Professional Documents
Culture Documents
كتاب في
نقد المباحث العتباطية لللفاظ ومنهج
البلغة
) ويليه كتاب الردّ على الجرجاني (
2
تأليـــــــــف
عالم سبيط النيلي
1
2 2
3
المقدمة
1
2 12
3
المبحث الثاني :المفرد والمر ّ
كب في اللفظ
ومدلوله
القسام المعتمدة عندهم للعلقة بين
اللفظ ) المفرد والمركب في مدلوله ( وبين
المعنى هي أربعة أقسام ،لن مدلول ك ّ
ل
لفظ أما مفرد أو مركب وكلهما أما يدل على
معنى أو ل يـدل على معنى وهذه القسام
هي :
ى مفرٍد :كلـفظ :
ل على معن ً .1مفردٌ دا ّ
ل ،اسم ،كّلم ٌ
ة . فع ٌ
ِ
.2مفردٌ دا ّ
ل على لفظ آخر مركب هو بدوره
دا ّ
ل على معنى مركب مثل :الخبر ،الكلم ،
القول .فالخبر مثل زيد كاتب ـ مر ّ
كب من
ألفاظ وهي دا ّلة على معنى مركب من زيد
والكتابة أو فعل الكتابة.
ر )والخر غير
ظ مفرٍد آخ ٍ .3مفردٌ دا ّ
ل على لف ٍ
دال على معنى( مثل حروف المعجم :ألف ،
باء ...
ر مركب ظ آخ ٍ
ل على لف ٍ .4لف ٌ
ظ مفردٌ دا ّ
ل كلفظ الهذيان والهذر .. والخير غير دا ّ
1
2 13
3
الخ .
نلحظ في التقسيم عدة مشاك ّ
ل وتناقضات
:
ول :إن التقسيم لم يكن مطابقا ً
ال ّ
دمات :ك ّ
ل مدلول إما مفرد أو مركب من للمق ّ
ألفاظ .وهذان هما نوعا اللفظ ,وهذان
النوعان أما يدل على معنى أو ل يدل
فالحتمالت المتكونة للفظ الصلي 6ل 4
ل على مفرد دا ّ
ل بدوره ومنها المفرد الدا ّ
على معنى ،والمفرد الدا ّ
ل على معنى مركب
حيث لم يذكرا.
الثاني :إن التقسيم لم يلتزم ظروفا ً
حدة لدراسة الوحدة اللغوية .فلو قال :
مو ّ
ول أسوة
الفعل – بأل التعريف في النوع ال ّ
بالنوع الثاني ) الخبر ( لكان لهذا الفعل
ى مركبا ً – لن الفعل الحقيقي
بالمعنى معن ً
هو ما ل يعبر عنه إل بجملة مركبة أو عدة
جمل .و من جهة أخرى لو قال ) خبر ( بغير
أل التعريف في النوع الثاني لكان المفهوم
ول – أي الخبر في النحو
هو من النوع ال ّ
1
2 14
3
ومن غير ذلك ك ّله يمكنك نقل المفاهيم من
المفرد الى المركب في المثال المضروبة –
فلفظة ) كلمة ( مثل ً قد تعني خطبة طويل ً
ة أو
قصيرةً ل مفردة وهكذا .
إذن تبرز نفس المشكلة المراد وضع
حلول لها خلل محاولة الح ّ
ل .إذ يستحيل
) اعتباطية ( التخّلص من
التأسيس لمبادئ لغوية تعتقد سلفا ً أنها لغة
ح تجاهلوه
ي واض ٌ
اعتباطية !! و هذا امٌر منطق ٌ
.وهذه المناقضة المذهلة وقع فيها جميع
علماء اللغة في الغرب والشرق بل استثناء ،
ولكنهم استمروا في تأسيس مبادئ اعتباطية
بل أقّر سوسير بما سماه بـ ) المبدأ
ت في كتاب ) اللغة
العتباطي ( .وقد أشر ُ
الموحدة ( الى التناقض في نفس العبارة بين
مفردتي ) مبدأ – واعتباطي ( حيث ل يمكن
وصف العتباط بالمبدئية أو المبدأ بالعتباط .
الثالث :هناك مشاكل أخرى :فمثل ً إن
ل ضمنا ً
النوع الرابع ) الهذيان ( هو لفظ يد ّ
على وجود ألفاظ أخرى – قالوا ل يدل على
1
2 15
3
معنى .و هذا غير صحيح لن الذي ل يد ّ
ل على
معنى – إذا سلمنا أن الهذيان خال تماما ً من
ك ّ
ل معنى– هو الجمل والتراكيب ل الوحدات
المركبة منها وهي موضوع البحث!
وفي النوع الثالث ل تجد اللفظ الثاني
في حروف المعجم إل ّ أن يكون المقصود :أ –
ب – ج من النظام الكتابي الى نظام صوتي
بنطق التسمية هكذا ألف – باء ،جيم .و هذا
بالطبع خلف المنهجية في البحث ول قيمة له
بهذا المعنى .
إذن فالتقسيم متناقض في داخله ول
يؤدي الى نتائج علمية .ومعلوم أننا أظهرنا
القيمة الفعلية للوحدات الصوتية وليس
للمفردات ) اللفاظ ( فقط في كتاب ) اللغة
الموحدة ( وبالتالي فل قيمة لهذا التقسيم
في منهجنا .ومع أني أعتمد في هذه البحاث
ة لـ) لكمال الدين ميثم بن علي
على خلص ٍ
دمته
البحراني ( – ت سنة 679هـ – في مق ّ
لشرح نهج البلغة ،إل ّ أن المسائل المذكورة
ي
وحلولها العتباطية ل تختلف بشيء جوهر ّ
1
2 16
3
ة على مبدأ
ة قائم ٍ
ة حديث ٍ
ث لغوي ٍ
عن أّية أبحا ٍ
ة بين
العتباطية في الغرب فيما يخص العلق ُ
الدال والمدلول .
ن اللفاظ
و قد ذكر سوسير أن العتقاد بأ ّ
ل قيمة ذاتية لها هو أمر ل يختلف حوله
ن العتقاد بوجود
إثنان ،وأما الصوات فإ ّ
قيمة لها هو ضرب من الخيال وشيء ل يخطر
على بال .وهو بهذا ل يختلف عن) ميثـم (
بشيء في نظرته للصوات إذ اعتبرها غير
ة على شيء ،وكذلك اللفاظ ل تدل على
دال ٍ
المعاني إ ل ّ بعد التركيب كما سيأتيك .
1
2 17
3
المبحث الثالث :الدللت المختلفة للفظ
هذا العنوان من وضعنا لنجمع فيه عدة
أبحاث لعلماء العتباط كّلها تدور في فلك
واحد ،ومن الواضح أن منشأه المترادفات
أيضا ً ،ولكنهم كثيرا ً ما كان يعجبهم تفريع
ة .
ة واحد ٍ
د ومشكل ٍ
ل واح ٍ
أبحاث عديدة لص ٍ
فالمشكلة نفسها ل تحسم بحل منطقي ـ أما
التفرعات فيحاولون إيجاد حلول لها !! .
ومن تلك المشاكل الفرعية أن اللفظ قد
يعطي دللت مختلفة فما هي الدللة
الحقيقية له من بين تلك الدللت .مثل ً
) الصلة ( في قوله تعالى :
] إن الله وملئكته يص ّلون على النبي يا
أيها الذين آمنوا صّلوا عليه وسّلموا تسليما
) الحزاب ( 56 /
فالصلة من الله ) رحمة ( ومن الملئكة
ومن الناس ) استغفار ( .وكقوله تعالى :
] ألم تر أن الله يسجد له من في
السماوات ومن في الرض والشمس والقمر
)الحج ( 18 والنجوم /
1
2 18
3
فالسجود من الملئكة ) خشوع ( ومن
الناس وأمثالهم هو المتصور من وضع الجبهة
على الرض ومن الجمادات هو قسّرية الحركة
واحتياجها الى الصانع .
وهذا الصل دخل أبحاثا فرعية مختلفة ـ
مثل اللفظ المشترك هل يستعمل في معانيه
على الجمع أم ل ؟ أجاز ذلك الباقلني
والجبائي والقاضي عبد الجبار والشافعي
ومنع منه أبو هاشم وأبو الحسن البصري
والكرخي وغيرهم .
الملحظ أن المدخل الى المبحث متناقض
منذ البدء في المسألة شأنه شأن جميع
تفرعات ) علم اللغة ( العتباطي .وقد
أوضحت المسألة في كتاب اللغة الموحدة
لغرض آخر ـ وأشرت في الختام الى أن نتائجه
ستلغي جميع تفرعات المسائل العتباطية .
فأصل البحث هو عن مدلولت ) أو مدلول (
اللفظ ـ ومن ثم التراكيب مجتمعة من ألفاظ
وليس اشتراك اللفاظ في المدلول .ولكننا
نلحظهم وكما فعل علماء اللغة في الغرب
1
2 19
3
منذ سوسير يعتبرون اللفاظ الخرى ـ والتي
هي مدلولت المفردة الولى من معاني
ى آخر :أنت تبحث عن
ول .بمعن ً
اللفظ ال ّ
معاني اللفاظ ومدلولتها فاللفظ رقم ) ( 1
مثل ً تعطيه ثلثة مدلولت .ولكن هذه
المدلولت استعملت لظهارها ثلثة ألفاظ
أخرى ،وهذه اللفاظ هي جزء من أبحاثك
يفترض أّنك تبحث عن مدلولتها أيضا ً فهذا
العمل ل يقوم به شخص عاقل مطلقا ً لنه إذا
كان يؤمن بـ ) المترادفات ( ـ فليؤمن ولكن
يتوجب عليه أن يكون منطقي ا ً فيبحث في
المرادفات نفسها ول يبحث عن الدللة
ل لفظ مادام يبدأ فورا ً
الصلية أو الفعلية لك ّ
ب وتدمير تلك الدللة
من المثلة بتخري ِ
المبحوث عنها ؟!
في المثال السابق وجميع المثلة عدة
مشاك ّ
ل منهجية :
.1الصلة من الله ) رحمة ( :هو معنى
للصلة صيغ بلفظ جديد هو ) رحمة ( ـ وهو
لفظ يحتاج هو الخر الى دللة وبحث كما
1
2 20
3
ة (
ة إعتباطي ً
أشرت .فالبحث ل يفسر ) لغ ً
وحسب وإنما اسلوب البحث نفسه اعتباطي
الشكل والمضمون .
.2إن هذا التحديد تدمير ) لنظام
المترادفات ( حتى حينما يؤمن المرء بها ـ إذ
المفروض وجود حدود معينة للمترادفات
فتحديد الصلة من الله على أنها رحمة هو
منتهى التعسف بحق ) المترادفات ( التي هي
في الصل تعسف بحق اللغة .وهذا يعني أن
مباحث اللفاظ ل تقوم ال بالمزيد من
التخريب أو التدمير للنظام اللغوي .
يمكن للمرء أن يقول :إن الصلة من الله
هي ) لطف ( ،أو ) مودة ( أو ) تأييد ( أو
اذكروني ) عناية ( أو ) ذكر ( ـ كما قال
أذكركم أو أّية ألفاظ أخرى ذات صلة
بالموضوع وما أكثرها .فالتحديد بكونها رحمة
هو هتك لمجموعة اللفاظ المشتركة في
نفس موضوع ) اللفظ المشترك ( وفتح
لمحدود للمترادفات .
وإذا كان النص القرآني أو أي نص آخر ـ
1
2 21
3
د لهذا البحث ـ
ن واح ٍ
هو الغاية والوسيلة في آ ٍ
ن عملية التخريب لنفس النص قد بدأت منذ
فإ ّ
أن ابتدأ البحث .فعلى سبيل المثال نلحظ
ة بين الصلة والرحمة في استعمال
غيري ّ ً
] ) مر ّ
كب ( واحد من النص القرآني مثل :
أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة /
)البقرة .( 157وهو دلي ٌ
ل أكيدٌ على أن الصلة
ة .
ف عن الرحم ِ
شيءٌ مختل ٌ
وكذلك المر في معناها أي الصلة ـ من
الملئكة ومن الناس .إذن فالباحث بدأ
بتخريب ) النصوص ( كّلها منذ بداية البحث .
.3دخل هذا المبحث الى الفقه التشريعي
أيض ا ً :فاختلفوا في ) مبحث الوامر( حول
] أقيموا الصلة مثل ً القصدية في المر :
ـ هل المقصود تلك العبادة الخاصة التي
تتضمن حركات وقراءة معينة أم المعنى العم
المرتبط بالصلة ؟
ومن جراء ذلك كانت النتيجة هي ) عدم
ي مصدُره الكتاب بشك ّ
ل ه إسلم ّ
وجود ( فق ٍ
ن الكتاب هو أحد
ي ـ وما يقال من أ ّ
فعل ّ
1
2 22
3
ء ـ
مصادرهم في التشريع فهو مجّرد إدعا ٍ
ففي أوضح آيات التقسيم في الرث مثل ً ل
ء معتمد وحاسم ٍ لفهميمكن الركون الى شي ٍ
ددتهاآيات التشريع بصورة دقيقة كما ح ّ
)السّنة( ـ والتي ظنوا أن ) نصوصها ( قطعية
الدللة غير قطعية الصدور ـ بعكس الكتاب
ي الدللة
ي الصدور غير قطع ّ
الذي هو قطع ّ
وهذا مج ّرد احتيال على الموضوع .إذ أن
النص النبوي هو نص بك ّ
ل ما يتضمنه معنى
النص من إحكام وقد أكد الرسول ) صلى الله
عليه وآله وسلم ( على أنه أوتي جوامع الكلم
ـ وإن في كلمه شبها ً من كلم الله ،من حيث
أفاد نص آخر للمام علي ) ( υأن كلمهم
) يفسر بعضه بعضا ً ( ـ وهذا يعني وجود نظام
لفظي في كلمهم كما هو الحال في القرآن
مع اختلف جوهري ذكرناه سابقا ً .
دي ذلك الى
وكان من المفترض أن يؤ ّ
ة
س علمي ٍ
) بحث لغوي ( قائم على أس ٍ
ة ،لكن ذلك لم يحدث ـ واعترف
ومنطقي ٍ
ش ّراح نهج البلغة ـ مثلما اعترف مفسروا
1
2 23
3
القرآن بعجزهم عن الفصل في المشترك
المعنوي أو اللفظي من قبيل قول المام
علي ) ( υفي خلق الكون :
) أنشأ الخلق إنشاءا ً وابتدأه ابتداءا ً ..الخ (
قال أحد الشّراح ميثم بن علي البحراني /شرح
النهج /ج ) : 132 / 1لم أجد لهل اللغة فرقا ً
بين النشاء والبتداء ( .واعتبر الشارح غياب
التفريق )مشكلة ( ـ بخاصة إذا أردنا صون
كلمه ) ( υعن التكرار !! وهذه نتيجة ل مفّر
ة لعتباطية اللغة واليمان
منها ومحتوم ٌ
بالمترادفات .
ولو أردنا استعمال معاني الصوات وقصدية
حدة ( وإخضاع
اللغة في كتاب ) اللغة المو ّ
ة
ء نظري ٍ
هذه الفقرة فقط لها ـ فسنكون بإزا ِ
ة عن خلق العالم ل علقة لها بك ّ
ل ما متكامل ٍ
ت ـ مع
ذكرته الميتافيزيقيا من أطروحا ٍ
التأكيد على ترتيب ونسق اللفاظ في هذه
الجملة .
ل وسأم ٍ (
وقد أدى ذلك الى حالة ) مل ٍ
ح لتفسير التراكيب القرآنية والنصّيةواض ٍ
1
2 24
3
الخرى والتي ) ظهرت لهم ( على صورة
ة جدا ً في
ة وصريح ً
مكررات وكانت واضح ً
التفاسير التي أحالت تفسير بعضها على
ق رغم الختلف في النسق ـ والذي ض ساب ٍ بع ٍ
زعموا أنه يغّير المعنى الك ّلي للجملة ومع ذلك
فلم يلتزموا بما ألزموا أنفسهم به من دراسة
النساق .
وحاول أحد شراح النهج في العصر الحديث
تجاوز هذا السأم الذي وقع فيه جميع شراح
النهج قبله وهم علماء سنة ومعتزلة وشيعة
مختلفون ،ولكنه اعترف في النهاية وبخاصة
في ما يتعلق بوصف الدنيا والخرة قائل ً
) حتى مللت ( أو عبارة أشبه بذلك .علما ً أن
) انساق ( هذه المكررات مختلفة اختلفا ً
شديدا ً .
ن ) المباحث ( الخاصة
وعلى ذلك فإ ّ
ة لها
ج علمي ٍ
باللفاظ لم تؤدي الى أّية نتائ ٍ
ي نشاط
قيمة تذكر على الصعيد العملي في أ ّ
فكري .
.4إذا أخذنا مثال السجود – نلحظ علوة
1
2 25
3
على الية النفة – السجود لدم في آية ) ( 1
– و سجود الظلل في آية ) – ( 2و غير ذلك
كما في آية ) ( 3و ) ( 4وتكون الحصيلة أن
السجود كلفظ يحل محل ألفاظ أخرى على
محوراللفاظ أو ) المعاني ( التي هي ألفاظ
على الشكل التي :
خشوع
سجو
احترام حركة
د
إذعان انكباب
ل مرة ليح ّ
ل فاللفظ ) سجود ( :يقفز ك ّ
ل ) لفظ ( آخر ـ كّلما تغير الفاعل
مح ّ
وموضوعه المكتوب أسفل المحور .
فهو من الجمادات إذعان ومن النسان
الوضع الخاص المعروف ومن الملئكة
خشوع ..الخ .
هذه العملية هي عبارة عن ) تقريب
للمعاني ( ويقوم بها أدنى الناس معرفة
بالشياء واللغة وهي في النهاية ليست سوى
) جعل ( اللفاظ الخرى تدل على معاني
) ذهنية ( للفظ ) سجود ( ل غير ـ ودخولها
1
2 26
3
بصورتها البدائية الساذجة في متون الشروح
المتعلقة بدللة اللفظ ـ ل يعني شيئا سوى
أن علماء اللغة يرغبون في تأسيس مبادئ
ثابتة لهذه العتباطية والفهم البدائي لللفاظ
والذي يّتسم باللمنطقية والسذاجة .
مثل هذا الرسم وضعته في كتاب اللغة
حدة وأمكن التخ ّلص من هذه المشكلة
المو ّ
بالكشف عن معاني الصوات ،فالتعاقب ) س
ـ ج ـ د ( له حركة عامة ويمتلك قيمة أصلية ل
تتغير ،وهو ما كان ولن يكون بحركة
التعاقبات الخرى مثل ) خ ـ ش ـ ع ( أو )ا –
ن – ك – ب ( … الخ ..
وتؤدي الذوات المختلفة هذه الحركة ك ّ
ل
بحسب طبيعتها وقدراتها وهذه الحركة
مطلقة فل يمكن أداء ) سجود ( بمعناه
المطلق ال من المجموعة كّلها أي الموجودات
بأسرها ـ فهي في حالة سجود فعلي مطلق
دائم ا ً كمجموع ويمكن للذات ـ حال كونها
مختارة وحرة أن تسجد بالصورة المرضية
فليس هناك حدود للحركة في التعاقبات ال
1
2 27
3
حدود نفس التعاقب من حيث أن حركته
الصلية محددة بوجوده وهذا شيء عام ينطبق
على ك ّ
ل تعاقب ذكرت منه مئات المثلة في
حدة ( .
كتاب ) اللغة المو ّ
ل ) لفظ ( ألفاظا ً
وبدل ً من أن نجعل لك ّ
أخرى للدللة على معناه ـ يتوجب بدل ً من ذلك
دراسة حركة ك ّ
ل لفظ لمعرفة المزيد من
نفس الحركة فهذا يؤدي الى معرفة صحيحة
للغة والشياء ويجنبنا العبث بالنظام اللغوي
ويقضي على مشاكله جميعا ً .
وبالطبع يحتاج هذا المر الى معرفة أولية
م
بقيمة الصوات ومن ثم التعاقبات وقد تـ ّ
ذلك ـ وبموجبه يمكن تمييز النظام اللغوي
المطلق من الكلم عن غيره من الكلم وقد
م اكتشاف أن القرآن هو كذلك فكان
تـ ّ
ولية في محاولة
) المنهج اللفظي ( مقدمة أ ّ
الدخول الى ذلك النظام .
.5إذن يمكن القول أن البحث اللفظي
) الكلسيكي ( المتعلق باستعمال اللفظ على
الجمع هل يجوز أو ل يجوز هو مبحث ساقط
1
2 28
3
عن العتبار ومثاله قوله ) يصّلون ( هل
المقصود مجموع صلة هؤلء لك ّ
ل ذات منهم
وزين مثل ً : وك ّ
ل نوع أو غير ذلك ؟ فقول المج ّ
أن ضمير الجمع في الفعل ) يصّلون ( بمنزلة
ددة –
الضمائر المتعددة المقتضية لفعال متع ّ
هو محاولة لتبرير المرادفات على المحور وهو
شيء ل يمكن لهم تحقيقه .أما الذين منعوا
من ذلك فليس هو بسبب ) قصدية اللغة ( –
وإنما هو محاولة للجمع بين العتباط و
د – وهو عين ما يفعله دي
ن واح ٍ
القصدية في آ ٍ
سوسير في علم اللغة العام .
قال ميثم ) :وإن أريد أنه يجوز استعمال
ح مع
اللفظ على الجميع كيفما اتفق فهو يص ّ
دللتها على الفراد فردا ً فردا ً تضمنا ً ( .
ماه
وهذا التضمن القصدي هو نفس ما س ّ
سوسير ) الشارة المحفزة ( داخل التركيب
والموجودة ) ضمنا ً ( في النظام اللقصدي
أوالعتباطي ومعلوم أن هذا هو الهراء بعينه .
وبالنسبة للتنظير اللغوي في الشرق
السلمي فهو مخالف للسس المنطقية في
1
2 29
3
ل .فالك ّ
ل هنا اعتباطي خصائص الجزء والك ّ
كيفما اتفق والجزء قصدي وهو مقلوب المبدأ
المنطقي مرتين ل مرة واحدة.
الصورة النهائية للحل القصدي تتوضح
بالرسم التي المختلف في التجاه فقط عن
م
الرسم في كتاب اللغة الموحدة ،وهو رس ٌ
ج دَ ( لمجرد
س َ
ة مثل ) َ
ة واحد ٍ
ة لغوي ٍ
لوحد ٍ
التوضيح :
سجد سجد
سجد سجد
ج دد
سجس
1
2 30
3
المبحث الرابع
التخصيص والجمال
1
2 36
3
المبحث الخامس
وقت ظهور دللة المفردة
احتال دي سوسر لبراز وقت ظهور دللة
م تفنيدها في كتاب اللغة
ة تـ ّ
المفردة بطريق ٍ
حدة ،وهي ل تختلف مطلقا ً عن ظهورها المو ّ
عند قدامى المسلمين فالمعنى يظهر بعد
الطلق أي إطلق المفردة على الشيء
وليس قبله .ومثلما أشكل سوسير على ذلك
ن عكسه يستلزم وجود السماء قبل
بأ ّ
ة
ة غامض ٍ
ميات ،فقد صاغ العبارات بصور ٍ
المس ّ
مرير القصدية من خلل اللقصدية ،لنه لت ّ
وجد إشكال ً في ذلك فأقّر بالمرين معا ً في
موضعين مختلفين .
أما ميثم البحراني ) ت ـ 679هـ ( فكان
ة على هذا واضحا ً في تأسيس مبدأ العتباطي ِ
الشكال والذي هو غير منطقي متابعا ً الرازي
ة في الذهن عند
والجرجاني .وإنطباع الشار ِ
سوسير يسم ّيه ميثم ) ارتسام ( ومثل هذا
الشكال في السبقية عند أهل المشرق
مى في الصطلح ) الدور ( وبقية
يس ّ
1
2 37
3
المفاهيم هي نفسها بل هناك تشابه في
ة لك ّ
ل منهما بهذا المعنى . اللفاظ المستعمل ِ
وميثم البحراني هو أحد شراح العتباطية ،
ما المؤسس الفعلي فهو عبد
أ ّ
القاهرالجرجاني .
ولما كنت قد أوضحت ذلك بالنسبة لسوسير
فاكتفي بإيراد نص ميثم الذي يقول :
ول من وضع اللفاظ
) ليس الغرض ال ّ
المفردة إفادتها لمسمياتها المفردة ( وبذلك
ولى للتعاقب
يلغي ميثم وجود القصدية ال ّ
الصوتي من خلل التعبير عن هذه القصدية بـ
) المفردة ( لللفاظ المفردة .ثم شرح ذلك
موضحا ً إشكال السبقية فقال:
ة
) بيان ذلك يستلزم أن إفادتها لها موقوف ٌ
على العلم بكونها موضوعة لها وهذا يستلزم
العلم بها قبل الوضع ( .والضمير في ) بها (
الخير راجع بالطبع الى اللفاظ ل المسميات
ميها سوسر أحيانا
) الشياء ( والتي يس ّ
) الفكار ( .ومعنى العبارة أن الواضع لو كان
يضع اللفظ خصيصا ً للمعنى أو الفكرة لكان
1
2 38
3
ذلك يعني أنه يدرك معنى محددا ً لك ّ
ل لفظ
فهذه هي قصدّية اللفظ ـ وهي شيء رفضوه
رفضا ً قاطع ا ً .وهنا قال ميثم ) :فلو توقفت
إفادتها ـ أي تلك الفكار ـ على الوضع لزم
الدور (
ولكن ميثم تجاهل أمرا ً آخرا ً هو أن
م فيه
الستمرار بالعتقاد أنه ل يوجد زمان ت ّ
الوضع هو الخر دور .وهذا المر اقّره
ة
ة خاص ٍ
سوسير واعترف به ولكنه اعترف لغاي ٍ
وهو إدخال ) اللاعتباط ( داخل العتباط
ة ماكرة .
بطريق ٍ
ة هي أنه ل يوجد هنا دوٌر إذاوالحقيق ُ
ول يعلم جيدا ً الرموز
افترضنا أن الواضع ال ّ
الحركية والقيمة الفعلية للصوات .وحينما
أطلق تعاقبات معينة حتى لو كانت بعدٍد
محدوٍد على الشياء فقد أدخل الشارة الى
الذهان ضمنا ً وحدث بعد ذلك الشتقاق
ونت اللغات بالطريقة التي
وع وتك ّ
المتن ّ
حدة ( والتي
أوضحُتها في كتاب ) اللغة المو ّ
ت
م تشكيل تكوينا ٍ
مرجعها الى المترادفات فت ّ
1
2 39
3
ة مستقلة تدريجيا ً لهداف أوضحتها
لغوي ٍ
وميول ذكرتها في ذلك الكتاب ،ولها جميعا ً
ة حيث م ٍ ة في ك ّ
ل أ ّ بقايا ظاهرةٌ وواضح ٌ
ة
ظ عدةٌ في نفس اللغة الواحد ِ ل ألفا ٌ
ُتستعم ُ
د
د حسب المناطق ،فلم يستف ْى واح ٍ
لمعن ً
ة لفهم طريقة نشوءسوسير من هذه الظاهر ِ
اللغات وتجاهل هذا النشوء تماما .وإنما
ة .
استعمل الظاهرة كدليل على العتباطي ِ
وقد أوضحت أن هذا هو تغاف ٌ
ل شديدٌ ـ لن
ول والخير هو صياغة دللة اللفظ
الشكال ال ّ
ظ أخرى تحتاج هي بدورها الى
عن طريق ألفا ٍ
ددة .ح لدللتها المتع ّ
إيضا ٍ
وقد أعلن ميثم أن الدللة تظهر متأخرة بعد
الطلق وهو ما زعمه سوسير فيما بعد .قال
ميثم :
ول منها ـ أي اللفاظ ـ
) بل الغرض ال ّ
هم ما يتركب من تلك
تمكن النسان من تف ّ
المسميات بواسطة تركيب تلك اللفاظ
المفردة( .وفي هذا النص إشكال منطقي
تخّلص منه سوسير بتجاهله وباستعمال
1
2 40
3
أساليب ملتوية وهو :إن النسان ل يمكنه
التفهم مما يتركب من المسميات ما لم يدرك
سلفا ً لما هي موضوعة له من المعاني
المفردة .
أما ميثم ـ فقد ترك هذا العتراض
ة تخص المركبات
الجوهري ليصوغه بطريق ٍ
الكّلية ـ ليتجاوز مشكلة العلقة بين الدال
والمدلول فاعترض على نفسه قائل ً :
م بعينه في
) ل يقال :ما ذكرتموه قائ ٌ
المركبات إذ المركب ل يفيد مدلوله إل عند
العلم بكون اللفاظ موضوعه لتلك المعاني ( .
) ل نس ّلم بذلك ـ فمتى علمنا وضع ك ّ
ل واحد
من تلك اللفاظ المفردة لك ّ
ل واحد من تلك
المعاني المفردة فإذا توالت اللفاظ المفردة
بحركاتها المخصوصة على السمع ارتسمت
المعاني المفردة في الذهن مستلزمة للعلم
بنسبة بعضها الى بعض ( .
إذن فالقيمة الصلية للمفردة غير موجودة
وإنما تظهر من خلل نسبة اللفاظ بعضها
الى بعض أي خلل الجملة .
1
2 41
3
والشكال الخير على هذا النص هو إذا كان
المر كذلك فل يوجد شيء اسمه ) الهذيان (
وهو القسم الرابع من أقسام اللفظ والذي
مركباته ل تعني شيئ ا ً ،إذ أن النسبية يفترض
أن تعمل دائما ً فتعطي اللفاظ مدلولت
كيفما اتفق الكلم وهو أمٌر ل يقّر هُ علماءُ
اللغة جميع ا ً ـ ولكنه استنتاج حتمي ـ وسوف
نلحظه واضح ا ً في بلغة الجرجاني حيث أصبح
الهذيان ـ عملي ا ً عنده من احسن البلغات !! .
م نسف هذا المبحث وفي الح ّ
ل القصدي يتـ ّ
من جذوره إذ يتناقض المفهوم البسيط
والبدائي عن المترادفات وهو وجود حدود
معينة لللفاظ المترادفة حتى وفق النظرة
العتباطية العامة فل يمكن أن يقفز لفظ
) بحر ( ليكون أحيانا بمعنى ) تفاح ( .وهذه
الحدود وفق نفس المبدأ العتباطي تقوم
بإلغاء أصول هذا المبحث ) أي أن هذه الحدود
المعترف بها حتم ا ً في العتباطية تستلزم
وجود قصدية أولى ( .فكيف إذا تسّنى لنا
معرفة القيمة الفعلية للصوات وبالتالي
1
2 42
3
القيمة الحركية لك ّ
ل لفظ على حدة ؟.
1
2 43
3
المبحث السادس
المجــاز والحقيقــة
ف
دة تعاري ٍ
عّرفوا المجاز والحقيقة بع ّ
ة .والكثرية
ة واحد ٍ
ولكنها تؤدي الى نتيج ٍ
على أن المجاز هو ) :إذا عدل باللفظ عن
من جازه إذا
ه مجاٌز ِ
ف بأن ّ ُ
ص َ
و ِ
وضعه اللغوي ُ
داه بمعنى أن الذهن إذا انتقل باللفظ الى
تع ّ
ر معناه الذي وضع له فهو مجاز ( . ى غي ِ
معن ً
ل كلمة ُأفيد بها ما
ما الحقيقة فقالوا ) :ك ّأ ّ
وضعت له في أصل الصطلح الذي وقع
التخاطب به ( .
ن ميثم ـ وهذه هي عبارته ـ حذٌر
ح أ ّ
واض ٌ
جدا ً في تعريف الحقيقة ،لنه أدرك أن
تعريف المجاز مناقض لفكرة العتباطية حينما
وضع له وإذن فل دد أن لك ّ
ل لفظ معنى ُ ح ّ
اعتباطية .وأراد التخلص من ذلك عند تعريف
الحقيقة فجعلها تظهر خلل التخاطب تخلصا ً
ة لك ّ
ل لفظ . ة مستقل ٍ
من القرار بوجود قيم ٍ
وهذا هو عين ما حاول اللغويون في الغرب
إبرازه من بعده بل هو جوهر ما قامت وتقوم
1
2 44
3
به البنيوية الحديثة والتفكيكية الخيرة .ولكن
هنا مشكلة أخرى هي أن تغّير الدللة خلل
التراكيب المختلفة كانت هي الظاهرة التي
أثبتوا من خللها مبدأ ظهور الدللة بعد
الستعمال – وهي بالتالي دللة متغيرة حسب
التراكيب – وهو أيضا ً مبحث اقّروه ) تعدد
المعاني للمفردة ( – فكيف يمكن بعد ذلك
ي من تلكم الدللت هو المقصود في
معرفة أ ّ
عبارته ) أصل الصطلح الذي وقع به
ض المبادئ
التخاطب ( ؟ .إذن فالتعريف يناق ُ
ة قبل المباشرة بالتطبيق الفعلي .
الموضوع ِ
وقد رضي علماء اللغة بهذه الحال –
س من استعماله
ل ّنهم ظنوا أن ما أكثر النا ُ
ى للفظ هو ذلك الصطلح الصلي وهوكمعن ً
خطأ شنيع .
وأقول أيضا ً :إن ميثم قد احتاط بصور ٍ
ة
ة في انتقاء العبارات وهو يدرك جيدا ً
مشدد ٍ
أن المؤسسين لهذه الفكار أعني الجرجاني
ت
والرازي وغيرهم قد ظهرت لديهم التناقضا ُ
ة في
ة وميثم هو أكثرهم رغب ً
ة مكشوف ٍ
بصور ٍ
1
2 45
3
إحكام القضية وإن كان اقّلهم شهرةً في
المشرق والمغرب .
ومعلوم أن التأكيد على أن الصل هو
ة
اصطلح والعتراف بهذا المر يناقض من جه ٍ
) الحقيقة ( بما هي حقيقة أخرى تعريف
في علم الكلم العام .لن الستعمال
الصطلحي عرضة للتغّير زيادة على كونه
دد بنفسه – ل ُيعلم ما هو ) حقيقة ( على
متع ّ
التعريف وما هو ) مجاز ( وإذن فنحن بازاء
حقيقة متغيرة دوما ً – وهو المر الذي اقّره
دي سوسير في علم اللغة وأجاب على
ة تثير العجب حيث زعم أن
تناقضاته بطريق ٍ
التغير نفسه اعتباطي ولكن نظام اللغة يعيد
توازنه كّلما حدث التغير وقد سألنا عند ذلك :
ما فائدة علم اللغة إذا كانت اللغة تقوم
تلقائيا ً بتعديل الوضع وإعادة التوازن ؟ .كما
سألنا أسئلة عدة عن ) العلقة بين التغير
ي
العتباطي والتوازن النتظامي ( بما يؤد ّ
م وهو أن هذه الفكار ل تمت الى
الغرض الها ّ
العلم بصلة تذكر .
1
2 46
3
وفي الح ّ
ل القصدي ل توجد مشكلة من
هذا النوع لنه ببساطة ل يوجد مجاز وحقيقة
دد لمدلول اللفظ ومثلما ل
– مثلما ل يوجد تع ّ
خ بين مدلول ك ّ
ل لفظ والدوال يوجد خلط فاض ٌ
الخرى من اللفاظ .
المبحث السابع
أقســـام المجــــاز
القسم ال ّول من المجاز :وقوعه في اللفظ
المفرد .
مثل لفظ السد إذا أطلق على الشجاع .
ولفظ الحمار على البليد .1
وفي هذا مشاكل أخرى غير ما ذكر سابقا ً ـ
فالمشاكل السابقة لزالت قائمة أما المشكلة
الجديدة فهي أن التراكيب المذكورة هي
ح ـ
ح وقد ل تص ّ) مقولت ( مستعملة قد تص ّ
فالستعمال حتى لو كان كثيرا ً فل علقة له
بصحة الستعمال وخطأه على نفس الفهم
العتباطي ـ إذ المفروض أن الغاية هي
ح من الكلم ـ
ح وما ل يص ّ
معرفة ما يص ّ
1 1انظر البرهان الكاشف عن إعجاز القرآن للزملكاني /المجاز والمثل نفسه ُيكّرُر في المباحث
2 العتباطية في جميع أو اكثر المؤلفات .
3
4
5 47
6
والبحاث تبدأ بدللت اللفاظ أول ً وخلل ما
هي تبحث عن الدللة تستعمل النص العام
والعادي جدا ً في حين أن اق ّ
ل ما ُيفترض أن
در ولوة ممن يـق ّص مختار ٍتفعله هو أخذ نصو ٍ
ة .فيمكن للمرءة صحيح ٍ إجمال أنه يتحدث بلغ ٍ
أن يقول أن السم الصطلحي نفسه متغي ٌّر
وإنه كان يوما ما غير السد مثل الليث أو
الضيغم أو غير ذلك ،مثلما يمكن القول أن
هذا الطلق نفسه ) السد على الشجاع ( ل
ح .كذلك يمكن القول أن إطلق الحمار
يص ّ
ح .ومن جهة أخرى فإن
على البليد ل يص ّ
المدلولت لم يتم استعراضها لمعرفة ما هو
الصل في الصطلح وتجد نفسك فورا ً أمام
ور معانيها الصلية ! .
مدلولت فرغوا من تص ّ
وهذه العملية بمجموعها ل تمت الى العلم
ة .
بصل ٍ
ففي النص القرآني نلحظ أنه تجنب إطلق
لفظ الحمار على النسان البليد .لماذا ؟ لنه
إذا كان المجاز هو تجاوز ) الحقيقة (
والحقيقة هي الصحيح فالمجاز إذن خطأ .
1
2 48
3
ة في المنطق أهملوها رغم
ة هام ٌ
وهي مسال ٌ
كثرة ما تفاخروا بدقة منطقهم.
ث عما هو صحيح
وعلم اللغة ُيفترض أن يبح َ
ويمّيزه عما هو خطأ في الستعمال فالتعريف
إذن للمجاز والحقيقة يحمل ضمنا ً إقرارا ً
بجواز الستعمال الخاطئ ،والتشابه بين
المقولت ل يحل الشكال.
ة لهذا
ة مختلف ً
استعمل القرآن معادل ً
الطلق ،وذلك بالقيام بأربع عمليات لتبرير
إطلق لفظ الحمار على النسان إذا اعتبرنا
أن ما فعله نوعا ً من الطلق مع أنه ليس
كذلك كما سترى .وذلك في الية الكريمة :
] مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها
كمثل الحمار يحمل أسفارا آية / 5
الجمعة .
وهذه العمليات هي :
ن وهو
ل كائ ٍ
ىىىىىى :أنه قام بتسمية فع ٍ
ل محدّ دٌ من أفعال النسان كما قامفع ٌ
ل من أفعال الحمار هو حمُله
بتسمية فع ٍ
ر .
السفا ِ
1
2 49
3
ىىىىىىى :أنه جعل لهذا الفعل مثل ً مثل
ملوا التوراة ثم لم يحملوها .
ح ِ
الذين ُ
ىىىىىىى :أنه جعل لفعل الحمار مثل ً .
] ..كمثل الحمار يحمل أسفارا .
ىىىىىىى :أنه عقد التشابه بين مثلي
الفعلين ل بين الفعلين ول بين الكائنين .
ملوا [ التوراة ] ك [
] مثل [ الذين ] ح ّ
] مثل [ الحمار] يحمل [ أسفارا ً
وك ّ
ل ما فعله هو عقد التشابه وليس
الطلق المباشر .فابتعد بذلك عن إطلق
لفظ الحمار على النسان بخمس خطوات
كمجموع .
وكذلك فعل حينما أراد عقد الشبه بين فعل
ن وفعل الكلب ،ولكنه هنا ابتعد
ن معي ٍ
إنسا ٍ
ظاهريا ً ثلث خطوات بيد أنه أحاط الخطوتين
ل منهما بمث َ ٍْ
ل ( بالفعل ل ك ّ
مثيل فع ِ
) وهما ت ّ
نفسه ولم يذكر أنه م َثل للفعل فاكتفى بعقد
الشبه بين مثليهما ـ ولكن العدد يبقى نفسه .
إذا لحظنا بداية الية حيث أمر الرسول أن
يتلو نبأه ) وفعله جزء منه ( ثم قام بعقد
1
2 50
3
الشبه بين المثلين :
] وات ُ
ل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ
منها فاتبعه الشيطان فكان من الغاوين .ولو
شئنا لرفعناه بها ولكنه أخلد الى الرض واّتبع
هواه فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث
العراف . 176 أو تتركه يلهث
فالشبـه ـ إذا تركنا أّية محاولة للتدخل ـ
بعيد بثلثة مراحل لنه تشبيه ل إطلق هذا
أول ً .وثاني ا ً هو تشبيه بين مثلي ك ّ
ل منهما ـ
ل واحد منهما مث ْ
ل والشبه هو بين فلك ّ
المثلين ونحن بالطبع ل نعلم المثلين .
وفي آيات أخرى كان السياق يبدأ بقوله
[ ثم يذكر المثل واضرب لهم مثل ً ..
ويفترض أن يقوم الرسول ) صلى الله عليه
وآله وسلم ( لو سألوه بأخبارهم بالمثل
ح للتشبيه ولكن يبدو
المجهول لفهم أدق وأص ّ
انهم فهموا أن هذا هو المثل واستمر العلماء
يذكرون أمثال القرآن ـ في حين أن المثال
م فيه نفسها ظّلت خافية في ك ّ
ل سياق ت ّ
1
2 51
3
التشبيه بين الشيء ومثله أو بين المثلين .
بينما كان التشبيه مباشرا ً في آيات أخرى .
وعلى ذلك يظهر جلي ا ً أن إطلق لفظ على
معنى لفظ آخر للدللة عليه أو نقله من أصله
لمعنى آخر لم يحدث في القرآن مطلقا ً .
وقد عالجنا بعض المجازات والكنايات
والستعارات الخرى في كتاب "النظام
م توضيح ذلك .
القرآني" وت ّ
ىىى ىىى ىىىىىى ىىىىىى ىىىىىىىىى ىىى
ىىىىىى ىىىىىىىى .
1
2 62
3
المبحث الثامن
أصنــــاف المجـــــاز
ة نهائية على يد
ددت أصناف المجاز بصور ٍ
ح ّ
فخر الدين الرازي ) الملقب عندهم بالمام (
باثني عشر صنفا ً .ويمكننا أن نلحظ أن
الشكالت السابقة تجتمع أو تفترق في جميع
هذه الصناف .وبالطبع توجد خصائص ذاتية
أخرى في المثلة لن لك ّ
ل تعاقب حركته
الخاصة به كما أسلفت وبالتالي فلك ّ
ل مثال
ف في النظام القصدي .ولذلك ح ّ
ل مختل ٌ
فالمثلة المضروبة ل تستوعب جميع
الحتمالت المتوقع أن تدخل فيها .ولكن
م ح ّ
ل إشكالتها يكفي تفنيد المثلة ومن ث ّ
كشواهد على طريقة وأسلوب الح ّ
ل القصدي
في معالجتها .فلنمض قدما ً في هذا العمل .
1
2 65
3
] ولو انهم قالوا سمعنا وأطعنا واسمع
وانظرنا النساء 46 /
والرباعي ) أنظَر ( ـ يعمل نفس العمل
سوى أن الفاعل يخرج ) النظر ( منه ويعطيه
الى من وقع عليه الفعل ،فهو يعطيه مهلة
لمدة كافية للنظر مثل :
]انظرني الى يوم يبعثون العراف /
.14
نلحظ كذلك أن ) رأى ( ل يحتاج الى
واسطة دوم ا ً لن حركته خارجية في نفس
التعاقب فهو يقع على مفعوله مباشرة .فإذا
أردت بالنظر المعنى الخارجي فيجب أن تقول
) نظرت الى فلن ( ول تقول ) نظرت فلنا (
فالخير معناه أ ّنك تأملت مجيئه أو رجوعه
متمهل ً عليه .
إذن فالستعمال ) نظرته ( بمعنى ) رأيته (
لوجود له ال ّ في أذهان علماء اللغة.
ويمكنك ملحظة ما يقرب من ) ( 90
استعمال ً للفعل ) نظر ( في القرآن لتعلم أن
القاعدة النفة صحيحة .وأهل اللغة
1
2 66
3
العتباطيون ل يمكنهم بعد ذلك أن يأتونا
د على هذا الصنف ممن يعتقدون
د واح ٍ
بشاه ٍ
أنه ينطق بلغة سليمة فالتحدي قائم على
التيان بشاهد نبوي أو علوي من النهج أو
صحائف الدعاء أو الرسائل أو غيرها ،بل
الشواهد كلها بخلف ما ذكروه .
1
2 67
3
وليس في الشعر ا ل ّ من مثل ) صهباء
ب ( وهو يشير الى الصل ول يجعل
أصلها العن ُ
اللفظ بديل للخر .ولم يكتف الخر بقوله
ة ( لن الكرمة
م ٍ
ت فادفني بأصل كَر ْ ) إذا ما م ّ
ل أن يتخمر في عروقها ليست خمرا ً لكنه أ ِ
م َ
فقال ) تروي عظامي بعد موتي عروقها ( .
والسؤال الخير :من هم الذين نسب إليهم
التسمية بقوله ) تسميتهم ( ؟
1
2 73
3
وغيرها الكثير جدا ً بحيث أن العمل
الحصائي ينتج كما في لفظ ) ذاق ( كما ً اكبر
من المجازات وقد يندر أو ينعدم وجود
الستعمال الحقيقي وفق التعريف العتباطي
،وعليه فالتعريف خاطئ بنفسه ومخالف
للنظام اللغوي .
1
2 74
3
أو البلدة ـ فهو كالحمار في تلك الصفة
وحسب .
ولكن إذا قال المرء ) هذا الرجل حمار( ـ
فهذا الستعمال هو المجاز والذي هو من نوع
الستعارة .
وهذا تهاون في الحدود المسموح بها
للمجاز في نفس الفكار العتباطية ومخالف
للجملة المنطقية في مباحثهم حيث ل يكون
الرجل حمارا ً قط ـ وهو ل يختلف بشيء عن
عبارة مثل ) الفعى كلبة ( ) ،السفرجل
يقطين ( ... ،أو ماشاكله من عبارات ل
منطقية .
علما أنه لم يؤثر عن الفصحاء أمثال ذلك
ن
وإنما يؤثر عنهم التشبيه ومع ذلك فإ ّ
الحمار سمي كذلك لوقوعه في الدللة العامة
للتعاقب الصوتي وهذا هو الح ّ
ل القصدي لمثل
هذه المسألة .
1
2 76
3
والزعم أن النص القرآني هو مصدر مباحث
اللفاظ هو أكذوبة .وقد ألمحت بتحفظ الى
أن المر قد يكون مختلفا ً أو معكوسا ً ل في
المنهجية بل في الهداف أي أن النص
القرآني هو الهدف من تكريس العتباطية في
اللغة .
وامتلك وثيقة سرية سأعلن عنها يوما ما
تد ّ
ل على نحو قاطع على هذا المر .
فهذا هو استعمال النص القرآني ِللفظ
الجزاء :
) ذلك جزيناهم ببغيهم (
6 / 146
) وكذلك نجزي المفترين (
7 / 152
) وكذلك نجزي الظالمين (
12 / 75
) وكذلك نجزي المجرمين (
7 / 40
) فذلك نجزيه جهنم (
21 / 29
1
2 77
3
) ولنجزينهم أسوأ الذي كانوا يعملون (
41 / 27
) كذلك نجزي ك ّ
ل كفور (
35 / 36
) اليوم تجزون عذاب الهون (
6 / 93
) جزاؤهم أن عليهم لعنة الله (
3 / 87
) ذلك جزاؤهم بأ ّنهم كفروا (
17 / 98
) ذلك جزاؤهم جهنم بما كفروا (
18 / 106
) فجزاؤه جهنم خالدا فيها (
4 / 93
) جزاءُ سيئة بمثلها (
10 / 27
) جزاءً لمن كفر (
54 / 14
26 ) وذلك جزاء الكافرين (
9 /
1
2 78
3
وعشرات أخرى من الموارد التي ذكر فيها
لفظ الجزاء مقترنا ً بالعقاب وليس مختصا
بالثواب وحده .
وكذلك نلحظ المعنى العام للجزاء في
القرآن أيضا ً ـ فإذا زعموا وكثيرا ً ما نعتقد
ن جميع تلك
انهم يجرءون على الزعم بأ ّ
ن موارد العموم ـ
الموارد هي ) مجازات ( فإ ّ
بالعقاب والثواب سوية ـ هي من النوع الذي
ل تتمكن العتباطية من تفسيره لنه يتضمن
العقاب والثواب .ومثل هذه الموارد هي في
اليات :
ـ ) ك ّ
ل أمة تدعى الى كتابها اليوم تجزون
45 / 28 ما كنتم تعملون (
ـ ) إن الساعة آتية أكاد أخفيها فيها لتجزى
20 / 15 ك ّ
ل نفس بما تسعى (
ـ ) اليوم تجزى ك ّ
ل نفس بما كسبت (
40 / 17
فهذه الموارد مثل ـ يستحيل تصور مجاز
فيها وهي تجمع في الجزاء باعتباره لفظا ً
يفيد مقابلة العمل بجنس جزاء من جنسه إن
1
2 79
3
خيرا ً فخيرا ً وان شرا ً فشرا ً ،وهي تجمع
العقاب والثواب فل تكون مجازا ً من جهة
وحقيقة من جهة أخرى .
ول يتوقف المر على ذلك ففي خطوة
ثالثة نلحظ تخصيصا ً غريبا في القرآن وكأنه
يتنبأ بمحاولت لتدمير اللغة مستقبل ً فيتم
في إحدى اليات حصر الجزاء بهذا المعنى
حصرا ً .أي كونه مقابلة من جنس العمل وذلك
في قوله :
) ومن جاء بالسيئة فل يجزى الذين عملوا
السيئات ال ما كانوا يعملون ( 28 / 84
فقد تر َ
ك التصريح بنوعه وحصره بأداة
الحصر ) ا ل ّ ( بـ ) العمل ( وذلك لكون الجزاء
عام في العقاب والثواب وليس مختصا ً
بالعقاب .
وهناك مناقشات أخرى :
ن إظهار المعنى بلفظ عن طريق لفظ
فإ ّ
مضاد تحتاج الى تفسير ،فهو في هذه الحالة
نوع من التورية ـ وفي هذا اللفظ ل توجد
دد بالعذاب والخزي ل
تورية ما .إذ المه ّ
1
2 80
3
يراعى في استعمال لفظ ما ـ كما لو قال أحد
أن المر يحتاج الى إظهار العقاب كما لو كان
مثوبة بل الواقع خلفه .وفي كتاب ) اللغة
حدة ( إذا راجعت التسلسل ) ع ـ م ـ ا (المو ّ
فانك تجد بحثا ً لطيفا ً عن لفظي ) العمى ( و
) البصر ( وكذلك ) الرؤية ( ـ بحيث أن إطلق
لفظ ) بصير ( على أعمى النظر هو استعمال
حقيقي يراد به مراعاة كونه غير أعمى في
مجموع الصفات إنما هو أعمى العينين ومن
المحتمل أن يكون بصيرا ً ،لن البصار من
أفعال القلب ل من أفعال العين .
م التفريق هناك بين اللفاظ الثلثة
وقد ت ّ
وعلقاتها بآلتها :فالنظر الخارجي للحاسة
والبصر للقلب والرؤية للعقل ،وبذلك يسقط
البحث الكلمي المسمى ) رؤية الله ( سقوطا ً
لغويا ً ويصبح الستناد الى اليات القرآنية
استنادا ً عشوائيا ً لخل ّ
وه من هذا التفريق .
1
2 84
3
والمثلة بهذا الصدد ل حصر لها فهي في
ك ّ
ل فعل مستمر كبناء الدور والزرع وطبخ
الطعام وخياطة الثياب وصنع الثاث ...الخ .
فالزارع يقول ) :الحنطة جيدة هذا
العام ( .إذ مع أنه في أول الموسم فقد أشار
الى الزرع أنه بحالة جيدة ،والنجار يسمي
الخشب المق ّ
طع المعد لصنع سرير لزيد :
) سرير زيد ( ويقول للصانع هيئ سرير زيد
مع أنه ليس سريرا ً بالفعل وإنما بالقوة
والملحظ هنا أن ذلك اقرب الى البحث
الفلسفي منه الى اللغوي ولكن عند الرجوع
الى تعريف المجاز والحقيقة نلحظ في جميع
المثلة المحتملة أن الستعمال هنا حقيقي
ول يطابق تعريف المجاز .
فالخشب المق ّ
طع ـ هو حقيقة لصنع سرير
وليصلح لصنع دولب والزرع هو زرع الحنطة
ل شعير ول باقلء مثل ً وكذلك مافي الدن هو
خمر أو مسكر وليس شيئا ً آخر والصل أن تلك
التسميات مميزة فلم تذكر العبارات كامل
) زرع الحنطة ( أو لوضوح المطلب مثل
1
2 85
3
) الخشب المعد لسرير زيد ( ـ فهذا اختصار ل
مجاز .
وليمكن للنجار اختصار العبارة الى
) الخشب المعد ( لن في المحل خشب كثير
عد لشياء كثيرة ـ فالختصار الغى مفردة
م ّ
زرع والغى عبارة ) الخشب المعد ( واكتفى
بمآل وهدف الحركة والفعل ـ وبالتالي فهو
لم يتجاوز باللفظ من موضعه الى معنى لفظ
آخر على تعريف المجاز .
ولنا أن نسال الح ّ
ل العتباطي عن اللفظ
الخر الذي نقل أن اللفظ الول في مثال
الزرع والخشب المعد ـ فهذه اللفاظ عامة
المعنى واللفظ الخر هو كما تلحظ نفس
اللفظ الول حنطة وسرير ...الخ .
فليجد ولن يجد العتباط اللفظ المنقول
أن معنى الول .
الصنف الثامن :ىىىى ىىىىى ىىىىىى ىىى
ىىىى ىىىىىى ىىى :
مثل ضارب على من فرغ من الضـــرب .
1
2 86
3
في هذا النوع تكفل ميثم البحراني بالغاءه
حينما قال ) :وقد عرفت أن ذلك هل هو
مجاز أم حقيقة ؟ ( .
ويقصد بهذه العبارة ماذكره في المقدمات
من أن ذلك هو من النوع الحقيقي وخّرج
المسألة بطريقة ذكية في قوله تعالى :
) باسط ذراعيه بالوصيد ( .
خلصته أن مثل قوله :
) من إله غير الله يرزقكم من السماء
والرض (
الفعل المستمر ) يرزقكم ( يشتمل على
الزمان كلها أي يرزقكم دوما ً .
ولكن حينما ل يريد المتكلم إبراز الزمن
فانه يأتي بصيغة الفاعل مثل ) :باسط
ذراعيه ( ـ أي أن حاله هو كذلك بغير اشارة
الى الزمان .
و ل ً مع واضع هذا الصنف
والمناقشه هنا أ ّ
ل اسم فاعل هو بالنهاية فعلى رأيه أن ك ّ
مجاز لن ك ّ
ل فاعل قد يفرغ من الفعل مثل
كاتب ،عامل ،راحل ،ساكن ...الخ !!
1
2 87
3
اليس ذلك أمرا ً غريبا ً ؟ لكنه اختاره في
) الضرب ( لعتقاده أن الضرب فعل ل يكون
إل مرة واحدة ! وهو خطأ شنيع لن الضارب
صفة ملزمة متلبسة حتى لو كان مرة واحدة
لما يستلزم بعدها تبعة من نوع ما مثل ) قاتل
) القاتل ( و ( ـ فالحاكم إذ يسأل عن
) الضارب ( لمحاكمته ـ فانه يسأل لغويا ً عن
تلّبس الفعل بالفاعل ولو مرة واحدة لكنه
اتصف بهذه الصفة وكونه موصوف بها ل
تنفك عنه .
والى أن تتوضح مناقشة الح ّ
ل القصدي مع
ن عدم ظهور
ميثم في تخريجه لـ ) باسط ( فإ ّ
الزمان في صيغة الفاعل ليس لن المتكلم
ليريد التنويه عن الزمان بل لظهوره التام
في نفس الصيغة من حيث أن الفاعل متصف
بها فل ضرورة لذكر زمان آخر .
وعند المناقشة على أصل التعريف تلحظ
المخالفة مع التعريف ـ زيد ضرب عمرو ـ فهو
الضارب :هل هذا حقيقة أم اخراج لمعنى
ضرب الى معنى آخر ؟
1
2 88
3
والسؤال الخر ماهو اللفظ الخر المنقول
إليه معنى اللفظ وفق تعريف المجاز ؟
يلحظ الح ّ
ل القصدي أن الفعال التي ل
تتضمن التكرار على نحو ما أو الملزمة
الزمنية المستمرة ـ يلحظ فيما إذا كانت
كالصنف الول تحتاج الى اختصار أم ل ،خلل
التركيب :
يقول القاضي ) :أين الرجل الضارب
عمرا ً ؟ (
ويقول ) :أين الرجل الذي كان ضاربا
لعمرو ؟ (
وإضافة كان هنا لتاسيس الفكرة عن
الفراغ من العمل .
ل تتضمن هذه الحال اختصارا ً من نوع ما
كالحالة السابقة ،لن هذا التركيب مقصود
وغايته ابقاء التبعة على الضارب فهي مرافعة
له فلو قال ) كان ضاربا ً ( ،فالعبارة تشير
الى التهاون في المسألة من حيث الشارة
الى انتهاء الفعل .
1
2 89
3
لكن اللغة ليست جامدة ،وانما تعّبر عن
المعايير الفكرية والخلقية بما تمتلكه من
قدرة على التعبير ،فقوله ) اين الرجل
الضارب ( إنما هو استعمال حقيقي وإن مّر
زمانه ـ أي اتصف بهذه الصفة الملزمة وهي
تشير ) فلسفيا ً الى أن فاعل الشيء مرة ـ له
القدرة على فعله مرات أخرى وهذه القدرة ل
علقة لها بنوع الفعل فالمر سواء في
الصانع والعامل والكاتب ...الخ مع الختلف
في حركة التعاقب .
1
2 92
3
في تفسير التراكيب القرآنية وعدم النتفاع
بها في النحو والبلغة .
1
2 93
3
المبحث التاسع
الفرق بين الحقيقــة والمجـــاز
2
3 94
4
مشكلتان لم ُتحل ّ بعد وهما الدللة نفسها ـ
لرتباطها بالوضع ـ والوضع .
ومعلوم إننا ل يمكن لنا الوصول الى الواضع
لنسأله عن طريقته في الوضع .ولكن المثير
للدهشة أن الباحث يزعم بعد ذلك أن هناك
) نص ( على كون اللفظ كذا للمعنى كذا هو
حقيقة والخر في المعنى كذا هو مجاز وأن
هذا النص هو من الواضع !!! بل يدعي أن
الواضع ) يقول ( هذا حقيقة وهذا مجاز ؟
حومن ثم ُتركت العبارة هكذا بغير شر ٍ
إضافي كما لو كان الخلق بلهاء والسامعون
والقراء قد فقدوا العقل والذكاء !!.
ولم يكتف بذلك بل نسب الى الواضع أشياء
أخرى فقال :
) أو يذكر واحدا ً منهما وثالثا ً أن يذكر
خواصهما وأما الستدلل ( ...
وهكذا فهو قد ترك الناس في حيرة من
أمرهم إذ ل يعلمون إن كان ) المام الباحث (
يلتقي بواضع اللغة سرا ً في مكان ما أو يراه
في الحلم !!.
1
2 95
3
ك ّ
ل ما أستطيع قوله هنا :إن هذا هو
منتهى التخّبط والتدليس ..لن البحث عن
الدللة قاد الى البحث عن الحقيقة والمجاز
والفرق بينهما وخلل البحث عن الفرق
يفترض الباحث أنه فرغ من معرفة الفرق !!
وهذه الطريقة الملتوية لعلقة لها بالعلم
والبحث العلمي .
وإذا أردنا مناقشة الطريقة الخرى لتمييز
الحقيقة عن المجاز والتي هي ) الستدلل (
كما عبر عنها نلحظ المزيد من التخبط
والتناقض .فقد قال :
) واما الستدلل فالحقيقة تعرف من
وجهين أحدهما أن يسبق المعنى من ذلك
اللفظ الى فهم بعض السامعين من أهل تلك
اللغة فيحكم أنه حقيقة في ذلك المعنى ( .
والمناقشة هنا على شيئين :
ىىىىى :إن هذا العمل ليس استدل ل ً ول
يمت الى الستدلل بعلقة ما ـ لن مايسبق
الستدلل هو ) استقراء ( لجميع الموارد ومن
بينها ) المجاز ( لذلك اللفظ عينه .فإذا
1
2 96
3
افترضنا أن الجماعة المذكورة ـ ل تنطق
بالمجاز ـ فهناك من يستعمل نفس اللفظ في
جح لصحة
المعنى الخر ـ فما هو المر ّ
استعمال تلك الجماعة دون الخرى واعتبار
هذا الستعمال حقيقة دون الخرى ؟ .
ومعلوم أن افتراضنا هذا محال وإنما نقوله
جدل ً ،إذ أن أهل اللغة أنفسهم يستعملون
اللفظ في تلك المعاني جميعا ً على قدم
المساواة .
ل القصدي تتغير المسأله تغيرا ً
وفي الح ّ
جذريا ً .
فالحل القصدي لم يلغ مصطلح ) المجاز (
وله بصورة جذرية ،إذ أصبح أحد
ولكنه ح ّ
مصاديق الحركة العامة للتعاقب وهو يقترب
ويبتعد عنها بنسب متفاوتة ،ولكنه ليخرج
مطلقا ً عن ذلك التسلسل المعّين لحروف
اللفظ وليشارك لفظ ا ً آخر في تلك الحركة
أبدا ً .
ىىىىىى :أن الذي يسبق من المعاني
متغيـر بين الحقيقة والمجاز .
1
2 97
3
وتوضيح هذا المر كالتي :
لقد أثبتوا وكما فعل سوسير بعد ذلك أن
المعنى ـ أو الدللة ـ ل تظهر ال ّ بعد التركيب
وقد رأيت أقوالهم في البحاث السابقة .إذن
فما يسبق الى ) فهم السامعين ( حسب
فكرتهم هو الدللة التي تظهر خلل الجملة .
فاللفظ نفسه عديم القيمة قبل التركيب ،
ومعلوم أن السامعين يسبق الى فهمهم
المعنيين أو المعاني الكثيرة باطراد كلما
تغيـر نسق التركيب ،وسوف تظهر المعاني
جميع ا ً بالنسبة لهم خلل التراكيب .فكيف
يتم ّ
كن السامعون من الحكم على أحدها فقط
على أنه هو الستعمال الحقيقي دون
غيره ؟ .
ومن الواضح أن هذا الشكال على الطريقة
التي تسمى ) الستدلل ( هو إشكال حقيقي
ل يمكن لحد تفنيده أو الجابة عليه بما
يطابق إطروحات النظرية العتباطية.
أما الطريق الخر للستدلل فقد قال :
1
2 98
3
ن أهل اللغة إذا أرادوا
) واما ثانيهما فإ ّ
إفهام غيرهم اقتصروا على عبارات مخصوصة
(
في حين أنهم على رأيه إذا لم يقصدوا
الفهام عّبروا بعبارات أخرى ،فنعلم من
الفرق أن الول حقيقة .
إما النص فلم يذكر المر على هذا النحو
تخلص ا ً من مشكلة أن يتكلم المرء بكلم ل
يقصد منه الفهام فقال :
) وإذا قصدوا بالتعبير الحسن بعد الفهم
عبروا عبارات أخرى (
وهذه واحدة من طرائقهم الملتوية التي
لحصر لها .
وفي هذا الطريق الستدللي الغريب نطرح
أسئلة ل ح ّ
ل لها في العتباطية :
السؤال الول :إن البحث هو عن تمييز
دللة المفردة بين الحقيقة والمجاز فما
دة؟.
علقة العبارات التي تتضمن مفردات ع ّ
السؤال الثاني :من هم أهل اللغة ؟ وكيف
ددهم ؟ .
نح ّ
1
2 99
3
السؤال الثالث :كيف يعبرون أول ً لغرض
) الفهام ( ويعبرون ثاني ا ً لمجرد الكلم
الحسن ) بعد الفهم ( ؟ ولماذا يكّررون
كلمهم بعد الفهم ؟ ومن منهم كان يقوم
بذلك وأين ومتى ؟
السؤال الرابع :كيف يعلم السامع أن
العبارات الولى ) للفهام ( والتي بعدها هي
الكلم الحسن ؟ وهل عبارات
) الفهام ( تختلف في الحسن عن العبارات
الخرى ؟ ولماذا ل يكون العكس متوقعا ً ؟ .
ويمكنك أن تضع اسئلة غريبة أخرى
ولكنها لن تكون أغرب من الح ّ
ل العتباطي
بأّية صورة .
1
2 100
3
المبحث العاشر
دواعـــــي المجــــــــاز
دة
دد العلماء ـ في التفسير العتباطي ـ ع ّ
ح ّ
عوامل اعتبروها دواعي لذكر المتكلم المعنى
المجازي للـفظ بدل ً عن اللفظ الحقيقي .ول
تسلم تلك الدواعي من المناقشة لنها لم
تقم على أسس علمية ،ولم توضع لها جداول
لستقراء النصوص بدقـة لفهم مراد المتكلم ،
وإنما ُأعلنت تلك الدواعي استنادا ً للحدس
والتخمين والظن ل غير .
والسباب الداعية لذكر المجاز عندهم هي :
الول :أن يكون اللفظ الدال بالحقيقة
ثقي ل ً على اللسان إما لثقل أجزاءه أو لتنافر
المجاز تركيبه أو لثقل وزنه ويكون
عذبًا.
وهذا مجّرد ادعاء ل يستند الى أّية معطيات
لغوية .ويفترض هنا أن يأتوا بمئات إن لم
ف من الشواهد لجل إيضاح لفظ
نقل بآل ٍ
المعنى الحقيقي والذي هو متنافر التركيب أو
ثقيل الجزاء ويضعوه بدل ً عن اللفظ المجازي
1
2 101
3
المزعوم ويبرهنوا على نحو واضح على أن
اللفظ المعدول عنه هو الحقيقي من خلل
استعمالت أخرى مشهود لها أنها قيلت
بصورة عفوية ـ ل إنشائية لغراض البحث ـ .
ولكن ذلك لم يحدث ل بهذه الشروط
العلمية القاسية للبحث ول بغيرها ول بدون
شروط .علما ً أ ّنك ادركت أن المجاز وفق
الصناف المذكورة سابق ا ً قد طال أغلب
الستعمالت اللغوية حسب اعتقادهم .
الثاني :أن يكون لجل المعنى إذا قصد
التعظيم لما هو ليس كذلك أو إذا قصد
التحقير وهو كائن في الحقيقة .مثال الول
قول القائل ) :سلم على المجلس السامي (
ومثال الثاني التعبير عن قضاء الحاجة
بالغائط .
في هذا الداعي ل تتم ّ
كن العتباطية من
ح ّ
ل الشكال الهام حول ظهور ) التحقير (
ضحه
من خلل المجاز .وهو إشكال منطقي نو ّ
كالتي :
1
2 102
3
إذا أراد المتكلم تحقير المجلس من خلل
اطلق لفظ ) السامي ( فكيف يفهم السامع ،
أو اللغوي ،أن اللفظ للتحقير وليس للحقيقة
إذا لم يكن لفظ ) سامي ( بالمعنى
الحقيقي ؟ لننا إذا اعتبرناه مجازا ً وفق
التعريف انصرف المعنى ـ معنى هذا اللفظ ـ
الى معنى آخر فل يظهر التحقير !!...فتأمل
في ل منطقية العتباط اللغوي .
ومعنى ذلك أن الستعمال لعلقة له
بانطباق أو عدم انطباق الدللة على الموضوع
الخارجي لن لديك دللة لهذا اللفظ
) سامي ( فالدللة لم تتغير وعدم مطابقتها
لصفة المجلس هو قصد المتكلم من التحقير
فلو كانت مطابقة لصفة المجلس لم يكن ثمة
تحقير ـ بل لكان مدحا ً يم ّ
جد المجلس ! ومثل
هذا الذهول في العتباطية هو صفة دائمة
فيها .
ومن جهة أخرى فهناك خلل فاضح :
فالمجاز على التعريف هو ليس التيان بلفظ
بدل لفظ ) الول الداخل على الجملة هو
1
2 103
3
المجازي والمتروك هو الحقيقي ( وإنما هو
العدول عن معنى اللفظ الحقيقي الى معنى
دل
آخر مجازي .فلو كان التعريف هو تب ّ
ح ،إذ نتصور أن
الفاظ مع بعضها لكان يص ّ
المتكلم يريد في الصل أن يقول ) المجلس
الحقير ( فعدل الى لفظ ) السامي ( ،ولكنه
لم يغير معنى السامي بل أبقاه على معناه
وهذا هو منشأ التحقير من حيث أنه مخالف
للواقع .
فالستعمال له حقيقتان :داخلية في
التركيب وخارجية في النطباق على الموضوع
الخارجي .والعتباطية من الجرجاني الى
سوسير ل تفتأ تخلط بينهما خلطا ً فاضحا ً بل
ومخزي ا ً .وهذا الخلط يهتك عملية ) التعبير (
وفي النهاية يح ّ
طم النظام اللغوي .وهو
مخالف ومناقض لسس العتباطية نفسها
ومن بينها أن اللغة رموز من الشارات ـ فهي
إذن مستقلة عن الموضوع ـ ولول هذا
الستقلل لما كانت هناك قدرات متفاوتة
على ) التعبير ( عن نفس الفكرة بتراكيب
1
2 104
3
مختلفة قربا ً وبعدا ً في النطباق على
الموضوع الخارجي ولول ذلك لكانت الشارات
والمشار إليه شيئا ً واحدا ً ولكانت اللغة جامدة
جمود الصخر .
دى الى
وهذا التصور في العتباطية قد أ ّ
تجميد اللغة .حيث اعترف بذلك العشرات من
الباحثين ،بحيث ادعى ) فصحاء وبلغاء ( أنهم
لم يقدروا بعد بلغة الجرجاني والسكاكي من
) إنشاء جملة واحدة بشجاعة تامة ( ـ لنها قد
دى
تكون مخالفة لشروط بلغتهما .وكذلك أ ّ
ور الى نفس النتيجة في الغرب ـ
هذا التص ّ
وقد عّلقنا باسلوب قصصي ول ّ
ما نزل في
مرحلة الدراسة الثانوية على هذا العمل
بالقول الذي كّنا نتهّيب من إعلنه :
) وسيقوم الجيش اللغوي اللجب بقيادة
الفارس المغوار ليفي شتراوس بشن هجوم
تكتيكي بنيوي مع الضياء الول على الجبهة
الشعرية للويت فيحيلها عند طلوع الشمس
الى ركام من الحروف المبعثرة وأكوام من
جثث اللفاظ الميتة ،وسيقوم بتوزيع غنائم
1
2 105
3
المعركة الكثيرة والتي هي "لشيء" على
جميع المشاركين في الهجوم ك ّ
ل حسب
شجاعته . ( ..
وهذا هو المسار الذي تتحرك فيه
العتباطية الى هذا اليوم ـ فاللغة عندها
و شديد
ليست ال هياكل أثارية تحفرها بتر ٍ
بحثا ً عن القبية المطمورة والهياكل العظمية
النخرة ولو كانت من إحدى النصوص
والحل القصدي كما رأيت في ) اّللغة
حدة ( يعطي الشارة اللغوية ـ قيمة
المو ّ
حركية عليا ل حدود لستعمالها ولكن ل عبثية
فيها ول اعتباط .
وفي الحل القصدي ينفصل الستعمال عن
موضوعه وبذلك يمكن تبرير نشوء أو إنشاء
علم للغة حيث يكون واجب هذا العلم
) تقييم ( الستعمال وهو ما تفتقر إليه
العتباطية ،وقد وضعنا هذا التساؤل الكبير
في ) اّللغة المو ّ
حدة ( أمام علماء العتباطية .
الثالث :الداعي الثالث من دواعي
استعمال المجاز .قال :وهو حصول اللذة .
1
2 106
3
فإذا عبر عن الشيء باللفظ الدال عليه على
سبيل الحقيقة حصل تمام العلم به فل تحصل
اللذة .
إن هذا التفسير السايكولوجي الغريب هو
الخر ل علقة له بالمجاز .فالمرء حال القيام
بمثل ذلك أشبه بمن يقوم بمداعبة المتلقي
والمتلقي يعلم جيدا ً إن كان الستعمال في
موضوعه ام أنه يرمز له برموز أبعد في
التعبير؟ .وهذا لعلقة له بالستعمال
اللفظي للتراكيب ـ حال كونها بعيدة أو قريبة
في التعبير ،فكل منها حقيقة في موضوعه
والختلف هو أنه ل يعبـر عن الموضوع نفسه
وإنما يعبـر عما هو ) بجواره ( أو ما يحيط به
من ) مواضيع ( فكل منها حقيقي في
موضوعه .وهو كما تلحظ ذهول آخر غريب
عن موضوع البحث .
الرابع :وهو السبب الخير من أسباب
الدواعي :ان يكون صالحا ً للشعر وللسجع
وأصناف البديع دون الحقيقي .
ليختلف هذا الداعي بشيء عما سبقه فإننا
1
2 107
3
نتصور عددا ً من الحتمالت :
أ .أن يكون الستعمال مقحما ً لتنظيم
الشكل مع إغفال المضمون فهذا التزويق
اللفظي ـ لعلقة له بالمجاز فاذا ابتعد بعدا ً
كبيرا ً وخرج عن المضمون كان استعمال ً
خاطئا ً .
ر هام ٍ هو :إن
ونود ان ننبـه هنا الى أم ٍ
طئ أي استعمال وبالتالي ل العتباطية ل تخ ّ
تجيب على السؤال :لماذا اذن علم اّللغة ؟ .
ب .أن يكون متلئما ً مع المقصود :فهذا
حقيقي ل مجازي وهو اذا تم ّ
كن من
المحافظة على إبراز الفكرة مع العتناء
باللفاظ ،فهذا الحتمال لعلقة له بالمجاز
المذكور في التعريف .
ج .أن يقصد ذلك :أي أنه يقصد البتعاد
عن التصريح بالفكرة ويكتفي بالتلميح الى ما
حولها ـ وهو أوسع بكل تأكيد ـ وموضوعه
يساعده في ذلك كأن يكون عدم التصريح
ف اجتماعي ا ً أو دينيا أو غير
مبررا ً على نحو كا ٍ
ذلك .
1
2 108
3
وإذن فالقصدية في البتعاد تختار ألفاظا ً ـ
تصلح لما هو حول الموضوع ول تصلح
للموضوع المكتوم ـ فهي حقيقية في
موضوعها فأين هو المجاز ؟ .
نعم .هنا أيضا يظهر المجاز إذا أصرت
العتباطية على الخلط بين الشارة ودللتها
وبين الموضوع الذي تنطبق أو ل تنطبق عليه
وقد لحظت فساده الشنيع .
1
2 109
3
المبحث الحادي عشر
العتباطيــة و مجــاز القرآن
2
3 112
4
التجاه في مهده .وبالطبع يتجنب علماء
العتباط الجابة على الشكالت المنطقية
للتجاه والمتضمنة علقة تعريفه بما يجوز أو
ل يجوز على الخالق عّز وجل .وذلك لن هذا
ح
و واض ٍ
هو موضوعهم ،وقد برهنت على نح ٍ
جدا ً أن هدف الحل العتباطي هو القرآن
وليس القرآن هو ) الموضوع ( الذي يستقي
منه الحل العتباطي ركائزه .وصورة هذه
الفكرة قد توضحت لدى مناقشة بلغة
الجرجاني وخلصتها أنه إذا كان ل يمكن
للخلق أن يأتوا بمثل القرآن ،فان الحل الخر
هو أن يكون القرآن مثل كلم الخلق .ول
ك مطلقا ً في قصدية الحل العتباطي لهذا
نش ّ
الهدف وهو ما يظهر جليا ً عند دراسة كتاب
"إعجاز القرآن" للجرجاني حيث النتيجة
المحتومة من الدراسة والتي تستعمل
ح أن
و واض ٍ
السلوب الحصائي تبيـن على نح ٍ
الغاية هي أن يفهم المتلقي بالنتيجة ) الوجه
العجازية ( للشواهد جميع ا ً والتي حضى
القرآن الكريم بالنصيب الدنى منها ـ أو خلت
1
2 113
3
أحيانا ً من الشاهد القرآني .
وفي كتاب ) أسرار البلغة ( تم تأسيس
مبادئ للبلغة على الحل العتباطي تتضمن
في الجزء الكبر ) الستعمال الحقيقي ( في
حين تقدم الخرون للجهاز على النص
القرآني بالمجاز .وذلك عدا الفئات الفلسفية
التي أدخلت القواعد المنطقية الفلسفية ـ
وبـاللغة العتباطية ـ الى مبادئ الصول .
وكانت العمال متكاتفة ومتلحمة من أجل
الهدف المشترك وكانت الضحايا بالطبع كثيرة
أيضا إذ ل يمكن وصف الجميع بقصدية هذا
العمل .
وإذا عدنا الى سطر السيوطي الذي يقمع
به التجاه المضاد ـ فانك تلحظ الهدف بجلء
سم القرآن بطريقة غير مباشرة
م حينما ق ّ
تا ّ
ر
ر آخ ٍ
سن ( وشط ٍ
ح ْ
الى شطرين ) شطر ال ُ
عليك أن تفهم ما هو بمفردك !.
وطبيعي أن ) البلغاء ( الذين اتفقوا عنده
على أن المجاز أبلغ من الحقيقة وأن ) شطر
الحسن ( في القرآن هو في هذا المجاز هم
1
2 114
3
جماعة يعلمهم هو ـ إذ ليس منهم البلغاء
الذين نعلمهم كالنبي ) ص ( أو علي بن أبي
طالب ) ع ( ول حتى معاصريهما ،لن المجاز
ح إل ّ في وق ٍ
ت متأخر بعد لم يظهر كمصطل ٍ
ظهور السلم .
وذلك لن النبي محمد ) ص ( والمام علي
)ع ( والئمة )ع ( كانوا يؤكدون بصورة
مستمرة على أن القرآن ) ماء واحد ( يجري
أوله على آخره وأنه ) واحد من عند واحد (
وأنه ) ل يختلف ول يخالف ( ،وأن ) باطنه
عميق وظاهره أنيق ( ،وأن ) الرجال قصرت
عقولهم عن إدراك مراميه ( ،وهي عبارات
كثيرة جدا ل أحسب أن ) الشاطر ( الذي
يشطره الى شطرين بعيد عنها أو بعيدة عنه
وهو مختص بعلوم القرآن ،فان غابت عنه
فليست العبارات القرآنية التي تتناغم معها
وتشير إليها تلك الحاديث بغائبة عنه وهي
جزء من النص القرآني كقوله تعالى:
) متشابها مثاني (
وقوله :
1
2 115
3
) ل يأتيه الباطل من بين يديه ول من خلفه
(
وقوله :
) كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن
حكيم خبير (
..الى غيرها من اليات التي تؤكد وحدته
اللغوية العجيبة ونظامه المحكم ومصاديقه
اللمتناهية والتي يكون ادعاء المجاز فيها
على التعريف نوع من عدم القرار بهذه
الخصائص بطريقة غير مباشرة اكتنفتها
واحتضنتها عبارات ) التبجيل والحترام (
والتعظيم للقرآن والتي كان هدفها تمرير
العتباطية الى هذا الكتاب بأية صورة .
م قمع التجاه المضاد وقتله في
ومثلما تـ ّ
دعائه ) الشبهات ( في التيار السّني
مهده ل ّ
فقد ُ
قمع نفس التجاه في الفكر الشيعي
ت أطولبصورة حاسمة .ولكنه احتاج الى وق ٍ
زمنيا ً لتكتـل التلمذة الوائل للمام الثاني
عشر ) ع ( مع بعضهم على قلـتهم ووقوفهم
بوجه التأسيس العتباطي لمباحث اللفاظ
1
2 116
3
الخاص بعلم الصول عندما افتقدت القواعد
زعيمها الذي أوصى باعتماد الخبار المروية
في السّنة المؤ ّ
كدة فقط لمعرفة حقائق
الدين لحين مجيء ) أمر الله ( .فأحاطت
الكثرية العتباطية بهذه القّلة وأجهضت
متها بأسماء غريبة
محاولتها في مهدها وس ّ
لعل أهونها هو ) جماعة الخباريين ( ،حيث
اعتبرتها جماعة ل تمت في فكرها الى العلم
الحقيقي بصلة مستغلة ضرورة ) التحقق من
ة تشهرها ضدها تدل على
سند الخبر ( ورق ً
ضرورة ) التح ّ
قق ( من اللفاظ والسس
المنطقية للعملية الجتهادية برمتها .وهكذا
دخلت جميع المبادئ السنية التي ل تؤمن
بضرورة لوجود ) معصوم ( يحمل علم الكتاب
الزلي واللمتناهي الى دور وأقبية ودراسات
ومساجد التيار الشيعي الذي يؤمن بهذه
الضرورة جامعا ً بين تناقضاتها ـ بين القرار
بوجود المام الفعلي وبين ضرورة البحث
العتباطي ـ .
ويبدو أن جميع البحاث كانت جاهزة على
1
2 117
3
يد التيار السني وإن كان التيار العتباطي
للتشيع ينكر هذا ) الفضل ( أحيانا ً ،وكل ما
احتاجه هذا التيار هو إدخال هذه البحاث في )
قالبها المامي ( وإضفاء طابع التشيـع عليها
ومن ثم كانت الزعامة المطلقة للتيار
الصولي العتباطي على جميع القواعد
المامية للقرون العشرة الماضية .
ولكن الحق يقال أن التيار القصدي
) الخباري ( الذي استطاع أن يحدس بذكاء
منقطع النظير ) يظهر من دراسة مجادلته
القليلة جدا التي وصلتنا ( استطاع أن يحدس
ما ستؤول إليه العملية الجتهادية من جمود ،
يبلغ درجة أن توضع اللغة نفسها في قوالب
جامدة تعزل القرآن والفقه عن المة ـ هذا
التيار لم يمت نهائيا ً في الفكر الشيعي .لكن
يمكن القول أنه عاش ) طالبا ً المان ( بجوار
التيار الخر بشروط ضمنية يعرفها الطرفان
دعي المرجعية والفتوى ويكتفي أهمها أل ّ ي ّ
بتسجيل الخبار بعيدا ً عن الب ّ
ت بالمسائل
الفقهية ـ وقد انتفع كل الطرفان بهذا
1
2 118
3
التفاق فأبقى الخباري على وجوده على
النحو المعلوم من العيش في الظل في وقت
انتفع فيه التيار الخر من تلك الخبار ليختار
منها ما يلئم أصوله ويهجر ما ل يلئمه منها
بعملية انتقاء محضة .وقد خضع هذا ) النتقاء
( الى شروط إطارها العام هو ) التحقيق (
ولكن جوهرها هو تكريس النتقاء خدمة
للصول العتباطية .
وقد تم تكريس الجهود في العملية
الجتهادية وحصرها في نطاق العبادات
والمعاملت وفتح باب الجتهاد وهما خطوتان
حاول فيها الصوليون تجّنب المشاكل التي
تنجم عن العتباط والمتمثلة بالتصادم بين
أصول العملية الجتهادية والصول العامة
للدين على طريقة المذهب المامي في
الخطوة الولى وحالة الجمود والتحجر كصفة
دائمة للعتباط في الثانية .وحاول التيار
الصولي بإصدار الكراسات بين الحين والخر
تبرير العملية الجتهادية كلما سمع بدقات
نبض يصدرها قلب التجاه الخباري المضاد
1
2 119
3
والذي ربما يظهر بشكل مفاجئ داخل مجلس
ب قاده
المرجعية نفسه فيما إذا تقدم شا ّ
حدسه العميق الى كشف التناقض بين
المرين وتساءل بشغف عن مبررات
الجتهاد .
وعلى الطرف الخر للفكر العتباطي تم
التخلص من هذه المشكلة بإيقاف العمل
الجتهادي واختيار ) أربعة أئمة ( من بين
عشرات المجتهدين واعتبارهم أرباب المذاهب
التي يمكن لبراءة الذمة أن تلحق المكلف
باتباعهم وهؤلء هم الذين اتخذتهم الدولة
القائمة على الفكر السّني في أوج قوتها
ممثلين لها في باب الفتيا والقضاء ،فاّتبعهم
أكثرية الناس مثلما يتبعون أي تشريع جديد
تضعه الدولة وتجعله موضع التنفيذ في
ت
المحاكم والجامعات ومؤسسات الدولة للب ّ
في شؤون الناس وإنجاز معاملتهم حيث
لمحيص للجمهور من اتباعهم .
ولم يقم التيار القصدي بنقض التفاق فلم
يزاحم الصوليين على مقاعدهم ولم يفسر
1
2 120
3
ت بشيء يذكر .ولكن رجال
القرآن ولم يف ِ
هذا التيار كانوا بالقرب من الصوليين دائما ً ـ
وغالبا ً ما كانوا رجال ً زاهدين منتهى الزهد
في الدنيا وغالبا ً ما تذكر أسماؤهم تحت
عنوان ) الفاضل الجل ( وغالبا ً ما تفتقر
جل الصوليين
تراجمهم الى العبارات التي تب ّ
د منهم ) :فلن ـ
ويكتفى بالقول عن أي واح ٍ
كان فاضل ً جليل ً وله آراء عجيبة ورؤى صادقة
مثل فلق الصبح رأيته في سنة كذا … له
تصانيف كثيرة نافعة (!
لم يفعل التيار القصدي شيئا ً من ذلك ولم
يحض بالحترام اللزم والشهرة ولكنه فعل ما
هو افضل من ك ّ
ل ذلك .فقد حافظ هذا التيار
على القصدية وكان ل يسأم من تسجيل ك ّ
ل
شاردة وواردة ،وكان يقطع الجبال ويخوض
المستنقعات والهوار لعادة استنساخ جملة
واحدة أو حديثا ً مفردا ً وكان صادقا ً ك ّ
ل الصدق
فل يكذب أبدا ً .وما درى التيار الصولي أنه
حينما كان ينتقي الحديث حسب هواه فيأخذ
ويترك ،وأنه حينما يأخذ بغيته ويترك غيرها ،
1
2 121
3
ما درى أن مقتله ونهايته على يد هذا
المتروك .
ويبدو أن التيار العتباطي قد شعر بالخطر
عند ظهور الطباعة الميكانيكية واستقرارها
وانتشار كتب الحديث للتيار القصدي لخدمة
الصولية الرائجة فوقعت بأيدي الجماهير
وإزاء ذلك حاول الصوليون مغازلة التيار
القصدي بادعاء أو ) تبني ( العرفانية والعلن
عن أسماء أصولية عرفانية في ذات الوقت ،
حيث يفهم من ) العرفاني ( أنه الرجل الذي
يتم ّ
كن من معرفة الحقائق الدينية بأسلوب
بعيد عن المنطق الرسطي والنحو البصري
والكوفي وشقاقهما مع بعضهما والبلغة
الجرجانية أو السكاكية وبعيدا ً عن الجدل
الهيجلي والوجودية السارتريه والبنيوية
السوسرية والصوفية الغزالية والفلسفة
الفيضية ـ إسلوب يتميز بالتأمل في النص
القرآني مجردا ً عن أية تأويلت سابقة أو
أصول موضوعة ويبدأ دائم ا ً من ألف لم ميم ـ
ل يمكنني أن اعرف ك ّ
ل شيء ) ذلك الكتاب ل
1
2 122
3
ى للمتقين ( ـ حيث يفهم منه أن
ريب فيه هد ً
) الهدى ( معرفة من ) النوع المتعالي ( وهو
ل يحتاج ا ل ّ الى التقوى ـ وان الفكرة
الصولية القائلة بان المرء إذا كان مشغول ً
بحاجات الدنيا وغير متفرغ لمعرفة الدين فان
هذه المعرفة تسقط عنه باتباعه أحد المذاهب
ـ تبدو للمتأمل في هذا النص غير صحيحة ـ
لن الهدى معرفة وليس ثمة من يسقط عنه
التكليف بالهدى أو يحتكره لنفسه ـ وليس ثمة
أيضا من يزعم أن على الجميع ترك مشاغلهم
والتوجه لمعرفة حقائق الدين وبناء على ذلك
فل بد أن يكون طريق معرفة الدين هو طريق
آخر غير الصولية القائمة على العتباط .
لكن من يزعم أن هناك من استطاع
التوصل فعل الى الهدى بهذا الطريق السهل
الذي ل يمر بالبصرة أو الكوفة ول يحتاج الى
دعون كثيرون بيد
حفظ ألفية ابن مالك ؟ .الم ّ
أننا إذا افترضنا أن أحدا ً ما قد وصل بهذا
الطريق فأنه سيصبح ) مفارقا ً ( للعالم بأسره
وسيحاول جاهدا ً أن ل يعرفه أحد بهذه الصفة
1
2 123
3
فضل عن أن يدعيها .وكل ما يمكنه أن يفعله
هو أن يحاول تمرير القصدية بطريقة ما ـ كما
فعل أهل التيار القصدي في مؤلفاتهم
فالخرون قد يزعمون بعد موت أحدهم
) ربما كان من معترفين أو مخمنين أنه
الولياء أو البدال ( .فليس من المعقول أن
دث المفسر بالمجاز ويشرح اليات
يتح ّ
القرآنية بطريقة الحذف والستعارة ويكون
أيضا من الولياء !! ملمحا ً أو مصرحا ً أو يترك
) المريدين ( يفعلون هذه الدعاية
لصالحــه !! .
فقد آن الوان للمة أن تعلم أنه ليس من
أولياء الله واحد من التيار العتباطي ،وإذا
) الولية ( كان يصلح أحد منهم لتلك
فان الشيخ ) دي سوسير ( يصلح لها إذ هو
أعلهم كعبا ً وأكثرهم عمل ً في تأسيس
العتباطية في الفكر اللغوي العام مع أن
الشيخ لم يتعرض ) لمجاز ( القرآن كما
تعرضوا بصورة مباشرة ولم يشطره الى
شطرين شطر الحسن وهو ما فيه المجاز
1
2 124
3
وشطر آخر ....ولم تكن له غاية مما فعل
ة
سوى ) مباركة ( ما فعلوا وتثبيته في نظري ٍ
تنشر في الغرب خشية أن ) يصحو ( يوما ً ما
فيعيد النظر في نصوص العهدين .
حق ا ً ..لقد انتفع الفلسفة ) المؤمنون ( أو
) المحبـون ( للمسيح ) ع ( في الغرب من
الشيخ وصدق ظنـه .فحينما أدخل ) سبينوزا (
اللحاد بجلباب اليمان الى المسيحية وراجع
فلسفتها انتفع بما فعله الشيخ من مبادئ
اعتباطية لتفسير النصوص بطريق ) الستعارة
( على طريقة الشيخ الجرجاني حينما وجدها
تصطدم مع فلسفته . 1
وإزاء هذا الكم الهائل من التراث
العتباطي فليس بالمكان مناقشة جميع
تفاصيله فكان ل بد من استعمال أسرع وأنجح
الطرق وقد تم ذلك بالعلن عن ) النظام
القرآني ( وقصدية اللغة في ) اللغة
حدة ( والكتب اللحقة ومنها هذا الكتاب
المو ّ
المكّرس لهدم مبتنيات العتباطية في مباحث
2
3 125
4
اللفاظ ومناقشة جملة من التفاصيل خلل
ذلك .
ولما كان المجاز القرآني وهو الجزء الهام
من تطبيقات العتباطية واحد أهم نتائج
المرادفات والقائم بأكبر قدر من التخريب
اللغوي وإخفاء معالم النظام القرآني فاني
ساذكر أهم ما تفتقت عنه عقلية الفكر
العتباطي من أنواع المجاز القرآني
وشواهدها مع التعليق السريع عليها .وسبب
ذلك أن التفصيل غير ممكن في مثل ذلك ،
لن من طبيعة اللفظ في القصدية أن ُيلحق
في ك ّ
ل القرآن وُتلحظ جميع موارده لغرض
التفنيد التام للمجاز .وهذا يعني أن ك ّ
ل
صفحة في كتب العتباطية وشواهدها تحتاج
الى كتاب بأكمله لهذا الغرض .ويكفي أننا
فندنا أسس مباحث اللفاظ .وستستخدم
إشارات ورموز النظام القرآني هنا لتنبيه
القارئ إلى مكمن الخطأ .ومعنى ذلك أننا
نطلب من القارئ الكريم الطلع بل دراسة
كتاب "النظام القرآني" قبل دراسة هذه
1
2 126
3
المباحث .
1
2 127
3
أصناف أخرى للمجاز المزعوم
في القرآن
.1إطلق واحد من المفرد والمثنى والجمع على آخر
الشواهد :
أ ) .وجعل القمر فيهن نورا ً (
قالوا وهو في إحداهن / .أ.هـ .
أقول :بل فيهن جميع ا ً لما أثبتـه علم
ر لحركة النور
الفيزياء المعاصر من استمرا ٍ
في أنحاء الفضاء بغير انقطاع فالنور في
السماوات جميع ا ً .فيتحقق المعنى من لفظ )
فيهن ( .
لحظ بنفسك العتباطية في التطبيق أيضا ً
ـ وكأنما ارتقوا السباب ورأوا السبع الطباق .
ط ) .نسيا حوتهما (
قالوا :والناسي واحد هو يوشع ) ع ( .
بل نسيا ـ إذ لو كان موسى ذاكرا ً لقيل لم
ل يذ ّ
كره ؟!
ولو قال ) نسي حوته ( لعترضت
العتباطية بهذا العتراض أو قالت المعنى
) نسيا ( وهو مجاز لنها مولعة بقلب الشياء
بخاصة في القرآن .أما قول يوشع بعد ذلك
لموسى ) ع ( ) :أني نسيت الحوت ( فما أراد
إشراكه فيما كان هو مسؤول ً عنه وذلك لتأدبه
مع الرسول ) ع ( ـ فالنسيان من موسى
وفتاه والمسؤولية على الفتى لن الحوت معه
.
ي ) .الطلق مرتان (
قالوا :وإنما هو مره واحدة .
بل هو مرتان وفي الثالثة ُتبان . .
1
2 132
3
والعتباطية ل تدافع عن المذهب بل هي
مصدر المذاهب المتعددة .وهو ل يلتبس مع )
الطلقات الثلثة ( ـ لن هذه المسألة كيفية
فقد اختلفوا في كون لفظ الطلق ثلث
مرات في مجلس واحد أم مجالس متفرقة
وإنما ُيحل الشكال بهذه الية لنها تحدد
المرات الفعلية للطلق ل صيغة الطلق
المكررة في ك ّ
ل مرة .
ك ) .فنادته الملئكة (
قالوا :وإنما هو واحد جبرائيل )ع( .
بل الملئكة .إنهم يختلفون في الواضحات
ويزعمون معرفة الخفيات فما أدراهم أن
المنادي واحد ؟
ل تأكلون لحما ً طريا ً
ل ) .ومن ك ّ
ة (
وتستخرجون حلي ً
قالوا :وإنما الحلية من المالح ! ) أي ليس
من العذب ( .
معرفة واسعة للعتباطية بأسرار البحار
أيضا ! علما أن القدامى من الغواصين أعلنوا
1
2 133
3
أن اللؤلؤ من المحار والمرجان من شواطئ
المرجان والدر من نوع من الحيوان البحري ،
وأسرار البحار لزالت غامضة في احدث
التقنيات العلمية فمن أين للعتباطية هذا
التحديد ؟ هناك غرائب عن البحار كوجود ماء
عذب داخل الماء المالح وغيرها .
م ) .القيا في جهنم (
ق ( .فعدل عن المفرد الى
قالوا :أي ) أل ِ
المثنى .
إ ّ
طلع آخر للعتباطية على الغيب !
خسر (
س ) .أن النسان لفي ُ
1
2 134
3
قالوا :أي الناسي لوجود الستثناء .
بل النسان ) ال الذين آمنوا وعملوا
الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر ( .
والمستثنى ل يشترط أن يكون من جنس
المستثنى منه . 1
1انظر القرافي في كتابه "الستغناء في أحكام الستثناء " في قوله تعالى ) :ما كان استغفار إبراهيم لبيه إل ّ 1
2 عن موعدة وعدها إّياه ( .
3
4 135
5
الماضي ) أتى ( مع المر ) فل تستعجلوه ( .
ب ) .ونفخ في الصور (
قالوا :أي سُينفخ .
تتجاهل العتباطية النتقال الزمني للذهن
في السياقات القرآنية الى المستقبل لتقرير
الحوال التي تسبقها بالماضي ـ لن غايتها
البحث عن شواهد للمجاز ل تفسير اّللغة ول
تفسير القرآن .ومثل ذلك جميع اليات
المشابهة في ) الزمن ( والتي لن اذكرها
هنا .
هرون (
سه ال المط ّ
ب ) .ل يم ّ
سه ) بمعنى المر ( .
قالوا :أي ل يم ّ
وهو من أعجب مبتدعات العتباط .فحينما
ل تختلف صيغة المضارع عن الطلب في مثل
هذا التركيب تجتهد العتباطية في اليحاء الى
أنه ) أمر ( وذلك لصرف النظار عن تمييز
المجموعات في النظام القرآني ،وتحويل
الطهارة من المعنى العقائدي الى المعنى
الفقهي وتحويل المـس من المعنى العـلمي
الى المـادي !! .
وبالطبع فل أذكى من العتباطية حينما
يتعلق المر بالتخريب ! .
1
2 141
3
.4وضع جمع القلة موضع الكثرة :
قبل ذكر الشواهد أنّبـه القارئ الكريم إلى
أن جمع القلة الذي زعموا أنه لما دون
العشرة وجمع الكثرة لما هو أكثر ليس سوى
مجرد بدعه لغوية ل تمت الى الحقيقة بصلة .
علما ً أن الخلل في الجموع المتعددة من
المور العجيبة حيث دخل المعاجم ولم يفّرقوا
بين تلك الجموع ومعانيها التي تقتضيها
دوها شيئا ً واحدا ً رغم التعدد في الصيغ .
فع ّ
مر في كتاب النظام القرآني مثال عن
) العباد والعبيد ( وآخر عن ) الخوة
والخوان ( بتفصيل فراجعه لتدرك أن الجموع
تحكمها قواعد الدللة اللفظية نفسها ول
تحكمها قواعدهم .
ب ) .أياما ً معدودات (
1
2 143
3
قالوا :جعله لما دون العشرة لليحاء
بسهولة الصيام ! .
سبحان ربك رب العزة عما يصفون .يظنون
أو يوحون أن الله ) يخالف الحقيقة (
لسبابهم العتباطية .
لو قال ) معدودة ( على جمع التكسير لما
كانت محدودة .ولما قال معدودات فكما في )
غرفات ( ـ موجودة فعل ً في شهر معلوم ل
يزيد على ثلثين يوما ً .فانظر بنفسك الى
قيمة الحلول العتباطية .
أ ) .وكانت من القانتين (
1
2 146
3
قالوا :والصل القانتات .
إذا أخذنا قولهم على محمل الجد فان
اللفاظ ) الكافرون ( ) ،المؤمنون ( وما
أكثرها في القرآن إما ل تشتمل على النساء
أو تكون كلها مجازات خلف الستعمال
الحقيقي .
فقل لهؤلء المتفيقهين ـ ماذا يطلق على
المجموعة من الذكور وبينهم إناث ـ لفظ
الذكور أم لفظ الناث ؟
إن لفظ الناث خاص لن النثى لحقة
بالذكر من أول الخلق وأن السجود كان لدم
دون حواء بينما الذكر عام يشمل على الناث
بهذا اللحاق ) :وألحقنا بهم أزواجهم ( .
وهم يتحدثون عن ) الحقيقة ( العرفية
كنوع من أنواع الحقيقة فإذا جاء وفد يضم
النساء بل لتكن النساء أغلبية فهل يقال مثل ً
) في الحقيقة العرفية ( :جاءت بنات تميم أم
بنو تميم ؟ .وهل يقول المرء في العرف إذا
خرج الناس من الجامعة عند انتهاء الدوام
الرسمي ) خرج الطلب ( أم خرجت
1
2 147
3
الطالبات ؟
خرت الحقيقة العرفية للعتباط خلل
لقد تب ّ
بحثه الدؤوب عن مجاز القرآن! .
و لي ال رب العالمين (
ج ) .فإنهم عد ّ
قالوا :الصل :أعداء
وهذا ليس داخل ً ضمن هذا الباب ولكنهم
وضعوه فيه لعدم وجود باب خاص به .
لن ) عدو ( في الية ليس مصدرا ً ـ فالعدو
يمكن أن يكون فردا ً أو أفرادا ً كثيرين
ر ما .
مجتمعين على أم ٍ
1
2 163
3
وقال بعضهم ) :ولذلك أفردوه ( ـ
والمصدر هو ما في قوله تعالى على صورة
دوا ً وظلما ً ( فعبارة ) ولذلك أفردوه
الحال ) ع ْ
دو هو
( هي من أوهام العتباطية ـ لن الع ّ
دوا ً
صفة بمعنى كثير العداء ) .عدا ـ يعدو ـ ع ْ
و ( والعرب تقول هؤلء
ـ فهو عاد)ي( وعد ّ
و لنا ـ أي كثيرو العداء ،ويستعمل
الناس عد ٌ
للجمع والمفرد سواء لوجود الكثرة في داخله
كحركة ) انظر اّللغة المو ّ
حدة ( .
.12التشبيه :
ده بعض العتباطيين من المجاز ـ وعارض
ع ّ
ذلك الكثرية .ونقل السيوطي عن عز الدين
أنه قال إذا كان بحرف ) أي حرف تشبيه (
فهو حقيقة وان حذف فهو مجاز .وهو كثير
در ( فيه مفردات من
أيضا .ويبدو أن من ) ق ّ
ده من المجاز ومن لم يفعل
عنده فهو يع ّ
اعتبره حقيقة .وتأتي أمثلة في سلسلة
النظام القرآني من غير حرف تشبيه نثبت
1
2 166
3
فيها أنه حقيقية فيها .
1 ) لحظ دفاع السيوطي في التقان عن مجازية العبارة /ج / 89 / 2دار الكتب العلمية ( 1
2
3 173
4
على مسألة فلسفية ل لغوية وحسب .فمثل ً
كان إنكار المادية التاريخية ) للحقيقة
المطلقة ( واعتبارها الحقائق نسبية هو ناتج
حتمي للتفكير المادي ينسجم مع مقدماته .
والعتباطية تحاول الستقلل عن التسليم
للرسل بطريقتها فهي تجعل عبارة الحقيقة
المطلقة نسبية في المعنى والنتيجة واحدة .
فالمجاز على التعريف هو غير الحقيقة .
وما المفاجآت التي تحدث يوم القيامة ال من
هذا النوع ) يوم ندعو ك ّ
ل أناس بإمامهم ( ـ
فمن المحتمل أن يأتي السيوطي مفسـر
القرآن خلف ماركس أو يأتي ماركس صاحب
رأس المال خلف السيوطي ـ والذين ل
يفاجئون بمثل هذه الحوادث حسب النظام
القرآني هم فقط ) الذين أوتوا العلم (
وتعريف العلم هنا بأل التعريف مقصود إذ
المراد منه العلم الذي يجمع العلوم ويوصل
الى نوع من الحكمة لن هذا النوع هو الوحيد
المرتبط بالنوايا والتسليم بالمر الواقع
والوحيد الذي يمكن أن نعر ّ
فه على أنه هو
1
2 174
3
) العلم ( ! فمعرفة ) المافوق ( شيء وطاعته
شيء آخر وهذا أمر متعارف عليه ،ولكنه في
) الدين ( بصفة خاصة أصبح معكوسا ً أو
مختلف ا ً حيث حاولت العتباطية الربط بين
كمية المعلومات والطاعة ،فالكافر عند
العتباطية هو المنكر لوجود الله أو الذي ل
يعرفه أو المنكر للنبوة في حين أن النص
القرآني ينبـهنا الى أن الكفر هو قضية ذاتية
واليمان قضية ذاتية ل عقلية وأن هناك نوعا ً
واحدا ً فقط من الشرك هو الشرك العقلي
المنحى .لذلك خاطب هذا الشرك بالقضايا
العقلية وضرب المثال وساق له الدلة ،لنه
عبارة عن خطأ عقلي يغفر ثم يبدأ المرء
بعقل جديد ويحاسب على المعرفة العقلية
الجديدة بعد اتخاذه هذا الموقف .
أما الكفر واليمان فليس فيهما ذلك
التجاه العقلي لن مصدرهما الرادة الذاتية .
فالذي يؤمن بالله ورسله وكتبه ولكنه في
فقرة واحدة من مئات الفقرات يحاول
التشريع فيها ومشاركة الله على أي نحو كان
1
2 175
3
لغويا ً أو فقهي ا ً أو كلميا ً فقد كفر بتلك
الفقرة من التشريع .وإذا بقي على هذا
ن
الحال فهو عند الله كافر لن الله قد س ّ
قاعدة ذكر فيها أن الكفر بالبعض كفر بالكل
1 1لحظ محاولت العتباطية جعل الجنتين جنة واحدة من خلل المجاز وهي واحدة من عشرات المحاولت فيما
2 يخص الجنات والعذاب ومايتعلق بهما .
3
4 185
5
ب تيارات العتباطية والتي لك ً
ل منها اسلو ٌ
ن في الكتابة لذلك توزعت هذه السلسلة
معي ٌ
بين السلوب الدبي النقدي الحديث والكلمي
والفلسفي والديني السلفي ،في حين كان
حدة ( قد روعيت
الجزء الول من ) اللغة المو ّ
فيه مصالح الترجمة .
واذا كانت العتباطية بمثل هذا التنوع
والسعة فهذا ل يعني أن المرء يعجز عن
ة من خلل الخصائص
ة موحد ٍ
النظر اليها بنظر ٍ
المشتركة لها ،بل يمكنه ذلك لن تلك
الخصائص تظهر بصور متعددة في الفكر
والسلوك العتباطي ،على حد سواء .وقد
رأيت في المؤلفات السابقة وفي أبحاث
اللفاظ وأنواع المجاز في هذا الكتاب مدى
التخ ّبط واللعقلنية في تلك البحاث والذي
دد
هو سمتها المشتركة وبذلك يمكن لنا ان نح ّ
الخصائص المشتركة للفكر العتباطي .وإن
فهم المور بصورة شاملة أفضل من مناقشة
الحالت الجزئية ولذلك وضعت هذا البحث
العام عن العتباطية بين شطرين من
1
2 186
3
التفاصيل الجزئية ليتمكن القارئ من الربط
بين السلوك العملي للعتباط وبين خططه
وأهدافه الشاملة .فمن الخصائص المشتركة
للفكر العتباطي :
ىىى:
ىىىىى ى
يقوم الفكر العتباطي من أجل نشر
افكاره باستعمال أساليب متنوعة أحدها ما هو
مستعمل في وسائل العلم والدعاية ـ وهي
جزء من المؤسسة العتباطية ـ ولكن هذا
السلوب هو في جميع النشاطات الفكرية ،
أعني حشر الفكرة المراد نشرها من خلل
نقيضها القصدي ،وهذا السلوب يستعمل
صل الى الفكرة بطريقة عادة حينما يكون التو ّ
أخرى عمل ً عسيرا ً أو مكشوفا ً .فمثل ً حينما
تريد إيصال فكرة عن ) ل إعجاز القرآن ( ـ
1
2 192
3
وهي فكرة تحمل خطورة في العلن عنها
تستعمل من أجل ذلك السلوب المذكور
فتوحي للمتلقي بعدم العجاز من خلل
مؤلفات أو كتب تتحدث عن العجاز وتدافع
عنه .
مثال ذلك :كتاب ) البرهان الكاشف عن
إعجاز القرآن ( للزملكاني الذي هو أحد
مة لهذا الموضوع في التراث أو
المراجع الها ّ
كتاب ) دلئل العجاز ( الشهير للجرجاني .
فإذا أخذنا كتاب البرهان فسنجد في الفصول
م الدفاع عن العجاز بطرائق
الولى أنه يت ّ
توحي للمتلقي أن المر مختلف فيه وأن
العجاز غير ظاهر ولو كان ظاهرا ً لما اختلفوا
.
وحينما يقترح حل ً للمعضلة ويدافع عنه
فالح ّ
ل هو باب لدخال العتباطية وأساليبها .
ففي هذا الكتاب وغيره ـ كما سوف ترى
لحقا ً ـ ت ّ
م تبّني فكرة ) النظم ( ـ اي أن
العجاز هو في نظم كلمه ل في المفردات
ول عوارض الحركات أو المدلولت أو المجموع
1
2 193
3
الكلي أو أمر خارج عن ك ّ
ل ذلك ـ وهي
احتمالت حاول الزملكاني تفنيدها .وبعد ما
) النظم ( أبطل كافة الوجوه لم يبق غير
أي الشكل النهائي لتركيب الجمل .والمتلقي
وضح
في هذه اللحظة ينتظر من المؤلف أن ي ّ
له كيف يمكنه أن يفرق بين ماهو معجز وغير
معجز من خلل النظم ؟ .وهذه لحظة حاسمة
في الفتراق بين القصدية المفتعلة
والعتباط لن الغاية الولى هي إيصال
مح له
المتلقي الى هذه النتيجة ،ومع أنه ل ّ
مرات عديدة قبل ذلك ما هو بمعنى ) إذا بلغنا
تلك النتيجة فل تسألني عن التفريق ( .فقد
ينسى المتلقي ذلك إذا كان مشغوفا ً بح ّ
ب
القرآن فعل ً ولذلك يحشر هنا قصة خيالية
يفتعلها لتذكير القارئ بأن المر هو كذلك
وهذه القصة هي :
) ..وحكي أن إعرابي ا ً حضر صلة جماعة
دم فقرأ في الولى " :أل يامهلك الفيل ف ُ
ق ّ
ومن سار مع الفيل وكيد القوم في تب
وتضليل بطير صّبه الله على الفيل ابابيل
1
2 194
3
ى من طين سجيل فصار القوم في قاع ضح ً
م مأكول " .وقرأ في الثانية " :قد
كعصف ث ّ
أفلح من هينم في صلته وأطعم المسكين من
مخلته واجتنب الرجس وفعلته بورك في
ع في أن
جم ُ
بقره وشاته " .ولم يشك ال َ
1
ماقرأه سورتان من القرآن ( .
وهذا النص واضح في اليحاء الى المتلقي
أن المؤلف أو ) العرابي ( لو قال مثل هذا
وأشباهه فان الناس ل تشك أنه من القرآن
ومن ثم فإن التمييز بين المعجز وغيره ليس
ال ّ في النظم ول ّ
ما كان نظم هذا الكلم حسن
للغاية ويؤدي المعنى المطلوب فذلك هو
العجاز .
وهدف العتباط من ذلك هو تعميم العجاز
الى جميع ما هو حسن النظم كما ستلحظه
في كتاب ) اعجاز القرآن ( للجرجاني أيضا ً .
والمؤلف لم يعّلق بشيء على القصة فيما
اذا كانت عبارة ) لم يشك الجمع ...الخ ( هي
جزء من الحكاية ل من كلمه .
2
3 195
4
ومثل هذا اليحاء تجده في ك ّ
ل صفحة
تحدثت بها العتباطية عن إعجاز القرآن ـ
والقصديون السائرون في ركاب العتباط
لينتبهون لذلك وتنطلي عليهم العبارات
جد
المجاورة لليحاء العتباطيي التي تم ّ
القرآن والنص سواء بسواء .وقد تستغل
العتباطية اعجاز القرآن للتقليل من شأن
النبي )ص( ،فابتداعها فكرة ) أمية النبي (
وتفسيرها العتباطي للنص القرآني :
) الرسول النبي المي ( منحها طريقة فذة
لليحاء بذلك وكمثال انظر عبارة الزملكاني
في البرهان المذكور :
) هذا وإنه لصادر على لسان من لم يمارس
در من
الخط والخطب وينافس في معرفة ال ّ
ون
المخشلب ( .وهذا إيحاء للمتلقي ليك ّ
2
2
3 196
4
بالمعجز اللهي المطلق ؟ .
لكن إدراج هذه العبارات وهو يتحدث عن
اعجاز النص القرآني له مدلولن :الول
الساءة للنبي )ص( ،والثاني هو ضمن
الفكرة نفسها ..بمعنى أن ) النظم ( هو
موضع العجاز ولكن مع حكايات العرابي
وغيره فإن التفريق بين ما هو معجز وغير
معجز شيء غير ممكن .وإذن فيجب البحث
عن دليل آخر وهذا الدليل هو أن الصادر عنه
در والمخشلب ول
هذا الكتاب ل يمّيز بين ال ّ
يحسن الخطابة ول يعرف الخط فمن أين له
هذه البلغة والطلع ؟! وإذا بلغ الموضوع
هذه الغاية فالمؤلف يتخذ واديا ً يهرب فيه من
وجه القارئ ..ففي تلك النقطة هرب
ح ً
الزملكاني تاركا الموضوع الرئيسي لشر ٍ
ب ل طائل من وراءه للحروف المق ّ
طعة مسه ٍ
في أوائل السور واتخاذها سّلما ليحاءات
أخرى .ومن ذلك العدول عن فكرة المّية الى
فكرة أخرى ضمنية مفادها أن الحرف
المق ّ
طعة هي :
1
2 197
3
) للتنبيه على أن تعداد هذه الحروف ممن
لم يمارس الخط ولم يعان النظر فيه متنزل
منزلة القاصيص عن المم السالفة ممن ليس
له إطلع على ذلك ( .
وبهذا أثبت مقولة ) للذين كفروا ( !.
عن ويتوجب على القصدي التو ّ
قف والتم ّ
في المراد من هذه النتقالة ،إذ يفهم منها
أن إعلن النبي )ص( عن النص القرآنى هو
2
3 202
4
ومعلوم أن النتيجة هذه تخالف تعريف البلغة
،لن البلغة هي أن يبّلغ المتكّلم مراده من
المعاني من خلل الكلم ،وتناقض كذلك
أبحاث الدللة اللفظية وغاياتها ،وهي نقيض
للهدف من اّللغة وغاياتها .فالحركات
الصورية أكثر إبهاما ً وإيهاما ً ويتوجب إذ ذاك
ترك اللغة الصوتية لجل علو تلك الحركات
ق في النفوس لمعرفةوما تفعله من شو ٍ
الحقيقة ) ،صم بكم عمي ( .وتلك هي
فلسفة العتباطية وذلك هو مقدار حرصها
على العقل البشري وتطوره واّللغة وغاياتها .
ىىى
ىىىىىىىىى ىىىى ى
إن العتباط فكٌر مستبدٌ في خصائصه
الذاتية على مستوى أفراده وبالتالي تنعكس
ة في نشاطاته
ة جلي ٍ
استبداديته بصور ٍ
المختلفة .ويظهر الستبداد على جميع
المستويات ـ السلوب وصياغة العبارات
واستعمال وسائل التهديد غير المباشر
لحتمال ولوج الحل القصدي والتلويح
1
2 203
3
دعاء الولية والقرب من الرضا
بالعلمية وا ّ
دعاء الولوية في اكتشاف الحلول
اللهي وا ّ
وعدم ذكر أصحاب الفكرة الولى وإعادة
النصوص العتباطية والفكار بل والشواهد
نفسها والصياغات نفسها مئات المرات في
ة
ة من غير اشار ٍ
ب طويل ٍ
مؤلفات عديدة وحق ٍ
الى أنها مزبورة جميعا ً في مؤلفات السابقين
..الخ وهي خصائص كثيرة جدا ً تجمع السلوك
العتباطي .
فالعتباطية ل تسأم من التكرار والجترار
ة لنفس الفكار ويعجبها دوما ً أن
قرونا ً طويل ً
حلّ ً
ة جديدةً فهي مثل كائن عتيق تضفي عليها ُ
دل زينته كلما رأى أن ملبسه مختلفة عن
يب ّ
ملبس الخرين .
وذلك لن العتباطية وهي فكر عام تغفو
أحيان ا ً لعتمادها على نشاط في جانب معين
فتأخذ ) راحة أو إجازة ( من العمل في
ما تصحو تجد أن ملبسها
الجانب المقابل ـ ول ّ
ة وتخرج من
ة جديد ٍ
حل ٍ
غدت ناشزة فتكتسي ب ُ
مخدعها .
1
2 204
3
والعتباطية تّتصف كذلك ـ ونتيجة
لستبدادها ـ بالعجلة والحكم السريع على
دية وحينما تقع
الشياء بغير رؤية أو دراسة ج ّ
في مشاكل معينة فإنها تحّلها بطريقة أسرع
ر من وقوعها فيها والنتيجة هي المزيد
بكثي ٍ
والمزيد من العتباط ،وهي تتصف بالغرور
والعنجهية من جهة تعاملها مع الحلول
دية والذّلة والتمّلق من جهة تعاملها مع
القص ّ
بعضها البعض حيث تكيل المديح والثناء لهؤلء
وتكيل الشتائم والسباب لولئك ،وتفعل ذلك
حتى في لحظات الهدنة مع التيار القصدي
وقيام الحرب بين اتجاهاتها !!
والعتباطية بعد ذلك هي مصدر الفقر
المادي والفكري وعنوان البؤس والتباؤس
على مّر التاريخ وهو ما ستلحظه فيها خلل
أبحاثنا وفي الواقع الفعلي المعاش .
1
2 205
3
المبحث الثالث عشر
الحــــذف
2
3 207
4
فهي غفلة ومن ثم فالمبررات هي البهام
واليهام .
ومعلوم أن الرمز والصمت ل علقة له
بموضوع الحذف ـ فالشواهد مثل تخالف المبدأ
والغاية من الحذف .لن الشواهد قد بّرر
المؤلفون لموارد للحذف فيها على أنه لظهور
ما في الجملة السابقة أو في نهاية
المراد إ ّ
الجملة .والعتباطية هي الغافلة ،لن ذلك
يجب أن يكون موضوعه هو التقديم والتأخير
ل الحذف .
مثل ً قوله تعالى:
) وإن أحد من المشركين استجارك ( /
6 النعام
التقدير :وإن استجارك أحد من المشركين
استجارك .2
فلماذا يك ّرر لفظ "استجارك" بعد نقله الى
موضعه الصلي على الزعم ؟
في النظام القرآني لحظنا أن هذا الشاهد
نفسه عند البصرة والكوفة في خصامهما
2
3 210
4
الله أكبر قال :
) وكذا الله أكبر لنها أبلغ من قولك الله
أكبر من ك ّ
ل كبير ( ، 2وذلك لبناء المسألة على
الوهم والبهام فهو إذن أبلغ .بينما المر في
القصدية عكس ذلك تماما ً .
فعبارة ) الله أكبر من ك ّ
ل كبير ( هي
مفهوم من مفاهيم ) الكفر ( حسب نص عن
المام علي ) ع ( .ومعلوم أن هؤلء ل يبلغون
بلغته ومعرفته باسرار ا ّللغة .حيث ُ
ذكر أنه
سمع رجل ً يقول ذلك فقال ) :إذن ح ّ
ددته ( .
وهذا واضح :لن ك ّ
ل كبير غير الله فهو
محدود مهما بلغ فاذا كان الله أكبر الجميع
فهو محدود أيضا ً بالنتيجة لنه قد قيس إلى
غيره ! .والرجل قد فهم المر بسرعة
فسأل ) :فكيف أقول جعلني الله فداك ؟ (
قال :تقول ) الله أكبر من أن يعرف ( .
وهذا التعميم هو السبب في ترك المفضول
في صيغة التفضيل .بمعنى أن عبارة " الله
اكبر " هي عبارة مستمرة دوم ا ً مهما جاء ما
2
3
4 211
5
ما كان أقصى ما يمكن أن يكون بعدها .ول ّ
كبيرا ً هو المتخّيل أو المعروف إجمال ً
فالعبارة مطلقة ،فهو أكبر من القدرة على
ددة معرفته ـ لن ك ّ
ل محدود له معرفة مح ّ
ي معرفة .
والله تعالى أكبر من أن تناله أ ّ
فإذا تخّيلت السموات والفلك تقول :بل
همه أو تصوره أو تخّيله
الله أكبر وإذا أردت تو ّ
قلت الله أكبر واذا أردت معرفة ما كان قبل
الخلق قلت الله أكبر .واذن فالصيغة متروك
آخرها لنها مطلقة غير متضمنة لحدود ،ولكن
العتباطية ل تتورع عن التخريب في ك ّ
ل جزء
ومكان وهي تقّرر بعبارات ملؤها الزهو
والفتخار وستأتيك نماذج منها في بلغة
الجرجاني .
وفي الشواهد الخرى مثل ذيول اليات :
) لقوم يشكرون ( قال أي يشكرون الله وقد
حذف لظهوره .
ترى اذا كان المحذوف ظاهرا ً عند المتلقي
ومعلوما ً فما فائدة أن تخبره العتباطية به ؟
ولماذا ل تسكت وتتـرك المتلقي يستمع
1
2 212
3
للمقول الظاهر الذي يفهمه جيدا ً ؟ .
إذ يفترض أن يعطي علم اللغة للمتلقي
معلومة جديدة عن النص .أما أن يخبره
درة ويقول له أيضا ً ) :إنها
) بمحذوفات ( مق ّ
حذفت لنك تفهمها ( .فهذا مثل ما يفعله
ل ظنه أحد الملئكة ناسكا ً إذ رآه يبكي
رج ٌ
ل ! وذلك في حكاية قديمة فسأل
على قمة جب ٍ
الله أن يريه مكانه في الجنة فرآه في أدنى
مرتبة فقال الملك :لم ذلك يارب ؟ فقال له
م
ة عقله إذهب فانظر م ّ
الله تعالى :لقل ِ
بكاؤه ؟ .فلما جاء الملك وسأله قال :إني
أنظر الى هذا الحشيش فأقول ما أكثره فلو
أن حمارا ً جائعا ً يأكله ،ثم إني رأيت أن الحمار
قد ل يقدر على ارتقاء الجبل وكلما بلغ
موضع ا ً تدحرج فما زلت على هذا الحال حتى
أبكاني امره !! .
وقد يكون الناسك معذورا ً إذ الحمير الجائعة
لها وجود حقيقي على الرض وربما لدى
عقدة ( نفسية قديمة من جوع
الناسك ) ُ
حماره خاصة ! أما محذوفات العتباطية فلم
1
2 213
3
يرها أحد موجودة حتى تدعونا العتباطية
للبحث عنها والتباكي عليها .فهي تقول
للمتلقي بقوة ) خذها ! ( وبعد هنيهة تقول
وبضعف :ل تأخذها لنها عندك وتعلمها ! .
وأمثلة الحذف بعد ذلك ل تحصى عددا ً
وليمكن لمنهجنا ذكر هذه الكثرة والبحث عنها
مت النص القرآني من أوله الى
فإنها قد ع ّ
آخره وما نستطيع ذكره هو ما أمكننا جمعه أو
ما وجدناهم قد جمعوه في مقدماتهم أو
شروحهم البلغية والنحوية فهذه نماذج أخرى
غير ما مّر عليك :
خيرا (
والجماع على وجود حذف تقديره :أنزل خيرا ً
.
قبل أن نذكر الحل القصدي بإمكاننا أن نرى
أنه ليس ثمة حذف .فهذا مستعمل في العادة
في جميع المخاطبات والخبار مثل :سألته :
أين كنت ؟ قال :في السوق .فهل ترى أن
1
2 214
3
من الضروري أن يقول ) كنت ( في
السوق ؟ .
إذ السائل يسأل عن المكان والجابة
تضمنت المكان .أما الكينونة فمعلومة
لكليهما .والسائل يعلم أنه ) كان ( ولكنه ل
يعلم ) أين ( .
لكن العتباطية ما فتأت تخطئ وتتوهم أن
) ما ( أداة استفهام و ) ذا ( اسم إشاره
أنزل ـ وحينما يقال للذين اتقوا :ماذا
جه اسم الشارة إلى المنزل فهو ملحظ
يتو ّ
للسائل .ولول أنه ملحظ لما سأل عنه
باسمه فهو ل يسأل عن ) حادث النزول ( بل
يسأل عن واقع ما نزل وطبيعته وهو ما تفيده
) ما ( الستفهامية .فماذا يكون الجواب ؟
الجواب بالطبع يبدأ باعطاء السائل مراده فل
يقال له ) أنزل ( ثم يقال له ) خيرا ً ( .فهذا
هو مثل ما يفعله ) الطالب الكسول ( عندما
دد ويريد استنفاذ الوقت فيقول : ُيسأل فيتر ّ
أنزل أنزل ..نعم أنزل خيرا ً . .الخ .وهذا
يحدث في المخاطبات ،ولكن هل يقاس
1
2 215
3
القرآن الكريم على المخاطبات الشاذة
والخاطئة ؟ وهل يقاس ) الذين اتقوا (
بالطلب الكسالى ؟
هبهم لم ينتفعوا من القرآن في تصحيح
المخاطبات أفيكون البديل هو حكم القرآن
بالمخاطبات الخاطئة واعتمادها لتبرير وجود
الحذف ؟ .
ة ـ
ة جلي ٍ
إن المثال النف يكشف لك بصور ٍ
دية ـ يكشف لك
ي مثال آخر تناقشه القص ّ
كأ ّ
جر الذي طال العتباط بحيث أن
عن مدى التح ّ
الموارد التي ل تح ّ
قق له غاياته ول ترتبط
بأهدافه لم يحسن توجيهها ليحيط افكاره
بأكبر قدر من الحيطة كما هو مفروض بل
عاملها بعشوائية أيضا ً .وهذا كله تحقيق
لقوله تعالى :
)إأن الله ليهدي من هو مسرف ك ّ
ذاب ( /
غافر 28
أو قوله :
ضل الله من هو مسرف مرتاب ( /
) كذلك ي ّ
غافر 34
1
2 216
3
ويمكنك أن تتأكد في مثل هذه الموارد
بوضع صيغة ملئمة للسؤال ـ فالتقدير
العتباطي ) أنزل خيرا ً ( ليس سؤاله ) :ماذا
انزل ؟ ( بل سؤاله ) :ماذا فعل ؟ ( والجواب :
أنزل خيرا ً ،لجل إدخال الفعل في الجواب
ب من أن الستفهام هو عن الفعل بسب ٍ
تحديدا ً ـ وهو أمٌر تعلمه جميع المم اللغوية ال ّ
أمتنا !! .
واذا كان ذلك عجيبا ً فالعجب منه تسالم
من جاء بعدهم على هذه الخطاء حدّ أن بلغ
المر في العصور اللحقة أن الدارسين صاروا
ينظرون الى أبحاث السلف نظر الجاهل الى
ما فعله العالم ولسان حالهم يقول :إذا كانت
اللغة لغتهم والفصحى كلمهم فأّنى لنا ونحن
نتحدث باللهجات العامّية أن نبلغ ما بلغوه من
معرفتها ؟ .وماعلموا أنهم لن يبلغوا ما بلغوا
من تدميرها وهذا هو منتهى التراجع وانعدام
الثقة بالنفس .
فالعتباط قد أعلن عن نفسه وأهدافه في
مواضيع ومؤلفات ل حصر لها ـ وليس كشفها
1
2 217
3
عسيرا ً على المبتدئين فضل ً عن ذوي
الدراسات المتخصصة .
وقد قالت العتباطية بشأن الحذف
واختلف من ّ
ظريها حول اللفاظ المحذوفة :
دد المحذوف بين الحسن والحسن
) ومهما تر ّ
وجب تقدير الحسن لن الله وصف كتابه بأنه
أحسن الحديث فليكن محذوفه أحسن
1
المحذوفات (
وبهذه المناسبة تشكر القصدية جماعات
العتباط على إصدارهم هذا القانون
الحتياطي ،ولكنها تسأل أيضا ً ما هو الح ّ
ل اذا
دد بين القبيح وما هو أقبح منه من
كان التر ّ
وجهة نظر جماعة لغوية أخرى ؟ ! .
2
3
4 218
5
ثان وشبه جملة من جار ومجرور ...والتركيب
كله بالترتيب القياسي البسيط ليس فيه
تقديم ول تأخير ! .فلماذا تصّر العتباطية
على تقدير لفظ محذوف قبل لفظ ) الكعبة (
دره ) أبو علي ( أو
هو ) نصب ( على ما ق ّ
دره غيره!.
) حرمة ( على ماق ّ
ثم وجدوا أن ) حرمة ( أحسن من ) نصب (
دروه بهذا اللفظ .
فق ّ
فما فائدة ) حرمة ( وهناك تمييز أو بدل
ضح للكعبة كونها ) البيت الحرام ( ؟ فقالوا
مو ّ
) نصب ( … :لن ) حرمة ( أفصح من
وتركوا الية وتجادلوا حول الحرمة والنصب
مع غياب تلكم اللفاظ فيها! .
وتلك فصاحة العتباطية ) :حرمة الكعبة
البيت الحرام ( !
در العتباطية اسما ً
وعلى ذلك لماذا لم تق ّ
ل فعل أو بعد ك ّ
ل جعل !؟. آخر بعد ك ّ
مثل ) :وجعل الشمس سراج ا ً ( فتقول :
وجعل ) فلك ( أو ) ضوء ( أو ) وجود ( أو
) شأن ( ..الخ .ولنستمر في المناقشة حول
1
2 219
3
در
المقدرات ونترك اليات لننا يمكن أن نق ّ
أي شيء ملئم في ك ّ
ل تركيب قرآني بل
استثناء إذا أخذنا بقوانين العتباطية
وفذلكاتها ! .
/البقرة 3
قالت العتباطية اي ) بالغيب والشهادة (
والخير حذف . 2
خلطت العتباطية بين هذه الية وبين قوله
) عالم الغيب والشهادة ( ـ بين الله العالم
والنسان ) المؤمن بالغيب ( ـ إذ كيف يؤمن
المرء بالشهادة والشهادة حضوره الني ولكل
كائن حي شهادته وحضوره ! فخلطت بين
العلم واليمان وبين اليتين .وفي هذا تلحظ
العتباط غارقا ً في الوحل الى أذنيه ! .
) ورب المشارق ( /الصافات 5 /5 /
1 في التقان ـ 130ـ وفي مؤلفاتهم الخرى ـ باب الحذف . 2
2
3
4 222
5
معاذ الله ،ولئن سألتهم :هل كان عجل ً
فتركه هنا ؟ ليقولن :سبحان الله ،قل :
فأِذن لكم أن تأخذوا لفظ ا ً من موضع فتجعلوه
في موضع آخر ؟ سيقولون :ل ! ،قل :فهل
تعلمون مافي نفسه كما يعلم مافي
انفسكم ؟ سيقولون :ل ،قل :فهل ترك
لفظ ) المغارب ( هنا لغاية يقتضيها المعنى
أم اعتباطا ً ؟ ) ...فسينغضون اليك رؤوسهم
ويقولون . ( ...
ويتضح لك من هذه التساؤلت المفترضة
طبيعة الحل القصدي وعلقته بالنص مقابل
العتباطية التي تحاول إغفال الغايات
ددة للنص بحسب مراد القائل .
المح ّ
البقرة 171
ص ل ً في كتاب النظام القرآني
لحظناه مف ّ
حيث جعلوا المثل للرسول ) ص ( والناعق هو
بينما المثل للذين كفروا ،وهذا يظهر من
نظام المجموعات والعلقات اللفظية
1
2 223
3
المشتركة .والغاية منه واضحة ! فشخصية
المتلقي للكتاب هي الهدف الثاني من أهداف
العتباط .
13
قالوا :أي وما تحّرك فحذف .
ومناقشته شبيهه بمناقشة ) ورب المشارق
( في الفقرة . 5 /وهذا على العموم لبطال
مقولت العتباطية .اما مناقشة النص نفسه
فهي كباقي النصوص غير ممكنة في هذا
المختصر .
1
2 230
3
المبحث الرابع عشر
تقديم الخبر على المبتدأ
2
3
4 232
5
وأريد من القارئ هنا التوقف لملحظة
مد والتلعب باللفاظ في مثل
) الكذب ( المتع ّ
هذا النموذج .فالشاعر يقول :بنونا ـ على
الحقيقة ـ هم بنو أبنائنا ـ أما البنات فأبنائهن
من ذرية رجال أباعد .فالجملة ل يمكن
تغييرها ل تركيبا ً ول معن ً
ى )بنونا بنو أبناءنا (
ـ وبنونا مبتدأ وبنو أبناءنا خبر ـ وهو تعريف
للبنين ،وإجابة على السؤال :من هم بنونا ؟
الجواب :بنونا بنو أبناءنا .
وإنما جمال البيت هو في تقديم المبتدأ ـ
فلنه معلوم إذ ل أحد ل يدرك من هم ) البنون
( كان ذلك بمثابة الثارة للسامع ليسمع
تعريفا ً جديدا ً للبنين مقصورا ً على بني
البناء .إذن المعنى هو على جعل البنين بني
البنين تحديدا ً .فليست غاية الشاعر أصل ً
تعريف بني البناء وإنما هو التعريف بالبناء
الذين يراهم ) هو ( أبناءً فعليين ! فهو يجعل
البنين الفعليين بني البنين دون بني البنات .
ول يعزب هذا الفهم عن العتباطيين
المولعين بالنساب والحساب ،والذين
1
2 233
3
وة لبني البناء الذكور تملقا ً
يقصرون البن ّ
للتيار العباسي الذي يجابه التيار العلوي بمثل
هذه الفكار باعتبارهم بني البناء وأولئك بني
البنات إشارة الى الزهراء ) ( υبنت النبي
) ص ( ـ ل تعزب هذه المفاهيم عن التيار
العتباطي ـ والبيت إنما هو من وسائل
الدعاية لهذه المسألة .
ول الى بني
ولكن ما دام التعريف يتح ّ
البناء ـ وهم أكثر أهمية لنهم المقصودون
بذلك وما دام ذلك ليس فيه إل ّ مزيد شرف
للممدوحين ويحل اشكال ً في التقديم وتأخذه
الناس على أنه شاهد لتقدم الخبر فلماذا ل
تحاوله العتباطية ؟ بل تحاوله حتى لو ناقض
مباحث الدللة وناقض المنطق اللغوي وناقض
مراد الشاعر ـ لن التناقض ليس اسلوبا ً في
العتباطية ـ بل التناقض هو هدفها من
العملية كلها .
1
2 234
3
المبحث الخامس عشر
تقديم بعض السماء على بعض
في القرآن
1
2 238
3
/ص ] العزيز الغفار 66
/ المائدة .. ] عزيز ذو انتقام 95
الخ
] العزيز الحميد
/ 8البروج / 1 ،إبراهيم .
ص المتكونة من جملة
الثاني :في النصو ُ
طويلة نسبيا ً يمكن إحداث ) تقديرات (
للتقديم والتأخير فيها .
وضربنا لذلك مثال ً في كتاب " النظام
القرآني " وهو واحد من مئات التقديرات
وكما مّرت عليك في فصوله الخرى تقديرات
مماثلة لتراكيب متوسطة وحروف .وفي هذا
النوع يجد العتباط لنفسه ) مرتعا ً ( غنيا ً
بأنواع التأويلت والتقديرات من التقديم
والتأخير ـ متناسيا ً إقراره باحتمال تح ّ
ول
) المعنى الى ضده ( ـ ولكن النا المتعاظم
ه في تحويل
في ذات العتباطية يجد بغيت َ ُ
المعنى الى ضده في مقابل المتكلم!
وللتأكد من ذلك ماعليك ا ل ّ أن تفتح أي
كتاب تفسيري أو نحوي من أي موضع تشاء
م فيها
لتعثر هناك على نصوص قرآنية وأدبية ت ّ
1
2 241
3
تحريف النص ) عن قصد ( عن سياقه الذي
وضعه القائل فيه ! وسأذكر لك الن المثال
الذي أمامي للزملكاني :
ففي قوله تعالى ) :وجعلوا لله شركاء
الجن ( ـ فهذا النص ل يحتاج الى تقدير وإنما
الى شرح ـ ولكن هل يمر العتباط ليشرح
النص من غير أن يلقي عليه ظلله وذاتيته ؟
ف أن الله في موضع
قال ) :وليس بخا ٍ
مفعول ثان لـ ) جعل ( وشركاء مفعول
أول ( .
وأنت تلحظ جيدا ً أن الفعل ) جعل ( يعمل
بصورة متنوعة فيأخذ مفعول ً واحدا ً مثل
) جاعل الظلمات والنور ( أو مفعولين اذا كان
الجعل على الصطلح بمعنى ) التحويل (
للشيء من هيئة الى هيئة مثل ) :جعلت الماء
ثلجا ً ( .وبحسب النحو فإن هذا يمكن أن يع ّ
د
حال ً ولكنه يعرب كمفعول .
ولكن حينما تقول ) :جعلت لك حارسا ً أو
راتبا ً ..الخ ( فالمفعول واحد والصل جعلت
حارس ا ً ولكن السامع يسأل :لمن ؟ فتقول :
1
2 242
3
جعلت لك حارسا ً .
وفي الية :أنهم جعلوا الجن شركاء لله ،
فلفظ الجللة لم يقع عليه فعل وإنما لزمه
تمليك شركاء لم ينزل بهم سلطان .والجعل
منصب على الشركاء الذين هم الجن .
ثم زعم أن هذا التخريج هو الذي يجعل
النكار على إطلقه قال :كأنه قيل :فمن
جعلوا شركاء ؟ قيل :الجن .
د :إن المر لو كان
ه شدي ٍ
لحظ معي بانتبا ٍ
على هذا التقدير لما كان هناك إنكار على
مطلق الشركاء بل على نوعهم فقط :من
جعلوا شركاء لله ؟ الجواب :الجن .هذا
مستنكر جدا ً يجب أن يجعلوا غيرهم شركاء !!
فهل فهمت الن ما تبغيه العتباطية ؟ .
في حين أن السؤال المصاغ على النص
القرآني هو :ماذا جعلوا لله ؟ السؤال نفسه
الن تهتز له الجبال وتنشق الرض لنه ليس
ثمة مخلوق يجعل لله شيئا ال ّ أن يكون فداءً
قب وهو خائف أو حمدا ً أو نذرا ً .فالسائل يتر ّ
أن يجعلوا شيئا آخر .أما سؤال الزملكاني
1
2 243
3
فهو خلف الترتيب ويجعل موضوع الشركاء
مفروغ ا ً منه والسائل يستفهم فقط عن
نوعهم ! إذ يبدو أنه يريد أن يكون أحدهم !
السؤال القصدي هو :ماذا جعلوا لله ؟
الجواب :جعلوا لله شركاء ! يا للهول ! ومن
ذا يشارك الله !؟ فيقوم السياق بتهويل جديد
للسامع فيقول كما هو في ) مسرح ( وكلم
حي مستمر :الجن ! فيصعقه الن بلفظ
دد نوع الشركاء كونهم مخلوقات فانية
يح ّ
خلقها الله .
ثم قال وكأنه مسروٌر لكتشافه قانونا ً في
اللغة تعليقا ً على شرحه الية :
ن الصفة إذا ذكرت مجردة عن
) ل ّ
الموصوف كان الذي تعلق بها من النفي عاما ً
في ك ّ
ل ما يجوز أن تكون له تلك الصفة ( .
وأطلب من جميع السادة القراء في العالم
السلمي التح ّ
قق معي في هذه العبارة
دث
وأمثالها والتي جاءت بعد نص قرآني يتح ّ
عن ) التوحيد ( و ) اتخاذهم شركاء لله (
وعلى المة المتابعة للجرجاني وتلمذته
1
2 244
3
الجابة على السئلة التية :
الول :كيف تذكر الصفة مجردة عن
الموصوف ومع ذلك يكون النفي عاما ً في ك ّ
ل
ما يجوز أن تكون له تلك الصفة ؟
فالجواز يعني إمكان التصاف بتلك الصفة
والنفي في هذه الحالة ل يكون حقيقيا ً !
فضل ً عن أن يكون مطلقا ً .
الثاني :هل هناك من مثال لتجريد الصفة
ن
عن الموصوف مع هذا الجواز والنفي في آ ٍ
ة أو استعمال ً أو منطقا ً سوى الية
د لغ ً
واح ٍ
موضوع البحث من خلل تقدير أن لفظ
الجللة مفعول ثان وأن السؤال هو ) :فمن
جعلوا لله شركاء ؟ ( .
ل َلغو
كل .لن يجد العتباط مثال ً من ك ّ
م ! ناهيك عن لغاتها .
م َ
ال ُ
الثالث :هل الجملة تلك متعلقة بالتقدير
والشرح والمراد أن نفهم أن صفة الشركاء
جائزة ولكنها ل تجوز للجن وحدهم من جميع
الوجوه ! فالطلق منحصر بهم وحدهم ؟
الرابع :إذا كان المر كما ذكرنا فلماذا
1
2 245
3
تراجع بعد هذه السطور فقال ) :لو قال
وجعلوا الجن شركاء لله كان الجن مفعول ً
أول والشركاء مفعول ثان ولتوجه النكار الى
خصوص الجن ( وهو كلم صحيح الن ولكن
هذا التركيب هو جواب السؤال المقدر :
) فمن جعلوا شركاء لله ( ؟ الجواب :جعلوا
سر
الجن ! والذي جعله لتركيب الية .هل تف ّ
هذا التصرف على أنه اعتباط محض أم أنه
شعر بتجاوز الحدود المسموح بها فأضاف هذه
الفقرة ،والتي غفل إنها قد أبطلت السؤال
در الذي وضعه قبيل ذلك وأثبتت بدل ً عنه
المق ّ
السؤال القصدي ؟ ! .
وحينما أراد شرح هذا المر قال :
) إذا قلت ) ما في الدار كريم ( كنت قد
نفيت الكينونة في الدار عن ك ّ
ل من يكون
الكرم صفة له وحكم النكار أبدا ً حكم النفي (
.وتتوجه هنا أسئلة أخرى :
الول :إن الجملة في المثال منفية فما
علقتها بالجملة القرآنية التي تفيد الثبات
حيث أثبت عليهم جعلهم شركاء لله .والنكار
1
2 246
3
إنما هو ضمني لكون الشركاء محال بينما
وجود كريم في الدار ) للجملة المنفية ( ليس
محال ً !
الثاني :المتعلقات الخاصة باللفاظ ـ
فالدار تتصف بوجود كريم أو انتفاء هذه
الصفة عنها من خلل جملة خبرية فهنا
طرفان فقط .
اما الية فالطراف ثلثة ـ الجاعلون ،
ولفظ الجللة ،والشركاء فأين المتصف جوازا ً
بصفة نفيت عنه بالنكار الذي حكمه حكم
النفي فليس ثمة نفي أو إنكار بالمعنى
اللغوي في الية ـ بل النكار أمر يخص
السامع وهو تحصيل حاصل من إثباتهم شركاء
.واذا قال هو ) الله ( فذلك غايته .
وقد ذكرت في كتاب سابق أن أي تمثيل
للنص القرآني من قول الخلق هو تحجيم
للنص القرآني وعمل اعتباطي يقلب معنى
النص الى ضده .
وفي الجمل الطويلة أيضا ً يقوم العتباط
بتقدير مفردات والفاظ يضعها هو مثل وضع )
1
2 247
3
يقولون ( في سياق آيتين فيتحول المقول
من كونه مقول لله الى مقول للكافرين ويتم
بذلك تمرير افكار فلسفية في الجبر والقدر
وغيرها وهي جزء من الفكر العتباطي مّر
عليك مثال لها في آية وما أصابك من
مصيبة فمن نفسك ـ في كتاب النظام
القرآني .
وبامكانك ملحظة التقدير العتباطي لقوله
تعالى :
] إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون
والنصارى من امن بالله واليوم الخر فل
/المائدة خوف عليهم ولهم يحزنون
58
قال العتباطيون :الصل إن الذين آمنوا
والذين هادوا والنصارى حكمهم هو كذا ،
والصابئون كذلك على حد ما قاله الشاعر :
بغاة مابقينا أل فاعلموا إ ّنا وأنتم
1
في شقاق
2
3 248
4
قال :أي فاعلموا إّنا بغاة وكذلك أنتم لن
الخبر يجب أن يأتي أول ً فتع ّ
جل الشاعر
ذكرهم لنهم أكثر بغي ا ً من قومه .
وهكذا ترك العتباط الية وعّلقها على ما
هو مثل معنى بيت الشعر .وأود من القارئ
أن ينتبه معي الن ويراجع نص الية فان
المجموعات المعطوف بعضها على بعض هي
بالترتيب اربع مجموعات ) :إن الذين آمنوا ،
والذين هادوا ،والصابئون ،والنصارئ ( .
والعتباط أخرج الصابئين فقط من النص
دم الخبر وتم تزحيف النصارى مع أن
وق ّ
) الصابئين ( قبل النصارى في الترتيب.
لماذا ؟ لن المؤلف أراد اعتبار ) الصابئين (
أشرارا ً بما يكفي لبعادهم وتأخيرهم .مّرة
أخرى أؤكد أنه قد قام بذلك بالرغم من أن
ترتيبهم هو الثالث والنصارى هو الرابع .
انظر ما قال ) :ذلك لن الصابئين أبين
هؤلء المعدودين ضل ل ً وأشدهم غيا ً وما
سموا صابئين ال ّ لنهم صبئوا عن الديان
ُ
كلها ( !!
1
2 249
3
وذكر الماتريدي في وجوه التفسير الشيء
نفسه وأبعد الصابئين قال:
) وقيل فيه تقديم وتأخير كأنه قال أن
الذين هادوا والنصارى من آمن منهم بالله
واليوم الخر والذين آمنوا ( . 2والوجوه
مذكورة في أكثر التفاسير المطولة .وخل
هذا الوجه تماما ً من الصابئين كما ترى .
ولكن العتباط ينسى أنه حينما يريد تعريف
الملل ،فقريبا ً جدا ً يقول عن الصابئة :
) إنهم قوم يعبدون الكواكب ويذهبون
مذهب الزنادقة ويقولون بإثنين ل كتاب لهم
ول علم لنا بهم (
ومعلوم أن هذه العبارة متناقضة فالزنادقة
شيء وعبدة الكواكب شيء وأهل اللهين قوم
القول ) ل علم لنا غيرهم وكلها تناقض
بهم ( فمن أين جاءوا إذن بهذه المعلومات ؟
وكما تلحظ في العمل التفسيري فان
) رائحة ( الترويج لليهود والنصارى دون
الفئات الخرى واضحة وظاهرة .
2
3 250
4
والعتباط ل يدرك بالطبع أن هناك آيتين
) متشابهتين ( في هذا السياق وأنه يقوم
بعمل مختلف عند شرح ك ّ
ل منهما في موردها
.ففي آية البقرة :
] إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى
والصابئين من آمن بالله واليوم الخر وعمل
صالحا فلهم أجرهم عند ربهم ول خوف عليهم
ولهم يحزنون
حيث جاء ترتيب الصابئين رابعا ً استبعدوهم
من الجر والمان من الخوف وفي آيه المائدة
خروهم مع
حيث جاءوا بالترتيب الثالث أ ّ
) خبرهم ( في جملة مقدرة الى الترتيب
ل ذلك ل نجد شيئا ً له علقة
الرابع وفي ك ّ
بالتفسير ..إنما له علقة بالهداف
والصراعات المّلية .فكيف تريد من الفكر
العتباطي اللغوي أن يخبرك عن سبب التغّير
في الترتيب بين النصارى والصابئين دون
الفئتين الخريين في النص القرآني بين
المائدة والبقرة والعتباط مشغول بالبحث
صه هو مقابل النص ؟؟ .
عن ترتيب جديد يخ ّ
1
2 251
3
وانظر الن من هو الذي صبأ فعل ً عن
الديان كلها ؟
فإن هذين النصين قد فضحا الفكر
العتباطي من جهة أخرى .فالمجموعات
الربعة جمعها الله في مّلة واحدة بمواصفات
حدة هي ) اليمان بالله واليوم الخر
مو ّ
والعمل الصالح ( ـ ولم يشترط شروط ا ً أخرى
صص اليمان برسول معين وذلك هو ماتمّيز
تخ ّ
به ) السلم المحمدي ( ،فإذا آمنوا بشريعة
النبي ) ص ( فقد خرجوا من تسمية ) نصارى
وصابئين وهادوا ( ـ والنص القرآني أبقاهم
جم في مّلتهم مع تلك الشروط ف َ
ش ْتمهم والته ّ
عليهم ل يتجزأ أي أنه شتيمة للسلم
) الذين آمنوا ( به المحمدي وللصحابة
ولكل مؤمن بالله يعمل صالحا من ك ّ
ل الماكن
والزمان حيث هم إحدى المجموعات الربعة .
ب
فأقرا الية لترى أن العتباطية وهي تس ّ
رج بهذا السبإحدى المجموعات إنما ُتخ ِ
نفسها من المجموعات الربعة .فالعتباطية
تشتم ) الصحابة والتابعين والتابعين لهم
1
2 252
3
باحسان ( وكل مؤمن الى يوم الدين .
ولربما تدرك جيدا أن المجموعات الربعة
هي التجاه القصدي وهي مجموعات فردّية
متفرقة في الملل ،وان العتباط هو الكثرية
وغاية العتباط بالطبع هو تأجيج الصراعات
والحروب وإثارة الفتن وهو نقيض الغايات
التي جاء بها السلم من الجمع والتوحيد .
والعتباطية لم تستخدم هذين الموردين
فقط لتحقيق أهدافها في الصراعات وتفريق
الملل والشعوب وإنما استخدمت ك ّ
ل النصوص
ذات العلقة .
دية
والسلوب هو نفسه اي شتم القص ّ
وحرف الناس عنها من خلل القصدية
ونصوصها ـ فحيث ل يمكن للعتباط من الجهر
بمحاربة الدّين يقوم بمحاربته من داخله ـ
والعتباط في الملل الخرى يؤدي الدور
مصطلح نفسه .ففي الغرب يستخدم
) المحمديون الوثنيون ( ،والعتباط
) المسيحي واليهودي ( يتمّلق الدين بشتم
نفس الدين من خلل تسمية أخرى ـ تماما ً
1
2 253
3
مثلما يفعل العتباط في ) السلم ( حينما
يقوم بمحاربة السلم من خلل عناوين أخرى
.
فمن النصوص المستخدمة جميع النصوص
المتعلقة بالتسميات :النصارى ،أهل
النجيل ،اليهود ،الذين هادوا ،بني
إسرائيل ،الذين أوتوا الكتاب ،الذين آتيناهم
الكتاب ..الخ .ومعلوم أن هذه اللفاظ
والمركبات المتنوعة في القرآن تحمل دللتها
المستقّلة ،فكانت المرادفات هي السلح
المكين للعتباطية لخلط المور وتمرير
أفكارها ـ ومثال ذلك أنها استعملت اليات
التي تهاجم فئات معينة لتفسير آيات أخرى
تتحدث عن القصدية ووحدتها العامة في
القرآن ـ واشاعت أن العهدين القديم والجديد
ليس فيه شيء من كلم الله ،وإن وجد فهو
منسوخ وذلك لفراغ القرآن من محتواه
الشمولي باعتباره ) مهيمنا ً ( على الكتاب و
دقا ً ( لما بين يديه من الكتاب وشارحا ً
) مص ّ
لغوامضه بما فيه من نظام محكم وصارم
1
2 254
3
فكانت تلك الفكرة التي هاجمت ظاهريا ً أهل
الكتاب هي بغية العتباطية في أهل الكتاب
وهدفها ـ كما في قوله تعالى ):كلما أوقدوا
نارا للحرب اطفأها الله ( ـ إذ التفريق وتأجيج
الحروب هو طبيعة من طبائع العتباط .لحظ
بعض النصوص :
ه فيه ل النجيل بما أنز َ
ل الل ُ ] وليحـكم أه ُ
ه فأولئك هم م يحكم بما أنز َ
ل الل ُ ن لَ ْ
م ْ
و َ
الفاسقون .
ويدل النص على أن ما أنزل الله في
النجيل موجود والقرآن يطالبهم بالحكم به
أو بينما يشيع العتباط أنه ل وجود له
) منسوخ ( أو ) محّرف ( !!
] إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونوٌر يحكم
بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا
والربانيون والحبار بما اسُتحفظوا من كتاب
الله وكانوا عليه شهداء فل تخشوا الناس
واخشون ولتشتروا بآياتي ثمنا ً قليل ومن لم
يحكم بما انزل الله فاولئك هم الكافرون
44 المائدة /
1
2 255
3
ويشير النص بوضوح الى التيار القصدي
الذي يدرك ما استحفظ من الكتاب والذي
يخشى الحكم به من الناس فيطالبه القرآن
ال ّ يخشى الناس .ول ّ
ما أشار النص الثالث
المتعلق بهذا الترابط بين الكتب في تصديق
بعضها لبعض وطالب النبي ) ص ( بالحكم لم
يذكر الحكم بما أنزل الله في القرآن خصوصا ً
ه
ة مطلق ٍ
بل طالبه بالحكم بما انزل الله بصف ٍ
وشمول الكتب كلها بالحكم لحظ النص :
دقا ً لما
] وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مص ّ
بين يديه من الكتاب ومهيمنا ً عليه فاحك ْ
م
بينهم بما أنزل الله ول تتبع أهوائهم عما
ل جعلنا شرعة ومنهاجا ولو
جاءك من الحق لك ٍ
ة واحدةً ولكن ليبلوكم في
شاء الله لجعلكم أم ً
المائدة 48 / ما آتاكم
فالشرعة والمنهاج شيء واليمان بالله
واليوم الخر والعمل الصالح شيء آخر .إن
الشرعة والمنهاج هي اسلوب العمل الصالح .
ولك أن تلحظ أن النص اشار الى إنزال
الكتاب وهو في منهجنا القرآني قطعا ً ليس
1
2 256
3
القرآن فقط .وإنما هو الكتاب الكلي الذي
يشتمل على ك ّ
ل الكتب السابقة ويزيد عليها
فلحظ دخول ) من ( البعضية على الكتاب
دق لجميع
الثاني ـ فالكل مهيمن ومص ّ
الجزاء .والعتباطية ل تدرك بل ل تريد أن
تدرك الفوارق اللفظية ول تمّيز بين الوحي
والتنزيل والنزال ،ول تفّرق بين الكتاب
والقرآن وما هو من الكتاب ول تعلم ول تريد
أن تعلم الفرق بين اهل الكتاب والذين أوتو
الكتاب ..الخ فعملها وغايتها هو العتباط .
ن الفكر العتباطي يحاول
وبصفة عامة :فإ ّ
ضل الخوض في
تجّنب النظام القرآني ويف ّ
المجازات والحتمالت .وحينما يبّرر هذه
العملية فإنه يرد على نفسه ـ فالمبرر الذي
تكرره العتباطية هو أن القرآن ل يعلم تأويله
إ ل ّ الله .فهنا مناقشتان تص ّ
حان لسكاته .
الولى :إن التأويل المطلق ل يعلمه إل الله ـ
لن الفاظ هذا النص مطلقة فل يمنع ذلك من
دخول التأويل الممكن معرفته والذي هو جزء
من المطلق ،إذ لو كان المعنى ل يعلم أحد
1
2 257
3
د من الحدود فإنزاله عبث تأويله مطلقا ً بأ ّ
ي ح ٍ
وإذا كان يعلمه أفراد على الخصوص فِلم ل
تّتبع العتباطية أولئك الفراد ؟
والثانية :إن تأويله ) أي حقيقة مطابقة
معانيه للفاظه ( إذا لم يكن ممكنا ً فمن أجاز
دي لتأويله ؟! إذ السكوت أولى
للعتباط التص ّ
بها ! .
لكن العتباطية شأنها التناقض أبدا ً في
المبادئ والسلوك فوجود الفراد القصديين
القادرين على تأويله يمنعها من القيام
بتأويله وبهذا الخصوص تقّرر أن ل أحد يعلم
تأويله .وعند غيابهم تقّرر إمكانية تعديد
الحتمالت والوجوه لتأويله ،فأخذ القليل
خير من ترك الكثير ! .لكن القليل من
العتباط هو شر فما بالك بالكثير !
فالعتباطية حصرت التأويل بنفسها وهذا هو
المطلوب.
وحينما يقوم الفراد بمتابعة تأويل
العتباطية فإنما يقومون بمتابعة من هو
) مثل الحمار ( لن ذلك هو المثل القرآني
1
2 258
3
ة
مل المانة لشخوص ل يحملوها ) أمان َ
لمن يح ّ
هم النص اللهي ( : َ
ف ْ
م
ملوا التوراة ثم لـ َْ ] مثل الذين ّ
ح ّ
ل أسفارا . ر يحم ُ
ل الحما ِ
يحملوها كمث ِ
والتابع أدنى رتبة من المتبوع فيلزمه
انطباق المثل عليه بصورة أشمل .
ومعلوم أن العتباط يحتال على هذا النص
كما يحتال على غيره لنه يشعر أن النص
يتحدث عن العتباط .
بيد اننا نكشف في النظام القرآني
الفوارق الكبيرة بين ) الذين آتيناهم الكتاب (
و ) الذين أوتوا الكتاب ( .فالمجموعة الولى
نسب فيها التيان الى السماء والسماء ل
تختار ال ّ رجال ً صالحين يؤتيهم الله علما ً لدني ّ ا ً
لمعرفة الكتب المنزلة وأنظمتها .أما الذين
أوتوا الكتاب بالبناء للمجهول فهم مذمومون
في جميع الموارد بعكس المجموعة الولى ،
لن هؤلء سّلمتهم المم مهمة الكتاب ولم
يسّلمهم الله هذه المهمة وقبلوا بذلك
مل
لحمقهم وغباءهم فلم يقدروا على تح ّ
1
2 259
3
المانة وخانتهم اللغة ونظامها ففضحوا
أنفسهم.
ملوا التوراة إنما هم مجموعة
ح ّ
والذين ُ
فرعية من أولئك .
لكن العتباط حاول الحتيال على هذا
النظام الدقيق للستعمال القرآني فزعم أن )
الذين آتيناهم الكتاب ( هم ) أهل الكتاب (
حسب المرادفات وهم اليهود والنصارى .
والعتباط دوما ً يصنع ألفاظا ً يف ّ
سر بها
ألفاظ ا ً أخرى .من اجل ذلك تميز كتاب
"النظام القرآني" بوضع قواعد قاسية
لمجابهة العتباط وسلك منهجا ً محددا ً في
قصدية اللفاظ القرآنية سميناه هناك
) المنهج اللفظي ( ،ومثل هذه المباحث قد
ة .لكننا
ب لحق ٍ
صلة في كت ٍ
تأتي بإذن الله مف ّ
ن
ح إذا قرأت ما ذكرته بتأ ٍ
نعتقد أن المر واض ٌ
وراجعت الموارد القرآنية بخصوص تلك
اللفاظ ،وعليك أن تعلم أن النص اذا كان
يقصد ) اليهود والنصارى ( فقط جاء بمركب
يم ّيز به هذا الستعمال هو ) من قبلكم ( ـ
1
2 260
3
وعند غيابه فالمقصود بالطبع ) الحمير (
العتباطيين من جميع الملل على التمثيل
القرآني ) مع العتذار للقصدية هنا في
استعمال اللفظ مجردا ً عن أدوات التشبيه
وعلى الطريقة العتباطية ( .
1
2 261
3
المبحث السادس عشر
دم
في أسباب التق ّ
2
3 265
4
ىىىىىىى ىىىىىى :أرادت العتباطية وضع
قواعد الرتبة لللفاظ أيضا ً أسوةً بالعداد ! .
فزعمت أن قوله تعالى :
/ ] إنما أموالكم وأولدكم فتنة
التغابن 15 -
) تقديم الموال من تقديم السبب فإنما
يشرع في النكاح عند قدرته فهو سبب
التزويج والنكاح سبب التناسل فالمال سبب
للتنعم بالولد وفقده سبب للشقاء به ( .
ولكن العتباطّية وليس بعيدا ً عن هذا
الموضع بل في نفس الصفحة وما يتلوها
ذكرت سبب تقدم اللفاظ والمسميات في
قوله تعالى :
] ُز ّين للناس حب الشهوات من النساء
والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب
ومة والنعام والحرث
والفضة والخيل المس ّ
/آل عمران14 /
دم البنين هنا على المال !
فقد تق ّ
ب (
درت الية بذكر ) الح ّ
قالت ) :فلما ص ّ
دم ما هو الهم
اقتضت حكمة الترتيب أن يق ّ
1
2 266
3
فالهم في رتبة المحبوبات فأ َ ّ
خ َر ذكر الذهب
والفضة عن النساء والبنين لنهما أقوى في
الشهوة الجبلّية من المال فان الطبع يحث
على بذل المال لتحصيل النكاح والولد ( .
ويمكن للقصدية أن تسأل :إذا كان المر
ب أن يقول في الية الولى ) إنما
كذلك وج َ
أولدكم ( لن الولد أقوى في الشهوة وأهم
من المال الذي يبذل ) بالطبع ( لهما وبالتالي
تكون ) الفتنة ( بهما أشد وهي موضوع الية
الولى !
ففي نفس الصفحة يقدم العتباط المال
على الولد ثم يقوم بتقديم الولد على المال
د لتفسير آية أخرى بناءا ً على سب ٍ
ب واح ٍ
متلعبا ً باللفاظ !
مت العتباطية
ىىىىىىى ىىىىىى :لقد س ّ
الموارد النفة ) التقدم الذي يقع في محل
التعارض ( .
وقال الزملكاني :فحينئذ ـ أي عندما تكون
في ك ّ
ل من الشيئين صفة تقتضي تقدمه ـ
1
2 267
3
مها في ذلك المحل !! .
يكون الترجيح له ّ
فالنص المذكور متناقض من حيث أنه ل
صفة ثابتة للشيء تقتضي تعارضا ً مع الخر ـ
لمتابعة ) المحل ( ـ لكنه اضطر اضطرارا ً
وعند التطبيق كما لحظت جعل السبب نفسه
ينعكس ولم ُيسعفه المحل بشيء لنه ل غاية
له حقيقية في تدبره .فكذلك فعل في
) السماء والرض ( قال ) :وأما تقديم
السماء على الرض فلنها أكمل شرفا ً
ومستقرا ً ( .
وإن تأخيرها في آية أخرى ) آية يونس 61 /
( هو بسبب المحل إذ يتحدث وبحسب ما
تقدمه من آيات عن شهادته تعالى لعمال
الخلق .
ولما كانت آية سبأ تتحدث عن نفس
الموضوع ومع ذلك تقدم فيها ذكر السماء
على الرض فانه حاول إظهار المر وإخفاءه
د بعبارة غامضة حيث قال ) :وهذا
ن واح ٍ
في آ ٍ
بخلف الية في سبأ فأنها منتظمة في سياق
1
2 268
3
علم الغيب ( 1مع أن اليتين تذكران المر بصيغ
متشابهة وعلى النحو آلتي :
آية يونس :
] وما يعز ُ
ب عن ر ّبك من مثقال ذرة في
الرض ول في السماء / . يونس 61 -
2
3
4 269
5
درة تقديرا ً .
الخلق وما تعلق به من أرزاق مق ّ
2
3 270
4
] فصرف عنه كيدهن إنه هو السميع
العليم / يوسف 34
] وتوكل على الله إنه هو السميع العليم
/ النفال 61
] فسيكفيكهم الله إنه هو السميع العليم
/ البقرة 137
] ذرّية بعضها من بعض والله سميع عليم
/ آل عمران 34
] رّبنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم
/البقرة 127
بل يمكن القول إن هذا المر ّ
كب ) سميع
عليم ( مختص بالرحمة ،وإذا ورد في حالت
التجاوز فالمقصود به والمخاطب به أولئك
المبرءون من التجاوز مثل :
] فإنما إثمه على الذين يب ّ
دلونه إن الله
/البقرة 181 سميع عليم
) فالسميع العليم ( مر ّ
كب ) الطمئنان (
ونزول الرحمة وتبديل السيئات الى حسنات
فلحظ بنفسك بقية الموارد .
1
2 271
3
ىىىىىىى :إن الترتيب التنازلي هذا يقتضي
أن تكون صفاته تعالى متفاوتة وهي مشكلة
در العتباطية على حّلها إذا
كلمية ل تق ِ
افترضنا أنها لم تكن تنوي أصل ً أثارتها .
ي موضع بلغي يكون
ىىىىىىى :في أ ّ
الترتيب تنازليا ً في مسألة خصائص وصفات
للمتكلم ؟ فهذا خلف البلغة إذ يجب أن
تتصاعد الصفات ليسمع المتلقي ما هو أعلى
ل ما هو أدنى .
فلحظ أن المتنبي لو قال ) :القلم
والقرطاس يعرفني ( قبل الخيل والليل
والسيف والرمح لكان هناك خلل ل ينجبر .
ذلك لن الشجاعة في الحرب أكبر من الخروج
في الظلمة وهي عامة غير مخصوصة بعالم أو
م إليها المعرفة بالقلم
جاهل فلما ض ّ
والقرطاس وهي صفة أكبر زادت من خصائص
الشجاعة ـ إذ فهم السامع أن الرجل ليس
متهورا ً أو شجاعته شجاعة الجاهل بل شجاعة
معها معرفة وعلم وهذا يندر حصوله .ويبقى
الحل القصدي سائرا ً في نظام القرآن خاصة
1
2 272
3
ونظام اللغة ) :فالسميع( صيغة تفيد أنه
سامع لكل ما يقال ويفهم جيدا ً ما يسمعه
ولكن لما كان المركب بخصوص الرحمة
وعصمة المؤمنين من مصائب العتباطية
وقولها الزور فيحتاج الى ) علم ( بالذوات
ه مع
ونواياهم ـ وهذا هو السبب في استخدام ِ
الرسل والولياء لنه سميع للدعاء ولكل كلم
سرا ً وجهرا ً وعليم بنوايا ومصادر وموارد هذا
الكلم .
وحينما ل يتعلق المر بالذوات ونواياهم
يقترن مع السميع لفظ البصير حيث موارده
الخاصة تحتاج الى رؤية الحوادث والوقائع
والحركات فيجتمع هنا ) الفعل النساني (
بكامله لن فعل النسان الخارجي هو عبارة
عن ) قول وحركة ( فالصفات متعلقة
بالمخاطبين وترتيبها هو للمخاطبين .لحظ
الموارد :
1
2 275
3
ىىىىىىى ىىىىىى :في قوله تعالى :
] واسجدي واركعي مع الراكعين / آل
عمران 43 -
وقوله :
] للطائفين والقائمين والركع السجود
/آل عمران 26 -
تخّبطت العتباطّية في تخريج تقدم
السجود على الركوع في الولى وانعكاسه
في الثانية .فلم تتمكن بواسطة الرتبة من
ح ّ
ل هذا الشكال ولذلك قدمت ) متواضعة (
هذه المرة بعض القتراحات العتباطية وذلك
حينما جوبهت بالسؤال :
دم على السجود بالزمان
) إن الركوع مق ّ
والرتبة ومساس الرض ( !
فمن تلك المقترحات :
ن ) اركعي ( بمعنى ) اشكري ( ! وهكذا
أ .إ ّ
تتخلى العتباطية عن الدللة الشرعية
والعرفية والقتضائية والتضمنية وجميع
الدللت ! .
ي ـ كي
ب .إن ) اسجدي ( بمعنى صل ّ
1
2 276
3
تتقدم الصلة في عمومها على الركوع وهو
مثل الول .
ج .إن اسجدي :صلي في بيتك واركعي :
ة .
ي جماع ً
صل ّ
وهي محاولة للستفادة من عبارة ) مع
الراكعين ( وذلك بالرغم من أن المأمور امرأة
الجماعة ) أفضل ( .ولما كانت الصلة في
دوما ً في الحل العتباطي فقد انتقض الحل
واختل الترتيب .فقالوا :بل يبقى لن صلة
المرأة منفردة أفضل من صلتها في جماعة )
في جميع التفاسير المطولة ( .1
ديقة
والقصدية تسأل :ما ذنب هذه الص ّ
فيحرمها الله من الصلة الفضل ولماذا ل
يمنحها الحرية كي ل تحتسب حسناتها مّرة
أق ّ
ل ومرة أكثر ما دامت صلة الجماعة جائزة
لها وليست محرمة ؟ .
وكان المفروض أن الية الولى سائرة في
ن ) السجود مقدم بالرتبة على الركوع الح ّ
ل ل ّ
دم الركوع في الثانية وفي
( فلما وجدوا تق ّ
2
3 277
4
كعا ً سجدا ً ( ووجدوا
قوله تعالى ) تراهم ر ّ
تقدم الركوع في الزمان ومساس الرض في
الصلة انعكس المر فأصبحت الية الولى هي
المخالفة للحل العتباطي .
ل القصدي فواضح ـ إذ أنه ل يقّررأما الح ّ
ل لفظ بل التقديموجود رتبة محددة لك ّ
دده المتكلم لغاياته النية خلل
والتأخير يح ّ
الواقعة وموضوعها ومثلما أوضحناه في بداية
هذا الموضوع في العداد .
جه لمريم ) (υوهي امرأة ،
فالخطاب المو ّ
أجاز لها الشرع أشياء لم يجزها للرجل
وتسامح في عبادتها في مواضع عديدة
معلومة ـ في مثل هذا الخطاب يتوجه المر
من الحركة الدنى الى الحركة العلى .مثلما
ن ما ) :تحّرك قليل ً ( ثم تقول :
تقول لنسا ٍ
أمش ثم تقول :بل اركض إن قدرت ( ـ ولو
بدأت بالركض أول ً لما كانت هناك فرصة
لستئناسه وتطمينه على موافقتك إذا اقتصر
على المشي أو الحركة .فهذا الترتيب يمنحه
العزيمة على فعل الشياء كما رّتبتها له وهذا
1
2 278
3
واضح .فالحركة بشأن مريم ) ع ( انتقلت من
) اقنتي ( حيث القنوت مناجاة ل تحتاج الى
حركة الى ) اسجدي ( وهو أمر أعلى حركة
وصرف للطاقة وانتقلت بعد ذلك الى ) اركعي
( وهو أعلها حركة فقال ) مع الراكعين ( كي
ل يفوتها الركوع الذي يفعله الرسل والولياء
فليس ثمة صلة مفردة وصلة جماعة ـ إنما
هي معية لمثالها من الولياء في ك ّ
ل الزمان
.
أما اليات الخرى فهي بحركة معكوسة
لختلف المخاطبين والموضوع .
المر اللهي لبراهيم وإسماعيل هو تطهير
البيت ) وطهرا بيتي ( والسؤال المفترض
هو ) للطائفين الن هو :لمن ؟ والجواب
( ومعلوم أن الطائف ـ يطوف ويخرج فالحركة
الن تصاعدية :بل للقائمين أيضا ً ! وهؤلء
زمنهم أطول والخدمة التي يحتاجونها أكبر
ول زالت الحركة تتصاعد ) والر ّ
كع السجود (
وهؤلء بقاءهم أطول وخدمتهم أكثر فأعطى
) السجود ( دللة وصفية ووصف به الر ّ
كع
1
2 279
3
وذلك لمكانية أن يقوم الر ّ
كع بالسجود وتجّنب
ذكر طائفة رابعة وأوحى للر ّ
كع بضرورة
السجود مثلما أوحى للقائمين بضرورة الركوع
ومثلما أوحى للطائفين بضرورة القيام .
فبالنسبة للزائرين كان الترتيب تنازليا ً
وبالنسبة للمأمور بالتطهير وهو مركز هذا
الترتيب كان تصاعديا ً ) إذا خدمت الطائفين
فاخدم القائمين ( فكيف ل يخدم والعبادة
تتصاعد ؟ ) وإذا خدمت القائمين فاخدم الركع
السجود ( فكذلك يفعل .
أما الرتبة الذاتية للمفردة فهي موضوع
آخر في العبادة وتلك مسألة شرعية ،
فالترتيب نفسه أعلن أن القيام مع الطواف
أفضل ) لنفس الشخص ( من الطواف وحده .
وبالطبع فليس ثمة قيام بل طواف ! والقيام
أسهل والمثوبة أعظم .
وكذلك أعلن أن الركوع مع القيام أفضل
وليس ثمة ركوع بل قيام ! وكذلك المر في
السجود ـ وليست هناك أفضليات قائمة في
اللفاظ والرتب فالمر هنا عام للخلق كلهم ـ
1
2 280
3
ديقة ،فيحكم
وهناك خطاب خاص لمرأة ص ّ
ترتيب اللفاظ موضوعها والمخاطب بها
ومراد المتكلم وأحوال المتلقي وعلقته به ـ
شأنه شأن أ ّية عبارة يرتبها المتكلم في
موضوعها وأحواله .وفي القرآن تكون
المشكلة أكبر بكثير بل ل يمكن تقدير حجمها
لن الية ليست منتظمة في ذاتها فقط وإنما
هي متصلة لفظيا ً بجميع اليات بالقتران
المباشر وغير المباشر ـ فتحديد رتبة للفظ
إنما هو خروج تام عن هذا النسيج وفرار من
نظامه .
ى محددٌ في المنهج نعم للمفردة معن ً
اللفظي يتم بموجبه إلغاء المترادفات وهذا ل
علقة له بالرتبة المذكورة في العتباطية وقد
ضح لكم كما ينبغي .
تو ّ
1
2 281
3
المبحث السابع عشر
همزة الستفهام
2
3 284
4
متجددا ً ـ وأن المجيب والمحاور يكمل أحدهما
للخر جمل ً وعبارات ك ّ
ل ذلك ليس بغائب عن
العتباط .
فلماذا فعلت ذلك ومتى ؟
قررت العتباطية هذه القاعدة بصورة
مفاجئة خلل بحث الية :
] أأنت فعـلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم .
هم هذا فاسألوهم أن كانوا
ه كَبير ُ قال بل َ
فعل ُ
ينطقون / النبياء – .63
2
3 287
4
الكتب المنزلة ويبّينوا بطريقتهم ) اليات
البّينات ( .
وقد تقول أن المناقشة ل زالت قائمة مع
وجود هذا العرض الواضح لحيثياتها فما الذي
انتفعت به العتباطّية من الصرار على تضمن
الجواب ) ل ( ؟ إذ بدونها يبقى التناقض قائما ً
لنه يقول ) :بل فعله كبيرهم ( ؟ ونحن نعلم
أنه هو الفاعل .
والجواب على ذلك أن هناك فائدة ،
فالفائدة التي جنتها العتباطية هي جعل
التناقض شديدا ً بحيث يستحيل حّله بأي مقترح
لغوي مع وجود ) ل ( .
أما هكذا وعلى ألفاظ الية فالمر يأخذ
اتجاها ً آخر إذ أن إبراهيم ) ( υلم ينف الفعل
عن نفسه وإنما نسبه الى ) كبيرهم (
فالمناقشة في صحة هذه النسبة فقط .
وسأوضح هذا المر :
إن ) بل ( تفيد ) الضراب ( دوما ً .وهي
في الحل القصدي كأي لفظ آخر ل تتغير في
المعنى لحظ الية التية مثل :
1
2 288
3
مهم في الخرة بل هم في ] بل أدار َ
ك عل ُ
/النحل 66 ون
عم ُ ك منها ب ْ
ل هم منها َ ش ٍ
فالضراب من صفة الى أخرى أو فعل الى
آخر ل يلغي كون السابق حقيقة فإذا كانوا
دارك
في شك منها فل يعني أن علمهم لم ي ّ
في الخرة وإذا كانوا منها ) عمون ( فل يعني
أنهم ليسوا في شك منها بل هناك تدّرج في
تحديد وتخصيص وتشخيص حالتهم ـ أي ليسوا
في شك فقط إنما هم منها عمون أيضا ً .
والن انقل هذا المعنى للفظ ) بل (
وطريقته في العمل الى المحاورة :
أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم ؟
الجواب :بل فعله كبيرهم .
وهذا إضراب عن الفعل بمعنى فعلته أنا بل
فعله كبيرهم ـ تدّرج من ذكر المسبب الفرعي
الى المسبب الصلي الكثر تخصيصا ً .
إذن فهذا الحل هو نقيض التقدير
العتباطي الذي ل يفوته معنى ) بل (
وفائدتها في إكمال المحاورة من حيث انتهت
والنتقال الى فاعل اكثر تخصيصا ً .فان لفظ
1
2 289
3
) بل ( ل يلغي ما كان قبله من وقائع .
هكذا فإبراهيم ) (υلم يكذب في هذه
الجابة بل اقّر بالفعل مع نسبته الى
كبيرهم ،وهو يدرك جيدا ً أن القضية متلبسة
فيه والدلة قائمة عليه 1ويبقى فقط مناقشة
صحة النسبة الى كبيرهم .
فلنلحظ الن التوقعات :ماذا يتوقع
السائلون أن يجيبهم إبراهيم ) (υ؟
إن للقضية أوليات معلومة :
هم ى يذ َ
كر ُ الولى :إنهم سمعوا فت ً
ه إبراهيم .
ُيقال ل ُ
الثانية :إن محاورة شديدة اللهجة حصلت
بينه وبينهم قبل تكسير الصنام كانت الصنام
موضوعها ـ انظر الصافات 85 /ـ . 95
الثالثة :إن إبراهيم هو الوحيد الذي
يذكرهم .
سر الصنام وضع
الرابعة :أنه حينما ك ّ
جيد كبيرهم .
الفأس على ِ
1 ) 1إشارة الى المنهج اللفظي الذي يحدد أن عبارة ) فتولهم ضربا باليمين فاقبلوا ..الخ ( هي لواقعة
2 ) فجعلهم جذاذا ً ال كبيرا ً لهم ( والتي صمموا فيها على إحراقه بالنار وهي غيرها من حيث غير واقعة
3 ترتيبها الزمني ( .
4
5
6 290
7
إذن فالمتهم الوحيد ) هو ( والدلة كلها
ضده وليس هناك من سبيل لنكار ما فعله
دة مجادلته معهم .
وهو في أي غضبه وش ّ
والتوقع هو أن ينكر إبراهيم ) (υالفعل
وينسبه الى غيره أو ل ينسبه فلم يجب
بالجابات المتوقعة وإنما أجاب بـ :
ه كبُيرهم هذا فاسألوهم إن ] بل َ
فعل ُ
كانوا ينطقون
إذ يتوجب ملحظة ترابط هذه الجابات في
ألفاظها بصورة شاملة .
وقد علمنا أن ) بل ( ل تنفي ما سبقها من
أفعال وهي تظهر في المحاورات بخلف
ظهورها في الكلم المتصل من غير محاورة .
بمعنى أن ) بل ( ل تتصدر الكلم مطلقا ً ما لم
ور .والكلم
يكن هناك كلم سابق من المحا ِ
السابق هو َ أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا
إبراهيم ؟
والجواب بل فعله كبيرهم .إذن فلفظ ) بل
( يبني عمله على ما سبقه وهو ل يلغي أو
ينفي التهام إنما يضيف إليه فاعل ً آخر هو
1
2 291
3
كبيرهم .
بيد أنه يضيفه بشرط موجود في العبارة
ن كانوا ينطقون ، والتي يكمن
وهو إ ْ
فيها الحل القصدي .
ومعلوم أن العتباط ل يرضى بهذا التخريج
لنه سيزعم أن جواب هذا الشرط هو
) فاسألوهم (
وهذا خطأ لن إبراهيم ) (υل يعّلق المر
بسؤال الصنام على الشرط إ ْ
ن كانوا
ينطقون
وإنما يمكن أن يعلق الفعل المرتبط بهم
فقط أي بالصنام ل بالناس .
أي أن كبيرهم فعل هذا إن كانوا ينطقون
وجملة ) فاسألوهم (جملة معترضة .
كيف أوضح هذه المسالة الدقيقة ؟
إن إبراهيم ) (υيعلم أنهم يعلمون أن
الصنام ل ينطقون .لذلك فل يعلق السؤال
على هذا الشرط .لن السائل ل بد أن يسأل
ناطقا ً ل جامدا ً يستحيل نطقه .وقد ظهر ذلك
1
2 295
3
أمثلة متنوعة للعتباطية
2
3 298
4
ففي القصدية تجتمع ك ّ
ل المعاني المذكورة
د لكل حرف وتفصيل ذلك تجده
وح ٍ
ى م ّ
في معن ً
) باب في الكتاب المذكور
الهمزة ( .
1
2 299
3
المبحث الثامن عشر
أحـكام غيـر
2
3 301
4
الخر من خلل المذكور وعرفت المتروك من
خلل المخبر عنه فكيف قالوا أنها شديدة
البهام في ما تشير إليه ؟
وقد اق ّروا أن ) غير ( إذا وقعت بين ضدين
) ضعف إبهامها ( ـ وحينما قال ) ابن
دوه بقوله تعالى
السّراج ( أنها حينئذ تتعرف ر ّ
) :نعمل صالحا ً غير الذي كنا نعمل ( من غير
أن يقوموا بشرح البهام المزعوم .
فلحظ بنفسك أليس العمل الصالح معروفا ً
ومعلوما ً للسامع ؟ وانظر :أليس الذي هو
غيره من العمل ل يكون إل عمل ً طالحا ً ؟ ،إذ
ليس ثمة تصنيف للعمال في مثل هذا
العموم ال ّ هذا التصنيف فكل عمل أما أن
يكون صالحا ً أو طالحا ً وهو ما نعبر عنه
اختصارا بقولنا ) :صالحا ً أو غير ذلك ( .
فإن ) غير ( هنا تشير الى ) الخر (
المتروك ذكره من العمل وقد تم تعريفه من
خلل ذكر الول ـ فأين البهام في لفظ
) غير ( ؟ بل لفظ ) غير ( هو أشد اللفاظ
وضوحا ً .
1
2 302
3
وحينما قرأ بعض القصديين ـ بناءا ً على
الخبر ـ قوله تعالى :
النموذج الول
) التعارض بين آيات الخلق (
2
3
4 306
5
احسن الخالقين ـ رأيت كثرة الخالقين فل
تنافي بين نسبة الخلق الى المخلوق لتعدد
الخالقين في النص القرآني ـ ل تنافي ول
تعارض بينه وبين وحدة خالق الشياء كلها
فالمرين يقرهما النص القرآني نفسه وقوله
تعالى الله خالق ك ّ
ل شيء ـ هو الذي
يجّنب المتلقي من الوقوع في أي وهم من
هذا النوع فأبت العتباطية ال ّ التوهم ! .
لن ك ّ
ل الخالقين مشمولين بالشيئية فهم
أشياء وما خلقوه أشياء فقوله الله خالق
ك ّ
ل شيء ـ يعني أنه خالق لهؤلء الخالقين
ممن هم سواه إذ هو أحسن الخالقين وخالق
ك ّ
ل شيء .
فأين التعارض لتقول العتباطية أن
) تخلقون ( هنا بمعنى تكذبون ؟ وكيف تصح
الجملة عند البدال بهذا اللفظ ؟ فهل يصح
القول ) أنتم تكذبون إفكا ً ( ؟ .فالفك نفسه
شيءٌ وهمي لوجود له مرموز بشيء له وجود
يخلقه ال ّ
فاك .
ولم تلحظ العتباطية في النص الخر
1
2 307
3
وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير بإذني ـ
لم تلحظ أن المخاطب مخلوق وهو المسيح )
( υوالطين الذي استعمله كمادة للخلق
مخلوق أيضا ً مع التحوط بعبارة ) بإذني (
] فيكون طيرا ً بإذني . المكررة مرتين :
لحظ أن الحل القصدي يعتمد على الحكام
في ) النظام القرآني ( وثبات الدللة اللفظية
بينما الحل العتباطي يعتمد على إثارة
التناقضات من خلل اعتباطية الدللة ـ فهذه
هي قيمة النظرية العتباطية بدءا ً بالجرجاني
وانتهاءا ً بعلم اللغة المعاصر مرورا ً بشيخ
العتباط دي سوسر .وإني إذ أسوق هذه
النماذج فإنما أذ ّ
كر القارئ بحقيقة أن ك ّ
ل
موضوع لغوي وكل لفظ وكل نص أدبي أو
ديني أو روائي قد نال قسطه الوفر من
التعسف على أيدي العتباطيين فهذه
الفصول نماذج جزئية ليدرك القارئ ما حصل
للكل من أشباهها وهي جميع النصوص بل
استثناء ـ فعلم اللغة الحقيقي سوف ينبثق
صدي وحده . من الحل ال َ
ق ّ
1
2 308
3
لقد كان على العتباطية بدل ً من ذلك إثارة
سؤال وجيه حول النص لنه قال إنما
تعبدون من دون الله أوثانا ً وتخلقون إفكا ً ـ
لن الوثان عند العتباط مرادف للصنام فهم
يخلقونها لنها من الحجارة ويعبدون الفك
الذي ابتدعوه فيتوجب على قواعد العتباط
أن يقول عبارة معكوسة في الترتيب
والفعال مثل ) إنما تخلقون أوثانا ً وتعبدون
إفكا ( فهو أولى من الترتيب الول وفق
قواعدهم وأبلغ في التقريع إذ يجعل ما
يخلقون معبودا ً لهم .
لم تفعل ذلك لنها لن تقدر على الجابة .
والحل القصدي بإنكاره المرادفات هو وحده
القادر على تفسير هذا الترتيب .فالوثان
غير الصنام ،الوثان شخوص يتبعهم
المخاطبون فل يجوز أن يقول ) تخلقون
أوثان ا ً ( لنهم خلق من خلق الله لكنهم طغاة
وجبابرة .والفك :هو الوهم الذي يتجسد
بصورة من الصور :كلم ،عمل ،شعر ،تمثال
،صورة .... ،الخ ويقوم ال ّ
فاك بخلق الصورة
1
2 309
3
التي تجسد هذا الوهم ـ وهو هنا يشير الى
ورة والمنحوتة
جميع المعبودات المص ّ
والمرموزات المبتدعة عندهم للله ـ فهذا
الفك مخلوق لهم وسببه وعلته هو عبادتهم
للطغاة ) الوثان ( لذلك قدم العبادة على
خلق الفك فقال إنما تعبدون من دون الله
النموذج الثاني
آيات ) ومن أظلم ( ..
1
2 319
3
النموذج الثالث
حول الستعارات القرآنية
قالوا في تقسيم الستعارات القرآنية :
) وينقسم باعتبار آخر الى مؤكد وهو ما
حذفت فيه الداة نحو وهي تمر مر السحاب
و وجنة ، وأزواجه أمهاتهم
عرضها السماوات والرض . ومرسل وهو
ما لم تحذف فيه الداة كاليات السابقة ،
والمحذوف الداة ابلغ لنه نزل فيه الثاني
وزا ً ( ـ انتهى
منزلة الول تج ّ
أقول :يريد بالداة أداة التشبيه نحو
) الكاف ( و ) مثل ( و ) كأن ( و ) ُيخّيل ( و
] يحسبه الضمآن ) يحسب ( كقوله تعالى :
ماء ، وقوله يخيل إليه من سحرهم أنها
تسعى ، أو كرماد اشتدت به الريح ..
وأمثال ذلك .فقوله والمحذوف الداة أبلغ
يستلزم منه قطع ا ً اختلف القرآن في درجة
البلغة من آية الى أخرى ومن تشبيه الى آخر
ونتيجته أن هذا الكلم ليس من كلم الله
1
2 320
3
لقوله تعالى :
] ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه
اختلفا كثيرا / النساء 82 -
فالتمايز في البلغة بين التشبيهات هو من
الختلف الكثير فانظر الى تخبط العتباطية
إذ ل يكاد يمر سطر حتى تناقض أقوالها علما ً
أن هذه الفقرة وردت تحت عنوان ) من وجوه
إعجاز القرآن تشبيهاته واستعاراته ( في
كتاب مخصص لعجاز القرآن .1
وانظر مرة أخرى الى ما فعله العتباط في
هذا التقسيم ! إذ دخل في التشبيه ما خل من
] وجنة عرضها الداة فقوله تعالى :
السماوات والرض وضعها العتباط في
التشبيهات التي حذفت فيها الداة ـ بينما هي
حقيقة ل تشبيه فالسماوات والرض معروضة
لمتلكها لنها الوضع الفعلي للجنة والذي ل
يدرك لحين نزول المر اللهي وهذه مسألة
كبيرة جدا ً وهي الغاية من خلق الملكوت ـ
تحولت بفضل العتباط الى تشبيه استعاري ـ
1 النص في القسم الرابع من ـ معترك القرآن في إعجاز القرآن ـ ج . 273 / 1 1
2
3 321
4
وقد أشرنا إليها في كتاب النظام القرآني
بصورة ملخصة إما تفاصيل الموضوع ودخول
هذه الية في نظام اليات التي تتحدث عن
الستخلف فستجده مفصل ً في كتاب ) طور
الستخلف ( وفيه تفصيل الفوارق بين
الجنتين .
النموذج الرابع
آيات القسم
2
3 323
4
فإذا كان هذا التأليف هو الخر عربيا ً وجاريا ً
على أساليب العرب فلم ل يقدر الخلق على
التيان بمثله ؟ .أشكلنا عليهم ذلك وأثبتنا
أيضا ً أنهم بهذه الدعوى كانوا مصدر التشكيك
في إعجازه لذلك ابتدعوا طرقا ً ملتوي ً
ة لثبات
العجاز من حيث قاموا بنفيه كالصرفة أو
باستعمال أساليب الرهاب كقوله هنا ) علموا
وجهلت ولم ينكروا ما أنكرت ( .
الثالثة :إن المجيب يكذب والذي يكذبه
القرآن ـ فالقرآن لعّلوه لم ينكر أنهم أنكروا
منه ذلك بل ذكره وذكره مفصل ً أيضا كقوله
تعالى :
] بل أضغاث أحلم بل افتراه بل هو شاعر
/النبياء ـ 5
وقوله :
] ويقولون أإننا لتاركوا آلهتنا لشاعر
مجنون / الصافات ـ 36
والشاعر عندهم يجوز له ما ل يجوز لغيره
فيخالف أساليبهم المعتادة .
إنما أمرهم أن يتد ّبروه فقال :
1
2 324
3
]أفل يتدبرون القرآن أم على قلوب
أقفالها / محمد – 24
وذلك لن فيه سرا ) نظاما ً ( يثبت أنه كلم
الله فالعجاز ل يثبته شيء خارج المعجز
نفسه ،ل يثبته عدم إنكارهم حتى لو صح
تاريخيا ً ول يثبته استخدامه أساليبهم العربية
بل ذلك هو المبطل للعجاز من الناحية
المنطقية .
فقوله :ولم ينكروا ما أنكرت إنما هو
تكذيب للواقع الذي ينقله القرآن ـ علوة على
التاريخ ) ذكرنا نماذج من عيبهم على القرآن
) اللحن ( لجهلهم بنظامه اللغوي في كتاب
النظام القرآني ـ الباب الثالث ( .
الرابعة :إن الجابة تضمنت الخلط
العتباطي بين عبارة ) ل أقسم بهذا البلد ( و
عبارة ) وهذا البلد المين ( .إما نحن فنفرق
بين العبارتين فالولى في الحل القصدي
) نفي القسم ( والثانية ) إثبات الحلف ( وفي
هذا الحل نف ّرق بين القسم الذي يعني البراءة
من الموجودات والعتماد على المقسم به في
1
2 325
3
مجابهة الفناء وبين الحلف الذي يعني
التحالف مع المحلوف به .فالول ل يجوز
بحق الخالق الموجد للشياء ول يجوز للمخلوق
القسم ال بالخالق بينما الثاني يجوز في حق
الخالق والمخلوق إذ يجوز لهما التحالف مع أي
موجود ـ وهو تفريق نفيس ومبحث ظريف لم
يذكره أحد قبل اليوم تجد تفصيله في كتاب
اللغة الموحدة في بابي اللم والواو .وقد
برهنا فيه أن القسم ) براءة ( و ) اعتماد (
على المقسم به ) براءة من الموجودات (
لذلك لم يجز القسم بغير الله ولذلك ل يجوز
في حقه تعالى أن يقسم فقال ) ل اقسم (
في جميع الموارد القرآنية فهو نفي حقيقي
ل كما زعم العتباط أنه يفيد توكيد القسم !!
وعلى ذلك تلحظ أن العتباطية تخبط خبط
العشواء في الليلة الظلماء ل يصدها عن ركم
المتناقضات بعضها فوق بعض صاد .
إما قول المجيب ) :العرب تدخل في
كلمها ل وتنفي معناها ( ! فهو هراء وإذا صح
فهو اعتباط في الستعمال مخالف لصول
1
2 326
3
اللغة ورموزها ل في الحل القصدي وحده بل
مخالف لها من حيث هي ) نظام اعتباطي (
في العتباطية نفسها ..لكن ذلك لم يصح
س ا ً ووعيا
ولن يصح مطلقا فالجماعات اكثر ح ّ
لنظام اللغة من علماء اللغة فهل ذكر لنا
العتباط تلكم الشعار التي انشدها المجيب
للسائل ولماذا سكت عنها والعتباطية مولعة
بذكر الشعار ولع قيس بليلى؟
لقد سكت عنها لنها أكذوبة ..مثلما سكت
عن اسم المجيب الذي هو ) بعض العلماء ( !
مثلما سكت عن اسم السائل الذي هو
) رجل ( ! .
النموذج الخامس
الفواصل في القرآن الكريم
2
3 328
4
ل تدركون أهميته وخطورته .
ونلحظ أن الحل العتباطي لم يجب على
سر ) الحكيم ( في علقته
المسألة أي ف ّ
بالمغفرة في لفظ الفعل ) تغفر لهم ( ـ ولم
يذكر سبب العدول عن المتبادر وهو ) الغفور
الرحيم ( الى العزيز الحكيم وهذا أول ً .
وثانيا ً :لم يذكر الحل سببا ً لمجيء
) العزيز ( ـ وأهمل هذا اللفظ تماما ً .
وثالثا ً :أوحى للمتلقي أن الفاصلة يمكن
أن تكون ) الغفور الرحيم ( وأكد على ورودها
هكذا في مصحف ُأبي معتمدا ً على رواية لم
يذكر مصدرها وقراءة لبن شنبوذ ! وإذن
فأصل المسألة ساقط عن العتبار عندهم .
فالجابة بمجموعها خليط اعتباطي ل يمت
الى علم اللغة بأية صلة فضل ً عن نظامه
المحكم ـ فلماذا وضعوا السؤال أصل ً ؟ .
ل يمكن شرح النظام المتعلق بهذا المركب
ولكننا نشير الى أن مركب ) العزيز الحكيم (
مركب مستقل مرتبط بموضوع معين هو
) الستخلف ( في الرض ،فحيثما وجدت
1
2 329
3
أفعال أو وقائع أو دعوات مرتبطة بالمهال
والحلم على العباد للوصول الى هذا الطور
يأتي مركب ) العزيز الحكيم ( ـ لرتباطه
بالعزة اللهية التي ل تضر معها ذنوب العباد
وظهور عزة الدين وأهله في هذا الطور ،
والمرتبط من جهة أخرى بالحكمة التي خلق
العالم بها حيث تتجلى أهداف الخلق في هذا
الطور وهو بالطبع مختلف تماما ً عن
المركبات المتشابهة ) :القوي العزيز ( ،
) العزيز الغفور ( ) ،التواب الحكيم ( ،
) العزيز العليم ( ) ،العزيز الغفار ( ،
) الحكيم الخبير ( ) ،حكيم عليم ( ...الخ .
أن تناوب هذين اللفظين مع غيرهما من
اللفاظ تقديما ً وتأخيرا ً يشكل ) مركبات(
مختلفة لكل منها استعمالها الخاص ونظامها
الخاص ضمن النظام القرآني الشامل .
نعم تأتي إن شاء الله أمثال تلك التفاصيل
إذا تفرغنا لدراسة النظام القرآني بصورة
مستقلة بعد النتهاء من تدمير العتباطية
على كافة مستوياتها .
1
2 330
3
1
2 331
3
المبحث العشرون
نماذج من التفسير العتباطي المخالف
للنص القرآني
ة يم ُ
شون ض ملئك ٌ ]ل ّ
و كان في الر ِ .1
1
2 332
3
مطمّئنين / السراء – 95
قالوا :معناه لو كان أهل الرض ملئكة
لكان الرسول إليهم ملكا ..الخ .1
لحظ التغيير بين الشرح والنص فالنص
يقول لو كان ) في الرض ( ملئكة والشرح
يقول لو كان أهل الرض ) الناس ( ملئكة ...
فالقرآن ل يفترض مثل هذه الفروض
العتباطية ـ لن الناس لو كانوا ملئكة لما
كانوا ناسا ً ـ فالمخلوق في نظام ل يمكن أن
يكون مخلوقا ً في نظام آخر فالسـنن ل تتغير
] ولن تجد ول يتم افتراض تغّيرها منطقيا ً ..
لسنة الله تبديل ولن تجد لسنة الله تحويل
/ . فاطر 43
ي
ة َرب ّ و انتم تمَلكون خزائ َ
ن رحم ِ ] قل ل َ .1
2
3 333
4
وهو الفقر ومفعول أمسكتم محذوف . 1
والعتباط في هذا يغ ّير النص ويقلبه رأسا ً
على عقب .لن النص يقول إنهم يمسكون
خشية ) النفاق ( ـ ل خشية عاقبة النفاق .
فالنص منسجم مع النظام القرآني تماما ً ـ
لن خزائن الّرب ل نفاذ لها فل يخشى مالكها
فقرا ً وإنما هو يكره النفاق
على هذا الفرض َ
نفسه ول تقوى عليه نفسه لشدة حّبه لذاته
ورغبته في التمّيز عن الخلق وإبقاءهم تحت
سطوته .
وكذلك قال وما أنفقتم من شيء فهو
يخلفه / سبأ – ، 39فمع هذا القانون ل
يحصل فقر ولو لم يمتلك الخزائن فكيف مع
امتلكها ؟
الخطاب في الية موجه الى مجموعة
) تحسد الناس ( على ما آتاهم الله من فضله
وهي تعرقل نزول البركات فأظهر النص
حقيقة مشاعرهم فهم يرفضون النفاق حتى
لو امتلكوا الخزائن ـ بينما الشرح أعطاهم
2
3 334
4
عذرا ً مشروع ا ً وهو خوفهم من الفقر!! .
ولذلك يبدو لك واضحا ً أن غياب هذه الشروح
كان أفضل للمة واللغة والفكر من وجودها ـ
وهذا هو في الواقع حال التراث الديني كله
ونحن ل نختار أية نماذج بصورة انتقائية وإنما
نفتح أي كتاب قريب منا من أي موضوع
لنسجل لكم هذه النماذج كأمثلة فإن الجزء
ينبئ عن الكل والكل هو مجموع الجزاء ـ
لننا إذا أردنا إظهار العتباط في التراث كله
فانه يتوجب كتابة عدد كبير جدا ً من المؤلفات
ـ ومثل هذا العمل ل ضرورة له بعد التأكد من
أن القسم الكبر منه هو الخبيث :
ب ولو ] قل ل يسَتوي الخبي ُ
ث والطي ّ ُ
أعجَبك كَثرةُ الخبيث / . المائدة 100 -
نعم ربما تجّنب الزمخشري أو حاول تجّنب
هذا الشرح ولكنه جاء بكلم هو خليط من
القصدية والعتباط في قوله :
) أمسكتم ل مفعول له لن معناه بخلتم
ومعنى الية وصف النسان بالشح وخوف
الفقر !! ( ..
1
2 335
3
.3خلطت العتباطية في موضوع ) اللغات (
الخاصة بالقبائل بين ألفاظ القرآن مما
ي إحساس بالحكام أفقدها وأفقد المتلقين أ ّ
القرآني العام فضل ً عن نظامه الصارم الذي
تؤكده القصدية .
في البدء حدثت ترجمة اللفاظ القرآنية من
اللغات مثل هذيل وكنانة واليمن وحمير
وغيرها الى لغة قريش بحجة أن هذه اللفاظ
كانت من لغات تلك القبائل ولم تكن قريش
تستعملها ! .
وفيما بعد ذلك والى اليوم أصبحت تلك
الترجمة شروحا ً ومعاني وترسخ بذلك المبدأ
العتباطي القائم على العبث باللغة ونظامها
من خلل المرادفات .
ومن القوائم المرفقة أدناه والنماذج التي
اذكرها الن سوف تدرك أن هذه العملية كانت
مدروسة منذ البداية إذ ل يمكننا أن نتصور أن
لفظ ا ً مثل ) تفشلوا ( ـ ل تستعمله سوى
حمير وأن قريشا ً تستعمل بدل ً عنه
1
2 336
3
) تجبنوا ( ! إذ يمكننا أن نسأل عن مرادفات
نفس اللفاظ في القبائل الخرى ل عند
قريش وحدها ! وعندئذ ل تستطيع العتباطية
أن تجيب على ذلك بإجابة واضحة ضرورة أن
الفشل شيء والجبن شيء آخر .
وهذه الترجمة كما تعلم ل زالت مستعملة
سر أن اللفظ
في التفسير فتارة يذكر المف ّ
معناه كذا وهو في لغة كذا قبيلة أو منطقة
وتارة يذكر المعنى المرادف من غير إشارة.
يكمن الرد القصدي في أن اللفظ ومقابله
مل في القرآن مثل ) الرجز ( في لغة
قد اسُتع ِ
هذيل بمعنى ) العذاب ( ـ لكن الرجز والعذاب
استعمل في القرآن فإذا افترضنا تساوي
المعنيين فقدنا النظام القرآني والحكام وإذا
افترضنا اختلفهما فذلك هو الحل القصدي .
لكننا أبطلنا المرادفات في كتاب ) اللغة
الموحدة ( وإذن فهذه النماذج هي لغرض
التأكد من تخبط العتباطية .
نعم ربما سألوا بعض العارفين عن ألفاظ
معينة فأجابوهم أنها مستعملة في حمير أو
1
2 337
3
اليمن أو هوازن كثيرا ً وقّربوا لهم معانيها
لكن كثرة هذه اللفاظ واستعمال القرآن لما
ى لها يجعل الموضوع خارجا ً عن هذاهو معن ً
التعليل الى تعمد العتباط السير به قدما ً
لتدمير اللغة والحيلولة دون كشف النظام
القرآني .
في لغات ك ّ
ل من :
عذرة :
إخسئوا :إخزوا
حضرموت :
رّبيون :رجال
مرنا :أهلكنا
د ّ
لغوب :إعياء
منسأته :عصاه
بني حنيفة :
العقود :العهود
1
2 341
3
جناح :اليد
ال َ
الرهب :الفزع
مير : ح َ
ِ
و ا ً :حقيرا ً !!
مرج ّ
السقاية :الناء ـ الوعاء !
مسنون :منتن
إمام :كتاب !
عتيا ً :نحول ً
مآرب :حاجات
محشورة :مجموعة
جّبار :مسّلط
معكوفا :محبوسا
مرض :زنا !
ينغضون :يحّركون
عل ً جا ً ُ :
ج ْ خر ْ
غراما ً :بلء
أنكر :اقبح
قطر :النحاس
ال ِ
يتركم :ينقصكم
1
2 342
3
مدلج :
رفث :جماع
الوصيد :الفناء
حقبا ً :دهرا ً
الخرطوم :النف
مقيتا :مقتدرا
كنانة :
السفهاء :الجهال
موئل :ملجأ
مبلسون :آيسون
أسفارا ً :كتبا ً
الخّراصون :الك ّ
ذابون
ملوكا ً :أحرار
معجزين :سابقين
خاسئين :صاغرين
1
2 343
3
شطر :تلقاء
ل خلق :ل نصيب
يعزب :يغيب
هذيل :
فرقانا ً :مخرجا ً
صلدا ً :نقيا ً
آناء :ساعات
الّرجز :العذاب
شروا :باعوا
عزموا :حققوا
مدرارا :متتابعا
عيلة :فاقة
ِ
ببدنك :بدرعك
رجما :ظنا
دلوك :زوال
فور :وجه
وليجة :بطانة
انفروا :إغزوا
السائحون :الصائمون
1
2 344
3
إن تعقيب الحل القصدي على هذه القائمة
وغيرها مما تركناه وهو كثير جدا ً هو نفس
التعقيب .فالقرآن استعمل اللفاظ المذكورة
وما قبلها من المعاني ،وهذا يستلزم أن
تكون مختلفة ويبدو أن العتباط يحاول ذلك
رغم ظهور الصيغ المقابلة في القرآن ظهورا ً
واضحا ً للغايات التي ذكرناها للعتباط مثل :
موئل :ملجأ لو يجدون ملجأ
شطر :تلقاء ولما توجه تلقاء مدين
... وغيرها
حيث ظهرت في القرآن بنفس الصيغة في
آيات أخرى .
تضم قائمة العتباط خمسين لغة للعرب
وردت بها مفردات قرآنية ترجمت الى لغة
قريش ونحو خمس لغات أعجمية وردت بها
مفردات أخرى كثيرة .
ولم تهتم العتباطية لمخالفة النص القرآني
حيث قال :
] ولو جعلناه قرآنا ً أعجميا ً لقالوا لول
44 فصلت آياته / فصلت
1
2 345
3
فهذه الية مرتبطة بآيات ) التفصيل(
ارتباطا ً وثيقا ً ـ لن التفصيل ظهوٌر للحقائق
المتطابقة المؤيدة بعضها لبعض والكاشفة
عن حقائق خفية .فهذا نظام .ومعلوم أن
النظام في نسق الكلم ل يمكن أن يتم
باستعمال أكثر من لسان لن النظام اللغوي
جزء ل يتجزأ من النظام الصوتي .فإذا حدث
تغّير في النظام اللغوي وابتعد عن النظام
الصوتي حدث تغ ّير متبادل مماثل على النظام
ون لسان مختلف
الصوتي نفسه يؤدي الى تك ّ
تدريجيا ً ) لحظ تفاصيل الموضوع في اللغة
الموحدة ( وهذه النتيجة ل تقرها العتباطية
بما في ذلك العتباطيون الجدد حيث إجماعهم
على أن القرآن حفظ للعربية نظامها وإن
كانوا يجهلون أنه حفظ النظام الصوتي للسان
العربي أيضًا.
واذن فإذا أمكن قبول بدعة العتباطية
القائلة أن القرآن استعمل مفردات من
خمسين لغة عربية من لغات القبائل ـ على
اعتبار أن مرجعها الى لسان واحد بنظام
1
2 346
3
صوتي واحد وفق الحل القصدي ـ فل يمكن
قبول البدعة الخرى وهي استعمال مفردات
من لسان آخر ـ ال بتخريج معقد على الحل
القصدي تذعن فيه العتباطية لهذا الحل وهي
راغمة .وخلصة هذا التخريج أن المستعمل
هو من التعاقبات الصوتية التي يقع انتظامها
في تلكم المفردات خصوصا ً وفق النظام
الصوتي للسان العربي .
نعم هذا يثبت أمومة اللسان العربي لللسن
كافة ولكننا ل نحتاج لثبات ذلك لمثل هذا
التخريج لثبوته بنفسه في معاني الصوات
ومطابقتها في مئات التعاقبات لنظام اللسان
العربي الذي أظهره البحث في كتاب ) اللغة
الموحدة ( ـ والذي وقعت فيه النسبة الكثر
استعما ل ً على المعاني الحركية الصلية
للصوات ـ علوة على النظام الكتابي المتمّيز
جدا ً الذي حافظ على روح العلقة بين
الصوات وبين حرف اللف ومظاهره الربعة .
تنبيــــه :
1
2 347
3
إن ما ذكرناه في هذا الكتاب وفي كتبنا
الخرى حول العتباطية ل يعني أن
العتباطية في تراثها الواسع قد خلت تماما ً
من أي ح ّ
ل قصدي .
د في ك ّ
ل مائة ي واح ٍ ولكن ظهور ح ّ
ل قصد ّ
شاهد مثل ً أو ظهور إشارة قصدية واحدة في
ل فصل من فصول العتباط ل يعني شيئا ً
ك ّ
بالنسبة لنا .ذلك لن الذي يرمي الحصى في
بركة ماء اعتباطا ً آلف المرات ل بد أن يقع
بعضها ) اتفاقا ً ( أيضا ً على الهدف المغمور
في ركن ما من الركان تحت الماء ـ فليس
دد
من العدل والنصاف مساواته بمن يح ّ
الهدف ول يرمي ال ّ فيه .
وجميع تلك الشارات والحلول إنما كانت
مسروقة من القصدية أصل ً وقد ُأخذت تحت
ظروف خاصة جدا وحشرت في ركام العتباط
ـ تحت شروط قاسية أهمها أنها ل تكشف
شيئا ً عما يحيط بها من العتباط ،والهم من
ذلك أنها ل ترتبط بحقيقة بالغة الخطورة
1
2 348
3
يمكن أن تجّر الى معرفة حقائق أخرى .
1
2 349
3
ىىىى ىىى ىىىىىىى ىىى
ىىىىىىىىىى
1
2 352
3
المبحث الحادي والعشرون
ور الدللــة
تطـ ّ
1 التطور النحوي للغة العربية /برجستر اسر . 127 / 1
2
3 353
4
ده ) غير جائز ( ـ هو بداية
ما يمكننا أن نع ّ
الستعمال الذي يقوم بنقل الدللة ،أي أنه
بداية التطور فإذا آمن المرء بالتطور فعليه
وز وما ل يجوز ،
أن يتوقف عن الحكم فيما يج ُ
وإن آمن بضرورة تحديد الستعمال فعليه أن
يتو ّ
قف عن اليمان بالتطور بهذا المعنى في
القل .
وهذه المشكلة الدللية ل زالت غير مكتشفة
عند علماء العتباط الغربيين وتابعهم على
هذا الخلط بين المرين علماء اللغة في العالم
وفي العالم العربي .فجمعوا بين هذين
الهدفين المتضادين في وقت واحد ذاهلين
) برجستر عن تعارضهما حتى أثبت
د .
ع واح ٍ
اسر ( المرين في موض ٍ
وبصدد هذه المشكلة التي يثيرها الحل
القصدي تبرز إشكالت عديدة أخرى ل يمكن
للعتباطية تفسيرها ناهيك عن حّلـها ول تجد
لها تفسيرا ً وحل ً مرضيا ً ال ّ في المشروع
القصدي للغة .
فمن تلك الشكالت :
1
2 354
3
ما ذكرناه في كتاب اللغة الموحدة وهو أن
1 لحن العامة والتطور اللغوي @ 33 /التطور اللغوي التاريخي .41 / 1
2
3 355
4
وضعوا فكرة ما يجوز وما ل يجوز أو قل ول
تقل ؟ وبعبارة أخرى كيف تجتمع فكرة
التطور مع فكرة التصحيح إذا كان التصحيح
محال ً في ذاته ؟ إذ ل واجب لعلم اللغة سوى
التصحيح في نهاية المطاف .
قد تجيب العتباطية على ذلك بالقول :
إن الفائدة في ذلك هو المعرفة المجردة .
معترفة بأن الذين امتدحوا التصحيح كانوا
واهمين وأنهم أقلية في علماء العتباط
مثل ً ؟!! .
ولكن هذه الجابة تتضمن أمرا ً آخر يّتسم
باللمنطقية فنحن ننكر كما ينكر جميع العقلء
وجود معرفة في موضوع ل أثر لها بالمرة
على ذلك الموضوع ـ وهذا ل يحدث عادة ال ّ
إذا كانت تلك المعرفة وهما ً أي أنها في
الواقع ليست معرفة .
وقد تجيب على ذلك بالقول :
أن التغّير والتطور يطرأ على الدللة الخاصة
باللفظ وعلم اللغة يلحظ التركيب ل الدللة
وحدها وبذلك يمكنه تصحيح التراكيب بما يتفق
1
2 356
3
والدللة المتطورة .
ولكن هذه الجابة متناقضة في داخلها
ومخالفة لما عليه العتباطية من أفكار حول
الدللة وعلقتها بدللة التركيب كله ..فليس
هناك فصل بين تغّير دللة اللفظ والتغيرات
المماثلة في التركيب بل العكس تماما ً ..
) فإعادة التوازن ( ـ الذي وضعه دي سوسر
والذي مثل له بالنظام الشمسي الذي يعيد
توازنه كلما حدث حادث يغ ّير من أوضاع أفراد
المجموعة ـ يمثل جوهر النظرية العتباطية
في تطور اللغة ـ لن اللغة نظام وهو يشتمل
على المركبات فقط دون اللفاظ فل يحدث
أي تغّير في الدللة ما لم يحدث فورا ً تعديل
في التركيب والمركبات .
ت ظهورها على إذن فالجابة وإن تو ّ
قع َ
لسان أحد علماء العتباط فهي واقعة ضمن
طرقهم الملتوية للجابة على الشكالت
والتي تمّيزت بها العتباطية في جميع
إجاباتها قديمها وحديثها والتي تهدم فيها ما
وضعته من أسس ومبادئ .
1
2 357
3
معلوم أن الحل القصدي يؤمن بالتغير
ويؤمن بضرورة علم اللغة والمراقبة
والتصحيح ولكنه يجمع بين المرين بطريقته
الخاصة التي تنسجم مع مبادئه وتقوم بتقوية
عناصر منهجه بخلف ما يفعله العتباط .
وخلصة الحل القصدي لهذا الشكال أوضحه
فيما يلي :
أ .إن الحل القصدي يلحظ التغّير ل
باعتباره واقعة ل مفر منها وإنما باعتباره
ظاهرة اجتماعية فعل ً .ولكنه يلحظ أيضا ً أن
هذا التغير ليس بالضرورة أن يكون تطورا ً بل
قد يكون تقهقرا ً للغة ،وقد يبقى بنسبة
مقاربة للصل .فهو ل يختلف مطلقا ً من هذه
الناحية عن النسان نفسه فالجيل اللحق أما
أكثر وعيا ً وتطورا ً من الجيل السابق وأما أقل
تطورا ً أو هو متطور في جهة ومتقهقر في
جهة أخرى .وبصفة عامة فكل الكائنات تتغير
أفرادها جميعا ً من حقبة الى أخرى وما يصدق
على تلك الكائنات في التغير يصدق على اللغة
ـ وإذن فهناك تغير في اللغة وواجب علم
1
2 358
3
اللغة هو رسم الخط البياني لهذا التغير
لملحظة اتجاه التغير ورصده ومن خلله يتم
تأشير مستوى تدني أو تنامي الوعي اللغوي
وبالتالي المعرفي العام للمجموعة اللغوية –
و بهذا يربط الحل القصدي المعرفة و التطور
العام بالمعرفة اللغوية وتطورها سلبا ً وإيجابا ً
ويعتبرهما دالتين متبادلتين في تأثر إحداهما
بالخرى .فهو يرفض أن يكون التغير واقعا ً ل
مفر منه ويرفض كذلك أن يكون تلقائيا ً
بالمعنى السلبي التام ويرفض ثالثا ً عدم
إمكانية التأثير في الستعمال وبذلك يعطي
لنفسه الحق في تأسيس علم اللغة خلفا ً
ى وهدفا ً
للعتباط ويجعل لهذا العلم مغز ً
يسعى إليه .
2
3 364
4
متمسك بما يشعر أنه قيمة ذاتية في
ما الحقيقة الثانية فهي أن
التعاقب .وا ّ
العتباط يتوهم مرتين ،مرة حينما يتصور
المعنى الذهني المتبادر إليه من استعمال
واحد أنه هو الصل في دللة اللفظ ومرة
أخرى حينما ل يتحّرى بصورة جدّية عن
الستعمالت المتنوعة للتعاقب تاريخيا ً .
مثال ذلك زعمه أن ) ( hardكانت تستعمل
لما هو صلب من المادة كالحجر والجوز ثم
استعمل لما هو صلب معنويا ً .1لكن الصل في
) الهاء ( فيه هو ) الحاء( ومصدره الول
التعاقب العربي ) حرد ( الذي يعني الخشونة
والصلبة في ك ّ
ل شيء ـ فحركة التعاقب
دد الستعمال وفي هذا التعاقب ل
الداخلية تح ّ
تحديد بالماديات فقط ويكمن الوهم في عدم
صي الستعمالت القديمة والعتماد على
تق ّ
الثار المادية ومخلفات القوام التي ورد فيها
ص الحجر والجوز .
استعمال جزئي وهو ما يخ ّ
و مثال آخر من اعتباط العرب :
2
3 365
4
م ّلة ( بفتح الميم في الصل قالوا أن ) ال َ
هي الرماد الحار ثم قالوا ) :أكلنا مّلة (
ويعنون به نوع من الخبز يوضع على النار ل
في التنور .
أقول هذا وهم عجيب فالناس في قرانا ل
زالوا يقولون ) :أكلنا خبز مّلة ( ول يقولون :
) أكلنا ملة ( .
دعي أن القائل كاذب لنه إن
ول أريد أن أ ّ
سيءٌصح فل نقل للدللة وإنما هو اختصاٌر ّ
ك في ذلك فاذهب الى للكلم فان كنت تش ّ
الشيوخ في العراق وحادثهم عن خبز المّلة
م ّلة بغير ما ذكر
فان رأيتهم يقولون نأكل َ
لمفردة الخبز فإ ّنا نبرأ من كتبنا كلها .
وهذا مثال آخر :زعم أن قولهم ) هذا يوم
ت ( هو للدللة على أنه مطير فتنقل دللة
شا ٍ
أحد اللفظين الى الخر للعلقة بينهما .وهذه
أكذوبة فإننا ل زلنا نستعمل هذه الجملة كلما
حل الشتاء فإذا حدث برد مفاجئ وريح بعد
دفئ قلنا هذا يوم شات أو هذا من أيام الشتاء
ول نريد به المطير بل نريد به يوما ً من أيام
1
2 366
3
الشتاء في مطره وبرده وهبوط شمسه سواء
بسواء .بل سمعنا أحدهم يقول لنا :أنظر
هذا اليوم كأنه من أيام الشتاء وكان صحوا ً
دافئا ً قبل الموسم فانتبهنا لذلك ونظرنا فإذا
هو يريد به هبوط الشمس وطول الظل وكان
الشتاء بمطره وبرده قد تأخر فلما تذكرنا أنه
أول شهر من الشتاء فعل قلنا له :لقد
صدقت ! وذلك لن الصورة صورة شتاء .
وهذا مثال آخر :زعم صاحب الضداد أن
ده صاحب
لفظ الدنيا أصله الحياة الدنيا وع ّ
الترادف من أسباب ظهور الترادف وهو حذف
المضاف فإن صح فهو اختصار ل نقل للدللة
وكيف يصح وقد أثبتنا في أحد البحاث أن
القرآن استعمل الدنيا والحياة الدنيا بنظام
صارم وفّرق بينهما تفريقا ً بّينا ً ؟ ووجدنا أمرا ً
2
3 375
4
وكما أسلفت وكررت مرارا ً تخلط الشياء
ببعضها وميزتها الساسية أنها بل منطق ول
أهداف .
لننا نقول أن علم اللغة هو في الساس
للبحث عن الدللة وأصل اللغة ودللتها
الصلية هي موضوع علم اللغة فكيف نستمر
في دراسة اللغة ونتجنب في عين الوقت هذه
الدللة بحجة أن هناك نظريات غير مقطوع
بها ..فتلك النظريات إنما ظهرت كنتيجة
للبحث عن الدللة وأقل ما يمكن أن يقال
منطقيا ً هو استمرار المناقشة عن الصل
ليجد العتباط به مسوغا ً لستمراره بالحديث
عن اللغة ـ أما أن يريد الستحواذ على
الموضوع برمته وقطع المناقشة والبت
بموضوع الدللة من حيث ل يدري ما هي
الدللة فذلك هو استبداد العتباطية
عرفت به منذ القدم.
واستكبارها الذي ُ
دعى النص أن ) ابن جّني ( وابن
لقد ا ّ
درستويه والعسكري وابن فارس كانوا من
القائلين بالتوقيف أو كانوا ممن لم يقطع
1
2 376
3
بشيء في جواز الترادف وعدمه فالعتباط
يستعمل سكوتهم للبرهنة على جواز الترادف
ـ بينما سكوتهم ل يعني سوى استمرار الحوار
بشأن الصل وذلك إذا غضضنا الطرف عن
) ميلهم ( الى التوقيف أي الى القصدية في
اللغة .
فالعتباط ل يكتفي بأفراده العتباطيين
على كثرتهم وإنما يحاول استعمال مقولت
القصديين لصالحه مثل أي جبار في الرض
دعي أن الذين يعارضونه على قّلتهم إنما
ي ّ
يؤيدونه من وجه آخر .
دعاء الخر فهو اعتباطي أيضا ً نصا ً
وأما ال ّ
وروحا ً لنه يزعم أن الترادف المقصود هو
بعدما توسعت اللغة وتطورت فكأنه يقول أن
اعتباطية الشارة أصبحت واقعا مفروغ ا ً منه ،
فحتى لو ثبت رأي المانعين من الترادف على
أصل اللغة فعليهم أن يتنكروا لهذه الحقيقة
ويكونوا اعتباطيين لضياع هذا الصل وغياب
القصدية فيه !
والحجة في ذلك هو ) عدم توفر الدلة للبت
1
2 377
3
في أصل اللغة لتصالها بالتاريخ البدائي
القديم ( .
ترى ما الفائدة من ذكر هذه الحجة والنص
يرفض الذعان لصل اللغة حتى لو ثبت فيها
عدم جواز الترادف ؟
كما تلحظ فأني أقوم بتفكيك عبارات
لبّين لك نموذجا ً من
) اللغو العتباطي ( ُ
نماذج نصوصه المعاصرة ولترى بعينك
العتباط في المنطق العام ل في الشارة
اللغوية وحدها ـ لن اعتباطية الشارة يقود
الى اعتباط فكري عام ل محالة ـ فكل صفحة
من الكتب المعاصرة والقديمة للعتباط تتصف
بهذه الصفة المشتركة .
ومن جهة أخرى أهمل العتباط النظر في
تاريخ النظام الكتابي وتطور الكتابة وتأثرها
في ترسيخ الترادف خلفا ً للصل .
فالعتباط يتغاضى عن البحاث الثارية
والحقائق العلمية لنه ل يجد فيها بغيته ـ فهو
يدعي زورا ً أن ذلك التاريخ البعيد ل يعطي أية
معلومات عن أصل اللغة .
1
2 378
3
فهذا ) جورج كونتينو ( ـ الثاري الفرنسي ـ
في كتابه ) الحياة اليومية لبلد بابل وآشور (
ـ يخصص موضوعا ً لتطور الكتابة من حالتها
المصورة الى المقطعية ويظهر فيها وبصورة
جلية الثر السّيئ الذي تركته الكتابة على
الدللة ـ بل يظهر منه أن الترادف حدث
بسبب مشكلة العلمات الكتابية .قال :
) لقى هذا التبديل عونا ً كبيرا ً من التغيير
الساسي في الكتابة وكما قلنا فان العلمة
كانت تمثل في الصل شيئا ً واحدا ً ولم تكن
هناك طريقة للتعبير عن الفعال والصفات
والضمائر وتصريفات السماء كما لم تكن
هناك إمكانية لنجاز مثل هذه المور دون
وجود نوع من التفاق العام بين الكتبة الذين
كان بإمكانهم إضافة معاني ثانوية الى
العلمات .
فمثل ً صورة الحصان كانت تقرأ ـ حصان ـ
فإن الصورة إياها يمكن أن تعطي معنى ـ
السرعة أو الحركة أو المسافة التي يشملها
1
2 379
3
السفر .1
لم يكن هذا العالم الثاري يقصد تفسير
الترادف مطلقا ً وإنما جاء هذا النص عرضا ً
خلل بحثه عن تطور الكتابة ومشاكلها ولكنه
كما ترى مخالف لعتباطية دي سوسر وأتباعه
.فالعلمة كانت تشير الى شيء واحد في
الصل في نظام الكتابة كما يقول النص وهذا
غير ممكن أبدا ً ال ّ إذا كانت العلمة تشير الى
ذلك الشيء عينه في الواقع ـ ولو كانت هناك
مترادفات في الصل لظهرت المشكلة منذ
البدء إنما ظهر الترادف لول مرة ليحل
مشكلة الشارة الى الفعال وبقية التصاريف
ومعلوم أن ذلك سينعكس بالتدريج على
الدللة حينما تحولت الكتابة الى صورتها
المقطعية ومن ثم الى المسمارية وبخاصة
وهو يعتبر ) الكّتاب ( نخبة المجتمع القديم
بحيث أن ) آشور بانيبال ( ـ في إحدى سجلته
الفتخارية يفتخر أنه يتقن الكتابة اتقانا ً
تاما ً .2
1 الحياة اليومية لبلد بابل وآشور /جورج كونتينو ـ . 310 1
2 الحياة اليومية لبلد بابل وآشور /جورج كونتينو ـ . 300 2
3
4 380
5
لقد عثرنا على نصوص ) كونتينو ( هذه
حدة موضوع العلقة
بعدما أكدنا في اللغة المو ّ
بين تعدد المعاني للمفردة وتعدد المفردات
للمعنى الواحد واعتبرنا الظاهرتين من منشأ
ة واحدةً في الصل د وتش ّ
كلن مشكل ً واح ٍ
وأنهما من المقبول بل الواجب اعتبارهما
مشكلة واحدة حدثت بسبب أنظمة كتابية
معقدة خلل حقب التاريخ أو لجهل وضياع
الدللة من خلل تفرق واجتماع القوام
وخلل الترجمة .وها نحن اليوم نعثر على
نص آخر قريب لكونتينو يؤكد الظاهرتين حيث
قال :
) ونتيجة لذلك فان علمة أو رمز مفرد
يمكن أن يكون لها أو له في هذه المرحلة عدة
معاني .وعلى نقيض هذا نجد أن معنى واحد
يمكن أن يكون له عدد من العلمات .وهكذا
أصبحت المجموعة بأكملها من اختصاص
الخبراء وتحولت الى مهارة علمية راقية
وشديدة التعقيد الى درجة أن الرجل العادي ل
1
2 381
3
يمكن أن يدركها ( .1
أقول إن هذا الحال هو حال اللغة اليوم ـ
ولكن أليس من الغريب أن يكون هذا هو حال
اللغة اليوم ـ ل الكتابة ـ مع أن الكتابة أصبحت
ميسورة للجميع بفضل التحول الى رموز
للصوات نفسها ) الحروف ( بدل ً من
اللفاظ ؟
فبماذا تجيب العتباطية على مشكلة
النفصال بين الجماعة وإدراك اللغة وبقاء
علم اللغة موضوعا ً خاصا ً ـ ومع ذلك يختلف
حوله وفيه المختصون اختلفا ً شديدا ً ؟
ذلك لن غياب الدللة القصدية للشارة قد
استمر الى اليوم ولم يتمكن الرمز الكتابي
الجديد من إنقاذ الدللة ولكنه تمكن فقط من
تثبيت العتباط في الستعمال إلى حدوده
التي بلغها ـ أما الترادف فهو اعتباط تفسيري
ل لغوي فالناس يدركون جيدا ً الفرق بين
دعي العتباط تساويها
المترادفات والتي ي ّ
في الدللة .
2
3 382
4
إشكالت العتباط حول إنكار الترادف :
ومن الشياء التي آثارها العتباط واعتبرها
حجة على وقوع الترادف نلحظ ما يلي :
.1إن حجة المنكرين للترادف القائمة على
العقل والحكمة ) نرى فيها نظرة منطقية
محضة وحجة عقلية بحتة مبعثها القول
بالتوقيف .والخذ بالمنطق العقلي والحكمة
في النظر الى الظواهر اللغوية فيه إجحاف
وبعد عن طبيعة اللغة ...فاللغة في كثير من
جوانبها لها منطقها الخاص الذي يبدو في
اكثر الحيان على جانب كبير من الغرابة ( .1
لقد بلغت الجرأة بالعتباط أن يجعل
) العتباط ( أمرا ً منطقيا ً وأن المنطق
والحكمة إجحاف بحق اللغة وبعد عن
طبيعتها !
ولك أن تسأل إذا كان المر كذلك فما هو
الضابط لعلم اللغة وكيف يمكن للعتباط
نفسه إثبات شيء ما دامت اللغة ل تمت
بطبيعتها الى أي منطق ؟
2
3 383
4
ة ل
بل ما هو المبرر إذن لضبط حرك ٍ
تنضبط ؟ وما هو المبرر لتع ّ
قل ما ل يعقل ؟
وما هو المبرر لتقعيد ما ل تضبطه قاعدة ؟ .
إنه هنا ينقل عبارات دي سوسر القائلة أن )
اللغة نظام لمنطقي ( وقد ذكرنا أكثر من
مرة أن العبارة نفسها "لمنطقية" لنها تجمع
بين مفردتي ) نظام ( الذي يعني وجود منطق
على نحو ما وبين الوصف ) لمنطقي ( في
حيلة ماكرة مكشوفة لتبرير الشتغال بعلم
دعونه
اللغة من حيث أن ) اللمنطق ( الذي ي ّ
في اللغة يوجب عدم الشتغال بها !! .
فهل تجعل عبارة ) منطق يتسم بالغرابة (
أو عبارات دي سوسر مثل ) وهذا المر
المتناقض في اللغة ( ـ هل تجعل تلك
العبارات اللغة منطقية أم أنها وصف للغة ؟
إذا كانوا صادقين في وصف اللغة بهذا
الوصف فعليهم التخّلي فورا ً عن قول أي
شيء في اللغة وترك أي بحث فالقصدية
تلزمهم بهذا العتراف وتعلن للمل أن ك ّ
ل ما
كتبه العتباط عن علم اللغة هو محض هراء
1
2 384
3
بإقرار من العتباط نفسه ـ لعلهم يريحوا
ويستريحوا .
2
3 385
4
بيان الفروق ...ثم قال :وفي مسلك هؤلء
تسليم بالواقع اللغوي وهو ما يعزز مذهب
القائلين بالترادف الى حدّ كبير ( . 1
أقول :قد أوضحت سابقا ً مغالطات
العتباط وخلطه بين موضوع البحث ـ ودللة
المفردة وبين الستعمال الخارجي على شاهد
وحيد أو مبتدع أو مكذوب أو موضوع لغراض
البحث .2
وأما عدم التفريق فقد أشار الكاتب وغيره
الى أنهم اعترفوا بأن الفروق قد تكون
مجهولة وهذا مرتبط بالستعمال .إنما
موضوع علم اللغة هو بيان قيمة اللفظ
الدللية ليكون رقيبا ً على الستعمال فلماذا
أثنى العتباط على علماء عرب اهتموا بما
يجوز وما ل يجوز إذا كان الستعمال هو
المصدر الوحيد للدللة ؟ ومن هو الذي يقدر
على رد عبارة يقولها أي قائل ) ويتعمد (
فيها استعمال الدللة بصورة عشوائية ؟ .إذ
ك ّ
ل عبارة تقال ستكون من ) الستعمال (
3
4 386
5
ولذلك قلنا مرارا ً ل يحق للقائل بالترادف أن
يزيد شيئا ً على هذه العبارة ويتوجب عليه
بعدها الصمت مطلقا ً ول يسمح لنفسه في
إجراء أي بحث في اللغة ليبقى ) منطقيا ً (
بالحد الدنى .
2
3 387
4
فقد أعجبه السير في العتباط قدما ً ففاق
الولين وأراد أن يسبق الخرين .
1
2 388
3
القسم الثاني
إبطال بلغة لجرجاني
مناقشة كتاب
) أسرار البلغة (
1
2 389
3
تنبيـــــــــه ..
1
2 390
3
-1بلغة الجرجاني
مقدمــــــة
1 ي ) النظام القرآني ـ مقدمة في المنهج اللفظي ( و ) اللغة الموحدة ( للمؤلف .
ظهر ذلك في كتاب ْ
1
2
3 393
4
وأشار إليهما بنفس الشارة ووصمهما بنفس
الكناية أو الستعارة وأجرى عليهما معا ً
تقسيمه وشملهما بنفس القواعد لمحاسن
الكلم وسقيمه حتى صار يخرج من الية الى
الشعر ومن قول الجاحظ الى الية بل حرج
مذكور ،فانخدع بمكيدته علماء المة طوال
العصور .
1
2 394
3
.2التأثيرات النفسية للجرجاني على القّراء
1
2 399
3
.3اعتباطية الجرجاني في شرح التمزيق
والتفريق
2
3 402
4
أشعارهم !
ل سه في بلغته ) ومز ّ
قناهم ك ّ أول شيء د ّ
ممزق ( .فمّر ولم يتطير منه فما أبلده!
هد به من الحديث النبوي
وأول شيء م ّ
) الظلم ظلمات يوم القيامة ( فمّر ولم يتطّير
منه فما أبلده ! .
1
2 403
3
.4قدرات الجرجاني في فهم التشبيه
1
2 406
3
تنبيــــــــه :
] ألم يلحظ هذا الرجل أنه تعالى قال :
النور الذي أنزل معه ليسأل إن كان أنزل
إليه أو أنزل عليه أو أنزل معه كلها سواء أم
بينها فرق يذكر ؟ .فإن النص القرآني قد
ذكر ) الكتاب ( و ) القرآن ( و ) كلم الله ( و
) الذي أوحينا ( عددا ً كبيرا ً جدا ً من المرات
ورد فيها جميعا ً أنه أنزل ) إليه ( أو ) عليه (
ال ّ هذا المورد الذي ورد فيه النور فقال
) أنزل معه ( وهذا كاف لثبات أنه هو نفسه )
ص ( قد أنزل وأن ) نورا ً ( أنزل معه يجب
) اتباعه ( ل ) تلوته ( أو )ستماعه(.
1
2 407
3
فزعم أنها استعارة للحجة وزعم أن الحجة
كلم وزعم أن النور هو القرآن ولم يفسر لنا
لماذا .قال في هذا المورد وحده ) أنزل
معه ( ل إليه ول عليه كما في باقي الموارد .
فيا لبلغة الجرجاني محّرف الكلم عن
مواضعه باستعارته ،جاعل النور الذي أنزل
معه الواجب اّتباعه القرآن الذي أنزل عليه
الواجب استماعه ..
] وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا
لعلكم ترحمون .
فلم يّتبع الجرجاني النور ولم يستمع
القرآن .
1
2 408
3
.5استعارات أخرى للجرجاني
1
2 411
3
.6مدارك الجرجاني في آية
ملوا التوراة ( ـ
ـ ) مثل الذين ح ّ
ق فيث دقي ٍ
زعم الجرجاني أنه جاء ببح ٍ
خفايا التشبيه القرآني في قوله تعالى :
ملوا التوراة ثم لم يحملوها ] مثل الذين ُ
ح ّ
كمثل الحمار يحمل أسفارا
دعى أن التشبيه في الية ل ينصرف الى
فا ّ
دي الحمل
) الحمل ( بل القصد ما يوجبه تع ّ
الى السفار مع اقتران الجهل بها .
وقضى الكثير من الزمن لثبات شيء ل
وجود له في الية بأكثر من ثلث صفحات .
ثم قال ) :فإن قلت ففي اليهود شبه من
الحمل من حيث هو حمل على أية حال وذلك
أن الحامل للشيء بقلبه يشبه الحامل للشيء
على ظهره ومنه ) يقال حملة الحديث وحملة
العلم ؟ .فالجواب :أن المر وان كان كذلك
فان هذا الشبه لم يقصد هنا وإنما قصد ما
دي الحمل الى السفار مع اقتران
يوحيه تع ّ
الجهل به .ومثله قولك لرجل يحمل في كمه
1
2 412
3
دفاتر علم وهو بليــد ول يفهم :إن كان
يحمل كتب العلم فالحمار أيضا قد يحمل ،
تريد أن تبطل دعواه أن له في حمله فائدة ( أ
.هـ /نقلناه بتصرف يسير .
ن الجرجاني أن التشبيه لليهود وإنما هو
ظ ّ
ملوا التوراة ( .وزعم أن التشبيه
ح ّ
للذين ) ُ
هنا معقود بين اليهود والحمار ! .وإنما هو
تشبيه مؤلف من أربعة أجزاء ،جزءان
ظاهران وجزءان خفيان كما سيأتيك .
وزعم أن السفار هي دفاتر العلم من غير
ى ول كتاب منير .
علم ول هد ً
وهكذا أخذها أهل التفسير وثبتت هذه
المعاني عند جميع المفسرين على مدى
قرون ! .
وسنوضح الن هذه المزاعم الربعة فيما
يأتي :
ملوا التوراة (
أ .اليهود والذين ) ح ّ
ملوا التوراة هم من اليهود ولكن
الذين ح ّ
ليس ك ّ
ل اليهود قد حملوا التوراة ! .فقوله
1
2 413
3
) تشبيه لليهود ( وهو يتحدث عن بلغة
القرآن خاطئ لن البلغة ل تظهر بالتعسف
وإنما تظهر بالنظر الدقيق في ألفاظ الية
والتفريق الشديد بين )المجموعات ( وهو أمر
أوضحناه مرارا ً في كتب أخرى .
فهو يناقض نفسه بهذا القول :لنه زعم أن
السفار هي كتب العلم ومعروف للجميع أن
حملة العلم خواص اليهود ل اليهود كلهم .
ولو كان التشبيه لليهود لقاله الله تعالى
على هذا اللفظ عينه وما كان يستدعي أن
حمّلوا التوراة ( .
يأتي بهذا التركيب ُ ) :
وقد أخطأ إذ قرن الحمل بالقلب وأقر به
بينما العلم ل يستقر في القلب إذا كان
قاسيا ً ..وهذا ظاهر في قوله تعالى عن تلك
] ثم قست قلوبكم من بعد ذلك المجموعة :
فهي كالحجارة .
فلم ينتبه هذا الرجل الى أن الفعل بني
ملوا ( ولم يبن على المعلوم إذ
ح ّ
للمجهول ) ُ
لم يقل ) حملوا ( .لن القلب القاسي ل
حمل مرغما ً ( .وإذن
يحمل العلم وإنما ) ي ُ ّ
1
2 414
3
فهم أكابر المحّرفين وساداتهم وليس
المقصود حملة العلم منهم لنهم ممدوحين
] والذين أوتوا العلم من قبله في القرآن :
يعلمون أنه منزل من ربك بالحق .
وقد أوضحناه في كتاب النظام القرآني
مدعما ً بآيات عديدة .
1
2 415
3
ب .حقيقة الشبه
زعم أن التشبيه بين اليهود والحمار !
ول يدري أن الله تعالى أج ّ
ل وأعظم من أن
يعقد مقارنة مباشرة بين النسان
والحــيوان .
مثَ ٌ
ل ل نعلم ما ملوا التوراة ( َ
ح ّ
فللذين ) ُ
كان وللحمار يحمل أسفارا مث ٌ
ل ل نعلم ما
كان والشبه بين المثل الول والمثل الثاني
وليس بين اليهود والحمار !
وتلك لعمري هي البلغة ل ما زعمه
الجرجاني .
فلو قال ) الذين حملوا التوراة كالحمار
يحمل أسفارا ( لختل التشبيه وتهاوى برمته
لنه ل شبه بينهما مطلقا ً فانتبه ،فان ذلك
من آيات الله ،حيث فصلت كاف التشبيه بين
المثل والمثل ل بينهما .
مث
َ كـ مث
َ
ل ل
الحمار الذين
1 يحمل ملوا
ح ّ
ُ
2 416اسفا التوراة
3
مل
ح ْ
ج .معنى ال َ
دي حم ْ
ل غير مقصود وإنما تع ّ وزعم أن ال َ
الحمل الى السفار هو الساس في التشبيه !
ملوا ـ َيحم ُ
ل (ـ ح ّ
وهو ل يرى أنه قال ) ً
للتأكيد على أن الساس في التشبيه هو
) الجبار ( على الحمل ..وإنما فّرق بينهما
بالبناء للمجهول في الول لنه ) إنسان وله
عقل وهو مسؤول عن ذلك ( وبنى الثاني
للمعلوم لنه ) بهيمة ( ـ فهو يحمل تلقائيا ـ
فهنا مركز البلغة ومركز التشبيه وليس
التعدي الى السفار .لنه لو قال يحمل أثقال ً
ـ لبقى أساس التشبيه واختل جزء منه وحسب
1
2 417
3
ول يتهاوى كما لو قال ) كمثل الحمار ل يعقل
( ! فانتبه فان الحمل في كليهما هو ميزان
مد هذه الية بالذات لعظمتها
التشبيه ـ وتع ّ
عند الله في تفنيد العتباطية ـ كما أشارت
إليه نصوص نبوّية جهل الناس مغزاها !
2
3
4 419
5
في تغاير واضح ل ينكره ال ّ جاهل .
ونسي أن مفردة ) أسفار ( التي يستعملها
القرآن إنما يستعملها على أصلها اللغوي ل
على سبيل المجاز كما سميت به أسفار
التوراة .علما ً أن هذا المجاز باطل عندنا إذ
القصد أنها كتب للسفار ،ل أسفارا ً بمعنى
الكتب فانتبــه .
وهنا ندرك أن أساس التشبيه هو ) الحمل (
وليس التعدي الى السفار وإنما جاء بالسفار
لبيان توزع حركة الحمار في اتجاهات مختلفة
وأزمان مختلفة لماكن مختلفة بحسب الذين
يركبونه فالتشبيه في الصل بين مثليهما في
) الحمل ( وجاء بالتعدي الى السفار لتمام
الصورة وإكمال خطوطها من حيث أن الذين )
حمّلوا التوراة ( ..ألعوبة بيد الطغاة
ُ
والجبابرة في ك ّ
ل مكان وزمان ل ينتبهون من
دل القادة ،فكذلك مثل
غفلتهم مهما تب ّ
الحمار دائم السفار وراكبوه كثار ل يتبدل
شأنه في السفار بتبدلهم .
نعم أنه مثل للعتباطية ل شك في ذلك
1
2 420
3
هوجمت هذه الية في جميع الماكن
ولهذا ُ
وعلى جميع المستويات لفراغها من محتواها
هوجمت في إعرابها وفي نحوها وفي
فقد ُ
تفسيرها ـ فانظر ماذا ستفعل يوم تأتى
شاكية الى ربها مما جرى لها ؟ !
وللعلم أن السورة كلها حول هذا الموضوع
وجمت اليات السابقة على هذه الية
وقد ه ُ
وعلى كافة المستويات وفي جميع المذاهب
السلمية .
1
2 421
3
ع عن الك ّ
ذابين والكذب .7دفا ٌ
جرجاني
ه ال َ
سس ُ
يؤ ّ
1
2 423
3
أ .الموازنة :
ثم جاء الى شرح المقولة المناقضة ) خير
الشعر أصدقه ( فقال :يجوز أن يكون
مراده ..
ومن أول مفردة يؤكد لك أسلوبه المريض
الكامن في نفسه لنه قال هناك ) :فهذا
مراده ( مراده ( وقال هنا ) :يجوز أن يكون
!
وهذا الختلف في السلوب يد ّ
ل دللة
يقينية على صحة توقعك كون الرجل جاء
بالموازنة ل لغرض الموازنة بل لغرض تثبيت
المقولة الولى والجهاز على المقولة
الثانية ! بحيث ل يذكرها ذاكر .
جد المقولة الثانية إل ّ بكل م ٍ أراد به
لم يم ّ
ن مقولتهم والتأكيد تضعيف حجتهم وتوهي َ
على أن الشعر ل يستحسن أن يكون كاذبا ً بل
يتوجب أن يكون كذلك !
1 تعتبر هذه العبارة إحدى القواعد الهامة في الحل القصدي للغة . 1
2
3 428
4
أل ترى أن أسم البلغة يد ّ
ل عليها ؟ فإذا لم
تبلغ بالكلم المراد الحقيقي منه ولن تبلغ
السامع بهذا المراد فليست من البلغة في
شيء .
ح كلم الجرجاني الخالي من ك ّ
ل بلغة لو ص ّ
ة لنه أصدقه ، لكان كلم الله أق ّ
ل الكلم بلغ ً
ل المرادَ من الموازنة كّلها
وما أدراك لع ّ
إيصالك الى هذه النتيجة التي يحلم بتحقيقها
هذا الرجل ! ؟
بلى هي ل غيرها كما سيأتيك في مناقشة
نماذج من ) دلئل العجاز ( .
1
2 429
3
.8ذوق الجرجاني في التشبيه
ة عموما ً
ل اللغ ِ
ة أه ِ
أفسد الجرجاني ذائق َ
وأفسد النقدَ الدّبي خصوصا ً وزادَ من فساد
ذائقة ) المبدعين ( من الشعراء والكّتاب
ل مرة منهاجا ً نقديا ً فاسدا ً ..
بتأسيسه لو ّ
وكان نتيجة ذلك أن المرض الذي استفحل
بسريانه في عروق الدب انتج أمة نقدية
متدنية للغاية في ذائقتها مثلما جعل الشعر
خصوصا ً والدب عموما يتجهان اتجاها ً مزيفا ً
فارغا ً من المحتوى الحقيقي إرضاء لبلغة
الجرجاني وأصحابه وتلمذته .فحيثما اّتجه
النقد اتجه الدب ..وتلك قاعدة مطردة دوما ً .
هل ترى شاعرا ً يسلك سلوكا ً مغايرا ً لميزان
النقد المجمع عليه ؟ كل .ال ّ أن يكون أوحد
دو أقرانه والباني لنفسه أساس
زمانه وع ّ
بنيانه ..ومثل هؤلء ل يجود بهم الدهر ال
فعل الجواد ،
ل عصر أن فعل ِمّرة في ك ّ
وقليل ً ما يفعل .
تمادت هذه المة في التشبيه والتمثيل حتى
1
2 430
3
ه به ..
شبه والمشب ُ ش ّ
قة بين الم ّ َبعدت ال ُ
وكان عدم إدراك التشبيهات القرآنية بل
وعدم تدّبرها أصل ً قد زاد الطين بلة وجعلهم
يظنون أنهم جاءوا بما يؤنس النفوس ويزيد
الفهام وينمي الذائقة .
د
تمادوا في ذلك الى حدّ مقرف ..والى ح ّ
أن لم تكن هناك أية علقة بين المشبه
والمشبه به ل في الفكرة ول المادة ،ل في
الصورة ول في الحركة بل ذهبوا أكثر من ذلك
الى ) خلق الصور اللمعقولة ( ..للتشبيه بها
وإدراجها ضمن التمثلت للمعقولت
والمحسوسات .
أسألك الن أيها الرجل الواعي المثقف عن
رأيك بهذا التشبيه :
فإنطباقا مرة وكأن البرق مصحف قار
وانفتاحا!
لحظ التعسف في التشبيه فالبرق كأنه
مصحف ! ثم يجعلك تتراجع عن ذلك لربطه
بالحركة ) انفتاح وانطباق ( وهذا الكلم أشبه
ي إذ يتوجب عليك صرف
بكلم المصابين بالع ّ
1
2 431
3
طاقة كبيرة لجمع مفرداتهم وفهم ما يرمون
إليه .وفي التشبيه افتراقُ آخر في الحجوم
فإذا حجزت الن عقلك وأطلقت العنان
لمخيلتك لتتخ ّيل هذا المصحف ،وزعمت
مكرها ً أن حروفه بيضاء وأن انفتاحه ) السريع
ُ
( سيظهر منه بياض الحروف بلمعة سريعة
كالبرق ،فان خيالك سيبقى عاجزا ً عن
ور السماء مثل المصحف ! لنك أكبر من
تص ّ
المصحف والسماء أكبر منك ،اللهم ال أن
تغصب نفسك مرة أخرى لتتخيل أنك ـ حاشاك
ـ نملة في بطن مصحف ليسعك كما تسعك
السماء!
هذا التشبيه الذي ) ابتكره ( ابن المعتز هو
من الصور والتشبيهات التي أعجبت الجرجاني
! بل وأذهلته !
قال الجرجاني ) :ولم يكن إعجاب هذا
التشبيه لك وإيناسه إياك لن الشيئين
مختلفان في الجنس أشد الختلف فقط ! بل
لن حصل بإزاء الختلف في شدة في
ن وراقَ و َ
فتن ! ( . س َ
ح ُ
الئتلف ـ حل و َ
1
2 432
3
في أي شيء هو الئتلف أيها الناقد
العبقري ؟ فأين العلقة الزمنية بين البرق
والمصحف الذي يفتح بأزمان مختلفة وببطء
شديد ؟ .وأين هي الملئمة بين صورة الكتاب
المفتوح وخط البرق اللمع المتعرج في
سحب ؟
صفحة السماء الداكنة الملبدة بال ّ
وما العلقة بين صورة السطر بالمداد
السود على الورق البيض بصورة البرق
اللمع في السماء الداكنة ؟ إذا كان المداد
بهذا اللون والورق على لونه المعتاد ؟
ضحوا
إني أحيل المسألة الى أهل الفن ! ليو ّ
حسن والحلوة والملئمة والئتلف
لنا أين ) ال ُ
المقابل للختلف والذي جعل هذا التشبيه
يروق ويفتن كما يزعم الجرجاني( ؟ .
1
2 433
3
تنبيــــــــه :
1
2 434
3
.9اختيار عشوائي
1
2 441
3
التشبيه في :وأدهم يستمد الليل منه
تنبيـــــــه :
1
2 442
3
أصعب شيء على الرسام المحترف رسم
الفجر أو أول بزوغ الشمس لضطراره إلى
تدريج اللوان والضاءة على صفحة الفق
الواسع !
ولو درى الرسامون أنه كالعلم البيض على
الديباج السود لما أتعبوا أنفسهم والذنب هو
ذنبهم لنهم لم يقرأوا بلغة الجرجاني ! .
1
2 443
3
القسم الثالث
نقد كتاب الجرجاني
) دلئـل العجاز (
إعجاز القرآن أم إعجاز الكلم؟
1
2 444
3
.1نظرية النظم وإعجاز القرآن عند
الجرجاني
1
2 450
3
.2اختيارات عشوائية
1
2 455
3
.3اختيار عشوائي آخر
1
2 459
3
.4اختيار عشوائي آخر
1
2 461
3
.5النظم والعجاز نتيجة وتناقض
1
2 463
3
.6تفسير الجرجاني لقوله تعالى
ل تقولوا ثلثة ـ
1
2 471
3
. 7التقديم والتأخير عند الجرجاني
1
2 475
3
.8اختيار عشوائي آخر
انتبــــــــــــــه !
اسم الكتاب :دلئل العجاز !! والمفروض
أن المقصود إعجاز القرآن ل سواه ولكن
أنظر :
عدد المرات التي ذكر فيها لفظ الجللة أو
أسم من أسماء الله بما في ذلك الشعر :ثلثة
موارد .موضوع البحث :إعجاز القرآن !!! أو
هكذا يفهم من عنوانه ) دلئل العجاز ( !
توزيع موارد ذكر أسماء الله :
الول :في البسملة في أول الفصل .
الثاني :في الجملة الخيرة في نهاية
صها :ونسأل الله التوفيق والعون.
الفصل ون ّ
الثالث :في شروح النتيجة في النص
التي :
) ذلك أن شيء يؤدي الى اليات يكون
1
2 480
3
القرآن معجزا ً ل بما كان قرآنا ً وكلم الله عز
وجل ( /.ص . 257
ومعنى ذلك :أنه ليس بمعجز لنه كلم الله
. .بل للنظم الذي هو م ّ
طرد في ك ّ
ل كلم !.
والدليل هو الشواهد .
تنبيــــــــه :
1
2 482
3
.9افتعال الجرجاني لحاديث بل موضوع
تنبيــــــــــه :
1
2 487
3
.10تقديرات الجرجاني العتباطية
درة
قال الجرجاني وهو يشرح السئلة المق ّ
للفعل ) قال ( :
واعلم أن الذي تراه في التنزيل من لفظ
) قال ( مفصول ً غير معطوف هذا هو التقدير
ث ضيف ل أتا َ
ك حدي ُ فيه كقوله تعالى ه ْ
سلما ً م الم َ
كرمين إذْ دخلوا عليه فقالوا َ إبراهي َ
ون جاء على ما يقع
منكَر ُ
م ُ
م قو ٌ قا َ
ل سل ٌ
في انفس المخلوقين من السؤال فلما كان
في العرف إذا قيل لهم :دخل قوم على فلن
فقالوا كذا ،أن يقولوا :فما هو ؟ ويقول
المجيب قال كذا اخرج الكلم ذلك المخرج لن
الناس خوطبوا بما يتعارفونه ...الخ .
در الجرجاني السئلة الملئمة هكذا :
ثم ق ّ
فقربه إليهم قال ال تأكلون ؟
السؤال هو :فما قال حين وضع الطعام
بين أيديهم ؟
قال مؤلف هذا الكتاب :ما أدراه أن السؤال
على هذا النحو وما أدراه أن الضرورة العرفية
1
2 488
3
تقتضي خلفه ؟ إذ المتعارف أن الرجل إذا
وضع الطعام بين يدي قوم فالسامع للقصة
ننتظر منه أن يقول :فما قالوا حين وضع
الطعام ؟
ول يسأل السامع :ماذا قال الواضع للطعام
! فانتبه أيها القارئ النبيه !
ولذلك جاء الكلم بخلف المتعارف لمر
مقصود ترك ذكره وما تركه ال لن السؤال
در بخلفه ..لنه لما قال ) :ال تأكلون (
المق ّ
فهم السامع أمرا ً مضى وجاء بخلف توقعاته
ول
وهو انهم لم يأكلوا كما هو المتعارف فتح ّ
السامع الن لينظر الى إبراهيم ) ( υلن
الصورة التي يعرضها القرآن هي بخلف اية
صورة يعرضها أي كلم للمخلوقين ..فهو
يعرض الصورة شاخصة حّية متحركة كما لو
كان السامع يشاهد الحدث واقعا ً أما َ
م عينيه .
در الجرجاني
ونعود الى كلمه فنقول :هكذا ق ّ
جميع السئلة المضمرة بزعمه بحيث ل يبقى
دعي أن كلم
معها شيء يمكن فيه للمرء أن ي ّ
الخالق يختلف عن الكلم المتعارف بشيء ..
1
2 489
3
در !
در ثم قّتل كيف ق ّ
فقتل كيف ق ّ
درة وأجوبتها المنّزلة
انظر الى السئلة المق ّ
:
س :فما قالوا حين رأوه وقد تغّير ودخلته
الخيفة ؟
ج :قالوا ل تخف .
وفي قصة موسى ) : ( υفما قال موسى
له ؟
ت والرض
ب السموا ِ
ج :قال ر ّ
] فكذب ُ
وهما فعزّزنا وفي قصة مؤمن يس :
بثالث .
] قالوا سؤال الجرجاني :فما قالوا ؟ ج :
ون ؟
سل ُ أنا إلي ُ
كم مر َ
بخ بخ للجرجاني ما هذه الكنوز البلغية التي
يستخرجها من التنزيل ؟
وكأن العقول البشرية عاجزة عن التيان
درة العجيبة لسياق حواري
بمثل أسئلته المق ّ
تام بين طرفين ل يحتاج الى أن تقدير مزعوم
؟!
على أنك تلحظ بوضوح كاف :أنه لما قال :
1
2 490
3
فكذبوهما فعززنا بثالث ،فالمتوقع كلم
الثالث بعد تكذيب الثنين ! وإذا كان ثمة
سؤال مقدر فهو :فما قال الثالث ؟ وليس
فما قالوا ..ويفاجأك القرآن أن الجميع قالوا
وليس الثالث وحده وهنا تكمن البلغة وأسرار
علم النفس وعظمة النبياء والرسل وأشياء
أخرى في كلم الله .
وهكذا يسترسل الجرجاني في تقدير
السئلة الملئمة لجميع نصوص ) الحكاية (:
سول ُ
كم ] قا َ
ل أن ر َ فما قال فرعون ؟ :
كم َلمجُنون
ل إلي ُ
الذي أُرس َ
ق
ب المشر َ فما قال موسى ؟ ] :قا َ
ل ر ّ
كنتم تعقلون ن ُهما أ ْ
ب وما بين َ
والمغر ِ
ت إلها ً
] قال لئن اتخذ َ فما قال فرعون ؟ :
سجونين
غ َيري لجعلّنك من الم َ
و جئت ُ
ك ] قا َ
ل أو ل ُ فما قال موسى ؟ :
مبين .
ء ُ
بشي ٍ
ن كَنت ] قال فأ ِ
ت به أ ْ فما قال فرعون ؟ :
من الصادقين
قال الجرجاني :جاء ذلك كله على تقدير
1
2 491
3
السؤال والجواب كالذي جرت به العادة بين
المخلوقيــن !
وقد رأيت أنه بخلف ما جرت به العادة بين
المخلوقين لنه بخلف كلم المخلوقين كونه
كلم معجز وكلم المخلوقين غير معجز ..فان
كان الجرجاني يريد إثبات أنه ككلم
المخلوقين ل فرق .فلعنة الله على بلغة
الجرجاني !
إنتبــــــــــــه :
ة أو إثما ً
] ومن يكسب خطيئ ً قال تعالى :
ل بهتانا ً وإثما ً مبينا
ثم يرم ِ به بريئا ً فقد احتم َ
قال الجرجاني ) :الشرط كما ل يخفى في
مجموع الجملتين ل في ك ّ
ل واحدة منهما على
انفراد ول في واحدة دون الخرى لننا أن
قلنا :أنه في ك ّ
ل واحدة منها على النفراد
وجعلناهما شرطين ،وإذا فعلنا ذلك اقتضتا
جزاءين وليس معنا إل ّ جزاءً واحدا ً وان قلنا
أنه في واحدة منهما دون الخرى لزم منه
إشراك ما ليس بشرط في الجزم بالشرط
وذلك مال يخفى فساده ( .
أقول :أن الذي ل يخفى فساده هو كلم
الجرجاني .فهذه الية فيها هندسة هي أبعد
شيء عن عقل الجرجاني .ال يلحظ هذا
المتعسف وجود شرطين فعل ً في جملة
الشرط وجزاءين في جملة الجزاء ؟
ال يلحظ هذا المتعسف أن أحد الشرطين
1
2 493
3
تضمن شرطين آخرين تفرعا ً على الشرط
س الشرط
الول ؟ وان أحدَ الجزاءين هو نف ُ
د فروعه مع إضافة )مبينا( ؟
الول بأح ِ
فهذه الية العجيبة تضمنت جميع الحتمالت
المؤلفة من الشرط والجزاءات المتعددة في
آن واحد .
الشرط الول :يكسب خطيئة أو أثما ً .
الشرط الثاني :يرم به بريئا ً .
الجزاء العام :احتمل بهتانا ً ) بالرمي ( و
) أثما ( كان خافي ا ً فأصبح ) مبينا ( بالرمي
أيديهم .
هذا يعني إذا رجعنا للشرط الول والثاني
وجزاءيهما :
أ .أن من يكسب خطيئة ـ ولم يرم بها بريئا ً
فل تصل تلك الخطيئة الى درجة الثم بل
تبقى خطيئة .
ب .ومن يكسب إثما ً ول يرم به بريئا ً ـ فقد
اكتسب إثم ا ً وحسب .
ج .ومن يكسب خطيئة ويرم بها بريئا ً فقد
احتمل بهتانا ً وإثما ً ) بالرمي ( .
1
2 494
3
د .ومن يكسب أثما ً ويرم به بريئا ً فقد
احتمل بهتانا ً وإثم ا ً مبينا ً .
وهذه الحتمالت المتكونة من الية ..والتي
ل يعقلها الجرجاني وأمثاله !
فالخطيئة تتحول الى اثم بالرمي ،والثم
يتحول الى إثم مبين بالرمي وكل من
العمليتين هو بهتان .
جود ) أو ( في الشرط
وسبب ذلك هو :و ُ
ء ! يقابُله العط ُ
ف بالواو في الجزا ِ
1
2 496
3
.12اختيار عشوائي آخر
قول القصدية
في العبارة القرآنية والعبارة الجرجانية
1
2 508
3
.13زيد المنطلق وعمرو
1
2 514
3
.15مقارنة أخرى غريبة
في ص ـ : 219
جهه ( ـ قال
صك و َ
في قولهم ) قمت ..وأ ّ
الجرجاني :ليست الواو فيها للحال وليس
المعنى قمت صاك ا ً وجهه ولكن :أصك وجهه !
ومن الذي قال أن الواو هنا للحال ليرد عليه
الجرجاني ؟ ومن هو الذي يشك أن المتحدث
يريد وصف حدث مضى بتجسيده في الحاضر
وعطف الحركة على قمت فيبدأ بالمر الواضح
وينتهي دوما ً بالخطأ الفاضح :
فأراد أن يثبت هذا ) الجديد ( المكتشف
ويبطل مزاعم قوم ) وهميين ( ل وجود لهم
فقال :هو مثل قوله :
فمضيت ثم مر على اللئيم يسبني
ولقد أ ّ
قلت ل يعنيني
مر ( ههنا بمعنى مررت
قال وكما أن ) أ ّ
فكذلك ) وأصك ( بمعنى صككت !
ما علقة هذا بذاك ؟ وما هذا التناقض حيث
قال ليس هو صاكا ً ولكن أصك ثم يقول
1
2 515
3
بمعنى صككت !!؟
ث وقع بالماضي
ت :حد ٌ
فان قوله :قم ُ
وقوله وأصك :نقل من الماضي الى الحاضر
لتجسيد الحركة بحادث معين وقع سلفًا.
أما البيت فمراده في المضارع وهو صفة
مستمرة للشاعر .كونه يمر على اللئيم دوما ً
وحاله أنه يسّبه ..وحال الشاعر دوما ً أنه
يمضي يقول ل يعنيني !
وكان بمقدوره أن يقول :ولقد مررت على
اللئيم يسبني ـ أي وهو يسبني ولكنه كان
سيحصر ذلك بواقعة واحدة معينة في الماضي
بينما هو يريد أن هذا الفعل يتكرر من اللئيم ـ
وإن حاله دائم ا ً أنه يمضي ويقول ل يعنيني .
نحن نناقش الجرجاني على قواعده وعلى
مسّلمات القوم النحوية والبلغية وأسرار فإن
لجملة ) قمت .وأصك وجهه ( ..تفسيرا ً آخر
على منهجنا .
هذه العبارة وأمثالها ل زالت مستعملة يوميا ً
ر مختلفة فيقول المعجبباللهجة العامية بصو ٍ
بنفسه مثلها كقولهم :
1
2 516
3
) فقمت وأضربه على رأسه ( ـ ول يقول
وضربته ! ومعناها ) :فقمت "وحالي في
القيام" أني أضربه على رأسه ( .وهذا على
تقديرنا الذي ينطوي على جملة ل ضرورة
لذكرها تفسيرا ً للفعل المضارع .
وكما ذكرت لك يحاول القائل نقل الذهن
بالفعل المضارع لتصوير الحال في الزمن
الحاضر بدل ً من الماضي الذي أكده الفعل
ور
الماضي ) قمت ( .فكأن السامع تص ّ
المشهد ،وعاد المتكلم ينقل الحدث من
مشهد معاين في الزمن الحاضر وهذا هو
سبب اللتفات الزمني الكثير التداول.
ولكن فهم النحويين القدامى ومن جاء
بعدهم ) للحال ( أنه ل يجوز ال ّ عند النصب
مثل ) قمت ضاربا ً له على رأسه ( ـ استدعى
تفسير العبارة وتقدير زمن مغاير لزمنها
وصرفها عن الحال وهو خطأ .
وحقيقة المر أن الواو هي واو الحال
بصوره المختلفة وهي تتقلب ما شائت في
التراكيب ..ومن هنا ذكرنا مرارا أن القواعد
1
2 517
3
النحوية وضعت جزاف ا ً وبتعسف حتى إذا
اسقط في أيديهم ورأوا أن الشواذ عن
القاعدة أصبحت اكثر من الجارية في القاعدة
وضعوا لها قواعد استثنائية أو تفسيرات
جزافية مثل هذه وغيرها بالمئات .
وهذا واضح من سوء تقدير الجملة ،والفعل
دره الجرجاني بالماضي على
المضارع ـ حيث ق ّ
نسق قمت فقال ) قمت وصككت وجهه ( !
ترى فما الذي جعل القائل يقول وأصك بدل
من صككت ؟ وهل كان يعجزه أن يقول :
در
) صككت ( ؟ وما الجديد الذي جاء به إذا ق ّ
زمنا ً مغايرا ً للزمن الذي قصده القائل ؟
سر العبارةإن هذا معناه أن الجرجاني لم يف ّ
..اللهم ال ّ كمن فسر الماء بعد الجهد بالماء !
لنه ناقض نظريته في النظم بتغيير نظم
اللفظ .
فانظر الى تقديرنا للفعل وتقديره وقارن
المرين بنفسك .
1
2 518
3
تنبيــــــــه :
1
2 519
3
سقطت مرة أخرى نظرية الجرجاني في
النظم وأتلفها بنفسه حينما جعل نظم ) قمت
وأصك وجهه ( هو نفس معنى نظم ) قمت
وصككت وجهه ( !!
انظر ص ـ 117من دلئل العجاز ففيها
يعرض الجرجاني معنى النظم !
حيث قال ) :جاءني مسرعا ،وجاءني وهو
يسرع ،وجاء وهو يسرع ،وجاءني وقد
أسرع ،وجاءني قد أسرع :
ل من ذلك موضعه ويجيء به حيث
فيعرف لك ٍ
ينبغي له ( .
ومعنى ذلك أن لكل تركيب من هذه
التراكيب معناه وله موضعه !
فنسى الجرجاني ذلك كله وزعم أن أصك
هو صككت !
1
2 520
3
مثلما نساها في عشرات المواضع الخرى ..
مثلما نساها عشرات التلمذة المتحمسين
للجرجاني في مئات المواضع ،من شروحهم
في البلغة والخطابة والشعر وآيات القرآن
والحاديث ..
1
2 521
3
.16اختيار عشوائي
الصفحة : 123
فصل بعنوان ) مزايا في النظم بحسب
المعاني والغراض ( .
.1شرح صفحتين في مزايا النظم ..بكلم
لطائل من وراءه مطلقا ً .
.2ثلثة أبيات من الشعر القديم .
.3بيت للعباس ابن الحنف :قالوا خراسان
أقصى ما يراد بنا ..
.4شاهد ثلثة أبيات لبن الدمينة .إلفات
الى الفصل والستئناس في قوله ) تريدين
قتلي قد ضفرت بذلك ( .
.5شاهد آخر ثلثة أبيات للشطرنجي على
علية أخت الرشيد .
لسان ُ
إلفات الى جملة قد احسب في قوله :
قد كنت ما أعجب الشيء ترجوه فتحرمه
أحسب أني قد ملت يدي
.6شاهد آخر :بيتان لبي داود ) هكذا (
وهو اليادي شاعر جاهلي :
1
2 522
3
ولقد اغتدي يدافع ركني ..
واب :أربعة أبيات
.7شاهد آخر لبن الب ّ
آخرها :
فأني ذلك الرجل وان قتل الهوى رجل
إلفات الى العجز .
.8شاهد آخر لعبد الصمد ابن المعذل ) ت
240هـ ( :آخره
يدعو وفوق الكبد يرفع عيناه الى ربه
اليسرى
إلفات الى موضع يدعو
.9شاهد آخر لجرير :آخره
صدع صدع الغواني إذ رمين فؤاده
ن
الزجاجة ما لذاك تدا ِ
إلفات الى :ما لذاك
خلصة الفصل :
عدد الشواهد الشعرية 20 :بيت
عدد الشواهد القرآنية :ل يوجد
الموضوع :مزايا النظم بحسب المعاني
والغراض
اسم الكتاب :دلئل العجاز
1
2 523
3
إعجاز ماذا وإعجاز من ؟
تنبيــــه :
1
2 525
3
ألم نقل ثم انظر الى اللفظ ومعناه الجذري
وقيمته قبل الستعمال ثم أنظره في
الستعمال ..فإذا فعلت وجدت ) قتل ( على
من وقع عليه
الصل هو إيقاف الحركة ع ّ
الفعل وليس هو ) إهلك القتل بإخراج
الدم ( ،ال ترى أن الله تعالى قال ) فلم
تقتلون أنبياء الله ( ـ وهم لم يقتلوا نبيا ً
منهم على المعنى الصطلحي ولكنهم أماتوا
سننهم وأوقفوا حركة شرائعهم فانظرلفظ "
قتل" في معاني الحروف ـ بل انظر الفعل )
في النكليزية والذي هو نفس اللفظ
بتغيير بسيط تجد أحد استعمالته الباقية هو )
أوقف ( ) . 1ثم انظر قوله ) الهوى ( وعمومه
فلو قال ) الحب ( أو ) الغرام ( أو ) العشق (
لختلف المعنى اختلفا ً شديدا ً وهي عندهم
مرادفات يحل بعضها محل البعض الخر ـ لكنه
قال ) الهوى ( ـ والهوى ـ والهواء من مصدر
واحد ومعناه الصلي التخّبط واتباع الخيالت
والوهام بل عقل أو روّية ـ ولكنه أطلق على
2
3 526
4
المحب لتصافه بذلك ـ فقد صدق ك ّ
ل الصدق
في ذلك بل فلسفيا ً طابق الحكمة المعلومة
من التناقض بين الحرية والوجود ـ حيث
اللتزام وجود والتخبط فناء ـ أو اللتزام
بالعقل حركة وحياة ومجانبة العقل توقف
وموت فما تجده من جمالية وحسن في البيت
إنما مرجعه الى الصدق وصحة الوصف ودقة
اختيار اللفاظ والتناغم والتلئم بين السبب
والنتيجة بصورة منطقية .واعلم أن للمنهج
القصدي رأي في البلغة خلصته أن الصدق
خي الحقيقة بشغف وقوة
ودقة الوصف وتو ّ
ينتج ل محالة كلما ً بليغا ً فالبلغة ليست هدفا ً
ة لبلوغ أمر ـ بل ول قصدا ً ول غاي ً
ة ول وسيل ً
هي تحصيل حاصل للصدق عند المتكلم ..وقد
ذكرنا أن بلغة القرآن هي تحصيل حاصل
لصدقه المطلق وانطباقه على حقائق
الموجودات بأسرها ،بحيث أن المعنى الذي
يشير الى حقيقة ل يمكن أن يشار إليه بدقة
وصدق ال بعبارة واحدة فقط فلسفيا ً
ومنطقيا ً وكل عبارة غير تلك ستكون كاذبة
1
2 527
3
في جزء معين ولذلك صار القرآن ابلغ الكلم
لنه أصدقه .هذا هو خلصة الرأي القصدي
وهو نقيض البلغة الجرجانية القائمة على
الكذب والخلط بين المفردات بالمرادفات
والجمود على المعنى الذهني الصطلحي
للمفردة .
1
1
2 528
3