Professional Documents
Culture Documents
شهدت السنوات األخيرة من القرن الماضي ظهور الحاسب اآللي ،فكان ثورة علمية وتطورا تقنيا ساهم في تقدم البشرية في مختلف
المجاالت .وبرزت أهمية هذا الجهاز في توليه تنظيم وترتيب واسترجاع وتخزين المعلومات ومعالجة البيانات بكل دقة وسرعة ،ثم
تطور الحاسب اآللي إلى أن أصبح علما قائما بذاته ،وكذلك زادت حاجة العلوم المختلفة إليه ،فكان البد من تبسيط التعامل معه حتى
يتسنى للجميع استخدامه .وهنا تأتي الحاجة إلى وجود وسيط بين المستخدم وجهاز الحاسب اآللي ،هذا الوسيط هولغات البرمجة التي من
خاللها يتم إنشاء البرمجيات المختلفة والتي تساعد على إدخال البيانات ومعالجتها داخل الحاسب اآللي.
وهذه اللغات اختلفت وتنوعت بحسب الهدف الذي تسعى لتحقيقه ،وظهرت لغات عدة منها اللغات اإلجرائية ،وهي التي يتم فيها كتابة
البرنامج إجرا ًء بعد آخر ،ومنها اللغات المرئية Visualوالتي تستخدم في مجاالت عدة لسهولتها مثل لغة الفيجوال بيسك، Visual Basic
كما ظهرت لغات أخرىمتخصصة لمهام وغايات متعددة ،وهي أكثر تعقيدا ً وتحتاج إلى دراسة وممارسة ( األسطل2009 ،م ).
تُعد برمجة الحاسب اآللي أحد عناصر استخدام الحاسب اآللي بوصفه مادة دراسية ،ورغم أن البعض يرى أنه ينبغي تدريسها ضمن ثقافة
الحاسب اآللي ،إال أن الصواب أنها ال تدخل ضمن ثقافة الحاسب نظرا لصعوبة دراستها في مادة ثقافة الحاسب ،وأن تدريسها ضمن هذه
المادة يجب أن يكون من باب التعريف بلغات البرمجة وأهدافها وأنواعها( ،الموسى2008 ،م ).74 ,
وفي بدايات الحاسب اآللي التعليمي كان هناك اتجاه عام وقوي يدعو إلى تعليم المتعلمين البرمجة بصفة عامة ،وتعلم البرمجة بلغة
البيسك Basicبصفة خاصة ،وقد كان سبب ذلك هو االعتقاد بحاجة المتعلمين الماسة لتعلم كيف يعمل الحاسب وأسلوب التخطيط لحل
المشكالت المختلفة بمساعدة الحاسب .وقد تغير هذا االتجاه وأصبح استخدام الحاسب عن طريق برامجه التطبيقية -وهي ما تسمى بنظام
أو لغة Authoringمثل برنامج Authorwareوالتي يحتاجها المتعلم أكثر من تعلم لغات البرمجة -هو الهدف الذي يسعى التربويون
إلى تحقيقه والتركيز عليه في الوقت الحاضر (الموسى2008 ،م.)74 ،
و يبقى الهدف الرئيسي من تدريس البرمجة هو تعويد الطالب على مواجهة المشكالت ومحاولة حلها والبحث عن الطرق الصحيحة للحل
واتباعها ،و كذلك تنمية مهارات البحث والتقصي لديه.
و إلكساب الطالب مهارة من المهارات ،على سبيل المثال مهارة حل المشكالت ،فإن المعلم يستخدم طريقة التدريس التي تكفل للطالب
تنمية هذه المهارة ،وإذا فرضنا أن الغرض من تدريس لغات البرمجة هو كونها وسيلة للتدريب على مهارات حل المشكالت ،فإن طريقة
التدريس التي يتبناها المعلم هي التي تمكن المتعلم من التدريب على اكتساب هذه المهارات ،وليست اللغة في حد ذاتها .وقد يظن البعض
خطأ أن مجرد دراسة عملية البرمجة بمفردها تزود الفرد بمهارات حل المشكالت ،والحقيقة أن األمر ليس كذلك فهناك نقطة مهمة يجب
وضعها في االعتبار ،وهي توفر ثالثة عوامل:
فإذا توافرت هذه الشروط سيصبح بإمكان المعلم أن يدرب تالميذه على مهارات حل المشكالت و ذلك من خالل دراسة البرمجة ،كما
يجب عليه أن يُصمم ويوفر لتالميذه خبرات تدريبية تشجعهم على أعمال البرمجة وتدربهم على اكتساب هذه المهارات.
وذكر صقر ( 2007م )192-191 ،أن طريقة تدريس البرمجة تعتمد على اإلجراءات والخطوات التي من شأنها أن تؤدي إلى التدريب
واكتساب مهارات حل المشكالت ،مع مالحظة أن مجرد دراسة عملية البرمجة بمفردها ال يؤدي إلى اكتساب الطالب مهارات حل
المشكالت ومهارات التفكير الناقد ،التي تتحقق بطريقة غير مباشرة عند تدريس البرمجة ،بل على المعلم أن يصمم ويوفر خبرات
تدريسية بطريقة تشجعهم على أعمال البرمجة وتدربهم على اكتساب تلك المهارات.
إن تدريس البرمجة يهدف إلى إكساب الطالب مهارات عدة ،منها التعود على مواجهة المشكالت والبحث عن حلها و التفكير الناقد
واإلبداعي و التقويم الذي يعد أعلى الهرم في تصنيف بلوم لألهداف المعرفية ،وهي التذكر والفهم والتطبيق والتحليل والتركيب والتقويم (
الخليفة 2005،م .)117،فنجد أن البرمجة في حالة تدريسها بشكل صحيح تصل بالطالب إلى أعلى الهرم المعرفي ،وكذلك تُنمي لديه
مهارة اتخاذ القرار في كون هذا الحل مناسبا ً لهذه المشكلة أم أنه بحاجة إلى معالجة أكثر.
يجد الكثير من معلمي الحاسب صعوبة في إيصال مهارات البرمجة وكيفية تصميم وبناء البرامج الحاسوبية لطالبهم مهما كانت درجة
سهولتها ،حيث يقف الطالب حائرا ً عند التطبيق ،وهذا ٌ
أمر ال غرابة فيه لكون الطالب في هذه المرحلة لم يدرك ماذا تعني البرمجة ،فهو
بدأ في تعلم ثقافة الحاسب ومعها أو بعدها بقليل بدأ في تعلم البرمجة .الطالب يفهم ويعي ماذا يقصد المعلم من متغير وتعريفه وكيف يقوم
بذلك مع المعلم عندما يشرح خطوات عمل برنامج لجمع أو طرح عددين ،إال أنه عند التطبيق العملي على الحاسب يجد صعوبة في ذلك،
وخاصة عندما يطلب منه كتابة برنامج لفكرة جديدة لم ترد في الكتاب المدرسي.
إذا ً كيف يمكن لنا أن نحل هذه المشكلة مع طالبنا؟ هذا ما سنسعى إلى الجواب عنه في هذا المقال ،بالتطرق إلى بعض االستراتيجيات
التدريسية الحاسوبية التي يمكن للمعلم أن يستعين بها في تدريس البرمجة ،ولكي ال نكثر على القارئ الكريم ،سنسلط الضوء على ثالث
استراتيجيات تدريسية وكيف يمكن أن يطبقها المعلم.
أوال ً :استراتيجية تمثيل األدوار برمجيا ً
تقوم استراتيجية تمثيل األدوار على أن للطالب دورا ً ضمن المجموعة يؤديه في بيئة تعليمية آمنة ،وفيها يمكن للمعلم توزيع أقسام
البرنامج على طالبه ،وكل طالب أو مجموعة من الطالب يمثلون الدور المنوط بهم .و هذا مثال برنامج لجمع عددين:
بعد أن يشرح المعلم خطوات البرنامج جيدا ً ويفهم الطالب آلية تنفيذه يقوم بتوزيع األدوار عليهم وينفذ ذلك إجرائيا ً من خالل تحديد دور
كل طالب أو مجموعة من الطالب ،ثم يتنقلون إلى استخدام جهاز الحاسب وكتابة الطالب لألوامر ،فكل طالب يكتب الجزئية الخاصة به
والتي تؤدي في النهاية إلى الحل ،و يمكن للمعلم تطبيق ذلك على أكثر من برنامج حاسوبي.
آلية التنفيذ:
–توزيع األدوار بين أعضاء المجموعة ( المتغير A:الطالب رقم ،1المتغير B:الطالب رقم ،2المتغير C:الطالب رقم ، 3القيم :الطالب
رقم ،4العمليات :الطالب رقم).5
– Aيمثل العدد األول B ،يمثل العدد الثاني C ،يمثل حاصل الجمع.
–الطالب رقم 4هو من يعطي القيم للطالب رقم 1والطالب رقم .2
–الطالب رقم 5هو العمليات (وهنا يمثل عملية الجمع).
–يمثل ذلك خوارزميا ً على ورق أو السبورة ( يمكن أن تعطي السبورة اإللكترونية نتائج أفضل).
–عند البدء في كتابة الكود البرمجي يكتب كل طالب الجزء الخاص به ،فمثالً المتغير Aيعرف نفسه في البرنامج ،وهكذا لبقية
المتغيرات.
–إعطاء قيمة متغير ،حيث يعطي الطالب رقم 4كل متغير قيمة أثناء الكتابة أو في التنفيذ.
–يقوم الطالب رقم 5بكتابة عملية الجمع ليحصل في النهاية عند التنفيذ على النتيجة.
–ليكون الحل كما يلي:
سوف يالحظ المعلم التعاون والتنافس بين األعضاء في المجموعات ،قد يجد المعلم وطالبه صعوبة في التنفيذ للوهلة األولى ،ولكن ما
يلبث أن تتحول تلك الصعوبة إلى مهارة وسرعة في التنفيذ وسط بيئة تعليمية تنافسية جاذبة ،بل تتجاوز ذلك إلى إيجاد حلول لبرامج أكبر
وأكثر تعقيدا.
نجاح هذه االستراتيجية يعود إلى مهارة المعلم في بناء برامج حاسوبية لتعليم البرمجة بالتعلم الخصوصي الفردي أو في إيجاد برامج
تعليمية تخدم المعلم في هذا األمر ،ويمكن أن يبدأ المعلم ببرامج بسيطة ثم يتقدم فيها بحسب الفئة العمرية للطالب ،و نشرح هنا كيف
يمكن االستفادة من التعلم الخصوصي الفردي في برنامج لحساب زكاة المال.
آلية التنفيذ:
–إنشاء مقاطع فيديو تعليمية بسيطة يمكن أن توجه الطالب عند حدوث خطأ ما ،و تشرح له الطريقة الصحيحة في كتابة البرنامج.
–صور ورسوم وأشكال مختلفة تستخدم في تصميم البرنامج.
–يصمم المعلم برنامجا تعليميا يورد فيه جميع االحتماالت التي قد يكتبها الطالب بشكل صحيح أو بشكل خاطئ (يمكن االكتفاء بإيراد
األجزاء الصحيحة فقط ،ويعود ذلك لخبرة مصمم البرنامج التعليمي).
–عند التنفيذ يطلب من الطالب تعريف متغير زكاة المال ،ومتغير مقدار الزكاة.
–عند تعريفها بالشكل الصحيح تظهر له رسالة نجاح وتقدم ،وإال سيعرض عليه فيديو توضيحي أو خيارات يمكن للطالب االختيار منها.
–يطلب البرنامج كتابة الكود الذي يحسب مقدارالزكاة ،ويفعل كما في تعريف المتغيرات.
–يمكن إضافة مؤقت عد لحساب الزمن الذي يستغرقه الطالب ،أو إيجاد عداد تنازلي لوقت محدد يضعه المعلم.
يمكن للمعلم أن يقيس مدى فاعلية هذه االستراتيجية من خالل بطاقة مالحظة لكل طالب يسجل بها أبرز اإليجابيات والسلبيات ،باإلضافة
إلى المعوقات التي قد يواجهها المتعلم أثناء استخدامه للبرنامج التعليمي.
آلية التنفيذ:
ال يقتصر تدريس البرمجة على هذه االستراتيجيات فحسب ،بل هناك العديد منها ،والتي يرجع اختيارها إلى البيئة التعليمية ومدى توفر
الوسائل والمعينات التعليمية داخل حجرة الصف وخارجها ،بهدف الخروج بالطالب من طرائق التدريس التقليدية إلى استراتيجيات
وطرائق تدريس إبداعية تلبي ميوله وحاجاته .و نظرا لطبيعة الحاسب اآللي وعلومه المتجددة والتي تسارع الزمن ،كان البد من إيجاد
استراتيجيات تدريسية تواكب هذا التقدم العلمي الهائل.
المراجع:
–األسطل ,محمود زكريا2009( .م)“ .إثراء وحدة البرمجة في مقرر تكنولوجيا المعلومات في ضوء المعايير األدائية للبرمجة وأثره
على مهارة البرمجة لدى طالب الصف الحادي عشر” ,رسالة ماجستير غير منشورة .كلية التربية ,الجامعة اإلسالمية ,غزة.
–الموسى ,عبدهللا بن عبدالعزيز2008 ( .م) .استخدام الحاسب اآللي في التعليم .ط . 4شبكة البيانات ومكتبة الغذ .الرياض .المملكة
العربية السعودية.
–صقر ,محمد حسين سالم2007( .م) .طرق تدريس الحاسب اآللي .ط . 1مكتبة الرشد .الرياض .المملكة العربية السعودية.
–الخليفة ,حسن جعفر2005( .م ) .المنهج المدرسي المعاصر .ط . 6مكتبة الرشد .الرياض .المملكة العربية السعودية.
المصدر:
http://bit.ly/2x8Mgu5