You are on page 1of 51

‫جمع الفقير إلى الله تعالى‬

‫عبد الله بن جار الله الجار الله‬


‫‪3‬‬ ‫الدرة في سنن‬
‫الفطرة‬

‫بسم الله الرحمن الرحيم‬


‫الحمممد لللله الللذي فطللر عبللاده علللى‬
‫معرفته ومحبته‪ ،‬وفطرهم على محبة الخيللر‬
‫وكراهة الشر ومحبة النللافع وكراهللة الضللار‬
‫وأشهد أن ل إله إل الله وحده ل شللريك للله‬
‫وأشهد أن محمدا عبللده ورسللوله ‪ ‬وعلللى‬
‫آله وأصحابه أجمعين‪.‬‬
‫م‬ ‫فممأ َ ِ‬
‫ق ْ‬ ‫أما بعد‪ :‬فقد قال الله تعالى‪َ  :‬‬
‫ه ال ِّتي‬ ‫فطَْرةَ الل ِ‬ ‫فا ِ‬ ‫حِني ً‬ ‫ن َ‬ ‫دي ِ‬ ‫ك ِلل ّ‬ ‫ه َ‬ ‫ج َ‬‫و ْ‬ ‫َ‬
‫ق‬ ‫ل لِ َ ْ‬ ‫دي َ‬ ‫عل َي ْ َ‬ ‫فطََر الن ّمما َ‬ ‫َ‬
‫خل م ِ‬ ‫همما ل ت َب ْ م ِ‬ ‫س َ‬
‫ن أ َك ْث َمَر‬ ‫ول َك ِم ّ‬ ‫م َ‬ ‫ق ي ّم ُ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫دي ُ‬ ‫ك ال م ّ‬ ‫ه ذ َ ل ِم َ‬‫الل ِ‬
‫ن‪] ‬الللروم‪ [30 :‬فللأمر‬ ‫مو َ‬ ‫عل َ ُ‬ ‫س ل يَ ْ‬ ‫الّنا ِ‬
‫تعالى بالستقامة على الدين القيم وهو دين‬
‫فا( أي مقبل على الله معرضا‬ ‫حِني ً‬ ‫السلم ) َ‬
‫عما سواه وهذه الستقامة على هللذا الللدين‬
‫ه( أي ديللن الللله الللذي خلللق‬ ‫فطْمَرةَ الل م ِ‬ ‫) ِ‬
‫الخلق مللن أجللله وجعلهللم مفطللورين علللى‬
‫ه‬
‫ق الل ِ‬ ‫ل لِ َ ْ‬ ‫دي َ‬ ‫محبته ولهذا قال‪ :‬ل ت َب ْ ِ‬
‫خل ِ‬
‫م ‪ ‬أي المسلللتقيم‬ ‫قي ّممم ُ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫دي ُ‬ ‫ك الممم ّ‬ ‫ذَل ِممم َ‬
‫الموصللل إلللى جنللات النعيللم لمللن اسللتقام‬
‫َ‬
‫س‬‫ن أك ْث ََر الّنا ِ‬ ‫ول َك ِ ّ‬ ‫عليه وعمل بما فيه ‪َ ‬‬
‫‪4‬‬ ‫الدرة في سنن‬
‫الفطرة‬

‫ن ‪ ‬ملا أعلد لمللن اسلتقام علللى‬ ‫عل َ ُ‬


‫مو َ‬ ‫ل يَ ْ‬
‫هذه الفطرة فعمل بهللا مللن النعيللم المقيللم‬
‫في جنات النعيم ول يعلمللون مللا أعللد لمللن‬
‫انحرف عنها من العذاب والنكللال فهللم فللي‬
‫غيهم يعمهون وقال النبي ‪» ‬كل مولممود‬
‫يولد على الفطرة فأبواه يهممودانه أو‬
‫ينصممرانه أو يمجسممانه« رواه البخللاري‬
‫ومسلم فكللل مولللود فللي الوجللود لللو تللرك‬
‫وشأنه لصار مسلما ولكنه يتأثر بالبيئة الللتي‬
‫يعيش فيها ويدين بدين والللديه وقللال النللبي‬
‫‪» ‬عشر من الفطرة‪ :‬قص الشارب‪،‬‬
‫وإعفاء اللحية والسواك‪ ،‬واستنشمماق‬
‫الماء وقص الظافر وغسل الممبراجم‬
‫)عقلللد الصلللابع( ونتممف البممط وحلممق‬
‫العانة وانتقاص الماء )الستنجاء(« قال‬
‫اللللراوي‪ :‬ونسللليت العاشلللرة إل أن تكلللون‬
‫المضمضة )‪ (1‬قلت‪ ،‬ولعلها الختان كمللا فللي‬
‫الحلللديث المتفلللق عليللله »خممممس ممممن‬
‫الفطرة‪ «..‬وبدأ به قال ابن حجر في فتللح‬
‫الباري )‪ (337 /10‬والفطرة السنة القديمة‬

‫)( رواه مسلم في صحيحه‪.‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪5‬‬ ‫الدرة في سنن‬
‫الفطرة‬

‫التي اختارها النبياء واتفقت عليها الشرائع‪.‬‬


‫وقللال ابللن القيللم رحملله الللله‪ :‬الفطللرة‬
‫فطرتان‪ :‬فطرة تتعلق بالقلب وهي معرفللة‬
‫الله ومحبته وإيثاره على ما سواه‪ ،‬وفطللرة‬
‫عملية وهي هللذه الخصللال‪ ،‬فللالولى تزكللي‬
‫الروح وتطهر القلب‪ ،‬والثانيللة تطهللر البللدن‬
‫وكل منهما تمد الخرى وتقويها)‪.(1‬‬
‫قلت‪ :‬ونظرًا لنحراف كللثير مللن النللاس‬
‫عللن هللذه الفطللرة ‪-‬هللداهم الللله‪ -‬وأخللذ‬
‫بنواصيهم إلى الحق حيث قلدوا أمم الشرق‬
‫والغرب فحلقللوا لحللاهم وأطللالوا شللواربهم‬
‫وأسبلوا ثيابهم وأطالوا أظللافرهم وأعرضللوا‬
‫عن سنة نبيهم ‪ ‬لذا جمعت هلذه الرسلالة‬
‫فللي مشللروعية المحافظللة علللى خصللال‬
‫الفطرة واللللتزام بهللا طاعللة لللله ورسللوله‬
‫وهي مسللتفادة مللن كلم الللله تعللالى وكلم‬
‫رسوله ‪ ‬وكلم المحققين من أهللل العلللم‬
‫أسأل الله تعللالى أن ينفللع بهللا وصلللى الللله‬
‫على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم‪.‬‬

‫)( تحفة الودود بأحكام المولود ‪.100-99‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪6‬‬ ‫الدرة في سنن‬
‫الفطرة‬

‫‪ -1‬ثلثة فوائد من حديث الفطرة‬


‫روى البخللاري ومسلللم فللي صللحيحيهما‬
‫عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النللبي ‪‬‬
‫»ليلممة أسممري بممه أت مي بإنمماءين فممي‬
‫أحدهما لبن‪ ،‬وفي الخر خمر‪ ،‬فقممال‬
‫اشممرب أيهممما شممئت فأخممذ اللبممن‬
‫فشممربه فقيممل‪ :‬أخممذت الفطممرة أممما‬
‫إنك لو أخذت الخمر غوت أمتك«‪.‬‬
‫وفللي لفللظ‪ :‬الحمللد لللله الللذي هللداك‬
‫للفطرة‪ ،‬لو أخذت الخمر غوت أمتك‪ ،‬وفللي‬
‫لفللظ‪» :‬أصمبت أصماب اللمه بمك أمتمك‬
‫على الفطرة« )‪.(1‬‬
‫وهذا الحديث مدار موضوعنا هللذا‪ ،‬فقللد‬
‫بين فيه النبي ‪ ‬ثلث فوائد‪:‬‬
‫الولممى‪ :‬أن النسللان مفطللور علللى‬
‫أشياء كثيرة‪ ،‬ركب عليها‪ ،‬وهي ما يسمى بل ل‬
‫الفطللرة‪ ،‬فللالفطرة هللي مللا جبللل عليلله‬
‫النسللان فللي أصللل الخلقللة مللن الشللياء‬
‫الظاهرة والباطنة تلك الشياء التي هي من‬
‫)( صحيح البخاري مع الفتللح )‪،(476-428 /6‬‬ ‫‪1‬‬

‫)‪،(69-35 /10) ،(391 /8‬للل مسللللم )‪/1‬‬


‫‪.(159 /3 ،154 ،1) ،(1144‬‬
‫‪7‬‬ ‫الدرة في سنن‬
‫الفطرة‬

‫مقتضى النسانية والتي يكون الخروج عنهللا‬


‫أو الخلل بهللا ‪ ،‬خروجللا عللن النسللانية أو‬
‫إخلل بها‪.‬‬
‫وهذا المعنى يفهللم مللن كلم كللثير مللن‬
‫الئمة كابن القيم‪ ،‬وابلن حجلر‪ ،‬وابلن دقيلق‬
‫العيد‪ ،‬والسيوطي‪ ،‬وغيرهم مللن المحللدثين‪،‬‬
‫والمفسرين‪.‬‬
‫يقول ابن القيم رحمه الللله‪» :‬والفطللرة‬
‫فطرتلللان‪ :‬فطلللرة تتعللللق بلللالقلب‪ ،‬وهلللي‬
‫معرفة‪ ،‬الله ومحبته‪ ،‬وإيثاره على ما سللواه‬
‫وفطرة عملية‪ ،‬وهللي هللذه الخصللال )يعنللي‬
‫المللذكورة فللي حللديث الفطللرة خمللس‪(..‬‬
‫فلللالولى تزكلللي اللللروح‪ ،‬وتطهلللر القللللب‪،‬‬
‫والثانية تطهر البدن‪.«...‬‬
‫الثانية‪ :‬أن الرسالت السماوية جللاءت‬
‫موافقة للفطرة مؤيدة لهللا‪ ،‬منطلقللة منهللا‪،‬‬
‫ولذلك كان السلم دين الفطرة قال تعالى‪:‬‬
‫ة‬ ‫ف ْ‬
‫طممَر َ‬ ‫فمما ِ‬ ‫حِني ً‬‫ن َ‬‫دي ِ‬ ‫ك ِلل ّ‬‫ه َ‬‫ج َ‬‫و ْ‬‫م َ‬ ‫فأ َ ِ‬
‫ق ْ‬ ‫‪َ ‬‬
‫همما ل‬ ‫عل َي ْ َ‬
‫س َ‬ ‫طممَر الّنمما َ‬ ‫ف َ‬‫ه ال ِّتممي َ‬ ‫اللمم ِ‬
‫م‪‬‬ ‫قي ّ ُ‬‫ن ال ْ َ‬ ‫دي ُ‬ ‫ه ذَ ل ِ َ‬
‫ك ال ّ‬ ‫ق الل ِ‬ ‫ل لِ َ ْ‬
‫خل ِ‬ ‫دي َ‬ ‫ت َب ْ ِ‬
‫]الروم‪.[30 :‬‬
‫‪8‬‬ ‫الدرة في سنن‬
‫الفطرة‬

‫ويعبر عن ذلللك فللي الحللديث شللربه ‪‬‬


‫للبللن‪ ،‬فهللو عبللارة عللن الشللباع الصللحيح‪،‬‬
‫والمنهج المنسجم مع الفطرة ‪ ،‬وفي اللبللن‬
‫مللن الغللذاء والصللحة واللللذة‪ ،‬والغنللاء‪ ،‬عللن‬
‫غيره ما فيه حتى قللال فيلله ‪ ‬فللي حللديث‬
‫ابللن عبللاس‪» :‬إنممه ليممس شمميء يجممزي‬
‫مكان الطعام أو الشراب غير اللبممن«‬
‫)‪.(1‬‬
‫الثالثة‪ :‬أن ثمة وسائل أخللرى يمكللن أن‬
‫يسلللكها النسللان وهللي معارضللة للفطللرة‬
‫مخالفة لها‪ ،‬ويمثلها الخمر في الحديث فهللو‬
‫رمز عن الشباع المنحرف وسلوك الطريق‬
‫المصادمة للفطرة وفي الخملر ملن الخبلث‬
‫والطيللش والرجسللية مللا فيهللا فهللي تغتللال‬
‫العقول والموال‪ ،‬والديان والبدان‪.‬‬

‫)( الترمذي )‪ (3455‬سللنن أبللي داود )‪(3730‬‬ ‫‪1‬‬

‫ابن مللاجه ‪ 3322‬وحسللنه الحللافظ ابللن حجللر‬


‫في تخريج الذكار‪.‬‬
‫‪9‬‬ ‫الدرة في سنن‬
‫الفطرة‬

‫‪ -2‬الفطرة النسانية‬
‫النسان مفطور على أشياء كثيرة‪:‬‬
‫مفطللور علللى حللب الحيللاة‪ ،‬والتعلللق‬
‫بالبقللاء‪ ،‬ولللذلك تجللد أن الطفللل مثل وهللو‬
‫صبي ل يعقل لللو هللددته بللأن تسللقطه مللن‬
‫فوق جدار أو تسقطه في بئر‪ ،‬أو ترمللي بلله‬
‫مللن سلليارة فللإنه يرتعللد ويبكللي خوفللا مللن‬
‫المللوت والفنللاء‪ .‬وهلللذه فطللرة ل يحتلللاج‬
‫الطفل إلى تعلمها‪ ،‬بللل هللي مخلوقللة معلله‪،‬‬
‫وكللثيرا مللا تتحللدث الحصللائيات عللن نسللبة‬
‫النتحار فللي العللالم‪ ،‬لنلله يعتللبرون النتحللار‬
‫تصرفا شاذان يدل على انحراف فللي تربيللة‬
‫هذا المجتمع أو ذاك‪.‬‬
‫فالنسان مفطور على العبودية بطبيعته‬
‫ضعيف يحتاج إلى أن يتوجه إلى معبود يسد‬
‫فقره أيا كان هذا المعبود‪ ،‬سواء كللان بحللق‬
‫أو بباطل‪.‬‬
‫مفطور على حب الوطن‪ ،‬وحللب الرض‬
‫التي نشأ فيها‪.‬‬
‫ومللن الفطللرة أن كل الجنسللين الللذكر‬
‫والنثى يميل إلى الخر بطبيعته‪.‬‬
‫‪1‬‬ ‫الدرة في سنن‬
‫‪0‬‬ ‫الفطرة‬

‫ومللن الفطللرة أن النسللان يميللل إلللى‬


‫التستر‪ ،‬وأل ينكشف أو يتعرى أمام النللاس‪،‬‬
‫وللذلك يصلف المتحلدثون علن المجتمعلات‬
‫البدائيللة المتخلفللة هللذه المجتمعللات بأنهللا‬
‫مجتمعللات عاريللة‪ ،‬ليللس فيهللا حجللاب ول‬
‫لباس‪.‬‬
‫والطفل منذ صغره يحللس شلليئا فشلليًئا‬
‫بالخجل من ظهور سوءته أمام الخرين‪.‬‬
‫كللذلك غريللزة حللب الملكيللة ‪-‬بكسللرة‬
‫الميللم‪ -‬فالنسللان منللذ ولدتلله يبللدأ تعلقلله‬
‫بأشيائه التي يعتبرها خاصللة‪ ،‬ويعللد العتللداء‬
‫عليها ظلما للله‪ ،‬فهللو متعلللق بلعبلله وحللذائه‬
‫وملبسه‪ ،‬وفراشلله‪ ،‬وقللد تسللول للله نفسلله‬
‫السطو على أشياء الخرين وادعاء ملكيتها‪.‬‬
‫ذا عفة فلعلة ل‬ ‫والظلم من شيم‬
‫يحب الختلط‬ ‫تجدأن النسان‬
‫يظلم‬ ‫الفطرة‬ ‫ومن‬
‫النفوس فإن‬
‫بني جنسه‪ ،‬ومعاشرتهم فهو مللدني بللالطبع‬
‫كمللا يقللول ابللن خلللدون نقل عللن أرسللطو‬
‫وهكللذا تجللد أن هنللاك أشللياء كللثيرة جللدا‪،‬‬
‫النسان مفطور عليها‪ ،‬صحيح أنها قللد تنمللو‬
‫مع نمو عقللل النسللان‪ ،‬ومللع تربيتلله ‪ ،‬ومللع‬
‫‪1‬‬ ‫الدرة في سنن‬
‫‪1‬‬ ‫الفطرة‬

‫معايشته للمجتمع‪ ،‬لكنها موجودة في أصللل‬


‫الخلقة‪ ،‬بحيث لو لم يوجد شيء ينميهللا‪ ،‬ول‬
‫آخللر يعارضللها لللبرزت ونمللت كمللا تنمللو‬
‫الشللجرة مللن بللذرتها‪ ،‬ولللذلك قللال ‪ ‬فللي‬
‫الحديث المتفق عليه عن أبي هريرة »كممل‬
‫مولود يولممد علممى الفطممرة« )‪ (1‬وقللال‬
‫أهل العلم‪ :‬لو ترك مولود وشأنه وحيدا فللي‬
‫غرفة‪ ،‬أو صحراء‪ ،‬وكبر لنطق باسم الله‪.‬‬

‫)( رواه البخلاري )‪ ،(346 -3/218‬ومسللم )‬ ‫‪1‬‬

‫‪.(4/2048‬‬
‫‪1‬‬ ‫الدرة في سنن‬
‫‪2‬‬ ‫الفطرة‬

‫‪ -3‬موقف السلم من الفطرة‬


‫إذا كللان مللن البللدهيات فللي حللس كللل‬
‫مسلم ومسلمة أن خالق هذه الفطللرة‪ ،‬هللو‬
‫منزل هللذا القللرآن‪ ،‬وهللو الللله تعللالى فمللن‬
‫الطبيعي أن نعلم يقينا أن هللذا الللدين ل بللد‬
‫أن يكللون موافقللا للفطللرة‪ ،‬إذ يسللتحيل أن‬
‫يكون في دين الللله أو شللرعه أمللرا يخللالف‬
‫ويعارض ما فطره عليه‪ ،‬فالحكيم العالم بما‬
‫خلق‪ ،‬ومن خلق‪ ،‬يضع الشريعة المناسبة له‬
‫الملئمة لخلقه‪.‬‬
‫وكل أمللر شللرعي يخطللر فللي بالللك أن‬
‫يعارض الفطرة فيجب أن تعلم أنلله ل يخلللو‬
‫من أحد احتمالين‪.‬‬
‫فإما أنه أمر شرعي ول يخالف الفطللرة‬
‫الصللحيحة المسللتقيمة فمخللالفته للفطللرة‬
‫وهم‪.‬‬
‫وإما أنلله يخللالف الفطلرة فعل ولكنلله ل‬
‫يكون أمرا شللرعيا‪ ،‬وإن نسللبه النللاس إلللى‬
‫الدين بغير علم ول هدى‪.‬‬
‫وألخللص الكلم عللن موقللف الللدين مللن‬
‫الفطرة فيما يلي‪:‬‬
‫‪1‬‬ ‫الدرة في سنن‬
‫‪3‬‬ ‫الفطرة‬

‫أ‪ -‬جاء الدين مقرا بالفطرة‪ ،‬غير متنكللر‬


‫لهللا‪ ،‬فمثل حللب الحيللاة الللذي هللو فطللرة‬
‫مركوزة عند النسللان جللاء فللي القللرآن مللا‬
‫يؤكد ذلك يقول الله عللز وجللل عللن اليهللود‪:‬‬
‫عَلممى‬ ‫َ‬
‫س َ‬ ‫ص الّنمما ِ‬ ‫حممَر َ‬ ‫مأ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫جممدَن ّ ُ‬‫ول َت َ ِ‬ ‫‪َ ‬‬
‫ة‪] ‬البقللرة‪ ،[96 :‬و»احللرص« أفعللل‬ ‫حَيا ٍ‬ ‫َ‬
‫تفضيل تدل على اشتراك الناس جميعا فللي‬
‫الحرص على الحياة‪ ،‬ولكن اليهود أحرصللهم‬
‫عليها‪.‬‬
‫إذا فحب البقاء‪ ،‬والحللرص علللى الحيللاة‬
‫فطرة يؤكد القرآن وجودها في النسان‪.‬‬
‫وكذلك غريزة حب المال وحللب الللزواج‬
‫وحب الولللد‪ ،‬بيللن الللله تعللالى وجودهللا فللي‬
‫ت‬ ‫وا ِ‬
‫ه َ‬ ‫شم َ‬ ‫ب ال ّ‬ ‫حم ّ‬ ‫س ُ‬‫ن ِللن ّمما ِ‬ ‫الناس ‪ُ‬زي ّ َ‬
‫ر‬‫طي ِ‬‫قن َممما ِ‬ ‫وال ْ َ‬‫ن َ‬ ‫وال ْب َِنيممم َ‬ ‫ء َ‬ ‫سممما ِ‬ ‫ن الن ّ َ‬ ‫مممم َ‬ ‫ِ‬
‫ة‬
‫ضممم ِ‬ ‫ف ّ‬ ‫وال ْ ِ‬ ‫ب َ‬ ‫ه ِ‬ ‫ن المممذّ َ‬ ‫مممم َ‬ ‫ة ِ‬ ‫قن ْطَمممَر ِ‬ ‫م َ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫ث‬ ‫حممْر ِ‬ ‫وال ْ َ‬ ‫عام ِ َ‬ ‫وال َن ْ َ‬‫ة َ‬ ‫م ِ‬ ‫و َ‬ ‫س ّ‬ ‫م َ‬ ‫ل ال ْ ُ‬‫خي ْ ِ‬ ‫وال ْ َ‬ ‫َ‬
‫‪] ‬آل عمران‪.[14 :‬‬
‫وهذا السياق مجرده ل يللدل علللى مللدح‬
‫ول ذم‪ ،‬إنما هو إشارة إلى أنها فطرة فطللر‬
‫عليها النسان‪ ،‬وغريللزة ركبللت فيلله‪ ،‬ويللأتي‬
‫‪1‬‬ ‫الدرة في سنن‬
‫‪4‬‬ ‫الفطرة‬

‫بعد ذكر‪ :‬متى تكون هذه الشللياء محمللودة‪،‬‬


‫ومتى تكللون مذمومللة؟ المهللم أنهللا غريللزة‬
‫وفطرة‪.‬‬
‫وللللذلك لملللا ذكلللر تعلللالى الملللؤمنين‬
‫ووصفهم بللأنهم لفروجهللم حللافظون عقللب‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ما‬‫و َ‬ ‫م أ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫ج ِ‬ ‫عَلى أْز َ‬
‫وا ِ‬ ‫عليها بقوله‪ِ :‬إل َ‬
‫َ‬
‫ن‬‫مي َ‬ ‫مُلممو ِ‬ ‫غْيممُر َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫م َ‬
‫فإ ِن ّ ُ‬ ‫ه ْ‬‫مان ُ ُ‬‫ت أي ْ َ‬ ‫مل َك َ ْ‬ ‫َ‬
‫‪] ‬المعللارج‪ [30 :‬فكللأن القضللية قضللية‬
‫غريزة جبلية ليست بذاتها محل مدح أو ذم‪،‬‬
‫ولكنها تحمد أو تذم بما يلبسها مللن القصللد‬
‫والنية‪ ،‬وطريقة الشباع وآدابه‪.‬‬
‫وفي قضية الزواج والنكاح قللد يسللتقذر‬
‫النسللان الجللانب الجسللدي فيهللا‪ ،‬خاصللة‬
‫الإنسللان الللذي فيلله سللمو إشللراق وحيللاء‪،‬‬
‫ولهذا جاء ذلك التعقيب يللدفع هللذا الشللعور‬
‫المللترفع‪ ،‬ويللبين أن كمللال النسللان فللي‬
‫السللتجابة لفطرتلله وفللق مللا يرضللي الللله‪،‬‬
‫وهلللاهم رسلللل اللللله وأنبيلللائه ينكحلللون‬
‫َ‬
‫ن‬
‫مم ْ‬ ‫س مل ً ِ‬ ‫س مل َْنا ُر ُ‬ ‫ق مدْ أْر َ‬ ‫ول َ َ‬‫ويتزوجون ‪َ ‬‬
‫َ‬
‫ة‪‬‬ ‫وذُّر ّيمم ً‬ ‫جمما َ‬ ‫وا ً‬ ‫م أْز َ‬ ‫همم ْ‬‫عل َْنا ل َ ُ‬
‫ج َ‬ ‫و َ‬ ‫ك َ‬ ‫قب ْل ِ َ‬
‫َ‬
‫]الرعد‪.[38 :‬‬
‫‪1‬‬ ‫الدرة في سنن‬
‫‪5‬‬ ‫الفطرة‬

‫وقد روى أهل السير‪ ،‬وهو في سنن ابن‬


‫ماجه عن حمنة بنت جحش رضي الله عنها‪،‬‬
‫وكانت تحت مصعب بللن عميللر رضللي الللله‬
‫عنه‪ ،‬فقتل أخوها وزوجها في أحد‪ ،‬فقيل لها‬
‫قتل أخوك‪ ،‬فقالت رحمه الله‪ ،‬وإنا لله وإنللا‬
‫إليلله راجعللون‪ ،‬قللالوا قتللل زوجللك‪ ،‬قللالت‬
‫واحزناه فقال رسول الللله ‪» ‬إن للممزوج‬
‫)‪(1‬‬
‫من المرأة لشعبة ما هي لشمميء«‬
‫والحللديث فللي إسللناده عبللد الللله بللن عمللر‬
‫العمري‪ ،‬وهو ضعيف )‪.(2‬‬
‫وهذا المعنى الدال على فطرة الللترابط‬
‫ن‬‫م ْ‬ ‫و ِ‬‫بين الزوجين ثابت في قوله تعالى‪َ  :‬‬
‫م‬ ‫سممك ُ ْ‬ ‫ف ِ‬ ‫ن أ َن ْ ُ‬‫ممم ْ‬‫م ِ‬ ‫كمم ْ‬ ‫ق لَ ُ‬ ‫خَلمم َ‬ ‫ن َ‬ ‫هأ ْ‬
‫آيممات ِ َ‬
‫ِ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫م‬ ‫ل ب َي ْن َك ُم ْ‬‫عم َ‬ ‫ج َ‬
‫و َ‬‫همما َ‬ ‫سك ُُنوا إ ِل َي ْ َ‬ ‫جا ل ِت َ ْ‬ ‫وا ً‬‫أْز َ‬
‫ل‬ ‫ع َ‬ ‫ج َ‬‫و َ‬ ‫ة ‪] ‬الروم‪َ  [21 :‬‬ ‫م ً‬
‫ح َ‬ ‫وَر ْ‬ ‫و دّ ةً َ‬ ‫م َ‬ ‫َ‬
‫ها‪] ‬العراف‪:‬‬ ‫ن إ ِل َي ْ َ‬ ‫سك ُ َ‬ ‫ها ل ِي َ ْ‬ ‫ج َ‬‫و َ‬‫ها َز ْ‬ ‫من ْ َ‬ ‫ِ‬
‫‪ [189‬وقللل مثللل ذلللك فللي مسللألة حللب‬
‫التسللتر والتصللون‪ ،‬حيللث يمتللن الللله علللى‬
‫)( سنن ابن ماجه )‪.(507 /1‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( ميزان العتدال )‪ (465 /2‬والتاريخ الصغير‬ ‫‪2‬‬

‫للبخاري )‪ (159 /2‬والمجروحين لبن حبان )‬


‫‪(6 /2‬‬
‫‪1‬‬ ‫الدرة في سنن‬
‫‪6‬‬ ‫الفطرة‬

‫عباده باللباس الساتر الجميللل‪ :‬ي َمما ب َن ِممي‬


‫ري‬ ‫وا ِ‬ ‫سمما ي ُم َ‬ ‫م ل َِبا ً‬ ‫قدْ أ َن َْزل ْن َمما َ‬
‫عل َي ْك ُم ْ‬ ‫م َ‬ ‫آ دَ َ‬
‫وى‬ ‫قمم َ‬ ‫س الت ّ ْ‬ ‫ول َِبمما ُ‬ ‫شمما َ‬ ‫ري ً‬ ‫و ِ‬
‫م َ‬ ‫ءات ِك ُ ْ‬ ‫و َ‬‫سمم ْ‬ ‫َ‬
‫خي ٌْر ‪] ‬العراف‪.[26 :‬‬ ‫ك َ‬ ‫ذَ ل ِ َ‬
‫وتأمل هللذه المعللاني نفسللها فللي قللوله‬
‫ة‬‫حَيمما ِ‬ ‫ة ال ْ َ‬ ‫زيَنمم ُ‬ ‫ن ِ‬‫وال ْب َُنو َ‬ ‫ل َ‬‫ما ُ‬ ‫تعالى‪ :‬ال ْ َ‬
‫الدّ ن َْيا‪] ‬الكهف‪.[46 :‬‬
‫ب‪ -‬وجاء الللدين موافقللا لهللذه الفطللرة‬
‫فللي عقللائده وأحكللامه‪ ،‬ولللذلك سللمي ديللن‬
‫الفطرة فالتوحيد الذي جاء به النبياء كلهم‪،‬‬
‫والعبللادة الللتي أمللروا بهللا‪ ،‬توافللق فطللرة‬
‫التوجه لله‪ ،‬والتذلل له المغروزة فللي قلللب‬
‫كللل مخلللوق وقللل مثللل ذلللك فللي قضللايا‬
‫التشريع‪.‬‬
‫فمثل‪ :‬شرع السلم الزواج الذي يلبي‬
‫فطللرة غريزيللة عنللد النسللان وهللي إشللباع‬
‫الظمللأ العللاطفي لللدى الجنسللين‪ ،‬وليللس‬
‫إشباع الغريزة الجنسية فحسب‪.‬‬
‫وأصللل خلللق النللثى هللو مللن الللذكر‬
‫خل َم َ‬
‫ق‬ ‫ةو َ‬ ‫ح مد َ ٍ‬‫وا ِ‬‫س َ‬ ‫فم ٍ‬ ‫ن نَ ْ‬ ‫مم ْ‬ ‫م ِ‬ ‫قك ُم ْ‬ ‫خل َ َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫ها‪] ‬النساء‪ [1 :‬فللاللف يحللن‬ ‫ج َ‬ ‫و َ‬‫ها َز ْ‬ ‫من ْ َ‬ ‫ِ‬
‫‪1‬‬ ‫الدرة في سنن‬
‫‪7‬‬ ‫الفطرة‬

‫للفه‪ ،‬والفرع يحن لصله‪ ،‬وإذا لم تجد هللذه‬


‫العاطفللة وهللذه الغريللزة الطريللق الحلل‬
‫اتجهت إلللى الطريللق الحللرام‪ ،‬وجللاء الللدين‬
‫آذنللا بالكسللب الحلل الللذي يلللبي حاجللة‬
‫النسان إلى التملك والستقلل‪.‬‬
‫ج‪ -‬وجاء الللدين منظمللا للفطللرة‪ ،‬ففتللح‬
‫أمامها البواب والطرق السليمة التي تلللبي‬
‫حاجتهللا‪ ،‬وتشللبع جوعهللا‪ ،‬لئل تنحللرف إلللى‬
‫ه‬ ‫ح ّ‬ ‫غيرها‪ ،‬ولذلك قللال تعللالى‪َ  :‬‬
‫ل الل م ُ‬ ‫وأ َ‬
‫َ‬
‫م الّر َبمما‪] ‬البقللرة‪[275 :‬‬ ‫حممّر َ‬
‫و َ‬ ‫ال ْب َْيمم َ‬
‫ع َ‬
‫فأمللام الفطللرة »فطللرة حللب الملكيللة«‬
‫طريقان حلل‪ :‬يتمثل في البيع بجميع صوره‬
‫المباحة وهو مفتوح‪.‬‬
‫وحرام‪ :‬يتمثل في الربا وهو مللن أخبللث‬
‫ضروب المكاسللب المحرمللة‪ ،‬ولللذلك أيضللا‬
‫قللال عليلله الصلللة والسلللم فللي الحللديث‬
‫المتفق عليه عن ابن مسعود‪» :‬يمما معشممر‬
‫الشممباب‪ ،‬ممن اسممتطاع منكمم البماءة‬
‫فليتزوج فإنه أغض للبصممر‪ ،‬وأحصممن‬
‫الفممرج‪ ،‬ومممن لممم يسممتطع فعليممه‬
‫‪1‬‬ ‫الدرة في سنن‬
‫‪8‬‬ ‫الفطرة‬

‫بالصوم‪ ،‬فإنه له وجاء«)‪.(1‬‬


‫وقد قال كثير من أهل العلم إن الللزواج‬
‫علللى القللادر المحتللاج إلللى الللزواج واجللب‪،‬‬
‫بدللة هذا الحديث خاصة عند خشية الفتنة‪،‬‬
‫كما في هذا الوقت الذي أصبحت المللثيرات‬
‫فيه ل تكاد تفارق الشاب‪ ،‬حتى في بيته‪ ،‬بل‬
‫في غرفته الخاصة‪.‬‬
‫وفللي مقابللل ذلللك حللرم السلللم الزنللا‬
‫وعللده مللن الفللواحش العظللام وهكللذا‪ ..‬ل‬
‫يغلق الله تعللالى فللي وجلله عبللاده بابللا مللن‬
‫أبللواب الحللرام إل ويفتللح بابللا مللن أبللواب‬
‫الحلل‪ ،‬وهو خير منه وأيسر وأنظف وأحمللد‬
‫عاقبللة‪ ،‬ول يعللرض عللن الطريللق النظيللف‬
‫المشللروع إل منحللرف الفطللرة ممسللوخ‬
‫الباطن‪.‬‬
‫ولذلك جاء في حديث أبللي هريللرة فللي‬
‫قصة السراء الطويلة أنلله ‪» ‬أتى علممى‬
‫قوم بين أيديهم لحم في قدر‪ ،‬نضيج‬
‫ولحممم آخممر خممبيث فجعلمموا يممأكلون‬
‫الخممبيث‪ ،‬ويممدعون النضمميج الطيممب‪،‬‬

‫)( البخاري )‪ ،(113 /9‬مسلم )‪.(1018/2‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪1‬‬ ‫الدرة في سنن‬
‫‪9‬‬ ‫الفطرة‬

‫قال يا جبريل مممن هممؤلء قممال‪ :‬هممذا‬


‫الرجممل مممن أمتممك يقمموم مممن عنممد‬
‫امرأتمه حلل‪ ،‬فيمأتي الممرأة الخبيثمة‬
‫فيممبيت معهمما حممتى يصممبح‪ ،‬والمممرأة‬
‫تقمموم مممن عنممد زوجهمما حلل طيبمما‪،‬‬
‫فتأتي الرجممل الخممبيث فتممبيت عنممده‬
‫حتى تصبح‪.«...‬‬
‫والحديث رواه ابن جرير فللي التفسللير‪،‬‬
‫والللبيهقي فللي الللدلئل‪ ،‬وابللن أبللي حللاتم‪،‬‬
‫والبزار وغيرهم)‪ (1‬وفيه غرابة‪ ،‬ولكن يشللهد‬
‫لصحة المعنللى أن عقوبلة الزانلي المحصلن‬
‫أغلظ من عقوبة البكر )‪.(2‬‬
‫‪ -4‬سنن الفطرة‬
‫عن عائشة رضي الله عنها قللالت‪ :‬قللال‬
‫رسول الله ‪» ‬عشر من الفطرة قص‬
‫الشارب‪ ،‬وإعفمماء اللحيممة‪ ،‬والسممواك‪،‬‬
‫واستنشمماق الممماء‪ ،‬وقممص الظممافر‪،‬‬

‫)( تفسللير الطللبري )‪ (6 /8‬سللورة السللراء‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫زوائد الللبزار )‪ (39 /1‬الللدلئل للللبيهقي )‪/2‬‬


‫‪.(398‬‬
‫)( رسالة نلداء الفطلرة للدى الرجلل والملرأة‬ ‫‪2‬‬

‫للشيخ سلمان العودة ص )‪.(13 -5‬‬


‫‪2‬‬ ‫الدرة في سنن‬
‫‪0‬‬ ‫الفطرة‬

‫وغسل البراجم‪ ،‬ونتف البط‪ ،‬وحلممق‬


‫العانمممة‪ ،‬وانتقممماص المممماء« )يعنللللي‬
‫السللللتنجاء( قللللال الللللراوي‪» :‬ونسممميت‬
‫العاشرة إل أن تكون المضمضة« رواه‬
‫مسلم‪.‬‬
‫الفطللرة هللي الخلقللة الللتي خلللق الللله‬
‫عباده عليها وجعلهم مفطورين عليهللا وهللي‬
‫محبة الخير وإيثللاره وكراهيللة الشللر ودفعلله‬
‫وفطرهللم حنفللاء مسللتعدين لقبللول الخيللر‬
‫والخلص للله والتقلرب إليله وجعلل تعلالى‬
‫شرائع الفطرة نوعين‪:‬‬
‫أحممدهما‪ :‬يطهللر القلللب والللروح وهللو‬
‫اليمللان بللالله وتللوابعه مللن خللوفه ورجللائه‬
‫م‬ ‫فممأ َ ِ‬
‫ق ْ‬ ‫ومحبته والنابة إليه‪ ،‬قال تعللالى‪َ  :‬‬
‫ه ال ِّتي‬ ‫فطَْرةَ الل ِ‬ ‫فا ِ‬ ‫حِني ً‬ ‫ن َ‬ ‫دي ِ‬ ‫ك ِلل ّ‬ ‫ه َ‬ ‫ج َ‬ ‫و ْ‬ ‫َ‬
‫ق‬ ‫ل لِ َ ْ‬ ‫دي َ‬ ‫عل َي ْ َ‬ ‫فطََر الن ّمما َ‬ ‫َ‬
‫خل م ِ‬ ‫همما ل ت َب ْ م ِ‬ ‫س َ‬
‫ن أ َك ْث َمَر‬ ‫ول َك ِم ّ‬
‫م َ‬ ‫ن ال ْ َ‬
‫ق ي ّم ُ‬ ‫دي ُ‬ ‫ك ال م ّ‬ ‫ه ذ َ ل ِم َ‬ ‫الل ِ‬
‫ن إ ِل َْيمم ِ‬
‫ه‬ ‫مِنيِبيمم َ‬ ‫ن* ُ‬ ‫مممو َ‬ ‫عل َ ُ‬ ‫س ل يَ ْ‬ ‫الّنمما ِ‬
‫كون ُمموا‬ ‫ول ت َ ُ‬ ‫صمملةَ َ‬ ‫ممموا ال ّ‬ ‫قي ُ‬ ‫وأ َ ِ‬
‫قوهُ َ‬ ‫وات ّ ُ‬ ‫َ‬
‫ن ‪] ‬الللروم‪،30 :‬لل ‪[31‬‬ ‫كي َ‬ ‫ر ِ‬ ‫شمم ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫ممم َ‬ ‫ِ‬
‫فهذه الفطرة تللزك النفللس وتطهللر القلللب‬
‫‪2‬‬ ‫الدرة في سنن‬
‫‪1‬‬ ‫الفطرة‬

‫وتنميه وتذهب عنه الفللات الرذيلللة وتحلي له‬


‫بالخلق الجميلة وهي كلها ترجع إلى أصول‬
‫اليمان وأعمال القلوب‪.‬‬
‫والنوع الثاني‪ :‬مللا يعللود إلللى تطهيللر‬
‫الظاهر ونظافته ودفع الوساخ والقذار عنه‬
‫وهي هذه العشرة وهي من محاسلن اللدين‬
‫السلللمي إذ هللي كلهللا تنظيللف للعضللاء‬
‫وتكميل لها لتتم صحتها ويظهر جمالها‪ ،‬فأما‬
‫قللص الشللارب أو حفلله حللتى تبللدوا الشللفة‬
‫فلما فللي ذلللك مللن النظافللة والتحللرز ممللا‬
‫يخللرج مللن النللف فللإن شللعر الشللارب إذا‬
‫تدلى على الشفة باشر بلله مللا يتنللاوله مللن‬
‫مأكول ومشروب مع تشويه الخلقة بللوفرته‬
‫وإن استحسنه من ل يعبأ به وفللي الحللديث‪:‬‬
‫»من لم يأخذ من شاربه فليس منمما«‬
‫رواه أحمللد والترمللذي والنسللائي وإسللناده‬
‫جيللد وهللذا بخلف اللحيللة فللإن الللله جعلهللا‬
‫وقارا للرجل وجمللال للله واعتللبر ذلللك بمللن‬
‫يعصللي الرسللول ‪ ‬فيحلقهللا كيللف يبقللى‬
‫وجهه مشوها قد ذهبت محاسللنه وخصوصللا‬
‫وقللت الكللبر فيكللون كللالمرأة العجللوز إذا‬
‫‪2‬‬ ‫الدرة في سنن‬
‫‪2‬‬ ‫الفطرة‬

‫وصلت إلى هذا السن ذهبت محاسللنها ولللو‬


‫كانت فللي صللباها مللن أجمللل النسللاء وهللذا‬
‫شلليء محسللوس ولكللن العللوائد والتقليللد‬
‫العمى يوجب استحسان القبيللح واسللتقباح‬
‫الحسن‪ ،‬هذا وفي حلق اللحية محاذير‪:‬‬
‫‪ -1‬تغيير خلق الله‪.‬‬
‫‪ -2‬ومخالفة سنة الرسول ‪.‬‬
‫‪ -3‬والتشبه بالنساء الملعون فاعله‪.‬‬
‫‪ -4‬والتشللللبه بللللالكفرة والمشللللركين‬
‫والمجوس ومن تشبه بقوم فهو منهم‪.‬‬
‫‪ -5‬وتشلللويه الخلقلللة وتقبيلللح الصلللورة‬
‫وذهاب الجمال‪.‬‬
‫وأما قص الظللافر ونتللف البللط وحلللق‬
‫العانللة‪ ،‬وهللي الشللعر الللذي حللول الفللرج‪،‬‬
‫وغسل البراجم وهللي مطللاوي البللدن الللتي‬
‫تجتمللع فيهللا الوسللاخ فلهللا مللن التنظيللف‬
‫وإزالللة المؤذيللات والوسللاخ وخفللة البللدن‬
‫ونشاطه ما هو معروف‪.‬‬
‫وأمللا المضمضللة والستنشللاق فإنهمللا‬
‫مشللروعان فللي طهللارة الحللدث الصللغر‬
‫والكبر بالتفاق وهما فرضان فيهمللا تطهيللر‬
‫‪2‬‬ ‫الدرة في سنن‬
‫‪3‬‬ ‫الفطرة‬

‫الفللم والنللف وتنظيفهمللا لن الفللم والنللف‬


‫يتوارد عليهملا كلثير ملن الوسلاخ والبخلرة‬
‫ونحوها وهو مضطر إلى إزالة ذلك‪ ،‬وكللذلك‬
‫السواك يطهر الفم ويرضللي الللرب‪ ،‬ويجلللو‬
‫السنان ولهذا يشرع كل وقللت ويتأكللد عنللد‬
‫الوضوء والصلة والنتبللاه مللن النللوم وتغيللر‬
‫الفم وصفرة السنان وقللراءة القللرآن وأمللا‬
‫الستنجاء وهو إزاللة الخلارج ملن السلبيلين‬
‫بالماء أو بالحجار أو بهما معها وهللو أفضللل‬
‫هو لزم وشرط من شروط الطهارة‪.‬‬
‫فعلم أن هذه الشياء كلها تكمللل ظللاهر‬
‫النسان وتطهره وتنظفه وتدفع عنه الشياء‬
‫الضارة والمستقبحة‪ ،‬والنظافة من اليمان‪،‬‬
‫والمقصلللود أن الفطلللرة شلللاملة لجميلللع‬
‫الشريعة باطنها وظاهرها لنها تنقي الباطن‬
‫من الخلق الرذيلة وتحليه بالخلق الجميلة‬
‫الللتي ترجللع إلللى عقللائد اليمللان والتوحيللد‬
‫والخلص لله والنابللة إليلله وتنقللي الظللاهر‬
‫ملن النجلاس والوسلاخ وأسللبابها وتطهلره‬
‫الطهارتين الحسية والمعنوية ولهذا قللال ‪‬‬
‫‪2‬‬ ‫الدرة في سنن‬
‫‪4‬‬ ‫الفطرة‬

‫»الطهممور شممطر اليمممان«)‪ (1‬وقلللال‬


‫ن‬
‫واِبي َ‬‫ب الّتممم ّ‬‫حممم ّ‬
‫ه يُ ِ‬
‫ن اللممم َ‬‫تعلللالى‪ :‬إ ِ ّ‬
‫ن ‪] ‬البقللرة‪[222 :‬‬ ‫ريمم َ‬ ‫مت َطَ ّ‬
‫ه ِ‬ ‫ب ال ْ ُ‬
‫حمم ّ‬
‫وي ُ ِ‬
‫َ‬
‫فالشريعة كلها طهارة وزكاء وتكميل وحللث‬
‫علللى معللالي المللور ونهللى عللن سفاسللها‬
‫وبالله التوفيق اهل‪ .‬من بهجة قلللوب البللرار‬
‫ببعض تصرف‪.‬‬
‫ما يستفاد من الحديث‪:‬‬
‫‪ -1‬فطر الله الخلللق علللى محبللة الخيللر‬
‫وكراهية الشر‪.‬‬
‫‪ -2‬من السللنة‪ :‬قللص الشللارب‪ ،‬وإعفللاء‬
‫اللحية‪ ،‬والسواك‪ ،‬والمضمضة‪ ،‬والستنشاق‬
‫وقص الظافر‪ ،‬ونتف البللط‪ ،‬وحلللق العانللة‪،‬‬
‫والستنجاء‪.‬‬
‫‪ -3‬إرشللاد الرسللول ‪ ‬المللة إلللى مللا‬
‫ينفعهم وتحذيرهم مما يضرهم‪.‬‬
‫‪ -4‬الحث علللى النظافللة والطهللارة مللن‬
‫الحداث والنجاس والقذار‪.‬‬
‫‪ -5‬كمال الشللريعة وأنهللا جللاءت بجلللب‬
‫المنافع ودفع المضار‪.‬‬

‫)( رواه مسلم‪.‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪2‬‬ ‫الدرة في سنن‬
‫‪5‬‬ ‫الفطرة‬

‫)‪(1‬‬
‫‪ -5‬خصال الفطرة‬
‫الحمد لله الللذي فطللر الخلللق علللى مللا‬
‫تستحسنه العقول وأيد ذلك بما أنزللله علللى‬
‫الرسول فطرة الله التي جبل الناس عليهللا‬
‫خلقا وأمرهم بها تعبدًا وشرعًا وأشللهد أن ل‬‫ً‬
‫إله إل وحده ل شريك له‪ ،‬عجزت عن إدراك‬
‫حكمته اللباب‪ ،‬وذلت لعزته وعظمته جميللع‬
‫الصعاب وأشللهد أن محمللدًا عبللده ورسللوله‬
‫المبعوث بالحنيفية ملة إبراهيم الذي اجتبللاه‬
‫ربه وهداه إلى صراط مستقيم‪ ،‬صلللى الللله‬
‫عليه وعلى آللله وأصللحابه ومللن سللار علللى‬
‫نهجهم القويم وسلم تسليمًا‪.‬‬
‫أما بعد‪:‬‬
‫أيها المؤمنون اتقوا الله تعالى‪ ،‬وأقيمللوا‬
‫وجوهكم للدين حنفللاء متمسللكين بللالفطرة‬
‫التي فطر الناس عليها وهي طهارة الباطن‬
‫والظاهر فأما طهللارة البللاطن فهللي تطهيللر‬
‫القلللب مللن الشللراك وإخلص العبللادة لللله‬
‫وحللده والقيللام بالعمللال الصللالحات وأمللا‬
‫طهارة الظاهر فمنها ما فللي صللحيح مسلللم‬

‫)(خطب الشيخ محمد الصالح العثيمين ‪.124‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪2‬‬ ‫الدرة في سنن‬
‫‪6‬‬ ‫الفطرة‬

‫عللن عائشللة رضللي الللله عنهللا أن النللبي ‪‬‬


‫قلللال‪» :‬عشمممر ممممن الفطمممرة قمممص‬
‫الشممارب‪ ،‬وإعفمماء اللحيممة‪ ،‬والسممواك‬
‫واستنشمماق الممماء‪ ،‬وقممص الظفممار‪،‬‬
‫وغسل البراجم‪ ،‬ونتف البممط وحلممق‬
‫العانممممة وانتقمممماص الممممماء يعنممممي‬
‫الستنجاء« قال الراوي ونسيت العاشللرة‬
‫»إل أن تكون المضمضة« )‪.(1‬‬
‫وفي حديث أبللي هريللرة )‪ (2‬رضللي الللله‬
‫عنه أن الختان مللن الفطللرة فهللذه الشللياء‬
‫العشللرة كلهللا طهللارة وتنظيللف تقضللي بهللا‬
‫الفطرة‪ ،‬وتستحسنها العقول كما أن الشرع‬
‫قد جاء بها وحث عليها فمنها قص الشللارب‬
‫وإحفاؤه فإن بقاءه يجمع الوساخ التي تمللر‬
‫بلله مللن النللف فللإذا شللرب النسللان تلللوث‬
‫شرابه بها‪ ،‬فجاء الشرع والفطللرة بإحفللائه‪،‬‬
‫وأما إعفللاء اللحيللة وهلو علدم التعلرض لهللا‬
‫بقص أو حلق أو نتف فلن الله خلقها تمييزًا‬
‫بين الذكور والناث وإظهارًا للرجولة والقوة‬

‫)( رواه مسلم‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( رواه البخاري ومسلم وغيرهما‪.‬‬ ‫‪2‬‬


‫‪2‬‬ ‫الدرة في سنن‬
‫‪7‬‬ ‫الفطرة‬

‫ولذلك ل تظهللر إل عنللد الحاجللة إليهللا‪ ،‬فللي‬


‫وقت قوة النسان وجلده‪.‬‬
‫وتكليفه بمهمللات المللور أمللا فللي حللال‬
‫صغره فل تظهر لنه حينئذ ل يتحمل العبللاء‬
‫فجللاء الشللرع والقللدر والفطللرة بوجودهللا‬
‫وإبقائها وقد أمر النبي ‪ ‬بإعفائها وإرخائهللا‬
‫وتوفيرهللا‪ ،‬وقللال‪» :‬خممالفوا المشممركين‬
‫)‪(1‬‬
‫أعفمموا اللح مى وأحفمموا الشمموارب«‬
‫وكان ‪ ‬وأصللحابه قللد هللدوا إلللى الفطللرة‪،‬‬
‫فكانوا يوفرون لحاهم)‪ (2‬وخير الهللدي هللدي‬
‫محمد ‪ ‬وأصحابه فإنهم على النور المللبين‬
‫والصراط المسللتقيم‪ ،‬فحلللق اللحيللة حللرام‬
‫لنه خروج عن الفطللرة‪ ،‬ومخالفللة للرسللل‪،‬‬
‫وأتباعهم وموافقة للمشركين وتغييللر لخلللق‬
‫الله تعالى بل إذن منه وليللس إبقللاء اللحيللة‬
‫من المور العادية كما يظنلله بعللض النللاس‪،‬‬
‫وإنما هو من المور التعبديللة الللتي أمللر بهللا‬
‫رسول الله ‪ ‬والصل في أوامللر النللبي ‪‬‬
‫التعبد والوجوب حتى يقوم دليل على خلف‬
‫)( متفق عليه‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( روى مسلم عن جابر قال‪ :‬كان رسول الله‬ ‫‪2‬‬

‫‪ ‬كثير شعر اللحية‪.‬‬


‫‪2‬‬ ‫الدرة في سنن‬
‫‪8‬‬ ‫الفطرة‬

‫ن‬‫ذي َ‬ ‫ر ا ل ّم ِ‬
‫ح مذ َ ِ‬‫فل ْي َ ْ‬‫ذلك قال الللله تعللالى‪َ  :‬‬
‫ة‬
‫فت ْن َ ٌ‬‫م ِ‬ ‫عن أ َمر َ‬ ‫خال ِ ُ‬
‫ه ْ‬‫صيب َ ُ‬
‫ن تُ ِ‬ ‫ه أ ْ‬ ‫ن َ ْ ْ ِ ِ‬ ‫فو َ‬ ‫يُ َ‬
‫م ‪] ‬النللور‪[63 :‬‬ ‫َ‬ ‫ع َ‬ ‫َ‬
‫ب أِليمم ٌ‬ ‫ذا ٌ‬ ‫م َ‬
‫ه ْ‬
‫صيب َ ُ‬
‫و يُ ِ‬ ‫أ ْ‬
‫والفتنة فتنة الدين قد يرد المرء أمللر النللبي‬
‫‪ ‬فيزيغ قلبه فيهلك‪ ،‬والنبي ‪ ‬أمر بإعفاء‬
‫اللحية وأمر بمخالفة المشركين فإذا فللرض‬
‫أن مللن المشللركين الن مللن يعفللي لحيتلله‬
‫فإننا لن نللترك أمللر النللبي ‪ ‬بإعفائهللا مللن‬
‫أجلللل أن بعلللض المشلللركين يعفيهلللا لن‬
‫المشرك الذي يعفيها هو المتشبه بنا ولسللنا‬
‫نحن المتشبهين به‪ ،‬ومن الفطللرة السللواك‬
‫لن فيه تنظيفا للسنان‪ ،‬ومللا يتسللوك عليلله‬
‫من الفم‪ ،‬ويتأكد السللواك عنللد المضمضللة‪،‬‬
‫في الوضوء وعند الصلة وعنللد القيللام مللن‬
‫النوم وإذا دخل النسللان بيتلله لن النللبي ‪‬‬
‫)‪(1‬‬
‫إذا دخل البيت فأول ما يبللدأ بلله السللواك‬
‫»ومن الفطرة استنشاق الممماء« لنلله‬
‫ينظلللف النلللف ملللن الوسلللاخ »وقمممص‬
‫الظفار من الفطممرة« لن الظفللار إذا‬
‫طالت اجتمللع فيهللا مللن الوسللاخ مللا يكللون‬

‫)( رواه مسلم وغيره‪.‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪2‬‬ ‫الدرة في سنن‬
‫‪9‬‬ ‫الفطرة‬

‫ضللررًا علللى النسلان وغسللل الللبراجم مللن‬


‫الفطرة‪ ،‬والبراجم‪ :‬هي الفروض الللتي بيللن‬
‫مفاصل الصابع لنها قد تجمع أوساخًا فمللن‬
‫الفطرة تعاهدها وغسلها ومن الفطرة نتللف‬
‫الآباط‪ ،‬لن الشعر فيها يجمع أوساخًا تحدث‬
‫منلله رائحللة كريهللة‪ ،‬والنتللف يزيللل الشللعر‪،‬‬
‫ويضللعف أصللولها فمللن لللم ينتللف البللط‬
‫فليحلقه أو يجعل فيه شيئًا يزيله‪.‬‬
‫وحلق العانة من الفطرة‪ :‬وهللي الشللعر‬
‫النللابت حللول القبللل لن فللي ذلللك تقويللة‬
‫للمثانة ولن بقاء الشعر يجمللع أوسللاخًا قللد‬
‫يكون فيه ضرر على المثانة التي هي مجمع‬
‫البول وقد وقت النبي ‪ ‬في قص الشللارب‬
‫وتقليم الظفار ونتف البط وحلق العانة أن‬
‫ل تترك أكثر من أربعين ليلة )‪. (1‬‬
‫وأما الستنجاء فإنه من الفطمرة‪:‬‬
‫لنه تطهير للمحل الذي يخرج منه البللول أو‬
‫الغللائط وأما الختممان وهممو ممما يسمممى‬
‫بالطهار فهو من الفطممرة لنلله يكمللل‬
‫الطهللارة وفعللله فللي زمللن الصللغر أفضللل‪،‬‬

‫)( رواه مسلم‪.‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪3‬‬ ‫الدرة في سنن‬
‫‪0‬‬ ‫الفطرة‬

‫م‬ ‫ق ْ‬‫فأ َ ِ‬‫أعوذ بالله من الشلليطان الرجيللم ‪َ ‬‬


‫ه ال ِّتي‬ ‫فطَْرةَ الل ِ‬ ‫فا ِ‬ ‫حِني ً‬ ‫ن َ‬ ‫دي ِ‬ ‫ك ِلل ّ‬ ‫ه َ‬ ‫ج َ‬ ‫و ْ‬ ‫َ‬
‫ق‬ ‫ل لِ َ ْ‬ ‫دي َ‬ ‫عل َي ْ َ‬ ‫فطََر الن ّمما َ‬ ‫َ‬
‫خل م ِ‬ ‫همما ل ت َب ْ م ِ‬ ‫س َ‬
‫ن أ َك ْث َمَر‬ ‫ول َك ِم ّ‬ ‫م َ‬ ‫ن ال ْ َ‬
‫ق ي ّم ُ‬ ‫دي ُ‬ ‫ك ال م ّ‬ ‫ه ذ َ ل ِم َ‬ ‫الل ِ‬
‫ن إ ِل َْيمم ِ‬
‫ه‬ ‫مِنيِبيمم َ‬ ‫ن* ُ‬ ‫مممو َ‬ ‫عل َ ُ‬ ‫س ل يَ ْ‬ ‫الّنمما ِ‬
‫كون ُمموا‬ ‫ول ت َ ُ‬ ‫صمملةَ َ‬ ‫ممموا ال ّ‬ ‫قي ُ‬ ‫وأ َ ِ‬‫قوهُ َ‬ ‫وات ّ ُ‬ ‫َ‬
‫قمموا‬ ‫فّر ُ‬ ‫ن َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ م ِ‬ ‫مم َ‬ ‫ن* ِ‬ ‫كي َ‬ ‫ر ِ‬ ‫ش ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ِ‬
‫ممما‬‫ب بِ َ‬ ‫ح مْز ٍ‬ ‫ل ِ‬ ‫عا ك ُم ّ‬ ‫ش مي َ ً‬ ‫وك َمماُنوا ِ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ِدين َ ُ‬
‫ن‪] ‬الروم‪.[32-30 :‬‬ ‫حو َ‬ ‫ر ُ‬ ‫ف ِ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫َ‬
‫ل دَ ي ْ ِ‬
‫‪3‬‬ ‫الدرة في سنن‬
‫‪1‬‬ ‫الفطرة‬

‫‪ -6‬خمس من الفطرة‬
‫عللن أبللي هريللرة رضللي اللله عنلله قللال‬
‫سمعت رسللول الللله ‪ ‬يقللول‪» :‬الفطرة‬
‫خمممس الختممان والسممتحداد وقممص‬
‫الشممارب‪ ،‬وتقليممم الظفممار‪ ،‬ونتممف‬
‫الباط« )‪.(1‬‬
‫الفطرة‪ :‬الجبلة التي خلق الله النللاس‬
‫عليهللا وجبللل طبللاعهم علللى فعلهللا‪ ،‬وهللي‬
‫السنة القديمة التي اختارها النبيللاء‪ ،‬وقللوله‬
‫تعللالى‪ :‬فطللرت الللله الللتي فطللر النللاس‬
‫عليها‪] ‬الروم‪ [30 :‬أي ديللن الللله‪ ،‬وقللوله‬
‫‪» ‬كممل مولممود يولممد علممى الفطممرة‬
‫فممممأبواه يهممممودانه‪ ،‬أو ينصممممرانه أو‬
‫يمجسانه« )‪ (2‬أي لو ترك لداه نظره إلللى‬
‫الدين الحق وهو التوحيللد قللوله »الفطممرة‬
‫خمس« إلى آخللره‪ ،‬الحصللر مبالغللة لتأكيللد‬
‫أمللر الخمللس المللذكورة‪ ،‬كقللوله »الممدين‬
‫النصيحة« )‪» (3‬والحج عرفممة« )‪ (4‬وفللي‬

‫البخاري ومسلم وغيرهما‪.‬‬ ‫رواه‬ ‫)(‬ ‫‪1‬‬

‫البخاري ومسلم وغيرهما‪.‬‬ ‫رواه‬ ‫)(‬ ‫‪2‬‬

‫مسلم‪.‬‬ ‫رواه‬ ‫)(‬ ‫‪3‬‬

‫المام أحمد وأهل السنن الربعة‪.‬‬ ‫رواه‬ ‫)(‬ ‫‪4‬‬


‫‪3‬‬ ‫الدرة في سنن‬
‫‪2‬‬ ‫الفطرة‬

‫روايللة خمللس مللن الفطللرة وقللد ثبللت فللي‬


‫أحاديث أخر زيادة عن الخمس الختان‪ ،‬وهو‬
‫واجب على الذكور مستحب للنسللاء‪ ،‬وروي‬
‫الختان »سنة في الرجال مكرمممة فممي‬
‫النساء« أخرجه أحمد والبيهقي ‪ ،‬قال فللي‬
‫المللدخل‪ :‬إن السللنة إظهللار ختللان الللذكر‬
‫وإخفاء ختان النثى‪.‬‬
‫»والستحداد« هو إزالللة شللعر العانللة‬
‫بالحديد‪ ،‬ويجوز بغير ذلللك كللالنتف والنللورة‪،‬‬
‫و»قص الشارب« أخذه حتى يبللدو حللرف‬
‫الشفة وعن زيد بن أرقم رضللي الللله عنلله‪:‬‬
‫قال ‪:‬قال رسول الللله ‪» ‬من لممم يأخممذ‬
‫مممن شمماربه فليممس منمما« رواه أحمللد‬
‫والنسائي الترمذي‪ ،‬وعن أبي هريللرة رضللي‬
‫الللله عنلله‪ ،‬قللال رسللول الللله ‪» ‬جممزوا‬
‫الشمموارب وأرخمموا اللحممى‪ ،‬خممالفوا‬
‫المجوس« متفق عليه‪ ،‬وكان ابن عمللر إذا‬
‫حج أو اعتمر قبض علللى لحيتلله فمللا فضللل‬
‫أخذه )‪ (1‬وعن عائشلة رضلى اللله عنهلا‪ :‬أن‬
‫)( ليس في حجة على جواز الخذ ملن اللحيلة‬ ‫‪1‬‬

‫وابن عمر رضي الله عنهما هو الللذي روى لنللا‬


‫عن النللبي ‪ ‬قللوله‪» :‬وفللروا اللحللى‪ ،‬وأعفللوا‬
‫‪3‬‬ ‫الدرة في سنن‬
‫‪3‬‬ ‫الفطرة‬

‫النبي ‪ ‬أبصر رجل وشللاربه طويللل فقللال‪:‬‬


‫ائتوني بمقص وسواك فجعل السواك علللى‬
‫طرفلله ثللم أخللذ مللا جللاوزه )‪» (1‬وتقليممم‬
‫الظفار« قطع ما طال منها علللى اللحللم‪،‬‬
‫وفللي ذلللك تحسللين الهيئة وكمللال الطهللارة‬
‫قال الحافظ‪ :‬ولم يثبت في ترتيللب الصللابع‬
‫عند القص شيء من الحاديث قللوله ونتللف‬
‫الباط إزالة ما نبت عليها من الشعر بالنتف‬
‫وهو السللنة ويجللوز إزالتلله بغيللر ذلللك وعللن‬
‫أنس بن مالك رضي الله عنه قال‪ :‬وقت لنا‬
‫رسلللول اللللله ‪ ‬قلللص الشلللارب وتقليلللم‬
‫الظافر ونتف البط وحلللق العانللة أل تللترك‬
‫أكثر من أربعين ليلللة رواه الخمسللة إل ابللن‬
‫ماجه‪.‬‬

‫اللحى« متفق عليه أي اتركوها وافرة والحجة‬


‫في روايته ل في رأيه‪.‬‬
‫)( قال الهيثمي في مجمع الزوائد )‪:(166 /5‬‬ ‫‪1‬‬

‫رواه البزار وفيه عبد الرحمن بن مسللهر وهللو‬


‫كذاب‪.‬‬
‫‪3‬‬ ‫الدرة في سنن‬
‫‪4‬‬ ‫الفطرة‬

‫‪ -7‬من خصال الفطرة إعفاء اللحية‬


‫عن زكريا بن أبي زائدة عن مصعب بن‬
‫شيبة عن طلق بللن حللبيب عللن ابللن الزبيللر‬
‫عللن عائشللة رضللي الللله عنهللا قللالت‪ :‬قللال‬
‫)‪(1‬‬
‫رسول الللله ‪» ‬عشر مممن الفطممرة‬
‫قممممص الشممممارب وإعفمممماء اللحيممممة‬
‫والسممواك واستنشمماق الممماء وقممص‬
‫الظمممافر وغسمممل المممبراجم ونتمممف‬
‫البط‪ ،‬وحلق العانممة وانتقمماص الممماء‬
‫يعنممي السممتنجاء قممال زكريمما قممال‬
‫مصعب ونسيت العاشرة إل أن تكون‬
‫المضمضة« )‪.(2‬‬
‫أما الفطللرة‪ ،‬فقللد قللال الراغللب‪ :‬أصللل‬

‫‪ () 1‬قوله‪ :‬عشلر ملن الفطلرة يلدل عللى علدم‬


‫انحصارها فيها والله أعلم‪.‬‬
‫‪ () 2‬رواه مسلم وأحمد والنسائي والترمذي‪.‬‬
‫قال الشوكاني الحديث أخرجه أيضا أبو داود مللن‬
‫حللديث عمللار‪ ،‬وصللححه ابللن السللكن‪ ،‬قللال‬
‫الحافظ‪ :‬وهو معلول‪ ،‬ورواه الحاكم والللبيهقي‬
‫من حديث ابن عباس موقوفا في تفسير قوله‬
‫تعالى‪ :‬وإذا ابتلللى إبراهيللم ربلله بكلمللات‪‬‬
‫قال‪ :‬خمس في الرأس وخمللس فللي الجسللد‬
‫فذكره اهل وانظر تحقيقه في المجمللوع شللرح‬
‫المهذب للنووي )‪.(316 /1‬‬
‫‪3‬‬ ‫الدرة في سنن‬
‫‪5‬‬ ‫الفطرة‬

‫الفطللر الشلق طلول‪ ،‬ويطللق عللى الللوهى‬


‫وعلى الختراع‪.‬‬
‫وقال أبو شامة‪ :‬أصللل الفطللرة الخلقللة‬
‫المبتللللدأة‪ ،‬ومنلللله فممماطر السمممموات‬
‫والرض‪ ،‬أي مبتدئ خلقهن‪ ،‬والمراد بقوله‬
‫‪» ‬كل مولود يولد على الفطرة« أي‬
‫على ما ابتدأ الله خلقه عليلله‪ ،‬وفيلله إشللارة‬
‫إلى قللوله تعللالى‪ :‬فطممرت اللممه الممتي‬
‫فطر النمماس عليهمما‪ ‬والمعنللى أن كللل‬
‫أحد لللو تللرك وقللت ولدتلله ومللا يللؤديه إليلله‬
‫نظره لداه إلى الدين والحق وهو التوحيللد ‪،‬‬
‫هم َ‬
‫ك‬ ‫ج َ‬‫و ْ‬
‫م َ‬ ‫فأ َ ِ‬
‫ق ْ‬ ‫ويؤيده أيضًا قوله تعالى‪َ  :‬‬
‫ه ‪ ‬وإليه يشللير‬ ‫فطَْرةَ الل ِ‬
‫فا ِ‬‫حِني ً‬
‫ن َ‬
‫دي ِ‬
‫ِلل ّ‬
‫فللي بقيللة الحللديث حيللث عقبلله بقللوله‪:‬‬
‫»فأبواه يهودانه أو ينصرانه‪.(1)«..‬‬
‫وفي النهاية الفطللرة‪ :‬أي السللنة‪ ،‬يعنللي‬
‫سنن النبياء عليهللم السلللم الللتي أمرنللا أن‬
‫نقتدي بهم فيها‪ ،‬وقال المللام أبللو بكللر ابللن‬
‫العربي رحمه الله في شرح الموطأ‪ :‬عنللدي‬
‫أن الخصال المذكورة في هذا الحديث كلهللا‬
‫واجبة‪ ،‬فإن المرء لو تركها لللم تبللق صللورته‬
‫)( نيل الوطار )‪.(124 ،123 /1‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪3‬‬ ‫الدرة في سنن‬
‫‪6‬‬ ‫الفطرة‬

‫علللى صللورة الدمييللن فكيللف مللن جملللة‬


‫المسلمين )‪.(1‬‬
‫وقد تعقبه أبو شامة‪ :‬بأن الشللياء الللتي‬
‫مقصللودها مطلللوب لتحسللين الخلللق وهللي‬
‫النظافللة ل تحتللاج إلللى ورود أمللر إيجللاب‬
‫للشارع فيها اكتفاء بدواعي النفس‪ ،‬فمجرد‬
‫الندب إليها كاف‪ ،‬والحديث الذي يقصده هو‬
‫قللوله ‪» ‬الفطممرة خمممس‪ ،‬الختتممان‬
‫والستحداد« وفي رواية‪» :‬حلق العانممة‬
‫وقمممص الشمممارب وتقليمممم الظمممافر‬
‫ونتف البط«)‪.(2‬‬
‫وقال أبو سللليمان‪ :‬ذهللب أكللثر العلمللاء‬
‫إلللى أنهللا أي الفطللرة السللنة وكللذا ذكللره‬
‫جماعة غير الخطللابي ‪ ،‬قللالوا‪ :‬ومعنللاه أنهللا‬
‫مللن سللنن النبيللاء صلللوات الللله وسلللمه‬
‫عليهم وقيل‪ :‬هي الدين‪.‬‬
‫وقال السيوطي رحمه الله‪ :‬وأحسن مللا‬
‫قيل في تفسير الفطرة أنها السنة القديمللة‬
‫التي اختارها النبياء‪ ،‬واتفقت عليها الشرائع‬
‫فكأنها أمر جبلي فطروا عليه اهل )‪.(3‬‬
‫)( فتح الباري )‪.(340 ،339 /10‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( متفق عليه‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( تنوير الحوالك شرح موطأ المام مالللك )‪/2‬‬ ‫‪3‬‬


‫‪3‬‬ ‫الدرة في سنن‬
‫‪7‬‬ ‫الفطرة‬

‫وقال المام ابن دقيق العيد رحملله الللله‬


‫بعللد أن ذكللر الخلف فللي معنللى الفطللرة‬
‫وأولى الوجوه بما ذكرنا‪ :‬أن تكللون الفطللرة‬
‫ما جبل الللله الخلللق عليلله‪ ،‬وجبللل طبللاعهم‬
‫على فعله‪ ،‬وهي كراهة ما في جسللده ممللا‬
‫هو ليس من زينته )‪ (1‬اهل‪.‬‬
‫وقال المام المحقق شمس الللدين أبللو‬
‫عبد الله محمد بن قيم الجوزية رحملله الللله‬
‫فللي تحفللة المللودود بأحكللام المولللود‪ ،‬عنللد‬
‫كلمه على حديث الفطرة خمس‪.‬‬
‫والفطرة فطرتان‪ :‬فطرة تتعلق بالقلب‬
‫وهي معرفة اللله ومحبتله وإيثلاره عللى ملا‬
‫سواه‪ ،‬وفطرة عملية‪ ،‬وهي هللذه الخصللال‪،‬‬
‫فلللالولى تزكلللي اللللروح وتطهلللر القللللب‪،‬‬
‫والثانيللة‪ :‬تطهللر البللدن‪ ،‬وكللل منهمللا تمللد‬
‫الخرى وتقويهللا‪ ،‬وكللان رأس فطللرة البللدن‬
‫الختان اهل)‪.(2‬‬
‫وقللال الحللافظ ابللن حجللر رحملله الللله‬
‫ويتعلللق بهللذه الخصللال أي خصللال الفطللرة‬
‫‪.(219‬‬
‫)( إحكام الحكام بحاشية العدة )‪.(339 /1‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( تحفة المودود بأحكام المولود ص ‪.161‬‬ ‫‪2‬‬


‫‪3‬‬ ‫الدرة في سنن‬
‫‪8‬‬ ‫الفطرة‬

‫مصللالح دينيللة ودنيويللة تللدرك بللالتتبع‪ ،‬منهللا‬


‫تحسللللين الهيئة وتنظيللللف البللللدن جملللللة‬
‫وتفصلليل‪ ،‬والحتيللاط للطهللارتين والحسللان‬
‫إلى المخالط والمقارن بكللف مللا يتللأذى بلله‬
‫من رائحة كريهة‪ ،‬ومخالفة شعار الكفار من‬
‫المجوس واليهود والنصارى وعبللاد الوثللان‪،‬‬
‫وامتثال أمللر الشللارع والمحافظللة علللى مللا‬
‫م‬‫و َرك ُ ْ‬
‫صمم ّ‬
‫و َ‬‫أشلللار إليللله قلللوله تعلللالى‪َ  :‬‬
‫َ َ‬
‫م‪ ‬لمللا فيلله المحافظللة‬ ‫وَرك ُ ْ‬
‫ص َ‬
‫ن ُ‬‫س َ‬‫ح َ‬‫فأ ْ‬
‫على هذا الخصال من مناسللبة ذلللك‪ ،‬وكللأنه‬
‫قيل قد حسللنت صللوركم فل تشللوهوها بمللا‬
‫يقبحهللا‪ ،‬أو حللافظوا علللى مللا يسللتمر بلله‬
‫حسنها وفي المحافظة عليها محافظة علللى‬
‫الملللروءة وعللللى التلللآلف المطللللوب‪ ،‬لن‬
‫النسللان إذا بللدا فللي الهيئة الجميلللة كللان‬
‫أدعللى لنبسللاط النفللس إليلله فيقبللل قللوله‬
‫ويحمد رأيه والعكس بالعكس اهل )‪.(1‬‬
‫شبهة‪:‬‬
‫كون إعفاء اللحية مللن خصللال الفطللرة‬
‫يدل على عدم وجوبها بدللة اقترانه بما هو‬

‫)( فتح الباري )‪.(339 /10‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪3‬‬ ‫الدرة في سنن‬
‫‪9‬‬ ‫الفطرة‬

‫مستحب‪.‬‬
‫الجواب‪:‬‬
‫الصحيح أن يقال‪ :‬إن كون إعفاء اللحيللة‬
‫أحللد خصللال الفطللرة ل يللدل بللذاته علللى‬
‫الوجوب‪ ،‬وإنمللا يسللتفاد الوجللوب مللن أدلللة‬
‫أخللرى ودللللة القللتران هنللا ل تقللوى علللى‬
‫معارضللة أدلللة الوجللوب‪ ،‬أمللا السللتدلل‬
‫باقتران العفاء بغيره مللن خصللال الفطللرة‬
‫الغيللر واجبللة فمللردود بللأنه ل يمتنللع قللرن‬
‫الواجب بغيره‪.‬‬
‫قال المام النووي رحمه الله‪ :‬قد يقرن‬
‫ن‬
‫ممم ْ‬ ‫المختلفان كقول الله تعللالى‪ :‬ك ُُلوا ِ‬
‫ح ّ‬ ‫ث َممممره إ َ َ‬
‫م‬ ‫و َ‬
‫ه ي َممم ْ‬‫قممم ُ‬ ‫وآت ُممموا َ‬ ‫ممممَر َ‬ ‫ذا أث ْ َ‬ ‫َ ِ ِ ِ‬
‫ه ‪] ‬النعام‪.[141 :‬‬ ‫صاِد ِ‬ ‫ح َ‬‫َ‬
‫والكللل مبللاح ‪ ،‬واليتللاء واجللب‪ ،‬وقللوله‬
‫م‬‫همم ْ‬ ‫في ِ‬ ‫م ِ‬ ‫مُتمم ْ‬‫عل ِ ْ‬
‫ن َ‬ ‫م إِ ْ‬ ‫ه ْ‬‫كات ُِبو ُ‬‫ف َ‬
‫تعالى‪َ  :‬‬
‫ذي‬ ‫ه ال ّ م ِ‬‫ل الل م ِ‬ ‫ممما ِ‬
‫ن َ‬ ‫مم ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬‫وآت ُممو ُ‬‫خي ْمًرا َ‬ ‫َ‬
‫م ‪] ‬النور‪.[23 :‬‬ ‫آَتاك ُ ْ‬
‫واليتاء واجب‪ ،‬والكتابة سللنة‪ ،‬ونظللائره‬
‫في الكتاب والسنة كثيرة مشهورة اهل)‪.(1‬‬

‫)( المجموع شرح المهذب )‪.(318 ،317 /1‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪4‬‬ ‫الدرة في سنن‬
‫‪0‬‬ ‫الفطرة‬

‫قال الحافظ‪ :‬نقل ابن دقيق العيللد عللن‬


‫بعض العلماء أنلله قللال‪ :‬دل الخللبر علللى أن‬
‫الفطرة بمعنى الدين‪ ،‬والصل فيمللا أضلليف‬
‫إلللى الشلليء أن يكللون مللن أركللانه ل مللن‬
‫زوائده حتى يقللوم دليللل علللى خلفلله‪ ،‬وقللد‬
‫ورد المر باتباع إبراهم عليلله السلللم وثبللت‬
‫أن هذه الخصال يعني خصللال الفطللرة أمللر‬
‫بها إبراهيم عليله السللم‪ ،‬وكلل شليء أمللر‬
‫الله باتباعه فهو على الوجوب لمن أمللر بلله‬
‫قال الحافظ‪ :‬وتعقب بللأن وجللوب التبللاع ل‬
‫يقتضي وجوب كل متبوع فيه‪ ،‬بل يتم المللر‬
‫بالمتثال‪ ،‬فإن كان واجبا على المتبللوع كلان‬
‫واجبللا علللى التللابع أو نللدبا فنللدب‪ ،‬فيتوقللف‬
‫ثبوت وجوب هذه الخصال على المللة علللى‬
‫ثبوت كونها واجبة على الخليل عليه السلم‬
‫اهل )‪.(2‬‬

‫تنبيه‪:‬‬
‫ذهب كثير من العلماء إلى إيجاب بعللض‬
‫خصال الفطرة منهم المام الشافعي رحمه‬

‫)( فتح الباري )‪.(340 :10‬‬ ‫‪2‬‬


‫‪4‬‬ ‫الدرة في سنن‬
‫‪1‬‬ ‫الفطرة‬

‫الله فقد أوجب الختان‪ ،‬وكللذا أوجللب إعفللاء‬


‫اللحية وكذلك جمهور أصحابه‪ ،‬وقال به مللن‬
‫القدمين عطاء وهلو اللذي ورد عنله القلول‬
‫بكراهية حلق اللحية‪ ،‬قال‪ :‬لو أسلللم الكللبير‬
‫لم يتم إسلمه حتى يختتن‪.‬‬
‫وعن زيد بللن أرقللم قللال ‪» ‬من لممم‬
‫يأخذ من شاربه فليس منا«)‪ (1‬واستدل‬
‫بهذا على وجوب الخذ من الشارب )‪.(2‬‬
‫وقد سبق ذكر أن القاضي ابللن العربللي‬
‫أوجللب الختللان والسللتحداد ونتللف البللط‬
‫وتقليللم الظللافر‪ ،‬والخلف فللي المضمضللة‬
‫والستنشاق معروف مشهور أهي واجبة أم‬
‫ل‪.‬‬
‫وقال ابللن القيللم رحملله الللله )‪ (3‬ثللم إن‬
‫الخصال المذكورة في الحديث منها مللا هللو‬
‫)‪(4‬‬
‫واجلللللب كالمضمضلللللة والستنشلللللاق‬
‫والسلللتنجاء‪ ،‬ومنهلللا ملللا هلللو مسلللتحب‬

‫)( رواه الترملللذي وأحملللد والنسلللائي قلللال‬ ‫‪1‬‬

‫الترمذي‪ :‬صحيح وقال الحافظ‪ :‬سنده قوي‪.‬‬


‫)( فتح الباري‪.(340 /1) :‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( تحفة المودود )‪.(177‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( انظر تلخيص الحبير للحافظ ابللن حجللر )‪/1‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪.(89 ،88‬‬
‫‪4‬‬ ‫الدرة في سنن‬
‫‪2‬‬ ‫الفطرة‬

‫كالسواك‪ ،‬وأما تقليم الظافر‪ ،‬فللإن الظفللر‬


‫إذا طللال جللدا بحيللث يجتمللع تحتلله الوسللخ‪،‬‬
‫وجللب تقليملله لصللحة الطهللارة‪ ،‬وأمللا قللص‬
‫الشارب فاللدليل يقتضلي وجلوبه إذا طلال‪،‬‬
‫وهذا الذي يتعين القول به لمر رسول الللله‬
‫‪ ‬بلله ولقللوله ‪» ‬ومن لممم يأخممذ مممن‬
‫شاربه فليس منا« اهل )‪.(1‬‬
‫وقد روى المام أحمد وأصحاب السللنن‬
‫أن رسللول الللله ‪ ‬وقللت لهللم فللي قللص‬
‫الشارب وتقليم الظافر ونتف البط وحلللق‬
‫العانللة أن ل تللترك أكللثر مللن أربعيللن ليلللة‪،‬‬
‫واستدل به على وجوب هذه الخصال‪ ،‬وهذه‬
‫الحللاديث مبينللة لمللا أجمللل فللي حللديث‬
‫»عشر من الفطرة« والمبين مقدم على‬
‫المجمل كما هو معلوم )‪.(2‬‬
‫‪ -8‬مشروعية الختان وأنه من خصال‬
‫)‪(3‬‬
‫الفطرة‬

‫)( رواه الملللام أحملللد والترملللذي النسلللائي‬ ‫‪1‬‬

‫والضلياء عللن زيلد بلن أرقلم رضلي الللله عنله‬


‫وصححه اللباني‪.‬‬
‫)( أدلة تحريم حلق اللحيللة للشلليخ محمللد بللن‬ ‫‪2‬‬

‫أحمد بن إسماعيل )‪.(59-56‬‬


‫)( تحفة المودود بأحكللام المولللود لبللن القيللم‬ ‫‪3‬‬

‫بتحقيق بشير محمد عيون ص ‪.99‬‬


‫‪4‬‬ ‫الدرة في سنن‬
‫‪3‬‬ ‫الفطرة‬

‫في الصحيحين مللن حللديث أبللي هريللرة‬


‫قلللال‪ :‬قلللال رسلللول اللللله ‪» ‬الفطممرة‬
‫خمممس الختممان‪ ،‬السممتحداد وقممص‬
‫الشممارب‪ ،‬وتقليممم الظفممار ‪ ،‬ونتممف‬
‫البط«)‪.(4‬‬
‫فجعللل الختللان رأس خصللال الفطللرة‪،‬‬
‫وإنما كانت هذه الخصال مللن الفطللرة‪ ،‬لن‬
‫الفطرة‪ ،‬هللي الحنيفيللة ملللة إبراهيللم وهللذه‬
‫الخصال أمر بها إبراهيم‪ ،‬هي مللن الكلمللات‬
‫التي ابتله ربه بهن‪ ،‬كما ذكللر عبللد الللرزاق‪:‬‬
‫عن معمر عن طاوس‪ ،‬عللن أبيلله‪ ،‬عللن ابللن‬
‫عباس في هذه الية‪ ،‬قللال‪ :‬ابتله بالطهللارة‬
‫خمللس فللي الللرأس وخمللس فللي الجسللد‪،‬‬

‫)( رواه البخللاري رقللم )‪ (5889‬فللي اللبللاس‪:‬‬ ‫‪4‬‬

‫باب قص الشارب‪ ،‬ورقم )‪ (5891‬باب تقليللم‬


‫الظفار‪ ،‬ورقللم )‪ (6207‬فللي السللتئذان بللاب‬
‫الختان بعد الكبر‪ ،‬ونتف البط ومسلللم رقللم )‬
‫‪ (257‬فللي الطهللارة بللاب خصللال الفطللرة‬
‫والموطأ )‪ (921 /2‬والترمللذي رقللم )‪(2757‬‬
‫فلللي الدب‪ ،‬وأبلللو داود رقلللم )‪ (4198‬فلللي‬
‫الرجل‪ :‬باب أخذ الشارب والنسللائي )‪،14 /1‬‬
‫‪ (15‬فللي الطهللارة فللي بللاب تقليللم الظفللار‪،‬‬
‫وباب نتف البط‪ ،‬وابن ماجه رقم )‪ (292‬فللي‬
‫الطهارة باب الفطرة‪.‬‬
‫‪4‬‬ ‫الدرة في سنن‬
‫‪4‬‬ ‫الفطرة‬

‫وخملللس فلللي اللللرأس‪ :‬قلللص الشلللارب‪،‬‬


‫والمضمضة‪ ،‬والستنشاق‪ ،‬والسواك‪ ،‬وفللرق‬
‫الرأس‪ ،‬وفي الجسد‪ ،‬تقليم الظفار‪ ،‬وحلللق‬
‫العانللة والختللان‪ ،‬ونتللف البللط‪ ،‬وغسللل أثللر‬
‫الغائط والبول بالماء‪.‬‬
‫والفطلللرة فطرتلللان‪ :‬فطلللرة تتعللللق‬
‫بالقلب‪ ،‬وهي معرفللة الللله ومحبتلله وإيثللاره‬
‫على ما سواه‪ ،‬وفطللرة عمليللة‪ :‬وهللي هللذه‬
‫الخصللال‪ ،‬فللالولى‪ :‬تزكللي الللروح وتطهللر‬
‫القلب‪ ،‬والثانية تطهر البدن‪ ،‬وكل منهما تمد‬
‫الخرى وتقويها‪ ،‬وكللان رأس فطللرة البللدن‪:‬‬
‫الختان‪.‬‬
‫وفللي مسللند المللام أحمللد مللن حللديث‬
‫عمار بن ياسر رضللي الللله عنلله قللال‪ ،‬قللال‬
‫رسللللول اللللله ‪» ‬ممممن الفطمممرة‪ ،‬أو‬
‫الفطمممرة المضمضمممة والستنشممماق‬
‫وقممص الشممارب‪ ،‬والسممواك وتقليممم‬
‫الظفمممار‪ ،‬وغسمممل المممبراجم ونتمممف‬
‫البممممط‪ ،‬والسممممتحداد والختتممممان‪،‬‬
‫والنتضاح«)‪.(1‬‬
‫)( رواه أحمللد فللي المسللند )‪ (264 /4‬وابللن‬ ‫‪1‬‬

‫ماجه رقم )‪ (294‬في الطهارة‪ :‬باب الفطللرة‪،‬‬


‫‪4‬‬ ‫الدرة في سنن‬
‫‪5‬‬ ‫الفطرة‬

‫وقللد اشللتركت خصللال الفطللرة فللي‬


‫الطهللللارة والنظافللللة‪ ،‬وأخللللذ الفضلللللت‬
‫المستقذرة التي يألفها الشيطان‪ ،‬ويجاورهللا‬
‫من بني آدم‪ ،‬وله بالعزلة اتصال واختصاص‪.‬‬
‫وقال غير واحد من السلف‪ :‬مللن صلللى‬
‫وحج واختتن فهللو حنيللف‪ ،‬فالحللج والختللان‪:‬‬
‫شعار الحنيفية‪ ،‬وهي فطرة الله التي فطللر‬
‫الناس عليهللا‪ ،‬قللال الراعللي )‪ (1‬يخللاطب أبللا‬
‫بكر رضي الله عنه‪:‬‬
‫حنفاء نسجد‬ ‫أخليفة الرحمن‬
‫وأصيل‬
‫بكرةالزكاة‬
‫حق‬ ‫معشر‬
‫نرى لله‬ ‫عرب‬‫إنا‬
‫منزلا ً تنزيل‬ ‫في أموالنا‬

‫وإسللناده ضللعيف‪ ،‬ولكللن للله شللواهد بمعنللاه‬


‫يقوى بها‪ ،‬فالحديث حسللن كمللا قللال اللبللاني‬
‫في صحيح الجامع رقم )‪.(5782‬‬
‫)( ديللوانه ‪ ،136‬ل ‪ 137‬طبللع المجمللع العلمللي‬ ‫‪1‬‬

‫العربي بدمشق في الصللل منللزل وهللو خطللأ‬


‫والتصحيح من شعر الراعي النميري‪.‬‬
‫‪4‬‬ ‫الدرة في سنن‬
‫‪6‬‬ ‫الفطرة‬

‫حكمة الختان وفوائده‬


‫الختللان مللن محاسللن الشللرائع الللتي‬
‫شللرعها الللله سللبحانه لعبللاده‪ ،‬ويجمللل بهللا‬
‫محاسلنهم الظلاهرة والباطنلة‪ ،‬فهلو مكملل‬
‫للفطرة التي فطرهم عليها‪ ،‬ولهذا كان مللن‬
‫تملللام الحنيفيلللة مللللة إبراهيلللم‪ ،‬وأصلللل‬
‫مشروعية الختان لتكميل الحنيفية‪ ،‬فإن الله‬
‫عز وجل لما عاهد إبراهيم‪ ،‬وعده أن يجعللله‬
‫للناس إمامًا‪ ،‬ووعده أن يكلون أبّلا لشللعوب‬
‫كللثيرة‪ ،‬وأن يكللون النبيللاء والملللوك مللن‬
‫صلبه‪ ،‬وأن يكثر نسللله‪ ،‬وأخللبره أنلله جاعللل‬
‫بينه وبين نسله علمة العهللد أن يختنللوا كللل‬
‫مولود منهم‪ ،‬ويكون عهدي هذا ميسللما فللي‬
‫أجسادهم‪ ،‬فالختان علللم للللدخول فللي ملللة‬
‫إبراهيم‪ ،‬وهذا موافق لتأويل من تأول قللوله‬
‫َ‬
‫ن‬
‫مم َ‬ ‫ن ِ‬‫سم ُ‬
‫ح َ‬‫نأ ْ‬‫م ْ‬
‫و َ‬
‫ه َ‬‫ة الل ِ‬
‫غ َ‬ ‫تعالى‪ِ  :‬‬
‫صب ْ َ‬
‫ة ‪] ‬البقرة‪ [138 :‬على الختان‪.‬‬ ‫غ ً‬
‫صب ْ َ‬
‫ه ِ‬
‫الل ِ‬
‫فالختان للحنفاء بمنزلة الصبغ والتعميللد‬
‫لعبلللاد الصلللليب فهلللم يطهلللرون أولدهلللم‬
‫بزعمهللم حيللن يصللبغونهم فللي المعموديللة‬
‫ويقولللون‪ :‬الن صللار نصللرانيا‪ ،‬فشللرع الللله‬
‫‪4‬‬ ‫الدرة في سنن‬
‫‪7‬‬ ‫الفطرة‬

‫سللبحانه للحنفللاء صللبغة الحنيفيللة وجعللل‬


‫ن‬
‫م ْ‬‫و َ‬‫ه َ‬
‫ة الل ِ‬‫غ َ‬ ‫ميسمها الختان فقال‪ِ  :‬‬
‫صب ْ َ‬
‫ة‪] ‬البقرة‪[138 :‬‬ ‫غ ً‬
‫صب ْ َ‬ ‫َ‬
‫ه ِ‬
‫ن الل ِ‬
‫م َ‬
‫ن ِ‬‫س ُ‬
‫ح َ‬
‫أ ْ‬
‫قد جعل الله سبحانه السللمات علمللة لمللن‬
‫يضاف إليه المعلم بها‪ ،‬ولهذا الناس يسمون‬
‫دوابهللم ومواشلليهم بللأنواع السللمات‪ ،‬حللتى‬
‫يكون ما يضاف منها إلى كل إنسان معروفًا‬
‫بسمته‪ ،‬وثم قد تكون هلذه السلمة متوارثلة‬
‫في أمة بعد أمة‪.‬‬
‫ولهذا يذم الرجللل‪ ،‬ويشللتم‪ ،‬ويعي لر بللأنه‬
‫ابن القلفاء‪ ،‬إشللارة إلللى غلمتهللا‪ ،‬وأي زينللة‬
‫أحسن من أخذ مللا طللال وجللاوز الحللد مللن‬
‫جلدة القلفللة وشللعر العانللة‪ ،‬وشللعر البللط‪،‬‬
‫وشعر الشارب‪ ،‬وما طال مللن الظفللر فللإن‬
‫الشلليطان يختللبي تحللت ذلللك كللله ويللألفه‬
‫ويقطن فيه حتى إنه ينفخ في إحليل القلف‬
‫وفللرج القلفللاء مللا ل ينفللخ فللي المختللون‪،‬‬
‫ويختبئ فللي شللعر العانللة‪ ،‬وتحللت الظفللار‪،‬‬
‫فالغرلللة أقبللح فللي موضللعها مللن الظفللر‬
‫الطويل والشارب الطويل والعانة الفاحشللة‬
‫الطول‪ ،‬ول يخفى على ذي الحللس السللليم‬
‫‪4‬‬ ‫الدرة في سنن‬
‫‪8‬‬ ‫الفطرة‬

‫قبح الغرلة‪ ،‬وما فللي إزالتهللا مللن التحسللين‬


‫والتنظيللف والللتزيين ولهللذا لمللا ابتلللى الللله‬
‫خليله إبراهيم بإزالللة هللذه المللور فللأتمهن‪،‬‬
‫جعله إمامًا للناس هذا مع ما فيلله مللن بهللاء‬
‫الوجه وضيائه‪ ،‬وفي تركه من الكسفة الللتي‬
‫ترى عليه‪.‬‬
‫وبالله التوفيق وصلى الله وسلللم علللى‬
‫عبده ورسوله محمد وآله وصحبه‪.‬‬
‫‪4‬‬ ‫الدرة في سنن‬
‫‪9‬‬ ‫الفطرة‬

‫المراجع‬
‫‪ -1‬بهجللة قلللوب الأبللرار وقللرة عيللون‬
‫الخيللار بشللرح جوامللع الخبللار للشلليخ عبللد‬
‫الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله‪.‬‬
‫‪ -2‬تحفة المودود بأحكللام المولللود لبللن‬
‫القيم رحمه الله‪.‬‬
‫‪ -3‬خلصة الكلم بشرح عمللدة الحكللام‬
‫للشلليخ فيصللل بللن عبللد العزيللز آل مبللارك‬
‫رحمه الله‪.‬‬
‫‪ -4‬أدلللة تحريللم حلللق اللحيللة للشلليخ‬
‫محمد بن أحمد بن إسماعيل رحمه الله‪.‬‬
‫‪ -5‬خطب الشيخ محمد الصالح العثيمين‬
‫وفقه الله‪.‬‬
‫‪ -6‬الكللواكب النيللرات فللي المنجيللات‬
‫والمهلكات للمؤلف رحمه الله‪.‬‬
‫‪ -7‬رسللالة نللداء الفطللرة لللدى الرجللل‬
‫والمللرأة للشلليخ سللليمان بللن فهللد العللودة‬
‫وفقه الله‪.‬‬
‫‪ -8‬موطأ المام مالللك بللن أنللس رحملله‬
‫الله‪.‬‬
‫‪ -9‬فتللح البللاري شللرح صللحيح البخللاري‬
‫‪5‬‬ ‫الدرة في سنن‬
‫‪0‬‬ ‫الفطرة‬

‫لبن حجر رحمه الله‪.‬‬


‫‪ -10‬صلللحيح مسللللم بشلللرح النلللووي‬
‫رحمهما الله‪.‬‬
‫‪ -11‬المجمللوع شللرح المهللذب للمللام‬
‫النووي رحمه الله‪.‬‬
‫‪ -12‬نيل الوطللار شللرح منتقللى الخبللار‬
‫للشوكاني رحمه الله‪.‬‬
‫‪5‬‬ ‫الدرة في سنن‬
‫‪1‬‬ ‫الفطرة‬

‫الفهرس‬

‫الص‬ ‫الموضوع‬
‫فحة‬
‫مقدمة‪......................................‬‬
‫‪3‬‬
‫‪..........‬‬
‫‪ -1‬ثلث فللللللوائد مللللللن حللللللديث‬
‫‪5‬‬
‫الفطرة‪.....................‬‬
‫‪ -2‬الفطللللللللللللللللللللللللللللللللللللرة‬
‫‪7‬‬
‫النسانية‪..................................‬‬
‫‪ -3‬موقلللللللف السللللللللم ملللللللن‬
‫‪9‬‬
‫الفطرة‪.........................‬‬
‫‪ -4‬سللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللنن‬
‫‪14‬‬ ‫الفطرة‪.....................................‬‬
‫‪.‬‬
‫‪ -5‬خصللللللللللللللللللللللللللللللللللللللال‬
‫‪18‬‬
‫الفطرة‪....................................‬‬
‫‪ -6‬خملللللللللللللللللس ملللللللللللللللللن‬
‫‪22‬‬
‫الفطرة‪..................................‬‬
‫‪24‬‬ ‫‪ -7‬من خصال الفطللرة إعفللاء اللحيللة‬
‫‪5‬‬ ‫الدرة في سنن‬
‫‪2‬‬ ‫الفطرة‬

‫شبهة وجوابها‪......:‬‬
‫تنبيه‪..................................... :‬‬
‫‪28‬‬
‫‪.........‬‬
‫‪ -8‬مشروعية الختان وأنه من خصللال‬
‫‪30‬‬
‫الفطرة‪............‬‬
‫‪ -9‬حكملللللللللللللللة الختلللللللللللللللان‬
‫‪32‬‬
‫وفوائده‪.............................‬‬
‫المراجللع‪....................................‬‬
‫‪34‬‬
‫‪...........‬‬

You might also like