You are on page 1of 84

‫ن‬

‫سـطي ُ‬ ‫فل ْ‬‫ِ‬


‫و‬
‫ل‬‫حـ ّ‬
‫ال َ‬
‫مي‬‫سـل ِ‬ ‫ال ْ‬
‫ف‬
‫َتألي ُ‬
‫ن‬
‫حمدا َ‬
‫د آل َ‬
‫ع ٍ‬ ‫س ْ‬
‫ن َ‬ ‫بب ِ‬
‫ذَيا ِ‬
‫مدي‬ ‫غا ِ‬ ‫ال َ‬
‫ه‬
‫ع ُ‬‫ج َ‬
‫قرأهُ وَرا َ‬ ‫َ‬
‫لمة‬‫ع ّ‬ ‫خ ال َ‬ ‫ة ال ّ‬
‫شي ِ‬ ‫فضيل ُ‬
‫والي‬
‫ح َ‬‫د الّرحمن ال َ‬ ‫ن عب ِ‬ ‫س َ‬
‫فُر ب َ ُ‬ ‫َ‬
‫سم ِ الله الّرحمن الّرحيم‬
‫بِ ْ‬
‫م‬
‫ســل ُ‬
‫ب العــالمين‪ ،‬والصــلةُ وال ّ‬ ‫الحمــدُ للــه ر ّ‬
‫ده ورســوِله الميــن‪ ،‬وعلــى آلــه وصــحبه‬ ‫على عب ِ‬
‫ن إلـى يــوم ِ الــدين ‪.‬‬‫الميامين‪ ،‬ومن تبعهم بإحسا ٍ‬
‫عدُ ‪:‬‬
‫ما ب َ ْ‬
‫أ ّ‬
‫ب‪،‬‬ ‫م وَيكُتــ َ‬‫ج القلــ َ‬ ‫ل مسلم ٍ أن ُيخر َ‬ ‫فقد حان لك ّ‬
‫ي منــبَره‬ ‫ب‪ ،‬وأن يرتقــ َ‬ ‫ع عقيرَتــه وَينــدُ َ‬ ‫وأن يرفــ َ‬
‫رب ‪ ...‬نعم؛ حــان‬ ‫حه وَيض ِ‬ ‫ع سل َ‬ ‫طب‪ ،‬وأن يرف َ‬ ‫وَيخ ُ‬
‫ص‬‫ث إليكــم أحزانــي‪ ،‬وأق ـ ّ‬ ‫الوقت !؛ فــدعوني أب ـ ّ‬
‫س‬‫ب منــي أنــدل َ‬ ‫عليكــم قصــة الجــاني‪ ،‬يــوم ســل َ‬
‫ض أوطــاني‪ ،‬ويريـدُ منــي اليــوم‬ ‫ن وبع ـ َ‬ ‫وفلســطي َ‬
‫مسخ عقيدتي وإيماني !!‪.‬‬
‫ب عــن بعــض قضــايا‬ ‫ت أن أكت ـ َ‬ ‫لجل هــذا؛ آثــر ُ‬
‫أمتنا السلمية – وما أكثرهــا ! – ســطورًا‪ ،‬وأنــثَر‬
‫ة‪،‬‬‫ي قلوبــًا‪ ،‬وُتــثيَر نخــو ً‬ ‫حيــ َ‬ ‫خــواطَر عســاها أن ت ُ ْ‬
‫عزا ً ‪ .‬اللهم آمين ‪.‬‬ ‫وُتعيد ِ‬
‫فحديثي اليوم ســيكون عــن قضــية فلســطين‬
‫المســلوبة المنكوبــة‪ ،‬الــتي تســّلط عليهــا يهــو ُ‬
‫د‬
‫جثوا على بيــت‬ ‫ة والخنازير !‪ ،‬الذين َ‬ ‫إخوان القرد ِ‬
‫ة عجــاف !‪ ،‬يــوم‬ ‫المقدس)‪ (1‬أكثر من خمسين سن ٍ‬
‫وا فيهـــا فســـادا ً ودمـــارًا‪ ،‬وجعلـــوا أهلهـــا ‪-‬‬ ‫عث َـــ ْ‬
‫َ‬
‫ب‪،‬‬ ‫د‪ ،‬وضــر ٍ‬ ‫ل‪ ،‬وتشري ٍ‬ ‫ً‬
‫المسلمين ‪ -‬شيعا ما بين قت ٍ‬
‫ل هذا – للسف – على‬ ‫س ‪ ...‬الخ؛ وك ّ‬ ‫ر‪ ،‬وحب ٍ‬ ‫وتدمي ٍ‬
‫ع من المسلمين ! ‪.‬‬ ‫مرأى ومسم ٍ‬
‫م الماضية‪ ،‬وقد ذكر ابججن حجججر ‪-‬‬ ‫ة‪ ،‬وضعتها الم ُ‬ ‫س أسماٌء كثير ٌ‬ ‫ت المقد ِ ِ‬ ‫‪1‬ج لبي ِ‬
‫ت المقدس عدة َ أسماء تقرب من العشججرين‪ ،‬وقججد قججالوا ‪:‬‬ ‫ن لبي ِ‬‫رحمه الله ‪ -‬أ ّ‬
‫مى‪ .‬فمن أسمائها ‪ :‬مدينة السلم‬ ‫ّ‬ ‫المس‬ ‫مكانة‬ ‫ّ‬ ‫و‬ ‫عل‬ ‫على‬ ‫تدل‬ ‫السماء‬ ‫ن كثرة‬ ‫إ ّ‬
‫)أور سالم(‪ ،‬ي َُبوس‪ ،‬إيلياء ‪ ...‬الخ ‪.‬‬
‫لمججوي فججي بلد‬ ‫أما اسم " القدس " فقد غلب على المدينججة بعججد العصججر ا ُ‬
‫ّ‬
‫الشأم خاصة‪ ،‬كما ذكره ناصر خسرو في رحلتججه سججنة ) ‪438‬هججج(؛ لججذا ل أرى‬
‫عرفججت إل ّ بعججد القججرن الرابججع هجججري !؛ فكججان الولججى‬ ‫هذه التسمية لّنها مججا ُ‬
‫تسميتها بج" بيت المقدس "‪ ،‬أو " المسجججد القصججى " أو نحججوه مججن السججماء‬
‫التي ذكرتها الشريعة !‪ ،‬والله أعلم ‪.‬‬
‫أقول ‪ :‬ومن أقدم من ذكرها باسم " القدس " أبو العلء المعّري المتججوفى‬
‫) ‪449‬هج (‪ ،‬إذ يقول ‪:‬‬
‫دس‬ ‫ق ُ‬
‫ل موسى كليم ِ الله في ال ُ‬ ‫فع ْ ِ‬
‫ك ِ‬ ‫ً‬ ‫ك إذا حاذ َْيتها وََرعا‬ ‫حذا َ‬ ‫واخلعُ ِ‬
‫انظر ما سبق "فتح الباري " لبن حجججر ) ‪ ،(3/64‬و" النججس الجليججل" لمجيججر‬
‫شراب ص )‪. (37-33‬‬ ‫الدين الُعليمي )‪ ،(1/69‬و"بيت المقدس" لمحمد ُ‬

‫‪2‬‬
‫عدْ تحتمــل‬ ‫نعم؛ إن قضية فلسطين اليوم لم ت َ ُ‬
‫ة‬ ‫ل والقــال‪ ،‬أو كــثرةَ الســؤال‪ ،‬فهــي قضــي ُ‬ ‫القي ـ َ‬
‫ث مجالســهم‪،‬‬ ‫ة‪ ،‬لــذا كــانت حــدي َ‬ ‫المســلمين كاف ـ ً‬
‫ت قلــوبهم‪،‬‬ ‫كتبهــم‪ ،‬وزفــرا ِ‬ ‫حب َْر ُ‬ ‫خطبهم‪ ،‬و ِ‬ ‫ومادةَ ُ‬
‫ن شــعرهم‪ ،‬وأســفاَر‬ ‫وآهــات صــدورهم‪ ،‬وديــوا َ‬
‫نثرهم ‪. ! ...‬‬
‫ل مســلم ٍ أن يشــارك بمــا‬ ‫لــذا وجــب علــى كــ ّ‬
‫د‬
‫م المســج َ‬ ‫يستطيع في قضية فلسطين التي تض ّ‬
‫القصــى مســجدَ النبيــاء والمرســلين‪ ،‬ومســرى‬
‫شــفت لنــا‬ ‫إمــام الوليــن والخريــن؛ هــذا يــوم تك ّ‬
‫ت‬ ‫ب الخـــائنين‪ ،‬وتســـاقطت أمامنـــا رايـــا ُ‬ ‫ســـح ُ‬ ‫ُ‬
‫ب المستشــرقين مــن‬ ‫القوميين‪ ،‬وَتعّرى لنــا أذنــا ُ‬
‫ت‬ ‫العملء والعلمـــانيين‪ ،‬وســـكتت عنـــدها أصـــوا ُ‬
‫الدعياء الكاذبين ‪. ! ...‬‬
‫وهل ينسى أحدٌ من العالمين؛ ما فعله القــائد‬
‫ف علــى رأســه شــعار الفــدائيين؛‬ ‫البائد‪ ،‬الــذي ل ـ ّ‬
‫ة‬ ‫قْرَنـي شـيطان !‪ ،‬الـذي أقـام دولـ ً‬ ‫ليخفي تحته َ‬
‫ل‬ ‫ل أمــوا َ‬ ‫في الهواء‪ ،‬وقاد نضال ً في الفضاء‪ ،‬وأك َ َ‬
‫ر ليقــود‬ ‫عدوانًا‪ ،‬وجاء على قــد ٍ‬ ‫ظلما ً و ُ‬ ‫المسلمين ُ‬
‫ل ل يعرفه أحدٌ من النس والجن‬ ‫بلده إلى مجهو ٍ‬
‫ل هــذا وهــو يمتطــي جــوادَ الــوهم ِ والخيــال‪،‬‬ ‫!‪ ،‬ك ّ‬
‫دهم ويمّنيهم‪ ،‬وما‬ ‫فال‪ ،‬ويع ُ‬ ‫س َ‬ ‫فه إلى َ‬ ‫ويشيُر بسي ِ‬
‫ً‬
‫غرورا !‪.‬‬ ‫ن إل ّ ُ‬ ‫دهم الشيطا ُ‬ ‫يع ُ‬
‫ذلكم الرجل الذي تاجر بقضية فلســطين بيع ـا ً‬
‫وشراءً على موائد دماء الشهداء‪ ،‬وأرواح البرياء‪،‬‬
‫ومقدســات المســلمين كمــا يشــاء‪ ،‬هــو وصــبياُنه‬
‫ل عرفــه‬ ‫ل وقتا ٍ‬ ‫الغاوون؛ الذين خاضوا أغرب نضا ٍ‬
‫ب والمسلمون‪ ،‬والهندوس والبوذيون !؛ إنــه‬ ‫العر ُ‬
‫ل بل قتال ! ‪.‬‬ ‫ل بل نضال‪ ،‬ونضا ٌ‬ ‫قتا ٌ‬

‫‪3‬‬
‫ذلكــــم هــــو ‪ :‬زعيــــم منظمــــة التحريــــر‬
‫الفلسطينية !‪ ،‬وما أدراك ما هو ذلكم الذي خــرج‬
‫ة فــي عــالم‬ ‫ي دول ـ ً‬ ‫من بين الّرغام والّرفات؛ ليبن َ‬
‫الخرافات ! ‪.‬‬
‫ً‬
‫وهــل ينســى أحــدٌ – أيضــا – مــا فعلــه هــذا‬
‫وه‬ ‫ة المسلمين يــوم غــذّ ْ‬ ‫الزعيم !؛ حين كفَر بنعم ِ‬
‫ل فـــي ) أزمـــة‬ ‫وه صـــغيرا ً ؟!وذلـــك ماثـــ ٌ‬ ‫ورّبـــ ْ‬
‫ب الطاغيــة‬ ‫خْنــدقَ فــي ســردا ِ‬ ‫الخليــج ( !‪ ،‬يــوم ت َ َ‬
‫ك فيهــا‬ ‫دام الــذي ابتلــع أرض الكــويت فأهلــ َ‬ ‫صــ ّ‬
‫ل!‪.‬‬ ‫ث والّنس َ‬ ‫الحر َ‬
‫ة‬ ‫ن أن قضــي َ‬ ‫ة عيــ ٍ‬ ‫وبعــد هــذا ل نشــك طرفــ َ‬
‫فلسطين أخذت من تفكيرنا شبابا ً وشيوخا ً وقتــا ً‬
‫ليس بالقصير‪ ،‬وجهــدا ً ليــس بالقليــل‪ ،‬فــي حيــن‬
‫كان أولى الناس بالحــديث والفكــر والكلم عنهــا‬
‫ب العلـــم‪ ،‬والمجاهـــدون الـــذين‬ ‫ء‪ ،‬وطل ُ‬ ‫العلمـــا ُ‬
‫صــنعتهم جبــال أفغانســتان‪ ،‬وغابــات البوســنة‪،‬‬
‫وصـــحراء أرتيريـــا‪ ،‬وســـهول كشـــمير‪ ،‬وثلـــوج‬
‫الشيشان ‪.‬‬
‫ن المــر ‪ -‬للســف ‪ -‬أخــذ منحــى آخــر بعــد‬ ‫إل ّ أ ّ‬
‫انتصاف هذا القرن‪ ،‬حيث صارت قضية فلسطين‬
‫ساســة‪ ،‬والتجــار‪ ،‬والعملء‬ ‫مرتعـا ً خصــبا ً لبعــض ال ّ‬
‫المأجورين‪ ،‬والعلمانيين المنهزمين‪ ،‬والّرويبضات‬
‫من العلميين – يــوم لعبــوا بمشــاعر وعواطــف‬
‫ت المقدس الحزين‪،‬‬ ‫المسلمين‪ ،‬وتقامروا على بي ِ‬
‫وخاضــــوا بأقــــدامهم النجســــة فــــي دمــــاء‬
‫المجاهدين ‪.!...‬‬
‫في حين كان الواجب عليهم أن يعطوا الّرايــة‬
‫حاميها؛ ل حراميها !‪ ،‬ويعطوا القــوس باريهــا؛ ل‬
‫داعيها ‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫وهذا كّله مصداقٌ لقول النبي صلى الله عليــه‬
‫ة‬‫داعـ ٌ‬‫تخ ّ‬ ‫وسلم ‪ ":‬إنها ستأتي على الناس سـنوا ٌ‬
‫ب فيهــا الصــادق‪،‬‬ ‫ُيصــدّقُ فيهــا الكــاذب‪ ،‬وُيكــذّ ُ‬
‫ن فيهــا الميــن‪،‬‬ ‫و ُ‬ ‫وُيــؤتمن فيهــا الخــائن‪ ،‬وُيخــ ّ‬
‫ة ؟‪،‬‬ ‫ضـ ُ‬‫ضة "‪ ،‬قيــل ومــا الّرويب َ‬ ‫وْيب َ‬‫وينطق فيها الّر َ‬
‫ر العامــة " أحمــد‪،‬‬ ‫ه يتكلم في أمــو ِ‬ ‫سفي ُ‬ ‫قال ‪ " :‬ال ّ‬
‫وابـــن مـــاجه) ( ‪ .‬وفـــي روايـــة ‪ ":‬الفويســـق "‬ ‫‪1‬‬

‫أحمد)‪. (2‬‬
‫وما أكثر السفهاء هذه اليــام الــذين يتكلمــون‬
‫م مــن‬ ‫حاُر المسل ُ‬ ‫ما ي َ َ‬ ‫في قضايا المة السلمية م ّ‬
‫ب !؛ ل ســيما قضــية‬ ‫مر ّ‬
‫كــ ِ‬ ‫جرأِتهــم‪ ،‬وجهِلهــم ال ُ‬ ‫ُ‬
‫ف والعلم ِ مــن‬ ‫صــح ِ‬ ‫فلسطين‪ ،‬وحســبنا بأهــل ال ّ‬
‫العلمـــانيين والحـــداثيين ‪ ...‬وغيرهـــم كـــثير؛ ل‬
‫كّثرهم الله ‪ .‬اللهم ل تأخــذنا بمــا فعـل السـفهاء‬
‫منا !‪ .‬آمين ‪.‬‬
‫ح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قــال ‪:‬‬ ‫وقد ص ّ‬
‫ة "‪ ،‬قيــل‬ ‫ســاع َ‬
‫ة فانتظر ال ّ‬ ‫ت المان ُ‬ ‫ع ِ‬ ‫ضي ّ َ‬‫" ‪ ...‬فإذا ُ‬
‫ر‬
‫سدَ المُر إلى غيــ ِ‬ ‫و ّ‬ ‫كيف إضاعُتها ؟‪ ،‬قال ‪ " :‬إذا ُ‬
‫ســدت‬ ‫أهِله فانتظر الساعة"البخــاري) ( ‪ .‬نعــم ؛ و ّ‬
‫‪3‬‬

‫قضية فلسطين إلى غير أهلها !‪ ،‬يوم رفع الراية‬


‫ن‪ ،‬وبائن ‪.‬‬ ‫ل خائ ٍ‬ ‫ك ّ‬
‫ة ل دخــل‬ ‫ة إســلمي ٌ‬ ‫ة فلســطين؛ قضــي ٌ‬ ‫فقضــي ُ‬
‫ل‪ ،‬فمــا‬ ‫ي حــا ٍ‬‫للوطنيــات‪ ،‬والقوميــات فيهــا بــأ ّ‬
‫د بعيد مــن مــؤتمرات‪ ،‬ومفاوضــات‬ ‫نسمعه منذ أم ٍ‬
‫واتفاقات بين الحيــن والحيــن لــم يكــن للســلم‬
‫د‪ ،‬ولم يكن طرف ـا ً فيهــا يوم ـا ً مــن اليــام‪،‬‬ ‫فيها ي ٌ‬
‫م‬ ‫ة يحملها أصحاُبها لتخــد َ‬ ‫ت زائف ٌ‬ ‫وإنما هي شعارا ٌ‬
‫‪1‬ج أخرجه أحمد )‪ ،(2/291‬وابن ماجه )‪ ،(4036‬وهو صحيح ‪.‬‬
‫‪2‬ج أخرجه أحمد )‪ ،(3/220‬وهو صحيح ‪.‬‬
‫‪ 3‬ج أخرجه البخاري مع الفتح )‪. (1/143‬‬

‫‪5‬‬
‫مصالحهم‪ ،‬وقضاياهم ل قضايا المسلمين ! ‪.‬‬
‫وفي الصحيح عن حذيفة بــن اليمــان ـ ـ رضــي‬
‫الله عنه ـ فيما رواه عن النــبي صــلى اللــه عليــه‬
‫وسلم في قبض المانة ‪ " :‬حــتى ُيقــال للرجــل ‪:‬‬
‫فه ! ما أعقَله! ومــا فــي قلبــه‬ ‫ده ! ما أظر َ‬ ‫ما أجل َ‬
‫ة من خــردل مــن إيمــان " البخــاري)‪. (1‬‬ ‫مثقال حب ٍ‬
‫وهــذا واقــع المســلمين فــي هــذا العصــر؛ ُيقــال‬
‫قــه! وغيــر ذلــك‬ ‫خل َ‬‫للرجل ‪ :‬ما أعقَله! ما أحســن ُ‬
‫من الصــفات الحســنة‪ ،‬وهــو مــن أفســق النــاس‪،‬‬
‫وقد يكون عدوا ً للمســلمين؛ فحســبنا اللــه ونعــم‬
‫الوكيل‪.‬‬
‫ب شــيئا ً عــن‬ ‫ت أن أكت ـ َ‬ ‫لجــل هــذا وذاك أحبب ـ ُ‬
‫ة‪ ،‬ونصــحا ً‬ ‫قضية فلسطين هذه اليام إبــراءً للذم ـ ِ‬
‫لعموم المة‪ ،‬ولسان حالي يقـول ‪ " :‬اللهــم إنـي‬
‫مــا صــنع‬ ‫ُ‬
‫ما فعل هؤلء‪ ،‬وأبرأ إليك م ّ‬ ‫أعتذر إليك م ّ‬
‫ت الختصــار هنــا‬ ‫ُ‬
‫جحــ ُ‬‫ألئك " !‪ ،‬فــي حيــن أنــي ر ّ‬
‫قصدًا؛ كي نصــل إلــى المقصــود الشــرعي بــأبلغ‬
‫عبارة‪ ،‬وأوضح إشارة ‪.‬‬
‫ت رسالتي هــذه علــى ثلثــة‬ ‫وبعد هذا فقد أدر ُ‬
‫ب فصلن ‪:‬‬ ‫أبواب‪ ،‬وتحت ك ّ‬
‫ل با ٍ‬
‫ن المسلمة ‪.‬‬ ‫الباب الول ‪ :‬فلسطي ُ‬
‫ف بفلسطين ‪.‬‬ ‫الفصل الول ‪ :‬تعري ٌ‬
‫الفصــل الثــاني ‪ :‬تأريــخ الحتلل اليهــودي‬
‫لفلسطين ‪.‬‬
‫البــاب الثــاني ‪ :‬فلســطين بيــن الســتنكار‪،‬‬
‫والخبار ‪.‬‬
‫الفصل الول ‪ :‬أهل الستنكار ‪.‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬أهل الخبار ‪.‬‬

‫‪ 1‬ج أخرجه البخاري مع الفتح )‪. ( 11/333‬‬

‫‪6‬‬
‫الباب الثالث ‪ :‬الحلول السلمية ‪.‬‬
‫ل الســـلمي بيـــن‬‫الفصـــل الول ‪ :‬الحـــ ّ‬
‫اليجابّيات‪ ،‬والسلبيات ‪.‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬قائمة الحلول ‪.‬‬
‫والحمد لله رب العالمين‪ ،‬والصلة والسلم على‬
‫عبده ورسوله المين ‪.‬‬

‫ن‬
‫فوا َ‬‫ص ْ‬
‫ه ‪ /‬أبو َ‬ ‫و َ‬
‫كتب ُ‬ ‫َ‬
‫دي‬
‫م ِ‬
‫غا ِ‬
‫ن ال َ‬
‫حمدا َ‬ ‫د آل َ‬
‫ن سع ٍ‬ ‫بب ُ‬
‫ِذيا ُ‬
‫الطائف ‪ .‬ص ب ) ‪( 1979‬‬

‫الباب الول‬
‫" فلسطين المسلمة "‬
‫ف بفلسطين ‪.‬‬ ‫الفصل الول ‪ :‬تعري ٌ‬
‫ة‬‫ث عــن فلســطين تأريخ ـًا‪ ،‬وجغرافي ـ ً‬ ‫ن الحدي َ‬ ‫إ ّ‬
‫وحدودًا‪ ،‬ومناخ ـًا‪ ،‬وســكانا ً ‪ ...‬الــخ‪ ،‬ل يحتــاج إلــى‬
‫ب‬ ‫كبير عناء؛ حيث كفانـا فيـه المؤرخـون‪ ،‬والكتـا ُ‬
‫الســلميون‪ ،‬ول أبــالغ حيــن أقــول ‪ :‬إن الحــديث‬
‫عن فلسطين‪ ،‬ومسجدها القصى‪ ،‬وقضــيتها مــع‬
‫النتداب البريطــاني والحتلل اليهــودي قــد أخــذ‬
‫حجما ً كبيرًا؛ حــتى لــو أن أحــدا ً أراد أن يجمــع مــا‬
‫ب عـن فلســطين لخـرج بعشـرات المجلــدات؛‬ ‫ُ‬
‫كتـ َ‬
‫ما ينتهي‪ ،‬وهذا منهم ل عبثا ً أو فضــول ً‬ ‫وهو بعدُ ل ّ‬

‫‪7‬‬
‫ة فلســطين لــم‬ ‫ن قضي َ‬ ‫– وحاشاهم من ذلك –؛ لك ّ‬
‫تكن عنــدهم كغيرهــا مــن بلد المســلمين‪ ،‬فهــي‬
‫ُأولى القبلتين‪ ،‬ومسرى إمام النبياء والمرسلين‬
‫ل‬ ‫ط أنظــارهم‪ ،‬ومحــ ّ‬ ‫‪...‬؛ لجــل هــذا كــانت محــ ّ‬
‫ن عــبراتهم‪،‬‬ ‫أفكــارهم‪ ،‬ومــادةَ تــأليفهم‪ ،‬ومــوط َ‬
‫ل آهاتهم ‪ ...‬ومنه كانت جــديرةً بــذلك وفــوق‬ ‫ولي َ‬
‫ذلك‪ ،‬ول شك ‪.‬‬
‫لذا رأيت مــن المناســب أن أقتصــر علــى ذكــر‬
‫ث‬ ‫ن الحــدي َ‬ ‫ط‪ ،‬كما أ ّ‬ ‫المهم من تعريف فلسطين ق ّ‬
‫ع رسالتي فتأمل ‪.‬‬ ‫عنها ليس موضو َ‬
‫فلسطين ‪:‬‬
‫د عربي فتحه المسلمون في عهد عمــر‬ ‫ل بل ٍ‬‫أو ُ‬
‫بن الخطــاب ــ رضــي اللــه عنـه ــ ســنة )‪15‬هـــ(‪،‬‬
‫ث‬ ‫ولدَ وُبعــ َ‬‫ونشروا فيه السلم ‪ .‬وفي فلسطين ُ‬
‫كثيٌر مــن الّرســل عليهــم الســلم –‪ ،‬الــذين جــاء‬
‫ذكرهم في القرآن الكريم‪ ،‬فهي ُأولــى القبلــتين‬
‫ومسرى خاتم النــبيين؛ فمنــذ أربعــة عشــر قرن ـا ً‬
‫ة‬‫ظلــت فلســطين بلــدا ً إســلميا ً عربيـا ً لهــا مكانـ ٌ‬
‫ق الرض‬ ‫ب المسلمين فــي مشــار ِ‬ ‫ة في قلو ِ‬ ‫خاص ٌ‬
‫ومغاربها ‪.‬‬
‫يقول شيخ السلم ابن تيمية ‪ -‬رحمه اللــه ‪: -‬‬
‫ل الكتاب والســنة ومــا ُروي عــن النبيــاء‬ ‫" وقد د ّ‬
‫علم بــالحس‬ ‫دمين – عليهم السلم – مع ما ُ‬ ‫المتق ّ‬
‫ن الخلــق والمــر‬ ‫والعقــل وكشــوف العــارفين‪ ،‬أ ّ‬
‫م الخلق‪ ،‬وفيهــا‬ ‫ابتداءً من مكة أم القرى‪ ،‬فهي أ ّ‬
‫ابتــدأت الرســالة المحمديــة الــتي طبــق نورهــا‬
‫الرض‪ ،‬وهــي جعلهــا اللــه قيامــا ً للنــاس‪ ،‬إليهــا‬
‫يصلون ويحجــون‪ ،‬ويقــوم بهـا مـا شــاء اللـه مــن‬
‫مصالح دينهم ودنياهم‪ ،‬فكان السلم في الزمان‬

‫‪8‬‬
‫الول ظهــوره بالحجــاز أعظــم‪ ،‬ودّلــت الــدلئل‬
‫المـــذكورة علـــى أن " ملـــك النبـــوة " بالشـــام‪،‬‬
‫والحشر إليها‪ ،‬فإلى بيت المقدس وما حوله يعود‬
‫الخلق والمر‪ ،‬وهناك ُيحشر الخلق‪ ،‬والسلم في‬
‫آخر الزمان يكــون أظهــر بالشــام‪ ،‬وكمــا أن مكــة‬
‫أفضل من بيت المقــدس‪ ،‬فــأول المــة خيــر مــن‬
‫آخرها‪ ،‬كما أنه في آخر الزمــان يعــود المــر إلــى‬
‫الشام كما أسرى النبي صــلى اللــه عليــه وســلم‬
‫من المسجد الحرام إلى المسجد القصى ")‪. (1‬‬
‫وقال ابن كثير ‪ -‬رحمه الله – في تفســير آيــة‬
‫السراء ) ‪ ...‬إلى المسـجد القصـى الـذي باركنـا‬
‫دن‬ ‫حوله ( ‪ " :‬هو بيت المقدس الذي بإيليــاء‪ ،‬معــ ِ‬
‫النبيــاء مــن إبراهيــم الخليــل – عليــه الســلم –‬
‫جمعــوا لــه هنــاك صــلى اللــه عليــه وســلم‬ ‫ولهذا ُ‬
‫ل علــى‬ ‫مهم في محّلتهــم ودارهــم‪ ،‬فــد ّ‬ ‫كّلهم‪ ،‬فأ ّ‬
‫أّنه صلى اللــه عليــه وســلم هــو المــام المعظّــم‬
‫دم ")‪. (2‬‬
‫والرئيس المق ّ‬
‫ما القدس)‪ : (3‬فهي عاصمة فلسطين‪ ،‬وفيهــا‬ ‫أ ّ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫المسـجد القصـى أولـى القبلـتين؛ حيـث أسـري‬
‫بالرســول صــلى اللــه عليــه وســلم مــن المســجد‬
‫عــرج بــه إلــى‬ ‫الحــرام إلــى المســجد القصــى‪ ،‬و ُ‬
‫السماء ‪.‬‬
‫استولى عليه اليهود في عــام ) ‪1387‬هـــ () (‪،‬‬
‫‪4‬‬

‫‪1‬ج انظر " مجموع الفتاوى " لبن تيمية ) ‪. (44-27/43‬‬


‫‪ 2‬ج انظر " تفسير ابن كثير " ) ‪. (3/22‬‬
‫‪3‬ج كذا ذكرناها مجاراة ً لعلمي ِّتها الن !‪ ،‬انظر اسججتدراكنا حججول هججذه التسججمية‪،‬‬
‫والقول الصحيح فيها‪ ،‬ص ) ‪. ( 1‬‬
‫ت فججي كتججابي هججذا وغيججره – وللججه الحمججد – التأريججخ الهجججري‪،‬‬ ‫‪4‬جج لقججد الججتزم ُ‬
‫صلةِ عند القارئ المسلم‪،‬‬ ‫مح ّ‬
‫ت ما سواه ‪ -‬الميلدي ‪ ،-‬لعموم الفائدة ال ُ‬ ‫وطرح ُ‬
‫وُنصرة ً للتأريخ السلمي‪ ،‬وإحياًء للسّنة؛ خلفا ً لما درج عليججه كججثيٌر مججن كتابنججا‬
‫المعاصرين تحت وطججأة النهججزام التججأريخي أمججام الغججرب‪ ،‬أو مجججاراة ً للتبعيججة‬

‫‪9‬‬
‫ضمن اعتداءاتهم الغاشمة على البلد الســلمية‪،‬‬
‫وستعود بإذن الله تعالى‪ ،‬ول شك ‪.‬‬
‫الفصــل الثــاني ‪ :‬تأريــخ الحتلل اليهــودي‬
‫لفلسطين ‪.‬‬
‫عدْ الحتلل اليهودي يخفي على ذي عين‪،‬‬ ‫لم ي َ ُ‬
‫ابتــداءً بــالتهجير اليهــودي‪ ،‬وانتهــاءً بــالحتلل‬
‫ر‪،‬‬ ‫ث عن ذلك باختصا ٍ‬ ‫الغاشم !‪ ،‬إل ّ أّننا آثرنا الحدي َ‬
‫ة‪ ،‬وربطــا ً‬ ‫ة إتماما ً للفائد ِ‬ ‫ة موجز ٍ‬ ‫ة تأريخي ٍ‬ ‫ر نبذ ٍ‬ ‫وذك ِ‬
‫ن الرسالة ‪.‬‬ ‫لمضمو ِ‬
‫ن لليهود ‪ :‬مع نهايات‬ ‫* التمهيد لنشاء موط ٍ‬
‫القـــرن الثـــالث عشـــر هجـــري‪ ،‬بـــدأت الحركـــة‬
‫هَيونية في أوروبة تــدعو إلــى ضــرورة إيجــاد‬ ‫ص ْ‬‫ال ّ‬
‫مجتمــع يهــودي يحكــم نفســه‪ ،‬واختــارت الحركــة‬
‫الصهيونية أن يكون ذلك المكان هو فلســطين !‪،‬‬
‫ل المشــكلة اليهوديــة عــن طريــق دفــع‬ ‫ونادت بح ّ‬
‫يهود أوروبة الشرقية للهجرة إلى فلسطين ‪.‬‬
‫وفي الوقت الذي أخذ فيه عددُ يهود فلسطين‬
‫يتنــاقص خلل فــترة الحــرب العالميــة الولــى )‬
‫م المشــروع‬ ‫‪1336-1332‬هـ (‪َ ،‬تبّنت بريطانية دع ـ َ‬
‫د‬
‫م َ‬‫هَيوني مقابل تمويل اليهود لهــا حــتى َتص ـ ُ‬ ‫ص ْ‬‫ال ّ‬
‫فـــي الحـــرب ‪ .‬وقـــد أصـــدر وزيـــر الخارجيـــة‬
‫البريطاني " بلفور " وعده في عام ) ‪1335‬هـــ (‬
‫ي لليهــود فــي فلســطين ‪.‬‬ ‫ن قــوم ّ‬ ‫بتحقيــق وط ـ ٍ‬
‫س الحلفاء في عام ) ‪1338‬هـ ( على‬ ‫ووافق مجل ُ‬
‫وضـــع فلســـطين تحـــت النتـــداب البريطـــاني‪،‬‬
‫ة المم بذلك وصــدقت علــى وعــد‬ ‫عصب ُ‬ ‫واعترفت ُ‬
‫كن ذلك بريطانية من اســتغلل‬ ‫) بلفور ( ‪ .‬وقد م ّ‬
‫دها بتهويــد فلســطين‪،‬‬ ‫سيادة وجودها لتنفيذ وع ـ َ‬
‫جل‬
‫ة فلسججطين‪ ،‬وكججذا قربهججا من ّججا لججم ُتسج ّ‬
‫ن قضججي َ‬
‫الممقوتة !‪ .‬هذا إذا علمنججا أ ّ‬
‫ّ‬
‫وقائُعها‪ ،‬وحوادُثها عند كثير من المسلمين إل بالتأريخ الميلدي – للسف ‪.!-‬‬

‫‪10‬‬
‫فعّينــت فــي منصــب المنــدوب البريطــاني فــي‬
‫فلســطين أحــد القــادة اليهــود وهــو " هربــرت‬
‫صموئيل" وقد اضطلع "صموئيل" بمهمــة إعطــاء‬
‫الصيغة الرسمية للوكالة اليهودية‪ ،‬وأشركها فــي‬
‫صياغة القوانين واللوائح والنظمة الولــى الــتي‬
‫كنت اليهود من تملك‬ ‫سرت الهجرة اليهودية‪ ،‬وم ّ‬ ‫ي ّ‬
‫الراضي‪ ،‬ومنحتهم امتيــازات اقتصــادية جعلتهــم‬
‫يســــيطرون بالتدريــــج علــــى اقتصــــاد البلد‪،‬‬
‫وُيعّرضون اقتصاد العرب للخطــر حــتى يزعزعــوا‬
‫كــن‬‫تمسكهم بالرض تمهيدا ً للستيلء عليها ‪ .‬وم ّ‬
‫المنــدوب البريطــاني – أيضـا ً – الوكالــة اليهوديــة‬
‫من الشتراك فــي إدارة البلد‪ ،‬والقيــام بتنظيــم‬
‫اليهــــود‪ ،‬وتســــليحهم‪ ،‬وتــــدريبهم‪ ،‬وتشــــكيل‬
‫العصابات ‪.‬‬
‫وفــي عــام ) ‪1366‬هـــ (‪ ،‬رفعــت بريطانيــة‬
‫المشكلة التي صنعتها بيدها إلى المــم المتحــدة‪،‬‬
‫وذلك على أساس أن حكومة النتداب عجزت عن‬
‫ل مشكلة الشعبين )الول الذي انتدبتها عصــبة‬ ‫ح ّ‬
‫المـــم لحكمـــه‪ ،‬والثـــاني الـــذي أوجـــدته بعـــد‬
‫انتدابها (‪ ،‬وأعلنــت بريطانيـة أنهـا ســتتخّلى عـن‬
‫انتدابها لفلسطين في غضون ستة أشهر ‪.‬‬
‫ن يهود ‪:‬‬‫* إنشاءُ موط ِ‬
‫صدر قرار الجمعيــة العموميــة للمــم المتحــدة‬
‫في ) ‪1366‬هـ ( بتقسيم فلســطين إلــى دولــتين‬
‫) عربيــة ويهوديــة ( ووضــع بيــت المقــدس ومــا‬
‫حولها تحت الدارة الدولية ‪.‬‬
‫جــر الضــطرابات بيــن‬ ‫دى ذلــك إلــى تف ّ‬‫وقــد أ ّ‬
‫عــّزل مــن الســلح‪ ،‬وغيــر‬ ‫المــواطنين العــرب ال ُ‬
‫المــدّربين عســكريا ً مــن ناحيــة‪ ،‬وبيــن العصــابات‬

‫‪11‬‬
‫هَيونية المدربــة‪ ،‬والمســلحة وذات المــوارد‪،‬‬ ‫صــ ْ‬‫ال ّ‬
‫ُ‬
‫دعم الــداخلي والخــارجي مــن ناحيــة أخــرى ‪.‬‬ ‫وال ّ‬
‫وانتهــت الحــرب غيــر المتكــافئة بقتــل أو تهجيــر‬
‫صــهَيونية علــى‬ ‫العــرب‪ ،‬واســتيلء العصــابات ال ّ‬
‫الراضي العربية ‪.‬‬
‫وفــي ) ‪7/7/1367‬هـــ ( انســحبت بريطانيــة‬
‫مهــم‬‫حك َ‬ ‫رســميا ً مــن فلســطين‪ ،‬وأعلــن اليهــودُ ُ‬
‫للبلد التي استولوا عليها بالقوة ‪ .‬وقد ســاعدهم‬
‫البريطـــانيون فـــي الســـتيلء علـــى الـــدوائر‬
‫الحكوميــة‪ ،‬ومعســكرات الجيــش‪ ،‬ومســتودعات‬
‫الســلحة بمــا فــي ذلــك الطــائرات‪ ،‬والــدبابات‪،‬‬
‫وخطوط السكك الحديديــة بقطاراتهــا ومعــداتها‪،‬‬
‫وكــذلك المطــار الــدولي‪ ،‬والمينــاء الرئيســي ‪.‬‬
‫دول العــالم تباعــا ً اعترافهــا بالســلطة‬ ‫وأعلنــت ُ‬
‫الوليدة فور إعلنهــا بــدقائق‪ ،‬وقــد كــانت الــدول‬
‫الكبرى في مقدمة الدول المعترفة ! ‪.‬‬
‫وفــي الجــانب الخــر أعلــن الفلســطينيون‬
‫وموا‬‫اســتنكاَرهم لقــرار التقســيم الجــائر‪ ،‬وقــا َ‬
‫ل طاقتهم‪ ،‬واســتطاعوا أن‬ ‫العصابات اليهودية بك ّ‬
‫ققــوا انتصــارات عديــدة فــي إيقــاف زحــف‬ ‫ُيح ّ‬
‫ن قــوات‬ ‫ججــة بالســلح؛ غيــر أ ّ‬ ‫العصــابات المد ّ‬
‫الجامعة العربية الــتي هب ّــت لمســاعدتهم بعــد )‪7‬‬
‫رجــب ( اشــترطت تجريــدَ المناضــلين العــرب !‪،‬‬
‫ت‬‫كن القــوا ُ‬ ‫ة الجبهات حتى تتم ّ‬ ‫ف ِ‬‫وإبعادهم عن كا ّ‬
‫ض المعارك ! ‪.‬‬
‫ة من خو ِ‬ ‫النظامي ُ‬
‫هزمت علــى جميــع‬ ‫ن هذه القوات النظامية ُ‬ ‫لك ّ‬
‫الجبهات‪ ،‬وتراجعت عن الراضــي الــتي اســتطاع‬
‫ل الــتي‬ ‫المناضلون الدفاع عنها‪ ،‬واضــطّرت الــدو ُ‬
‫مّثلتها هذه القوات إلى عقد معاهدات هدنــة مــع‬

‫‪12‬‬
‫اليهود عرفت بمعاهدات وقف إطلق النار لعام )‬
‫‪1368‬هـ ( ‪.‬‬
‫كمــا ســيطر اليهــود نتيجــة أحــداث ) ‪-1367‬‬
‫‪1368‬هــــ ( علـــى ) ‪3,175‬كـــم ‪ ،( 2‬مـــن أملك‬
‫اللجئين العــرب‪ ،‬ولكــي ُتضــفي الدولــة الجديــدة‬
‫المزيفة على هذا الستيلء‪ ،‬ســّنت قــانون أملك‬
‫الغــائبين‪ ،‬وقــانون نقــل المــوال إلــى ســلطة‬
‫التعمير والنشاء لعام )‪1369‬هـ ( ‪.‬‬
‫وفي عــام ) ‪1387‬هـ ـ (‪ ،‬اســتولت يهــود علــى‬
‫س القـــوانين‬ ‫بـــاقي فلســـطين‪ ،‬وطّبقـــت نفـــ َ‬
‫ة‬
‫ضــف ِ‬‫والجــراءات‪ ،‬والســاليب علــى أراضــي ال ّ‬
‫غّزة؛ بل ابتـدعت قـوانين أخـرى‬ ‫الغربية‪ ،‬وقطاع َ‬
‫كنها مــن ســرعة تجريــد العــرب مــن أراضــيهم‬ ‫ُتم ّ‬
‫تحت مسمى "الساليب المنية "‪.‬‬
‫ووضــعت الســلطات اليهوديــة يــدها علــى )‬
‫‪ (%33‬من مساحة الضـفة والقطـاع حـتى عـام )‬
‫‪1409‬هـ (‪ ،‬وأغلقــت نحــو ) ‪ (%17‬مــن المســاحة‬
‫لسباب أمنية ! ‪.‬‬
‫هَيونية سياســة بنــاء‬ ‫صـ ْ‬
‫وقد اعتمدت الحركة ال ّ‬
‫م الســتيلء‬ ‫المستوطنات في الراضــي الــتي يت َـ ّ‬
‫عليها ليجاد مأوى‪ ،‬وعمل للمهاجرين اليهود ! ‪.‬‬
‫ت َن ِْبيه ‪:‬‬
‫وحــتى يتمك ّــن اليهــود مــن تنفيــذ مخططــات‬
‫تهويد فلسطين‪ ،‬حافظوا علــى حالــة العــداء مــع‬
‫غضـــبة‬ ‫الـــدول العربيـــة المحيطـــة‪ ،‬مســـتغلين َ‬
‫المســلمين فــي فلســطين‪ ،‬وقيــام أفــراد منهــم‬
‫دلء بعضــــهم‬ ‫ببعــــض أعمــــال المقاومــــة‪ ،‬أو إ ْ‬
‫م عــن الحبــاط واليــأس‪ ،‬أو دعــوة‬ ‫بتصريحات ت َن ُـ ّ‬
‫بعضهم لتشكيل المنظمات الفدائية‪ ،‬ثــم تشــكيل‬

‫‪13‬‬
‫ة لتنفيــذ سياســة العتــداء‬ ‫منظمة التحرير‪ ،‬ذريع ـ ً‬
‫على الراضي العربية في جميع جبهــات خطــوط‬
‫ل عشــر‬ ‫ن حــروب شــاملة دوريــة ك ـ ّ‬ ‫ش ّ‬ ‫الهدنة‪ ،‬أو َ‬
‫سنوات تقريبـًا؛ إذْ حــدثت الحــروب فــي أعــوام )‬
‫‪1376‬ـــــ ‪1378‬هـــــ‪،1375 ،‬ــــ ‪،1387‬ــــ ‪،1393‬‬
‫‪1402‬هـ (‪ ،‬وقد كــان اليهــود يحققــون أهــدافهم‬
‫ل مــن هــذه الحــروب‪ ،‬وفــي ك ـ ّ‬
‫ل‬ ‫التوسعية في ك ّ‬
‫حرب كان اليهود يؤكدون على تشّبثهم بالراضي‬
‫المحتلــة فــي الحــروب الســابقة‪ ،‬وذلــك بســبب‬
‫توقــف العــرب عــن المطالبــة بتلــك الراضــي‪،‬‬
‫والتفرغ للمطالبة بالراضي المحتلة في الحروب‬
‫ن الدولــة اليهوديــة الــتي‬ ‫اللحقة ‪ .‬ومن هنــا‪ ،‬فــإ ّ‬
‫نشأت بقرار من المم المتحدة‪ ،‬هي الوحيدة في‬
‫ص مــن‬‫العــالم الــتي دأبــت وبإصــرار علــى الّتمل ـ ِ‬
‫قــرارات مجلــس المــن‪ ،‬والمنظمــات الدوليــة‪،‬‬
‫مستندةً في ذلك على التأييد‪ ،‬والــدعم مــن قبــل‬
‫الوليـــات المتحـــدة‪ ،‬وســـائر الـــدول الغربيـــة‬
‫لمشاريعها العدوانية ! ‪.‬‬
‫ومنذ أن قاد حــزب العمــال ) مابــاي ( حكومــة‬
‫اليهود من تأريخ تأسيسها حتى عام )‪1397‬هـــ (‪،‬‬
‫وهــو يســعى حثيث ـا ً فــي إقامــة دولــة يهــود فــي‬
‫ل أنواع الطرق الوحشية‪ ،‬والعدوانية‪،‬‬ ‫المنطقة بك ّ‬
‫وهكذا‪ ،‬حتى أسفرت النتخابات البرلمانيــة الــتي‬
‫حــولت القيــادة اليهوديــة إلــى تجمــع ) الّليكــود (‬
‫ل فــي‬ ‫ج ٌ‬‫ســ ّ‬
‫م َ‬
‫بزعامــة " بيجيــن "‪ ،‬وهــو إرهــابي ُ‬
‫قائمة الرهابيين المطلــوبين لحكومــة النتــداب‪،‬‬
‫وكــان يــترأس إحــدى العصــابات الرهابيــة فــي‬
‫فلسطين قبل قرار التقسيم ‪ .‬وفي عهده أجرى‬
‫الرئيس المصري ‪ :‬محمد أنور الســادات مباحثــات‬

‫‪14‬‬
‫معــه بحضــور الرئيــس المريكــي " كــارتر " فــي‬
‫) كــامب ديفيــد (‪ ،‬وذلــك فــي أعقــاب الزيــارة‬
‫المفاجئة التي قام بها السادات لــبيت المقــدس‪،‬‬
‫لبحــث قضــيتي ‪ :‬المســألة الفلســطينية‪ ،‬والجلء‬
‫عن سيناء ‪ .‬وقد أسفرت المباحثات التي ُأجريــت‬
‫ل المســألة‬‫فـي ) ‪1399‬هـــ( عــن فشــلها فــي حـ ّ‬
‫الولــى‪ ،‬وعــن عقــد معاهــدة ســلم دائم بيــن‬
‫الطرفيــن المصــري واليهــودي فــي ظــل وجــود‬
‫قوات دولية ! ‪.‬‬
‫وجــدت علــى‬ ‫لــم تتوقــف دولــة الحتلل‪ ،‬منــذ ُ‬
‫الراضي الفلسطينية عن مهاجمــة حــدود الــدول‬
‫العربية المحيطة بها‪ ،‬وذلك بحجة إبعاد الفدائيين‬
‫الفلسطينيين ‪ .‬وفي ) شعبان ‪1402‬هـ ( اجتاحت‬
‫قواُتهــا الجنــوب اللبنــاني بحجــة النتقــام مــن‬
‫المقاومة الفلسطينية‪ ،‬والرد على هجماتها علــى‬
‫شمالي فلسطين المحتلة ‪ .‬ولــم تتوقــف اليهــود‬
‫عن ضرب لبنان إل ّ بعد تجريد الفلســطينيين مــن‬
‫ل لبنــان ‪ .‬ومــع ذلــك‬ ‫أسلحتهم‪ ،‬وطردهــم مــن كـ ّ‬
‫سحب اليهود قواَتهم مــن أواســط لبنــان فقــط‪،‬‬
‫واحتفظــوا بشــريط أمنــي علــى طــول الحــدود‬
‫الجنوبية والشرقية للبنان؛ إل ّ أنهم انسحبوا منــه‬
‫أخيرا ً تحــت ضــربات المقــاومين الّلبنــانيين‪ ،‬فــي‬
‫شْبعا ! ‪.‬‬‫حين بقت في حوزتهم مزارع ُ‬
‫وفي ) محرم ‪1404‬هـ (‪ ،‬تخل ّــى "بيجيــن" عــن‬
‫رئاسة الوزراء لـ "إســحاق شــامير" الــذي تــرأس‬
‫بعده كتلة ) الّليكود ( ! ‪.‬‬
‫ي آخــر كــان‬ ‫ن "شامير" إرهاب ٌ‬ ‫ومن المعروف أ ّ‬
‫ل الحكومــة البريطانيــة لقيــامه‬ ‫مطلوب ـا ً مــن ِ‬
‫قب َ ـ ِ‬
‫بأعمـــال إرهابيـــة‪ ،‬وقـــد كـــان زعيمـــا ً لحـــدى‬

‫‪15‬‬
‫المنظمـــات الرهابيـــة‪ ،‬وفـــي الفـــترة ) ‪ 5‬ــــ‬
‫ة ) الّليكــود (‬ ‫ل وكتل ـ ُ‬ ‫ب العم ـ ِ‬ ‫‪1409‬هـ ( شارك حز ُ‬
‫ي مــن‬ ‫فــي الحكــم معـا ً بســبب عــدم اســتطاعة أ ّ‬
‫كتلتين السـيطرة علـى أغلبيـة أصـوات مجلـس‬ ‫ال ُ‬
‫النواب‪ ،‬وبقصــد التعــاون للتغلــب علــى التضــخم‬
‫الذي ارتفع بنسبة ) ‪ ( %400‬عام ) ‪1405‬هـ ( ‪.‬‬
‫وحينما وصل المسلمون فــي فلســطين تحــت‬
‫ة من الحباط واليأس من‬ ‫ة بالغ ً‬ ‫هذا الحتلل درج ً‬
‫جـــّراء الرهـــاب الفـــردي والـــدولي المنظـــم‪،‬‬
‫والمدعوم مــن الــدول الكــبرى المســيطرة علــى‬
‫المم المتحدة ومجلس المن طوال نصف قــرن‪،‬‬
‫ومـــن جـــّراء الضـــطهاد والتـــآمر مـــن الـــداخل‬
‫والخارج؛ اندلعت انتفاضــة جهاديــة عارمــة بــدأت‬
‫ب‬ ‫فـــي )‪16/4/1408‬هــــ ( حيـــث جـــابه الشـــبا ُ‬
‫جــج بأحــدث‬ ‫و اليهــودي المد ّ‬ ‫والطفال فيهــا العــد ّ‬
‫ح إل ّ إيمــانهم‬ ‫ي ســل ٍ‬ ‫السلحة وهم مجّردين من أ ّ‬
‫بالله؛ غير عابئين بالنتائج الــتي يمكــن أن ُتســفَر‬
‫ل‪،‬‬ ‫ة‪ ،‬وهــي القتــ ُ‬ ‫ة الحتميــ ُ‬ ‫عنهــا هــذه المجابهــ ُ‬
‫ب‪،‬‬ ‫ت‪ ،‬والتعــذي ُ‬ ‫ت‪ ،‬والعتقــال ُ‬ ‫ل‪ ،‬والصــابا ُ‬ ‫والتمثي ـ ُ‬
‫ق‪ ،‬والطــردُ مــن‬ ‫ع الرزا ِ‬ ‫ت‪ ،‬وقطــ ُ‬ ‫م الــبيو ِ‬‫وهــد ُ‬
‫البلد ‪ ...‬ومــن هنــا أطلــق علــى عناصــر هــذه‬ ‫ُ‬
‫النتفاضة الجهادية مصطلح ‪ :‬أطفال الحجارة !‪.‬‬
‫م؛ إ ْ‬
‫ذ‬ ‫ً‬ ‫وبينمــا الحــداث تت ّ‬
‫كشــف يومــا بعــد يــو ٍ‬
‫ة بيــن‬ ‫ت ســري ّ ٍ‬ ‫ب عــن إجــراء مفاوضــا ٍ‬ ‫كشف الّنقا ُ‬
‫ة التحريـــر‬ ‫د يهـــودي‪ ،‬وآخـــر مـــن منظمـــ ِ‬ ‫وفـــ ٍ‬
‫ة الّنرويجي ّــة‪ ،‬وقــد‬ ‫الفلسطينية بوســاطة الحكومـ ِ‬
‫ف‬‫أســفرت هــذه المفاوضــات عــن إعلن اعــترا ٍ‬
‫ل بين المنظمة والدولة اليهودية في يومي‬ ‫متباد ٍ‬
‫ة‬‫م التوقيع على اتفاقيـ ِ‬ ‫) ‪24/3/1414-23‬هـ (‪ ،‬وت َ ّ‬

‫‪16‬‬
‫ة‪ ،‬وأريحــا‬ ‫ع غ ـّز َ‬ ‫قطــا ِ‬ ‫ذاتي المحدود على ِ‬ ‫حكم ال ّ‬ ‫ال ُ‬
‫ر‬ ‫ُ‬
‫ل كــبي ٍ‬ ‫بوصفها خطوة أولــى‪ ،‬وذلــك فــي احتفــا ٍ‬
‫في حديقة البيت البيض – بيت العنكبوت السود‬
‫– بواشـــنطن بتأريـــخ ) ‪27/3/1414‬هــــ ( وذلـــك‬
‫ل من الوليات المتحــدة‬ ‫ةك ّ‬ ‫زيَري خارجي ِ‬ ‫و ِ‬ ‫بحضور َ‬
‫المريكيــة وروســية التحاديــة‪ ،‬وفــي الرابــع مــن‬
‫س‬ ‫قع الرئي ـ ُ‬ ‫و ّ‬‫)ذي القعدة ‪1414‬هـ ( في القاهرة َ‬
‫الفلســطيني ‪ :‬ياســر عرفــات‪ ،‬وإســحاق رابيــن‬
‫رئيــس وزراء الحكومــة اليهوديــة اتفاقيــة قيــام‬
‫ذاتي فــي غــزة وأريحــا‪ ،‬وفــي ) محــرم‬ ‫حكم ال ـ ّ‬ ‫ال ُ‬
‫‪1415‬هـ ( وصــل ياسـُر عرفــات إلــى غـّزةَ ل ِي ُــديَر‬
‫ة الحكم الذاتي الفلسطيني)‪.!! (1‬‬ ‫سلط َ‬
‫وهكــذا أدار القــائد البــائد عرفــات ســلطته‬
‫ة !‪ ،‬وبينما هو يزهو‬ ‫ة وسفاه ٍ‬ ‫ل حماق ٍ‬ ‫الوهمية؛ بك ّ‬
‫على حماره‪ ،‬ويلوح بيــديه لصــبياِنه !‪ ،‬إذ بأســياده‬
‫يدورون على سلطِته بالقذائف المروحية التي ل‬
‫ُتبقي‪ ،‬ول َتذر !‪ ،‬وذلك فــي ) رجــب – ‪1421‬هـ ـ (‬
‫من هذه السنة ‪.‬‬
‫ن الحـــديث جريـــا ً وراء قضـــية فلســـطين‬ ‫إ ّ‬
‫سيطول بنا‪ ،‬كما سيخرجنا عــن مقصــد رســالتنا‪،‬‬
‫ة – إن شاء الله – ‪.‬‬ ‫غني ٌ‬ ‫ففيما ذكرناه ُ‬
‫ب الّثاِني‬‫الَبا ُ‬
‫ر"‬ ‫خَبا ِ‬ ‫ر‪ ،‬وال ْ‬ ‫سِتنكا ِ‬‫ن ال ْ‬ ‫ن َبي َ‬‫سطي ُ‬ ‫فل ِ ْ‬‫" ِ‬
‫ر‪.‬‬ ‫ر‪ ،‬وأه ُ‬ ‫ل ‪ :‬أه ُ‬ ‫و ُ‬ ‫َ‬ ‫الفص ُ‬
‫ل الخبا ِ‬ ‫ل الستنكا ِ‬ ‫ل ال ّ‬
‫إن المتــابع لقضــية فلســطين منــذ أن تربعــت‬
‫ي الضــوءَ‬ ‫يهــودُ علــى أراضــيها؛ يســتطيع أن يلقـ َ‬
‫‪1‬ججج انظججر بعججض تفاصججيل هججذه المججؤامرات التأريخيججة ضججد القججدس ابتججداءً‬
‫بالستعمار البريطاني‪ ،‬وانتهاًء بقيام دولة يهود المحتلة حتى الن " الموسوعة‬
‫العربية العالميججة " ) ‪،( 440-17/436‬وغيرهججا مججن الكتججب الججتي اعتنججت بهججذا‬
‫الشأن ‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫ه دونمــا تــردٍد أو‬ ‫و ِ‬
‫ة‪ ،‬وُيصدَر الحكام في ت َـ ّ‬ ‫مباشر ً‬
‫ت؛‬ ‫ت‪ ،‬أو تخمينــا ٌ‬ ‫كمــا ٌ‬ ‫تراجــع‪ ،‬وهــذا منــه ليــس تح ّ‬
‫ة فــي‬ ‫ة فلســطين واضــح ٌ‬ ‫ل هذا لن قضــي َ‬ ‫كل ّ !‪ ،‬ك ّ‬
‫ة‬‫ل ذي عينين‪ ،‬وأخباَرهــا مســموع ٌ‬ ‫رابعة النهار لك ّ‬
‫د مــن‬ ‫لكــ ّ ُ‬
‫ذ ل تــثريب علــى أحــ ٍ‬ ‫ل أذنيــن‪ ،‬فحينئ ٍ‬
‫مــه‪،‬‬ ‫ح عــن كل ِ‬ ‫ئ رأي َــه‪ ،‬ويفص ـ َ‬ ‫المســلمين أن يبــد َ‬
‫ن درةً منشودة‪ ،‬وحلول ً‬ ‫ث خواطَِره عساها تكو ُ‬ ‫وي َب ُ ّ‬
‫ُرَبمــا كــانت مفقــودة !‪ ،‬واللــه يهــدي إلــى ســواء‬
‫السبيل ‪.‬‬
‫ت ‪ :‬أنني سأتجاسر فــي رســالتي‬ ‫عذرًا؛ إذا قل ُ‬
‫هـــذه بعـــض الشـــيء؛ فــي إلقـــاء بعـــض أرائي‬
‫جرأةً على الباطل – وأعــوذ بـالله‬ ‫ُ‬
‫وأطروحاتي‪ ،‬ل ُ‬
‫ة‬
‫ة‪ ،‬وآراءٌ مقيــد ٌ‬ ‫من ذلك – ولكنهــا مشــاعُر حبيس ـ ٌ‬
‫ت الصعداء لبدائها‪ ،‬فهيهات ! ‪.‬‬ ‫فس ُ‬‫طالما تن ّ‬
‫شــرت يهــودُ عــن أنيابهــا‪،‬‬ ‫مــا اليــوم؛ يــوم ك ّ‬ ‫أ ّ‬
‫د مــن حديــد‪،‬‬ ‫مرت عــن ســاعدها لتضــرب بي ـ ٍ‬ ‫وش ـ ّ‬
‫ل‬ ‫ن لك ـ ّ‬ ‫مـ ٌ‬ ‫ف َ‬
‫ق ِ‬ ‫وتقتــل المســلمين فــي فلســطين‪َ ،‬‬
‫ب بــه‬ ‫ة‪ُ ،‬نرهـ ُ‬ ‫و ٍ‬ ‫مسلم ٍ أن يشارك ما استطاع من ق ّ‬
‫و المســلمين‪ ،‬فــي حيــن ســكتت‬ ‫و اللــه وعــد ّ‬ ‫عــد ّ‬
‫الصــوات‪ ،‬وانكشــفت الرايــات الزائفــة‪ ،‬وتراجــع‬
‫ل‬ ‫ق أن يسعني هذا الحــا ُ‬ ‫الكاّرون !‪ ،‬فكان من الح ّ‬
‫فـي إبـداء رأي‪ ،‬ونـثر خـواطري‪ ،‬واللـه مـن وراء‬
‫القصد ‪.‬‬
‫أقــول ‪ :‬إن قضــية فلســطين – للســف – قــد‬
‫ذهبـــت طفولُتهـــا‪ ،‬وزهـــرةُ شـــبابها بيـــن أهـــل‬
‫ط‪،‬‬ ‫ط وتفري ـ ٍ‬ ‫الستنكار والخبار‪ ،‬فكانت بين إفــرا ٍ‬
‫يوم نشــأ فينــا الصــغيُر‪ ،‬وهــرم من ّــا الكــبيُر علــى‬
‫ل‬ ‫صــوت الســتنكاريين‪ ،‬وحــديث الخبــاريين‪ ،‬وك ـ ّ‬
‫غّيبــت قضــية فلســطين عــن الحقيقــة‬ ‫هــذا يــوم ُ‬

‫‪18‬‬
‫الشرعية‪ ،‬والطرق النبوية‪ ،‬والسبل الثريــة‪ ،‬ومــا‬
‫ة خطوطــا ً حمــراءَ لــم يســتطيعوا‬ ‫مــ َ‬
‫نث ّ‬‫ذاك إل ّ أ ّ‬
‫تجاوزها‪ ،‬أو حتى الحديث عنها ‪ -‬إل ّ ما رحم ربــك‬
‫‪.-‬‬
‫ة هذه التوســعات‬ ‫ة فلسطين رهين َ‬ ‫فكانت قضي ُ‬
‫ت‬‫عل َ ـ ْ‬‫الخبارية‪ ،‬والجتهــادات الســتنكارية الــتي َ‬
‫ل الشرعي المنشود‪ ،‬مــع‬ ‫ب الح ّ‬‫ت على حسا ِ‬ ‫غ ْ‬ ‫وط َ َ‬
‫ة مــا كــان لهــا أن‬ ‫ر ســيئ ٍ‬ ‫ما تركته ‪ -‬أيضا ً ‪ -‬من آثا ٍ‬
‫تعمل في جسد المة السلمية هذا الثر إل ّ يــوم‬
‫غلبتنا العادات‪ ،‬وضغوط الواقع‪ ،‬واجتهادات بعض‬
‫أهل العلم الذين قتلتهــم النهزاميــة‪ ،‬واكتنفهــم‬
‫دموا الواقــع المشــحون‬ ‫دسوا وق ـ ّ‬ ‫الهوان؛ حتى ق ّ‬
‫ددات علـــى حســـاب الشـــرع‬ ‫بـــالتغيرات والتجـــ ّ‬
‫الرباني!‪ ،‬بطريق أو آخر ‪.‬‬
‫فكانت قضية فلســطين كغيرهــا مــن القضــايا‬
‫م‪ ،‬وأجهــدت كــ ّ‬
‫ل‬ ‫ل مسل ٍ‬ ‫السلمية التي أشغلت ك ّ‬
‫ل‪ ،‬وروحــًا‪ ،‬وصــوتًا‪،‬‬ ‫مــؤمن فكــرًا‪ ،‬وجهــدًا‪ ،‬ومــا ً‬
‫ء‪ ،‬ودموع ـا ً ‪ ...‬كيــف ل !‪ ،‬وقــد قــال النــبي‬ ‫ودعــا ً‬
‫ل المــؤمنين فــي‬ ‫مث َـ ُ‬
‫صلى اللــه عليــه وســلم ‪َ " :‬‬
‫د إذا‬ ‫ل الجســ ِ‬‫فهم كمث َ ِ‬ ‫دهم‪ ،‬وتعاط ِ‬ ‫مهم‪ ،‬وتوا ّ‬ ‫ح ِ‬ ‫ترا ُ‬
‫مى‬ ‫ح ّ‬‫د بال ُ‬
‫و منه‪ ،‬تداعى له سائُر الجس ِ‬ ‫اشتكى عض ٌ‬
‫ر " متفق عليه) (‪ ،‬وقوله صــلى اللــه عليــه‬ ‫‪1‬‬
‫سه ِ‬ ‫وال ّ‬
‫ضــه‬‫ن يشـدّ بع ُ‬ ‫ن كالُبنيــا ِ‬ ‫ن للمــؤم ِ‬ ‫وسلم ‪ " :‬المؤم ُ‬
‫عه ‪ ،‬متفق عليه)‪ . (2‬فهذا‬ ‫م شّبك بين أصاب ِ ِ‬ ‫بعضًا" ث ّ‬
‫ة السلمية‪ ،‬وتسعدُ بــه‪،‬‬ ‫ظ به الم ُ‬ ‫كّله رصيدٌ تحتف ُ‬
‫وُتحمدُ عليه ‪.‬‬

‫‪1‬ج أخرجه البخاري )‪ ،(10/367‬ومسلم )‪ (2586‬من حديث النعمان بن بشير‬


‫ج رضي الله عنه ج ‪.‬‬
‫‪2‬ج ج أخرجججه البخججاري )‪ ،(10/376‬ومسججلم )‪ ،(2585،2627‬مججن حججديث أبججي‬
‫موسى الشعري ج رضي الله عنه ج ‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫ن هذا ل يكفي إذا لم يكــن لهــذه العواطــف‬ ‫لك ّ‬
‫ل قضــايا‬ ‫س لح ـ ّ‬ ‫ل ملمــو ٌ‬ ‫رصيدٌ في الواقــع‪ ،‬وعم ـ ٌ‬
‫ن هــذه العواطــف الجّياشــة إذا‬ ‫أمتهم المسلمة‪ ،‬إ ّ‬
‫ت الزمــان‬ ‫ر الحــداث‪ ،‬وتغي ّــرا ِ‬ ‫تركــت هكــذا لمصــي ِ‬
‫ب بها الرياح كما تشاء‪ ،‬ما بين تصــعيد العلم‬ ‫تلع ُ‬
‫ة‪ ،‬وإخفــاق الحكــام لهــا تــارةً أخــرى‪ ،‬أو‬ ‫لهــا تــار ً‬
‫كهــا لهــل المصــالح الشخصــية‪ ،‬أو الرايــات‬ ‫ت َْر ِ‬
‫المزعومة يقــامرون بهــا كمــا يشــاءون؛ إن ّــه مــن‬
‫الخطأ بمكان !‪ ،‬فكان من الواجب علــى العلمــاء‪،‬‬
‫والـــدعاة إلـــى اللـــه تعـــالى أن يســـتغلوا هـــذه‬
‫ث المسلمون إليهــم أشــجانهم‪،‬‬ ‫المواقف التي يب ّ‬
‫ويبعثون نحوهم عواطفهم ليستفيدوا منها‪ ،‬فــي‬
‫ة‪ ،‬ونصـــاِبها‬ ‫و ِ‬
‫جـــ ّ‬‫توجيههـــا إلـــى أهـــدافها المر ُ‬
‫الشرعي ‪.‬‬
‫لكن من المؤسف أن قضية فلسطين وغيرهــا‬
‫من القضايا السلمية قـد أخـذت منحـى غيـر مـا‬
‫ُيراد لهــا؛ حيــث اكتنفتهــا طائفتــان متناقضــتان‪،‬‬
‫وهما ‪ ) :‬أهــل الســتنكار‪ ،‬وأهــل الخبــار ( وك ـ ٌ‬
‫ل‬
‫منهما على قسمين كما يلي ‪:‬‬
‫‪1‬ـ أهل الستنكار‪ ،‬وهؤلء على قسمين ‪.‬‬
‫ساسة ‪.‬‬ ‫ـ أهل ال ّ‬
‫ـ أهل الّتعاسة ‪.‬‬
‫‪2‬ـ أهل الخبار‪ ،‬وهؤلء على قسمين ‪.‬‬
‫ـ أهل الّرواية ‪.‬‬
‫دراية ‪.‬‬ ‫ـ أهل ال ّ‬
‫ّ‬
‫علـم هـذا؛ فسـوف نتكلـم عـن الطائفـة‬ ‫فـإذا ُ‬
‫مْيها‪ ،‬كما يلي ‪:‬‬ ‫س َ‬
‫ق ْ‬ ‫الولى ب ِ‬
‫ل‬‫ة مــن أه ـ ِ‬ ‫ساس ـ ِ‬ ‫ب ال ّ‬‫القســم الول ‪ :‬أْربــا ُ‬
‫ر‪.‬‬ ‫الستنكا ِ‬

‫‪20‬‬
‫ة مــن حكــام ِ المســلمين اليــوم‬ ‫ساس ِ‬ ‫ن أكثَر ال ّ‬ ‫إ ّ‬
‫ف الهزيلــة‪،‬‬ ‫ت الضعيفة‪ ،‬والمواق ـ ِ‬ ‫ل الصوا ِ‬ ‫هم أه ُ‬
‫يــوم تجــدُ الواحــدَ منهــم إذا ســمع عــبر قنــواته‬
‫ة‬ ‫فه المحليـــة عـــن مذبحـــ ٍ‬ ‫ح ِ‬
‫صـــ ُ‬
‫الفضـــائية‪ ،‬أو ُ‬
‫صهيونية‪ ،‬أو مجزرة صربية‪ ،‬أو إبادة روسية؛ قام‬
‫ورفع عقيرَته‪ ،‬وقال قولَته الجريئة التي ل يخاف‬
‫ب هــذا‬ ‫فيها لومة لئم !!‪ " : ،‬إّننا نستنكُر‪ ،‬ونشــج ُ‬
‫ن شــيئا ً‬ ‫م بعد هذا كــأ ّ‬ ‫هَيوني ‪ ،"!!...‬ث ّ‬ ‫ص ْ‬
‫العدوان ال ّ‬
‫ن هنالك أصواتا ً‬ ‫كأ ّ‬‫ن !؛ في حين أّننا ل نش ُ‬ ‫لم ي َك ُ ْ‬
‫ة عند بعضهم ‪.‬‬ ‫ت صادق ً‬ ‫ف ونّيا ٍ‬‫ومواق َ‬
‫فـظ بهــا‬ ‫ُ‬ ‫ت الــتي يتل ّ‬ ‫م الســتنكارا ِ‬ ‫فكــان معظـ ُ‬
‫هــؤلء مــا هــي إل ّ مكاســب سياســية‪ ،‬ومواقــف‬
‫س منهــم مــن‬ ‫إعلمية‪ ،‬ومغــازلت شــعبية‪ ،‬فــالكي ّ ُ‬
‫ه‬ ‫ح ُ‬
‫ف حســب مــا ُتمليــه عليــه مصــال ُ‬ ‫يكسب الموق َ‬
‫دولية ‪. ! ...‬‬ ‫ال ّ‬

‫ف‪،‬‬‫ل ضــعي ٍ‬ ‫ح ُيحســُنه كــ ّ‬


‫ن هــذا الســل َ‬ ‫نعــم؛ إ ّ‬
‫ج‪ ،‬وأعمى؛ بل يستطيعه النساء والطفــال‪،‬‬ ‫وأعر ٍ‬
‫ج ول‬ ‫كما قال تعــالى ‪ ":‬ليــس علــى العمــى حــر ٌ‬
‫ج ‪"...‬‬‫ض حــر ٌ‬
‫ج ول علــى المري ـ ِ‬ ‫ج حــر ٌ‬‫علــى العــر ِ‬
‫الية الفتح ‪ .17‬وقال تعالى ‪ " :‬إل ّ المستضعفين‬
‫ة‬
‫حيل ً‬
‫من الرجال والنساء والولدان ل يستطيعون ِ‬
‫ول يهتدون سبيل ً " النساء ‪. 98‬‬
‫ح أهل الستنكار في مثل هذه المواقــف‬ ‫فسل ُ‬
‫ف أعــوج‬ ‫ل مريــض‪ ،‬وســي ٌ‬ ‫ض يحمل ُــه ك ـ ّ‬‫ح عري ـ ٌ‬ ‫سل ٌ‬
‫ل أعرج ! ‪.‬‬ ‫عه ك ّ‬ ‫يرف ُ‬
‫علــم هــذا؛ كــان مــن الجــدير بالمســلمين‬ ‫فإذا ُ‬
‫ة العلــم خاصــة أن ُينّزهــوا أسـماعهم‬ ‫عامة‪ ،‬وطلب ِ‬
‫من متابعــة أخبــارهم‪ ،‬وأن يحفظــوا أعينهــم مــن‬

‫‪21‬‬
‫مشــاهدة لقــاءاتهم‪ ،‬وأن يحبســوا أقلمهــم مــن‬
‫ة قــد خلــت لهــا مــا‬ ‫كتابة تصــريحاتهم‪ " ،‬تلــك أم ـ ٌ‬
‫مــا كــانوا‬ ‫كسبت ولكم مــا كســبتم ول ُتســألون ع ّ‬
‫يعملون " البقرة ‪.134‬‬
‫مــه‬
‫ل مســلم ٍ َيه ّ‬ ‫ن من الواجب على كـ ّ‬ ‫أقول ‪ :‬إ ّ‬
‫ل بما فيه فائدة تعودُ على أمته‬ ‫مته أن يشتغ َ‬ ‫َ‬
‫مر أ ّ‬ ‫أ ْ‬
‫ه عــن متابعــة أخبــار‬ ‫هـ ُ‬
‫السلمية‪ ،‬وأن يصرف وج َ‬
‫ة‬
‫ن فــي هــذا مضــيع ً‬ ‫ولقــاءات أهــل الســتنكار‪ ،‬ل ّ‬
‫م عنــد‬ ‫ت وأيــا ٌ‬‫لوقت المسلم‪ ،‬فكــم ضــاعت أوقــا ٌ‬
‫ض‬‫وا هؤلء بعـ َ‬ ‫عط َ ْ‬‫ء المسلمين حين أ َ ْ‬ ‫ر من أبنا ِ‬ ‫كثي ٍ‬
‫أوقاِتهم ؟! ‪.‬‬
‫ر !!‪،‬‬‫ة علــى هــذا كــثيرةٌ تفــوقُ الحص ـ ِ‬ ‫والمثل ـ ُ‬
‫ل ملتحــدًا؛ إنــه‬ ‫فالتأريخ ل يرحــم أحــدًا‪ ،‬ول يجام ـ ُ‬
‫ق وأهــل‬ ‫التأريــخ ســيبقى مــا بقــي أهــل الحــ ّ‬
‫الباطل !‪.‬‬
‫فإذا تأملنا ما ذكرناه آنفًا؛ كان من الولى لنــا‬
‫فحا ً عن الحديث مع تتبع أخبــار أهــل‬ ‫ص ْ‬ ‫ض َ‬ ‫ر َ‬‫ع ِ‬‫أن ن َ ْ‬
‫ة قــد‬ ‫الســتنكار‪ ،‬لنهــم يعيشــون ظروف ـا ً عصــيب ٍ‬
‫ارتضوها‪ ،‬وحياةً نكدةً قد فرضوها !!‪ ،‬فكــان مــن‬
‫المستحسن أن نتركهم فيما هم فيه !‪.‬‬

‫ل‬
‫ة مــن أهـ ِ‬‫ب الّتعاسـ ِ‬‫م الث ّــاِني ‪ :‬أْربــا ُ‬
‫قس ُ‬‫ال ِ‬
‫ر‪.‬‬
‫الستنكا ِ‬
‫ما أهل التعاسة فهم كثير ل كّثرهم الله‪ ،‬يوم‬ ‫أ ّ‬
‫استباحوا الصحف السلمية‪ ،‬وتسـّنموا المناصــب‬
‫ب من هؤلء القوم؛ الذين‬ ‫علّية‪ ،‬فإن تعجب فعج ٌ‬ ‫ال َ‬
‫ة‪ ،‬أو هــدفًا‪ ،‬أو غاي ـ ً‬
‫ة ‪ ،!...‬فل‬ ‫وجه ـ ً‬ ‫لم نعرف لهم ُ‬
‫مســخت‬ ‫ُ‬
‫ن أكــثَر هــؤلء قــد ُ‬ ‫أبــالغ حيــن أقــول ‪ :‬إ ّ‬

‫‪22‬‬
‫عقــــوُلهم‪ ،‬وانتكســــت فطُرهــــم‪ ،‬وانطمســــت‬
‫ّ‬
‫ق منهــم ســوى اللحـم ِ والعظـم ِ‬ ‫دهم‪ ،‬فلم يب َ‬ ‫عقائ ُ‬
‫سوا أبداَنهم !!‪.‬‬ ‫ة ت َك ْ ُ‬ ‫ف أقمش ٍ‬ ‫مع لفائ َ‬
‫ُأولئك القــوم الــذين قــالوا ‪ :‬ل تنفقــوا علــى‬
‫و‪،‬‬ ‫ء‪ ،‬واللهــ َ‬ ‫ن‪ ،‬والفجوَر‪ ،‬والغنا َ‬ ‫فلسطين إل ّ المجو َ‬
‫ض يهود من فلسطين !‪.‬‬ ‫ب حتى ينف ّ‬ ‫واللع َ‬
‫ت‬ ‫ن العــّزةَ اليــوم للمنتخبــا ِ‬ ‫الــذين قــالوا ‪ :‬إ ّ‬
‫ل العلم ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ح ْ‬
‫ت الجماهرية‪ ،‬و َ‬ ‫الوطنية‪ ،‬والتشجيعا ِ‬
‫ة‬
‫ت الرياضــية !‪ ،‬فل ع ـّز َ‬ ‫ع الصــيحا ِ‬ ‫صبيانية‪ ،‬ورف ِ‬ ‫ال ّ‬
‫ليهــودَ بعــد اليــوم إل ّ إذا نازلتنــا فــي النــوادي‬
‫س ـدٌ فــي الّلقــاء ! ‪ .‬هكــذا‬ ‫ُ‬
‫الرياضة؛ ليعلمــوا أن ّــا أ ُ‬
‫فاهم ! ‪.‬‬ ‫ق َ‬
‫سن ََتهم من َ‬ ‫ه أل ِ‬ ‫ج الل ُ‬ ‫خَر َ‬ ‫قالوا ‪ :‬أ ْ‬
‫هم ‪ " : :‬سوف ُنشارك في كأس‬ ‫كما قال أشقا ُ‬
‫آسية على ُرغم عدوان يهود " !‪.‬‬
‫قماشــا ً فــوق أحــ ِ‬
‫د‬ ‫ههم ‪ :‬ورفــع ِ‬ ‫وقــام ســفي ُ‬
‫م‬‫غ المســلمين ‪ :‬أّنــه ســيت ّ‬ ‫الجســور العاليــة ل ِي ُْبلــ َ‬
‫افتتاح دورة رمضانية لكرة القدم في مكان ) ؟ (‬
‫درة "!!‪ .‬هكــذا‬ ‫باســم " الشــهيد محمــد جمــال ال ـ ّ‬
‫شّلت أيديهم !‪.‬‬ ‫كتبوا ُ‬
‫وقال غــاويهم ‪ " :‬ســوف ُنغن ّــي وُنغن ّــي لجــل‬
‫ت‬ ‫رســ ْ‬ ‫خ ِ‬‫جراحــات فلســطين " !!‪ ،‬هكــذا قــالوا أ ُ ْ‬
‫هم !‪.‬‬ ‫ه ُ‬‫أفوا ُ‬
‫ع هذه‬ ‫ري ُ‬ ‫ن ِ‬ ‫ما محسُنهم !‪ ،‬فقال ‪ ":‬سوف يكو ُ‬ ‫أ ّ‬
‫ت لفلســطين"!!‪ ،‬هكــذا‬ ‫المسارح الغنائيــة صــدقا ٍ‬
‫ت تجارُتهم !‪.‬‬ ‫سر ْ‬ ‫خ ِ‬ ‫أنفقوا َ‬
‫ع أخبــاَر‬ ‫ض !‪ ،‬فالــذي يتتب ّـ ُ‬ ‫ض مــن فيـ ٍ‬ ‫وهذا غيـ ٌ‬
‫عجــاب!‪ ،‬فهــذه‬ ‫هــؤلء الممســوخين يجــدُ عجبــا ً ُ‬
‫ل على ما‬ ‫ت أكبُر دلي ٍ‬ ‫ت‪ ،‬والذاعا ُ‬ ‫ف‪ ،‬والمجل ُ‬ ‫الصح ُ‬
‫ّ‬
‫نقول ‪ .‬اللهم ُرحماك‪ ،‬اللهم ُرحماك ‪ ...‬آمين ‪.‬‬ ‫ّ‬

‫‪23‬‬
‫ر الذين اّتخذوا ديَنهــم‬ ‫صدق الله‪ ،‬إذ قال ‪ ":‬وذ ِ‬
‫لعبــا ً ولهــوا ً وغّرتهــم الحيــاةُ الــدنيا ‪ "...‬اليــة‪،‬‬
‫النعام ‪.70‬‬
‫وقال تعالى ‪ " :‬الذين اّتخذوا ديَنهم لهوا ً ولعبا ً‬
‫ســوا‬
‫م ننســاهم كمــا ن َ ُ‬‫وغّرتهم الحياةُ الدنيا فاليو َ‬
‫مهم هذا‪ ،‬ومــا كــانوا بآياتنــا يجحــدون ")‪(1‬‬ ‫لقاءَ يو ِ‬
‫العراف ‪. 51‬‬
‫ن هؤلء الممسوخين هم الذين يلعبــون‬ ‫نعم؛ إ ّ‬
‫بدماء الشهداء‪ ،‬ويغّنون بأرواح البرياء !!‪.‬‬

‫ر)‪. (2‬‬ ‫ل الّثاني ‪ :‬أه ُ‬


‫ل الخبا ِ‬ ‫فص ُ‬‫ال َ‬
‫ك أن الذين اشتغلوا بالخبار‪ ،‬وقاموا على‬ ‫لش ّ‬

‫‪1‬ج معنى "النسيان" المضاف إلى الله تعالى في هذه الية وغيرها هو ‪ :‬الترك‬
‫!‪.‬‬
‫صججادقين الججذين‬
‫ّ‬ ‫ال‬ ‫جاب‬
‫ج‬ ‫الكت‬ ‫من‬ ‫والصلح‬ ‫الخير‬ ‫أهل‬ ‫‪:‬‬ ‫هنا‬ ‫الخبار‬ ‫بأهل‬ ‫المراد‬ ‫‪2‬ج‬
‫مهججم‪ ،‬وعلججت أصججواُتهم فججي معظججم المجلت‬ ‫ّ‬
‫ؤهم‪ ،‬وتججألقت أقل ُ‬ ‫لمعججت أسججما ُ‬
‫مججا مججا سججواهم مججن أهججل‬‫ّ‬ ‫أ‬ ‫؛‬ ‫‪...‬‬ ‫جة‬‫ج‬ ‫الجتماعي‬ ‫جاءات‬ ‫ج‬ ‫واللق‬ ‫جلمية‪،‬‬ ‫ج‬ ‫الس‬ ‫والصججحف‬
‫دق فيهججم المثج ُ‬
‫ل‬ ‫الصحافة والذاعات ‪ ...‬فهؤلء ليس لنججا معهججم كلم؛ بججل يصج ُ‬
‫ن أن ت َججراه ُ "! ‪ .‬انظججر "مجمججع المثججال"‬ ‫مج ْ‬
‫خيجٌر ِ‬
‫دي َ‬ ‫معَي ْج ِ‬‫السججائُر ‪َ " :‬تسججمعُ بال ُ‬
‫للميداني )‪. (1/129‬‬

‫‪24‬‬
‫متابعة مجرياتها هم من الصالحين الــذي ل ُيشــك‬
‫مهم ‪.‬‬ ‫في نّياِتهم‪ ،‬وأقل ِ‬
‫لذا سيكون حــديثنا معهــم مــن بــاب النصــيحة‪،‬‬
‫ض المصــارحات‪،‬‬ ‫د البّناء‪ ،‬وإن اكتنف ذلك بع ُ‬ ‫والنق ِ‬
‫والمطارحات؛ إل ّ أنها – إن شاء اللــه – ل تخرجنــا‬
‫ق المنشود‪ ،‬هذا إذا علمنا أننــا‬ ‫عن البحث عن الح ّ‬
‫ج لمتنا السلمية من هــذا‬ ‫ً‬
‫جميعا نسعى في مخر ٍ‬
‫الهوان الذي تعيشه‪ ،‬وهذا الضــيم الــذي تتجّرعــه‪،‬‬
‫ة مثــل هــذه‬ ‫ن أم ـ ً‬
‫وقه ‪ ...‬إ ّ‬ ‫وهذا الظلم الــذي تتــذ ّ‬
‫كــان يجــب علــى المصــلحين فيهــا أن يتنــازلوا‬
‫ح يعودُ على أمِتهم ‪.‬‬ ‫لبعضهم بعضا ً فيما فيه صل ٌ‬
‫سم أهل الخبار إلــى‬ ‫ع أن نق ّ‬ ‫وبعد هذا نستطي ُ‬
‫طرفين ‪ ) :‬أهل رواية‪ ،‬وأهل دراية ( كما يلي ‪:‬‬
‫ل ‪ :‬أهــل الّروايــة‪ ،‬وهــم الــذين‬ ‫و ُ‬ ‫ف ال ّ‬
‫طر ُ‬ ‫ال ّ‬
‫ينقلــون الخبــار الــتي تتكلــم عــن قضــايا المــة‬
‫ح‪،‬‬‫ب‪ ،‬ومآســي‪ ،‬ومذابــ ٍ‬ ‫الســلمية مــا بيــن حــرو ٍ‬
‫ت‪،‬‬ ‫ر‪ ،‬وزلزل‪ ،‬وكــــــوارث‪ ،‬ومجاعــــــا ٍ‬ ‫ومجــــــاز ٍ‬
‫ت ‪ ...‬الخ ‪.‬‬ ‫وفياضانا ٍ‬
‫ن بــأن إخواننــا هــؤلء‬ ‫ك طرفة عي ٍ‬ ‫ونحن ل نش ّ‬
‫لم يقصدوا بهذا إل ّ خيرًا‪ ،‬وذلــك صــائٌر فــي ربــط‬
‫المســلمين بقضــاياهم‪ ،‬وحفــز هممهــم‪ ،‬وإثــارة‬
‫حفائظهم نحو ألم أمتهم‪ ،‬وجراحتها‪ ،‬وكوارثها ‪.‬‬
‫فكم رأينا لهذه الخبار العائد الكــبير علــى المــة‬
‫السلمية فــي توثيــق الروابــط اليمانيــة بينهــم‪،‬‬
‫والتكاتف الوثيــق بيــن أطــراف البلد الســلمية‪،‬‬
‫وهو كذلك ‪.‬‬
‫فنحــن وإن كّنــا نــوافقهم علــى هــذا المبــدأ‬
‫السلمي‪ ،‬إل ّ أننا ننكر عليهم أشياءَ لعّلها خفيت‬
‫ء الخبارية التي تدثروا‬ ‫ف الجوا ِ‬ ‫عليهم في معاط ِ‬

‫‪25‬‬
‫بها؛ فمن ذلك ما يلي ‪:‬‬
‫ل ‪ :‬الغراق في نقل الخبار‪ ،‬التي طغت‬ ‫الو ُ‬
‫ل الشــرعي ُتجــاه‬ ‫على الهدف المنشود‪ ،‬وهو الح ّ‬
‫هذه الخبار‪ ،‬والتعامل معها ‪.‬‬
‫ن في ذلــك تفريغ ـا ً لطاقــات المســلمين‬ ‫كما أ ّ‬
‫ظفوهــا فــي‬ ‫من قدراتهم التي كان عليكــم أن تو ّ‬
‫ل قضاياهم‪ ،‬وذلك بحسب الستطاعة ‪.‬‬ ‫ح ّ‬
‫يوضــحه؛ أن أكــثَر الخطبــاء ليســوا لهــم مــن‬
‫ب غالبا ً إل ّ أمرين ل ثالث لهما ‪:‬‬ ‫خط ِ‬ ‫ال ُ‬
‫ل ‪ :‬الكلم عن سيرة يهود الملعونة‬ ‫و ُ‬
‫المُر ال ّ‬
‫في القرآن والسنة والتأريخ‪ ،‬وأنهم قتلة النبياء‪،‬‬
‫وناكثوا العهــود والوعــود‪ ،‬وأنهــم إخــوان القــردة‬
‫والخنزير ‪ ...‬الخ ‪.‬‬
‫ل‬‫م ول شــك؛ لكــن أن نجعـ َ‬ ‫وهذا فيه خيٌر عظي ٌ‬
‫ث عن هــذا الموضــوع هــو المــادةَ الدســمة‪،‬‬ ‫الحدي َ‬
‫ن الغــراق‬ ‫ن الوحيد على المنابر؛ فل !؛ ل ّ‬ ‫والمعي َ‬
‫في مثل هذا الموضوع – للسف– أحدث عند كثير‬
‫ة‪ ،‬وإحباطــًا؛ حــتى أ ّ‬
‫ن‬ ‫ل‪ ،‬وســآم ً‬ ‫من المسلمين مل ً‬
‫ب بغثيان من كثرة الكلم عن‬ ‫الواحد يريد أن ُيصا َ‬
‫ن الــذي حملهــم‬ ‫مثل هذا الحديث؛ هذا إذا علمنا أ ّ‬
‫ن الذي‬ ‫هوا ُ‬‫ة وال َ‬ ‫م والذل ُ‬ ‫م وال ّ‬
‫ظل ُ‬ ‫ضي ُ‬
‫على هذا هو ال ّ‬
‫يقاسونه صباحا ً ومساءً أمــام الصــور‪ ،‬والصــحف‪،‬‬
‫ل مكــان‪ ،‬فهــم‬ ‫والخبار الذي أحاطت بهم مــن كـ ّ‬
‫بعــد هــذا ل يريــدون تحريــك مشــاعر‪ ،‬وإثــارة‬
‫عواطــف !؛ بــل هــم أحــوج مــا ينشــدونه هــو ‪:‬‬
‫المخرج من هذا المأزق التأريخي الذي لم تعشــه‬
‫ة السلم هذه اليام ! ‪.‬‬ ‫ة كأم ِ‬ ‫أم ٌ‬
‫المُر الّثاني ‪ :‬الحديث عن فلسطين لسيما‬
‫بيــت المقــدس‪ ،‬وفضــل الشــأم ســواءٌ كــان عــبر‬

‫‪26‬‬
‫الكتب‪ ،‬أو الرسائل‪ ،‬أو الخطب ‪ ...‬الــخ‪ ،‬ول أبــالغ‬
‫قها يــوم‬ ‫ج ســو ُ‬ ‫ب تــرو ُ‬ ‫حين أقــول ‪ :‬إن هــذه الكتـ َ‬
‫ض الصــوُر علــى المســلمين‪،‬‬ ‫فجُر الخباُر‪ ،‬وُتعر ُ‬ ‫ت َت َ ّ‬
‫ذ يكون لها الّرواج !‪ ،‬وهذا ل شك من الخير‬ ‫وحينئ ٍ‬
‫م الهــائل الــذي تقــذفه‬ ‫ن هــذا الكــ ّ‬ ‫العميــم‪ ،‬إل ّ أ ّ‬
‫ك؛‬ ‫س الشــ ّ‬ ‫ما ُيساوُر النف َ‬ ‫المكتبات والتسجيلت م ّ‬
‫ن فــي أصــحاب هــذه‬ ‫ن الواحد من ّــا قــد يظـ ّ‬ ‫حتى أ ّ‬
‫الكتب الظنون ! ‪.‬‬
‫ب؛ حــتى لــم‬ ‫ب‪ ،‬وعلت الخطــ ُ‬ ‫وهكذا تكاثرت الكت ُ‬
‫ة مرارة !‪.‬‬ ‫ة حرارة‪ ،‬وللّزفر ِ‬ ‫ق للكلم ِ‬ ‫تب َ‬
‫ن كــثيرا مــن أصــحاب‬ ‫ً‬ ‫ول أبالغ؛ يوم أقول ‪ :‬كأ ّ‬
‫هذه الكتب سرعان ما ســمع بفاجعــة فلســطين‪،‬‬
‫ي الــدبابات حــتى دخــل‬ ‫وأزيــز الطــائرات‪ ،‬ودو ّ‬
‫مه ليكتب عن قضية فلسطين؛‬ ‫قه‪ ،‬وأشهر قل َ‬ ‫خند َ‬
‫وربما بعدُ ما عرف مجريات وتفصيلت القضية !‪.‬‬
‫ن تــأليف المصــنفات وإخــراج الكتــب‬ ‫نعــم؛ إ ّ‬
‫ً‬
‫المفيدة الــتي تخــدم قضــية فلســطين نحــوا مــن‬
‫ة فــي إبلغ‬ ‫ة ووافي ٌ‬ ‫ب أو يزيد لهي كافي ٌ‬ ‫عشرة كت ٍ‬
‫ل مــن‬ ‫ب كـ ّ‬ ‫مــا أن يكت ـ َ‬ ‫جــة‪ ،‬أ ّ‬ ‫ح ّ‬‫ح الم َ‬ ‫ة‪ ،‬وتوضي ِ‬ ‫ج ِ‬ ‫ح ّ‬ ‫ال ُ‬
‫ل الطاقــات‪ ،‬وت َُبعــثَر الوراق‪،‬‬ ‫قتــ َ‬ ‫ب‪ ،‬وت ُ ْ‬ ‫ب ود ّ‬ ‫هــ ّ‬
‫عرض قضية فلسطين عرضا ً‬ ‫هدَر الوقات في َ‬ ‫وت ُ ْ‬
‫ِ‬
‫ة الشــرعية؛‬ ‫ف المنشــود‪ ،‬والغاي ـ ِ‬ ‫ُيخرجنا عن الهد ِ‬
‫فل !‪.‬‬
‫ع والغراقَ منهم في نقــل‬ ‫ن هذا التوس َ‬ ‫علما ً أ ّ‬
‫ة‪ ،‬كمـا‬ ‫الخبار أوقعهم ‪ -‬أيضا ً ‪ -‬في محاذيَر شرعي ٍ‬
‫يأتي ‪.‬‬
‫الّثاني ‪ :‬الوقوع في محذور التصوير‪ ،‬الذي هو‬
‫ذريعــة إلــى الشــرك‪ ،‬فــي حيــن أن الشــريعة‬
‫ن منــه‬ ‫ة‪،‬ولــم تســتث ِ‬ ‫الســلمية قــد حّرمتــه صــراح ً‬

‫‪27‬‬
‫شيئًا‪ ،‬إل ما كان في دائرة الضــرورة‪ ،‬والضــرورة‬
‫تقدُّر بقدرها‪ ،‬علما ً أن إخواننا – هداهم الله – لــم‬
‫ســعوا فــي تصــوير‬ ‫دروا هــذه الضــرورة بــل تو ّ‬ ‫يق ّ‬
‫الصغير والكبير‪ ،‬والحقير والقطمير ‪ ،!...‬فلم تعد‬
‫للحرمة الشرعية عنــدهم حــدودا ً يقفــون عنــدها‪،‬‬
‫حل ُــوا لهــم إل ّ وقــد أحــاطت بهــا‬ ‫فكأن الخبار ل ت َ ْ‬
‫الصور من فوق رأسها ومن تحت أرجلها) ( ! ‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫ف‪،‬‬ ‫ن ضــعي ٌ‬ ‫ث ‪ :‬إظهار السلم بــأّنه دي ـ ٌ‬ ‫الّثال ُ‬


‫ب على أمرهــم !؛ هــذا يــوم أشــعرتم‬ ‫وأهُله مغلو ٌ‬
‫خلقوا إل ّ هكــذا مشــردين‬ ‫المسلمين ‪ :‬كأنهم لم ي ُ ْ‬
‫ة‬
‫صغاَر لم يكتب على أم ٍ‬ ‫ل وال ّ‬ ‫مطاردين‪ ،‬وكأن الذ ّ‬
‫ة‪،‬‬‫ة‪ ،‬والسياد َ‬ ‫سواهم‪ ،‬وفي المقابل أظهرتم القو َ‬
‫ضــالين‪،‬‬ ‫ن من النصارى ال ّ‬ ‫ل كاف ٍ َ‬ ‫ن لك ّ‬
‫ر لعي ٍ‬ ‫والتمكي َ‬
‫واليهود الغاصبين بطريق أو آخر ‪.‬‬
‫ضحه؛ أن المسلم ينشأ بيننا وهــو ل ُيشــاهد‬ ‫يو ّ‬
‫إل ّ هــذه المظــاهر المؤلمــة‪ ،‬والصــور المأســاوية‬
‫ك ضد المسلمين‪ ،‬فأّنى لــه بعــد هــذا أن‬ ‫حا ُ‬ ‫التي ت ُ َ‬
‫يلتمس عزةً في دينه‪ ،‬أو يرجو شموخا ً فــي أبنــاء‬
‫جلدته !‪ ،‬يــوم فطمُتمــوه علــى الذل ّــة والتشــريد؛‬
‫س تحــت‬ ‫مه وهــو ي ُــدا ُ‬ ‫ما َ‬‫مأ َ‬ ‫هرون المسل َ‬ ‫ْ‬
‫فتارةً ت ُظ ِ‬
‫صـبرا ً بأيـدي‬ ‫ل َ‬ ‫أقدام الغاصبين‪ ،‬وتـارةً وهـو ُيقتـ ُ‬
‫ط صــريع الجــوع‪،‬‬ ‫الكــافرين‪ ،‬وأخــرى وهــو يســق ُ‬
‫ج الّروس ‪ ...‬وغير ذلــك‬ ‫جمدُ تحت ثلو ِ‬ ‫ومرةً وهو ي َ ْ‬
‫د‪،‬‬ ‫ة‪ ،‬والّتشـــري ِ‬ ‫ذلـــ ِ‬‫ن‪ ،‬وال ّ‬ ‫وا ِ‬ ‫هـــ َ‬‫مـــن منظومـــة ال َ‬
‫‪1‬ج نعم؛ هناك من أهل العلم من ي َججرى جججواَز الصججور الفوتوغرافيججة‪ ،‬وإن كججان‬
‫قوُلهم مرجوحًا؛ إل ّ أنه كان ينبغي على إخواننا الخباريين أن ُيقّللوا مججن تلكججم‬
‫الصور قدر المكان‪ ،‬وذلك بقدر دواعي الخججبر‪ ،‬لن المسججألة – التصججوير – إذا‬
‫ل أحوالها أنها من المتشابهات‪ ،‬هذا إذا علمنا أن‬ ‫ة !‪ ،‬فأق ّ‬
‫لم تكن عندهم محرم ً‬
‫القائلين بجوازها مختلفين في ضوابط وتحديد هذا الجواز؛ لججذا لججم تكججن هججذه‬
‫مججا يزيججدنا يقينجا ً بترجيججح قججول مججن‬
‫المسألة عندهم مطردة أو متفقة‪ ،‬وهججذا م ّ‬
‫حّرمها‪ ،‬فتأمل ‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫والقتل ‪.!!...‬‬
‫ة ما بعدها مصيبة؛ يوم‬ ‫فهذا في حدّ ذاته مصيب ٌ‬
‫أنكم لم تكتفوا بتصوير القتلــى مــن المســلمين؛‬
‫ضــونه لــه مــا‬ ‫بل قتلتم ما كان منهم حيا ً بمــا َتعر ُ‬
‫ع لهــا‬ ‫ر الــتي ينخلـ ُ‬ ‫بين الحين والحيــن مــن الصــو ِ‬
‫ل إنسان ! ‪ .‬فــي حيــن كــان يكفيكــم مــن‬ ‫بك ّ‬ ‫قل ُ‬
‫نقل الخبار أن تقتصروا على ما يحصل به الخبر‬
‫ث الصور‪ ،‬مــا‬ ‫ع في مجريات الحداث وب ّ‬ ‫س ٍ‬‫دون تو ّ‬
‫ت في أخباركم‪ ،‬وأنتم كذلك ! ‪.‬‬ ‫دمتم ثقا ٍ‬
‫ع فــي نقــل الخبــار قــد يصــلح‬ ‫ن التوس َ‬ ‫علما ً أ ّ‬
‫ع القــرار‬ ‫ء‪ ،‬وصّنا ِ‬ ‫لفراِد المة‪ ،‬وأحاِدها من العلما ِ‬
‫ض الصــور‪،‬‬ ‫مــا أن ُتعــر َ‬ ‫ة والمجاهــدين‪ ،‬أ ّ‬ ‫من القــاد ِ‬
‫ة المســلمين ل ســيما مــع‬ ‫ل الخبــار لكا ّ‬
‫فـ ِ‬ ‫صـ َ‬ ‫وُتف ّ‬
‫انتشار الجهل بينهم‪ ،‬وكــذا اليــأس عنـد بعضـهم؛‬
‫ذ نقــول لكــم‪ :‬ل !؛ بــل كــان مــن الــواجب‬ ‫فحينئ ٍ‬
‫عليكــم أن َتراعــوا الحكمــة فــي مخاطبــة عمــوم‬
‫المسلمين بما يفقهون‪ ،‬كما قــال علــي بــن أبــي‬
‫س بمــا‬ ‫دثوا الن ّــا َ‬ ‫طــالب ‪ -‬رضــي اللــه عنــه ‪ ": -‬حـ ّ‬
‫ه ورســـوُله"‬ ‫ذب اللـــ ُ‬ ‫رفـــون‪ ،‬أُتريـــدون أن ُيكـــ ّ‬ ‫َيع ِ‬
‫البخاري) ( ‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫ب‬ ‫ن الغراق في نقل الخبار تغي ـ ٌ‬ ‫ع‪:‬إ ّ‬‫الّراب ُ‬


‫وُبعدٌ عن الهدف الشرعي الــذي هــو الصــل مــن‬
‫ل الخبـار مـا هـي إل ّ وسـيل ٌ‬
‫ة‬ ‫نقـل الخبـار‪ ،‬فنقـ ُ‬
‫ل‬‫ة وهي البحث عن الح ّ‬ ‫ة منشود ٍ‬ ‫محمودةٌ إلى غاي ٍ‬
‫الشرعي ‪.‬‬
‫ن الغــراق فــي نقــل الخبــار‪،‬‬ ‫س‪:‬إ ّ‬ ‫م ُ‬ ‫الخــا ِ‬
‫والتوسع في التنقيب عنها‪ ،‬وعــن مظاّنهــا؛ لهــو‬
‫ة؛‬ ‫ة مجــرد ً‬ ‫ة إخباريـ ً‬ ‫جديٌر في تربيـة المســلم تربيـ ً‬

‫‪ 1‬ج أخرجه البخاري )‪. (127‬‬

‫‪29‬‬
‫بمعنى أنكم ستخرجون لنا جيل ً بعيدا ً عن الهــدف‬
‫ل‬‫الشرعي المناط بهم‪ ،‬وذلك في البحث عن الح ّ‬
‫الشرعي المنشود ! ‪.‬‬
‫يوضحه؛ أنك ل تجد أكثر أبناء المســلمين هــذه‬
‫اليــام إل ّ وهــو مــن عشــاق الخبــار‪ ،‬وسماســرة‬
‫الحداث؛ فل ينام إل ّ على الذاعــات العالميــة‪ ،‬أو‬
‫القنوات الفضائية‪ ،‬ول يستيقظ إل ّ على الصــحف‬
‫فطـــم‬ ‫ذي بالخبـــار‪ ،‬و ُ‬ ‫الخباريـــة !‪ ،‬فهكـــذا ُ‬
‫غـــ ّ‬
‫عليها ! ‪.‬‬
‫د‬
‫ل إلى هذا الح ّ‬ ‫فليت شعري؛ لو انتهى به الحا ُ‬
‫!؛ وذلــك فــي ‪ :‬متابعــة الخبــار عــبر الصــحف‪،‬‬
‫والمجلت‪ ،‬والذاعات المسموعة !؛ بل قاده هــذا‬
‫البلء الخباري إلى مــا كن ّــا نخشــاه ول نتمن ّــاه !‪،‬‬
‫وهو ‪ :‬متابعــة هــوايَته الخباريــة عــبر الطــواغيت‬
‫دش"‪ ،‬أو "النــترنت"؛ يــوم أســرع‬ ‫الفضــائية " ال ـ ّ‬
‫م نصــِبها علــى‬ ‫فــي اقتنائهــا وشــرائها ومــن ثــ ّ‬
‫رؤوس البيوت !‪ ،‬فحسبنا الله‪ ،‬ونعم الوكيل ‪.‬‬
‫فهــا‬ ‫ة لقيــت حت َ‬ ‫ة إخباري ٍ‬ ‫وامسكيناه !؛ كم ضحي ٍ‬
‫ؤه‪ ،‬وكــم‬ ‫ء ذهب ما ُ‬ ‫أمام هذا الطاغوت !‪ ،‬وكم حيا ٍ‬
‫ت‬ ‫قتلت‪ ،‬وكم مســتقيم ٍ انتكــس‪ ،‬وكــم بي ـ ٍ‬ ‫ة ُ‬‫فضيل ٍ‬
‫ي اســتهوته‬ ‫ســتُره‪ ،‬وكــم إخبــار ٍ‬ ‫كشــف ِ‬ ‫ف ُ‬ ‫عفيــ ٍ‬
‫الشهوات ‪ ...‬؟؟!! ‪.‬‬
‫فــإذا ســألت هــذا الخبــاري عــن نصــبه لهــذا‬
‫الطاغوت فوق بيته ؟ ‪.‬‬
‫قال لك ملئ فمه ‪ :‬نحن ُنتابع الخبار ! ‪.‬‬
‫ت له ‪ :‬وما الخبار هذه ؟ ‪.‬‬ ‫فإذا قل َ‬
‫ة ‪ :‬أخبار المسلمين ‪.‬‬ ‫قال لك بديه ً‬
‫ر هي ؟ ‪.‬‬ ‫ي أخبا ٍ‬ ‫ت له ‪ :‬وأ ّ‬ ‫وإذا قل َ‬
‫د‪ ،‬ومذابــح‪،‬‬ ‫ب‪ ،‬وتــدميٌر‪ ،‬وتشــري ٌ‬ ‫قــال ‪ :‬حــرو ٌ‬

‫‪30‬‬
‫ومجــازٌر‪ ،‬ومــدافن جماعيــة‪ ،‬ونــوافير ِدمائيــة‪،‬‬
‫ت‬ ‫ت نســائية‪ ،‬وإبــادا ٌ‬ ‫وأشــلءٌ جســدية‪ ،‬واغتصــابا ٌ‬
‫ت يهوديــة ‪...‬‬ ‫ت صــليبية‪ ،‬ومخططــا ٌ‬ ‫عرقية‪ ،‬وثــارا ٌ‬ ‫ِ‬
‫الخ ! ‪.‬‬
‫ن‬ ‫ت له ‪ :‬أل يكفيــك مــن الخــبر مثل ً ‪ :‬أ ّ‬ ‫فإذا قل َ‬
‫مرةً ضــد إخواننــا‬ ‫ب شّنوا حربـا ً ضروسـا ً مــد ّ‬ ‫الصر َ‬
‫ن يهــود قــاموا‬ ‫المســلمين فــي الهرســك ؟!‪ ،‬أو أ ّ‬
‫بقتل وذبح المسلمين في فلسطين منذ يوم كذا‬
‫وكذا ؟!‪.‬‬
‫قهـا ً ‪ :‬ليــس الخــبر كالمعاينــة !؛‬ ‫مَتفي ْ ِ‬
‫قال لــك ُ‬
‫ة‪ ،‬ليــس‬ ‫فالذي يتابع الخبار علــى الهــواء مباشــر ً‬
‫كمن يتابعها في الصــحف والذاعــات !‪ ،‬فالحــدث‬
‫عندنا بائن‪ ،‬والخبر ساخن ‪ -‬علــى ح ـدّ تعــبيراتهم‬
‫‪.!-‬‬
‫فإذا قلت له ‪ :‬إذا كان المر كما تقول؛ فمــاذا‬
‫فعلت إذن لخوانك المسلمين يوم رأيــت نــوافير‬
‫الدماء‪ ،‬واغتصاب المسلمات ؟! ‪.‬‬
‫ء؛ الّلهـــم مشـــاهدة‬ ‫قـــال متلعثمـــا ً ‪ :‬ل شـــي َ‬
‫ومتابعة الحداث أول ً بأول !!‪.‬‬
‫أخي ‪ -‬الخباري ‪ -‬أل تستحي مــن اللــه تعــالى‬
‫يوم َيراك الله وأنت تنظر إلى مجازر المسلمين‪،‬‬
‫ف مشاهدتها وليس لك من‬ ‫وتعشق متابعتها‪ ،‬وتأل ُ‬
‫ل تســعى‬ ‫حـ ٌ‬
‫المر شئ ؟!‪ ،‬فل جهادٌ تقوم به‪ ،‬ول َ‬
‫إليه !‪.‬‬
‫ع – وأعـــوذ بـــالله منـــه – إذا‬ ‫ن هـــذا الصـــني َ‬ ‫إ ّ‬
‫استمراه المسلم وأدمن عليه ســوف يكــون عــبئا ً‬
‫ن فيه تغليفا ً لفكاره الســلمية‪،‬‬ ‫على أمته‪ ،‬كما أ ّ‬
‫وتبليــدا ً لمشــاعره اليمانيــة‪ ،‬وتجميــدا ً لطاقــاته‬
‫الجهادية‪ ،‬وطمسا ً لعزته نحو دينه !!‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫فساه بعــد هــذا؛ أن يقــول ‪ :‬الحمـدُ للــه الــذي‬
‫مـا ابتلـى بـه كـثيرا ً مـن المسـلمين !‪،‬‬ ‫عافـاني م ّ‬
‫مــا‬ ‫ما أنا فيــه‪ ،‬وأبــرا ُ إلــى اللــه م ّ‬ ‫واستغفر الله م ّ‬
‫ت عليه !‪.‬‬ ‫كن ُ‬
‫س ‪ :‬ضياع الوقــات‪ ،‬وهــدر المــوال‪،‬‬ ‫ساد ُ‬ ‫ال ّ‬
‫ر مــن الشخصــية‬ ‫ضــهم عــن كــثي ٍ‬ ‫وربمــا تنــازل بع ُ‬
‫السلمية‪ ،‬وتشّبه ببعض عادات أهل الكفــر؛ كمــا‬
‫أنهم لــم َيســلموا – أيضـا ً – مــن تقليــد ومحاكــات‬
‫أعداء المسلمين في مصطلحاتهم المسمومة من‬
‫حيث ل يشــعرون)‪!!(1‬؛ كمــا هــو ظــاهٌر عنــد كــثير‬
‫من توسعوا في نقــل الخبــار‪ ،‬والتنقيــب عنهــا‬ ‫م ّ‬
‫ل !! ‪.‬‬ ‫ي حا ٍ‬ ‫ل‪ ،‬وأ ّ‬ ‫ي ما ٍ‬‫بأ ّ‬
‫ة علــى أحــد‬ ‫فحســبك؛ أن ُتلقــي نظــرةً ســريع ً‬
‫هــؤلء الخبــاريين وقــد تكّلــف الصــعاب‪ ،‬وبــذل‬
‫س بين يــدي أحــد المســؤولين الكبــار‬ ‫المال‪ ،‬ليجل َ‬
‫ك بيــن يــديه‪،‬‬ ‫لحدى الــدول الكــافرة؛ وهــو يضــح ُ‬
‫وينظــر أمــام رجليــه‪ ،‬وقــد تنــازل عــن ُلبســ ِ‬
‫ه‬
‫السلمي الذين كان يرتــديه فــي بلد المســلمين‬
‫مــص أكــثر ملبوســات وحركــات الرجــل‬ ‫يــوم تق ّ‬
‫ف‬ ‫ل هـذا ليأخـذ مـن طـر ِ‬ ‫الغربي محاكاةً لـه !؛ كـ ّ‬
‫ة‪،‬‬ ‫ت سياســي ً‬ ‫ة‪ ،‬وتحليل ٍ‬ ‫ت بــارد ً‬ ‫ج كلمــا ٍ‬ ‫ن ال ِ ْ‬
‫عل ـ ِ‬ ‫لســا ِ‬
‫وى بهــا هــذا المســكين –‬ ‫ق ّ‬‫ت صفراءَ ليت َ ّ‬ ‫وابتساما ٍ‬
‫ن‬‫ن ديـ َ‬ ‫الخباري – على إقنــاع رجــال الغــرب ‪ :‬بــأ ّ‬
‫ر‪ ،‬وإنســانية ‪ ...‬وغيــر‬ ‫ن سماحة‪ ،‬وُيس ـ ٍ‬ ‫السلم دي ُ‬
‫ذلـــك مـــن الّتمتمـــات النهزاميـــة‪ ،‬والّتراجعـــات‬
‫الممقوتة !! ‪.‬‬
‫فلماذا تفعل هذا أيها الخباري‪ ،‬ولجل من ؟!‬
‫‪.‬‬
‫‪1‬ج سنذكُر قريبا ً – إن شاء الله ‪ -‬بعض هذه المصطلحات الغريبة الججتي ع َِلقججت‬
‫سنةِ وأقلم ِ بعض الكتاب المسلمين!!‪.‬‬ ‫بأل ِ‬

‫‪32‬‬
‫وا‬ ‫و ْ‬ ‫ه َ‬
‫ست َ ْ‬ ‫ما ا ْ‬ ‫ن القوم – الخباريين – ل ّ‬ ‫للسف؛ إ ّ‬
‫ل منبــع‪،‬‬ ‫الخبار‪ ،‬وعشقوها قاموا يبحثون عــن كـ ّ‬
‫غّلتهم‪ ،‬وتشــفي‬ ‫ة إخبارية تروي ُ‬ ‫ر‪ ،‬أو قنا ٍ‬ ‫أو مصد ٍ‬
‫ودوا بهــا علــى نشــر أخبــارهم؛ ولــو‬ ‫عّلتهــم ليــتز ّ‬ ‫ِ‬
‫ة كافرةً ! ‪.‬‬ ‫ع نجس ً‬ ‫كانت مناب َ‬
‫وإن كّنــا نعلــم أن القــوم – الخبــاريين – مــا‬
‫ن‬ ‫فعلوا هذا إل ّ برهانا ً وشهادةً للعــالم الكــافر بــأ ّ‬
‫كـــبراءهم وعظمـــاءهم قـــد شـــهدوا للســـلم‬
‫ة‪ ،‬والّتسامح !‪.‬‬ ‫صف ِ‬‫بالن ّ ِ‬
‫متمّثلين بقول الشاعر ‪:‬‬
‫ت به‬ ‫ق ما شهد ْ‬ ‫والح ّ‬ ‫‪....... ....... .......‬‬
‫العداء‬
‫وقــوله تعــالى ‪ " :‬وشــهدَ شــاهدٌ مــن أهلهــا "‬
‫يوسف ! ‪.‬‬
‫ق هــذا‬ ‫إل ّ أّننــا ل نــوافقهم ابتــداءً علــى طَــر ِ‬
‫السبيل الهزيل؛ متمّثلين لهم بقول الشاعر‪:‬‬
‫د‬
‫ما هكذا‪ ،‬يا سع ُ‬ ‫م ْ‬
‫ل‬ ‫مشت َ ِ‬
‫سعدٌ ُ‬ ‫سعدٌ و َ‬ ‫دها َ‬ ‫وَر ْ‬‫أ ْ‬
‫ُتوَردُ الب ْ‬
‫ل)‪(1‬‬
‫ت والجرأةَ مــن‬ ‫ن هذه المجازفا ِ‬ ‫كما أّننا نعلم أ ّ‬
‫ع‬‫هــؤلء الخبــاريين مــا كــانت منهــم إل ّ بــداف ِ‬
‫ل‬ ‫و ِ‬ ‫ع الــذي يعيشــونه أمــام دُ َ‬ ‫النهــزام ِ والــتراج ِ‬
‫م‪،‬‬ ‫ل تقــد ٍ‬ ‫الغــرب الــتي أصــبحت أمــام أعينهــم دو َ‬
‫ة ‪ ...‬وهــم ل يشــعرون غالبـا ً !‪،‬‬ ‫ة‪ ،‬وســياد ٍ‬ ‫وحضــار ٍ‬
‫ق‬ ‫م الكــثيَر عــن هــذه المزال ـ ِ‬ ‫فــي حيــن أّننــا نعل ـ ُ‬
‫ق‬ ‫شــا ِ‬ ‫ع ّ‬ ‫ت الــتي وقــع فيهــا إخواننــا مــن ُ‬ ‫والعــثرا ِ‬
‫ة القنوات !‪.‬‬ ‫وا ِ‬‫ه َ‬
‫الخبار‪ ،‬و ُ‬
‫ة‬
‫ة الكــثير ِ‬ ‫ة والســلبي ِ‬ ‫ر الســيئ ِ‬ ‫ض الثــا ِ‬ ‫وهناك بع ُ‬
‫من عرض الخبار بهــذه الطريقــة المغرقــة الــتي‬
‫‪1‬ج انظر "جمهرة المثال" للعسكري )‪ ،(1/93‬و"مجمججع المثججال" للميججداني )‬
‫‪. (2/364،406‬‬

‫‪33‬‬
‫ة‬‫مؤلمــ ِ‬ ‫د ال ُ‬‫ر‪ ،‬والمشــاه ِ‬ ‫صــو ِ‬ ‫ض ال ّ‬ ‫عــْر ِ‬ ‫ج عنــد َ‬ ‫تنتــ ُ‬
‫س دون تفريغها في نصابها‪،‬‬ ‫ة على الّنف ِ‬ ‫مفزع ِ‬ ‫وال ُ‬
‫أو الستفادة منها ‪.‬‬
‫ف‪،‬‬ ‫ت‪ ،‬والصـــح ِ‬ ‫ت عـــن المجل ِ‬ ‫مـــا إذا ســـأل َ‬ ‫أ ّ‬
‫مــت بنقــل الخبــار‪،‬‬ ‫والقلم ِ الــتي عَنــت واهت ّ‬
‫ونشرها فهي كثيرةٌ جدا ً للسف !‪.‬‬
‫دراية‪ ،‬وهم الذين ل‬ ‫ل ال ّ‬ ‫ف الّثاني ‪ :‬أه ُ‬ ‫طر ُ‬ ‫ال ّ‬
‫يكتفــون بنقــل أخبــار المســلمين؛ بــل يتعــاملون‬
‫ة ُتغايُر أهل الّرواية‪ ،‬فكــأنهم – واللــه‬ ‫معها معامل ً‬
‫أعلــــم – يقــــابلون الطــــرف الول مقابلــــة ردّ‬
‫ذ قابلوا الخطأ َ بخطأ ! ‪.‬‬ ‫الفعل !‪ ،‬فعندئ ٍ‬
‫ة‪،‬‬ ‫وليـ ٍ‬‫ب مــواِد أ ّ‬ ‫فــالطرف الول عنــدهم أصــحا ُ‬
‫وهـــم أصـــحاب المصـــانع الفكريـــة‪ ،‬والتحليلت‬
‫السياسية !‪.‬‬
‫ر‬‫ل أخبــا ٍ‬ ‫ة بينهــم هكــذا ‪ ) :‬أه ـ ُ‬ ‫فكــانت القســم ُ‬
‫ودة ( ‪.‬‬ ‫ل تحليلت مج ّ‬ ‫مجردة‪ ،‬وأه ُ‬
‫فأهل التحليل؛ غالبا ً ما ينظرون إلــى القضــية‬
‫ة؛ وربمــا‬ ‫ة حــاد ٍ‬ ‫ة‪ ،‬وزاويــ ٍ‬ ‫ن بصــير ٍ‬ ‫الســلمية بعيــ ٍ‬
‫غل‪،‬‬ ‫شــا ُ‬ ‫غُلهم ال ّ‬ ‫شــ ْ‬ ‫هنــوا المســتقبل !‪ ،‬فكــان ُ‬ ‫تك ّ‬
‫ب هو تحليل الخبار وتجريدها مــن‬ ‫وعملهم الدؤو ُ‬ ‫ُ‬
‫ة الظاهرة‪ ،‬والغراق في بواطن مجرياتها‬ ‫الّلمس ِ‬
‫م إعطاء الصورة القريبة مــن‬ ‫وتفصيلتها‪ ،‬ومن ث ّ‬
‫الواقــع‪ ،‬وبيــان أبعادهــا السياســية‪ ،‬ومخاطرهــا‬
‫البعيدة‪ ،‬ووضع التحصينات الوقائية ‪ ...‬الخ ‪.‬‬
‫وهكــذا نجــدهم يخوضــون معــارك التحليــل‪،‬‬
‫وغمــار التفصــيل لمجريــات الحــداث‪ ،‬وتقلبــات‬
‫الخبار؛ حــتى غلــب عليهــم اســم ‪ " :‬المفكــرون‬
‫السلميون ")‪. (1‬‬
‫ن لقب " المفكر السلمي" ليس من جاد ّةِ أهل العلججم‪ ،‬ول مججن التحقيججق‬
‫‪1‬ج إ ّ‬
‫ً‬
‫بشيء؛ فالفكار غالبا هي إلى الخواطر والنظرات أقرب ما تكون !‪ ،‬والجميججع‬

‫‪34‬‬
‫حتى إذا وقعــت الوقــائع‪ ،‬وتفجــرت الحــداث‪،‬‬
‫واختلطت الصــوات فــي قضــية إســلمية؛ كــانوا‬
‫ء المســلمين !‪،‬‬ ‫ر مــن أبنــا ِ‬ ‫المفزع والملذ عند كثي ٍ‬
‫ف المســلم‪ ،‬وثــارت مشــاعُره‬ ‫ت عواط ُ‬ ‫فإذا عصف ْ‬
‫ر‬
‫ســه بــأب ٍ‬ ‫فه‪ ،‬ويطفــأ حما َ‬ ‫كن عواط َ‬ ‫قام حثيثا ً ليس ّ‬
‫م‬ ‫ن اللـ َ‬ ‫ة ليس لها من الفائدة إل ّ أنها ُتسـك ّ ُ‬ ‫در ٍ‬ ‫مخ ّ‬‫ُ‬
‫ً‬
‫مدمنا ليــس‬ ‫ً‬
‫م يعودُ بعد هذا مريضا ُ‬ ‫حال هيجانه‪ ،‬ث ّ‬
‫ج إل ّ إب َـــــُر المفكريـــــن‪ ،‬وتحليلُتهـــــم‬ ‫لـــــه عل ٌ‬
‫السياسية ! ‪.‬‬
‫ســعوا فــي‬ ‫فأهل التحليــل – للســف – يــوم تو ّ‬
‫ل الشــرعي‪،‬‬ ‫تحليــل الخبــار علــى حســاب الحــ ّ‬
‫والطريـــق المـــأمول؛ انقلبـــت تحليلتهـــم إلـــى‬
‫تخــديرات لمشــاعر وألم المســلمين ! فــي حيــن‬
‫ر ومحاكــات‬ ‫أنهــم لــم يســلموا أيضــا ً مــن التــأث ّ ِ‬
‫مصطلحات أعداء المسلمين من حيث ل يشعرون‬
‫!! ‪.‬‬
‫ً‬
‫فنضرب لهذا مثال ً واحدا للّتوضيح والّتدليل ‪:‬‬
‫ـ قضية فلسطين ‪:‬‬
‫د المــة‬ ‫مر فــي جس ـ ِ‬ ‫ن الصراع مع يهود قد ع ّ‬ ‫إ ّ‬
‫ة‪ ،‬ومــا زال حــتى‬ ‫السلمية أكثر من خمسين سن ٍ‬
‫ذ !‪ ،‬فكــان الحــديث عــن فلســطين المحتلــة‬ ‫وقتئ ٍ‬
‫حديث آهــات‪ ،‬وعــبرات‪ ،‬وحســرات ‪ ...‬لجــل هــذا‬
‫تســابق أبنــاء المســلمين يكتبــون عــن قضــية‬
‫فلسطين الكتب والمصنفات‪ ،‬وينشدون الشعار‪،‬‬
‫ن فلســطين مــا‬ ‫ل هــذا ل ّ‬ ‫مقون الخطب ‪ ...‬ك ـ ّ‬ ‫وين ّ‬
‫ة‬‫ة فــوق رؤوس المســلمين‪ ،‬ودمعــ ً‬ ‫زالــت ســحاب ً‬
‫على خدودهم‪ ،‬وعبرةً على عيونهم‪ ،‬وزفــرةً فــي‬
‫إلى التخمينات والظنون أقرب منها إلى العلوم السلمية‪ ،‬فكان الولى تركه؛‬
‫ن أكججثر المفكريججن السججلميين غلبججت عليهججم التحليلت‬‫لسججيما إذا علمنججا أ ّ‬
‫الخبارية‪ ،‬والتقديسات العقلية ‪. ! ...‬‬

‫‪35‬‬
‫صدورهم ‪.!...‬‬
‫ض الغيــورين‬ ‫ومــن خلل هــذا خــرج علينــا بع ـ ُ‬
‫ضــوا هــذا الواقــع‪،‬‬ ‫لقضية فلسطين؛ حيــث لــم يْر َ‬
‫وتلــك السياســات‪ ،‬ونقــل الخبــار المجــردة !؛‬
‫ة بــأن‬ ‫ة القضــي ِ‬ ‫مهــم ل ُِنص ـَر ِ‬‫فنــذروا وقَتهــم وأقل َ‬
‫ل لهــا تحليل ً‬ ‫غّيروا منحى نقل الخبار إلــى تحلي ـ ٍ‬
‫ح في الجملة !‪.‬‬ ‫ة‪ ،‬والفكُر الصحي ُ‬ ‫تحكمه الواقعي ُ‬
‫وهكذا تسابقوا فـي ميـدان التحليـل ومضـمار‬
‫ة‪،‬‬ ‫ت فكريــ ً‬ ‫طرون ويصــيغون عبــارا ٍ‬ ‫التفكيــر ُيســ ّ‬
‫ة ‪ ...‬وتدليل ً على ذلــك نــذكُر شــيئا ً‬ ‫وأقوال ً إخباري ً‬
‫من أقوالهم كما يلي ‪:‬‬
‫ن سكوت العالم عــن قضــية‬ ‫ـ يقول قائُلهم ‪ :‬إ ّ‬
‫مــا يشــير إلــى النحيــاز‬ ‫ر‪ ،‬م ّ‬ ‫فلســطين نــذيُر شــ ٍ‬
‫الوربي السافر إلى دولة إسرائيل) ( ! ‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫ؤ والتضــامن الغريــب‬ ‫ن التواطـ َ‬ ‫ـ وقال آخــر ‪ :‬إ ّ‬


‫ع على المــؤامرة‬ ‫ل قاط ٌ‬ ‫بين التلمود والنجيل دلي ٌ‬
‫دول العربية والسلمية)‪. (2‬‬ ‫الدولية ضد ال ّ‬
‫ن النـــدماج بيـــن كنيســـة‬ ‫ــــ وقـــال آخـــر ‪ :‬إ ّ‬
‫مــا يــثر العجــب‬ ‫الكاثوليك وكنيسة البروتستانت م ّ‬
‫والدهشــة؛ لكّننــا إذا علمنــا أنهمــا تهــدفان إلــى‬
‫ذ‬ ‫د‪ ،‬وهو القضاء على المســلمين فحينئ ٍ‬ ‫ف واح ٍ‬
‫هد ٍ‬
‫ة شعب يهود بج "إسرائيل " خطا ٌ تأريخي؛ لن إسججرائيل هججو نججبي‬ ‫ن تسمي َ‬
‫‪1‬جإ ّ‬
‫ة لهججم؛ لججذا كججان‬ ‫الله يعقوب عليه السلم‪ ،‬فكان تسميُتهم بإسرائيل يعد ّ تزكي ج ً‬
‫على المسلمين أن يذكروهم باليهود كما ذكرهم الله تعالى في كتابة المججبين‪،‬‬
‫ضون مخاطبتهم بيهود !؛ لنهم يعلمون أن هججذه التسججمية‬ ‫علما ً أن اليهود ل يْر َ‬
‫لم تذكر عنهم غالبا ً إل في معرض ال ّ‬
‫ذم والتحقير! ‪.‬‬ ‫ّ‬
‫ن التفريقات القومية بين المسلمين من الجاهلية الّنتنة؛ الججتي مججا‬ ‫‪2‬جلش ّ‬
‫كأ ّ‬
‫ن العججدوى الغربيججة –‬ ‫كان لها أن تأخذ هذا النفوذ في كتابات أهل السلم؛ ولك ّ‬
‫للسف – قد أصابت كثيرا ً من أقلم المسلمين ! ‪.‬‬
‫ج كما أّنه يجوُز التفريق بين العرب‪ ،‬وعامة المسلمين فيمججا إذا كججان الكلم‬
‫م متعل ّج ٌ‬
‫ق‬ ‫وليججة‪ ،‬والنسججب‪ ...‬الججخ‪ ،‬أمججا إذا كججان المقججا ُ‬
‫عن خصائص العججرب كال ِ‬
‫بقضايا المسلمين؛ فليس حينئذ ٍ للعرب خصوصية عن غيرهم ‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫ل تعجب ! ‪.‬‬
‫ن زيــارة الرئيــس المريكــي‬ ‫ـــ وقــال آخــر ‪ :‬إ ّ‬
‫ل علــى دعــم المــؤامرة‬ ‫للرئيس الروسي لهو دلي ٌ‬
‫ضد المسلمين العرب في فلسطين؛ حيــث صــرح‬
‫الخيـــر فــي إحـــدى الصـــحف البريطانيـــة عـــن‬
‫المحادثــات الثنائيــة الــتي ُأجريــت بينــه وبيــن‬
‫الرئيـــس المريكـــي بمـــا يلـــي ‪ " :‬إن المصـــالح‬
‫ة؛ إذا‬‫ة‪ ،‬وفــي الــوقت نفســه غني ّ ـ ٌ‬ ‫الروســية قوي ـ ٌ‬
‫حافظنا على تسويقها فــي دولــة إســرائيل‪،!"...‬‬
‫ة على‬ ‫ن روسية عازم ٌ‬ ‫المر الذي يجعلنا نستلهم أ ّ‬
‫ن فــي حراســة‬ ‫تدشين السوق اليهودية‪ ،‬وهذا كائ ٌ‬
‫ص بهــا؛ بمعنــى أنهــم‬ ‫و يترب ّ ُ‬‫دولة يهود من أي عد ٍ‬
‫يعنون دول الجوار في الشرق الوسط) ( ‪. !...‬‬
‫‪1‬‬

‫ن التحركات اليهودية في مدينة‬ ‫ـ وقال آخر ‪ :‬إ ّ‬


‫القـــدس‪ ،‬والتحرشـــات الســـتفزازية بالشـــعب‬
‫الفلســطيني؛ والــرحلت المكوكيــة بيــن رئيــس‬
‫ل هــذا‬ ‫هَيوني والرئيس المريكــي؛ ك ـ ّ‬ ‫ص ْ‬
‫الوزراء ال ّ‬
‫تمهيدا ً وتعبيدا ً لبناء هيكل سليمان المزعوم على‬
‫دؤوب‬ ‫أنقاض القدس‪ ،‬ويدل علــى هــذا العمــل الـ ّ‬
‫ق النفاق تحت المسجد القصى‪ ،‬كمــا ُيســاند‬ ‫لش ّ‬
‫ن العواطـــف‬ ‫ل الصـــهيوني تدشـــي ُ‬ ‫هـــذا الفعـــ َ‬
‫المتطرفــة مــن يهــود مــن خلل ذبــح البقــرة‬
‫ح‬
‫الحمراء‪ ،‬وبناء حائط المبكى‪ ...‬الخ !‪ ،‬وهذا واض ٌ‬
‫ل يوم ٍ ‪.‬‬‫عبر الزخم)‪ (2‬العلمي العالمي ك ّ‬
‫ن مصطلح " الشرق الوسط " نابعٌ مججن إفججرازات دول السججتعمار زيججادةً‬ ‫‪1‬ج إ ّ‬
‫ب المسججلمين‬ ‫جا‬
‫ّ ِ‬‫ج‬ ‫ت‬‫ُ‬ ‫ك‬‫ال‬ ‫جى‬
‫ج‬ ‫عل‬ ‫يجب‬ ‫كان‬ ‫هذا‬ ‫علم‬‫ُ‬ ‫فإذا‬ ‫السلمية‪،‬‬ ‫المة‬ ‫تمزيق‬ ‫في‬
‫ما السم الصحيح لهذه المنطقة هو ‪:‬‬ ‫أن يطمسوا هذا السم من قواميسهم‪ ،‬أ ّ‬
‫ماه أهل التأريخ السلمي ‪.‬‬ ‫المشرق السلمي‪ ،‬كما س ّ‬
‫‪2‬ج إن أكثر العلميين للسف يستخدمون كلمة " الزخم " فججي تعججبيرهم عججن‬
‫كثرة الشيء !‪ ،‬وهذا خطأ ُ ل ُتقجّره اللغججة العربيججة؛ لن معنججى كلمججة "زخججم" ‪:‬‬
‫دسم ‪ .‬انظر " اللسان" زخم )‪. ( 6/32‬‬ ‫م كثيُر ال ّ‬‫الرائحة الكريهة‪ ،‬وقيل ‪ :‬الّلح ُ‬

‫‪37‬‬
‫ن الجتماعـــات البرلمانيـــة‬ ‫ــــ وقـــال آخـــر ‪ :‬إ ّ‬
‫المتعاقبــة فــي الــبيت البيــض المريكــي فــي‬
‫ة لجتمــاع‬ ‫ة قوي ـ ً‬‫غضــون هــذه اليــام؛ ُيع ـدّ صــفع ً‬
‫القمة العربيــة)‪(1‬؛ وذلــك يــوم شــاهد العــالم تلــك‬
‫القرارات التعسفية‪ ،‬والتهديــدات أل ّ ديمقراطيــة‬
‫بشأن التزام القمة بعدم إدانة الحكومة اليهوديــة‬
‫ذه هــذه اليــام‬ ‫س شرعي َّتها‪ ،‬وما تّتخ ُ‬ ‫ء يم ّ‬ ‫بأي شي ٍ‬
‫ضــد الهــالي العــّزل‪ ،‬مــع الســعي إلــى وقــف‬
‫النتفاضة الفلسطينية)‪. ! (2‬‬
‫وغيــر ذلــك مــن منظومــة التحليلت الفكريــة‪،‬‬
‫علما ً أّننا ل نّتهم نوايا هؤلء المفكرين؛ بقــدر مــا‬
‫نعــاتبهم علــى الغــراق فــي تحليــل الخبــار‪،‬‬
‫ة العربيججة وغيرهججا ُتعجد ّ مججن القوميججات‬ ‫مج َ‬
‫ة العربيججة‪ ،‬والق ّ‬‫ن الجامعج َ‬ ‫‪1‬ج ل ش ّ‬
‫كأ ّ‬
‫ل اللججه صججلى اللججه عليججه‬‫العربية التي ما أنزل الله بها من سلطان؛ وهل رسو ُ‬
‫وسلم يوما ً من اليام انفرد بالعرب دون سجائر المسجلمين للنظجر فجي قضجايا‬
‫ة ضد أعججداء الججدين منفججردا ً بججالعرب ؟!‪ ،‬وهججل‬ ‫المة السلمية‪ ،‬أو خاض معرك ً‬
‫ً‬
‫ينسى أحد ٌ من المسلمين بلل ً الحبشي‪ ،‬وسلمان الفارسي‪ ،‬وصججهيبا الرومججي‪،‬‬
‫وصججلح الججدين اليججوبي الكججردي ‪ ...‬؟!‪ ،‬وهججل كججان يججوم الخنججدق إل ّ لسججلمان‬
‫الفارسي رضي الله عنه يوم أشار على النبي صججلى اللججه عليججه وسججلم بحفججر‬
‫ة فججي القضججاء علججى مججا بقججي‬ ‫ن مثل هذه التحّزبات والنعرات كافي ٌ‬ ‫الخندق !‪ ،‬إ ّ‬
‫د‪،‬‬
‫ن فججي مثججل هججذه الّنعججرات‪ :‬تجميجج ٌ‬ ‫مججن بلد المسججلمين !‪ ،‬كمججا ل ننسججى أ ّ‬
‫ش لعدد ٍ كبير ل ُيستهان به من المسلمين !؛ هذا إذا علمنا أن ما تملكججه‬ ‫وتهمي ٌ‬
‫دولة باكستان‪ ،‬وأفغانستان‪ ،‬ودول شرق أسججيا‪ ،‬وغيرهججا مججن بلد المسججلمين ‪-‬‬
‫دات‪ ،‬والطاقات‪ ،‬والرجججال مججا‬ ‫مشة عند العرب‪ -‬من الُعدد‪ ،‬والعتاد‪ ،‬والمع ّ‬ ‫المه ّ‬
‫يكفي لتحرير العالم أجمع !!‪.‬‬
‫ن تسمية الجهاد الفلسطيني بج "النتفاضة" !‪ ،‬شيٌء ل ُيقّره السلم‪ ،‬فمججا‬ ‫‪2‬ج إ ّ‬
‫م به أطفال الحجارة في فلسطين ضد ّ يهود لهو مججن أعظججم الجهججاد هججذه‬ ‫يقو ُ‬
‫اليججام؛ هججذا يججوم تخججاذلت جميججع الججدول السججلمية عججن ُنصججرةِ إخواننججا فججي‬
‫ن وراء هججذه المصججطلحات المشججبوهة؛ اليهججود‬ ‫سأ ّ‬‫فلسججطين!‪ ،‬كمججا ل ننجج َ‬
‫ة‪ ،‬أو صجوت ينجادي‬ ‫ة جهاديج ٌ‬‫والنصارى الذين ل يريدون أن ترتفعَ للمسلمين راي ٌ‬
‫ن المسلمين ل ُيحركهم ول يوقظهم مججن سججباتهم إل ّ‬ ‫باسم الجهاد !؛ لعلمهم أ ّ‬
‫ت‪ ،‬أو قلم إسججلمي أن‬ ‫ٌ‬ ‫صو‬ ‫له‬ ‫من‬ ‫على‬ ‫وجب‬ ‫لذا‬ ‫"!‪،‬‬ ‫كلمة ‪" :‬حي على الجهاد‬
‫وا النتفاضججة الفلسججطينية باسججم الجهججاد السججلمي؛ كقججوله ‪ :‬النتفاضججة‬ ‫سج َ‬ ‫ي َك ْ ُ‬
‫الجهادية‪ ،‬أو أطفال الحجارة المجاهججدون‪ ،‬أو أطفججال الجهججاد ونحججوه‪ ،‬والخيججر‬
‫قريب‪ ،‬والله أعلم !‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫ة على حســاب مــا هــو‬ ‫قذ ِ‬‫ة بال ّ‬
‫قذّ ِ‬‫و ال ّ‬‫حذْ ِ‬
‫ومتابعتها َ‬
‫ل الســلمي ل‬ ‫أهم‪ ،‬وذلــك فــي البحــث عــن الح ـ ّ‬
‫أكثر ‪.‬‬
‫فــاحتلل يهــود للقــدس فــي أرض فلســطين‬
‫ف في حدّ ذاته لتحريك المسلمين نحــو البحــث‬ ‫كا ٍ‬
‫عن اتخاذ الموقف الشرعي الصحيح ُتجاه القضية‬
‫‪.‬‬
‫وهناك الكثير والكــثير مــن الخطــاء الشــرعية‬
‫الــتي تركتهــا التحليلت الخباريــة‪ ،‬والفــرازات‬
‫الفكريــة فــي نفــوس أبنــاء المســلمين ‪ .‬حــتى‬
‫سرعان ما يسمع‬ ‫أمسى الواحد منهم – للسف – ُ‬
‫ب إلى مكتبه‪ ،‬ويضيء‬ ‫ة ضد المسلمين ينقل ُ‬ ‫بفاجع ٍ‬
‫ل‬ ‫در‪ ،‬ويقب ـ ُ‬ ‫م يفك ّـُر ويق ـ ّ‬‫مصباحه‪ ،‬وينثر أوراقه؛ ث ّ‬
‫ويــدبر !؛ باحثـا ً عــن أبعــاد القضــية‪ ،‬وملبســاتها‪،‬‬
‫ســه‬ ‫وتحليــل الظــروف الــتي تكتنفهــا؛ جاهــدا ً نف َ‬
‫صر المة السلمية ســواء الســبيل‪،‬‬ ‫وفكَره كي يب ّ‬
‫ة لســحب‬ ‫ويضــع يــدها علــى خفايــا المــور تجلي ـ ً‬
‫ة للّركــام القــاتم مــن أمــام أعيــن‬ ‫القضية‪ ،‬وإزاح ً‬
‫المســلمين !! ‪ .‬كمــا نج ـدُ فــي المقابــل جموع ـا ً‬
‫ة من أبناء المسلمين عند نـزول أمثـال هـذه‬ ‫كبير ٍ‬
‫ع‬ ‫ل ولـ ٍ‬‫المصائب والمذابح بالمسلمين يقفــون بكـ ّ‬
‫ع ينتظــرون صـدور تلكــم المجلت السـلمية‬ ‫وهل ٍ‬
‫ً‬
‫ق وهيام عساهم يقرؤون شيئا من هذه‬ ‫على شو ٍ‬
‫ضــيم‬ ‫التحليلت الفكريــة لتــدفع عنهــم بعــض ال ّ‬
‫قد‪ ،‬وتطمئن لهــا‬ ‫والحزن‪ ،‬وتطفئ الحماس المتو ّ‬
‫القلوب‪ ،‬وتسترخي بعدها العصاب‪ ،‬وتنام عليهــا‬
‫ن شيئا ً لم يكن !!‪.‬‬ ‫العيون‪ ،‬وبعدها كأ ّ‬
‫ق ينبغي أن نقف معها طــويل ً ‪،‬‬ ‫نعم هذه حقائ ٌ‬
‫فهل عرفتم ماذا نريد ؟!‪ ،‬فكان الولى مــن هــذه‬

‫‪39‬‬
‫التحليلت الخباريـــة الســـتفادة مـــن طاقـــات‬
‫وحماس أبناء المسلمين‪ ،‬وتوظيف ما عندهم من‬
‫ن‬ ‫قــدرات فــي نصــرة القضــايا الســلمية؛ ل أ ْ‬
‫ت ُــداعب هــذه المشــاعر‪ ،‬وُتغــازل تلــك العواطــف‬
‫بتحليلت فكرية !‪.‬‬
‫مـــا إذا ســـألت عـــن المجلت‪ ،‬والصـــحف‪،‬‬ ‫أ ّ‬
‫مــت بتحليــل الخبــار‪،‬‬ ‫والقلم الــتي عَنــت واهت ّ‬
‫ونشرها فهي كثيرةٌ جدا ً للسف !‪.‬‬
‫ل‬
‫م ِ‬‫ج الّنبي صّلى الله عليه وسّلم في الّتعا ُ‬ ‫مْنه ُ‬ ‫َ‬
‫سلمّية‬ ‫ضايا ال ْ‬‫مع الق َ‬
‫ما إن سألت أخي المســلم عــن المخــرج مــن‬ ‫أ ّ‬
‫هذه الخبــار والســتخبارات؛ فهــو الخــذ بناصــية‬
‫المنهج النبوي في سيرته صلى الله عليه وســلم‬
‫يوم كان يتعامل مع مثل هذه القضايا الّنازلة ‪.‬‬
‫فلنا في سيرته صلى الله عليــه وســلم ُأســو ٌ‬
‫ة‬
‫ة لمن كان يرجوا الله واليــوم الخــر‪ ،‬ويريــد‬ ‫حسن ٌ‬
‫أن يعيد للمة الســلمية عّزهــا‪ ،‬ومجــدها الّتليـد ‪.‬‬
‫قال تعــالى ‪ " :‬لقــد كــان لكــم فــي رســول اللــه‬
‫م الخ ـَر‪،‬‬ ‫ه واليــو َ‬‫ن كان يرجوا الل ـ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ة لِ َ‬
‫أسوةٌ حسن ٌ‬
‫ً‬
‫وذكر الله كثيرا " الحزاب ‪.21‬‬
‫م‬ ‫ة للسيرة النبوية يجــدُ المســل ُ‬ ‫ول قراء ٍ‬ ‫فعند أ ّ‬
‫ة ل تحتــاج مّنــا إل ّ‬ ‫ق وحلــول ً جلّيــة واضــح ً‬ ‫حقــائ َ‬
‫صــدقَ مــع اللـه تعــالى فـي رغبتنـا فـي تحريـر‬ ‫ال ّ‬
‫فلسطين المحتلة ل غير !! ‪.‬‬
‫ن الوقــائع والغــزوات والســرايا فــي‬ ‫كأ ّ‬ ‫لشــ ّ‬
‫عهده صلى الله عليه وسلم كانت كثيرةً جــدًا؛ إل ّ‬
‫ة‬ ‫أّننا نرى من المناسب أن نذكر منهـا مـا لـه صـل ٌ‬
‫كبيرةٌ بقضيتنا مــع يهــود‪ ،‬فكــان ذكرنــا لمــواقفه‬
‫صلى اللــه عليــه وســلم مــع يهــود بنــي قيُنقــاع‪،‬‬

‫‪40‬‬
‫ل‪،‬‬‫غ مثــا ً‬‫وبني قريظة‪ ،‬وبنــي النظيــر‪ ،‬وخيــبر أبلـ َ‬
‫فق والهــادي إلــى ســواء‬ ‫ل‪ ،‬والله المو ّ‬ ‫وأحسن حا ً‬
‫السبيل ‪.‬‬
‫وقبل أن نشــرع فــي ذكــر ســيرته صــلى اللــه‬
‫عليه وسلم مع تعامله فــي القضــاء علــى اليهــود‬
‫آنذاك‪ ،‬أحببنا أن نذكر ُنتفا ً من سيرته صــلى اللــه‬
‫ح لنــا‬‫ضـ َ‬
‫ب لنا الطريــق‪ ،‬وتو ّ‬ ‫عليه وسلم حتى ُتقّر َ‬
‫الســبيل فــي موقفنــا مــع مثــل هــذه القضــايا‬
‫العصرية العصيبة ! ‪.‬‬
‫فحسبنا أن نأخذَ مــن حلــوله صــلى اللــه عليــه‬
‫وسلم في مثل هذه المواقف شعارا ً نجعله دائما ً‬
‫ة علــى منابرنــا؛ هــي‬ ‫ة فــوق رؤوســنا‪ ،‬وصــيح ً‬ ‫راي ً‬
‫قوله صلى الله عليه وسلم ‪:‬‬
‫ت"‬‫مو ِ‬‫على ال ُ‬ ‫ن ُيبايع َ‬‫م ْ‬
‫" َ‬
‫ومناسبة هذه الكلمة العصماء التي قد نســيها‬
‫أو تناساها كــثير مــن المســلمين أنــه صــلى اللــه‬
‫ن عثمان بن عفان ـ‬ ‫عليه وسلم قال‪ ،‬حين بلغه أ ّ‬
‫قتــل ‪ :‬ل نــبرح حــتى ُننــاجز‬ ‫رضي الله عنه ــ قــد ُ‬
‫القوم‪ ،‬فدعا رسول الله صلى اللــه عليــه وســلم‬
‫الناس إلى البيعــة‪ ،‬فكــانت بيعــة الرضــوان تحــت‬
‫الشجرة ‪ ،‬فكان الناس يقولـون ‪ :‬بـايعهم رسـول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم على الموت)‪. (1‬‬
‫ما مواقفه صلى الله عليــه وسـلم مــع يهـود؛‬ ‫أ ّ‬
‫فكثيرةٌ حسبنا منها ما يلي ‪:‬‬
‫‪1‬ج ج انظججر "سججيرة ابججن هشججام" )‪ ،(3/426‬والبخججاري ) ‪ ،(07/448‬ومسججلم )‬
‫‪ ،(3/1486‬وللبخاري ألفجاظ قريبججة ‪ .‬انظجر "الفتجح" ) ‪ ،( 12/79‬وانظجر أيضجا ً‬
‫توفيق ابن حجرٍ ‪ -‬رحمه الله ‪ -‬لهذه اللفاظ ‪.‬‬
‫ن عبد الله قال إن رسول اللججه‬ ‫وعند مسلم ) ‪ ،(1485-3/1483‬أن جابَر َ‬
‫ب‬
‫فجّر‪،‬‬‫صلى الله عليه وسلم لم يبايعنجا علجى المجوت؛ ولكجن بايعنجا علجى أن ل ن ِ‬
‫ة على المججوت‪،‬‬ ‫ي نبويٌ سواٌء كانت بيع ً‬
‫ل شرع ٌ‬‫ح ّ‬‫ت ‪ :‬أيا ً كان المُر فكلهما َ‬
‫قل ُ‬
‫أو على عدم ِ الفرار‪ ،‬فتأمل ‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫قيُنقــاع ‪ :‬ذكــرت كتــب الســير‬ ‫ـــ غــزوة بنــي َ‬
‫سببين لهذه الغزوة ‪:‬‬
‫ب‬ ‫الول ‪ :‬أن يهودَ بني قيُنقاع أظهــروا الغضــ َ‬
‫ر‪ ،‬وَيظهــر‬ ‫والحسدَ عندما انتصــر المســلمون ببــد ٍ‬
‫فهم من الرســول صــلى اللــه عليــه‬ ‫ذلك في موق ِ‬
‫ر‪ ،‬وقــال‬ ‫قهم بعد بد ٍ‬ ‫وسلم عندما جمعهم في سو ِ‬
‫لهم ‪ " :‬يا معشر يهود أســلموا قبــل أن ُيصــيبكم‬
‫غرن ّــك‬ ‫مثل ما أصاب قريش‪ ،‬فقالوا يــا محمــد ل ي َ ُ‬
‫مـن نفسـك أنـك قتلـت نفـرا ً فـي قريـش كـانوا‬
‫أغمارا ً ل يعرفون القتال‪ ،‬إنك لو قاتلتنــا لعرفــت‬
‫ق مثلنـا "‪ ،‬فـانزل‬ ‫أنـا نحـن النـاس‪ ،‬وأنـك لـم تلـ َ‬
‫الله ‪ " :‬قــل للــذين كفــروا سـُتغلبون وُتحشــرون‬
‫ة فــي‬ ‫إلى جهنم وبئس المهاد * قد كــان لكــم آي ـ ٌ‬
‫ل الله وُأخــرى‬ ‫ل في سبي ِ‬ ‫ة تقات ُ‬ ‫فئتين التقتا * فئ ٌ‬
‫د‬
‫ي العيــن واللــه يؤي ـ ُ‬ ‫مث ْل َْيهــم رأ َ‬ ‫وَنهــم ِ‬‫كــافرةٌ ي ََر ْ‬
‫ه من يشاء إن في ذلك لعبرة لولي البصار‬ ‫بنصر ِ‬
‫")‪. (1‬‬
‫ف‬ ‫قـدَ طـر َ‬ ‫ع َ‬
‫ن أحــدهم َ‬ ‫والسبب الثاني ‪ :‬هــو أ ّ‬
‫ة في سوق بنـي قينقــاع‪ ،‬فلمــا‬ ‫ة مسلم ٍ‬ ‫ب امرأ ٍ‬ ‫ثو ِ‬
‫د‬
‫ة‪ ،‬فقــام أحـ ُ‬ ‫قامت انكشفت‪ ،‬فصــاحت مســتنجد ً‬
‫د‬
‫المسلمين فقتل اليهودي‪ ،‬وتــواثب عليــه اليهــو ُ‬
‫ل المسلم ِ المسلمين على‬ ‫فقتلوه‪ ،‬فاستصرخ أه ُ‬
‫ل بينهـم‪،‬‬ ‫اليهوِد ‪ .‬فغضب المسلمون‪ ،‬ووقع القتا ُ‬
‫وبين بني قينقاع)‪. (2‬‬
‫وجمعا ً بين السببين يعودُ إلى ما أظهروه مــن‬
‫ة ضد المســلمين‪ ،‬انتهــت إلــى الخلل‬ ‫ح عدائي ٍ‬ ‫رو ٍ‬
‫‪1‬ج أخرجه أبو داود ) ‪ ( 3/402‬حديث رقم ) ‪ ،( 3001‬وقد حسنه ابن حجر‬
‫في "الفتح" ) ‪. ( 15/204‬‬
‫ف‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫ضعي‬ ‫وإسناده‬ ‫يسير‪،‬‬ ‫بتصرف‬ ‫(‬ ‫‪3/70‬‬ ‫)‬ ‫هشام"‬ ‫‪2‬ج انظر "سيرة ابن‬
‫والرواية يستأنس بها ‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫ة‪ ،‬ومــن ذلــك قصــة المــرأة‬ ‫بــالمن داخــل المدينـ ِ‬
‫المسلمة معهم )‪. (1‬‬
‫ومن خلل ما مضى نستنتج ‪ -‬لســيما الســبب‬
‫ف‬ ‫ن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكت ِ‬ ‫الثاني ‪ -‬أ ّ‬
‫بنقل الخبار‪ ،‬كما أنه لم يشتغل بتحليلهــا؛ بقــدر‬
‫ل الموقــف‬ ‫ص علــى ح ـ ّ‬ ‫ل الحــر ِ‬ ‫ما كان حريص ـا ً ك ـ ّ‬
‫ن سمع النبي صــلى اللــه‬ ‫ُتجاه يهود ل غير‪ ،‬فما أ ْ‬
‫عليه وسلم بمــا وقــع بيــن المســلمين ويهــود إل ّ‬
‫وقام مسرعا ً إلى يهود‪ ،‬ونبذ إليهــم علــى ســواء‪،‬‬
‫ة وعندما اشتد عليهم‬ ‫وحاصرهم خمس عشرة ليل ً‬
‫حكم ِ الرسول صلى الله عليــه‬ ‫الحصار نزلوا على ُ‬
‫ن لهــم النســاء‬ ‫ن لهــم أمــوالهم‪ ،‬وأ ّ‬ ‫وسلم علــى أ ّ‬
‫م كّلمهــم فيــه‬ ‫والذريــة‪ ،‬فــأمر بهــم فكّتفــوا‪ُ ،‬ثــ ّ‬
‫ل‪ ،‬فقـال لـه النـبي صـلى اللــه‬ ‫ن سلو ٍ‬ ‫فهم اب ُ‬ ‫حلي ُ‬
‫عليــه وســلم ‪ " :‬هــم لــك ‪ ،(2)" ...‬وأمــر بهــم أن‬
‫ُيجلوا عن المدينة‪ ،‬فلحقوا بأذرعات)‪. (3‬‬
‫ر‬ ‫ل الخبــا ِ‬ ‫ن نقــ َ‬ ‫كــدُ لــدينا ‪ :‬أ ّ‬ ‫فعنــد ذلــك؛ يتأ ّ‬
‫ح‬ ‫مــا طــر ُ‬‫د‪ ،‬أ ّ‬ ‫سـت َن َ ٌ‬ ‫م ْ‬ ‫ةو ُ‬ ‫وتحليلها مــا هــي إل ّ وســيل ٌ‬
‫صدٌ ! ‪.‬‬ ‫ق َ‬ ‫م ْ‬ ‫ةو َ‬ ‫ل فهو َ‬
‫غاي ٌ‬ ‫الح ّ‬
‫ـ غزوة بني الّنضير ‪:‬‬
‫ذكرت كتب السير أن لغزوة بني النضير ثلثــة‬
‫ن النــبي صــلى‬ ‫أسباب‪ ،‬والذي يهمنا منهــا هــو ‪ :‬أ ّ‬
‫ة‬‫اللــه عليــه وســلم عنــدما ذهــب إليهــم فــي ِدي ّـ ِ‬
‫ف‪ ،‬جلس‬ ‫حل ِ‬ ‫ما كان بينه وبينهم من ال ِ‬ ‫كلب ِي َْين‪ ،‬ل ّ‬ ‫ال ِ‬
‫ر لهم في انتظارهم ليأتوا بما وعدوا بــه‬ ‫إلى جدا ٍ‬

‫مري ص ) ‪. ( 138‬‬ ‫‪1‬ج انظر "المجتمع المدني" للشيخ أكرم ضياء العُ َ‬
‫‪2‬ججج انظججر "سججيرة ابججن هشججام" )‪ ،(71-3/70‬و"الواقججدي" )‪،(178-1/177‬‬
‫و"طبقات ابن سعد" )‪. (2/92‬‬
‫‪3‬ج انظر خبر إجلءهم البخاري مع الفتح )‪ ،(204-15/203‬ومسلم )‪-3/1387‬‬
‫‪ (1388‬وغيرهما كثير ‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫ض‬ ‫ضــهم ببع ـ ٍ‬ ‫دية‪ ،‬ثــم خل بع ُ‬ ‫من المساهمة في ال ّ‬
‫ل علــى مثــل حــاله‬ ‫فقالوا ‪ :‬إنكم لن تجدوا الرج ـ َ‬
‫حاش ذلــك‬ ‫ج َ‬‫هذه فاتفقوا على أن َيعُلو عمرو بن ِ‬
‫الجدار‪ ،‬فُيلقي صخرةً علــى الرســول صــلى اللــه‬
‫عليه وسلم فيقتله‪ ،‬فأخبر الله رسوَله بما أرادوا‬
‫فخــرج راجعــا ً إلــى المدينــة‪ ،‬وعنــدما تــأخر عــن‬
‫أصــحابه الــذين كــانوا معــه ســألوا عنــه‪ ،‬فعلمــوا‬
‫رجوعه إلى المدينة‪ ،‬فـأتوه فـأخبرهم الخـبر‪ ،‬ثـم‬
‫أمر بالتهيؤ لحربهم‪ ،‬والسير إليهم‪ ،‬ومحاصرتهم‪،‬‬
‫ل‪،‬‬ ‫ت ليـا ٍ‬
‫ر دام سـ ّ‬ ‫ح بعـد حصـا ٍ‬ ‫صـل ِ‬‫فنزلـوا علـى ال ّ‬
‫ن لهم ما حملت البل) ( ‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫على أ ّ‬
‫ل آخــر علــى حرصــه صــلى اللــه‬ ‫وفي هذا دلي ـ ٌ‬
‫ل مباشرةً دون الغــراق‬ ‫عليه وسلم على أخذ الح ّ‬
‫في نقل الخبار وتحليلها ‪.‬‬
‫قريظة ‪:‬‬ ‫ـ غزوة بني ُ‬
‫ب الغــزوة كــان‬ ‫ن سب َ‬ ‫ثأ ّ‬ ‫ر الحدا ِ‬ ‫سي َ ِ‬‫ح من ِ‬ ‫واض ٌ‬
‫ض بني قريظة العهدَ الذي بينهم وبيــن النــبي‬ ‫َنق َ‬
‫ن‬ ‫ي بـ ِ‬
‫حي ـ ّ‬‫ض مــن ُ‬ ‫صلى الله عليــه وســلم‪ ،‬بتحري ـ ٍ‬
‫ب الّنظري)‪. (2‬‬ ‫أخط َ‬
‫ن هذا النقض‪ ،‬وهذه الخيانة قد جاءت فــي‬ ‫ول ّ‬
‫ب‪ ،‬فقد أمر الله تعــالى نــبيه بقتــالهم‬ ‫وقت عصي ٍ‬
‫بعد عودته من الخندق‪ ،‬ووضعه السلح) (‪ ،‬وامتثال ً‬
‫‪3‬‬

‫ل ص ـّلى اللــه عليــه وســلم‬ ‫مَر الرســو ُ‬ ‫ر الله؛ أ َ‬ ‫م ِ‬


‫ل ْ‬
‫جهــوا إلــى بنــي قريظــة‪ ،‬وتوكيــدا ً‬ ‫أصحاَبه أن َيتو ّ‬
‫د‬
‫ن أحـ ٌ‬ ‫لطلب السرعة أوصــاهم قــائل ً ‪ " :‬ل ُيصـِلي ّ‬

‫‪ 1‬انظجججر "سجججيرة ابجججن هشججام" ) ‪ ،( 268-3/267‬و"الفتججح" ) ‪،( 15/202‬‬


‫و"الدلئل" للبيهقي ) ‪. ( 181 – 3/180‬‬
‫‪2‬ج انظر "المصّنف" لعبد الرزاق )‪ ،(373-5/368‬و" الدلئل" لبي ُنعيم )‬
‫‪. ( 505 – 2/504‬‬
‫‪3‬ج أخرجه "البخاري مع الفتح" ) ‪. ( 15/293‬‬

‫‪44‬‬
‫العصــَر إل ّ فــي بنــي قريظــة " البخــاري‪ ،‬وعنــد‬
‫مسلم " الظهر ")‪.(1‬‬
‫ت فـــي الطريـــق قـــال‬ ‫وعنـــدما أدركهـــم الـــوق ُ‬
‫ة‪ ،‬وقــال‬ ‫بعضــهم ‪ :‬ل ُنصــلي حــتى نــأتي قريظــ َ‬
‫ردْ مّنا ذلــك‪ ،‬ف ـذُك َِر‬ ‫ض الخر ‪ :‬بل ُنصلي؛ لم ي َ ِ‬ ‫البع ُ‬
‫ف‬ ‫ذلـك للنـبي صـلى اللـه عليـه وسـلم فلـم ُيعّنـ ْ‬
‫مــراِد‬ ‫واحــدا ً منهــم)‪ ،(2‬وهــذا اجتهــاد منهــم فــي ُ‬
‫الرسول صلى الله عليه وسلم)‪. (3‬‬
‫فخرج الرســول صــلى اللــه عليــه وســلم فــي‬
‫ة وثلثــون فرســا ً)‪، (4‬‬ ‫ل معهم ست ٌ‬ ‫ة آلف مقات ٍ‬ ‫ثلث ِ‬
‫س‬‫ة خمـ ٍ‬ ‫وضرب الحصــاَر علــى بنــي قريظــة لمــد ِ‬
‫ة علــى الرجــح)‪ ،(5‬وضــّيق عليهــم‬ ‫وعشــرين ليلــ ٍ‬
‫ء‪ ،‬فرغبــوا أخيــرا ً‬ ‫م عليهــم البل ُ‬ ‫عظ ُ ـ َ‬ ‫خناقَ حتى َ‬ ‫ال َ‬
‫حكم ِ الرسول صــلى اللــه‬ ‫ل ُ‬ ‫قُبو ِ‬ ‫م‪ ،‬و َ‬ ‫في الستسل ِ‬
‫عليـــه وســـلم فيهـــم‪ ،‬واستشـــاروا فـــي ذلـــك‬
‫فهم ‪ :‬أبا ُلبابة بــن عبــد المنــذر ‪ -‬رضــي اللــه‬ ‫حلي َ‬
‫عنه ‪ -‬فأشار إلى أن ذلك يعني الذبح‪ ،‬وندم علــى‬
‫هذه الشــارة فربــط نفســه إلــى إحــدى ســواري‬
‫المسجد النبوي‪ ،‬حتى قبل الله توبته)‪. (6‬‬
‫حكـم ِ الرســول صــلى اللــه‬ ‫وعندما نزلوا علــى ُ‬
‫م عليهم إلى واحــد‬ ‫حك َ‬ ‫ل ال ُ‬‫ب أن ي َك ِ َ‬ ‫عليه وسلم أح ّ‬
‫مــن رؤســاء الوس؛ لنهــم كــانوا حلفــاءَ بنــي‬
‫ن معــاذ‪،‬‬ ‫د بـ ِ‬ ‫م فيهم إلى ســع ِ‬ ‫حك َ‬ ‫قريظة‪ ،‬فجعل ال ُ‬
‫‪1‬ج انظر" البخاري مع الفتح" ) ‪ ،( 15/294‬ومسلم ) ‪. ( 3/1391‬‬
‫‪2‬ج انظر البخاري ومسلم نفس المصدر ‪.‬‬
‫‪3‬ج انظر "سيرة ابن هشام" ) ‪. ( 3/326‬‬
‫‪4‬ج انظر "طبقات ابن سعد" ) ‪. ( 3/74‬‬
‫‪5‬ج أخرجه أحمد‪ ،‬أنظره مع الفتح الرباني ) ‪ ،( 83-21/81‬و"البداية والنهايججة"‬
‫لبججن كججثير ) ‪ ،( 4/140‬والطججبري فججي "تججاريخه" ) ‪ ،( 2/583‬و"سججيرة وابججن‬
‫هشام " ) ‪ ،( 3/326‬و"الفتح" لبن حجر ) ‪. ( 16/30‬‬
‫‪6‬ج أخرجه أحمد‪ ،‬أنظره مع الفتح الرباني ) ‪. ( 83 – 21/81‬‬

‫‪45‬‬
‫ما دنا من المسلمين قال الرســول صــلى اللــه‬ ‫فل ّ‬
‫دكم أو‬ ‫عليـه وسـلم للنصـار ‪ " :‬قومـوا إلـى سـي ِ‬
‫مــك " ‪.‬‬ ‫حك ِ‬‫ن هؤلء نزلوا على ُ‬ ‫ركم‪ ،‬ثم قال ‪ :‬إ ّ‬ ‫خي ِ‬
‫ســم‬ ‫مقاتلُتهم‪ ،‬وُتسبى ذراريهم‪ ،‬وُتق ّ‬ ‫قال ‪ُ :‬تقتل ُ‬
‫أموالهم ‪ .‬فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ‪:‬‬
‫" قضيت بحكم ِ الله تعالى ")‪. (1‬‬
‫ن النــبي صــلى‬ ‫نأ ّ‬‫ومن خلل ما ذكرناه نستيق ُ‬
‫ل أكــثر‬ ‫ف وأفعــا ٍ‬‫ل مواق ـ َ‬ ‫الله عليه وسلم كان رج َ‬
‫منه صاحب تحليلت وكلم عليه الصلة والسلم !‬
‫‪.‬‬
‫ة‪:‬‬‫شرعي ّ ُ‬ ‫ت ال ّ‬‫حليل ُ‬‫الت ّ ْ‬
‫ونحن ‪ -‬أيضا ً ‪ -‬ل نقول بطرح التحليلت رأســا ً‬
‫ِ‬
‫السياسي منها أو الشــرعي؛ بــل نعتــبُر منهــا مــا‬
‫ع ل ســـيما إذا ربطنـــا الحـــداث‬ ‫اعتـــبره الشـــر ُ‬
‫بالسباب الشرعية)‪ ،(2‬فإذا نظرنا مثل ً إلــى غــزوة‬
‫د وحللناهــا تحليل ً فكري ـا ً مج ـّردا ً عــن الشــرع‬ ‫أح ـ ٍ‬
‫ن ذكاء خالــد بــن الوليــد والتفــافه حــول‬ ‫لقلنا ‪ :‬إ ّ‬
‫خرة معســكر المســلمين وذلــك حيــن نــزول‬ ‫مــؤ ّ‬
‫الّرماةُ من مكانهم؛ كان سببا ً كــبيرا ً فــي انهــزام‬
‫ن اللــه تعــالى هنــا لــم‬ ‫المســلمين ‪ ...‬الــخ !؛ إل ّ أ ّ‬
‫يذكر هذا الســبب التحليلــي المجــرد‪ ،‬وإنمــا قــال‬
‫تعالى ‪ " :‬أو لما أصبتكم مصيبة قد أصبتم مثليهــا‬
‫‪1‬ج أخرجه " البخاري مع الفتح" ) ‪ ،( 15/289‬ومسلم ) ‪. ( 1389 – 3/1388‬‬
‫‪ 2‬ج كثير من الناس – للسججف – يسججتنكف الحججديث عججن التحليلت الشججرعية‪،‬‬
‫والبحث عججن سجبب الحججروب والكججوارث مثجل ‪ :‬انتشججار المعاصججي‪ ،‬والفسجاد‪،‬‬
‫والجهل بين المسلمين ‪ ،...‬زعما ً منهم أن الحجديث عجن هجذا قجد يؤخرنجا عجن‬
‫ذ‪ ،‬لذا كان من المناسب تأخيره حججتى تسججتقيم المججور أول ً‬ ‫معالجة المور وقتئ ٍ‬
‫ثم نسعى في معالجة المعاصي وغيرها !‪ ،‬قلت ‪ :‬لشججك أن هججؤلء القججوم مججا‬
‫أرادوا بهذا إل ّ خيرًا؛ إذا علمنا أن الذي دفعهم لهذا القول هو ‪ :‬اجتهادهم !‪ ،‬إل ّ‬
‫ل‪ ،‬يوم نعلججم أن النصججوص الشججرعية‬ ‫ة وتفصي ً‬ ‫أننا ُنخالفهم في هذا الطرح جمل ً‬
‫ة تأبى هذا القججول ‪ . !!...‬ولسججنا بحاجججة أن نسترسججل فججي رد ّ هججذا القججول‬
‫كاف ً‬
‫هنا !‪ ،‬فتأمل ‪.‬‬

‫‪46‬‬
‫قلتم أّنى هذا قل هو مــن عنــد أنفســكم إن اللــه‬
‫ء قــدير " آل عمــران ‪ .165‬فــأرجع‬ ‫ل شــي ٍ‬ ‫على ك ّ‬
‫ن‬
‫الله تعالى المر إلى السبب الشرعي‪ ،‬وهــو ‪ :‬أ ّ‬
‫ب في النهــزام ل‬ ‫المسلمين أنفسهم كانوا السب َ‬
‫مـَر النــبي صــلى اللــه‬ ‫َ‬
‫وا أ ْ‬
‫صـ ْ‬
‫ع َ‬
‫الكفار؛ وذلك يــوم َ‬
‫عليه وسلم بنزولهم عن مواقعهم ! ‪.‬‬
‫ن‬‫حنيــن ‪ :‬نســتطيع أن نقــول ‪ :‬أ ّ‬ ‫وكــذلك فــي ُ‬
‫قتــه الكفــار ضــد المســلمين كــان‬ ‫ن الذي و ّ‬ ‫الك َ ِ‬
‫مي َ‬
‫ســـببا ً قويـــا ً فـــي انكشـــاف المســـلمين عـــن‬
‫مواقعهم ‪...‬الخ !‪ ،‬إل ّ أن الله تعالى هنا لــم يــذكر‬
‫هذه التحليلت المجــردة؛ بــل أرجــع الســبب إلــى‬
‫المســلمين أنفســهم‪ ،‬وهــو العجــاب بــالكثرة ل‬
‫غير‪ ،‬حيث قال تعــالى ‪" :‬لقــد نصــركم اللــه فــي‬
‫ة‪ ،‬ويــوم حنيــن إذ أعجبتكــم كــثرتكم‬ ‫مواطن كثير ٍ‬
‫فلم ُتغن عنكم شيئا ً وضــاقت عليكــم الرض بمــا‬
‫رحبــت ثــم وليتــم مــدبرين " التوبــة ‪ . 25‬وفــي‬
‫الختام نعود بالقارئ الكريم إلى حديثنا عــن ذكــر‬
‫الحلول السلمية‪ ،‬وكيفيــة الســتفادة منهــا ‪ -‬إن‬
‫شاء الله ‪. -‬‬

‫‪47‬‬
‫ث‬‫ب الّثال ُ‬ ‫الّبا ُ‬
‫ة‬
‫ل السلمي ّ ُ‬ ‫حلو ُ‬ ‫ال ُ‬
‫ن‬ ‫ســلمي ب َْيــ َ‬‫ل ال ْ‬ ‫ل ‪ :‬الحــ ّ‬ ‫ل الو ُ‬ ‫فصــ ُ‬ ‫ال َ‬
‫ت‪.‬‬ ‫سلبيا ِ‬ ‫اليجابّيات‪ ،‬وال ّ‬
‫ل السلمي أي ـا ً كــان نــوعه؛ لهــو‬ ‫ح الح ّ‬ ‫ن طر َ‬ ‫إ ّ‬
‫ع مــن أنــواع النيــات الصــادقة‪ ،‬والرغبــات‬ ‫نــو ٌ‬
‫اليمانية‪ ،‬والعزمات الجهادية نحو الخروج بالمــة‬
‫السلمية مــن هــذا الهــوان الــذي تعيشــه‪ ،‬وهــذا‬
‫ل الــذي مــا بــرح فــوق رأســها مــا يزيــد علــى‬ ‫الذ ّ‬
‫خمســة قــرون أو يزيــد‪ ،‬ول حــول ول قــوة إل ّ‬
‫بالله !‪.‬‬
‫ل الســلمي أمــرا ً مهم ـًا‪،‬‬ ‫فكان البحث عن الح ّ‬
‫ل بقدره‬ ‫وفرضا ً متحّتما ً على كافة المسلمين؛ وك ّ‬
‫‪ " .‬فاتقوا الله ما استطعتم " ‪.‬‬
‫علــم مــا ذكرنــاه آنف ـًا؛ كــان مــن العــدل‬ ‫فــإذا ُ‬
‫والنصــاف أن نضــع المــور فــي نصــابها‪ ،‬وذلــك‬
‫ة وهي ‪ :‬أن طــرح‬ ‫ة مسّلم ٍ‬ ‫ة حقيق ٍ‬ ‫ل في معرف ِ‬ ‫ماث ٌ‬
‫الحلــول‪ ،‬وإيجادهــا‪ ،‬والكلم عنهــا ل يلــزم منهــا‬
‫ة‬
‫صــحة والواقعي ّــة؛ بقــدر مــا هــي دعــو ٌ‬ ‫ضرورةً ال ّ‬
‫ذ الهمــم‪ ،‬والســتفادة مــن أفكــار‬ ‫ة لشــح ِ‬ ‫إيمانيــ ٌ‬
‫وطاقات المســلمين فـي التعامــل مـع قضـاياهم‬
‫س ديَنهم‪ ،‬وعّزتهــم‪ ،‬أو‬ ‫السلمية لسيما التي َتم ّ‬
‫شيئا ً من حقوقهم !‪.‬‬
‫فعند هذا؛ كان مــن الحكمــة البالغــة أن نــدعوا‬
‫مهم وجــاهَلهم‪ ،‬كــبيَرهم‬ ‫ة المســلمين عــال َ‬ ‫فــ ً‬ ‫كا ّ‬
‫وصـــغيَرهم‪ ،‬ذكَرهـــم وأنثـــاهم ‪ ...‬للمشـــاركة‬
‫والتعاون في طــرح الحلــول‪ ،‬وعرضــها بقــدر مــا‬
‫نملك من استطاعة ‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫ذ يدور حول نقطتين مهمتين ‪:‬‬ ‫فكلمنا حينئ ٍ‬
‫حة الحلول عند‬ ‫الولى‪ :‬ليس من الضرورة ص ّ‬
‫طرحها ‪.‬‬
‫ل مــن أصــول‬ ‫ة ‪ :‬مبــدأ الشــورى أص ـ ٌ‬ ‫الّثاني ـ ُ‬
‫السياسة الشرعية‪ ،‬والتدابير المرعية ‪.‬‬
‫فمــن قــرأ الســيرة النبويــة ‪ -‬علــى صــاحبها‬
‫أفضــل الصــلة والتســليم – أو قّلــب صــفحات‬
‫التأريخ علم يقينا ً أن السلم لم ُيهمل أحــدا ً مــن‬
‫المسلمين عن إبداء رأيه‪ ،‬والمشاركة في قضــايا‬
‫المسلمين؛ فالكل ســواء بســواء فمــا كــان عنــده‬
‫دم على غيره أي ّا ً كان قــائله‬ ‫الحل المثل ُ‬
‫قب ِ َ‬
‫ل وق ّ‬
‫ح‬
‫ما كانت سمة السلم بينهم ظاهره !‪ ،‬فقــد صـ ّ‬
‫عنــه صــلى اللــه عليــه وســلم أنــه قــال ‪... " :‬‬
‫ن سواهم‪ ،‬تتكافــأ دمــاؤهم‪،‬‬ ‫م ْ‬‫المسلمون يدٌ على َ‬
‫متهم أدنــــاهم‪ ،‬وُيجيــــُر عليهــــم‬ ‫ويســــعى بــــذ ّ‬
‫أقصاهم ‪ " ...‬الحديث‪ ،‬أحمد وغيره) ( ‪ .‬وكما قال‬
‫‪1‬‬

‫تعالى ‪ " :‬وشاورهم في المر " آل عمران ‪،159‬‬


‫وقال تعالى ‪ " :‬وأمرهم شورى بينهم " الشورى‬
‫‪.38‬‬
‫ن آراء الصحابة ـ رضي اللــه‬ ‫وتدليل ً على ذلك أ ّ‬
‫ر تكــاثرت بيــن يــدي‬ ‫عن الجميع ـ حول أسرى بــد ٍ‬
‫النبي صلى الله عليــه وســلم‪ ،‬فمنهــم مــن قــال‬
‫بقتلهم‪ ،‬ومنهــم مــن أمــر بحرقهــم‪ ،‬ومنهــم مــن‬
‫جح فداءهم ‪ ...‬الخ‪ ،‬وهــذا كل ّــه لــم يمنــع النــبي‬ ‫ر ّ‬
‫صلى الله عليه وسلم أحدا ً من المشــورة وطــرح‬
‫ل الذي يخدم المة‪ ،‬كما أننا ل ننسى مشورته‬ ‫الح ّ‬
‫صلى اللــه عليـه وسـلم للصـحابة يــوم قــال فـي‬
‫ل‪ ،‬ومختصججرا ً )‪ ،(6690،6692،6796‬وأبججو داود )‬
‫‪1‬ججج أخرجججه أحمججد مطججو ً‬
‫‪ ،(4530‬والبهقي )‪ ،(8/29‬وغيرهم‪ ،‬وحسنه ابن حجر في "الفتح" ) ‪(12/231‬‬
‫‪.‬‬

‫‪49‬‬
‫ي أيها النــاس "!‪ ،‬وليســت عن ّــا‬ ‫ر ‪ " :‬أشيروا عل ّ‬ ‫بد ٍ‬
‫قصة سلمان الفارسي ببعيــد يــوم طــرح حل ً لــم‬
‫يكن مألوفا ً عند العرب آنذاك !؛ وهو أمره ـ رضي‬
‫و عــن دخــول‬ ‫ق يحجز به العد ّ‬ ‫الله عنه ـ بحفر خند ٍ‬
‫المدينة النبويــة‪ ،‬كمــا أن النــبي صــلى اللــه عليــه‬
‫م سلمة ـ رضــي اللــه عنهــا ـ ـ فــي‬ ‫وسلم شاور أ ّ‬
‫ة‪ ،‬وذلك عندما أمر‬ ‫عمرته التي منعه منها أهل مك َ‬
‫ي ويحلقوا رؤوسهم‪ ،‬فلــم‬ ‫الناس أن ينحروا الهد َ‬
‫يقم منهم أحدٌ إلى ذلك‪ ،‬فكرر المر ثلث مــرات؛‬
‫فأشارت إليه بأن يبدأ هو بما يرد‪ ،‬ففعل‪ ،‬فقاموا‬
‫فنحــروا‪ ،‬وجعــل بعضــهم يحلــق بعض ـا ً حــتى كــاد‬
‫مــا ً)‪ ... (1‬وغيــر ذلــك مــن‬ ‫بعضــهم يقتــل بعضــا ً غ ّ‬
‫الخبار والوقائع الــتي تضــيق بهــا هــذه الرســالة‬
‫ل علــى تعزيــز مبــدأ مشــاركة‬ ‫ل هــذا دلي ـ ٌ‬‫الــخ‪ ،‬ك ـ ّ‬
‫الراء‪ ،‬وأخذ المشورة من كافة المسلمين ‪.‬‬
‫ذ هــو مــا قــاله صــلى‬ ‫إذا ً فلنجعل شــعارنا حينئ ٍ‬
‫الله عليه وسلم ‪:‬‬
‫ي أّيها الّناس "‬ ‫عل ّ‬ ‫شيُروا َ‬ ‫"أ ِ‬
‫ل مسلم ٍ يؤمن‬ ‫دم ندعو ك ّ‬ ‫فإّننا من خلل ما تق ّ‬
‫ه‬
‫بالله واليوم الخر أن يشاركنا في طرح مــا يــرا ُ‬
‫مناسبا ً من الحلول الشرعية ُتجاه أمته الســلمية‬
‫صــغار إلــى‬ ‫كي يأخــذ بيــدها مــن هــذا الهــوان وال ّ‬
‫عّزها وسيادتها وريادتها للعالم بأسره ! ‪.‬‬
‫ي برأيــه‬‫ل مســلم ٍ أن ي ُــدل َ‬ ‫لذا كان حقا ً على ك ـ ّ‬
‫حــول طــرح الحلــول الشــرعية ‪ :‬فــالمزارع فــي‬
‫مزرعته ل بد أن يخــدم أمتــه فــي طــرح مــا يــراه‬
‫مناسبًا‪ ،‬وكذا التاجر في متجره‪ ،‬والعرابــي فــي‬
‫إبله‪ ،‬والطالب في مدرسته‪ ،‬والمرأة في منزلها‪،‬‬

‫‪1‬ج انظر "البخاري" مع الفتح )‪. (180-11/178‬‬

‫‪50‬‬
‫ل في أمته ‪ ...‬فنحــن بهــذه الــدعوة قطع ـا ً –‬ ‫والك ّ‬
‫دها‬ ‫إن شــاء اللــه – ســنعيد للمــة الســلمية مج ـ َ‬
‫وعّزها‪ ،‬ولن يخذلنا اللــه تعــالى؛ حيــث يقــول ‪" :‬‬
‫والذين جاهدوا فينا لنهديّنهم سبلنا وإن الله لمع‬
‫المحســنين " العنكبــوت ‪ . 69‬هــذا إذا علمنــا أّننــا‬
‫ذ‪ ،‬والله تعالى يقول ‪:‬‬ ‫محتاجون مضطّرون ساعتئ ٍ‬
‫ف السوءَ ‪...‬‬ ‫ب المضطّر إذا دعاه ويكش ُ‬ ‫من ُيجي ُ‬ ‫"أ ّ‬
‫" الية النمل ‪.62‬‬
‫اللهم أقّر أعيَننا بعّز نراه فــي حياتنــا‪ ،‬وجهــاٍد‬
‫ل بظّلهــا‪،‬‬ ‫ة نســتظ ّ‬ ‫ة عامـ ٍ‬‫ُنســقيه بــدمائنا‪ ،‬وخلفـ ٍ‬
‫طها بنصحنا ‪ ...‬اللهم آمين ‪.‬‬ ‫ونحو ُ‬
‫وبعد هذا حان لنا أن نذكَر ما نراه مناسبا ً مــن‬
‫الحلول الشرعية التي تتناسب مــع واقعنــا الــذي‬
‫نعيشــه ونلمســه‪ ،‬مــع اعتبــار مــا قّررنــا آنفـا ً أن‬
‫طرحنــا للحلــول ل يلــزم منــه ضــرورةً الصــواب؛‬
‫ل جهدا ً في اختيار ما نحسبه – إن‬ ‫علمنا ً أننا لم نأ ُ‬
‫ة والصــواب ‪.‬‬ ‫شاء الله – أقرب ما يكون إلى الجادّ ِ‬
‫فق‪ ،‬والهادي إلى سواء السبيل ‪.‬‬ ‫والله المو ّ‬

‫ل‪.‬‬‫حلو ِ‬ ‫ل الّثاني ‪ :‬قاِئم ُ‬


‫ة ال ُ‬ ‫فص ُ‬ ‫ال َ‬
‫ل كــثيرةٌ جــدًا؛ فكــان مــن‬ ‫ك أن الحلــو َ‬ ‫ل شــ ّ‬
‫المناســب أن ُنجملهــا فــي اثنيــن ل ثــالث لهمــا‪،‬‬
‫ص(‪.‬‬ ‫م‪ ،‬وخا ٌ‬ ‫وهما باختصار ‪ ) :‬عا ٌ‬
‫ة ل تتقيد بزمان‪ ،‬أو مكان‬ ‫ل عام ٌ‬ ‫ل ‪ :‬حلو ٌ‬ ‫و ُ‬
‫ال ّ‬
‫ك عــن حيــاة المســلم مــا‬ ‫فهــي مســتمّرةٌ ل تنف ـ ّ‬
‫ة مــن‬‫ســه فــي جــوفه؛ لنهــا معلوم ـ ٌ‬ ‫ددت أنفا ُ‬ ‫تــر ّ‬
‫الدين بالضرورة ‪ .‬لجل هــذا لــم أتكل ّــف التوس ـ َ‬
‫ع‬
‫ث عنها فتأمل ‪.‬‬ ‫في الحدي ِ‬

‫‪51‬‬
‫ل في أمور منها ‪:‬‬ ‫ل ماث ٌ‬‫وهذا الح ّ‬
‫‪1‬ـ دعــوة المســلمين إلــى تصــحيح العقيــدة‬
‫السلمية‪ ،‬ومنابذة الشرك ‪.‬‬
‫م المسلمين أموَر ديِنهم ‪.‬‬ ‫‪2‬ـ تعلي ُ‬
‫‪3‬ـ تقوية الروابط بين المسلمين ‪.‬‬
‫ء فــي قلــوب‬ ‫ء والــبرا ِ‬ ‫ة الــول ِ‬ ‫‪4‬ـ إحياءُ قضــي ِ‬
‫المسلمين ‪.‬‬
‫ة المر بالمعروف والنهي عن‬ ‫‪5‬ـ إحياءُ قضي ِ‬
‫المنكــر عنــد عامــة المســلمين وغيــر ذلــك مــن‬
‫مة ‪.‬‬‫الحلول العامة الها ّ‬
‫مها الزمان والمكان‪،‬‬ ‫ة يحك ُ‬ ‫ل خاص ٌ‬ ‫الّثاني ‪ :‬حلو ٌ‬
‫ط‬ ‫ف هــي منــا ُ‬ ‫ن والظــرو ُ‬ ‫فعند ذلك كــانت القــرائ ُ‬
‫الحكم ِ فيها وجودا ً وعدمًا‪ ،‬فهــذه الحلــول ليســت‬
‫ة‬
‫ة لختيــار المســلم بقــدر مــا هــي ضــرور ً‬ ‫متروك ً‬
‫تفرضــها الوقــائع والحــداث ‪ .‬وهــذا النــوع مــن‬
‫دافع مــن رســالتي‬ ‫الحلول هو بيــت القصــيد‪ ،‬والـ ّ‬
‫هذه ! ‪.‬‬
‫ل‪-‬‬‫م هـذا الحـ ّ‬ ‫سـ ُ‬
‫ل يج ّ‬ ‫مـا إن سـألت عـن مثـا ٍ‬ ‫أ ّ‬
‫مــت بالمــة‬ ‫م كثيرةٌ أل ّ‬ ‫الثاني‪-‬؛ فهناك قضايا جسا ٌ‬
‫السـلمية‪ ،‬كإلغـاء الخلفـة السـلمية‪ ،‬وسـقوط‬
‫كثيٌر من بلد المسلمين في أيدي الكفــرة ابتــداءً‬
‫بالندلس وانتهاءً ببيت المقــدس ‪ ...‬وتحريــر بلد‬
‫المســلمين مــن الــذين ل ي ُــدينون بــدين الســلم‬
‫مـــن يجـــاهر بحـــرب الســـلم والمســـلمين؛‬ ‫م ّ‬
‫كالمنــافقين‪ ،‬والزنادقــة‪ ،‬وأذنــاب الغــرب مــن‬
‫العملء العلمــانيين‪ ،‬والحــداثيين‪ ،‬ودعــاة الفســاد‬
‫والرذيلة ‪. !!...‬‬
‫وحســبنا مــن هــذه القضــايا الن ‪ " :‬قضــية‬
‫فلسطين " ! ‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫فعنــد هــذا نســتطيع أن نقطــع القــول ‪ :‬بــأن‬
‫ت حول قضــية بيــت‬ ‫طرح ْ‬ ‫الحلول السلمية التي ُ‬
‫ن‬ ‫المقدس كثيرةٌ جدا ً ربما تفوق الحصر!‪ ،‬علمــا ً أ ّ‬
‫طــرح والزيــادة‪ ،‬واللــه‬ ‫بعضــها مــا زال قــابل ً لل ّ‬
‫أعلم ‪.‬‬
‫وبعد هذا؛ فلنا أن نبدأ بذكر الحلول السـلمية‬
‫ة نحو قضية فلسطين – إن‬ ‫ة ناجع ً‬ ‫التي نراها نافع ً‬
‫شاء الله ‪: -‬‬
‫ل ‪ :‬الجهادُ ! ‪.‬‬ ‫و ُ‬
‫ل ال ّ‬‫الح ّ‬
‫ن كلمة الجهاد‪ ،‬أو الحــديث عــن الجهــاد‬ ‫نعم؛ إ ّ‬
‫ً‬
‫أصبح عند كثير من المسلمين عبثــا‪ ،‬ومــا ذاك إل ّ‬
‫أن ترديد كلمة الجهاد أحدثت في نفوسهم تبّلــدا ً‬
‫قلبي‪ ،‬فلم يعد لكلمة الجهاد عندهم كبير تأثير !‪،‬‬
‫ة معناها اليماني‪ ،‬ومحتواها‬ ‫ما فقدت الكلم ُ‬ ‫هذا ل ّ‬
‫د مــن‬ ‫ل أح ـ ٍ‬‫الصحيح حيث أصبحت علــى لســان ك ـ ّ‬
‫ة‬‫ة تجاريــ ً‬ ‫ساسة ورق ً‬ ‫الناس‪ ،‬بل غدت عند بعض ال ّ‬
‫ســوقُ السياســية‪،‬‬ ‫يلعب بها حسبما ُتمليه عليــه ال ّ‬
‫ة ُيحاكم عندها مــن‬ ‫وكذا أصبحت عند بعضهم تهم ً‬
‫ن يتســامرون‬ ‫ة ذات شجو ٍ‬ ‫ينادي إليها‪ ،‬وآخرين ليل ً‬
‫عليها‪ ،‬وهكذا حتى ذهبت قداسُتها الشرعية يــوم‬
‫تعّلق بها من ليس أهل ً لها ‪ ...‬فالله المستعان ‪.‬‬
‫ت عنــد‬ ‫ة الجهاِد وقفــ ْ‬ ‫ن كلم َ‬ ‫فليت شعري؛ لو أ ّ‬
‫دى هذا إلــى بعــض الصــالحين –‬ ‫هذا الحدّ !؛ بل تع ّ‬
‫ضــته الصــور‬ ‫للســف – يــوم تجــدُ أكــثَرهم إذا ع ّ‬
‫المأســـاوية‪ ،‬وقتلتـــه المشـــاهد الدمويـــة ضـــد‬
‫المسلمين قام ينادي بأعلى صوته فــوق منــبره ‪:‬‬
‫الجهاد أيها المسلمين !‪ ،‬وآخــر لــم يملــك نفســه‬
‫حتى بكى على منبره ينــادي بالجهــاد!‪ ،‬وبعضــهم‬
‫ب عــن الجهــاد‬ ‫أخــذ قلمــه وكســر غمــده ليكتــ َ‬

‫‪53‬‬
‫ل تــدفعه الغيــرة إلــى‬ ‫وفضله ‪ ...‬الخ ‪ .‬وهكــذا؛ ك ـ ّ‬
‫الحديث عن الجهاد‪ ،‬لكــن هيهــات !؛ حيــث ذهبــت‬
‫كلماُتهم وعبراُتهم في مهب الريح‪ ،‬ل أثر لها ول‬
‫تأثير !؛ ل لشئ؛ بل لنهم – للسف – لم يحسنوا‬
‫استخدام كلمة " الجهــاد " بيــن المســلمين‪ ،‬ولــم‬
‫يعرفوا طرحها على أرض الواقع‪ ،‬وكيف توجيهها‬
‫م عن الجهاد دون‬ ‫ن الكل َ‬ ‫ل قضية فلسطين ‪ .‬إ ّ‬ ‫لح ّ‬
‫ة؛ يــوم تبقــى حبيســة النفــوس‬ ‫ل لهــو مصــيب ٌ‬ ‫فعـ ٍ‬
‫ب‬ ‫وأسيرة القلوب!؛ لذا كان لنـا – للسـف ‪ -‬نصـي ٌ‬
‫من هذا الخطأ يــوم جعلنــا مــن كلمــة " الجهــاد "‬
‫ة جوفاء في أذان المسلين‪ ،‬وطَب ْل ً أجوفا ً كّله‬ ‫كلم ً‬
‫خواء ‪. !...‬‬
‫م وكلم‬ ‫ما اليوم فلنا مع الجهاد السلمي كل ٌ‬ ‫أ ّ‬
‫!‪ ،‬يوم أخذت كلمة الجهاد منحــى آخــر عنــد كــثير‬
‫من الناطقين بها !‪ ،‬فكــان مــا كــان كمــا ذكرنــاه‬
‫آنفا ً ‪.‬‬
‫ة‬ ‫ة تجتــاُز مرحلــ ً‬ ‫ة الســلمي َ‬ ‫ن المــ َ‬ ‫أقــول ‪ :‬إ ّ‬
‫ف‬ ‫ع ٍ‬‫ض ْ‬
‫ة‪ ،‬أو َ‬ ‫و ٍ‬
‫ة ق ّ‬
‫خطيرةً من مراحل حياتها؛ مرحل َ‬
‫!؛ فلقد اعتـدى العـداء علـى بلدهـا‪ ،‬وأراضـيها‪،‬‬
‫ودّنسوا مقدساتها‪ ،‬وانتهكــوا محرماتهــا‪ ،‬وعــاثوا‬
‫في أرجائه الفســاد فأصــبح الجهــادُ فرضـا ً عينيـا ً‬
‫ل فــرٍد‬ ‫ر بالنفس‪ ،‬والمال‪ ،‬وعلــى ك ـ ّ‬ ‫ل قاد ٍ‬‫على ك ّ‬
‫مــه يجاهــد‬ ‫حــه‪ ،‬ود ِ‬ ‫عدّ نفسه ليكون جنــديا ً برو ِ‬ ‫أن ي َ ُ‬
‫في سبيل الله‪ ،‬وتحريــر بلده‪ ،‬وإنقــاذ مقدســاته‬
‫من أيــدي الطغــاة المعتــدين الــذين اعتــدوا علــى‬
‫المسجد القصى المبارك ُأولى القبلتين ‪.‬‬
‫ن المسلمين الولين أدركوا أهمية هذه البلد‬ ‫إ ّ‬
‫فجاهــدوا فــي ســبيلها جهــادا ً مســتميتًا‪ ،‬وبــاعوا‬
‫ة من أجلها ‪.‬‬ ‫نفوسهم وأرواحهم رخيص ً‬

‫‪54‬‬
‫ث التأريــخ أن هــذه البلد المقدســة‬ ‫ح ـدّ َ‬
‫ولقــد َ‬
‫ة‬‫ة‪ ،‬أو وقعــت بهــا نازلــ ٌ‬ ‫مــت بهــا ملمــ ٌ‬ ‫كلمــا أل َ ّ‬
‫ن‬ ‫ث والعــو ُ‬ ‫استصــرخت مــن حولهــا فكــان الغــو ُ‬
‫وحدانا ً يتنسمون منهــا نســمات‬ ‫تو ُ‬ ‫يأتونها جماعا ٍ‬
‫الجنة‪ ،‬ويبتغون الفضل من الله والمنة ‪.‬‬
‫ل المجاهــدين‪،‬‬ ‫ومنــذ فجــر الســلم‪ ،‬وقوافــ ُ‬
‫ب الميــامين تســيُر نحــو‬ ‫ب المقاتلين‪ ،‬وَرك ْـ ُ‬ ‫ومواك ُ‬
‫هذه البلد المقدسة لتنال الشهادةَ علــى أرضـها‪،‬‬
‫ره‬ ‫ة‪ ،‬وَتنعــم فــي جــوا ِ‬ ‫ة مرضــي ً‬ ‫وتلقى ربها راضــي ً‬
‫ة‪ ،‬والرزق الكريم ‪.‬‬ ‫ة الطيب ِ‬ ‫بالحيا ِ‬
‫ة يرجوهــا‬ ‫ة‪ ،‬وأنب ـ ُ‬ ‫ُ‬
‫ل غاي ـ ٍ‬ ‫ف أمني ـ ٍ‬ ‫لقد كانت أشر ُ‬
‫ت شــهيدا ً فــي‬ ‫ن الصادقُ مــن ربــه أن يمــو َ‬ ‫المؤم ُ‬
‫مــه‬ ‫ساحات بيت المقدس؛ ل ُِتضم رفاُته‪ ،‬وُيمــزج د ُ‬
‫مـــع دم ِ اللف مـــن الشـــهداء البـــرار الـــذين‬
‫استشهدوا في موقعة مؤتة‪ ،‬واليرموك‪ ،‬وحطيــن‬
‫وغيرها من المعارك الخالدة‪.‬‬
‫ّ‬
‫فنا الكرميــن قــد ســلموا لنــا هــذه‬ ‫ن أســل َ‬ ‫وأ ّ‬
‫ة فــي‬ ‫ة‪ ،‬وهــي أمان ـ ٌ‬ ‫ة نقي ـ ً‬ ‫ة ســالم ً‬ ‫البلد المقدس ـ َ‬
‫ة‬
‫ل القادم ـ ِ‬ ‫قنا علينــا أن ُنســلمها إلــى الجيــا ِ‬ ‫أعنا ِ‬
‫ة‪.‬‬ ‫ة نقي ً‬ ‫كما تسلمناها سالم ً‬ ‫ّ‬
‫‪1‬‬
‫دمار) (‬ ‫ل الحتلل والــ ّ‬ ‫ولقــد تــآمرت علينــا دو ُ‬
‫ة منــا فأقــامت‬ ‫في الشرق والغرب في حين غفل ٍ‬
‫هـــم دياَرنـــا‬ ‫ة فـــي أرضـــنا‪ ،‬ومّلكت ُ‬ ‫لليهـــود دولـــ ً‬
‫ة فــي قلــب‬ ‫ة شــوك ً‬ ‫ومقدساتِنا لتكون هذه الدول ـ ُ‬
‫ن إطلق مصطلح " دول الستعمار" على الججدول الكججافرة الججتي اجتججاحت‬ ‫‪1‬ج إ ّ‬
‫بلد المسلمين ليس بصواب من وجهين! ‪.‬‬
‫الول ‪ :‬أن فججي هججذه التسججمية تغليججف لحقيقججة دور وأهججداف هججذه الججدول‬
‫الكافرة !؛ فهي في الحقيقة دول احتلل وغزو لبلد المسلمين ‪.‬‬
‫ة من التعمير والبناء‪ ،‬وهذا المعنى أيضا ً‬
‫الثاني ‪ :‬أن كلمة "استعمار" مشتق ٌ‬
‫دمار أو‬
‫ّ‬ ‫ال‬ ‫دول‬ ‫أو‬ ‫الحتلل‪،‬‬ ‫بدول‬ ‫تسميتهم‬ ‫ف في دور هذه الدول؛ فكان‬ ‫منت ٍ‬
‫نحوه هو الصواب ! ‪.‬‬

‫‪55‬‬
‫ر وفســاد فــي هــذه‬ ‫البلد السلمية‪ ،‬ومصــدَر ش ـ ٍ‬
‫المنطقة الحيوية الهامة من العالم‪ ،‬ولتكون أيضا ً‬
‫تكأةً يقفزون منها للســتيلء علــى مــا بقــي مــن‬
‫ة‪ ،‬أو‬ ‫ة إصــلحي ٍ‬ ‫ل حركـ ٍ‬ ‫البلد المجاورة‪ ،‬ولخماد كـ ّ‬
‫ة‪.‬‬ ‫ة تحرري ٍ‬ ‫ة جهادي ٍ‬ ‫انتفاض ٍ‬
‫وهنا علينا أن نعترف أننــا بابتعادنــا عــن اللــه‪،‬‬
‫وعــن دينــه‪ ،‬والعمــل بتعــاليمه‪ ،‬وإقامــة حــدوده‪،‬‬
‫لمــة‬ ‫وإثارنــا مصــالحَنا الشخصــية علــى مصــالح ا ُ‬
‫دة‬‫عـ ّ‬ ‫العامــة‪ ،‬واختلف كلمتنــا‪ ،‬وإهمالنــا إعــداد ال ُ‬
‫الماديــة والروحيــة الــتي أمرنــا اللــه بإعــدادها‪،‬‬
‫ب بمــا لــديهم‬ ‫ل حــز ٍ‬ ‫وتفّرقنــا شــيعا ً وأحزابــا ً كــ ّ‬
‫هل للعــداء تنفيــذ‬ ‫ل ذلــك قــد ســ ّ‬ ‫فرحــون؛ كــ ّ‬
‫مــؤامراتهم‪ ،‬وتحقيــق مكــائدهم فســلبوا أرضــنا‪،‬‬
‫وانتهكوا حرمة مقدساتنا‪ ،‬وساموا أهلنا الخســف‬
‫والضطهاد وسوء العذاب ‪.‬‬
‫فقد قال النبي صلى الله عليــه وســلم ‪ " :‬إذا‬
‫ب البقــر‪ ،‬ورضــيُتم‬ ‫ة‪ ،‬وأخــذُتم أذنــا َ‬ ‫عي ْن َـ ِ‬
‫تباَيعُتم بال ِ‬
‫ط اللــه عليكـم ذُل ً ل‬ ‫بالّزرع‪ ،‬وتركُتم الجهـاد‪ ،‬سـل ّ َ‬
‫ِ‬
‫جعــوا إلــى دينكــم " أحمــد وأبــو‬ ‫ه حــتى َتر ِ‬ ‫عــ ُ‬‫ز ُ‬
‫ي َن ْ ِ‬
‫‪1‬‬
‫داود) ( ‪.‬‬
‫ة مــع عــدونا‬ ‫ة مصيري ً‬ ‫ض معرك ً‬ ‫فنحن اليوم نخو ُ‬
‫ب‬ ‫ر‪ ،‬وليس لنا مــن ســبيل إلــى الّتغل ّـ ِ‬ ‫ر الماك ِ‬ ‫الغاد ِ‬
‫عليهم إل بــالرجوع إلــى اللــه‪ ،‬والعتصــام بحبلــه‬
‫المتين‪ ،‬واتباع تعاليم السلم ومبــادئه الرشــيدة‪،‬‬
‫التي كان التمســك بهــا عنــد المســلمين الوائل‪،‬‬
‫والعمــل بموجبهــا ســببا ً فــي انتصــارهم علــى‬
‫أعـــدائهم‪ ،‬وامتـــدادَ فتوحـــاتهم فـــي الشـــرق‬
‫والغرب ‪.‬‬

‫‪ 1‬ج أخرجه أحمد )‪ ،(4825‬وأبو داود )‪ (3462‬وغيرهما‪ ،‬وهو صحيح ‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫م واضــحة جليــة ‪ " :‬قــل هــذه‬ ‫وهــذه التعــالي ُ‬
‫ة أنــا ومــن‬ ‫ســبيلي أدعــوا إلــى اللــه علــى بصــير ٍ‬
‫اتبعني وســبحان اللــه ومــا أنــا مــن المشــركين "‬
‫يوسف ‪. 107‬‬
‫فهــي تــدعوا إلــى اليمــان الصــادق بــالله عــز‬
‫وجل‪ ،‬والحتفاظ بالعقيدة الصحيحة‪ ،‬وإلى إعــداد‬
‫دة المادية والروحية الكافية لرهــاب العــداء؛‬ ‫ع ّ‬
‫ال ُ‬
‫كما تدعوا إلى الجهاد بالنفس والمــال‪ ،‬والتحــاد‬
‫والصبر والثبات في الميدان ‪.‬‬
‫ب أن‬ ‫س وي ُــدمي القلــو َ‬‫م النفــو َ‬‫مــا يــؤل ُ‬ ‫وإّنه م ّ‬
‫و المســلمين محتل ً لبلِدهــم ســنوات‬ ‫َيبقــى عــد ُ‬
‫وسنوات‪ ،‬ويجول فيهــا ويصــول‪ ،‬ويتجب ّــر ويعلــوا‬
‫ء جديــد؛‬‫ل يــوم ٍ يظهــر علينــا بشــي ٍ‬‫ويتيه؛ وفي ك ّ‬
‫اعتداءات هنا وهناك‪ ،‬وإجراءات تعسفية بالمنين‬
‫مــن الســكان‪ ،‬وقــوانين ظالمــة ُيطــرد بموجبهــا‬
‫أصــحاب الحــق مــن بلدهــم‪ ،‬وتصــادر أمــوالهم‬
‫وأراضــيهم وممتلكــاتهم‪ ،‬وتــآمر علــى المســجد‬
‫القصى المبـارك تـارة بـإحراقه‪ ،‬وأخـرى بـإجراء‬
‫الحفريـــات تحتـــه وبجـــانبه مـــن أجـــل انهيـــاره‬
‫وسقوطه لقامة هيكلهم المزعوم علــى أنقاضــه‬
‫بالضــافة إلــى هــدم العقــارات الوقفيــة وإقامــة‬
‫العمــارات الســكنية لســكان المهــاجرين اليهــود‬
‫فيهــا لتغييــر معــالم بيــت المقــدس وتهويــدها‪،‬‬
‫صــبغة العربيــة والســلمية عنهــا؛ غيــر‬ ‫وإزالــة ال ّ‬
‫عابيء بالمسلمين‪ ،‬ول مهتم بالعالم أجمع ! ‪.‬‬
‫فاسترداد القصى المبارك‪ ،‬وتحريــر الراضــي‬
‫م بـــالقوال والحتجاجـــات‪ ،‬ول‬ ‫المحتلـــة ل َيتـــ ّ‬
‫ج عــن‬ ‫ر خــار ٍ‬‫عنص ٍ‬‫بالمسيرات والبرقيات‪ ،‬ول بأي ُ‬
‫إطار الرادة السلمية المخلصة وتعاليم السلم‬

‫‪57‬‬
‫ة‬ ‫ســامية الــتي ل ترضـى لصــحابها ســوى العــز ِ‬ ‫ال ّ‬
‫والكرامــة ‪ " :‬وللــه العــزةُ ولرســوِله وللمــؤمنين‬
‫ولكن المنافقين ل يعلمون " المنافقون ‪8‬‬
‫ع‬ ‫فالحتجاج والمسيرات ل ُتعيدُ حق ـًا‪ ،‬ول ُترج ـ ُ‬
‫ل مــن‬ ‫ع شــرا ً وك ـ ّ‬ ‫وطنًا‪ ،‬ول ُتنقذُ مسجدًا‪ ،‬ول تدف ُ‬
‫ُيحاول الوصــول إلــى أهــدافه بمثــل هــذه المــور‬
‫ة الحتجاجــات أصــبحت فــي‬ ‫إنما يحاول عبثا ً فلغ ـ ُ‬
‫ة‬ ‫ر ‪ -‬عقيمــ ً‬ ‫د والنا ِ‬ ‫ت الحدي ِ‬ ‫ب وق ِ‬ ‫ت العصي ِ‬ ‫هذا الوق ِ‬
‫د‪ ،‬ول‬ ‫ل الحدي ـدَ إل ّ الحدي ـ ُ‬ ‫ف ّ‬ ‫ة الجدوى !‪ ،‬فل ي َ ِ‬ ‫عديم َ‬
‫ن في‬ ‫ف مكا ٌ‬ ‫ة‪ ،‬وليس للضعي ِ‬ ‫ل القوةَ إل ّ القو ُ‬ ‫ُيقاب ُ‬
‫هذه الحياة ! ‪.‬‬
‫وإنه لمن أوجب الواجبات على المســلمين أن‬
‫قــال ً‬ ‫خفافـا ً وث ِ َ‬ ‫د‪ ،‬وينفــروا ِ‬ ‫ل واحـ ٍ‬ ‫ة رجـ ٍ‬ ‫هبــوا هبـ َ‬ ‫يَ ُ‬
‫ة القصى من أيدي إخوان القردة والخنازير‬ ‫لنجد ِ‬
‫‪.‬‬
‫م له‬ ‫ن‪ ،‬أو تنا َ‬ ‫جف ٌ‬ ‫ض له ِ‬ ‫ق لمسلم ٍ أن َيغم َ‬ ‫فل يح ّ‬
‫ن والمســجد القصــى المبــارك فــي قبضــة‬ ‫عيــ ٌ‬
‫العداء وسيطرتهم ‪.‬‬
‫ة أمامنـا فانتهزوهـا‪،‬‬ ‫والفرصـة ل تـزال سـانح ً‬
‫م‬ ‫م َ‬
‫فعلينا أن نمل جوانبنــا بالثقــة بــالله‪ ،‬وأن ُنص ـ ّ‬
‫العزم ونخلــص فــي العمــل‪ ،‬وأن نأخــذ بالســباب‬
‫المجدية الموصــلة إلــى حقوقنــا‪ ،‬وأن نجعــل مــن‬
‫ء‬
‫ة‪ ،‬ومن أشل ِ‬ ‫ة وشجاع ٍ‬ ‫أسباب هزيمتنا عناصَر قو ٍ‬
‫ة وإقدام‪.‬‬ ‫كارثِتنا مصدَر بسال ٍ‬
‫ن هــذه هــي‬ ‫وعلــى المســلمين أن يعلمــوا ‪ :‬أ ّ‬
‫م الخطيــرةُ فــي تــأريخهم؛ بــل هــذه هــي‬ ‫اليــا ُ‬
‫ن فيها قوةُ إيمــِانهم‪،‬‬ ‫ة التي ُتمتح ُ‬ ‫ت الرهيب ُ‬ ‫الوقا ُ‬
‫ة يقيِنهم‪ ،‬وصدقُ عزيمِتهم‪ ،‬وثباُتهم علــى‬ ‫وسلم ُ‬
‫ق بنــوره‪،‬‬ ‫الحــق والــدفاع عنــه حــتى ُيشــرقَ الح ـ ّ‬

‫‪58‬‬
‫ذ‬ ‫ل أمامه )‪ . (1‬قال تعالى ‪ " :‬ويــومئ ٍ‬ ‫ق الباط ُ‬‫ويزه َ‬
‫يفرح المؤمنون بنصر الله‪ ،‬ينصر من يشــاء وهــو‬
‫ده‬ ‫ف اللــه وع ـ َ‬‫خل ِـ ُ‬‫ه ل يُ ْ‬ ‫ع ـدَ الل ـ ِ‬ ‫العزيــز الرحيــم‪ ،‬و ْ‬
‫ن أكثر الناس ل يعلمون " الروم ‪. 6-4‬‬ ‫ولك ّ‬
‫وبعد هذا؛ فقد جمعنا لك أخي المســلم حلــول ً‬
‫لرفع راية الجهاد نحو تحريــر بيــت المقــدس مــن‬
‫ة للخذ والعطاء؛ بــل‬ ‫ل قابل ٌ‬ ‫أيدي يهود‪ ،‬وهي حلو ٌ‬
‫أكثرها يحكمه الواقع !‪ .‬لذا لن يكــون الكلم عــن‬
‫الجهاد اليوم كلما ً ارتجاليا ً نظريا ً تسعه الــدفاتر‪،‬‬
‫ل؛ بــل‬ ‫والخطــب والمحاضــرات كمــا بي ّن ّــاه آنفـا ً ك ّ‬
‫طرحا ً فيه شيءٌ من الواقعية – إن شاء الله ‪. ! -‬‬
‫فعنـــد هـــذا؛ عـــذرا ً إليـــك أخـــي ‪ :‬إذا خـــانني‬
‫ذبتني آرائي؛ ولكــن حســبي قــول‬ ‫اجتهادي‪ ،‬أو كـ ّ‬
‫ُ‬
‫ت‬‫ح ما استطع ُ‬ ‫ن أريدُ إل ّ الصل َ‬ ‫الله تعالى ‪ ... " :‬إ ْ‬
‫ُ‬
‫ت وإليـه أنيــب "‬ ‫وما توفيقي إل ّ بالله عليــه تــوكل ً‬
‫هود ‪ ،88‬وقوله ‪ " :‬فاتقوا الله ما اســتطعتم ‪"...‬‬
‫التغــابن ‪ ،16‬وقــوله ‪ " :‬ل يكلــف اللــه نفســا ً إل ّ‬
‫وسعها " البقرة ‪. 286‬‬
‫فطرحنــا إذن للجهــاد فــي أرض فلســطين‪،‬‬
‫ة كما يلي ‪:‬‬ ‫ك كثير ٍ‬ ‫ق‪ ،‬ومسال ٍ‬ ‫ل في طرائ َ‬ ‫مجم ٌ‬
‫وةُ العزيمة‪ ،‬وجلءُ الرغبة في‬ ‫ـ صدقُ الّنية‪ ،‬وق ّ‬
‫جهادنا لليهود في أرض فلسطين ‪.‬‬
‫نعم؛ ل شك أن أكثَر المسلمين صــادقون فــي‬
‫رغبتهــم فــي جهــاد يهــود‪ ،‬وإخراجهــم مــن أرض‬
‫فلســطين‪ ،‬ول أبــالغ يــوم أقــول ‪ :‬واللــه وبــالله‬
‫ب إلى فلسطين لرأيــت عجبــا ً‬ ‫فتح با ٌ‬ ‫وتالله !؛ لو ُ‬
‫ما كان لك أن َتحلم به؛ فضــل ً أن تــراه أو تســمع‬
‫ضهم بعضا ً‬ ‫ب بع ُ‬ ‫به‪ ،‬وذلك يوم ترى المسلمين يرك ُ‬
‫‪ 1‬ج أنظر "الجهاد طريق النصر" عبد الله ُ‬
‫غوشة ص )‪ (206-199‬بتصرف‬
‫كبير‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫ل‪ ،‬وشــبابًا‪،‬‬ ‫وهم يتدافعون على باب الجهــاد كهــو ً‬
‫ت قــائلهم ‪:‬‬ ‫ف صــو َ‬ ‫وكبارًا‪ ،‬وصغارًا؛ وكأني أتش ـن ّ ُ‬
‫ض فلســطين ل‬ ‫ة عبادَ الله !! فأر ُ‬ ‫ة السكين َ‬ ‫السكين َ‬
‫ر من البشر !!‪.‬‬ ‫تسع لمليا ِ‬
‫إل ّ أننا مع هــذا التفــاؤل الكــبير ينبغــي لنــا أل ّ‬
‫س أمرا ً مهم ـًا؛ أحســبه مــن الهمي ّــة بمكــان !‪،‬‬ ‫نن َ‬
‫وإل ّ ذهبــت آماُلنــا‪ ،‬وحلوُلنــا هبــاءً منثــورا ً أدراج‬
‫ل ومن بعدُ !! ‪.‬‬ ‫الرياح كما ُيراد لها من قب ُ‬
‫ة‪،‬‬‫ة خطيــر ٍ‬ ‫ة حقيقــ ٍ‬ ‫ن فــي معرفــ ِ‬ ‫وذلــك كــام ٌ‬
‫وهي ‪ :‬أن قضايا المة السلمية لــن تتغيــر أبــدًا‪،‬‬
‫كمــا أنهــا ســتبقى أمــدًا؛ إذا مــا عّلقنــا آمالنــا‪،‬‬
‫وحلوَلنا يوما ً من اليام بأيدي وسياسة أكثر حكام‬
‫المسلمين !! ‪.‬‬
‫ة ينبغي أن تكون نصب أعيننــا‪،‬‬ ‫إن هذه الحقيق َ‬
‫ة عندنا ! ‪.‬‬ ‫ة مسّلم ً‬ ‫وقضي ً‬
‫ة‪ ،‬وإن‬ ‫ق مهم ـ ً‬ ‫ب علينــا أن نعلــم حقــائ َ‬ ‫كما يج ـ ُ‬
‫ق ؟!‪ ،‬أقــول لــك ‪:‬‬ ‫سألتني عن بعض هــذه الحقــائ ِ‬
‫ة أفغانســتان‬ ‫إن العالم السلمي ل ينســى قضــي َ‬
‫ة‬
‫مع الشيوعيين‪ ،‬يوم انتظر المسـلمون مـن دولـ ٍ‬
‫دم‬ ‫ة أن ترفـــع رايـــة الجهـــاد‪ ،‬وأن تتقـــ ّ‬ ‫إســـلمي ٍ‬
‫بجيوشــها وعتادهــا لتحــّرر بلد المســلمين مــن‬
‫قبضة الشيوعيين !! ‪.‬‬
‫وعندما طال النتظار‪ ،‬ويأس أهل أفغانســتان‬
‫عند ذلك انتفضت حفائظ المسلمين هنــاك‪ ،‬وثــار‬
‫طلبة العلم‪ ،‬وقام المصلحون فــي إنقــاذ بلدهــم‬
‫مـــن طغيـــان‪ ،‬ووحشـــية النظـــام الشـــيوعي‬
‫الكــافر‪ ... 1‬نعــم؛ قــاموا قــومت الليــث الكاســر‪،‬‬
‫ف المســلمون حــول طلبــة العلــم ليقومــوا‬ ‫والت ـ ّ‬
‫‪ 1‬ج نعم؛ هناك بعض المآخذ الشرعية على بعججض القججادة الفغججان‪ ،‬ليججس هججذا‬
‫مح ّ‬
‫ل مناقشتها ! ‪.‬‬

‫‪60‬‬
‫بـــواجبهم نحـــو بلدهـــم؛ ضـــاربين بتنديـــدات‬
‫عـــرض‬ ‫واســـتنكارات أكـــثر حكـــام المســـلمين ُ‬
‫دهم‪ ،‬ورفعوا‬ ‫هروا بل َ‬ ‫الحائط !‪ ،‬فكان منهم أن ط ّ‬
‫ث العــابثين‬ ‫ة ترفرف فوق جث ـ ِ‬ ‫فاق ً‬ ‫راية السلم خ ّ‬
‫ببلدهم ! ‪ .‬الله أكبر ‪.‬‬
‫كما ل ننس ما صنعه أبطال المسلمين وليوث‬
‫المجاهــدين فــي أرض البوســنة والهرســك يــوم‬
‫أعلن العالم الغربي الكافر وقف القتــال‪ ،‬ووضــع‬
‫ما علــم طلبــة‬ ‫ل هذا ل ّ‬ ‫الهدنة‪ ،‬وطرح السلم !!‪ .‬ك ّ‬
‫العلم والمجاهــدون أن التنديــدات والســتنكارات‬
‫لــن تفعــل شــيئا ً !‪ .‬لــذا هّبــوا وحــدانا ً وزرافــات‬
‫ممتثلين قول الشاعر ‪:‬‬
‫طاُروا إليـه‬ ‫َ‬ ‫م‬‫ه له ْ‬ ‫جذَي ْ ِ‬ ‫دى نا ِ‬ ‫م إذا ال ّ‬
‫شّر أب ْ َ‬ ‫قو ٌ‬ ‫َ‬
‫دانـا‬ ‫ح َ‬ ‫و ْ‬‫و ُ‬ ‫ت َ‬ ‫َزَرافا ٍ‬
‫فــي‬ ‫م‬‫ن ي َن ْـدُُبه ْ‬ ‫حي ـ َ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫ن أخــا ُ‬ ‫ســأُلو َ‬‫ل يَ ْ‬
‫هانـا) (‬
‫‪1‬‬
‫ل ب ُْر َ‬‫قا َ‬‫على مـا َ‬ ‫ت َ‬ ‫الّناِئبا ِ‬
‫وهل ينسى أحدٌ من المسلمين ما فعله رجــال‬
‫وأســود الشيشــان يــوم انتظــروا أن ترفــع رايــة‬
‫الجهــاد مــن بلد المســلمين‪ ،‬أو تــأتي الجيــوش‬
‫ما كان مــا‬ ‫العربية لتنقذ مسلمي الشيشان !!‪ ،‬فل ّ‬
‫كــان قــام المجاهــدون يــدافعون عــن أرضــهم‬
‫وبلدهم ورفع الظلم عن إخوانهم ‪ ...‬فكان لهــم‬
‫م الغربــي‬ ‫مــه العــال َ ُ‬ ‫عل ِ َ‬ ‫ما سجله التأريخ لهم‪ ،‬ومــا َ‬
‫أجمــع عنهــم‪ ،‬بــأن هنالــك رجــال ً ل كالرجــال‪،‬‬
‫ونفوس ـا ً ل كــالنفوس‪ ،‬وأبطــال ً ل كالبطــال !! ‪.‬‬
‫إنهم مســلمون اشــتروا الجنــة بالحيــاة الــدنيا !!‪،‬‬
‫وباعوا أنفسهم من الله تعالى !! نعــم ‪ " :‬ربحــت‬
‫البيعة "‪.‬‬
‫‪ 1‬ج ج انظججر "حماسججة أبججي تمججام" شججرح العلججم الشججنتمري ) ‪ . (1/358‬وهججذه‬
‫ل من ب َل ْعَن ْب ََر بن عمرو بن تميم ‪.‬‬
‫القصيدة لرج ٍ‬

‫‪61‬‬
‫وليست أرتيريا عنا ببعيد يوم قام طلب العلم‬
‫بــواجبهم نحــو بلدهــم ودينهــم فرســانا ً وأبطــال ً‬
‫يجولون الصحاري‪ ،‬ويصعدون الجبال‪ ،‬ويخوضــون‬
‫ل هذا لعلمهم الصادق أن بلدهم لــن‬ ‫البحار ‪ ...‬ك ّ‬
‫تتخلـــص مـــن أيـــدي النصـــارى والعلمـــانيين إل ّ‬
‫بدمائهم‪ ،‬وأرواحهم!‪ ،‬في حيــن أنهــم قــد ركلــوا‬
‫بأقــدامهم مــا يتشــدق بــه غيرهــم مــن أذنــاب‬
‫الغرب !‪.‬‬
‫وهــذه كشــمير‪ ،‬فحــدث عنهــا ول حــرج‪ ،‬يــوم‬
‫ة‪ ،‬وهذه‬ ‫ة باكستان غير مّر ٍ‬ ‫قامرت بقضيتها حكوم ُ‬
‫ث‬ ‫الهندُ لــم تــزل تقتــل منهــم كيــف تشــاء‪ ،‬وتعبـ ُ‬
‫د‬
‫بــأرواحهم كمــا تشــاء‪ ،‬والعــالم الســلمي بعــ ُ‬
‫يستنكُر ويندّدُ !!‪ ،‬وغيرها كثيٌر من بلد المسلمين‬
‫ل سيما جنوب الفلبين‪ ،‬وأندونيسية ‪...‬الخ ‪.‬‬
‫ة كلمــي هــذا ‪ :‬أن نعلــم أن قضــية‬ ‫صــل ُ‬
‫ومح ّ‬
‫ة علــى أبنائهــا مــن المســلمين‪،‬‬ ‫قف ٌ‬ ‫فلسطين متو ّ‬
‫كالمجاهـــدين مـــن العلمـــاء‪ ،‬وطلبـــة العلـــم‪،‬‬
‫والمصلحين الناصحين ‪. ! ...‬‬
‫م أحدٌ من أبنــاء المســلمين هــذه‬ ‫فلبد أن يقو َ‬
‫اليــام ‪ -‬خاصــة ‪ -‬بحمــل رايــة الجهــاد‪ ،‬ويرفعهــا‬
‫ة فوق رؤوس يهود في أرض فلسطين‪ ،‬أو‬ ‫فاق ً‬‫خ ّ‬
‫غيرهــا مــن بلد المســلمين ‪ .‬وعنــد ذلــك ســوف‬
‫ف جمــوع المســلمين بطريــق أو آخــر حــوله‪،‬‬ ‫تلت ـ ّ‬
‫دنا مع اليهود ‪ -‬إن شاء الله ‪. -‬‬ ‫ذ جها ُ‬ ‫وسيبدأ عندئ ٍ‬
‫كمــا أّننــي مــن هــذا المكــان أنــادي كافــة‬
‫المسلمين قائل ً لهم ‪:‬‬
‫ح ّ‬
‫قه " ؟!‬ ‫فب َ‬‫سي َ‬‫خذُ ال ّ‬‫ن يأ ُ‬ ‫م َ‬ ‫" َ‬
‫ُ‬
‫لجل هذا فإني أريد أن أبرهــن صــدق تفاؤلنــا‬
‫اليوم مع يهــود بموقــف النــبي صــلى اللــه عليــه‬

‫‪62‬‬
‫وسلم مع يهود بني النظير !‪ ،‬ل ســيما إذا علمنــا‬
‫صة بني النظير في زمن الرسول صلى الله‬ ‫أن ق ّ‬
‫ة فــي أبعادهــا‪ ،‬وأحوالهــا‪،‬‬ ‫عليــه وســلم مماثلــ ٌ‬
‫وملبساتها بيهود اليوم في فلسطين‪ ،‬فما أشبه‬
‫الليلة بالبارحة !‪ ،‬فاليهودُ يهود ولو هملجت بهــم‬
‫ل الكفـــر‬ ‫حميـــُر أمريكـــة‪ ،‬أو طّبلـــت لهـــم دو ُ‬
‫قاطبة ! ‪.‬‬
‫كما مّر معنــا أن يهــود بنــي النظيــر قــد نكثــوا‬
‫العهــد‪ ،‬ونقضــوا الوعــد يــوم أرادوا إلقــاء الحجــر‬
‫على رأس الرسول صلى الله عليه وســلم‪ ،‬فعنــد‬
‫هـــذا قـــام رســـول عليـــه الصـــلة والســـلم‬
‫بمحاصرتهم بالكتائب‪ ،‬وقــال ‪ " :‬إنكــم ل تــأمنون‬
‫هدوني عليه‪ ،‬فــأبوا أن يعطــوه‬ ‫عندي إل ّ بعه ٍ‬
‫د ُتعا ِ‬
‫عهدًا‪ ،‬فقاتلهم يومهم ذلك هو والمســلمون‪ ،‬ثــ ّ‬
‫م‬
‫قريظــة بالخيــل والكتــائب –‬ ‫غدا الغــد علــى بنــي ُ‬
‫هــدوه‪،‬‬ ‫وترك بنــي النضــير – ودعــاهم إلــى أن ُيعا ِ‬
‫فعاهدوه فانصرف عنهم‪ ،‬وغدا إلى بنــي النضــير‬
‫بالكتائب فقاتلهم حتى نزلوا على الجلء‪ ،‬وعلــى‬
‫ن لهــم مــا أقل ّــت البــل إل ّ الحلقــة – الســلح ‪،-‬‬ ‫أ ّ‬
‫ّ‬
‫فجاءت بنو النضير‪ ،‬واحتملوا ما أقلت البــل مــن‬
‫أمتعتهم‪ ،‬وأبواب بيــوتهم‪ ،‬فيهــدمونها فيحملــون‬
‫ما وافقهم من خشبها)‪. (1‬‬
‫ويقول ابن هشام في " سيرته" ‪ ":‬ونزل فــي‬
‫بني النظير سورة الحشر بأسرها‪ ،‬يذكر فيهــا مــا‬
‫أصابهم الله به من ِنقمته ‪ .‬وما سّلط عليهــم بــه‬
‫ل بــه‬‫مـ َ‬ ‫رســوَله صــلى اللــه عليــه وســلم‪ ،‬ومــا َ‬
‫ع ِ‬
‫فيهــم‪ ،‬فقــال تعــالى ‪ " :‬هــو الــذي أخــرج الــذين‬
‫‪1‬ج انظر " المصنف" لعبد الججرزاق )‪ ،(361-5/358‬وأبججو داود )‪،(407-3/404‬‬
‫و"الججدلئل" للججبيهقي )‪ ،(448-3/446‬وانظججر "فتججح البججاري" لبججن حجججر )‬
‫‪. (7/331‬‬

‫‪63‬‬
‫كفروا من أهل الكتاب من ديــارهم لول الحشــر‬
‫مــا ظننتــم أن يخُرجــوا‪ ،‬وظّنــوا أنهــم مــاِنعُتهم‬
‫ث لــم‬‫صــوُنهم مــن اللــه‪ ،‬فأتــاهم اللــه مــن حيـ ُ‬ ‫ح ُ‬ ‫ُ‬
‫ب يخّربــون‬ ‫يحتســبوا‪ ،‬وقــذف فــي قلــوِبهم الّرعـ َ‬
‫بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين (‪ ،‬وذلك لهدمهم‬
‫ف أبــوابهم إذا احتملوهــا ‪" : .‬‬ ‫جــ ِ‬‫بيــوتهم عــن ن ُ ُ‬
‫فاعتبروا يــا ُأولــي البصــار‪ ،‬ولــول أن كتــب اللــه‬
‫عليهــم الجلء "‪ ،‬وكــان لهــم مــن اللــه ِنقمــة ‪" :‬‬
‫ذبهم فــي الــدنيا ( أي بالســيف ‪ " :‬ولهــم فــي‬ ‫لع ّ‬
‫الخرة عذاب النار " مع ذلك ) ( ‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫فإذا تدبرنا سورة الحشر وما حصل فــي هــذه‬


‫الغـــزوة نســـتطيع أن نقـــف مـــع بعـــض العـــبر‪،‬‬
‫ظ الــتي تــدفعنا إلــى الطمئنــان بنصــرنا‬ ‫والمواع ِ‬
‫وجهادنــا مــع يهــود اليــوم فــي فلســطين‪ ،‬فمــن‬
‫ذلك ‪:‬‬
‫ن يهودَ بني النظير أخذتهم العزة بــالثم‬ ‫‪1‬ـ أ ّ‬
‫ً‬
‫يوم تحصنوا في بيوتهم وقلعهم ظنا منهم أنهــا‬
‫ستحميهم ‪.‬‬
‫وهذا حاصل ليهود اليـوم فيمـا بنـوه وعمـروه‬
‫ر‪ ،‬وحدوٍد !‪.‬‬ ‫من جسو ٍ‬
‫ن يهودَ بني النظير أيضا ً أن ما عندهم من‬ ‫‪2‬ـ أ ّ‬
‫العتـــاد والعـــدة مـــا ســـيكفيهم فـــي مقاومـــة‬
‫المســلمين‪ ،‬يــوم علمــوا أن عنــدهم مــن الســلح‬
‫والكــراع والحــافر مــا يفــوق مــا عنــد المســلمين‬
‫آنذاك !‪.‬‬
‫وهــذا حاصــل ليهــود اليــوم فيمــا عنــدهم مــن‬
‫ة نووية وطيران جــوي متكامــل وغيــر ذلــك‬ ‫أسلح ٍ‬
‫من السلحة المتطورة !‪.‬‬

‫‪1‬ج انظر "سيرة ابن هشام " )‪. (3/270‬‬

‫‪64‬‬
‫‪3‬ـ أنهم ازدادوا ثباتا ً وقوةً يوم تحالف معهم‬
‫بعض الحلف ‪.‬‬
‫ســافر‬ ‫وهذا حاصل ليهود اليوم في تحالفها ال ّ‬
‫دول الغرب الكافر !‪.‬‬ ‫مع أمريكة و ُ‬
‫ما المسلمون آنذاك فحالهم مع بنــي النظيــر‬ ‫أ ّ‬
‫ه بحالنا هذه اليام بعض الشئ‪ ،‬وذلك في ‪.‬‬ ‫شبي ٌ‬
‫‪4‬ـ أن المسلمين ظنوا أنهم لن يقدروا على‬
‫إخراج بني النظيــر مــن حصــونهم؛ لعلمهــم أنهــا‬
‫ة‪ ،‬وعندهم من الشجاعة والقتــال مــا‬ ‫ن قوي ٌ‬‫حصو ٌ‬
‫يحملهم على الدفاع عن بلدهم ‪ ...‬وعنــدهم مــن‬
‫أدوات الحــرب الكــثير مــا لــم يكــن يخفــى علــى‬
‫المسلمين ! ‪.‬‬
‫ه بحالنا مع اليهود‪ ،‬مــع علمنــا أنهــم‬ ‫وهذا شبي ٌ‬
‫يملكــون مــن القــوى العســكرية مــا ل يخفــى‬
‫علينا ! ‪.‬‬
‫ما إذا سألت عــن الفــوارق بيــن حالنــا وحــال‬ ‫أ ّ‬
‫د؛ لكن بحسبنا‬ ‫المسلمين آنذاك فهي كثيرةٌ ل تح ّ‬
‫منها ‪ :‬الصدق مع الله تعــالى فــي قتــال اليهــود‪،‬‬
‫ف في بيان البون الشاســع‬ ‫وهذا الفارق وحده كا ٍ‬
‫بيننا وبين من سبقونا من الصادقين !‪.‬‬
‫صدَقَ الّنبي صّلى الله عليه وسّلم ومن‬ ‫وهذا يوم َ‬
‫معه في قتال بني النظير‪ ،‬مع علمهم السابق أن‬
‫بنــي النظيــر يملكــون مــن العــدة والعتــاد الشــئ‬
‫الكثير كما أسلفنا؛ إل ّ أنهم امتثلــوا لمــر نــبيهم‪،‬‬
‫ذ الّنصــُر‬‫قوا مــع اللــه تعــالى‪ ،‬فكــان حينئ ٍ‬ ‫صــدَ ُ‬ ‫و َ‬
‫ما علم الله تعــالى‬ ‫فهم‪ ،‬والعّزةُ لهم ‪ .‬وذلك ل ّ‬ ‫حلي َ‬
‫منهم الصدق وامتثالهم للمر مباشــرة – نصــرهم‬
‫الله تعالى حين أرســل جنــودا ً لــم يروهــا‪ ،‬جنــودا ً‬
‫ليسوا من البشر ول من الملئكة؛ بل جنــودا ً مــن‬

‫‪65‬‬
‫ف فــي‬ ‫ب والخــو َ‬ ‫السماء حين أنــزل عليهــم الرع ـ َ‬
‫قلــوبهم‪ ،‬فمــا كــان منهــم إل ّ أن ألقــوا الســلح‪،‬‬
‫ي‬
‫وجعلــوا مــع هــذا يخربــون بيــوتهم بأيــديهم؛ وأ ّ‬
‫ة يــوم يقــوم الواحــد‬ ‫ة بعــد هــذا مــن حســر ٍ‬ ‫حســر ٍ‬
‫بنقض بيته الذي طالما بناه وشيده ؟!‪.‬‬
‫إنهــا النتصــارات اللهيــة‪ ،‬يــوم تعجــز القــوى‬
‫البشرية‪ ،‬وتنقطع الســبل الكونيــة‪ ،‬فل حــول ول‬
‫قوة إل ّ بالله‪ ،‬قال تعالى ‪ " :‬يا أيهــا الــذين أمنــوا‬
‫مكم " محمــد‬ ‫ت أقدا َ‬ ‫ن َتنصروا الله ينصْركم ويثب ّ ْ‬ ‫إ ْ‬
‫‪.7‬‬
‫صدُقَ مع الله تعالى نياِتنــا فــي‬ ‫فجديٌر بنا أن ن َ ْ‬
‫ل يهود فلسطين !‪ ،‬لننا إذا صدقنا الله تعالى‬ ‫قتا ِ‬
‫فسوف يتوّلى الله تعالى المسلمين حيــن يخــذل‬
‫يهود‪ ،‬ويقلب كيدهم عليهم‪ ،‬هذا إذا ما قاموا هم‬
‫ة حربيــة !‪ ،‬وليــس‬ ‫بتخريب ما عنــدهم مــن أســلح ٍ‬
‫هذا على الله بعزيز‪ ،‬لكن هذا المر صائٌر بأيــدينا؛‬
‫صدُقُ مع الله تعالى ‪.‬‬ ‫عندما ن َ ْ‬
‫ح لخواننــا‬ ‫ل الســل ِ‬ ‫ل الّثــاني ‪ :‬إدخــا ُ‬‫حــ ّ‬
‫ال َ‬
‫ق أو آخــر‪ ،‬وهــذا‬ ‫المسلمين داخل فلسطين بطري ٍ‬
‫ل ما أظّنه من الصعوبة بمكان‪ ،‬هذا إذا علمنــا‬ ‫الح ّ‬
‫أن الحدودَ كّلها إسلمية‪ ،‬فخــذ مثل ً مــن الغــرب ‪:‬‬
‫البحــر البيــض المتوســط ومصــر‪ ،‬ومــن الشــرق‬
‫سورية والردن‪ ،‬ومن الجنوب خليج العقبة‪ ،‬ومن‬
‫الشــمال لبنــان‪ ،‬وأكــثر هــذه الحــدود مكشــوفة‬
‫يستطيع الواحد المرور عبرها‪ ،‬ل سيما سيناء ! ‪.‬‬
‫ل‬‫وقد تقول كيف هذا ؟‪ .‬أقــول لــك ‪ :‬هــل أه ـ ُ‬
‫تهريــب المخــدرات الــذين يســعون فــي الرض‬
‫فسادا ً أحكم‪ ،‬وأعلم‪ ،‬وأوفق من المصلحين ؟! ‪.‬‬
‫ذ تتحقـــق‬ ‫نعـــم؛ إذا صـــدقت العزيمـــة‪ ،‬فحينئ ٍ‬

‫‪66‬‬
‫الهداف سواء كانت خيرا ً أو شرا ً !‪.‬‬
‫ث ‪ :‬تشجيع بعض الجماعات التي‬ ‫ل الّثال ُ‬ ‫ح ّ‬‫ال َ‬
‫م كـبيٌر فـي قضـية فلسـطين ل سـيما‬ ‫لها اهتمـا ٌ‬
‫جماعة "حماس" وغيرها‪ ،‬فهذه الجماعــة ل شــك‬
‫رها وطاقاِتها في تتبــع‬ ‫م أفكا ِ‬ ‫معظ َ‬ ‫ت ُ‬‫أنها قد قض ْ‬
‫ذ أن تنزل فــي‬ ‫قضية فلسطين‪ ،‬فكان عليها حينئ ٍ‬
‫ة ل سيما أن المســلمين هــذه اليــام‬ ‫الميدان بقو ٍ‬
‫ً‬
‫لهم حنقا على يهود) (‪.‬‬
‫‪1‬‬ ‫تغلي مراج ُ‬
‫ع ‪ :‬تشجيع العمليات الجهادية في‬ ‫ل الّراب ُ‬ ‫ح ّ‬‫ال َ‬
‫نفــوس المســلمين الــذين فــي فلســطين) ( مــع‬
‫‪2‬‬

‫مراعاة المصــالح والمفاســد‪ ،‬وذلــك فــي تحقيــق‬


‫ح‬
‫ب المصــال ِ‬‫جل ْـ ِ‬
‫م على َ‬ ‫قدّ ٌ‬‫م َ‬
‫د ُ‬
‫قاعدة " دَْرءُ المفاس ِ‬
‫"‪.‬‬
‫س ‪ :‬القنوت‪ ،‬وهو الــدعاء علــى‬ ‫م ُ‬
‫ل الخا ِ‬ ‫ح ّ‬‫ال َ‬
‫يهود ومــن هــاودهم‪ ،‬والنصــارى ومــن ناصــرهم‪،‬‬
‫ما يجب على قادة مثل هذه الجماعات أن يأخذوا بعيججن العتبججار المنهججج‬ ‫‪1‬جم ّ‬
‫السلفي في معالجة مثل هذه القضايا السلمية‪ ،‬كما يرجى منهججم أن يحملججوا‬
‫أتباعهم على العقيدة الصحيحة؛ لن تحرير النفجس مجن المخالفجات الشجرعية‬
‫دم على تحرير الراضي ! ‪.‬‬ ‫مق ّ‬
‫ن بعض المقاتلين من شباب فلسطين الذين ما‬ ‫ت لنا ‪ :‬أ ّ‬ ‫ضحه ‪ :‬أّنه قد ثب َ‬‫يو ّ‬
‫ما سواهم مججن‬ ‫ّ‬ ‫ع‬ ‫ً‬ ‫ل‬ ‫فض‬ ‫–‬ ‫اليهود‬ ‫وأسلحة‬ ‫دبابات‬ ‫أمام‬ ‫صرعى‬ ‫يتساقطون‬ ‫زالوا‬
‫ل كبيٌر بججدينهم!‪ ،‬وهجذا‬ ‫ة‪ ،‬وجه ٌ‬ ‫ت عقدي ٌ‬ ‫أهل النتفاضة الجهادية ‪ -‬عندهم انحرافا ٌ‬
‫النقد ُ مّنا ل يلزم منه ترك قتال اليهود الن !؛ بل المطلوب من القائمين على‬
‫هذه الجماعات أن يجمعوا بين جهادين ‪ :‬جهاد ٌ في تعليججم إخججوانهم المسججلمين‬
‫ل‪ ،‬وجهاد ٌ معهم ضججد اليهججود ثانيجًا‪ ،‬لججذا وجججب الّتنججبيه ‪ .‬واللججه الموفججق‬ ‫هناك أو ً‬
‫والهادي إلى سواء السبيل ‪.‬‬
‫‪2‬ج ل ينبغي أن ُنطلق على مثججل هججذه العمليججات بأنهججا ‪ :‬عمليججات انتحاريججة‪ ،‬أو‬
‫دها عججن حقيقتهججا الشججرعية‪ ،‬فكججان الصججحيح أن‬ ‫فدائية !‪ ،‬بل هذا الطلق ُيبع ج ُ‬
‫ُنطلق عليها ‪ :‬العمليات الجهادية؛ أو الستشهادية = =‬
‫م جميعَ اليهود الذين فججي‬ ‫ل المسل ُ‬ ‫ل هذه الحال أن يقت َ‬ ‫= ج كما يجوُز في مث ِ‬
‫فلسطين؛ لنهم محاربون‪ ،‬معتدون‪ ،‬ظالمون‪ ،‬مغتصبون‪ ،‬أي ‪ :‬قتل ذراريهججم‪،،‬‬
‫ن هججذه‬‫ة العلم ِ بججأ ّ‬ ‫ن حججوله قراصججن ُ‬ ‫م مججا ُيدنججد ُ‬
‫ونسججائهم‪ ،‬وكهججولهم ‪ ...‬الججخ ‪ .‬أ ّ‬
‫ل للبريججاء‪ ،‬والطفججال ‪ ،!...‬أقججول ‪ :‬هججذا منهججم مصججادرة ٌ عججن‬ ‫العمليججات ‪ :‬قت ج ٌ‬
‫س للحقّ بالباطل؛ وهم يعلمون !! ‪.‬‬ ‫الحقيقة‪ ،‬وتلبي ٌ‬

‫‪67‬‬
‫وذلــك بــأن تتضــافر جهــود المســلمين‪ ،‬وتجتمــع‬
‫ف‬
‫حـــد دعـــوتهم علـــى رفـــع أكـــ ّ‬ ‫كلمتهـــم‪ ،‬وتتو ّ‬
‫الضـراعة إلـى اللـه تعـالى؛ بحيـث يلهـج بالـدعاء‬
‫قرابــة ) مليــار ( مســلم ســواءٌ فــي مســاجدهم‬
‫فرادى ‪.‬‬ ‫ة‪ ،‬أو في صلواتهم ُ‬ ‫جماع ً‬
‫س ‪ :‬المقاطعــة القتصــادية‬ ‫ســاد ُ‬ ‫ل ال ّ‬ ‫حــ ّ‬
‫ال َ‬
‫للمنتجــات اليهوديــة‪ ،‬والمريكيــة‪ ،‬والبريطانيــة‬
‫بجميع أنواعها وأشكالها الصغير منها والكبير)‪. (1‬‬
‫ل أراه من أهم الحلــول المهمــة بعــد‬ ‫وهذا الح ّ‬
‫ت أخــي‬ ‫الحــل الول دون منــازع !؛ هــذا إذا علم ـ َ‬
‫ن اليهود هم‬ ‫المسلم أن العالم الوربي ل سيما أ ّ‬
‫عّباد الدرهم والــدينار !‪ ،‬لــذا يعتــبر القتصــاد هــو‬
‫شريان الحياة لديهم‪ ،‬فهــم قــد يقبلــون التنــازل‬
‫عرضــهم‪ ،‬أو‬ ‫ل شــئ ســواءٌ فــي دينهــم‪ ،‬أو ِ‬ ‫في ك ّ‬
‫مــا المــال فل يقبلــون‬ ‫أرواحهم‪ ،‬أو عقــولهم ‪ ...‬أ ّ‬
‫ل كان !!‪.‬‬ ‫ي حا ٍ‬ ‫فيه تنازل ً بأ ّ‬
‫ت ‪ :‬أن مقاطعــة‬ ‫فعنــد هــذا ل أبــالغ إذا قلــ ُ‬
‫المسلمين للمنتجات اليهودية والمريكية سيكون‬
‫له الثر الكبير في كشف عــورة يهــود‪ ،‬وســقوط‬
‫هيمنة أمريكة ! ‪.‬‬
‫ب بنصرة إخوانه المســلمين‪،‬‬ ‫ل مسلم ٍ مطال ٌ‬ ‫فك ّ‬
‫وبمجاهــدة أعــداء الــدين ل ســيما اليهــود ومــن‬
‫عاونهم بقدر ما يملك من استطاعة ‪.‬‬
‫وفي قصة ثمامــة بــن ُأثــال ســيد بنــي حنيفــة‬
‫عبرة‪ ،‬يوم أخذ علــى نفســه أل ّ يصــل إلــى كفــار‬

‫‪1‬ج أخي المسلم إن مقاطعتنا للمنتجات اليهودية لججن يتججم مججا لججم نقججاطع فججي‬
‫الوقت نفسه جميع الدول التي تساند اليهود جهارا ً نهججارا ً كأمريكججة‪،‬وبريطانيججة‬
‫وغيرها؛ لن منتجات اليهود ليست بذلك النتشار القججوي‪ ،‬كمججا أن كججثيرا ً منهججا‬
‫متست ٌّر تحت أسماء شججريكات أمريكيججة؛ لججذا كججان اعتمججاد يهججود علججى اقتصججاد‬
‫أمريكا كبيرا ً جدا ً !‪.‬‬

‫‪68‬‬
‫مكة حبة حنطة حتى يأذن رسول الله صــلى اللــه‬
‫عليه وسلم‪ ،‬فأذن له النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫ميَرِتهــم ")‪ (1‬البخــاري‬ ‫ن ِ‬‫مي وبي َ‬ ‫و ِ‬‫ق ْ‬ ‫ن َ‬‫ل َبي َ‬‫خ ّ‬‫ن َ‬
‫‪":‬أ ْ‬
‫ومسلم ‪.‬‬
‫ذ نحن المسلمين هذه اليام في‬ ‫فشعارنا حينئ ٍ‬
‫حرب المقاطعة‪ ،‬قوُله صّلى الله عليه وسّلم ‪:‬‬
‫" وي َ ُ‬
‫كان َله أ َ‬
‫حدٌ "‬ ‫ب لو َ‬ ‫حْر ٍ‬‫عُر َ‬‫س َ‬ ‫م ْ‬ ‫مه ِ‬ ‫لأ ّ‬
‫ر ـ ـ رضــي اللــه عنــه ـــ‪،‬‬ ‫وهذا ما فهمه أبو بصي ٍ‬
‫يوم قالها له النبي صلى الله عليه وسلم بعــد أن‬
‫انفلت من المشركين لما أسلمه النبي صلى الله‬
‫د قريــش‪ ،‬فـأتى ســيف البحــر‬ ‫عليه وســلم لقاصـ ِ‬
‫ؤذون قريش ـا ً فــي‬ ‫فانضم إليه جماعــة‪ ،‬فكــانوا ي ُـ ْ‬
‫تجــارتهم‪ ،‬فرغبــوا مــن النــبي صــلى اللــه عليــه‬
‫وسلم أن ُيؤويهم إليه ليســتريحوا منهــم‪ ،‬ففعــل‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم)‪. (2‬‬
‫ل مســلم ٍ أن‬ ‫ونحــن مــن خلل هــذا نطــالب ك ـ ّ‬
‫يجاهد اليهــود ومــن عــاونهم بقــدر اســتطاعته ل‬
‫سيما بـ "بطنه"!‪ ،‬وذلك بمقاطعة منتجاتهم ‪.‬‬
‫س أخي المسلم أن الله تعالى طلب من‬ ‫ول تن َ‬
‫ل مــا‬‫ل مسلم أن يقاتــل الكفــار المحــاربين بكـ ّ‬ ‫ك ّ‬
‫وة ‪ .‬قــال تعــالى ‪ " :‬وجاهــدوا‬ ‫يملك من عتاد وق ـ ّ‬
‫ق جهاده‪ ،‬هو اجتباكم وما جعل عليكــم‬ ‫في الله ح ّ‬
‫مله أبيكم إبراهيم ‪ " ...‬الية‬ ‫ّ‬ ‫في الدين من حرج‪ِ ،‬‬
‫فة كمــا‬ ‫الحج ‪ . 78‬وقال ‪ " :‬وقاتلوا المشركين كا ّ‬
‫فــة ‪ " ...‬التوبــة ‪ ،36‬وقــال ‪" :‬فــإن‬ ‫ُيقــاتُلونكم كا ّ‬
‫قــاتلوكم فــاقتلوهم كــذلك جــزاء الكــافرين ‪" ...‬‬
‫ة‬
‫اليــة البقــرة ‪ ،191‬وقــال ‪ ... " :‬فقــاتلوا أئمــ َ‬
‫ن لهم لعّلهم ينتهــون " التوبــة‬ ‫ر إنهم ل أيما َ‬ ‫الكف ِ‬
‫‪ 1‬ج أخرجه البخاري )‪ ،( 4372‬ومسلم )‪ ،(1764‬وغيرهما بألفاظ مختلفة ‪.‬‬
‫‪ 2‬ج أخرجه البخاري )‪ (183-11/180‬حديث )‪. (2731،2732‬‬

‫‪69‬‬
‫‪ ،12‬وقال تعــالى ‪ " :‬وأعــدوا لهــم مــا اســتطعتم‬
‫و اللــه‬ ‫هبــون بــه عـدُ ّ‬ ‫ل ُتر ِ‬
‫ط الخي ِ‬ ‫ربا ِ‬‫ة ومن ِ‬ ‫و ٍ‬
‫ق ّ‬‫من ُ‬
‫وعـدوكم وآخريـن مـن دونهـم ل تعلمـونهم اللـه‬
‫ف‬ ‫و ّ‬ ‫يعلمهم وما تنفقوا من شئ في سبيل الله ي ُ َ‬
‫إليكــم وأنتــم ل ُتظلمــون " النفــال ‪ ،60‬وقــال‬
‫تعالى ‪ " :‬قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخــوانكم‬
‫ل اقترفتموهـــا‬ ‫وأزواجكـــم وعشـــيرُتكم وأمـــوا ٌ‬
‫ب‬ ‫ونها أحــ ّ‬ ‫ض ْ‬
‫شون كسادها ومساكن تْر َ‬ ‫خ َ‬‫وتجارةٌ ت َ ْ‬
‫إليكــم مــن اللــه ورســوِله‪ ،‬وجهــاٍد فــي ســبيله‬
‫ي اللــه بــأمره‪ ،‬واللــه ل يهــدي‬ ‫صوا حتى يــأت َ‬ ‫فترب ّ ُ‬
‫القوم الفاسقين " التوبة ‪. 24‬‬
‫قط عن المسلم القــادر بمــا‬ ‫فالجهاد إذا ً ل يس ُ‬
‫ب منــك أخــي‬ ‫يستطيع‪ ،‬ومنه كان الجهادُ المطلــو ُ‬
‫المسلم مع اليهود اليوم مهما ً جدًا؛ كما ل تحسبه‬
‫مقتصرا ً على القتال في ساحات المعركة؛ كل ّ !؛‬
‫بــل هــو فــوق هــذا‪ ،‬فمنــه جهــاد البنــان‪ ،‬وجهــاد‬
‫اللســان‪ ،‬وجهــاد المــال‪ ،‬كمــا أنــه اليــوم جهــاد‬
‫المقاطعة ! ‪.‬‬
‫دها ‪:‬‬‫ة‪ ،‬وَر ّ‬ ‫شْبه ٌ‬ ‫ُ‬
‫ل أخي المســلم بعــد هــذا مــاذا يــا تــرى‬ ‫ول تق ْ‬
‫الذي ُأقاطعه من المنتجات اليهودية والمريكيــة‪،‬‬
‫وأنا واحدٌ ل أث َـَر لمقــاطعتي فــي أشــياء صــغيرة‬
‫ل‪ ،‬أو غيرهــا مــن‬ ‫كشــراء قــارورة " بيبســي" مث ً‬
‫ل فــي ميــزان المقاطعــة‬ ‫الشــياء الــتي ل تفعــ ُ‬
‫شيئا ً ؟! ‪.‬‬
‫أقول أخي المسلم أنت بهـذا قـد فعلـت أمـرا ً‬
‫عظيمًا‪ ،‬وجهادا ً كبيرا ً وذلك حين تعلم ما يلي ‪:‬‬
‫‪1‬ـ أنك ساهمت في الجهـاد السـلمي ضـد‬
‫ت أجر الجهاد فلكأنك‬ ‫اليهود ومن عاونهم‪ ،‬وكسب َ‬

‫‪70‬‬
‫ت‪ ،‬كمــا يقــول النــبي صــلى اللــه عليــه‬ ‫قد جاهــد َ‬
‫ة‬
‫د ثلث ـ ً‬ ‫ل بالســهم الواح ـ ِ‬ ‫خ ُ‬ ‫ن اللــه لي ُــد ِ‬ ‫وسلم ‪ " :‬إ ّ‬
‫ب فـــي صـــنعِته الخيــَر‬ ‫ســـ ُ‬ ‫ه‪ ،‬يحت ِ‬ ‫ة ‪ :‬صــاِنع ُ‬ ‫الجّنــ َ‬
‫مدّ به ‪ "...‬أحمد‪ ،‬وابن ماجه )‪. (1‬‬ ‫م ِ‬
‫والّرامي به‪ ،‬وال ُ‬
‫وقــال صــلى اللــه عليــه وســلم ‪ ":‬جاهــدوا‬
‫تكم")‪. (2‬‬ ‫سن ِ‬‫سكم‪ ،‬وأل ْ ِ‬ ‫المشركين بأمواِلكم‪ ،‬وأنف ِ‬
‫ة‬‫ســك وخاصــ َ‬ ‫فــأنت أخــي المســلم عليــك نف َ‬
‫أهِلك‪ ،‬لذا عليك الجهاد قدر استطاعتك كمـا قـال‬
‫ســكم ل‬ ‫تعالى ‪ " :‬يا أيها الــذين أمنــوا عليكــم أنف ِ‬
‫ل إذا اهتـديتم إلـى اللـه مرجعكـم‬ ‫ضـ ّ‬ ‫ضّركم من َ‬ ‫ي ُ‬
‫جميعا فُينّبئكم بما كنتم تعملــون " المــائدة ‪.105‬‬ ‫ً‬
‫وقال تعالى ‪ " :‬يا أيها الذين أمنوا قــوا أنفســكم‬
‫وأهليكــم نــارا ً وقودهــا النــاس والحجــارة عليهــا‬
‫ظ شــدادٌ ل يعصــون اللــه مــا أمرهــم‪،‬‬ ‫ملئكــة غل ٌ‬
‫ويفعلون ما يؤمرون " التحريم ‪. 7‬‬
‫س أن جهنــم الــتي اســتعاذ منهــا‬ ‫كمــا ل تنــ َ‬
‫الولون والخرون من النبياء والمرسلين وسائر‬
‫المؤمنين !‪ ،‬يســتطيع الواحـد مــن المســلمين أن‬
‫يّتقيها بالقليل !‪ ،‬كما قال النبي صلى الله عليــه‬
‫ة‪ ،‬فــإن لــم‬ ‫ق تمــر ٍ‬ ‫وسلم ‪ " :‬اتقوا النــاَر ولــو بشـ ّ‬
‫ة " متفــق عليــه)‪ . (3‬فهــذا‬ ‫ة طيبــ ٍ‬ ‫تجــدوا فِبكلمــ ٍ‬
‫ة يمنــع‬ ‫ة الواحــد ِ‬ ‫ق التمــر ِ‬
‫ش ّ‬ ‫ن ِ‬ ‫ل على أ ّ‬ ‫الحديث دلي ٌ‬
‫ن مــن يّتقيهــا بعشــر‬ ‫صــاحبها الن ّــاَر !‪ ،‬فكيــف إذَ ْ‬
‫تمرات قيمتها ذلكم " الريــال " الــذي يقــاطع بــه‬
‫قارورة "بيبسي" !‪.‬‬

‫‪ 1‬ج أخرجه أحمججد )‪4/144‬و ‪ ،(148‬والترمججذي )‪ ،(1637‬وابججن مججاجه )‪(2811‬‬


‫ن بمجموع طرقه ‪.‬‬‫وغيرهم‪ ،‬وهو حس ٌ‬
‫‪ 2‬ج أخرجه أبو داود )‪ ،(2504‬والنسائي )‪ ،( 6/7‬وهو صحيح‪ ،‬انظر "صحيح أبو‬
‫داود" لللباني – رحمه الله ‪. (2186) -‬‬
‫‪ 3‬ج أخرجه البخاري )‪ ،(10/375‬ومسلم )‪. (1016‬‬

‫‪71‬‬
‫دين على‬ ‫ن أعداءَ ال ّ‬ ‫‪2‬ـ أخي إنك بريالك هذا ُتعي ُ‬
‫قتـــل إخوانـــك مـــن المســـلمين !‪ ،‬كمـــا يقـــول‬
‫تعــال ‪ ... ":‬ول تعــاونوا علــى الثــم والعــدوان‪،‬‬
‫واتقوا الله إن الله شديدُ العقاب" المائدة ‪.2‬‬
‫‪3‬ـ ل تنظر أخي المسـلم إلـى ريالـك بعيـن‬
‫ن ريال َــك ســوف‬ ‫ق؛ يوم تعلــم أ ّ‬ ‫ة‪ ،‬وحكم ٍ ضي ٍ‬ ‫قاصر ٍ‬
‫ل غيرك من المسلمين وهكذا ‪.‬‬ ‫م مع ريا ِ‬ ‫ض ّ‬
‫ي َن ْ َ‬
‫وعنــد حســاباتنا التقريبيــة ســتعلم أخــي أنــك‬
‫مجاهدٌ كبيٌر يوم شــاركت المســلمين بمقاطعتــك‬
‫درنا أن خمســمائة‬ ‫قارورة "بيبسي"‪ ،‬فمثل ً لــو ق ـ ّ‬
‫مليــون مســلم مــن المليــار؛ ســوف يقــاطعون‬
‫قــارورة "بيبســي" !‪ ،‬فــإذا حســبنا هــذه المــوال‬
‫خلل سنة سيكون العدد كبير جدا ً ‪.‬‬
‫نوضحه بما يلي ‪=12 × 30 × 500000000 ) :‬‬
‫‪ ( 180000000000‬ريال‪ ،‬أي ‪ :‬مائة وثمانون مليار‬
‫ريال !! ‪.‬‬
‫د لقــارورة‬ ‫ل واحــ ٍ‬ ‫ة بريــا ٍ‬‫أخــي هــذه مقاطعــ ٌ‬
‫"بيبســي" فقــط‪ ،‬فكيــف بــك إذا اجتهــدت فــي‬
‫مقاطعة الكثير من منتجات اليهود ومــن عــاونهم‬
‫ل سيما المريكية منها ؟! ‪.‬‬
‫شِائر ‪ :‬هناك بعض البشارات التي ُتشير بأن‬ ‫بَ َ‬
‫المقاطعــــة الســــلمية للمنتجــــات اليهوديــــة‬
‫والمريكية قد أتت ُأكلهــا ونجحــت ‪ :‬فقــد نشــرت‬
‫بعــض الصــحف ‪ :‬أن المقاطعــة العربيــة ألحقــت‬
‫باليهود خسارة ) ‪ ( 48‬مليار منذ قامت المقاطعة‬
‫!‪.‬‬
‫كمــا نشــرت جريــدة " الحيــاة " ) ‪/28‬شــعبان‪/‬‬
‫‪1421‬هــــ ( ‪ :‬أن خســـائر شـــركات التكنولوجيـــة‬
‫اليهودية في الوليات المتحــدة بلغــت منــذ بدايــة‬

‫‪72‬‬
‫المقاطعة ) ‪ ( 20‬مليار دولر ! ‪ .‬كما أكدت بعــض‬
‫المصادر أن بعض الشركات اليهوديــة والمريكيــة‬
‫قد انخفضت مبيعاتها في مصر إلى ) ‪- ،! ( %80‬‬
‫لله دّرك يا مصر ‪. -‬‬
‫ة فــي‬ ‫وقبــل هــذا؛ أحببنــا نــذكر فتــوى مهمــ ً‬
‫وجوب مقاطعة منتجات اليهود وأمريكة وغيرهــم‬
‫من لهم يدٌ في مساندة اليهود ‪:‬‬ ‫م ّ‬
‫وهــي لفضــيلة شــيخنا العلمــة عبــد اللــه بــن‬
‫جبرين حفظه الله ‪:‬‬
‫ص السؤال ‪ :‬ل يخفى عليكــم مــا يتعــرض لــه‬ ‫ن ّ‬
‫إخواننا الفلسطينيين فــي الرض المقدســة مــن‬
‫قتل واضــطهاد مــن قبــل العــدو الصــهيوني‪ ،‬ول‬
‫شك أن اليهود لم يمتلكوا ما امتلكــوا مــن ســلح‬
‫وعدة إل بموازرة من الدول الكبرى وعلى رأسها‬
‫إمريكا‪ ،‬والمسلم حينما يرى ما يتعرض له إخواننا‬
‫ل يجد سبيل ً لنصرة إخــوانه وخــذلن أعــدائهم إل‬
‫بالــدعاء للمســلمين بالنصــر والتمكيــن‪ ،‬وعلــى‬
‫العداء بالذلة والهزيمة‪ ،‬ويرى بعض الغيورين أنه‬
‫ينبغــي لنصــرة المســلمين أن تقــاطع منتجــات‬
‫إسرائيل وأمريكا‪ ،‬فهل يــؤجر المســلم إذا قــاطع‬
‫تلــك المنتجــات بنيــة العــداء للكــافرين وإضــعاف‬
‫اقتصادهم ؟ وما هو توجيهكم حفظكم الله ‪.‬‬
‫الجـــواب ‪ :‬عليكـــم الســـلم ورحمـــة اللـــه‬
‫وبركاته ‪ ...‬وبعد ‪:‬‬
‫يجب على المسلمين عموم ـا ً التعــاون علــى الــبر‬
‫والتقوى ومساعدة المسلمين في كل مكان بمــا‬
‫يكفل لهم ظهورهم وتمكنهم في البلد وإظهــار‬
‫شعائر الدين وعملهم بتعاليم الســلم وتطــبيقه‬
‫للحكام الدينية وإقامــة الحــدود والعمــل بتعــاليم‬

‫‪73‬‬
‫الدين وبما يكون سببا ً في نصــرهم علــى القــوم‬
‫الكافرين من اليهود والنصارى‪ ،‬فيبذل جهده في‬
‫جهاد أعداء الله بكل ما يستطيعه؛ فقــد ورد فــي‬
‫الحــــديث ‪ " :‬جاهــــدوا المشــــركين بــــأموالكم‪،‬‬
‫وأنفسكم‪ ،‬وألســنتكم " فيجــب علــى المســلمين‬
‫مســاعدة المجاهــدين بكــل مــا يســتطيعونه مــن‬
‫ل مــا فيــه‬ ‫القــدرة‪ ،‬وعليهــم أيض ـا ً أن يفعلــوا ك ـ ّ‬
‫ف للكفــار أعــداء الــدين‪ ،‬فل يســتعملونهم‬ ‫إضــعا ٌ‬
‫حســابا ً أو مهندســين أو‬ ‫كعمــال للجــرة كّتاب ـا ً أو ُ‬
‫خداما ً بأي نوع من الخدمة التي فيها إقــرار لهــم‬ ‫ُ‬
‫وتمكين لهم بحيــث يكتســحون أمــوال المــؤمنين‬
‫وُيعــادون بهــا المســلمين‪ ،‬وهكــذا أيضــا ً علــى‬
‫المســـلمين أن ُيقـــاطعوا جميـــع الكفـــار بـــترك‬
‫التعامل معهم وبترك شراء منتجاتهم سواء كانت‬
‫نافعــة كالســيارات والملبــس وغيرهــا أو ضــارة‬
‫كالــدخان بنّيــة العــداء للكفــار وإضــعاف قــوتهم‬
‫وتــرك ترويــج بضــائعهم‪ ،‬ففــي ذلــك إضــعاف‬
‫ذلهــم وإهــانتهم‪،‬‬ ‫لقتصادهم مما يكون سببا ً في ُ‬
‫والله أعلم ‪ .‬قاله وأمله ‪:‬‬
‫عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين‬
‫‪27/7/1421‬هـ‬
‫ويقول الشيخ حمد بن عتيق ‪ -‬رحمه اللــه ‪" : -‬‬
‫فأما معاداة الكفــار والمشــركين فــاعلم أن اللــه‬
‫سبحانه وتعالى قد أوجب ذلك وأكد إيجابه‪ ،‬وحرم‬
‫موالتهم وشدد فيها‪ ،‬حتى أنــه ليــس فــي كتــاب‬
‫ن مــن‬ ‫الله تعالى حكم فيه من الدلة أكثر ول أب ْي َـ َ‬
‫هذا الحكم بعد وجوب التوحيد وتحريم ضده " ‪.‬‬
‫ومــا أجمــل تلــك العبــارة الــتي ســطرها أبــو‬
‫الوفاء بن عقيل ‪ -‬رحمه الله ‪ -‬قــائل ‪ " :‬إذا أردت‬

‫‪74‬‬
‫أن تعــرف محــل الســلم مــن أهــل الزمــان‪ ،‬فل‬
‫تنظر إلــى زحــامهم فــي أبــواب الجوامــع‪ ،‬وإنمــا‬
‫انظر إلى مواطئتهم أعداء الشــريعة‪ ،‬عــاش ابــن‬
‫الّراوندي والمعـّري عليهــم لعــائن اللــه ينظمــون‬
‫وينــثرون كفــرا ‪ ...‬وعاشــوا ســنين‪ ،‬وعظمــت‬
‫قبورهم‪ ،‬واشتريت مصنفاتهم‪ ،‬وهــذا يــدل علــى‬
‫برود الدين في القلب " ‪.‬‬
‫فإذا تقّرر ذلك أخي المســلم الكريــم كــان لنــا‬
‫أن نوقفـــك علـــى بعـــض المنتجـــات اليهوديـــة‬
‫والمريكية وغيرها من الدول التي تعين يهــود !؛‬
‫ن لك طريق المجرمين ‪.‬‬ ‫كي تستب َ‬
‫ن الشــركات والمنتجــات اليهوديــة‬ ‫كأ ّ‬ ‫ل شــ ّ‬
‫د‪ ،‬ول‬ ‫والمريكيــة كــثيرةٌ جــدًا؛ ل يحصــيها عــا ّ‬
‫ن أحــدا ً مــن‬ ‫تأ ّ‬ ‫ب؛ بل ل أبالغ لــو ُ‬
‫قل ـ ُ‬ ‫عها كتا ٌ‬ ‫يس ُ‬
‫ة يهوديــة‪ ،‬أو‬ ‫ل ســلع ٍ‬ ‫النــاس لــو أراد أن يقي ّـدَ ك ـ ّ‬
‫أمريكيــة لخــرج بمجل ّــدات ضــخمة !‪ ،‬لجــل هــذا‬
‫ع‬ ‫وذاك؛ كان من المناسب أن نذكَر ضــابطا ً يجمــ ُ‬
‫ة يهوديــة‪ ،‬أو أمريكيــة‪ ،‬اختصــارا ً‬ ‫ل ســلع ٍ‬ ‫لنــا كــ ّ‬
‫للوقت‪ ،‬وحفظا ً للبحث ‪.‬‬
‫ة‬‫ة‪ ،‬أو أمريكيـ ٍ‬ ‫ة يهودي ـ ٍ‬‫ل ســلع ٍ‬ ‫ن كـ ّ‬‫فــأقول ‪ :‬إ ّ‬
‫يجب مقاطعتها ‪ ،‬ويدّلك على هذا ما يلي ‪:‬‬
‫ع أمريكة "‪،‬‬ ‫صن ُ‬ ‫ب عليها ‪ُ " :‬‬ ‫‪1‬ـ إذا كان مكتو ٌ‬
‫أو ‪. USA :‬‬
‫‪2‬ـ إذا كانت هذه السلعة مبدوءةٌ بمجموعة‬
‫م الول منها‬ ‫أرقام تأتي تحت شكل أعمدة‪ ،‬الرق ُ‬
‫يرمُز إلى الدولة‪ ،‬فرقم أمريكة هو ) ‪ ،( 0‬ورقــم‬
‫بريطانيـــة هـــو ) (‪ ،‬ورقـــم فرنســـا هـــو )‪،(3‬‬
‫وهكذا ‪.‬‬
‫ـ قد يرد سؤال بأنه إذا لم أجــد بــديل للمنتــج‬

‫‪75‬‬
‫ل ؟‪.‬‬ ‫المريكي فما الح ّ‬
‫ذ اســتخدامه فــي أضــيق‬ ‫الجواب ‪ :‬عليــك حينئ ٍ‬
‫الحــدود‪ ،‬مــع الســعي الــدؤوب ليجــاد البــديل‪،‬‬
‫والتجربــة اليابانيــة خيــر شــاهد للعيــان فــي هــذا‬
‫ج الــذي‬ ‫منتـ َ‬‫ن ال ُ‬ ‫عت َب ِـَر أيضـا ً أ ّ‬ ‫المجال‪ ،‬كما لنـا أن ن ْ‬
‫منتجـــا ً قـــد انتهـــت صـــلحيته؛‬ ‫نـــودّ مقـــاطعته ُ‬
‫كن ! ‪.‬‬ ‫ول ْي َ ُ‬
‫َ‬
‫ع ‪ :‬التبرعات الماليــة‪ ،‬وهــذا ل‬ ‫ّ ُ‬‫ساب‬ ‫ال‬ ‫ل‬‫ّ‬ ‫ح‬
‫َ‬ ‫ال‬
‫شــك أنــه مــن الحلــول المهمــة؛ كيــف ل؛ واللــه‬
‫تعالى أمرنا بالنفاق في سبيله في غير آية؛ بل‬
‫ع مــن‬ ‫ع مواض ـ َ‬ ‫س في ســب ِ‬ ‫دمه تعالى على النف ِ‬ ‫ق ّ‬
‫ل علــى أهميــة النفــاق‬ ‫القــرآن‪ ،‬وفــي هــذا دليـ ٌ‬
‫بالمال في سبيل الله تعالى ‪.‬‬
‫فإذا كان النفاقُ في سبيل الله تعالى بهــذه‬
‫ة الكبيرة من الهميــة؛ إل ّ أن ّــه أصــبح هــذه‬ ‫الدرج ِ‬
‫ج إلــى‬ ‫ر الــتي تحتــا ُ‬ ‫اليام – للسف – مــن المــو ِ‬
‫ً‬
‫ل هذا إذا علمنا أن كــثيرا مــن‬ ‫ث !؛ ك ّ‬ ‫ل‪ ،‬وتري ّ ٍ‬ ‫تأم ٍ‬
‫ة‬
‫ت مشــبوه ٌ‬ ‫الذين ُينـادون بجمـع التبرعـات جهــا ٌ‬
‫ليســـوا محل ً للمانـــة‪ ،‬ول أهل ً لهـــذا !‪ ،‬فكـــان‬
‫هــل فــي هــذه المســألة‬ ‫ب علينــا أن َنتم ّ‬ ‫الــواج ُ‬
‫رويدا ً ‪.‬‬
‫لــذا؛ أرى مــن الــواجب علــى المســلمين أن‬
‫يجتهدوا في البحث عن اليدي المينة التي تأخذ‬
‫ة الـــتي تجمـــع‬ ‫ت المرضـــي ِ‬ ‫أمـــوالهم‪ ،‬والجهـــا ِ‬
‫ت تعتــبُر‬ ‫ن كــثرا ً مــن هــذه الجهــا ِ‬ ‫تبرعــِاتهم؛ ل ّ‬
‫ف كيــف‬ ‫ر ُ‬‫ة !؛ َتعــ ِ‬ ‫ة انتهازيــ ٌ‬ ‫ت سياســي ٌ‬ ‫سســا ٌ‬ ‫مؤ ّ‬
‫تحّرك مشاعَر المسلمين في الوقات العصــيبة‪،‬‬
‫مهــم؛ حــتى إذا حــازت‬ ‫دهم وكر َ‬ ‫جــو َ‬
‫وكيــف تــثيُر ُ‬
‫على تلكم الموال قامت بوضعها في مصــالحها‬

‫‪76‬‬
‫السياسية !! ‪.‬‬
‫ن‬ ‫ل ُيعتــبُر الميــزا ُ‬ ‫ن ‪ :‬وهذا الحـ ّ‬ ‫ل الّثام ُ‬‫ح ّ‬ ‫ال َ‬
‫ع الحلول التي مضت آنفا؛ لن‬ ‫ن به جمي َ‬ ‫ز ُ‬ ‫الذي ن َ ِ‬
‫ل‬ ‫ة ل يستطيع الّنفُر القلي ُ‬ ‫ل المذكور ِ‬ ‫ب الحلو ِ‬ ‫أغل َ‬
‫ة‬ ‫ً‬
‫مّنا أن يقوموا بها‪ ،‬فكان ل بــدّ إذا مــن مرجعيــ ٍ‬
‫ق فــي‬ ‫ة نســتطيع مــن خللهــا أن ننطل ـ َ‬ ‫ت ثق ـ ٍ‬ ‫ذا ِ‬
‫ف هذه الحلول على أرض الواقع ‪.‬‬ ‫توظي ِ‬
‫لذا؛ كان مــن الــواجب علــى المســلمين هــذه‬
‫اليام أن يقفوا قليل ً مع أنفسهم‪ ،‬وأن ُيراجعــوا‬
‫قة‪ ،‬وك َث ُـــر‬ ‫شـــ ّ‬ ‫حســـاباِتهم يـــوم زادت بينهـــم ال ّ‬
‫عدْ لهــم‬ ‫حهم؛ حتى لم ي َ ُ‬ ‫الخلف فيهم‪ ،‬وذهبت ري ُ‬
‫وةٌ !‪ ،‬فمــن هنــا كــان‬ ‫ة‪ ،‬ول ق ـ ّ‬ ‫بين أعــدائهم هيب ـ ٌ‬
‫حــد‬ ‫ب علينا جميعا ً أن تجتمــع كلمُتنــا‪ ،‬وأن تتو ّ‬ ‫يج ُ‬
‫ة‪.‬‬ ‫ة أمين ٌ‬ ‫ة علمي ٌ‬ ‫فنا‪ ،‬وأن يكن لنا مرجعي ٌ‬ ‫صفو ُ‬
‫ن جهــودا ً‬ ‫ك طرفة عيــن؛ أ ّ‬ ‫في حين أننا ل نش ّ‬
‫دمت علــى‬ ‫قـ ّ‬‫ذلت و ُ‬ ‫ة‪ ،‬وأمــوال ً كــثيرةً قــد ب ُـ ِ‬ ‫كبير ً‬
‫أرض الواقــع مــن أبنــاء المســلمين؛ إل ّ أنهــا لــم‬
‫مــا غــابت‬ ‫ل هــذا ل ّ‬ ‫ت أ ُك ُُلها كما ينبغي لها !؛ كـ ّ‬ ‫ُتؤ ِ‬
‫ة !‪ ،‬هــذا إذا علمنــا‬ ‫ة المين ـ ُ‬ ‫ة العلمي ُ‬ ‫بيننا المرجعي ُ‬
‫ر‪،‬‬ ‫ب‪ ،‬وتنظي ٍ‬ ‫ع هذه اليام يحتاج إلى ترتي ٍ‬ ‫ن الواق َ‬ ‫أ ّ‬
‫ة‬
‫ذ قــو ً‬ ‫وتنظيم ٍ للجهود والفكار؛ حتى نكون بعدئ ٍ‬
‫ءنا الــذين مــا‬ ‫ل بهــا أعــدا َ‬ ‫ة نستطيع أن نقاب َ‬ ‫رهيب ً‬
‫ة‬ ‫مُنوا بأهمّيــ ِ‬ ‫شر والعداء إل ّ يوم آ َ‬ ‫بلغوا مّنا هذا ال ّ‬
‫ة لهــا هيبُتهــا‬ ‫ب مرجعي ـ ٍ‬ ‫تنظيــم الجهــود‪ ،‬وتنصــي ِ‬
‫بينهم ! ‪.‬‬
‫ف حول علمائنا؛ ل‬ ‫ْ‬
‫فكان علينا بعد هذا أن ن َلت ّ‬
‫فهم ـا ً‬ ‫ة‪ ،‬و َ‬ ‫سيما الذين ُرزقوا علم ـا ً فــي الشــريع ِ‬
‫من شهد الواقع بصدقهم‪ ،‬وبلئهم في‬ ‫للواقع م ّ‬
‫ً‬
‫دين‪ ،‬وأن ل نقطــع أمــرا دونهــم؛ ل لشــئ !؛‬ ‫الــ ّ‬

‫‪77‬‬
‫ولكن توحيدا ً للجهود‪ ،‬وتنظيما ً للدوار ‪.‬‬
‫ع ‪ :‬وهو من أوسعها؛ بل إخالك‬ ‫س ُ‬ ‫ل الّتا ِ‬‫ح ّ‬‫ال َ‬
‫ة‪ ،‬وواجبها على قارئهــا‪،‬‬ ‫ة الرسال ِ‬ ‫م ِ‬‫تحسبه من تت ّ‬
‫ل مســلم ٍ‬ ‫عْيه لكـ ّ‬ ‫صــرا َ‬
‫م ْ‬‫وذلك بفتــح البــاب علــى ِ‬
‫ح‬ ‫يؤمن بـالله واليـوم الخـر أن يجتهـدَ فـي طـر ِ‬
‫ة‬
‫ل الســلمية الــتي يراهــا مناســب ً‬ ‫ع الحلــو ِ‬ ‫ووضـ ِ‬
‫ة‪ ،‬وفلســطين‬ ‫للخــروج بالمــة الســلمية عامــ ً‬
‫ة مــن هــذه الزمــات‪ ،‬والنكبــات‪ ،‬والضــعف‪،‬‬ ‫خاص ً‬
‫ة‬
‫ة ومعــذر ً‬ ‫ذم ـ ِ‬ ‫ل هذا إبراءً لل ّ‬ ‫والهوان‪ ،‬والجهل؛ ك ّ‬
‫إلى الله تعالى ‪.‬‬
‫لجل هذا كان من الواجب على من قرأ هــذه‬
‫الرسالة أن ُيراعي ما يلي ‪:‬‬
‫ــ أن يســعى حثيثـا ً فـي البحــث عــن الحلـول‬
‫الشــرعية المناســبة الــتي يراهــا تخــدم المــة‬
‫السلمية‪ ،‬والنصــراف عــن تلكــم الســتنكارات‬
‫قة ‪.‬‬‫ر َ‬‫غ ِ‬‫م ْ‬‫السياسية‪ ،‬والتحليلت الخبارية ال ُ‬
‫ـ وبعد بحثه عن الحلول الشرعية التي يراهــا‬
‫ل‬ ‫ذ أن يعرضها علــى أه ـ ِ‬ ‫ة؛ يجب عليه بعدئ ٍ‬ ‫مَناسب َ‬‫ُ‬
‫ع فــي خطـأ ٍ‬ ‫َ‬
‫العلم ِ لبداء رأيهم فيها؛ حتى ل ن َقـ َ‬
‫ث ل ندري؛ فعندها – ل سمح الله‬ ‫شرعي من حي ُ‬
‫ل وهكذا ! ‪.‬‬ ‫ج حلوُلنا إلى حلو ٍ‬ ‫‪ -‬ستحتا ُ‬
‫ـ أن ُيبّلغ ما يراهُ حقا ً من هذه الرسالة إلى مــن‬
‫يــراه مــن المســلمين؛ وأخــص منهــم العلمــاء‪،‬‬
‫وطلبة العلم ‪.‬‬

‫ة‬
‫م ٌ‬
‫خات ِ َ‬
‫َ‬

‫‪78‬‬
‫ة مــا‬ ‫س به في معالج ِ‬ ‫وبعدَ أن قضينا وقتا ً ل بأ َ‬
‫ل الــتي نحــن‬ ‫ض الحلــو ِ‬ ‫ً‬
‫ح بعـ ِ‬ ‫مناسبا في طــر ِ‬ ‫نراه ُ‬
‫م‬ ‫ج مــا نكــون إليهــا مــن ِتل ُ‬
‫كــ ُ‬ ‫والمســلمون أحــو ُ‬
‫الســتنكارات السياســية‪ ،‬والتوســعات الخباريــة‪،‬‬
‫ن‬ ‫عَنــا َ‬ ‫ك َ‬ ‫ن أمســ َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫مــ ٌ‬ ‫ق ِ‬ ‫والتحليلت الفكريــة ‪ -‬ف َ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ن من سيقرأ رســالتي؛‬ ‫س في أذُ ِ‬ ‫م‪ ،‬وأن أهم َ‬ ‫القل ِ‬
‫خطــأ‪،‬‬ ‫ذى‪ ،‬أو َ‬ ‫قـ َ‬‫مــا َيـراهُ مــن َ‬ ‫فع ّ‬ ‫طر َ‬ ‫ض ال ّ‬ ‫غ َ‬ ‫بأن ي َ ُ‬
‫ة‪ ،‬أو أطُرقْ هذا‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ب هذه الرسال َ‬ ‫وليعلم أّنني لم أكت ْ‬
‫ذبـا ً عـن قضـيتي‪ ،‬لـذا‬ ‫ق إل ّ ُنصـحا ً لمـتي و َ‬ ‫الطري َ‬
‫ل‬ ‫ة أن يقب ـ َ‬ ‫ب من قارئ هــذه الرســال ِ‬ ‫كان المرغو ُ‬
‫ة‬
‫ى وحســر ً‬ ‫معذرتي وزّلتي ُيوم كتبُتها وكلــي أسـ ً‬
‫ّ‬
‫متي هذه اليام ! ‪.‬‬ ‫على ما تعيشه أ ّ‬
‫ح‬
‫ب مفتــو ٌ‬ ‫ن الجتهــادَ بــا ٌ‬ ‫عــذري أيض ـًا؛ أ ّ‬ ‫فكان ُ‬
‫ة؛ فــإني‬ ‫ه‪ ،‬والداَر الخر َ‬ ‫ق يرجو الل َ‬ ‫ح صاد ٍ‬ ‫ل ناص ٍ‬ ‫لك ّ‬
‫ب ودخوَله‬ ‫أسأُله تعالى أل ّ يحرمني طرقَ هذا البا َ‬
‫!‪ ،‬آمين ‪.‬‬
‫دمه لــك مــن جديــد !؛‬ ‫ُ‬
‫فما عساني يا هذا أن أق ّ‬
‫ت‬ ‫ل آهــــا ٌ‬ ‫قــــ ْ‬ ‫ت‪ ،‬أو ُ‬ ‫ت‪ ،‬ون َظَــــرا ٌ‬ ‫خطَــــرا ٌ‬ ‫لكّنهــــا َ‬
‫ن ُتمســكها‬ ‫ت !‪ ،‬فكــان عليــك بعــد هــذا أ ْ‬ ‫ســرا ٌ‬ ‫ح َ‬ ‫و َ‬
‫حها بإحســان‪ ،‬وهــذا ظن ّــي بــك؛‬ ‫ف‪ ،‬أو ُتسّر ُ‬ ‫بمعرو ٍ‬
‫قه‪ ،‬وديَنه‪ ،‬والله حسيُبك ! ‪.‬‬ ‫خل ُ َ‬‫من نرضى ُ‬ ‫لّنك م ّ‬
‫ت أخــي المســلم مــا حّررُتــه لــك‪،‬‬ ‫فــإن قبلــ َ‬
‫س ـطرها لــك‬ ‫ّ‬ ‫ت َ‬ ‫ت ومحــاول ٍ‬ ‫قدا ٍ‬ ‫دمُته إليك من ن َ َ‬ ‫وق ّ‬
‫ل !‪ ،‬فالحمــد للــه‬ ‫ل‪ ،‬وفكــري العلي ـ ُ‬ ‫خاطري الكلي ـ ُ‬
‫قه‪ ،‬وإحساِنه‪ ،‬وإن كانت الخرى؛ فالله‬ ‫على توفي ِ‬
‫تعالى هو المستعان‪ ،‬وعليه التكلن ! ‪.‬‬
‫م على‬ ‫سل ُ‬ ‫صلةُ وال ّ‬ ‫ب العالمين‪ ،‬وال ّ‬ ‫والحمدُ لله َر ّ‬
‫ده ورسوِله المين ‪.‬‬ ‫عب ِ‬
‫كتبه‬
‫ف‬
‫ن لعام ِ أل ٍ‬ ‫ر َ‬
‫شعبا َ‬ ‫ه ِ‬ ‫ن َ‬
‫ش ْ‬ ‫م ْ‬
‫ث بقين ِ‬
‫ة لثل ٍ‬
‫جمع ِ‬
‫مال ُ‬
‫مساءَ يو ِ‬
‫َ‬

‫‪79‬‬
‫د وعشرين‬ ‫ة وواح ٍ‬‫وأربعمائ ٍ‬
‫غامدي‬
‫ن ال َ‬
‫دا َ‬
‫حم َ‬
‫د آل َ‬
‫ع ٍ‬‫س َ‬
‫ن ّ‬
‫بب ُ‬ ‫ن ‪ِ /‬ذيا ُ‬ ‫ص ْ‬
‫فوا َ‬ ‫أبو َ‬
‫س‬
‫ر ُ‬ ‫ها ِ‬ ‫ال َ‬
‫ف َ‬
‫المقدمــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة ‪:‬‬
‫)‪(5-1‬‬
‫ن المســـــلمة ‪.‬‬ ‫البـــــاب الول ‪ :‬فلســـــطي ُ‬
‫)‪(8-6‬‬
‫ف بفلســــطين ‪.‬‬ ‫الفصــــل الول ‪ :‬تعريــــ ٌ‬
‫)‪(7-6‬‬
‫الفصــل الثــاني ‪ :‬تأريــخ الحتلل اليهــودي‬
‫)‪(13-8‬‬ ‫لفلسطين ‪.‬‬
‫البــاب الثــاني ‪ :‬فلســطين بيــن الســتنكار‪،‬‬
‫)‪(38-14‬‬ ‫والخبار ‪.‬‬
‫الفصــــــل الول ‪ :‬أهــــــل الســــــتنكار ‪.‬‬
‫)‪(16-9‬‬
‫القســـــــم الول ‪ :‬أهـــــــل الساســـــــة ‪.‬‬
‫)‪(17-16‬‬
‫القســـــم الثـــــاني ‪ :‬أهـــــل التعاســـــة ‪.‬‬
‫)‪(19-18‬‬
‫الفصـــــل الثـــــاني ‪ :‬أهـــــل الخبـــــار ‪.‬‬
‫)‪(38-20‬‬
‫الطـــــــرف الول ‪ :‬أهـــــــل الروايـــــــة ‪.‬‬
‫)‪(27-20‬‬
‫أخطـــــــــــاء أهـــــــــــل الروايـــــــــــة ‪:‬‬
‫)‪(27-21‬‬
‫الخطــاء الول ‪ :‬تغيــب الهــدف الشــرعي؛‬
‫وذلك بتفريغ طاقات المسلمين في غير محّلها ‪.‬‬
‫)‪(22-21‬‬
‫همـــــــــوم الخطبـــــــــاء‪ ،‬والكتـــــــــاب ‪.‬‬
‫)‪(22-21‬‬

‫‪80‬‬
‫الخطـــاء الثـــاني ‪ :‬الوقـــوع فـــي محـــذور‬
‫)‪(22‬‬ ‫التصوير ‪.‬‬
‫الخطاء الثالث ‪ :‬إظهار السلم بأنه ضعيف‬
‫)‪(23‬‬ ‫‪.‬‬
‫ب الهــدف الشـرعي؛‬ ‫الخطــاء الرابـع ‪ :‬تغيـ ُ‬
‫وذلك بتقديم الوسيلة على الغاية ‪.‬‬

‫)‪(24‬‬
‫الخطاء الخـامس ‪ :‬تربيـة المســلمين تربيــة‬
‫)‪(25-24‬‬ ‫إخبارية مجردة ‪.‬‬
‫أخطـــاء أصـــحاب " النـــترنت والـــدش " ‪.‬‬
‫)‪(25-24‬‬
‫الخطــاء الســادس ‪ :‬ضــياع الوقــات‪ ،‬وهــدر‬
‫الموال‪ ،‬وتقليد الكفار ‪(27-25).‬‬
‫درايـــــة ‪.‬‬
‫الطـــــرف الثـــــاني ‪ :‬أهـــــل ال ّ‬
‫)‪(38-27‬‬
‫قضية فلسطين في ميــزان أهــل الدرايــة ‪.‬‬
‫)‪(31-28‬‬
‫تعقيــب علــى كلمــة " المفكــر الســلمي "‬
‫)‪(28‬‬ ‫حاشية ‪.‬‬
‫تعقيب على كلمة " دولة إســرائيل " حاشــية ‪.‬‬
‫)‪(29‬‬
‫تعقيب على " التفريق بين العرب والمسلمين‬
‫)‪(29‬‬ ‫" حاشية ‪.‬‬
‫تعقيـــب علـــى كلمـــة " الشـــرق الوســـط "‬
‫)‪(30‬‬ ‫حاشية ‪.‬‬
‫تعقيـــب علـــى كلمـــة " الّزخـــم " حاشـــية ‪.‬‬
‫)‪(30‬‬
‫تعقيب على كلمة " الجامعة العربية " حاشية ‪.‬‬

‫‪81‬‬
‫)‪(31-30‬‬
‫تعقيب على كلمة " النتفاضــة الفلســطينية "‬
‫)‪(31‬‬ ‫حاشية ‪.‬‬
‫منهــج النــبي صــلى اللــه عليــه وســلم فــي‬
‫)‪(38-32‬‬ ‫التعامل مع الحداث ‪.‬‬
‫غـــــــــــــزوة بنـــــــــــــي قينقـــــــــــــاع ‪:‬‬
‫)‪(35-33‬‬
‫غـــــــــــــزوة بنـــــــــــــي النظيـــــــــــــر ‪:‬‬
‫)‪(35‬‬
‫غـــــــــــــزوة بنـــــــــــــي قريظـــــــــــــة ‪:‬‬
‫)‪(37-35‬‬
‫التحليلت الشــــــــــــــــــــــــــــــــــــرعية ‪.‬‬
‫)‪(38-37‬‬
‫البــــاب الثــــالث ‪ :‬الحلــــول الســــلمية ‪.‬‬
‫)‪(63-39‬‬
‫ل الســـلمي بيـــن‬ ‫الفصـــل الول ‪ :‬الحـــ ّ‬
‫)‪(41-39‬‬ ‫اليجابّيات‪ ،‬والسلبيات ‪.‬‬
‫الحلـــول الشـــرعية بيـــن الصـــحة ومبـــدأ‬
‫)‪(41-39‬‬ ‫الشورى ‪.‬‬
‫الفصــــل الثــــاني ‪ :‬قائمــــة الحلــــول ‪.‬‬
‫)‪(63-42‬‬
‫الحلــول العامــة الــتي ل تتقيــد بزمــان ول‬
‫)‪(42‬‬ ‫مكان ‪.‬‬
‫الحلــول الخاصــة الــتي يحكمهــا الزمــان‬
‫)‪(43-42‬‬ ‫والمكان ‪.‬‬
‫الحل الول ‪ :‬الجهاد ‪.‬‬
‫)‪(53-43‬‬

‫ربط موقف النبي صلى الله عليه وسلم‬

‫‪82‬‬
‫مع بني النظير بواقعنا الن مع اليهود ‪.‬‬

‫)‪(51-53‬‬
‫الحل الثاني ‪ :‬إدخال السلح لخواننا في‬
‫)‪(54-53‬‬ ‫فلسطين ‪.‬‬
‫الحل الثالث ‪ :‬تشجيع بعض الجماعات التي‬
‫لها اهتمام بقضية فلسطين ‪(54).‬‬
‫كلمة خاصة لقادة جماعة حماس وغيرهم !‬
‫)‪(54‬‬ ‫‪.‬‬
‫تعقيب على كلمة " العمليات النتحارية "‬
‫)‪(55-54‬‬ ‫حاشية ‪.‬‬
‫الحل الرابع ‪ :‬تشجيع العمليات الجهادية‬
‫)‪(54‬‬ ‫في فلسطين ‪.‬‬
‫تنبيه ‪ :‬يجوز قتل جميع اليهود الذين‬
‫)‪(55‬‬ ‫يعيشون في فلسطين ‪ .‬حاشية‬
‫الحل الخامس ‪ :‬القنوت ‪.‬‬
‫)‪(55‬‬
‫الحل السادس ‪ :‬المقاطعة القتصادية ‪.‬‬
‫)‪(61-55‬‬
‫دها ‪.‬‬‫ة حول المقاطعة‪ ،‬ور ّ‬‫شبه ٌ‬
‫)‪(59-57‬‬
‫فتوى في وجوب تحريم المنتجات اليهودية‬
‫والمريكية للشيخ الجبرين ‪(60-59).‬‬
‫الحل السابع ‪ :‬التبرعات المالية‪ ،‬وكيفية‬
‫)‪(62‬‬ ‫توظيفها ‪.‬‬
‫الحل الثامن ‪ :‬اللتفات حول العلماء‬
‫)‪(63-62‬‬ ‫الناصحين الصادقين ‪.‬‬
‫الحل التاسع ‪ :‬دعوة المسلمين إلى‬
‫المشاركة في طرح الحلول السلمية ‪(63).‬‬

‫‪83‬‬
‫الخاتمة ‪:‬‬
‫)‪(64‬‬
‫الفهارس ‪:‬‬
‫)‪(67-65‬‬

‫‪84‬‬

You might also like