Professional Documents
Culture Documents
مباهج الزواج
في ضوء البيان القرآني
إعداد
أحمد محمد الشرقاوى
أستاذ التفسير وعلوم القرآن المساعد
بكلية أصول الدين والدعوة
جامعة الهزهر
156
- 157مباهج الزواج في ضوء البيان القرآني
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
ن
م على خاتم ِ النبيي َ ن ،والصلةُ والسل ُ ب العالمي َهر ّ
الحمد ُ لل ِ
ن وصحب ِهِ ، طاهري َ ه ال ّ
ن ،وعلى آل ِ ِ ن ،وقائدِ الغُّر الميامي ِ
والمرسلي َ
ن إلى يوم الدين . والتابعين ومن تبعهم بإحسا ٍ
ة ما أجلها ،وهو ة كوني ٌة ما أجّلها ،وآي ٌة إلهي ٌ ج :نعم ٌ
وبعد :فالزوا ُ
ة ما أحلها وأبهاها . ة وزين ٌ حلي ٌ
ة إنسانية ما أسناها و ِ سن ٌ
س، ة للنف ِ ة لشرعة ربانية ،بهج ٌ ة ،واستجاب ٌ ة فطري ٍ ة لرغب ٍ فيه تلبي ٌ
ن، ح ،وقرةٌ للعي ِ ة ،وغذاٌء للرو ِ س ،وإرواٌء للعاطف ِ وإمتاعٌ للح ّ
ب من ل ،وهو با ٌ ل ،واستقراُر الحا ِ ح البا ِ ه صل ُ ب ،وب ِ ة للقل ِ وسكين ٌ
ن.ش ،وصفاِء الذ ّهْ ِ ب العي ِ طي ِ ق،و ِ أبواب الرز ِ
س في ب التناف ِ ب من درو ِ ذرية ،ودر ٌ ل ال ّ ل إلى تحصي ِ وهو السبي ُ
لم ِ ح ّ ر والت َ ب الصب ِ ب من ضرو ِ ب والجر ،وضر ٌ الخير وتحصيل الثوا ِ
ل.م ِ ،والرضا والتج ّ
ة
ة ،التي ُتعد ّ لبن ً ة المسلم ِ ي لبناِء السر ِ ق الشرع ّ وهو الطري ُ
ل، ى لعدادِ الجيا ِ ن الطبيع ّ ة فى بناِء المجتمِع ،فهى المحض ُ أساسي ّ ً
ن . ن لهذا الدي ِ ن حصي ٌ ن ،ورك ٌ ن ركي ٌ وهى حص ٌ
ة وأهميت َِها ة المسلم ِ ة السر ِ ولقد :أدرك أعداُء السلم ِ :مكان َ
ن إلى سَعوا جاهدي َ ة ،فَ َ ض الم ِ ي فى نهو ِ ها الساس ّ ة ودورِ َ البالغ ِ
ة بينها مها والحيلول ِ س معال ِ ة وطم ِ ة المسلم ِ ض دعائم ِ السر ِ تقوي ِ
ق بنائ َِها ،
ل فى طري ِ ت والعراقي ِ ها ،ووضِع العقبا ِ وبين مقاصد ِ َ
ها . مارِ َ سَها وث ِ َ وإلحاق الضراِر والفات بغر ِ
ن من ة :سعوا إلى التهوي ِ ون ِة ووسائلهم المتل ّ م الماكر ِ وبأساليب ِهُ ُ
د ه من مقاصد ه الجليلة ه ،أو تجري ِ ل من شأن ِ ِ ج ،والتقلي ِ أمر الزوا ِ
ة ،في مقابل التحريض على إشاعة الفواحش ه البالغ ِ م ِ حك َ ِ
و ِ
ة السماِء بغير مسمياتها ،فقالوا عن الشذوذ " والشذوذ ،مع تسمي ِ
مثلية" ،وسموا الشواذ ّ " مثليين " ودعوا إلى المساواة المطلقة
ن ما بين الجنسين من بين الرجل والمرأة في كل شيئ متجاهلي َ
ة الباحثين في شتى كدها وأجمع عليه كاف ُ ة ،أقّر بها وأ ّ ق فطري ٍ فرو ٍ
دى ،عن ة بذلك ،كما انحرف أولئك العِ َ العلوم التي لها صل ٌ
157
- 158مباهج الزواج في ضوء البيان القرآني
ل الله بها من م ما أنز َ ماُلوا إلى مفاهي َ المفهوم ِ الصحيح للسرة ،فَ َ
ة بالمرأة ،في تحد ّ ل بالرجل والمرأ ِ ج الرج ِ ن ،فاستحّلوا زوا َ سلطا ٍ
ة
ة والمسير ِ ة السوي ّ ِ ة والفطر ِ ف للقيم ِ الصيل ِ خ وصدام ٍ عني ٍ صار ٍ
ة للبشرية . القويم ِ
بي الدؤ ِ ة لمطامحهم -إلى السع ِ ل – ول غاي َ حتى بلغ بهم الضل ُ
ة هنا للغاء كلمة ذكر وأنثى من شتى المعاجم والكتب ،والستعاض ِ
ل لها ،وهي كلمة – جندر (1) -حيث ل ذكر ة ل أص َ ة غريب ٍ ة غربي ّ ٍ بكلم ٍ
ة على س للفطرة وثور ٍ ول أنثى ،مع ما يستدعي ذلك من انتكا ٍ
ت ووأدٍ لك ّ
ل خ وتمردٍ على أصول اللغا ِ ب على التاري ِ التراث وانقل ٍ
ل ما ة ويدفن معها ك ّ ة ،فتوأد ُ النوث ُة والقيم ِ الصيل ِ معاني الفضيل ِ
ة
ن وعاطف ٍ ر وحنا ٍ س وحياٍء وخف ٍ ُ تحمله من رّقة ولطاف ٍ
ف وأن ٍ ة وظر ٍ
ل ما تحمله ة وتطمُر مع معالم تلك الجريمة ك ّ ل الرجول ُ ،وُتغتا ُ
ت.ة ومكرما ٍ ة ٍ ،وهم ٍة ومروء ٍ ة وشهام ٍ ة من قوة ونجد ٍ الرجول ُ
ب الفتاةُ ؟
م تنتح ُ
ت عل َ
فقل ُ كي ي تب ِ
ة وَهْ َت على المروء ِ مرر ُ
ه ماُتواق الل ِ ن خل ِ ت :كيف ل أبكي وأهِلي جميًعا دو َ فقال ْ
ج
ل مباه ِ ة إلى هذا البحث الذي يدوُر حو َ من هنا كانت الحاج ُ
غب ن القرآني ،حيث دعا السلم للزواج ور ّ ج في ضوء البيا ِ الزوا ِ
ة عليه ،وأعلى من قدر ه وتسامى به إلى فيه وأمر بتيسير ه والعان ِ
ه
و ه ،وفضل ِ ِ ه وسم ّ و ه على شرف ِ ة ،ون ّذرى المجدِ وسنام ِ الفضيل ِ ُ
سر السبيل إليه ،وشرع من الحكام والداب ما يصونه ه ،وي ّومكانت ِ ِ
ه.
م ُحك َ َ
جلي ِ ّ ق أهدافَ ُ
ه ،وي ُ َ د ه ،ويحق ُ غ مقاص َ ّ
ويسمو به ،ويب َل ُ
ل أنواع النكحة الجاهلية التي تبتذل كرامة ولقد أبطل السلم ك ّ
المرأة وتهدر حقوقها وُتجافي فطرَتها .
وكان في الجاهلية أنواع شتى من النكحة هى -:
ح -1نكاح البعولة :وهههو نكههاح العقلء ال ّ
شههرفاء ،وهههو النكهها ُ
نة ،والمعههاد ُف عليههه ،والههذي تقبلههه الفطههرةُ السههليم ُ
المتعههار ُ
).(2
الخّيرة ،وفيه إيجاب وقبول وشهود ومهر وإشهار
-2نكاح المتعة :وهو النكاح المؤقت بمدة معينة ،ولقد نهههى
عنه السلم " ،وكان جائزا ً في أول السلم ثم نسههخ بالحههاديث
. -لمزيد بيان يراجع كتاب حقوق المرأة في السنة النبوية للمؤلف 1
158
- 159مباهج الزواج في ضوء البيان القرآني
الصحيحة وانعقد الجماع على تحريمه ،ولم يخالف فههي ذلههك إل
طائفة من المبتدعة " ). (3
ولقد استقر المر في السلم على تحريمه ،وكان قد أبيح مدة
م بعد ذلك .
حّر َ
معينة ثم ُ
روى البخاري في صحيحه بسند ه عن الحسن بن محمد بن علي
وأخيه عبد الله عن أبيهما أن عليا قال لبن عباس رضههى اللههه
ر ال َهْل ِي ّه ِ
ة مه ِ
ح ُ
ة وعن لحوم ِ ال ُ عنهما :إن النبي ) نهى عن ال ُ
مت ْعَ ِ
خي ْب ََر ( ). (4ن َ م َ
َز َ
نكاح المشاركة :وهههو أن تههتزوج المههرأة مجموعههة -3
من الرجال دون العشرة في وقههت واحههد ،ويسههمى أيض ها ً نكههاح
ت في طلههب هههؤلء الرجههال ، ت أرسل ْ ت ووضع ْ الرهط ،فإذا حمل ْ
ت، فيجتمعون فتقول لهم :قد علمتم ما كان من أمركم وقد ولههد ُ
ق الولد بمن تشاء منهم ). (5 ح ُ ثم ت ُل ْ ِ
نكككاح الستبضككاع :وهههو أن يعجههب الرجههل برجههل -4
كت مههن حيضه ِ يفوقه جمال ً وقوة وخلل ً فيقول لزوجته إذا طهههر ِ
فاذهبى إلى فلن ليعاشرك كههى تستبضههعي لنهها منههه ثمههرة قويههة
) ، (6وهو زنا فاحش ودياثة مقيتة .
نكاح المقت :وهو زواج الرجل من زوجة أبيه بعد -5
مماته ،وكان من عادات أهل الجاهلية إذا مات الرجل قام أكبر
أولد ه فألقى ثوبه على امرأة أبيه فنكحها ،فإن لم يكن له
رغبة فيها زّوجها بعض إخوته بمهر جديد ،فكانوا يتوارثون
النكاح كما يتوارثون المال ،وإن شاءوا زّوجوها لمن أرادوا
وأخذوا صداقها ،وإن شاءوا لم يزوجوها بل يحبسونها حتى
تموت فيرثونها أو تفتدي نفسها ) ، (7وقد نهى عنه السلم
قال تعالى في سورة النساء ﮋﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼ ﭽﭾﭿ ﮀﮁﮂﮊ
] النساء[٢٢ :
159
- 160مباهج الزواج في ضوء البيان القرآني
-6نكاح الشغار :وهههو أن يههتزوج الرجههل مهن أخههت أو بنهت
رجل آخر فهي مقابهل زواج الخهر مهن أخهت أو بنهت الول ليهس
مَر " ن عُ َ ن اب ْ ِ َبينهما صداق ،ولقد نهى عنه رسول الله : فعَ َ ِ
جه ُ
ل ج الّر ُ ن ي ُهَزوّ َ ش هَغاُر أ ْ ش هَغاِر َ ،وال ّ ن ال ّ ى ع َه ِ ه ن َهَ َ ل الل ّ ِ سو َ ن َر ُ أ ّ
َ
ه ،ل َي ْ َ َ
).(8
ق". دا ٌ ص َ ما َ س ب َي ْن َهُ َ ه اب ْن َت َ ُ ج ُ ن ي َُزوّ َ ىأ ْ ه ،ع َل َ اب ْن َت َ ُ
ر: ن الّزب َي ْ ِ وروى البخاري في صحيحه بسند ه َ عن ع ُْروَةَ ب ِ
ة
جاه ِل ِي ّ ِ ن في ال ْ َ ح كا َ كا َ ن الن ّ َ هأ ّ خب ََرت ْ ُ ي الله ع َن َْها أ ْ ض َ ة َر ِ ش َ عائ ِ َ ن َ "أ ّ
ب خط ُ ُ م ،يَ ْ س ال ْي َوْ َ ح الّنا ِ كا ُ من َْها ن ِ َ ح ِ كا ٌ حاَء ،فَن ِ َ ة أن ْ َ ع ََلى أْرب َعَ ِ
ن
كا َ خُر َ حآ َ كا ٌ حَها ،وَن ِ َ م ُينك ِ ُ صدقَُها ث ُ ّ ه فَي َ ْ ل وَل ِي ّت َ ُ ج ِ ل إَلى الّر ُ ج ُ الّر ُ
َ
سِلي إَلى فُل َ ٍ
ن مث َِها :أْر ِ ن طَ ْ م ْ ت ِ ذا ط َهَُر ْ هإ َ مَرأت ِ ِ ل لِ ْ قو ُ ل يَ ُ ج ُ الّر ُ
نحّتى ي َت َب َي ّ َ سَها أَبدا ً َ م ّ جَها وَل َ ي َ َ ه وَي َعْت َزِل َُها َزوْ ُ من ْ ُ ضِعي ِ ست َب ْ ِ فا ْ
ملَها ُ ح ْ ن َ ذا ت َب َي ّ َ ه ،فَإ ِ َ من ْ ُ ع ِ ض ُ ست َب ْ ِ ذي ت َ ْ ّ
ل ال ِ ج ِ ك الّر ُ ن ذ َل ِ َ م ْ ملَها ِ ُ ح ْ َ
ة الوَلدِ ،َ ْ جاب َ َ ة في ن َ َ ل ذ َل ِك َرغ ْب َ ً َ فعَ ُ ما ي َ ْ ب ،وَإ ِن ّ َ ح ّ نأ َ جَها إ ْ صاب ََها َزوْ ُ أ َ
ع
م ُ جت َ ِ خُر ي َ ْ حآ َ كا ٌ ضاِع ،وَن ِ َ ست ِب ْ َ ح ال ْ كا َ مى ن ِ َ س ّ ح يُ َ كا ُ ذا الن ّ َ ن هَ َ كا َ فَ َ
َ
ذا صيب َُها ،فَإ ِ َ م يُ ِ ة ك ُل ّهُ ْ مْرأ ِ ن ع ََلى ال َ خُلو َ ة فَي َد ْ ُ شَر ِ ن ال ْعَ َ دو َ ط ُ الّرهْ ُ
َ َ
مت إل َي ْهِ ْ سل َ ْ مل ََها أْر َ ح ْ ع َ ض َ ن تَ َ ل ب َعْد َ أ ْ مّر ل ََيا ٍ ت ،وَ َ ضعَ ْ ت وَوَ َ مل َ ْ ح َ َ
قو ُ
ل ها فَت َ ُ عن ْد َ َ مُعوا ِ جت َ ِ حّتى ي َ ْ مت َِنع َ ن يَ ْ مأ ْ من ْهُ ْ ل ِ ج ٌ ع َر ُ ست َط ِ ْ م يَ ْ فَل َ ْ
ك َيا و اب ْن ُ َ ت وَهُ َ م وَقَد ْ وَل َد ْ ُ مرِك ُ ْ نأ ْ م ْ ن ِ كا َ ذي َ م ال ّ ِ م قَد ْ ع ََرفْت ُ ُ ل َهُ ْ
حكا ٌ ها ،وَن ِ َ ه وَل َد ُ َ ق بِ ِ ح ُ ه فَي َل ْ َ م ِ س ِ م با ْ من ْهُ ْ ت ِ حب ّ ْ نأ َ م ْ مي َ س ّ ن ،فَت ُ َ فُل َ ُ
خُلون ع ََلى ال ْ َ س ال ْك َِثيُر فَي َد ْ ُ
ن م ْ م ّ ع ِ مت َن ِ ُ ة ل َ تَ ْ مرأ ِ َ َ ع الّنا ُ م ُ جت َ ِ ع يَ ْ َراب ِ ٌ
ن ع ََلما ً َ ُ ْ
ت كُ ّ ن َراَيا ٌ ن ع َلى أْبواب ِهِ ّ صب ْ َ ن ي َن ْ ِ ن الب ََغاَيا ك َ ّ ها ،وَهُ ّ جاَء َ َ
مُعوا ج ِ ملَها ُ َ ح ْ ت َ ضعَ ْ ت فَوَ َ مل ْ َ ح َ ذا َ ن ،فَإ ِ َ ل ع َلي ْهِ ّ َ خ َ ن دَ َ ن أَراد َهُ ّ م ْ لَ ِ
نَ ،فال َْتاط َ ُ
ه ذي ي ََروْ َ دها بال ّ ِ قوا وَل َ َ ح ُ م أل ْ َ ة ثُ ّ قافَ ُ م ال ْ َ وا ل َهُ ُ ل ََها وَد َع َ ْ
مدا ً هَد َ َ
م مح ّ ث الله ُ ما ب َعَ َ ك ،فَل َ ّ ن ذ َل ِ َ مّ ْ ع ِ مت َن ِ ُ ه ل َ يَ ْ ي اب ْن ُ ُ ع َ وَد ُ ِ
)(9
م" . سل َم ِ ال ْي َوْ َ ل ال ْ ح أهْ ِ كا َ ه إ ِل ّ ن ِ َ ة ك ُل ّ ُ جاه ِل ِي ّ ِ ل ال ْ َ ح أهْ ِ كا َ نِ َ
160
- 161مباهج الزواج في ضوء البيان القرآني
)طمثها( حيضها ) ،فاستبضعي منه( اطلبي منه المباضعة وهي المجامعة ،مشتقة من
البضع وهو الفرج) .يمسها( يجامعها) ،الرهط( ما دون العشرة من الرجال) .يصيبها(
يجامعها) .البغايا( جمع بغي وهي الزانية) .رايات( ترفع على بيوت البغايا ) .علما( علمة.
)القافة( جمع قائف وهو الذي ينظر في الملمح ،ويلحق الولد بمن يرى أنه والد ه.
)فالتاط به( فالتحق به والتصق ) ،هدم( أبطل
- 10زواج المسيار زواج مستكمل للركان والشروط المتعارف عليها عند
جمهور الفقهاء ،من تراضي الزوجين وحضور الولي والشهود ،ونحو ذلك ،ولكنه
يتضمن تنازل الزوجة عن بعض حقوقها الشرعية باختيارها ورضاها ،مثل
النفقة والقسم ،والعقد فيه صحيح ،ولكن هذا الزواج مخالف لكثير من الحكم
والمقاصد التي أرادها الشارع من الزواج ،سمي بذلك لن الرجل يسير إلى
ت معينة ول يمكث عندها طويل ،وقيل في المرأة ،أي إلى بيتها في أوقا ٍ
تعريفه :هو ا لزواج المستكمل لجميع شروطه وأركانه ،فهو زواج يتم بإيجاب
وقبول ،وبشرطه المعرفة ،إل أن الزوجين قد اتفقا على أل يكون للزوجة حق
المبيت ول الحقوق المالية؛ وإنما المر راجع للزوج متى رغب في الزيارة في
أي ساعة من ساعات اليوم والليلة ،فله ذلك ،ولعل هذا ما كان يعرف في
أيام الحسن البصري رحمه الله بزواج النهاريات) .مجلة السرة ،العدد .(467
ة من المغاربة - 11هو نوعٌ من أنواع الحيل التي يلجأ إليها بعض الشباب خاص ً
،رغبة منهم في العيش إلى بلدان أوروبا وأمريكا ،فيبحث الشاب أو الفتاة
على شريك حياة "صوري" ،ويتم العقد بين الطرفين مقابل مبلغ من المال
يعطى للطرف المقيم بأوروبا أو أمريكا ثم يتم الطلق بعد الحصول على
وثائق القامة في ديار الغربة ،وربما لجأت الفتاة المسلمة إلى مثل هذا
الزواج من نصراني أو لجأ الشاب المسلم إلى الزواج من نصرانية لتحقيق هذا
ل لحرمة وبطلن زواج المسلمة من الكافر ،وهذا المأرب ،بجهل أو تجاه ٍ
ج باطل إذا كان لمجرد ٌ زوا أسود الحقيقة في وهو الزواج الذي يسمى أبيض
الحصول على تأشيرة أو إقامة في بلد الغرب .
- 12يلجأ إليه بعض السياح في البلد الخرى ،حيث يعرض عليهم الزواج
المؤقت مدة إقامتهم في البلد السياحية فيزوجون من فتيات قد احترفن مهنة
الزواج من السياح مدة إقامتهم ،فإذا انتهت المدة طلقن ،وربما استأنفن
الزواج بآخرين دون اللتزام بعدة المطلقة ،وهذا الزواج شبيه بزواج المتعة ل
فرق بينهما إل من جهة أن زواج المتعة ينص في العقد على توقيته بمدة
معينة ،امام زواج السياحة فالنية مبيتة وإن لم ينص عليها في العقد وهذا
الزواج هو ظلم بّين للمرأة أول فوق أنه مفّرغٌ من مقاصد الزواج السامية .
161
- 162مباهج الزواج في ضوء البيان القرآني
) (13وغير ذلك من الصور التي تضيع حقوق الزوجين أو أحدهما ،
وغالبا ما تهضم حقوق المرأة وتحرمها من السعادة الزوجية ،فضل
ن بأن عما يترتب عليها من هموم ومشكلت ومساوئ وتبعات ،نوق ُ
ج وحكمه من أهم السباب وأبرز الدواعي إلى الجهل بمقاصد الزوا ِ
ت التي ل ُتوفي بمعشاِر ما يسعى إلى ل هذ ه الزيجا ِ التوّرط في مث ِ
تحقيقه دين َُنا الحنيف من خلل الزواج
ة
ج ،والترويج لحيا ِ كما انتشرت ظاهرةُ العزوف عن الزوا ِ
ن الزواج ،ربما لضيق ذات اليدِ العزوبية ؛ فضل عن ظاهرة تأخر س ّ
ل التعليم ِ ،أو هروبا من المسئولية ،وانفلتا ل مراح ِ ة إكما ِ ،أو بحج ِ
ة
ه السامق ِ ج ومكانت ِ ة الزوا ِ
ة عن أهمي ِ من التبعات ،أو بسبب الغفل ِ
ر شبابنا وفتياتنا ة إلى تذكي ِ ومعانيه السامية ،من هنا دعت الحاج ُ
ه
م ِحك َ ِج ،وتوعيِتهم ب ِ ِ وتزويدهم بالفهم الصحيح لمعاني الزوا ِ
ة وثمراته اليانعة . ه الرائع ِ
صد ِ ِ
ومقا ِ
ة بصورةٍ أو بأخرى إلى أولياء المور ، وأملي أن تصل هذ ه الرسال ُ
غبوا فيه ،ويبذلوا جهدهم في كي يساهموا في تيسير الزواج ،وير ّ
ة العقبات التي تقف في طريق الزواج تذليل الصعاب وإزاح ِ
وللقرآن الكريم وهو المصدر الول والساسي من مصادر التشريع
ك رشيد ٌ في بناء السرة المسلمة وترسيخ ج فريد ٌ ومسل ٌ
منه ٌ
ن الله تعالى من خلل هذ ه الدراسة : دعائمها ،ولسوف نسعى بعو ِ
" مباهج الزواج في ضوء البيان القرآني " إلى إبراِز أول معلم ٍ من
م البناُء بعون
ل أن يت ّ
ة من لبناتها ،على أم ٍ
معالمها ،ووضِع أول لبن ٍ
الله وتوفيقه وتسديد ه .
ة :على مقدمة وخمسة عشر مبحثا وخاتمة ،
وهذ ه الدراسة قائم ٌ
وذلك على النحو التالي :
- 13وللزواج العرفي صور متعددة منها أن يستوفي كل أركان العقد دون أن
يوثق في الجهات الرسمية مما يهدد مستقبل السرة التي ينبني عليها هذا
الزواج ،ويضيع حقوق المرأة ،ومنه ما يتم بدون الولي ،وقد فصلت القول
،وقد شاع في اشتراط الولي في كتابي المرأة في القصص القرآني /
إطلق الزواج العرفي على ما يقع بين بعض الطلبة بالجامعات التي تئن من
بط من عقدٍ بحضور شاهدين وبدون ولي ول إشهار ثم يقضي الشا ّ الختل ِ
وطَر ه من الفتاة في السّر ،ولقد سمعنا عن بعض الذئاب البشرية ممن
يعقد على أكثر من أربع فتيات في وقت واحد يعاشرهن معاشرة الزوجات
ة .ة لحرم ٍ
ش دون مراعا ٍ
ش إلى فرا ٍ
فيتنقل من فرا ٍ
162
- 163مباهج الزواج في ضوء البيان القرآني
و الخلق .
ج وسم ّ
.9الّزَوا ُ ة.
ة رباني ٌ
شْرع َ ٌ
ج ِ
.1الّزَوا ُ
ة.
ة إلهي ٌ
ج نعم ٌ
.2الّزَوا ُ
ق إلى
ج طري ٌ
.10الّزَوا ُ ة.
ة فطري ٌ
ج سن ٌ
.3الّزَوا ُ
الكمال .
ج.
ن الفر ِ
ج وتحصي ُ
.4الّزَوا ُ
ق غلي ٌ
ظ. ج ميثا ٌ
.11الّزَوا ُ
ض
ة العرا ِ
ج وحماي ُ
.5الّزَوا ُ
ة.
ج مودةٌ ورحم ٌ
.12الّزَوا ُ .
ن
ن وتضام ٌ
ج تعاو ٌ
.13الّزَوا ُ ل.
ة للنس ِ
ج حماي ٌ
.6الّزَوا ُ
.
ل.
ة للما ِ
ج حماي ٌ
.7الّزَوا ُ
ة حدودِ
ج وإقام ُ
.14الّزَوا ُ
الله ف
ج وإشباعُ العواط ِ
.8الّزَوا ُ
ة.
النساني ِ
ج :من أعظم ِ .15الّزَوا ُ
دنيا
ت ال ّحسنا ِ
ة على هذا ة في هذا البناِء المحكم وشمع ٌ وهذا البحث ما هو إل لبن ٌ
ط من خلله الضوَء على البيان القرآني سوي ،نسل ّ ُ
ق ال ّ
الطري ِ
ة.ة الحكيم ِ شرع ِ ة العظيمة وتل َ
ك ال ّ لمباهج الزواج ،هذ ه الي ِ
ل.
والله الموفق وهو الهادي إلى سواء السبي ِ
كتبه /أحمد محمد الشرقاوي سالم
القصيم -عنيزة Sharkawe2000@yahoo.com
163
مباهج الزواج
في ضوء البيان القرآني
-1-
ة.
ة رباني ٌ
ع ٌ
شْر َ
ج ِ
الزوا ُ
ه تعالى ،وهو العليم بما يصلح عباد ه فى
ه الل ُ
شَرعَ َُ
عاجلهم وآجلهم ،فى معاشهم ومعادهم ،العليم بطبيعة
م
النفس البشرية وحاجاتها الساسية وميولها الفطرية ،العلي ُ
ل
ة المجتمِع المسلم إلى الطهر والعفاف والتناس ِ بحاج ِ
ق الشرعي : والتكاثر بالطري ِ
ﭣ ﭔ ﭕﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭧﭨﭽﭑﭒﭓ
ﭼ
] الملك[ ١٤ ،١٣ :
155
مباهج الزواج
في ضوء البيان القرآني
كما ً
ح َ
وقال تعالى في سكورة النساء بعهد أن بّين لنا ِ
ة على ة ،والمحافظ ِة وأحكاما ً قويمة تتعلق ببناء السر ِ
بالغَ ً
ترابطها وتماسكها :ﭽ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﭑ ﭒ ﭓ
] النساء٢٦ : ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭼ ﭔﭕﭖﭗﭘ
– [٢٨
156
مباهج الزواج
في ضوء البيان القرآني
فدعا الله إلي اتباع شريعته ،ونبذ غيرها من النظم
الوضعية التي يعتريها الخلل وتعييها العلل ،والتي ل تصدر إل
عن جهلء ،فهي مجرد أهواء ،وأصحابها ضعفاء ،ل يملكون
لنفسهم ول يملكون لغيرهم نفعا ً ول ضرا ً ،هذا فضل عن
انخراطهم في سلك الظالمين الضالين المضلين.
وهذ ه القوانين البشرية ل اعتبار فيها للقيم والخلق ،ول
تحتكم إلى الدين ،ول تبالي كثيرا ً بيقظة الضمير ،ول تهتم
بسمو الرواح ول تقصد إلى تزكية النفوس وشحذ الهمم ،
وإنما هي خليط من القوانين الجوفاء الصماء القاصرة الجائرة
،التي ربما وضعت لمصلحة طائفة معينة من الناس ،لذا
وصفها الله عز وجل في كتابه الكريم بأنها أهواء صادرة عن
الظلمة الجهلء ،ودعا عز وجل إلى نبذها والعراض عنها
واتباع شريعته تعالى فهي سبيل السعادة وطريق النجاة في
الدارين :فهي أهواء صادرة عن جهلء ولو كانوا يعقلون
لحتكموا إلى شرعة رب العالمين ،ولكن الهوى أعماهم
والمصالح العاجلة شغلتهم ،فظلموا أنفسهم وظلموا غيرهم
ة لشريعة الرحمن حين وضعوا لهم قوانين قاصرةً جائرةً مخالف ً
.
م عادل
م فإنه نظام شامل وتشريع كامل ،وحك ٌ أما السل ُ
عي الفطرة النسانية ،ويحقق التوازن بين ج واقعي ،ي َُرا ِ
ومنه ٌ
مصالح الفرد والسرة والمجتمع ،دين العدل والنصاف ،دين
الطهر والعفاف ،دين العزة والكرامة ،دين التقى والستقامة
ن يعلن عن نفسه من خلل دعوته الصادقة ،وعقيدته ،دي ٌ
الخالصة ،وشريعِته الغّراء ،وأخلقه الكريمة وآدابه الطيبة ،
ومصدر ه الصافي الوافي :كتاب الله وسنة نبّيه .
قال ابن تيمية رحمه الله " :جاءت هذ ه الشريعة لتحصيل
المصالح وتكميلها ،وتقليل المفاسد وتعطيلها " ).(15
157
مباهج الزواج
في ضوء البيان القرآني
سهاوقال ابن القيم رحمه الله " :إن الشريعة مبناها وأسا َ
حك َم ِ ومصالِح العباد في المعاش والمعاد ،وهي عد ٌ
ل على ال ِ
ل الله بينة عد ُة كّلها ...والشريع ُ
ة كّلها ،وحكم ٌ
كّلها ،ورحم ٌ
ضه ،وحكمُته الدالة عباد ه ،ورحمُته بين خلقه ،وظّله في أر ِ
ة وأصدقََها " . (16) . عليه ،وعلى صدق رسوله أت ّ
م دلل ٍ
وقال صاحب الظلل ":إنها شريعة واحدة هي التي تستحق
هذا الوصف ،وما عداها أهواء منبعها الجهل .وعلى صاحب
الدعوة أن يتبع الشريعة وحدها ،ويدع الهواء كلها .وعليه أل
ينحرف عن شيء من الشريعة إلى شيء من الهواء .
فأصحاب هذ ه الهواء أعجز من أن يغنوا عنه من الله صاحب
ب عليه فبعضهم ولي لبعض ،وهم يتساندون الشريعة .وهم إل ٌ
فيما بينهم ضد صاحب الشريعة فل يجوز أن يأمل في بعضهم
نصرة له أو جنوحا ً عن الهوى الذي يربط بينهم برباطه .
ولكنهم أضعف من أن يؤذو ه .والله ولي المتقين .وأين ولية
ضهم بعضا ً ؛ من ل يتولى بع ُ ل مهازي ُ جّها ٌ ف ُ
من ولية؟ وأين ضعا ٌ
)(17
. ه ولي المتقين ؟ " صاحب شريعة يتول ه الل ُ
ة
ة ،وإرواًء للرغب ِ ة لنداِء الفطر ِ ج :تلبي ًم الزوا َ ولقد شرع السل ُ
ة التيحة ،وإشباعا لتلك الغريزة النسانية ،وبناًء للسر ِ المل ّ
ة في بنائه . ة أساسي ً تعد ّ نواةً في نسيِج المجتمع ،ولبن ً
م ،له قواعد ه ج قوي ٌ م ،ومنه ٌع حكي ٌ والزواج في السلم تشري ٌ
المتينة وأسسه الحصينة ،ومقاصد ه الحكيمة وآدابه السامية
ة.
الكريم ُ
ة ،كما تلتقي
ة المرأ ِ
ل مع رغب ِة الرج ِ
وفي الزواِج تلتقي رغب ُ
ة والمجتمِع المسلم ِ . ع مصالِح السر ِ ح الفردِ م َ
مصال ُ
-2-
ة.
ة إلهي ٌ
ج نعم ٌ
الزوا ُ
158
مباهج الزواج
في ضوء البيان القرآني
م الت أنعم ب ا
عا ِ
ن ِمَ
ل الِّ
ة من أجِّ
ة إلةي ٌ
الزواج نعم ٌ
اللول على النس انةية :
ﭽﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇ قال تعالى في سورة النحل ) سورة الن َّعم (
ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏﰐ ﰑ ﰒ ﰓ ﰔ ﰕ ﰖ ﰗ ﭼ ] سورة النحل [72
م مع سائر النعم فأخبر تعالى عن هذ ه النعمة التي تنتظ ُ
ة دائمة ة في هذ ه السورة الكريمة ،والمؤمن في حاج ٍ الوارد ِ
إلى تذكر نعم ربه عليه واستحضارها في قلبه شكرا وامتنانا
كرا وتدّبرا في وعلى لسانه حمدا وعرفانا ،وفي عقله تف ّ
ق وبديع صنعه ودقائق لطفه وواسع فضله . ة الخال ِ عظم ِ
فالزوجة من جنس الزوج ليتحقق التآلف والوئام ،ويدوم
م وهذا من تمام نعمته تعالى ،وهذا م النسجا ُ ل ويت ّ الوص ُ
ي هو الطريق إلى الذرّية ومن ي والبناُء الحيو ّ ج الشرع ّ الزوا ُ
ت.مط ّرِدِ من الطيبا ِ ق ال ُ ة النعام إمداد ُ العبادِ بالرز ِ تتم ِ
قال ابن عاشور " :الوصف بالزوج يؤذن بملزمته لخر ،فلذا
ص
ة الرجل ،وهذ ه نعمة اخت ّ مي بالزوج قرين المرأة وقرين ُ س ّ
ه على نظام جب َل َ ُ
بها النسان ،إذ ألهمه الله جعل قرين له و َ
محان له بإهمال زوجه كما ُتهمل محّبة وغيرة ل يس َ
. )(18
ها " كورِ َ ف إناُثها عن ذ ُ ُ ت ِإناَثها وتنصر ُ العجماوا ُ
وقال الشيخ السعدي " :يخبر تعالى عن من ِّته العظيمة على
عباد ه ،حيث جعل لهم أزواجا ليسكنوا إليها ،وجعل لهم من
أزواجهم أولدا تقّر بهم أعينهم ويخدمونهم ،ويقضون
حوائجهم ،وينتفعون بهم من وجو ه كثيرة ،ورزقهم من
الطيبات من جميع المآكل والمشارب ،والنعم الظاهرة التي
ل يقدر العباد أن يحصوها.
َ
ن أي :أيؤمنون فُرو َ م ي َك ْ ُه هُ ْة الل ّ ِ
م ِ
ن وَب ِن ِعْ َ ل ي ُؤْ ِ
مُنو َ أفَِبال َْباط ِ ِ
بالباطل الذي لم يكن شيئا مذكورا ثم أوجد ه الله وليس له
من وجود ه سوى العدم فل تخلق ول ترزق ول تدبر من المر
159
مباهج الزواج
في ضوء البيان القرآني
شيئا ،وهذا عام لكل ما عبد من دون الله فإنها باطلة فكيف
يتخذها المشركون من دون الله؟!!
ن ( يجحدونها ويستعينون بها على م ي َك ْ ُ
فُرو َ ة الل ّ ِ
ه هُ ْ م ِ
) وَب ِن ِعْ َ
معاصي الله والكفر به ،هل هذا إل من أظلم الظلم وأفجر
)(19
الفجور وأسفه السفه؟ "
فالزواج نعمة من الله ،وآية واضحة جلّية تدل على
كمال قدرته تعالى ن ومن تمام هذ ه النعمة وكمالها أن يرزق
ة تعيُنه على طاعة الله فتسعِد ُ هُ فى دنيا ه ة صالح ً المؤمن زوج ً
ه أخرا ه . وُتهنئ ُ
َ
ه ل الل ّ ِ سو َ ن َر ُ رو رضي الله عنهما أ ّ ٍ م
ن عَ ْ ِ ه بْن عَب ْدِ الل ّ ِ عَ ْ
َ
ة ( ).(20 ح ُ صال ِ َ مْرأةُ ال ّ مَتاِع الد ّن َْيا ال ْ َ خي ُْر َمَتاعٌ وَ َ ل ) :الد ّن َْيا َ َقا َ
مْرأ َةُح ال ْ َ ل ) :ت ُن ْك َ ُ ي َ قا َ ن الن ّب ِ ّن أِبي هَُري َْرةَ عَ ِ
وعَ َ
ْ
ن فْر ب ِ َ ْ َ َ
دي ِ ت ال ّ ذا ِ دين َِها فاظ َ مال َِها ،وَل ِ ِ ج َ سب َِها ،وَل ِ َح َمال َِها ،وَل ِ َ لْرب ٍَع :ل ِ َ
ك ( ).(21 دا َ ت يَ َ ت َرِب َ ْ
والزوجة الصالحهة من أعظم حسنات الدنيا وخير متاعها ،
ل َرب َّنا آت َِنا قو ُ من ي َ ُ من ُْهم ّ يقول المولى فى سورة البقرة وِ ِ
ب الّناِر ] البقرة ة وَقَِنا عَ َ
ذا َ سن َ ً
ح َ ة َ خَر ِ ة وَِفي ال ِ سن َ ً ح َ ِفي الد ّن َْيا َ
. [ 201:
ولقد ذكر المفسرون أن من أعظم حسنات الدنيا :
الزوجة الصالحة ).(22
-روا ه المام مسلم فى صحيحه عن عبد الله بن عمرو ك الرضاع باب استحباب 20
نكاح البكر صحيح مسلم بشرح النووى 10/56وروا ه البيهقى فى السنن ك النكاح
باب استحباب التزويج بذات الدين .7/80
-الحديث روا ه البخارى فى صحيحه عن أبى هريرة ك النكاح باب الكفاء فى 21
160
مباهج الزواج
في ضوء البيان القرآني
فعلى المؤمنين البرار المحسنين الخيار :أن يحسنوا
ة
الختيار ،وأن يحسنوا العشرة ؛ حتى تكون حياُتهم الزوجي ُ
ة
ة ،آمن ًة مرضي ً ة ،راضي ً ة هانئ ً
ة ،هادئ ً
ة كريم ًحياةً طيب ً
ح
ن ،وتطم ُ سّر بها العيو ُ
ة ،سعيدةً ورغيدةً ،تقّر لها وت ُ َ مطمئن ً
س .إليها النفو ُ
ن :قال تعالى فى سورة الفرقان ﭽ ﮣ ﮤ فإن بالزواِج تقّر العيو ُ
ﮥ ﭑ ﭑ ﭑ ﭑ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﭑ ﭑ ﮰ ﭼ ] الفرقان . [ 74 :
ل وبه تقّر ب الحوا ِ ق إلى صلِح البال وطي ِ ج طري ٌ فالزوا ُ
ة التي تسّر ه إن ة الناصح ِ ح بالصالح ِ ق الصال ُ العيون حين يرز ُ
محّياها . ق ُ ح ل ُيفار ُ نظر إليها ،فالبشُر والسما ُ
قو ُ ه َ َ ُ عَ َ
فاد َست َ َ ما ا ْ ل) َ ن يَ ُ كا َ ي أن ّ ُ ن الن ّب ِ ّة عَ ْ م َ ما َ ن أِبي أ َ ْ
َ َ ّ
ها مَر َ نأ َ ة إِ ْ ح ٍ صال ِ َ
ة َ ج ٍ ن َزوْ َ م ْ ه ِ خي ًْرا ل ُ ه َوى الل ِ ق َ ن ب َعْد َ ت َ ْ مؤ ْ ِ
م ُ ال ْ ُ
َ طاعَته وإن نظ َر إل َيها سرته وإ َ َ
ب
غا َن َ ه وَإ ِ ْ م عَل َي َْها أب َّرت ْ ُ س َ ن أقْ َ أ َ ْ ُ َِ ْ َ َ ِ َْ َ ّ ْ ُ َِ ْ
)(23
ه( مال ِ ِسَها وَ َ ف ِ
ه ِفي ن َ ْ حت ْ ُ ص َ
عَن َْها ن َ َ
قال المام أبو السعود " :ﮣ ﮤ ﮥ ﭑ ﭑ ﭑ ﭑ ﮪ ﮫ ﮬ
ن إذا ساعد ه ن المؤم َ ل ،فإ ّ ة وحيازة الفضائ ِ طاع ِ بتوفيقهم لل ّ
ل ،وشاركو ه فيها ُيسّر بهم قلُبه ة الله عّز وج ّ أهُله في طاع ِ
د ه من مشايعتهم له في مناهِج وتقّر بهم عيُنه ؛ لما يشاه ُ
ن ،وتوقِّع لحوِقهم به في الجّنة ،حسبما وعد بقوله دي ِ ال ّ
)(24
تعالى :ﮋﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔ ﮕﮖﮗﮘﮙﮊ ]الطور" [21 :
- 23روا ه ابن ماجة في السنن سنن ابن ماجهَ .باب أفضل النساء .حديث 1857
وقال البوصيري ِفي الَزواِئد :في إسناد ه علي ْبن يزيد ،قال البخاري :منكر الحديث.
وعثمان ْبن أبي العاتكة ،مختلف فيه .والحديث روا ه النسائي من حديث أبي هَُري َْرة،
وسكت عليه .وله شاهد من حديث ع َْبد الّله ْبن عمر ،قلت هو حسن بشواهد ه فعن
عل َي ْ ِ
ه ه َصّلى الل ّ ُ ه َ ل الل ّ ِ سو ِ ل ل َِر ُ قي َل ِقا َ ة َ
هَري َْر َ ن أ َِبي ُ ع ْي َ ر ّ قب ُ ِ م ْ د ال ْ َ عي ٍ
س ِ
َ
ه فُ ِ ل خا
َ ُ ت ل َ و ر مَ أ َ
ذا إ ه ع طي ُ تو رَ ظ َ ن َ
ذا إ هر س َ ت تيِ ّ ل )ا َ
ل قا َ ر ي خ
َ ِ ءسا ّ ن ال ي وسل ّم أ َ
ُ َ َ َ َ َ ِ ُ ُ ِ ُ ّ ُ ِ ْ ٌ َ ّ َ َ َ
ه ( روا ه النسائي في السنن كتهاب النكهاح .باب أي ما ي َك َْر ُ
ها ب ِ َ مال ِ َ و َ
ها َ س َ ف ِ في ن َ ْ ِ
النساء خير .حديث ، 3222وروا ه المام أحمد في المسند أحمد حديث ، 7114و
الحاكم في المستدرك ) ( 161 / 2قال الحاكم " :صحيح على شرط مسلم " .و
وافقه الذهبي .وروا ه البيهقي في شعب اليمان حديث 8478والحديث بشاهد ه
حسن .
- 24إرشاد العقل السليم لبي السعود 125 / 5
161
مباهج الزواج
في ضوء البيان القرآني
وقال المام الخازن " :قيل :ليس شيء أقّر لعين المؤمن
من أن يرى زوجته ،وأولد ه مطيعين لله عز وجل ،فيطمع
أن يحّلوا معه في الجنة فيت ّ
)(25
م سرور ه ،وتقّر عيُنه بذلك "
ن ولن يستريح البال إل إذا كانت الزوجة فلن تقر العي ُ
صالحة ،وصلح عباد الرحمن وزوجاتهم يترتب عليه بإذن الله
صلح الذرية ،وإذا كان البيت صالحا ً والحياة طيبة كان ذلك
عونا على طاعة الله وحافزا للتسابق إلى فعل الخيرات ،
ن ويسيَر فى مقدمت ِِهم 0 م المتقي َ
ن مقا َ
حتى يبلغ المؤم ُ
وقد قيل :
ة الولدِ ه على العبادِ كثيرةٌ ...وأجل ّهُ ّ
ن نجاب ُ م الل ِ
ن ِعَ ُ
يقول صاحب الظلل 000 " :وهذا هو الشعور الفطرى
اليمانى العميق شعور الرغبة فى مضاعفة السالكين فى
الدرب إلى الله ،وفى أولهم الذرية والزواج ،فهم أقرب
الناس تبعة وهم أول أمانة يسأل عنها الرجال ،والرغبة كذلك
م به الراغبون فى ْ
س المؤمن أنه قدوة للخير ،ي ُأت َ ّ فى أن يح ّ
الله ،وليس فى هذا من أثرة ول استعلء ؛ فالركب كله فى
الطريق إلى الله " ).(26
من به حياة الروح ، وقال المام القشيري " :قرة العين َ
ق الله قائما ً ،ويقال قرة العين
وإنما يكون كذلك إذا كان بح ّ
من كان لطاعة ربه معانقا ً ،ولمخالفة أمر ه مفارقا ً .
دع .
قَتدى به ول ي َب ْت َ ِ
ن يُ ْ
م ْ ﮭ ﭑ ﭑ المام َ
ويقال إن الله مدح أقواما ً ذكروا رتبة المامة فسألوها بنوع
ة بالدعاء ل بالدعوى
دعوا فيها اختيارهم؛ فالمام ُ تضرع ،ولم ي ّ
)(27
،فقالوا :ﮭ ﭑ ﭑ "
ن الموحدين وتبتهج
فبالزوجة الصالحة والذرية الطيبة تقّر عيو ُ
سهم في دنياهم وأخراهم . نفو ُ
-لباب التأويل للخازن 41 / 5 25
162
مباهج الزواج
في ضوء البيان القرآني
-3-
ة.
ة فطري ٌ
ج سن ٌ
الزوا ُ
م من معالم الوسطية يلئم الفطرةوالزواج سنة فطرية ومعل ٌ
النسانية التى خلق الله الناس عليها وشرع لهم من الدين ما
يناسبها .
ﯗﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞﯟ ﯠ ﯡ الروم ﭽ ﯔ ﯕ ﯖ قال تعالى فى سورة
[ 30 ﯫ ﯬ ﯭ ﭼ ] الروم ﯢ ﯣﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ
ويقول صاحب الظلل في تفسير هذ ه الية الكريمة "00
وبهذا يربط بين فطرة النفس البشرية وطبيعة هذا الدين ،
وكلهما من صنع الله ،وكلهما موافق لناموس الوجود ،
وكلهما متناسق مع الخر في طبيعته واتجاهه ،والله الذي
خلق القلب البشري هو الذي أنزل إليه هذا الدين ليحكمه
ومه من النحراف ،وهو ب له من المرض ويق ّ ويصّرفه ويط ّ
أعلم بمن خلق وهو اللطيف الخبير ،والفطرة ثابتة والدين
ثابت ،ول تبديل لخلق الله ،فإذا انحرفت النفوس عن
ن المتناسق مع الفطرة ، الفطرة لم يرّدها إليها إل هذا الدي ُ
)(28
فطرة البشر وفطرة الوجود " .
والزواج هو السياج الذي ربط بين أبينا آدم وأمنا حواء ،
وفى ظلله نشأت السرة النسانية الولى في التاريخ التي
امتدت وتفرعت حتى ملت أقطار الرض .
ﭡﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭧﭨﭽﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛ ﭜﭝﭞﭟﭠ
ﭭ ﭮ ﭯ ﭼ ] النساء[ ١ : ﭨﭩ ﭪ ﭫ ﭬ
س الواحدة هي نفس أبينا آدم ، وزوجها :أمنا حواء ،والنف ُ
ومنهما كانت الذرية .
عون إلي كبت الشهوات والذين يرغبون عن الزواج ويد ُ
وقهرها باسم " الرهبانية" إنما يخالفون شرعة الله وينكبون
عن فطرته تعالى.
- 28في ظلل القرآن 5/2767
163
مباهج الزواج
في ضوء البيان القرآني
فالسلم دين الوسطية والعتدال ،ل إفراط ول تفريط ل
ك قال َ
مال ِ ٍ ن َ س َب ْ ِ و ول َتقصير :عن أن َ ِ تشدد ول تراٍخ ،ل غل ّ
ة
عَباد َ ِ ن ِ ن عَ ْ سأُلو َ ي يَ ْ ت أْزَواِج الن ّب ِ ّ ط إ َِلى ب ُُيو ِ ة َرهْ ٍ جاَء ث ََلث َ ُ " َ
َ قا ُ َ ُ
ن
م ْ ن ِ ح ُ ن نَ ْلوا وَأي ْ َ ها فَ َ قاّلو َ م تَ َ خب ُِروا ك َأن ّهُ ْ ما أ ْ ي ، فَل َ ّ الن ّب ِ ّ
َ َ
م
حد ُهُ ْ لأ َ خَر َ ،قا َ ما ت َأ ّ ه وَ َ ن ذ َن ْب ِ ِ م ْم ِ قد ّ َ ما ت َ َ ه َ فَر ل َ ُ ي قَد ْ غُ ِ الن ّب ِ ّ
ُ
م الد ّهَْر وََل أفْط ُِر َ َ دا وََقا َ َ صّلي الل ّي ْ َ ُ أَ َ
صو ُ خُر أَنا أ ُ لآ َ ل أب َ ً ما أَنا فَإ ِّني أ َ ّ
هّ َ َ َ َ َ
ل الل ِ سو ُ جاَء َر ُ دا ،فَ َ ج أب َ ً ساَء فَل أت ََزوّ ُ ل الن ّ َ خُر أَنا أعْت َزِ ُ لآ َ وََقا َ
َ َ
ه إ ِّني ما َوالل ّ ِ ذا ؟ أ َ ذا وَك َ َ م كَ َ ن قُل ْت ُ ْ ذي َ م ال ّ ِ ل ) أن ْت ُ ْ قا َ م فَ َ إ ِل َي ْهِ ْ
َ ُ ُ َ ه وَأ َت ْ َ َل َ ْ
صّلي وَأْرقُد ُ م وَأفْط ُِر وَأ َ صو ُ ه ل َك ِّني أ ُ م لَ ُ قاك ُ ْ م ل ِل ّ ِ شاك ُ ْ خ َ
َ
مّني ( " ).(29 س ِ سن ِّتي فَل َي ْ َ ن ُ ب عَ ْ ن َرِغ َ م ْ ساَء فَ َ ج الن ّ َ وَأت ََزوّ ُ
والذين يرغبون عن الزواج باسم الرهبانية ،إنما يعدلون إلي
إرواء الشهوات بالرتماء في مستنقعات الرذيلة ،والتمرغ في
أوحالها باسم الرهبانية ،وآخرون يرغبون عنه باسم التحرر
من قيود السرة :هؤلء ليسوا أعداء للزواج فحسب ،وإنما
هم أعداٌء للفطرة ،أعداٌء للحرية أعداٌء للفضيلة ،ودعاةٌ
ة. ف والرذيل ِ للتخل ِ
-روا ه البخارى فى صحيحه واللفظ له عن أنس بن مالك ،كتاب النكاح باب 29
164
مباهج الزواج
في ضوء البيان القرآني
-4-
الزواج مودة ورحمة
لقد أنعم الله علينا وأحسن إلينا إذ شرع الزواج ،ولطف
بنا إذ جعل الزواج من جنس واحد حتى تتحقق اللفة
والمجانسة والمتعة والمؤانسة ،والسكينة والطمأنينة ،
والمودة والرحمة ،لن الجنس إلى الجنس أميل وأدعى
لللفة ،فكل إلف يلوذ بأليفه ويسكن إليه .
ﭽﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕ قال تعالى فى سورة الروم
] الروم[٢١ : ﮖﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﭼ
فمن دلئل قدرته وتمام نعمته وآثار حكمته ورحمته :أن جعل
لكم أي من أجلكم أزواجا أي بالزواج الشرعي يقترن الرجل
بالمرأة ويعاشرها ) ،ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ( " 000ولو أنه
تعالى جعل بنى آدم كلهم ذكورا وجعل إناثهم من جنس آخر
غير جنسهم لما حصل هذا الئتلف بينهم وبين الزواج بل
كانت تحصل لهم نفرة لو كانت الزواج من غير الجنس ،ثم
من تمام رحمته ببنى آدم أن جعل أزواجهم من جنسهم "
).(30
قال ابن عاشور " :وهي آية تنطوي على عدة آيات منها :
جعل تناسله بالتزاوج جعل للنسان ناموس التناسل ،وأن ُ أن ُ
ولم يجعله كتناسل النبات من نفسه ،وأن جعل أزواج
النسان من صنفه ولم يجعلها من صنف آخر لن التأنس ل
يحصل بصنف مخالف ،وأن جعل في ذلك التزاوج أنسا ً بين
الزوجين ولم يجعله تزاوجا ً عنيفا ً أو مهلكا ً كتزاوج الضفادع ،
وأن جعل بين كل زوجين مودة ومحبة فالزوجان يكونان من
قبل التزاوج متجاهلين فيصبحان بعد التزاوج متحابين ،وأن
جعل بينهما رحمة فهما قبل التزاوج ل عاطفة بينهما
)(31
. فيصبحان بعد ه متراحمين كرحمة البوة والمومة "
- 30تفسير القرآن العظيم للمام ابن كثير 3/429باختصار
- 31التحرير والتنوير لبن عاشور 57 / 11
165
مباهج الزواج
في ضوء البيان القرآني
ن
ﮑ ﮒ : أي لتميلوا إليها ،وتأنسوا بها ،فالزواج سك ٌ
ن وطمأنينة . وسكينة ،وسكو ٌ
دي بحرف ) إلى ( ،أو معنى من ﮑ معنى لتميلوا فعُ ّ
وض ّ
تخلدوا إليها ،أو معنى تفضوا إليها .
)ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ( :قال مجاهد والحسن وعكرمة :المودة :
النكاح ،والرحمة :الولد ،كنى بذلك عنهما .وقيل :موّدة
للشابة ،ورحمة للعجوز .وقيل :مودة للكبير ،ورحمة
للصغير .
وقال الشوكاني ) " :ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ( أي ودادا ً وتراحما ً بسبب
عصمة النكاح ،يعطف به بعضكم على بعض من غير أن
يكون بينكم قبل ذلك معرفة ،فضل ً عن موّدة ورحمة ،وقال
مجاهد :الموّدة :الجماع ،والرحمة الولد ،وبه قال الحسن .
ي :الموّدة :المحبة ،والرحمة :الشفقة .وقيل :وقال السد ّ
ب الرجل امرأته ،والرحمة رحمته إياها من أن الموّدة ح ّ
)(32
. يصيبها بسوء " .
وكل هذ ه المعاني محتملة ومقصودة من وراء الزواج ،
فالزواج ينشئ المودة والرحمة بين الزوجين ،وحتى وإن لم
يكن بينهما سابق معرفة ،والمودة والرحمة نعمتان عظيمتان ،
وعطيتان كريمتان من المنعم الوهاب ،أودعهما في قلوب من
يشاء من عباد ه ،وهما عنصران متبادلن بين الزوجين اللذين
ة
م ً
ح َ
موَد ّةً وََر ْ ل ب َي ْن َ ُ
كم ّ جع َ َ
يتواّدان ويتراحمان ،لذا قال تعالى وَ َ
،أما السكينة فإنها تكون من المرأة لزوجها الذي يفيئ إلي
ة والحنان ،فيحيا ظلها ويجد فيها السكينة والطمئنان والعاطف َ
الزوجان معا حياة هادئة هانئة طيبة كريمة ،سعيدة رغيدة ،
آمنة مطمئنة ،راضية مرضية.
ت
ثم بين عز وجل أن هذ ه الية الكبرى تنطوي على آيا ٍ
عديدة ودلئل متنوعة ،ل يعقلها ول يعيها إل من يتفكر في
166
مباهج الزواج
في ضوء البيان القرآني
ه ،وعجائب تصريفه :قال
روائع هذا الكون ودقائق صنعِ ِ
تعالى ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ .
فالزواج آية إلهية تدل على كمال قدرة الله ورحمته ،
وحكمته ونعمته.
والتزاوج :آية كونية قال الحق تبارك وتعالى فى سورة
الذاريات ﮋﯻﯼ ﯽﯾﯿﰀﰁﰂﮊ الذاريات٤٩ :
ﭧﭨ والزواج سنة إنسانية :قال فى سورة الفرقان
] الفرقان٥٤ : ﭽ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﭼ
[
ن من نطفة قال ابن كثير رحمه الله " :أي :خلق النسا َ
دله ،وجعله كامل الخلقة ،ذكرا ً أو أنثى ، ضعيفة ،فسوا ه وعَ ّ
كما يشاء ،ﯲ ﯳ ﯴ ، فهو في ابتداء أمر ه ولد نسيب ،ثم يتزوج
فيصير صهرًا ،ثم يصير له أصهار وأختان وقرابات .وكل ذلك
ن َرب ّ َ
ك قَ ِ
ديًرا . (33) " . من ماء مهين؛ ولهذا قال :وَ َ
كا َ
ل قدرته تعالى . فالزواج من دلئ ِ
ﭧ ة نبوية :قال تعالى في سورة الرعد
والزواج سن ٌ
ﭨ ﭽ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤﮥ ﭼ ]الرعد[ ٣٨ :
167
مباهج الزواج
في ضوء البيان القرآني
ج.ن للفر ِ ج تحصي ٌ الزوا ُ
ض للبصرغب فيه لما فيه من غ ّ دعا السلم إلى الزواج ور ّ
ن للفرج ،من الفاحشة ،وما يترتب عليها من أمراض وتحصي ٍ
ة للزواِج فعليه أنن وسيل ًجنسية فتاكة ،فإذا لم يجد النسا ُ
صن بالصبر ويتحلى بالعفاف حتى يغنيه الله من فضله . يتح ّ
وتأمل معي أيها القارئ الكريم :قوَله تعالى في سورة النور
ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭼ ]النور[٣٢ :
168
مباهج الزواج
في ضوء البيان القرآني
ذي ح ال ّ ِء ،والّناك ِ ُ
دا َ
د ال َ
ري ُ ب ال ّ ِ
ذي ي ُ ِ م َ
كات َ ُ الله ،وال ُ
)(37
ف.".فا َ ع َ
د ال َ
ري ُ
يُ ِ
وعن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال :أطيعوا
الله فيما أمركم به من النكاح ،ينجز ]لكم[ ما وعدكم
من الغنى ،قال :ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟﭠ ، قال عمر :
عجبت لمن يبتغي الغنى في بغير النكاح -وقرأ هذ ه
الية .وعن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال :
)(38
التمسوا الغنى في النكاح ،وتل هذ ه الية.
ﭧﭨﮋﭥﭦﭧ ﭨﭩﭪ ﭫﭬﭭ ﭮﭯﮊ النور٣٣ :
قال عكرمة في قوله } :ﭥﭦﭧﭨﭩ{ قال :هو الرجل
يرى المرأة فكأنه يشتهي ،فإن كانت له امرأة فليذهب
إليها وليقض ) (7حاجته منها ،وإن لم يكن له امرأة
فلينظر في ملكوت السموات ]والرض[ ) (8حتى يغنيه
الله.
)(39
َ عن
د للع اجزين ق ال أبلو السعلود " :ﭥ إرش ا ٌ
حىرى بم هلو أول لم وأرْ ب ا إل م ا ُ ح وأسب اهِ نحاك اا ِ
د ئ الِّ مب ائِ
رْ ف
ء ،أي لةيجتهد فرقىرائِ
ة القُ من اكحئِ زُ ن جلواهِ د بةي اهِ ،بع ِمَ
ح أو ل ة ﭦﭧﭨﭩ أي أسب ا َ
ب نحاك ا ٍ شهلوئِع الةَّ ة وقما ِ فئِعةَّ
الئِ
ٌ
دة ع ِمَ
ل )ﭪﭫﭬﭭﭮﭯ( ئِ ينحاكح به من ال اهِ مم ا ُحاكنلون ّ يتمةَّ
فهم
ف لم ف استعف ائِ غىن ولط ٌ ل علةيهم ب الئِ تفضهِ ة ب الةَّ كىري ٌ
له تع ال أول ن فض َن بأةَّ ة لرقللوبم وإيذا ٌ وترقلوي ٌ
)(40
. ء" صلح ائِ ء وأدن من الُّ ب العف ائِ
ة لهذا المعنى ذلك ة مقررةً ومبين ً
ة النبوي ُ
ولقد جاءت السن ُ
ءةَ من ْك ُ ُ
م الَبا َ ع ِ ست َ َ
طا َ نا ْ شَر ال ّ ع َ يقول َ) يا َ
م ِ
ب َ
شَبا ِ م ْ
ه َ - با ُ
ب ل الل ّ ِ
سو ِ
-الحديث روا ه الترمذي في السنن أبواب فضائل الجهاد عن َر ُ
37
169
مباهج الزواج
في ضوء البيان القرآني
غض ل ِل ْبصر ،وأ َ فإن ّه أ َ
ن لَ ْ
م م ْ
و َ
جَ ، َ
فر ن ل ِل ْ
)ِ (41 ُ ص
َ ح
ْ َ ِ َ َ ّ َ جُ ِ َ ، فل ْي َت ََز ّ
و ْ َ
. ء(جا ٌو َ ه َ ه لَ ُ فإ ِن ّ ُمَ ، و ِ
ص ْ ه ِبال ّ عل َي ْ ِ ع َ
ف َ طي ْست َ ِ يَ ْ
فينبغي المبادرة والتعجيل بتزويج صاحب الدين وإزالة كل
العقبات التي تقف في طريق الزواج لما في ذلك من صلح
للفرد والمجتمع .
ن للجسم من المراض الوبائية الفتاكة والزواج :تحصي ٌ
ن
ة النسا ِ ة لصح ِ التي تنتج عن ممارسة الرذيلة كما أنه وقاي ٌ
ة
ت الخاطئ ُ وته من أن تستنزَفها الممارسا ُ ظ على ق ّ وحفا ٌ
ت الضاّرةُ ،وكما يقولون :الوقاية خير من العلج. والعادا ُ
ل: قا َ ه فَ َ ل الل ّ ِ سو ُ ل عَل َي َْنا َر ُ ل أ َقْب َ َ مَر َ قا َ ن عُ َ ِ ه بْن عَب ْدِ الل ّ ِ عَ ْ
َ َ
ن
هأ ْ عوذ ُ ِبالل ّ ِ ن وَأ ُ م ب ِهِ ّ س إ َِذا اب ْت ُِليت ُ ْ م ٌ خ ْ ن َ ري َ ج ِ مَها ِ شَر ال ْ ُ مع ْ َ َيا َ
حّتى ي ُعْل ُِنوا ب َِها إ ِّل ط َ ة ِفي قَوْم قَ ّ
ٍ ش ُ ح َ فا ِ م ت َظ ْهَْر ال ْ َ ن :لَ ْ كوهُ ّ ت ُد ْرِ ُ
َ َ
مسَلفِهِ ْ ت ِفي أ ْ ض ْ م َ ن َ م ت َك ُ ْ جاعُ ال ِّتي ل َ ْ ن َواْلوْ َ عو ُ طا ُ م ال ّ شا ِفيهِ ْ فَ َ
ُ
ن إ ِّل أ ِ
ن
سِني َ ذوا ِبال ّ خ ُ ميَزا َ ل َوال ْ ِ مك َْيا َ صوا ال ْ ِ ق ُ م ي َن ْ ُ وا وَل َ ْ ض ْم َ ن َ ذي َ ال ّ ِ
طان عَل َيهم ول َم يمنعوا ز َ َ
م
وال ِهِ ْ م َ كاةَ أ ْ ِْ ْ َ ْ َ ْ َُ َ سل ْ َ ِ جوِْر ال ّ ة وَ َ مُئون َ ِ ة ال ْ َ شد ّ ِ وَ ِ
مط َُروا وَل َ ْ
م م يُ ْ م لَ ْ ماِء وَل َوَْل ال ْب ََهائ ِ ُ س َ ن ال ّ م ْ قط َْر ِ من ُِعوا ال ْ َ إ ِّل ُ
ن
م ْ م عَد ُّوا ِ ه عَل َي ْهِ ْ ط الل ّ ُ سل ّ َ ه إ ِّل َ سول ِ ِ ه وَعَهْد َ َر ُ ضوا عَهْد َ الل ّ ِ ق ُ ي َن ْ ُ
َ َ َ
بم ب ِك َِتا ِ مت ُهُ ْ م أئ ِ ّ حك ُ ْ م تَ ْ ما ل َ ْ م وَ َ ديهِ ْ ما ِفي أي ْ ِ ض َ ذوا ب َعْ َ خ ُ م فَأ َ غَي ْرِهِ ْ
م( ). (42 ل الل ّ ْ ما أ َن َْز َ
م ب َي ْن َهُ ْ سهُ ْ ه ب َأ َ ُ جع َ َ ه إ ِّل َ ل الل ّ ُ م ّ خي ُّروا ِ ه وَي َت َ َ الل ّ ِ
ولقد امتدح الله عباد ه المؤمنين الذين يحفظون فروجهم عن
الحرام ،ويتحصنون بالحلل الطيب ﭧﭨﭽﭦﭧ ﭨﭩﭪ ﭫﭬﭭ ﭮﭯﭰﭱ
]المؤمنون ، ٧ – ٥ :والمعارج . [31-29 ﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭼ
- 41روا ه البخارى فى صحيحه عن عبد الله بن مسعود ك-النكاح باب قول النبى
من استطاع الباءة فليتزوج -ح 5065وروا ه مسلم فى صحيحه ك النكاح باب استحباب
الزواج لمن تاقت نفسه إليه ووجد الموؤنة صحيح مسلم بشرح النووى . 9/172
- 42روا ه ابن ماجة في السنن واللفظ له عن ابن عمر باب العقوبات .حديث 4019
وقال البوصيري في الزوائد :هذا حديث صالح للعمل به .وقد اختلفوا في ابن أبي مالك
وأبيه.وروا ه البيهقي في شعب اليمان عنه حديث ، 3163وروا ه الطبراني في الكبير
عن ابن عباس ) ،(11/45وصححه اللباني في صحيح الجامع ) ، (3242وفي صحيح
الترغيب والترهيب ).(765
170
مباهج الزواج
في ضوء البيان القرآني
وفي تكرار هذ ه اليات بلفظها في سورتين كريمتين وفي
مكرمين ماسياق الحديث عن المؤمنين المفلحين الوارثين ال ُ
ب في الزواِج فهو السبي ُ
ل إلى ظ الفرِج ،ويرغّ ُ
ة حف ِ
ُيقرُر أهمي َ
تحصين وحفظ الفرج بالحلل الطّيب .
-6-
ة العراض .
ج وحماي ُ
الزوا ُ
من المقاصد السامية التي ينشدها السلم من وراء الزواج
ة العراض ،فالسلم دين الطهر والعفاف ،والعدل ،حماي ُ
والنصاف ،والعزة والكرامة والتقى والستقامة.
ولقد جاء السلم بتشريعات حكيمة وآداب قويمة تهدف
إلي حماية العراض وصيانة الحرمات.
غب فيه لنه هو العلقة فلقد شرع السلم الزواج ور ّ
م
الشرعية التى تجمع بين الرجل والمرأة الجنبية ،وهو تكري ٌ
و وارتقاٌء بهما.
م ّ
لهما وس ُ
ط للنساب وحرم الزنا لما فيه من هتك للعراض وخل ٍ
ت كما حرم قذف المحصنات الغافلت وتعد ّ على الحرما ِ
المؤمنات ،وحرم الغيبة وغيرها من ألوان القدح والطعن
والسخرية بالخرين .
171
مباهج الزواج
في ضوء البيان القرآني
-6-
ة للنسل .
الزواج حماي ٌ
كما أن الزواج سلمة للجسم وسعادة للنفس وتحصين
للفرج وحماية للعرض وإرواء وإشباع للعواطف فهو أيضا ً
حماية للنسل ،إذ أنه الطريق الشرعي للتناسل والتكاثر 0
ﭽﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉﰊﰋﰌﰍ قال تعالى في سورة النحل
ﰎ ﰏﰐ ﰑ ﰒ ﰓ ﰔ ﰕ ﰖ ﰗ ﭼ ] النحل[ ٧٢ :
قال القشيري " :لما أراد الحق -سبحانه -بقاء الجنس هيأ َ
َّ ّ ّ
ن على
م ّ
سبب التناسب والتناسل لستيفاء مثل الصل ،ثم َ
ل بتقدير ه علىالبعض بخْلق البنين ،وابتلى قوما ً بالبنات -ك ّ
ما يشاء " ).(43
وقال ابن عاشور " :فأنعم الله على النسان بحفظ
سلسلة نسبه بسبب ضبط الحلقة الولى منها ،وهي كون
أبنائه من زوجه ثم كون أبناء أبنائه من أزواجهم ،فانضبطت
سلسلة النساب بهذا النظام المحكم البديع ..(44) " .
ل النعم وأحّبها إلى النفوس ة من أج ّ فبالزواج تتحق نعم ٌ
ة الولد ومن ورائهم الحفاد ،فيشعر النسان تلك هي نعم ُ
بالسعادة والراحة والمان ،لهذا المتداد الشرعي له ،وبتلك
ن . صلة في الوجدا ِ ة المتأ ّ العاطف ِ
ي فقال: ل إَلى الّنب َّ ج ٌ جاَء َر ُ ساٍر قالَ " : ن يَ َ لب ِ معْقِ ِ عن َ
َ َ َ َ
جَها ؟
ب وَأن َّها ل ت َل ِد ُ أفأت ََزوّ ُ س ٍ ح َ ل وَ َ ما ٍ ج َ ت َ مَرأةً َذا َ تا ْ صب ْ ُ
إ ِّني أ َ
جوا
ة فقال :ت ََزوّ ُ م أ ََتا هُ الّثال ِث َ َ ة فَن ََها هُ ،ث ُ ّ م أ ََتا هُ الّثان ِي َ َقال :ل َ ،ث ُ ّ
م " ). (45 م َكم ال ْ َ كاث ٌِر ب ِ ُ
م َ الودود ال ْوَُلود َ ،فإ ِّني ُ
172
مباهج الزواج
في ضوء البيان القرآني
والزواج أيضا هو الطريق الشرعي الطبيعي لنقل الصفات
الوراثية من الصول إلي الفروع ،لذا شرع السلم الزواج
وحرم الزنا لما فيه من هتك للعراض وتدنيس للشرف
واعتداء على الحرمات ،وكثرة اللقطاء مجهولي النسب
ج
م ،فهم ثمرةٌ للقاٍء محّرم ٍ ونتا ٌ ب ول أ ّ
حيث ل يعرف لهم أ ٌ
ل المرأةُ سفاحا حتى ة أفرغت في غير موضِعها ،لتحم َ لشهو ٍ
ص منه فته في خرقة ،وسارعت إلى الخل ِ إذا وضعت حملها ل ّ
ن
؛ فرارا من العار ،فتلقي به في جنح الظلم ،فى ميدا ٍ
معقدا ً
ّ ل مقيم ٍ ،ليلتقطه أحد ُ السابلة فينشأ م أو سبي ٍ
عا ّ
محروما ً ممقوتا موصوما بالعار الذي ل ذنب له فيه ،وإنما
الذنب على أبيه وأمه اللذين اجتمعا على حرام فكان هذا
الولد ثمرةً ل مرحبا بها بعد هذا اللقاِء الثم .
ومما ل مراء فيه :أن وضع العقبات والعراقيل أمام الزواج
س في انتشار العلقات غير الشرعية بين الرجال عام ٌ
ل رئي ٌ
ة من القيم الصيلة والنساء ،سّيما في المجتمعات المتحرر ِ
ة وتنتقل كثيٌرض الوبائي ُ
والداب الفاضلة ،حينئذ تكثر المرا ُ
ة ،فضل ً عن انخفاض نسبة المواليد كما تنبئ منها إلي الذري ِ
)(46
0 عن ذلك الحصائيات في المجتمعات الغربية
-7-
. ة للمال
الزواج حماي ٌ
فبالزواج ينتفع بالمال من يستحقه من زوجة أو ولد أو أب أو
أخت أو أخ أو غير ذلك من ذوي القربي.
- 46وعلى سبيل المثال بدأت دول أوروبا تعاني من إحصاء الولدات الجمالية في البلد
فيشير إلي أن عهدد الطفال المولودين عام 1994م بلغ 770ألف مولود أي أقل
بمقدار 29ألف مولود عن عام 1994م ،ويطلق المركز التحادي للحصاء علي
المجتمع اللماني مجتمع العجائز أو مجتمع كبار السن وهذا يؤثر سلبا ً علي الجيل العامل
الذي يدفع الضرائب لصناديق التقاعد ،ولذا لجأت ألمانيا إلي سد هذا العجز عن طريق
المهاجرين من الروس وذوي الصول اللمانية وغيرهم مهن الجانب الحاصلين علي
الجنسية اللمهانية والبالغ عهددهم 7مليون شخص -مجلة منار الهدي -ع 55ص 1418
هه ) مجلة صادرة من بيروت .
173
مباهج الزواج
في ضوء البيان القرآني
وبالزواج ينتقل المال بعد موت صاحبه إلى أقرب الناس إليه
در ه
وأكثرهم نفعا ،ولقد فرض السلم نظام المواريث وق ّ
بميزان دقيق عادل ل مجال فيه للمحاباة أو المجاملت أو
التحايل ،ولول الزواج ما كانت السرة ،ولول السرة لض ّ
ل
المال طريقه ،ووقع في يد من ل يستحقه ،وحين يضمن
النسان انتقال ماله إلى من يستحقه من ذوي قرابته فإنه
ط ويحافظ على هذا المال ،كذلك يجتهد البناء جدٍ ونشا ٍ
يعمل ب ِ ِ
في حماية مال أبيهم في حياته وفي تنميته لنهم يعرفون أنهم
الورثة الشرعيون لهذا المال .
ﭧﭨﮋﭑﭒﭓ ﭔﭕﭖﭗ ﭘﭙﭚﭛ ﭜﭝﭞﭟ ﭠ ﭡﭢﭣ ﭤﭥﮊ النساء٧ :
ة وبّين ذلكولقد شرع الله تعالى المواريث وفرض النصب َ
قا لمدى القرابة من المّيت ،فهم أولى من
في كتابه الكريم وف ً
غيرهم .
قه
ك أن حماية المال ،وضمان وصوله إلى من يستح ّ ول ش ّ
من مقاصد التشريع السلمي ،فحفظ المال من الكليات
الخمس التي جاء الشرع بحفظها .
-8-
ع العواطف النسانية .
الزواج وإشبا ُ
خلق الله النسان ،وأودع فيه من العواطف والغرائز ما
يتناسب مع فطرته ومهمته ،وأنعم عليه بالزواج ،ليروي ظمأ هَ
ُ َ
ل من معين المودة والرحمة ،ويحيا في ظلل ي ،وينه َ
العاطف ّ
وارفة من التآلف والتعاطف ،فبالزواج إشباع للعاطفة وإرواء
لغريزة من أقوى العواطف والغرائز وبالزواج يستمتع الزوجان
جسديا ً وعاطفيا بشهوة تروي الوجدان وتمتع الحواس وتطرب
القلوب وتفتح البواب لعواطف كثيرة ،تنمو وتترعرع في
ظلل الحلل الطيب الذي يحفظ للنسان كرامته وإنسانيته.
فهذ ه عاطفة البوة وعاطفة البنوة وعاطفة الخوة تلك
العواطف توثق عرى المحبة والتعاون بين أفراد السرة ،
والزواج أيضا ً هو السبيل لشباع أقوى العواطف النسانية وهي
174
مباهج الزواج
في ضوء البيان القرآني
عاطفة المومة فالم تجد سعادتها ونشوتها البالغة في الحمل
م وليدها إلىت سعادتها حين تض ّ
والوضع وإن من أروع لحظا ِ
صدرها وتغمُر ه بحنانها وتقّر عينها بقدومه فتنسى ك ّ
ل ما مّر بها
من مشقة وعناء ومخاطر وآلم.
دها : ب ول َ
م تداع ُقالت أ ّ
ح الخزامي في البلد ح الولدِ ...ري ُ يا حّبذا ري ُ
ّ
أهكذا كل ولد ...أم لم تلد ْ قبِلي أحد !!
ب معّبرا عن عاطفته نحو أبنائه وقال أ ٌ
ض
ِ الر على شي ِ تم دنا
ُ أكبا ... حنا
ُ أروا دنا
ُ أول وإنما
مض
ْ َ غال ن م
ِ َ عيني لمتنعت ... عضهم َْ ب على ح
إن هَّبت الري ُ
تلك العواطف ما كانت لتنبت وتنمو نباتا ً حسنا ونماء طبيعيا ً ،
ما كانت لتأجج وتستعر ،ما كانت لتتدفق وتنهمر :إل بالزواج
وها الطبيعي فيفهو السبيل إلي إشباِع هذ ه العواطف ونم ّ
ة الذي جاء بما ينميها ويهذبها ة السوي ّ ِ
رحاب السلم ِ دين الفطر ِ
ويرقى بها .
يقول صاحب الظلل 00 ":والناس يعرفون مشاعرهم
تجا ه الجنس الخر ،وتشغل أعصابهم ومشاعرهم تلك الصلة
بين الجنسين ،وتدفع خطاهم وتحرك نشاطهم تلك المشاعر
المختلفة النماط والتجاهات بين الرجل والمرأة ،ولكنهم قّلما
يتذكرون يد َ الله التى خلقت لهم من أنفسهم أزواجا ،وأودعت
سهم هذ ه العواطف والمشاعر ،وجعلت فى تلك الصلة نفو َ
سكنا للنفس وراحة للجسم والقلب ،واستقرارا ً للحياة
والمعاش وأنسا للرواح والضمائر واطمئنانا للرجل والمرأة
على السواء ،والتعبير القرآنى اللطيف الرقيق يصور هذ ه
العلقة تصويرا ً موحيا ً ،وكأنما يلتقط صورة من أعماق القلب
ة
م ً
ح َوَر ْ
ة َ
ودّ ًم َ
كم ّل ب َي ْن َ ُع َ
ج َ
و َ
ها َ سك ُُنوا إ ِل َي ْ َوأغوار الحس ل ِت َ ْ
ن فيدركون حكمة فك ُّرو َوم ٍ ي َت َ َ ت لّ َ
ق ْ ك َلَيا ٍ في ذَل ِ َ
ن ِ إِ ّ
ق للخر ، الخالق فى خلق كل من الجنسين على نحو مواف ٍ
ب لحاجته الفطرية :نفسية وعقلية وجسدية بحيث يجد مل ّ
عند ه الراحة والطمأنينة والستقرار ،ويجد فى اجتماعهما
السكن والكتفاء والمودة والرحمة ،لن تركيبهما النفسى
والعصبي والعضوى ملحوظ فيه تلبية رغائب كل منهما فى
175
مباهج الزواج
في ضوء البيان القرآني
الخر ،وائتلفهما فى النهاية لنشاء حياة جديدة تتمثل فى
جيل جديد . (47) ( 000
حرص السلم على إشباع هذ ه العاطفة النسانية وإروائها من
بحر الزواِج .
ل على ذلك من حديث رسول الله ) : لم ن ََر( وفي ول أد ّ
ح (. (48) . ل الن ّ َ
كا ِ مث ْ َن ِ حاّبي ِ مت َ َ رواية )لم ي َُر( )ل ِل ْ ُ
وحديث بريرة وشفاعته شفقة ورحمة بزوجها
،ورجاؤ ه أن ترجع إليه :حينما ُأعتقت فرفضت العودة
إلى زوجها مغيث فطلب النبي منها أن ترجع لزوجها
لكنها أبت واعتذرت لرسول الله بلطف :
َ
ل لَ ُ
ه دا ي َُقا ُ ن عَب ْ ً ريَرةَ َ
كا َ ج بَ ِ
ن َزوْ َ س أ ّ عَّبا ٍ ن
ن ا َب ْ ِ فع َ ِ
َ
سي ُ
ل ه تَ ِ موعُ ُ كي ،وَد ُ ُ خل َْفَها ي َب ْ ِ ف َ طو ُ ه يَ ُ ث ك َأّني أن ْظ ُُر إ ِل َي ْ ِ مِغي ٌ ُ
َ ُ َ
بج ُ س أل َ ت َعْ َ س " َيا عَّبا ُ ي ل ِعَّبا ٍ ل الن ّب ِ ّ ه ،فََقا َ حي َت ِ ِعَلى ل ِ ْ
مِغيًثا " ،فََقا َ
ل ريَرةَ ُ ض بَ ِ ن ب ُغْ ِ م ْ ريَرةَ ،وَ ِ ث بَ ِ مِغي ٍ ب ُ ح ّ ن ُ م ْ ِ
ْ
مُرِني ؟ ه ت َأ ُ ل الل ّ ِسو َ ت َيا َر ُ ه " ؟ َقال َ ْ جعْت ِ ِ و َرا َ ي " لَ ْ النب ّ
َ َ
ه. ة لي ِفي ِ ج َ حا َت لَ َ ع " َ ،قال َ ْ شَف ُ ما أَنا أ ْ ل " إ ِن ّ َ َقا َ
)(49
176
مباهج الزواج
في ضوء البيان القرآني
ة للبخاري بسند ه عنه رضي الله عنهما قال " : وفي رواي ٍ
ريَرةَ -ك َأ َّني أ َن ْظ ُُر
ج بَ ِ ن -ي َعِْنى َزوْ َ ث عَب ْد ُ ب َِنى فُل َ ٍمِغي ٌ
ك َُذا َ
)(50
كي عَل َي َْها " ة ،ي َب ْ ِ
دين َ ِ
م ِك ال ْ َ
سك َ ِ
ه ي َت ْب َعَُها في ِإ ِل َي ْ ِ
-50صحيح البخاري كتاب الطلق -باب :خيار المة تحت العبد 3/419الحديث رقم 5281،5282 :
177
مباهج الزواج
في ضوء البيان القرآني
-9-
و الخل ق .
الزواج وسم ّ
لشك أن الزواج رمز للسمو والرتقاء ،والعفة والطهارة ،
فهو شرعة ربانية ،وسنة فطرية ،وسبيل إلي السكينة
والطمأنينة والمودة والرحمة والتعاون والتضامن ،فهو منهج
غبقويم ومسلك حكيم وخلق كريم ،ولذا دعا إليه السلم ور ّ
ث على تيسير ه ،وحّرم السفاح ودعا إلي إغلق جميع فيه وح ّ
أبوابه وسد ّ منافذ ه لما فيه من ضرر جسيم وخطر عظيم
وجرم كبير وشر مستطير .
فبالزواج تسكن العواطف ،وتأنس النفوس .
بب رحي ٌ ف من ينابيع المودة والرحمة ،وبا ٌ ع صا ٍوالزواج نب ٌ
ق
ب الخل ِ ن على تهذي ِ ّ
من أبواب التفكر ،وفي هذا كله خيُر معي ٍ
ع
ب ،نب ٌة للقل ِ
ن للروِح ،سكين ٌ س ،فهو سكو ٌ
ة النف ِ ،وتزكي ِ
ض للخلق قال تعالى ﭽ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ض للرحمة ،ورو ٌ للعاطفة ،في ٌ
ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﭼ ] الروم. [ ٢١ :
-10-
ق إلى الكمال .
الزواج طري ٌ
كما أنه ل غنى بالليل عن النهار ول بالنهار عن الليل فلك ّ
ل
ه في الوجود ،ومن نعم الله علينا أن خلقهما ولو ه وأهميت ُ ُ
مهمت ُ ُ
شاء الله تعالى لجعل الدنيا كلها ليل أو نهارا ً ،وقال تعالى فى
سورة القصص ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ
ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸﭹ ﭡﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ
] القصص[ ٧٣ - ٧١ : ﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁ ﮂﮃﮄﮅﮆ ﮇﮈﮉ ﮊﭼ
ﮜﮝﮞﮟﮠ ﮘﮙﮚﮛ ﭽﮖﮗ وقال تعالى فى سورة الليل
] الليل[٤ – ١ : ﮡﮢﮣ ﮤﮥ ﭑﭼ
178
مباهج الزواج
في ضوء البيان القرآني
فكما أن الليل والنهار صنوان وشقيقان فكذلك الذكر والنثى
ل ( ). (51 جا ِ ق الّر َ قائ ِ ُش َ ساُء َ ما الن ّ َ ولقد قال ) إ ِن ّ َ
ولقد أودع الله في الرجل الميل العاطفي إلي المرأة وأودع
في المرأة الميل للرجل والحاجة إليه فالمرأة تركن إلي زوجها
ل منهما مهمته وطبيعته التي والرجل يفيئ إلي زوجته ،ولك ّ
تستقيم وتتلءم وتتواءم وتكمل الخر.
والزواج يفتح للرجل والمرأة آفاقا جديدة وأبوابا ً عديدة
ومجالت واسعة للجر والثواب ،والذي ينتج عن حسن
المعاشرة ورعاية الحقوق والصبر على الزوجة والولد ،فكما
أن الزواج تآلف وتعاطف وتلحم وتراحم وتكامل وتكافهل
ل يساهم بقدر طاقته ،ولكل وتعاون وتضامن بين الزوجين ك ّ
مهمته ووظيفته ،كما أن الزواج هو الطريق لهذا التكامل بين
الزوجين فهو الطريق إلي كمال الدين .
َ ن أ َِبي هَُري َْرةَ َ قا َ
نمِني َ م ْ
ؤ ِ ل ال ْ ُ
م ُ ه ) أك ْ َ ل الل ّ ِ سو ُ ل َر ُ ل َقا َ عَ ْ
)(52
قا ( . خل ُ ً م ُ َ
ه ْ سن ُ ُ ح َ ماًنا أ ِْإي َ
قل ًْبا َ وقال رسول الله ) ل ِيت ّ ِ َ
ساًناول ِ َ شاك ًِرا َ ، م َ حدُك ُ ْ خذْ أ َ َ
ر اْل ِ َ َ
ة( خَر ِ عَلى أ ْ
م ِ م َ حدَك ُ ْ نأ َ عي ُ ة تُ ِ من َ ً ؤ ِ م ْة ُ ج ً و َ وَهز ْ
ذاك ًِرا َ ، َ
)(53
- 51جزء من حديث روا ه المام أبو داود فى سننه عنها ك الطهارة فى الرجل يجد البلة
فى منامه حديث ، 236وروا ه المام الترمذى فى سننه عن عائشة باب الطهارة باب ما
جاء في من يستيقظ فيرى بلل حديث ، 113وروا ه الدارمى فى السنن عن أنس بن
مالك كتاب الطهارة باب فى المرأة ترى فى منامها ما يرى الرجل حديث 764و
الحديث بمجموع طرقه صحيح كما ذكر الشيخ أحمد شاكر فى تعليقه على سنن الترمذى
. 1/189
- 52الحديث روا ه الترمذى فى سننه عن عائشة رضى الله عنها كتاب اليمان باب
ماجاء فى استكمال اليمان حديث 2612وقال الترمذى حديث صحيح 000وأخرجه
المام أحمد فى مسند ه 99، 6/47وروا ه النسائى فى عشرة النساء حديث 272
- 53روا ه أحمد في مسند ه عن ثوبان - 5/282والترمذي في السنن ك تفسير القرآن
باب ومن سورة التوبة حديث 3094وقال هذا حديث حسن.
179
مباهج الزواج
في ضوء البيان القرآني
ض َ
ة( ق ٌصدَ َ م َ دك ُ ْح ِ عأ َ في َب ُ ْ ِ و ِوفى الحديث يقول َ )
ل الل ّ َ
ن لَ ُ
ه كو ُ وي َ ُ
ه َ وت َ ُ
ه َش ْ حدَُنا َ ه أَيأِتي أ َ ِ سو َ قاُلوا َ :يا َر ُ َ
َ َ َ َ
ن حَرام ٍ أ َ
كا َ في َ ها ِ ع َض َ و َ و َم لَ ْ ل ) أَرأي ْت ُ ْ قا َ جٌر ؟ َ ها أ ْ في َ ِ
ن لَ ُ
ه كا َل َ حَل ِ في ال ْ َ ها ِ ع َ ض َو َ ذا َك إِ َ فك َذَل ِ َ وْهزٌر ؟ َ ها ِفي َه ِ عل َي ْ ِ
َ
. )(54
جًرا ( َ
أ ْ
والمؤمن يثاب على كل عمل صالح يترتب على الزواج ،
فإن رزق بذرية فأحسن تأديبها وتربيتها كانت له ُزخرا ً يوم
القيامة ،وإن ُرزَِء فى أحد أولد ه فصبر واحتسب كان له جزيل
حرم من نعمة الولدِ فصبر واحتسب نال أعظم الثواب ،وإن ُ
الجر .
ويحضرني في هذا المقام :ما أورد ه المام أبو حامد الغزالي
في الحياء قال :كان بشر بن الحرث من العباد الزهاد ولكنه
كان معرضا ً عن الزواج فإذا عوتب في ذلك قال :ما يمنعنى
من التزويج إل قوله تعالى ﮋ ﮘﮙﮚ ﮛ ﮜﮝ ﮊ ]سورة البقرة [228
وروي أنه رؤى في المنام بعد موته ،فقيل له ما فعل الله بك
؟ فقال رفعت منزلتي في الجنة لكنى لم أبلغ منازل المتأهلين
،وفي رواية قال لي ربي ما كنت أحب أن تلقاني عزبا ً ،قال
فقلنا له ما فعل أبو نصر التمار؟ فقال رفع فوقي بسبعين
درجة ،قلنا بماذا ؟ فقد كنا نراك فوقه ؟ قال بصبر ه على بنياته
والعيال )0 (55
وفي الحياء أيضا :يقول المام الغزالي حكي أن أحد
الصالحين كان معرضا ً عن التزويج برهة من دهر ه ،فانتبه من
نومه ذات يوم وقال زّوجوني زّوجوني فزّوجو ه ،فسئل عن
ذلك فقال :لعل الله يرزقني ولدا ً ويقبضه فيكون لي مقدمة
في الخرة ثم قال رأيت في المنام كأن القيامة قد قامت
وكأني في جملة الخلئق في الموقف وبي من العطش ما كاد
أن يقطع عنقي وكذا الخلئق في شدة العطش والكرب ،
- 54الحديث روا ه المام مسلم فى صحيحه عن أبى ذر الغفارى كتاب الزكاة باب بيان
أن اسم الصدقة يقع على كل نوع من المعروف حديث . 1006
- 55إحياء علوم الدين للغزالي 2/24
180
مباهج الزواج
في ضوء البيان القرآني
ن يتخللون الجمع وعليهم مناديل من نور فنحن كذلك إذ ِولدا ٌ
وبأيديهم أباريق من فضة وأكواب من ذهب ،وهم يسقون
الواحد بعد الواحد يتخللون الجمع ويتجاوزون أكثر الناس ،
فمددت يدي إلي أحدهم ،وقلت اسقني فقد أجهدني العطش ،
فقال ليس لك فينا ولد إنما نسقي آباءنا ،قلت :ومن أنتم ؟
)(56
فقالوا نحن من مات من أطفال المسلمين .
-11-
ق غلي ٌ
ظ. الزواج ميثا ٌ
ج عقد جليل الخطر عظيم الشأن وقد وصفه الله تعالى الزوا ُ
ة هذا
ة على حرم ِفي كتابه الكريم بأنه ميثهاق غليهظ ،دلل ً
ق وواجبات .ب وحقو ٍالعقد ولما يترتب عليه من أحكام ٍ وآدا ٍ
قال تعالي فى سورة النساء ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ
ﭝﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭼ ] النساء[٢١ – ٢٠ :
- 56الحياء 2/28ولمزيد بيان فى هذا الموضوع يراجع كتابى الصبر عند فقد الولد ط
دار السلم بالقاهرة
181
مباهج الزواج
في ضوء البيان القرآني
ة ،فضل ة ل يمكن أن تخلو من أوقات ممتع ٍ ة زوجي ٍ
ي حيا ٍإن أ ّ
ك بمعروف أو تسريح عن قيامها على مبدأ أساسي :إمسا ٌ
ن.بإحسا ٍ
ت الجميلة والليالي الطّيبة من هنا كان التذكيُر بهذ ه الذكريا ِ
ب الزوِج .كرها يرقق قل َ ل تذ ّ
التي جمعت بين الزوجين ع ّ
َ
ف
ض ُيطي َُوما ٍ تذكَريا ِل ال ِ وصدق من قال :أ َ
جل َبيَننا ُرس ُ
ع َيجود ).(57 دم ٌ
وَ َ
َ
ت وَوُد ّ َلي َ
س من فَ َ
قد ُ عَ ّ ض ب ِهِ
ت َوفاٌء أست َِعي ُ
ذكَريا ِ
في ال ِ
)(58
. ق ُ
ل َينت َ ِ
ت
ن العهد ونع َ يقول القشيري رحمه الله " :يعلمهم حس َ
ة واسترداد َ المال ع الفرق َ شرة ،فيقول ل تجم ْ الكرم في العِ ْ
ت واحدة مال ً كثيرا ً ثم خوّل ْ َن َ عليها ،فإن ذلك ت َْر ُ
ك الكرم؛ فإ ْ
جفوتها بالفراق فما آتيتها َيسيٌر في جنب ما أ َذ َقَْتها من الفراق .
ة أكيدةً قوله :ﭤ ﭥ : . . . .يعني أن للصحبة السالفة حرم ً
ق " ).(59 ب الميثا ِ ذمام ِ ،وأوُفوا بموج ِ ة ال ّ فوا عند مراعا ِ ق ُ ،فَ ِ
وتأمل كيف يعبر القرآن الكريم عن ذلك اللقاء الزوجي هذا
التعبير الدقيق الرقيق ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ فعبر عن ذلك المر
بالفضاء كأن كّل منهما ُيفضي إلى الخر ،عن ابن عباس قال:
كني عما يشاء). (60 ن الله كريم ي َ ْ الفضاء المباشرة ،ولك ّ
ل،خا ٍ
ضٍع َ مو ْ ِ ل َ و كُ ّ ضاِء ،وَهُ َ ف َ ن ال ْ َ
م ْل ِقال ابن العربي " :أ َفْعَ ُ
ْ
خل ْوَةُ ب َي ْن َك ُ ْت ال ْ َ ه ،وَقَد ْ َ خ ُ ل :وَك َي ْ َقا َ فَ َ
)(61
ن؟" م وَب َي ْن َهُ ّ كان َ ْ ذون َ ُ ف ت َأ ُ
.
وقال ابن كثير " :أي :وكيف تأخذون الصداق من المرأة وقد
ت إليك .قال ابن عباس ،ومجاهد ،والسدي، ض ْ
أفضيت إليها وأف َ
وغير واحد :يعني بذلك الجماع. (62) " .
البيت لمير الشعراء أحمد شوقي - 57
البيت للشاعر أحمد الزين - 58
لطائف الشارات للقشيري 1/323 - 59
تفسير الطبري 214 / 3 - 60
أحكام القرآن لبن العربي 250 / 2 - 61
تفسير القرآن العظيم لبن كثير 244 / 2 - 62
182
مباهج الزواج
في ضوء البيان القرآني
وقال الزمخشري :الميثاق الغليظ حق الصحبة والمضاجعة
،كأنه قيل :وأخذن به منكم ميثاقا ً غليظا ً ،أي بإفضاء بعضكم
إلى بعض .ووصفه بالغلظ لقوته وعظمه ،فقد قالوا :صحبة
عشرين يوما ً قرابة ،فكيف بما يجري بين الزوجين من التحاد
والمتزاج؟ انتهى كلمه . (63) .
وقال الرازي " :قوله :ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ كلمة تعجب ،أي
لي وجه ولي معنى تفعلون هذا؟ فانها بذلت نفسها لك
وجعلت ذاتها لذتك وتمتعك ،وحصلت اللفة التامة والمودة
الكاملة بينكما ،فكيف يليق بالعاقل أن يسترد منها شيئا ً بذله
لها بطبية نفسه؟ إن هذا ل يليق ألبتة بمن له طبع سليم وذوق
مستقيم . (64) . .
وقال البيضاوي :ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ إنكار لسترداد المهر
والحال أنه وصل إليها بالملمسة ودخل بها وتقرر المهر .ﭫ
ﭬ ﭭ ﭮ عهدا ً وثيقا ً ،وهو حق الصحبة والممازحة ،أو ما أوثق
الله عليهم في شأنهن بقوله } :ﭑﮪﮫﮬﮭﭑ { أو ما أشار إليه
ه ،واستحللُتم
ة الل ِ النبي بقوله » :أخذتموه ّ
ن بأمان ِ
ه « ). (65
ة الل ِ
ن بكلم ِ
جهُ ّ
فرو َ
وقال صاحب الظلل " :ويدع الفعل } :ﭧ{ بل مفعول
محدد .يدع اللفظ مطلقا ً يشع كل معانيه ويلقي كل ظلله
ويسكب كل إيحاءاته .ول يقف عند حدود الجسد وإفضاءاته .
بل يشمل العواطف والمشاعر والوجدانات والتصورات
والسرار والهموم والتجاوب في كل صورة من صور التجاوب ،
يدع اللفظ يرسم عشرات الصور لتلك الحياة المشتركة آناء
الليل وأطراف النهار وعشرات الذكريات لتلك المؤسسة التي
ب إفضاء . ضمتهما فترة من الزمان . .وفي كل اختلجة ح ّ
وفي كل نظرة ود ّ إفضاء ،وفي كل لمسة جسم إفضاء وفي
- 63الكشاف للزمخشري 258 /1
- 64التفسير الكبير لفخر الدين الرازي 16 /10
- 65أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي ص 442
183
مباهج الزواج
في ضوء البيان القرآني
كل اشتراك في ألم أو أمل إفضاء ،وفي كل تفكر في حاضر
أو مستقبل إفضاء .وفي كل شوق إلى خلف إفضاء ،وفي كل
التقاء في وليد إفضاء . .
كل هذا الحشد من التصورات والظلل والنداء والمشاعر
والعواطف يرسمه ذلك التعبير الموحي العجيب } :ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ
ﭪ { . .فيتضاءل إلى جوار ه ذلك المعنى المادي الصغير
ويخجل الرجل أن يطلب بعض ما دفع وهو يستعرض في خياله
وفي وجدانه ذلك الحشد من صور الماضي وذكريات العشرة
في لحظة الفراق السيف!
ثم يضم إلى ذلك الحشد من الصور والذكريات والمشاعر
عامل ً آخر من لون آخر ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ " .
)(66
.
وبيان ذلك :أن الزوجة قبل عقد النكاح محرمة على الزوج
ولم ترض بحلها له إل بذلك المهر الذي يدفعه لها ،فإذا دخل بها
وأفضى إليها وباشرها المباشرة التي كانت حراما قبل ذلك،
والتي لم ترض ببذلها إل بذلك العوض ،فإنه قد استوفى
المعوض فثبت عليه العوض.
فضل عن عقد الزواج وهو من أوثق العقود وأغلظ المواثيق ،
مما يستوجب مراعاة حرمته والوفاء بما يترتب عليه من
ت. واجبا ٍ
فالزواج عقد متميز عن سائر العقود التي تكون بين الناس
لما يترتب عليه من آثار عظيمة روى المام مسلم وغير ه من
ه ِفي قوا الل ّ ِ ر قال قال رسول الله َ ... ) فات ّ ُ حديث جاب ٍ
َ َ
ن
جهُ ّ م فُُرو َ حل َل ْت ُ ْ
ست َ ْه َ ،وا ْن الل ّ ِ ما ِ
ن ب ِأ َ موهُ ّ خذ ْت ُ ُ
مأ َ ساِء ،فَإ ِن ّك ُ ْ الن ّ َ
حدا ً ت َك َْر ُ َ َ
ه،
هون َ ُ مأ َ شك ُ ْ ن فُُر َن ل َ ُيوط ِئ ْ َ نأ ْ م عَل َي ْهِ ّ ه ،وَل َك ُ ْ ة الل ّ ِ ب ِك َل ِ َ
م ِ
ن عَل َي ْك ُ ْ
م مب َّرٍح ،وَل َهُ ّ ضْربا ً غَي َْر ُن َ ضرُِبوهُ ّ ك َفا ْ ن ذ َل ِ َ ن فَعَل ْ َفَإ ِ ْ
ن ِبال ْ َ رِْزقُهُ ّ
)(67
ف (. معُْرو ِ سوَت ُهُ ّ ن وَك ِ ْ
-الحهديث روا ه مسلم في صحيحه عن جابر بن عبد الله ك الحج باب حجة النبى 67
حديث - 1218وروا ه أبو داود في السنن ك المناسك باب صيغة حجة النبي
حديث 1905وابن ماجة فى المناسك باب حجة النبي حديث 3074
184
مباهج الزواج
في ضوء البيان القرآني
ل الل ّ ِ
ه سو ُل َر ُ ل َ :قا َ ر َ قا َ م ٍ
عا ِ
ن َ ِ ة بْ
قب َ َ
ن عُ ْ وفي الصحيحين عَ ْ
ه ال ْ ُ َ َ
حل َل ْت ُ ْ ن ُتوُفوا ب ِ ِ ق ال ّ )أ َ
)(68
ج( فُرو َ م بِ ِ ست َ ْ
ما ا ْ
هَ : طأ ْ شُرو ِ ح ّ
.
ي ،وشجر ٌة ثابتة ُ ج روح ٌّ ي ،وامتزا ٌ
فالزواج ميثاق غليظ ،ورباط قدس ٌّ
ع ،وارف ُة الظلل ،متشابكة الغصان ،به تتآلف ل ،ممتد ُة الفرو ِالوصو ِ
ق ،والزوا ُ
ج ق العلقئ ُ
القلوب ،وتتعانق الرواح ،وتذوب الفوارق ،وتتوَّث ُ
يقِّرب ال ُبعداء ،ويجدّد د أواوص َر الصل ِة بين القرباء .
لذا جاء التعبير عنه في موض ٍع آخر بـ )عقدة النكاح ( لنه عق ٌد ُيَقْع َق ُد بين
ت :ﭧﭨﮋﭭﭮ ﭯ ق وواجبا ٌ طرفين على اليجاب والقبول ،ويترتب عليه حقو ٌ
ﭰﭱﭲﭳﭴﭵ ﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂ ﮃ ﮄ ﮅﮆ ﮇﮈ ﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏ ﮐﮑﮒﮓ ﮔﮕﮖﮗ ﮘ
ﮙﮚ ﮛ ﮜﮝﮞ ﮟ ﮠ ﮊ البقرة٢٣٥ :
ﭧ ﭨﮋﯞ ﯟﯠﯡﯢ ﯣ ﯤﯥﯦﯧ ﯨﯩﯪ ﯫ ﯬﯭ ﯮﯯ ﯰﯱﯲ ﯳﯴ ﯵﯶﯷ ﯸﯹﯺ ﯻﯼ ﯽﯾﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄﮊ البقرة٢٣٧ :
قال أبوحيان " :عبر عن اليجاب والقبول بالعقدة التي تعقد حقيقة ،لما في
ذلك القول من الرتباط لكل واحد من الزوجين بالخر . (69) " .
وقال الرازي " :فاعلم أن أوصل العقد الشدّد ،والعهو د والنكحة تسمى عقو د ًا
لنها تعقد كما يعقد الحبل . (70) " .
ن المعاشر ِة ،ن على حس ِن الزوجي ِ
عقد ٌة وثيق ٌة ورابط ٌة متين ٌة تجم ُع بي َ
ح ُ
فالنكا ُ
ل اللفة و دوام المحب ِة " إنها الصل ُة الرباني ُة في أوثق وشاقئجها ،يعقدها وكما ِ
ب والتفاهم ،والتعاون ن ،فإذا هما يلتقيان على الح ِّ ب العزة بين نفسي الزوجي ِ ر ُّ
ج فيها الطفولة ،وتتفتح أكمام والتناوصح ،فيؤسسان السرة المسلمة ،التي تدر ُ
ي من مكارم الخلق التي جاء بها السلم العقول ،وتصاغ النفوس على هد ٍ
الحنيف ،فإذا السرة المسلمة لبنة وصلبة في بناء المجتمع المسلم الراشد ،وإذا
أفرا دها أعضاء منتجون بَّناءون ،متعاونون على البر والتقوى ،متسابقون
متنافسون في الصالحات من العمال " ). (71
-روا ه البخارى فى صحيحه عن عقبة بن عامر ك /النكاح باب /الشروط فى 68
النكاح حديث 0 217 / 9 - 5151وروا ه مسلم فى صحيحه عنه كتاب النكاح باب
الوفاء بالشروط فى النكاح حديث ، (1418) – 63وروا ه أبو داود عنه كتاب
النكاح باب فى الرجل يشترط لها دارها 244 / 2حديث ، 2139وروا ه الترمذى
عنه ك /النكاح باب /ما جاء فى الشرط عند عقدة النكاح 434 / 3حديث 1127
-البحر المحيط لبي حيان الندلسي 45 / 2 69
-التفسير الكبير " مفاتيح الغيب " للمام الرازي 365 / 3 70
- 71شخصية المرأة المسلمة كما يصوغها السلم في الكتاب والسنة د .محمد علي
الهاشمي ص . 150 ، 149
185
مباهج الزواج
في ضوء البيان القرآني
-12-
الزواج تعاون وتضامن .
الزواج كما ذكرنا سكينة للنفس وإرهاف للحس ،وترقيق
للمشاعر وإشباع للعواطف ،وتحصين للفرج وصيانة للعرض ،
وصفاٌء للقلب وهو -فضل عن ذلك -عقد وثيق وميثاق غليظ
لتأسيس بيت مسلم قائم على أسس متينة وقيم حصينة
ة
مه الموكل ُ ر دوُر ه المنو ُ
ط به ومها ّ ة ،لكل عنص ٍ
وعناصر ركين ٍ
إليه .
فالرجل مسئول عن نفسه وعن أهل بيته ،يرعاهم ويتعهدهم
ومهم
بالنفقة الطيبة ،ويعهد إليهم بالنصيحة الخالصة التي تق ّ
وتصلحهم والمرأة :زوجة وأم :عليها واجبات نحو زوجها
وأولدها وبيتها وسائر أقاربها وجيرانها.
فهي الزوجة الصالحة وهي الم المثالية الناصحة ،الزوجة
مودة ورحمة ،ولولدها الودود والم الرؤوم .لزوجها سكينة و ّ
فيض من العطاء ونبع للحنان ومدرسة للتوجيه ،وصدق الله
إذ يقول فى سورة النساء ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞﭟ
] النساء[ ٣٤ : ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦﭧ ﭼ
فالزوجة الصالحة تطيع زوجها وتعينه على طاعة الله ترضى
زوجها وتأخذ بيد ه إلي رضا الله ،تعرف حق ربها عليها ،كما
تعرف حقوق من حولها ،فهي صالحة تعمل ما يصلحها في
عاجلها وآجلها في معاشها ومعادها ،قانتة عابدة لله تعالى
مطيعة لزوجها سهلة القياد إلي كل خير وّبر ،حافظة لزوجها
فى حضور ه وغيابه ،حافظة لمواله ،حافظة لسرار ه حافظة
لولد ه.
على الليالي ونوٌر في ه
ن بِ ِ ل ُيستعا ُ خ ّة المرِء ِ وزوج ُ
ت في ك َد ٍَرن با َ
ه إِ ْ سلةُ فِك َْرت ِ ِ م ْ َ جيها ديا ِ
ه أياِديها سهي ِت إليه ُتوا ِ مد ّ ْ
ت تدبيهًرات ت ُد َب ُّر البي َ قام ْ ة
ما بضائق ٍ مّر بيُتها يو ًن َإ ْ
جيَها
ي ُن َ ّ
186
مباهج الزواج
في ضوء البيان القرآني
سعْد ُ يجري
ن وال ّ
م ُ
ة والي ُ ْ ت مملك ٌ مل ِ ٌ
ك والبي ُ جَها َ
وزو ُ
حيها
في نوا ِ
187
مباهج الزواج
في ضوء البيان القرآني
والسدي } :لباس { :سكن ،أي يسكن بعضهم إلى بعض "
). (73
يقول الستاذ محمد قطب " والرجل والمرأة ألصق شئ
بعضهما لبعض ،يلتقيان فإذا هما جسد واحد وروح واحدة ،
وفي لحظة يذوب كل منهما فى الخر ،فل تعرف لهما حدود ،
وهما أبدا يهفوان إلي هذا التصال الوثيق الذي يشبه اتحاد
اللباس بلبسه ،ثم هما ستر ،كل واحد للخر ،فهما من
الناحية الجسدية ستر وصيانة ،وهما على الدوام ستر روحي
ونفسي ،فليس أحد أستر من الزوجين المتآلفين ،يحرص كل
منهما على عرض الخر وماله ونفسه وأسرار ه أن ينكشف
منها شئ فتنهبه الفوا ه والعيون ،وهما كذلك وقاية تغني كل
منهما عن الفاحشة وأعمال السوء ،كما يقي الثوب لبسه من
أذى الهاجرة والزمهرير ،وهما بعد ذلك كاللباس في تفصيله
مضبوطا على القد ،يلبسه صاحبه فيستريح ،ويتحرك نشيطا ً
في محيطه ،ويكتسب به جمال ً وزينة تعجب صاحبها وتعجب
الناظرين ،فليس أبدع من تصوير هذ ه المعاني كلها في تشبيه
واحد شامل عميق.
وإذا كانت العلقة بين الرجل والمرأة وثيقة إلي هذا الحد ،
فقد وجب أن يلتقيا ليكون كل منهما لباسا لصاحبه ،يزينه
ويكمله ،ويلتصق به للوقاية والستر " ). (74
ل من الزوجين مسئولياته ومهامه التي تسّير موكب ولك ّ
الحياة الزوجية ،وتحفظ للسرة قوامها ودوامها ،والزوجة
شريكة لزوجها في الحياة حلوها ومّرها ،تفرح لفرحه وتحزن
لحزنه وتواسيه في النوائب وتعينه على مجابهة المصاعب.
وفي الصحيحين عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما
ل ،وَل َ ما ٍ ن َم ْ ض ِ ِ ه في ال َْر ما ل َ ُ
جِني الّزب َي ُْر ،وَ َ ت ت ََزوّ ََقال َ ْ
فت أ َعْل ِ ُ ه ،فَك ُن ْ ُ س ِضٍح ،وَغَي َْر فََر ِ شيٍء غَي َْر َنا ِ ك ،وَل َ َ مُلو ٍ م ْ
َ
ُ َ َ َ َ ْ َ
نم أك ْ ن ،وَل ْ ج ُ ه وَأعْ ِ خرُِز غَْرب َ ُ ماَء ،وَأ ْ قى ال َ ست َ ِ
ه ،وَأ ْ س ُفََر َ
- 73المحرر الوجيز لبن عطية 205 / 1
- 74النسان بين المادية والسلم تأليف الستاذ محمد قطب ص 249
188
مباهج الزواج
في ضوء البيان القرآني
سوَةَ ن نِ ْ صاِر وَك ُ ّ
َ
ن الن ْ َ م َ ت ِلي ِ جاَرا ٌ خب ُِز َ ن يَ ْ كا َ خب ُِز ،وَ َ ن أَ ْ س ُ ح ِ أ ْ
ُ
َ ل النوى من أ َ صدق ،وك ُنت أ َ
سو ُ
ل ه َر ُ ر التي أقْط َعَ ُ ض الّزب َي ْ ِ ِ رْ ْ ِ َ ّ ُ ُ ق ْ ن َ ْ ُ ِ ْ ٍ
ُ َ ْ َ
ت جئ ْ ُ سٍخ ،فَ ِ ي فَْر َ مّنى عَلى ث ُلث َ ْ ى ِ سي ْ ،وَهْ َ ه عَلى َرأ ِ الل ّ ِ
نم َفٌر ِ ه نَ َ مع َ ُ ه وَ َ ل الل ّ ِ سو َ ت َر ُ قي ُ سي فَل َ ِ وى عََلى َرأ ِ ما َوالن ّ َ ي َوْ ً
خل ْ َ مل َِني َ م َقا َ صاِر فَد َ َ َ
ه، ف ُ ح ِ خ « .ل ِي َ ْ خ إِ ْ ل » إِ ْ عاِني ث ُ ّ الن ْ َ
َفاستحييت أ َ َ
ه، ت الّزب َي َْر وَغَي َْرت َ ُ ل ،وَذ َك َْر ُ جا ِ ع الّر َ م َ سيَر َ نأ ِ ْ َ ْ َْ ُ ْ
َ كا َ
تحي َي ْ ُ ست َ ْ ه أّنى قَدِ ا ْ ل الل ّ ِ سو ُ ف َر ُ س ،فَعََر َ ن أغْي ََر الّنا ِ وَ َ َ
ه وَعََلى ل الل ّ ِ سو ُ قي َِني َر ُ ت لَ ِ قل ْ ُ ت الّزب َي َْر فَ ُ جئ ْ ُ ضى ،فَ ِ م َ فَ َ
َ َ َ ْ
ب، خ لْرك َ َ ه ،فَأَنا َ حاب ِ ِ ص َنأ ْ م ْ فٌر ِ ه نَ َ مع َ ُ وى ،وَ َ سي الن ّ َ َرأ ِ
وى ك الن ّ َ مل ُ ِ ح ْ ه لَ َ ل َوالل ّ ِ قا َ ك .فَ َ ت غَي َْرت َ َ ه وَعََرفْ ُ من ْ ُت ِ حي َي ْ ُست َ ْ َفا ْ
َ س َ َ َ َ
ى أُبو ل إ ِل َ ّ حّتى أْر َ ت َ ه َ .قال َ ْ مع َ ُ ك َ كوب ِ ِ ن ُر ُ ْ م
ى ِ ّ
شد ّ عَل َ نأ َ كا َ َ
َ ة ال ْ َ
قِني ما أعْت َ َ س ،فَك َأن ّ َ فَر ِ س َ سَيا َ فيِني ِ خادِم ٍ ي َك ْ ِ ك بِ َ ر ب َعْد َ ذ َل ِ َ ب َك ْ ٍ
). (75
وفي هذا الحديث :فالمرأة تقف بجوار زوجها تساعد ه في
حقله ،والرجل يساعد المرأة في شئون البيت ،والجارة
تكفي جارتها بعض العمال ،والمجتمع يقف مع المرأة ،
ويمد لها يد العون ،ويراعي ما جبلت عليه من حياء وخجل ،
والمرأة تراعي مشاعر زوجها ،والرجل يشفق على زوجته ،
والب يتفقد أحوال ابنته المتزوجة ،ويسعى إلى التخفيف
عنها ما أمكنه ذلك ،نماذج رائعة تتجلى لنا من خلل هذا
الحديث :الزوجة الصالحة التي تبذل ما في وسعها لرعاية
زوجها وبيتها ،الجيران الصادقون المتعاونون ،المجتمع الذي
تسود ه المروءة والشهامة ،والزوج الغيور المشفق على أهل
بيته ،والب الذي لم تنته مهمته مع ابنته بزواجها بل يتفقد
و
أحوالها ويسعى لتوفير سبل الراحة لها ،وفي هذا الج ّ
- 75روا ه البخاري في صحيحه كتاب النكاح باب :الغيرة - 3/403الحديث رقم:
4926وروا ه مسلم في صحيحه كتاب السلم باب :جواز إرداف المرأة الجنبية إذا
أعيت في الطريق 1716 /4حديث رقم ، ( 2182) :وقولها ) :مملوك( من عبد أو
أمة) .ناضح( بعير يستقى عليه) .أخرز( من الخرز وهو خياطة الخلود ونحوها) .غربة(
الدلو الكبير) .سياسة الفرس( ترويضها وتدريبها .رد ٌ على من يستهين بعمل المرأة
ف به ويقلل من قيمته ،ودليل على ما تحّلى به هذا المجتمع النبوي
في بيتها ويستخ ّ
من تراحم وتعاطف وتعاون وتكافل ،
189
مباهج الزواج
في ضوء البيان القرآني
ن ،والسعادة والطمأنينة
ن والما َ
اليماني وجدت المرأةُ الم َ
،والحب الصادق :بيت صالح ،وزوج كريم ،وأب حنون ،
وجيران صدق ،ومجتمع متراحم متعاطف .
-13-
من أعظم حسنات الدنيا .
ومن أعظم حسنات الدنيا أن يرزق المؤمن بزوجة صالحة
ة ،تعينه على طاعة الله تعالى ،تسعى لرضا ه وتأخذ مطيع ٍ
ة
ة الخر ِق حسن ُ بيد ه إلى رضا الله ،هي حسنة الدنيا وبها تتحق ُ
،قال تعالى ﭽ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﭼ ] البقرة[ ٢٠١ :
190
مباهج الزواج
في ضوء البيان القرآني
تيسير أسبابه في الدنيا ،من اجتناب المحارم والثام وترك
الشبهات والحرام " ). (77
وقال الشيخ السعدي رحمه الله " :والحسنة المطلوبة في
الدنيا يدخل فيها كل ما يحسن وقعه عند العبد ،من رزق هنيء
واسع حلل ،وزوجة صالحة ،وولد تقر به العين ،وراحة ،وعلم
نافع ،وعمل صالح ،ونحو ذلك ،من المطالب المحبوبة والمباحة
)(78
" ...
خاتمة البحث
• السرة المسلمة :هي اللبنة الساسية في بناء المجتمع
المسلم وهي المحضن الطبيعي لعداد الجيل المسلم ،
وهي حصن ركين وركن حصين لهذا الدين ،ولها سماتها
وخصائصها ومقاصدها التي ل تجتمع في غيرها.
• وأول هذ ه السمات وأهمها هو بنيان السرة المسلمة
على أسس متينة ،وتدعيمها ورعايتها وإحاطتها وصيانتها
بأحكام قويمة حصينة ،وآداب كريمة رصينة .
• فأساسها المتين ونبراسها المبين هو الزواج الشرعي .
• للزواج في السلم سماته ومقاصد ه الكريمة السامية
عة ربانية ونعمة إلهية ،وسنة فطرية ،وسلمة
فهو شر َ
ق
ف للحس ،وترقي ٌ للجسم ،وسكينة للنفس ،وإرها ٌ
للمشاعر ،وإشباع للعواطف ،وسمو بالرواح ،وتحصين
للفرج وحماية للنسل ،وصيانة للعرض ،وسبيل للتعاون
191
مباهج الزواج
في ضوء البيان القرآني
والتضامن ،والتكامل والتكافل ،والتآلف والتعاطف
والترابط والتراحم.
وانطلقا ً من هذ ه المقاصد السامية دعا السلم إلي •
الزواج ورغب فيه وأمر بتيسير ه وإزاحة العقبات التى
سر ه ،كما أمر بحسن اختيار الزوجين تحول دونه أو تع ّ
لنهما العنصران الساسيان لبناء السرة وبقائها ،كما
دعا إلى مراعاة الداب والحكام المتعلقة بالخطبة
والعقد وحث على رعاية الحقوق المترتبة على الزواج
لما في ذلك من استقرار وحماية للبناء السري .
ة ما أجلها ،وهو ة كوني ٌ ة ما أجّلها ،وآي ٌ ة إلهي ٌ ج :نعم ٌ الزوا ُ •
ة ما أحلها وأبهاها ، ة وزين ٌ حلي ٌ ة إنسانية ما أسناها و ِ سن ٌ
ة
ة لشرعة ربانية ،بهج ٌ ة ،واستجاب ٌ ة فطري ٍ ة لرغب ٍ وفيه تلبي ٌ
ة ،وغذاٌء للروِح ، س ،وإرواٌء للعاطف ِ س ،وإمتاعٌ للح ّ للنف ِ
ل ،واستقراُر ح البا ِ ه صل ُ ب ،وب ِ ة للقل ِ ن ،وسكين ٌ وقرةٌ للعي ِ
ل. الحا ِ
ش ،وصفاِء ب العي ِ طي ِ ق،و ِ ب من أبواب الرز ِ وهو با ٌ •
ب من ذرية ،ودر ٌ ل ال ّ ل إلى تحصي ِ ن ،وهو السبي ُ الذ ّهْ ِ
ب والجر ، س في الخير وتحصيل الثوا ِ ب التناف ِ درو ِ
ل. م ِ ل ،والرضا والتج ّ م ِ ح ّ ر والت َ ب الصب ِ ب من ضرو ِ وضر ٌ
ة ،التي ُتعد ّ ة المسلم ِ ي لبناِء السر ِ ق الشرع ّ وهو الطري ُ •
ى
ن الطبيع ّ ة فى بناِء المجتمِع ،فهى المحض ُ ة أساسي ّ ً لبن ً
ن لهذا ن حصي ٌ ن ،ورك ٌ ن ركي ٌ ل ،وهى حص ٌ لعدادِ الجيا ِ
ن . الدي ِ
ة وأهميت َِها ة المسلم ِ ة السر ِ أدرك أعداُء السلم ِ :مكان َ •
سَعواة ،فَ َ ض الم ِ ي فى نهو ِ ها الساس ّ ة ودورِ َ البالغ ِ
س
ة وطم ِ ة المسلم ِ ض دعائم ِ السر ِ ن إلى تقوي ِ جاهدي َ
تها ،ووضِع العقبا ِ ة بينها وبين مقاصدِ َ مها والحيلول ِ معال ِ
ق بنائ َِها ،وإلحاق الضراِر والفات ل فى طري ِ والعراقي ِ
ها .
مارِ َ سَها وث ِ َ بغر ِ
192
مباهج الزواج
في ضوء البيان القرآني
193
مباهج الزواج
في ضوء البيان القرآني
ق
ة النعام إمداد ُ العبادِ بالرز ِ
الطريق إلى الذرّية ومن تتم ِ
ت.مط ّرِدِ من الطيبا ِ
ال ُ
ة. ة فطري ٌج سن ٌ الزوا ُ
م من معالم الوسطية يلئم الفطرةوالزواج سنة فطرية ومعل ٌ
النسانية التى خلق الله الناس عليها وشرع لهم من الدين ما
يناسبها .
والزواج هو السياج الذي ربط بين أبينا آدم وأمنا حواء وفى
ظلله نشأت السرة النسانية الولى في التاريخ التي امتدت
وتفرعت حتى ملت أقطار الرض .
والذين يرغبون عن الزواج ويدعون إلى كبت الشهوات
وقهرها باسم " الرهبانية" إنما يخالفون شرعة الله وينكبون
عن فطرته تعالى .
194
مباهج الزواج
في ضوء البيان القرآني
oفينبغي المبادرة والتعجيل بتزويج صاحب الدين وإزالة
كل العقبات التي تقف في طريق الزواج لما في ذلك
من صلح للفرد والمجتمع .
oوالزواج :تحصين للجسم من المراض الوبائية الفتاكة
ة
ة لصح ِالتي تنتج عن ممارسة الرذيلة كما أنه وقاي ٌ
ظ على قوته من أن تستنزفها الممارسات ن وحفا ً
النسا ِ
الخاطئة والعادات الضارة ،وكما يقولون :الوقاية خير
من العلج.
ة العراض .
ج وحماي ُ
الزوا ُ
من المقاصد السامية التي ينشدها السلم من وراء الزواج
ة العراض ،فالسلم دين الطهر والعفاف ،والعدل ،حماي ُ
والنصاف ،والعزة والكرامة والتقى والستقامة.
ة للنسل .
الزواج حماي ٌ
oكما أن الزواج سلمة للجسم وسعادة للنفس وتحصين
للفرج وحماية للعرض وإرواء وإشباع للعواطف فهو
أيضا ً حماية للنسل ،إذ أنه الطريق الشرعي للتناسل
والتكاثر 0
ل النعم وأحّبها إلى النفوسة من أج ّ oفبالزواج تتحق نعم ٌ
ة الولد ومن ورائهم الحفاد ،فيشعر تلك هي نعم ُ
النسان بالسعادة والراحة والمان ،لهذا المتداد
ن .
صلة في الوجدا ِ ة المتأ ّالشرعي له ،وبتلك العاطف ِ
. ة للمال
الزواج حماي ٌ
oفبالزواج ينتفع بالمال من يستحقه من زوجة أو ولد أو أب
أو أخت أو أخ أو غير ذلك من ذوي القربي.
195
مباهج الزواج
في ضوء البيان القرآني
oوبالزواج ينتقل المال بعد موت صاحبه إلى أقرب الناس
إليه وأكثرهم نفعا ،ولقد فرض السلم نظام المواريث
در ه بميزان دقيق عادل ل مجال فيه للمحاباة أو
وق ّ
المجاملت أو التحايل .
oولول الزواج ما كانت السرة ،ولول السرة لضل المال
طريقه ،ووقع في يد من ل يستحقه ،وحين يضمن
النسان انتقال ماله إلى من يستحقه من ذوي قرابته فإنه
يعمل بجد ونشاط ويحافظ على هذا المال ،كذلك يجتهد
البناء في حماية مال أبيهم في حياته وفي تنميته لنهم
يعرفون أنهم الورثة الشرعيون لهذا المال .
و الخل ق .
الزواج وسم ّ
لشك أن الزواج رمز للسمو والرتقاء ،والعفة والطهارة ،
فهو شرعة ربانية ،وسنة فطرية ،وسبيل إلي السكينة
والطمأنينة والمودة والرحمة والتعاون والتضامن ،فهو منهج
غبقويم ومسلك حكيم وخلق كريم ،ولذا دعا إليه السلم ور ّ
ث على تيسير ه ،وحّرم السفاح ودعا إلي إغلق جميع فيه وح ّ
أبوابه وسد ّ منافذ ه لما فيه من ضرر جسيم وخطر عظيم
وجرم كبير وشر مستطير .
196
مباهج الزواج
في ضوء البيان القرآني
ة.
ة ورحم ٌ
الزواج مود ٌ
لقد أنعم الله علينا وأحسن إلينا إذ شرع الزواج ،ولطف بنا
إذ جعل الزواج من جنس واحد حتى تتحقق اللفة والمجانسة
والمتعة والمؤانسة ،والسكينة والطمأنينة ،والمودة والرحمة
،لن الجنس إلى الجنس أميل وأدعى لللفة ،فكل إلف يلوذ
بأليفه ويسكن إليه .
197
مباهج الزواج
في ضوء البيان القرآني
الزواج كما ذكرنا سكينة للنفس وإرهاف للحس ،وترقيق
للمشاعر وإشباع للعواطف ،وتحصين للفرج وصيانة للعرض ،
وصفاٌء للقلب وهو -فضل عن ذلك -عقد وثيق وميثاق غليظ
لتأسيس بيت مسلم قائم على أسس متينة وقيم حصينة
ة
مه الموكل ُ ر دوُر ه المنو ُ
ط به ومها ّ ة ،لكل عنص ٍ
وعناصر ركين ٍ
إليه ،في نطاق السرة ،وفي رحاب المجتمع .
198
مباهج الزواج
في ضوء البيان القرآني
هن من حي ُ َ ت َطَهرن َ ْ
ب
ح ّ ن الل ّ َ
ه يُ ِ م الل ّ ُ
ه إِ ّ مَرك ُ ُ
ثأ َ فأُتو ُ ّ ِ ْ َ ْ ّ ْ َ
ن ] البقرة . [ 222 : ري َه ِ َ
مت َط ّ ْ
ب ال ُ
ح ّ
وي ُ ِ
ن َواِبي َالت ّ ّ
توصيات
oإلى وسائل العلم :أن ُيعنى القائمون عليها بإبراز
مقاصد الزواج وحكمه وأحكامه وآدابه ،مع التحذير من
النحراف عن مقاصد ه وأهدافه .
oحاجة الشباب إلى التوعية بمقاصد الزواج وأحكامه ،
والتحذير من صور الزواج التي تفرغه من مقاصد ه كتلك
التي أشرنا إليها في مقدمة البحث .
oدعوة أولياء المور إلى تيسير الزواج والعانة عليه ،
ومراعة مقاصد ه وأحكامه ،مع تزويج صاحب الدين ،
وتيسير المهور .
oالتوسع في إنشاء جمعيات تيسير الزواج لتزويج اليامي
،وتوعية الناس بأمور الزواج ،ومتابعة المتزوجين
وتعهدهم بالنصح والتوجيه وتفقد أحوالهم وحل
مشكلتهم .
oأدعو المسئولين من المسلمين أن يعملوا جاهدين على
تيسير الزواج والعانة عليه ،وإزاحة العقبات والعراقيل
التي تحيل دون الزواج أو تؤخر ه .
oأدعو الجميع إلى تيسير الزواج المبكر ن وإزاحة موانعه
وعقباته ،باختصار سنوات الدراسة ،والعمل على تأهيل
الشباب لميادين العمل للقضاء على البطالة وغنشاء
مساكن اقتصادية للشباب .
oكما أدعو الدعاة وسائل العلم إلى تحذير الناس من
النكحة التي ل تفي بمقاصد الزواج ول تستوفي أركانه
ةلة قويم ٌ
ة وشرع ٌ
ة عظيم ٌ
ج آي ٌ
ول تحقق ثمراته فالزوا ُ
ينبغي الستهانة بها .
199
مباهج الزواج
في ضوء البيان القرآني
والله الموفق وهو الهادي إلى سواء السبيل .
كتبه الفقير إلى مول ه :أحمد محمد الشرقاوي سالم .
Sharkawe2000@yahoo.com
200
مباهج الزواج
في ضوء البيان القرآني
مراجع البحث
القرآن الكريم
.1الحسان بترتيب صحيح ابن حبان -للمير علء الدين على بن بلبان
الفارسى ت 739هك -تحقيق شعيب الرنؤوط -ط مؤسسة الرسالة
بيروت 0
.2أحكام القرآن لبن العربي :أبي بكر محمد بن عبد الله ت 543هك ،
ط دار الفكر بيروت 1408هك .
.3إرشاد العقل السليم إلي مزايا الكتاب الكريم للعلمة أبي السعود
) محمد بن محمد مصطفي العمادي الحنفي ت 982هك ط دار الفكر
بدون تاريخ ( 0
.4الساس في التفسير للشيخ سعيد حو ى ط دار السلم بالقاهرة
.5أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي ناصر الدين أبي الخير عبد
الله بن عمر بن محمد البيضاوي ط دار الرشيد بيروت 1421هك .
.6البحر المحيط للمام محمد بن يوسف الشهير بأبي حيان الندلسي
الغرناطي ت 754هك ط دار إحياء التراث العربي ط سنة 1411هك
ثانية 0
.7البداية والنهاية للمام ابن كثير ط مركز البحوث والدراسات العربية
والسلمية بدار هجر 1417هك
.8تاريخ العرب قبل السلم د .جواد على ط مطبوعات المجمع العلمي
ببغداد 1959م
.9التحرير والتنوير للستاذ محمد الطاهر بن عاشور ت 1393هك ط دار
سحنون للنشر والتوهزيع تونس .
.10تفسير القرآن العظيم للمام الحافظ عماد الدين أبي الفداء
إسماعيل بن كثير ت 774هك ط دار التراث العربي بدون تاريخ 0
.11تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلم المنان للشيخ عبد الرحمن
بن ناصر السعد ى ت 1376هك بتحقيق عبد الرحمن بن معل اللويحق
ط مؤسسة الرسالة بيروت 1423هك ط 1
.12جامع البيان في تفسير القرآن للمام محمد بن جرير الطبري ت
310هك ط دار إحياء التراث العربي بيروت ط 2
.13الجامع لحكام القرآن للمام القرطبي ط دار الكتب العلمية
بيروت .
.14روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني للمام
اللوسي شهاب الدين السيد محمود اللوسي ت 1270هك ط دار
إحياء التراث العربي ط 4سنة 1405هك .
.15سنن ابن ماجة ) أبو عبد الله محمد بن يزيد القزوينى ت 275هك
( ط دار الحديث بالقاهرة
.16سنن أبي داود لبي داود سليمان بن شعث السجستاني الهزدي
ت 257هك ط دار الفكر بدون تاريخ 0
.17سكنن الترمذي ) أبو عيسى محمد بن عيسى بن سورة الترمذي
ت 297هك ( ط دار الفكر 1408هك 0
.18سنن الدارقطني ) على بن عمر الدارقطنى ت 385هك ( ط دار
المحاسن بالقاهرة 1386هك
201
مباهج الزواج
في ضوء البيان القرآني
.19سنن الدارمي ) عبد الله بن عبد الرحمن الدارمى السمرقند ى ت
255هك ( ط دار الريان للتراث 1407هك ط أولى 0
.20السنن الكبر ى للبيهقي ) أبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي ( ط
دار الفكر بدون تاريخ .
.21سنن النسائي ) أحمد بن شعيب النسائي ت 303هك ( بشرح
السيوطي وحاشية السندي ط دار الكتب العلمية بيروت 0
.22شخصية المرأة المسلمة كما يصوغها السلم في الكتاب والسنة
د .محمد علي الهاشمي ط وكالة المطبوعات والبحث العلمي
بالمملكة العربية السعودية ط 1425 1هك .
.23شعب اليمان للبيهقي ط دار الكتب العلمية 1410هك ط أولى .
.24صحيح البخاري ط دار الكتب العلمية بيروت لبنان .
.25صحيح مسلم ) المام مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري ت
261هك ( دار إحياء الكتب العربية بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي
.26عادات الزواج وشعائره للستاذ /أحمد الشنتناوي ط دار
المعارف بمصر سلسلة اقرأ .
.27فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير
للمام محمد بن علي بن محمد الشوكاني ت 1250هك ط دار الفكر
بدون تاريخ .
.28في ظلل القرآن لسيد قطب ت 1966م دار الشرو ق سنة 1407
هك -ط 13
.29الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل وعيون القاويل في وجوه
التأويل لمحمود بن عمر الزمخشري المعتزلي ت 528هك ط دار
الفكر بدون تاريخ
.30لباب التأويل فى معانى التنزيل للمام علء الدين على بن محمد
بن إبراهيم البغداد ى ت 741هك ط البابى الحلبى سنة 1375هك ط
ثانية 0
.31لطائف الشارات للمام عبد الكريم القشيري ت 465هك ط دار
الكتاب العربي بالقاهرة .
.32مجمع الزوائد ومنبع الفوائد للهيثمي ط دار الكتاب العربي
بيروت 1402هك .
.33المحرر الوجيز لبن عطية ط مؤسسة دار العلوم للطباعة
والنشر – الدوحة 1403هك على نفقة أمير قطر
.34مدارك التنزيل وحقائق التأويل للمام النسفي ط دار الفكر
.35المستدرك على الصحيحين للمام أبى عبد الله الحاكم
النيسابوري ت 405هك وفى ذيله تلخيص المستدرك للمام شمس
الدين الذهبي ت 848هك ط دار الكتب العلمية .
.36مسند المام أحمد بن حنبل ط المكتب السلمي بدون تاريخ ،ط
دار المعارف بتحقيق أحمد شاكر 1957م ،وطبعة مؤسسة قرطبة
القاهرة بتعليق الشيخ شعيب الرناؤوط .
.37معالم التنزيل للبغوي الحسين بن مسعود ت 516هك ط دار الكتب
العلمية بيروت .
.38المعجم الكبير للطبراني ط دار البيان العربي ط 2بدون تاريخ 0
.39مفاتيح الغيب ) التفسير الكبير ( للمام فخر الدين الراهزي ت
606هك ط دار الفكر سنة 1405هك 0
202