You are on page 1of 34

‫حقيقة‬

‫دعوة الخوان السلمي‬

‫تأليف‬
‫الشيخ ربيع بن هادي عمي الدخلي‬

‫‪1‬‬
‫حقيقة دعوة الخوان‬
‫المسلمين‬

‫القدمة‬

‫بسم ال الرحن الرحيم‬

‫المد ل والصلة والسلم على رسول ال وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه‬
‫أما بعد‪:‬‬
‫فان من أشد الناس خطرا على السلم والسلمي أن يقودهم أئمة الضلل ‪.‬‬
‫لقد خاف ذلك رسول ال صلى ال عليه وسلم على هذه المة وقد حصل‬
‫ما خافه الشئ الكثي ف تاريخ هذه المة فلقد قاد كثيا منهم رؤوس الهمية‬
‫ورؤوس العتزلة ورؤوس الوارج ورؤوس الرجئة ث رؤوس الصوفية القبورية‪،‬‬
‫من الزمن‬ ‫فأضلوا كثيا منهم وساروا بم ف متاهات الضلل ردحا طويلً‬
‫وكان لذلك آثارٌ سيئة وكبية ف حياة المة ف عقائدها وسلوكها‬
‫ث جاء هذا العصر الذي أفاقت فيه المة بسبب أضواء إسلمية وصيحات مدوية‬
‫سلفية صاخت لا آذان وامتدت إليها أبصار لول أن عاجلها أهل الكر والكيد‬
‫لكان لذلك شأن وأي شأن ولعادت المة إل سابق مدها بعودتا إل كتاب ربا‬
‫وسنة نبيها ‪.‬‬
‫من أشد هذا الكيد والكر السود ما سترى بعضه ل كله ف هذه الوراق‬
‫وهو بعض ما طفح من الكيد الرافضي والصوف والسياسي‪ ،‬هذا الثالوث البيث‬
‫وما يتبعه وقف سدا منيعا حائلً بي المة وبي عودتا القيقية الادة إل كتاب‬

‫‪2‬‬
‫ربا وسنة نبيها ومنهج السلف الصال ف عقيدتا وعبادتا وسياستها وأخلقها ‪.‬‬
‫حال هذا الثالوث الاكر بي المة وبي ذلك وربطها بشعارات جوفاء تسمع لا‬
‫ل ول تد لا طحنا اللهم إل طحن الضلل والضياع ‪ .‬هذه الوراق‬ ‫دويا هائ ً‬
‫ستكشف للمسلمي جانبا مهما من ذلكم الكيد والكر ومنه التمييع البيث‬
‫الذي يعتب الرفض بل والتصوف وما فيهما من عقائد ملحدة بأنا هي السلم‬
‫الوحد للمة‪.‬‬
‫وكان من أدرك ماطر هذا الكيد والغش والتمييع الشيخُ ‪ :‬مب الدين‬
‫الطيب وبعض أفاضل السلمي الناصحي فكتبوا كتابات قيمة تبي ما ينطوي‬
‫عليه الرفض من كفريات وضللت تناف أصول السلم وفروعه ونقلوا ذلك من‬
‫أصول معتمدة عند الروافض مثل كتاب ‪:‬الكاف للكلينـي والرشاد ف تاريخ‬
‫حجج ال على العباد للمفيد وتنقيح القال ف أحوال الرجال للمامقان وفصل‬
‫الطاب ف إثبات تريف كتاب رب الرباب للطبسي وتفسي القمي‪.‬‬
‫من الراجع العتبة عندهم وكانت التهم تكال لؤلء الفاضل الناصحي بثل‬
‫السلوب الت ‪ ":‬حارب هذه الفكرة ضيقوا الفق كما حاربا صنف آخر من‬
‫ذوي الغراض الاصة السيئة ول تلو إي أمة من هذا الصنف من الناس حاربا‬
‫من يدون ف التفرق ضمانا لبقائهم وعيشهم وحاربا ذوو النفوس الريضة‬
‫وأصحاب الهواء والنـزعات الاصة هؤلء وأولئك من يؤجرون أقلمهم‬
‫لسياسات مغرضة لا أساليبها الباشرة ف مقاومة أي حركة إصلحية والوقوف‬
‫ف سبيل كل عمل يضم شل السلمي ويمع كلمتهم‪"..‬‬
‫انظر لذا السلوب الاكر الذي يقلب المور والقائق‪ ،‬فيجعل الخلصي‬
‫الناصحي مأجورين ومرضى نفوس وأصحاب أهواء مقاومي لي حركة‬
‫إصلحية ‪...‬إل آخر التامات ‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫وكل هذه الوصاف إنا تنطبق على دعاة التقريب بي الشرك والتوحيد والضلل‬
‫والدى إل آخر البليا الت ينطوي عليها الرفض والتصوف ما يبأ منه السلم‬
‫ويريدون إلصاقه بالسلم والسلم منه براء‪.‬‬
‫إنه وال الغش والكيد والكر الذي يقوده دهاة الرفض ويبذلون لتحقيقه كل غال‬
‫ورخيص وما أظنهم تعبوا كثيا ف البحث عن أبواق وطبول يملون اسم السلم‬
‫وألقابا إسلمية ضخمة ويرفعون شعارات براقة منها الوحدة السلمية والتقارب بي‬
‫السلمي والتاد لحاربة العداء‪.‬‬
‫وسوف يقف القاري على حقيقة دعوة الخوان السلمي وعلى مدى صدق‬
‫وإخلص ونصح قادة هذه الدعوة للسلم والسلمي أو أنه سيبهر بضد كل ذلك ما‬
‫يدفعه إل تأكيد القولة بأنم سدنة الرفض والروجون له ف العال ‪.‬‬
‫اللهم رد كيد الكائدين ف نورهم وأنقذ دينك الق و أظهره على الديان كلها‬
‫ولو كره الشركون وأهل الهواء والضالون إنك على كل شيٍ قدير وبالجابة جدير‬
‫‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫موقف علماء‬
‫المسلمين‬
‫من‬
‫الشيعة والثورة‬
‫السلمية‬

‫تأليف‬
‫الدكتور عز الدين‬
‫إبراهيم‬

‫‪5‬‬
‫وفي العصر الحديث كانت جماعة التقريب بين المذاهب السلمية‬
‫التي شارك فيها المام الشهيد حسن البنا وشيخ الزهر والمرجع‬
‫العلى للفتاء وقتها المام الكبر عبد المجيد سليم ‪ ،‬والمام‬
‫مصطفى عبد الرازق ‪ ،‬والشيخ محمود شلتوت ‪ ،‬يقول الستاذ سالم‬
‫البهنساوي – أحد مفكري الخوان المسلمين – في كتابــه ( السنة‬
‫المفترى عليها ) صـ ‪ " : 57‬منذ أن تكونت جماعة التقريب بين‬
‫المذاهب السلمية والتي ساهم فيها المام البنا والمام القمي‬
‫والتعاون قائم بين الخوان المسلمين والشيعة وقد أدى ذلك إلى‬
‫زيارة المام نواب صفوي سنة ‪1945‬م للقاهرة " ويقول في نفس‬
‫الصفحة ‪ ":‬ول غرو في ذلك فمناهج الجماعتين تؤدي إلى هذا‬
‫التعاون " ‪ .‬وفي كتابه ( الملهم الموهوب – حسن البنا ) يقول‬
‫الستاذ عمر التلمساني المرشد العام صـ ‪:78‬‬
‫" وبلغ من حرصه ( حسن البنا ) على توحيد كلمة المسلمين أنه كان‬
‫يرمي إلى مؤتمر يجمع الفرق السلمية لعل ال يهديهم إلى الجماع‬
‫على أمر يحول بينهم وبين تكفير بعضهم خاصة وأن قرآننا واحد‬
‫وديننا واحد ورسولنا واحد وإلهنا واحد ولقد استضاف لهذا‬
‫الغرض فضيلة الشيخ محمد القمي أحد كبار علماء الشيعة‬
‫وزعمائهم في المركز العام فترة ليست بالقصيرة ‪ .‬كما أنه من‬
‫المعروف أن المام البنا قد قابل المرجع الشيعي آية ال الكاشاني‬
‫أثناء الحج عام ‪ 1948‬م وحدث بينهما تفاهم يشير إليه أحد‬
‫شخصيات الخوان المسلمين اليوم وأحد تلمذة المام الشهيد الستاذ‬
‫عبد المتعال الجبري في كتابه ( لماذا اغتيل حسن البنا ) ( طـ ‪– 1‬‬
‫العتصام –صـ ‪ ) -32‬ينقل عن روبير جاكسون قوله‪ " :‬ولو طال‬
‫عمر هذا الرجل ( يقصد حسن البنا ) لكان يمكن أن يتحقق الكثير‬
‫لهذه البلد خاصة لو اتفق حسن البنا وآية ال الكاشاني الزعيم‬
‫اليراني على أن يزيل الخلف بين الشيعة والسنة وقد التقى‬
‫الرجلن في الحجاز عام ‪ 48‬ويبدو أنهما تفاهما ووصل إلى نقطة‬
‫رئيسية لول أن عوجل حسن البنا بالغتيال " ‪ .‬ويعلق الستاذ‬

‫‪6‬‬
‫الجبري قائلً ‪ " :‬لقد صدق روبير وشم بحاسته السياسية جهد المام‬
‫في التقريب بين المذاهب السلمية فما له لو أدرك عن قرب دوره‬
‫الضخم في هذا المجال مما ل يتسع لذكره المقام " ‪.‬‬
‫وفي كتابه الخير ( ذكريات ل مذكرات ) ط ‪ – 1‬دار العتصام‬
‫‪ 1985‬يقول الستاذ عمر التلمساني صـ ‪ 249‬و ‪: 250‬‬
‫" وفي الربعينيات على ما أذكر كان السيد القمي – وهو شيعي‬
‫المذهب – ينزل ضيفًا على الخوان في المركز العام ‪ ،‬ووقتها كان‬
‫المام الشهيد يعمل جاداً على التقريب بين المذاهب ‪ ،‬حتى ل يتخذ‬
‫أعداء السلم الفرقة بني المذاهب منفذا يعملون من خلله على‬
‫تمزيق الوحدة السلمية ‪ ،‬وسألناه يوماً عن مدى الخلف بين أهل‬
‫السنة والشيعة ‪ ،‬فنهانا عن الدخول في مثل هذه المسائل الشائكة التي‬
‫ل يليق بالمسلمين أن يشغلوا أنفسهم بها والمسلمون على ما نرى من‬
‫تنابذ يعمل أعداء السلم على إشعال ناره ‪ ،‬قلنا لفضيلته ‪ :‬نحن ل‬
‫نسأل عن هذا للتعصب أو توسعة لهوة الخلف بين المسلمين ‪،‬‬
‫ولكننا نسأل للعلم ‪ ،‬لن ما بين السنة والشيعة مذكور في مؤلفات ل‬
‫حصر لها وليس لدينا من سعة الوقت ما يمكننا من البحث في تلك‬
‫المراجع ‪ .‬فقال رضوان ال عليه ‪ :‬اعلموا أن أهل السنة والشيعة‬
‫مسلمون تجمعهم كلمة ل إله إل ال وأن محمداً رسول ال وهذا‬
‫أصل العقيدة ‪ ،‬والسنة والشيعة فيه سواء وعلى التقاء أما الخلف‬
‫بينهما فهو في أمور من الممكن التقريب فيها بينهما " ‪.‬‬
‫نستنتج من مواقف المام الشهيد هذه عدة حقائق مهمة منها ‪:‬‬
‫‪.1‬ينظر كل من السني والشيعي إلى الخر على أنه مسلم ‪.‬‬
‫‪.2‬اللقاء والتفاهم بينهما وتجاوز الخلفات ممكن ومطلوب وهو‬
‫مسؤولية الحركة السلمية الواعية والملتزمة ‪.‬‬
‫‪.3‬قام المام الشهيد حسن البنا بجهد ضخم على هذا الطريق يؤكد‬
‫ذلك ما يرويه الدكتور إسحاق موسى الحسيني في كتابه‬
‫( الخوان المسلمون ‪..‬كبرى الحركات السلمية الحديثة ) من‬
‫أن بعض الطلب الشيعة الذين كانوا يدرسون في مصر قد‬
‫انضموا إلى جماعة الخوان ‪ .‬ومن المعروف أن صفوف‬

‫‪7‬‬
‫الخوان المسلمين في العراق كانت تضم الكثير من الشيعة‬
‫المامية الثنى عشرية – وعندما زار نواب صفوي سوريا وقابل‬
‫الدكتور مصطفى السباعي المراقب العام للخوان المسلمين‬
‫اشتكى إليه الخير ان بعض شباب الشيعة ينضمون إلى الحركات‬
‫العلمانية والقومية فصعد نواب إلى أحد المنابر وقال أمام حشد‬
‫من الشبان الشيعة والسنة ‪ " :‬من أراد أن يكون جعفرياً حقيقياً‬
‫فلينضم إلى صفوف الخوان المسلمين " ‪.‬‬
‫ولكن من هو نواب صفوي ؟ زعيم منظمة ( فدائيان إسلم )‬
‫السلمية الشيعية‪ ،‬ينقل الستاذ محمد علي الضناوي في كتابه‬
‫( كبرى الحركات السلمية في العصر الحديث ) صـ ‪ 150‬نقلً‬
‫عن برنارد لويس قوله‪:‬‬
‫" وبالرغم من مذهبهم الشيعي فإنهم يحملون فكرة عن الوحدة‬
‫السلمية تماثل إلى حد كبير فكرة الخوان المصريين ولقد كانت‬
‫بينهما اتصالت " ويلخص الستاذ الضناوي بعض مبادئ فدائيان‬
‫إسلم " أول ‪ :‬السلم نظام شامل للحياة‪ .‬ثانياً ‪ :‬ل طائفية بين‬
‫المسلمين أي بين السنة الشيعة " ثم ينقل عن نواب قوله ‪ " :‬لنعمل‬
‫متحدين للسلم ولنَنْس كل ما عدا جهادنا في سبيل عز السلم‪ ،‬ألم‬
‫يأن للمسلمين أن يفهموا ويدعوا النقسام إلى شيعة وسنة ؟ " ‪.‬‬
‫وفي كتاب ( الموسوعة الحركية ) ج ‪– 1‬صـ ‪ 163‬يتحدث الستاذ‬
‫فتحي يكن عن زيارة نواب صفوي للقاهرة والحماس الشديد الذي‬
‫قابله به الخوان المسلمون ثم يتكلم عن صدور حكم العدام عليه‬
‫من قبل الشاه قائلً ‪ " :‬كان لهذا الحكم الجائر صدى عنيف في البلد‬
‫السلمية وقد اهتزت الجماهير المسلمة التي تقدر بطولة نواب‬
‫صفوي وجهاده وثارت على هذا الحكم وطيرت آلف البرقيات من‬
‫أنحاء العالم السلمي تستنكر الحكم على المجاهد المؤمن البطل‬
‫الذي يعتبر القضاء عليه خسارة كبرى في العصر الحديث " وهكذا‬
‫يصبح مسلم شيعي في نظر فتحي يكن كأحد أعظم شهداء الخوان‬
‫إذ يعتبر أن نواب وصحبه باستشهادهم قد انضموا إلى قافلة الشهداء‬
‫الخالدين ‪ ،‬الذين سيكون دمهم الزكي طريق الحرية والفداء وهذا‬

‫‪8‬‬
‫الذي كان ‪ .‬فما أن دار الزمان دورته حتى قامت الثورة السلمية‬
‫في إيران ودكت عرش الطاغية الشاه الذي تشرد في الفاق وصدق‬
‫ال تعالى حيث يقول ‪ :‬ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين أنهم‬
‫لهم المنصورون وإن جندنا لهم الغالبون وفي كتابه ( السلم‬
‫فكرة وحركة وانقلب ) صـ ‪ 56‬يكرر الستاذ يكن نفس الموقف ‪،‬‬
‫وفي مجلة ( المسلمون ) التي كان يصدرها الخوان المسلمون‬
‫(المجلد الخامس – العدد الول إبريل ‪ 1956‬ص ‪ ) 73‬يقول تحت‬
‫عنوان " مع نواب صفوي " ‪ ":‬والشهيد العزيز – نضر ال ذكره –‬
‫وثيق الصلة بالمسلمين " وقد نزل ضيفاً في دارها بالقاهرة أيام‬
‫زيارته مصر في كانون الثاني سنة ‪ ، 1954‬ثم تنقل المجلة رأيه في‬
‫اعتقالت الخوان الذي يقول فيه ‪ " :‬إنه حين يضطهد الطغاة رجل‬
‫السلم في كل مكان يتسامى المسلمون فوق الخلفات المذهبية‬
‫ويشاطرون إخوانهم المضطهدين آلمهم وأحزانهم ول شلك أننا‬
‫بكفاحنا اليجابي السلمي نستطيع إحباط خطط العداء التي ترمي‬
‫إلى التفريق بين المسلمين أنه ل ضير في وجود الفرق المذهبية‬
‫وليس بوسعنا إلغاؤها إنما الذي يجب أن نعمل على إيقافه ومنعه هو‬
‫استغلل هذه الوضع لصالح المغرضين " ‪.‬‬
‫وقبل أن نعود إلى جماعة التقريب مرة أخرى نشير إلى أن المراقب‬
‫العام للخوان المسلمين في اليمن وحتى سنوات قليلة كان شيعياً‬
‫زيدياً هو الستاذ عبد المجيد الزنداني والذي دعي إلى القاهرة في‬
‫شهر مايو ‪ 58 /‬للقاء بعض المحاضرات حول العجاز القرآني ‪،‬‬
‫ومن المعروف أيضًا أن عدداً كبيراً من الخوان المسلمين في اليمن‬
‫الشمالي هم من الشيعة ‪.‬‬
‫بالنسبة لجماعة التقـريب يتحدث المام الكبر الشيخ محمود شلتوت‬
‫في كتاب ( الوحدة السلمية ) مجموعة من المقالت كانت تصدر‬
‫في مجلة "رسالة السلم" عن الزهر ص ‪ " : 20‬لقد آمنت بفكرة‬
‫التقريب كمنهج قويم وأسهمت منذ أول يوم في جماعتها " ‪ .‬ويقول‬
‫في ص ‪ " : 23‬وها هو الزهر الشريف ينزل على حكم المبدأ ‪،‬‬
‫مبدأ التقريب بين أرباب المذاهب المختلفة فيقرر دراسة فقه المذاهب‬

‫‪9‬‬
‫السلمية سنيها وشيعيها دراسة تعتمد على الدليل والبرهان وتخلو‬
‫من التعصب لفلن أو فلن " ويواصل الشيخ شلتوت حديثه ص ‪24‬‬
‫ت أود لو أستطيع أن أتحدث عن الجتماعات في دار‬ ‫‪ " :‬وكن ُ‬
‫التقريب حيث يجلس المصري إلى جانب اليراني أو اللبناني أو‬
‫العراقي أو الباكستاني أو غير هؤلء من مختلف الشعوب السلمية‬
‫وحيث يجلس الحنفي والمالكي والشافعي والحنبلي بجانب المامي‬
‫والزيدي حول مائدة واحدة تدوي بأصوات فيها علم وفيها تصوف‬
‫وفيها فقه وفيها مع ذلك كله روح الخوة وذوق المودة والمحبة‬
‫وزمالة العلم والعرفان " ‪ .‬ويشير الشيخ إلى أن هناك من حارب‬
‫فكرة التقريب ظانين ‪ " :‬أنها تريد إلغاء المذاهب أو إدماج بعضها‬
‫في بعض " فيقول ‪:‬‬
‫" حارب هذه الفكرة ضيقو الفق كما حاربها صنف آخر من ذوي‬
‫الغراض الخاصة السيئة ول تخلو أية أمة من هذا الصنف من‬
‫لناس ‪ .‬حاربها من يجدون في التفرق ضمانا لبقائهم وعيشهم‬
‫وحاربها ذوو النفوس المريضة وأصحاب الهواء والنزعات‬
‫الخاصة هؤلء وأولئك ممن يؤجرون أقلمهم لسياسات مغرضة ‪،‬‬
‫لها أساليبها المباشرة في مقاومة أي حركة إصلحية والوقوف في‬
‫سبيل كل عمل يضم شمل المسلمين ويجمع كلمتهم " وقبل أن نترك‬
‫الزهر نستمع إلى الفتوى التي أصدرها بخصوص المذهب الشيعي‬
‫وجاء فيها ‪ " :‬إن مذهب الجعفرية المعروف بمذهب الشيعة الثنى‬
‫عشرية ‪ ,‬مذهب يجوز التعبد به شرعاً كسائر مذاهب أهل السنة‬
‫فينبغي للمسلمين أن يعرفوا ذلك وأن يتخلصوا من العصبية بغير‬
‫حق لمذاهب معينة فما كان دين ال وماكانت شريعته بتابع لمذهب‬
‫معين أو مقصورة على مذهب فالكل مجتهد مقبولون عند ال‬
‫تعالى )) ‪.‬‬
‫بعد ذلك ننتقل إلى الموقف من الثورة السلمية ‪ ،‬الثورة التي‬
‫اشتعلت مع مطلع عام ‪ 1978‬وانتصرت مع مطلع عام ‪1979‬‬
‫فأيقظت روح المة المسلمة على طول المحور الممتد من طنجة إلى‬
‫جاكرتا ‪ ،‬ومع تقدم الثورة كان استقطابها للجماهير يزداد ‪..‬‬

‫‪10‬‬
‫الجماهير التي كانت تعبر عن بهجتها وفرحتها في شوارع قاهرة‬
‫المعز ودمشق الشام ‪..‬في كراتشي والخرطوم "‪..‬في استانبول ومن‬
‫حول بيت المقدس وفي كل مكان يوجد فيه المسلمون في ألمانيا‬
‫الغربية كان الستاذ عصام العطار أحد الزعماء التاريخيين لحركة‬
‫الخوان المسلمين يكتب كتاباً كاملً يتناول تاريخ الثورة وجذورها‬
‫ويقف بجانبها مؤيداً ويبرق أكثر من مرة للمام الخميني مهنئاً‬
‫ومباركاً وانتشرت أحاديثه المسجلة على أشرطة الكاسيت المؤيدة‬
‫للثورة بين الشباب المسلم ‪ ،‬كذلك قامت مجلة ( الرائد ) لسان حال‬
‫الطلئع السلمية بدور مهم في تأييد الثورة وشرح مواقفها ‪.‬‬
‫وفي السودان كان موقف الخوان المسلمين وموقف شباب جامعة‬
‫الخرطوم السلميين من أروع المواقف التي شهدتها العواصم‬
‫السلمية حيث خرجوا بمظاهرات التأييد وسافر الدكتور الترابي‬
‫زعيم الخوان إلى إيران حيث قابل المام معلناً تأييده ‪ .‬ومن الجدير‬
‫بالذكر أن هذا الموقف مستمر حتى الن ‪ .‬في تونس كانت مجلة‬
‫الحركة السلمية ( المعرفة ) تقف بجانب الثورة تباركها وتدعو‬
‫المسلمين إلى مناصرتها ووصل المر أن كتب زعيم الحركة‬
‫السلمية والذي هو عضو التنظيم الدولي للخوان المسلمين ‪ :‬كتب‬
‫مرشحاً المام الخميني لمامة المسلمين ! مما أدى إلى إغلق‬
‫المجلة قبل اعتقال زعماء الحركة على يد نظام بورقيبة ‪ ،‬ويعتبر‬
‫الستاذ الغنوشي أن التجاه السلمي الحديث " تبلور وأخذ شكلً‬
‫واضحاً على يد المام البنا والمودودي وقطب والخميني ممثلي أهم‬
‫التجاهات السلمية في الحركة السلمية المعاصرة " ( كتاب‬
‫الحركة السلمية والتحديث – راشد الغنوشي ‪ ،‬وحسن الترابي ص‬
‫‪. ) 16‬‬
‫ويعتبر في ص ‪ 17‬من نفس الكتاب أنه بنجاح الثورة في إيران يبدأ‬
‫السلم دورة حضارية جديدة ثم يقول تحت عنوان ماذا نعني‬
‫بمصطلح الحركة السلمية ‪.. " :‬ولكن الذي عنينا من بين‬
‫ذلكالتجاه الذي ينطلق من مفهوم السلم الشامل ‪،‬وهذا المفهوم‬
‫ينطبق على ثلثة اتجاهات كبرى ‪ :‬الخوان المسلمين ‪ ،‬الجماعة‬

‫‪11‬‬
‫السلمية بباكستان وحركة المام الخميني في إيران " وفي ص ‪24‬‬
‫يقول ‪ " :‬لقد بدأت إيران عملية لعلها من أهم ما يمكن أن يطرأ في‬
‫مسيرة حركات التحرر في المنطقة كلها وهي تحرر السلم من‬
‫هيمنة السلطات العاملة على استخدام في وجه المد الثوري في‬
‫المنطقة " وفي مقالة أخيرة للستاذ الغنوشي في الطليعة السلمية‬
‫عدد ‪ 26‬مارس ‪ 85/‬يعتبر أن الصراع بين السنة والشيعة من‬
‫المشكلت الوهمية التي تظهر مع سيادة التقليد ويستعاض بها عن‬
‫المشاكل الحقيقية الواقعية بعد أن تختفي الفكر ويختفي البداع ‪.‬‬
‫أما في لبنان فقد كان تأييد الحركة السلمية للثورة من أكثر‬
‫المواقف وضوحاً وعمقاً فقد وقف الستاذ فتحي يكن ومجلة الحركة‬
‫( المان ) موقفاً إسلمياً مشرفاً وزار الستاذ يكن إيران أكثر من‬
‫مرة وشارك في احتفالتها وألقى المحاضرات في تأييدها ‪ ،‬وفي "‬
‫المان " وغيرها نشرت قصيدة الستاذ يوسف العظم ودعا فيها إلى‬
‫مبايعة الخميني !! فقال ‪:‬‬
‫هدّ صرح الظلم ل يخشى‬ ‫بالخميني زعيمًا وإمـــــام‬
‫الحمــام‬ ‫قد منحناه وشاحًا ووســـام‬
‫من دمانا ومضيـنا للمــــام‬ ‫ندمر الشرك ونجتاح‬
‫ليعود الكون نورًا وســـــلم‬ ‫الظــلم‬
‫أما في مصر فقد وقفت مجلة ( الدعوة ) و ( العتصام ) و‬
‫( المختار السلمي ) إلى جانب الثورة مؤكدة إسلميتها ومدافعة‬
‫عنها في وجه العلم الساداتي المريكي ‪ ،‬كتبت العتصام على‬
‫غلف عدد ذي الحجة ‪ – 1400‬أكتوبر ‪ " : 1980‬الرفيق التكريتي‬
‫‪ ..‬تلميذ ميشيل عفلق الذي يريد أن يصنع قادسية جديدة في إيران‬
‫المسلمة " وفي ص ‪ 10‬من نفس العدد كتبت العتصام تحت عنوان‬
‫( أسباب المأساة ) ‪:‬‬
‫" الخوف من انتشار الثورة السلمية في العراق " ثم قالت ‪" :‬‬
‫ورأي صدام حسين إن فترة النتقال التي يمر بها جيش إيران‬
‫وتحوله من جيش إمبراطوري إلى جيش إسلمي هي فرصة ذهبية‬
‫ل تكرر للقضاء على هذا الجيش قبل أن يتحول إلى قـوة ل تقهر‬

‫‪12‬‬
‫بفضل العقيدة السلمية في نفوس ضباطه وجنوده " وفي عدد‬
‫( محرم ‪ 1401‬هـ ديسمبر ‪ /‬كانون أول ‪ ) 1980 /‬كتب الستاذ‬
‫جابر رزق أحد أبرز صحفيي الخوان المسلمين في العتصام ص‬
‫‪ 36‬معللً أسباب الحرب فقال ‪ " :‬إن الوقت الذي اندلعت فيه هذه‬
‫الحرب هو ذات الوقت الذي فشلت فيه كل الخطط المريكية‬
‫التآمرية على ثورة الشعب اليراني المسلم " ‪ .‬ويقول ص ‪" : 37‬‬
‫وقد نسي صدام حسين أنه سيقاتل شعبًا تعداده أربعة أضعاف الشعب‬
‫العراقي وهذا الشعب هو الشعب المسلم الوحيد الذي استطاع أن‬
‫يتمرد على المبريالية الصليبية اليهودية " ثم يواصل حديثه "‬
‫والشعب اليراني بكامل هيئاته ومنظماته مصمم على مواصلة‬
‫الحرب حتى النصر وحتى إسقاط البعث الدموي ‪ ،‬كما أن التعبئة‬
‫الروحية والنفسية بين كل أفراد الشعب اليراني لم يسبق لها مثيل‬
‫والرغبة في الستشهاد تأخذ صورة التسابق والقدام والشعب‬
‫اليراني واثق تمامًا أن النصر في النهاية سيكون للثورة اليرانية‬
‫المسلمة " ثم يشرح الستاذ جابر رزق أن هدف الستعمار من‬
‫الحرب اسقاط الثورة فيقول ‪:‬‬
‫" ‪ ..‬وبسقوط النظام الثوري اليراني يزول الخطر الذي يتهدد هذا‬
‫النوع من الطواغيت الذين يرتجفون من تصورهم احتمال ثورة‬
‫شعوبهم ضدهم واسقاطهم مثلما فعل الشعب اليراني المسلم ضد‬
‫الشاه العميل " وفي نهاية المقال يقول ‪:‬‬
‫" ولكن حزب ال غالب ‪..‬ولكن لبد من الجهاد والستشهاد‬
‫ولينصرن ال من ينصره إن ال لقوي عزيز " ‪.‬‬
‫إذن هذا هو جوهر الحرب وليس ما يردده البعض من أن إيران‬
‫الشيعة تريد النقضاض على النظام السني في العراق ‪ ..‬يا إلهي كم‬
‫هو محزن هذا العمى وكم هو ‪ ..‬من يزرع الجهل والحقد في عقول‬
‫الناس وقلوبهم ‪.‬‬
‫وفي عدد ( صفر ‪ – 1401‬يناير ‪ /‬كانون الثاني ‪ 1981‬م ) كتبت‬
‫العتصام على غلفها ‪ " :‬الثورة التي أعادت الحسابات وغيرت‬
‫الموازين " وفي ص ‪ 39‬تساءلت المجلة " لماذا تعتبر الثورة‬

‫‪13‬‬
‫اليرانية أعظم ثورة في العصر الحديث " وفي نهاية المقال الذي‬
‫كتب بمناسبة الذكرى الثانية لنتصار الثورة جاء فيه ‪ " :‬ومع ذلك‬
‫انتصرت الثورة اليرانية بعد أن سقط آلف الشهداء وكانت بذلك‬
‫أعظم ثورة في التاريخ الحديث بفعاليتها ونتائجها اليجابية وآثارها‬
‫التي أعادت الحسابات وغيرت الموازين " ‪.‬‬
‫ومن مصر إلى موقف التنظيم الدولي للخوان المسلمين الذي وجه‬
‫بيانًا إلى المسؤولين عن الحركات السلمية في كافة أنحاء العالم‬
‫وذلك أثناء أزمة الرهائن جاء فيه " ولو كان المر يخص إيران‬
‫ل وسطًا بعد أن تبينت ما حولها ولكنه السلم‬ ‫وحدها لقبلت ح ً‬
‫وشعوبه في كل مكان وقد أصبحت أمانة في عنق الحكم السلمي‬
‫الوحيد في العالم الذي فرض نفسه بدماء شعبه في القرن العشرين‬
‫لتثبيت حكم ال فوق حكم الحكام وفوق حكم الستعمار والصهيونية‬
‫العالمية ‪.‬‬
‫ويشير البيان إلى رؤية الثورة اليرانية لمن يحاول أن يفت في‬
‫عضدها على أنه واحد من أربعة " أما مسلم لم يستطع أن يستوعب‬
‫عصر الطوفان السلمي وما زال يعيش في زمن الستسلم فعليه‬
‫أن يستغفر ال ويحاول أن يستكمل فهمه بمعاني الجهاد والعزة في‬
‫السلم وال تعالى يقول ‪ :‬إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فل‬
‫تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين وأما عميل يتوسط لمصلحة‬
‫أعداء السلم على حساب السلم متشدقاً بالخوة والحرص عليها‬
‫كما في قوله تعالى‪:‬‬
‫وإن يريدوا أن يخدعوك فإن حسبك ال هو الذي أيدك بنصره‬
‫وبالمؤمنين وإما مسلم إمعة يحركه غيره بل رأي له ول إرادة‬
‫وال يقول يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا الذين كفروا يردوكم على‬
‫أعقابكم فتنقلبوا خاسرين ‪ .‬وإما منافق يداهن بين هؤلء وهؤلء‬
‫‪. " ..‬‬
‫وعندما بدأ الغزو الصدامي ليران المسلمة أصدر التنظيم الدولي‬
‫للخوان المسلمين بيانًا وجهه إلى الشعب العراقي هاجم فيه حزب‬
‫البعث الملحد الكافر على حد تعبير البيان الذي قال أيضاً ‪ " :‬إن هذه‬

‫‪14‬‬
‫الحرب أيضاً ليست حرب تحرير للمستضعفين من الرجال والنساء‬
‫والولدان الذين ل يملكون حيلة ول يهتدون سبيلً ‪ .‬فشعب إيران‬
‫المسلم قد حرر نفسه من الظلم والستعمار المريكي الصهيوني في‬
‫جهاد بطولي خارق وبثورة إسلمية عارمة فريدة من نوعها في‬
‫التاريخ البشري وتحت قيادة إمام مسلم هو دون شك فخر للسلم‬
‫والمسلمين "‬
‫ثم يتكلم البيان عن أهداف العدوان الصدامي قائلً ‪.. " :‬ضرب‬
‫الحركة السلمية وإطفاء شعلة التحرير السلمية التي انبعثت من‬
‫إيران " وفي نهاية البيان يقول مخاطباً الشعب العراقي ‪… " :‬‬
‫اقتلوا جلّديكم فقد حانت الفرصة التي ما بعدها فرصة ‪ ،‬القوا‬
‫اسلحتكم وانضموا إلى معسكر الثورة ‪ ،‬الثورة السلمية ثورتكم"‪.‬‬
‫أما موقف الجماعة السلمية في باكستان فقد تمثل في فتوى العلمة‬
‫أبي العلى المودودي التي نشرت في مجلة الدعوة – القاهرة – عدد‬
‫‪ 29‬أغسطس ( آب ) ‪ 1979‬رداً على سؤال وجهته إليه المجلة حول‬
‫الثورة السلمية في إيران أجاب العالم المجتهد الذي أجمعت‬
‫الحركة السلمية أنه واحد من أبرز روادها في هذا القرن " وثورة‬
‫الخميني ثورة إسلمية والقائمون عليها هم جماعة إسلمية وشباب‬
‫تلقوا التربية في الحركات السلمية وعلى جميع المسلمين عامة‬
‫والحركات السلمية خاصة أن تؤيد هذه الثورة وتتعاون معها في‬
‫جميع المجالت " ‪.‬‬
‫إذن هذه هو الموقف الشرعي من الثورة السلمية كما يطرحه‬
‫المودودي وليس ما يطرحه وعاظ السلطين السعوديين وغيرهم‬
‫من آراء مخالفة لفتوى المجتهد الكبير فأيهم أولي بالتباع أيها‬
‫المسلمون مجاهد ورائد إسلمي عظيم كالمودودي أم يقدمون البيعة‬
‫والولء لفهد بن عبد العزيز ( إمام المسلمين وخادم الحرمين‬
‫الشريفين !!! ) ‪.‬‬
‫أمام موقف الزهر فقد أعلنه شيخ الزهر السابق في وقته في حديث‬
‫مع صحيفة ( الشرق الوسط ) التي تصدر في السعودية ولندن (‬
‫‪ ) 79 /3/7‬قائلً ‪ " :‬المام الخميني أخ في في السلم ومسلم‬

‫‪15‬‬
‫صادق " ‪ .‬ثم قال ‪ " :‬إن المسلمين باختلف مذاهبهم أخوة في‬
‫السلم والخميني يقف تحت لواء السلم كما أقف أنا " ‪ .‬فهل كان‬
‫شيخ الزهر وقتها أيضاً جاهلً بعقائد الشيعة ؟ أيّ مصيبة هذه‬
‫إذن !!‬
‫وفي كتاب من كتب الستاذ فتحي يكن الخيرة ‪ ( :‬أبجديات التصور‬
‫الحركي للعمل السلمي ) يستعرض المؤلف مؤامرات الستعمار‬
‫والقوى الدولية ضد السلم فيقول ص ‪ " : 148‬وفي التاريخ‬
‫القريب شاهد على ما نقول إل وهو تجربة الثورة السلمية في‬
‫إيران ‪ ،‬هذه التجربة التي هبت لمحاربتها واجهاضها كل قوى‬
‫الرض الكافرة ول تزال بسبب أنها إسلمية وأنها ل شرقية ول‬
‫غربية " ‪.‬‬
‫ترى في أي صف يقف هؤلء الذين يستغلون منبر رسول ال‬
‫ليصبوا حقدهم ضد الثورة السلمية ‪..‬في أي صف ؟ ‪..‬أجيبوا‬
‫‪..‬ردوا على الستاذ فتحي يكن إن كنتم تريدون وجه ال حقاً ‪.‬‬
‫وجاء في مجلة ( الدعوة ) المهاجرة التي يصدرها الخوان في‬
‫النمسا العدد ‪ / 72‬رجب ‪ 1402‬هـ مايو ‪ /‬أيار ‪ 1982‬ص ‪" : 20‬‬
‫وفي العالم اليوم اليقظة السلمية التي كان من آثارها الثورة‬
‫السلمية في إيران التي استطاعت ورغم عثراتها ‪..‬إن تقوض أكبر‬
‫المبراطوريات عراقة وأشدها عتواً وعدا ًء للسلم والمسلمين " ‪.‬‬
‫هذا موقف الدعوة حول إسلمية الثورة أما العقبات فليست أكثر من‬
‫العقبات التي يحاول الستعمار إن يضعها في طريق الثورة للتأثير‬
‫على مسيرتها ‪ ،‬وواجب المسلمين الملتزمين أن يعوها ويبطلوها‬
‫بقدر استطاعتهم ‪ ،‬هذا هو موقف الدعوة الذي يؤكده الستاذ عمر‬
‫التلمساني في حديث له مع ( مسلم ميديا ) الذي نشرته مجلة‬
‫( الكرسنت ) السلمية التي تصدر في كندا ( ‪) 16/12/1984‬‬
‫وقال فيه بالحرف الواحد ‪ " :‬ل أعرف أحداً من الخوان المسلمين‬
‫في العالم يهاجم إيران " ‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫فمن هم هؤلء الذين يفعلونها ويزعمون أنهم ينتسبون للخوان هل‬
‫هم …‪.‬؟ وإل فكيف يخالفون حقيقة واضحة يعلنها المرشد العام‬
‫للخوان المسلمين ‪.‬‬
‫وبعد هذه المواقف الواضحة لعلماء وقادة الحركات السلمية نستمع‬
‫إلى إجابة المام الخميني على سؤال يتعلق بأصول الثورة وجه له‬
‫عند وصوله إلى باريس ‪" :‬أن السبب الذي قاد المسلمين إلى سنة‬
‫وشيعة يوماً ما لم يعد قائمًا ‪..‬كلنا مسلمون ‪..‬هذه ثورة إسلمية ‪..‬نحن‬
‫جميعًا أخوة في السلم " ‪.‬‬
‫وفي كتاب ( الحركة السلمية والتحديث ) ينقل الستاذ الغنوشي‬
‫ص ‪ 21‬عن المام قوله ‪ " :‬إننا نريد أن نحكم بالسلم كما نزل‬
‫على محمد ل فرق بين السنة والشيعة لن المذاهب لم تكن‬
‫موجودة في عهد رسول ال " ‪.‬‬
‫وفي الملتقى الرابع عشر للفكر السلمي – الجزائر – قال السيد‬
‫هادي خسروشاهي ممثل المام إلى المؤتمر ‪ " :‬العداء أيها الخوة‬
‫ل يفرقون بين سني وشيعي إنهم يريدون القضاء على السلم‬
‫كفكرة وكأيديولوجية عالمية ولذا فإن أي دعوة أو عمل لتفريق‬
‫الصفوف باسم السنة والشيعة تعني الوقوف إلى جانب الكفر وضد‬
‫السلم وهي بالتالي – كما أفتى المام الخميني – حرام شرعاً‬
‫وعلى المسلمين التصدي لها " ‪.‬‬
‫وقبل أكثر من عشرين عاما وفي خطبة للمام – جمادى الول –‬
‫‪ 1384‬هـ كان يعلن ‪ " :‬اليدي القذرة التي تبث الفرقة بين الشيعي‬
‫والسني في العالم السلمي ل هي من الشيعة ول من السنة – إنها‬
‫أيدي الستعمار التي تريد أن تستولي على البلد السلمية من أيدينا‬
‫‪ .‬والدول الستعمارية ‪ ،‬الدول التي تريد نهب ثرواتنا بوسائل مختلفة‬
‫وحيل متعددة هي التي توجد الفرقة باسم التشيع والتسنن " ‪.‬‬
‫وبعد فإن تاريخ الحركة السلمية المعاصرة والممتد على مدى‬
‫القرن الخير لم يعرف إل الخاء والتعاون وروح التوحيد فلماذا‬
‫تنتشر بيننا اليوم كتب الفتنة والنقسام بدءاً من كتاب الكاذيب ‪" :‬‬
‫موقف الخميني من الشيعة والتشيع " ومروراً بكتاب ( السراب )‬

‫‪17‬‬
‫وحتى كتاب الضاليل ( وجاء دور المجوس ) الذي نشرته نفس‬
‫الدار التي أصدرت كتاباً تهاجم فيه حركة جهيمان السلمية في‬
‫الجزيرة العربية وهو المسلم السلفي !!‬
‫والعجيب أن كتبة هذه الكتب من النكرات ل يكتبون عليها أسماءهم‬
‫الحقيقية رغم إنها تلقي كل الترحيب من أنظمة الطاغوت وتروج في‬
‫كل مكان بل الحقيقة أن ذلك ليس عجيباً لنهم أول من يدرون بأنها‬
‫صفحات من الكذب الرخيص ‪ ،‬أننا نصرخ بأعلى صوتنا …إل من‬
‫يفيق ؟ أليس هناك من رجل جيد ؟ إن المسألة ليست دفاعًا عن إيران‬
‫أو عن الخميني فنحن هنا كمسلمين سنة في وطن يسوده العلو‬
‫والفساد السرائيلي كنا نعتبر إيران ميداناً للنفوذ المريكي وحتى‬
‫سنوات قليلة ‪ ،‬ولم نكن نعرف الخميني ‪ ..‬ولكن المسألة دفاعٌ عن‬
‫السلم ومستقبله ‪..‬إنها المرة الولى منذ أكثر من مائة عام يملك‬
‫فيها السلم أرضًا وحكومة وشعباً يحمل مثل هذه الروح‬
‫الستشهادية …إنها فرصة السلم والمسلمين للنهوض ومواجهة‬
‫التحدي الغربي وتحطيم هجمته ومركزيته في فلسطين ‪ .‬وإذا حاولنا‬
‫إضاعة الفرصة وتدمير التجربة الوليدة فلن نجد أمام ال عز وجل‬
‫‪ -‬يوم ل ظل إل ظلّه – ما نعتذر به ‪.‬‬
‫اللهم إنا نحاول أن نبلغ ‪ ..‬اللهم فاشهد ‪ ..‬اللهم فاشهد ‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫الوحـــدة‬
‫السلمــية‬
‫والتقريب بين أهل المذاهب‬
‫محاضرة ألقيت في ‪ :‬مركز البيان‬
‫الثقافي‬

‫الدكتور ‪ :‬سعود المولى‬ ‫الشيخ ‪ :‬زهير الشاويش‬

‫ويليها‬
‫السنة بين موازين الكتب الستة والصول الربعة ومجال التقارب‬

‫بقلم‬
‫زهير الشاويش‬

‫‪19‬‬
‫بسم ال الرحمن الرحيم‬
‫المد ل رب العالي ‪ ،‬والصلة والسلم على سيدنا ممد خي الرسلي ‪،‬‬
‫وعلى آله وأصحابه أجعي ‪.‬‬
‫أما بعد ‪ ،‬فالسلم عليكم ورحمة ال وبركاته‬
‫نرحب بكم جميعا في " مركز البيان الثقافي " ‪.‬‬
‫هذا الركز الذي فتح أبوابه وقلبه ليكون ساحة للحوار والتلقي بي ساحات‬
‫كَثُ َر فيها الصام والتباعد ‪ ،‬وما أحوجنا نن اليوم إل أن نكون متلقي متآلفي‬
‫ف هذا الوقت العصيب ‪ ،‬لنواجه جيعا خطرا ل يفرّق بي أبيض وأسود وعمر‬
‫وجعفر ‪.‬‬
‫ويتوسد المركز لتحقيق ما يصبو إليه الوسائل التالية ‪:‬‬
‫‪)1‬المحاضرات الشهرية التي تقام فيه ‪.‬‬
‫‪)2‬الدورية التي يصدرها المركز واسمها ‪ ( :‬النسان‬
‫المعاصر ) ‪.‬‬
‫محاولين في هذا كله أن نسد ثغرة من الثغرات ‪ ،‬أو نقدم حلّ‬
‫لبعض المشكلت ‪ ،‬أو وجهة نظر في بعض القضايا ‪.‬‬
‫منطلقين أول من واقعنا اللبناني الذي نعيش فيه ‪ ،‬ثم المحيط‬
‫العربي والسلمي ‪.‬‬
‫هذا ‪ ،‬ول ندعي أننا نملك الصواب كله في كل ما نذهب إليه من‬
‫حلول ومعالجات ونظرات ‪ ،‬بل نعتقد أننا نملك جزءاً من الصواب‬
‫ومع الخرين الجزء الخر لذا نحن نفتح الباب واسعاً لتلقي‬
‫الفكار وتزاوجها كي يجتمع لدينا الجزء الذي نفقد مع الجزء‬
‫الذي يفقده الخرون ‪ ،‬فيتولد من لقاءاتنا هذه الحقيقة القرب‬
‫للصواب ‪ ،‬وبهذا نصل للحق الذي ينشده الجميع ‪.‬‬
‫وفي ساحة الحوار هذه نستضيف اليوم علمين بارزين ‪:‬‬
‫العلم الول ‪ :‬هو تاريخ متنقل يحمل بين جنباته تجارب الماضين ‪،‬‬
‫وخبرة اليام ‪ ،‬والعلم والفكر والحكمة ‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫إنه شيخ ولكن بروح الشباب وهمتهم ‪ ،‬وأراني عاجزاً عن تعريفه‬
‫في هذه العجالة السريعة‪ .‬محاضرنا هو ‪ :‬الشيخ زهير الشاويش‬
‫حفظه ال ‪.‬‬
‫ُولِد في دمشق سنة ‪ 1925‬م ‪ ،‬من رجال العلم والجهاد والعمل‬
‫العام ‪ ،‬شارك في مؤتمرات وندوات كثيرة ‪ ،‬وله حضور في‬
‫القضايا العربية والسلمية ‪ ،‬وهو عضو مجلس أمناء " مركز‬
‫البيان الثقافي " ومؤسس المكتب السلمي للطباعة والنشر ‪ .‬له‬
‫العديد من المؤلفات والتحقيقات والمقالت ‪.‬‬
‫أما العلم الثاني الذي نستضيف فهو ‪ :‬الدكتور سعود المولى ‪،‬‬
‫ونحن نسميه فيما بيننا الرجل الزئبقي ‪ ،‬لنك ل تستطيع أن تمسك‬
‫به لكثرة مشاغله وتنقلته ونشاطه الدائم ‪.‬‬
‫ُوِلدَ ف بيوت سنة ‪ 1953‬م ‪ ،‬أستاذ ف الامعة اللبنانية ‪ ،‬معهد العلوم‬
‫الجتماعية وعضو لنـة الوار السلمي السيحي ‪،‬ومثل الجلس السلمي‬
‫الشيعي العلى وعضو المانة العامة الدائمة للقمة السلمية ‪ ،‬وعضو ملس‬
‫أمنـاء " مركز البيان الثقاف " ‪.‬‬
‫أما موضوعنا اليوم فهو ‪ " :‬الوحدة السلمية والتقارب بين‬
‫المذاهب " ‪.‬‬
‫وقد تم اختيارنا لهذا الموضوع انطلقا من أمر ال تعالى ‪:‬‬
‫{آل عمران ‪:‬‬ ‫واعتصموا بحبل ال جميعا ول تفرقوا‬
‫‪ } 103‬وقوله أيضاً ‪ :‬ول تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم‬
‫{النفال ‪ ، }46 :‬والتزامًا بقــول النبي ‪:‬‬
‫"ترى المؤمنين في تراحمهم وتوادهم وتعاطفهم كمثل الجسد ‪ ،‬إذا‬
‫اشتكى عضواً تداعى له سائر جسده بالسهر والحُمّى " {رواه‬
‫البخاري ‪} 6011 :‬‬
‫ونبدأ موضوعنا مع الشيخ زهير الشاويش ‪ ،‬على أن ل يتجاوز في‬
‫إلقائه هذا خمساً وأربعين دقيقة ‪ ،‬ثم يعقب على الموضوع الدكتور‬

‫‪21‬‬
‫سعود المولى ‪ ،‬على أن ل يتجاوز تعقيبه ثلثين دقيقة ‪ ،‬ثم نبقى‬
‫ثلثين دقيقة لستلم أسئلتكم ‪.‬‬
‫ونبقى الن مع كلمة الشيخ زهير الشاويش ‪ ،‬فليتفضل ‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫على هامش مؤتمر‬
‫الوحدة السلمية‬
‫والتقريب بين المذاهب‬
‫الشيخ زهير الشاويش‬

‫‪23‬‬
‫بسم ال الرحمن الرحيم‬

‫الحمــد ل ‪ ،‬والصــلة والســلم على رســول ال ‪ ،‬وعلى آله وجميــع‬


‫صحبه ‪ ،‬ومن تبعهم بإحسان أما بعد ‪:‬‬
‫فإن مما توافقت عليه العقول أن يكون أبناء الدين الواحد أمة واحدة ‪،‬‬
‫تجمع بينها السس ‪ ،‬والهداف ‪ ،‬وتعمل صفًا واحداً في تأمين‬
‫حاجاتها ‪ ،‬ودفع المضار عنها فيما يصيب أفراداً منها ‪.‬‬
‫وهذا الشيء ذاته حال أبناء المة الواحدة ذات العرق والجنس‬
‫الواحد ‪ .‬وقل مثل ذلك عن أبناء الوطن والبلد ‪.‬‬
‫وهذه الصورة المُثلى حرمنا منها زمنا بعيداً‪،‬لعوامل مختلفة‪.‬وكانت‬
‫الوحدة تقترب حيناً‪ ،‬وتبتعد أحيانًا ‪ .‬إلى أن كان مطلع هذا القرن‬
‫الميلدي ‪..‬الذي لعبت دول الستعمار به تفرقة وتشتيتاً ‪ ،‬وذهبت‬
‫دولة الخلفة – واأسفاه على الخلفة – فقد كانت المِظلّةَ لكبرِ تجمع‬
‫إسلمي في دولة واحدة ‪ ،‬وأكبر هدف إيماني لتطلعات باقي الشعوب‬
‫المسلمة ‪.‬‬
‫لقد حُرمنا من تحقيق تجمع لنا باسم القومية العربية ‪..‬وما بقي لنا‬
‫سوى أبيات الشعر ‪:‬‬
‫من الشـــام لبغــــداني‬ ‫بــــلد العرب أوطــاني‬
‫إلى مصـرَ فتطــــــواني‬ ‫ومن نجــد إلى يــــمن‬

‫وما لي أحدثكم عن الوحدة السلمية‪ ,‬والوحدة العربية ‪..‬ول أذكر‬


‫لكم بأننا نشأنا في الثلثينات من هذا القرن ‪ ،‬ونحن نتمنى وحدة‬
‫الوطن الصغير سورية الجغرافية ‪..‬بعد أن قسمت إلى قطع صغيرة‬
‫زادت على العشرة ‪. 1‬‬
‫() بعضها تحت الحتلل الفرنسي ‪ ،‬وباقيها تحت الحتلل النكليزي ‪ .‬وأدخل‬ ‫‪1‬‬

‫علينا فيها كيانان ماكان في سورية قبل ذلك ‪ .‬الول ‪ :‬الكيان الصهيوني ‪ ،‬وقد‬
‫عرفتم خطره ‪ ،‬وما وصلت حالنا معه الن ‪.‬‬
‫والثاني ‪ :‬النتشار الثوري ( الشوري ) والرمني ‪ ،‬وتمكنت المة مع الزمن من‬
‫تطويق خطرهما الكبير ‪ ،‬والمطلع يعرف ما كان من آثاره في الجزيرة السورية‬

‫‪24‬‬
‫لقد حرمنا وحدة الوطن ‪ ،‬ووحدة القوم ‪ ،‬ووحدة الدين ‪.‬‬
‫ودار الزمن دورته ‪ ،‬وقامت للعرب وحدات استمر بعضها كوحدات‬
‫شبه الجزيرة ‪ ،‬واتحادات المارات والعراق والردن ‪ ،‬والجمهورية‬
‫العربية المتحدة بين مصر وسورية ‪ ،‬وكانت المل الكبير ‪ .‬ولكن لم‬
‫يكتب لها البقاء ‪ ،‬فضلً عن وحدة مصر والسودان ‪ ،‬وقيام وحدات‬
‫المغرب العربية ‪ ،‬والوحدات الفورية عند بعضهم ‪ .‬واليوم توحدت‬
‫اليمن كتب ال لوحدتها البقاء ‪.‬‬
‫ولست هنا لعدد دوافع قيام كل وحدة ‪ ،‬ول أسباب انهيار ما سقط‬
‫منها ‪ ،‬ول مخاوفي على القائم منها ‪ ،‬ول أنسى فشل وحدة باكستان‬
‫بعد أن انفصلت عن الهند وانقسمت إلى شطرين !! ‪.‬‬
‫وإنما بقي لي ‪-‬ولمثلي‪ -‬آمال تراودني ‪ ،‬وأفكار تعاودني ‪ ،‬قبل نومي‬
‫حول وحدة الوطن ‪ ،‬والقوم ‪ ،‬والدين ‪..‬ول أجد لها تحقيقاً ‪ ،‬ول في‬
‫المنام ‪ ،‬بل أج ُد لها من نفسي لنفسي تأريقاً ‪..‬‬
‫وكم حضرت من مؤتمرات واجتماعات ‪ ،‬وسمعت عن ذلك ممن‬
‫سعى إليها غيري وبذل في سبيل ذلك الغالي والنفيس ‪ ،‬وبعضهم قدم‬
‫الرواح والمهج ‪ ،‬ولكن بقينا نسمع صوتاً ول نرى طِحنا ‪.‬‬
‫وإنني مع علمي بأن الوفاء للقسم الول من العنوان الذي اختاره‬
‫الخوة الكارم لهذا اللقاء " الوحدة السلمية " الموافق لعنوان‬
‫ي أن أعرض مقومات موضوع هذه‬ ‫مؤتمر طهران ‪ .‬يوجبُ عل ّ‬
‫الوحدة ‪. 1‬‬
‫ولكنني لن أتكلم فيه ‪ ،‬ليس لنه صعب أو بعيد المنال ‪..‬ل ! إنما‬
‫أردت الكلم عن جزئيات هي في حقيقتها مما يعوق دون وحدة‬
‫المسلمين ‪ .‬وأهمها – مع السف – يرجع إلى فهمنا أو تطبيقنا لهذا‬
‫وشمال العراق ‪.‬‬
‫() وما ستحقق لنا يوم تحققها من سعة أرض ‪ ،‬وكثرة عدد ‪ ،‬وما ستتحكم به من‬ ‫‪1‬‬

‫طرق العالم واتصالته براً وبحراً وجواً وهوا ًء ‪ ،‬وأهمية السوق التجاري لنا مع‬
‫بعضنا ومع غيرنا ‪ ،‬ول يخفى عليكم أننا أردنا إقامة سوق عربية قبل أوربا‪‍.‬‬
‫وقامت السوق الوربية ‪ ..‬ومازالت السوق العربية حبراً على ورق ‪..‬والتجارة‬
‫بين دول العرب ‪ .‬ودعونا من حديث النفط والمياه والمعادن ‪ ،‬ومالنا من مخزون‬
‫ذلك ‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫الدين الذي جعله ال رحمة لنا وللعالمين ‪ ،‬والذي نريد أن نتوحد به‬
‫وعليه اليوم ‪ .‬فإذا أزيلت تلك العقبات الجزئية ظاهراً ‪..‬والكؤود‬
‫حقيقة ‪ ،‬نمهد الطريق إلى الوحدة ‪ ..‬وأهم هذه العقبات في نظري ‪.‬‬
‫الخلف بين ‪ :‬أهل السنة والجماعة من جهة ‪.‬‬
‫وبين الشيعة الثنى عشرية من جهة أخرى ‪.‬‬
‫ت الزيديين والعلويين والموحدين جانباً ‪ ،‬فلنهم تبع‬ ‫وإذا ترك ُ‬
‫للشيعة ‪ ،‬ولن وجودهم كان في مؤتمر طهران محدوداً – اللهم‬
‫سوى عالم زيدي واحد وما تكلم بكلمة ‪.‬‬
‫وحتى هؤلء يكون البحث معهم – إن شاء ال – فيما بعد ‪ ،‬وهم في‬
‫النتيجة مع إخوانهم صف واحد في وجه اللحاد والكفر ‪..‬‬
‫ونحن في بلد الشام ما كنا في يوم ما متباعدين ‪ .‬بل كان التقارب‬
‫بيننا قديمًا ‪ ..‬ولعل وجود إخواننا من تلك المذاهب حتى اليوم ‪،‬‬
‫الدليل الواضح على روح التسامح الذي كان سائدًا ‪ ،‬وأما فترات‬
‫التشنج ‪ ،‬فقد كانت قليلة ومحدودة ‪ ،‬وكان يجري علجها من عقلء‬
‫أهل زمانها ‪.‬‬
‫ومما أدركنا من التعاون السلمي العام – وخصوصاً أيام الجهاد –‬
‫بين الشيخ صالح العلي ( العلوي ) ‪ ،‬وإبراهيم هنانو ‪ ،‬والشيخ نافع‬
‫الشامي ‪ ،‬وسكان الساحل ‪ ،‬وجبل الزاوية في شمال وغرب سورية ‪.‬‬
‫وكذا بين سكان جبل العرب من الدروز مع الميرين ‪ :‬شكيب‬
‫وعادل أرسلن ‪ ،‬والشيخ الهجري ‪ ،‬والقائد سلطان الطرش ‪ ،‬ومع‬
‫السنة مثل الزعيم عبد الرحمن الشهبندر ‪ ،‬والشيخ محمد الشمر ‪،‬‬
‫وأهل دمشق وحوران والغوطة ‪ ،‬وأهل الجولن ‪ ،‬وقرى وادي‬
‫العجم ‪ ،‬وعربان الجبل ‪.‬‬
‫وتفصيل هذه المور يحتاج إلى أوقات طويلة ومعرفة في التاريخ‬
‫والجغرافية أكثر مما تعلم أبناؤنا في دروس التربية الوطنية وكتب‬
‫التاريخ المدرسي ‪ ،‬التي فرض مناهجها وكتبها المستعمر ومن تابعه‬
‫على ذلك من عبيد النظمة ‪..‬‬
‫وأعود إلى بحث التوافق بين السنة والشيعة على ضوء مؤتمر "‬
‫الوحدة السلمية " فإن اتفاقهما وتوافقهما هو الساس ‪..‬‬

‫‪26‬‬
‫ي أن أطرح سؤالً على نفسي وعلى من ينادي‬ ‫وبعد ذلك فأجد أن عل ّ‬
‫بالوحدة السلمية مثلي ‪ ،‬ويريدها بأقرب وقت ‪ .‬وهو ‪:‬‬
‫كم هو المل عندك في حصول الوحدة ؟؟‬
‫فأقول ‪ :‬إن تفرقنا كان على مراحل ‪ ،‬وسوف نعود أيضاً على‬
‫مراحل وخطوات ‪ ..‬ويوم أن تفككت وحدتنا أصابتها عوامل متعددة‬
‫دينية ‪ ،‬وسياسية ‪ ،‬داخلية ‪ ،‬وخارجية ‪ ..‬واستمر النشقاق ‪،‬‬
‫وارتفعت الخصومات ‪ ،‬وأحياناً اشتعلت الحروب ‪.‬‬
‫واليوم ورثنا هذا الركام من الخلفات المنوعة أيضاً ‪.‬‬
‫كما ورثنا رغبات صادقة من الباء وممن سبقنا للوحدة والتقارب‬
‫بعد أن أحسوا جميعاً بالخسارة العامة ‪ ،‬وقد استجاب نفر كريم من‬
‫علماء المة ومفكريها إلى هذا المؤتمر ‪ ،‬الذي انعقد في إيران ‪.‬‬
‫وكان قد سبقهم إلى الدعوة إلى تلك الوحدة بين المذهبين عدد كبير‬
‫من المصلحين في السير على هذا الطريق ‪ ،‬ومنهم المسرع ومنهم‬
‫المتئد ‪ ..‬مع اختلف الوسائل وسبل عرض الموضوع ‪. 1‬‬
‫وأحب – الن – أن أُغلّب حسن الظن عندي على سواه ‪ ،‬حتى في‬
‫الذين كتبوا ودعوا إلى التقارب بأسلوب نبش الماضي ‪ ،‬وإثارة‬
‫الخلفات ‪ ..‬ظناً منهم أن ذلك من المر بالمعروف والنهي عن‬
‫المنكر ‪ ،‬وأن أقوالهم وكتبهم تجعل التقارب على قواعد سليمة مبنية‬
‫– على ما فهموا – من الكتاب والسنة وأقوال العترة ‪..‬أو ما تقتضيه‬
‫الحكمة والعقل والوحدة المتينة ‪.‬‬
‫وقد كان في المؤتمر بعض هؤلء ‪.‬‬
‫بل قد توسع بعضهم – في المؤتمر وقبله – إلى الدعوة لجعل‬
‫المسلمين كلهم مذهبًا واحداً في الدولة ‪ ،‬والحكم ‪ ،‬والعقائد ‪ ،‬والفقه ‪،‬‬
‫ومختلف المور ‪ .‬وكانت له حجته ‪ ،‬وهي حق في أصلها ‪ ،‬ولكنه‬
‫ابتعد عن الواقع ‪ .‬فذهبت دعوته مع الريح ‪.‬‬

‫() وأنا وإن ذكرت المعوقات فإن وحدتنا قادمة ولن يقف في وجهها التعصب‬ ‫‪1‬‬

‫القومي ‪ ،‬ول النظمة القتصادية ‪ ،‬ول اليديولوجيات المستوردة ‪ .‬فإنها لن‬


‫تكون المعوقات في المستقبل ‪ .‬وهذا التحاد السوفيتي انهار أمام أعيننا ‪ ،‬وما أن‬
‫أزاله ال حتى رجع المسلم إلى مسجده ‪ ،‬وكل ذي دين إلى دينه ‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫ونحن اليوم ندعو إلى بقاء أصحاب كل مذهب على مذهبهم ‪.‬‬
‫اللهم ! إل ما يجدوه هم بأنفسهم غير مبني على دليل شرعي ‪،‬‬
‫وليس فيه أي نفع حسي لهم في دينهم ودنياهم ‪ ،‬فيقلعوا عنه وهذا‬
‫عائد لهم ‪ ،‬وفيه الخير لهم ‪.‬‬
‫وعلى هذا مشى الذين عرفناهم في مجال التقريب ودعاته السابقون‬
‫مع تعدد أقوالهم والختلف الجزئي فيها ‪ ،‬أمثال ‪:‬‬
‫السيد محسن المين ‪ ،‬والسيد رشيد رضا ‪ ،‬والمجتهد الحكيم‬
‫النجفي ‪ ،‬الشيخ كامل القصاب ‪ ،‬والشهيد نواب صفوي ‪ ،‬والمرشد‬
‫حسن البنا ‪ ،‬والمشايخ ‪ :‬محمد التقي القمي ‪ ،‬وعبد المجيد سليم ‪،‬‬
‫وعلي المؤيد ‪ ،‬وأمجد الزهاوي ‪ ،‬والبشير إبراهيم ‪ ،‬والسيد موسى‬
‫الصدر ‪ ،‬والحاج أمين الحسيني – رحمهم ال ‪.-‬‬
‫وذكر هؤلء مني على سبيل المثال ‪ ،‬وإل فهناك العشرات غيرهم ‪.‬‬
‫وكلنا يعلم بأن المسلمين اختلفوا وتقاتلوا ‪ ،‬منذ عهد الصحابة رضي‬
‫ال عنهم جميعًا ‪ ،‬ولكن كانت دولتهم واحدة‪ ،‬سوى فترات قصيرة ‪،‬‬
‫والفتوى بينهم على طريقة واحدة ‪ ،‬وهذه كتب الحديث والفقه‬
‫والتاريخ شاهدة على ذلك ‪.‬‬
‫واليوم نحن ندعو ونكرر إلى عدم طلب ‪ :‬ذوبان فريق في الفريق‬
‫الخر ‪..‬لن هذا مستحيل الن ‪ ،‬وفي المستقبل المنظور ‪.‬‬
‫ولكن الممكن ‪ :‬أن يترك كل فريق منا استفزاز الفريق الخر ‪ ،‬وأن‬
‫تكون دعوته بالحكمة وبالتي هي أحسن ‪ ..‬فل نرى – بعد الن –‬
‫التحرش من أحدنا بالخر ‪ ،‬ول نسمح بالطعن بمن يعظمه بعضنا ‪،‬‬
‫ول نبش الماضي ‪.‬‬
‫وللصوفية كلمة جميلة نافعة ‪:‬‬
‫" ذكر الجفا ‪ ،‬وقت الصفا ‪ ،‬من الجفا " ‪.‬‬
‫وسؤال آخر أطرحه على نفسي وهو ‪:‬‬
‫كيف يمكن توحيد المة ‪ ،‬وتقريب المذاهب ‪ ،‬وهذه الكتب والمقالت‬
‫‪ ،‬والمواقف تمل الساحة ‪ ،‬وفيها من عرض وجهات النظر المختلفة‬
‫ما فيها ‪ ..‬وأكثرها – إن لم أقل كلها – مشبعة بالمنفر من القول ؟؟‬

‫‪28‬‬
‫فأقول ‪ :‬والِ ! ما طرقت هذه الموضوع ‪ ،‬إل عندي منذ زمن بعيد‬
‫مئات الكتب – أو اللوف – من كتب الفريقين ‪..‬وفيها المكفر ‪،‬‬
‫والمضلل ‪ ،‬والمجهل ‪ ،‬والشاتم ‪ ،‬واللعن ‪ ،‬لكل ما عند الطرف‬
‫الخر ‪ ،‬أو بعض ما عنده من ‪ :‬رجال ‪ ،‬وكتب ‪ ،‬وحديث ‪ ،‬ومواقف‬
‫‪..‬إلخ ‪.‬‬
‫وما اطلعت عليه منها وجدت في بعضه الحق ‪ ،‬أو شبهة حق تمسك‬
‫فيها من نقلها ‪ .‬بعد أن أضاف إليها مما عنده من موروثات ‪ ،‬وما‬
‫دفعته إليه العصبية والهوى ‪. 1‬‬
‫ولكن هل تبقى المواقف البائدة تتحكم فينا ‪ ،‬فنكون أحياء يحكمهم‬
‫الموات والقبور ‪.‬‬
‫ل وال !! ما هذا اللئق بالعقلء ‪ ،‬وأهل اليمان ‪ ،‬والغيرة على‬
‫السلم والمسلمين ‪.‬‬
‫ومما شجعني على الدخول في هذا المشروع الخطير ما عرفته من‬
‫كلم ربنا جل شأنه ‪ ،‬وحديث رسولنا ‪ ،‬وكلم علمائنا من‬
‫الصحابة الكرام – ومنهم آل بيت النبي ‪ -‬ومن تبعهم بإحسان إلى‬
‫يومنا هذا ‪.‬‬
‫وآخره ما سمعته من مرشد الجمهورية السلمية وقائدها الخامنئي‬
‫عقب المؤتمر من خطبته الوداعية للوفود ‪.‬‬
‫فقد تكلم بما ماثل وشابه ما قدم للمؤتمر ‪ ،‬من دعاة التقريب ‪ ،‬وما‬
‫بحث وأقر في المؤتمر ‪.‬‬
‫ولقوله أهمية كبرى عند أحد قسمي المة التي نريد توحيدها ‪،‬‬
‫وتقريب مذاهبها ‪.‬‬
‫وفي كلم رئيس الجمهورية السلمية اليرانية الشيخ هاشمي‬
‫رفسنجاني في افتتاح المؤتمر ‪ .‬فقد كان كلمه عن الوحدة والشادة‬
‫بكل دول العالم السلمي ‪ ،‬وإعذاره لهم عن مواقفهم – مع‬
‫الختلف معهم – ودعوتهم للوحدة والتحاد ‪ ،‬كان كلم رجل‬
‫دولة ‪ ،‬يعرف ما يقول ‪ ،‬وكانت كلمته معبرة عما يجيش في صدر‬
‫كل مؤمن بوجوب وحدة المسلمين ‪.‬‬
‫() وفي بعضه تحميل كلم الخصم ما ل يحمل ! ! إن لم أقل غير ذلك ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪29‬‬
‫وأقول ‪ :‬بأن كل كلم يمكن أن يؤول أو يحمل على خلف ما يريد‬
‫صاحبه ‪ ..‬أو يحرف من الناقلين ‪ ،‬أو يساء فهمه من السامعين !‬
‫ولكن مالنا ولهذا ‪ ،‬نحن نريد دفن الماضي ‪ ..‬والبناء من جديد على‬
‫السليم من عقائدنا ‪ ،‬والمتفق عليه فيما بيننا ‪.‬‬
‫والمؤتمر مع أنه مؤتمر شعبي فقد لقي التأييد الواضح من القائد‬
‫الخامنئي ‪ ،‬ومن رئيس جمهورية إيران ‪ ،‬وبعض الرسميين ‪.‬‬
‫وقد حمل مندوب سورية الدكتور الشيخ إبراهيم حسن النقشبندي‬
‫تحيات سورية قيادة وحكومة وشعباً ‪ ،‬كما حضر حفل الفتتاح‬
‫السفير السوري ‪.‬‬
‫وحضر ممثلون عن كبريات الجماعات السلمية في العالم مثل‬
‫الباكستان ‪ ،‬والهند ‪ ،‬والمملكة الردنية الهاشمية ‪ ،‬والمملكة المغربية‬
‫‪ ،‬والجاليات في أوروبة وأمريكا ‪.‬‬
‫ومثل الجماعة السلمية في لبنان سعادة الدكتور النائب فتحي‬
‫يكن ‪ ،‬وكان لمذكرته ومداخلته وكلمته باسم كل المشاركين في‬
‫المؤتمر الثر الطيب النافع الهادف ‪ .‬كما حضر من لبنان القاضي‬
‫الدكتور مصطفى الرافعي ‪ ،‬وحال مرضه دون متابعة المناقشات‬
‫بما هو مأمول منه لعلمه واطلعه ‪.‬‬
‫وفي المؤتمر جرت المداولت بحرية حول النقاط الكبرى ‪ ،‬ولم‬
‫يُدخل في التفاصيل لضيق الوقت ‪ ،‬وللرغبة في اللقاء على الهداف‬
‫ما أمكن ‪..‬غير أن بعض الحضور أدخل في كلمه جزئيات أوجبت‬
‫الرد عليها وتوضيح المواقف منها ‪.‬‬
‫وهذه الجزئيات كانت ‪ -‬في حقيقتها ‪ -‬من التاريخ الماضي الذي كلنا‬
‫شكونا منه ‪ ،‬ونراه سبب تفرقنا وتقطيع إخوّتِنا الدهور الطويلة ! !‬
‫وكان في كلم ومداخلت الدكاترة فتحي يكن ‪ ،‬وفاروق النبهان ‪،‬‬
‫وعدنان البخيت ‪ ،‬محمد القيسي ‪ ،‬والشيخين النقشبندي والمدني ‪،1‬‬
‫وفي مشاركتي ردّ الحق إلى نصابه ‪ ،‬ووضع المور في مجراها‬
‫الطبيعي ‪.‬‬
‫() وهو عالم متمكن من بلوخستان ‪ ،‬وهو موظف كبير في الرئاسة الدينية في‬ ‫‪1‬‬

‫الجمهورية اليرانية ‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫وكان الفضل في أكثر ذلك إلى القيادة الحكيمة التي تولها المين‬
‫العام لمجمع التقريب سماحة الشيخ محمد واعظ زاده الخراساني ‪،‬‬
‫وسماحة الشيخ التسخيري ‪.‬‬
‫وقد لحظنا غياباً سنياً رسمياً ‪ ،‬وانعدام علماء وفقهاء المذاهب ‪،‬‬
‫المراد التقارب معها ! ! ‪ ،‬مما دعاني للبحث مع المسؤولين عن‬
‫المؤتمر في ذلك المر ‪ ،‬فتقرر إقامة مؤتمر فرعي في منطقة‬
‫أذربيجان الغربية في بلدة ( أورمية ) الحدودية ‪ .‬وضم هذا المؤتمر‬
‫عدداً كبيراً من علماء الكراد ( الشافعية ) والتراك ‪،‬‬
‫والبلوخستان ‪ ،‬والتتار ‪ ،‬والتركمان ( الحنفية ) والعجم ( الشيعة ) ‪.‬‬
‫ووجدت هناك بين المشاركين والزوار بعض السلفيين الثريين من‬
‫‪1‬‬
‫خريجي المعاهد في سورية ‪ ،‬والجامعة السلمية بالمدينة المنورة‬
‫‪.‬‬
‫وفي هذا المؤتمر الفرعي كانت البحاث أوضح وأصرح لمشاركة‬
‫أهل البلد فيها ‪ ،‬ومعرفتهم بأمور بعضهم بعضاً ‪ .‬وكان من نتيجة‬
‫ذلك ‪ ،‬أن رافقنا إلى طهران عدد كبير من أهل السنة والجماعة ‪،‬‬
‫وشاركونا في جلسات المؤتمر ‪ .‬وفي نهاية المؤتمر استقبلهم مرشد‬
‫الجمهورية اليرانية بحضور رئيس الجمهورية ورئاسة القضاة‬
‫وعدد من القيادات ‪ ،‬وبحث معهم في شؤون مناطقهم ومذاهبهم ‪.2‬‬
‫وكانت الرحلة إلى أذربيجان موفقة بفضل ال ‪ ،‬ذهبت إليها مع مفتي‬
‫الحسكة ‪ ،‬والشيخ آية ال معرفتي ‪ ،‬وهو من أعقل الناس ‪ ،‬ورغبته‬
‫في تقريب المذاهب واضحة جلية صادقة ‪ ،‬والدكتور محمد حسن‬
‫( عميد كليات اللهيات ) ‪ ،‬ومعنا الشيخ آية ال جنايتي وكانت‬
‫الراء التي طرحها – باللغة الفارسية وقصور في الترجمة ‪ ،‬مع أنه‬

‫() فقلت لهم ‪ :‬يا مرحباً برائحة الهل ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫() وقد نشرت الصحف أخبار تلك المقابلة ‪ ،‬وعلمت أن فخامة رئيس الجمهورية‬ ‫‪2‬‬

‫زار منطقتهم بعد أسبوعين ‪ ،‬وافتتح في ( أورمية ) عددًا من المدارس الشرعية ‪،‬‬
‫وتم إصلح المطار ‪ ،‬واجتمع مع زعماء الكراد ‪ ،‬لتوحيد الجهود ومنع‬
‫القتتال ‪ ،‬وممن بحث معهم في (أورمية ) الزعيم البرزاني ‪ .‬وفي طهران الزعيم‬
‫الطالباني‬

‫‪31‬‬
‫ورفاقه يحسنون العربية – محل ردات فعل عاجلة وسريعة من‬
‫علماء تلك المناطق ‪.‬‬
‫ثم كان في كلمي المتواضع تصويب المسار ‪ ،‬وتصحيح ما أثاره‬
‫والتقريب بين وجهات النظر ‪ ،‬ولكلمة فضيلة الشيخ النقشبندي‬
‫الصدى المستحسن ‪ ،‬والحمد ل ‪.‬‬
‫وقد وجدنا من العلّمة الشيخ الموسوي مندوب القائد في المنطقة ‪،‬‬
‫ومن سعادة المحافظ وباقي علماء الشيعة ‪ ،‬التجاوب الكبير ‪.‬‬
‫وحضر معنا نواب المنطقة في البرلمان اليراني ومجلس الشورى ‪،‬‬
‫من الكراد طوال الوقت ‪ ،‬وكان لهم المشاركة والرأي في كل‬
‫القضايا التي جرى تداولها ‪.‬‬
‫المر الذي دعاني لعقد المل على تجمعهم ووحدتهم في تلك‬
‫المناطق التي أخرجت بطل السلم الفاتح صلح الدين اليوبي‬
‫الكردي الذي حرر القدس وأكثر فلسطين ‪ ،‬ووحد المة ‪ .‬وأستاذه‬
‫الممهد له الحاكم العادل التقي نور الدين محمود زنكي التركي‬
‫‪..‬لقول لهم من كلم طويل ‪:‬‬
‫أنتم يا سكان هذه المنطقة عليكم المل معقود لنكون معكم في تحرير‬
‫فلسطين مجدداً ‪ ،‬كما حررت على أيديكم سابقاً ‪.‬‬
‫ودعوتهم إلى التمسك بمذاهبهم ‪ ،‬والتعاون مع إخوانهم ‪ ،‬فإن الذوبان‬
‫يضيع المقومات ‪ .‬ودعوتهم إلى العلم والتعلم في العقائد والفقه ‪،‬‬
‫وجميع العلوم ‪.1‬‬
‫بقي أن أقول لكم ‪ :‬بأن مناطقهم ما زالت مناطق حربية ‪ ،‬فالطرقات‬
‫مخربة ‪ ،‬والمطار منسوف ‪ ،‬والسلح ظاهر مكشوف ! !‬
‫وانتقلنا من طهران إلى مطار حربي قرب مدينة تبريز بطائرة‬
‫حربية من مطار حربي قريب من طهران ‪ ،‬ثم قطعنا مسافة ‪100‬‬
‫كيلومتر في سيارات وعبر طرقات شبه معبدة ‪ ،‬وركبنا بعد ذلك في‬
‫عبّارة بالبحيرة لمدة نصف ساعة ‪ ،‬وهي بحيرة كبيرة طولها ( ‪125‬‬
‫) كيلو متراً ‪ ،‬وماءها ملح أجاج ول حياة فيها ‪ ،‬تشبه البحر الميت ‪.‬‬
‫وبعدها مشينا في طرق ترابية (‪ )60‬كيلو متراً ‪.‬‬
‫ت معهم ومع الدارة سبيل مدهم بكتب العلم من الحديث والفقه ‪.‬‬
‫() كما بحث ُ‬ ‫‪1‬‬

‫‪32‬‬
‫ومن واجبي – الن – أن أشكر الحكومة اليرانية على ما أتاحته لنا‬
‫في هذه الزيارة من الجتماع بإخواننا أهل السنة والجماعة في‬
‫مناطقهم الصلية ‪ ،‬والحديث معهم بحرية وصراحة ‪.‬‬
‫ثم كانت الجلسة الخاصة بالبوسنة الهرسك – في طهران – وكانت‬
‫أكثر دللة على الوحدة السلمية من كل الجلسات ‪.‬‬
‫فقد كان اهتمام إخواننا في الجمهورية السلمية اليرانية بالبوسنة‬
‫والهرسك محل تقدير وإعجاب وشكر منا جميعاً ‪ ،‬حيث علمنا‬
‫بالمساعدات الكبيرة التي ترسل لتلك البلد مع الصعوبة في النقل‬
‫‪..‬ووقع في أذني ‪ :‬إن من جملة المساعدات شباب تطوعوا لمشاركة‬
‫إخوانهم هناك في الدفاع عن الرض والعرض وبقاء الدين في تلك‬
‫الديار ‪.‬‬
‫وإذا علمتم أن ليس في البلقان أي شيعي ‪..‬فإن ذلك يصرف النظر‬
‫عن الظن المذهبي ‪.‬‬
‫وقد شارك في الحفل أطفال من البوسنة أحضروا من بلدهم بعد أن‬
‫فقدوا الباء والمهات‪ ،‬كما وجدنا مجموعة من الشبان اضطرتهم‬
‫الظروف للمغادرة للعلج أو التدريب ‪ ،‬وكان لناشيدهم الحماسية‬
‫الثر الكبير في الدموع التي انسكبت من كل العيون‪.‬‬
‫والمل كبير – إن شاء ال – في القيام بالواجب الملقى على عاتقنا‬
‫نحن العرب ‪1‬نحو هذه الجبهة المتقدمة من السلم في أوربا ‪.‬‬
‫كما رأينا هناك في إيران وجوداً للحركة الفدائية الفلسطينية حماس ‪،‬‬
‫وللمقاومة السلمية في لبنان ‪ ،‬وبعض المنظمات الجهادية‬
‫المظلومة في بلدها ‪ ،‬وهذا كله يساعد على قيام الوحدة السلمية ‪.‬‬
‫وأقول لكم إن المقررات ل تشمل تماما كل ما جرى في المؤتمر !‬
‫‪2‬‬
‫فإن بعض البحاث لم نتوصل فيها إلى نتائج تصاغ في فقرات‬

‫() أنا أعلم أن هناك مساعدات مالية تقدم من بعض البلد العربية ‪ ،‬ولكنني أرجو‬ ‫‪1‬‬

‫أن ترفد بمقومات البقاء السلمي الصحيح والعقيدة السليمة في تلك البقعة التي لم‬
‫يبق للسلم وجود في سواها !‬
‫() ولعل أكبر سبب هو غياب فقهاء المذاهب السنية ‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪33‬‬
‫ولكنها بُحثت ‪ ،‬وسمع كل فريق ما عند الخر ‪ ،‬وما لم يقبله ويتفق‬
‫عليه أخذ بعين العتبار ‪.‬‬
‫ووجدت آراء كل فريق مؤيدًا بل مؤيدين لها من الفريق الخر –‬
‫السني أو الشيعي – وهذه القضايا اجتمع لها مل يقل عن خمسين‬
‫عالماً إخصائياً بعلم ما من إخواننا الشيعة الكبار ‪ ،‬وكل واحد منهم‬
‫بمنزلة ( مجتهد ) و ( حجة ) في العلوم الشرعية ‪. 1‬‬

‫() ومنهم على سبيل المثال الباحث الصلب الحجة مرتضى العسكري ‪ ،‬صاحب‬ ‫‪1‬‬

‫المؤلفات الكثيرة ‪ ،‬وقد أنست بمجالسته ‪ ،‬مع التباعد والختلف في الرأي‪.‬‬

‫‪34‬‬

You might also like