Professional Documents
Culture Documents
2
عدْ تحتمــل نعم؛ إن قضية فلسطين اليوم لم ت َ ُ
ة ل والقــال ،أو كــثرةَ الســؤال ،فهــي قضــي ُ القي ـ َ
ث مجالســهم، ة ،لــذا كــانت حــدي َ المســلمين كاف ـ ً
ت قلــوبهم، كتبهــم ،وزفــرا ِ حب َْر ُ خطبهم ،و ِ ومادةَ ُ
ن شــعرهم ،وأســفاَر وآهــات صــدورهم ،وديــوا َ
نثرهم . ! ...
ل مســلم ٍ أن يشــارك بمــا لــذا وجــب علــى كــ ّ
د
م المســج َ يستطيع في قضية فلسطين التي تض ّ
القصــى مســجدَ النبيــاء والمرســلين ،ومســرى
شــفت لنــا إمــام الوليــن والخريــن؛ هــذا يــوم تك ّ
ت ب الخـــائنين ،وتســـاقطت أمامنـــا رايـــا ُ ســـح ُ ُ
ب المستشــرقين مــن القوميين ،وَتعّرى لنــا أذنــا ُ
ت العملء والعلمـــانيين ،وســـكتت عنـــدها أصـــوا ُ
الدعياء الكاذبين . ! ...
وهل ينسى أحدٌ من العالمين؛ ما فعله القــائد
ف علــى رأســه شــعار الفــدائيين؛ البائد ،الــذي ل ـ ّ
ة قْرَنـي شـيطان ! ،الـذي أقـام دولـ ً ليخفي تحته َ
ل ل أمــوا َ في الهواء ،وقاد نضال ً في الفضاء ،وأك َ َ
ر ليقــود عدوانًا ،وجاء على قــد ٍ ظلما ً و ُ المسلمين ُ
ل ل يعرفه أحدٌ من النس والجن بلده إلى مجهو ٍ
ل هــذا وهــو يمتطــي جــوادَ الــوهم ِ والخيــال، ! ،ك ّ
دهم ويمّنيهم ،وما فال ،ويع ُ س َ فه إلى َ ويشيُر بسي ِ
ً
غرورا !. ن إل ّ ُ دهم الشيطا ُ يع ُ
ذلكم الرجل الذي تاجر بقضية فلســطين بيع ـا ً
وشراءً على موائد دماء الشهداء ،وأرواح البرياء،
ومقدســات المســلمين كمــا يشــاء ،هــو وصــبياُنه
ل عرفــه ل وقتا ٍ الغاوون؛ الذين خاضوا أغرب نضا ٍ
ب والمسلمون ،والهندوس والبوذيون !؛ إنــه العر ُ
ل بل قتال ! . ل بل نضال ،ونضا ٌ قتا ٌ
3
ذلكــــم هــــو :زعيــــم منظمــــة التحريــــر
الفلسطينية ! ،وما أدراك ما هو ذلكم الذي خــرج
ة فــي عــالم ي دول ـ ً من بين الّرغام والّرفات؛ ليبن َ
الخرافات ! .
ً
وهــل ينســى أحــدٌ – أيضــا – مــا فعلــه هــذا
وه ة المسلمين يــوم غــذّ ْ الزعيم !؛ حين كفَر بنعم ِ
ل فـــي ) أزمـــة وه صـــغيرا ً ؟!وذلـــك ماثـــ ٌ ورّبـــ ْ
ب الطاغيــة خْنــدقَ فــي ســردا ِ الخليــج ( ! ،يــوم ت َ َ
ك فيهــا دام الــذي ابتلــع أرض الكــويت فأهلــ َ صــ ّ
ل!. ث والّنس َ الحر َ
ة ن أن قضــي َ ة عيــ ٍ وبعــد هــذا ل نشــك طرفــ َ
فلسطين أخذت من تفكيرنا شبابا ً وشيوخا ً وقتــا ً
ليس بالقصير ،وجهــدا ً ليــس بالقليــل ،فــي حيــن
كان أولى الناس بالحــديث والفكــر والكلم عنهــا
ب العلـــم ،والمجاهـــدون الـــذين ء ،وطل ُ العلمـــا ُ
صــنعتهم جبــال أفغانســتان ،وغابــات البوســنة،
وصـــحراء أرتيريـــا ،وســـهول كشـــمير ،وثلـــوج
الشيشان .
ن المــر -للســف -أخــذ منحــى آخــر بعــد إل ّ أ ّ
انتصاف هذا القرن ،حيث صارت قضية فلسطين
ساســة ،والتجــار ،والعملء مرتعـا ً خصــبا ً لبعــض ال ّ
المأجورين ،والعلمانيين المنهزمين ،والّرويبضات
من العلميين – يــوم لعبــوا بمشــاعر وعواطــف
ت المقدس الحزين، المسلمين ،وتقامروا على بي ِ
وخاضــــوا بأقــــدامهم النجســــة فــــي دمــــاء
المجاهدين .!...
في حين كان الواجب عليهم أن يعطوا الّرايــة
حاميها؛ ل حراميها ! ،ويعطوا القــوس باريهــا؛ ل
داعيها .
4
وهذا كّله مصداقٌ لقول النبي صلى الله عليــه
ةداعـ ٌتخ ّ وسلم ":إنها ستأتي على الناس سـنوا ٌ
ب فيهــا الصــادق، ُيصــدّقُ فيهــا الكــاذب ،وُيكــذّ ُ
ن فيهــا الميــن، و ُ وُيــؤتمن فيهــا الخــائن ،وُيخــ ّ
ة ؟، ضـ ُضة " ،قيــل ومــا الّرويب َ وْيب َوينطق فيها الّر َ
ر العامــة " أحمــد، ه يتكلم في أمــو ِ سفي ُ قال " :ال ّ
وابـــن مـــاجه) ( .وفـــي روايـــة ":الفويســـق " 1
أحمد). (2
وما أكثر السفهاء هذه اليــام الــذين يتكلمــون
م مــن حاُر المسل ُ ما ي َ َ في قضايا المة السلمية م ّ
ب !؛ ل ســيما قضــية مر ّ
كــ ِ جرأِتهــم ،وجهِلهــم ال ُ ُ
ف والعلم ِ مــن صــح ِ فلسطين ،وحســبنا بأهــل ال ّ
العلمـــانيين والحـــداثيين ...وغيرهـــم كـــثير؛ ل
كّثرهم الله .اللهم ل تأخــذنا بمــا فعـل السـفهاء
منا ! .آمين .
ح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قــال : وقد ص ّ
ة " ،قيــل ســاع َ
ة فانتظر ال ّ ت المان ُ ع ِ ضي ّ َ" ...فإذا ُ
ر
سدَ المُر إلى غيــ ِ و ّ كيف إضاعُتها ؟ ،قال " :إذا ُ
ســدت أهِله فانتظر الساعة"البخــاري) ( .نعــم ؛ و ّ
3
5
مصالحهم ،وقضاياهم ل قضايا المسلمين ! .
وفي الصحيح عن حذيفة بــن اليمــان ـ ـ رضــي
الله عنه ـ فيما رواه عن النــبي صــلى اللــه عليــه
وسلم في قبض المانة " :حــتى ُيقــال للرجــل :
فه ! ما أعقَله! ومــا فــي قلبــه ده ! ما أظر َ ما أجل َ
ة من خــردل مــن إيمــان " البخــاري). (1 مثقال حب ٍ
وهــذا واقــع المســلمين فــي هــذا العصــر؛ ُيقــال
قــه! وغيــر ذلــك خل َللرجل :ما أعقَله! ما أحســن ُ
من الصــفات الحســنة ،وهــو مــن أفســق النــاس،
وقد يكون عدوا ً للمســلمين؛ فحســبنا اللــه ونعــم
الوكيل.
ب شــيئا ً عــن ت أن أكت ـ َ لجــل هــذا وذاك أحبب ـ ُ
ة ،ونصــحا ً قضية فلسطين هذه اليام إبــراءً للذم ـ ِ
لعموم المة ،ولسان حالي يقـول " :اللهــم إنـي
مــا صــنع ُ
ما فعل هؤلء ،وأبرأ إليك م ّ أعتذر إليك م ّ
ت الختصــار هنــا ُ
جحــ ُألئك " ! ،فــي حيــن أنــي ر ّ
قصدًا؛ كي نصــل إلــى المقصــود الشــرعي بــأبلغ
عبارة ،وأوضح إشارة .
ت رسالتي هــذه علــى ثلثــة وبعد هذا فقد أدر ُ
ب فصلن : أبواب ،وتحت ك ّ
ل با ٍ
ن المسلمة . الباب الول :فلسطي ُ
ف بفلسطين . الفصل الول :تعري ٌ
الفصــل الثــاني :تأريــخ الحتلل اليهــودي
لفلسطين .
البــاب الثــاني :فلســطين بيــن الســتنكار،
والخبار .
الفصل الول :أهل الستنكار .
الفصل الثاني :أهل الخبار .
6
الباب الثالث :الحلول السلمية .
ل الســـلمي بيـــنالفصـــل الول :الحـــ ّ
اليجابّيات ،والسلبيات .
الفصل الثاني :قائمة الحلول .
والحمد لله رب العالمين ،والصلة والسلم على
عبده ورسوله المين .
ن
فوا َص ْ
ه /أبو َ و َ
كتب ُ َ
دي
م ِ
غا ِ
ن ال َ
حمدا َ د آل َ
ن سع ٍ بب ُ
ِذيا ُ
الطائف .ص ب ) ( 1979
الباب الول
" فلسطين المسلمة "
ف بفلسطين . الفصل الول :تعري ٌ
ةث عــن فلســطين تأريخ ـًا ،وجغرافي ـ ً ن الحدي َ إ ّ
وحدودًا ،ومناخ ـًا ،وســكانا ً ...الــخ ،ل يحتــاج إلــى
ب كبير عناء؛ حيث كفانـا فيـه المؤرخـون ،والكتـا ُ
الســلميون ،ول أبــالغ حيــن أقــول :إن الحــديث
عن فلسطين ،ومسجدها القصى ،وقضــيتها مــع
النتداب البريطــاني والحتلل اليهــودي قــد أخــذ
حجما ً كبيرًا؛ حــتى لــو أن أحــدا ً أراد أن يجمــع مــا
ب عـن فلســطين لخـرج بعشـرات المجلــدات؛ ُ
كتـ َ
ما ينتهي ،وهذا منهم ل عبثا ً أو فضــول ً وهو بعدُ ل ّ
7
ة فلســطين لــم ن قضي َ – وحاشاهم من ذلك –؛ لك ّ
تكن عنــدهم كغيرهــا مــن بلد المســلمين ،فهــي
ُأولى القبلتين ،ومسرى إمام النبياء والمرسلين
ل ط أنظــارهم ،ومحــ ّ ...؛ لجــل هــذا كــانت محــ ّ
ن عــبراتهم، أفكــارهم ،ومــادةَ تــأليفهم ،ومــوط َ
ل آهاتهم ...ومنه كانت جــديرةً بــذلك وفــوق ولي َ
ذلك ،ول شك .
لذا رأيت مــن المناســب أن أقتصــر علــى ذكــر
ث ن الحــدي َ ط ،كما أ ّ المهم من تعريف فلسطين ق ّ
ع رسالتي فتأمل . عنها ليس موضو َ
فلسطين :
د عربي فتحه المسلمون في عهد عمــر ل بل ٍأو ُ
بن الخطــاب ــ رضــي اللــه عنـه ــ ســنة )15هـــ(،
ث ولدَ وُبعــ َونشروا فيه السلم .وفي فلسطين ُ
كثيٌر مــن الّرســل عليهــم الســلم – ،الــذين جــاء
ذكرهم في القرآن الكريم ،فهي ُأولــى القبلــتين
ومسرى خاتم النــبيين؛ فمنــذ أربعــة عشــر قرن ـا ً
ةظلــت فلســطين بلــدا ً إســلميا ً عربيـا ً لهــا مكانـ ٌ
ق الرض ب المسلمين فــي مشــار ِ ة في قلو ِ خاص ٌ
ومغاربها .
يقول شيخ السلم ابن تيمية -رحمه اللــه : -
ل الكتاب والســنة ومــا ُروي عــن النبيــاء " وقد د ّ
علم بــالحس دمين – عليهم السلم – مع ما ُ المتق ّ
ن الخلــق والمــر والعقــل وكشــوف العــارفين ،أ ّ
م الخلق ،وفيهــا ابتداءً من مكة أم القرى ،فهي أ ّ
ابتــدأت الرســالة المحمديــة الــتي طبــق نورهــا
الرض ،وهــي جعلهــا اللــه قيامــا ً للنــاس ،إليهــا
يصلون ويحجــون ،ويقــوم بهـا مـا شــاء اللـه مــن
مصالح دينهم ودنياهم ،فكان السلم في الزمان
8
الول ظهــوره بالحجــاز أعظــم ،ودّلــت الــدلئل
المـــذكورة علـــى أن " ملـــك النبـــوة " بالشـــام،
والحشر إليها ،فإلى بيت المقدس وما حوله يعود
الخلق والمر ،وهناك ُيحشر الخلق ،والسلم في
آخر الزمان يكــون أظهــر بالشــام ،وكمــا أن مكــة
أفضل من بيت المقــدس ،فــأول المــة خيــر مــن
آخرها ،كما أنه في آخر الزمــان يعــود المــر إلــى
الشام كما أسرى النبي صــلى اللــه عليــه وســلم
من المسجد الحرام إلى المسجد القصى "). (1
وقال ابن كثير -رحمه الله – في تفســير آيــة
السراء ) ...إلى المسـجد القصـى الـذي باركنـا
دن حوله ( " :هو بيت المقدس الذي بإيليــاء ،معــ ِ
النبيــاء مــن إبراهيــم الخليــل – عليــه الســلم –
جمعــوا لــه هنــاك صــلى اللــه عليــه وســلم ولهذا ُ
ل علــى مهم في محّلتهــم ودارهــم ،فــد ّ كّلهم ،فأ ّ
أّنه صلى اللــه عليــه وســلم هــو المــام المعظّــم
دم "). (2
والرئيس المق ّ
ما القدس) : (3فهي عاصمة فلسطين ،وفيهــا أ ّ
ُ ُ
المسـجد القصـى أولـى القبلـتين؛ حيـث أسـري
بالرســول صــلى اللــه عليــه وســلم مــن المســجد
عــرج بــه إلــى الحــرام إلــى المســجد القصــى ،و ُ
السماء .
استولى عليه اليهود في عــام ) 1387هـــ () (،
4
9
ضمن اعتداءاتهم الغاشمة على البلد الســلمية،
وستعود بإذن الله تعالى ،ول شك .
الفصــل الثــاني :تأريــخ الحتلل اليهــودي
لفلسطين .
عدْ الحتلل اليهودي يخفي على ذي عين، لم ي َ ُ
ابتــداءً بــالتهجير اليهــودي ،وانتهــاءً بــالحتلل
ر، ث عن ذلك باختصا ٍ الغاشم ! ،إل ّ أّننا آثرنا الحدي َ
ة ،وربطــا ً ة إتماما ً للفائد ِ ة موجز ٍ ة تأريخي ٍ ر نبذ ٍ وذك ِ
ن الرسالة . لمضمو ِ
ن لليهود :مع نهايات * التمهيد لنشاء موط ٍ
القـــرن الثـــالث عشـــر هجـــري ،بـــدأت الحركـــة
هَيونية في أوروبة تــدعو إلــى ضــرورة إيجــاد ص ْال ّ
مجتمــع يهــودي يحكــم نفســه ،واختــارت الحركــة
الصهيونية أن يكون ذلك المكان هو فلســطين !،
ل المشــكلة اليهوديــة عــن طريــق دفــع ونادت بح ّ
يهود أوروبة الشرقية للهجرة إلى فلسطين .
وفي الوقت الذي أخذ فيه عددُ يهود فلسطين
يتنــاقص خلل فــترة الحــرب العالميــة الولــى )
م المشــروع 1336-1332هـ (َ ،تبّنت بريطانية دع ـ َ
د
م َهَيوني مقابل تمويل اليهود لهــا حــتى َتص ـ ُ ص ْال ّ
فـــي الحـــرب .وقـــد أصـــدر وزيـــر الخارجيـــة
البريطاني " بلفور " وعده في عام ) 1335هـــ (
ي لليهــود فــي فلســطين . ن قــوم ّ بتحقيــق وط ـ ٍ
س الحلفاء في عام ) 1338هـ ( على ووافق مجل ُ
وضـــع فلســـطين تحـــت النتـــداب البريطـــاني،
ة المم بذلك وصــدقت علــى وعــد عصب ُ واعترفت ُ
كن ذلك بريطانية من اســتغلل ) بلفور ( .وقد م ّ
دها بتهويــد فلســطين، سيادة وجودها لتنفيذ وع ـ َ
جل
ة فلسججطين ،وكججذا قربهججا من ّججا لججم ُتسج ّ
ن قضججي َ
الممقوتة ! .هذا إذا علمنججا أ ّ
ّ
وقائُعها ،وحوادُثها عند كثير من المسلمين إل بالتأريخ الميلدي – للسف .!-
10
فعّينــت فــي منصــب المنــدوب البريطــاني فــي
فلســطين أحــد القــادة اليهــود وهــو " هربــرت
صموئيل" وقد اضطلع "صموئيل" بمهمــة إعطــاء
الصيغة الرسمية للوكالة اليهودية ،وأشركها فــي
صياغة القوانين واللوائح والنظمة الولــى الــتي
كنت اليهود من تملك سرت الهجرة اليهودية ،وم ّ ي ّ
الراضي ،ومنحتهم امتيــازات اقتصــادية جعلتهــم
يســــيطرون بالتدريــــج علــــى اقتصــــاد البلد،
وُيعّرضون اقتصاد العرب للخطــر حــتى يزعزعــوا
كــنتمسكهم بالرض تمهيدا ً للستيلء عليها .وم ّ
المنــدوب البريطــاني – أيضـا ً – الوكالــة اليهوديــة
من الشتراك فــي إدارة البلد ،والقيــام بتنظيــم
اليهــــود ،وتســــليحهم ،وتــــدريبهم ،وتشــــكيل
العصابات .
وفــي عــام ) 1366هـــ ( ،رفعــت بريطانيــة
المشكلة التي صنعتها بيدها إلى المــم المتحــدة،
وذلك على أساس أن حكومة النتداب عجزت عن
ل مشكلة الشعبين )الول الذي انتدبتها عصــبة ح ّ
المـــم لحكمـــه ،والثـــاني الـــذي أوجـــدته بعـــد
انتدابها ( ،وأعلنــت بريطانيـة أنهـا ســتتخّلى عـن
انتدابها لفلسطين في غضون ستة أشهر .
ن يهود :* إنشاءُ موط ِ
صدر قرار الجمعيــة العموميــة للمــم المتحــدة
في ) 1366هـ ( بتقسيم فلســطين إلــى دولــتين
) عربيــة ويهوديــة ( ووضــع بيــت المقــدس ومــا
حولها تحت الدارة الدولية .
جــر الضــطرابات بيــن دى ذلــك إلــى تف ّوقــد أ ّ
عــّزل مــن الســلح ،وغيــر المــواطنين العــرب ال ُ
المــدّربين عســكريا ً مــن ناحيــة ،وبيــن العصــابات
11
هَيونية المدربــة ،والمســلحة وذات المــوارد، صــ ْال ّ
ُ
دعم الــداخلي والخــارجي مــن ناحيــة أخــرى . وال ّ
وانتهــت الحــرب غيــر المتكــافئة بقتــل أو تهجيــر
صــهَيونية علــى العــرب ،واســتيلء العصــابات ال ّ
الراضي العربية .
وفــي ) 7/7/1367هـــ ( انســحبت بريطانيــة
مهــمحك َ رســميا ً مــن فلســطين ،وأعلــن اليهــودُ ُ
للبلد التي استولوا عليها بالقوة .وقد ســاعدهم
البريطـــانيون فـــي الســـتيلء علـــى الـــدوائر
الحكوميــة ،ومعســكرات الجيــش ،ومســتودعات
الســلحة بمــا فــي ذلــك الطــائرات ،والــدبابات،
وخطوط السكك الحديديــة بقطاراتهــا ومعــداتها،
وكــذلك المطــار الــدولي ،والمينــاء الرئيســي .
دول العــالم تباعــا ً اعترافهــا بالســلطة وأعلنــت ُ
الوليدة فور إعلنهــا بــدقائق ،وقــد كــانت الــدول
الكبرى في مقدمة الدول المعترفة ! .
وفــي الجــانب الخــر أعلــن الفلســطينيون
وموااســتنكاَرهم لقــرار التقســيم الجــائر ،وقــا َ
ل طاقتهم ،واســتطاعوا أن العصابات اليهودية بك ّ
ققــوا انتصــارات عديــدة فــي إيقــاف زحــف ُيح ّ
ن قــوات ججــة بالســلح؛ غيــر أ ّ العصــابات المد ّ
الجامعة العربية الــتي هب ّــت لمســاعدتهم بعــد )7
رجــب ( اشــترطت تجريــدَ المناضــلين العــرب !،
تكن القــوا ُ ة الجبهات حتى تتم ّ ف ِوإبعادهم عن كا ّ
ض المعارك ! .
ة من خو ِ النظامي ُ
هزمت علــى جميــع ن هذه القوات النظامية ُ لك ّ
الجبهات ،وتراجعت عن الراضــي الــتي اســتطاع
ل الــتي المناضلون الدفاع عنها ،واضــطّرت الــدو ُ
مّثلتها هذه القوات إلى عقد معاهدات هدنــة مــع
12
اليهود عرفت بمعاهدات وقف إطلق النار لعام )
1368هـ ( .
كمــا ســيطر اليهــود نتيجــة أحــداث ) -1367
1368هــــ ( علـــى ) 3,175كـــم ،( 2مـــن أملك
اللجئين العــرب ،ولكــي ُتضــفي الدولــة الجديــدة
المزيفة على هذا الستيلء ،ســّنت قــانون أملك
الغــائبين ،وقــانون نقــل المــوال إلــى ســلطة
التعمير والنشاء لعام )1369هـ ( .
وفي عــام ) 1387هـ ـ ( ،اســتولت يهــود علــى
س القـــوانين بـــاقي فلســـطين ،وطّبقـــت نفـــ َ
ة
ضــف ِوالجــراءات ،والســاليب علــى أراضــي ال ّ
غّزة؛ بل ابتـدعت قـوانين أخـرى الغربية ،وقطاع َ
كنها مــن ســرعة تجريــد العــرب مــن أراضــيهم ُتم ّ
تحت مسمى "الساليب المنية ".
ووضــعت الســلطات اليهوديــة يــدها علــى )
(%33من مساحة الضـفة والقطـاع حـتى عـام )
1409هـ ( ،وأغلقــت نحــو ) (%17مــن المســاحة
لسباب أمنية ! .
هَيونية سياســة بنــاء صـ ْ
وقد اعتمدت الحركة ال ّ
م الســتيلء المستوطنات في الراضــي الــتي يت َـ ّ
عليها ليجاد مأوى ،وعمل للمهاجرين اليهود ! .
ت َن ِْبيه :
وحــتى يتمك ّــن اليهــود مــن تنفيــذ مخططــات
تهويد فلسطين ،حافظوا علــى حالــة العــداء مــع
غضـــبة الـــدول العربيـــة المحيطـــة ،مســـتغلين َ
المســلمين فــي فلســطين ،وقيــام أفــراد منهــم
دلء بعضــــهم ببعــــض أعمــــال المقاومــــة ،أو إ ْ
م عــن الحبــاط واليــأس ،أو دعــوة بتصريحات ت َن ُـ ّ
بعضهم لتشكيل المنظمات الفدائية ،ثــم تشــكيل
13
ة لتنفيــذ سياســة العتــداء منظمة التحرير ،ذريع ـ ً
على الراضي العربية في جميع جبهــات خطــوط
ل عشــر ن حــروب شــاملة دوريــة ك ـ ّ ش ّ الهدنة ،أو َ
سنوات تقريبـًا؛ إذْ حــدثت الحــروب فــي أعــوام )
1376ـــــ 1378هـــــ،1375 ،ــــ ،1387ــــ ،1393
1402هـ ( ،وقد كــان اليهــود يحققــون أهــدافهم
ل مــن هــذه الحــروب ،وفــي ك ـ ّ
ل التوسعية في ك ّ
حرب كان اليهود يؤكدون على تشّبثهم بالراضي
المحتلــة فــي الحــروب الســابقة ،وذلــك بســبب
توقــف العــرب عــن المطالبــة بتلــك الراضــي،
والتفرغ للمطالبة بالراضي المحتلة في الحروب
ن الدولــة اليهوديــة الــتي اللحقة .ومن هنــا ،فــإ ّ
نشأت بقرار من المم المتحدة ،هي الوحيدة في
ص مــنالعــالم الــتي دأبــت وبإصــرار علــى الّتمل ـ ِ
قــرارات مجلــس المــن ،والمنظمــات الدوليــة،
مستندةً في ذلك على التأييد ،والــدعم مــن قبــل
الوليـــات المتحـــدة ،وســـائر الـــدول الغربيـــة
لمشاريعها العدوانية ! .
ومنذ أن قاد حــزب العمــال ) مابــاي ( حكومــة
اليهود من تأريخ تأسيسها حتى عام )1397هـــ (،
وهــو يســعى حثيث ـا ً فــي إقامــة دولــة يهــود فــي
ل أنواع الطرق الوحشية ،والعدوانية، المنطقة بك ّ
وهكذا ،حتى أسفرت النتخابات البرلمانيــة الــتي
حــولت القيــادة اليهوديــة إلــى تجمــع ) الّليكــود (
ل فــي ج ٌســ ّ
م َ
بزعامــة " بيجيــن " ،وهــو إرهــابي ُ
قائمة الرهابيين المطلــوبين لحكومــة النتــداب،
وكــان يــترأس إحــدى العصــابات الرهابيــة فــي
فلسطين قبل قرار التقسيم .وفي عهده أجرى
الرئيس المصري :محمد أنور الســادات مباحثــات
14
معــه بحضــور الرئيــس المريكــي " كــارتر " فــي
) كــامب ديفيــد ( ،وذلــك فــي أعقــاب الزيــارة
المفاجئة التي قام بها السادات لــبيت المقــدس،
لبحــث قضــيتي :المســألة الفلســطينية ،والجلء
عن سيناء .وقد أسفرت المباحثات التي ُأجريــت
ل المســألةفـي ) 1399هـــ( عــن فشــلها فــي حـ ّ
الولــى ،وعــن عقــد معاهــدة ســلم دائم بيــن
الطرفيــن المصــري واليهــودي فــي ظــل وجــود
قوات دولية ! .
وجــدت علــى لــم تتوقــف دولــة الحتلل ،منــذ ُ
الراضي الفلسطينية عن مهاجمــة حــدود الــدول
العربية المحيطة بها ،وذلك بحجة إبعاد الفدائيين
الفلسطينيين .وفي ) شعبان 1402هـ ( اجتاحت
قواُتهــا الجنــوب اللبنــاني بحجــة النتقــام مــن
المقاومة الفلسطينية ،والرد على هجماتها علــى
شمالي فلسطين المحتلة .ولــم تتوقــف اليهــود
عن ضرب لبنان إل ّ بعد تجريد الفلســطينيين مــن
ل لبنــان .ومــع ذلــك أسلحتهم ،وطردهــم مــن كـ ّ
سحب اليهود قواَتهم مــن أواســط لبنــان فقــط،
واحتفظــوا بشــريط أمنــي علــى طــول الحــدود
الجنوبية والشرقية للبنان؛ إل ّ أنهم انسحبوا منــه
أخيرا ً تحــت ضــربات المقــاومين الّلبنــانيين ،فــي
شْبعا ! .حين بقت في حوزتهم مزارع ُ
وفي ) محرم 1404هـ ( ،تخل ّــى "بيجيــن" عــن
رئاسة الوزراء لـ "إســحاق شــامير" الــذي تــرأس
بعده كتلة ) الّليكود ( ! .
ي آخــر كــان ن "شامير" إرهاب ٌ ومن المعروف أ ّ
ل الحكومــة البريطانيــة لقيــامه مطلوب ـا ً مــن ِ
قب َ ـ ِ
بأعمـــال إرهابيـــة ،وقـــد كـــان زعيمـــا ً لحـــدى
15
المنظمـــات الرهابيـــة ،وفـــي الفـــترة ) 5ــــ
ة ) الّليكــود ( ل وكتل ـ ُ ب العم ـ ِ 1409هـ ( شارك حز ُ
ي مــن فــي الحكــم معـا ً بســبب عــدم اســتطاعة أ ّ
كتلتين السـيطرة علـى أغلبيـة أصـوات مجلـس ال ُ
النواب ،وبقصــد التعــاون للتغلــب علــى التضــخم
الذي ارتفع بنسبة ) ( %400عام ) 1405هـ ( .
وحينما وصل المسلمون فــي فلســطين تحــت
ة من الحباط واليأس من ة بالغ ً هذا الحتلل درج ً
جـــّراء الرهـــاب الفـــردي والـــدولي المنظـــم،
والمدعوم مــن الــدول الكــبرى المســيطرة علــى
المم المتحدة ومجلس المن طوال نصف قــرن،
ومـــن جـــّراء الضـــطهاد والتـــآمر مـــن الـــداخل
والخارج؛ اندلعت انتفاضــة جهاديــة عارمــة بــدأت
ب فـــي )16/4/1408هــــ ( حيـــث جـــابه الشـــبا ُ
جــج بأحــدث و اليهــودي المد ّ والطفال فيهــا العــد ّ
ح إل ّ إيمــانهم ي ســل ٍ السلحة وهم مجّردين من أ ّ
بالله؛ غير عابئين بالنتائج الــتي يمكــن أن ُتســفَر
ل، ة ،وهــي القتــ ُ ة الحتميــ ُ عنهــا هــذه المجابهــ ُ
ب، ت ،والتعــذي ُ ت ،والعتقــال ُ ل ،والصــابا ُ والتمثي ـ ُ
ق ،والطــردُ مــن ع الرزا ِ ت ،وقطــ ُ م الــبيو ِوهــد ُ
البلد ...ومــن هنــا أطلــق علــى عناصــر هــذه ُ
النتفاضة الجهادية مصطلح :أطفال الحجارة !.
م؛ إ ْ
ذ ً وبينمــا الحــداث تت ّ
كشــف يومــا بعــد يــو ٍ
ة بيــن ت ســري ّ ٍ ب عــن إجــراء مفاوضــا ٍ كشف الّنقا ُ
ة التحريـــر د يهـــودي ،وآخـــر مـــن منظمـــ ِ وفـــ ٍ
ة الّنرويجي ّــة ،وقــد الفلسطينية بوســاطة الحكومـ ِ
فأســفرت هــذه المفاوضــات عــن إعلن اعــترا ٍ
ل بين المنظمة والدولة اليهودية في يومي متباد ٍ
ةم التوقيع على اتفاقيـ ِ ) 24/3/1414-23هـ ( ،وت َ ّ
16
ة ،وأريحــا ع غ ـّز َ قطــا ِ ذاتي المحدود على ِ حكم ال ّ ال ُ
ر ُ
ل كــبي ٍ بوصفها خطوة أولــى ،وذلــك فــي احتفــا ٍ
في حديقة البيت البيض – بيت العنكبوت السود
– بواشـــنطن بتأريـــخ ) 27/3/1414هــــ ( وذلـــك
ل من الوليات المتحــدة ةك ّ زيَري خارجي ِ و ِ بحضور َ
المريكيــة وروســية التحاديــة ،وفــي الرابــع مــن
س قع الرئي ـ ُ و ّ)ذي القعدة 1414هـ ( في القاهرة َ
الفلســطيني :ياســر عرفــات ،وإســحاق رابيــن
رئيــس وزراء الحكومــة اليهوديــة اتفاقيــة قيــام
ذاتي فــي غــزة وأريحــا ،وفــي ) محــرم حكم ال ـ ّ ال ُ
1415هـ ( وصــل ياسـُر عرفــات إلــى غـّزةَ ل ِي ُــديَر
ة الحكم الذاتي الفلسطيني).!! (1 سلط َ
وهكــذا أدار القــائد البــائد عرفــات ســلطته
ة ! ،وبينما هو يزهو ة وسفاه ٍ ل حماق ٍ الوهمية؛ بك ّ
على حماره ،ويلوح بيــديه لصــبياِنه ! ،إذ بأســياده
يدورون على سلطِته بالقذائف المروحية التي ل
ُتبقي ،ول َتذر ! ،وذلك فــي ) رجــب – 1421هـ ـ (
من هذه السنة .
ن الحـــديث جريـــا ً وراء قضـــية فلســـطين إ ّ
سيطول بنا ،كما سيخرجنا عــن مقصــد رســالتنا،
ة – إن شاء الله – . غني ٌ ففيما ذكرناه ُ
ب الّثاِنيالَبا ُ
ر" خَبا ِ ر ،وال ْ سِتنكا ِن ال ْ ن َبي َسطي ُ فل ِ ْ" ِ
ر. ر ،وأه ُ ل :أه ُ و ُ َ الفص ُ
ل الخبا ِ ل الستنكا ِ ل ال ّ
إن المتــابع لقضــية فلســطين منــذ أن تربعــت
ي الضــوءَ يهــودُ علــى أراضــيها؛ يســتطيع أن يلقـ َ
1ججج انظججر بعججض تفاصججيل هججذه المججؤامرات التأريخيججة ضججد القججدس ابتججداءً
بالستعمار البريطاني ،وانتهاًء بقيام دولة يهود المحتلة حتى الن " الموسوعة
العربية العالميججة " ) ،( 440-17/436وغيرهججا مججن الكتججب الججتي اعتنججت بهججذا
الشأن .
17
ه دونمــا تــردٍد أو و ِ
ة ،وُيصدَر الحكام في ت َـ ّ مباشر ً
ت؛ ت ،أو تخمينــا ٌ كمــا ٌ تراجــع ،وهــذا منــه ليــس تح ّ
ة فــي ة فلســطين واضــح ٌ ل هذا لن قضــي َ كل ّ ! ،ك ّ
ةل ذي عينين ،وأخباَرهــا مســموع ٌ رابعة النهار لك ّ
د مــن لكــ ّ ُ
ذ ل تــثريب علــى أحــ ٍ ل أذنيــن ،فحينئ ٍ
مــه، ح عــن كل ِ ئ رأي َــه ،ويفص ـ َ المســلمين أن يبــد َ
ن درةً منشودة ،وحلول ً ث خواطَِره عساها تكو ُ وي َب ُ ّ
ُرَبمــا كــانت مفقــودة ! ،واللــه يهــدي إلــى ســواء
السبيل .
ت :أنني سأتجاسر فــي رســالتي عذرًا؛ إذا قل ُ
هـــذه بعـــض الشـــيء؛ فــي إلقـــاء بعـــض أرائي
جرأةً على الباطل – وأعــوذ بـالله ُ
وأطروحاتي ،ل ُ
ة
ة ،وآراءٌ مقيــد ٌ من ذلك – ولكنهــا مشــاعُر حبيس ـ ٌ
ت الصعداء لبدائها ،فهيهات ! . فس ُطالما تن ّ
شــرت يهــودُ عــن أنيابهــا، مــا اليــوم؛ يــوم ك ّ أ ّ
د مــن حديــد، مرت عــن ســاعدها لتضــرب بي ـ ٍ وش ـ ّ
ل ن لك ـ ّ مـ ٌ ف َ
ق ِ وتقتــل المســلمين فــي فلســطينَ ،
ب بــه ةُ ،نرهـ ُ و ٍ مسلم ٍ أن يشارك ما استطاع من ق ّ
و المســلمين ،فــي حيــن ســكتت و اللــه وعــد ّ عــد ّ
الصــوات ،وانكشــفت الرايــات الزائفــة ،وتراجــع
ل ق أن يسعني هذا الحــا ُ الكاّرون ! ،فكان من الح ّ
فـي إبـداء رأي ،ونـثر خـواطري ،واللـه مـن وراء
القصد .
أقــول :إن قضــية فلســطين – للســف – قــد
ذهبـــت طفولُتهـــا ،وزهـــرةُ شـــبابها بيـــن أهـــل
ط، ط وتفري ـ ٍ الستنكار والخبار ،فكانت بين إفــرا ٍ
يوم نشــأ فينــا الصــغيُر ،وهــرم من ّــا الكــبيُر علــى
ل صــوت الســتنكاريين ،وحــديث الخبــاريين ،وك ـ ّ
غّيبــت قضــية فلســطين عــن الحقيقــة هــذا يــوم ُ
18
الشرعية ،والطرق النبوية ،والسبل الثريــة ،ومــا
ة خطوطــا ً حمــراءَ لــم يســتطيعوا مــ َ
نث ّذاك إل ّ أ ّ
تجاوزها ،أو حتى الحديث عنها -إل ّ ما رحم ربــك
.-
ة هذه التوســعات ة فلسطين رهين َ فكانت قضي ُ
تعل َ ـ ْالخبارية ،والجتهــادات الســتنكارية الــتي َ
ل الشرعي المنشود ،مــع ب الح ّت على حسا ِ غ ْ وط َ َ
ة مــا كــان لهــا أن ر ســيئ ٍ ما تركته -أيضا ً -من آثا ٍ
تعمل في جسد المة السلمية هذا الثر إل ّ يــوم
غلبتنا العادات ،وضغوط الواقع ،واجتهادات بعض
أهل العلم الذين قتلتهــم النهزاميــة ،واكتنفهــم
دموا الواقــع المشــحون دسوا وق ـ ّ الهوان؛ حتى ق ّ
ددات علـــى حســـاب الشـــرع بـــالتغيرات والتجـــ ّ
الرباني! ،بطريق أو آخر .
فكانت قضية فلســطين كغيرهــا مــن القضــايا
م ،وأجهــدت كــ ّ
ل ل مسل ٍ السلمية التي أشغلت ك ّ
ل ،وروحــًا ،وصــوتًا، مــؤمن فكــرًا ،وجهــدًا ،ومــا ً
ء ،ودموع ـا ً ...كيــف ل ! ،وقــد قــال النــبي ودعــا ً
ل المــؤمنين فــي مث َـ ُ
صلى اللــه عليــه وســلم َ " :
د إذا ل الجســ ِفهم كمث َ ِ دهم ،وتعاط ِ مهم ،وتوا ّ ح ِ ترا ُ
مى ح ّد بال ُ
و منه ،تداعى له سائُر الجس ِ اشتكى عض ٌ
ر " متفق عليه) ( ،وقوله صــلى اللــه عليــه 1
سه ِ وال ّ
ضــهن يشـدّ بع ُ ن كالُبنيــا ِ ن للمــؤم ِ وسلم " :المؤم ُ
عه ،متفق عليه) . (2فهذا م شّبك بين أصاب ِ ِ بعضًا" ث ّ
ة السلمية ،وتسعدُ بــه، ظ به الم ُ كّله رصيدٌ تحتف ُ
وُتحمدُ عليه .
19
ن هذا ل يكفي إذا لم يكــن لهــذه العواطــف لك ّ
ل قضــايا س لح ـ ّ ل ملمــو ٌ رصيدٌ في الواقــع ،وعم ـ ٌ
ن هــذه العواطــف الجّياشــة إذا أمتهم المسلمة ،إ ّ
ت الزمــان ر الحــداث ،وتغي ّــرا ِ تركــت هكــذا لمصــي ِ
ب بها الرياح كما تشاء ،ما بين تصــعيد العلم تلع ُ
ة ،وإخفــاق الحكــام لهــا تــارةً أخــرى ،أو لهــا تــار ً
كهــا لهــل المصــالح الشخصــية ،أو الرايــات ت َْر ِ
المزعومة يقــامرون بهــا كمــا يشــاءون؛ إن ّــه مــن
الخطأ بمكان ! ،فكان من الواجب علــى العلمــاء،
والـــدعاة إلـــى اللـــه تعـــالى أن يســـتغلوا هـــذه
ث المسلمون إليهــم أشــجانهم، المواقف التي يب ّ
ويبعثون نحوهم عواطفهم ليستفيدوا منها ،فــي
ة ،ونصـــاِبها و ِ
جـــ ّتوجيههـــا إلـــى أهـــدافها المر ُ
الشرعي .
لكن من المؤسف أن قضية فلسطين وغيرهــا
من القضايا السلمية قـد أخـذت منحـى غيـر مـا
ُيراد لهــا؛ حيــث اكتنفتهــا طائفتــان متناقضــتان،
وهما ) :أهــل الســتنكار ،وأهــل الخبــار ( وك ـ ٌ
ل
منهما على قسمين كما يلي :
1ـ أهل الستنكار ،وهؤلء على قسمين .
ساسة . ـ أهل ال ّ
ـ أهل الّتعاسة .
2ـ أهل الخبار ،وهؤلء على قسمين .
ـ أهل الّرواية .
دراية . ـ أهل ال ّ
ّ
علـم هـذا؛ فسـوف نتكلـم عـن الطائفـة فـإذا ُ
مْيها ،كما يلي : س َ
ق ْ الولى ب ِ
لة مــن أه ـ ِ ساس ـ ِ ب ال ّالقســم الول :أْربــا ُ
ر. الستنكا ِ
20
ة مــن حكــام ِ المســلمين اليــوم ساس ِ ن أكثَر ال ّ إ ّ
ف الهزيلــة، ت الضعيفة ،والمواق ـ ِ ل الصوا ِ هم أه ُ
يــوم تجــدُ الواحــدَ منهــم إذا ســمع عــبر قنــواته
ة فه المحليـــة عـــن مذبحـــ ٍ ح ِ
صـــ ُ
الفضـــائية ،أو ُ
صهيونية ،أو مجزرة صربية ،أو إبادة روسية؛ قام
ورفع عقيرَته ،وقال قولَته الجريئة التي ل يخاف
ب هــذا فيها لومة لئم !! " : ،إّننا نستنكُر ،ونشــج ُ
ن شــيئا ً م بعد هذا كــأ ّ هَيوني ،"!!...ث ّ ص ْ
العدوان ال ّ
ن هنالك أصواتا ً كأ ّن !؛ في حين أّننا ل نش ُ لم ي َك ُ ْ
ة عند بعضهم . ت صادق ً ف ونّيا ٍومواق َ
فـظ بهــا ُ ت الــتي يتل ّ م الســتنكارا ِ فكــان معظـ ُ
هــؤلء مــا هــي إل ّ مكاســب سياســية ،ومواقــف
س منهــم مــن إعلمية ،ومغــازلت شــعبية ،فــالكي ّ ُ
ه ح ُ
ف حســب مــا ُتمليــه عليــه مصــال ُ يكسب الموق َ
دولية . ! ... ال ّ
21
مشــاهدة لقــاءاتهم ،وأن يحبســوا أقلمهــم مــن
ة قــد خلــت لهــا مــا كتابة تصــريحاتهم " ،تلــك أم ـ ٌ
مــا كــانوا كسبت ولكم مــا كســبتم ول ُتســألون ع ّ
يعملون " البقرة .134
مــه
ل مســلم ٍ َيه ّ ن من الواجب على كـ ّ أقول :إ ّ
ل بما فيه فائدة تعودُ على أمته مته أن يشتغ َ َ
مر أ ّ أ ْ
ه عــن متابعــة أخبــار هـ ُ
السلمية ،وأن يصرف وج َ
ة
ن فــي هــذا مضــيع ً ولقــاءات أهــل الســتنكار ،ل ّ
م عنــد ت وأيــا ٌلوقت المسلم ،فكــم ضــاعت أوقــا ٌ
ضوا هؤلء بعـ َ عط َ ْء المسلمين حين أ َ ْ ر من أبنا ِ كثي ٍ
أوقاِتهم ؟! .
ر !!،ة علــى هــذا كــثيرةٌ تفــوقُ الحص ـ ِ والمثل ـ ُ
ل ملتحــدًا؛ إنــه فالتأريخ ل يرحــم أحــدًا ،ول يجام ـ ُ
ق وأهــل التأريــخ ســيبقى مــا بقــي أهــل الحــ ّ
الباطل !.
فإذا تأملنا ما ذكرناه آنفًا؛ كان من الولى لنــا
فحا ً عن الحديث مع تتبع أخبــار أهــل ص ْ ض َ ر َع ِأن ن َ ْ
ة قــد الســتنكار ،لنهــم يعيشــون ظروف ـا ً عصــيب ٍ
ارتضوها ،وحياةً نكدةً قد فرضوها !! ،فكــان مــن
المستحسن أن نتركهم فيما هم فيه !.
ل
ة مــن أهـ ِب الّتعاسـ ِم الث ّــاِني :أْربــا ُ
قس ُال ِ
ر.
الستنكا ِ
ما أهل التعاسة فهم كثير ل كّثرهم الله ،يوم أ ّ
استباحوا الصحف السلمية ،وتسـّنموا المناصــب
ب من هؤلء القوم؛ الذين علّية ،فإن تعجب فعج ٌ ال َ
ة ،أو هــدفًا ،أو غاي ـ ً
ة ،!...فل وجه ـ ً لم نعرف لهم ُ
مســخت ُ
ن أكــثَر هــؤلء قــد ُ أبــالغ حيــن أقــول :إ ّ
22
عقــــوُلهم ،وانتكســــت فطُرهــــم ،وانطمســــت
ّ
ق منهــم ســوى اللحـم ِ والعظـم ِ دهم ،فلم يب َ عقائ ُ
سوا أبداَنهم !!. ة ت َك ْ ُ ف أقمش ٍ مع لفائ َ
ُأولئك القــوم الــذين قــالوا :ل تنفقــوا علــى
و، ء ،واللهــ َ ن ،والفجوَر ،والغنا َ فلسطين إل ّ المجو َ
ض يهود من فلسطين !. ب حتى ينف ّ واللع َ
ت ن العــّزةَ اليــوم للمنتخبــا ِ الــذين قــالوا :إ ّ
ل العلم ِ م ِ ح ْ
ت الجماهرية ،و َ الوطنية ،والتشجيعا ِ
ة
ت الرياضــية ! ،فل ع ـّز َ ع الصــيحا ِ صبيانية ،ورف ِ ال ّ
ليهــودَ بعــد اليــوم إل ّ إذا نازلتنــا فــي النــوادي
س ـدٌ فــي الّلقــاء ! .هكــذا ُ
الرياضة؛ ليعلمــوا أن ّــا أ ُ
فاهم ! . ق َ
سن ََتهم من َ ه أل ِ ج الل ُ خَر َ قالوا :أ ْ
هم " : :سوف ُنشارك في كأس كما قال أشقا ُ
آسية على ُرغم عدوان يهود " !.
قماشــا ً فــوق أحــ ِ
د ههم :ورفــع ِ وقــام ســفي ُ
مغ المســلمين :أّنــه ســيت ّ الجســور العاليــة ل ِي ُْبلــ َ
افتتاح دورة رمضانية لكرة القدم في مكان ) ؟ (
درة "!! .هكــذا باســم " الشــهيد محمــد جمــال ال ـ ّ
شّلت أيديهم !. كتبوا ُ
وقال غــاويهم " :ســوف ُنغن ّــي وُنغن ّــي لجــل
ت رســ ْ خ ِجراحــات فلســطين " !! ،هكــذا قــالوا أ ُ ْ
هم !. ه ُأفوا ُ
ع هذه ري ُ ن ِ ما محسُنهم ! ،فقال ":سوف يكو ُ أ ّ
ت لفلســطين"!! ،هكــذا المسارح الغنائيــة صــدقا ٍ
ت تجارُتهم !. سر ْ خ ِ أنفقوا َ
ع أخبــاَر ض ! ،فالــذي يتتب ّـ ُ ض مــن فيـ ٍ وهذا غيـ ٌ
عجــاب! ،فهــذه هــؤلء الممســوخين يجــدُ عجبــا ً ُ
ل على ما ت أكبُر دلي ٍ ت ،والذاعا ُ ف ،والمجل ُ الصح ُ
ّ
نقول .اللهم ُرحماك ،اللهم ُرحماك ...آمين . ّ
23
ر الذين اّتخذوا ديَنهــم صدق الله ،إذ قال ":وذ ِ
لعبــا ً ولهــوا ً وغّرتهــم الحيــاةُ الــدنيا "...اليــة،
النعام .70
وقال تعالى " :الذين اّتخذوا ديَنهم لهوا ً ولعبا ً
ســوا
م ننســاهم كمــا ن َ ُوغّرتهم الحياةُ الدنيا فاليو َ
مهم هذا ،ومــا كــانوا بآياتنــا يجحــدون ")(1 لقاءَ يو ِ
العراف . 51
ن هؤلء الممسوخين هم الذين يلعبــون نعم؛ إ ّ
بدماء الشهداء ،ويغّنون بأرواح البرياء !!.
1ج معنى "النسيان" المضاف إلى الله تعالى في هذه الية وغيرها هو :الترك
!.
صججادقين الججذين
ّ ال جاب
ج الكت من والصلح الخير أهل : هنا الخبار بأهل المراد 2ج
مهججم ،وعلججت أصججواُتهم فججي معظججم المجلت ّ
ؤهم ،وتججألقت أقل ُ لمعججت أسججما ُ
مججا مججا سججواهم مججن أهججلّ أ ؛ ... جةج الجتماعي جاءات ج واللق جلمية، ج الس والصججحف
دق فيهججم المثج ُ
ل الصحافة والذاعات ...فهؤلء ليس لنججا معهججم كلم؛ بججل يصج ُ
ن أن ت َججراه ُ "! .انظججر "مجمججع المثججال" مج ْ
خيجٌر ِ
دي َ معَي ْج ِالسججائُر َ " :تسججمعُ بال ُ
للميداني ). (1/129
24
متابعة مجرياتها هم من الصالحين الــذي ل ُيشــك
مهم . في نّياِتهم ،وأقل ِ
لذا سيكون حــديثنا معهــم مــن بــاب النصــيحة،
ض المصــارحات، د البّناء ،وإن اكتنف ذلك بع ُ والنق ِ
والمطارحات؛ إل ّ أنها – إن شاء اللــه – ل تخرجنــا
ق المنشود ،هذا إذا علمنا أننــا عن البحث عن الح ّ
ج لمتنا السلمية من هــذا ً
جميعا نسعى في مخر ٍ
الهوان الذي تعيشه ،وهذا الضــيم الــذي تتجّرعــه،
ة مثــل هــذه ن أم ـ ً
وقه ...إ ّ وهذا الظلم الــذي تتــذ ّ
كــان يجــب علــى المصــلحين فيهــا أن يتنــازلوا
ح يعودُ على أمِتهم . لبعضهم بعضا ً فيما فيه صل ٌ
سم أهل الخبار إلــى ع أن نق ّ وبعد هذا نستطي ُ
طرفين ) :أهل رواية ،وأهل دراية ( كما يلي :
ل :أهــل الّروايــة ،وهــم الــذين و ُ ف ال ّ
طر ُ ال ّ
ينقلــون الخبــار الــتي تتكلــم عــن قضــايا المــة
ح،ب ،ومآســي ،ومذابــ ٍ الســلمية مــا بيــن حــرو ٍ
ت، ر ،وزلزل ،وكــــــوارث ،ومجاعــــــا ٍ ومجــــــاز ٍ
ت ...الخ . وفياضانا ٍ
ن بــأن إخواننــا هــؤلء ك طرفة عي ٍ ونحن ل نش ّ
لم يقصدوا بهذا إل ّ خيرًا ،وذلــك صــائٌر فــي ربــط
المســلمين بقضــاياهم ،وحفــز هممهــم ،وإثــارة
حفائظهم نحو ألم أمتهم ،وجراحتها ،وكوارثها .
فكم رأينا لهذه الخبار العائد الكــبير علــى المــة
السلمية فــي توثيــق الروابــط اليمانيــة بينهــم،
والتكاتف الوثيــق بيــن أطــراف البلد الســلمية،
وهو كذلك .
فنحــن وإن كّنــا نــوافقهم علــى هــذا المبــدأ
السلمي ،إل ّ أننا ننكر عليهم أشياءَ لعّلها خفيت
ء الخبارية التي تدثروا ف الجوا ِ عليهم في معاط ِ
25
بها؛ فمن ذلك ما يلي :
ل :الغراق في نقل الخبار ،التي طغت الو ُ
ل الشــرعي ُتجــاه على الهدف المنشود ،وهو الح ّ
هذه الخبار ،والتعامل معها .
ن في ذلــك تفريغ ـا ً لطاقــات المســلمين كما أ ّ
ظفوهــا فــي من قدراتهم التي كان عليكــم أن تو ّ
ل قضاياهم ،وذلك بحسب الستطاعة . ح ّ
يوضــحه؛ أن أكــثَر الخطبــاء ليســوا لهــم مــن
ب غالبا ً إل ّ أمرين ل ثالث لهما : خط ِ ال ُ
ل :الكلم عن سيرة يهود الملعونة و ُ
المُر ال ّ
في القرآن والسنة والتأريخ ،وأنهم قتلة النبياء،
وناكثوا العهــود والوعــود ،وأنهــم إخــوان القــردة
والخنزير ...الخ .
لم ول شــك؛ لكــن أن نجعـ َ وهذا فيه خيٌر عظي ٌ
ث عن هــذا الموضــوع هــو المــادةَ الدســمة، الحدي َ
ن الغــراق ن الوحيد على المنابر؛ فل !؛ ل ّ والمعي َ
في مثل هذا الموضوع – للسف– أحدث عند كثير
ة ،وإحباطــًا؛ حــتى أ ّ
ن ل ،وســآم ً من المسلمين مل ً
ب بغثيان من كثرة الكلم عن الواحد يريد أن ُيصا َ
ن الــذي حملهــم مثل هذا الحديث؛ هذا إذا علمنا أ ّ
ن الذي هوا ُة وال َ م والذل ُ م وال ّ
ظل ُ ضي ُ
على هذا هو ال ّ
يقاسونه صباحا ً ومساءً أمــام الصــور ،والصــحف،
ل مكــان ،فهــم والخبار الذي أحاطت بهم مــن كـ ّ
بعــد هــذا ل يريــدون تحريــك مشــاعر ،وإثــارة
عواطــف !؛ بــل هــم أحــوج مــا ينشــدونه هــو :
المخرج من هذا المأزق التأريخي الذي لم تعشــه
ة السلم هذه اليام ! . ة كأم ِ أم ٌ
المُر الّثاني :الحديث عن فلسطين لسيما
بيــت المقــدس ،وفضــل الشــأم ســواءٌ كــان عــبر
26
الكتب ،أو الرسائل ،أو الخطب ...الــخ ،ول أبــالغ
قها يــوم ج ســو ُ ب تــرو ُ حين أقــول :إن هــذه الكتـ َ
ض الصــوُر علــى المســلمين، فجُر الخباُر ،وُتعر ُ ت َت َ ّ
ذ يكون لها الّرواج ! ،وهذا ل شك من الخير وحينئ ٍ
م الهــائل الــذي تقــذفه ن هــذا الكــ ّ العميــم ،إل ّ أ ّ
ك؛ س الشــ ّ ما ُيساوُر النف َ المكتبات والتسجيلت م ّ
ن فــي أصــحاب هــذه ن الواحد من ّــا قــد يظـ ّ حتى أ ّ
الكتب الظنون ! .
ب؛ حــتى لــم ب ،وعلت الخطــ ُ وهكذا تكاثرت الكت ُ
ة مرارة !. ة حرارة ،وللّزفر ِ ق للكلم ِ تب َ
ن كــثيرا مــن أصــحاب ً ول أبالغ؛ يوم أقول :كأ ّ
هذه الكتب سرعان ما ســمع بفاجعــة فلســطين،
ي الــدبابات حــتى دخــل وأزيــز الطــائرات ،ودو ّ
مه ليكتب عن قضية فلسطين؛ قه ،وأشهر قل َ خند َ
وربما بعدُ ما عرف مجريات وتفصيلت القضية !.
ن تــأليف المصــنفات وإخــراج الكتــب نعــم؛ إ ّ
ً
المفيدة الــتي تخــدم قضــية فلســطين نحــوا مــن
ة فــي إبلغ ة ووافي ٌ ب أو يزيد لهي كافي ٌ عشرة كت ٍ
ل مــن ب كـ ّ مــا أن يكت ـ َ جــة ،أ ّ ح ّح الم َ ة ،وتوضي ِ ج ِ ح ّ ال ُ
ل الطاقــات ،وت َُبعــثَر الوراق، قتــ َ ب ،وت ُ ْ ب ود ّ هــ ّ
عرض قضية فلسطين عرضا ً هدَر الوقات في َ وت ُ ْ
ِ
ة الشــرعية؛ ف المنشــود ،والغاي ـ ِ ُيخرجنا عن الهد ِ
فل !.
ع والغراقَ منهم في نقــل ن هذا التوس َ علما ً أ ّ
ة ،كمـا الخبار أوقعهم -أيضا ً -في محاذيَر شرعي ٍ
يأتي .
الّثاني :الوقوع في محذور التصوير ،الذي هو
ذريعــة إلــى الشــرك ،فــي حيــن أن الشــريعة
ن منــه ة،ولــم تســتث ِ الســلمية قــد حّرمتــه صــراح ً
27
شيئًا ،إل ما كان في دائرة الضــرورة ،والضــرورة
تقدُّر بقدرها ،علما ً أن إخواننا – هداهم الله – لــم
ســعوا فــي تصــوير دروا هــذه الضــرورة بــل تو ّ يق ّ
الصغير والكبير ،والحقير والقطمير ،!...فلم تعد
للحرمة الشرعية عنــدهم حــدودا ً يقفــون عنــدها،
حل ُــوا لهــم إل ّ وقــد أحــاطت بهــا فكأن الخبار ل ت َ ْ
الصور من فوق رأسها ومن تحت أرجلها) ( ! .
1
28
والقتل .!!...
ة ما بعدها مصيبة؛ يوم فهذا في حدّ ذاته مصيب ٌ
أنكم لم تكتفوا بتصوير القتلــى مــن المســلمين؛
ضــونه لــه مــا بل قتلتم ما كان منهم حيا ً بمــا َتعر ُ
ع لهــا ر الــتي ينخلـ ُ بين الحين والحيــن مــن الصــو ِ
ل إنسان ! .فــي حيــن كــان يكفيكــم مــن بك ّ قل ُ
نقل الخبار أن تقتصروا على ما يحصل به الخبر
ث الصور ،مــا ع في مجريات الحداث وب ّ س ٍدون تو ّ
ت في أخباركم ،وأنتم كذلك ! . دمتم ثقا ٍ
ع فــي نقــل الخبــار قــد يصــلح ن التوس َ علما ً أ ّ
ع القــرار ء ،وصّنا ِ لفراِد المة ،وأحاِدها من العلما ِ
ض الصــور، مــا أن ُتعــر َ ة والمجاهــدين ،أ ّ من القــاد ِ
ة المســلمين ل ســيما مــع ل الخبــار لكا ّ
فـ ِ صـ َ وُتف ّ
انتشار الجهل بينهم ،وكــذا اليــأس عنـد بعضـهم؛
ذ نقــول لكــم :ل !؛ بــل كــان مــن الــواجب فحينئ ٍ
عليكــم أن َتراعــوا الحكمــة فــي مخاطبــة عمــوم
المسلمين بما يفقهون ،كما قــال علــي بــن أبــي
س بمــا دثوا الن ّــا َ طــالب -رضــي اللــه عنــه ": -حـ ّ
ه ورســـوُله" ذب اللـــ ُ رفـــون ،أُتريـــدون أن ُيكـــ ّ َيع ِ
البخاري) ( .
1
29
بمعنى أنكم ستخرجون لنا جيل ً بعيدا ً عن الهــدف
لالشرعي المناط بهم ،وذلك في البحث عن الح ّ
الشرعي المنشود ! .
يوضحه؛ أنك ل تجد أكثر أبناء المســلمين هــذه
اليــام إل ّ وهــو مــن عشــاق الخبــار ،وسماســرة
الحداث؛ فل ينام إل ّ على الذاعــات العالميــة ،أو
القنوات الفضائية ،ول يستيقظ إل ّ على الصــحف
فطـــم ذي بالخبـــار ،و ُ الخباريـــة ! ،فهكـــذا ُ
غـــ ّ
عليها ! .
د
ل إلى هذا الح ّ فليت شعري؛ لو انتهى به الحا ُ
!؛ وذلــك فــي :متابعــة الخبــار عــبر الصــحف،
والمجلت ،والذاعات المسموعة !؛ بل قاده هــذا
البلء الخباري إلى مــا كن ّــا نخشــاه ول نتمن ّــاه !،
وهو :متابعــة هــوايَته الخباريــة عــبر الطــواغيت
دش" ،أو "النــترنت"؛ يــوم أســرع الفضــائية " ال ـ ّ
م نصــِبها علــى فــي اقتنائهــا وشــرائها ومــن ثــ ّ
رؤوس البيوت ! ،فحسبنا الله ،ونعم الوكيل .
فهــا ة لقيــت حت َ ة إخباري ٍ وامسكيناه !؛ كم ضحي ٍ
ؤه ،وكــم ء ذهب ما ُ أمام هذا الطاغوت ! ،وكم حيا ٍ
ت قتلت ،وكم مســتقيم ٍ انتكــس ،وكــم بي ـ ٍ ة ُفضيل ٍ
ي اســتهوته ســتُره ،وكــم إخبــار ٍ كشــف ِ ف ُ عفيــ ٍ
الشهوات ...؟؟!! .
فــإذا ســألت هــذا الخبــاري عــن نصــبه لهــذا
الطاغوت فوق بيته ؟ .
قال لك ملئ فمه :نحن ُنتابع الخبار ! .
ت له :وما الخبار هذه ؟ . فإذا قل َ
ة :أخبار المسلمين . قال لك بديه ً
ر هي ؟ . ي أخبا ٍ ت له :وأ ّ وإذا قل َ
د ،ومذابــح، ب ،وتــدميٌر ،وتشــري ٌ قــال :حــرو ٌ
30
ومجــازٌر ،ومــدافن جماعيــة ،ونــوافير ِدمائيــة،
ت ت نســائية ،وإبــادا ٌ وأشــلءٌ جســدية ،واغتصــابا ٌ
ت يهوديــة ... ت صــليبية ،ومخططــا ٌ عرقية ،وثــارا ٌ ِ
الخ ! .
ن ت له :أل يكفيــك مــن الخــبر مثل ً :أ ّ فإذا قل َ
مرةً ضــد إخواننــا ب شّنوا حربـا ً ضروسـا ً مــد ّ الصر َ
ن يهــود قــاموا المســلمين فــي الهرســك ؟! ،أو أ ّ
بقتل وذبح المسلمين في فلسطين منذ يوم كذا
وكذا ؟!.
قهـا ً :ليــس الخــبر كالمعاينــة !؛ مَتفي ْ ِ
قال لــك ُ
ة ،ليــس فالذي يتابع الخبار علــى الهــواء مباشــر ً
كمن يتابعها في الصــحف والذاعــات ! ،فالحــدث
عندنا بائن ،والخبر ساخن -علــى ح ـدّ تعــبيراتهم
.!-
فإذا قلت له :إذا كان المر كما تقول؛ فمــاذا
فعلت إذن لخوانك المسلمين يوم رأيــت نــوافير
الدماء ،واغتصاب المسلمات ؟! .
ء؛ الّلهـــم مشـــاهدة قـــال متلعثمـــا ً :ل شـــي َ
ومتابعة الحداث أول ً بأول !!.
أخي -الخباري -أل تستحي مــن اللــه تعــالى
يوم َيراك الله وأنت تنظر إلى مجازر المسلمين،
ف مشاهدتها وليس لك من وتعشق متابعتها ،وتأل ُ
ل تســعى حـ ٌ
المر شئ ؟! ،فل جهادٌ تقوم به ،ول َ
إليه !.
ع – وأعـــوذ بـــالله منـــه – إذا ن هـــذا الصـــني َ إ ّ
استمراه المسلم وأدمن عليه ســوف يكــون عــبئا ً
ن فيه تغليفا ً لفكاره الســلمية، على أمته ،كما أ ّ
وتبليــدا ً لمشــاعره اليمانيــة ،وتجميــدا ً لطاقــاته
الجهادية ،وطمسا ً لعزته نحو دينه !!.
31
فساه بعــد هــذا؛ أن يقــول :الحمـدُ للــه الــذي
مـا ابتلـى بـه كـثيرا ً مـن المسـلمين !، عافـاني م ّ
مــا ما أنا فيــه ،وأبــرا ُ إلــى اللــه م ّ واستغفر الله م ّ
ت عليه !. كن ُ
س :ضياع الوقــات ،وهــدر المــوال، ساد ُ ال ّ
ر مــن الشخصــية ضــهم عــن كــثي ٍ وربمــا تنــازل بع ُ
السلمية ،وتشّبه ببعض عادات أهل الكفــر؛ كمــا
أنهم لــم َيســلموا – أيضـا ً – مــن تقليــد ومحاكــات
أعداء المسلمين في مصطلحاتهم المسمومة من
حيث ل يشــعرون)!!(1؛ كمــا هــو ظــاهٌر عنــد كــثير
من توسعوا في نقــل الخبــار ،والتنقيــب عنهــا م ّ
ل !! . ي حا ٍ ل ،وأ ّ ي ما ٍبأ ّ
ة علــى أحــد فحســبك؛ أن ُتلقــي نظــرةً ســريع ً
هــؤلء الخبــاريين وقــد تكّلــف الصــعاب ،وبــذل
س بين يــدي أحــد المســؤولين الكبــار المال ،ليجل َ
ك بيــن يــديه، لحدى الــدول الكــافرة؛ وهــو يضــح ُ
وينظــر أمــام رجليــه ،وقــد تنــازل عــن ُلبســ ِ
ه
السلمي الذين كان يرتــديه فــي بلد المســلمين
مــص أكــثر ملبوســات وحركــات الرجــل يــوم تق ّ
ف ل هـذا ليأخـذ مـن طـر ِ الغربي محاكاةً لـه !؛ كـ ّ
ة، ت سياســي ً ة ،وتحليل ٍ ت بــارد ً ج كلمــا ٍ ن ال ِ ْ
عل ـ ِ لســا ِ
وى بهــا هــذا المســكين – ق ّت صفراءَ ليت َ ّ وابتساما ٍ
نن ديـ َ الخباري – على إقنــاع رجــال الغــرب :بــأ ّ
ر ،وإنســانية ...وغيــر ن سماحة ،وُيس ـ ٍ السلم دي ُ
ذلـــك مـــن الّتمتمـــات النهزاميـــة ،والّتراجعـــات
الممقوتة !! .
فلماذا تفعل هذا أيها الخباري ،ولجل من ؟!
.
1ج سنذكُر قريبا ً – إن شاء الله -بعض هذه المصطلحات الغريبة الججتي ع َِلقججت
سنةِ وأقلم ِ بعض الكتاب المسلمين!!. بأل ِ
32
وا و ْ ه َ
ست َ ْ ما ا ْ ن القوم – الخباريين – ل ّ للسف؛ إ ّ
ل منبــع، الخبار ،وعشقوها قاموا يبحثون عــن كـ ّ
غّلتهم ،وتشــفي ة إخبارية تروي ُ ر ،أو قنا ٍ أو مصد ٍ
ودوا بهــا علــى نشــر أخبــارهم؛ ولــو عّلتهــم ليــتز ّ ِ
ة كافرةً ! . ع نجس ً كانت مناب َ
وإن كّنــا نعلــم أن القــوم – الخبــاريين – مــا
ن فعلوا هذا إل ّ برهانا ً وشهادةً للعــالم الكــافر بــأ ّ
كـــبراءهم وعظمـــاءهم قـــد شـــهدوا للســـلم
ة ،والّتسامح !. صف ِبالن ّ ِ
متمّثلين بقول الشاعر :
ت به ق ما شهد ْ والح ّ ....... ....... .......
العداء
وقــوله تعــالى " :وشــهدَ شــاهدٌ مــن أهلهــا "
يوسف ! .
ق هــذا إل ّ أّننــا ل نــوافقهم ابتــداءً علــى طَــر ِ
السبيل الهزيل؛ متمّثلين لهم بقول الشاعر:
د
ما هكذا ،يا سع ُ م ْ
ل مشت َ ِ
سعدٌ ُ سعدٌ و َ دها َ وَر ْأ ْ
ُتوَردُ الب ْ
ل)(1
ت والجرأةَ مــن ن هذه المجازفا ِ كما أّننا نعلم أ ّ
عهــؤلء الخبــاريين مــا كــانت منهــم إل ّ بــداف ِ
ل و ِ ع الــذي يعيشــونه أمــام دُ َ النهــزام ِ والــتراج ِ
م، ل تقــد ٍ الغــرب الــتي أصــبحت أمــام أعينهــم دو َ
ة ...وهــم ل يشــعرون غالبـا ً !، ة ،وســياد ٍ وحضــار ٍ
ق م الكــثيَر عــن هــذه المزال ـ ِ فــي حيــن أّننــا نعل ـ ُ
ق شــا ِ ع ّ ت الــتي وقــع فيهــا إخواننــا مــن ُ والعــثرا ِ
ة القنوات !. وا ِه َ
الخبار ،و ُ
ة
ة الكــثير ِ ة والســلبي ِ ر الســيئ ِ ض الثــا ِ وهناك بع ُ
من عرض الخبار بهــذه الطريقــة المغرقــة الــتي
1ج انظر "جمهرة المثال" للعسكري ) ،(1/93و"مجمججع المثججال" للميججداني )
. (2/364،406
33
ةمؤلمــ ِ د ال ُر ،والمشــاه ِ صــو ِ ض ال ّ عــْر ِ ج عنــد َ تنتــ ُ
س دون تفريغها في نصابها، ة على الّنف ِ مفزع ِ وال ُ
أو الستفادة منها .
ف، ت ،والصـــح ِ ت عـــن المجل ِ مـــا إذا ســـأل َ أ ّ
مــت بنقــل الخبــار، والقلم ِ الــتي عَنــت واهت ّ
ونشرها فهي كثيرةٌ جدا ً للسف !.
دراية ،وهم الذين ل ل ال ّ ف الّثاني :أه ُ طر ُ ال ّ
يكتفــون بنقــل أخبــار المســلمين؛ بــل يتعــاملون
ة ُتغايُر أهل الّرواية ،فكــأنهم – واللــه معها معامل ً
أعلــــم – يقــــابلون الطــــرف الول مقابلــــة ردّ
ذ قابلوا الخطأ َ بخطأ ! . الفعل ! ،فعندئ ٍ
ة، وليـ ٍب مــواِد أ ّ فــالطرف الول عنــدهم أصــحا ُ
وهـــم أصـــحاب المصـــانع الفكريـــة ،والتحليلت
السياسية !.
رل أخبــا ٍ ة بينهــم هكــذا ) :أه ـ ُ فكــانت القســم ُ
ودة ( . ل تحليلت مج ّ مجردة ،وأه ُ
فأهل التحليل؛ غالبا ً ما ينظرون إلــى القضــية
ة؛ وربمــا ة حــاد ٍ ة ،وزاويــ ٍ ن بصــير ٍ الســلمية بعيــ ٍ
غل، شــا ُ غُلهم ال ّ شــ ْ هنــوا المســتقبل ! ،فكــان ُ تك ّ
ب هو تحليل الخبار وتجريدها مــن وعملهم الدؤو ُ ُ
ة الظاهرة ،والغراق في بواطن مجرياتها الّلمس ِ
م إعطاء الصورة القريبة مــن وتفصيلتها ،ومن ث ّ
الواقــع ،وبيــان أبعادهــا السياســية ،ومخاطرهــا
البعيدة ،ووضع التحصينات الوقائية ...الخ .
وهكــذا نجــدهم يخوضــون معــارك التحليــل،
وغمــار التفصــيل لمجريــات الحــداث ،وتقلبــات
الخبار؛ حــتى غلــب عليهــم اســم " :المفكــرون
السلميون "). (1
ن لقب " المفكر السلمي" ليس من جاد ّةِ أهل العلججم ،ول مججن التحقيججق
1ج إ ّ
ً
بشيء؛ فالفكار غالبا هي إلى الخواطر والنظرات أقرب ما تكون ! ،والجميججع
34
حتى إذا وقعــت الوقــائع ،وتفجــرت الحــداث،
واختلطت الصــوات فــي قضــية إســلمية؛ كــانوا
ء المســلمين !، ر مــن أبنــا ِ المفزع والملذ عند كثي ٍ
ف المســلم ،وثــارت مشــاعُره ت عواط ُ فإذا عصف ْ
ر
ســه بــأب ٍ فه ،ويطفــأ حما َ كن عواط َ قام حثيثا ً ليس ّ
م ن اللـ َ ة ليس لها من الفائدة إل ّ أنها ُتسـك ّ ُ در ٍ مخ ُّ
ً
مدمنا ليــس ً
م يعودُ بعد هذا مريضا ُ حال هيجانه ،ث ّ
ج إل ّ إب َـــــُر المفكريـــــن ،وتحليلُتهـــــم لـــــه عل ٌ
السياسية ! .
ســعوا فــي فأهل التحليــل – للســف – يــوم تو ّ
ل الشــرعي، تحليــل الخبــار علــى حســاب الحــ ّ
والطريـــق المـــأمول؛ انقلبـــت تحليلتهـــم إلـــى
تخــديرات لمشــاعر وألم المســلمين ! فــي حيــن
ر ومحاكــات أنهــم لــم يســلموا أيضــا ً مــن التــأث ّ ِ
مصطلحات أعداء المسلمين من حيث ل يشعرون
!! .
ً
فنضرب لهذا مثال ً واحدا للّتوضيح والّتدليل :
ـ قضية فلسطين :
د المــة مر فــي جس ـ ِ ن الصراع مع يهود قد ع ّ إ ّ
ة ،ومــا زال حــتى السلمية أكثر من خمسين سن ٍ
ذ ! ،فكــان الحــديث عــن فلســطين المحتلــة وقتئ ٍ
حديث آهــات ،وعــبرات ،وحســرات ...لجــل هــذا
تســابق أبنــاء المســلمين يكتبــون عــن قضــية
فلسطين الكتب والمصنفات ،وينشدون الشعار،
ن فلســطين مــا ل هــذا ل ّ مقون الخطب ...ك ـ ّ وين ّ
ةة فــوق رؤوس المســلمين ،ودمعــ ً زالــت ســحاب ً
على خدودهم ،وعبرةً على عيونهم ،وزفــرةً فــي
إلى التخمينات والظنون أقرب منها إلى العلوم السلمية ،فكان الولى تركه؛
ن أكججثر المفكريججن السججلميين غلبججت عليهججم التحليلتلسججيما إذا علمنججا أ ّ
الخبارية ،والتقديسات العقلية . ! ...
35
صدورهم .!...
ض الغيــورين ومــن خلل هــذا خــرج علينــا بع ـ ُ
ضــوا هــذا الواقــع، لقضية فلسطين؛ حيــث لــم يْر َ
وتلــك السياســات ،ونقــل الخبــار المجــردة !؛
ة بــأن ة القضــي ِ مهــم ل ُِنص ـَر ِفنــذروا وقَتهــم وأقل َ
ل لهــا تحليل ً غّيروا منحى نقل الخبار إلــى تحلي ـ ٍ
ح في الجملة !. ة ،والفكُر الصحي ُ تحكمه الواقعي ُ
وهكذا تسابقوا فـي ميـدان التحليـل ومضـمار
ة، ت فكريــ ً طرون ويصــيغون عبــارا ٍ التفكيــر ُيســ ّ
ة ...وتدليل ً على ذلــك نــذكُر شــيئا ً وأقوال ً إخباري ً
من أقوالهم كما يلي :
ن سكوت العالم عــن قضــية ـ يقول قائُلهم :إ ّ
مــا يشــير إلــى النحيــاز ر ،م ّ فلســطين نــذيُر شــ ٍ
الوربي السافر إلى دولة إسرائيل) ( ! .
1
36
ل تعجب ! .
ن زيــارة الرئيــس المريكــي ـــ وقــال آخــر :إ ّ
ل علــى دعــم المــؤامرة للرئيس الروسي لهو دلي ٌ
ضد المسلمين العرب في فلسطين؛ حيــث صــرح
الخيـــر فــي إحـــدى الصـــحف البريطانيـــة عـــن
المحادثــات الثنائيــة الــتي ُأجريــت بينــه وبيــن
الرئيـــس المريكـــي بمـــا يلـــي " :إن المصـــالح
ة؛ إذاة ،وفــي الــوقت نفســه غني ّ ـ ٌ الروســية قوي ـ ٌ
حافظنا على تسويقها فــي دولــة إســرائيل،!"...
ة على ن روسية عازم ٌ المر الذي يجعلنا نستلهم أ ّ
ن فــي حراســة تدشين السوق اليهودية ،وهذا كائ ٌ
ص بهــا؛ بمعنــى أنهــم و يترب ّ ُدولة يهود من أي عد ٍ
يعنون دول الجوار في الشرق الوسط) ( . !...
1
37
ن الجتماعـــات البرلمانيـــة ــــ وقـــال آخـــر :إ ّ
المتعاقبــة فــي الــبيت البيــض المريكــي فــي
ة لجتمــاع ة قوي ـ ًغضــون هــذه اليــام؛ ُيع ـدّ صــفع ً
القمة العربيــة)(1؛ وذلــك يــوم شــاهد العــالم تلــك
القرارات التعسفية ،والتهديــدات أل ّ ديمقراطيــة
بشأن التزام القمة بعدم إدانة الحكومة اليهوديــة
ذه هــذه اليــام س شرعي َّتها ،وما تّتخ ُ ء يم ّ بأي شي ٍ
ضــد الهــالي العــّزل ،مــع الســعي إلــى وقــف
النتفاضة الفلسطينية). ! (2
وغيــر ذلــك مــن منظومــة التحليلت الفكريــة،
علما ً أّننا ل نّتهم نوايا هؤلء المفكرين؛ بقــدر مــا
نعــاتبهم علــى الغــراق فــي تحليــل الخبــار،
ة العربيججة وغيرهججا ُتعجد ّ مججن القوميججات مج َ
ة العربيججة ،والق ّن الجامعج َ 1ج ل ش ّ
كأ ّ
ل اللججه صججلى اللججه عليججهالعربية التي ما أنزل الله بها من سلطان؛ وهل رسو ُ
وسلم يوما ً من اليام انفرد بالعرب دون سجائر المسجلمين للنظجر فجي قضجايا
ة ضد أعججداء الججدين منفججردا ً بججالعرب ؟! ،وهججل المة السلمية ،أو خاض معرك ً
ً
ينسى أحد ٌ من المسلمين بلل ً الحبشي ،وسلمان الفارسي ،وصججهيبا الرومججي،
وصججلح الججدين اليججوبي الكججردي ...؟! ،وهججل كججان يججوم الخنججدق إل ّ لسججلمان
الفارسي رضي الله عنه يوم أشار على النبي صججلى اللججه عليججه وسججلم بحفججر
ة فججي القضججاء علججى مججا بقججي ن مثل هذه التحّزبات والنعرات كافي ٌ الخندق ! ،إ ّ
د،
ن فججي مثججل هججذه الّنعججرات :تجميجج ٌ مججن بلد المسججلمين ! ،كمججا ل ننسججى أ ّ
ش لعدد ٍ كبير ل ُيستهان به من المسلمين !؛ هذا إذا علمنا أن ما تملكججه وتهمي ٌ
دولة باكستان ،وأفغانستان ،ودول شرق أسججيا ،وغيرهججا مججن بلد المسججلمين -
دات ،والطاقات ،والرجججال مججا مشة عند العرب -من الُعدد ،والعتاد ،والمع ّ المه ّ
يكفي لتحرير العالم أجمع !!.
ن تسمية الجهاد الفلسطيني بج "النتفاضة" ! ،شيٌء ل ُيقّره السلم ،فمججا 2ج إ ّ
م به أطفال الحجارة في فلسطين ضد ّ يهود لهو مججن أعظججم الجهججاد هججذه يقو ُ
اليججام؛ هججذا يججوم تخججاذلت جميججع الججدول السججلمية عججن ُنصججرةِ إخواننججا فججي
ن وراء هججذه المصججطلحات المشججبوهة؛ اليهججود سأ ّفلسججطين! ،كمججا ل ننجج َ
ة ،أو صجوت ينجادي ة جهاديج ٌوالنصارى الذين ل يريدون أن ترتفعَ للمسلمين راي ٌ
ن المسلمين ل ُيحركهم ول يوقظهم مججن سججباتهم إل ّ باسم الجهاد !؛ لعلمهم أ ّ
ت ،أو قلم إسججلمي أن ٌ صو له من على وجب لذا "!، كلمة " :حي على الجهاد
وا النتفاضججة الفلسججطينية باسججم الجهججاد السججلمي؛ كقججوله :النتفاضججة سج َ ي َك ْ ُ
الجهادية ،أو أطفال الحجارة المجاهججدون ،أو أطفججال الجهججاد ونحججوه ،والخيججر
قريب ،والله أعلم !.
38
ة على حســاب مــا هــو قذ ِة بال ّ
قذّ ِو ال ّحذْ ِ
ومتابعتها َ
ل الســلمي ل أهم ،وذلــك فــي البحــث عــن الح ـ ّ
أكثر .
فــاحتلل يهــود للقــدس فــي أرض فلســطين
ف في حدّ ذاته لتحريك المسلمين نحــو البحــث كا ٍ
عن اتخاذ الموقف الشرعي الصحيح ُتجاه القضية
.
وهناك الكثير والكــثير مــن الخطــاء الشــرعية
الــتي تركتهــا التحليلت الخباريــة ،والفــرازات
الفكريــة فــي نفــوس أبنــاء المســلمين .حــتى
سرعان ما يسمع أمسى الواحد منهم – للسف – ُ
ب إلى مكتبه ،ويضيء ة ضد المسلمين ينقل ُ بفاجع ٍ
ل در ،ويقب ـ ُ م يفك ّـُر ويق ـ ّمصباحه ،وينثر أوراقه؛ ث ّ
ويــدبر !؛ باحثـا ً عــن أبعــاد القضــية ،وملبســاتها،
ســه وتحليــل الظــروف الــتي تكتنفهــا؛ جاهــدا ً نف َ
صر المة السلمية ســواء الســبيل، وفكَره كي يب ّ
ة لســحب ويضــع يــدها علــى خفايــا المــور تجلي ـ ً
ة للّركــام القــاتم مــن أمــام أعيــن القضية ،وإزاح ً
المســلمين !! .كمــا نج ـدُ فــي المقابــل جموع ـا ً
ة من أبناء المسلمين عند نـزول أمثـال هـذه كبير ٍ
ع ل ولـ ٍالمصائب والمذابح بالمسلمين يقفــون بكـ ّ
ع ينتظــرون صـدور تلكــم المجلت السـلمية وهل ٍ
ً
ق وهيام عساهم يقرؤون شيئا من هذه على شو ٍ
ضــيم التحليلت الفكريــة لتــدفع عنهــم بعــض ال ّ
قد ،وتطمئن لهــا والحزن ،وتطفئ الحماس المتو ّ
القلوب ،وتسترخي بعدها العصاب ،وتنام عليهــا
ن شيئا ً لم يكن !!. العيون ،وبعدها كأ ّ
ق ينبغي أن نقف معها طــويل ً ، نعم هذه حقائ ٌ
فهل عرفتم ماذا نريد ؟! ،فكان الولى مــن هــذه
39
التحليلت الخباريـــة الســـتفادة مـــن طاقـــات
وحماس أبناء المسلمين ،وتوظيف ما عندهم من
ن قــدرات فــي نصــرة القضــايا الســلمية؛ ل أ ْ
ت ُــداعب هــذه المشــاعر ،وُتغــازل تلــك العواطــف
بتحليلت فكرية !.
مـــا إذا ســـألت عـــن المجلت ،والصـــحف، أ ّ
مــت بتحليــل الخبــار، والقلم الــتي عَنــت واهت ّ
ونشرها فهي كثيرةٌ جدا ً للسف !.
ل
م ِج الّنبي صّلى الله عليه وسّلم في الّتعا ُ مْنه ُ َ
سلمّية ضايا ال ْمع الق َ
ما إن سألت أخي المســلم عــن المخــرج مــن أ ّ
هذه الخبــار والســتخبارات؛ فهــو الخــذ بناصــية
المنهج النبوي في سيرته صلى الله عليه وســلم
يوم كان يتعامل مع مثل هذه القضايا الّنازلة .
فلنا في سيرته صلى الله عليــه وســلم ُأســو ٌ
ة
ة لمن كان يرجوا الله واليــوم الخــر ،ويريــد حسن ٌ
أن يعيد للمة الســلمية عّزهــا ،ومجــدها الّتليـد .
قال تعــالى " :لقــد كــان لكــم فــي رســول اللــه
م الخ ـَر، ه واليــو َن كان يرجوا الل ـ َ م ْ ة لِ َ
أسوةٌ حسن ٌ
ً
وذكر الله كثيرا " الحزاب .21
م ة للسيرة النبوية يجــدُ المســل ُ ول قراء ٍ فعند أ ّ
ة ل تحتــاج مّنــا إل ّ ق وحلــول ً جلّيــة واضــح ً حقــائ َ
صــدقَ مــع اللـه تعــالى فـي رغبتنـا فـي تحريـر ال ّ
فلسطين المحتلة ل غير !! .
ن الوقــائع والغــزوات والســرايا فــي كأ ّ لشــ ّ
عهده صلى الله عليه وسلم كانت كثيرةً جــدًا؛ إل ّ
ة أّننا نرى من المناسب أن نذكر منهـا مـا لـه صـل ٌ
كبيرةٌ بقضيتنا مــع يهــود ،فكــان ذكرنــا لمــواقفه
صلى اللــه عليــه وســلم مــع يهــود بنــي قيُنقــاع،
40
ل،غ مثــا ًوبني قريظة ،وبنــي النظيــر ،وخيــبر أبلـ َ
فق والهــادي إلــى ســواء ل ،والله المو ّ وأحسن حا ً
السبيل .
وقبل أن نشــرع فــي ذكــر ســيرته صــلى اللــه
عليه وسلم مع تعامله فــي القضــاء علــى اليهــود
آنذاك ،أحببنا أن نذكر ُنتفا ً من سيرته صــلى اللــه
ح لنــاضـ َ
ب لنا الطريــق ،وتو ّ عليه وسلم حتى ُتقّر َ
الســبيل فــي موقفنــا مــع مثــل هــذه القضــايا
العصرية العصيبة ! .
فحسبنا أن نأخذَ مــن حلــوله صــلى اللــه عليــه
وسلم في مثل هذه المواقف شعارا ً نجعله دائما ً
ة علــى منابرنــا؛ هــي ة فــوق رؤوســنا ،وصــيح ً راي ً
قوله صلى الله عليه وسلم :
ت"مو ِعلى ال ُ ن ُيبايع َم ْ
" َ
ومناسبة هذه الكلمة العصماء التي قد نســيها
أو تناساها كــثير مــن المســلمين أنــه صــلى اللــه
ن عثمان بن عفان ـ عليه وسلم قال ،حين بلغه أ ّ
قتــل :ل نــبرح حــتى ُننــاجز رضي الله عنه ــ قــد ُ
القوم ،فدعا رسول الله صلى اللــه عليــه وســلم
الناس إلى البيعــة ،فكــانت بيعــة الرضــوان تحــت
الشجرة ،فكان الناس يقولـون :بـايعهم رسـول
الله صلى الله عليه وسلم على الموت). (1
ما مواقفه صلى الله عليــه وسـلم مــع يهـود؛ أ ّ
فكثيرةٌ حسبنا منها ما يلي :
1ج ج انظججر "سججيرة ابججن هشججام" ) ،(3/426والبخججاري ) ،(07/448ومسججلم )
،(3/1486وللبخاري ألفجاظ قريبججة .انظجر "الفتجح" ) ،( 12/79وانظجر أيضجا ً
توفيق ابن حجرٍ -رحمه الله -لهذه اللفاظ .
ن عبد الله قال إن رسول اللججه وعند مسلم ) ،(1485-3/1483أن جابَر َ
ب
فجّر،صلى الله عليه وسلم لم يبايعنجا علجى المجوت؛ ولكجن بايعنجا علجى أن ل ن ِ
ة على المججوت، ي نبويٌ سواٌء كانت بيع ً
ل شرع ٌح ّت :أيا ً كان المُر فكلهما َ
قل ُ
أو على عدم ِ الفرار ،فتأمل .
41
قيُنقــاع :ذكــرت كتــب الســير ـــ غــزوة بنــي َ
سببين لهذه الغزوة :
ب الول :أن يهودَ بني قيُنقاع أظهــروا الغضــ َ
ر ،وَيظهــر والحسدَ عندما انتصــر المســلمون ببــد ٍ
فهم من الرســول صــلى اللــه عليــه ذلك في موق ِ
ر ،وقــال قهم بعد بد ٍ وسلم عندما جمعهم في سو ِ
لهم " :يا معشر يهود أســلموا قبــل أن ُيصــيبكم
غرن ّــك مثل ما أصاب قريش ،فقالوا يــا محمــد ل ي َ ُ
مـن نفسـك أنـك قتلـت نفـرا ً فـي قريـش كـانوا
أغمارا ً ل يعرفون القتال ،إنك لو قاتلتنــا لعرفــت
ق مثلنـا " ،فـانزل أنـا نحـن النـاس ،وأنـك لـم تلـ َ
الله " :قــل للــذين كفــروا سـُتغلبون وُتحشــرون
ة فــي إلى جهنم وبئس المهاد * قد كــان لكــم آي ـ ٌ
ل الله وُأخــرى ل في سبي ِ ة تقات ُ فئتين التقتا * فئ ٌ
د
ي العيــن واللــه يؤي ـ ُ مث ْل َْيهــم رأ َ وَنهــم ِكــافرةٌ ي ََر ْ
ه من يشاء إن في ذلك لعبرة لولي البصار بنصر ِ
"). (1
ف قـدَ طـر َ ع َ
ن أحــدهم َ والسبب الثاني :هــو أ ّ
ة في سوق بنـي قينقــاع ،فلمــا ة مسلم ٍ ب امرأ ٍ ثو ِ
د
ة ،فقــام أحـ ُ قامت انكشفت ،فصــاحت مســتنجد ً
د
المسلمين فقتل اليهودي ،وتــواثب عليــه اليهــو ُ
ل المسلم ِ المسلمين على فقتلوه ،فاستصرخ أه ُ
ل بينهـم، اليهوِد .فغضب المسلمون ،ووقع القتا ُ
وبين بني قينقاع). (2
وجمعا ً بين السببين يعودُ إلى ما أظهروه مــن
ة ضد المســلمين ،انتهــت إلــى الخلل ح عدائي ٍ رو ٍ
1ج أخرجه أبو داود ) ( 3/402حديث رقم ) ،( 3001وقد حسنه ابن حجر
في "الفتح" ) . ( 15/204
ف،
ٍ ضعي وإسناده يسير، بتصرف ( 3/70 ) هشام" 2ج انظر "سيرة ابن
والرواية يستأنس بها .
42
ة ،ومــن ذلــك قصــة المــرأة بــالمن داخــل المدينـ ِ
المسلمة معهم ). (1
ومن خلل ما مضى نستنتج -لســيما الســبب
ف ن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكت ِ الثاني -أ ّ
بنقل الخبار ،كما أنه لم يشتغل بتحليلهــا؛ بقــدر
ل الموقــف ص علــى ح ـ ّ ل الحــر ِ ما كان حريص ـا ً ك ـ ّ
ن سمع النبي صــلى اللــه ُتجاه يهود ل غير ،فما أ ْ
عليه وسلم بمــا وقــع بيــن المســلمين ويهــود إل ّ
وقام مسرعا ً إلى يهود ،ونبذ إليهــم علــى ســواء،
ة وعندما اشتد عليهم وحاصرهم خمس عشرة ليل ً
حكم ِ الرسول صلى الله عليــه الحصار نزلوا على ُ
ن لهــم النســاء ن لهــم أمــوالهم ،وأ ّ وسلم علــى أ ّ
م كّلمهــم فيــه والذريــة ،فــأمر بهــم فكّتفــواُ ،ثــ ّ
ل ،فقـال لـه النـبي صـلى اللــه ن سلو ٍ فهم اب ُ حلي ُ
عليــه وســلم " :هــم لــك ،(2)" ...وأمــر بهــم أن
ُيجلوا عن المدينة ،فلحقوا بأذرعات). (3
ر ل الخبــا ِ ن نقــ َ كــدُ لــدينا :أ ّ فعنــد ذلــك؛ يتأ ّ
ح مــا طــر ُد ،أ ّ سـت َن َ ٌ م ْ ةو ُ وتحليلها مــا هــي إل ّ وســيل ٌ
صدٌ ! . ق َ م ْ ةو َ ل فهو َ
غاي ٌ الح ّ
ـ غزوة بني الّنضير :
ذكرت كتب السير أن لغزوة بني النضير ثلثــة
ن النــبي صــلى أسباب ،والذي يهمنا منهــا هــو :أ ّ
ةاللــه عليــه وســلم عنــدما ذهــب إليهــم فــي ِدي ّـ ِ
ف ،جلس حل ِ ما كان بينه وبينهم من ال ِ كلب ِي َْين ،ل ّ ال ِ
ر لهم في انتظارهم ليأتوا بما وعدوا بــه إلى جدا ٍ
مري ص ) . ( 138 1ج انظر "المجتمع المدني" للشيخ أكرم ضياء العُ َ
2ججج انظججر "سججيرة ابججن هشججام" ) ،(71-3/70و"الواقججدي" )،(178-1/177
و"طبقات ابن سعد" ). (2/92
3ج انظر خبر إجلءهم البخاري مع الفتح ) ،(204-15/203ومسلم )-3/1387
(1388وغيرهما كثير .
43
ض ضــهم ببع ـ ٍ دية ،ثــم خل بع ُ من المساهمة في ال ّ
ل علــى مثــل حــاله فقالوا :إنكم لن تجدوا الرج ـ َ
حاش ذلــك ج َهذه فاتفقوا على أن َيعُلو عمرو بن ِ
الجدار ،فُيلقي صخرةً علــى الرســول صــلى اللــه
عليه وسلم فيقتله ،فأخبر الله رسوَله بما أرادوا
فخــرج راجعــا ً إلــى المدينــة ،وعنــدما تــأخر عــن
أصــحابه الــذين كــانوا معــه ســألوا عنــه ،فعلمــوا
رجوعه إلى المدينة ،فـأتوه فـأخبرهم الخـبر ،ثـم
أمر بالتهيؤ لحربهم ،والسير إليهم ،ومحاصرتهم،
ل، ت ليـا ٍ
ر دام سـ ّ ح بعـد حصـا ٍ صـل ِفنزلـوا علـى ال ّ
ن لهم ما حملت البل) ( .
1
على أ ّ
ل آخــر علــى حرصــه صــلى اللــه وفي هذا دلي ـ ٌ
ل مباشرةً دون الغــراق عليه وسلم على أخذ الح ّ
في نقل الخبار وتحليلها .
قريظة : ـ غزوة بني ُ
ب الغــزوة كــان ن سب َ ثأ ّ ر الحدا ِ سي َ ِح من ِ واض ٌ
ض بني قريظة العهدَ الذي بينهم وبيــن النــبي َنق َ
ن ي بـ ِ
حي ـ ّض مــن ُ صلى الله عليــه وســلم ،بتحري ـ ٍ
ب الّنظري). (2 أخط َ
ن هذا النقض ،وهذه الخيانة قد جاءت فــي ول ّ
ب ،فقد أمر الله تعــالى نــبيه بقتــالهم وقت عصي ٍ
بعد عودته من الخندق ،ووضعه السلح) ( ،وامتثال ً
3
44
العصــَر إل ّ فــي بنــي قريظــة " البخــاري ،وعنــد
مسلم " الظهر ").(1
ت فـــي الطريـــق قـــال وعنـــدما أدركهـــم الـــوق ُ
ة ،وقــال بعضــهم :ل ُنصــلي حــتى نــأتي قريظــ َ
ردْ مّنا ذلــك ،ف ـذُك َِر ض الخر :بل ُنصلي؛ لم ي َ ِ البع ُ
ف ذلـك للنـبي صـلى اللـه عليـه وسـلم فلـم ُيعّنـ ْ
مــراِد واحــدا ً منهــم) ،(2وهــذا اجتهــاد منهــم فــي ُ
الرسول صلى الله عليه وسلم). (3
فخرج الرســول صــلى اللــه عليــه وســلم فــي
ة وثلثــون فرســا ً)، (4 ل معهم ست ٌ ة آلف مقات ٍ ثلث ِ
سة خمـ ٍ وضرب الحصــاَر علــى بنــي قريظــة لمــد ِ
ة علــى الرجــح) ،(5وضــّيق عليهــم وعشــرين ليلــ ٍ
ء ،فرغبــوا أخيــرا ً م عليهــم البل ُ عظ ُ ـ َ خناقَ حتى َ ال َ
حكم ِ الرسول صــلى اللــه ل ُ قُبو ِ م ،و َ في الستسل ِ
عليـــه وســـلم فيهـــم ،واستشـــاروا فـــي ذلـــك
فهم :أبا ُلبابة بــن عبــد المنــذر -رضــي اللــه حلي َ
عنه -فأشار إلى أن ذلك يعني الذبح ،وندم علــى
هذه الشــارة فربــط نفســه إلــى إحــدى ســواري
المسجد النبوي ،حتى قبل الله توبته). (6
حكـم ِ الرســول صــلى اللــه وعندما نزلوا علــى ُ
م عليهم إلى واحــد حك َ ل ال ُب أن ي َك ِ َ عليه وسلم أح ّ
مــن رؤســاء الوس؛ لنهــم كــانوا حلفــاءَ بنــي
ن معــاذ، د بـ ِ م فيهم إلى ســع ِ حك َ قريظة ،فجعل ال ُ
1ج انظر" البخاري مع الفتح" ) ،( 15/294ومسلم ) . ( 3/1391
2ج انظر البخاري ومسلم نفس المصدر .
3ج انظر "سيرة ابن هشام" ) . ( 3/326
4ج انظر "طبقات ابن سعد" ) . ( 3/74
5ج أخرجه أحمد ،أنظره مع الفتح الرباني ) ،( 83-21/81و"البداية والنهايججة"
لبججن كججثير ) ،( 4/140والطججبري فججي "تججاريخه" ) ،( 2/583و"سججيرة وابججن
هشام " ) ،( 3/326و"الفتح" لبن حجر ) . ( 16/30
6ج أخرجه أحمد ،أنظره مع الفتح الرباني ) . ( 83 – 21/81
45
ما دنا من المسلمين قال الرســول صــلى اللــه فل ّ
دكم أو عليـه وسـلم للنصـار " :قومـوا إلـى سـي ِ
مــك " . حك ِن هؤلء نزلوا على ُ ركم ،ثم قال :إ ّ خي ِ
ســم مقاتلُتهم ،وُتسبى ذراريهم ،وُتق ّ قال ُ :تقتل ُ
أموالهم .فقال له النبي صلى الله عليه وسلم :
" قضيت بحكم ِ الله تعالى "). (1
ن النــبي صــلى نأ ّومن خلل ما ذكرناه نستيق ُ
ل أكــثر ف وأفعــا ٍل مواق ـ َ الله عليه وسلم كان رج َ
منه صاحب تحليلت وكلم عليه الصلة والسلم !
.
ة:شرعي ّ ُ ت ال ّحليل ُالت ّ ْ
ونحن -أيضا ً -ل نقول بطرح التحليلت رأســا ً
ِ
السياسي منها أو الشــرعي؛ بــل نعتــبُر منهــا مــا
ع ل ســـيما إذا ربطنـــا الحـــداث اعتـــبره الشـــر ُ
بالسباب الشرعية) ،(2فإذا نظرنا مثل ً إلــى غــزوة
د وحللناهــا تحليل ً فكري ـا ً مج ـّردا ً عــن الشــرع أح ـ ٍ
ن ذكاء خالــد بــن الوليــد والتفــافه حــول لقلنا :إ ّ
خرة معســكر المســلمين وذلــك حيــن نــزول مــؤ ّ
الّرماةُ من مكانهم؛ كان سببا ً كــبيرا ً فــي انهــزام
ن اللــه تعــالى هنــا لــم المســلمين ...الــخ !؛ إل ّ أ ّ
يذكر هذا الســبب التحليلــي المجــرد ،وإنمــا قــال
تعالى " :أو لما أصبتكم مصيبة قد أصبتم مثليهــا
1ج أخرجه " البخاري مع الفتح" ) ،( 15/289ومسلم ) . ( 1389 – 3/1388
2ج كثير من الناس – للسججف – يسججتنكف الحججديث عججن التحليلت الشججرعية،
والبحث عججن سجبب الحججروب والكججوارث مثجل :انتشججار المعاصججي ،والفسجاد،
والجهل بين المسلمين ،...زعما ً منهم أن الحجديث عجن هجذا قجد يؤخرنجا عجن
ذ ،لذا كان من المناسب تأخيره حججتى تسججتقيم المججور أول ً معالجة المور وقتئ ٍ
ثم نسعى في معالجة المعاصي وغيرها ! ،قلت :لشججك أن هججؤلء القججوم مججا
أرادوا بهذا إل ّ خيرًا؛ إذا علمنا أن الذي دفعهم لهذا القول هو :اجتهادهم ! ،إل ّ
ل ،يوم نعلججم أن النصججوص الشججرعية ة وتفصي ً أننا ُنخالفهم في هذا الطرح جمل ً
ة تأبى هذا القججول . !!...ولسججنا بحاجججة أن نسترسججل فججي رد ّ هججذا القججول
كاف ً
هنا ! ،فتأمل .
46
قلتم أّنى هذا قل هو مــن عنــد أنفســكم إن اللــه
ء قــدير " آل عمــران .165فــأرجع ل شــي ٍ على ك ّ
ن
الله تعالى المر إلى السبب الشرعي ،وهــو :أ ّ
ب في النهــزام ل المسلمين أنفسهم كانوا السب َ
مـَر النــبي صــلى اللــه َ
وا أ ْ
صـ ْ
ع َ
الكفار؛ وذلك يــوم َ
عليه وسلم بنزولهم عن مواقعهم ! .
نحنيــن :نســتطيع أن نقــول :أ ّ وكــذلك فــي ُ
قتــه الكفــار ضــد المســلمين كــان ن الذي و ّ الك َ ِ
مي َ
ســـببا ً قويـــا ً فـــي انكشـــاف المســـلمين عـــن
مواقعهم ...الخ ! ،إل ّ أن الله تعالى هنا لــم يــذكر
هذه التحليلت المجــردة؛ بــل أرجــع الســبب إلــى
المســلمين أنفســهم ،وهــو العجــاب بــالكثرة ل
غير ،حيث قال تعــالى " :لقــد نصــركم اللــه فــي
ة ،ويــوم حنيــن إذ أعجبتكــم كــثرتكم مواطن كثير ٍ
فلم ُتغن عنكم شيئا ً وضــاقت عليكــم الرض بمــا
رحبــت ثــم وليتــم مــدبرين " التوبــة . 25وفــي
الختام نعود بالقارئ الكريم إلى حديثنا عــن ذكــر
الحلول السلمية ،وكيفيــة الســتفادة منهــا -إن
شاء الله . -
47
ثب الّثال ُ الّبا ُ
ة
ل السلمي ّ ُ حلو ُ ال ُ
ن ســلمي ب َْيــ َل ال ْ ل :الحــ ّ ل الو ُ فصــ ُ ال َ
ت. سلبيا ِ اليجابّيات ،وال ّ
ل السلمي أي ـا ً كــان نــوعه؛ لهــو ح الح ّ ن طر َ إ ّ
ع مــن أنــواع النيــات الصــادقة ،والرغبــات نــو ٌ
اليمانية ،والعزمات الجهادية نحو الخروج بالمــة
السلمية مــن هــذا الهــوان الــذي تعيشــه ،وهــذا
ل الــذي مــا بــرح فــوق رأســها مــا يزيــد علــى الذ ّ
خمســة قــرون أو يزيــد ،ول حــول ول قــوة إل ّ
بالله !.
ل الســلمي أمــرا ً مهم ـًا، فكان البحث عن الح ّ
ل بقدره وفرضا ً متحّتما ً على كافة المسلمين؛ وك ّ
" .فاتقوا الله ما استطعتم " .
علــم مــا ذكرنــاه آنف ـًا؛ كــان مــن العــدل فــإذا ُ
والنصــاف أن نضــع المــور فــي نصــابها ،وذلــك
ة وهي :أن طــرح ة مسّلم ٍ ة حقيق ٍ ل في معرف ِ ماث ٌ
الحلــول ،وإيجادهــا ،والكلم عنهــا ل يلــزم منهــا
ة
صــحة والواقعي ّــة؛ بقــدر مــا هــي دعــو ٌ ضرورةً ال ّ
ذ الهمــم ،والســتفادة مــن أفكــار ة لشــح ِ إيمانيــ ٌ
وطاقات المســلمين فـي التعامــل مـع قضـاياهم
س ديَنهم ،وعّزتهــم ،أو السلمية لسيما التي َتم ّ
شيئا ً من حقوقهم !.
فعند هذا؛ كان مــن الحكمــة البالغــة أن نــدعوا
مهم وجــاهَلهم ،كــبيَرهم ة المســلمين عــال َ فــ ً كا ّ
وصـــغيَرهم ،ذكَرهـــم وأنثـــاهم ...للمشـــاركة
والتعاون في طــرح الحلــول ،وعرضــها بقــدر مــا
نملك من استطاعة .
48
ذ يدور حول نقطتين مهمتين : فكلمنا حينئ ٍ
حة الحلول عند الولى :ليس من الضرورة ص ّ
طرحها .
ل مــن أصــول ة :مبــدأ الشــورى أص ـ ٌ الّثاني ـ ُ
السياسة الشرعية ،والتدابير المرعية .
فمــن قــرأ الســيرة النبويــة -علــى صــاحبها
أفضــل الصــلة والتســليم – أو قّلــب صــفحات
التأريخ علم يقينا ً أن السلم لم ُيهمل أحــدا ً مــن
المسلمين عن إبداء رأيه ،والمشاركة في قضــايا
المسلمين؛ فالكل ســواء بســواء فمــا كــان عنــده
دم على غيره أي ّا ً كان قــائله الحل المثل ُ
قب ِ َ
ل وق ّ
ح
ما كانت سمة السلم بينهم ظاهره ! ،فقــد صـ ّ
عنــه صــلى اللــه عليــه وســلم أنــه قــال ... " :
ن سواهم ،تتكافــأ دمــاؤهم، م ْالمسلمون يدٌ على َ
متهم أدنــــاهم ،وُيجيــــُر عليهــــم ويســــعى بــــذ ّ
أقصاهم " ...الحديث ،أحمد وغيره) ( .وكما قال
1
49
ي أيها النــاس "! ،وليســت عن ّــا ر " :أشيروا عل ّ بد ٍ
قصة سلمان الفارسي ببعيــد يــوم طــرح حل ً لــم
يكن مألوفا ً عند العرب آنذاك !؛ وهو أمره ـ رضي
و عــن دخــول ق يحجز به العد ّ الله عنه ـ بحفر خند ٍ
المدينة النبويــة ،كمــا أن النــبي صــلى اللــه عليــه
م سلمة ـ رضــي اللــه عنهــا ـ ـ فــي وسلم شاور أ ّ
ة ،وذلك عندما أمر عمرته التي منعه منها أهل مك َ
ي ويحلقوا رؤوسهم ،فلــم الناس أن ينحروا الهد َ
يقم منهم أحدٌ إلى ذلك ،فكرر المر ثلث مــرات؛
فأشارت إليه بأن يبدأ هو بما يرد ،ففعل ،فقاموا
فنحــروا ،وجعــل بعضــهم يحلــق بعض ـا ً حــتى كــاد
مــا ً) ... (1وغيــر ذلــك مــن بعضــهم يقتــل بعضــا ً غ ّ
الخبار والوقائع الــتي تضــيق بهــا هــذه الرســالة
ل علــى تعزيــز مبــدأ مشــاركة ل هــذا دلي ـ ٌالــخ ،ك ـ ّ
الراء ،وأخذ المشورة من كافة المسلمين .
ذ هــو مــا قــاله صــلى إذا ً فلنجعل شــعارنا حينئ ٍ
الله عليه وسلم :
ي أّيها الّناس " عل ّ شيُروا َ "أ ِ
ل مسلم ٍ يؤمن دم ندعو ك ّ فإّننا من خلل ما تق ّ
ه
بالله واليوم الخر أن يشاركنا في طرح مــا يــرا ُ
مناسبا ً من الحلول الشرعية ُتجاه أمته الســلمية
صــغار إلــى كي يأخــذ بيــدها مــن هــذا الهــوان وال ّ
عّزها وسيادتها وريادتها للعالم بأسره ! .
ي برأيــهل مســلم ٍ أن ي ُــدل َ لذا كان حقا ً على ك ـ ّ
حــول طــرح الحلــول الشــرعية :فــالمزارع فــي
مزرعته ل بد أن يخــدم أمتــه فــي طــرح مــا يــراه
مناسبًا ،وكذا التاجر في متجره ،والعرابــي فــي
إبله ،والطالب في مدرسته ،والمرأة في منزلها،
50
ل في أمته ...فنحــن بهــذه الــدعوة قطع ـا ً – والك ّ
دها إن شــاء اللــه – ســنعيد للمــة الســلمية مج ـ َ
وعّزها ،ولن يخذلنا اللــه تعــالى؛ حيــث يقــول " :
والذين جاهدوا فينا لنهديّنهم سبلنا وإن الله لمع
المحســنين " العنكبــوت . 69هــذا إذا علمنــا أّننــا
ذ ،والله تعالى يقول : محتاجون مضطّرون ساعتئ ٍ
ف السوءَ ... ب المضطّر إذا دعاه ويكش ُ من ُيجي ُ "أ ّ
" الية النمل .62
اللهم أقّر أعيَننا بعّز نراه فــي حياتنــا ،وجهــاٍد
ل بظّلهــا، ة نســتظ ّ ة عامـ ٍُنســقيه بــدمائنا ،وخلفـ ٍ
طها بنصحنا ...اللهم آمين . ونحو ُ
وبعد هذا حان لنا أن نذكَر ما نراه مناسبا ً مــن
الحلول الشرعية التي تتناسب مــع واقعنــا الــذي
نعيشــه ونلمســه ،مــع اعتبــار مــا قّررنــا آنفـا ً أن
طرحنــا للحلــول ل يلــزم منــه ضــرورةً الصــواب؛
ل جهدا ً في اختيار ما نحسبه – إن علمنا ً أننا لم نأ ُ
ة والصــواب . شاء الله – أقرب ما يكون إلى الجادّ ِ
فق ،والهادي إلى سواء السبيل . والله المو ّ
51
ل في أمور منها : ل ماث ٌوهذا الح ّ
1ـ دعــوة المســلمين إلــى تصــحيح العقيــدة
السلمية ،ومنابذة الشرك .
م المسلمين أموَر ديِنهم . 2ـ تعلي ُ
3ـ تقوية الروابط بين المسلمين .
ء فــي قلــوب ء والــبرا ِ ة الــول ِ 4ـ إحياءُ قضــي ِ
المسلمين .
ة المر بالمعروف والنهي عن 5ـ إحياءُ قضي ِ
المنكــر عنــد عامــة المســلمين وغيــر ذلــك مــن
مة .الحلول العامة الها ّ
مها الزمان والمكان، ة يحك ُ ل خاص ٌ الّثاني :حلو ٌ
ط ف هــي منــا ُ ن والظــرو ُ فعند ذلك كــانت القــرائ ُ
الحكم ِ فيها وجودا ً وعدمًا ،فهــذه الحلــول ليســت
ة
ة لختيــار المســلم بقــدر مــا هــي ضــرور ً متروك ً
تفرضــها الوقــائع والحــداث .وهــذا النــوع مــن
دافع مــن رســالتي الحلول هو بيــت القصــيد ،والـ ّ
هذه ! .
ل-م هـذا الحـ ّ سـ ُ
ل يج ّ مـا إن سـألت عـن مثـا ٍ أ ّ
مــت بالمــة م كثيرةٌ أل ّ الثاني-؛ فهناك قضايا جسا ٌ
السـلمية ،كإلغـاء الخلفـة السـلمية ،وسـقوط
كثيٌر من بلد المسلمين في أيدي الكفــرة ابتــداءً
بالندلس وانتهاءً ببيت المقــدس ...وتحريــر بلد
المســلمين مــن الــذين ل ي ُــدينون بــدين الســلم
مـــن يجـــاهر بحـــرب الســـلم والمســـلمين؛ م ّ
كالمنــافقين ،والزنادقــة ،وأذنــاب الغــرب مــن
العملء العلمــانيين ،والحــداثيين ،ودعــاة الفســاد
والرذيلة . !!...
وحســبنا مــن هــذه القضــايا الن " :قضــية
فلسطين " ! .
52
فعنــد هــذا نســتطيع أن نقطــع القــول :بــأن
ت حول قضــية بيــت طرح ْ الحلول السلمية التي ُ
ن المقدس كثيرةٌ جدا ً ربما تفوق الحصر! ،علمــا ً أ ّ
طــرح والزيــادة ،واللــه بعضــها مــا زال قــابل ً لل ّ
أعلم .
وبعد هذا؛ فلنا أن نبدأ بذكر الحلول السـلمية
ة نحو قضية فلسطين – إن ة ناجع ً التي نراها نافع ً
شاء الله : -
ل :الجهادُ ! . و ُ
ل ال ّالح ّ
ن كلمة الجهاد ،أو الحــديث عــن الجهــاد نعم؛ إ ّ
ً
أصبح عند كثير من المسلمين عبثــا ،ومــا ذاك إل ّ
أن ترديد كلمة الجهاد أحدثت في نفوسهم تبّلــدا ً
قلبي ،فلم يعد لكلمة الجهاد عندهم كبير تأثير !،
ة معناها اليماني ،ومحتواها ما فقدت الكلم ُ هذا ل ّ
د مــن ل أح ـ ٍالصحيح حيث أصبحت علــى لســان ك ـ ّ
ةة تجاريــ ً ساسة ورق ً الناس ،بل غدت عند بعض ال ّ
ســوقُ السياســية، يلعب بها حسبما ُتمليه عليــه ال ّ
ة ُيحاكم عندها مــن وكذا أصبحت عند بعضهم تهم ً
ن يتســامرون ة ذات شجو ٍ ينادي إليها ،وآخرين ليل ً
عليها ،وهكذا حتى ذهبت قداسُتها الشرعية يــوم
تعّلق بها من ليس أهل ً لها ...فالله المستعان .
ت عنــد ة الجهاِد وقفــ ْ ن كلم َ فليت شعري؛ لو أ ّ
دى هذا إلــى بعــض الصــالحين – هذا الحدّ !؛ بل تع ّ
ضــته الصــور للســف – يــوم تجــدُ أكــثَرهم إذا ع ّ
المأســـاوية ،وقتلتـــه المشـــاهد الدمويـــة ضـــد
المسلمين قام ينادي بأعلى صوته فــوق منــبره :
الجهاد أيها المسلمين ! ،وآخــر لــم يملــك نفســه
حتى بكى على منبره ينــادي بالجهــاد! ،وبعضــهم
ب عــن الجهــاد أخــذ قلمــه وكســر غمــده ليكتــ َ
53
ل تــدفعه الغيــرة إلــى وفضله ...الخ .وهكــذا؛ ك ـ ّ
الحديث عن الجهاد ،لكــن هيهــات !؛ حيــث ذهبــت
كلماُتهم وعبراُتهم في مهب الريح ،ل أثر لها ول
تأثير !؛ ل لشئ؛ بل لنهم – للسف – لم يحسنوا
استخدام كلمة " الجهــاد " بيــن المســلمين ،ولــم
يعرفوا طرحها على أرض الواقع ،وكيف توجيهها
م عن الجهاد دون ن الكل َ ل قضية فلسطين .إ ّ لح ّ
ة؛ يــوم تبقــى حبيســة النفــوس ل لهــو مصــيب ٌ فعـ ٍ
ب وأسيرة القلوب!؛ لذا كان لنـا – للسـف -نصـي ٌ
من هذا الخطأ يــوم جعلنــا مــن كلمــة " الجهــاد "
ة جوفاء في أذان المسلين ،وطَب ْل ً أجوفا ً كّله كلم ً
خواء . !...
م وكلم ما اليوم فلنا مع الجهاد السلمي كل ٌ أ ّ
! ،يوم أخذت كلمة الجهاد منحــى آخــر عنــد كــثير
من الناطقين بها ! ،فكــان مــا كــان كمــا ذكرنــاه
آنفا ً .
ة ة تجتــاُز مرحلــ ً ة الســلمي َ ن المــ َ أقــول :إ ّ
ف ع ٍض ْ
ة ،أو َ و ٍ
ة ق ّ
خطيرةً من مراحل حياتها؛ مرحل َ
!؛ فلقد اعتـدى العـداء علـى بلدهـا ،وأراضـيها،
ودّنسوا مقدساتها ،وانتهكــوا محرماتهــا ،وعــاثوا
في أرجائه الفســاد فأصــبح الجهــادُ فرضـا ً عينيـا ً
ل فــرٍد ر بالنفس ،والمال ،وعلــى ك ـ ّ ل قاد ٍعلى ك ّ
مــه يجاهــد حــه ،ود ِ عدّ نفسه ليكون جنــديا ً برو ِ أن ي َ ُ
في سبيل الله ،وتحريــر بلده ،وإنقــاذ مقدســاته
من أيــدي الطغــاة المعتــدين الــذين اعتــدوا علــى
المسجد القصى المبارك ُأولى القبلتين .
ن المسلمين الولين أدركوا أهمية هذه البلد إ ّ
فجاهــدوا فــي ســبيلها جهــادا ً مســتميتًا ،وبــاعوا
ة من أجلها . نفوسهم وأرواحهم رخيص ً
54
ث التأريــخ أن هــذه البلد المقدســة ح ـدّ َ
ولقــد َ
ةة ،أو وقعــت بهــا نازلــ ٌ مــت بهــا ملمــ ٌ كلمــا أل َ ّ
ن ث والعــو ُ استصــرخت مــن حولهــا فكــان الغــو ُ
وحدانا ً يتنسمون منهــا نســمات تو ُ يأتونها جماعا ٍ
الجنة ،ويبتغون الفضل من الله والمنة .
ل المجاهــدين، ومنــذ فجــر الســلم ،وقوافــ ُ
ب الميــامين تســيُر نحــو ب المقاتلين ،وَرك ْـ ُ ومواك ُ
هذه البلد المقدسة لتنال الشهادةَ علــى أرضـها،
ره ة ،وَتنعــم فــي جــوا ِ ة مرضــي ً وتلقى ربها راضــي ً
ة ،والرزق الكريم . ة الطيب ِ بالحيا ِ
ة يرجوهــا ة ،وأنب ـ ُ ُ
ل غاي ـ ٍ ف أمني ـ ٍ لقد كانت أشر ُ
ت شــهيدا ً فــي ن الصادقُ مــن ربــه أن يمــو َ المؤم ُ
مــه ساحات بيت المقدس؛ ل ُِتضم رفاُته ،وُيمــزج د ُ
مـــع دم ِ اللف مـــن الشـــهداء البـــرار الـــذين
استشهدوا في موقعة مؤتة ،واليرموك ،وحطيــن
وغيرها من المعارك الخالدة.
ّ
فنا الكرميــن قــد ســلموا لنــا هــذه ن أســل َ وأ ّ
ة فــي ة ،وهــي أمان ـ ٌ ة نقي ـ ً ة ســالم ً البلد المقدس ـ َ
ة
ل القادم ـ ِ قنا علينــا أن ُنســلمها إلــى الجيــا ِ أعنا ِ
ة. ة نقي ً كما تسلمناها سالم ً ّ
1
دمار) ( ل الحتلل والــ ّ ولقــد تــآمرت علينــا دو ُ
ة منــا فأقــامت في الشرق والغرب في حين غفل ٍ
هـــم دياَرنـــا ة فـــي أرضـــنا ،ومّلكت ُ لليهـــود دولـــ ً
ة فــي قلــب ة شــوك ً ومقدساتِنا لتكون هذه الدول ـ ُ
ن إطلق مصطلح " دول الستعمار" على الججدول الكججافرة الججتي اجتججاحت 1ج إ ّ
بلد المسلمين ليس بصواب من وجهين! .
الول :أن فججي هججذه التسججمية تغليججف لحقيقججة دور وأهججداف هججذه الججدول
الكافرة !؛ فهي في الحقيقة دول احتلل وغزو لبلد المسلمين .
ة من التعمير والبناء ،وهذا المعنى أيضا ً
الثاني :أن كلمة "استعمار" مشتق ٌ
دمار أو
ّ ال دول أو الحتلل، بدول تسميتهم ف في دور هذه الدول؛ فكان منت ٍ
نحوه هو الصواب ! .
55
ر وفســاد فــي هــذه البلد السلمية ،ومصــدَر ش ـ ٍ
المنطقة الحيوية الهامة من العالم ،ولتكون أيضا ً
تكأةً يقفزون منها للســتيلء علــى مــا بقــي مــن
ة ،أو ة إصــلحي ٍ ل حركـ ٍ البلد المجاورة ،ولخماد كـ ّ
ة. ة تحرري ٍ ة جهادي ٍ انتفاض ٍ
وهنا علينا أن نعترف أننــا بابتعادنــا عــن اللــه،
وعــن دينــه ،والعمــل بتعــاليمه ،وإقامــة حــدوده،
لمــة وإثارنــا مصــالحَنا الشخصــية علــى مصــالح ا ُ
دةعـ ّ العامــة ،واختلف كلمتنــا ،وإهمالنــا إعــداد ال ُ
الماديــة والروحيــة الــتي أمرنــا اللــه بإعــدادها،
ب بمــا لــديهم ل حــز ٍ وتفّرقنــا شــيعا ً وأحزابــا ً كــ ّ
هل للعــداء تنفيــذ ل ذلــك قــد ســ ّ فرحــون؛ كــ ّ
مــؤامراتهم ،وتحقيــق مكــائدهم فســلبوا أرضــنا،
وانتهكوا حرمة مقدساتنا ،وساموا أهلنا الخســف
والضطهاد وسوء العذاب .
فقد قال النبي صلى الله عليــه وســلم " :إذا
ب البقــر ،ورضــيُتم ة ،وأخــذُتم أذنــا َ عي ْن َـ ِ
تباَيعُتم بال ِ
ط اللــه عليكـم ذُل ً ل بالّزرع ،وتركُتم الجهـاد ،سـل ّ َ
ِ
جعــوا إلــى دينكــم " أحمــد وأبــو ه حــتى َتر ِ عــ ُز ُ
ي َن ْ ِ
1
داود) ( .
ة مــع عــدونا ة مصيري ً ض معرك ً فنحن اليوم نخو ُ
ب ر ،وليس لنا مــن ســبيل إلــى الّتغل ّـ ِ ر الماك ِ الغاد ِ
عليهم إل بــالرجوع إلــى اللــه ،والعتصــام بحبلــه
المتين ،واتباع تعاليم السلم ومبــادئه الرشــيدة،
التي كان التمســك بهــا عنــد المســلمين الوائل،
والعمــل بموجبهــا ســببا ً فــي انتصــارهم علــى
أعـــدائهم ،وامتـــدادَ فتوحـــاتهم فـــي الشـــرق
والغرب .
56
م واضــحة جليــة " :قــل هــذه وهــذه التعــالي ُ
ة أنــا ومــن ســبيلي أدعــوا إلــى اللــه علــى بصــير ٍ
اتبعني وســبحان اللــه ومــا أنــا مــن المشــركين "
يوسف . 107
فهــي تــدعوا إلــى اليمــان الصــادق بــالله عــز
وجل ،والحتفاظ بالعقيدة الصحيحة ،وإلى إعــداد
دة المادية والروحية الكافية لرهــاب العــداء؛ ع ّ
ال ُ
كما تدعوا إلى الجهاد بالنفس والمــال ،والتحــاد
والصبر والثبات في الميدان .
ب أن س وي ُــدمي القلــو َم النفــو َمــا يــؤل ُ وإّنه م ّ
و المســلمين محتل ً لبلِدهــم ســنوات َيبقــى عــد ُ
وسنوات ،ويجول فيهــا ويصــول ،ويتجب ّــر ويعلــوا
ء جديــد؛ل يــوم ٍ يظهــر علينــا بشــي ٍويتيه؛ وفي ك ّ
اعتداءات هنا وهناك ،وإجراءات تعسفية بالمنين
مــن الســكان ،وقــوانين ظالمــة ُيطــرد بموجبهــا
أصــحاب الحــق مــن بلدهــم ،وتصــادر أمــوالهم
وأراضــيهم وممتلكــاتهم ،وتــآمر علــى المســجد
القصى المبـارك تـارة بـإحراقه ،وأخـرى بـإجراء
الحفريـــات تحتـــه وبجـــانبه مـــن أجـــل انهيـــاره
وسقوطه لقامة هيكلهم المزعوم علــى أنقاضــه
بالضــافة إلــى هــدم العقــارات الوقفيــة وإقامــة
العمــارات الســكنية لســكان المهــاجرين اليهــود
فيهــا لتغييــر معــالم بيــت المقــدس وتهويــدها،
صــبغة العربيــة والســلمية عنهــا؛ غيــر وإزالــة ال ّ
عابيء بالمسلمين ،ول مهتم بالعالم أجمع ! .
فاسترداد القصى المبارك ،وتحريــر الراضــي
م بـــالقوال والحتجاجـــات ،ول المحتلـــة ل َيتـــ ّ
ج عــن ر خــار ٍعنص ٍبالمسيرات والبرقيات ،ول بأي ُ
إطار الرادة السلمية المخلصة وتعاليم السلم
57
ة ســامية الــتي ل ترضـى لصــحابها ســوى العــز ِ ال ّ
والكرامــة " :وللــه العــزةُ ولرســوِله وللمــؤمنين
ولكن المنافقين ل يعلمون " المنافقون 8
ع فالحتجاج والمسيرات ل ُتعيدُ حق ـًا ،ول ُترج ـ ُ
ل مــن ع شــرا ً وك ـ ّ وطنًا ،ول ُتنقذُ مسجدًا ،ول تدف ُ
ُيحاول الوصــول إلــى أهــدافه بمثــل هــذه المــور
ة الحتجاجــات أصــبحت فــي إنما يحاول عبثا ً فلغ ـ ُ
ة ر -عقيمــ ً د والنا ِ ت الحدي ِ ب وق ِ ت العصي ِ هذا الوق ِ
د ،ول ل الحدي ـدَ إل ّ الحدي ـ ُ ف ّ ة الجدوى ! ،فل ي َ ِ عديم َ
ن في ف مكا ٌ ة ،وليس للضعي ِ ل القوةَ إل ّ القو ُ ُيقاب ُ
هذه الحياة ! .
وإنه لمن أوجب الواجبات على المســلمين أن
قــال ً خفافـا ً وث ِ َ د ،وينفــروا ِ ل واحـ ٍ ة رجـ ٍ هبــوا هبـ َ يَ ُ
ة القصى من أيدي إخوان القردة والخنازير لنجد ِ
.
م له ن ،أو تنا َ جف ٌ ض له ِ ق لمسلم ٍ أن َيغم َ فل يح ّ
ن والمســجد القصــى المبــارك فــي قبضــة عيــ ٌ
العداء وسيطرتهم .
ة أمامنـا فانتهزوهـا، والفرصـة ل تـزال سـانح ً
م م َ
فعلينا أن نمل جوانبنــا بالثقــة بــالله ،وأن ُنص ـ ّ
العزم ونخلــص فــي العمــل ،وأن نأخــذ بالســباب
المجدية الموصــلة إلــى حقوقنــا ،وأن نجعــل مــن
ء
ة ،ومن أشل ِ ة وشجاع ٍ أسباب هزيمتنا عناصَر قو ٍ
ة وإقدام. كارثِتنا مصدَر بسال ٍ
ن هــذه هــي وعلــى المســلمين أن يعلمــوا :أ ّ
م الخطيــرةُ فــي تــأريخهم؛ بــل هــذه هــي اليــا ُ
ن فيها قوةُ إيمــِانهم، ة التي ُتمتح ُ ت الرهيب ُ الوقا ُ
ة يقيِنهم ،وصدقُ عزيمِتهم ،وثباُتهم علــى وسلم ُ
ق بنــوره، الحــق والــدفاع عنــه حــتى ُيشــرقَ الح ـ ّ
58
ذ ل أمامه ) . (1قال تعالى " :ويــومئ ٍ ق الباط ُويزه َ
يفرح المؤمنون بنصر الله ،ينصر من يشــاء وهــو
ده ف اللــه وع ـ َخل ِـ ُه ل يُ ْ ع ـدَ الل ـ ِ العزيــز الرحيــم ،و ْ
ن أكثر الناس ل يعلمون " الروم . 6-4 ولك ّ
وبعد هذا؛ فقد جمعنا لك أخي المســلم حلــول ً
لرفع راية الجهاد نحو تحريــر بيــت المقــدس مــن
ة للخذ والعطاء؛ بــل ل قابل ٌ أيدي يهود ،وهي حلو ٌ
أكثرها يحكمه الواقع ! .لذا لن يكــون الكلم عــن
الجهاد اليوم كلما ً ارتجاليا ً نظريا ً تسعه الــدفاتر،
ل؛ بــل والخطــب والمحاضــرات كمــا بي ّن ّــاه آنفـا ً ك ّ
طرحا ً فيه شيءٌ من الواقعية – إن شاء الله . ! -
فعنـــد هـــذا؛ عـــذرا ً إليـــك أخـــي :إذا خـــانني
ذبتني آرائي؛ ولكــن حســبي قــول اجتهادي ،أو كـ ّ
ُ
تح ما استطع ُ ن أريدُ إل ّ الصل َ الله تعالى ... " :إ ْ
ُ
ت وإليـه أنيــب " وما توفيقي إل ّ بالله عليــه تــوكل ً
هود ،88وقوله " :فاتقوا الله ما اســتطعتم "...
التغــابن ،16وقــوله " :ل يكلــف اللــه نفســا ً إل ّ
وسعها " البقرة . 286
فطرحنــا إذن للجهــاد فــي أرض فلســطين،
ة كما يلي : ك كثير ٍ ق ،ومسال ٍ ل في طرائ َ مجم ٌ
وةُ العزيمة ،وجلءُ الرغبة في ـ صدقُ الّنية ،وق ّ
جهادنا لليهود في أرض فلسطين .
نعم؛ ل شك أن أكثَر المسلمين صــادقون فــي
رغبتهــم فــي جهــاد يهــود ،وإخراجهــم مــن أرض
فلســطين ،ول أبــالغ يــوم أقــول :واللــه وبــالله
ب إلى فلسطين لرأيــت عجبــا ً فتح با ٌ وتالله !؛ لو ُ
ما كان لك أن َتحلم به؛ فضــل ً أن تــراه أو تســمع
ضهم بعضا ً ب بع ُ به ،وذلك يوم ترى المسلمين يرك ُ
1ج أنظر "الجهاد طريق النصر" عبد الله ُ
غوشة ص ) (206-199بتصرف
كبير.
59
ل ،وشــبابًا، وهم يتدافعون على باب الجهــاد كهــو ً
ت قــائلهم : ف صــو َ وكبارًا ،وصغارًا؛ وكأني أتش ـن ّ ُ
ض فلســطين ل ة عبادَ الله !! فأر ُ ة السكين َ السكين َ
ر من البشر !!. تسع لمليا ِ
إل ّ أننا مع هــذا التفــاؤل الكــبير ينبغــي لنــا أل ّ
س أمرا ً مهم ـًا؛ أحســبه مــن الهمي ّــة بمكــان !، نن َ
وإل ّ ذهبــت آماُلنــا ،وحلوُلنــا هبــاءً منثــورا ً أدراج
ل ومن بعدُ !! . الرياح كما ُيراد لها من قب ُ
ة،ة خطيــر ٍ ة حقيقــ ٍ ن فــي معرفــ ِ وذلــك كــام ٌ
وهي :أن قضايا المة السلمية لــن تتغيــر أبــدًا،
كمــا أنهــا ســتبقى أمــدًا؛ إذا مــا عّلقنــا آمالنــا،
وحلوَلنا يوما ً من اليام بأيدي وسياسة أكثر حكام
المسلمين !! .
ة ينبغي أن تكون نصب أعيننــا، إن هذه الحقيق َ
ة عندنا ! . ة مسّلم ً وقضي ً
ة ،وإن ق مهم ـ ً ب علينــا أن نعلــم حقــائ َ كما يج ـ ُ
ق ؟! ،أقــول لــك : سألتني عن بعض هــذه الحقــائ ِ
ة أفغانســتان إن العالم السلمي ل ينســى قضــي َ
ة
مع الشيوعيين ،يوم انتظر المسـلمون مـن دولـ ٍ
دم ة أن ترفـــع رايـــة الجهـــاد ،وأن تتقـــ ّ إســـلمي ٍ
بجيوشــها وعتادهــا لتحــّرر بلد المســلمين مــن
قبضة الشيوعيين !! .
وعندما طال النتظار ،ويأس أهل أفغانســتان
عند ذلك انتفضت حفائظ المسلمين هنــاك ،وثــار
طلبة العلم ،وقام المصلحون فــي إنقــاذ بلدهــم
مـــن طغيـــان ،ووحشـــية النظـــام الشـــيوعي
الكــافر ... 1نعــم؛ قــاموا قــومت الليــث الكاســر،
ف المســلمون حــول طلبــة العلــم ليقومــوا والت ـ ّ
1ج نعم؛ هناك بعض المآخذ الشرعية على بعججض القججادة الفغججان ،ليججس هججذا
مح ّ
ل مناقشتها ! .
60
بـــواجبهم نحـــو بلدهـــم؛ ضـــاربين بتنديـــدات
عـــرض واســـتنكارات أكـــثر حكـــام المســـلمين ُ
دهم ،ورفعوا هروا بل َ الحائط ! ،فكان منهم أن ط ّ
ث العــابثين ة ترفرف فوق جث ـ ِ فاق ً راية السلم خ ّ
ببلدهم ! .الله أكبر .
كما ل ننس ما صنعه أبطال المسلمين وليوث
المجاهــدين فــي أرض البوســنة والهرســك يــوم
أعلن العالم الغربي الكافر وقف القتــال ،ووضــع
ما علــم طلبــة ل هذا ل ّ الهدنة ،وطرح السلم !! .ك ّ
العلم والمجاهــدون أن التنديــدات والســتنكارات
لــن تفعــل شــيئا ً ! .لــذا هّبــوا وحــدانا ً وزرافــات
ممتثلين قول الشاعر :
طاُروا إليـه َ مه له ْ جذَي ْ ِ دى نا ِ م إذا ال ّ
شّر أب ْ َ قو ٌ َ
دانـا ح َ و ْو ُ ت َ َزَرافا ٍ
فــي من ي َن ْـدُُبه ْ حي ـ َ م ِ ه ْ ن أخــا ُ ســأُلو َل يَ ْ
هانـا) (
1
ل ب ُْر َقا َعلى مـا َ ت َ الّناِئبا ِ
وهل ينسى أحدٌ من المسلمين ما فعله رجــال
وأســود الشيشــان يــوم انتظــروا أن ترفــع رايــة
الجهــاد مــن بلد المســلمين ،أو تــأتي الجيــوش
ما كان مــا العربية لتنقذ مسلمي الشيشان !! ،فل ّ
كــان قــام المجاهــدون يــدافعون عــن أرضــهم
وبلدهم ورفع الظلم عن إخوانهم ...فكان لهــم
م الغربــي مــه العــال َ ُ عل ِ َ ما سجله التأريخ لهم ،ومــا َ
أجمــع عنهــم ،بــأن هنالــك رجــال ً ل كالرجــال،
ونفوس ـا ً ل كــالنفوس ،وأبطــال ً ل كالبطــال !! .
إنهم مســلمون اشــتروا الجنــة بالحيــاة الــدنيا !!،
وباعوا أنفسهم من الله تعالى !! نعــم " :ربحــت
البيعة ".
1ج ج انظججر "حماسججة أبججي تمججام" شججرح العلججم الشججنتمري ) . (1/358وهججذه
ل من ب َل ْعَن ْب ََر بن عمرو بن تميم .
القصيدة لرج ٍ
61
وليست أرتيريا عنا ببعيد يوم قام طلب العلم
بــواجبهم نحــو بلدهــم ودينهــم فرســانا ً وأبطــال ً
يجولون الصحاري ،ويصعدون الجبال ،ويخوضــون
ل هذا لعلمهم الصادق أن بلدهم لــن البحار ...ك ّ
تتخلـــص مـــن أيـــدي النصـــارى والعلمـــانيين إل ّ
بدمائهم ،وأرواحهم! ،في حيــن أنهــم قــد ركلــوا
بأقــدامهم مــا يتشــدق بــه غيرهــم مــن أذنــاب
الغرب !.
وهــذه كشــمير ،فحــدث عنهــا ول حــرج ،يــوم
ة ،وهذه ة باكستان غير مّر ٍ قامرت بقضيتها حكوم ُ
ث الهندُ لــم تــزل تقتــل منهــم كيــف تشــاء ،وتعبـ ُ
د
بــأرواحهم كمــا تشــاء ،والعــالم الســلمي بعــ ُ
يستنكُر ويندّدُ !! ،وغيرها كثيٌر من بلد المسلمين
ل سيما جنوب الفلبين ،وأندونيسية ...الخ .
ة كلمــي هــذا :أن نعلــم أن قضــية صــل ُ
ومح ّ
ة علــى أبنائهــا مــن المســلمين، قف ٌ فلسطين متو ّ
كالمجاهـــدين مـــن العلمـــاء ،وطلبـــة العلـــم،
والمصلحين الناصحين . ! ...
م أحدٌ من أبنــاء المســلمين هــذه فلبد أن يقو َ
اليــام -خاصــة -بحمــل رايــة الجهــاد ،ويرفعهــا
ة فوق رؤوس يهود في أرض فلسطين ،أو فاق ًخ ّ
غيرهــا مــن بلد المســلمين .وعنــد ذلــك ســوف
ف جمــوع المســلمين بطريــق أو آخــر حــوله، تلت ـ ّ
دنا مع اليهود -إن شاء الله . - ذ جها ُ وسيبدأ عندئ ٍ
كمــا أّننــي مــن هــذا المكــان أنــادي كافــة
المسلمين قائل ً لهم :
ح ّ
قه " ؟! فب َسي َخذُ ال ّن يأ ُ م َ " َ
ُ
لجل هذا فإني أريد أن أبرهــن صــدق تفاؤلنــا
اليوم مع يهــود بموقــف النــبي صــلى اللــه عليــه
62
وسلم مع يهود بني النظير ! ،ل ســيما إذا علمنــا
صة بني النظير في زمن الرسول صلى الله أن ق ّ
ة فــي أبعادهــا ،وأحوالهــا، عليــه وســلم مماثلــ ٌ
وملبساتها بيهود اليوم في فلسطين ،فما أشبه
الليلة بالبارحة ! ،فاليهودُ يهود ولو هملجت بهــم
ل الكفـــر حميـــُر أمريكـــة ،أو طّبلـــت لهـــم دو ُ
قاطبة ! .
كما مّر معنــا أن يهــود بنــي النظيــر قــد نكثــوا
العهــد ،ونقضــوا الوعــد يــوم أرادوا إلقــاء الحجــر
على رأس الرسول صلى الله عليه وســلم ،فعنــد
هـــذا قـــام رســـول عليـــه الصـــلة والســـلم
بمحاصرتهم بالكتائب ،وقــال " :إنكــم ل تــأمنون
هدوني عليه ،فــأبوا أن يعطــوه عندي إل ّ بعه ٍ
د ُتعا ِ
عهدًا ،فقاتلهم يومهم ذلك هو والمســلمون ،ثــ ّ
م
قريظــة بالخيــل والكتــائب – غدا الغــد علــى بنــي ُ
هــدوه، وترك بنــي النضــير – ودعــاهم إلــى أن ُيعا ِ
فعاهدوه فانصرف عنهم ،وغدا إلى بنــي النضــير
بالكتائب فقاتلهم حتى نزلوا على الجلء ،وعلــى
ن لهــم مــا أقل ّــت البــل إل ّ الحلقــة – الســلح ،- أ ّ
ّ
فجاءت بنو النضير ،واحتملوا ما أقلت البــل مــن
أمتعتهم ،وأبواب بيــوتهم ،فيهــدمونها فيحملــون
ما وافقهم من خشبها). (1
ويقول ابن هشام في " سيرته" ":ونزل فــي
بني النظير سورة الحشر بأسرها ،يذكر فيهــا مــا
أصابهم الله به من ِنقمته .وما سّلط عليهــم بــه
ل بــهمـ َ رســوَله صــلى اللــه عليــه وســلم ،ومــا َ
ع ِ
فيهــم ،فقــال تعــالى " :هــو الــذي أخــرج الــذين
1ج انظر " المصنف" لعبد الججرزاق ) ،(361-5/358وأبججو داود )،(407-3/404
و"الججدلئل" للججبيهقي ) ،(448-3/446وانظججر "فتججح البججاري" لبججن حجججر )
. (7/331
63
كفروا من أهل الكتاب من ديــارهم لول الحشــر
مــا ظننتــم أن يخُرجــوا ،وظّنــوا أنهــم مــاِنعُتهم
ث لــمصــوُنهم مــن اللــه ،فأتــاهم اللــه مــن حيـ ُ ح ُ ُ
ب يخّربــون يحتســبوا ،وقــذف فــي قلــوِبهم الّرعـ َ
بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين ( ،وذلك لهدمهم
ف أبــوابهم إذا احتملوهــا " : . جــ ِبيــوتهم عــن ن ُ ُ
فاعتبروا يــا ُأولــي البصــار ،ولــول أن كتــب اللــه
عليهــم الجلء " ،وكــان لهــم مــن اللــه ِنقمــة " :
ذبهم فــي الــدنيا ( أي بالســيف " :ولهــم فــي لع ّ
الخرة عذاب النار " مع ذلك ) ( .
1
64
3ـ أنهم ازدادوا ثباتا ً وقوةً يوم تحالف معهم
بعض الحلف .
ســافر وهذا حاصل ليهود اليوم في تحالفها ال ّ
دول الغرب الكافر !. مع أمريكة و ُ
ما المسلمون آنذاك فحالهم مع بنــي النظيــر أ ّ
ه بحالنا هذه اليام بعض الشئ ،وذلك في . شبي ٌ
4ـ أن المسلمين ظنوا أنهم لن يقدروا على
إخراج بني النظيــر مــن حصــونهم؛ لعلمهــم أنهــا
ة ،وعندهم من الشجاعة والقتــال مــا ن قوي ٌحصو ٌ
يحملهم على الدفاع عن بلدهم ...وعنــدهم مــن
أدوات الحــرب الكــثير مــا لــم يكــن يخفــى علــى
المسلمين ! .
ه بحالنا مع اليهود ،مــع علمنــا أنهــم وهذا شبي ٌ
يملكــون مــن القــوى العســكرية مــا ل يخفــى
علينا ! .
ما إذا سألت عــن الفــوارق بيــن حالنــا وحــال أ ّ
د؛ لكن بحسبنا المسلمين آنذاك فهي كثيرةٌ ل تح ّ
منها :الصدق مع الله تعــالى فــي قتــال اليهــود،
ف في بيان البون الشاســع وهذا الفارق وحده كا ٍ
بيننا وبين من سبقونا من الصادقين !.
صدَقَ الّنبي صّلى الله عليه وسّلم ومن وهذا يوم َ
معه في قتال بني النظير ،مع علمهم السابق أن
بنــي النظيــر يملكــون مــن العــدة والعتــاد الشــئ
الكثير كما أسلفنا؛ إل ّ أنهم امتثلــوا لمــر نــبيهم،
ذ الّنصــُرقوا مــع اللــه تعــالى ،فكــان حينئ ٍ صــدَ ُ و َ
ما علم الله تعــالى فهم ،والعّزةُ لهم .وذلك ل ّ حلي َ
منهم الصدق وامتثالهم للمر مباشــرة – نصــرهم
الله تعالى حين أرســل جنــودا ً لــم يروهــا ،جنــودا ً
ليسوا من البشر ول من الملئكة؛ بل جنــودا ً مــن
65
ف فــي ب والخــو َ السماء حين أنــزل عليهــم الرع ـ َ
قلــوبهم ،فمــا كــان منهــم إل ّ أن ألقــوا الســلح،
ي
وجعلــوا مــع هــذا يخربــون بيــوتهم بأيــديهم؛ وأ ّ
ة يــوم يقــوم الواحــد ة بعــد هــذا مــن حســر ٍ حســر ٍ
بنقض بيته الذي طالما بناه وشيده ؟!.
إنهــا النتصــارات اللهيــة ،يــوم تعجــز القــوى
البشرية ،وتنقطع الســبل الكونيــة ،فل حــول ول
قوة إل ّ بالله ،قال تعالى " :يا أيهــا الــذين أمنــوا
مكم " محمــد ت أقدا َ ن َتنصروا الله ينصْركم ويثب ّ ْ إ ْ
.7
صدُقَ مع الله تعالى نياِتنــا فــي فجديٌر بنا أن ن َ ْ
ل يهود فلسطين ! ،لننا إذا صدقنا الله تعالى قتا ِ
فسوف يتوّلى الله تعالى المسلمين حيــن يخــذل
يهود ،ويقلب كيدهم عليهم ،هذا إذا ما قاموا هم
ة حربيــة ! ،وليــس بتخريب ما عنــدهم مــن أســلح ٍ
هذا على الله بعزيز ،لكن هذا المر صائٌر بأيــدينا؛
صدُقُ مع الله تعالى . عندما ن َ ْ
ح لخواننــا ل الســل ِ ل الّثــاني :إدخــا ُحــ ّ
ال َ
ق أو آخــر ،وهــذا المسلمين داخل فلسطين بطري ٍ
ل ما أظّنه من الصعوبة بمكان ،هذا إذا علمنــا الح ّ
أن الحدودَ كّلها إسلمية ،فخــذ مثل ً مــن الغــرب :
البحــر البيــض المتوســط ومصــر ،ومــن الشــرق
سورية والردن ،ومن الجنوب خليج العقبة ،ومن
الشــمال لبنــان ،وأكــثر هــذه الحــدود مكشــوفة
يستطيع الواحد المرور عبرها ،ل سيما سيناء ! .
لوقد تقول كيف هذا ؟ .أقــول لــك :هــل أه ـ ُ
تهريــب المخــدرات الــذين يســعون فــي الرض
فسادا ً أحكم ،وأعلم ،وأوفق من المصلحين ؟! .
ذ تتحقـــق نعـــم؛ إذا صـــدقت العزيمـــة ،فحينئ ٍ
66
الهداف سواء كانت خيرا ً أو شرا ً !.
ث :تشجيع بعض الجماعات التي ل الّثال ُ ح ّال َ
م كـبيٌر فـي قضـية فلسـطين ل سـيما لها اهتمـا ٌ
جماعة "حماس" وغيرها ،فهذه الجماعــة ل شــك
رها وطاقاِتها في تتبــع م أفكا ِ معظ َ ت ُأنها قد قض ْ
ذ أن تنزل فــي قضية فلسطين ،فكان عليها حينئ ٍ
ة ل سيما أن المســلمين هــذه اليــام الميدان بقو ٍ
ً
لهم حنقا على يهود) (.
1 تغلي مراج ُ
ع :تشجيع العمليات الجهادية في ل الّراب ُ ح ّال َ
نفــوس المســلمين الــذين فــي فلســطين) ( مــع
2
67
وذلــك بــأن تتضــافر جهــود المســلمين ،وتجتمــع
ف
حـــد دعـــوتهم علـــى رفـــع أكـــ ّ كلمتهـــم ،وتتو ّ
الضـراعة إلـى اللـه تعـالى؛ بحيـث يلهـج بالـدعاء
قرابــة ) مليــار ( مســلم ســواءٌ فــي مســاجدهم
فرادى . ة ،أو في صلواتهم ُ جماع ً
س :المقاطعــة القتصــادية ســاد ُ ل ال ّ حــ ّ
ال َ
للمنتجــات اليهوديــة ،والمريكيــة ،والبريطانيــة
بجميع أنواعها وأشكالها الصغير منها والكبير). (1
ل أراه من أهم الحلــول المهمــة بعــد وهذا الح ّ
ت أخــي الحــل الول دون منــازع !؛ هــذا إذا علم ـ َ
ن اليهود هم المسلم أن العالم الوربي ل سيما أ ّ
عّباد الدرهم والــدينار ! ،لــذا يعتــبر القتصــاد هــو
شريان الحياة لديهم ،فهــم قــد يقبلــون التنــازل
عرضــهم ،أو ل شــئ ســواءٌ فــي دينهــم ،أو ِ في ك ّ
مــا المــال فل يقبلــون أرواحهم ،أو عقــولهم ...أ ّ
ل كان !!. ي حا ٍ فيه تنازل ً بأ ّ
ت :أن مقاطعــة فعنــد هــذا ل أبــالغ إذا قلــ ُ
المسلمين للمنتجات اليهودية والمريكية سيكون
له الثر الكبير في كشف عــورة يهــود ،وســقوط
هيمنة أمريكة ! .
ب بنصرة إخوانه المســلمين، ل مسلم ٍ مطال ٌ فك ّ
وبمجاهــدة أعــداء الــدين ل ســيما اليهــود ومــن
عاونهم بقدر ما يملك من استطاعة .
وفي قصة ثمامــة بــن ُأثــال ســيد بنــي حنيفــة
عبرة ،يوم أخذ علــى نفســه أل ّ يصــل إلــى كفــار
1ج أخي المسلم إن مقاطعتنا للمنتجات اليهودية لججن يتججم مججا لججم نقججاطع فججي
الوقت نفسه جميع الدول التي تساند اليهود جهارا ً نهججارا ً كأمريكججة،وبريطانيججة
وغيرها؛ لن منتجات اليهود ليست بذلك النتشار القججوي ،كمججا أن كججثيرا ً منهججا
متست ٌّر تحت أسماء شججريكات أمريكيججة؛ لججذا كججان اعتمججاد يهججود علججى اقتصججاد
أمريكا كبيرا ً جدا ً !.
68
مكة حبة حنطة حتى يأذن رسول الله صــلى اللــه
عليه وسلم ،فأذن له النبي صلى الله عليه وسلم
ميَرِتهــم ") (1البخــاري ن ِمي وبي َ و ِق ْ ن َل َبي َخ ّن َ
":أ ْ
ومسلم .
ذ نحن المسلمين هذه اليام في فشعارنا حينئ ٍ
حرب المقاطعة ،قوُله صّلى الله عليه وسّلم :
" وي َ ُ
كان َله أ َ
حدٌ " ب لو َ حْر ٍعُر َس َ م ْ مه ِ لأ ّ
ر ـ ـ رضــي اللــه عنــه ـــ، وهذا ما فهمه أبو بصي ٍ
يوم قالها له النبي صلى الله عليه وسلم بعــد أن
انفلت من المشركين لما أسلمه النبي صلى الله
د قريــش ،فـأتى ســيف البحــر عليه وســلم لقاصـ ِ
ؤذون قريش ـا ً فــي فانضم إليه جماعــة ،فكــانوا ي ُـ ْ
تجــارتهم ،فرغبــوا مــن النــبي صــلى اللــه عليــه
وسلم أن ُيؤويهم إليه ليســتريحوا منهــم ،ففعــل
النبي صلى الله عليه وسلم). (2
ل مســلم ٍ أن ونحــن مــن خلل هــذا نطــالب ك ـ ّ
يجاهد اليهــود ومــن عــاونهم بقــدر اســتطاعته ل
سيما بـ "بطنه"! ،وذلك بمقاطعة منتجاتهم .
س أخي المسلم أن الله تعالى طلب من ول تن َ
ل مــال مسلم أن يقاتــل الكفــار المحــاربين بكـ ّ ك ّ
وة .قــال تعــالى " :وجاهــدوا يملك من عتاد وق ـ ّ
ق جهاده ،هو اجتباكم وما جعل عليكــم في الله ح ّ
مله أبيكم إبراهيم " ...الية ّ في الدين من حرجِ ،
فة كمــا الحج . 78وقال " :وقاتلوا المشركين كا ّ
فــة " ...التوبــة ،36وقــال " :فــإن ُيقــاتُلونكم كا ّ
قــاتلوكم فــاقتلوهم كــذلك جــزاء الكــافرين " ...
ة
اليــة البقــرة ،191وقــال ... " :فقــاتلوا أئمــ َ
ن لهم لعّلهم ينتهــون " التوبــة ر إنهم ل أيما َ الكف ِ
1ج أخرجه البخاري ) ،( 4372ومسلم ) ،(1764وغيرهما بألفاظ مختلفة .
2ج أخرجه البخاري ) (183-11/180حديث ). (2731،2732
69
،12وقال تعــالى " :وأعــدوا لهــم مــا اســتطعتم
و اللــه هبــون بــه عـدُ ّ ل ُتر ِ
ط الخي ِ ربا ِة ومن ِ و ٍ
ق ّمن ُ
وعـدوكم وآخريـن مـن دونهـم ل تعلمـونهم اللـه
ف و ّ يعلمهم وما تنفقوا من شئ في سبيل الله ي ُ َ
إليكــم وأنتــم ل ُتظلمــون " النفــال ،60وقــال
تعالى " :قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخــوانكم
ل اقترفتموهـــا وأزواجكـــم وعشـــيرُتكم وأمـــوا ٌ
ب ونها أحــ ّ ض ْ
شون كسادها ومساكن تْر َ خ َوتجارةٌ ت َ ْ
إليكــم مــن اللــه ورســوِله ،وجهــاٍد فــي ســبيله
ي اللــه بــأمره ،واللــه ل يهــدي صوا حتى يــأت َ فترب ّ ُ
القوم الفاسقين " التوبة . 24
قط عن المسلم القــادر بمــا فالجهاد إذا ً ل يس ُ
ب منــك أخــي يستطيع ،ومنه كان الجهادُ المطلــو ُ
المسلم مع اليهود اليوم مهما ً جدًا؛ كما ل تحسبه
مقتصرا ً على القتال في ساحات المعركة؛ كل ّ !؛
بــل هــو فــوق هــذا ،فمنــه جهــاد البنــان ،وجهــاد
اللســان ،وجهــاد المــال ،كمــا أنــه اليــوم جهــاد
المقاطعة ! .
دها :ة ،وَر ّ شْبه ٌ ُ
ل أخي المســلم بعــد هــذا مــاذا يــا تــرى ول تق ْ
الذي ُأقاطعه من المنتجات اليهودية والمريكيــة،
وأنا واحدٌ ل أث َـَر لمقــاطعتي فــي أشــياء صــغيرة
ل ،أو غيرهــا مــن كشــراء قــارورة " بيبســي" مث ً
ل فــي ميــزان المقاطعــة الشــياء الــتي ل تفعــ ُ
شيئا ً ؟! .
أقول أخي المسلم أنت بهـذا قـد فعلـت أمـرا ً
عظيمًا ،وجهادا ً كبيرا ً وذلك حين تعلم ما يلي :
1ـ أنك ساهمت في الجهـاد السـلمي ضـد
ت أجر الجهاد فلكأنك اليهود ومن عاونهم ،وكسب َ
70
ت ،كمــا يقــول النــبي صــلى اللــه عليــه قد جاهــد َ
ة
د ثلث ـ ً ل بالســهم الواح ـ ِ خ ُ ن اللــه لي ُــد ِ وسلم " :إ ّ
ب فـــي صـــنعِته الخيــَر ســـ ُ ه ،يحت ِ ة :صــاِنع ُ الجّنــ َ
مدّ به "...أحمد ،وابن ماجه ). (1 م ِ
والّرامي به ،وال ُ
وقــال صــلى اللــه عليــه وســلم ":جاهــدوا
تكم"). (2 سن ِسكم ،وأل ْ ِ المشركين بأمواِلكم ،وأنف ِ
ةســك وخاصــ َ فــأنت أخــي المســلم عليــك نف َ
أهِلك ،لذا عليك الجهاد قدر استطاعتك كمـا قـال
ســكم ل تعالى " :يا أيها الــذين أمنــوا عليكــم أنف ِ
ل إذا اهتـديتم إلـى اللـه مرجعكـم ضـ ّ ضّركم من َ ي ُ
جميعا فُينّبئكم بما كنتم تعملــون " المــائدة .105 ً
وقال تعالى " :يا أيها الذين أمنوا قــوا أنفســكم
وأهليكــم نــارا ً وقودهــا النــاس والحجــارة عليهــا
ظ شــدادٌ ل يعصــون اللــه مــا أمرهــم، ملئكــة غل ٌ
ويفعلون ما يؤمرون " التحريم . 7
س أن جهنــم الــتي اســتعاذ منهــا كمــا ل تنــ َ
الولون والخرون من النبياء والمرسلين وسائر
المؤمنين ! ،يســتطيع الواحـد مــن المســلمين أن
يّتقيها بالقليل ! ،كما قال النبي صلى الله عليــه
ة ،فــإن لــم ق تمــر ٍ وسلم " :اتقوا النــاَر ولــو بشـ ّ
ة " متفــق عليــه) . (3فهــذا ة طيبــ ٍ تجــدوا فِبكلمــ ٍ
ة يمنــع ة الواحــد ِ ق التمــر ِ
ش ّ ن ِ ل على أ ّ الحديث دلي ٌ
ن مــن يّتقيهــا بعشــر صــاحبها الن ّــاَر ! ،فكيــف إذَ ْ
تمرات قيمتها ذلكم " الريــال " الــذي يقــاطع بــه
قارورة "بيبسي" !.
71
دين على ن أعداءَ ال ّ 2ـ أخي إنك بريالك هذا ُتعي ُ
قتـــل إخوانـــك مـــن المســـلمين ! ،كمـــا يقـــول
تعــال ... ":ول تعــاونوا علــى الثــم والعــدوان،
واتقوا الله إن الله شديدُ العقاب" المائدة .2
3ـ ل تنظر أخي المسـلم إلـى ريالـك بعيـن
ن ريال َــك ســوف ق؛ يوم تعلــم أ ّ ة ،وحكم ٍ ضي ٍ قاصر ٍ
ل غيرك من المسلمين وهكذا . م مع ريا ِ ض ّ
ي َن ْ َ
وعنــد حســاباتنا التقريبيــة ســتعلم أخــي أنــك
مجاهدٌ كبيٌر يوم شــاركت المســلمين بمقاطعتــك
درنا أن خمســمائة قارورة "بيبسي" ،فمثل ً لــو ق ـ ّ
مليــون مســلم مــن المليــار؛ ســوف يقــاطعون
قــارورة "بيبســي" ! ،فــإذا حســبنا هــذه المــوال
خلل سنة سيكون العدد كبير جدا ً .
نوضحه بما يلي =12 × 30 × 500000000 ) :
( 180000000000ريال ،أي :مائة وثمانون مليار
ريال !! .
د لقــارورة ل واحــ ٍ ة بريــا ٍأخــي هــذه مقاطعــ ٌ
"بيبســي" فقــط ،فكيــف بــك إذا اجتهــدت فــي
مقاطعة الكثير من منتجات اليهود ومــن عــاونهم
ل سيما المريكية منها ؟! .
شِائر :هناك بعض البشارات التي ُتشير بأن بَ َ
المقاطعــــة الســــلمية للمنتجــــات اليهوديــــة
والمريكية قد أتت ُأكلهــا ونجحــت :فقــد نشــرت
بعــض الصــحف :أن المقاطعــة العربيــة ألحقــت
باليهود خسارة ) ( 48مليار منذ قامت المقاطعة
!.
كمــا نشــرت جريــدة " الحيــاة " ) /28شــعبان/
1421هــــ ( :أن خســـائر شـــركات التكنولوجيـــة
اليهودية في الوليات المتحــدة بلغــت منــذ بدايــة
72
المقاطعة ) ( 20مليار دولر ! .كما أكدت بعــض
المصادر أن بعض الشركات اليهوديــة والمريكيــة
قد انخفضت مبيعاتها في مصر إلى ) - ،! ( %80
لله دّرك يا مصر . -
ة فــي وقبــل هــذا؛ أحببنــا نــذكر فتــوى مهمــ ً
وجوب مقاطعة منتجات اليهود وأمريكة وغيرهــم
من لهم يدٌ في مساندة اليهود : م ّ
وهــي لفضــيلة شــيخنا العلمــة عبــد اللــه بــن
جبرين حفظه الله :
ص السؤال :ل يخفى عليكــم مــا يتعــرض لــه ن ّ
إخواننا الفلسطينيين فــي الرض المقدســة مــن
قتل واضــطهاد مــن قبــل العــدو الصــهيوني ،ول
شك أن اليهود لم يمتلكوا ما امتلكــوا مــن ســلح
وعدة إل بموازرة من الدول الكبرى وعلى رأسها
إمريكا ،والمسلم حينما يرى ما يتعرض له إخواننا
ل يجد سبيل ً لنصرة إخــوانه وخــذلن أعــدائهم إل
بالــدعاء للمســلمين بالنصــر والتمكيــن ،وعلــى
العداء بالذلة والهزيمة ،ويرى بعض الغيورين أنه
ينبغــي لنصــرة المســلمين أن تقــاطع منتجــات
إسرائيل وأمريكا ،فهل يــؤجر المســلم إذا قــاطع
تلــك المنتجــات بنيــة العــداء للكــافرين وإضــعاف
اقتصادهم ؟ وما هو توجيهكم حفظكم الله .
الجـــواب :عليكـــم الســـلم ورحمـــة اللـــه
وبركاته ...وبعد :
يجب على المسلمين عموم ـا ً التعــاون علــى الــبر
والتقوى ومساعدة المسلمين في كل مكان بمــا
يكفل لهم ظهورهم وتمكنهم في البلد وإظهــار
شعائر الدين وعملهم بتعاليم الســلم وتطــبيقه
للحكام الدينية وإقامــة الحــدود والعمــل بتعــاليم
73
الدين وبما يكون سببا ً في نصــرهم علــى القــوم
الكافرين من اليهود والنصارى ،فيبذل جهده في
جهاد أعداء الله بكل ما يستطيعه؛ فقــد ورد فــي
الحــــديث " :جاهــــدوا المشــــركين بــــأموالكم،
وأنفسكم ،وألســنتكم " فيجــب علــى المســلمين
مســاعدة المجاهــدين بكــل مــا يســتطيعونه مــن
ل مــا فيــه القــدرة ،وعليهــم أيض ـا ً أن يفعلــوا ك ـ ّ
ف للكفــار أعــداء الــدين ،فل يســتعملونهم إضــعا ٌ
حســابا ً أو مهندســين أو كعمــال للجــرة كّتاب ـا ً أو ُ
خداما ً بأي نوع من الخدمة التي فيها إقــرار لهــم ُ
وتمكين لهم بحيــث يكتســحون أمــوال المــؤمنين
وُيعــادون بهــا المســلمين ،وهكــذا أيضــا ً علــى
المســـلمين أن ُيقـــاطعوا جميـــع الكفـــار بـــترك
التعامل معهم وبترك شراء منتجاتهم سواء كانت
نافعــة كالســيارات والملبــس وغيرهــا أو ضــارة
كالــدخان بنّيــة العــداء للكفــار وإضــعاف قــوتهم
وتــرك ترويــج بضــائعهم ،ففــي ذلــك إضــعاف
ذلهــم وإهــانتهم، لقتصادهم مما يكون سببا ً في ُ
والله أعلم .قاله وأمله :
عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين
27/7/1421هـ
ويقول الشيخ حمد بن عتيق -رحمه اللــه " : -
فأما معاداة الكفــار والمشــركين فــاعلم أن اللــه
سبحانه وتعالى قد أوجب ذلك وأكد إيجابه ،وحرم
موالتهم وشدد فيها ،حتى أنــه ليــس فــي كتــاب
ن مــن الله تعالى حكم فيه من الدلة أكثر ول أب ْي َـ َ
هذا الحكم بعد وجوب التوحيد وتحريم ضده " .
ومــا أجمــل تلــك العبــارة الــتي ســطرها أبــو
الوفاء بن عقيل -رحمه الله -قــائل " :إذا أردت
74
أن تعــرف محــل الســلم مــن أهــل الزمــان ،فل
تنظر إلــى زحــامهم فــي أبــواب الجوامــع ،وإنمــا
انظر إلى مواطئتهم أعداء الشــريعة ،عــاش ابــن
الّراوندي والمعـّري عليهــم لعــائن اللــه ينظمــون
وينــثرون كفــرا ...وعاشــوا ســنين ،وعظمــت
قبورهم ،واشتريت مصنفاتهم ،وهــذا يــدل علــى
برود الدين في القلب " .
فإذا تقّرر ذلك أخي المســلم الكريــم كــان لنــا
أن نوقفـــك علـــى بعـــض المنتجـــات اليهوديـــة
والمريكية وغيرها من الدول التي تعين يهــود !؛
ن لك طريق المجرمين . كي تستب َ
ن الشــركات والمنتجــات اليهوديــة كأ ّ ل شــ ّ
د ،ول والمريكيــة كــثيرةٌ جــدًا؛ ل يحصــيها عــا ّ
ن أحــدا ً مــن تأ ّ ب؛ بل ل أبالغ لــو ُ
قل ـ ُ عها كتا ٌ يس ُ
ة يهوديــة ،أو ل ســلع ٍ النــاس لــو أراد أن يقي ّـدَ ك ـ ّ
أمريكيــة لخــرج بمجل ّــدات ضــخمة ! ،لجــل هــذا
ع وذاك؛ كان من المناسب أن نذكَر ضــابطا ً يجمــ ُ
ة يهوديــة ،أو أمريكيــة ،اختصــارا ً ل ســلع ٍ لنــا كــ ّ
للوقت ،وحفظا ً للبحث .
ةة ،أو أمريكيـ ٍ ة يهودي ـ ٍل ســلع ٍ ن كـ ّفــأقول :إ ّ
يجب مقاطعتها ،ويدّلك على هذا ما يلي :
ع أمريكة "، صن ُ ب عليها ُ " : 1ـ إذا كان مكتو ٌ
أو . USA :
2ـ إذا كانت هذه السلعة مبدوءةٌ بمجموعة
م الول منها أرقام تأتي تحت شكل أعمدة ،الرق ُ
يرمُز إلى الدولة ،فرقم أمريكة هو ) ،( 0ورقــم
بريطانيـــة هـــو ) ( ،ورقـــم فرنســـا هـــو )،(3
وهكذا .
ـ قد يرد سؤال بأنه إذا لم أجــد بــديل للمنتــج
75
ل ؟. المريكي فما الح ّ
ذ اســتخدامه فــي أضــيق الجواب :عليــك حينئ ٍ
الحــدود ،مــع الســعي الــدؤوب ليجــاد البــديل،
والتجربــة اليابانيــة خيــر شــاهد للعيــان فــي هــذا
ج الــذي منتـ َن ال ُ عت َب ِـَر أيضـا ً أ ّ المجال ،كما لنـا أن ن ْ
منتجـــا ً قـــد انتهـــت صـــلحيته؛ نـــودّ مقـــاطعته ُ
كن ! . ول ْي َ ُ
َ
ع :التبرعات الماليــة ،وهــذا ل ّ ُساب ال لّ ح
َ ال
شــك أنــه مــن الحلــول المهمــة؛ كيــف ل؛ واللــه
تعالى أمرنا بالنفاق في سبيله في غير آية؛ بل
ع مــن ع مواض ـ َ س في ســب ِ دمه تعالى على النف ِ ق ّ
ل علــى أهميــة النفــاق القــرآن ،وفــي هــذا دليـ ٌ
بالمال في سبيل الله تعالى .
فإذا كان النفاقُ في سبيل الله تعالى بهــذه
ة الكبيرة من الهميــة؛ إل ّ أن ّــه أصــبح هــذه الدرج ِ
ج إلــى ر الــتي تحتــا ُ اليام – للسف – مــن المــو ِ
ً
ل هذا إذا علمنا أن كــثيرا مــن ث !؛ ك ّ ل ،وتري ّ ٍ تأم ٍ
ة
ت مشــبوه ٌ الذين ُينـادون بجمـع التبرعـات جهــا ٌ
ليســـوا محل ً للمانـــة ،ول أهل ً لهـــذا ! ،فكـــان
هــل فــي هــذه المســألة ب علينــا أن َنتم ّ الــواج ُ
رويدا ً .
لــذا؛ أرى مــن الــواجب علــى المســلمين أن
يجتهدوا في البحث عن اليدي المينة التي تأخذ
ة الـــتي تجمـــع ت المرضـــي ِ أمـــوالهم ،والجهـــا ِ
ت تعتــبُر ن كــثرا ً مــن هــذه الجهــا ِ تبرعــِاتهم؛ ل ّ
ف كيــف ر ُة !؛ َتعــ ِ ة انتهازيــ ٌ ت سياســي ٌ سســا ٌ مؤ ّ
تحّرك مشاعَر المسلمين في الوقات العصــيبة،
مهــم؛ حــتى إذا حــازت دهم وكر َ جــو َ
وكيــف تــثيُر ُ
على تلكم الموال قامت بوضعها في مصــالحها
76
السياسية !! .
ن ل ُيعتــبُر الميــزا ُ ن :وهذا الحـ ّ ل الّثام ُح ّ ال َ
ع الحلول التي مضت آنفا؛ لن ن به جمي َ ز ُ الذي ن َ ِ
ل ة ل يستطيع الّنفُر القلي ُ ل المذكور ِ ب الحلو ِ أغل َ
ة ً
مّنا أن يقوموا بها ،فكان ل بــدّ إذا مــن مرجعيــ ٍ
ق فــي ة نســتطيع مــن خللهــا أن ننطل ـ َ ت ثق ـ ٍ ذا ِ
ف هذه الحلول على أرض الواقع . توظي ِ
لذا؛ كان مــن الــواجب علــى المســلمين هــذه
اليام أن يقفوا قليل ً مع أنفسهم ،وأن ُيراجعــوا
قة ،وك َث ُـــر شـــ ّ حســـاباِتهم يـــوم زادت بينهـــم ال ّ
عدْ لهــم حهم؛ حتى لم ي َ ُ الخلف فيهم ،وذهبت ري ُ
وةٌ ! ،فمــن هنــا كــان ة ،ول ق ـ ّ بين أعــدائهم هيب ـ ٌ
حــد ب علينا جميعا ً أن تجتمــع كلمُتنــا ،وأن تتو ّ يج ُ
ة. ة أمين ٌ ة علمي ٌ فنا ،وأن يكن لنا مرجعي ٌ صفو ُ
ن جهــودا ً ك طرفة عيــن؛ أ ّ في حين أننا ل نش ّ
دمت علــى قـ ّذلت و ُ ة ،وأمــوال ً كــثيرةً قــد ب ُـ ِ كبير ً
أرض الواقــع مــن أبنــاء المســلمين؛ إل ّ أنهــا لــم
مــا غــابت ل هــذا ل ّ ت أ ُك ُُلها كما ينبغي لها !؛ كـ ّ ُتؤ ِ
ة ! ،هــذا إذا علمنــا ة المين ـ ُ ة العلمي ُ بيننا المرجعي ُ
ر، ب ،وتنظي ٍ ع هذه اليام يحتاج إلى ترتي ٍ ن الواق َ أ ّ
ة
ذ قــو ً وتنظيم ٍ للجهود والفكار؛ حتى نكون بعدئ ٍ
ءنا الــذين مــا ل بهــا أعــدا َ ة نستطيع أن نقاب َ رهيب ً
ة مُنوا بأهمّيــ ِ شر والعداء إل ّ يوم آ َ بلغوا مّنا هذا ال ّ
ة لهــا هيبُتهــا ب مرجعي ـ ٍ تنظيــم الجهــود ،وتنصــي ِ
بينهم ! .
ف حول علمائنا؛ ل ْ
فكان علينا بعد هذا أن ن َلت ّ
فهم ـا ً ة ،و َ سيما الذين ُرزقوا علم ـا ً فــي الشــريع ِ
من شهد الواقع بصدقهم ،وبلئهم في للواقع م ّ
ً
دين ،وأن ل نقطــع أمــرا دونهــم؛ ل لشــئ !؛ الــ ّ
77
ولكن توحيدا ً للجهود ،وتنظيما ً للدوار .
ع :وهو من أوسعها؛ بل إخالك س ُ ل الّتا ِح ّال َ
ة ،وواجبها على قارئهــا، ة الرسال ِ م ِتحسبه من تت ّ
ل مســلم ٍ عْيه لكـ ّ صــرا َ
م ْوذلك بفتــح البــاب علــى ِ
ح يؤمن بـالله واليـوم الخـر أن يجتهـدَ فـي طـر ِ
ة
ل الســلمية الــتي يراهــا مناســب ً ع الحلــو ِ ووضـ ِ
ة ،وفلســطين للخــروج بالمــة الســلمية عامــ ً
ة مــن هــذه الزمــات ،والنكبــات ،والضــعف، خاص ً
ة
ة ومعــذر ً ذم ـ ِ ل هذا إبراءً لل ّ والهوان ،والجهل؛ ك ّ
إلى الله تعالى .
لجل هذا كان من الواجب على من قرأ هــذه
الرسالة أن ُيراعي ما يلي :
ــ أن يســعى حثيثـا ً فـي البحــث عــن الحلـول
الشــرعية المناســبة الــتي يراهــا تخــدم المــة
السلمية ،والنصــراف عــن تلكــم الســتنكارات
قة .ر َغ ِم ْالسياسية ،والتحليلت الخبارية ال ُ
ـ وبعد بحثه عن الحلول الشرعية التي يراهــا
ل ذ أن يعرضها علــى أه ـ ِ ة؛ يجب عليه بعدئ ٍ مَناسب َُ
ع فــي خطـأ ٍ َ
العلم ِ لبداء رأيهم فيها؛ حتى ل ن َقـ َ
ث ل ندري؛ فعندها – ل سمح الله شرعي من حي ُ
ل وهكذا ! . ج حلوُلنا إلى حلو ٍ -ستحتا ُ
ـ أن ُيبّلغ ما يراهُ حقا ً من هذه الرسالة إلى مــن
يــراه مــن المســلمين؛ وأخــص منهــم العلمــاء،
وطلبة العلم .
ة
م ٌ
خات ِ َ
َ
78
ة مــا س به في معالج ِ وبعدَ أن قضينا وقتا ً ل بأ َ
ل الــتي نحــن ض الحلــو ِ ً
ح بعـ ِ مناسبا في طــر ِ نراه ُ
م ج مــا نكــون إليهــا مــن ِتل ُ
كــ ُ والمســلمون أحــو ُ
الســتنكارات السياســية ،والتوســعات الخباريــة،
ن عَنــا َ ك َ ن أمســ َ نأ ْ مــ ٌ ق ِ والتحليلت الفكريــة -ف َ
ُ ُ
ن من سيقرأ رســالتي؛ س في أذُ ِ م ،وأن أهم َ القل ِ
خطــأ، ذى ،أو َ قـ َمــا َيـراهُ مــن َ فع ّ طر َ ض ال ّ غ َ بأن ي َ ُ
ة ،أو أطُرقْ هذا ْ َ ب هذه الرسال َ وليعلم أّنني لم أكت ْ
ذبـا ً عـن قضـيتي ،لـذا ق إل ّ ُنصـحا ً لمـتي و َ الطري َ
ل ة أن يقب ـ َ ب من قارئ هــذه الرســال ِ كان المرغو ُ
ة
ى وحســر ً معذرتي وزّلتي ُيوم كتبُتها وكلــي أسـ ً
ّ
متي هذه اليام ! . على ما تعيشه أ ّ
ح
ب مفتــو ٌ ن الجتهــادَ بــا ٌ عــذري أيض ـًا؛ أ ّ فكان ُ
ة؛ فــإني ه ،والداَر الخر َ ق يرجو الل َ ح صاد ٍ ل ناص ٍ لك ّ
ب ودخوَله أسأُله تعالى أل ّ يحرمني طرقَ هذا البا َ
! ،آمين .
دمه لــك مــن جديــد !؛ ُ
فما عساني يا هذا أن أق ّ
ت ل آهــــا ٌ قــــ ْ ت ،أو ُ ت ،ون َظَــــرا ٌ خطَــــرا ٌ لكّنهــــا َ
ن ُتمســكها ت ! ،فكــان عليــك بعــد هــذا أ ْ ســرا ٌ ح َ و َ
حها بإحســان ،وهــذا ظن ّــي بــك؛ ف ،أو ُتسّر ُ بمعرو ٍ
قه ،وديَنه ،والله حسيُبك ! . خل ُ َمن نرضى ُ لّنك م ّ
ت أخــي المســلم مــا حّررُتــه لــك، فــإن قبلــ َ
س ـطرها لــك ّ ت َ ت ومحــاول ٍ قدا ٍ دمُته إليك من ن َ َ وق ّ
ل ! ،فالحمــد للــه ل ،وفكــري العلي ـ ُ خاطري الكلي ـ ُ
قه ،وإحساِنه ،وإن كانت الخرى؛ فالله على توفي ِ
تعالى هو المستعان ،وعليه التكلن ! .
م على سل ُ صلةُ وال ّ ب العالمين ،وال ّ والحمدُ لله َر ّ
ده ورسوِله المين . عب ِ
كتبه
ف
ن لعام ِ أل ٍ ر َ
شعبا َ ه ِ ن َ
ش ْ م ْ
ث بقين ِ
ة لثل ٍ
جمع ِ
مال ُ
مساءَ يو ِ
َ
79
د وعشرين ة وواح ٍوأربعمائ ٍ
غامدي
ن ال َ
دا َ
حم َ
د آل َ
ع ٍس َ
ن ّ
بب ُ ن ِ /ذيا ُ ص ْ
فوا َ أبو َ
س
ر ُ ها ِ ال َ
ف َ
المقدمــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة :
)(5-1
ن المســـــلمة . البـــــاب الول :فلســـــطي ُ
)(8-6
ف بفلســــطين . الفصــــل الول :تعريــــ ٌ
)(7-6
الفصــل الثــاني :تأريــخ الحتلل اليهــودي
)(13-8 لفلسطين .
البــاب الثــاني :فلســطين بيــن الســتنكار،
)(38-14 والخبار .
الفصــــــل الول :أهــــــل الســــــتنكار .
)(16-9
القســـــــم الول :أهـــــــل الساســـــــة .
)(17-16
القســـــم الثـــــاني :أهـــــل التعاســـــة .
)(19-18
الفصـــــل الثـــــاني :أهـــــل الخبـــــار .
)(38-20
الطـــــــرف الول :أهـــــــل الروايـــــــة .
)(27-20
أخطـــــــــــاء أهـــــــــــل الروايـــــــــــة :
)(27-21
الخطــاء الول :تغيــب الهــدف الشــرعي؛
وذلك بتفريغ طاقات المسلمين في غير محّلها .
)(22-21
همـــــــــوم الخطبـــــــــاء ،والكتـــــــــاب .
)(22-21
80
الخطـــاء الثـــاني :الوقـــوع فـــي محـــذور
)(22 التصوير .
الخطاء الثالث :إظهار السلم بأنه ضعيف
)(23 .
ب الهــدف الشـرعي؛ الخطــاء الرابـع :تغيـ ُ
وذلك بتقديم الوسيلة على الغاية .
)(24
الخطاء الخـامس :تربيـة المســلمين تربيــة
)(25-24 إخبارية مجردة .
أخطـــاء أصـــحاب " النـــترنت والـــدش " .
)(25-24
الخطــاء الســادس :ضــياع الوقــات ،وهــدر
الموال ،وتقليد الكفار (27-25).
درايـــــة .
الطـــــرف الثـــــاني :أهـــــل ال ّ
)(38-27
قضية فلسطين في ميــزان أهــل الدرايــة .
)(31-28
تعقيــب علــى كلمــة " المفكــر الســلمي "
)(28 حاشية .
تعقيب على كلمة " دولة إســرائيل " حاشــية .
)(29
تعقيب على " التفريق بين العرب والمسلمين
)(29 " حاشية .
تعقيـــب علـــى كلمـــة " الشـــرق الوســـط "
)(30 حاشية .
تعقيـــب علـــى كلمـــة " الّزخـــم " حاشـــية .
)(30
تعقيب على كلمة " الجامعة العربية " حاشية .
81
)(31-30
تعقيب على كلمة " النتفاضــة الفلســطينية "
)(31 حاشية .
منهــج النــبي صــلى اللــه عليــه وســلم فــي
)(38-32 التعامل مع الحداث .
غـــــــــــــزوة بنـــــــــــــي قينقـــــــــــــاع :
)(35-33
غـــــــــــــزوة بنـــــــــــــي النظيـــــــــــــر :
)(35
غـــــــــــــزوة بنـــــــــــــي قريظـــــــــــــة :
)(37-35
التحليلت الشــــــــــــــــــــــــــــــــــــرعية .
)(38-37
البــــاب الثــــالث :الحلــــول الســــلمية .
)(63-39
ل الســـلمي بيـــن الفصـــل الول :الحـــ ّ
)(41-39 اليجابّيات ،والسلبيات .
الحلـــول الشـــرعية بيـــن الصـــحة ومبـــدأ
)(41-39 الشورى .
الفصــــل الثــــاني :قائمــــة الحلــــول .
)(63-42
الحلــول العامــة الــتي ل تتقيــد بزمــان ول
)(42 مكان .
الحلــول الخاصــة الــتي يحكمهــا الزمــان
)(43-42 والمكان .
الحل الول :الجهاد .
)(53-43
82
مع بني النظير بواقعنا الن مع اليهود .
)(51-53
الحل الثاني :إدخال السلح لخواننا في
)(54-53 فلسطين .
الحل الثالث :تشجيع بعض الجماعات التي
لها اهتمام بقضية فلسطين (54).
كلمة خاصة لقادة جماعة حماس وغيرهم !
)(54 .
تعقيب على كلمة " العمليات النتحارية "
)(55-54 حاشية .
الحل الرابع :تشجيع العمليات الجهادية
)(54 في فلسطين .
تنبيه :يجوز قتل جميع اليهود الذين
)(55 يعيشون في فلسطين .حاشية
الحل الخامس :القنوت .
)(55
الحل السادس :المقاطعة القتصادية .
)(61-55
دها .ة حول المقاطعة ،ور ّشبه ٌ
)(59-57
فتوى في وجوب تحريم المنتجات اليهودية
والمريكية للشيخ الجبرين (60-59).
الحل السابع :التبرعات المالية ،وكيفية
)(62 توظيفها .
الحل الثامن :اللتفات حول العلماء
)(63-62 الناصحين الصادقين .
الحل التاسع :دعوة المسلمين إلى
المشاركة في طرح الحلول السلمية (63).
83
الخاتمة :
)(64
الفهارس :
)(67-65
84