Professional Documents
Culture Documents
ﺗﻘــدﯾــم
ﺑدأت ﻓﻛرة ﺗﺄﻟﯾف ھذا اﻟﻛﺗﺎب ﻣﻧذ اﻟﻌﺎم ،١٩٩١ﺣﯾث ﺑدأت ﺑﺗﻘدﯾم )زاوﯾﺔ ﺗرﺑوﯾﺔ(
ﺿﻣن ﺑرﻧﺎﻣﺞ اﻷﺳرة اﻷﺳﺑوﻋﻲ ،ﻓﻲ إذاﻋﺔ دﻣﺷق .وﺗﺑﻠورت ھذه اﻟﻔﻛرة ﻣﻊ ﺗﺣوﯾل ھذه
اﻟﻣﺣﺗـــــوى
اﻟﺟـزء اﻷو ّ ل -اﻟﺗـرﺑﯾﺔ اﻷﺳرﯾﺔ ودور اﻟواﻟدﯾن
اﻟﺻﻔﺣــﺔ اﻟﻣــوﺿــوع
ﺗﻌر ّ ف اﻟﺗرﺑﯾﺔ اﻟﻣﺗﻛﺎﻣﻠﺔ ﺑﺄﻧ ّﮭﺎ :ﺗﻠك اﻟﺗرﺑﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻌﻧﻰ ﺑﺎﻟﺟواﻧب /اﻟﺟﺳدﯾﺔ واﻟﻌﻘﻠﯾﺔ
واﻟﻧﻔﺳﯾﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ /ﻣن ﺷﺧﺻﯾ ّﺔ اﻹﻧﺳﺎن..وأن ّ اﻟﻧﻣو اﻟﺳﻠﯾم ،ھو اﻟذي ﯾﺣﻘ ّق اﻟﺗوازن
ﺑﯾن ھذه اﻟﺟواﻧب ،وإن ﻛﺎن أﺣدھﺎ ﯾﺳﺑق ﻓﻲ ﻧﻣو ّ ه اﻟﺟواﻧب اﻷﺧرى ﻷﺳﺑﺎب ﻣﺗﻌد ّدة؛ ﻣﻧﮭﺎ
ﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠ ّق ﺑطﺑﯾﻌﺔ اﻟﻛﺎﺋن /اﻟﻔرد ،اﻟﻌﺿوﯾﺔ واﻟﻧﻔﺳﯾ ّﺔ ،وﻣﻧﮭﺎ ﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠ ّق ﺑﺎﻟﺑﯾﺋﺔ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ /
وﻟﻛن ّ ﻧﻣو ّ أي ﺟﺎﻧب ،ﯾؤﺛ ّر ﻓﻲ اﻟﺟواﻧب اﻷﺧرىوﯾﺗﺄﺛ ّر ﺑﮭﺎ. اﻷﺳرﯾﺔ اﻟﻣﺣﯾطﺔ ﺑﮫ.
ﻓﺎﻟﻧﻣو ّ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ أو اﻟوﺟداﻧﻲ ﻣﺛﻼ ً ،ﯾﺳﺎﯾر اﻟﻧﻣو ّ اﻟﻌﻘﻠﻲ وﯾؤﺛ ّر ﻓﯾﮫ ..وذﻟك ﻷ ّن اﻟطﻔل
اﻟذي ﯾﻌﯾش ﻓﻲ ﺑﯾﺋﺔ أﺳرﯾﺔ ﯾﺳودھﺎ اﻷﻣن واﻻﺳﺗﻘرار ،ﯾﻧﻣو ﺑﺷﻛل طﺑﯾﻌﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺗوى
اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ،وھذا ﯾؤﺛ ّر ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻓﻲ ﻧﻣو ّ ه اﻟﻌﻘﻠﻲ ﺑﺻورة إﯾﺟﺎﺑﯾﺔ ،واﻟﻌﻛس ﺻﺣﯾﺢ أﯾﺿﺎ ً .
وﻓﻲ اﻟﻣﻘﺎﺑل ،ﻓﺈن ّ اﻷﺳرة اﻟﺗﻲ ﯾﺗﻣﺗ ّﻊ ﻓﯾﮭﺎ اﻟواﻟدان ﺑرﺣﺎﺑﺔ اﻟﺻدر ،وإﺧﺿﺎع ﻛل ّ أﻣر
ﻟﻠﻣﻧﺎﻗﺷﺔ ﺑروح ودﯾ ّﺔ واﺣﺗرام ﻣﺗﺑﺎدل ،ﯾﺗﻣﯾ ّز أﺑﻧﺎؤھﺎ ﺑﻧﻣو ّ وﺟداﻧﻲ وﻋﻘﻠﻲ ﺳﻠﯾم وﻣﺗوازن،
ﯾﻣﻛ ّﻧﮭم ﻣن اﻟﺗﻛﯾ ّف اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﻓﯾﻣﺎ ﺑﻌد ،واﻟﺗﻔﻛﯾر اﻟﺻﺣﯾﺢ وإﺑداء اﻟرأي ﺗﺟﺎه اﻟﻘﺿﺎﯾﺎ
-٢اﻟـوراﺛـﺔ واﻟﺗـرﺑﯾﺔ
ﯾﻛﺛر اﻟﺟدل ﺑﯾن اﻟﻣﺧﺗﺻ ّﯾن ﺑﻌﻠم اﻟوراﺛﺔ ﻣن ﺟﮭﺔ وﻋﻠم اﻟﺗرﺑﯾﺔ ﻣن ﺟﮭﺔ أﺧرى ،ﺣول
ﺗﺄﺛﯾر ﻛل ّ ﻣن اﻟوراﺛﺔ واﻟﺗرﺑﯾﺔ ﻓﻲ ﺗﻛوﯾن ﺷﺧﺻﯾﺔ اﻟﻔرد ،وﻻ ﺳﯾ ّﻣﺎ أن اﻟﻛﺛﯾرﯾن ﻣن اﻷﺑﻧﺎء
ﯾﻛوﻧون ﻣﺧﺗﻠﻔﯾن ﻋن واﻟدﯾﮭم ،ﻓﻲ اﻟﺻﻔﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ أو ﻓﻲ اﻟطﺑﺎع اﻟﺧﺎﺻﺔ .وﯾﻌزى ذﻟك
إﻟﻰ اﻟﻌواﻣل اﻟﺗرﺑوﯾﺔ أﻛﺛر ﻣن اﻟﺻﻔﺎت اﻟوراﺛﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺣﻣﻠوھﺎ ﻣن واﻟدﯾﮭم.
ﺻﺣﯾﺢ أن ّ اﻟطﻔل ﯾرث ﺻﻔﺎت ﻣﺗﻌد ّدة ﻣن أﺑﯾﮫ أو أﻣ ّﮫ ،ﺑﺎﻋﺗﺑﺎره ﻧﺎﺗﺟﺎ ً ﻋن اﺗ ّﺣﺎد
ﻋﺿوي ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ .وﻟﻛن ﺑﻌض ھذه اﻟﺻﻔﺎت ﺗﺑﻘﻰ ﻋﻠﻰ ﺷﻛل اﺳﺗﻌدادات وﻗدرات ﻛﺎﻣﻧﺔ،
وﺗﺧﺿﻊ ﻟﻠظروف اﻟﺗرﺑوﯾﺔ /اﻟﻧﻣﺎﺋﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻌﯾﺷﮭﺎ اﻟطﻔل ﻣﻧذ اﻟوﻻدة وﺣﺗﻰ ﺳن ّ اﻟﺑﻠوغ
واﻟﻧﺿﺞﻓﺈ.ﻣ ّﺎ أن ﺗ ُظﮭ ِ ر ھذه اﻟظروف ﺗﻠك اﻻﺳﺗﻌدادات ﺑﺻورة إﯾﺟﺎﺑﯾﺔ ،أ و ﺗﻠﻐﯾﮭﺎ ﺟزﺋﯾ ّﺎ ً
أو ﻛﻠﯾ ّﺎ ً ﻛﻣﺎ ﻓﻲ ﺗﺄﺛﯾر ﺑﻌض اﻷﻣراض .أﻣ ّﺎ ﻟون اﻟﻌﯾون واﻟﺑﺷرة واﻟطول ،ﻓﮭﻲ ﻣن
-٣اﻷﺳـرة واﻟﺗرﺑﯾـﺔ
ﺗﻌر ّف اﻷﺳرة ﺑﺄﻧ ّﮭﺎ :اﻟﺧﻠﯾﺔ اﻷوﻟﻰ أو )اﻟﺟزء اﻷﺳﺎﺳﻲ( ﻓﻲ ﺑﻧﯾﺔ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ..وﺗﺗﺄﻟ ّف ﻓﻲ
اﻟوﺿﻊ اﻟطﺑﯾﻌﻲ ،ﻣن اﻷب واﻷم واﻷوﻻد.وﻛﻠ ّﻣﺎ ﻛﺎﻧت ھذه اﻟﺧﻠﯾ ّﺔ ﺳﻠﯾﻣﺔ وﻣﺗﻣﺎﺳﻛﺔ ،ﻛﺎن
اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﺳﻠﯾﻣﺎ ً وﻣﺗﻣﺎﺳﻛﺎ ً وﻗوﯾﺎ ً .
وھذا ﯾﻌﻧﻲ أن ّ ﻟﻸﺳرة رﺳﺎﻟﺔ ﺗرﺑوﯾﺔ /اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﯾﺟب أ ن ﺗﺗﺣﻘ ّق ﺑﺎﻟﺻورة اﻟﻣطﻠوﺑﺔ،
ﻟﻛﻲ ﺗؤد ّي دورھﺎ ﻓﻲ ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻟﺑﻧﺎء اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ .وﺗﻘﻊ ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ذﻟك – ﺑﺎﻟدرﺟﺔ اﻷوﻟﻰ-
ﻋﻠﻰ ﻛﺎھل اﻟواﻟدﯾن )اﻷب واﻷم( ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرھﻣﺎ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾن اﻟرﺋﯾﺳﯾﯾن ﻋن ﺑﻧﺎء اﻷﺳرة .وﻣن
ﺗﺣﺗل ّ اﻷﺳرة ﻣﻛﺎن اﻟﺻدارة ﺑﯾن اﻟﻣؤﺳ ّﺳﺎت اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ،وﻗد ﻋﻣ ل ﻋﻠﻰ ﺗدﻋﯾم ھذه
ﺗﺳﺗﻧد اﻟﺣﯾﺎة اﻟزوﺟﯾﺔ اﻟﻧﺎﺟﺣﺔ إﻟﻰ اﻟﺷراﻛﺔ اﻟﻣﺗﻛﺎﻓﺋﺔ ،ذات اﻟﮭدف اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ واﻻﺣﺗرام
اﻟﺗﺑﺎدل ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن .وﻟذﻟك ،ﺗﻌد ّ اﻟﺣﯾﺎة اﻟزوﺟﯾﺔ /اﻷﺳرﯾﺔ ﻣدرﺳﺔ ﯾﺗﻌﻠ ّم ﻓﯾﮭﺎ اﻟزوﺟﺎن
ﻛﯾف ﯾﺗﻌﺎﯾﺷﺎن ﻣﻌﺎ ً ،وﻛﯾف ﯾطو ّ ﻋﺎن اﻟظروف اﻟطﺎرﺋﺔ واﻟﻣﺳﺗﺟد ّة ﻟﺻﺎﻟﺣﮭﺎ أوﻻ ً،
وﻟﺻﺎﻟﺢ ﺑﻧﺎء أﺳرﺗﮭﻣﺎ اﻟﻣﺳﺗﻘﺑﻠﯾﺔ ﺛﺎﻧﯾﺎ ً .
ﻓﺎﻟزواج اﻟﻧﺎﺟﺢ اﻟﻘﺎﺋم ﻋﻠﻰ اﻟﺗواﻓق /اﻟﻔﻛري واﻟﻧﻔﺳﻲ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ /ﯾﺗﯾﺢ ﻟﻠﺷرﯾﻛﯾن
) اﻟزوﺟﯾن( أن ﯾﻛﺗﺷف ﻛل ّ ﻣﻧﮭﻣﺎ اﻵﺧر ﻣن ﺧﻼل اﻟﺣوار اﻟود ّي ،واﻟطرﯾﻘﺔ اﻟﻣﻧﺎﺳﺑﺔ
واﻟﻣﺟدﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺗﻌﺎﻣل ﻣﻌﮫ ،وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻛﯾﻔﯾﺔ ﺣل ّ اﻟﺧﻼف – إذا وﻗﻊ -وﺗﻼﻓﻲ أﺳﺑﺎﺑﮫ
وﻧﺗﺎﺋﺟﮫ ،ﻣﮭﻣﺎ ﻛﺎﻧت.وﻛﻠ ّﻣﺎ ﻋﻣل ﻛل ّ ﻣن اﻟزوﺟﯾن ﻋﻠﻰ اﻟدﺧول إﻟ ﻰ ﻋﺎﻟم اﻵﺧر ،وﺗﻌﻠ ّﻣﺎ
إﯾﺟﺎد ﻟﺣﻠول اﻟﻣﻧﺎﺳﺑﺔ ﻟﻠﻘﺿﺎﯾﺎ واﻟﻣﺷﻛﻼت اﻟﺗﻲ ﺗﺻﺎدﻓﮭﻣﺎ ،ﻗﻠ ّت ﻣر ّ ات اﻟﺧﻼف وﺣد ّﺗﮭﺎ،
وإن ﻛﺎن اﻷﻣر ﻻ ﯾﻧﺣﺻر ﻓﻲ طرﯾﻘﺔ اﻟﺧﻼف أو ﻓﻲ ﻋدد ﻣر ّ اﺗﮫ ،وإﻧ ّﻣﺎ اﻷھم ﻣن ذﻟك ھو
ﺣد ّة ھذا اﻟﺧﻼف أو ذاك ،وﻣدى ﺗﺄﺛﯾره ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن ،وﻣن ﺛم ّ
اﻧﻌﻛﺎﺳﺎﺗﮫ اﻟﺗرﺑوﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻷﺑﻧﺎء.
وﻣﻣ ّﺎ ﻻ ﺷك ّ ﻓﯾﮫ ،أن ّ ھدوء اﻟﺣﯾﺎة اﻟزوﺟﯾﺔ واﺳﺗﻘرارھﺎ ،ﯾﻌﺗﺑر ﻣن اﻟﻣرﺗﻛزات
اﻟرﺋﯾﺳﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺑﻧﻰ ﻋﻠﯾﮭﺎ ﺳﻌﺎدة اﻷﺳرة واﺳﺗﻣرارﯾﺗﮭﺎ ،واﻟﺗﻲ ﺗوﻓ ّر ﻟﻸﺑﻧﺎء اﻷﻣن
واﻻطﻣﺋﻧﺎن ﻓﻲ إطﺎر اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻹﯾﺟﺎﺑﯾﺔ ﺑﯾن اﻟواﻟدﯾن ،ﻷﻧ ّﮭﻣﺎ ﯾﻣﺛ ّﻼن اﻟﻘدوة اﻟﺣﺳﻧﺔ ﻓﻲ ﻧظر
اﻷﺑﻧﺎء ،وﻣرﻛز اﻟﺣب ّ واﻷﻣﺎن واﻻﺣﺗرام.
ﻟﻘد دﻟ ّت ﺑﻌض اﻟدراﺳﺎت اﻟﻧﻔﺳﯾ ّﺔ ،ﻋﻠﻰ أن ّ اﻷطﻔﺎل ﯾﺗﺄﺛ ّرون ﺑﺎﻟﺧﻼﻓﺎت ﻏﯾر اﻟﻣﻌﻠﻧﺔ
ﺑﯾن اﻟواﻟدﯾن ،واﻟﺗﻲ ﺗظﮭر ﻣن ﺧﻼل ﺗﺻر ّ ﻓﺎت ﻛل ّ ﻣﻧﮭﻣﺎ ﺗﺟﺎه اﻵﺧر ،أﻛﺛر ﻣن اﻟﺧﻼﻓﺎت
اﻟﻣﻌﻠﻧﺔ واﻟﺻﺎﺧﺑﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻧﺗﮭﻲ ﺑﺳرﻋﺔ .وﺗذھب ﺑﻌض اﻵراء اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ /اﻟﻧﻔﺳﯾﺔ واﻟطﺑﯾ ّﺔ /
إﻟﻰ أن ّ اﻟﺧﻼف اﻟﻣﻛﺗوم )ﻏﯾر اﻟﻣﻌﻠن( واﻟطوﯾل ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن ،ھو أﺣد اﻷﺳﺑﺎب اﻟرﺋﯾﺳﺔ
ﻓﻲ إﺻﺎﺑﺔ ﺑﻌض اﻷطﻔﺎل ﺑﻣرض ) اﻟرﺑو( ،وﻻ ﺳﯾ ّﻣﺎ ﻓﻲ ﺳﻧواﺗﮭم اﻷوﻟﻰ ..ﻛﻣﺎ أن ّ
اﻹھﺎﻧﺎت اﻟﺑﺎﻟﻐﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺗﺑﺎدﻟﮭﺎ اﻟزوﺟﺎن أﻣﺎم اﻷطﻔﺎل ،ﻻ ﺗدﻣ ّر اﻟﺣﯾﺎة اﻟزوﺟﯾﺔ ﻓﺣﺳب ،ﺑل
ﺗﺳﮭم ﻓﻲ زﻋزﻋﺔ اطﻣﺋﻧﺎن اﻷطﻔﺎل ﻟزﻣن طوﯾل ،وﺗﮭز ّ أﻣﺎﻣﮭم اﻟﻧﻣوذج اﻟﻌﺎطﻔﻲ /
وﻗد ﯾﺻل اﻷﻣر ﺑﺎﻷطﻔﺎل اﻟذﯾن ﯾﻌﯾﺷون وﯾﻧﺷﺄون ﻓﻲ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ اﻟﻣﺗﻣﺛ ّل ﺑﺎﻟواﻟدﯾن.
ظروف ﻋﺎﺋﻠﯾﺔ ﻣﻠﯾﺋﺔ ﺑﺎﻟﺧﻼﻓﺎت اﻟﺷدﯾدة ،إﻟﻰ اﻟﺷﻌور ﺑﺎﻟﻌﺎر واﻟﺧﺟل واﻹﺣﺳﺎس ﺑﺄﻧ ّ ﮭم
ﻟﯾﺳوا ﻛﺑﻘﯾ ّﺔ اﻟﺑﺷر ،إذا ﻣﺎ ﻗﺎرﻧوا ﺣﯾﺎﺗﮭم ﺑﺣﯾﺎة اﻵﺧرﯾن.
واﺳﺗﻧﺎدا ً إﻟﻰ ﻣﺎ ﺗﻘد ّم ،ﯾﺗﺣﺗ ّم ﻋﻠﻰ اﻟواﻟدﯾن إﺑﻌﺎد اﻷطﻔﺎل ﻋن أي ﺧﻼف ﯾﺣدث ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ،
ﺣﺗﻰ وإن ﻛﺎن ﺑﺳﺑب اﻷطﻔﺎل .وإذا ﺣدث ﺧﻼف ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ ﻣن أي ﻧوع ﻛﺎن ،ﻓﻣن اﻟﻣﻧﺎﺳب
أﺻﺑﺢ ﻣﻌ روﻓﺎ ً ﻟدى اﻟواﻟدﯾن واﻟﻣرﺑ ّﯾن ،أن ّ اﻟﺗرﺑﯾﺔ اﻟﺣدﯾﺛﺔ ﺗﻧﺎدي ﺑﺈﻋطﺎء اﻟﺣرﯾﺔ
ﻟﻠطﻔل .وﻗد أﺛﺎر ذﻟك ﺟدﻻ ً ﻛﺑﯾرا ً ﺑﯾن اﻟﺗرﺑوﯾﯾن أﻧﻔﺳﮭم ،ﺣول أﯾ ّﺔ ﺣرﯾ ّﺔ ﻧﻌﻧﻲ؟ وﻛﯾف
ﺗوظ ّ ف اﻟﺣرﯾﺔ ﻓﻲ ﺗرﺑﯾﺔ اﻷطﻔﺎل؟ وإﻟﻰ أي ﻣدى ﯾﻣﻛن ذﻟك؟؟
ﻻ ﺷك ّ أن اﻟﺣرﯾ ّﺔ اﻟﻣﻘﺻودة ھﻧﺎ ،ھﻲ اﻟﺣرﯾﺔ اﻟﻣﻧظ ّ ﻣﺔ وﻟﯾﺳت اﻟﺣرﯾ ّﺔ اﻟﻣطﻠﻘﺔ وﻏﯾر
اﻟﻣﻧﺿﺑطﺔ ،اﻟﺗﻲ ﺗﻧﻔﻠت ﻣن اﻟﻘﯾود وﺗﻧﺗﮭﻲ ﺑﺎﻟﻼﻣﺑﺎﻻة واﻟﻼﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ،وﺗؤد ّي ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ إﻟﻰ
ﻋواﻗب ﺗرﺑوﯾﺔ ﺳﻠﺑﯾﺔ ﺗﻣﺎﻣﺎ ً ،ﻛﺎﻟﻌواﻗب اﻟﺗﻲ ﺗﻧﺟم ﻋن اﻟﺷد ّة واﻟﻘﺳوة؛ ﻓﻛﻼھﻣﺎ ﺧطﺄ
ﺗرﺑوي ﻓﺎدح ﺑﺣق ّ اﻟطﻔل وﻣﺳﺗﻘﺑﻠﮫ.
وﻟذﻟك ،ﯾﻧﺑﻐﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﺗرﺑﯾﺔ ﻋﺎﻣﺔ و اﻟﺗرﺑﻲ اﻷﺳرﯾﺔ ﺧﺎﺻﺔ ،أن ﺗﻧظ ّ م اﻧﻔﻌﺎﻻت اﻟطﻔل
وﺗﺻر ّ ﻓﺎﺗﮫ ،ﻣن ﺧﻼل ﺗﻌرﯾﻔﮫ ﺑﺎﻟﺣﺎﺟﺎت واﻟرﻏﺑﺎت ،واﻟﺗﻔرﯾق ﻓﯾﻣﺎ ﺑﯾﻧﮭﺎ وأوﻟوﯾﺎﺗﮭﺎ..ﻷن ّ
ﺷﻌور اﻟطﻔل ﺑﺎﻟﺣرﯾﺔ اﻟﻣطﻠﻘﺔ ،ﻣن ﺷﺄﻧﮫ أن ﯾزﯾد ﺗﻣﺎدﯾﮫ ﻓﻲ اﻹﻟﺣﺎح اﻟﺷدﯾد وﻏﯾر اﻟﻣﺑر ّ ر،
ﻟﻠﺣﺻول ﻋﻠﻰ أﺷﯾﺎء ﻣﺣد ّدة أو ﺗﻠﺑﯾﺔ رﻏﺑﺎت ﻣﻌﯾ ّﻧﺔ /ﺧﺎﺻﺔ .وإذا ﻣﺎ رﻓض اﻟواﻟدان ،أو
ﻋﺎرﺿﺎ رﻏﺑﺔ اﻟطﻔل أو طﻠﺑﮫ ،ﻓﺈﻧ ّﮫ ﯾزﯾد ﻣن اﻟﺻراخ أو اﻟﺑﻛﺎء ،ﺣﺗﻰ ﯾرﺿﺦ اﻟواﻟدان وﻻ
ﯾﺟدان ﺳﺑﯾﻼ ً ﻹﺳﻛﺎﺗﮫ إﻻ ّ ﺗﻠﺑﯾﺔ ﻣطﺎﻟﺑﮫ ..ﻓﯾﻛف ّ ﻋن اﻟﺻراخ وﯾﺷﻌر ﺑﻧﺷوة اﻻﻧﺗﺻﺎر،
ﻓﯾﻌز ّ ز ﻣوﻗﻔﮫ وﯾﺗﻣﺎدى ﻓﻲ طﻠﺑﺎﺗﮫ اﻟﺗﻲ ﻻ ﺗﺧﺿﻊ ﻟﻣﻌﯾﺎر أو ﺗﻘدﯾر.
وﯾﻛﺑر اﻟطﻔل وﺗﻛﺑر طﻠﺑﺎﺗﮫ وﺗزداد ﻣﺳﺎﺣﺔ اﻟﺣرﯾ ّﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺗﺣر ّ ك ﻓﯾﮭﺎ ﻣن دون ﺿواﺑط،
إﻟﻰ درﺟﺔ ﯾﻌﺟز ﻓﯾﮭﺎ اﻷھل ﻋن ﺗﺣدﯾدھﺎ وﺗﺄﻣﯾن ﻣﺗطﻠﺑﺎﺗﮫ ،ﺳواء ﺑرﻓﺿﮭﺎ أو ﺑﺎﻟﺗﻘﺗﯾر
ﻋﻠﻰ أﻧﻔﺳﮭم ﻣن أﺟﻠﮭﺎ .وﻟﻛن ّ اﻟطﻔل – ﻓﻲ اﻟﻣﻘﺎﺑل – ﯾﻌﺗﺑر ذﻟك ﻗﺳوة ﺑﺣﻘ ّﮫ وإﺧﻼﻻ ً
ﺑﺎﻟﻌداﻟﺔ ﻣن ﻗﺑل اﻟواﻟدﯾن ﺗﺟﺎھﮫ ،وھﻧﺎ ﺗﻛﻣن اﻟﻣﺷﻛﻠﺔ اﻟﺗﻲ ﻗد ﯾﺻﻌب ﺣﻠ ّﮭﺎ.
وﻣﻣ ّﺎ ﯾدﻋو إﻟﻰ اﻷﺳف ،أن ّ ﻛﺛﯾرا ً ﻣن اﻟواﻟدﯾن واﻟﻣرﺑ ّﯾن أﺳﺎؤوا ﻓﮭم اﻟﺣرﯾﺔ
واﺳﺗﺧداﻣﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﺗرﺑﯾﺔ ،ﻓﺎﺑﺗﻌدوا ﻋن اﻟﺿﺑط واﻻﻟﺗزام ﺑﺣﺟ ّ ﺔ اﻻﺑﺗﻌﺎد ﻋن اﻟﻘﺳوة واﻟﻌﻘﺎب
وﻏﯾره ﻣن ﻣﺳﺎوىء اﻟﺗرﺑﯾﺔ اﻟﻣﺎﺿﯾﺔ /اﻟﺗﻘﻠﯾدﯾﺔ ،وﻧﺳو ا أن ّ ھذا اﻟﺗﺣر ّ ر اﻟﻣطﻠق ،ﻣﺎ ھو
إﻻ ّ اﻧﻔﻼت ﻣن اﻻﻟﺗزاﻣﺎت اﻟﺗرﺑوﯾﺔ اﻟﺿرورﯾﺔ ﻟﺗﮭذﯾب اﻟﺗﺻر ّ ف ،واﻟﺗﻧﺷﺋﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﯾم
اﻟﺳﻠوﻛﯾﺔ /اﻷﺧﻼﻗﯾﺔ اﻟﻣرﻏوﺑﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ.
ﻓﮭؤﻻء اﻟواﻟدون واﻟﻣرﺑ ّون ،ﻟم ﯾدرﻛوا أن ّ إطﻼق اﻟﻌﻧﺎن ﻟﺣرﯾﺔ اﻟطﻔل ،ﻟﻛﻲ ﯾﻔﻌل ﻣﺎ
ﯾﺷﺎء وﯾﺣﺻل ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾر ﯾد ،ﻣن دون ﺣدود أو ﺿواﺑط ،ﯾﺟﻌﻠﮫ ﯾﺷب ّ ﻋﻠﻰ ﻓﻛرة ﺗﺗرﺳ ّﺦ
ﻟدﯾﮫ وھﻲ :أن ّ ﻛل ّ ﺗﺻر ّ ف أو ﺳﻠوك ﯾﻘوم ﺑﮫ ،إﻧ ّﻣﺎ ﯾﻠﻘﻰ اﻻﺳﺗﺟﺎﺑﺔ اﻟﻣطﻠﻘﺔ ﻣﻣ ّن ﺣوﻟﮫ.
وھذا ﯾﻌﻧﻲ أﻧ ّﮫ إذا ﺗﺳﺎﻣﺣﻧﺎ ﻣﻊ اﻟطﻔل – اﻟﯾوم – ﻓﻲ ﻛل ّ ﺷﻲء ،وﺣﺎوﻟﻧﺎ أن ﻧﻣﻧﻊ ﻋﻧﮫ ذﻟك،
ﻛﻠ ّﮫ أو ﺑﻌﺿﮫ ،ﻓﻲ اﻟﻐد ،ﻓﻼ ﯾﺷﻛ ّل ﻟدﯾﮫ أ ي وﺿوح ﻓﻲ ﺗﺻو ّ راﺗﮫ ﻋن اﻟﺣرﯾﺔ اﻟﺧﺎﺻﺔ
واﻟﻌﺎﻣﺔ ،وﻋن اﻟﻣﺳﻣوح ﻓﯾﮭﺎ أو اﻟﻣﻣﻧوع.
دﺧل /ﺳﺎﻣر ذو اﻟﺳﻧوات اﻟﺳت ﻣن اﻟﻌم ،وھو ﯾﺑﻛﻲ وﯾﺷﮭق " :ﻣﺎﻣﺎ ..ﻣﺎﻣﺎ ..ﺿرﺑﻧﻲ
/ﻋﻣﺎد ،وأوﻗﻌﻧﻲ ﻋﻠﻰ اﻷرض ﻋﻣدا ً ..وﻋﻣﺎد ھذا ھو اﺑن اﻟﺟﯾران وﻟﮫ ﻣن اﻟﻌﻣر ﺳت ّ
ﺳﻧوات أﯾﺿﺎ ً ..ﻗﺎﻟت اﻷم ﺑﮭدوء " :ﻻ ﺑﺄس ـ إﻧ ّﮫ ﻋﻣﺎد ﻣر ّ ة أﺧرى ..وﻟﻛن ﻗل ﻟﻲ :ﻟﻣﺎذا
اﻋﺗدى ﻋﻠﯾك؟ "
ﺗﻠﻌﺛم ﺳﺎﻣر وأﺟﺎب" :ﻷﻧ ّﻧﻲ ﻟم أﺣﻘ ّق ھدﻓﺎ ً وﻧﺣن ﺑﻠﻌب ﺑﻛرة اﻟﻘدم"..
رد ّت اﻷم " :ھﻛذا إذن ..اﻷﻣر ﺑﺳﯾط ..ﺗﻌﺎل ﻣﻌﻲ"..
ﻧﺷ ّﻔت اﻷم دﻣوع اﺑﻧﮭﺎ /ﺳﺎﻣر ،وﻏﺳﻠت وﺟﮭﮫ ،وذھﺑت ﺑﮫ إﻟﻰ ﺑﯾت اﻟﺟﯾران ،وﺑﯾدھﺎ
ﻋﻠﺔ ﻣن اﻟﺣﻠوى.
اﺳﺗﻘﺑﻠﺗﮭﺎ ﺟﺎرﺗﮭﺎ ،أم ﻋﻣﺎد ،وھﻲ ﺗﻌﺗذر ﻷﻧ ّﮭﺎ ﻋﻠﻣت ﺑﺎﻷﻣ ر وﻋﻣدت إﻟﻰ ﻣﻌﺎﻗﺑﺔ اﺑﻧﮭﺎ
ﻋﻣﺎد .ﻟﻛن ّ أم ﺳﺎﻣر ﻣﻧﻌﺗﮭﺎ ،وﺟﻣﻌت ﺳﺎﻣرا ً وﻋﻣﺎدا ً ﻣﻌﺎ ،وأﻋطت ﻛﻼ ً ﻣﻧﮭﻣﺎ ﻗطﻌﺎ ً ﻣن
اﻟﺣﻠوى ،وھﻲ ﺗﺗﺣد ّث إﻟﯾﮭﻣﺎ ﺑﮭدوء ﻋن اﻟﺟﯾران واﻷﺻدﻗﺎء ،ﺛم ّ طﻠﺑت إﻟﯾﮭﻣﺎ أن ﯾﺗﺻﺎﻟﺣﺎ
وﯾﺗﺻﺎﻓﺣﺎ ،وﯾطﻌم ﻛل ّ ﻣﻧﮭﻣﺎ اﻵﺧر ﻣن ﻗطﻊ اﻟﺣﻠوى ..ﺛم ّ ﻗﺎﻟت ﺑﻠﮭﺟﺔ ودﯾ ّﺔ " :اﻟرﻓﺎق
واﻷﺻدﻗﺎء ﻻ ﯾﺗﺧﺎﺻﻣون ،ﺑل ﯾﺣﺑ ّون ﺑﻌﺿﮭم ﺑﻌﺿﺎ ً وﯾﻠﻌﺑون ﻣﻌﺎ ً ،أﻟﯾس ﻛذﻟك..؟!"
اﺑﺗﺳم اﻟطﻔﻼن وﺗﻌﺎﻧﻘﺎ ،وﻛﺄن ّ ﺷﯾﺋﺎ ً ﻟم ﯾﻛن ..ﺛم ّ ﺧرﺟﺎ إﻟﻰ اﻟﻠﻌب ﻣن ﺟدﯾد ،ﺗراﻓﻘﮭﻣﺎ
ﻧظرات أم ﺳﺎﻣر اﻟداﻓﺋﺔ ،ﺑﯾﻧﻣﺎ راﺣت أم ﻋﻣﺎد ﺗﻘد ّم ﻟﮭﺎ اﻟﺷﻛر واﻻﻣﺗﻧﺎن ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻓﻌﻠت.
ھﻛذا ﯾﺟب أن ﺗﻛون ﺗﺻر ّ ﻓﺎت اﻟواﻟدﯾن ﺗﺟﺎه اﻋﺗداءات اﻷطﻔﺎل ورﻓﺎﻗﮭم أﺟل!..
-٤٦اﻷﺳرار اﻷﺳروﯾﺔ
ﯾﻛﺗﺳب ھذا اﻟﻣوﺿوع أھﻣﯾ ّﺔ ﺧﺎﺻﺔ ،وﻏﺎﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺣﺳﺎﺳﯾ ّﺔ ،ﻛوﻧﮫ ﯾﺗﻌﻠ ّق ﺑﺟﺎﻧب أﺳﺎﺳﻲ
ﻓﻲ ﺑﻧ ﯾﺔ اﻷﺳرة ووﺣدﺗﮭﺎ وﺗﻣﺎﺳﻛﮭﺎ ،وﻻ ﺳﯾ ّﻣﺎ اﻟﺣﯾﺎة اﻷﺳرﯾﺔ ،ﺑﺎﻋﺗﺑﺎر أن ّ اﻷﺳرار
ﺑﺻورة ﻋﺎﻣﺔ ،واﻷﺳرار اﻷﺳروﯾﺔ ﺑﺻورة ﺧﺎﺻﺔ ،ذات ﻋﻼﻗﺔ ﻣﺗﻣﯾ ّزة ﺟد ّا ً ،ﺗﻧدﻣﺞ ﻓﯾﮭﺎ
اﻟﺟواﻧب اﻟروﺣﯾ ّﺔ واﻟﻧﻔﺳﯾ ّﺔ واﻟﻔﻛرﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻣﻧﺣﮭﺎ ،وﯾﺟب أن ﺗﻣﻧﺣﮭﺎ ،اﻟﺳﻣو ّ واﻟﻘداﺳﺔ.
وﻋﻠﻰ ھذا اﻷﺳﺎس ،ﯾﺟب أن ﺗﻔﮭم اﻟﺣﯾﺎة اﻟزوﺟﯾ ّﺔ ،ﻓﻲ ﻧطﺎق اﻷﺳرة ،ﻋﻠﻰ أﻧ ّﮭﺎ داﺋرة
ﻣﻐﻠﻘﺔ ﺑﻛل ّ ﻣﺎ ﻓﯾﮭﺎ ﻣن ظروف وﻋﻼﻗﺎت وأﺳﺎﻟﯾب ﺗﻌﺎﻣل ..ﻛﻣﺎ أن ّ ﻟﮭﺎ أﺳرارھﺎ اﻟﺧﺎﺻﺔ
اﻟﺗﻲ ﻟﮭﺎ اﻟﺣق ّ ﻓﻲ اﻟﺣﻔﺎظ ﻋﻠﯾﮭﺎ وﻋدم اﻟﺑوح ﺑﮭﺎ أﻣﺎم اﻵﺧرﯾن ،وإن ﻛﺎﻧوا ﻣن أﻗرب
اﻟﻧﺎس إﻟﻰ اﻷﺳرة .وھذا واﺟب ﻋﻠﻰ اﻟزوﺟﯾن ﻛﻣﺎ ھو ﺣق ّ ﻟﻸﺳرة ،ﻟﻛﻲ ﺗﺳﺗﻣر ّ اﻷﺳرة
ﻓﻲ ﺗﻣﺎﺳك ﺑﻧﯾﺎﻧﮭﺎ ،ﺑﻌﯾدة ﻋن ﺗدﺧ ّ ل اﻵﺧرﯾن ﻓﻲ ﻧظﺎﻣﮭﺎ وأﺳﺎﻟﯾب اﻟﺗﻌﺎﻣل ﺑﯾن أﻓرادھﺎ..
وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻋدم اﻹﺳﺎءة إﻟﻰ اﻷﺳرة.
إن ّ ﻗﯾﺎم اﻟزوج أو اﻟزوﺟﺔ ،ﺑﻧﻘل ﻣﺎ ﯾدور ﻓﻲ اﻷﺳرة ﻣن أﺣﺎدﯾث أو ﻋﻼﻗﺎت أو
ﺧﻼﻓﺎت ،ﻣﮭﻣﺎ ﻛﺎن ﻧوﻋﮭﺎ وﻷ ﯾﺔ ﻏﯾﺔ ﻛﺎﻧت ،ﯾﻌد ّ إﻓﺷﺎء ﺑﺄﺳرار ھذه اﻷﺳرة واﻧﺗﮭﺎﻛﺎ ً
ﻟﺣرﻣﺗﮭﺎ وإﺳﺎءة إﻟﻰ ﻣﻛﺎﻧﺗﮭﺎ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ واﻟﺗرﺑﯾﺔ ،ﻛﻣؤﺳ ّﺳﺔ وﻛﺄﻓراد .وإذا ﻛﺎن ﻣن اﻟﻣﺗ ّﻔق
ﻋﻠﯾﮫ ،إن ّ إﻓﺷﺎء اﻷﺳرار ،ﻣﮭﻣﺎ ﻛﺎن ﻧوﻋﮭﺎ ،ﯾﻌد ّ ﺻﻔﺔ ذﻣﯾﻣﺔ اﺟﺗﻣﺎﻋﯾ ّﺎ ً وﺧﻠ ُﻘﯾ ّﺎ ً ،ﺗﺳﻲء إﻟﻰ
ﺻﺎﺣﺑﮭﺎ أوﻻ ً ،وإﻟﻰ اﻟذﯾن ﯾﻔﺷﻲ أ ﺳراھم ﺛﺎﻧﯾﺎ ً ،ﻓﯾﻣﻛن أن ﯾﺳﻣ ّﻰ ھذا اﻹﻓﺷﺎء ﻓﻲ اﻟوﺿﻊ
اﻷﺳري:ﺧﯾﺎﻧﺔ ﺑﺣق ّ اﻟواﺟب اﻷﺳري واﻟﺗرﺑوي.
وإذا ﺗﺳﺎءﻟﻧﺎ :ﻟﻣﺎذا ﯾﻘوم أﺣد اﻟزوﺟﯾن ﺑﺈﻓﺷﺎء أﺳرار اﻷﺳرة أﻣﺎم اﻵﺧرﯾن ،واﻟﺗﺣد ّث
ﻋن ﻛل ّ ﻣﺎ ﯾدور داﺧل اﻟﺑﯾت ،وﻣد دون ﺗﻘدﯾر ﻟﻠﻧﺗﺎﺋﺞ اﻟﺳﻠﺑﯾﺔ اﻟﻣﺗرﺗ ّﺑﺔ ﻋﻠﻰ ذﻟك؟
واﻟﺟواب ،ﻗد ﯾﻛون ﻓﻲ اﻷﺳﺑﺎب اﻟﻣﺗﻌﻠ ّﻘﺔ ﺑﺎﻟﻣﻌﺎﻣﻠﺔ ﻏﯾر اﻟﻣﺗﻛﺎﻓﺋﺔ ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن ،أو إھﻣﺎل
أﺣدھﻣﺎ اﻵﺧر ..أو اﻟﺿﻐوطﺎت اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ واﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ وﻣﺎ ﯾﻧﺟم ﻋﻧﮭﺎ ﻣن ﺧﻼﻓﺎت
زوﺟﯾ ّﺔ ﻣﺳﺗﻣر ّ ة ..وﻏﯾرھﺎ.
وﯾﻌﺗﻘد أﺣد اﻟزوﺟﯾن أن ّ ﺣدﯾﺛﮫ أﻣﺎم اﻵﺧرﯾن ﻋن ﻣﺷﻛﻼﺗﮫ اﻷﺳرﯾﺔ ،ﯾﺧﻔ ّف ﻣن
ﻣﻌﺎﻧﺎﺗﮫ ،أو رﺑ ّﻣﺎ ﯾﺟد ﺣﻼ ّ ﻣﻧﮭم ..اﻟﻠﮭم ّ إﻻ ّ إذا ﻛﺎن ﻓﻲ ﻧﯾ ّﺗﮫ اﻟﺗﺷﮭﯾر ﺑﺎﻟﺷرﯾك اﻵﺧر أو
اﻹﺳﺎءة إﻟﯾﮫ ،وﻷﺳﺑﺎب ﺧﺎﺻﺔ ﺑﮫ .وھﻧﺎ ﺗﻛون اﻟﻣﺷﻛﻠﺔ أﻛﺑر وأﺷد ّ ﺧطرا ً ﻋﻠﻰ ﻧﻣﺳﺗﻘﺑل
اﻷﺳرة.
وﻟﻛن ،ﻣﮭﻣﺎ ﯾﻛن ﺣﺟم اﻟﺧﻼﻓﺎت اﻷﺳرﯾﺔ واﻟﺿﻐوطﺎت ﻋﻠﻰ اﻷﺳرة ،ﻓﺈن ّ ﻣن واﺟب
اﻟزوﺟﯾناﻟﺣﻔﺎظ ﻋﻠﻰ أﺳرار اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ ،ﻷﻧ ّﮭﺎ أﺳرار ﺗﺧﺻ ّﮭﻣﺎ ﺑﺎﻟدرﺟﺔ اﻷوﻟﻰ ،وﻣن اﻟﻣﻌﯾب
ﺟد ّا ً اﻟﺗﺣد ّث ﺑﮭﺎ ﺧﺎرج اﻟﺑﯾت واﻟﺑوح ﺑﮭﺎ أﻣﺎم اﻟﻧﺎس ،وﻷي ﺳﺑب ﻛﺎن ،وﻻ ﺳﯾ ّﻣﺎ إذا ﻛﺎن
ﻓﯾﮭﺎ ﺗﺟرﯾﺢ أو ) إﺳﺎءة( ﻟﻠزوج اﻵﺧر .وذﻟك ﻷن ّ اﻟﻧﺗﯾﺟﺔ ﻓﻲ اﻟﻧﮭﺎﯾﺔ ،ﺳﺗﻛون ﻓﺷل
اﻟزوﺟﯾن ﻓﻲ ﺑﻧﺎء اﻷﺳرة ،وﻋدم أداء رﺳﺎﻟﺗﮭﻣﺎ اﻟﺗرﺑوﯾﺔ واﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ .وﻻ ﯾﺟﻧﻲ اﻷﺑﻧﺎء ﻣن
ﺟر ّ اء ذﻟك ،ﺳوﯨﻼ اﻟﻘﻠق واﻹﺣﺑﺎط وﻓﻘدان اﻟﺛﻘﺔ ﺑﺎﻟواﻟدﯾن .وﻗد ﺗﺗوﻟ ّد ﻟدﯾﮭم ﻗﻧﺎﻋﺔ ﺑﺄن ّ
اﻷﺳر ﻛﻠ ّﮭﺎ ﻋﻠﻰ ﺷﺎﻛﻠﺔ أﺳرﻧﮭم ،وھذا ﻣﺎ ﯾؤﺛ ّر ﺳﻠﺑﺎ ً ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗﻘﺑل ﺣﯾﺎﺗﮭم اﻟﻔردﯾﺔ
واﻷﺳرﯾﺔ ،وﯾﻧطﺑق ﻋﻠﯾﮭم اﻟﻘول اﻟﻣﺄﺛور " :اﻵﺑﺎء ﯾﺄﻛﻠون اﻟﺣﺻرم ..واﻷﺑﻧﺎء
اﻟﺟـزء اﻟﺛـﺎﻧـﻲ
-٢اﻷطﻔﺎل واﻟﺗﻠﻔﺎز
إن ّ ﻣوﺿوع ﻋﻼﻗﺔ اﻷطﻔﺎل ﺑﺎﻟﺗﻠﻔﺎز ،أﺻﺑﺢ ﻣن اﻷﻣور اﻟﮭﺎﻣ ّﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺷﻐل ﺑﺎل اﻟواﻟدﯾن
واﻟﻣرﺑﯾن ،وأﯾﺿﺎ ً اﻟﺑﺎﺣﺛﯾن اﻟﺗرﺑوﯾﯾن واﻟﻧﻔﺳﯾﯾّن /وذﻟك ﻧظرا ً ﻟﺗﺄﺛر اﻟﺗﻠﻔﺎز اﻟﻣﺗزاﯾد ﻓﻲ
أﻓﻛﺎر اﻷطﻔﺎل وﺳﻠوﻛﺎﺗﮭم ،وﻻ ﺳﯾ ّﻣﺎ أن ّ ﺛﻣ ّﺔ ﺣﻘﯾﻘﺔ ﻻ ﺟدال ﻓﯾﮭﺎ ،وھﻲ أن ّ اﻟﺗﻠﻔﺎز أﺻﺑﺢ
واﺳﻊ اﻻﻧﺗﺷﺎر ،وﻣﺎ زال ﯾﺣﺗل ّ اﻟﻣﻘﺎم اﻷول ﺑﯾن وﺳﺎﺋل اﻹﻋﻼم اﻟﻣﺧﺗﻠف ،ﻋﻠﻰ اﻟرﻏم ﻣن
دﺧول اﻟﺣﺎﺳب )اﻟﻛﻣﺑﯾوﺗر( ﻛﻣﻧﺎﻓس ﻟﮫ.
-٣اﻟطﻔل ذو اﻟﻌﺎھـﺔ
ﻗد ﯾوﻟد طﻔل وﻣﻌﮫ ﻋﺎھﺔ ﻣﺎ ،وﻗد ﯾﺻﺎب طﻔل ﺑﻌد اﻟوﻻدة ﺑﻣرض ﻣﺎ وﯾﺳﺑ ّب ﻟﮫ ﻋﺎھﺔ
ﻓﻲ ﺑﻌض ﺣواﺳﮫ ،وﻗد ﯾﺗﻌر ّ ض ﻓﻲ ﺳن ّ ﻣﺗﻘد ّﻣﺔ ﻟﺣﺎدث ﻣﺎ ﯾؤد ّي إﻟﻰ إﺻﺎﺑﺔ أﺣد أطراﻓﮫ
أو ﺗﻌطﯾﻠﮫ ..وھذا ﯾﺧﻠق ﻟدى اﻟطﻔل ﻋﺎھﺔ ﻣن ﻧوع ﻣﺎ ،ﯾﻛون اﻟﺗﻌﺎﻣل ﻣﻌﮫ ﻋﻧدھﺎ ،ﻣﺷﻛﻠﺔ
أﻣﺎم اﻟواﻟدﯾن.
ﻻ ﺷك ّ أن اﻟطﻔل اﻟذي ﯾﻌﺎﻧﻲ ﻣن ﻋﺎھﺔ ﻣﺎ ،ﯾﺣﺗﺎج – ﻋﻠﻰ أﯾﺔ ﺣﺎل – إﻟﻰ ﻋﻼج ﻣن
ﻧوع ﺧﺎص ﻟﻠﺗﺧﻔﯾف ﻣن اﻟﻣﻌﺎﻧﺎة ﻣن ھذه اﻟﻌﺎھﺔ .وﻟﻛﻧ ّﮫ ،ﻓﻲ اﻟوﻗت ذاﺗﮫ ،أﺷد ّ ﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ
ﻣﻌﺎﻣﻠﺔ طﺑﯾﻌﯾ ّﺔ ﻣن ﻗﺑل واﻟدﯾﮫ ﺧﺎﺻﺔ ،وﻣن اﻟﻣﺣﯾطﯾن ﺑﮫ ﻋﺎﻣﺔ .ﻷن ّ ھذه اﻟﻣﻌﺎﻣﻠﺔ ﻻ ﺗﻘل ّ
أھﻣﯾ ّﺔ وﺗﺄﺛﯾرا ً ﻋن اﻟﻌﻼج اﻟﺟﺳدي ،وﻻ ﺳﯾ ّﻣﺎ أن ّ اﻟﻌﺎھﺔ – ﺑﺣد ّ ذاﺗﮭﺎ – ﻻ ﺗﺟﻌل اﻟطﻔل
ﯾﺎﺋﺳﺎ ً وﺑﺎﻟﻎ اﻟﺣﺳﺎﺳﯾ ّﺔ ﺗﺟﺎه ذاﺗﮫ وﺗﺟﺎه اﻵﺧرﯾن ،وإﻟﻰ درﺟﺔ اﻟﺷﻌور ﺑﺎﻻﻧطواء واﻟﻌزﻟﺔ،
إﻻ ّ إذا أﺷﻌره اﻟﻣﺣﯾطون ﺑﮫ ﺑوﺿﻌﮫ ھذا ،وأﺑﻌدوه ﻋن اﻻﺣﺗﻛﺎك ﺑﺎﻵﺧرﯾن ،ﻓﯾﺷﻌر ﻋﻧدھﺎ
ﺑﺄﻧ ّﮫ إﻧﺳﺎن ﻏﯾر ﻋﺎدي /طﺑﯾﻌﻲ.
وﻟﻛن ﺛﻣ ّﺔ أﺷﺧﺎص ﻛﺛﯾرون ﻣﻣ ّن ﻟدﯾﮭم ﻋﺎھﺎت ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ،ﺳواء ﻛﺎﻧوا ﻛﺑﺎرا ً أو ﺻﻐﺎرا ً،
ﯾدرﻛون واﻗﻌﮭم وﯾﺗﻛﯾ ّﻔون ﻣﻊ ﺣﺎﻟﺗﮭم ﺑﺳﮭوﻟﺔ ،وﺑﻣﺳﺎﻋدة أﺳرھم ،ﻓﯾﻌﯾﺷون ﺳﻌداء
ﻣﻧﺳﺟﻣﯾن ﻣﻊ ذواﺗﮭم وﻣﻊ اﻟﻧﺎس ﻣن ﺣوﻟﮭم ،وﯾﻣﺎرﺳون ﺣﯾﺎﺗﮭم ﺑﺻورة طﺑﯾﻌﯾ ّﺔ
ﻛﺎﻷﺷﺧﺎص اﻷﺻﺣ ّ ﺎء ﺗﻣﺎﻣﺎ ً .ورﺑ ّﻣﺎ ﺗﻔو ّ ﻗوا ﻋﻠﯾﮭم ﻓﻲ ﺑﻌض اﻷﻣور ،ﺑﻔﺿل اﻟﺛﻘﺔ ﺑﺎﻟﻧﻔس
وﻗو ّ ة اﻹرادة ،وﻋﻠﻰ ﻣﺑدأ اﻟﻣﺛل اﻟﻘﺎﺋل":ﻛل ّ ذي ﻋﺎھﺔ ﺟﺑ ّﺎر"..
إن ّ اﻷﻣر اﻷﻛﺛر أھﻣﯾ ّﺔ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠطﻔل ذي اﻟﻌﺎھﺔ )اﻟﻣﻌو ّ ق( ھو أن ﯾﻧﺷﺄ ﻣﻧﺳﺟﻣﺎ ً ﻣﻊ
ذاﺗﮫ أوﻻ ً وﻣﻊ ﺣﯾﺎﺗﮫ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾ ّﺔ ﺛﺎﻧﯾﺎ ً ..وھذا ﯾﺗطﻠ ّب ﻣن اﻟواﻟدﯾن – ﻗﺑل ﻏﯾرھﻣﺎ -أن
ﯾﻛوﻧﺎ راﺿﯾﯾن ﺑﺎﻟطﻔل ،وﻣدرﻛﯾن وﺿﻌﮫ وﻣﺗﻛﯾ ّﻔﯾن ﻣﻌﮫ ،ﺑﻌﯾدا ً ﻋن اﻟﻘﻠق اﻟزاﺋد ﻋﻠﯾﮫ أو
اﻹﺣﺳﺎس اﻟﻣﻔرط ﺗﺟﺎه ﺣﺎﻟﺗﮫ ،وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﺗﻣﯾﯾزه ﺑﺻور واﺿﺣﺔ وﻣﺑﺎﺷرة ،ﻋن أﺧوﺗﮫ ﻣن
ﺑﺎب اﻟﺷﻔﻘﺔ واﻟﻌطف ،أو أﺑﻌﺎده ﻋن اﻷطﻔﺎل اﻵﺧرﯾن ﺣﻔﺎظﺎ ً ﻋﻠﻰ ﻣﺷﺎﻋره.
ﯾؤﻣ ّﻧﺎ ﻟﻠطﻔل ذي اﻟﻌﺎھﺔ ،اﻟﻔرص اﻟﻣﻧﺎﺳﺑﺔ، وﻟذﻟك ،ﯾﺗوﺟ ّب ﻋﻠﻰ اﻟواﻟدﯾن أن
اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﻣﻧﮭﺎ واﻟدراﺳﯾ ّﺔ ،ﻛﺄي طﻔل ﻋﺎدي ﻓﻲ اﻷﺳرة .ﻓﯾذھب إﻟﻰ اﻟﻣدرﺳﺔ ﺑﻣﻔرده إن
أﻣﻛﻧﮫ ذﻟك ،أو ﺑﻣﺳﺎﻋدة أﺣد ﻣن واﻟدﯾﮫ أو أﺧوﺗﮫ ..وﯾﺧرج إﻟﻰ رﻓﺎﻗﮫ ﯾﻠﺗﻘﻲ ﺑﮭم وﯾﻠﻌب
ﻣﻌﮭم إذا ﻛﺎﻧت اﻟﻌﺎھﺔ ﻻ ﺗﻣﻧﻌﮫ ﻣن اﻟﻠﻌب ..وﯾﻣﺎرس ﻧﺷﺎطﺎﺗﮫ وھواﯾﺗﮫ اﻟﻣﻔﺿ ّﻠﺔ .ﻓﯾﺣس ّ
أن ّ إﻧﺳﺎن طﺑﯾﻌﻲ ﻗﺎدر ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻌل ﻛﺄﺗراﺑﮫ ،وﻻ ﯾﻔﻛ ّر ،إﻻ ّ ﻗﻠﯾﻼ ً ،ﺑﻣﺎ ھو ﻓﯾﮫ أو ﺑﻣﺎ ﯾﻌﺎﻧﻲ
ﻣﻧﮫ.
أﻣ ّﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺻﻌﯾد اﻷﺳري ،ﻓﻼ ﺿﯾر ﻓﻲ أن ﯾﻛﻠ ّف ھذا اﻟطﻔل اﻟﻘﯾﺎن ﺑﺑﻌض اﻷﻋﻣﺎل
اﻟﻣﻧزﻟﯾﺔ ،وﻋﻠﻰ ﻗدر اﺳﺗطﺎﻋﺗﮫ ،ﺳواء ﺑﻣﻔرده أو ﻣﻊ أﺧوﺗﮫ .ﻛﻣﺎ أن ّ ﻋﻠﻰ اﻟواﻟدﯾن أﻻ ّ
ﯾﺑﺎﻟﻐﺎ ﻓﻲ اﻹﺷﻔﺎق ﻋﻠﯾﮫ ،أو اﻟﺗﺳﺎھل ﻣﻌﮫ إذا رﻓض أو أﺑدى ﺑﻌض اﻟﺗﺻر ّ ﻓﺎت اﻟﺧﺷﻧﺔ
ﺗﺟﺎه أﺧوﺗﮫ ﺑﺣﺟ ّ ﺔ ﻣﻌﺎﻧﺎﺗﮫ .ﻓﺎﻟﻌﺎھﺔ – ﻣﮭﻣﺎ ﻛﺎن ﺣﺟﻣﮭﺎ ،ﻻ ﺗﻣﻧﻊ اﻹﻧﺳﺎن ﻣن أن ﯾﻛون
-٧اﻛﺗﺋـﺎب اﻷطﻔـﺎل
اﻻﻛﺗﺋﺎب ھو ﺑﺗﻌرف ﺑﺳﯾط :ﺣﺎﻟﺔ ﻧﻔﺳﯾ ّﺔ ﻗد ﺗﺻﯾب اﻹﻧﺳﺎن ﻓﻲ أي ﻣرﺣﻠﺔ ﻣن ﻣراﺣل
ﻋﻣره ،وﺗﺗ ّﺳم ھذه اﻟﺣﺎﻟﺔ ﺑﺎﻟﯾﺄس واﻟﻌزﻟﺔ وﻓﻘدان اﻷﻣل ﻓﻲ اﻟﺣﯾﺎة .وﻗد ﺗﺻل ﻋﻧد ﺑﻌض
اﻷﻓراد إﻟﻰ ﺣد ّ اﻻﻧﺗﺣﺎر ﻓﻲ ﺑﻌض اﻟﺣﺎﻻت اﻟﺷدﯾدة.
أﻣ ّﺎ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻸطﻔﺎل ،ﻓﻘد أﻛ ّدت اﻟدراﺳﺎت اﻟﻧﻔﺳﯾ ّﺔ واﻟﺗرﺑوﯾﺔ ،أن ّ اﻷطﻔﺎل ﻣﻌر ّ ﺿون
ﻟﻺﺻﺎﺑﺔ ﺑﺣﺎﻟﺔ اﻻﻛﺗﺋﺎب ،ﺣﺗﻰ ﻓﻲ اﻟﺳﻧوات اﻷوﻟﻰ ﻣن ﻋﻣرھم ،وأن ﻛﺎﻧت ﻧﺳﺑﺗﮭم ﻗﻠﯾﻠﺔ.
وﯾﻌود اﻟﺳﺑب ﻓﻲ ذﻟك ،إﻟﻰ ﺗﻌر ّ ض اﻷطﻔﺎل ﻟﺑﻌض اﻟﺻدﻣﺎت اﻻﻧﻔﻌﺎﻟﯾﺔ أو اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ،
وﻋدم ﻗدرﺗﮭم ﻋﻠﻰ ﺗﺣﻣ ّﻠﮭﺎ أو ﻣواﺟﮭﺗﮭﺎ ،ﻟﻘﻠ ّﺔ ﺧﺑرﺗﮭم اﻟﺣﯾﺎﺗﯾﺔ ،ﻓﯾﻠﺟﺄون ﻟﻠﺗﻌﺑﯾر ﻋن ھذه
اﻟﺻدﻣﺎت ﺑﻣظﺎھر ﻣﺗﻧو ّ ﻋﺔ.
ﯾﻘول اﻟدﻛﺗور /ﻓﺎﺳﻠر /ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﮫ )ﺳﺎﻋدوﻧﻲ أﻧﺎ ﯾﺎﺋس(" :إن ّ اﻷطﻔﺎل اﻟﺻﻐﺎر اﻟذﯾن
ﻟﯾس ﻟدﯾﮭم اﻟﻣﻘدرة اﻟﻠﻐوﯾﺔ ﻟﻠﺗﻌﺑﯾر ﻋﻣ ّﺎ ﯾﻌﺎﻧون ﻣن إﺣﺑﺎطﺎت وﻣن ﻣﺷﺎﻋر اﻛﺗﺋﺎﺑﯾﺔ،
ﯾﻘوﻣون ﺑﺗﺻر ّ ﻓﺎت ﻣﻌﯾ ّﻧﺔ ﺗدل ّ ﻋﻠﻰ ذﻟك ..ﻛﺎﻟﺗﺻر ّ ف ﺑﻔوﻗﯾ ّﺔ واﻓﺗﻌﺎل ﻣﺷﻛﻼت ﻣدرﺳﯾ ّﺔ،
أو اﻟﺷﻛوى ﻣن آﻻم ﻣﺟﮭوﻟﺔ اﻟﺳﺑب.ورﺑ ّﻣﺎ ﺗﺟل ّ ذﻟك أﯾﺿﺎ ً ،ﻓﻲ ﺳرﻋﺔ اﻟﺑﻛﺎء أو اﻻﻧطواء
واﻻﻧﻌزال ﻋن اﻟرﻓﺎق أو اﻷﺧوة داﺧل اﻷﺳرة"..
أن ّ ﻧﺗﺎﺋﺞ اﻻﻛﺗﺋﺎب إذا ً ،ذات ﺗﺄﺛﯾرات ﺳﻠﺑﯾﺔ ﻛﺑﯾرة ،ﺳواء ﻋﻠﻰ ﺗﻔﻛﯾر اﻟطﻔل أو ﻋﻠﻰ
ﺳﻠوﻛﮫ ،ذﻟك ﺑﺳﺑب اﻟﻘﻠق وﻋدم اﻟﺗﻛﯾ ّف ،وﻓﻘدان اﻟﺗواﺻل ﻣﻊ اﻵﺧرﯾن .ﻓطﻔل ﻣﺎ ﻗﺑل
اﻟﻣدرﺳﺔ اﻻﺑﺗداﺋﯾﺔ اﻟﻣﻛﺗﺋب ،ﻋﻠﻰ ﺳﺑﯾل اﻟﻣﺛﺎل ،ﯾﻌﺎﻧﻲ ﻣن اﻟﺳﻠس اﻟﺑوﻟﻲ /اﻟﻠﯾﻠﻲ ) ﺗﺑﻠﯾل
اﻟﻔراش( وﻣن ﺗﺑﺎطؤ اﻟﻔﮭم ،ﻣﻘﺎﺑل اﺳﺗﺧدام اﻟﻌﻧف واﻟﺗﺧرﯾب واﻟﺗﻌر ّ ض ﻟﻠﺣوادث ..ﺑﯾﻧﻣﺎ
ﯾﻌﺎﻧﻲ اﻟطﻔل اﻟﻣﻛﺗﺋب ﻓﻲ ﺳن ّ اﻟﻣدرﺳﺔ اﻻﺑﺗداﺋﯾﺔ ،ﻣن اﻟﺗﺑﺎطؤ ﻓﻲ اﻟﻔﮭم واﻻﺳﺗﯾﻌﺎب،
واﻛﺗﺳﺎب اﻟﻣﮭﺎرات اﻟدراﺳﯾﺔ ،وﺿﻌف اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ واﻟﺧوف ﻣن اﻟﻣدرﺳﺔ،
وﺳوء اﻟﺗﻛﯾ ّف ﻣﻊ اﻟذات وﻣﻊ اﻵﺧرﯾن .إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻗﯾﺎم اﻟطﻔل ﺑﺗﺻر ّ ﻓﺎت ﻻ أﺧﻼﻗﯾﺔ
ﻛﺎﻟﺳرﻗﺔ واﻟﻛذب..
أﻣ ّﺎ اﻟﻔﺗﻰ اﻟﻣراھق اﻟﻣﻛﺗﺋب ،ﻓﺈﻧ ّﮫ ﯾﻌﺎﻧﻲ ﻣن اﻟﺣزن واﻟﺿﺟر ،وﺗﻘﻠ ّب اﻟﻣزاج وﻋدم
اﻟﺿﺑط اﻟﻧﻔﺳﻲ..إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻟرﺳوب اﻟﻣدرﺳﻲ واﻟﮭروب ﻣن اﻟﺑﯾت ﺑﺻورة ﻣﺳﺗﻣر ّ ة ،وﻣﺎ
ﯾﻧﺟم ﻋن ذﻟك ﻣن اﻧﺣراﻓﺎت ﺳﻠوﻛﯾ ّﺔ ﺗﺗﺟﻠ ّﻰ ﻓﻲ اﻟﺗﺳو ّ ل واﻟﺳرﻗﺔ أو ﺗﻌﺎطﻲ اﻟﻣﺧد ّرات.
واﺳﺗﻧﺎدا ً إﻟﻰ ﻣﺎ ﺗﻘد ّم ،ﯾﻣﻛن اﻟﻘول :إذا ﻛﺎن اﻻﻛﺗﺋﺎب ﺣﺎﻟﺔ ﻧﻔﺳﯾ ّﺔ ﺗﺻﯾب اﻟﻔرد /
اﻟطﻔل ،ﻓﻼ ﺑد ّ أن ﯾﻛون ﻣﻧﺷؤھﺎ ﺗرﺑوﯾ ّﺎ ً /اﺟﺗﻣﺎﻋﯾ ّﺎ ً ،ﯾﻧﺗﺞ إﻣ ّﺎ ﻋن ﺳوء اﻟﻣﻌﺎﻣﻠﺔ اﻟو اﻟدﯾﺔ،
أو اﻟﺗﻔﻛ ّك اﻷﺳري ،أو اﻟﻣﻌﺎﻧﺎة ﻣن اﻟﺿﻐوطﺎت اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺗﻌر ّ ض ﻟﮭﺎ اﻟطﻔل ،ﻣن
وﻣﮭﻣﺎ ﯾﻛن اﻷﻣر ،ﯾﺑﻘﻰ اﻻﻛﺗﺋﺎب ﺑﺄﺑﻌﺎده اﻟرﻓﺎق أو اﻷﻗران ﻓﻲ اﻟﺣﻲ ّ واﻟﻣدرﺳﺔ.
وﻣظﺎھره ،ﻣﺷﻛﻠﺔ ذات ﺗﺄﺛﯾرات ﺳﻠﺑﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﺎﺿر اﻟطﻔل ،وأﯾﺿﺎ ً ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗﻘﺑﻠﮫ إذا ﻟم
ﺗﻌﺎﻟﺞ ﻓﻲ اﻟوﻗت اﻟﻣﻧﺎﺳب ،إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻧﻌﻛﺎﺳﺎﺗﮭﺎ اﻟﻘﻠﻘﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺟو ّ اﻷﺳري ﺑوﺟﮫ ﻋﺎم.
-٩ﻋﻧـﺎد اﻷطﻔـﺎل
ﯾﻌد ّ اﻟﻌﻧﺎد ﺻﻔﺔ ﻣن اﻟﺻﻔﺎت اﻷﺳﺎﺳﯾ ّﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺑﻧﻰ ﻋﻠﯾﮭﺎ ﺗﻘوﯾم ﺷﺧﺻﯾ ّﺔ اﻟﻔرد ،وذﻟك
ﺑﺣﺳب طﺑﯾﻌﺔ ھذا اﻟﻌﻧﺎد وﺷد ّﺗﮫ ،واﻟﻣ ظﺎھر اﻟﺗﻲ ﯾﺗﺑد ّى ﻓﯾﮭﺎ .وإذا ﻛﺎن اﻟﻌﻧﺎد ﯾﻌﺑ ّر ﻋن
ﻣوﻗف ﻣﺗﺻﻠ ّب إﻟﻰ ﺣد ّ ﻣﺎ ،ﻓﺈﻧ ّﮫ ﻣﻊ ذﻟك ﻟﯾس ظﺎھرة ) ﺻﻔﺔ( ﺳﻠﺑﯾﺔ داﺋﻣﺎ ً ،ﺑل ﻗد ﯾﺄﺧذ
ﻣﻧﺣﻰ ً إﯾﺟﺎﺑﯾﺎ ً وﻓق اﻟﻣوﻗف اﻟذي ﯾﻘﺗﺿﯾﮫ ،ﺳواء ﻋﻧد اﻟﻛﺑﺎر أو ﻋﻧد اﻟﺻﻐﺎر.
ﻓﺈذا ﻛﺎن اﻟﻌﻧﺎد ﯾﺗﺟﻠ ّﻰ ﻋﻧد اﻷﺑﻧﺎء ﻓﻲ ﺑﻌض اﻟﻣظﺎھر اﻟﺳﻠﺑﯾ ّ ﺔ ،ﻛﻣﻌﺎﻛﺳﺔ إرادة اﻟواﻟدﯾن
وإظﮭﺎر اﻟﻐﺿب اﻟﺷدﯾد واﻻﻧﻔﻌﺎل ،ﻛﺗﻌﺑﯾر ﻋن اﻟﺗﻣر ّ د اﻟﺻرﯾﺢ ﻋﻠﻰ ﻗراراﺗﮭﻣﺎ اﻟﻌﺎدﻟﺔ،
واﻟذي ﯾﺻل أﺣﯾﺎﻧﺎ ً إﻟﻰ درﺟﺔ اﻻﻧﺗﻘﺎم ﻣن ﻣﻌﺎﻣﻠﺗﮭﻣﺎ اﻟﻘﺎﺳﯾﺔ ،ﻓﺈﻧ ّﮫ ﻓﻲ اﻟﺟﺎﻧب اﻟﻣﻘﺎﺑل /
اﻹﯾﺟﺎﺑﻲ ،ﯾﻛون ﺗﻌﺑﯾرا ً ﻋن اﻟﺛﻘﺔ ﺑﺎﻟﻧﻔس وﺗوﻛﯾدا ً ﻟﻠذات ،وﻣﺻدرا ً ﻟﻠﺣزم واﻟﻣﺛﺎﺑرة وﻣﺎ ﻟﮫ
ﻣن ﻋﻼﻗﺔ ﺑﻘو ّ ة إرادة اﻟﺷﺧﺻﯾ ّﺔ اﻟﻔﺎﻋﻠﺔ.
ﺗﺷﯾر اﻟدراﺳﺎت اﻟﻧﻔﺳﯾ ّﺔ واﻟﺗرﺑوﯾﺔ ،إﻟﻰ أن ّ ظﺎھرة اﻟﻌﻧﺎد ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﻛون ﻓﻲ ﺑداﯾﺗﮭﺎ ﻟدى
اﻟطﻔل ،ﻓﮭﻲ ﺗدل ّ ﻋﻠﻰ ﺑدء ﻣرﺣﻠﺔ اﻻﺳﺗﻘﻼﻟﯾ ّﺔ واﻻﻋﺗﻣﺎد ﻋﻠﻰ اﻟذات ،واﻟﺗﺧﻠ ّﻲ ﻓﻲ اﻟﻣﻘﺎﺑل
ﻋن اﻟﺗﺑﻌﯾﺔ اﻟﺳﻠﺑﯾﺔ ﻟﻠواﻟدﯾن ،وﻻ ﺳﯾ ّﻣﺎ اﻟﺗﺑﻌﯾ ّﺔ ﻟﻸم ..ﻓﻧرى اﻟطﻔل ﯾﺑدأ ﺑﺎﺗ ّﺧﺎذ ﺳﻠوﻛﺎت
ﺧﺎﺻ ّﺔ ﺑﮫ ،ﺗﻛون أﺣﯾﺎﻧﺎ ً ﻣﺗﻌﺎرﺿﺔ ﻣﻊ رﻏﺑﺔ اﻟواﻟدﯾن ،وﻣﻌﺑ ّرة ﻋن دواﻓﻌﮫ ﻹﺛﺑﺎت ذاﺗﮫ
وﻗدرﺗﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﯾﺎم ﺑﺎﻷﻋﻣﺎل اﻟﺧﺎﺻ ّﺔ ﺑﮫ.
واﻧطﻼﻗﺎ ً ﻣن ذﻟك ،ﯾﻧﺻﺢ اﻟواﻟدان ﺑﺗﻔﮭّم دواﻓﻊ اﻟطﻔل ﻟﻠﻌﻧﺎد ،وﻋدم اﻟﻠﺟوء إﻟﻰ
اﻷﺳﻠوب اﻟﻘﻣﻌﻲ ﻟﻣواﺟﮭﺔ ﺳﻠوﻛﮫ ھذا وﺗﻘوﯾﻣﮫ ..ﺑل ﯾﻧﺑﻐﻲ ﻋﻠﯾﮭﻣﺎ اﺗ ّﺑﺎع اﻷﺳﻠوب اﻟود ّي
ﻣن ﺧﻼل اﻟﺗﻘر ّ ب إﻟﻰ اﻟطﻔل ،واﻹﺻﻐﺎء إﻟﻰ وﺟﮭﺔ ﻧظره اﻟﺗﻲ ﺗﻛﺷف ﻋن ﺣﻘﯾﻘﺔ رﻏﺑﺗﮫ
ﻓﻲ ھذا اﻟﺳﻠوك اﻟﺟدﯾد ،وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻣﻧﺎﻗﺷﺗﮫ ﻓﻲ أﺑﻌﺎد ھذا اﻟﺳﻠوك وﻧﺗﺎﺋﺟﮫ اﻟﺧﺎﺻﺔ واﻟﻌﺎﻣﺔ،
وإﻗﻧﺎﻋﮫ ﺑﻣﺎ ھو ﺻﺣﯾﺢ ﻣﻧﮭﺎ وإﯾﺟﺎﺑﻲ ..ﻓﻼ ﯾﺟوز ﺑﺣﺎل ﻣن اﻷﺣوال ،أن ﯾﻘﺎﺑ ِل اﻟواﻟدان
ﻋﻧﺎد اﻟطﻔل ﺑﻌﻧﺎد أﺷد ّ ﻣﻧﮫ ،ﻷن ّ اﻟﻣطﻠوب ﻓﻲ ھذه اﻟﺣﺎل ،ھو ﺗﺑﺳﯾط اﻟوﺿﻊ اﻟﻣﺳﺗﺟد ّ
وﻟﯾس ﺗﺄزﯾﻣﮫ.
ﻓﺈذا أﺻر ّ طﻔل ﻓﻲ اﻟراﺑﻌﺔ ﻣن ﻋﻣره ،ﻋﻠﻰ ﺳﺑﯾل اﻟﻣﺛﺎل ،ﻋﻠﻰ أن ﯾﺗﻧﺎول ﻋددا ً ﻣن
ﻗطﻊ اﻟﺣﻠوى أو اﻟﻛﻌك ،ﻓﺑل ﺗﻧﺎول طﻌﺎم اﻟﻌﺷﺎء ،وﺟﺎ ول أﺣد اﻟواﻟدﯾن أن ﯾﻘﻧﻌﮫ،
وﺑﺻورة ﻗﺳرﯾﺔ ،أن ّ ﺗﺻر ّ ﻓﮫ ھذا ﺗﺻر ّ ﻓﺎ ً ﺧﺎطﺋﺎ ً ،ﻣن اﻟﻧﺎﺣﯾﺔ اﻟﺻﺣﯾ ّﺔ واﻟﺳﻠوﻛﯾ ّﺔ ،ﻓﺈن ّ ھذه
اﻟﻣﺣﺎوﻟﺔ ﺳﺗﺑوء ﺑﺎﻟﻔﺷل ﻷﻧ ّﮭﺎ ﻋدﯾﻣﺔ اﻟﺟدوى ،ﺣﯾث ﺗﻛون ﻧﺗﺎﺋﺟﮭﺎ زﯾﺎدة ﻓﻲ ﺗﻌﻧ ّت اﻟطﻔل
ورﻓﻊ درﺟﺔ ﺗوﺗ ّره اﻻﻧﻔﻌﺎﻟﻲ ..وﻗد ﯾﺻل اﻟﺣﺎ ل ﺑﮫ إﻟﻰ درﺟﺔ اﻟﺷﻌور ﺑﺎﻟﯾﺄس واﻹﺣﺑﺎط،
ﻣﻘﺎﺑل ﺷﻌور اﻟواﻟدﯾن ﺑﺧﯾﺑﺔ اﻷول ،ﻟﻌدم ﻗدرﺗﮭﻣﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺗﺄﺛﯾر ﻓﻲ اﻟطﻔل وﺿﺑط ﺳﻠوﻛﮫ.
-١١اﻷطﻔـﺎل واﻟﻠﻌـب
ﯾﺣﺗل ّ اﻟﻠﻌب أھﻣﯾ ّﺔ ﻛﺑﯾرة وﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﻧﻣو اﻷطﻔﺎل وﺗﻧﺷﺋﺗﮭم ..ﻓﻘد أﻛ ّدت ﻣﻌظم
اﻟدراﺳﺎت اﻟﺗرﺑوﯾﺔ واﻟﻧﻔﺳﯾ ّﺔ ،أن ّ اﻧﺷﻐﺎل اﻟطﻔل ﺑﺎﻟﻠﻌب ﯾﻔوق اﻧﺷﻐﺎﻟﮫ ﺑﺎﻷﻋﻣﺎل اﻟﯾوﻣﯾ ّﺔ
اﻷﺧرى ،ﻛﺎﻷﻛل واﻟﺣدﯾث واﻟﺟﻠوس ..ﻷن ّ اﻟطﻔل ﻓﻲ أﺛﻧﺎء اﻟﻠﻌب ،ﯾﻔﺟ ّر طﺎﻗﺎت اﻟﻧﻣو ّ
اﻟﻛﺎﻣﻧﺔ ،وﯾﻌﺑ ّر ﻋن ذاﺗﮫ وﯾﺗﻌﻠ ّم اﻻﺗﺻﺎل ﺑﺎﻵﺧرﯾن ،وﻻ ﺳﯾ ّﻣﺎ ﻣﻊ اﻟرﻓﺎق واﻷﻗران.
ﻓﺎﻟطﻔل ﯾﻠﻌب ﻷﻧ ّﮫ ﯾﻧﻣو ،وﻟذﻟك ﯾﻌد ّ اﻟﻠﻌب ﻧﺷﺎطﺎ ً ﻧﻣﺎﺋﯾﺎ ً أﺳﺎﺳﯾﺎ ً ﻟﻠطﻔل ،وﻻ ﺳﯾ ّﻣﺎ ﻗﺑل
اﻟﻠﻌب ،ﺗﻧﻣو ﻟدى اﻟطﻔل ﻗدراﺗﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﺗﺄﺛﯾر واﻟﺗﺄﺛر، اﻟﻣرﺣﻠﺔ اﻟﻣدرﺳﯾ ّﺔ ..ﻓﻔﻲ إطﺎر
وﺗﺗطو ّ ر ﺧﺻﺎﺋﺻﮫ اﻟﻌﻘﻠﯾﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ،وﺗﺗﻛو ّ ن ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻣﻼﻣﺢ ﺷﺧﺻﯾ ّﺔ
اﻟﻌﺎﻣﺔ.
واﻧطﻼﻗﺎ ً ﻣن ھذه اﻟﻣﻌطﯾﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ ،ﻓﻼ ﯾﺟوز اﻟﻧظر إﻟﻰ ﻟﻌب اﻷطﻔﺎل ﻋﻠﻰ أﻧ ّﮫ
ﻣﺿﯾﻌﺔ ﻟﻠوﻗت ،ﺑل ھو ﺣﺎﺟﺔ ﻣن اﻟﺣﺎﺟﺎت اﻟﺿرورﯾﺔ ﻟﻠﻧﻣو اﻟﺳﻠﯾم ﻣن اﻟﺟواﻧب اﻟﺟﺳدﯾﺔ
واﻟﻧﻔﺳﯾ ّﺔ واﻟﻌﻘﻠﯾﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ .ﻓﺎﻟطﻔل ﻓﻲ أﺛﻧﺎء اﻟﻠﻌب ،ﯾﺗﺣر ّ ك وﯾﺗﺣد ّث ،وﯾﻔﮭم وﯾﻔﻛ ّر،
وﯾﻌﻣل ﺧﯾﺎﻟﮫ وذاﻛرﺗﮫ ﺑﻔﺎﻋﻠﯾﺔ ،وﺗﺗزاﯾد اﻧﻔﻌﺎﻻﺗﮫ اﻹرادﯾﺔ واﻟﻼإرادﯾ ّﺔ ..وﻛﻣﺎ ﯾﻘول /
أوﺷﯾﻧﺳﻛﻲ " :/إن ّ اﻟطﻔل ﻓﻲ اﻟﻠﻌب ﯾﻌﯾش ﺑطرﯾﻘﺔ ﺧﺎﺻﺔ ،وﺗﺑﻘ ﻰ آﺛﺎر ذﻟك ﻋﻣﯾﻘﺔ ﻓﻲ
ﺷﺧﺻﯾ ّﺗﮫ أﻛﺛر ﻣن آﺛﺎر اﻟﺣﯾﺎة اﻟﻔﻌﻠﯾﺔ"..
ﻓﺎﻟﻠﻌب ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠطﻔل ،ھو ﻧﺷﺎط ﺣر ّ وﻣﺳﺗﻘل ّ ،ﻷﻧ ّﮫ ﯾﺗم ّ ﻏﺎﻟﺑﺎ ً ،ﺑﻣﺑﺎدرة ذاﺗﯾﺔ ﯾﻘوم ﺑﮭﺎ
اﻟطﻔل ،وﯾﺗﻣﯾ ّز ﺑطﺑﯾﻌﺔ اﺑﺗﻛﺎرﯾﺔ ﺗﺗواﻓق ﻣﻊ دواﻓﻊ اﻟطﻔل ،وﺗﺷﺑﻊ ﺗﻘﻠ ّﺑﺎﺗﮫ اﻻﻧﻔﻌﺎﻟﯾﺔ .وھذا
ﯾﻌﻧﻲ أن ّ ﺛﻣ ّﺔ ﺟﺎﻧﺑﺎ ً ﻧ ﻔﺳﯾ ّﺎ ً ﻣﮭﻣ ّﺎ ً ﯾﺣﻘ ّﻘﮫ ﻟﻌب اﻷطﻔﺎل ،وﯾﺗﺟﻠ ّﻰ ﻓﻲ ﺗﺻرﯾف اﻟﺗوﺗ ّرات
واﻟﺷﺣﻧﺎت اﻻﻧﻔﻌﺎﻟﯾﺔ ﻋﻧد اﻟطﻔل ،واﻟﺗﻲ ﺗﻧﺟم ﻓﻲ ﻣﻌظم اﻷﺣﯾﺎن ،ﻋن اﻟﻘﯾود اﻟﻣﻔروﺿﺔ
ﻋﻠﯾﮫ ﻣن اﻷﺳرة أو ﻣن اﻟﻣرﺑ ّﯾن ﻓﻲ اﻟﻣدرﺳﺔ ،واﻟﺗﻲ ﺗﺗراﻓق ﺑﺎﻷواﻣر اﻟﻣﺳﺗﻣر ّ ة واﻟﻧواھﻲ
اﻟﻘﺎﺳﯾﺔ.
وﻟذﻟك ،ﯾرى /ﻛوﻣﯾﻧوس /اﻟﻌﺎﻟم اﻟﺗرﺑوي :أن ّ اﻟﻠﻌب ﺷﻛﻼ ً ﻣن أﺷﻛﺎل اﻟﻧﺷﺎطﺎت
اﻟﺿرورﯾﺔ ﻟﻠطﻔل ،ﻷﻧ ّﮫ ﯾﻠﺑ ّﻲ طﺑﯾﻌﺔ اﻟطﻔل وﻣﯾوﻟﮫ ،ﺑﺎﻋﺗﺑﺎره ﻧﺷﺎطﺎ ً ﻋﻘﻠﯾﺎ ً ﺟد ّﯾﺎ ً ،ﯾوﺳ ّﻊ
ﺧﯾﺎل اﻟطﻔل وﯾﻐﻧﻲ داﺋرة ﺗﺻو ّ راﺗﮫ ﻋن اﻟﻌﺎﻟم اﻟﻣﺣﯾط ﺑﮫ ..وﯾطو ّ ر ﻟﻐﺗﮫ ،وﯾﺳﮭّل ﻋﻣﻠﯾﺔ
اﻗﺗراب اﻟطﻔل ﻣن أﻗراﻧﮫ واﻟﺗﻌﺎﻣل ﻣﻌﮭم ﺑﺻور اﺟﺗﻣﺎﻋﯾ ّﺔ ﺳﻠﯾﻣﺔ..
واﺳﺗﻧﺎدا ً إﻟﻰ ھذه اﻷھﻣﯾ ّﺔ )اﻟﻧﻔﺳﯾ ّﺔ واﻟﺗرﺑوﯾﺔ(ﻟﻠﻌب اﻷطﻔﺎل ،ﻓﺈن ّ ﺛﻣ ّﺔ اﻋﺗﺑﺎرات ﯾﻧﺑﻐﻲ
ﻋﻠﻰ اﻟواﻟدﯾن واﻟﻣرﺑ ّﯾن أﺧذھﺎ ﻓﻲ اﻟﺣﺳﺑﺎن ،ﻟﻛﻲ ﯾؤد ّي ﻟﻌب اﻷطﻔﺎل دوره اﻟﺗرﻓﯾﮭﻲ
واﻟﺗرﺑوي ﻣﻌﺎ ً ..وﻧذﻛر ﻓﯾﻣﺎ ﯾﻠﻲ أﺑرز ھذه اﻻﻋﺗﺑﺎرات:
ﺗﻧظﯾم أوﻗﺎت ا ﻟﻠﻌب ﺑﺣﯾث ﺗﻛون ﻣﻧﺎﺳﺑﺔ ﻟﻸطﻔﺎل وﻻ ﺗزﻋﺞ اﻟﻛﺑﺎر .وﻣن -١
اﻟﻣﺳﺗﺣﺳن أن ﺗﻛون ﺻﺑﺎﺣﺎ ً ﻓﻲ أﺛﻧﺎء اﻟدوام اﻟﻣدرﺳﻲ ،وﻓﻲ أﺛﻧﺎء اﻟﻌطل اﻟﻣدرﺳﯾ ّﺔ ..أو
-٢٢اﻷﺳـرة واﻟﻣراھـق
ﺗوﺻف ﻣرﺣﻠﺔ اﻟﻣراھﻘﺔ ﺑﺄﻧ ّﮭﺎ اﻟﻣرﺣﻠﺔ اﻟﺣرﺟﺔ ﻓﻲ ﺣﯾﺎة اﻹﻧﺳﺎن ،ﺣﯾث ﯾﺗم ّ اﻻﻧﺗﻘﺎل
ﻣن اﻟطﻔوﻟﺔ إﻟﻰ اﻟﻧﺿﺞ واﻟﺷﺑﺎب .ﯾﻘول اﻟﻣرﺑ ّون:إن ّ ﻣرﺣﻠﺔ اﻟﻣراھﻘﺔ ﺷر ّ ﻻ ﺑد ّ ﻣﻧﮫ..
وﯾﻘول اﻟﻣﻌﻧﯾون ﺑﻌﻠم ﻧﻔس اﻟطﻔوﻟﺔ واﻟﻣراھﻘﺔ :إن ّ اﻟﻣراھﻘﺔ وﻋد وﻋﮭد ،ﯾﺟب اﻟﺗﻌﺎﻣل
ﺑﯾرة وﻣؤﺛ ّرة ﻓﻲ ﺗﺣو ّ ل اﻟﻛﺎﺋن اﻟﺑﺷري ،ﺑﻛلّﻣﻌﮭﺎ ﺑﺣذر ..وھذا ﯾﻌطﻲ اﻟﻣراھﻘﺔ أھﻣﯾﺔ ّ ﻛ
ﻣﺎ ﯾﺣﻣﻠﮫ ھذا اﻟﺗﺣو ّ ل ﻣن ﺗﻐﯾّرات ﻧﻣﺎﺋﯾﺔ /ﺟﺳدﯾﺔ وﻧﻔﺳﯾّﺔ ،وأﯾﺿﺎ ً ﻋﻘﻠﯾﺔ.
وﻟذﻟك ﯾرى /ﻛﺎرل ﯾوﻧﻎ /أن ّ اﻟﺗﺣو ّ ﻻت اﻟﻔﯾزﯾوﻟوﺟﯾﺔ /اﻟﺟﺳﻣﯾ ّﺔ ﻓﻲ ﻣرﺣﻠﺔ
اﻟﻣراھﻘﺔ ،ﺗ ُﺣد ِث ﻣﺎ ﯾﺳﻣ ّﻰ ) اﻟﻣﯾﻼد اﻟﻧﻔﺳﻲ( اﻟذي ﯾﺗراﻓق ﻣﻌﮭﺎ .ﻓﻔﻲ ﻣرﺣﻠ ﺔ اﻟﻣراھﻘﺔ
وﺑداﯾﺔ اﻟﺷﺑﺎب ،ﯾؤد ّي اﻟﻧﺿﺞ اﻟﺟﺳﻣﻲ واﻟﻌﻘﻠﻲ واﻟﺟﻧﺳﻲ ،إﻟﻰ ﻗدرة اﻟﺷﺧص ﻓﻲ اﻟﺗﻣﯾﯾز
-٢٥ﻋـزﻟـﺔ اﻷﺑﻧـﺎء
ﯾﻼﺣظ أن ّ ﻋزﻟﺔ اﻟﻧﺎس ،ﺑﻌﺿﮭم ﻋن ﺑﻌض ،ﺗزداد ﺑﻧﺳﺑﺔ ﻛﺑﯾرة ﯾوﻣﺎ ً ﺑﻌد ﯾوم ،إﻟﻰ ﺣد ّ
ﻛﺎدت ﺗﺻل ﻋﻧده –أﺣﯾﺎﻧﺎ ً -إﻟﻰ اﻻﺳﺗﻘﻼﻟﯾ ّﺔ اﻟﺗﺎﻣ ّﺔ ،ﺳواء ﻋﻧد اﻟﻛﺑﺎر أو ﻋﻧد اﻟﺻﻐﺎر اﻟذﯾن
ﯾﺗﺄﺛرون ﺑﮭم.وﯾﺑدو أن ّ ھذه اﻟﻌزﻟﺔ – وإن ﻛﺎﻧت ﻣﺧﺎﻟﻔﺔ ﻟطﺑﯾﻌﺔ اﻹﻧﺳﺎن اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾ ّﺔ -ﻓﻘد
ﻓرﺿﺗﮭﺎ طﺑﯾﻌﺔ اﻟﺳﻛن اﻟﺣدﯾث ﻣن ﺟﮭﺔ ،وﺗﻌﻘ ّد أﻣور اﻟﺣﯾﺎة اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﻣن ﺟﮭﺔ
أﺧرى ،ﺣﯾث ﻟم ﻟﻠﻌﻼﻗﺎت اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ اﻟﺣﻣﯾﻣﺔ واﻟداﻓﺋﺔ ،ﻣﻛﺎﻧﺎ ً ﻣﻣﯾ ّزا ً ﻛﻣﺎ ﻛﺎﻧت ﻋﻠﯾﮫ ﻓﻲ
-٢٦ﺟﻧـوح اﻷﺣـداث
ﯾﻛﺗﺳب ھذا اﻟﻣوﺿوع أھﻣﯾ ّﺗﮫ ﻣن ﺗﺄﺛﯾراﺗﮫ اﻟﺳﻠﺑﯾﺔ اﻟﺧطﯾرة ﺟدا ً ،ﻟﯾس ﻋﻠﻰ اﻷﻓراد
اﻟﺟﺎﻧﺣﯾن ﻓﺣﺳب ،ﺑل ﻋﻠﻰ ﻣﺣﯾطﮭم اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ اﻟﻌﺎم .وﻟذﻟك ،ﺗﻌد ّ ظﺎھرة ) ﺟﻧوح
اﻷﺣداث(ﻣن اﻟﻣﺷﻛﻼت اﻟﺗﻲ ﺗواﺟﮫ اﻷﺳرة واﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﻣﻌﺎ ً .
ﺟﻧوح اﻷﺣداث ﺑوﺟﮫ ﻋﺎم ،ﺑﺄﻧ ّﮫ ﻗﯾﺎم اﻷطﻔﺎل واﻟﻣراھﻘﯾن ) ﻣن اﻟﺟﻧﺳﯾن( ﯾﻌرف
ﺑﺎرﺗﻛﺎب أﻋﻣﺎل ﺷﺎﺋﻧﺔ ) ﺟراﺋم( ﺗﺧﺎﻟف ﻗواﻧﯾن اﻵداب اﻟﻌﺎﻣﺔ /اﻷﺧﻼﻗﯾﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ /
وﺗﺗﺟل ّ ھذه اﻟﻣﺧﺎﻟﻔﺎت ﻓﻲ ﺟراﺋم :اﻟرﻗﺔ واﻟﺗﺳو ّ ل وﺗﻌﺎطﻲ اﻟﺳﺎﺋدة ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ.
اﻟﻣﺧد ّرات ،واﻷﻓﻌﺎل اﻟﺟﻧﺳﯾ ّﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻧﺎﻓﻲ اﻟﺣﺷﻣﺔ ..إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻻﻋﺗداءات اﻟﺗﻲ ﻗد ﺗﺻل
إﻟﻰ ﺣد ّ اﻟﺗﺷوﯾﮫ أو اﻟﻣوت.
وﻟذﻟك ،ﯾﺑذل اﻟﺑﺎﺣﺛون اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾون واﻟﺗرﺑوﯾون ،وﻓﻲ ﻣﻌظم أﻧﺣﺎء اﻟﻌﺎﻟم ،ﺟﮭودا ً
ﻣﺗواﺻﻠﺔ ﺑﻐﯾﺔ اﻟﻛﺷف ﻋن اﻷﺳﺑﺎب وراء ھذه اﻟظﺎھرة ،وإﯾﺟﺎد اﻟﻌواﻣل اﻟوﻗﺎﺋﯾﺔ اﻟﺗﻲ
ﺗﻣﻧﻊ اﻟﻧﺎﺷﺋﺔ ﻣن اﻟوﻗوع ﻓﯾﮭﺎ ،ﻣن ﺟﮭﺔ ،وﻛذﻟك اﺗ ّﺧﺎذ اﻹﺟراءات اﻟﻌﻼﺟﯾ ّﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺣد ّ ﻣﻧﮭﺎ
أو ﺗﻘﺿﻲ ﻋﻠﯾﮭﺎ ﻣن ﺟﮭﺔ أﺧرى.
وﻗد ﻻﺣظ اﻟﺑﺎﺣﺛون ﻣن ﺧﻼل ھذه اﻟدراﺳﺎت ،ﻓﻲ ﺑﯾﺋﺎت ﻣﺗﻧو ّ ﻋﺔ ،وﻋﻠﻰ ﻋﯾﻧﺎت
ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻣن اﻷﺣداث اﻟﺟﺎﻧﺣﯾن ،أن ّ اﻷﺳﺑﺎب اﻟرﺋﯾﺳﺔ اﻟﺗﻲ ﺗؤد ّي إﻟﻰ اﻟﺟﻧوح ،ﻓﻲ ﻣﻌظم
اﻟﺣﺎﻻت ،ﺗﺗﻣﺛ ّل ﻓﻲ ﻣﺟﻣوﻋﺗﯾن:
اﻷوﻟﻰ :ﺗﺗﻌﻠ ّق ﺑﺎﻻﺿطراﺑﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﺣدث ﻓﻲ اﻟﻧﻣو اﻟﻌﺎم ﻟﻠﺣدث ) اﻟطﻔل أو اﻟﻔﺗﻰ( ،أو
اﻟﻌﺎھﺎت اﻟﺗﻲ ﯾﻌﺎﻧﻲ ﻣﻧﮭﺎ ..وﻛذﻟك اﻷﻣراض اﻟﻧﻔﺳﯾ ّﺔ واﻟﺟﺳدﯾﺔ واﻟﻌﻘﻠﯾﺔ ،اﻟﺗﻲ ﺗؤﺛ ّر ﺳﻠﺑﺎ ً
ﻓﻲ ﺳﻠوك اﻟﺣدث وﺗﺻر ّ ﻓﺎﺗﮫ ﺗﺟﺎه ذاﺗﮫ وﺗﺟﺎه اﻵﺧرﯾن ،وﻻ ﺳﯾ ّﻣﺎ إذا أھﻣﻠت اﻷﺳرة ھذه
اﻟﻌﻣل ،وﻟﻧم ﺗﺗﻌﺎﻣل ﻣﻌﮭﺎ ﺑﺎﻷﺳﻠوب اﻟﻣﻧﺎﺳب واﻟوﻗت اﻟﻣﻧﺎﺳب.
اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ :ﺗﺗﻌﻠ ّق ﺑﺎﻟﺑﯾﺋﺔ اﻷﺳرﯾﺔ /اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾ ّﺔ ،ﻣﻣﺛ ّ ﻠﺔ ﺑﺎﻟواﻟدﯾن أوﻻ ً ،وﻻ ﺳﯾ ّﻣﺎ إذا ﻛﺎﻧت
ھذه اﻟﺑﯾﺋﺔ ﺗﻌﺎﻧﻲ ﻣن اﺿطراﺑﺎت اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ أو أوﺿﺎع اﻗﺗﺻﺎدﯾ ّﺔ ﺳﯾﺋﺔ ،ﻛﺄن ﺗﺳود
اﻟﺧﻼﻓﺎت اﻟﻣﺳﺗﻣر ّ ة ﺑﯾن اﻟواﻟدﯾن ،ﻓﺗﺣرم اﻷﺑﻧﺎء ﻣن اﻻﺳﺗﻘرار اﻟذي ﯾؤﻣ ّن ﻟﮭم ﻣﺳﺗﻠزﻣﺎﺗﮭم
اﻟﻧﻣﺎﺋﯾﺔ )اﻟﻧﻔﺳﯾ ّﺔ واﻟﺟﺳدﯾﺔ( أو أن ﯾﻛون أﺣد اﻟواﻟدﯾن ﯾﻌﺎﻧﻲ ﻣن إدﻣﺎن ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺧد ّرات،
أو ﻣﻧﺣرﻓﺎ ً أﺧﻼﻗﯾ ّﺎ ً ،أو ﺗﻛون ﺛﻣ ّﺔ ﺣﺎﺟﺔ اﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﺗدﻓﻊ اﻟطﻔل إﻟﻰ اﻟﺑﺣث ﻋن ﻣوارد
ﻣﺎدﯾ ّﺔ ..وﻏﯾر ذﻟك ﻣن اﻷﻣور اﻟﺗﻲ ﺗﻧﻌﻛس ﺳﻠﺑﺎ ً ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻷﺳرﯾﺔ ،وﺗﺟﺑر اﻷﺑﻧﺎء
ﻋﻠﻰ اﻟﮭروب ﻣﻧﮭﺎ.
وﯾﻼﺣظ أن ّ ﻣﻌظم اﻷﺳﺑﺎب اﻟﻣﺟﻣوﻋﺗﯾن اﻟﺳﺎﺑﻘﺗﯾن ،ﺗﻌود إﻟﻰ اﻟﻌواﻣل ) اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ
واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ واﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ( اﻟﺗﻲ ﺗﺳود ﻓﻲ اﻷﺳرة .ﻓطﺑﯾﻌﺔ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟزوﺟﯾ ّﺔ ﻣن ﺟﮭﺔ،
-٢٧ﺻـراع اﻷﺟﯾـﺎل
ﻻ أﺣد ﯾﻧﻛر أو ﯾﺗﺟﺎھل ،أن ّ ﺛﻣ ّﺔ ﺧﻼﻓﺎت ﺗﺣدث أﺣﯾﺎﻧﺎ ً ،ﺑﯾن اﻟواﻟدﯾن واﻷﺑﻧﺎء ،وﻻ ﺳﯾ ّﻣﺎ
ﻓﻲ ﻣرﺣﻠﺗﻲ اﻟ ﻣراھﻘﺔ واﻟﺷﺑﺎب ،ﺣﯾث ﺗزداد ھذه اﻟﺧﻼﻓﺎت ﻧوﻋﺎ ً وﻛﻣ ّﺎ ً ..وﻗد ﺗﺄﺧذ ھذه
اﻟﺧﻼﻓﺎت ﺣﯾ ّزا ً ﻛﺑﯾرا ً ﻓﻲ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻷﺳرﯾﺔ ،ﻟﺗﺻل إﻟﻰ ﻣﺎ ﯾﺳﻣ ّﻰ ﻣﺟﺎزا ً ":ﺻراع
اﻷﺟﯾﺎل"..
ﻓﺎﻟواﻟدون ﯾﺷﻛون ﻓﻲ ﻛﺛﯾر ﻣن اﻷﺣﯾﺎن ،ﻣن ﻋﻧﺎد أﺑﻧﺎﺋﮭم وﻋدم اﻟﺗزاﻣﮭم ﺑﺎﻷواﻣر
واﻟﺗوﺟﯾﮭﺎت ،وﯾرﻓﺿون ﻟﻌض اﻷﻓﻛﺎر اﻟواﻟدﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻻ ﺗروق ﻟﮭم .وﻓﻲ اﻟﻣﻘﺎﺑل ،ﯾﺷﻛو
اﻷﺑﻧﺎء ﻣن ﻣرارة اﻟﻣﻌﺎﻧﺎة ﺟر ّ اء ﺗﺳﻠ ّط )ﺗﺣﻛ ّم( اﻟواﻟدﯾن ،ﻣن دون ﻣراﻋﺎة ﻟﻣﺷﺎﻋرھم
وﺣﺎﺟﺎﺗﮭم اﻟﻧﻔﺳﯾ ّﺔ واﻟﻔﻛرﯾﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ .وﯾﺗذر ّ ع اﻟواﻟدون ﺑﺄﻧ ّﮭم ﯾﻔﻌﻠون ذﻟك ﻛﻠ ّﮫ ﺑﺳﺑب
اﻟﺟــزء اﻟﺛـﺎﻟـث
أﺳـــﺋﻠـﺔ وأﺟــوﺑـﺔ
ﺟـواب "
ﻟﻘد أﺟرﯾت دراﺳﺎت ﻛﺛﯾرة وﺑﺣوث ﻣﺗﻧو ّ ﻋﺔ ،ﻋن أوﺿﺎع اﻷﻣ ّﮭﺎت اﻟﺣواﻣل ،وﺑﯾ ّﻧت
ﻓﻲ ﻣﻌظﻣﮭﺎ أن ّ اﻟﺿﻐوطﺎت اﻟﻧﻔﺳﯾ ّﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻌﺎﻧﻲ ﻣﻧﮭﺎ اﻷم اﻟﺣﺎﻣل ،ﻣﺛل :ﻓﻘدان اﻟوظﯾﻔﺔ أو
اﻟﻌﻣل اﻟذي ﺗرﻏب ﻓﯾﮫ ،أو اﻟطﻼق أو اﻟﺣزن ﻋﻠﻰ ﻣوت إﻧﺳﺎن ﻋزﯾز ﻋﻠﯾﮭﺎ ،ﺗؤد ّي إﻟﻰ
اﻟوﻟﯾد ،وﻻ ﺳﯾ ّﻣﺎ ﺗﻠك اﻟﺗﺷو ّ ھﺎت اﻟﺧ َ ﻠﻘﯾ ّﺔ )اﻟﺷﻛﻠﯾﺔ( ﻛﺷرم اﻟﺷﻔ ّﺔﺗﺷو ّ ھﺎت ﻓﻲ ﺑﻧﯾﺔ اﻟﺟﻧﯾن /
أو ﺗﻘو ّ س اﻟظﮭر ،أو ﻣﯾﻼن ﻓﻲ اﻟﻧف أو اﻟﻔم ّ ...
ﻛﻣﺎ ﯾﻌد ّ اﻟﺗﻌب واﻹرھﺎق اﻟﻌﺻﺑﻲ واﻟﺗوﺗ ّر اﻟﻧﻔﺳﻲ ،اﻟذي ﺗﻌﺎﻧﻲ ﻣﻧﮭﺎ اﻷم اﻟﺣﺎﻣل ،ﻣن
اﻟﻌواﻣل اﻟﺗﻲ ﺗﺟﻌل اﻟطﻔل /اﻟﻔرد ،ﺳرﯾﻊ اﻻﻧﻔﻌﺎل ،ﻋﺻﺑﻲ اﻟﻣزاج ،ﯾﺻﻌب اﻟﺗﻌﺎﻣل ﻣﻌﮫ
ﻓﻲ ﻛﺛﯾر ﻣن اﻷﺣﯾﺎن.
وﺑﯾ ّﻧت إﺣدى اﻟدراﺳﺎ ت اﻟﺗﻲ أﺟرﯾت ﻋﻠﻰ ﻋﯾﻧﺔ ﻣن أﻣ ّﮭﺎت ﻋﺎﻧﯾن ﻣن اﺿطراﺑﺎت
اﻧﻔﻌﺎﻟﯾﺔ ،ﻓﻲ أﺛﻧﺎء ﻓﺗرة اﻟﺣﻣل ،وﻋﯾﻧﺔ أﺧرى ﻣن أﻣ ّﮭﺎت ﻟم ﯾﻌﺎﻧﯾن ﻣن ھذه ﻧﻔﺳﯾ ّﺔ /
اﺿطراﺑﺎت ،أن ّ ﻧﺳﺑﺔ اﻹﺻﺎﺑﺔ ﺑﺎﻟﺗﺷو ّ ھﺎت اﻟﺧ َ ﻠﻘﯾ ّﺔ ﻋﻧد ﻣواﻟﯾد أﻣ ّﮭﺎت اﻟﻌﯾﻧﺔ اﻷوﻟﻰ ،ﺑﻠﻐت
ﺿﻌف اﻟﻧﺳﺑﺔ ﻋﻧد ﻣواﻟﯾد أﻣ ّﮭﺎت اﻟﻌﯾﻧﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ.
وﻣن ﺟﮭﺔ أﺧرى ،أﺛﺑﺗت ﺑﻌض اﻟدراﺳﺎت اﻟﻧﻔﺳﯾ ّﺔ واﻟﺗرﺑوﯾﺔ ،أن ّ ﻗﺳطﺎ ً ﻣن اﻟﻧﺟﺎح
اﻟﺑﺎھر اﻟذي ﯾﺣزه ﺑﻌض اﻟﻌظﻣﺎء ﻓﻐﻲ اﻟﻌﺎﻟم ،ﯾﻌود إﻟﻰ طﺑﯾﻌﺔ اﻟظروف اﻻﻧﻔﻌﺎﻟﯾﺔ اﻟﺗﻲ
ﻋﺎﺷوھﺎ ﻓﻲ اﻟﻣرﺣﻠﺔ اﻟﺟﻧﯾﻧﯾ ّﺔ .ﻓﺎﻟطﻔل ﯾﻛون ﺧﻼل ﻓﺗرة اﻟﺣﻣل ) اﻟﻔﺗرة اﻟﺟﻧﯾﻧﯾ ّﺔ( أﺷﺑﮫ
ﺑﻌﺿو ﻣن أﻋﺿﺎء أ ﻣ ّﮫ ،ﻓﯾﺗﺄﺛ ّر ﺑﺎﻟﻌواﻣل واﻟظروف اﻟﺗﻲ ﺗﻌﯾﺷﮭﺎ اﻷم ﻋﻠﻰ اﻟﺻﻌﯾدﯾن:
اﻟداﺧﻠﻲ واﻟﺧﺎرﺟﻲ ،واﻟﺗﻲ ﺗؤﺛ ّر ﻓﻲ ﺻﺣ ّ ﺗﮭﺎ اﻟﺟﺳدﯾﺔ واﻟﻧﻔﺳﯾ ّﺔ اﻟﻌﺎطﻔﯾ ّﺔ ،ﺳواء ﻛﺎن ھذا
اﻟﺗﺄﺛﯾر إﯾﺟﺎﺑﯾﺎ ً أو ﺳﻠﺑﯾ ّﺎ ً .
ﺟــواب:
ﯾُذ َ ﻛ ّر ھذا اﻟﺳؤال ،ﺑﺟواب أﺣد اﻟﺗرﺑوﯾﯾن اﻟﻛﺑﺎر ﻋﻧدﻣﺎ ﺳﺋ ل ﻋن أي ﻣﻛﺎن ﯾراه أﻛﺛر دﻓﺋﺎ ً
ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟم ،ﻓﻘﺎل " :إن ّ أدﻓﺄ ﻣﻛﺎن ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟم ،ھو ﺣﺿن أﻣ ّﻲ"..
واﻟﻣﻘﺻود ھﻧﺎ – ﺑﻼ ﺷك ّ -ﻟﯾس دفء اﻟﺣرارة اﻟﻣﺎدﯾ ّﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻣﻛن ﻗﯾﺎﺳﮭﺎ ﺑﺎﻟدرﺟﺔ
اﻟﻣﻌروﻓﺔ ،وإﻧ ّﻣﺎ ھو دفء ذﻟك اﻟﺣب ّ اﻷﻣوﻣﻲ اﻟذي ﻻ ﯾﻣﻛن ﻗﯾﺎﺳﺔ إﻻ ّ ﻣن ﺧﻼل اﻟﺣﻧﺎن
واﻟطﻣﺄﻧﯾﺔ اﻟﻠذﯾن ﯾﺷﻌر ﺑﮭﻣﺎ اﻟطﻔل ،وھو ﻓﻲ ﺣﺿن أﻣ ّﮫ.
وﯾؤﻛ ّد اﻟﺑﺎﺣﺛون ﻓﻲ اﻟﺗرﺑﯾﺔ وﻋﻠم اﻟﻧﻔس ،أن ّ اﻟﺳﺑب اﻷﺳﺎﺳﻲ ﻓﻲ ھذا اﻟﺷﻌور ،ﯾﻌود
ﺑﺎﻟدرﺟﺔ اﻷوﻟﻰ ،إﻟﻰ ﻣﺣﺑ ّﺔ اﻷم اﻟﺻﺎدﻗﺔ ﻟطﻔﻠﮭﺎ واﻟﺻﺎﻓﯾﺔ .ھذه اﻟﻣﺣﺑ ّﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﺟﻠ ّﻰ ﻓﻲ
ﺟواﻧب ﻣﺗﻌد ّدة ﯾﻌﯾﺷﮭﺎ اﻟطﻔل وﯾﻧﻌم ﺑﮭﺎ ،وﺗﺷﻣل :اﻟ رﻋﺎﯾﺔ واﻻھﺗﻣﺎم ،واﻟﺣﻣﺎﯾﺔ ﻣن اﻟﻛدر
واﻟﻘﻠق واﻟﺣزن ،وﻏﯾر ذﻟك ﻣﻣ ّﺎ ﻗد ﯾﺻﯾب اﻟطﻔل ﺑﻣﻛروه .واﻟطﻔل – ﻓﻲ اﻟﻣﻘﺎﺑل -ﯾﺣس ّ
ﺑذﻟك وﯾﺷﻌر ،وﯾﻌﺑ ّر ﻋﻧﮫ ﺑطرﯾﻘﺗﮫ ،وإن ﻛﺎن ﻻ ﯾﺳﺗطﯾﻊ اﻟﺗﻌﺑﯾر ﻋن ھذا اﻟﺷﻌور ﻛﻣﺎ ﯾﻔﻌل
اﻟﻛﺑﺎر.
وﻟذﻟك ،ﯾﺻﻌب ﻓﻲ ﻛﺛﯾر ﻣن اﻷﺣﯾﺎن ،ﻓﮭم اﻟﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺗﻲ ﯾ ﻘوم ﺑﮭﺎ اﻟطﻔل ﻟﻠﻣواءﻣﺔ
ﺑﯾن ﺳﻠوﻛﮫ واﻷھداف اﻟﻼﺷﻌورﯾﺔ ﻟﻸم ﺑﻐﯾﺔ ﺑﻧﺎء ﻋﻼﻗﺔ واﺿﺣﺔ ﻣﻌﮭﺎ ..ﺣﯾث ﯾﺳﺗﻧﻔد
اﻟطﻔل ﻧﺻﯾﺑﺎ ً ﻻ ﯾﺳﺗﮭﺎن ﺑﮫ ﻣن طﺎﻗﺎﺗﮫ ،اﻟﺗﻲ ﯾﺑذﻟﮭﺎ ﻟﻠﺣﻔﺎظ ﻋﻠﻰ ﻣﺣﺑ ّﺔ اﻷم واﻟﺧوف ﻣن
ھﺟراﻧﮭﺎ.
إن ّ ھذه اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﺣﻣﯾﻣﺔ ،ﺗﺟﻌل اﻷم ﻗرﯾﺑﺔ ﺟد ّا ً ﻣن طﻔﻠﮭﺎ ،إﻟﻰ در ﺟﺔ ﺗﺟﻌﻠﮭﺎ ﺗﺧﺎف
ﻋﻠﯾﮫ وإن ﻛﺎن ﻓﻲ ﺣﺿن أﻗر ّ ب اﻟﻣﻘر ّ ﺑﯾن إﻟﯾﮭﺎ ،ﻷﻧ ّﮭﺎ ﺗدرك أن ّ ﺳﻌﺎدﺗﮫ ﻻ ﺗﻛﺗﻣل إﻻ ّ إذا
ﻛﺎن ﻓﻲ ﺣﺿﻧﮭﺎ ،ھذه اﻟﺳﻌﺎدة اﻟﺗﻲ ﺗﺑدو ﻋﻠﻰ وﺟﮭﮫ وﻓﻲ ﻧظرات ﻋﯾﻧﯾ ّﮫ .وﻓﻲ ذﻟك ﯾﻛﻣن
ﺳر ّ اﻷﻣوﻣﺔ اﻟﺳﺣري.
ﺟــواب:
ﻣن اﻟﻣﻌروف ،ﻣن اﻟوﺟﮭﺔ اﻟﺑﯾوﻟوﺟﯾ ّﺔ واﻟﻧﻔﺳﯾ ّﺔ ،أن ّ اﻹﻧﺳﺎن ﻻ ﯾوﻟد وھو ﻣزو ّ د ﺑﺄي
ﻧوع ﻣن أﻧواع ا ﻟﺧوف اﻟﻐرﯾزي اﻟداﺋم ،ﺳواء ﻛﺎن ھذا اﻟﺧوف ﻣن اﻟﺣﯾواﻧﺎت أو ﻣن
اﻟظﻼم أو ﻣن ﺑﻌض اﻷﻣﺎﻛن ..وإن ﻛﺎن ﺛﻣ ّﺔ ﺷﻌور ﺑﺎﻟﺧوف واﻟﺣذر ﻣن اﻷ ِﺷﯾﺎء اﻟﺗﻲ
ﯾﺟﮭﻠﮭﺎ اﻹﻧﺳﺎن.
وھذا ﻣن طﺑﯾﻌﺔ اﻹﻧﺳﺎن رﯾﺛﻣﺎ ﯾﻛﺗﺷف وﯾ َﻌر ِ ف ،ﻓﻘد ﯾﺟد ﻧﻔﺳﮫ – ﻓﻲ ﺑﻌض اﻷﺣﯾﺎن-
ﯾﺧﺎف ﻣن أﻣر ﻣﺎ ،وﯾﻌﺟز ﻋن ﺗﻔ ﺳﯾر ھذا اﻟﺧوف .وﻓﻲ اﻟﻣﻘﺎﺑل ،ﯾﻛون اﻷھل –أﺣﯾﺎﻧﺎ ً -
ﻋﺎﺟزﯾن ﻋن ﻣﻌرﻓﺔ اﻷﺷﯾﺎء اﻟﺗﻲ ﺗﺛﯾر ﺷﻌور اﻟﺧوف ﻋﻧد اﻟطﻔل ،وﻻ ﺳﯾ ّﻣﺎ ﺗﻠك اﻟﺗﻲ ﻻ
ﯾﺳﺗطﯾﻊ اﻹﻓﺻﺎح ﻋﻧﮭﺎ.
وﻟذﻟك،ﯾﺗوﻟ ّد اﻟﺧوف ﻋﻧد اﻹﻧﺳﺎن ،ﻛرد ّ ﻓﻌل ﺗﺟﺎه اﻟﺣﯾواﻧﺎت ،ا ،ﻛﻣﻧﻌﻛس ﺷرطﻲ ﻟدى
رؤﯾﺗﮭﺎ ﻟﻠﻣر ّ ة اﻷوﻟﻰ ،وﻻ ﺳﯾ ّﻣ ﺎ إذا ﻣﺎ ﻛﺎﻧت ﻓﻲ ﺣﺎﻻت وﺷروط ﻣﻌﯾ ّﻧﺔ ﺗؤد ّي إﻟﻰ إﺛﺎرة
اﻟﺧوف ﻓﻲ ﺣﺎل رؤﯾﺗﮭﺎ .ﻓﺎﻟطﻔل – ﻣن ﺣﯾث اﻟﻣﺑدأ -ﻻ ﯾﺧﺎف إﻻ ّ إذا ﻣﺎ ﺗﻌر ّ ض ﻟﻌﺎﻣل
وﻓﻲ ﺣﺎﻻت ﻛﺛﯾرة ،ﯾﻛون اﻷھل اﻟﻌﺎﻣل اﻷﺳﺎﺳﻲ اﻟﻣﺳﺑ ّب ﻟﻠﺧوف ﻓﻲ ﻧﻔس اﻟﺧوف.
اﻟطﻔل ،ﺑﺻورة ﻣﺑﺎﺷرة أو ﻏﯾر ﻣﺑﺎﺷرة ،وﻗد ﯾﺳﺗﻣر ھذا اﻟﺧوف ﻣﻊ ا ﻟطﻔل إﻟﻰ اﻟﻣراﺣل
اﻟﻣﺗﻘد ّﻣﺔ ﻣن ﺣﯾﺎﺗﮫ .إن ّ ﺗﻧﺑﯾﮫ اﻟطﻔل ﻣن اﻟﻛﻠب ﺑﺻوت ﻣﺧﯾف ،ﻋﻠﻰ ﺳﺑﯾل اﻟﻣﺛﺎل ،أو
اﻟﺗﺣذﯾر ﻣن اﻻﻗﺗراب ﻣﻧﮫ ،أو رﻛض أﺣد اﻟواﻟدﯾن ﺑﺣﺎﻟﺔ ﻣن اﻟذﻋر ﻟدى رؤﯾﺗﮫ أو رؤﯾﺔ
اﻟﻔﺄر أو اﻟﺻرﺻﺎر ..أو اﻟﻘول أﻣﺎم اﻟﻔل :إن ّ اﻟﺿﻔﺎدع واﻷﻓﺎﻋﻲ ھﻲ ﻣﺧﻠوﻗﺎت ﻟﻌﯾﻧﺔ
وﻣﺧﯾﻔﺔﻛ..ل ّ ھذه اﻷﻣور ﺗﻌز ّ ز ﻣن ﺷﻌور اﻟﺧوف ﻋﻧد اﻟطﻔل واﺳﺗﺛﺎرﺗﮫ ﻛﻠ ّﻣﺎ رأى أﯾ ّﺎ ً ﻣن
ھذه اﻟﺣﯾواﻧﺎت.
وﻗد ﺗﻛون ﺧﺑرة اﻟطﻔل اﻟﺷﺧﺻﯾ ّﺔ ،ﻋﺎﻣﻼ ً ﻣن ﻋواﻣل اﻟﺧوف ﻟدﯾﮫ .ﻓﺎﻟﻛﻼب واﻟﮭررة
)اﻟﻘطط( ﻣﺛﻼ ً ،ﻣن اﻟﺣﯾواﻧﺎت اﻷﻟﯾﻔﺔ ،وﻟﻛﻧ ّﮭﺎ ﻗد ﺗﺻﺑﺢ ﺷرﺳﺔ وﻣؤذﯾﺔ إذا ﻣﺎ ﺗﻌر ّ ﺿت
ﻟﻠﻣﺿﺎﯾﻘﺔ واﻹزﻋﺎج اﻟﺷدﯾد ..واﻟطﻔل اﻟﺻﻐﯾر ﻻ ﯾﻘد ّر ھذه اﻷﻣور ،ﻓﯾﺑﻠﻎ ﻓﻲ ﺗﺣرﯾﺿﮫ
ﻷﺣد ھذه اﻟﺣﯾواﻧﺎت ،وھو ﯾداﻋﺑﮫ ،إن ﯾﺳﺑ ّب اﻷذى ﻟﮭذا اﻟﺣﯾوان ،اﻟذي ﯾرد ّ اﻷذى ﻟﻠطﻔل
ﺑﺄﻛﺑر ﻣﻧﮫ ،اﻧطﻼﻗﺎ ً ﻣن ﻏرﯾزة اﻟدﻓﺎع ﻋن اﻟﻧﻔس.
وھﻛذا ﯾﺗوﻟ ّد ﺧوف اﻟطﻔل ﻣن اﻟﺣﯾواﻧﺎت إذا ﻟم ﯾﻌﻣد اﻷھ ل إﻟﻰ ﺗﻐﯾﯾر ﻧظرﺗﮭﺎ ﺗﺟﺎھﮭﺎ،
ﻣن ﺧﻼل اﻟﺗﻌﺎﻣل ﻣﻌﮭﺎ ﺑﺄﺳﺎﻟﯾب ﻣﻧﺎﺳﺑﺔ ،واﻟﺗﺄﻛ ّد ﻣن أﻧ ّﮭﺎ ﻟﯾﺳت ﻣﺧﯾﻔﺔ إﻻ ّ إذا ﺟﻌﻠﻧﺎھﺎ
ھﻛذا!....
ﻣزاج اﻟطﻔـل اﻟﻣﺗﻘﻠ ّب -٤
ﺟــواب:
ﺗظﮭر ﻓﻲ ھذه اﻟﺳن ّ ،أﻣور ﻛﺛﯾرة ﻓﻲ اﻧﻔﻌﺎﻻت اﻟطﻔل وﺗﺻر ّ ﻓﺎت ،ﻻ ﯾﺗوﻗ ّﻌﮭﺎ اﻟواﻟدان
وإﻧ ّﻣﺎ ﯾﺑدﯾﺎن اﻟدھﺷﺔ ﻣﻧﮭﺎ واﻻﺳﺗﻐراب ،وﻻ ﺳﯾ ّﻣﺎ إذا ﻣﺎ ﻛﺎﻧت ھذه اﻟﺗﺻر ّ ﻓﺎت -أﺣﯾﺎﻧﺎ ً -
ﻣﺗﺧﻠ ّﻔﺔ ﻋن ﺗﺻر ّ ﻓﺎت اﻟطﻔل اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ..
وﻣن ﻣظﺎھر ھذه اﻟﺗﺻر ّ ﻓﺎت اﻟﻣرﺗد ّة –إذا ﺻﺢ ّ اﻟﺗﻌﺑﯾر – اﻟﺗﻲ ﯾﺑدﯾﮭﺎ اﻟطﻔل ﻣﺛﻼ ً" ،
اﻟﺗﺄﺗﺄة ﻓﻲ اﻟﻛﻼم ،واﻟﺣرﻛﺔ اﻟﺳرﯾﻌﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﯾﻧﯾن ..اﻻد ّﻋﺎء ﺑﺄﻧ ّﮫ ﻻ ﯾرى أو ﻻ ﯾﺳﻣﻊ" ..
وﻏﯾر ذﻟك ﻣن اﻷﻣور اﻟﺗﻲ ﺗﺳﺑ ّب اﻟﻘﻠق ﻟﻠواﻟد ﯾن ،ﻣﻘﺎﺑل ﻣﻌﺎﻧﺎة اﻟطﻔل ﺿﻐوطﺎت ﺣﻘﯾﻘﯾ ّﺔ
أو ﻣﻔﺗﻌﻠﺔ.
وﻗد ﯾﺑﺎﻟﻎ اﻟطﻔل ﻓﻲ ﺑﻌض اﻟﻣواﻗف ﻟﻠﺗﻌﺑﯾر ﻋن ھذه اﻟﺿﻐوطﺎت واﻟﺗﻧﻔﯾس ﻋن
اﻟﻣﻌﺎﻧﺎة ،ﻣن ﺧﻼل ﻗﺿم أظﺎﻓره أو إدﺧﺎل إﺻﺑﻌﮫ ﻓﻲ أﻧﻔﮫ ،أو ﺑﻣص ّ إﺑﮭﺎﻣﮫ أو ﺗﻘﻠﯾص
اﻟداﺧﯾ ّﺔ ،ﻟﺗﺻل ﺑﮫ إﻟﻰ ﺣد ّﻠ ﻋﺿﻼت وﺟﮭﮫ..وﻏﯾرھﺎ ﻣن اﻟﻣظﺎھر اﻟﺗﻲ ﺗﻌﺑ ّر ﻋن اﻧﻔﻌﺎﻻﺗﮫ
اﻟﺷﻌور ﺑﺎﻟﺿﯾق إذا ﻣﺎ ﻧظر أﺣد إﻟﯾﮫ أو ﺿﺣك أﻣﺎﻣﮫ .إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻣﺎ ﯾﺗﺑﻊ ذﻟك ﻣن ﺿﻌف
ﻋﻼﻗﺔ اﻟطﻔل ﻣﻊ اﻵﺧرﯾن ،وﻋدم ﺷﻌوره ﺑﺎﻷﻣﺎن اﻟذي ﯾﻌﺑ ّر ﻋﻧﮫ ﺑﺎﻟﺑﻛﺎء ،وﺗوﺟﯾﮫ اﻟﺳؤال
ﻟواﻟدﯾﮫ أو أﺣدھﻣﺎ " :ھل ﺗﺣﺑ ّوﻧﻧﻲ..؟"
إن ّ ھذه اﻟﺗﺻر ّ ﻓﺎت اﻟﺗﻲ ﯾﻘوم ﺑﮭﺎ اﻟطﻔل – ﻣﺟﺗﻣﻌﺔ – ﻟﯾﺳت ﻧﺎﺟﻣﺔ ﻋن ﺣﺎﻟﺔ ﻣ َر َ ﺿﯾ ّﺔ
ﻣﻌﯾ ّﻧﺔ ،وإﻧ ّﻣﺎ ھﻲ ﻣن اﻷﻣور اﻟطﺑﯾﻌﯾ ّﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻣﯾ ّز ھذه اﻟﻣرﺣﻠﺔ اﻟطﻔوﻟﯾﺔ..وإن ّ إدراك
اﻟواﻟدﯾن ﻟطﺑﯾﻌﺔ ھذه اﻟﺗﺻر ّ ﻓﺎت وﻣﻌرﻓﺔ اﻷﺳﺑﺎب اﻟﺗﻲ أد ّت إﻟﻰ ﻗﯾﺎم اﻟطﻔل ﺑﮭﺎ ،ﺗﺳﺎﻋدھﻣﺎ
ﻓﻲ اﻟﺗﻌﺎﻣل ﻣﻌﮫ )وﻣﻌﮭﺎ( ﺑﺻورة إﯾﺟﺎﺑﯾﺔ ،وﺗﺳوﯾﺗﮭﺎ وﺗﺟﺎوزھﺎ ﺑﯾﺳر وﺳﮭوﻟﺔ ،ﻣﻊ اﻟﺗﺣﻠ ّﻲ
ﺑﺎﻟﺻﺑر وإظﮭﺎر اﻟﺗﻌﺎطف ﻣﻊ اﻟطﻔل ،وﺗﻔﮭّم ﻣﻌﺎﻧﺎﺗﮫ ودﻋﻣﮫ ﻟﻠﺗﺧﻠ ّص ﻣﻧﮭﺎ ،ﻣن دون أن
ﯾﺗرك ذﻟك أﯾ ّﺔ آﺛﺎر ﺳﻠﺑﯾ ّﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻟﺗﮫ اﻟﻧﻔﺳﯾ ّﺔ /اﻻﻧﻔﻌﺎﻟﯾﺔ ،اﻵﻧﯾ ّﺔ واﻟﻣﺳﺗﻘﺑﻠﯾ ّﺔ.
ﺟــواب:
إن ّ ﺗﺳﻣﯾﺔ ھذه اﻟﻣرﺣﻠﺔ ﺑﺎﻟﻔﺗرة )اﻟﻣﺗﺄز ّ ﻣﺔ( ﻟم ﺗﺄت ِ ﻣن ﻓراغ ،ﺑل اﺳﺗﻧدت إﻟﻰ ﻣﻌطﯾﺎت
ﻧﻔﺳﯾ ّﺔ وﺳﻠوﻛﯾ ّﺔ ،ﺗظﮭر ﻋﻧد اﻷطﻔﺎل ﻓﻲ ھذه اﻟﺳن ّ ،وأﺛﺑﺗﺗﮭﺎ دراﺳﺎت ﻛﺛﯾرة .وأﺑ رز ﻣﺎ
ﯾﺗﺟﻠ ّﻰ ﻓﻲ ھذه اﻟﻣﻌطﯾﺎت ،ﺗﻠك اﻟﺗﻧﺎﻗﺿﺎت اﻟﺣﺎد ّة –أﺣﯾﺎﻧﺎ ً -ﺑﯾن رﻏﺑﺎت اﻟطﻔل وﺗﻣﺳ ّﻛﮫ
ﺑﮭﺎ ،وﺑﯾن ﻣطﺎﻟب اﻟﻛﺑﺎر ﻣن ﺣوﻟﮫ ،وﻻ ﺳﯾ ّﻣﺎ ﻣطﺎﻟب اﻟواﻟدﯾن ،ﺑﺣﯾث ﺗﺻل ﺣد ّة ھذه
اﻟﺗﻧﺎﻗﺿﺎت إﻟﻰ ﺗﺷﻛﯾل اﻻﺳﺗﻘﻼل اﻟذاﺗﻲ اﻟﻣﺗﺷد ّد ﻋﻧد اﻟطﻔل ،وزﯾﺎدة ﻧﺷﺎطﮫ اﻟﺧﺎص ،دون
ﻣراﻋﺎة ﻟرد ّات أﻓﻌﺎل اﻵﺧرﯾن..
ﺟــواب:
ﻻ ﯾﻣﻛن أن ﻧﺗوﻗ ّﻊ ﻣن طﻔل ﻟﮫ ﻣن اﻟﻌﻣر ﺛﻼث ﺳﻧوات ،أن ﯾﻠﻘﻲ اﻟﺗﺣﯾ ّﺔ ﻋﻠﻰ اﻟزو ّ ار
واﻟﺿﯾوف ،ﻛﻣﺎ ﯾرﻏﺑﮭﺎ اﻟﻛﺑﺎر ،أو ﯾرﺣ ّب ﺑﮭم وﯾﻘول ﻋﻠﻰ ﺳﺑﯾل اﻟﻣﺛﺎل " :ﻣرﺣﺑـﺎ ً "
وﺑﺷﻛل ﻣﻧﺎﺳب ،وﻻ ﺳﯾ ّﻣﺎ إذا ﻛﺎن اﻟطﻔل ﺧﺟوﻻ ً ..أو ﻟم ﯾﻌو ّ ده واﻟدﯾﮫ ﻋﻠﻰ ذﻟك.
ﻓﻔﻲ ﻣواﻗف ﻛﺛﯾرة ،ﯾﺣذ ّ ر اﻟواﻟدون اﻷطﻔﺎل ﻣن اﻟﺗﺣد ّث ﻣﻊ اﻟﻐرﺑﺎء ،وﻓﻲ اﻟوﻗت ﻧﻔﺳﮫ
ﯾﺗوﻗ ّﻌون )أو ﯾرﯾدون( ﻣﻧﮭم أن ﯾﺣﯾ ّوا اﻟﻧﺎس اﻟذﯾن ﻟم ﯾروھم ﻣن ﻗﺑل !..وﻟﻛن ھذا ﻻ ﯾﻌﻧﻲ
أن ّ اﻷطﻔﺎل ﻏﯾر ﻗﺎدرﯾن ﻋﻠﻰ أداء ھذا اﻟﻔﻌل )اﻟﺳﻠوك( اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ،إذا ﻣﺎ ﺗﻌﻠ ّﻣوا أﺻول
اﺳﺗﻘﺑﺎل اﻵﺧرﯾن وآداب إﻟﻘﺎء اﻟﺗﺣﯾ ّﺔ ﻋﻠﯾﮭم.
إن ّ ﺗﻌﻠﯾم اﻟطﻔل إﻟﻘﺎء اﻟﺗﺣﯾ ّﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻧﺎس ،ﯾﺗطﻠ ّب ﻣن اﻟواﻟدﯾن أن ﯾﻌﻣﻼ أوﻻ ً ،ﻋﻠﻰ
ﻣﺳﺎﻋدﺗﮫ ﻓﻲ ﻓﮭم اﻻﺧﺗﻼف ﺑﯾن ﻣﺟﻣوﻋﺎت اﻟﻧﺎس ،اﻟذﯾن ﯾﻌرﻓﮭم ﻣﻧﮭم واﻟﻐرﺑﺎء ،وﻛﯾﻔﯾ ّﺔ
اﻟﺗﻌﺎﻣل ﻣﻊ ﻛل ّ ﻣﻧﮭم .ﻓﻌﻧدﻣﺎ ﯾﺻطﺣب اﻷب طﻔﻠﮫ إﻟﻰ ﻣﻛﺎن ﻣﺎ ،وﺻﺎدف أﺣد أﺻدﻗﺎﺋﮫ
أو ﻣﻌﺎرﻓﮫ ،ﻋﻠﯾﮫ أن ﯾﻌرﻓ ّﮫ ﻟطﻔﻠﮫ ﺑﺎرﺗﯾﺎح ﻓﯾﻘول " :ھذا ﺻدﯾﻘﻲ اﻟﺣﻣﯾم "..وﻛذﻟ ك اﻟﺣﺎل
ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﺄﺗﻲ أﺣد ھؤﻻء اﻷﺻدﻗﺎء ﻟزﯾﺎرة اﻷب ﻓﻲ اﻟﺑﯾت ،وﺑﺣﺿور اﻟطﻔل.
وﻣن ﺟﮭﺔ أﺧرى ،ﯾﻣﻛن ﻟﻸب أن ﯾﺳﺗﻐل ّ وﺟوده ﻣﻊ طﻔﻠﮫ ،ﺑﯾن اﻟﺣﯾن واﻵﺧر،
-٨ﻗﻠـق اﻟﻣـراھـق
ﺳــؤال:
" ﻓﺗﻰ ﻓﻲ اﻟﺳﺎدﺳﺔ ﻋﺷرة ﻣن اﻟﻌﻣر ،ﯾﺑدو ﻓﻲ ﻣﻌظم اﻷﺣﯾﺎن ،ﻗﻠﻘﺎ ً وﺣﺎﺋرا ً ..ﯾﺣﺎول
واﻟداه اﻟﺗﻔﺎھم ﻣﻌﮫ ،ﻓﯾﻐﺿب وﯾﻧﺳﺣب ،دون ﺟدوى ...ﻓﻣﺎ اﻟﻌﻣل ﻓﻲ وﺿﻊ ﻛﮭذا..؟
ﺟــواب:
إن ّ اﻟﻔﺗﻰ ﯾﻌﯾش ﻣرﺣﻠﺔ اﻟﻣراھﻘﺔ ،وﯾﺳﺗﻌد ّ ﻟﻠدﺧول ﻓﻲ ﺳن ّ اﻟﺑﻠوغ ..واﻟﺗﻌﺎﻣل ﻣﻌﮫ ﯾﺟب
أن ﯾﺗم ّ ﻋﻠﻰ ھذا اﻷﺳﺎس ،وﻣن ھذه اﻟرؤﯾﺔ.
ﻓﻣن اﻟﻣﻌروف أن ّ ﻣرﺣﻠﺔ اﻟﻣراھﻘﺔ ،ﺗﺗﻣﯾ ّز ﺑﺎﻟﺣﺳﺎﺳﯾ ّﺔ اﻟزاﺋد ة ﻋﻧد اﻟﻔﺗﻰ ) اﻟﻔﺗﺎة(
واﻟﻣزاج اﻟﻣﺗﻘﻠ ّب ،ﺣﯾث ﯾﻌﯾش اﻟﻣراھق ﺣﺎﻟﺔ ﻣن اﻟﻘﻠق واﻟﺿﯾﺎع ،ﺑﺳﺑب ﻓﻘدان اﻟﻛﺛﯾر ﻣن
اﻷﺷﯾﺎء واﻷﻣور اﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧت ﺗراﻓﻘﮫ ﻓﻲ إﺛﻧﺎء طﻔوﻟﺗﮫ ،ﯾﺣن ّ إﻟﯾﮭﺎ وﯾﺟد ﺻﻌوﺑﺔ ﻓﻲ اﻟﺗﺧﻠ ّﻲ
ﻋﮭﺎ ،ﻣﻘﺎﺑل ﺗﺧو ّ ﻓﮫ ﻣن اﻷﻣور اﻟﺗﻲ ﺑدأ ﯾﻧظر إﻟﯾﮭﺎ ﺑﺟد ّﯾﺔ ،ﻓﻲ ﻣرﺣﻠﺗﮫ اﻟﺣﺎﻟﯾﺔ
واﻟﻣﺳﺗﻘﺑﻠﯾﺔ..وھذا ﻣﺎ ﯾﺳﺑ ّب ﻟﮫ ﺻراﻋﺎ ً داﺧﻠﯾ ّﺎ ً ﻓﻲ ﻧﻔﺳﮫ ،ﻗد ﻻ ﯾﺟد اﻟﻘدرة ﻋﻠﻰ ﻣواﺟﮭﺗﮫ.
وﻟذﻟك ،ﯾرى ﻓﻲ إﺛﺎرة أي ﻣﺳﺄﻟﺔ ﺑﺳﯾطﺔ أو ﺧﻼف ﻋ َ ر َ ﺿﻲ ّ ﻣﻌﮫ ،ﻓرﺻﺔ ﻟﺗﻔرﯾﻎ اﻟﺷﺣﻧﺎت
اﻻﻧﻔﻌﺎﻟﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻌﺎﻧﻲ ﻣﻧﮭﺎ ،ﺟر ّ اء اﻟﺿﻐوطﺎت اﻟﻧﻔﺳﯾ ّﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ،ﻓﻲ ﻧطﺎق اﻷﺳرة
وﺧﺎرﺟﮭﺎ.
ﻗد ﺗﺣدث ﺑﻌض اﻟﻧزاﻋﺎت ﺑﯾن اﻟﻣراھق وواﻟدﯾﮫ ،وﻟﻛﻧ ّﮭﺎ ﻟﯾﺳت ﻣﺣﺗوﻣﺔ ..وﻗد ﻻ
ﺗظﮭر اﻟﺑﺗ ّﺔ إذا ﻛﺎن اﻟﻣﻧﺎخ اﻟﺳﺎﺋد ﻓﻲ اﻷﺳرة ﻣﻔﻌﻣﺎ ً ﺑﺎﻟﻣﺣﺑ ّﺔ واﻟﻣود ّة واﻟﺗﻔﺎھم واﻻﺣﺗرام.
ﻓﺷﻌور اﻟﻣراھق ﺑﺎﻗﺗراﺑﮫ ﻣن ﺳن ّ اﻟﻧﺿﺞ واﻟﺑﻠوغ ،ﯾﺗراﻓق ﻣﻊ ﺗطو ّ ر ﻛﻣ ّﻲ وﻧوﻋﻲ ﻓﻲ
ﺷﻌوره ﺑﺎﻻﺳﺗﻘﻼﻟﯾ ّﺔ أو )اﻟﮭوﯾﺔ اﻟﺷﺧﺻﯾ ّﺔ(اﻟﻣﺗﻣﺛ ّ ﻠﺔ ﻓﻲ ﻋز ّ ة اﻟﻧﻔس وﺗﻘدﯾر اﻟذات .وﻟذﻟك
ﻧﺟده ﺟﺎھزا ً ﻟﻠدﻓﺎع ﻋن ﻛراﻣﺗﮫ ﺑوﺳﺎﺋل ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ وﺳﺑل ﺷﺗﻰ ـ إذا ﻣﺎ ﺣﺎول أﺣد ﻣﺎ – وإن
ﻛﺎن ﻣن واﻟدﯾﮫ -اﻟﻣﺳﺎس ﺑﮭذه اﻟﻛراﻣﺔ أو اﻟﺣط ّ ﻣن ﺷﺄﻧﮭﺎ ،ﻣﮭﻣﺎ ﻛﺎﻧت اﻷﺳﺑﺎب وﺑﺄي
ﺷﻛل ﻣن اﻷﺷﻛﺎل.
واﻷﻣر اﻟﻣطﻠو ب ﻣن اﻵﺑﺎء واﻷﻣ ّﮭﺎت ،ﻓﻲ ھذه اﻟﺣﺎل ،ھو اﻟﺗﻘر ّ ب إﻟﻰ اﻟﻣراھق،
وإﺷﻌﺎره ﺑﺎﻷﻣن واﻻطﻣﺋﻧﺎن ،وﺗﻌر ّ ف ﻣﺎ ﯾﺟول ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻣﮫ اﻟداﺧﻠﻲ ) اﻟﻧﻔﺳﻲ واﻟﻌﻘﻠﻲ(،
وﻣن ﺛم ّ ﺗﻘدﯾم اﻟﻣﺳﺎﻋدة اﻟﻣﻧﺎﺳﺑﺔ ﻟﮫ ﺑﻣﺎ ﯾﻣﻛ ّﻧﮫ ﻣن ﺗﺟﺎوز ھذه اﻟﺿﻐوطﺎت واﻟﺷﻌور
ﺑﺎﻟﮭدوء واﻻﺳﺗﻘرار ،اﻟﻌﺎطﻔﻲ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ .وا ﻷھم ّ ﻣن ذﻟك ﻛﻠ ّﮫ ،ﯾﻛﻣن ﻓﻲ ﺗﻘوﯾﺔ ﺷﻌور
-٩أﻧﺎﻧﯾ ّﺔ اﻷطﻔـﺎل
ﺳــؤال:
" ﯾﻼﺣظ أن ّ ﺑﻌض اﻷطﻔﺎل ﯾﺑدون – ﺣﺗﻰ ﻣرﺣﻠﺔ ﻣﺗﺄﺧرة – أﻧﺎﻧﯾ ّﺔ ﻛﺑﯾرة ﻓﻲ
ﺗﺻر ّ ﻓﺎﺗﮭم ..ﻓﮭل ﯾ ﻌود ذﻟك إﻟﻰ اﺳﺗﻌدادھم ﻟﮭذا اﻟﺳﻠوك؟ أم أن ّ اﻟﺑﯾﺋﺔ اﻷﺳرﯾﺔ ھﻲ
اﻟﻣﺳؤوﻟﺔ ﻋن ﻛوﯾﻧﮫ؟"
ﺟــواب:
أن ﺻﻔﺔ اﻷﻧﺎﻧﯾﺔ ھﻲ ﺻﻔﺔ ﻣﻛﺗﺳﺑﺔ ،ﺷﺄﻧﮭﺎ ﻓﻲ ذﻟك ﺷﺄن ﻻ ﺑد ّ ﻣن اﻟﺗﺄﻛﯾد – ﺑداﯾﺔ-
اﻟﺗﺳﺎﻣﺢ واﻻﺣﺗرام ،واﻟﻌدوان واﻟﺗﺳﻠ ّط ...وﻏﯾرھﺎ ﻣن اﻟﺻﻔﺎت اﻟﺗﻲ ﯾﻛﺗﺳﺑﮭﺎ اﻹﻧﺳﺎن
ﺑﻔﻌل اﻟﺗرﺑﯾﺔ ،واﻟﺗﻧﺷﺋﺔ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾ ّﺔ .أي أن ّ اﻟطﻔل /اﻹﻧﺳﺎن ،ﻻ ﯾوﻟد وھو أﻧﺎﻧﻲ ﺑطﺑﻌﮫ.
وﻟذﻟك ،ﻓﺈذا ﻛﺎﻧت اﻟﺗرﺑﯾﺔ ﺑوﺟﮫ ﻋﺎم واﻟﺗرﺑﯾﺔ اﻷﺳرﯾﺔ ﺑوﺟﮫ ﺧﺎص ،ھﻲ اﻟﻌﺎﻣل اﻷﺳﺎس
ﻓﻲ ﻏرس اﻟﺻﻔﺎت اﻟﻣﻛﺗﺳﺑﺔ ،ﻓﺈﻧ ّﮭﺎ أﯾﺿﺎ ً ﻣﺳؤوﻟﺔ ﻋن ﺗﻌزﯾز ﺻﻔﺔ اﻷﻧﺎﻧﯾﺔ ﻋﻧد اﻟطﻔل،
وﺗﻧﻣﯾﺗﮭﺎ ﻓﯾﻣﺎ ﺑﻌد إذاﻣﺎ اﺳﺗﻣر ّ ت اﻟﻣﺛﯾرات واﻟﻣﻌز ّ زات اﻟداﻋﻣﺔ ﻟﮭﺎ.
وﯾﺗﺟﻠ ّﻰ دور اﻷﺳرة ،وﻻ ﺳﯾ ّﻣﺎ دور اﻟواﻟدﯾن ،ﻓﻲ ﻏرس ﻧﺑﺗﺔ اﻷﻧﺎﻧﯾ ّﺔ ﻓﻲ ﻧﻔس اﻟطﻔل
وﺗﻐذﯾﺗﮭﺎ ،ﻣن ﺧﻼل ﺳﻌﻲ اﻟواﻟدﯾن -اﻟﻣﻘﺻود وﻏﯾر اﻟﻣﻘﺻود -ﻟﺗﻘدﯾم ﻛل ّ ﻣﺎ ﯾطﻠﺑﮫ اﻟطﻔل
أو ﯾرﻏب ﻓﻲ اﻟﺣﺻول ﻋﻠﯾﮫ ،وﻓﻲ اﻋﺗﻘﺎدھﻣﺎ أن ّ اﻷﻣور ﺟ ﻣﯾﻌﮭﺎ ﺳﺗﻛون ﻋﻠﻰ أﺗ ّم ﻣﺎ
ﯾرﻏﺑون.
وﺑذﻟك ﺗﻧﺷﺄ اﻷﻧﺎﻧﯾﺔ ﻋﻧد اﻟطﻔل وﺗﻧﻣو ﻋﻠﻰ اﻟﺗواﻛل وﺣب ّ اﻟﺗﻣﻠ ّك وﺗﻔﺿﯾل اﻟذات..
وﺗﻘﺗل ﻓﻲ اﻟﻣﻘﺎﺑل ،أدﻧﻰ رﻏﺑﺔ ﯾﺑدﯾﮭﺎ اﻟطﻔل ﻓﻲ إظﮭﺎر اﻟﻣﺑﺎدرة اﻟذاﺗﯾ ّﺔ أو اﻻﻋﺗﻣﺎد ﻋﻠﻰ
اﻟذات ﻓﻲ أي ﻋﻣل ﯾرﻏب اﻟﻘﯾﺎم ﺑﮫ ..إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻟﻣﺑﺎﻟﻐﺔ ﻓﻲ ﻣدﯾﺢ اﻟطﻔل ،وﻻ ﺳﯾ ّﻣﺎ إذا
ﻛﺎن ﻻ ﯾﺳﺗﺣق ّ ذﻟك.
إن ّ ھذه اﻟﻣﻣﺎرﺳﺎت اﻟﺗرﺑوﯾﺔ /اﻷﺳرﯾﺔ اﻟﺧﺎطﺋﺔ وﻏﯾر اﻟﻣﺗوازﻧﺔ ،ﺗﻘود ﻛﻠ ّﮭﺎ إﻟﻰ ﺗﺑد ّﻻت
ﺟوھرﯾﺔ ﻓﻲ ﻧﻔس اﻟطﻔل ،ﺑل ﻓﻲ ﺷﺧﺻﯾ ّﺔ اﻟطﻔل ،ﯾﺻﻌب اﻟﺗﻐﻠ ّب ﻋﻠﯾﮭﺎ ﻓﯾﻣﺎ إذا اﺳﺗﻣر ّ ت
إﻟﻰ ﻣراﺣل ﻣﺗﺄﺧ ّ رة ..وﻗد ﺗﻧﺗﻘل ﻣﻊ اﻟطﻔل إﻟﻰ اﻟﺗﻌﺎﻣل ﻣﻊ اﻟرﻓﺎق ﻓﻲ اﻟدراﺳﺔ أو اﻟﻌﻣل؛
ﻓﯾظﮭر ﻧﻛران اﻟﺟﻣﯾل وﻻ ﯾﻌﺗرف ﺑﻔﺿل اﻵﺧرﯾن ،وﻻ ﯾﺑﺎدﻟﮭم اﻹﺣﺳﺎن ﺑﺎﻹﺣﺳﺎن ،إذ ﻻ
ﯾﮭﻣ ّﮫ إﻻ ّ ﺗﻠﺑﯾﺔ ﻣﺻﺎﻟﺣﮫ اﻟﺧﺎﺻﺔ ،ﺣﯾث أﺻﺑﺣت اﻷﻧﺎﻧﯾ ّﺔ ﺗﺣر ّ ك ﺳﻠوﻛﮫ اﻟوﺟداﻧﻲ
واﻷﺧﻼﻗﻲ.
ﺟــواب:
إن ّ ھذه اﻟظﺎھرة )اﻟﻣﺷﻛﻠﺔ( إن ﺻﺢ ّ اﻟﺗﻌﺑﯾر ،ﻣوﺟودة ﻟدى ﻣﻌظم اﻷطﻔﺎل وﻻ ﺳﯾ ّﻣﺎ ﻗﺑل
اﻟﺳﻧﺔ اﻟﺳﺎدﺳﺔ..وﻛﺛﯾرا ً ﻣﺎ ﯾﺟد اﻷھل أﻧ ّﮭم ﻣﺣرﺟون أﻣﺎﻣﮭﺎ ،وﯾﺗﺳﺎءﻟون :ﻛﯾف ﯾﻧﺑﻐﻲ أن
ﻧﺗﺻر ّ ف ﻟﺿﺑط ﺣرﻛﺎت اﻟطﻔل ﻣن دون أن ﻧﺣرﻣﮫ ﻣﺗﻌﺔ اﻟﻧﺷﺎط؟ ھل ﻧدع اﻷﻣور ﺗﺟري
ﻛﻣﺎ ھﻲ ،أم ﻧﻠﺟﺄ إﻟﻰ اﻟﻌﻘﺎب أو اﻟﻣﻧﻊ؟ ھل ﻧﺻﺑر وﻧﻌﺗﻣد ﻋﻠﻰ إﻗﻧﺎع اﻟطﻔل ﺣ رﻛﺎﺗﮭﺎ
اﻟطﺎﺋﺷﺔ وآﺛﺎرھﺎ اﻟﻣؤذﯾﺔ ﻟﮫ وﻟﻣن ﺣوﻟﮫ..؟ "
وﻟﻛن إذا ﻣﺎ ﻧظرﻧﺎ ﻓﻲ اﻟواﻗﻊ ،ﻧﺟد أن ّ ﻏﺎﻟﺑﯾﺔ اﻵﺑﺎء واﻷﻣﮭﺎت ،ﯾﻠﺟﺄون إﻟﻰ أﺳﮭل
اﻟﺳﺑل ﻓﻲ ﻣواﺟﮭﺔ اﻟﻣﺷﻛﻠﺔ وأﺳرﻋﮭﺎ ﺣﻼ ّ ً ،وھو طرﯾﻘﺔ )اﻟﻣﻧﻊ(واﻟﺗﻲ ﺗﺗﻣﺛ ّل ﻓﻲ اﻟﻧواھﻲ
اﻟﺻﺎرﻣﺔ واﻟﺗﺣذﯾرات اﻟﺷدﯾدة " :ﻻ ﺗﻠﻣس ھذا ..ﻻ ﺗﻠﻌب ذاك ..دع ھذا اﻟﻐرض ﻣن
ﯾدك ..ﻻ ﺗﺿﻊ ھذا ﻓﻲ ﻓﻣك ..إﯾ ّﺎك أن ﺗﻘﺗرب ﻣن ﻛذا ..وﻏﯾرھﺎ ﻛﺛﯾر " وﻗد ﺗﺳﺗﻣر ّ
طرﯾﻘﺔ اﻟﻣﻧﻊ ھذه إﻟﻰ ﻣرﺣﻠﺔ ﻣﺗﻘد ّﻣﺔ ﻣن ﻧﻣو اﻟطﻔل .وإذا ﻣﺎ ﻗﺎم ﺑﺄي ﻓﻌل ﻣن ھذه اﻟﻣواﻧﻊ
– ﺟﺗﻰ وإن ﻛﺎن ﻗﺎدرا ً ﻋﻠﻰ إﻧﺟﺎزه ﺑﺻورة ﺳﻠﯾﻣﺔ – ﻓﺈﻧ ّﮫ ﯾﻘﺎﺑل ﺑﻌﺑﺎرات اﺳﺗﻧﻛﺎرﯾ ّﺔ /
ﺗﺄﻧﯾﺑﯾ ّﺔ ﻗﺎﺳﯾ ّﺔ " :أﻧت وﻟد ﻋﻧﯾد ﻻ ﺗﻔﮭم..ﻛم ﻣر ّ ة ﻗﻠﻧﺎ ﻟك ﻻ ﺗﺄﺧذ ھذا ..أو ﻻ ﺗﻔﻌل ھﻛذا...
ﯾﺎ ﻟك ﻣن وﻟد ﻋﺎق" ..
وإذا ﻣﺎ ﺣﺎول اﻟواﻟدون اﻟدﺧول إﻟﻰ ﺟوھر اﻟﻧﺷﺎطﺎت ) اﻟﺣرﻛﺎت( اﻟﺗﻲ ﯾﻘوم ﺑﮭﺎ
اﻷطﻔﺎل ،ودﻗ ّﻘوا ﻓﻲ دواﻓﻌﮭﺎ وأھداﻓﮭﺎ ،ﻓﺈن ّ ھؤﻻء اﻟواﻟدﯾن ﺳﯾﺟدون ﻋﻛس ﻣﺎ ﯾﻌﺗﻘدون أو
ﯾﺗﺻو ّ رون .ﻓﺗوق اﻟطﻔل ﺑﺻورة ﻋﺎﻣﺔ ،واﻟﺻﻐﯾر ﺑﺻورة ﺧﺎﺻﺔ ،إﻟﻰ ﺗﻔﺣ ّ ص اﻷﺷﯾﺎء أو
اﻟﻘﯾﺎم ﺑﺑﻌض اﻷﻋﻣﺎل اﻟﺗﻲ ﻻ ﯾرﺿﻰ اﻷھل ﻋﻧﮭﺎ –أﺣﯾﺎﻧﺎ ً -ﻟﯾس إﻻ ّ ﻣن ﻗﺑﯾل اﻟﻣﯾل
اﻟطﺑﯾﻌﻲ إﻟﻰ اﻻطﻼع واﻻﻛﺗﺷﺎف ،واﻟﻣﻌرﻓﺔ ..وھذا ﻛﻠ ّﮫ ﻣﻐﺎﯾر ﺗﻣﺎﻣﺎ ً ﻟرﻏﺑﺔ اﻟطﻔل ﻓﻲ
إﺛﺎرة ﻏﺿب اﻟواﻟدﯾن ،أو إظﮭﺎر اﻟﻌﻧﺎد وﻋدم اﻟطﺎﻋﺔ ،ﻛﻣﺎ ﯾﺗﺻو ّ ر اﻟﻛﺛﯾر ﻣن اﻵﺑﺎء
واﻷﻣﮭﺎت ،وﯾﺗ ّﺧذون ﺗﺟﺎھﮭﺎ ﻣواﻗف ﻣﺗﺷد ّدة.
واﻟﺧﻼﺻﺔ ،إن ّ ﻣظﺎھر ﺳﻠوك اﻟطﻔل ﻣن ﺧﻼل ﻧﺷﺎطﮫ اﻟﺣرﻛﻲ اﻟزاﺋد ،ﻟﯾﺳت ﺣﺎﻟﺔ
ﻣﻘﻠﻘﺔ ،ﺑل ھﻲ ﺣﺎﻟﺔ طﺑﯾﻌﯾ ّﺔ ﺗﻣﯾ ّز اﻷطﻔﺎل ﺟﻣﯾﻌﮭم ﻓﻲ ﺳن ّ ﻣﺎ ﻗﺑل اﻟﻣدرﺳﺔ .وھذا ﯾﻘﺗﺿﻲ
ﻣن اﻟواﻟدﯾن اﻟﺗﻌﺎﻣل ﻣﻊ اﻷطﻔﺎل ﺑوﻋﻲ ودراﯾﺔ ،وﻋدم ﺣرﻣﺎن اﻷطﻔﺎل ﻣن اﻟﻧﺷﺎط
اﻟﺣرﻛﻲ اﻟﺿروري ﻟﻧﻣو ّ ھم اﻟﺟﺳدي واﻟﻌﻘﻠﻲ وأﯾﺿﺎ ً اﻟﻧﻔﺳﻲ ،وذﻟك ﻣن ﺧﻼل ﺗﻧظﯾم ﻟﻌب
اﻷطﻔﺎل وﻧﺷﺎطﺎﺗﮭم ،وﻣراﻗﺑﺗﮭم وﺗوﺟﯾﮭﮭم إﻟﻰ أﻓﺿل وﺳﺎﺋل اﻟﺗﻌﺎﻣل ﻣﻊ اﻷﺷﯾﺎء
واﻷﻟﻌﺎب اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ،ﺑﻣﺎ ﯾﺿﻣن ﻣﺗﻌﻧﮭم وﺳﻼﻣﺗﮭم.
ﺟــواب:
ﺗﻛﺗﺳب اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟزوﺟﯾ ّﺔ أھﻣﯾﺗﮭﺎ ﻣن اﻟﻣﺑﺎدىء اﻟﺗﻲ ﺗﻧطﻠق ﻣﻧﮭﺎ ،واﻷھداف اﻟﺗﻲ ﯾﺟب
أن ﺗﺻل إﻟﯾﮭﺎ ،واﻟﻣﺗﻣﺛ ّل ﻓﻲ ﺑﻧﺎء اﻟﻣؤﺳﺳ ّﺔ اﻷﺳرﯾﺔ ﻋﻠﻰ أﺳس ﺳﻠﯾﻣﺔ ﺗﺿﻣن ﻧﻣو ّ ھﺎ
وﺗﻣﺎﺳﻛﮭﺎ واﺳﺗﻣرارﯾﺗﮭﺎ ،ﻓﻲ إطﺎر اﻟﺑﻧﯾﺔ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ .وھذه ﻣن اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺎت
اﻷﺳﺎﺳﯾ ّ ﺔ ﻟﻠزوﺟﯾن.
وﻟﻛﻲ ﺗﻛون اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟزوﺟﯾ ّﺔ إﯾﺟﺎﺑﯾ ّﺔ /ﻗوﯾﺔ ،ﺗﺿﻣن ﻧﺟﺎح اﻟزوﺟﯾن ﻓﻲ أداء اﻟﻣﮭﻣ ّﺔ
اﻟﻣﻠﻘﺎة ﻋﻠﻰ ﻛﺎھﻠﮭﻣﺎ ،ﻻ ﺑد ّ أن ﺗﺳﺗﻧد إﻟﻰ اﻷﻣور اﻟﺗﺎﻟﯾﺔ:
ﺗﻔﮭم ّ ﻛل ّ ﻣن اﻟزوﺟﯾن طﺑﯾﻌﺔ اﻵﺧر واﺣﺗواﺋﮭﺎ ،ﻷن ّ ﻓﻲ ذﻟك اﻟﺗﻔﺎھم ،اﻟﺑﻠﺳم -١
اﻟﺷﺎﻓﻲ ﻟﻛﺛﯾر ﻣن اﻟﻣﺷﻛﻼت اﻟﺗﻲ ﺗﺣ دث ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ ..وھو ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ اﻟﺗرﺑﺔ اﻟﺧﺻﺑﺔ ﻟﺗﻧﺎﻣﻲ
اﻟﻣﺷﺎﻋر اﻟﺻﺎدﻗﺔ ،ﻓﯾﻛون اﻻﺣﺗرام ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن ﻣﺗﺑﺎدﻻ ً وﻣن رؤﯾﺔ ﻣﺗﻛﺎﻓﺋﺔ ،ﺑﺣﯾث ﻻ
ﯾﻧظر إﻟﻰ اﺣﺗرام اﻟزوﺟﺔ زوﺟﮭﺎ وﺗﻘدﯾره اﻟزاﺋد ﻋﻠﻰ أن ّ ﺧﺿوع ﻟﮫ ..ﻛﻣﺎ ﻻ ﯾﻧظر إﻟﻰ
اﺣﺗرام اﻟزوج زوﺟﺗﮫ وﺗﻘدﯾره ﻟﮭﺎ ،ﻋﻠﻰ أﻧ ّﮫ ﺿﻌف ﻓﻲ اﻟرﺟوﻟ ﺔ ،وإﻧ ّﻣﺎ ھو ﺗﻌﺑﯾر ﻋن
إرادة اﻟرﺟوﻟﺔ ﺑﻌﯾﻧﮭﺎ.
ﺟــواب:
ﺗﻌد ّ ھذه اﻟظﺎھرة ﻣن اﻟﻣﺷﻛﻼت اﻟﺗﻲ ﺗواﺟﮭﮭﺎ ﺑﻌض اﻷﺳر ،ﻓﻲ اﻟﻌﺻر اﻟﺣﺎض ،وﻻ
ﺳﯾ ّﻣﺎ ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﺑدأ اﻷﺑﻧﺎء ﻣن ﺳن ّ اﻟﻣراھﻘﺔ ،ﺣﯾث ﯾﻣﯾﻠون إﻟﻰ اﻻﺳﺗﻘﻼل واﻻﻧﻔراد
ﺑﻧﺷﺎطﺎﺗﮭم اﻟﺧﺎﺻ ّﺔ .وﺛﻣ ّﺔ ﻧﻘﺎﺷﺎت ﻋدﯾدة وﺣﺳ ّﺎﺳﺔ ،وآراء ﻛﺛ ﯾرة وﻣﺗﺑﺎﯾﻧﺔ ﺑﺷﺄن ھذه
اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ ،وإن ﻛﺎن اﻻﺗ ّﺟﺎه اﻷﻛﺛر ﺳﯾﺎدة ،ھو رﻓض اﻟﻔﻛرة ﺗﻣﺎﻣﺎ ً .
إن ّ وﺿﻊ ﺗﻠﻔﺎز ﺧﺎص ﻓﻲ ﻏرﻓﺔ اﻟطﻔل أو اﻟﻣراھق اﻟﺻﻐﯾر ،أو ﺟﮭﺎز إﻋﻼﻣﻲ آﺧر،
ھو ﻓﻛرة ﺧﺎطﺋﺔ ﻣن اﻟوﺟﮭﺔ اﻟﺗرﺑوﯾﺔ ،وإن ﻛﺎﻧت ﻟﮭﺎ اﺳﺗﺟﺎﺑﺔ ﻧﻔﺳﯾ ّﺔ ..واﻟﺳؤال :ﻟﻣﺎذا؟
وأﯾن اﻟﺧطﺄ ﻓﻲ ذﻟك؟ واﻟﺟواب ھﻧﺎ ،ﻣﺗﻌد ّد اﻷﺑﻌﺎد.
إن ّ وﺿﻊ ﺗﻠﻔﺎز ﻓﻲ ﻏرﻓﺔ اﻟطﻔل /اﻟﻣراھق اﻟﺧﺎﺻﺔ ،ﯾﺟﻌل ﻣن اﻟﺻﻌوﺑﺔ ﺑﻣﻛﺎن
ﻣراﻗﺑﺔ ﻣﺎ ﯾﺷﺎھد ،وﻛﻣﯾ ّﺔ اﻟوﻗت اﻟذي ﯾﻘﺿﯾﮫ ﻓﻲ اﻟﻣﺷﺎھدة؟ وﻛم ﺗﻣﻧﻌﮫ ھذه اﻟﻣﺷﺎھدة ﻣن
إﻧﺟﺎز واﺟﺑﺎﺗﮫ اﻟدراﺳﯾ ّﺔ ،أو ﻣن اﻟوﻗت اﻟذي ﯾﺟب أن ﯾﻛون ﻓﯾﮫ ﻣﻊ أﻓراد أﺳرﺗﮫ؟ وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ
ﻛم ﯾﻘﻠ ّل وﺟود اﻟطﻔل /اﻟﻣراھق ﻣﻊ اﻟﺗﻠﻔﺎز ﻣن ﺗﻣﺗﯾن اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻷﺳرﯾﺔ /اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ؟
وﻣﺎ ﯾﺗﺑﻊ ذﻟك ﻣن اﻟﻌزﻟﺔ )اﻟﻔرداﻧﯾﺔ( اﻟﺗﻲ ﯾﻌﺗﺎد ﻋﻠﯾﮭﺎ داﺧل اﻷﺳر وﺧﺎرﺟﮭﺎ؟!
وﻋﻠﻰ اﻟرﻏم ﻣن اﻟﻣﻌﺎرف واﻟﻌﻠوم اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺟﻧﯾﮭﺎ اﻟطﻔل /اﻟﻣراھق ،ﻣن
ﻣﺷﺎھدة اﻟﺗﻠﻔﺎز ،ﻓ ﺈن ّ اﻷﺳﺑﺎب اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ اﻟذﻛر ،ﺑﺄﺑﻌﺎدھﺎ اﻟذاﺗﯾﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ،ﺗؤﻛ ّد اﻻﻋﺗﻘﺎد
ﺑﺄﻧ ّﮫ ﻟﯾس ﻣن اﻟﻣﻧﺎﺳب اﻟﺑﺗ ّﺔ ،أن ﯾﺧﺻ ّص اﻟواﻟدان ﺗﻠﻔﺎزا ً أو ﺣﺎﺳوﺑﺎ ً ،ﻓﻲ )اﻟﻣﺑدأ اﻟﺗرﺑوي(
ﻏرﻓﺔ اﻟطﻔل /اﻟﻣراھق )اﻟﻣراھﻘﺔ( وإن ﻛﺎن ﺑﻌض اﻷﺻدﻗﺎء ﯾﻣﺗﻠﻛون ﻣﺛل ھذه اﻷﺟﮭزة
ﻓﻲ ﻏرﻓﮭم ،ﺳواء أدرك واﻟدوھم ﻣﺧﺎطرھﺎ أو ﻟم ﯾدرﻛوا..
ﺟــواب:
إن ّ ﻣﺳﺄﻟﺔ ﺗﻌوﯾد اﻟطﻔل ﻋﻠﻰ اﻟﻘﯾﺎم ﺑﺑﻌض اﻷﻋﻣﺎل اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﮫ ،وﻣ ﻧﮭﺎ ﺗﻧﺎول اﻟطﻌﺎم،
وﻓﻲ وﻗت ﻣﺑﻛر ،ﺗﻌد ّ أﻣرا ً ﺑﺎﻟﻎ اﻷھﻣﯾ ّﺔ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠطﻔل واﻷﺳرة ﻋﻠﻰ ﺣد ّ ﺳواء .ﻷن ّ ﻓﻲ
ﺗﻠك اﻟﻌﺎدة ﺗﻧﻣﯾﺔ ﻟﺳﻠوك اﻻﻋﺗﻣﺎد ﻋﻠﻰ اﻟذات .وھذا ﻣﺎ ﯾﻣﻧﺢ اﻟطﻔل اﻟﻣﺗﻌﺔ واﻟﺳﻌﺎدة ﻓﻲ
إﻧﺟﺎز أي ﻋﻣل ﯾﻘوم ﺑﮫ.
وﻟﻛن ،ﻣﻣ ّﺎ ﯾؤﺳف ﻟﮫ ،أن ّ اﻟﻛﺛﯾرﯾن ﻣن اﻟواﻟدﯾن وﻻ ﺳﯾ ّﻣﺎ اﻷﻣﮭﺎت ،ﯾﮭﻣﻠون ھذه
اﻟﻣﺳؤوﻟﯾ ّﺔ ﺑذرﯾﻌﺔ أن ّ اﻟطﻔل ) اﻟطﻔﻠﺔ( ﻏﯾر ﻗﺎدر ﻋﻠﻰ ذﻟك ،أو ﺣﺗﻰ ﻻ ﯾؤذي ﻧﻔﺳﮫ أو
ﯾﺗﻠف ﺑﻌض اﻷدوات اﻟﺗﻲ ﯾﺳﺗﺧدﻣﮭﺎ ..ﻋﻠﻰ اﻟرﻏم ﻣن ﻓﺿول اﻟطﻔل وﻣﺑﺎدرﺗﮫ – ﻓﻲ ﻛﺛﯾر
ﻣن اﻷﺣﯾﺎن -ﻻﺳﺗﺧدام أدوات اﻟطﻌﺎم ،ﻛﺎﻹﻣﺳﺎك ﺑﺎﻟﻣﻠﻌﻘﺔ أو اﻟﺳﻛﯾن ،أو ﻛﺄس اﻟﻣﺎء..
وﻏرھﺎ.
وﻟﻛن ّ اﻟﻣﺷﻛﻠﺔ ﻟﯾﺳت ﻓﻲ اﻟطﻔل ،ﺑل ﻓﻲ ﺗﻌﺎﻣل اﻟواﻟدﯾن ﻣﻌﮫ ..ﻓﺈذا ﻣﺎ أﺧطﺄ ﻓﻲ ھذا
اﻻﺳﺗﺧدام أو ﺗﻌﺛ ّر ،ﻓﺈﻧ ّﮫ ﯾﻠﻘﻰ اﻟﺗﺄﻧﯾب اﻟﻌﻧﯾف أو اﻟﻌﻘﺎب اﻟﺷدﯾد ،ﻛﺎﻟﺿرب ﻋﻠﻰ ﯾدﯾﮫ أو
ﺣرﻣﺎﻧﮫ ﻣن اﻟطﻌﺎم..ﻓﻼ ﯾﻌود إﻟﻰ اﻟﻣﺑﺎدرة اﻟذاﺗﻲ ﻣر ّ ة أﺧرى ،وﻗد ﯾﺻل إﻟﻰ ﺳن ّ اﻟﺳﺎﺑﻌﺔ
وھو ﯾﺧﺷﻰ أن ﯾﺗﻧﺎول اﻟطﻌﺎم ﺑﻧﻔﺳﮫ ،ﻷﻧ ّﮫ اﻋﺗﺎد ﻋﻠﻰ أﻣ ّﮫ ﻓﻲ ﻗﺿﺎء ھذه اﻟﺣﺎﺟﺔ.
أﻣ ّﺎ وﻗد أﺻﺑﺢ اﻟوﺿﻊ ﻣﺷﻛﻠﺔ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠطﻔل واﻷھل ،وﻟﯾس ﻟدﯾﮫ أﯾ ّﺔ أﺳﺑﺎب ﻋﺿوﯾﺔ
أو ﻧﻔﺳﯾ ّﺔ ﺗﻣﻧﻌﮫ ﻣن اﻟﻘﯾﺎم ﺑﮭذه اﻟﻣﮭﻣ ّﺔ ،ﻓﺈن ّ ﺣل ّ اﻟﻣﺷﻛﻠﺔ ﯾﻛﻣن ﻓﻲ إﻟزام اﻟطﻔل-ﺗدرﯾﺟﯾ ّﺎ ً -
ﺗﻧﺎول طﻌﺎﻣﮫ ﺑﻧﻔﺳﮫ ،وﺑﻼ ﻣﺳﺎﻋدة ﻣن أﺣد ،ﺣﺗﻰ وإن اﻣﺗﻧﻊ ﻋن ذﻟك ﻓﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﯾﺎم ﺑ
اﻟﺑداﯾﺔ ،ﻟﯾﺻل إﻟﻰ درﺟﺔ اﻟﺟوع اﻟﺷدﯾد.
وﻻ ﺿﯾر ﻓﻲ وﺿﻌﮫ أوﻻ ً ﻓﻲ ﻣﻛﺎن ﺧﺎص ﯾﺗﻧﺎول ﻓﯾﮫ اﻟطﻌﺎم ﺑﻌﯾدا ً ﻋن اﻟﻣراﻗﺑﺔ
اﻟﻣﺑﺎﺷرة اﻟﺗﻲ ﺗﺳﺑ ّب ﻟﮫ اﻹﺣراج واﻹرﺑﺎك ﻣن ﺧﻼل ﺗﻧﺎﺛر ﺑﻌض اﻷطﻌﻣﺔ ..وﻣن ﺛم ّ ﯾﻧﻘل
–ﺑﺎﻟﺗدرﯾﺞ -إﻟﻰ ﺗﻧﺎول اﻟطﻌﺎم ﻣﻊ أﺣد أﺧوﺗﮫ اﻟﻣﻘر ّ ﺑﯾن إﻟﯾﮫ ،وﺑﻌد ذﻟك ﻣﻊ أﻓراد اﻷﺳرة
ﻣﺟﺗﻣﻌﯾن ،ﻋﻠﻰ أن ﺗﺗراﻓق ﻛل ّ ﺧطوة ﺑﺎﻟﺗﺷﺟﯾﻊ واﻟﺗﻌزﯾز ،ﻣﮭﻣﺎ ﻛﺎن ﺣﺟم ﺗﻘد ّم اﻟطﻔل
ﻓﯾﮭﺎ ..وﺑذﻟك ﯾﺻل اﻟطﻔل إﻟﻰ ﻣﺗﻌﺔ اﻋﺗﻣﺎده ﻋﻠﻰ ذاﺗﮫ ،وﯾﻛﺗﺳب ﻣﺎ ﯾﺳﻣ ّﯨب)آداب اﻟطﻌﺎم(.
ﺟــواب:
ﻻ أﺣد ﯾﻧﻛر أو ﯾﺗﺟﺎھل ،أن ّ اﻟطﻣوح ﻋﺎﻣل أﺳﺎﺳﻲ ّ ﻣن ﻋوﻣل ﺗﺣﻘﯾق اﻷھداف اﻟﺗﻲ
ﺳﻌﻰ إﻟﯾﮭﺎ اﻟﺷﺧص ،وﻻ ﺳﯾ ّﻣﺎ إذا ﻛﺎن اﻟطﻣوح ﻣوﺿوﻋﯾ ّﺎ ً ،ﻣﻌﻘﻠﻧﺎ ً ،ﺑﺣﯾث ﯾﺳﺗطﯾﻊ ﯾ
اﻟﺷﺧص أن ﯾﺗﻌﺎﻣل ﻣﻌﮫ وﯾﻧﺟزه ﺑﺎﻟﺷﻛل اﻟﻣطﻠوب ،أو ﺑﺎﻟﺷﻛل اﻟذي ﯾﺗﻣﻧ ّﮭﺎ.
وطﻣوح اﻟطﻔل اﻟذي ﯾﺗﻣﻧ ّﻰ أن ﯾﻛون ﻋﺑﻘرﯾ ّﺎ ً أو ﻣﺑدﻋﺎ ً ،أو ﻋﺎﻟﻣﺎ ً ،ﯾﺳﺗﺣق ّ اﻟﺗﻘدﯾر
واﻟﺗﺷﺟﯾﻊ ،وﯾﻧﺎل اﻟرﻋﺎﯾﺔ واﻻھﺗﻣﺎم ،ﻣن داﺧل اﻷﺳرة وﻣن ﺧﺎرﺟﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﻣؤﺳ ّﺳﺎت
اﻟﺗرﺑوﯾﺔ ،ﻟﻛﻲ ﯾﺗﻣﻛ ّن ﻣن اﻟﺑﺣث واﻟﻣﺛﺎﺑرة ﻓﻲ اﻟﺗﺣﺻﯾل ،وﯾﺳﺗطﯾﻊ ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ أن ﯾﺣﻘ ّق
رﻏﺑﺗﮫ وأﻣﻧﯾﺗﮫ.وﻻ ﺳﯾ ّﻣﺎ أن ّ اﻟﻣﺑﺎدرة واﻟﻣﺛﺎﺑرة ،ﻣن اﻟﺻﻔﺎت اﻷﺳﺎﺳﯾ ّﺔ ﻟﻠﺷﺧص اﻟﻌﺑﻘري
اﻟذي ﯾﺄﺗﻲ ﺑﺷﻲء ﺟدﯾد ﻟم ﯾﺳﺑﻘﮫ إﻟﯾﮫ أﺣد.
ﯾﻘول /ﺳﯾﻣﻧﺗون / Simentonﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﮫ " اﻟﻌﺑﻘرﯾ ّﺔ اﻟﻌﻠﻣﯾ ّﺔ " " :إن ّ اﻟﻌﺑﺎﻗرة ھم
اﻟذﯾن ﯾﺑدﻋون ﺗوﻟﯾﻔﺎ ً ﺣدﯾﺛﺎ ً ،ﻟم ﯾﺗوﺻ ّل إﻟﯾﮫ اﻷذﻛﯾﺎء واﻟﻣوھوﺑون "..وھذا ﯾﻌﻧﻲ ،أن ّ
اﻟﻌﺑﻘرﯾ ّﺔ ﻻ ﺗﺣﺗﺎج إﻟﻰ ذﻛﺎء ﺧﺎرق ،وإن ﻛﺎﻧت أرﻗﻰ ﻣﺳﺗوى ﻣن اﻟﻣوھﺑﺔ .ﻛﻣﺎ أﻧ ّﮭﺎ ﻟﯾﺳت
ﻣوروﺛﺔ ﻛﺎﻟذﻛﺎء ،وإﻧ ّﻣﺎ ﯾﻣﻛن اﻛﺗﺳﺎﺑﮭﺎ وإﻧﺗﺎﺟﮭﺎ ،ﺣﺗﻰ ﻟدى اﻷﺷﺧﺎص اﻟﻌﺎدﯾﯾن ،إذا ﻣﺎ
ﺗواﻓرت ﻟﮭم اﻟظروف اﻟﻣﺣر ّ ﺿﺔ ،واﻟﻣﻌطﯾﺎت اﻟﻣﻌز ّ زة ﻟﻠﻌﻣل واﻹﻧﺟﺎز!..
وﻣن ھذا اﻟﻣﻧطﻠق ،ﯾﻘول /ﻣﺎﯾﻛل ھﺎو /ﻋﺎﻟم اﻟﻧﻔس اﻟﺑرﯾطﺎﻧﻲ " :إن ّ اﻟﻌﺑﺎﻗرة
ﯾُﺻﻧﻌون وﻻ ﯾوﻟدون ﻋﺑﺎﻗرة ..وإن ّ ﺳر ّ اﻟﻌﺑﻘرﯾﺔ ﯾﻛﻣن ﻓﻲ اﻟﻌﻣل ا ﻟدؤوب ،وﻟﯾس ﻓﻲ
اﻟﻣواھب اﻟﻔﻛرﯾﺔ ﻓﺣﺳب "..وﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ ذﻟك ،ﻓﺈﻧ ّﮫ ﯾﻣﻛن ﻷي طﻔل /ﺷﺧص أن ﯾﻛون
ﻋﺑﻘرﯾ ّﺎ ً إذا ﻣﺎ اﻣﺗﻠك ﻣﻘو ّ ﻣﺎت اﻟﻌﺑﻘرﯾﺔ ،ﻣن ﻗدرات ﻋﻘﻠﯾﺔ واﺳﺗﻌدادات ﻧﻔﺳﯾ ّﺔ ،ﻓﻲ إطﺎر
اﻟﻌواﻣل اﻟﺧﺎرﺟﯾ ّﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﯾﺢ ﻟﮫ ﺗوظﯾف ھذه اﻟﻘدرات واﻻﺳﺗﻌدادات ﺑﻔﺎﻋﻠﯾﺔ ﻋﺎﻟﯾﺔ ..وھذه
ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻷﺳرة ﺑﺎﻟدرﺟﺔ اﻷوﻟﻰ.
ﺟــواب:
اﻟطﻣوح أو ﻋظﯾم ﺟد ّا ً ،وھو ﻣﺗﺎح وﻣﺷروع ﻟﻛل ّ إﻧﺳﺎن إذا ﻣﺎ اﺳﺗطﺎع إﻟﯾﮫ
ﺳﺑﯾﻼ ..وﯾﺣق ّ ﻟﻶﺑﺎء أن ﯾوﻗدوا ﺟذوة اﻟطﻣوح ﻟدى أﺑﻧﺎﺋﮭم .وﻟﻛن ّ اﻟطﻣوح – ﻓﻲ اﻟوﻗت
ذاﺗﮫ -ﯾﻧطوي ﻋﻠﻰ أﻣر ﺧطﯾر ﺟد ّا ً ،إذا ﻟم ﯾﺄﺧذ اﻟواﻟدون ﻓ ﻲ اﻟﺣﺳﺑﺎن ،ﻣﯾول اﻷﺑﻧﺎء
واﺳﺗﻌداداﺗﮭم وﻗدراﺗﮭم ،اﻟﺗﻲ ﺗﺗواﻓق ﻣﻊ ھذا اﻟطﻣوح أو ذاك ،أو ﻻ ﺗﺗواﻓق اﻟﺑﺗ ّﺔ.
ﻓﺎﻟواﻟدون-ﺑﺻورة ﻋﺎﻣ ّﺔ – ﻻ ﯾرﯾدون ﻷﺣد أن ﯾﻛون أﻓﺿل ﻣﻧﮭم ،وﻓﻲ ﻛل ّ ﺷﻲء،
ﺟــواب:
إن ّ ﺛﻘﺔ اﻹﻧﺳﺎن ﺑﻧﻔﺳﮫ أو ﺛﻘﺗﮫ ﺑﺎﻵﺧرﯾن ،ﻟﯾﺳت ﻣن اﻟﺻﻔﺎت اﻟوراﺛﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺣﻣﻠﮭﺎ ﻣن
واﻟدﯾﮫ ،ﻛﻣﺎ ﯾﺣﻣل اﻟطول وﻟون اﻟﺷﻌر وﺷﻛل اﻟﻌﯾﻧﯾن ،..وإﻧ ّﻣﺎ اﻟﺛﻘﺔ ﻣن اﻟﺻﻔﺎت اﻟﻣﻛﺗﺳﺑﺔ
ﺑﻔﻌل اﻟﻣؤﺛ ّرات اﻟﺗرﺑوﯾﺔ ،ﺑﻣﺎ ﻓﯾﮭﺎﻣن ﻣﺣر ّ ﺿﺎت وﻣﻌز ّ زات .وﻟذﻟك ،ﻻ ﯾﻣﻛن أن ﺗﻛﺗﺳب
اﻟﺛﻘﺔ ﺑﺎﻟﻧﻔس ﻣن ﺧﻼل اﻟﻛﻼم ،ﺑل ﻣن ﺧﻼل اﻟﻣﻣﺎرﺳﺎت اﻟﺗرﺑوﯾﺔ اﻟﻔﻌﻠﯾﺔ ،واﻟﺗﻲ ﺗﺗﻣﺛ ّل ﻓﻲ
أﺳﺎﻟﯾب اﻟﺗﻌﺎﻣل اﻟﺻﺎدﻗﺔ واﻟﺻرﯾﺣﺔ ،ﺿﻣن اﻟﻣﺟﺎل اﻷﺳري اﻟﻌﺎم ،ﺳواء ﻓﯾﻣﺎ ﺑﯾن
اﻟواﻟدﯾن ﻣن ﺟﮭﺔ ،أو ﻓﯾﻣﺎ ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ وﺑﯾن اﻷﺑﻧﺎء ﻣن ﺟﮭﺔ أﺧرى.
وﻓﻲ اﻟﻣﻘﺎﺑل ،ﻓﺈن ّ ﻛﺳب اﻟواﻟدﯾن اﻟﺛﻘﺔ ﻣن اﻷﺑﻧﺎء ،ﻻ ﯾﺗﺄﺗ ّﻰ ﻣن ﺧﻼل ﺗﺄﻣﯾن ﺣﺎﺟﺎت
ھؤﻻء اﻟﺟﺳدﯾ ّﺔ ،ﻣن ﻏذاء وﻛﺳﺎء ،أو ﺷراء ﺑﻌض اﻷﻟﻌﺎب ﻹﻟﮭﺎﺋﮭم ﺑﮭﺎ ،وإﻧ ّﻣﺎ ﯾﺄﺗﻲ
ﺑﺻورة أﻛﺛر ﺗﻠﻘﺎﺋﯾ ّﺔ وﻓﺎﻋﻠﯾ ّﺔ ،ﻣن ﺧﻼل ﺗوﻏ ّل اﻟواﻟدﯾن ﻓﻲ ﻋواﻟم اﻷﺑﻧﺎء ،وﻻ ﺳﯾ ّﻣﺎ
اﻷطﻔﺎل ﻣﻧﮭم ،وﺗﺣﺳ ّس ﻣﯾوﻟﮭم وﺣﺎﺟﺎﺗﮭم اﻟﻧﻔﺳﯾ ّﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ،وﻣﺷﺎرﻛﺗﮭم اھﺗﻣﺎﻣﺎﺗﮭم
وﻧﺷﺎطﺎﺗﮭم ،وﻣﺳﺎﻋدﺗﮭم ﻓﻲ ﺗﻧﻣﯾﺔ اﻟﻣواھب واﻟﮭواﯾﺎت اﻟﺗﻲ ﯾرﻏﺑون ﻓﯾﮭﺎ ،ﺳواء ﻛﺎﻧت
ﺟــواب:
ﯾﺷد ّد ﻋﻠﻣﺎء اﻟﺗرﺑﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﺿرورة اﻟﺗواﻓق ﻓﻲ اﻟﻣﻌﺎﻣﻠﺔ اﻟواﻟدﯾﺔ ﻟﻸﺑﻧﺎء ،ﻓﻲ إطﺎر
اﻟﺗرﺑﯾﺔ اﻷﺳرﯾﺔ اﻟﺳﻠﯾﻣﺔ ..وذﻟك ﻷن ّ اﻻﺧﺗﻼف ﺑﯾن اﻷب واﻷم ﺣول أﺳﻠوب اﻟﺗﻌﺎﻣل ﻣﻊ
اﻷطﻔﺎل /اﻷﺑﻧﺎء ،ﯾﺳﺑ ّب ﻟﮭﻣﺎ اﻟﻣﺗﺎﻋب اﻟﺗﻲ ﺗﻌو ّ ق ﻣﮭﻣﺗﮭﻣﺎ اﻟﺗرﺑوﯾﺔ ﻣن ﺟﮭﺔ ،وﺑﺿر ّ
ﺑﻧﻔﺳﯾ ّﺎت اﻷﺑﻧﺎء وﺗﻛوﯾﻧﮭم اﻟﺷﺧﺻﻲ اﻟﻌﺎم ﻣن ﺟﮭﺔ أﺧرى ..وﻻ ﺳﯾ ّﻣﺎ إذا اﺧﺗﻠﻔت اﻟﻣﻌﺎﻣﻠﺔ
إﻟﻰ ﺣد ّ اﻟﺗﻧﺎﻗض اﻟﻣﺗطر ّ ف ﺑﯾن واﻟواﻟدﯾن ،وأدﺧﻠت اﻷطﻔﺎل ﻓﻲ ﺻراﻋﺎت ذاﺗﯾ ّﺔ.
وﻣﻣ ّﺎ ﯾؤﺳف ﻟﮫ ،أن ّ اﻟﻛﺛﯾرﯾن ﻣن اﻵﺑﺎء واﻷﻣ ّﮭﺎت ،ﻣﺎ زاﻟوا ﯾﻌﺗﻘدون أن ّ اﻷب ﻓﻲ
اﻷﺳرة ،ﯾﻣﺛ ّل اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻣﺗ ّﻊ – ﺑل ﯾﺟب ﻷن ﺗﺗﻣﺗ ّﻊ – ﺑﺎﻟﻘﺳوة اﻟﺻراﻣﺔ واﻟﻘﻣﻊ..
ﺑﯾﻧﻣﺎ ﺗﻣﺛ ّل اﻷم – ﻓﻲ اﻟﻣﻘﺎﺑل -ﻣﺻدر اﻟﺣﻧﺎن واﻟﻌطف واﻟﻠﯾن ..وﺷﺗ ّﺎن ﺑﯾن اﻟﻣوﻗﻔﯾن ﻣن
ﺣﯾث اﻟﺗﺄﺛﯾرات اﻟﺗرﺑوﯾﺔ ،وإن ﻛﺎﻧﺎ ﻛﻠﯾﮭﻣﺎ ﯾؤد ّﯾﺎن إﻟﻰ ﻣﻧﻌﻛﺳﺎت ﺳﻠﺑﯾﺔ ﻓﻲ ﺗرﺑﯾﺔ اﻷﺑﻧﺎء.
إن ّ اﻷم اﻟﺗﻲ ﺗﺗ ّﺻف ﺑﺎﻟﺗﺳﺎھل واﻟﻠﯾن ﻓﻲ ﻣﻌﺎﻣﻠﺔ اﻷﺑﻧﺎء ،وﺗﺷﻌر ﺑﺄن ّ زوﺟﮭﺎ ﯾﺗﺻ ّرف
ﻣﻌﮭم ﺑطرﯾﻘﺔ ﻣﻐﺎﯾرة ﺗﻣﺎﻣﺎ ً ﺗﺳﺑ ّب ﻟﮭﺎ ﻣﺗﺎﻋب ﻣﻊ اﻷ ﺑﻧﺎء ،ﻻ ﯾﺟوز أن ﺗﺳﻛت ﻋﻠﻰ ذﻟك،
ﺑل ﯾﻧﺑﻐﻲ ﻋﻠﯾﮭﺎ أن ﺗﺻﺎرح زوﺟﮭﺎ ﻓﻲ اﻷﻣر وﺗﻧﺎﻗﺷﮫ ﻓﻲ طرﯾﻘﺔ ﺗﻌﺎﻣﻠﮫ ﻣﻊ اﻷطﻔﺎل،
وﺗطﻠﻌﮫ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﺣدث ﻟﮭﺎ ﻣﻌﮭم ﻓﻲ أﺛﻧﺎء ﻏﯾﺎﺑﮫ ﺟر ّ اء ﻣﻌﺎﻣﻠﺗﮫ ھذه ،وﺗﺣﺎول أن ﺗﻘﻧﻌﮫ
ﺑﺿرورة ﺗﻌدﯾل أﺳﻠوﺑﮫ واﻟﺗﺧﻠ ّﻲ ﻋن ﻗﺳﺎوﺗﮫ اﻟﺗﻲ ﻧﺗﺗﺞ ﺿﻐوطﺎت ﻋﻧد اﻷﺑﻧﺎء ﯾﻌﻣدون
إﻟﻰ اﻟﺗﻌﺑﯾر ﻋﻧﮭﺎ ﻓﻲ ﻏﯾﺎﺑﮫ.
وﻟﻛن ﻋﻠﻰ اﻷم –ﻓﻲ اﻟﻣﻘﺎﺑل -أن ﺗﺗﺧﻠ ّﻰ إﻟﻰ ﺣد ّ ﻣﺎ ،ﻋن ﻋواطﻔﮭﺎ اﻟﻣﻔرطﺔ واﻟﻠﯾوﻧﺔ
ﺟــواب:
ﻻ ﺑد ّ ﻣن اﻟﺗﺄﻛﯾد ﺑداﯾﺔ ،أن ّ اﻟﻧظﺎم ﺑﺄﺷﻛﺎﻟﮫ اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ،واﻟﺗرﺗﯾب ﺑﻣظﺎھره اﻟﻣﺗﻌد ّدة ،ﻣن
اﻟﺳﻠوﻛﺎت اﻟﻣﻛﺗﺳﺑﺔ ﺑﻔﻌل اﻟﺗرﺑﯾﺔ ..واﻷﺳرة ،ﻣﻣﺛ ّ ﻠﺔ ﺑﺎﻟواﻟدﯾن ،ھﻲ اﻟﻣ ﺳؤول اﻷول ﻋن
ﻏرس ھذه اﻟﺻﻔﺎت اﻟﺳﻠوﻛﯾ ّﺔ ﻋﻧد اﻷﺑﻧﺎء ،ﻣﻧذ ﺳﻧوات اﻟطﻔوﻟﺔ اﻷوﻟﻰ ،ﺑﺣﯾث ﺗﻧﻣو
وﺗﺗرﺳ ّﺦ وﺗﺻﺑﺢ ﻣن اﻟﻣﻛو ّ ﻧﺎت اﻟﻔﺎﻋﻠﺔ ﻓﻲ ﺷﺧﺻﯾ ّﺔ اﻟﻔرد.
أﻣ ّﺎ وﻗد أﺻﺑﺢ اﻟﻔﺗﻰ ﻓﻲ ﺳن ّ اﻟﺳﺎﺑﻌﺔ ﻋﺷرة ،ﻓﮭو ﯾﻌﯾش ﻓﻲ ﺧﺿم ّ ﻣرﺣﻠﺔ اﻟﻣراھﻘﺔ،
ﺣﯾث ﯾﺗﻣﯾ ّز اﻟﻣراھﻘون ﺑﺎﻟﺗﺣر ّ ر ﻣن ﻗﯾود اﻟﻧظﺎم اﻷﺳري اﻟﺻﺎرم ،واﻟﺗﻣر ّ د ﻋﻠﻰ اﻟﺣﯾﺎة
اﻟروﺗﯾﻧﯾ ّﺔ ،وﻻ ﺳﯾ ّﻣﺎ ﺗﻠك اﻷﻣور اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻌﺎرض ﻣﻊ ﻣﺷﺎﻋرھم ورﻏﺑﺎﺗﮭم ..وﻟذﻟك ﯾﺗ ّﺳﻣون
–ﻏﺎﻟﺑﺎ ً -ﺑﺎﻟﻔوﺿﻰ وﻗﻠ ّﺔ اﻟﺗرﺗﯾب ،واﻷﻣﺛﻠﺔ ﻋﻠﻰ ذﻟك ﻛﺛﯾرة ..ﻣﻣ ّﺎ ﯾﺟﻌل اﻷﻣ ّﮭﺎت ﺗﺿﻘن
ذرﻋﺎ ً ﻣن ﺗﺻر ّ ﻓﺎت اﻷﺑﻧﺎء ،ﻓﯾﻧﻔذ ﺻﺑرھن ّ وﺗﻠﺟ ّﺄن إﻟﻰ اﻟﺗرﺗﯾب ﺑﺄﻧﻔﺳﮭن ّ ،ﻣر ّ ات..
وﻣر ّ ات!..
إن ّ رد ّات اﻟﻔﻌل اﻟﻌﺻﺑﯾ ّﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗ ّﺳم ﺑﺎﻟﺗﺷﻧ ّﺞ واﻟﺻراﻣﺔ ،ﻻ ﺗﺟدي ﻧﻔﻌﺎ ً ﻓﻲ ﺗﻌﺎﻣل
اﻟواﻟدﯾن ﻣﻊ اﻷﺑﻧﺎء ،ﻟﻣﻌﺎﻟﺟﺔ وﺿﻊ ﻛﮭذا .وﻟذﻟك ،ﯾﻧﺻﺢ اﻟﺗرﺑوﯾون ﺑﺄن ﺗﻛون اﻟﻣﻌﺎﻟﺟﺔ
ﺑﻣﻧﻊ اﻷﺑﻧﺎء ﻣن ﻣﻐﺎدرة اﻟﺑﯾت ﻗﺑل ﺗرﺗﯾب ﻏرﻓﮭم ،أو أن ﺗﺗرك ﻏ رف اﻟﻣراھﻘﯾن ﺑﻣﺎ ﻓﯾﮭﺎ
ﻣن أﻏراض وﻣﻼﺑس ،ﻛﻣﺎ ھﻲ وﻣن دون ﺗرﺗﯾب .ﻓﺈذا ارﺗدى أﺣدھم ﺛﯾﺎﺑﺎ ً ﻏﯾر ﻧظﯾﻔﺔ أو
ﻣﻛوﯾ ّﺔ ،ﯾﺳﺧر ﻣن رﻓﺎﻗﮫ ،ﻓﯾﺷﻌر ﺑﺎﻟﺧﺟل واﻹﺣراج ،وﯾﺑﺎدر ﻣن ﺗﻠﻘﺎء ذاﺗﮫ إﻟﻰ ﺗﺣﺳﯾن
أوﺿﺎﻋﮫ .وﻛذﻟك اﻟﺣﺎل ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠﻐرف اﻟﺗﻲ ﺗﺑﻘﻰ ﻣن دون ﺗرﺗﯾب ،واﻟﺗﻲ ﺗﺳﺑ ّب اﻹﺣراج
ﻟﻠﻣراھق ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﺄﺗﻲ رﻓﺎﻗﮫ ﻟزﯾﺎرﺗﮫ.
إن ّ ﺗﻛرار ھذه اﻟﻣواﻗف ،ﻣﻊ ﺗوﺟﯾﮫ اﻟواﻟدﯾن وﻣﺳﺎﻋدﺗﮭﻣﺎ ،ﻛﻔﯾﻠﺔ ﺑﺗﻌوﯾد اﻟطﻔل /اﻟﻔﺗﻰ
ﻋﻠﻰ اﻻھﺗﻣﺎم ﺑﺄﻏراﺿﮫ اﻟﺧﺎﺻﺔ ،وإدراﻛﮫ أن ّ اﻟﻧظﺎم واﻟﺗرﺗﯾب ﻋﻧﺻران أﺳﺎﺳﯾﺎن ﻓﻲ
ﺗﻘوﯾم ﺷﺧﺻﯾ ّﺔ اﻟﻔرد ،ﯾؤﻣ ّﻧﺎن ﻟﮫ اﻟﺟﻣﺎل واﻻرﺗﯾﺎح ،وﺗﻘﺑ ّل اﻵﺧرﯾن.
ﺟــواب:
إن ّ اﻻﻋﺗﻘﺎد اﻟﺳﺎﺋد ﺑﺄن ّ ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻷب اﻷﺳﺎﺳﯾ ّﺔ ﺗﻧﺣﺻر ﻓﻲ ﺗﺄﻣﯾن ﻣﺗطﻠ ّﺑﺎت اﻷﺳرة
اﻟﻣﺎدﯾ ّﺔ ﻓﺣﺳب ،ھو اﻋﺗﻘﺎد ﺧﺎطﻰء ،وﻻ ﺳﯾ ّﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻌﺻر اﻟﺣﺎﺿر ﺣﯾث أﺻﺑﺣت اﻟزوﺟﺔ
/اﻷم ﺗﺷﺎرك-ﻓﻲ ﻣﻌظم اﻷﺣﯾﺎن -ﻣﺷﺎرﻛﺔ ﻓﺎﻋﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﺣﯾﺎة اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﻟﻸﺳرة ،ﻣن ﺧﻼل
ﻋﻣﻠﮭﺎ اﻟوظﯾﻔﻲ أو اﻟﻣﮭﻧﻲ.
وﻟﻛن ،ﺣﺗﻰ وإن ﻛﺎن اﻷب ھو اﻟﻣﻌﯾل اﻟوﺣﯾد ﻟﻸﺳرة ،ﻓﮭذا ﻻ ﯾﻌﻔﯾﮫ اﻟﺑﺗ ّﺔ ﻣن
ﻣﺳؤوﻟﯾﺗﮫ اﻟﺗرﺑوﯾﺔ ﺗﺟﺎه أﺑﻧﺎﺋﮫ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎره )رب ّ اﻟﻣﻧزل( إﻟﻰ ﺟﺎﻧب اﻷم )رﺑ ّﺔ اﻟﻣﻧزل( ،ﻣﮭﻣﺎ
ﻛﺎﻧت ظروف ﻋﻣﻠﮫ وﻣﺗطﻠ ّﺑﺎت ھذا اﻟﻌﻣل ،داﺧل اﻟﻣﻧزل وﺧﺎرﺟﮫ.
ﯾﻘول اﻟﺗرﺑوﯾون" :إن ّ ﻏﯾﺎب اﻷب ﻋن اﻷﺳرة –وﻟﻔﺗرات طوﯾﻠﺔ -ﯾﺷﻛ ّل ﻋﻧد اﻷﺑﻧﺎء
ﻋﺎﻣﺔ وﻋﻧد اﻟﺻﻐﺎر ﻣﻧﮭم ﺧﺎﺻﺔ ،ﺟرﺣﺎ ً روﺣﯾ ّ ﺎ ً ﺑﻠﯾﻐﺎ ً "..وذﻟك ﺑﺳﺑب ﺣرﻣﺎن اﻷطﻔﺎل ﻣن
اﻻﺳﺗﻣﺗﺎع ﺑوﺟود اﻷب وﻣﺣﺑ ّﺗﮫ ،وﺗﺣﺎدﺛﮫ ﻣﻌﮭم واﻹﺟﺎﺑﺔ ﻋن ﺗﺳﺎؤﻻﺗﮭم ،وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ
ﻣﺷﺎرﻛﺗﮭم ﻓﻲ ﺣل ّ اﻟﻣﺷﻛﻼت اﻟ ﺗﻲ ﯾﻌﺎﻧون ﻣﻧﮭﺎ ،واﻟﺗﻲ ﻗد ﻻ ﺗﺳﺗطﯾﻊ اﻷم اﻟﺗﻌﺎﻣل ﻣﻌﮭﺎ،
وﻣﺎ ﯾﺗﺑﻊ ذﻟك ﻣن ﺗﺄﻣﯾن ﻣﺗطﻠ ّﺑﺎت اﻷطﻔﺎل اﻟﻧﻔﺳﯾ ّﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾ ّﺔ اﻟﺗﻲ ﺗؤھ ّﻠﮭم ﻟﻠﺗﻛﯾ ّف
واﻟﺗﻔﺎﻋل داﺧل اﻷﺳرة وﺧﺎرﺟﮭﺎ ،واﻟﺗﻲ ﻗد ﺗﻔوق ﻓﻲ أھﻣﯾ ّﺗﮭﺎ اﻟﻣﺗطﻠ ّﺑﺎت اﻟﺟﺳدﯾﺔ
واﻟﺗرﻓﯾﮭﯾ ّﺔ.
وﯾﺿﯾف اﻟﺗرﺑوﯾون :إن ّ ﺳﻠطﺔ اﻷ ب ،أي ھﯾﺑﺗﮫ ،وﻟﯾس )ﺗﺳﻠ ّطﮫ( ﺑﺎﻟﺗواﻓق ﻣﻊ ﺳﻠطﺔ
اﻷم ،ﺗﺷﻛ ّل ﻗو ّ ة ﻋظﯾﻣﺔ وأﺻﯾﻠﺔ ﻓﻲ ﺗرﺑﯾﺔ اﻷﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ أﺳس ﺳﻠﯾﻣﺔ ،ﻧﻔﺳﯾ ّﺔ أﺧﻼﻗﯾﺔ
واﺟﺗﻣﺎﻋﯾ ّﺔ.وﻟﻛن ّ اﻟﻣﺷﻛﻠﺔ ھﻲ أن ّ ﻛﺛﯾرا ً ﻣن اﻵﺑﺎء ﻻ ﯾدرﻛون ھذا اﻟﺗﺄﺛﯾر اﻷﺑوي اﻟﻘوي،
ﻓﻲ ﻧﻔوس اﻷﺑﻧﺎء ،ﻓﯾﮭﻣﻠوﻧﮫ ﺑﻘﺻد أو ﻣن دون ﻗﺻد ،وﯾ ﺣﺻرون ﺟل ّ اھﺗﻣﺎﻣﺎﺗﮭم – ﻓﻲ
زﺣﻣﺔ اﻷﻋﻣﺎل –ﻓﻲ ﺗﺄﻣﯾن ﻣﺗطﻠ ّﺑﺎت اﻟﺣﯾﺎة اﻟﻣﺎدﯾﺔ ،وﻗد ﻻ ﯾﺗذﻛ ّرون اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻌﺎطﻔﯾﺔ
/اﻟوﺟداﻧﯾ ّﺔ إﻻ ّ ﻗﻠﯾﻼ ً ،ورﺑ ّﻣﺎ ﺑﻌد ﻓوات اﻷوان.
-٢١اﻟﻌﻘـﺎب اﻟﺟﺳدي
ﺳــؤال:
" ﯾﻘول اﻟﺗرﺑوﯾون:إن ّ اﻟﻌﻘﺎب اﻟﺟﺳدي ﻻ ﯾﺟدب ﻧﻔﻌﺎ ً ﻓﻲ اﻟﺗرﺑﯾﺔ ..وﻟﻛ ّن اﻟواﻗﻊ ﯾﺛﺑت
إن ّ ﺑﻌض اﻷطﻔﺎل ﻻ ﯾﺳﺗﺟﯾﺑون إﻻ ّ ﻣن ﺧﻼل اﻟﻌﻘوﺑﺔ /اﻟﺿرب ..ﻓﺈﻟﻰ أي ﻣدى ﯾ ُﻘﺑل
ذﻟك..؟"
ﺟــواب:
ﻟﯾس ﺛﻣ ّﺔ ﺷك ّ ﻓﻲ أن ّ اﻵﺑﺎء واﻷﻣ ّﮭﺎت ﺟﻣﯾﻌﮭم –وﺑﻼ اﺳﺗﺛﻧﺎء -ﯾﺣﺑ ّون أﺑﻧﺎءھم وﯾﻌﻣﻠون
ﻣﺎ ﻓﻲ وﺳﻌﮭم ﻟﺗوزﯾﻊ ﺣﺑ ّﮭم ﻋﻠﻰ اﻷﺑﻧﺎء ﺑﺎﻟﻌدل واﻟﺗﺳﺎوي ،وإن ﻛﺎﻧت ﺛﻣ ّﺔ ﺣﺎﻻت
اﺳﺗﺛﻧﺎﺋﯾﺔ ﻧﺎدرة ﺟد ّا ً .وﻟﻛن ﯾﻼﺣظ –أﺣﯾﺎﻧﺎ ً -أﻧ ّﮫ ﻋﻠﻰ اﻟر ﻏم ﻣن اﻟﺟﮭود اﻟﺗﻲ ﯾﺑذﻟﮭﺎ
اﻟواﻟدان ﻓﻲ ھذا اﻟﻣﺟﺎل ،ﻓﺈﻧ ّﮫ ﯾﺳﺗﺣﯾل أن ﯾﺷﻌر أﺣدھﻣﺎ ﺑﺷﻌور واﺣد ﺗﺟﺎه اﻷﺑﻧﺎء
ﺟــواب:
ﻣن اﻟﻣﻌروفأن ّ ﻟﻠطﻔل –ﻓﻲ ﺳﻧوات ﻋﻣره اﻷوﻟﻰ – ﺣﺎﺟﺎت ﺟﺳﻣﯾ ّﺔ وﻧﻔﺳﯾ ّﺔ ھﺎﻣﺔ ،ﻻ
ﯾﺳﺗطﯾﻊ أﺣد ﺗﻠﺑﯾﺗﮭﺎ إﻻ ّ اﻷم ،وإن ﻛﺎن ﻟﻸب دور ﻣﺣدود ﻓﻲ ذﻟك ،وﻏﯾر ﻣﺑﺎﺷر .ﻓﻘد أﻛ ّدت
أھﻣﯾ ّﺔ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯾن اﻟطﻔل وأﻣ ّﮫ ،ﻓﻲ ھذه ﺑﺣوث ﻋدﯾدة ) ﺗرﺑوﯾﺔ وﻧﻔﺳﯾ ّﺔ واﺟﺗﻣﺎﻋﯾ ّﺔ(
اﻟﻣرﺣﻠﺔ ﻣن أﺟل ﺿﻣﺎن ﻧﻣو ّ ه اﻟﺳﻠﯾ م ،وﻻ ﺳﯾ ّﻣﺎ ﻣن اﻟﺟواﻧب اﻟﺟﺳدﯾ ّﺔ واﻟﻌﻘﻠﯾﺔ واﻟﻧﻔﺳﯾ ّﺔ،
ﺣﯾث ﯾرﺗﺑط اﻟطﻔل ﻣﻊ أﻣ ّﮫ ﺑﻌﻼﻗﺔ ﻋﺿوﯾﺔ/ﻧﻔﺳﯾ ّﺔ ،ﻣﺑﻧﯾ ّﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻌطف واﻟﺣب ّ واﻷﻣﺎن.
ﻟﻛن ّ ھذه اﻟﻌﻼﻗﺔ ،ﻓﯾﻣﺎ ﻟو اﺳﺗﻣر ّ ت ﻟﺳﻧوات أﺧرى -ﻓﺈﻧ ّﮭﺎ ﺳﺗﺻﺑﺢ ﻣﺷﻛﻠﺔ ﻧﻔﺳﯾﺔ
واﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﻣﻌﺎ ً ،ﺣﯾث ﯾﻛون ﻓطﺎم )إﺑﻌﺎد( اﻟطﻔل ﻋن أﻣ ّﮫ ﻣن اﻟوﺟﮭﺔ اﻟﻧﻔﺳﯾ ّﺔ ،أﺻﻌب ﻣن
اﻟﻔطﺎم ﻋن اﻟﺣﻠﯾب ﻣن اﻟوﺟﮭﺔ اﻟﻔﯾزﯾوﻟوﺟﯾ ّﺔ ..وﻗد ﯾﻧﺗﺞ ﻋن ھذا اﻟﻔطﺎم اﻟﻧﻔﺳﻲ ،ﺗﺄﺛﯾرات
ﺳﻠﺑﯾﺔ ﺗﻧﻌﻛس ﻓﻲ ﺗﺻر ّ ﻓﺎت اﻟطﻔل ،ﻗد ﻻ ﯾﺗﺧﻠ ّص ﻣﻧﮭﺎ إﻻ ّ ﺑﻌد ﺣﯾن.
وﻓﻲ اﻟﻣﻘﺎﺑل ،ﻗد ﺗﻛون اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﺣﻣﯾﻣﺔ ﺑﯾن اﻟطﻔل وأﻣ ّﮫ ،ﻣﻔﻘودة ﻟﺳﺑب ﻣن اﻷﺳﺑﺎب
أد ّى إﻟﻰ اﺑﺗﻌﺎدھﺎ ﻋﻧﮫ .ﻓﺈذا ﻟم ﯾﺗواﻓر ﻟﻠطﻔل ﻓﻲ ھذه اﻟﺣﺎل -ﺑﻧﺎء ﻋﻼﻗﺔ ﺑدﯾﻠﺔ ﻣﻊ ﺷﺧص
آﺧر ﯾﻣﻛن أن ﯾﺣل ّ ﻣﺣل ّ أﻣ ّﮫ ،ﻓﻘد ﯾﻧﺗﺞ ﻋن ھذا اﻟﻔﻘدان أﯾﺿﺎ ً ،ﺗﺄﺛﯾرات ﺳﻠﺑﯾﺔ ﻓﻲ ﻧﻣو ّ ه
ﺟــواب:
إن ّ ظﺎھرة )ﻣص ّ اﻷﺻﺎﺑﻊ( ﻣﻧﺗﺷرة ﻋﻠﻰ ﻧطﺎق واﺳﻊ ،ﻋﻧد اﻟﻛﺛﯾرﯾن ﻣن اﻷطﻔﺎل اﻟذﯾن
ﻟم ﯾﺑﻠﻐوا اﻟﺳن ّ اﻟﺧﺎﻣﺳﺔ ﺑﻌد ،ورﺑ ّﻣﺎ اﻟﺳﺎدﺳﺔ .وﻗد أﺛﺑﺗت دراﺳﺎت ﻧﻔﺳﯾ ّﺔ ﻋﻠﻰ ﻋﯾﻧﺎت
ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻣن اﻷطﻔﺎل اﻟذﯾن ﯾﻣﺎرﺳن ھذه اﻟﻌﻣﻠﯾ ّﺔ ،أن ّ ﻋﻣﻠﯾ ّﺔ اﻟﻣص ّ ھذه ،ﺗﻌطﻲ اﻟطﻔل
ﺑﺎﻟراﺣﺔ واﻟﺷﺑﻊ واﻻﺳﺗرﺧﺎء ،ﺣﺗﻰ ﺗﺻل ﻋﻧد ﺑﻌض ﺷﻌورا ً داﺧﻠﯾ ّﺎ ً وھﻣﯾ ّﺎ ً )ﻣزﯾ ّﻔﺎ ً (
اﻷطﻔﺎل إﻟﻰ ﺣد ّ ﻏﺎدة اﻹدﻣﺎن ..ﺣﯾث ﯾﻘوﻣون ﺑﻣﻣﺎرﺳﺗﮭﺎ ﻋﻧد ﺷﻌورھم ﺑﺎﻟﺧوف أو
اﻟﺟوع أو اﻟﻧﻌﺎس ..أو طﻠﺑﺎ ً ﻟﻠﻣﺗﻌﺔ واﻟﺗﺳﻠﯾﺔ واﻻﺳﺗﻣﺗﺎع ..وھﻧﺎ ﺗﺻﺑﺢ ﻋﻣﻠﯾﺔ ﻣص ّ
اﻷﺻﺎﺑﻊ ﻣﺷﻛﻠ ّﺔ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠطﻔل واﻷﺳرة ،ﺗﺳﺗوﺟب إﯾﺟﺎد اﻟﺣل ّ اﻟﺳرﯾﻊ ﻟﺗﺧﻠﯾص اﻟطﻔل
ﻣﻧﮭﺎ ،وﺗﻼﻓﻲ ﺗﺄﺛﯾراﺗﮭﺎ اﻟﺳﻠﺑﯾﺔ ،اﻟﺻﺣﯾ ّﺔ واﻟﻧﻔﺳﯾ ّﺔ.
وﻣﮭﻣﺎ ﯾﻛن اﻟداﻓﻊ ﻋﻧد اﻟطﻔل ﻟﻣص ّ أﺻﺎﺑﻌﮫ ،ﻓﺈن ّ ﻣﻣﺎرﺳﺔ ھذه اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ ﺑﺻورة ﻣﺳﺗﻣر ّ ة
–وﻟﺳﻧوات ﻋد ّة-ﺗؤد ّي إﻟﻰ ﺻﻌوﺑﺎت ﻓﻲ ﻋﻣﻠﯾ ّﺎت اﻟﻣﺿﻎ واﻟﺗﻧﻔ ّس ،ﻛﻣﺎ ﺗؤد ّي إﻟﻰ ﺗﺷو ّ ه
اﻷﺳﻧﺎن وﺑروزھﺎ إ ﻟﻰ اﻟﺧﺎرج أو اﻟﺗواﺋﮭﺎ إﻟﻰ اﻟداﺧل ،ﻣﻣ ّﺎ ﯾﻧﺗﺞ ﻋﻧﮫ أﯾﺿﺎ ً ﺗﺷو ّ ه ﻓﻲ
إطﺑﺎق اﻟﻔم ّ واﻟﻔﻛ ّﯾن ..ﯾﺿﺎف إﻟﻰ ذﻟك ﺟﻣﻠﺔ ﻣن اﻵﺛﺎر اﻟﻧﻔﺳﯾ ّﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﺟﻠ ّﻰ ﻓﻲ اﻧﻘطﺎع
اﻟطﻔل اﻟذي ﯾﻣﺎرس ھذه اﻟﻌﺎدة ،ﻋن اﻟﻌﺎﻟم اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ /اﻟﺧﺎرﺟﻲ اﻟﻣﺣﯾط ﺑﮫ ،وﺷروده
واﻧﮭﻣﺎﻛﮫ ﺑذاﺗﮫ ،ﻓﯾﺳﺧر ﻣﻧﮫ رﻓﺎﻗﮫ إذاﻣﺎ اﺳﺗﻣر ّ ﻓﻲ ﻣﻣﺎرﺳﺔ ھذه اﻟﻌﺎدة ﻟﺳﻧوات ﻣﺗﻘد ّﻣﺔ.
وﻟذﻟك ﺗﻧﺻﺢ اﻷم اﻟﺗﻲ ﺗﻼﺣظ ھذه اﻟظﺎھرة ﻋﻧد طﻔﻠﮭﺎ ،ﻓﻲ وﻗت ﻣﺑﻛر ،ﺑﺄن ﺗﻌﻣد إﻟﻰ
ﺗﻌوﯾد اﻟطﻔل ﻋﻠﻰ اﺳﺗﺧدام اﻟﻣﺻ ّﺎﺻﺔ اﻟﻛﺎذﺑﺔ )اﻟﻠﮭ ّﺎﯾﺔ( ،وﺣﺗﻰ اﻟﺳﻧﺔ اﻟﺛﺎﻟﺛﺔ ﻛﺣد ّ أﻗﺻﻰ،
ﻣﻊ إﺷﻌﺎره ﺑﺎﻟﺣب واﻷﻣن ﻣن ﺧﻼل اﻟﺗﻘر ّ ب إﻟﯾﮫ و ﻣداﻋﺑﺗﮫ ،وﻣﻛﺎﻓﺄﺗﮫ ﻋﻠﻰ ﻛل ّ ﺳﻠوك
ﻣرﻏوب ﯾﻘوم ﺑﮫ ،ﺑدﻻ ً ﻣن ﻣص ّ اﻷﺻﺎﺑﻊ أو اﻟﻠﮭﺎﯾﺔ ..وھﻛذا إﻟﻰ أن ﯾﺗﺧﻠ ّص ﻣن اﻟﻌﻣﻠﯾﺗﯾن
ﺟــواب:
إن ّ ﻣن اﻷﺧطﺎء اﻟﻛﺑﯾرة اﻟﺗﻲ ﯾرﺗﻛﺑﮭﺎ اﻟواﻟدان ،ﻣن دون أن ﯾﻧﺗﺑﮭﺎ إﻟﻰ ﺗﺄﺛﯾراھﺎ اﻟﺳﻠﺑﯾﺔ
اﻟﻣﺑﺎﺷرة ﻓﻲ ﻧﻔوس اﻷطﻔﺎل ،ھﻲ ﺗﻠك اﻟﻣﻧﺎﻗﺷﺔ اﻟﺣﺎدة اﻟﺗﻲ ﺗﺟري ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ ،وأﻣﺎم اﻷطﻔﺎل
وﻻ ﺳﯾ ّﻣﺎ اﻟﺻﻐﺎر ﻣﻧﮭم ،إذا ﻣﺎ ا ﺧﺗﻠﻔﺎ ﻋﻠﻰ أﻣر ﻣن اﻷﻣور .وﯾﻌﺗﻘد اﻟواﻟدان أن ّ ھؤﻻء
اﻟﺻﻐﺎر ﻻ ﯾدرﻛون أﺑﻌﺎد ﻣﺎ ﯾﺣدث أﻣﺎﻣﮭم ،وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻻ ﯾﺗﺄﺛرون ﺑﮫ ..وﻟﻛن ّ اﻟواﻗﻊ ﯾﺛﺑت
ﻏﯾر ذﻟك.
ﻻ ﺷك ّ أن اﻟطﻔل اﻟذي ﯾﺷﮭد –وھو ﻓﻲ ﺳﻧﯾ ّﮫ اﻷوﻟﻰ – ﻧﻘﺎﺷﺎت ﺣﺎد ّة أو ﺧﻼﻓﺎت ﻛﺛﯾرة
ﺑﯾن واﻟدﯾﮫ ﺣول أﻣر ﻣن اﻷﻣور اﻟﻣ ﺧﺗﻠﻔﺔ ،ﺳﯾﺧﺗزن ﺻور ھذه اﻟﻣﺷﺎھد ﻓﻲ ذھﻧﮫ،
وﺳﺗﺑﻘﻰ ﻣﻌﮫ إﻟﻰ ﺳﻧوات ﻣﺗﻘد ّﻣﺔ ﻓﻲ ﺣﯾﺎﺗﮫ ،وﻻ ﺳﯾ ّﻣﺎ إذا ﻣﺎ ﺗﻌز ّ زت ﺑﻣﻣﺎرﺳﺎت ﻓﻲ
ﻓﺗرات ﻣﺗﻘﺎرﺑﺔ .وﻟذﻟك ،ﻓﺈﻧ ّﮫ ﻟﯾس ﻣن اﻟﻣﺳﺗﻐرب أن ﯾﺷﻌر اﻟطﻔل ﺑﺎﻟﻘﻠق واﻟﺣﯾرة ،وﯾذھب
إﻟﻰ أﻣ ّﮫ ﻣﺗﺳﺎﺋﻼ ً ﻟﻛﻲ ﯾﺣﺻل ﻋﻠﻰ اﻟﺟواب اﻟذي ﯾﺧرﺟﮫ ﻣن ﻣﻌﺎﻧﺎﺗﮫ.
ﻓﻛﺛﯾرون ھم اﻷطﻔﺎل اﻟﺻﻐﺎر اﻟذﯾن ﯾﻣﻠؤھم ﺷﻌور اﻟﺧوف واﻟﻘﻠق ،ﻣن ﻣﺟر ّ د ﺳﻣﺎع
اﻷب واﻷم وھﻣﺎ ﯾﺗﺟﺎدﻻن أو ﯾﺗﻧﺎﻗﺷﺎن ﺑﺻوت ﻋﺎل ٍ ..وﺗﻧﺗﺎﺑﮭم ﺣﺎﻟﺔ ﻣن ﻓﻘدان اﻷﻣن
واﻻطﻣﺋﻧﺎن ﻓﻲ اﻷﺳرة ،ﺗﺻل ﺑﮭم إﻟﻰ ﺣد ّ اﻟﺷرود اﻟذھﻧﻲ وﻋدم اﻟﺗﻛﯾ ّف اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ،
واﻟﻔﺷل اﻟدراﺳﻲ.
ﻧﺻﺢ اﻟواﻟدان ﺑﺎﻻﺑﺗﻌﺎد ﻋن اﻟﻠﮭﺟﺔ اﻟﻌﻧﯾﻔﺔ ﻓﻲ أﺛﻧﺎء ﻣﻧﺎﻗﺷﺗﮭﻣﺎ أﻣﺎم وﻟذﻟك ﯾ
اﻷطﻔﺎل،ﻷي أﻣر ﻣن اﻷﻣور اﻟﺧﺎﺻﺔ أو اﻟﻌﺎﻣﺔ ،وأن ﯾظﮭرا ﻗدرا ً ﻛﺑﯾرا ً ﻣن اﻻﺣﺗرام ﻓﯾﻣﺎ
ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ ،ﻟﺗﻼﻓﻲ اﻟﺗﺄﺛﯾرات اﻟﺳﻠﺑﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻗد ﺗﺣدث ﻟﻸطﻔﺎل .وإذا ﻛﺎن ﻻ ﺑد ّ ﻣن ھذه اﻟﻣﻧﺎﻗﺷﺔ،
ﻓﻠﺗﻛن ﺑﻌﯾدة ﻋن اﻷطﻔﺎل.وإذا ﻛﺎن ﻣن ﺣق ّ اﻟطﻔل أن ﯾﺳﺄل أﻣ ّﮫ :ﻟﻣﺎذا ﺗﻌﯾﺷﺎن ﻣﻌﺎ ً؟ وھو
ﻷن ّ ﻛل ّ ﻣﻧ ّﺎ ﯾﺣب ّ
ﯾﺗﺻو ّ ر اﻟﻣﻌﺎﻣﻠﺔ ﻣﺗﻧﺎﻗﺿﺔ ﺑﯾن واﻟدﯾﮫ..ﻓﯾﺟب أن ﯾﻛون اﻟﺟواب داﺋﻣﺎ ً " :
اﻵﺧر ..وأن ّ أي ﻧﻘﺎش ﺑﯾﻧﻧﺎ وإن اﺧﺗﻠﻔﻧﺎ -ﻻ ﯾﻘﻠ ّل ﻣن أھﻣﯾ ّﺔ ھذا اﻟﺣب ّ أو ﯾﺿﻌف ﻣن
ﻗو ّ ﺗﮫ"..
ﺟــواب:
ﯾﺑدو أن ّ ھذه اﻟطﻔﻠﺔ وﺻﻠت إﻟﻰ ھذا اﻟﺳﻠوك واﻋﺗﺎدت ﻋﻠﯾﮫ ،دون أن ﺗﻠﻘﻰ رادﻋﺎ ً ﻣن
واﻟدﯾﮭﺎ ،ﯾوﻗﻔﮭﺎ ﻋﻧد ﺣد ّ ﻣﻌﯾ ّن .وﻟذﻟك ﻟم ﺗﻛﺗﺳب ﻣﺎ ﯾﺳﻣ ّﻰ ) ﺑﺂداب اﻟﺣدﯾث( ،اﻟذي ﯾؤھ ّﻠ ﮭﺎ
ﻟﻛﯾﻔﯾ ّﺔ اﻻﺳﺗﻣﺎع ﻟﺣدﯾث اﻵﺧرﯾن ،واﻟﻣﺷﺎرﻛﺔ ﻓﯾﮫ ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﻛون اﻟﻔرﺻﺔ ﻣﻧﺎﺳﺑﺔ.
أﻣ ّﺎ ﻛﯾﻔﯾ ّﺔ اﻟﺣل ّ وﻗد وﺻﻠت اﻟطﻔﻠﺔ إﻟﻰ ھذه اﻟﻣرﺣﻠﺔ ،ﻓﺗﺗرﻛ ّز ﺣول إﻗﻧﺎع اﻟطﻔﻠﺔ
ﺟــواب:
ﻗد ﯾﺑدو ﻟﻠوھﻠﺔ اﻷوﻟﻰ ،أن ّ ﺛﻣ ّﺔ ﺳر ّ ﻣﺎ ﻓﻲ ﻣوﻗف اﻟطﻔل ،ﯾﻛﻣن ﻓﻲ ﺗﻌﺎﻣل اﻟواﻟدﯾن ﻣﻌﮫ
وﻧظرﺗﮭﻣﺎ إﻟﯾﮫ ..وﻟذﻟك ،ﻓﺈن ّ ﻣﻌﺎﻟﺟﺔ وﺿﻊ اﻟطﻔ ل ،ﺗﻘﻊ ﻋﻠﻰ اﻟواﻟدﯾن ،وﻻ ﺳﯾ ّﻣﺎ اﻷم
ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرھﺎ اﻷﻛﺛر ﻗرﺑﺎ ً ﻣﻧﮫ ،واﻷﺷد ّ ﺗﺄﺛﯾرا ً ﻓﻲ إﻛﺳﺎﺑﮫ أي ّ ﺳﻠوك.
ﺑﺎﻟدرﺟﺔ اﻷوﻟﻰ.
ﻓﺈذا طﻠب اﻟطﻔل ﺷﯾﺋﺎ ً ﻣﺎ ﯾرﻏب ﻓﻲ اﻟﺣﺻول ﻋﻠﯾﮫ ،ﺗﺣﺎول اﻷم أن ﺗﺗﺟﺎھﻠﮫ ﻟﻔﺗرة
ﻣﻌﯾ ّﻧﺔ.وإذا ﻣﺎ ﻛر ّ ر اﻟطﻔل طﻠﺑﮫ ،ﺗﻘول ﻟﮫ اﻷم ﺑﮭدوء وﺑﻠﮭﺟﺔ ﺗﺗ ّﺳ م ﺑﺎﻻرﺗﯾﺎح واﻹﺻرار
ﻣﻌﺎ ً :إﻧ"ّﻧﻲ أﻗد ّ ر طﻠﺑك ﯾﺎ ﺑﻧﻲ ّ ،وأﻧﺎ ﻣﺳﺗﻌد ّ ة ﻟﺗﻠﺑﯾﺗﮫ ﻓﯾﻣﺎ إذا ﻗﻠت ﻟﻲ :ﻣن ﻓﺿﻠك أرﯾد...
" وھﻛذا ،وﻣن ﺧﻼل إﺻرار اﻟواﻟدﯾن ﻋﻠﻰ أن ﯾﻘول اﻟطﻔل ﻋﺑﺎرة ) ﻣن ﻓﺿﻠك( ﻗﺑل أن
ﯾﻠﺑ ّﻰ طﻠﺑﮫ ،وﻣن ﺛم ّ ﻋﺑﺎرة )ﺷﻛرا ً ﻟك( ﺑﻌد اﻻﺳﺗﺟﺎﺑﺔ ﻟطﻠﺑﮫ ،ﻓﺈﻧ ّﮫ ﺳﯾﻛﺗﺳب ھذا اﻟﺳﻠوك
اﻟﻣﮭذ ّ ب وﯾﺻﺑﺢ ﺑﺎﻟﺗدرﯾﺞ ،ﻋﺎدة ﺣﺳﻧﺔ وأﺻﯾﻠﺔ ﻋﻧده.
وﻟﻛن إذا وﺟدت اﻷم – ﻓﻲ اﻟﺑداﯾﺔ -أن ﻋﻣﻠﯾﺔ وﺻول اﻟطﻔل إﻟﻰ ﻗول ﻋﺑﺎرة " :ﻣن
ﻓﺿﻠك ..أو ﺷﻛرا ً ﻟك "ﺳﺗﺗﺣو ّ ل ﺑﮭﺎ إﻟﻰ ﻣواﺟﮭﺔ )ﺻراع( ﻣﻌﮫ ،ﻓﻣﺎ ﻋﻠﯾﮭﺎ إﻻ ّ أن ﺗﺗﺧﻠ ّﻰ
ﺟــواب:
اﻟﻔروﻗﺎت اﻟﻔردﯾ ّﺔ ﺑﯾن اﻟﻧﺎس ﻣوﺟودة ،ﺣﻘﯾﻘﺔ ﻻ ﯾﻣﻛن ﺗﺟﺎھﻠﮭﺎ ،ﺣﺗﻰ ﺑﯾن اﻷﺧوة ﻓﻲ
اﻷﺳرة اﻟواﺣدة .وأﻛﺛر ﻣﺎ ﺗﺗﺟﻠ ّﻰ ھذه اﻟﻔروﻗﺎت ﻓﻲ اﻻﺳﺗﻌدادات اﻟﺗ ﻌﻠﯾﻣﯾﺔ واﻟﻘﺎﺑﻠﯾﺎت
اﻟﻌﻣﻠﯾ ّﺔ ،وﻓﻲ ﺑﻌض ﺟواﻧب اﻟﻘدرات اﻻﻧﻔﻌﺎﻟﯾﺔ .وﻗد أﺷﺎرت ﻣﻌظم اﻟدراﺳﺎت اﻟﺗرﺑوﯾﺔ
واﻟﻧﻔﺳﯾ ّﺔ إﻟﻰ أھﻣﯾ ّﺔ ھذه اﻟﻔروﻗﺎت ﻓﻲ اﻟﺗﻛون اﻟﻌﺎم ﻟﺷﺧﺻ ّﯾﺔ اﻟﻔرد ،وﺗﺣدﯾد ﻧﻣط ﺣﯾﺎﺗﮫ.
وھذا ﻣﺎ ﯾوﺟب ﻋﻠﻰ اﻟواﻟدﯾن واﻟﻣرﺑ ّﯾن أﺧذه ﻓﻲ اﻟﺣﺳﺑﺎن ﻓﻲ أﺛﻧﺎء اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗرﺑوﯾﺔ ،ﻟﻛﻲ
ﺗﻌطﻲ اﻟﺗرﺑﯾﺔ ﻧﺗﺎﺋﺟﮭﺎ اﻟﻔﻌ ّﺎﻟﺔ ﻟدى ﻛل ّ طﻔل /ﻓرد.
إن ّ اﻻﺧﺗﻼف ﺑﯾن اﻷطﻔﺎل /اﻷﺑﻧﺎء ﻓﻲ اﻷﺳرة اﻟواﺣدة ،أو ﻣﺎ اﺻطﻠﺢ ﻋﻠﻰ ﺗﺳﻣﯾﺗﮫ
ﻣن ﺣﯾث اﻟذﻛﺎء أو اﻟطﺑﻊ أو اﻟﻘدرات اﻟﻌﻘﻠﯾﺔ ﻧﻔﺳﯾﺎ ً وﺗرﺑوﯾﺎ ً ) اﻟﻔروق اﻟﻔردﯾ ّﺔ(،
واﻟﻣﮭﺎرات اﻟﺣرﻛﯾ ّﺔ ،ﯾﺟﻊ ﻓﻲ ﺑﻌض ﺟواﻧﺑﮫ اﻷﺳﺎ ﺳﯾ ّﺔ إﻟﻰ ﺗرﻛﯾب اﻟﺑﻧﯾﺔ اﻟوراﺛﯾ ّﺔ ﻟﻛل ّ
ﻣﻧﮭم ،واﻟﺗﻲ ﺗﺷﻛ ّﻠت ﻣن ﺗﻔﺎﻋل اﻟﻣور ّ ﺛﺎت اﻟواﻟدﯾﺔ )اﻷب واﻷم( ،ﻣﻊ ظروف اﻟﺣﯾﺎة
اﻟﺟﻧﯾﻧﯾ ّﺔ اﻟﺗﻲ ﻋﺎﺷﮭﺎ ﻛل ّ ﻣﻧﮭم ﻓﻲ أﺛﺛﺎء ﻗﺗرة اﻟﺣﻣل ،ﺑﻣﺎ ﻓﻲ ذﻟك ﺣﺎﻟﺔ اﻷم اﻟﺟﺳدﯾﺔ
واﻻﻧﻔﻌﺎﻟﯾﺔ..
وﺗﺄﺗﻲ اﻟﺑﯾﺋﺔ اﻷﺳرﯾﺔ /اﻟﺗرﺑوﯾﺔ ﺑﻌد اﻟوﻻدة ،ﻟﺗﻔﻌ ّل ھذه اﻟﻣور ّ ﺛﺎت ) اﻻﺳﺗﻌدادات
واﻟﻘدرات( ،ﻣن ﺧﻼل اﻟﻣؤﺛ ّرات اﻟﺗرﺑوﯾﺔ اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ،داﺧل اﻷﺳرة وﺧﺎرﺟﮭﺎ ..ﻓﺈﻣ ّﺎ أن
ﺗﺣﺳ ّن ﻓﯾﮭﺎ ﻓﺗﺻﻘﻠﮭﺎ وﺗﮭذ ّ ﺑﮭﺎ وإﻣ ّﺎ أن ﺗﺳﻲء إﻟﯾﮭﺎ ﻓﺗﺧﻣدھﺎ أو ﺗﺿﻌﻔﮭﺎ .وﻟﻛن ّ اﻟﺑﯾﺋﺔ
اﻟﺗرﺑوﯾﺔ –ﻣﮭﻣﺎ ﯾﻛن اﻟﺣﺎل -ﻻ ﺗﺳﺗطﯾﻊ أن ﺗﻠﻐﻲ ھذه اﻟﻣور ّ ﺛﺎت أو ﺗﺳﺗﺑدﻟﮭﺎ.
ﻓﺎﻟﺗرﺑﯾﺔ اﻷﺳرﯾﺔ اﻟﺳﻠﯾﻣﺔ ،ﺗﺳﺗطﯾﻊ ﺑﻣؤﺛ ّراﺗﮭﺎ وأﺳﺎﻟﯾب ﺗﻌﺎﻣﻠﮭﺎ ﻣﻊ اﻷطﻔﺎل /اﻷﺑﻧﺎء،
أن ﺗﺿﯾ ّق ﻓﯾﻣﺎ ﺑﯾن ھذه اﻟﻔروﻗﺎت ،وﺗﻘر ّ ب ﻣﺎ ﺑﯾن اﻟﺳﻠوﻛﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻋﻧد اﻷﺑﻧﺎء ..وھﻧﺎ
ﺟــواب:
ﺗﻌد ّ ﺻﻔﺔ اﻻﻋﺗﻣﺎد ﻋﻠﻰ اﻟذات ،ﻣن اﻟﻘﯾم اﻟﻧﻔﺳﯾ ّﺔ /اﻟذاﺗﯾﺔ اﻟﻣﻛﺗﺳﺑﺔ ،اﻷﺳﺎﺳﯾ ّﺔ
واﻟﺿرورﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻘوم ﺑدور ﻛﺑﯾر ﻓﻲ ﻋﻣﻠ ﯾ ّﺔ ﺗﻛﯾ ّف اﻹﻧﺳﺎن /اﻟﺷﺧص ،ﻛﺑﯾرا ً ﻛﺎن أو
ﺻﻐﯾرا ً ،ﻣﻊ ذاﺗﮫ أوﻻ ً وﻣﻊ اﻟﻧﺎس اﻵﺧرﯾن ﺛﺎﻧﯾﺎ ً .وﻟذﻟك ،ﻓﺈن ّ ﻣن اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺎت اﻟﺗرﺑوﯾﺔ
ﻟﻸﺳرة ،أن ﺗﻘوم ﺑﺗﻌوﯾد اﻷﺑﻧﺎء اﻻﻋﺗﻣﺎد ﻋﻠﻰ ذواﺗﮭم ﻣﻧذ اﻟﺻﻐر ،ﺳواء ﻣن ﺧﻼل
إﻋﻣﺎﻟﮭم اﻟﺧﺎﺻﺔ ،أو ﻣن ﺧﻼل أﻋﻣﺎل ﯾﻛﻠ ّﻔون ﺑﮭﺎ داﺧل اﻟﺑﯾت أ و ﺧﺎرﺟﮫ ،ﻣﻊ ﺗﻌزﯾزھم
ﻋﻠﻰ أي ﻋﻣل ﯾﻧﺟزوﻧﮫ.
ﻓﺎﻟطﻔل)اﻟطﻔﻠﺔ( اﻟذي ﯾﻌﺗﺎد ﻋﻠﻰ أن ﻻ ﯾﻘوم ﺑﺄي ﻋﻣل إﻻ ّ ﺑﻣﺳﺎﻋدة واﻟدﯾﮫ ،وﻻ ﺳﯾ ّﻣﺎ
إذا ﻛﺎن ﻟﮫ ﺗرﺗﯾب ﺧﺎص ﺑﯾن أﺧوﺗﮫ – اﻟذﻛر اﻟوﺣﯾد أو اﻟطﻔل اﻟﺻﻐﯾر – أو ﻛﺎن ﻟﮫ
وﺿﻊ ﻧﻔﺳﻲ أو ﺻﺣﻲ ّ ﻣﻣﯾ ّز ،ﺳﯾﺻل –ﺑﻼ أدﻧﻰ ﺷك ّ –إﻟﻰ ﺣﺎﻟﺔ ﻣن اﻟ ﺗواﻛل اﻟﺗﺎم ،وﻋدم
اﻟﻘدرة ﻋﻠﻰ إﻧﺟﺎز أي ﻋﻣل ﻣن دون ﻣﺳﺎﻋدة اﻵﺧرﯾن .وﻓﻲ ذﻟك ﺧطﺄ ﺗرﺑوي ﯾرﺗﻛﺑﮫ
اﻟواﻟدان ﺑﺣق ّ اﻟطﻔل ،وﻣن اﻟﺿروري أن ﯾﻌﻣﻼ ﻋﻠﻰ إﺻﻼح ھذا اﻟﺧطﺄ ،وﺑﺎﻟﺳرﻋﺔ
اﻟﻣﻣﻛﻧﺔ ،ﻟﻛﻲ ﻻ ﯾﺳﺗﻣر ّ ﻣﻊ اﻟطﻔل إﻟﻰ ﻣراﺣل ﻣﺗﻘد ّﻣﺔ ﻣن ﻋﻣره ،وﯾﺻﺑﺢ ﻣﺷﻛﻠﺔ ﺗؤﺛ ّر
ﻓﻲ ﺣﯾﺎﺗﮫ اﻟﺧﺎﺻﺔ واﻟﻌﺎﻣﺔ.
إن ّ أﻓﺿل طرﯾﻘﺔ ﻟﺗﻌوﯾد اﻟطﻔل اﻻﻋﺗﻣﺎد ﻋﻠﻰ ذاﺗﮫ – ﻓﻲ ھذه اﻟﺣﺎل – ھﻲ أن ﯾﻣﺗﻧﻊ
اﻟواﻟدان ﻋن ﻣﺳﺎﻋدة اﻟطﻔل ﺑﯾن ﺣﯾن وآﺧر ﺑﺣﺳب ﺗﻘدﯾرھﻣﺎ .وإذا ﻣﺎ ﻗد ّﻣﺎ ﻟﮫ ﻣﺳﺎﻋدة ﻣﺎ،
ﻓﯾﺟب أن ﺗﻛون ﺑﺻورة ﻏﯾر ﻣﺑﺎﺷرة ،وﻋدم إﺷﻌﺎره ﺑﮭﺎ إﻻ ّ ﻓﻲ ﺣﺎﻻت ﺿرورﯾﺔ ﺟد ّا ً،
ﻰ ﻣرﺣﻠﺔ اﻟﻌﺟز اﻟﺗﺎم ﻋن ﺗﻧﻔﯾذ ﻋﻣﻠﮫ ،ﻋﻠﻰ أن ﺗﺗراﻓق ھذه اﻟﻣﺳﺎﻋدة ﺣﯾث ﯾﺻل إﻟ
ﺑﺎﻟﺿﺑط واﻟﺣزم ﻣن اﻟواﻟدﯾن ﻣﻌﺎ ً ،ﺣﺗﻰ ﻻ ﯾﺳﺗﻐل ّ اﻟطﻔل أﺣدھﻣﺎ ﻋﻠﻰ ﺣﺳﺎب اﻵﺧر.
وﺑذﻟك ﺗﺗﻌز ّ ز –ﺗدرﯾﺟﯾ ّﺎ ً -ﺛﻘﺔ اﻟطﻔل ﺑﻧﻔﺳﮫ ،وھو ﯾﺷﻌر ﺑﺎﻟرﺿﻰ اﻟذاﺗﻲ ﻋن اﻟﻧﺟﺎح اﻟذي
ﯾﺣرزه ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻗﯾﺎﻣﮫ ﺑواﺟﺑﺎﺗﮫ ،إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻣ ﺎ ﯾﻧﺎﻟﮫ ﻣن رﺿﺎ اﻟﻣﺣﯾطﯾن ﺑﮫ وإظﮭﺎر ﺛﻘﺗﮭم
ﺑﻘدراﺗﮫ وإﻣﻛﺎﻧﺎﺗﮫ ..ﺷرﯾطﺔ ﻋدم اﻟﻣﺑﺎﻟﻐﺔ ﻓﻲ ﻣدح اﻟطﻔل ﻟﻛﻲ ﻻ ﯾﺣﻣل أﻛﺛر ﻣﻣ ّﺎ ﯾﺣﺗﻣل،
ﺑﺣﯾث ﻻ ﯾﺻﺎب ﺑﺎﻟﻔﺷل إذا ﻗﺎم ﺑﻌﻣل أﻛﺑر ﻣن طﺎﻗﺗﮫ ،وﺗﻛون اﻟﻧﺗﺎﺋﺞ ﻣﻌﺎﻛﺳﺔ ﻟﻣﺎ ھو
ﻣطﻠوب ﻣﻧﮫ .وھذا ﻛﻠ ّﮫ ﯾﻌﺗﻣد ﻋﻠﻰ وﻋﻲ اﻟواﻟدﯾن وﻗدرﺗﮭﻣﺎ ﻋﻠﻰ ﺗﻔ ﻌﯾل ﻗدرات اﻟطﻔل
ﺑﺻورة إﯾﺟﺎﺑﯾﺔ.
ﺟــواب:
اﻟﻔﺗﺎة ﺗؤﺛ ّر – ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﺑدو-ﺗﺄﺛﯾرا ً ﻛﺑﯾرا ً وﻋﻣﯾﻘﺎ ً ،ﻓﻲ
إن ّ اﻟﺿﻐوطﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﻌﺎﻧﻲ ﻣﻧﮭﺎ ،
ﻣﺟرى ﺣﯾﺎﺗﮭﺎ ﻋﺎﻣﺔ وﻓﻲ دراﺳﺗﮭﺎ ﺧﺎﺻﺔ ،ﻷﻧ ّﮫ ﯾﻣس ّ ﺑﺻورة ﻣﺑﺎﺷرة ﺗﻠك اﻟﺟواﻧب اﻟﺗﻲ
ﯾﻔﺗرض أن ﺗؤ ّ ﻣن ﻟﮭﺎ اﻻﺳﺗﻘرار واﻟﺛﻘﺔ ﺑﺎﻟﻧﻔس .وھذا ﻣﺎ ﯾﺿﻌف ﻗدرﺗﮭﺎ ﻋﻠﻰ ﺗﺣﻣ ّل
اﻟﻣواﻗف اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻌر ّ ض ﻟﮭﺎ ،وﯾﻣﻧﻌﮭﺎ ﻣن ﻣواﺟﮭﺔ واﻟدھﺎ ﺑﮭذا ا ﻟواﻗﻊ ﻣن ﺧﻼل اﻟﻣﻧﺎﻗﺷﺔ
اﻟﺻرﯾﺣﺔ.
إن ّ ﻣﺎ ﯾﻘﺻده اﻷب ﻣن وراء ﺗﺣﻘﯾق طﻣوﺣﺎﺗﮫ ،ﻣن ﺧﻼل ﺗرﺑﯾﺔ ﺑﻧﺎﺗﮫ وﺗﺣﺻﯾﻠﮭم
ﺟــواب:
ﻋﻠﻰ اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ ﺑﺎﻟﺳرﻋﺔ اﻟﻣﻧﺎﺳﺑﺔ وﺑﺎﻟﺷﻛل إن ّ ﻋدم ﻗدرة اﻟطﻔل – ﻓﻲ ھذه اﻟﺳن ّ -
اﻟﻣطﻠوب ،ﻟﯾس ﻣﺳﺗﻐرب ،وإﻧ ّﻣﺎ ھو أﻣ ر طﺑﯾﻌﻲ ﺑﺎﻟﻧظر ﻟوﺿﻊ اﻟطﻔل اﻟﻧﻣﺎﺋﻲ .وھذا ﻣﺎ
ﯾﺣث ﻋﻧد اﻟﻛﺛﯾرﯾن ﻣن اﻷطﻔﺎل ،ﻷﻧ ّﮫ ﯾﺗﻌﻠ ّق ﺑﺎﻟﺗرﻛﯾب اﻟﺟﺳﻣﻲ ) اﻟﻔﯾزﯾوﻟوﺟﻲ( واﻟﻧﻔﺳﻲ،
ﺣﯾث ﻟم ﯾﺻل اﻟطﻔل ﻓﻲ ھذا اﻟﺳن ّ ،إﻟﻰ اﻟﺗﻣﻛ ّن ﻣن اﻟﺗﺣﻛ ّم ﺑﺄﻋﺿﺎﺋﮫ اﻟﺣرﻛﯾﺔ واﺳﺗﺧداﻣﮭﺎ
ﺑﻔﺎﻋﻠﯾ ّﺔ.
ﻓﺎﻷﺳﻠوب اﻟذي ﺗﺳﺗﺧدﻣﮫ اﻷم ﻣﻊ ھذا اﻟطﻔل ﻹﺟﺑﺎره ﻋﻠﻰ اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ ،ھو أﺳﻠوب ﺗﻌﻠﯾﻣﻲ ّ
ﺧﺎطﻰء ﻣن اﻟوﺟﮭﺔ اﻟﺗرﺑوﯾﺔ ،طﺎﻟﻣﺎ أن ّ اﻟطﻔل ﻏﯾر ﻗﺎدر ﻋﻠﻰ اﻟﺗﺣﻛ ّم ﺑﺄﺻﺎﺑﻌﮫ وﺿﺑطﮭﺎ،
ﻟﻠﻘﯾﺎم ﺑﻌﻣﻠﯾ ّﺔ اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ وﻓق اﻟﺟودة اﻟﺗﻲ ﺗﺗطﻠﺑﮭﺎ اﻷم ،أو اﻟﺳرﻋﺔ ﻓﻲ اﻷداء ﻛﻣﺎ ھﻲ اﻟﺣﺎل
ﻓﻲ اﻟﻘراءة.
وﻟﻛن ﻻ ﯾﻌﻧﻲ ھذا أن ّ اﻟطﻔل ﯾﻌﺎﻧﻲ ﻣ ن ﻣﺷﻛﻠﺔ ﻋﺿوﯾﺔ /ﺻﺣﯾ ّﺔ ﺗﻌو ّ ق ﻛﺗﺎﺑﺗﮫ ،أو أﻧ ّﮫ
ﺳﯾﺑﻘﻰ ﻏﯾر ﻗﺎدر ﻋﻠﻰ اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ ﻟﻔﺗرة طوﯾﻠﺔ ،ﺑل إن ّ ﺳﯾﻣﺎرس ھذا اﻟﻔﻌل اﻟﻛﺗﺎﺑﻲ وﯾﺗﻘﻧﮫ،
ﺟــواب:
إن ّ ﻏﯾﺎب اﻷب ﻋن اﻷﺳرة ،وﻟﻔﺗرات طوﯾﻠﺔ ،ﯾﺳﺑب ّ ﻣﺷﻛﻠﺔ ﻣن اﻟﻣﺷﻛﻼت اﻟﻛﺑﯾرة اﻟﺗﻲ
ﺗوﺟﮭﮭﺎ اﻷم واﻷطﻔﺎل ،ﻋﻠﻰ ﺣد ّ ﺳواء.وﻟﻛن ّ اﻟﻣﺷﻛﻠﺔ ﺗﻛون أﻛﺛر ﺻﻌوﺑﺔ وﺗﻌﻘﯾدا ً ،إذا ﻣﺎ
ﻛﺎن ﻏﯾﺎب اﻷب ﻧﺎﺗﺟﺎ ً ﻋن اﻟطﻼق اﻟﻣﺑﻛر ﺑﻌد اﻟزواج ،وﺣدث اﻻﻧﻔﺻﺎل اﻟﺗﺎم ،ﺑﺣﯾث ﻟم
ﺑر ّ أي ّ ﻣن اﻟزوﺟﯾن اﻟزوج اﻵﺧر؛ ﻓﺗﺷﻌر اﻟزوﺟﺔ /اﻷم ﺑﺎﻟﻣرارة ،وأﺣﯾﺎﻧﺎ ً ﺑﺎﻟﺣﻘد ﻋﻠﻰ
اﻷب ﺑﺳﺑب ﺗﺻر ّ ﻓﮫ اﻟذي دﻣ ّر ﺣﯾﺎة اﻷﺳرة وھﻲ ﻓﻲ ﺑداﯾﺔ ﺗﻛوﯾﻧﮭﺎ ،ﻛﻣﺎ ﻓﻲ اﻟزوج /
اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﺗﻲ أﻣﺎﻣﻧﺎ.
إن ّ اﻟﻣﺷﻛﻠﺔ اﻟﺗﻲ ﻧﻧﺎﻗﺷﮭﺎ ،ﺗﺳﺗوﺟب ﻣن اﻷم أن ﺗﻛون ﺑﺎرﻋﺔ ﻓﻲ اﻹﺟﺎﺑﺔ ﻋن أﺳﺋﻠﺔ
طﻔﻠﮭﺎ ،ﺑﺣﯾث ﺗﺗﻠﻘ ّﻰ ھذه اﻷﺳﺋﻠﺔ ﺑﺎرﺗﯾﺎح ،وﺗﺷرح ﻟﮫ اﻷﻣور ﺑﺄﺳﻠوب ﻣﻘﻧﻊ ﯾﺗﻧﺎﺳب ﻣﻊ
ﻗدراﺗﮫ ﻋﻠﻰ اﻻﺳﺗﯾﻌﺎب واﻻﻗﺗﻧﺎع ،رﯾﺛﻣﺎ ﺗﺣﯾن اﻟﻠﺣظﺔ اﻟﻣواﺗﯾﺔ ﻟﻠﻣﺻﺎرﺣﺔ اﻟﺣﻘﯾﻘﯾ ّﺔ،
واﻟﺗﻲ ﺗﺷﻌر ﻋﻧدھﺎ اﻷم أن ّ اﻟطﻔل ﻗد أﺻﺑﺢ ﻓﻲ ﺳن ّ ﯾﻛون ﻓﯾﮭﺎ ﻣﺳﺗﻌدا ً ّ ﻟﺗﻘﺑ ّل اﻷﻣر اﻟواﻗﻊ
واﻟﺗﻛﯾ ّف ﻣﻌﮫ ،دون أن ﯾﺗرك أﯾ ّﺔ آﺛﺎر ﺳﻠﺑﯾﺔ ﺻﺎدﻣﺔ ﻟﻠطﻔل.
وﻻ ﺑد ّ ﻣن اﻟﺗﺄﻛﯾد ،أﻧ ّﮫ ﻣﮭﻣﺎ ﻛﺎن ﺷﻌور اﻷم ﺗﺟﺎه زوﺟﮭﺎ اﻟذي ﺗرﻛﮭﺎ وﺷﺄﻧﮭﺎ ،ﯾﻧﺑﻐﻲ
أن ﺗﻧظر إﻟﻰ اﻷﻣور ﻣن ﻣﺻﻠﺣﺔ طﻔﻠﮭﺎ /اﺑﻧﮭﺎ ،وﺗﻘد ّم ﻟﮫ ﺻورة ﺣﺳﻧﺔ ﻋن أﺑﯾﮫ ،آﺧذة ﻓﻲ
اﻟﺣﺳﺑﺎن أن ّ ھذا اﻷب ﺳﯾﻠﺗﻘﻲ اﺑﻧﮫ ذات ﯾوم ..ﻓﺗﻣﻧﺣﮫ ﺑذﻟك اﻟﺛﻘﺔ واﻻطﻣﺋﻧﺎن ،دون أن
ﯾﺻل اﻟوﺻف إﻟﻰ ﺣدود اﻟﺗزﯾﯾف واﻟﻣﺑﺎﻟﻐﺔ ،ﻓﯾﻔﻘد ﻗﯾﻣﺗﮫ ..وھذا ﯾﺗطﻠ ّب ﻣن اﻷم أن ﺗﻛون
ﺟــواب:
ﺗﺗﻌﻠ ّق ﻣﺳﺄﻟﺔ إﻋداد اﻟﺷﺑﺎب ﻟﻠﺣﯾﺎة اﻟزوﺟﯾﺔ واﻷﺳرﯾﺔ ،ﺑﺗرﺑﯾﺔ اﻟدور اﻟﺟﻧﺳﻲ ،اﻹﯾﺟﺎﺑﻲ
واﻟﻣﺗﻛﺎﻣل ﺑﯾن اﻟذﻛور واﻹﻧﺎث .وﯾﻛون ﻟﻠواﻟدﯾن اﻟدور اﻷﺳﺎﺳﻲ ﻓﻲ ﺗﺣدﯾد اﻟدور اﻟﺟ ﻧﺳﻲ
اﻟﺳﻠﯾم ﻟﻸﺑﻧﺎء ،واﻟﺳﻠوﻛﺎت اﻟﺧﺎﺻ ّﺔ ﺑﮭذا اﻟدور ﻓﻲ ﻣﺳﺗﻘﺑل اﻟﺟﻧﺳﯾن .وھذا ﯾﺗوﻗ ّف ﻋﻠﻰ
ﻣدى ﺗﺄﺛﯾر ﺳﻠوك اﻟواﻟدﯾن )اﻷب واﻷم( اﻟﻣﺗﺑﺎدل ،واﻧﻌﻛﺎﺳﺎت ھذا اﻟﺳﻠوك ﻋﻠﻰ ﻋﻼﻗﺎت
اﻷﺑﻧﺎء.
ﻓﺎﻷﺳرة ﺑﺣﻛم ﻧظﺎﻣﮭﺎ وﻋﻼﻗﺎﺗﮭﺎ ،ﺗﺄﺧذ ﺣﯾ ّزا ً ﻛﺑﯾرا ً ﻓﻲ ﻣﺳﺄﻟﺔ إﻋداد اﻷﺑﻧﺎء واﻟﺑﻧﺎت
ﻟﻠزواج واﻟﺣﯾﺎة اﻷﺳرﯾﺔ ،وﻻ ﺳﯾ ّﻣﺎ ﻓﻲ ﻣرﺣﻠﺔ اﻟﻣراھﻘﺔ ،ﺣﯾث ﯾرى اﻟﻣراھق ﻓﻲ أﺳرﺗﮫ
اﻟﻣﺗﺂﻟﻔﺔ ،وﻣن ﺧﻼل اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﺣﻣﯾﻣﺔ ﺑﯾن اﻟواﻟدﯾن ،ﻧﻣوذﺟﺎ ً ﺳﻠوﻛﯾ ّﺎ ً وأﺧﻼﻗﯾ ّﺎ ً ﯾﻌﺟﺑﮫ ﻓﯾﻘﺗدي
ﺑﮫ.
وﯾﺷﺎر ﻓﻲ ھذا اﻟﺻدد إﻟﻰ ﻋﺎﻣﻠﯾن )ﻣﻌﯾﺎرﯾن( أﺳﺎﺳﯾﯾن ﻓﻲ ﺣﯾﺎة اﻷﺳرة:
اﻟﻌﺎﻣل اﻷول :ﺟو اﻻﺣﺗرام اﻟﻣﺗﺑﺎدل ﻓﻲ ﻧطﺎق اﻷﺳرة ،واﻟذي ﯾﺗﻣﺛ ّل ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺔ اﻷب
ﺑﺎﻷم ﻣن ﺟﮭﺔ ،وﻋﻼﻗﺔ اﻷﺑوﯾن ﺑﺎﻷﺑﻧﺎء واﻟﺑﻧﺎت ﻣن ﺟﮭﺔ أﺧرى ،واﻟﺗﻌﺎﻣل ﻣﻌﮭم ﻣن دون
ﺗﻣﯾﯾز ،وإﻧ ّﻣﺎ ﯾﻘد ّر ﻛل ّ ﻣﻧﮭم ﻓﻲ إطﺎر ﺷﺧﺻﯾ ّﺗﮫ اﻟﺧﺎﺻﺔ.
اﻟﻣﻌﺎﻣل اﻟﺛﺎﻧﻲ :اﻟﻌﻧﺎﯾﺔ ﺑﺗرﺑﯾﺔ اﻷﺑﻧﺎء ﺗرﺑﯾﺔ ﻣﺗﻛﺎﻣﻠﺔ ،ﺑﻣﺎ ﻓﯾﮭﺎ اﻟﺗرﺑﯾﺔ اﻟﺟﻧﺳﯾ ّﺔ ..وھذا
ﯾﺗطﻠ ّب أن ﯾﺗﻣﺗ ّﻊ اﻟواﻟدﯾن ﺑﺛﻘﺎﻓﺔ ﺗرﺑوﯾﺔ ﺗواﻛب اﻟﺗطو ّ رات اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ /اﻟﺣﺿﺎرﯾﺔ ،اﻟﺗﻲ
ﺗﻧظ ّ م ﻗﯾم اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻷﺧﻼﻗﯾﺔ واﻹﻧﺳﺎﻧﯾ ّﺔ.
ﻓﺎﻟﺣب ّ اﻟﻣﺗﺑﺎدل ﺑﯾن اﻷب واﻷم ،ﯾﻧﻣو وﯾﻛﺗﻣل ،وﯾﺳﺗﻣر ّ ﻣن ﺧﻼل اﻟﺣب ّ اﻟواﻟدي
اﻟﻣﺗﺑﺎدل ﻣﻊ اﻷﺑﻧ ﺎء؛ ﻓﯾﻧﺷﺄ ھؤﻻء ﻓﻲ ﺟو ّ ﺗرﺑوي ) ﻋﺎطﻔﻲ /ﻧﻔﺳﻲ( ﺳﻠﯾم وﻣﺗوازن..
وﺗﻛون اﻟﻧﺗﯾﺟﺔ اﻟﻣﺑﺎﺷرة ﻟﮭذه اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟود ّﯾﺔ /اﻷﺳرﯾﺔ ،ﺗﻌزﯾز اﻟﺣب ّ اﻟﻣﺗﺑﺎدل ﺑﯾن
اﻷﺧوة واﻷﺧوات ﺑروح اﻟﻣﺳﺎواة وﻋد اﻟﺗﻣﯾﯾز ..وھذا ﻣﺎ ﯾﻧﻣ ّﻲ ﻟدﯾﮭم اﺣﺗرام اﻟﺟﻧس
اﻵﺧر ،واﻻﺳﺗﻌداد ﻟﺑﻧﺎء ﻋﻼﻗﺎت أﺳرﯾﺔ ﺳﻠﯾﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﺳﺗﻘﺑل.
ﺟــواب:
ﯾﺑدو أن اﻟﻔﺗﺎة اﻟﻣﻌﻧﯾ ّﺔ اﻟﺳؤال ،ﻟم ﺗدر ّ ب ﻓﻲ ﺳﻧواﺗﮭﺎ اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ ﻋﻠﻰ اﻷﻋﻣﺎل اﻟﻣﻧزﻟﯾﺔ،
ﻋﻠﻰ اﻟرﻏم ﻣن ﺳﻧ ّﮭﺎ اﻟﻣﺗﻘد ّم ) ﻣرﺣﻠﺔ اﻟﺷﺑﺎب( .وﻧﻘﻊ ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﻋدم ﺗدرﯾب اﻟﻔﺗﺎة ،ﻋﻠﻰ
اﻷم ﺑﺎﻟدرﺟﺔ اﻷوﻟﻰ ،إذ ﻟم ﺗﻌﻣد إﻟﻰ إﺷراﻛﮭﺎ – ﻣﻧذ اﻟﺻﻐر -ﻓﻲ ﺑﻌض اﻷﻋﻣﺎل داﺧل
اﻟﻣﻧزل ،واﻷﺧذ ﺑﯾدھﺎ وﻣﺳﺎﻋدﺗﮭﺎ ﻟﻛﻲ ﺗﻧﺟز ھذه اﻷﻋﻣﺎل ﺑﺎﻟﺷﻛل اﻟﻣطﻠوب.
وھذا ﻣﺎ ﯾﺣدث ﻟﻠﻛﺛﯾر ﻣن اﻟﻔﺗﯾﺎت ،وﻓﻲ أﺳر ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻓﻲ ﺣﯾث ﻣﺳﺗوﯾﺎﺗﮭﺎ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾ ّﺔ
واﻟﺛﻘﺎﻓﯾ ّﺔ ..دون أن ﺗدرك اﻷﻣ ّﮭﺎت ﺗﻠك اﻟﺗﺄﺛﯾرات اﻟﺳﻠﺑﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗظﮭر ﻋﻧد اﻟﻔﺗﯾﺎت ﻓﻲ وﻗت
ﻣﺗﺄﺧ ّ ر ،واﻟﺗﻲ ﺗﺗﺟ ﻠ ّﻰ ﻓﻲ ﺿﻌف ﻗدرﺗﮭن ّ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺷﺎرﻛﺔ ﻓﻲ اﻷﻋﻣﺎل اﻟﻣﻧزﻟﯾ ّﺔ ،ﻛﻣﺎ ﻓﻲ
ھذا اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﺗﻲ ﻧﻌﺎﻟﺟﮭﺎ .وھذا ﻣﺎ ﯾﺿﻌﻧﺎ أﻣﺎم ﺟﯾﻠﯾن ﯾﻌﯾﺷﺎن ﻓﻲ ﻣواﺟﮭﺔ ﻻ ﺑد ّ ﻣﻧﮭﺎ:
ﺟﯾل ﻣﺗﻘد ّ ﻓﻲ اﻟﺳن ّ ،ﯾﻌﺗﻘد أﻧ ّﮫ ﯾﻌرف ﻛل ّ ﺷﻲء ﻓﻲ أﻣور اﻟﺣﯾﺎة وﻣﺗطﻠ ّﺑﺎﺗﮭﺎ ،وﺟﯾل
ﺣدﯾث اﻟﺳن ّ ﯾﺣﺎول أن ﯾﻌرف وﯾﺗﻌﻠ ّم وﯾﺛﺑت وﺟوده ﺑطراﺋﻘﮫ اﻟﺧﺎﺻ ّﺔ ..وﻟﻛن ّ اﻟﻔرﺻﺔ ﻟم
ﺗﺗﺢ ﻟﮫ ﻣن ﻗﺑل اﻟﻛﺑﺎر ،اﻟذﯾن ﯾﻠﻘون ﻋﻠﯾﮫ ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻔﺷل ،وھم اﻟﻣﺳؤوﻟون ﻋن ﺗرﺑﯾﺗﮫ
وﺗدرﯾﺑﮫ.
وﻣﮭﻣﺎ ﯾﻛن اﻷﻣر ،ﻓﺈن ّ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﺗﺎة اﻟﻣﻌﻧﯾ ّﺔ ﺑﺎﻟﺳؤال ،أن ﺗﻠﺟﺄ إﻟﻰ أﺳﻠوب اﻟﻣﻧﺎﻗﺷﺔ
اﻟﮭﺎدﺋﺔ ﻹﻗﻧﺎع واﻟدﺗﮭﺎ ،ﻣن دون ﺗﺷد ّد أو ﺗﺻﻠ ّب ،أن ّ ﻻ ذﻧب ﻟﮭﺎ ﻷﻧ ّﮭﺎ ﻟم ﺗدر ّ ب ﻋﻠﻰ
اﻟﻌﻣل اﻟﻣﻧزﻟﻲ ﻣن ﻗﺑل ..ﻛﻣﺎ أن ّ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﺗﺎة أن ﺗﺑذل اﻟﺟﮭود اﻟﻣطﻠوﺑﺔ ﻹﻧﺟﺎز اﻷﻋﻣﺎل
اﻟﺗﻲ ﺗﻛﻠ ّف ﺑﮭﺎ ،وﺗﺛﺑت أﻧ ّﮭﺎ ﻗﺎدرة ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻣل ﺑﻧﻔﺳﮭﺎ ،وﻟﮭﺎ اﻟﺣق ّ ﻓﻲ ذﻟك ،ﻛﻣﺎ ھو واﺟب
ﻋﻠﯾﮭﺎ .وﻋﻠﻰ اﻷم -ﻓﻲ اﻟﻣﻘﺎﺑل -أن ﺗﺗﻌﺎﻣل ﻣﻊ اﺑﻧﺗﮭﺎ ﻛﺻدﯾﻘﺔ ورﻓﯾﻘﺔ ،وﻋﻠﻰ رأي اﻟﻣﺛل
اﻟدارج ":إذا ﻛﺑر اﺑﻧك ..ﺻﺎدﻗﮫ " ،ﻓﺗﻧﺻﺣﮭﺎ وﺗدر ّ ﺑﮭﺎ ،وﺗﺷرﻛﮭﺎ ﻓﻲ اﻟرأي واﻟﻌﻣل،
وﺗﺗﺑﺎدل ﻣﻌﮭﺎ اﻟﺧﺑرة واﻟﻣﺷورة.
وﻟﯾﺗذﻛ ّر اﻟواﻟدون داﺋﻣﺎ ً ،أن ّ ﻟدى اﻷﺑﻧﺎء ﺧﺑرات وطﺎﻗﺎت ﻻ ﯾﺳﺗﮭﺎن ﺑﮭﺎ ،وأن ّ ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ
اﻵﺑﺎء واﻷﻣ ّﮭﺎت اﻷﺧذ ﺑﺄﯾدي ھؤﻻء اﻷﺑﻧﺎء ﻧﺣو اﻷﻓﺿل ..ﻓﺎﻟﺗﻌﻠ ّم ﻓﻌل ﻣﺳﺗﻣر ّ ﻣﺎ داﻣت
اﻟﺣﯾﺎة ﻣﺳﺗﻣر ّ ة!..
ﺟــواب:
ﻻ ﺑد ّ أن ﻧﺷﯾر ﺑداﯾﺔ ،إﻟﻰ أن ّ اﻟﻔروﻗﺎت اﻟﻔردﯾ ّﺔ ﻣوﺟودة ﺑﯾن اﻟﻧﺎس ،ﺣﺗﻰ ﺑﯾن اﻷﺷﻘ ّﺎء
ﻓﻲ اﻷﺳرة اﻟواﺣدة ،وھذه ﺣﻘﯾﻘﺔ ﻻ ﯾﻣﻛن ﺗﺟﺎھﻠﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﺗﻌﺎﻣل ﻣﻊ اﻷﻓراد .وﻟذﻟك ،ﻓﺈن ّ
ﻧﺳب اﻟذﻛﺎء وﻗﺎﺑﻠﯾﺎت اﻟﺗﻌﻠ ّم ،ﺗﺧﺗﻠف ﻣن إﻧﺳﺎن إﻟﻰ إﻧﺳﺎن آﺧر وﻷﺳﺑﺎب ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ،ﻣﻧﮭﺎ ﻣﺎ
ھو وراﺛﻲ وﻣﻧﮭﺎ ﻣﺎ ھو ﺗرﺑوي ..وﻣن ھﻧﺎ ﯾﺟب اﻟﺗﻔرﯾق ﺑﯾن اﻟطﻔل اﻟذي ﯾﻌﺎﻧﻲ ﻣن ﺑطء
ﻓﻲ ﻧﻣو ّ ذﻛﺎﺋﮫ ،واﻟطﻔل اﻟﻣﺗﺧﻠ ّف ﻋﻘﻠﯾ ّﺎ ً ،إذ ﻻ ﯾﺟوز إﺻدار اﻷﺣﻛﺎم اﻟﻣطﻠﻘﺔ ﻓﻲ ذﻟك ،إﻻ ّ
ﺑﻌد دراﺳﺎت ﺧﺎﺻ ّﺔ.
إن ّ اﻷطﻔﺎل اﻟذﯾن ﯾﻌﺎﻧون ﻣن ﻧﻣو ّ ﺑطﻲء ﻓﻲ اﻟذﻛﺎء ،ﻗد ﺗﺑدو ﻟدﯾﮭم ﻣﺷﻛﻼت ﻧﻔﺳﯾ ّﺔ أو
ﺗﺻر ّ ﻓﺎت ﺳﻠوﻛﯾ ّﺔ ،ﻻ ﺗظﮭر ﻋﻧد أﺗراﺑﮭم ﻣن اﻷطﻔﺎل اﻟﻌﺎدﯾﯾن ) اﻟطﺑﯾﻌﯾﯾن( .وﻗد ﻻ ﯾﻌود
اﻟﺳﺑب ﻓﻲ ھذه اﻟﻣﺷﻛﻼت إﻟﻰ ﺿﻌف ﻣﺳﺗوى اﻟذﻛﺎء ،ﺑﻘدر ﻣﺎ ﯾﻌود إﻟﻰ اﻷﺳﺎﻟﯾب
اﻟ ﺗرﺑوﯾﺔ اﻟﺧﺎطﺋﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺗﻌﺎﻣل ﺑﮭﺎ اﻟواﻟدان ﻣﻊ ﻛل ّ طﻔل ،ﺣﺗﻰ ﯾﺻل اﻷﻣر ﺑﮭﻣﺎ إﻟﻰ ﺣد ّ
اﻟﺷﻌور ﺑﺎﻟﺧﺟل ﻣن اﻧﺗﻣﺎء اﻟطﻔل ﻟﮭﻣﺎ ،ﺑﻌدﻣﺎ ﻓﺷﻼ ﻓﻲ إﯾﺟﺎد اﻟطرﯾﻘﺔ اﻟﻣﻧﺎﺳﺑﺔ ﻟﻠﺗﻌﺎﻣل
ﻣﻌﮫ.
وﯾﺑدو أن ّ اﻟطﻔل اﻟﻣﻌﻧﻰ ﺑﺎﻟﺳؤال ،ﯾﻌﺎﻧﻲ ﻣن ﻣﺷﻛﻼت ﻧﻔﺳﯾ ّﺔ واﺟﺗﻣﺎﻋﯾ ّﺔ ،ﻧﺎﺗﺟﺔ – ﻋﻠﻰ
ﻣﺎ ﯾﺑدو -ﻣن ﻋدم ﻗدرة اﻟواﻟدﯾن ﻋﻠﻰ ﻓﮭم طﺑﯾﻌﺗﮫ اﻟﻧﻔﺳﯾ ّﺔ واﻟﻌﻘﻠﯾﺔ ،وﻛﯾﻔﯾ ّﺔ اﻟﺗﻌﺎﻣل ﻣﻌﮭﺎ
ﻓﻲ ھذه اﻟﺳن ّ .ﻓﻣن اﻟﺟﺎﺋز أن ﯾﻛون ﻗﻠﻘﮫ وﻋدم ﻗدرﺗﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﺗرﻛﯾز ،ﺑﺳﺑب ﻗﺳوة اﻟواﻟدﯾن
ﻋﻠﯾ ّﮫ ،أو ﺑﺳﺑب ﺣرﻣﺎﻧﮫ ﻣن اﻟﻠﻌب واﻟﺗﻌﺎﻣل ﻣﻊ اﻟرﻓﺎق واﻷﺻدﻗﺎء ..ورﺑ ّﻣﺎ ﻋﺎﻧﻰ –
وﯾﻌﺎﻧﻲ -ﻣن اﻟﻣﻘﺎرﻧﺔ اﻟ ﻣﺳﺗﻣر ّ ة ﺑﯾن ﻗدراﺗﮫ اﻟﺗﺣﺻﯾﻠﯾﺔ وﻗدرات أﺧوﯾﮫ ،وﻻ ﺳﯾ ّﻣﺎ إذا ﻛﺎﻧﺎ
ﯾﺗﻣﺗ ّﻌﺎن ﺑﺗﺣﺻﯾل ٍ ﻋﺎل ٍ .
وھذه اﻷﻣور ﻣﺟﺗﻣﻌﺔ ،ﺷﻛ ّﻠت ﻟدى اﻟطﻔل ﺷﻌورا ً ﻣﺣﺑطﺎ ً ﻣن ﻋدة اﻟﺛﻘﺔ ﺑﺎﻟﻧﻔس،
ورد ّات ﻓﻌل ﺳﻠﺑﯾﺔ ﺟﻌﻠﺗﮫ ﯾﺑدو ﺑﻠﯾدا ً ﻣﻧﻌزﻻ ً ﺧوﻓﺎ ً ﻣن اﻟﻣواﺟﮭﺔ ،أو ﻗﻠﻘﺎ ً ﻋﺻﺑﯾ ّﺎ ً ﻟﻠﺗﻧﻔﯾس
ﻋن ﻣﻌﺎﻧﺎﺗﮫ .وھذا اﻟوﺿﻊ ﯾﺣﺗم ﻋﻠﻰ اﻟواﻟدﯾن إﻋﺎدة اﻟﻧظر ﻓﻲ طرﯾﻘﺔ ﺗﻌﺎﻣﻠﮭﻣﺎ ﻣﻊ اﻟطﻔل،
ﺑﺣﯾث ﯾوﻓ ّران ﻟﮫ اﻷﺟواء اﻷﺳرﯾﺔ اﻹﯾﺟﺎﺑﯾﺔ ،وﻻ ﺳﯾ ّﻣﺎ اﻟﺗﻘﺑ ّل اﻟﻣﻔﻌم ﺑﺎﻻﺣﺗرام واﻟﺗﻘدﯾر،
ﺑﻣﺎ ﯾﻌﯾد ﻟﮫ ﺛﻘﺗﮫ ﺑﻧﻔﺳﮫ وﺑﻣن ﺣوﻟﮫ ،وﯾﻧﻣ ّﻲ ﻟدﯾﮫ داﻓﻌﯾ ّﺔ اﻟﺗﻌﻠ ّم وﻓق اﺳﺗﻌداداﺗﮫ وﻗدراﺗﮫ
اﻟﺧﺎﺻﺔ.
ﺟــواب:
إن ّ وﻻدة ﺗوأﻣﯾن ﻻ ﺗﻌﻧﻲ – ﻣن ﺣﯾث اﻟﻣﺑدأ – أﻧﮭﻣﺎ ﻣﺗﻣﺎﺛﻼن ﻓﻲ ﻛل ّ ﺷﻲء ،وإن ﻛﺎﻧت
ﺟــواب:
ﻗد ﺑﺧطر ھذا اﻟﺳؤال ﻓﻲ أذھﺎن اﻟﻛﺛﯾرﯾن ﻣن اﻵﺑﺎء واﻷﻣ ّﮭﺎت ،وﻻ ﺳﯾ ّﻣﺎ اﻷﻣ ّﮭﺎت
اﻟﻌﺎﻣﻼت ﺧﺎرج اﻟﻣﻧزل ،واﻟﻠواﺗﻲ ھن ّ ﺑﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ ﺷراﻛﺔ اﻟزوج اﻟﺗرﺑوﯾﺔ ،ﻛﻣﺎ ھﻲ اﻟﺣﺎل
ﻓﻲ اﻟﺷراﻛﺔ اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ /اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ..ﺑﺣث ﻻ ﯾﺣﻣ ّل أﺣدھﻣﺎ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ إﻟﻰ اﻵﺧر ،وﯾﻌﻔﻲ
ﻧﻔﺳﮫ ﻣﻧﮭﻣﺎ ﺗﺣت ﺣﺟﺞ ﻏﯾر ﻣﻘﺑوﻟﺔ ،ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرھﻣﺎ ﯾﻌﯾﺷﺎن اﻟظروف ذاﺗﮭﺎ.
إن ّ اﻟﺷراﻛﺔ اﻟزوﺟﯾ ّﺔ /اﻷﺳرﯾﺔ ،ﻟﯾﺳت ﻓﻲ اﻟﻌﯾش اﻟﻣﺷﺗرك ﻓﻲ ﺑﯾت واﺣد وإﻧﺟﺎب
اﻷطﻔﺎل ،وﺗﺄﻣﯾن ﻣﺳﺗﻠزﻣﺎت ﻧﻣو ّ ھم ﺑﺎﻟوﺳﺎﺋل اﻟﻣﺗﺎﺣﺔ ،وإﻧ ّﻣﺎ ھﻲ أﯾﺿﺎ ً ،اﻟﻣﺷﺎرﻛﺔ
اﻟﻣﺗﻛﺎﻓﺋﺔ واﻟﻣﺗﻛﺎﻣﻠﺔ ﻓﻲ ﺗرﺑﯾﺔ ھؤﻻء اﻷطﻔﺎل ،ﻟﯾﻛوﻧوا أﻋﺿﺎء ﻓﺎﻋﻠﯾن وﻧﺎﻓﻌﯾن ﻷﻧﻔﺳﮭم
وﻟﻣﺟﺗﻣﻌﮭم.وﻟذﻟك ،ﻓﺈن ّ ﻣن اﻟﺧطﺄ أن ﯾﺣﻣل أﺣد اﻟواﻟدﯾن ﺑﻣﻔرده ،اﻷب أو اﻷم ،ﻣﺳؤوﻟﯾ ّﺔ
ﺟــواب:
ﻻ ﺑد ّ ﻣن اﻟﺗﺄﻛﯾد ﺑداﯾﺔ ،أن ّ ﻣﺻطﻠﺢ "اﻟطﻔل اﻟﻣﺗطر ّ ف " أو "اﻟطﻔل اﻟﻣﺗوﺣ ّ د " ﯾﺗرد ّد
أو ﯾرد ﻛﺛﯾرا ً ﻓﻲ أدﺑﯾﺎت ﻋﻠم اﻟﻧﻔس وﻋﻠم اﻟﺗرﺑﯾﺔ .وﺗﺷﯾر ھذه اﻷدﺑﯾﺎت ﻓﻲ ﻣﻌظﻣﮭﺎ ،إﻟﻰ
أن ّ اﻟطﻔل اﻟﻣﺗطر ّ ف )اﻟﻣﺗوﺣ ّ د( ھو ﺑوﺟﮫ ﻋﺎم :ذﻟك اﻟطﻔل اﻟذي ﻻ ﯾرﺑط ﻧﻔﺳﮫ ﺑﺎﻵﺧرﯾن
ﻣن ﺣوﻟﮫ ،أو ﺑﺎﻷوﺿﺎع اﻟﻌﺎﻣﺔ ،ﺑطرﯾﻘﺔ ﻋﺎدﯾ ّﺔ ،ﺑل ﯾﺑدو ﺗﺣﻠ ّﻼ ً ﻣن ھذه اﻟرواﺑط ،وﯾﻛون
أﻛﺛر ﺳﻌﺎدة ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﺗرك وﺣﯾدا ً ﯾﺧﺗﻠﻲ ﻣﻊ ذاﺗﮫ..
وﺑذﻟك ﯾﺗﻣﯾ ّز ھذا اﻟطﻔل ﺑﺎﻟﺑرودة واﻟﻔﺗور ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺎﺗﮫ اﻟﺷﺧﺻﯾ ّﺔ ﻣﻊ ﻣﺣﯾطﮫ اﻟﻣﺎدي
واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ،ﺣﯾث ﯾﺗﺻر ّ ف وﻛﺄن ّ اﻟﻧﺎس اﻟﻣوﺟودﯾن ﺣوﻟﮫ ﻏﯾر ﻣوﺟودﯾن ،ﺑﯾﻧﻣﺎ ھو
ﻣﻧﻛﻔﻰء ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺳﮫ وﻣﺗوﺣ ّ د ﻣﻊ ذاﺗﮫ ،إﻟﻰ ﺣدود اﻟﺗطر ّ ف اﻟﺗﺎم.
ﻗد ﯾﻛون ﺳﺑب اﻟﺗطر ّ ف )اﻟﺗوﺣ ّد( ﻋﻧد اﻟطﻔل ،ﻣﻌﺎ ﻧﺎﺗﮫ ﻣن ﺳوء ﻣﻌﺎﻣﻠﺔ واﻟدﯾﮫ ،أو
وﻏﯾر ذﻟك ﻣن أﺳﺎﻟﯾب اﻟﻘﺳوة ﺷﻌوره ﺑﺄن ّ واﻟدﯾﮫ ﯾﮭﻣﻼﻧﮫ أو ﯾﺗﻧﻛ ّران ﻟوﺟوده..
واﻟﺣرﻣﺎن.وﻟذﻟك ﯾﻛون اﻟﺳﺑب اﻟرﺋﯾس ﻟﺗﺻر ّ ف اﻟطﻔل اﻟﻣﺗطر ّ ف ،ھو ھروﺑﮫ ﻣن ﻣﻌﺎﻣﻠﺔ
اﻟواﻟدﯾن ﻏﯾر اﻟﻣﻧﺎﺳﺑﺔ ﻟﮫ ،واﻟﺧروج ﻣن داﺋرة اﻟﺣرﻣﺎن اﻟذي ﯾﻌﺎﻧﻲ ﻣﻧﮫ ،إﻟﻰ ﻋﺎﻟم
ﻣﺗطر ّ ف ﯾﺑدﻋﮫ وﯾﻌﯾﺷﮫ ﻣﻊ ذاﺗﮫ.
واﺳﺗﻧﺎدا ً إﻟﻰ ھذه اﻷﺳﺑﺎب ،ﯾﻧﺻﺢ اﻟواﻟدان – ﻓﻲ ھذه اﻟﺣﺎل -ﺑﺎﻟﺗﻘر ّ ب إﻟﻰ اﻟطﻔل
وﻣﻧﺣﮫ اﻟﻌﺎطﻔﺔ اﻷﺑوﯾﺔ اﻟداﻓﺋﺔ ،واﻟﻌﻣل ﻋﻠﻰ ﺗﻐﯾﯾر ﻣﺷﺎﻋره اﻟﺳﻠﺑﯾﺔ ﺗﺟﺎھﮭﻣﺎ ،ﺑﻣﺎ ﯾﻌز ّ ز
اﻟﺛﻘﺔ اﻟﻣﺗﺑﺎدﻟﺔ ﻣﻌﮫ ،ﺑﺣﯾث ﯾدرك أﻧ ّﮭﺎ ﻻ ﯾﺗﺟﺎھﻼﻧﮫ ﺑل ﯾﻘد ّراﻧﮫ وﯾﺣﺗ رﻣﺎﻧﮫ ..ﻋﻠﻰ أن ﯾﺗم ّ
ذﻟك ﻣن دون اﻟﻠﺟوء إﻟﻰ اﻻﺳﺗﻌﺎﻧﺔ ﺑﺧﺑراء ﻣن ﻋﻠم اﻟﻧﻔس واﻟﺗرﺑﯾﺔ ،إﻻ ّ إذا ﺗطﻠ ّب اﻟﻣوﻗف
ﻧوﻋﺎ ً ﻣﺎ ﻣن اﻟﻣﺳﺎﻋدة.
وﺳﯾﺟد اﻟواﻟدان ،ﺑﻌد وﻗت ﻟﯾس ﺑطوﯾل ،أن ّ اﻟطﻔل ﺳﯾﻌود إﻟﻰ طﺑﯾﻌﺗﮫ اﻟﻌﺎدﯾﺔ ،وﯾﺣﯾﺎ
ﺣﯾﺎة ﺳوﯾ ّﺔ وطﺑﯾﻌﯾ ّﺔ ،ﻋﻠﻰ اﻟﺻﻌﯾد اﻟذاﺗﻲ واﻟﺻﻌﯾد اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ..
ﺟــواب:
إن ّ اﻟﻘﺻص اﻟﺗﻲ ﯾﻘوم اﻟطﻔل ﺑﺳردھﺎ ،ﻻ ﺗدﺧل ﺗﺣت أي ﻧوع ﻣن أﻧواع اﻟﻛذب،
ﺑﻣﻔﮭوﻣﮫ اﻟﺣﻘﯾﻘﻲ ،وإﻧ ّﻣﺎ ھو ﻧوع ﻣن اﻟﻛذب ﯾﺳﻣ ّﻰ " :اﻟﻛذب اﻻد ّ ﻋﺎﺋﻲ " اﻟذي ﯾﺳﻣﺢ
ﻟﺧﯾﺎل اﻟطﻔل أن ﯾﻧﺷط وﯾؤﻟ ّف ﻗﺻﺻﺎ ً ﺑﺄﺣداث وﺷﺧﺻﯾ ّﺎت ،ﻻ أﺳﺎس ﻟﮭﺎ ﻓﻲ اﻟواﻗﻊ..
وأﻛﺛر ﻣﺎ ﯾظﮭر ھذا اﻟﻧوع ﻣن اﻟﻛذب ،ﻋﻧد اﻷطﻔﺎل اﻟذﯾن ﯾﻌﺎﻧون ﻣن اﻟﺷﻌور ﺑﺎﻟﻧﻘص،
ﺳواء ﺑﯾن أﻓراد أﺳرﺗﮫ ،أو ﺑﯾن رﻓﺎﻗﮭم ﻓﻲ اﻟﺣﻲ ّ واﻟﻣدرﺳﺔ.
وﯾﻠﺟﺄ ﺑﻌض اﻷطﻔﺎل إﻟﻰ ھذا اﻷﺳﻠوب اﻟﻘﺻﺻﻲ اﻻد ّﻋﺎﺋﻲ ) اﻟﻛذب اﻻد ّﻋﺎﺋﻲ( ،ﻣن
أﺟل اﻟﻣﺑﺎﻟﻐﺔ اﻟﺗﻌوﯾﺿﯾ ّﺔ ﻋن اﻟﻧﻘص اﻟذي ﯾﺷﻌرون ﺑﮫ ،ﺗﺟﺎه ﻣﺎ ﯾﻣﻠ ك رﻓﺎﻗﮭم ،أو ﯾﺄﺗﻲ
اﺳﺗﺟﺎﺑﺔ ﻟرد ّات ﻓﻌل ﻧﺎﺗﺟﺔ ﻋن ﻣؤﺛ ّرات ﺳﻠﺑﯾﺔ ﯾﺗﻌر ّ ض ﻟﮭﺎ اﻷطﻔﺎل ﻓﻲ اﻷﺳرة ،ﻣﻧﺷؤھﺎ
اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺗرﺑوﯾﺔ اﻟﺧﺎطﺋﺔ ،ﻓﯾﻠﺟﺄون إﻟﻰ ھذا اﻷﺳﻠوب ﻻﺳﺗدرار اﻟﻌطف واﻟﺗﻘﺑ ّل،
واﻟﺣﺻول ﻋﻠﻰ اھﺗﻣﺎم اﻵﺧرﯾن.
وﺑﻣﺎ أن ّ ھذا اﻟﻧوع اﻟﻘﺻﺻﻲ ،ﻣﺎ ھو إﻻ ّ ﻣظﮭرا ً ﻣن ﻣظﺎ ھر اﻟﻛذب اﻻد ّﻋﺎﺋﻲ
اﻟﻌ َ ر َ ﺿﻲ ،اﻟﻧﺎﺗﺞ ﻋن ﻣواﻗف ﻣﺛﯾرة ﻟﮫ وﻣﻌز ّ زة ،داﺧل اﻷﺳرة أو ﺧﺎرﺟﮭﺎ ،ﻓﻼ ﺿرر ﻣﻧﮫ
ﻓﯾﻣﺎ إذا اﺳﺗطﺎع اﻟواﻟدان اﺣﺗواءه واﻟﺗﺧﻔﯾف ﻣﻧﮫ ،أي ﻋﻘﻠﻧﺗﮫ .وﻟﻛن ّ ھذا ﯾﺣﺗﺎج ﻣن
اﻟواﻟدﯾن اﻟﺗﻘر ّ ب إﻟﻰ ﻧﻔﺳﯾ ّﺔ اﻟطﻔل وإﺣﺎطﺗﮫ ﺑﺎﻷﻣن واﻻطﻣﺋﻧﺎن ،وﺗﻌر ّ ف اﻷﺳﺑﺎب اﻟﻛﺎﻣ ﻧﺔ
وراء ﻧﺷﺎطﮫ ﻓﻲ ﻧﺳﺞ ھذه اﻟﻘﺻص ،وﻣن ﺛم ّ ﻣﻧﺎﻗﺷﺗﮫ ﻓﻲ طﺑﯾﻌﺔ ھذه اﻟﻘﺻص ،وﺗوﺿﯾﺢ
اﻟﺧطﺄ ﻓﻲ اﻷﺳﻠوب اﻟذي ﯾﺗ ّﺑﻊ ﻓﻲ ﺳردھﺎ.
وﻻ ﯾﻧﺳﻰ اﻟواﻟدان ،اﻻﺑﺗﻌﺎد ﻋن أﺳﻠوب اﻟﺗﺳﻔﯾﮫ واﻟﺗﺣﻘﯾر ،ﻓﻲ ﻣﻌﺎﻟﺟﺔ اﻟﻣوﻗف،
ﻟﺗﺣﺎﺷﻲ أﯾﺔ ﺗﺄﺛﯾرات ﻗد ﺗزﯾد ﻣن ﺟﻧوح ﺧﯾﺎل اﻟطﻔل ..وأن ﯾﻛوﻧﺎ ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻗدوة ﻟﻠطﻔل ،ﻓﻲ
ﺣدﯾﺛﮭﻣﺎ اﻟذي ﯾﺟﺳ ّد اﻟواﻗﻊ ﻋﻠﻰ ﺣﻘﯾﻘﺗﮫ ﻣن دون ﺗزﯾﯾف أو ﺗﺷوﯾﮫ.
ﺟــواب:
ﺟــواب:
ﯾﻘوﻟون ﻓﻲ ﻋﻠم اﻻﺟﺗﻣﺎع وﻋﻠم اﻟﺗرﺑﯾﺔ ):أن ّ اﻹﻧﺳﺎن اﺑن اﻟﺑﯾﺋﺔ ..واﻹﻧﺳﺎن ﻛﺎﺋن
اﺟﺗﻣﺎﻋﻲ.(..وﺑﻣﺎ أن ّ اﻟطﻔل إﻧﺳﺎن ﻟم ﯾﻛﺗﻣل ﻧﻣ ّﮫ ﺑﻌد ،ﻓﺈن ّ ﻣﺷﺎﻋره واﻧﻔﻌﺎﻻﺗﮫ ﺗﺗﺣد ّد ﻣن
ﺧﻼل اﻟﺑﯾﺋﺔ اﻟﺗرﺑوﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻧﺷﺄ ﻓﯾﮭﺎ ،واﻟﺗﻲ ﺗرﺑط إﻟﻰ ﺣد ّ ﺑﻌﯾد ﺑﺎﻟﻧظﺎم اﻟﻠﻐوي اﻟﺧﺎص
ﺑﺎﻟطﻔل ،واﻟذي ﯾﺗﻌﻠ ّﻣﮫ ﻣن ﻣﺣﯾطﮫ اﻷﺳري /اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ،وﯾﺳﺗﺧدﻣﮫ ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻓﻲ اﻟﺗﻌﺑﯾر
ﻋن آراﺋﮫ واﻧﻔﻌﺎﻻﺗﮫ ﻓﻲ اﻟوﻗت اﻟﻣﻧﺎﺳب.
ﯾﻘول ﻋﺎم اﻟﻧﻔس /إﻣﯾل ﺑﻧﻔﯾﺳت /ﻓﻲ ھذا اﻟﺻدد " :إن ّ اﻟطﻔل ﯾﺑدأ ﻓﻲ اﻟﺗﻌﺑﯾر ﻋﻣ ّﺎ
ﯾﺟول ﻓﻲ داﺧﻠﮫ ،اﻧطﻼﻗﺎ ً ﻣن اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﻧﻔﺳﯾ ّﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻌﯾﺷﮭﺎ ،واﻟﺗﻲ ﺗﻌﻛس ﺑﺎﻟﺿرورة ،ﻋﻼﻗﺔ
ﺟــواب:
ﻻ ﺑد ّ ﻣن اﻟﺗﺄﻛﯾد –ﺑداﯾﺔ -أن ّ ﺧوف اﻟواﻟدﯾن ﻋﻠﻰ اﻟطﻔل ،ھو ﺧوف ﻓﻲ ﻣﺣﻠ ّﮫ ..وﻣن
اﻟﺧطﺄ اﻟﻛﺑﯾر أن ﯾﻌﺗﻘد اﻷھل أن اﻷطﻔﺎل اﻟﺻﻐﺎر ﻻ ﯾﻌون ،أو ﻻ ﯾﻌﯾرون اھﺗﻣﺎﻣﺎ ً ﻟﻣﺎ
ﯾروﻧﮫ أﻣﺎﻣﮭم ﻣن أﺣداث ﻣؤﻟﻣﺔ أو ﺻور ﻣرﻋﺑﺔ ،ﺳواء ﻓﻲ اﻟواﻗﻊ ،أو ﻋﻠﻰ ﺷﺎﺷﺔ
اﻟﺗﻧﻠﻔﺎز ..ﺑل إن ّ اﻷطﻔﺎل ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻛس ﻣن ذﻟك اﻻﻋﺗﻘﺎد ﺗﻣﺎﻣﺎ ً ،ﻓﮭم ﯾﺧﺗزﻧون ھذه اﻟﻣﺷﺎھد
ﻓﻲ ﻣﻧﺎطق ﻻ ﺷﻌورﯾﺔ ﻓﻲ أذھﺎﻧﮭم ،رﯾﺛﻣﺎ ﺗﺗﻔﺎﻗم وﺗؤد ّي إﻟﻰ ﻧﺗﺎﺋﺞ ﺳﻠﺑﯾ ّﺔ ،ﻗد ﺗﻛون
ﺗﺄﺛﯾراﺗﮭﺎ ﻛﺑﯾرة ﻓﻲ ﻧﻔوﺳﮭم وﻋﻼﻗﺎﺗﮭم ﻣﻊ اﻵﺧرﯾن.
وﻓﻲ ھذا اﻟﺻدد ،ﯾﺧذ ّ ر اﻟدﻛﺗور /ﺟون ﻛﺎﻧﺗر /ﺧﺑﯾر اﻹﻋﻼم واﻻﺗﺻﺎل ،ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﮫ
اﻟذي ﯾﺣﻣل ﻋﻧوان " :أﻣ ّﻲ ...أﻣ ّﻲ ..إﻧ ّﻲ ﺧﺎﺋف "..اﻟﺻﺎدر ﻋﺎم ، ١٩٩٧اﻷھل ﻣن
اﻟﺳﻣﺎح ﻟﻸطﻔﺎل دون اﻟﺛﺎﻣﻧﺔ ﻣن اﻟﻌﻣر ،ﺑﻣﺷﺎھدة ﻧﺷرات اﻷﺧﺑﺎر ﺑوﺟﮫ ﻋﺎم..
وﯾﻣﻛن ﻟﻸطﻔﺎل ﺑﻌد ﺳن ّ اﻟﺗﺎﺳﻌﺔ ،أن ﯾﺷﺎھدوا ﺑﻌض اﻟﻔﻘرات ﻣن ﻧﺷرات اﻷﺧﺑﺎر،
ﺑﺻﺣﺑﺔ اﻷھ ل اﻟذﯾن ﯾﻧﺑﻐﻲ ﻋﻠﯾﮭم أن ﯾﻘوﻣوا ﺑﺷرح ھذه اﻷﺧﺑﺎر وﺗوﺿﯾﺢ دﻻﻻﺗﮭﺎ أﻣﺎم
اﻷطﻔﺎل ،ﺑﻣﺎ ﯾﺗﻧﺎﺳب ﻣﻊ ﻗدراﺗﮭم ﻋﻠﻰ اﻟﺗﺣﻠﯾﺔ واﻻﺳﺗﯾﻌﺎب ..وﻻ ﺳﯾ ّﻣﺎ ﺗﻠك اﻷﺧﺑﺎر
اﻟﻣﺗﻌﻠ ّﻘﺔ ﺑﺎﻟﺣروب واﻟﻛوارث وأﺣداث اﻟﻌﻧف ..وﻏﯾرھﺎ ﻣﻣ ّﺎ ﯾﺛﯾر اﻻﺿطراب واﻟﺧوف
ھذه اﻷﺧﺑﺎر أﯾ ّﺔ ﺗﺳﺎؤﻻت ﻏﺎﻣﺿﺔ أو ﻓﻲ ﻧﻔوس اﻷطﻔﺎل ،ﺑﺣﯾث ﻻ ﺗﺗرك ﻣﺷﺎھد
ﺟــواب:
إن ّ ﺟﮭﺎز اﻟﻛﻣﺑﯾوﺗر ،أو ) اﻟﺣﺎﺳب= اﻟﺣﺎﺳوب( ﻛﻣﺎ ﯾﺳﻣ ّﻰ ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ،ھو ﺟﮭﺎز
ﻋﺟﯾب وﺳﺎﺣر ،ﺗﻔو ّ ق ﻋﻠﻰ اﻟﺗﻠﻔﺎز ﻓﻲ ﺟﺎذﺑﯾﺗﮫ وﻗدرﺗﮫ ﻋﻠﻰ إﯾﺻﺎل اﻟﻌﻠوم واﻟﻣﻌﺎرف
اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ .وﻣن ھﻧﺎ ،أﺻﺑﺣت اﺳﺗﺧداﻣﺎت اﻟﻛﻣﺑﯾوﺗر ﺿرورﯾﺔ وﻻ ﯾﻣﻛن اﻻﺳﺗﻐﻧﺎء ﻋﻧﮭﺎ،
ﻓﻲ ﻋﻣﻠﯾ ّﺎت اﻹدارة واﻟﺗﺳﻠﯾﺔ واﻟﺗﻌﻠ ّم واﻟﺣﺻول ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻌﺎرف ..وﻏﯾرھﺎ ..وﻟذﻟك ﻓﻣن
اﻟﻣﻔﯾد أن ﯾﺗدر ّ ب اﻷطﻔﺎل ﻣﻧذ اﻟﺻﻐر ،ﻋﻠﻰ اﺳﺗﺧدام ھذا اﻟﺟﮭﺎز .وﻟﻛن ﻣﺎ ھﻲ اﻟﺳن ّ
اﻟﻣﻧﺎﺳﺑﺔ ﻟذﻟك..؟
اﻟرأي ﺣول اﺳﺗﺧدام اﻟﻛﻣﺑﯾوﻧر ﻣن ﻗﺑل اﻷطﻔﺎل؛ ﻣﻧﮭﺎ ﻣﺎ ﯾرﺗﺑط ﺛﻣ ّﺔ اﺧﺗﻼﻓﺎت ﻓﻲ
ﺑﺎﻟﻌﻣر ،وﻣﻧﮭﺎ ﻣﺎ ﯾرﺗﺑط ﺑﻘدرات ﻛل ّ طﻔل وﻣﺳﺗوى اﺳﺗﻌداداﺗﮫ ﻟﻠﺗدرﯾب واﻟﺗﻌﻠ ّم ..ﻟﻛن ﺛﻣ ّﺔ
إﺟﻣﺎع أﯾﺿﺎ ً ﺑﯾن ﺑﻌض اﻟﺧﺑراء اﻟﺗرﺑوﯾﯾن ،ﻋﻠﻰ أن ّ اﻟطﻔل ﯾﻣﻛﻧﮫ أن ﯾﺗﻌﺎﻣل ) ﯾﻠﻌب( ﻣﻊ
اﻟﻛﻣﺑﯾوﺗر ،إذا ﻣﺎ ﺑﻠﻎ اﻟﺳﻧﺔ اﻟراﺑﻌ ﺔ ﻣن ﻋﻣره ،وﻻ ﺳﯾ ّﻣﺎ إذا ﻣﺎ أظﮭر اھﺗﻣﺎﻣﺎ ً ﺑذﻟك
واﺳﺗﺟﺎﺑﺔ .وﻻ ﺑد ّ أن ﯾﻌﻣد اﻟواﻟدان –ﻓﻲ ھذه اﻟﺣﺎل -ﻣن ﺗﺷﺟﯾﻊ اﻟطﻔل ﻓﻲ ﺣدود إﻣﻛﺎﻧﺎﺗﮫ،
وﺗدرﯾﺑﮫ ﻋﻠﻰ اﻷﻋﻣﺎل اﻟﺗﻲ ﯾﻣﻛﻧﮫ اﻟﻘﯾﺎم ﺑﮭﺎ ،ﻓﻲ اﻟﺗﻌﺎﻣل ﻣﻊ ھذا اﻟﺟﮭﺎز.
وﯾﺗدر ّ ج ھذا اﻟﺗدرﯾب ﻓﻲ اﻻرﺗﻘﺎء ،ﻣﻊ ﺗﻘد ّم ﻋﻣر اﻟطﻔل و ﺗطو ّ ر ﻗدراﺗﮫ اﻟﻣﻌرﻓﯾ ّﺔ
واﻟﻌﻘﻠﯾ ّﺔ ،إﻟﻰ أن ﯾﻛﺗﺳب ﻣﮭﺎرة ذاﺗﯾﺔ راﻗﯾﺔ ﺗﻣﻛ ّﻧﮫ ﻣن اﻟﻘﯾﺎم ﺑﻣﮭﻣ ّﺎت ﺻﻌﺑﺔ وﻣﻌﻘ ّدة ،ﻟﯾس
ﻓﻘط ﻣن أﺟل اﻟﺗﺳﻠﯾﺔ ﻓﺣﺳب ،ﺑل ﻟﻛﻲ ﯾﻔﯾده ﺣﻠ ّﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﺣﺻول ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻌرﻓﺔ ﻟﻠﺣﯾﺎة
اﻟدراﺳﯾﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ..وﻻ ﺿﯾر ﻣن إﺷراك أطﻔﺎل آﺧرﯾن ﻣﻌﮫ ﻓﻲ اﻟﻧﺷﺎط اﻟواﺣد ،ﻟ ﻛﻲ
ﺗﺗﻌز ّ ز ﻋﻧده اﻟروح اﻟﺟﻣﺎﻋﯾﺔ /اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾ ّﺔ ﺑدﻻ ً ﻣن اﻟﻌزﻟﺔ واﻟﻔرداﻧﯾﺔ ،اﻟﺗﻲ ﺗﻌد ّ ﻣن
اﻟﺗﺄﺛﯾرات اﻟﺳﻠﺑﯾﺔ ﻻﺳﺗﺧدام اﻟﻛﻣﺑﯾوﺗر.
وﯾﺗوﺟ ّ ب ﻋﻠﻰ اﻟواﻟدﯾن ،إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻣﺎ ﺳﺑق ،ﻣراﻋﺎة اﻟﻣد ّة اﻟﺗﻲ ﯾﺳﻣﺢ ﻟﻠطﻔل ﺑﻘﺿﺎﺋﮭﺎ
ﺟــواب:
ﯾﺗ ّﺳم ﺳﻠوك اﻟطﻔﻠﺔ – ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﺑدو ﻓﻲ اﻟﺳؤال – ﺑﻣﺎ ﯾﺳﻣ ّﻰ ) اﻟﻌدواﻧﯾﺔ اﻟﻣﺎدﯾﺔ( اﻟﺗﻲ
ﺗﺗﺟﻠ ّﻰ ﻓﻲ ﻣظﺎھر ﺧﺷوﻧﺔ اﻟﺗﻌﺎﻣل ﻣﻊ اﻵﺧرﯾن ،واﻻﻋﺗداء اﻟﻣﺗﻌﻣ ّد ﻋﻠﯾﮭم ،إﻟﻰ درﺟﺔ
إﻟﺣﺎق اﻷذى ﺑﮭم وﺗﺧرﯾب ﻣﻣﺗﻠﻛﺎﺗﮭم ﺑﻼ أﺳﺑﺎب..وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ،ﻓﺈن ّ ھذا اﻟﺷﻛل /اﻟ ﺳﻠوك ﻣن
اﻟﻌدوان ،ھو رد ّ ﻓﻌل ﺳﻠﺑﻲ ﺗﺟﺎه اﻵﺧرﯾن ،ﯾﻌﺑ ّر ﻋن ﻣظﮭر ﻣن ﻣظﺎھر اﻟﻧﻔور
اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ.
ﻗد ﯾﻌﺗدي اﻟطﻔل –أﺣﯾﺎﻧﺎ ً -ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺳﮫ ،ﻛﺄن ﯾﻘوم ﺑﺷد ّ ﺷﻌره أو ﺿرب رأﺳﮫ ﺑﺎﻟﺣﺎﺋط،
أو إﻟﻘﺎء ﻧﻔﺳﮫ ﻋﻠﻰ اﻷرض ..وﻏﯾر ذﻟك ﻣن اﻟﺳﻠوﻛﺎت اﻟﺳﻠﺑﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻌﺑ ّر ﻋن ﻧﻔوره ﻣن
اﻵﺧرﯾن وﺷﻌوره ﺑﺄﻧ ّﮫ ﻣﺿطﮭد ﻣن ﻗﺑﻠﮭم ،وأﻧ ّﮫ ﻣرﻓوض اﺟﺗﻣﺎﻋﯾ ّﺎ ً ،وﻻ ﺳﯾ ّﻣﺎ ﻣن أﻓراد
أﺳرﺗﮫ ..وھذا اﻷﺳﺑﺎب ﻣﺟﺗﻣﻌﺔ ،ﺗؤﻛ ّد أن اﻟﺳﻠوك اﻟﻌدواﻧﻲ ،ھو ﺳﻠوك ﻣﻛﺗﺳب وﻣﺗﻌﻠ ّم
ﻛﻣﺎ ﯾﻘول /ﺑﺎﻧدورا ،/ﺷﺄﻧﮫ ﻓﻲ ذﻟك ﻛﺄي ﺷﻛل ﻣن أﺷﻛﺎل اﻟﺳﻠوك اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ.
وﻟﻛن ﻗد ﺗﻛون ﺛﻣ ّﺔ أﺳﺑﺎب أﺧرى ﻻﻛﺗﺳﺎ ب ھذه اﻟطﻔﻠﺔ اﻟﺳﻠوك اﻟﻌدواﻧﻲ ،وﻣن ھذه
اﻷﺳﺑﺎب :اﻹﯾذاء اﻟﺟﺳدي اﻟذي ﺗﺗﻌر ّ ض ﻟﮫ ﻣن ﻗﺑل اﻟواﻟدﯾن ،ﺣب ّ اﻟﺗﻣﻠك ﻋﻧدھﺎ واﻟرﻏﺑﺔ
ﻓﻲ اﻟﺳﯾطرة ﺑﺎﻟﻘو ّ ة ،اﻟﺷﻌور ﺑﺎﻟﻧﻘص واﻟﻣﻧﺎﻓﺳﺔ اﻟﺷرﺳﺔ ﻟﺗﻌوﯾﺿﮫ ..إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻷﺟواء
اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﺳﺎﺋدة ﻓﻲ اﻷﺳرة ،واﻟﺗﻲ ﺗﺷﺟ ّ ﻊ ﻋﻠﻰ اﻟﺳﻠوك اﻟﻌدواﻧﻲ.
ﻓﺳﻠوك اﻟطﻔﻠﺔ اﻟﻌدواﻧﻲ /اﻟﺷرس إذن ،ﻟﯾس ﺻﻔﺔ وراﺛﯾﺔ ﺑﻘدر ﻣﺎ ھو ﺻﻔﺔ ﻣﻛﺗﺳﺑﺔ..
وﻗد ﯾﻛون ﻟﻠﺑﯾﺋﺔ اﻟﻣﺣﯾطﺔ ﺑﺎﻟطﻔﻠﺔ ،اﻟدور اﻟﻛﺑﯾر واﻟﻔﺎﻋل ﻓﻲ ﺗﻛوﯾن ھذه اﻟﺻﻔﺔ وﺗﻌزﯾزھﺎ
ﻣن ﺧﻼل اﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﻣﺗﻛر ّ رة ..وﻻ ﺳﯾ ّﻣﺎ إذا ﻛﺎﻧت اﻟﺑﯾﺋﺔ اﻷﺳرﯾﺔ ﺗﺗ ّﺳم ﺑﻘﺳوة اﻟﻣﻌﺎﻣﻠﺔ
وإﺣﺑﺎط اﻟرﻏﺑﺎت ،واﻟﺗﻲ ﯾﺟﺳ ّد اﻟواﻟدان ﻓﯾﮭﺎ اﻟﺻورة اﻟﺣﻘﯾﻘﯾ ّﺔ ﻟﻠﺗﻌﺎﻣل اﻷﺳري!!..
ﺟــواب:
اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﻓﻲ ھذه اﻟﺳن ّ ،ﻛﺛﯾرة وﻣﺗﻧو ّ ﻋﺔ ،وﻣﻧﮭﺎ أن ّ اﻷطﻔﺎل ﺛﻣ ّﺔ ﻣﻌﺎﯾﯾر ﻟﻠﻧﻣو اﻟﻧﻔﺳﻲ/
ﯾﺧﺗﺎرون رﻓﺎﻗﮭم وأﺻدﻗﺎءھم ﻣن أﺑﻧﺎء ﺟﻧﺳﮭم ) اﻟذﻛور أو اﻹﻧﺎث( .ﻓﻔﻲ ھذه اﻟﻣرﺣﻠﺔ
اﻟﻧﻣﺎﺋﯾﺔ ،ﺗﺣدث ﺗﻐﯾ ّرات واﺿﺣﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﺑﯾن اﻷﻗران ،ﺣﯾث ﯾﺧﺗﻠف
اﻟﻠﻌب اﻟﺟﻣﺎﻋﻲ ﺑﯾن اﻷطﻔﺎل ﻣن اﻟﺟﻧﺳﯾن ،ﻋﻣ ّﺎ ﻛﺎن ﻋﻠﯾﮫ ﻓﻲ اﻟﺳﻧوات اﻟﻘﻠﯾﻠﺔ اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ.
وﻣﻣ ّﺎ ﯾﻼﺣظ أن ّ اﻷطﻔﺎل ﻗﺑل اﻟﺳﻧﺔ اﻟراﺑﻌﺔ ،ﻻ ﯾﺟدون ﻓرﻗﺎ ً ﻓﻲ اﻟﻠﻌب ﻣﻊ اﻟﺻﺑﯾﺎن أو
ﻣﻊ اﻟﺑﻧﺎت ،ﺳواء ﻛﺎﻧت اﻷﻟﻌﺎب ذﻛورﯾ ّﺔ أو أﻧﺛوﯾﺔ ..وﻟﻛن ّ اﻷطﻔﺎل ﻣﺎ ﺑﯾن اﻟﺳﻧﺔ اﻟراﺑﻊ
ن ﻣن ﺟﻧﺳﮭم ،ﯾراﻓﻘوﻧﮭم وﯾﺗواﺻﻠون ﻣﻌﮭم واﻟﺧﺎﻣﺳﺔ ،ﯾﺑدأون اﻻرﺗﺑﺎط ﻣﻊ أﻗرا
وﯾﻠﻌﺑون ..ﺑﯾﻧﻣﺎ ﯾﺧﺟل اﻟطﻔل ورﺑ ّﻣﺎ ﯾرﺗﺑك ،إذا ﻣﺎ وﺟد ﻧﻔﺳﮫ وﺣﯾدا ً – أو رآه اﻵﺧرون
– ﺑﯾن ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﺑﻧﺎت.
وﯾﻛون ﻟﻠواﻟدﯾن ھﻧﺎ ،دور ﻛﺑﯾر ﻓﻲ ﺗﻌزﯾز ھذا اﻻﻧﻔﺻﺎل اﻟﺟﻧﺳﻲ ،ﺣﯾث ﯾﻘوﻣون
ﺑﺗﺷﺟﯾﻊ اﻟﺻﺑﯾﺎن ﻋﻠﻰ إظﮭﺎر ﺳﻠوك اﻟرﺟوﻟﺔ ،ﻣﻘﺎﺑل ﺗﺷﺟﯾﻊ ﺳﻠوك اﻷﻧوﺛﺔ ﻋن اﻟﺑﻧﺎت.
وھذا ﻣﺎ ﯾﻘود إﻟﻰ ﺑداﯾﺔ اﻟﺗﻣﯾﯾز اﻟﺳﻠﺑﻲ /اﻟﻔﻌﻠﻲ ﺑﯾن اﻟذﻛور واﻹﻧﺎث ،إذا ﻟم ﯾؤﺧذ ﻓﻲ إطﺎر
اﻟدور اﻟﺟﻧﺳﻲ اﻟﺗﻛﺎﻣﻠﻲ.
وﻣﮭﻣﺎ ﯾﻛن اﻷﻣر ،ﻓﺈن ّ ﻣﯾل اﻟطﻔل اﻟﻣﻌﻧﻰ ﺑﺎﻟﺳؤال ،وھو ﻓﻲ ھذه اﻟﺳن ّ ،إﻟﻰ اﻟﻠﻌب ﻣﻊ
أﺑﻧﺎء ﺟﻧﺳﮫ ورﻓض اﻟﻠﻌب ﻣﻊ اﻟ ﺟﻧس اﻵﺧر ،ھو ظﺎھرة طﺑﯾﻌﯾ ّﺔ إذا ﻣﺎ أﺧذت ﻓﻲ ﺳﯾﺎق
وﻟﻛﻧ ّﮭﺎ ﻗد ﺗﻧﻘﻠب إﻟﻰ ﺳﻠوك ﻏﯾر ﺳوي ﺗﺟﺎه اﻟﺟﻧس اﻵﺧر ،وﻗد ﺗﺻﺑﺢ اﻟﻧﻣو ّ اﻟﻌﺎم..
ﻣﺷﻛﻠﺔ ﻟدى اﻟطﻔل ،ﻟﯾس اﻵن ﻓﺣﺳب ،ﺑل وﻓﻲ اﻟﻣﺳﺗﻘﺑل ،إذا ﻣﺎ ﻋز ّ زت اﻟﺗﻣﺎﯾز اﻟﺳﻠﺑﻲ
اﻟذي ﯾﻌو ّ ق اﻟﺗﻌﺎﻣل اﻹﯾﺟﺎﺑﻲ ﺑﯾن اﻟﺟﻧﺳﯾن ،ﻋﻠﻰ أﺳس اﻟﺗﻘدﯾر واﻻﺣﺗرام اﻟﻣﺗﺑﺎدل.
وھﻧﺎ ﺗﺗﺣ ّ ﻠﻰ ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﻓﻲ ﺗرﺑﯾﺔ اﻷطﻔﺎل ،وﻓق اﻟﻌداﻟﺔ واﻟﻣﺳﺎواة ﺑﯾن اﻟﺟﻧﺳﯾن ،وﻣن ﺛم ّ
ﺗﺄﺗﻲ ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣؤﺳ ّﺳﺎت اﻟﺗرﺑوﯾﺔ ،ﻟﺗﺗﻛﺎﻣل ﻣﻊ اﻷﺳرة ﻓﻲ ﺗرﺑﯾﺔ اﻟدور اﻟﺟﻧﺳﻲ اﻟﺳﻠﯾم،
ﻟﻛل ّ ﻣن اﻟذﻛور واﻹﻧﺎث..
ﺟــواب:
ﺟــواب:
اﻻﻧﺗﺑﺎه واﻟﺗرﻛﯾز ﻣن اﻟﻌﻣﻠﯾﺎت اﻟذھﻧﯾ ّﺔ /اﻟﻌﻘﻠﯾﺔ اﻷﺳﺎﺳﯾ ّﺔ ،ﻟﻠﺗﻌﻠ ّم وﺗﻔﮭّم طﺑﯾﻌﺔ اﻷﺷﯾﺎء
ﺑﺄﺑﻌﺎدھﺎ وﺗﺄﺛﯾراﺗﮭﺎ .وﺗﺗﺟﻠ ّﻰ ﻗدرة اﻟطﻔل ﻋﻠﻰ اﻻﻧﺗﺑﺎه واﻟﺗرﻛﯾز ،إذا ﻣﺎ ﻗﺎم ﺑﻌﻣل ﻣﺎ )ذھﻧﻲ
ﻓﯾﮫ ﺣﺗﻰ اﻟﻧﮭﺎﯾﺔ ،ﻣن دون اﻧﻘطﺎع أو اﻧﺷﻐﺎل ﻋﻧﮫ ..أي اﻟﻣﺗﺎﺑﻌﺔ أو ﺣرﻛﻲ( واﺳﺗﻣر ّ
ﻹﻧﺟﺎزه.
وﻟﻛن ّ اﻟطﻔل ﻓﻲ ﻋﻣر اﻟﺳﻧﺔ اﻟراﺑﻌﺔ أو اﻟﺧﺎﻣﺳﺔ ،ﻛﻣﺎ ھﻲ اﻟﺣﺎل ﻋﻧد اﻟطﻔل اﻟﻣﻌﻧﻰ
ﺑﺎﻟﺳؤال ،ﯾﻛون أﻗل ّ ﻗدرة ﻋﻠﻰ اﻻﻧﺗﺑﺎه اﻟذي ﯾﺗطﻠ ّب اﻟﺗرﻛﯾز اﻟدﻗﯾق ،واﻟﻘﯾم ﺑﻧﺷﺎط ذھﻧﻲ
ﻣد ّة ﻣن اﻟوﻗت ﻻ ﺗﻧﺎﺳب ﻣ ﻊ ﻣﺳﺗوى ﻧﺿﺟﮫ اﻟﻌﻘﻠﻲ ،ﻷﻧ ّﮫ ﻟم ﯾﻣﺗﻠك ﺑﻌد ﻣﮭﺎرات ﺗﻧظﯾم
اﻟﻌﻣﻠﯾﺎت اﻟﻌﻘﻠﯾﺔ اﻟﻼزﻣﺔ ﻟﮭذا اﻟﻧﺷﺎط أو ذاك ..ﻛﻣﺎ أﻧ ّﮫ ﻻ ﯾﺳﺗطﯾﻊ أن ﯾﺗﺣر ّ ر ﻣن
ﺟــواب:
إن ّ ظﺎھرة ﺗﻔﻛﯾك اﻷﻟﻌﺎب واﻷدوات ،ﻟﯾﺳت ﻣﺷﻛﻠﺔ ﻋﻧد اﻷطﻔﺎل ﻓﻲ ھذه اﻟﻣرﺣﻠﺔ ،إذا
ﻣﺎ أﺧذت ﻓﻲ إطﺎرھﺎ اﻟطﺑﯾﻌﻲ ..وإﻧ ّﻣﺎ ھﻲ رﻏﺑﺔ اﻟطﻔل ﻓﻲ اﻟﺑﺣث واﻻﻛﺗﺷﺎف وﻣﻌرﻓﺔ
ﻛل ّ ﺟدﯾد ﯾﻌرض أﻣﺎﻣﮫ .وھذا ﯾﻌﻧﻲ اﻟﻣﯾل إﻟﻰ اﻟﺗﺟرﯾب واﻻطﻼع ،وﻟﯾس إﻟﻰ اﻟﺗﺧرﯾب؛
وإذا ﺣدث ﻧوع ﻣﺎ ﻣن اﻟﺗﺧرﯾب أو اﻹﺗﻼف ،ﻓﮭذا ﻟﯾس ﻓﻌﻼ ّ ﻣﺗﻌﻣ ّدا ً ﯾﻘوم ﺑﮫ اﻟطﻔل ،إﻻ ّ إذا
ﻛﺎن رد ّ ﻓﻌل اﻧﺗﻘﺎﻣﻲ ّ ﻋﻠﻰ أﺳﻠوب اﻟﻣﻌﻠ ّﻣﺔ اﻟﻘﺎﺳﻲ ،أو ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺎﻧﺎة اﻟطﻔل ﻣن ﻣﻌﺎﻣﻠﺔ
أﺳرﺗﮫ أو رﻓﺎﻗﮫ.
وھذا اﻟﺳﻠوك اﻟﺗﺟرﯾﺑﻲ ،إﻟﻰ ﺟﺎﻧب اﻹﻛﺛﺎر ﻣن اﻷﺳﺋﻠﺔ واﻻﺳﺗﻔﺳﺎرات اﻟﺗﻲ ﯾوﺟ ّ ﮭﮭﺎ
اﻟطﻔل إﻟﻰ واﻟدﯾﮫ أو ﻣرﺑﯾﺗﮫ ،ﻟﯾس إﻻ ّ ﺗﻌﺑﯾرا ً ﻋن ﻓﺿول اﻟطﻔل ﻟزﯾﺎدة ﻣﻌﺎرﻓﮫ وﻣﮭﺎراﺗﮫ
وﺧﺑراﺗﮫ ،ﻋن طﺑﯾﻌﺔ اﻷﺷﯾﺎء اﻟﺗﻲ ﯾﺗﻌﺎﻣل ﻣﻌﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﺑﯾﺋﺔ اﻟﻣﺣﯾطﺔ ﺑﮫ ..وھذا ﻣﺎ ﯾﺳﮭم ﻓﻲ
ﺗﺣ ﻘﯾق ﺷﺧﺻﯾ ّﺗﮫ ﻓﻲ إطﺎر اﻟﻧﻣو اﻟﻌﻘﻠﻲ اﻟﺳﻠﯾم ،اﻟذي ﯾﺗراﻓق ﺑﺎﻟﺗﻔﻛﯾر اﻟﮭﺎدىء ،ﻣن دون
ﻋﺎﺋق أو ﺗﺷوﯾش.
وﺑﻣﺎ أن ّ اﻟطﻔل ﯾﻣﺎرس ﻧﺷﺎطﺎﺗﮫ ﻓﻲ روﺿﺔ اﻷطﻔﺎل ،ﻓﺈن ﻟﻠﻣﻌﻠ ّﻣﺔ ) اﻟﻣرﺑﯾﺔ( ﻓﻲ
ﺟــواب:
ﻻ ﺑد ّ ﻣن اﻻﻋﺗراف ﺑداﯾﺔ ،إﻧ ّﮫ ﻋﻠﻰ اﻟرﻏم ﻣن اﻧدﺛﺎر ظﺎھرة ﺗﻔﺿﯾل اﻟﺑﻧﯾن ﻋﻠﻰ
اﻟﺑﻧﺎت ،أو اﻟﺗﻣﯾﯾز ﻓﯾﻣﺎ ﺑﯾﻧﮭم ،آﺧذة ﻓﻲ اﻻﻧدﺛﺎر إﻟﻰ ﺣد ّ ﺑﻌﯾد ،ﻓﮭﻲ ﻣﺎ زاﻟت ﻣوﺟودة ،وإن
ﺑﻧﺳﺑﺔ ﻗﻠﯾﻠﺔ..
واﻷﻣر اﻟﻐرﯾب ﻓﻲ ھذا اﻟﺳؤال ،ھو أن ّ اﻷم ھﻲ اﻟﺗﻲ ﺗﻔﺿ ّل اﻷﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ اﻟﺑﻧﺎت ،وھذا
ﻧﻘﯾض اﻟﻣﺄﻟوف واﻟﻣﺗﻌﺎرف ﻋﻠﯾﮫ ،وﻻ ﺳﯾ ّﻣﺎ أن ّ اﻟﺗﻔﺿﯾل ﺑﯾن اﻷﺑﻧﺎء ﺑوﺟﮫ ﻋﺎم ،ﻣرﻓوض
وﻏﯾر ﻣﺳﺗﺣب ّ اﺟﺗﻣﺎﻋﯾّﺎ ً وإﻧﺳﺎﻧﯾﺎ ً ،ﻣﮭﻣﺎ ﻛﺎن ﻣﺻدره وطﺑﯾﻌﺗﮫ وﻏﺎﯾﺗﮫ.
إن ّ أﺳﻠوب اﻟﺗﻔرﻗﺔ اﻟواﻟدﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺗﻌﺎﻣل ﻣﻊ اﻷﺑﻧﺎء ،وﻻ ﺳﯾ ّﻣﺎ اﻟﺗﻣﯾﯾز ﺑﯾن اﻟذﻛور ﻣﻧﮭم
واﻹﻧﺎث ،ﺳواء ﻛﺎن ﻣن ﺟﺎﻧب اﻷب أو ﻣن ﺟﺎﻧب اﻷم ،ﯾﺗرﺗ ّب ﻋﻠﻲ ﺗﻛوﯾن ﻋﻼﻗﺎت ﻏﯾر
ﺳوﯾﺔ ﺑﯾن ﺷﺧﺻﯾ ّﺎت اﻷﺧوة واﻷﺧوات ،ﺑل ﻋﻼﻗﺎت ﺣﺎﻗدة ﻣﻠﯾﺋﺔ ﺑﺎﻟﻐﯾرة واﻷﻧﺎﻧﯾﺔ ..ﻷن ّ
ﺑﻌﺿﮭم ﯾﺗﻌو ّ د أن ﯾﺄﺧذ ﻛلّ ﺷﻲء ﻋﻠﻰ ﺣﺳﺎب اﻵﺧرﯾن ،اﻟذﯾن ﯾﺷﻌرون ﺑﺎﻟظﻠم واﻟدوﻧﯾّﺔ
ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻣﻌﺎﻧﺎﺗﮭم ﻣن اﻹﺣﺑﺎط واﻟﺣرﻣﺎن ﻣن ﺣﻘوﻗﮭم ،ﺑﯾﻧﻣﺎ ﯾﺗﻧﻌ ّم ﻏﯾرھﺎ ﺑﻛل ّ ﻣﺎ ﯾطﻠب
وﯾرﻏب.
وﻗد ﯾؤد ّي اﻟﺗﻔﺿﯾل ﺑﯾن اﻷﺑﻧﺎء ،إﻟﻰ ﺗﻛوﯾن اﺗﺟﺎھﺎت ﺳﻠﺑﯾﺔ ﻋﻧد اﻟﻣﺣروﻣﯾن ﻣﻧﮭم،
رﺑ ّﻣﺎ ﺗدﻓﻊ ﺑﺑﻌﺿﮭم إﻟﻰ ﺳﻠوﻛﺎت اﻧﺗﻘﺎﻣﯾﺔ داﺧل اﻷﺳرة أو ﺧﺎرﺟﮭﺎ ،ﺑﻘﺻد اﻟﺗﻌوﯾض ﻋﻣ ّﺎ
ﻓﺎﺗﮭم ﻓﻲ اﻷﺳرة .وﻟذﻟك ،ﯾﻧﺑﻐﻲ ﻋﻠﻰ اﻟواﻟدﯾن ﻋدم إظﮭﺎر أي ﻧوع ﻣن أﻧواع اﻟﺗﻔﺿﯾل
ﺟــواب:
إﻧ ّﮫ ﺳؤال وﺟﯾﮫ وﻓﻲ ﻏﺎﯾﺔ ﻣن اﻷھﻣﯾ ّﺔ واﻟﺧطورة ﻣﻌﺎ ً ،ﻷن ّ اﻟطﻔل اﻟﺳﺎﺋل ﯾﺷﻌر ﺑﺎﻟﺑﻌد
اﻟﻧﻔﺳﻲ ﻋن واﻟدﯾﮫ ،واﻟذي ﯾﺗﺟﻠ ّﻰ ﺑوﺿوح ﻓﻲ ﺣرﻣﺎﻧﮫ ﻣن رﻋﺎﯾﺗﮭﻣﺎ اﻟﺗرﺑوﯾﺔ ،وﻣﺎ ﯾﻧﺗﺞ
ﻋﻧﮫ ﻣن اﻹھﻣﺎل واﻟﻣﻌﺎﻧﺎة ﻣن اﻟﻘﻠق وﻋدم اﻻﺳﺗﻘرار.
ﻗد ﺗرﺟﻊ أﺳﺑﺎب إھﻣﺎل اﻟواﻟدﯾن ﻟﻠطﻔل ،إﻟﻰ طﺑﯾﻌﺔ ﻋﻣل ﻛلّ ﻣﻧﮭﻣﺎ )اﻷب واﻷم(
ﺧﺎرج اﻟﻣﻧزل ،ﺣﯾث ﯾﻌود ﻛل ّ ﻣﻧﮭﻣﺎ ﻣﺗﻌﺑﺎ ً ﻓﻼ ﯾﺟدان اﻟوﻗت اﻟﻛﺎﻓﻲ ﻟﻼھﺗﻣﺎم ﺑﺎﻟطﻔل اﻟذي
ﯾﺗرﻗ ّب ﻋودﺗﮭﻣﺎ وﯾﺗوق ﻟﻠﻘﺎﺋﮭﻣﺎ ..وﻗد ﯾﻧﺟم اﻹھﻣﺎل ﺑﺳﺑب ﻛﺛﯾرة ﻋدد اﻷﺑﻧﺎء ﻓﻲ اﻷﺳرة،
وﻋدم ﻗدرة اﻟواﻟدﯾن ،ﺣﺗﻰ وإن ﻛﺎﻧت اﻷم ﻻ ﺗﻌﻣل ﺧﺎرج اﻟﺑﯾت ،ﻋﻠﻰ ﺗﺄﻣﯾن ﻣﺗطﻠ ّﺑﺎﺗﮭم،
ﻓﯾﮭﻣل ﺑﻌﺿﮭم ﻣن دون ﻗﺻد.
وﻣﮭﻣﺎ ﺗﻛن اﻷﺳﺑﺎب اﻟﻛﺎﻣﻧﺔ وراء إھﻣﺎل اﻟواﻟدﯾن ﻟﻠطﻔل ،ﻓﻼ ﯾﺟوز اﻟﺑﺗ ّﺔ أن ﯾﺻل
اﻟطﻔل ﺟر ّ اء ھذا اﻹھﻣﺎل ،إﻟﻰ اﻟﺷﻌور اﻟﻣﺑﺎﺷر ﺑﺗﺄﺛﯾراﺗﮫ اﻟﺳﻠﺑﯾﺔ ،واﻟﺗﻲ ﻗد ﯾﻧﺟم ﻋﻧﮭﺎ
ﻧﺗﺎﺋﺞ ﺧطﯾرة ﺗﻧﻌﻛس ﻋﻠﻰ ﻣﺟﻣل ﺻﺣ ّ ﺔ اﻟطﻔل )اﻟﺟﺳدﯾﺔ واﻟﻌﻘﻠﯾ ّﺔ واﻟﻧﻔﺳﯾ ّﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ(.
ﻓﯾﻧﺷﺄ أﻧﺎﻧﯾ ّﺎ ً ﻣﻧطوﯾﺎ ً ﻋﻠﻰ ذاﺗﮫ ،ﯾﺷﻌر ﺑﻧﻘص اﻟﺛﻘﺔ ﺑﺎﻟﻧﻔس وﻋدم اﻟﻘدرة ﻋﻠﻰ اﻟﺗﻛﯾ ّف
اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ..ورﺑ ّﻣﺎ ﯾﺗراﻓق ذﻟك ﺑﺳﻠوﻛﺎت ﻣﺿطرﺑﺔ ﺗدل ّ ﻋﻠﻰ ﻛراھﯾ ّﺔ اﻟطﻔل /اﻟﻔرد
ﻟﻸﺳرة واﻟﺣﻘد ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ،ﻣﻣ ّﺎ ﯾؤد ّي ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ إﻟﻰ اﻧﺣراﻓﺎت اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ /أﺧﻼﻗﯾﺔ ،ﻣﺛل:
)اﻟﻛذب ،اﻟﮭروب ﻣن اﻟﻣﻧزل ،اﻟﺳرﻗﺔ ،اﻟﻌدوان ،اﻟﺗﺧرﯾب (..وﻏﯾرھﺎ ﻣن اﻟﻣﺷﻛﻼت
اﻟﺳﻠوﻛﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺻﻌب ﻣﻌﺎﻟﺟﺗﮭﺎ ﻓﻲ ﺑﻌض اﻷﺣﯾﺎن ،ﺑﺳﺑب أﺑﻌﺎدھﺎ اﻟذاﺗﯾﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ.
وﻟذﻟك ﯾﻧﺻﺢ واﻟدا اﻟطﻔل اﻹﺳراع ﺑﺗﻔﮭّم ﺣﺎﻟﺔ اﻟطﻔل ،وﺗﻌر ّ ف ﻋﻼﻗﺗﮭﺎ ﻣﻌﺎﻣﻠﺗﮭﻣﺎ ﻟﮫ
)رﻋﺎﯾﺔ واھﺗﻣﺎم( واﻟﻌﻣل ﻋﻠﻰ ﺗﻼﻓﻲ ﺗﺄﺛﯾراﺗﮭﺎ اﻟﺳﻠﺑﯾ ّﺔ ﻗﺑل ﻓوات اﻷوان .وﻟﯾﺗذﻛ ّر اﻟواﻟدان
أن ّ اﻟطﻔل ﻻ ذﻧب ﻟﮫ ﺳوى أﻧ ّﮫ ﻧﺗﯾﺟﺔ ﺗرﺑﯾﺔ ﺧﺎطﺋﺔ ،ھﻣﺎ اﻟﻣﺳؤوﻻن ﻋﻧﮭﺎ وﻋﻠﯾﮭﻣﺎ
ﺟــواب:
ﻻ ﺷك ّ أن أﺳﺎﻟﯾب اﻟﻣﻌﺎﻣﻠﺔ اﻟﺗرﺑوﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺗﻠﻘﺎھﺎ اﻟطﻔل /اﻟﻔرد ﻓﻲ اﻷﺳرة ،ﺗؤﺛ ّر إﻟﻰ
ﺣد ّ ﺑﻌﯾد ﻓﻲ ﺗﻛوﯾن ﺷﺧﺻﯾّﺗﮫ اﻟﻌﺎﻣﺔ ،ﺑﻣﺎ ﻓﻲ ذﻟك ﺳﻠوﻛﺎﺗﮫ وﺗﺻر ّ ﻓﺎﺗﮫ اﻟذاﺗﯾ ّﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾ ّﺔ،
وﻓﻲ إطﺎر أﺳرﺗﮫ اﻟﺣﺎﻟﯾ ّﺔ واﻟﻣﺳﺗﻘﺑﻠﯾ ّﺔ ،ﺳواء ﻛﺎﻧت ھذه اﻟﺳﻠوﻛﺎت )اﻟﺗﺻر ّ ﻓﺎت( إﯾﺟﺎﺑﯾﺔ أو
ﺳﻠﺑﯾﺔ.
ﻓﻘد أﻛ ّدت دراﺳﺎت ﻛﺛﯾرة ،ﻧﻔﺳﯾ ّﺔ وﺗرﺑوﯾﺔ ،أن ّ اﻟﺧﺑرات واﻟﺗﺟﺎرب اﻟﺣﯾﺎﺗﯾﺔ ،وﻻ ﺳﯾ ّﻣﺎ
اﻟﻘﺎﺳﯾ ّﺔ ﻣﻧﮭﺎ ،اﻟﺗﻲ ﻣر ّ ﺑﮭﺎ اﻟواﻟدون ﻋﻧدﻣﺎ ﻛﺎﻧوا ﺻﻐﺎرا ً ،ﻟﮭﺎ ﺗﺄﺛﯾرات واﺿﺣﺔ ﻓﻲ ﺗﻌﺎﻣﻠﮭم
ﻣﻊ أﺑﻧﺎﺋﮭم ..ﺣﯾث ﯾﻌﻛس ﺑﻌض اﻵﺑﺎء واﻷﻣ ّﮭﺎت – ﺑﺻورة ﻣﺑﺎﺷرة أو ﻏﯾر ﻣﺑﺎﺷرة،
اﻟﻛﺛﯾر ﻣﻣ ّﺎ ﻻﻗوه ﻣن ﻣﻌﺎﻣﻠﺔ أﺳرﯾﺔ ﻓﻲ أﯾﺎم طﻔوﻟﺗﮭم.
وﺗﺷﯾر ﻓﻲ ھذا اﻟﺻدد ،دراﺳﺔ ﻗﺎم ﺑﮭﺎ /ﺑﺎرك وﻛوﻟﻣر /إﻟﻰ أن ّ اﻟواﻟد اﻟﻣﺳﻲء إﻟﻰ
طﻔﻠﮫ ،أﺳﯾﺋت ﻣﻌﺎﻣﻠﺗﮫ وھو طﻔل ..ﻓﮭذا اﻷب ﻋﻧدﻣﺎ ﻛﺎن طﻔﻼ ً ،ﺗﻌﺎﻣل ﻣﻊ ﻧﻣوذج أﺑوي
ﻣﺳﻲء ﻟﮫ .واﻻﺣﺗﻣﺎل اﻷﻛﺑر أن ﯾﻛون ﻗد اﻣﺗص ّ ﻣﻌﺎﯾﯾر ھذا اﻟﻧﻣوذج وطرﯾﻘﺗﮫ ﻓﻲ اﻟﺗﻌﺎﻣل
ﻣﻊ اﻷطﻔﺎل ،وﻣﻊ اﻵﺧرﯾن أﯾﺿﺎ ً .
وﻛذﻟك اﻟﺣﺎل ،ﻓﺈن ّ اﻷم اﻟﺻﺎرﻣﺔ ﻓﻲ ﻣﻌﺎﻣﻠﺗﮭﺎ ﻣﻊ أطﻔﺎﻟﮭﺎ ،وﻻ ﺳﯾ ّﻣﺎ ﻣﻌﺎﻣﻠﺔ اﻟﺑﻧﺎت ،ﻗد
ﺗﻌر ّ ﺿت ﻓﻲ طﻔوﻟﺗﮭﺎ إﻟﻰ ﻣﻌﺎﻣﻠﺔ ﻗﺎﺳﯾﺔ ﻣن أﻣ ّﮭﺎ ،ﺣﯾث ﻛﺎﻧت اﻷم ﺗﻠزﻣﮭﺎ ﺑﺎﻟﻌﻧﺎﯾﺔ ﺑﺄﺧوﺗﮫ
واﻟﻘﯾﺎم ﺑﺄﻋﻣﺎل اﻟﺑﯾت ،وﻏﯾر ذﻟك ﻣن اﻷﻋﻣﺎل اﻟﺗﻲ ﻟم ﺗﻛن ﺗﺗﻧﺎﺳب ﻣﻊ ﻗدراﺗﮭﺎ .وﻋﻧدﻣﺎ
أﺻﺑﺣت ھذه اﻟطﻔﻠﺔ أﻣ ّﺎ وﻟﮭﺎ أﺳرة وأطﻔﺎل ،ﻓﮭﻲ ﺗﻣﺎرس ﻓﻲ ﻣﻌﺎﻣﻠﺔ أطﻔﺎﻟﮭﺎ ﻣﺎ اﻛﺗﺳﺑﺗﮫ
ﻣن ﺧﺑرات ﻗﺎﺳﯾ ّﺔ ﻓﻲ طﻔوﻟﺗﮭﺎ.
وﻓﻲ اﻟﻣﻘﺎﺑل ،ﻓﺈن ّ اﻵﺑﺎء واﻷﻣ ّﮭﺎت اﻟذﯾن ﻋﺎﺷوا ﻓﻲ طﻔوﻟﺗﮭم ﺣﯾﺎة ﻣﻠؤھﺎ اﻟﺗﺂﻟف
واﻻﺣﺗرام ،واﻛﺗﺳﺑوا ﺧﺑرات ﺳﺎرة ،وﺟداﻧﯾﺔ وﺳﻠوﻛﯾّﺔ ،ﻓﺈﻧ ّﮭم –ﺑﻼ ﺷك ّ -ﺳﯾطﺑ ّﻘون ﻣﺎ
اﻛﺗﺳﺑوه ﻓﻲ أﺳرھم اﻟﻣﺳﺗﻘﺑﻠﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻧﻌم اﻟﻣﺣﺑّﺔ واﻻﺳﺗﻘرار ..وﻟﯾس ﻓﻲ اﻷﻣر ﻏراﺑﺔ ،ﻣﺎ
دام اﻟواﻟدان ھﻣﺎ اﻟﻘدوة ﻷﺑﻧﺎﺋﮭم ،وﻋﻠﻰ ھذه اﻟﻘدوة ﺗﻘﻊ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾ ّﺔ اﻟﺗرﺑوﯾّﺔ.
ﺟــواب:
إن ّ ﻟﻠﻌﻼﻗﺎت اﻟﺗﻔﺎﻋﻠﯾّﺔ اﻟﻣﺗﺑﺎدﻟﺔ ﺑﯾن اﻷﺧوة واﻷﺧوات ﻓﻲ اﻷﺳرة ،دور ﻛﺑﯾر ﻓﻲ إﻛﺳﺎب
اﻷطﻔﺎل /اﻷﺑﻧﺎء ،اﻟﻛﺛﯾر ﻣن اﻟﻌﻧﺎﺻر اﻟﻣﻛو ّ ﻧﺔ ﻟﻠﺷﺧﺻﯾ ّﺔ ..ﻓﯾﺗﻌﻠ ّم ﻛل ّ طﻔل ﻣن أﺧوﺗﮫ
ﻛﯾف ﯾﺗﻌﺎون ﻣﻊ اﻵﺧرﯾن ،وﻛﯾف ﯾﺣﺗرﻣﮭم ،وﻛﯾف ﯾﺗﻧﺎﻓس ﻣﻌﮭم ،وﻛﯾف ﯾﻘد ّر ذاﺗﮫ ﻣن
ﺧﻼﻟﮭم..وﻏﯾر ذﻟك ﻣن اﻟﺧﺑرات اﻟﺗﻲ ﺗؤﺛ ّر ﻓﻲ ﺗﻌﻠ ّﻣﮫ اﻟﺳﻠوﻛﺎت اﻟﺻﺣﯾﺣﺔ واﻟﺗﺻر ّﻓﺎت
اﻟﻣﻘﺑوﻟﺔ ،واﻟﺗﻣﯾﯾز ﺑﯾن اﻟﺻواب واﻟﺧطﺄ ،وھو ﯾﺷﻌر ﻣﻌﮭم وﻣن ﺧﻼﻟﮭم ،ﺑﺎﻟﺣب واﻟﻌطف
واﻟطﻣﺄﻧﯾﻧﺔ.
ﻛﻣﺎ أن ّ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺗﻔﺎﻋﻠﯾﺔ اﻟﺳﻠﯾﻣﺔ ﺑﯾن اﻟطﻔل وأﺧوﺗﮫ ،وﻻ ﺳﯾ ّﻣﺎ اﻟﻛﺑﺎر ﻣﻧﮭم ،ﺗﺳﺎﻋده
ﻓﻲ ﺗﻧﻣﯾﺔ ﻣﮭﺎراﺗﮫ اﻟﺣرﻛﯾﺔ وﻗدراﺗﮫ اﻟﻌﻘﻠﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﺟﺎﻻت ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ،ﺣﯾث ﯾﻘوم اﻷﺧوة اﻟﻛﺑﺎر
– إﻟﻰ ﺟﺎﻧب اﻟواﻟدﯾن -ﺑدور اﻟﻣﻌﻠ ّم واﻟﻣرﺷد ﻷﺧوﺗﮭم اﻟﺻﻐﺎر ،ﻓﻲ ﻛﺛﯾر ﻣن اﻟﻣواﻗف
واﻟﻣﻧﺎﺷط اﻟﯾوﻣﯾ ّﺔ ،ﺑﻣﺎ ﯾﺳﮭم ﻓﻲ ﺗﺣﻘﯾق اﻟﺗواﻓق اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ اﻟﻣطﻠوب ﻋﻧد اﻷطﻔﺎل.
ﻗد ﯾؤﺛ ّر ﺣﺟم اﻷﺳرة ﻓﻲ ﺷﺑﻛﺔ اﻟﻌﻼﻗﺎت ﺑﯾن اﻷﺧوة ،ﺣﯾث ﺗﺗ ّﺳﻊ اﻟﻔرﺻﺔ أﻣﺎم اﻟطﻔل
ﻟﻠﺗﻔﺎﻋل ﻣﻊ اﻷﺧوة ﺑزﯾﺎدة ﻋددھم ..ﻓﺎﻟطﻔل اﻟذي ﯾﻌﯾش ﻓﻲ أﺳرة ﻛﺑﯾرة اﻟﺣﺟم –إﻟﻰ ﺣد ّ ﻣﺎ
– ﯾﺗﻣﺗ ّﻊ ﺑﺻداﻗﺔ أﺧوﺗﮫ وﺻﺣﺑﺗﮭم ،ﻓﯾﺟد ﻓﯾﮭم رﻓﻘﺎء اﻟﻠﻌب واﻟﻣﺟﺎل اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ اﻟذي
ﯾؤﻧﺳﮫ وﯾﺧرﺟﮫ ﻣن وﺣدﺗﮫ ..وھذا ﻋﻠﻰ ﻋﻛس اﻟطﻔل اﻟوﺣﯾد ﻓﻲ اﻷﺳرة ،اﻟذي ﻻ ﯾﺟد ﻓﻲ
ﻛﺛﯾر ﻣن اﻷﺣﯾﺎن ،ﻣن ﯾﻠﻌب ﻣﻌﮫ أو ﯾﺷﺎرﻛﮫ ﻣﺷﺎﻋره ،ﻓﯾﺣرم ﻣن اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ
اﻟﺿرورﯾﺔ ﻟﻠﻧﻣو اﻟﻌﺎم اﻟﻧﻔﺳﻲ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ.
إن ّ ﺧﻠق ھذه اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺗﻔﺎﻋﻠﯾﺔ ﺑﯾن اﻷﺧوة ،ھﻲ ﻣﺳﺄﻟﺔ ﺗرﺑوﯾﺔ ﯾﺗﺣﻣ ّﻠﮭﺎ اﻟواﻟدان
ﺑﺎﻟدرﺟﺔ اﻷوﻟﻰ ،وذﻟك ﻣن ﺧﻼل ﺗﺄﻣﯾن اﻷﺟواء اﻷﺳرﯾﺔ اﻟﻧﻘﯾ ّﺔ ،اﻟﻣﺑﻧﯾ ّﺔ ﻋﻠﻰ اﻻﺣﺗرام
اﻟﻣﺗﺑﺎدل ﺑﯾن اﻟﺟﻣﯾﻊ ،ﺣﯾث ﯾﺗﻛﺎﻣل دور اﻟواﻟدﯾن ﻓﻲ ﺗﻧﺷﺋﺔ اﻷﺑﻧﺎء وإﻛﺳﺎﺑﮭم ﻣﮭﺎرات
اﻟﺗواﻓق اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ،داﺧل اﻷﺳرة وﺧﺎرﺟﮭﺎ.
ﺟــواب:
ﻣﺎ زاﻟت اﻵراء ﺗﺗﺿﺎرب ﺣول ﺗﺄﺛﯾر ﺧروج اﻟﻣرأة إﻟﻰ اﻟﻌﻣل ،ﻋﻠﻰ واﺟﺑﺎﺗﮭﺎ اﻷﺳرﯾﺔ
ﺑﺻورة ﻋﺎﻣﺔ ،وﻋﻠﻰ ﺗرﺑﯾﺔ اﻷطﻔﺎل ﺑﺻورة ﺧﺎﺻﺔ .ﻓﻣﻧذ وﻗت ﻟﯾس ﺑﺑﻌﯾد ،ﻛﺎﻧت ﻣﻌظم
ﺟــواب:
ﻻ أﺣد ﯾﻧﻛر أو ﯾﺗﺟﺎھل ،أن اﻷﻓراد اﻟﻣﺗﻌﻠ ّﻣﯾن أﻛﺛر ﻗدرة ﻋﻠﻰ اﻟﺗﻌﺎﻣل ﻣﻊ ظروف
اﻟﺣﯾﺎة وﻣﺗطﻠ ّﺑﺎﺗﮭﺎ ،ﻣن اﻷﻓراد اﻷﻣﯾﯾن أو ﺿﻌﯾﻔﻲ اﻟﺗﻌﻠﯾم ،وإن ﻛﺎﻧت ﺛﻣ ّﺔ ﺣﺎﻻت اﺳﺗﺛﻧﺎﺋﯾﺔ
ﻓﻲ ھذه اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ.وﻟذﻟك ،ﺑﻌد ّ اﻟﻣﺳﺗوى اﻟﺗﻌﻠﯾﻣﻲ أﺣد اﻟﻌواﻣل اﻟﺑﺎرزة واﻟﻣؤﺛ ّرة ﻓﻲ
اﺗﺟﺎھﺎت اﻟواﻟدﯾن ﻧﺣو ﺗرﺑﯾﺔ اﻷﺑﻧﺎء ،وﺗﺣدﯾد اﻷﺳﺎﻟﯾب اﻟﺗرﺑوﯾﺔ اﻟﻣﻧﺎﺳﺑﺔ .وإن ﻛﺎن
ﻣﺳﺗوى اﻟواﻟدﯾن اﻟﺗﻌﻠﯾﻣﻲ ﯾرﺗﺑط-ﻏﺎﻟﺑﺎ ً -ﺑﺎﻟﻣﺳﺗوى اﻟوظﯾﻔﻲ أو ﺑﺎﻟﻣﻛﺎﻧﺔ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ اﻟﺗﻲ
ﯾﺣﺻﻠون ﻋﻠﯾﮭﺎ.
اﻟﻣؤﻛ ّد ،ﺑل وﻣن اﻟﻣﻔروض أﯾﺿﺎ ً ،أن ّ ﻣﻌﺎرف اﻟﻔرد ﺗزداد ﻛﻠ ّﻣﺎ ارﺗﻘﻰ ﻣﺳﺗوى ﻓﻣن
ﺗﻌﻠﯾﻣﮫ ،وﺗﺗ ّﺳﻊ ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻟذﻟك آﻓﺎق ﺧﺑراﺗﮫ وﺗﺟﺎرﺑﮫ اﻟﺣﯾﺎﺗﯾﺔ ،اﻟﻣﺗﻌﻠ ّﻘﺔ ﺑﺎﻟﺳﻠوﻛﺎت اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ
ﺟــواب:
ﺗﺧﺗﻠف اﻟﻣﻌﺎﯾﯾر اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻧظ ّ م ﺗﻌﺎﻣل اﻷﻓراد ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت ،ﻣن ﻣﺟﺗﻣﻊ إﻟﻰ
آﺧر ﺑﺣﺳب طﺑﯾﻌﺔ ھذه اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت وﻧظرﺗﮭﺎ إﻟﻰ اﻟﻔرد ،ﻣن ﺣﯾث ﻣﻛﺎﻧﺗﮫ وﻧوﻋﮫ اﻟﺟﻧﺳﻲ.
ﻟﻔروﻗﺎت اﻟﺟﻧﺳﯾ ّﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗوﻗ ّف درﺟﺔ ﻗو ّ ﺗﮭﺎ واﺗ ّﺳﺎﻋﮭﺎ ،ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻌطﯾﺎت وﺑذﻟك ﺗظﮭر ا
اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ اﻟﺳﺎﺋدة ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ.
وﯾﻌﺗﻘد اﻟﻛﺛﯾر ﻣن ﻋﻠﻣﺎء اﻟﻧﻔس ،أن ّ اﻟﺑﻧﯾن واﻟﺑﻧﺎت ﯾوﻟدون وﻟدﯾﮭم ﻗﻠﯾل ﻣن اﻟﻣﯾول
اﻟﺳﻠوﻛﯾ ّﺔ اﻟﻣﺗﺑﺎﻋدة ..وﯾﺄﺗﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ )اﻟﺑﯾﺋﺔ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ( ﻟﯾﻘوم ﺑدور ﻛﺑﯾر وﻗوي ّ ﻓﻲ
ﺗﺷﻛﯾل ﻣﻼﻣﺢ اﻟﺷﺧﺻﯾّﺔ اﻟﺧﺎﺻﺔ ﻟﻛلّ ﻣن اﻟﺟﻧﺳﯾن.وﺛﻣ ّﺔ دﻟﯾل ﻋﻠﻰ أن ّ اﻟﻛﺑﺎر ﯾﻘوﻣون
ﺑﺗﺷرﯾط )ﺗﺣدﯾد( اﻟﺳﻠوك اﻟﺟﻧﺳﻲ ،أو ﻣﺎ ﯾﺳﻣ ّﻰ " اﻟدور اﻟﺟﻧﺳﻲ " ،ﺣﯾث ﯾﺗﻠﻘ ّﻰ اﻟﺑﻧون
واﻟﺑﻧﺎت اﻣﺗﯾﺎزات وﺿﻐوطﺎت ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ،ﺗﻘودھم إﻟﻰ اﻟﺳﻠوك اﻟﻣﻧﺎﺳب ﻟﺟﻧﺳﮭم.
ﻓﻧﺟد ﺑﻌض اﻟواﻟدﯾن – ﻋﻠﻰ ﺳﺑﯾل اﻟﻣﺛﺎل – ﯾﻌز ّ زون اﻟدور اﻟﺟﻧﺳﻲ ﻣن ﺣﯾث ﻻ
ﯾدرون ،ﻣن ﺧﻼل إطﻼق ﺑﻌض اﻷﻟﻘﺎب اﻟﻣﺣﺑّﺑﺔ إﻟﻰ اﻟطﻔل ":ﻣﻼك ﺑﺎﺑﺎ اﻟﺻﻐﯾر ..رﺟل
ﻣﺎﻣﺎ اﻟﺻﻐﯾر "..إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻟﺳﻣﺎح ﻟﻠﺑﻧﯾن ﺑﺎﻟﺗﺟوال ﻓﻲ ﻣﺳﺎﺣﺎت أوﺳﻊ وﺑرﻗﺎﺑﺔ أﻗل ّ ﻣﻣ ّﺎ
ﺟــواب:
ﺗﻌر ّف اﻻﺗ ّﺟﺎھﺎت –ﺑوﺟﮫ ﻋﺎم-ﺑﺄﻧ ّﮭﺎ ﻣﻔﺎھﯾم ،أو ﻣﻌﺎﯾﯾر ،ﻣﺗﻌﻠ ّﻣﺔ ذات ﺻﻔﺔ ﺗﻘوﯾﻣﯾ ّﺔ،
ﺗرﺗﺑط ﺑﺄﻓﻛﺎر اﻟﻧﺎس وﻣﺷﺎﻋرھم وﺳﻠوﻛﺎﺗﮭم..أي أن ّ اﻻﺗ ّﺟﺎھﺎت ﻣﻛﺗﺳﺑﺔ ،ﯾﻛون ﻟﻠﻌﻧﺻر
اﻟﻣﻌرﻓﻲ ،اﻟﻔﻛري دور ﻛﺑﯾر ﻓﻲ ﺗﻛوﯾﻧﮭﺎ .ﻓﺄﻓﻛﺎر اﻟﻧﺎس ﻋن اﻟﻣوﺿوﻋﺎت اﻟﻣﺗﻌﻠ ّﻘﺔ
ﺑﺎﻻﺗ ّﺟﺎه ،ﺗﺑﻧﻰ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ﻛل ّ ﻣن اﻟﻣﻌرﻓﺔ واﻟﺧﺑرة .وﻟذﻟك ﯾﮭﺗم ّ ﻋﻠﻣﺎء اﻟﻧﻔس ﺑﺎﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯾن
اﻟﻔﻛر واﻟﻌﻧﺎﺻر اﻟﺳﻠوﻛﯾ ّﺔ ﻟﻼﺗ ّﺟﺎه.
ﻓﺛﻣ ّﺔ ﺗﺄﺛﯾر واﺿﺢ ﻟﻠﺳﻠوك ﻓﻲ اﻟﺟواﻧب اﻻﻧﻔﻌﺎﻟﯾﺔ واﻟﻔﻛرﯾﺔ ﻟﻼﺗ ّﺟﺎھﺎت ،ﺑﺣﺳب ﻧظرﯾ ّﺔ
)اﻟﺗﻧﺎﻓر اﻟﻣﻌرﻓﻲ( .ﻓﺈذا ﻛﺎن ﺛﻣ ّﺔ ﺗﺻﺎرع ﺑﯾن أﻓﻛﺎر اﻟﻧﺎس وأﻋﻣﺎﻟﮭم ،ﻓﺈﻧ ّﮭم ﯾﻛوﻧون
ﻋرﺿﺔ ﻟﻠﺷﻌور ﺑﻌدم اﻻرﺗﯾﺎح ..وﻗد ﯾﻌﻣد ھؤﻻء إﻟﻰ ﺗﻘوﯾم أﻓﻛﺎرھم ﺑﻘﺻد اﻟﺗﻘﻠﯾل ﻣن ھذا
اﻟﺗﻧﺎﻓر )اﻟﺗﺻﺎرع( وإﯾﺟﺎد ﺻﯾﻐﺔ ﻟﻠﺗﻧﺎﺳق واﻟﺗواﻓق ﺑﯾن اﻷﻓﻛﺎر واﻟﺳﻠوﻛﺎت.
ﻓﺎﻟﻧﺎس ﻟم ﯾوﻟدوا وﻟدﯾﮭم اﺗ ّﺟﺎھﺎت ﺧﺎﺻ ّﺔ ،وﻟﻛﻧ ّﮭم ﯾﻛﺗﺳﺑوﻧﮭﺎ ﻣن ﺧﻼل اﻟﻣﻼﺣظﺔ
واﻟﺧﺑرة واﻻﺷﺗراط اﻹﺟراﺋﻲ واﻻﺳﺗﺟﺎﺑﻲ ،وﻣن ﺧﻼل اﻷﻧﻣﺎط اﻟﻣﻌرﻓﯾ ّﺔ ﻟﻠﺗﻌﻠ ّم؛ ﺣﯾث
ﺗﻛون ھذه اﻟﻣؤ ّ ﺛرات ﻣﺗداﺧﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﺧﺑرة اﻟواﺣدة.وﻟذﻟك ،ﺗﺷﻛ ّل اﻻﺗ ّﺟﺎھﺎت اﻟﻣﺗﻛو ّ ﻧﺔ
ﺑطرﯾﻘﺔ ﺟﯾ ّدة واﻟﻣﺗﺄﺻ ّﻠﺔ ،ﺧﺑرات اﻟﻧﺎس ﺗﺟﺎه اﻷﺷﯾﺎء اﻟﻣﺗﻌﻠ ّﻘﺔ ﺑﺎﺗ ّﺟﺎھﺎﺗﮭم ..وﺗؤﺛ ّر ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ
ﻓﻲ اﻟﺳﻠوك اﻟﻣﺗﻌﻠ ّق ﺑﮭدف اﻻﺗ ّﺟﺎه واﻟﺗﻔﺎﻋﻼت اﻟﺷﺧﺻﯾ ّﺔ اﻟﺧﺎﺻ ّﺔ ﺑﮫ.
واﺳﺗﻧﺎدا ً إﻟﻰ ﻋواﻣل ﺗﻛوﯾن اﻻﺗ ّﺟﺎه ،ﻓﺈن ّ ﻋﻣﻠﯾ ّﺔ ﺗﻐﯾﯾر اﻻﺗ ّﺟﺎه ﺗﻛون ﺑطﯾﺋﺔ ،ﺣﯾث ﯾﻣﻛن
أن ﯾﺗﻐﯾ ّر اﻻﺗ ّﺟﺎه ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﺗﻌر ّ ض اﻟﻔرد )اﻷﻓراد( إﻟﻰ ﺧﺑرات وﻣﻌﻠوﻣﺎت ﺟدﯾدة ..وﺗﺗم ّ
-٦٣اﻟﻧﻣذﺟﺔ ﻓﻲ اﻟﺗرﺑﯾﺔ
ﺳــؤال:
"ﯾﺷد ّد ﻓﻲ اﻟﻣﯾدان اﻟﺗرﺑوي ،ﻋﻠﻰ دور اﻟﻘدوة ﻓﻲ اﻟﺗﻌﻠ ّم ،أو اﻟﺗﻌﻠ ّم ﺑﺎﻟﻘدوة ﻹﻛﺳﺎب
اﻷطﻔﺎل اﻷﻓﻛﺎر واﻟﺳﻠوﻛﺎت اﻟﻣرﻏوﺑﺔ ..ﻓﮭل ﯾﻘود اﻟﺗﻣﺳ ّ ك ﺑﺎﻟﻘدوة إﻟﻰ ﻧوع ﻣﺎ ﻣن
اﻟﻧﻣذﺟﺔ ،أو اﻟﺗوﺣ ّ د ﻣﻊ اﻟﻘدوة..؟ "
ﺟــواب:
"ﺛﻣ ّﺔ اﺗ ّﺟﺎھﺎت ﺗرﺑوﯾﺔ ﻛﺛﯾرة ﺗﻧﺎدي ﺑدور اﻟﻣرﺑّﻲ /اﻟﻣﻌﻠ ّم اﻟﻘدوة ،اﻟذي ﯾﺳﺗطﯾﻊ أن
ﯾﺗواﺻل ﻣن اﻟطﻔل ﺑﺻورة إﯾﺟﺎﺑﯾﺔ ،وﯾﻐرس ﻟدﯾﮫ اﻷﻓﻛﺎر اﻟﺻﺣﯾﺣﺔ واﻟﺳﻠوﻛﺎت
اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ /اﻷﺧﻼﻗﯾ ّﺔ اﻟﺳﻠﯾﻣﺔ .ﺣﺗﻰ ﻟﺗﺻﺑﺢ اﻟﻘدوة ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠطﻔل ﻣﺛﺎﻟﮫ اﻷﻋﻠﻰ وﻧﻣوذﺟﮫ
ﻣرﺣّﺔ اﻟﺗوﺣ ّد ﻣﻌﮭﺎ ..وﻻ ﺿﯾر ﻓﻲ ذﻟك إذا ﻛﺎن ھذا اﻟﻧﻣوذج ﻗدوة اﻷوﺣد ،ﻓﯾﺻل إﻟﻰ ﻠ
ﺣﺳﻧﺔ.
ﻓﺣﯾﻧﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠ ّم اﻟطﻔل ﻧوﻋﺎ ً ﻣن اﻟﺳﻠوك ،ﻓﺈﻧ ّﮫ ﯾﺻﻐﻲ أوﻻ ً إﻟﻰ اﻟﻧﻣوذج اﻟذي ﯾﺗﺄﺛ ّر ﺑﮫ،
ﺣﯾث ﯾوﺟ ّ ﮫ ﻧﻔﺳﮫ ﻧﺣو ﺳﻠوك ھذا اﻟﻧﻣوذج ﻣﺗﺟﺎھﻼ ً ﺳﻠوك اﻵﺧرﯾن ،وھذا ﯾﺗراﻓق ﻣﻊ
دواﻓﻊ إﯾﺟﺎﺑﯾﺔ.وﻟذﻟك ،ﻓﺈن ّ ﻣﻼﺣظﺔ ﺳﻠوك اﻟﻧﻣوذج ﻟن ﺗؤد ّي –ﺑﺣد ّ ذاﺗﮭﺎ-إﻟﻰ اﻟﺗﻌﻠ ّم ،إﻻ ّ
إذا ﻛﺎن ﻣﺎ ﯾﻘوم ﺑﮫ اﻟﻧﻣوذج ﯾﻠﺑ ّﻲ ﺣﺎﺟﺎت اﻟطﻔل اﻟوﺟداﻧﯾّﺔ واﻟﺳﻠوﻛﯾ ّﺔ.
ﯾﻘول /إﻟﺑرت ﻣﻧدورا :/إن ّ اﻷﺳﺎس اﻷﻋﻣق ﻟﻠﻧﻣذﺟﺔ ھو اﻟﺗوﺣ ّ د ،أي اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗﻲ
ﺗﺟﻌل ﻟﻠﻔرد ﻣﺷﺎﻋر وأﻓﻛﺎرا ً وأﻋﻣﺎﻻ ً ،ﺗﺗم ّ ﺗﺎﺑﻌﺔ ﻟﻔرد آﺧر ﻛﻧﻣوذج ..وﯾﺻف /ﺑﺎﻧدورا /
اﻟﺗوﺣ ّ د ﺑﺄﻧ ّﮫ:ﻋﻣﻠﯾﺔ ﻣﺳﺗﻣر ّ ة ﺗﺗﺣﻘ ّق ﻣن ﺧﻼﻟﮭﺎ اﺳﺗﺟﺎﺑﺎت ﺟدﯾدة ﻟدى اﻟﻔرد ،ﻣﻊ ﺗﻌدﯾل
اﻟرﺻﯾد اﻟﻣوﺟود ﻋﻧده ﻣن اﻟﺳﻠوك ،ﻛﻧﺗﯾﺟﺔ ﻟﻠﺧﺑرة اﻟﻣﺑﺎﺷرة ﻣن اﻟﻧﻣوذج ،وﻏﯾر
اﻟﻣﺑﺎﺷرة.
واﺳﺗﻧﺎدا ً إﻟﻰ ھذه اﻟﻣﻌطﯾﺎت ،ﯾﻘر ّ ر ﻋﻠﻣﺎء اﻟﺗﺣﻠﯾل اﻟﻧﻔﺳﻲ،ن ّأ اﻟطﻔل ﯾوظ ّ ف ﻛلّ ﻣن
واﻟدﯾﮫ ﻛﻧﻣوذج ،ﻷﻧ ّﮭﻣﺎ ﯾﻣﻠﻛﺎن ﻗدرة اﻟﺗﻌﺑﯾر ﻋن اﻟﺣب ّ ﺗﺟﺎھﮫ أو ﻛﺑﺣﮫ..وﻓﻲ ھذا اﻟﺻدد،
ﯾؤﻛ ّد /ﺑﺎﻧدورا /أن ّ اﻟﺗﻧﺷﺋﺔ اﻟﺣﻣﯾﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻘوم ﺑﮭﺎ اﻟواﻟدان ،وﻻ ﺳﯾ ّﻣﺎ اﻟواﻟدان اﻟﻠذان
ﯾﺗﻔﺎﻋﻼن ﻣﻊ طﻔﻠﮭﻣﺎ ﺑﺎﺳﺗﻣرار ،ﺗﻣﯾل ﺑﺎﻟطﻔل إﻟﻰ ﺗﻘﻠﯾد ﺳﻠوﻛﮭﻣﺎ أﻛﺛر ﻣن ﺗﻘﻠﯾد اﻟطﻔل
ﻟﺳﻠوك اﻟواﻟدﯾن اﻟﻣﺗﺣﻔ ّظﯾن ﻓﻲ ﻓرض ﺳﻠوﻛﮭﻣﺎ ﻋﻠﻰ اﻟطﻔل.
وھﻧﺎ ﯾظﮭر اﻟﻔرق ﺑﯾن اﻟﻘدوة /اﻟﻧﻣوذج ،اﻟﺗﻲ ﺗراﻋﻲ ﻗدرات اﻟطﻔل واھﺗﻣﺎﻣﺎﺗﮫ،
ﻓﺗﺻل ﺑﮫ إﻟﻰ ﺑﻧﺎء ﺷﺧﺻﻲ ّ ﺳﻠﯾم ،واﻟﻧﻣذﺟﺔ اﻟﺗﻘﻠﯾدﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻔرﺿﮭﺎ ﺑﻌض اﻟواﻟدﯾن ﻟﯾﻛون
اﻟطﻔل ﻧﺳﺧﺔ ﻣطﺎﺑﻘﺔ ﻟﮭم أﺻﻼ ً ،ﻓﯾﻔﺷﻠون ﻓﻲ اﻟوﺻول إﻟﯾﮭﺎ.
ﺟــواب:
ﯾرﺗﺑط اﻟﻧﻣو ّ اﻟﻠﻐوي ﻓﻲ ﻛﺛﯾر ﻣن ﺟواﻧﺑﮫ ﺑﺎﻟﻧﻣو ّ اﻟﻌﻘﻠﻲ ﻋﻧد اﻟطﻔل ،ﺣﯾث ﯾﺳﮭماﻟﻧﻣو ّ
اﻟﻠﻐوي –ﻓﻲ اﻟوﻗت ﻧﻔﺳﮫ-ﻓﻲ ﺗﻧﻣﯾﺔ اﻟﻧﻣو ّ اﻟﻌﻘﻠﻲ .وﻣن اﻟﻣﻌروف أن ّ اﻟﻠﻐﺔ وﺛﯾﻘﺔ اﻟﺻﻠﺔ
ﺑﺎﻟﻔﻛر ،وﻋﻧدﻣﺎ ﯾﻛو ّ ن اﻟطﻔل ﺻورة ذھﻧﯾ ّﺔ ﻋن اﻟﻣدرﻛﺎت اﻟﺣﺳﯾّﺔ ﻟﻸﺷﯾﺎء اﻟﻣوﺟودة
ﺣوﻟﮫ ،ﻓﺈﻧ ّﮫ ﯾﺣﺗﺎج إﻟﻰ اﻟﻠﻐﺔ ﻟﺗﺛﺑﯾت ھذه اﻟﻣدرﻛﺎت ،وﻣن ﺛم ّ اﻟﺗﻌﺑﯾر ﻋﻧﮭﺎ أﻣﺎم اﻵﺧرﯾن.
وھﻧﺎ ﯾﻛون ﻟﻣﺳﺗوى اﻟﻧﻣو ّ اﻟﻠﻐوي دور ﻛﺑﯾر ﻓﻲ ﺗﺳﮭﯾل ﻋﻣﻠﯾ ّﺔ اﻟﺗﻌﺑﯾر.
وﻟﻛن ّ ﺗﻛوﯾن اﻟﺻور اﻟذھﻧﯾﺔ ﻟﻠﻣوﺟودات اﻟﺣﺳﯾ ّﺔ ،واﻟﺗﻌﺑﯾر ﻋﻧﮭﺎ ،ﻟﯾس ﻓﻲ ﻣﺳﺗوى
واﺣد ﻋﻧد اﻷطﻔﺎل اﻟذﯾن ھم ﻓﻲ ﻋﻣر واﺣد ،وإﻧ ّﻣﺎ ﺛﻣ ّﺔ ﻣﺳﺗوﯾﺎت ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻓﯾﻣﺎ ﺑﯾﻧﮭم ،ﻗد
ﺗرﺟﻊ إﻟﻰ ﻓروﻗﺎت ﻓردﯾ ّﺔ ﺑﯾن اﻷطﻔﺎل أﻧﻔﺳﮭم ﻣن ﺟﮭﺔ ،أو إﻟﻰ ﻓروﻗﺎت ﻓﻲ اﻟﺑﯾﺋﺎت
اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ /اﻷﺳرﯾﺔ ،واﻟﻠﻐﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺳﻣﻌﮭﺎ اﻟطﻔل ﻓﻲ ھذه اﻷﺳرة أو ﺗﻠك ،واﻟﺗﻲ ﻣن ﺷﺄﻧﮭﺎ أن
ﺗؤﺛ ّر ﻓﻲ ﻟﻐﺔ اﻟطﻔل وﺛروﺗﮫ اﻟﻠﻔظﯾﺔ ،ﺑﺷﻛل إﯾﺟﺎﺑﻲ أو ﺑﺷﻛل ﺳﻠﺑﻲ .وﯾﺄﺗﻲ دور اﻟروﺿﺔ
واﻟﻣدرﺳﺔ ﻟﯾﻛﻣل دور اﻷﺳرة ﻓﻲ اﻟﺗﻧﻣﯾﺔ اﻟﻠﻐوﯾﺔ ﻋﻧد اﻟطﻔل ،وزﯾﺎدة ﺛروﺗﮫ اﻟﻠﻔظﯾّﺔ ،ﻣن
ﺧﻼل اﻟﻣﻧﺎﺷط اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗطﻠ ّب اﻟﺣوار واﻟﻧﻘﺎش.
وﻻ ﺑد ّ ﻣن اﻟﺗﺄﻛﯾد ﻋﻠﻰ أن ّ اﻟدور اﻟﻛﺑﯾر ﻓﻲ ﺗﻧﻣﯾﺔ اﻟﻣﮭﺎرات اﻟﻠﻐوﯾﺔ ﻋﻧد اﻷطﻔﺎل،
ﯾﺟب أن ﯾرﻛ ّز ﺑﺎﻟدرﺟﺔ اﻷوﻟﻰ ،ﻋﻠﻰ ﻣﮭﺎرﺗﻲ )اﻻﺳﺗﻣﺎع واﻟﻣﺣﺎدﺛﺔ( ،وﻣن ﺛم ّ ﺗﺄﺗﻲ
ﻣﮭﺎرﺗﺎ اﻟﻘراءة واﻟﻛﺗﺎﺑﺔ .وﯾﺗم ّ ذﻟك ﻣن ﺧﻼل اﻟﻣﻧﺎﺷط اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗطﻠب ّ اﻟﺣوار
واﻟﻧﻘﺎش ،واﻟﻘﺻص واﻟﺣﻛﺎﯾﺎت واﻷﻟﻌﺎب واﻟﺗﻌﺑﯾر ﻋن اﻟﺻور ..وﻏﯾرھﺎ ﻣﻣ ّﺎ ﯾﺗﯾﺢ
ﻟﻸطﻔﺎل ﻓرص اﻟﺗﺣد ّث واﻟﺗﺳﺎؤل ،ﺳواء ﻓﻲ اﻟﺑﯾت أو ﻓﻲ اﻟﻣدرﺳﺔ.
وﻛﻣﺎ ﯾﻘول أﺣد اﻟﻠﻐوﯾﯾن /اﻟﺗرﺑوﯾﯾن :إذا أردﻧﺎ أن ﻧﻌﻠ ّم اﻟطﻔل اﻟﻠﻐﺔ ،ﯾﺟب أن ﻧﺿﻌﮫ
ﻓﻲ ﺣﻣ ّﺎم ﻣن اﻟﻠﻐﺔ " .وھذا ﯾﻌﻧﻲ أن ﺗﻛون اﻟﺑﯾﺋﺔ اﻟﻣﺣﯾطﺔ ﺑﺎﻟطﻔل ﻏﻧﯾ ّﺔ ﺑﺎﻟﻣﺛﯾرات ﻋﻠﻰ
اﺳﺗﺧدام اﻟﻘواﻟب اﻟﻠﻐوﯾﺔ ﺳﻠﯾﻣﺔ اﻟﻠﻔظ .وھذه ﻣﺳؤوﻟﯾ ّﺔ اﻟﻣﻌﻠ ّﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﻧﺷﺎطﺎت اﻟﺻﻔﯾ ّﺔ
واﻟﻼﺻﻔﯾّﺔ.
ﺟــواب:
اﻟﺟـزء اﻟـراﺑـﻊ
إن ّ ﻋداﻟﺔ اﻟواﻟدﯾن ﻓﻲ ﺗﻌﺎﻣﻠﮭﻣﺎ ﻣﻊ اﻷﺑﻧﺎء ﺑﻼ ﺗﻣﯾﯾز ،ﺳواء ﺑﯾن اﻟﻛﺑﺎر أو ﺑﯾن اﻟذﻛور
واﻹﻧﺎث ،ﺗﻌد ّ ﻣن اﻷﺳس اﻟﺗرﺑوﯾ ّﺔ اﻟﮭﺎﻣ ّﺔ ﻓﻲ ﻧﺟﺎح اﻟﻌﻣل اﻟواﻟدي اﻟﺗرﺑوي ،وﺗﻛوﯾن أﺳرة
ﻣﺗﺣﺎﺑﺔ وﻣﺗﻣﺎﺳﻛﺔ ،ﺗﻘوم ﻋﻠﻰ اﻻﺣﺗرام واﻟﺗﻌﺎون واﻟﻐﯾرﯾ ّﺔ ،ﻟﯾس ﻓﻲ اﻟﺣﺎﺿر ﻓﺣﺳب،
وإﻧ ّﻣﺎ أﯾﺿﺎ ً ﻓﻲ اﻟﻣﺳﺗﻘﺑل .وھذا ﯾﺣﺗﺎج إﻟﻰ ﺗواﻓق اﻟواﻟدﯾن ﻋﻠﻰ اﻷﺳﺎﻟﯾب اﻟﺗرﺑوﯾﺔ ،وإﻟﻰ
ﺣﻛﻣﺗﮭﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﺗﻌﺎﻣل ﻣﻊ اﻷﺑﻧﺎء .ﻓﻛﻠ ّﻣﺎ اﺳﺗطﺎع اﻟواﻟدان ﺗﺣﻘﯾق اﻟﻌداﻟﺔ ﻓﻲ ﺗﻌﺎﻣﻠﮭﻣﺎ ﻣﻊ
اﻷﺑﻧﺎء ،وإن ﻛﺎﻧت اﻟﻌداﻟﺔ اﻟﻣطﻠﻘﺔ ﻏﯾر ﻣﻣﻛﻧﺔ وﺻﻌب ﺗﺣﻘﯾﻘﮭﺎ ،ﻛﺳب اﻟواﻟدان ﻣﺣﺑ ّﺔ
أﺑﻧﺎﺋﮭم وﺗﻘدﯾرھم ﻟﮭم واﺣﺗراﻣﮭم ،وﺿﻣﻧﺎ ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ رﻋﺎﯾﺔ اﻷﺑﻧﺎء ﻟﮭﻣﺎ واﻟﺣﻔﺎظ ﻋﻠﻰ
ﻛراﻣﺗﮭﻣﺎ ،وﺗﻘدﯾم ﻛل ّ ﻣﺎ ﯾرﯾﺣﮭﻣﺎ وﯾؤﻣ ّن ﻟﮭﻣﺎ اﻟﺣﯾﺎة اﻟﺳﻌﯾدة.
ﻓﻣن ﯾزرع اﻟﻣﺣﺑ ّ ﺔ ،ﯾﺣﺻد اﻹﺣﺳﺎن ..وﻣن ﯾزرع اﻟﻌداﻟﺔ ،ﯾﺣﺻد اﻟﺑر ّ !!..
ﯾﺗﺿﻣ ّن ھذا اﻟﻘول ﻣﺳؤوﻟﯾ ّﺔ ﻛﺑﯾرة ﺗﻠﻘﻰ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺗق اﻟواﻟدﯾن واﻟﻣرﺑ ّﯾن اﻟذﯾن ﯾﺗﻌﺎﻣﻠون
ﻣﻊ اﻟطﻔل ،وﯾﮭﯾﺋوا ﻟﮫ أﺳﺑﺎب اﻟﻧﻣو اﻟﺳﻠﯾم واﻟﺗطو ّ ر اﻟﻛﺎﻣل ،ﺣﯾث ﯾﺑدأ اﻟطﻔل ﺑﺈدراك ذاﺗﮫ
واﻟﺑﯾﺋﺔ اﻟﻣﺣﯾطﺔ ﺑﮫ ،وإﺣﺳﺎﺳﮫ ﺑﺄن ّ ﻟدﯾﮫ طﺎﻗﺔ ﻛﺑﯾر وﻓﺎﻋﻠﯾﺔ ﻣﻠﺣوظﺔ.
وﻟﻛن ّ اﻟطﻔل ﻗد ﯾﻣر ّ ﺑﺑﻌض اﻷزﻣﺎت اﻟﻌﺎطﻔﯾﺔ أو اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ،ﺧﻼل ﻣراﺣل اﻟﺗطو ّ ر
اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﺑﺳﺑب ﺑﻌض اﻟﻣﺛﯾرات اﻟﻣﺣﯾطﺔ ﺑﮫ .وھﻧﺎ ﯾﺑرز دور اﻟواﻟدﯾن واﻟﻣرﺑﯾن ﻓﻲ ﺗوﺟﯾﮫ
ﯾﻧطوي ھذا اﻟﻘول ﻋﻠﻰ اﻋﺗﻘﺎد ﺧﺎطﻰء ﻓﻲ اﻟﺗﻌﺎﻣل ﻣﻊ اﻟﻣراھق ،ﺑل وﻣﺗﻧﺎﻗض ﻣﻊ
طﺑﯾﻌﺔ اﻟﻣراھﻘﺔ ،ﻷﻧ ّﮫ ﻻ ﯾراﻋﻲ ﺧﺻﺎﺋص ھذه اﻟﻣرﺣﻠﺔ ،وﻻ ﺳﯾ ّﻣﺎ ﻣن اﻟﻧواﺣﻲ ) اﻟﻧﻔﺳﯾ ّﺔ
واﻟﻌﻘﻠﯾﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾ ّﺔ( .ﻓﺎﻟﻣراھق ﯾﻌﯾش ﻓﺗرة اﻧﺗﻘﺎﻟﯾﺔ ﺣرﺟﺔ ﯾﺗﺧﻠ ّﻠﮭﺎ ﺻراع ﺑﯾن اﻟﻣﺎﺿﻲ
واﻟﻣﺳﺗﻘﺑل ،ﺣﯾث ﯾﺑدو اﻟﻣراھق وﻛﺄﻧ ّﮫ ﯾﺣن ّ إﻟﻰ اﻟطﻔوﻟﺔ ،وﻟﻛﻧ ّﮫ ﻓﻲ اﻟوﻗت ذاﺗﮫ ﯾرﻏب ﻓﻲ
اﻟﺗﺧﻠ ّص ﻣﻧﮭﺎ ..وإن ﻛﺎن ﯾﺧﺎف ﻣن ﻣرﺣﻠﺔ اﻟرﺟوﻟﺔ ،ﻓﮭو ﯾطﻣﺢ إﻟﯾﮭﺎ ﻟﯾﺣﻘ ّق ذاﺗﮫ ،وﯾﻛون
ﻗﺎدرا ً ﻋﻠﻰ ﺗﺣﻣ ّل ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ھذه اﻟذات.
وﻟذﻟك ،ﻓﺈن ّ ﻣﮭﻣ ّﺔ اﻟﻛﺑﺎر ﻓﻲ اﻟﺗﻌﺎﻣل ﻣﻊ اﻟﻣراھق ،ﺗﻛﻣن ﻓﻲ ﺗﺿﯾﯾق ھو ّ ة ھذا اﻟﺗﻧﺎﻗض
)اﻟﺻراع( اﻟذي ﯾﻌﺎﻧﻲ ﻣﻧﮫ ،وﻣن ﺛم ّ ﺗوﻓﯾر ﻛل ّ اﻟﻣﺳﺗﻠزﻣﺎت اﻟﺿرورﯾﺔ ﻟﻣﺳﺎﻋدﺗﮫ ﻓﻲ
ﺗﺟﺎوز ھذه اﻟﻣرﺣﻠﺔ ﺑﮭدوء وﺳﻼم ،وﺗﺄھﯾﻠﮫ ﻟﻠﺗﻛﯾ ّف ﻣﻊ اﻟﻣرﺣﻠﺔ اﻵﺗﯾﺔ ﻓﻲ ﺣﯾﺎﺗﮫ اﻟﻣﺳﺗﻘﺑﻠﯾﺔ
ﺑﺷﺧﺻﯾ ّﺔ ﻓﺎﻋﻠﺔ.
ﯾؤﻛ ّد ھذا اﻟﻘول أھﻣﯾ ّﺔ اﻟﺗرﺑﯾﺔ اﻷﺧﻼﻗﯾ ّﺔ /اﻟوﺟداﻧﯾ ّﺔ ،اﻟﺗﻲ ﺗﻘوم ﺑﮭﺎ اﻷﺳرة ﻣﻣﺛ ّ ﻠﺔ
ﺑﺎﻟواﻟدﯾن ،ﺣﯾث ّ ﯾﺗم ّ ﻏرس اﻟﻘﯾم اﻟﺗرﺑوﯾﺔ ) اﻷﻣﺎﻧﺔ ،اﻟﺻدق ،اﻹﺧﻼص ،اﻻﺣﺗرام،
وﻏﯾرھﺎ ﻣن اﻟﻘﯾم اﻟﺗﻲ ﺗﻌز ّ ز ﻋﻧد اﻷطﻔﺎل اﻟﺳﻠوﻛﺎت اﻹﯾﺟﺎﺑﯾﺔ، اﻟﻣﺛﺎﺑرة ،اﻹﯾﺛﺎر(..
اﻟﻔردﯾﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾ ّﺔ.
ﻓﺎﻷﺳرة ھﻲ اﻟﺧﻠﯾ ّﺔ اﻷﺳﺎﺳﯾ ّﺔ ﻓﻲ اﻟﺑﻧﺎء اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ،وإذا ﻛﺎﻧت اﻟﺧﻼﯾﺎ اﻷﺳرﯾﺔ ﺳﻠﯾﻣﺔ
ﺑﻔﻌل اﻟﺗرﺑﯾﺔ ،ﻓﺈن ّ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﻛﻠ ّﮫ ﺳﯾﻛون ﺳﻠﯾﻣﺎ ً ،ﻻ ﻣﺟﺎل ﻓﯾﮫ ﻟﻠﻐﻲ ّ أو اﻟﻔﺳﺎد ،ﺑل ﺗﺳوده
اﻟﻘﯾم اﻷﺧﻼﻗﯾﺔ /اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻧظ ّ م ﻋﻼﻗﺎت أﺑﻧﺎء اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ،ﻟﻣﺎ ﻓﯾﮫ ﺧﯾرھم ﻛﺄﻓراد
وﺧﯾر ﻣﺟﺗﻣﻌﮫ اﻟﻌﺎم.
ﺛﻣ ّﺔ أﻣ ّﮭﺎت ﻛﺛﯾرات – ﻓﻲ اﻟواﻗﻊ -ﯾﻐدﻗن اﻟﻣﺣﺑ ّﺔ ﻋﻠﻰ اﻷطﻔﺎل ،ﺑﻼ ﺣدود ،وﺑﺳﺑب وﻣن
دون ﺳﺑب ..وﯾﻌﺗﻘدن أن ّ ﻓﻲ ذﻟك أداء ً ﻣﺗﻣﯾ ّزا ً ﻟﻣﮭﻣ ّﺔ اﻷﻣوﻣﺔ اﻟﺣﻘﯾﻘﯾ ّﺔ ،ﺑﯾﻧﻣﺎ ھو – ﻓﻲ
ﺣﻘﯾﻘﺔ اﻷﻣر-ﻣﻣﺎرﺳﺔ ﺗرﺑوﯾﺔ ﺧﺎطﺋﺔ ،ﻷﻧ ّﮫ ﯾﻘوم ﻋﻠﻰ ﺣب ّ اﻷطﻔﺎل ﻏﯾر اﻟﻣﻌﻘﻠن ،واﻟذي
ﯾﺳﺗﻧد إﻟﻰ ﻣﻘوﻟﺔ ) :ﻻ ﺗﻔرﯾط وﻻ إﻓراط( وإﻧ ّﻣﺎ ﺑﺎﻟﻘدر اﻟﻣﻧﺎﺳب اﻟذي ﯾوﻓ ّر أﺟواء اﻷﻣن
واﻻﺳﺗﻘرار ،وﻻ ﯾﻔﺳدھﺎ.
ﻓﺎﻷم اﻟﺗﻲ ﻻ ﺗدرك ﻣدى ﺗﺄﺛﯾرات ﺣﺑ ّﮭﺎ ﻷﺑﻧﺎﺋﮭﺎ ،اﻟﺟﺎﻣﺢ وﻏﯾر اﻟﻣﺿﺑوط ،ﺳﺗﻛﺗﺷف ﻓﻲ
ﻟﺣظﺔ ﻣﻌﯾ ّﻧﺔ ،ورﺑ ّﻣﺎ ﺣرﺟﺔ ،أﻧ ّﮭﺎ ﻛﺎﻧت ﻣﺧطﺋﺔ ﺑﺣق ّ طﻔﻠﮭﺎ )أطﻔﺎﻟﮭﺎ( ،وھﻲ ﻣﺳؤوﻟﺔ اﻵن
ﻋن ﺿﺑط ﺗﻌﻠ ّق اﻟطﻔل ﺑﮭﺎ واﻟﺗواﻛل ﻋﻠﯾﮭﺎ ..وﻗد ﺗﻌﺟز ﻋن إﺻﻼح ﻣﺎ أﻓﺳدﺗﮫ ﻓﻲ ﻧﻔﺳﯾ ّﺔ
اﻟطﻔل وﺳﻠوﻛﮫ اﻟذاﺗﻲ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ،ﻓﯾﻧﺷﺄ ﺿﻌﯾف اﻟﺷﺧﺻﯾ ّﺔ ﯾﺣﺻد ﻧﺗﯾﺟﺔ اﻟﻣﻌﺎﻣﻠﺔ
اﻟﺗرﺑوﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻠﻘ ّﺎھﺎ ﻣن أﻣ ّﮫ.
إن ّ ﻓﻲ ھذا اﻟﻘول دﻻﻻت ﻛﺑﯾرة وواﺿﺣﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺑدأ اﻟﺗﻌﻠ ّم اﻟذاﺗﻲ ،اﻟذي ﯾﺟب أن ﯾﻌﺗﺎد
اﻟطﻔل ﻋﻠﯾﮫ ﻣن اﻟﺻﻐر ،ﻟﻣﺎ ﻓﯾﮫ ﻣن ﺗواﻓق ﻣﻊ طﺑﯾﻌﺔ اﻟطﻔل اﻟﺗﻲ ﺗﻣﯾل إﻟﻰ اﻟﺑﺣث
اﻟﺗﻌ ّم وﺗﺟوﯾد ﻧﺗﺎﺋﺟﮫ .وھذا ﯾﻔرض ﻋﻠﻰ اﻟواﻟدﯾن واﻟﻣرﺑﯾ ّن ،أن
واﻻﻛﺗﺷﺎف ،وإﻟﻰ ﺗﻔﻌﯾل ﻠ
ﯾؤﻣ ّﻧوا ﻟﻸطﻔﺎل ﻓرص اﻟﺗﻌﻠ ّم اﻟذاﺗﻲ ،ﻣن ﺧﻼل ﺗوﻓﯾر اﻟﻣﻧﺎﺧﺎت اﻟﺿرورﯾﺔ ﻟﮭذا اﻟﺗﻌﻠ ّم،
واﻷﺳﺎﻟﯾب واﻷدوات واﻟوﺳﺎﺋل اﻟﻣﻧﺎﺳﺑﺔ ﻟﻘدرات اﻵطﻔﺎل وإﻣﻛﺎﻧﺎﺗﮭم ﻋﻠﻰ اﺳﺗﺧداﻣﮭﺎ
وﺗوظﯾﻔﮭﺎ ،ﺑﺣﯾث ﯾﺳﺗطﯾﻌون اﻟﺗﻌﺎﻣل ﻣﻌﮭﺎ واﻻ ﺳﺗﻔﺎدة ﻣﻧﮭﺎ ﺑﻔﺎﻋﻠﯾﺔ ﻛﺑﯾرة ،ﻓﯾﺷﻌرون
ﺑﺎﻟﺳﻌﺎدة واﻟرﺿﻰ ﻋن اﻟذات.
ﯾؤﻛ ّد ھذا اﻟﻘول أن ّ اﻟدﻻل اﻟﻣﻔرط ﻟﻠطﻔل ،واﻟﻣﻔﻌم ﺑﺎﻟﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟواﻟدﯾﺔ اﻟزاﺋدة ،ﯾؤد ّي إﻟﻰ
ﺑﻧﺎء ﺷﺧﺻﯾ ّﺔ ﺿﻌﯾﻔﺔ ﻏﯾر ﻗﺎدرة ﻋﻠﻰ ﺗﺣﻣ ّل اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﻓﻲ ﻣواﺟﮭﺔ اﻟظروف اﻟﺣﯾﺎﺗﯾﺔ
وﺗﺄﻣﯾن ﻣﺗطﻠ ّﺑﺎﺗﮭﺎ اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ..ﻷن ّ ھذه اﻟﺷﺧﺻﯾ ّﺔ ﻧﺷﺄت ﻣﺗواﻛﻠﺔ إﻟﻰ ﺣد ّ اﻷﻧﺎﻧﯾﺔ ،ﺑﺣﯾث
ﺗرﯾد أن ﯾﻛون ﻛل ّ ﺷﻲء ﻟذاﺗﮭﺎ وﻣﺻﺎﻟﺣﮭﺎ اﻟﺧﺎﺻﺔ ..وﻋﻧدﻣﺎ ﺗﻔﻘد ھذه اﻟﺷﺧﺻﯾ ّﺔ ﻣن
اﻋﺗﺎدت اﻟﺗواﻛل ﻋﻠﯾﮫ ،ﺗﺻﺑﺢ ﻋﺎﻟﺔ ﻋﻠﻰ ذاﺗﮭﺎ وﻋﻠﻰ اﻵﺧرﯾن ﻣن ﺣوﻟﮭﺎ.
وﺑذﻟك ،ﯾﻛون اﻷھل ﻗد وﺿﻌوا ﺑﺗرﺑﯾﺗﮭم اﻟﻣﻔرطﺔ ﻓﻲ ﺗدﻟﯾل اﻟطﻔل ،وﺗﻌوﯾده اﻟﻣظﺎھر
اﻟﺧﺎدﻋﺔ ،أﺳس ﺑﻧﺎء اﻟﺷﺧﺻﯾ ّﺔ اﻷﻧﺎﻧﯾﺔ وﻋواﻣل ﻏرورھﺎ وﻓﺷﻠﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﺣﯾﺎة اﻟﺧﺎﺻﺔ
واﻟﻌﺎﻣ ّﺔ.
-٩اﻟطﻔل وﻋﻼﻗﺔ اﻟﻣﺎل ﺑﺎﻟﻌﻣل
ﯾﻘول اﻟﻣرﺑ ّ ﻲ اﻟﻛﺑﯾر /أﻧطون ﻣﻛﺎرﯾﻧﻛو::
"ﯾﺟب ﻋﻠﻰ اﻟطﻔل أن ﯾﻔﮭم ﺟﯾ ّدا ً ،وﻓﻲ ﺳن ّ ﻣﺑﻛرة ،أن ّ ﺗﻠك اﻟﻧﻘود اﻟﺗﻲ ﯾﺟﻠﺑﮭﺎ اﻷھل
إﻟﻰ اﻟﺑﯾت ،ﻻ ﺗﺷﻛ ّل ﻓﻘط ﺷﯾﺋﺎ ً ﻣرﯾﺣﺎ ً ﯾﻣﻛن إﻧﻔﺎﻗﮫ ﺑﺳﮭوﻟﺔ ..وﻟﻛﻧ ّﮭﺎ أﯾﺿﺎ ً ،أﺟر ﻣﻘﺎﺑل
ﻋﻣل اﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﻛﺑﯾر وﻣﻔﯾد" ..
ﯾﻧطوي ھذا اﻟﻘول ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺄﻟﺔ ﻓﻲ ﻏﺎﯾﺔ اﻷھﻣﯾ ّﺔ ،ﻷﻧ ّﮭﺎ ﺗﺗﻌﻠ ّق ﺑﺗرﺑﯾﺔ اﻟطﻔل /رﺟل
اﻟﻣﺳﺗﻘﺑل ،ﺗرﺑﯾﺔ اﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ،ﺗﻌﺗﻣد ﻋﻠﻰ ﺗﻌوﯾده ﺗﻘدﯾر اﻟﻌﻣل وﻗﯾﻣﺔ اﻟﻌﻣل ﻓﻲ اﻟﺣﯾﺎة،
وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ اﻻﻋﺗﻣﺎد ﻋﻠﻰ اﻟذات ﻣن أﺣل ﺗﺄﻣﯾن ﻣﺳﺗﻠزﻣﺎت اﻟﺣﯾﺎة وﻣﺗطﻠ ّﺑﺎﺗﮭﺎ.
ﻓﺛﻣ ّﺔ ﻛﺛﯾر ﻣن اﻟواﻟدﯾن ،وﺗﺣت ﻣظﻠ ّﺔ ﻣﺣﺑ ّﺔ اﻷﺑﻧﺎء وإﺳ ﻌﺎدھم ،ﯾﻐدﻗون ﻋﻠﻰ اﻷطﻔﺎل
ﺑﺣﺎﺟﺎت ﻻ ﻟزوم ﻟﮭﺎ ،وﺑﻼ ﺣﺳﺎب ،إﻟﻰ درﺟﺔ اﻟﺗﺑذﯾر اﻟزاﺋد واﻹﺳراف ﻏﯾر اﻟﻣﺑر ّ ر..
اﻷﻣر اﻟذي ﯾﻔﺳد طﺑﯾﻌﺔ اﻟطﻔل ) اﻟﻧﻔﺳﯾﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾ ّﺔ( ،وﯾﺟﻌﻠﮫ ﻓﻲ اﻟﻣﺳﺗﻘﺑل
ﺛﻣ ّﺔ أﻣ ّﮭﺎت ﯾﻌﺗﻘدن ﺑﺄن ّ واﺟب اﻷﻣوﻣﺔ ﯾﻧﺣﺻر ﺑﺎﻟدرﺟﺔ اﻷوﻟﻰ ،ﻓﻲ ﺗﺄﻣﯾن طﻠﺑﺎت
اﻟطﻔل اﻟﺧﺎﺻ ﺔ ﺑﺣﺎﺟﺎﺗﮫ اﻟﺟﺳدﯾﺔ واﻟﺻﺣﯾ ّﺔ ،وﻻ ﺳﯾ ّﻣﺎ اﻟطﻌﺎم واﻟﻠﺑﺎس وﺑﻌض اﻷﻟﻌﺎب
واﻟﮭداﯾﺎ ..أي أن ّ اﻷم ﻓﻲ ھذه اﻟﺣﺎﻟﺔ ﺗوﻗف ﻧﻔﺳﮭﺎ ﻟﺗﻘد ّم إﻟﻰ طﻔﻠﮭﺎ ھذه اﻟﺧدﻣﺎت ،اﻟﺗﻲ
ﺗﻌﺗﻘد أﻧ ّﮭﺎ ﺗرﺿﯾﮫ ﻣن ﺧﻼﻟﮭﺎ .وﻟﻛن ّ ﻋﻠﻰ اﻟرﻏم ﻣن أھﻣﯾ ّﺔ ذﻟك ،ﻓﺈن ّ ﻓﯾﮫ ﺗﺟﺎھل ،ﺑل
إھﻣﺎل ﻟﻠﻣﮭﻣ ّﺔ اﻟﺗرﺑوي اﻷﺳﺎﺳﯾ ّﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻣﺛ ّل ﻓﻲ ﺗﺄﻣﯾن ﻣﺗطﻠ ّﺑﺎت اﻟﺗﻧﻣﯾﺔ اﻟﻧﻔﺳﯾ ّﺔ واﻟﻌﻘﻠﯾﺔ،
ﻣن ﺧﻼل ﺗوﻓﯾر اﻟﻔرص اﻟﻣﻧﺎﺳﺑﺔ ﻟﻠطﻔل ،ﻟﻛﻲ ﯾﺗﻌﻠ ّم وﯾﻛﺗﺷف ،وﯾﻛﺗﺳب اﻟﻣواﻗف اﻟﺳﻠوﻛﯾ ّﺔ
اﻟﺗﻲ ﺗﻧﻣ ّﻲ ﻟدﯾﮫ اﻻﻋﺗﻣﺎد ﻋﻠﻰ اﻟذات واﻟﺛﻘﺔ ﺑﺎﻟﻧﻔس ،وﺗﺣﻣ ّل اﻟﻣﺳؤوﻟﯾ ّﺔ.
إن ّ ﻋدم وﻋﻲ اﻷم اﻟﻣﮭﺎم اﻟﺗرﺑوﯾﺔ اﻟﻣﻧﺎطﺔ ﺑ ﮭﺎ ،ﯾﻔﻘدھﺎ اﻟﺟﺎﻧب اﻷھم ّ ﻣن وظﯾﻔﺗﮭﺎ
اﻷﺳرﯾﺔ /اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ،وإن أد ّت وظﯾﻔﺗﮭﺎ اﻟﺑﯾوﻟوﺟﯾ ّﺔ ﻋﻠﻰ أﻛﻣل وﺟﮫ ...وھذا ﻣﺎ ﯾﻧﻌﻛس
ﺳﻠﺑﺎ ً ﻋﻠﻰ ﺑﻧﺎء ﺷﺧﺻﯾ ّﺎت اﻷﺑﻧﺎء.
إن ّ ﻣﺿﻣون ھذا اﻟﻘو ل ﺑﺄﺑﻌﺎده ودﻻﻻﺗﮫ ،ﯾﻠﻘﻲ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻛﺑرى ﻓﻲ ﺗرﺑﯾﺔ اﻟطﻔل ﻋﻠﻰ
ﻋﺎﺗق اﻟواﻟدﯾن واﻟﻣرﺑﯾن )اﻟﻣﻌﻠ ّﻣﯾن(ﻣﻌﺎ ً ..وﯾؤﻛ ّد اﻟﻐزاﻟﻲ ﻓﻲ ﻗوﻟﮫ ھذا ،أن ّ اﻟﺗرﺑﯾﺔ ﻟﯾﺳت
ﺗﻌﻠﯾﻣﺎ ً ﺗﻠﻘﯾﻧﯾ ّﺎ ً ﻓﺣﺳب ،ﺑل ھﻲ أﯾﺿﺎ ً ﻣﮭﻣ ّﺔ اﺟﺗﻣﺎﻋﯾ ّﺔ /إﻧﺳﺎﻧﯾ ّﺔ ،ﺗﺗﻣﺛ ّل ﻓﻲ إﻋداد اﻟطﻔل /
اﻟﻔرد ﻟﻠﺣﯾﺎة اﻟﺣﺎﺿرةواﻟﻣﺳﺗﻘﺑﻠﯾ ّﺔ ،ﺑﺣﯾث ﯾﻛون ﻋﺿوا ً ﻓﺎﻋﻼ ً وﻣﻧﺗﺟﺎ ً ،ﯾﻌﻣل اﻟﺧﯾر ﻟﻧﻔﺳﮫ
وﻓﻲ ذﻟك ﺗﻛﻣن أھﻣﯾ ّﺔ اﻟدور اﻟﺗرﺑوي وﻟﻣﺟﺗﻣﻌﮫ ،وﯾﺷﻌر ﺑﻘﯾﻣﺔ اﻟﺣﯾﺎة وﺳﻌﺎدﺗﮭﺎ.
وﺧطورﺗﮫ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠواﻟدﯾن واﻟﻣرﺑﯾن.
ﯾؤﻛ ّد ھذا اﻟﻘول – ﻓﻲ إطﺎره اﻟﻌﺎم – اﻟﻣﺑدأ اﻟﺗرﺑوي اﻟﺣدﯾث اﻟذي ﯾﺗطﻠ ّب ﺗﺄﻣﯾن
اﻟظروف اﻟﺗرﺑوﯾﺔ /اﻟﺗﻌﻠﯾﻣﯾ ّﺔ اﻟﻣﻧﺎﺳﺑﺔ ،ﻟﻛﻲ ﯾﺗﻌﻠ ّم اﻟطﻔل وﯾﻛﺗﺳب اﻟﻣﻌﺎرف واﻟﺧﺑرات
ﻣن ﺧﻼل ﻧﺷﺎطﮫ اﻟذاﺗﻲ ،وﻟﯾس ﻋن طرﯾق ﺑﺎﻟوﻋظ واﻟﻘﺳر واﻹﻛراه ..وھذا ﯾﺳﺗﻠزم ﻣن
اﻟواﻟدﯾن واﻟﻣرﺑﯾن أن ﯾؤﻣ ّﻧوا ھذه اﻟظروف وﻣﺗطﻠ ّﺑﺎﺗﮭﺎ اﻟﺗرﺑوﯾﺔ ،وﯾﺟﺳدون ﻓﻲ ﺳﻠوﻛﺎﺗﮭم
ﻣﺑدأ اﻟﻘدوة اﻟﺗرﺑوﯾﺔ اﻟﺻﺎﻟﺣﺔ ،ﺑﺣﯾث ﯾﻛوﻧون داﻋﻣﯾن ﻋﻣﻠﯾ ّﺔ اﻟﺗﻌﻠ ّم اﻟذاﺗﻲ ﻋﻧد اﻷطﻔﺎل،
وﻣﻌز ّ زﯾن اﻛﺗﺳﺎب اﻟﻘﯾم اﻷﺻﯾﻠﺔ واﻟﺳﻠوﻛﺎت اﻟﺟﯾ ّدة.
إن ّ ھذا اﻟوﺿﻊ اﻟﻣﺗﻣﯾ ّز ﻟﻸطﻔﺎل ،ﯾﺗطﻠ ّب ﻣن اﻵﺑﺎء واﻷﻣ ّﮭﺎت أن ﯾﻛوﻧوا ﺻﺎدﻗﯾن ﻣﻊ
أطﻔﺎﻟﮭم ،ﻓﻲ ا ﻟﻘول وﻓﻲ اﻟﻔﻌل ..وذﻟك ﻷن ّ اﻷطﻔﺎل ﻗﺎدرون ﺑﺣﺳﺎﺳﯾﺗﮭم اﻟﻣرھﻔﺔ ،ﻋﻠﻰ
اﻛﺗﺷﺎف ﻣدى ﻣﺻداﻗﯾﺔ اﻟواﻟدﯾن ﻓﻲ ﻣواﻗف ﻣﺗﻌد ّدة ،وﻻ ﺳﯾ ّﻣﺎ اﻟﺗﻧﺎﻗض ﺑﯾن اﻟﻘول واﻟﻔﻌل،
أو ﻋدم اﻟوﻓﺎء ﺑﺎﻟوﻋود واﻻﻟﺗزام ﺑﮭﺎ ﺗﺟﺎه اﻷطﻔﺎل ،وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ اﻟﺗﻐﺎﺿﻲ ﻋن اھﺗﻣﺎﻣﺎﺗﮭم
وﻋدم ﺗﻘدﯾر ﻣﺷﺎﻋرھم .ﻓﺗﮭﺗز ّ ﺻورة اﻟواﻟدﯾن أﻣﺎﻣﮭم ،وﺗﻧﮭﺎر اﻟﻘدوة اﻟﺗﻲ ﯾرون ﻓﯾﮭﺎ
ﻣﺛﻠﮭم اﻷﻋﻠﻰ.
إن ّ ﻓﻲ ھذا اﻟﻘول ،ﻣﺑﺎدىء ﺗرﺑوﯾﺔ أﺳﺎﺳﯾ ّﺔ ﻻ ﺑد ّ ﻣن اﻷﺧذ ﺑﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﺗﻌﺎﻣل ﻣﻊ اﻷطﻔﺎل..
وﻣن أھم ّ ھذه اﻟﻣﺑﺎدىء اﻷﺧذ ﺑﻣﯾول اﻟطﻔل وﺣﺎﺟﺎﺗﮫ ،ﻓﻲ أﺛﻧﺎء ﺗﻧﺷﺋﺗﮫ وﺗﻌﻠﯾﻣﮫ اﻟﻘﯾم
واﻟﺳﻠوﻛﺎت اﻟﻣرﻏوﺑﺔ ،ﻣن دون إرﻏﺎﻣﮫ ﻋﻠﻰ ﺗﻌﻠ ّم ﺷﻲء ﻟم ﯾﻘدر ﻋﻠﻰ اﺳﺗﯾﻌﺎﺑﮫ أو ﻓﮭﻣﮫ..
أو ﻋﻠﻰ اﻟﻘﯾﺎم ﺑﻌﻣل ﻻ ﯾﻣﺗﻠك اﻟﻘدرات اﻟﻼزﻣﺔ ﻹﻧﺟﺎزه ..ﺣﺗﻰ ﻓﻲ أﻣور اﻟطﻌﺎم ،وﻣﺟﺎﻻت
اﻟﺣدﯾث ،واﻟﻣواﻗف اﻷﺳرﯾﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ،ﺣﯾث ﯾﺻل إﻟﻰ درﺟﺔ ﻻ ﯾﮭﻣ ّﮫ ﻋﻧدھﺎ إﻻ ّ
إرﺿﺎء اﻟﻛﺑﺎر وﻻ ﺳﯾ ّﻣﺎ اﻷﺑوﯾن ،ﻋﻠﻰ اﻟرﻏم ﻣن ﻋدم اﻗﺗﻧﺎﻋﮫ ﺑﻣﺎ ﯾﻘول أو ﯾﻔﻌل .وﻓﻲ
ذﻟك ﺿﻌف ﻟﺷﺧﺻﯾ ّﺗﮫ ،وﻓﻘدان ﻟﺛﻘﺗﮫ ﺑﻧﻔﺳﮫ.
ﯾﻧطوي ھذا اﻟﻘول ﻋﻠﻰ ﺗﺣذﯾرات ﺷدﯾدة ،ﻣوﺟ ّ ﮭﺔ ﻟﻠواﻟدﯾن ﺑﺎﻟدرﺟﺔ اﻷوﻟﻰ ،وﻻ ﺳﯾ ّﻣﺎ
أوﻟﺋك اﻟذﯾن ﯾﻔرطون ﻓﻲ ﺗدﻟﯾل أطﻔﺎﻟﮭم ،واﻹﺷﺎدة اﻟﻣزﯾ ّﻔﺔ /اﻟﺧﺎدﻋﺔ ﺑﺎﻷﻋﻣﺎل اﻟﺗﻲ ﯾﻘوم
ﺑﮭﺎ اﻷطﻔﺎل ،إﻟﻰ ﺣد ّ ﯾﻌﺗﻘد ﻓﯾﮫ ھؤﻻء أﻧ ّﮭم ﻣﺣﺑوﺑون ﻣن اﻟﻧﺎس اﻵﺧرﯾن ﻛﻣﺎ ھم ﻣﺣﺑوﺑون
ﻣن واﻟدﯾﮭم..وﻟﻛن ّ اﻟﺻدﻣﺔ ﺳﺗﻛون ﻛﺑﯾرة ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﻛﺗﺷف اﻷطﻔﺎل ﻋﻛس ﻣﺎ ﯾﻌﺗﻘدون ،وﻗد
ﯾﺻل ﺑﮭم اﻷﻣر اﻟﻔﺷل اﻟذاﺗﻲ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ،ﺣﯾث ﯾﻛرھون أﻧﻔﺳﮭم وﯾﺣﻘدون ﻋﻠﻰ ﻣن
ﺣوﻟﮭم ،وﻻ ﺳﯾ ّﻣﺎ اﻟواﻟدون ،ﻷﻧ ّﮭم أوﺻﻠوھم إﻟﻰ ھذا اﻷزﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺻﻌب ﻋﻠﯾﮭم اﻟﺗﺧﻠ ّص
ﻣﻧﮭﺎ.
ﯾؤﻛ ّد ھذا اﻟﻘول ﻓﺷل أﺳﻠوب اﻟﻣﻌﺎﻣﻠﺔ اﻟﻘﺎﺳﯾ ّﺔ ،اﻟذي ﯾﻌﺗﻣد اﻟﻌﻘﺎب واﻟﺷد ّة واﻟﻘﺳر ﻓﻲ
ﺗرﺑﯾﺔ اﻷطﻔﺎل ،وﯾﺣذ ّ ر ﻣن اﻷﺧذ ﺑﮫ ،وﯾدﻋو إﻟﻰ اﻻﺑﺗﻌﺎد ﻋﻧﮫ..ﻷن ّ ذﻟك ﻛﻠ ّﮫ ﺳﯾؤد ّي إﻟﻰ
ﻧﻔور اﻷطﻔﺎل ﻣن اﻟﻛﺑﺎر ،ﺑﻣن ﻓﯾﮭم اﻟواﻟدان ،وﻋدم اﻻﺳﺗﺟﺎﺑﺔ ﻟﻣطﺎﻟﺑﮭم..ﻓﮭذه اﻷﺳﺎﻟﯾب ﻻ
ﺗراﻋﻲ ﻗدرات اﻷطﻔﺎل ،وﻻ ﺗﺣﺗرم ﻣﺷﺎﻋرھم ،ﻛﻣﺎ أﻧ ّﮭﺎ ﻻ ﺗﻐز ّ ز ﻟدﯾﮭم روح اﻟﻣﺑﺎدرة
واﻟﺛﻘﺔ ﺑﺎﻟﻧﻔس ،وﺣرﯾﺔ اﻻﺧﺗﯾﺎر وﺗﺣﻣ ّل اﻟﻣﺳؤوﻟﯾ ّﺔ ،وإﻧ ّﻣﺎ ﺗﻌﻣل ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻛس ﻣن ذﻟك،
ﺣﯾث ﺗﺳﮭم ﻓﻲ ﺗﻛوﯾن ﺷﺧﺻﯾ ّﺔ ﻗﻠﻘﺔ ،ﺿﻌﯾﻔﺔ وﻏﯾر ﻗﺎدرة ﻋﻠﻰ اﺗ ّﺧﺎذ اﻟﻘرارات ا ﻟﻣﻧﺎﺳﺑﺔ
ﻓﮭل ﯾدرك اﻟواﻟدون واﻟﻣرﺑ ّون أﺑﻌﺎد أﺳﺎﻟﯾﺑﮭم ﻟﻣواﺟﮭﺔ اﻟﻣواﻗف اﻟﺣﯾﺎﺗﯾﺔ اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ..
اﻟﺻﺎرﻣﺔ ،وﻧﺗﺎﺋﺟﮭﺎ اﻟﺳﻠﺑﯾ ّﺔ ﻋﻠﻰ اﻷﺑﻧﺎء؟
ﻟﻘد أﻛ ّدت اﻟدراﺳﺎت اﻟﻧﻔﺳﯾ ّﺔ واﻟﺗرﺑوﯾﺔ ،أھﻣﯾ ّﺔ ﻣرﺣﻠﺔ اﻟرﺿﺎﻋﺔ ﻓﻲ ﺗﻛوﯾن ﻣﻌظم
ﺳﻣﺎت ﺷﺧﺻﯾ ّﺔ اﻹﻧﺳﺎن اﻟﻣﺳﺗﻘﺑﻠﯾ ّﺔ ،وﻻ ﺳﯾ ّﻣﺎ اﻟﺳﻣﺎت اﻟﻌﻘﻠﯾﺔ واﻟوﺟداﻧﯾ ّﺔ ..وذﻟك ﻣن
ﺧﻼل ﻋﻼﻗﺔ اﻷم ﺑﺎﻟطﻔل وﺗﺻر ّ ﻓﺎﺗﮭﺎ ﻣﻌﮫ ﻓﻲ أﺛﻧﺎء ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻹرﺿﺎع .وﻣن اﻷﻣﺛﻠﺔ ﻋﻠﻰ
طرﯾﻘﺔ ﺣﻣل اﻟطﻔل ،أﺳﻠوب اﻷم ﻓﻲ اﻹرﺿﺎع ،ﻧﺑرة ﺻوت اﻷم ﻓﻲ ﻣﺧﺎطﺑﺔ ذﻟك) :
اﻟطﻔل ،ﻣﻼﻣﺢ وﺟﮫ اﻷم واﺑﺗﺳﺎﻣﺗﮭﺎ أﺛﻧﺎء اﻹرﺿﺎع ،اﻟﮭدھدات واﻷﻧﻐﺎم اﻟﺗﻲ ﯾﺳﻣﻌﮭﺎ
اﻟطﻔل ﻣن أﻣ ّﮫ (..وﻏﯾر ذﻟك ﻣن اﻷﻣور اﻟﺗﻲ ﺗوﻓ ّر ﻟﻠطﻔل اﻟراﺣﺔ واﻻطﻣﺋﻧﺎن ،وﺗﺳﮭم ﻓﻲ
ﺗﻛوﯾن ﻣزاﺟﮫ اﻟﮭﺎدىء ،وﻗدرﺗﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﮭم واﻻﺳﺗﯾﻌﺎب .وﻟذﻟك ،ﺗﻧﺻﺢ اﻷﻣﮭﺎت
ﺑﺎﻹرﺿﺎع اﻟطﺑﯾﻌﻲ وﺿﻣن اﻟﺣدود اﻟﻣﻌﻘوﻟﺔ.
-١٩ﺳﺗﻘﻼﻟﯾ ّﺔ اﻷﺑﻧﺎء
ﯾﻘول /ﻓﯾرﯾﯾر :/
" ﯾﻧﺑﻐﻲ أﻻ ّ ﻧﻣﻧﺢ ﺣظ ّﺎ ً ﻣن اﻻﺳﺗﻘﻼل ﻟﻸطﻔﺎل واﻟﻣراھﻘﯾن ،أﯾﺎ ّ ﻛﺎﻧت ﺳﻧ ّﮭم ،ﻣﺎ ﻟم
ﯾﻛوﻧوا ﻗد أﺛﺑﺗوا أﻧ ّﮭم ﺟدﯾرون ﺑﮫ" ..
إن ّ ھذا اﻟﻘول ﻻ ﯾﺗﻌﺎرض ﻣﻊ ﻣﺑﺎدىء اﻟﺗرﺑﯾﺔ اﻟﺣدﯾﺛﺔ ،اﻟﺗﻲ ﺗﻌطﻲ ﻟﻸﺑﻧﺎء ﻗدرا ً ﻣن
اﻟﺣرﯾﺔ واﻻﺳﺗﻘﻼل ،ﻟﻛﻲ ﯾﻣﺎرﺳوا أدوارھم وﯾﺛﺑﺗوا ذواﺗﮭم ..وﻟﻛن ﺷرﯾطﺔ أن ﯾﻛوﻧوا
ﻓﺎﻟﺣﯾر ّ ة ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ،واﻻﺳﺗﻘﻼﻟﯾﺔ ﻣﺳؤوﻟﯾ ّﺔ ،ﻓﮭل ﯾﻛون اﻷطﻔﺎل ﻗﺎدرﯾن ﻋﻠﻰ ذﻟك.
واﻟﻣراھﻘون ﻗﺎدرﯾن ﻋﻠﻰ ﺣﻣل ھذه اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ؟ وﻣﺎ اﻟﺳﺑﯾل إﻟﻰ ذﻟك..؟
ﻻ ﺷك ّ إن ّ ﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﻣﮭﻣ ّﺔ ﺻﻌﺑﺔ ،وﻟﻛﻧ ّﮭﺎ ﺿرورﯾﺔ ﻟﺗرﺑﯾﺔ اﻟﺛﻘﺔ ﺑﺎﻟﻧﻔس
ﯾؤﻛ ّد ھذا اﻟﻘول ،إن ّ ﻣﺎ ﯾﻛﺗﺳﺑﮫ اﻟطﻔل ،اﻹﻧﺳﺎن ﻣن ﺧﻼل اﻟﺗرﺑﯾﺔ اﻷﺳرﯾﺔ ،ﻓﻲ ﻣرﺣﻠﺔ
اﻟطﻔوﻟﺔ اﻷوﻟﻰ ،ﯾﻛون راﺳﺧﺎ ً وﻗوﯾ ّﺎ ً ،ﺑﺣﯾث ﯾﺗرك آﺛﺎرا ً ﻋﻣﯾﻘﺔ وﻓ ﺎﻋﻠﺔ ﻻ ﺗﻣﺣﻰ ،ﺗﻌﯾش
ﻣﻊ اﻹﻧﺳﺎن وﻓﻲ ﺟواﻧب ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻣن ﺣﯾﺎﺗﮫ ،وﻻ ﺳﯾ ّﻣﺎ ﺗﻠك اﻟﺟواﻧب اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻌﻠ ّق ﺑﺎﻟﺣﯾﺎة
اﻟوﺟداﻧﯾﺔ ،ﻷﻧ ّﮭﺎ ﺗدﺧل ﻓﻲ ﺗرﻛﯾب اﻟﻧﺳﯾﺞ اﻷﺳﺎﺳﻲ ﻟﺷﺧﺻﯾ ّﺔ اﻹﻧﺳﺎن /اﻟﻔرد ،إﻟﻰ ﺣد ّ
ﯾﺻﻌب إﺿﻌﺎﻓﮭﺎ أو ﺗﺑدﯾﻠﮭﺎ ﺑﻔﻌل اﻟﻣؤﺛ ّرات اﻟﺗﻲ ﻗد ﯾﺗﻌر ّ ض ﻟﮭﺎ ﻓﻲ ﺣﯾﺎﺗﮫ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ
اﻟﻌﺎﻣ ّﺔ.
ﻓﺎﻷﺳرة ھﻲ اﻟﺗﻲ ﺗﺿﻊ اﻷﺳﺎﺳﺎت اﻷوﻟﻰ ﻟﺑﻧﺎء ﺷﺧﺻﯾﺎت اﻷﺑﻧﺎء ،وﻛﻠ ّﻣﺎ ﻛﺎﻧت ھذه
اﻷﺳﺎﺳﺎت ﺳﻠﯾﻣﺔ وﻣﺗﯾﻧﺔ ،ﻛﺎﻧت أﻛﺛر ﻓﺎﻋﻠﯾﺔ ﻓﻲ ﺿﺑط ﺳﻠوك اﻷﺑﻧﺎء /اﻷﻓراد ،وﻛﺎﻧت
اﻟﺷﺧﺻﯾﺎت ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ،أﻗدر ﻋﻠﻰ اﻟﺻﻣود أﻣﺎم اﻟﻣؤﺛ ّرات واﻟﻣﻐرﯾﺎت اﻟﺳﻠﺑﯾﺔ.
ﯾﺷﻛو ﻛﺛﯾر ﻣن اﻟواﻟدﯾن ﻣن ﻣﺷﺎﻛﺳﺔ ﺑﻌض اﻷطﻔﺎل أو إھﻣﺎﻟﮭم ،وﯾﺣﻣ ّﻠ ّوﻧﮭم ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ
ھذه اﻟﺗﺻر ّ ﻓﺎت ..وﯾﻧﺳﻰ اﻟواﻟدون أﻧ ّﮭم اﻟذﯾن أوﺻﻠوا اﻷطﻔﺎل إﻟﻰ وﺿﻊ ھﻛذا وﺿﻊ،
ﻧﺗﯾﺟﺔ اﺗﺑﺎﻋﮭم أﺳﺎﻟﯾب ﺗرﺑوﯾﺔ ﺧﺎطﺋﺔ ﻓﻲ اﻟﺗﻌﺎﻣل ﻣﻊ اﻷطﻔﺎل.
ﻟﻘد ّ أﺛﺑﺗت دراﺳﺎت ﻛﺛﯾرة )ﻧﻔﺳﯾ ّﺔ وﺗرﺑوﯾﺔ( أن ّ اﻷطﻔﺎل اﻷﻛﺛر اﺿطراﺑﺎ ً ﺳﻠوﻛﯾ ّﺎ ً ،ھم
اﻟذﯾن ﯾُﺗرﻛون ﻋﻠﻰ ھواھم ﺑﻼ ﺣدود ،ﯾﻔﻌﻠون ﻣﺎ ﯾﺷﺎؤون ﺑﻼ رﻗﯾب أو ﺣﺳﯾب.وﻟذﻟك ﻓﺈن ّ
اﻟﻣﻌﺎﻣﻠﺔ اﻟواﻟدﯾﺔ اﻟﻣﺗوازﻧﺔ ،ھﺎﻣ ّﺔ وﺿرورﯾﺔ ﻟﺿﺑط ﻟﺳﻠوﻛﺎت اﻷطﻔﺎل وﻣواﻗﻔﮭم..وإن ّ
أﻓﺿل ﻣﺎ ﯾﻔﻌﻠﮫ اﻟواﻟدون ﻓﻲ ھذا اﻹطﺎر ،ھو ﺗﺣدﯾد ﻣﺎ ﯾروﻧﮫ ﺧﯾرا ً ﻷطﻔﺎﻟﮭم ،وﯾﺛﻘون
ﺑﺻﺣ ّ ﺗﮫ وﺻواﺑﮫ وﻣﻧﺎﺳﺑﺗﮫ ..ﻣﺛﺎل ذﻟك) :ﺗﺣدﯾد وﻗت اﻟﻧوم ،اﻟﻠﻌب وﻣﺷﺎھدة اﻟﺗﻠﻔﺎز ،آداب
اﻟﻣﺎﺋدة ،أوﻗﺎت اﻟواﺟﺑﺎت اﻟﻣدرﺳﯾ ّﺔ ،اﻷﻋﻣﺎل اﻟﻣﻧزﻟﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻣﻛﻧﮭم اﻟﻘﯾﺎم ﺑﮭﺎ (...وﻏﯾر
ذﻟك ﻣن اﻷﻣور اﻟﺗﻲ ﺗﻐرس ﻓﻲ ﻟدى اﻷطﻔﺎل روح اﻟﻧظﺎم واﻻﻧﺿﺑﺎط وﺗﺣﻣ ّل
اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ،ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرھﺎ ﻣﺣر ّ ﻛﺎت أﺳﺎﺳﯾ ّﺔ ﻟﺳﻠوﻛﺎت اﻟﺷﺧص ،اﻟذاﺗﯾﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾ ّﺔ.
ﯾﺷﯾر /ﺑﯾرﻟﯾﮫ /ﻓﻲ ھذا اﻟﻘول ،إﻟﻰ اﻟﺳﻠطﺔ وﻟﯾس اﻟﺗﺳﻠ ّط ..اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻌﻧﻲ :اﻟﻘﯾﺎدة
واﻻﻟﺗزام واﻟﺿﺑط ،وﻛل ّ ﻣﺎ ﯾؤﻣ ّن ﻟﻠطﻔل اﻟﻧﻣو ّ اﻟﺳﻠﯾم ﻣن اﻟﻧواﺣﻲ اﻻﻧﻔﻌﺎﻟﯾﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ
واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ.ﻓﺎﻟطﻔل وإن أراد اﻟﺗﺣر ّ ر ﻣن اﻟﻘﯾود اﻟﺻﺎرﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻔرض ﻋﻠﯾﮫ ،ﻓﺈﻧ ّﮫ-ﻏﺎﻟﺑﺎ ً -
ﻓﻲ ﯾﺟد اﻟﺣﻣﺎﯾﺔ ﻓﻲ ظل ّ ﺳﻠطﺔ اﻟواﻟدﯾن ،اﻟﺗﻲ ﯾرى ﻓﯾﮭﺎ ﻛﺎﺑﺣﺎ ً ﻟﻣﯾوﻟﮫ اﻟﺟﺎﻣﺣﺔ ..ﻓﯾﺳﺗﺟﯾب
ﻟﻣﺎ ﯾرﯾده ﻟﮫ واﻟداه ،ﺑﻘﻧﺎﻋﺔ وﻟﯾس ﺑﺧﻧوع ،ﻷﻧ ّﮫ ﯾﺷﻌر ﺑﺄن ّ ذﻟك ﻓﻲ ﻣﺻﻠﺣﺗﮫ.
وھﻧﺎ ﺗظﮭر ﻗدرة اﻟواﻟدﯾن ﻓﻲ اﺳﺗﺧدام ھذه اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﺗرﺑوﯾﺔ ،ﻟﻠﺗﻌﺎﻣل ﻣﻊ اﻟطﻔل وﺿﺑط
اﻧﻔﻌﺎﻻﺗﮫ ،وﺗﮭذﯾب ﺳﻠوﻛﺎﺗﮫ وﻣواﻗﻔﮫ ،وﺗﻧﻣﯾﺔ ﻗدراﺗﮫ وﺗﻔﻌﯾﻠﮭﺎ ﻓﻲ اﻻﺗﺟﺎه اﻹﯾﺟﺎﺑﻲ.
-٢٣ﺗﻌﻠﯾم اﻷﻣﺎﻧﺔ ﻟﻸطﻔﺎل
ﯾﻘول اﻟدﻛﺗور /ﺑول ﻏراﻓﯾﻧﯾﻧو /اﻟﺧﺑﯾر ﺑﻌﻠم ﻧﻔس اﻟطﻔل:
" ﯾﺟب ﻋﻠﻰ اﻟواﻟدﯾن أن ﯾﻌﻠ ّﻣوا أطﻔﺎﻟﮭم اﻷﻣﺎﻧﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ ،ﻓﻲ أو ّ ل اﻷﻣر ..وﺑﻌد ذﻟك،
ﯾطﻠﻌوﻧﮭم ﻋﻠﻰ اﻟﻧﻘﺎط اﻟوﺳﯾطﺔ ﺑﯾن اﻟﺻدق واﻟﻛذب" ..
إن ّ ﻓﻲ ھذا اﻟﻘول دﻋوة ﻟﻠواﻟدﯾن ﻣن ﺟﮭﺔ ،وﺗﺣذﯾر ﻟﮭم ﻣن ﺟﮭﺔ أﺧرى ،ﻟﻛﻲ ﺗﺗ ّﺳم
أﻗواﻟﮭم ﺑﺎﻟﺻراﺣﺔ واﻟﺻدق ،ﻓﻲ اﻟﺗﻌﺎﻣل ﻣ ﻊ اﻷطﻔﺎل .وإذا ﻛﺎﻧت ﺛﻣ ّﺔ ﻣواﻗف ﺗدﻋو إﻟﻰ
إﺧﻔﺎء ﺑﻌض اﻷﻣور ،ﻓﻣن اﻟﻣﻧﺎﺳب ﻋدم اﻟﺗﺻرﯾﺢ ﺑﮭﺎ أﻣﺎ اﻷطﻔﺎل ،وﻻ ﺳﯾ ّﻣﺎ إذا ﻛﺎﻧت
ﺳﺗﺣدث ﻟدﯾﮭم ﺗﺄﺛﯾرات ﺳﻠﺑﯾﺔ.
وﻟﻛن إذا ﻛﺎن ﻻ ﺑد ّ ﻣن اﻟﺗﺻرﯾﺢ ) اﻟﻣﺻﺎرﺣﺔ( ﻣﻊ اﻷطﻔﺎل ،ﻓﮭذا ﻻ ﯾﺟوز إﻻ ّ ﻓﻲ
ﻣراﺣل ﻣﺗﺄﺧرة ﻣن اﻟطﻔوﻟﺔ ،ﺣﯾث ﯾﺳﺗط ﯾﻊ اﻷطﻔﺎل أن ﯾدرﻛوا وﯾﻣﯾ ّزوا ﺑﯾن ﻣﻌطﯾﺎت
اﻟﺻدق وإﯾﺟﺎﺑﯾﺎﺗﮫ ،وﺑﯾن ﻣﻌطﯾﺎت اﻟﻛذب وﺳﻠﺑﯾﺎﺗﮫ ،ﺣﺗﻰ ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺳﻣ ّوﻧﮫ ) اﻟﻣﺟﺎﻣﻠﺔ( أو
اﻟﻛذب اﻷﺑﯾض .وإذا ﻛﺎن اﻷطﻔﺎل ﺑﺎرﻋون ﻓﻲ اﻛﺗﺷﺎف ﻣدى ﻣﺻداﻗﯾﺔ اﻟواﻟدﯾن ،ﻓﺈن ّ
ﺑراﻋﺔ اﻟواﻟدﯾن ﺗﻣﻛن ﻓﻲ اﻟﻘدرة ﻋﻠﻰ ﺗﻘدﯾم اﻟﻣوﻗف اﻟﺻﺎدق واﻟﻣﻘﻧﻊ ،اﻟذي ﻻ ﯾﺗرك ﻋﻧد
اﻷطﻔﺎل أي ﻣﺟﺎﻻ ً ﻟﻠﺷك ّ أو اﻻﺳﺗﻐراب.
ﯾؤﻛ ّد ھذا اﻟﻘول ،اﻟﻣﺧﺗﺻر ﺑﻛﻠﻣﺎﺗﮫ واﻟﻌﻣﯾق ﺑدﻻﻻﺗﮫ ،اﻟﻣﻛﺎﻧﺔ اﻟﺧﺎﺻﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺣﺗﻠ ّﮭﺎ اﻷم
ﻓﻲ اﻟﺑﻧﺎء اﻷﺳري واﻟﺗرﺑﯾﺔ اﻷﺳرﯾﺔ ..وﻟﻛﻲ ﺗﺣﺎﻓظ اﻷم ﻋﻠﻰ ھذه اﻟﻣوﻗﻊ ) اﻟﻣﻛﺎﻧﺔ(
اﻟﻣﺗﻣﯾ ّز ،وﺗؤد ّي ﻣن ﺧﻼﻟﮫ ﻣﮭﻣ ّﺗﮭﺎ اﻷﺳرﯾﺔ اﻟﺳﺎﻣﯾﺔ ،وﺑﺎﻟﺷﻛل اﻟﻣطﻠوب ،ﯾﺟب أن ﺗﻌﻣل
ﻣﺎ ﻓﻲ وﺳﻌﮭﺎ ﻟﻛﻲ ﺗﺑﻘﻰ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻧﻔﺳﯾﺔ ﻣرﯾﺣﺔ ،وأن ﺗﺑﺗﻌد ﻋن – أو ﺑﺎﻷﺣرى ﺗﺑﻌد ﻋﻧﮭﺎ-
ﺗﻲ ﻗد ﺗﻧﻌﻛس ﺳﻠﺑﺎ ً ﻓﻲ ﺗﺻر ّ ﻓﺎﺗﮭﺎ ﺳواء ﺗﺟﺎه ذاﺗﮭﺎ ،أو ﺗﺟﺎه زوﺟﮭﺎ ﻛل ّ اﻟﻣؤﺛ ّرات اﻟ
إن ّ ھذا اﻟﻘول ﻟﯾس ﺗﻧﺑﯾﮭﺎ ً ﻓﺣﺳب ،ﺑل وﺗﺣذي أﯾﺿﺎ ً ،ﻟﻛﻲ ﯾﺑﻘﻰ اﻵﺑﺎء واﻷﻣﮭﺎت ﻓﻲ
ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻣراﻗﺑﺔ اﻟﯾﻘظﺔ ،اﻟﻣﺑﺎﺷرة وﻏﯾر اﻟﻣﺑﺎﺷرة ،ﻷوﺿﺎع اﻷطﻔﺎل ،ﻓﻲ ﺣرﻛﺎﺗﮭم
وﺳﻛﻧﺎﺗﮭم وﺳﻠوﻛﺎﺗﮭم اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ،واﻟﺗﻲ ﺗﻌﺑ ّر ﻋﻣ ّﺎ ﯾﺟول ﻓﻲ ﺧواطرھم ..ﻓﺈﻣ ّﺎ أﻧ ّﮭم ﯾﻔﻛرون
اﻟﻘﯾﺎم ﺑﻌﻣل ﻣﺎ ،وإﻣ ّﺎ أﻧ ّﮭم ﯾﻔﻛ ّرون ﺑﻧﺗﺎﺋﺞ ﻋﻣل أﻧﺟزوه ،وﻻ ﺳﯾ ّﻣﺎ إذا أﺣدث أذى ً أو
ﺗﺧرﯾﺑﺎ ً ..
ﻓطﺑﯾﻌﺔ ﺟﻠﺳﺔ اﻟطﻔل –أﺣﯾﺎﻧﺎ ً -وﻣﻼﻣﺢ وﺟﮭﮫ ،ﻣن اﻟﻌﻼﺋم اﻟﺑﺎرزة اﻟﺗﻲ ﺗﻛﺷف ﻋن
اﻟﻌﻣل اﻟذي ﻗﺎم ﺑﮫ أو ﯾﻧوي اﻟﻘﯾﺎم ﺑﮫ ..وھﻧﺎ ﺗﺗﺟﻠ ّﻰ ﻗدر ة اﻟواﻟدﯾن ﻓﻲ ﺗﺣدﯾد ﻛﯾﻔﯾ ّﺔ اﻟﺗﻌﺎﻣل
اﻟﺳﻠﯾم ﻣﻊ اﻟﻣوﻗف ،واﺗﺧﺎذ اﻹﺟراءات اﻟﻣﻧﺎﺳﺑﺔ ﻟﻣﻌﺎﻟﺟﺔ أوﺿﺎع اﻷطﻔﺎل اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ،واﻟﺗﻲ
ﺗرﺗﺑط ﺑﺄﺣواﻟﮭم اﻟﻧﻔﺳﯾ ّﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ.
ﯾؤﻛ ّد ھذا اﻟﻘول ﺣﻘﯾﻘﺔ ﻧﻔﺳﯾ ّﺔ /ﺗرﺑوﯾﺔ ،ﻣﻔﺎدھﺎ أن ّ اﻷم ﺗﻘوم ﺑدور أﺳﺎﺳﻲ وﻓﺎﻋل ﻓﻲ
ﺗﻧﻣﯾﺔ اﻟﺟﺎﻧب اﻻﻧﻔﻌﺎﻟﻲ ﻣن ﺷﺧﺻﯾ ّﺔ ا ﻟطﻔل ،وﻻ ﺳﯾ ّﻣﺎ ﻓﻲ ﺳﻧواﺗﮫ اﻷوﻟﻰ ﺣﯾث اﻟﻌﻼﻗﺔ
اﻷﻣوﻣﯾﺔ اﻟﺣﻣﯾﻣﺔ .ﻓﺧﻼل ﻣراﺣل اﻟﺗﻣﺎس اﻷوﻟﻰ ﺑﯾن اﻟطﻔل وأﻣ ّﮫ ،ﺗﺗﺷﻛ ّل ﻟدى اﻟطﻔل
ﻣﺷﺎﻋر اﻟﺗﻌﻠ ّق ﺑﺄﻣ ّﮫ وﻣﺣﺑ ّﺗﮭﺎ ،اﻟﺗﻲ ﺗﻧﺗﻘل إﻟﻰ ﻣﺣﺑ ّﺔ اﻵﺧرﯾن واﻻھﺗﻣﺎم ﺑﮭم واﻟﺗﻌﺎطف
ﻣﻌﮭم ،وﻏﯾر ذﻟك ﻣن اﻟﻣﺷﺎﻋر اﻟطﯾ ّﺑﺔ اﻟﺗﻲ ﯾرﻏب اﻟواﻟدون ﻏرﺳﮭﺎ ﻓﻲ ﻧﻔوس اﻷطﻔﺎل.
ﻓﺎﻷم اﻟﺗﻲ ﺗﻠﺑ ّﻲ ﺣﺎﺟﺎت اﻟطﻔل اﻟﻌﺿوﯾﺔ ) اﻟﺟﺳدﯾﺔ( واﻟروﺣﯾ ّﺔ ،ﺗﺳﺗطﯾﻊ أن ﺗﺄﺧذ ﻓﻲ
ﻋﻼﻗﺗﮭﺎ اﻟﺣﻣﯾﻣﺔ ﻣﻌﮫ ﺣﯾ ّزا ً ﻛﺑﯾرا ً وﻣؤﺛ ّرا ً ﻓﻲ ﺗوﺟﯾﮫ ﻧﻣ ّوه اﻟﻧﻔﺳﻲ /اﻟوﺟدﻧﻲ اﻟذي ﯾﺣد ّد
ﻋﻼﻗﺎﺗﮫ ﻣﻊ اﻵﺧرﯾن ،ﻓﻲ ﺣﯾﺎﺗﮫ اﻟﻣﺳﺗﻘﺑﻠﯾﺔ.
ﯾذﻛ ّرﻧﺎ ھذا اﻟﻘول ﺑﺎﻟﺗرﺑﯾﺔ اﻟﻧﻣطﯾ ّﺔ ) اﻟﻣﻧﻣذﺟﺔ( اﻟﺗﻲ ﯾﻌﻣد إﻟﯾﮭﺎ ﺑﻌض اﻟواﻟدﯾن ،ﻟﻛﻲ
ﯾﺟﻌﻠوا ﻣن أﺑﻧﺎﺋﮭم ﺻورا ً ﻣﻧﺳوﺧﺔ ﻋﻧﮭم ،أي ﻣﺎ ﯾﺳﻣ ّﻰ) :ﺻورا ً طﺑق اﻷﺻل( ،وﯾﺗﻧﺎﺳون
أن اﻟﺗرﺑﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺻﻠﺣت ﻟﮭم ﻟم ﺗﻌد ﺻﺎﻟﺣﺔ ﻷطﻔﺎﻟﮭم ،ﺑﺳﺑب ﺗﻐﯾ ّر اﻟظروف اﻟﺣﯾﺎﺗﯾﺔ
وﻣﻌطﯾﺎﺗﮭﺎ ،ﺣﯾث ﻟﻛل ّ ﺟﯾل ظروﻓﮫ وﺣﯾﺎﺗﮫ اﻟﺧﺎﺻﺔ.
وإذا ﻛﺎن ﻻ ﺑد ّ ﻣن ﺗﺄﻛﯾد اﻟﻘﯾم اﻷﺻﯾﻠﺔ واﻟﻘواﻋد اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ اﻟﺳﻠﯾﻣﺔ ،ﻓﺈن ّ أﺳﻠوب
اﻟﺗرﺑﯾﺔ اﻟﻘﺳر ّ ﺑﻘﺻد ﺧﻠق ﻧﺳﺦ ﻣن اﻷﺑﻧﺎء ﻣﺷﺎﺑﮭﺔ أ )ﻣطﺎﺑﻘﺔ( ﻟﻶﺑﺎء ،ھو أﺳﻠوب ﻣرﻓوض
ﻓﻲ اﻟﻌﻣل اﻟﺗرﺑوي ،ﻷﻧ ّﮫ ﻗد ﯾﺣدث ﺻراﻋﺎ ً ﺣﺎد ّا ً ﺑﯾن اﻷﺟﯾﺎل ،وﯾؤﺛ ّر ﺳﻠﺑﺎ ً ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗﻘﺑل
اﻷﺑﻧﺎء .وھذا ﯾﺗطﻠ ّب ﻣن اﻟواﻟدﯾن ﺗﻔﮭّم ظروف اﻟﺣﯾﺎة اﻟﺗﻲ ﯾﻌﯾﺷﮭﺎ اﻷﺑﻧﺎء ،وﻣﺳﺗﻠزﻣﺎت
ھذه اﻟﺣﯾﺎة وﻣﺗطﻠ ّﺑﺎﺗﮭﺎ ،واﻟﺗﻌﺎﻣل ﻣﻊ اﻷﺑﻧﺎء ﺑﺄﺳﺎﻟﯾب ﺗﺣﻘ ّق ﻟﮭم اﻟﺗﻛﯾ ّف ﻣﻊ ھذه اﻟظروف،
وﻣواﺟﮭﺗﮭﺎ ﺑﺎطﻣﺋﻧﺎن.
ﺗرﺗﺑط اﻟﺣﺎﺟﺔ ﻟﺗﻛوﯾن اﻻﻧطﺑﺎﻋﺎت ﺑداﻓﻊ اﻟﻔﺿول ﻋﻧد اﻟطﻔل .وھذا ﯾﺗطﻠ ّب ﻣن اﻟواﻟدﯾن
واﻟﻣرﺑ ّﯾن ،ﺗوﻓﯾر اﻟﻔرص اﻟﻣﻧﺎﺳﺑﺔ ﻹﺷﺑﺎع ھذه اﻟﺣﺎﺟﺔ ،ﺑﺣﯾث ﯾﻣﻧﺢ اﻟطﻔل اﻟﻘدرة ﻋﻠﻰ
ﺗﻛوﯾن اﻻﻧطﺑﺎﻋﺎت اﻟﺳﻠﯾﻣﺔ ﻋﻣ ّﺎ ﯾﺣﯾط ﺑﮫ ،وﻣن ﺧﻼل اطﻼﻋﮫ وﺧﺑرﺗﮫ اﻟﺷﺧﺻﯾ ّﺔ ..وﻻ
ﺳﯾ ّﻣﺎ أن ّ رﻏﺑﺔ اﻟطﻔل ﻓﻲ اﻟﺑ ﺣث واﻻﺳﺗﻘﺻﺎء واﻻﻛﺗﺷﺎف ،ﺗظﮭر ﺑﺷﻛل ﺣﺎد ّ ﺑﻌد اﻟﺳﻧﺔ
اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ﻣن اﻟﻌﻣر ،ﻣﮭﻣﺎ ﺣﺎول اﻟواﻟدﯾن ﻣﻧﻌﮫ ﻋن ذﻟك أو زﺟره.
إن ّ ﺗوﺟ ّ ﮫ اﻟطﻔل – ﻣﻊ اﻟﺗوﺟﯾﮫ اﻟﻣﻧﺎﺳب – ﻟﻣﻌرﻓﺔ اﻷﺷﯾﺎء اﻟﻣﺣﯾطﺔ وﺗﻔﺣ ّ ﺻﮭﺎ ﺑدﻗ ّﺔ
واھﺗﻣﺎم ،ﯾﻘوى ﻟدﯾﮫ ﺑﺎﻟﺗدرﯾﺞ ،وﺑﺗﻌز ّ ز ﻣﻊ ﺗﺄﺛﯾر اﻻﻧﻔﻌﺎﻻت اﻟﺳﺎر ّ ة اﻟ ﺗﻲ ﺗراﻓق ﻋﻣﻠﯾﺔ
اﻟﻣﻌرﻓﺔ ..وھذا ﻣﺎ ﯾدﻓﻊ اﻟطﻔل إﻟﻰ اﻟﺑﺣث اﻟداﺋم ﻣن أﺟل ﺗﻠﺑﯾﺔ ھذه اﻟرﻏﺑﺔ ،اﻟﺗﻲ ﺗﺗﺣو ّ ل
إﻟﻰ ﻋﺎدة ﻣﻌرﻓﯾﺔ ﺗﻼزﻣﮫ ﻣدى اﻟﺣﯾﺎة ..وﻻ ﺷك ّ أن ّ ﻟﻸﺳرة دور أﺳﺎﺳﻲ وﻛﺑﯾر ﻓﻲ ﺗﻧﻣﯾﺔ
ھذه اﻟرﻏﺑﺔ.
-٢٩اﻷطﻔﺎل واﻟﻧﻘود
ﯾﻘول /رﯾﻧﯾﮫ ﺑواﺳﯾﮫ /ﺧﺑﯾر ﻋﻠم ﻧﻔس اﻟطﻔل ،ﻓﻲ ﻣﺳﺄﻟﺔ إﻋطﺎء اﻟﻧﻘود ﻟﻸطﻔﺎل:
" اﻋطوا أطﻔﺎﻟﻛم ..وﻟﻛن ﻻ ﺗﻌطوھم ﻛﺛﯾرا ً " ..
إن ّ ﻓﻲ ھذا اﻟﻘول دﻋوة ﻟﻠواﻟدﯾن ﻣن أﺟل ﺿﺑط ﻣﺻروف أﺑﻧﺎﺋﮭم ) اﻟﺧﺎص( وﻣﻧذ
اﻟﺻﻐر ،ﺑﺷﻛل ﻣﺗوازن ﯾﺗﯾﺢ ﺗﻠﺑﯾﺔ ﺣﺎﺟﺎت اﻷطﻔﺎل وﻻ ﯾﺣرﻣﮭم ﻣن ﺟﮭﺔ ،وﻻ ﯾﺳﻣﺢ ﻟﮭم
ﺑﺎﻹﺳراف واﻟﺗﺑذﯾر ﻣن ﺟﮭﺔ أﺧرى.
ﻟﯾس ﺛﻣ ّﺔ ﺻورة أﺟﻣل وأروع ﻣن ﺻورة اﻟطﻔل وھو ﺳﻌﯾد ،وھو ﯾﻌﺑ ّر ﻋن ھذه
اﻟﺳﻌﺎدة ﺑوﺳﺎﺋﻠﮫ اﻟﺧﺎﺻ ّﺔ .وھل ھﻧﺎك ﻣﺎ ﯾﺳﻌد اﻟواﻟدﯾن أﻛﺛر ﻣن رؤﯾﺔ اﻷطﻔﺎل /اﻷﺑﻧﺎء
وھم ﺳﻌداء ﻣرﺣﯾن؟
وإذا ﻛﺎن اﻟﻛﺑﺎر ﯾﺳﺗطﯾﻌون أن ﯾﺟﻠﺑوا اﻟﺳﻌﺎدة ﻷﻧﻔﺳﮭم – إذا ﻣﺎ أرادوا – أو ﯾﺻﻧﻌوھﺎ
ﺑطراﺋﻘﮫ اﻟﺧﺎﺻﺔ ،ﻓﺈن ّ اﻷطﻔﺎل ﻻ ﯾﺳﺗطﯾﻌون ﻓﻌل ذﻟك ..وھذا ﯾﺣﻣ ّل اﻟﻛﺑﺎر ) اﻵﺑﺎء
واﻷﻣ ّﮭﺎت( ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻌﻣل اﻟﻣﺟﺎد واﻟﻣﺳﺗﻣر ّ ،ﻣن أﺟل ﺧﻠق اﻟظروف اﻟﻣواﺗﯾﺔ ﻹﺳﻌﺎد
اﻷطﻔﺎل ،ﻛﻠ ّﻣﺎ وﺟدوا إﻟﻰ ذﻟك ﺳﺑﯾﻼ.ﻷن ّ ﺳﻌﺎدة اﻷطﻔﺎل ،ﺗﺳﮭم إﻟﻰ ﺣد ّ ﺑﻌﯾد ﻓﻲ ﻧﻣو ّ ھم
)ﺗطو ّ رھم( اﻟﺧﺎص واﻟﻌﺎم.
ﻻ أﺣد ﯾﺷك ﻓﻲ رﻏﺑﺔ اﻟواﻟدﯾن ﻟﻛﻲ ﯾﻘد ّﻣوا ﻛل ّ ﻣﺎ ﯾﺳﺗطﯾﻌون ﺗﺄﻣﯾﻧﮫ ﻷطﻔﺎﻟﮭم ،أو ﻛل ّ
ﻣﺎ ﯾﻣﻠﻛون ،ﺣﺗﻰ ﺣﯾواﺗﮭم ..وﻟﻛن ﻗد ﯾﻌﺟز اﻟواﻟدون ﻋن ﺗﺄﻣﯾن ﺣﺎﺟﺎت اﻷطﻔﺎل ﻛﻠ ّﮭﺎ،
وﺑﺳﺑب ﻣﻌو ّ ﻗﺎت ﺧﺎرﺟﺔ ﻋن إراداﺗﮭم أو طﺎﻗﺎﺗﮭم.
وھﻧﺎ ﯾﻧﺻﺢ اﻟواﻟدان ،وﻻ ﺳﯾ ّﻣﺎ اﻷب ،إﻟﻰ ﻏرس روح اﻟﺣﻣﺎﺳﺔ )اﻟﻣﻌﻘﻠﻧﺔ( ﻓﻲ ﻧﻔوس
اﻷطﻔﺎل ،وﺗدرﯾﺑﮭم ﻋﻠﻰ ﻛﯾﻔﯾ ّﺔ ﺗوظﯾﻔﮭﺎ ﻓﻲ اﻷﻣور اﻟﺣﯾﺎﺗﯾ ّﺔ اﻟﻣﻔ ﯾدة واﻟﻔﺎﻋﻠﺔ ..ﺑﺣﯾث
ﺗﺷﻛ ّل ﻋﻧدھم ﺣﺎﻓزا ً ﻗوﯾ ّﺎ ً وداﺋﻣﺎ ً ،ﻧﺣو اﻹﻗﺑﺎل ﻋﻠﻰ اﻟﺣﯾﺎة ،واﻟﻌﻣل واﻟﺟﮭد واﻻﺟﺗﮭﺎد.
وﺑذﻟك ﯾﻛون اﻟواﻟدان ﻗد ﻗد ّﻣﺎ ﻟﻠطﻔل ھﺑﺔ أﺛﻣن ﻣن اﻟﮭﺑﺔ اﻟﻧﻘدﯾﺔ أو اﻟﻌﯾﻧﯾ ّﺔ ،ﻷن ّ اﻟﺣﻣﺎﺳﺔ
ﺗوﻟ ّد دواﻓﻊ اﻟﺑﺎدرة واﻟﻣﺛﺎﺑرة ،واﻟﺗﺣﺻﯾل واﻟﻧﺟﺎح ،واﻟﺷﻌور ﺑﻘﯾﻣﺔ اﻟذات واﻟﺣﯾﺎة.
ﯾﻌد ّ اﻹﺻﻐﺎء إﻟﻰ اﻟﺣدﯾث ﻗﯾﻣﺔ أﺳﺎﺳﯾ ّﺔ ﻣن آداب اﻟﺣدﯾث ،وﺗﻌﺑ ّر ﻋن اﻟﺗواﺻل اﻟﺑﻧ ّﺎء
ﺑﯾن ﺟﻣﺎﻋﺔ اﻟﻣﺗﺣد ّﺛﯾن ..وﺗﻛﺗﺳب ﻗﯾﻣﺔ اﻹﺻﻐﺎء ﺑﺎﻟﺗرﺑﯾﺔ – ﻛﻐﯾرھﺎ ﻣن آداب اﻟﺣدﯾث –
وﻣن ﺧﻼل اﻟﺗدرﯾب واﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ ،ﺣﯾث ﺗﻘﻊ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻟواﻟدﯾن ﺑﺎﻟدرﺟﺔ اﻷوﻟﻰ،
ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرھﻣﺎ ﯾﻣﺛ ّﻼن اﻟﻘدوة ﻟﻠطﻔل ،ﻓﻲ اﻟﺣدﯾث واﻹﺻﻐﺎء.
ﻓﻌﻧدﻣﺎ ﯾﺻﻐﻲ اﻟواﻟدان ﺑﺎھﺗﻣﺎم إﻟﻰ ﺣدﯾث اﻟطﻔل ،وﻣن دون ﻣﻘﺎطﻌﺔ أو اﻣﺗﻌﺎض ،ﻓﮭذا
ﯾﺷﻌره ﺑوﺟوده وﺗﻘدﯾره ،واﺣﺗرام رأﯾﮫ ..وﯾﺗﻌﻠ ّم ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻛﯾف ﯾﺻﻐﻲ – ھو ﺑدوره -إﻟﻰ
واﻟدﯾﮫ وھﻣﺎ ﯾﺗﺣد ّﺛﺎن إﻟﻰ أن ﯾﻔﺳﺢ ﻟﮫ اﻟﻣﺟﺎل ﻟﻛﻲ ﯾﺗﺣد ّث .وھذا ﻣﺎ ﯾﻧﻣ ّﻲ ﻟدﯾﮫ ﻗﯾم آداب
اﻟﺣدﯾث ) اﻻﺳﺗﻣﺎع واﻟﺣوار واﻟﻣﻧﺎﻗﺷﺔ( ،واﻟﺗﻲ ﯾﺳﺗطﯾﻊ ﺑوﺳﺎطﺗﮭﺎ ﻣن اﻟﺗواﺻل – ﻓﯾﻣﺎ
ﺑﻌد -ﻣﻊ اﻵﺧرﯾن ﻋﻠﻰ ﻗﺎﻋدة اﻻھﺗﻣﺎم واﻻﺣﺗرام اﻟﻣﺗﺑﺎدل.
ﯾؤﻛ ّد ھذا اﻟﻘول ،دور اﻷﺳرة ﺑوﺻﻔﮭﺎ ﻣؤﺳ ّﺳﺔ اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ،ﺗﺗﺿﻣ ّن ﻓﻲ إطﺎرھﺎ اﻟﻌﺎم،
إﻗﺎﻣﺔ ﻋﻼﻗﺎت ﺗﻔﺎﻋﻠﯾّﺔ ﺑﯾن أﻓرادھﺎ ﺑﻣﺎ ﯾﺳﮭم ﻓﻲ ﺗرﺑﯾﺗﮭم ﺗرﺑﯾﺔ اﺟﺗﻣﺎﻋﯾ ّﺔ ﺳﻠﯾﻣﺔ..وﺑﻣﺎ أن ّ
اﻷﺳرة ﻣﻣﺛ ّ ﻠﺔ ﺑﺎﻟواﻟدﯾن ،ﻓﮭذا ﯾﻘﺗﺿﻲ أن ﯾﺗﻣﺗ ّﻌﺎ ﺑﺎﻟروح اﻟﺟﻣﺎﻋﯾّﺔ وﯾﻌﻣدا إﻟﻰ ﺗﻛوﯾن
ﺻداﻗﺎت ﻣﻊ اﻷﺑﻧﺎء.
إن ّ ﺟﻠوس اﻟواﻟدﯾن ﻣﻊ اﻷطﻔﺎل ،وﻣﻧﺎﻗﺷﺗﮭم ﻓﻲ ﺑﻌض اﻷﻣور اﻟﻌﺎﺋﻠﯾﺔ ،وإﺷراﻛﮭم ﻓﻲ
اﺳﺗﻘﺑﺎل اﻟﺿﯾوف وزﯾﺎرة اﻷﻗﺎرب واﻷﺻدﻗﺎء ،وﻏﯾر ذﻟك ﻣن اﻟﻧﺷﺎطﺎت اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ،
اﻟﺗﻲ ﯾﺗﯾﺢ ﻟﻸطﻔﺎل ﻓرص اﻟﺗﻔﺎﻋل اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﻣﻊ اﻟﻛﺑﺎر واﻟﺻﻐﺎر ،وﺗﺑﻌدھم ﻋن اﻟوﻗوع
ﻓﻲ اﻟﻌزﻟﺔ أو اﻟﺷﻌور ﺑﺎﻟﺧﺟل أﻣﺎم اﻵﺧرﯾن .وﯾﺗﯾﺢ ﻟﮭم ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ اﺧﺗﯾﺎر اﻷﺻدﻗﺎء وﻓق
اﻟﺻﯾﻐﺔ اﻟﻣﺛﻠﻰ اﻟﺗﻲ ﯾﺗﻌﻠ ّﻣﻧﮭﺎ ﻣن واﻟدﯾﮭم ،اﻟذﯾن ﯾﻣﺛ ّ ﻠون اﻟﻘدوة ﻓﻲ اﻻﺧﺗﯾﺎر واﻟﺗﻌﺎﻣل.
ﯾﻧطوي ﻗول /دﯾوي /ھذا ،ﻋﻠﻰ أھﻣﯾ ّﺔ ﻛﺑﯾرة ﻟﺗرﺑﯾﺔ اﻟﻔرد /اﻹﻧﺳﺎن ،وﺑﻧﺎء ﺷﺧﺻﯾ ّﺗﮫ
ﻋﻠﻰ أﺳس ﺳﻠﯾﻣﺔ وﻗوﯾ ّﺔ ،ﻟﯾﻛون ﻋﺿوا ً ﻓﺎﻋﻼ ً وﻣﻔﯾدا ً ﻟذاﺗﮫ وﻟﻣﺟﺗﻣﻌﮫ.
وﺑﻣﺎ أن ّ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ھو :ﻣﺟﻣوع ﻣن اﻷﻓراد اﻟذﯾن ﯾﺷﻛ ّﻠون ﺑﻧﯾﺗﮫ ) اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ واﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ
واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ( وﺑﻣﺎ أن ّ اﻟﺗرﺑﯾﺔ ھﻲ إﻋداد اﻷﻓراد ﻟﻠﺗﻌﺎﯾش اﻹﯾﺟﺎﺑﻲ ﻓﻲ ھذا اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ،ﻓﺈن ّ
ﺑﻧﺎء ﺷﺧﺻﯾ ّﺎت اﻷﻓراد ﺑﻧﺎء ﻣﺗوازﻧﺎ ً وﻣﺗﻛﺎﻣﻼ ً وﺗرﺑﯾﺗﮭم ﻋﻠﻰ اﻟﻘﯾم اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ اﻟﻧﺑﯾﻠﺔ ،ﯾﻧﺗﺞ
ﻋﻧﮫ ﺑﺎﻟﺿرورة ﻣﺟﺗﻣﻌﺎ ً ﻣﺗﻣﺎﺳﻛﺎ ً ،ﺗﺟﻣﻊ ﺑﯾن أﻓراده ) أﻋﺿﺎﺋﮫ( وﺣدة اﻷﻓﻛﺎر واﻷﺧﻼق
واﻟﺳﻠوﻛﺎت .وﺑذﻟك ﺗﺗﺣﻘ ّق طﺑﯾﻌﺔ اﻟﺗرﺑﯾﺔ ﺑوﺻﻔﮭﺎ ﻋﻣﻠﯾﺔ اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﻧطﻠﻘﺎﺗﮭﺎ وأھداﻓﮭﺎ.
إن ّ ﻓﻲ ھذا اﻟﻘول دﻋوة ﺗرﺑوﯾﺔ ﻟﻐرس اﻟﻣﺷﺎﻋر اﻹ ﻧﺳﺎﻧﯾﺔ اﻟﻧﺑﯾﻠﺔ ،ﻣن ﺧﻼل ﺗﻧﻣﯾ ّﺔ
اﻟﻣﺣﺑ ّﺔ واﻟﻐﯾرﯾ ّﺔ ،ﺗﺟﺎه اﻵﺧرﯾن ،واﻟﻣﺷﺎرﻛﺔ اﻟﻔﻌ ّﺎﻟﺔ ﻓﻲ ﺗﻘدﯾم اﻟﻣﺳﺎﻋدة ﻟﮭم .وھذا ﻛﻠ ّﮫ
ﯾﻧدرج ﻓﻲ إطﺎر اﻟﺗﻌﺎطف اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ اﻟراﻗﻲ ،اﻟذي ﯾدﺧل ﻓﻲ ﻋﻠم اﻷﺧﻼق ودﻻﻻﺗﮭﺎ
اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ.
ﻓﺎﻟﻌطف ھو اﻟﺷﻌور اﻟﺻﺎدق ﺑﺣﺎﻟﺔ اﻵﺧرﯾن ،واﻹﺣﺳﺎس ﺑﺎﻟ ﺷﻔﻘﺔ وﺗﻘدﯾم اﻟﻣواﺳﺎة
اﻟﺿرورﯾﺔ ﻟﮭم ..وھذا ﻣﺎ ﯾﺟب أن ﯾﺄﺧذه اﻟواﻟدون واﻟﻣرﺑون ﻓﻲ ﺣﺳﺎﺑﺎﺗﮭم اﻟﺗرﺑوﯾﺔ ،ﻣن
ﺧﻼل اﻟﺧﺑرة اﻟﺗﻲ ﯾﺗم ّ إﻛﺳﺎﺑﮭﺎ ﻟﻠﻧﺎﺷﺋﺔ ،وﻣﺎ ﯾﺗﺑﻊ ذﻟك ﻣن اﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ واﻟﺗﻘوﯾم واﻟﺗﻌزﯾز
ﻷﻧواع اﻟﺳﻠوﻛﺎت اﻟﺗﻲ ﯾﻘوﻣون ﺑﮭﺎ ،ﺑﺣﯾث ﺗﺻﺑﺢ ﺻﻔﺎت أﺻﯾﻠﺔ ﻓﻲ ﺷﺧﺻﯾﺎﺗﮭم.
وﻋﻧدﻣﺎ ﻧﺗﺄﻛ ّد ﻣن أﻧ ّﻧﺎ زرﻋﻧﺎ ﻓﻲ ﻧﻔس اﻟطﻔل ،ﻣﺣﺑ ّﺔ اﻟﻧﺎس واﻟﺗﻌﺎطف ﻣﻌﮭم ،ﯾﻣﻛﻧﻧﺎ أن
ﻧطﻣﺋن ّ إﻟﻰ أن ّ اﻟطﻔل ﻗد أﺻﺑﺢ ﻗﺎدرا ً ﻋﻠﻰ اﻹﺣﺳﺎس ﺑﺂﻻم اﻵﺧرﯾن ،ﺑﻘﻠﺑﮫ وﺑﻌﻘﻠﮫ ،وھو
ﻗﺎدر ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﯾﺎم ﺑﻣﺑﺎدرة ذاﺗﯾ ّﺔ ﻟﻣﺳﺎﻋدﺗﮭم ،ﻛﻠ ّﻣﺎ ﺗطﻠ ّب اﻟﻣوﻗف ذﻟك!!..
-٣٥ﺗﻣر ّ د اﻟطﻔل
ﯾﻘول أﺣد اﻟﻣرﺑ ّﯾن:
" إذا رأﯾت أﯾ ّﮭﺎ اﻷب ،طﻔﻠك ﻣﺗﻣر ّ دا ً ﻋﻠﯾك ،ﻓﺎﺳﺄل ﻧﻔﺳك :ھل اﺣﺗﺿﻧت طﻔﻠك ھذا،
ﻓﻲ ذﻟك اﻟﯾوم..؟! "
ﯾﻧطوي ھذا اﻟﻘول ﻋﻠﻰ ﺗﻧﺑﯾﮫ ﻟﻶﺑﺎء واﻷﻣ ّﮭﺎت ،وﻻ ﺳﯾ ّﻣﺎ اﻟذﯾن ﯾﻧﻐﻣﺳون ﻓﻲ زﺣﻣﺔ
ﯾﺑﯾ ّن ھذا اﻟﻘول ،اﻟﺧطﺄ اﻟذي ﯾرﺗﻛﺑﮫ اﻟواﻟدون ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﻌﺗﻘدون أن ّ أطﻔﺎﻟﮭم – وﻻ ﺳﯾ ّﻣﺎ
اﻟﺻﻐﺎر ﻣﻧﮭم – ﻻ ﯾدرﻛون أﺑﻌﺎد ﺑﻌض اﻟﺳﻠوﻛﺎت اﻟﺗﻲ ﯾﻘوم ﺑﮭﺎ واﻟدﯾﮭم ،ﺑﺣﺟ ّﺔ أن ّ
اﻷطﻔﺎل ﻣﺎ زاﻟوا ﺻﻐﺎرا ً ،وﻻ ﯾﻌﯾرون أي ّ اھﺗﻣﺎم ﺑﮭذه اﻷﻣور ،أﻧ ّﮭﺎ ﻻ ﺗﺛﯾر اﻧﺗﺑﺎھﮭم..
ﻟﻛن ّ اﻟواﻗﻊ ﻏﯾر ذﻟك.
ﻓﺎﻟطﻔل ،ﻛﻣﺎ ﯾُﻌر َ ف ﻋﻧﮫ ،ﻣراﻗب ﻣﻣﺗﺎز وﻣﻘﻠ ّد ﺑﺎرع ،ﺣﺗﻰ ﻷﺻﻐر اﻷﻣور إذا ﻣﺎ
أﻋﺟب ﺑﮭﺎ.ﻓﮭو ﯾﻧﺗﺑﮫ وﯾدرك ﺑطرﯾﻘﺗﮫ اﻟﺧﺎﺻﺔ ،وﯾﺧﺗزن ﻛﺛﯾرا ً ﻣن اﻟﺻور اﻟﺳﻠوﻛﯾ ّﺔ اﻟﺗﻲ
ﺗﻣر ّ أﻣﺎﻣﮫ ،وﺗﺛﯾر اھﺗﻣﺎﻣﮫ ،وﯾﺗﺣﯾ ّن اﻟﻔرﺻﺔ اﻟﻣواﺗﻲ ﻟﻛﻲ ﯾﻘﻠ ّدھﺎ وﯾﻣﺎرﺳﮭﺎ ﺑطرﯾﻘﺗﮫ.
وﻟذﻟك ،ﯾﻧﺑﻐﻲ ﻋﻠﻰ اﻵﺑﺎء و اﻷﻣ ّﮭﺎت إن ﯾﻛوﻧوا ﺣذرﯾن ﺟد ّا ً ﻓﻲ أﻗواﻟﮭم وأﻓﻌﺎﻟﮭم أﻣﺎم
اﻷطﻔﺎل ،وﻻ ﯾﺳﺗﮭﯾﻧوا ﺑﻘدراﺗﮭم ،وﻻ ﺳﯾ ّﻣﺎ إذا ﺷﻌر أﺣد اﻟواﻟدﯾن ﺑﺄن ّ ﺛﻣ ّﺔ ﺧطﺄ ﻣﺎ ﻓﻲ ﻗوﻟﮫ
أو ﻓﻌﻠﮫ ،وﻋﻠﯾﮫ أن ﯾﺗﺟﻧ ّﺑﮫ ﻗﺑل أن ﯾﺻل إﻟﻰ اﻟطﻔل ،أو اﻷطﻔﺎل.
ﻻ ﺷك ّ أن ّ اﻷﺑﻧﺎء ﻧﺗﺎج واﻟدﯾﮭم ،وراﺛﯾّﺎ ً وﺗرﺑوﯾﺎ ً ..وھذا اﻟﻘول ﯾؤﻛ ّد ﺣﻘﯾﻘﺔ اﻟﻣﮭﻣ ّﺔ
اﻟﺗرﺑوﯾﺔ /اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﻟﻠﺣﯾﺎة اﻟزوﺟﯾ ّﺔ .ﻓﺎﻟزواج ﻟﯾس اﺟﺗﻣﺎﻋﺎ ً ﻓﻘط ﺑﯾن رﺟل واﻣرأة ﻟﻠﻌﯾش
ﻓﻲ ﺑﯾت واﺣد وإﻧﺟﺎب اﻷطﻔﺎل ،وإﻧ ّﻣﺎ ھﻧﺎك ﻣﺎ ھو أﺳﻣﻰ ﻣن ذﻟك ،ﯾﺗﻣﺛ ّل ﻓﻲ ﺗرﺑﯾﺔ
اﻷطﻔﺎل وﺗﻧﺷﺋﺗﮭم وﻓق ﻣﻌﺎﯾﯾر اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ /ﺳﻠﯾﻣﺔ ،وﻗﯾم أﺧﻼﻗﯾﺔ ﺳﺎﻣﯾﺔ .وھﻧﺎ ﯾﺗﺟﻠ ّﻰ ﻧﺟﺎح
اﻟﺣﯾﺎة اﻟزوﺟﯾّﺔ.
وﻻ ﺑد ّ ﻣن اﻟﺗذﻛﯾر ،ﺑﺄن ّ اﻟواﻟدﯾﺔ ﺷﻲء واﻟﺗرﺑﯾﺔ ﺷﻲء آﺧر ..ﻓﻣن اﻟﺳﮭوﻟﺔ ﺑﻣﻛﺎن أن
ﻧﻛون آﺑﺎء أو أﻣ ّﮭﺎت ،وﻟﻛن ﻣن اﻟﺻﻌوﺑﺔ ﺑﻣﻛﺎن أن ﻧﻛون ﻣرﺑ ّﯾن أو ﻣرﺑﯾﺎت ..وھذا ﻣﺎ
ﯾﺟب أن ﯾدرﻛﮫ اﻟواﻟدان ،ﺣﯾث ﯾﻛون اﻟﺗﻛﺎﻣل ھو اﻟﻣطﻠوب ﻓﻲ اﻟﺣﯾﺎة اﻟزوﺟﯾ ّﺔ /اﻷﺳرﯾﺔ.
ﯾرﺗﺑط ھذا اﻟﻘول ﺑﺣب ّ اﻟﺣﯾﺎة واﻟﺗﻔﺎؤل اﻟذي ﯾﺟﻣ ّل ھذه اﻟﺣﯾﺎة ،وﯾﻌطﯾﮭﺎ طﻌم اﻟﺳﻌﺎدة
واﻟطﻣوح ..اﻷﻣر اﻟذي ﯾﺗطﻠ ّب ﻣن اﻟواﻟدﯾن واﻟﻣرﺑﯾن ،أن ﯾﻔﺗﺣوا ﻟﻸطﻔﺎل /اﻟﻧﺎﺷﺋﺔ ﻣﻧذ
اﻟﺻﻐر ،ﻧواﻓذ اﻟﺣﯾﺎة اﻟﺟﻣﯾﻠﺔ وأﺑواﺑﮭﺎ اﻟواﺳﻌﺔ.
وھذا ﯾﻌﻧﻲ أن ﯾﻌﻣل اﻟواﻟدون واﻟﻣرﺑ ّون ،ﻋﻠﻰ زرع ﻣﻌﻧﻰ اﻟﺣﯾﺎة وﻗﯾﻣﺔ اﻟﺣﯾﺎة ﻓﻲ ﻧﻔس
اﻷطﻔﺎل وﻋﻘوﻟﮭم ،واﻟﺗرﻛﯾز ﻋﻠﻰ دور اﻹﻧﺳﺎن /اﻟﻔرد ﻓﻲ ھذه اﻟﺣﯾﺎة ،ﻣن ﺧﻼل اﻟﻌﻠم
واﻟﻌﻣل ،واﻟﺳﻠوك اﻟﺣﻣﯾد واﻟﺗﻔﺎؤل ،ﺑﺣﯾث ﯾﻛون ﻓﺎﻋﻼ ً إﯾﺟﺎﺑﯾﺎ ً وﻟﯾس ﻣﻧﻔﻌﻼ ً ﺳﻠﺑﯾﺎ ً ..وذﻟك
ﻛﻠ ّﮫ ﯾﺿﻔﻲ ﺟﻣﺎﻻ ً ﺧﺎﺻﺎ ً ﻋﻠﻰ اﻟﺣﯾﺎة ،وﯾﻌطﯾﮭﺎ ﻣﻌﺎﻧﻲ ﺳﺎﻣﯾﺔ..
ﻣن اﻟﻣﻌروف أن ّ اﻷطﻔﺎل –وإن ﻛﺎﻧوا ﺻﻐﺎرا ً -ﯾراﻗﺑون ﺗﺻر ّ ﻓ ﺎت اﻟﻛﺑﺎر ﻣن ﺣوﻟﮭم،
وﻻ ﺳﯾ ّﻣﺎ ﻓﻲ اﻷﺳرة.وﯾﻘﻠ ّدون ﻛﺛﯾرا ً ﻣن ھذه اﻟﺗﺻر ّ ﻓﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﺛﯾر اھﺗﻣﺎﻣﺎﺗﮭم .وﻟﻛﻧ ّﮭم –
ﻓﻲ اﻟﻣﻘﺎﺑل -ﯾﻠﺟﺄون إﻟﻰ اﻓﺗﻌﺎل ﺑﻌض اﻷﻣور اﻟﺗﻲ ﺗﺛﯾر اﻧﺗﺑﺎه اﻟواﻟدﯾن ،واﻟﺗﻲ ﻗد ﺗﺗﻌﻠ ّق
ﺑﺎﻟواﻟدﯾن ﺗﺣدﯾدا ً ..
ﻓﺎﻟطﻔل ﻣن ﺧﻼل ﻣراﻗﺑﺗﮫ ﻟﻠﺗﻌﺎﻣل ﺑﯾن واﻟدﯾﮫ ،ﯾ ﻔﮭم ﺑﺣﺳ ّﮫ اﻟﻣرھف واﻟﺻﺎدق طﺑﯾﻌﺔ
ھذه اﻟﻌﻼﻗﺔ ،ﻓﯾﺣﺎول ﺑﯾن اﻟﺣﯾن واﻵﺧر ،اﻓﺗﻌﺎل أﻣر ﻣﺎ )ﺣ َ د َث(ﻟﺗﺣرﯾﻛﮭﺎ إذا ﻣﺎ ﻻﺣظ أن ّ
ﺛﻣ ّﺔ ﻓﺗورا ً ﻓﯾﮭﺎ .وﺑذﻟك ﯾﻧﺧرط اﻟواﻟدان ﻓﻲ اﻷﻣر اﻟﻣﻔﺗﻌل ،ﻣن دون أن ﯾدرﻛﺎ ﻣﻘﺎﺻد
اﻟطﻔل.
وﺑذﻟك ،ﯾ َﺷﻐ ُل اﻟطﻔل واﻟدﯾﮫ ،وﯾﺑﻌث اﻟﺣﯾوﯾ ّﺔ ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺗﮭﻣﺎ ،ﺣﺗﻰ وإن ﻛﺎن ذﻟك ﺑﺄﺳﻠوب
اﻟﺧﻼف واﻟﻧﻘﺎش اﻟﺣﺎد ّ ..ﻓﺎﺣذروا أﯾ ّﮭﺎ اﻟواﻟدون وﻻ ﺗﺳﺗﮭﯾﻧوا ﺑﺄطﻔﺎﻟﻛم!..
ﻟﻘد أﺛﺑﺗت اﻟدراﺳﺎت اﻟﺗرﺑوﯾﺔ ،أن ّ اﻟطﻔل ﻻ ﯾﺗﻌﻠ ّم ﺑﺎﻷﻗوال وﺣدھﺎ ،واﻟﺗﻲ ﺗﻌﺗﻣد اﻟﺗﻠﻘﯾن
اﻟﻣﻣل ّ واﻟوﻋظ اﻟﻣﺑﺎﺷر ،وإﻧ ّﻣﺎ ﯾﺣﺗﺎج ھذا اﻟﺗﻌﻠ ّم إﻟﻰ ﺷواھد وﻣواﻗف ﺣﯾ ّﺔ ﻣﺣﺳوﺳﺔ
وﻣﻠﻣوﺳﺔ ،ﺗﺟﺳ ّد أﻣﺎم ﺑﺎﻟﻔﻌل واﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ ،ﻟﻛﻲ ﯾﻘﺗﻧﻊ ﺑﮭﺎ وﺑﺗﻣﺛ ّ ﻠﮭﺎ ،وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﯾﻣﺎرﺳﮭﺎ
ﺑﺻورة ﺗﻠﻘﺎﺋﯾ ّﺔ )ذاﺗﯾﺔ(.
واﺳﺗﻧﺎدا ً إﻟﻰ ﻣﺑدأ ) اﻟﻘدوة ﻓﻲ اﻟﺗرﺑﯾﺔ( وﺗﺟﺳﯾدا ً ﻟﻠﻣﺛل اﻟﻘﺎﺋل " :اﻷﻓﻌﺎل أﻗوى ﻣن
اﻷﻗوال"ﻓﺈن ّ ﯾﺗوﺟ ّ ب ﻋﻠﻰ اﻟواﻟدﯾن واﻟﻣرﺑﯾن ،أن ﯾﺟﺳ ّدوا أﻗواﻟﮭم ﻓﻲ أﻓﻌﺎﻟﮭم وﻣواﻗﻔﮭم،
اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾ ّﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ،وﺑذﻟك ﯾﺳﺗطﯾﻌون أن ﯾﻐرﺳوا ﻓﻲ ﻧﻔوس اﻷطﻔﺎل ،اﻟﻘﯾم اﻟﻧﺑﯾﻠﺔ
واﻷﺧﻼق اﻟﺣﻣﯾدة.
-٤١ﻷطﻔﺎل واﻟﺣﺎﺟﺎت اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾ ّﺔ
ﯾﻘول ﻣﺑدأ ﺗرﺑوي:
إن ّ اﻷطﻔﺎل ﯾﺧﺗﻠﻔون ﻛﺛﯾرا ً ﻓﻲ اﺣﺗﯾﺎﺟﺎﺗﮭم اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ..ﺣﺗﻰ داﺧل اﻷﺳرة "
اﻟواﺣدة"..
ﯾؤﻛ ّد ھذا اﻟﻘول ﻣﺑدأ )اﻟﻔروق اﻟﻔردﯾ ّﺔ( ﺑﯾن اﻷﺧوة ،ﻟﯾس ﻓﻲ اﻟﻧواﺣﻲ اﻟﺟﺳدﯾﺔ ﻓﺣﺳب،
ﺑل وﻓﻲ ا ﻟﻧواﺣﻲ اﻟﻌﻘﻠﯾﺔ واﻟوﺟداﻧﯾﺔ وأﯾﺿﺎ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ..واﻟﺗﻲ ﺗﻌﺗﺑر ﻣن اﻟﺣﺎﺟﺎت
اﻷﺳﺎﺳﯾ ّﺔ ﻟﺗﻧﻣﯾﺔ ﺷﺧﺻﯾ ّﺔ اﻟطﻔل اﻟﻣﺗﻛﺎﻣﻠﺔ ..وھذا ﯾﺗطﻠ ّب ﻣن اﻟواﻟدﯾن ﺗﻌر ّ ف طﺑﯾﻌﺔ ﻛل ّ
طﻔل ﻣن أطﻔﺎﻟﮭﻣﺎ ،وﺗﺣدﯾد ﺣﺎﺟﺎﺗﮫ اﻟﻧﻣﺎﺋﯾﺔ ،وﻣن ﺛم ّ اﺧﺗﯾﺎر اﻷﺳﻠوب اﻟﻣﻧﺎﺳب ﻟﻠﺗﻌﺎﻣل
ﻣﻌﮫ وﻓق ھذه اﻟطﺑﯾﻌﺔ وﺣﺎﺟﺎﺗﮭ ﺎ ،وإن ﻛﺎﻧت اﻷھداف اﻟﺗرﺑوﯾﺔ واﺣدة ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻸطﻔﺎل
ﺟﻣﯾﻌﮭم.
ﻓﻘد ﯾﻛون ﻟدى أﺣد اﻷطﻔﺎل اﺳﺗﻌداد ﻟﻼﻧﻔﺗﺎح اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ،واﻟﺗﻔﺎﻋل ﻣﻊ أﺧوﺗﮫ وأﺗراﺑﮫ،
ﺑﯾﻧﻣﺎ ﯾﻛون ھذا اﻻﺳﺗﻌداد ﺿﻌﯾﻔﺎ ً ﻋﻧد طﻔل آﺧر ،وﻻ ﯾﻌد ّ ذﻟك اﻧﺣراﻓﺎ ً ﻓﻲ طﺑﯾﻌﺗﮫ .وإذا
ﻛﺎن اﻟطﻔل ﺑﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ اﻟﻧﻣو ّ اﻻ ﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﻟﻛﻲ ﯾﺗﻛﯾ ّف ﻣﻊ ﻣﺣﯾط اﻟﺧﺎص واﻟﻌﺎم ،ﻓﻣﺎ ﻋﻠﻰ
اﻟواﻟدﯾن إﻻ ّ زﯾﺎدة إﺷراﻛﮫ ﻓﻲ اﻟﻧﺷﺎطﺎت اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ،ﻛﻣﻧﺎﻗﺷﺔ ﺑﻌض اﻷﻣور اﻷﺳرﯾﺔ،
واﻟﻌﻣﺎل اﻟﺟﻣﺎﻋﯾﺔ ،وﺗﺷﺟﯾﻌﮫ ﻋﻠﻰ ﺑﻧﺎء ﺻداﻗﺎت ﻣﻊ اﻷطﻔﺎل اﻵﺧرﯾن ﻓﻲ اﻟﻣدرﺳﺔ أو ﻓﻲ
اﻟﻧﺎدي..وﻏﯾرھﺎ.
ﺗﻛﺗﺳب اﻟﻌﺎدات ﻛﻠ ّﮭﺎ ) اﻹﯾﺟﺎﺑﯾﺔ واﻟﺳﻠﺑﯾﺔ( ﻣن ﺧﻼل اﻟﺗرﺑﯾﺔ اﻷﺳرﯾﺔ ،ﺑﻣﺎ ﻓﯾﮭﺎ ﻣن
ﻣﺛﯾرات وﺗوﺟﯾﮫ وﺗﻘﻠﯾد وﻣﻣﺎرﺳﺔ ..ﺣﯾث ﺗﺑدأ ﻣن ﺳﻧوات اﻟطﻔوﻟﺔ اﻷوﻟﻰ ،وﻣن ﺛم ّ ﺗﻧﻣو
-٤٣اﻟﺗرﺑﯾﺔ واﻟﺣﯾﺎة
ﯾﻘول /ﺟون دﯾوي :/
"إن ّ اﻟﺗرﺑﯾﺔ ھﺑﻲ اﻟﺣﯾﺎة ذاﺗﮭﺎ ..وﻟﯾﺳت اﻹﻋداد ﻟﻠﺣﯾﺎة"..
ﺗﻌر ّ ف اﻟﺗرﺑﯾﺔ – ﺑﻣﻔﮭوﻣﮭﺎ اﻟﺷﺎﻣل -ﺑﺄﻧ ّﮭﺎ إﻋداد ﻟﻠﺣﯾﺎة ،وﻣن ﺧﻼل اﻟﺣﯾﺎة ذاﺗﮭﺎ ..وھذا
ﯾﻌﻧﻲ أن ّ ﻋﻠﻰ اﻟﺗرﺑﯾﺔ ) واﻟﻣﻌﻧﯾﯾن ﺑﺎﻟﺗرﺑﯾﺔ( ﺗﮭﯾﺋﺔ اﻟﻣﻧﺎﺧﺎت اﻟﺗرﺑﯾﺔ ﻟ ﺣﯾﺎة ﺣﻘﯾﻘﯾ ّﺔ ﯾﻌﯾﺷﮭﺎ
اﻷطﻔﺎل ،وﻛﺄﻧ ّﮭم أﻋﺿﺎء ﻓﺎﻋﻠﯾن ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ،ﺣﯾث ﯾﻛﻠ ّﻔون ﺑﺄﻋﻣﺎل وﻣﻧﺎﺷط ﺗرﺗﺑط
ﺑﺎﻟواﻗﻊ اﻟﻣﺣﯾط ،ﺗﺗواﻓق ﻣﻊ ﻗدراﺗﮭم واھﺗﻣﺎﻣﺎﺗﮭم ،وﺗﻧﻣ ّﻲ ﻟدﯾﮭم اﻟﻘﯾم ) اﻟﻧﻔﺳﯾ ّﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾ ّﺔ
واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾ ّﺔ( اﻟﻼزﻣﺔ ﻟﻠﺣﯾﺎة اﻟﻌﺎﻣﺔ.
وھذا ﻛﻠ ّﮫ ﯾﻌز ّ ز ﺛﻘﺔ اﻷطﻔﺎل ﺑﺄﻧﻔﺳﮭم ،وﺑﻘدراﺗﮭم ﻋﻠﻰ ﻣواﺟﮭﺔ ﻣﺗطﻠ ّﺑﺎت اﻟﺣﯾﺎة اﻟﻣﻘﺑﻠﺔ،
واﻟﺗﻔﺎﻋل ﻣﻊ اﻷﻓراد اﻵﺧرﯾن ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ،ﻣن أﺟل ﺗﺣﻘﯾق اﻟذات واﻟﻌﻣل اﻟﺟﺎد ّ
واﻟﻣﺛﻣر!..
إن ّ أھﻣﯾ ّﺔ ھذا اﻟﻘول ﺗﻛﻣن ﻓﻲ ﺗﺄﻛﯾده ﻣﺑدأ ) اﻟﻘدوة اﻟﺣﺳﻧﺔ( اﻟذي ﺗﺷد ّد ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺗرﺑﯾﺔ
ﺑﺻورة ﻋﺎﻣﺔ واﻟﺗرﺑﯾﺔ اﻷﺳرﯾﺔ ﺑﺻورة ﺧﺎﺻﺔ ،وﻻ ﺳﯾ ّﻣﺎ دور اﻷب ﺑﺎﻋﺗﺑﺎره ﯾﻣﺛ ّل
رﺋﯾس اﻟﻣؤﺳ ّﺳﺔ اﻷﺳرﯾﺔ ،وﻗﺎﺋدھﺎ وﻣدﯾرھﺎ ،ﻓﯾﻛون ﺑﺄداء أدواره ھذه ،ﻗدوة ﻷﺑﻧﺎﺋﮫ ﻓﻲ
اﻟﻘول واﻟﻔﻌل.
وﺑﻣﺎ أن ّ اﻟﺳﻠوﻛﺎت ﻛﻠ ّﮭﺎ ﻣﻛﺗﺳﺑﺔ ،وﻣن اﻷﺳرة أوﻻ ً ،ﻓﺈن ّ ﻋﻠﻰ اﻵﺑﺎء واﻷﻣﮭﺎت أن
ﯾﻘو ّ ﻣوا ﺑﯾن اﻟﺣﯾن واﻵﺧر ،ﺳﻠوﻛﺎﺗﮭم وأﺳﺎﻟﯾب ﺣﯾﺎﺗﮭم ﻟﻛﻲ ﯾﺗﻣﻛ ّﻧوا ﻣن آدا أدوارھم
اﻟﺗرﺑوﯾﺔ ﻓﻲ ﺗﻘوﯾم ﺳﻠوﻛﺎت أﺑﻧﺎﺋﮭم ،اﻟذﯾن ﯾﻘﺗدون ﺑﮭم وﯾﻛﺗﺳﺑون ﻣﻧﮭم ﻣﻌظم ﺻﻔﺎﺗﮭم
-٤٦اﻷطﻔﺎل واﻟرأﻓﺔ
ﯾﻘول /ﺗوﻟﺳﺗوي :/
"إن ّ اﻷطﻔﺎل ﻻ ﯾﺟﯾدون اﻟرأﻓـﺔ"!!..
أﺟل !..إن ّ اﻷطﻔﺎل – أﺣﯾﺎﻧﺎ ً -ﻻ ﯾﻘد ّرون ظروف واﻟدﯾﮭم ،ﺳواء ﻛﺎﻧت اﺟﺗﻣﺎ ﻋﯾﺔ أو
اﻗﺗﺻﺎدﯾ ّﺔ ..ﻓﻼ ﯾﻛل ّ اﻷطﻔﺎل وﻻ ﯾﻣﻠ ّون ﻣن اﻟطﻠﺑﺎت ﺑﻼ رﺣﻣﺔ أو رأﻓﺔ ﺑواﻟدﯾﮭم ..وﻟﻛن ّ
ھذا ﻻ ﯾﻌﻧﻲ أن ّ اﻷطﻔﺎل ﻗﺳﺎة اﻟﻘﻠوب ،وإﻧ ّﻣﺎ ھم أﻧﺎﻧﯾون – إﻟﻰ ﺣد ّ ﻣﺎ – ﻻ ﯾﮭﻣ ّﮭم ﺳوى
اﻟﺣﺻول ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﻠﺑ ّﻲ ﺣﺎﺟﺎﺗﮭم وﯾؤﻣ ّن ﻣطﺎﻟﺑﮭم ...وھذا ﻣن طﺑﯾﻌﺔ اﻟطﻔوﻟﺔ ،وﻻ ﺳﯾ ّﻣﺎ ﻓﻲ
ﻣراﺣﻠﮭﺎ اﻷوﻟﻰ.
وھذا ﯾﺣﻣ ّل اﻟواﻟدﯾن ﻣﺳؤوﻟﯾ ّﺔ اﻟﺗﻌﺎﻣل ﻣﻊ اﻟطﻔوﻟﺔ ،ﺑﺈدراﻛﮭﺎ وﻋﻘﻠﻧﺗﮭﺎ ،وﻣن ﺧﻼل
اﻟﺣوار واﻹﻗﻧﺎع ﺑﺣﯾث ﺗؤﻣ ّن ﻣﺳﺗﻠزﻣﺎت اﻷطﻔﺎل وﻓق اﻹﻣﻛﺎﻧﺎت اﻟﻣﺗﺎﺣﺔ ..ﻓﯾﺗﻔﮭّﻣون
أوﺿﺎﻋﮭم اﻟﺧﺎﺻﺔ وﯾﻌﺗﺎدون ﻋﻠﻰ اﻟﺗﻘوﯾم اﻟﺳﻠﯾم ﻟﻸﻣور ،واﻷﺧذ ﺑﺎﻟﺧﯾﺎر اﻟﻣﻧﺎﺳب ﻣن
ﺑداﺋﻠﮭﺎ.
اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟروﺣﯾ ّﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺟب أن ﺗرﺑط اﻟﺷراﻛﺔ ﯾؤﻛ ّد ﻣﺿﻣون ھذا اﻟﻘول ،ﻋﻣق
اﻟزوﺟﯾ ّﺔ ،واﻧﻌﻛﺳﺎت ھذه اﻟﻌﻼﻗﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺗﻌﺎﻣل ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن ﻓﯾﻣﺎ ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ ﻣن ﺟﮭﺔ ،وﻋﻠﻰ
ﺗﻌﺎﻣﻠﮭﻣﺎ ﻣﻊ اﻷﺑﻧﺎء ﻣن ﺟﮭﺔ أﺧرى.
إن ّ ھذه اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺗظﮭر ﻣﺳﺗوى اﻟﺗرﺑﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻧﺷﺄ اﻟزوﺟﺎن ﻓﻲ ظﻠ ّﮭﺎ ،وأھ ّﻼ ﻣن ﺧﻼﻟﮭﺎ
ﻟﻠﺣﯾﺎة اﻟزوﺟﯾ ّﺔ وﺑﻧﺎء اﻷﺳرة .ﻓﻛﻠ ّﻣﺎ ﻛﺎﻧت اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟزوﺟﯾ ّﺔ ﺳﻠﯾﻣﺔ ،ﻛﺎﻧت ﻛﻔﺎءة اﻟزوﺟﯾن
أﻛﺛر ﻗدرة ﻋﻠﻰ اﻟﺗﻔﺎھم ،وﺣل ّ اﻟﺧﻼﻓﺎت اﻟﺗﻲ ﻗد ﺗﺣدث ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ ،ﻣﻣ ّﺎ ﯾﺳﮭّل ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ دورھﻣﺎ
ﻓﻲ ﺗرﺑﯾﺔ اﻷﺑﻧﺎء.
وھذا ﻣﺎ ﯾﻧﺑﻐﻲ ﻋﻠﻰ اﻟواﻟدﯾن اﻟﺗﻧﺑ ّﮫ ﻟﮫ ،ﺣﺗﻰ ﻓﻲ ﺣﺎﻻت اﻻﺧﺗﻼف اﻟﺷدﯾد واﻟﺷﺟﺎر
اﻟﺣﺎد،اﻟﺗﻲ ﻻ ﯾﺟوز أن ﺗﻧﺗﮭﻲ أو ﺗﺣل ّ ،إﻻ ّ ﺑﺎﻟﺗﻔﺎھم واﻟﻣود ّة واﻻﺣﺗرام اﻟﻣﺗﺑﺎدل ،ﺑﻣﺎ ﯾﻌز ّ ز
اﻟﺛﻘﺔ ﺑﯾن اﻟطرﻓﯾن )اﻟزوﺟﯾن( ،وﯾﺧﻔ ّف ﻣن ﺣد ّة اﻟﺗﺄﺛﯾرات اﻟﺳﻠﺑﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻗد ﺗﺣدث ﻋﻧدھﻣﺎ
أو ﻋﻧد اﻷﺑﻧﺎء.
ھﻲ إﻋداد اﻹﻧﺳﺎن ﻟﻠﺣﯾﺎة ،ﻓﻛﯾف ﯾﻛون ھذا إذا ﻛﺎﻧت اﻟﺗرﺑﯾﺔ – ﺑطﺑﯾﻌﺗﮭﺎ وأھداﻓﮭﺎ _
إن ّ ﻣن اﻟﻣﮭﺎم اﻟﺗرﺑوﯾﺔ اﻷﺳﺎﺳﯾ ّﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻘوم ﺑﮭﺎ اﻟواﻟدان ،ھﻲ ﺗﻣﻛﯾن اﻷطﻔﺎل /اﻷﺑﻧﺎء ﻣن
اﻻﻋﺗﻣﺎد ﻋﻠﻰ أﻧﻔﺳﮭم ،ﺻﻐﺎرا ً ﻛﺎﻧوا أم ﻛﺑﺎرا ً ..وذﻟك ﺑﺗﻧﻣﯾ ّﺔ ﺷﺧﺻﯾﺎﺗﮭم اﻟﻣﺳﺗﻘﻠ ّﺔ ،اﻟواﺛﻘﺔ
ﻣن ﻧﻔﺳﮭﺎ واﻟﻘﺎدرة ﻋﻠﻰ ﺗﺣﻣ ّل ﻣﺳؤوﻟﯾﺎﺗﮭﺎ اﻟﺧﺎﺻﺔ واﻟﻌﺎﻣ ّﺔ ،وﻟﯾﺳت اﻟﺷﺧﺻﯾﺎت
اﻟﻣﺗواﻛﻠﺔ ﺑﺎﻟﻣطﻠق ﻋﻠﻰ اﻟواﻟدﯾن ،واﻟﻣﺳﺗﺳﻠﻣﺔ ﻟﻘراراﺗﮭم وﻟﻛل ّ ﻣﺎ ﯾرﺿﯾﮭم..
ﺻﺣﯾﺢ أن ّ ﺳﻠطﺔ اﻟواﻟدﯾن ) اﻟﻘﯾﺎدﯾﺔ واﻟﺗوﺟﯾﮭﯾ ّﺔ( ﻣطﻠوﺑﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﻣل اﻟﺗرﺑوي اﻟﺑﻧ ّﺎء..
وﻟﻛن ّ اﻟﺻﺣﯾﺢ أﯾﺿﺎ ً ھو أن ّ ﺗﻧﻣﯾﺔ ﺣرﯾﺔ اﻷﺑﻧﺎء ﻣطﻠوﺑﺔ ،ﻓﻲ اﻟﺗﻌﺑﯾر ﻋن اﻟرأي ،واﻹرادة
واﻟﺷﺟﺎﻋﺔ ،وﺗوﻛﯾد اﻟذات ..وھذه ﻛﻠ ّﮭﺎ ﻣن اﻟﺻﻔﺎت اﻟﺷﺧﺻﯾ ّﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺟب أن ﺗﮭﺗم ّ ﺑﮭﺎ
اﻟﺗرﺑﯾﺔ اﻷﺳرﯾﺔ ،وﺗﻌﻣل ﻋﻠﻰ ﺗﻛوﯾﻧﮭﺎ وﺗﻔﻌﯾﻠﮭﺎ ﺑﺎﻟﺗدرﯾب واﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﻔﻌﻠﯾ ّﺔ.
إن ّ ﻓﻲ ھذا اﻟﻘول رد ّا ً ﺣﺎﺳﻣﺎ ً ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺎﻣﻠﺔ ﺑﻌض اﻟواﻟدﯾن ،اﻟﺗﻲ ﺗﻘوم ﻋﻠﻰ اﻟدﻻل
اﻟﻣﻔرط ،واﻟﺣرﯾﺔ اﻟﻣطﻠﻘﺔ ﻣن دون ﺿواﺑط أو ﻗﯾود ﻣﺣد ّدة ،ﺗوﺟﮫ ّ ﺳﻠوﻛﺎت اﻷطﻔﺎل
وﺗﺷﻌرھم ﺑﺎﻟواﺟب واﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﺗﺟﺎه ذواﺗﮭم ،وﺗﺟﺎه اﻟﻧﺎس اﻟﻣﺣﯾطﯾن ﺑﮭم.
ﻻ ﺷك ّ أن ﻣﻧﺢ اﻟﺣرﯾ ّﺔ ﻟﻸطﻔﺎل ،ﻣطﻠوﺑﺔ وﺿرورﯾﺔ ﻟﻧﻣو ّ ھم ) اﻟﻧﻔﺳﻲ واﻟﻌﻘﻠﻲ
واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ (،وﻟﻛن ّ ھذه اﻟﺣرﯾ ّﺔ ھﻲ اﻟﺣرﯾ ّﺔ اﻟﻣﻧظ ّ ﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻧﻣو وﺗﻣﺎرس ﺿﻣن اﻷﺳرة،
وﺗﺳﺗﻧد إﻟﻰ اﻟﻘواﻋد واﻟﻣﺑﺎدىء اﻟﺗرﺑوﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﮭذ ّ ب ﺳﻠوﻛﺎت اﻷطﻔﺎل وﺗؤط ّ ر ﺣﯾﺎﺗﮭم
ﻛﺄﻓراد داﺧل اﻷﺳرة وﺧﺎرﺟﮭﺎ ..وﻟﯾﺳت اﻟﺣرﯾ ّﺔ اﻟﻣطﻠﻘﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﺣو ّ ل إﻟﻰ ﻓوﺿﻰ ﺗﻛﺳب
اﻟطﻔل ﻋﺎدات ﺳﯾﺋﺔ ﺗﺳﯾطر ﻋﻠﯾﮫ وﺗﺿر ّ ﺑﺣﯾﺎﺗﮫ اﻵﻧﯾﺔ واﻟﻣﺳﺗﻘﺑﻠﯾﺔ .ﻛﻣﺎ ﯾﻘول اﻟﻣﺛل
اﻟدارج " :ﻻ ﺗﺗرك اﻟﺣﺑل طوﯾﻼ ً ﻻﺑﻧك ،ﺣﺗﻰ ﻻ ﯾﺷﻧق ﻧﻔﺳﮫ ﺑﮫ"..
إن ّ ﻓﻲ ھذا اﻟﻘول ﺗﻧﺑﯾﮭﺎ ً وﺗذﻛﯾرا ً ﻟﻶﺑﺎء واﻷﻣﮭﺎت ،ﺑﺄن ﯾﻔﻛ ّروا ﺑروﯾ ّﺔ ﻗﺑل أن ﯾﺗ ّﺧذوا
ﻗراراﺗﮭم وﻣواﻗﻔﮭم ﻓﻲ اﻟﺗﻌﺎﻣل ﻣﻊ اﻷﺑﻧﺎء ..ﻓﻼ ﯾﺟوز أن ﯾﺗﺷد ّد اﻟواﻟدون ﻓﻲ ﻗراراﺗﮭم ،أو
ﯾﺗﺻﻠ ّﺑوا ﻓﻲ آراﺋﮭم ،أو ﯾﺗﺳر ّ ﻋوا ﻓﻲ اﻟﺣﻛم ﻋﻠﻰ ﺗﺻر ّ ﻓﺎت أطﻔﺎﻟﮭم ..ﺑل ﻋﻠﻰ اﻟواﻟدﯾن
ﺑوﺻﻔﮭم ﻣرﺑ ّﯾن أﯾﺿﺎ ً ،أن ﯾﺗﺣﻠ ّوا ﺑﺎﻟروﯾﺔ واﻟﻣﻧطﻘﯾﺔ ﻓﻲ ﺗﺣﻠﯾل اﻟﻣواﻗف وظروﻓﮭﺎ ،وﺗﻘدﯾر
ﻣﺎ ﺗرﺗ ّﺑﮫ ﻧﺗﺎﺋﺟﮭﺎ ﻋﻠﯾﮭم وﻋﻠﻰ اﻷطﻔﺎل ..وﻣن ﺛم ّ إﺻدار اﻟﺣﻛم اﻟﻘﺎطﻊ ﻋﻠﯾﮭﺎ ﺑﻛﻠﻣﺔ ) :ﻧﻌم
أو ﻻ( ﺑﻣﺎ ﯾﺿﻣن اﻟﺗﺄﺛﯾرات اﻹﯾﺟﺎﺑﯾﺔ وﺗﻼﻓﻲ اﻟﺗﺄﺛﯾرات اﻟﺳﻠﺑﯾﺔ.
وﻓﻲ ذﻟك ﻣﻣﺎرﺳﺔ ﻟﻘﯾم ،ﺿﺑط اﻟﻧﻔس واﻟﺣﻛﻣﺔ واﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ،ﻓﻲ اﺗ ّﺧﺎذ اﻟﻘرار اﻟﻣﻧﺎﺳب
ﻓﻲ اﻟوﻗت اﻟﻣﻧﺎﺳب ،ﺑﺣﯾث ﯾﻛون ﺻﺣﯾﺣﺎ ً وﻣﻘﻧﻌﺎ ً ﻟﻸﺑﻧﺎء ،ﯾﻘﺗدون ﺑﮫ وﯾﺗﻣﺛ ّ ﻠون ﺑﮫ ﻣﻣﺎرﺳﺔ
داﺋﻣﺔ.
ﻗد ﯾﺳﺗﻐرب اﻟواﻟدان إذا ﺻرخ طﻔل ﻓﻲ وﺟﮫ أﺣدھﻣﺎ ،ﻣﻌﺑ ّرا ً ﻋن رﻓﺿﮫ واﻣﺗﻌﺎﺿﮫ
ﻣن ﻣﻌﺎﻣﻠﺗﮭﻣﺎ اﻟﻘﺎﺳﯾﺔ ﻟﮫ.وذﻟك ،ﻻﻋﺗﻘﺎد اﻟواﻟدان أن ّ ﻛل ّ ﻣﺎ ﯾروﻧﮫ ﻣﻧﺎﺳﺑﺎ ً ﻟﻠطﻔل ،ﯾﺟب أن
ﻓﺎﻟواﻟدون ﯾﻘد ّﻣون ﻟﻸﺑﻧﺎء ﻛﺛﯾرا ً ﻣن اﻟﻧﺻﺎﺋﺢ واﻟﺗوﺟﯾﮭﺎت اﻟﺗﻲ ﯾﺗﻘﺑ ّﻠﮫ ﺑﺗ ﺳﻠﯾم ﻣطﻠق.
ﯾﻌﺗﻘدون أﻧ ّﮭﺎ ﺻﺣﯾﺣﺔ وﺗﺻب ّ ﻓﻲ ﻣﺻﻠﺣﺔ ھؤﻻء اﻷطﻔﺎل وﺗﮭذﯾب ﺳﻠوﻛﺎﺗﮭم ..وﻟﻛﻧ ّﮭﺎ ﻓﻲ
ﺣﻘﯾﻘﺔ اﻷﻣر ،ﻟﯾﺳت ﺻﺣﯾﺣﺔ وﻟﯾﺳت ﺗرﺑوﯾﺔ ،ﻓﯾﺗﺣﻣل ّ اﻷطﻔﺎل ﻣراراﺗﮭﺎ وﯾﺻﻣﺗون ﻋﻠﻰ
ﻣﻌﺎﻧﺎﺗﮭم ﻣﻧﮭﺎ ،وﻟﻛن إﻟﻰ ﺣﯾن ..ﺛ م ّ ﯾﻧﻔﺟرون وﯾﺻرﺧون ﻓﻲ وﺟوه واﻟدﯾﮭم ﻣﻌﺑ ّرﯾن ﻋن
اﻵﺛﺎر اﻟﺳﻠﺑﯾﺔ ﻟﺗﻠك اﻷﺧطﺎء اﻟﺗﻲ ارﺗﻛﺑت ﺑﺣﻘ ّﮭم.
وھذا ﯾﺗطﻠ ّب ﻣن اﻟواﻟدﯾن ﺗﻘﺑ ّل اﻟﻣوﻗف ﺑﮭدوء ،وﻣﻌﺎﻟﺟﺗﮫ ﺑوﻋﻲ ﻣن ﺧﻼل اﻟﻌودة إﻟﻰ
ذواﺗﮭم ،واﻟﻛﺷف ﻋن اﻷﺳﺑﺎب واﻟﻌﻣل ﻋﻠﻰ ﺗﻼﻓﯾﮭﺎ ..وﻻ ﺿﯾر ﻣن اﻻﻋﺗراف ﺑﺎﻟﺧطﺄ
أﻣﺎم اﻷطﻔﺎل.
إﻧ ّﮫ ﻟﻣن اﻟﻣؤﺳف ،ﺑل واﻟﻣؤﻟم ،أن ﯾﺟد ﻓﻲ اﻟواﻗﻊ ﻛﺛﯾر ﻣن اﻟواﻟدﯾن اﻟذﯾن ﯾﺗﺣد ّﺛون ﻋن
ﺷﺑﺎب اﻟﺟﯾل اﻟﺟدﯾد ،ﺑﺎﻟﺗﺄﻧﯾب واﻟﺗﺳﻔﯾﮫ ﺗﺎرة ،وﺑﺎﻟرﻓض اﻟﻣطﻠق ﻷﻓﻛﺎرھم ﺗﺎرة أﺧرى..
وﻛﺄن ّ ﻻ ﻋﻼﻗﺔ ﻟﻠواﻟدﯾن ﺑﮭؤﻻء اﻟﺷﺑﺎب ،وﯾﺗﻧﺎﺳون أﻧ ّﮭﺎ ﻗﺎﻣوا ﺑﺗرﺑﯾﺗﮭم وﺗﻧﺷﺋﺗﮭم ..وأن
ھؤﻻء اﻟﺷﺑﺎب ھم ﻧﺗﺎج اﻟﺗرﺑﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻣورﺳت ﻋﻠﯾﮭم.
إن ّ ﺗﺑر ّ ؤ)ﺗﻧﺻ ّل( اﻟواﻟدﯾن ﻣن ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﻣﺎ وﺻل إﻟﯾﮫ اﻟﺟﯾل اﻟﺟدﯾد – ﻛﻣﺎ ﯾد ّﻋون -ﻻ
ﻣﺑر ّ ر ﻟﮫ ،وﻻ ﯾﺟوز أن ﯾﺣﺎﺳب ھذا اﻟﺟﯾل ﻋﻠﻰ ﻗﯾم وﺳﻠوﻛﺎت زرﻋﮭﺎ اﻟﻛﺑﺎر ﻋﻧده .وأن ّ
اﻟﻣطﻠوب – ﺑدﻻ ً ﻣن ذﻟك ،ھو أن ﯾﻌﻣد اﻟواﻟدون إﻟﻰ ﺗﻔﮭّم واﻗﻊ ھذا اﻟﺟﯾل ،واﻟظروف
اﻟﺣﯾﺎﺗﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻌﯾﺷﮭﺎ ،أو ﺳﯾﻌﯾﺷﮭﺎ ،وﺑﺎﻟﺗﻌﺎﻣل ﻣﻌﮫ وﻓق ھذا اﻟواﻗﻊ وھذه اﻟظروف ،اﻟﺗﻲ
ﺗﺧﺗﻠف ﺑطﺑﯾﻌﺔ اﻟﺣﺎل ،ﻋﻣ ّﺎ ﻋﺎﺷﮫ اﻟواﻟدون ﻓﻲ ﺷﺑﺎﺑﮭم ..وھذه ﺳﻧ ّﺔ اﻟﺣﯾﺎة ﻓﻲ اﻟﺗﻐﯾ ّر
واﻟﺗطو ّ ر!..
ﻟﻘد أوﻟت اﻟﺗرﺑﯾﺔ اﻟﺣدﯾﺛﺔ ﻟ ً ﻌ ِب اﻷطﻔﺎل ،أھﻣﯾّﺔ ﻛﺑﯾرة ﺑﺎﻋﺗﺑﺎره وﺳﯾﻠﺔ ﺗرﺑوﯾﺔ /ﺗﻌﻠﯾﻣﯾ ّﺔ
ﻣﻣﺗﺎزة ،إذا ﻣﺎ أ ُﺣﺳ ِ ن اﺧﺗﯾﺎر اﻷﻟﻌﺎب وﺗوظﯾﻔﮭﺎ ﺑﺎﻟﺷﻛل اﻟﻣطﻠوب ..وھذا ﻣﺎ ﺷد ّد ﻋﻠﯾﮫ /
ﺟﺎن ﺑﯾﺎﺟﮫ /ﺑﻣطﺎﻟﺑﺗﮫ ﺗوظﯾف روح اﻟﻠ َﻌ ِب ﻋﻧد اﻷطﻔﺎل ،ﻓﻲ اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗرﺑوﯾﺔ /اﻟﺗﻌﻠﯾﻣﯾﺔ.
إن ّ ﻓﻌل اﻟﺧﯾر ،أو ﺣب ّ اﻟﺧﯾر ﻟﻶﺧرﯾن ،ﯾﻌد ّ ﻣن اﻟﻘﯾم اﻷﺧﻼﻗﯾﺔ /اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ اﻟﺳﺎﻣﯾﺔ،
اﻟﺗﻲ ﺗرﻓﻊ ﻣن ﺷﺄن ﺻﺎﺣﺑﮭﺎ ،وﺗﺟﻌﻠﮫ ﯾﻧﺎل اﻟرﺿﻰ ﻣن ذاﺗﮫ ،واﻻﺣﺗرام واﻟﺗﻘدﯾر ﻣن
اﻵﺧرﯾن..ﻷن ّ اﻟﺧﯾر ﻣﺎ زال – وﺳﯾﺑﻘﻰ-واﺣدا ً أﺳﺎﺳﺎ ً ﻣن اﻟﺛﻼﺛﻲ اﻟﻣﻘد ّس) :اﻟﺣق ّ واﻟﺧﯾر
واﻟﺟﻣﺎل(.
ﻓﺎﻟطﻔل اﻟذي ﯾﻧﺷﺄ ﻓﻲ أﺳرة ﺗﺣب ّ ﻓﻌل اﻟﺧﯾر وﺗﻘوم ﺑﮫ ﺗﺟﺎه اﻵﺧرﯾن ،ﺳﯾﻌﺗﺎد ﻋﻠﻰ ھذا
اﻟﻔﻌل اﻟﺧﯾ ّر ،ﺑﻌد أن ﯾﻛﺗﺳﺑﮫ ﺧﺑرة وﯾﻣﺎرﺳﮫ ﻓﻌﻼ ً ،ﻟﯾﻧﺗﻘل ﻣﻌﮫ إﻟﻰ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟﻛﺑﯾر،
ﻋﻧدﻣﺎ ﯾدﺧل اﻟﺣﯾﺎة اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣ ّﺔ.
ﻓﻔﻌل اﻟﺧﯾر إذا ً ،ﻗﯾﻣﺔ ﻣﻛﺗﺳﺑﺔ ،ﺗﻧﻣو وﺗﺗﺄﺻل ﻋﻧد اﻷﺑﻧﺎء ﺑﻔﻌل اﻟﻘدوة اﻟﺣﺳﻧﺔ اﻟﺗﻲ
ﺑﺟﺳ ّدھﺎ اﻟواﻟدان ﻓﻲ اﻷﺳرة .وﻛﻣﺎ ﯾﻘول /ﺑﺳﺗﺎﻟوﺗزي ) :/إن ّ اﻷﺳرة ھﻲ ﻣﺻدر ﻛل ّ
ﺗرﺑﯾﺔ(.
ﯾﻔﻧ ّد ھذا اﻟﻘول ﺗﻠك اﻟﺗﺻو ّ رات اﻟﺧﺎطﺋﺔ ﻋن طﺑﯾﻌﺔ اﻟطﻔل ،واﻟﺗﻲ ﺗﻘول " :إن ّ ﻋﻘل
اﻟطﻔل ﺻﻔﺣﺔ ﺑﯾﺿﺎء ،ﻧﻧﻘش ﻋﻠﯾﮭﺎ ﻣﺎ ﻧرﯾد ...واﻟطﻔل ﻋﺟﯾﻧﺔ ﻧﺻﻧﻊ ﻣﻧﮭﺎ ﻣﺎ ﻧﺷﺎء"..
ﻗد ﯾﻛون اﻟطﻔل ﺻﻔﺣﺔ ﺑﯾﺿﺎء ،وﻟﻛن ّ ﻟﮭﺎ ﺧﺻﺎﺋص وﻣﯾزات ﺗﻔرض ﻋﻠﯾﻧﺎ ﻧوع اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ
أو اﻟﻧﻘش ..وﻗد ﯾﻛون اﻟطﻔل ﻋﺟﯾﻧﺔ ،وﻟﻛن ﻟﮭذه اﻟﻌﺟﯾﻧﺔ ﻧوﻋﯾ ّﺔ ﺧﺎﺻﺔ وﻣواﺻﻔﺎت ﺗﻔرض
ﻋﻠﻰ اﻟﺻﺎﻧﻊ أن ﯾﺗﻌر ّ ﻓﮭﺎ ﺟﯾ ّدا ً ،وﯾﻌرف ﻣﺎذا ﯾﻣﻛن أن ﯾﺻﻧﻊ ﻣﻧﮭﺎ ﺑﺷﻛل ﺟﯾ ّد.
ﻓﺎﻟطﻔل إذا ً ،ﻟﯾس وﻋﺎء ﻓﺎرﻏﺎ ً ﯾﺳﺗطﯾﻊ اﻟواﻟدون واﻟﻣرﺑ ّون أن ﯾﻣﻸوه ﺑﻣﺎ ﯾرﯾدون ،ﺑل
ھو ﻛﺗﻠﺔ ﻣن اﻟﻘدرات واﻻﺳﺗﻌدادات اﻟﻛﺎﻣﻧﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻌﻣل اﻟﺗرﺑﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻛﺗﺷﺎﻓﮭﺎ وﺗﻔﺗﯾﺣﮭﺎ،
ﯾﺧطﻰء ﺑﻌض اﻵﺑﺎء ﻋﻧدﻣﺎ ﯾرﯾدون أن ﯾﺻﻧﻌوا ﻣن أﺑﻧﺎﺋﮭم ﻧﺳﺧﺎ ً ﻋﻧﮭم ،أو ﺻورا ً
ﻣطﺎﺑﻘﺔ ﻟﮭم ﻓﻲ ﻛلّ ﺷﻲء ..ﻷن ّ ذﻟك ﻣﺳﺗﺣﯾل ﻣﮭﻣﺎ ﻛﺎﻧت ﻋواﻣل اﻟﺗﺷﺎﺑﮫ اﻟﻌﺿوي
واﻟﻧﻔﺳﻲ ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ ،ﺑﺣﻛم اﻟﻣور ّ ﺛﺎت اﻟﺟﯾﻧﯾ ّﺔ.
وإذا ﻛﺎن اﻷﺑﺎء ﯾرﻏﺑون ﻓﻲ أن ﯾﻛوﻧوا ﻗدوة ﺣﺳﻧﺔ ﻷطﻔﺎﻟﮭم ،ﻓﻣن اﻟﻣﺳﺗﺣﺳن
واﻟﻣﻔﺿ ّل ،أن ﯾﻛون اﻟﻌزﯾز وﺳﯾﻠﺗﮭم إﻟﻰ ﺗﻌزﯾز اﻟﻣواﻗف اﻟﻣرﻏوب ﻓﯾﮭﺎ ،واﻟﺗﺣذﯾر
اﻟواﻋﻲ واﻟﻣﻘﻧﻊ ،ﻣن اﻟﻣواﻗف اﻟﺳﻠﺑﯾّﺔ ﻗﺑل اﻟوﻗوع ﻓﯾﮭﺎ ..ﺷرﯾطﺔ أن ﯾﺗ ّﺳم ھذا اﻟﺗﺣذﯾر
ﺑﺎﻟواﻗﻌﯾﺔ واﻟﻣﺻداﻗﯾﺔ..
--٦١ﻧﺻﺎﺋﺢ ﻟﻶﺑﺎء
ﻓﻲ اﻟﺑﯾت ،ﺣﺎول أﻻ ّ ﺗﻔﻛ ّر إﻻ ّ ﺑﺷؤون ﺑﯾﺗك وأوﻻدك..
ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﻛون – أﯾﮭﺎ اﻷب – -
وﻋﻧدﻣﺎ ﺗﻛون ﻓﻲ اﻟﻌﻣل ،ﻓﻛ ّر ﻓﻘط ﻓﻲ ﻋﻣﻠك..
اﻟﻣﺻﺎدر واﻟﻣراﺟﻊ
أوﻻ ً -اﻟﻌـرﺑﯾ ّﺔ:
إﺑراھﯾم ،ﻋﺑد اﻟﺳﺗﺎر ،وﻋﺑد اﻟﻌزﯾز اﻟدﺧﯾل ورﺿوى إﺑراھﯾم ) (١٩٩٣اﻟﻌﻼج -
اﻟﺳﻠوﻛﻲ ﻟﻠطﻔل – أﺳﺎﻟﯾﺑﮫ وﻧﻣﺎذج ﻣن ﺣﺎﻻﺗﮫ ،ﻋﺎﻟم اﻟﻣﻌرﻓﺔ ،اﻟﻌدد) ،(١٨٠اﻟﻛوﯾت.
ﺑدران ،ﺷﺑل ) (١٩٩٩اﻻﺗﺟﺎھﺎت اﻟﺣدﯾﺛﺔ ﻓﻲ ﺗرﺑﯾﺔ طﻔل ﻣﺎ ﻗﺑل اﻟﻣدرﺳﺔ ،اﻟدار -
اﻟﻣﺻرﯾﺔ-اﻟﻠﺑﻧﺎﻧﯾﺔ ،ﺑﯾروت.
-اﻟﺣﻠو ،أم ﺣﺳ ّﺎن ) (١٩٩٤أﺧطﺎء ﺗرﺑوﯾﺔ ﺷﺎﺋﻌﺔ ،دار اﺑن ﺣزم ،ﺑﯾروت.
-ﺣﻧ ّﺎ ،ﻓﺎﺿل ) (١٩٩٨اﻟﻠﻌب ﻋﻧد اﻷطﻔﺎل ،دار ﻣﺷرق -ﻣﻐرب ،دﻣﺷق.
ﺣواﺷﯾن ،زﯾﺎد وﻣﻔﯾد ) (١٩٩٧اﺗﺟﺎھﺎت ﺣدﯾﺛﺔ ﻓﻲ ﺗرﺑﯾﺔ اﻟطﻔل ،ﻋﻣ ّﺎن ،اﻷردن. -
اﻟﺧوﻟﻲ ،ﺳﻧﺎء ) (١٩٩٩اﻷﺳرة واﻟﺣﯾﺎة اﻟﻌﺎﺋﻠﯾﺔ ،دار اﻟﻣﻌرﻓﺔ اﻟﺟﺎﻣﻌﯾ ّﺔ، -
اﻻﺳﻛﻧدرﯾﺔ.
دﯾﻣﺎس ،ﻣﺣﻣد راﺷد ) (١٩٩٩ﺳﯾﺎﺳﺎت ﺗرﺑوﯾﺔ ﺧﺎطﺋﺔ ،دار اﺑن ﺣزم ،ﺑﯾروت. -
دﯾﻣﺎس ،ﻣﺣﻣد راﺷد ) (١٩٩٩ﻛﯾف ﻧﻐﯾ ّر ﺳﻠوك اﻟطﻔل ،دار اﺑن ﺣزم ،ﺑﯾروت. -
رﺟب ،ﻣﺻطﻔﻰ) (١٩٩٩أطﻔﺎﻟﻧﺎ وﻣﺷﻛﻼﺗﮭم اﻟﺗرﺑوﯾﺔ واﻟﻧﻔﺳﯾ ّﺔ -أﺳﺑﺎﺑﮭﺎ واﻟوﻗﺎﯾﺔ -
ﻣﻧﮭﺎ ،اﻟﻣﻛﺗﺑﺔ اﻟﻣﺻرﯾﺔ ،اﻟﻘﺎھرة.
اﻟرواﺟﯾ ّﺔ ،ﻋﺎﯾدة ) (٢٠٠٠ﻣوﺳوﻋﺔ اﻟﻌﻧﺎﯾﺔ ﺑﺎﻟطﻔل وﺗرﺑﯾﺔ اﻷﺑﻧﺎء ،دار أﺳﺎﻣﺔ، -
ﻋﻣ ّﺎن.
-اﻟزر ّ اد ،ﻓﯾﺻل ) (١٩٩٧ﻣﺷﻛﻼت اﻟﻣراھﻘﺔ واﻟﺷﺑﺎب ،دار اﻟﻧﻔﺎﺋس ،ﺑﯾروت.
ﺳﺎدات ،ﻣﺣﻣد ﻋﻠﻲ ) (١٩٩٧دﻟﯾل اﻵﺑﺎء واﻷﻣ ّﮭﺎت ﻓﻲ اﻟﺗﻌﺎﻣل ﻣﻊ اﻟﻧﺎﺷﺋﯾن ،دار -
اﻟﮭﺎدي ،ﺑﯾروت.
ﺳﯾ ّد أﺣﻣد ،اﻟﺳﯾ ّد ﻋﻠﻲ ،وﻓﺎﺋﻘﺔ ﺑدر ) (١٩٩٩اﺿطراب اﻻﻧﺗﺑﺎه ﻋﻧد اﻟطﻔل ،ﻣﻛﺗﺑﺔ -
اﻟﻧﮭﺿﺔ ﺑﻣﺻر ،اﻟﻘﺎھرة.
ﺛﺎﻧﯾﺎ ً – اﻟﻣﺗرﺟﻣـﺔ:
إﯾﻠﻧﺑﺎي ،إﯾﻠﻐﺎ )(١٩٩٤ﺧطوات ﺗطو ّ ر اﻟطﻔل ،ت:ﻋﻔﯾف اﻟرز ّ از ،ورﺷﺔ اﻟﻣوارد -
اﻟﻌرﺑﯾﺔ ،ﻋﻣ ّﺎن.
إﯾﻠﻎ ،ﻓراﻧﺳﯾس ،وﻟوﯾز إﯾﻣز ) (١٩٩٢ت :ﻓﺎﺧر ﻋﺎﻗل ،دار طﻼس ،دﻣﺷق. -
ﺑرﻛﺔ ،ﺳوزان ) (١٩٩٦اﻟﺗرﺑﯾﺔ اﻟﺟﻧﺳﯾ ّﺔ وﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻵﺑﺎء واﻷﻣﮭﺎت ،ت :ﻣﺣﻣد -
دﯾرﻛﻲ ،ﻣﻧﺷورات اﻟﻣﻧﺎرة ،ﺑﯾروت.
ﺑﯾﺑﻲ ،ﺳﯾرﯾل ) (١٩٩٤اﻟﺗرﺑﯾﺔ اﻟﺟﻧﺳﯾّﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ،ت:ﻧدى ﺣﺎﺗم ،دار اﻟﻛﺗﺎب -
اﻟﺣدﯾث ،ﺑﯾروت.
رﯾﻔﺎﺳﺗﺎﻓﺎ ،آ.ب ) (١٩٩٦اﻟﻧﻣو اﻟﺗرﺑوي ﻟﻠطﻔل –دﻟﯾل ﻟﻶﺑﺎء واﻟﻣرﺑّﯾن ،ت :ﻋدﻧﺎن -
اﻷﺣﻣد ،دﻣﺷق.
ﺳوﻻن ،ﺟوﻟﯾﺎن ) (١٩٩٤اﻟﺗطو ّ ر اﻟﺑدﻧﻲ واﻟذھﻧﻲ ﻟﻠطﻔل ،ت :ﻣﺣﻣد اﻟدﻧﯾﺎ، -
ﻣؤﺳ ّﺳﺔ ﻋ ُﻼ ﻟﻠﺻﺣﺎﻓﺔ واﻟطﺑﺎﻋﺔ ،ﺣﻣص.
ﻓﺎﯾدن ،ﻛﺎرﯾن ) (١٩٩٨ﺗﻧﺷﺋﺔ أطﻔﺎل ﯾﺣﺑّون اﻟﺗﻌﻠ ّ م ،ت:ﺻﻔﺎء روﻣﺎﻧﻲ ،دار -
طﻼس ،دﻣﺷق.
ﻛﺎﺑﻠن ،ﻟوﯾز) (١٩٩٨اﻟﻣراھﻘﺔ-وداﻋﺎ ً أﯾّﺗﮭﺎ اﻟطﻔوﻟﺔ ،ت:أﺣﻣد رﻣ ّو ،وزارة اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ، -
دﻣﺷق.
: اﻟﻣﺟـﻼ ّت-٢
- Childhood , August (1999) U.S.A.
- Parenting , August (1999) U.S.A.
- Parenting , February (2000) ,U.S.A.
- Parenting , March (2000) U.S.A.
- Parenting , April (2000) U.S.A.
- Parenting , May (2000) U.S.A.
- Parenting , June-July (2000) U.S.A.
- Your Family, Spring (1999) U.S.A.
- Your Family , Summer (1999) U.S.A.
ﺗﻘدﯾـم
ﺗﻌد ّ اﻷﺳرة ،ﺑوﺻﻔﮭﺎ ظﺎھرة ﺑﯾوﻟوﺟﯾﺔ -اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ،ﻣن أﻗوى ﻧظم اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟﺗﻲ ﯾﻧﺷﺄ
ﻓﯾﮭﺎ اﻟطﻔل وﺗﺗﺑﻠور ﻣﻌﺎﻟم ﺷﺧﺻﯾﺗﮫ .ﻓﮭﻲ اﻟﻣؤﺳﺳﺔ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ /اﻟﺗرﺑوﯾﺔ اﻷوﻟﻰ ﻓﻲ
اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﺗﻘوم ﻧﺗﯾﺟﺔ زواج ﺷرﻋﻲ وﻗﺎﻧوﻧﻲ ﯾﻌﺗرف ﺑﮫ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ،وﯾﺗرﺗ ّب ﻋﻠﻰ ذﻟك ﺣﻘوق
اﻟﻔـﮭـرس
اﻟﺻﻔﺣــﺔ اﻟﻣـوﺿـــوع
٨ اﻟﺑﺎب اﻷول –اﻟﺗرﺑﯾﺔ اﻷﺳرﯾ ّﺔ واﻟﺗرﺑﯾﺔ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾ ّﺔ
٩ ﺗﻘـدﯾم
١١ -اﻟﻔﺻل اﻷول:اﻷﺳرة ووظﺎﺋﻔﮭﺎ اﻟﺗرﺑوﯾﺔ
١٢ -ﻣﻘـد ّ ﻣـﺔ
١٢ أوﻻ ً -ﻣﻔﮭوم اﻷﺳرة وطﺑﯾﻌﺗﮭﺎ
١٤ ﺛﺎﻧﯾﺎ ً -أھﻣﯾ ّﺔ اﻷﺳرة )اﻟﺗرﺑوﯾﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ(
١٦ ﺛﺎﻧﯾﺎ ً -ﻣﻛو ّ ﻧﺎت اﻷﺳرة وﺧﺻﺎﺋﺻﮭﺎ
١٩ ﺛﺎﻟﺛﺎ ً -وظﺎﺋف اﻷﺳرة
٢١ راﺑﻌﺎ ً -دور اﻷﺳرة اﻟﺗرﺑوي/اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ
اﻟﺑــﺎب اﻷول
" اﻟﺗرﺑﯾﺔ اﻷﺳرﯾ ّﺔ واﻟﺗرﺑﯾﺔ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾ ّﺔ "
اﻷﺳـرة ووظﺎﺋﻔـﮭﺎ
ﻣﻘدﻣـﺔ
أوﻻ ً -ﻣﻔﮭوم اﻷﺳرة وطﺑﯾﻌﺗﮭﺎ
ﺛﺎﻧﯾﺎ ً -ﻣﻛوﻧﺎت اﻷﺳرة وﺧﺻﺎﺋﺻﮭﺎ
ﺛﺎﻟﺛﺎ ً -وظﺎﺋف اﻷﺳرة
-١اﻟوظﯾﻔﺔ اﻟﺑﯾوﻟوﺟﯾﺔ
-٢اﻟوظﯾﻔﺔ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ
-٣اﻟوظﯾﻔﺔ اﻟﻧﻔﺳﯾﺔ
-٤اﻟوظﯾﻔﺔ اﻟﻣﻌرﻓﯾﺔ اﻟﺗرﺑوﯾﺔ
-٥اﻟوظﯾﻔﺔ اﻷﺧﻼﻗﯾﺔ
راﺑﻌﺎ ً -اﻟدور اﻟﺗرﺑوي ﻟﻸﺳرة
- ١دور اﻷب
-٢دور اﻷم
-٣اﻟﺗﻛﺎﻣل ﺑﯾن دور اﻷب ودور اﻷم
ﻣﻘدﻣﺔ:
اﻷﺳرة ﻧظﺎم اﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﻗﺎﺋم ﺑذاﺗﮫ ﺑﯾن ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻧظم رﺋﯾﺳﯾﺔ ﻣﻧﮭﺎ اﻟﻧظﺎم اﻻﻗﺗﺻﺎدي
-٢اﻟزوﺟﺔ )اﻷم(:
ھﻲ اﻟﺗﻲ ﺗﻌطﻲ اﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟﻘﯾﻣﻲ ﻟﻸﺳرة ﻣن ﺧﻼل ﺗﻘﯾﯾم اﻷﻣور اﻟﻣﺗﻌﻠ ّﻘﺔ ﺑﺎﻟﺧﯾر واﻟﺷر ّ ،
واﻟﻣﻧﺎﺳب وﻏﯾر اﻟﻣﻧﺎﺳب ،واﻟﺟﻣﯾل واﻟﻘﺑﯾﺢ ،واﻟﻣﻔ ﯾد واﻟﺿﺎر ،واﻟﺟوھري واﻟﺛﺎﻧوي،
ﺣﯾث ﺗﻛون أﻛﺛر ﺣﺻﺎﻓﺔ ﻓﻲ اﻟﻘدرة ﻋﻠﻰ اﻟﺗﻘﯾﯾم )أﺳﻌد،١٩٩٩ ،ص .(١٩
وﻋﻠﻰ اﻟرﻏم ﻣن ﺧروج اﻷﻣﮭﺎت ﻟﻠﻌﻣل اﻟﻣﮭﻧﻲ /اﻟوظﯾﻔﻲ ،ﻓﺈن ّ اﻷم ﺗﺑﻘﻰ اﻟﺷﺧص
اﻷھم ّ ﻓﻲ ﺣﯾﺎة اﻷﺑﻧﺎء ،وﻻ ﺳﯾ ّﻣﺎ ﻓﻲ ﻣرﺣﻠﺔ ﻣﺎ ﻗﺑل اﻟﻣدرﺳﺔ ،ﺣﯾث ﯾﻣﺛ ّل ﺳﻠوﻛﮭﺎ اﻟﺗﺄﺛﯾر
اﻟﻔ ّﺎل ﻓﻲ ﺷﺧﺻﯾ ّﺔ اﻟطﻔل وﻧﻣو ّ ه اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ،ﻓﺈذا ﻛﺎﻧت ﻋﻼﻗﺔ اﻟطﻔل ﺑﺄﻣ ّﮫ داﻓﺋﺔ ،ﺷﺟ ّ ﻌت
ﻌ
ﺗﻘﺑل اﻟطﻔل ﻟﺟﻧﺳﮫ وﻋزز ّ ت ﺗﻔﺎؤﻟﮫ ﺑﻧﻔﺳﮫ.
اﻷﺑﻧﺎء: -٣
ھم ﻧﺗﺎج اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ اﻟﺷرﻋﯾ ّﺔ واﻟﺑﯾوﻟوﺟﯾﺔ ،وھم اﻟذﯾن ﯾﺗرﺑ ّون ﻓﻲ ﻛﻧف اﻷﺳرة
اﻟﺗﻲ ﺗﺿﻣ ّﮭم ﻣﻊ واﻟدﯾﮭم .ﻓﻼ ﯾﻌﺻون واﻟدﯾﮭم وﻻ ﯾﺗﻣر ّ دون ﻋﻠﻰ اﻟﻧظﺎم اﻷﺳري ..ﺗﻛون
ﻋﻼﻗﺔ ﺑﻌﺿﮭم ﻣﻊ ﺑﻌض ﻋﻼﻗﺔ زﻣﺎﻟﺔ وﻣﻧﺎﻓﺳﺔ ﺷرﯾﻔﺔ ،ﻣﺑﻧﯾ ّﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺣﺑ ّﺔ واﻻﺣﺗرام
اﻟﻣﺗﺑﺎدل ﺑﯾن اﻟﺻﻐﺎر واﻟﻛﺑﺎر ،واﻟﺗﻌﺎون اﻹﯾﺟﺎﺑﻲ ﺿﻣن اﻟﻧظﺎم اﻷﺳري ،وﻟﻣﺻﻠﺣﺔ أﻓراد
اﻷﺳرة وﺗﻣﺎﺳﻛﮭﺎ.
وﻓﻲ اﻟﻣﻘﺎﺑل ،ﻓﺈن ّ ﻣن واﺟب اﻷھل ﻣﺳﺎﻋدة اﻷﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ اﻟﺗﻌﺎﯾش اﻟﻣﺷﺗرك ،ﺑﺈﻗﺎﻣﺔ
ﻣﺳؤوﻟﯾﺎت ﺗﺗﻼءم وﻋﻣر ﻛل ّ ﻣﻧﮭم ،وﻣراﻋﺎة اﻟﻔروق اﻟﻔردﯾﺔ ﻓﯾﻣﺎ ﺑﯾﻧﮭم ،ﺑﺣﯾث ﺗﻘوم
اﻟرواﺑط اﻷﺳرﯾﺔ ﻓﻲ إطﺎر اﻟﻧظﺎم وﺻﻠﺔ اﻟرﺣم ،وﺗﻌزﯾز اﻟﺣﻘوق واﻟواﺟﺑﺎت ﻟﻠﺟﻣﯾﻊ،
وﻣن دون ﺗﻣﯾﯾز.
-٢اﻟوظﯾﻔﺔ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ:
ﺗﻌد ّ اﻟوظﯾﻔﺔ اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ ﻟﻸﺳرة ﻓﻲ إطﺎر اﻟﺗرﺑﯾ ّﺔ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ،وﺗﺗﻣﺛ ّل ﻓﻲ ﺗﻧﻣﯾﺔ اﻟﺣس ّ
اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ،وﺗدرﯾﺑﮭم ﻋﻠﻰ ﻣراﻋﺎة اﻟﺣﻘوق واﻟواﺟﺑﺎت واﻟﻣﺳﺎھﻣﺔ ﻓﻲ ﺧدﻣﺔ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ،
وﻣﺳﺎﻋدة اﻟﻣﺣﺗﺎﺟﯾن واﻻﺷﺗرا ك ﻓﻲ أﻋﻣﺎل اﻟﺧﯾر ..وإﻋدادھم ﻟﻸدوار اﻟﻣﺳﺗﻘﺑﻠﯾ ّﺔ ،ﻟﻛﻲ
ﯾﻛوﻧوا ﻗﺎدرﯾن ﻋﻠﻰ إﻗﺎﻣﺔ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ اﻟﺳﻠﯾﻣﺔ ﻣﻊ أﻓراد أﺳرﺗﮭم وﻣﺟﺗﻣﻌﮭم.
وﻟﻛﻲ ﺗﺗﺣﻘ ّق اﻟوظﯾﻔﺔ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﻻ ﺑد ّ ﻣن ﺗواﻓر اﻷﻣور اﻟﺗﺎﻟﯾﺔ ) :ﻧﻣر وﺳﻣﺎرة،
،١٩٩٩ص
(١٥
اﻟﻧﻣوذج اﻟﺟﯾ ّد ﻣن ﻗﺑل اﻟواﻟدﯾن. -
ﺗﺷﺟﯾﻊ اﻷھل أطﻔﺎﻟﮭم ﻋﻠﻰ أﻋﻣﺎل اﻟﺧﯾر اﻟﺗﻲ ﯾﻘوﻣون ﺑﮭﺎ. -
اﺷﺗراك اﻷطﻔﺎل ﻣﻊ آﺑﺎﺋﮭم ﻓﻲ اﻟﻣﻧﺎﺳﺑﺎت اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﻟﻣﻌرﻓﺔ اﻟﺳﻠوك اﻟﻣﻧﺎﺳب. -
اﻻھﺗﻣﺎم ﺑﺎﻷﺧﻼق اﻟﻛرﯾﻣﺔ وﺣﺳن اﻟﺗﺻر ّ ف ) ﺻدق – أﻣﺎﻧﺔ – ﺷرف – -
ﺗﺿﺣﯾﺔ(...
اﺣﺗرام اﻟﻘواﻧﯾن واﻟﻠواﺋﺢ واﻟﺗﻌﻠﯾﻣﺎت ،اﻟﻧﺎظﻣﺔ ﻟﻠﻌﻼﻗﺎت اﻷﺳرﯾﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ. -
ﻛﻣﺎ أن ّ اﻻﺣﺗرام اﻟﻣﺗﺑﺎدل ﺑﯾن اﻟطﻔل وأﺳرﺗﮫ ﯾوﻟ ّد أﺧﻼق اﻟﺣرﯾﺔ واﻟﺷﻌور ﺑﺎﻟﻌدل
واﻟﻣﺳﺎواة.
وإذا ﻛﺎﻧت اﻟﺗرﺑﯾﺔ ھﻲ اﻟﻔﻌل اﻟذي ﺗﻣﺎرﺳﮫ اﻷﺟﯾﺎل اﻟراﺷدة ﻋﻠﻰ اﻷﺟﯾﺎل اﻟﺗﻲ ﻟم ﺗرﺷد
ﺑﻌد ،ﻣن أﺟل اﻟﺣﯾﺎة اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ،ﻛﻣﺎ ﯾﻘول ) دورﻛﮭﺎﯾم ،(١٩٩٢ ،ﻓﺈن ّ اﻷﺳرة ﺗﻘوم
ﺑﻌﻣﻠﯾ ّﺔ اﻟﺗﺄھﯾل اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﻟﻸﺑﻧﺎء ،ﻓﯾﻛﺗﺳﺑون ﻋﺿوﯾﺔ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ وﻓق اﻟﻘﯾم اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ
اﻟﺳﺎﺋدة.
-٣اﻟوظﯾﻔﺔ اﻟﻧﻔﺳﯾﺔ:
ﺗؤﺛ ّر ﺑﻧﯾﺔ اﻷﺳرة وﺧﺻﺎﺋﺻﮭﺎ وﺣﺟﻣﮭﺎ واﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺳﺎﺋدة ﻓﯾﮭﺎ ،ﺗﺄﺛﯾرا ً ﻛﺑﯾرا ً ﻓﻲ ﺑﻧﯾﺔ
اﻟطﻔل اﻟﻧﻔﺳﯾ ّﺔ /اﻟﻌﺎطﻔﯾﺔ .وھذا ﻣﺎ ﯾوﺟب ﻋﻠﻰ اﻷﺳ رة أن ﺗوﻓ ّر اﻟدﻋم اﻟﻧﻔﺳﻲ ﻟﻸﺑﻧﺎء،
وﺗﻣﻧﺣﮭم اﻹﺣﺳﺎس ﺑﺎﻷﻣن واﻟﻘﺑول ﻓﻲ اﻷﺳرة واﻟﺣﻣﺎﯾﺔ واﻻﺳﺗﻘرار ،ﻷن ّ اﻷﺳرة ھﻲ
اﻟﻣﺻدر اﻷول ﻟﻠﻌﻼﻗﺎت اﻟﻌﺎطﻔﯾﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾ ّﺔ ،اﻹﯾﺟﺎﺑﯾ ّﺔ واﻟﺳﻠﺑﯾ ّﺔ ،وﻏﯾر ذﻟك ﻣن ﻋواﻣل
اﻻﺗ ّزان اﻟﻧﻔﺳﻲ واﻟﻌﺎطﻔﻲ اﻟﺗﻲ ﺗؤﺛ ّر ﺑدورھﺎ ﻓﻲ ﺑﻧﺎء اﻟﻘﯾم اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ اﻟﺳﻠﯾﻣﺔ.
إن ّ ﻋطف اﻟواﻟدﯾن ﻋﻠﻰ اﻷﺑﻧﺎء وﺣﺑ ّﮭﻣﺎ اﻟﻣﻌﻘﻠن ﻟﮭم ،ﻓﻲ إطﺎر اﻟﻌداﻟﺔ واﻟﻣﺳﺎواة وﻋدم
اﻟﺗﻣﯾﯾز ،ھﻲ ﻣن اﻷﻣور اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ ﻓﻲ ﺧﻠق اﻷﺟواء اﻟﻧﻔﺳﯾ ّﺔ /اﻷﺳرﯾﺔ ،اﻟﺗﻲ ﻟﮭﺎ اﻷﺛر
اﻟﻛﺑﯾر ﻓﻲ ﺑﻧﺎء اﻷﺳرة اﻟﻣﺳﺗﻘر ّ ة اﻟﻘﺎدرة ﻋﻠﻰ أداء اﻟﻣﮭﺎم اﻟﺗرﺑوﯾﺔ واﻻﺟ ﺗﻣﺎﻋﯾﺔ..
ﻓﺎﻟرﻏﺑﺔ ﻓﻲ أن ﺗﻛون أﺑﺎ ً ﺟﯾدا ً أو أﻣﺎ ً ﺟﯾدة أﻣر طﺑﯾﻌﻲ ﺟدا ً ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻸﻏﻠﺑﯾﺔ اﻟﺳﺎﺣﻘﺔ ﻣن
اﻷھل ،ﻓﮭذه اﻟرﻏﺑﺔ ﻛﺎﻟﺣﺎﺟﺔ ﻷن ﺗﻛون ﺳﻌﯾدا ً ﺑﺻﺣﺔ ﺟﯾدة وواﺛﻘﺎ ً ﻣن ﻧﻔﺳك ،وﻛﺎﻟﺳﻌﻲ
-٤اﻟوظﯾﻔﺔ اﻟﺗرﺑوﯾﺔ:
ﺗﻘوم ھذه اﻟوظﯾﻔﺔ ﻋﻠﻰ ﺗدرﯾب اﻷطﻔﺎل ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺎدات اﻟﺳ ﻠوﻛﯾﺔ واﻟﻣﮭﺎرات اﻟﻌﻘﻠﯾ ّﺔ
اﻟﺻﺣﯾﺣﺔ ،ﻛﺎﻟﺗﻔﻛﯾر واﻟﻣﺣﺎﻛﺎة ،واﻟﺗﺻر ّ ف اﻟﺻﺣﯾﺢ اﻟذﻛﻲ واﻟواﻋﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﺻﻌﯾدﯾن:
اﻟﻔردي واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ،ﺣﯾث ﺗﻘوم اﻷﺳرة ﺑﺗوﻓﯾر اﻟﺟو ّ اﻟﺗرﺑوي /اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ اﻟﺳﻠﯾم،
واﻹﻣﻛﺎﻧﺎت اﻟﻔﻛرﯾﺔ اﻟﻣﻧﺎﺳﺑﺔ واﻟﻌﺎدات اﻟﺻﺣﯾﺣﺔ داﺧل اﻟﺑﯾت ..ﻓﺗﻌﻠ ّم اﻷﺑﻧﺎء ﻟﻐﺔ
ﺧﺎطب ،واﻛﺗﺳﺎب اﻟﻣﻔردات اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ ﺑﻌد ﺗﻧﻘﯾﺗﮭﺎ واﺧﺗﯾﺎر ﻣﺎ ﯾﻧﺎﺳب ﻛﻼ ّ ً ﻣﻧﮭم وﻓﻘﺎ ً اﻟﺗ
ﻟﻣرﺣﻠﺔ ﻧﻣوه.
إن ّ اﻟوظﯾﻔﺔ اﻟﺗرﺑوﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻘوم ﺑﮭﺎ اﻷﺳرة ﻟﯾﺳت ﺑﺎﻷﻣر اﻟﺳﮭل ،وﻻ ﺳﯾ ّﻣﺎ ﻋﻣﻠﯾﺔ
ﻏرس اﻟﻘﯾم اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ واﻟﺳﻠوﻛﺎت اﻟﻣﺗرﺟﻣﺔ ﻟﮭﺎ ..ﻓﺎﻷﺑﻧﺎء ﺑﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ ﻣن ﯾرﺷدھم
وﯾوﺟﮭﮭم وﻓق ﻣﯾوﻟﮭم وﻗدراﺗﮭم ،ﺣﺗﻰ ﺳن ّ اﻟﻧﺿﺞ واﻟﺑﻠوغ ،ورﺑ ّﻣﺎ إﻟﻰ ﻣﺎ ﺑﻌد ذﻟك ..وﻻ
ﺗﺳﺗطﯾﻊ اﻷﺳرة أن ﺗؤد ّي وظﯾﻔﺗﮭﺎ اﻟﺗرﺑوﯾﺔ إﻻ ّ ﻣن ﺧﻼل وﻋﯾﮭﺎ واﻗﻊ اﻟطﻔل واﻟﻣﺟﺗﻣﻊ
وﻣﺳﺗﻘﺑل اﻟﺟﯾل اﻟﺟدﯾد ،وﺗﻌﻣﯾق ﻣﺿﻣون اﻟﺗﻧﺷﺋﺔ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺳﺗﻧد إﻟﻰ اﻟﻣﻌرﻓﺔ
واﻟﺑﻌد اﻟﺗرﺑوي ﻣن ﺟواﻧﺑﮫ اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ.
-٥اﻟوظﯾﻔﺔ اﻷﺧﻼﻗﯾﺔ:
ﺗﻘوم ھذه اﻟوظﯾﻔﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺑدأ اﻟﻘدوة اﻟﺣﺳﻧﺔ اﻟﻣﺗﻣﺛ ّ ﻠﺔ )ﺑﺎﻷب واﻷم ّ ( ﻓﻲ ﺗﻌرﯾف اﻷطﻔﺎل
ﺑﺎﻟﻣﺑﺎدئ اﻷﺧﻼﻗﯾﺔ اﻟﺳﻠﯾﻣﺔ واﻟﺳﻠوك اﻷﺧﻼﻗﻲ اﻟﻣﻘﺑول اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺎ ً ،وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﺗﻧﻣﯾﺔ اﻟﻌﺎدات
واﻟﻘﯾم اﻟﺳﻠوﻛﯾﺔ اﻟﻣرﻏوب ﻓﯾﮭﺎ ،وﻣﻧﮭﺎ أﺧﻼﻗﯾﺎت اﻟﺗﻌﺎﻣل ﻣﻊ اﻵﺧرﯾن ".وذﻟك ﺑﺎﻋﺗﺑﺎر
اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ھﻲ ﺻورة اﻟﻘﯾم اﻟﺗﻲ ﺗوط ّد وﺗدﻋ ّم ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ،ﺣﯾث ﺗﺑرز ھذه
اﻟﻌﻼﻗﺎت ﺑوﺻﻔﮭﺎ ﻣﻧظوﻣﺔ ﻣﺣد ّدة وھﻲ ﺟﺎﻧب ﻣن اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ " )اﻟﺟﺑر،١٩٩٤،
ص .(٦٥
إن ّ ﻣﻌرﻓﺔ ﻗواﻋد اﻟﺳﻠوك اﻟﺧﻠﻘﻲ واﻟﺗدرﯾب ﻋﻠﯾﮭﺎ وﻣﻣﺎرﺳﺗﮭﺎ ھﻲ ﻣن اﻟﺳﻠوﻛﺎت
اﻟﻣﻛﺗﺳﺑﺔ ،ﻷن اﻷﺧﻼق ﻣرﻛ ّب اﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﯾﺗﻣﺛ ّل ﺑﺈﺻدار ﻗرارات ﺳوﯾﺔ وﺗﺣوﯾﻠﮭﺎ إﻟﻰ ﻓﻌل
ﻣﻧﺎﺳب ،ﺣﯾث ﺗﻘوم اﻷﺧﻼق ﺑﺿﺑط ﺳﻠوك اﻟﻧﺎس ،وﺗرﺗﺑط ﺑدرﺟﺔ ﻛﺑﯾرة ﺑﺣﺎﻟﺔ اﻷﺳﺎﻟﯾب
اﻷﺧرى ﻟﻠﺿﺑط اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ،ﻷن ّ ﻟدﯾﮭﺎ اﻟﻘدرة ﻋﻠﻰ اﻟﺗﻐﻠﻐل ﻓﻲ ﻣﯾﺎدﯾن اﻟﺣﯾﺎة اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ
اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ.
واﻟﺧﻼﺻﺔ ،إن اﻟﺗﻔﺎﻋل اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﺑﯾن أﻓراد اﻷﺳرة ﯾﺣﻘ ّق اﻻﻧﺗﻣﺎء اﻟﻌﺎطﻔﻲ واﻻرﺗﺑﺎط
اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ واﻟﺑﯾوﻟوﺟﻲ ،واﻟﺗﻔﺎﻋل اﻟﻼزم ﻟﻧﻣو ّ اﻟطﻔل اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺎ ً ،واﺳﺗﻌداده ﻟﻠﺗﻌﺎﻣل ﻣﻊ
اﻵﺧرﯾن واﻟﺗﻛﯾف ﻣﻌﮭم ،ﻓﺗﺗﻛو ّ ن ﺷﺧﺻﯾﺗﮫ اﻟﺳوﯾ ّﺔ ﻣن ﺧﻼل اﻛﺗﺳﺎب اﻟﻌﺎدات واﻟﻘﯾم
اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻧﻌﻛس ﻓﻲ ﺳﻠوﻛﮫ اﻟﻔردي واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ واﻹﻧﺳﺎﻧﻲ.
ﻣﻘدﻣــﺔ
ﻣﻔﮭوم اﻟﻘﯾﻣﺔ وطﺑﯾﻌﺗﮭﺎ ١ـ
اﻟﻘﯾم واﻟﻣﺟﺗﻣـــﻊ ٢ـ
ﺗﻌﻠﯾم اﻟﻘﯾم واﻛﺗﺳﺎﺑﮭﺎ -٣ -٤٧
-٤دور اﻷﺳرة ﻓﻲ ﻏرس اﻟﻘﯾم اﻟﺗرﺑوﯾﺔ
٢٦
٢٧
٢٨
٢٩
ﻣﻘدﻣﺔ
أوﻻ ً --اﻟﺗرﺑﯾﺔ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾ ّ ﺔ )طﺑﯾﻌﺗﮭﺎ وﺧﺻﺎﺋﺻﮭﺎ(
٣٠
٣١
- ١/١اﻻﻧﺗﻣﺎء اﻷﺳري:
ھو ﺷﻌور أﻓراد اﻷﺳرة ،ﺑﺄﻧ ّﮭم ﯾﻧﺗﻣون إﻟﻰ ھذه اﻟﻣؤﺳ ّﺳﺔ ،ﻣن ﺧﻼل اﻟﻌﯾش اﻟ ﻣﺷﺗرك
ﺿﻣن ﻣﻔﮭوم اﻟﻣﻧﺎخ اﻷﺳري اﻟﺳﻠﯾم اﻟﺧﺎﻟﻲ ﻣن اﻟﺧﺻوﻣﺎت ،واﻟذي ﯾﺣﻘ ّق إﺷﺑﺎع اﻟﺣﺎﺟﺎت
اﻟﻧﻔﺳﯾﺔ واﻟﻣﺎدﯾﺔ ﻷﻓراد اﻷﺳرة .وﻛذﻟك اﻻﻧﺳﺟﺎم واﻷﻣن ﻓﻲ اﻟﺑﯾت ﺣﯾث ﺗﺳوده ﻗواﻧﯾن ﺗﺳﺗﻧد
إﻟﻰ اﻟﻌداﻟﺔ واﻟﻧزاھﺔ واﻻﺣﺗرام .ﻓﺎﻷب ﯾﻌطﻲ أﻣﻧﺎ ً واﻷم ﺗﻌطﻲ ﺣﺑ ّ ﺎ ً واﻷﺑﻧﺎء ﯾﻌطون ﺑﺳﻣﺔ
اﻟرﺿﺎ ،وﺟﻣﯾﻌﮭم ﯾﺷﻌرون ﺑوﺣدة اﻷﺳرة واﻟﺳﻌﻲ ﻟﺳﻌﺎدﺗﮭﺎ.
إن ّ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺗﻔﺎﻋﻠﯾﺔ ،وﻻ ﺳﯾ ّﻣﺎ ﻓﻲ ﻣرﺣﻠﺔ اﻟطﻔوﻟﺔ،ﻟﮭﺎ اﻟدور ا ﻷﺳﺎﺳﻲ ﻓﻲ ﺗﺣدﯾد
٣٢
- ٣/١ﻣﺣﺑ ّ ﺔ اﻟواﻟدﯾن:
اﻟﺣب ّ ﺣﺎﻟﺔ اﻧﻔﻌﺎﻟﯾﺔ /ﻋﺎطﻔﯾﺔ ،ﺗﻧﺑﻊ ﻣن داﺧل اﻟﻔرد ﺗﺟﺎه اﻵﺧرﯾن ،أي أن ّ ﻟﮭﺎ ﺑﻌدا ً
ﯾﺗﻣّل ﻓﻲ ﺣب ّ اﻵﺧرﯾن.أﻣ ّﺎ ﺣب ّ اﻟواﻟدﯾن ،ﻓﮭو ذو اﺗﺟﺎھﯾن ﻣﺗﺑﺎدﻟﯾن ،ﺣب ّ اﻷﺑﻧﺎء اﺟﺗﻣﺎﻋﯾ ّﺎ ً ﺛ
ﻟﻠواﻟدﯾن ﻣن ﺟﮭﺔ،وﺣب ّ اﻷﺳرة ﻋﻠﻰ ﻣدى اﻟﺣﯾﺎة ﻣن ﺟﮭﺔ أﺧرى.
وﻣﺣﺑ ّﺔ اﻟواﻟدﯾن ،ھﻲ راﺑطﺔ ﻣﻘد ّ ﺳﺔ ﺗﺟﻣﻊ أﻓراد اﻷﺳرة ﺣول ﻣﺣﺑ ّ ﺔ واﻟدﯾﮭم وﺗﻘدﯾرھم
واﺣﺗراﻣﮭم ﻣن ﺟﮭﺔ ،وﺗﻌزﯾز ﻋﻼﻗﺎت اﻟﻣود ّ ة واﻻﺣﺗرام ،و اﻟرﺣﻣﺔ واﻟﺗﻘدﯾر ﺑﯾن اﻟواﻟدﯾن،
ﻣن ﺟﮭﺔ أﺧرى ،وﺿﻣن اﻟﻣﻧﺎخ اﻷﺳروي اﻟﺻﺣﯾﺢ ،وﺗﻌز ﯾز اﻟرواﺑط اﻟروﺣﯾﺔ واﻟدﻣوﯾﺔ،
ﺑﺣﯾث ﯾﻌﻲ اﻟﺟﻣﯾﻊ ﺣﻘوﻗﮭم وواﺟﺑﺎﺗﮭم ،ﻓﯾﺄﺧذ ﻛل ﻣﻧﮭم ﻣﺎ ﻟﮫ وﯾؤد ّي ﻣﺎ ﻋﻠﯾﮫ " ) اﻟﺷﻣﺎس،
،١٩٩٦ص (١١٩
وإذا ﻛﺎﻧت اﻟﻣﺣﺑ ّ ﺔ ﻣن اﻻﺣﺗﯾﺎﺟﺎت اﻷﺳﺎﺳﯾ ّﺔ /اﻟﻔطرﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻌﻠ ّ ق ﺑطﺑﯾﻌﺔ اﻹﻧﺳﺎن ،ﻓﺈن ّ
ﻣﺣﺑ ّ ﺔ اﻟواﻟدﯾن ﺗﻌطﻲ اﻷﻣن واﻟطﻣﺄﻧﯾﻧﺔ واﻟﺗﻔﺎؤل ﺑﺎﻟﻣﺳﺗﻘﺑل ،ﺣﯾث ﯾﻧظر اﻷﺑﻧﺎء إﻟﻰ ا ﻟواﻟدﯾن
ﻋﻠﻰ أﻧﮭﻣﺎ ﻋﻣﺎد ھذه اﻷﺳرة وﻣﺳؤوﻻن ﻋن ﺻوﻧﮭﺎ وﺗﺄﻣﯾن ﻣﺳﺗﻘﺑل أﻓﺿل ﻷﻓرادھﺎ.
- ٤/١ﻣﺣﺑ ّ ﺔ اﻷﺧوة:
إن ﻣﺣﺑ ّ ﺔ اﻷﺧوة ﺑﻌﺿﮭم ﺑﻌﺿﺎ ً ﺑﺻرف اﻟﻧظر ﻋن اﻟﻔروق اﻟﻔردﯾﺔ ،ﺗﺷﯾر إﻟﻰ اﺗﺟﺎه
وﺟداﻧﻲ إﯾﺟﺎﺑﻲ ﻧﺣو ﻣﺳﺗﻘﺑل ا ﻷﺳرة ،ﺣﯾث ﺗﺗﺿﻣ ّ ن ھذه اﻟﻣﺣﺑ ّﺔ إﻣﻛﺎﻧﯾﺔ اﻟﺑذل واﻟﺳﺧﺎء
٣٣
٣٤
٣٥
٣٦
- ٤/٣اﻟﻌطﺎء: -٥٩
وﯾﻌﻧﻲ اﻻﻧدﻓﺎع اﻟذاﺗﻲ ﻟﺗﻘدﯾم ﺷﻲء ﻣﺎ ﻟﻶﺧرﯾن ،ھذا اﻻﻧدﻓﺎع اﻟذي ﯾﻧﺑﻊ ﻣن داﺧل اﻟﻔرد
وﯾﺟﻌﻠﮫ ﻛرﯾﻣﺎ ً ﻣﻌطﺎء ً ﻓﻲ ﻋﻣﻠﮫ وﺗﺻر ّ ﻓﺎﺗﮫ وﺗﻌﺎﻣﻠﮫ ﻣﻊ اﻵﺧرﯾن ،ﻓ ﯾﻣﻧﺣﮭم ﻣن ﻧﺗﺎﺋﺞ ﻣواھﺑﮫ
٣٧
- ٦/٣اﻻﺣﺗرام -٦١
اﻻﺣﺗرام ﻣﻔﮭوم ﻋﺎم ﻣﺗﻌد ّد اﻷﺑﻌﺎد اﻟﻔردﯾﺔ واﻟﺟﻣﺎﻋﯾﺔ ،و ﯾﺷﻣل اﺣﺗرام اﻟﺣﯾﺎة واﻟﻣﻠﻛﯾﺔ
اﻟﺧﺎﺻﺔ ،واﻵﺑﺎء وﻛﺑﺎر اﻟﺳن ّ ،واﻟطﺑﯾﻌﺔ وﺣﻘوق اﻵﺧرﯾن وﻣﻌﺗﻘداﺗﮭم ،ﻛﻣﺎ ﯾﺷﻣل أﺳﺎﻟﯾب
اﻟﻣﺟﺎﻣﻠﺔ واﻷدب واﻷﺧﻼق ،واﺣﺗرام اﻟذات وﺗﻔﺎدي اﻧﺗﻘﺎدھﺎ) .آﯾر ٢٠٠٢ ،ص (١٢٥
إن ّ ﻛل ّ ﻓرد ﯾﺣﺗﺎج إﻟﻰ اﺣﺗرام ذاﺗﮫ وﺗﻘدﯾرھﺎ ،ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑل اﺣﺗرام اﻵﺧرﯾن وﺗﻘدﯾرھم ،ﺣﯾث
ﯾﻛون اﻻﺣﺗرام ﻣوﺿوﻋﯾﺎ ً وﻣﺗﺑﺎدﻻ ً ،ﯾﻘو ّ ي ﺷﺧﺻﯾ ّﺔ اﻟﻔرد وﯾﻌز ّ ز اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ .وھذا
ﯾﺗم ّ ﻣن ﺧﻼل اﻟﺗرﺑﯾﺔ اﻷﺳرﯾﺔ ﺑﺎﻟدرﺟﺔ اﻷوﻟﻰ.
ﻓﺎﻟطﻔل ﺑﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ اﻻﺣﺗرام ﻣن ﺳﻧﻲ ّ اﻟطﻔوﻟﺔ اﻟﻣﺑﻛرة ،ﻋن طرﯾق اﻻﺣﺗﺿﺎن واﻹطﻌﺎم،
واﻟﻣداﻋﺑﺔ واﻹﺻﻐﺎء إﻟﻰ أﺣﺎدﯾﺛﮫ ،وﯾﻣﺗد ّ ھذه اﻻﺣﺗرام وﯾﺗﻌز ّ ز ﺑطرق أﺧرى ،ﻓﻲ ﻣرﺣﻠﺔ
اﻟﻣراھﻘﺔ واﻟﺷﺑﺎب ،ﻟﯾﻧﺗﻘل ﻣن رﺣﺎب اﻷﺳرة إﻟﻰ رﺣﺎب اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟواﺳﻊ .واﻷﻣر اﻟﻣﮭم ّ
واﻷﺳﺎس ھﻧﺎ ھو أن ﯾُﻘد ّر اﻷﺑﻧﺎء وﻓق ﺣدود إﻣﻛﺎﻧﺎﺗﮭم ،ﻣن دون إﻓراط أو ﺗﻔرﯾط.
وﯾﻌد ّھذا اﻷﻣر ﻣن اﻷﺳﺑﺎب اﻟرﺋﯾﺳﯾﺔ ﻟﻠﻧﻣو ّ وﻋﺎﻣﻼ ً ﻣﮭﻣﺎ ً ﻟﺑﻧﺎء اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ،ﻓﻌﻧدﻣﺎ ﯾﺷﻌر
٣٨
٣٩
٤٠
- ٢/١اﻟﺗﻛﯾ ّ ف اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ:
ﯾﻘﺻد ﺑﺎﻟﺗﻛﯾ ّ ف اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ :ﻧوع اﺳﺗﺟﺎﺑﺔ اﻟﻔرد ﻟ ﻣطﺎﻟب اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟذي ﯾﻌﯾش ﻓﯾﮫ ،وﻛﯾﻔﯾ ّﺔ
اﻟﺗﻌﺎﻣل ﻣﻌﮭﺎ؛ ﻓﺈﻣ ّﺎ أن ﯾﻛون ﺟﯾ ّ د اﻟﺗﻛﯾ ّف ،ﻗﺎدرا ً ﻋﻠﻰ ا ﻟﺣﯾﺎة ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ أو ﺳﯾ ّﻰء اﻟﺗﻛﯾ ّف
ﻋﺎﺟزا ً ﻋل اﻟﺗﻔﺎﻋل ﻣﻊ أﺑﻧﺎء ﻣﺟﺗﻣﻌﮫ.
إن ّ اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻠﻘ ّ ﻰ -ﻓﻲ أﺛﻧﺎء ﺗرﺑﯾﺗﮭﺎ اﻷﺳرﯾﺔ -اﻹﻓراط ﻓﻲ اﻟﻠﯾن أو ﻓﻲ اﻟﻘﺳوة،
ﻏﺎﻟﺑﺎ ً ﻣﺎ ﺗﻛون ﻋﺎﺟزة ﻋن اﻟﺗﻛﯾ ّف اﻹﯾﺟﺎﺑﻲ.و ﻟذﻟك ﻓﺈن ّ أﺳﺎس ﺗﺄھﯾل اﻷ ﺑﻧﺎء ﻟﻠ ﺣﯾﺎة
اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ،ﯾﻛﻣن ﻓﻲ إﯾﺟﺎدﺟو ّ أﺳري ﻣﺗوازن ﺗﺳوده اﻟﻣﺣﺑﺔ واﻟرﻋﺎﯾﺔ واﻟﻌطف واﻟﻌداﻟﺔ
ﻣن ﺟﮭﺔ ،واﻟﺿﺑط واﻟﻧظﺎم واﻟﺣزم ﻣن ﺟﮭﺔ أﺧرى ،ﺑﺣﯾث ﯾﻛون ﺑﯾن اﻵﺑﺎء واﻷﻣﮭﺎت اﺗﻔﺎق
ﻋﻠﻰ أﺳﺎﻟﯾب اﻟﺗﻌﺎﻣل ﻣﻊ اﻷطﻔﺎل ورﻋﺎﯾﺗﮭم وﺗﮭذﯾﺑﮭم.
ﻓﺎﻟطﻔل ﯾﺑدأ ﺣﯾﺎﺗﮫ ﺑﺎﻟﺗﻛﯾ ّف اﻟﺑﯾوﻟوﺟﻲ وﯾﺳﺗﻣر ّ ﻓﻲ اﻟﺗﻛﯾف اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﺑواﺳطﺔ اﻟﺗرﺑﯾﺔ،
ﻓﯾﺗﻌﻠ ّ م ﻣن واﻟدﯾﮫ ﺣب ّ اﻟﻧﺎس وﻣﺷﺎﻋر اﻷﺧو ّ ة اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ،واﺣﺗرام اﻟﻛﺑﺎر واﻟﻌطف ﻋﻠﻰ
اﻟﺻﻐﺎر وﻣﺣﺑﺗ ّ ﮭم ،واﻟرﻓق ﺑﺎﻟﺣﯾوان وﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﻣﺎل واﻻﻟﺗزام ،وإدراك أن ّ اﻹﺳراف ﻓﯾﮫ
ﺿرر ﺑﺎﻷھل واﻟوطن واﻷﻣﺔ..إﻧ ّﮫ ﯾﺗﻌﻠ ّ م ھذه اﻟﻣﺷﺎﻋر ﻛﺗطﺑﯾق ﻋﻣﻠﻲ ﻣن واﻟدﯾﮫ ،وﯾﺟب أن
ﯾﺑدأ ﺑﺗﻌﻠ ّ ﻣﮭﺎ ﻓﻲﺳن ّ ﺑﻛرة )اﻟﻣرﺳﻲ ،٢٠٠٢ ،ص (١٠٢
إن ّ ﺗﻘﯾﯾد ﺣرﯾﺔ اﻟطﻔل أو وﺿﻊ اﻟﻌراﻗﯾل أﻣﺎم إﺷﺑﺎع دواﻓﻌﮫ ،ﺗﺟﻌﻠﮫ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻣن اﻟ ﺗوﺗر،
إﻋطﺎء اﻟطﻔل ﻗﺳطﺎ ً ﻣن اﻟﺣرﯾﺔ واﻻﺳﺗﻘﻼل وﺗ طﺑﻊ ﺷﺧﺻﯾﺗﮫ ﺑﺎﻟﺗﺻﻠ ّ ب واﻟﺗﺣﺟ ّر .وأن ّ
واﻻﻋﺗﻣﺎد ﻋﻠﻰ اﻟﻧﻔس ﻓﻲ ﻣواﺟﮭﺔ اﻟﻣﺷﻛﻼت ﯾﺳﺎﻋده ﻓﻲ ﺗﻧﻣﯾﺔ ﺳﻠوﻛﮫ اﻹﯾﺟﺎﺑﻲ وإﻏﻧﺎء
ﺗﺟرﺑﺗﮫ ﻓﻲ ﻣﺟﺎﺑﮭﺔ اﻟﻣواﻗف اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ.
-٣/١ﺗﺄﻛﯾد اﻟذات:
إن ّ ﺗﻧﻣﯾﺔ اﻟﺛﻘﺔ ﺑﺎﻟﻧﻔس وروح اﻻﺳﺗﻘﻼل ﻋﻧد اﻟطﻔل /اﻟﻧﺎﺷﻰء ،ﺗرﺗﺑط إﻟﻰ ﺣد ّ ﺑﻌﯾد
ﺑﺎﻟﺗرﺑﯾﺔ اﻷﺳرﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻌﻣل ﻋﻠﻰ ﺗﮭﯾﺋﺔ أﺟواء اﻟﺣرﯾﺔ اﻟﻣﻧﺎﺳﺑﺔ ،واﻟﺗدرﯾب ﻋﻠﻰ اﺳﺗﺧداﻣﮭﺎ
ﻣن ﺧﻼل اﻟﻘﯾﺎم ﺑﺑﻌض اﻷﻋﻣﺎل اﻟﻣﻧزﻟﯾﺔ ،واﻻﻋﺗﻣﺎد ﻋﻠﻰ اﻟذات ﻓﻲ ﺗ ﺻرﯾف ﺑﻌض اﻟﺷؤون
اﻟﺧﺎﺻﺔ .وإذا ﻛﺎﻧت اﻟﻧﻔوس ﺗﻧﻘﺎد ﺑﺎﻟﺳﻠوك اﻹﯾﺟﺎﺑﻲ ﻣﻌﮭﺎ ،ﻓﺈﻧ ّﮭﺎ وﻻ ﺷك ّ ﺗﻧﻔر ﻣن اﻟﺗﻌﺎﻣل
اﻟﺳﻠﺑﻲ)..اﻟﻧﻌﯾﻣﻲ ،١٩٩٩ ،ص (٩٣وﻟذﻟك ﻓﺈن ّ اﻟﺗرﺑﯾﺔ اﻷﺳرﯾﺔ اﻟﺻﺣﯾﺣﺔ ﻻ ﺑد ّ أن ﺗﺑﻧﻰ
ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ﻣﺗﯾن ﻣن اﻟﻣﻌﺎﻣﻠﺔ اﻟواﻟدﯾﺔ اﻟﻘﺎﺋﻣﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺛﻘﺔ واﻻﺣﺗرام اﻟﻣﺗﺑﺎدل ﻣﻊ اﻷﺑﻧﺎء.
ﻓ ﺎﻷطﻔﺎل اﻟذﯾن ﻻ ﯾﺗﻘﺑ ّ ﻠﮭم أھﻠﮭم أو زﻣﻼؤ ھم ﻓﻲ اﻟﻣدرﺳﺔ ،ﺗﻛون ﻣﺳﺎھﻣﺎﺗﮭم ﻣﺣدودة
اﻟﻧﺷﺎط ،و ﻏﺎﻟﺑﺎ ً ﻣﺎ ﯾﺷﻌرون ﺑﺎﻻﻏﺗراب .و اﻻﻏﺗراب ﺑﺎﻷﺳﺎس ھو ﻣﺷﻛﻠﺔ ﻟﻠﻣراھﻘﯾن اﻟذﯾن
ﯾرﻓﺿون اﻟﻘﯾم اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ اﻟﺳﺎﺋدة وﯾﻌﺟزون ﻋن أداء أدوار ذات ﻣﻌﻧﻰ ،ﺑﺳﺑب ﺿﻌف
٤١
–٢/٢اﻟﻌدوان:
اﻟﺳﻠوك اﻟﻌدواﻧﻲ ﻣرﺗﺑط إﻟﻰ ﺣد ّ ﺑﻌﯾد ﺑﺎﻻﻧﺣراف ،ﻷ ﻧ ّﮫ أﺣد ﻣظﺎھره ،ﻓ ﮭو :ﻛل ّ ﺳﻠوك
ﯾؤد ّ ي إﻟﻰ إﯾﻘﺎع اﻷذى ﺑﺎﻵﺧرﯾن ﺳواء ﺑطرﯾﻘﺔ ﻣﺑﺎﺷرة أو ﻏﯾر ﻣﺑﺎﺷرة .وﻣن ﻣظﺎھر
اﻟﻌدواﻧﯾﺔ أن ﯾﻘوم اﻟطﻔل ﺑﺈﻟﻘﺎء اﻷﺷﯾﺎء وﺗﺣطﯾﻣ ﮭﺎ أو ﯾدﻓﻊ وﯾﺿرب ﺑرﺟﻠﮫ اﻵﺧرﯾن ،أ
وﯾظﮭر ﻋدم اﻟرﺿﺎ واﻟﺻﯾﺎح واﻟﺑﻛﺎء ﺑﺻﻔﺔ داﺋﻣﺔ.
وﻗد ﻗد ّ م ﻋﻠﻣﺎء اﻟﻧﻔس ﻧظرﯾﺎت ﻋدﯾدة ﻟﺗﻔﺳﯾر اﻟﺳﻠوك اﻟﻌدواﻧﻲ ،واﺗ ّﻔﻘوا ﻋﻠﻰ أن ّ اﻟﻌدوان
ﻧﺎﺟم ﻋن اﻹﺣﺑﺎط ﺑﺎﻟدرﺟﺔ اﻷوﻟﻰ..ﻓﻛﻠ ّ ﻣﺎ ﻛﺎﻧت اﻟﺗﻧﺷﺋﺔ اﻟواﻟدﯾﺔ /اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ أﻛﺛر إﺣﺑﺎطﺎ ً
ﻟﻠطﻔل اﻟﻧﺎﺷﺊ ،ازداد ﻋﻧده اﻟداﻓﻊ ﻟﻠﻌدوان .و ﺗﺟﻣﻊ أﻏﻠب اﻟدراﺳﺎت ﻋﻠﻰ أن اﻟﻣﯾل إﻟﻰ
اﻟﻌدوان ﯾرﺗﺑط ارﺗﺑﺎطﺎ ً ﻣوﺟﺑﺎ ً ﺑﺑﻌض ﻋواﻣل اﻟﺗطﺑ ﯾﻊ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ اﻟﺳﻠﺑﻲ ،ﻣﺛل ﻧﺑذ اﻟواﻟدﯾن
ﻟﻠطﻔل أو إﺛﺎرة اﻷﻟم اﻟﻧﻔﺳﻲ ﻟدﯾﮫ ..و ﻟﻛن ﻣن اﻟﻣﮭم اﻹﺷﺎرة إﻟﻰ أن ّ اﻹﺣﺑﺎط ﻻ ﯾؤدي إﻟﻰ
اﻟﻌدوان ﻓﻲ ﻛﺛﯾر ﻣن اﻟﺣﺎﻻت إﻻ ّ إذا وﺟد ﺗدﻋﯾﻣﺎ ً ﻟﮫ ﻣن ﻗﺑل اﻟواﻟدﯾن أو ﻏﯾرھم ) اﻟﺷرﺑﯾﻧﻲ
٤٢
-٣/٢اﻟﻘﻠق:
ﯾﺗﺟﻠ ّﻰ ﻗﻠق اﻷﺑﻧﺎء ﻓﻲ إظﮭﺎر ﻋدم اﻟطﻣﺄﻧﯾﻧﺔ ﻷﺳﺑﺎب ﻋدﯾدة ،ﻣﻧﮭﺎ اﻧﻌدام اﻟﺣﻧﺎن
واﻻھﺗﻣﺎم ﻓﻲ اﻟﺟو ّ اﻷﺳري أو اﻹﻋﺟﺎب اﻟزاﺋد ،أو اﻟ ﺣرﻣﺎن ﻣن اﻟ رﻋﺎﯾﺔ واﻟﺗﻘدﯾر ،أو
اﺿطراب اﻟﺟو ّ اﻷﺳري اﻟﻧﺎﺟم ﻋن اﻟﺧﻼﻓﺎت اﻟزوﺟﯾﺔ ) اﻟواﻟدﯾﺔ( .ﻛﻣﺎ أن ّ اﻟﺳﯾطرة اﻟواﻟدﯾﺔ
واﻟﺗدﺧ ّ ل اﻟﻣﺑﺎﺷر ﻓ ﻲ ﻛل ّ ﺻﻐﯾرة أو ﻛﺑﯾرة ﻣن أﻣور ﺣﯾﺎة اﻷطﻔﺎل واﻟﺷﺑﺎب ﯾﻌط ّﻼناﻟﻧﻣو ّ
اﻟﻧﻔﺳﻲ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ،وﯾﻌو ّ ﻗﺎن اﻟﺧﺑرة اﻟﻣﺑﺎﺷرة ﻟﻸﺑﻧﺎء ﻣﻊ اﻟواﻗﻊ اﻟذي ﯾﻧﺗظرھم.
ﻓﻛﺛﯾرون ھم اﻟﺷﺑﺎب اﻟذﯾن ﯾﻌﺎﻧون ﻣن ﻧظرة اﻵﺑﺎء واﻷﻣ ّﮭﺎت ﻟﮭم ﺑﺄﻧﮭّم ﻣﺎ زاﻟوا ﺻﻐﺎرا ً،
و ﻣن إﺣﺎطﺗﮭم ﺑﺎﻟرﻋﺎﯾﺔ اﻟزاﺋدة وﺗوﺟﯾﮫ ﺳﻠوﻛﮭم ﻛﻣﺎ ﯾرﯾد اﻟواﻟدون ﻟﮭم وﻛﻣﺎ ﯾرﻏﺑون..
وﯾﻛون ﻧﺗﯾﺟﺔ ذﻟك اﻹﺣﺑﺎط واﻷﻟم واﻟﻘﻠق ،وﻣﺻﺎدرة ﺣرﯾﺔ اﻟﺗﺻرف وإﻋﺎﻗ ﺔ اﻟﺷﻌور ﺑﺗﻘدﯾر
اﻟذات) .ﻣﻧﺻور واﻟﺷرﺑﯾﻧﻲ ،٢٠٠٠ ،ص .(١٢٠
ﻓﻠﻸطﻔﺎل ﺣﺎﺟﺎت واھﺗﻣﺎﻣﺎت ،ﻛﻣﺎ ﻟﻠﺷﺑﺎب ﺣﺎﺟﺎت واھﺗﻣﺎﻣﺎت ..وﺑﻣﺎ أن ّ اﻟواﻟدﯾن
ﻣﺳؤوﻟون ﻋن ﺗرﺑﯾﺔ اﻷﺑﻧﺎء ،ﻓﺈن ّ ھذه اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﺗوﺟب ﻋﻠﯾﮭم اﻟﺗﻘر ّ ب إﻟﻰ اﻷﺑﻧﺎء وﺗﺄﻣﯾن
ﺣﺎﺟﺎﺗﮭم ،وﺗﻌر ّ ف اھﺗﻣﺎﻣﺎﺗﮭم وﻣﺷﻛﻼﺗﮭم ،واﻟﻌﻣل ﻋﻠﻰ ﺣﻠ ّﮭﺎ ﺑطراﺋق ﻣوﺿوﻋﯾﺔ ود ّﯾﺔ ،ﺗﺑﻌد
اﻷﺑﻧﺎء ﻋن اﻟﺻدﻣﺎت اﻟﻧﻔﺳﯾﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ.
-٤/٣اﻟﻐﯾرة:
ھﻲ ذﻟك اﻟﺷﻌور اﻟ ﺳﻠﺑﻲ اﻟذي ﯾﺑدﯾﮫ ﺷﺧص ﻣﺎ ﺗﺟﺎه اﻵﺧر ﺑﺳﺑب ﻓﺷﻠﮫ وﺧﯾﺑﺔ أﻣﻠﮫ ﻓﻲ
اﻟﺣﺻول ﻋﻠﻰ ﺷﻲ ﻣﺎ ،ﻣﻘﺎﺑل ﻧﺟﺎح اﻟﺷﺧص اﻵﺧر وﺣﺻوﻟﮫ ﻋﻠﻰ ھذا اﻟﺷﻲء اﻟﻣرﻏوب،
ﺣﯾث ﯾﺷﻌر اﻷو ّ ل ﺑﺎﻟﻌﺟز واﻟدوﻧﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺟرح ﻋز ّ ة اﻟﻧﻔس.
ﺗﻧﺷﺄ اﻟﻐﯾرة – أول ﻣﺎ ﺗﻧﺷﺄ -ﺑﯾن اﻷﺧوة ﻓﻲ اﻷ ﺳرة .وﻗد ﺗﻛون ﻏﯾر ﻣﻔرطﺔ ،ﻓ ﺗﺳﺎﻋد
اﻷوﻻد أن ﯾﺻﺑﺣوا أﻛﺛر ﺗﺳﺎﻣﺣﺎ ً واﺳﺗﻘﻼﻟﯾﺔ وﻛرﻣﺎ ً .وﻛﻠ ّ ﻣﺎ ﻛﺎن اﻟواﻟدان ﻣﺗﻔﻘﯾن وﻣﺗواﺻﻠﯾن
ﺑﺷﻛل إﯾﺟﺎﺑﻲ ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠ ّق ﺑﻣﻌﺎﻣﻠﺔ اﻷﺑﻧﺎء ،ﻛﺎﻧت اﻟﻐﯾرة ﺑﯾن اﻷوﻻد أﻗل ﺣد ّ ة ورﺑ ّﻣﺎ ﻣﻌدوﻣﺔ.
وھذا ﻣﺎ ﯾﺟﻌلﻛل ّ ﻓرد ﻣطﻣﺋﻧﺎ ً ﻓﻲ أﺳرﺗﮫ وھو ﯾﺷﻌر ﺑﺄن ّ واﻟدﯾﮫ ﯾﺣﺑ ّﺎﻧﮫ وﯾﺗﻘﺑ ّ ﻼﻧﮫ ﻛﻣﺎ ھو..
ﻓ ﻌﻠﻰ اﻷﺳرة اﻟﺗﻲ ﻟﮭﺎ أﻛﺛر ﻣن طﻔل أﻻ ﺗﻘوم ﺑﺄي ّ ﺗﺻر ّ ﻓﺎت ﯾﻧﺗﺞ ﻋﻧﮭﺎ أي ﻧوع ﻣن
اﻟﺗﻣﺎﯾز أو اﻟﺗﻔرﻗﺔ ﺑﯾن اﻷﺧوة،إﻻ ّ ﻓﻲ ﺣﺎﻻت ﺧﺎﺻ ّﺔ ﺗدﻋم اﻟﺗﻌﺎطف ﺑﯾﻧﮭم ،ﻛﻣرض أﺣدھم أو
٤٣
اﻟﻔﺻل اﻟـراﺑـﻊ
٤٤
٤٥
٤٦
٤٧
٤٨
٤٩
٥٠
ﻣﻘـد ّ ﻣـﺔ:
وﻋﻣﯾﻘ ً ﻓﻲ ﺷﺧﺻﯾﺔ اﻟﻔرد، ﺎ ﻣﺑﺎﺷر ً
ا ﺗﺄﺛﯾر ً
ﺗﺣدث اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﺿﻣن اﻷﺳرة ا
ﺣﯾث ﯾﻛون ﻟﻧﻣط اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﻘﺎ ﺋﻣﺔ ﺑﯾن أﻓراد اﻷﺳرة دور أﺳﺎﺳﻲ ﻓﻲ اﻟﺗﻣﺎﺳك اﻟﺷﺧﺻﻲ،
واﻟﺗﻌﺎطف وروح اﻟﺗﻔﺎھم اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ .وھﻧﺎ ﺗﺑدو أھﻣﯾ ّ ﺔ اﻷﺳﺎﻟﯾب اﻟﺗﻲ ﺗﺳﺗﺧدﻣﮭﺎ اﻷﺳرة ﻓﻲ
ﺗرﺑﯾﺔ أطﻔﺎﻟﮭﺎ وﺗﺄھﯾﻠﮭم ﻟ ﻠﺣﯾﺎة اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ،ﻛﻲ ﯾﺻﺑﺣوا أﻋﺿﺎء ﻓﺎﻋﻠﯾن ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ.
ﻓﺎﻟﺻورة اﻟﺗﻲ ﯾﻧﺷﺄ ﻋﻠﯾﮭﺎ اﻟﻛﺎﺋن اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ،ھﻲ اﻧﻌﻛﺎس ﻟﻸﺳﺎﻟﯾب اﻟﺗرﺑوﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻠﻘﺎھﺎ ﻓﻲ
اﻟﺗرﺑﯾﺔ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ /اﻷﺳرﯾﺔ ،وذﻟك ﻣن ﺧﻼل ﺿﺑط ھذه اﻟﺑﯾﺋﺔ وﺗوﻓﯾر ﻣﺳﺗﻠزﻣﺎﺗﮭﺎ اﻟﺗرﺑوﯾﺔ،
اﻟﻣﺎدﯾﺔ واﻟﻣﻌﻧوﯾﺔ.
ﻓﻘد ﺗﺑﯾ ّن ﻋﻠﻰ ﻧﺣو ﻋﺎم ،أن ّ أﺳﻠوب اﻟﺗﻧﺷﺋﺔ اﻟذي ﯾﺗ ّﺑﻌﮫ اﻟواﻟدون ﻓﻲ ﺗرﺑﯾﺔ اﻷﺑﻧﺎء ،ﯾؤﺛ ّر ﻓﻲ
ﺗﺑﻧ ّﻲ ﻗﯾم دون أﺧرى إذ أن ّ ﺛﻣ ّﺔ ارﺗﺑﺎطﺎ ً ﺑﯾن اﻟﺗوﺟ ّﮫ اﻟﻘﯾﻣﻲ ﻟﻸﺑﻧﺎء ،وﺗﺻو ّ رھم وإدراﻛﮭم
ﻷﻧﻣﺎط ﻣﻌﺎﻣﻠﺔ اﻟواﻟدﯾن .ﻓﺎﻷﺑﻧﺎء اﻟذﯾن ﯾﺗﻠﻘ ّون ﺗوﺟﯾﮭﺎت ﻧﺻﺎﺋﺣﯾ ّﺔ ،ﯾدرﻛون أن ّ اﻵﺑﺎء أﻛﺛر
ﻣﻛﺎﻓﺄة وأﻗل ّ ﻋﻘﺎﺑﺎ ً ،وﻟذﻟك ﻓﮭم ﯾﻣﯾﻠون إﻟﻰ ﻋﻣل ﻣﺎ ھو ﺻواب ..أﻣ ّﺎ اﻷﺑﻧﺎء اﻟذﯾن ﯾﺗﻠﻘ ّون
ﺗوﺟﯾﮭﺎت ﻧﺎھﯾﺔ ،ﯾدرﻛون أن ّ اﻵﺑﺎء أﻗل ّ ﻣﻛﺎﻓﺄة وأﻛﺛر ﻋﻘﺎﺑﺎ ً ،وﻟذﻟك ﻓﮭم ﯾرﻛ ّزون اﻧﺗﺑﺎھﮭم
ﻋﻠﻰ ﺗﺟﻧ ّب اﻟﺳﻠوك اﻟﺧطﺄ(McKinney, 1971,P.81)..
وﺳﯾﺑﺣث ھذا اﻟﻔﺻل اﻷﺳﺎﻟﯾب اﻟﺗﻲ ﺗﺗﺑﻌﮭﺎ اﻷﺳرة ﻓﻲ اﻟﺗرﺑﯾﺔ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ،ﻟﺗﺑﯾﺎن اﻵﺛﺎر
اﻹﯾﺟﺎﺑﯾﺔ واﻟﺳﻠﺑﯾﺔ ﻟﻛل ّ ﻣﻧﮭﺎ ،واﻧﻌﻛﺎﺳﺎﺗﮭﺎ ﻋﻧد اﻷﺑﻧﺎء.
٥١
٥٢
٥٣
٥٤
٥٥
اﻟـﺑﺎب اﻟﺛـﺎﻧـﻲ
اﻟﺗـرﺑﯾﺔ اﻷﺳـرﯾﺔ واﻟﺗـرﺑﯾﺔ اﻟﺟﻧﺳﯾ ّﺔ
اﻟﻔﺻـل اﻷو ّ ل
اﻟﺟﻧـس ووظﺎﺋﻔـﮫ
ﻣﻘـد ّ ﻣـﺔ
اﻟﺟﻧس ،ذﻟك اﻟﺳر ّ اﻟﻣﺟﮭول /اﻟﻣﻌﻠوم ،اﻟﺣﺎﺿر ﻓﯾﻧﺎ ﺷﺋﻧﺎ أم أﺑﯾﻧﺎ ،اﻋﺗرﻓﻧﺎ ﺑذﻟك أم ﻟم
ﻧﻌﺗرف .ﻓﺑﺎ ﻟﺟﻧس اﺑﺗدأ ﺗﺎرﯾﺦ اﻹﻧﺳﺎن ﻋﻠﻰ اﻷرض ،ﻣﻊ ﻗﺻ ّﺔ )آدم وﺣو ّ اء( ،وﺑﮫ ﺗﺳﺗﻣر ّ
اﻟﺣﯾﺎة .وﻟو ﺗﻔﺣ ّ ﺻﻧﺎ أﻋﻣﺎق أﻧﻔﺳﻧﺎ ،ﻻﻛﺗﺷﻔﻧﺎ ﻣن ﺣﯾث ﻧدري أو ﻻ ﻧدري ،أن ّ اﻟﺟﻧس ﯾﻣﻸ
ﺣﯾﺎﺗﻧﺎ )اﻟﺟﺳدﯾﺔ واﻟﻧﻔﺳﯾ ّﺔ واﻟﻌﻘﻠﯾﺔ( ،ﻏﯾر أﻧ ّﻧﺎ ﻧراوغ ﻣﻊ أﻧﻔﺳﻧﺎ ﻟﻧﮭرب ﻣن ﺣﻘﯾﻘﺗﻧﺎ ،اﻟﺣﺎﺿرة
/اﻟﻐﺎﺋﺑﺔ .ھذه ا ﻟﺣﻘﯾﻘﺔ اﻟﺗﻲ ﺑﮭﺎ ﻧﻛون وﺑﮭﺎ ﻧﻌدم ،وﻣن ﺧﻼﻟﮭﺎ ﻧﻌﺛر ﻋﻠﻰ اﻟﻧﺳﺧﺔ اﻷﺻﻠﯾ ّﺔ
ﻟﻺﻧﺳﺎن اﻷو ّ ل ﻓﯾﻧﺎ.
ﻟﻘد ﺗﻌد ّدت اﻟﺗﻔﺳﯾرات ﺣول ﻛﻠﻣﺔ ) اﻟﺟﻧس( ،ﺣﺗﻰ ﻟﺗﺑدو ﻣﺗﻧﺎﻗﺿﺔ ﻓﻲ ظﺎھرھﺎ ،ﻣﻊ أﻧ ّﮭﺎ
ﻣﺗطﺎﺑﻘﺔ ﻓﻲ ﻣﺿﻣوﻧﺎﺗﮭﺎ وﻣﺗﻛﺎﻣﻠﺔ ﻓﻲ ﻣﻌﺎﻧﯾﮭﺎ .ﻓﺎﻟﻠﻐﺎت ﺗﺗداﺧل ﻓﯾﻣﺎ ﺑﯾﻧﮭﺎ ،وﻟﻛن ﻗد ﺗﺧﺗﻠف
ﺗﮭﺟﺋ ﺗﮭﺎ ودﻻﻻﺗﮭﺎ ﺑﺎﺧﺗﻼف اﻷﻣﻛﻧﺔ واﻷزﻣﻧﺔ ..وﺛﻣ ّﺔ ﻛﻠﻣﺎت ﻋدﯾدة أﺻﺑﺣت ذات ﺣﺿور
ﻋﺎﻟﻣﻲ ،ﺑﺳﺑب ﻛﺛرة اﺳﺗﻌﻣﺎﻟﮭﺎ واﻻﺗﻔﺎق ﻋﻠﻰ ﻣدﻟوﻻﺗﮭﺎ ،وﻋﻠﻰ أﻛﺛر ﻣن ﺻﻌﯾد ..وﻣن ھذه
اﻟﻛﻠﻣﺎت ،ﻛﻠﻣﺔ )اﻟﺟﻧس(.
وﻋﻠﻰ ھذا اﻷﺳﺎس ،ﯾﻣﻛﻧﻧﺎ أن ﻧﺗﺻو ّ ر طﺎﺋﻔﺔ ﻛﺑﯾرة ﻣن اﻟﻛﻠﻣﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﺗﺣر ّ ك ﺿﻣن إطﺎر
ﻛﻠﻣﺔ اﻟﺟﻧس ،ﺳواء ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ،أو ﻓﻲ ﻏﯾرھﺎ ﻣن اﻟﻠﻐﺎت .ﻓﺎﻟﺟﻧس ھو أﺻل اﻟﺷﻲء،
واﻷﺻل ﯾﺣﻣل أﻧواﻋﺎ ً ﻗد ﺗﺻل إﻟﻰ ﺣد ّ اﻟﺗﻧﺎﻗض ﻓﯾﻣﺎ ﺑﯾﻧﮭﺎ ،أﺣﯾﺎﻧﺎ ً ،أو ﯾﺻﻌب إﯾﺟﺎد ﺻﻠﺔ
ﺑﯾن ﻧوع وآﺧر ﻣن ﺣﯾث اﻟﺷﻛل اﻟظﺎھري..ﻏﯾر أن ّ ﻣﺗﺎﺑﻌﺔ أﺻل اﻟﻛﻠﻣﺎت ﻣن ﺟﮭﺔ ،وﻣﻌرﻓﺔ
ﺎﻋﯾﺔ ﻟﮭﺎ ﻣن ﺟﮭﺔ أﺧرى ،ﯾﺳﮭّﻼن أﻣﺎﻣﻧﺎ إﯾﺟﺎد اﻟﺻﻠﺔ اﻟﺣﻘﯾﻘﯾ ّﺔ ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ؛ اﻟﻣدﻟوﻻت اﻻﺟﺗﻣ
ﻓﺎﻟﺟﻧس ﻓﻲ أﺻﻠﮫ ،أﻋﻣق ﻣﻣ ّﺎ ﯾوﺣﻲ ﺑﮫ ﻓﻲ اﻟظﺎھر .وﻣن ھﻧﺎ ﯾﺑدو اﻟﺗﻧو ّ ع ﻓﻲ ﻣﻌﺎﻧﯾﮫ ،ﺑل
اﻟﺗﺷﺗ ّت أﯾﺿﺎ ً ﻓﻲ ھذه اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ ،ﺑﺣﺳب اﻟدﻻﻻت واﻟﻣواﻗف ..ﻓﻌﻠﻰ ﺳﺑﯾل اﻟﻣﺛﺎل :أﺣﺻﻰ /ب.
ﻏﯾرو /أﻛﺛر ﻣن ) (١٥٠٠ﻛﻠﻣﺔ وﻋﺑﺎرة ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻔرﻧﺳﯾ ّﺔ ،ﺗدل ّ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﺟﻧﺳﯾ ّﺔ.
)ﻛون ١٩٩٢ ،ب ،ص (١٧
ﻓﻣﺎ اﻟﺟﻧس؟ وﻣﺎ وظﺎﺋﻔﮫ؟
ﻓﺎﻟﺟﻧس ھو ﺳر ّ ﺧﺑز اﻟﻣؤﻣﻧﯾن ﺑﺎﻟﺣب ّ وﺷراﺑﮭم؛ وﻟذﻟك أﺟﻣﻌت اﻷدﯾﺎن اﻟﺗﻲ ظﮭرت ﻓﻲ
،وأن ّ اﻟﺣب ّ ھو إﻟﮫ اﻟﺣﯾﺎة ﻓﻲ ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﺑﺷرﯾﺔ ،ﻋﻠﻰ أن ّ ﷲ ھو اﻟﺣب ّ ) اﻟﻣﺣﺑ ّﺔ(
اﻹﻧﺳﺎن ).ﻛﺎﻣﺑﻲ ،١٩٩٢ ،ص (١٢٠وﻛﻣﺎ ﻗﺎل /أﻓﻼطون :/إن ّ اﻟﺣب ّ وﺣده ﯾﺣﻘ ّق ﻟﻧﺎ
اﻟﺳﻌﺎدة ﻓﻲ اﻟﺣﯾﺎة اﻟدﻧﯾﺎ ،ﻷﻧ ّﮫ ﯾرﺷدﻧﺎ إﻟﻰ ﻣن ھو ﻗرﯾب ﻣﻧ ّﺎ ،ﻣرﺗﺑط ﺑﻧﺎ ..وھو اﻟﺣب ّ اﻟذي
ﯾﻌﯾدﻧﺎ إﻟﻰ ﺣﯾﺎﺗﻧﺎ اﻷوﻟﻰ ،ﻓﺗﻧدﻣل ﺟروﺣﻧﺎ).أﻓﻼطون ،١٩٧١ ،ص (٤٧
وﺗﺄﺳﯾﺳﺎ ً ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺗﻘد ّم ،ﻧﺟد أن ّ اﻟﺟﻧس ﻻ ﯾﻧﺣﺻر ﻓﻲ ﻛﻠﻣﺔ ﻣﺣد ّدة اﻟدﻻﻟﺔ ،وﻻ ﻓﻲ ﻋﺑﺎرة
ذات ﻣﺿﻣون ﻣﻌﯾ ّن؛ إﻧ ّﮫ ظﺎھرة ﺑﯾوﻟوﺟﯾﺔ ،إﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ،ﺑﻛل ّ ﻣﺎ ﻟﮭﺎ ﻣن ﻛﯾﺎن ﻣﺗﻛﺎﻣل ﯾﻔﯾض
ﺑﺎﻟﻣﻌﺎﻧﻲ واﻟدﻻﻻت اﻟﺣﯾوﯾﺔ واﻟوﺟداﻧﯾﺔ ،ﺗﺛري اﻟﺣﯾﺎة اﻟﺷﺧﺻﯾ ّﺔ ﺑﺧﺑرة اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ /إﻧﺳﺎﻧﯾ ّﺔ
ﺣﻘﯾﻘﯾ ّﺔ!..
راﺑﻌـﺎ ً -وظـﺎﺋف اﻟﺟﻧـس
اﻹﻧﺳﺎن ﻛﺎﺋن اﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﺑطﺑﻌﮫ ،واﻟﻧﺿوج اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ ﯾﺣدث ﺣﯾن ﺗﺗراﻛم ﻟدى اﻟﻔرد،
اﻟﺧﺑرات ﺑﺎﻟﺣﯾﺎة واﻟﻧﺎس ..ﻓﻼ ﯾﻣﻛن ﻟﻺﻧﺳﺎن أن ﯾﻧﺿﺞ وﺗﻛﺗﻣل ﺷﺧﺻﯾ ّﺗﮫ ،إذا ﻋﺎش وﺣﯾدا ً
ﻣﻧﻌزﻻ ً ﻋن اﻟﻧﺎس واﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ،ﺳواء ﻛﺎن ذﻛرا ً أو أﻧﺛﻰ .وﯾؤد ّي اﻟﺟﻧس وظﯾﻔﺔ ﻣﮭﻣ ّﺔ ﻓﻲ ھذا
اﻟﻣﺟﺎل ،ﺣﯾث اﻟرﻏﺑﺔ اﻟﺟﻧﺳﯾ ّﺔ ﻟﯾﺳت رﻏﺑﺔ ﺟﺳﻣﯾﺔ /ﻋﺿوﯾﺔ ﻓﺣﺳب ،وإﻧ ّﻣﺎ ھﻲ رﻏﺑﺔ ﻧﻔﺳﯾ ّﺔ
/اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﺑﺣﺛﺎ ُ ﻋن اﻟﺣب ّ واﻟﺣرﯾ ّﺔ.
وإذا ﻛﺎﻧت أھﻣﯾﺔ اﻟﺟﻧس ﺗﻛﻣن ﻓﻲ ﺟواﻧب ﻣﺗﻌد ّدة ﻣن ﺣﯾﺎة اﻹﻧﺳﺎن ،ﻓﺈن ّ اﻟﺟﻧس ﯾؤد ّي
اﻟوظﺎﺋف اﻟﺛﻼث اﻟﺗﺎﻟﯾﺔ:
اﻹﻧﺳــﺎن واﻟﺟﻧــس
ﻣﻘـد ّ ﻣـﺔ:
إذا ﻛﺎن اﻟﺟﻧس ﻣوﺟودا ً ﻟدى ﺑﻧﻲ اﻟﺑﺷر ،ﻣن اﻟذﻛور واﻹﻧﺎث – ﻋﻠﻰ ﺣد ّ ﺳواء – وﯾؤد ّي
وظﺎﺋف ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ إطﺎر اﻟﺗﻛﺎﻣل اﻟﺷﺧﺻﻲ ..وإذا ﻛﺎﻧت اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﺟﻧﺳﯾ ّﺔ ﻻ ﺗﺄﺧذ أﺑﻌﺎدھﺎ
اﻟﻌﺿوﯾﺔ واﻟﻧﻔﺳﯾ ّﺔ إﻻ ّ ﺑوﺟود اﻟﺣب ّ ﺑﯾن اﻟذﻛر واﻷﻧﺛﻰ ،ﻓﺈن ّ طﺑﯾﻌﺔ اﻟوﺟود اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ ﻻ
ﺗﻛﺗﻣل إﻻ ّ ﺑوﺟود اﻟذﻛر واﻷﻧﺛﻰ ،أي اﻟرﺟل واﻟﻣرأة ،ﺣﯾث ﯾﻛﻣ ّل ﻛل ّ ﻣﻧﮭﻣﺎ اﻵﺧر ﺑﺷراﻛﺔ
ﻣﺗﻛﺎﻓﺋﺔ.
وإذا ﻛﺎن اﻷﻣر ھﻛذا ،ﻓﻠﻣﺎذا اﻟﺗﻣﯾﯾز ﺑﯾن اﻟذﻛر واﻷﻧﺛﻰ ﻓﻲ اﻟﻣﺳﺎﺋل اﻟﺟﻧﺳﯾ ّﺔ ،وإﺑراز اﻟذﻛر
ﻋﻠﻰ أﻧ ّﮫ اﻟﻘﺎدر واﻟﻔﺎﻋل اﻹﯾﺟﺎﺑﻲ ،ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑل اﻷﻧﺛﻰ اﻟﺿﻌﯾﻔﺔ واﻟﺳﻠﺑﯾﺔ /اﻟﻣﻧﻔﻌﻠﺔ داﺋﻣﺎ ً؟ وﻣن
دون اﻟﻧظر إﻟﻰ اﻟﺑﻧﯾﺔ اﻟﻌﺿوﯾﺔ ﻟﻛل ّ ﻣﻧﮭﻣﺎ ووظﺎﺋﻔﮭﺎ ،وطﺑﯾﻌﺔ اﻟﺗرﺑﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺗﻌر ّ ﺿﺎن
وﯾﺑدو أن ّ اﻟﺗﻣﯾﯾز اﻟﺟﻧﺳﻲ ،ﻗدﯾم وأﺻﯾل ﻗِد َ م اﻹﻧﺳﺎن ،ﻟﻛن ّ طﺑﯾﻌﺗﮫ ﻛﺎﻧت ﺗﺧﺗﻠف ﺑﺎﺧﺗﻼف ﻟﮭﺎ..
ﺗﻛوﯾن ﻛل ّ ﻣﺟﺗﻣﻊ وﻧظرﺗﮫ إﻟﻰ دور ﻛل ّ ﻣن اﻟذﻛر واﻷﻧﺛﻰ..
وﺛﻣ ّﺔ ﻣﺣﺎوﻟﺔ ﻓﻲ ھذا اﻟﻔﺻل ﻹﻋطﺎء ﻓﻛرة ﻋن اﻟﺟﻧس ﻓﻲ اﻟﺗﺎرﯾﺦ ،وﻣظﺎھر اﻟﺗﻣﯾﯾز
اﻟﺟﻧﺳﻲ ﺑﯾن اﻟذﻛر واﻷﻧﺛﻰ ،واﻟذي ﻛﺎن ﻟﺻﺎﻟﺢ اﻟﻣرأة ﻓﺗرة ﻣن اﻟزﻣن ،ﺛم ّ اﺗ ّﺟﮫ ﻛﻠﯾ ّﺔ ﻟﺻﺎﻟﺢ
اﻟرﺟل ،واﻟﻔروﻗﺎت اﻟطﺑﯾﻌﯾ ّﺔ )اﻟﺟﺳﻣﯾ ّﺔ واﻟﻧﻔﺳﯾ ّﺔ( ﺑﯾن اﻟذﻛور واﻹﻧﺎث.
ص (٧٨وھذا ﻣﺎ ﯾﻔﺳ ّر وﺻف اﻟﻧﺳﺎء ﺑﺻﻔﺎت ﻣﻌﯾ ّﻧﺔ ﻣﺛل :اﻟﺧﺻوﺑﺔ ،اﻟﺟﻧﺳﺎﻧﯾﺔ )درﺟﺔ
اﻹﻏراء اﻟﺟﻧﺳﻲ( ،اﻷﻣوﻣﺔ ،واﻟﻣظﮭر اﻟﺧﺎرﺟﻲ..وﻏﯾرھﺎ ﻣن اﻟﺻﻔﺎت اﻟﺗﻲ ﯾﺣد ّدھﺎ دورھن ّ
اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ.
ﻻ ﺷك ّ أن ّ ﺛﻣ ّﺔ اﺧﺗﻼﻓﺎ ً ﻻ ﯾﻣﻛن ﺗﺟﺎھﻠﮫ ﻓﻲ اﻟﺗرﻛﯾب اﻟﻔﯾزﯾوﻟوﺟﻲ )اﻟﻌﺿوي( ﺑﯾن اﻟرﺟل
واﻟﻣرأة )اﻟذﻛر واﻷﻧﺛﻰ(ﻧﺎﺑﻊ ﻣن طﺑﯾﻌﺔ اﻟﻣﮭﺎم اﻟﺣﯾﺎﺗﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺧ ُ ﻠِق ﻛلّ ﻣﻧﮭﻣﺎ ﻟﺗﺄدﯾﺗﮭﺎ..وإذا
ﻛﺎن اﻟﺗﻣﯾﯾز اﻟﺟﻧﺳﻲ ﯾﺗﺄﺛ ّر ﺑﺎﻟﺗﻣﺎﯾز اﻟﻔﯾزﯾوﻟوﺟﻲ ،ﻓﺈﻟﻰ أي ﻣدى ﯾﻛون ھذا اﻟﺗﺄﺛﯾر؟ وﻣﺎ
ﻣظﺎھره؟
-١ﯾﻘول /ﻛون /إن ّ اﻻﺧﺗﻼف اﻟﻔﯾزﯾوﻟوﺟﻲ ﻟﻠﺗﻣﯾﯾز ﺑﯾن اﻟذﻛور واﻹﻧﺎث ،ﻟﯾس دﻗﯾﻘﺎ ً ،إذ
ﻻ ﯾﺟوز اﻧطﻼﻗﺎ ً ﻣﻧﮫ إرﺟﺎع اﻻﺧﺗﻼﻓﺎت ﺑﯾن اﻟﺟﻧﺳﯾن إﻟﻰ اﻟﺗرﻛﯾب اﻟﻌﺿوي ،وﺟﻌﻠﮭﺎ
ﻣطﻠﻘﺔ .ﻛﻣﺎ ﻻ ﯾﺟب ﺗﻌﻣﯾم اﻟﻔروق اﻟﻔﯾزﯾوﻟوﺟﯾ ّﺔ /اﻟﻧﻔﺳﯾّﺔ ﻟردود اﻟﻔﻌل اﻟﺟﻧﺳﯾ ّﺔ ،ﻛﻧظﺎم
ﻣﺗﻛﺎﻣل ﻟﻠﺳﻠوك واﻟدواﻓﻊ اﻟﺟﻧﺳﯾّﺔ اﻟﻣﺗﺷﻛ ّﻠﺔ ﺗﺣت ﺗﺄﺛﯾر ﻋواﻣل اﺟﺗﻣﺎﻋﯾ ّﺔ /ﺗﺎرﯾﺧﯾّﺔ ﻣﺗﻌد ّدة.
ﻷن ّ اﻟﻛﺛﯾر ﻣن اﻻﺧﺗﻼﻓﺎت اﻟﺳﻠوﻛﯾ ّﺔ واﻟدواﻓﻌﯾﺔ اﻟﺗﻲ اﻋﺗدﻧﺎ ﻋﻠﻰ اﻋﺗﺑﺎرھﺎ داﺋﻣﺔ وﻻ ﯾﻣﻛن
ﻣﻘﺎوﻣﺗﮭﺎ ،ﺿﻌﻔت ﻛﺛﯾرا ً ﻓﻲ اﻟوﻗت اﻟﺣﺎﺿر ،ﺑل واﺧﺗﻔﻰ ﺑﻌﺿﮭﺎ ﺗﻣﺎﻣﺎ ً ،ﻛﺳن ّ ﺑدء اﻟﺣﯾﺎة
اﻟﺟﻧﺳﯾ ّﺔ ،وﻣﺳﺗوى اﻟﻧﺷﺎط اﻟﺟﻧﺳﻲ ،واﻟﻧظرة إﻟﻰ اﻹﺛﺎرة اﻟﺟﻧﺳﯾ ّﺔ واﻟﺷﺑق اﻟﺟﻧﺳﻲ)...ﻛون،
(٨٣ ،١٩٩٣
وﻟﮭذا ﻋﻠﯾﻧﺎ أن ﻧﺑﺣث ﻋن اﻟﻌواﻣل اﻟﺑﯾﺋﯾّﺔ واﻷﺳﺑﺎب اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾّﺔ واﻟﺗﺎرﯾﺧﯾ ّﺔ ،اﻟﺗﻲ أﻧﺗﺟت
اﻟﺗﻣﺎﯾز ﺑﯾن اﻟذﻛر واﻷﻧﺛﻰ ،وﻻ ﺳﯾ ّﻣﺎ أن اﻟدراﺳﺎت اﻟﺑﯾوﻟوﺟﯾ ّﺔ اﻟﺣدﯾﺛﺔ ،أﺛﺑﺗت أن ّ طﺑﯾﻌﺔ
اﻟﻣرأة ﻟﯾﺳت أﻗل ّ ﺷﺄﻧﺎ ً ﻣن طﺑﯾﻌﺔ اﻟرﺟل ،وأن ّ اﻟﺗﻣﺎﯾز اﻟﺟﻧﺳﻲ ﻟم ﯾظﮭر ﻓﻲ ﺳﻧوات اﻟطﻔوﻟﺔ
اﻷوﻟﻰ ،ﺣﯾث ﻟم ﺗﺄﺧذ اﻟﻌواﻣل اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ طرﯾﻘﮭﺎ ﺑﻌد إﻟﻰ اﻟﺗﺄﺛﯾر اﻟﻔﺎﻋل..
-٢ﺗﻘول /ﻛﺎرﯾن ھورﻧﻲ :/إن ّ ازدواﺟﯾ ّﺔ اﻟﺟﻧس ﻋﻧد اﻹﻧﺳﺎن ﺗظﮭر ﻓﻲ اﻷطﻔﺎل ﺑوﺿوح
أﻛﺛر ﻣن ﻏﯾرھم ،ﻷﻧ ّﮭم ﻻ ﯾدرﻛون ﺗﺣدﯾد ﺟﻧﺳﮭم ﻛﺎﻟﻛﺑﺎر.وﻗد ﺗرى ﻋﻧد ﺑﻌﺿﮭم رﻏﺑﺎت
ﺟﻧﺳﯾّﺔ ﻣزدوﺟﺔ ،ﺳﺎذﺟﺔ وﺑرﯾﺋﺔ؛ ﻓﺗﺷﻌر اﻟﺑﻧت أﺣﯾﺎﻧﺎ ً أﻧ ّﮭﺎ وﻟد وﯾﺷﻌر اﻟوﻟد أﻧ ّﮫ ﺑﻧت .ﻟﻛن ّ
اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ھو اﻟذي ﯾﺣد ّد ﻟﻛل ّ ﻣﻧﮭﻣﺎ ﺻﻔﺎﺗﮫ ودوره ،ﻓﯾﻛﺑت اﻟوﻟد ﺷﻌوره ﺑﺎﻷﻧوﺛﺔ ،وﺗﻛﺑت
اﻟﺑﻧت ﺷﻌورھﺎ ﺑﺎﻟذﻛورة) .اﻟﺳﻌداوي (٦٨ ،١٩٧٢ ،وﯾطﻠق ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻌﺎﯾﯾر اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ اﻟﺗﻲ
ﯾﺣد ّدھﺎ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﻟﻠرﺟﺎل واﻟﻧﺳﺎء ،ﻣﺻطﻠﺢ )اﻷدوار اﻟﺟﻧﺳﯾ ّﺔ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾ ّﺔ( واﺧﺗﺻﺎرا ً اﻷدوار
اﻟﺟﻧﺳﯾ ّﺔ .أﻣ ّﺎ اﻟﺳﻠوك اﻟذي ﺗﺗﺣﻘ ّق ﻣن ﺧﻼﻟﮫ ھذه اﻟﻣﻌﺎﯾﯾر اﻟﻣﻧﺗظرة ،أو اﻟﻣﯾول ﻧﺣوھﺎ،
ﻓﺗﺳﻣ ّﻰ )ﺳﻠوك اﻟدور اﻟﺟﻧﺳﻲ( .وأﻣ ّﺎ اﻟﻧﺎﺣﯾﺔ اﻟﺗﻠﻘﺎﺋﯾﺔ ﻓﻲ ﺗﻣﺎﯾز اﻷدوار اﻟﺟﻧﺳﯾّﺔ ،ﻓﮭﻲ
اﻟﻔﺻـل اﻟﺛـﺎﻟث
ﻣﻘـد ّ ﻣﺔ:
ﺛﻣ ّﺔ ﺗﻌرﯾﻔﺎت ﻟﻠﺗرﺑﯾﺔ ﻓﻲ إطﺎرھﺎ اﻟﻌﺎم ،وﻛﻠ ّﮭﺎ ﺗﻧطﻠق ﻣن اﻟرﻋﺎﯾﺔ واﻟﺗﮭذﯾب واﻹﻋداد
ﻟﻠﺣﯾﺎة ،وﺑﻣﺎ ﯾﻣﻛ ّن اﻟﻔرد ﻣن ﺗﻌر ّ ف ﻗدراﺗﮫ وﺣﺳن اﺳﺗﺧداﻣﮭﺎ .وﻟﻌل ّ اﻟﺗﻌرﯾف اﻷﻛﺛر ﺷﻣوﻟﯾﺔ
ﻟﻠﺗرﺑﯾﺔ ،ھو اﻟﺗﻌرﯾف اﻟذي وﺿﻌﮫ /إﻣﯾل دورﻛﮭﺎﯾم /ﻋﺎﻟم اﻻﺟﺗﻣﺎع اﻟﺗرﺑوي ،واﻟذي ﯾﻔﯾد
ﺑﺄن اﻟﺗرﺑﯾﺔ ھﻲ " :اﻟﻔﻌل اﻟذي ﺗﻣﺎرﺳﮫ اﻷﺟﯾﺎل اﻟراﺷدة ﻋﻠﻰ اﻷﺟﯾﺎل اﻟﺗﻲ ﻟم ﺗ ُرﺷد ﺑﻌد ،ﻣن
ﻓﺣﺳب ،ﺑل أﻧ ّﮭﺎ ﺟزء ﻣن ﻣﺟﻣوع ﻧﻣو ّ ه ﻛﺈﻧﺳﺎن ،ﺛم ّ ﻛزوج )أب أو أم( ﻓﻲ وﻗت ﻻﺣق.
)اﻟﻣﻧظﻣﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ﻟﻠﺗرﺑﯾﺔ واﻟﺛﻘﺎﻓﺔ واﻟﻌﻠوم ،١٩٨٧ ،ص (١٨٣
ﻓﺎﻹﻧﺳﺎن ﯾﻌﯾش ﺿﻣن ﻣﺟﺗﻣﻊ،ﯾﺗﺄﺛر ﺑﮫ وﯾؤﺛ ّر ﻓﯾﮫ ،وﻟﯾﺳت اﻟﺣﯾﺎة إﻻ ّ ذﻟك اﻟﺗﻔﺎﻋل اﻟﻣﺳﺗﻣر ّ
وإذا ﻛﺎن ﻻ ﯾﺟوز ﻓﮭم اﻟﺟﻧس اﻟﺑﺷري ﺧﺎرج اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﺑﯾن اﻹﻧﺳﺎن وﺑﯾﺋﺗﮫ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ.
واﻟﺛﻘﺎﻓﺔ ،ﻓﺈﻧ ّﮫ ﻻ ﯾﺻﺢ ّ اﻟﻌﻛس أﯾﺿﺎ ً ﺑﺎﻟدرﺟﺔ ﻧﻔﺳﮭﺎ؛ ﻓﻼ ﯾﻣﻛن ﻓﮭم ﻧﻣط ﺣﯾﺎة اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﻣن
دون ﻣﻌرﻓﺔ ﺧﺻﺎﺋص اﻟﺳﻠوك اﻟﺟﻧﺳﻲ ﻟﻸ ﻓراد اﻟذﯾن ﯾﺗﻛو ّ ن ﻣﻧﮭم ،وﻛﯾف ﯾﻔﮭﻣون ھذا
اﻟﺳﻠوك وﯾرﻣ ّزوﻧﮫ ،ﻣﻊ اﻟﻔروق اﻟﻔردﯾﺔ ﺑﯾن اﻟﺟﻧﺳﯾن ﻓﻲ اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ ﻧﻔﺳﮭﺎ ) .ﻛون ،١٩٩٣ ،ص
(٤٢وھﻛذا ﯾﻛون اﻹﺣﺳﺎس ﺑﺎﻟذﻛورة أو ﺑﺎﻷﻧوﺛﺔ ،وﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠ ّق ﺑﮭﻣﺎ ﻣن اﻟرﻏﺑﺎت اﻟﺟﻧﺳﯾ ّﺔ،
ﯾﺧﺿﻊ ﻟطﺑﯾﻌﺔ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﺑﻣﺎ ﻓﯾﮫ ﻣن ﺗﻘﺎﻟﯾد وﺿﻐوط ،أﻛﺛر ﻣﻣ ّﺎ ﯾﺧﺿﻊ ﻟﻠﺻﻔﺎت اﻟﻣوروﺛﺔ ﻣن
اﻟواﻟدﯾن.
إن ّ أول ﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠ ّﻣﮫ اﻟطﻔل ﻓﻲ ﻣﺟﺎل ﺗﺣدﯾد ھوﯾﺗﮫ اﻟﺟﻧﺳﯾ ّﺔ ،ھو اﻻﺳﺗﺧدام اﻟﺻﺣﯾﺢ ﻟﻸﺳﻣﺎء
واﻟﺿﻣﺎﺋر اﻟﻣﻧﺎﺳﺑﺔ ﻟﻠﺗﻌﺑﯾر ﻋن اﻟﺟﻧس .ﻓﻘﺑل أن ﯾﺳﺗطﯾﻊ اﻟﺗﻣﯾﯾز ﺑﯾن ﻓﺋﺔ اﻟذﻛور وﻓﺋﺔ اﻹﻧﺎث،
ﺑﺎﻋﺗﺑﺎره وﻟدا ً أو ﺑﻧﺗﺎ ً -ﺑﺎﺳﺗﺧدام اﻟﺻﯾﻐﺔ
ﯾﺗﻌﻠ ّم اﻟطﻔل ﻋن طرﯾق اﻟواﻟدﯾن أن ﯾﺷﯾر إﻟﻰ ﻧﻔﺳﮫ –
اﻟﻠﻐوﯾﺔ اﻟﻣﻧﺎﺳﺑﺔ ،ﻷن ّ اﻟواﻟدﯾن ﯾﺷﯾران إﻟﻰ ﺟﻧس اﻟطﻔل – وھو ﻣﺎ ﯾزال ﻓﻲ ﻣرﺣﻠﺔ اﻟﻣﮭد-
ﺑﺎﺳﺗﺧدام اﻟﺿﻣﯾر اﻟﻣﻧﺎﺳب )ھو أو ھﻲ( أو ﺑﺎﺳﺗﻌﻣﺎل ﻋﺑﺎرات ﻣﺛل ) :اﻟﺑﻧت اﻟﺣﻠوة أو اﻟوﻟد
اﻟﺷﺎطر() .إﺳﻣﺎﻋﯾل ،١٩٨٦ ،ص (٢٨٣وﺿﻣن ھذا اﻹطﺎر ،ﺗﻣﺛ ّل اﻟﻣﻣﻧوﻋﺎت ﻧواة اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ
اﻟﺟﻧﺳﯾ ّﺔ ،اﻟﺗﻲ ﯾﺳﺗﺧدﻣﮭﺎ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﻟﺗوﺟﯾﮫ اﻟﺳﻠوك اﻟﺟﻧﺳﻲ ﻋﻧد أﻓراده.
وﻟﻛن ّ اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﺟﻧﺳﯾ ّﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺑﻧﻰ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ﻣﻔﮭوم اﻟﺟﻧس وطﺑﯾﻌﺗﮫ ) اﻟﻔردﯾﺔ
واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ( ،ﻻ ﺗﺗﺿﻣ ّن اﻟﻘﯾود واﻟﻣﻣﻧوﻋﺎت ﻓﺣﺳب ،ﺑل ﯾﺿﺎف إﻟﯾﮭﺎ ﻓراﺋض إﯾﺟﺎﺑﯾﺔ ﺗﺷﯾر
إﻟﻰ ﻛﯾ ﻔﯾ ّﺔ اﻟﺗﺻر ّ ف ﻓﻲ ظروف ﻣﻌﯾ ّﻧﺔ ..ﻟﻛن ّ ﻣراﻋﺎة ھذه اﻟﻔراﺋض ﻻ ﺗﺗﺣﻘ ّق ﺑﺎﻹﻛراه
اﻟﺧﺎرﺟﻲ ﻓﺣﺳب ،ﺑل ﺑﺎﻷوﺿﺎع اﻟﻧﻔﺳﯾ ّﺔ اﻟداﺧﻠﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺷﻣل اﻹﺣﺳﺎس ﺑﺎﻟﺧﺟل واﻟذﻧب،
وﺑﺎﻷﺣﺎﺳﯾس اﻟﺟﻣﺎﻟﯾﺔ) .ﻛون١٩٩٢ ،ب ،ص (١٥
اﻟﻔﺻـل اﻟراﺑـﻊ
ﻣﻘـد ّ ﻣﺔ
ﺗوﺻف ﻣرﺣﻠﺔ اﻟﻣراھﻘﺔ ﺑﺄﻧ ّﮭﺎ ﻓﺗرة اﻟﺗﻐﯾ ّرات اﻟﻣﺗﻌد ّدة ) اﻟﻛﻣﯾ ّﺔ واﻟﻧوﻋﯾ ّﺔ( اﻟﺗﻲ ﺗﻠﺣق
ﺑﺎﻟﻣراھق ،وﺗراﻓﻘﮫ ﺳﻧوات ﻋد ّة ،وﺗؤﺛ ّر ﻓﻲ ﺗﻔﻛﯾره وﺳﻠوﻛﮫ ..وﻟذﻟك ﺗﺳﻣ ّﻰ ﺑﺎﻟﻔﺗرة )اﻟﺣرﺟﺔ(
ﻓﻲ اﻹﻧﺳﺎن ،ﺣﯾث ﺗﺗﺑﻠور ﺳﻣﺎ ﺗﮫ اﻟﺷﺧﺻﯾ ّﺔ ،وﻻ ﺳﯾ ّﻣﺎ ﺗﻛوﯾﻧﮫ اﻟﺟﺳﻣﻲ واﻟﻧﻔﺳﻲ /اﻻﻧﻔﻌﺎﻟﻲ،
إذ ﯾﺗم ّ اﻻﻧﺗﻘﺎل اﻟﻛﻣ ّﻲ واﻟﻧوﻋﻲ ﻣن ﻣرﺣﻠﺔ اﻟطﻔوﻟﺔ إﻟﻰ ﻣرﺣﻠﺔ اﻟﻧﺿﺞ واﻟﺑﻠوغ ،واﻟﺗﻲ ﺗﻣﮭّد
ﻻﻛﺗﻣﺎل ﻣﻌﺎﻟم اﻟﺑﻧﯾﺔ اﻟﺷﺧﺻﯾ ّﺔ ﻟﻺﻧﺳﺎن ،ذﻛرا ً ﻛﺎن أو أﻧﺛﻰ ،وإن اﺧﺗﻠف زﻣن ھذا اﻻﻛﺗﻣﺎل
ﺑﯾن أﺑﻧﺎء اﻟﺟﻧﺳﯾن ،أو ﺑﯾن أ ﺑﻧﺎء اﻟﺟﻧس اﻟواﺣد ،وذﻟك ﺗﺑﻌﺎ ً ﻟﻠظروف اﻟﻧﻔﺳﯾ ّﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾ ّﺔ
اﻟﺗﻲ ﯾﻌﯾﺷﮭﺎ اﻟﻣراھق ،وﻻ ﺳﯾ ّﻣﺎ ﻓﻲ اﻷﺳرة.
وﯾﻌد ّ اﻟﺗطو ّ ر اﻟﺟﻧﺳﻲ – اﻟﻧﻔﺳﻲ ،أﺣد ﺟواﻧب ﺗطو ّ ر اﻟﻔرد اﻟﺗﻲ ﺗرﺗﺑط ﺑﺎﻟﺗطو ّ ر
اﻟﺑﯾوﻟوﺟﻲ ﻟﻠﺟﺳم ﺑﺻورة وﺛﯾﻘﺔ ،وﻻ ﺳﯾ ّﻣﺎ ﻣﻊ اﻟﻧﺿﺞ اﻟﺟﻧﺳﻲ واﻟﺗﺑد ّﻻت اﻟﻼﺣﻘﺔ ﻓﻲ اﻟوظﯾﻔﺔ
- Bibby, Cyril (1946) A Guide For Parents , Teachers and Youth
Leaders, London.
- Carr, Alan (2002) Avoiding Risky Sex in Adolescence, Black Well
, Publishing Company, Oxford.
- Dallas, M. Dorothy (1972)Sex Education In School and Society,
National Foundation For Education Research In England and Wales,
London
- Deigel, Hugo, Encyclopedia of Sex Education, New York..
- Fonesca , Mabel (1992) Sex And Teenager, New Print India , L Y
D.
- Harknees, S and Super, Ch (1983) The Cultural Context of Gander
Segregation In Children’s Peer Groups , Chicago.
ﺗﻘــدﯾم
اﻟﺷﺧﺻّﺔ اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﻧﺗﺎﺟﺎ ً ﺣﺗﻣﯾﺎ ً ﻟﻠﻌﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗرﺑوﯾﺔ اﻟﻣﺗﻛﺎﻣﻠﺔ ﺑﺟواﻧﺑﮭﺎ اﻟﻣﺗﻌد ّدة ،اﻟﺟﺳدﯾﺔ
ﯾ ﺗﻌد ّ
واﻟﻌﻘﻠﯾﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ واﻟﺟﻧﺳﯾﺔ واﻟوﺟداﻧﯾﺔ ...ھذه اﻟﺟواﻧب اﻟﺗﻲ ﺗﻘود إﻟﻰ ﺗﻛوﯾن
اﻟﺷﺧﺻﯾ ّﺔ اﻟﻣﺗﻛﺎﻣﻠﺔ واﻟﻣﺗوازﻧﺔ ،ﻣن ﺧﻼل ﺗﻔﺎﻋل ھذه اﻟﺟواﻧب ﻓﯾﻣﺎ ﺑﯾﻧﮭﺎ ،ﺿﻣن ﻋﻣﻠﯾﺔ
ﺗرﺑوﯾﺔ اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﻣن ﺣﯾث ﻣﻧطﻠﻘﮭﺎ وأھداﻓﮭﺎ .وھﻲ ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻋﻣﻠﯾﺔ ﺗطﺑﯾﻊ اﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﺗﺗﺣد ّد ﻣن
ﺧﻼل اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯾن اﻟﻔرد وﺑﯾﺋﺗﮫ ،وﻣﺎ ﯾﺻﺎﺣب ذﻟك ﻣن ﺗﻌﻠ ّم ﻟﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﺑﻣﺎ ﻓﯾﮭﺎ ﻣن اﻟﻘﯾم
اﻷﺧﻼﻗﯾﺔ واﻟوﺟداﻧﯾﺔ ..وﺑذﻟك ﯾﻛون اﻟﻔرد /اﻟﺷﺧص ﻗﺎدرا ً ﻋﻠﻰ أداء دوره ،وﻓﻘﺎ ً ﻟﻣﺳﺗوى
اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟذي ﯾﻌﯾش ﻓﯾﮫ.
وﻛﻣﺎ ﺗﻣﻧﺢ اﻟﺗرﺑﯾﺔ اﻟﺷﺧﺻﯾ ّﺔ اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﺻﻔﺎت ﻓردﯾﺔ ﺧﺎﺻﺔ ،ﻛذﻟك ﺗﻣﻧﺢ اﻓراد اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ
ﺻﻔﺎت ﻋﺎﻣﺔ /ﻣﺷﺗرﻛﺔ ،ﺗﺟﻌﻠﮭم ﻣﺗﺷﺎﺑﮭﯾن ﻓﻲ ﺻﻔﺎﺗﮭم اﻷﺧﻼﻗﯾﺔ واﻟوﺟداﻧﯾﺔ ،ﻣوﺣ ّدﯾن ﻓﻲ
أﺳﺎﻟﯾب ﺗﻔﻛﯾرھم ،ﻋﺎرﻓﯾن اﻷدوار اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺟب أن ﯾﻘوم ﺑﮭﺎ ﻛل ّ ﻣﻧﮭم ،ﻓﻲ إطﺎر
وﺣدة اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ وﺗﻣﺎﺳﻛﮫ .وﺑذﻟك ﯾﺑرز ﺗﺄﺛﯾر اﻟﺗرﺑﯾﺔ ﻓﻲ ﺗﺣدﯾد ﺳﻠوﻛﺎت اﻟﻔرد وﺗﻧظﯾﻣﮭﺎ ،ﺑﻣﺎ
ﯾﺗﻧﺎﺳب ﻣﻊ اﻟﻣﻌﺎﯾﯾر اﻟﺳﺎﺋدة ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ،وذﻟك ﺑدءا ً ﻣن اﻟطﻔوﻟﺔ اﻟﻣﺑﻛرة اﻟﺗﻲ ﯾﻌﯾﺷﮭﺎ اﻟﻔرد
ﻓﻲ اﻷﺳرة ،وﻣن ﺧﻼل ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗﻧﺷﺋﺔ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ،اﻟﺗﻲ ﺗﺳﮭّل ﺗﻛﯾ ّﻔﮫ وﺣﺳن ﺗﻌﺎﻣﻠﮫ ﻣﻊ
اﻵﺧرﯾن ﻣن أﺑﻧﺎء ﻣﺟﺗﻣﻌﮫ.
وﺑﻣﺎ أن ّ اﻷﺳرة ھﻲ اﻟﻣؤﺳ ّﺳﺔ اﻟﺗرﺑوﯾﺔ اﻷوﻟﻰ اﻟﻣﺳؤوﻟﺔ ﻋن ﺗﻧﺷﺋﺔ اﻷﺑﻧﺎء /اﻷﻓراد ،ﻓﺈن ّ
ﻣن وظﺎﺋﻔﮭﺎ اﻟﺗرﺑوﯾﺔ اﻷوﻟﻰ ﻏرس اﻟﻘﯾم اﻷﺧﻼﻗﯾﺔ واﻟوﺟداﻧﯾﺔ وﺗﻧﻣﯾﺗﮭﺎ ﻓﻲ ﻧﻔوس اﻷﺑﻧﺎء،
ﺑﺣﯾث ﺗﺻﺑﺢ ﻣن ﻣﻣﺗﻠﻛﺎﺗﮭم اﻟﺷﺧﺻﯾ ّﺔ ،ﻓﻲ إطﺎر ﻣﺎ ﯾﻌرف ﺑﺎﻟﺷﺧﺻﯾ ّﺔ اﻟﻣﺗﻛﺎﻣﻠﺔ ،ﻓﯾﺗﺻر ّ ﻓون
ﺑﻣوﺟﺑﮭﺎ وﯾﺗﻌﺎﻣﻠون ﻣﻊ أﺑﻧﺎء ﻣﺟﺗﻣﻌﮭم وﻓق ﻣﻌﺎﯾﯾرھﺎ وﻣﺗطﻠ ّﺑﺎﺗﮭﺎ..
اﻟﺑﺎب اﻷول -ﯾﺗﺣد ّ ث ﻋن )اﻟﺗرﺑﯾﺔ اﻻﻧﻔﻌﺎﻟﯾﺔ /اﻟوﺟداﻧﯾﺔ( ﻓﻲ أرﺑﻌﺔ ﻓﺻول ﻛﻣﺎ ﯾﻠﻲ:
اﻟﻔﺻل اﻷول :ﯾﺗﺣد ّث ﻋن ﻣﻔﮭوم اﻻﻧﻔﻌﺎل /اﻟوﺟدان ،وطﺑﯾﻌﺗﮫ ،وا ﻻﺗﺟﺎھﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ -
ﻟﻧﻣو اﻻﻧﻔﻌﺎل ﻓﻲ اﻟﻣراﺣل اﻟﻧﻣﺎﺋﯾﺔ ﻟﻠطﻔل ،واﻟﻌواﻣل اﻟﻣؤﺛ ّرة ﻓﻲ ھذا اﻟﻧﻣو ّ ) اﻟوراﺛﯾﺔ –
ﻛﻣﺎ ﯾﺗﺣد ّث ﻋن أﻧواع اﻻﻧﻔﻌﺎﻻت ،وﯾرﻛ ّز ﻋﻠﻰ اﻻﻧﻔﻌﺎل اﻟﻣﻌﺗدل اﻟﻧﻔﺳﯾ ّﺔ – اﻟﺑﯾﺋﯾ ّﺔ(.
واﻻﻧﻔﻌﺎل اﻟﺣﺎد ،وﺗﺄﺛﯾرات ﻛل ّ ﻣﻧﮭﻣﺎ ﻋﻠﻰ ﺷﺧﺻﯾ ّﺔ اﻹﻧﺳﺎن.
د ّث ﻋن ﻣﺳﺗوﯾﺎت اﻻﻧﻔﻌﺎل ،ﻣرﻛ ّزا ً ﻋﻠﻰ اﻟﮭﯾﺟﺎن اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ :ﯾﺗﺣ -
واﻟﻌﺎطﻔﺔ؛ﻓﯾﺗﺣد ّث ﻋن اﻟﮭﯾﺟﺎن ﻣن ﺣﯾث ﻣﻌﻧﺎه وطﺑﯾﻌﺗﮫ وﻣظﺎھره ،وﺗﺄﺛﯾراﺗﮫ اﻟﻧﻔﺳﯾ ّﺔ
واﻟﻌﻘﻠﯾﺔ واﻟﻔﯾزﯾوﻟوﺟﯾﺔ ،وﻣراﺣل ﻧﻣ ّو ّ ه ﻓﻲ اﻟﺣﺿﺎﻧﺔ واﻟطﻔوﻟﺔ واﻟﻣراھﻘﺔ .ﺛم ّ ﯾﺗﺣد ّث ﻋن
اﻟﻌﺎطﻔﺔ ،ﻣن ﺣﯾث ﻣﻔﮭوﻣﮭﺎ ووظﯾﻔﺗﮭﺎ ،وﻣراﺣل ﺗﻛو ّ ﻧﮭﺎ وﻧﻣو ّ ھﺎ ﻓﻲ اﻟطﻔوﻟﺔ واﻟﻣراھﻘﺔ وﺑﻌد
اﻟﻣراھﻘﺔ ،ﻛﻣﺎ ﯾﺗﺣد ّث ﻋن اﻟﻌواﻣل اﻟﻣؤﺛ ّرة ﻓﻲ ﺗﻛوﯾن اﻟﻌﺎطﻔﺔ )اﻟوﺳط اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ،اﻟﺧﺑرات
اﻟﻣﻛﺗﺳﺑﺔ ،واﻟﺟﻧس(.
اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻟث :ﯾﺗﺣد ّث ﻋن اﻟﺗرﺑﯾﺔ اﻻﻧﻔﻌﺎﻟﯾﺔ /اﻟوﺟداﻧﯾﺔ ﻓﻲ اﻷﺳرة؛ ﻓﯾﺑدأ ﺑﻣﻔﮭوم -
اﻟﺗرﺑﯾﺔ اﻻﻧﻔﻌﺎﻟﯾﺔ /اﻟوﺟداﻧﯾﺔ ،وأھﻣﯾﺗﮭﺎ وأھداﻓﮭﺎ ،وﻣن ﺛم ّ ﯾﻧﺗﻘل إﻟﻰ اﻟﺗرﺑﯾﺔ اﻻﻧﻔﻌﺎﻟﯾﺔ/
اﻟوﺟداﻧﯾﺔ ﻓﻲ اﻷﺳرة ،ﻓﯾﻔﺻ ّل ﻓﻲ أھﻣﯾﺔ اﻷﺳرة ﻓﻲ ﺣﯾﺎة اﻟطﻔل ،ودورھﺎ ﻓﻲ اﻟﺗرﺑﯾﺔ
اﻻﻧﻔﻌﺎﻟﯾﺔ /اﻟوﺟداﻧﯾﺔ ،وﻣﺗطﻠﺑﺎت ھذه اﻟﺗرﺑﯾﺔ ،ﻣرﻛ ّزا ً ﻋﻠﻰ ) اﻟﺣب ّ واﻟﺗﻌﺎطف واﻻﻧﺗﮭﺎج
واﻟﻣرح(.
اﻟﻔﺻل اﻟراﺑﻊ :ﯾﺗﺣد ّث ﻋن ﺑﻌض اﻻﺿطراﺑﺎت اﻻﻧﻔﻌﺎﻟﯾﺔ /اﻟوﺟداﻧﯾﺔ ودور اﻷﺳرة -
ﻓﻲ ﻣﻌﺎﻟﺟﺗﮭﺎ ،ﻓﯾﺳﺗﻌرض ﻛﻼ ّ ً ﻣن ) اﻟﻐﺿب ،اﻟﻘﻠق ،اﻻﻛﺗﺋﺎب ،اﻟﺧﺟل ،اﻟﻌدوان ،اﻟﻐﯾرة
واﻷﻧﺎﻧﯾﺔ( وﯾﺑﯾ ّن أﺳﺑﺎب ﻛل ّ ﻣﻧﮭﺎ ،ودور اﻟواﻟدﯾن ﻓﻲ اﻟﺗﻌﺎﻣل ﻣﻌﮭﺎ وﻣﻌﺎﻟﺟﺗﮭﺎ.
اﻟﺑﺎب اﻟﺛﺎﻧﻲ -ﯾﺗﺣد ّ ث ﻋن )اﻟﺗرﺑﯾﺔ اﻷﺧـﻼﻗﯾ ّﺔ( ﻓﻲ ﺛﻼﺛﺔ ﻓﺻول ،ﻋﻠﻰ اﻟﻧﺣو اﻟﺗﺎﻟﻲ:
اﻟﻔﺻل اﻷول :ﯾﺗﺣد ّث ﻋن ﻣﻔﮭوم اﻷﺧﻼق وطﺑﯾﻌﺗﮭﺎ وأھﻣﯾﺗﮭﺎ ﻟﻺﻧﺳﺎن ،وﻣراﺣل -
اﻟﻧﻣو ّ اﻷﺧﻼﻗﻲ ﻋﻧد اﻟطﻔل ) ﻣرﺣﻠﺔ اﻟﻠذ ّ ة واﻷﻟم ،ﻣرﺣﻠﺔ اﻟﺛواب واﻟﻌﻘﺎب ،وﻣرﺣﻠﺔ ﺑداﯾﺔ
اﻟﺿﻣﯾر( .وﻣن ﺛم ّ ﯾﺑﯾ ّن ﻣراﺣل ﻧﻣو ّ اﻟﺣﻛم اﻟﻘﯾﻣﻲ اﻷﺧﻼﻗﻲ ﻋﻧد اﻟطﻔل ،وﻋواﻣل اﻟﻧﻣو ّ
اﻷﺧﻼﻗﻲ.
اﻟﻣﺣﺗــوى
١٠ اﻟﺑﺎب اﻷو ّ ل – اﻟﺗرﺑﯾﺔ اﻻﻧﻔﻌﺎﻟﯾﺔ )اﻟوﺟداﻧﯾ ّﺔ(
١١ اﻟﻔﺻل اﻷول :طﺑﯾﻌﺔ اﻻﻧﻔﻌﺎل /اﻟوﺟدان وﻧﻣو ّ ه -
اﻟﻔﺻـل اﻷول
طﺑﯾﻌﺔ اﻻﻧﻔﻌﺎل وﻧﻣو ّ ه وأﻧواﻋﮫ
-ﻣﻘــد ّﻣﺔ
أوﻻ ً -ﻣﻔﮭـوم اﻻﻧﻔﻌـﺎل وطﺑﯾﻌﺗـﮫ
ﺛﺎﻧﯾﺎ ً -اﻻﺗﺟﺎھﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﻧﻣو اﻻﻧﻔﻌﺎﻟﻲ
ﻣل اﻟﻣؤﺛ ّرة ﻓﻲ ﻧﻣو ّ اﻻﻧﻔﻌﺎل
ﺛﺎﻟﺛﺎ ً -اﻟﻌوا
راﺑﻌﺎ ً -أﻧـواع اﻻﻧﻔﻌـﺎل وﻣظﺎھرھﺎ
ﻣﻘــد ّ ﻣﺔ:
ﯾﻣﯾ ّز اﻟﺑﺎﺣﺛون ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻟﺳﻠوك اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ ،ﺑﯾن أﻧواع اﻻﻧ ﻔﻌﺎل وﻣﺳﺗوﯾﺎﺗﮫ ،ﻣن ﺧﻼل
اﻟﻣظﺎھر اﻟﺗﻲ ﯾﺗﺟﻠ ّﻰ ﻓﯾﮭﺎ ﻛل ّ ﻣﺳﺗوى ﻣﻧﮭﺎ؛ ﻓﮭﻧﺎك اﻟﮭﯾﺟﺎن واﻟﻌﺎطﻔﺔ واﻟﺣب ّ واﻟﻛره واﻟﮭوى،
واﻟﺗوﺗ ّر اﻟﻧﻔﺳﻲ واﻟﻣزاج ...وﻟﻛل ّ ﻣﻧﮭﺎ ﺧﺻﺎﺋﺻﮫ وﺗﺄﺛﯾراﺗﮫ اﻟﺗﻲ ﺗﻧﻌﻛس ﻓﻲ ﺗﻔﻛﯾر اﻟﺷﺧص
وﺗﺻر ّ ﻓﺎﺗﮫ .وﻗد ﯾﺣدث أن ﺗﻧﺣرف ھذه اﻻﻧﻔﻌﺎﻻت ﻋن ﻣﺳﺎر اﻟﻧﺿﺞ اﻟﺳﻠﯾ م ،اﻷﻣر اﻟذي
ﯾؤﻛ ّد ﺿرورة اﻟﺗرﺑﯾﺔ اﻻﻧﻔﻌﺎﻟﯾﺔ اﻟﻣﻼﺋﻣﺔ ﻟﻠﺗﻘﻠﯾل ﻣن ﺣد ّةھذه اﻻﻧﺣراﻓﺎت ،وﻋدم ﺣدوﺛﮭﺎ.
وﺳﻧﺗﺎول ھﻧﺎ ﻣﺳﺗوﯾﯾن أﺳﺎﺳﯾﯾن ﻣن ﻣﺳﺗوﯾﺎت اﻻﻧﻔﻌﺎل وھﻣﺎ :اﻟﮭﯾﺟﺎن واﻟﻌﺎطﻔﺔ ،ﺣﯾث
ﯾﻧطوي ﻛل ّ ﻣﻧﮭﻣﺎ ﻋﻠﻰ ﻋدد ﻣن اﻟﻣﺳﺗوﯾﺎت اﻟﻔرﻋﯾﺔ ،اﻟﺗﻲ ﺗﺗﺟﻠ ّﻰ ﺑﺄﺷﻛﺎل ﻣﺗﻧو ّ ﻋﺔ.
ﻣﻘــد ّ ﻣﺔ:
ﯾﺗﻌر ّ ض اﻟﻧﻣو اﻻﻧﻔﻌﺎﻟﻲ /اﻟوﺟداﻧﻲ ،ﻋﻧد ﺑﻌض اﻷطﻔﺎل ،ﻛﻣﺎ ھﻲ اﻟﺣﺎل ﻓﻲ ﺟواﻧب
اﻟﻧﻣو ّ اﻷﺧرى ،إﻟﻰ اﺿطراﺑﺎت ﺗﺳﺑ ّب ﺑﻌض اﻟﺣﺎﻻت اﻟﺗﻲ ﺗﺧرج ھذا اﻟﻧﻣو ﻋن اﻟﺣدود
اﻟطﺑﯾﻌﯾ ّﺔ ،ﺣﯾث ﺗظﮭر ھذه اﻟﺣﺎﻻت ﻓﻲ ﺗﻌﺑﯾرات ﺟﺳدﯾﺔ وﺣرﻛﯾﺔ وﺳﻠوﻛﯾﺔ ،ﺗﺧﺗﻠف ﺑﺻورﺗﮭﺎ
وﺷد ّﺗﮭﺎ ﻋﻣ ّﺎ ھو ﻣﺎﻟوف ﻓﻲ اﻻﺳﺗﺟﺎﺑﺎت اﻟﻌﺎدﯾﺔ ،واﻟﺗﻲ ﺗظﮭر ﻓﻲ اﻟﺣﺎﻻت اﻟوﺟداﻧﯾﺔ اﻟﺳوﯾﺔ،
ﻛﻣﺎ ﺗﻧطوي ﻋﻠﻰ ﺧﺑرات ﺷﻌورﯾﺔ ﺗﺧﺗﻠف ﺑطﺑﯾﻌﺗﮭﺎ ﻋن اﻟﻣﺷﺎﻋر اﻟطﺑﯾﻌﯾ ّﺔ.
ﻻ ﺷك ّ أن ّ ﻣﺛل ھذه اﻻﻧﺣراﻓﺎت اﻻﻧﻔﻌﺎﻟﯾﺔ ،ﺗﻠﻔت اﻧﺗﺑﺎه اﻟﻣﺣﯾطﯾن ﺑﺎﻟطﻔل ،و ﻻ ﺳﯾ ّﻣﺎ أﻓراد
أﺳرﺗﮫ وﻣﻌﻠﻣﯾﮫ إذا ﻛﺎن ﻓﻲ ﺳن ّ اﻟﻣدرﺳﺔ ،ﻓﯾﺷﻌرون ﺑﺎﻟﻘﻠق ﺗﺟﺎھﮫ ،وﯾﺷﺎطروﻧﮫ ﻣﻌﺎﻧﺎﺗﮫ،
وﯾﻘوﻣون ﺑﺎﺗﺧﺎذ ﻣواﻗف ﺳﻠﯾﻣﺔ ﺗﺳﺎﻋده ﻓﻲ اﻟﺧروج ﻣن اﻟﻣﺄزق واﻟﻌودة إﻟﻰ اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ..
ورﺑ ّﻣﺎ ﯾظﮭرون اﻻﻧزﻋﺎج ﻣن ﺗﺻر ّ ﻓﺎﺗﮫ ،اﻷﻣر اﻟذي ﯾﺛﯾر ﻣﺷﺎﻋره وﯾﺳﻲء إﻟﻰ ﺣﺎﻟﺗﮫ
اﻟوﺟداﻧﯾﺔ وﯾزﯾدھﺎ اﺿطراﺑﺎ ً ..وھﻧﺎ ﺗﻛﺑر اﻟﻣﻌﺎﻧﺎة وﯾﺻﺑﺢ اﻟوﺿﻊ اﻻﻧﻔﻌﺎﻟﻲ /اﻟوﺟداﻧﻲ ﻋﻧد
اﻟطﻔل ،أﻛﺛر ﺗﻌﻘﯾدا ً وﺻﻌوﺑﺔ.
ﺛﺎﻟﺛﺎ ً -اﻻﻛﺗﺋــﺎب
ﯾﻌر ّ ف اﻻﻛﺗﺋﺎب ﺑوﺟﮫ ﻋﺎم ،ﺑﺄﻧ ّﮫ ﺣﺎﻟﺔ اﻧﻔﻌﺎﻟﯾﺔ ﺳﻠﺑﯾﺔ ،ﺗﺗﺿﻣ ّن ﺗﻐﯾ ّرا ً ﻣﺣدودا ً ﻓﻲ اﻟﻣزاج
ﻣﺛل ﻣﺷﺎﻋر اﻟﺣزن واﻟوﺣدة واﻟﻼﻣﺑﺎﻻة ،ﺑﺣﯾث ﺗﻛ ّون ھذه اﻟﻣﺷﺎﻋر ﻣﻔﮭوﻣﺎ ً ﺳﺎﻟﺑﺎ ً ﻋن اﻟذات
ﯾﺻل إﻟﻰ ﺣد ّ ﺗوﺑﯾﺦ اﻟذات وﺗﺣﻘﯾرھﺎ وﻟوﻣﮭﺎ ،ﻣﻊ اﻟرﻏﺑﺔ ﻓﻲ اﻟﮭروب واﻻﺧﺗ ﻔﺎء إﻟﻰ درﺟﺔ
وﯾﺗراﻓق ذﻟك ﺑﺗﻐﺑﯾرات ﻓﻲ ﻣﺳﺗوى اﻟﻧﺷﺎط ﻛﺻﻌوﺑﺔ اﻟﻧوم وﺻﻌوﺑﺔ اﻷﻛل.. اﻟﻣوت..
)ﺑﺎﺻﮭﻲ(٤ ،٢٠٠٥ ،
واﺳﺗﻧﺎدا ً إﻟﻰ طﺑﯾﻌﺔ اﻻﻛﺗﺋﺎب وﻣﺻﺎدره ،ﻓﻘد ﺻﻧ ّف إﻟﻰ ﻧوﻋﯾن أﺳﺎﺳﯾﯾن ،ھﻣﺎ:
اﻻﻛﺗﺋﺎب ذو اﻟﻣﻧﺷﺄ اﻟداﺧﻠﻲ :وھو اﻻﺿطراب اﻟذي ﯾﻧﺷﺄ ﻋن ﻋواﻣل ذاﺗﻲ ﺧﺎﺻﺔ -
ﺑطﺑﯾﻌﺔ اﻹﻧﺳﺎن ،وﺑﺗﻛوﯾﻧﮫ اﻟﺷﺧﺻﻲ ،وﯾﻛون ﻟﻠﻌواﻣل اﻟوراﺋﯾﺔ /اﻟﺑﯾوﻟوﺟﯾﺔ دور ﻛﺑﯾر ﻓﻲ
إﺣداث ھذا اﻻﺿطراب.
اﻻﻛﺗﺋﺎب ذو اﻟﻣﻧﺷﺄ اﻟﺧﺎرﺟﻲ :وھو اﻻﺿطراب اﻟذي ﯾﺣدث ﺟر ّ اء اﻟﻣواﻗف اﻟﺗﻲ -
ﯾﺗﻌر ّ ض ﻟﮭﺎ اﻟﺷﺧص ﻣن اﻟﺑﯾﺋﺔ اﻟﻣﺣﯾطﺔ ،وﻻ طﺎﻗﺔ ﻟﮫ ﻟﻠﺗﻌﺎﻣل اﻹﯾﺟﺎﺑﻲ ﻣﻌﮭﺎ ..أي أﻧ ّﮫ ﻧﺎﺗﺞ
ﻋن اﻟﺿﻐوطﺎت اﻟﺣﯾﺎﺗﯾﺔ ،اﻟﺧﺎرﺟﺔ ﻋن ﻗدرة اﻹﻧﺳﺎن وإﻣﻛﺎﻧﺎﺗﮫ ﻓﻲ ﻣواﺟﮭﺗﮭﺎ.
أﻣ ّﺎ اﻻﻛﺗﺋﺎب ﻋﻧد اﻷطﻔﺎل ،ﻓﮭو ﻣﺎ ﯾﻧﺗﺎب اﻟطﻔل ﻣن ﻣﺷﺎﻋر اﻟﻛﺂﺑﺔ واﻟﺣزن واﻟﺳﺄم
واﻟﻌزﻟﺔ وﻋدم اﻟﺳﻌﺎدة ،واﺿطراب اﻟﻌﻼﻗﺔ ﻣﻊ اﻟذات وﻣﻊ اﻵﺧر ،إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻧﺧﻔﺎض
ﻣﺳﺗوى اﻟﺣﯾوﯾﺔ واﻟﺣرﻛﺔ واﻟﻧﺷﺎط .وھذا ﻛ ﻠ ّﮫ ﯾؤد ّي إﻟﻰ ﻋدم اﻟﺗﻛﯾ ّف اﻟﻧﻔﺳﻲ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ،
وﻓﻘدان اﻷﻣل ﺑﺎﻟﺣﯾﺎة.
راﺑﻌﺎ ً -اﻟﺧﺟــل
ﯾﻌد ّ اﻟﺧﺟل ﻣن اﻻﻧﻔﻌﺎﻻت ذات اﻷﺑﻌﺎد ) اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ – اﻟﻧﻔﺳﯾ ّﺔ – اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ( ،أي أن ّ
اﻟﺧﺟل ﻛﺣﺎﻟﺔ اﻧﻔﻌﺎﻟﯾﺔ ھﻲ رد ّ ﻓﻌل ﻧﻔﺳﻲ ﻟﻣﺛﯾر اﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ،ﯾﻧﻌﻛس ﻓﻲ ﺗﺻر ّ ف اﻟﻔرد
اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ..وﻟذﻟك ﻓﺎﻟﺧﺟل ﺷﻌور ﻋﻠﻰ درﺟﺔ ﻛﺑﯾرة ﻣن اﻟﺗﻌﻘﯾد ،وھو ﻻ ﯾظﮭر ﻋﻧد اﻟطﻔل
ﻣﺑﺎﺷرة ،ﺑل ﯾﻛﺗﺳﺑﮫ ﻣن ﺧﻼل اﻟﺗﻌﻠ ّم.
وﻣﻊ ذﻟك ،ﻻ ﯾوﺟد ﺗﻌرﯾف ﻣﺣد ّد ﻟﻠﺧﺟل ﻛﺑﻌض اﻻﻧﻔﻌﺎﻻت اﻷﺧ رى ،ﻛﻣﺎ ﻻ ﯾوﺟد ﻣﻌﯾﺎر
ﻣطﻠق ﻟﻘﯾﺎﺳﮫ .ﻓﻘد وﺻف /ﻛﺎرل ﻣﺎرﻛس /اﻟﺧﺟل ﺑﺄﻧ ّﮫ " ﺷﻲء ﺷﺑﯾﮫ ﺑﺎﻟﻐﺿب ،ﻟﻛﻧ ّﮫ ﻏﺿب
ﻣﻌﻛوس ﻧﺣو اﻟداﺧل "..ورﺑط /ﻟﯾون ﺗوﻟﺗﺳﺗوي /ﺑﯾن اﻟﺧﺟل واﻷﺧﻼق ،ﻓﯾﻘول " :ﻟﯾس
ھﻧﺎك أﺻدق ﻣن اﻟﺷﻲء اﻟذي ﯾﺟﻌل اﻹﻧﺳﺎن ﺧﺟﻼ ً ،أو ﯾﺟﻌﻠﮫ ﻏﯾر ﺧﺟل ،ﻓﻲ ﺗﺣدﯾد درﺟﺔ
اﻟﻛﻣﺎل اﻷﺧﻼﻗﻲ اﻟﺗﻲ ﯾﻘف ﻋﻠﯾﮭﺎ) "..ﻧﺟﯾب(٣ ،٢٠٠٥ ،
ﻓﺎﻹﻧﺳﺎن إذن ﯾﺷﻌر ﺑﺎﻟﺧﺟل ﻓﻲ اﻟﺣﺎﻻت اﻟﺗﻲ ﯾﻘﺗرف ﻓﯾﮭﺎ ﻋﻣﻼ ً ﻻ أﺧﻼﻗﯾﺎ ً ،ﻷﻧ ّﮫ ﯾﻌرف
أﻧ ّﮫ ﺳﯾدان ﻣن اﻵﺧرﯾن ،وﻟذﻟك ﯾرﻏب ﻓﻲ اﻻﻧﻛﻔﺎء ﻋﻠﻰ ذاﺗﮫ واﻟﺗواري ﻋن اﻷﻧظﺎر.
واﻧطﻼﻗﺎ ً ﻣن ذﻟك ،ﯾﺷﯾر ﺗﻌﺑﯾر اﻟﺧﺟل إﻟﻰ أوﻟﺋك ا ﻟذﯾن ﯾﺟدون ﺻﻌوﺑﺔ ﻓﻲ اﻟﺗﻔﺎﻋل
وﯾﻛون اﻟﺧﺟل ﻋﻧد ﺑﻌض اﻷطﻔﺎل ،ﻧﺎﺟﻣﺎ ً ﻋن ﻋدم اﻟﻛﻔﺎﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﮭﺎرات اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ.
ﺧﺎﻣﺳﺎ ً -اﻟﻌـدوان
اﻟﻌدوان ھو ذﻟك اﻟﺳﻠوك اﻟذي ﯾﻘوم ﺑﮫ اﻟﻔرد ،وﯾؤد ّي إﻟﻰ إﯾﻘﺎع اﻷذى ﺑﺎﻵﺧرﯾن ،ﺳواء
ﺑطرﯾﻘﺔ ﻣﺑﺎﺷرة أو ﻏﯾر ﻣﺑﺎﺷرة .وﻗد ﻗد ّم ﻋﻠﻣﺎء اﻟﻧﻔس ﺗﻔﺳﯾرات ﻋدﯾدة ﻟﻠﺳﻠوك اﻟﻌدواﻧﻲ،
ﻓﺎﻟﻣﻌﺎﻣﻠﺔ اﻟواﻟدﯾﺔ ﻟﻸﺑﻧﺎء ﺗﺄﺧذ أﺷﻛﺎﻻ ً ﻣﺗﻌد ّدة ،ﺗرﺗﯾط إﻟﻰ ﺣد ّ ﺑﻌﯾد ،ﺑﻣﺳﺗوى ﺗﺄھﯾل
اﻟواﻟدﯾن ﻣن اﻟﻧﺎﺣﯾﺔ اﻟﺗرﺑوﯾﺔ ،ودور ﻛل ّ ﻣﻧﮭﻣﺎ )اﻷب واﻷم( ﻓﻲ اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗرﺑوﯾﺔ اﻟﻣﺷﺗرﻛﺔ،
ﺣﯾث ﯾﻛون ﻟﻠﻌﻼﻗﺔ اﻟﺳﺎﺋدة ﺑﯾن اﻟواﻟدﯾن )اﻟزوﺟﯾن( أﯾﺿﺎ ً ،أﺛر ﻛﺑﯾر ﻓﻲ ﺑﻧﺎء ﺳﻠوك اﻷﺑﻧﺎء ،
وھذا ﯾﺗطﻠ ّب أن ﺗﻌﯾش اﻷﺳرة ﻓﻲ ﺟو ّ ﻋﺎﺋﻠﻲ ﻣﻔﻌم ﯾﺎﻟﺳﻌﺎدة واﻻﺳﺗﻘرار ،واﻻﺣﺗرام اﻟﺗﺑﺎدل
ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﺣﻘوق اﻟزوﺟﯾﺔ واﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣﺷﺗرﻛﺔ ﻓﻲ ﺗرﺑﯾﺔ اﻷﺑﻧﺎء وﺗﻧﺷﺋﺗﮭم اﻟﺗﻧﺷﺋﺔ
اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ اﻟﺳﻠﯾﻣﺔ.
اﻟﺑـﺎب اﻟﺛـﺎﻧﻲ
اﻟﺗرﺑﯾـﺔ اﻷﺧـﻼﻗﯾ ّﺔ
ﻣﻘــد ّﻣﺔ -
اﻟﻔﺻل اﻷول -ﻣﻔﮭوم اﻷﺧﻼق وأھﻣﯾﺗﮭﺎ وﻧﻣو ّ ھﺎ
اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ -ﻣﻔﮭوم اﻟﺗرﺑﯾﺔ اﻷﺧﻼﻗﯾﺔ وأھداﻓﮭﺎ وطراﺋﻘﮭﺎ
اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻟث -اﻟﺗرﺑﯾﺔ اﻷﺧﻼﻗﯾ ّﺔ ﻓﻲ اﻷﺳرة
اﻟﻔﺻل اﻷو ّ ل
ﻣﻔﮭوم اﻷﺧﻼق وأھﻣﯾﺗﮭﺎ وﻧﻣو ّ ھﺎ
ﻣﻘــد ّﻣﺔ -
ﻣﻔﮭوم اﻷﺧﻼق وطﺑﯾﻌﺗﮭﺎ -
أھﻣﯾﺔ اﻷﺧـﻼق ﻟﻺﻧﺳﺎن -
-ﻣراﺣل اﻟﻧﻣو ّ اﻷﺧﻼﻗﻲ ﻋﻧد اﻟطﻔل
ﻣﻘــد ّ ﻣﺔ:
إذا ﻛﺎﻧت اﻟﺗرﺑﯾﺔ ﻗدﯾﻣﺔ ﻗدم اﻹﻧﺳﺎن ،وﻛل ّ إﻧﺳﺎن ﯾﺣﺗﺎج إﻟﻰ اﻟﺗرﺑﯾﺔ ،ﻓﺈن ّ اﻟﺗرﺑﯾﺔ اﻷﺧﻼﻗﯾﺔ
ﻛﺎﻧت وﻣﺎ زاﻟت ﻣن أﻗد اﻟوظﺎﺋف اﻟﺗﻌﻠﯾﻣﯾﺔ .ﻓﻘد اھﺗم ّ اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ اﻹﻏرﯾق واﻟﻌﻠﻣﺎء واﻟﻣﻔﻛ ّرون
ورﺟﺎل اﻟﺗرﺑﯾﺔ ،ﺑدور اﻟﻣؤﺳ ّﺳﺎت اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ /اﻟﺗرﺑوﯾﺔ ﻓﻲ ﺗﻧﻣﯾﺔ اﻷﺧﻼق،ﺣﯾث رأى ھؤﻻء
وﺟﺎءت اﻷدﯾﺎن اﻟﺳﻣﺎوﯾﺔ أن ّ ﻟﮭذه اﻟﻣؤﺳ ّﺳﺎت ﺗﺄﺛﯾرا ً ﻗوﯾﺎ ً ﻓﻲ اﻟﺣﯾﺎة اﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻟﻠﻧﺎﺷﺋﺔ.
ﻟﺗﺧط ّ طراﺋق ﻣﻼﺋﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﺗرﺑﯾﺔ ﺑوﺟﮫ ﻋﺎم ،وﻓﻲ ﺗرﺑﯾﺔ اﻟﻘﯾم اﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﺑوﺟﮫ ﺧﺎص ،ﻟﻣﺎ ﻟﮭذه
اﻟﻘﯾم ﻣن اﻟﻔﺎﻋﻠﯾﺔ ﻓﻲ ﺳﻠوك اﻹﻧﺳﺎن ﻋﻠﻰ اﻟﺻﻌﯾد اﻟﻔردي واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ واﻹﻧﺳﺎﻧﻲ .وﻣن ھﻧﺎ
ﺗﺄﺗﻲ أھﻣﯾﺔ دراﺳﺔ اﻷﺧﻼق واﻟﺗرﺑﯾﺔ اﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ،وﻻ ﺳﯾ ّﻣﺎ أن ّ اﻷطﻔﺎل واﻟﺷﺑﺎب ،ﻓﻲ اﻟوﻗت
اﻟﺣﺎﺿر ،ﯾواﺟﮭون اﻟﻛﺛﯾر ﻣن اﻟﺗﯾﺎرات اﻷﺧﻼﻗﯾﺔ اﻟﻣﺗﻧﺎﻗﺿﺔ ،واﻟﺗﻲ ﻧﺷﺄت ﻋن اﻟﺗطو ّ ر
اﻟﺣﺿﺎري اﻟﺳرﯾﻊ ) اﻟﻌﻠﻣﻲ واﻟﻣﺎدي( ،وﺗﺗﻌﺎرض ﻓﻲ ﺑﻌض ﺟواﻧﺑﮭﺎ ﻣﻊ اﻟﻘﯾم اﻷﺧﻼﻗﯾﺔ
اﻷﺻﯾﻠﺔ.
إن ّ اﻟﻛﺛﯾر ﻣن اﻟﻣﺷﻛﻼت اﻟﺗﻲ ﺗﻌﺎﻧﻲ ﻣﻧﮭﺎ اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت ﻓﻲ اﻟﻌﺻر اﻟراھن ،وﻣﻧﮭﺎ
ﻣﺟﺗﻣﻌﺎﺗﻧﺎ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ،ھﻲ ﻣﺷﻛﻼت أﺧﻼﻗﯾﺔ ﻓﻲ ﺻﻣﯾﻣﮭﺎ؛ ﻓﻣﺎ ﯾدور اﻟﺣدﯾث ﻋﻧﮫ ﻣن اﻟﻧﻔﺎق
وﻣظﺎھر اﻹھﻣﺎل واﻟﻔﺳﺎد واﻻﺳﺗﻐﻼل ،واﻧﺣراف اﻷﺣداث واﻟﺷﺑﺎب ،إﻧ ّﻣﺎ ﯾﻌﺑ ّر ﻋن أزﻣﺔ
أﺧﻼﻗﯾﺔ ،وﻋن ﻗﺻور ﻓﻲ اﻟﻧﻣو ّ اﻷﺧﻼﻗﻲ وﺗرﺑﯾﺗﮫ.
ﻓﺎﻟﺗرﺑﯾﺔ اﻷﺧﻼﻗﯾﺔ إذن ﺿرورة ﻟﻠﻔرد واﻟﻣﺟﺗﻣﻊ؛ ﻓﻌﻼﻗﺔ اﻟﻔرد ﺑﺎﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﻻ ﺗﺳﺗﻘﯾم ﻣن دون
اﻟوﻋﻲ ﺑﺎﻟﻘﯾم اﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ،وﻣﻣﺎرﺳﺗﮭﺎ ،ﻛﻣﺎ أن ّ اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت ﻻ ﺗﺣﺎﻓظ ﻋﻠﻰ ﺗﻣﺎﺳﻛﮭﺎ واﺳﺗﻣرار
ﺣﯾﺎﺗﮭﺎ اﻟﺳﻠﯾﻣﺔ ﻣن دون اﻷ ﺧﻼق ) وإﻧ ّﻣﺎ اﻷﻣم اﻷﺧﻼق ﻣﺎ ﺑﻘﯾت( ،ﻓﺎﻷﺧﻼق ﺗﻌطﻲ اﻟﺣﯾﺎة
اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ طﺎﺑﻌﮭﺎ اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ اﻟﻣﻣﯾ ّز ﻋن ﺣﯾﺎة اﻟﻛﺎﺋﻧﺎت اﻷﺧرى.
وﻣن ھﻧﺎ ﺗﺄﺗﻲ أھﻣﯾﺔ اﻷﺳرة ﻓﻲ اﻟﺗرﺑﯾﺔ اﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ،ﻣن ﺧﻼل ﻏرس اﻟﻘﯾم اﻹﯾﺟﺎﺑﯾﺔ
واﻻﺗﺟﺎھﺎت اﻟﺳﻠﯾﻣﺔ ﻓﻲ ﻧﻔوس اﻷﺑﻧﺎء..ﻛﻣﺎ ﯾﺄﺗﻲ دور اﻟﻣدرﺳﺔ ﻟ ﯾﻛﻣل ﺗﻧﻣﯾﺔ اﻷﺧﻼق اﻟﻘﺎﺋﻣﺔ
ﻋﻠﻰ ﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺳﻠﯾﻣﺔ ﻣﻊ اﻵﺧرﯾن ،ﻣن ﺧﻼل اﻟﺗﻌﺎون واﻟﺗﺂﺧﻲ اﻟﺑﻧ ّﺎء.
-٥اﻟﻘﯾﻣﺔ اﻷﺧﻼﻗﯾﺔ:
ﺗﻌد ّ اﻟﻘﯾم اﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻣوﺟﮭّﺎت ﻟﻠﺳﻠوك اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ ،ﻧﺣو ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻷھداف واﻟﻘواﻋد
واﻟﻣﺛل اﻟﻌﻠﯾﺎ ،اﻟﺗﻲ ﺗﻠﻘﻰ ﻗﺑوﻻ ً ﻣرﻏوﺑﺎ ً ﻣن اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ .واﻟﻘﯾﻣﺔ اﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ھﻲ ﻗﯾﻣﺔ اﻟﺧﯾر ،إﻧ ّﮭﺎ
ﻓﻌل اﻟﺧﯾر .وﻗد اﺧﺗﻠف اﻟﺑﺎﺣﺛون ﻣﻧذ اﻟﻘدم ،وﻣﺎ زاﻟوا ﯾﺧﺗﻠﻔون ،ﺣول ﺗﺣدﯾد ﻣﻌﻧﻰ اﻟﺧﯾر ،أو
اﻟﻘﯾﻣﺔ اﻷﺧﻼﻗﯾﺔ؛ ﻓﻣﻧﮭم ﻣن أراد أن ﯾﻌﺗﺑر اﻟﺧﯾر ﺳﻌﺎدة ،واﻟﺳﻌﺎدة ﻟذ ّ ة ) ﺣﺳﯾ ّﺔ وﻣﻌﻧوﯾﺔ(.
وﻣﻧﮭم ﻣن أراد اﻋﺗﺑﺎر اﻟﺧﯾر ﻓﺿﯾﻠﺔ ) ﺷﺟﺎﻋﺔ أو ﻋدل أو إﺣﺳﺎن أو ﻧظﺎم أو ﺣب ّ ،ﺣب ّ
اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻟث
اﻟﺗرﺑﯾﺔ اﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻓﻲ اﻷﺳـرة
-أھﻣﯾ ّﺔ اﻟﺗرﺑﯾﺔ اﻷﺳرﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻧﻣو ّ اﻷﺧﻼﻗﻲ
ﺷـروط اﻟﺗرﺑﯾﺔ اﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻓﻲ اﻷﺳرة -
أﺳﺎﻟﯾب اﻷﺳـرة ﻓﻲ اﻟﺗرﺑﯾﺔ اﻷﺧﻼﻗﯾﺔ -
ﺻﻌـوﺑﺎت ﻓﻲ اﻟﺗـرﺑﯾﺔ اﻷﺧـﻼﻗﯾﺔ -
ﻣﻘــد ّ ﻣﺔ:
اﻷﺳرة ھﻲ اﻟﺧﻠﯾﺔ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ اﻷوﻟﻰ اﻟﺗﻲ ﯾﺣﺗك ّ ﺑﮭﺎ اﻟﻛﺎﺋن اﻟﺑﺷري ) اﻟطﻔل( ،وھﻲ
-٢اﻟﻠﻘﺎءات اﻷﺳرﯾﺔ:
ﺗﮭدف اﻟﻠﻘﺎءات اﻷﺳرﯾﺔ إﻟﻰ ﺗﻛوﯾن اﺣﺗرام ﺣﻘﯾﻘﻲ ﺑﯾن أﻓراد اﻷﺳرة اﻟواﺣدة ،وﻣﺳﺎﻋدة ﻛل ّ
ﻓرد ﻓﯾﮭﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺗﻌﺎون اﻟﻣﺷﺗرك ﻓﻲ اﺗﺧﺎذ اﻟﻘرارات ،وﺗﺣﻣ ّل ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻌﯾش ﻣﻊ ھذه
اﻟﻘرارات .وﻣن ﺷﺄن ذﻟك أن ﯾﺳﺎﻋد اﻷﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ ﺗﺷر ّ ب اﻟﻘﯾم اﻷﺧﻼﻗﯾﺔ اﻷﺳرﯾﺔ.
ﻓﮭﻧﺎك اﻟﻛﺛﯾر ﻣن اﻟواﻟدﯾن اﻟذﯾن ﯾرﻏﺑون ﻓﻲ أن ﯾﺣﯾﺎ أﺑﻧﺎؤھم اﻟﺣﯾﺎة اﻷﺧﻼﻗﯾﺔ اﻟﺳﻠﯾﻣﺔ ،إﻻ ّ
أﻧ ّﮭم ﻻ ﯾﻌطون اﻷﺑﻧﺎء اﻟرﻋﺎﯾﺔ اﻟﻛﺎﻓﯾﺔ ﻣن أﺟل ﺗﮭﯾﺋﺗﮭم ﻟﮭذه اﻟﺣﯾﺎة ،وﻻ ﯾﺷرﻛوﻧﮭم ﻓﻲ
ﻣﻧﺎﻗﺷﺔ اﻟﻣﻔﺎھﯾم اﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ،ﻓﯾﻧﺷﺄ ھؤﻻء اﻷﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ ﻗﯾم ﻣﺎدﯾﺔ ﺧﺎﻟﺻﺔ؛ وﺗﺟدھم ﯾﻌﺗرﺿون
ﺑﺷد ّة ﻋﻠﻰ ﺑﻌض اﻟﻘرارات اﻷﺧﻼﻗﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺻدرھﺎ اﻵﺑﺎء واﻟﺗﻲ ﻻ ﺗﻧﺳﺟم ﻣﻊ ﻗﯾﻣﮭم اﻟذاﺗﯾﺔ.
)اﻟﻣﺑﯾ ّض ،١٩٩٨ ،ص (٣٠٩
وﻟذﻟك ﯾﻧﺑﻐﻲ ﻋﻠﻰ اﻵﺑﺎء واﻷﻣﮭﺎت ﺗﻧظﯾم ﻟﻘﺎءات أﺳﺑوﻋﯾﺔ ﯾﺗﺣد ّﺛون ﻓﯾﮭﺎ ﻣﻊ أﺑﻧﺎھم ،ﻋن
ﻗﯾﻣﮭم وﻣﻔﺎھﯾﻣﮭم ﻟﻠﺣﯾﺎة وﻣﺑﺎدﺋﮭﺎ ،وﻣﻊ ﻣرور اﻟوﻗت ﯾﺗﺣو ّ ل اﻷﻣر اﻟﻣطروح ﻟﻠﻧﻘﺎش ﻓﻲ ھذه
اﻟﻠﻘﺎءات ،ﻋن أﺻل ھذه اﻟﻘﯾم واﻟﻣﺑﺎدىء ،إﻟﻰ وﺳﺎﺋل وطرق ﺗطﺑﯾﻘﮭﺎ وﺗﺣﻘﯾﻘﮭﺎ .ﻓﺈﺷراك
اﻷﺑﻧﺎء ﻓﻲ ﺻﻧﻊ اﻟﻘرارات ،ﯾﺳﺎﻋدھم ﻓﻲ اﻟﺗﻔﻛﯾر اﻟذاﺗﻲ وﺗﻛوﯾن ﻗﯾﻣﮭم ،وﻧﻣو ّ ﺿﻣﺎﺋرھم
اﻷﺧﻼﻗﯾﺔ.
-٣ﻋواﻣل ﻣﺳﺎﻋدة ﻓﻲ اﻟﺗرﺑﯾﺔ اﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻓﻲ اﻷﺳرة:
ﺛﻣ ّﺔ ﻋواﻣل أﺧرى ﻣﺗﻌد ّدة ﯾﻣﻛن أن ﺗﺳﺎﻋد اﻷﺳرة ﻓﻲ ﺗﺣﻘﯾق أھداف اﻟﺗرﺑﯾﺔ اﻷﺧﻼﻗﯾﺔ،
اﻟﺗﻲ ﯾﺳﺗطﯾﻊ اﻟطﻔل ﻣن ﺧﻼﻟﮭﺎ اﻛﺗﺳﺎب اﻟﻔﺿﺎﺋل وﺣﺳن اﻟﺧﻠ ُق ،وذﻟك ﺑﺗﻌوﯾد اﻟطﻔل ﻋﻠﻰ:
)اﻟﺣﻣد(٥٠٩ ،٢٠٠٢ ،
اﻟﺗﻔﻛﯾر ﻓﻲ اﻵﺛﺎر اﻟﻣﺗرﺗ ّﺑﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﺳن اﻟﺧﻠق :ﻷن ّ ﻣﻌرﻓﺔ ﺛﻣرات ﻓﻌل اﻷﺷﯾﺎء، -
واﺳﺗﺣﺿﺎر ﺣﺳن ﻋواﻗﺑﮭﺎ ،ﺗﻌد ّ ﻣنأﻛﺑر اﻟدواﻋﻲ إﻟﻰ ﻓﻌﻠﮭﺎ وﺗﻣﺛ ّ ﻠﮭﺎ ،واﻟﺳﻌﻲ إﻟﯾﮭﺎ.
اﻟﻧظر ﻓﻲ ﻋواﻗب ﺳوء اﻟﺧﻠق:وذﻟك ﺑﺗﺄﻣ ّل ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺟﻠﺑﮫ ﺳوء اﻟﺧ ُ ﻠق ﻣن اﻷﺳف ،واﻟﮭم ّ -
اﻟﻣﻼزم ،واﻟﺣﺳرة واﻟﻧداﻣﺔ ،واﻟﺑﻐﺿﺎء ﻓﻲ ﻗﻠوب اﻟﻧﺎس .وھذا ﯾﺗﺑﻊ ﺑﺎﻟﺗوﺻﯾﺔ ﺑﺣﺳن اﻟﺧﻠق،
وذﻟك ﺑﺑث ّ اﻟﻔﺿﺎﺋل وﺗﺷﺟﯾﻊ ﺣس ّ اﻷﺧﻼق واﻟﺗﺣذﯾر ﻣن ﻣ ﺳﺎوىء اﻷﺧﻼق ،وﻧﺻﺢ اﻟﻣﺑﺗﻠﯾن
ﺑﺳوء اﻟﺧﻠق.
ﻓﺎﻟﺻﺑر ﻣن اﻷﺳس اﻷﺧﻼﻗﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻘوم ﻋﻠﯾﮭﺎ اﻟﺧﻠق اﻟﺣﺳن؛ اﻟﺗﺣﻠ ّﻲ ﺑﺎﻟﺻﺑر: -
ﻓﺎﻟﺻﺑر ﯾﺣﻣل ﻋﻠﻰ اﻻﺣﺗﻣﺎل وﻛظم اﻟﻐﯾظ وﻛف ّ اﻷذى ،واﻟﺣﻠم واﻷﻧﺎة واﻟرﻓق ،وﺗرك
اﻟطﯾش واﻟﻌﺟﻠﺔ.
اﻟﺗﺳﻠﯾم ﺑﺎﻟﺧطﺄ إذا وﻗﻊ ،واﻟﺣذر ﻣن ﺗﺳوﯾﻔﮫ :ﻓذﻟك آﯾﺔ ﺣﺳ ن اﻟﺧﻠق وﻋﻧوان اﻟﮭﻣ ّﺔ، -
ﺛم ّ أن ّ ﻓﯾﮫ ﺳﻼﻣﺔ ﻣن اﻟﻛذب وﻣن اﻟﺷﻘﺎق؛ ﻓﺎﻟﺗﺳﻠﯾم ﺑﺎﻟﺧطﺄ ﻓﺿﯾﻠﺔ ﺗرﻓﻊ ﻗدر ﺻﺎﺣﺑﮭﺎ.
ﻣﺻﺎﺣﺑﺔ اﻷﺧﯾﺎر وأھل اﻷﺧﻼق اﻟﻔﺎﺿﻠﺔ ،ﻓﮭذا اﻷﻣر ﻣن أﻋظم ﻣﺎ ﯾرﺑ ّﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﻛﺎرم -
اﻷﺧﻼق وﻋﻠﻰ رﺳوﺧﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﻧﻔس؛ ﻓﺎﻟﻣرء ﻣوﻟﻊ ﺑﻣﺣﺎﻛﺎة ﻣن ﺣوﻟﮫ ،وﺷدﯾد اﻟﺗﺄﺛ ّر ﺑﻣن
ﯾﺻﺎﺣب.
()ﻓﺻـل ﺧﺎص
اﻟﻌﻧف اﻷﺳري ﺿد ّ اﻷطﻔﺎل وﺻراع اﻷﺟﯾﺎل
اﻟﻌﻧف اﻷﺳري ﺿد ّ اﻷطﻔﺎل- ً أوﻻ
ﻣﻘــد ّﻣﺔ-
اﻟﻌﻧف اﻷﺳري ﺿد ّ اﻷطﻔﺎل ﻓﻲ اﻟﺗﺎرﯾﺦ-
ﻋﺻر اﻟﻧﮭﺿﺔ اﻷوروﺑﯾﺔ وﺗﻐﯾﯾر اﻟﻧظرة إﻟﻰ اﻟطﻔل-
أﺳﺑﺎب اﻟﻌﻧف اﻷﺳري ﺿد ّ اﻷطﻔﺎل-
اﻟﻌﻧف اﻷﺳري اﻟﺣﺎﻟﻲ ﺿد ّ اﻷطﻔﺎل وﻧﺗﺎﺋﺟﮫ-
ﻣﻘﺗرﺣﺎت ﻟﻣﻌﺎﻟﺟﺔ اﻟﻌﻧف اﻷﺳري ﺿد ّ اﻷطﻔﺎل-
ﺻــراع اﻷﺟﯾـﺎل- ً ﺛﺎﻧﯾﺎ
ﻣﻘــد ّﻣﺔ-
ﻣﻔﮭوم ﺻراع اﻷﺟﯾﺎل-
. أﺳﺑﺎب ﺻراع اﻷﺟﯾﺎل واﻟﺗﻌﺎﻣل ﻣﻌﮭﺎ-
Ability ﻗـدرة
Abnormal ﻏﯾر ﺳوي
Accommodation ﻣواءﻣﺔ
Acquisition اﻛﺗﺳﺎب
Activity ﻧﺷﺎط
Adjustment=Adaptation ﺗﻛﯾ ّــف
Adolescent ﻣراھق
Adolescence ﻣراھﻘﺔ
Adult راﺷــد
Affection ﻣود ّة/ وﺟداﻧﻲ
Altruism ﻏﯾرﯾــﺔ
Aptitude اﺳﺗﻌداد
Assimilation (اﺳﺗﯾﻌﺎب )ﺗﻣﺛ ّل
Attitude اﺗ ّﺟــﺎه
Attractiveness ﺟﺎذﺑﯾ ّــﺔ
-B-
Behavior ﺳﻠوك
-C-
Child طﻔل
-S-
Self Esteeming ﺗﻘدﯾر اﻟذات
Self Understand ﻓﮭم اﻟذات
Sentiment ﻋــﺎطﻔﺔ
Sex ﺟﻧـس
Sexual Education ﺗرﺑﯾﺔ ﺟﻧﺳﯾﺔ
Skill + s ﻣﮭﺎرات-ﻣﮭﺎرة
Social Value ﻗﯾم اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ
Sociality Education ﺗرﺑﯾﺔ اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ
Socialization ﺗﻧﺷﺋﺔ اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ
Structure ﺗرﻛﯾب/ ﺑﻧﯾﺔ
System ﻧظﺎم
-T-
Theory ﻧظرﯾ ّﺔ
Theoretical ﻧظـري
Thinking ﺗﻔﻛﯾر
Training ﺗــدرﯾب
-اﻟﻣﺻري ،ﻋﻠﻲ ) (١٩٩٠ﻧظرﯾﺎت اﻟﺷﺧﺻﯾ ّﺔ( اﻟﻣؤﺳ ّﺳﺔ اﻟﺟﺎﻣﻌﯾ ّﺔ ﻟﻠدراﺳﺎت واﻟﻧﺷر،
ﺑﯾروت.
-ﻣﻧﺻور ،ﻋﺑد اﻟﻣﺟﯾد ﺳﯾ ّد واﻟﺷرﺑﯾﻧﻲ ،زﻛرﯾﺎ أﺣﻣد )(٢٠٠٠اﻷﺳرة ﻋﻠﻰ ﻣﺷﺎرف اﻟﻘرن
،٢١دار اﻟﻔﻛر اﻟﻌرﺑﻲ ،اﻟﻘﺎھرة.
-ﻣﻧﺻور ،ﻋﻠﻲ ) (١٩٩٦/١٩٩٥ﻋﻠم اﻟﻧﻔس اﻟﺗرﺑوي ،ﺟﺎﻣﻌﺔ دﻣﺷق ،ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺗرﺑﯾﺔ.
-ﻧﺎﺻر ،إﺑراھﯾم ) (٢٠٠٤أﺻول اﻟﺗرﺑﯾﺔ واﻟوﻋﻲ اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ ،ﻣﻛﺗﺑﺔ اﻟراﺋد اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ،ﻋﻣ ّﺎن.
-ﻧﺟﯾب ،ﻋﻠﻲ ) (٢٠٠٥ﻣﺎذا ﺗﻔﻌل ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﻛون طﻔﻠك ﻏﯾر واﺛق ﻣن ﻧﻔﺳﮫ؟ ﺷﺑ ﻛﺔ اﻟﻌراق
اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ )ﻋن اﻹﻧﺗرﻧت(
-اﻟوﻗﻔﻲ ،راﺿﻲ )(١٩٩٨ﻣﻘد ّﻣﺔ ﻓﻲ ﻋﻠم اﻟﻧﻔس ،ط ،٣دار اﻟﺷروق ،ﻋﻣ ّﺎن.
ﺛﺎﻧﯾﺎ ً -اﻟﻣﺗرﺟﻣـﺔ:
-أوﺑﯾر ،روﻧﯾﮫ ) (١٩٨٣اﻟﺗرﺑﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ،ﺗرﺟﻣﺔ :ﻋﺑدﷲ ﻋﺑد اﻟداﯾم ،ط ،٦دار اﻟﻌﻠم ﻟﻠﻣﻼﯾﯾن،
ﺑﯾروت.
-ﺑﯾﺎﺟﮫ ،ﺟﺎن )(١٩٥٦اﻟﺣﻛم اﻟﺧ ُ ﻠ ُﻘﻲ ﻋﻧد اﻟطﻔل ،ﺗرﺟﻣﺔ :ﻣﺣﻣد ﺧﯾري ﺣرﺑﻲ وﻣﺣﻣد ﺛﺎﺑت
اﻟﻔﻧدي ،ﻣﻛﺗﺑﺔ ﻣﺻر ،اﻟﻘﺎھرة.
-دورﻛﮭﺎﯾم ،إﻣﯾل ) ﺑﻼ ﺗﺎرﯾﺦ( اﻟﺗرﺑﯾﺔ اﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﺗرﺟﻣﺔ :ﻣﺣﻣود ﺑدوي ،ﻣﻛﺗﺑﺔ ﻣﺻر،
اﻟﻘﺎھرة.
-رﺳل ،ﺑرﺗراﻧد ) (١٩٨١ﻓﻲ اﻟﺗرﺑﯾﺔ ،ﺗرﺟﻣﺔ :ﺳﻣﯾر ﻋﺑدو ،ﻣﻛﺗﺑﺔ اﻟﺣﯾﺎة ،ﺑﯾروت.
-ﻛوﻟﺗﯾﺷﺗﯾﺳﻛﺎﯾﺎ ،ي.إ ) (٢٠٠٠ﺗرﺑﯾﺔ ﻣﺷﺎﻋر اﻷطﻔﺎل ﻓﻲ اﻷﺳرة ،ﺗرﺟﻣﺔ :ﻋﺑد اﻟﻠطﯾف
أﺑوﺳﯾف ،دار ﻋﻼء اﻟدﯾن ،دﻣﺷق.
-ﻟوﺑﻠﯾﻧﺗﺳﻛﺎﯾﺎ ،أ.أ )(١٩٨٠ﻋﻠم ﻧﻔس اﻟطﻔل ،ﺗرﺟﻣﺔ :ﺑدر اﻟدﯾن ﻋﻣود وﻋﻠﻲ ﻣﻧﺻور ،وزارة
اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ ،دﻣﺷق.
-ﻣوﻧﺗﺎﺟﯾو ،إﺷﻠﻲ ) (١٩٨٠ﻛﯾف ﻧﺳﺎﻋد اﻷطﻔﺎل ﻋﻠﻰ ﺗﻧﻣﻲ ﻗﯾﻣﮭم اﻟﺧﻠﻘﯾﺔ ،ﺗرﺟﻣﺔ :ﺳﺎﻣﻲ
اﻟﺟﻣﺎل ،ﺑﯾروت.
-ﻣوﻛو ،ﺟورج (١٩٩٠اﻟﺗرﺑﯾﺔ اﻟوﺟداﻧﯾﺔ واﻟﻣزاﺟﯾﺔ ﻟﻠطﻔل ،واﻟﻣﺷﺎﻛل اﻟراھﻧﺔ ﻟﻸﺳرة
واﻟﻣدرﺳﺔ ،ﺗرﺟﻣﺔ :ﻣﻧﯾر اﻟﻣﺻري وﻧظﻣﻲ ﻟوﻗﺎ.
-ﻧﺧﺑﺔ ﻣن اﻟﺑﺎﺣﺛﯾن ) (١٩٩٨ﻧﺣن وأطﻔﺎﻟﻧﺎ ،ﺗرﺟﻣﺔ :ﺟوھر ﺳﻌد ،وزارة اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ ،دﻣﺷق.
-واﯾﻛوف ،ﺟﯾري وﯾوﻧل ،ﺑﺎرﺑﺎرة ) (١٩٩٩اﻟﺗﺄدﯾب ﻣن دون ﺻراخ ﺗرﺟﻣﺔ :ﻣرﻛز
اﻟﺗﻌرﯾب واﻟﺑرﻣﺟﺔ ،اﻟدار اﻟﻌرﺑﯾﺔ ﻟﻠﻌﻠوم ،ﺑﯾروت.