You are on page 1of 25

‫عناية‬

‫الرسول ‪r‬‬
‫بالمرأة‬
‫والطفل‬
‫تأليف‬
‫محمد مسعد ياقوت‬

‫‪www.nabialrahma.com‬‬

‫‪1‬‬
‫مخطط البحث ‪:‬‬
‫المبحث الول ‪ :‬تحرير المرأة من الجاهلية‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬مميزات المرأة في السلم‬
‫المبحث الثالث ‪ :‬رحمته للطفال‬
‫المبحث الرابع ‪ :‬رحمته للبنات‬
‫المبحث الخامس ‪ :‬رحمته لليتام‬
‫المبحث السادس ‪ :‬رحمته للرامل‬

‫محمد مسعد ياقوت‬


‫كاتب وداعية إسلمي مقيم في مصر ‪.‬‬
‫المشرف العام على موقع نبي الرحمة‬
‫‪www.nabialrahma.com‬‬
‫البريد اللكتروني ‪yakoote@gmail.com :‬‬
‫المدونة الشخصية ‪yakut.blogspot.com :‬‬
‫جوال ‪(002)0104420539‬‬

‫المبحث الول‬

‫‪2‬‬
‫تحرير المرأة من الجاهلية‬

‫المطلب الول ‪ :‬محمد ‪ ‬منقذ المرأة ‪:‬‬


‫يقول الباحث البريطاني " جب "‪ ،‬متحدًثا عن محمد ‪:‬‬
‫سلم به عالميا ً بصفة عامة أن إصلحاته ]‪ [‬رفعت‬ ‫" إنه من الم َ‬
‫‪1‬‬
‫من قدر المرأة ومنزلتها ووضعها الجتماعي والشرعي " ‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫"ورفع عن المرأة قيد العبودية التي فرضتها تقاليد الصحراء " ‪..‬‬
‫ويرى العلمة ول ديورانت‪ 3‬أن السلم قد رفع "من مقام المرأة‬
‫وى بين‬‫في بلد العرب ‪ ...‬وقضى على عادة وأد البنات‪ ،‬وس ّ‬
‫الرجل والمرأة في الجراءات القضائية والستقلل المالي‪،‬‬
‫وجعل من حقها أن تشتغل بكل عمل حلل ‪ ،‬وأن تحتفظ بما لها‬
‫ومكاسبها‪ ،‬وأن ترث‪ ،‬وتتصرف في مالها كما تشاء‪ ،‬وقضى على‬
‫ما اعتاده العرب في الجاهلية من انتقال النساء من الباء إلى‬
‫البناء فيما ينتقل لهم من متاع ‪ ،‬وجعل نصيب النثى في الميراث‬
‫نصف نصيب الذكر‪ ،‬ومنع زواجهن بغير إرادتهن"‪. 4‬‬

‫ويوضح إميل درمنغم كيف حرر النبي ‪‬المرأة‪ ،‬ويفصل في‬


‫ذلك‪..‬قائ ً‬
‫ل‪:‬‬
‫" مما ل ريب فيه أن السلم رفع شأن المرأة في بلد العرب و‬
‫سن حالها‪ ،‬قال عمر بن الخطاب ]‪): [ ‬مافتئنا نعد النساء من‬ ‫ح ّ‬
‫المتاع حتى أوحى في أمرهن مبيًنا لهن (‪ ،‬وقال النبي ]‪:[‬‬
‫) أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقًا‪ ،‬وخياركم خياركم‬
‫لنسائهم (‪ ..‬أجل‪ ،‬إن النبي ]‪ [‬أوصى الزوجات بإطاعة‬
‫أزواجهن‪ ،‬ولكنه أمر بالرفق بهن ونهى عن تزويج الفتيات كرها ً‬
‫وعن أكل أموالهن بالوعيد أو عند الطلق " ‪.5‬‬
‫يقول نظمي لوقا " ولم يكن للنساء نصيب في المواريث أيام‬
‫الجاهلية ‪ ...‬فأنزلت الية التي تورث النساء‪ .‬وفي القرآن تحريم‬
‫لوأد البنات‪ ،‬وأمر بمعاملة النساء واليتام بالعدل‪ ،‬ونهى محمد ]‬
‫‪[‬عن زواج المتعة وحمل الماء على البغاء ‪. 6 "..‬‬

‫‪ 1‬هـ‪ .‬أ‪ .‬ر‪ .‬جب ‪ :‬المحمدية ‪ ،‬ص ‪.33‬‬


‫ل عن نقل عن كتاب قالوا في السلم بقلم حسن الشيخ خضر الظالمي ص ‪50‬‬ ‫‪2‬هذه الجملة لجيمس متشنر‪ ،‬نق ً‬
‫‪ 3‬مؤلف أمريكي معاصر‪ ،‬تعد موسوعته ) قصة الحضارة( ذات ثلثين مجلدا ‪ ،‬واحد ة من أشهر الموسوعات‬
‫التي تؤرخ للحضارة البشرية‪ ،‬عكف على تأليفها السنين الطوال‪ ،‬وأصدر الكتاب الول منها عام ‪ ،1935‬ثم تلته‬
‫بقية الجزاء ومن كتبه ) قصة الفلسفة ( ‪.‬‬
‫‪ 4‬ول ديورانت‪ :‬قصة الحضارة ‪13/60 ،‬‬
‫‪ 5‬إميل درمنغم ‪:‬حياة محمد ‪ ،‬ص ‪.330-329‬‬
‫‪ 6‬نظمي لوقا‪ :‬محمد الرسالة والرسول ص ‪96‬‬

‫‪3‬‬
‫ما محض‬ ‫ويقول سوسة ‪ .." :‬كانت المرأة في ديار العرب قدي ً‬
‫متاع‪ ،‬مجرد ذكرها أمٌر ممتهن‪ .‬هكذا كان الوضع حينما جاء محمد‬
‫]‪ ،[‬فرفع مقام المرأة في آسيا من وضع المتاع الحقير إلى‬
‫مرتبة الشخص المحترم الذي له الحق في الحياة حياة محترمة‪،‬‬
‫كما أن له الحق في أن يملك ويرث المال"‪.7‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬افتراءات وردود ‪:‬‬
‫وهذه افتراءات يلوكها بعض الحاقدين‪ ،‬والرد عليها من قبل‬
‫العلماء المسلمين وغير المسلمين‪:‬‬
‫الفرية الولى ‪ :‬حول تعدد الزوجات ‪:‬‬
‫ل‪ :‬فيما يخص تعدد الزوجات الخاص بشخص النبي‬ ‫أو ً‬
‫‪: ‬‬
‫يقول كويليام ‪:‬‬
‫"أما تعدد الزوجات فإن موسى ]عليه السلم[ لم يحرمها‪ ،‬وداود‬
‫]عليه السلم[ أتاها‪ ،‬وقال بها ولم تحرم في العهد الجديد )أي‬
‫النجيل( إل من عهد غير بعيد‪ .‬ولقد أوقف محمد ]‪ [‬الغلوّ فيها‬
‫‪8‬‬
‫عند حد ّ معلوم‪".‬‬
‫عا من الرسل في قضية التعدد‪،‬‬ ‫والحق أن محمد‪ ‬لم يكن بد ً‬
‫فإبراهيم عليه السلم تزوج سارة ثم هاجر‪ ،‬و يعقوب عليه‬
‫السلم تزوج بأربع نسوة‪ ،‬و داود عليه السلم تزوج بأكثر مما‬
‫ما ‪ -‬بأنه زنى بامرأة‬‫تزوج رسول الله بل يتهمه العهد القديم – ظل ً‬
‫أوريا وقتل زوجها بالحيلة‪ ،‬ثم أخذها‪ ،9‬وتزوج سليمان ‪-‬عليه‬
‫السلم‪ -‬بألف امرأة‪ ،‬سبعمائة منهن حرائر من بنات السلطين‬
‫وثلثمائة جوار‪.10‬‬

‫ة جارية عند العرب‪ ،‬لسيما عند الزعماء‪،‬‬ ‫كما أن التعدد كان سن ً‬


‫فهو رمز للفحولة عندهم‪ ،‬ولقد كان الرجل يأتي النبي ‪، ‬‬
‫فيقول‪ :‬عندي ست زوجات أو تسع أو عشر أو أكثر‪ ،‬فبم‬
‫تأمرني؟‪ .‬فيأمره بأن يمسك أربعا ً منهن ويسرح الخريات ! وإل‬
‫‪11‬‬

‫لو لم يكن التعدد شائعا ً عند العرب لتخذوا تعدد الرسول‬

‫‪ 7‬أحمد سوسة ‪ :‬في طريقي إلى السلم ‪2/42 ،‬‬


‫‪8‬‬
‫عبد ال كويليام‪ :‬العقيدة السلمية ‪:‬ص ‪23 – 22‬‬
‫‪ 9‬انظر‪ :‬العهد القديم ‪:‬سفر صموئيل الثاني ‪ ،‬الباب الحادي عشر‬
‫‪ 10‬انظر‪ :‬العهد القديم ‪ :‬الباب الحادي عشر من سفر الملوك الول‬
‫‪ 11‬صحيح – أخرجه الترمذي ) ‪ ( 211 / 1‬وابن أبي شيبة ) ‪ ( 1 / 51 / 7‬وابن ماجه ) ‪ ( 1953‬وقال اللباني ‪:‬‬
‫صحيح‪ ،‬وذلك عن قول الرسول ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬لغيلن بن سلمة حين أسلم وتحته عشر نسوة ‪ " :‬أمسك‬
‫أربعا وفارق سائرهن " ‪ .‬وفي رواية أخرى قال عروة بن مسعود الثقفي ‪ " :-‬أسلمت وتحتي عشر نسوة‪ ،‬أربع‬
‫منهم من قريش إحداهن بنت أبي سفيان" ‪ ..‬فقال لي رسول ال ‪-‬صلى ال عليه وسلم ‪ " :-‬اختر منهن أربًعا وخل‬
‫سائرهن فاخترت منهن أربعا منهن ابنة أبي سفيان " ‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫‪ ‬مطعنا ً فيه‪ ،‬أو سبة له‪ ،‬ولم يرد ذلك على لسان أحد ٍ منهم‪ .‬بل‬
‫دا متواضعا في عرف‬ ‫نرى أن جمع النبي بين تسع نسوة يعد عد ً‬
‫العرب في ذلك الوقت !‬

‫ثانًيا‪:‬فيما يخص تعدد الزوجات العام‪:‬‬


‫يقول إميل درمنغم‪:‬‬
‫"وأباح ]النبي ‪ [‬تعدد الزوجات‪..‬ولم يوصي الناس به‪ ،‬ولم‬
‫يأذن فيه إل بشرط العدل بين الزوجات فل يهب لحداهن إبرة‬
‫دون الخرى"‪.12‬‬
‫ويتسائل إميل درمنغم قائل ً ‪" :‬وأيهما أفضل ‪ :‬تعدد الزوجات‬
‫الشرعي أم تعدد الزوجات السري؟‪...‬إن تعدد الزوجات من شأنه‬
‫إلغاء البغاء والقضاء على عزوبة النساء ذات المخاطر"‪.13‬‬
‫ويقول جاك ريسلر‪ " :‬وفي الحق أن تعدد الزوجات بتقييده‬
‫النزلق مع الشهوات الجامحة‪ ،‬قد حقق بهذا التشريع السلمي‬
‫تماسك السرة‪ ،‬وفيه ما يسوغ عقوبة الزوج الزاني "‪.14‬‬
‫ويبن "ليتنر" ‪ " :‬أن هذا التعدد في الزواج مشروط بشروطه‪،‬‬
‫فيقول "َيقدر الرجل أن يتزوج من أربع نساء بشرط المساواة‬
‫بينهن في كل شيء حتى بالمحبة والوداد‪ ،‬فإن لم يكن قادًرا على‬
‫كل ذلك فل يباح له بإن يتزوج غير واحدة ‪.‬ومن يتدبر شريعته ]‬
‫‪ [‬يرى أنه قد حض على الزواج بامرأة واحدة ‪ ،‬ولقد رفع مقام‬
‫ما ‪ ،‬فإنها بعد ما كانت تعد كمتاع مملوك‬ ‫المرأة ورقاها رقًيا عظي ً‬
‫‪15‬‬
‫صارت مالكة‪ ،‬وحكمها مؤيد وحقوقها محفوظة" ‪.‬‬
‫ضا ‪ -‬على أصحاب هذه الفرية‪ ،‬فيقول لهم ‪:‬‬ ‫ويرد " كويليام " –أي ً‬
‫َ‬
‫حد َةً‪) ‬سورة‬ ‫م أل ّ ت َعْد ُِلوا ْ فَ َ‬
‫وا ِ‬ ‫فت ُ ْ‬
‫خ ْ‬
‫ن ِ‬ ‫" جاء في القرآن ‪‬فَإ ِ ْ‬
‫النساء‪ ،‬الية‪ ،(3 :‬فيما يتعلق بمسألة تعدد الزوجات التي تنتقدون‬
‫ما وعدواًنا‪ .‬إذ ل شك في أنكم تجهلون‬ ‫فيها على المسلمين ظل ً‬
‫عدل النبي ]‪ [‬بين أزواجه ]رضوان الله عليهن[ وحبه فيهن‬
‫حّبا مساوًيا مما علم المسلمين النتماء والنصاف بينهن‪ .‬على أن‬
‫القرآن لم يأمر بتعدد الزوجات بل جاء بالحظر مع الوعيد لمن ل‬
‫يعدل في الية المتقدمة‪ ،‬ولذلك ترى اليوم جميع المسلمين منهم‬
‫القليل ل يتزوجون إل امرأة واحدة خوف الوقوع تحت طائلة ما‬
‫جاء من النذار في القرآن المجيد‪ .‬وإذا سّلمنا على العموم بأن‬
‫عدم تعدد الزوجات أوفق للمعاشرة الدنيوية من تكررهن‪ ،‬فل‬

‫‪ 12‬إميل درمنغم‪ :‬حياة محمد ‪ ،‬ص ‪.330‬‬


‫‪ 13‬إميل درمنغم‪ :‬حياة محمد ‪ ،‬ص ‪.331-330‬‬
‫‪14‬جاك ريسلر‪ :‬الحضارة العربية ‪ ،‬ص ‪52‬‬
‫‪ 15‬ليتنر‪ :‬دين السلم ‪ ،‬ص ‪11‬‬

‫‪5‬‬
‫نسلم بالعتراف بذلك على الوجه المتعارف اليوم بأوروبا من‬
‫حصر الزواج في امرأة واحدة إذعانا للقانون واتخاذ عدة أزواج‬
‫‪16‬‬
‫أخرى ]غير شرعيات[ من وراء الجدار‪"!!..‬‬
‫الفرية الثانية‪ :‬قول أحدهم ‪:‬إن السلم ل يسوي بين‬
‫المرأة والرجل ‪:‬‬
‫ويرد جاك ريسلر على هذه الفرية‪ ،‬فيقول ‪:‬‬
‫"‪ ..‬لقد وضعت المرأة على قدم المساواة مع الرجال في‬
‫القضايا الخاصة بالمصلحة فأصبح في استطاعتها أن ترث‪ ،‬وأن‬
‫تورث‪ ،‬وأن تشتغل بمهنة مشروعة"‪. 17‬‬
‫ويقول العالم القانوني مارسيل بوازار‪:‬‬
‫" إن السلم يخاطب الرجال والنساء على السواء ويعاملهم‬
‫بطريقة )شبه( متساوية‪ 18‬وتهدف الشريعة السلمية بشكل عام‬
‫إلى غاية متميزة هي الحماية‪ ،‬ويقدم التشريع للمرأة تعريفات‬
‫دا بضمانها ‪ .‬فالقرآن‬ ‫ما شدي ً‬ ‫دقيقة عما لها من حقوق ويبدي اهتما ً‬
‫والسنة يحضان على معاملة المرأة بعدل ورفق وعطف‪...‬‬
‫دا‬
‫وسعيا] أي القرآن والسنة[ إلى رفع وضع المؤمنة بمنحها عد ً‬
‫من الطموحات القانونية ‪ .‬أمام القانون و الملكية الخاصة‬
‫الشخصية‪ ،‬والرث "‪.19‬‬
‫ويقول نظمي لوقا ‪":‬وفي سور القرآن أشار إلى المساواة عند‬
‫الله بين الذكر والنثى بغير تفريق في التكليف أو الجزاء ‪،‬‬
‫وإشارة صريحة مساواة المرأة والرجل في ثمرات العمال و‬
‫الجهود ‪ ..‬وفي بعض المم القديمة ‪ ،‬والحديثة‪ ،‬كانت المرأة‬
‫تحرم غالبا ً من الميراث‪ ،‬فأبى السلم هذا الغبن الفاحش‪. " ..‬‬
‫‪20‬‬

‫ويقول في موضع آخر ‪ " :‬ليس السلم‪-‬على حقيقته‪-‬عقيدة‬


‫رجعية تفرق بين الجنسين في القيمة ‪ .‬بل إن المرأة في موازينه‬
‫تقف مع الرجل على قدم المساواة ‪ .‬ل يفضلها إل بفضل‪ ،‬ول‬
‫يحبس عنها التفضيل إن حصل لها ذلك الفضل بعينه في غير‬
‫مطل أو مراء وما من امرأة سوية تستغني عن كنف الرجل‬
‫بحكم فطرتها الجسدية والنفسية على كل حال"‪.21‬‬

‫‪ 16‬عبد ال كويليام ‪ :‬العقيدة السلمية ص ‪39 – 38‬‬


‫‪ 17‬جاك ريسلر ‪ :‬الحضارة العربية ‪ ،‬ص ‪52‬‬
‫‪ 18‬الصحيح ‪" :‬بطريقة متساوية"‪ ،‬ولعله يقصد أن السلم أخذ في اعتباره التفوق الجسمي للرجل على المرأة‪،‬‬
‫فكلف الرجل بالقتال أوالنفاق على السرة دون النساء على سبيل المثال‪.‬‬
‫‪ 19‬مارسيل بوازار‪ :‬إنسانية السلم‪ ،‬ص ‪108‬‬
‫‪ 20‬نظمي لوقا‪ :‬محمد الرسالة والرسول ص ‪96‬‬
‫‪ 21‬نظمي لوقا‪ :‬محمد الرسالة والرسول ص ‪101 ،100‬‬

‫‪6‬‬
‫الفرية الثالثة ‪ :‬قول أحدهم‪ :‬إن السلم ل يهتم بتعليم‬
‫المرأة ‪:‬‬
‫تقول "ماكلوسكي "‪:‬‬
‫"لقد دعا السلم إلى تعليم المرأة‪ ،‬وتزويدها بالعلم والثقافة‬
‫لنها بمثابة مدرسة لطفالها‪ .‬قال رسول الله ‪) :‬طلب العلم‬
‫فريضة على كل مسلم ومسلمة(‪ .‬لقد منح السلم المرأة حق‬
‫التملك وحرية التصرف فيما تملك‪ .‬وفي الوقت الذي نرى فيه أن‬
‫المرأة في أوروبا كانت محرومة من جميع هذه الحقوق إلى عهد‬
‫دا‪ ،‬نجد أن السلم منح المرأة بالضافة إلى ما تقدم حق‬ ‫قريب ج ّ‬
‫إبرام العقود للزواج‪ .‬والمهر في نظر السلم هو حق شخصي‬
‫للمرأة‪ .‬والمرأة في السلم تتمتع بحرية الفكر والتعبير‪.22"..‬‬

‫الفرية الرابعة ‪ :‬حول ضرب الزوج لزوجته‪:‬‬


‫ونرد هذه الشبه ونقول ‪:‬‬
‫من المعلوم أن المذاهب والشرائع الوضعية التي كانت‬
‫تسود العالم قبيل بعثة النبي ‪ ،‬كانت تشّرع ُ العنف ضد ّ المرأة‬
‫إلى حد القتل!‬
‫وكانت المرأة في نظر الكنيسة في العصور الوسطى‪ ،‬جرثومة‬
‫ملعونة ‪ ،‬وهي مصدر الذنوب والثام‪! 23‬‬

‫أما السلم فهو يحّرم العنف ضد المرأة‪ ،‬غير إن الشرع أباح‬


‫ق جدًا‪ ،‬وذلك خا ّ‬
‫ص‬ ‫ق ضي ٍ‬
‫استخدام الضرب للتأديب في نطا ٍ‬
‫بالمرأة الناشز التي خرجت عن قوامة زوجها‪ ،‬وشكلت تهديدا ً‬
‫لنظام السرة‪ ،‬وأصرت عليه‪ ،‬إذ ل يبيح السلم اللجوء إلى‬
‫الضرب إل بعد استخدام الوعظ كمرحلة أولى‪ ،‬ثم يجّرب الهجر‬
‫في المضاجع أثناء النوم بشروط وضوابط فقهية‪ ،‬ول يهجر إل في‬
‫البيت‪ ،‬فإذا لم يجد الوعظ ول الهجر فل حرج من اللجوء إلى‬
‫ب غير مبرح‪ ،‬هو إلى التهديد أقرب منه إلى التنفيذ‪ ،‬إذا وجد‬ ‫ضر ٍ‬
‫ظ ول‬ ‫المصلحة في ذلك‪ ،‬ومثل هذه المرأة التي لم يصلحها وع ٌ‬
‫هجٌر ‪ -‬والهجر عند النساء أشد ّ من الضرب نفسه ؛ لرقتهن وغلبة‬
‫العاطفة عليهن – غالبا ً ما تكون في حالة شذوذ ٍ نفسي‪ ،‬وقد ينفع‬
‫ر‪ ،‬وهو ‪ -‬رغم ما فيه من ضررٍ على‬ ‫فيه العقاب البدني كح ّ‬
‫ل أخي ٍ‬
‫المرأة ‪ -‬خيٌر من الطلق وتمزيق السرة‪ ،‬وهي أشبه ما تكون‬
‫بقاعدة الضرورة التي تباح في بعض الحالت الستثنائية‪.. 24‬‬
‫‪ 22‬انظر‪ :‬عرفات كامل العشي ‪ :‬رجال ونساء أسلموا ‪63 ، 9/62 ،‬‬
‫‪23‬‬
‫انظر‪ :‬اميل درمنغم‪ :‬حياة محمد ‪ ،‬ص ‪331‬‬
‫‪ 24‬انظر‪ :‬محمد علي الخطيب‪ :‬رسول ال صلى ال عليه وسلم الرحمة المهداة‪.50 ،‬‬

‫‪7‬‬
‫إن التشريع السلمي في هذه القضية منطقي وموزون ومعتدل‬
‫بالنظر إلى وضع المرأة المقذذ في الحضارات الخرى التي تضهد‬
‫ضا إلى النظام السلمي الذي يعطي الرجل‬ ‫النساء‪ ،‬وبالنظر أي ً‬
‫حق القوامة على السرة‪ ،‬أي رئاسة مؤسسة البيت وتدبير‬
‫شؤونه‪ ،‬ومثل هذه السلطة ل بد لها من قوة تجعلها نافذة‬
‫ق ليس غير‪..‬‬‫وضابطة وإل فإنها ستبقى حبرا ً على ور ٍ‬

‫الفرية الخامسة‪ :‬حول الحجاب وحق المرأة في ستر‬


‫عورتها ‪:‬‬
‫تقول "روز ماري هاو "‪:‬‬
‫" الحجاب يحافظ على كرامة المرأة ويحميها من نظرات‬
‫الشهوة‪ ،‬ويحافظ على كرامة المجتمع ويكف الفتنة بين أفراده‪.‬‬
‫لذلك فهو يحمي الجنسين من النحراف‪ .‬وأنا أؤمن أن السترة‬
‫ليست في الحجاب فحسب‪ ،‬بل يجب أن تكون العفة داخلية‬
‫ضا‪ ،‬وأن تتحجب النفس عن كل ما هو سوء"‪.25‬‬ ‫أي ً‬
‫وتثني "لورا فيشيا فاغليري" على هذا الكلم وتقول‪" :‬وليس هذا‬
‫ناشًئا عن قلة احترام للنساء‪ ،‬أو ابتغاء كبت إرادتهن‪ ،‬ولكن‬
‫لحمايتهن من شهوات الرجال‪ .‬وهذه القاعدة العريقة في القدم‪،‬‬
‫القاضية بعزل النساء عن الرجال‪ ،‬والحياة الخلقية التي نشأت‬
‫عنها‪ ،‬قد جعلتا تجارة البغاء المنظمة مجهولة بالكلية في البلدان‬
‫الشرقية‪ ،‬إل حيثما كان للجانب نفوذ أو سلطان‪ .‬وإذا كان أحد ل‬
‫يستطيع أن ينكر قيمة هذه المكاسب فيتعين علينا أن نستنتج أن‬
‫عادة الحجاب‪ ..‬كانت مصدر فائدة ل تثمن للمجتمع السلمي"‪.26‬‬

‫المبحث الثاني‬
‫مميزات المرأة في السلم‬
‫يقول مارسيل بوازار‪:‬‬
‫"‪ ..‬أثبتت التعاليم القرآنية وتعاليم محمد ]‪ [‬أنها حامية حمى‬
‫حقوق المرأة"‪.. 27‬‬
‫ونذكر في ذلك عدة نماذج ‪:‬‬
‫المطلب الول‪ :‬الستقلل الفكري للمرأة ‪:‬‬

‫‪25‬‬
‫انظر‪ :‬عرفات كامل العشي ‪ :‬رجال ونساء اسلموا ‪. 26-25\ 8‬‬
‫‪ 26‬لورافيشيا فاغليري ‪ :‬دفاع عن السلم ‪ ،‬ص ‪. 104 – 103‬‬
‫‪ 27‬مارسيل بوازار ‪ :‬إنسانية السلم ‪ ،‬ص ‪140‬‬

‫‪8‬‬
‫من أهم المميزات التي منحها السلم للمرأة‪ ،‬أن السلم احترم‬
‫الستقلل الفكري للمرأة‪ ،‬واحترم علمها وبيعتها وشهادتها ووجهة‬
‫َ‬
‫مُنوا إ ِ َ‬
‫ذا‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫نظرها ‪ ..‬فيقول الله تعالى في القرآن ‪َ :‬ياأي َّها ال ّ ِ‬
‫حنوهُن الل ّ َ‬
‫ن‬‫ن فَإ ِ ْ‬ ‫مان ِهِ ّ‬‫م ب ِِإي َ‬‫ه أع ْل َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ت َفا ْ‬
‫مت َ ِ ُ‬ ‫جَرا ٍ‬ ‫مَها ِ‬‫ت ُ‬‫مَنا ُ‬‫مؤ ْ ِ‬‫م ال ْ ُ‬
‫جاَءك ُ ْ‬ ‫َ‬
‫م وَلَ‬ ‫َ‬
‫ل له ُ ْ‬ ‫ح ّ‬ ‫ن ِ‬ ‫فارِ ل هُ ّ‬‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ن إ ِلى الك ُ ّ‬ ‫جُعوهُ ّ‬ ‫َ‬
‫ت فَل ت َْر ِ‬ ‫مؤ ْ ِ‬
‫مَنا ٍ‬ ‫ن ُ‬ ‫موهُ ّ‬ ‫مت ُ ُ‬
‫ع َل ِ ْ‬
‫ن‪‬‬ ‫ن ل َهُ ّ‬ ‫حّلو َ‬
‫‪28‬‬
‫م يَ ِ‬ ‫هُ ْ‬
‫"والية تشير ‪-‬بجانب ما فيها من أحكام‪ -‬إلى ما كانت تستمتع به‬
‫المرأة من استقلل فكري وكيان أدبي محترم"‪ 29‬في عهد محمد‬
‫‪‬‬
‫و"لم تكن النساء ]المسلمات[ متأخرات عن الرجال في ميدان‬
‫العلوم والمعارف فقد نشأ منهن عالمات في الفلسفة والتاريخ‬
‫والدب والشعر وكل ألوان الحياة"‪..30‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬حقوق المرأة في أمور الزواج ‪:‬‬


‫ولقد كانت المرأة في الجاهلية ل حق لها في اختيار زوجها‪ ،‬أما‬
‫م حقا ً للمرأة في حرية اختيار‬ ‫في شريعة السلم فقد جعل السل ُ‬
‫زوجها‪ ،‬فقد بوب المام البخاري في صحيحه ‪ :‬وقال‪ :‬باب ل ينكح‬
‫الب وغيره البكر والثيب إل برضاهما‪ ،‬ثم أورد حديث أبي هريرة‬
‫‪ ‬أن النبي ‪ ‬قال‪" :‬ل تنكح اليم حتى تستأمر‪ ،‬ول تنكح البكر‬
‫حتى تستأذن"‪ ،‬قالوا يا رسول الله وكيف إذنها؟ قال‪" :‬أن‬
‫تسكت"‪..31‬‬
‫وفي هذا يقول الباحث الفرنسي آتيين دينيه ‪ " :‬بفضششل تشششريعاته‬
‫]‪ [‬الحكيمة أصبحت البنت البالغ تستشار قبل زواجهششا ‪ ،‬وأصششبح‬
‫المهششر ل يعطششى للب بششل للعششروس نفسششها ‪ ،‬وقششد وصششف أعششداء‬
‫السلم تلك السنة الحكيمة بأنهششا ‪ " :‬شششراء للمششرأة " ‪ .‬وهششم لششم‬
‫يسمعوا ‪ -‬فيما أظن ‪ -‬ذلك الجواب المفعم الذي يمكن أن يرد بششه‬
‫المسلمون عليهم حينا يقولون لهم ‪ :‬إن المهر في بعششض القطششار‬
‫العربية يدفعه والد البنت إلى رجلها ! ‪ ...‬وفششوق ذلششك ‪ ،‬فالمسششلم‬
‫مكلششف بسششائر حاجششات الششبيت دون أن يكششون لششه أي حششق فششي‬
‫‪32‬‬
‫التصرف في مال امرأته‪".‬‬

‫‪ 28‬سورة الممتحنة‪ :‬الية ‪10‬‬


‫‪ 29‬محمد الغزالي ‪ :‬فقه السيرة‪ ،‬ص ‪.260‬‬
‫‪ 30‬اللدي ايفلين كوبولد‪ :‬البحث عن ال ‪ ،‬ص ‪28‬‬
‫‪ 31‬صحيح – البخاري‪ ،‬باب ل ينكح الب وغيره البكر والثيب إل برضاها‪ ،‬برقم ) ‪ ،(4843‬ومسلم‪ ،‬باب استئذان‬
‫الثيب في النكاح بالنطق والبكر بالسكوت‪ ،‬برقم) ‪. ( 1419‬‬
‫‪ 32‬آتيين دينيه ‪ :‬محمد رسول ال ‪ ،‬ص ‪. 329-328‬‬

‫‪9‬‬
‫" وأتبع ]‪ [‬ذلك بأن منح المرأة حق المطالبة بالطلق إن لم‬
‫يوف الرجل بواجباته الزوجية "‪ ، 33‬وهو حق آخر للمرأة‪،‬‬
‫يساعدها في دخول حياة زوجية جديدة أكثر توفيقا ً ونجاحا ً ‪..‬‬

‫إلى جانب الحقوق الزوجية الخرى مثل حقها في الصداق‬


‫) المهر(‪ ،‬وحقها في الخلع‪ ،‬وحقها في النفقة‪ ،‬فقد أوجب السلم‬
‫على الزوج أن ينفق على زوجته مع حسن معاملته لها‪ ،‬وفي هذا‬
‫سأل أحد الناس النبي ‪ ‬فقال ‪ :‬يارسول الله ما حق زوجة أحدنا‬
‫عليه ؟ قال " أن تطعمها إذا طعمت وتكسوها إذا اكتسيت ‪ ...‬ول‬
‫تضرب الوجه ول تقبح ول تهجر إل في البيت "‪.. 34‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬حقوق المرأة في الميراث والتملك‪:‬‬
‫وعششن حششق المشرأة فششي الميششراث يقشول البشاحث الفرنسشي آتييششن‬
‫دينيه ‪:‬‬
‫" منح الرسول ]‪ [‬المرأة ‪ -‬كذلك ‪ -‬حششق فششي الميششراث‪ .‬وحقهششا‬
‫به ‪ :‬نصف حق الذكر ‪ ،‬وذلك لن المششرأة ل تششدفع مهششرا ً كالرجششل‪،‬‬
‫وليست مكلفة بحاجات البيت "‪. 35‬‬
‫ويقول روم لندو‪":‬يوم كانت النسوة يعتبرن‪ ،‬في العالم الغربي‪،‬‬
‫دي من‬ ‫مجرد متاع من المتعة‪ ،‬ويوم كان القوم هناك في ريب ج ّ‬
‫حا! كان الشرع السلمي قد منحهن حق التملك‪.‬‬ ‫أن لهن أروا ً‬
‫‪36‬‬
‫وتلقت الرامل نصيًبا من ميراث أزواجهن" ‪.‬‬

‫المطلب الرابع‪ :‬حق المرأة في العمل ‪:‬‬


‫وعن حق المرأة في العمل تقول روز ماري‪:37‬‬
‫" إن السلم قد كرم المرأة وأعطاها حقوقها كإنسانة ‪،‬‬
‫وكامرأة ‪ ،‬وعلى عكس ما يظن الناس من أن المرأة الغربية‬
‫حصلت على حقوقها ‪ ...‬فالمرأة الغربية ل تستطيع مثل أن‬
‫تمارس إنسانيتها الكاملة وحقوقها مثل المرأة المسلمة ‪ .‬فقد‬
‫أصبح واجًبا على المرأة في الغرب أن تعمل خارج بيتها لكسب‬
‫العيش ‪ .‬أما المرأة المسلمة فلها حق الختيار‪ ،‬ومن حقها أن‬
‫‪ 33‬آتيين دينيه ‪ :‬محمد رسول ال ‪. 329-328 ،‬‬
‫‪ 34‬صحيح– رواه الترمذي عن حكيم بن معاوية القشيري عن أبيه‪،‬كتاب النكاح‪ ،‬باب باب في حق المرأة على‬
‫زوجها برقم ‪ 2142‬وقال أبو داود " ول تقبح " أن تقول قبحك ال‪ ،‬ورواه أحمد برقم ‪ ،20036‬والحاكم برقم‬
‫‪ ،2764‬والطبراني في المعجم الكبير برقم ‪ ،1034‬وقال اللباني ‪ :‬حسن صحيح‪ ،‬صحيح سنن أبي داود‪ ،‬برقم‬
‫‪.1875‬‬
‫‪ 35‬آتيين دينيه ‪ :‬محمد رسول ال ‪ ،‬ص ‪. 329-328‬‬
‫‪ 36‬روز ماري ‪ :‬السلم والعرب ‪ ،‬ص ‪. 203‬‬
‫‪ 37‬روز ماري ) مريم هاو( باحثة وصحفية إنكليزية‪ ،‬نشأت في عائلة نصرانية متدينة ‪ ،‬ولكنها مع بلوغها مرحلة‬
‫الوعي بدأت تفقد قناعاتها الدينية السابقة وتتطلع إلى دين يمنحها الجواب المقبول ‪ .‬وفي عام ‪ 1977‬أعلنت‬
‫إسلمها‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫يقوم الرجل بكسب القوت لها ولبقية أفراد السرة ‪ .‬فحين جعل‬
‫الله سبحانه وتعالى للرجال القوامة على النساء كان المقصود‬
‫هنا أن على الرجل أن يعمل ليكسب قوته وقوت عائلته ‪.‬‬
‫فالمرأة في السلم لها دور أهم وأكبر‪ ..‬وهو النجاب وتربية‬
‫البناء‪ ،‬ومع ذلك فقد أعطى السلم للمرأة الحق في العمل إذا‬
‫رغبت هي في ذلك‪ ،‬وإذا اقتضت ظروفها ذلك "‪.38‬‬

‫‪39‬‬
‫هذا إضافة إلى حق المرأة في العمل العام ‪ :‬فتبين ماكلوسكي‬
‫" أن نشاطات المرأة المسلمة قد تمتد أحيانا خارج المنزل‪،‬‬
‫فبعض النساء المسلمات كن يقمن بمسؤوليات عامة ‪..‬في‬
‫‪40‬‬
‫الحرب والتجارة‪ .‬ولكن ذلك كله كان في إطار الخلق الكريم" ‪.‬‬
‫المطلب الخامس‪ :‬تقدير الدور السياسي للمرأة ‪:‬‬
‫وتقديرا ً لدور المرأة في بناء المجتمع السلمي‪ ،‬فقد بايع رسول‬
‫الله ‪ ‬النساء في موقعة مشهودة للقاصي والداني‪ ،‬فكانت‬
‫بيعة النساء ثانى يوم الفتح )رمضان ‪8‬هش‪ /‬يناير ‪ 630‬م( على‬
‫جبل الصفا بعدما فرغ من بيعة الرجال ‪..‬‬
‫طرها القرآن الكريم بآيات خالدة أمد الدهر‪:‬‬ ‫وس ّ‬
‫ك ع ََلى‬ ‫َ‬
‫ت ي َُباي ِعْن َ َ‬‫مَنا ُ‬‫مؤ ْ ِ‬‫ك ال ْ ُ‬ ‫جاء َ‬ ‫ذا َ‬ ‫قال الله تعالى ‪َ :‬يا أي َّها الن ّب ِ ّ‬
‫ي إِ َ‬
‫قتل ْ َ‬ ‫َأن ّل ي ُ ْ‬
‫ن‬‫ن أوَْلد َهُ ّ‬ ‫ن وََل ي َ ْ ُ َ‬ ‫ن وََل ي َْزِني َ‬ ‫سرِقْ َ‬ ‫شْيئا ً وََل ي َ ْ‬ ‫ن ِبالل ّهِ َ‬
‫شرِك ْ َ‬ ‫ْ‬
‫َ‬ ‫فترينه بي َ‬
‫ك ِفي‬ ‫صين َ َ‬ ‫ن وََل ي َعْ ِ‬ ‫جل ِهِ ّ‬ ‫ن وَأْر ُ‬ ‫ديهِ ّ‬ ‫ن أي ْ ِ‬ ‫ن يَ ْ َ ِ َ ُ َ ْ َ‬ ‫ن ب ِب ُهَْتا ٍ‬‫وََل ي َأِتي َ‬
‫ن الل ّ َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫فْر ل َهُ ّ‬
‫‪41‬‬
‫م‪‬‬ ‫حي ٌ‬ ‫فوٌر ّر ِ‬ ‫ه غَ ُ‬ ‫ه إِ ّ‬ ‫ست َغْ ِ‬
‫ن َوا ْ‬ ‫ف فََباي ِعْهُ ّ‬ ‫معُْرو ٍ‬ ‫َ‬

‫فلما كان اشتراك المرأة مع الرجل ‪ ،‬على أساس المساواة‬


‫التامة ‪ ،‬في جميع المسؤوليات التي ينبغي أن ينهض بها‬
‫ن‬
‫المسلم ‪ ..‬كان على الخليفة أو الحاكم المسلم أن يأخذ عليه ّ‬
‫العهد بالعمل على إقامة المجتمع المسلم بكل الوسائل‬
‫المشروعة الممكنة ‪ ،‬كما يأخذ العهد فى ذلك على الرجال‪ ،‬ليس‬
‫بينهما فرق ول تفاوت ‪.‬‬
‫ومن هنا كان على المرأة المسلمة أن تتعلم شئون دينها ودنياها ‪،‬‬
‫كما يتعلم الرجل‪ ،‬وأن تسلك كل السبل المشروعة الممكنة إلي‬
‫التسلح بسلح العلم والوعي و التنبه إلي مكامن الكيد و أساليبه‬

‫‪ 38‬انظر‪ :‬عرفات كامل العشي ‪ :‬رجال ونساء اسلموا‪28\8 ،‬‬


‫‪ 39‬أسلمت وسمت نفسها منى عبدال ماكلوسكي ‪ ،‬ألمانية‪ ،‬تعمل قنصل لبلدها‪ ،‬ألمانيا التحادية ‪ ،‬في بنغلديش‪،‬‬
‫واهتدت إلى السلم في مطلع عام ‪ ، 1976‬على يد شيخ الجامع الزهر الدكتور عبدالحليم محمود –رحمه ال –‬
‫وشعرت يومها )وكأنها ولدت من جديد‪ (.‬على حد قولها !‪.‬‬
‫‪ 40‬انظر‪ :‬عرفات كامل العشي‪ :‬رجال ونساء اسلموا ‪64\9،‬‬
‫‪ 41‬سورة الممتحنة‪:‬الية ‪12:‬‬

‫‪11‬‬
‫لدى أعداء السلم الذين يتربصون به‪ ،‬حتى تستطيع أن تنهض‬
‫بالعهد الذي قطعته على نفسها وتنفذ عقد البيعة الذي في عنقها‪،‬‬
‫وواضح أن المرأة ل تستطيع أن تنهض بشيء من هذا إذا كانت‬
‫جاهلة بحقائق دينها غير منتبهة إلي أساليب الكيد الجنبي من‬
‫حولها‪.. 42‬‬
‫المطلب السادس‪ :‬إحترام جوار المرأة ‪:‬‬
‫ولقد احترم الرسول ‪ ‬جوار المرأة ‪ ،‬فكان النبي ‪ ‬أول من‬
‫اعترف بجوار المرأة في الجزيرة العربية بعد عهود الظلم ‪.‬‬
‫ومثال أم هانىء واضح وجلي ‪ ..‬فقد أدخلت أحد المجرمين في‬
‫جوارها – أي في حمايتها ‪ -‬يوم فتح مكة وقَِبل رسول الله ‪‬‬
‫هذا الجوار‪ ،‬ومن ثم عفا عن هذا المجرم !‬
‫فلقد ذهبت أم هانئ بنت أبى طالب إلى رسول الله ‪‬عام‬
‫ى أنه قاتل رجل‬ ‫الفتح‪ ،‬فقالت‪ :‬يا رسول الله زعم ابن أمي عل ّ‬
‫أجرته ‪ :‬فلن ابن هبيرة‪ ،‬فقال رسول الله ‪" :‬قد أجرنا من‬
‫أجرت يا أم هانئ"‪!! 43‬‬
‫المطلب السابع ‪ :‬تأملت في هذه المميزات ‪:‬‬
‫تسششتطيع أن تتأمششل فششي هششذه المميششزات الششتي منحهششا النششبي ‪‬‬
‫للمرأة‪..‬‬
‫فتعلم مدى الرفعة التي نالتها المرأة في حمى السششلم وظلششه‪،‬‬
‫وكيششف أنهششا نششالت كششل حقوقهششا النسششانية والجتماعيششة كمششا نالهششا‬
‫الرجل سواء بسواء‪ ،‬مما لم يحدث نظيره في أمة من المم‪.‬‬

‫غيششر أن المهششم أن تعلششم الفششرق بيششن هششذه المسششاواة النسششانية‬


‫الرائعة التي أرستها شريعة السلم‪ ،‬والمظاهر الششكلية لهشا ممشا‬
‫ينادى به عشاق العُششري اليششوم‪ ،‬إنمشا هششي نشزوات حيوانيششة أصششيلة‬
‫يتوخى من ورائها اتخاذ المرأة مادة تسلية ورفاهيششة للرجششل علششى‬
‫أوسع نطاق ممكن‪ ،‬دون أى نظر إلى شئ آخر‪.44‬‬

‫إن النبي ‪ ‬لم يعتبر المرأة جرثومة خبيثة كما اعتبرها الخرون‪،‬‬
‫ولكنه قرر حقيقة تزيل هذا الهوان عنها‪ ،‬وهي أن المرأة بين يدي‬
‫السلم قسيمة الرجل‪ ،‬لها ما له من الحقوق وعليها أيضا ً من‬
‫الواجبات ما يلئم تكوينها وفطرتها‪ ،‬وعلى الرجل بما اختص به‬
‫من صفة الرجولة‪ ،‬وقوة الجلد‪ ،‬وبسطة واتساع الحيلة‪ ،‬أن يلي‬
‫رعايتها‪ ،‬فهو بذلك وليها‪ ،‬يحوطها بقوته‪ ،‬ويذود عنها بدمه‪ ،‬وينفق‬
‫‪ 42‬انظر‪ :‬محمد سعيد رمضان البوطي‪ :‬فقه السيرة‪283 ،‬‬
‫‪ 43‬صحيح ‪ -‬البخاري ) ‪ ،(469 \1‬ومسلم )‪.(45 \4‬‬
‫‪ 44‬انظر ‪ :‬محمد سعيد رمضان البوطي‪ :‬فقه السيرة ‪154 ،‬‬

‫‪12‬‬
‫عليها من كسب يده‪ ،‬ذلك ما قرره الله تعالى بقوله‪ :،‬وَل َهُ ّ‬
‫ن‬
‫ل ع َل َي ْهِ ّ‬ ‫ن ِبال ْ َ‬
‫ذي ع َل َي ْهِ ّ‬
‫ل ال ّ ِ‬
‫‪45‬‬
‫ة‪‬‬‫ج ٌ‬
‫ن د ََر َ‬ ‫جا ِ‬
‫ف وَِللّر َ‬
‫معُْرو ِ‬ ‫مث ْ ُ‬
‫ِ‬

‫إن " تحرير المرأة" الذي قام به النبي ‪ ،‬كان تحريرا ً شامل ً‬
‫وكامل ً بمعنى الكلمة ‪ ..‬فقد كان النبي ‪‬هو العامل الساسي‬
‫في إيقاف الجريمة الكبرى التي كانت تمارس في حق المرأة‪ ،‬أل‬
‫وهي جريمة " قتل البنات خشية العار"‪ ..‬إن ثقافة وأد البنات‬
‫كانت هي الثقافة السائدة في تصور المجتمع نحو المرأة ‪ ..‬ولم‬
‫يجرأ أحد المصلحين قبل النبي ‪ ‬التصدي لهذه العادة القبيحة ‪..‬‬
‫بل كانت تزداد فحشا ً وانتشارا ً في أنحاء الجزيرة ‪..‬‬

‫ث الله محمدا ً ‪‬‬ ‫هذا‪ ،‬وقد كانت المرأة تباع وُتشترى‪ ..‬فلما بع َ‬
‫أعاد للمرأة حقوقها المسلوبة‪ ،‬فمنحها حق الحرية‪ ،‬وأن تبيع‬
‫وَتشتري ل أن ُتباع وُتشترى‪ ،‬وأن ترث كما يرث الرجل‪ ،‬ل أن‬
‫َتورث كما كان الرجل يرثها مع مال أبيه ‪ ..‬إن العالم عن بكرة‬
‫أبيه لم يعترف بالذمة المالية للمرأة ‪ ..‬وجاء النبي ‪‬وقرر هذا‬
‫الحق للمرأة ‪ ..‬فأصبحت تستطيع أن تعقد كبرى الصفقات‬
‫التجارية‪ ،‬وتتعاقد مع من تشاء وتوكل من تشاء ‪..‬‬

‫المبحث الثاني‬
‫رحمته للبنات‬
‫المطلب الول ‪ :‬فضل محمد ‪ ‬على البنات ‪:‬‬
‫لو كانت الخدمة الوحيدة التي أداها نبينا محمد ‪ ‬للبنات أنه‬
‫أنقذهن من عادة الوأد الجاهلية ‪ ..‬لكفى بذلك فضل ً له‬
‫عليهن ‪! ..‬‬
‫فقد " كانت قبائل العرب في الجاهلية تئد البنات كراهة لهن‬
‫‪46‬‬
‫دا" ‪.‬‬
‫قا شدي ً‬‫وازدراء لشأنهن‪ ،‬ومن لم يئدهن كان يضيق بهن ضي ً‬
‫أضف إلى ذلك الفضل العظيم أنه ‪ ‬غير أفكار المجتمع العربي‬
‫القديم تغييرا ً جذريا ً ‪ ..‬في تعامله مع البنات ‪..‬‬
‫كلف النبي‪ ‬المجتمع السلمي أن يتعهد البنات الصغيرات‬ ‫ولقد َ‬
‫بالتعليم والتثقيف والرعاية‪ -،‬كما يقول جاك ريسلر ‪ -‬حيث يتم "‬
‫تعليم البنات على تلقيهن تربية دينية قويمة ‪ ،‬وعلى تعويدهن‬

‫‪ 45‬سورة البقرة‪:‬الية ‪228‬‬

‫‪ 46‬نظمي لوقا ‪ :‬محمد الرسالة والرسول ‪ ،‬ص ‪. 96 – 95‬‬

‫‪13‬‬
‫على الصلة‪ ،‬وجعلهن في وقت مبكر صالحات للعمال‬
‫المنزلية ‪.‬وبعد سنوات أيضا ً يعلمن قرض الشعر والفنون ‪.. "..‬‬
‫‪47‬‬

‫ويقول "ول ديورانت"‪" :‬كانت البنات يذهبن إلى المدارس سواء‬


‫بسواء‪ ،‬ونبغ عدد من النساء المسلمات في الدب والفن"‪. 48‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬نماذج رحمته‪ ‬للبنات‪:‬‬


‫ل‪ :‬حثه على الحسان إليهن ‪:‬‬ ‫أو ً‬
‫ت‪:‬‬ ‫ي ‪َ ‬قال َ ْ‬ ‫ج الن ّب ِ ّ‬ ‫ة َزوْ َ‬ ‫ش َ‬ ‫عائ ِ َ‬
‫عن َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ة‬
‫مَر ٍ‬‫دي غ َي َْر ت َ ْ‬ ‫عن ْ ِ‬
‫جد ْ ِ‬ ‫م تَ ِ‬ ‫سأل ُِني؛ فَل َ ْ‬ ‫ن تَ ْ‬ ‫معََها اب ْن ََتا ِ‬ ‫ة‪َ ،‬‬ ‫مَرأ ٌ‬ ‫جاَءت ِْني ا ْ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫خ َ‬
‫ل‬ ‫ت ‪،‬فَد َ َ‬ ‫ج ْ‬ ‫خَر َ‬ ‫ت فَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫م َقا َ‬ ‫ن اب ْن َت َي َْها‪ ،‬ث ُ ّ‬‫مت َْها ب َي ْ َ‬
‫س َ‬‫ق َ‬ ‫ة‪ ،‬فَأع ْطي ْت َُها‪ ،‬فَ َ‬ ‫حد َ ٍ‬‫َوا ِ‬
‫َ‬
‫ن‬
‫س َ‬ ‫ح َ‬ ‫شي ًْئا فَأ ْ‬ ‫ت َ‬ ‫ن هَذ ِهِ ال ْب ََنا ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ي َِلي ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ل‪َ ":‬‬ ‫قا َ‬ ‫ه‪ ،‬فَ َ‬ ‫حد ّث ْت ُ ُ‬ ‫ي ‪ ،‬فَ َ‬ ‫الن ّب ِ ّ‬
‫ن لَ ُ‬ ‫ن كُ ّ‬ ‫إ ِل َي ْهِ ّ‬
‫‪49‬‬
‫ن الّناِر" ‪..‬‬ ‫م ْ‬ ‫ست ًْرا ِ‬ ‫ه ِ‬
‫فرعاية البنات في السلم ليس له جزاء إل الجنة‪ ،‬فهن حائط‬
‫الصد والحماية من النار يوم القيامة لمن أحسن إليهن ‪.‬‬
‫كما في حديث آخر قال فيه النبي ‪: ‬‬
‫" من كان له ثلث بنات فصبر عليهن‪ ،‬وأطعمهن‪ ،‬وسقاهن‪،‬‬
‫حجابا من النار يوم القيامة "‪.. 50‬‬ ‫ً‬ ‫وكساهن من جدته ؛ كن له‬

‫ثانًيا‪ :‬عطفه على البنات ‪:‬‬


‫ل‪:‬‬ ‫عن أبي قََتاد َة َ َقا َ‬
‫صّلى‬ ‫ص ع ََلى َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫قه ِ ف َ َ‬ ‫عات ِ ِ‬ ‫ت أِبي الَعا ِ‬ ‫ة ب ِن ْ ُ‬ ‫م ُ‬‫ما َ‬ ‫ي ‪ ‬وَأ َ‬ ‫ج ع َل َي َْنا الن ّب ِ ّ‬ ‫خَر َ‬ ‫َ‬
‫ذا َرفَعَ َرفَعََها ‪.‬‬
‫‪51‬‬
‫ضعَ وَإ ِ َ‬ ‫ذا َركعَ وَ َ‬ ‫َ‬ ‫فَإ ِ َ‬
‫د‪ ،‬عن ذكريات الطفولة‪ ،‬عندما‬ ‫ُ‬
‫سِعي ٍ‬ ‫ن َ‬ ‫خال ِد ِ ب ْ ِ‬ ‫ت َ‬ ‫خال ِد ٍ ب ِن ْ ِ‬ ‫م َ‬ ‫وتحكي أ ّ‬
‫ت‪:‬‬ ‫زارت النبي برفقة أبيها‪ -‬بعدما قدمت من الحبشة ‪َ .. -‬قال َ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ل الل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫سو ُ‬ ‫ل َر ُ‬ ‫فُر َقا َ‬ ‫ص َ‬‫صأ ْ‬ ‫مي ٌ‬ ‫ي قَ ِ‬‫معَ أِبي وَع َل َ ّ‬ ‫ل الل ّهِ ‪َ ‬‬ ‫سو َ‬ ‫ت َر ُ‬ ‫أت َي ْ ُ‬
‫ة" ‪..‬‬ ‫سن َ ٌ‬ ‫ح َ‬ ‫شي ّةِ " َ‬‫حب َ ِ‬ ‫ي ِبال ْ َ‬ ‫ل ع َب ْد ُ الل ّهِ وَه ِ َ‬ ‫ه " ‪َ ..‬قا َ‬ ‫سن َ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫سن َ ْ‬ ‫‪َ " :‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ل‬‫سو ُ‬ ‫ل َر ُ‬ ‫قا َ‬ ‫ة‪ ،‬فََزب ََرِني أِبي ‪ .‬ف َ‬
‫‪52‬‬
‫خات َم ِ الن ّب ُوّ ِ‬ ‫ب بِ َ‬ ‫ت أل ْعَ ُ‬ ‫ت‪ :‬فَذ َهَب ْ ُ‬ ‫َقال َ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ل الل ّهِ ‪ " :‬أب ِْلي وَأ ْ‬
‫قي ‪ ،‬ث ُ ّ‬
‫م‬ ‫خل ِ ِ‬ ‫سو ُ‬ ‫ل َر ُ‬ ‫م َقا َ‬ ‫الل ّهِ ‪" :‬د َع َْها " ث ُ ّ‬
‫قي "‪.53‬‬ ‫م أ َب ِْلي وَأ َ ْ‬
‫خل ِ ِ‬ ‫قي‪ ،‬ث ُ ّ‬ ‫خل ِ ِ‬ ‫أ َب ِْلي وَأ َ ْ‬
‫ب معه‪،‬‬ ‫ك النبي‪ ‬هذه الصبية الصغيرة حتى َتلع َ‬ ‫انظر كيف تر َ‬
‫حها‪،‬‬ ‫وتعبث بثوبه وجسمه كما يحلو لها ‪ ،‬فل ينهرها‪ ،‬بل تراه يمازِ ُ‬
‫‪ 47‬جاك ريسلر‪ :‬الحضارة العربية ‪ ،‬ص ‪53‬‬
‫‪ 48‬ول ديورانت‪ :‬قصة الحضارة ‪306 \ 13‬‬
‫‪ 49‬صحيح – رواه البخاري‪ ،‬باب رحمة الولد وتقبيله برقم ‪5536‬‬
‫‪ 50‬صحيح ‪ -‬السلسلة الصحيحة ‪ ،‬برقم ‪294‬‬
‫‪ 51‬صحيح – رواه البخاري‪ ،‬باب رحمة الولد وتقبيله برقم ‪5537‬‬
‫‪ 52‬يعني منعني من العبث بخاتم النبي‬
‫‪ 53‬صحيح‪ -‬رواه البخاري باب رحمة الولد وتقبيله برقم ‪5534‬‬

‫‪14‬‬
‫ويلعبها‪ ،‬ويضحك إليها‪ ،‬ويخاطبها بلغتها لغة أهل الحبشة ‪ ..‬ويعلق‬
‫خّرْقي ث َِيابك َواْرقَْعيَها‪ ..‬كما يقول‬ ‫شي وَ َ‬ ‫عي ْ‬
‫على ثوبها‪ ،‬ويقول لها ِ‬
‫خِلف الّله ‪! ..‬‬
‫دا ‪ :‬ت ُب ِْلي وَي ُ ْ‬
‫دي ً‬ ‫المسلم لخيه عندما يلبس ث َوًْبا َ‬
‫ج ِ‬

‫ثالًثا‪ :‬إكرامه لعائل البنات ‪:‬‬


‫كان أبو عزة عمرو بن عبد الله الجمحي‪ ،‬في أسرى معركة بدر )‬
‫جا ذا بنات‪ ،‬ول‬‫‪ 17‬رمضان ‪2‬هش‪13/‬مارس ‪624‬م(‪ ،‬وكان محتا ً‬
‫يملك ثمن ما يفتدي به نفسه من السر ‪ ..‬فقال للنبي ‪ : ‬يا‬
‫ت ما لي من مال‪ ،‬وإني لذو حاجة‪ ،‬وذو‬ ‫رسول الله‪ ،‬لقد عرف َ‬
‫ي‪ ،‬فمن عليه رسول الله ‪ ‬وأخذ عليه أل يظاهر‬ ‫بنات فامنن عل ّ‬
‫دا ‪ .‬فقال أبو عزة يمدح رسول الله ‪ ‬على هذا العفو‬ ‫عليه أح ً‬
‫والكرم ونبل الخلق‪:‬‬
‫š ‪šŠ¤1‬بأنك حق‬ ‫ن مبلغ عني‬ ‫م ْ‬‫َ‬
‫والمليك حميدُ‬ ‫دا‬
‫الرسول محم ً‬
‫š šلها درجات سهلة‬ ‫وئت‬ ‫وأنت امرؤ ب ُ ّ‬
‫وصعودُ‬ ‫فينا مباءة‬
‫ي ومن‬ ‫ّ‬ ‫شق‬ ‫š‬ ‫š‬ ‫حاربته‬ ‫فإنك من‬
‫ُ‬
‫‪54‬‬
‫د‬ ‫لسعي‬ ‫سالمته‬ ‫ب‬
‫لمحار ٌ‬
‫ولكن إذا ذكرت بدًرا š حسرة وقعود‬
‫š‬ ‫وأهله‬

‫المبحث الثالث‬
‫رحمته للطفال‬
‫المطلب الول ‪ :‬شهادة علماء الغرب‪:‬‬
‫يقول السير وليم موير ‪" :‬وكان]‪ [‬سهل ً لين العريكة مع‬
‫الطفال‪ ،‬ل يأنف إذا مر بطائفة منهم يلعبون أن يقرئهم‬
‫السلم !"‪. 55‬‬
‫ويقول لويس سيديو‪" :‬ل شي أدعى إلى راحة النفس من عناية‬
‫محمد ]‪ [‬بالولد‪ .‬فهو قد حّرم عادة الوأد‪ ،‬وشغل باله بحال‬
‫اليتامى على الدوام‪ ..‬وكان يجد في ملحظة صغار الولد أعظم‬
‫لذة‪ .‬ومما حدث ذات يوم أن كان محمد ]‪ [‬يصلي فوثب‬
‫الحسين بن علي ]رضي الله عنهما[ فوق ظهره فلم يبال‬
‫‪56‬‬
‫بنظرات الحضور فانتظر صابًرا إلى حين نزوله كما أراد‪. " .‬‬

‫‪ 54‬انظر‪ :‬ابن كثير‪ :‬السيرة النبوية ‪485 \2‬‬


‫‪ 55‬وليم موير ‪ :‬حياة محمد ‪. 15‬‬
‫‪ 56‬لويس سيديو ‪ :‬تاريخ العرب العام ‪ ،‬ص ‪111- 110‬‬

‫‪15‬‬
‫ولقدكافح النبي‪ ‬في سبيل استرداد حقوق الطفال المسلوبة‪،‬‬
‫عبر العصور الغابرة ‪ -‬خاصة في الميراث – بعدما كانت العصور‬
‫الجاهلية تحرم الطفال من الميراث‪ ،‬وتعتبر أن من لهم الحق‬
‫في الميراث هم الذين يتستطيعون جلب الغنائم أو يمتطون‬
‫الخيل بمهارة وفروسية !‪..‬‬
‫مل السرة كلها أمانة رعاية الطفال وصيانة‬ ‫كما أن محمدا ً ‪ ‬ح ّ‬
‫حقوقهم‪.‬‬
‫ما‬ ‫فكانت السرة السلمية ‪ -‬كما يقول جاك ريسلر‪ ":-‬ترعى دائ ً‬
‫الطفل‪ ،‬وصحته‪ ،‬وتربيته‪ ،‬رعاية كبيرة‪ .‬وترضع الم هذا الطفل‬
‫ل‪ ،‬وأحياًنا لمدة أكثر من سنتين‪ ،‬وتقوم على تنشئته‬ ‫زمًنا طوي ً‬
‫بحنان وتغمره بحبها وباحتياطات متصلة‪ .‬وإذا حدث أن أصاب‬
‫الموت بعض السرة‪ ،‬وأصبحوا يتامى‪ ،‬فإن أقرباءهم المقربين ل‬
‫‪57‬‬
‫يترددون في مساعدتهم وفي تبّنيهم"‬
‫ول فرق في ذلك بين ذكر وأنثى‪.. 58‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬نماذج رحمته للطفال ‪:‬‬
‫أول ً ‪ :‬أرحم البشر بالعيال‪:‬‬
‫يقول أنس بن مالك‪:‬‬
‫ل الل ّهِ ‪. "‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م ِبال ْعَِيا ِ‬ ‫دا َ‬
‫‪59‬‬
‫سو ِ‬ ‫ن َر ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ل ِ‬ ‫ح َ‬ ‫ن أْر َ‬ ‫كا َ‬ ‫ح ً‬ ‫تأ َ‬ ‫ما َرأي ْ ُ‬ ‫" َ‬
‫قال بريدة قال ‪ :‬كان رسول الله ‪ ‬يخطبنا إذ جاء الحسن‬
‫والحسين عليهما قميصان أحمران يمشيان ويعثران ] يتعثران في‬
‫المشي [ فنزل رسول الله ‪ ‬من المنبر فحملهما ووضعهما بين‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ة‪‬‬ ‫م فِت ْن َ ٌ‬‫م وَأوَْلد ُك ُ ْ‬ ‫وال ُك ُ ْ‬ ‫م َ‬‫ما أ ْ‬ ‫يديه ثم قال ‪ " :‬صدق الله ‪ ‬إ ِن ّ َ‬
‫] سورة التغابن‪ :‬الية‪ ،[15‬نظرت إلى هذين الصبيين يمشيان‬
‫ويعثران فلم أصبر حتى قطعت حديثي ورفعتهما "‪. 60‬‬
‫وعن شداد بن أوس قال ‪:‬‬
‫ل‬‫م ٌ‬‫حا ِ‬ ‫شاِء وَهُوَ َ‬ ‫ي ال ْعِ َ‬ ‫صَلت َ ْ‬ ‫دى َ‬ ‫ح َ‬ ‫ل الل ّهِ ‪ِ ‬في إ ِ ْ‬ ‫سو ُ‬ ‫ج ع َل َي َْنا َر ُ‬ ‫خَر َ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫صَل ِ‬
‫ة‬ ‫م ك َب َّر ِلل ّ‬ ‫ه‪ ،‬ث ُ ّ‬ ‫ضعَ ُ‬ ‫ل الل ّهِ ‪ ‬فَوَ َ‬ ‫سو ُ‬ ‫م َر ُ‬ ‫قد ّ َ‬ ‫سي ًْنا‪ ،‬فَت َ َ‬ ‫ح َ‬ ‫سًنا أوْ ُ‬ ‫ح َ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫جد َة ً أطالَها ‪ .‬قال شداد ‪:‬‬ ‫س ْ‬ ‫صلت ِهِ َ‬ ‫ي َ‬ ‫ن ظهَْران َ ْ‬ ‫جد َ ب َي ْ َ‬ ‫س َ‬ ‫صلى فَ َ‬ ‫فَ َ‬
‫ْ‬
‫جد ٌ‬ ‫سا ِ‬ ‫ل الل ّهِ ‪ ‬وَهُوَ َ‬ ‫سو ِ‬ ‫ي ع ََلى ظ َهْرِ َر ُ‬ ‫صب ِ ّ‬ ‫ذا ال ّ‬ ‫سي وَإ ِ َ‬ ‫ت َرأ ِ‬ ‫فََرفَعْ ُ‬
‫ل‬‫صَلة َ َقا َ‬ ‫ل الل ّهِ ‪ ‬ال ّ‬ ‫سو ُ‬ ‫ضى َر ُ‬ ‫ما قَ َ‬ ‫جوِدي فَل َ ّ‬ ‫س ُ‬ ‫ت إ َِلى ُ‬ ‫جعْ ُ‬ ‫فََر َ‬
‫جد َةً‬ ‫س ْ‬ ‫ك َ‬ ‫صَلت ِ َ‬ ‫ي َ‬ ‫ن ظ َهَْران َ ْ‬ ‫ت ب َي ْ َ‬ ‫جد ْ َ‬ ‫س َ‬ ‫ك َ‬ ‫ل الل ّهِ ! إ ِن ّ َ‬ ‫سو َ‬ ‫س‪َ :‬يا َر ُ‬ ‫الّنا ُ‬
‫حى إ ِل َي ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ل ‪" :‬ك ُ ّ‬
‫ل‬ ‫ك ‪َ .‬قا َ‬ ‫ه ُيو َ‬ ‫مٌر أوْ أن ّ ُ‬ ‫ثأ ْ‬ ‫حد َ َ‬ ‫ه قَد ْ َ‬ ‫حّتى ظ َن َّنا أن ّ ُ‬ ‫أط َل ْت ََها َ‬

‫‪ 57‬جاك ريسلر‪ :‬الحضارة العربية ‪ ،‬ص ‪53‬‬


‫‪ 58‬وقد أفردنا مبحثًا خاصًا برحمته للبنات‪.‬‬
‫‪ 59‬صحيح – رواه مسلم‪ ،‬باب رحمته صلى ال عليه وسلم ‪ ،-‬برقم ‪4280‬‬
‫‪ 60‬صحيح ‪ . -‬رواه الترمذي وأبو داود والنسائي‪ ،‬وصححه اللباني في مشكاة المصابيح برقم ‪6159‬‬

‫‪16‬‬
‫ك ل َم يك ُن ‪ ،‬ول َكن ابِني ارتحل َِني فَك َرهْت أ َ ُ‬
‫ي‬
‫ض َ‬‫ق ِ‬
‫حّتى ي َ ْ‬ ‫ه َ‬‫جل َ ُ‬
‫ن أع َ ّ‬ ‫ِ ُ ْ‬ ‫ْ َ َ‬ ‫َ ِ ّ ْ‬ ‫ذ َل ِ َ ْ َ ْ‬
‫ه "‪! 61‬‬‫جت َ ُ‬
‫حا َ‬
‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ه وَ َ‬ ‫قب ّل َ ُ‬
‫هيم فَ َ‬
‫ي ‪ ‬إ ِب َْرا ِ‬
‫خذ َ الن ّب ِ ّ‬ ‫وعن َثاِبت ع َ ْ‬
‫‪62‬‬
‫ه ‪.‬‬ ‫م ُ‬
‫ش ّ‬ ‫ن أَنس ‪ :‬أ َ‬
‫ويقول أنس ‪:‬‬
‫كان إبراهيم ) ابن محمد‪ ( ‬مسترضًعا له في عوالي المدينة‪،‬‬
‫فكان ينطلق ونحن معه فيدخل البيت وإنه ليدخن‪ ،‬وكان ظئره‬
‫قيًنا فيأخذه فيقبله ثم يرجع‪.63‬‬

‫ثانًيا ‪ :‬توبيخه‪ ‬للغلظ مع الطفال‪:‬‬


‫ّ‬ ‫َ‬ ‫عن َأبي هُريرة َ قا َ َ‬
‫ل‬‫قب ّ ُ‬‫ي ‪ ‬وهُوَ ي ُ َ‬ ‫س النب ّ‬ ‫حاب ِ ٍ‬ ‫ن َ‬ ‫صَر ا ْلقَْرع ُ ب ُ‬ ‫ل‪ :‬أب ْ َ‬ ‫َ َْ‬
‫م‪ ،‬فقا َ‬
‫ل‬ ‫من ْهُ ْ‬ ‫حدا ِ‬‫ً‬ ‫تأ َ‬ ‫ْ‬
‫شَرة ً ما قَب ّل ُ‬ ‫َ‬
‫ن الوَلد ِ ع َ َ‬ ‫ْ‬ ‫م َ‬ ‫ن لي ِ‬ ‫لإ ّ‬ ‫ن فقا َ‬ ‫س َ‬ ‫ح َ‬ ‫ال ْ َ‬
‫م" ‪.64‬‬ ‫ح ْ‬
‫م ل ي ُْر َ‬ ‫ح ْ‬‫من ل َ ي َْر َ‬ ‫ه َ‬ ‫ل الله ‪" :‬إن ّ ُ‬ ‫سو ُ‬ ‫َر ُ‬
‫وهو نداء إلى غلظ القلوب عامة‪ ،‬وإلى المسيئين للطفال‬
‫خاصة‪..‬‬
‫ثالًثا ‪ :‬دعاؤه ‪ ‬للطفال ‪:‬‬
‫عن عائشة ‪:‬‬
‫أن رسول الله ‪ ‬كان يؤتى إليه بالصبيان "فيبّرك عليهم "– أي‬
‫يدعو لهم بالبركة‪" ،‬ويحنكهم"‪ – 65‬أي يضع في أفواههم التمر‬
‫اللين الذي مضغه في حنكه الشريف‪.‬‬
‫ن‬‫سي ْ َ‬ ‫ح َ‬ ‫ن َوال ْ ُ‬ ‫س َ‬ ‫ح َ‬ ‫ي ‪ ‬ي ُعَوّذ ُ ال ْ َ‬ ‫ن الن ّب ِ ّ‬ ‫كا َ‬ ‫وعن ابن عباس قال ‪َ :‬‬
‫ما ] إبراهيم عليه السلم [ َ‬ ‫ل‪ :‬إ َ‬
‫ن ي ُعَوّذ ُ ب َِها‬ ‫كا َ‬ ‫ن أَباك ُ َ‬ ‫ِ ّ‬ ‫قو ُ‬ ‫وَي َ ُ‬
‫َ‬ ‫ن كُ ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ن‪،‬‬ ‫شي ْطا ٍ‬ ‫ل َ‬ ‫م ْ‬ ‫مة ِ ِ‬ ‫ت اللهِ الّتا ّ‬ ‫ما ِ‬ ‫عوذ ُ ب ِك َل ِ َ‬ ‫حاقَ ‪ :‬أ ُ‬ ‫س َ‬ ‫ل وَإ ِ ْ‬ ‫عي َ‬ ‫ما ِ‬ ‫س َ‬ ‫إِ ْ‬
‫ن َل ّ‬ ‫ن كُ ّ‬
‫‪66‬‬
‫ة" ‪.‬‬ ‫م ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ل ع َي ْ‬ ‫م ْ‬
‫مة ٍ و َ ِ‬ ‫ها ّ‬ ‫وَ َ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫ل‪:‬‬‫قو ُ‬ ‫ن وَي َ ُ‬ ‫س َ‬ ‫ح َ‬ ‫خذ ُه ُ َوال ْ َ‬ ‫ن ي َأ ُ‬ ‫كا َ‬ ‫ه َ‬ ‫ي ‪ ‬أن ّ ُ‬ ‫ن الن ّب ِ ّ‬ ‫وعن أسامة بن زيد َع َ ْ‬
‫‪67‬‬
‫ما " ‪.‬‬ ‫حب ّهُ َ‬ ‫ما فَأ ِ‬ ‫حب ّهُ َ‬ ‫م إ ِّني أ ُ ِ‬ ‫"الل ّهُ ّ‬
‫ي ع ََلى َ‬ ‫َ‬
‫ه‪،‬‬
‫ق ِ‬ ‫عات ِ ِ‬ ‫ن ع َل ِ ّ‬ ‫ن بْ ُ‬ ‫س ُ‬ ‫ح َ‬ ‫ي ‪َ ‬وال ْ َ‬ ‫ّ‬ ‫ت الن ّب ِ‬ ‫وقال البراء ‪َ :‬رأي ْ ُ‬
‫َ‬
‫ه"‪. 68‬‬ ‫حب ّ ُ‬ ‫ه فَأ ِ‬ ‫حب ّ ُ‬ ‫م إ ِّني أ ُ ِ‬ ‫ل ‪ ":‬الل ّهُ ّ‬ ‫قو ُ‬ ‫يَ ُ‬
‫عا ‪ :‬سلمه‪ ‬على الطفال وعطفه عليهم‪:‬‬ ‫راب ً‬

‫جَدٍة‪ ،‬رقم ‪ ،1129‬وصححه اللباني‬


‫سْ‬
‫ن َ‬
‫طَولَ ِم ْ‬
‫جَدٌة َأ ْ‬
‫سْ‬
‫ن َ‬
‫ن َتُكو َ‬
‫جوُز َأ ْ‬
‫ل َي ُ‬
‫‪ 61‬صحيح – راوه النسائي ‪ ،‬باب َباب َه ْ‬
‫في صحيح وضعيف سنن النسائي‪.‬‬
‫‪ 62‬ابن حجر‪ :‬فتح الباري ج ‪ ،10‬ص ‪.427‬‬
‫‪ 63‬صحيح – رواه مسلم برقم ‪2316‬‬
‫‪ 64‬صحيح – رواه البخاري‪ ،‬باب رحمة الولد وتقبيله‪،‬برقم ‪5538‬‬
‫‪ 65‬صحيح – رواه مسلم )‪ (1691 / 3‬برقم ‪2147‬‬
‫‪ 66‬صحيح – رواه البخاري ‪ ،‬برقم ‪3120‬‬
‫‪ 67‬صحيح – رواه البخاري‪ ،‬باب مناقب الحسن والحسين‪ ،‬رقم ‪3464‬‬
‫‪ 68‬صحيح – رواه البخاري‪ ،‬باب مناقب الحسن والحسين‪ ،‬رقم ‪3466‬‬

‫‪17‬‬
‫لقد كان محمد ‪ ‬يسلم على الطفال في الطرقات‪ ،‬ويمسح‬
‫ع‬
‫م َ‬‫ت َ‬ ‫صل ّي ْ ُ‬
‫ل‪َ :‬‬ ‫مَرة َ ‪َ ،‬قا َ‬ ‫س ُ‬‫جاب ِرِ بن َ‬ ‫على رؤوسهم ووجوههم‪ ،‬فعن َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫قب َل َ ُ‬
‫ه‬ ‫ست َ ْ‬‫ه َفا ْ‬ ‫معَ ُ‬ ‫ت َ‬ ‫ج ُ‬ ‫خَر ْ‬ ‫ج إ َِلى أهْل ِهِ ‪ ،‬وَ َ‬ ‫خَر َ‬ ‫م َ‬ ‫ل الل ّهِ ‪ ‬الوَلى ث ُ ّ‬ ‫سو ِ‬ ‫َر ُ‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫ل‪:‬‬ ‫دا ‪َ ،‬قا َ‬ ‫ح ً‬ ‫دا َوا ِ‬ ‫ح ً‬‫م َوا ِ‬ ‫حد ِه ِ ْ‬ ‫خد ّيْ أ َ‬ ‫ح َ‬ ‫س ُ‬ ‫م َ‬ ‫ل يَ ْ‬ ‫جعَ َ‬ ‫ة‪ ،‬فَ َ‬ ‫دين َ ِ‬
‫م ِ‬ ‫ن ال َ‬ ‫دا ُ‬ ‫وِل ْ َ‬
‫َ‬
‫ن‬‫م ْ‬ ‫جَها ِ‬ ‫خَر َ‬‫ما أ َ ْ‬ ‫حا ك َأن ّ َ‬ ‫دا وِري ً‬ ‫ت ل ِي َد ِهِ ب َْر ً‬ ‫جد ْ ُ‬ ‫دي فَوَ َ‬ ‫خ ّ‬ ‫ح َ‬ ‫س َ‬ ‫م َ‬ ‫ما أنا فَ َ‬
‫َ‬
‫وَأ ّ‬
‫طارٍ ‪.69‬‬ ‫جون َةِ ع َ ّ‬ ‫ُ‬
‫سا ‪ :‬رفقه ‪ ‬بالطفال إذا صلى بهم ‪:‬‬ ‫خام ً‬
‫يقول " كولن " ‪:‬‬
‫"كانت صلة رسول الله ‪ ‬طويلة‪ ،‬ول سيما النوافل منها؛ إذ‬
‫كانت تتجاوز طاقة الصحابة‪ ،‬ولكنه عندما يقف للصلة يريد‬
‫وز‬ ‫إطالتها ويسمع بكاء طفل في أثنائها؛ إذ به يخفف صلته ويَتج ّ‬
‫فيها؛ ذلك لن النساء كن يقفن للصلة خلف رسول الله ‪ ‬أي‬
‫يشتركن في أداء صلة الجماعة خلفه‪ ،‬فخوفا ً من أن تكون أم‬
‫ذلك الطفل موجودة بين المصليات فإنه كان يخفف صلته‪،‬‬
‫ويسرع بها لكي يريح قلب تلك الم"‪.70‬‬
‫يقول النبي ‪" : ‬إني لقوم في الصلة أريد أن أطول فيها‬
‫فأسمع بكاء الصبي فاتجوز في صلتي كراهية ان أشق على‬
‫أمه"‪. 71‬‬
‫ك قال‪:‬‬ ‫َ‬
‫مال ِ ٍ‬ ‫ن َ‬ ‫س بْ َ‬ ‫وعن أن َ َ‬
‫َ‬ ‫ط أَ َ‬
‫ي ‪ ، ‬وَإ ِ ْ‬
‫ن‬ ‫ن الن ّب ِ ّ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫صَلة ً وََل أت َ ّ‬ ‫ف َ‬ ‫خ ّ‬ ‫مام قَ ّ‬
‫ٍ‬ ‫ت وََراَء إ ِ َ‬ ‫صل ّي ْ ُ‬ ‫ما َ‬ ‫َ‬
‫‪72‬‬
‫ه ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م ُ‬‫نأ ّ‬ ‫فت َ َ‬‫ن تُ ْ‬‫ةأ ْ‬ ‫خاف َ‬ ‫م َ‬
‫ف َ‬ ‫ف ُ‬ ‫خ ّ‬ ‫ي في ُ َ‬ ‫صب ِ ّ‬
‫معُ ب ُكاَء ال ّ‬ ‫س َ‬ ‫ن لي َ ْ‬ ‫كا َ‬
‫سا‪ :‬تعزيزه ‪ ‬للطفل الصادق ‪:‬‬ ‫ساد ً‬
‫فلما نزل القرآن‪ ،‬مصدًقا لكلم عمير بن سعيد‪ ،‬عندما قال قول‬
‫الصدق والحق في رجل شتم النبي ‪ ،‬أخذ النبي ‪ ‬بأذن عمير‬
‫حّييه على الصدق‪ " : -‬وفت أذنك يا‬ ‫فقال له النبي‪ - ‬وهو ي ُ َ‬
‫ك"‪.73‬‬ ‫ك َرب ُ َ‬ ‫عمير‪ ..‬وصد ّقَ َ‬
‫عا‪ :‬ملطفته‪ ‬للطفال‪:‬‬ ‫ساب ً‬
‫عن أنس بن مالك قال‪:‬‬
‫قا‪ ،‬وكان لي أخ يقال له أبو‬ ‫كان رسول الله ‪ ‬أحسن الناس خل ً‬
‫عمير‪ ،‬فكان إذا جاء رسول الله ‪ ‬فرآه قال " أبا عمير ما فعل‬
‫النغير ؟"‪.. 74‬‬

‫‪ 69‬صحيح ‪ -‬رواه الطبراني في المعجم الكبير ‪ ،‬برقم ‪ ،1911‬وصححه اللباني في مشكاة المصابيح‪ ،‬برقم ‪5789‬‬
‫‪ 70‬محمد فتح ال كولن ‪ :‬النور الخالد محمد صلى ال عليه وسلم مفخرة النسانية ‪2/33 ،‬‬
‫ي‪ ،‬برقم ‪666‬‬‫صِب ّ‬
‫عْندَ ُبَكاِء ال ّ‬
‫لَة ِ‬
‫صَ‬‫ف ال ّ‬ ‫خ ّ‬ ‫ن َأ َ‬
‫‪ 71‬صحيح ‪ -‬رواه البخاري عن ابن ربعي‪َ ،‬باب َم ْ‬
‫صِبيّ‪ ،.‬برقم ‪،667‬‬ ‫عْنَد ُبَكاِء ال ّ‬
‫لَة ِ‬‫صَ‬ ‫ف ال ّ‬
‫خ ّ‬ ‫‪ 72‬صحيح – رواه البخاري‪َ ،‬باب ‪َ:‬م ْ‬
‫ن َأ َ‬
‫‪ 73‬مصنف عبد الرزاق )‪ ،18304 ( 47 / 10‬والقصة معروفة في كتب السيرة‪.‬‬
‫‪ 74‬صحيح – رواه البخاري‪ ،‬برقم ‪ ،5850‬و مسلم برقم ‪2150‬‬

‫‪18‬‬
‫والنغير طائر صغير كان أبو عمير يلعب معه !‬
‫وقد ‪‬كان يصلي فإذا سجد ؛ وثب الحسن والحسين على ظهره‬
‫فإذا أراد الناس أن يمنعوهما ؛ أشار إليهم أن دعوهما ‪..‬‬
‫قال أبو هريرة ‪ :‬كنا نصلي مع رسول الله ‪ ‬العشاء فكان‬
‫يصلي‪ ،‬فإذا سجد وثب الحسن والحسين على ظهره وإذا رفع‬
‫قا‬
‫قا [ فوضعهما وضًعا رفي ً‬ ‫رأسه أخذهما ] بيده من خلفه أخذا رفي ً‬
‫دا‬
‫‪ ،‬فإذا عاد عادا فلما صلى ] وضعهما على فخذيه [ جعل واح ً‬
‫دا هاهنا ‪ ! ..‬قال أبو هريرة ‪:‬‬ ‫هاهنا وواح ً‬
‫فجئته فقلت ‪ :‬يا رسول الله أل أذهب بهما إلى أمهما ؟ قال ‪:‬‬
‫ل ‪. 75"!..‬‬
‫ثامًنا‪ :‬رحمته‪ ‬بغلم يهودي‪:‬‬
‫ل‪:‬‬ ‫س ‪َ ‬قا َ‬ ‫فع َ‬
‫ٍ‬ ‫ن أن َ‬‫َ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ي ‪ ‬ي َُعود ُهُ‬ ‫ض فَأَتاه ُ الن ّب ِ ّ‬ ‫مرِ َ‬ ‫ي ‪ ‬فَ َ‬ ‫م الن ّب ِ ّ‬ ‫خد ُ ُ‬ ‫م ي َُهود ِيّ ي َ ْ‬ ‫ن غ ُل ٌ‬ ‫كا َ‬
‫َ‬
‫م" فَن َظ ََر إ َِلى أِبيهِ وَهُوَ ِ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫عن ْد َهُ‬ ‫سل ِ ْ‬
‫ه ‪" :‬أ ْ‬ ‫ل لَ ُ‬ ‫قا َ‬ ‫سه ِ ف َ َ‬‫عن ْد َ َرأ ِ‬ ‫قعَد َ ِ‬ ‫فَ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ي ‪ ‬وَهُ َ‬
‫و‬ ‫ج الن ّب ِ ّ‬‫خَر َ‬ ‫سل َ َ‬
‫م ‪ ،‬فَ َ‬ ‫سم ِ ‪ ‬فَأ ْ‬ ‫قا ِ‬ ‫ه أط ِعْ أَبا ال ْ َ‬ ‫ل ‪ :‬لَ ُ‬ ‫قا َ‬‫‪.‬فَ َ‬
‫ن الّناِر! !"‪. 76‬‬ ‫م ْ‬ ‫قذ َه ُ ِ‬‫ذي أ َن ْ َ‬ ‫مد ُ ل ِل ّهِ ال ّ ِ‬ ‫ل‪ " :‬ال ْ َ‬
‫ح ْ‬ ‫قو ُ‬ ‫يَ ُ‬

‫وهكذا نرى أعلى درجات الرحمة في شخصية هذا النبي الكريم‬


‫‪ ، ‬الذي يطلب من غلم يعالج سكرات الموت‪ ،‬أن ينطق‬
‫بالشهادتين في لحظاته الخيره‪ ،‬لتكونا برهانا ً لرسول الله يشفع‬
‫به أمام الله لهذا الغلم ‪ ..‬يوم القيامة !‬
‫وهذا الشعور من رسول الله ‪ ‬يبين عمق عاطفته النبيلة‬
‫الجياشة تجاه سائر البشر على اختلف عقائدهم ودياناتهم ‪.‬‬
‫إتها الرغبة الشديدة الفياضة في هداية البشر ‪ ،‬رغم جهلهم‬
‫المطبق برسالة محمد – إل من رحم الله ‪ ،-‬فهو يدعوهم إلى‬
‫الجنة‪ ،‬وهم يتفلتون منه‪ ،‬كما في حديثه‪ ،‬الذي يمّثل فيه لرحمته‬
‫ل أ َوْقَد َ َناًرا‬
‫ج ٍ‬
‫ل َر ُ‬ ‫م‪ :‬ك َ َ‬
‫مث َ ِ‬ ‫مث َل ُك ُ ْ‬
‫مث َِلي وَ َ‬
‫بتصوير رائع بليغ‪ ،‬فيقول‪َ " :‬‬
‫َ‬ ‫ب َوال ْ َ‬
‫خذ ٌ‬
‫ن ع َن َْها‪ ،‬وَأَنا آ ِ‬‫ن ِفيَها وَهُوَ ي َذ ُب ّهُ ّ‬ ‫قعْ َ‬ ‫ش يَ َ‬‫فَرا ُ‬ ‫ل ال ْ َ‬
‫جَناد ِ ُ‬ ‫جعَ َ‬‫فَ َ‬
‫َ‬
‫‪77‬‬
‫دي" ‪.‬‬ ‫ن يَ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫فل ُّتو َ‬
‫ن ِ‬ ‫م تَ َ‬
‫ن الّنارِ وَأن ْت ُ ْ‬ ‫م عَ ْ‬ ‫جزِك ُ ْ‬‫ح َ‬‫بِ ُ‬

‫المبحث الرابع‬
‫رحمته لليتام‬
‫المطلب الول ‪ :‬النبي‪ ‬اليتيم ‪:‬‬
‫‪ 75‬صحيح – السلسلة الصحيحة برقم ‪3325‬‬
‫‪ 76‬صحيح – رواه البخاري ‪ ،‬برقم ‪1268‬‬
‫‪ 77‬صحيح ‪ -‬صحيح مسلم ‪ ،‬برقم ‪4236‬‬

‫‪19‬‬
‫يقول جيمس متشنر عن النبي‪ ":‬ولد يتيما ً محبا ً للفقراء‬
‫والمحتاجين والرامل واليتامى"‪ 78‬ويقول"فيليب حتي" ومع أنه‬
‫ما‬‫ما فقيًرا‪ ،‬فقد كان في قلبه دائ ً‬ ‫كان في دور من أدوار حياته يتي ً‬
‫‪79‬‬
‫سعة لمؤاساة المحرومين في الحياة" ‪.‬‬
‫ومن أولى بحب اليتيم من محمد‪ ،‬وهو نبي الرحمة اليتيم‪،‬‬
‫الذي رغب في كفالة اليتام وإيوائهم‪ ،‬وهو الذي ذاق مرارة اليتم‪،‬‬
‫رم محمد ‪ ‬من أمه وأبيه‪ ،‬فلم تكتحل عيناه برؤية أبيه‪ ،‬ثم‬ ‫ح ِ‬ ‫إذ ُ‬
‫لم يلبث أن فقد أمه وهو في سنة السادسة من عمره‪ ،‬فآواه ربه‬
‫ن عليه بهذه النعمة قائ ً‬
‫ل‪:‬‬ ‫سبحانه ورباه‪ ،‬وامت ّ‬
‫ضاّل َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫دى )‪(7‬‬ ‫ه َ‬
‫ف َ‬ ‫ك َ‬ ‫جدَ َ‬ ‫و َ‬ ‫و َ‬ ‫وى )‪َ (6‬‬ ‫فآ َ‬‫ما َ‬‫ك ي َِتي ً‬ ‫جدْ َ‬ ‫م يَ ِ‬ ‫‪ ‬أل َ ْ‬
‫قهر )‪َ (9‬‬ ‫غَنى )‪َ َ (8‬‬ ‫فأ َ ْ‬
‫ما‬‫وأ ّ‬‫َ‬ ‫فَل ت َ ْ َ ْ‬‫م َ‬ ‫ما ال ْي َِتي َ‬ ‫فأ ّ‬ ‫عائ ًِل َ‬ ‫ك َ‬ ‫جدَ َ‬ ‫و َ‬‫و َ‬
‫َ‬
‫َ‬
‫ث )‪، (11‬‬ ‫حدّ ْ‬ ‫ك َ‬
‫ف َ‬ ‫ة َرب ّ َ‬ ‫م ِ‬ ‫ع َ‬‫ما ب ِن ِ ْ‬ ‫وأ ّ‬‫هْر )‪َ (10‬‬ ‫فَل ت َن ْ َ‬ ‫ل َ‬ ‫سائ ِ َ‬ ‫ال ّ‬
‫وأمره بشكر هذه النعمة بأل يقهر يتيما ً أو يجرحه أو يهينه‪ ،‬وأن‬
‫يجبر كسر قلبه‪ ،‬ويمسح على رأسه‪ ،‬ويكون هو الب الكبر‬
‫الحنون لكل أيتام البشرية ! لسيما في أوقات كان المجتمع‬
‫ما ‪ .‬فقد ُبعث رسول الله ‪ ‬في مجتمعات ‪-‬‬ ‫قاسيا ً ل يرحم يتي ً‬
‫كما يقول سيدني فيشر‪" : -‬يعامل فيها الرامل واليتامى وسائر‬
‫الضعفاء كأنهم من سقط المتاع‪ .‬فإذا بمحمد – عليه السلم –‬
‫وهو فقير من كل ما يعتز به المل قد جاءهم بالهداية إلى الله‬
‫وإلى سبل الخلص‪ ،‬وغّير مقاييس الخلق والداب في أرجاء‬
‫البلد العربية"‪.. 80‬‬
‫فعاش سيدنا محمد‪ ‬وقد "شغل باله بحال اليتامى على‬
‫الدوام‪ 81"..‬على حد قول لويس سديو ‪.‬‬

‫وبهذا ل تنكسر نفس اليتيم ول يشعر بذّلة أو حزن حينما يرى كل‬
‫ولد بجوار أبيه يقبل بفرح إليه ‪ ،‬ويرتمي في أحضانه‪ ،‬لنه وجد‬
‫في المسلمين أكثر من واحد يصنع معه ذلك ‪.‬‬

‫ولذك نجد أن القرآن الكريم تحدث في شأن اليتيم في ثلثة‬


‫وعشرين موضعًا‪ ،‬نظرا ً لهمية تضافر المجتمع لرعاية اليتيم‪ ،‬كما‬
‫سن النبي ‪. ‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬نماذج في رحمته‪ ‬لليتيم‪:‬‬


‫‪ 78‬نقل عن ‪ :‬محمد شريف الشيباني‪ ،‬الرسول في الدراسات الستشراقية المنصفة ‪120،‬‬
‫‪ 79‬فيليب حتى‪ :‬السلم منهج حياة ‪ ،‬ص ‪.54‬‬
‫‪ 80‬سيدني فيشر ‪:‬الشرق الوسط في العصر السلمي ‪ ،‬عن العقاد‪ :‬ما يقال عن السلم ‪ ،‬ص ‪55- 54‬‬
‫‪81‬‬
‫لويس سديو ‪ :‬تاريخ العرب العام ‪ ،‬ص ‪. 110‬‬

‫‪20‬‬
‫ل‪ :‬ترغيبه في كفالة اليتيم ‪:‬‬ ‫أو ً‬
‫‪82‬تيم ِ‬
‫ل الي َ ِ‬ ‫ل الله ‪" :‬أَنا وَ َ‬
‫كافِ ُ‬ ‫سو ُ‬ ‫ل َر ُ‬ ‫ل‪َ :‬قا َ‬ ‫سعْد ٍ قا َ‬
‫ن َ‬ ‫لب ِ‬‫سهْ ِ‬ ‫فعن ِ‬
‫س َ‬ ‫َ‬
‫طي" ‪..‬‬ ‫ة َوالوُ ْ‬ ‫سّباب َ َ‬ ‫ن‪ ،‬وأشا ََر بإ ِ ْ‬
‫صبعَي ْهِ ي َعِْني ال ّ‬ ‫َ‬
‫جن ّةِ ك َهَات َي ْ ِ‬‫في ال ْ َ‬
‫وهو يشمل يتامى المسلمين وغيرهم‪ ،‬كما تدل عليه صيغة‬
‫العموم‪ ،‬لن "أل" في اليتيم للجنس‪...‬‬

‫ثانًيا‪ :‬مواساته لليتامى ‪:‬‬


‫فمن أخباره ‪ ‬في هذا الجانب‪ ،‬أنه عندما قُِتل جعفر أمهل آل‬
‫فرٍ ‪ :‬فقال رسول الله‬ ‫جعْ َ‬
‫ن َ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫جعفر ثلثا‪ ،‬ثم أتاهم‪ ،‬يقول ع َْبد اللهِ ب ْ ِ‬
‫‪ " :‬ل تبكوا على أخي بعد اليوم "‪ .‬ثم قال‪" :‬ادعوا لي بني‬
‫أخي "‪ .‬فجيء بنا كأّنا أفرخ فقال‪ " :‬ادعوا لي الحلق " فأمره‬
‫سول الل ّهِ ‪ ‬إلى أهله‪ ،‬قال‬ ‫‪83‬‬
‫ؤوسنا ثم لما رجع َر ُ‬ ‫فحلق ر ُ‬
‫لهم‪":‬إن آل جعفر قد شغلوا بشأن ميتهم‪ ،‬فاصنعوا لهم‬
‫طعامًا"‪.. 84‬‬
‫ثالًثا‪ :‬ترغيب النساء في تربية اليتام ‪:‬‬
‫يقول النبى ‪ ":‬أنا أول من يفتح باب الجنة فأرى امرأة تبادرنى]أى‬
‫تسابقنى[ تريد أن تدخل معى الباب فأقول لها‪ :‬من أنت؟ فتقول‪:‬‬
‫أنا امرأة قعدت على أيتام لي"‪.. 85‬‬
‫مات زوجها فأبت الزواج مع حاجتها إليه‪ ،‬وابتعدت عن مواطن‬
‫الشبهات والريبة‪ ،‬وعكفت على تربية البناء ‪ .‬هذه المرأة مكانتها‪-‬‬
‫في السلم ‪ -‬أنها تسابق النبى‪ ‬لتدخل معه الجنة!!‬
‫عا‪ :‬تحذيره من العتداء على مال اليتيم ‪:‬‬ ‫راب ً‬
‫ن اليتيم‬ ‫م إّني أحّرج حقّ الضعيفي ِ‬ ‫قال النبي ‪ r‬داعًيا ربه‪" :‬الله ّ‬
‫مرأة "‪. 86‬‬ ‫وال َ‬
‫ومعنى الحديث ‪ :‬أي ألحق الثم بمن ضّيع حقهما وأحذر من ذلك‬ ‫ُ‬
‫تحذيرا ً بليغا ً ‪.‬‬
‫وعد أكل مال اليتيم من الموبقات‪ ،‬فقال النبي ‪ " : r‬اجَتنبوا‬
‫ن ؟ فذكرهن إلى أن‬ ‫ما ه ّ‬ ‫ل الله و َ‬ ‫ل َيا رسو َ‬ ‫قات " قي َ‬ ‫سبعَ الموب َ‬ ‫ال ّ‬
‫‪87‬‬
‫ل الَيتيم " ‪.‬‬‫ل ما ِ‬‫قال ‪" :‬وأك ُ‬

‫‪ 82‬صحيح – رواه البخاري ‪ ،‬في الدب باب فضل من يعول يتيمًا وأبو داود في الدب باب في من ضم يتيمًا‪،‬‬
‫رقم ‪5546‬‬
‫‪ 83‬رواه أبو داود‪ ،‬كتاب الترجل ‪ -‬باب في حلق الرأس‪ ،‬رقم ‪ . 4192‬وصححه اللباني في المشكاة برقم ‪،4463‬‬
‫و في صحيح وضعيف سنن أبي داود‬
‫‪ 84‬رواه ابن ماجه‪ ،‬كتاب الجنائز ‪ -‬باب ما جاء في الطعام يبعث إلى أهل الميت رقم ‪ ،1611‬وحسنه اللباني في‬
‫صحيح وضعيف سنن ابن ماجة ‪ ،‬والقصة منتشرة في كتب السيرة بعد معركة مؤتة ‪.‬‬
‫‪ 85‬صحيح ‪ -‬رواه أبو يعلى الموصلى ‪ ،‬وصححه اللبانى فى صحيح الجامع‪.‬‬
‫‪ 86‬حسن ‪ -‬رواه أحمد والنسائي وابن ماجة‪ ،‬وهو في السلسلة الصحيحة ‪ ،‬برقم ‪1015‬‬
‫‪ 87‬صحيح ‪ -‬رواه البخاري )‪ (2560‬ومسلم )‪ (129‬وغيرهما‬

‫‪21‬‬
‫ده فيجب أن يسلم له جميع ماله ول يجوز‬ ‫فإذا بلغ اليتيم أش ّ‬
‫للوصي أن يبخس أو يأخذ منه شيئا ً إل بطيبة نفس من اليتيم بعد‬
‫أن يبلغ أشده ويحصل رشده‪ ،‬فكل تصرف في مال اليتيم ل يقع‬
‫ي عنه‪ ،‬فأكل ماله‬
‫في دائرة ما هو أحسن فهو محظور ومنه ّ‬
‫طمعا ً فيه واستضعافا ً له محرم ومنهي عنه‪ ،‬وتجميد ماله وعدم‬
‫استثماره محرم ومنهي عنه‪ ،‬وإهماله وعدم صيانته محرم ومنهي‬
‫عنه ‪.‬‬

‫المبحث الخامس‬
‫رحمته للرامل‬
‫المطلب الول‪ :‬حثه على السعي على الرامل‪:‬‬
‫حرمت من الزوج‪ ،‬تكون منكسرة ومجروحة‬ ‫الرملة التي ُ‬
‫الخاطر وبحاجة إلى من يعولها‪ ،‬ولهذا رغب النبي ‪r‬بجبر كسرها‪،‬‬
‫ورعايتها فكان فيقول ‪:‬‬
‫ل الله‪:‬‬ ‫سبي ِ‬ ‫"الساعي على الرملةِ والمسكين كالمجاهد ِ في َ‬
‫طر"‪.88‬‬ ‫كالقائم ل َيفُتر وكالصائم ل ُيف ِ‬
‫ما ‪ ،‬الذي يذهب‬ ‫‪89‬‬
‫مُئون َت ِهِ َ‬
‫مل ل ِ َ‬ ‫ْ‬
‫ما ‪ :‬الَعا ِ‬ ‫سب ل َهُ َ‬ ‫كا ِ‬ ‫ومعنى الساعي ‪ :‬ال ْ َ‬
‫ويجيء في تحصيل ما ينفع الرملة والمسكين"‪ . .. 90‬فكافل‬
‫الرملة كالمجاهد في سبيل الله سواًء بسواء ‪..‬‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫و‬
‫مال ‪ ،‬وَهُ َ‬ ‫ن ال ِْر َ‬ ‫م ْ‬ ‫صل ل ََها ِ‬ ‫ح ُ‬ ‫ما ي َ ْ‬ ‫مَلة ل ِ َ‬ ‫ت أْر َ‬ ‫مي َ ْ‬ ‫س ّ‬‫ل ا ِْبن قُت َي َْبة ‪ُ :‬‬ ‫وَقا َ‬
‫‪91‬‬
‫قد ِ الّزْوج ‪.‬‬ ‫ف ْ‬ ‫هاب الّزاد ب ِ َ‬ ‫قر وَذ َ َ‬ ‫ف ْ‬ ‫ال ْ َ‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬سعيه على الرامل ‪:‬‬
‫ن أ َِبي أ َوَْفى قال‪:‬‬ ‫عن ع َب ْد َ الل ّهِ ب ْ َ‬
‫صَل َ‬
‫ة‪،‬‬ ‫ل ال ّ‬ ‫طي ُ‬‫و‪ ،‬وَي ُ ِ‬ ‫ل الل ّغْ َ‬ ‫ق ّ‬ ‫ل الل ّهِ ‪r‬ي ُك ْث ُِر الذ ّك َْر ‪ ،‬وَي ُ ِ‬ ‫سو ُ‬ ‫ن َر ُ‬ ‫كا َ‬ ‫" َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ن‬
‫كي ِ‬
‫س ِ‬ ‫م ْ‬ ‫مل َةِ َوال ْ ِ‬ ‫معَ اْلْر َ‬ ‫ي َ‬ ‫ش َ‬ ‫م ِ‬ ‫ن يَ ْ‬ ‫فأ ْ‬ ‫ة‪ ،‬وََل ي َأن َ ُ‬ ‫خط ْب َ َ‬ ‫صُر ال ْ ُ‬ ‫ق ّ‬ ‫وَي ُ َ‬
‫ة" ‪.‬‬‫‪92‬‬
‫ج َ‬‫حا َ‬ ‫ه ال ْ َ‬‫ي لَ ُ‬ ‫ض َ‬‫ق ِ‬ ‫فَي َ ْ‬
‫ك َقا َ‬
‫ل‪:‬‬ ‫َ‬
‫مال ِ ٍ‬‫ن َ‬ ‫س بْ ُ‬ ‫وعن أن َ ُ‬

‫‪ 88‬صحيح – رواه البخاري‪ ،‬باب الساعي على الرملة ‪ ،‬برقم ‪ ،4934‬ومسلم باب الحسان إلى الرملة‪ ،‬برقم‬
‫‪5295‬‬
‫‪ 89‬شرح النووي على مسلم ‪366 \9‬‬
‫‪ 90‬ابن حجر ‪ :‬فتح الباري )ج ‪ / 9‬ص ‪(366‬‬
‫‪ 91‬شرح النووي على مسلم ‪) -‬ج ‪ / 9‬ص ‪(366‬‬
‫طَبِة‪ ،‬برقم ‪ ،1397‬وصححه اللباني في صحيح وضعيف‬ ‫خ ْ‬
‫صيِر اْل ُ‬
‫ن َتْق ِ‬
‫ب ِم ْ‬
‫ح ّ‬ ‫‪ 92‬رواه النسائي‪،‬باب َباب َما ُي ْ‬
‫سَت َ‬
‫سنن النسائي‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫ل الل ّهِ ‪r‬‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫سو ِ‬ ‫دين َةِ ل َت َأ ُ‬
‫خذ ُ ب ِي َد ِ َر ُ‬ ‫ل ال ْ َ‬
‫م ِ‬ ‫ماِء أهْ ِ‬ ‫ن إِ َ‬ ‫م ْ‬‫ة ِ‬ ‫م ُ‬ ‫ت اْل َ‬ ‫كان َ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫"إ ِ ْ‬
‫‪93‬‬
‫ت" ‪.‬‬ ‫شاَء ْ‬ ‫ث َ‬ ‫حي ْ ُ‬ ‫َ‬
‫فَت َن ْطل ِقُ ب ِهِ َ‬
‫ل‪:‬‬‫س َقا َ‬ ‫وع َ َ‬
‫ن أن َ ٍ‬ ‫ْ‬
‫ن ِلي إ ِل َي ْكَ‬ ‫ّ‬ ‫سو َ‬ ‫َ‬ ‫ل اللهِ ‪ r‬فَ َ‬‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ل اللهِ إ ِ ّ‬ ‫ت َيا َر ُ‬ ‫قال ْ‬ ‫سو ِ‬ ‫مَرأة ٌ إ ِلى َر ُ‬ ‫تا ْ‬ ‫جاَء ْ‬ ‫" َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ك‬‫سك َ ِ‬ ‫حي ال ّ‬ ‫وا ِ‬ ‫سي ِفي أيّ ن َ َ‬ ‫جل ِ ِ‬ ‫نا ْ‬ ‫م فَُل ٍ‬ ‫ل ل ََها ‪َ " :‬يا أ ّ‬ ‫قا َ‬ ‫ة فَ َ‬ ‫ج ً‬ ‫حا َ‬ ‫َ‬
‫ي ‪ r‬إ ِل َي َْها‬ ‫َ‬
‫س الن ّب ِ ّ‬ ‫جل َ َ‬ ‫ت فَ َ‬ ‫س ْ‬ ‫جل َ َ‬ ‫ل‪ :‬فَ َ‬ ‫ك " َقا َ‬ ‫س إ ِل َي ْ ِ‬‫جل ِ َ‬ ‫حّتى أ ْ‬ ‫ت‪َ ،‬‬ ‫شئ ْ ِ‬ ‫ِ‬
‫‪94‬‬
‫جت ََها ‪.‬‬ ‫حا َ‬ ‫ت َ‬ ‫ض ْ‬ ‫حّتى قَ َ‬ ‫َ‬

‫‪ 93‬صحيح‪ -‬رواه البخاري البخاري‪ ،‬باب الكبر‪ ،‬برقم ‪5610‬‬


‫س َوَتَبّرِكِهْم ِبِه ‪ ،‬برقم ‪4293‬‬
‫ن الّنا ِ‬
‫لم ِم ْ‬
‫سَ‬‫عَلْيِه ال ّ‬
‫ي َ‬ ‫‪ 94‬صحيح – رواه مسلم‪ ،‬باب َباب ُقْر ِ‬
‫ب الّنِب ّ‬

‫‪23‬‬
‫الكاتب في سطور‬
‫محمد مسعد ياقوت – كاتب وداعية إسلمي مقيم في مصر ‪.‬‬
‫المشرف العام على موقع نبي الرحمة‬
‫‪www.nabialrahma.com‬‬
‫البريد اللكتروني ‪yakoote@gmail.com :‬‬
‫المدونة الشخصية ‪yakut.blogspot.com :‬‬
‫جوال ‪(002)0104420539‬‬
‫العمال التي قام بها‪:‬‬
‫‪ -‬باحث متفرغ لعداد مشروع علمي في مؤسسة أحمد بهاء‬
‫الدين الثقافية‪.‬‬
‫‪ -‬يكتب في العديد من المجلت العربية والسلمية كمجلة‬
‫المجتمع الكويتية‪ ،‬ومجلة المعرفة السعودية‪ ،‬ومجلة الرسالة‬
‫المصرية‪ ،‬ومجلة آراء حول الخليج الماراتية‪ ،‬ويكتب في شبكة‬
‫إسلم أون لين ‪ .‬نت‪.‬‬
‫‪ -‬قدم سلسلة حلقات عن الثقافة العلمية وأزمة البحث العلمي‪،‬‬
‫في القناة السادسة المصرية‬
‫‪ -‬أعد سلسلة حلقات عن أخلقيات الحرب في السلم‪ .‬في قناة‬
‫المة الفضائية ‪.‬‬
‫‪ -‬يمارس الخطابة الدينية في مساجد مصر ‪.‬‬
‫‪ -‬ألقى العديد من المحاضرات الفكرية والثقافية في العديد من‬
‫المحافل‪.‬‬
‫المؤلفات ‪:‬‬
‫‪ -‬الختلط وأثره على التحصيل العلمي والبتكار‪ -‬رؤية شرعية ‪، -‬‬
‫البحث الفائز بجائزة موقع المرأة " لها أون لين" للثقافة و‬
‫البداع ‪ ،‬عام ‪2004‬‬
‫‪ -‬حوار الحضارات ‪ :‬الموجود والمفقود والمنشود‪ ،‬بحث مقدم‬
‫إلى منظمة الكتاب الفريقيين والسيويين ‪ ،‬أغسطس ‪2005‬م ش‬
‫‪.‬‬
‫‪ -‬هروب النخب العلمية ‪ ،‬بين واقع النزيف وسبل العلج ‪ :‬بحث‬
‫مقدم إلى المؤتمر العالمي العاشر للندوة العالمية للشباب‬
‫السلمي‪ " ،‬الشباب وبناء المستقبل" ‪.‬‬
‫‪ -‬صفات رجل البر‪ ،‬لم يطبع بعد ‪.‬‬
‫‪-‬عناية الكتاب والسنة بالمسجد القصى المبارك ‪ ،‬لم يطبع بعد ‪.‬‬
‫‪ -‬حق النصرة للشعب الفلسطيني مادًيا ومعنوًيا‪ ،‬لم يطبع بعد ‪.‬‬
‫‪ -‬التجديد والمجددون في السلم‪ ،‬لم يطبع بعد ‪.‬‬
‫‪ -‬الرقائق والخواطر ‪ ،‬تحت العداد‬
‫‪ -‬الحوار في السيرة النبوية ‪ ،‬تحت العداد‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫‪ -‬مشاركة الشباب العربي في العمل السياسي – بين الواقع‬
‫والمأمول ‪ ،‬تحت العداد‬
‫‪ -‬قيم حضارية في السيرة النبوية‪ ،‬كتاب إلكتروني‪.‬‬
‫‪ -‬قصص قصيرة منشورة في المجلت المواقع ] بار أحرنوت –‬
‫سجين رأي – المسكن الشعبي – على الطريقة الفيدرالية –‬
‫السجينة – طوابير النهضة – ملحمة شاعر [‬
‫‪-‬صنائع المعروف‪ ،‬ثلثون باًبا من أبواب الخير‪ ،‬القاهرة ‪ ،‬دار‬
‫النشر للجامعات‪2007 ،‬‬
‫‪ -‬أزمة البحث العلمي في مصر والوطن العربي‪ ،‬القاهرة ‪ :‬دار‬
‫النشر للجامعات‪ ،‬الطبعة الولى‪ ،‬يناير ‪2007‬م‬

‫‪www.nabialrahma.com‬‬

‫‪25‬‬

You might also like