد هذا المجال لمسافات محدودة جداً ،ومن أمثلته
الحقل الكهربائي الذي يطلقه ثعبان الماء وبعض األسماك البحرية لصعق فرائسها وأعدائها
،ويبلغ جهد الصدمة الكهربائية قي مثل تلك األحوال عدة آالف من الفولطات تصعق به
تولد حولها مجاالً فرائسها وتشل حركتها وتلتهمها ،وكذلك يوجد أنواع من الثعابين البرية ّ
كهربائياً قوياً تطلقه نحو طائر محلق في الجو أو نحو سنجاب على شجرة لتأسره ،فإذا
دخل هذا المجال صار يدور حولها وهو يزعق خوفاً ورعباً وأخي اًر يسقط عليها وتلتهمه .
ومعظم الحيوانات المفترسة تلجأ إلى مثل هذه التقنية في صيد طرائدها وتشلها رعباً بعقلها
الباطن الصاعق وحقله الكهربائي المقذوف .
بالنسبة لإلنسان فيتولد لديه مثل هذا الحقل الكهربائي المقذوف (الالذع الصامت) إذا
تعرض لتعذيب شديد
قاس مضني وبذل فيه جهد عضلي عنيف ،أو إذا ما َّ ما قام بعمل ٍ
موجهاً إلى ُم َعِذبِ ِه والى كل من حوله
وطويل ودائم ،وفي مثل هذا الحاالت يكون الحقل َّ
فيص َعق عقلهم الباطن الذبذبـي دون أن يشعروا بما حصل ،وهنا تعمل في ذلك المكان ُ
الكارما السالبة في نفوسهم وبعنف .وتبدو آثارها السلبية خلالً في صحة أجسادهم وخيبة
في آمالهم وفشل في أعمالهم وحياتهم وغالباً ما يؤدي ذلك األمر بالمصاب إلـى حاالت
إحباط نفسية وكآبة وقلق دائم ال يدري سببها ،وتقع له كوارث ومصائب ال دافع لها ،إذا
الم َع َّذب ينطلق من عقله الباطن الصاعق حقالً كهربائياً يشحـن به
حدث مـوت للشخص ُ
المبرر ،وتبقى آثاره فترة
مكان وجوده ويملؤه شؤمـاً ونحساً بأفكاره وآالمه وغضبه وحقده ّ
طويلة من الزمن ،فإذا مر شخص بذلك المكان تهيأ له وجود شبـح مخيف وترى عيناه
صورة مجسَّدة للشبح المزعوم يرسمه العقل الباطن الصاعق للميت في عقله الذبذبي
الخاص فيرى شبحاً ال وجود له ......هي صورة آالم وأفكـار ذلك الشخص الميت
الم َّ
عذب والتي أطلقها عقله الباطن الصاعق في يوم ما .وما األحـالم المزعجة والكوابيس ُ
التي يراها بعض الناس أثناء نومهم إال إشارة لوقوع الشخص النائم تحت تأثير هذا العقل
ب يوماً ما ، ....وقصص شكسبيـر وقصص حرق النساء ِ
الباطن الصاعق لشخص ُعذ َ
63
بتهمة تعاطي السحر في العصور الوسطى في أوروبا غنية بمثل تلك المواضيع .كما
يعتقد أن للتقمص دو اًر كبي اًر في هذه الظواهر .
أما المستوي الرابع فهو العقل الباطن السطحي وتولده الشحنات الكهربائية الضعيفة
المتولدة أصالً من التفاعالت الكيميائية الحيوية الطبيعية في الجسد الحي ،وطبعاً لكـل
كينونة موجودة في هذا الكون مجال كهربائي سيالي خفيف( كهرباء باردة ) سواء كانت
نباتاً أم حيواناً أم جماداً أم إنساناً .ورغم أن هذا النوع من الحقول ليس قوياً عند اإلنسان
إال أنه يمكن اإلحساس به ،ولربما دعم العقل الباطن الخاص الذبذبي عند اإلنسان هذا
الحقل الضعيف وولد عند االنسان بعض القوى الخفية .ولكنها تحتاج لكثير من المران
لذلك تعتبر الكهرباء أعظم قوى الطبيعية على اإلطالق ،وظهورها سبق ظهور كل
الطاقات األخرى بما فيها الطاقات النووية والتي هي ذاتها شكل من أشكال الكهربـاء .
ومن الممكن تقوية هذا العقل بممارسة بعض أنواع من الرياضات لتزيد من شدة تلك
التفاعالت وزيادة مردود إنتاجها من تلك الكهرباء الساكنة لكنها التصل لحد الصعـق .
مثل تلك الرياضة هي عمليـة التنفـس العميـق والشديد وتكرارها لمدد زمنية طويلة فيحدث
خاللها تراكم للشحنات .ويظن أن تلك الرياضة يجب أن تكون مصحوبة بنوع من التركيز
الفكري للوصول إلى الوعي الصافي لدى اإلنسان .
تُولَّ ُد هذه الشحنات هالة كهربائية ال مرئية تحيط بكل الجسم وتمتد لمسافات محدودة
جداً حوله ربما التتعدى مداه بضع سانتيمترات .ويدعى هذا الطيف باللهيب الروحانـي (
مصور بطريقة
َّ وطبعاً ليس له عالقة بالروح ) .ويبين الشكل التالي هذا الطيف وهو
عرض فيها
خاصة تدعى تصوير كيرلياني ،وهو عالم روسي إخترع هذه الطريقة ،إذ ُي َّ
المصور لحقل كهربائي شديد ،فتبدو هالته الطيفية وكأنها ماليين النقاط المضيئة
الجسم ُ
وكأنها نجوم ميكروية متأللئة ،والعجيب في الموضوع هو أن تجزئـة الجسم ال يؤدي
ص ِوَر الجسم بعد اقتطاع جزء منه ولو بعد
لتجزئة الطيف ،بل يبدو الطيف كامالً ولو ُ
حين .هذه الطريقة في التصوير تم شرحها باستفاضة في كتابنا طبيعة الروح وأسرارها
صدر في . 2001 / 0 /0
64
صورة كف يد انسان مصورة بطريقة كيرليان
وأكثر ما يتركز هذا الطيف حول الدماغ والعمود الفقري عند اإلنسان وبسبب اهتـزاز تلك
المالييـن من النقـاط المضيئـة المتأللئة تنطلق من الدماغ الباليين من األمـواج الكهرطيسية
65
المسؤولة عما يعرف بالحاسة السادسة والرؤية عن بعد والتخاطر ...وعن طريق ذلك
المدجـَّن أن يدرك أفكار صاحبه اإلنسي والحيوانـات المحيطة به
العقل يمكن للحيوان ُ
المسالم منها والمتوحش فيتجنبها ،وهذا ما يفسر سرعة تدجيـن الحيوانات الشرسة وحتى
المفترسة وجعلها أليفة ، ..
أما المستوي الخامس واألخير فهو العقل الباطن النفسي وهو ذو طبيعية أثيرية
وال يوجد للكائنات األخرى مثله ،فهو إنساني الطابع ال يتقوى بأي نوع من الرياضة ،بل
يتقوى داخلياً وبشكل نفسي وروحي يعتمد مبدأ إقامة العـدل والحـق وتذوق الجمال واراحة
الضمير والرضى والقبول والتسليم بكل شئ مسموح وترك كل ما هو مريـب ومع العمل
دون انتظار مكافأة ومحاطاً بسكينة واطمئنان روحي .والغريب أن هالة هذا العقل الباطن
ترى بالعيـن المجردة مباشرة أو تدركهـا القلوب بغير عناء وبـدون أي مساعدة كما في
طريقة كيرلياني ،إذ تبدو الهالة بشكل نور يضئ وجه الشخص ،وغالباً ما تشاهد مثل هذه
الهالة المضيئة لدى الصالحين من الناس ،وتلك الهالة متغيرة الشكل والمدى والوضوح
حسب الحالة النفسية لإلنسان ومدى تقواه وما تجني يداه .
ضمن قدرات هذا العقل يمكن لصاحبه أن يدرك ما في نفوس الناس وحاجاتهم دون
أن ينطقـوا بها .أو أن يرى أحالماً تتحقـق ،أو أن يكتشف وقوع أحداث قبل أوانها ،وطبعاً
اإلنسان الذي يستطيع أن يحيا بهذا العقل الباطن األثيري وقادر على التعامل معه يكون
مجاب الطلب والدعاء واألماني ،ويكون آمناً من فتك الوحوش وينام بجوارهـا دون أن
تؤذيه ألنها ال تراه وال تحسس بوجوده .وقد ُو ِج َد أن لبعض البلهاء والبسطاء والدراويش
وفقـراء الهنـود والمتصوفيـن قدرات خارقـة في التهجم على الضواري واألفاعي دون أن
يصيبهم ضرر منها ،ألن هذا العقل الباطن النفسي لديهم فعا ٌل ونشط فيتمكنون من
السيطرة به على الحيوان .
وهذا الطيف قادر على االنتقال من شخص آلخر ..بالمصافحة أوبالعناق أوبالتقبيل
وهو سبب الحب أو الكره أو القرف من أول نظرة .وأقوى انتقال له يتم عند لقاء الذكر
66
باألنثى وغالباً ما يصاحب بانتقال أو تبادل أو زرع أفكار أو كلمات أو صور في دماغ
القرين ودون أن يشعر أي منهما بما يحصل .
67
أضف إلى ذلك أن الكهرباء المتولدة والمتحركة بسرعة ثابتة داخل كل عضو من
أعضاء الجسم البشري .....الخاليا العصبية في الدماغ والمخ .وفي العين يتولد تيـار
كهربائي ضعيف مستمر لدى تعرضها لضوء شديد ،ويسري فيها هذا التيار من الخلف
لألمام ،ومن المعلوم أيضاً أن أي تيار كهربائي مستمر يولد حوله حقالً مغناطيسياً أثناء
جريانه ،وهكذا صار باإلمكان أن ندرك بعض أسرار العيون وسبب سحر جاذبيتها في
النفوس وعدم قدرتنا على إطالة النظر فـي عيون اآلخرين .وطبعاً ال يقف األمر عند هذا
،بل يتبعه تداعيات كثيرة وكبيرة ...كالحب والعشق مثالً ،ومثل تلك الظاهـرة تحدث في
األذن لدى سماعها األصوات الشديدة .وهنا ندرك سبب ومدى تأثر اإلنسان وطربه لدى
سماعه الموسيقى والغناء وخاصة الصاخب منها ،وهذا يعلل سبب قـوة العقل الباطن
الشديدة لدى هؤالء األشخاص وقوة شخصيتهم غالباً .ألن الدمـاغ يتأثر بالحقل
المحرض من التيارات الكهربائية المتولدة في أعضاء الجسم البشري .
َّ الفعال
المغناطيسي ّ
ومثل تلك العوامل تدعم قوة العقل الباطن الخاص وتنشط عمله لدى اإلنسان وبالتالي
توسع ملكة اإلدراك والوعي عنده وتحفز األمور الفكرية والذهنية والنواحـي النفسية لديه .
68
في المصانع الميتوكوندورية للطاقة والموجودة في كل خلية حية ،وبهذا العقل تهتدي
الحيوانات لمواضع المياه وينابيعها في الصحاري . ،..
وفعالً :
اكتشف في األعوام القليلة الماضية أن الخاليا الحية تصدر إشعاعات كهرطيسية تقع
في مجال األشعة فوق البنفسجية عند انقسامها .كما تقوم بعض المورثات في شريـط أل (
د ن أ ) بإصدار إشعاعات كهرطيسية مترابطة لها صفة أشعة الليزر ،كما وجـد أنها
تستقبل إشعاعات مماثلة من الوسط الخارجي المحيط بها .بحيث يكون هناك توافق بين
األطوال الموجية الصادرة عنها والواردة لها .
اعتقد التطوريون أن هذا الحوار الطاقي الموجي بين العقل الباطن الخاص للعضوية
والعقل الباطن الشامل هو المسؤول عن تراكم دفقات من الطاقات الالمتناهية في الصغر
والتي ربما أثرت بدورها في شرائط ال ( د ن أ ) قديماً وولّدت طفرات حيوية أعطـت
بنتيجتها أنواعاً متعددة من الكائنات الحية النباتية والحيوانية بما فيها اإلنسان .لربما كان
هناك لظاهرة الطنين والتجاوب بين أنواع الذبذبات المتبادلة لهذين العقلين عند اإلنسان
األثر األكبر في رقي عضويته وتفوقه الفكري .
إذن العقل الباطن الخاص هو المخ الشفاف للنفس البشرية ،وهو ال مرتبط زمانياً أو
مكانياً وال يعترف بحدود وال يحس بها ،فهو النهائي وفيه كل الحكمة والقوة وصلـة
الوصل بين الروح الجسدية والعقل الباطن الشامل من ناحية ،وبينها وبين الروح القدسية
من ناحية أخرى .كما أنه ليس متطو اًر وال يخضع لقانون النشـوء واالرتقـاء ومازال على ما
كان عليه منذ ظهور أول إنسان في الوجود وحتى اآلن .
يخضع العقل الباطن الخاص لقانون اإليحاء والوسوسة ويقبل دون مناقشة أو محاكمة
تحسب أليـة
كل ما يوحى إليه ،وينفذ دون أي اعتراض كل ما يطلب إليه وبدون أي ّ
نتيجة ،وهو ال يستنتج وال يستقرئ وال يختار بين أمرين وينفذ أولهمـا ،وينشـط في حاالت
النوم والغيبوبة ،إذ يتحرر من العقلين الواعي والذاتي وينطلق في كل الوجود .وطبعاً
لكل عقل باطن طبيعته وصفاته وأس ارره .
****************************************************
69
ــــــــــــــــــــــ
الفصل الثامن
طبيعــة الــروح
(( ومن كل شئ خلقنا زوجين لعلكم تذكرون ))
قرآن كريم سورة الذاريات آية ( ) 28
بقيت طبيعة الروح وستبقى س اًر ال يدركه أحد ،ولكن في العصر الحالـي حدثـت
إنسان قط
ٌ تطورات واسعة في المجاالت العلمية كافة ،وفتحت آفاق واسعة لم يكن يتوقعها
،وتكمن أهميتها في اكتشاف طبيعة المادة والتي كانت أيضاً لغ اًز عويصاً وحتـى لفترة
قريبة من الزمن .وقد رأينا كيف أن علماء الطبيعة أعطوا أخي اًر الوصف الدقيق لها أال
وهو كونها أمواجاً منشطرة فائقة عدمية منفصلة الطاقة ، ...ولها شكـل أوتار كونية حلقية
النهائية في صغرها ( برينات) ،ومن ذلك أمكن تعريف الجسيمات المادية بأنها أمواج
محددٍ في أربعة أبعاد .
ّ حيزٍ
متراكبة ومتكاثفـة في ّ
ربما أوحى ذلك بأن الروح أيضاً هي ذات طبيعة موجية ،وأنها مرّكبة من تداخـل
أمواج فائقة ،ومن المعلوم في علم الفيزيائية أن للتداخل الموجي ميزات جديدة ليسـت
متوفـرة في األمواج األساسية المكونة لها .بحيث تدعـم األمواج بعضها في مواضع وتلغي
بعضها في مواضع أخرى .أنظر الشكلين التاليين :
71
بصمة اإلصبع التداخل الموجي
يظن أن اختالف الروح عن المادة هو اختالف كثافة األمواج الم َك ِو ِ
نة لهما وذبذبتهـا ُ
وأيضاً في اختالف عدد األبعاد بينهما ،فللروح عشرة أبعاد أما في المادة فلها أربعـة أبعاد
فقط .تشارك الروح الجسد بهذه األبعاد األربعة وتختفي في األبعاد الستة األخرى ،ويعتقد
البعض أن الروح شفافة رقيقة لطيفة وقليلة الكثافة ،وأن الفرق بين طبيعة الروح وطبيعة
المادة هو فرق في الدرجة ال في الجوهر ،وأن كالهما واحد ولهما وجود واحد يتصف
بمراتب اهت اززية متدرجة من الكثافة المادية الشديدة إلى اللطافة الروحية الرقيقة وأن الفرق
( التفاوت) بينهما هو في درجة االهتزاز والذبذبة فقط ، ...إال أن الحقيقـة تشير إلى
عكس ذلك!! فالروح قوية صلبة جداً ال يمكن اختراق عالمها وكينونتها بأقوى اآلالت
المتوفرة في الكون .وهذا يدل على أنه تكمن في الروح الواحدة طاقة مختزنـة هائلة ربما
فاقت طاقة الكون كله !!!.
خلقت المادة في مراحل تطورية متدرجة طويلة األمد ،ربما دام طهيها في المطابـخ
الكونية وهي النجوم العمالقة والشموس وكذلك ما قبلها من مراحل التصنيع مدة أكبـر من
خمس عشرة بليون سنة ،بينما خلقت الروح مباشرة في لحظة واحدة بأمـر ربـي وبنفخة منه
وباألمـر الصارم " كن فيكون " .وبمعنى آخر أن الفرق بين المادة والروح هو فرق في
71
درجة الوعي واإلدراك .وهذا ما أكسب اإلنسان عقالً باطناً خاصاً قويـاً منح اإلنسان ملكة
االتصال والتحاور المستمر مع كل موجودات الكون عن طريق العقل الباطن الشامل .
المعمقة نجدهـا
ّ الحقيقة ...أنه كلما أردنا أن نفلسف العلوم والدراسات العلمية الحديثة
تسعى حثيثاً وعن غير قصد منها نحو هدف واحد وهو تضيق الفجوة بين الروح والمادة
ومع مرور الوقت ...نكتشف أن كل مناحي العلم المعاصر تصب في مجرى وحيد هو
توحيد القوى في الكون وكذلك توحيد الروح والمادة ،خاصة بعد اكتشاف علم الميكانيك
الكوانتي والذي تبحث قوانينه في أعماق المادة .، ....ولربما حمل المستقبل مفاجـآت
تعاكس هذا التوقع !!.
إن اختفـاء الروح في األبعاد الستـة األخرى يجعلها عصيةً على اإلدراك والرؤية
التجسد والتعامل معها ،بحيث يستحيل إخضاعها أو السيطرة عليها ألنها ببساطة ليستو ّ
موجودة في عالمنا ،وأمرها بيد اهلل فقط .ولهذا لم ولن يفلح أي إنسان في استحضارها أو
مخاطبتها أو التعامل معها .
ُخلقت روح اإلنسان مباشرة بأمر اهلل الصارم " كن فيكون " وكان ذلك في الال زمن أي
خلقت كلها دفعة واحدة ولم تخلق بشكل تطوري كالمادة وبشكل أدق كالجسد ،والـروح ال
تحل بجسد أو تخرج منه إال بأمر اهلل ،لذلك هي من أمر ربي تخليقاً وتكليفاً ووجوداً كما
أن لكل روح شفرة كودية ( بصمة ) خاصة بها تطبعها على كل المواد التي تنسـج منها
الجسد العضوي للكائن الحي خاصتها .وطبعـاً تختلف طبيعـة الروح وشفرتهـا الكودية من
كائن آلخر وحتى بين التوائم .فالروح وحـدةٌ قائمةٌ بذاتها وال توجد صلـةُ قربى بين األرواح
، ......وبشكل عام لكل روح خواصها النوعية ومهامها وبرامجها الخاصة والعامـة .
والروح ال حجم لها وال كتلة وتشغل الصفر من المكان والالنهايـة كما أنها ال تصعد مكانياً
وال تهبط وال تأتي وال تذهب وهي ليست مرنة وال قاسية وهي ترتبط بالعضوية الحية عبر
أنفاق ميكروية مائية كونية .
أنواع الروح
عندما خلق اهلل آدم وأحسن تسويته واقامته جسدياً بأن جمع كل توازنات الكون فـي
ِجبِلَتِ ِه ( طين األرض و صلصالها ) ....نفخ اهلل فيه الروح الكاملة الخالدة ،فكان بش اًر
72
سويا ،ولكن الخطيئـة التي حلت بآدم وحواء عندما أغراهما الشيطـان بشجرة الخلـد ( وهي
ق ٍ
متعة كانت شجرة التكاثر الجنسي ) ،وما تالها من وسوسته لهما بكشف عوراتهما وتـ َذو ِ
َ
ثتطور مفاجئـاً رافقه َح ٌ
اً عليهما محظورة أو مؤجلة .أحدثت تلك اللذة في جسديهما
اق للرغبات والحاجات الغذائية والجنسية ..إلخ .وتحول الخلق عندها من خلق آني واشر ٌ
مباشر باألمر ( باالنفصال ) إلى خلق متطور ال مباشر ( بالـوالدة ) وأن تكلّف الروح
مؤجلة أو فيحملت الروح الكاملة مهمةً كانـت ّ بتنفذه في كون رباعي األبعاد .وهكذا ّ
غنى عنها أال وهي بناء الجسد البشري ونسـج خالياه ذرةً ذرة وجعلـه يشغل حي اًز في الوجود
وأن ينبثق في عالم رباعي األبعاد ،وهكذا صار للروح مهمتان أولهما مهمة جسدية بناءة
( روح قائد ) ،واألخرى مهمة قدسية واعية مدركة ( شاهد ) تعنى بأمور الفكر والعقل
والصالح .
" ونفخ في الصور ذلك يوم الوعيد ,وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد "
قرآن كريم سورة ( ق ) آية ( 40ـ ) 41
73
وتسيطر تلك الروح الجسدية على كل أجـزاء الدمـاغ لدى الحيـوان والجنين البشري و
الطفل في أول عمره .كما ينسب إليها السلوك الغريزي والعدواني والجنسي والحركي عند
الكائنات الحية والمعتمد على الجهد العضلي .أما في اإلنسان فينسب إليها إضافـة لذلك
صفة الشر عنده ألنها تتعامل بال ( د ن أ ) المزرعة أصـالً بلوثة الشـر قديمـاً كما سنرى
فيما بعد .
تشغل الروح الجسدية األبعاد الستة األولى ،والتي هي ثالثة أبعاد مكانية وبعد رابـع
زمني وبعد خامس ( موجي نفقي الزمني ) وبعد سادس ( موجي ذبذبي طاقي ) ،أي هي
تشارك األجسام الحية في تركيبها العضوي المادي الخاضع لعوامل المكان والزمان ما
تشارك الجان في عالمهم وتتأثر بهم وتتعامل معهم أو باألحرى هم يتعاملون معهـا
وبمنتهى السهولة عن طريق العقل الباطن الموجي الذبذبي الطاقي ( الذي يشغل البعـد
السادس الذبذبي ) .
74
كل االتصاالت والمحاورات التي تقوم بها الروح القدسية تتم بشكل آني ولحظي في
ساحات العقل الباطن الخاص لإلنسان (فؤاده ) والعقل الباطن الشامل بشقيـه األثيري
والذبذبي .ولهذه الروح طيف أثيري نوراني قابل للتطوير باإليمان والتقوى وباألعمال
الصالحة ويرتبط بالعقل الباطن ذي المستوي الخامس النفسي .ويتركز طيفه النوراني حول
رأس اإلنسان ألنه متوضع في القشرة المخية ربما غمر جسده بكامله وذلك حسب إيمانه
وعمله ونقاء سريرته .لهذا كان األقدمون يرسمون هاالت نورانية حول رؤوس القديسين
والصالحين في اللوحات التصويرية .وهذا الطيـف النورانـي ال ينتقل عبر األجيال وال
وحسنِ عمله أما في حالة
يورث ،واتساعه بقدر إيمان المرء و سمو فكره ونقاء سريرته ُ
األشخاص المغضوبين فتلك الهالة مفقودة لديهم .
عندما خلق اهلل اإلنسان وسواه في أحسن تقويم علّمه األسماء كلها ،حينها كان آلدم مخاً
عالماً تاماً ودماغاً ضئيال ًً ،لهذا كان آدم يحيا سعادةً مطلقةً وكانت كل حلول جاهزة في
مخه ،وكانت صفة روحه الكليـة قدسيـة أما روحه الجسدية فال دور لها .وعندما خلق اهلل
حواء كان لها شبكة روحية جسدية تكاملية مع شبكة الروح الجسدية آلدم ،في حيـن كانت
روحها القدسية تناظرية مع روحه القدسية ،لهذا كانت عاطفة الحب بينهما تناظرية ،أما
دافع الجنس بينهما فكان غريزة تكاملية .فالحب هو تذوق الجمال بالتناظر ،بينما الجنس
هو تذوق الجمال بالتكامل ،وهما معاً يحمالن في طياتهما روعـة العالـم العدمي األول
ولذة النشأة والتكوين .
عندما هبط اإلنسان األول إلى األرض وتنفس هواءها وأكل من نباتها وشرب من مائها
امتص جسده مادة الكون فصار ترابيـاً عضويـاً ونسله متطور من ماء مهين ،عندها
ض ُم َر مخه وتضاءل إلى قشرة رقيقة سنجابية اللون ال يتجاوز ثخنها بضع ميكرونات ،
َ
وتراجعت قدراته الذهنية واضمحلت علومه التي علمه اهلل إياها ،وحبست روحه القدسية
لصالح الروح الجسدية التي آل إليها مهمة بناء الجسد البشري بأمر اهلل ،وتطور الدماغ
الغريزي عند اإلنسان والمقيد بأبعاد الزمان والمكان على حساب مخه ،وطغت الغريزة
75
الجسدية على حكمة العقل .فضعف اتصاله بالعقل الباطن الشامل األثيري جزئياً ،ونمت
فيه قدرات الغريزة الفطرية وحبه للبقاء والتكاثر وحب الذات .و صار يورثها لنسلـه ،لهذا
ضعف نشاط مخه باالتصال بالعقل الباطن الشامل ،كما قُّي َد عقلـه الباطن الخاص من
قبل العقل الواعي ( الحياتي ) والعقل الذاتي المسؤول عن ( النوم ) ،وصار أكثـر
اتصاالته بالعقل الذبذبي ،ويجب أن نتذكر هنـا أن هذا العقل األخير هو بنفس الوقـت
عالم الجان ودنياهم وساحة عملهم الطاقي الخفي .
يشغل الشطر الروحي الجسدي من الروح عند اإلنسان األبعاد الستة األولى ويكون ُ
جل أعماله الظاهرية ...حياتية وتتم في األبعاد األربعة األولى .ويشارك الجان بأبعاده
وعددها بعدين ونصف البعد .بينما يشغل الشطر القدسي من الروح البشرية بقية األبعاد
وعددها أربعة (السابع والثامن والتاسع والعاشر) .من هنا نالحظ أن الجان ال يتعامل مع
الشطر القدسي من الروح وال يلتقي بها وذلك بسبب قدسيتها ِ
وعلمها وقَ ْد ِرها عند اهلل .
والعقل الباطن الشامل أو الخاص ال يجمع بينهما فأبعاد الجان أدنى من أبعـاد الـروح
محدد بأبعـاد
القدسية والكاملة لدى اإلنسان ،باإلضافة لذلك ال يوجد للجان جسد مادي ّ
واضحة مرئية المعالم ،في حين يخضع للروح البشرية الكاملة جسد مادي متطور دوماً
من هنا تولد لدى الجان شعور بالنقص وعقدة الشفافية الجسدية ،وفاض األمر أكثر لدى
ِ
إبليس عندما علّم اهلل آدم األسماء كلها ( أي العلوم كلها) ومّيزه بعقل ُمفكرٍ ُم َدبِرٍ َ
وح َرَم
إبليس منها ،فحقد إبليس على آدم ونذر كينونتـه وطاقاتـه الخفية إليقاع األذى بجميع
أنواعه بآدم ونسله ِ
ليحرفَهم عن الحق ويزّين لهم الكفر والضالل .
يبين المخطط التالي موقع كل كينونة خلقها اهلل ومجاالت مشاركتها مع غيرها من
الكينونات التي ظهرت في هذا الوجود .وهي الروح الكاملة بشطريها والعقل الباطـن
الشامل بشقيه وكذلك عالم الجان وعالم الشيطان وللمادة الجامدة والعقل الباطن الخاص
لإلنسان .
76
اــــ اــــ العقل الباطن الموجي الذبذبي ـــــ اـــ ا لعقل الباطن األثيري ــــــــــا
اــــاــــاــــاــاــاــــاــــاــــــاــــــاــــــاــــــا الروح الجسدية ـــــــــــــاـــ الروح القدسية ـــــــــــــا
10 8 7 7 2 5 2 3 4 1
اــ عالم الجن ــا
وحية ــ ا عالم الشيطان 1 اـ أبعاد المادة ,جامدة ّ
اـــ العقل الباطن الخاص الذبذبي لإلنسان ـــاـــ العقل الباطن الخاص األثيري إلنسان ـ1
77
بعض المواد الكيميائية باتجاه نشوء المادة الحية ،وبشكل أكثر صرامة نحو العضوية الحية
تزيد ونمو الوعي واإلدراك ..جعل الحياة تدب في بعض الكينونات ....
المفكرة .أي ا
فظهرت للوجود أنواع حياتية متعددة ومتطورة وصار يدب على سطح األرض أكثر من
عشرة ماليين فصيلة حية ،ولكل منها تصميمه الجسدي والحسي والنفسي ....وأحد هذه
الفصائل الحية هي اإلنسان .
ربما كان لهؤالء العلماء عذرهم في آرائهم الخاطئة حول التطور البيولوجي لألحياء
والذي جرى من األبسط إلى األعقد كونهم لم يدركوا عصر اكتشاف شرائط ال (د ن أ)
الوراثية والذي تم في عام 1020على يد العالمين (كريك ـ واطسون ) لهذا لم يدركوا
خطأ اعتقادهم في التطور الحيوي آنذاك ، ..ولم يكونوا يعلمون أن :
األنواع الحية للكائنات منفصلة عن بعضها تماماً وحتى قبل تخلقها ،وأن لكل نـوع منها
خريطته الجينية النوعية المميزة والمحددة والمصممة بدقة هائلة ال يتخيلها عقل إنسان
, ...وأنه ال توجد صدفة أو احتمال لحدوث أي خلق أو تشكل عشوائي فيها ..وكل
ذلك مبرمج في شرائط أل ( د ن أ ) الوراثية المختلفة بين الكائنات .لذلك حملت سفينة
نوح كل األنواع الحية التي كانت موجودة على األرض حاملة معها تصاميمها الهندسية
كي ال تتعرض لإلنقرض .
وتلك النظم مصممة في غاية من الدقة واإلتقان بحيث تحتوي كل منها على شيفـرة
وراثية ( كود وراثي ) ومن خواصها القدرة على نسخ وتكرار ذاتها ،لكي يحافظ الكائن
الحي على بقائه واستم ارريته في هذا الوجود .وطبعاً هذا يفند ادعاءات علماء البيولوجيا
األقدمين حين افترضوا أن أصل اإلنسان كان قـرداً .ألنه عندما أجريت فحـوص ال ( د
ن أ ) لكل منهما وجدا أنهما مختلفان تماماً عن بعضهما البعض .
تميز الحي عن
صحيح أنه يحدث في الكائنات الحية عملية االستقالب األيضي والتي ّ
الجماد ،والتي تتحول به المواد الميتة إلى مواد تبني بها العضوية جسدها .إال أن ذلك
األمر ال يتم عشوائياً وال توجد فوضى في الكون .
وهكذا
78
لكل كينونة حية ولو كانت جامدة حقالً طاقياً صغي اًر ( أي عقل باطن خاص ) ،وعن
طريقه تتصل العضوية وتتحاور مع العقل الشامل ،ووسيلة االتصال هي موجات ذبذبية
ذات ترددات عالية ،مما يعني أن الجن والبشر يتشاركـان في الحقل الذبذبي منه وأن
المكونة
التعامل بينهما قائم باستمرار ضمنه .لذلك يتعامل الجان مع البشر طيلة حياته و ّ
من مرحلتين :
تبدأ المرحلة األولى قبل نشوء أول خلية في جسم الجنين البشري إذ يتعامل الجان مع
الجينات الوراثية لألبوين ويحاولون العبث ببرامجها الحيوية المنضضده في ش ارئـط ال ( د
ن أ ) لهما وتخريب أكثر ما يمكن تخريبه من الصفات الجيدة الجسدية والنفسية فيها
إليقاع أكبر ضرر ُخلُقي ونفسي بالجنين ،وربما وصل األمر لحد إسقاطه ،ووسيلتهـم في
ذلك هو بث واصدار ذبذبات موجية إلثارة الطاقات الدقيقة المختزنة في كل قطعـة من تلك
الشرائط .وتكون اإلثارة عظمى إذا حدث تجاوب واستجابة بينهما .
تستمر المرحلة الثانية من التعامل بين الجان واإلنسان طيلة حياة هذا األخير .حيـث
يعمد الجان الستفزاز الناس بالوسوسة الذبذبية وتحريض واثارة الطاقات الحية المختزنة في
عضويتهم الواعية ( الدماغ ) .والهدف من ذلك هو إشاعة الفوضى والعشوائية في
التفاعالت الكيميائية الحيوية لدى اإلنسان والعبث بهرمونات الجسد البشري ليؤدي ذلك في
النهاية لحدوث اضطراب في قدرات اإلنسان النفسية والعقلية والذهنية بحيث يغلـب على
تصرفاته وأعماله وسلوكه صفة الشر والعنف والغريزة .
لكل كينونة في هذا الوجود درجة كثافة موجية وطاقات تختلف بهما عن غيرها مـن
الكينونات األخرى أال أنها مشتركة باألبعاد ،وبالتالي تختلف طبيعة الجان تماماً عن تلك
التي ألجسامنا لكنها تشترك في بعض األبعاد معاً ...وهذا يشير إلى وجود تداخل بيـن
عوالم متعددة وعالمنا ،
اع ومدرك ويتجسد في هذا الوجـود حياً
اإلنسان ووفق هذا التعريف هو كيان طاقي مادي و ٍ
في أحسن تقويم بأجسامه الكاملة العديدة منها األجسام األثيرية واأليونية والفيزيقيـة
والروحية والعقلية والنفسية .،...ولتلك األجسام َملكات إدراك ال مثيل لها لدى الكائنات
األخرى ،وتعتبر الكهرباء أهم ظاهرة تربط بين مكونات الكون المادي وكذلك مكونات
79
الجسد البشري .ويجب أن ال ننسى أن للكهرباء طبيعة موجيـة فائقة انبثقت من العدم
قديماً باألمر اإللهي كن فيكون .
****************************************************
ــــــــــــــــــــــ
الفصل التاسع
السمع الكوني
(( وهو الذي أنشأ لكم السمع واألبصار واألفئدة ,قليال ما تشكرون ))
قرآن كريم سورة المؤمنون آية ( ) 77
السمع هو استقبال أو التقاط إشارة موجية قد تكون صوتية أو ضوئية أو فوقهـا
سن َعِّرف
وادراكها من قبل جهاز ما داخل الجسد العضوي كاألذن أو العين مثالً ،وهنا ُ
السمع بطريقة أخرى ....على أنه خاصة فيزيولوجية من عموم خواص الدماغ أو أي
عضو آخر مثل النخاع الشوكي ...أي ال يشترط أن يكون السمع أذني فقط .فالرؤيـة
مثالً ما هي إال صوت مرئي يحرك أحاسيس معينة في جهاز استقبال خاص هو العيـن
81
واللمس ما هو إال سمع عن طريق الجلد ،والتذوق أيضاً هو سمع عن طريق اللسان ..
وكذلك الشم هو سمع عن طريق األنف ...وهكذا ،
إذن السمع هو اتصال إدراكي بين حقلين للطاقة ومادته هي األمواج ،ونقصد بحقلي
الطاقة العقل الباطن الشامل والعقل الباطن الخاص لدى اإلنسان بشقيه الذبذبي واألثيري
أما في حالة أي كينونة أخرى في هذا الوجود ،جماد ،نبات ،حيوان فنقصد بحقلي الطاقة
بأنهما الشطران الذبذبيان للعقل الباطن الشامل والعقل الباطن الخاص للكينونة .والسمع
قد يكون شعورياً أو الشعورياً لدى اإلنسان ،أي يمكن أن يحدث في حالة اليقظة أو في
حالة النوم أو الغيبوبة ....الخ .والسمع يأتي قبل الرؤيـة فالجنين يسمع وهو في بطن
أمه ومنذ لحظة كونه خلية واحدة وقبل أن يرى النور ،فسرعة انتشار الصوت في الماء
األمينوسـي الذي يسبح فيه الجنين أكبر من سرعة الطلقة النارية بحوالي أربع مـرات
وسرعة انتشار الضوء وسماعه الرؤيوي هي من رتبة ( 000مليون متر /ثانية ) ،لكن
أجهزة الرؤية عند الجنين ال تعمل إال بعد الوالدة وبفترة ال بأس فيها .
للسمع خمس آليات مختلفة ....وهي السمع الواعي (المادي) والسمع الذبذبي ( ومنه
االتصال بالجان ) والسمع اإلد اركـي (عند األحياء) والسمع األثيري الوجداني الروحي (عند
اإلنسان) وأخي اًر الحسي العضوي (عن طريق األعضاء الحسية في الجسد الحي ) بحيث
يعتبر االتصال بالجان نوع من السمع اللحظي وآليته من النوع الثاني ويتم فـي الالزمن
كما رأينا في حالة األنفاق الكونية .ويعتبر هذا النوع من أخطر أنواع السمـع ألنه يعمل
في عمق النفس البشرية وفي عقلها الباطن الخاص .
قد يبعث السمع الحياة ففي ذبذباته طاقة قد تسرع انقسام الخاليا وتؤدي لنمو الجنين
كما يمكن أن يؤدي للمـوت ،وما عملية تفتيـت الحصى في الكلية إال نتيجة الستعمال
تقنيات الذبذبات الفوق السمعيـة في المعالجات الطبية .وكذلك عملية التصويـر الفوق
صوتية للجنين في رحم أمه ما هو إال نوع من السمع الرؤيوي .
لكل نوع من الذبذبات الواردة إلى عضوية حية فع ٌل معين ،فمنها ما يثير االضطراب
إيحاء أو مساً أو
ً والقلق والكآبة ،ومنها ما يسبب السعادة والفرح ،وأخرى تحمل إلهاماً أو
وسوسةً ...وهكذا .والصوت وكذلك صور األحداث الكونية ما هي إال ذبذبة وطاقة ال
81
وتسجل هناك وتُختََزن
ّ تتالشى في هذا المحيط الكوني بل تندمج بالعقل الباطن الشامل
ومصان في هذا الكون الذي ال عبث فيه وال فوضى . فكل شئ محفوظ ُ
الصوت هو أساس كل حركة وخلق ،فهو بدأ بالصيحة وسوف ينتهي بها ،والغريب
في هذا الموضوع أن كثي اًر ممن يحاول تنشيط القوى الخارقة لديه يلجأ للصوم لتنطلـق قواه
الروحانية إال أن العكس هو الصحيح ،فقد ُو ِج َد أن الطعام الجيد يقوي لدى اإلنسان مثل
تلك القدرات ويطلقها ،وهذا ما نالحظه لدى الناس أقوياء البنية وعلى عكس ما كان ُيظن
بأن األشخاص نحيلو القوام هم أكثر روحانيةً وشفافية ،وهذا يمكن تفسيره بسهولة كبيرة
وهو أن الطعام الجيد يمتلك طاقات غزيرة ومتنوعة أساسها موجـي ذبذبي ،لذلك صح القول
الشريف " أن اللحم هو سيد الطعام ويزيد في السمع "
من صفات العقل البشري الوعي واإلدراك وهذا بدوره له عالقة بالعلم واللغة ،والعلم
المنطوق (القراءة) له عالقة بالسمع ،ففي السمع نقل صورة رمز أو حرف إلى المـخ
لذلك عندما علَّم اهلل آدم األسماء كلها علمه إياها عن طريق السمع باإليحاء واإللهام ، ..
في األذن ثالثة أجهـزة حساسة جداً وهي الجهاز السمعي الصوتي ،وآخر للسمع
التوازني الواعي مع الكون ،أما األخير فهو للسمع الزمني .لذلك عندما ضربنا علـى
آذانهم في الكهف سنين عدداً ،أي عندما أوقفنا جهاز السمع الزمني لديهم والذي يستقبل
الذبذبات الزمنية لم يعودوا يدركوا الزمن ولم تعد ذبذباته تحول عليهم أو يسجلها جهاز
السمع الزمني لديهم فناموا أكثر من ثالثمائة عام .
األشعة اجملهولة
بدأت إرهاصات الحياة األولى في كرتنا األرضية قبل أكثر من ثالثة باليين سنة وتـم ذلك
في طين األرض ،حيث تبلورت بذورها بالتنضيـد الفسيفسائي للحموض األمينيـة المتعددة
األنواع ،والتي توافرت بكثرة في الحسـاء العضوي المتشكل آنذاك من أديـم األرض وجوها
ومائها ،واتخذت تلك النظم شكل جدائل سلّمية حلزونية دعيت بش ارئـط أل(د ن أ) الوراثية
،
شكل يبين :
تكوين وتطور
مراحل ُّ
82
أل (رن أ ) في طين
األرض ،ومن ثُ َـم
تكون البروتينات التي
ُّ
تشكلت منها المـادة
العضوية الحية ،
وابان تلك الفترة كانت البيئة تعج بأضواء البرق وقصف الرعود الصواعق وأصـوات الرياح
والعواصف وخرير الماء وجريان السيول وحفيف أوراق الشجر ،وأثرت تلـك العوامل
النظم الحيوية (
وتدخلت بذبذباتها الموجية السمعية والفوق سمعية ولمدى بعيد في تركيب ُ
د ن أ) .وانطبعت آثارها في جسم كل خلية حية ظهرت في الوجود وبالتحديد في عقلها
الباطن بشكل ذبذبات موجية موسيقية ،وانتقلت تلك السمفونية بالوراثة لألجيال المتعاقبة
حاملة معها آثا اًر سمعية ( واعية ،حسية ،صوتية ،كهرطيسية وما فوقها)...
تنوع حاجاتها
تكيفها وتأقلمها مع البيئة والكون ،ومع ّ
خالل مراحل تطور الخلية و ّ
وتنفر من تلك
كانت الخلية تطرب للذبذبات التي تدعم حاجاتها وتخاطب فطرتها وغرائزها ُ
فتكون لها عقل باطن قادر على التحسس والتذوق واالختيار ،لهذا
التي تعاكسها َّ ..
83
آثار قديمةٌ لها دخلت في تركيب
يطرب اإلنسان لدى سماعه الموسيقى ففي عقله الباطن ٌ
خالياه وتعيد لخاليا دماغه ذكـرى نشأتهـا األولى ،من هنا نكتشف مدى تغلغل الجان
بتركيب خاليانا وتأثيرهم فيها وقوة لوثة الشر التي زرعوها في خاليانا .......والعامل
المشترك في هذا هو ذبذبات سمعية أو فوق سمعية لها مظهر موسيقي ساحر .، ......
تتضمن الذبذبات الفوق سمعية إيحاء جان ووسوسة إبليس واستفزاز شيطان .....
اق محظور ،وكل
فيها دغدغة أحالم وتزيين حرام واُختَصار مسافات وتُحطُم ناموس واُختر ُ
ذلك رهن إشارة صغيرة من إصبع إبليس إلنسان ،والهدف إضاعة حق وبث شر وايقاع
ضرر وتدمير بشر ,فإذا اإلنسان دساها ساد الشيطان وقهر .أما إذا زكاها أفلح اإلنسان
وانتصر .ففي نفسه إلهام فجورها وتقواها ،وفي عقله ميزان الختيار الحكمـة و ِ
الع َبر .
لوحظ أن إدمان المرء على سماع الموسيقى الصاخبة يؤدي لتشوهات دماغية خطرة
مؤقتة أو دائمة ،مما ُي َخ ِر ُ
ب البرامج العقلية والنفسية والبنيوية والوراثية للمدمن ويؤثر في
نفسيته ،ومن أهم مظاهر تلك اآلثار الكآبة والقلق والتمزق النفسي والتشتت الفكري
واإلحساس بفقدان الذات وبوشيش وضجيج صوتي دائم في الدماغ ينتهي غالباً بالهلوسة
والجنون وبمظاهر التخلف العقلي والنفسي لدى المواليد الحديثـة لدى األجيال القادمـة
في الموسيقى الصاخبة دعوة للجان والشيطان لدخول دماغ اإلنسان واستجرار عملهم
تحيد عمل الروح القدسية
في الوسوسة والعبث بنفسية اإلنسان ،وأحد أشكال العمل هو ّ
وتعطيل برامجها في الخير والصالح ،والغاء دورها في الحياة اإلنسانيـة لصالح الشر
واألشرار ،لهذا اتخذت بعض الفرق المتمـردة والخارجة على المألوف من الموسيقـى وسيلة
للتأثير على الدماغ والسيطرة على اإلنسان ،وجعلتها وسيلة اتصال وتقارب مع الشيطان
،..وصمموا لذلك موسيقى شاذة تتضمن ألحانها ذبذبات خطرة ،تسبب خلـالً وتخدي اًر
تحييد قسري ألعمالها ،واحدث استفزاز ونشاط ازئـد في مناطق
لبعض مناطق الدماغ و ّ
أخرى منه ،فينفصل عملهما عن بعضهما وعن عمل بقية الدماغ ،فيفقد المخ جزءاً من
وعيه وادراكه ويقل اتزان المرء ....فيشعر المرء بأنه يطير في الهواء مثالً أو يحلق في
الفضاء ويتالشى ،أو يغوص في أعماق البحار والمحيطات ويذوب فيهما ،وقد تغدو تلك
التشوهات دائمـة ،وغالباً ماتودي بصاحبها إلى الهالك والفناء .
84
األغرب من ذلك هو أن بعض الفئات التأملية وغالباً ما يكونوا من غير المتعلمين
وحتى الصوفية منهم ( وعلى جهل منهم ) اتخذوا من الموسيقى الصاخبة ( والتي تدعى
بالزار) وسيلة للوصول ألعماق النفس البشرية وتقوية الكشف الروحي لديهم ،وصحيح أن
تحرر نفسية اإلنسان من الكبت وعقله الباطن من أسر العقل الواعي إال أن
تلك الطريقة ِّ
تلك الطريقة خطرة ...إذ تدخل صاحبها ساحة عمل الجان بسهولة وتجعله عرضة
للتعامل المباشر مع الجان .ففي تلك الحفالت الصاخبة تحدث إثارة جنسية جماعية عنيفة
مصحوبة بفقدان الوعي واإلدراك وغيبوبة في العقل واالتزان ،وغالباً ما تنتهي مثل تلك
الحفالت بممارسات واستباحات شاذة ال أخالقية يقودها جان وشيطان .
والسؤال اآلن :
هو كيف يؤثر الجان في اإلنسان عن طريق الذبذبات الموسيقية ؟
والجواب على ذلك هو كما يلي :
عند سماع الموسيقى يحدث توافق وتجـاوب بين ذبذباتها وذبذبات األصوات التي
رافقت نشأة الخاليا الحية األولى والتي بقيت آثارها مخزونة في خاليا الدماغ .وهـذا
ويحرره .واذا كان التجاوب حاداً وقويـاً
التجاوب والتناغم يوقظ العقل الباطن الخاص َّ
ينشط الجان في ساحة العقل الباطن الخاص الذبذبي لإلنسان ويلعب دوره كامالً فيه
ويبث فيه ذبذباته الوسواسية واالستف اززية وكأنها فيروسات موجية فتاكة تشوش العقـل
الباطن وتسيطـر عليه وتفسد أداءه إن لم تعطبه وتهلك صاحبه .فالذبذبـات المتكررة
المسموع منها والالمسموع تؤثر بشدة على الغدد الهرمونية واألنزيمية وتسبب لها خلالً في
عملها وتجعلها تغير من معدالت إفرازها للهرمونات أو األنزيمات ..ولربما جعلتها تتوقف
عن اإلفراز كليـاً .وهذا يؤدي بدوره لفوضى في كيميائيـات الجسـد البشري وتفاعالتها وقوع
الخطر .ولكي ندرك أهمية دور هذه المركبات على اإلنسان يكفي أن نقول ،أنه لوال
وجود األنزيمات في أجسامنا الحتجنا أربعين ألف سنةٍ كي نتمكن من قراءة هذه
الصفحة من الكتـاب .وما اإلجهاض وعدم الحمل وكذلك العيوب الوراثية والتشوهات
الخلقية وحتى التوأمية والخنوثة والتوائم الملتصقة واألمراض النفسية ما هي إال نتيجة لهذا
85
التدخل والتداخل الذبذبي الصادر عن الجن في العقل الباطن الخاص لكل من األب واألم
والجنين .
يظن البعض أن موضوع تلك األشعة غير واقعي وليس هناك أي دليل على وجود
مثل هذا التأثير الموجي الذبذبي .ولكن نقول إن األدلة كثيرة ،فلكل كائن أس ارره في هذا
يولد أمواجـاً فوق صوتية ترددها حوالي (
الميدان فمثالً الخفاش :هو طائر ثديي أعمى ّ
80ألف هرتز ) يطلقها ليرسم بها خريطة آنية للبيئة حولـه .ويرى صدى األمواج المرتدة
بأذنيه ألن سمعه شديد في المجال فوق الصوتي .وهناك أمثلة كثيرة على ذلك فمثالً
أسماك القرش والدالفيـن تسمع وترى وتتكلم بأمواج فوق صوتية ال ندركها نحن البشر ،
لكنها ترى بتلك األمواج ما بداخل أجسادنا .ونحن من وجهة نظرها لسنا أكثر من أكياس
بالستيك شفافة مملوءة باألحشاء .
بعض الحيوانات كالقطط والكالب يصيبها ذعر ورعب شديد أثنـاء وقوع الزالزل
والكوارث وبما ال يتناسب مع حجم الحادثة فتأخذ بالجري والصياح والنباح والزعيـق وكأنه
مقضي عليها ال محالة ....والسبب الحقيقي في ذلك ليس سماعها ذبذبات احتكاك ذرات
ٌ
الصخور العالية التردد ،بل هو في رؤيتهم للجان وهم في حالة غير مألوفة من النشاط
والهياج والبث ...فمثل تلك الذبذبات تثير الجن وتجعله يهتاج وينشط في بثـه
ولربما كان العكس هو الصحيح ...أي ربما كانت الزالزل والكوارث هي من عمل
الجان حيث ينجزونها بالبث الذبذبي الموجه لذرات الصخور وحدوث تجاوب بينهما ..
ربما تضمنت اآلالت الميكانيكية واألجهزة الكهربائية واإللكترونية التي اخترعهـا
اإلنسان وكذلك الطائرات والسفن البحرية ترددات موجية عالية الذبذبة ،مما أثار الخوف
والرعب أو الكآبة والحزن في نفوس الحيتان وبعض فصائل الجرذان ظناً منهم أن تلك
الترددات صادرة عن الجن وبطريقة ليست مألوفة لهم من مئات الماليين من السنيـن ،
فصاروا يفضلون االنتحار على خضوعهم لمثل هذا األزيز الصادر عن الجن ،والحقيقة
التي ال يدركوها أن الذي يزعجهم هو اإلنسان صانع الحضارات العظيمة .فهو يمارس
دور الجن والشياطين معاً دون أن يدري !!! .
86
يوجد في األذن الداخلية لإلنسان وربما عند بعض الحيوانات جهاز حساس دقيق جداً
عرف على رؤوسنا ....ومن مهام هذا الجهاز أنه يجعلنا ندرك به أعضاء جسدنا وأن نت ّ
من أرجلنا ،وأن ندرك إحداثيات موقعنا في غرفتنا وبيتنا وبلدنا وفي الكرة األرضية ،تلك
هي حاسة التوازن فينا ..وتلك الحاسة تعمل بطريقة ميكانيكية بيولوجية فـذة فـي جسدنا ،
مثل عمل جهاز الجيروسكوب في توجيه الطائرات والصواريخ وموقع جهازها هو في األذن
.
الحقيقة أن لدى اإلنسان جهازان ...في كل أذن جهاز ،وعمل كل منها يشبه عمـل
آالف الموازين الدقيقة المنصوبة ،ولها أثقالها التي تتوازن بها ،وتلك األثقال ما هي إال
أحجار متبلورة من كربونات الكالسيوم الدقيقة جداً والتي ال تُرى بلوراتهـا إال بالمجهر
اإللكتروني ،وتبدو تلك األثقال كصخور متراكمة فوق بعضها البعض وقابلة للحركـة
والتدحرج على بعضها البعض لتضغط على أهداب شعـرية دقيقة جداً وتحنيها مسجلة
أدنى ميالن في وضعية الرأس .لحظتها يتولد لدى اإلنسان شعور بالميالن وبمقداره ،
وتصل دقة هذا الجهاز لجزء من مائة ألف من الدرجة القوسية الواحدة .كما أن هذا
صمـم للتعامل بدقة مع الجاذبية األرضية وكأنه جيروسكوب بيولوجي يعمـل على
الجهاز ُم ّ
حفظ توازننا دون دوران واال سوف نحيد عن خط سيرنا في كل مرة نسير بهـا .أو كأنه
نواس أو بندول معلق في رؤوسنا ليحفظ توازننا .
ولكي ندرك دقة األمواج الذبذبية وقصر طول موجتها وفائقية تردداتها ،.نقـول أن
بإمكان طبلة األذن أن تهتز لدى سماعها األصوات الضعيفة بسعة اهتزاز من رتبة قطر
الذرة الواحدة ،وفي حالة أعلى األصوات فإنها تهتز بسعة من رتبة قطر الجزئ المادي
وأن طاقـه مقدارها جوالً واحداً فقط ( وهي طاقة ليست بالكبيرة ) إال أنها كافيـة ألن تجعل
طبلة األذن تهتز باستمرار وبدون توقف لمدة تزيد على عشرة مليـون مليـون سنة فيما لو
بقيت تلك األذن سليمة دون فناء .إذن كم هي رقيقة وجميلة وحساسة تلك األذن البشرية
بما تتضمنه من أجهزة رائعة ؟؟ وكم هي هائلـة في حساسيتهـا !!؟؟.
وبالرغم من هذه الحساسية العالية جداً لألذن أال أنها غير قادرة على التقاط اإلشارات
الذبذبية التي يبثها الجان ،أو تلك التي تشكل بنية أجسامهم فال تراهم العين .لكـن في
87
جسد اإلنسان أجهزة لها حساسية ُم ِ
فرطة أكثـر من األذن قادرة على إدراك الذبذبـات
الموجية الصادرة عن الجان أو تلك التي تدخل في تركيب أجسادهم .وهو العقل الباطن
وسوف نرى في الفصول القادمة ما يوضح هذه الفكـرة .
****************************************************
ــــــــــــــــــــــ
الفصل العاشر
العيـن الثالثـة
يوجد في دماغ اإلنسان غدة خاصة بحجم حبة الذرة ليس لعملها أية عالقة بالحواس
الخمسة التي ال تدرك األحاسيس المطلقة بل النسبية وتجسيدها في الدماغ ،ويساعدهـا
في ذلك خيط خفي أثيري ينحدر من وسط الدماغ إلى العمود الفقري ويمتد على امتـداد
88
طوله .ومن خالله تسيل الطاقات الحاذقـة ( الزيت الذهبي ) وتنتشر في كل فـروع شجرة
األعصاب ( شجرة الحياة ) لدى اإلنسان .
قديماً لم يكن يعرف عملها فسميت جسماً صنوبرياً .ولكن عندما عرف أنها تفرز
هرموناً هو الميالتونين سميت بالغدة الصنوبرية .ومع مرور الوقت تزايـدت معارفنا حول
هذه الغدة وأهميتها .فهي أول غدة تتشكل عند اإلنسان ،وتتكون بعد ثالثة أسابيع من
أإللقاح ،وال يبدأ إفرازها إال بعد ثالثة أشهر من عمر الوليد .ومن هنا كانت معاناة األهل
من عدم نوم الوليد خالل تلك الفترة وبكاؤه المستمر الذي ال ينقطع ،وطبعاً سببه هو ندرة
وجود ذلك الهرمون في دم الوليد ،وربما كان سبب بكائه أال متوقف هو رؤيته للجن
والعفاريت من حوله وعبثهم ونخسهم المستمر لجسده إزعاجاً لألهل علهم يكرهون تلك
الهدية اإللهية ،وتلك هي اللوثة الثانيـة التي يتعرض لها الوليد بعد اللوثة البكائيـة األولى
الوالدية .فما من طفـل إال ونخسه الشيطان عند والدته إال عيسى بن مريـم وسيدنا
ومحميين منه .
ّ محمد (ص ) فقد كانا معاذين من الشيطان
يزداد إفراز هذا الهرمون بغ ازرة للقمة من سنة إلى ثالث سنوات من عمر الطفل ،ثم
يتناقص بمعدل ( )%50منه عند قمة الطفولة حتى يستقر نسبته عند البلوغ .عندها يعود
الجان والشياطين للعبث بجسـد ونفسيـة الشاب اليافع الضمحالل الدرع الميالتوني أو ربما
انهياره .ويتم زوال هذا الدرع كلياً في السنوات المتقدمة من العمر .عندها يظهر عبث
الجان والشيطان في جلياً في تلك المرحلة ،وهذا ما يفسر ما يعرف بجهل الكبـر لدى
المسنين وكذلك رؤيتهم لألحالم المزعجة ووقوعهم في األمراض .ولعل أحد أسباب إصابة
اإلنسان بالسرطـان هو التع ّـرض للضوء الشديد أوالضوء الصناعي ولفتـرات طويلة واإلنسان
صاح ًٍ ..أي أثناء النهار ،فمثل تلك الظروف ربما تخفض نسبة هرمون الميالتونين
بشدة ،مما يعني أن السهر الطويل هو من األسباب األساسية المؤدية النهيار صحة
اإلنسان وتهيئة جسده لعبث الجن وانهاكه باألمراض .
لتلك الغدة تركيب يشبه لحد كبير تركيب العين الحقيقية ففيها عدسة وشبكية وعليها
منطقة شفافة ال تحجب الضوء أو أية إشعاعات أخرى ،ومع ذلك فهي ال تؤدي عمـل
معدة اللتقاط أنواع أخرى من األمواج ذات ترددات خاصة محددة
العين العادية ،وكأنها ّ
89
غير تلك التي لألمواج الضوئية .وصحيح أن الضوء هو أشعة صامتة مسموعة من ِقَبل
آلة العين ،إال أنه ليس هو الذي تتعامل معه الغدة الصنوبرية وليس مسموع لها .
إذن هذه الغدة ليست مخصصة للسمع وال للنظر بل هي مخصصة للرؤية السمعيـة
ذات الترددات العالية جداً .واعتقد البعض أنها عضـو الرؤية الروحيـة عند اإلنسـان ووسيلة
االتصال بالعالم المطلق الذي يحتوي الوجود وما فيه ،ألن تلك الغدة كانت نامية ونشطة
قبل ماليين السنين ،وكان موقعها على سطح الرأس وفي مؤخرته ،ومع تطور الحياة
وخشونـة العيش تصلبـّت هذه العين وغاصت شيئاً فشيئاً في الجمجمة وتحولت لعين ثالثة
داخلية .لكن مازالت موجودة كعين فعلية ثالثة في بعض الفقاريات البدائيـة أما في
الفقاريات الراقية فلوحظ ضمور وانحالل العصب المتصل بتلك الغدة مع تقـدم السن .
ورغم ضمورها وزوالها من العديد من الكائنات الحية مازال البعض يعتبرهـا عيناً أثرية .
قد تظهر تلك العين في حاالت نادرة على جبين اإلنسان .وما قصص السيكلوبيين
( السيكلوب هو إنسان أسطوري له عين واحدة في منتصف جبينه ) بغريبة وقد وردت
قصصهم في األساطير اإلغريقية القديمة .كما أنها تظهر في بعض الحيوانات واألفاعي
بشكل خاص مثل ( أم األجراس ) ،إذ تسلك تلك العين عندها سلوك كامي ار حية ح اررية
ترى في الظالم الدامس أكثر مما ترى في النهار ،وماعدا ذلك فاألفعى صماء ال تسمع
فاألفعى ترى الجان والشياطين وهي األكثر عداءاً لإلنسان وملعونة مثل الشياطين.....
91
اإلشارات بغ ازرة وبدفق كبير إلى تلك الغدة ،وظاهرة الجمجمة المفتوحة ..فتحة اليافوخ
تالحظ عند جميع األطفال حديثي الوالدة ،وتحتاج قرابة ستة أشهر كي تغلق هذه الفتحة
وفي الحالة الجنينية التي يمر فها الجنين بمراحل التطور السمكي والضفدعي والزاحفي
تكون مغطاة بغشاء واسع يدعى غشاء اليافـوخ ،حيث يمكن لدماغ الجنيـن أن يرسل
ويستقبل من خالله إشا ارت ( رسائل ) ذات ترددات خاصة تتجاوز أعدادها البالييـن
ومن خاللها تتحاور هذه الغدة لدى الجنين مع كل البيئة المحيطة به ،أي مع كل الكون
المحيط به ،وبكلمة أخرى تتحاور مع العقل الباطن الشامل ،وعبره ربما تتلقى الروح
الجسدية طاقتها لتنفيذ األمر اإللهي بالخلق والتكوين ،لهذا السبب يبقى اليافوخ مفتوحـاً
لدى المولود عدة أشهر بعد الوالدة ليؤمن االتصاالت ووصول اإلشعاع للغدة الصنوبرية
مع عدم وجـود حاجز عظمي ،ويستمر ذلك األمر حتى تمام اكتمال التخلق واغـالق فتحة
اليافوخ عندها يدب الطفل على قدميه كائناً كامالً روحاً وجسداً .
تمثل الغدة الصنوبرية الساعة البيولوجية عند اإلنسان ،بسبب تأثرها بالفترة الضوئية (
نسبة زمن ضوء النهار /زمن ظالم الليل) ،وهي تحس وتتحسس باألمواج الح اررية
واألشعة تحت الحمراء وبإشعاعات أخرى موجية عديدة غير معروفة الذبذبات .مما يدل
على أنها كانت قديماً ترى أشياء ال نراها اليوم ،وبما أن طبيعـة الجن من مارج النار (نار
السموم ذات الطبيعة الكهربائية الوحيدة القطبية ) كان األقدمون يرونهم ويتعايشون معهم
ويجزرونهم وينهرونهم ويلعبون بهم ،فقد كانـوا في نظر األقدمين آنذاك كالقردة في عالمنا
اليوم ....حيث ال كرامة لهم وال كمـال .
91
ولحظة بزوغ الشمس ،ويتوقف إنتاجه نها اًر .والمهم هو حلول الظالم ليتم توليده ألن
الضوء الوارد على شبكية العين يجعلها ترسل نبضات عصبية إلى الغدة الصنوبرية تجعلها
تقف عن إنتاجه .وبالتالي له دور في الساعة البيولوجية لـدى األحياء .وتََوْفـر هذا الهرمون
في الجسم يكسبه صحة ومناعة ضد الجراثيم واألمراض ويزيد من عـدد الخاليا المناعية
في الدم تلك التي تقهر جنود الجن والشياطين من جراثيم وفيروسـات وبكتيريا .لذلك
كانت أفضل ساعات الصحو من النوم عند اإلنسان هي ما قبل الفجـر مباشرة حتى
لحظات بزوغ الشمس وشروقها .حيث يستفيد اإلنسان من ذلك الهرمـون وهو في قمـة
غ ازرته ،مما يحفظه من الجان والشياطين ويثبط عملهم ويجعل المـرء ينجز أعماله طيلة
النهار وهو بكامل حيويته ونشاطه وبسعادة ونشوة ال نظير لهما ،ألنه يكسب المرء حيويةً
ونضارة وشباباً دائمين ال هرم معهما ،ويضبط الساعة البيولوجية لإلنسان فيثير النوم لديه
في فترة محددة ويوقظه في فترة محددة ويخفف القلق والكآبـة عنده ( والتي ربما كان للجن
والشياطين النصيب األكبر فيهما ) .ومن صفاته الكيميائية عمله كمضاد للتأكسد وتثبّيط
الجذور الحرة المحبة لإللكترونات والهادمة ألنسجة الجسم وخالياه .فهذا الهرمون يكنس
تلك الجذور بأن يعطيها إلكترونات فتُلغى عملية التأكسد في الجسد البشري ويؤخر ترهل
الخاليا مما يقيه من األورام الخبيثة وتصلّب الشرايين
يق ُل إنتاج هذا الهرمون مع تقدم العمر ،وتقل مناعة الجسم وتزداد األمراض .ووجد
أن أحد أسباب نشوء السرطان هو الضوء الصناعي الشديد الذي يحرم اإلنسان من النوم
ويؤدي النخفاض إفراز هذا الهرمون ،مما يعني أن السهر ضار جداً بالصحة عمومـاً
والصحة النفسية خصوصاً ،وربما أدى ذلك النهيار عقل اإلنسان ونفسيته .
يؤثر انخفاض الميالتونين في الـدم بشكل كبير على الجهاز العصبي لإلنسان وعلى
صحته الجسدية بشكل عام ،مما يفقده نعومة الحياة وسعادتها ويحدث في عقله الواعي
خلالً وفي عقله الذاتي ضعفاً ،وقد يمر المريض بحـاالت من الغيبوبة وفقدان الوعي مما
يهيئ فرصاً واسعةً لتحرر عقله الباطن وخضوع المريض له .
لربما أثناء تحرر هذا العقل الباطن وانطالقه في ملكوت اهلل تكون الفرصة مهيأة له
لدخول عالم الجن وااللتقاء بهم ،حيث يسهل على ذبذباتهما التالقي معاً وانتقال صـور
92
ذلك العالم لدماغ المريض ،وهي صور متحركة لجن يرتع ويمرح ويرقص ويعبـث ،وهـذا
يفسر التخيالت والتهيوآت والهلوسـات والكوابيس التي يعاني منها المرضى في حالة
ما ّ
دخولهم في غيبوبة أو في حالة إغماء ،وكذلك فقدانهم الشعـور بالزمن وخلالً في الساعة
البيولوجية لديهم .بحيث ال يعد يدري اإلنسان في أية ساعة هو عندما يصحو وهل الوقت
صباحاً أم هو يوم آخر ،ويتساءل كم مر عليه من الوقت وهو نائم ،لربما ظن أنه نام
يوم أو أكثر ،وعاش في نومه قصـة مرعبة أكثر أبطالهـا جن وعفاريت ومردة .وهذا
سببه انخفاض الميالتونين وتزايد نشاط الجن في جسده ومخيلتـه .
نوم القيلولة الطويل ال يزيد من إفراز هذا الهرمون في الدم ،مما يسبب خلالً فـي
الساعة البيولوجية لإلنسان ويفقده الشعور بالزمن ،وعندما يصحو ال يدرك في أي ساعة
مساء أم هو يوم آخر ؟ ولربما ظن أنه قد نام
ً هو ......ويتساءل هل الوقت صباحا أم
ده اًر مديداً وعاشر جناً وعفاريتاً وشياطين ومردة .
إذن السهر
هو سبب الكثير من األمراض النفسية والعقلية فهو يخفض هرمون الميالتونين ويجعل
اء وعرضةً للذبذبات المختلفة ......الوسوسة واالستفـزاز
الجهاز العصبي لإلنسان هو ً
الصادرة عن الجن وسواهم بالبث واإليحاء والواصلة لإلنسان من البعد السادس وعبـر
العقل الباطن الخاص لديه ،والذي هو أيضاً ساحة عمل الجن والشياطين بال استثناء ،
لهذا يغدو اإلنسان كئيباً نزقاً شري اًر وتقل مناعة جسده في مقاومته لألمراض النفسيـة
والجسدية والتي يسببها الجن والشياطين .
****************************************************
ـــــــــــــــــــــ
الفصل الحادي عشر
الشاكـ ارت
دوامـات أعاصير الطاقة الحيوية
93
تتضمن الحضارة الهندية القديمة أفكا اًر غايةً في الذكاء والجمال والعمق الفلسفي
حيث أمكن بواسطة هذا الفلسفة الشرقية التوصل ألشياء وظواهر لم يتمكن العلم الحديث
من تفسيرها بعد .
94
-1الدوامة الحوضية :وهي ضفيرة عنصر التراب ومخزن القوة الكونية بكاملها
وموقعها بين الشرج والعضو التناسلي .
-2الدوامة الخشلية :وهي ضفيرة عنصر الماء ومقعد السعادة وموقعها بين السرة
والعانة
-0الدوامة الشمسية :وهي مركز النـار والطاقة الغذائية والشهـوات والرغبات
ومقعد الجان ومركز عمله في جسد اإلنسان ، ...وموقعها عند السرة .ولعل
عادة كشف السرة لدى النساء في الهند القصد منه زيادة الطاقة الجنسية لديهن
لتلقي المزيد منها أو بالعكس ،أي لتخفيفها بكشفها للهواء .
-1الدوامة القلبية :وهي مركز الهواء والتنفس وموقعها في منطقة القلب .
-2الدوامة البلعومية :وهي مركز طاقة األثير والحياة وموضعها منطقة الحنجرة
-8الدوامة العقلية :وهي مركز العقل وموقعها بين العينين والحاجبين .
-1الدوامة الدماغية :وهي مقعد اإلله في الجسد البشري وضفيرة األعصاب فيه
وموقعها في قمة الرأس .يبين الشكل التالي مواضع تلك الدوامات
95
كما يعتقد هؤالء الفالسفة :
أن الغدة النخامية تتطابق مع الحس العقلي عند اإلنسان أو ما يسمى بالحاسة السادسة
( وموقعها موجود فينا) ،بينما تتطابق الغدة الصنوبرية مع الحس الروحي أو ما يسمى
بالحاسة السابعة (وموقعها في الكون المحيط بنا) .مما يؤكد على وجود اتصال تبادلي
مثير بين العقل الباطن الخاص والعقل الباطن الشامل .وعند حدوث تجاوب أعظمي بين
هاتين الحاستين وهذين العقلين تنفتح العين الثالثة عين البصر والبصيرة واللب والفؤاد ،
وينكشف لها من أسرار الكون ما يعجز الفكر البشري عن اإلحاطة به أو إدراكـه .
وجد أنه باإلمكان تطوير المواهب الروحية ( الحاسة السابعة ) عند اإلنسان وذلك
بإثارة وتنشيط الغدة الصنوبرية لديه ،فهي في الحاالت العادية غافلة وسابته لديه ولمدة
طويلة من الزمن .ويتم ذلك األمر بممارسة رياضات اليوغا المختلفة ،وكلمـة يوغـا تعني
سحب العقل وتجريده من المادة وتركيزه على األلوهية ...ليصل في ذروته لحالة اتصال
واتحاد مع اهلل .
تساعد هذه الرياضة في السيطرة على جميع األعضاء الالإراديـة وضبطها لـدى
اإلنسان والتحكم بها ،كما أن تلك الرياضات قادرة على إحيـاء مراكز الطاقة السبعة
وايقاظ القدرة الواعية األثيرية الكامنة في كونداليني وتحويلهـا لطاقة ديناميكية ،عندها
كلي
يذوب الجسمان المادي واألثيري معاً ويجذبـا إليهما القدرة اإللهية ،ويصبح اإلنسـان ّ
المعرفة والحكمة ،ويكشف له كل العلـوم والكلمات التي علمه اهلل إياها في عالـم التسوية
األولى ( أي في عالم نشأته األولى ) .ويغدو عندها اإلنسان جديداً سامياً وينتقل فكره من
الجسم المادي إلى األثيري إلى العاطفـي إلى العقلـي حتى يصل أخيـ اًر إلى المحبة والقدر
واإلدراك والـروح الكاملـة ،ويصبح قاد اًر على تحقيق الوحدة مع اهلل وتحقيق ما يريد .
96
الطاقات األثيرية بين الدوامات ،مما يضعف االتصال فيما بينهما ،لذلك ينصح هؤالء
الفالسفة بعدم المبالغة في ممارسة الجنس ،واألفضل لديهم هو تركه والتخلي عنه نهائياً
لعدم ضرورته ولما يسببه من أذى لإلنسان ،لكن تشير الدراسات واألبحاث البيولوجيـة
والنفسية والروحية الحديثة إال أن العكس هو الصحيح ! .إذ اكتشف أن الجنس هو حاجة
ضرورية لألحياء وأساس حياتها ووجودها الواعي المادي والروحي والنفسي وهو ليس
ظاهرة كمالية أو دخيلة على النفس البشرية كما يدعي هؤالء الفالسفة .فالجنس هـو
بحت ويرتبط بالبعدين السادس و السابع
روحي ٌ غريزة فطرية للنفس الحية ِ ...
دافعه
ٌ
الروحيين .وتتركز شجرته في العقل الباطن الخاص لإلنسان الخاضع للعقل الشامـل
المؤتَ ِمر بأمر اهلل .
ُ
إذن :الجنس هو الوسيلة المادية الوحيدة السريعة التي يصل بها الشعور والالشعور
اإلنساني إلى الحقيقة المطلقة مباشرة ,وتبقي اإلنسان على ٍ
قدر من االتصال بالحقيقة
المطلقة عبر العقلين الخاص والشامل ,ويصل اإلنسان باهلل .لذلك كان الزواج نصف
الدين ففيه إستباحة مباحة للجنس ,واتصال حسي بالحقيقة المطلقة وانجاز شموليـة
الوعي واإلدراك وتحقيق وجود الذات في هذا الوجود .أي هو جسر ( ظاهره مـادي
غريزي وحقيقته روحية مطلقة ) يصل بها كينونة الوجود اإلنساني الحـي إلى الحقيقة
المطلقة ،وخالله ينسل برنامج حياة كينونة أخرى فتنبثق في الكون خلق جديد ،حتى أن
الحيوانات على بساطة وعيها تعرف سر هذه الوسيلة في التناسل وتعيش حقيقتها كاملة،
مما يبقيها دوماً سعيدة مطمئنة ومسبحة خالقها وعلى صلة كاملة بالعقل الباطن الذبذبـي
ومع أنها تعيش بروحها الدونية مع الجان إال أنها ال تخاف في عالمها أحداً سوى خالقها
وخانقها .
بعضهم رغم وعيه وادراكه تغاضى عن تلك الحقيقة واعتبرها شهوة حيوانية تُبعد
ٍ
فلسفات وقيـوَد وآراء اإلنسان عن الشفافية الروحية واالتحاد بالذات اإللهية ،ووضعوا
تُحظّر حتى من مجرد التفكير بها ،وعمدوا إلى تكريه الناس بها ،وبعثوا في النفـوس
النفور واالشمئزاز من ممارستها ،ووضعوا قوانين اجتماعية صارمة وعقبات جمـة
لممارستها ،ووصل األمر لدى بعضهم أن أعتبر الجنس محرماً أو خطيئةً أو رجساً من
97
عمل الشيطان وعلى البشر اجتنابه ،وهدفهم من ذلك هو السيطرة على عقول النـاس
والتحكم بأسلوب حياتهم إلبقائهم أسرى فلسفات وأهواء العلمية والمنطقية ....وبالتالي لـم
تَح ّل هذه الفلسفات أية مشكلة بل على العكس زادت األمر سوءاً ......وازدادت النفوس
كبتاً واحباطاً وأوصلت الناس لطريق مسدود بعد أن سببت لهم على مر الدهور كوارث
وصراعات وآالم وأمراض نفسية ال حصر لها ...وما الحروب والفتن التـي شهدتها
البشرية منذ ظهورها وحتى اآلن إال نتيجة لمثل تلك الفلسفات الفكرية الالعلمية ومن
أشهر تلك الطرق ..الصوفية والتأملية والزهد والصفاء الروحي ومحاولة الوصول إلى
الوعي الصافي ...الخ .وهي طرق ُمنهكة للروح والجسد ،ويحتاج اتباعها فترات زمنية
طويلة لممارسة طقوسها المضنية ،ولربما احتاجت عمر اإلنسان كله لتحقيق مـا قد يظن
فعال ٍ
المرء أنه اتحد بالذات اإللهية ،واذا تم حدوث ذلك االتصال فعالً كان غير مجد أو ّ
وصاحبها َه ِرمٍ ال حول له وال قوة ...لهذا السبب يفشل كثير ممن يمارس تلك الرياضات
التأملية في الوصول للحقيقة المطلقة .
ويحرره من أسر وضغط العقلين الواعي والذاتي ِّ
ُينشط الجنس العقل الباطن الخاص ّ
المطَ ِرد لهذين العقلين الذي ُيحـُِد من
وبتحرره يزيل الكبت الذي نشأ في أنفسنا بسبب النمو ُ
االتصال بين العقل الخاص بالعقل الشامل .
ألغى الكبـت عبر آماد طويلة من عمر اإلنسان بعضاً من وظائف دماغه ومخه ،
ت نصف الكرة المخية اليساري ( وهو النصف العلمي الجدي ولكنه من ناحية أخرى َك َب َ
ش ًَ ًَ ًّط نصـف الكرة المخي األيمـن ( وهو
المجادل والمتشدد الالعاطفي من المخ ) ،وَن َ
النصف الفنان العاطفي الحالم والمتسامح ) .والذي يمتلك قدرة كبيرة على التآلف مـع
اإلشارات والذبذبات العليا واالتصال مع العقل الشاملِ .
ووج َد أن الجنس يقوي المواهب
الروحية ( الحواس ما بعد الحاسة السابعة ) فعند االلتقاء الفيزيقي لألجساد يحدث تالقي
روحي وتوحيد لألجسام األثيرية وللطاقات المتناظرة المثارة فيهما ويتحرر خالل هـذا اللقاء
الجسدي والروحي العديد من الذبذبات إلى العقل الشامل ،كما يستقبال منه ذبذبات نشطة
تحمل طاقات تبعث في الجسدين سعادة وسكينة يشعران من خاللها بصداقة الكون
98
ورعايته لهما .ففي الجنس شحن لإلنسان بطاقات أثيرية فائقة تشعره بالوجود ...لذلك
كان إنجاز الجنس ضرورة وواجب كل كائن حي ،.....
من هنا أفلح فرويد وأمثاله فيما ظن الناس بأنه منقذ للبشرية من أمراضها السقيمة ،
ونظُِم حياتهم .، ....
ولم يدركوا أن الحل موجود أصالً في عقولهم ُ
عالجت شجرة الحياة وطاقات كونداليني األمور في حاالتها العازبة ولم تتطـرق
للحاالت الزوجية ،حيث أهملت الجانب الجسدي والروحي للذكر واألنثى ،ففي اللقـاء
تكامل جسدي وزوال كبتٍ وتناظر روحي وتحرر وانطالق العقل الباطن وتتكامل فيـه
الطاقات ،فالرجل شحنته موجبـة ويتأثر بالغدة الصنوبرية المرتبطة بالحاسة السابعـة (
رابطة روحية ) ،بينما المرأة شحنتها سالبة وتتأثر بالغدة النخامية المرتبطة بالحاسـة
السادسة ( رابطة روحية شعورية ) .
فالحب هو لقاء تكاملي تناظري مرآتي لشطري الروح القدسية لدى الذكر واألنثى
وظاهرة تذوق سعيد للجمال المطلق ،والجنس هو لقاء جسدي وتكامل روحي جسدي ،
وظاهرة تذوق متعة الجمال الكوني المادي .وبالتالي كي يحدث انعتاق كونداليني البـد من
اللقاء وتفريغ الشحنات وتكامل الحس الروحي ،وال سعادة لمخلوق إذا لم يحقق هذا
التكامل واالكتفاء .
الكارما يوغا
نحن نحصد ما زرعناه ،وكل ألم نحس به اآلن سببه يعود ألفعالنا الماضية .وكلمة
كارما تعني الفعل المستند لسبب ،فالتمني والرغبة يسببان ألماً ومعاناةً ووسيلة النجاة من
ذلك هو أن نعمل دون أن نتوقع مكافـأة ،ويجب علينا أن نعمل بسبب ترابـط مصالح
الجنس البشري كله ،لذاك ال توجد كارما فردية بل توجد كارما جماعية .عندها تأتـي
السعادة من داخلنا ،وعندما يؤذي إنسان غيره فهذا يسبب مخالفة لنظم الكون الدقيقـة
ويحدث تلوث في النظم األخرى واختالل لديه ويعاقب عليه بالكارما .أي العقاب ذاتـي
بسبب خلل النظم المجاورة ،لذا يجب على اإلنسان أن يحقق كارماه ،أي أن ينجز فعله
وواجبه حتى يحقق إيمانه باهلل .
99
يظن البعض ممن يمارس رياضة التأمل التجاوزي والتي اكتشفها أحد الفالسفة الهنود
مدهش وخارق ،ولكن لو بحثنا في طبيعة تلك الحالة التأملية
ٌ المعاصرين على أنها شئ
لوجدناها حالة طبيعية مألوفة لدى العديد من أصحاب الطرق الصوفية ،حيث يمـارس
اع من األذكار واألوراد مع التأمل وتركيز التفكير على شئ واحد محدد ال
هؤالء ترديد أنو ٍ
معنى له ،أو بتركيز الذهن والتفكير في كلمة واحدة يدعي معلموا هذه الطريقة علـى أنها
للم َج ِر ًِب الذي يتلقاها من مدربه في أول جلسة له ،ومع كثرة
الرمز النفسي السري ُ
التكرار والترديد لهذا الرمز أو يحدث نوع من التخديـر لبعض مناطق دماغ اإلنسـان ويرافقه
تنشيط عمل مناطق أخرى منه وخالل نفس اللحظة ،فتستيقظ طاقاتها وأمواجها الذبذبية ،
أي بمعنى آخر تتحرر بعض مناطق الدماغ في عملهـا من سيطرة بعضهـا اآلخر ،عندها
يتج أز العقل الباطن لشطرين ...يبقى أحدهما مقيداً بالعضوية الحية ،أما اآلخر فإنه
يتحرر وينطلق ليجوب الفضاء مستقالً عن اإلحداثيات المكانية لآلخر ،.....ويشعر
اإلنسان أن طلبه يتحقق وأن أمانيه تُنفذ ...كأن يشعر بأنه يطير أو يزور مكاناً مقدساً
...الخ ،ويشعر أن أمانيه تتحقق فعالً بالصوت والصورة إحساساً .والحقيقة أن المرء في
نوم باإليحاء الذاتي للترداد الطويل
تلك الحالة يكون شبه نائم وفي غيبوبة خفيفة ،أو ُم ّ
المتكرر ألذكار أو كلمة الرمز ،والحقيقة أن المجرب ال يتجاوز مكانه إال بالفكر والخيال .
يمكن لإلنسان بهذه الطريقة أن يصل ألعلى درجات الرقي الروحي والشفافية النفسية
والقداسة إذا صاحب تلك الطريقة خشوع إيماني ،فال يعد يشعر المتعبـد بالزمـان أو
بالمكان ،ويغيب عنه اإلحساس بالجسد المادي ويصبح فكره هائماً في عوالم قد تبدو له
سرمدية أبدية .
يشكل اإلنسان بفكره أقوى كارما ألنه األذكى واألكثر إدراكاً ووعياً في الكون ،وهو
يؤثر على غيره وعلى البيئة من حوله ،وهذا ما م ّك ًنهُ من السيطرة عليها والعيش فيها
وكانت له مسخرة ،وناد اًر مايكون هناك شئ في بيئته ال يخضع لمشيئته .وقيل :
حديث قدسي "عبدي كن ربانياً ,تقل للشيء كن فيكون "
" لو كان في قلب أحدكم ذرة إيمان ,ثم قال للجبل تحرك ,لتحرك " يسوع الناصري
111
****************************************************
ـــــــــــــــــــ
الفصل الثاني عشر
جسـد الجـان
ليس لهم جسد مادي ،وجسدهم ال يتكون من ذرات مادية وال يحوي فراغات ،بل هو
أصم البنية ومستمر دونما انقطاع ألنه خلق قبل أن تخلق المادة ومن مارج النار أو من
نار السمـوم ذات الطبيعة الموجية الكهربائية الالقطبية والتي سادت اللحظـات األولى
لإلنفجار األعظم .وهي ليست كالنار التي نعرفها في عالمنا ذات الطاقة الح اررية .كما
أن أرواحهم ليست كاملة وليست راقية كما هو الحال عنـد اإلنسان ،ومن هنا كان حقده
وحسده آلدم ،فقد كان آدم كامل الجسم جميل الشكل وروحه كاملة ،وبكلمة أخرى كان في
أحسن تقويم ومجهّز بعضوية واعية ومدركة ذكية مفكرة وعاقلة اتسعت واستوعبت كل
العلوم التي علمها اهلل آلدم وهي المخ .وما التفكير عند اإلنسان إال عملية استرجاع
واستقراء وتذكر آلثار تلك العلوم التي علمها اهلل لإلنسان األول قديماً .
وازداد حقد إبليس أكثر عندما أمر اهلل المالئكة بالسجود تحية آلدم فسجدوا إال أن إبليس
أبى فكان من المغضوبين .
للجان أشكال جميلة في عالمهم ،فقد كانوا سماويين خزنـة الجنة ،ويحبون الجمال
ويعشقونه ،ولكن عندما ظهر اإلنسان وكان في أحسن تقويم وأجمل منهم شكالً واقامـة
وأذكى منهم عقالً وأكمل أبعاداً دبت الغيرة والحقد والحسد في نفوسهم ،وتال ذلك تَمـَُرَد
إبليس وعصيانه ألمر رب العالمين وتحديه للخالق العظيم ،فأتى أمر اهلل األول بالطـرد من
ان كل
الجنـة ،ثم تاله األمر الثاني بالهبوط من السماوات العال ،وأعقبه أمر ثالث وهـو إقر ٌ
ٍ
شيطان قرين ...قرين السوء الذي ال يتخلى عن صاحبه اإلنسي أبـداً وهو الذي إنسان ب
يمأل مخيلة وصدر اإلنسان بالمغريات والتخيالت الشاذة واألماني المحرمـة ومعظم ما
111
يحيكه صدر اإلنسان في عقله وصدره من أذى للغير ولسان حاله ما هو إال محاورة مع
هذا القرين الشيطاني .وهكذا نجد أن :
( قال قرينه هذا ما لدي عتيد ,ألقيا في جهنم كل كفار عنيد ,مناع للخير معتد مريب ,
الذي جعل مع اهلل إلها آخر فألقيـاه في العذاب الشديد ,قال قرينـه ربنا ما أطغيته
ولكن كان في ضالل بعيد ,قال ال تختصموا لدي وقد قدمت إليكم بالوعيد ) ,
قرآن كريم سورة ( ق ) آية ( ) 47 – 43
طبيعة اجلان
لربما لم يك سبب غرور إبليس هو جماله فقط ،بل تلك الخاصة الفريدة التي لجسـده
وليس لإلنسان مثلها ،وهي تمتعه بالبعد الخامس الالزمني والذي كان الجان يستطيع من
يغير شكله كما يريد باإلضافة لقدرته على
خالله أن يجتاز الكون كله بلمحة واحدة ،وأن ّ
رؤية اإلنسان من دون أن يراه اإلنسان .وطبعاً ليس لجسد اإلنسان مثل هذا البعد لكـن
لروحه مثل هذا البعد .ومن خالل هذا البعد يشعر الجان ويتهيأ له بأن له القدرة علـى
اللعب باإلنسان والعبث بحياته وملئها بالكوابيس .ولكن هذا األمر ال يحدث في الواقـع
وكلها مجرد تهيؤات لكائن شفاف هالمي يعيش في البعد الخامس .
للجان خاصة بنيويـة أخرى فريدة وهي أن لتركيب أجسادهم طبيعة موجية ذبذبية
المادية ( مارج النار) وذبذباتها وأطوالها الموجية هي فوق كهرطيسية وال تقع ضمـن حدود
محدد الشكل ومرونته تسمح للجـان أن يتخذ أي
الطيف الكهرطيسي وذات قالب مرن شبه ّ
شكل أو حجم أو عالم أو ُبعد يريده .وللجان أصوات طبيعتها موجية أيضاً إال أنها ليست
من طبيعة بنيته الجسدية كما هو حال الصوت عند اإلنسان ،وكما أن اإلنسان ُخلق من
مادة أصلها أمواج وأن طبيعة صوته موجية أيضاً إال أنها اهت اززية ميكانيكيـة ال تماثل
أمواج بنيته البتة والتي اتخذت مظه اًر مادياً .
للجان عقل باطن خاص ،ولهذا العقل مجال طاقي (طيف) كسائر المخلوقات األخرى
وبهذا المجال يعي الجان وجوده وكل ما في عالمه ،ومن خالله يمارس تعامله مع كـل
موجودات الوجود مباشرة وبسهولة ويسر تام ،ألن هذا العقل مستقل عن عوامل الزمان
اء كانت
والمكان .وهذا ما جعله الجان قاد اًر على اختراق كل العوالم والتخلخل فيها سو ً
112
أثيريةً أم ذبذبيةً أم ماديةً أم روحيةً ،لكن في الحالة األخيرة تكون ضمن حدود غايـة في
الضيق .أما في حالة اإلنسان فاألمر ليس بهذه السهولة ..فلكي يتحرر عقله الباطن
الخاص وينطلق ليتعامل مع غيره من موجودات ماوراء الطبيعة الالمرئية فإنه يحتـاج
لجهود كبيرة مضنية يعتمد معظمها على إخماد الوعي واإلد ارك لديه (مثل الغيبوبـة أو
النوم العميق أو التأمل العقلي أو التنويم المغناطيسي ...إلخ ) .هذا إذا بقي اإلنسان
مدركاً لما يفعله أو يريده أثناء نومه أو غيبوبته .
113
وتشكلت ضفائر أل ( د ن ا ) للفيروسات ثم الجراثيم والبكتيريا ووحيدات الخاليا ثم
متعددات الخاليا ......وكان على اإلنسان الكوني ( أي الذي إنبثق في الكون ) أن يمر
ومبرمـج من ِقَب ِل اهلل
بهذه المراحل جميعها ،مع العلم أن له خلق سوي مثالي ( سابق ) ُ
مباشرة ليكون في أحسن تقويـم ،ولربما كانت الغاية من هـذا البرنامج الطويل في الخلق
يتكبر من جهة ،وأن ال يبخس قَ ْد َر نفسه من جهة أخرى ،
الكوني المادي لإلنسان كي ال ّ
وأن يدرك كم كانت فرص احتماالت تكوينه وصدفها نادرة وغير متوقعة على اإلطالق ،
ومع ذلك فقد خلقه اهلل من العدم وبكلمة منه ،وبالتالـي الوجود للصدف في هذا الوجود وال
ومصمم بدقة ال يمكن ألي عقلٍ أن يتخيلها !! فأي معجزة احتماالت ،بل كل شئ موزون ُ
مدهشـة في قصة الخلق ؟ .وعلى اإلنسان أن يخجل وأن يشعر بضعفه وأنه ليس هو الذي
ق من مكونات الكون جميعها . جمع نفسه وركب جسده من كل هذا .فهو ُخِل َ
يالحظ بعد رحلة الخلق الطويلة هذه ....أن اإلنسان لم يعد خلقه طيناً ،وأن نسله
تحول إلى ماء مهين .وصحيح أن ذرات جسده تصنعت في أفران نجمية عمالقة بلغت
درجات ح اررتها الباليين لكن درجة ح اررة جسم اإلنسان اليوم منخفضة جداً ال تتجاوز
تغير في هذا المجال بزيادة أو نقصان
المجال بين 08و 05درجـة مئوية .واذا حدث ّ
مقداره درجتان مئويتان فقط ،فهذا كفيل بالقضاء عليه وزواله من الوجود .فانظر أيها
اإلنسان كم هي حساسة تلك المقارنة الح اررية ؟ .وكم هي دقة خلق الكون واإلنسان ؟ وكم
هو عدد النقاط الحدية والحرجة التي مرت بها مراحل تشكل الكون وبالتحديد خاليا جسم
اإلنسان ؟ ففي كل جـزِء جـزٍء من الثانية الزمنية كانت تتكون أكوان وأكـون فكيف هو
األمر بأيام الخلق الستة !! وكم كانت طويلة تلك األيام ؟؟ !! .
لقد سوى اهلل اإلنسان وخلقه من طين وخلق الجان قبالً من مارج النار وأصل مادة
جسديهما هي أمواج شبه عدمية فائقة لها عدة أبعاد .ولربما بلغت درجات ح اررة تخلق
مارج النار التريليونات (التريليون هو ألف ببليون ،والبليون هو ألف مليون) من درجات
لتحول طبيعة اإلنسان إلى مادة عضوية وساللته إلـى ماء
الح اررة المئوية ،وبطريقة مماثلة ّ
مهين ،كذلك طبيعة الجان اليوم ليست كما كانت عليه قبالً ،أي لم يعودوا ح ارريين وعلى
تحول تركيب أجسادهم ألمواج ذبذبية ال
نفس الدرجة التي كانوا عليها من قبل ،بل ّ
114
ح اررية عالية التردد وذات بعيدين ونصف البعد فقط .وصار لهم شبه طبيعة جسدية
خاصة .وطبعاً لكل مخلوق عالمه وبيئته ومعاشه وغذاءه وسعادته وعقابه وكل من هذه
األمـور هي من جنس عالم وطبيعـة المخلوق .إذ تكفي كتلـة مادية صغيـرة (طلقة
رصاص أو حجر مثالً ) أن تقتل إنساناً كونياً مادي الجسد ،وكذلك فإن طلقـة راجمـة
شهابية ناريةً القوام تكفي لمعاقبة الجني وثقبه وربما موته .وكلمة ثقبه تشير إلى طبيعته
الصمـاء المستمـرة لكنها الماديـة ،وحركة الشهـاب وقذفه تقتضي وجود حركـة لجسم
اج ح اررية وأخـرى ح اررية فائقة يز وضوٍء ٍ
ونار وأمو ٍ ٍ
صوت وأز ٍ مادي ولكنه يتضمن حدوث
،أو فوق ح اررية .وطبعاً الشهاب ال يـرى إال فـي جو األرض وفـي غالفها الغازي ،مما
يشير إلى أن السكن الحالـي للجان هو على األغلـب في األرض وجوها ، ......وهكذا
نجد أن طبيعة كل قاتل هي من جنس مادة المقتـول .وبالتالـي فاإلنسان ال يستطيع أن
يقتل جناً والجان ال يستطيع قتل إنسان لكنه يحاول .
ولكن كيف ميارس اجلان تأثريهم على الناس رغم أنه الحيرك ساكناً ؟
للجان صوت فائق في ذبذباته ( تردداته عالية جداً ) ،وأطواله الموجية ( قصيرة جداً )
وسعة اهت اززه صغيرة جداً ،مما يجعلها غير مسموعة .كما أن الجان قادر على بـث
موجات ذات طبيعـة كهربائيـة ال قطبية ،وهو يبثها للتأثير على شرائط أل ( د ن أ )
الموجودة في خاليا األجنة البشرية ،وأنواع أخرى يبثها في دماغ اإلنسان للعبث بفكره
وأخرى لها صفة اإليحاء وأخرى لتخريب خالياه واضعاف مناعته وامراضه ،ومن ثم قتله
غيرها للوسوسة وأخرى لتعقيمه من اإلنجاب ،وأخرى لتحريض غرائزه وشهواته للطعام
والجنس وجميعها تعمل آنياً عبر العقل الباطن ،واإلنسان هو الوحيد من بين كل
المخلوقات التي تتقبل طبيعته مثل تلك الذبذبات ،ففي جسده وجوانحه وحتى في كل ذرة
من خالياه من األجهزة المتخصصة الستقبالها والتناغم معها ما يمكن أن يمأل كل حياته
ث هذا االتصال األشعة
اء في عالم يقظته أو في عالم نومه .وَي ُح ُ
بإيحاآتها وأصواتها سو ً
المجهولة ....السمفونية الموسيقية من األصوات والذبذبات والتأثيرات التي اختزنت في
المـادة العضوية الحية لإلنسان عندما سواها الخالق من الطين وابان خلقه للخاليا الحية
من الممكن تلخيص تأثيرات تلك االتصاالت كما يلي :
115
تأثيرات :وجودية ـ روحية ـ مادية ـ نفسية ـ فكرية ـ إيمانية ـ جسدية ـ صحية
ـ وراثية ـ سلوكية ـ غريزية ......إلخ ) .
وكل ذلك يتم عن طريق البث واألزيز ألمواج ال تقع أطوالها وتواتراتها ضمن الطيـف
الكهرطيسي المألوف لنا في هذا الكون ،والحقيقة أن لتلك األمواج صفات عدمية أو شبه
عدمية ذات ٍ
بعد واحد هو البعد السادس الذبذبي .وبهذه الذبذبات يمكن للجان أن يتالعب
بدماغ اإلنسان والتأثير على تفكيره وافساد نفسيته وتصرفاته ،ولكن الضرر األكبر من
الجان وبالتحديد الشياطين هو تأثيرهم على تركيب أل ( د ن ا ) الوراثية لإلنسان خالل
فترة نمو تلك الشرائط و قبيل انقسام خاليا جسم الجنين البشري أثناء تكاثرهـا .
يسيطر الجان بعقله الباطن الخاص على النصف األيمن من الدماغ البشري ،وهـذا
الشطر من الدماغ هو النصف الغريزي العنيف الالعاطفي وأيضاً هو مخ األنا األعلـى
عند اإلنسان ،وفي هذه الحالة يركز الكائن كل أحاسيسـه على نفسه وذاته ،وال يعـد
يشعر سوى بنفسه .ويغذي الجان الجانب الجسدي والغريزي عند اإلنسان ،ويجعل له
هدفاً حياتياً مبدؤه اللذة والمتعة وطيب العيش والبقاء .ويوجه كل اهتمامات المـرء إلى
التركيز على الذات واعتبارها المحور الذي تدور حوله أحداث الوجود بكاملها .......
فيتخيل اإلنسان نفسه مرك اًز للكون من هنا كان شعار األنا واألنا األعلى ....وأنا ربكم
األعلى ،.....ولتحقيق هذه الشعارات النفسية يركز المرء اهتمامه للحصول على أعظم
راحة وسعادة ومتع ممكنة في الحياة ،وهنا قد تأخذ األمور أحد المنحييـن التالييـن أو
تأخذهما معاً .
إما أن تلجأ طبيعة اإلنسان إلى الغريزة ووسيلتها العنف والقسوة والظلم والفتك ،أو إلى
أسلوب أكثر إنسانيـة وحضارةً كي يسهل عليها الحصول على ما تريد بهدوء ،ولكي تأتي
الدنيا إليها طواعية ،فتتخذ تلك الطبيعة سمة الدعة والطيبة والنعومـة والرقة فـي بحث
األمور الستغاللها حتى الثمالة ،فتبدو تلك الطبيعة نابضة باإلحساس والمشاعـر الرقيقة
وتقوى لدى صاحبها صناعة الكالم فيكون شاع اًر أو موسيقياً أو أديباً أو مغنيـاً ،لذلك كان
ذلك النصف األيمن من الدماغ هو النصف الفنان الحالم .والذي يعيش صاحبه في قصر
العسل وراعيه هو الجان والشيطان ..لذلك كان هناك شيطان الشعر وشيطان األدب ...
116
فعـاالً فـي السنوات األولى
والموسيقى ...وآخر لإللهام ،..ويكون هذا النصف من الدماغ َّ
من عمر اإلنسان ،ثم يتقلص دوره تدريجياً بسبب تطور عمل النصف اآلخر من الدماغ
...وهو النصف العلمي المنطقي والعقالني لدى اإلنسان .
يبتعد الجان والشيطان عن النصف األيسر من الدماغ لعدم قدرته اخت ارقـه بعقله
الباطن والسيطرة عليه ،ألن هذا النصف يحيا دوماً حالة يقظة وانتباه وال يعيش بعقله
الباطن ،ويكون هذا النصف من الدماغ نامياً في السنوات المتقدمة من العمر .
حياة اجلـان
للجان حياتهم المألوفة لهم ،وعالمهم الذي يضج بالحركة والصخب والنشاط ولغتهم
ذبذبات وأزيز موجي ،فاألمواج هي قوام تركيب أجسادهم ولغات اتصالهم مع أبنـاء قومهم
وعشيرتهم .وهم يتزاوجون ويتناكحون ويتناسلون ويأكلون ويشربون ،وحياتهم خاضعة
لقوانيـن عالمهم الغريب والبعيد تماماً عن عالمنا وادراكنـا .وهم يمارسون حياتهم كما
نمارسها نحن لكن الفرق بيننا وبينهم هو أنهم ال يتأثرون بعامل الزمن كمـا نتأثر به نحن ،
إذ يعتبر الزمن عامالً أساسياً في حياتنا وتقاس به أعمارنا .أما بالنسبة لهم فالزمن ليس
له أي معنى أو وجود في حياتهم تقريباً ،كما أنه ليس قابالً للقيـاس .فهو طويل جداً في
عالمهم ،وأعمارهم مديدة وشبه أبدية ،لهذا فهم يعاملونا كما يعامل الطفل دميته السريعة
الفناء ،وكأننا أدوات لهو وتسلية سريعوا العطب قصيروا األعمار ،واذا عبثوا بنا ثو ٍ
ان قليلة
من حياتهم يكون قد مضى علينا دهو اًر مديدة ونحن نعاني من عبثهم ،كما أنهم ال
يلحظون حركاتنا وال يشعرون بها ....فنحن جامـدون بالنسبة لهم أو بطيئـون جداً ،
وينظرون إلينا كأننـا صورة جامدة ال حراك فيها ،وكل ذلك سببه اختالف تأثير العامل
الزمني بيننا وبينهم .
هم أقوام فيها الذكور واإلناث ويتكاثرون ويتناسلون جنسياً ،وشهوتهم الجنسية قوية جداً
،ويدركون الجمال ويعشقوه .وهم يتزاوجـون ويتكاثـرون في األنفاق الكونيـة الالزمنية
مالذهم اآلمن .وفيهم الفتى والشاب والهرم ،وهم ال ينامون أبداً ونومهم هو موتهم ،
والعكس صحيح أي أن موتهم هو نومهم .والمنظرون منهم ( المتمردون على أمر اهلل )
117
فهم ال يموتون إطالقاً إلى يوم القيامة ،ويتمنون الموت وال يجدونه .وبالتالي قلة النوم هو
لعنة اهلل عليهم إلى يوم يبعثون .
صفات اجلان
هم سكان البعد الخامس وأجسادهم ليست مثل أجسادنا ،وكذلك أرواحهم ليست كاملة
كأرواح البشر ،ولربما كانت أخف منها وعلى ٍ
قدر من اللطافة والرقة بحيث ال نحـس بهم
،وليست لهم روح كاملة وهي ذات بعدين ونصف ،مثل تركيب كينونتهم بالضبط ،بينما
هي عند اإلنسان هي ذات عشرة أبعاد .وأصل الروح والجسد هو أمواج أثيريـة فائقة قديمة
،واالختالف بينهما هو اختالف درجة كثافة ورقة ولطافة ،ويدل على ذلك حالياً
الدراسات الفيزيائية الحديثة والنظرية النسبية وحتى الدراسات الفكرية والفلسفيـة القديمة التي
تعتمد مبادئ الحكمة الثيوزوفية والتي تعني الحكمة اإللهية الشاملة والمبنية على تجاوز
العلوم المادية بالعلم والعقل والمنطـق والمعرفة ،وكذلك تجاوز التجربـة الحسية المادية،
وتوصلت تلك الحكمة لنتائج أعمق بكثير مما توصلت إليه العلوم المادية والتي تتعامل مع
الظواهر في حدود المادة ودون أي تعمق أكثر فيما وراءها ،وتوصل أصحاب تلك
الفلسفة بالطرق الروحيـة لنتائج مذهلة وكشفوا كثي اًر من أسرار الكـون والحياة واإلنسان .
وكأن تلك الفلسفة اعتمدت على جذور غيبية للعلم .
من صفاتهم أن لهم القدرة على رؤية كل شئ بلحظة واحدة كأن كل شئ شفاف لعيونهم
فهم يرون كل ما بداخل اإلنسان ويعون ما يجول بخاطره كما أن لهم القدرة على سماع
كل شئ بنفس اللحظة .
118
أن يتآلف معهم .وأغلب الظن أن الجان كان يخاف اإلنسان القديم ويهرب منه أو يتحاشاه
خشية أن يجزره أو أن يصيبه أذى أو مكروه منه ،فقد كانت قـوى اإلنسان آنذاك خارقة
والجني يخشاها ويتحاشاها ،وأحد مظاهرها القدرة على اإلمساك بالجنـي وسجنه وحرقه
وجزره ....وربما ضربه أو أغرى األوالد باللعب به دون خوف منهم كما حدث مرة للنبي
(ص) مع جني .فقد كان لإلنسان عليهم سلطان ..خاصة بعدما غدا الشيطان قريناً
لإلنسان ومرتبطاً به فصار يتلقى منه صفعات الدعاء بالخزي واللعنة ،هذا باإلضافة
إلحساسهم بالخزي لما فعلوه بآدم وحواء .وأداة ذلك السلطان هو العقـل الباطن الخاص
طر ومتحر ارً .
لإلنسان الذي كان حينها قوياً ومسي اً
في تلك اآلونة لم يكن ذلك اإلنسان يعرف الكالم وال التكلم .ولم يكن يدرك معنى
الصوت أو مفهوم اللغة ،وكان الحوار وتبادل األفكار بين البشر يتم عن طريق التخاطر
الفكري وليس عن طريق الكالم والحديث ،وكل ما كان يجيـده ذلك اإلنسان القديم هو
الصفير إذ كان يستخدمه في التعامل مع الكائنات الموجودة حوله ...ومثل هذا السلوك
طير أو ٍ
قطة .. في الصفير كثي اًر ما نشاهده حتى اليوم عند تعامل اإلنسان مع ٍ
كلب أو ٍ
ك قد نمى بعد العقلين الواعي والذاتي لدى اإلنسان وكانت العين
في تلك اآلونة لم ي ُ
الثالثة لديه نشطة ولم تكن ضامرةً كما هي عليه الحال اليوم .وكانت مخصصةٌ للتعامل
مع أمواج واشارات غير معروفة حالياً ،وعن طريقها َّ
تمكن اإلنسان القديم من أن يرى
أشياء حوله وعن ٍ
بعد ليس من السهل رؤيتها اليوم .أما إدراكهم الواعي فكان يعتمد على
توحد واندماج العقل الباطن الخاص بالعقل الشامل ،وما نتخيَّله في بعض األحيان مـن
وجود ظواهر خارقة أو قوى خارقة لم تكن في قديم الزمان سوى أمور طبيعيـة عادية
ومألوفة ...وعلى العكس من ذلك فالرؤيا المادية والسمعية والكالم والفكر الالئى نحيـا
مظاهرها اليوم ...هي ظواهر خارقة أعين األقدمين .ولو اطلع عليها أحدهم لوال ف ار اًر
ألنها تبدو له ظواهر خارقة وغير طبيعية .
تمتع اإلنسان القديم بنشاط فكـري فائق وعقل كامل ومازال مخه يحتفظ بكثير من
العلوم التي علمه اهلل إياه في الجنة ،إال أنه فقد الكثير من ثروة وكنوز القدرات والقوى
والطاقات األثيرية والذبذبية لحظة تعرضه لصدمة الحلول في الكون ( الهبوط للكون )
119
وارتدائه الثوب المادي الفيزيقي ،والقليل الباقي من تلك القدرات صار يعمل متخفياً من
وراء ُج ُد ِر العقول الباطنة المتعددة التي صنعها ونماها اإلنسان بإرادته فتقلصت عنده
ساحات اإلدراك والسمع والرؤية األثيرية .
عندما حل اإلنسان في األرض ألول مرة وتنفس هواءها وشرب من مائها وأكل من
نباتها ،نمت وتطورت أحاسيسه العضوية ،وطغى دماغه الغريزي على مخه العاقـل وقُيِ َد
عقله الباطن بنمو العقلين الواعي والذاتي وسيط ار على دماغه ،عندها نمت لديـه قدرة
الكالم واستعمال هواء التنفس المنفوث من رئتيه في التكلم والتحدث ،وصار يرى األشياء
بعينيه من خالل حزمة ضيقة من األمواج الكهرطيسية (الضوء المرئي) ،ومع مرور
الزمن تآلف مع بيئتة وتأقلم معها وصار ُيتقن استخدام حواسه الخمسة المعروفـة بسهولة .
ولكنه بقي يرى الجان بقدر ما تبقى له من قدرات أثيرية ...وحالياً زالت تماماً من عالمنا
المنظور إال في بعض حاالت نادرة تظهر تلك الطاقات بشكل استثنائي .
يغير من خواصها ويجعلها تكتسب من المعلوم أن تغيير أية صفة من صفات األمواج ّ
خواصاً جديدة لم تكن لها أصالً ،أو ربما جعلها تخسر بعضاً منها .وتمدد الكون رافقه
تمدد لألمواج الصادرة عن أجسـاد الجان وأصواتهـم فانتقلت ذبذباتها من طيف مرئي ألخر
غير مرئي ...فلم تعد ترى اليوم .ولربما كان من أحد أسباب عدم رؤيتنا لهم هو تمدد
الكون وتمدد األمواج الذبذبية المنتشرة فيه وزيادة أطوالها الموجية فلم تعد مرئيـة كما كانت
قديماً ،وبقيت على حالها دون أن تتحول ألمواج مادية أو ضوئية مرئيـة أو كهرطيسية
مثل أمواج الراديو أو التلفزيـون والتي يسهل الكشف عنها باستخدام أجهزة معينة ،خاصة
أن توسع الكون والتمدد الموجي في بداياته األولى كان شبه لحظي وتـم بسرعات أكبر من
سرعة الضوء بماليين المرات ،
لهذا السبب نحن لم ولن نرى الجان مهما حاولنا ,فهم لم يعودوا موجودين في عالمنا
المنظور إطالقاً ,وكل من يدعي رؤيتهم أو محادثتهم أو استحضارهم أو التعامل معهم
فهو كاذب أفاق ال ضمير له ,وقصده ليس نزيهاً ,ألن العلم كشف اللعبة .
ومثال على فكرة إخفاء أو إظهار األمواج أمكن التوصل إليه بما يعرف بعلم تداخل
األمواج المعروف تماماً في علم الفيزياء ،حيث تمكن علماء الفيزياء في السنة الماضية
111
من اختراع صفائح بالستيكية شفافة يرى الناظر من خاللها ما بداخل جسم اإلنسـان من
أعضاء مثل الهيكل العظمي أو القلب أو الكبد أو الدماغ..الخ .والغريب أن تحريك
الصفيحة ُيم ّك ْن المشاهد من رؤية مناطق أخرى من المشهد .واألكثر إثارة ودهشة هو
اختراعهم نوع آخر من الصفائح يرى من خاللها أشياء تقع خلف الجسم البشري حتى
ولو كانت متحركة .أي غدا جسم اإلنسان العاتم شفافاً ترى من خالله األشياء الواقعة
بداخله أو خلفه .وهذا يبشر بمزيد من الكشف عما يقع خلف المنظور ...فلربما أمكن
في المستقبل اختراع صفائح خاصة إذا ارتداها شخص فإنه يختفي عن األنظار وال يعد
يرى أو أخرى تتعامل مع ٍ
أبعاد أعلى للوصول لرؤية األمواج الذبذبية واألنفاق الكونية
عندها سيتمكن األ نسان من رؤية الجان والدخول إلى عالمهم ...ولكننا عندما نراهـم
سنواجه المفاجأة التالية :
عندما نراهم على حقيقتهم مباشرة بأعيننا سندرك بسرعة بساطة تكوينهم ورقة وضآلة
ورهافة أجسامهم ،إذ تبدو كغاللة سوداء شبه شفافة من نسيج موجي ذبذبي دقيق جـداً
وسوف نفاجئ كثي اًر بمدى ضعف قوتهم وقلة حيلتهم وجبنهم وخوفهم منا وأنه ال حول لهم
وال قوة وعكس ما كنا نتوقعه عنهم ،كما نكتشف انعدام كرامتهم ِ
وقدرهم رغم أنهم
مخلوقات جميلة في عالمها .لكنهم ضعفاء ُمقززون ومنبوذون من عالمنا ،كما سنتكشف
مدى خيبة الناس الكبيرة في نظرتهم السابقة المهيبة لهم ،وسيدركون في نفس الوقت كم
كانوا مغفلين وساذجين الهتمامهم بأمر الجان والخوف منهم وسوف يأسفون كثي اًر على
الوقت الذي أضاعوه من عمرهم خوفاً أو سعياً أو بحثاً عن آثارهم في محاولة رؤيتهـم
وعقٍَد وأمراض نفسية ال
واالتصال بهم ،ولسوف يحزنون أكثر لما عانوه من خوف ورهبة ُ
مبرر لها .وكان الدجالون ينسبونها للجن ترزقاً .عندها يكتشفون أن ذلك الوهم لم يكن
له أي مبرر أثيري أو غيبي أو روحي ،وأنهم هم الذين صنعوا هذا الصنم .كمـا
سيكتشفون أن صورتهم الحقيقية هي عكس يلك التي رسمتها األساطير واألقاويل عنهم
والتي كانت توحي بضخامتهم وجبروتهم الالمحدود ،..ولسوف تختفي تماماً من حياتنا
وأفكارنا وأحالمنا أدبيات ما كتب الناس والمؤلفون عنهم ولسوف نكتشف زيف كل مـا قيل
عنهم .ومع ذلك يبقى السؤال القائم هو ؟
111
ما هي طبيعة الجان التي سنكتشفها حينئذ ؟
وصفهم
عندما تراهم أخي اًر ستدرك أنه ليسهم كتلة وال وزن وال عطالة وال حجم وال كثافة،
محدد أو جسم معين ،وهم قادرون على تغيير أشكالهم باستمرار وبالتالي ليس لهم شكل ّ
مثل المتحول الزحاري أو كوحيدات الخاليا ،فيمكنهـم اتخاذ شكل إنسان أو حيـوان أو
أفاعي ،عقارب ،كالب ،قطط ...ويمكن ألحدهم أن يتخذ أي حجم من حجم الفيروس
إلى حجم الكون كله ( بكتيريا ،جراثيم ،فيروسات...الخ ) ومقاييسه هذه ال معنى لهـا في
عالمنا الرباعي األبعاد .كما أنهم قادرون على الحركة في الال مكـان والال زمـان وبالتالي
فهم قادرون على الحلول ولبس وامتالك أي جسد مادي يشاءون بما فيها جسـد اإلنسان
وبمنتهى السهولة ،والعملية كلها عملية ت ار كب أمواج ذبذبية .أي يستطيع الجان أن يسكن
أعماق النفس البشرية وبمنتهى السهولة وبالتحديد في عقله الباطن .
ال يتأثر الجان بالكهرباء وال بالمغناطيسية وال بقوى اإلشعاع قاطبة وكذلك اليتأثر بقوى
الجاذبية الثقالية .ومثل تلك األشياء ال تعني له شيئا ،كما أنها ال تقدم وال تؤخـر شيئاً
بالنسبة له .فالكهرباء السائدة في كوننا هي كهرباء متطورة ذات قطبين والمغناطيسيـة
المتولدة عنها هي أيضاً ذات قطبين ،وهم لن يتأثروا .
الجان أعمى بصير !؟ فهو أعمى ال يستطيع رؤية النور وال الضوء ،وال يجرؤ على
النظر للمالئكة وال إلى السماوات العال .والكون العاتم صديقه والنجوم والكواكب منازله
وقذائـف الشهـب والنيازك قاتالت له فهي حارقةٌ له بأصواتها وأزيزها ونارها ،لهذا يكون
أكثر أوقات انتشاره في األرض في األماكن المظلمة وفي األيام المظلمة العاتمـة التي ال
ضياء فيها وال قمر.
لوهنم املفضل
اللون األسود هو لونهم المفضل ،ألن اللون األسود هو األجمع للقوى الشيطانية وفيه
قوة الح اررة وجبروتها .وان كان لهم روح فهي سوداء عاتمة شفافة ومارج النار هـو مادتها
112
،وبكل األحوال روحهم ناقصة وليست مثل أروحنا ألن أبعاد روحهم ال تتعـدى البعدين
والنصف البعد ،أما أرواحنا وأجسامنا فهي أكمل مما لديهم بجميع المقاييـس .
ماذا عن الصوت ؟
ال يتعامل الجن مع الصوت البشري إال عند بعض الذبذبات ،ولربما كان لصفير اإلنسان
تأثير عليه وخاصة الصفير الحاد ،ألنه يتأثر باألصوات ذات الذبذبات الفوقية العليا من
طرف والمنخفضة التردد جدًا من طرف آخر .وتلك هي وسيلة اتصاله بالعوالم األخرى
غير عالمه ...أي هي السمع والرؤية السمعية وليست الرؤية الضوئية َّ ،
ويشبه في ذلك
بالخفاش ،فالخفاش طائر أعمى لكنه يـرى بإن يصدر أمواجاً ذبذباتها عالية من رتبـة (
10ألف هرتز) ثم يلتقط صداها بعد ارتدادها على األشياء الموجودة حوله ويرسم لها
خريطة يراها سمعياً بإذنيه .لربما كان الجان يسمعون بآلية مماثلة لكن مع اختالف في
رتبة التردد (تفوق تلك التي للخفاش تريليونات المرات) ،لذا فهو يرى سمعياً ما بداخل
هنات وحركات ويدرك كل ما يجول بخاطره وفؤاده من أفكار ،وكل ذلك جسم اإلنسان من ٍ
مرتبط بالعقل الباطن لإلنسان الذي هو ساحة عمل الجان ونشاطه .واألذن البشرية ال
تدرك تلك الذبذبات وال تشعر بها ،بل يدركها العقل الباطن ،وأكثر حاالت إدراكه لها هي
في حاالت الغيبوبة واإلغماء والنوم والتنويم المغناطيسي .حيث تعتبر تلك الحاالت من
أنشط حاالت جسم اإلنسان في إرسال واستقبال األمواج ،....وبالتأكيد يوجد مناطق في
الدماغ أو في القلب أو في بعض الغدد تتأثر بمثل تلك الترددات وتستجيب لها .
االختيار
اإلنسـان والجـان هما المخلوقان الوحيدان اللذان أعطاهما اهلل حرية االختيار ،لكن
الشيطان أساء االختيار بكفره .إذ اختار الشر واألذى .وابليس أول من قاس وقـارن أي
نظر لنفسه بطرق المقايسة والمقارنة بينـه وبين آدم لكنه أخطأ في القياس .ففـي الطين
رزانة وحلم وصبر وأناة وسكون وتطور ،وهو أساس الحياة والنمو والبناء ،بينما صفة النار
هي الطيش والعنف والهياج والخفة واإلحراق والتدمير .
113
من يكره ؟
الجان يكره اإلنسان لغيرته وحسده له من ناحية ،لكنه من ناحية أخرى يعشق جماله
وكماله وروعته .فجمال اإلنسان هو قمة جمال الكون وخالصته .والجان يخاف اإلنسان
المؤمن ويهرب منه خشية السجن والحرق بالنار فبيد اإلنسان مفاتيحهما ،ومع ذلك يبقى
الجن بجواره ومالزم له ،أما الشيطان فهو يكره اإلنسان وال يعشقه وال يخاف منه ألنه قرينه
وال يهرب منه وال يشعر بالخزي إال إذا ُذ ِك َر اهلل ،ويالزمه من لحظة والدته إلى لحظة
مماته ،ويكرهه غيرةً وحسداً ويعشق جماله وأماكن عفته ويشتهي جسده الكامـل وروحه
الكاملة (بشطريها الجسدي والقدسي) .ويدرك الجان قلة قدره وكرامته بالمقارنة مع اإلنسان
اء كانت جسديةً أو قدسيةً ،وبتحديد أكثر ليس لهم روح
لعدم وجود روح كاملة لهم سو ً
قدسية أصالً واإلنسان هو المخلوق الوحيد من بين جميع الكائنات الحية الذي له هذا
الشطر الروحي الطاهر المقدس والعقالني .كما أنه ليس لهم مشاعر أو أحاسيس وكل
نشاطه جنسي ،وليس له عقل مفكر أو مبدع كاإلنسان .وليس لهم ذاكرة حافظة أو
دركة .وطاقة الجني وقوته مقيدة ومحبوسة في أبعاد قليلة جعلته ضعيفاً ال ُمس ِجلة أو ُم ِ
يقوى إال على التعامل باألمواج الذبذبية الشفافة الهشة دون المادة الصلبة القوام .وهـذا ما
يبدو جلياً من خالل أساليب تعامله المعنوية مع النفس البشرية وهي الغواية واإلغراء والبث
واالستفزاز والوسوسة واإليحاء والتحريض بالبث الذبذبي .وهكذا بات الجـان منبوذاً مهيناً
مطروداً لتمرده بعد أن كان ذو حظوة عند رب العالمين .
114
فور وقوع الخطيئة حدث تطور مفاجئ وسريع في جسديهما .إذ بدأ الزمن بالحؤل
والدوران ،وتحول الخلق من آني مباشر يحدث بالكلمة ال يعتمد عاملي الزمان والمكان
إلى خلق متطور يبدأ من العدم ويعيد قصة النشأة الكونية كاملة ومعتمداً في ذلك علـى
عاملي الزمان والمكان ،ففي الحالة األولى يحدث خاللها انفصال أو انشطار لجسد كامل
ناضج عن جسد آخر كامل وناضج ويتكامل معه بالتركيب ،يتولد فيه زوجة واحدة لكل
ذكر ومن ذاته ،فال يتفوق عدد اإلناث على عدد الذكور ،وكذلك ال يضيع الزوجان وال
يفترقا عن بعضهما ،كما ال يحتاجان زمناً يبحثا فيه عن بعضهما ليتحدا ثانية بالزواج ،
حول الخلق من
إذن كشف سر الخلود التناسلي آلدم وحواء قبل أوانه باإلغراء والغواية ّ
ٍ
متطور جنسي
ٍ خلق مباشر طاهر قدسي كان يتم بأمر اهلل وبالكلمة "كن فيكون" إلى خل ٍ
ق
ال مباشر مثل خلق الجان أنفسهم ،وما ظاهرة خلق السيد المسيح بكلمة اهلل المباشرة إال
مصممة أصالً لتكاثر البشر جميعاً
ّ نموذجاً حياً لهذه الطريقة المثالية القدسية والتي كانت
وهي حدثت مرة واحدة في حالة آدم وحواء ألن الشيطان أفسدها بحماقته وحقده فأضل
شقاء أبدياً ال يـزول ،
ً البشرية وأبعدها عما كان مخططاً لها من نعيم الخلد وأنزل بها
وصار البشر بعد تلك الزلة يتكاثرون بالوالدة وباأللم كالجان أنفسهم وخرجوا مما كانوا فيه
من نعمة الخلق المباشر القدسي وفي أحسن تقويم إلى عذاب الخلق بالخطيئـة .
لقد كان سبب حقد الشيطان على اإلنسان هو شعوره بالنقص في خلقه والمهانة في
كرامته بالمقارنة مع ما كان معداً لهذا المخلوق الكامل الجديد ذي الروح الكاملة والجسد
الكامل .والسبب اآلخر هو شعور إبليس بالتكبر والغرور والتفوق على اإلنسان المخلوق
من طين ،وتركز نصيب الشيطان وحصته من اإلنسان في قلبه ( فكانت النية والقصد )
وفي أماكن عفته وطهارته ( فكانت شهواته وحاجاته) ،وغدت تلك األعضاء أدوات بيد
الشيطان يقود بها اإلنسان ويتحكم بهواه .لكن كان العقل لدى اإلنسان وعمله في الميزان
أسلوب عملهم
يدرك الجان طبيعة النفس البشرية ،كما يدركون مثل اإلنسان معنى الجمال وسحره
وتأثيره على النفس البشرية .وبسبب حبهـم للجمال وعشقهم له وحقدهم على صاحبـه تمرد
الشيطان على الحـق فهو يريده له ويريد أن يتمتـع به .فتذوق الجمال وفتنتـه والتنعم بلذته
115
ورشف رحيقه قاسم مشترك بين الجان واإلنسان ،لذلك كان أحد أقوى أسلحتهم في محاربة
اإلنسان والتسلط على مشاعره ومن ثم على عقله إلضالله وابعاده عن الحق .ووسيلتهم
في ذلك الغواية واإلغراء والتزيين والترغيـب .
اجلن والنفس
تلمع في مخ المرء فكرة دافعها أُمنية ال مباحة ،فيخترق الشيطان العقل الواعي إلى
مخ اإلنسان ودماغه ومع التركيز الفكري والنفسي والوسوسة تنطلق أحالم يقظة وردية
مغلفة بغيبوبة فيكثر الشرود وتوارد الخواطر ويزين الشيطان األمنية ويضخم منافعهـا
ومتعها فتتحول لرغبة تراود قلب المرء ويحاول المخ بما لديه من قيم وأعراف وروادع
ومبادئ أن يعيد المرء إلى عالم الواقع ليمنع االنهيار فيقع صراع بين العقل والنفس ...
وبين الخير والشر ،والحق والباطل والصح والخطأ ...فإذا انتصرت النفس على العقل
عندها يكون الشيطان قد وصل إلى العقل الذاتي ،ومع إلحاح نفس اإلنسان واصرارها
واندفاعها لتحقيق الرغبة يفتح اإلنسان عقله الباطن طواعية لعمل الشيطان والذي هـو
عقل الغريزة والشهوة واللذة وساحة عمل الجان والشيطان ....وهكـذا ي ِ
دخل اإلنسان بإرادته ً
الجان والشيطان ألعماق نفسه البشرية ويدعم حضورهم ونشاطهـم في جسده ودماغه،
فتستيقظ في نفسه غرائز الحيوان وعنفه وتطغى على طبيعته اإلنسانية فال يعد يشعر
المحرم وكل شئ ال يمكن الوصـول له بالطرق
بأفعاله ألن تلك الكينونات زينت المحظور و ّ
الطبيعية أو المشروعة (سرقة ،قتل ،زنا ،إباحية ، )..واإلنسان يدرك بق اررة نفسه ماهو
مباح وماهو محظور إال أن طمعه واغراء الشيطان يزينان له الحصول على متع ليست
من حقه وبسرعة وفي غير أوانها وفي غفلـة من اآلخرين ،وبدون تكلفـة أو جهد ويساعده
الشيطان في إيجاد المبررات المالئمة .ويبني له قصو اًر في الهـواء لكن تتدخل الروح
القدسية لتحول دون وقوع هذا األمر فيغدو قلب المرء وعقله ساحـة صراع نفسي بين الخير
والشر ،أي صراع بين رغبة جامحة من ناحية والخوف مـن افتضاح األمر وقسوة العقاب
من ناحية أخرى ،فإذا انتصر الشر تخامد الشعور اإلنساني وتح َّـول اإلنسان لوحش ضـار
يؤذي نفسه ومجتمعه ،بعد أن كان بعقلـه الكامل في مصاف المالئكة والقديسين ،
األنا األعلى
116
يالحظ أنه كلما زادت درجة المنع والتحريـم لشيء ما زادت درجة الرغبة فيه أكثر
خاصة عند أصحاب النفوس الضعيفة ( زنا المحارم ،االغتصاب ،التعذيب ،الجنوسية )
وما أكثر هؤالء األشخاص الشاذين .ومما يزيد في سعيهم وغلوهم في االندفاع لممارسة
مثل تلك المغامرات الالطبيعية هو مايصاحب تنفيذها من إثارة نفسية ولذة جسدية ومتعة
الم َخِدرة المصممة للوصول لمثل تلك
جنسية هائلة .ربما تعجز عن تحقيقها أعظم المواد ُ
الدرجـة العالية من اإلثـارة والنشوة ،ألن تلك الرغبات الشاذة الجامحـة تُ َع ِطل بشكل مفاجئ
تحرٍر صاعـق وآنـي للعقل الباطن
أحاسيس اإلنسان وادراكه وتشل عقله الواعي ،ويرافقها ّ
دون المرور بصمام األمان النفسي وهوالعقل الذاتي ،عندها يشعر المـرء بخدر حسي
تجاه بعدي الزمان والمكان ،فال يعد يشعر المرء بهما فيثبت المكان ويتجمد الزمان وينمـو
لدى المرء إدراك الشعوري بانتشار الذات في وجود مطلق ينشـط فيه حضور الجان
والشيطان وعملهم وتنفتح لهم ساحة العقل الباطن واسعة فيبثوا إيحاآتهـم الباطلة بخلود
المرء وأنه في مصاف اآللهة فيطغى شعوره باألنا األعلى أو األنا األعظم أو أنا ربكم
األعلى (...والفطرة اإلنسانية ترفض ذلك الشعور ,ألنها تعلم أن اإلنسان لم يخلق أي
شيئ في هذا الكون .ولم يشارك في أي خلق ,بل يشعر اإلنسان أنه هو مخلوق ٍ
فان
غير با ٍ
ق . )....
الشعور ...أنا ربكم األعلى كان سائداً لدى الحضارات القديمة الفرعونية واإلغريقية
والرومانية والفارسية واللذين اتخذوا من عبادة اآللهة المتعددة أو األصنام أو األشخاص
ديناً لهم ....هنا نتساءل كم من الموبقات اقترفت شعوب تلك الحضارات حتى كان لهم
مثل تلك الديانات ؟ وكم من آلهة زرائعية اخترعها فالسفتهم ومفكريهم ليقرروا مبـدأ أنا
ربكم األعلى لملوكهم ؟ فكان الناس الخاطئون أول ضحايا ذلك المبدأ ، ....
أن هدف تلك الكينونات الالإنسانية هو إثارة نفسية اإلنسان وروحه وعضويته واعطائه
شعو اًر بالقدرة المطلقة والجبروت وضعه في صعيد مواجهة تمرٍد ٍ
وتحد للخالق واحداث
قطيعة بينهما ،وجعل الشر والظلم هما الناموسان السائدان في الكون .
روحياً
117
بسبب هول الموقف الذي يمر به هذا اإلنسان لحظة تحطم جدار المحظور والممنوع
وسيطرة الشيطان الكاملة على الجسد والفكر والنفس عن طريق البث واالستفزاز عبـر
العقل الباطن يحدث تفعيل لدور الروح الجسدية واثارتها لحد ٍ
عال جداً ،وقد تسبب مثل
هذه المواقف المفاجئة صدمة كارثية جسدية مفاجئة لإلنسان قد تودي بحياته مثل الخثرة
الدمويـة أو توقف عضلة القلب أو الشلل الدماغـي ،ولربما حدثت تغيرات عنيفة فـي
التوازنات األنزيمية أو الهرمونية أو الكيمائية في جسد البشري وانقلبت سموماً تسبب له
مرضاً عضالية ال براء منها .وربما تأثرت الروح الجسديـة بما يحدث خاصة إذا ما
أ ا
تسرب إليها عبر العقل الباطن ذبذبات الشيطان .حيث تسلك تلك الذبذبات سلوك فيروس
ويحبِطَ برامجها االنشائية ويجعلها تسيئ صناعتها
شرير يتدخل في عمل الروح الجسدية ُ
للجينات الوراثية بما يزرعه فيها من لوثات الشر .
لذلك ُي َح ْرم على اإلنسان حتى مجرد التفكير بمثل هذه الممارسات .أما ما يحدث للروح
القدسية فهو أدهى وأمر ،إذ يحدث تحييد كامل لدورها الواعي اإلدراكي أثناء المـرور
تجمد والغاء تام لدورها السامي في النفس
بمثل تلك المواقف ،أو بمعنى آخر هو حدوث ُّ
وهذا الشطر القدسي من الروح هو الذي يميز االنسان عن الحيوان وهو يعمل من خالل
مواضع وجوده في القشرة المخية لدى االنسان ،وكلمة تجميد هنا تعني الموت ،وبمعنى
أدق هو قتل المبادئ السامية والراقية في عديد من الخاليا النبيلة في مخ اإلنسان الشاذ ،
وحدوث موت لقدراته ومواهبه الذهنية والفكرية ،وهذا الكالم يوازي قول البعـض ..حذف
البركة من جسد المرء وعمره ،ألن النور القدسي في جسـد وروح ذلك اإلنسان الشاذ قد
انطفئ ،ولم تعد المالئكة تباركه وال الخالق ،ويحل مكانها نحس وغضب ومقت وطرد من
رحمة اهلل ،ويغدو ذلك الكائن أكثر ش اًر من الشيطان ذاته .
118
وفوضى واضطراب وتشتت وتمرد فال تعد تلك العضوية مستقرة وتغدو فعاليات اإلنسان
ُم َد ِمرةٌ بدل أن تكون بناءة .
بعد انتهاء الموقف الشاذ وزوال حمأته يعود اإلنسان للواقع واذا به يكتشف خطـأه وما
ومثالي فـي روحه هشم كل ما هو جميلجنت يداه فينهار جسدياً ونفسياً ،إذ يتهيأ له أنه َّ
ٌ
وحطَّم ُبرقُ َع إنسانيتها بطريقة اليمكن إصالحها أبداً بما مارسه من فجور وفساد
وحياته َ
عرض ٍ
الم َبرر ،إذ جعل نفسه متمردة وفي مواجهة تحد حقيقي ومباشر لما هو مثالـي و ّ ُ
ِ
نفسه لصدمات ُمحبطة .....روحية زعزعت إيمانه وأخالقية أضاعت إنسانيته ،واجتماعية
أذلته وأهدرت كرامته ،ونفسية أفقدته شخصيته وعيه وادراكه ...وعندمـا يصحو ويعود
للواقع يكتشف مدى ما أوقع بغيره ( وغالباً ماتكون في عائلته ) من أذى ..فينهار ويأتي
الندم والعقاب كارموياً ذاتياً منطلقاً من األعماق ،ليعاقب المخطئُ نفسه بنفسه ،ويعذب
نفسه بنفسه . ..طالباً الرحمة والغفران على ما أقدمت على فعله يـداه وربما أودى هذا
العمل بصاحبه إلى الهالك ...فمن عمله هذا جنى ثم اًر .....مـ اًر .
119
عقله الباطن المتحرر عرضة لعبث الجان والشيطان بالبث والوسوسة وااليحاء ، ....
والسؤال اآلن :
هو كيف يمكن لإلنسان أن ينجز أعماالً ميكانيكية أو نفسية تفوق أضعاف طاقته بكثير ؟
التفسري
في علم الفيزياء الكوانتية حاالت مماثلة تمارسها أجسام دقيقة كاإللكترونات مثالً ،فمن
المعلوم أن اإللكترونات تدور حول نواة الذرة ال أن تخرج منها ،وبالعفل شوهد مثل هذا
الخروج العجيب ،وهو يتم بتحريض اإللكترون على أن يمتص طاقة هائلة من البيئـة
المحيطة به داخل النواة ويثار بها ويندفع بسرعة هائلة نحو جدارها ....فإذا بجدارهـا
فتح من تلقاء نفسه ويتكون خالله طريق واسع بشكل نفق أمام الجسيم المندفـع
السميك َي ُ
لخارج النواة ...وكأن أذرعاً طويلة انبثقت منه وامتدت أمامه وفتحت له الطريق للعالم
اآلخر الموجود خارج النواة ،وهكذا يتمكن اإللكترون من اختراق قشرة النواة السميكة جداً
بالنسبة له إلى العالم الموجود في الطرف اآلخر من النواة .وهذا بالضبط مايحدث
للطاقات البشرية عندما تُحرض وتثار من قبل كينونات طاقية الإنسانية بالوسوسة والبث
والتحريض فتُدفع إلى أحضان العقل الباطن حيث يثيرها ويحرر أمواجها الذبذبية لتفتح
تحد ومواجهة معهأمامها طرقاً يصل من خاللها إلى العقل الباطن الشامل لتقف موقف ٍ
121
له ،ويختلط في هذه المرحلة عدة أمور مثل الخوف من العقاب وصدمة الموقـف ونشوة
النصر بتحطم جدار المحظور والتمرد على الممنوع ولذة اإلثارة الحسية المقترنة بالشهوة
الجسدية وفرحة الوصول وتحقق ٍ
أمر كان مستحيالً ...لكن يبقى المجهول اآلتي هو
األمر .فبعد مضي فترة يشعر االنسان (السوي) بخطورة وسوء ماأقدم على فعله ،
األدهى و ّ
ويشعر بسخافة وضآلة ما كسب ويدرك الضرر الذي أوقعه بنفسه وبغيره ،وهنا يبدأ
عذاب الضمير والتأنيب ولوم النفس إلى ما شاء اهلل ...ويندم المرء على ما فعـل ويسعى
لتوبة .وان حدثت فآثار الضرر باقية متوارثة ال تمحى مع مرور الزمـان .
121
...لحظتها يقف المرء موقف مواجهة حقيقية مع نواميس الكون ومثاليـة الوجود والقوى
الفاعلة فيهما تلك هي أقصى درجات اإلتحاد والعبودية هلل ،وهي تحدث دون أن يدري
المرء بها أو يقصدها ،فهو يريدها تَ َحٍد لكنها تتحول التحاد مع اهلل وقرب منه في إطار
العبودية والخضوع له ..ويغدو اإليمان حقيقة وتتفتح أبواب السماء ...هنا تصح القاعدة
التالية :للخروج من شيء يجب الدخول فيه أكثر ....فإذا استطاع المرء االستفادة من
هذه القاعدة وأيقظ عقله الواعي وارادته وأدرك قيمة تلك اللحظة وثاب إلى رشده وتغلب
على إغـراء الجان والشيطان ووسوساتهم له وارتدع لتوه ورجع عن ِ
غيه وتاب من لحظته
عن خطيئته وأحسن خاتمة اللعبة ودعا اهلل مستغف اًر الستجيب له حتماً وتاب اهلل عليه
ِ
وكون أحاسيسه ومشاعره وحقق له كل مايطلبه ألن كل األقنية مفتوحة مع السماء
وتنبهها ،وكذلك طاقات خاليا جسـده كلها في حالة
وانفعاالته في ذروة إثارتها واستنفارها ُ
استيقاظ وثورة عارمة وأداء كامل ،وكذلك عقله الباطن يضج بالمحاورات الموجية الذبذبية
مع العقل الشامل ال يحدها حاجز وال يوقفها عائق .....ولعظم شدتهـا وغ ازرتها تنفذ بعيداً
في أعماق الفضاء والوجود وربما وصلت العدم (العالم المطلق ...عالم النشأة األولى ) .
تحو َل من ُمتَ ِحٍد مع اهلل إلى ُمتَ َحٍد له ..وغدا
وان لم يحسن المرء هذه اللعبة ( النفحة) َ
شيطاناً مطروداً منبوذاً من رحمة اهلل وخارجاً على الحقيقة وقوانين الكون ونواميس الوجود
.والمرء الذكي هو الذي يستغل هذه النفحة لصالحـه .
122
سيطرت الروح الجسدية على تفكيره عندئذ يتمكن من االتصال بالعابد واغ ارئـه والعبث
بمخه وعقله وذلك عن طريق عقله الباطن ،ويكون من نتيجة ذلك حدوث صدمة عنيفة
تصيب العابد قد تفقده عقله أو دينه أو صحته أو حياته بدل أن يجني خي اًر ،وحياة
الصوفيين عامرة بمثل تلك القصص والتي أعطت عكس ما كان يرجى منها ،وأحيانـاً
كثيرةً نسمع أو نصادف أشخاصاً ارتدوا وكانوا غاية في التعبد والزهد ...وطبعاً سبب ذلك
هو الدخول الزائد في التعبد حيث فُتِ َح باب العقل الباطن للجان والشياطين واسعاً ومارسوا
فيه عبثهم ولعبهم بِحر ٍ
ية كاملة !!. ُ
الدعاء
الدعاء هلل في حالة الرجوع الفوري عن معصية أثناء إتيانها وفي حالة التعبد والزهد
الشديد يكون في أغلب األحيان مستجاباً ،كما توجد حالة ثالثة يمكن أن تحقق مثل األمر
وهو أن يكون اإلنسان منهمكاً في عمل ما ،وفكره مرّكز على نقطة محددة مثل القراءة أو
الكتابة لمدة طويلة ،وبسبب حماس العمل وح اررة والحاح الداعي والجو المحيط به تلعب
طاقات الجسم البشري المثـارة واألمواج القويـة والغزيرة الصـادرة عنها دو اًر أساسياً في التحام
العقلين الباطنين الخاص والشامل ،وقد يؤدي ذلك التحادهما بالقـوى العظمى الفاعلة في
الكون وتحقق ٍ
شئ مما هو مرجو من الدعاء ، ...حيث يمر الداعي بغيبوبة لطيفة
ينفصل خاللها وبسببها عن وعيه وعن واقعه المادي المحيط به ويدخـل الملكوت األعلى
حرر الوعي الصافي .عندها
وبطريقة تشبه طريقة التأمل الذاتي أو التأمل التجاوزي وت ّ
يكون دعاءه صافياً واضحاً ربما كان مستجاباً إذا كان له في اللـوح المحفوظ صدى جذور
واحتواء .
***************************************************
123
ــــــــــــــــــــــ
الفصل الثالث عشر
سكـن الجـان
بشكل عام لهم ثالثة حاالت سكنية كونية ،األولى منها هي سكنهم التناسلي ويشغلونهـا
عند الوالدة والتكاثر وهي األنفاق الكونية الالزمنية ،والثانية في الكون المادي وبالتحديد في
األماكن الساخنة منه ،أما الثالثة فهي في األجسام الحية الدنيوية كجسم اإلنسان وفي كل
عضوية حية تمتلك شريط ال ( د ن أ ) ؟؟ ،
قديماً سكنوا الكون كله ومنذ اللحظات األولى لنشأته بأمر اهلل ،عندها كان صغي اًروفارغاً
فهو بدأ من نقطة رحمية عدمية جمعت بداخلها كل ما ظهر في الوجود الحقاً من مـادة
وتم ذلك لحظة تلقيحها بآخر جسيم دخلها ،وعندما انفجر الكون وتوسع وصار له حجم
كرة البيسبول كان ما يزال عاتماً وخاوياً من المادة ،وج ّل محتوياته آنذاك كانت أمواجاً
منشطرة شبه فائقة تجاوزت درجة ح اررتهـا التريليونـات من الدرجات المئوية وبدون نور أو
نار أو ضياء ،ومنها كان مارج النار ونار السموم التي خلق منها الجان .وعندما صار
للكون حجم كرة القدم بدأت إرهاصات المادة ودقائق الكواركات باالنبثاق ضمن السيل
124
الموجي الشبه الفائق المتدفق من العدم ،ومأل الفراغ كله في لحظة واحدة تقريباً فور
حدوث االنفجار األعظم .
سكنهم األول
لم تلبث الحركة أن دبت في هذه الدقائق ونتج عن تالطمها وتصادمها معاً أن اندمجت
بأشكال مختلفة مولدة جسيمات المادة األولية ،ومنها تشكلت الذرات ذات النمط الواحـد (
ذرات الهيدروجين ) .والتي شكلت فيما بعد سحباً سديمية غازية القوام يسودها حركة
ودوران وبدأت الطاقة الح اررية بالظهور .وتلى ذلك عملية تفتق تلك السدم عن بعضها
البعض وتكاثفت محتوياتها واشتعلت فيها االنفجارات النووية والهيدروجينية .ولم يلبث أن
نشأت المجـرات والنجـوم والتي صارت عندها السكـن المالئم للجان بسبب تآلف طبيعتهم
النارية والطبيعة الح اررية لتلك األجرام .كما سكنوا أيضاً الكواكب إبان تشكلها وفي مراحلها
الملتهبة بما فيها الكرة األرضية ،وكان ذلك قبل حوالي خمسة باليين سنة تقريباً وهو
عمر األرض والمجموعة الشمسية .وكان السكان حينها على نوعين ِ
ألح ُن و ِ
الج ُن .النوع
األول منهما كان ضعيفاً ،بينما كان النوع اآلخر شرساً عنيفاً ،فساد بينهما اقتتال عنيف
سفكوا فيه دماء بعضهم بعضاً ،وأخي اًر سيطر الجن على األرض بعد أن عاثوا فيها فساداً
وتخريباً وسفكاً للدماء .
الطرد من األرض
وأخي اًر طردتهم المالئكة من األرض لتهيئتها وتجهيزها النبثاق الحياة وحلول األرواح فيها
وظهور اإلنسان .وأول تلك المظاهـر كان تَبـَُّرَد األرض وتشكل جوها الغازي الهوائي
برمجة في طينها ،وهي شرائـط أل ( د ن أ ) الم َ
والمائي وتلى ذلك تبلور شرائط الحياة ً
الوراثية ،وتم ذلك بتصميم مطلق الدقة ووفق برنامج إلهي ال خلل فيه ،ومنها ظهرت النظم
الحياتية كلها ......النباتية والحيوانية ...إلخ .
كما خص اهلل نقطة رحمية في العدم انبثق منها الكون ...خص نقطة في بقعة طاهرة
من األرض كانت مركز انطالق الحياة .وهذا التطابق بين العالمين العدمي والمادي أمر
محقق في كل نقطة في الكون وفي األرض والواصل بينهما هي أنفاق كونية الزمنية ..
فجعل اهلل من طينها إنساناً ونفخ فيه من روحه فكان بش اًر سوياً ،وأخي اًر تم انبثاق الحياة
125
وحلـول االنسان في األرض آنيـاً بأمر اهلل عبر أنفاق كونية في جسم األرض لم يزد طولها
عن بضع أقطار من النترونات ) ،وهكذا انبثقت ذرات جسدي آدم وحواء آنيـاً من تراب
األرض وفيه .فإذا بهما أحياء يدبان على سطحها . ، ....
لعل الطين الطهور الذي خلق اهلل منه اإلنسان اختزن كل التأثيرات والظروف الحديـة
العدمية والمادية التي مر بها الكون ،أي أن تلك القطعة الطينية ربما خضعت لجميع ما
مر به الكون من تفاعالت وظروف ومؤثرات ،وبالتالي فهي ثمرة هذا الكون وتتضمن
السجل الكامل للنشأة والخلق والتكوين ،وما تبلور شرائط أل ( د ن أ ) الوراثية لإلنسان
األول بهذه الطريقة والشكل والترتيب والتي بقيت محتفظة بصورتها إلى اآلن إال سجل
فر ُمشفَّر للنظام الكوني برمته . ِ
ألحداث الكون كله وس ٌ
لربما كانت تلك البقعة التي سوى اهلل منها وفيها خليفته في األرض ونفخ فيه من روحه
هي بقعة من الفردوس ( جنة ) مشتركة بين األرض والعدم والوجود َ ،فلِ َم ال تكون تلك
تقديس جميع األديـان البقعة المقدسة هي مكة أو القدس (الشام) .وهذا ربما فسر سر ّ
السماوية لهذه المناطق من األرض وتحج لها الشعوب ، ....
يعتقد البعض باحتمال وجود مخلوقات حية أخرى في الكون ،والحقيقة إذا كان األمر
كذلك فإنهم قطعاً لن يكونوا بش اًر مثلنا ،وأنه لو تجولنا في مائة مليار مجرة فلن نجـد فيها
إنساناً يشبهنا أو له عقلنا أو قدسية حياتنا ، ...فكم هو مقدس هذا اإلنسان األرضي في
كل معايير الكون والوجود ؟! وكم كانت والدته عزيزة وثمينـة وضرورية للكون .
اخلديعة
في تلك البقعة من الفردوس ( الجنة ) خلق اهلل حواء من جسد آدم باالنفصال وليس
بالوالدة ،ولم يكن االنفصال يومها موصوماً بلوثة جنسية أو بخطيئة ،ولم يكونا يعرفان
شيئاً عن التكاثر والتناسل بهذه الطريقة ،كما لم يكن لهما أية شهوة جنسية حينها وكانا
طاهرين مطهرين ،وخلقهما اهلل باألمر المباشر وبالكلمة ..فكان إنفصاالً .لكن إبليـس
أغراهما بشجرة الخلد وارتكب خطيئة بحقهما ودلهما إلى موضع الشجرة في جسديهمـا
وكشف لهما عوراتهما وأطلعهما عليها قبل أوانها فقد كان برنامج التكاثر مؤجالً.وبسبب
ٍ
ومحو لنتائجها صار هول الخطيئة والخوف من هيبة الخالق وتبرئة من آثار الخطيئـة
126
نسل حواء من اإلناث يحيض .عندها تحول التكاثر اآلني باالنفصال التناظري المباشر
نجز هذه
ولجميع الخاليا الجسدية إلى تكاثر إجرائي برمجي تكاملي والدي قاس ومؤلم ،وتُ ُ
العملية عضمن عضوية واحدة داخل الجسد الحي ،وهي عملية تطورية تحتـاج لعاملين
أساسيين هما عاملي المكان والزمان ،وهما متوفران في الكون ولم يكونا قـد امتزجا بعد
بعضوية جسديهما ..فقد كانا خالدين ال حاجة لهما بهذين البعدين فـي ذاك الفردوس ...
وعندما وقعت الخطيئة فيهما والمعصية في إبليس تحول الخلق إلى تناسل تكاثري والدي
شجري (شجرة الخلد) تنتقل فيه الكارما وكل نظم الحياة وبرامجها كاملة وسليمة من جيل
آلخر ، ...أي أن شرائط ال ( د ن أ ) الموجودة في خاليانا اليوم هي ذاتها التي كانت
موجودة في خاليا آدم وحواء ،..وقبل الخطيئة لم تتضمن تلك البرامج نظام الموت بل
تحول الخلق من خلق مباشر خالد ال زمني ِ
قُد َر الموت بقضاء اهلل بعدها .عندها ّ
بالتسوية وبالكلمة واالنفصال إلى خلق حياتي تطوري ومؤقت زمنياً ومرتبـط بالمادة .ومثل
هذا البرنامج غير قابل للتنفيذ في عالم النشأة األول ،لذلك كان ضرورياً على آدم وحواء
االنبثاق والحلول في الكون المادي وفي أنسب جرم فيه ليتابعا مهمتهما في إعماره .....
وكانت األرض هي ذلك الكوكب األزرق المفضل والذي صنع اهلل من طينه جسدي آدم
وحواء الكاملين وموضع إقامتهما في الكون .
127
صا ار يأكالن الطعام ويشربا الماء ويتنفسا الهواء وصارت نتائج تلك الكارما وآثارها تنتقل
بين األجيال المتعاقبة في ساللتهما .وهما يحاوالن معالجة تلك الحالة الكارموية في الدنيا
والغاء الخطيئة بتخفيف كارماها بالزواج واالقتران الشرعي ،ومازالت األجيال المتعاقبة
تعاني من ذلك حتى يومنا هذا .ألن قانون الكارما هو قانون إلهي دقيق ال مجال ألحد
أن يشذ عنه .وسوف يستمر ذلك القانون إلى أبـد اآلبديـن .
ضمن أوإن السبب الحقيقي لكل ما جرى هو الرغبة والتمني والتعلق بما هو غير ُمتَ َ
قدر في نظم الحياة والذي ال يعتمد على العمل ،وعندما ينجز اإلنسان كارماه أي فعلهُم َ
دون أن يتوقع ثواباً على ما أنجز تأتي السعادة من داخله وليس من خارجه ....فالعمل
هو الخالص ويجب أن نخلص فيه .وللتخلص من حالة كارموية ال يوجد سوى طريق
واحد وعلى اإلنسان أن يتبعه أال وهو طريق المحبة الصافية ألال مشروطة وطريقهـا
التسامح مع الناس وتمجيد اهلل ليحدث التناغم والتوافق مع الخالق .عندها فقط يمكـن
لإلنسان أن يحقق كارماه وأن يزيل كل البرامج السلبية منها .
عندما حل الجميع باألرض بعد صدور قراري الطرد للشيطان والهبوط الجماعي آلدم
وجوها ومنعوا من الصعود للسماء أي
وحواء تم تحديد إقامة الجان والشياطين في األرض ّ
سجنوا مع نسلهم وكذلك آدم وحواء ونسلهما في األرض ،وصاروا في حالة اختبار ليميز
اهللُ الخبيث الذي بقي يتبع خطوات الشيطان من الطيب الذي آمن وأصلح وتـاب أي الذي
صلحت نفسيته وكارماه .كما منع الجان من النظر إلى السماء واستراق السمع وقد كانوا
يفعلون ذلك قديماً ويدركون خبر السماء ،ولكن عندما ُملئت السماء كواكـب وشهب
ونيازك ...صار ُيرجم كل جان يسترق السمع .وتلك الرجم النارية هي طلقات ثاقبة
بح اررتها العالية وأزيز صوتها الفتاك في جسد الجني العابث .
( وانا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرساً شديداً وشهباً ) قرآن كريم سورة الجن ( ) 7
اإل ِ
نظار إن سبب العقاب بالطرد من السماء والسجن في األرض والقذف بالشهب وكذلك ِ
للشياطين من الموت ليوم القيامة هو الكارما الهائلة التي أنتجها عمل جدهم إبليس األول
عندما عصى أمر اهلل وتمرد عليه . ، ...
128
يمكن القول أنه وفق طبيعتهم النارية وتركيب كينونتهم ذات البعدين والنصف يشير
إلى أن أفضل األماكن لتواجدهم هي األماكن الحارة والساخنة جداً وكذلك الصامتة جداً أو
الصاخبة جداً ،وكذلك األماكن الشديدة الظالم والعتمة المفرطة واألماكن التي يتباطأ فيها
كل من تلك المواضع الزمن أو يتوقف تماماً كما في حالة األنفاق الكونية .إذ تتمتع ٍ
بخاصة أو بصفة تالئم طبيعة الجن وتركيب جسدهم .فمثالً حالة الصمت الشديد التي ال
يوجد فيها أي صوت أو بث موجـي ذبذبـي تبرز وتتوضح الذبذبات الموجية للصوت
الصادر عن الجن وتبدو اضحة لعدم وجود خلفية ذبذبية أخرى مشوشة لها فال تبدو من
خاللها .ويصح هذا الكالم من أجل بقية الحاالت الح اررية والضوئية ...وهكذا .وأغلب
تلك الظروف تتحقق في البراكين وأعماق األرض وينابيع الميـاه الساخنة والصحاري
والحمامات ....وفي المناطق الدافئـة من جسم اإلنسان ومواضع المرض واإلثـارة الجنسبة
لديه ،واألماكن غير النظيفة والموبوءة ،إذ تعتبر هذه المواضع أمكنة مثاليـة لوجودهـا ،
خاصة أن لها جنـداً ترعاها وتنشطها في تلك األماكـن وهم الفيروسات والجراثيم والبكتيريا،
وأما أماكن عمـل الجان الصاخبة فهي األماكن التي ال تقوى فيها وال صالح ،أي في
األماكن التي يحدث فيها كل ما يخالف سنن الطبيعة السليمة وينتج الكارما السلبية
المؤذية لإلنسان .ومثل تلك األماكن هي أماكن اللهو والفجور والمجون والمتع والرذيلة ،
وكل األماكن التي تلبي رغبات اإلنسان وشهواته الجنسية ومحورهـا األول واألخير هو
المرأة والتمتع بجمالها ،وأما أماكن عمل الجن الهادئ فهي في دماغ اإلنسان وفي قلبه ،
المتَع أما اآلخر فهو مركز النية والقصد والغاية
وطبعاً األول هو مركز الغرائز والعنف و ُ
لدى اإلنسان .
والسؤال اآلن :هو كيف يتسنى للجان توصيل رسائله لإلنسان ؟ والجـواب :يتم ذلك
بطرق متعددة سبق أن تحدثنا عنها ،وساحة التوصيل في هذه الحالة هو العقل الشامل،
حيث يلتقي فيها العقل الباطن الذبذبي للجن والعقل الباطن الخاص لإلنسان .
129
وال مكان ،كما كان قاد اًر على االنتقال عبر الزمن بلمحات ويتجاوز المسافات الشاسعة
في خطوات ويسمع ويرى كل شئ في مكانه ولو كان في آخر الدنيا ،وتبدو له األشياء
شفافةً وال يخفى عليه منها خافية ،فقد كان بصره يومها حديد وكل شئ كان طوع بنانه
وارادته وأعماله اليعيقها أي شئ ،ويكفي صاحبه مجرد تركيز فكري بسيط واذا بالشيء
المطلوب يتحقق .فقد كانت قواه ( الرؤيوية ،السمعية ،الوعي) مطلقة .لكن مع مرور
الزمن وتزايد ضغوط ظروف الحياة ومتطلباتها عليه وانشغال المرء بأمورها واهتمامه
بمظاهرها نمى لإلنسان عقالن آخران ( العقل الواعي والعقل الذاتي ) وصا ار يضغطان
على العقل الباطن فغدا أسي اًر سجيناً بينهما ،كما نمى لدى اإلنسان الشعـور والمشاعر
والعواطف ،وكذلك الحس واألحاسيس والحواس الخمسة ،وصـار يستشعر البيئة من حوله
ويتأقلم معها .فنمى لديه اإلدراك واإلحساس بالزمن ،أي صار دماغـه ومخـه وملكاته
الفكرية والذهنية تدرك اإلحداثيات الزمانية والمكانية مما جعل حواسه تـدرك وتسنوعب
الحركات والقوى والطاقات من حوله مما زاد من تأقلمه مع البيئة من حوله كما عمل هو
تكييفها وترويضهـا لمصلحته .وازداد زمن فترات نومـه وطعامه وشرابه والتلذذ بهما ،
على ّ
كذلك ازداد سعيـه وطلبه للمتـع واللحظات السعيدة فصار يهتم بمظهره وبالمظاهر
وبالمجتمع من حوله .فانكمشت ج ّل قدراته الجسدية وضعف جسده وتقلص سلطانه فغدا
نحيالً صغير القامة قصير العمر ،واختفى كثير من قدراته الخارقة الجسدية والفكرية
وغاب عن فكره جل العلم الذي علمه اهلل إياه في الجنة فبدت أفكـاره متخامدة مشتتة زائغة
ال تركيز فيها وطغى دماغه الزواحفي الغريزي الالمبالي علـى مخه الثديي العاطفي .ولم
يعد يرى الجان أو الشياطين ،أي لم يعد يدرك إحداثياتها وال مواضعها واليرى ما تفعله أو
ما تُ ِع ُد له من أذى .
من هنا بدأ توجسه وهلوسته وتخوفه والتطير والتشاؤم منها ،وصار يخشاها ويخاف
منها ومن أعمالها ،كما علم أوالده الخوف منها ،وقذف في قلوبهم الرعب وزرع في
نفوسهم األمراض والعقد النفسية بما كان يروي لهم من قصص زائفة عنها .وما اهتمام
كثير من الناس اليوم وعلى مختلف أنواعهم وسوياتهم الفكرية بقصص الجـان والجري
131
خلف المشعوذين والدجالين والعرافين والكهنة إال نتيجة لعدم تم ُكن اإلنسـان الحالي من
رؤيتهم بسبب تزايد وعيه وادراكه للوجود المادي من حوله وابتعاده عن الروحانيات .
أداة الرؤية
كان اإلنسان القديم يراهم رؤيا العين لكون الغدة الصنوبرية ( العين الثالثة ) لديه نامية
ونشطة آنذاك ...ولكن كيف كان ذلك ؟
المفرزة من ِقَبل تلك الغدة كبيرة جداً ومدة إفرازها طويلة أيضاً
حينها كانت كمية الهرمونات ُ
،مما جعلها عيناً ثالثة قادرة على تحسس األمواج الذبذبية الفوق سمعية الصادرة عن
أجساد الجن وقادرة على التقاط األمواج الفوق صوتية الصادرة عن صفيرهم وبثهم وكانت
طبيعة تلك الرؤية موجية ذبذبية فوق سمعية يعيها العقل الباطن الخاص لإلنسان ويدركها
فؤاده ،وكان لهذا الهرمون دور التغذية المستمرة ألجهزة التحسس تلك والتي كانت نامية
لدى اإلنسان القديم ولم تعد كذلك اآلن إال فيما ندر من حاالت .وألية عمل تلك األجهزة
في التحسس الفوق سمعي لدى اإلنسان قائمة على ظاهرة التجاوب والطنين والتناغم
المتَقبـِل بشكل بث وسواسي
الموجي المعروفة في علم الفيزياء ،ويتجلى أثرها لدى اإلنسان ُ
استفزازي يثير الفوضى والعبث في الفكر والقلق واإليحاء والصراع فـي النفس البشرية.
131
والعقل الباطن( الفؤاد) يدركها وال يستطيع تجنبها ألنها تقع ضمن مجال عمله هذا من
ناحية ،ومن ناحية أخرى كان الكون صغي اًر وجميع األمواج المنتشرة فيه سواء كهرطيسية
أم ضوئية أم عدمية فائقة أم مادية كانت أطوالها الموجية قصيرة جـداً وخصائصها لم تكن
كما هي عليه اليوم ،ولن تبقى كذلك بعد ألف سنة قادمة ألن الكون يتوسع بسرعة هائلة
شبه ضوئية ،إذ اكتشف حديثاً وجود مجرات تتباعـد عن بعضهـا بسرعات شبه ضوئية.
ومع تمدد الكون تمددت تلك األمواج وتحولت أطوالها الموجيـة من قصيـرة لطويلـة .ومن
يغير مـن خصائصها ومميزاتها ،فقدتغير في الطول الموجي لموجة ّ
المعلوم أن كل ّ
ميزة وتخسر أخرى ...وهكذا حتى صارت بنهاية األمر أمواجاً ذبذبية غير مرئية
تكتسب ّ
للعين البشرية .واختفى من ساحة رؤيتنـا عالم الجان الرائع والمدهش بكامله ولم يعودوا
مرئيين لنا ،و ُم ِس َحت كامل صور الجان من دماغنا ومخنا ،وغدت أعيننا وأفئدتنا ُعم ٌي
لتلك األمواج التي دخلت ضمن حيز الترددات أل ( ) 25+10تردداً المحظورة على رؤية
اإلنسان وسمعه وادراكه ووعيه .
بعد االختفاء الرؤيوي لعالم الجن من قبل اإلنسان وفقدان االتصال بهم ،انتشر الجان
في كل األرض وتحرروا من متابعة اإلنسان لهم .فاإلنسان كان الكائـن الوحيد القـادر على
متابعتها ومراقبتها وزجرها وتقييدها ،وحالياً لم يعـد بوسعه القيام بمثل هذا الدور لعدة
أسباب ،منها ضمور أجهزة التحسس الفوق سمعية والفوق صوتية لديه والتي كانت تعمل
ضمن ذاك المجال ،وثانيها تمدد األمواج الصادرة عن أجسامها وأصواتها ،وثالثها محاصرة
العقل الباطن الخاص ( الفؤاد ) من ِقَبل العقلين الواعي والذاتي لديه ،ورابعها ازدياد
نشاطه الفكري والعقلي على حساب طاقاته وقواه الفوقية والتي تحولت مع مرور الوقت
لقوى خفية غير نامية إال في بعض الحاالت النادرة ،والتي تظهر أحياناً بعـض آثارها
لدى بعض األفراد هنا وهناك ،وخامسها طبيعتهم الخاصة في االنزواء واالختباء في
مناطق الصمت المطلق والضجيج الصاخب والظالم الدامس والح اررة المرتفعة،وفي مثل
هذه األجواء والبيئات يفقد اإلنسان كثي اًر من قدراته الفوقية وتصاب بالشلل والتحييد
اجلن يف الصحراء
132
كثي اًر ما يحدث أن يتراءى للبدو واألعراب في بيئتهم الصحراوية أطيافاً سرابيةً أثناء
النهار وحتى في الليل ،ويتخيلون فيها أشكال جن وعفاريت مهتزين ومتراقصين ،وهم في
الواقع ال يرونه رؤيا العين ولكن يرونهم بعقلهم الباطن .وتفسير ذلك كما يلي :
لربما كان لطول المدة التي يحياها هؤالء الناس في تلك البيئة الصحراوية أثر علـى
قدراتهم الفوقية وطاقاتهم الخفية فيحدث لها تن ّشيط وتحرّيض وحث لها .مما يجعل العقل
الباطن لديهم يتحرر ويجعله يتحد مع العقل الشامل ،والذي هو ساحة عمل الجن فصار
الدماغ يراهم دون العيون .
تكشف هذه الظاهرة عن شيء فريد وخاص وهي مدى قوة العقل الباطن العظيمة التي
يتمتع بها اإلنسان الصحراوي .فدماغه قادر على تَ َمثُ ِل المشهد الإرادياً والقيام بعمليـة
ضغط قسري إلدخال تلك المشاهد إلى ساحة الرؤيا في دماغه والتي عادة ما يتجاهلهـا
العقلين الواعي والذاتي لديه .وهذان العقالن مهمالن من قبل الصحراوي ..وهو اليهتم
بمظهره والبمأكله ويهمل الكثير من الرفاهية واألمور الكمالية ولكنه بالمقابل يكون أكثر
شاعرية وأخصب خياالً وأقوى عاطفة من األشخاص المدنيين .لهذا يكون البدو وسكان
ذكاء من كثير من سكانوصفاء فكرياً وربما ً
ً الصحراء أكثر شاعرية وروحانية والهاماً
المدن .وهذا مايفسر قدرتهم الواسعة على قراءة األفكار ومعرفة الطباع واتقانهم علـوم
الفراسة والقيافة وتتبع األثر .ويعتبرون الذهاب للمدينة رغم متعته أم اًر غير محبَّب لهم
ألنهم في الحقيقة يدركون ُج َل أفكار أهل المدينة ويقرؤونها بسهولة ،بينما النقيض مـن ذلك
هو الصح عند سكان المدن إذ يكون العقل الباطن لديهم خامالً شبه ميت ال ينفعهـم في
شيء أللهم إال في رؤية أحالم مرعبة وكوابيس كارثية مفجعة أثناء نومهم بعد وجبة عشاء
دسمة جداً
ماذا عن احليوانات واجلن ؟
للحيوانات قدرة عجيبة على رؤيتهم مباشرة وبعقلهم الباطن النشط جداً والذي هو بنفس
الوقت دنيا الجان وعالمهم الذي يسرحون فيه ويمرحون ويعبثون ،لكن الحيوانـات ال تهتم
بهم وال ألمرهم لتفاهتهم وضعفهم بالنسبة لها ،وهم يتعايشون معهم دون أي خوف منهم
أو اكتراث بهم ،مع أن التعايش بينهم ليس هادئاً دوماً ،إذ غالباً ما يكون صاخباً عنيفاً
133
بسبب الصراع المستمر فيما بينهم ،ففي كثير من األحيان يمر الحيوان بحـاالت من الثورة
والهياج والجنون ال تعرف أسبابها ،والحقيقـة الغريبة في هذا األمر هو أن الحيوان يعاني
ث ًَ َم دفعه للهياج والجنون وربما
حينها من عبث الجن واثارتهم له ووخزه واستف اززه ومن َ
االنتحار ،وهذا الصراع ال يؤثر على الجان بشيء إال أنه ينهك الحيوان ويزعجه ،وبالتالي
يمكن تعليل شراسة الحيوانات وحياتها الغريزة البهيمية القائمة على العنف والتوحش على
أنها تحيا بعقلها الباطن وتتعايش مع الجن من خالله وهو مسرح الجان وساحة عملهم .و
لعل شراسة الحيوانات الالحمة أو حتى الحيوانات النباتية مثل الثيران والجياد وحمار
الوحش والنعام ،فيرجع سبب شراستها لما تعانيه من أذى ووخز الجن ومشاكستهم لها ...
وهي تنفر من اإلنسان لخوفها من شيطانه القرين ،وما حقيقة صداقة الكلب لإلنسان إال
صداقة للشيطان القرين لإلنسان وما عواء الكالب ليالً إال نوع من المهاوشة والمناوشة
معهـم والتحية لهم فهم أصدقاءه األقربون ..ففي الليل ينشـط كالهما ،ويبقى الكلب عدواً
لإلنسان ذاته ويعوي عليه ويهاجمه ،ولربما أكلـه أو أذاه وعندما يقذف إنسان كلباً بحجر
ِ
استجداء ٍ
عون من صديقه الشيطان القرين يتغير لحن عوائه ..ويصبح زعيق خيبة ٍ
أمل و
..حتى نهيق الحمار ماهو إال خوف من عبثهم وخشية من أذاهم له ..أما صياح الديك
فج اًر ما هو إال فرحة بانتهاء الليل وقدوم النهار .فمع بزوغ أول خيط نور للنهار تحضر
المالئكة وينهزم الجن .
134
يخشى غدرهم .فالجان هم األعداء التقليديون األلداء للجمل ،وهم سكان الصحراء الال
مرغوب فيهم من ِقَبلِ ِه والمشاركين له قس اًر في مسكنه ...الصحـراء .والجمل كمخلوق حي
ال يكره اإلنسان بل يكره ويتطاير من الشيطان قرين اإلنسـان .
لربما قام الجمل بحركات غريبة ال متوقعة أثناء هياجه وثورته مثل الرفس والجري
ب أو والقفز واالنبطاح على األرض واصداره أصوات البعبعة بصورة توحي بأنه َي ِ
ضر ُ
ضرب أو يواجه عدواً أو يتصارع معه .ويالحظ أن غضبه ال يقف عند حـد ،وهو مهيؤ
ُي َ
للهياج في أية لحظة ولسان حاله يقول " الكآبة كنز ال يفنى " ،وأكثر ما يغيظه هو رؤية
األفعى أو إنسان غريب أو ولد صغير يقترب منه ( والعياذ باهلل ) والسبب في ذلك هو
رؤيته للشيطان القرين بهذه المخلوقات ،فهو يدرك ما تكنه له الشياطين القرينة لهذه
الكائنات من أذى وألم ( خاصة األوالد عندما يرجمونه بالحجارة) .بينما ال يثور إطالقاً
إذا ما شاهد مالكه أو طفلة أنثى صغيرة ،فهو على العكس يأنس لها ،وربما َح َّن إليهـا
ومكنها من متنه خاصة إذا كانت إمرأة ،فهو يدرك بفطرته أن وس َّر للقائها وخضع لها َّ
ُ
قيد ال يؤذيه .وما براءة األطفال وطهارتهم النفسية وحف المالئكة بهم إال نتيجة
قرينها ُم ّ
لتقييد قرينهم من الشياطين والجان .لهذا فالجمل ال يتبرم عندما تمتطيـه طفلة أو امرأة
كما أن المرأة تحب ركوبه أكثر من أي حيوان آخر ،وهو يشعر باالطمئنان معهـا .
135
الفسفور الغني باإللكترونات والتي تزيل الشحنات الموجبة التي يحبهـا الجـان ومظهرها
اإلثارة والتهيج لدى اإلنسان .ومن المعلوم أن لمركبات هذا العنصر إشعاعات تألقية
فسفورية تدعم الطيف األزرق وتمنع اختراق الجان لهذا الحاجز الطيفي ،في حين أنهم
قادرون على اختراق أطياف بقية األلوان والتعامل معها ،والسر اآلخر هو أن التمر
بأنواعه المختلفة يمد الجسم البشري بطاقة عالية ونشاط زائد كما يقوي الدم ويقضـي على
كثير من الفيروسات الجراثيم والبكتيريا التي هي الجند المطيع للجان ،وهكذا نجد أن في
الصحراء الداء والدواء .
136
الحقيقة أن الخراف تعيش بعقلها الباطن الذي يلتقي بالعقل الباطن لإلنسان فتأنس لروحه
الكاملة وترتـاح لشطر روحه القدسي القوي جداً ،والذي ليس لكائن آخر مثله ،فهـو
ود َع ٍـة فتطمئن له
يتضمن المعاني الراقية لدى اإلنسان من إيمان ومحبة ورفق وحنان ِ
وتأنس به فتخضع ألوامـره .حتى أنها تدرك ِف ْك َرهُ إذا أراد نحـرها فتأتي إليه مذعنة طائعة ،
وكل ما يحدث يتم في غياب الجان ....ودون أن يكون له أي دور فيه ،فهـو غائب من
ساحة العقل الباطن لها لعدم قدرته على اختراقها .ولهذا السبب ال يحظَّر النوم مع اإلبل
في مرابطها .وما قصة فداء سيدنا إسماعيل بذبح عظيم إالمثاالً على هـذا .
ورفقة الراعي لها تعلمه الصبر والسكينة واألناة وتنمي فيه الطباع الحسنة مثل الهدوء
والتأمل واللطافة والنعومة ،ويظن أن االقت ارب منها ومخالطتها يطرد الشيطان القريـن
لإلنسان ،وهذا القرين الشيطاني ال يمكنه التواجد مع الخراف وال يقترب منها مثله مثل
بقية الجان .رغم أن اإلبل ضعيفة جداً .والسبب في ذلك هو أن عقلها الباطن ذبذبـي
وقوي جداً يطغى العقل الباطن للجان ،وطبعاً مثل هذه األمور ال تقاس بالحجم أو بالقوة
فالفيروس هو أصغر الكائنات في الكون ويعتبر حلقة الوصل بين الموت والحياة أي هو
الحي الميت ،ومع ذلك قرينه الشيطاني هو من أقوى الشياطين وأعظمها أذى لهذا :
كان كل األنبياء رعاة أغنام ،ونبينا محمد ( ص) كان راعياً ,وأماكن والدتهم كانت
محفوفة باألغنام ,مثل ميالد سيدنا المسيح عليه السالم فقد كان مهده محاطاً باألغنام
والرعيان ...فاألغنام تحمي اإلنسان من الجان والشيطان وحتى من قرينه الشيطاني
وكل هذا بسبب البركة التي أعطاها اهلل لها وجعل لها عقالً باطناً بهيمياً قوياً قاد اًر على
طرد الجان والشياطين ،فال يصيبها منهم لوثة أو عبث أو أذى .كما جعل اهلل غذاءها
وحبذه لفائدته العظيمة
نباتات طاهرة خفيفة ال غلظة فيها وال خبث ،وحلّل أكل لحومها َ
لإلنسان أكثر من أي طعام آخر .فهو طاهر مبارك ال دنس فيه وال نجس ال يقرب آكله
جان وال شيطان ،ألن ليس لهما على أجسادها من سلطان ،لهذا كانت األضاحي بهـا
واجباً شرعياً ًً ،وعكس ماهو عليه الحال في الحيوانات األخرى ،والتي تتجلى فيها لوثات
الشر الشيطانية بصورة غرائز العنف والشراسة والوحشية والصراع والعراك ،لهذا كان الفداء
اإللهي المبارك للنبي إسماعيل هو ذبح عظيم ...أي خروف عظيم .وكذلك الخيل هي
137
من الحيوانات الكريمة وفيها الخير والبركة واليقربها جان والشيطان ،وهي تـراه وتشمئز
منه وتنفر لوجوده ،كما أنها تنفر من قرين اإلنسان حتى تأنس لإلنسان ذاتـه.
املزمار
بقي المزمار وصوتـه موضع استغراب اإلنسان على مدى العصور والدهور ولغ اًز محي اًر
لألجيال المتعاقبة ،وسؤاالً عجز الكثيرون عن اإلجابة عليه ،والسؤال هـو :لماذا تَ ِح ّن
اإلبل وتخضع لصوت المزمار عندما يعزف الراعي وينفخ فيه ؟ وما هو سر هذه القصبة
الخشبية الجوفاء المثقبة والتي تصدر أصواتاً تأسر الشاة وحتى اإلنسـان ؟ وهل يصدر هذا
الصوت جن أو عفاريت أم ماذا ؟
اعتقد األقدمون أن في صوت المزمار الموسيقي يكمن شئ غريب غير قبل للتفسير .له
ويغير من سلوكهـا ِ
أخاذ يؤثر في دماغ الشاة ويهدأ من طبيعتها البهيمية الالعاقلة ّ
سحر ّ
الغريزي .وفي فترة اعتقدوا أن الجان هي التي تدخل ذلك السحر في رؤوس الخـراف
وتسبب لها السكينة والخدر والنعاس والنوم ،وأن هذا السحر ما هو إال أصوات خفيـة
ألنفاس الجان يصدرونها عبر المزمار وهدفهم من ذلك السيطرة على اإلبل واخضاعها
إلرادتهم وبالتالي إيذاء اإلنسان والتحكم بعقله ونفسيته .لهذا كان الناس يرتابون كثيـ اًر
ويتوجسون خيفة من األشخاص المحبين الشغوفين بصناعة الموسيقى أو االستماع لهـا فقد
كان ينظر إليهم المجتمع آنذاك على أنهم أعوان الجن والشياطين والمردة .وبالتالـي كانوا
عرضة للمحاربة والمطاردة و في أحسن الحاالت لفقدان الهيبة والكرامة فهم بنظر المجتمع
غاوين ضالين مأفونين ال خير فيهم وال أمل يرتجي منهم ،لكن مع تقدم العلـم والمعرفة
واكتشاف قوانين الفيزياء وتفسير العديد من الظواهر الطبيعية أمكن فهم طبيعة الموسيقى
ونفسية الموسيقيين .
صوت المزمار الموسيقي هو أمواج إهت اززية ذات ترددات منسجمة في إيقاعات وألحان
تستسيغها األذن ،وحتى صوت حفيف أوراق الشجر هو موسيقى تردداتها تقع في مجال
السمع لإلنسان والحيوان فيأنس لها ،وهذا ال عالقة له بالجان واإلبل هي أبعد ما يكون
عن الجان والشياطين ،فالخراف تحيا بعقلها الباطن القوي وتطرد الجان عنها ومع ذلك
فإن لبعض ذبذباته الموسيقى تأثير شجي عليها وكذلك نحن .
138
هل التأمل التجاوزي يرينا اجلان ؟
توصل الهنود األقدمون لطريقة طريفة يستطيع بها أحدهم أن يرى الجن والشياطين إذا ما
أراد ذلك ،وتعتمد تلك الطريقة على رياضة تأمل فكرية يتم البحث فيها عن الجذور
العميقة للوعي ( بيت المعرفة والحكمة ) في أعماق النفس البشرية .وتوصلوا ألشيـاء
خارقة في هذا المجال ،وتعتمد هذه الرياضة على التركيز في بعض أجزاء الدماغ التي
لها دور كبير في األمور الباراسيكولوجية (ما وراء علم النفس) .ففي الجهة اليسرى من
الدماغ توجد منطقة مسؤولة عن اإلحساس بذات الجسد وأين تنتهي لتبدأ بقية العالم ( أي
منطقة اإلحساس بالنفس) ،وتوجد في المنطقة اليمنى من الدماغ منطقة أخرى مسؤولـة عن
اإلحساس البعدي للمكان (منطقة اإلحساس باإلحداثيات المكانية للجسد ) ،كما توجد
منطقة أخرى لإلحساس بالزمن ...وهكذا .وتعتبر منطقة الربط البصري في الدماغ هي
المسؤولة عن ربط الصور بالمشاعر ،ففي هذه الرياضة يحدث إثارة للفص الدماغـي
األيسر الذي يحتفظ بإحساسنا بالذات بينما يبقى الجزء األيمن من الدماغ ساكناً خامداً ،
فيتولد شعور باالنفصـال بين هاتين المنطقتين من الدماغ وتشعر الذات بفقدان الوزن
تحررت وغادرت الجسد وصارت تحلّق في السماء أو تسبح في الفضـاء ،أي يخرج
وأنها َّ
اإلنسان من جسده ،كما يدرك وجود الخالق والمالئكة والجان والشياطين .حتى أنه يشعر
بحرية اختياره للمشهد الذي يريد مشاهدته ،فإذا أراد رؤية الجان والشياطين لحدث ذلك.
ولعل هذا يفسر طبيعة القدرات الخارقة الخاصة لبعض البسطاء والدراويش والمتصوفين
وغيرهم والزهاد والعارفين والمتأملين في الذات والكون من إدراكهم أشياء ال يدركها غيرهم
إطالقا ،حتى أن بعضهم يمارسها دون أن يعرف حقيقة ما يفعله هو ومعتقداً أنها تحدث
لغيره من الناس بطريقة مماثلة ،وهذه الحاالت ليس مردها مرضياً أو نفسياً ،بل سببها
القدرة الكبيرة لعقلهم الباطن الخاص وقوة الشطـر القدسي لروحهم وزيادة الوعي الالشعوري
لديهم ،وطبعاً ال يعني هذا انتقاصاً من شخصيتهم أو احتقا اًر لهم ،بل على العكس هو
ميزة لهم ويكشف لنا عن مدى قيمة هؤالء الناس في الطبيعة وامتالكهم قدرات ومواهب
مميزة ال تقدر بثمن .وليس لغيرهم مثلها .
ّ
هل تريد أنت أن تراهم
139
كسب جسدك بعض الخصائص التي كي تتمكن أيها القارئ من رؤيتهم البد لك من أن تُ ِ
كانت لألقدمين ،وأن تُ َد ِرب وتنمي لديك إمكانات ومواهب بادت من الجنس البشري منذ
زمن طويل ولم تعد موجودة لديهم اآلن ،كما لم يعد أمر استحضارها وارداً في عصرنا
ون فقراء الهنود يمارسون مثل تلك التدريبات
دع َ
المادي الحالي .قلة من الهنود ُ .....ي َ
الصارمة لطي اإلحساس بالمكان والزمان ونشر ذاتهم ،والحقيقة أنهم يمارسون رياضة
للتخلـص من عمل العقلين الواعي والذاتي لتحريـر العقل الباطن لديهم ،كما يمارس
أصحاب األوزان الكبيرة من البشر نظام حمية صارم أو ريجيماً لتخفيف أوزانهم .ولكن في
يدعي أصحابها ) يصل أصحابها إلى درجة ال بأس هذه العملية الفكرية (أو الروحية كما ّ
بها من قوة الكشف والمعرفة والحكمة ،لكنهم يرعان ما يزهدون بما أنجزوه من مكاسب .
إذ يكتشفون أن ما جنوه من فائدة من هذه العملية اليعادل وال يكافئ ما بذلوه من جهد
ومعاناة وتقشف وتوتر نفسي ،ويشعرون باإلحباط وباألسف على الوقت الذي أضاعوه
من عمرهم سدى .وأنت أيها القارئ ،إذا رغبت القيام بمثل تلك الممارسة ...فما عليك
سوى التفرغ التام لها وأن تلجأ لطرق التأمل الذاتي وأن تلغي من دماغك كل األحاسيس
ت في جسـدك اإلحساس بالزمن البعدية المرتبطة بأبعاد الزمان والمكان ،أي أن تُ ِ
سك َ
والوقت والتوقيت والسمع والرؤية ،بأن تغلق عينيك مدة طويلـة من الزمن كل يوم ،وأن
تلغي من فكرك أية صورة وأية فكره تخطر على بالك ،وكذلك أن تغلق أذنيك وأن ال
تسمع شئ خالل تلك الفترة ،وأن تحاول إلغاء حاستي التذوق والشم لديك ،أي بكلمة
أخرى يجب أن تلغي إحساسك بجسدك ،وأن تخرج منه وتنظر لنفسك من خارجك وأن
تجعل فكرك وأحاسيسك تعود للمرحلتك الجنينية وأن تلغي وزنك وقوة جذب الثقالة األرضيـة
والكونية عليك ،وأن تلغي ضيـاء الضوء وصدى األصوات ورجعهـا من دماغك وكل القوى
المؤثرة فيك وأخي اًر أن تشعر بالتحليق في الفضاء كما يحلِّق الجنين سابحاً في السائل
األمينوسي في رحم أمه ،عندئذ تراهم ,ألن الجنيـن في المرحلـة الجنينية هو الوحيد
القادر على رؤيتهم ،فأثناء تكامل بناؤه الجسدي يتعاملون معه ومع خالياه ويحاولون
زرع لوثة الشر في أل( د ن أ ) له ،لكنهم يهربون لحظة حلول روحه القدسية ،وطبعاً هو
تغير ال يتذكر لقاءهم بعد والدته وخروجه للدنيا ألن صدمة الوالدة ُّ
وتغير البيئة لحظتها ّ
141
الكثير من تركيبه وحياته وأولها صدمة مالمسة جلده للهواء الجوي واستنشاقه له ألول مرة
،ومعها ينسى تماماً كل ما حدث له في بطن أمه .
هناك حالة ظرفية ربما تماثل الحالة السابقة وهي النوم ،فأثناء النوم يتحرر العقل الباطن
الخاص من قبضتي العقلين الواعي والذاتي ليخرج من الجسد مع الشطر القدسي للروح
هائمين ليجوبا الكون والفضاء ولربما وصال العدم والتمسا اللوح المحفوظ بطريقة تماثل
تلك التي تحدث للجنين في بطن أمه ،عندها يمكن للعقل الباطن السارح في ملكوت اهلل
أن يرى الجان ،ولكن تلك الرؤية ليست عينية بل هي رؤية إدراكية ال شعورية وتُنجز في
العقل الباطن الخاص للنائم وخالل لمحات زمنية غاية في ِ
القصر .
من الممكن رؤيتهم بشكل قوي وواضح إذا ألح الشخص قبل النوم على ذلك األمـر
وركز تفكيره بشدة فيه وكرر ذكره مئات المرات . !! ....ولكن تلك الرؤية لن تسـره إطالقاً
في جميع األحوال ألنها تحمل إليه غالباً كل ما يسوء ويزعج .
*************************************************************
ـــــــــــــــــــــ
الفصل الرابع عشر
لــوثة الشــر
قصة الخلق
سكن الجان الكون المادي منذ نشأته ثم سجنوا في األرض قبل هبوط اإلنسان لها
(ظهوره فيها) ،وربما حدث ذلك قبل إقالع اإلرهاصات األولى للنشأة العضوية أي في
فترة تشكل جزيئات النيوكليدات في الحساء العضوي األرضي وتشكل الحموض األمينية
من جوها ومائها وطينها ،وواكبوا مراحل تركيب جزيئات الحموض النوويـة الريبية
المنقوصة األوكسجين .والتي تنضدت وتبلورت في طين األرض وفق شيفرات إعجازية
مشكلة سالسل أل ( د ن أ ) المختلفة والتي خلق اهلل منها كل مايدب على األرض مـن
أحياء ،وكانت الظروف المناخية لألرض متعاونة ومشجعة على عملية التبلور النتـاج
شرائط ألدنا .ولعبت تغيرات الحقل المغناطيسي األرضي دو اًر كبي اًر في حدوث الطفرة
الحياتية على األرض ،إذ اكتشف أن قطبية هذا الحقل المغناطيسي تتغير كل مليون سنة
141
بحيث ينقلب القطب الشمالي جنوبي والجنوبي شمالي وهكذا ،وأثناء ذلك يمر هذا الحقل
بحالة انعدام الشدة مما يسمح للجسيمات الكونية المشحونة بالكهرباء التي تحملها الرياح
الشمسية من الوصول لألرض والتأثير على الجينات الوراثية لألحياء فأحدثت طفـرات فيها
أنتجت أنواعاً جديدة من الفصائل واألجناس ،بحيث وصل عددها الباليين من نبات
وحيوان وحشرات وكائنات دقيقة وألكثر من عشرين بيليون نوع .وحينها عبث الجان بالدنا
لتلك الكائنات وزرعوا فيها لوثة الحيوانية والشر والغريزة .
من جملة تلك الشرائط خلق اهلل أرقى وأدق وأطهر أعظم وأندر سلسلة منفردة وحيدة من
شريط أل (د ن أ) المضاعف ،وكان لها شفرة يستحيل معها التكون بالصدفة .فـال يوجد
صدفة أو احتمال في الخلق .وكانت هي السلسلة الوحيدة التي ظهرت للوجود في أحسن
تسوية وأقامة (صنعة) ،تلك هي الجد األول لجزيئات أل(د ن أ) البشرية ،وكان ذلك قبل
ظهور اإلنسان الفعلي بباليين السنين ،مما َم ّك َن الجان من التعرف على بيئـة وجوهر
ف على خريطته وطبيعة المادة األولى األساسية الم َك ِونة لجسم اإلنسان ،وتمكنوا من التعـ ُّر ِ
ُ
الجينية ومورثاتها فغرسوا فيها صفة الشر .وكل ذلك تم في ساحة العقل الباطن الشامل
المشترك بين كل المخلوقات في الكون .
وهكذا تعتبر صفـة الشـر عند الشر خطأً أصاب جزيئات ألدنا لديهم إبان نشأتها
األولى ،واسفيناً غرسه الشيطان في كل خلية من خاليا جسم اإلنسان ،وكرس وجوده
ليعمل على تقويتها على حساب صفة الخير عند اإلنسان .والدليل على صحة ذلك هو
أن صفة الشر وكثير من الصفات البنيوية والسلوكية والنفسية لها جذور وراثية قوية ...
وهذا مصداق للقول الموحى من أن اهلل ألهم النفس البشرية فجورها أي ( فطرها ) كما
ألهمها تقواها ( فطرها على اإليمان ) وجهزها بعقل م ِّ
فكر ُمدب ٍِّر جبار كمعيار للتمييـز بين ُ
الصح والخطأ وبين الخير والشر ،والحق والباطل ،....وقد أفلح من زكاها وخاب من
دساها .
بعد أن سوى اهلل آدم من أديم األرض ونفخ فيه من روحه ودبت الروح الكاملة في
الجسد اإلنساني الكامل كانت كل خلية في هذا الجسد تمتلك شريط ألدنا الذي تبلور سابقاً
في طين األرض وأديمها ،ويحوي كل قوة الحيـاة ومخططات تركيب الجسد البشـري
142
الفيزيقي والنفسي والتي تحولت بدورها فيما بعد لتعليمات وراثية مشفرة تنتقل من جيل آلخر
.وتمت تلك المرحلة من التخليق في جنة مشتركة مع األرض ،وتال ذلك خلـق حواء من
جسد آدم ...حيث ُزِر َ
ع في جسديهما شجرة الحياة .
بعد الخطيئة وما كان من أمرها .صدر األمر اإللهي بالهبوط أي باالنبثاق والظهور
في األرض ،عندها تحول الخلق فيها لخلق آخر ،إذ حلت في الجسد اآلدمي الطبيعـة
وتحول خلقه من طين كونيّ المحددة بأربعة أبعاد (المكانية والزمانية)
ّ العضوية المادية
طاهر بالتسوية ونفخ الروح إلى خلق آخر مادي عضوي حي .وعماد تلك النشأة هـو
شرائط ألدنا التي تبلورت في طين األرض بأمر اهلل كما رأينا ،ثم تطور األمر وصار
مكون من بويضة أنثوية وحيوان منوي ذكري ) .وحتى يتـم إنتاش التكاثر بالماء المهين ( ّ
بذرة الحياة كان البد من تالقيهما محتوياتهما شرائط ألدنا لها واندماجهما معـاً .والجان
يعرف هذه النشأة ويعرف سرها الكامن في شرائط ألدنا ،ولكن اإلنسان اكتشف سرها
متأخ اًر في هذا العصر حين أذن له رب العالمين بذلك وتم األمر على يد العالمين ( كريك
ـ واطسون ) في عام 1020م .حين شاهدا تلك الشرائط بالمجهر اإللكتروني ألول مرة في
مرة في تاريخ البشرية ،وفتحا بذلك علم الجينـات والو ارثـة والحيـاة وقُ ِرأت شي ا
فرتها واكتشفت
ف الكثير عن خواصها (في النسخ وتكرار الذات) .ومن خالل مسيرة تقدم هذا العلم ُك ِش َ
أسرار الحياة وتم التوصل إلى ما ُيعرف بعلم الهندسة الجينية وعلم االستنساخ .ففي تقنية
هذا العلم صار باإلمكان إنبات إنسان في أنبوب أو استنساخ شخص آخر هو نسخة عنه
حتى من شريط ( د ن أ ) ميت .ألن تلك الشرائط ال تموت والتفنى إطالقاً سواء
تعرضت لح اررة أو إشعاع أو أية ألية مادة كيميائية .وهذا ما حث العلماء على التفكير في
البحث عن طبيعة الروح وكشف أسرارها والبحث في موضوع القوى الخفية اإلنسانية
والالإنسانية (عالم الجان ..ومضوع كتابنا هذا) وما كان محظو اًر التفكير به باألمس بات
مباحـاً العمل به اليوم ألن العلـم وصل لمرحلة غاية في التقدم وكشف المادية لعديد من
المعجزات القديمة ومنها تفسير طبيعة الجن و ُك ِش َ
ف عالَ َمهم ...
يمارس الجان والشياطين لعبة العبث بشرائط ألدنا لإلنسان وبالتحديد في جيناته الوراثية
المتعلقة بالنواحي الفكرية والنفسية والسلوكية ،وأكثر مايتسلطون عليه هو الغدد التناسلية
143
واألعضاء التابعة لها لدى الرجل والمرأة ( وخاصة خالل فترة حيضها وحملها ) ،وفي
الحالة الجنينية تتم هذه اللعبة خالل فترة انقسام الخاليا وسيطرة الروح الجسدية وغياب
الروح القدسية والتي يأتي دخولها جسد الجنين في الشهر الرابع من عمره ،أي تكـون
نشطة في عملها خالل فترة عمل الروح الجسدية في إقامة جسد الجنين الفيزيقي وقبـل
دخول الروح القدسية له وحلولها في خاليا القشرة المخية النبيلة والمسؤولة عن النواحي
الفكرية والعقلية لدى اإلنسان .
144
الصبغيات أو(الكروموزومات) .وتستمر مراحل االنقسام حتى تتولد خليتان متناظرتـان
تماماً .إذن الكروموزوم البشري النموذجي هو جزيئه ( د ن أ= ) DNAواحدة شفافة ،
واسمها العلمي هو حمض ريبي نووي منقوص االوكسجين ،وكل كروموزوم يحتـوي
خمسة مليارات من أزواج النيوكليدات .أنظر الشكل التالي :
جزئ ال ( د ن أ ) املذهل
إذا ترجمنا التعليمات الوراثية في خلية إنسانية واحدة إلى اللغة اإلنكليزية فإنها ستمأل
ألف مجلد من مجلدات دائرة المعارف البريطانية ،فشريط أل ( د ن أ ) الواحد يحتوي
ثالثة باليين من القواعد ( النيوكليدات) وهي (الثايمين والسيتوزين والغوانين واآلدينين )
وهـي موجودة بأعداد تكفي لتشفير 000ألف مورثة أو مايعادل معلومات ألف دليـل
للهاتف يتكون كل منها من ألف صفحة .وهكذا نجد أن الكروموزوم النموذجي لجزيئة
ألدنا البشري تحتوي خمسة مليارات من أزواج النوكليوتيدات ،وهذا العدد يمثل مكتبـة
هائلة من المعلومات .
145
يحوي هذا العدد من المعلومات خريطة جسم اإلنسان بكامله واألعجب من ذلك أنها
موجودة بكاملها في كل خلية حية من خاليا جسم الكائن الحي وطريقة ترتيبها التبادلـي
على امتداد الشريط الدنا هو الذي يحدد نوع الكائن الحي .مما يؤكد أن كل الكائنـات
تميز عنها وتفوق
الحية نشأت جميعها من جد مشترك واحد ،واإلنسان هو الوحيد الذي ّ
عليها بعضوية مفكرة راقية وبامتالكه روحاً قدسية كاملة ليس لمخلوق مثلها .مما يؤكد
على أن عضويته لم تتخلق في األرض فقط وانما في عوالم وظروف أخرى أدت لخلق
اإلنسان بهذه النوعية الفائقة من الدقة والرقي ،مما لزم األمر زمناً أكبر من عمراألرض
ذاتها ! وهنا يكمن السؤال التالي أين نشأ اإلنسان فعالً قبل ظهوره على سطح األرض ؟
بحيث بقيت دنا أجداده في خالياه هي ذاتها منذ بدء الخليقة وحتى اآلن ،وستبقى محتوية
نفس المعلومات الوراثية حتى آخر مخلوق بشري سيظهر في الكون .واألكثر عجباً هو
سر ألدنا في قدرتها على نسخ ذاتها وتكرار نفسها باالنشطار عند انقسام الخلية .وكونها ال
تتخرب بموت العضوية وال بالحرارة وال باإلشعاع وتبقى هكذا حتى يبعثون . .كما أن لهذا
الشريط القدرة على تدوين وتخزين كل الحوادث التي مرت بالكائنات الحية أوالً بأول وكأنها
ديوان أو سجل للمعلومات يسلمه األبوان أمانة لألجيال المتعاقبة .
يميز الشيفرة الوراثية أنها قابلة دائماً للتغير ،وهذا يعني التطور والتجديد ولكنه ال
أهم ما ّ
يعني تغير اإلنسان لكائن آخر ،فالبشر متطابقون بما يعادل ( ) % 00في الشيفـرة
الوراثيـة لهم ،واالختالف بينهم هو فقط بنسبة ( ، ) % 1وهذه النسبة الضئيلة هـي
المسؤولة عن اختالف أشكال البشر وشخصياتهم .وبالتالي ليس أصل اإلنسان قرد وال
توجد قرابة بينهما قطعاً ...والدليل يكمن في شريط الدنا الوراثي والذي لم يدرك زمنه
داروين ولم يعلم به ولم يراه .
زرع اللوثة
من المعلوم أن شريط الدنا هو سلسلة طويلة من حموض أمينية مترابطة ،وكل من تلك
مكون من ت اربـط ( ) 00
مكون بدوره من نيوكليوتيدات ،والنيوكليوتيـد هو جزئ ّ
الحموض ّ
ذرة من الهيدروجين واألوكسجين والكربون والنتروجين ،ومهما كانت طريقـة ترابطها
فالرابطة أوالً وأخي اًر هي ذات طبيعة كهربائية ( تماسك الكتروني) ..أساسـه اإللكترونات،
146
ويصح ذلك األمر من أجل جميع ذرات خاليا الجسم الحي .كما أنه توجد في تلك الخاليا
سوائل ومواد كيمائية وحيوية مثل الهرمونات واألنزيمات والتي أسـاس تركيبها الـذرات
وااللكترونـات ،ومن المعلوم أن أحد أهم خواص تلك الجسيمات هو إمتصاصها واختزانها
للطاقة وتأثرها بها مثل الطاقة الح اررية ،االشعاعية ،الكهربائية الكهرطيسية ،والذبذبية
مافـوق الكهرطيسيـة ،ومن مظاهر هذا التأثر زيادة نشاطهـا الحركي والكموني ...ويزداد
الممتصة
هذا التأثر فعالية إذا تحقـق نوع من التجاوب واالنسجام (التناغم) بين تردد الطاقة ُ
وتردد اإللكترون في روابطه .
بمثل هذه اآللية يزرع الشيطان لوثة الشر في بعض جينات (مورثات) جسم الجنيـن
فأثناء فترة انشطار شريط الدنا الوراثي وقبيل لحظة انقسام الخلية الحية لخليتين يـزرع
ميزة لصفة
الشيطان لوثـة الشر بأن يسلط صوته الذبذبي الفوق كهرطيسي إلى مورثة ُم ّ
راقية عند الجنين االنساني (عقلية ،فكرية ،إنسانية ،عاطفية ،حب ،خير )..ويحقنها
بجرعة طاقة شيطانية فتدخلها وكأنها فيروس يخرق عضية ما ليحتلها ويعبث بمكوناتها
ليغير من طبيعتها وحيويتها ونشاطها ونهج ومنهج عملها ليغدو سلبياً (ضار ومؤذي) أو
ّ
حبط وحظ عاثر ) أو أن يحدث في مكان أو زمان غير مناسبيـن غير ذي نفع ( عمل ُم َ
(إضاعة وقت وجهد) ،وعمل المرء يكشف عن معدنه وطبيعة مورثاته وماهو َّ
مخزن
فيها من لوثات الشر والتي هي أساس فجور النفس البشرية وعلى االنسان تزكيتها .
أغلب الظن أن زرع اللوثة يتم قبيل االنقسام الرابع للبويضة الملقَّحة ،أي قبل أن تبدأ
الخاليا بالتخصص والتمايز لتشغل اللوثة أكبر عدد ممكن من الخاليا المتولدة باالنقسام
وفي أكثرها نبالً ونوعية وتماي اًز تلك هي خاليا المخ والدماغ ،فيتكون لدى المرِء نوع من
االستعداد والتهيئة لقبول اإلعاقات العقلية والنفسية والتي تؤدي بالمرء لقيامه بأعمال
مادي على
ٌ مخالفة للطبيعة االنسانية .....فتكون اللوثة معنوية ،ولبعض اللوثات تأثير
فيغير من حالتها الطاقية ويثير الفوضى والخلل في أخالط الخلية الحية ....
المورثات ّ
خلل هرموني ،أنزيمي ،كيميائي ،مناعي ،كهربائي في الدماغ ، ...حينها تتكـون
خاليا شاذة وغير طبيعية تفرز طفرات وعاهات خلقية في جسم المولود وربما أمراضاً
وراثية ومنغولية وسرطانية ...ويبدو هذا األمر جلياً في بنية جسم االنسان خاصـة إذا
147
كانت الظروف المحيطة مشجعة على ذلك ، ..وكل ذلك يشير إلى أن لوثة الشر ماهي
إال خطأ بيولوجي وقع بسبب استفزاز الشيطان بذبذباته للمورثات في الكروموزومـات وهي
صفة ليست أصيلة لدى االنسان بل دخيلـة على جيناته ،حيث دخلت إليها لحظة وقوع
الخطيئـة مباشرة ،لهذا كانت صفة الشر خطأً بيولوجياً مقصوداً سببته كينونات طاقية
خفية آلدم وحواء قديماً ..ونفوسنا جنت فجو ارً من ذلك الخطأ ...وعلينا نحن البشر
أن نزكي أنفسنا منه , ...
من هنا كانت النفس ُملهمة على ارتكاب الفجور ،فهو مغروس في جينات إنسانها وعليه
تزكيتها ، ..وكأن تلك الجرعة الفيروسية من الطاقة الشيطانية دخلت النفس البشريـة
السليمة لتفتك بها ، ....وهذا يدل على أن للشيطان حصة في جسد االنسان وعقله وأنه
يغطي بعقله الباطن الخاص ( أي ذبذباته) كل خاليا الجسد البشري وقادر بتلك الذبذبات
على العبث وتغير طبيعة مورثة ما إلى األسوأ ،وأن تراكم طاقات دفقات األمواج الفوق
الكهرطيسية وشحناتها الكهربائية الوحدة القطبية الالمتناهية في الصغر يكسب مورثة ما
ٍ
مألوف ومؤدياً لوقوع خلل توازني في عمل خاليا الجسم البشري ،وهكـذا صار نشاطاً غير
للشيطان مكان ومركز في تركيب الجسد البشرى ومورثاته ،لهذا يعتقد البعـض أن صفة
الشر موروثة لحد ما ووصلتنا من الجدين األولين عبر شجرة الخلد ..التناسل
148
وعملها هو امتصاص الطاقة الغذائية واألوكسجين وتحويلهمـا لطاقة ضرورية لحيـاة الخلية
من ضمنها الطاقة كهربائية .وحجم إحداها اليزيد عن ( 100/1من الميليمتر ) وأثناء
توليدها للطاقة الكهربائية تنتشر ومضات المتناهية في الصغر تواكبها أمواج فوق
كهرطيسية وبأعداد هائلة حتى على مستوى الخلية الواحدة .والنتيجة هو نشوء حقل أو
مجال فوق كهرطيسي يغلف الجسد البشري كله ويمتد عميقاً في الفضاء وربما وصـل العدم
...هو ....العقل الباطن الخاص ( الذبذبي واألثيري ) لإلنسان .ورد في الحديث
الشريف ( أن الشيطان يجري من اإلنسان مجرى الدم في العروق ) .
لكل شيء موجود في الكون سواء كان جامداً أو حياً ..نباتاً أم حيواناً أم بش اًر أم جناً
مثيل آخر له عبر العقل الشامل عقل باطن خاص ويمكن ألي عقل باطن أن يتعامل مع ٍ
تتركز ميادين عمل لوثة الشيطان عند االنسان في مناطق جسده وأعضائه ذات المهام
المتعية والرغبات والدوافع والحاجات مثل الحاجة للطعام والشراب والجنس مما عـ ّزز
الصفات الغريزية لديه والقائمة على العنف والقسوة والشر ،وطغت تلك الصفات علـى
سلوكه وغدت محور حياته ،فصار االنسان يمارس الشر إرادياً وبرغبته وبمدى يتناسب مع
مقدار ما تحمله مورثاته من تلك الصفة ،وهذا ماجعله عرضة لعقاب كارما سلبيـة يولد
عقله وتحيق به وتعاقبه ذاتياً على مافعل .وما الصراع إال نتيجة حتمية لتلك الصفة التي
كانت ضعيفة متنحية قديماً وصارت قوية متوارثة بين األجيال على مـر الدهور .
****************************************************
ــــــــــــــــــــــ
الفصل الخامس عشر
الجن والمرأة
حواء
بعد الصبر ما طال ...وأضنى الوجود الترحال ....تحققت آلدم اآلمال ....وانبثقت
من جسده بأمر اهلل حواء ...ودب حينها في أوصال الوجود حياة ...فحط رحاله ...
وسلَّم أمانة لمن صار إنسان ....نصفه األول رجل أسمه آدم ونصفه اآلخر ...أنثـى
تدعى ..حـواء ..
149
حواء
بـدأ الكـون عند قدميـك وانتهت .....حـدوده عنـد أطـراف هدبيـك ....
جمعت سحره في عينيـك فتألقت ......ألـوانـه بهيـة فـي مقلتيـك ......
اختزلت أنوثتك كل أس ارره ورست .....فتنتـه عنـد شواطـئ جفنيـك .....
ِ
غدوت سر الوجـود ووعيه وقلبه ......النابض حيـاةً وخلوداً أبدياً سرمـدي
في الدنيـا أنت أنثى فاتنـة وعلى ......مـدى الزمـان أنت سحر ساحـري
ضمت أعطافك الحانية آدم ورعت ......أنوثتك سر الحيـاة والخلود واألج ِـل
غاية رجائه إبتسامةٌ عذبةٌ واعـدةٌ ......حوارها لهفة ٍ
حب وهوى يهز الكي ِ
ـان
تتنسم روحه نشوةً ِعطـر أنفاسك ......نسمات ُخ ٍلد يحظى بها من يسعد ِ
بلقاك َ ُُ
ـان وال إنس ِ
ـان حي وال ......انبثـق في الكون ج ٌ
فلوالك ماظهر في الوجود ٌ
ـان ولس ِ
ـان حي ذي جن ٍ
حي ......فكنت األ َُم لكل ٍ
من جسدك الرائع أقام اإلله كل ٍ
ِ
إنسان تعيد حناياك قصة نشأة الكون برمته .....من العدم إلى األزل في رحلة خلق
بطلهـا في الوجود جنين مسافـر .......ركـب المـاء سفينـةً عبـر األكـو ِ
ان
عابد ..فأنت قصيدةُ ٍ
حياة و ُم َولِدةُ أب ِ
ـدان ولوال ذاك لم يك هناك ُم َّدكـٌِر وال ٌ ......
قت وحـن ......ضجيجه فانساب ألحاناً شجية من ف ِ
ـاك هدأت ثورة الكون لما ُخلِ ِ
َّ
غيب حـواء حـور ِ
اء ِ
صنعته ......لما أنشأ في عالم ٍ سن
َ وح ُ
تج ّل ًّت عظَ َمةُ الخالق ُ
غرس اهلل في قلبك إنسانيـة الحـب .....فجعلتِها ناموس الهدى وسعادةَ األجي ِ
ـال َ
غدا العشق أمانـةً في جسدك والكل .....يطلب بهجة اللقيا ورشف رحيق هو ِ
اك
ِ
ألحانك لن ُي ِبد َ
ع شاع ٌـر أو ُيلهَم قصيـدةً إن .....لم تلمس شغاف قلبه عذبةً ترانيم
ِ
شفاهك ف عن رشف الشهد رطباً من وليس بإنسان وان طابت معايشه من َ .....ع َّ
دنياه ليست بدنيا من لم يسكره هوى ....ويطويه فوق السحاب على النهدين ذر ِ
اعك ً
حلم ونشوةٌ ومنى وطلب والعقل .....خلع النهى فرحاً سعيداً بلقاء جنة نـارك
أنت ٌ
سحر من لحظ أجفانك ضاع بين عينيك نهى ولُ ِ
ـب عاش ٍ
ق .....فوقاه الردى لمسة ُ
ونهى طيف كيانـك ؟
فكيف ال يحترمك كل مخلوق ويقدس .....لك كل ذي روح ُ
وكيف ال يجثو على ركبتيه إنسـان .....يطالب المودة والرحمة والرضى أمامك ؟
151
أخضر تحت قدميك !!
َ الخ ِلد بستاناً نعيماً
ورب العالمين جعل لك جنة ُ .....
كيف ال ُ
حواء
عشقك كل من رآك ...المالئكة والجان ...وتأخر آدم ...وله العذر ...فقد كان نائماً
يحلم بما أوحاه اهلل له من أطيافك ....وقبل أن تكتحل عيونه برؤيتك رسم اإلله في حلم
آدم صورتك وزرع في قلبه حبك وهواك وعشقك ...فكانت روحه أول الغارقين بحبك
سواك اإلله أنثى كاملة من جسد آدم وجسَّدك ...وعندما صحا آدم من حلمه كنت غافية
بجواره فرآك ....فهام في حبك ....وحار في ُك ِ
نه ِ
سرك .!! ....
سجد آدم هلل شك اًر وتحية على نعمته في إحيائك وشطرك من نفسه وذاته ....كنت في
الخلق لغ اًز غامضاً ...حار في كشف سره العلماء والحكماء والفقهاء ....وعبثاً لـم تفلح
دواوين الفكر والعلم والشعر أن تدرك طبيعتك أو أن تفك لغز سحرك وفتنتـك .
بدأت حواء حورية في الجنة ..وصرت في الدنيا إمرأة محبوبة ..هداية ورسمية وفتنة
وبهيرة وكل امرأة فوق الثرى ...وطغى سنا ضياك ومأل الكون نو اًر والنفـس والمهجة
والقلب حباً وعشقاً وهوى ...أنت أغنية آدم السرمدية التي طالما بها شقى ...ترددها
شفاهه و شغاف قلبه مهما طال عمره ووعى ...ويتساءل آدم دوماً .....ترى بمن كانت
تحلم حواء في الجنة قبل أن ترى ..؟ ومازال آدم إلى اآلن يسأل نفسه كل يوم ....ترى
هل تحبني حواء أم بعثت لتشقيني ......؟
وجوابهـا !!
في جنتك أنت يا إمام العاشقين كنت أهيم ....زرع اإلله في قلبي رسم صورتك قبل أن
أراك ..فأنا منك أحييت ....وألجلك خلقت ....وإلسعادك وجدت ....وفي بحور عشقك
أقلع زورقي شراعه .....وعلى حبك وهواك عاهدت ....فبعثت ....ولوال وجودك في
كنت لك الرفيق ....
حللت بها ُ
َ هذا الكون ....ما حللت به وال نزلت ....وفي أية زاوية
السكن والسكينة والسعادة المنشودة .
هناك
كنتما واحداً يسكن جنة ونعيماً .....ويعيش كل منكما حلـم اآلخر حقيقة مرئيـة !!!
151
لكن ...لسوء الحظ لم يكونا هناك وحدهما ...بل كان هناك عاشق آخر ...وصـار من
العشق ما قتل !! ؟ .
تقرب لك رئيس المالئكة إبليس ....عاشقاً ،فقد أسرته فتنتك ...وشغف لبه سحـركّ
قدر ..وكشف لك
وأفقده اتزانه رقتك ...فتهور وغازلك ..وأقدم على فعل منكر لم يكن ُم ّ
س اًر ما كان ينبغي له أن يكشف ....تلك هي شجرة الخلد ...لكنك قتلته بإخالصك
لنصفك الحالم آدم ..فغدا إبليس ملعوناً مطروداً مزدجر ، ...وعندما لم ينل ...انتحر
بالغضب ،وانقلب حبه عداوة وحقداً ال مغتفر على بني البشر ...إذ أخلصت لنصفـك
الحلو ..آدم الحبيب ..وأدخلته شجرة الخلد ..زوجاً عاشقاً وقرين ...فال رفيـق في
الكون سواه وال حبيب ....وما الحب إال ....ألول حبيب .
وطرد إبليس من النعيم مرتين ،من نعيم حواء أوالً ومن نعيم الجنة ثانياً ....وصار
مطروداً بحكم رب العالمين إلى يوم الدين .وغلب عليه حقده وشره فصار لها ولذريتها
عدو مبين ،ومع ذلك مازال إبليس يأمل بالعودة إلى نعيم حواء ويطاردها راجياً منهـا لقاء
....ولكن المجيب ....الجان يعشقها ويغار منها وابليس يهواها وبسبب إحباطـه ويسعى
حول عشقـه وحبـه لها لحقد
إلى أذاها وشعاره دوماً " ومن الحب والعشق ما قتل " إذ ّ
وحسد وغيرة وعداوة لها ولقرينها ولذريتها القادمة .
كان أمر اهلل لهما أال يقتربا منها ...تلك هي شجرة الخلد ...شجرة التكاثر والتناسل إذ
تسرع في كشف سرهاجعلها اهلل برنامجاً حياتياً مؤجالً آلدم وحواء حتى حين ،ولكن إبليس ّ
طمعاً في مغازلتها والتقرب منها وحسداً إلخراجهما من نعيم الجنة وادخالهـم عالمه ،
وتعليمهما مافي عالمه وماهو وقبيله عليه من اقتران باألنثى والتكاثر بالوالدة وتم له األمر
وكشف لهما عوراتهما وسر شجرة الخلد في جسديهما وتذوقا لـذةً قبـل أوانها ،وفي مكان
غير مكانها ،فخالفا أمر اهلل " أال يقتربا منها " فكانت الخطيئـة المقترنة بلذة كانت
عليهما آنذاك محظورة ( لذة الجنس ) وتذوقا متعتها ألول مـرة في الجنة ,لذلك متعة
الجنس هي متعة من متع الجنة غرسها اهلل شجرتها في جسديهمـا وعندما أمرهما اهلل
بالهبوط ربط بها شجرة التكاثر الوالدي المؤلمة عقاباً ،وبقيت ذكرى تلك اللذة حية في
خاطرهما وغدت العصب األساسي والمحور الحياتي الجسدي لهما في الحياة الدنيوية ،
152
ومنذ ذلك الحين دبت قوة الحياة في البرنامج الشجري للتكاثر الجنسي في جسديهما
الكاملين والمتكاملين ،وتغيرت طبيعـة البرنامـج التكاثري من مباشـر ال جنسي يتم باألمر
اإللهي المباشر واآلني باالنفصال إلى تكاثر تطوري يحتاج لعاملي الزمان والمكان
الماديين ،وسجل عقلهما الباطن (عقل الغريزة ) تلك الحادثة على أنها خطيئة أو كارما
سالبة ،وحفظ ذلك العقل ذكرى تلك اللذةً األولى في الالشعور عند آدم وحواء َّ ،
وخزن في
العقل الواعي لديهما بعضاً من الشعور الحسي الجسدي العضـوي لصورة هذه اللذة التي
غدت محور حياة االنسان ،وجس اًر لعودة آنية للشعور لديه إلـى عالم الجنة القديم عبر
الالشعور والعقل الباطن .ففي العودة حج لمنابع النشأة األولـى
بالرغم من قناعة اإلنسان وعقله الباطن على أن ما جرى كان خطيئة من ناحيـة
الناموس األعظم ،إال أنها صارت حاجة جسدية وروحية مطلوبة ال يمكن تجاهلها مـن
ناحية أخرى ،والزوجان طيلة حياتهما الدنيوية يسعيان دائبين في طلب تلك اللذة لعلهـا
تعيد لهما بعضاً مما كانا فيه من متعة وتوازن وتكامل واستقرار وسكينة وهناء ،فهـي اللذة
الوحيدة الباقية لهما من الجنة والتي بقيت صورتها مغروسة في أحاسيس جسديهما
وتربطهما بعالم النشأة األولى .وسبب بقائها أن االنسان بقي يمارس لعبتها وعلى عكس
مافعله في العلوم األخرى التي علمه اهلل إياها في الجنة ...ومـا مشاعر الحب والعشق
والغرام ولقاء األنثى بالذكر إال مظاهر تهيئة ومحاولة للوصول إلى اللذة العظمـى التي
أحس بها الزوجان في الجنة ،ومن خالل ذلك قد يستعيدان أحاسيس تحقيق وحدة الذات
وتحقيق العودة إلى المخلوق الواحد الكامل والمتكامل .وفي الدنيا مازال العقل الباطن
يحمل الشعور باإلثـم من تلك الخطيئة التي أوقعهم بها الشيطـان رغم أن اهلل قد تاب
عليهما وغفر لهما زلتهما .ومن مظاهر قبول التوبة وتجاوز الخطيئة أن اهلل حلّل لهما
الزواج بكلمة منه .
إذن في الدنيا تم تجاوز تلك الخطيئة بالزواج .ولكن ما فتئ الشيطان يراود نفوس
الناس ويداعب خيال كل الرجال وكل النساء ويزين لهم العودة إلى الخطيئة ويحرضهم
على اقترافها ليتخذوها وسيلة مختصرة للحصول على اللذة الفائقة األولـى التي حصل
عليها آبانا آدم وحواء في الجنة ،ويحثهما ويثيرهما على طلبها ثانيـة ولو بطرق غير
153
مشروعة كي يخرجهما دوماً مما هم فيه من سعادة وهناء ،كما أخرج أبويهما قديماً من
الجنة .ووسائله في ذلك األمر نوعان األولى معنوية وتعتمد على اإلحساس بالجمـال
وتذوقه والميل إليه واالطمئنان له ووسائله في ذلك اإلغراء واإلغواء واإليحاء ،بينمـا الثانية
هي عملية فيزيولوجية تعتمد آلية الوسوسة واالستفزاز والتحريض بالبث الموجي الفائـق
الذبذبة وغير معلومة التردد وتنتشر في البعد السابع من عالم الجان عبر العقل الشامل
الذبذبي لتصل لإلنسان وتسيطر على نفسه البشرية ،في هذه الحالة ين ّشط الشطر الروحي
الجسـدي لديه على حساب الشطر القدسـي من روحه ،وتعبث تلك الذبذبات بكيمياء
دماغه وعقله وتحث وتبعث فيه لوثات الشر نشطة فعالة وتلغي دور العقل فـي الفكر
والمحاكمة والمنطق لدى اإلنسان وعليه أن يتحمل نتائجها فيما بعد .
اللذة احلرام
المحرم تلك التي تتم بالحالل لسببين أولهما حدوث وقوع أمر غير
ّ قد تفوق لذة اللقاء
طبيعي وغير متوقع للنفس البشرية ودخولها في مغامرة تمردٍ ٍ
وتحد روحيٍ غيبي خفي
تقيده وتحـ ُد من حريته ،وثانيهما حدوث اختـراق لقوانين
ألوامـر يظن اإلنسان أنها ّ
فترض بها أن تمنع الفرد من ارتكاب ممارسات تضر بنفسه وبالمجتمع مـناجتماعية ُي ُ
حوله ،وهذا يؤدي بالفرد إلثارة إنفجارية واستنفار فائق مفاجئ الإرادي وشامل لجميع
قدرات اإلنسان وأحاسيسه ،خاصةً أنها تثور خالل فترة قصيرة جداً من الزمن ومنعشة
لوثة الشر الشيطانية المزروعة في مورثاته الجينية ودافعةً إياه في اتجاه ال يستطيع معه
التراجع ،ومما يزيد األمر تعقيداً هو أن الحدث يكون مصحوباً بلذة فائقة وشعور بتعاظم
القـدرات والطاقات الجسديـة والنفسيـة ،وواضعةً المرء في صعيد ٍ
تحد ال رجعة فيه للنواميس
الطبيعية والقوانين واألعراف االجتماعية ومخترقة كل ما هو حالل ومقترفـة كل ما هو
حرام ،خاصة أن كل ممنوع مرغوب ،عندها يشعر الغاويان (الذكر واألنثى) خالل تلك
الحالة أنهما خرجا للتو من لب الكون لوجود يقع خارجه وصا ار يقفان علـى حافة صعيد
ٍ
تحد واختراق لكل قواه ومتجاوزين حدود زمانه ومكانه ، ..فأي إرهاق هذا الذي يعيشه
أي فوضى
الذكر واألنثى خالل المرور بمثل تلك الحاالت من المعصية ...؟؟ ،و ُ
مدمر يصيب أعصابهما ؟؟ وأي آثار سلبية سوف تصيبهم؟؟
واضطراب وارتعاش عنيف ِّ
154
وأي كارما سلبية صنعوها بعملهم هذا ؟؟ وكم هي قسوة العقاب الذي ستوقعه بهما تلك
الكارما نتيجة ما أقدما عليه مـن فعل شائن في مخالفة نظم الكون الدقيقة ؟؟ .وبعد فوات
األوان يكتشف الخاطئان أن ما اقترفوه كان إثماً من عمل الشيطان ليضلهما شرعياً ويفتك
بهم جسدياً ونفسياً وسلوكيـاً واجتماعياً ،خاصة أن ُج َّل دوافع الدمـاغ غريزية حيوانية
عنيفة ال سمو فيها وال رادع وال حق وتعتمد مبدأ صراع البقاء وبقـاء األقوى واألكثر شهوة
وقبوالً جنسياً ،ومادة عمل هذا الدماغ هو العقل الباطن الخـاص المتصل بالعقل الشامـل ،
واإلنسان بعمله هذا يشكل كارمـا سلبية ليست مألوفة للنظم الدقيقة في الكون ويدخلها فيه
ليحقق ذاته قسرياً ويفرض وجوده فيما ال يحق له .لذلك تكون دوماً آثار كارما الزنا عنيفة
مدمرةً روحياً ونفسياً وصحياً واجتماعياً .
قاسية ّ
ماذا عن دور الروح يف هذا األمر ؟
إذا ما رجعنا لطبيعة الروح البشرية نجد أن طبيعة الحب بين الرجل والمرأة ما هي إال
تذوق الجمال بالتناظر والتقابل بين شطري الروح القدسية لهما فهو قدسي الجوهـر والهدف
وعاطفته سامية راقية ،والهدف هنا هو العودة للسكن والسكينة والمتعة الروحية الدائمة التي
عاشها آدم وحواء في الجنة .
يلعب العقل الواعي والعقل المف ّكر والمدرك دو اًر هاماً في هذه الظاهرة بهدوء وسكينة .
ومركز هذه العاطفة هو القلب والمخ وساحة عملها العقل الباطن الخاص المتصل بالعقل
الباطن األثيري من العقل الشامل في الوجود .مما يكسب الزوجان متعة حقيقية سعيدة ال
مثل تلك اللذة الحرام السريعة الهوجاء المشوبة بالخوف والقلق والصراع مع الوجود ومع
المكر السيء الذي يحيق بصاحبه ( الكارما السالبة التي صنعها بيديه ) .
في حالة االقتران المشروع ال يقترب شيطان أو جان من العقل الباطن األثيري وهو
عقل تباركه المالئكة ألنه سكنها القدسي وساحة عملها ،ومحتواه رضى وسكينة وسعادة
واطمئنان ،وهو نقي من الشهوات واألماني والرغبات ألن الحب الصافي ال يبحث في
المكاسب الجسدية ،وبالتالي اليبحث موضوع التكاثر والتناسل ألن أهدافه ارقية وسامية
وهدفه الدنيوي هو تحقق العدل والحق والحب والسالم بين البشر وتذوق المعاني الجمال
155
في كل وجود وكينونة ،أما هدفه األسمى فهو الوصول لحالة السكينة الروحية المطلقـة في
العالم الملق األول للنشأة .
أما الجنس فهو تذوق الجمال باالتحاد والتكامل ويرعاه الشطر الجسدي من الروح
ومركزه الدماغ وأداة عمله العقل الباطن الخاص حيث يرتع الشيطان والجان المرتبـط
بالعضوية المادية مباشرة وصفته غريزية حركيـة في الجسم الحي سوءاً كان بش اًر أم حيواناً
،وهذا العقل يضج بالذبذبات الموجية وبالوسوسة وباإليحاآت واالستفزاز البثـي والتحريضي
المتضمن أسلوب اإلثارات الجنسية المختلفة ،وهدفه المعنوي هو طغيـان النفس البشرية
والتفوق والتمايز على اآلخرين وأخذ ما بيدهم وما هو ليس بحق وتحقيق الـذات واألنـا
للمشرع األعظم من خالل مجابهات مع العقل الباطن الشامل والشق
ِّ األعلى والتحدي
األثيري منه ،لذلك كان هذا العمل مشفوعاً بحب الذات والطمع والعدوان والحقد والحسد
والى ما هنالك من صفات سلبية ،وعالمه هو عالم كآبـة وندم وخوف ،وساحة عمله هي
منطقة القلب والدماغ والغدد التناسلية وكل عضو له مرتبط باللـذة .
تتمتع المرأة بعقلين نشيطين جداً هما العقل الواعي والعقل الباطن الخاص ،األول
منهما قريب جداً والمرأة تحيا به باستمرار والثاني من السهل عليها الوصول له وحتى وهي
صاحية ،لذلك تكون أحالم يقظتها كثيرة وواسعة ولسان حالها يعمل بنشاط خاصة إذا
كانت وحيدة .وكل الفعاليـات والنشاطات البيولوجية والنفسية والتخليقية تحدث في هذا
العقل وفي ساحته ،ومن المعلوم أيضاً أن هذا العقل هو ساحة عمل الجن واألحالم
واالتصاالت بالعقل الباطن الشامل عام ،ومما يزيد في جدوى هذا العقل نشاطه الفعال
جداً ،فهو ال يهدأ وال يسكن أبداً ويعمل باستمرار سواء كانت المرأة صاحيـة أم كانت
نائمة ،وبالتالي يضج دماغها ويزدحم باألفكار والصور والتخيالت والمناقشات الفكرية
ويعتمد ذلك أيضاً شدة ذكائها وذاكرتها القوية جداً وحساسيتها الفائقة ودقـة مالحظتهـا
واصرارها اللحوح في متابعة األمور لنهايتها ويساعدها في ذلك صفاء سريرتها وطيبة
صدقت ما قيل لها
قلبها ....ومـا سبب الخطيئة األولى إال حسن نيتها وصدقها ،حيث ّ
ولم تتوقع الغدر والغش والخداع من رئيس المالئكة ،...وما مر بها من معاناة من تلك
الخبرة ( الخطيئة ) زرعت في نفسيتها الشك والخوف واتخاذ أسباب الحيطة والحذر في
156
تعاملها مع البشر ،وصارت تلك الصفات غريزة متوارثـة لديها ودون أن ترغب هي بذاك
،والجنين في رحم أمه يعيش عقلها الباطن الخاص وفعالياته .
أما العقل الثاني فهو عقل اليقظة واإلدراك وتذوق الجمال وغايته السعي لتحقيق أكبر
قدر ممكن من اإلحساس بالوجود والسعادة والرفاهية ،ويتضمن ذلك البرنامج الحصول
على متع نفسيـة روحيـةً وملذات حياتية شفافة راقية ليست دنيئة تتعلق بمظاهر الجسد
وجمال شكله ولطافته ورقته ....وقد تجلى ذلك بمحبة المرأة لألناقة والنظافة الشديـدة
يعبر بشكل واضح عن رقتها وأنوثتها ،وأملها من ذلك هو التجمل والظهور بمظهر الئق ّ
و ّ
تقديم صورة الخلق الكامل وجماله المطلق وتحقيق حلمها الدائم ...حلم حواء الدائم ..
وهو المرأة المثالية .ففيه إراحة لنفسها وادخال السكينة إليها وأنها نجحت في تحقيق حلم
ومحبذ لتقدم البشرية
ّ األنثى األولى في الكون .وطبعاً هذا شئ غير سيء بل هو ضروري
وتحقيق سعادتها ورفاهية حياتها وبناء حضارة إنسانية .
لربما حدث شئ من المغاالة في هذا الموضوع لدى بعض النساء فانقلب األمر لضده
ٍ
وحضور وتح َّـول لديهم إلى رغبة في جـذب األنظار واثـارة االهتمام وتحقيق تفو ٍ
ق
مميز ،ومن ثم تطـ َّور األمر الحقاً إلى غرور ُّ
وتكبر وعبادة النفس وفرض الذات اجتماعيٍ ّ
على اآلخرين واحتقارهم ،أي انقلب تطلع المرأة اإلنساني للمثالية الشفافة لنـوع من حب
الذات وكره اآلخرين ،وكثي اًر ما وصل هذا األمر إلى حد تأليه النفس ،وهـذا بالضبط ما
سعى إليه الشيطان وشجع المرأة على فعله بإيحاآته ووسوسته .فالجمال كان دوماً سالحه
والورقة الرابحة بيده في إثارة الفتن والمشاكل ،وما يساعده في ذلك هو أن للمرأة بناء
جسدي رائع فائق الجمال والرقة ،هنا ينشط عمل الشيطان ويزين لها عملها ويبعث في
نفسها مشاعر التفوق والفوقية واأللوهية مما يجعلها تسعى المتالك أكثر مما يمتلكه
التمرد وفطرتها الالإ اردية
غيرها ،وهذا نمى لديها صفة الغرور ومشاعر الحسد والغيرة و ّ
على حب النفوذ والغنى والسلطة واالمتالك ،وهي تعرف مواضـع الحسن والجمال
ومواضع اإلثارة في جسدها وتعي وتدرك معناها وقيمتها وجدواها عند الذكور فتعمل على
تضخيمها وابرازهـا مدعومة بوسوسة الشيطان وتشجيع الجان لها بااليحاء بأنها األكمل
واألجمل واألقدر واألحق على االستحواذ واالمتالك ..كون تلك الكينونات تعشق الجمال
157
وتحبه وتالزم أهله ،فاهتدت المرأة الستعمـال مواد التجميل وبإسـراف شديد ( وهذا ال بأس
لحد ما ...إن لم يكن لفساد ) .فوقع كثير من النساء ضحايـا غرورهن وتمردهن فيه ٍ
وأصبحن جنداً للشيطان وسهمه الذي يرمي به فال يخطئ وموضع سره وحيلته دون أن
تدري المرأة بما صنعته يداها .ويكمن عمل الجان هنا في جعـل المرأة تعيش أحالم يقظة
وردية خيالية تكون هي بطلته الوحيدة فتزداد أنانيتها وتركيزها على الذات وحب الذات ،
وتذكرنا األساطير القديمة ولدى جميع الحضارات تقريباً بوعد الشيطان الكاذب للمرأة بأنها
سيدة الكون والهة البشر ،وما أساطير فينـوس وأفروديت وعشتار وغيرها إال أمثلةً لما
أوحى به الشيطان للناس قديماً فاتخذوا من هؤالء النسـوة آلهةً وعبدوها ،ومازالت مقاييس
الجمال في تماثيلهن إلى اآلن معايير تأمل كل أمـرأة أن تحتذيها وأن تتقمصها للوصول
ط االعجاب واالهتمام .وصار الحب والعشق
لدرجة التأليه والتقديس ،وأن تكون َم َحـ َ
وغذاء وخب اًز يومياً ،مما أفسد كثي اًر من نفسية
ً والغزل والمديح واإلطراء واالعجاب بهن هدفاً
كرهيتهـا الشديدة ألية أنثى أخرى المرأة وجعلها ال تشعر إال بنفسها ،وهذا مايفسر مدى ا
تظهر في حياتها ألنها تخشى منافستها ومهما كانت درجة القرابة بينهما حتى ولو كانت
زوجة ابنها ( كنتهـا) ألن شعورها وعقلهـا الباطن ال يقبالن بأنثى غيرها ملكة في هذا
الكون ....فلربما عشقت المرأة زوج ابنتهـا أو زوج شقيقتها أو زوج أمها شهوة أو انتقاماً
، ......
بعضهن يشعر أن التكاثر والتناسل والتباهي به يحقق لهم هدفهم في تحقيق الفوقية
والتفوق والذات وحب السيطرة واالمتالك ..فجعلوه سلوكـاً وغايةً ووسيلة للسيطـرة وبسط
النفوذ ،وال تشعرن بكمالهن وبصداقة الكون وبقبولهن فيه إال بوجود ذرية لهن ،وطبعاً
التكاثر ليس أم اًر سيئاً ولكن تحوير الهدف والغاية منه بهذه الطريقة هو األمـر السيء ،
يحرض في نفس المرأة ويشجع مثل تلك األفكار والمشاعر هو بث الجان والشيطانوما ّ
عبر العقل الباطن الخاص بها وآليته هي الوسوسة واإليحاء .ومما يصلـح األمر وجود
روادع أخالقية واجتماعية ودينية أو ثقافية ،عندئـذ تتحجم تلك التطلعات المنحرفة
والشاذة وتعود األمور لنصابها .
158
إن مدة مالزمة الجن للمرأة أطول بكثير منها عند الرجل ويخشى أن تكون عند المرأة
بصورة دائمةً .فهي تبدأ مع المراحل األولى للدورة الشهرية وحتى قبل لحظة تشكـل
البويضة األنثوية لديها ،يستمر ذلك األمر حتى في لحظات التلقيح وبداية انقسام الخاليا
الحيـة وتشكل جسم الجنين ،ويعتقد البعض بوجود عالقة بين أطـوار القمر وأوضاعه
وتأثيراته الضوئية واإلشعاعية على الدورة الشهرية للمرأة ،وأن الجان ينشط في فتـرة غياب
القمر فيعبث بالبويضة األنثوية محاوالً تعطيلها أو تشويهها واتالف الجينات فيها
(كروموزوماتها) كي ال تنجح أو تثمر عملية التكاثر ،ولعل هذا يفسر التشوهات الوالدية
والخلقية وحاالت التخلف لدى بعض المواليد ،لهذا يعتقد الكثيرون أن ألطوار القمر دور
رئيسي في العقم وعدم اإلنجاب لدى المرأة ،واليظن أن لمثل هذه الظاهرة أي تأثيرعلى
الحيوانات المنوية الذكرية ألن أعدادها تبلغ أكثر من خمسمائة مليون حيوان منوي فـي
القذفة الواحدة ..وكثير منها قادر على النجاة من أذى الجان وعبثهم ،وبحكم طبيعة الجن
فهم مطلعـون ومتابعون لمراحل نشوء كل خلية في جسد الجنين ومحاوالتهـم مستمرة لزرع
لوثة الشر فيها بالبث والتشويش الذبذبي الموجي بأنواعه الكهربائية واألثيرية ...هذا إذا لم
يفلحوا في قتلها..والتهدأ هذه المرحلة إال بعد الشهر تمام الرابع أي حتى تمام اكتمال البناء
الجسدي للجنين ،وخالل كل تلك الفترة الزمنية تكون الروح الجسدية وهي ( الروح القائد )
هي المسيطرة والفاعلة في إنشاء الجسد البشري ودماغه وتسويته فـي أحسن تقويم والذي
يتجلى ببناء القشرة المخية له والتي هي مقر الروح القدسية فيما بعد ،حيث تستقر فيها ..
عندها يشرع العقل بالعمل ( الفكر ـ الخيال ـ التأمل ـ الوعي ـ اإلدراك ـ الضمير ـ تذوق
الجمال والمعاني الراقية ..الحق ،العدل ـ ضبط السلوك اإلنساني ـ الشخصية ) ...
لحظة دخول الروح القدسية ( الشاهد) يهرب الجن من رحم المرأة وينتظرون خارجه
لحظة الوالدة وظهور الوليد للدنيا ألول مرة ،عندها يعود الجـن إلى جسده مع اندفاع
الهواء لرئتيه ..وينخسون الوليد فيصرخ باكياً من ألم هذا الدخول ،وما من طفـل إال
ونخسه الشيطان إال سيدنا محمد (ص) فقد أعاذه اهلل وهوفي صلب أبيه ثم في بطن أمه
وكذلك السيد المسيح عيسى بن مريم عليه السالم ألنه كان معاذاً وأمه من الشيطان من
159
ٍ
طاهر طيب وحالل وروحهما الكاملة قدسية ِقب ِل جدته ألمه ،لذلك خلق النبيان من ٍ
نبت َ
لم يمسهما شيطان وال جان .
العقل الواعي لدى المرأة أقوى منه لدى الرجل ،وبالتالي ال يتحرر عقلها الباطـن
بسهولة لذلك تأتي أحالمها متأخرة واضحة وعميقة وأكثر التقاطاً وكشفاً لألحداث وأكثر
نشاطاً وجدوى من أحالم الرجل الذي يحتاج األمر لديه لفترة أطول ليتحرر عقله الباطن
فتأتي أحالمه كثيرة وطويلة وعنيفة ،لذلك أحالم المرأة مختلفةً كلياً عن أحالم الرجل ،
وصبغتها وردية تمس النواحي النفسية والعاطفية ،بينما عند الرجل فهي تمس النواحـي
الجنسية والحياتية والمعيشية والصراع والعنف .
يسيطر الجن كلياً على الغريزة الجنسية لدى البشر ( والتي كانت الوسيلة األولى اليقاع
آدم وحواء في الخطيئة األولى قديماً) ،والمظاهر النفسية لتلك السيطرة رغبات وأمانـي
تهيج واثارة وشبق وغريزة وساحة نشاطهـا هو العقل
وحاجات جسدية ومظهرها الديناميكي ّ
المنفذة وهي الدماغ والنفس والجسد ،وأكثر لحظات السيطرة هي اللحظات
الباطن وأدواته ً
التي يغالب فيها االنسان النعاس وقبيل النوم مباشرة ،أي في حالة الال وعـي بين اليقظة
والنوم حينها يكون اللقاء ( الإرادياً ) حميماً بين اإلنسان والجان وعلى أشده خالل في
الظالم الدامس ،ففي تلك الفترة يتخامد العقل الواعي ويتحرر العقل الباطـن ويتمكن
الشيطان والجان من خالله من إحكام سيطرتهم على لب اإلنسان ويحرضـون رغباته
ويثيرون شهواته ويوصلونها للقمة ،واكتشف حديثاً وجود صلة قوية بين النوم واإلثارات
العضوية الجنسية .ومما يزيد األمر فعاليةً ونشاطاً وتعقيداً هو تدفق هرمون الميالتونين
في الدم أثناء تلك المرحلة .والذي يعرف باسم هرمون الظـالم أو هرمون الشباب ...وقد
يكون اللقاء عنيفاً فيدخل المرء في حالة غيبوبة وفقدان للوعي واالدراك مصحوباً بتعاظم
الشعور بالذات وطغيانها مما قد يدفع بالشخص لممارسات شاذة .وبما أن الجان يالزم
أماكن الظالم الدامس ويمارس نشاطه فيه ،لذلك يفضل إضاءة مصباح ضعيف اإلضاءة
في غرف النوم خالل الليل لتجنب تضافر العوامل الداعمة لعمل الجن والشياطين ،وربما
كان اللون األخضر هو المفضل ،أما األضواء الباهرة الشديـدة أو ذات اللون األحمر
واألشعة تحت الحمراء الح اررية ( الصديقة للجن والشياطين) فإنهـا تنشط عملهم وتضعف
161
إفراز هرمون الظالم على المدى الطويل ،مما يضعف الخاليـا الحية ويجعلها تتقدم في
السن فيبدو اإلنسان في عمر يزيد عن عمره الحقيقي ويشيخ قبل أوانه ،ولقد أدرك
أصحاب المواخير وعلب الليل تأثير األضواء الباهرة والخافته علـى الحالة النفسية لإلنسان
ودورها في إثارة غرائزه وجوعه الجنسي ...وهـم يستخدمونها في مشروعاتهم التجارية
دونما حساب أو أي رادع وجداني أو أخالقي .هذا باإلضافـة لألصوات الموسيقية
الصاخبة التي ال ترحم مستمعيها .
لهرمون الميالتونين في بداية تدفقه أثناء الدخول في النوم ليالً صدمة ٍ
لذة واثارة تتزامن مع
تحرر العقل الباطن ودخول الجن والشياطين ساحة الدماغ البشري وممارسة عبثهم فيه ،ّ
لكن مع تزايد إف ارزه ُيطرد الجن والعفاريت من الجسد البشري خاصة في ساعات الفجر
األولى حيث تبلغ تلك االف ارزات ذروتها مما يكسب المرء حيويـةً وشباباً واتزاناً
اجلن واللقاآت اجلسدية
أكثر الحاالت التي يكون فيها الجن والشيطان قرباً من الذكر واألنثى هي في حاالت
اللقاآت العاطفية الحميمة وبالتحديد في حاالت اللقاءآت الجسدية ،إذ تكـون اإلثـارات
الحسية هائلة وفي قمتها والعقل الباطن الخاص لديهما متحرر ونشط ....فإذا كان اللقاء
رحمانياً حالالً نفذته الروح الجسدية بكل شفافية برعاية الروح القدسية وبركتها ،ويتحد
خالله عقالهما الباطنان مع العقل األثيري ...فيتذوق الزوجان لذة روحية مثل تلك التي
تذوقها آدم وحواء قديماً في عالمهما الوردي المثالي األول (الجنة) فيجنيا من ذلك سعادة
جسدية وروحية صافية ال شائبة فيها مثل تلك التي عاشها أبونا آدم وأمنا حواء قديمـاً
وخاليةً من عبث الشيطان وخطيئته ألن الزواج حصنها ،ففي هذا اللقاء تتطابق روحيهما
تناظرياً بالحب وتكاملياً بالجنس ،ويكون الوليد شديد الشبه جداً بأبويه وطبعاً هذا يعتمد
على طبيعة شرائط الدنا البيولوجية الطبيعية لألبوين ،وغلو شدة شبه الوليد ألحد أبويه
سببه زيادة عشق أحد الزوجين لآلخر مما يكسبه صفات الزوج المعشوق وغالباً ماتكون
هي األجمل ..ويعزى ذلك إلى ح اررة اإلثارة وعاطفة أحد الزوجين وشدة حبه لآلخـر مما
اشتهاء فتظهر لدى الوليد .
ً يعزز الصفات األكثر
ّ
161
إذا حدث أثناء اللقاء عبث شيطاني ..تثبط اإلثارة الرومانسية وعذوبتها ويغدو اللقاء
خالياً من كل بركة ومن دور الروح القدسية وينشط بالمقابل دور الروح الجسدية والعقل
الباطن الغريـزي خالل هذا اللقاء ،وتزداد اإلثارات الغريزية ذات الصفات الحيوانيـة
المشحونة بالعنف والقسوة ...وربما وصل األمر لممارسة أنواع من األعمال الشـاذة (
السادية ،الماسوشية ،االباحية ،زنا المحارم ...قتل ) .
خالل اللقاء تحدث أعمق وأكبر عملية إتصال بين العقول الباطنة المختلفة يتم خاللها
حدوث تبادل فكري واسع للمعلومات يتضمن معلومات ..قدريـة ،حياتيـة ،فكريـة نفسية
بل العضوية الحية ( دوافع وحاجات ورغبات ، ) ..لكنها ال تكون مدركة لحظتها من ِق ِ
رغم وعيها الشديد ألن تلك المعلومات تكون سريعة ومشفَّرة ،مما يفسر اإلدراك المستقبلي
ألحدهما لكثير من أفكار اآلخر ،ففي كثير من األحيان يقـ أر الرجل أفكـار زوجته والعكس
أيضاً صحيح عند المرأة ،ولربما كان هذا األمر أكثر جدوى لديها من الرجل ،فهي تدرك
بغريزتها كثي اًر مما يجول في خاطر الرجل وخلده وتق أر أفكـاره وتدرك نواياه بسهولة أكبر .
فأثناء االثـارة واالنفعـال تُطلق كل خلية عصبية دماغية نبضات كهربائيةً ضعيفةً يرافقها
بث موجات كهرطيسية في الفضاء حولها حاملة معها معلومة ربما ال يرغب صاحبها
إفشاؤها ...فيقرؤها الشخص اآلخر ويدرك مافيها ...وهذا ما يفسر البرود الجنسي
المفاجيء الذي يقع أحياناً بين الزوجين ومغادرة أحدهمـا لفراش اآلخر فجأة دونما أسباب
ُمقنعة ،أي أن نتائج تلك الخبرة ..خبرة القراءة الفكرية ربما هي ليست في صالح أي
منهما ،لربما أدى ذلك األمر في نهاية المطاف إلى وقوع العديد من الخالفات والمشاكل
وفقدان الثقة والسعادة من حياتهمـا .
اللقاءات الال مشروعة هي أعياد الجان والشياطين وهم ينجزون خاللها أذى أكثر مما
ينجزونه في أعمال أخرى مما كرسوا وجودهم له ..تمرد ،إلحاد ،ومعاندة اهلل وتحديه
واإلثارة الشديدة الفائقة خالل هذا اللقاء وما يعقبه من خوف وقلق وكآبـة والخشية من
اكتشاف األمر من قبل المجتمع ،كل ذلك يضر باألعصاب ويثير لدى المرء مشاكـل
وجدانية ونفسية واجتماعية خطرة ، ..خاصة إذا أثمر ذلك اللقاء عن وليد غير شرعي
عندئذ يشعر الجان والشيطان بالنصر وبالفرحة والبهجة ،وقد يكون المولود في هـذه الحالة
162
جميالً لكنه ذو نفسية شاذة وغير سوية ،وطبيعة شرسة شريرة ال خير فيها وال ضمير وال
بركة وال تعرف الحق وال العدل وال يدرك صاحبها معنى الجمال وال يتذوقه ولربما كان
مختل العقل أو فائق الذكاء لكنه إجرامي ال خير فيه ألنه من عمل الشيطان وأول ما
قصد أو غير ٍ
قصد ، يؤذي أقرب الناس إليه بما فيهم أبويه ،وربما حدث ذلك معه عن ٍ
ويبقى هذا المخلوق دوماً تحت مظلة الشيطان ومستعداً لتنفيذ أوامره وما تحمله إليه
عرابه ...وهو عبده الطائع الذي ال ذنب له ,
ذبذبات الشيطان وايحاآته ....فالشيطان َّ
وأبواه هما المسؤوالن عما تجني يداه .وماقصة الملك أوديب إال مثاالً على ذلك
في اللقاء الال شرعي يتدخل الجن بذبذباته القوية ويلغي دور الروح القدسية وبركتها
ويشجع دور الروح الجسدية وعملها ويجعل احتمال حدوث الحمل السفاح كبي اًر جداً ...
ولربما جعله أكيداً مستغالً في ذلك قدرة التخلق التي وضع اهلل سرها في العضوية الحية
وينشط العقل الباطن ( ساحة عمل الجان ) ويعبث باألمواج الكهرطيسية الصادرة عـن
المستجـ َّرة ..مما يعني تأثيـره
الذكر واألنثى أثناء اللقاء ،ويسيطر على روح الجنين ً
المباشر على بنيان الجنين الجسدي والروحي والفكري والنفسي والعضوي .
****************************************************
ـــــــــــــــــــــ
الفصل السادس عشر
الرجـل والجـن
163
قد يكون الرجل أقل تأث اًر بالجـان من المرأة ،ذلك أن الرجل بحكم بنائه الجسدي
القوي وصالبة عوده وبعد أغـوار عقله الباطن وصعوبة الوصول له جعله أقل تأثـ اًر
بوسوسة الشيطان وبثه واستف اززه ،ولو كان عكس ذلك ....تغلّبت على طباع الرجـل في
الدرجة األولى صفات الطمع والصراع واألنانية وحب الـذات واستغل أدواتها وهي المـال
والنفوذ والنسـاء ،وهي ذاتها أدوات عمل الشيطان ووسيلته في السيطرة على النفوس
والتحكم بها .ومن مظاهرها انغماس الرجـل في األمور الماديـة والدنيويـة وممارسة طقوس
وصل برامج ومشاريع تلك الصفات إلى الطمع والجشع والربح والسيطرة ،وكثي اًر ما تُ ِ
العنف والجريمة ......ويلي ذلك في الدرجة الثانية ممارسة طقـوس الأخالقية ( اإلباحية
والسيطرة الجسدية ) وباعث ذلك األمر هو شر شيطاني ِ
ص ْـرف .ويأتي بالدرجة الثالثة
التحكم بمشاعر المرأة وعقلها وعواطفها بدعوى الحب والعشـق وطبعاً ليس كل الحب
والعشق باعثه شيطاني ..بل معظمه عاطفة قدسية سامية هدفهـا وخاتمتها الطبيعية هو
الزواج .ولكن هذا النوع من الرجال يخشى هذا النوع من العالقة التشاركيـة العاطفية رغم
أنها نبيلة ومباركـة ،فمن وجهة نظره الزواج مؤسسة لهـا متطلباتها وواجباتها ومسؤولياتها
وعليه إنجازها ، ...من هنا يدخل الشيطان إلى النفس البشرية عبر العقل الواعي ويعبـث
بالوسوسـة والتحريض في العقل الباطـن للرجل ويضعف مقاومته تجاه المحظور ويشجعه
على تحطيم حواجزه ومن ثم تطبيق البرنامج الثاني وهو الجنس اإلباحي ،وطبعاً الرجل
النقي صاحب الفكر الواعي والقلب الطيـب والسريرة الصافية والنفس السوية وكذلك كثير
من النساء ال يقبـل بمثل هذا األمر وان بدى األمر لذيذاً وممتع لما فيه من مغامرات مثيرة
لكنه محفوف بالمخاطر والمهالك ..لذلك تقاومه المجتمعات السليمـة وتضع العوائق في
طريقه وال تسمح بوقوعـه فيهـا بسبب البناء الجسدي القوي للرجل تكون أحالم اليقظة
عنده أقل منها عند المرأة ،وان حدثت كانت أكثر مادية وواقعية وموضوعية منها عند
المرأة .فتركيب جسدها الرقيـق وأحاسيسها المرهفة ونبل أفكارها وشفافيتها تشير بجالء إلى
طبيعة روحها النقية وقـوة عقلها الباطن وقدرته الكبيرة على الكشف ،مما يجعلهـا أكثر
وتقبـالً إليحاءآت الجن ووسوسة الشيطان من الرجل ،وهذا ما يفسر كثرة
عرضـةً وتأث اًر ُ
أحالم يقظتها الوردية والمتعددة المواضيع والموضوعات ،وبالتالي فهي تشغل مساحةً
164
ض ِّمن أحالم
ذهنية وزمنية البـأس بها من فكرها ونفسيتها ،ولشدة خجلها ونعومتها تُ َ
يقظتها كل أمانيها وما قد تستحي أن تبوح به لآلخرين حتى ولو كان حقاً لها .لذلك يستغل
الجن والشيطان وبشكل دائم هذه الناحية الرقيقة الشفافة من نفسيتها فال تعد أحالم يقظتها
وردية عذبة أحيانـاً .
قد تكون أنشط فترات تعامل الجن مع اإلنسان خالل نومه ،فعند استغراق الرجل في
النوم ينطلق عقله الباطن الخاص ويجول في أغوار بعيدة قد تكون عميقة داخل نفسه أو
خارجها أو االثنين معاً ،ويواجه خاللها أحداثاً صاخبةً ويخوض غمار معارك حاميـة
وغاية عقله الباطن هو تحقيق الذات والنصر على األعداء والتغلب على ما قد مر بـه
الرجل من أسى في يومه .....وجل أحالمه يسيطر عليها الجان والشياطين ويغ ّذوهـا
بصور العنف والقسوة والسيطرة ،وكثي اًر ما تنتهـي أحالم الرجل باألمور الغريزيـة والشهوات
الجسدية وهي مجال عمل الجن والشياطين حيث يتركز ج ّل عبثهـم في أكثر األماكن
حساسية واثارةً في جسد الرجل ،ولعل تلك األماكن هي الغدد النبيلة التناسليـة وجعلها
تتخلى الإرادياً عن ماء الحياة فيها .وغاية الجن من ذلك هو إتالف ماء الحيـاة واقالل
فرص التكاثر والتناسل عند البشر .وطبعاً التكرار اليومي لمثل تلك الظروف قد يؤدي
بالرجل إلى حاالت مرضية مثل الصراع النفسي والشعور بالقلق والكآبة .أن ما يحدث له
هو شئ غير طبيعي ويخالف كل الشرائع ويظن أن نفسيته غير صالحة فيأخذ في لوم
فرط ،ولكن حقيقة ما جرى لم يكن بإرادته ولكن الشياطين والجن هم اللذين
نفسه على ما ّ
يحمل نفسه فوق طاقتهـا وأن ال يلوم نفسه ،
أوقعوه في هذه الورطة ،ويجب عليه أن ال ّ
فذلك من عمل الجن والشياطين ،وما عليه سوى االستغفار ومحاولة ضبط نفسه ليس إال
، ....يرصد الجن والشياطين لحظات اللقاء الحيوي بين الرجل والمرأة مهما كان نوعه
اء كان شرعياً أم ال ...ويشجعون عليه لغرض في أنفسهم ،فبعـد اللقاء يخرج الجن
سو ً
والشيطان القرين من جسد الرجل األنسي ويدخلون جسد المرأة ،أما الرجل فيخلـد بعد
اللقاء للراحة والسكينة ،بينما تدخل المرأة في دوامة الهواجس والقلق والكآبة والخوف مما قد
يحمله المستقبل لها من مفاجآت ومعاناة ،ويكون الصراع أشد وأعنف إذا كان اللقاء غير
مشروع ..لقد دخل الجن وشيطان الرجل القرين في جسدها عن طريق عقلها الباطن
165
......وحلت هذه الكينونات الخفيـة في جسدها بالرغم عنها ال بإرادتها ليتابعوا خالل فترة
تكون الجنين داخل رحمها ،وهذه الكينونات الخفية سوف تحاول مع مرور الحمل مسيرة ّ
الوقت متابعة العبث بتفاعالت كيمياء جسدها وهرموناته وكهربائيته وأخالطه وتوازناته...
مما يفسر تقلب أهواءها وأطوارها خالل فترة الحمل وهم سيمكثون داخل جسدها أو
بالقرب الشديد منه وخالل كل فترة الحمل وحتى انتهائه بالوالدة ليتابعوا مسيرة تركيب جسد
فكر أو خيال أن يتصور أو يدرك علم أو ٍ الجنين .واليستطيع أي إنسان مهما أوتي من ٍ
مدى الهول الصامت الذي تمر به األنثى الحامل ،ويقصد من هذا القول مدى األخطار
الجسدية والنفسية والوهن الذي ينتابها خالل فترة الحمل ألنها تواجه خالله أم اًر كونياً فائق
الغرابة بالنسبة لها ....وهذا غير خوفها على جنينها وغير ألـم الوالدة في نهاية األمر
، .....
****************************************************
166
ــــــــــــــــــــــ
الفصل السابع عشر
الجـن والجنيـن
(( قال أرأيتـك هـذا الـذي كرمـت علـ ّي لئـن أخرتـن إلى يـوم القيامـة
قرآن كريم سورة اإلسراء ( 24ـ ) 25 ألحتنكـن ذريته إال قليـال ))
يفرح الجن والشياطين بلقاء الذكر واألنثى ويراقبون تلك المرحلة باهتمام كبير ألن
ج ّل عملهم يتركز في تلك الظاهرة الطبيعية لدى البشر ،ألن تلك الظاهرة كانت مفتاح
العالقة بين الجن والبشر .ولشعورهم أيضاً أن األنثى والذكر المتالقيان يمارسان واقعة
يمارسها الجن أنفسهم بنفس األسلوب والطريقة وعلى طريقة ..ماحدا أحسن من حدا،..
وأن تلك الواقعة تفتح لهم ومها كان نوع اللقاء سبيالً وطريقاً ومجاالً لعملهم ،وهم من
خالل ذلك يتابعون الُبداآت المادية والنفسية لنشأة اإلنسان وعناصر تركيب جسده النفسية
والفكرية دون أن يستطيعوا مس روحه ألنه ال سلطان لهم عليها لطبيعتها الالمادية والال
تطورية مع الزمن ......فهي تُخلق مباشرة بأمر اهلل وبكلمته .وبالتالي ليس لها طبيعة
مادية كي يتعلق بها الجان ويمارسوا أفعالهم من خاللها ،أما ظاهرة خلق الجسد البشري
فيتابعه الجان وحتى قبل أن تُخلق أول خلية حيـة فيه ،وبالتالي فهم يدركـون طبيعة
جسدي األبوين ونفسية كل منهما ويدركون آثار الحالل والحرام لديهما والخبرات التـي مرت
بكل منهما ،كما أنهم مطلعون على نفسية وسريرة وطوية كل منها ومايجول في خاطره
وما ران على قلبه من كسب وظروف وخبرات وحتى على مستوى نسمة الهواء الواحدة .
فكل ما يمر به االنسان تنغرس آثاره في فؤاده ( العقل الباطن ) ،لذا تعتبـر لحظة اللقاء
الجسدي أكثر الظروف مالئمةً لزرع لوثة الشر وتنشيطها في الدنا البشرية الجديدة للجنين
وذلك إبان حياكة األخيرة لعضوية الجنين ،وكأن اللوثة فيروس يزرعه الجان والشيطان
ويرعاه في عضوية اإلنسان وفي فكره وعقله ،...أو هي عملية تنشيط فيروس الشر الذي
167
زرعه إبليس في الدنا البشر األوائل ..والذي ظهر عن طريقه الظلم والفساد في األرض
وساد حتى اآلن .
تعتبر تلك المرحلة ومايليها من مراحل ......هي حالة تفتق حيوية وظهور مولود
باالنفصال ،وتكون هذه المرحلة صاخبةً بانشطارات ال حصر لها لشرائط الدنا وانقسام
الخاليا العضوية الحية ،لذلك تعتبر لحظات تلك المرحلة من أخطر لحظات عمر الجنين
والجن يرقبون لحظة اللقاء الجنسي ويشجعون عليه سواء كان حالالً أم حراماً فال فرق
ليتدخلوا لحظة اندماج محتويات الحيوان المنوي بالبويضة األنثوية ،ويحققوا مـن وراء ذلك
انتصا اًر ويغيروا من خلق اهلل ،وطبعاً موضوع االختراق والتدخل هو أمر ميسـّر لهم ألنهم
يعملون من خالل العقل الباطن الخاص ومن خالل البعد الخامس الالزمنـي المرتبط
بطبيعتهم ،وهم يشجعون أي لقاء بتحريض الشهوات واثارة الغرائز وبالحـث واالستفزاز
واإليحاء والتزيين بالمغريات وصور اللذة والمتعة الجنسية والراحة النفسية والحسية،..
وأدواتهم الفيزيائية التنفيذية في ذلك هي كهرباء الجسد والتفاعالت الكيميائية والهرمونية فيه
، ...وهم يغالون في اإلثارة كي يتجاوز اللقاء حدوده الطبيعية والوقوع في دوامـة االنهيار
النفسي واالحساس بانهيار الزمان والمكان وتعاظم اإلحساس بالذات والقدرة على تحدي
قوانين الطبيعة واختراق حجبها ومحظوراتها وتحطيم أسوار المح ِ
َّرم فيها ،وربما دفع هذا ُ
الشعور بصاحبه لممارسة أنواع من الشذوذ واإلباحية بغية تحقيق أعلى درجة من المتعة
والنشوة وينهل خاللها أعظم لذة ممكنة ،فاختراق الممنوع يضخم الطاقة الحيوية ألبعد
مدى .ويبدو األمر خاللها وكأن المرء يحاول اقتناص فرصة نادرة لن يتكرر ثانية في
حياته وعليه أن يحقق منها أعظم مكسب ،ويبدو له األمر كمن يسرق شيئاً ليس من حقه
وفي غفلة من الزمن ،عندها يتجمع في عقله الباطن وروحه الجسدية وفي فؤاده كل
الوعي الكوني الحسي ويتخامد نشاط المخ عندئذ ويلغى دوره في الردع ،لحظتها يتمكن
الشيطان من ناصية االنسان واحكام السيطرة عليه والتحكم بعقله وسلوكه ويجعل منه
متحدياً للخالق ومتمرداً عليه .ومما يسرع في هذا اللقاء الال شرعي هـو كونه أكثر متعة
واثارة ولذة من اللقاء الشرعي وآثاره وذكراه ال تنسى مع مرور األيام وكأنها طُبعت في
العقل الباطن لإلنسان رغم قناعة المخ وادراكه الكامل بعدم شرعيـة هذا اللقاء ،ورغم شعور
168
المرء الدائم بالخوف من عقاب السماء أو المجتمع ولكن الدماغ ما يفتأ يستعيد تلك الخبرة
في ذاكرته باستمرار ويستمتع باجترار متعتها ولذتها ،فالعقل الباطن هو الذي سجل
واحتفظ بصور العواطف والمشاعر وهي في قمة ثورتها العظمى لذلك يتذكرها المرؤ دون
أي إحساس بالندم ...وأن الزمن كفيل بالصفح والنسيان ،أما إذا كان اللقاء مشروعاً فال
توجد فيه مثل تلك التحديات واإلثارات والطاقات العالية كما التوجد فيه ح اررة اإلثم وال
عاطفته وال إثارته ،لهذا السبب ال ينجح كثير من مثل هذه اللقاءات رغم كونها حالالً ،
مجردةً من الشغف واللهفة وقـد ال يثمر مثل هذا اللقاء بحمل ،..
وان حدثت كانت باردة َّ
وطبعاً هذا ال يعني أن الحرام هو األكمل ،بل العكس هو الصحيح ذلك أن وقع الحرام
على قـدرات االنسان الجسدية وملكاته النفسية والروحية يكون عنيفاً ومرهقاً لها ويترك آالماً
روحية عميقة التزول مع الزمن ،مما ُيفقد المرؤ سريعاً حماسه وقوته وشبابه واتزانه
وبشكل مأساوي وبطريقة ال تعويض فيهـا .
في الحالتين ( اللقاء الشرعي والالشرعي ) يتابع الجان والشياطين مسيرة الحيوانات
المنوية المتدفقة في جسد المرأة وبأعدادها الهائلة التي ربما وصلت نصف مليار حيوان
منوي في القذفة الواحدة ،ويشجع الجان الحيوانات المنويـة على الوصول للبويضـة األنثوية
واالقتران بها إلحداث حمل سفاح في الحالة األولى بغية إيقاع األذى باألبوين ،ولربما
شجعـوا حيواناً منوياً غبيـاً من الوصول للبويضة َّ
ومكنوه من دخول البويضة األنثوية
وتلقيحها ،خاصة أن عدد الحيوانات المنوية الغبية حوالي ( ) %00من العـدد الكلي
للحيوانات المنوية والباقي وهو( ) %1فقط هو الذكي منهـا .
أما في الحالة الثانية فهم يحاولون قتل جميع الحيوانات المنوية وخاصة الذكية منهـا
بطرق شتى أثناء تسابقها مندفعة نحو البويضة األنثوية وهذا من جملة عملهم ،ويتم لهم
ذلك بوضع عوائق ذبذبية عديدة يبثونها ليسببوا خلالً حيوياً في األخالط الجسدية للرجل
وللمرأة ....مثالً العبث بمقياس الحموضة ونسبه يجعل من تلك األخالط أوسطـاً غير
ويقضى على كثير منهامالئمة كيمائياً لحركة الحيوانات المنوية باتجاه البويضة األنثوية ُ
وهذا ما يفسر سبب حاالت العقم الدائم أو المؤقت لدى النساء والرجال ،ومما قد يساعد
الجن في عملهم وجود موانع اصطناعية يضعها االنسان نفسه وغالباً ما تكون كيميائيـةً
169
أو هرمونيةً ومثل تلك المواد خطرة بحد ذاتها على صحة االنسان .....إلخ .والنتيجة
حدوث تشوهات خلقية أو نفسية ، ....
لربما كان لتلك التشوهات ما يدعمها وراثياً سببها لوثة مزروعة قديماً في دنا األبوين
فيشجع الجن على انتقالها للجنين .
تمكن أحدها من الوصول للبويضة المتهادية في حركتها على جدار أحد بوقي لكن ربما َّ
المبيضين ،وعندما يصل إليها ..تبدو له كجبل هائل يتجاوز ارتفاعه أكثر تسعة آالف
متر ..وعليه اختراقها .ويتم له الفوز باختراقها عندما يكتشف ممرها السري ويلج فيه
ولكن يستغل الجان تلك اللحظة ويدخلون البويضة معه ،وهي فرصتهم الذهبية الوحيدة
لدخول البويضة األنثوية ،ألنهم غير قادرين من تلقاء أنفسهم على دخولها لوحدهم فهي
محروسة من المالئكة ،فهم عاجزون عن فتح أي شيء مغلق أو إغالق أي شيء مفتوح
فهم قاصرون تماماً عن القيام بأي حركة ميكانيكية وها قد قام بهذه المهمة حيوان منوي
وهم جاهزون لألنقضاض ودخول البويضة معه ،ولديهم برنامج عمل دائم مع المخلوق
الجديد ..وهو الجنين ،وها قد سنحت الفرصـة .
اليكتمل إحساس المرأة بوجودها في هذا الكون إال بالتكاثر ..وتكون فرحتها العظمى
لحظة أحساسها بانبثاق الجنين في أحشائها ،لذلك كان الـزواج واالنجـاب ضروريان للمرأة
أكثر من الرجل ،والزواج هو أسهل وأسرع وسيلة لإل تصال بالخالق وأفضل من الزهد
والتصوف وأكثر جدوى منهما .لذلك يجب على االنسان تحقيق الـزواج وتعدده ليشمل كل
ذي أنثى .حينها تبلغ األنثى ذروة سعادتها وأحساسها بالوجود من حولهـا .
عالقة الكون بالحياة موجههٌ للتعامل مع األنثى يحديداً وفي حاالت نادرة مع الذكـر،
وفي حالة االنسان يتعامل الكون مع المرأة مباشرة .فالجنين ينمو في أحشائهـا واليحيا
لحظة واحدة في جسم والده ..وعندما يمر بجسد والده فهو ليس بجنين بل هـو نصف
حقيقة وبشكل حيوان منوي ( نطفة ) ليس فيها حياة ،وروحه الجسدية تنسج جسده من
جسد أمه وباشراف روحها الكاملة ،وبالتالي فهي تميه من جميع قوى الكون والطبيعة وما
هو خلف الطبيعة .
الوحم واجلن
171
الوحم هو حالة خاصة نسائية وليست ذكورية ،هدفه البيولوجي هو إتمام تجميع العناصر
البناءة لتركيب جسم الجنين والتي يلح جسد المرأة في طلبها وتأخذ شكل رغبة أو شهوة أو
أمنية تبديها المرأة الحامل وعادة ما تكون غذائية ،وأغلب الظن أن الجسـد البشري األنثوي
قد يعاني من نقص لنوع من العناصر الكيميائية أو العضوية أو الهرمونية فيبدأ جسدها
بطلب تلك العناصر بشكل وحام ،وبما أن جسدها يتمتع بتركيب خاص وحساس جداً
فعال بشكل دائم ..وبوتيرة أعلى أثناء مرحلة من الحمل وكذلك عقلها الباطن نشط و ّ
وتأثر لما يوحى إليها ،ويكون الجان
اً عندها تكون الحامل من الناحية النفسية أكثر قبوالً
أيضاً نشيطاً في عمله من خالل ساحة عقلها الباطن ،لذا تعتبر فترة الوحم فرصةً سانحة
ومجاالً خصباً ليمارس فيه الجن والشيطان عملهما ،ومرحلة يتشوقان لها وينتظرانهـا
المرة والجنين .إذ تكون في أشد حاالتها البيولوجية ضعفاً
ويرحبان بها ليعمال في جسد أ
من الناحية الصحية ،واألعظم نشاطاً في بناء جسد جنينها وأعلى تقبالً ال إرادياً لعملهما
وكل ذلك يتم دون إد ارك أو وعي منها ،وعن طريق الذبذبات يحاول الجان التدخل في
عمل الروح الجسدية للمرأة ولجنينها ،ويوجه ذبذباته لدنا الجنين أثناء تشكلها ويحاول
تغيير طبيعتها وج أًز من خريطتها ليسجل فيها مخططاً استثنائياً فيروسياً يتضمن رسمـاً
للوحمة واظهارها في جسد الجنين ،والعقل الباطن الخاص هو الذي يقود كل فعاليـات
نشوء الوحمة وظهورها ،وطبعاً ال تخلو الوحمة والوحام من بصمات الجان وعبثهـم
يظن البعض أن مشروع ظهور الوحمة يبدأ عندما تشتهي المرأة الحامل شيئاً ما ..
وترغب في الحصول عليه ثم تحك أو تهرش مكاناً ما في جلدها ،وحين يولد المولـود تبدو
الوحمة مسجَّلةً في جسد المولود وفي نفس البقعة المناظرة لها من جسد األم والتي كانت
موضع الحكة األولى في جسدها .
وقد روى لي بعضهم أن أبويه قاما بتجربة الوحمة عليه ...ذلك أن في جسد الزوج
عالمة ( شهوة ) بشكل شامة ،وأطلع زوجته عليها وكانت حامالً ...وح ّكت جلدها في
مكان آخر غير ذاك الذي لزوجها ..وبعد الوالدة ظهرت الشامة في جسد الجنين فـي نفس
البقعة ( منطقة الهرش ..الحكة ) وليس في البقعة المناظرة في جسم األب ...إذن التفكير
171
في الشيء والتركيز عليه ربما كان له دور كبير في تحققه .....وأن للرغبـة واإلرادة
مجد في تحقق األمر ،وأغلب الظن أن آلية زرع الوحمة هي كما يلي : والتمني أثر ٍ
لربما كان للتركيز الفكري واطالة التمني والغلو في الرغبة لشيء ما أثر كبير على
ور أو تغي اًر في مسيـرة
العقل الباطن للمرأة والذي بدوره يؤثر في الدنا الحيوية مما يسبب تطـ اً
التفاعالت الكيميائية والهرمونيـة نحو تلبية الرغبة التي يلح بها خاطر المرأة وفكرها ،فيتأثر
دنا الجنين وتنطبع صورة المشتهى فيه ،خاصـة أن للمورثات البشرية مايماثلها في
الكائنات األخرى ،مثالً مورثات العين أو السمع الموجودة عند اإلنسـان موجود مثلها أيضاً
لدى العديد من الكائنات الحية األخرى ..كما وجد أنه باالمكان تقوية مورثة على حساب
أخرى فيطغى تأثيرها على نسيج جسد الجنين وتحدث عملية تحوير لدنا الجنين باتجاه
صيغة الدنا للمشتهى من الفاكهة أو باتجاه صورة الدنا لحيوان مشتهى فتنطبع على الجلد
مثالً صورة كرزة أو توتة مثالً ،وغالبا مايشاهد مثل تلك الوحمـات على وجه الوليد أو
رقبته أو خده ولها نفس شكل الوحمة التي أرادتها األم ،أي حـدث تشجيع وحث لمورثة في
جسم الجنين أكثر من غيرها فكانت نشطة وفعالة فبرزت آثار تعاليمها واضحة في جسم
الجنين .
غالباُ ما يحلو للمرأة الوحام ألشياء غير متوقعة ،وقد تبدو ( شاذة ) لكثير من الناس كأن
تشتهي المرأة هيئة حيو ٍ
ان ..أرنب أو فأر مثال ًً ..وتركز تفكيرها بشدة على تلك الفكرة
واألغرب من ذلك أن المولود يكتسب صفات تلك الكائنات وتصرفاتها وحتى نفسيتهـا وربما
عاداتها وسلوكها لحد ما ،قد شاهدت بنفسي مثل تلك الحاالت فعالً ...وقد تتفتح شهية
المرأة الغذائية على أكل أشياء ال يصدقها العقل فقد تأكل الطين ،أو تحب تنسـم روائح ال
تخطر على بال ، ....
قد ال تبدو الوحمة واضحة لدى المولود في األيام العادية ،ولكنها قد تتضح ويشتد
ظهورها وعنفوانها في أوان نضوج الفاكهة األصل المشتهاة ،مثل التوت أو العنب إذ
يحدث فوره أو ثورة للوحمة فتبدو واضحة أوان نضوج فاكهتها في الصيف مثالً ،ثـم تعود
لتختفي ثانية في غير أوانها .
172
أغلب الظن أن كل ما تطلبه نفس المرأة الحامل يتحقق عندما تركز فكرها فيه خاصة
أيام الحمل األخيرة .وبتحديد أكثر مع اقتراب موعد الوالدة لما يحدث في تلك الفترة من
نشاط فائق للتفاعالت الكيميائية والهرمونية والكهربائية والبنائية لخاليا الجسد والدمـاغ
واطالق األمواج المختلفة األنواع والترددات فيتصل عقلها الباطن بسهولة كبيرة بالعالم
ويلبى طلبها بشكل استثنائي ،ولربما كان السبب في تحقق رغباتها هو غـ ازرة وشدة
العلوي ُ
فعالية األمواج الكهرطيسية الصادرة عن خاليا دماغها وشفافيـة روحها وسهولة تحرر
عقلها الباطن الخاص أثناء فترة الحمل ،وهذا مايفسر قدرة المرأة الحامل علـى إدراك إدرك
ٍ
كثير مما يدور في أذهان الناس حولها ،كما أن اتصالها الالإرادي مع الجن يكون أم اًر
أشده ألنها تحيا بعقلها الباطن الذي هو بنفس الوقت ساحة عمل الجن ،
وارداً وعلى ّ
والمرأة بطبيعتها تخشى الجان وأفعالهم وأذاهم ،فهم سبب تعاستها وزوال النعيم الذي
كانت تحيا به في الجنة والشيطان هو الذي جعلها تلد باأللم ...لذلك تلجأ األنثـى فطريـاً
وفور شعورها بالحمـل إلى التعبد واللجوء إلى الخالق راجيةً أن يحمي ما في بطنها من
أذى الجان والشيطان وأن ُيجنب جنينها كل شر ،وبذلك تُحسن صنعـاً .
173
إن نجاح الجان في ذلك األمر يثبت عبثهم ونشاطهم الالمرئي عبر العقل الباطن للجنين
أي بكلمة أخرى أنهم تمكنوا من التدخل واإلخالل بعمل الروح الجسديـة أثناء تنفيذهـا
البرنامج المكلفة به إلهياً في نسج وحياكة خاليا جسد الجنين والتي يبلغ عددها أكثر من
تريليون خلية ،ويتم ذلك التدخل خالل فترة أربعة أشهر األولى من الحمل وأثناء انقسام
الخاليا وتمايزها ليكون الجسد كامالً وجاه اًز الستقبال الروح القدسية ،والتي هي الشطر
الثاني للروح اإلنسانية .
قد يظن المرؤ أن مثل تلك الذبذبات غير فعالة أو غير مؤثرة بسبب ضعفها الشديد ،
لكن الحقيقة عكس ذلك فهي ذات تأثير بالغ .ويمكن شرح ذلك كما يلي :
إذا علمنا أن البشر يتطابقون وراثياً بما يعادل ( )%00،0ويختلفون بمقدار( ) %0.1
فقط عن بعضهم البعض ،وهذه النسبة في أل (د ن أ) للبشر هي المسؤولة عن اختالف
أشكال البشر وطباعهم وسلوكهم وشخصيتهم وتؤمن التنوع الواسع الوافر بين الجماعات
البشرية ،وهذا االختالف هو الذي جعل هذا الفرد إفريقيـاً أسود اللون وهذا أوروبيـاً أبيض
اللون وذاك صينياً أصفر اللون ..وهكذا ،مما يدل على حساسية مكونات الجسم البشري
ألي مؤثر خارجي مهما كان ضعيفاً ،ويكفي في هذا المقام أن نعرف أن التشابه بين (د ن
أ) لإلنسان والشمبانزي يفوق ما نسبته ( )% 00، 5ومع ذاك فاإلنسان يختلف في
شخصيته وسلوكه كلياً عن الشمبانزي رغم التشابه الكبير جداً في الخريطة الوراثية لهما ،
خاصة أنه اكتشف في اآلونة األخيرة وجود مناطق في صامتة في أل ( د ن أ ) البشرية
عرف
وغير نشطة تنتظر من يحرضها ويحثها ويستفزها على العمل ،ومناطق أخرى ال ُي ُ
عملها أو وظيفتها حتى اآلن رغم التقدم العلمي الهائل الذي وصل إليه العصر الحديث ،
فمثالً لدى اإلنسان مورثة مسؤولة عن نمو ذيل الفأر لديه لكنها صامتة ،ولكن لو تهيأ لها
تحريض واثارة مالئمين ...مثالً بث موجي يسلط على تلك المورثة له تردد يتوافـق أو
يتجـاوب مع بعض الطاقـات الرابطة بين القطع الفسيفسائية لمكونات ألدنا البشرية معها
لجعلها تنبعث نشطة وتنمو ويغدو لإلنسان ذيل كالفأرة تمامـاً .
هذا يفسر مدى النجاح الكبير للجن في زرع لوثاتهم وأذاهم في المورثات ِّ
وتغير سلوك
ك معظـم
وتفكير اإلنسان بما يكفي لجعله مجرماً أو ملحداً أو ظالماً ،لهذا السبب ال يدر ُ
174
جبار
ملحد ٌ
المشوهين خلقياً أو نفسياً النواحي القدسيـة والجماليـة في هذا الوجود ،وأكثرهم ٌ
وغير مؤمن بالخالق .لذلك التمسوا الخير عند حسان الوجوه فهم أكمل روحـاً من هنا
يجب أن نتن ّبه وأن نستنتج أو( أن نتساءل) ...ربما كان سبب معظم التشوهات الوالدية
الخلقية أو النفسية أو السلوكية ،وكذلك لوثة الشر لدى البشر وبما تحمله لهم من أذى
سببها بث الجـن لذبذبات معينة على مورثة ( جينة ) معينة واستفزازها للعمـل وجعلها
تؤدي مهاماً غير مرغوب بها اجتماعياً أوانسانياً أوروحياً أو صحياً ،...لربما أنكر
ملموس تدركه
ٌ الناس هذا األمر في البداية ،ويعود ذلك لعدم إدراكهم أو قناعتهم إال لماهو
مقاييسهم وتراه عيونهم .ومما يؤكد صحة ذلك هو أن الروح الجسدية والجـان والشياطين
تعمل كلها في مجال العقل الباطن ألالمرتبط بأبعاد الزمان والمكان .لكن مما يهدئ هذه
الحالة في اللقاء الشرعي كونه غير صاخب واإلثارة فيه قليلة ألنه غالباً مـا يكون هادئً
رتيباً روتينياً الحماس فيه فينجو الزرع من عبث الجن لبرهة .
عي فيشجع الجان الحيوانات المنوية الذكية والغبية على حد سواء ال
أما إذا اللقاء غير شر ٍ
فرق للوصول للبويضة الهدف وتلقيحها دون عوائق تذكر ،ولكي يضمن تحقق زرع لوثته
في الدنا البشرية والتي يكون تقبلها للوثة الشر الصادرة عن الجن أسهل وأسرع منها في
حالة اللقاء الشرعي .وذلك بسبب اإلثارة الشديدة لألنثى وللذكر ومدى الطاقة العظمى
ودهاء
ً وذكاء
ً التي يمران بها في هذه الحالة الممنوعة ،والتي قد تعطي وليداً أكثر جمـاالً
من الوليد الشرعي لكنه يكون أكثر شذوذاً وحقداً وشرو اًر ،وتسيطر على فطرته غريزة
العنف وعقلية أنا األعلى وال خير في أعماله وال حب في قلبه وال جمال في أحاسيسه ..
وأول من يقع في دائرة شروره هم أهله وأخوته واألقربون إليه ..وربما نفذ فيهم أذاه دون أن
يدري هو بقرابتهم له ..وما قصة الملك أوديب اإلغريقي الشهيرة إال مثاالً على مثل تلك
الحالة ،فهو ابن زنا ألمه الملكة جوغاستا ،وعندما شعر زوجها الملك بخيانتها سلم وليدهـا
اع كفل تربيته ،وعندما شب
ألحد حراسه ليقتله ،لكن ذلك الحارس سلم الطفل إلى ر ٍ
أوديب غدر بالراعي الذي رباه وذهب للمدينة ،وفي الطريق وعند مفترق طرق كادت
عربة تجرها الخيول أن تدوسه ،فما كان منه إال أن قفز على العربة وضرب سائقها وقتله
،ثم قتل رجالً مسناً كان بداخلها وهو ال يعلـم أنه الملك ،وعندما وصل مدينة كورنثا
175
وجدها في حالة بؤس شديد .ذلك أن اإلله أبولو كان غاضباً عليها و َّ
أحل نقمته عليها،
وجلس رابضـاً بشكل وحش ضخم على جبل األولمب المطل على المدينة ،وكان يتربص
بسكانها المنون ويمنع عنهم الماء والخير ،وكان شرطـه لرفع الغضب أن يجيب أحد
ٍ
متحد ال يستطع سكانها على سؤاله المعجز المتضمن لغ اًز محي اًر ،وكـان القتل نصيب كل
اإلجابة على هذا سؤاله .وكان هناك ثمة إعالن عـن مكافأة بأن يتزوج الملكة من يستطيع
حل لغز هذا السؤال .
المعجـز التالـي :
صعد أوديب ذلك الجبل متحدياً أبولو .وفاجأه أبولو بالسؤال ُ
ما هو الشيء الذي يسير على أربع أول النهار وعلى اثنين في وسط النهار وعلى
ثالث آخر النهار .واستطاع أوديب أن يجيب على ذلك السؤال ....لقد كان الجواب هو
اإلنسان ...فهو يحبو على أربع عندما يكون طفالً ثم يسير على قدميه منتصب القامـة
عندما يصبح شاباً ثم يسير على ثالث وهي رجاله وعكازه عندما يشيخ ويهرم ،وهكذا
استطاع أوديب أن يحل اللغز ..ويرحل أبولو ويتزوج أوديب الملكة ،والتي كانت أمـه دون
أن يدري ،وبعد أن أنجب منها طفلين ذكرين وابنتين وكبروا أخبره في أحد األيام شخص
بحقيقة قصة مقتل الملك ،فإذا به يكتشف أنه قتل أبيه وتزوج من أمه وأن أوالده منها هم
في الحقيقة إخوته أيضاً ،وفي ثورة غضبه وندمه على ما فعل انتقم من نفسـه وفقأ عينيه
كي ال يرى ما صنعت يداه ،ولم تلبث أن انتحرت الملكة أمه لهول ما جرى وهام أوديب
على وجهه في البراري والسهول وابنتاه تخدمانه في تشرده ومحنته ..ولم تنتهي القصة
هاهنا ،بل أصبح أوالده ملوكاً متناحرين وتحاربوا فيما بينهم وقتل بعضهم بعضـاً .
القصة طبعاً التخلو من عبث الجن وأذاهم في خلط األمور وتدمير النفوس وما نشاهده
مكررةً عن قصة الملك أوديب
ّ بوضوح في المجتمعات اإلباحية الحديثة ماهو إال صورةً
والتي يعتقد الكثيرون بأنها كانت قصة حقيقية ،ورغم تقدم الحضارة الغربية المعاصرة
والمدهشة إال أن الغربيون لم يدركوا بعد أفاعيل كينونات طاقية خفية قابعة في عوالـم ما
وراء الطبيعة وخلف حدود المادة الجهرية في عالمنا ...هذا من ناحية .ومن ناحية أخرى
لعل وراء إنكارهم وجود مثل تلك الكينونات حكمـة ما ،وأغلب الظن أنهـم لو آمنوا
بوجودها وتمكنـوا من الوصول لها وتعاملـوا معها الستغلوها ضد البشر أبشـع استغالل
176
وفعلوا البِ َدع ونكلوا بالبشر وسينقلبون عندئذ وحوشاً أكثر شراسة من الوحوش والضواري
الحيوانية ألن نفوس الكثيرين منهم أصالً فاجرة وغير سويـة .
روح المخلوق البشري الشرير( وبالتحديد االبن غير الشرعي ) ليست كاملة وهي ليست
أكثر من روح جسدية حيوانية عدوانية ....وروحه القدسية إن كانت موجودة لديه فهي
معطَّلة خامدة ال تستطيع ممارسة مهمتها ألنها َّ
مكبلة بإثم وخطيئة األبوين ،وال تقربـه
المالئكة وال تباركه ،وكل أعماله ُمحبطة وغير مباركة وال تجديه نفعاً بشيء ،كما يجد
نفسه غير مقبول اجتماعياً ،وللخالص واصالح األمر يحتاج هذا المرؤ لكثير من التقوى
يئة لم يرتكبها هو ،ويقع واجب التطهر منيمة خط ٍ
والتطهير كي تتحرر نفسيته من جر ِ
الخطيئة على عاتق أبويه ،ويتم ذلك عملياً بالزواج الشرعي والتوبة والندم .ومن ثـم
المشوشة وادخـال
احتواء االبن وتوجيهه للخير والعمل على تهدئـة نفسه المضطربة و ّ
السكينة واالطمئنان إليها فتنشط روحه القدسية فتباركه المالئكة عندها يلفظ جسده كل ما
زرعه الشيطان من لوثات شر أو تلك التي استفزها الجن بالبث والوسوسة في مورثاته أثناء
المحرم وقبل أن يكون جنينـاً .
ّ اللقاء
177
واألزيز واستفزاز الناس تردداً مماثالً في خواصـه لشعاع الليزر لكنه ينتشر في بعدين ..
السادس الالزمني والسابع الموجي الذبذبي ،وكالهما مادة جسد الجـان وصوته وعالمه
....وأصلهما من مارج النار الموجي الكهربي .
تتخزن طاقة إشارات البث الذبذبية بشكل طاقة محقونة في المورثات مما يثبط عمل
تلك المورثات بشكل كامل ويجعلها تقوم بأعمال منقوصة شاذة مشوهـة ال جدوى منها وال
خير فيها ،وأكثر جدوى للبث يكون في الطور الذي تكون فيه شرائط الدنـا بشكل
كروموزومات لحظة اندماج محتويات الحيوان المنوي بمحتويات البويضة وقبيل انقسام
الخاليا أي في لحظة التلقيح مباشرة .وربما اعتقد البعض أن مثل ذلك األمر بعيد عـن
الواقع ولكن سنذكر مثاالً بسيطاً على ذلك مثالً يسبب ارتفاع درجة الح اررة لدى البعض
إف ارزات هرمونية أو أنزيمية وتوليد بروتينيات ومواد أكثر مما هو طبيعي يكسب المرء
نشاطاً حيوياً زائداً واثارة تفاعالت كيميائية قد ال يحتاجها جسمه وربما سببت له األذى
والضرر الحقاً .وفي جسد االنسان ما يتأثر بتغيرات ح اررية من رتبة جزء من ألـف من
الدرجة الواحدة .
ال يتخلى الجن وال الشيطان عن المرأة بشكل عام وبشكل خاص في حالة الحمل مهما
كان نوع الحمل سواء كان شرعياً أم غير ذلك ،فهم يسكنـون جسدهـا ودماغها دوماً وال
يتركونها لحظة واحدة ويشاكسون روحها الجسدية ويشغلون عقلها الباطن ويعبثون بمخها
وفكرها وهذه األمور هامة جداً للمرأة الحامل خاصة إذا علمنا أن الجنين يحيـا وينمو
برعاية عقلها الباطن ،وروح األم الجسدية هي التي تقدم المـواد البناءة للـروح الجسدية
للجنين لتختار منها ماتنسـج به خاليا جسده وبتوافـق زماني ومكاني ال يمكن تخيل دقته
وايقاعه ،وبالتالي فكل مكونات جسد الجنيـن هي من مكونـات جسد أمـه وهكـذا كان
عضوي أو عاطفي
ٍ ٍ
إحساس إحساسها بجنينها أوالً ..ثم بوليدها ثانياً ليس مجرد
فحسب ,بل هو إحساس بالذات الواحدة التي التقبل التجزئة والاالنشطار وحتى على
مستوى ال َنفَس الواحد ...ألن عاطفة األمومة تنمو لدى المرأة في عقلها الباطن وليس
في جسدها فقط .فالجنين ينمو في بطن أمه برعاية عقلها الباطن مدة تسعة أشهر كاملة
لكنه يتأثر بهذا العقل طيلة حياته ويحيا من خالله ومن خالل وعي أمه للوجـود الكوني
178
وتغيـرات جسدية
شاء هو ذلك أم أبى ألنه يعيش بخالياها التي انغرست فيها ظروف ّ
بيولوجية وأحاسيس وعواطف ،حتى أنه يسمع صوت تنفسها ودقات قلبها وكل األصوات
التي تسمعها ،وتبقى آثار تلك الرحلة مغروسة في ذاكرته ال تمحى مهما طال عمره ،
صور من أحالمها في مخيلته ،وبالتالي ال يوجد في الطبيعـة عاطفة
ٌ وكثي اًر ما تظهر
أقوى من عاطفة األمومة وجذورها أعمق مما يتخيله إنسان ،..أما عند الرجـل فتكون قوة
تلك العاطفة الخاصة بدرجة أقل نسبياً مما هي عند األم ،لذلك كان من السهل على الجان
أن يتعاملوا مع جسد المرأة الحامل وأكثر بكثير من التعامل مع جسد الرجل لذلك هم
يشوهون أحالمها ويقلِقون نومها ويقذفون الفزع والرعب في خاطرها ويثيرون في نفسها
أفكار سوداء مفجعة كارثية في فؤادها
اً القلق والخوف والكآبة والوساوس ،ويرسمون
وخاطرها باإليحاء والوسوسة والبث .وأكثر مايخيفها من تلك الصور هو إيقـاع األذى
بغدد اإلفراز الهرموني
بجنينها ..أي يمسكونها من اليد التي تؤلمها ،كما يحاولـون العبث ُ
في جسدها وفي جسد الجنين ،ويتحينون الفرص إليقاع األذى بهما طيلة فترة الحمل،
ويشعروا بالنصر والفرح إذا حدث إسقاط للجنين أو إذا نجحوا باحداث تشوهات خلقية أو
نفسية لدى الجنين .وفي هاتين الحالتين يفرح الجان والشياطين ،فقتل اإلنسان وايقاع
األذى به هو غايتهم التي مافتؤا يسعون إليها مذ خلق اهلل اإلنسان ،ألنهم بعملهم هذا
يمزقون أُسرةً ويحطمون آماالً ..وهذا غاية وجودهم في هذا الكون ،لذلك أكثر ما تخشاه
المرأة على جنينها ونسلها هو الجان والعفاريت والشياطين ،لكن في حالة الحمل المشروع
فإن المالئكة تباركه وتبث الخير والفرح واألمل والسكينة والحنين وتـدب في نفس األم
الحامل وروحها عاطفة ال تعادلها عاطفة ،ويبعث هذا الشعور فيها الطمأنينة والسعادة
...وتحاول هي دوماً التمسك بهذا واستج ارره عن طريق التعبد والتقـرب هلل والدعاء إليه
كي يحفظها وجنينها وأن ينمو الجنين في أحشائها بهدوء وسالم ومعاذاً من أذى الجان
والشياطين .فهي ال تشعر بوجودها مالم تؤدي مهمتها وتنجب ول ـداً .
ال تزيد مدة بقاء الجن المصاحب للحيوية الجنسية عند الرجل أكثر من أسبوع واحد
في جسده ،وتتركز أماكن وجود الجن حول السرة باعتبارها مركز الضفيرة الشمسيـة أو
ضفيرة النار أو مقعد الجن عند الرجل والمرأة ،واللون الطيفـي لهذه الضفيرة هو اللون
179
أزرق ،وال يقصد بكلمة النار على أنها ح اررة أو تشير لوجود حرارة ،بل ُيقصـد بها طبيعتها
الجنية والشيطانيـة ،وبتحديد أكثر يقصد بهذه الضفيرة على أنها المكـان المفضل لتواجد
الجان إبان تشكل جسد الجنين ومراقبتهم ومتابعتهم لكل ما يدخل جسـد الجنين من غذاء
وأمواج كونية وأشعاعات ..فالسرة هي أول نقطة اتصال بين المخلوق والوجود وأول نقطة
يبدؤ الجنين حياته منها ومن خاللها يتلقى أول نقطة غـذاء وأول كرية دم تجري في جسده
،كما أنها أكثر األماكن مالءمة لطبيعة الجان ...مارج النار ذات الطاقة الشبه فائقة
وذبذباتها العالية جداً والتي ال يقع طيفها ضمن طيف األمـواج الكهرطيسية المألوفة
لإلنسان .
أهم ميادين نشاط عمل الجان والشياطين هي الغدد التناسلية والخاليا الحيوية المولِّدة
لها عند االنسان .وهم يتابعون مراحل تطورها ويعملون على استفزازها وحثِها علـى إفراز
الهرمونات المثيرة للشهوات والغرائز ،ويالزمون نتاجها من الحيوانات المنويـة ويشرفون
على مهامها من لحظة قذفها ومسيرتها في جسد المـرأة حتى وصولها الرحم ودخول أحدها
البويضة األنثوية ،ويتسللون لداخلها مع الحيوان المنوي الوحيد المنتخب الذي يكتشف
الممر السري في جدارها ويخترقه ،وهدف هذه الطاقات الخفية الالإنسانية هو إعاقة عمل
الروح الجسدية ومشاكستها في نسج خاليا الجنين وال يبدأ هؤالء الدخالء عملهم فو اًر ،بل
ينتظرون تمام اندماج محتويات الحيوان المنوي بمحتويات البويضـة األنثوية عندها
زرعة لوثة الشر في الجينات الحرة السابحة داخـل السوائل في
يمارسون عبثهم في ا
البويضة وقبيل لحظة نسخ وتكرار ذاتها ،أي قبيل مرحلة تشكل وبناء أول خلية حيـة من
جسد الجنين وقبل االنقسام األول لها ،ويأخذون ببث ذبذباتهم الموجيـة بشكل طاقية
ليحوروا مااستطاعوا في تركيب ألدنا الناتجة عن التلقيح بغرس لوثة شر فيها ( إعصارية ّ
جسدية أو نفسية أو ُخلُقية ) ومع بداية االنقسام الخليوي وانطالق الحياة في البويضة
يكونوا قد زرعوا لوثتهم ،وتستمر هذه العملية رغم سرعة عمليات االنقسام الخليوي التي
تحدث بمعـدل عشرين ألف خلية عصبيـة دماغيه في الدقيقة الواحـدة ،وبمعدل إثنا عشر
مليون خلية جسدية في الدقيقة ،وحتى خالل مراحل تخصص الخاليا وتمايزها عن
بعضها البعض يكون للجان أيضاً تخصصاته ،بحيث يوجد جان يؤثر في الخاليا
181
العصبيـة وآخرون يؤثرون في العظـام وغيرهم في الـدم ،وغيرهم يؤثر في األعضاء
الحسية كالسمع و النظر والشم والتذوق ووكذلك في الغدد والدماغ والمخ ،..وللجان جنود
وأعوان هم الفيروسات والجراثيم والبكتيريات وبأعداد التحصى ،وكل ذلك هدفه إيذاء
الجنين ومحاولة إسقاطه أو تلويثه بملوثات َم َرضية أو تشويهية . ، ...
ويبذلـون جهـداً مستميتاً ( بالنسبة لهم من عالمهم ذي األبعاد اإلثنان والنصف ) كي يدمروا
الجنين جسدياً ونفسياً وفكرياً ،لكن الروح الجسدية لألم تحمي ما تقوم به الروح الجسدية
بناء واقامة جسد . للجنين من ٍ
تحاول الروح الجسدية تثبيط عمل الجان بأن تكسب الجنين مناعات جسدية صحية قوية
ضد األمراض ،وقد يدوم مفعول تلكط المناعات طيلة حياة ذلك المخلوق البشري ،ويبدو
ذلك األمر جلياً أكثر لدى األشخاص الروحانيين الذين غالباً مايتمتعون بأجساد نقية قوية
وناد اًر مايصيبهم مرض رغم نحول أجسامهم الشديد .فالروح الجسدية تتحكـم بإيقـاع إفراز
الغدد للهرمونات واألنزيمات وبشكل صحي سليم ،وكذلك بالتفاعالت الكيميائية في
العضوية الحية ،بحيث تنتج مواداً تكسب الجسم مناعةً قوية ضد األمراض وتطهّره
وتعقمه مما يكون قد زرعه الجن والشياطين فيه من لوثات شر عضوية أو بنيوية والتي
تبدو آثارها بشكل أمراض وعلل وتشوهات ُخلُقية وجندها النشط الفتاك هم الفيروسـات
والجراثيم والبكتيريا ..وربما أيضاً كائنات أخرى أدق من ذلك لم يكتشفها العلم الحديث
بعد ،ألنها تقع خارج دقة أجهزته المتداولة حالياً ،والحقيقة أنه رغم التقدم الهائل للتقنيات
المعاصرة إال أنها مازالت عاجزةً وبعيدةً كل البعد عن التعامل مع عوالم تلك الكينونات
الخفية وطاقاتها ، ...وكثير من الناس وبشكل فطري يعتقد أن معظم األمراض سببهـا
كينونات دقيقة جداً ال يمكن إدراكها أوالسيطرة عليها ألنها خاضعة للجن وسيطرتهم ،..
ولعل أحد تلك األمراض هو السرطان واإليدز والسارس .....إلخ .وأغلب الظن أن في
شيء من الصحـة .
ٌ هذا االعتقاد
يسمع الجنين كل األصوات وهو في بطن أمه وحتى األصوات التي قد ال تسمعها هي
نفسها ولربما أدرك أصواتاً فوق سمعية ،ألن تلك الحاسة قوية جداً لديه ولربما كان في
بعد بويضة ملقحة ..فسرعة
تركيب جسده أجهزة إدراك خاصة تقوم بذلك وهو لم يزل ُ
181
الصـوت في السائل األمينوسي الذي يتخلق فيه الجنين أكبر من سرعة الطلقة الناريـة
بحوالي أربع مرات ،وسرعة نمو تلك الحاسة لديه أكبر بكثير من سرعة نمو غيرها من
الحواس ،مما جعلها الوسيلة األهم التصاالت عضويته بالوجود واألثيـر الكوني ودون
وعيٍ منه ( لعدم وجود ذاكرة له ) وبالتالي فهو يدرك أشياء دون إرادته ودون أن يعيها ..
ومخالفاً بذلك كل نواميس الوجود وطبيعة األشياء (فهي تعي دون أن تدرك) ،وحتى
البشر أنفسهم ليس لديهم القدرة على إدراك مثل تلك األشياء ..لسبب بسيط هو أنـه لم يعد
لها أجهزة جسد الجنين ووسائل إتصاله مع الوجود واألثير ،لكن الغريب أن لبعض
الكائنات الحية األخرى القدرة على إدراكها عن طريق العقل الباطن ،مما جعلها تدرك
سخرةٌ وصديقة له .وبعد الوالدة وظهور الوليد
بعضاً مما في نفس االنسان وأن تكون ُم َ
في الدنيا ألول مرة ال يعد يتذكر شيئاً مما واجهه في مراحل نموه الجنينة ..لسبب بسيط
هو أن ذاكرته لم تكن قد نمت بالقدر الذي يجعلها تحتفظ بصدى تلك اإلدراكات ،وكذلك
زوال أجهزة االدراك الخاصة بتلك المرحلة .
حاسة الرؤية لدى الجنين ( قوة البصر ) ضعيفة جداً وليست فعالة وهو في بطن أمه
بقع مضيئة وأخرى
واذا كان لديه أي إحساس بالرؤية فال يعدو كونها رؤيـة ضبابيـة ل ٍ
مظلمة ال أكثر ،وبعد الوالدة يمكث الوليد فترة البأس بها وهو اليرى ،ويمكن القول أن
ُج َّل إدراكات الجنين في بطن أمه هي سمعية أو سمعية فائقة كي ينشأ بأمر اهلل جسـده
أما تعامله مع الجان واشاراتها الالصوتية ...واألزيز الالمسموع الصادر عن الشيطان
فيتم عن طريق العقل الباطن النشط جداً والكامل النمو لديه منذ اللحظات األولى لنشأته.
والحقيقة أنه يراهم ويبتسم لهم ويدرك وجودهم كما كان آدم وحواء يرونهم ويدركـون
وجودهم في العالم المطلـق القديم الذي خلقا فيه ،والجنين يفرح بلَ ِعبِهـم ودغدغتهـم
وتحريكهم له ،والذي يتم بمنتهى السهولة ألنه يكون في حالة انعدام الوزن تماماً وهو
سابح في السائل األمينوسي في بطن أمه ،فال يخضع أثناءها إطالقاً ألي تأثيرات أخرى
ولو كانت جاذبية ثقالية مثل قوى جذب الكواكب أو النجوم ،في هـذه الحالة الكونية
الفريدة فقط يتجلى العمل الفيزيائي الضعيف جداً للكينونات الخفية ..الجان والشياطين
182
أي في هذه الحالة الوحيدة والطريفة يظهر عمل تلك الكينونات ذات البعدين والنصف
وبالتالي كشف العلم َك ِـذب الدجالين قاطبةً .
يجزم البعض أن معظم حركات الجنين سببها المالئكة وآخرون يعتقدون أنها مداعبات
جان هدفها تحيُّن الفرص اليقاع األذى بالجنين .وغالباً ما يتضمن لعب األطفال ولهوهم
عت
ماي َن ُ
صو اًر لمثل هذه األذى وما أكثره بينهم واألمهات في غفلة عن أطفلهن ،وكثي اًر ُ
األوالد بالعفاريت أو بالشياطين أو بالجن ،ولعل مثل تلك النعوت لم يأت جزافاً ،بل فيها
جزء من الحقيقة وأعمالهم ليس باعثها البراءة والشفافية ،بل باعثها لوثة شر زرعهـا الجن
في عضويتهم وأدمغتهم قديماً ونماها أعمال آبائهم ، ....
يولد الطفل ويخرج للدنيا وهو في أكمل بناء جسدي فيزيقي وله أكبر مناعة مكتسبة
ممكنة ،وقد اليكون ألمه مثلها ،وأعضاؤه سليمة معافاة وفي تمام الصحة ما لم يكن قد
فخلِ َ
ق مشوهاً أو عليـالً . غلب عليها قبالً لوثات الجن ُ
تجري كل هذه األحداث في مسرح العقل الباطن الخاص بالجنين وبغياب روحه القدسية
والتي ال يحين موعد دخولها جسم الجنين البشري قبل اكتمال إقامته وبلوغه من العمـر
أربعة أشهر ..واآلن جاء دور الروح القدسيـة ( الشاهد ) الم ِ
دركـة ..
في لحظة معينة محددة تدخل الروح القدسية لتشغل مقعدها العضوي في جسم الجنين
وهو القشرة المخية التي تعلو الدماغ ِ
وتتو َجهُ ،عندها تكتمل الروح وتصبح كاملة مكونة
من ( روح جسدية +روح قدسية ) أو ( روح سائق +روح شاهد ) ،وتُسجل لحظـة
دخولها الجسد الفيزيقي للجنين بانبثاق البصمات في قدميه وأكفه وأصابع يديه إعالنـاً
إنساني سـوي ,
ٍ ق بشرٍي ق بشرٍي ٍ
بهيم حيواني إلى خلـ ٍ وايذاناً بتحول الخلق من خل ٍ
وتعتبر تلك اللحظة أيضاً إشارةً إليقاف عبث الجن والشياطين بجسد الجنين .وما كان
يحمي الجنين في مرحلة ماقبل دخول الروح القدسية ويدافع عنه هو روح األم وعقلها
ويثبـَط
لجم عمل الجان والشياطين ُالباطن الخاص والعقل األثيري الشامل ....عندئذ ُي َ
كيدهم فيفروا لخارج جسم الجنين ويتجمعوا عند السرة ليتابعوا من هناك مراقبة كل ما يدخل
وما يخرج منه عبر الحبل السري في بطنه ..من غذاء وهواء وسوائل وطاقـات خاصة
الطاقات األثيرية ،فالحبل السري هو النفق الوحيد لدخول كل شئ لجسم الجنين بدءاً من
183
أول كرية حمراء إلى أول جزيئة غذاء وهواء ويبقى الحال على ماهو عليـه حتى لحظة
والدته ،ولعل الحبل السري الواصل بين جسد الجنين وجسم أمه هو السبيل الذي تدخل
منه الروح القدسية لجسم الجنين لتتخـذ مقعدهـا لديه في القشرة المخيـة ،وتشرع في ممارسة
مهمتها في لجم الجان والشياطين وتطهير عضوية الجنين وفـؤاده ومداركه مما أصاب
مراكزها من لوثاتهم وتثبيط عملها واحباطه ،وبعدها تقوم بتنميـة خاصة التفكيـر في
بعض مراكز المخ فينمو فيها الخيـال والمنطق والمحاكمة والتأمل مما أكسب االنسان
عقالً غنياً زاخ اًر بالمعاني الراقية والسامية وليس لكائن آخر مثيل له
بهذا العقل يتذوق االنسان لذة الحب وسحر الجمال ودفء العاطفة وأن ينمو الخيـر
والضمير والعدل في قلبه وفؤاده ...هذه المعاني الراقية والسامية جعلت الكائن البشري
إنساناً كامل الوعي واالدراك ،مما أكسبه قدرات معنوية وعقلية وفكرية ونفسية ليـس لكائن
آخر مثلها ويدعمها في ذلك العقل الباطن الشامل ويمدها ببرنامج قدرها المكتوب وال
تكون هذه الفعاليات مستيقظة قبل دخول الروح القدسية والوالدة ،وتنشط مع نمـو االنسان
واكتمال وعيه وادراكه مع الزمن ، ....
تمارس الروح الكاملة دورها في بناء وتنمية مراكز األحاسيس الراقية والسامية لدى
اإلنسان ،وأولها المراكز المعنوية والتي تشكل فؤاد االنسان ( لبه أو خاطره) ،والفـؤاد هو
في الواقع جوهر اإلنسان وطويته وسريرته وحصيلة كل ما دخل في تركيبه المادي
والمعنوي ،وصفته اإلدراك والوعي والبصر والبصيرة ،ودوره األول هو جعل الكائن
البشري يدرك ويعي الوجود من حوله ويعرف موقعه فيه ،ودوره الثاني هو دور عقلي
فكري يجعل االنسان يتفكر في موجودات الكون وأدواته في ذلك الفكر والعقل والمنطق
والجدل والخيال وتذوق الجمال ،أما دوره الثالث فهو دور نفسي تتجلى مهمته في تحديد
شخصية الكائن البشري من خالل تقدير مدى تأقلمه وتكيفه وتوازنه مع البيئة المحيطـة به
وأسلوب تعامله معها ،أو بكلمة أخرى تحديد سلوك االنسان العملي في الكون المادي
ومايترك فيه من آثار فيزيائية أو نفسية أي يترجم هذا الدور ويفلسف الهدف والسبـب
الذي و ِج َد من أجله اإلنسان في هذا الكون .
184
البصمة على أطراف أصابعنا هي صورة تذكارية الكتمال الروح فينا وبداية إنسانيتنـا
ولحظة دخولنا في حماية وحصانة الروح الكاملة لدينا وتوقف عبث الجان والشيطان في
كينونتنا ،ونصبح معاذين منهم خالل الخمسة األشهر التالية من الحمل ...وتستمر هذه
الحماية لحين خروجنا لعالم الدنيا .وتلك اإلعاذة مؤقتة ولم تكن دائمة إال للسيد المسيح
عليه السالم ولسيدنا محمد صلى اهلل عليه وسلم .
عندما يخرج المولود للدنيا ويالمـس جلده الهواء تبدأ آلته الجسدية بالعمل الميكانيكي
فيستنشق أول جرعة هواء ،فيصرخ باكياً عندها تغلق الفتحة القلبية وتبدأ الرئتان بالعمل
ويعتقد البعض أن سبب البكاء هو نخس الشيطان للمولود ،إذ يتذكر الوليـد أالعيبهـم
وأذاهم له فيثير ذلك الفزع والخوف في نفسه .وعملية الوخس بحد ذاتها تتضمن عودة
الجن والشياطين للمولـود لحظة إنفصال عقله الباطن الخاص عن العقل الباطن ألمـه
والذي كان يحميه في بطنها ،وعليه اآلن أن يواجه قدره مستقالً عن أمه ،وأكثر المناطق
التي يحـل بها الجن في جسد الوليد هي األماكن األشد صمتاً وعتمةً وح اررة وبالتحديد في
الدماغ واألعضاء الجنسية لديه ،وهكذا ما من طفل ُولِ َد إال ونخسه الشيطان عنـد والدته
إال عيسى بن مريم ألن أمها أعـاذت ابنتها السيدة مريـم العـذراء وذريتها من الشيطان .
وكذلك سيدنا محمد ( ص ) فقد أعاذه اهلل من الشيطان وحتى قبل أن يولـد ،وقال " إني
معاذ " .
وبالتالي لم تصب هذين النبيين لوثة الشيطان أو الجان إطالقاً فكانا طاهرين مطهرين
جسداً وروحاً .وفي حياتهما الدنيوية كانت الشياطين تهرب منهما وتخاف من زجرهما
فكانا يشفيان بأمر اهلل وبروحيهما القدسية األجساد المريضـة والنفوس الملوثة بلوثات الجن
والشياطين .ومازالت معجزاتهما قائمة إلى اآلن ،
185
****************************************************
ـــــــــــــــــــــ
الفصل الثامن عشر
الجـن والجـنس
لم يكن الموت مقر اًر كخاتمة لإلنسان األول في عالم النشأة األولى ،وكل ما كان
مقر اًر عليه في ذلك العالم هو أن يتكاثر باإلنقسام المرآتي الالجنسي الذي يشبه مايعرف
اليوم في عالمنا باالستنساخ ،تلك هي سنة النشأة األولى للحياة اإلنسانية التي كانت سنها
اهلل وتحدث بأمره " كن فيكون " فكانت الخاليا تنقسم مباشرة ...وهكذا خلقت حواء من
جسد آدم الكامل البناء باالنشطار دفعة واحدة ،..وقد كان لهذه الطريقة ميـزات كثيرة
أهمها أنه ال يوجد مـوت فيها ،وبالتالي كان آدم وحواء وساللتهما لو قدر لها الظهور
بهذه الطريقة خالدين بشكل مطلق ،وكانوا سيحيون حياةً متجددة وشباباً دائماً ال يزول ،
وثانيها أن عدد اإلناث يساوي دوماً عدد الذكور وهم في حالة زواج دائم من بعضهـم
البعض وبشكل طبيعي ..وبتحديد أكثر كل ذكر زوجته هي انثاه القرين له ،..وبالتالي
كانت السعادة دائمة وال حاجة لتعدد الزوجات أو التخاذ عشيقات وسراري ،وثالثها أن
عملية االنشطار لم تك مصحوبة بأي ألم أو أذى ،حتى أن آدم لم يشعر بأي شيء عندما
انفصلت حواء منه فقد كان نائماً ،والحقيقة أنها مصحوب بلذة ومتعة مطلقتان دائمتـان ال
تزوال بعد االنشطار ،وجسد آدم وحواء كانا متناظرين متكاملين رائعين في االقامـة والبناء
وال يصيبهما مرض ،واإللفة بينهما كانت حباً صافياً تناظرياً العشقاً جسدياً ...فهما جسد
واحد والذات محققة .ومن الناحية الروحيـة فقد كانت روح حواء مناظـرةً تماماً لروح آدم
186
صمم اإلله هذه الطريقة في الخلق ليكون آدم وحواء
بشقيها الجسدي والقدسي ،وقد ّ
خالدين ال يصيبهما موت ،فهذا النوع من التكاثر ال يخضع لعوامل الزمـان والمكان وال
لقوانين النشوء والتطور واالرتقاء المصحوبة بالمعاناة واأللم .وحدث هذا النوع من الخلق
لمرة واحدة فقط في عمر اإلنسان ،ويعتقد البعض أن الدورة الشهرية التي تحدث للمرأة
ماهي إال أثر باقي من تلك الظاهرة في التكاثر .
في عالمنا اليوم مازالت كل الكائنات الحية االبتدائية من وحيدات الخاليا تستخدم هذه
الطريقة في تكاثرها .فعندما تشعر الخلية الحية الوحيدة ( من هذه األنواع ) بنضوجها
وتقدمها في السن وبداية هرمها تلجأ لعملية اإلنقسام لخليتين متناظرتين شابتين كـي ال
تجدد تلك الخاليا حياتها وشبابها بأن تولّد من ذاتها خاليا نظيرة مماثلـة لها
تموت ،وهكذا ّ
تماماً ودونما أي لقاء جسدي جنسي بين ذكر وأنثى .
أما التكاثر الجنسي والوالدة باإلنفصال فقد كان برنامجاً مؤجالً إلى حين بأمـر اهلل ،وهذا
النوع من التكاثر يحقق خلوداً للنوع من خالل التناسل وامتداده الشاقولي واليحقق لألفراد
خلوداً أفقياً ألنه ينهي حياة الفرد بالموت ،وهذا النوع من التكاثـر ليس سهالً أو يسي اًر
ويحتاج لعوالم ذات أبعاد محددة ،وابليس لسوء قصده أيقظ هذا البرنامج بأكذوبة الخلود
مع أنهما كانا خالدين بدونه ،لسبب بسيط وهو أن برنامج وجوده هو ذاته يعتمد طريقة
التكاثر بالوالدة وليس باالنشطار .وهو كائـن يعيش في عالم ذي أبعاد محـددة (بعدين
ونصف) ،فدل آدم وحواء على شجرة الخلد في جسديهما وكشف لهما عوراتهما وأوقعهما
في فتنة الخلد .فكان أمر اهلل لهما بالهبوط لعالم الدنيا ويدخلوا عوالم األبعـاد
والخضوع لقوانينها في النشوء بالوالدة والتطور واالرتقاء ،وفي النهاية يكون الموت هو
الخاتمة الحتمية لهذا النوع من الخلود ...لقد كان وعد إبليس لإلنسان بالخلود كذبة وكان
الخلود وهماً وسرابأ لإلنسان وذريته في هذه الدنيا.
وكان ماكان من أمر الهبوط .هنا تفرق الزوجان وتباعدا ،وغدا اللقاء بينهما حلماً وأمنية ال
تتحقق إال من خالل معاناة وجهد وشقاء ،بحيث صار االنسان يكد ويسعى طيلة حياته
جاهداً ًً لينجز إندماجـه ثانية بأنثـاه .فكان عليه أن يتزوجها بكلمات اهلل ليعيد ارتباطـه بها
ويستحل جسدها ليحققا خلوداً وسوسه الشيطان لهما ،وأن يتكاث ار بالوالة المصحوبة باأللم
187
والشقاء والمعاناة ،وتقلصت ساحة اللقاء واللذة عندهما زمانياً ومكانياً ،فلم تعـد بهجة
اللقيا ونشوتها سوى فسحة مكانية وتنجز خالل لمحة زمانية ال يكاد المرؤ يعيهـا أو يتبلغ
رحيقها وعبيرها ،واتخذت شكل شحنة طاقة تتفرغ بالجهد والعناء خالل مـدة غاية في
صر ..ليست أكثر من لحظات ال تشبع لإلنسان نهماً وال تريح له عقالً وال جسد ،وال ِ
الق َ
تحقق له سعادة وال خلوداً لألبـد ،وصار هدف الزواج امتالك جسد ....للتكامل وتحقيق
الذات مع القرين ..على حساب القرين ،وبات الحب السماوي الطاهر في خطر ،وغدا
عشقاً للجسد ..غايته قضاء وطر ..ورغبة في إراحة بدن ..وصحبة المالئكة اليوم ندر
..وكيد الشيطان فيها انتصر ،بعد أن كان في السماء رحمة يباركها خالق ويرعاها ملك
.
188
وانتشار الظلم والشر والعنف واإلجرام ،وغدا االنحراف شريعة قلبت الحالل حراماً والحرام
حالالً ...فخسر اإلنسان الكثير باستجابته للشيطان
189
ث حيةً من جديد بأمر اهلل ...أي
بع َ
أي أثر معتبر ،وما عليها سوى االنتظار الطويل لتُ َ
عليها انتظار يوم القيامة حيث ينعكس محور الزمن وتجري األحداث عكسياً
استجاب آدم وحواء لدعوى إبليس واغراآته ..وابليس من الجان ..ومتعة الجان هي
ممارسة الجنس والنوم ،وحين استجاب آدم وحواء إليحاآت إبليس وكانت الخطيئـة ..أتى
أمر اهلل لهم جميعاً بالخروج من الجنة ،وأن ُيلزم كل إنسان بقرين من الجن فصار
اإلنسان يحيا حياة مثيل من أغراه ..فكان عليه أن ينام قس اًر مثل الجان كل يوم ( الموتة
الصغرى) وأن ينام آخر عمره نوماً طويالً اليستيقظ منه أبداً ..ذلك هو الموت ..وقد
تكون حكمة الموت وفلسفته لدى البشر هو أن وأطاعوه وكان من الجن ،فأتى العقـاب
اإللهي لإلنسان ( ِمثلي أي مشابه لما كان عند الجان) وهو أن ينام اإلنسان مثل الجن ..
فكان الموت لإلنسان هو عقاب ،بينما عقاب الجن صار عكس طبيعتهم ..إذ حرموا من
من نعمة النوم لمدد طويلة من الزمن ،والعصاة منهم وهم الشياطين فكان عقابهم لعنـةٌ
وِا ٍ
نظار ..أي حبسوا عن النوم إلى يوم الدين ،وهكذا حدث تبادل في األدوار فاإلنسان
الذي كان خالداً صار تطورياً ينام ( أي يموت ) ،والشيطان وذريته صاروا منظرين ال
طرد من الجنة وموت
يموتون .وهكذا نكتشف كم هو مرتفع ثمن اللذة الجنسية ؟ فهو ٌ
وفناء ...وهكذا نال ك ٌل عكس ما أ ِ
ُع َد له وما كان يشتهي .
191
صاخباً لعله يثمر سفاحاً .وخالل هذا اللقاء الصاخب باإلثارة ...يوسوس الشيطان بأنه
هو صانع اللذة ومانحهم لهم ..فيغشاهما شعور عارم بطغيان سلطانه واتحاده بهم وانهم
بالغوا أعلى درجات اللذة والنشوة وتذوق لذة الشعور بالفناء وامتالك الكون والذوبان فيه ...
وهو شعور من صنع الشيطان ،ألن الشيطان ليس نفساً وال جسـد له مثل البشر .
ربما كان في األمر بعض الصحة فإبليس هو الذي كشف آلدم وحواء سر اللذة واقترانها
بشجرة الخلد وهي شجرة التناسل والتكاثر بالطريقة الجنسية وهو الذي كشف لهما ِس َـر
العـورة لديهما ودلهما على فعل المنكر وأوقعهما في الخطيئة ،وأوهـََم االنسان أن تلك اللذة
هي األغلى في حياته وعليه أن يقدسها وأن يجعلها هدف حياته ،وأن يسعى إليهـا بكل
أحاسيسه ،وأن يكرس كل عواطفه في خدمتها ويسخر كل إمكانياته للسعي وراءها
والحصول عليها مهما بلغت التضحيات من أجلها حتى ولو دفع حياته ثمناً لها ،لذلك
كان :
" الحب روحي من الرحمن والعشق جسدي من الشيطان "
يؤدي الشعور بتعاظم األحاسيس والطاقات لدى الذكر واألنثى تعاظم الشعور بالذات
وباألنا األعلى ،فيشعر كل منهما بأنه غدا السيد المطلق المالك للكون والسابح في فضائه
التكبر األعظم وتحطم نفسية اإلنسان وابتعاده ِ
وأنهما صا ار آلهةً خالدة ..تلك هي لحظة ّ
عن الطبيعة القدسية له وانسالخه عن إنسانيته ،عندها يزرع الشيطان لوثة الشر وحقنة
عي ، ..وكم هي
األذى والمرض في كل من الجسدين المتالقيين إذا كان اللقاء غير شر ٍ
كثيرة وغريبة األمراض السائدة في مثل تلك الحاالت وغالباً ما تكون خطرة النجاة منها وال
برء .
ا
191
ِّ
المفكر ونور ،أي بكلمة أخرى هي جوهـر العقـل
ك ٌ وعي واد ار ٌ
العقل الشامل ومظهرها ٌ
المدبِ ِر المو ِجه والم َنبِه و ِ
الشاهد على عمل اإلنسان ،ودورها في اللقـاء الجسدي هو أن ُ َُ ُ
وتميز كونه حـالالً أم ح ارمـاً ونسبتهما منهما .
ومقيمةً لهذا اللقاء ّ ،
تكون شاهدةً وقيِّمةً ّ
فتبارك اللقاء المشروع وتسعد الزوجين ،بينما تلعن الثاني وتمحق صاحبيه فال يهنأ لهما
عيش بعده ويطردا من رحمة الخالق العظيم ،وتصبح قلوبهم هواء ونفوسهـم ساحةً للخوف
والقلق والصراع بما يوسوس الشيطان في عقلهمـا الباطن الذبذبـي من صور الرعب من
عواقب األمور .
في اللقاء المشروع يتذوق الزوجان سعادة جسدية هي في األصل سعادة روحية قوامها
سكينة مطلقة ولذة دائمة المحدودة في عالم مطلق ..هي تذوق لذة الالمكان والالزمان..
وليس تذوق الفناء والذوبان في الكون ،فهذا اللقاء هو رحلة حج روحية ورحلة جس ٍـد إلى
العالم الذي سوى اهلل فيه اإلنسان ونفخ فيه من روحه ..فكان بش اًر سوياً ..هو حج
لمواضع الطهر والنشأة األولى ..هدفه تجديد اإليمان باهلل وتقويته وزيادة القرب منه ..
ففي الزواج تقرب من اهلل ومسح للخطيئة األولى وتطهير ألبوينا آدم وحواء من الخطيئة
لذلك كان واجب على االنسان تحقيق الزواج وتعدده ليشمل كل الذكور واألناث من بني
البشر فال يبقى أحد منهم فرداً منفرداً ،وبهذا تتحقق معادلة الحب األزلي الخالد األول
الذي كان آلدم وحواء في السماء .
اللقاء الحالل هو تجاوب شاعري متناغم طروب بين روحين كانتا أصالً روحاً واحدة ..
وسعادته عظمى تشرق لحظة التكامل وتالقي الروحين بتناظرهما ،ومدتها لمحة في عمر
الزمان يطوى فيها الزمان والمكان .
هو ..حوار إيمان وخلود ..لغته إحساس بالوجود ..فيه أسفار مسطّرة ..رسائلها مشفّرة ..
مصممة ..هو ..أقصر سبيل لتلمس العالم المطلق فينا ..وأسرع الطرق
ّ ونظم حياة
لتقوية إيمان روحنا وتجديد حياة أجسادنا وشحذ عزيمة أنفسنا ..فتتألق بالنقاء واالنسانية
وقد تتولد من هذا اللقاء بأمر اهلل حياة ..تباركها مالئكة ..فينبثق في الكون خلفاء اهلل..
اء ....
خلو وبر ٌ
طيبين وطيبات ..مباركين ومباركات ..ويغدو العقل الباطن شفاف ٌ ..
المحرم من أدران .
من عمل الشيطان ..وبعيداً عما يحدث في اللقاء ّ
192
إذا تأملنا ظاهرة لقاء رجل وامرأة ..وتساءلنا ..ما معنى هذا ؟ نقول أنه إذا كان اللقاء
بهذا القدر من السحر والجمال ،ويحدث خالله تالقي أحاسيس مادية وآخرى روحيـة
وهذه العوالم كائنة في ذاتنا وفي أعماقنا ! إذن ...كم كانت عظيمة السعادة الروحيـة
الحقيقية التي عاشها أبوينا آدم وحواء معاً قديماً في الالزمان والالمكان ..العالم المطلق
لعلها هي السعادة الروحية هي التي وعد اهلل بها الصالحين من الناس !! والتي نشعـر
ٍ
جنس ونشوة في دنيانا .فأي لذة تلك التي كانت للتكاثر الخالد الذي بأثرها الفيزيائي لذةً
حدث باالنشطار وانفصال حواء عن آدم من تلك التي أغرى بها إبليس آدم وحواء ذات
يوم ..فصار بعدها التكاثر جنسياً والدياً مماثالً لتكاثر الجن والشياطين ،كما نتسـاءل
أيضاً ..كم هي شدة اللذة التي تحسها وحيدات الخاليا في دنيانا وهي تتكاثر باالنقسـام
المباشر دون اللجوء آللية الجنس ...؟ الحقيقة أن دقائق كل خلية تتذوق هذه اللذة كاملة
دون الحاجة للجنس وعواهنه .وكذلك األمر في نموذج التكاثر االنساني الخالد بالتسوية
ونفخ الروح لذة كاملة لكل دقائق الجسد ..لكن في التكاثر الوالدي شقاء وموت وزوال ..
وهنا نتساءل بأسف عن هول الثمن الذي دفعه اإلنسان ثمناً للخطيئة ولذتها المحدودة كما
نتساءل عن خسارته الجسيمة التي وقعت نتيجة خديعة الشيطان له وتحول خلقه من
تسوية بالكلمة إلى خلق تكاثري والدي مثل الجان ؟
في اللقاء يتقارب الكونداليني الذكري واألنثوي من بعضهما ،ولحظة تالقي السرتين
تنطبق ضفيرتاهما الشمسيتان ( مرك از النار والطاقة الجنسية ) ومقعدا الجن والشياطين
عند االنسان ،وهذه الكينونات متحررة وغير مقيدة في هذه الضفيرة ،ومنها ينتشرون
لكامل أعضاء الجسد أثناء اللقاء ويتصلون بالروح الجسدية عبر العقل الباطن الخـاص
للمتالقيين ويتدخلوا بعملها الحقاً أثناء نسجها جسد الجنين ويحاولوا إعاقتهـا وتشويـه الجنين
ّ
أو ربما إسقاطه هذا إذا كان اللقاء شرعياً ويحاولون زرع لوثـة الشر في دنـاه وقبل أن
تتشكل الخلية األولى في جسده .أما إذا كان اللقاء غير شرعي فيشتد عبثهـم بالنظم
الفسيفسائية لجزيئآت ألدنا السليمة ويحورون تركيبها ،وغالباً ما ينجحوا في زرع لوثة الشر
فيها ،باإلضافة لذلك يعبثون ببعض المورثات في شريط الدنا ويسببون خلالً توازنياً فيها ،
ولربما ألقى هذا التفسير الضوء على ما يصيب بعض األفراد من أمراض مستعصية ال
193
شفاء لها يسميها األطباء أمراضاً وراثية ال تُعرف أسبابها..وغالباً ما يفتتح فيروس خبيث
هذه األمراض .وهذا ال يعني بالضرورة أن سبب كل األمراض هو لقاء غير شرعي ،
أما في حالة اللقاء الشرعي فالروح القدسية هي التي ترعى المخلوق الجديد ِ ،
وذ ِ
كر اهلل
لحظة اللقاء تحفظه ،لذا على اإلنسان تزكية نفسه ،وطبعا الجن يعبث بالجسد ودناه
ولكن السلطان له على الروح القدسية لدى االنسان وال على عقله .
تشرف الروح الجسدية على نمو جسد الجنين البشري لغاية الشهر الرابع من عمره ،
حينها تدخل الروح القدسية لجسد الجنين الذي غدا كامالً ،وبدخولها ينبثق التوقيع اإللهي
على أطراف أصابع الجنين وكأنها لوحة تذكارية تعلن بداية رحلة إنسان كامل في هـذا
الوجود الكوني تلك هي بصمات أصابعه ،في تلك اللحظة يتوقف الجن عن عبثهم بالدنا
للجنين ويهرب كثير منهم لخارج جسد الجنين ،فيغدو جسد األم متضمناً روحين كاملتين
طاهرتين ..روحها وروح الجنين ،لذلك كانت الجنة تحت أقدام األمهات .
يتجمع الفارون المنبوذون عند سرة الجنين ليتابعوا من هناك كل ما يدخل ويخرج من
والى جسده عبر المدخل والمخرج الوحيد ( الحبل السري ) ..من طاقات مادية وأثيرية
وغذاء وهواء وسوائل ،ويرصدون كل ٍ
شئ حتى دخول أول كرية حمراء وجزيئة غذاء
وجزيئة أوكسجين يتنفسها الكائن الحي منذ لحظة نشوء أول خلية فيه وحتى لحظة مماته
فإذا كان اللقاء الشرعياً حدث لهم أكبر ٍ
حشد عندها ..مما يساعدهم على اختراق الهالـة
األثيريـة النورانية التي تغلف بها الروح القدسية الجسد البشري ،والتي تتركز في أكثر
المواضع قدسيـة عند اإلنسان وهو الرأس ويثبِّطون عمل تلك الهالة ،وينجحون خـالل اللقاء
وحمأته وبحجة زيادة مساحة اللذة واطالتها أن يقتلوا الحيوانات المنوية الذكيـة أو يشجعوا
حيواناً غبياً منها للوصول للبويضة والفوز بها كي يكون النسل متخلفاً متراجعاً أو منغولياً
،أو يشوهون البويضة الملقحة أو يتلفونها أو يحاولون إضعاف قدرة الحيوان المنوي على
اختراق البويضة وتلقيحها ،..ويكون انتصارهم ساحقاً وسعادتهم عظمى في حالة اللقاء
عي ورؤيتهم اإلنسان وهو يسقط في هاوية الخطيئة وحلول اللعنة به وبذريته ،تلك
غير شر ٍ
هي ساعة الفرح األكبر عندهم لشعورهم كيف بانتصار كيدهم الضعيـف الالمرئي في
اختراق جميع الدفاعات القوية لغريمهم اإلنسان وحواجزه العقلية والنفسية والفكرية ،ذلك
194
الغريم القوي المجهز بأقوى آلية عاقلـة مفكرة في الكون فهم استطاعوا التسلل إلى جسده
وروحه وجعلوه متمرداً على اهلل ،وهذا غاية ما يسعون إليه في هـذا الوجود ،وفي النتيجة
صرح به شرعياً لذلك ال تقربه الروح
استجروا روحاً جسدية لبناء جسد بشرٍي غير ُم َّ
القدسية وتبقى بعيدة عنه وال تباركـه وال تزكيـه وتتركه تحـت تصرف الروح الجسدية والعقل
الباطن الخاص ،مما يكسبه روح الحيوانات وطبيعتهـا وصفات الحيوان البهيمية والغريزية
الخالية من العقالنية ،وتقيم سلوكه على لوثات الشر التي زرعها الجن في الدنا له ،
وتبعث في نفسيته الشر واالإجرام وانعدام الضميـر .
إذن ....مهرجان انتصارهم هو في تحقق هدفهم في إضالل اإلنسان وجعله يدمر
نفسه ذاتياً وجسدياً وروحياً .
لربما كان للمولود الالشرعي جسد جميل وشكل جذاب ووجه برئ ،ولربما كان في
غاية الذكـاء والدهاء كي تكتمل دائـرة السوء والشر لديه ،ولربما كان من النابغيـن والعباقرة
والمخترعيـن وما أكثرهم في ديار الغرب ،وهم ناجحون جداً في وأعمالهـم وتجاراتهم
وصناعاتهم وفي زراعاتهم واكتشافاتهم ،وهم ينجزونها بإتقان فائق وبإرادة حديدية .ولكن
على الرغم من تقدمهم العلمي إال أنه تقدم زائف خطر محفوف بالمهالك فالقوة التدميريـة
التي أعدوها وهيئوها إلفنـاء البشرية تفـوق كثي اًر تلك التي أعدوها إلسعادها .وبمقدار قذارة
نفوسهم وحقدهم على اإلنسانية كانت قوة أسلحتهم وشدة فتكها الهائلة .واألرض تعج
بأمثال هؤالء المفسدون الذين غلب على أمرهم عبث الشياطيـن والجان بجذورهم الوراثية
والروحية والنفسية ،وهدفهم الدائم هو األذى والوصول إلى ....وشعارهم في هذا " كل
شئ ممكن من أجل الوصول " وهم ينجزون مخططاتهـم في غياب المعاني السامية
والراقية لدى اإلنسان الكامـل وهي الضمير والحق والعـدل واإلنسانية ، ....وهم قادرون
على االلتفاف على القوانين واألعراف وتبرير أعمالهـم الالنزيهة والملتوية بالشطارة والذكاء
......وما الدعـارة والقتل والمخدرات والتمييز العنصري بكل أشكاله بين البشر وخطف
األطفال واالتجـار بأعضاء البشر ووجبـات األجنة الفاخرة في مطاعمهم إال نتيجة لصفة
الشر التي زرعتها الشياطين في مورثاتهم والتي يغذونها دوماً بالوسوسة والبث واإليحاء .
195
عندما يموت اإلنسان يرى ِجنِ ِه وشياطينه وهم يسخرون منه ومن أعماله السيئة التي
قام بها في حياته بإيحاء منهم .عندها يدرك مدى سذاجته وغبائه وكيف ترك أمره لهذه
الكينونات الخفية الضيئلة القيمة والكرامة ،ويكتشف حينها مدى ضآلتهم وقلة كرامتهـم
وضعفهم وسخفهم وأنهم ليسوا أكثر من مسوخ هايفة منحطة ال جسد مادي لها وال حول
لها وال قوة ،ويشعر اإلنسـان عندئذ بخيبة الرجاء فيما صنع أثناء حياته بوسوسة منهم
ويدرك حينها كم كان مغفالً في اتباعه طريق الشيطان .وأن حصاده ليس أكثر من هشيم
الغرور وكيف
ال يسمن وال يغني من جوع ،ويشعر بالندم في خضوعه لسلطانهـم ووعدهـم َ
سلم نفسـه وروحـه لهذه الكينونات المنبـوذة الناقصة الالمدركة والالواعيـة والالعقالنية ...
هنا يبدأ عذاب الروح على ما فاتها من خير وعذاب الجسد بعدئذ ، ..
196
ربما كانوا يعيشون حياة طيبة عندما زرع الشيطان لوثات الشر فيهم وانتقلت إلينا عن
طريق الوراثة ،فأثرت في سلوكنا وتصرفاتنا وطبعت شخصياتنا .أما الشر الذي يزرعه
الشيطان فينا اآلن سيظهر حتماً وخالل فترات قادمة في األجيال القادمة ..وبما أن كمية
الشر في أجسادنا أصبحت وافرة جداً نتيجة التراكمات الالمحدودة خالل عمر البشريـة
الطويل في هذا العالم فنرجو من اهلل اللطف ...ألن القليل منه يكفي إلضاعة البشريـة
عدة مرات والى األبد ،وقد بدت سيماء ومالمح تلك الظاهرة بالبروز واضحة على يد
كثير من الغربيين الذين ال تعرف قلوبهم رحمة أو إنسانية ،وخاصة أن الدنا في خاليـا
أجسادهم صارت مشبعة ولمدى واسع بالشر ،ولوثة الشر لديهم ناميـة ومهيـأة لتنفيذ
وصايا الشيطان في أية لحظة ،وما الفتن والحروب الكثيرة التي أشعلوها ويشعلونها كل
يوم إال دليل واثبات على صحة هذه الفكرة ،وأن الشر القادم سيكون أشد عنفـاً وظلماً
العدة علناً لمثل ذلك الشر،
وأوسع مساحة عما وقـع قديماً وخاصة أن علمـاء الغرب يعدون ُ
وقد جربـوا واستخدموا العديد من األسلحة الفتاكة التي ال رحمة معها وال دواء وال حائل
يمنع الناس من أذاها .
العدة لتجنب تلك الكارثة الجائحـة الطائحـة التي يعد
لذلك على األجيال القادمة إعداد ُ
لها علماء الشر والفناء ،ألنه إذا نجح شرهم فلن يبقي ولن يذر ،ولكي تفلح البشرية في
إيقاف مثل هذا الشر فما عليها إال المحبة والعلم والثقافة واإلخاء بين الناس جميعـاً
وتحقيق العدل بينهم .
االستنساخ واجلن
في السنوات القليلة الماضية نجح العلماء في استنساخ عضويات حية متنوعة والقوا
نجاحاً باه اًر ،وتم لهم ذلك بتقنية خاصة دعيت باالستنساخ ،وبهذه التقنية أمكن استيالد
كائن حي دون الحاجة إلى لقاء جنسي ومن شريط دنا مأخوذ من أية خلية حية في جسد
كائن حي ،وقد نجحت مثل تلك العملية في بعض الكائنات الحية ومتوقع نجاحها في كل
الكائنات الحية بما فيها اإلنسان ،وهنا تكمن الخطورة ...ألن كل مااستنسخ لغاية اآلن
هي كائنات دونية ال إنسانية وكذلك روحها دونية جسدية قوية ،لكن روح اإلنسان كاملة
لها شطرين أحدهما جسدي واآلخر قدسي ،واذا نجح استنساخ اإلنسان مستقبالً فسيكون
197
مخلوقاً تعيساً وروحه جسدية فقط مثل الحيوانات لعدم تمتعه بروح قدسية ،أي أن روحه
ليست كاملة ولو كان جسده كامالً وجميالً ،وفي هذه الحالة سيخضع المخلوق البشـري
المستنسخ لسيطرة عقله الباطن الخاص مثل الحيوانـات تماماً ،وستكون حياته العاديـة
واليومية متحررة من قيود وسيطرة العقلين الواعي والذاتي ،لعدم امتالك بنيته ونفسيته لهما
،وهذان العقالن هما المسؤوالن عن تحديـد سلوك الفرد وتصرفاتـه وشخصيته وتوازناته مع
بيئته .وبالتالي سيكون لعبة بيد الجن والشياطين ويأتمر بأمرها وخاضعاً لسيطرتها مادامت
لوثة الشر هي أساس بناء جوانحه وجوارحه وسيغدو العنف والقسوة والجنس الالمنضبط
من األمور الطبيعية لديه ،وأغلب الظن أن أسمهم آنذاك سيكون :
يأجوجو ومأجوج
هم مخلوقات روحهم جسدية شيطانية قوية جداً ال خير فيهم ،وكل أعمالهم غريزيـة قائمة
على العنف والتوحش ،وكل مطلبهم هو الجنس والتكاثر واثارة الفوضى والدمـار وتحطيم
الحضارة فهم أدوات تدمير وآالت لذة يبحث عنها عشاق المتع من الجنسيـن ولديهم من
الجمال والقوة الجسدية والجنسية مايفوق أي إنسان طبيعي ،ويمارسون تلبية حاجاتهـم
وشهواتهـم وتنفيذ كل مايطلب إليهم بدون أي تفكير أو تعقـل وبشكل دقيق وببراعة ربما
فاقت براعة البشر العاديين .ومما يجعل هذا األمر قابـالً للتطبيـق هـو سهولة السيطرة
عليهم عن طريق العقل الباطن وتحريكه باإليحـاء والبـث والوسوسة واالستهواء ،وهنا تكمن
الخطورة ....فهم سينفذون شرورهم وشرور من يستخدمهـم وبمنتهى البساطة .ولربما
صاروا أدوات طيعة بيد عصابات المافيا وعصابات الجريمة المنظمة وتجار الدعارة
وسيدفع المجتمع حينئذ ثمناً غالياً جداً أقله فوضى وانعدام أمـن وأمان وفقدان كل ما هو
جميل في حياة البشرية ، ...
االستنساخ هو ظاهرة مراوحة مكانية وزمانية ،خاصة إذا نجح الباحثون في استنساخ
نسخ حية ألشخاص رحلوا قديماً عن عالمنا ..فراعنة ،ديناصورات ....إلخ ،ففي هذه
الحالة سيكون االستنساخ عملية إعادة وتكرار لمخلوقات كانت موجودة أصالً ،أي هي
عملية إحياء تراجعية لمخلوقات استنفذت فرصة حياتها األولى قديماً وصارت من ج أًز
التاريخ .
198
لربما كان لعملية االستنساخ التراجعية بعض الفائدة في الكشف عن التراث البشـري
القديم وكشف أسرار الحضارات القديمة وأحداثها التاريخية الدراماتيكية ،أو لربما تم ّكن
العلماء من التوصل لتقنية تحسين الصحة البشرية بالحصول على أعضاء حية للمرضى
من البشر ومن جنس مادة جسدهم ،لكن الشيء المهم هو أن الخلق الجديد ال تتكرر فيه
الدنا ذاتها إطالقاً ،ألن التغير والتمايز الطبيعي موجود بين األفراد واألجيال بنسبة قـد
تصل ( ) % 0.1والتطابق بينهم هو ( ، )% 00.0واالستنساخ يخالف القاعدة األبديـة
في التناسل ،كما أن الظروف المكانية والزمانية تغيرت ،ولم تعد البيئة هي ذاتها القديمة
التي عاشتها العضوية األصلية .
لربما كان في االستنساخ شئٌ ما يشبه تثبيت الزمن أو الرجوع عكسياً فيه مع وجـود
احتمال االستفادة منه ،إال أن نتائجه ليست محمودة دوماً وان سلمت ،وأغلب الظن أنها
ستكون سلبية على البشرية ،ألنه ليس للمستنسخ الجديد ذاكرة االنسان القديم أو ذكرياته
وأنا أظن أنها بداية انهيار حضارة هذا العصر خاصة إذا استمر علماء حمقى بالعبـث
بنظم الحياة الدقيقة وبتهور وال مباالة مقصودين ،واذا لم يتم السيطرة على هذه العلـوم
وضبطها في بدايتها فسوف تخرج األمور من يد البشرية ولن ينفع عندئذ الندم ،خاصة أن
ما نشاهده في هذه األيام من أفالم تدعى أفالم الخيال العلمي ،ما هي في الحقيقة إال
مشوهة وشاذة يحلم الغربيون بإيجادها فعالً على مسرح الحيـاة والواقع
أفـالم أبطالهـا مسوخ ّ
،ومؤلفوا قصصها أكثرهم مدمنون ، ...
أثار هذا العلم جدالً واسعاً لم يثره علم آخر ،ألنه علم يتعلق بوجود اإلنسان بذاتـه..
ٍ
ومنافس لإلنسان ومـن ذاته كائن مز ٍ
احم بلحمه وشحمه وعضويته ،واألمر يتضمن استيالد ٍ
المزحـم ليس هو ابنـه وال أبيه وال حتى شقيقه بل هو نسخة حيوانية
ومن جسده ،وهذا ا
ٍّ
مكررة عنه ،وهنا نتوقع حدوث أمور اجتماعية غاية في الغرابة والشذوذ ،أولها اختالط
اع مدرك مفكر قابل للتعلم وحيوان بهيم ال يـدرك سوى الغذاء
النسل وضياعه بين إنسان و ٍ
والتكاثر والمتعة ،وستكون الظروف المحيطة في صالح هذا الحيوان لجماله وقوته الجسدية
والجنسية الفريدة ،ورغبات االنسان الطبيعي ( الرجل أو المرأة ) ترحب بمثل هذه الصفات
والخصائص إلشباع الميول والرغبات والشهوات .....ممـا سيؤدي لظهور فوضى
199
اجتماعية و صحية عارمة ال حدود لها ،ولربمـا أدت لنشوب حـروب مدمرة أو انتشار
أمراض فتاكة ال دواء ٍ
شاف لها ، ....
ٍ
سليمة ،مثل لربما كان هناك بعض الفائدة من هذا العلم ،إذا أمكن التعامل معه بطر ٍ
ق
استنساخ بعض ملوك الفراعنة األقدمين أو الديناصورات أو بعض الكائنات المنقرضـة التي
سادت األرض في أحقاب جيولوجية قديمة من عمر األرض ،ويكفي لذلك التقـاط بعض
رفات تلك األموات واستنساخ الدنا لها بتلقيحها وزرعها في بويضة أنثوية مناسبة ثم زرعها
في رحم أنثوي ...فإذا بها تعطي نسخةً مطابقةً تماماً لألصل ..وهكذا صح القول المنزل
( ألهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر) .وكم هو جميل ومدهش أن نستنسخ أجدادنا وآباءنا
وأمهاتنا الذين ماتوا ، ...وكم سيكون الفرعون منبتاح الرابض مومياؤه حالياً في قاعة
الملوك في المتحف المصري في القاهرة سعيداً لبعثه حياً بعد سبعة آالف سنة من موته
ليروي لنا قصته الحقيقية مع النبي موسى كما جرت قديماً ،هذا إذا بقي شئُ في ذاكرته
عما حدث آنذاك ، .....
أما عالقة الجن باالستنساخ فهي عالقة وثيقة جداً ،ففيه استيالد كائن حي يعيـش
بروح جسدية وعقل باطن قوي ،وهو على صلة قوية بالعقل الباطن الذبذبي ( مسـرح الجن
والعفاريت والشياطين ) ،وهذا المخلوق عنيف له طبيعة الحيوان الغريزية الشرسة المتوحشة
خلو مـن الشطر الروحي
درك فكرياً أو عقلياً .وروحه ٌالالم ِ
المستندة إلى الوعي المحسوس و ُ
القدسي اإلنساني الحامل لصفة الوعي واإلدراك والعقل والفكر والتذوق الجمالي واإلحساس
به ،ونفسيته التدرك المعاني الراقية في اإلنسان مثل الضمير والحق والعدل والرادعة
للعنف والتوحش ،مما يجعله يتعايش مع الجن والشياطين وبتآلف كبير وخاضعاً بشكل
وي َن ِف ُذ كل
منوم مغناطيسياً من قبلهم ُ ،
مباشر لسيطرتهم وايحاءهم .فهو كائن يحيا وكأنه ّ
ما ُيطلب إليه بدون أي تردد أو إدراك ،ومهما كانت الخطورة ،وهو مطروداً من رحمة
الخالق وال يباركـه اهلل وال المالئكة وكأنه ابن زنا ال خير فيه ، ..
211
****************************************************
ــــــــــــــــــــــ
الفصل التاسع عشر
عمـل الجـن
عملهم بالتحديد هو تعطيل دور الشطر الروحي القدسي عند االنسان وتخميد صفة
الخير لديه ،وتشجيع دور الشطر الجسدي من روحه لتسيطر طبيعته الجسدية الحيوانية
تحييد دور الروح القدسيـة
على طبيعته االنسانية العاقلة ،إذ يعمد الجن والشياطين إلى ّ
والغاء عملها النوراني في النفس البشرية بأن يلغوا عمل العقل ودوره في التمييز بين ما هو
خطأ وما هو صح ..وماهو خير وماهو شر ..أي يسببون خلالً في تفكير اإلنسان،
ويلغون دور العواطف والوجدان والضمير والمحبة في نفسه ..فيفقد فؤاده القدرة علـى تذوق
المعاني الراقية والسمو بها وتمنعه من التمسك بها ،أي عملهم هو إحباط وتثبيـط والغاء
دور كل ماهو إنساني جميل في حياته والعودة لطبائع إنسان الغاب الشرس ،مما يعني
211
إفساد حياته وجعلها فوضى وصخب وغضب ونكـد ،ويتم لهم ذلك إذا استطاعوا التدخل
في عمل الروح الجسدية والعبث بفعالياتها عبر ساحة العقل الباطن لإلنسـان ،وأدواتهم
وحثها علىالخفية في ذلك هي آليات البث والوسوسة واإليحاء واالستفزاز وزرع اللوثـة َ
العمل .مما يؤدي لفقدان المرِء توازنه النفسي وتجمد سلوكه االنساني ، ....طبعاً لكل نوع
من الشر جان أو شيطان خاص به ..والنتيجة هي طغيان صفة الشر لدى االنسان على
وي ِح ُد من أثر هذه الظاهـرة ..ويمكن شرح
صفة الخير ..لكن هناك الكثير مما يخفف َ
أنواع عملهم وفق األدوار التاليـة :
) 1دور اجلان املعلوماتي :
وهو االستماع واستراق السمع من السماوات العال الختطاف معلومة قدرية مستقبلية
ويقصد باللـوح المحفوظ جملة البرامج والمخططات التي وضعها
من اللوح المحفوظ ُ ،
صممها ) لمسيرة الكون في هذا الوجود .ومعنى هذا أن اللوح
الخالق العظيم وقدرها ( ّ
يضم كل كبيرة وصغيرة في هذا الوجود واليغيب عن ذلك حتى مثقال ذرة أو أقل ...ومن
ضمنها البرامج المستقبلية الحياتية للكائنات الحية وأقـدارها بما فيها اإلنسـان ،بعد استراقهم
للمعلومات من اللوح المحفوظ ونجاتهم من قذف الشهب يدخلونها دمـاغ اإلنسان باإليحاء
والوسوسة والبث ..وبالتحديد عن طريق العقل الباطن ،ممـا يعني أن االنسان يجب أن
يكون على اتصال ذبذبي معهم ومهيأ نفسياً لذلك .وطبعاً ال يحدث هذا األمر ببساطة،
بل يتطلب إعداداً وتدريباً شاقاً طويالً ليتحقق االتصال معهم ،مما يقتضي مرور الشخص
المتعـاون معهم في غيبوبـة تشبه غيبوبة التنويم المغناطيسي ليتلقـى ماطلب من معلومات
....لذلك يكذب كل من يدعي اتصاله بهم وهو في حالة اليقظـة وحتى في حالة الغيبوبة
ال ينجح اللقاء عادة و ال يتم استالم الرسالة ،ولم يثبت التحقق الفعلي من االتصال بهم
على مدى التاريخ سوى على يد بعض االنبياء ....مثل النبـي سليمان ،وآخرون غيره
كانوا يرونهم ويتحاورون معهم ويزجرونهم .حتى أن نبينا كاد أن يقيد أحدها ،والسيد
المسيح كان يطردها من األجساد المريضة فيشفيهـا بأمر اهلل .هذا الدور هو الذي يستغله
المشعوذن والدجالون في ابتزاز الناس ،ويعطونه تسميـات متنوعة مثل جلسات
212
استحضار األرواح البشرية أو استحضار الجان ..وكلها أكاذيب ..فما استطاع مخلوق
الوصول لهذه الدرجة من التعامل مع الجان إال بعض األنبياء ، ..
لهذا الدور المعلوماتي آثار سلبية هائلة على صعيد النفس البشرية ..فمن خالله ي ِ
حك ُمُ
الجان سيطرته على عقل االنسان وجوانحه ،ويبهرعقله ويشوش تفكيره ويدمر توازنـه
النفسي ،ويصعق شخصيته بغية إيقاع أكبر أذى بالمتعاون وبمن حوله وليورده واياهـم
موارد التهلكة .حيث ُيدخلون ذبذباتهم مع المعلومات لدماغ المتعاون ..وهي تعمل عمل
الفيروسات في الخاليا الحية ، ..فيتمكن الجان والشياطين من التحكـم بسلوك المـرء
وتصرفاته فيغدو من جندهم .
صحيح أن اإلنسان قد يتمكن من التعاون معهم وأستخدامهم لتنفيذ مآربه ،لكن األمر
أخطر من ذلك ،إذ ال يلبث أن ينقلب الحال ويصبح االنسان تحت سيطرتهم وعبداً طائعاً
ألوامرهم ،وأخي اًر يجني اإلنسان من تلك العالقة علقمـاً ...كأن يفقد عقله أو ينتحر .
وباالختصار التعاون مع الجان هو أمر خطر جداً ،هذا إذا تمكن اإلنسان فعالً مـن
التوصل إليهم حقيقة ،وطبعاً الدجالين في مثل هذه األمور بارعين وال حصر لعددهـم
واألفضل اجتنابهم .ويبقى حقيقة هدف االنسان من االتصال بهم هو الشر البعيد كـل
البعد عن الخير وايقاع األذى بالناس واقتناص ما بيدهم بغير حق ،والنتيجة ُيطـرد
اإلنسان الباحث في تلك األمور من رحمة الخالق .
) 2دور اجلان البيولوجي :
وهو العبث الذبذبي بالمكونات األساسية للخاليا الحية قبيل وأثناء عملية انقسام كل
خلية حية والتدخل في تركيب شرائط الدنا للخلية وزرع لوثة الشر فيها لتكون موروثة في
األجيال القادمة ،وتكون تلك اللوثة إما بشكل خطأ في تركيب الدنا أو تخزين دفقـة طاقة
زائدة في بعض أجزاء شريط الدنا وجاهزة للعمل الغريزي الفوري لحظة انبثـاق الكائن الحي
في الكون ،ولعل أول مظاهرها بكاء الطفل لحظة والدته ،ونشاط األطفال الزائد وصخبهم
الخارج عن المألوف ،وتهورهم في اللعب والذي كثيـ اًر مايصل حـد الخطر .أي أنها تشحن
نفسية اإلنسان بالشر واألذى وتجعل تفكيره سطحياً وبعيداً عـن المنطق والحق خالل حياته
213
االجتماعية والمعاشية ،وتتجلى تلك الحالة بسيطرة الشطـر الروحي الجسدي من الروح
وتحييد العواطف السامية لديه .
فيغلب على اإلنسان طبيعة العنف والقسوة واألجرام ّ
)0دور اجلان اجلنسي :
كان الجنس وسيلة الجان في التكاثر الوالدي ،ويتم لهم هذا األمر في األنفاق الكونية
الالزمنية وفي المواضع التي تتفق مع طبيعتهم .وأساس الجنس هو العشق واليشتـرط فيه
الحب ،فالحب عاطفة غريزية اخترعتها الثدييـات( من بينها االنسان ) في األرض لتحافظ
صالتها وعالقاتها ببعضها البعض ،وهو عاطفة رقيقة هشة يتخيل االنسان أنها على ِ
راقية ،وهي أول الخطوات نحو العشق والجنس ..لذلك اليشترط في الزواج الحب بل
العشق ألن الحب سرعان مايزول لحساب اآلخر .
أحب آدم حواء لما رآها ولكن سرعان ماعشقها إبليس ،وبسبب اختالف طبيعة خلق
كن إبليس العداء لهما .فكان أول ماوسوس إليهما هو كشف عوراتهما وكشف كل منهم ّ
سر شجرة الخلد التي أساسها العشق والجنس ..فكان ماكان ..فكان الجنس نقمة إبليس
حول الخطيئة من نقمة التي أصاب بها آدم وحواء ولعنةً عليه أصاب بها نفسه ،لكن اهلل َّ
لنعمة حالل بأن َّ
أحل الزواج .وأبطل اهلل خطيئـة الجنس وصار تعاطيـه مباحاً بالعقد
القران والمزيد منه يذهب عمل الشيطان ويطفئ غضب الرب ويثاب عليه المرء .لذلك وِ
حب َبة ومباركة ،تُفـرح المالئكة وتـؤذي الشيطان
كانت ممارسة هذه النعمة بالحالل ُم َ
وتلغي كيده وتبطل عمله وتقلص مساحة عبثه في النفس البشرية ،وتنمي العقل الواعي
والذاتي لدى االنسان ،وتنقي سريرته وترقي إنسانيته ،وتنشط ذاكرته وتنظم تفكيـره وتقوي
شخصيته وتحسن أداءه ،...لذلك كان على اإلنسان أن يتمم نصفه الديني باتحاده مع
نصفـه الحلو ،وأن يزيد من مخالطته له وأن ال يتخلى عنه .وهذا يغيظ الشيطـان ويدحره ،
وأن يتمنى االنسان على اهلل أن يجنب الشيطان ما رزقه .ففي االقتران تفريغ للوثة والغاء
للخطيئة وارثها المتوارث .
يحاول الشيطان من خالل هذا الدور السيطرة على الغدد النبيلة الضعيفة عند اإلنسان
مثل الغدد التناسلية الذكرية واألنثوية ،وبالتحديد على الحيوانات المنوية والخاليـا التي
تتكون فيها وتفرزها ،وكذلك على البويضة األنثويـة واألجهزة المولدة لها عند المـرأة ويعمد
214
الجان إلى حث واثارة تلك الخاليا لدرجة عالية من اإلثارة وتنشيطها واستعجالها للقيام
مقنعاً بعاطفـة كاذبة بين
بعملها البيولوجي وبأية طريقة ممكنة ،وقد يكون هذا الدور ّ
الزوجين ولو كانت حالالً ،وينجزه الشيطان واإلنسان في غيبوبة ذهنية واحتجاب العقل
واإلدراك ،فإذا لم يتنبه االنسان إلى ذلك فينتهي به األمر الرتكاب خطيئة المبررة فيغدو
مارقاً متمرداً على العرف والقيم األخالقية والتقاليد وكل المعاني السامية والقدسية
إن أكثر مايسعى إليه الشيطان هو إثارة الرغبات والشهوات الجنسية الالشرعية لدى
اإلنسان في غير أوقاتها وفي أماكن غير مالئمة ومع أشخاص ليسوا محلّلين له ،وأقوى
حاالت عمل الشيطان واثارته العظمى للرغبات تكون عند االجتماع والجلوس مع قريب
محرم ،ألنه يحقق إثارة غير متوقعـة تفوق تلك التي تحدث في حاالت اللقاء الشرعي
ّ
الطبيعي وحتى في حاالت الشذوذ الال مسموحة لذلك تكثر حاالت زنا المحارم والشذوذ
الجنسي المثلي في البالد المتحررة جنسياً ،ولكي ينقذ اإلنسان نفسه من مثل هذه الحاالت
كر ينظف النفس البشرية ويفرغ شحنة ِ
يكفي أن يذكـر المرء ربه فيهرب الشيطان ،فالذ ُ
الشيطان وطاقتها العالية الثائرة في النفس ويزيل الغشاوة التي ضربها الشيطان على مخ
اإلنسان ،فتسكن ثورته ويهدأ اندفاعه وتتيقظ أحاسيسه وتسمو مشاعره وتتفرغ طاقاتـه
الثائرة بفعل الجان والشيطان من جوانحه بسـالم .
) 4دور اجلان النفسي :
قد يلجأ الشيطان لطرق نفسية تكون أكثر جدوى وفاعلية لتحقيق مآربه وذلك بتهيئة
النفس البشرية للوقوع في الخطأ مستغالً حاجات النفس ورغباتها وشهواتها وأمانيها ...مثل
الطعام والملبس والجنس والسلطة والسيطرة والنفوذ ..فيغذي أماني اإلنسان وأحالم يقظته
ويجعله يعيش في العسل ..وبعدها يحرك في نفسه مشاعر األنانية من طمع وحقد وجشع
وغيرة وحسد ،..ثم يستخدم أسرع وأنجع طرق التنفيذ وهي الغواية واإلغراء ..ووسائلها
المال والنساء وكل ماهو ممتع للنفس البشرية ويحقق لها سعادة سهلة دون بذل جهد أو
المسكرات والمخدرات واالنحرافات الجنسية والمبالغة في الشذوذ فيها وهو ينجز
عناء مثل ُ
ذلك عبر العقل الباطن الخاص لإلنسان بآلية بث ذبذباته العالية التردد فيؤثر في أعصاب
االنسان ويعبث بهرموناته وبكيمياء أخالطه وبطاقاته األثيرية ..فيغير مـن نفسيته ومن قواه
215
النفسية وحتى العقلية بأن يثير أعصابه وقدراته السلوكية باالستفـزاز الصوتي الذبذبي
الالمسموع ،مما يبعث في نفسية المرء الشعور بالقلق والكآبة والخوف والفوضى
واالضطراب ،ومقترناً ذاك بالحزن والرعب واألرق والتطير .والنتيجة هـو حدوث ٍ
خلل في
توازن المرء مع الظروف المحيطة به فتغدو معادية له ،وينعدم التالؤم والتكيف بينهما
ط عمله .وكل ذلك يتم عن بسبب ذبذبات الجان الالمسموعة التـي تتلقاها أجهزة
حب َ
في َ
ُ
استقبال موجودة في جملتنا العصبية ومن ضمنها العصـب األساسي الذي هو النخاع
الشوكي والقناة األثيرية فيها ،وطبعاً ال يقف األمر عند هذا الحد لكن يتعـداه إلى إحداث
فوضى في كيمياء الجسد وتفاعالتها وفي إفراز الهرمونات والعبث بكهرباء الدماغ ،ويرافق
ذلك حدوث توتر نفسي واختالل عقلي ومن ثم أيقاظ غرائز الحيوان في نفسه ،وهذا الحال
محرمة وذاق ملذات كانت عليه محظورة ،فإذا بالدنيا
غالبـاً مايشاهد فيمن استبـاح ُمتعاً ّ
تنتقم منه ..فترهقه بشؤونها وتشغله بمصائبها ....فيحصد مـن عمره فيها هشيماً .
216
الممسوس وهو الدماغ ،وتبدو مظاهره المس لدى األشخاص الممسوسين بشكل خمـول
العرفوشرود وتكاسل وأرق وصدود عن المثاليـات والمباالة بأمور األخالق والدين و ُ
ظمها ،وتظهر قوة المس الجسدية والحيوانيـة في ون ِ
وتجاهل كامل للبرتوكوالت االجتماعية ُ
حاالت الخوف والغضب الشديدين وفي حاالت طغيان الرغبات والحاجات ..وأقواها الرغبة
الجنسية .وأكثر الناس عرضة للمس هم األشخاص الحساسون نحيلوا األجسام .
س عدة مظاهر ..ففي بعض الحاالت يكون هادئاً ولصاحبه مظهر هادئ ولطيـف لم ِ ِ
لَ
تماماً ،ويتجلى مظهره لدى المصاب بشكل اهتمام زائد بأمور الدنيا والتمسك بها وتذوق
مستمر لملذاتها ومتعها واالشتغال بها وانقطاع صاحبها تماماً عن غيرها من األمـور ،
كإدمانه على ممارسة هواية قد تكون فنية جميلة كالطرب والموسيقى أو الرقص ..إلخ
كما أن للمس حاالت متطرفة حادة تصل بصاحبه حد الهوس والهلوسة والجنون .ومن
مظاهر تلك الحالة ولعه في ممارسة أنواع قاسية وعنيفة من الرياضة ،أو تأخذ شكـل
تشدد وتعصب أعمى واندفاع متهور مقترن بالعنف جرياً وراء ٍ
مبدء أو فكرة قد يكونـا
في َنبذ
ساميين ،لكن أسلوب الطرح بهذا الشكل ليس مقبوالً زمانياً أو مكانياً أو اجتماعياًُ ،
الممسوس وال يعد مرحباً به .
ِّ
المخدرة والمسكرة والتدخين من مظاهر المس أيضاً إدمان المصاب على تعاطي المواد
بشراهه لتغييب عقله وشل تفكيره لعدم قدرته قبول اآلخرين وأفكارهم ...وهذا بالتحديد غاية
الجان والشيطان من المس .
كل أنواع المس تُ ِ
خرج المصاب عن توازنه وطوره وتتلف شخصيته وتحطم نفسيته ..
وما أكثر هذه الحاالت اليوم .وللشفاء من المس يجب إخضاع المصاب لتجربة ظروفها
مماثلة تماماً للتي مر بها أول مرة حدث له ُم َس فيها ....أي بتعريضه لصدمة نفسيـة
فيها من الرعب والخوف ما يكفي إلزالة هول أحداث الصدمة األولى ، ..
اإلنسان هو أغلى وأثمن مافي الوجود ولو بحثنا في مئة مليار مجرة فلن نجد إنساناً،
لذا يجب بذل المستحيل إلسعاده وازالة الضر عنه .
)7النسيان وضرب الذاكرة :
الشيطان هو ملك النسيان ،
217
إن السبب الفيزيائي لعلة النسيان هو ضرب مناطق التذكر والذاكرة في المخ ،وآليته
الداخلية قد تكون وراثية أو إصابة عضوية ،ولكن في كثير من األحيـان يكون السبب هو
عبث الجان بالغدد الهرمونية وبمعدالت إفراز المواد ِ
المخدرة الطبيعية الموجودة في الجسم
البشري بشكل طبيعي ،وكذلك عبثه بالتفاعالت الكيميائية الجارية فيه .أما أدواته المادية
المخدرة بشكل عام ،والتي عادة مـا تدعى بمواد ِ المسيئة للمخ البشري فهي المواد
الخارجية ُ
التدمير الذاتي ،أو مواد حذف الذات ،وتلك المواد تسبب غيبوبة في الذهن وضياع
الذاكرة وفوضى في التفكير ولحس المعلومات من المخ واضمحاللها أوالً ،ثـم فقدانها نهائياً
فيما بعد ،فمعاقرة اإلنسان للخمور والمسكرات والمخدرات وحتى المنبهات القوية
والمنشطات بكثرة وبجميع أصنافها سواء كانت طبيعية أم صناعية متلفـة للذاكرة على
المدى البعيد ،لذلك تعتبر تلك المواد واإلدمان عليها من عمل الشيطان ،والحقيقة أن
اإلدمان هو بحد ذاته جريمة بحق النفس ،ألنه جريمة حذف الذات ،وكل ٍ
شئ يزيـد عن
ب الفكر ويحجب العقل بقناع كثيف وكتيم ِ
حده ينقلب لضده ،فاإلدمان على تلك المواد ُيذه ُ
(غشاوة) عن أمور اليقظة والواقع ،وتبعد صاحبها عن شؤون الحياة وتقطع صلته بها
ولوقت طويل ،ولربما أكسبت صاحبها نوعاً من الهدوء الظاهري ،لكن حقيقة األمر سببت
له خلالً في توازنه العقلي والنفسي وضعفاً شديداً في العقلين الواعي والذاتي لـه وانطالق
عقله الباطن الالمتوازن ليمرح مع الجان والشياطين .لذلك أذكر ربك إذ نسيت
من الممكن اعتبار ظاهرة التنويم المغناطيسي نوعاً من الضرب للذاكرة والعبث بها
وربما وصل خطره إلى تدمير الذاكرة والقدرات الذهنية والعقلية ،ويزداد األمر خطورة إذا
المنوم مغناطيسياً يسرح بعقله الباطن
المنوم خبيث النية ويعلم أن دماغ الوسيط َّ
كان ِّ
الخاص في كل الوجود ،أي يتصل بالعقل الباطن الشامل والذي هو أيضاً ساحة عمـل
الشياطين والجن ،عندها ندرك مدى الخطر الذي يحيق بالوسيط النائم من ِ
قبل الشياطين
المنوم ثانياً ،خاصة إذا علـم هذا األخيـر بوجود
قبل ِّوالجان أوالً ،ومن خطر استغاللـه من ِ
اتصال مفتوح بين النائم وعالم الجان فيستغلهم في تنفيذ مآربه الخاصة ،والتـي غالباً ما
المنـََّوم .
تكون إجرامية وعلى حساب الوسيط ُ
)8دوره يف الشر اجلماعي :
218
الجن يعرف الخير كله ويخالفه ..مثل كثير من الناس .وبرنامج عمله قائم على إلغاء
الخير من النفوس البشرية وبث الشر فيها .ويعمل على جمع النفوس الشريرة وتأليـف
القلوب على حب األذى والضرر وابعاد اإلنسان عن الخير والهداية ،بحيث يصبح الشر
جماعياً له هوس يصيب معظم أفراد المجتمع ،وماعصابات اإلجرام المنظّم التي تمارس
القتل المأجور والدعارة وتهريب المخدرات وخطف األطفال والتجارة بهم وبأعضائهـم
الجسدية ماهي إال أنواع من الشر الجماعي ،والذي غالباً ما تكون وسائله وطرائقه قذرة
ومنحرفة .وحتى الحروب التي هدفها القتل والتخريب والسيطرة وبسط النفوذ وتشريـد الناس
عن أوطانهم هي أعظم أنواع الشر الجماعي الذي يغذيه الجان والشياطين ..ألن فيه
إلغاء لآلخرين وعودة بالمجتمعات إلى حالة الفساد األولى التي سادت األرض قديماً عندما
سكنها الجان ووقعت بينهم حروب سفكوا فيها الدماء ،حتى أن المالئكـة ضجت بشرورهم
،واألذى حرفتهم ومادة لهوهم ..وما صناعة األسلحة الفتاكة المرعبة في هذا العصر
الحالي (على األخص ) ذات القوة تدميرية الهائلة ،وكذلك حروب اإلبادة التـي تمارسها
بعض األمم على األخرين ما هي إال نتيجة لفكر الشر الجماعي الذي يرعـاه الجن
والشياطين في أدمغة طائعيه وصدور الحاقدين وناقصي العقل والوجدان ويحثونهم على
ممارسته ،وهم برغم تقدمهم العلمي الهائل فمازالت الشياطين ترتع في قلوبهم وفي كل ذرة
من أجسامهم ...وهدفهم كان ومازال هو عبادة الشيطان وتحطيم االنسـان .
)9دوره يف أحالم اليقظة :
يشجع الجان والشياطين أحالم اليقظة والشرود الفكري عند اإلنسان ،وربما غالـى
اإلنسان فيها ،ألنها تمتاز بالخصوصية واللذة الفكرية التخيلية ،وغالباً ماتكون لذيذةً عذبة
مغمورةً بالعسل ،وتحقق ذهنياً لصاحبها كل ما يتمناه بسهولة ودون أن يبذل أي جهـد
فيشعر باالنتعاش والغبطة والسرور ،ومع تكرارها واإلدمان عليها تتحول تلك األحالم لنوع
من المرض النفسي أو الهوس العقلي ،وقد يدخل هذا النوع من األحالم الشخص الحالم
عالم العقل الباطن الالمتزن الذي ال خجل فيه وال قيود ،والذي هو عالم الجـان
ٍ
تخيلية ألنواع من الشذوذ النفسي أو بممارسات فكر ٍ
ية ٍ والشياطين ،فيحثوه ويزينون له القيام
الجسدي أو الجنسي ،وربما وصل األمر لحد الزنا والقتل أو التخطيط له أو السرقة
219
والتخطيط لها ..الخ ،وتنشط مثل تلك األحالم كثي اًر لدى األطفال والشباب حديثي السن
لكون العقل الباطن لديهم قوي جداً ،وهم يعززون أحالم يقظتهم بما يشاهدونه من أفالم
المغامرات الوهمية والتخيلية ..وهنا مكمن الخطر ..إذ يغدو الجـن والشياطين أبطال
وخالنِ ِه ،وهم يرتعون في دماغه ومخيلته طيلة
أحالمهم وأفالمهم وقدوة الطفل وقرناءه ِ
ُ
آت سيكون أدهى وأمرالنهار والليل ودون أن يدرك هو بخطورة ما يجري ،..وما هو ٍ
تجعل تلك األحالم اإلنسان هامشياً هوائياً تواكلياً ضعيف الحيلة واإلرادة ذو شخصية
مهترئة ..وعقل متطير ويجعل من توافه األمور عظائمها .ولكي يحقق أحالمه وآماله
وينجز أعماله يستشير النجوم والمنجمين ليقرؤوا له برجه ويستنبطون طالعه وحظه من
الكواكب والنجوم ،ويتابع أيام وأرقام سعده ونحسه ....الخ من تلك السخافـات التـي
يمارسها منجمون محترفون منحرفون وما أكثرهم هذه األيـام ،وهم يتزايدون حاليـاً بأعداد
عجيبة مثيرة للشك والريبة .....توحي بعودة البشرية إلى العصور الحجريـة المتخلفة ....
إنهم أعوان الجن والشياطين ، ....وعلى العاقل أن يتنبـه !!!.
)11إثارة الغضب :
يستفز الجن والشياطين فؤاد اإلنسان بأصواتهم الذبذبية الالمسموعة وبشكل دائم ،
فشل ألم به ،وكان وضعه النفسي ٍ
مترد وخاليا ويصدف أن شخصاً يعاني من إحباط أو ٍ
دماغه عامرة بالطاقات الثائرة والمتأججة باألمواج الذبذبية المشحونة بالكهرباء ،ويحدث أن
تتالقى أمواج الطرفين معاً فتنتج أمواج قوية تثير أعصابه وتعبث باتزان عقله ومخه
وتسبب خلالً في مراكز التفكير والمحاكمة المنطقية لديه ،فيندفع بتصرفاته دون أن يعي
عواقب ما يقوم به من أعمال حمقاء المنطقية .
وحقيقة الغضب أي طبيعته الفيزيائية تشير إلى أن ذبذبات صوت الجن تستفز طاقة
خاليا الدماغ فتجعلها تبث أمواجاً كهرطيسية في ساحة العقل الباطن المتحرر جزئياً في
مثل هذه الحاالت ،ويلي ذلك تالقي هذين النوعين من األمواج ويسود بينهما نـوع من
التجاوب والتناغم .عندها يضغط العقل الباطن على مراكز اإلدراك والوعي واالتـزان في
المخ تجعله يتجاوز ظروف المكان والزمان المقيدان بحدود العقل الواعي ،فتتعاظـم الطاقة
المثارة فال يعد يشعر المرء إال بنفسه فقط ،ويصل إلى حالة األنا ،ومع استمرار زيادة
211
الغضب والشحن والتركيز على الذات اليعد المرء بشعر بمن حوله ..عندها يحقق األنا
األعلى واألقوى ...وهنا تقع الكارثة إذ يفقد المرء شعوره اإلنساني وال يعد بعدها قاد اًر على
ضبط نفسه وأعصابه وتتعطل لديه آلة العقل والتعقل وينهار فؤاده وعناصر الرحمة
والسكينة لديه فال يعد المرء الغاضب إنساناً ،بل هو أقرب للوحش الكاسر .
(واذ قلنا للمالئكة اسجدوا آلدم فسجدوا إال إبليس قال ءأسجد لمن خلقت طيناً ,قال
ألحتنكن ذريته إال قليال ,قال
ّ كرمت علي لئن أخرتن إلى يوم القيامة
أرءيتك هذا الذي ّ
اء موفو ارً ,واستفزز مـن استطعت منهم اذهب فمن تبعك منهم فإن جهنم جزاؤكم جز ً
بصوتك واجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في األموال واألوالد وعدهم وما يعدهم
الشيطان إال غرو ارً ,إن عبادي ليس لك عليهم سلطان وكفى بربك وكيال ) ,
قرآن كريم ـ سورة اإلسراء ( 24ـ . ) 25
************************************************************
ــــــــــــــــــــــ
الفصل العشرون
طعام الجن
كثرت األقاويل في هذا المجال ،فمن الناس من قال أن الجن ال يأكلون وال يشربون
وأنهـم ليسوا بحاجة للتغذية والغذاء ،وان كانوا يأكلون فطعامهم ليس مادياً قطعاً ،ألنهم
كائنات تعيش في الالزمن أي ال يحول عليهم زمن تقريباً ،لذلك ال يحتاج الجان لغـذاء
فعالً وأن فعل ذلك فالهدف هو محاولته إيذاء البشر بإفساد أطعمتهم وشرابهم ،وان كان
يحتاجه فعالً فغذاؤه عبارة طاقة أساسها موجي وليست مادية على اإلطالق ...فالجني
يعيش ألوف السنين سواء أكل أم ال ،واألغرب من ذلك أن من الشياطين من ال يموت
فهو ُمنظَر إلى يوم القيامة فلماذا يأكل ......لربما كان هدفـه من أكل طعام األنس هو
إزالة النعمة والبركة منها ،واتالف مال صاحبه ،فاألكل هنا هو كالم رمزي يقصد به رفع
البركة ونزع الخير ،أو ربما كان القصـد أن اهلل يفتح على الكافر شهوتـي البطن والفرج
211
ويحرض الغدد عند
بتسليط الشيطان عليه ال تالف ماله وصحته ،حيث يستفـز الشيطان ّ
الكافر على اإلفراز للعصارات الهاضمة بوفرة كي تستنفذ الغذاء من جسـده فيشعر بالجوع
ثانية ..فيأكل ..وهكذا ،وكذلك يحرض الغـدد التناسليـة على إفراز الهرمونات المثيرة
للجنس كي يبقى االنسان في حالة شبق جنسي دائم ال يرتوي وشهوة جنسية طاغية قاتلة
ال تنطفئ ،ربما جعلته ينغمس في المعاصي والملذات فيستهلك بذلك صحته وماله وعمره
.إذن أكل الجني هو ضرر لإلنسان
بعضهم يرى أن الجان هم كائنات حية لها تقريباً نفس مواصفات البشر ولكن خلقها
اهلل في أشكال جسدية غير طبيعية ،ولهم أنواع :أرضي ـ هوائي ـ فضائي ـ متدين ـ
عاص ..وهم قرائن للبشر ويالزمونهم بشكل دائم ،بحيث يكون لكل إنسان قريـن
يصاحبه وال يتخلـى عنه أبداً ،ويعرف عن صاحبه اإلنسي كل شئ ،ومن هنا نشـط
السحرة في محاوالتهـم أسر مثل هؤالء القرناء ليتوصلوا منهم إلى معلومات عن الناس
ليستغلوها في إيقاعهم في األذى والضرر ،ومعظم من يستخدم هذه الطـرق يدعي أن
الجان يأكل الطعام وبالتحديد طعام اإلنسان ويلبس لباسه ،لذلك فهم يطلبون من زبائنهم
أطعمةً شهية ومالبس فاخرةً وأمواالً كثيرةً بذريعة تقديمها لألعوان من الجن ،وطبعـاً هذا
كالم غير صحيح وغير صحيح إطالقاً وكل مايطلبونه من زبائنهم المغفلين يذهـب
لجيوبهم وبطونهم بالتحديد .
لربما كان للجن والشياطين أعوان أو جنـد يدعمونهم ويساندونهم في تخريب مادة
جسم اإلنسان العضوية واصابتها باألمراض وافساد طعامه ..وهؤالء األعوان يتغـذون فعالً
على عناصر تلك المواد ..وهؤالء األعوان هم الفيروسات والجراثيم والبكتيريات ..أما
الجان فال يحتمل أن يتغذوا بمثل هذه الطريقة ..ألنهم أصالً ليسوا بحاجة للطعام
فأعمارهم مديدة جداً ربما بلغت مليارات السنين وكثير منها هي ُمنظر ال يموت ..فلماذا
يأكلون ؟ وماذا يأكلون ؟ فأبعادهم ليست أبعادنا وعالمهم ليس عالمنا ،والطعام من جنس
مكون من مواد عضوية هيدروكربونية وغذاؤه أيضاً من
نوع الطاعم ..فاالنسان جسده َّ
نفس هذه األنواع سواء كانت حيوانية أم نباتية .ولتلك الكينونات الخفية (الجن وخالفه)
عالم ذي بعدين ونصف البعد ..وبالتالي كي تتغذى يجب أن يكون لغذائها نفس أبعادها
212
لذلك هي بحاجة لوسيط يؤمن لها غذاءها من عالمنا وهم الفيروسات ونحوها ..أي أن
للجان طهاة وخدم وحشم يرعون شؤونهم وهم الفيروسات .ويتـم األمر كما يلـي :
يعيش الفيروس عم اًر مديداً ال يموت وعند شعوره باقتراب الموت ينشطر .واذا لم
يتوفر له الغذاء فإنه يثبت ثبوتاً شبه مطلق يشبه الموت ولمدة طويلة جداً من الزمـن ،
ربما بلغت عشرات األلوف من السنين ،لكنه ما إن يشعر بوجود غذاء مناسب بجـواره إذا
به ينتفض فجأة وينبعث حياً نشطاً فتاكاً ..ويقفز على هذا الغذاء ليلتهمه ..وال يعدو
هذا الغذاء أكثر من خلية حية مثالً ( خاليا جسم اإلنسان ،مادة عضوية ..جرثومة ...
بكتيريا ..إلخ ) عندئذ يقفز إليها ويثقبها ويقذف بداخلها الدنا (الحامض النووي) الخاص
به ،تأخذ جزيئآت الدنا الغازية بإثارة الفوضى واالضطراب في الخلية ،ثم تتدخل فـي نظم
سير العمليات الحيوية فيها ،وأخي اًر تسيطر على مقاليد األمور فيها وتتلفها ثم تأخذ في
هضم وامتصاص محتوياتها ،وأخي اًر ينسخ الفيروس نفسه ويتكاثر من مادة الخليـة البائسة
ذاتها وبأعداد فلكية من النسخ ،أخي اًر تغادر هذه الجموع الهائلة من الفيروسـات الوليدة
الخلية وقد تركتها قاعاً صفصفاً لتقفز منها إلى خاليا حية أخرى ....وهكـذا ،ال يحتاج
إنجاز هذا األمر كله ألكثر من جزء من مليار جزء من الثانية الزمنية الواحدة ..أو ربما
أقل من ذلك بحيث ال يتجاوز زمنها بضع لمحات زمنية على مقياس العالـم االنكليزي
هاوكينـغ .
الشيء الغريب في هذا األمر هو أن لتلك الكائنات الفتاكة بيولوجياً ( الفيروسـات)
أجهزة دقيقة جداً تتحسس بها وتتأثر باألمواج والذبذبات العالية التردد وتتعامل معهـا ،
وطبعاً مثل تلك األمواج يمكن اعتبارها صلة الوصل فيما بينها وبين الكينونات الخفيـة
الالإنسانية وهم الجن والشاطين .ومسرح جميع عمليات االتصال بين الجن والشياطين
والفيروسات هو العقل الباطن المشترك بينهما ،ومطاعم الجن والشياطين هي األمكنة
الفاسدة صحياً والموبوءة وأماكن القاذورات ،وخدم تلك المطاعم النشطين هم الفيروسات
حيث تُحلّل الفيروسات بقايا المواد الغذائية لجسيمات دقيقـة جداً ،ثم لجزيئات كيميائية
وبعدها لذرات ..وأخي اًر تحولها لدقائق ذات بنية موجية ذبذبية ذات أبعاد تالئم وتتوافق مع
غذاء له ،وهكذا
طبيعة أبعاد جسد الجن ( ذات البعدين ونصف البعد ) فيقبله الجن ك ً
213
تمتص هذه الكينونات الخفية ألالإنسانية غذاءها اللذيذ الشهي بشكل وجبات موجية ذبذبية
الم ِبذر والبعيد عن التُقى والقداسـة . دسمـة سريعة سرقتها من عالم االنسان ِ
البطر ُ
َ
منهم من يقول أن غذاء الجن هو العظام و روث الحيوانات ..ولعل ذلك األمر يبدو
مقبوالً بعض الشيء ويتوافق مع المبدأ المذكور سابقاً ،ألن تلك المواد تخضع بطبيعـة
غذاء للجن ..لكن يبقـى
ً الحال للتحلل والتفكك لتنتهي أخي اًر إلى أمواج ذبذبية صالحة
السؤال ..هل هذا التفسير صحيح ؟ وهل حقيقة أن الجن يأكل ؟ وماذا يأكلون فعالً ..؟
والجواب هو :
أغلب الظن أنهم ال يأكلون !! واذا كانوا يأكلون ..فبالطبع لن تكون ألوان أطعمتهم
مثل ألوان أطعمتنا بشكلها المألوف لنا ،وال تصلهم مباشرة من عالمنا ألن أبعاد عوالمهم
ليست كأبعاد عوالمنا ...وهم اليملكون أجساداً ماديةً كأجسامنا ،لذلك طعامهم ليس مادياً
قطعاً ،واذا أرادوا أكل طعامنا ..فما عليهم سوى أن يأمروا جنودهم الفيروسات لتحويله
ألمواج ذبذبية شهية يتلذذون بها .واذا أردنا منعهم من ذلك ..فاألمر سهل جداً ..وما
علينا سوى أن نذكر اسم اهلل بالبسملة فيهرب الجن والشياطين ويبيتون جياعـاً *** .
ــــــــــــــــــــــ
الفصل الحادي والعشرون
الجـن واألحـالم
توجد ثالث أحوال رئيسة للعقل في الكائنات البشرية هي اليقظة والنوم والحلم ،وطبعاً
لكل حالة من هذه الحاالت يوجد نشاط كهربائـي دماغـي تسجله األجهزة اإللكترونية بشكل
فرق جهد كهربائي ( فرق كمون ) ،ولكل حالة فرق جهد كهربائي وجد له تردد موجي
يتراوح بين ( 1ـ 20هرت اًز ) .وكلمة هرتز تعني هزة في كل ثانية زمنيـة .
الحلم هو وظيفة أساسية وتطور مبكر لدى الثدييات يدل على نمو اإلدراك عندها ،
وهو ساحة يتحرك خاللها العقل الباطن الخاص ،وله عالقة بهرمون الميالتونين الذي
يدعى بهرمون الشباب ،وآخرون يعتبرونه هرمون الجن أيضاً ،ومن المعلوم أن للجن
عالقةً بالبعد السادس ،وهو بعد االتصاالت الذبذبية الموجية العالية التردد والسائدة عبر
214
العقل الباطن الشامل والذي يتغلغل في األفئدة البشرية .والحلم هو الحالة الوحيدة غيـر
الموت التي تنفصل فيها الروح القدسية مؤقتاً عن الجسد ودون أن تغادره ،لذلك يعتبـر
النوم هو الموت األصغر (جزئي) وليس كلي ،وخالل النوم ( الموتة الصغرى ) تجول
الروح القدسية في العالم المطلق الذي خلقت فيه بأمر اهلل تعالى ويتحرر العقل الباطـن
الخاص لإلنسان ويجوب كل الفضاء عبر العقل الباطن الشامل فيسهل على الجن اإللتقاء
به والدخول لدماغ اإلنسان لغياب الروح القدسية عنه ،فالجن ال يدخل الدماغ البشـري إال
في حاالت غياب الروح القدسية عنه ،وهي ثالث حـاالت :
تكون جسم الجنين خالل األشهر األربعة األولى من عمره في بطن أمه .أولهما عند ّ
الثانيـة أثناء النوم ودخول النائم في األحالم الجسديـة .
الثالثـة حين موت اإلنسان .إذ تدخل الجراثيم والبكتيريا والفيروسات الجسد الميـت
وتحلله فيتغذى الجان بـه .
ففي حالة النوم تسيطر الروح الجسدية على النائم ،وتنطلق الروح القدسية لتلتمس العالم
المطلق وتتصل باللوح المحفوظ لتأخذ منه قدرهـا وتتسلم رزق كائنها ،أثناءها ينشـط الجان
ويأخذ بالبث والتحريض واالستفزاز عبر العقل الباطن الخاص المتحرر أيضاً من دماغ
اإلنسان دون أن يغادره ،فتأتي صور الحلم شفافـة ضبابيـةً رمزية مشوهة في بعدين
وخالية من األلوان واألنوار ومعظم موضوعاتها هي رسائل شيطانية متضمنـةً كوابيس
ومواقف خطرة أو محرجة هدفها إثارة القلق والرعب في نفس النائم ،وغالباً ما يصحو النائم
وقد انخلع قلبه رعباً .ويتفاجئ بصمت الليل الشديد من حوله ،ويسأل المرء نفسه هل ما
فسر تلك األحالم الجسدية الخالية من الروح القدسية
رآه حقيقة أم مجرد حلم ؟ ومع ذاك تُ ّ
صور الحلم ما هي
رغم رهبتها لصالح الحالم ،أي بعكس ما رأى النائـم في الحلم وكـأن َ
إال صور سلبية ( نيجاتيف ) للرؤيا .ولكي يتجنب المرء الخوف من مثل هذه األحالم فما
سور من القرآن يمأل بها عقله الباطن ويشغله
عليه إال أن يذكر اهلل قبل النوم ..أو يق أر َ
بها أثناء النوم فيبعده هذا اإلجراء عن مجابهة كوابيس الشياطيـن والجان ويحميه منهم .
ذلك أن تركيز التفكر بشيء واحد يزيد من إفراز كمية هرمـون االندروفين المريح
لألعصاب .ويجعل الفكر ينفصل عن المادة والواقـع ويسترخـي .
215
أما األحالم القدسية فتحدث والروح القدسية مازالت في الجسد ولم تكن قد غادرته
بعد فتأتي أحالمها سريعة صادقة ومغمورة بالنور والضياء .وعندما يستيقظ صاحبها
يكون منشرح القلب والصدر متفائالً ويشعر براحة نفسية ال يمكن تخيلهـا ،أما إذا كان
صاحب الحلم ( القدسي ) ضـال وبعيد عن الحـق ،فغالباً مايصحو من حلمه مبهو اًر
مذعو اًر باكياً مرتاعاً لما رأى ،فيأخذ باالستغفار وقراءة القرآن خوفاً الرسالة الرمزية التي
يحملها الحلم ،وتبقى صور تلك األحالم طويالً في ذهن صاحبها .واألحالم القدسية تفسر
كما تُشاهد مهما كانت نفسية صاحبهـا ..كرؤيـة األنبيـاء والرسل والمالئكـة والصالحين .
وبالتحديد رؤية سيدنا محمد (ص) وسيدنا المسيح عيسى عليه السالم وأمه مريم العذراء
البتول ،ألن األرواح القدسية الطاهرة هي التي تلتقي وتتقابل في مثل هذه األحالم ،كما
أن هذه األحالم خالية من الجن والعفاريت والشياطين .وقراءة القرآن في هذه الحالة تربط
العقل الباطن الخاص لإلنسان بروحه القدسية وتحميه من عبث الجـان والشياطين وتمنع
دخولهما إلى دماغ النائم والسيطرة عليه ،ويستمر هذا االرتباط حتى بعد تحررهما من
الجسد .ويلتمسا اللوح المحفوظ معاً ..فيأخذ هذا العقل منه بمقـدار قدسيته من الخير
والكشف ، ....
216
صورهُ عند األجنة في بطون أمهاتهم ،أما الخوف والهروب في الحلم
ُ أرواحنا ،والذي تتكرر
فهي صورة مطاردة وحش ألجدادنا قديماً وقد انخلع قلبه من الرعب وانغرست صور تلك
الحادثة التي مر لها في شريط الدنا له ثم انتقلت إلينا عن طريـق الوراثة .إذن بعض
األحالم هي أرث موروث يستحيل التخلص منه ،ألنه مغـروس في عقلنا الباطن وفي
أدمغتنا منذ أن ظهر آدم وحواء في هذا الكون ،وعلينا نحـن أن نعيش حوادثهم شئنا أم
أبينا ،وأن ننقله أيضاً لألجيال القادمة هديةً سمجةً ثقيلةً ،هذا إن لم تكن قدسية عذبة
صنعتها روح قدسية طاهرة ،والتي عادة ما تحمل رسالة أو بشرى سعيدة ،ونحن نرحب
بهذه األحالم ونحبذ معايشتها ألنها تُفَ َسر كما ترى ،وتحقق لنـا ولمن سيأتي بعدنا سعادةً
تريح النفس وتسعدها في حياتها اليومية ...عندها اليشعر النائم بالخوف من رؤيته
األفاعي والوحوش في أحالمه ،بل يجدها كائنات لطيفة وصديقة له
في الحلم يحدث كبت لنصف الكرة المخي اليساري المنطقي العلمي من الدماغ ،ومع
ذلك ال يتوقف نشاطه كلياً أثناء النوم .بينما ينشط نصف الكرة اليميني العاطفي الغريزي
ويسيطر على النصف األيسر أيضاً ،كما أنه يملك قدرةً هائلةً على التآلف مع اإلشارات
الموجية العالية الذبذبة ،وهو عقل الزواحف ..أي هو عقل الغرائز والعنف والشهوات
الجنسية ،وطبعاً هنا بيت القصيد ..فالجن والشياطين يمارسون لعبهم وعبثهم في هـذا
العقل .فأثناء النوم تتغير فيزيولوجيا الجسد الحي وكيميائياته ،ويسرح الجان ويمـرح في
هذه الحالة الجسدية الال قدسية ويرسم في مخيلة النائم ما شاء له أن يرسـم ، ....
وبسبب سيطرة هذا النصف الكرة أثناء النوم أمكن تفسير العالقة المذهلة المتبادلة بيـن
انتصاب األعضاء الجنسية لدى الذكر واألنثى والنوم ،حتى بدون أن يكون الحلم حاوياً
على أي نوع من المظاهر الجنسية ،مما يدل على أن االنتصاب الجنسي سببه وظائـف
عدوانية وطقوس جنسية مرتبطة بالقسم الزواحفي الغريزي من الدماغ البشري ،والذي
يعمل منفرداً ومستقالً عن الروح القدسية في األحالم البشرية أثناء النوم ،والغارق كلياً في
العقل الباطن الخاص الذي هو بنفس الوقت ساحة عمل الجن والشياطين والذبذبـات العالية
الترددات ،أي بكلمة أخرى إن سبب وجود ت اربـط شديد الصلة بين االنتصـاب الجنسي لدى
الذكر واألنثى واألحالم هو ذبذبات الجن واستفـزازها وايحاآتهـا القويـة المسيطرة على العقل
217
الباطن لعدم طهارته وخضوعه للروح الجسدية فقط ،وكذلك سوء نية صاحبه .لذلك يجب
أن نحرص على أن تكون أحالمنا سعيدة قدسية تغلفها البركـة والنية الطيبة الشفافة
المملوءة بالمحبة الصافية الال مشروطة ،فيغدو العقل الباطن رفيق الروح القدسية ..
الدهر حظه ...وال
ُ ويسعـُِد
فتحميه وصاحبه من الجان والشياطين ...فيطول عمره ُ ...
جسده ،... ان ِ
الجن َ يقرب أعو ُ
ظاهرة عجيبة جداً !! مساع أصوات األقدمني ومشاهدهتم .
قد يستيقظ النائم على صوت ما كقرع الباب مثالً أو عامل يطرق بمطرقته ....فالمـخ
يصنع قصـة كاملة تغطي مجريات األحداث التي سبقت وقوع الحدث نفسه (الطـرق)
وبطريقة تراجعية تجعل من سماع الطرق نهاية تلك القصة ...هذه الظاهرة العجيبة من
صوُرهم إذا أمكـن تملك هذه
الممكن استغاللها في الحصول على أصوات األقدمين ،وربما َ
الظاهرة والتعامل معها والتحكم بآليتها ،إذ يكفي أن ندخل في دماغ النائم نهاية قصة
يتحرض ويكشف تفاصيل مجرياتها كما حدثت فعالً قديماً
واقعية حدثت قديماً فإذا بالمخ َّ
..وكثي اًر مانشاهد في أحالمنا وبشكل تلقائي مثل تلك القصص .لكننا هنا نأمل تحويلها
ألداة طيعة يمكن التحكم بها في أي وقت وزمان لكشف ماسلف من أحداث تاريخية **
ــــــــــــــــــــــ
الفصل الثاني والعشرون
الجـن والتقمـص
هل عشت سابقاً ؟ وهل تستطيع الخروج من جسدك ؟ وأن تنتقل بروحك عبر الكون ؟
وهل بإمكان الروح أن تتقمص جسداً ما ؟ وماهي حكمة التقمص ؟
موضوع التقمص هو موضوع قديم جداً تحدثت عنه حضارات كثيرة مثل الحضارة
الهندية والصينية ،وفي التيبت وفي البالد العربية أيضاً .
يعتقد البعض ممن يؤمن بهذه الفكرة هو أن الموت ليس نهاية فعلية للحياة ،وانمـا هـو
متكررة ،وأنه في حال موت اإلنسان يحدث انتقال لروحه لكائن
مرحلة في دورة حياتية ّ
حي آخر يولد حديثاً ،أي تبعث تلك الروح ثانية في جسد آخر وال يشترط أن يتم ذلك في
نفس البلد أو في نفس المنطقة أو في نفس الفترة الزمنية أو حولها ،بحيث يتابع الكائن
218
الحـي الجديد مسيرة حياة الشخص المتوفـي ويحقق له رسالته في الحياة وكأن األمر
طبيعي تماماً ،والغريب في الموضوع أن مثل تلك األحداث ربما تركت في جسد المتوفي ٌ
رم اًز أو خدشاً أو أث اًر لعملية جراحية ،وتظهر العالمة المميزة في جسد المولود الجديد
بنفس الشكل والموضع كما كانت للشخص المتوفي ،وتبدو مظاهـر تلك الحالـة جلية من
خالل أحاديـث األطفال وتصرفاتهـم البريئة وهم في سنوات العمر األولى أو بعدها بقليل ،
فيتحدثون ببراءة عن أحداث مرت بهم قديماً وفي حياة عاشوها سابقاً دون أن يكونوا قد
مروا بها في حياتهم الجديدة ،وأحيانا يمارسون ألعابهم في أماكن ( قصور ..منازل
مهجورة ) ولهم دراية ومعرفة سابقة بتلك األماكن وكأنهم عاشوا فيها فعـالً
لربما يرى أحدهم حلماً ويصفه لزمالئه بشكل جيد عن زيارته لمكان ما أو يصف
أحداثاً عنيفة وقعت بتفاصيل دقيقة كما لو كان قد عاشها فعالً ،وكم سمعنا من القصص
الغريبة عن أشخاص أحياء عاشوا في أحالمهم أحداثاً تاريخية قديمة وتحدثوا عنها بدقة
أثبت التاريخ صحتها فيما بعد .
في عام 1081روت سيدة مصرية القصة التالية وكانت تحيا في مدينة أخرى غير
مدينة القاهرة :وهي أنها كانت ترى دوماً في أحالمها قص اًر عام اًر بالناس والحركـة
واألضواء ،ووصفت للصحافة آنذاك ذلك القصر بدقة عجيبة وأعطت أسماء أشخـاص
عاشوا فيه ،وروت من األحداث والوقائع مايشير إلى أنها كانت تحيا فيه فعالً وفي تلك
الفترة الزمنية دقيقة بدقيقة ،وبالبحث والتقصي أمكن معرفة زمن وقوع تلك األحـداث وهي
الفترة األولى من عهد المماليك ،والتي تعود إلى ما قبل مائة وخمسين سنة مضت
مكونة من علماء تاريخ وآثار وسياحة وصحافة من السيدة المذكورة أن
وعندما طلبت لجنة ّ
ترافقهم لزيارة قصر يقع في مدينة القاهرة ُد ِهشت لشدة انطباق مواصفات القصر مع ما
كانت تراه في الحلم .وأثناء الزيارة كانت ترشد اللجنة بسهولة تامة إلى كل مكان في
ين لهم كثي اًر مما أغفله التاريخ ولم يعرفه أحد عن ذلك القصر ..ردهاتـه،
القصر ،وتَُب ُ
حجراته ،ممراته السرية ،األماكن الخفية فيه ، ..وكذلك األحداث التي وقعت فيه كمـا لو
أنها عاشت فعالً فيه ،واألغرب من ذلك هو أنها كشفت لهم وجود بعض الدمى من
219
القماش البالي كانت تلعب بها في حياتها األولى وهي مخبـأة في مكان سري ال أحـد يعرفه
سواها ، ...
أحياناً يكون الشخص المتوفي مات مقتوالً ،أو مسجوناً ،أو مظلوماً ،أو مقهـو اًر ...
يتعرف
فيخبر الشخص الجديد برسالته ،وعلى الشخص الجديد الذي حلت فيه الـروح أن ّ
على قاتله ويطارده في حياته ويكشف سره ،كما أن الشخص المتوفي قد يكون أخفى شيئاً
مادياً ..نقود ،مجوهرات ،كنز ،فيدل الحي المتقمص لروحه على مكـان الكنز ويكشف
له سره ..والى ما هنالك من قصص في هذا المجال ،حيث تبدأ بشخص يتوفى ويأتي
آخر في عصر آخر أو من جنس آخر ويتابع مسيرة حياته وينفذ وصيتـه
الحقيقة أن مثل تلك القصص تتكرر يومياً في عديد من المناطق على سطح كرتنـا
األرضية ،بل إنها حدثت وتحدث وبغ ازرة لدى عديد من الشعوب والحضارات واألديان وال
عالقة لها بالتقدم العلمي أو بالتخلف .
إذا بحثنا ذلك األمر من الناحية العلمية ،فال شيء يمنع حدوث مثل تلك الظاهرة ،فكما
حلت الروح أوالً في جسد ما بتطابق شيفرتي الروح والجسد ،فباإلمكان أن تحل في أي
جسم عضوي آخر طالما أن المادة الموجودة في كوننا ثابتة الكمية .وجميع األحياء على
سطح األرض ...وفي أي عصر أو زمان ما ُهم إال إعادة تركيب وتكرار لنفس الجمل
الكيميائية (جذور ومركبات وحموض آمينية) سبق أن تركبت في الطبيعة سابقاً .فالجنين
الذي تتكون خاليا جسده اآلن ،إنما يتم ذلك من مواد كيميائية موجودة في األرض ،وقد
تكون لشخص مات قديماً وتحلل جسده ووصلت للجنين عن طريق تغذيـة الوالدين مما
أكاله من ثمار األرض وخضارها ،إذن العضويات الحية الحديثة ما هي إال شكل مـن
أشكال إعادة تركيب العضويات بأشكال مختلفة .أما بالنسبة للروح فهي ال تتفكـك وال
تتحلل ،وهي قوية جداً ولها أطياف معقدة أعدادها الباليين ،ولها شيفرات ورموز خاصة
متشابكة غاية في التعقيد تشكل بمجموعها شبكة الروح الجسدية ولكل منها شيفرة محددة
وعلم الروح وعلى ضوء هذه النظرية ال ينفي حدوث هذه الظاهرة ،ألنه من المحتمـل
والمتوقع وبشكل طبيعي أن تتشابه الشيفرات الروحية الجسدية ولمدى كبير بين البشـر
طالما أن وظائفها متماثلة كما تتشابه أجسام النوع الواحد من الكائنات الحية .ففي بيئـة
221
واحدة يتناول سكانهـا نفس ألوان الطعام وشرابه وهوائه ،ولهم عـادات متماثلة مثـل ساعات
النوم والصحو والعمل .كل ذلك يجعل من أمر التطابق الطيفي الجسدي أمـ اًر وارداً فعالً
فيحصل نوع من التآخي أو التبني بين الشخص الميت والمولود الجديد ،لهذا يمكن أن
يحل طيف شبكته الروحية في النسيج الجسدي للمولود الجديد .ويساعد في ذلك ليونة
عضوية جسده المولود حديثاً وكون خالياه مازالت خاليا جسدية فقـط ولم تتحول بعد
لخاليا جنسية .إذن التقمص هو انتقال جزء من طاقة المتوفي إلى روح وليد حديث وعبر
عقله الباطن .ليتابع له حل مسألة ما ،أو ليبلغ عنه رسالة ما ، ...
إذن هناك نوع من الحلول الروحي لبعض نماذج الطيف الروحي الجسدي للشخص
المتوفي بتطابق بعض من شيفرتها مع شيفرة .ومن خالل ذلك تكتسب العضوية الجديدة
شعـو اًر باالستمرار وتتسلم معلومات ورسائل موجهـة من الشخص المتوفي إلى أبناء جنسه
لم يتمكن هو من إبالغها لهم خالل حياته ،كما تتضمن تلك الرسائل أس ار اًر عديدة مر بها
أو قصصاً لم تنته معه ،وعلى العضوية الجديدة أن تبحث لها عن خاتمة أو نهاية تضع
حداً آلالم الشخص المتوفي .لذلك تحدث تلك الظاهرة في العضوية اإلنسانية الحية التي
تتكون حديثـاً ،وعند بلوغ الطفل سن الرشد يخرج منه الطيف الروحي للشخص المتوفي
ولألبد .بعد أن يكون الطفل قد بلغ رسالة المتوفي كاملة .عندها تشعـر روح المتوفي
بالراحة واالطمئنان بوصول الحق ألصحابه وتحقق أمانيها وتنفيذ وصاياهـا .
ومما يبعث على تصديق تلك الظاهرة هي أنها صادرة عن أطفال وهم في سن البـراءة
يدعون أشياء غير صحيحة أو لم يمروا بها وتحدث عند معظم األطفال تقريباً ،فهم ال ّ
كما أنه ليس لديهم بعد موهبة االختراع وبراعة التأليف القصصي المتسلسل والمت اربـط
األحداث ،كما أن البيئة من حولهم صالحة ال تسمح لهم بالكذب ،وهم غير مضطريـن له
لتبرير ذنب ما كما يفعل الكبار أحياناً .وبالتالي فإن ج َّـل أقوالهم صادقـة معبـرة وصادرة
عن قلب وفكر سليم لم تشوهها بعد أمور الحياة .
221
هو التطهير والتخلص من أخطاء وآثام قد يكون مر بها اإلنسان في حياته األولى
فالروح تعود لتتقمص شخصاً حديث الوالدة كي تتطهر من خاللـه ،ألنه يعطيها جسداً
تتحرك به ..فتطهر نفسها وتصبح جاهزة فيما بعد للمحاكمة اإللهيـة العادلة .
التقمص حق للجميع لتحقيق تكافؤ الفرص بين أشخاص أحدهم طفل عاش مثالً عشر
سنوات وآخر عاش ثمانين عاماً .فيعود الطفل ُليتِ َم زمن حياته بالتقمص .وأما سبـب
ظهورها في أقوام وعدم ظهورها في أقوام أخرى! فالجواب بسيط ،تحدث هذه الظاهرة عند
جميع األطفال ،لكن بعض األقوام اليسكتون الطفل عند شروعه بالحديث بمثل تلك
القصص ،بل ربما شجعوه كي يتسلموا رسالة الشخص المتوفي ليعملوا بها ،مما يشير
إلى احترامهم اإلنسان وانسانية الشخص المتوفي .ومن ثم يعملوا على تنفيذ وصيته بعد
اكتشافهم لها من خالل ظاهرة التقمص .
أما األقوام األخرى فلربما لجؤوا إلسكات الطفل ،وربما قاموا بتعنيفه لذكره مثل تلك
األقاويل .مما يؤدي به إلى حالة من الكبت النفسي واإلرهاق الروحي واإلحباط العقلي
وتعقيد فكري وعدم الثقة بالنفس وضعف في الشخصيه ،وأخي اًر يكف عن التعرض لمثل
تلك المواضيع النفسية الراقية والروحية الهامـة .
تستمر ظاهرة التقمص مشهودة حتى يصل الطفل إلى سن المراهقة تقريباً ،وخاللها
يبقى تقمص الذكر ذك اًر واألنثى أنثى ..وهكذا ..بغض النظر عن السن والعرق ،كما
أنه ليس للروح طائفةً دينيةً معينةً .فقد تُبعث الروح بالتقمص من شخص مسيحي لمسلم
أو بالعكس ،وطبعاً هذا يؤدي لتآلف الناس وترابطهم وتالحمهم ،وللتقمص أشكال عديدة
هي :تقمص نسخ أو مسخ أو فسخ أو رسخ ،..ففي األول يحدث انتقال روح من جسد
إنساني لجسد إنساني آخر .وفي الثاني يحدث انتقال روح من جسد إنساني لجسد حيوان
( وهي حالة عقاب للروح على ما فعلت في الدنيا من آثام ) .وفي الثالث يحدث انتقال
روح من جسد إنساني لجسم نباتي .وفي الرابع يحدث انتقال روح من جسد إنساني أو
غير إنساني إلى جسد جامد ..حجر أو معدن أو أي شيء جامد .
لربما كان التقمص هو إشارة إلى أننا قد عشنا حياة سابقة ،وعدنا اليوم لنتابع تلك
الحياة ..خاصة في الحاالت التي حدثت فيها كوارث طبيعية طوفان ،زالزل ،براكين
222
حروب حيث تقضي مثل تلك الكوارث على عشرات األلوف من البشر الذين لم يتمكنوا
من إتمام حياتهم القديمة ،فمثالً األحياء الذين ماتوا في انفجار قارة األطلنطس وغرقهم
في قاع المحيط األطلسي ..فمنهم أطفال ونساء ورجال وشيوخ ماتوا دون أن يكون لهم
نفس العمر ودون أن يأخذ كل منهم نصيبه كامالً من الحياة ،فمن المحتمل أن تتقمص
أرواحهم أجساداً جديدة تتابع مسيرة حياتهم كاملة ويتحقق لهم العدل والتكافؤ والمساواة مع
غيرهم من األرواح ،ولتكون أرواحهم جاهزة للمحاكمة اإللهيـة .
ما أكثر أحالمنا الغنية بالمشاهد الكارثية الحية ..لربما كانت لنا هناك حياة ..ونحـن
نتممها اآلن !! .والسؤال اآلن هو :هل توجد عالقة بين ظاهرة التقمص والجـن ؟
والجواب هو :أن ظاهرة التقمص هي ظاهرة روحية بحتة ..ال تتم عن طريق العقـل
الباطن ألنه يزول بحلول الموت ،وبالتالي ال توجد أية عالقة بين هذه الظاهرة والجـن أو
الشياطين ،فالروح التي تتقمص هي روح إنسانية شفافة المادية تبحث عن جسد كي
تطهر نفسها من خالله مما قد أصابها من آثام .والتقمص ظاهرة روحية وليست أثيرية أو
ذبذبية فال تلتقي بالجن وال بالشياطين ،واالختالف بينهم هو اختالف طبيعـة وليس
اختالف عالقة .وتبقى تلك الظاهرة نقية ال يقربها جن وال شيطـان ******** .
ـــــــــــــــــــــ
الفصل الثالث والعشرون
االتصـال بالجـان
ثمة مساحة ضيقة المجال يتماثل فيها شيء من طبيعة اإلنسان مع كينونة الجـان،
ففي هذه المساحة يتشابه أو يتماثل بعض أبعاد الروح الجسدية لإلنسان مع مثيل لها في
كينونة الجان ،وتلك األبعاد هي النصف البعد الزمني الرابع ،والبعد الخامس الالزمني
الذي يسود في األنفاق الكونية ،واألخير هو البعد السادس الموجي الذبذبي الفائق التردد
ومن المعلوم أن لإلنسان جسداً فيزيقياً مادياُ يشغل أربعة أبعاد ثالثة منها مكانية والبعـد
الرابع للزمن ،ولروحه الكاملة عشرة أبعاد ،ستة منها للروح الجسدية ( قائـد) ومهمتها قيادة
كل ذرة من ذرات جسد االنسان ( المنضدة في شرائط الدنا وغيرها ) لتنشىء منها وتقيم
223
جسد االنسان .ومن ثم تشرف على حركته وحياته وبطريقة مماثلة لبقية الكائنـات الحية ،
وتتبع في ذلك مخططاً ذي شيفرة خاصة تسويته مسبقة التصميم من قبل الخالق العظيم ،
وتختلف هذه الشيفرات حتى في نفس النوع والجنس والفصيلة .
تبدأ الروح الجسدية في تنفيذ مهمتها لحظة التقاء الحيوان المنوي المختار من بين مئآت
الماليين منها مع البويضة األنثوية الوحيدة ،وتبني الجسد من البيئة الحيـة الحاضنة له
كون الدماغ ليكون أداتها في متابعة تنفيذ مهمتها في
وهي بالتحديد جسم األم ،وأول ما تُ ِّ
إنشاء جسد الجنين واقامته ،ومعه يتك َّـون العقل الباطن الخاص للجنين البشري ويجعله
على صلة بالوجود والكون وبإشراف الروح الجسدية ،ولكل من العقل الباطن وكينونـة
الجان من خالل البعدين ونصف البعد عالقة بالكهرباء وباألمواج الذبذبية ..من هنا كان
مجال تأثير الجن في االنسان ،إذ يتم بين العقل الباطن الخاص لإلنسان والذبذبي للجان
وبالتالي فإن صفات الجان هي صفات العقل الباطن الخاص ،لكن هذا المجـال ال يمس
إطالقاً الشطر اآلخر من الروح البشرية لإلنسان وهو الشطر القدسي منها ( الشاهد ) ( ،
وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد ـ قرآن كريم ) ،فهي روح قدسية عالمه طاهرة تح ُل
بالجسد البشري الكامل بأمر اهلل مباشرة وبكلمة منه وفي لحظة مح َّـددة ،وتتوضع في
أعلى طبقات دماغ الجنين البشري وأكثرها نبالً ..وهي خاليا القشرة المخيـة ذات المميزات
الراقية ،والتي تكسب االنسان إنسانيته وتزود عقله وفؤاده باالدراك والفكـر وتذوق الجمال ،
وتغني قلبه بالحب والمشاعر الوجدانية والنبيلة ..فيمتاز على الكائنات األخرى ، ..
تشغل الروح القدسية أربعة ٍ
أبعاد راقية نقية ال تشارك بها أية كينونة أخرى في الوجود بل
على العكس هناك تباعد ونفور بينها وبين الكينونات الخفية الال إنسانية ،وهم يفرون منها
ويتفادوها لقدسيتها واتصال الكامل بالعقل الباطن األثيري وباللـوح المحفوظ الذي أمرها
قـد َر و ِر َ
زق إنسانها كل ليلة , ... فيه وتتلقى منه َ
يعتقد البعض بإمكانية تأسيس طرق اتصال مع الجن عن طريق العقل الباطن الخاص
عند االنسان معتمدين في ذلك على طبيعة هذا العقل وعلى عالقته بالكهرباء وبطبيعـة
الجان الذبذبية ،
224
محددة الترددات يستشعرها
تعتمد آلية االتصال على آلية األزيز في بث أمواج ذبذبية ّ
الجان ،لكن المشكلة هي أن االنسان ال يعرف بعد ماهي الترددات المناسبة لذلك ،وعليه
أن يبحـث ويجـرب كثي اًر في مجال األمواج بأنواعها ،وأن يطبق علوم الرياضيـات
واالحتماالت للتوصل لها ،فإذا ظفر بها واكتشفها الستطاع أن يمتلك ناصية الجن وأن
يخضعهم لسيطرته ويحقق عن طريقهم خوارق في األرض ال يمكن تخيلها !!!؟؟.
للوصول للعقل الباطن وتحقيق اتصال مع الجن البد من تخميد العقلين الواعي والذاتي
لدى اإلنسان ،ويتم هذا بجعله يقع في غيبوبة ،أو في حالة نوم قسري أو مغناطيسـي
سكر ،بحيث تجعل الشخـص في وهذا ممكن عملياً باستخدام مواد ذات تأثير تخديري أو م ِ
ُ
حالة وسطية بين النوم واليقظة ،عندئذ يمكن للشخص التعامل معهم أو على األقـل تخيُّل
تمكن من رؤيتهم ) ،ولعل أسهل طريقة وأفضلها هي التي يمارسها حضورهم ( ...لربما َّ
بعض العوام من الناس في االتصال بهم وهي النوم ،..وعادة يلجأ المح ِ
ضرون للطريقة َُ
التالية :
المنوم في موضع يكون فيه الصمت الشديد هو السائد ..سكون مطلق
جعل الشخص َّ ُي َ
ٍ
كقاعدة مرجعية للتحري وكشف الذبذبات الصوتية الصادرة تقريباً ،إذ يسلك هذا السكون
عن بث وأزيز الجان لإلنسان ،وتوضع أجهزة استقبال خاصة ذات حساسية فائقة قادرة
نوم ،فإذا استجابة عضويتـه
الم َّ
على التقاط مثل تلك الذبذبات وايصالها لدماغ االنسان ُ
فأنه يراهم رؤيا العين ،وكأن عمل تلك األجهزة هو ترجمة صورتهم له بطريقة مماثلة لما
تفعله أجهزة االستقبال الديجيتال في البث التلفزيوني .
عندما يصوم االنسان صوماً شديداً ولعدة أيام متتالية يتعرض لحالة من فقـر دم شديـد
تسبب خلالً في هرمونات وأنزيمات جسمه ،ويدخل دماغه في غيبوبة نشطة بالتهيؤات
والهلوسة ..قد يرى اإلنسان من خاللها الجن وخالفه ،..كما ُيعتقد أن اإلنسان الشخص
ضر يرى الجن أثناء مروره بسكرات الموت ويتحدثون معه ليحرفوه عن مشاعره المحتَ ِ
ُ
اإليمانية والروحية ،وفي حال موته يكون سرورهم عظيماً لتخلصهم من بشر سواء كان
صالحاً أم طالحاً ،ألنهم في كلتا الحالتين ضمنوا عدم ِذكر اهلل ، ..
225
قد يشاهدهم اإلنسان في حاالت المرض الشديد ..مثالً حمى مصحوبة بارتفاع كبير
في درجة الح اررة أو في حاالت ارتفاع ضغط الدم أو انخفاضه الشديد ،أو عند إغماض
ـث على
العينين أو عصبهما لمدة طويلة من الزمن .عندها تنشط الغدة الصنوبرية وتُح ُ
إفراز هرمون الميالتونين فيرى اإلنسان الجـن ،إذ يكون في هذه الحالة شبه نائم وفي حالة
غيبوبة حلمية مصطنعة ،كما تحدث لحظة مداعبة النوم ألجفاننا ،وصور مثل تلك
المرحلة يعرفها كل البشر.
يدعي بعض من يمارس لعبـة التنويم المغناطيسي أو لعبة التنويم الذاتـي وااليحاء
الذاتي أن بإمكانه االتصال بالجن ،وبعضهم يستعين مثل هذه األلعاب والمهارات بوضع
كأس من الماء أمامه لتسهيل عملية االتصال والرؤية أو بوضع شمعتين مشتعلتين .ففي
الحالة األولى يحدث امتصاص لألشعة الح اررية وما تحت الحمراء ...وربما إشعاعات
أخرى لها صلة بطبيعة الجن ،بينما في الحالة الثانية يحدث إغناء الجو بهذه اإلشعاعات
فتسهل رؤيتهم .
المسكرات وأبخرة الكحول
المخدرات و ُ
يجب أن ال ننسى أيضاً دور العطور والبخور و ُ
والبنزينيات في هذا المجال ،خاصة إذا ماتعامل اإلنسان معها بغ ازرة أو أدمن استعمالها
واستنشاقها ،فهي تضعف الوعي وتلغي اإلدراك وتشتت اإلنتباه وتخدر الحواس ،وتهيم
باألحاسيس في أجواء وعوالم خيالية فضائية سحابية شاعرية ال وجود لها من صنـع الدماغ
الغارق في بحور العقل الباطن وغياب المخ والروح القدسية ..مثل تلك المـواد لها القدرة
على إدخال االنسان عوالم التهيؤات والهلوسة الصديقة لعالم الجان والشياطين
كما يعتقد آخرون أنه باإلمكان رؤية الجن والتخاطب معهم عن طريق ممارسة رياضة
اليوغا في خلوة هادئة وأن يمارس معها رياضة التأمل الفكري ،ففي هذه الحالة يحدث
تثبيط عمل عدة مناطق عصبية في الدماغ وبقاء منطقة واحدة تعمل بنشاط وافر فيشعر
اإلنسان أثناءها بشعور غريب كأن يشعر بأنه يطير أو يغوص في بحر أو يدخل قص اًر أو
يتخيل نفسه ملكاً أو أمي اًر ، ..أو أنه يرى جناً أو عفاريتاً أو شياطيناً ويكلمهم ،...
ُي ِظ ُن أن استعمال أبواق ضخمة (تكبير صيوان األذن) ربما يقوي الرؤيا السمعية عند
االنسان ،بحيث تصبح أجهزة االستقبال المرتبطـة بآلة السمـع لديه قادرة على إلتقاط
226
األمواج الالمسموعة الصادرة عن الجن ،..وبالتالي يمكن إدراك موضعه والتعامل معه
والرؤيا هنا ليست عينية بل هي إدراكية داخلية وتتم عن طريق العقل الباطن ، ..
ربما أدى تعاطي أنواع من األدوية أو إدخال مواد كيميائية غريبة للجسد البشري( كما
يحدث اآلن ..إدخال مادة السيلكون في الجراحة التجميلية) إلى حدوث خلل في اإلفراز
الهرموني واألنزيمي واختالل نسبهما في الدم ،مما يغير في كيميائه وكهربائية الشوارد
فيه ،وكهربائية السياالت العصبية الدماغية ،ومؤدياً ذلك لحدوث تغيُّر في منحى عمل
الجملة العصبية وتغير في درجة الوعي واإلدراك فيها ..بطريقة تجعل الجسم البشري
يصبح قاد اًر على إلتقاط أمواج لم يكن قاد اًر على إلتقاطها في حاالته العادية ،عندهـا يرى
اإلنسان الجن ، ...ويالها من رؤية .
قد يقوم السهر الطويل بهذه المهمة ،فالسهر الطويل يخفض كثي اًر من إفراز الغـدة
الصنوبرية لهرمون الميالتونين مما يحدث خلالً هرمونياً في الزيت األثيري الساري بين
كوندالينـي والغدة الصنوبريـة ،فيسهل على العقل الباطن الخاص أن ينطلق في ميدان عمل
فيرى الجن .
الجن ،فيغزو األخير دماغ االنسان ُ ..
االتصال بالجن خطر جداً ألن تصرفاتهم ليست منضبطة أو مأمونة أو متوقعة ،فهي
عبثية فوضوية ساخرة الجدية وال مسؤولة ،وبالتالي عواقب االتصال بهم ليس مضموناً أو
حميداً في جميع الحاالت ..لربما لبسوا الشخص المتعامل معهم أو أصابوه بالمـس
واالستحواذ ،أو يعمدون إلى إتالف جزء من مخه فيفقد مساحة ال بأس بها من ادراكه
لذبذبات طبيعية كانت تصله من الكون فيضعف اتصاله واحساسه به تدريجياً ،وممـا يزيد
في خطورته أيضاً ما يرافقه من موسيقى صاخبة وأضواء ُمبهرة كما في حفـالت الزار
والحفالت الخالعية ،إذ أن لبعض تلك األصوات واألضواء ذبذبات غير محسوسة تردداتها
فتاكة تسبب تشوهات دائمة في الدماغ والمخ فتُثبِط نشاطهما ،مثالً صوت سوية شدته 12
ديسيبل ُيتلِف خاليا اإلدراك في الدماغ ،وتزداد خطورته أكثر اذا تجـاوزت 50ديسيبل،
حينها تتعطل مراكز اإلحساس بالمكان والكتلة فيشعر اإلنسان بخفة وزنـه وطيرانه في
الهواء أو سباحته في الفضاء وزيارته بعض أجرام الكون أو يشعر بتقلصه ودخوله عوالم
ال متناهيـة في الصغر ...كالذرة مثالً ،أو بانتفاخه وشعوره بالعظمـة واأللوهية وقدرته
227
على اختراق المحظورات ،لذلك تنتهي مثل هذه الحفالت بممارسات إباحية الأخالقية،
ومثل تلك التخيالت والهيؤآت يشعر بها مدمنو المخدرات والمسكرات لذلك عواقب
االتصال بهم ليست آمنة بجميع األحوال وال يفرز سوى األمراض النفسية والعاهات(
انفصام شخصية ،انهيار عصبي ،حذف الذات ،انتحار ،قتل اآلخرين ،عاهات جسدية،
عمى بصري وبصيرة ،الصمم ،النسيان ،فقدان الذاكرة ،الشعور بالخواء الكوني والفضائي ،
الوهن الجسدي ..إلخ ،).ويفسَّر ذلك طبياً على أن االتصال يسبب خلالً في كميات
ونسب الهرمونات واألنزيمات التي تفرزها الغدد الصماء وكذلك حدوث اختالل في النشاط
الكهربائي والكيميائي للجسم ،مما يجعل المتصل يعيش حياة فكرية ضبابية في عوالم
وهمية مرعبة النهاية لها والقرار وتصبح حياته مشفوعة بالكآبة والقلق وعدم اإلتزان ،إذ
تضعف لديه الحواس المألوفة ،فيسمع أصواتاً التدركها أذناه ويرى عوالـم التدركها عيناه
..فهو دخل عوالم ماوراء الطبيعة من خالل عقله الباطن الذي ح َّـررهُ بنفسه ...فصار
يتحمل مسؤولية مافعـل .
عليه أن يرتع مع الجان والشياطين وأن ُّ
إتصال شفاف
لربما كان هناك اتصال روحي شفاف بين أناس عميقوا اإليمان والجن ،وغالباً ما يحدث
لهم ذلك في خلواتهم وفي حاالت الصفاء واالطمئنان الروحي وشفافيته ،وتساهم الروح
الكاملة في هذا اللقاء وفي إطار البعد السادس الذبذبي وعبر العقل الباطن الخاص بهـا
واألمر هنا ليس وسوسة شيطان أو إيحاء شر ،فالروح تأسر الجني وتجعله خادماً طائعاً
لها ،ويتخذ اإلتصال في هذه الحالة شكل ظواهر خارقة مثل التخاطر واالستبصار عن
بعد وقراءة األفكار ونقل المعلومات ،وهذا ُيفسِّر ظواهر الحاسة السادسة عند اإلنسان ،
والتي يستقبل فيها معلومات عن طريق غير طريق الحواس الخمسة المألوفة ..فالروح
تدرك كل الذبذبات الموجية للجان ضمن نطاق البعدين والنصف ،ألن تلك األبعاد هي
أبعاد شطرها الجسدي ،والعالقة هنا هي عالقة تعامل ،خاصة أن لكل إنسان قرين من
الجن ( ،ولوال كثرة الحفظة لتخطفتكم الجن من على فرشكم وفي طرقاتكم ) ـ حديث
نبوي شريف ،لذلك الصالحون األتقياء فعالً والزاهدون في أمور الدنيا وفي حال دخولهم
عالم السكينة فإنهم يرون أشياء ال يراها اإلنسان العادي ويسمعون ما اليسمعه اآلخرون
228
تدريب لإلتصال :
ُيظن أن االتصال بهم ممكن عن طريق تدريب العقل الباطن على التحرر واالنطالق
واالنفتاح ،وأحد التدريبات مثالً شل العينين بالجلوس لفترة طويلة في خلوة مظلمة ثـم
فتحهما فجأة أمام نور قوي ،أو عصبهما زمناً طويالً للضغط على المقلتين لنقل الوعي
واإلدراك إلى أعماق الوعي الصافي عند التدرب ..عندها تتعامل حواسه وما هو خلفها
شط عملمع عقله الباطن فيراهم ،ويظن أن إضاءة مصباح أحمر صغير في الظُلمة ي َن ِ
ُ ُ
الغدة الصنوبرية المتكلسة عند كبار السن أو المتخامدة مع مرور األجيال وتعاقبها ،وهذا
التنشيط يجعلها تلتقط الذبذبات الموجية المختلفة الصادرة عن األنس والجن ألن ساحـة
عمل هذه الغدة هي ساحة العقل الباطن ..كما يمكن تقويتها بشكل كبير بالصمت والخلوة
لمدة أربعين يوماً مع قراءة القرآن والصوم وتركيز التفكير بشيء محدد لفترة طويلـة
ذهب تلك الجوائز الفواحش والفساد والحقد والحسد والغيرة والطمع والشر واألذى تُ ِ
الروحية والروحانية .والتي صار كثير من الناس يفتقر لمثلها في أيامنا هــذه .
إذن :
دنيا الجن وعالمهم هو عالم الصمت المطلق والظالم المطلق والح اررة العالية وعملهم يتم
من خالل العقل الباطن ،الذي هو عقل الحيوانات ****************** .
ــــــــــــــــــــــ
الفصل الرابع والعشرون
ألعـاب يمارسها الجـان
الصـرع ـ الشقيقة ـ المشي النومي ـ لعبة الشيش
يصدف أحياناً وأنت تمر في الشارع أن تجد شخصاً فاقد الوعي مرمياً على األرض
وهو يتلوى من تشنجات تصيب كل أعضاء جسده وقد تجمع الناس من حوله يحاولـون
مساعدته دون جدوى ،واذا سألتهم ماذا أصابه ؟ يكون جواب أحدهم أنه وقع بالساعـة ..
ص َرع ،..وثالث يجيب بأنها نوبة ..إلخ من هذه األقوال
ويجيب آخر بقوله هذه حالة َ
229
قد تصادف مرة فتاة صغيرة السن وعلى غاية من الجمال وهي تتلوى من ألم دفيـن في
رأسها ،واذا سألتها عن السبب قالت ....هي الشقيقة ،وغالباً ما نسمع عن حاالت
عديدة الصابة نساء بهذه اآلفة عقب الوالدة ، ..
قد ترى أحياناً فيلماً سينمائياً أو تسمع أو ترى حاالت يمشي فيها النائم أو يتكلم ،أو
يقوم بأعمال قد ال تخطر على بال ..كأن يمشي على طرف سور بناء مرتفع وبثقة تامة
أحد االمساك
ودون أي خوف من السقوط ..ولو سقط ربما اليصيبه سوء ،واذا حاول ٌ
به واعادته لسريره ال يفلح ،..ولو صحا هذا النائم من نومه فجأة وهو في هذه المرحلة
ألصابه رعب وذعر هائل مما يفعل ..وربما سقط من لحظته وانتهى أمره ..بعضهـم
يمشي وهو نائم إلى الثالجة في منزله ويتناول الطعام ...ومنهم من يقوم بتنفيذ جريمة
دون تخطيط مسبق لها ..سرقة أو قتل ،وينفذها في غاية االتقان ..وربما في مكان بعيد
عن منزله وبدون أن يدرك شيئاً مما يفعل ،أي هذا النائم ينجز أثناء نومه وبدون إدراك
صاح ،وعندما يصحـو ال يتذكـر شيئاً مما فعل .
ٍ منه أعماالً يستحيل عليه أداؤها وهو
قد تحضر إحتفاالً يمارس فيه بعض الصوفيين أو فقراء الهنود خوارقهـم المدهشـة فتراهم
يدخلون السيوف في أجسادهم أو يأكلون الزجاج أو يمسكون الجمر المشتعـل أو يسيرون
عليه أو يبتلعون المسامير إلى آخره من هذه الخوارق التي لم يستطـع العلـم إيجاد تفسير
لها بعد ،...
جميع هذه الحاالت الغريبة ( النوبات ) معروفة لكثير من الناس ،وتتخذ شكل أمراض
في حالتي الصرع والشقيقة ،وتتخذ شكل قدرات خارقة في الحاالت األخيـرة ،..ربما نجح
الم َرضية منها وايجاد أدوية مناسبة لتسكين آالمها .لكن
علم الطب في تشخيص األنواع َ
العلم رغم تقدمه الهائل لم يزل عاج اًز عن تفسير أسبابها الحقيقية ،ألن هذه النوبات في
حقيقة جوهرها ليست مادية رغم اتخاذها هذا المظهر ،وانما هي حالة فوق نفسيـة جذورها
تقع خارج حدود المادة أي في ما وراء الطبيعة وال يندرج أمرها تحت أي بند علم مادي
إطالقاً ..وفلسفتها تعتمد على حدوث انهيار مفاجيء كامل للعقلين الواعـي والذاتي
للمصاب وتَ َح ّرٍر ٍ
كلي لعقله الباطن وانطالقه ..ومن ثم اندماجه في العقل الذبذبي
231
الكوني ..فيصبح نافذة للجان يتسللون عبرها للجسد البشري ويسيطرون على كـل ذرة وخلية
وشريان وعصب فيه .ففي حالة الصرع يفقد المصاب وعيه تماماً فال يستفيد من هذه
خوارق هذه الحالة ،وكذلك األمر في حالة الشقيقة يطغـى األلم الحسي على هـذه القدرة
ويطمسها ،لكن الذي يستفيد ويستغل هذه الظاهرة هم أصحاب الطرق الصوفيـة وفقراء
الهنود ،ألن اإلدراك لدى أحدهم يكون أثناء الحالة أعظمياً ،ويدرك تماماً مـاذا يفعل
ويستطيع السيطرة الكاملة على أفعاله وجسده تماماً ،بينما يكون الوعي لديه ُم َّ
خد اًر
ومسيط اًر عليه من قبل العقل الباطن والجان فال يشعر بأية أحاسيس عضوية جسدية أو
...ألم .ويفسَّر ذلك من الناحية النفسية على أن صدمة تقع لحظة الدخول الفجائي للعقل
الباطن المتحرر إلى العقل الباطن الكوني الذبذبي ولقائه بالجن ،وتلك الصدمة تُ َع ِطـل
الوعي واالدراك في حالة الصرع ،وتعطل االدراك فقط في حالة الشقيقة ،...بينما في
حالة الخوارق تقوي االدراك وتوصله لقيمة عظمى وتُ َخِدر الوعي ألدنى مستوياته فـال يعد
يشعر المرء بما يفعل .إذ تولِّ ُد الصدمة درعاً غير مرئيٍ من أمواج ذبذبية تغلِّـف الجسد
المادي وتعزلـه عما يحيط به من مؤثرات وتقطع كل اتصال بينهما ،فيفقد هذا الشخص
إحساسه بالزمان والمكان فال يعد جسده يشعر بهما أو يتأثر بأي عامل خارجي فإذا ما
ب الشخص أو تعرض لعنف جسدي أو سقوط أو ُج ِرَح فإنه ال يتأثر إطالقاً بما يجرى
ض ِر َ
ُ
له ،والغريب أنه عندما يصحو من النوبة ال تشاهد أية آثار عنف أو جـروح جسدية لديه ،
وبنفس الوقت تبعث الصدمة فيه طاقة أو قوة أو حالة فوق نفسية ( فائقة ) تجعله يقوم
قة تفوق قدراته الطبيعية ،وكأن مخلوقات خفيـة غير عاقلة من عوالم أخرىبأعمال خار ٍ
مقدر لها أن تُنفذ ،ويتم لها التحكم بفعالياته االرادية
تستعيـر جسده لتنفـذ من خالله مهمة ٌ
والالإرادية عن ب ٍ
عد بأن تلقي عليه درعاً ذبذبياً قوياً ،تغلفه به وتأسره به ،وهذا الدرع ُ
صلب جداً ال يمكن اختراقه ،وبنفس الوقت هو مرن جداً بحيث يسمح للجسد الحركة من
خالله ،فتبدو حركته الجسد كأنها مبرمجة ومشابهة لحركة الرابوت اآللي ..وهذا ما
يشاهد فعالً في حركات من يمارس الطرق الصوفيـة لحظات تقديمهم عروضهم الخارقة
، ..
231
التفسير العلمي :يسبب االنهيار الفجائي للعقلين الواعي والذاتي للمصاب خالل النوبة
تغي اًر في غـ ازرة تدفـق الشحنات الكهربائية الميكروية الدقيقة عبر الدماغ ،أي بكلمة أخرى
يسبب خلالً محسوساً ومقيساً في كهرباء الدماغ ،..فيتغير أداءه الكهربائي بطريقة ترفع من
قدراته العملية لمستويات أعلى من طبيعتها ،مما يقيد فعاليـات الدماغ الواعية الحسية
واإلدراكية عند المصروع ،فتصبح حركاته ال واعية وال إرادية وال إدراك فيها ..وسببها
مؤثرات بث ذبذبية صادرة عن الجان عبر العقل الباطن الخاص لإلنسان .أما في حالة
الشقيقة تكون العضوية واعية حسياً ولكن ال إدراك فيها .أما في حالة األلعاب الخارقة
دركة ذات إرادة ولكنها غير واعية وال إحساس فيها .وهـذا بالضبط ما فتكون العضوية ُم ِ
يفسر سر ألعاب الشيش المعروفة في الطرق الصوفية والتي يصلون فيهـا لمستويات عالية
من القدرة الخارقة والعجيبة على إدخال السيوف المعدنية في أجسادهم أو أكلهم للزجاج أو
ابتالعهم للمسامير ..أو مشي ِهم على الجمر الملتهب أو إمساكهم له ...أو يدوس حصان
برجليه فوق بطونهم العارية ،..أو الوصول لمرحلة النوم الطويل أو التخشب وتخفيض
عمل القلب ..وربما إيقاف عمله ،فهم عن طريق ترديد الترانيم الدينية وما قد يصاحبها
من موسيقى صاخبة قوية ذات إيقاعات منتظمة ولمدة طويلة من الزمن ي ِ
دخلون عقلهم ُ
الباطن قس اًر لساحة الجان (المؤمن) ويجلبونهم ألجسادهم عب َـره ويحثونهم على التعامل
معها ..فيغلفهـا الجان بدرع ذبذبي ويدعمـون قوتها بالطاقـة ويخدرون اعصابها فيمكنون
أصحابها من التحكم فيها ..وحتى التحكم بسرعة جريـان الدم في عروقها ،فال تعد تتأثر
بالسيوف الخارقة وال بأي شيء من األذى ،ولكن حالتا الصرع والشقيقة تختلفان قليالً عن
هذا ..فالمصروع يفقد الوعي واليتحرك من مكانه ،والمصاب بالشقيقة غالباً اليفقد الوعي
مع أنه يرحب بها كي يتخلص من آالمها ،وعكس هذا الحال يحدث في نوبات المشي أو
الكالم أثناء النوم ،فهي حاالت ال يصاحبها ألـم بل ربما صاحبها سرور وزوال كبت .
يظن البعض أن الضرب وتعنيف المصاب يخرجه من غيبوبته التي يمر بها أثناء النوبة
لكن هذا غير صحيح ،فالضرب والعنف اليؤثران فيه إطالقاً ألنه محمي بـدرع ذبذبي
واقٍ ،وحتى عندما يصحو ال تشاهد أية آثار عنف أو ضرب على الجسد ، ..
232
الص َرع والشقيقة والمشي أو الكالم أثناء النوم وحتى لعبة الشيش هي حاالت ليسـت
َ
مرضيـة عضوية وال تحدث نتيجة إصابة المرء بفيروسات أو جراثيم أو غيرها ،بل سببها
هيمنة الجان على دماغ الشخص المصاب وسيطرتها على طاقاته وتضخيمها له .
أغلب الظن أن المصروع وأصحاب الشقيقة وأصحاب الطرق الصوفية يرون الجان
ويتعاملون معهم ويخاطبونهم ويتشاجرون معهم عبر العقل الباطن ،ويبدو هذا األمر جلياً
من خالل حركاتهم وتشنجاتهم أثناء وقوع النوبة ،وعندما يصحون من تلك الحالة ربما
بعد ساعة أو أكثر يكونوا في أحسن حال ..وفي غاية السعادة واالنشراح وبطريقة غير
قابلة للتفسير .كما اليبدو عليهم اإلنهاك أو التعب .والغريب في الموضوع أن آثار غرز
السهام والسيوف تـزول سريعاً من جسدهم وال يبقى لها أي أثر فيه ،مما يدعـم الرأي القائل
بسيطرة العقل الباطن عليه كلياً أثناء النوبة وكأنه كان محمياً خاللها ومحفوظاً من األذى
..حتى ولو أصيب بجروح بسبب الطعن والضرب وتبعاتهما ..فإنها تلتئم بسرعة فائقة .
مما يجعل مثل هذه النوبات لهم كأنها محطات است ارحـة أو غفـوة نوم هانيء في بحر من
عسل ..أو هو حلم يقظة وردي لذيذ .
قد يسبـق نوبة الصرع حدوث تشنـج نفسي مثل الكآبة واألرق والهلوسة والعصاب
واالضطـراب ،ويعتقد البعض أن تكرار نوبات الصرع قد يؤدي لحدوث مرض نفسي مثل
الجنون أو انفصام الشخصية لدى المصابين به ،وقد أثبتت البحوث الطبية أن لدى
مرضى الصرع ذبذبات أثيرية غريبة غير مستقرة في الدماغ وغير معروفـة األسباب سببها
الظاهري المادي هو تزايد في كهربائية الدماغ وحدوث خلل في كهربائية السيالة العصبية
،لكن ربما كانت الحقيقية غير ذلك وأن للجان دو اًر كبي اًر فيها .واستناداً لذلك يمكن
االعتقاد أن عملية غسـل المخ وازالة الذاكـرة ومسح المعلومات المخزنة فيهـا وبالتالي مسح
شخصية اإلنسان ما هي إال عملية دخول لعقله الباطن وتنشيط عمل الجن فيه بإعطاء
الدماغ جرعات كهربائية قوية بذبذبات معينة فتفتك بنظام العقل والذاكـرة وتدمر ُنظُ َمهُ
المعلوماتية وتبعثرها .وطبعاً هذا العمل وادخال الجان في هذه اللعبة غالبا ما يؤدي لفقدان
اإلنسان لشخصيته وادراكه وربما وعيه ..وأخي اًر ربما أوصله للمـوت ..بنفس هذه اآللية
ِ
وجد أنه باالمكان تشويش عمل الدماغ والتأثير على الذاكرة بتسليط أمواج كهرطيسية
233
بذبذبات خاصة عليه ،ولوحظ أن هذا األمر يحدث بشكل طبيعي ولكن بسوية أقل بين
شخصين في حال تركيز تفكير أحدهما باآلخر ،إذ يحدث تنشيـط للعقل الباطن ألحدهما
فيسيطر على اآلخر ويغمره بذبذباته ويشوش تفكيره ،لذلك كانت أفضل طريقة للدراسة عند
الطالب هي أن ينفرد كل طالب بنفسه في غرفة مستقلة واليشاركه فيها أحد .
من الممكن أن ِ
يوص َل االنسان نفسه إصطناعياً إلى مرحلة الغيبوبة اإلدراكية الالواعية
وأن يتمكن من إيقاف جميع فعاليات جسده الحيوية والحركية تماماً ،وأن يصل لمرحلـة
يبدو فيها ميتاً تماماً ( الالوعي ) مع أنه في كامل إدراكه لما يجري حوله ،وقد قابلـت
صحفياً يعمل في إحدى الصحف السورية مر بمثل هذه التجـربة عدة مرات ،حتى أن
الصحيفة التي يعمل بها نشرت الخبر التالي ..مات وشيعوا جثمانه ..ثم عاد للحياة !!
وذلك في عددها /12202تاريخ 20رجب 1122هـ 1 /إيلول 2001م ،وخـالل
مقابلتي له وبحضور آخرين تبين أن موته السريري استمر لمدة ست عشرة ساعة كان
يدرك خاللها كل ماكان يجري حوله من كالم وأصوات وتشييع وصالة ونزول قبـر ،وعند
َح ِل عقدة الكفن استنفر كل طاقته وصرخ عالياً وهو يقول (:أنا مازلـت حيـاً ) فهرب
المشيعون ...
من خالل شرحه للواقعة علمت أنه كان قد تناول قبلها كميات ال بأس بها من مادة ُم َنبِهه
نشط عقله الباطن بشدة فسيطرعلى وهي القهـوة وبشكل دفعات لعدة أيام متتالية ،مما َّ
كامل جسده وضخم قدراته جميعها ..فصار سمعه مطلقاً والرؤية مطلقة ..أي صـار
يسمع كل األصوات والكالم ويرى كل مايجري في الغرف المجاورة ،كما صار بإمكانه أن
يدرك كل ما يجري حوله !!..وبقي على هذا الحال صاحياً بدون نوم مدة ثالثة أيام
وكان يشعر خاللها بهدوء عجيب ..وبعدها لم يعد يشعر بما يجري حوله من حركـات
وأصوات ..وتتابعت األحداث ،وأخي اًر ظن أنه يعاني من كابوس جاءه أثناء النوم وشل
حركته بالكامل بحيث أبقى عيناه وجفناه ثابتان اليتحركان!! مع شعوره هذا صار يتذكر
كل ما جرى له خالل حياته ومنذ الطفولة وكأنه يستعرض شريطاً سينمائياً خالل دقيقة.. .
وأخي اًر أقتنع بأنه ميت ...وشعر كما لو أنه يسير في األثير محموالً عبر الضبـاب على
شيء لم يتمكن من إدراكه وقوة تضغطه نحواألسفل .!! ...
234
الحقيقة أن ماجرى له هو حدوث انهيـار قسري للعقلين الواعي والذاتي بسبب تناوله
المادة المنبهه بكثرة ،وتال ذلك تَ َح ُّرٌر مفاجيء للعقل الباطن وبسط سيطرته على كامل
جسده وعقله .مما أدخله في حالة فـوق نفسيـة اختلط فيها عقله الباطن بالعقل الباطن
الشامل ..فشاهد خالل سبوته عوالم غريبة محفوفة بالنور ،وكان من بين ما شاهده...
كائنات بشرية كانت حيةً في الدنيا ومحبوبةً لديه ،وأخرى كانت تمر من خالل جسـده
النفوذ الشفاف لم يدرك ماهيتها .!! ..والسؤال اآلن :هل مارآه هذا االنسان هو العالم
اآلخر ؟ أم هو عالم العقل الباطن الشامل ؟ أم هو عالم الكينونات الخفية ؟ وهل الموت
هو الكابوس األكبر في حياة االنسان ..؟ واالجابةعلى ذلك ..هي اهلل أعلم .والمهم أن
صاحب القصة عاد بسالم ..وسعيداً بنجاته ..وبما شاهد هناك .!! ....
من الممكن معالجة الحاالت فوق النفسية المصحوبة بفقدان الوعي أو االدراك أو كليهما
معاً ،كما في حاالت الصرع والشقيقة والمشي أثناء النوم ورؤية الكوابيس ....بهرمون
يعيد للعقلين الواعـي والذاتـي قوتهما ودورهما في الجسد البشري ليتغلبا على العقـل الباطن
ويأسراه ويعيدانه إلى قمقمه الذي فر منه أثناء النوبة .وهذا الهرمون السحـري هو
استقرره وهدوءه بإبعاده عـن ساحة العقل
الميالتونين الذي يعيد للجسد البشري توازنه و ا
الباطن الكوني الذبذبي الذي هو ساحة عمل الجان ،ويعيد دماغ االنسان من عوالم ما
وراء الطبيعة إلى عالم الواقع والحقيقية .وينتهي بذلك فصل عنيف من فصول لعب الجن
************** باالنسان ، ....
ــــــــــــــــــــــ
الفصل الخامس والعشرون
عواطـف الجـن
االستحواذ
ظاهرة معروفة للعديد من الناس بتعرف باسم االستحواذ ،وسببها أن للجن رغبات
وشهوات جنسية وحاجات كاإلنسان تماماً ،فهم يتزاوجون ويتناكحون ويتناسلون كالبشر
تماماً .ولهم أسر وقبائل وعوالم ومواضع سكن كالبشر ،ويدركون كمال وجمال الجسد
235
البشري خاصةً أنهم يرونه عارياً ،ويطلعون على كل عوراته ومناطق عفته الصغـرى
والعظمى لديه ،حتى أنهم يعيشون فيها أحياناً ،لكنهم ممنوعون عن رؤية بعض أطيافه
الجسدية إذا كان اإلنسان مستو اًر أو محجوباً بارتداء مالبس ،..لهـذا كان على اإلنسان
االحتشام بالملبس أو على األقل لمناطق العفة لديه .ولقصة نزع لباسهما داللة واضحة
على أن الجن ال يرى ِّ
بحدة وبوضوح ما هو محجوب برداء أو بستر ،وقراءة القـرآن
تكسب الجسد البشري ثوباً ال مرئياً وحائـالً يستحيل على الجان والشياطين دخولـه أو الرؤية
من خالله .وما محاوالت الشيطان األولى في الجنة للتق ُّـرب من حواء وآدم إال لإلطالع
على جمال جسديهما الكاملين والمتكاملين والتمتع بمنظر تلك الصورة الجميلة لهما .وتم له
ذلك فعالً حينما أوحى لهما نزع لباسهما فرأى سوآتهما وأراهما سوآتهمـا وأماكن عفتهما ،
وكشف لهما سـر شجرة الخلد وهي التناسل والتكاثر ،وعلَّمهما آليـة الجنس ،..بحيث
شغلت تلك الشجرة وتبعاتها ..عقليهما وشغفت قلبيهما وجعلتهما ينسيا ذكر اهلل برهة
فكانت خطيئة ،وفقدا قدسية الجسد ،ولم يعودا طاهرين بعدها لوال أن اهلل قبل توبتهما
وحلل الخطيئة بالزواج ،ومع ذلك مازالت آثارها ساحرة تشغل بال اإلنسان حتى يومنا هذا
،فقد انغرست صورتها وآثار لذتها عميقاً في جينات آدم وحواء وفـي عقلهما الباطن ..
وتحولت الخطيئة بفضل اهلل إلى حاجة حيوية لديهما ،وعليهما إشباعها بالزواج ..فأتى
حبها عشقاً يمأل الكيان ،وأتى عشقه حباً يمنح حياة ،وغدا الحب والعشق محور وجود
وبرنامج حاجة تحقق الذات ،ففي تنفيذه إزالة خطيئة وسعادة كيان بالزواج ولسان حالهما
يقول " :للخروج من شئ يجب الدخول فيه أكثر " لذلك كان الـزواج وتعدده واجباً
تحرر عقل وراحة نفس وتبرئة روح وتطهيـر جسد ومسح
مقدساً على الجميع ،ففيه ُّ
الديان ،والعزوبية لعنة
ب من ّ وتقر ٌ
خطيئة ،واإلكثار منه خير وبركة ..فهو رحمة رحمانُّ ،
جان وندوة شيطان .وجميع الخالئق َو َعت هذه الحقيقة ..فأكثرت مـن االقتران ..حتى
على مستوى الذرة والبروتون واإللكترون والميزون ..فالمادة حققته ..وعلى االنسان أن
يفهم الدرس .!! ..
الجان ثنائي الكيان ..رغباته وحاجاته وشهواته مثل ثنائيات الكيان ..ومنها االنسان ..
وكالهما لذات الجمال يتذوقان ويعشقان ..وبطقوس التكامل الجنسي وباالنفصـال الوالدي
236
ق ولذةُ ٍ
متعة جنس ولهفةُ شب ٍ
ٍ يتكاثران ،ويجمع لبهما ذات الحاجات واأللحان ..هي رغبةُ
واحساس نشوةِ عمرها عمر الزمان ،..وعلى هدى تلك الخطى أدرك الجان جمال
مفتون بفتَّانِ ،أغراهما
ٍ االنسان ،ولما اكتشف مواضع اإلثارة فيهماَ ..رَك َن إليها فكان أول
األجيال ،..
َ نظر إليها فكانت خطيئةٌ ..سحرت لب آدم وحواء و ق ُجرعةَ ٍ بتذو ِ
خلق اهلل اإلنسان في أحسن تقويم في عالم رباعي األبعاد ،وزينه بعقل حليم رشيـد ،
وخلق الجان من نار السموم الرقيق ،وال كرامة لهم وال قدسية مثل االنسان ،ومع ذلك هم
كينونات جميلة وليست قبيحة وأكثر ما يتخيَّله فنان ،ومعيار الجمال لديهم دقيق جداً
وحساس ،أدركوا به مدى روعة جمال البشر وتذوقوه فوجدوه في ريعان .وابليس كان أول
من أجرى في الوجود مقارنة القياس بين األشياء ،فاكتشف سر تفضيل اهلل لإلنسان ..
فتمرد على الفاضل ..وجعل عشقه غيرةً ومن نفسه عدواً ذي شأن .
ضياء وج ٍـه وتنهيـد آيـة
ُ
ِ
َيفتُنـهُ حذرنا اهلل بآياتـه استِحـوا َذ ج ٍـن
َّ
وعداوتهـم لهـم غيـرةٌ وهوايـة لهم في عشق اآلدمين مأرب وغاية
ولقصتنا معهم ألف رواية وحكايـة لـم يفارقونـا لحظة مـُذ ُخلِقنـا
ق واألحبابا العشا ِأخلص ُ
َ على المدى قلب أنثى فكانت له جن ٍ
مغرم َ غزى ُ
فتقَطَّع ماكان لليانعات ُ
الخ َّرِد األترابا ـى
وجنيةٌ راودت بالعشق حل َـم فت ً
دم والخطايـا ذم وال ٌفي عشقنا لهم ٌ ولسان حالهم يقول لنسعد بهم فليس
َنحظَ بمثلها قبالً من أحبائنا ِ
الخالنـا اء لـم
لننهل من رحيقهـم نشوةً غر َ
يق وحـ اررة ..
لهفـةٌ ورغبـةٌ وحر ُ فتنة لغتهـا شعل في أجسادهم نار ٍ ُلن ِ
ـق في لهيب أجوائها الحمراء َجنانـا حلَّ َ فأشعلوا من عطر أجسادهم فينا نا اًر
وح ِرَم علينا فغنمناه منكم استحواذا حالالً ُ يابني آدم علمناكم العشق وغدا لكم
لكم فياليت ك ٌل منا ينقلب عاشقاً إنسانـا ِ
رحمات اهلل واعذروا َح َس َدنا لكم على
االستحواذ عند النساء أكثر من الرجال ،سببه األول هو عشق االنسان لنفسه واعجابـه
بجماله والتمتع به .يصاحبه إختالء المفتون بنفسه وتلذذه بالنظر لمفاتن جسده واهتمامه
بها وتعظيمها بالتزين والتبرج ...ومع تزايد وسوسة الشيطان في قلب صاحبها يصبـه
غرور وتكبُّر وتعاظم األنا األعلى عنده ليصل حد التمرد ،عندها يهبط الجان من دماغه
237
ِ
ويستحوَذ مواضـع عفتـه ،ويسيطر عليها ويالزمها ويعبث بها مثي اًر رغباتها الكامنة ألسفله
حوذ (ذكر أو أنثى) تشنجات جسدية في غير وقتهـا وزمانها
بشكل فاضح ،فيعاني المستَ َ
يصل بنهايتها لمتعـة صاخبة عارمة قد ال يجدها في الزواج ،لذلك كثير من المستحوذين
يصبح ملبوساً من قبل الجان ِ
ويعزف عن الزواج ،والمتزوج منهم ُيحبـط في زواجه
ويصبح الزواج عبأً عليه اليستطيع تأدية طقوسه مع زوجه الشرعي فيفشل ..لذلك كثي اًر
نساء ورجاالً وعلى غاية من الجمال والفتنة وقد أصابتهم العونسة ،أو طلبوا
ً مانشاهد
حوذون بالجسد البشري من ذكورالجان واناثهاالمستَ ِ
الطالق من أزواجهم ..هنا ينفرد ُ
والشياطين ويحظون بالكثير من المتعة في معاشرتهم الجسد البشري ،واذا تمكن أحدهم من
استحواذ كامل جسد االنسان وعقله تحول االستحواذ إلى ٍ
لبس ال رحمة فيه ..عندها يعاشر
الجني الذكر معشوقته اإلنسية في أي وقت يشاء وفي أي مكان وبعنف ..حتى أمام
الناس اآلخرين وتحت وقع أبصارهم وسمعهم ،وال يعد للملبوس في مثل هذه الحالة عقل
أو إدراك أو وعي ،والضحية ال تدري ما يحدث لها ،ولربما َّ
ظن المشاهد أنها حالة أو
شكل من أشكال الصرع لعنف ما يشاهده من تشنجات عضلية وجسدية تلم بالضحية ..
أو أنها مسرحية تقوم بها ...إال أنها حقيقة فعلية ، ..وتتم المعاشرة بيـن الذكر الجني
واألنثى اإلنسية الملبوسة تماماً كما يعاشر الرجل زوجته ،وكذلك األمر في حالة معاشرة
أنثى جنية لضحية ملبوسة ذكر آدمي .ويشعر الملبوس أثناء النوبة بنشوة فيزيولوجية
فائقة ال تماثلها نشوة أخرى في الدنيا ،وتجعله هذه اللذة يغيب عن الوعـي لشدتها وكأنه
الملبوس وقع في حالة من حاالت الصرع .ويمكن استنتاج ذلك من حالة السـرور
واالنشراح التي تعقب هذه النوبات ...لتلك النوبات نتائج سلبية خطرة على صاحبها ،ومن
مظاهرها تشوش التفكير واالختالل النفسي وفقدان الوعي والذي ربمـا أدى هذا بصاحبها
إلى االنتحار للتخلص من تلك النوبات ومما تسبب لحياته من تنغيص وتحويلها جحيماً ال
يطاق ،وكذلك إحرجه بإثارات جنسيةً ال أخالقية ال تقبلها األعراف االجتماعية وفي
أوقات وأمكنة غير مالئمين ..أو تسبب له العقم أو توقعه بمشاكل مع إناثه العديدين
حرض للغيرة والحقد والحسد ،ودو اًر آخر هو دور
الم ِّ
العاشقين له ،إذ يلعب الجان دور ُ
بيولوجي بحت إذ يوقظ لوثة الشر عند األشخاص الملبوسين من البشر ..فيحدث ماال
238
تحمد عقباه .وهذا مانراه ونحيا قصصه حية في عالمنا الدنيوي في كل يوم من استحواذ
الجان أو الجنيات على اإلنسان .وهو ال يقتصر على فئة معينة من الناس ،واحتمال
حدوثه لدى المثقفين والعامة هو سواء ،ويغلب حدوثه في اإلناث بين عمر تسع سنوات
إلى حوالي أربع وعشرين سنة ،بينما عند الذكور بين الثالثة عشرة سنة إلـى الثانية
والعشرين سنة .أي في األعمار التي يكون فيها االنسان يانعاً فتياً نشطاُ وجميالً
إن أكثر الحاالت التي ينشط فيها الجن بنوعيه الذكري واألنثوي هي أثناء النـوم ،إذ
تحدث إثارة وانتصاب لألعضاء التناسلية لدى الجنسين من البشر وبطريقة عجز العلـم
النفسي عن تفسيرها أو تحليلها .ولربما تضمنت فصول األحالم وتفسيرها التي أوردناها في
كتابنا طبيعة الروح بعضاً من هذه التحاليل الدقيقة والهامة والمقبولة علمياً .
إن مجال التالقي الطبيعي بين الجن واإلنسان هو مجال العقل الباطن والذي هو عقل
الشهوات والغرائز وحب الخلود والبقاء بالتكاثر الوالدي ،والذي اكتشفه اإلنسان بعد أن
دلهما الشيطان عليه ،والذي اعتمد الجنس كأداة لتحقيقه.
يتمكن الجن من دخول الجسد البشري واستحواذه أو لبسه في الحاالت التالية :
الحزن الشديد ـ الغضب الشديد ـ العنف الشديد ـ الخوف الشديد ـ الشهوة الجنسية الطاغية
..أي في حاالت الحب العنيف والعشق الصارخ ( االقدمون كانوا يهيمون على وجوههم
من العشق ،ويقرضون األشعار المطولة فيه ) ـ حاالت الفـرح الشديد وما يصاحبه من
دخل االنسان في حالة من التالشي النفسيغـرور وتكبـُّر وهرج ومرج وصخب ،مما ي ِ
ُ
وتحرر العقل الباطن الخاص وسيطرته على الجسد ،حتى ولو لـم يك هناك نوم أو أية
ُّ
إغفاءة ،أي ال يلزم في هذه الحالة حدوث نوم تام أو غيبوبة كي يتحرر العقل الباطن ،
ليغدو مرتعاً ونافـذةً لدخول الجان والشياطين واستحواذ الجسد البشري وتملكه ولُبسه .
عندها ينقلب االنسان خط اًر شرساً اليؤمن جانبه وهو في قمة نشوتـه العارمة ،وهذا يفسر
كثي اًر مما يقع مع الملبوس من معارك وشجار واقتتال عندما يكون في نشوته القصوى
والتي يفقد معها رشده .ويزداد األمر خطورة إذا كان ثمالً ،عندها يشغل الجن كامل
ساحة عقله الباطن وطاقاته النفسية والجسدية بغيـاب عقليه الواعي و الذاتي ..عندها
يفرض الجن سيطرته المطلقة ويتحكم به وبتصرفاته بشكل كلي ،ويثير لديه رغباته
239
المحرمـة ،وطبعاً هذا أمر سهل ويسير ألن جذور تلك الشهوات
َّ المكبوتة وشهواته
والرغبات مزروعة في كل خلية من خاليا الجسد البشري ،وبالتحديد في دناه
إلخراج الجني الذكر أو الجنية األنثى ال توجد وسيلة إال بإعادة الجسد البشري لحالة
طبيعية ُيغيَّب فيها العقل الباطن تماماً ،أي بمحاصرته واخماد سيطرته ،وذلك بتقويـة
وتعزيز العقلين الواعي والذاتي ودعمهما بشكل كبير ،ويتم ذلك بجعل الشخص الملبوس
يندمـج بكل مشاعره وأحاسيسه بالحياة من حولـه ،وأن يخالط الناس ويتكلـم معهـم
ويحاورهم ،وأن يثير الناس من حوله اهتمامه بمظهره وأن يهتموا هم بأمره ويحرموه من
االختالء بنفسه ومشاغلته وبجعله يتمتع بالحياة ويتذوق أطايب الطعام والحلويـات والفواكه
كي ينشط عقله الواعي ليطغى على عقله الباطن ويسجنه ،وكذلك تخفيض عدد ساعات
نومه لتقوية عقله الذاتي ،الذي هو الصمام بين اليقظة والنوم والذي يمنع تسرب وتسلل
العقل الباطن إلى عالم اليقظة ، ..كما يحبذ في مثل هذه الحاالت تشجيعه علـى أن
يمارس األنواع العنيفة من الرياضة مثل المصارعة والمالكمة ،ألن األلم المصاحب لها
ينشط العقل الواعي ويضخم االحساس الجسدي لديه ،فال يبقى لدى الملبوس مساحة
زمانيـة أو مكانيـة خالية أو نفسية يمكن أن يستغلها الجان ليمارس نشاطه في الجسد
البشري الملبوس ...واألجدى من ذلك كله هو جعل اإلنسان يذكر اهلل كثي اًر ،ألن فـي
ذكر اهلل وتالوة القرآن كثي اًر مما يوقـظ المشاعـر وينبهها ويكسبها مناعـة ضد الشر ويدخلها
المدخل الصحيح والسليم لعالم الواقع الدنيوي واآلخر ،ويعيد العقل الباطن إلى قمقمه
حبط عمل الجـان
في َ
ِّد شراسته ....ويكفي الناس شره وضالله ُ ..
ويقي َ
ومربضه ُ
ثمة طريقة يستخدمها بعض العرافين الشعبيين أو أصحاب الطرق الصوفية العارفين
وتعتمد هذه الطريقة على إ ارقـة دم حيـوان في نفس المكان الذي أُصيب فيه الملبوس ألول
مرة وبحضور الشخص الملبوس .وأن يحضر معه أمه ومن أقاربه المتقدمين في السن ،
ويمنع حضورها األطفال وحديثي السن ،وأتذكر أنني حضرت مثل هذه الجلسة سماعيـاً
عندما كنت غالماً أبلغ من العمر حوالي عشر سنـوات ،وقد جمعنا أصحاب البيت نحن
األطفال في غرفة مجاورة لموضع ذبح األضحية ،وكانت الملبوسة هي إبنة الجيـران
وعلى آية من الجمال وكان لها من العمر حوالي إثنا عشرة سنة ،فقد كانـت تعاني من
241
نوبات (علمنا فيما بعد أنها كانت) عمليات جنس مرهقة تغيب خاللها وبعدها عن الوعي
فترة البأس بها من الزمن ،وعندما تستيقظ من النوبة تكون في غاية حاالت التعب
واالرهاق والراحة .
لعل الصدفة وحب الفضول هما اللذان أوجداني في تلك الجلسة ،وكان العالج هـو
أن يذبح ذووها ديكاً لونه بني يميل للسواد .وبالفعل تم ذلك وأثناء عملية الذبح أطلقـت
وكلمات رعب ذاعرة ..وبصوت ليس هو بصوت طفلة ٍ الطفلة الملبوسة صراخاً مدوياً
صغيرة ،وانما كان الصوت خشناً أجشاً متحجرج استمر صدوره بضع دقائق ..كنـا
خاللها نحن األطفال المستمعين ( وأعتقد حتى الحضور من كبار السن ) نرتجف رعباً لما
يحدث ،وبعدها هدأ كل شيء وعندما سألنا عن سبب هذا الصراخ ..كان الجـواب أنه
صراخ الجني بصوت الفتاة أثناء اقتالعه وانتزاعه من جوف الفتاة الصغيرة ،وأنه لو
صدف أن وجد الجني طفالً مناسباً أثناء خروجه منها لدخل فيه مباشرة وللتو .لهـذا السبب
عزلنا األطفال عن حضور هذه الجلسة ،...وبالفعل شفيت الفتاة من تلك النوبات تماماً،
وبعد سنوات تزوجت وكان ألطفالها الكثير من الجمال ،وصدف مرة أن تجرأت وسألتها
مطولة وبلهفة ُمستَغربة كأنها تروي لي وأنا صديق عن حادثة لُ ِ
بسها ...فأجابت بأجابة َّ
الطفولة القديم قصةً مازالت تعيش فصولها حية مشوقة إلى اآلن ..استشفيت منها مدى
حنينها لتلك الحالة الممتعة الفوق نفسية الغير قابلة للنسيان ...؟؟!! .
********************************************
ــــــــــــــــــــــ
241
لُبِنا وأفئدتنا ( إلى عقلنا الباطن ) بمراودة أنفسنا في الحصول على أشياء ليست من حقنا
أو ال نستحقها ..فيلجأ بعض ضعاف النفوس والعقول المشوهة من البشر اللذين فقـدوا
إنسانيتهم وقدسية روحهم بممارسة أنواع من األعمال الخطرة الالمشروعـة ليحصلـوا على
مكاسب ليست من حقهم وبطرق تؤذي آخرين وقد تودي بهم إلى التهلكة .ولكـن من
رحمة الخالق أن كثي اًر من حاالت السحر ينقلـب فيها السحر على صاحبه ....ألن
السحر يولد كارمـا تحيـق بصاحبه وتُحبِـط عمله ،..إن من يقوم بهذه الممارسات هم
حاقدون الضمير لهم يفتحون بعملهم هذا نافذة لدخـول الجان عبر العقل الكوني الذبذبي
إلى العقل الباطن الخاص للشخص المسحور .ويتم إدخالهم أو حشرهـم بطرق قسريـة
سحرية غير طبيعية ،...وللسحر أنواع عديدة ،أهمهـا وأقواها هو السحر الذي يعتمد
الملكة الكهربائية للعقل الباطن والتي سنشرحها كما يلي :
إن أداة ذلك السحر هي الكهرباء الساكنة ،حيث يشحن الساحر نفسه بكهرباء ساكنة
ويخزنها في جسده بحيث تصل مادتها لكل أعضاء جسده بما فيها دماغه ومخه ،ويتم له
ذلك بأن يمسك بيده مادة عازلة كالزجاج أو األلماس أو العقيق ..ويدلكها لمدة طويلة من
الزمن بمواد عازلة أخرى كالقطن أو الصوف أو فرو غزال أو شعر قط ..إلخ فتدخـل
الكهرباء إلى جسده عن طريق أصابع يديه وتتركز في رأسه وعيونه وأيضاً في كل ما هو
رفيع مدبب طويل يمسكه بيده ..عصى رفيعة مثالً ..من هنا جاء تقديس الفراعنـة
للحيوانات ذات الشعر أو الوبر أوالريش كالقطط وابن آوى والنسور والصقور واألفاعي ..
إعتقاداً منهم بقواها السحرية .وكان الساحر يعزل جسده بارتدائـه المالبس الكثيرة ُلي ِّ
خزن
ويحتفـظ بأكبر كمية ممكنة من الطاقـة الكهربائية في جسده .وبنفس الوقـت أثناء الدلك
كانت القطع الصلبة المدلوكة تكتسب شحنات كهربائية قوية ،وكان الكهنـة يدفنوها مع
موميات ملوكهم من الفراعنة لحمايتهم وكنوزهم المدفونة معهم من السرقـة بدعوى أنها
مسحورة وتصيب باللعنة كل من يدخل قبور الفراعنة ويسرقها ،والقصص كثيرة جداً في
هذا المجال ، ..
في أيامنا هذه ومن خالل العلم وخبرتنا اليومية أمكن تفسير عملية الشحن الكهربائية هذه
فاالنسان الذي يسيـر جيئة وذهاباً ولمدة البأس بها من الزمن على أرض بيته المغطاة
242
بالسجاد يشحن جسده كهربائياً بالتحريض بشحنات كهربائية ساكنة شديدة ،وتزداد شدتها
مع زيادة الحركة وزيادة العزل .واذا صدف أن المس هذا الشخص بالمصافحة ضيفـاً
حضر إليه ألصابه بش اررة كهربائية صاعقة بسبب إنفراغ الشحنة فيه ،..والحقيقـة أن لهذه
الشحنات في الحاالت العادية ضررها على نفسية االنسان وصحته الجسدية ،...
خزنة في جسم الساحر بحقلها الساكن في التفاعالت الكهركيميائية الم َّ
تؤثر الشحنات ُ
في خاليا دماغه وخاليا جملته العصبية ،وتلعب دو اًر هاماً في إفـراز الغدد الصمـاء
للهرمونات واألنزيمات والسوائل في جسده ،فيغدو جسد الساحر مشوهاً صحياً ..نحيالً
ضعفعليالً وغير متوازن نفسياً ،يخترق هذا الحقل العقل الواعي كلياً للساحر ،بينما ي ِ
ُ
عقله الذاتي فيتحرر عقله الباطن جزئياً وليس كلياً فال يتمكن من االنطالق والتحرر وأن
يفعل ما يريد .مما يبقيه خاضعاً إلرادة وسيطرة الساحر ،وكأنه نمر خاضـع إلرادة مدربه
،مما يرهق الساحر ويبقيه دوماً كئيباً متوجساً متطي اًر يقظاً ِ
حذ اًر قليل النـوم ،والجان يرتع
بحرية في جسده ولُبِه ،ربما م ّكن التحرر الجزئي للعقل الباطن الساحـر من إدراك بعضاً
مما يجول في خواطر ضحاياهم من أفكار ..
أما الحقل اآلخر فهو حقل كهربائي ذبذبي فوق كهرطيسي ينشأ من حركة الشوارد
والش اررات الكهربائية األدق من ميكرويـة في الوصالت العصبية الدماغية وغيرهـا ،وهو
الذي ينقل الرسالـة الكوديـة من دماغ الساحر إلى مخ الشخص المسحور بشكل إشارات
ذبذبية تحمل فكرة محددة ..وهـذان الحقالن من القـوة بحيث يجعالن سيطرة الساحر على
الجان صارمة ومطلقة ،فالينشط عملهم إال من خالل عقله الباطن وارادته وأوامره ..مما
يجعل تعاملهم معه مجدياً وفعاالً ولصالحه ، ..
تتركز الشحنات الكهربائية في أطراف أصابع الساحر وفي عصاه وهي تنتقل إلى
ضحيته عندما يلمسها بأي منهما بشكل سيال كهربائي وينتقل معها الجان .ويسبب هذا
السيال للضحية خد اًر وغيبوبة ..فتقع في حالة فقدان جزئي أو كلي للوعي حسب مقدار
جرعة السيال الواردة لها ،وأخطرها الغيبوبة الصاحية التي يكون فيها المسحور ال هو نائم
صاح ،وخالل تلك المرحلة يتسلل الجان إلى األعماق الداخلية للشخـص المسحور
ٍ وال هو
حتى يصل إلى عقله الباطن ويحتلها .بعدها يطلق الساحر أفكاره الحاقدة من من خالل
243
نظرات عينيه ويركزها في عيني الضحية فتدخلها بشكل إشارات كهربائيـة ذبذبية ..ويثبتها
ب إليه بدون أي إدراك أو ِ
الجان في دماغ المسحور وعقله الباطن ..فينفذ كل ما طُل َ
اعتراض أومناقشة .يستغل الساحر حالة الغيبوبة الصاحية ألبعد الحـدود وبشكل مجدي
ب إليه تنفيذه من ِ
وفعال بسبب قدرة المسحور خاللها على الحركة واالنتقال وتنفيذ ما طُل َ
مررها إليه الساحر وغرسها الجان في عقله الباطن بالبث واإليحاء ،ويفقد أعمال وأوامر ّ
المسحور خالل تلك المرحلة كل إحساس بالوجود من حوله وبوجـوده و بشخصيته ،وان
شعر بشيء فإنما يشعر شعور الخادم المطيع ،أو كحيوان تتحكم به غرائزه وطبعاً هذا
يصورون له مقدار اللذة التي سجنيهـا من تنفيذ ما طلب إليه
كله في صالح الجان ،إذ ِّ
ويغرونه بمكاسب ومتع جسدية كثيرة ،ويضخمون طلبات السـاحر وهيبته ،وطبعاً السحر
ال يغير من طبيعة األشياء لكنه يؤثر في نفسية المسحور ويجعلها تتشكل وفق القالب
الذي صممه الساحر في فكره وبطنه وأوحاها بشكل إشارات ذبذبيـة للمسحور ،ويساعد
الجان في رسم تلك الصورة في دماغ المسحور ومخيلته خاصة أن طبيعتهم البعدية
السادسة والسابعة هي من طبيعة العقل الباطن للمسحور .فيصدق كـل ما يوحى له .
غالبا ماتكون مطالب الساحر ومآربه غير قابل لإلنجاز بطرق طبيعية ،وأغلبها ُيراد به
إيقاع الشر واألذى بالمسحور أو بمن حوله ،والنفس االنسانيـة السليمة تأبـى بشكل فطري
إيقاع األذى باآلخرين ،لكن يمكن للشياطين من الجن واإلنس ممن ألغى صفـة االنسانية
لديه أن يعبث بلب وفؤاد اآلخرين عبر العقل الباطن وأن يؤثر فيه ،وهذا هـو هدف كل
ساحر مأفون يساعده في ذلك جان وشيطان ملعون ..فمن طبيعة الجـن أن يحث على
الشر ويشجع وقوع األذى والضرر باإلنسان وهذه مبتغاه أصالً ،وها قد أتى السحر
والساحر وفتحـا بابـاً لعمل الجان والشياطين في النفس البشرية ،فانجز الساحر وشياطينه
معاً من خالل جسد بشري ما ال يمكن لهم إنجازه في عالم الحقيقة ذاتيـاً ،إذ حطـم لهم
الساحر وأزال عوائـق وحجب كانت تحول بينهم وبين تنفيذهم الشر واألذى بالبشر هذا من
ناحية ،ومن ناحية الشخص المسحور إذا استمر السحر طويالً إنهـارت قواه الجسدية
والعقلية مع مرور الزمن .
244
من الناحية العملية العلمية أمكن الوصول إلى هذه الدرجة من اللقاء بين الجان والعقل
الباطن لكن بطرق أقل قسوة واجراماً من تلك ،وذلك عن طريق التنويم المغناطيسـي .
وج َد أنه من الممكن التخلص من السحر بغمر الشخص المسحور عدة مرات بالماء ِ
الم َملَح يحتوي على شوارد كهربائية ..وعند
المالح كماء البحر مثالً ،فالماء المالح أو ُ
غمر المسحور فيها تُ َعِدل الشحنات الكهربائية المسيطرة عليه وتساعده في التخلص منها
كما يمكن إخراجهـا بجعل المسحور يقوم بحركـات عنيفة ورقصات صاخبة فيستهلك الطاقة
المختزنة في جسده فيتحرر من الشحنات اإلضافية التي أدخلها الساحر في جسده كما
غني
يمكن تخليصه منها بإسكانه في غابة باردة رطبة لمدة من الزمن ..ألن جوها ٌ
بشحنات كهربائية معاكسة وهي اإللكترونات ، ..وعلى هذا األساس يمكن إجراء عالج
لمثل هذه الحاالت بلمس الشخص المصاب بقطع معدنية باردة فيحدث تفريغ للشحنـات
الكهربائية بواسطتها ،ولعل العالم االنكليزي مسمر هو أول من استخدم في معالجاتـه
لمرضاه النفسيين قضباناً معدنية أو مغانط مغمورة في مغاطس مائية ظناً منه أنها تشفي
من األمرض النفسية ،لكنه في الحقيقة كان يزيل الشحنات الكهربائية المختزنة في العقل
الباطن لهؤالء المرضى ، ..
إن المعالجة من مثل هذه الحاالت ضروري جداً كي التتحول الغيبوبة الصاحية إلى
غيبوبة دائمة أو إلى شلل أو فقدان كامل لإلرادة واإلدراك .
إشعاع
ٍ وج َد أن أكل بضع تمرات وبالتحديد سبع تمرات ُيولِّ ُـد حول الجسد البشري هالـةَ
ِ
غريبة التكوين والطبيعة ،لونها أزرق التستطيع أية موجة كهرطيسية أو أي حقل كهربائي
اختراقها ،أي تشكل الهالة الزرقاء اللون حول الجسم درعاً منيعاً المرئياً يحميه من كل ما
يحيط به من مؤثرات ،..وبالتالـي ُيلغى مفعول السحر والحسد وعمل الجن والشياطين،
فالعين الحاسدة تمتص كل األلوان ماعدا اللون األزرق فهي غير قادرة على امتصاصه أو
اختراقه ،وكما هو معروف أن اللون األزرق هو اللون الذي تتعامـل به االلكترونات بشكل
طبيعي مع الطاقات حولها .ومن المعلوم أيضاً أن مناطق نمو أشجار النخيل هي
الصحاري ،وهي بنفس الوقت األماكن األكثر تواجداً وازدحاماً بالجن ،لذلك كانت
الصحراء هي الـداء ( معمورة بالجان ) وهي الـدواء ألن الثمر الذي ينمو فيها هو التمر
245
والبلح والعجوة ،ففي هذه التمـور واألعنـاب عالج لكل األمراض األثيريـة والذبذبيـة ,التي
ٍ
وسـر يكمن ربما كانت أسبابها آتيـة من عوالم تقـع في مـا وراء الطبيعـة فأي عجـب
في هذه الفاكهـة الثمريـة !!؟؟ .
واآلن نصل لنهاية قصتنا وبحثنا في طبيعة الجن ونتساءل أال يوجد نهاية للجن ؟ وكيف
تكون تلك النهاية ؟
ويأتي الجواب التالي :طبعاً هناك نهاية ،فلكل مخلوق نهاية ،فعندما تحين ساعة النهاية
....يختل نظام الكون ...يموت الجن جميعاً كما يموت أي كائن آخـر ..ويعـودوا إلى
عنصر مادتهم األولى التي خلقوا منها ....وهي مارج النـار .
*********************************************
ــــــــــــــــــــــ
246
الفصل السابع والعشرون
الجـان والكـوارث
أحياناً يقدم المذيع التلفزيوني النشرة الجوية وهو مبتسم ويخبر المشاهدين أن اليوم
التالي سيكون يوماً دافئاً لطيفاً ،ويشجع المشاهدين على القيام بنزهات سياحية والسفـر إلى
األرياف لقضاء يوم عطلة جميل .ويفرح المشاهدون بمثل هذه التنبؤات ويبـدؤون
بالتخطيط للقيام بنزهة أو برحلة استجمام و ارحة ،وفي منتصف ذلك النهار وهم ينعمون
بنهار مشرق جميل ،إذ تأخذ السحب بالتكاثف فجأة ..وتتلبد السماء بالغيوم ويصاحب
ذلك هبوب رياح قوية ،وال تلبث أن تلمع السماء بالبرق ويضج األفق بالرعد ،..ويبدأ
المطر بالهطول ،واذ بإعصار عنيف غير متوقع يضرب في ذلك اليوم ويشتت النـاس
ٍ
نحس أغبـر !!...لماذا ذات اليمين وذات الشمال ،ويتحول ذلك اليوم بقدرة قادر إلى يوم
حدث هذا األمر الالمتوقع فجأة بالرغم من استخدام أحسن التقنيات وأفضل الوسائل في
التنبؤ واألرصاد الجوية ؟ ويكون جواب علماء األرصاد بأن شيئاً ما قـد حدث وال يدرون
سببه ،وأن ما أذاعوه هو بالضبط ما أخبرتهم به أجهزة الرصد المتطورة لديهم ،ومهما
حاولوا تبرير ما حصل فإنهم يفشلون تماماً ويسقط في أيديهم ،..وكذلك األمر في حالة
الزالزل والبراكين ..إذ تحدثا أيضاً بآلية مماثلة .ويالحظ أن جميع هذه الظواهـر تكون
مصحوبة بحركة وصوت ،وتقع بشكل فجائي المتوقع وخالل فترة قصيرة جـداً من الزمن
.لكن لو فكرنا بطريقة أخرى ونحن نعلم أن لكل حدث ُم َسبِ ِب ..وصحيح أن األمر كله
يتم بإذن اهلل ..من خلق وتصريف الرياح !!...لكن لو فرضنـا أن مثل هذه الظواهر ربما
استغلتها كينونات خفية ال إنسانية ( الجان ) في بعض األحوال ..لربمـا قدم هذا التعليل
تفسي اًر لما يحدث ؟
لدى دراسة تلك الظواهر اكتُ ِش َ
ف حديثاً على أنها تنشأ من تراكم مقادير صغيرة جداً من
طاقة مجهولة ( اعتقد العلماء أنها ح اررية ) ،ومن شدة صغرها لم يتمكنوا من إدراكها
واالمساك بها ودراستها ومعرفة ماهيتها ،وبالتالي لم يروا مبر اًر إلدخالها في حساباتهم
وتوقعاتهم ظناً منهم بعدم فعاليتها ،ولكن ثبت العكس ،فمع استمرار دراستهم لها اكتشفوا
أن تلك الطاقات الالمتناهية في الصغر يحدث لها تراكم هاديء ثم يتسارع إلى أن يصل
247
لسوية هائلة من العنف ،وأن تلك الطاقات الالمتناهية في الصغر تسبب نوعاً من الحركة
الدقيقة لذرات وجزيئات الهواء ،ومع تراكم تلك الطاقات وتزايد حركات جزيئات الهواء
تتحول حركتها إلى رياح عاتية التلبث أن تتعاظم وتتحول فجأة ودون سابق إنذار إلـى
إعصار كارثي مدمر .وانتهت دراسة العلماء إلى أن تلك الظواهر تخضع لقوانين غير
مألوفة وحتى غريبة جداً ودعيت بقوانين الفوضى والعشوائية ...وحتى في تسميتهم هذه
إشارة لعبث غير مدرك ال ُكنه ..وصرحوا أن هذه القوانين هي التي تصنع العواصـف
والزالزل المرعبة وتحكمانها .وبنفس الوقت مازالوا يعترفون أن االسباب الحقيقة لمثل هذه
الظواهر والطاقات المسببة لها مازالت مجهولة وغير مدركة لآلن ،...وهكذا أوجد العلماء
طريقة طريفة للخروج من مثل هذه المواقف ،واستعانوا في دراساتهم بأجهـزة حواسيب
متقدمة أعطتهم حلوالً بيانيـة لها شكل أجنحة الفراشة ،وسموا تلك الظواهـر بظواهر الفراشة
مقنع ،فكيف لمثل هذه الطاقـات الهادئـة المجهولة الطبيعة
..ومع ذلك بقي الحل غير ٍ
والالمتناهية في الصغر تتراكم فجأة وتنقلب خالل فترة قصيرة جـداً من الزمن مولدة
إعصا اًر كارثياً ؟ وماالذي يجعلها تتراكم بهكذا طريقـة ؟
االنسان والقدر
نعود هنا لموضوع استغالل الكينونات الخفية لمثل هذه الظواهر ،ونقول الحقيقة إن
لهذه الكينونات صفة أو خاصة تشترك بها مع االنسان وهي ملكة أو خاصة اإل ختيـار
وهما المخلوقان الوحيدان في الوجود اللذان يملكان هذه الخاصة ،فجميع الكائنات تخضع
للقدر ولِما هو مسطر في اللوح المحفوظ بحذافيره ،واالنسان ال يخضع له كلياً إال ٍ
بقدر
وضمن خطة القدر العام وما تفرضه عليه عطالته الجسدية المادية ،لذلك كان االنسـان
وم َّ
سي اًر فيما ال يعلم ..أي هو مسيٌَّر ومخيٌَّر بآن واحد وذلك المتالكـه آلة ُم َّ
خي اًر فيما يعلم ُ
التمييز واالختيار وهو العقل ..لذلك االنسان هو الوحيد في الوجود الذي يصنع قدره بنفسه
أي ينفذه بيده ضمن خطة القدر العام ..وهنا يأتي دور العقل والقناعة وااليمـان والنية
الحسنة ،وبالتالي كان االيمان بالقدر خيره وشره ..من اهلل ،بينما االنسان الكافر يظن أنه
القصد
فيلوث قدره الخاص برغباته وشهواته واشباع حاجاته كمـا يريد ،و ُ
يصنع قدره بنفسه ِّ
هو الذي ُيمي ُِّز بينهمـا ، ..
248
األعاصري وعبث اجلان
من فكرة االختيار تأتي فكرة ُّ
تدخل الجان باألعاصير وعبثهم بها وتحويلهم لها لكوارث
مدمرة قاتلة .فهم باختيـارهم الظروف المواتيـة للطاقات الح اررية وتراكمها وحركـة ذرات
الهواء الدقيقة .وبسبب سوء نيتهم وعبثهم وقصدهم الشرير وفرحهم بما يقوم به االنسان
من فجـور وضالل وظلـم ألخيه االنسان والشذوذ في عالقاته الجنسية يبثون طاقات ذبذبية
بشكل أزيز وصفير وهسيس غير مسموع بترددات تتأثر بها ذرات الهواء وجزيئآته فيساهموا
في زيادة ثورتها وهيجانها ،وتحدث الكارثة إذا حدث تجاوب بينهما (التجاوب هو تناغم
بين ذبذبة األزيز الصادرة عن الجان وذبذبة اهتزاز ذرات الهـواء وجزيئآته ويدعى هذا في
علم الفيزياء بالطنين أو بالتجاوب) عندها تصبح حركة ذرات الهواء وجزيئاته متعاظمة
السرعة والطاقات ..حركية ،ح اررية ،ذبذبية ...إلـخ ،وخالل لحظات زمنية قصيرة جداً
،ال تلبث أن تتراكم الطاقات وتتحول أخي اًر إلعصار وزوابع وأمواج بحرية عاتية وكوارث
، ..
يعتقد أيضاً أن هول كوارث الزالزل والبراكين ربما كان للجان دور فيها ،فقد تكون
طبقات األرض وصخورها متوازنة ومستقرة وال توجد فيها حركة ،وسبب سكونها هو وجود
احتكاك شديد بين الصخور يمنع انزالقهـا ولكنها في بعض الظروف قد تتعرض لموجات
ذبذبية عالية التردد صادرة عن الجان بشكل أزيـز وصفير وهسيس وتت اركـم طاقاتها
وتتضخم خالل لحظات ..تصل فيها لسوية شدة عالية ويساهم التجاوب الموجي بين أزيز
الجان وصفيره والذبذبة احتكاك ذرات الصخور ببعضها ببعض أثناء انزالقها ،مما يقوي
ويدعم حركتها وانزالقها مؤدياً النهيارات أرضية ووقوع زالزل مروعة ،..سببها نفخ الجن
وصفيرهم وعبثهم ، ...
يتطابق هذا القول تماماً مع خواص جمع األمواج وتراكبها وحدوث تجاوب وطنيـن فيما
بينها .وأغلب الظن أن بعض الترددات المرافقة لهذه الظواهر والغير مسموعة لنـا تسمعها
الحيوانات وتخشاها فتهرب من هولها ..رهبةً وخوفاً مما سيقع من كوارث ،إذ تدرك تلك
الحيوانات بِ ِح ِسها الخطر الذي سيوقعه الجان من خالل هذا اإلعصار أو ذاك ..مع العلم
249
أن معظم الحيوانات في الظروف العادية يرون الجان ويتعايشون معهم ،..واليخافونهم
،لكنهم في مثل هذه الظروف يدركون كآبة الجن وأذاهم ..فيفرون منهم !!
والسبب .هو أن تلك األصوات المتراكبة الالمسموعة الناتجة عن نفخ الجان والعفاريت
وصفيرهم تصبح على قدر كبير من االزعاج لتلك الحيوانات فال تستطيع سماعهـا ...فتفر
منها ،والذي حدث في إعصار تسونامي أنه لم توجد أية جثة ألي ضحية لحيـوان فيه ،إذ
فرت جميعها قبل حدوث الكارثة بفترة البأس بها ..في حين لم تدركها أحاسيس االنسان
وال أجهزته الرصدية المتطورة ، ...
توحي ظاهرة التجاوب بين أزيز وصفير صوت الجان وأزيز احتكاك ذرات الصخور فيما
بينها أثناء انزالقها فكرةً مثيرةً جداً ..وهي دراسة ترددات ذبذبات ذرات الصخور أثناء
انزالقها ،وايجاد الترددات المالئمة إلقامة وتأسيس وسيلة إتصال عملية معهـم ،واستغالل
السمع الكوني المشترك للتحاور معهم .فهم يحاورون االنسان ويعبثون بدماغه وفؤاده ومن
طرف واحد ويبثون فيه مايشاؤون ،فلماذا النستغل نحن مثل هذه الدراسة العلمية ونحاول
االتصال بهم على مبدأ الفعل ورد الفعل ، ..وكثي اًر ما تتعرض األفالم السينمائية لمثل
هذه األفكار المثيرة ...لكن دون أن تعطي لها أي أساس ولو شبه علمي يفسرها ..والذي
صار اآلن متاحاً من خالل هذه الدراسة العلمية التخيلية لدور عوالـم خفية ال إنسانية تقع
فيما وراء الطبيعة وتتدخل فينا . ،..
المكونة من ترابط الذرات بانتطام دوري صارم هي
إن ظاهرة بث البلورات الصخرية و َّ
ظاهرة مألوفة في علم الفيزياء .فبعض الذرات إذا ضغط أعطى ح اررة أو كهرباء أو
اهت از اًز أو استقطابية ضوئية ، ...وعلى هذا لو أمكن اكتشاف طرق نؤثر بها نحن على
مثل تلك البلورات بحيث تصدر ترددات خاصة مالئمة ألمكن بواسطتها تأسيـس طرق
لإلتصال بهم ودخول عالمهم ،...والكرة في ملعبنا اآلن !!.
قابلت في مناسبات عدة أشخاصاً ادعوا قدرتهم على التعامل مع الجان وعن طريـق
إصدارهم ذبذبات بصرير من أسنانهم ،..وقد كنت مندهشاً جداً لما كانوا ينجزونـه من
أعمال إذ بدت خارقة بعض الشيء ،مثل معرفة ما يدور في خاطر الشخص أو إيجـاد
حل لمشكلة وقع بها أو إخراج جن ( أي خلعه ) ..خاصة أنني أعلم المبدأ الفيزيائـي
251
ُس ِو َ
ق أمو اًر قد تكون جذورها واصلة فعالً لمثل تلك األمور ..وكنت أبقى ساكتاً كي ال أ َ
إلى عوالم غير مرئية تقع فيما وراء الطبيعة ..كي ال يتاجر بها إنسان جاهل ويستغلها
لمآربه الشخصية .
من الممكن تفسير تشكل الكوارث واألعاصير والزالزل في األرض والكوارث التـي حدثت
وتحدث للبواخر والطائرات العابرة فوق المحيط األطلسي واختفائها في منطقـة برمودا ..
على أن سببها الجان اللذين يسكنون ذلك النفق ويحتلونه ويشغلونه في فترات تشكله
باعتباره مستراحاً لهم ومنتزهاً موسمياً ومكان تكاثرهم ومتعهم الخاصة ،وهم يفتتون مادة
البواخر والطائرات بأزيزهم وصفيرهم ألمواج ومن ثم دفعها عبر النفـق لتصل عوالم أخرى
ال رجعة منها ، ...
في حاالت أخرى يفتح الجان أنفاقاً كونية في النسيج الزمكاني الذي تحدث عنه وكشف
عنه العالم إينشتاين ،وذلك بإصدارهم ذبذبات خاصة يفتحون بها تلك األنفـاق الكونية
الصغيرة الدردورية الدودية والواصلة بين األصقاع المختلفة في هذا الكون ،أي يسببون
خلالً لحظياً في نسيج الكون بصفيرهم وذبذبتهم ،ومن ثَُم ُيحركون بها الهواء والسحب
وماء البحار والمحيطات بشكل دوامات دردورية إعصارية فتحدث األعاصير والكوارث
والفوضى في الطقس والمناخ ..وخالل ذلك ينجزون عبثهم األكبر وايقاع أعظم األذى
والضرر باالنسان ..ولعل كارثة اختفاء قارة األطلنتس في أعماق المحيط األطلسي كان
من األمثلة المأساوية على عبثهم الجان في االنسان حينها ..ففي ذلك الزمـان تمكـَّن
سكان تلك القارة من االتصال بالجن والتعامل معهم .وبنوا بمساعدتهم حضارة رهيبـة
قامت على القسوة والعنف ..وكان جنودها يستحمون بمياه البراكين ليجعلوا جلودهـم قاسية
ال تخترقها السيوف والرماح .كما كانوا يغيـِّرون خلق األسرى وأشكالهم إلـى حيوانات
كالجواميس والقرود بتعريضهم لمواد مشعة واعطائهم جرعات منها أثرت مع مرور الوقت
في جيناتهم الوراثية .ولكن التعامل مع الجن ليس مأموناً دوماً إذ فتحـوا نفقاً كونياً ضخماً
أسفل القارة فغاصت في مياه المحيط وانتقلت عبره إلى عوالم أخرى غير مجهولة غير
معلومـة ،.....
251
طبعاً ال يتعارض هذا التفسير ..بل يتطابق لحد بعيد مع ماجاء في نظرية اينشتاين
في النسبية العامة ،ومما يدعم هذا التفسير أيضاً أن االختفـاء تم فعـالً في قديم الزمان وفي
ظروف غامضة ودون أن يترك أي أثر مادي أو حطام أو بقايا لمدن ...كما لـم يتمكن
أي باحث في هذا األمر ومهما كان مجال تخصصه أن يحصل على أي أثـر أو أية بقايا
مادية لتلك القارة المفقودة رغم أن الدراسات الجيولوجية والمناخية توحي بذلك .ولعل بروز
الحضـارة الفرعونيـة ودوامها ألوف السنين ثم اختفائهـا فجأة مع بقـاء جثث ملوكها محنطة
التفنى وكذلك بقاء اهراماتهم وآثارهم كعجائب في الدنيا ،وكذلـك اختفاء حضارات المايا
واألزيتك ....هي من األمثلة على تعامل األنس مع الجان ثـم انقالب الجان عليهم بغدر
ِ
ماحق ، ...
*********************************************
252
ـــــــــــــــــــــ
الفصل الثامن والعشرون
نحـن محميـون منهم
الجان قوي جداً وقوتهم الفعالة التي تؤثر فينا هي طاقة فوق سمعية ،وتبدو قوتهم
هذه في ميادين الحركة والصوت واالهتزاز ،أما قوتهم البدنية فهي ضعيفة جداً إن لـم تكن
معدومة تماماً لعدم وجود جسد مادي لهم ،وهم من بساطة الجسد وهيافته وضعفـه بحيث
ال يبدو لهم أية أو فعالية مادية في حياتنا وفي الكون
نعم نحن محميون منهم أوالً بقدر ما نحمي نحن أنفسنا منهم وذلك باجتناب كل مـا
يوردنا مواضع االلتقاء بهم أو مايقربهم منا( الصمت المطلق ،الضجيج المطلق ،الضوء
القوي المطلق ،الظالم المطلق ..الوحدانية الدائمة ..كل ما هو مطلق في عالمنا وكذلك
الغضب الشديد ،الفرح الشديد ،والتبرج الزائد ) ففي مثل هذه الحاالت تظهر قواهـم
الذبذبية واضحة تماماً على خلفية خالية من أي عامل ،عندها يتجلى عبثهم في النفوس
وتلويثهم العقول وتدنيسهم األفكار ونشر الشر واعاثة الفوضى والحروب والدمار .وهم
كرسوا حياتهم إليقاع األذى باإلنسان في الدنيا .
نحن محميون منهم ثانياً ألن اهلل صمـم طبيعتهم القائمة على بعدين ونصف البعـد
وهما نصف البعد الرابع الزمني والبعد الخامس النفقي الالزمني والبعد السادس الموجي
الذبذبي ،وهذه األبعاد القليلة تجعل عالمهم ضيقاً محدوداً وغير شامل ،كما ال تتقاطـع
تلك األبعاد والتلتقي بأبعاد أجسادنا المادية ،وهي تقيِّدهم وتسجنهم وال تسمح لهم بالتدخل
253
في طبيعتنا الجسدية الكاملة وفي روحنا الكاملة أو في أي ٍ
شأن من شؤون حياتنا العملية
وهم يتدخلـون فقط في عمل شطر الروح الجسديـة فينا وعبر العقل الباطن الخـاص بوسائل
األزيز والبث واالستفزاز والصفير الموجي الذبذبي ،ورغم تدخلهم في عمل هذا الشطر
الروحي الجسدي ومحاوالتهم إفساد ما تنسجه من خاليا حية وشرائط الدنا فيهـا بزرع لوثة
الشر فيها أو تشويهها خلقياً ،إال أنهم غالباً مايفشلون لضعفهم ولدعاء األبوين أن يجنبهم
اهلل الشيطان مارزقهما من نِ َعٍم . ، ..
نحن محميون أيضاً خالل حياتنا اليومية مما يمارسونه فينا من بث واستفزاز واثارة
بأصواتهم الذبذبية ..في أفئدتنا وأدمغتنا وجملتنا العصبية ...ليلعبوا بغرائزنا وعواطفنا
ويداعبوا خيالنا ويتسللوا إلى أحالمنا ويوسوسوا في صدورنا كل ما يفسد في قالب شهي
ممتع محبب ألنفسنا من األماني واآلمال ،ومتسلقيـن حاجاتنا ورغباتنا ..ومتجاوزين
المبادئ اإلنسانية ..وطريقة الحماية في هذه الحالة هي في أيدينا ..وهي أن نذكر اهلل
ونحمده ونشكره فيهرب الجن والشيطان .ويحبط عملهم .
نحن محميون منهم أخي اًر بمقدار التطهر والتعبد وباإليمان وبالمحبة ،ففي ذكر اهلل
وقراءة القرآن ما يحجب اإلنسان عن تأثيرهم فيه ،ففي هذه الحالة تتركز الطاقة الذهنية
والنفسية والروحية مولدة هالة نورانية أثيرية عقالنية حول الجسد البشري ،وهي تنبـع
مستمدة من الكونداليني ألنها الضفيرة الوحيدة التي تصد الشياطين والجن وتلغي عملهم.
إذ تعمل تلك الهالة عمل درٍع وا ٍ
ق يحمي اإلنسان من ذبذبات الجان والشياطين .،..
والحقيقة النهائية هي أن الحماية أتت بنزول القرآن ..وتالوته هي التي تحول بيـن
الجن وخبر السماء ،فقد قال اهلل في كتابه العزيز :
" فإدا قرأت القرآن فاستعذ باهلل من الشيطان الرجيم ,إنه ليس له سلطان على الذين
آمنوا وعلى ربهم يتوكلون ,إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون "
قرآن كريم ـ سورة النحل ـ آية ( 87ـ 88ـ ) 100
وفي حديث نبوي شريف ورد فيه أنه " لوال كثرة الحفظة لتخطفتكم الجن من على
فرشكم وفي طرقاتكم " ومنذئـذ ال سلطان لهم على اإلنسان وال سلطان لإلنسان عليهم سوى
ذاك الذي كان للنبي سليمان عليه السالم قديماً إذ قال :
قرآن كريم (( رب اغفر لي وهب لي ملكا الينبغي ألحد من بعدي ))
254
لذلك ال خوف منهم وهم بالنسبة لنا ليسوا سوى مسوخ غير كاملي البنية والـروح ،كما أنهم
منعوا من الحركة في كل أرجاء الكون ،والعائق الذي يمنعهم من ذلك هو طبيعتهم التي
لم تعد مارجاً من النار كما كانت قبل ظهور المادة ونشوء الكون المادي وامتالئـه بالشهب
والحرس الشديد .ألنهم صاروا مرجومين ومعاقبين بالشهب وبالحرق والرجـم
(( وانا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرساً شديداً وشهباً ))
قرآن كريم ـ سورة الجن ـ آية ( ) 7
وبما أننا نحاول تفسير األمور علمياً وفيزيائياً وتأملياً وعلى ضوء اكتشاف ظاهرة تمدد
الكون وتغيُّر األطوال الموجية وخواصها بشكل جذري أختفى الجن من ساحة الرؤيـة عند
االنسان وغاصوا في عالم خلف مداركه الحالية فلم يعد يراهم أو يستدل على مكان
وجودهم .حتى أنه لم يعد يدرك أعمالهم فيه إال من نتائج أعماله هو .وكل أعمالهم تتم
عبر العقل الباطن وفي النواحي النفسية والعقلية وفي األحالم والغيبوبة واألمور الغيبية
وبالتالي فنحن ال نراهم وال نتحسس وجودهم مادياً ،وكذلك فإن ضمور واختفاء الغـدة
الصنوبرية داخل الدماغ ،وهي العيـن الثالثـة عند االنسان القديم ،والتي كانت نشطة عنده
قطع اتصالهم بنا نهائياً ..لذلك ال توجد حالياً أية طريقة التصالهم بنا وال يوجـد من
يستطيع أن يتصل بهم فعلياً ولو لمرة واحدة ألنهم لم يعودوا في أبعادنا المادية قطعاً وتلك
هي نعمة أخرى عظيمة ،وبالتالي يستحيل على أي إنسان دخول عالمهم والتعامل معهم
مهما عظمت قدراته وعال شأنه سوى األنبياء وبشكل محدود أيضا فسيدنا محمـد ( ص )
شاهدهم واجتمع بهم وهداهم وأخذ عهداً عليهم بعدم ظهورهم ألمته ،واذا ظهر أحدهم
النسان منا فليذكره بالعهد الذي بينهم وبين النبي ( ص ) .
وسيدنا المسيح (عليه السالم) كان يراهم ويعرف أماكن وجودهم ويأمرهم بالخروج من
أجسام األشخاص الملبسون ويداوي الناس من شرورهم واألمراض التي كانوا يسببونها
للناس آنذاك ،وكانوا يخشون قدسيته فيفرون منه ، ...
أغلب الظن أن الجن ال يظهر ألي إنسان يتكلم اللغة العربية أو يتحدث بها أو يكتب
أحرفها ألنها لغة مقدسة فال يقرب حان والشيطان من يق أر القرآن .
لذلك يجب أن يتنبه االنسان كي ال يقع في أشراك الدجالين والمشعوذين الجهلة ويصدق
دعواهم باتصالهم بالجن ،فاالتصال المادي بهم أمر مستحيل تماماً ..ويحتاج لتقنيات لم
255
يتوصل لها العلم بعد .من هنا نكتشف أن الجان ليس مؤذياً لإلنسان إال بمقدار ما يؤذي
به االنسان نفسه ألننا محميون منهم ،ولكن الخطر الحقيقي واألدهى يأتي من الشيطان
القرين الذي يمأل نفوس وصدور الحاقدين والمنحرفين من الناس ..فينفذون ما يأمرهم به
شيطانهم القرين ..وهنـا مكمن الخطـر .
****************************************************
ــــــــــــــــــــــ
الفصل التاسع والعشرون
االستخارة بطريقة الحرف العربي المقدس
قاعدة طور الكلمة لمكتشفها الدكتور عبد الرزاق المغربل1873
لدى اطالعي على هذه الطريقة في معالجة طور الكلمة وألول مرة دهشت بها وقمت
بتجربتها عدداً من المرات واختبرتها لمدة طويلة من الزمن بطريقة السـؤال والجواب وهل
الفكرة أو الموضوع أو األمر الذي يهمني قابـل للتحقـق أم ال ؟ وكنت أجد دوماً تطابقـاً
شديـداً بما تتوقعـه هذه النظرية وما يحدث في الواقع فعالً !!..وبت أعتبرها مي ازنـاً أو
معادلـةً مثل معادالت علم الكيمياء أو الرياضيات أو الفيزياء في الكشـف عن الحلول
الصحيحة وايجاد األجوبة ألية مسألة عويصة .أو للتأكد من صحة معالجـة موضوع ما أو
سالمة فكرة ما ..زهكذا ؟ وصرت أعتبر هذه الطريقة ميـزان الحرف في الحل والربط
والقرار ..وأظن أن فلسفة تلك الطريقة تعتمد المبدأ التالي ،وهو أن :
" أن أية فكرة أو مسألة هي ذات شقين ....قرار وجواب "
وبالتالي فالمسألة وجوابها أو حلها كالهما موجودان في المخ وكالهما يمكن التعبير عنه
بأحرف اللغة العربية ،ففي تلك األحرف من األسرار ما يذهل ..ألنها لغة الفكر والفؤاد
256
والعقل والعلم األول الذي علمه اهلل لإلنسان ،فكل معارف االنسان مسجَّلة في مخه بشكل
أحرف لكل منها ثالث خصائص ..صوتية حركية لونية ،وأن كل ما في النفس البشرية
والوجود يمكن التعبير عنه بحروف وكلمات ،وفي أحرف الكلمات خصائص السـؤال
وخصائص الجواب والقرار ..وخصائص النتيجة ألن تلك األحرف بنيت على :
صوت = حركة = نور خصائص
= 12وهو طور الكلمة األعظـم 1 + 1 + 1 طورها
والرقم ( )12يقابل الطور( ) 0الذي يعني التعادل والحياد والتسوية واالستواء ،ويكون
التوافق تاماً ( القبول أو الجواب ) إيجابياً إذا تساوى الطورين .أما إذا كان الطـوران
قريبان من بعضهما ..فيحسب الفرق بينهما ويعطي نسبة احتمال تحققـه ،فكلما كـان
الفرق صغي اًر كان احتمال التوافق أكبر ، ..ويفضل الرجوع للمؤلف األصلي ألهميته
لكاتبه الفذ الدكتور عبد الزاق المغربل وعنوان ُم َؤ ِلفـِه هو :
" اثبات صوت القلب ونظرية طور الكلمة "
والفلسفة التي تعتمد عليها هذه النظرية هي حقيقة ارتباط اللغة معنوياً بالفكر والعقل
وآلياً بالقشرة المخية ،وكل ذلك مرتبط بالوعي واإلدراك لدى اإلنسان .فاللغة هي أعلى
درجات الوعي واإلدراك في المخ البشري ،ومرتبطة بالعقلين الواعي والباطن الخاص (
الفؤاد ) لدى اإلنسان ،كما أنها الوسيلة العقلية للوصول للعقل الباطن الشامل للتحري عن
حقيقة كامنة ،وهي أخي اًر موجودة في مخ اإلنسان برموز حرفية لغوية .
إنساني مفكر ظهرت في هذا الوجود وجامعة
ٍ لذلك تعتبر اللغة العربية أقوى لغة عقل
لكل العلوم التي علمها اهلل آلدم .ففي أحرفها نوع من الترابط الفكري الغيبي بين أسماء
األشياء ،وبالتالي كلماتها ليست مجرد منظومات ميته لألحرف كما في اللغات األخرى
من هنا نكتشف مدى عظمتها وقدسيتها .وطور حرفها يوصلنا للمعرفة .وهنا نقول أن
ـــــــــــــــــــ
الحروف العربية = نور = كون العربية = القرآن = لغة اهلل
= 2 2 = 3 + 1 = 1+ 4 = 3 3
ــــــــــــــــــــــ
257
وسأورد أمثلة لتلك الطريقة الطريفة والتي تتعلق بمؤلفنا هذا " عوالم خفية الإنسانية أو
عالم الجن " وعلى سبيل اإليضاح والفائدة نكتب :
ــــــــــــــــــــــ
نور +عدم = صيحة +عدم = نور +ماء = روح = خلق = كلمة = عيسى
= 10 = 10 = 10 = 10 = 8 + 1 8 + 1 = 8 + 1
ـــــــــــــــــــــ
سبحان = أحـد = الحقيقة = موج
= 10الطور لكل كلمة = 1 = 10 = 10 = 01
تتلخص هذه الطريقة بان ُيقرن كل حرف بعدد أو برقم ثم تجمع أرقام الكلمة الواحـدة وتقسم
على الرقم ( ) 12والبـاقي يدعى طـور الكلمة ،ومن ثم يقارن طور الكلمـة المرغوب في
258
اختبارها مع طور كلمة أخرى تُعطي جواباً ،وفي حال تساوي الطورين فهذا يعني تحقق
األمر أو يوجد احتمال كبير لحدوثه أو لصحته .حيث يمثل الرقم ( )12عدد األبراج وعدد
األشهر في السنة .والقاعدة تعطي األرقام التالية لألحرف كما يلي :
ــــــــــــــــــــــ
ز ضحك رفث ط عي غذ تقدم هاء وصل أ بن ج شخظس
10 0 5 5 1 8 2 1 1 0 2 1 0
ــــــــــــــــــــــ
****************************************************
ــــــــــــــــــــــ
الفصـل الثالثـون
تحليـل الشخصيـة
اختبر قدسية روحك وخلوها من الجن والشياطين
أجب بصدق ( مع نفسك ) وبتجرد على األسئلة الصريحة التالية ،وهذا االختبار صحيح
للرجل والمرأة .والنصيحة أن ال تنظر للصفحة األخيرة من هذا االختبار كي تحصـل على
تقويم حقيقي لطبيعة نفسك ،وعليك قبول هذه النتيجة بروح رياضية .إن الهـدف من هذا
االختبار هو بيان مدى سيطرة الجان على جسدك وتأثير الشيطان القرين علـى فؤادك
وعبثه وبيان مقدار مايوسوس لك في نفسك ومقدار استحواذ الجان على جسـدك
259
) 1ـ هل أنت كئيب دوماً ؟
) 2ـ هل ترى أن حظك خائب دوماً ؟
) 8ـ هل تثق بنفسك ثقة مطلقة ؟
) 1ـ هل تظن نفسك مخلداً في الدنيا ؟
) 5ـ هل تنسى كثي اًر ؟
) 0ـ هل تعتبر اآلخرين خدماً لك ؟
)10ـ هل تسخر من اآلخرين بق اررة نفسك ؟
)11ـ هل تعتبر اآلخرين تافهين في نظرك ؟
)12ـ هل تحب النوم كثي اًر ؟
)10ـ هل تكتب بيدك اليسرى ؟
)11ـ هل تعتبر السرقة شطارة ؟
تو ِسط أحداً للحصول على ماالتستحق ؟
)12ـ هل َ
)18ـ هل تكره الرياضة اللطيفة ؟
)11ـ هل تحب المصارعة الحرة ؟
)15ـ هل تحب الموسيقى الصاخبة ؟
)10ـ هل تحب الموسيقى الهادئـة ؟
)20ـ هل تشرد كثي اًر ؟
)21ـ هل أحالم اليقظة عندك وردية ؟
)22ـ هل تمارس رياضات تأملية ؟
)20ـ هل تكره التمر ؟
)21ـ هل تحب الكالب السوداء ؟
)22ـ هل تتشاءم من صياح الديك ؟
)28ـ هل تتناول وجبة عشاء دسمة كل يوم ؟
)21ـ هل استيقظت يوماً من حلم وأنت تبكي ؟
)25ـ هل تحب الون األحمر ؟
261
)20ـ هل تحب الظالم الشديد ؟
)00ـ هل تكره لحم الغنم ؟
)01ـ هل تحب األضواء الخافتة ؟
)02ـ هل تحب الصوت الصادر من داخل صدفة بحرية ؟
)00ـ هل تتحدث بصوت ٍ
عال في الطريق ؟
)01ـ هل تشعر بأنك ( ِ
بأنك ) أجمل الناس ( من النساء األخريات ) ؟
)02ـ هل تخاف األماكن الواسعة ؟
)08ـ هل تعتقد بوجود الجن في الكون ؟
)01ـ هل تحب الطعام كثي اًر ؟
عر وتالوته ؟ ِ
)05ـ هل أنت مغرم بحفظ الش َ
)00ـ هل تُسر لرؤية الـدم ؟
)10ـ هل تحب الحـروب ؟
)11ـ هل أنت فَ ِرٌح دوماً ؟
)12ـ هل أنت تخاف من األيام القادمة ؟
)10ـ هل تضحك بصوت ٍ
عال دوماُ ؟
)11ـ هل ترغب في قتل من سرق منك شيء ؟
)12ـ هل تشك في كل ما يقال لك ؟
)18ـ هل تؤمن بوجود السحر حالياً ؟
)11ـ هل تشاهد الماء كثي اًر في أحالمك ؟
)15ـ هل أنت كثير الكـالم ؟
)10ـ هل تربي حيوانات أليفة للمتعة ؟
)20ـ هل تستأنس بعواء الكلب ؟
)21ـ هل تصدق قراءة الفنجان ؟
)22ـ هل تتوقع ش اًر دوماً ؟
)20ـ هل أنت تثور بسرعة ؟
261
)21ـ هل تحب المال كثي اًر ؟
)22ـ هل تتمنى حدوث شر فال يقـع ؟
)28ـ هل تتوقع حدوث خير فال يقـع ؟
)21ـ هل تصدق المنجمين ولو كذبوا ؟
)25ـ هل تصدق المنجمين ولو صدقوا ؟
)20ـ هل تؤمن باألبراج ؟
)80ـ هل أنت معجب بجمالك جداً ؟
)81ـ هل تكره الزواج ؟
)82ـ هل تكره تعدد الزوجات ؟
)80ـ هل تحب الغناء ؟
)81ـ هل تشعر بالضيق إذا سمعت صوتاً حاداً ( رفيعاً ) ؟
)82ـ هل تحب األثرياء المتعجرفين ؟
)88ـ هل تحب األثرياء وأنت تعلم أن ثراءهم ليس نظيفاً ؟
)81ـ هل تحب أن تكون وجهاً اجتماعياً بار اًز ؟
)85ـ هل تحب مظاهر الثراء الفاحش ؟
)80ـ هل تتحقق كل رغباتك ولو كانت غير طبيعية ؟
)10ـ هل تدعو على إنسان بالشر فيقع ؟ أي هل تتمنى الشر بإنسان فيقع ؟
)11ـ هل تتمنى الخير إلنسان وأنت تعلم أنه شرير ؟
)12ـ هل تجد الناس فجأة من حولك إذا أردت أن تنجز منك اًر ؟
)10ـ هل تحصل على األسوء عندما تُخيَّر بين شيئين ؟
)11ـ هل تعاني من رؤية أحالم مزعجة أثناء نومك ؟
)12ـ هل تحب أن تَُرِّوح عن نفسك وأنت تمارس عمالً جاداً ؟
)18ـ هل تحترم اإلنسان الغني لماله ؟
)11هل تحب اإلنسان لمركزه االجتماعي ؟
)15ـ هل تندم على مافات ؟
262
)10ـ هل تقتنع بأفالم مصاصي الدماء ؟
)50ـ هل تخترع قصصاً غير حقيقية للتخلص من مأزق ؟
)51ـ هل تهفو نفسك ألي أمرأة ولو لم تكن جميلة ؟
)52ـ هل تشعر بعدم االهتمام ألمور الناس اآلخرين ؟
)50ـ هل أنت غير مبالي لسعادة اآلخرين ؟
)51ـ هل أنت التبالي بأحوال الناس ؟
)52ـ هل تحب األطفال المزعجين ؟
) 58ـ هل تحب األطفال الشرسين ؟
)51ـ هل ربحك أكيد دوماً في تجارتك ؟
)55ـ هل أنت مدمن تدخين ؟
)50ـ هل تُسعد نفسك على حساب أطفالك ؟
)00ـ هل تحب الرقص ؟
)01هل تتالعب بالكالم كي تحقق مكسباً ؟
)02ـ هل تجادل كثيـ اًر ؟
)00ـ هل تشعر بالغباء كثي اًر ؟
)01ـ هل تكره القراءة ؟
)02ـ هل تكره األفالم العلمية ؟
)08ـ هل تكره الجنس ؟
)01ـ هل أنت مدمن استعمال العطور ؟ أي هل تستعمل العطور بكثرة ؟
)05ـ هل تحب حضور حفالت الزار الموسيقية ؟
)00ـ هل تتابع برامج ستار أكاديمي باستمرار ؟
)100ـ هل تتابع مثل هذه البرامج وأنت تدرك أنك تضيع أوقاتاً كثيرة من أجلهـا ؟
%نعم ) ثم أق أر الشرح التالي وبعدها اكتب نتيجة االختبار هنا (
أنظـر الصفحة التالية لتجد تحليل شخصيتك !!
النتيجة :
263
إذا كانت أجابتك هي ( % 100نعم ) ..فهذا يعني أن روحك شيطانية تماماً ،وأعمالك
كلها يسيطرعليها عقلك الباطن الذي هو ميدان عمل الجان والشياطين ،وروحك الجسدية
قوية وتحب المتع واللذة ،وأنت بعيد عن كل ماهو حق واليهمك سوى ُمتَ ِع َك وسعادتـك ولو
على حساب اآلخرين ،مما يجعل جسدك عرضة لإلستحواذ واللبس من قبل الجـان ومثل
هذه النتيجة تكون سائدة عند المنجمين ..فهم يظنون أنهم يتنبؤون بأحداث لكنهـم في
الحقيقة هم يتوقعون ش أًر فيقع ألن نفوسهم شريرة .فمثالً توقعات نوستراداموس التي تحقق
بعضها في عالمنا اليوم هي توقعات شيطانية صدرت عن انسان شرير النفس ...
وشيطاني الروح ..وهي ليست نبوآت كما يعتقد البعض ألن ...الشرير يتوقع ش اًر فيقع
واليعني هذا أنه تنبأ بها وتحققت .
أذا كانت النتيجة ( % 0نعم ) فهذا يعني أن روحك قدسية ونفسيتك إنسانية شفافـة
راقية ،وأنك إنسان روحاني مثالي األداء ،نقي السريرة .أعمالك مبروكـة .وعقلـك الباطن
ٍ
خال من الجان والشياطين وعبثهم ، ...
بشكل عالم كلما انخفضت نسبة اإلجابة ب ( نعم ) كلما كانت نتيجة االختبار جيـدة
وأفضـل وروحك ِّ
خيـرة ونفسيتـك إنسانية وعقلك الباطن سليم ال يعبث به جان وال شيطان .
أي كل نتيجة اختبار تقترب من قيمة الصفـر ( نعم ) ..كلما كانت الـروح أكثر قدسية
وأفكار صاحبها أكثر رقياً وانسانية ،ونفسيته أكثر شفافية ورحمانية واتزاناً وابتعاداً عن
األمور الشيطانية ..طبعاً النتيجة ليست مطلقة ..فال تحزن إذا أتت عكس ما كنت ترغب
أو تتوقع ..ألن األمر نسبي يخضع لعوامل عديدة مثل عوامل الزمـان والمكان والبيئة
والوراثة ..والقـدر ،لذلك تَقََبل النتيجة بروح رياضية واعتبرها نوعاً من الفكاهة ..كما
ُيفضَّل تكرار هذا االختبار عدداً من المرات ثم أخـذ متوسط النتيجة وبعدها قارن
ماحصلت عليه بما هو في الجدول التالي :
%نعم ) يوضح الجدول التالي طبيعتك استنادا للنتيجة التي حصلت عليها وهي (
طبيعتـك النتيجـة
أنت إنسان روحاني قدسي ،مثالي األداء ،وجدانـي نعم % 0
264
أنت طبيعي اليسيطر عليك جان والشيطان ،متسامح " % 10
نفسك تردعك عن ارتكاب المعاصيُ .محب للنـاس
تستمع لوسوسة شيطانك القرين وتهفو نفسك للمتـع " % 20
المحرمة ،أحالم يقظتك وردية كثيرة .لكنك تقـاوم
َّ
يسيطر عليك الجن والشيطان القرين ،لكنك تتجنـب " % 00
القيام بعمل سيء خشية أن يضرك ،تعاني ص ارعـاً
نفسياً بين الخير والشر .فأنت إنساني مرة وشيطاني
مرة أخرى .تستمتع بمراقبة الناس في خلواتهـم .
تكره الناس وتحتقرهم ،واثق من نفسك كثي اًر وتحب " % 10
العنف وكل مايخالف القانون والعرف ،الرادع لديك
ونفسك مرتع لعبث الشيطان القرين .
المثـل
تكره كل ماهو نبيل وسامي وال تحب القيَّم و ُ " % 20
العليا والمباديء اإلنسانية .وتتمنى الضرر لآلخرين
وأنت عون للشياطين .
أناني ..تحب نفسك كثي اًر وتحب التعصب واالنحرف " % 80
التحب إال المكاسب واالرباح ولسان حالك يقول من
بعدي الطوفان ،وتحب أذى اآلخرين وتشمت بهـم
وتفرح بأذاهم .
معظم أعمالك شيطانية ،الرادع أخالقي لديك ،وتبغي " % 10
الفائـدة والمكسب حتى على حساب أطفالك وبيتـك
وليرحم اهلل من يقع بين يديك .العاطفة بين جناحيك
كل أعمالك شيطانية ،وهدفك إيقاع األذى والفتن بين " % 50
الناس ،والتشعر بالسعادة إال بتدمير كل ماهو جميل
في حياة الناس .
أنت شيطان أنسي الترحم ،حقود جحود ظلوم جشع " % 00
265
وطماع وصدرك مملوء بالشر وكره اآلخريـن .
أنت شيطان أكبر ..ال قلب لك ..والخيـر فيـك.. " % 100
أفكارك سوداء ..وأنت ال تحيا وال تسعد إال برؤية
الشر و األذى يسود بين البشر ...ويكفيك عا اًر أنك
عدو للخير والحياة وتكره المرأة والتمر والعسل ، ...
ٌ
ـــــــــــــــــــــ
اجلائزة :
االنسان الخيِّر يتوقع الخير فيحدث ..واذا توقع الشر يحدث لكنه إذا تمنى الشر اليقع
كما يشعر بحماية إلهية ترعاه وتحميه من المصائب .ويشعر بنشوة لوجوده في الكـون
واذا خير بين أمرين فإنه يختار األفضل .
االنسان الشرير يتوقع الخير فال يحدث ..واذا توقع الشر يحدث لكنه إذا تمنى الشر
لشرير ال يحدث واذا تمناه النسان خيِّر فإنه يقع .واذا خير بين أمرين اختار األسوأ ،..
ـــــــــــــــــــــ
الفصل الحـادي والثال ثون
علـم الفراسـة
مخطط اختيار الزوج /الزوجة
المبدأ الفلسفي لعلم الفراسة والقاعدة الذهبية فيه هي االستدالل باألمور الظاهرة علـى
األمور الخفية ،وبهذه القاعدة نستطيع كشف أغوار االنسان ،ويستخدم هذا العلـم في
حاالت الزواج والتدريس والتربية والمشاركة والتعامل بين الناس والصداقـة .أي أن شكل
االنسان هو مرآة تنعكس فوقه مكنونات نفسه ،ومن مالحظتنا مدى حسن تركيب خلقته
ندرك مكنونات نفسيته وطبيعة مشاعره ،وقد أشار سيدنا محمد ( ص ) إلى هذه الناحية
بقوله :
" اطلبوا الخير عند حسان الوجوه ...والوجه الحسن يورث الفرح "
266
وبناء على هذا وضعت هذه الدراسة لتكون عوناً للشباب ذكـو اًر واناثـاً في ارشادهم للطريقة
ً
المثلى في اختيار الخطيب أو الخطيبة ....زوج أو زوجة المستقبل ،والطريقة تعتمد أن
كل انسان يتمتع بقسط من صفات رئيسة ثالثة ،بحيث يكون مجموعها لديه هو ( 100
،) %و يكون لكل منها مقدار ( ،)% 00.00وهي ليست متساوية عند البشر بل
تختلف نسبها من شخص آلخر وبالتالي تختلف طبيعته ونفسيته وفق نسب مزج هذه
الصفات .والصفات هي :
الطاعم ورمزه ( ط ) :وهو يحـب الطعام ويتلذذ به ،شهواني يحب الجنس والمتـع
واللذات الجسدية ،مرح يحب السفر والرحالت ويحب االإدارة ومساعدة عماله في حل
مشاكلهم ،يحب الضحك ،جبان حذر اليغامر ،ال يحب العنف .قصير كروي الشكل
ثرثار ،حديثه جميل يجذب الناس له .يحب الحياة والتجارة والمال والكسب الكثير بجهد
قليل ،كريم .
النشيط ورمزه ( ن ) :طويل الوجه والقامة ،أي رياضي ،يحب المغامرات واألسفار
اليخاف المخاطر ،يثق بتفسه كثي اًر ،يعتمـد على نفسه كثي اًر ،ذكـي نظرياً وعملياً
محبوب ،حديثه منطقي ،عزيز النفس طموح ،يحب النظام ،صبور ،صاحب مهـن
وأعمال وصنعات ،مبدع .
الحساس ورمزه ( ح ) :نحيل الجسم قصير القامة ،دقيق المالمح ،رقيق الشفاه ،واسع
الجبهة والعينين ،طويل الحاجبين ،دقيق الفـم ،خيالـي ،أديب يحب الشعـر واألدب
والموسيقى ،الفن عنده أهم من الغذاء ،عبقري في فكره .
يتشكل من هذه الصفات ثالثة أنواع أساسية نقية هي ( ط ) و ( ن ) و( ح ) .ففي هذه
األنواع تكون صفة واحدة هي المسيطرة وبقية الصفات ضعيفة أو متنحية ،أي موجودة
بنسب ضعيفة .واإلنسان الجيد هو الذي تكون فيه هذه الصفات متساوية النسب ، ...
يتشكل من هذه الصفات ثالثة أنواع مختلطة (أي مركبة) بتشارك نسب مختلفة منها
فنحصل على األنواع التالية :طاعم نشط ( ط ن ) ـ وطاعم حساس ( ط ح ) وحساس
نشط ( ح ن ) ،مع وجود الصفة الثالثة الباقية في هذه األنواع لكنها ضعيفـة .
267
وهناك صنف سابع متزن ( م ) تتساوى فيه نسب الصفات الثالث ،أما الصنف الثامـن
األخير فهو الصنف غير المتزن ( غ م ) وهو الذي تنقلـب صفاته فجأة لضدها ودون
سابق إنذار قينقلب من حال لحال ...من عبقري لمجنون ..ومن شخص أنيق إلى آخر
مزدري ..وهكذا ،حيث تسيطر عليه صفة واحدة فقط وتطغى على الصفتين األخيرتين
أي يصدف أن تتزايد صفة على حساب غيرها في حاالت خاصة ،..وهذا النوع خطر
جداً ،والتعامل معه صعب جداً ،فالمرء اليدري كيف يتعامل معه رغم جمال شكلـه
وذكائه ،بينما التعامل مع المتزن مريح جـداً ,
حتى يتمكن الشخص من معرفة القرين المناسب له يحدد أوالً الصنف الذي يتبعـه
هو ذاته بأن يق أر ماجاء في الشرح السابق ..ويختار النموذج األقرب إليه والى طبعـه
هل هو طاعم ( ط ) أو نشيط ( ن ) أو حساس ( ح ) أو أي صنف مركب آخر مزيج
منهما ..ثم ينظر إلى المخطط التالي ويحدد موقعه عليه ,..ثم ينظر إلى الشخص
الذي ينوي االقتران به ويحدد موقعه على المخطط ..ثم ينظر في المخطط إلى الخط
الواصل بين الموقعين ,وينتبه لنوع الخط الواصل ,بالرجوع لجدول الخطوط الموجود
أسفـل المخطط يمكنه معرفة مدى التوافق أو التطابق بينه وبين قرينه ..كما يمكنه أن
يحدس نسبة التوافق واالنسجام أو عدمه ,وفي هذه الطريقة مساعدة للشخص كي
يحسن اختيار شريكه في الحياة ,واال عاش كل حياته نادماً ويلعن الساعة التي اختار
م فيها زوجتـه أو زوجها حيث الينفع الندم .
268
طح ح
ط ط حن
ن
طن
ن
غم
حسن الخط الواحد ممتاز الخط المتصل
269
الناس أعداء ما جهلوا
كان القصد من كتابة هذا المؤلف هو مواكبة التقدم العلمي الذي شمل كل ميادين الحياة،
وكذلك تخبط األفكار واآلراء والمعتقدات حول طبيعة الـروح وطبيعـة الجن وعالمهم .أضف
إلى ذلك فقد كان علماء الطبيعة السابقون يتجاهلون عن عمد البحث في مثل هذه
الظواهر ويغمضون أعينهم عنها ،رغم أن العلم الحديث يحتوي تفاصيل كاملة ودقيقـة
لهذه الحقيقة ،لعدم وجود أجهزة قياس أو كشف لمثل تلك العوالم تدعم أبحاثهم ،وثانياً
لم يكن لديهم الجرأة الكافية للتصدي لفلسفات تأملية ضبابية المضمون ،فكانوا يضعـون
إط اًر لمجاالت أبحاثهم العلمية كي اليصل مداها إلى حقائق مطلقة تصل خيوطها إلى ما
وراء الطبيعة .لذلك شمل التقـدم العلمي كل ميادين الحيـاة ماعدا المجاالت الروحيـة
والعوالم الخفية للجن والذي دفعني لكتابة مؤلفي " طبيعة الروح وأسرارها " وكذلك هذا
المؤلف " الطاقات الخفية الإلنسانية " هو رؤية اآلخرين وقد فتحـوا بابـاً علمياً جديداً
اكتشفوا من خالله تقنية البعث الحيوي ( االستنساخ ) ،بحيث بهرت تلك التقنية الحيوية
الجديدة أعين الناس وأفكارهم ..وما كان خب اًر غيبياً مسجالً في كتاب ..تحقق خبـره وغدا
تقنية عضوية روحية ُمطبقة ،ومع ذلك ال يوجد هناك مرجع واحد تناول بحـث هذا
الموضوع الخطير أو فلسفه من الناحية الروحية .من هنا كان لزاماً البحث فـي عوالم تقع
فيما وراء الطبيعة لسبر أسرارها ..والعلم يرحب بذلك ويحث عليه ،فقد آن لملف طبيعة
الروح وعوالم الكينونات الخفية أن ُيفتح ،ومما يبعث على االطمئنان أنـه ال يوجد أي
تعارض بين العلم وأي معتقد ديني .وموضوعات هذين المؤلفين تتضمـن إجابات كافية
ووافية لكل ظاهرة روحية حار فيها الفكر البشري قديماً .وهاهو القـرن الواحد والعشرون
(بداية االلفية الثالثة) يقدم من التفسيرات العلمية ما يالئم ويدعم إيماننا كما أعتقد أن هذا
المؤلف إوجد حلقات كثيرة كانت مفقودة في قصص الكون والعدم والروح والحياة والموت
وعالم الجان والشياطين .
271
ربما كانت موضوعات هذا المؤلف مغرقة فى الخيال والتفسر التأملي ..إال أنها تستند
إلى أساس علمي هو حصيلة ماوصلت إليه علوم هذا العصر المتقدم ، ..
*******
271
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المراجع
1ـ سلسلة عالم المعرفة :األعداد / 281/221/202/225/151/115 /180/120/
/ 288 /
2ـ علم البصمات :نظير شميص /فوزي خضر /مكتبة دار الحياة بيروت 1081.
0ـ علم البصمات :إبراهيم غازي /الجزء األول . 1021 /
1ـ كتاب االستنساخ واإلنجاب :د .كارم السيد غنيم /دار الفكر العربي . 1005
2ـ المدخل إلى ميكانيك الكم :ر .ديكه /ج .ويتكه .ترجمة د .آحو يوسف /تدقيق
ومراجعة د .محمد علي سالمه /المركز العربي للتعريب والترجمة والنشر1000 /
8ـ ميكانيكا الكم :ع .الملحم /م .الغفرى /جامعة الملك فيصل /السعودية عام 1001
1ـ الفيزياء الحديثة :د .بسام المغربي /د .عدنان محاسب /جامعة دمشق . 1001 /
5ـ الضوء الفيزيائي وتطبيقاته :د مخلص الريس /جامعة دمشق . 1051 /
0ـ الصوت والليزر :د .مخلص الريس /جامعة دمشق . 1052 /
10ـ الليزر وتطبيقاتها :د .مخلص الريس /جامعة دمشق . 1050
11ـ تنانين عدن :كارل ساغان /ترجمة نافع أيوب لبس /اتحاد الكتاب العرب1000 /
12ـ أمواج وجسيمات :المؤلفة الفيزيائية هيفاء شعيتاني /دار المعاجم. 1001/
10ـ المادة كما ترى اليوم :ترجمة وائل أتاسي/و ازرة الثقافة /دمشق . 1052/
11ـ عوالم ضمن عوالم :ترجمة مظفر شعبان وآخرون /و ازرة الثقافة دمشق 1050
12ـ الصحة النفسية :د .نعيم الرفاعي /جامعة دمشق . 1055 /
18ـ الكون والنسبية بين القرآن الكريم والنظرية :عبدو أحمر . 1001 /
272
11ـ الروح ـ البن القيم الجوزية :مكتبة المدني /جده . 1051/
15ـ المادة والروح :األستاذ ندره اليازجي /دار الغربال /دمشق 1080/
10ـ النظرية الروحية :د .راتب السمان /الرياض /مطابع الجمعة اإللكترونية 2000/
20ـ ويسألونك عن الروح :د .راتب السمان /دار الفكر /دمشق . 1001 /
21ـ وقاية اإلنسان من الجن والشيطان :د .وحيد بالى /دار البشير /القاهرة. 1011/
22ـ بداية خلق الكون :اإلمام الحافظ ابن كثير /تحقيق عادل أبو المعاطي .1011 /
20ـ عجائب الحاسة السادسة :إعداد محمد البيطار /دار البشير /دمشق . 1055 /
21ـ من يلعب النرد :سلسلة الثقافة المميزة ( / )1ترجمة د .بسام المغربي /مراجعة
د .حسن كنيش ـ دار طالس . 1000/
22ـ العوالم األخرى :سلسلة الثقافة المميزة /بول ديفز /ترجمة د .حاتم النجدي /
مراجعة د .أدهم السمان ـ دار طالس . 1000 /
28ـ مجلة الصفر :العدد ( / )20المجلد ( / )1المركز العربي للدراسات الدوليـة /
آذار /مارس . 1055/
21ـ مجلة العربي :العدد ( / ) 005يناير . 1002
25ـ مجلة العربي :العدد ( / ) 100سبتمبر . 1000
20ـ نظرية ثبات طور الكلمة :د .أحمد عبد الرزاق مغربل /المطبعة الحديثـة /
حمـاه . 1052 /
00ـ أسرار الخلقة وابداعها :د .إحسان حقي /دار اليقظة العربية 1085 /دمشق
01ـ أسرار الظواهر المغناطيسية والروحانية وتدريباتها العملية :د .رمزي مفتاح
القاهرة . 1015 /
02ـ المبادئ األساسية في الطب النفسي :د .محمد إياد الشطي وآخرون . 1000 /
00ـ طبيعة الروح وأسرارها :تأليف :د .مخلص عبد الحليم الريس /2001/دمشق
01ـ الكون :كارل ساغان ـ مترجم مجلة المعرفة الكويتيـة
****************************************************
273
طح ح
ط ط حن
ن
طن
ن
غم
حسن الخط الواحد ممتاز الخط المتصل
274
275
ـــــــــــــــــ
مقدمة
1ـ الفصل األول :علوم اإلنسان ) 7 ( ..................................
4ـ الفصل الثاني :رحلة إلى العدم ـ ماهو العـدم )13( ................
3ـ الفصل الثالث :مارج النار ـ طبيعة مـارج النـار ـ حقيقـة الجان ـ
طبيعة الجان ـ النفس وعربة فايدروس )17( ..............
2ـ الفصل الرابع :األبعاد ـ األبعاد واألكـوان ـ عصابـة موبيـوس ـ
ماهـو الزمـن )42( ....................................
5ـ الفصل الخامس :البعد الخامس الالزمني ـ األنفـاق الكونية ـ مثلـث
برمـودا ـ شـق الصـدر )33( ......................
2ـ الفصل السادس :العقل الباطن المطلق الشامل ـ األثيري ـ الذبذبي()23
7ـ الفصل السابـع :العقل الباطن الخاص ـ صفاته ـ اللهيب الروحانـي
ـ مستوياته ـ الوعي الصافي ـ هالـة العقل الباطـن
عمل هذا العقل ـ كشف الماء )51( ....................
:طبيعة الروح ـ أنواع الروح ـ الروح الجسدية ـ 7ـ الفصل الثامن
الروح القدسية ـ مخطط أبعاد الروح ـ االتصال )27(...
:السمع الكوني ـ األشعة المجهولة ـ إدمان الموسيقـى 8ـ الفصل التاسع
جهـاز التـوازن الكونـي )77( .......................
10ـ الفصل العاشر :العين الثالثة ـ الزيـت الذهبـي ـ االكتشاف المفاجئ
ـ السيكلـوب ـ سر الميالتونيـن 11 )72( ...............ـ
الفصل الحادي عشر :الشاكرات (ضفائـر الطاقة) أو دوامات أعاصيـر
276
الطاقة الحيوية ـ الشاكرات والجنس ـ الكارما يوغا()81
14ـ الفصل الثاني عشر :جسد الجان ـ ـ طبيعة الجان ـ كينونة جسده
ـ تأثيرهم على الناس ـ حياة الجان ـ صفاتهم ـ
من يراهم ـ وصفهم ولونهم المفضل ـ تأثير الصوت
فيهم ـ االختيار ـ من يكره ـ الجن والنفس ـ
الخطيئة ـ أسلوب عملهم ـ األنا األعلى ـ تضخيم
الطاقة الجسدية ـ التوبة ـ انتصار الجان ـ البعض
يمارسها بطريقة روحية قدسية ـ الدعاء )87( .....
13ـ الفصل الثالث عشر :سكن الجان ـ سكنهم األول ـ الطرد ـ الخديعة
نظام الكارما والسعادة ـ سكنهم الحالي ـ السيطرة
عليهم ـ أداة الرؤية ـ الجان والجمل ـ الجن فـي
الصحراء ـ فاكهة يكرهها الجن ـ الجان والغنم ـ
األنبياء رعاة األغنام ـ المزمار ـ التأمل التجاوزي
يرينا الجن ـ هل تريد أن تراهم )141( ...........
12ـ الفصل الرابع عشر :لوثة الشر ـ قصة الخلق ـ جزيء أل ( د ن أ )
المذهل ـ السر في أضعف الخلق ـ زرع اللوثـة
وعودة للعقل الباطن ..............
( 15)137ـ الفصل الخامس عشر :الجن والمرأة ـ اللـذة الحرام ـ دور الروح ـ
للمرأة عقلين ـ مالزمـة الجان للمرأة ـ الجـان
واللقاءآت الجسدية )122( ........................
12ـ الفصل السادس عشر :الجن والرجل )120( .....................
277
17ـ الفصل السابع عشر :الجن والجنين ـ الوحم والجن ـ أوديب ملكـاً
ـ آلية الزرع ـ حواس الجنين )123( .........
17ـ الفصل الثامن عشر :الجن والجنس ـ العقاب اإللهي ـ التقاء مقعدي
النار ـ دور الروح القدسية ـ دور العقل الباطن
ـ الشر فينا ليس حديثاً ـ االستنساخ والجن ـ
يأجـوج ومأجـوج )174 ( ..................
18ـ الفصل التاسع عشر :عمل الجن ـ أدوار العمل ( معلوماتي ،بيولوجي
جنسي ،المس ،النسيان ،ضرب الذاكرة ،أحالم اليقظة
الشر الجماعي ،الغضب ) )187( ..................
:طعام الجن ـ طهاة الجان ـ خدم إسمه الفيـروس 40ـ الفصل العشرون
)407 ( ....................
41ـ الفصل الحادي والعشرون :الجن واألحالم ـ أنواعها ـ من أين تأتـي
األحالم ـ تفسيرها ـ استرجاع وسماع صوت
األقدميـن ورؤيتهـم ( كشف أحداث التاريـخ
الحقيقية ) باألحالم )410( ..................
44ـ الفصل الثاني والعشرون :الجن والتقمص ـ حكمة التقمص وأنواعه
ـ ال دور للجن فيه )412( ................
43ـ الفصل الثالث والعشرون :االتصال بالجان ـ اتصال الروح الجسدية
الغيبوبة ـ العطور والبخور ـ اتصال شفاف
ـ تدريبات االتصال )418( ...............
278
42ـ الفصل الرابع والعشرون :ألعـاب يمارسها الجـان ـ الصـرع ـ
الشقيقة ـ المشي النومي ـ الطرق الصوفيـة
وسر لعبة السيف والشيش ـ التفسير العلمـي
انهيار العقلين الواعي والذاتي ـ مات وشيعوا
جثمانه ....ثم عاد للحياة ـ تحدثت إلى رجل
عائد من الموت ـ سر القهوة )445( .......
45ـ الفصل الخامس والعشرون :عواطف الجان ـ شهوة الجن ـ عشق حواء
47ـ الفصل السابع والعشرون :الجن والكوارث ـ االنسان يصنع قَ َـد َرهُ
صفير الجان وعبثهم (األعاصير ،الكوارث)
منتزهات الجان ـ اينشتاين والجان)424( ..
47ـ الفصل الثامن والعشرون :نحن محميون منهم ـ المسيح كان يشفي
من الجان ـ عهدهم للنبي(ص) )427( ....
48ـ الفصل التاسع والعشرون :االستخـارة بطريقة الحـرف العربـي
المقدس ـ نظرية طـور الكلمـة ـ ميزان
الحل والربط واالستخارة العقلية )451( .....
خيرة أم شريرة ؟
30ـ الفصل الثالثون :تحليل الشخصية واختبار الروح ِّ
279
)452( ....................
31ـ الفصل الحادي والثالثون :علـم الفراسـة :
مخطط اختيار الزوج /الزوجة )421( .......
)422( ........................ : خاتمـــــــة
)425( ........................ : حول المؤلف
)422( ........................ : المراجــــــــع
)427( ........................ : المحتوى
****************************************************
*************
بشرى للقراء الباحثني عن طبيعة الروح والطاقات اخلفية الال إنسانية !!!
بعد نجاح ونفاذ مؤلَّ ِ
فه الخامس عشر" طبيعة الروح وأسرارها " والذي كان من أغلى
وأكثر الكتب العربية مبيعـاً في أمريكا يسر الكاتب المؤلف الدكتور الفيزيائي مخلص عبد
الحليم الريس أن يعلن عن إعادة طبع هذا المؤلف بغالفه الجديـد ,ويتضمن هذا َّ
المؤلف
موضوعات كثيرة ..فهو يقدم محاولة علمية بأسلوب فكري تأملـي لتفسيـر طبيعـة المادة
والزمـن والكهرباء والمغناطيسية والجاذبيـة الكونية والتي أمكن من خاللها تفسير طبيعة
الروح وكيفية ارتباطها بالعضوية الحية ..مما م ّكـَن من كشف العديد من أسرارهـا ..
طاقاتها ..أماكن وجودها ..أنواعها ..أطيافها ..ومن ثـم مناقشة دورها في األحالم
وتفسيرها ,التنبؤ ,الدعاء والقدر ,اإليحاء ,الحب والجنس ,الحسد والسحر ,المـوت
ومابعده ,التقمص الروحي ,استحضار األرواح ,الحاسة السادسة ,التخاطر وقراءة
األفكار ,الرؤيـة عن بعد ,القوى الخفية عنـد اإلنسان ,االستنساخ والروح ,الروح عند
القيامـة ,وأخي ارً محاولة التقريـب العلمي لبعـض المعجزات وهبوط آدم وحواء لألرض ,
وتفسير عدم رؤيتنا للجن ,وكشف سر مثلث برمودا ,وكشف سر بصمة اليد ,مع
اختبار من مائة سؤال لطبيعة الروح ( خيـِّرة أم شريرة ) .
281
كما يسر المؤلف أن يقدم كتابه الجديد بعنوان" الطاقات الخفية الالإنسانية " ويتضمن
هذا الكتاب بحثاً موسوعيـاً علميـاً طريفاً َّ
قل نظيره ألحد أهم الموضوعات الروحانية وهو
عالم الجان ..ويبين هذا المؤلَّف طبيعة كينونتهم وصفاتهم وأعمالهم على ضوء ماسبق
من علوم ومعارف قديمة ثابتة ,ومن ثم على ضوء ماتوصل إليه العلم الحديث من
نظريات .
كما يناقش هذا َّ
المؤلف دورهم في :
زرع لوثة الشر في مورثات االنسان ـ مالزمتهم للرجل والمرأة والجنين ودورهم في
العقم ,االسقاط ,الوحم ,األحالم ,العشق ,السحر ,االستنساخ ,يأ جـوج ومأ جوج , ...
الكوارث واألعاصير والزالزل ـ مفعول الفراشة . !! ...
كما يبحث في عواطفهم وشهواتهم ـ اإلستحواذ والتملك ـ المتعة مع الجن ـ حمى
الشهوة الجنسية ـ اللقاآت الجسدية ـ التقاء مقعدي النار ـ اللذة الحرام وعنفوانها الصرع
والشقيقة وعالجهما ـ المس والخلـع ـ منتزهـات الجان ـ هل تريـد أن تراهم ؟ ....تدريبات
ـ ال دور لهم في التقمص ..هل التأمل التجاوزي يرينا إياهم؟
وتق أر في هذا الكتاب :
السمع الكوني وجهاز التوازن الكوني ـ العين الثالثة ـ السايكلوب ذو العين الواحدة ـ
الشاكرات وضفائر الطاقة ـ كوانداليني وسر الزيت الذهبي ـ سر هرمون الظـالم ..
الميالتونين ـ خدم الجن وطهاة طعامهم ـ انتصار الجان ـ الملك أوديب والجـان سر قارة
األطلنتس المفقودة ـ لعنة الفراعنـة ـ عربة فا يدروس ـ االنفاق الكونية والسفر عبرها ـ
مات وشيعوا جثمانه ..وعاد للحياة ..وأخبرني ....ـ الرابـوص األعظم ـ سر القهوة ـ
رؤية األقدمين وسماع أصواتهم ـ مثلث برمودا ـ ثمـرة يكرهها الجان ـ حيوان ال يقربه
جان ـ صوت المزمار ـ عواء الكلب ـ اينشتايـن والجان ـ سر لعبة الشيش ـ اإلستخـارة
بطريقة الحرف العربي المقدس ـ اختبـر قدسية روحك وخلوها منهم بإجابتك على مائة
ِ
لزوجتك ,...في كل اختيار َك ِ
لزوجك ـ أق أر مخطط اختيارِك
ِ سؤال مختار ـ أقرأي مخطط
َ
سطر فكرة وعبرة .!! ..
281
متوفران في المكتبات وفي معهد السحاب ....السعر 300 /ل س لكل كتاب /مـع
كتاب هدية , ...تصميم األغلفة الفنان محمد سامر الريس .
*************************************
282
2ـ الدوامة العقليـة
5ـ الدوامة البلعومية
2ـ الدوامة القلبيـة
3ـ الدوامة الشمسية
4ـ الدوامة الخشلية
1ـ الدوامة الحوضية
18 11 10 11 10 85 81 82 81 80
283