Professional Documents
Culture Documents
النتفاضة
إل
حرب التحرير الفلسطينية
د .عبد الوهاب السيي
كلمة الناشر
ف غمرة التزييف العلمي الذي تارسه الوليات التحدة:
لتقدي شارون ،الوالغ ف الدم الفلسطين حت الثمالة ،إل العال على أنه رجل سلم،
والحتلل الصهيون الستيطان بوصفه حقا مشروعا لستعادة الرض ،وهدمِ البيوت ،وقلعِ
الشجار ،وقتل الطفال ،وتشريد اليسر بوصفه دفاعا عن النفس.
ولحاولة تشويه صورة الستشهاد الفلسطين ،الذي قدم أعظم ناذج التضحية دفاعا عن
الرض والعرض القدسات ،ووصفه بالنتحار...
ولمارسة كل أنواع التعمية والتعتيم والتمويه والتلميع والنظر بعي واحدة ابتغاء طمس
القائق ،وإخفاء أبشع الرائم الت تعن إسرائيل ف ارتكابا ف حق الشعب الفلسطين.
وف غياب الصوت العرب السلمي الصارخ طلبا لرفع الظلم ورد العدوان ،وصمته الطبق
إل من شخي بي الفينة والفينة ،يعكس أحلمه الزعجة ،وهو يغط ف نومه العميق.
ف غمار ذلك كله ،يأت هذا الصوت التهدّج إشفاقا على واقع مؤل ،وإكبارا لشعب حي
مكافح ،وحرقةً على مقدسات تدنس ،وأذانا بفجر حرب للتحرير ،يبلغ فيه الجر الفلسطين
مداه ،ويقق أهدافه العادلة ،ويرد للنسان ثقته بقيم السماء وسنن ال تعال الت ل تطئ {بَلْ
صفُونَ} [النبياء:
َن ْقذِفُ بِاْلحَ ّق عَلَى الْباطِلِ فََيدْ َم ُغهُ َفإِذا هُوَ زا ِهقٌ وَلَ ُكمُ اْلوَيْلُ ِممّا َت ِ
.]21/18
بي يدي الكتاب
هذا هو الشهر الثامن عشر من انتفاضة العرب والسلمي ،انتفاضة القصى والستقلل ،أو
بالحرى حرب ترير القصى وفلسطي ،والت يمل عبئها الشعب الفلسطين ،والت يرصد
العلم العرب أحداثها بتجرّد وبرود شديدين ،وبدون استخلص أية نتائج ،ودون ماولة
لتخطي البيانات العسكرية الت يدل با التحدثون الرسيون الصهاينة ،ث تطيّرها وكالت
النباء وما يسمّى (الصحافة العالية :أي الغربية) وكأنه يرصد انتخابات البلدية ف بوليفيا ،أو
مسابقة ملكة جال العال ،أو تزايد عدد القطط ف زنبار .ولذا فالنطباع العام الذي يصلنا
هو أن الفلسطينيي شعب يقاتل لنه من هواة القتال الذي ل يُرجى من ورائه فائدة ويضحي
بنفسه لنه يستعذب الل ،شعب يذهب مثلوه يوميا يملون أوان الدم الغال ليسكبوه بشكل
آل منتظم عند آلة النتقام الصهيونية الوثنية ،فهو شعب دخل ف طريق العذاب السدود ،ما
يعل الهاد والتضحية أمورا ل طائل من ورائها .وقد استخدم الصهاينة والعلم الغرب لفظ
(الرهاب) للشارة لعمال (القاومة) ولفظ (النتحار) للشارة إل عمليات (الستشهاد)،
وتبنت وسائل العلم ،فضلً عن معظم النخب الاكمة ،هذين الصطلحي .وف هذا الطار
الدراكي ل تعد القضية هي (ترير الرض السليبة) ،أو (استعادة القوق الضائعة) ،أو
(التصدي للعدو وهزيته) ،أو (دعم النتفاضة سياسيا وماليا وعسكريا وعدم الكتفاء بالدعم
اللفظي الرتيب) ،أو (الضغط من أجل تويل مكاسب النتفاضة اليدانية والعسكرية إل
مكاسب سياسية) ،أو (رد العتبار للمة العربية واستعادة كرامتها) .بدلً من هذا كله تصبح
القضية (رفع العاناة عن الشعب الفلسطين) ،و (إيقاف العنف) ،وف رواية أخرى
(الرهاب) ،ووقف العمليات النتحارية ،بل و(العودة إل مائدة الفاوضات) ،و(التنازل عن
حق العودة حقنا للدماء) ،واذهب أنت وربك فقاتل ..إنّا ها هنا قاعدون .ونن ل ندري هل
هذا الوقف العلمي التخاذل هو نتيجة الزية الداخلية الت تعل البعض غي قادرين على
رصد أي شيءٍ سوى مؤشرات الزية ،أم أنه يتم بتوجيهٍ من بعض الكومات العربية الت
يهمها أل تعرف الماهي حجم النتصارات الفلسطينية على العدو الصهيون؛ الكومات الت
ل تكف عن الديث عن قوة العدو وعن خيار السلم باعتباره (خيارا استراتيجيا)؟!!
الستوطنون بي العتدال والتطرف
ولكننا لو قرأنا رصد الصحافة السرائيلية لحداث النتفاضة وأثرها على الجتمع
السرائيلي لوجدنا صورة مغايرة تاما ،تعيد لنا الثقة ف أنفسنا ،وف مقدرتنا على التصدي
للعدو .وحت نعرف ماذا حدث ف الستوطن الصهيون بعد النتفاضة ،فلنحاول ابتداءً أن
نرسم صورة للمستوطني الصهاينة قبل اندلعها ،استنادا للصحافة السرائيلية.
تصوّر الستوطنون الصهاينة ،خلل سبع السنوات السمان (ما بي توقيع اتفاقية أوسلو
واندلع انتفاضة القصى) أنم سيتمكنون من إحكام هيمنتهم على الشعب الفلسطين ،وعلى
الرض الفلسطينية من خلل سلطة فلسطينية ،ل سلطة لا ،منعدمة السيادة تاما .سلطة يكن
إفسادها عن طريق رشوتا ،سلطة سياسية تقوم بإلغاء الياة السياسية ،وتكم بشكل مطلق،
فتُهمش الماهي ما يؤدي إل ضمور الحساس القومي والدين لديها ،وتتحول بالتال إل
مرد وحدات اقتصادية إنتاجية استهلكية تتبن رؤية اقتصادية مضة ،ومن ث تنسى الكرامة
والوطن وتركز بدلً من ذلك على تسي مستوى العيشة ،وبالتال يصبح من المكن رشوتا
هي الخرى (وهذه هي رؤية بييز لا ساه الشرق الوسط الديد) .ولوّح الغرب والصهاينة
للسلطة وللجماهي الفلسطينية بأشياء وردية مثل تول فلسطي /إسرائيل (والردن) إل
سنغافورة وهونج كونج الشرق الوسط ،بلد ل تاريخ له ،عدد سكانه مدود ،ولكن إنتاجيته
مرتفعة إل أقصى حد ،ومستوى العيشة فيه مرتفع إل درجة تدير الرؤوس القتصادية
الستهلكية .وكل من تسول له نفسه أن يقف ضد هذه الرؤية يكن لقوات المن التابعة
للسلطة أن تقوم بترويضه أو القضاء عليه إن اقتضى المر ،أي إن علقة الكيان الصهيون
بالسلطة الفلسطينية -حسب تصوّر الصهاينة لتفاقية أوسلو -هي علقة كولونيالية ف
جوهرها ،تلعب فيها الدولة الصهيونية دور الراعي المبيال الذي يوظف الدولة الستعمَرة
لصاله ،إما مباشرةً من خلل قواته العسكرية أو بشكلٍ غي مباشر من خلل النخبة الحلية
الاكمة .وهكذا كان الفترض ف السلطة الفلسطينية أن تلعب دور الدولة /السلطة الوظيفية
(الملوكية) النبتة الصلة بالماهي الفلسطينية ،الت تضطلع بوظيفة تسخي الماهي لصال
الراعي المبيال ،نظي بعض الكاسب الت تققها لنفسها.
وقد استنام الستوطنون الصهاينة لذه التتالية اللذيذة الت كان من الفترض أن تعلهم
قادرين على الستمرار ف زيادة الستوطنات وف تسمينها وتسينها والستمتاع ببحبوحة
العيش ،دون أن يدفعوا أي ثن .وقد وصلت الطمأنينة الزائفة الت تتع با الستوطنون إل
درجة أن الريطة السياحية الت أصدرها الجلس القليمي لستوطنات غور الردن قبل اندلع
النتفاضة ل يظهر عليها أي قرى أو مدن عربية ،كأنا قد أُزيلت ،أو كأنا ل توجد أصلً.
ولذا كان غور الردن -حسب هذه الريطة الوهية -هو أكثر الماكن أمنا على وجه
الرض .حقا إنا أرض بل شعب ،أو على أسوأ تقدير ،أرض شعبها مكبل بالغلل ،يكن
توظيفه وتسخيه.
والصهيونية -ف تصوّرنا -ليست ظاهرة يهودية كما يدّعي الصهاينة ،وإنا هي إفراز
للتشكيل الستعماري الغرب ،شكل من أشكال الستعمار الستيطان الحلل ،الذي يقوم
باغتصاب الرض من أصحابا ،وبطرد سكانا الصليي منها وإبادتم إن أمكنها ذلك ،شأنا
شأن كل اليوب الستيطانية الخرى .لقد ت تأسيس دولة إسرائيل عام 1948م على الزء
الكب من أراضي فلسطي ،ث ت الستيلء على الزء التبقي ف حرب حزيران (يونيو)
1967م ،وبدأت بعدها عمليات مصادرة الراضي ف الضفة الغربية وقطاع غزة وبناء
الستوطنات عليها .وف البداية ت التركيز على وادي الردن والناطق القريبة من الط الخضر
وهي مناطق ليست كثيفة سكانيا (فلسطينيا) .ث أقيمت مستوطنات داخل مناطق الكثافة
السكانية الفلسطينية بعضها تول إل مدن مثل مستوطنة معال أدوميم .وخلل العام الخي
من ولية نتنياهو وطوال فترة ولية باراك تكثفت عملية توسيع الستوطنات .وقد تضاعفت
مساحة الستوطنات ف الضفة الغربية وقطاع غزة خلل الفترة المتدة من عام 1993م
(توقيع اتفاقية أوسلو) حت عام 2000م.
وكان انتخاب باراك بالنسبة للكثيين يثل دخولً إل الشوط الخي ف السباق نو إناء
الصراع التاريي .وقد ترافق هذا مع مناخ اقتصادي متفائل يعود أساسا إل ازدهار شركات
التكنولوجيا التقدمة (هاي تك) .كل هذا منح الجتمع السرائيلي ،الرهق بفعل أعوام كثية
من الصراع ،أملً بستقبل جديد ،تستطيع إسرائيل أن تصبح فيه واحدة من الدول الغربية
التكنولوجية (كئيبون وعاجزون ويرفضون التعلم )،لدان زكائي ،ملة نيم ،العدد ،17صيف
2001م).
كانت الياة بالنسبة للمستوطني الصهاينة حياةً ورديةً ،فكان (سكان مستوطنات غور
الردن (على سبيل الثال) مقتنعون تاما بأنم على وشك دخول مرحلة من النتعاش .فبدأت
إذاعة النطقة حلة لذب مستوطني جدد .واشترك ف الملة مغننّ إسرائيلي دعا الستوطني
إل النتقال إل الوادي ليحققوا أحلمهم) ،فلتنتقل إل بيت خاص ،ف مستوطنة متميّزة،
ولتتمتع بالدوء والستقلل ف أجل بقعة ف وادي غور الردن (هآرتس ،أيلول (سبتمب)
2001م).
وبدأت مستوطنة يافيت حلة ناجحة ف اجتذاب عشرات السر الت عبّرت عن رغبتها ف
الستيطان (وكان من بينهم أسرة /زوج من الساحقات) .بعضهم فكّر ف إقامة مركز كلي
ومزرعة بيئية (ل تعتمد على أي ساد صناعي) .وكانت هناك امرأة متخصّصة ف الروحانيات
قررت أن تعيش بفردها ف مبن مهجور لتقيس درجة الروحانية داخلها ،وتوصلت إل أن
الطاقة الكامنة فيها ستكفيها لدة عام على القل ،ث جاءت ثان أسر وسجل أفرادها أنفسهم
ف حي (ابن بيتك بنفسك) .وكان انطباع أبناء الؤسسي إيابيا إل درجة أنم قرروا العودة
إل الستوطنة بعد أداء الدمة العسكرية .وتّ بيع 130منلً بعد حلة التسويق .وهكذا
عادت الياة مرةً أخرى إل مستوطنة يافيت ،وأصبحت النطقة الخصصة للعب الطفال مليئة
بالياة .وبدأت الضانة تعمل مرةً أخرى ،وعادت الليال الجتماعية مرةً أخرى ،وغمرت
السعادة الميع خاصة كبار السن .وكانت الياة الوردية تسي على ما يرام بشكل روتين،
فكانت آلف السيارات تستخدم الطريق العام رقم 90كل يوم .وكان هناك مطة بنين،
تقف فيها السيارات ،وعادةً ما كان قائدي السيارات يطلبون ساندوتش ،أي إن كل شيء
كان على ما يُرام.
وهنا ،وقبل أن نعرض ثرات النتفاضة ل بد أن نتوجه لظاهرة العتدال والتطرف
الصهيونيي ،إذ يقول بعض دعاة الهادنة والستسلم :إن جوهر الصراع نفسي ،وإنه ل بد
من اجتياز الواجز النفسية والفكرية بيننا وبي الستوطني الصهاينة ،وهذا لن يتأتى إل
بإدخال الطمأنينة إل قلوبم وإشعارهم بالمن ،وإن فعلنا ذلك سيسود شكل من أشكال
العتدال بينهم بدلً من التطرف الذي اكتسحهم .وحينما يدث ذلك سيجلس مثلو
الستوطني إل مائدة الفاوضات ويتباحثون مع الفلسطينيي بشكل عقلن ،حت يصل الميع
إل صيغة معقولة ترضي كل الطراف التنازعة.
وما يتجاهله هؤلء أن الصراع العرب الصهيون ل ينشأ بسبب حالة نفسية أو حالة عقلية
وإنا لسباب موضوعية ملموسة ،وهي أن كتلة بشرية غريبة وافدة جاءت إل الرض
الفلسطينية فاستولت عليها وطردت شعبها ،ول يكن إصلح الوضع إل بإرجاع الرض إل
أصحابا وعودة الشعب الذي طُرد.
ولكن يظل السؤال يطرح نفسه :ما هو تفسي هذا التطرف الصهيون التزايد؟ وما سر هذا
التأييد الشعب العارم لشارون؟ ِلمَ َلمْ يولّد الوف من الجمات الستشهادية قدرا من
العتدال؟ أليس انتخاب شارون دليلً قاطعا على صدق مقولة دعاة وقف النتفاضة ،فشارون
التطرف حل مل باراك العتدل بسبب الجمات الستشهادية؟
وللجابة على هذه السئلة ل بد أن نشي إل أن الستوطني يدركون السكان الصليي من
خلل ثلثة أناط أساسية :النسان الغائب -النسان الامشي -النسان القيقي .وهذه
الناط ليست ثابتة أزلية ،وإنا تتغيّر بتغيّر الظروف ،شأنا ف هذا شأن أية خريطة إدراكية.
فموازين القوى قد تساهم ف تقويض نط إدراكي ،كما قد تساهم ف دعمه .ويكن تلخيص
تولت الريطة الدراكية الستيطانية على النحو التال:
- 1ف حالة اتاه موازين القوى لصال الستوطني وضد صال السكان الصليي ،فإن
هذه الوازين ستدعم الدراك الستيطان العنصري التحيّز .وسيى الستوطنون أن البنية
الستيطانية /الحللية قد حققت لم المن الذي يبغونه والستوى العيشي الرتفع الذي
يتطلعون إليه .وسيساهم ذلك ف تويل الواقع التاريي إل شيء هامشي باهت ،ويتدعم
البنامج السياسي الستيطان /الحلل بوصفه مرشدا للتعامل مع الواقع ،ويتهمّش السكان
الصليون إل أن يغيبوا تاما من شاشة الوجدان الستيطانية ومن خريطة الستوطني
الدراكية.
- 2ف حالة اتاه موازين القوى لصال السكان الصليي وضد صال الستوطني ،يتولد
قدر من الواقعية لدى الستوطني ،إذ يكتشفون أن البنية الستيطانية /الحللية ل تقق لم
المن الذي يريدونه ول الرفاهية الت يبغونا ،ومن ث تظهر على شاشة وجدانم صورة
السكان الصليي ،وتتعدل خريطتهم الدراكية تدرييا .وتتناسب درجة التحول تناسبا طرديا
مع حجم القاومة ودرجة تزايدها .وتساهم عملية إعادة صياغة الدراك ف تبديد الوهام
والساطي اليديولوجية .أي إن ميل موازين القوى لصال السكان الصليي يؤدي إل ترشيد
العقل الستيطان .ولكن تلل الريطة الدراكية يُعد من أكثر التجارب إيلما ،ولذا يُلحظ
أنه قبل الوصول إل مرحلة الواقعية والعتدال ير الستوطنون عادةً برحلةٍ من التطرف
والوحشية دفاعا عن خريطتهم الدراكية ،ول تستمر هذه الرحلة لفترةٍ طويلةٍ ف العتاد إن
استمرت موازين القوى لصال السكان الصليي من خلل استمرار مقاومتهم.
ويكن أن نفسّر التطرف والعتدال ف اليوب الستيطانية ف ضوء الحتمالي السابقي.
فإن ظل السكان الصليون ساكني دون أن يتحدوا الرؤية الدراكية الستيطانية أو موازين
القوى السائدة ،أصبح من المكن قبولم ككمّ متخلف هامشي غائب ،ويصبح من المكن
إظهار التسامح تاههم ،بل ومنحهم بعض القوق مثل (الكم الذات) (وهنا تكمن الفارقة).
أما إذ ترك السكان الصليون لتأكيد حقوقهم ورفضوا الامشية الفروضة عليهم وتدوا
الرؤية الستيطانية وبدؤوا ف تغيي موازين القوة لصالهم ،فإنم يصبحون مصدر خطر
حقيقي ومن ث يتعي ضربم ويصبح التسامح معهم أمرا غي مطروح ،وبالتال يتزايد التطرف
والبطش.
وهذا ما حدث ف جنوب إفريقيا ،فمع تصاعد مقاومة السكان الصليي للمستوطني
البيض لأ هؤلء للبطش وضرب القاومة بيدٍ من حديد على الطريقة الشارونية .ولكن
القاومة استمرت بل وتصاعدت رغم بطش النظام العنصري ،إل أن اكتشف الستوطنون
البيض عدم جدوى الرهاب الؤسسي ،وانتهى المر بسقوط النظام العنصري .أي إن تطرف
الستوطني هو مؤشر على أن الرسائل السلحة الت يرسلها السكان الصليون بدأت تصل
إليهم ،وأن التطرف والشراسة ليسا سوى الرحلة قبل الخية الت تسبق تطم السطورة
والرضوخ للمر الواقع.
ولا كنا نعيش ف عال يؤمن بالواس المس وبكل ما يُقاس ،عال يستند إل القوة
والبطش ،أو على حد تعبي أحد الزعماء الصهاينة (إن ما ل يتحقق بالقوة يتحقق بزيد من
القوة) ،فإن إيصال القيم غي الحسوسة مثل الق والعدل للعدو يتطلب الضغط على حواسه
المس من خلل العديد من الرسائل السلحة حت يعرف أن العرب القيقي ليس مرد صورة
باهتة ف وجدانه يكنه تغييبها ،وإنا هو قوة واقعية يكن أن تسبب له خسارة فادحة إن هو
تاهلها أو حاول تميشها وتشيمها.
ولعل هذا هو القصور الساسي ف ماولت التوصل للسلم حسب الشروط الصهيونية.
فقد ظن مهندسو هذه التفاقيات أنم عن طريق رفع رايات السلم والعتدال والديث
الادئ على مائدة الفاوضات سيُغيّرون صورة العرب ف وعي العال ،ويهدئون روع الصهاينة
ويقنعونم بأنم معتدلون وراغبون ف السلم ،وأن هذا سيخلق دينامية تفرض على الكومة
السرائيلية أن تصل إل اتفاق عادل أو شبه عادل .ولكن الذي يدث هو عكس ذلك تاما.
فكلما ازداد (العتدال) العرب زاد التطرف الصهيون وزاد التمسك بالستوطنات وبكل شب
من الرض الحتلة .والعكس بالعكس ،فكلما زاد (التطرف) العرب ،أي القاومة والوار
السلح ،ازداد الصهاينة رشدا واستعدادا لتَقبّل فكرة السلم الذي يستند إل العدل والقررات
الدولية ،بدلً من السلم حسب الشروط الصهيونية ،أي الستسلم الكامل.
والشيء نفسه ينطبق على دعاة التطبيع ،فهم يفترضون أن عملية التطبيع عملية نفسية ،غي
مدركي أنا عملية بنيوية (أي إنا مرتبطة ببناء الدولة الصهيونية ،والبناء بطبيعته ل علقة له
بالالة النفسية أو العقلية) .إن بنية إسرائيل ذاتا بنية غي طبيعية ،ولذا فالتطبيع معها غي مكن.
فهي دولة ل ترى نفسها باعتبارها دولة لواطنيها ،وإنا هي دولة لكل يهود العال ،ولذا
السبب أصدرت قانون العودة الصهيون العنصري الذي يعطي الق لي يهودي ف العال أن
يهاجر إل فلسطي الحتلة (بعد فترة غياب مزعومة لوال ألفي عام) حت لو كان هذا
اليهودي ل يود الجرة (والقيقة أن معظم يهود العال ل يرغبون ف ذلك) بينما يُحرم من
هذا الق الفلسطين النتزع من أرضه ووطنه منذ فترة خسي عام على الكثر ،والذي يربض
ف ميمات اللجئي بوار الوطن السليب يقرع أبوابه بشت الطرق وياول دخوله .والدولة
الصهيونية تقع ف الشرق الوسط ولكنها تؤكد أنا فيه ولكنها ليست منه وهي دولة تعتمد
اعتمادا كاملً على الغرب وعلى معونات يهود العال ،فكيف يكن أن تنشأ علقات طبيعية
مع هذه الدولة العنصرية التخندقة داخل عنصريتها ،الت تستمد حياتا من خارج النطقة
وتواصل إشعال الروب وشنها على من ييط با.
***
تصاعد الوهام وسقوطها
واللحظ أن نط التطرف والعتدال الستيطانيي اللذين سبقت الشارة إليهما ينطبق تام
النطباق على فلسطي الحتلة ،فحي اندلعت النتفاضة اهتزت آمال الستوطني ،وبثوا عن
مرج عسكري أمن سريع حاسم ،فانتخبوا شارون (البلدوزر) ليحل مل باراك الضعيف
وانتعشت آمالم مرةً أخرى .فشارون صاحب فكر صهيون أسطوري توسعي إرهاب .ومن
أقواله مؤخرا أن (الستوطنات لا أهية تاريية واستراتيجية لنا تمي مسقط رأس الشعب
اليهودي ،كما توفر لنا عمقا استراتيجيا لماية وجودنا) .ويذهب شارون إل إياد البرات
الت تدعم سياسته الستيطانية معتبا أن اتفاقات أوسلو ل تنع إقامة مستوطنات جديدة ول
توسيع أخرى قائمة مستندا إل نظرية أطلقتها الكومة السابقة تقول بضرورة مراعاة النمو
الديوجراف ف الستوطنات القائمة .كما رفض أية دعوة لتفكيك أو إخلء أية مستوطنة،
ولذا السبب أسند شارون الوزارات السؤولة عن الستيطان إل غلة اليمي ،حيث تول
أفيجدور ليبمان وزارة البن التحتية وناثان شارانسكي وزارة السكان ،بينما تول أتباعه
الدوائر التنفيذية ف الوزارات الت لا علقة بالستيطان .كما قامت حكومة شارون بتوفي
الدعم الال اللزم لتكثيف الستيطان ،حيث دعا إل تصيص 360مليون دولر للستيطان
(عاد وخفضها إل 150مليون دولر بسبب انتقادات وضغوط أمريكية) .كما دعا شارون
وزارات عدة إل تفيض أجزاء من ميزانيات وزاراتم لصلحة الستوطنات ،ناهيك عن
المتيازات والتسهيلت الالية الت تُمنح للمستوطني .وقد طرح شارون خطة الئة يوم وخطة
(أورانيم -جهنم) ،وطرح شعار (دعوا اليش ينتصر) ،واستُخدمت كل السلحة ف الترسانة
العسكرية الصهيونية ،ووصل الرهاب الصهيون إل الذروة (أو الوة).
وما ل شك فيه أن شارون أشبع شهوة الستوطني للنتقام إل أنه أخفق تاما ف تقيق
المن لم رغم تصاعد البطش الصهيون وشراسته .فالفلسطينيون أبدوا صلبة ل يتوقعها
الصهاينة .وهذا ما لحظه الصحفي السرائيلي جدعون عيست ف يديعوت أحرونوت (/29
2002 /1م) إذ قال :إنه (من الصعب بعض الشيء أن نمّن كيف يكن لزيادة الرعب
العسكري أن يؤثر ف الفلسطينيي أكثر ما يفعل .إن شارون أخفق تاما ف تقيق أي أمن،
وتوّلت النتفاضة إل حرب استناف مستمرة).
وتؤكد تقييمات جهاز الستخبارات العسكرية السرائيلية (الهة الخولة بتقدي التقييمات
الستراتيجية لهة صنع القرار السياسي) أن النتفاضة مرشحة للتواصل حت عام 2006م.
وأن أسلوب القوة لن يؤت ُأكُله ف إناء النتفاضة.
وتشي البة النتفاضية إل حقيقة مهمة ،وهي أن اليش السرائيلي قد يتمكن من شل
قدرة التنظيمات الفلسطينية على مواصلة العمل السلح لفترة معينة ،ولكن من الستحيل أن
يضمن توقف العمل السلح والعمليات الستشهادية لفترة طويلة .بل إنه عندما يتأخر فعل
التنظيمات ،سرعان ما تبز إل السطح مموعات مسلحة غي مرتبطة بتنظيم بعينه .ولذا
فالستوطنون يعلمون تام العلم أنم حت لو نحوا ف القضاء على النتفاضة بعض الوقت ،فإن
هناك اللف الذين سيشعلون جذوتا مرةً أخرى ف غضون سنة أو سنتي أو ربا عدة
شهور.
لقد سقطت أسس نظرية المن السرائيلي تت وطأة النتفاضة ،والت قامت على أساس
حرمان الفلسطينيي من السلح ،واستخدام أكب قدر من القوة ضدهم .ولكن الهاد يستمر
بالمكانات التاحة ،وإنتاج السلحة يتم داخليا أو من خلل الصادر السرائيلية ،كما أن
جيع القرى والفصائل تشارك ف الهاد وتارس العمل السلح جنبا إل جنب.
وفشلت سياسة الغتيالت واستهداف قادة التنظيمات ،بل إنا أدت إل ردود فعل
فلسطينية أكثر قوة وإيلما للسرائيليي الذين أصبحوا ينتظرون الرد الفلسطين الوجع عقب
أية عملية للغتيال أو ضرب للمدنيي .وقد وصلت هذه السياسة إل ذروتا (أو هوتا) مع
عملية غزو كل الدن الفلسطينية على القيادات الهادية الفلسطينية وأعلمها.
بل إنه حدث شيء ل شك ف أنه أدخل اليأس والقنوط على قلب الستوطني الصهاينة.
فإن حكم إيهود باراك (2001 - 1999م) كان متوسط السائر البشرية بينهم هو ،3أما
ف حكم (الخلّص الدّجال) شارون فقد بلغ التوسط ،17وهو آخذ ف الرتفاع( ،يديعوت
أحرونوت 2001 /9 /2م)( .يُلحظ أن إسرائيل فَ َقدَت ف النتفاضة أكثر ما فَقَدَته ف
بعض الروب مع دول عربية لديها جيوش نظامية).
إن استمرار النتفاضة أو حرب التحرير الفلسطينية هو وحده الكفيل بترشيد الصهاينة
وجعلهم يدركون أن فلسطي ليست (إرتس يسرائيل) وأن للفلسطينيي وجودا متجذرا ف
وطنهم ،لن الستوطني الصهاينة ،شأنم شأن اليش السرائيلي ،هم ضمن آليات الحتلل،
والقمع والبطش .إن استمرار النتفاضة وهزها الجتمع السرائيلي من جذوره هو الطريق
الوحيد لتحرير الوطن ،لنه إذا توقفت القاومة وتوقف الهاد ،وإن توقفت حرب التحرير
الفلسطينية ،فإن الصهاينة سيغوصون مرةً أخرى ف أحلمهم الستيطانية ويظهرون الزيد من
التطرف والل عقلنية.
***
الوضع القتصادي
تركت النتفاضة أثرا عميقا على جيع مالت الياة ف التجمّع الصهيون .ففي الجال
القتصادي عصفت النتفاضة بالقتصاد السرائيلي بعد سنوات من النتعاش والزدهار
والستقرار ،وأدخلته ف حالة من الركود ل يألفها من قبل ،وف حالة من الستنفار والشية
والترقب ل يسبق لا مثيل منذ إنشاء الدولة ،فقد طالت الزمة معظم فروع القتصاد ،ووقفت
الكومة السرائيلية عاجزة عن إنقاذ الوضع.
ويكن القول إن القتصاد السرائيلي دخل هذه الزمة العميقة تت ضغط ثلثة عوامل
متشابكة هي انيار صناعات التكنولوجيا التقدمة وأزمة القتصاد المريكي الت تفاقمت بعد
أحداث 11أيلول (سبتمب) 2001م ،والنتفاضة الت أحكمت طوق الزمة حول القتصاد
السرائيلي .وتفاعل هذه العوامل الثلثة يؤثر تأثيا بالغا ف القتصاد السرائيلي نظرا لصغر
حجمه ،وكونه يقوم أساسا على استراتيجية الصناعة الوجهة للتصدير ،واعتماده على قطاع
الدمات والسياحة .ويؤكد خباء القتصاد أن القتصاد السرائيلي كان يكن أن ينهار تت
وطأة هذه الزمة لول استمرار الدعم المريكي الادي والعنوي ،فالدولة الصهيونية (الوظيفية)
ل يكنها أن تعيش بدون العتماد على القوى الدولية الكبى .وهناك عرض تفصيلي للوضع
القتصادي ف ملحق هذه الدراسة.
فقدان الحساس بالمن والتاه
رغم أهية الانب القتصادي ،فإنه ف حد ذاته ل يعن الكثي ،إذ يكتسب أهيته من تأثيه
على وجدان السرائيليي وعلى رؤيتهم ،ومن َثمّ على سلوكهم .وكي نفهم هذا الانب من
أثر النتفاضة على التجمّع الصهيون علينا أن نتجاوز تصريات شارون الشيطانية والغارات
الهنمية الت تشنها الطائرات الصهيونية والذابح الدموية الت تُدبرها آلة القمع الصهيونية ضد
الفلسطينيي ،والملت الرهابية الت تقوم با القوات السلحة الصهيونية ،والكاذيب
الصقولة الت تروج لا آلة العلم الصهيونية ،فلنتجاوز كل هذا وصولً إل استجابة الستوطن
الصهيون لا يدث من حوله .فالستوطنون يطالعون الصحف السرائيلية الت تستخدم كثيا
من الصور الجازية والعبارات الوجزة الدالة الت تنقل لم القيقة كاملة .فالنتفاضة ،حسبما
جاء ف الصحف السرائيلية ،ليست مرد هبّة بل هي (حرب استناف) أغرقت إسرائيل ف
(لة من الدماء) (هآرتس 2002 /2 /1م) وأدخلتها ف (دائرة دموية) (يديعوت أحرونوت
2002 /1 /29م) ،إنا (رقصة الوت) ومباراة (بينج بونج مرعبة) (يديعوت أحرونوت
2002 /1 /29م) ،تسبّبت ف فيضان (أنار الدم) (إعلن رافضي الدمة العسكرية،
هآرتس 2002 /2 /8م) .كما أدّت إل الغوص ف مياه راكدة ،وإل الغرق ف (الستنقع
الذي غرقت فيه قواتنا بدءا من الثمانينيات) (ف إشارة للمستنقع اللبنان) .وتشي الصحف
السرائيلية إل العام الول للنتفاضة بأنه عام (مضرج بالدماء) (معاريف /2 /10
2002م) .وأنه (السوأ ف تاريخ إسرائيل ف كل ما يتعلق بواجهة الرهاب) (معاريف /11
2002 /2م) .وقد وصف أحد الكُتّاب الوقف بذه العبارة الدالة( :صغية هي السافة بي
الوف والذعر ،والمهور السرائيلي يعيش بي هذا وذاك) (معاريف 2002 /2 /10م).
ولنتخيّل الستوطن الصهيون وهو يقرأ كل هذه العبارات ث يطالع عدد صحيفة
اليوساليم بوست يوم 18تشرين الثان (نوفمب) 2001م ويتعرف على قضية ذلك
الستوطن السرائيلي الذي نزح عن إسرائيل واستوطن ف الرجنتي وحل النسيتي
السرائيلية والرجنتينية .وحينما عرض على زوجته أن تلحق به ف وطنه الديد هي وابنها
رفضت ،فقام باختطافه .وحينما رفعت الزوجة قضية تطالب باسترداد ابنها ،حكمت الحاكم
الرجنتينية لصاله ،باعتبار أن إسرائيل مكان غي آمن ،ومن ث غي صال لتنشئة الطفال .ل
شك ف أن هذا الستوطن سيُصاب بالوجوم ،لن هذا سيذكّره بوضعه المن .فهو قد طالع
من قبل هذه الرسالة الفتوحة الت كتبها جندي احتياطي إسرائيلي (ونشرت على موقع
صحيفة يديعوت أحرونوت 29آب (أغسطس) 2001م ،ونقلتها عنها الصحف السرائيلية
الخرى) .والت قال فيها بكل صراحة:
أخاف من الوت ،بل سبب كالبله على الرمال النتنة السماة قطاع غزة ..ل أعرف أن أطي
عندما يطلقون عليّ النار ..عدت من النتفاضة الول ،ومن حرب لبنان ،ومن النتفاضة
الثانية .عدت بالة جيدة ،بحض الصادفة ..ل أؤمن بالعجزات وبالظوظ ،ول أعتقد أن
لكل طلقة عنوانا ،لكن أنا أيضا ليس ل عنوان ..إذا ما مت فسأموت كالبله .أبله ل ينتبه له
أحد .أبله إحصاءات .أبله عائلة ثكلى ..أشعر بأن أولئك الالسي ف أبراجهم العاجية أيضا
ل يتابعون إطلقا ما يدث ل ولكتيبت ،وربا لنا جيعا .أشعر بأنم ل يعيوننا انتباها..
وأسأل نفسي ما إذا كنتما ،أنتما الالسان ف برجيكما العاجيي ،رئيس حكومت ورئيس
أركان ،تعرفان فعلً ما الذي يب عمله كي أتكن من العودة إل البيت .وقبل هذا وذاك،
أرجو أن تبيّنا ل أنكما معنيان ..بوف من الوت كالبله؛ ذلك بأنه ل يعد من المكن أن
تقنعان بأنه جيد أن نوت من أجل بلدنا ..ف غزة.
وهو سيسمع النكت الشائعة الن ف إسرائيل ،إذ يقول مستوطن لصديقه( :سأحضر إل
منلك بالتوبيس ،وأمنيت أن أنح ف ذلك) (اليوساليم بوست 2002 /1 /1م) ،فأبسط
المور مثل رحلة التوبيس ،أصبحت مسألة مفوفة بالخاطر.
وبعد أن تولت الستوطنات إل مسرح للخوف والرعب ،كتب يهودا جولن ساخرا:
(يارس سكان مستوطنة جيلو تسلية جديدة :مشاهدة إطلق النار ..يستعدون كل مساء
للعرض اليومي الجان الاص بالضاحية) (معاريف 2000 /11 /17م).
وسيقرأ هذا الستوطن الصهيون ف صحيفة هآرتس ( 2كانون الول (ديسمب) 2001م)
أن (ايت فحيمة ،الستوطنة الصهيونية قُتلت السبوع الاضي ،وأن زوجها كان قد أصيب [من
قبل] بصورة بالغة ف عملية شُنت بانب بيتها ف أحد الستوطنات ،وأن أولدها الربعة
أصبحوا أيتاما من أمهم الن)،
والصورة العامة ف التجمّع الصهيون قاتة لقصى حد .ففي مقال ليغئال موسكو (يديعوت
أحرونوت 2002 /3 /11م) تدث عن الصمت الذي يلف الدينة (ل توجد سيارات،
وحت الشاة القلئل يفضون أصواتم .كل الدينة كوادي الشباح) .وحاول الكاتب أن ينقل
لنا حديث أهل الدينة:
باستثناء العمل أنا ل أخرج من البيت منذ أربعة أشهر .ل إل الجمع التجاري ول إل
القهى ..كان الجمع التجاري خاويا ياأخي وخصيت كانت ف حلقي .أنا ل أسافر وحدي
ف الليل ،لنم أطلقوا النار عدة مرات على الشارع ،وأنا ل أسح لبن أبدا أن يرج من
الي .قولوا ل أية حياة أعيشها ،حي أعرف أن ابن يركب سيارة عابرة عائدا إل البيت.
الن كنت أنا نفسي أزور الصدقاء ليلتي على القل ف السبوع ،إل أن أطلقوا النار على
جاري الذي كان يسافر بالضبط أمامي على الشارع.
ث يعلّق كاتب القال على هذا بقوله:
ليس هناك ملذ ف هذه البلد .العصاب متوترة ،ووصلت لدى البعض إل حد النفجار،
ورغم ذلك سيطرت سالبية غريبة على الميع .الناس ينظرون إل حجم الدم اليومي كقضاء
وقدر .تاما مثلما ينظر البائسون ف بنجلدش إل الفيضانات .يدخلون ف سياراتم بعد
العمل ،يصغون إل الراديو الذي تول إل بيان لعلنات النازات .يصلون البيت ويغلقون
الباب .يتفظون بالولد قريبا جدا منهم.
ول تتلف الصورة الت يرسها سيما كرمون ف مقال له ف يديعوت أحرونوت (/4 /2
2002م) عن الصورة الت رسها يغئال موسكو بل ربا تكون أكثر قتامة:
هذه أيام عصيبة للمواطن العادي .أيام منونة .ل يسبق لبيت إن كان مصنا مثل هذه
اليام .البيت هو الصن .إنه غرفة عمليات .مع الواتف ،التليفزيون ،والتأكد من أن الميع
على قيد الياة .الوسادة هي كيس رمل .الغطاء هو سور إسنت .رائحة الربيع تطرق النوافذ،
رائحة البتقال ،رائحة الياسي ،ولكن اليدي خاوية والرجل ثقيلة ل تقوى على الروج.
هذه أيام منونة .تنهض ف الصباح مع أل اليوم التال ولظات الوف قبل أن نفتح الذياع
لنسمع عن اليوم السابق .ندخل ف يومٍ جديد مع خوف بأن ل يعود إلينا الميع .المور
بسيطة ،اليومية ،يب أن نفكر مرتي ،ثلث ،أربع قبل أن نفعلها .هل نرج مع الكلب .أن
نتوجه إل البقالة ،أن نسافر ف الافلة للعمل .أن نذهب للتسوق .أن نلس ف القهى .أن
نرسل الولد للمدرسة .كل شيء يُدرس بإمعان .كل سؤال بسيط بات مشكلة وجودية..
هل نن حقا ف حاجة اليوم لشراء الليب ،أل يكن النتظار ليومٍ واحد؟ ومن أجل ماذا
نذهب إل القهى ،ما دام كل شيء ف البيت لطيفا .والتسوق يكنه النتظار ،والولد يكن
أن يستقلوا سيارة عمومية ،وثة وقت لفل الزفاف ،لسنا مضطرين لشراء فستان اليوم
تديدا .وبصورة عامة ليس من الهم أن نشاهد هذا الفيلم فبعد وقت قصي سيُوزع ف أشرطة
فيديو ومن له رغبة الن لضور العروض السرحية ،ومن أصلً يفكر الن بارج البلد ف
الوقت الذي يدم فيه ابنه ف الناطق.
ونن ننظر إل الولد وقلوبنا تتقطع .ف إجازات عيد الفصح السابقة كانوا يتوقون
للخروج من هنا ،الروج إل الارج ،ولكن كل ما يريدونه الن هو البقاء ف البيت من أجل
أن نراهم طوال الوقت.
وقد ظهر ف إسرائيل ما يسمّى (حضارة البقاء ف النل) ،وهي أن الناس يفضلون البقاء ف
النل ،ول يذهبون إل الطاعم إل نادرا ،ولذلك فمعظم الطاعم فتحت خدمة تيك أواي.
وحت حينما يذهبون إل مطعم ل يلسون ف الوائد الت توجد ف وسط الطعم ،بل يفضلون
اللوس وراء العمود .وتبدأ علمات الراحة تظهر عليهم ،كما لو كانوا ياولون كبت أية
ماوف بداخلهم .ولكن (بانج) تنفجر إحدى البالونات فينتفض كل من ف الطعم هلعا
ليتذكر الميع أنم ليسوا ف مطعم عادي ول ف بلد عادي .وهكذا ف لظة دالة حطمت
الضوضاء واجهة الدوء (مارتن آسر أون لين 2002 /3 /26م .).B.B.C
وقد أكد يوئيل ماركوس ف هآرتس (2001 /11 /13م) (القيقة الرة أننا ل ننجح ف
تصفية الرهاب ودحره بالقوة) بل إن الفلسطينيي نحوا ف زرع الرعب ف صفوفنا ..وفشلنا
ف إخافتهم) وأكب دليل على ذلك( :أن الوزير دان نفسه وأبناء عائلته أخلوا بيتهم ..خوفا
على أمنهم ،وذلك بناء على نصيحة جهاز الشاباك (جهاز المن الداخلي) ..وقال رعنان
كوهي ،عضو العارضة ،إن الوضع خطي جدا (أنا أنظر بطورة بالغة إل الوضع الذي ل
يستطيع فيه الوزراء أن يتجولوا برية داخل الط الخضر ،وإن ل نشعر نن الوزراء
بالطمأنينة ،فكيف سيشعر المهور) .واستمر كاتب القال ف القول:
إناز الفلسطينيي ل يكمن ف إخافة وزير ف إسرائيل.
إنازهم القيقي يكمن ف أنم وضعوا علمة على كل الستوطني والسرائيليي كأهداف،
وألقوا الذى باقتصاد إسرائيل وبالسياحة الوافدة إليها ،وزرعوا من خلل أعمالم الرهابية
أجواء من الوف والزع ف الوقت الذي ل تنجح فيه إسرائيل ف زرع خوف مشابه ف
أوساطهم.
لكل هذا ليس من الغريب أن أحد استطلعات الرأي ف صحيفة معاريف وصف الوضع
السائد ف إسرائيل بأنه يسوده (ارتباك شديد ،وحية تزداد تعاظما .فالمهور يتراكض بذعر
من هنا إل هناك ،وهو على استعداد للمساك بكل قشة تقع ف طريقه من أجل ماولة
التخلص من هذا الوضع ،حت لو كان ذلك بقول الشيء ونقيضه .فهو يريد هذا وذاك:
الفصل من طرف واحد ،والتوصل إل اتفاق .الوار مع القيادة الفلسطينية وكذلك تدميها،
والتحاور مع العرب ف الناطق الحتلة ،وأيضا بنسبة تأييد ملحوظة طردهم إل الدول العربية
الجاورة).
ويكتب حيمي شاليف ف معاريف:
إن أخطر ما ف المر ،هو ذلك الحساس العام بأنه ل أحد ف البيت ،وأن السفينة تتز ف
بر عاصف ،وأنه ل تعد لدى قبطان السفينة أية أفكار أخرى .ل ف اليدان السياسي ،ول ف
اليدان القتصادي الجتماعي .وثة تقدير سائد بأن القيادة الوطنية فَقَدت سيطرتا على
الحداث .وهذا وضع متطرف ،يكن أن يقود أيضا إل البحث عن حلول متطرفة.
وثة إحساس عميق بفقدان التاه (فشارون ليس لديه تكتيك فقط .البدأ البسيط :أن
نصمد؛ أل تطرف لنا عي؛ أن نقلل الضرار؛ أن نتماسك عندما تقع كارثة؛ أن نضي قدما.
إل أين؟) (معاريف 21أيلول (سبتمب) 2001م) .وقد أكد سيماكرمون العن نفسه ف
يديعوت أحرونوت (2002 /4 /2م) حي قال :إن القيادة السرائيلية ل تعرف ماذا يب
فعله (فوراء الصمت ل توجد خطة ..ونن ل نعرف إل أين نسي فهم أيضا ل يعرفون).
وف ظل ارتفاع السائر البشرية مع استمرار النتفاضة زادت معدلت الوف والقلق بي
السرائيليي بصورة مطردة خلل الشهور الثلثة الول من النتفاضة.
***
معدلت الوف
منتصف تشرين مطلـع تشرين مطلـع تشرين
الشهر
الول (أكتوبر) )الثان (نوفمب الول (أكتوبر)
الشعور بالوف على المن
78% 68% 57%
الشخصي أو أمن البناء عام 2000م
***
الطرق اللتفافية
ومن أهم علمات سقوط الجاع الصهيون بصوص الستيطان موقف مستوطن عام
1948م من الطرق اللتفافية .ومن العروف أن الستوطني الصهاينة ادعوا أن فلسطي أرض
بل شعب ،وأنم جاؤوا لكتشافها ولصلحها ،ولكنهم بدلً من ذلك اكتشفوا أن فلسطي
أرض ليست عامرة بسكانا وحسب ،بل إن سكانا هؤلء مصممون على مقاومتهم وعلى
النتفاضة ضدهم الرة تلو الرة ،وأخيا على خوض العارك العسكرية ضدهم.
ويبدو أن ضغط الواقع على الوجدان الصهيون اضطرهم إل تعديل شعارهم ،فبدلً من
شعار (أرض بل شعب) أصبح شعارهم (أرض لشعب بوسعنا الستيلء عليها ،والستيطان
فيها دون رؤية أصحابا) .ومن هنا كانت الطرق اللتفافية ،وهي طرق تشقها الدولة
الصهيونية تربط الستوطنات بعضها ببعض بعيدا عن الناطق السكنية العربية ،فيتم تديد طرق
ترابية قدية وشق أخرى ،إضافة إل فتح طرق سريعة تترق مناطق الضفة الغربية الأهولة
بالسكان من الشمال إل النوب عب وادي الردن ،بيث يصبح الستوطنون الذين يعيشون
وسط القرى والدن العربية قادرين على التحرّك دون أن يضطروا إل مواجهة الفلسطينيي.
ومن َثمّ يكن القول :إن الطرق اللتفافية تشكل سياجا أمنيا حول الستوطنات ،وف الوقت
نفسه توّل التجمّعات الفلسطينية إل ثلثة كانتونات منعزلة ف شال ووسط وجنوب الضفة
الغربية ماصرة بالستوطنات والطرق اللتفافية والنشآت العسكرية ،با يضمن للدولة
الصهيونية السيطرة المنية على تلك الناطق .وكل هذا يؤدي إل اليلولة دون إقامة دولة
فلسطينية ذات كيان متكامل ،والعمل على جعل هذه الدولة جزرا مترامية الطراف غي
متصلة.
كما أن الطرق اللتفافية هي إحدى آليات التوسع الصهيون ،إذ يتم الستيلء على معظم
الراضي اللزمة لبناء هذه الطرق من خلل أوامر وضع اليد بدعوى الضرورة المنية (ما
يعل الُلّاك الفلسطينيي غي قادرين على الحتجاج ضدها) ،ووضع اليد هذا هو إجراء أوّل
يهد للمصادرة النهائية.
وتؤدي هذه الطرق إل إتلف آلف الدونات من الراضي الزراعية ،وتدمي مئات النازل
وإلاق خسائر فادحة ،لن هذه الراضي مزروعة بكثافة بأشجار الزيتون ،المر الذي يؤدي
إل تدمي مصدر رزق العائلت الفلسطينية الوحيد .كما يؤدي شق هذه الطرق إل إعاقة نو
القرى الفلسطينية ،والد من قدرة البلديات الفلسطينية على توسيع الدمات البلدية.
ول تُبن الطرق اللتفافية بشكل عشوائي أو تلقائي ،وإنا هي جزء من الخطط الستيطان
الصهيون العام .وقد بدأ تشييد الطرق اللتفافية بشكل عملي ف بداية المر مع الستيطان
الصهيون ،ومع ظهور أشكال من القاومة الفلسطينية تصاعدت وتية تشييدها ،ث بدأت
تأخذ شكل مطط استيطان .ففي عام 1944م (أثناء حكم حزب العمل) أعلن اليش
السرائيلي نظاما متكاملً من الطرق اللتفافية .وقد بلغ عدد هذه الطرق عام 1996م حوال
عشرين طريقا تغطي 400كيلو متر ،ولكنها وصلت ف الوقت الال (آذار (مارس)
2002م) إل 1275كيلو مترا.
ول يزال شق الطرق اللتفافية مستمرا على قدم وساق ،وقد ُخصّص 150مليون شيكل
لنشاء طرق التفافية جديدة ،ولكن زئيف شيف (هآرتس 2002 /2 /15م) بيّن أن إجال
البلغ الذي يُنفق على شق الطرق اللتفافية هو ف واقع المر 228مليون شيكل ،لن بعض
النشاءات بدأت عام 2001م ،وبيّن زئيف شيف أيضا أن إسرائيل أنفقت على الطرق
اللتفافية منذ اتفاقات أوسلو أكثر من 1.25مليار شيكل ل تندرج ف ميزانية وزارة الدفاع
ول ف ميزانية وزارة العمل بل بالحتياطي الال لدى وزارة الالية ،وكل صرف على طريق
التفاف مسجل كنقطة نظام مالية منفصلة .وهكذا تتفي عن ناظر المهور الصروفات
الكبى على الطرق اللتفافية ،ومعها أيضا عملية اتاذ القرارات ف هذا الوضوع الام.
والعائد القتصادي من هذه الطرق اللتفافية ضعيف إن ل يكن منعدما .وقد كتبت
الصحف السرائيلية عن (الطريق الوسيقي) ،وهو طريق التفاف شُيّد خصيصا لطفل ف إحدى
الستوطنات الصهيونية كان يريد أن يأخذ دروسا ف عزف الكمان ف مستوطنة أخرى،
وبطبيعة الال كان ل يريد أن ير من القرى العربية ،فشُيّد له هذا الطريق الوسيقي خصيصا.
وقد نشرت جريدة معاريف (2002 /3 /24م) خبا عن ذلك الستوطن الصهيون الذي
كان ل يريد السفر إل عمله عب الطريق اللتفاف والكثر أمنا ،لذلك وضع اليش دبابة
وعدة جنود ليافقونه ف ذهابه وإيابه ،وتر هذه القافلة عب قرى عربية مزدحة بالسكان ،وكل
ذلك من أجل أن يصل الشخص بسلم إل عمله ،من خلل الطريق الت تعجبه،
ولكن انتفاضة القصى فضحت أكاذيب الصهاينة وبدّدت أوهامهم .فالشعب الذي غُيّب
من خلل الطرق اللتفافية عاود الظهور على شاشة الوعي الصهيون ،وإذا كان قد ظهر عام
1987م وهو يمل حجرا ،فإنه يظهر هذه الرة وهو أكثر عزما وإصرارا ويمل مدافع
الاون وصواريخ القصى والقسام الصنوعة مليا .وهم ل ينوون مضايقة الستعمِر وحسب،
وإنا ينوون طرده ،ولذا فهم يهاجون مستوطناته وطرقه اللتفافية ،ويرسلون رسائل مسلحة
إل الستوطني مفادها أن عليهم الرحيل عن أرض الفلسطينيي.
وقد علّق زئيف شيف على السرعة الستيية الت تشيّد با الطرق اللتفافية ف زمن
النتفاضة والرب ،فطرح ثلثة احتمالت تفسّر سلوك حكومة شارون :الول هو أن هذه
النفقات تعبّر عن النية ف عدم إخلء الضفة الغربية أبدا ،وكل الباقي هو ذر للرماد ف العيون.
والحتمال الثان هو أنم قرروا تشييد شبكة طرق للدولة الفلسطينية الت ستقوم ف الضفة
الغربية ،على أن يقوم دافع الضرائب السرائيلي بتمويلها .والحتمال الثالث هو أن هيئة
السلطة ف إسرائيل تلكها الشيطان ،دون أن يستطيع أحد وقف مسية السخافة .وتصل
السخافة إل درجة الكوميديا حي تعرف أن الكومة الصهيونية تنشئ طرقا التفافية حول
الطرق اللتفافية .وهكذا توّلت أحد الرموز الصهيونية الستيطانية إل نكتة.
ومن رموز الستيطان الخرى الت سقطت بفعل النتفاضة حواجز التفتيش الت أقامها
الستعمِر السرائيلي .والدف العملي الباشر من هذه الواجز هو الفاظ على أمن إسرائيل،
خاصةً الستوطني .ولكنه على مستوى آخر تشكل الواجز جوهر سياسة العقاب الماعي.
فهذه الواجز تضطر مئات الفلسطينيي للوقوف أمامها ساعات ،وبالتال تول الرحلة الت
تستغرق 20دقيقة إل رحلة طويلة تستغرق ساعات ،فكأن الواجز مثل الطرق اللتفافية
تساهم ف تقطيع أوصال الدولة الفلسطينية .وبسبب ساعات النتظار الطويلة يفق كثي من
الفلسطينيي ف الوصول إل أعمالم أو الستشفيات ،ما يؤدي إل حالت وفاة وإجهاض
كثية.
وكان هناك هدف رمزي -كما يقول ميون بنفنست (هآرتس 2002 /3 /7م) -هو
أن تكون الواجز رمزا للسيطرة ،فالسلطة الستعمارية تقوم دوما على أساس غطرسة بضع
عشرات اللف من النود يسيطرون على حياة الليي ف ظل استخدام الد الدن من
القوة ،وبالستناد إل قوة الردع .فحواجز التفتيش ليست سوى معرض ،يؤكد من بيده القوة
سيطرته على الحكومي ،بل والتسبّب ف موتم ،بدون استخدام القوة القيقية تقريبا ،بل من
خلل الستناد إل ماوف الحكومي ،وموافقتهم بالكراه على العمل وفقا لقواعد اللعبة الت
يليها وكلء القوة .وكان من الفروض أن يصطف ألوف الفلسطينيي بضوع وصمت ف
الطوابي التعرجة بي مكعبات السنت وأن ينحنوا بي النود.
والواجز ترتبط برباط عميق بالستوطنات وبأمنها وبطرق الوصول إليها .فعقلية مقيمي
الواجز ،الت تقوم على أساس الوقف الستعماري من الفلسطينيي ،هي العقلية ذاتا الت
أقامت مشروع الستوطنات ،الت تستند إل تصور خلود بؤس الفلسطينيي ودونيتهم .هذه
هي قواعد اللعبة ،وقد صمدت السلطة الصهيونية طالا وافق الحكومي على التصرف وفقا لا
يُملى عليهم .ولكن النتفاضة غيّرت هذا (فقد تطمت قواعد اللعبة) (كما يقول بنفنست)،
وأصبحت الواجز هي نقطة الحتكاك الساسية بي جيش الحتلل والسكان الثائرين،
وتوّل الاجز من مثل للسيطرة إل معقل للتمرد .ويتنبأ كاتب القال (أن مئات اللف من
الفلسطينيي الواقفي ف الطوابي التعرجة بي مكعبات السنت سيفضون المتثال للوامر أو
النصات إل التعليمات .عندئذٍ سينهار نظام الواجز تاما مثل مشروع الستيطان ،لن
الحوال تغيّرت :فالفلسطينيون هم الذين يديرون اليوم التمرد ضد الواقع ،ول يضعون
للمفاهيم العقلنية لعلقات القوى الت تتنبأ بفشلهم).
ومن الشواهد الخرى على تساقط الجاع الصهيون تت ضربات النتفاضة فكرة
الفصل بي فلسطي الحتلة قبل عام 1967م وفلسطي الحتلة بعده .وقد وصف أمنون
دنكنر (معاريف 2002 /3 /29م) الالة النفسية الت أدت إل ظهور فكرة الفصل ف مقال
بعنوان (جدار الن) قال فيه:
شوارعنا مقاهينا ،حافلتنا ،منازلنا مترقة ومكشوفة أمام الخربي النتحاريي .الشاباك
(جهاز المن الداخلي) يأت بالعلومات واليش والشرطة يرسون ،يبادرون ،ييطون ،ولكن
كل الهود تذهب هباءً لنه يوجد ف شبكتنا المنية ثغرات كبية جدا والخربون يواصلون
التسلّل والوصول والتفجي والقتل .إل مت ل نفهم أن علينا أن ندافع عن أنفسنا ،وأن
نتحصن ونمي حياتنا .ثة وسيلة واحدة فقط لذلك هي الفصل بوساطة جدار.
وقد تبدت فكرة الفصل هذه فيما يسمّى خطة (تغليف القدس) الت اقترحها شارون ،وهي
تطوير لفكار ومقترحات بدأت منذ سنوات طويلة .فمنذ حوال عقد من الزمان ،وبعد مقتل
أحد الطفال السرائيليي ،أقيم جدار على طول شارع برزان ،ولكن هذا الدار ل يوفر
المن السدي القيقي لسكانه ،ولكن غرس فيهم الحساس بالمن .وأقيم جدار آخر منذ
سنوات طويلة بي حي النب يعقوب وضاحية البيد ،وف أماد طور القرية اليهودية العربية
(هآرتس 2002 /1 /29م) .ث انتهى المر بوقوع القدس داخل عدة أحزمة استيطانية.
ث ظهرت خطة (الغلف) والت تقضي ببناء جدار طوله 11كيلو مترا ف جنوب الدينة
يضم حي جيلو جنوبا ،والي الديد النوي إقامته (هارموحا) و (بسكات زئيف) و (النب
يعقوب) شالً إضافة إل (جعفات زئيف) و (راموت) غربا ،وذلك لفصل الدينة عن قطاع
بيت لم .وتنص الطة أيضا على حفر خنادق وإقامة حواجز وأبراج حراسة ونقاط مراقبة
ووضع كاميات فيديو على طول خط التماس الحاذي لدينة القدس ،واستخدام وسائل
تشخيص متطورة مثل الجسات الرارية وأجهزة الرؤية الليلية ووسائل لسلكية وزيادة حجم
قوات ما يسمّى (حرس الدود) .ومن التوقع أن تتكلف الطة أكثر من 52مليون دولر،
ويفترض أن تتخذ هذه التدابي على امتداد حدود بلدية القدس با فيها القطاع الشرقي الذي
احتلته إسرائيل عام 1967م ،وهذه الطة الديدة تعل حركة تنقل السكان الفلسطينيي بي
رام ال إل بيت لم إل القدس أمرا صعبا( .القدس 2002 /1 /30م).
ويعلّق أحد جنرالت جيش الدفاع السرائيلي قائلً إن هذا الغلف يعل شارون (كمن
ضرب 3طيور بجرٍ واحد) لنه يقق الهداف الثلثة الساسية لشارون ،وهي:
- 1إثبات رؤيته الدفاعية عن القدس.
- 2إحياء فكرة القدس الكبى من باب خلفي (المن).
- 3إجهاض الوجود الفلسطين التنامي ف أبو ديس.
وتُعدّ أبو ديس واحدة من أكثر من 20قرية خضعت للتقسيم بعد احتلل شرق القدس
(وهو ما يُسمى (القدس الشرقية) عام 1967م على أساس أن تظل الناطق ذات الكثافة
السكانية العالية خارج الط الخضر .وعلى مدار العوام القليلة السابقة استطاع
الفلسطينيون تويل أبو ديس إل مركز قوة لم بدءا من إنشاء برلان إل إقامة مؤسساتم
الحلية والمنية ،حت إن تأثيهم امتد إل الانب السرائيلي من القرية ،حيث ل يكن هناك
وجود حقيقي سواء ليش الدفاع أو الشرطة السرائيليي حت أنه اقتُرح ف وقتٍ ما ،إقامة ما
ساه (يوسي بيلي) وأبو مازن (القدس الثانية) .لكن الوقف انعكس تاما بعد ميء شارون
برؤيته السياسية الت تقف جنبا إل جنب لرؤيته العسكرية ..فاليوم انتهى تاما الوجود
الفلسطين ف أبو ديس وأُعيد انتشار جيش الدفاع السرائيلي مرةً أخرى( .هآرتس /2 /27
2002م).
ويدرك الانب الفلسطين خطورة هذا التقسيم والتهويد غي العلن ،حيث سينتهي المر
بإحكام إسرائيل سيطرتا على مساحة كبية من القدس ،بالضافة للقدس القدية كاملةً
(حيث صادرت إسرائيل %33من مساحة شرق القدس ،وجدت %40بُنيت عليها
مستوطنات ،وبذلك أصبح نو %73من الساحة تت السيادة السرائيلية الكاملة) ومنح
السلطة الفلسطينية عدة قرى فلسطينية صغية متفرقة تفصل بينها مستوطنات إسرائيلية ،ومن
َثمّ اعتبار ذلك حلّا نائيا للف القدس الشائك.
ومع هذا ،وعلى الرغم من الماس الذي قوبلت به خطة الغلف ف الدوائر السرائيلية فإن
بعض مسؤول المن يرونا مكلفة للغاية ،وتشكل عبئا جديدا على القتصاد السرائيلي ،وأنا
-علوة على ذلك -غي كافية لتحقيق أمن الشعب السرائيلي وتفادي الجمات من خارج
القدس .ولذا فعملية تغليف القدس ستنضم إل عشرات من الرموز الستيطانية الخرى ،الت
سقطت بعد أن ثبت فشلها .بل إنه يكن القول :إن هذه العملية بالذات هي تعبي عن فشل
أعمق ،فهي تتضمن اعتراف بضرورة تقسيم القدس ،وهو ما يتناف مع الجاع الصهيون.
***
رفض الدمة العسكرية
من أهم آثار النتفاضة ،انتشار ظاهرة رفض الدمة العسكرية والفرار منها ،وهي ظاهرة
جديدة /قدية ف الجتمع السرائيلي ،قدية من حيث إن التجمّع الصهيون عرفها من قبل عدة
مرات ،كان آخرها أثناء احتلل جنوب لبنان .وهي جديدة من حيث إنا ظهرت مرةً أخرى
استجابةً لتصاعُد القاومة الفلسطينية ف النتفاضة الالية .وظاهرة رفض الدمة العسكرية
مرتبطة بظواهر أخرى مثل النصراف عن الدمة العسكرية والفرار منها.
وأحدث تليات هذه الظاهرة وأكثرها حدة حركة (الشجاعة ف الرفض) الت بدأت بأن
أصدرت مموعة من 50ضابطا وجنديا من جنود الحتياط ،وبعض ضباط ف تشكيلت
الظلت وغيها من الوحدات الاصة ،بيانا تعلن فيه عن عدم استعداد الوقعي على البيان
للخدمة ف الضفة الغربية .وقد بدأ البيان بتأكيد أنم (صهاينة ملصون) ،وأنم كانوا من
الوائل ف الدفاع عن إسرائيل ،إل أن الوامر الت يتلقونا الن ل تت لمن الدولة بأية صلة،
أي إنم يرفضون التصور الصهيون للمن السرائيلي الذي يتد من النهر إل البحر ،والذي
يضم كامل تراب فلسطي .ومن َثمّ فاليش السرائيلي ف الضفة ،بالنسبة لم ،هو جيش
احتلل لن (الضفة الغربية ليست إسرائيل) .ولذا فهم يعلنون أنم لن (يشتركوا فيما يسمونه
حرب سلمة الستوطنات) ،وأنم لن يواصلوا (القتل خلف الط الخضر ،بدف السيطرة
والطرد والدم والغلق والتصفية والتجويع والهانة لشعب بأكمله) (يديعوت أحرونوت
2002 /1 /30م).
وحركة رفض الدمة العسكرية ،ف وقت تعاظمت فيه القاومة ،تشكل خطرا حقيقيا على
القدرة العسكرية السرائيلية .فهي تسمم اليش السرائيلي من الداخل ،وتؤدي إل خفض
الساهة الكمية ف الهد العسكري (ناحوم يرنباع ،يديعوت أحرونوت 2002 /1 /28م).
وتتميّز حركة رفض الدمة ،بأنا ليست مرد فعل فردي أو حت اتاه تلقائي عام ،وإنا
عملية جاعية منظمة وضعت هدفا واضحا لا :الضغط على الكومة السرائيلية للنسحاب
من الراضي الحتلة بعد عام 1967م .وقد قال أحد الرافضي :إنه إن وصل عدد الوقعي إل
500سيكون على الؤسسة أن تتار بي الحتلل وجيش الدفاع (هآرتس /1 /31
2002م) .وقد لحظت صحيفة الندبندنت البيطانية (2002 /2 /1م) أن الركة (ثورة
متنامية) ،كما أكد أحد الكُتّاب ف يديعوت أحرونوت (2002 /1 /3م) أن (العصيان
الكبي سيأت) .أما يوئيل ماركوس (هآرتس 2002 /2 /29م) فقد قال :إن هذا التمرّد قد
يكون بسيطا ف بدايته ،ولكنه يكن أن يصبح عصيانا مدنيا وبداية الفوضى.
ويبدو أن هذه التوقعات آخذة ف التحقّق التدريي ،فقد ازداد عدد الوقعي حت وصل إل
حوال ( 420حت كتابة هذه السطور ف السبوع الثان من نيسان (أبريل) 2002م).
ولكن يب أن نضيف لم ما يسمّى (الرفض الرمادي) ،وهذا يضم أعدادا كبية من جنود
الحتياط الذين يلجؤون إل تأجيل الدمة العسكرية لسباب صحية ،أي إنم يتمارضون،
كما أعلن 400جندي احتياط أنم سيفضون الدمة إن ّت استدعاؤهم .ول شك ف أن
تربة جنوب لبنان (عام 2000م) ل تزال عالقة ف أذهان الميع ،فحينما تصاعدت القاومة
ضد جيش الحتلل تزايد عدد رافضي الشتراك ف العمليات العسكرية ف لبنان ،وعدد
الرافضي لحتلل اليش السرائيلي جنوب لبنان ،ما اضطر الؤسسة العسكرية والسياسية
الاكمة إل الرضوخ ف ناية المر وقررت النسحاب من طرف واحد .ول يوجد ما ينع
من تكرار هذا النمط.
وقد عقدت ملة نيوزويك (2000 /3 /18م) مقارنة بي ما يدث ف إسرائيل وما
حدث ف جنوب إفريقيا .فقد رفض النود أن يدموا مدن السود ،فاستجابت الكومة ف
البداية استجابةً عنيفة ،ولكن مع تصاعد مقاومة السود ازدادت حاجة الكومة لنود بيض.
فتزايد عدد النود البيض العترضي ،فحاولت الكومة أن تفف من حركة القاومة بطرح
أشكال بديلة للخدمة العسكرية .ولكن ف ناية المر اقتنعت الكومة بعدم جدوى سياسة
التفرقة اللونية ،وتفاوضت مع ثوار جنوب إفريقيا السود.
وبطبيعة الال فقد قُوبل موقف الرفض هذا من جانب جنود الحتياط السرائيليي
باستجابةٍ عنيفة من الؤسسة العسكرية .فقد رفض النرال شاؤول موفاز ،رئيس الركان،
عريضة الرفض .وقال :إن الرافضي ل يثلون ممل الضباط والنود الحتياط .ومع هذا يبدو
أن الؤسسة العسكرية تشى توقيع أي عقوبات على الرافضي حت ل تنتشر الظاهرة.
وقد تلقى الرافضون تأييدا كبيا من الماهي وبعض أعضاء النخبة ف التجمع الصهيون.
إذ تلقوا حوال ألفي خطاب على النترنت ،كان من بينهم %70من الؤيدين .كما حصلوا
على مساندة (عامي أيلون) ،الرئيس السابق للمن الداخلي السرائيلي وعميد سابق ف
البحرية السرائيلية ،الذي أعرب عن قلقه من قتل الطفال الفلسطينيي غي السلحي على
أيدي القوات السرائيلية .كما بدأت بعض المعيات العارضة للحرب ،والت كان قد خفت
صوتا ف مرحلة أوسلو ،مثل جاعة (ييش جفول) أي (يوجد حدود) ،ف النشاط والركة
مرةً أخرى .وقد لحظت ليلى جليلي (مراسلة هآرتس للشؤون الربية 2002 /3 /31م)
أن عدد النظمات الت تعتب رفض الدمة جزءا أساسيا من برنامها آخذ ف التزايد .وتشي
الكاتبة إل منظمات مثل (نشطاء الرسالة الثمانية) ،وحركة (مظهر جديد) ،و (تمع دعم
رافضي الضمي).
ولكن أكب تأييد غي مباشر جاء من ملس السلم والمن الذي يضم حوال ألف من كبار
قادة اليش والجهزة المنية السابقي ،إذ نادى الجلس بتبن خطة الفصل من طرف واحد،
وإخلء العشرات من الستوطنات ف الضفة والقطاع ،وإنشاء دولة فلسطينية على أن تتفظ
إسرائيل بغور الردن ومستوطنات جوش عتسيون وآرئيل والليل وكريات أربع ،ول تشي
الطة إل قضية القدس .كما أن أتباع حركة تعديل اليسارية اليهودية المريكية نشروا ف
السبوع الاضي بيان تأييد لرافضي الدمة العسكرية ف صفحة كاملة ف صحيفة نيويورك
تايز (هآرتس 2002 /3 /31م).
ولفهم أهية ظاهرة رفض الدمة العسكرية تدر الشارة إل أن الدولة الصهيونية عندها
جيش نظامي صغي ،لن الحتفاظ بيش نظامي كبي أمر مستحيل نظرا لصغر حجم الكتلة
السكانية وحاجة الدولة الصهيونية لليدي العاملة ،وهي تعوّض هذا النقص من خلل نظام
الحتياط .ولذا يتعي على جيع الستوطني الصهاينة تأدية الدمة العسكرية ،حيث يضي
الذكور ثلث سنوات من الدمة النظامية ،بينما تضي الناث 21شهرا ف هذه الدمة.
وبعد انقضاء هذه الفترة ،يتعي على الرجال ،وحت سن التاسعة والربعي ،قضاء فترة من
الدمة الحتياطية قد تتجاوز شهرا ف السنة (ل توجد ف إسرائيل خدمة مدنية بديلة للخدمة
العسكرية) .فالنود الحتياط ليسوا مرد قوة إضافية أو هامشية ،وإنا مكوّن أساسي جوهري
ف قوة القمع الصهيونية .وكما قال أحد العلّقي( :كل الشعوب عندها جيش ،إل الشعب
السرائيلي فهو جيش يتلك شعبا).
ويكننا الن أن نطرح السؤال التال :ما هي السباب الت أدّت إل ظاهرة رفض الدمة
العسكرية :هل هو استيقاظ ضمي الجندين؟ أم خوفهم من اللك؟ أم أن السبب هو أزمة
بنيوية حاقت بالتجمع الصهيون؟ إن تعنّا ف المر ،سنجد أن الدافع وراء هذه الظاهرة ليس
عنصرا واحدا ،وإنا هو مركب من كل هذه السباب ،ومن أهها تصاعد معدلت العلمنة
والمركة والتوجه نو اللذة ،وهي اتاهات تنامت ف إسرائيل بعد عام 1967م وأدت إل
توّل التجمّع الصهيون إل متمع الثلثة (الفيديو والفولفو والفيل) ،وإل ظهور (الروش
قطان) ،أي الستوطن التوجه نو اللذة ذو الرأس الصغي والعدة الكبية ،الذي ييد
الستهلك ول يؤمن بأية مثاليات أو إيديولوجيات ،با ف ذلك اليديولوجية الصهيونية .مثل
هذا الواطن ل يعرف كيف يضحي من أجل وطنه وكرامته ،فهو ملتف حول ذاته ،يريد أن
يزيد من معدلت استهلكه ورفاهيته ،وهو بالتال ينصرف عن الدمة العسكرية ،ويفر منها.
ومن العروف أن شارون طرح برنامج الد القصى الصهيون ،الذي يلتزم بعدم التنازل
عن غور الردن أو إزالة الستوطنات ،أو تقسيم القدس ،أو عودة اللجئي (معاريف /14
2001 /11م) ،أي إن خريطته متلفة تاما عن الريطة الفلسطينية .ث بدأ شارون بعد ذلك
يتحدث عن بعث الروح القدية :روح التقشف وتمل الشقات الت تسم الرواد الصهاينة.
وقال :إنه سيقود السرائيليي ف حرب ،بيث يكنهم دخول معركة تتد لعدة سني ،بل
وربا عشرات السني يردون فيها الصاع صاعي للفلسطينيي.
ولكن شارون (كما يلحظ جاكسون دايل ف الواشنطن بوست ف 2001 /9 /4م) من
القادة السرائيليي الذين فشلوا ف إدراك أن عقلية الكيبوتس القدية قد ولّت وذهبت ،وأنه
حل ملها متمع علمان مترف ،متمع (الاي تك) ،الذي لن يقبل سنوات طويلة من
الجمات النتحارية دون وجود أمل ف تسوية دائمة( .نقلً عن باري روبي اليوساليم
بوست 2001 /9 /16م).
وهذا ما لحظه أيضا إتيان هابر ،فهو يشي ف مقال له (يديعوت أحرونوت /2 /11
2001م) إل:
(إن جيش الفاة ف فيتنام الشمالية قد هزم المريكيي السلحي بأحدث الوسائل القتالية..
ويكمن السر ف أن الروح هي الت دفعت القاتلي وقادتم إل النتصار ..الروح تعن
العنويات والتصميم والوعي بعدالة النهج والحساس بعدم وجود خيار آخر).
ث يتساءل الكاتب :لاذا نتذكر ذلك الن تديدا؟ (لنه من الهم أن نقول لليهود :إنه ليس
الشاباك (جهاز المن الداخلي) وليس آرييل شارون ها اللذان ينتصران ف الرب ضد
الفلسطينيي وإنا هي الروح ..الروح نفسها الت ميزت دولة إسرائيل طوال سنوات جيل
كامل ومكنتها من القتال من أجل حياتا .الروح نفسها الت تبتعد عنا هذه اليام) .ويتم
هابر مقاله بعبارة دالة( :الكآبة تكتنف دولة إسرائيل .ليلة سعيدة أيها اليأس) ،وهي العبارة
نفسها الت اختارها عنوانا لقاله.
وقد أدى التوجه نو اللذة إل تراجع الروح الستيطانية الريادية القدية ،ولذا ينصرف
الستوطنون السرائيليون عن الدمة العسكرية ويفرون منها .وقد نشرت جريدة هآرتس (
2002 /2 /11م) أن اليش السرائيلي يفكر جديا ف إغلق الدرستي الثانويتي
العسكريتي ،لنما تفقان ف اجتذاب الطلبة ،كما أن نسبة خريي الدرسة الذين يلتحقون
باليش آخذة ف التناقص .أي إن الشباب السرائيلي يعزف عن الدمة العسكرية .وقد
تقدمت قيادة الشرطة العسكرية ،حسب قول الذاعة السرائيلية ،بطلب لزيادة مصصاتا
الالية من أجل إنشاء سجن حرب ،نظرا لتزايد عدد الفارين من الدمة العسكرية .وشارت
الذاعة إل أن السجون العسكرية (الاصة بالنود من رافضي الدمة والخالفي للتعليمات)
أصبحت متلئة ،وذلك للمرة الول منذ عدة سنوات .وقد بينت جريدة ديلي تلجراف
البيطانية (2002 /1 /13م) أن هناك 600جندي إسرائيلي متجزون ف السجون
السرائيلية عقابا لم على التهرب من أداء الدمة العسكرية.
ومع ذلك تظل ظاهرة الفرار من الدمة العسكرية هي أهم الظواهر الت تدّد الؤسسة
العسكرية .وحت نعرف أبعادها القيقية ،علينا أن نشي إل واحد من أهم إنازات الؤسسة
العسكرية السرائيلية ،وهو ناحها ف إقناع الجندين بعدالة القضية الصهيونية ،وأن إسرائيل
هي وطنهم الوحيد (وليس الرض الت ت اغتصابا من الفلسطينيي) ،وأن اليش السرائيلي
هو الذي يضمن لم ولهلهم ولشعبهم البقاء والمن والطمأنينة .وبا أن حق البقاء حق
إنسان مشروع أمكن للمؤسسة العسكرية أن تتوجه إل حس الجندين الدين واللقي
والقومي ،فمهمتهم القتالية ل تتناقض مع أنبل القيم النسانية ،أي الدفاع عن النفس ،وعن
الهل ،وعن الوطن .خاصةً وأن العلم السرائيلي أقنع الميع بأن الروب الت توضها
إسرائيل هي حروب دفاعية ل خيار للسرائيليي فيها ،فهي مفروضة عليهم فرضا ،من قوى
خارجية شريرة عدوانية .ولذا كان اليش السرائيلي الذي يضم الراضي ويقتل الناس ويرق
الخضر واليابس يسمّى (جيش الدفاع السرائيلي) .كما ظهرت شعارات مثل (طهر
السلح) ،أي سلح ل يُستخدم إل ف إطار أخلقي مض ،وليس إطارا عسكريا مضا.
وف هذا الطار أصبحت الدمة العسكرية وساما يُعلق على صدر الجندين ،وجواز مرور
لعلى الوظائف ولعضوية النخبة السياسية (وهذا نط متكرر ف كل اليوب الستيطانية الت
يستند بقاؤها واستمرارها بالضرورة إل قوة السلح) .وقد ساند كل هذا إطار إيديولوجي
متماسك وانتصارات عسكرية باهرة (بأقل السائر) حت عام 1967م.
ث توالت الضربات ابتداءً برب الستناف ،ومرورا برب 1973م ،وحرب لبنان،
وانتفاضة 1987م ،والنسحاب من جنوب لبنان ،وقد وصل هذا النحن إل قمته ف انتفاضة
القصى والستقلل .وقد أدى هذا إل اهتزاز صورة اليش ،وإل تراجع مكانته ،وتزايد
النتقادات الوجهة ضده ،كما أدى إل تزايد الوعي بي السرائيليي بأن فلسطي ليست
أرضا بل شعب ،كما أقنعتهم قياداتم .وبيّن تكرار الروب والعارك خارج حدود إسرائيل
والنسحاب والزائم ،أن الروب الصهيونية ليست حتمية ،وإنا هي حروب توسعية ،تتم
بحض اختيار الؤسسة العسكرية .كما أن الطار اليديولوجي الصهيون قد أخذ ف التآكُل،
ول تعد الصهيونية هي الرؤية الت تفسر للمستوطني الصهاينة حاضرهم (وماضيهم
ومستقبلهم) ،وإنا أصبحت عبئا يطرح عليهم حلما مستحيلً ،وهو حلم الستيلء على أرض
الغي والستقرار فيها دون قتالٍ أو منغصات.
وقد أصبحت الدمة ف اليش بالنسبة للكثي من السرائيليي عبئا اقتصاديا كبيا ،إذ
يُفصل كثي من الجندين من أعمالم بعد أدائهم خدمة الحتياط ف الوقت الذي يُعفى فيه
طلبة الدارس الدينية من الدمة العسكرية ،وتغدق عليهم العونات ليستأنفوا دراستهم.
ولكن أهم العوامل ،بطبيعة الال ،هو إحساس الجندين بأنه ل جدوى من الستمرار ف
الرب .وكما قال العلّق السرائيلي يوئيل ماركوس ف صحيفة هآرتس (/2 /19
2002م):
نن نستخدم الطائرات من طراز F16فوق غزة ،ونسقط قنابل زنتها طن (وهو ما يعادل 4
صواريخ سكود العراقية).
ويطرح قائد القوات شعار :كل صدام مع الفلسطينيي ل بد أن ينتهي بانتصار إسرائيلي .ومن
الواضح أنه فشل تاما ف تنفيذ شعاره هذا .ورغم أن اليش السرائيلي واحد من أقوى
جيوش العال ،فقد أصبحنا غي قادرين على الركة السريعة .فالعمليات العسكرية السريعة ل
تعد حكرا علينا ،إذ تعلّم الفلسطينيون كيف يفاجئوننا بعمليات رفيعة الستوى (كما يقول
التليفزيون السرائيلي) .فبينما نعد القنابل ،يرشنا إرهاب ف إحدى مراكز التسوق بدفعه .إن
سلح الفلسطينيي السري هو النتحاري التفجر ،ول يعد التطوع للقيام بالعمليات النتحارية
مقصور على التعصبي الدينيي .فالستشهاديون (هكذا ف الصل) يأتون الن من صفوف
فتح.
ومن أهم أسباب رفض الدمة العسكرية الخرى الوف من الوت ،وهذا الشعور موجود
عند كل البشر ،ولذا فكل الجتمعات النسانية ،وكل رؤى الكون تاول دائما أن تقدم
تفسيا لظاهرة الوت ،وكيف يكن للبشر التعامل والتصال معها .فالديانات السماوية
تتحدث عن عال آخر يتم فيه عقاب الذنب ومكافأة الثيب ،وما الوت سوى بوابة العبور
إليه .والعقائد العلمانية القومية تعد الرء بالستمرار (واللود) من خلل المة والرض
والوطن ،ولذا فالوت من أجل الوطن هو تضحية بالذات من أجل هدف أسى ،فهو ليس
بفناء كامل.
ولكن مع عدم وجود أي إطار دين أو إيديولوجي يصبح الوت ناية عبثية عدمية ،ويتزايد
الوف منه .وهذا ما يدث ف الرض الحتلة ،فالنود السرائيليون -ومعظمهم ،كما
أسلفنا ،علمانيون ل يؤمنون بالخرة ،ومتوجهون نو اللذة ،ل يؤمنون بأية مثاليات قومية -
ف حالة خوف شديدة من النتفضي ،فالنتفاضيون يدفعهم اليان بال وبالوطن ،أما الندي
السرائيلي ف الضفة الغربية فهو ل يؤمن إل بالرغبة ف البقاء .وقد ورد ف صحيفة يديعوت
أحرونوت (2000 /11 /10م) أن معدلت الوف بي الستوطني الصهاينة ف إسرائيل
بلغت %75ف مطلع تشرين الول (أكتوبر) 2001م ،زادت إل %86ف منتصف تشرين
الول (أكتوبر) ،ث إل %87ف مطلع تشرين الثان (نوفمب) .ول شك ف أن تصاعد
معدلت الوف مرتبط تام الرتباط بتصاعد متوسط السائر البشرية ف صفوف القوات
السرائيلية الت زادت ،كما أسلفنا ،من 5 - 4شهريا ف الفترة من عام 1992م إل عام
1995م ،وانفضت إل 3ف الفترة من عام 1999م إل عام 2000م ،ولكنها قفزت إل
17شهريا منذ عام 2001م ،أي إبان حكم شارون.
وقد اكتشف الندي السرائيلي أنه بالرغم من معداته القتالية الفائقة ،ومن التدريب
الكثف الذي يتلقاه ،فإنه أصبح صيدا سهلً ،وهذا يتضح ف نسبة النود والستوطني الذين
سقطوا صرعى ف العمليات الستشهادية (وهي العمليات الت صرح رابي بأنه ل يوجد رد
عسكري عليها).
وما يزيد من إحساس جنود الحتياط بعبثية موقفهم ،وعبثية التضحية من أجل (الوطن)
عدم اكتراث القيادة العسكرية بم .وكما جاء ف صحيفة معاريف (2001 /3 /23م) (قام
100ضابط ومقاتل بالحتجاج على انعدام الساواة ف توزيع العباء ،كما اشتكوا من نقص
الوسائل القتالية وانعدام الماية اللئمة ،وعدم تلقي التدريبات الكافية والتجهيزات اللزمة
لمايتهم ،واضطرارهم إل تأدية الراسة دون ارتداء السترات الواقية .ولذا انتشرت ظاهرة
جديدة ف أوساط اليش السرائيلي ،وهي قيام النود الذين لم إمكانيات مالية جيدة بشراء
سترات وخوذ دفاعية للدفاع عن أنفسهم .وقد كشفت الذاعة السرائيلية ف قناتا الثانية أن
هذه السترات الواقية تصل أسعارها إل 1200دولر للسترة الواحدة ،وأن هناك الكثيين
الذين يشترونا من بي جنود الحتياط ،كذلك هناك من هم على استعداد لوضع تهيزات
دفاعية خاصة لسياراتم (هذا ف الوقت الذي يعان فيه الفقراء من جنود الحتياط من الوع.
فقد صرح أحد الضباط أن بعض جنود الحتياط ل يأخذون أية إجازات لنه ل يوجد طعام
ف منازلم( .)،وقد لوحظ أن عدد الستوطني الصهاينة من الدنيي الذين تقدموا بطلب
ترخيص بمل السلح قد تزايد ،كما تزايد معه عدد الذين يبحثون عن العلج النفسي)
(يديعوت أحرونوت 2002 /3 /18م).
وقد وصفت جريدة معاريف (2001 /11 /4م) حياة النود ف الدبابات بأنه جحيم ل
يُطاق ،فالوامر الصادرة لم تتضمن البقاء داخل الدبابة طوال الفترة الحددة لم دون الروج
منها ،بل إنه صدرت أوامر لم تظر عليهم حت النظر من فوهات الدبابة خوفا من تعرضهم
لرصاصات طائشة تأتيهم من الناطق الحاصرة .كما ل يستطيع النود الروج من الدبابة
لقضاء حاجتهم ،كالذهاب إل الرحاض أو إل المام ،وذلك خوفا من تعرضهم لقناصٍ
فلسطين ينتظر خروجهم من الدبابة .وأوضح التقرير أن اللوس لفترة طويلة داخل دبابة مع
الشعور بالوف من الحيط التواجدة فيه الدبابة يعل النود ف قلق دائم بيث ينتظر الندي
بفارغ الصب انتهاء ورديته للخلص من هذا الحيم الذي ل يُطاق .وأضاف التقرير أن وجود
النود داخل الدبابة ،واحتكامهم طوال الوقت مع بعضهم البعض يسبّب مضايقات لم ،حت
إن نفسية النود أصبحت منهارة ،وأصبحت العلقة بينهم تتسم بالشاحنات والشاجرات،
هذا إل جانب اللل والضجر الشديدين.
ول شك ف أن انشطار الدبابة (مركبا ،)3وهي أكثر الدبابات تصينا ف العال ،قد رسّخ
الوف ف قلوب النود .وقد عبّر هذا الوف عن نفسه ف كثي من الوادث ،لعل من أهها
ما حدث ف مستوطنة المرا ،حي قام أحد الستشهاديي الفلسطينيي بعملية أدت إل
مصرع وإصابة 9إسرائيليي .فقد ظهر (حسبما جاء ف معاريف 2002 /2 /10م) أنه
حينما وصل تذير إل الارسي السرائيليي من أن استشهاديا سيقتحم الستعمرة خشيا على
أنفسهما ول يبلغا عن ذلك .وحينما التقى النود السرائيليون بالستشهادي ل يشتبكوا معه
وفروا من أمامه ،بل وقال أحدهم بصراحة بالغة( :حي بدأ القتال اختبأت تت السيارة).
ومن أهم أسباب رفض الدمة العسكرية ،إدراك النود لدى وحشية القمع الصهيون
للفلسطينيي .وقد ذكرنا من قبل أن الؤسسة العسكرية السرائيلية نحت ف إقناع الجندين
أنم يدافعون عن وجودهم الفردي والقومي ،وأنم يدخلون ف حروب دفاعية متتالية بسبب
ل عقلنية العرب وشراستهم .والرؤى اليديولوجية عادةً ما تكتسب استقللً عمن يصوغها
بيث يصبح لا منطقها الاص وتؤدي إل نتائج غي مقصودة .وهذا ما حدث ف هذه الالة،
فجنود الحتياط الذين غُسلت أماخهم بذه العتذاريات الصهيونية الخلقية الصقولة،
استقوا منها معايي للحكم على ما حولم .وحينما أرسلوا إل الضفة الغربية قاموا بالكم على
أفعالم ،وعلى قياداتم بذه العايي.
وكما قال أحدهم( :نن نقوم بماية حفنة من الستوطني الوتورين الذين يستخدمون
اليش لغراضهم الذاتية ف الربح الال أو الدين ،ونن علينا أن نساندهم ونرضيهم ،ومن
أجلهم نسلب حقوق الشعب الفلسطين ونصبح جيش احتلل بشعٍ ،بدلً من أن تكون جيش
دفاع) (الشرق الوسط 2002 /1 /13م) .ولكن -على حد قول أحد الرافضي ( -إن
كنت متلً ،فل يكن أن تتسم بالرحة ،فالقسوة هي الشيمة التمية للمحتل) (الندبندنت
2002 /2 /4م) .وقال آخر( :تربينا على أن نكون ضباطا أنقياء كالبللور ،وحولونا إل
غزاة فاشيي ،يريقون الدماء ويرتكبون جرائم الرب) (هآرتس 2002 /1 /13م) .وقال
ثالث( :ل أسح لنفسي بأن أقمع جهورا من الوعى .لقد دربون ف اليش على القتال،
ولست مستعدا لن أواجه أطفالً ونساءً وشيوخا بالسلح) (الشرق الوسط /1 /31
2002م).
ول أدري مدى صحة أقوال هؤلء النود ،هل ت فعلً غرس قيم قتالية سامية فيهم مثل
طهر السلح؟ من خلل قراءت للصحف السرائيلية تظهر صورة مغايرة تاما ،ففي مقال نُشر
ف هآرتس (2002 /1 /25م) بقلم (أمي أورين) يشي فيه إل أن أحد الضباط نصح
التدربي أن يستعدوا للحرب ف الدن الفلسطينية بأن يتعلموا كيف نح النازيون ف إضعاف
جيتو وارسو (الذي وضع فيه معظم أعضاء الماعة اليهودية) وف تدميه ف ناية المر.
وف مثل آخر :حاول أحد مندوب سلح الشاة ،أن يقنع طلبة الصف الثان ف الدرسة
الثانوية ف القدس ،أن ينضموا لوحدته ،فوعدهم بأن من ينضم إل الوحدة (سيمكنه أن يأخذ
صورا مع جثث (حقيقية) (اقتبسها كوليت أفيتال ،عضو الكنيست من كول هازمان (تشرين
الثان (نوفمب) 2001م) ،ف مقال نُشر ف اليوساليم بوست 2002 /2 /7م).
وقد أشار (رامي كلفي) (يديعوت أحرونوت 2002 /2 /12م) إل تأثي اليديولوجية
الت تُشاع ف اليش السرائيلي ،والت (تبي أن العرب أعداء سفلة ومتآمرين غرباء) ..فهي
إيديولوجية (تنع عن العرب النسانية) .و (تنمي التعطش إل الدم ..الغريزة الدفينة ف
النسان حي تتوفر له القدرة على الفساد) .ث يضيف:
حي كنت قائد فصيل مدرعات ف لبنان عام 1996م ،كان العيار الستخدم للحكم على
الفصيل ليس (الفاظ على أمن مستوطنات الشمال بل كمية (الذان) الت يلبها النود.
الندي الذي يظى بالتقدير الكب هو الذي يكثر من القتل .من الصعب تصديق ذلك اليوم،
ولكن حينذاك علّمت جنودي بوضوح عدم أسر مقاتلي حزب ال بل إطلق النار على
الرحى ،على فرض أن أجساهم مفخخة .هذا التفسي هو الذي قُدّم ل وقدّمته ،ول أكلف
نفسي عناء التفكي به ولو للحظة بالرغم من أنن عرفت جيدا مصطلح (طهارة السلح)
وفكرة عدم إطلق النار على السرى .هذه الصطلحات ل تنطبق ،على نو ما ،على الواقع
الذي كنت موجودا فيه .والدليل على أن هذا كان عُرفا عامّا أنه ف السنوات الخية ل
يؤسر ولو مقاتل واحد من (حزب ال).
الرب أمر مروع .وحي ينجح النود ف إناز مهامهم ،يب أن يبلور لم وعي اليوان
الفترس .واليش يعرف بالضبط كيف يفعل ذلك .هذه مهمته،
أما اللزم (أبشاي ساحي) فقد قال :إنه طُلب منه أن يطلق النار على أي فلسطين يلقي
الجارة عليه( .ول يكن هناك أي تديد لوية الفاعل سواء أكان طفلً أو امرأةً أو كهلً ،ول
تكن هناك تعليمات بصوص أي جزء من جسم الستهدف نطلق عليه النار) .أي إن الديث
عن طهارة السلح وعدالة القضية والدفاع عن النفس كان حديثا ليس له وجود ،أو لعله
كان يوجه لبعض الشباب السرائيلي السذج (الثاليي).
لقد كانت ماولة قمع الدنيي الفلسطينيي تربةً مفزعةً بالنسبة لكثي من جنود الحتياط،
بسبب ما قامت به القوات السرائيلية من أفعال وحشية .وإذا نظرنا إل شهادات رافضي
الدمة بصوص ما يقع ف الضفة الغربية والقطاع ،سنجد صورة ف غاية البشاعة .فعلى سبيل
الثال كتب (يوري دان) (اليوساليم بوست 2002 /2 /7م) أن أحد النود صرح بأن
الرصاص الذي كان يطلقه كان يترق حوائط ونوافذ ل يعرف من وراءها .أما ضابط
الحتياط (ديفيد زونشي) فقد قال( :يتطلب منك المر فجأة أن تفعل أشياء ل يُطلب منك
أن تفعلها (أي إن طبيعة الوقف تفرضها) تطلق النار على الناس ،توقف عربات السعاف،
تدمر منازل ل تعرف من يقيم فيها).
ولكن هذا قليل من كثي .فقد اعترف أحد النود السرائيليي ف القناة الثانية السرائيلية
أنه شهد بنفسه النود السرائيليي وهم يتنافسون فيما بينهم على تديد من هو أكثر قدرة
على قتل أكب عدد من الفلسطينيي ،ث يتفاخر أحسنهم بعد ذلك بالنسبة الت أحرزها .ث
أضاف أنه رأى أحد زملئه يطلق النار ف رام ال على طفل فلسطين ف العاشرة من عمره
دون أي سبب واضح .كما قال :إن النود السرائيليي كانوا ف بعض الحيان يقومون
بتحطيم رؤوس الفلسطينيي على السفلت بعد القبض عليهم ،ووضع الصفاد ف معاصمهم.
وهناك كذلك حوادث سرقة كثية .وف إحدى الرات اصطدمت سيارتان فلسطينيتان
فتجاهل النود السرائيليون الرحى وأخذوا ف خلع أجهزة الستريو من السيارتي وسرقتهما.
بيد أن اعترافات الندي (عاموس) هي أكثر العترافات شولً ،فقد قال:
كنا نتسلى بنع عربات السعاف الت تمل الرضى والرحى من الرور .ولقد رأيت أشخاصا
يوتون بسبب الفشل الكلوي والزمة القلبية ،ورأيت بعض الوامل يقضي حتفهن أثناء
الولدة .كنا نستيقظ أحيانا ف منتصف الليل ونركب دبابة مع جنود آخرين ،وندخل ف
الدن والقرى الفلسطينية قبل بزوغ الفجر ،ونطر السر الفلسطينية النائمة ف منازلا
بالقذائف.
وأحيانا كنا نقوم بغارات قبل الفجر ونندفع داخلي ف منازل الفدائيي ،لنلقي القبض
عليهم أو لنقتلهم أمام أعي زوجاتم وأطفالم .وأحيانا أخرى كنت أقود بلدوزر إسرائيلي
لحطم منازل (وأحلم) قاطنيها ،وأحيانا أخرى كنت أجتث أشجارا استغرق نوها عدة
أجيال ،وكم كنت أحب إتلف الرض الزراعية .وكنت أحيانا أطلق الرصاص الي على
التظاهرين السالي .لكن أكثر العمال الت كنت أحبها هو إطلق النار على الطفال
الفلسطينيي الذين يتجاسرون على إلقاء الجارة عليّ .ف هذه الالة كنت أصوب رصاصي
على رؤوسهم وقلوبم ،ث أتفاخر بأنن قتلت الكثيين ،وأصبت عددا أكب بعاهات مستدية،
فقد كنت أؤمن إيانا جازما بأن حياة إسرائيلي واحد تساوي حياة ألف فلسطين .وإن أبدى
الفلسطينيون أي شكل من أشكال القاومة كنا نلجأ للعقاب الماعي،
ودعايتنا الصهيونية ف غاية الكفاءة .لقد أقنع السرائيليون العال أننا نارب دفاعا عن
أنفسنا ،ضد عدو فلسطين ،ل يريد سوى أن يقذف بنا ف البحر .ولكن الشياء ليست كما
قد تبدو .إن العال ل يعرف أن السرائيليي هم الذين ياولون إبادة الشعب الفلسطين .ونن
بقدورنا أن نفعل ذلك بسهولة ويسر بسبب دعم أصدقائنا المريكيي الذين يساعدوننا،
بغض النظر عما نقوم به ويعطوننا خسة بليون دولر كل عام ويزودوننا بآخر السلحة
والطائرات .نن ل نريد السلم ،فنحن نريد الزيد والزيد من الرض العربية حت تصل
إمباطوريتنا إل منتهاها.
ولكن ،أنا (عاموس) ،الندي السرائيلي ،الرهاب لعبت ،والقتل اسي ،ل أشعر بأي ندم
على ما فعلت ،لن روحي ماتت ،وأعرف أنه ل يوجد أي مال لن أنال اللص.
إن كلمات (عاموس) الساخرة الريرة ،هي أصدق تعبي عن استجابة جنود الحتياط لا
يُرتكب من بشاعات .وما ل شك فيه أن بشاعة الهام الناطة بم أصابت عددا منهم بالفزع
والشئزاز ،ما دفعهم إل رفض الستمرار ف هذه الفعال الوحشية غي النسانية.
***
الجرة والنوح
من العروف أن الصهاينة أحاطوا الجرة الستيطانية إل إسرائيل بالت من القداسة ،فهم
يرون أن علقة اليهود بفلسطي (إرتس يسرائيل) علقة مطلقة ،تستند إل الوعد اللي ،وهي
لذلك ل تضع لية متغيات تاريية أو اجتماعية ،وهي للسبب نفسه تسمّى (عالياه) ،أي
الصعود ،وكل الستيطان الصهيون ف فلسطي تربة دينية روحية عميقة تسمو بالروح،
وليس سفكا للدماء الفلسطينية .هذا على مستوى التبيرات والديباجات ،أما على الستوى
الفعلي ،فثمة حاجة دائمة من جانب اليب الستيطان للمزيد من الستوطني حت يكنه
الضطلع بهمته القتالية دفاعا عن (أمنه) وعن الصال الغربية ف النطقة.
والنوح عن إسرائيل أو الجرة الضادة تسمى ف الصطلح الصهيون (يريداه) أي (الرتداد
والبوط) (وهي بذلك عكس الجرة إليها (عالياه) أي (الصعود) .ويطلق على النازحي عن
إسرائيل (يوردي) أي (الابطي) أو (الرتدين) .وعدد النازحي عن إسرائيل منذ عام 1948م
يبلغ ما يزيد عن 700ألف ،وقد يصل إل مليون (فإحصاء عدد النازحي أمر خلف للغاية،
وإن كانت الصحف السرائيلية بدأت تشي إل رقم مليون ،باعتباره أكثر الرقام قربا من
الواقع).
وتفاقم ظاهرة النوح يقوض من شرعية الركة الصهيونية ،ويكشف زيف الدعاءات
الصهيونية ،بصوص ارتباط اليهود ارتباطا عضويا بأرض اليعاد .ولكن الهم من هذا أن
النوح يُعدّ ضربة ف الصميم لقدرات الشروع الصهيون الستيطانية /العسكرية .فإذا كان
اليهودي الهاجر من بلده إل فلسطي الحتلة ،يتحول إل مستوطن صهيون مقاتل ،فإن
الركة العكسية (النوح) تؤدي إل دخول الستوطن الصهيون القاتل إل مواطن يهودي ف
بلد آخر.
وقد فاقمت النتفاضة من هذه الظاهرة .فقد نشرت جريدة اليوساليم بوست (/9 /13
2001م) أن %22من السرائيليي ف الرحلة العمرية بي 35 - 18سنة يفكرون ف
الجرة ،وهي نسبة عالية للغاية ،إذا أخذنا ف العتبار أن من ينتمون إل هذه الرحلة هم أهم
قطاعات أي متمع ،فهم أكثر القطاعات إنتاجية ونشاطا ،وأكثرها قدرة على الناب.
والنسبة القيقية للراغبي ف الجرة ،ل بد أن تكون أكب من ذلك ،لن كثيا من الستوطني
يجلون من الفصاح عن رغبتهم القيقية ،وبعضهم ل يرؤ حت على مواجهة نفسه برغبته
الدفينة (ومع هذا ،ف استطلع للرأي نشرته هآرتس عن الوقف من النوح عن إسرائيل أيّده
،)%65ول تزال نسبة الراغبي ف النوح آخذة ف التصاعد ،فقد جاء ف الريدة نفسها بعد
ثلثة شهور (اليوساليم بوست 2002 /1 /10م) أن عدد الذين يفكرون ف الجرة ف
الرحلة العمرية نفسها قد بلغ .%35ث أضافت أن هذا ل يتضمن الشباب الذي فقد وظيفته
ف قطاع التكنولوجيا التقدمة (الاي تك) ف السنوات الاضية .ث أشارت الريدة إل عدة
حقائق تسترعي النتباه ،فعشرات الشباب السرائيلي بعد أن يدموا ف اليش يقومون
برحلت طويلة خارج إسرائيل ،ويعيشون ف مستعمرات إسرائيلية ف وسط أمريكا وآسيا،
فهم يفضلون البقاء هناك على العودة إل حاضر غي أكيد .كما بيّنت الريدة أن كثيا من
الطلبة السرائيليي ف الاضي كانوا يذهبون إل الارج ،للحصول على شهادات ف الطب
البشري أو البيطري ث يعودون لفتح عيادات ف إسرائيل ،أما الن فإنم يلتحقون بامعات
أجنبية وف نيتهم عدم العودة).
وقد نشرت جريدة هآرتس مقالً طويلً (2001 /8 /24م) بعنوان (طريق الروب)
ترسم فيه صورة تفصيلية للمناخ العام الديد ف الستوطن الصهيون ،الذي أصبحت فيه
ظاهرة النوح (أي الجرة عن الكيان الصهيون) مقبولة اجتماعيا .ففي استطلع للرأي أبدت
أقلية فقط من بي السرائيليي ( )%37موقفا سلبيا تاه السرائيليي (النازحي) وأبدى (
)%65موقفا إيابيا ،وأعرب ( )%43عن ل مبالتم ،أي إن النوح من إسرائيل ل يعد
مسألة تُرفض ،وإنا أصبح قضية تُناقش ،لا إيابياتا وسلبياتا.
تبدأ القالة بالشارة إل خب طريف ،وهو تأسيس رابطة تعاونية بوسع الستوطن السرائيلي
أن يدفع 4500دولر للنضمام إليها ،وبالتال يلك قطعة من الرض ف بلدة تسمّى فانوتو
.Vanuatuوتضم هذه الرابطة حت الن حوال 2000أسرة إسرائيلية ،ينوون النوح
عن إسرائيل ،والستيطان ف هذه البلد .ويقول آف آيدمان ،سكرتي عام الرابطة( :الرابطة
تنوي إقامة منطقة حرة وصناعة تكنولوجية متقدمة كما سيتم التركيز على السياحة) لنه
(سوف تأت أعداد كبية من السياح السرائيليي ،وسيأت أصدقاؤكم ليوا كيف نحنا،
وأما الذين يكرهونكم فسوف يأتون ليوا كيف فشلنا)( .وأراهن على أن قيمة الرض
سترتفع ،وسنساعد على إقامة قنصليات لدولة فانوتو للب مزيد من السياح
والستثمارات).
وتشي القالة إل أن فانوتو هي مموعة من الزر ف الحيط الادي نالت استقللا عن
الكم البيطان -الفرنسي الشترك عام 1980م ،وهي بلد ل يسمع أحد عنها ،ولكنها تثل
الرض المنة بالنسبة للمشتركي ف المعية .وكما يقول سكرتي عام الرابطة (فانوتو ليست
إسرائيل ،وليس فيها فقر ول جرية ،والنظافة فيها مذهلة ..إنا جزيرة ترتفع عن سطح البحر
اليت وليس با ثعابي ول عقارب ،وليس با شعبان يارب بعضهما البعض) .فكأن فانوتو
تقق للمستوطني ما فشلوا ف تقيقه ف إسرائيل ،هي أرض بل شعب تقريبا ،فردوس أرضي
حقيقي.
وهذا الب الطريف يُعدّ مدخلً جيدا لفهم العقل السرائيلي الن ،بعد مرور ما يزيد عن
عام ونصف على النتفاضة .فكما يقول القال( :إنه بسبب تردي الوضع المن ،والنكماش
القتصادي بدأ السرائيليون يبحثون عن مصادر للمان فيما وراء البحار :جوازات سفر،
تأشيات عمل -عقارات .لذا السبب وجد الصحفي (بن تسيون تسيترين) نفسه مطلوبا
أكثر من أي وقت آخر ،لنه كتب كتابا بعنوان كل الطرق للحصول على جواز سفر آخر.
وقد لحظ تسيترين أن الكتاب الذي صدر منذ 51عاما كان يقق مبيعات كبية ،إل أن ت
توقيع اتفاقية أوسلو (فالناس ل تعد تفكر ف الرحيل ،ول يعد الكتاب يُباع ،ولكن منذ اندلع
النتفاضة الثانية وأنا أتلقى عشرات الكالات الاتفية).
ولكن ما الذي يدفع الستوطني السرائيليي إل التفكي ف الروب؟ تقول القالة :إن
الباحثي عن جواز سفر جديد يارسون إحساسا بالفزع والوف ،والستريا ،والحساس
بالعجز والقلق ،ويرون أنه ل أمل ف التوصل إل اتفاقية سلم .إنم يافون من اندلع حرب
شاملة ومن صواريخ الكاتيوشا فوق رؤوسهم ،ول يريدون العيش ف ملجئ ،ول يريدون
تعريض أطفالم للخطر ،ويافون على مصي أولدهم.
وتلحظ القالة أن عددا ل بأس به من السرائيليي قد بدأ يتكالب على شراء العقارات ف
الارج .وتقدر نسبة الزيادة بوال %30مقابل العام الاضي .والماكن الفضلة لم هي
تورنتو ف كندا (هذه الدينة تعتب مركزا للنشاط التجاري) ،وهي ماناتن بنيويورك ،وولية
فلوريدا .أما ف أوربا ،فالجر وتشيكيا مطلوبتان (ف ضوء انضمامهما الوشيك إل التاد
الورب) وكذلك إسبانيا (منطقة كوستا ديل سول) وفرنسا .فوجود شقة يتلكها الستوطن
الصهيون ف الارج تنحه المن النفسي ،فهو يعتقد أنه ف حالة وجود عقار يلكه ف
الارج ،فهذا يعن وجود ملذ إليه ف حالة حدوث حرب ما.
وتُعتب الوليات التحدة الدف الفضل لدى السرائيليي الذين يريدون الرحيل عن
إسرائيل .ويشي استطلع للرأي أجراه ملحق هآرتس إل أن %43من السرائيليي الذين
فكروا ف الرحيل عن إسرائيل خلل الشهر الاضية ،قد فضلوا الوليات التحدة ،و %18
يريدون الجرة إل أستراليا ،و %14يريدون التوجه إل أوربا ،و %5إل كندا ،و %2إل
بريطانيا.
وقد جاء ف صحيفة يديعوت أحرونوت (ف عددها الصادر ف 2001 /5 /7م) أن
السرائيليي قد بدؤوا يهرولون باتاه أمريكا مرةً ثانية ،ولكنهم ف هذه الرة أكثر من ذي
قبل .فقد شرع قسم الجرة التابع لكومة الوليات التحدة ف منتصف شهر آذار (مارس)
2001م ف حلة السحب السنوية على (الرين كارد) ،تلك التأشية الت تسمح لصاحبها
بالقامة والعمل ف الوليات التحدة بصورة شرعية .ومن القرر أن تنتهي هذه الملة ف شهر
تشرين الول (أكتوبر) .أما ف صيف 2002م فسيُعلن المريكيون أساء الـ 55ألف
السعداء الذين فازوا ف عملية السحب.
وتقول الصحيفة( :إذا كان تافت السرائيليي على استمارات الشاركة ف السحب ،يكنه
أن يشي إل شيء ما بصوص الالة العنوية القومية لنا ،فإنا تُنذر بأن هذه الالة سيئة للغاية،
حيث ياول كثي من السرائيليي بأعداد تزيد عما كان عليه ف العام الاضي ،ياولون تربة
حظهم ف عملية السحب .وقد صرح مسؤول ف أحد الكاتب الكبى العنية بذا الوضوع
ف أتلنتا ،بأن عدد السرائيليي الذين قدموا ،عن طريق الكتب ،طلبات الشتراك ف عملية
السحب حت الن ،للحصول على (الرين كارد) أكب عشرات الرات من عدد الذين سجلوا
أساءهم ف عملية السحب خلل الفترة نفسها من العام الاضي.
ويعيش ويعمل ف الوليات التحدة عشرات اللف من السرائيليي بصورة (غي شرعية).
فقد وصلوا إليها كسُياح ،ث اختفوا بصورة عامة ف التجمعات الضرية الكبى وسط سكان
الوليات التحدة البالغ عددهم 280مليون نسمة .وهم يعيشون هناك بدون رعاية
اجتماعية ،وبدون تأمي وطن ،وبدون تأمي صحي .وقد ت مؤخرا طرد الئات منهم،
وإبعادهم إل إسرائيل خلل حلت مداهة ضخمة شنتها سلطات الجرة المريكية.
وقد لوحظ أن التقدمي للحصول على (الرين كارد) هذا العام جاؤوا من كل الوساط
ومن أعمار متنوعة كثية .فبالضافة إل النود والطلبة انضم إليهم أرباب أسر .وكان القاسم
الشترك بي كل هؤلء هو نفورهم من الوضاع ف إسرائيل ،والرغبة ف مغادرة إسرائيل،
لجل غي مسمى بسبب الحباط بدءا بالوضع السياسي وانتهاءً بالوضع القتصادي .ولكن
الوضع المن ،أي القاومة والنتفاضة الفلسطينية ،كانت هي العنصر الساسي .وكما قال
أحد طالب (الرين كارد)( :أنا أب لثلثة أطفال وأقيم ف حيدراه ،أطفال ل يزالون صغارا،
وأريد أن يكون أمامهم مستقبل آمن) .وإسرائيل بعد النتفاضة ل تعد توفر المن
للمستوطني .وعلى حد قول جريدة (يديعوت أحرونوت) يبدو أن النتفاضة قد دفعت
الكثيين إل أن يلموا بالياة ف مكان آخر ،أكثر هدوءا وراحةً وأمنا ،أي أمريكا ،فأهم
شيء بالنسبة للسرائيلي ف الدول الجنبية هو أسلوب الياة .فالسرائيلي ل يسافر إل
(لجوس) من أجل أن يصل على 1000دولر زيادة ف الشهر .إن الساحل الغرب
للوليات التحدة هو الدف الطلوب رقم واحد بالنسبة لم .ويرجع هذا أساسا إل وجود
جالية يهودية إسرائيلية كبية هناك ،ويتوجه السرائيليون إل الوليات التحدة وكندا
وبريطانيا .وبرزت هولندا كدولة للهجرة خلل العام الاضي .وكذلك أستراليا الت توجد با
جالية يهودية نشطة تب السرائيليي ومعدل غلء العيشة با معقول (هآرتس /8 /24
2001م).
وف مقال ساخر بقلم (موت باسوك) (هآرتس 2002 /2 /19م) يقول الكاتب :إن
إسرائيل تنضم للتاد الوروب ل كأمة وإنا كأفراد -الواحد تلو الخر -وقد أطلق الكاتب
طرفته هذه بعد أن تزايد عند السرائيليي الذين طلبوا جوازات سفر أوربية.
ويُلحظ أن كثيا من النازحي هم من أبناء الطبقة التوسطة الشكنازية ذوي الصول
الغربية ،الذين يشكلون العمود الفقري للتجمّع الصهيون (وما يساعد على ذلك العولة الت
تفتح الفرص أمامهم ف العال الغرب ،با لديهم من خبات واتصالت) .كما أن من بي
النازحي عددا كبيا من أعضاء الكيبوتسات وكبار الضباط والطيارين والهندسي ف صناعة
السلح .فهؤلء يتعلمون اللغات بسرعة ،وبوسعهم التكيّف مع بيئتهم الديدة ،فالسرائيليون
مهاجرون بطبيعتهم (هآرتس 2001 /8 /24م) .وهؤلء الستوطنون عندهم من الدخرات
ما يسمح لم بأن يودعوا مبالغ طائلة ف البنوك ف الارج ..كملذ من يومٍ بارد ،كما يقول
أمنون دنكر (نقلً عن السفي 2002 /2 /18م).
وقد لحظ (يوسي بيلي) عضو الكنيست عن حزب العمل ،أن كثيا من زملئه ف
اليش والدراسة (من أعضاء النخبة) الذين بلغوا المسي من العمر ل يانعون ف رحيل
أبنائهم عن إسرائيل .وأن كثيا من أبناء رجال النخبة يكثون بالفعل ف الارج لفترات طويلة
(أي إنم نازحون عن إسرائيل ،ولكنهم يدّعون غي ذلك ،وأن آباءهم ل يعدون لم بلدا
جيدة ليعودوا إليها .وقد أوضح بيلي رأيه بقوله( :إن سياسة شارون وغيه من الوزراء
ستؤدي إل أن يبدأ كل من هو قريب منا بالتفكي ف الرحيل)( .نقلً عن فيليج فويس - 13
2002 /2 /19م).
وتساءل كاتب مقال ف إحدى الصحف السرائيلية (معاريف 2002 /1 /28م) :هل
يبن أبناء هذه الشرية العليا لنفسهم حياة ف بلد أخرى؟ وماذا سيحدث للوطن ولن
سيبقون فيه؟ وماذا عن القيم العتيقة مثل الصهيونية وإعمار البلد؟
ونشرت إحدى الصحف قائمة بأساء بعض أبناء النخبة النازحي تضمن أفراد من أسر
رؤساء الوزراء السابقي :بن جوريون ومناحم بيجي وإسحاق رابي .وأشار بيلي إل أن
أولد كلّ من وزير الدفاع بنيامي بن أليعازر ،ووزير التعليم ماتان فيلن ،يعيشون خارج
إسرائيل.
وقد كتب أمنون روبنشتاين ف هآرتس (2001 /12 /31م) يذّر من خطورة هجرة
الشرائح والطبقات الغنية والقوية ف الجتمع السرائيلي .فهي تعن (إهدار لدماء الضعفاء،
ومن ل يستطيعون الصول على تأشية لمريكا ،وتركهم فريسة لخاطر أكب من الت
نواجهها اليوم) .ويصف الجرة بأنا نوعٌ من التطهي الطبقي( ،فالفقراء سيضطرون للبقاء
هنا) .فقد تولت أرض اليعاد تت ضغط النتفاضة إل جحيم ،يضطر الرء إل البقاء فيه،
نظرا لعدم وجود الال الكاف للهجرة.
وحالة الستوطن السرائيلي (عاموس ساهر) ،الذي يعمل كمرشد سياحي ،والبالغ من
العمر 35عاما تستحق الدراسة ،فقد قرر الرحيل هو وزوجته وابنه الصغي ،بعد أن يد
مشتريا لشقته .يقول ساهر:
ل يكن المر هينا لقد استغرقتن أعوام من النفجارات وأعمال القتل ،من الحزان والمال،
من الجادلت والقلق ،لكنن ف النهاية انرت .سئمنا أن ندهم ف كل مرة نفتح الذياع
يتحدثون عن انفجارات ،عن دماء ،عن موت ،عن جنائز .هذا هو الواقع صراحةً .ولست
فخورا بذلك ،ول أعتب هذا شعارا ل ،ولكن من الستحيل أن تقولوا لنا عليكم أن تبقوا هنا
ما دام من الستحيل أن تضمنوا لنا حياتنا .أريد أن أمنح أسرت أقصى قدر مكن من السعادة.
ويضيف ساهر:
الميع الن يعتقد أنه ل مال نتقدم نوه .ليس هناك ما نتقدم نوه .الشكلة هي أننا على
مدى السنوات الثلث والمسي الاضية ل ننجح ف ضمان أمننا .هذا هو سبب الرحيل .نن
نشعر بعدم وجود مرج ...الل هو الرحيل ،وليس تغيي السلطة .من الصعب عليّ أن أقول
هذا .ولكننا نعيش ف إسرائيل كما لو كنا مسحورين .نن نرج إل الشوارع ،ومن المكن
أن يدث أي شيء وأن ينسفنا معه ويولنا إل أشلء .أنا ل أرى أملً ف حدوث تغيي كبي.
وإحساسي يقول -ليس فقط الحساس ،ولكنه التحليل العقلن -إنه ل سبيل لضمان حياة
الناس هنا .أعلم أن هناك أماكن ل تدث با مثل هذه المور .ل توجد أماكن مصنة من
الوت ،ول توجد أماكن ليس با ماني .ولكن توجد أماكن يكنك أن تصحو ف الصباح
وتفتح عينيك وتتسي فنجان القهوة وترج وتقول صباح الي للناس ،وأهم شيء هو أن
تصل إل موقع عملك ف الوعد الحدد .أنا ببساطة أشعر بالقلق على طفلي الرضيع ،..ويبدو
أن من سيحاولون إقناعي أن أبقى يفضلون أن أموت هنا ،على أن أعيش ف مكان آخر .أما
أنا شخصيا فأفضل الياة ول أخجل من ذلك.
وقد نشر (ساهر) موقفه هذا على شبكة النترنت (موقع يديعوت أحرونوت /6 /4
2001م) .وتعكس التعليقات على موقفه الالة العنوية لدى الماهي .فقد هاجته الغلبية،
ولكن كانت هناك أقلية واجهت نفسها ،فالستوطن يون من مستوطنة رحوفوت قال:
(أخيا ..لقد قال أحدنا وفعل ما ترغب الغلبية ف قوله وفعله ،ولكنها تاف من أن تقوله
وتفعله).
وقد سُئل (ساهر) عما إذا كان سيفقد أصدقاءه والطبيعة الميلة واللغة ،فكان رده هو رد
مستوطن حقيقي ،مهاجر دائما ل جذور له ،فقال( :يكنن أن أحب الطبيعة ف مكان آخر..
إن كل ما أكلناه هنا منذ لظة ولدتنا ..ليس أعمق جذورا ما هو موجود ف أماكن أخرى.
إنن ل أفهم كيف يكن أن أحب إسرائيل بينما يطلقون النار عليّ ف كل مكان) .إن ساهر
ل يبحث إل عن متعته وخلصه الفردي ،ولذا فوطنه هو مصلحته ،أو كما يقول( :إسرائيل
تثل بالنسبة لنا إمكانية واحدة من بي العديد من المكانيات ف العال) .وهو ل يتلف ف
ذلك عن كثي من الستوطني الصهاينة ،خاصةً الهاجرين الدد من التاد السوفييت (سابقا)
الذين وصفهم أحدهم بأنم يلسون على حقائبهم ،أي إنم يستوطنون ف إسرائيل بشكل
مؤقت ،حت يدوا فرصا أحسن للحراك القتصادي والجتماعي .ولذا حينما سأله مندوب
(هآرتس) إذا كان سيضايقه الشعور بالرضا الذي سينتاب أعداء إسرائيل بعد ساع كلمه
هذا ،أجاب بأنه ليس (مسؤولً عن الروح العنوية ف إسرائيل ..لست ف حاجة لتصور ما
يفكر فيه حسن نصر ال عندما يقرأ عن (عاموس ساهر) ،مرشد الرحلت ..حسن نصر ال
ليس ف حاجة (لعاموس)( ..ببساطة شديدة) (عاموس) ل يريد أن يقف بسيارته ف اختناق
مروري فيتعرض للنسف) .ويضيف( :لقد شاهدت أناسا يعيشون بذه الطريقة .إنن أبث
عن مكان صغي وهادئ لدرجة اللل .مكان يترك فيه الناس أبواب منازلم مفتوحة وهم
بارجها .وأعرف أن هذا موجود).
إن ما يشعر به الرشد السياحي والستوطن الصهيون (عاموس ساهر) ول شك هو شعور
معظم الستوطني الصهاينة ،بعضهم عنده الرأة أن يفصح عن شعوره ورغبته الدفينة ،والبعض
الخر ل يسر على مواجهة ذاته .ولكن هل سيستمر الوضع على ما هو عليه؟
ويب أن نشي إل نزوح سكان الستوطنات عنها إل ما وراء الط الفاصل بي فلسطي
الت احتُلت عام 1967م ،وتلك الت احتُلت قبلها ،باعتباره شكلً من أشكال النوح .وقد
ورد ف صحيفة يديعوت أحرونوت (2002 /3 /29م) أن عدد السرائيليي الذين أمضوا
عيد الفصح خارج إسرائيل كان حوال 200ألف إسرائيلي ،وكل هذا بسبب الوضع المن،
ويكن اعتبار هذا نزوحا مؤقتا.
وقد ازدادت أزمة إسرائيل الستيطانية تفاقما مع تزايد خوف أعضاء الماعات اليهودية
من الجرة إل إسرائيل نتيجة النتفاضة .وقد نشرت صحيفة معاريف (2002 /3 /29م)
أن حوال رُبع ضحايا النتفاضة (حت أواخر آذار (مارس) 2002م) هم من الهاجرين الدد
(ونسبة الهاجرين من بي السكان ل تزيد عن .)%15ولذا ليس من الغريب أن تنشر جريدة
معاريف (ف عددها الصادر ف 7أيار (مايو) 2001م) أنه لن يهاجر إل إسرائيل خلل
العقد القادم سوى 300ألف مهاجر من دول الكومنولث (مقابل حوال 900ألف خلل
العشر سنوات الاضية) ،وسيختار 200ألف يهودي التوجه إل دول أخرى .ويرى سال
مييدور ،رئيس إدارة الوكالة اليهودية ،أن عدد الهاجرين من روسيا ومن دول الكومنولث
سوف يتقلص تدرييا خلل السنوات القادمة كنتيجة لتحسّن الوضع القتصادي ف روسيا،
والجرة نو الغرب وتدهور الوضع المن ف إسرائيل .ويشي مييدور (حسبما جاء ف جريدة
يديعوت أحرونوت) أنه وصل ف عام 2000م إل إسرائيل 60130مهاجرا ،مقابل
67766مهاجرا كانوا قد وصلوا إليها خلل عام 1999م ،بانفاض قدره حوال .%22
ويرى التقرير إنه على ضوء الحداث المنية خلل عام 2001م (أي النتفاضة) فمن التوقع
أل يصل إل إسرائيل خلل هذا العام سوى 50ألف مهاجر فقط .وقد ظهر فيما بعد أن
عدد الهاجرين كان أقل من 50ألفا ،وحسب بعض الحصاءات ل يتجاوز العدد 30ألفا.
ومن العناصر الخرى الت تفاقم الزمة الستيطانية تزايد العرب بشكل ملحوظ .وقد بيّن
مركز أباث المن القومي ف جامعة حيفا (حسبما جاء ف جريدة يديعوت أحرونوت) أن
%68فقط من سكان الدولة العبية داخل حدود فلسطي الحتلة قبل عام 1967م سيكون
من اليهود ف عام 2020م ،وذلك بعد أن يرتفع عدد العرب من 1.3مليون (ف الوقت
الراهن) إل 2.1مليون ،وقد جاء ف البحث أن عدد سكان الضفة الغربية وقطاع غزة
سيتفع من 3مليون إل 5.8مليون.
ويرى البوفيسور (أرنون سوفر) ،البي الديوجراف ف مركز بيجي -السادات للباث
الستراتيجية ،أن العرب يشكلون حاليا (عام 2002م) % 49.5من سكان الكيان
الصهيون الحتل قبل وبعد عام 1967م والضفة والقطاع ،ولكنهم ف عام 2020م
سيشكلون .%85ويعتقد قادة مركز أباث المن القومي ،أن البعد الديوجراف والتكاثر
الطبيعي الرتفع وسط السكان العرب داخل الكيان السرائيلي ،وخاصةً الضفة والقطاع،
سيقوضان الديوقراطية ف الدولة العبية ،ويهددان بطر فقدان مناطق جغرافية مثل الليل
والنقب الشمال.
ويسود العتقاد لدى الباحثي بأن الكثافة السكانية العالية ستجعل من الدولة الصهيونية
دولة عال ثالث ،وتتسبب ف تدهور بيئي ف كل أناء البلد .والتضررون الساسيون
سيكونون من السكان اليهود الذين يسكنون السهل الساحلي الذين قد يهاجرون من البلد.
وكذلك (ثة إمكانية عالية أن يوحّد السكان الفلسطينيون داخل الط الخضر والضفة
والقطاع والردن قواهم إل درجة التقارب بينهم ما يكنهم ف قادم اليام من العمل معا إل
جانب أشقائهم ف شرقي الردن من أجل إقامة الدولة الفلسطينية الكبى من البحر إل
الصحراء) (نشرة العودة 2001 /6 /15م).
وهذا ل يتلف كثيا عما جاء ف مقررات مؤتر (ميزان القوة والمن القومي السرائيلي)
(الذي عُقد ف هرتسليا ،وحضرته شخصيات إسرائيلية أمنية وأكاديية بارزة ،حسبما جاء ف
صحيفة هآرتس 2001 /3 /23م) .وقد ت الديث ف هذا (الؤتر العلمي) عن إمكانية نقل
العرب ،وترحيل السكان خارج الدود ،والعمل على اتاذ خطوات تنع زيادة نسبتهم.
***
غضب العال
من أهم ثرات النتفاضة الت تتجاوز التجمع الصهيون اختراقها للتعتيم العلمي الذي
فُرض على الشعب الفلسطين وعلى جهاده ومقاومته .فوصلت الرسالة لكل شعوب العال،
وتعالت الصوات الغاضبة .ففي الشارع العرب الذي قال عنه علماء السياسة المريكيون :إنه
أسطورة ل وجود لا ،خرج اللف من الطلبة والثقفي والفناني بشكل يومي مستمر ليعبوا
عن تضامنهم مع الشعب الفلسطين .وهذا أمر متوقع بطبيعة الال ،فالماهي العربية مدركة
لطورة الغزوة الصهيونية الت أسست جيبا استيطانيا ف فلسطي ،ل لنا أرض اليعاد ،وإنا
لنا تقسم العال العرب إل نصفي ،وتعزل الواحد عن الخر ،ولنا ف موقع استراتيجي
متميز ،فهي تطل على البحر الحر والبحر البيض التوسط ،ولنا بوابة مصر الشرقية ،مصر
الت تضم أكب كتلة سكانية من الشعب العرب ،وتشكل الركز والقلب لذا الشعب.
والماهي تدرك كل هذا ،وإذا كانت قد لزمت الصمت بعض الوقت ،فإن هذا يعود إل
كفاءة آلت البطش وحداثتها وتقدمها ف عالنا العرب .وأعتقد أن كثيا من أعضاء النخب
الاكمة ف العال العرب يعيدون حساباتم ف الوقت الاضر ،بسبب ترك الماهي العربية،
وهو المر الذي قد يضطرهم إل تذير الوليات التحدة من خطورة الوقف.
وكان من شأن استمرار القاومة الفلسطينية أن يعل الصمت أمرا مستحيلً على الكثيين
ف أناء العال ،إذ اندلعت مظاهرات ف كل أناء العال اشترك فيها اللف من الغربيي،
الذين ل يسمح لم ضميهم بالشتراك ف مؤامرة الصمت .ومن أبرز الغاضبي الكاتب
(الكولومب الائز على جائزة نوبل ف الدب) (جابرييل جارثيا ماركيث) الذي كتب يقول:
استندت نظرية الجال اليوي الصهيونية إل أن اليهود شعب بل أرض ،وأن فلسطي أرض
بل شعب .هكذا قامت الدولة السرائيلية غي الشروعة ف 1948م .فلما تبي أن هناك
شعبا ،وأن ف فلسطي شعب يسكن ف أرضه ،كان من الضروري حت ل تكون النظرية
مطئة إبادة الشعب الفلسطين ،وهو ما يتم بصورة منهجية منذ أكثر من خسي عاما.
هناك بل شك أصوات كثية على امتداد العال ،تريد أن تعرب عن احتجاجها ضد هذه
الجازر الستمرة حت الن ،لول الوف من اتامها بعاداة السامية أو إعاقة الوفاق الدول .أنا
ل أعرف هل هؤلء يدركون أنم هكذا يبيعون أرواحهم ف مواجهة ابتزاز رخيص ،ل يب
التصدي له سوى بالحتقار ،ل أحد عان ف القيقة كالشعب الفلسطين ،فإل مت نظل بل
ألسنة؟
أنا أعلن عن اشئزازي من الجازر الت ترتكبها يوميا الدرسة الصهيونية الديثة ،ول يهمن
رأي مترف الشيوعية أو مترف معاداة الشيوعية .أنا أطالب بترشيح آرييل شارون لائزة نوبل
ف القتل .سامون إذا قلت أيضا أنن أخجل من ارتباط اسي بائزة نوبل .أنا أعلن عن
إعجاب غي الحدود ببطولة الشعب الفلسطين الذي يقاوم البادة ،بالرغم من إنكار القوى
العظم أو الثقفي البناء أو وسائل العلم أو حت بعض العرب لوجوده.
أما الكاتب البتغال (ساراماجو) (وهو أيضا حائز على جائزة نوبل ف الدب) فقد صرح
أن رام ال الت رآها تت الصار تذكره بعسكر أوشفيتس النازي ،فاتمه البعض بأنه ضحية
الدعاية (الفلسطينية الرخيصة) ،لكن ساراماجو ل يهتز كغيه أمام تمة معاداة السامية
الاهزة ،بل جاء رده كاسحا ساخرا حي قال( :أفضل أن أكون ضحية للدعاية الفلسطينية
الرخيصة ،على أن أكون عميلً للدعاية السرائيلية الغالية) ،وفصل رأيه فيما رآه قائلً:
ل أكن أعرف أنه من الطبيعي أن يبحث طفل فلسطين دمروا بيته عن كتبه ولعبه وسط
النقاض ،ل أكن أعرف أنه من الطبيعي تاما أن تزين الرصاصات السرائيلية جدران النازل
الفلسطينية ،ول كنت أعرف أنه يلزم لماية أقلية من الناس أن تُصادر الزارع وأن تُدمر
الحاصيل ،ول أن توفي المن لذه القلية يقتضي احتجاز الئات عند نقاط التفتيش وحواجز
الطرق قبل السماح لم بالعودة إل منازلم منهكي ،هذا إن ل يُقتلوا ..فهل هذه هي
الضارة؟ أيكن أن نسمي هذه الشياء ديقراطية؟
كما قامت مموعة من الكتاب البيطانيي بتوقيع بيان يدمغون فيه الجوم على الشعب
الفلسطين ،ومؤسساته ونسيج متمعه ،وطالبوا بالنسحاب الفوري للجيش السرائيلي ،وكان
من بينهم الكاتب السرحي الشهي (هارولد بنتر) وعشرات آخرين .وقد اضطرت حكومات
ألانيا وفرنسا وإنلترا إل وقف تصدير السلح لسرائيل ،وظهر تغي ملحوظ ف لجة العلم
الغرب العروف بتحيزه الواضح البله للدولة الصهيونية.
وقد بدأت بعض الصوات اليهودية الشريفة ف العتراض على الجازر الت ترتكبها الدولة
الصهيونية .فقد كتب (يوري ديفيس) (وهو مواطن إسرائيلي يقيم خارج إسرائيل) يدمغ ما
ساه جرائم الرب الت تقوم با الكومة السرائيلية ،ويرفض ،باعتباره إسرائيليا ويهوديا ،أن
تُرتكب هذه الرائم باسه .كما تظاهر عدد من اليهود الرثوذكس من جاعة (ناطوري
كارتا) = (نواطي الدينة) العادية للصهيونية والرافضة لا وهتفوا ضد الصهيونية .ورغم أن
الظاهرة كانت سلمية ،فقد اعتدت الشرطة السرائيلية عليهم بالضرب.
ووقّع عدد من كبار الفكرين والثقفي اليهود الفرنسيي على بيان صيغ بلهجة بالغة القوة
تعكس مشاعر الغضب والحتجاج على الوحشية السرائيلية ،واستنكروا صمت الكام
الغربيي أمام الرائم الت تقترفها قوات الحتلل ف الضفة الغربية .وقال البيان:
هؤلء الذين يبرون حق عودة اليهود إل إسرائيل تت دعوى (حق دم) يعود للف
السني ،يرفضون حق العودة (حق الرض) للفلسطينيي .وأصحاب القامات الرفيعة ف المم
التحدة تصالوا وارتضوا الذلل الفروض على السلطة الفلسطينية .وهؤلء الذين يدعون
إدارة العدالة الكونية يديرون رأسهم من أعمال القتل خارج نطاق القانون ،وإعدام السجناء
دون وجه حق وجرائم الرب الت يرتكبها آرييل شارون.
السرائيليون لديهم دولة ذات سيادة وجيش وتراب وطن .أما الفلسطينيون فهم مبوسون
كالبهائم ف معسكرات منذ نصف قرن معرضي للوحشية والذلل ،وماصرين على أرض من
الحزان ف حجم مقاطعة فرنسية ..إن الضفة الغربية مفخخة بالطرق الستراتيجية ومثقوبة
بنحو 700نقطة تفتيش وماطة بالستوطنات.
ل يكن الساواة بي الحتل ومن تُحتل أرضه .النسحاب غي الشروط للجيش السرائيلي
من الراضي الحتلة وتفكيك الستوطنات هو مرد تطبيق لق معترف به شكليا من المم
التحدة ف القرارين 242و 338وحت قرار ملس المن ،1042ومع ذلك يطلب بوش
ضمانات من الضحايا.
شارون يعتقل مثليهم ،وينسف بيوتم ،بينما تنع قواته سيارات السعاف من الوصول
للجرحى.
والوقعون على البيان جيعهم يهود ،وليسوا يهودا عاديي ،فهم من أبرز الثقفي اليهود ف
فرنسا( .نشر ف صحيفة لوموند يوم 2002 /4 /7م).
***
من النتصر ومن الهزوم
يُعدّ (يوري أفنيي) عضو الكنيست السابق ،من أوائل الستوطني الصهاينة الذين أدركوا
أن الشروع الصهيون ل يكن تقيقه ،ولذا كان من أول مؤلفاته كتاب إسرائيل بدون
صهيونية .وقد كتب مقالً بعنوان (الضربة القاضية ل تُسدّد بعد) (الهرام ويكلي /4 /19
2001م) يقدّم فيه تقييما كليا للمواجهة بي الفلسطينيي والسرائيليي من أحسن ما قرأت.
يقول أفنيي:
يدخل ملكمان اللقة :واحد منهما بطل الوزن الثقيل ،والخر وزن الريشة .ويتوقع
الميع أن يقوم البطل بتسديد ضربة قاضية تقضي على غريه الزيل ف الولة الول.
ولكن وبأعجوبة تنتهي الولة الول ،والضربة القاضية ل تُسدّد بعد ،ث الولة الثانية،
ويستمر الوضع نفسه .وبعد الولتي الثالثة والرابعة ل يزال خفيف الريشة واقفا ،ما يعن أنه
هو الرابح القيقي ،ل بالضربة القاضية ول بالنقط ،وإنا لجرد أنه ل يزال واقفا ومستمرا ف
الصراع مع غريه القوي.
هذه الصورة الجازية تنطبق تام النطباق على الواجهة بي قوى الحتلل السرائيلي
والشعب الفلسطين .فاليش السرائيلي القوي ل ينجح حت الن ف تطيم العمود الفقري
للنتفاضة .لقد جرّب هذا اليش كل شيء :البنادق والطائرات ،والدبابات والدافع الثقيلة،
والتصفية السدية ،وتطيم أحياء بأسرها ،والصار وتطيم النازل ،وقطع الشجار ،ومع هذا
ف الشهر السابع ل يزال الفلسطينيون واقفي يصارعون غريهم.
وتتمتع حكومة شارون /بييز ،ف صراعها مع الفلسطينيي ،بدعم الوليات التحدة
الكامل ،فهي تزوّد إسرائيل بالسلحة والال ،وتارس حق الفيتو لصالها ف ملس المن
(وكما قال دبلوماسي أورب :إن إسرائيل من الناحية الفعلية هي العضو السادس الدائم ف
ملس المن ،الذي يتمتع بق الفيتو) .وتكتفي أوربا بالتأييد اللفظي للفلسطينيي ول تفعل
أكثر من هذا .والنظم العربية تكتفي هي الخرى بنح الفلسطينيي كلمات طيبة ..وف
إسرائيل ذاتا جُنّدت وسائل العلم ف خدمة الكومة ،ول توجد معارضة حقيقية ف
الكنيست ،ول توجد أية حركات احتجاج ،باستثناء بعض قوى السلم الراديكالية ،الت
تقاطعها وسائل العلم.
إذا كان هذا هو الوضع ،هل يكن القول :إن الفلسطينيي عاجزون تاما أمام التفوق
الساحق لكومة شارون /بييز؟ وهل أصابم اليأس والوهن؟ الجابة ستكون بالنفي ،إذ إن
آمالم ترتكز على ما يلي:
أولً :النتفاضة نفسها .إن إرادة الشعب الفلسطين ل يتم كسرها ،بالرغم من كل
الضربات القاسية الت ُسدّدت إليهم ،وقد سبّب هذا دهشة النرالت والعلقي السرائيليي.
لقد ُحطّم اقتصاد الفلسطينيي ،وأصبحت حياتم جحيما ،ومع هذا يؤيد المهور الفلسطين
الستمرار ف الكفاح.
وقد وصف أحدهم الصراع السرائيلي الفلسطين بأنه (صدام بي قوة ل يكن مقاومتها،
وشيء ل يكن تريكه) .لقد أصبحت النتفاضة حرب استناف .ف مثل هذه الرب بي قوة
الحتلل والحتلي ،ند أن روح الحتلي العنوية عالية ،لنم يدافعون عن وجودهم ذاته
(وف الرب) كما يقول نابليون( ،تشكّل العتبارات العنوية ثلثة أرباع ،أما توازن القوى
فيشكّل الربع الباقي).
وإسرائيل تدفع ثنا باهظا إن كان على هيئة خسائر مادية ،أو على هيئة الدمار الذي يلحق
بقدرة اليش على القتال (وهو ثن ل يرأ أحد على حسابه) .ول يعرف أحد مت سيلحق
التعب بإرادة الشعب السرائيلي ومقدرته على الستمرار ف هذا الصراع الذي ل طائل من
ورائه .ويبدو أن هذا قد يدث قبل أن يرفع الفلسطينيون أيديهم علمة على الستسلم.
ثانيا :الماهي العربية .من الواضح أن النظم العربية ليست على استعداد أن ترفع إصبعا
واحدا دفاعا عن الفلسطينيي ،وهي غي قادرة كذلك على إغضاب المريكيي ،ولكن موقف
الثقفي والماهي متلف تام الختلف ،فتعاطفهم مع الفلسطينيي كبي إل أقصى حد.
هذا الوضع ل يسبّب الضيق لذه النظم الن .ولكن إن حدث شيء يسبّب غضب
الماهي إل درجة أنه قد يعرّض استقرار هذه النظم للخطر ،فإن الوقف سيتغيّر تاما فجأة.
وتوجد جاعات قومية وإسلمية معارضة ف البلد العربية تنتظر اغتنام مثل هذه الفرصة .فلو
ارتكبت إسرائيل إحدى فظائعها مثل مذبة قانا (حت ولو عن طريق الطأ) أو قامت بشيء
ما ف الرم الشريف يسبّب غضب الماهي العربية ،فإن الوقف سيتفجّر .ومن العروف أن
إحدى الظاهرات ف الغرب اشترك فيها مليون شخص ،وأن مظاهرة قامت ف السعودية لول
مرة (قامت با النساء) ،وقامت مظاهرة غاضبة ف عُمان .ويبدو أن الميع ينتظر شارون أن
يرتكب إحدى أعمال البطش ،ليتفجّر الوقف ،لتصل ألسنة النيان إل عنان السماء.
ثالثا :ثة حدود حت للدعم المريكي الكامل لشارون وبييز .وقد تكون إدارة بوش هي
أسوأ الدارات من وجهة نظر فلسطينية .ولكن توجد خطوط حراء :البترول .لو حدث
انفجار ف العال العرب ،وقامت النظم العربية برسالة إل أمريكا تطلب منها فيها أن تنقذها
(من الماهي الغاضبة) قد تبط اليد المريكية الديدية على شارون وشركائه.
وف كل هذا الوقت ،ف السبوع التاسع والعشرين من الصراع ف حلبة اللكمة ،ل
يستطع بطل الوزن الثقيل أن يهوي بالضربة القاضية على خفيف الريشة.
وقد كتب (أفنيي) هذا ف الشهر السابع من النتفاضة ،فما بالكم بالشهر السابع عشر
والثامن عشر ،وما بالكم بصاروخ قسام ،2مل ّي الصنع ،الذي يصل إل العمق السرائيلي،
والذي كتبت عنه الصحف العربية ف البداية ،وكأنه خبٌ عادي ،وكأنه ل يتضمن تغيّرا نوعيا
ف الواجهة بي جيش الحتلل والقاومة الفلسطينية ،ف الوقت الذي وصف فيه (جدعون
سامت) الصاروخ بأنه (ليس ناحا للنتفاضة الثانية وحسب ،بل هو أيضا إخفاق متم
وصارخ لهود الردع السرائيلية) (هآرتس 2002 /1 /30م) .وقال (تال شاحك)
(معاريف 2002 /1 /30م)( :يتغذى الوف من التقديرات المنية والنباء الت توقف شعر
الرأس بشأن الصواريخ الوجهة ف هذه اللحظات نو مستوطنات خط التماس أو مراكز
الدن ،والعمليات العقدة والواد الناسفة الت ل يشهد لا مثيل).
لقد كان اسم عز الدين القسام مفورا ف الذاكرة الفلسطينية والعربية والسلمية رمزا
للمقاومة والستشهاد ،وها هو ذا يتحول إل حقيقة مادية ،وهكذا حوّل النتفضون اللم
العرب إل حقيقة ،وهكذا تُفعّل الُوية والذاكرة لتحوّل الستوطنات إل أطلل ،بدلً من البكاء
التقليدي عليها .ث جاءت الفاجأة الخية :تفجي دبابة (مركبا )3السرائيلية ،وهي من
أحدث أنواع الدبابات وأكثرها تصينا .كان النفجار من القوة بيث انقلبت الدبابة على
جانبها .ويبدو أن النتفضي ،الذين خططوا للعملية بدقة ،استخدموا مئة كيلو غرام من
التفجرات .وتُعدّ هذه العملية تصعيدا جديدا ،ل يتوقعه السرائيليون الذين كانوا يتحدثون
عن (جيش الدفاع السرائيلي الذي ل يُقهر).
***
حرب التحرير الفلسطينية
انتفاضة القصى هي جزء من الوار السلح الذي انرط فيه النتفضون الفلسطينيون مع
الستوطني الصهاينة .ولعل من أهم ثرات هذا الوار أن الستوطني الصهاينة بدؤوا يدركون
النتفاضة ل باعتبارها إرهابا (كما يدّعي زعماؤهم أو كما يدّعي جورج بوش وأعوانه)،
وإنا هي حرب ترير وحركة مقاومة.
ويبدو أن الصهاينة ف بداية احتكاكهم مع الفلسطينيي أدركوا ذلك تام الدراك .فلننظر
على سبيل الثال لذه الكلمات:
ابتداءً أحب أن أبدّد كل الوهام الت سادت بي الرفاق .إن الرهاب (العرب) ليس مسألة
مموعة من العصابات موّلة من الارج ..نن هنا ل نابه إرهابا ،وإنا نابه حربا ،وهي
حرب قومية أعلنها العرب علينا .وما الرهاب سوى إحدى وسائل الرب .هذه مقاومة
فعّالة من جانب الفلسطينيي لا يعتبونه اغتصابا لوطنهم من قِبَل اليهود ،ولذا ياربون .وراء
الرهابيي توجد حركة قد تكون بدائية ،ولكنها ليست خالية من الثالية والتضحية بالذات.
ومنذ زمن الشيخ عز الدين القسام أصبح واضحا ل أننا نابه ظاهرة جديدة بي العرب .هذا
ليس النشاشيب أو الفت ،فهذه ليست مسألة مصال سياسية أو مالية شخصية .إن الشيخ
القسام كان زيلوتيا (غيورا دينيا) ،على استعداد للتضحية بياته من أجل مثل أعلى .ونن
اليوم ل نواجه واحدا وحسب مثله ،وإنا نواجه الئات بل اللف (أمثاله) ووراءهم كل
الشعب العرب .نن نقلّل من أهية العارضة العربية ف أحاديثنا السياسية ف الارج ،ولكن
ينبغي علينا أل نتجاهل القيقة فيما بيننا .إن احترامي للحقائق السياسية ،هو الذي يعلن أصر
على ذكر القيقة .والعتراف بذه القيقة يؤدي بنا إل نتائج حتمية وخطية بصوص عملنا
ف فلسطي ..يب أل نبن المال على أن العصابات الرهابية سينال منها التعب ،إذ إنه إذا ما
نال من أحدهم التعب ،سيحل آخرون مله .فالشعب الذي يارب ضد اغتصاب أرضه لن
ينال منه التعب سريعا ..فمن اليسر لم أن يستمروا ف الرب وأل يكلوا ول يتعبوا..
والعرب الفلسطينيون ليسوا بفردهم ،فالسوريون سيمدون لم يد الساعدة .فمن وجهة نظرنا
هم غرباء ،فمن وجهة نظر القانون هم أجانب ،ولكن بالنسبة للعرب هم ليسوا أجانب على
الطلق .إن مركز الرب هو فلسطي ،ولكن أبعادها أوسع من ذلك بكثي .وحينما نقول:
إن العرب هم البادئون بالعدوان وندافع عن أنفسنا ،فإننا نذكر نصف القيقة وحسب،
فبالنسبة لمننا وحياتنا ،نقوم بالدفاع عن أنفسنا ،ووضعنا العنوي والسدي ليس شيئا..
ويكننا مواجهة العصابات ..وإذا ما سح لنا بتعبئة كل قوانا ،فإنه ل يوجد أدن شك بالنسبة
للنتيجة .ولكن القتال ما هو إل جانب واحد للصراع الذي هو صراع ف جوهره سياسي.
ومن الناحية السياسية نن البادئون بالعدوان ،وهم الدافعون عن أنفسهم .إن الرض أرضهم
لنم قاطنون فيها بينما نن نريد أن نأت ونستوطن ،ونأخذها منهم ،حسب تصوّرهم ..يب
أل نظن أن الرهاب هو نتيجة لدعاية هتلر أو موسولين ،قد يكون هذا عاملً مساعدا،
ولكن مصدر العارضة يوجد بي العرب أنفسهم.
هذه الكلمات قالا بن جوريون نفسه ف عام 1938م .وهي ل تتلف كثيا عن كلمات
موشيه شاريت .ففي خطاب له ف توز (يوليو) 1936م ،أمام اللجنة السياسية لزب
(الاباي) عرّف الثورة العربية بأنا ليست ثورة الفندية الذين يدافعون عن مصالهم
الشخصية ،إنا هي ثورة الماهي الت تليها الصال القومية القة ،وأضاف أن الفلسطينيي
يشعرون بأنم جزء من المة العربية الت تضم العراق والجاز واليمن ،ففلسطي بالنسبة لم
هي وحدة مستقلة لا وجه عرب ،وهذا الوجه آخذ ف التغيّر ،فحيفا من وجهة نظرهم كانت
بلدة عربية ،وها هي ذا قد أضحت يهودية .ورد الفعل ل يكن أن يكون سوى القاومة.
وف 28أيلول (سبتمب) من العام نفسه ،كان شاريت قاطعا ف تشخيصه للحركة العربية
على أنا ثورة ومقاومة قومية ،وأن القيادة الديدة تتلف عن القيادات القدية ،كما لحظ
وجود عناصر جديدة ف حركة القاومة :اشتراك السيحيي العرب بل والنساء السيحيات ف
حركة القاومة ،كما لحظ تعاطف الثقفي العرب مع هذه الركة ،وبيّن أن من أهم دوافع
الثورة هو الرغبة ف إنقاذ الطابع العرب الفلسطين وليس مرد معارضة اليهود.
[Simha Flapan. Zionism and The Palestinians
(London: Croom Iielm, 1979) PP. 140-150].
وقد كان هذا العتراف الصهيون بشرعية القاومة العربية للغزوة الصهيونية ،وبطبيعتها
القومية النبيلة مرد إشراقة وقتية ،لظة صدق غابت وتوارت وراء سحب كثيفة من
الكاذيب النابعة من السطورة العنصرية الصهيونية ،أساس وجود الصهاينة ف فلسطي.
وجوهر هذه السطورة هو إنكار تاريخ الفلسطينيي ووجودهم ذاته ،وهكذا تولت فلسطي
ف وجدانم إل صهيون الت توقف تاريها تاما بسبب رحيل اليهود عنها .فخلت من
السكان الصليي ،وإن حدث وكان هناك سكان أصليون ،فهم حسب التصور الصهيون
قليلو العدد ،متخلفون يفتقرون إل الفنون والعلوم والهارات الختلفة ،يهملون الثروات
الطبيعية الكامنة ف الرض .وهم عادةً مرد رحالة ل يستقرون ف أرض ما ،وهم شعب ل
تاريخ له ،فأعضاؤه جزء ل يتجزأ من الطبيعة (كالثعالب والذئاب) ومن ثَم ل حقوق لم،
ويكن إبادتم إن ثبت أن ضررهم أكثر من نفعهم .وقد لص (وايزمان) الصراع العرب
السرائيلي بأنه (الصراع البدي بي المود من جهة ،والتقدم والكفاءة والصحة والتعليم من
جهة أخرى .إنا الصحراء ضد الدنية).
وقد قام الستعمار الغرب بدعم الصهاينة وزيّن لم الوهم بأنم ف وسعهم أن يغزوا الرض
الفلسطينية ويطردوا منها أهلها .ومع توال التراجع العرب ،اكتسبت السطورة الصهيونية
حياة وقوة ومصداقية أمام الؤمني با .وتدرييا توّلت فلسطي إل (إرتس يسرائيل) ف
وجدانم ،فأصبح لم -ف تصوّرهم -حقوقا مطلقة فيها ،ومن َثمّ فكل من يهاجهم هو
مرد دخيل إرهاب ياول أن يسلبهم حقوقهم ،أما العرب فقد توّلوا إل مرد أشياء يكن
تريكها من مكان لخر (كما يكن بطبيعة الال إبادتا) .تصدر لا الوامر بالتحرك
فتتحرك ،ث يصدر لا أوامر بالتوقف فتتوقف .فالفلسطينيون ليسوا كائنات حية ،حياتا
وطاقتها وحيويتها تتبع من داخلها ،وإنا هم كائنات آلية يكن تريكها من الارج ،تاما كما
يفعلون ف مسرح العرائس.
ولعل رسالة (وايزمان) إل (أينشتاين) (بتاريخ 1949 /11 /30م) تلخص الوقف ،فهو
يرى العرب باعتبارهم شعبا غي مستعد للديقراطية ،ياول الري قبل أن يستطيع السي ،ولذا
من السهل أن يقع تت تأثي البلشفة والكاثوليك،
والصهاينة جاهزون بذا التفسي السهل دائما ،فحينما ترد العرب ،وقاوموا وعبّروا عن
غضبهم ف أوائل القرن ،ل يصنّف تردهم باعتباره ثورة ،وإنا صُنّف باعتباره مرد مذبة
حرّض عليها قنصل روسيا القيصري .أي إن الصهاينة حاولوا إنكار وجود أية هوية سياسية
للعرب عامة ،وللفلسطينيي على وجه الصوص ،أو أية مشاعر قومية من جانبهم .فالصهاينة
ف إدراكهم للثورات العربية عليهم ،ينكرون طبيعتها القومية والسياسية ويؤكدون لنفسهم
ب الرض أو الوطن أو التمسك بالتراث ،فالدافع إليها هوولرفاقهم أن الدافع إليها ليس ح ّ
التعصب الدين أو التحريض الارجي .وكان الصهاينة يلومون السيحيي العرب ،أحيانا،
باعتبارهم العداء القيقيي لشروعهم الستيطان ،ويصورون السلمي ف صورة الفريق
الطيب الذي يكن التفاهم معه .وكانوا أحيانا أخرى يفترضون العكس ،فيؤكدون أن
السلمي هم العدو القيقي ،وأن السيحيي هم الفريق الذي يبدي استعدادا كبيا للتعاون.
وكانت الماهي الفلسطينية بالنسبة إليهم مرد غوغاء يتلعب با الهيجون القطاعيون
والفندية ول تركها الدوافع القومية .ويرى (سحا فلبان) أن وايزمان كان يؤمن إيانا
راسخا بأن ترّد هذه الماهي ليس تعبيا صادقا عن حركة قومية خلقة ،وإنا كانت تليه
العتبارات القطاعية والقَبَلية الضيقة.
وإل جانب هذا ،كان الصهاينة يرون الفلسطين أو العرب حيوانا أو ملوقا اقتصاديا مضا
تركه الدوافع القتصادية الباشرة .ولذا ،فيمكن حل الشكلت العربية (حسب هذا التصور)
ف إطار اقتصادي ل يكون سياسيا بالضرورة .ولعل من المثلة الول على هذه الستراتيجية
الدراكية (رشيد بك) هذا العرب الذي ت تليقه حسب الواصفات الصهيونية ف رواية
(هرتزل) الرض الديدة القدية ،والذي يؤكد لنفسه وللعرب وللعال أن الوجود الصهيون
قد عاد على العرب بالنفع الكبي :لقد زادت صادرات البتقال عشر مرات ،كما أن الجرة
اليهودية كانت خيا وبركة ،خصوصا بالنسبة للك الراضي ،لنم باعوا أرضهم بأرباح
كبية .وظل لفيف من الصهاينة يؤمنون إيانا راسخا بإمكان التغلب على معارضة
الفلسطينيي عن طريق توضيح الزايا القتصادية المة الت سيجلبها الستيطان الصهيون ،وعن
طريق حثهم على الرحيل إل البلد العربية ،بعد إعطائهم التعويض القتصادي الناسب عن
وطنهم ،وهذا ما يسمّى ف الطاب الصهيون (الترانسفي الطوعي) .وكانت إحدى القناعات
الدراكية عند (وايزمان) أن تطوّر فلسطي سيؤدي إل أن يفقد العرب الهتمام بالعارضة
السياسية.
إن التفكي الصهيون تفكي غرب استعماري عنصري حت النخاع ،ولذا فهو يتسم بالتعميم
والتجريد والنتقاء ،فالستوطن الصهيون إن ل يفعل هذا وجد نفسه أمام وجود إنسان
متعي ،له قداسته وله قيمته النسانية والضارية ،المر الذي يعل من العسي عليه تقبل
العتذاريات الت تسوغ استغلل العرب وإبادتم ،وتويلهم إل مرد شيء يُنقل من مكان
لخر ،أو شيء ل ضمي له ول هوية ،ومن َثمّ يكنه أن يضع (للترانسفي الطوعي) .وهذا ما
اقترحه (هوراس كالن) الفيلسوف البجات المريكي ف ماولته رسم صورة الفلسطين ف
الستقبل ،كما يب أن يراها ،فقال( :لو حصل اللجئون على جوازات سفر وغيها من
الوثائق الت تكّنهم من التحرّك برية ،ولو حصلوا على مبلغٍ كافٍ من الال ،ليشقوا به
طريقهم إل مكان من التوقع أن يدوا فيه سُبل العيش العقولة .وقيل لم إن هذا هو كل ما
سيحصلون عليه ول شيء آخر أبدا ،لو حدث هذا لبدؤوا عندئذ ف العتماد على النفس).
ولكن يوجد إل جانب (الترانسفي الطوعي) (الترانسفي القسري) الذي يتم تت مظلة
البطش الصهيون ،والذي ل يزال يداعب جفون الستوطني .ففي استطلع للرأي أجري
مؤخرا رأى %46من السرائيليي ضرورة ترحيل الفلسطينيي من سكان الناطق و %31
رأوا ضرورة ترحيل عرب إسرائيل (هآرتس 2002 /3 /12م).
وها هي النتفاضة تطّم السطورة وتعيد للمستوطني شيئا من رشدهم وعقلهم ،عن
طريق تقويض أسطورتم الفاشية الزائفة .ويقول (زئيف شيف) أهم معلق عسكري ف
إسرائيل ف وضوح كامل ف هآرتس (2002 /3 /4م) إن العمليات الفدائية الفلسطينية
تنتمي إل حرب العصابات وليس للرهاب (المر الذي يذكّرنا بكلمات بن جوريون
وشاريت) .أما (يوئيل ماركوس) فيشي ف مقال له ف هآرتس (2001 /11 /13م) إل
فشل إسرائيل ف القضاء على ما ساه (الرهاب القومي) بالقوة .ومن الواضح أن الكاتب
ياف من الديث عن النتفاضة باعتبارها مقاومة مشروعة ،ولذا يتخفى وراء عبارة
(الرهاب القومي) إل أنه يعن ،ف واقع المر( ،القاومة الشعبية) ،أو (حرب التحرير) .وما
يدعّم هذا الرأي أنه هو نفسه يقول :إن فشل إسرائيل ليس فريدا (ففي القرن العشرين ل
تنجح دولة ف العال ف القضاء على الرهاب القومي) ،وهو بذلك يستدعي ،عن غي وعي،
إل عقل الستوطني الصهاينة تاريخ حركات القاومة ف إفريقيا وآسيا ،وهي الركات الت
نحت ف هزية اليوش الستعمارية وتصفية اليوب الستيطانية سواء ف الزائر أم جنوب
إفريقيا.
ويتساءل (أبراهام يهوشع) (يديعوت أحرونوت 2002 /1 /22م)( :هل بإمكانكم أن
تأتوا بثال واحد ف التاريخ نح فيه شعب ف السيطرة على شعب آخر لفترة طويلة؟ هل
تعرفون مكانا واحدا ف العال يعيش فيه بشر دون حقوق إنسان مثل الفلسطينيي؟).
إن ما يُسمى (الرهاب) ليس إرهابا ،بل هو حرب ترير ،لن الفلسطينيي ليسوا مرد
مموعة متناثرة من الحاربي ،بل هم شعب بأسره له تاريه ومؤسساته الضارية .وهذا ما
يبيّنه (مايكل بن مائي) (هآرتس 3آذار (مارس) 2002م) ،إذ يقول:
إن النتفاضة هي حرب التحرير الت يوضها الشعب الفلسطين .فالتاريخ يعلمنا أنه ل توجد
أمة على استعداد أن تعيش تت هيمنة شعب آخر ،وأن حرب التحرير الت يوضها شعب
مضطهد ستنجح حتما.
(والسرائيليون كقوة احتلل) يقتلون الطفال ويقومون بتنفيذ حكم العدام ف أشخاص
مطلوبي دون ماكمة .لقد أقمنا الواجز الت حوّلت حياة الليي إل كابوس ..إن علما
أسودَ يرفرف فوق أفعالنا .إن نظام الحتلل يقوض البادئ الخلقية وينع التوصل إل سلم.
وهكذا فهو يهدّد وجود إسرائيل.
ولنا حرب ترير يشنها الضطّهد صاحب الق السليب ،فإحساسه بشرعية جهاده يشد
من أزره ويفزه على الستمرار (ف الرب ..بل هوادة) .وكما يقول يوزي بنمان (هآرتس
3آذار (مارس) 2002م):
فلنتخيل أن كل الوهام تققت ،وقبضنا على كل الرهابيي ،وصادرنا كل السلحة،
وحطمنا كل مصانع السلح ،حيث تُصنّع الدافع والصواريخ .فهل سيكون لذا أي تأثي؟ هل
يشك أحد أنه ف الصباح التال ستظهر مصانع سلح أخرى ستنتج الزيد من السلحة الت
ستُستخدم ضد إسرائيل؟ هل يشك أحد ف أنه ف هذا الصباح هناك مئات من الفلسطينيي
يذهبون إل مراكز التنظيم وحاس ،يعلنون أنم على استعداد أن يشنوا هجوما على إسرائيل؟
هل نفد خزان النتحاريي من نابلس وقطاع غزة؟
(ول يكن (يوزي بنمان) هو من أول من أدرك ذلك ،إذ يُروى عن إسحاق رابي أنه
عندما نشبت انتفاضة 1987م سأله النود( :من أين يأت مئات التظاهرين الذين يلقون
بالجارة عليهم) (أبراهام يهوشع -نقلً عن السفي 2002 /2 /25م)).
أما (جرشون باسكي) الدير العام الشترك للمنظمة السرائيلية -الفلسطينية للبحوث
والعلومات فكتب يقول:
إن الفلسطينيي يعرفون أن قوتم العسكرية أقل بأضعاف من القوة السرائيلية ،وأنه ل
توجد أمامهم أية إمكانية للفوز ف أرض العركة ،ولكنهم يؤمنون من الناحية الخرى بتفوقهم
السياسي والخلقي .واعتقادهم هو أن العدل والتاريخ يقفان إل جانبهم ،وهم يقولون :إن
إسرائيل هي الحتل الخي التبقي ف العال ،وأن أحدا ل يستطيع أن يوقف نصرهم ف حرب
التحرير الت يوضونا من الحتلل الجنب .اعتقادهم هو أن اتباع تاكتيك مثل حزب ال
سيحقق غاياته ،وأن السائر الفادحة الت تلحقها إسرائيل بم تعزز من معنوياتم ،وتشكل
الفصل الهم ف الرواية الفلسطينية .واستنادا إل تربة عملية أوسلو الفاشلة ،فهم يعتقدون
أنم لن يتمكنوا من انتزاع انسحاب كامل من الناطق من إسرائيل من خلل الفاوضات
السياسية ،وهم مقتنعون أنم سيحققون ذلك ف ناية الطاف من خلل الكفاح الذي
يوضونه الن( ،أي من خلل حرب التحرير الفلسطينية).
ولنا حركة ترير ،فإن حلة شارون الخية للقضاء على النتفاضة ،وعلى ما يسمونه
البنية التحتية للرهاب ،مكوم عليها بالفشل ،فهي (إعلن حرب على الشعب الفلسطين
كله) ،فالبنية التحتية الشار إليها قد تكون (بعض الورش والبان وبضع عشرات من القيادات
والخازن ،وعشرات اللف من الشخاص الاملي للسلح .ولكنها أيضا الجموعة
السكانية الفلسطينية الت تعيش ف الضفة والقطاع ،الت توفر الدعم الخلقي والقيقي
للمخربي ،وباسم هذه الجموعة يهاجون إسرائيل وإليها يعودون لياد مبأ لم .ولذا
فإسرائيل غي قادرة على مطاردة كل واحد من آلف الخربي الفلسطينيي) (عوزي بنيان
هآرتس 2002 /3 /31م).
والوضوع نفسه يكرره (مكيفا الدار) (هآرتس 2002 /3 /14م) ف مقال بعنوان
(عرفات معترف بالنصر) يقول فيه:
شارون يعرف بالتأكيد ما يعرفه كل ضيف ينل ف ديوان رئيس السلطة الفلسطينية الليء
بالثقوب ف هذه الرب .وربا يكونون قد أحرزوا هذا النصر بالفعل .هذا النصر موضوع
على طاولته بشكل يومي من خلل عناوين الصحف .لن تستطيع أية دبابة إسرائيلية أن تأخذ
هذا النصر منه ،ول حت من خلل القذف بنسوة رام ال من بيوتن ف الليل الدامس نو
النيان الوجودة ف الشوارع.
إن الجاهدين يأتون بكل تراثهم وإبداعهم ليقاتلوا ضد الحتل .وهذا ما لحظه (يوسي
ساريد) (معاريف 2000 /3 /4م) .ففي رده على اليمي السرائيلي الذي يتهم اليسار
السرائيلي ،بأنه أعطى الفلسطينيي البنادق (أي قوات المن التابعة للسلطة بتوقيع اتفاقية
أوسلو) .يقول:
صحيح ،نن قدّمنا لم البنادق ،ولكن اليمي الوطن قدّم لم الافزية .الحتلل الذي
يطول يقدّم لم الافزية .الستوطنات الت تقام داخل أرضهم تقدّم لم الافزية .الطواق
والغلقات ،والوع والفقر والذلل ،تقدّم لم الافزية ،البنادق بدون حافزية ل تطلق النار.
ولكن إذا كانت هناك حافزية ،حت الكنسة تطلق النار وها هي الكنسة أطلقت النار أمس:
بندقية كاربي ،يعرفها كل متطوع ف الرس الدن عن كثب ،سلح غي أوتوماتيكي..
بندقية قدية ،مثبتة بالسامي ،خردة ،ليست بندقية بقدر ما هي مكنسة ،بندقية واحدة ومرّب
واحد قتل عشرة رجال ،سبعة جنود وثلثة مدنيي.
إن الردع الذي حققه الخرّب الوحيد مع بندقية كاربي الردة ،تفوق ألف مرة الردع
الذي حققه اليش السرائيلي ف عملية استعراضية ف ميم بلطة وجني مع كل دباباتا
ومروحياتا.
إن حرب التحرير الفلسطينية تنبع من أنبل الدوافع النسانية ،إقامة العدل ف الرض وترير
الوطن من الغتصب ،والقضاء على الحتلل ،وتنفيذ مقررات الشرعية الدولية ،فمصدرها هو
المل والقدرة على التضحية بالذات ،وليس اليأس والرغبة ف تفجيها ،إنا تعبي عن امتلء
إنسان وأخلقي حقيقي ،ولول هذا لا كُتب لا الستمرار ،ولا أتى مئات التظاهرين
والستشهاديي ،الفعمي بالمل والرغبة ف ترير الرض.
وهي حرب أعادت إل الوجدان العرب والسلمي إحساسه بقدرته على تغيي الواقع
وعدم الستسلم للظلم ،ومن هنا ثورة الشارع العرب على الظلم ،وإرساله رسائل للعال
بأسره بأنه ل يكن السكوت على ما يدث ف فلسطي ،وهي ثورة بددت الوهم الغرب بأن
الشارع العرب ل وجود له ،وأن الجيال العربية الديدة نت وترعرعت ف إطار ما يسمّى
(ثقافة السلم) ،والت كان من القدّر لا أن تتمركز حول نفسها وتنسى فلسطي
والفلسطينيي لتحقق لنفسها التعة من خلل معدلت متصاعدة من الستهلك ،هذه الجيال
بدأت تبعث بالرسائل الواضحة بأن البطش الصهيون الذي يتم بأسلحة أمريكية ودعم سياسي
واقتصادي غرب لن يقابل بسلبية بلهاء ،وإنا سنتصدى له وسيدفع الزار الثمن،
***
ناية إسرائيل
أدت ظواهر مثل تزايد النوح من الستوطن الصهيون وتزايد الجرة منه ،والطالبة بفك
الستوطنات والتفكي ف تغليف (أي تقسيم) القدس ،وتدهور الالة القتصادية والحساس
بالعجز المن ،وإدراك النتفاضة باعتبارها حرب ترير ،إل طرح موضوع بقاء اليب
الستيطان الصهيون على بساط البحث ،وهو موضوع ل يب أحد ف إسرائيل مناقشته،
ولكنه يُطل برأسه ف الزمات .ففي أثناء انتفاضة 1987م ،حي بدأ الجاع الصهيون
بصوص الستيطان يتساقط ،حذر (إسرائيل هاريل) التحدث باسم الستوطني من أنه إذا
حدث تقهقر ما من جانب إسرائيل (أي شكل من أشكال النسحاب والتنازل) ،فهو لن
يتوقف عند الط الخضر (حدود 1948م) إذ سيكون هناك انسحاب روحي يكن أن
يتهدّد وجود الدولة ذاتا (اليوساليم بوست 1988 /1 /30م) .وهو تذير قد يكون فيه
قدر من البالغة ،ولكنه يتوي أيضا على قدر كبي من القيقة ،ففي الروب القومية (كما
يقول إسرائيل هاريل نفسه) ،تلعب الروح العنوية (أو الهادية) الدور الساسي ،وروح
السرائيليي العنوية ف حالة تراجع ،فهل ستصدق نبوءة هذا التحدث الصهيون؟
ول يهم إن كانت النبوءة ستتحقق ف الستقبل البعيد أو القريب ،فما يهمنا ف ماولة
دراسة أثر النتفاضة على التجمّع الصهيون وعلى الستوطني الصهاينة ،أن نبيّن أن موضوع
ناية إسرائيل مطروح الن على قائمة الهتمامات الفكرية والوجدانية الصهيونية .انظر على
سبيل الثال إل يديعوت أحرونوت (بتاريخ 2002 /1 /27م) الت ظهر فيها مقال بعنوان
(يشترون شققا ف الارج تسبا لليوم السود) ،واليوم السود هو اليوم الذي ل يب
السرائيليون أن يفكروا فيه .والوضوع نفسه يظهر ف مقال (ياعيل باز ميلماد) (معاريف
2001 /12 /27م) الذي يبدأ بالعبارة التالية( :أحاول دائما أن أبعد عن هذه الفكرة
الزعجة ،ولكنها تطل ف كل مرة وتظهر من جديد :هل يكن أن تكون ناية الدولة كنهاية
الركة الكيبوتسية؟ من نقطة الزمن الالية ما زالت هذه الفكرة مدحوضة ،ولكن ثة الكثي
جدا من أوجه الشبه بي الجريات الت مرت على الكيبوتسات قبل أن تتضر أو توت ،وبي
ما يري ف الونة الخية مع الدولة) .بل إن الستوطني أنفسهم أصبحوا يستخدمون العبارة
نفسها .فرئيس ملس السامرة القليمي أخب شارون (ف مشادة لفظية معه)( :نن سنحارب
بكل قوتنا ،وسننل الشوارع .إن هذا الطريق الدبلوماسي هو ناية الستوطنات ،إنه ناية
إسرائيل) (هآرتس 2002 /1 /17م) .وقد لص (جدعون عيست) الوقف ف عبارة درامية
(يديعوت أحرونوت 2002 /1 /29م) (ثة ما يكن البكاء عليه :إسرائيل).
بل إن ملة نيوزويك (2002 /4 /2م) صدرت وقد حل غلفها صورة نمة إسرائيل،
وف داخلها السؤال التال( :مستقبل إسرائيل :كيف سيتسن لا البقاء؟) .وقد زادت الجلة
المور إيضاحا حي قالت( :هل ستبقى الدولة اليهودية على قيد الياة؟ وبأي ثن؟ وبأية
هوية؟) ث اقتبست الجلة قول الكاتب السرائيلي (عاموس إيلون)( :إنن ف حالة يأس لنن
أخشى أن يكون المر قد فات .وقد قلت لكم مرد نصف ما أخشاه) .ول يتلف رأي
المريكيي (أوثق حلفاء إسرائيل) عن ذلك .فقد أعرب %18عن رأيهم أن إسرائيل
ستختفي من الوجود ،وقال %23أنا لو استمرت ف البقاء فلن تكون دولة يهودية ،وهذه
نسبة عالية للغاية ( ،)%41خاصةً وأن أحدا ل يكن يرؤ حت على طرح السؤال منذ عدة
شهور،
وحي يطل موضوع (ناية إسرائيل) برأسه ،فإن العدو يذيع عن نفسه ما يسمّى (العقدة
الشمشونية) ،وهي أنه إن ت استفزازه وماصرته فإنه سيحطم الدنيا على رأسه وعلى رؤوس
الخرين ،كما فعل ششون ف اليكل .ومن الساطي الشمشونية الخرى أسطورة ماساداه،
وهي آخر قلعة يهودية سقطت ف أيدي الرومان أثناء التمرد اليهودي الول ضد المباطورية
الرومانية ( 70 - 66ميلدية) .وتذهب السطورة الصهيونية إل أن الحاربي اليهود
ل ناصعا على الحاصرين آثروا النتحار على الستسلم للرومان ،وأن انتحارهم هذا يقف دلي ً
مدى صلبة اليهود ووحدتم .ويلحظ أن كل السطورتي ينطوي على حالة حصار نائية
مغلقة ،ل يكن الفكاك منها إل بتدمي الذات وربا تدمي الخر ،أي إن ناية إسرائيل
سيصاحبها ناية الخر .والركة الصهيونية ف إشاعتها لذه الساطي النتحارية ،الت ل
تستند إل أية حقائق تاريية ،تاول توليد الرهبة والوف ف العقل العرب ،وبالتال تكسب
الكثي من العارك النفسية والفعلية دون خوض أي حرب.
ولكن من العروف أن القوات السرائيلية الت حُوصرت ف (خط بارليف) ،على سبيل
الثال ،استسلمت بطريقة عملية ورشيدة للغاية على مسمع ومرأى الصليب الحر الدول
والتلفزيون الصري .وف أحد هذه الواقع ،سأل النود قادتم بتهكم إن كان الطلوب هو
القتال حت الوت لقامة ماساداه ثانية ،فأتاهم الرد بالستسلم على أن يبتسموا أمام عدسات
التلفزيون الصري .أما النود السرائيليون الذين انتحروا ف أثناء عملية لبنان ،فيبدو أنم قاموا
بفعلتهم هذه يأسا من الرب وثنها الفادح ،إذ إنم ل يكونوا داخل موقع ماصر ،وبالتال
فإن انتحارهم ل يكن من أجل الدولة والُثُل الصهيونية وإنا للحتجاج عليها.
ومع اندلع النتفاضة 1987م ل يتحدث الصهاينة عن النهاية ف الطار النتحاري
للماساداه ،فكل من (يهوشفاط حركب ،وآرييل شارون) ،حي تدثا عن ناية الكيان
الصهيون ،ل يشيا من قريبٍ أو بعيدٍ إل ماساداه ،وإنا إل الطائرة الروحية المريكية ،أي
تلك الطائرة الت ستأت حينما تي لظة النهاية وتط فوق سطح السفارة المريكية (كما
حدث ف سايغون ف فيتنام) لتأخذ فلول الستوطني وعملء الوليات التحدة ،أي إنه بدلً
من النتحار البطول السطوري الزعوم سيكض الميع نو الطائرة.
وتكرر النمط نفسه مع اندلع انتفاضة القصى والستقلل ،فلم يتحدث الصهاينة عن
النتحار البطول أو عن ناية الخر ،وإنا عن ناية إسرائيل (ركوب آخر طائرة إذا تكررت
قصة سايغون (هآرتس 2000 /1 /24م) .وف مقال بعنوان (ليلة سعيدة أيها اليأس..
والكآبة تكتنف إسرائيل) كتبه (إتيان هابر) (يديعوت أحرونوت 2001 /11 /11م) يشي
إل أن اليش المريكي كان مسلحا بأحدث العدات العسكرية ،ومع هذا يتذكر الميع
(صورة الروحيات المريكية توم فوق مقر السفارة ف سايغون ،ماولة إنقاذ المريكيي و
(عملئهم) الحليي ف ظل حالة من اللع والوف حت الوت) ،وكل لبيب بالشارة يفهم.
فماساداه ل تطل برأسها ،وإنا الطائرة الروحية رمز القدرة على الستسلم ،وعلى الروب
البان ف الوقت الناسب .ث يستمر الكاتب نفسه ف تفصيل الوقف:
إن جيش الفاة ف فيتنام الشمالية قد هزم السلحي بأحدث الوسائل القتالية .ويكمن السر ف
أن الروح هي الت دفعت القاتلي وقادتم إل النتصار .الروح تعن العنويات والتصميم
والوعي بعدالة النهج والحساس بعدم وجود خيار آخر .وهو ما تفتقده إسرائيل الت يكتنفها
اليأس.
***
وهم النفوذ اليهودي
هل يعن ما نقول أن إسرائيل ستنهار تت ضربات حرب التحرير الفلسطينية؟ الجابة ف
تصوري بالنفي ،فالتجمع الصهيون تسانده الوليات التحدة والعال الغرب بأسره ،بيث إن
مقومات حياته ليس من داخله ،وإنا مستمدة من خارجه .وهنا يب أن نتناول مقولة
(سيطرة اليهود) على العال الغرب وخاصة الوليات التحدة .فمن الفكار الساسية السيطرة
على الطاب السياسي العرب تصوّر أن اليهود يسيطرون على آليات صنع القرار ف الوليات
التحدة ،وأن الوليات التحدة ،بالتال ،ضحية مسكينة يتلعب با الصهاينة اليهود .ويتم هذا
من خلل ثلث آليات :الصوت اليهودي ،العلم بكل أشكاله ،واللوب الصهيون ،ويُفسر
دعم الوليات التحدة لسرائيل ف هذا الطار .ولكن الكثيون ينسون أن الدولة الصهيونية
استثمار استراتيجي مهم بالنسبة للوليات التحدة باعتبارها قوة إمبيالية عظمى لا مصالها
الت تاول تقيقها وحايتها بأي ثن ول تدخر وسعا ف ضرب كل من يقف ف طريقها.
وتتبع استراتيجية الوليات التحدة من الستراتيجية الغربية الستعمارية العامة الت تددت منذ
منتصف القرن التاسع عشر (قبل أن يصبح أعضاء الماعات اليهودية لعبي أساسيي ف
كواليس السياسة الغربية) .وقد قررت هذه الستراتيجية الواجهة الستمرة مع العال السلمي
بدلً من التصال أو التعاون معه (وإل لا قضت أوربا على ممد علي ولا ت وضع اتفاقية
سايكس بيكو لتقسيم العال العرب) .وهذا القرار قد يكون ل عقلنيا من وجهة نظرنا ،ولكن
من قال إن القرارات الستراتيجية العليا (عقلنية) ،فهي تستند إل مفاهيم ل يتم التساؤل
بشأنا من قبيل السطورة النازية (الت نادت بأن ألانيا فوق الميع) والسطورة الصهيونية
(الت ادعت أن فلسطي أرض بل شعب) والرؤية الستعمارية العرقية (الت افترضت أن من
حق الرجل البيض الستيلء على العال وتوظيفه لسابه) .وكل هذه القولت السطورية
الت ل أساس لا ف الواقع تسبق عملية التفكي ذاتا ،وبالتال ل يكن تغييها إل بعل
صاحبها يدفع ثنا فادحا للسطورة.
وأية دراسة ولو مبدئية لسألة الصوت اليهودي والعلم من جهة وتعاظم النفوذ الصهيون
من جهة أخرى ،تبي أن موقف الوليات التحدة من إسرائيل وقضية الصراع العرب
السرائيلي ل يتأثر ف أساسياته بجم النفوذ اليهودي .خذ على سبيل الثال العلم :كانت
نسبة أعضاء الماعات اليهودية من العاملي ف حقل العلم إل غي اليهود كبية للغاية حت
أوائل الستينيات ،ولكن أعداد غي اليهود بدأت ف التزايد ،وبدأ عدد الؤسسات العلمية الت
يتلكها غي اليهود يرتفع ويتسع نطاق نفوذها .وكان الفروض ،حسب تصور مفهوم اليمنة
اليهودية من خلل العلم ،أن يتراجع التحيز المريكي للصهاينة ،باعتبار أن ثرة ضغط
يهودي أو صهيون .ولكن ل يدث شيء من هذا القبيل ،بل يكن القول :إن العكس
صحيح .ويكن أن نطرح سؤالً :هل هناك اختلف جوهري ف موقف الؤسسات العلمية
الت يتلكها يهود عن تلك الت يتلكها غي يهود؟ وهل يكن القول بأن هذه أكثر تيزا من
تلك؟ أعتقد أن الجابة بالنفي ،فثمة موقف أمريكي عام تروّج له الؤسسات العلمية
المريكية بغض النظر عن انتماء أصحابا الدين أو العِرقي أو السياسي ،وكل هذا يدل على
أنه ل توجد علقة طردية بي تزايد النفوذ اليهودي العلمي وتزايد حجم التأييد المريكي
للدولة الصهيونية.
أما بصوص الصوت اليهودي ،فالسألة أكثر وضوحا .فالصوت اليهودي يتلف من رئيس
جهورية لخر .فكلينتون حصل على عدد كبي من أصوات اليهود على عكس نيكسون الذي
ل يصل على أكثر من .%20ولكن منحن التأييد المريكي للدولة الصهيونية أخذ ف
التصاعد بغض النظر عن عدد الصوات الت يصل عليها رئيس المهورية النتخب ،إذ توجد
سياسة استراتيجية عامة ل تتأثر بأمور جزئية مثل عدد الصوات الذي تنحه أقلية دينية أو
عِرقية ما لرئيس المهورية (يلحظ أن قرارات جورج بوش البن ل تتأثر كثيا بأن معظم
أعضاء القلية السلمية والعربية ف فلوريدا قد منحوه أصواتم ما أدى لنجاحه) .ولنقارن
موقفنا بوقف التحدث الرسي التركي ،حينما كان دوكاكيس (وهو من أصل يونان) قد
رشح نفسه لرئاسة المهورية .فقد سُئل :أل تشى الكومة التركية من وجود رئيس
جهورية من أصل يونان ف البيت البيض ،ومن أن مثل هذا الرئيس قد يتخذ مواقف متحيزة
لليونان على حساب تركية؟ فرد التحدث التركي بزم قائلً :إن تركية ل تشى شيئا ،لنه
توجد ثوابت استراتيجية تكم سلوك وسياسات الوليات التحدة ول تؤثر فيها اللفية العِرقية
للرئيس المريكي (ف الوقت الذي كان فيه بعض العرب يرتعدون خوفا من أن كيت
دوكاكيس -زوجة الرشح الديقراطي -يهودية).
ولو صدقت مقولة هيمنة اليهود على القرار السياسي الغرب لتناسبت درجة الدعم ف دولة
غربية ما تناسبا طرديا مع عدد اليهود ومدى نفوذهم ،ولكن الدراسة التأنية تؤكد أنه ل
توجد أدن علقة .فموقف هولندا وإنلترا يتسم بالدعم الكامل لسرائيل بالرغم من أن الدولة
الول ل يوجد با يهود تقريبا ،والثانية با جاعة يهودية آخذة ف التناقص ،ومندمة ف
الجتمع النليزي وهزيلة لقصى حد .بينما ند أن فرنسا الت توجد فيها جاعة يهودية قوية
نشطة وذات نفوذ تتخذ مواقف أكثر اعتدالً.
وقرار الوليات التحدة بدعم إسرائيل يستند إل حسابات دقيقة داخل إطار خيارها
الستراتيجي البدئي ،فالوليات التحدة تعطي الدولة الصهيونية ما يقرب من عشرة مليارات
دولر سنويا لماية الصال المريكية (أسعار البترول -السوق العربية -الستثمارات
المريكية -صفقات السلح -الموال العربية ف الصارف المريكية) والمن المريكي
(الكومات العربية المالئة للوليات التحدة النفوذ المريكي ف النطقة -التحكم ف منابع
البترول) .ولنتخيل الشرق الوسط دون الدولة الصهيونية ،ولنتخيل الوليات التحدة وقد
اضطُرت لن تقوم بهمة حاية مصالها القتصادية والمنية بنفسها دون اللجوء لوسيط ملي.
ففي مثل هذه الالة الفتراضية يُقال إنه يتعي على الوليات التحدة أن تُبقي خس حاملت
طائرات ف حوض البحر البيض التوسط بشكل دائم تكلف حوال خسي مليار دولر.
وهكذا فالدولة الصهيونية صفقة استراتيجية رابة بالنسبة للوليات التحدة ،وهو المر الذي
يرص التحدثون السرائيليون على إظهاره ،ول يلون من تكراره للحصول على الزيد من
الدعم.
***
خاتة
يتبي من الفكار واللحظات الت سبق عرضها أنه ل بد من تضافر جهود الفلسطينيي
وتضحياتم اليومية مع جهود الدول العربية والسلمية ،كما يب حشد طاقات الماهي
العربية وتنظيمها حت يتحول غضبها وحاسها إل مقاومة فعّالة .ولعل مقاطعة البضائع
والشركات السرائيلية والمريكية هو أول ما يتبادر إل الذهن ،على أن تل ملها بضائع
مصرية أو حت أوروبية أو يابانية .وهناك أشكال أخرى من القاومة مثل تسعي النفط بكلّ من
اليورو والدولر وتويل بعض الرصدة العربية من الصارف المريكية إل الصارف
الوروبية .وهذه على أية حالٍ مرد اقتراحاتٍ أولية ل بد أن تُدرس .وقد يكون من الفيد ف
هذه الرحلة أن يُعقد مؤتر للمتخصصي يدرس أشكال القاومة الخرى للستعمار الصهيون
الذي تسانده الوليات التحدة.
وثة ماولت تُجرى الن لختراق القاومة الفلسطينية واللتفاف حولا باسم ماولة وقف
العنف والعودة إل مائدة الفاوضات ،وما شابه ذلك من دعاوى استسلمية مصقولة تتجاهل
مكاسب الجاهدين الفلسطينيي اليدانية ،وذلك بدلً من أخذ هذه الكاسب ف العتبار،
وبدلً من دعمها عن طريق تفعيل العمق الستراتيجي العرب والسلمي على جيع الستويات
الرسية والشعبية ،وبدلً من طرح مبادرات سياسية يساندها ضغط عرب وإسلمي :مبادرات
تلب حقوق الشعب الفلسطين الشروعة غي القابلة للتصرف.
إن كفاح الشعب الفلسطين نمٌ ساطع ف زمن الكذابي والزيفي والوثنيي و (الواقعيي)
النزاميي ،وهو نم بدّد كثيا من الظلمة والكاذيب .وقد أثبت الفلسطينيون مقدرة فائقة
على الصمود والثابرة والبداع والكفاح من أجل شرف أمتنا وكرامتها ومصالها وأمنها،
ونرجو أل يُكتَب عنا أننا تركنا هذه اللحظة التاريية النادرة تفلت من أيدينا.
وال أعلم.
***
ملحق
أثر النتفاضة على القتصاد السرائيلي
يكن القول :إن أبعاد أزمة القتصاد السرائيلي ف ظل النتفاضة الباركة تتجلى ف بُعدين
أساسيي ها :انيار ثقة المهور ورجال العمال والؤسسات الالية ف القتصاد من جهة،
وتدهور واضح ف معظم الؤشرات القتصادية الساسية من جهةٍ أخرى .ويتبدى البُعد الول
ف أن السرائيليي يقومون بتحويل أموالم إل الارج .وطبقا لصحيفة معاريف (/3 /21
2002م) ،فقد بدأ السرائيليون الائفون يبحثون عن الستقبل خلف البحار ،والؤشر
الفضل أو (باروموتر الوطنية) يكن إياده ف الوضع القتصادي ،وخصوصا فيما يتعلق
بالموال الت يتم تويلها للخارج ،والت وصلت إل 2.8مليار دولر ف عام 2001م ،أي
إنا ارتفعت بعدل %80بالقياس إل العام السابق ،وبأكثر من عدة أضعاف بالقياس إل عام
1998م ،كما أن الموال السرائيلية ف الارج تزيد عن 71مليار دولر تقريبا (هآرتس
2002 /3 /20م).
ويُلحظ أن إعداد اللجأ القتصادي ف الارج ل يتطلب وقتا كبيا أو إجراءات معقدة،
وكل ما هو مطلوب بضع عشرات آلف الدولرات ،وتوقيع عددٍ غي كبي من الستندات،
ولذلك صارت البنوك تواجه أزمة طلبات من المهور ،لفتح حسابات ف الارج ،حت إن
الوظفي يضطرون إل تأجيل اللقاءات مع الزبائن بسبب تزايُد الطلبات.
وتؤكد استطلعات الرأي العام أن %73من السرائيليي يرون أن شارون فشل ف
معالة الوضع القتصادي ،فيما أكد %78منهم أن حكومته ل تتلك خطة اقتصادية .وأكد
%34من شلهم الستطلع الذي أجراه معهد داحاف ف تشرين الثان (نوفمب) 2001م
-أن أوضاعهم القتصادية أصبحت أكثر سوءا ،وأعرب %38منهم عن توفهم من فقدان
وظائفهم ،وذلك بعد تسريح العاملي ف بعض القطاعات القتصادية مثل السياحة (البيان
2001 /11 /18م).
وقد انارت ثقة رجال العمال ف القتصاد السرائيلي ،فاتاد رجال الصناعة السرائيليي
يرسم صورة قاتة للقتصاد ،على أنه اقتصاد على حافة النيار ،يعان من البطالة ،وتوقف
الستثمار الجنب ،وإغلق الصانع ،والركود .وقد كشف استطلع للرأي أجرته الفوضية
الوربية بي رجال العمال السرائيليي ف توز (يوليو) 2001م أن أكثر من %59منهم
على يقي بأن القتصاد السرائيلي ف أسوأ حالت (البيان 2001 /7 /31م).
ومع استمرار تدهور الوضع القتصادي اشتدت حدة التوتر بي الكومة وبنك إسرائيل،
وهاجم مافظ البنك ديفيد كلين الكومة متهما إياها بالتقصي ف معالة القضايا القتصادية
مثل البطالة وانفاض النمو (معاريف 2002 /3 /19م) .وقد ثارت الزمة بي الطرفي إثر
رفض البنك تدخل الكومة ف إدارة فائض العملة الجنبية ،وضمان استقلل البنك ف
استخدام السياسة الالية ،حيث يشى مديرو البنك من تدخل الكومة ف إدارة فائض العملة
الجنبية واستخدامها لتمويل العجز الكبي ف اليزانية تت وطأة النتفاضة ،وتصاعد النفقات
العسكرية .وقد قرر البنك خفض سعر الفائدة من % 8.2ف ناية كانون الول (ديسمب)
2001م إل % 3.8ف مطلع عام 2002م (هآرتس 2002 /3 /21م).
ويكن أن نرصد العديد من مظاهر الزمة القتصادية العميقة ف الؤشرات الالية
والقطاعات القتصادية الختلفة على النحو التال:
فعلي صعيد الؤشرات الالية الساسية ،فإن هناك ركودا اقتصاديا عميقا ،والنمو الصفري،
والدخل من الضرائب ينخفض بصورة واضحة .ولذلك قررت الكومة إجراء تفيضات
كبية مقدارها 1.4مليار دولر ف ميزانية عام 2002م ،وذلك بعد أن وصلت نسبة العجز
ف اليزانية لعام 2001م إل ،%3ويُتوقع لا أن تصل إل % 6ف عام 2002م (معاريف
2002 /3 /21م).
ويرجع هذا العجز التنامي إل انفاض الناتج الحلي الجال بنسبة % 0.6ف عام
2001م ،أي إن النمو القتصادي بالسالب ،وهذه أقل نسبة نو ف تاريخ إسرائيل .ونظرا
لتقلص الناتج الحلي وعدم النمو فقد انفض متوسط دخل الفرد ف إسرائيل من 20ألف
دولر حت أصبح 17.2ألف دولر ف العام ،وذلك وفقا لبيانات الكتب الركزي
السرائيلي (هآرتس 2002 /3 /19م).
ول شك ف أن متوسط دخل الفرد ف إسرائيل يضعها ف مرتبة الدول الصناعية التقدمة،
ولكن انفاضه بذه الوتية الكبية يعل السرائيليي يشعرون بدة الزمة القتصادية ،وبالقلق
من تردي الوضع القتصادي واحتمال فقدان وظائفهم .ويقدر عدد العاطلي عن العمل ف
إسرائيل بنحو %10من القوة العاملة ،أي 256ألف شخص ،ولكن بعض الحللي يرون
أن نسبة البطالة أعلى من ذلك بكثي حيث يضيف العلمة (أربيه أرنون) من قسم القتصاد ف
جامعة بن جوريون اليائسي من الصول على عمل ليصل عدد العاطلي ف تقديره إل 350
ألف شخص (البيان 2002 /3 /14م) .كما أن القطاعات القتصادية الختلفة تسرح الكثي
من العاملي من وظائفهم ،حيث ستقوم البنوك بتسريح نو 1100موظف ف عام 2002م،
ما يرفع نسبة البطالة بصورة حادة.
وف مقابل هذا التقلص الواضح ف الناتج القومي وعجز اليزانية تضخمت نفقات الدفاع
والمن بصورة واضحة لواجهة الستنفار المن الشامل ف مواجهة النتفاضة ،وتديد أعداد
كبية من القوى العاملة ف الدمة الحتياطية ،وارتفاع تكلفة اللة الربية ،فتقرر زيادة
اليزانية العسكرية لتصبح 11مليار دولر ،وهي تثل %20من ميزانية عام 2002م،
فالؤسسة العسكرية تصل ف يسر وسهولة وبل رقابة على ميزانية ضخمة على الرغم من
تدهور الوضع المن والقتصادي للسرائيليي (ليندا عفرون جلوباس 2001 /11 /5م).
وحسب تقديرات مؤسسة التأمي الوطنية واليش فإن تكلفة استدعاء 20ألف من
الحتياطي من أجل القضاء على النتفاضة ف ناية آذار (مارس) 2002م ستصل إل نو
125مليون دولر شهريا ،ول يشمل ذلك تكلفة أيام العمل الت سيفقدها جنود الحتياط
(يديعوت أحرونوت 2002 /3 /31م).
وامتد الثر القتصادي للنتفاضة إل بعض أهم قطاعات القتصاد السرائيلي مثل السياحة
والزراعة وقطاع العقارات .ففي قطاع السياحة بلغت السائر 2.1مليار دولر (الوقع
الخباري باللغة العربية ليديعوت أحرونوت 2002 /3 /26م) ،وانفض عدد السياح بعد
النتفاضة إل 870ألف شخص بعد أن كان 1.7مليون سائح وفقا لبيانات الكتب
الركزي للحصاء ،ويتوقع أن يستمر التراجع بنسبة %37تقريبا عام 2002م.
ولول مرة يدث عجز ف قطاع السياحة حيث إن البالغ الت أنفقت عليه زادت على
الرباح بوال 600مليون دولر .وقد ت الستغناء عن 15ألف عامل من أصل 36ألف
عامل ف قطاع الفنادق ،وتسريح حوال 50ألف عامل من أصل 220ألف ف قطاع
السياحة ،ف حي أغلقت 25شركة سياحية أبوابا هذا العام .بل إنه حت ف الماكن البعيدة
المنة نسبيا كالبحر اليت انفضت نسبة الجز ف الفنادق بنسبة %66عن مثيلتها عام
2000م.
ونظرا لنيار صناعة السياحة ،فقد تضررت شركة الطيان السرائيلية (العال) الت وصلت
خسائرها إل 160مليون دولر ،ومع تدهور الوضع المن قرّرت العديد من شركات
الطيان العالية إلغاء رحلتا إل تل أبيب ،كان من أبرزها شركة (إير فرانس) (البيان /9 /8
2001م).
أما ف قطاع البناء والعقارات فقد حدث تقلص بنسبة ،%10وبلغت السائر حوال
600مليون دولر نتيجة منع العمال الفلسطينيي من الدخول إل إسرائيل ،وانفضت نسبة
شراء البيوت والشقق الديدة بنسبة %16خلل الفترة من توز (يوليو) إل تشرين الثان
(نوفمب) 2001م ،أما ف الستوطنات فقد انفضت مبيعات الوحدات السكنية بنسبة
.%66
وامتدت الزمة إل الناطق العربية الحتلة ف عام 1948م .فمنذ قيام النتفاضة وتضامن
الشباب العرب معها ف مظاهرات عنيفة ف مدن مثل يافا وحيفا وعكا ،أخذ اليهود يبيعون
منازلم ف يافا ويلون عكا مهاجرين إل مناطق أخرى .ويقوم السكان العرب بشراء البيوت
والشقق الت يبيعها اليهود بأسعار رخيصة ،فأسعار الوحدات السكنية انفضت ف كل الدن
الختلطة الت يسكنها العرب واليهود ،وتصل نسبة النفاض أحيانا إل % 30أو أكثر،
وذلك بسبب رغبة اليهود ف الجرة (الوقع الخباري باللغة العربية لصحيفة يديعوت
أحرونوت 2002 /3 /29م).
وف القطاع الصناعي حدث انفاض بنسبة %7ف بعض فروع الصناعة خصوصا الصياغة
(الذهب) .كما تأثرت الصناعات التكنولوجية التقدمة الت تعد القطاع الرائد ف القتصاد
السرائيلي ،فقد قررت شركة (إنتل كورب) إلغاء قرار إنشاء مصنع جديد لنتاج رقائق
الكمبيوتر ف إسرائيل بتكلفة 3.5مليار دولر .كما قررت شركة (لوسنت تكنولوجيز)
المريكية التخصصة ف معدات التصال إغلق وحدة إنتاجها ف إسرائيل الت تعمل تت
اسم (كرومايتس نتويركس) .وف ظل انيار قطاع التكنولوجيا التقدمة ف الوليات التحدة
واستمرار تأثي النتفاضة تراجعت الستثمارات الجنبية ف القطاع التكنولوجي السرائيلي
من 13مليار دولر عام 1999م إل أقل من مليار ف الوقت الراهن .بل بدأت الشركات
الجنبية ف النسحاب من إسرائيل.
وخسر قطاع الزراعة حوال 110مليار دولر ،ويُتوقع أن يشهد عام 2002م إغلق
%10من الشركات الت تعمل ف إسرائيل (البيان 2001 /12 /19م) .وقد تأثرت حركة
التسوق بصورة كبية ،ففي مطلع نيسان (أبريل) 2002م ،وعقب عملية نتانيا الستشهادية،
تقلص عدد زوار الجمعات التجارية بنسبة تتراوح بي %50 - 30ف أعياد الفصح
اليهودي (الوقع الخباري باللغة العربية لصحيفة يديعوت أحرونوت 2002 /4 /2م).
وعلى صعيد التجارة الارجية ،بلغ العجز ف اليزان التجاري 2.6مليار دولر عام
2001م ،وانفضت الصادرات بنسبة %11عام 2001م ،وشل هذا جيع أنواع
الصادرات .فقد انفضت الصادرات الصناعية بنسبة %7منها %77ف صادرات قطاع
التكنولوجيا التطورة .وانفضت صادرات اللاس الصقول بنسبة ،%17والصادرات
الزراعية بنسبة .%8.3
وانفضت الواردات بنسبة ،% 4.4وانفضت الواد الام الستوردة بنسبة ،%10
واللاس الام بنسبة ،%20والاكينات بنسبة .%11أما الستثمارات الجنبية ف إسرائيل
فقد انفضت بنسبة %65ف عام 2001م ،وكان أكثر أنواعها تضررا هو الستثمار ف
قطاع السندات الالية الذي تراجع بنسبة .% 94.7وف القطاع الصناعي بلغت نسبة
التراجع ف النمو %30عام 2001م.
ولكن أمام هذه الرقام يب أل ننسى أن أثر النتفاضة على إسرائيل له وجه إياب (من
منظور إسرائيلي) ،فأمام تصاعد حدة الواجهات يلجأ شارون إل استدعاء مزيد من قوات
الحتياط ما يؤدي إل تقليل نسبة البطالة والسخط الشعب الناتج عنها ،حيث تزايد الطلب
على توظيف حراس المن من الجندين العاطلي عن العمل والطلب ،ويصل عدد العاملي ف
قطاع الراسة 130ألف شخص يرسون دور السينما والطاعم والؤسسات التعليمية ،وهو
ل ف القتصادي إسرائيلي (يديعوت أحرونوت 2002 /3 /29م). يُعدّ الفرع الكثر تشغي ً
وهكذا تاول إسرائيل استخدام الخاوف المنية الناجة عن النتفاضة ،لل بعض جوانب
أزمتها القتصادية الستحكمة.
ومع تنامي العمليات الستشهادية لأت الكومة إل تصيص خسة عشر مليون دولر
لتحصي وسائل النقل العام داخل الط الخضر والستوطنات ،إل جانب ما تنفقه الؤسسات
القتصادية والترفيهية من مليي الدولرات على استئجار خدمات شركات الراسة لقناع
عملئها بأنه بالمكان ارتيادها دون الشعور بالوف ،ولكن السرائيليي أصبحوا ل
يستخدمون وسائل النقل العام ،ويرفضون التوجه إل الطاعم الكبية ف الدن ،ويشون الشي
ف الشوارع.
ومع زيادة الخصصات التعلقة بماية قطاع غزة وتأمي الستوطنات والسياج المن حول
قطاع غزة يزداد الدل داخل الجتمع الصهيون حول الستيطان (كما سنبيّن فيما بعد).
وإزاء كل هذا التأزم القتصادي تتعال الصوات لناقشة الوضع ف إسرائيل .وف استطلع
أجرته صحيفة معاريف ف (كانون الثان (يناير) عام 2002م) تبيّن أن %79من
السرائيليي غي راضي عن الداء الكومي ف القتصاد ،فهناك من يرى النتفاضة تُستخدم
كغطاء وتبير للداء السيئ للحكومة ولخفاء عجزها ف مواجهة الشاكل القيقية ف
القتصاد السرائيلي.
ويتحدث آخرون عن أن الكومة تدع الناس عندما تعدهم بالمن مع البقاء على
الحتلل ،وأن جيع إجراءات الكومة لنعاش القتصاد مرد وهم ،وأن الل القيقي هو
إناء الحتلل وإقامة الدولة الفلسطينية الستقلة .وتشي أقلم أخرى إل التغييات القتصادية
الت يريها شارون ف خطته دائما من أجل البقاء على حكومة الوحدة الوطنية وإرضاء
الحزاب الدينية والكتل الصغية بإعطائها الزيد من الموال والخصصات ،وما تكلفه هذه
التغيات من مزيد التخبط القتصادي.
وف التاه نفسه وصل البعض إل التساؤل عن إمكانية وصول إسرائيل إل حالة
الرجنتي ،وهو السؤال الذي طرح نفسه ف جلسة بث ف الامعة العبية يوم (/1 /30
2002م) لناقشة الوضع ف الرجنتي .فقد أشار الجتمعون إل أن عوامل النيار الرجنتين
موجودة ف الجتمع السرائيلي مثل تزايد الفجوة الجتماعية واتساع رقعة الفقر ،وارتفاع
نسبة البطالة ،وانعدام النمو القتصادي ،وتدهور نظام التعليم ،وانعدام الثقة ف القيادة
السياسية.
وكما أسلفنا فإن معظم هذه العناصر كان موجودا داخل الجتمع السرائيلي كإمكانية ل
تتحقّق أو كإشكالية يكن حلها ث جاءت النتفاضة لتزيد من تفاقمها وتعلها مشكلتٍ جلية
ل يكن تاهلها ،ويصعب إياد حلول تقليدية لا ف الدى النظور .وتُقدّر ممل خسائر
القتصاد السرائيلي بأكثر من 3مليار دولر ،أي ما يعادل %3من الناتج القومي (معاريف
2002 /3 /29م) ،ف حي ترتفع بعض التقديرات هذه السائر إل 10مليار وتأثيها على
القتصاد السرائيلي إذا علمنا أن حرب (تشرين الول (أكتوبر) 1973م) كلفت القتصاد
السرائيلي 5مليار دولر.
واللحظ أن للنتفاضة آثارا غي مباشرة على إسرائيل ،منها تشجيع الدول العربية على
تطوير القاطعة العربية لسرائيل الت إذا ت اللتزام با بشكل كامل ،فإنا تعل إسرائيل تسر
نو 3مليار دولر سنويا كما يرى بعض الباء (القدس العرب 2002 /3 /27م) .وقد
اضطرت الشركة السرائيلية (مرحاف) إل بيع حصتها ف مصاف (ميدور) بالسكندرية،
وتقلصت علقات التطبيع القتصادي مع عدد من الدول العربية (يديعوت أحرونوت /21
2002 /3م) .ويرى بعض الباحثي أن خسائر إسرائيل نتيجة غياب العمال الفلسطينيي
تقدر بنحو مليار دولر.
ونظرا لندلع النتفاضة فقد تراجعت العمالة الفلسطينية من 124ألف إل 4آلف
عامل فقط ،المر الذي يدفع إسرائيل إل اللجوء إل استياد العمالة من دول شرق أوربا
وتايلند وأمريكا.
وف الواقع فإن الساعدات المريكية الرسية وغي الرسية الت تتراوح بي 8 - 6مليار
دولر سنويا تعد بثابة العامل الساسي الذي يول دون انيار القتصاد السرائيلي ،ولذلك
يتوقع أن يقوم الكونرس المريكي بالضغط من أجل تقدي مِنح ل تُرَد وقروض لسرائيل
لتعويض خسائرها جراء استمرار النتفاضة.
وال أعلم.
***
شكر وتقدير
نُشرت أغلب أجزاء هذه الدراسة ف صحيفة التاد الماراتية .وهذا العمل ،مثل معظم
أعمال ،هو نتيجة تضافر جهود عددٍ من الباحثي .ولذلك ،أود أن أتقدم بالشكر لكلّ من د.
ممد هشام (الدرس بامعة حلوان) ،والستاذ أحد تامي عبد الي (الباحث بالركز القومي
للبحوث) ،و د .هبة غازي ،و د .يارا سي (كلية الطب ،جامعة عي شس) ،والستاذ عطا
القيمري (رئيس ترير نشرة (الصدر) ،القدس) ،والستاذ سيد طه (بوزارة الري).
د .عبد الوهاب السيي
***