Professional Documents
Culture Documents
أصحاب رسول
الله
صلى الله عليه
وسلم
تأليف
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
2
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
3
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سوف يقولون ويقولون كذبا وزورا وتلبيسا :نن ونن … إل ،ولكن القيقة ل
و َسَيعَْلمُ ت فى على أول الن هى ،ل سيما من أقوام ديدن م التلب يس والغالطات ،
وقُلِ ، والُ مِن ورائِهِم مُحييط ، الذينَي ظَلمُوا أيّ مُنقَلبٍييَنقَلِبونَي
. اعْمَلوا فيسرى الُ عَ َمَلكُم َورَسولُهُ والُؤمِنون
هذا ؛ وقد أحببت أن أرفق بذه القدمة بعض ردود الشيخ ممود ممد شاكر ،العال
. الكاتب الديب الصري الشهي ،على طعن سيد قطب ف أصحاب رسول ال
صيدرت تلك الردود في عدد مين القالت في ملة ((السيلمون)) ،التي كان يرأس
تريرهيا سيعيد رمضان الصيري الشهيي وأحيد كبار الخوان السيلمي ،وفي ملة
((الرسيالة )) التي كان يصيدرها أحدي حسين الزيات وصيلن مين هذه الردود خسي
مقالت:
الول بعنوان (( :حكم بل بينة )) .
الثانية (( :تاريخ بل إيان)).
الثالثة(( :ل تسبوا أصحاب )).
الرابعة(( :ألسنة الفترين )).
هذه القالت الر بع نشرت ف ملة ((ال سلمون )) ،الول ف العدد الول من ها ال سنة
الول ،والثا ن ف العدد الثا ن ال سنة الول ،والثالث ف العدد الثالث ال سنة الول ،
والرابع ف العدد الرابع السنة الول ،وكلها ف سنة (1371هي 1952/م) ،القالة
الامسية نشرت في ملة (الرسيالة) سينة (1371هيي 1952 /م) أيضا بعنوان ((ذو
العقل يشقى …)).
من انت صر ممود شا كر – ش كر ال له – ف هذه القالت ل صحاب ر سول ال
ف سيد قطب الذي ترأ عليهم وطعن فيهم ،وبي فيها مكانة أصحاب رسول ال
،ومنلة من يطعن فيهم من الهل والرأة وسوء الدب ، كتاب ال وسنة رسوله
،وناقشه ف ذلك وعرض ناذج من طعن سيد قطب ف بعض أصحاب رسول ال
4
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مناقشة علمية قائمة على الكتاب والسنة ومنهج أئمة الدى من أهل السنة والماعة
وعلى التأرييخ والعقيل السيتنيين بدي السيلم ،فلم يسيتقد سييد قطيب مين هذه
الناقشات العلمية الواعية ،ول يدرك أن ذلك يتيح له له الفرصة للعودة إل جادة الق
والتكفي عما ارتكبه ف حق الصحاب الكرام ،بل تادى ف جهلة وفيما ارتكبه ف
،وأصر عليه ،فرد على ممود شاكر ردّا عنيفا ،يغمطه حق أصحاب رسول ال
،دون حياء ول خوف من ال ،ول احترام لشاعر فيه كما يغمط أصحاب ممد
ال مة ال سلمية ،وك يف يترم ها و هو يكفر ها ف هذا الكتاب الذي ط عن ف يه ف
،كتاب (العدالة الجتماعية ). أصحاب رسول ال
ث بعد هذا الخذ والرد مع ممود شاكر؛ استمر ف طبع كتاب (العدالة) ،الطاعن ف
أ صحاب ر سول ال ،والك فر لل مة ا ستمر يطب عه إل آ خر حيا ته ،وا ستمرانصاره
وأولياؤه ينشرونيه إل يومنيا هذا دون حياء ول خوف مين ال ول احترام لشاعير
السلمي .
فيا معشر السلمي أين الغية على العقيدة السلمية ؟
وأين الغية على سادة هذه المة.
؟ وأين أنتم من موقف سلف المة من يطعن ف أصحاب رسول ال
فإل مت تتحملون هذا الظلم وهذا الضيم؟
ثي بعيد هذا … .أقدم للقراء واحدة مين مقالت ((ممود شاكير)) ،ال وهيي ( :ل
تسبوا أصحاب) ،مرفقة بواب (سيد قطب) ،وإصراره على الباطل والتمادي فيه.
ث ليعلم القارئ أن طعن (سيد ) كان قد تنازل الليفة الراشد عثمان وسائر الصحابة
ف عهده ،ث بن أمية ،وف رده تظاهر للقراء أنإنا طعن ف معاوية وفيمن بعده من
بن أمية ،يسب أن ذلك أمر هي ،ول يعتذر عن طعنه ف عثمان وسائر الصحابة ،
5
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وأ صر على ط بع كتا به الطا عن في هم ،ونشره إل أن مات( )1؛ فاف هم ذلك جيدا أي ها
السلم النصف النبيه ،ول تنخدع بالغالطات.
)( 1بل ل يزل (سيد قطب ) يعتز بذا الكتاب؛ فقد زاره مندوب الزائر ف مؤتر القاهرة ،وطلب منه أن
يكتب له بيانا متصرا عن (النظام الجتماعي السلمي ووسائله ف تقيق العدالة الجتماعية )) ليساعده
هو وإخوا نه هناك على مقابلة التيارات الشيوع ية ،فقال له ( سيد ق طب)(( :إن ل ثل ثة ك تب ف هذا
الوضوع ،هي :العدالة الجتماع ية ف ال سلم ،و(ال سلم العال ي ف ال سلمي) ( ،ومعر كة ال سلم
والرأسال) .)).
انظير كتاب ( :لاذا أعدمو ن ) لسييد قطيب ( ، )79و هو كميا ترى ف آ خر حياتيه؛ فمتير جع عن هذه
الضللت؟
6
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
()1
ل تسبوا أصحاب
للستاذ ممود ممد شاكر
حسب امرئ مسلم ل أن يبلغه قول رسول ال (( : eل تسبوا أصحاب ،ل تسبوا
أصحاب؛ فوالذي نفسي بيده ،لو أن أحدكم أنفق مثل أحدٍ ذهبا ؛ ما أدرك مد
أحدكم ول نصيفه))؛ حت يشع لرب العالي ،ويسمع لنب ال ويطيع ،فََيكُفّ عَرْبَ
لسانه وضراوة فكره عن أصحاب ممد ، eث يعلم علما ل يشوبه شكّ ول ريبة :أن
ل سبيل لحد من أهل الرض – ماضيهم وحاضرهم – أن يلحق أقل أصحابه
درجة ،مهما جهد ف عبادته ،ومهما تورع ف دينه ،ومهما أخلص قلبه من خواطر
السوء ف سره وعلنيته.
وما أين يشك وكيف يطمع ورسول ال ل ينطق عن الوى ،ول يداهن ف دين ،ول
يأمر الناس با يعلم أن الق ف خلفه ،ول يدث بب ول ينعت أحدا بصفة ؛ إل با
علمه ربه وبا نبأه؟! وربه الذي يقول له ولصحابه ] :والّذي جاءَ بالصّدقِ وَص ّدقَ
سنِيَ .لِيُ َكفّرَ الُ
به أولِئكَ هُمُ الُتّقون َ .لهُمْ ما يَشاؤونَ عِنْدَ َربّهمْ ذَلِكَ جَزاءُ الُحْ ِ
سنِ الذِي كانوا َي ْعمَلونَ [ .
عَْنهُم َأ ْسوََأ الذي عَمِلوا ويَجْزَِي ُهمْ بأَح َ
ث يبي eكتاب ربه ،فيقول (( :خي الناس قرن ،ث الذي يلونم ،ث الذي
يلونم ،ث ييء قومُ تسبق شهادة أحدهم يينه ،ويينه شهادته)).
ث يزيد المر بيانا ، eفيدل الؤمني على النلة الت أنزلا ال أصحابَ ممد رسول
ال ،فيقول(( :يأت على الناس زمان ،فيغزو فئام فيفتح لم ،ث يأت على الناس
زمان ،فيغزو فئام من الناس ،فيقال :هل فيكم من صاحب من صاحب أصحاب
رسول ال e؟ فيقولون :نعم ،فيفتح لم)).
7
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فإذا كان هذا مبلغ صحبة رسول ال e؛ فأي مسلم يطيق بعد هذا أن يبسط لسانه ف
أحد من صحابة ممد رسول ال ؟! وبأي لسان يعتذر يوم ياصمه بي يدي ربم ؟!
وما يقول وقد قامت عليه الجة من كتاب ال ومن خب نبيه ؟! وأين يفر امرؤ يومئذ
من عذاب ربه؟!
وليس معن هذا أن أصحاب ممد رسول ال eمعصومون عصمة النبياء ،ول أنم
ل يطئوا قط ول يسيئوا ؛ فهم ل يدّعوا هذا ،وليس يدّعيه أحد لم ،فهم يطئون
ويصيبون ،ولكن ال فضلهم بصحبة رسوله ،فتأدبوا با أدبم به ،وحرصوا على أن
يأتوا من الق ما استطاعوا ،وذلك حسبهم ،وهو الذي أمروا به ،وكانوا بع ُد توابي
أوابي ،كما وصفهم ف مكم كتابه ،فإذا أخطأ أحدهم ،فليس يل لم ول لحد
من بعدهم أن يعل الطأ ذريعة إل سبهم والطعن عليهم.
هذا ممل ما أدبنا به ال ورسوله ،بيد أن هذا الجمل أصبح مهولً مطروحا عند
أكثر من يتصدى لكتابة تاريخ السلم من أهل زماننا ،فإذا قرأ أحدهم شيئا فيه
مطعن على رجل من أصحاب رسول ال ، eسارع إل التوغل ف الطعن والسب بل
تقوى ول ورع ،كل ،بل تراهم ييط با من الريب والشكوك ،وما السباب
الداعية إل الكذب ف الخبار ،ومن العلل الدافعة إل وضع الحاديث الكذوبة على
هؤلء الصحابة .
ولن أضرب الثل با يكتبه الستشرقون ومن لف لفهم؛ فهم كما نعلم ،ول بأهل الزيغ
والضلل والضغينة على أهل السلم؛ كصاحب كتاب الفتنة الكبى) وأشباهه من
الؤلفي بل سآتيك بالثل من كلم بعض التحمسي لدين ربم ،العلني بالذب عنه
والهاد ف سبيله ،وأن سة الضارة الوثنية الوروبية ،تنفجر أحيانا – ف قلب من ل
يذر ول يتق – بكل ضغائن القرن العشرين ،وبأسوأ سخائم هذه الضارة العتدية
لدود ال ،الت كتب على عباده – مسلمهم وكفارهم – أن ل يتعدوها .
8
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
9
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
10
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ث يعلق عليها فيقول(( :أجل ،ما وليها بحبة منهم ،وإنه ليعلم أن اللفة بيعة
الرضى ف دين السلم ،ولكن ما لعاوية وهذا السلم ،وهو ابن هند وابن
اب سفيان؟!)).
-6وأما معاوية بعد علي ؛ فقد سار سياسة الال سيته الت ينتفي منها العنصر
الخلقي ،فجعله للرشى واللهى وشراء المم( )1ف البيعة ليزيد ،وما أشبه
هذه الغراض ،بانب مطالب الدولة والجناد والفتوح بطبيعة الال)).
-7ث قال شاملً لبن أمية (( :هذا هو السلم ،على الرغم ما اعترض خطواته
العملية الول من غلبة أسرة ل تعمر روح السلم نفوسها؛ فأمنت على
حرف حي غلب السلم ،وظلت تلم باللك الوروث العضوض حت
نالته ،فسارت بالمر سية ل يعرفها السلم )).
هذا ما جاء ف ذكر معاوية ،وما أضفى الكاتب من ذيوله على بن أمية وعلى
عمرو بن العاص ،وأما ما جاء عن أب سفيان بن حرب؛ فانظر ماذا يقول:
(( -8أبو سفيان هو ذلك الرجل الذي لقي السلم منه والسلمون ما حفلت به
صفحات التاريخ ،والذي ل يسلم إل وقد تقررت غلبة السلم ؛ فهو
إسلم الشفة واللسان ،ل إيان القلب والوجدان ،وما نفذ السلم إل قلب
ذلك الرجل؛ فلقد ظل يتمن هزية السلمي ويستبشر لا ف يوم حني ،وف
قتال السلمي والروم فيما بعد ،بينما يتظاهر بالسلم ،ولقد ظلت العصبية
الاهلية تسطي على فؤاده…وقد كان سفيان يقد على السلم
والسلمي ،فما تعرض فرصة للفتنة إل انتهزها)).
(( -9ولقد كان أبو سفيان يلم بلك وراثي ف بن أمية منذ تول اللفة عثمان ؛
فهو يقول (( :يا بن أمية …تلقفوها تلقف الكرة؛ فو الذي يلف به أبو
سفيان ؛ ما زلت أرجوها لكم ،ولتصين إل صبيانكم وراثة!)) ،وما كان
11
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يتصور حكم السلمي إل ملكا ،حت أيام ممد ( ،وأظن أنا أنه من الدب
أن أقول) e :؛ فقد وقف ينظر إل جيوش السلم يوم فتح مكة ،ويقول
للعباس بن عبد الطلب (( :وال يا أبا الفضل؛ لقد أصبح ملك ابن أخيك
اليوم عظيما)) ،فلما قال له العباس :إنا النبوة ،فما كان مثل هذا القلب
ليفقه إل معن اللك والسلطان)).
ث يقول عن هند بن عتبة أم معاوية:
(( -10ذلك أبو معاوية ،فأما أمه هند بنت عتبة ،فهي تلك الت وقفت يوم أحد
تلغ ف الدم إذ تنهش كبد حزة كاللبؤة التوحشة ،ل يشفع لا ف هذه
الفعلة الشنيعة حق الثأر على حزة؛ فقد كان قد مات ،وهي الت وقفت بعد
إسلم زوجها كرها بعد إذ تقررت غلبة السلم تصيح(( :اقتلوا البيث
الدنس الذي ل خي فيه ،قبح من طليعة قوم ،هل قاتلتم ودفعتم عن
أنفسكم وبلدكم؟)).
هؤلء أربعة من أصحاب رسول ال ، eيذكرهم كاتب مسلم بثل هذه العبارات
الغريبة النابية ،بل زاد ،فلم يعصم كثرة بن أمية من قلمه ،فطرح عليهم كل ما
استطاع من صفات تعلهم جلة واحدة براء من دين ال ،ينافقون ف إسلمهم ،
ونفون من حياتم كل عنصر أخلقي – كما ساه . -
وأنا لن أناقش الن هذا النهج التاريي ؛ فإن كل مدع يستطيع أن يقول :هذا
منهجي ،وهذه دراست!! بل غاية ما أنا فاعل أن أنظر كيف كان أهل هذا الدين
ينظرون إل هؤلء الربعة بأعيانم ،وكيف كانوا – هؤلء الربعة – عند من
عاصرهم ومن جاء بعدهم من أئمة السلمي وعلمائهم.
وأيضا ،فإن لن أحقق هذه الكلمة فساد ما بُن عليه الكم التاريي العجيب ،الذي
استحدثه لنا هذا الكاتب ،بل أدعه إل حينه .
12
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فمعاوية بن أب سفيان رضي ال عنه أسلم عام القضية ،ولقي رسول ال eمسلما ،
وكتم إسلمه عن أبيه وأمه ،ولا جاءت الردة الكبى؛ خرج معاوية ف هذه القلة
الؤمنة الت قاتلت الرتدين ،فلما استقر أمر السلم ،وسي أبو بكر اليوش إل
الشام ؛ سار معاوية مع أخيه يزيد بن أب سفيان رضي ال عنه ،فلما مات يزيد ف
زمن عمر بن الطاب رضي ال عنه ؛ قال لب سفيان رضي ال عنه :أحسن ال
عزاءك ف يزيد .فقال أبوسفيان :من وليت مكانه ؟ قال :أخاه معاوية .قال :وصلتك
رحم يا أمي الؤمني .وبقي معاوية واليا لعمر على عمل دمشق ،ث وله عثمان الشام
كلها ،حت جاءت فتنة مقتل عثمان ،فول معاوية دم عثمان لقرابته ،ث كان بينه
وبي علي ما كان.
ويروي البخاري ( )5/28أن معاوية أوتر بعد العشاء بركعة ،وعنده مول لبن
عباس ،فأتى ابن عباس ،فقال :دعه؛ فإنه صحب رسول ال . eوقال ف خي آخر:
هل لك ف أمي الؤمني معاوية؛ فإنه أوتر بواحدة؟ فقال ابن عباس :إنه فقيه.
وروى أحد ف ((مسند)) ( )4/102عن ماهد وعطاء عن ابن عباس :أن معاوية أخبه
أن رسول ال eقصر شعره بشقص( )1فقلت لبن عباس :ما بلغنا هذا المر إل عن
معاوية ! فقال :ما كان معاوية على رسول ال eمتهما.
وعن اب الدرداء :ما رأيت أحدا بعد رسول ال eأشبه صلة برسول ال eمن
أميكم هذا (يعن معاوية) .ممع الزوائد (.)9/357
وروى أحد ف ((مسنده)) ( )4/101عن أب أمية عمرو بن يي ابن سعيد عن جده:
أن معاوية أخذ الداوة( )2بعد أب هريرة يتبع رسول ال eبا ،واشتكى أبو هريرة ،
فينا هو يوضئ رسول ال e؛ رفع رأسه إليه مرة أو مرتي ،فقال(( :يا معاوية ! إن
13
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وليت أمرا؛ فاتق ال عز وجل واعدل)) .قال معاوية :فما زلت أظن أن مبتلى بعمل
لقول النب eحت ابتليت .
وروى أحد ف مسنده ( )4/127عن العرباض بن سارية السلمي؛ قال :سعت
رسول ال وهو يدعونا إل السحور ف شهر رمضان (( :هلموا إل الغداء البارك)) ث
سعته يقول(( :اللهم علم معاوية الكتاب والساب وقه العذاب)).
وروى أحد ف مسنده ( )4/216عن عبد الرحن ابن أب عمية عن النب e؛ أنه
ذكر معاوية ،فقال(( :اللهم اجعله هاديا مهديا ،واهد به )).
هذا بعض ما قيل ف معاوية رضي ال عنه ،وف دينه وإسلمه.
فإن كان هذا الكاتب قد عرف واستيقن أن الروايات التلقفة من أطراف الكتب تنقض
هذا نقضا ،حت يقول :إن السلم بريء منه! فهو وما عرف!!.
وإن كان يعلم أنه أحسن نظرا ومعرفة بقريش من أب بكر حي ولّي يزيد بن أب
سفيان ،وهو من بن أمية ،وأنفذ بصرا من عمر حي ول معاوية؛ فهو وما علم !!
وإن كان يعلم أن معاوية ل يقاتل ف حروب الردة إل وهو يضمر النفاق والغدر؛ فله
ما علم !!
وإن كان يرى ما هو أعظم من ذلك ؛ أنه أعرف بصحابة رسول ال eمن رسول ال
الذي كان يأتيه الب من السماء بأساء النافقي بأعيانم ؛ فذلك ما أعيذه منه أن
يعتقده أو يقوله !!
ولكن لينظر فرق ما بي كلمه وكلم أصحاب رسول ال عن رجل آخر من
أصحابه ،ث ليقطع لنفسه ما شاء من رحة ال أو من عذابه ،ولينظر أيهما أقوى
برهانا ف الرواية ،هذا الذي حدثنا به أئمة ديننا ،أم ما انضمت عليه دفتا كتاب من
عرض كتب التاريخ كما يزعمون ،ولينظر لنفسه حت يرجح رواية على رواية
وحديثا على حديث وخبا على خب ،وليعلم أن ال تعال أدب السلمي أدبا ل
يزالوا عليه منذ كانت لدين ال الغلبة حت ضرب ال على أهل السلم الذلة بعاصيهم
14
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
15
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقد ذكر الكاتب فيما استدل به على إبطان أب سفيان النفاق والكفر أنه كان يستبشر
بزية السلمي ف يوم حني ،وف قتال السلمي والروم فيما بعد ،وهذا باطل
مكذوب ،وسأذكر بعد تفصيل ذلك .
أما قول أب سفيان للعباس(( :لقد أصبح ملك ابن أخيك اليوم عظيما )) فقال العباس:
إنا النبوة فقال أبو سفيان :فنعم إذن .فهذا خب طويل ف فتح مكة ،قبل إسلمه ،
وكانت هذه الكلمة (( :نعم إذن)) أول إيذان باستجابته لداعي ال ،فأسلم رضي ال
عنه ،وليست كما أولا الكاتب(( :نعم إذن ،وإنا كلمة يسمعها بأذنه فل يفقهها
قلبه ،فما كان مثل هذا القلب ليفقه إل معن اللك والسلطان)) إل أن يكون ال
كشف له ما ل يكشف للعباس ول لب بكر ول لعمر ول لصحاب رسول ال من
الهاجرين والنصار ،وأعوذ بال من أن أقول ما ل يكشف لرسول ال ونبيه . e
وعن ابن عباس :أن أبا سفيان قال :يا رسول ال ثلثا أعطنيهن ،قال(( :نعم )) ،قال:
تؤمر ن ح ت أقا تل الكفار ك ما قاتلت ال سلمي ،قال(( :ن عم)) ،قال :ومعاو ية تعله
كاتبا بي يديك ،قال(( :نعم)) ،وذكر الثالثة ،وهو أنه أراد أن يزوج رسول ال e
بابتنته الخرى عزة بنت أب سفيان ،واستعان على ذلك بأختها أم حبيبة ،فقال(( :إن
ذلك ل يل ل)).
وأما هند بنت عتبة أم معاوية رضي ال عنهما ،فقد روي عن عبد ال بن الزبي (ابن
سعد )1( )8/171:؛ قال :ل ا كان يوم الف تح ؛ أ سلمت ه ند بن عت بة ون ساء معها ،
وأتي رسول ال وهو بالبطح ،فبايعنه ،فتكلمت هند ،فقالت :يا رسول ال المد
ال الذي أظ هر الد ين الذي اختاره لنف سه ،لتنفع ن رح ك يا م مد ،إ ن امرأة مؤم نة
بال مصدقة برسوله ،ث كشفت عن نقابا ،وقالت :أنا هند بنت عتبة ،فقال رسول
ال (( :مرحبا بك)) ،فقالت :وال ؛ ما كان على الرض أ هل خباء أ حب إل من أن
16
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
() الظا هر أ نه يق صد ال ب الول الذي ف يه (( :ما كان على الرض أ هل خباء)) الد يث ،ان ظر :خ( 1
17
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فإذا كان جهاد عمرو ،وشهادة أ صحاب ر سول ال eله ،وتول ية ر سول ال eث
أ ب ب كر ث ع مر؛ ل تدل على ش يء من ف ضل عمرو بن العاص ،ول تدل على ن في
النفاق ف دين ال عنه؛ فل ندري بعد ما الذي ينفع عمرا ف دنياه وآخرته ؟!
ولست أتصدى هنا لتزييف ما كتبه الكاتب من جهة التاريخ ،ول من جهة النهاج ،
ولكن أردت – كما قلت – أن أبي أن الصل ف ديننا هو تقوى ال وتصديق خب
رسول ال ، eوأن أصحاب م مد eليسوا لعان ي ول طعان ي ول أهل إفحاش ول
أ صحاب جرأة وت جم على غ يب الضمائر ،وأن هذا الذي كانوا عل يه أ صل ل ي كن
الروج م نه؛ ل ب جة التار يخ ،ول ب جة الن ظر ف أعمال ال سابقي لل عبة واتقاء ما
وقعوا فيه من الطأ.
ولو صح كل ما يذكر ما اعتمد عليه الكاتب ف تييز صفات هؤلء الربعة وصفة بن
أم ية عامة؛ لكان طر يق أ هل ال سلم أن يملوه على ال طأ ف الجتهاد من ال صحاب
الخط يء ،ول يدفع هم داء الع صر أن يوغلوا من أ جل خب أو خبين ف ن في الد ين
واللق والضمي عن قوم هم لقرب زمانم وصحبتهم لرسول ال eأول أهل السلم
بأن يعرفوا حق ال و حق ر سوله ،وأن يعلموا من د ين ال ما ل يعل مه مترئ علي هم
طعان فيهم.
وأختم كلمت هذه بقول النووي ف شرح مسلم ((( :)16/93اعلم أن سب الصحابة
رضي ال عنهم حرام من فواحش الحرمات ،سواء من لبس الفت منهم وغيه؛ لنم
متهدون ف تلك الروب متأولون ،وقال القاضي :سب أحدهم من العاصي الكبائر ،
ومذهبنا ومذهب المهور أن يعزر ول يقتل ،وقال بعض الالكية يقتل)).
وأ سدي الن صحية ل ن ك تب هذا وشب هه أن يبأ إل ال علن ية م ا ك تب ،وأن يتوب
توبة الؤمني ما فرط منه ،وأن ينه لسانه ويعصم نفسه ويطهر قلبه ،وأن يدعو بدعاء
أهل اليانَ ] :ربّنا اغفِرْ لَنا ولخوانِنا الَذي نَ سََبقُونا باليا نِ ول تَجعَل ف قُلوبِنا غِل
للذينَ آ َمنُوا َربّنا إنَكَ رَؤوفٌ رحِيمٌ [
18
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من أجل هذا أقول :إن خلق السلم هو أصل كل منهاج ف العلم والفهم ،سواء كان
العلم تاريا أو أدبا أو اجتماعا أو سياسة ،وإل ؛ فنحن صائرون إل الروج عن هذا
الدين ،وصائرون إل تدي ما بناه أصحاب رسول ال ، eوإل جعل تاريخ السلم
حشدا من الكاذيب اللفقة والهواء التناقضة ،والعبث بكل شيء شريف ورثتنا إياه
رحة ال لم ،وفتح ال عليهم ،ورضاه عن أعمالم الصالة ،ومغفرته لم ما أساءوا
رضي ال عنهم ،وغفر لم وأثابم با جاهدوا وصبوا وعَلِموا وعلّموا ،وأستغفر ال
وأتوب إليه.
19
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
20
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1
وال سب والت هم ب سوء الن ية ،و سوء اللق والنفاق والفتراء ،وال سفاهة ،والرعو نة
… إل آ خر ما خا ضه – ويغ فر ال له ف يه – فبدون هذا تعال أمور الن قد العل مي ،
وبغي هذا السلوب يكن تحيص القائق(. )2
إ نه ل ((معاو ية )) ول ((يز يد)) ،ول أ حد من ملوك ب ن أم ية قد اغت صب مال أ ب أو
جدي ،أو قدّم إل شخصي مساءة ،ول لحد من عشيت القرب ي أو البعدين…
فإذا أنا سلكت ف بيان خطة ((معاوية)) ف سياسة الكم وسياسة الال ،وخطة اللوك
من بعده – فيما عدا الليفة الراشد :عمر بن عبد العزيز رضي ال عنه – مسلكا غي
الذي سيلكته في بيان خطية ((أبي بكير )) و ((عمير)) و ((علي)) ( )3رضوان ال عليهيم
جيعا ،فل يس أول ما يتبادر إل الذ هن ال ستقيم والن ية ال سليمة أن ما ب هو سب
صحابة الرسول ، eل عن خطأ ،ولكن عن رغبة قاصدة ف إفساد السلم ،وسوء
نية ف تدنيس السلمي !!
وكتاب ((العدالة الجتماع ية )) مطبوع متداول م نذ أر بع سنوات ،وطبع ته الثال ثة ف
الطب عة ،وال صخب حوله الن ف قط قد ي شي بش يء ل أرضاه لل صديق ،و قد قرأه
الناس ف أناء العال السلمي ،فلم يستشعر أحد من موضوعه ول من سياقه أن النية
السيئة البيتة لذا السلم وأهله هي الت تعمر سطوره ،إنا أحس اللوف الذين قرؤوه
– أو على ال قل الئات الذ ين أبدوا رأي هم ف يه – أن كل ما كان يعني ن هو أن أبرئ
السلم من تمة يلصقها به أعداؤه ،وشبهة تيك ف نفوس أصدقائه( )4؛ إذا يسبون
)(1وماذا عملت أنت وقلت فيمن طعنت فيهم من أصحاب رسول ال eواتمتهم بالنفاق … إل آخر التهم؟
)( 2هل التزمت بذا النهج عندما تدثت عن أصحاب رسول ال e؟ أتأمر الناس بالب عند الكتابة عنك
وتنسى نفسك عندما تكتب عن أصحاب رسول ال e؟
() ولاذا أسقطت عثمان رضي ال عنه ؟ ال يدل هذا على أنك تبغض هذا الليفة العظيم ،وتنظر إليه 3
بعي أعدائه من (الروافض) و (الوارج) ؟ ث ما ذكرته من خطة بن أمية ؛ أل يكن مليئا بالكذب
والفتراء عليهم وعلى عثمان وعلى من عاصرهم من أصحاب رسول ال e؟
() أتبيء السلم بالطعن ف أصحاب رسول ال e؟ إن هذا لو العجب حقا إن أسلوبك هذا 4
21
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أن سياسة بن أمية ف الكم وسياستهم ف الال تسب على السلم ،والسلم بريء
من هذا التام.
روى سيعيد بين جهان ،عين سيفينة مول رسيول ال e؛ قال :قال رسيول ال : e
((اللفة ف أمت ثلثون سنة ،ث ملك بعد ذلك )) ،ث قال سفينة :امسك :خلفة أب
ب كر ،وع مر ،وعثمان ،وعلي .فوجدنا ها ثلث ي سنة ،قال سعيد :قلت له :إن
ب ن أم ية يزعمون أن الل فة في هم .قال :كذبوا ب نو الزرقاء ،بل هم ملوك من شر
اللوك( .)1رواه أصحاب السنن بسند حسن.
وأح سب ل قد كان بنف سي وأ نا أعرض النظام الجتما عي ف ال سلم أن أقول شيئا
كالذي قاله مول رسول ال ، eل عداء شخصيا لبن أمية ،ولكن تبئة للسلم من
أن تسب عليه سياسة ل يعرفها ؛ ل ف الكم ول ف الال ،والسلم منها بريء( )2؛
() هذا الديث حسن ،إل قوله (( :إن بن أمية يزعمون أن اللفة فيهم ،قال :كذبوا بنوا الزرقاء ، 1
بل هم ملوك من شر اللوك)) ،فإنه قد تفرد با حشرج بن نباتة عن سعيد ابن جهان ،وانفرد بروايتها
عن حشرج المام الترمذي من بي جيع الئمة الذين أخرجوا حديث سفينة هذا.
فقد أخرجه أبو داود ف (سننه) (كتاب السنة ،حديث )4647-4646من طريق عبد الوارث بن سعيد ،
ومن طريق العوام بن حوشب .
كلها من طريق حاد بن سلمة ،عن سعيد بن جهان ،به.
ورواه الاكم أيضا ف الستدرك ( )3/145من طريق عبد الوارث بن سعيد ،ول يذكر أحد من هؤلء الئمة
هذه الزيادة الت رواها الترمذي عن حشرج بن نباتة؛ فهي زيادة شاذة ،خالف فيها جاعة من الئمة الفاظ.
ث إنا تالف الديث الصحيح(( :ل تزال السلم عزيزا إل اثن عشر خليفة))
رواه مسلم (كتاب المارة ،حديث ، )1821/7وهو يشمل خلفاء بن أمية .
ويلحظ على سيد قطب:
.1أنه – مع احتجاجه بذا الديث – قد أسقط خلفة عثمان ف مقالة هذا وقبله ف ((العدالة)).
.2أنه ل يأبه بالزء الثابت من الديث الذي فيه أن عثمان أحد اللفاء ،وتعلق بالزء الضعيف الشاذ
م نه ،أل يدل ذلك على الوى الا مح ؟ بل ل يبال ب كل ما ورد من الحاد يث ال صحيحة ف ف ضل
عثمان رضي ال عنه ،وما ساقه له ممود شاكر ف فضل معاوية ،ول يبال با قرره الصحابة والتابعون
وأئمة الدى ف فضل عثمان ومكانته وأنه خليفة راشد.
22
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ي اللفية
فيجيب أن يعرف الناس براءتيه ،وأن يعرض عليهيم في صيورته التي عرفته ا
السمحة ،وأن ينفى عنها ما لقه ف عهود الظلم والستبداد .
و ما كان ل ب عد هذا؛ وأ نا مالك زمام أع صاب ،مطمئن إل ال ق الذي أحاوله ،أن
ألقيي بالً إل صيخب مفتعيل ،وتشنيج مصيطنع( ، )1وميا كان ل إل أن أدعيو ال
لصديقنا ((شاكر )) بالشفاء والعافية والراحة ما يعان ،وال لطيف بعباده الشقياء.
أ ما أ نا ؛ ف ما أ حب أن يكون ل مع قوم خرجوا على خلي فة ر سول ال ،وقتلوا ا بن
بنت رسول ال ،وحرقوا بيت ال ،وساروا ف سياسة الكم وسياسة الال على غي
( )2
هدى من ال … أدب رفيع من أدب مول رسول ال الذي أدبه ورباه
سيد قطب
)(2بل السلم بريء ما قررته ف كتبك ،ومنها( :العدالة الجتماعية)؛ من مكوس ظالة ،واشتراكية غالية ،
مأخوذة من النظم الشيوعية المراء ،وبرأ ال اللفة السلمية السمحة ما تلصقه با.
)(1يصدق عليك القول( :رمتن بدائها وأنسلت).
)(2أليس عثمان خليفة رسول ال ؛ فلماذا ل تتأدب معه كما تأدب سفينة معه وكما تأدب أصحاب رسول ال
e؟ بل كانت اللئكة تستحي منه؛ فلماذا ل تستح منه ؟ ولاذا تاوزت حدود الدب معه ،فأسقطت خلفته ،
وأدعيت عليه الدعاوى الباطلة ،وفضلت فيه تلميذ ((ابن سبأ))؟
وأما قتلة السي رضي ال عنه ؛ فالناس يعرفون من هم ،ويعرفون من الذي هدم الكعبة .ول يقد على بن
أمية أحد من السلمي كحقدك إل (الروافض) و (الوارج).
23
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
24
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والتوحيد ،وتتنكّر للشرك والبدع ،وبدأ شباب المة ف العال يبحث عن النور
والدى ،ويرفض الرافات والبدع ،ويرفض كلّ أشكال الباطل والضلل الذي
زحف على المة من دول الكفر الشرقية والغربية ،سواء منها ما يتعلّق بالعقائد ،أو
ما يتعلّق بالاكمية والتشريع ،وما يتعلّق بالخلق ،والجتماع ،والقتصاد ،
والسياسة .
ولقد كان ف الكتاب العزيز والسنة الطهرة ث فقه سلف المة ومؤلّفات من
التزم منهج السلف ودعا إليه ف كلّ مال مثل مؤلفات شيخ السلم ابن تيمية ،وابن
القيم ،وابن كثي ،ومؤلفات الدعوة السلفية ف الزيرة ،والند ،والشام ،ومصر ما
يكفي ويشفي ويروي غلة هؤلء الشباب ويشبع تطلّعاتم .
ولكن مع السف تصدّى لدعوة الشباب وتوجيههم وتربيتهم كثيٌ وكثي من ل
يعرف منهج السلف ف العقيدة وغيها ،ول ييّزُ بي السنة والبدعة ،وكتبوا الكثي
والكثي ف شتّى اليادين ،وكان لا طرحوه وكتبوه للتوجيه دعايات ضخمة ونشاطات
قوية احتوت كثيًا من شباب المة وألقت ف روعهم التهوين من شأن البدع
والشرك ،والتهوين من شأن التوحيد والسنة ومنهج السلف الصال؛ فكان لذلك آثارُه
25
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والدى وبي غيهم من حذّر منهم رسولُ ال صلى ال عليه وسلم ،حت ينلوا
الناسَ منازلم .
فتصديت نصحـا للمة وللشباب خاصة لبيان بعض ما وقفت عليه ف كتب
سيد قطب من مالفات خطية لا جاء به رسولُ ال صلى ال عليه وسلم وما كان
عليه أصحابه وخيار المة ف العقائد وغيها وتفنيد ذلك بالجة والبهان ما
استطعت إل ذلك سبيلً؛ ك ّل ذلك نصحـا للمة .
وإن لرجو ال أن يوفّق كل عال ملص يشعر بثقل المانة الت حلها ،ويشعر
بعظم السئولية أمام ال أن ينهضوا بواجب النصح والبيان لؤلء الشباب وغيهم حت
يقيموهم على الحجّة البيضاء الت تركَهم عليها رسولُ ال صلى ال عليه وسلم ،والت
ل يزيغُ عنها إل هالك .
وأرجو ال أن يوفقهم ليسلكوا مسلك أئمة السلم ف بيان الق والتحذير من
الشرك والبدع وأهلِها كالمام الشافعي ،والمام أحد ،والمام البخاري ،وعبد ال
بن أحد ،وابن خزية ،والجُرّي ،والللكائي ،وابن َبطّة ،وابن تيميّة ،وابن
القَيّم ،وابن عبد الوهاب ،وأمثالم من صدعَ بالق ول تأخذهم ف ال لومةُ لئم .
26
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
27
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يُدركون ما حوته من أخطاءٍ كبية إذا اكتشفها الؤمن ضاقت عليه الرضُ با
رحُبت ،وأدرك أنّ دينَه يتّم عليه واجب البيان لا انطوت عليه هذه الكتب من باطل
وضلل قد أخفته تلك الدعايات .
رابعـا :إصرار الشرفي على تراثه ي وعلى رأسهم ممد قطب ي على طبع
كتبه ،واللاح على ذلك؛ بيث يطبع كل كتاب من كتبه الرّات العديدة :
فهذا ((الظلل)) الذي جع فأوعى من ألوان البدع الشيء الكثي قد طُبع سبع
عشرة مرّة(. )1
وهذا كتابه ((معال ف الطريق)) قد طبع خس عشرة مرة .
وهذا كتاب ((العدالة الجتماعية)) قد طبع اثنت عشرة طبعة .
وهناك طبعات أخرى غي شرعية لذا الكتاب .
وهكذا سائر كتبه مع ما حوته من باطل وبدع عظيمة حظيت با ل تظ به
مؤلفات أئمة السلم الكبار كالمام أحد ،والبخاري ،ومسلم ،وابن حبان ،
والدارقطن ،وابن تيمية ،وابن القيّم ،والذهب ،وابن عبد الوهاب وغيهم من أئمة
السلم .وما ذلك إل نتيجة التدليس على المة والدعايات الضخمة لترويج هذه
الكتب وأمثالا وترويج ما فيها من عقائد وأفكار .
خامسـا :أقدّم نوذجـا لصرار سيد على ما ضمّنه كتبه من أفكار ومبادئ؛
كتاب ((العدالة الجتماعية ف السلم)) هذا الكتاب من أقدم مؤلّفاته ،وفيه من
الضلل ما يرفضه ويستنكره أشدّ الناس جهلً ف العال النتسب إل السنة وأشدّهم
إغراقـا ف التصوّف أل وهو الطعنُ ف أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم .
لقد أصرّ سيد قطب وأخوه ممد بل الخوان السلمون على بقاء هذا الطعن
واستمراره أكثرَ من أربعي سنة ،على الرغم من تنبيه العقلء على فظاعة هذا العمل
وبشاعته .
() وقد بلغت هذا العام 1421هي فوق ثلثي طبعة ،وهذا غاية التمادي ف الباطل ،وذلك ناشيء 1
28
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال الدكتور صلح عبد الفتاح الالدي ي أحد العجبي بسيد قطب ومنهجه
ومبادئه ي ف كتابه ((سيد قطب من اليلد إل الستشهاد)) خلل حديثِه عن كتاب
((العدالة الجتماعية)) :
((وقد أشرنا إل أثر الكتاب ف متلف الوساط الكومية الشيوعية والخوانية ،
وأن سيدًا اقترب بكتابه هذا كثيًا من الخوان السلمي إل أن ربط مصيه بصيهم
بعد ذلك .
وقد اتم ممود شاكر سيد قطب ف ((العدالة)) بإساءته القول ف ح ّق الصحابة ،
وانتقاده للخليفة الراشد عثمان بن عفان .
وقد طُبع الكتاب عدّة طبعات ف حياة سيد ،كانت آخرَها الطبعة السادسة الت
أصدرتا (دار إحياء الكتب العربية) عام 1964م .وهي طبعة منقّحة؛ حيث حذف
منها العبارات الت أخذها عليه ممود شاكر وغيه ،والتعلّقة بعثمان ومعاوية ي رضي
ال عنهما ي ،وأضاف لا فصل (التصوّر السلمي والثقافة) أحد فصول ((معال ف
الطريق)) .
أي :أنّ سيدا أضاف لكتاب ((العدالة الجتماعية)) عام 1964م أفكاره
الركية السلمية ،ودعوته إل بعث طليعي ،واستئناف الياة السلمية على أساس
مبادئ السلم .
وبذا نعرف أن سيدا ل يتخلّ عن كتابه ((العدالة الجتماعية ف السلم)) ،بل
بقيَ يقول با فيه من مبادئ وأسس وأفكار حت منته عام 1965م))(.)1
بل هذا سيد قطب نفسه ل يزال يص ّر على كتاب ((العدالة)) ،ويعترف بأنه
كان بداية الصلة بينه وبي الخوان السلمي :
قال ف كتاب ((لاذا أعدمون ؟)) ( ص 11 :ي (( : ) 12صدر ل كتاب
((العدالة الجتماعية ف السلم)) سنة 1949م مصدّرًا بإهداء هذه الملة (( :إل
الفتية الذين ألحهم ف خيال قادمي يردّون هذا الدين جديدًا كما بدأ ،ياهدون ف
() ( ص . ) 540 : 1
29
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سبيل ال ،ل يافون لومة لئم ))...إل .ففهم الخوان ف مصر أنن أعنيهم بذا
الهداء ،ول يكن المر كذلك ،ولكنهم من جانبهم تبنّوا الكتاب واعتبوا صاحبه
صديقـا ،وبدأوا يهتمّون بأمرِه؛ فلما عدت ف ناية عام 1950م بدأ بعض شبابم
يزورن ويتحدّث معي عن الكتاب ،ولكن ل تكن لم دار؛ لن الماعة كانت ل
تزال مصادَرة ،واستغرقت أنا عام 1951م ف صراعٍ شديد بالقلم والطابة
والجتماعات ضد الوضاع اللَكيّة القائمة ،والقطاع ،والرأسالية ،وأصدرت
كتابي ف الوضوع غي مئات القالت ف صحف الزب الوطن الديد ،والزب
الشتراكي ،وملة الدعوة الت أصدرها الستاذ صال عشماوي ،وملة الرسالة)) .
فهذا يبيّن إصرار سيد قطب على الطعن ف أصحاب رسول ال صلى ال عليه
وسلم ،وإصراره على الشتراكية الغالية الت قرّرها ف هذا الكتاب ،وعلى إصرارِه
على رمي الجتمعات السلمية كلها بأنا متمعات جاهليّة ي أي :كافرة ي .
ويشاركه ف السؤلية عن هذه المور الروّجون لفكره ومذاهبه ،بل يتحمّلون
السؤلية أكثرَ منه .
سادسـا :احتجاج أهل البدع والضلل بطعن سيد قطب وأمثاله من طعن ف
عثمان ي رضي ال عنه ي وف أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم؛ إذ يرى
هؤلء البتدعون أنّ ف طعن سيد قطب وأمثاله من أهل الهواء النتسبي إل أهل السنة
حجة لم على جواز الطعن والنيل من أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم .
فهذا الباضي الارجي الحترق أحد حد الليلي مفت عُمان الاقد على
أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول ف مقابلة أجراها معه لفيفٌ من (اللجنة
الثقافية) حينما زار النادي الثقاف ف سلطنة عمان ف يوم الثني 29رجب سنة
1404ه ،ونشرتا ملة (جبين) الت يصدرها الطلبة العمانيون ف الردن؛ حيث
يقول الليلي الباضي الذكور من كلمٍ طويل ف هذه القابلة :
((ولست هنا بصدد الكم ف تلك الفتنة العمياء ،ول على أحدٍ من خاض ف
تلك الفتنة ،أو من أصيب بشيء من شررها ،وإنا كلّ ما أريده الن هو :دفع
التامات الت توجّه إل الباضية؛ لنم يعادون أصحاب رسول ال صلى ال عليه
30
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
() ان ظر ك يف يتظا هر هذا ال سكي بالورع عن ال كم ف تلك الفت نة العمياء ،ث غل به طبعُه وهواه 1
ق هذا الدفاع عن الباضية الذي يتضمّن العتراف بأنم من يعادي أصحاب رسول ال
وحقدُه فسا َ
صلى ال عليه وسلم وينالون من كرامتهم ،لكنهم ليسوا وحدَهم ف هذا اليدان ،بل يشاركهم فيه
وحوشٌ بشريّة تنهش ف أعراض أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم خي أمّة أُخرجت للناس .
ولقد رأينا العجائب ف كتب الوارج الباضية ،رأيناهم يشاركون الروافض إل حدّ بعيد ف الطعن
ف أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم .فهل يظ نّ الباضي الليل يّ أن مغالطا ته تنطلي على
العقلء !! .
() كذا بالصل ،وصوابه (كثيًا) . 2
31
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وجهه الزن واغرورقت ف عينيه الدموع ،فسأله أن يعفيه من عمله ،ولا علم منه
السبب وعرف أنه عطيته لصهره من مال السلمي قال مستغربـا :أتبكي يا ابن أرقم
أن وصلت رحي؛ فردّ الرجل الذي يستشعر روح السلم الرهف :ل يا أمي
الؤمني ولكن لن أظن أنك أخذت هذا الال عوضـا عما كنت تنفقه ف سبيل ال
ف حياة رسول ال صلى ال عليه وسلم ،وال لو أعطيته مائة درهم لكان كثيًا؛
فغضب عثمان على الرجل الذي ل يطيق ضميه هذه التوسعة من مال السلمي على
أقارب خليفة السلمي وقال له :الق بالفاتيح يا ابن أرقم فإنا سنجد غيك)) .
والمثلة كثية ف سية عثمان على هذه التوسعات؛ فقد منح الزبي ذات
يوم 900ألف ،ومنح طلحة 200ألف ،ونفّل مروان بن الكم ثلث خراج
أفريقية ،ولقد عاتبه ف ذلك ناسٌ من الصحابة على رأسهم علي بن أب طالب ،
فأجاب :إنّ ل قرابة ورحـا ،فأنكروا عليه وسألوه :أل يكن لب بكر وعمر قرابة
ورحم ؟ فقال :إن أبا بكر وعمر كانا يتسبان ف منع قرابتهما وأنا أحتسب ف إعطاء
قرابت؛ فقاموا عنه غاضبي يقولون :فهديهما وال أحب إلينا من هديك .
وغي الال كانت الوليات تغدق على الولة من قرابة عثمان ،ومنهم :معاوية
الذي وسع عليه ف اللك ،فضمّ إليه فلسطي ،وحص ،وجع له قيادة الجناد
الربعة ،ومهّد له بعد ذلك أن يأخذ اللك ف خلفة عليّ ،وقد جع الال والجناد .
ومنهم :الكم بن العاص طريد رسول ال صلى ال عليه وسلم الذي آواه
عثمان وجعل ابنه مروان وزيره التصرّف .
ومنهم :عبد ال بن سعد بن أب السرح أخوه من الرضاعة .
ولقد كان الصحابة يرون هذه التصرفات خطية العواقب فيتداعون إل الدينة
لنقاذ تقاليد السلم ولنقاذ الليفة من الحنة ،والليفة ف كبته ل يلك أمره
من مروان ،وإنه لن الصعب أن نتهم روح السلم ف نفس عثمان ،ولكن من
الصعب كذلك أن نعفيه من الطأ الذي نلتمس أسبابه ف ولية مروان الوزارة ف
كبة عثمان .
32
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
33
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ث يقول الستاذ شهيد السلم بعد ذلك (( :ث ثارت الثائرة على عثمان ،
واختلط فيها الق بالباطل والي بالشر ،لكن ل بد لن ينظر ف المور بعي السلم ،
ويستشعر المور بروح السلم أن يقرّر أن تلك الثورة ف عمومها كانت ثورة من
روح السلم ،وذلك دون إغفال ما كان لليهودي عبد ال بن سبأ عليه لعنة ال))(.)1
اقرأ كتاب ((العدالة)) ( من ص 210إل ص .)2() 212
قال الباضي (( :وكثي من الكاتبي تناول هذا الوضوع بالنقد والتحليل ،ومن
بينهم العلمة الودودي ف كتابه ((اللفة واللك)) ،وكذلك ف كتابه ((التجديد لذا
الدين)) .
وقد علّل ما حدث ف كتابه ((التجديد لذا الدين)) بأن الليفة الثالث جاءته
اللفة وقد بلغ من الكب عتيـًا ،وكان ل ينح من الواهب الت منح العظيمان اللذان
تقدّماه .
فهل الباضية وحدَهم الذين يتحدّثون عن مثل هذه الشياء أو يكتبون عنها؟)) .
أقول :فهل هذا الطعن ف عثمان ي رضي ال عنه ي ما يشرّف سيد قطب
والودودي وسائر الكاتبي الذين يتجّ بم هذا الارجي على صحة وسلمة موقف من
يطعن ف الليفة الراشد وغيه من أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم ؟!! .
ونقول ثانية لذا الفت :أمثل هذا الحتجاج البارد ما يقبله العقلء والعلماء ...
والقضاة ...وأهل الفتوى ؟!! .
إذا سئلت أيها الفت عن عصابة تقتل وتسرق وتقطع الطرق حت إذا ألقي عليها
القبض وقدّمت للعدالة لحاسبتها وتطبيق شريعة ال وحكمه عليها فقامت تدافع عن
نفسها وتقول :إنّ هناك عصابات تشاركها ف هذه الرائم؛ فهل تدافع عنها أيها
الفت وتعطيها صكّ براءة بجة أنا ليست وحدَها الت تارس تلك الفعلت الشنعاء ،
() انظر كيف يدح الثورة على عثمان ي رضي ال عنه ي مع علمِه أنا من كيد ابن سبأ اليهودي . 1
34
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
() قد طعن غي واحد من الباحثي ف نسبة هذا الكتاب إل ابن قتيبة المام ،وأقاموا العديدَ من الدلة 1
على بطلن هذه النسبة .منهم :مب الدين الطيب ف تقيق ((العواصم)) ( ص ، ) 248 :ومنهم
:ال سيد أح د صقر ف مقد مة ((تأو يل مش كل القرآن)) ل بن قتي بة ( ص . ) 32 :وان ظر مقد مة
35
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الزء الول من كتابه (( :ما أنكر الناس على عثمان وذكروا أنه اجتمع أناسٌ من
أصحاب النب صلى ال عليه وسلم فكتبوا كتابـا ذكروا فيه ما خالف فيه عثمان من
سنة رسول ال صلى ال عليه وسلم وسنة صاحبيه ،وما كان من هبته خس أفريقية
لروان وفيه حق ال ورسوله ،ومنهم ذوي القرب واليتامى والساكي ،وما كان من
تطاوله ف البنيان حت عدّوا سبعة دور بناها ف الدينة ...وذكر مثالب ومطاعن أخرى
ف عثمان ي رضي ال عنه ي)) .
ث قال (( :كل هذا موجود ف كتاب ((المامة والسياسة)) ف الصفحتي
( 35ي . )) ) 36
وهكذا ينقل هذا الارجي الاقد على عثمان وبن أمية عن ابن قتيبة الجهول
موهـا أنه ابن قتيبة خطيب وأديب أهل السنة ،وموهـا للبلهاء أنه اعتمد على
أقوى حجة ،وهي ف واقعها أوهى من بيت العنكبوت ،ويريد بذلك تبئة نفسه
والوارج من الطعن ف أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم فأضاف طعنـا إل
طعن ،وحقدًا إل حقد ،وعداء إل عداء؛ ولن يضرّ بذلك إلّ نفسه ،وسيأت دحض
هذه الطاعن الكاذبة إن شاء ال تعال .
هذه السباب وغيها دفعتن إل أن أقومَ ببعض الواجب الذي يطمعن ف أحسن
الزاء والثوبة من ال الكري العظيم ،ويطمعن ف أن يستجيب لصوت الق أناس
مدوعون ببيق الباطل وجعجعته وضجيجه فأدخل باستجابتهم ف قول الرسول صلى
ال عليه وسلم (( :من دعا إل هدى كان له من الجر مثل أجور من تبعه إل يوم
القيامة)) .
وصلى ال على نبينا ممد ،وعلى آله وصحبه وسلم تسليمـا كثيًا .
وكتبه :
36
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
37
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الفصل الول
لمحة عن حياة سيد قطب
ل أريد أن أترجم لسيد قطب؛ فقد كُتب عنه الكثي والكثي ،وشحنت
الكتابات عنه بالبالغات والغالت .وإذا ذكرت بعض أخطائه نسجت حوله الالت
لتسمو به إل أعلى الدرجات ،أقلها أنه متهد من متهدي المة .
فتكفيُه للمة ...وطعنه ف أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم ...
وتعطيله لصفات ال عز وجل ...وقوله بلق القرآن ...وأن ال ل يتكلّم ...وإنا
قوله مرّد إرادة ...وقوله باللول ...ووحدة الوجود ...والب ... ،وقوله :أن
الروح أزليّة ... ،وقوله بالشتراكية الغالية ...وبوادة أعداء ال ،وقوله ...عن
مساجد السلمي بأنا معابد جاهلية ... ،وتوينه من معجزات الرسول ...وردّه
لخبار الحاد بل للمتواترات من أحاديث رسول ال صلى ال عليه وسلم ...
وغي هذه من الضللت .
ط من قدر سيد قطب شيئـا ول يهزّ مكانته( .)1لاذا ؟!! ،وما
ك ّل ذلك ل ي ّ
سرّ هذه الصوصية ؟ .
أنزلَ من عند ال وحيٌ بذه الصوصيّة يُستثن به هذا الرجل من بي أهل البدع
ويقدّسه وينهه عن مساواة أمثاله من البشر ؟!! .
فإذا قال غيه مثلً بأن القرآن ملوق خرج من دائرة أهل السنة وأسلك ف عداد
البتدعة والعتزلة كائنـا مَن كان وف أيّ عصر كان ولو ف القرون الفضّلة .
وإذا قال سيد بلق القرآن ،وأنكر أن ال يتكلّم ،وكفّر الجتمعات السلمية ،
وأضاف إل ذلك بدعـا أكب وأغلظ فمن أعظم الستحيلت أن يقال :إنه مبتدع .
لاذا ؟!! .
() وهذا أشنع ما يكون من الرجاء الغال الذي تلبّس به قومٌ يرمون البرياء من أهل السنة بالرجاء؛ 1
أليس قولُهم هذا ف سيد قطب وأمثاله أسوأ من قول غلة الرجئة ( :ل يضر مع اليان ذنب كما ل
ينفع مع الكفر طاعة ) ؟! .
38
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لن سيوف الرهاب الفكري تميه وأسنة الباطل والتامات تشرع ف نور
وصدور من يفكّر ف القول بذلك .
ولو رغم أنف الق ،ولو ألق ذلك بالسلم ونصوصه وقواعده ومنهجه أشد
الضرار ،وأنزل به أشد الخطار فإنّ كل ذلك يهون إل جانب سيد قطب .
وسوف أنقل من ترجته ما يتناسب مع الآخذ الت أخذتا عليه ،ويبيّن منشأها
وأسبابا .
قال صلح عبد الفتاح الالدي ي وهو أحد العجبي بسيد قطب والغالي
فيه ي (( :الفترة الزمنية لضياعه
مت كان ضياع سيد قطب ؟ .لقد أخب سيد أبا السن الندوي لَمّا قابله الخي
عام 1951م ي بعدما انتهت رحلة ضياعه ي أنه نشأ على تقاليد السلم ف طفولته
ف القرية ،ولا سافر للقاهرة أقبل على الدب والنقد ،والدراسة ،والثقافة ،
والعرفة ،وصار يتلقّى من الثقافة الغربية الاديّة؛ وهذا جعله يرّ برحلة من الشكّ
والرتياب ف القائق الدينيّة إل أقصى حدّ ي على حسب قوله بالرف ي .
وف هذه الرحلة ي أي :أثناء ضياعه ي أقبل على القرآن يدرسه لدواعٍ أدبية ،
ث نقله القرآن نقلةً بعيدة إل عال اليان واليقي .
لقد استمرّت رحلة ضياعه حوال خسة عشر عامـا ،ول يكن ضياعه فيها
كلها درجة واحدة وعلى مستوى واحد ،بل كانت الدرجة متفاوتة ومتذبذبة .
تسللت إليه الوساوس والشكوك والوهام بالتدريج ،ووصلت إل نفسه
وتصوّره بالتدريج ،وظهر أثرها عليه بالتدريج ! .ولا تكنت منه ظهرت آثارها عليه
بصورة واضحة صارخة ،وانعكست على ملمه؛ بيث بدت فيها تلك اللمح بارزة
شاخصة؛ ث صار أثرها عليه يضعف ويقل بالتدريج وهو ياول جاهدًا أن يتخلّص
منه بشقّة وماهدة؛ وكانت تبدو أحيانـا ف بعض نتاجه الشعري ،وتفت وتتفي
ف غيه ! .
وما أن تعامل سيد مع حقائق السلم ومقررات اليان حت زالت آثار وملمح
39
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
40
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الفصل الثاني
مكانة أصحاب رسول الله صلى الله عليه
وسلم
عند الله ورسوله والمؤمنين
إن لصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم لنلة رفيعة عند ال وعند رسوله
والؤمني ،وقد أثن ال عليهم ف مكم كتابه ،وأخب عن رضاه عنهم ورضاهم عنه؛
فمن ذلك قوله تعال { :كنتم خيَ أمة أُخرجت للناس تأمرون بالعروف
وتنهون عن النكر } ،وقال تعال { :وكذلك جعلناكم أمةً وسطـا لتكونوا
شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدًا } .
قال الطيب البغدادي (( :وهذا اللفظ وإن كان عامـا فالراد به الاص ،وقيل
:هو وارد ف الصحابة دون غيهم)) .
وقوله تعال { :لقد رضي ال عن الؤمني إذ يبايعونك تت الشجرة فعلم ما
ف قلوبم فأنزل السكينة عليهم وأثابم فتحـا قريبـا } ،وقوله تعال :
{ والسابقون الولون من الهاجرين والنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي ال
عنهم ورضوا عنه } ،وقوله تعال { :والسابقون السابقون أولئك القرّبون ف
جنات النعيم } ،وقوله تعال { :يا أيها النب حسبك ال ومن اتبعك من
الؤمني } ،وقوله تعال { :للفقراء الهاجرين الذين أُخرجوا من ديارهم وأموالم
يبتغون فضلً من ال ورضوانـا وينصرون ال ورسوله أولئك هم الصادقون
والذين تبوءوا الدار واليان من قبلهم يبون من هاجر إليهم ول يدون ف
صدورهم حاجة ما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بم خصاصة ومن يوق
شحّ نفسه فأولئك هم الفلحون } .
واليات ف بيان فضلهم ومنلتهم كثية .
وأثن عليهم رسولُ ال صلى ال عليه وسلم ،وبيّن فضلهم ف أحاديث كثية :
فمن ذلك :قوله صلى ال عليه وسلم (( :خي الناس قرن ،ث الذين يلونم ،ث
41
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الذين يلونم ،ث ييء قومٌ تسبق شهادة أحدهم يينه ويينه شهادته))(.)1
وقال رسول ال صلى ال عليه وسلم (( :ل تسبوا أصحاب ،ل تسبوا أصحاب
فوالذي نفسي بيده لو أنفقَ أحدُكم مثلَ أُحدٍ ذهبـا ما أدرك ُمدّ أحدهم ول
نَصِيفَه))(.)2
وقال ابن عباس ي رضي ال عنهما ي (( :ل تسبوا أصحاب ممد صلى ال
عليه وسلم فلمقام أحدهم ساعة ي يعن :مع النب صلى ال عليه وسلم ي خيٌ من
عبادة أحدِكم عمرَه))(.)3
وقال ابن مسعود ي رضي ال عنه ي (( :إن ال نظر ف قلوب العباد فوجد قلب
ممد صلى ال عليه وسلم خيَ قلوب العباد فاصطفاه لنفسه ،وابتعثه برسالته ،ث نظر
ف قلوب العباد بعد قلب ممد صلى ال عليه وسلم فوجد قلوب أصحابه خي قلوب
العباد ،فجعلهم وزراء نبيه ،يقاتلون على دينه؛ فما رآه السلمون حسنـا فهو عند
ال حسن ،وما رأوه سيّئـا فهو عند ال سيء))(.)4
وقال المام الطحاوي (( :ونب أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم ،
ب أحدٍ منهم ،ول نتبأ من أحدٍ منهم ،ونبغض من يبغضهم وبغي
ول نفرّطُ ف ح ّ
الي يذكرهم ،ول نذكرهم إلّ بي؛ وحبّهم دين وإيان وإحسان ،وبغضهم كفر
ونفاق وطغيان))(.)5
() أخرجيه البخاري /62 ( :فضائل الصيحابة ) 3650 ،مين حدييث عمران بين حصيي 1
() ((شرح الطحاويية) ( ص . ) 532 :قال اللباني (( :حسين موقوفـيا .أخرجيه الطيالسيي ، 4
42
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
43
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ومَن نظر ف سية القوم بعلم وبصية وما منّ ال عليهم به من الفضائل علم
يقينـا أنم خيُ اللْق بعد النبياء ،ل كان ول يكونُ مثلهم ،وأنم الصفوة من قرون
هذه المة الت هي خي المم وأكرمها على ال))(.)2
44
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الفصل الثالث
نبذة عن الخليفة الراشد عثمان بن عفان ـ
رضي الله عنه
نسبه :
هو :عثمان بن عفان بن أب العاص بن أمية بن عبد شس بن عبد مناف
القرشي ،أمي الؤمني ،أبو عمرو ،الموي ،ذو النورين ،ومَن تستحي منه
اللئكة ،ومَن جع المة على مصحفٍ واحد بعد الختلف ،ومَن افتتح نوّابه إقليم
خراسان وإقليم الغرب؛ وكان من السابقي الصادقي القائمي الصائمي النفقي ف
سبيل ال .
ومن شهد له رسول ال صلى ال عليه وسلم بالنة ،وزوجه بابنتيه رقية وأم
كلثوم ي رضي ال عنهم أجعي ي .
مَن نظر ف ترّيه وقت أمره بمع القرآن علم مرتبته وجللته ، ...عداده ف
السابقي الولي ،وف العشرة الشهود لم بالنة ،وف اللفاء الراشدين؛ وهو أفضلُ
مَن قرأ القرآن على النب صلى ال عليه وسلم ،هاجر إل البشة ث إل الدينة ،وروى
جلةً كثية من العلم . ...
قتله سودان بن حران يوم المعة ثامن عشر ذي الجة سنة خس وثلثي ،وكانت
خلفته اثنت عشرة سنة ،وعاش بضعـا وثاني سنة ...وكان من جع العلم والعمل ،
والصيام ،والتهجّد ،والتقان ،والهاد ف سبيل ال ،وصلة الرحم .فقبّح ال الرافضة(.)1
() انظير (( :تذكرة الفّاظ)) (( ، ) 1/8 ( :الصيابة)) /2 ( :ترجةي (( ، ) 5450 :تذييب 1
الكمال)) ، 19/445 ( :ترجةي رقيم (( ، ) 3847 :أُسيد الغابية )) ، 3/584 ( :ترجةي
رقم (( ، ) 3583 :طبقات ابن سعد)) (( ، ) 3/53 ( :حلية الولياء)) (( ، ) 1/55 ( :النتظم))
(( ، ) 5/49 ( ، ) 4/334 ( :صفة الصفوة)) (( ، ) 1/294 ( :تاريخ اللفاء)) للسيوطي ( ص
. ) 147 :
45
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الفصل الرابع
من فضائل عثمان ـ رضي الله عنه ـ
الثابتة
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال البخاري ي رحه ال تعال ي :وقال عبدان :أخبن أب ،عن شعبة ،عن
أب إسحاق ،عن أب عبد الرحن أنّ عثمان ي رضي ال عنه ي حيث حوصر أشرف
عليهم وقال :أنشدكم ال ي ول أنشد إلّ أصحاب النب صلى ال عليه وسلم ي :
ألستم تعلمون أنّ رسول ال صلى ال عليه وسلم قال (( :من حفر رومة فله النة))
فحفرتُها ؟ ،ألستم تعلمون أنه قال (( :مَن جهّز جيش العُسرة فله النة)) فجهزتُه ؟ ،
قال :فصدّقوه با قال))(.)1
وقال البخاري ي أيضـا ي (( :حدثنا سليمان بن حرب ،حدثنا حاد بن
زيد ،عن أيوب ،عن أب عثمان ،عن أب موسى ي رضي ال عنه ي أن النب صلى
ال عليه وسلم دخل حائطـا وأمرن بفظ باب الائط ،فجاء رجلٌ يستأذن فقال :
((ائذن له ،وبشّره بالنة)) فإذا أبو بكر ،ث جاء آخر يستأذن فقال (( :ائذن له ،
وبشّره بالنة)) فإذا عمر ،ث جاء آخر يستأذن ،فسكت هنيهة ث قال (( :ائذن له ،
وبشره بالنة على بلوى ستصيبُه)) فإذا عثمان بن عفان .
قال حّاد :وحدثنا عاصم الحول وعلي بن الكم سعا أبا عثمان يدّث عن
أب موسى ( بنحوه ) .وزاد فيه عاصم :أن النب صلى ال عليه وسلم كان قاعدًا ف
مكان فيه ماء قد كشف عن ركبتيه ي أو ركبته ي فلما دخل عثمان غطّاها))(.)2
وقال البخاري (( :حدثنا مسدّد ،حدثنا يي ،عن سعيد ،عن قتادة أن أنسـا
ي رضي ال عنه ي حدّثهم قال :صعد النب صلى ال عليه وسلم أُحدًا ومعه أبو بكر
وعمر وعثمان ،فرجف ،فقال (( :اسكن أُحد)) أظنّه ضربه برجله ((فليس عليك إلّ
() البخاري ( :كتاب فضائل الصحابة ،باب مناقب عثمان ي رضي ال عنه ي ،ح . ) 3695 : 2
46
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ب وصدّيق وشهيدان))(.)1
ّ
وقال البخاري (( :حدثنا ممد بن حات بن بزيع ،حدثنا شاذان ،حدثنا عبد
العزيز ابن أب سلمة الاجشون ،عن عبيد ال ،عن نافع ،عن ابن عمر ي رضي ال
عنهما ي قال (( :كنا ف زمن النب صلى ال عليه وسلم ل نعدل بأب بكر أَحدًا ،ث
عمر ،ث عثمان ،ث نترك أصحاب النب صلى ال عليه وسلم ،ل نفاضل بينَهم)) .
تابعه عبد ال ابن صال عن عبد العزيز))(.)2
وعن عطاء وسليمان ابن يسار وأب سلمة بن عبد الرحن أ ّن عائشة ي رضي
ال عنها ي قالت :كان رسول ال صلى ال عليه وسلم مضطجعـا ف بيت كاشفـا
عن فخذيه ي أو ساقيه ي ،فاستأذن أبو بكر فأذن له وهو على تلك الال ،
فتحدّث ،ث استأذن عمر فأذن له وهو كذلك ،فتحدّث ،ث استأذن عثمان فجلس
رسول ال صلى ال عليه وسلم وسوّى ثيابَه .قال ممد :ول أقول لك ف يوم
واحد ،فدخل فتحدّث؛ فلما خرج قالت عائشة ي رضي ال عنها ي :دخل أبو
بكر فلم تتشّ له ول تباله ،ث دخل عمر فلم تتشّ له ول تباله ،ث دخل عثمان
فجلستَ وسويّت ثيابك ؟ ،قال (( :أل أستحي من رجلٍ تستحي منه اللئكة))(.)3
وقال أحد بن جعفر القطيعي (( :حدثنا اليثم قال :نا الليل بن عمرو البغوي ،
قال :نا ممد بن سلمة الران أبو عبد ال ،عن أب عبد الرحيم ،عن زيد ،عن أب
أنيسة ،عن ممد بن عبد ال ،عن الطلّب ،عن أب هريرة قال :دخلت على رقيّة
ابنة رسول ال صلى ال عليه وسلم امرأة عثمان بن عفان وف يدها مشط ،فقالت :
خرج من عندي رسول ال صلى ال عليه وسلم آنفـا رجلّت رأسَه فقال (( :كيف
تدين أبا عبد ال)) ؟ ،قلت :كخي الرجال ،قال (( :أكرميه؛ فإنه من أشبه أصحاب
() البخاري ( :كتاب فضائل الصحابة ، 62باب مناقب عثمان ،ح . ) 3699 : 1
() البخاري ( :كتاب فضائل الصحابة ، 62باب مناقب عثمان ،ح . ) 3697 : 2
() م سلم ( :كتاب فضائل ال صحابة ، 44باب من فضائل عثمان ،ح ، ) 2401 :و ((ال سند)) 3
47
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ب خلقـا))(.)1
((وعن يي بن سعيد بن العاص :أن سعيد بن العاص أخبَه أنّ عائشة زوج النب
صلى ال عليه وسلم وعثمان حدّثاه أن أبا بكر استأذن على رسول ال صلى ال عليه
وسلم وهو مضطجع على فراشه لبس مرط عائشة ،فأذن لب بكر وهو كذلك ،
فقضى إليه حاجته ،ث انصرف ،ث استأذن عمر ،فأذن له وهو على تلك الال
فقضى إليه حاجته ،ث انصرف؛ قال عثمان :ث استأذنت عليه فجلس وقال لعائشة :
((اجعي عليك ثيابك)) ،فقضيت إليه حاجت ث انصرفت ،فقالت عائشة :يا رسول
ال مال ل أرك فزعت لب بكر وعمر ي رضي ال عنهما ي كما فزعت لعثمان ؟ ،
قال رسول ال صلى ال عليه وسلم (( :إن عثمان رجل حيي ،وإن خشيت إن أذنتُ
له على تلك الال أن ل يبلغ إلّ ف حاجته))(.)2
وعن ابن شهاب :أخبن عروة أن عبيد ال بن عدي بن اليار أخبه أن السوّر
ابن مرمة وعبد الرحن بن السود بن عبد يغوث قال :ما ينعك أن تكلم عثمان
لخيه الوليد فقد أكثر الناس فيه ؟ ،فقصدت لعثمان حت خرج إل الصلة ،قلت :
إن ل إليك حاجة ،وهي نصيحة لك ،قال :يا أيها الرء منك ،قال معمر :أراه قال
:أعوذ بال منك؛ فانصرفت فرجعت إليهما إذ جاء رسول عثمان فأتيته فقال :ما
نصيحتك ؟ ،فقلت :إن ال سبحانه بعث ممدًا صلى ال عليه وسلم بالق ،وأنزل
عليه الكتاب ،وكنت من استجاب ل ولرسوله صلى ال عليه وسلم فهاجرت
الجرتي ،وصحبت رسول ال صلى ال عليه وسلم ،ورأيتُ هدْيَه؛ وقد أكثر الناسُ
ف شأن الوليد ،قال :أدركت رسول ال صلى ال عليه وسلم ؟ ،قلت :ل ،ولكن
خلص إلّ من علمه ما يلص إل العذراء ف سترها ،قال :أما بعد :فإن ال بعث
ممدًا صلى ال عليه وسلم بالق ،فكنتُ من استجاب ل ولرسوله ،وآمنتُ با بعث
به وهاجرت الجرتي ي كما قلتَ ي ،وصحبتُ رسولَ ال صلى ال عليه وسلم
() ((كتاب فضائل ال صحابة)) للمام أح د ( ، 1/510ر قم . ) 834 :و ف هذا إشكال؛ فإن أ با 1
هريرة ل يسلم إ ّل عام خيب سنة سبع من الجرة ،ورقية كانت توفيت ف السنة الثالثة من الجرة ؟ .
() م سلم ( :كتاب فضائل ال صحابة ، 44باب من فضائل عثمان ،ح ، ) 2402 :و ((ال سند)) 2
48
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بايعته؛ فوال ما عصيتُه ،ول غششته حت توفاه ال ،ث أبو بكر مثله ،ث عمر مثله ،
ث استخلفت ،أفليس ل من القّ مثل الذي لم ؟ ،قلت :بلى ،قال :فما هذه
الحاديث الت تبلغن عنكم ؟ أما ما ذكرتَ من شأن الوليد فسنأخذ فيه بالق إن شاء
ال .ث دعا عليـًا فأمره أن يلد ،فجلده ثاني))(.)1
وقال المام أحد (( :ثنا إساعيل بن إبراهيم قال :ثنا الريري ،عن عبد ال بن
شقيق ،عن ابن حوالة قال :أتيت رسول ال صلى ال عليه وسلم وهو جالسٌ ف ظل
دومة وعنده كاتب له يُملي عليه ،فقال :أل أكتبك يا ابن حوالة ؟ ،قلت :ل أدري
ما خار ال ل ورسوله صلى ال عليه وسلم ،فأعرض عن .وقال إساعيل مرة ف
الول :نكتبك يا ابن حوالة ؟ ،قلت :ل أدري فيم يا رسول ال ،فأعرض عن .
ب على كاتبه يلي عليه ،ث قال :أنكتبك يا ابن حوالة ؟ ،قلت :ل أدري مافأك ّ
خار ال ل ورسوله فأعرض عن ،فأكبّ على كاتبه يلي عليه .قال :فنظرت فإذا ف
الكتاب عمر ،فقلت :إن عمر ل يكتب إل ف خي ،ث قال :أنكتبك يا ابن
حوالة ؟ ،قلت :نعم ،فقال :يا ابن حوالة كيف تفعل ف فتنة ترج ف أطراف
الرض كأنا صياصي بقر ؟ ،قلت :ل أدري ما خار ال ل ورسوله ؟ ،قال :
وكيف تفعل ف أخرى ترج بعدها كأن الول فيها انتفاخة أرنب ،قلت :ل أدري
ما خار ال ل ورسوله ،قال :اتبعوا هذا ،قال :ورجل مقفى حينئذ ،قال :
فانطلقت فسعيت وأخذت بنكبيه فأقبلت بوجهه إل رسول ال صلى ال عليه وسلم ،
فقلت :هذا ،
قال :نعم ،قال :وإذا هو عثمان بن عفان ي رضي ال تعال عنه ي))(.)2
وقال المام أحد :حدثنا إساعيل بن إبراهيم ،ثنا أيوب ،عن أب قلبة قال :
لا قتل عثمان ي رضي ال عنه ي قام خطباء بإيلياء فقام من آخرهم رجل من
أصحاب النب صلى ال عليه وسلم يقال له مرة بن كعب فقال :لول حديثٌ سعتُه من
رسول ال صلى ال عليه وسلم ما قمت إن رسول ال صلى ال عليه وسلم ذكر فتنة
() البخاري ( :كتاب فضائل الصحابة ، 62باب مناقب عثمان ،ح . ) 3696 : 1
() ((السيند)) ( 4/109يي ، 110رقيم ، ) 17045 :و ((فضائل الصيحابة)) للمام أحدي 2
49
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وأحسبه قال :فقربا ي شكّ إساعيل ي؛ فمرّ رجل متقنع فقال :هذا وأصحابه
يومئذ على الق ،فانطلقت فأخذت بنكبه وأقبلت بوجهه إل رسول ال صلى ال
عليه وسلم ،فقلت :هذا ؟ ،قال :نعم ،قال :فإذا هو عثمان ي رضي ال تعال
عنه ي)) (.)1
وقال المام أحد ي أيضـا ي (( :ثنا بز وعبد الصمد قال :ثنا أبو هلل ،
عن قتادة ،عن عبد ال بن شقيق ،عن مرة البهزي قال :كنت عند رسول ال صلى
ال عليه وسلم ،وقال بز ف حديثه :قال :قال رسول ال صلى ال عليه وسلم :
((تيج فتنة كالصياصي فهذا ومن معه على الق)) ،قال :فذهبت أخذت بجامع ثوبه
فإذا هو عثمان بن عفان ي رضي ال عنه ي))(.)2
وقال المام أحد (( :ثنا عفان ،ثنا وهيب ،ثنا موسى بن عقبة قال :حدثن
جدي أبو أمي أبو حبيبة :أنه دخل الدار وعثمان مصور فيها وأنه سع أبا هريرة
يستأذن عثمان ف الكلم فأذن له ،فقام فحمد ال وأثن عليه ،ث قال :إن سعت
رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول (( :إنكم تلقون بعدي فتنة واختلفـا ي أو
قال :اختلفـا وفتنة ي)) فقال له قائل من الناس :فمن لنا يا رسول ال ؟ ،قال :
((عليكم بالمي وأصحابه)) وهو يشيُ إل عثمان بذلك))(.)3
وقال المام أحد :ثنا أبو الغية قال :ثنا الوليد بن سليمان قال :حدثن ربيعة
ابن زيد ،عن عبد ال بن عامر ،عن النعمان بن بشي ،عن عائشة قالت :أرسل
() ((السيند)) ، 4/235 ( :برقيم ، ) 18089 :و الترمذي ، 5/628 ( :برقيم ، ) 3704 : 1
وقال (( :هذا حديث حسن صحيح)) ،وابن أب عاصم ، 2/590 ( :برقم (( ، ) 1293 :فضائل
الصحابة)) للمام أحد 1/507 ( :ي ، 508برقم . ) 828 :
() ((السييند)) ، 5/33 ( :رقييم ، 4/235 ( ، ) 20367 :ح ، ) 18089 :والترمذي 2
( ، 5/628ح ، ) 3704 :وقال (( :حديييث حسيين صييحيح)) ،وزوائد ابيين حبان
للهيثميي ( ص ، 539 :رقيم ، ) 2195 :وابين أبي عاصيم في ((السينة)) ، 2/590 ( :
ح 1293 :ي . ) 1294
() ((السيند)) 2/344 ( :يي ، 345ح (( ، ) 8522 :فضائل الصيحابة)) للمام أحدي : 3
50
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
رسول ال صلى ال عليه وسلم إل عثمان بن عفّان فأقبل عليه رسول ال صلى ال
عليه وسلم ،فلما رأينا رسول ال صلى ال عليه وسلم أقبلت إحدانا على الخرى
فكان من آخر كلم كلمه أن ضرب منكبه ،وقال (( :يا عثمان ! إن ال عز وجل
عسى أن يلبسك قميصـا فإن أرادك النافقون على خلعه فل تلعه حت تلقان ،يا
عثمان إن ال عسى أن يلبسك قميصـا فإن أرادك النافقون على خلعه فل تلعه حت
تلقان ثلثـا ، ))...فقلت لا :يا أم الؤمني فأين كان هذا عنك ؟ ،قالت :أُنسيتُه
وال فما ذكرتُه ،قال :فأخبته معاوية بن أب سفيان فلم يرضَ بالذي أخبته حت
كتب إل أم الؤمني أن اكتب إلّ به ،فكتبت إليه به كتابـا))(.)1
والحاديث ف هذا كثية جدّا ،ونستحسن أن نضيف إل هذه الحاديث
الشرقة ف فضائل عثمان كلماتٍ نيّرة لخيه الليفة الراشد علي بن أب طالب
ي رضي ال عنه ي ،وكلمات حق صدع با لبراز مكانة أخيه ولقطع ألسنة
الطاعني فيه والغرضي :
فمما ثبت عن علي ي رضي ال عنه ي :
قال أبو بكر القطيعي ف ((زوائد فضائل الصحابة)) :حدثنا أحد ،قال :ثنا
الترجان قال :حدثتن أم عمرو ابنة حسّان بن زيد أب الغصن قالت :سعت أبا
الغصن يقول :دخلت السجد الكب مسجد الكوفة وعلي بن أب طالب ياطب الناس
قائمـا على النب ،فنادى ثلث مرار بأعلى صوته :يا أيها الناس ُنبّئت أنكم تكثرون
ف وف عثمان بن عفان ،وإن مثلي ومثله كما قال ال عز وجل { :ونزعنا ما ف ّ
صدورهم من غلّ إخوانـا على سرر متقابلي } ،وقالت :سعت أب يقول :إن
() ((السيند)) 6/86 ( :يي ، 87رقيم ، 6/149 ( ، ) 24610 :رقيم ، ) 25203 :وابين 1
ما جه ف (( سننه)) ، 1/41 ( :ر قم ، ) 112 :زوائد ا بن حبان للهيث مي ( ص ، 539 :ر قم :
، ) 2196و ((فضائل الصيحابة)) للمام أحدي ، 1/500 ( :ح ، 816 :ص ، 453 :رقيم :
) 728مرسييَلً ،وابيين أبيي عاصييم فيي ((السيينة)) 2/558 ( :ييي ، 559
رقم . ) 1172 :
وصحّحه اللبان .
51
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
52
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الفصل الخامس
تمهيد طويل من سيد قطب ليتوصل به
إلى الطعن في عثمان ـ رضي الله عنه ـ
ده من الصحابة وغيرهم من في عه ِ
و َ
قال سيد قطب (( :هناك ما يصحّ أن نُطلق عليه باطمئنان روح السلم؛ هذا
الروح يستشعره من يتتبع طبيعة هذا الدين وتاريه على السواء ،ويسه كامنـا وراء
تشريعاته وتوجيهاته .
هذا الروح هو الذي يرسم الفق العلى الذي يتطلب من معتنقيه أن يتطلعوا
إليه ،وأن ياولوا بلوغه ل بتنفيذ الفرائض والتكاليف فحسب ،ولكن بالتطوع الذات
لا هو فوق الفرائض والتكاليف؛ وهذا الفق عسي الرتقى( ، )1وأعسر من ارتقائه
الثبات عليه؛ لن نوازع الياة البشرية وضغط الضرورات النسانية ل يطوعان
للكثرين من الناس أن يرقوا إل هذا الفق العال ول أن يصبوا عليه طويلً ،إن
ارتقوا إليه ف فورة من فورات الشوق والتطلع؛ فلهذا الفق تكاليفه العسرة ،وهي
تكاليف ف النفس والال وف الشعور والسلوك؛ ولعل أشدّ هذه التكاليف مؤنةً هو تلك
اليقظة الدائمة الت يفرضها السلم على ضمي الفرد والساسية الرهفة الت يثيها ف
ش فيها وللنسانية الت ينتسب شعوره تاه القوق والواجبات لذاته وللجماعة الت يعي ُ
إليها ،وللخالق الذي يراقبُه ف الصغية والكبية ويعلم سرّه ونواه .
ولقد كان لذلك الروح الذي أشرنا إليه أثر ف واقع السلم التاريي ،فاستحال
السلم وهو عقيدة وتصوّر إل شخصيّات ووقائع ول يعد نظريات مرّدة ول مموعة
إرشادات ومواعظ ول مثلً وأخيلة ،إنا عاد ناذج إنسانية تعيش :ووقائع عملية
() ((العدالة الجتماعية)) ( ص 144 :ي ، 145ط :خامسة ) ،و ( ص 126 :ي ، 127ط 1
53
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تتحقّق ،ولن نكون مطئي حي نرد انبعاث هذه العبقريات كلها وبروز تلك
البطولت جيعها إل فعل ذلك الروح القوي؛ فهو حركة كونيّة شاملة تتواف مع هذه
الطاقات الفردية ف الظاهر ،الكونية ف القيقة ،ومقياس عظمة كل عبقرية منفردة
هو استعدادها لتلقّي ذلك الفيض الكون)) .
ث ضرب أمثلة(:)1
1ي بالنب صلى ال عليه وسلم .
2ي ث بلل .
3ي ماعز .
4ي الغامدية .
5ي خالد بن الوليد وقصة عزله .
6ي أبو عبيدة .
7ي أبو حنيفة .
8ي يونس بن عبيد .
ولكل من هؤلء قصة .
ث تعرّض للمساواة الطلقة()2بي بن النسان ف السلم والتحرر الوجدان الطلق
من جيع القيم وجيع العتبارات الت تدش هذه الساواة ،وذكر أثر هذه الروح ف
شخصيّات ،منها :
عمر بن الطّاب .
ث سفيان الثوري ف مواجهة النصور .
وأحد التكلّمي()3ف مواجهة الليفة الواثق .
() انظر (( :العدالة)) ( ص 130 :ي ، 137ط :الثانية عشرة ) . 1
() في هذا نظير يالف قول ال تبارك وتعال { :أفنجعيل السيلمي كالجرميي } وغيهيا مين 2
54
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
55
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هي تأخي عليّ وتقدي عثمان وهو شيخٌ ضعيف ،وتسلّم مروان بن الَكم
الموي مقاليد السلطان .فلو شاء حسن الطالع أن يتقدّم عليّ بعد الشيخي لستمرّت
تقاليد السلم فترة أخرى ،ولستطردت موجته عهدًا ثالثـا ،ولكان غي ما كان
من طمس روح السلم؛ فإنّ استقرار التقاليد السلمية فترة أخرى وقيام أوضاع
نظاميّة مددة من شأنه أن يعل النكسة أصعب على من ياولا(.)1
ولكي ندرك عمق هذه القيقة يب أن نستعرض صورًا من سياسة الكم
والال()2ف العهود الختلفة على أيدي أب بكر ،وعمر ،وعلى أيدي عثمان ،
ومروان ،وعلى يدي علي المام( ، )3ث على أيدي اللوك من بن أميّة ،ومن بعدهم
من بن العباس بعد أن خنقت روح السلم))(.)4
ث قال (( :حينما ندب السلمون أبا بكر ليكون خليفة رسول ال ل تزد وظيفتُه
ف نظره على أن يكون قائمـا بتنفيذ دين ال وشريعته بي السلمي ،فلم يطر له أنّ
هذه الوظيفة تُبيحُ له شيئـا ل يكن مباحـا له ،وهو فردٌ من الرعيّة ،أو تنحُه
حقـًا جديدًا ل يكن له أو تسقط عنه تكليفـا واحدًا ما كان يكلفه سواء لنفسه أو
لعشيته أو لليهه !)) .
ث ذكر خطبة أب بكر الشهية ،وذكر مِن سيتِه ،وزهده ،وتعفّفه ما هو
لئقٌ بكانته .
ولكنك إذا قرأت ما كتبه ف عثمان تُدرك أنه يعرّضُ بعثمان ،وأنه على نقيض
() هذا القط عُ تضمّن بالضا فة إل سوء معت قد سيد قطيب :طعنا تٍ ف خل فة عثمان ،من ها : 1
النراف الذي با كر ال سلم ،ومن ها :ط مس روح ال سلم ،ومن ها :طعنُه ف ا ستخلف عثمان
نفسه .فل حو َل ول قوّة إل بال .
() كلمة ((الال)) من الطبعة الثانية عشرة . 2
ق فيه أبو بكر وعمر وعثمان له دللة ل ش كّ فيها لن ينظر بعمق ،
() تصيص عل يّ بالمامة ف سيا ٍ 3
خصوصـا وهو ف سياق تبئة السلم من سياسة عثمان وبن أميّة .
() ((العدالة)) ط خامسة ( ،ص ، ) 182 :و ط ثانية عشرة ( ص ، ) 156 :وفيها (( :بعد هذه 4
56
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
() ((العدالة)) ط خامسة ( ص ، ) 183 :و ط ثانية عشرة ( ص . ) 157 : 1
57
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ث تدّث عن سياسة عمر فقال (( :لقد كان يرى أن يرم نفسه حرمان رعيته ليحسّ با
يسّها كما قال ،ولنه ف أعماق نفسه ما كان يرى أن قيامه بالكم يعل له حقوقـا
وامتيازات ليست لسائر الناس ،وأنه إن ل يعدل ف هذا فما هو بستحقّ طاعة الرعيّة؛ وقصة
البود اليمانية وإقراره بسقوط طاعته حت يثبت عدله قد سبق أن ذكرناها ،وهي تقرّر مبدأ من
مبادئ الكم ف السلم :أن ل طاعة لما ٍم غي عادل ( ولو كان يقرّ أن الاكمية ل وحدَه
ويكم بشريعة ال ،ولكنه ل يعدل ف الحكام) )) (.)1
() ((العدالة)) ( ص ) 158 :ط ثان ية عشرة ،و ( ص ) 185ط خام سة .و ما ب ي القو سي من 1
58
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الفصل السادس
عثمان بن عفان ما كان يرى أنّ قيامه بالكم
يعل له حقوقـا وامتيازات
أقول :رضي ال عن عمر ،وما هذا بستغرَب منه إن ثبت عنه ،وقد روي عنه
أنه كان يرم نفسه من بعض الدم ف عام الرمادة الذي حصلت فيه ماعة ،وهو أمرٌ
ل يلزمه به السلم ،ولو حصل عام مثله ف عهد عثمان لشفق على المة وأهّه
أمرها كما أهمّ أخاه عمر ي رضي ال عنهما ي؛ لنما من مدرسة ممد رسول ال
صلى ال عليه وسلم .
ولعثمان من البذل والتضحيات الشيء الكثي ف حياة رسول ال صلى ال عليه
وسلم ،وف خلفته ،وخلفة أب بكر وعمر .
وقد بذل الكثي والكثي ف أحوال الشدّة والزمات الت كانت تواجه السلمي ،
ول يُنسى ما بذله ف غزوة تبوك عام العسرة وغيها .
أما أنّ عمر ف أعماق نفسه ما كان يرى أنّ قيامه بالكم يعل له حقوقـا
وامتيازات ليست لسائر الناس .فإنّ أخاه عثمان كان كذلك؛ ول يقول فيه غي هذا
إلّ ظالٌ معتد طعّان ف عدالة عثمان الليفة العادل الراشد .
وقول سيد (( :وأنه إن ل يعدل فما هو بستحقّ طاعة الرعية)) ،وقوله عن
عمر (( :وإقراره بسقوط طاعته حت يثبت عدله)) .
59
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الفصل السابع
رُر مذاهب الفرق الضالة
سيد قطب يق ّ ِ
ويوهم أنها مذهب عمر بن الخطاب
فإن (سيدا) إنا يقرّر هنا مذاهب الفرق الضالة من الوارج والعتزلة والرافضة ،
ول يلتفت إل ما قرّره الرسول صلى ال عليه وسلم وقرّره أهلُ السنة والماعة بناء
على توجيهات رسول ال صلى ال عليه وسلم الت منها ما أخرجه مسلم وغيُه من
حديث أب هريرة ي رضي ال عنه قال :قال رسول ال صلى ال عليه وسلم :
((عليك السمع والطاعة ف عسرك ،ويُسرك ،ومنشطك ،ومكرهك ،وأثرة
عليك))(. )1
وما أخرجه مسلم وغيُه من حديث عبادة بن الصامت ي رضي ال عنه ي
قال (( :بايعنا رسولَ ال صلى ال عليه وسلم على السمع والطاعة ف العسر
واليسر ،والنشط والكره ،وعلى أثرة علينا ،وعلى أن ل ننازعَ المرَ أهلَه ،
وعلى أن نقول بالق حيثما كنا ل ناف ف ال لومة لئم)) ،وزاد مسلم بعد قوله :
((وأن ل ننازعَ المرَ أهلَه)) قال (( :إل أن تروا كفرًا بواحـا عندكم فيه من ال
برهان))(.)2
وما رواه مسلم وغيُه عن سلمة بن يزيد العفي أنّ رسول ال صلى ال عليه
وسلم قال (( :اسعوا وأطيعوا ،فإنا عليهم ما حُمّلوا وعليكم ما حُمّلتم))(.)3
ومن حديث حذيفة (( :يكون بعدي أئمة ل يهتدون بداي ول يستنّون
بسنّت ،وسيقوم فيهم رجال قلوبم قلوب الشياطي ف جثمان إنس)) قال :قلت :
() أخرجه مسلم ف ( :المارة ،باب وجوب طاعة المراء ف غي معصية ال وتريها ف العصية ) : 1
( المارة ،باب وجوب طا عة المراء ف غ ي مع صية ) 41 ( :ي ، 42ح ) 1709 :مع زيادة
((إل أن تروا كفرًا . ))...
() أخرجه مسلم ف ( المارة ،باب طاعة المراء وإن منعوا القوق ، 49 :ح . ) 1846 : 3
60
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كيف أصنعُ يا رسول ال إن أدركتُ ذلك ؟ ،قال (( :تسمع وتطيع ،وإن ضرب
ظهرك وأخذ مالَك فاسع وأطع))(.)1
وحديث ابن مسعود عن النب صلى ال عليه وسلم (( :ستكون أثرة وأمورٌ
تنكرونَها)) ،قالوا :يا رسولَ ال فما تأمرُنا ؟ ،قال (( :تؤدّون الق الذي عليكم ،
وتسألون ال الذي لكم))(.)2
ففي هذه الحاديث وجوب طاعة المام على المة مهما ظلم المام وخالف
هدْي السلم حت ترى المة ف هذا المام الكف َر البواح الخرج عن دائرة السلم .
ل يستضي (سيد) بذه التوجيهات النبوية ،ول يلتفت إل مذهب أهل السنة
والماعة ،وذهب يقرّرُ ما هو أشدّ من مذهب الوارج والفرق الضالة الخرى ،ث
ينسب ذلك إل الليفة الراشد عمر بن الطّاب ي رضي ال عنه ي أنه يرى هذا
الذهب الرديء أنه ل يستحق طاعة الرعية إل إذا كان ف غاية العدل ،ولقد أشار إل
قصة البود اليمانية .
وهي كما قصّها سيد ف ( ص ) 141من ((العدالة)) (( :وغنم السلمون أبرادًا
ي رجل من السلمي ،ولا كان يانية فخصّه برد ،وخصّ ابنه عبد ال برد كأ ّ
الليفة ف حاجة إل ثوب فقد تبّع له عبد ال ببده ليضمّه إل برده فيصنع منها
ثوبـا ،ث وقف يطب الناس وعليه هذا الثوب ،فقال (( :أيها الناس اسعوا
وأطيعوا)) ،فوقف سلمان فقال :ل سع ول طاعة ،قال عمر :ولِمَ ؟ ،قال
سلمان :من أين لك هذا الثوب وقد نالك برد واحد وأنت رجل طوال ؟ ،قال :
ل تعجل ،ونادى :يا عبد ال ،فلم يبه أحد ـ فكلّهم عبد ال ـ ،قال :يا عبد
ال بن عمر ،قال :لبّيك يا أمي الؤمني ،قال :ناشدتك ال ! البد الذي اتزرتُ
به أهو بردك ؟ ،قال :اللهم نعم ،قال سلمان :النَ مُر نسمع ونطع)) .
فهذه القصة تمل ف طيّاتا الكذب وتنطوي على رفض ذلك النهج الذي قرّره
() أخر جه م سلم ف ( المارة ،باب وجوب ملزمة جا عة ال سلمي عند ظهور الفت ، 52 :ح : 1
. ) 1847
() أخرجه البخاري ( :كتاب الناقب ،باب علمات النبوة ف السلم ،ح . ) 3603 : 2
61
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
62
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الفصل الثامن
عثمان – رضي الله عنه -كان شعور
السلمي
بالعدل عميقـا في نفسه
قال سيد قطب (( :ولقد كان هذا الشعور السلمي عميقـا ف نفسه ،
مصاحبـا له ف كلّ ملبسةٍ ؛ فقد ساوم رجلً على فرس ،ث ركبَه ليج ّربَه
فعطب ،فأراد أن يردّه إل صاحبه ،فأب ،فتحاكما إل شريح القاضي ،فسمع
حُجّة كلّ منهما ،ث قال :يا أمي الؤمني خذ ما ابتعت أو ردّ كما أخذت ،فقال
عمر (( :وهل القضاء إل هكذا)) ؟ ث أقام شريـا على قضاء الكوفة جزاء ما قضى
بالق والعدل)) (. )1
أقول :بثتُ كثيًا عن هذه القصة فلم أجدها .
وسواء صحّت أو ل تصحّ فإن عمر بن الطّاب الليفة الراشد فوقَ
هذا الستوى ،وكان وقّافـا عند كتاب ال كما شهد له ابن عبّاس
ي رضي ال عنهما ي ،وقد مل هذا الليفة العادل العبقري الدنيا عدلً؛ فهذا قليلٌ
ف حقّه ي رضي ال عنه ي .
ولخيه الليفة الراشد عثمان من الكمال والصفات الميدة والعدل والنصاف
ما يعله رديف أخيه عمر ف العدل والنصاف وسائر اللل الميدة؛ وبذه اللل
اختارته المة عن رضى وحبّ واغتباط .
وله قصة طريفة ف باب العدل والنصاف ل تقلّ طرافةً عن قصة عمر هذه :
روى ابن شبّة بإسناده قال :دخل عثمان بن عفان على غلم له يعلف ناقة ،
فرأى ف علفها ما كره ،فأخذ بأذن غلمه فعركها ،ث ندم فقال لغلمه اقتص ،فأب
الغلم ،فلم يدعه حت أخذ بإذنه فجعل يعركها ،فقال له عثمان شدّ ،حت ظنّ أنه
قد بلغ منه مثل ما بلغ منه ،ث قال عثمان ي رضي ال عنه ي :واهـا لقصاص قبل
63
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قصاص الخرة)) .وف إسناد القصة انقطاع( )1ولكنها ل تستكثر على عثمان ،ول
تستبعد لعدله وإنصافه وتواضعه ي رضي ال عنه ي ،كما ل تستبعد تلك القصة ول
تستكثر على أخيه عمر بن الطاب .
أما الفضل والعفو واللم والصفح عمن يعتدّى عليه فقد برز فيه ي رضي ال
عنه ي ،وقد رويت قصص عنه تنبئ عن نفسٍ كرية بلغت غاية السماحة :
منها :ما رواه ابن شبّة :حدثنا موسى بن إساعيل قال :حدثنا سلم بن
مسكي ،عن عمران بن عبد ال بن طلحة :أن عثمان ي رضي ال عنه ي خرج
لصلة الغداة ،فدخل من الباب الذي كان يدخل منه ،فزحه الباب ،فقال :
انظروا ،فنظروا فإذا رجل معه خنجر أو سيف فقال له عثمان ي رضي ال عنه ي :
ما هذا ؟ ،قال :أردت أن أقتلك ،قال :سبحان ال ! ويك عل َم تقتلن ؟ ،قال :
ل فإن ل أنصفك وأعديك على ظلمن عمّالك باليمن ،قال :أفل رفعتَ ظلمتك إ ّ
عاملي أردتَ ذلك من ،فقال لن حوله :ما تقولون ؟ ،فقالوا :يا أمي الؤمني عدوّ
أمكنك ال منه ،فقال :عبدٌ هَمّ بذنبٍ فكفّه ال عن .ائتن بن يكفل بك ل تدخل
الدينة ما وليت أمر السلمي ،فأتاه برجل من قومِه فكفل به ،فخلّى عنه .قال
عمران :فوال ما ضربه سوطـا ،ول حبسه يومـا(.)2
وف إسناده انقطاع ،ويتقوّى بروايات قبله ،فيتقي إل درجة السن أو
الصحة؛ وقد أشار إل ذلك الحقق ي رحه ال تعال ي .
ط منه اعتمادًا
فِلمَاذا تُغفل مكرمات عثمان ي رضي ال عنه ي ويركّز على ال ّ
على إفك الروافض والاقدين والغرضي ؟ .
وهل يوز أن تُذكر ماسنُ عمر ي رضي ال عنه ي ليُتوصّل منها إل الطّ من
أخيه عثمان ؟ ،ولاذا ل يقال ف عثمان ي رضي ال عنه ي ما قيل ف عمر ؟ .
لقد كان هذا الشعور السلمي عميقـا ف نفسه ،مصاحبـا له ف كلّ
64
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ملبسة ،وتذكر تطبيقات ذلك ف حياتِه كما ذكرت ف حياة أخيه عمر .رضي ال
عن كل أصحاب رسول ال ول سيّما اللفاء الراشدين الهديي ،والعشرة البشّرين
بالنة؛ فقد كانت حياتم كلها تطبيقـا صحيحـا للسلم رغم أنوف الاقدين .
65
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الفصل التاسع
كان عثمان رضي الله عنه يقيم العدل
على نفسه وبين رعيته
قال سيد (( :فإذا فهم عمر الكم على أساس هذا التصوّر فل مال لن يكون
لقرابة الاكم امتيازات ما على سائر أفراد الرعية .فإذا تناول ابنُه عبد الرحن
المر فل بدّ من الد ،وقصّته ف ذلك معروفة ،وإذا عدا ابن عمرو بن العاص
على الصري فل ب ّد من القصاص .
فأما ف الال فعمّاله مسئولون عن كل ما زاد ف أموالم بعد الولية خشية أن
يكون نوّها على حساب مال السلمي ،أو بسبب من جاه الولية .و ( من أين
لك هذا ؟ ) كان قانونه الذي عامل به عمّاله واحدًا واحدًا كلما وجد مبّرًا لن
يعاملهم به؛ فقد قاسم عمرو بن العاص واليه ف مصر وسعد بن أب وقاص واليه ف
الكوفة كما ضم مال أب هريرة واليه ف البحرين))(.)1
أقول :ف هذا الكلم نظرات :
الول :أن عثمان ي رضي ال عنه ي فهم الكم على أساس هذا التصوّر كما
فهم أخواه عمر وأبو بكر ي رضي ال عنهم ي .
وإذا كان عثمان قد ول أحدًا من قرابته فلكفائتهم الت قلّ أن تتوفّر ف
غيهم أولً .
وثانيـا :فل يعرف بطن من بطون قريش فيها عمال لرسول ال صلى ال عليه
وسلم أكثر من بن عبد شس؛ لنم كانوا كثيين ،وكان فيهم شرف وسؤدد(.)2
وكذلك استعمل منهم أبو بكر ،وعمر ،وسيأت استكمال هذا ف موضعه .
الثانية :إذا كان عمر قد أقام الدّ على ولده بل وصهره فإنّ الشيءَ من معدنه
ل يستغرب ،فكذلك أخوه عثمان أقاد من نفسه ي كما تقدم ي ،وأقام الدّ على
() ((العدالة)) ( ص ) 158 :ط ثانية عشر . 1
66
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أخيه لمه وابن عمه الوليد بن عقبة( )1المي الجاهد الشجاع السخي .
والثالثة :ف مقاسة عمر لعماله ف أموالم؛ فإ ّن هذه دعوى عريضة ل أسا َ
س
لا ،ول يفعل ذلك رسول ال ،ول أبو بكر ،ول يول عمر ،ومن قبله إل الكفاء
المناء ي رضي ال عنهم ي .
وقد ذكر ابن سعد ف ((طبقاته))( :)2أن عمر قاسم غي واحد منهم ماله إذا
عزله ،منهم :سعد بن أب وقاص ،وأبو هريرة .ول يذكر أي إسناد ولن يد ،
وهذان أروع وأشرف وأنبل من أن يرتعوا ف أموال السلمي .
أما سعد بن أب وقاص فهو أحد العشرة البشرين بالنة (( ،وأحد الستة أهل
الشورى ،وكان ماب الدعوة ،مشهورًا بذلك ،وهو أحد الفرسان الذين كانوا
يرسون رسول ال صلى ال عليه وسلم ف مغازيه ،وهو الذي كوّف الكوفة ،وتولّى
قتال فارس ،وفتح ال على يديه القادسية ،وكان أميًا على الكوفة لعمر ،ث عزله ،
ث أعاده ،ث عزله ،وقال ف مرضه (( :إن وليها سعد فذاك وإل فليستعن به الوال فإن
ل أعزله عن عجز ول خيانة؛ ومناقبُه كثية جدّا))(.)3
وقصته ف ((الصحيحي)) عن جابر بن سرة قال :شكى أهلُ الكوفة سعدًا إل
عمر ي رضي ال عنه ي فعزله ،واستعمل عليهم عمّارًا ،فشكوا حت ذكروا أنه ل
يسن يصلّي ،فأرسل إليه فقال :يا أبا إسحاق إن هؤلء يزعمون أنك ل تسن
تصلي قال أبو إسحاق :أما أنا وال فإن كنتُ أصلّي بم صلةَ رسول ال صلى ال
عليه وسلم ما أخرم عنها :أصلّي صلة العشاء فأركد ف الوليي ،وأحذف ف
الخريي .قال :ذاك الظنّ بك يا أبا إسحاق ،فأرسلَ معه رجلً ي أو رجالً ي إل
الكوفة ،فسأل عنه أهل الكوفة ول يدع مسجدًا إلّ سأل عنه ،ويثنون معروفـا حت
دخل مسجدًا لبن عبس فقام رجل منهم يقال له أسامة بن قتادة يكن أبا سعدة فقال :
أما إذا نشدتنا فإنّ سعدًا كان ل يسي بالسرية ،ول يقسم بالسوية ،ول يعدل ف
67
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
القضية .قال سعد :أما وال لدعو ّن بثلث :اللهم إن كان عبدك هذا كاذبـا قام
رياءً وسعة فأطل عمره ،وأطل فقرَه ،وعرّضه بالفت؛ فكان بعد إذا سُئل يقول :
شيخ كبي مفتون ،أصابتن دعوة سعد))(.)1
فهل مثل هذا الصحاب الليل يتّهمه عمر بأخذ ما ليسَ له من أموال السلمي
أو التحايل ف الوصول إل الثراء على حساب أموال السلمي ؟ ،كل ،ث كل .
وأما أبو هريرة ي رضي ال عنه ي فهو المام الفقيه الجتهد الافظ صاحب
رسول ال صلى ال عليه وسلم ،سيد الفّاظ الثبات ي رضي ال عنه ي؛ قال
الذهب ف ((السي))((( :)2معمر عن أيّوب ،عن ممد :أن عمر استعمل أبا هريرة على
البحرين فقدم بعشرة آلف ،فقال له عمر :استأثرت بذه الموال يا عدو ال وعدوّ
كتابه ؟ ،فقال أبو هريرة :فقلت :لستُ بعدو ال وعدوّ كتابه ،ولكن عدوّ مَن
عاداها ،قال :فمن أين هي لك ؟ ،قلت :خيل نتجت ،وغلّة رقيق ل ،وأعطية
تتابعت؛ فنظروا فوجدوه كما قال .فلما كان بعد ذلك دعاه عمر ليوليه ،فأب ،
فقال :تكره العمل وقد طلب العملَ مَن كان خيًا منك :يوسف ي عليه السلم
ي ؟ ،فقال :يوسف نبّ ابن نب ابن نب ،وأنا أبو هريرة بن أميمة ،وأخشى ثلثـا
واثنتي ،قال :فهلّ قلت :خسـا ؟ ،قال :أخشى أن أقول بغي علم وأقضي بغي
حلم ،وأن يضرب ظهري ،وينتزع مال ،ويشتم عرضي)) .
قال الذهب (( :رواه سعد بن الصلت عن يي بن العلء ،عن أيوب متصلً بأب
هريرة ،وروى نو هذه القصة ابن سعد( ، )3وفيها :فقبضها منه ،وليس وال أبو
هريرة بالائن ول عمر بالظال ،ولكنه اجتهاد من عمر ي رضي ال عنه ي يردع به
العمال.
ولو كان أبو هريرة متّهمـا عند عمر لا رغب ف توليته مرّة أخرى ،وقد روى
ييييه البخاري ، 10 ( :كتاب الذان ، 95 :باب وجوب القراءة للمام والأموم ،
() أخرجي 1
حديث ، ) 755 :وأخرج مسلم نوه ف ( 4ي كتاب الصلة ،حديث . ) 453 :
() ( . ) 2/612 2
68
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نو هذه القصة البلذري ،وفيها (( :فكان يأخذ منهم ويعطيهم أفضلَ من ذلك))(.)1
وذلك الظنّ بذا الليفة العادل ي رضي ال عنه وعن إخوانه الطيّبي ي .
وأما عمرو بن العاص فهو الصحاب الجاهد ،فاتح مصر وطرابلس ،وأمي
فلسطي والردن ف عهد عمر ،ث وجهه إل مصر ففتحها ،وبقي أميًا عليها أيام
عمر وسني من عهد عثمان .
فلم يعزله عمر ي رضي ال عنه ي لكفاءته العالية .
ول أرَ ف أيّ مصدر أنّ عمر قاسه مالَه .
وإنا تابعت هذه الدعوى إبعادًا لصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم عن
التهم ،وحايةً لعراضهم ،وصيانةً لا من أن يرتع فيها من ف قلبه مرض وغلّ من
أهل الهواء والهل .
أما أبو هريرة :فقد ذكر ابن الوزي أنه قدم على عمر من البحرين بال :
قال :فقدمت عليه ،فصليت العشاء معه ،فلما رآن سلّمت عليه ،فقال :ما قدمت
به ؟ ،قلت :قدمتُ بمسمائة ألف ،قال :أتدري ما تقول ؟ ،قلت :مائة ألف ،
ومائة ألف ،ومائة ألف ،حت عددت له خسـا؛ قال :إنك ناعس ،ارجع إل بيتك
فنم ،ث اغد عليّ ،قال :فغدوتُ عليه ،فقال :ما جئتَ ؟ ،قلت :خسمائة ألف
وقال :أطيب ؟ ،قلت :نعم ،ل أعلم إلّ ذلك ،فقال للناس :إنه قدم عليّ مال
كثي ،فإن شئتم إن نعد لكم عدًا ،وإن شئتم أن نكيله لكم كيلً ،فقال له رجل :يا
أمي الؤمني إن قد رأيتُ هؤلء العاجم يدوّنون ديوانـا؛ يعطون الناس عليه ،فدوّن
الديوان؛ ففرض للمهاجرين ف خسة آلف وللنصار ف أربعة آلف ،وفرض لزواج
النب صلى ال عليه وسلم ف اثن عشر ألفـا))(.)2
وأورد ابن الوزي ف كتابه ((تاريخ عمر))()3عن أب هريرة ي رضي ال عنه ي
() أورده ابن الوزي ف ((تأريخ عمر بن الطاب)) ( ص . ) 122 : 3
69
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ت على عمر بن الطّاب من عند أب موسى الشعري بثمانائة ألف يقول :قدم ُ
درهم ،فقال ل :باذا قدمت ؟ ،قلت :إنا قدمت بثمانائة ألف درهم ،قال :إنا
قدمت بثماني ألف درهم ،قال :قلت :إنا قدمتُ بثمانائة ألف درهم ،قال :أل
أقل لك إنك يان أحق ،إنا قدمت بثماني ألف درهم ،فعددت مائة ألف ومائة
ألف حت عددت له ثانائة ألف ،فقال :أطيّبٌ ويلك ! ،قلت :نعم؛ فبات عمر
ليلته أرقـا حت نودي لصلة الصبح ))...وذكر تام القصة .
وأنت ترى أنه ليس للقصتي إسناد؛ فإن كان الرءُ ل ب ّد متحدّثـا بروايات
بدون أسانيد عن أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم الكرام فل يذكر منها ما فيه
ثلبهم وانتقاصهم ،والول به إن كان متحدّثـا عنهم فليذكر ما فيه ماسنُهم وما
يليقُ بكانتهم وينسجم مع أخلقهم وواقعهم الوضّاء الشرق ي رضي ال عنهم ي ،
مثل هاتي القصتي وما يشابما؛ فرضي ال عنهم وأرضاهم وحشرنا ف زمرتم .
قال سيد (( :ولقد كان قوام تصوّر الكم ف نفس عمر باختصار هو :الطاعة
والنصح ف حدود الدين من الرعية ،والعدل والسن كذلك من الراعي .
ولقد قبل من رجل من رعيته أن يقول له :لو وجدنا فيك اعوجاجـا
لقوّمناه بسيوفنا؛ فأقرّ بذلك مبدأ حق الرعية ف تقوي الراعي ،كما خطب الناس
يومـا فقال (( :إن ل أستعمل عليكم عمّال ليضربوا أبشاركم ،وليشتموا
أعراضكم ،وليأخذوا أموالكم ،ولكن استعملتهم ليعلموكم كتاب ربكم وسنة
نبيكم؛ فمن ظلمه عامل بظلمة فل إذن له عليّ ليفعها إلّ حت أقصه منه))؛ فأقرّ
بذلك حدود الاكم على الناس ل يتعداها))(.)1
أقول :
1ـ ما كان عند عمر من تصوّر للحكم فإنه عند أخيه عثمان ي رضي ال
عنهما ي الطاعة والنصح من الرعية ف حدود الدين ،والعدل والسن كذلك من
الراعي؛ فما كان عثمان غافلً عن هذا التصوّر ،وما ظلَم أحدًا من رعيّته ف دينٍ ول
70
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
71
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
() ((مسند أحد)) ، 1/72 ( :حديث ، ) 523 :وصحّحه أحد شاكر . 1
وذكره اليثمي ف ((ممع الزوائد)) ، ) 7/227 ( :وقال (( :رجاله رجال الصحيح)) .
أقول :ف إسناده سويد بن سعيد :صدوقّ ،تغيّر .
() ((العدالة)) ( ص ، ) 159 :و ( ص ) 186ط الامسة . 2
() ((العدالة)) ( ص ، ) 159 :ط ثانية عشرة ،و ( ص ) 187 :ط خامسة . 3
72
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الفصل العاشر
اتهام سيد لعثمان ـ رضي الله عنه ـ بأنه
باكر السلم الناشئ بالتمكين للمبادئ
الموية المجافية لروح السلم
ويقول (( :ولقد كان من جرّاء مباكرة الدين الناشيء بالتمكي منه للعصبة
الموية على يدي الليفة الثالث )1())...إل .
ويقول (( :مضى عثمان إل رحة ربّه وقد خلّف الدولة الموية قائمة بالفعل
بفضل ما مكّن لا ف الرض وباصة ف الشام ،وبفضل ما مكّن للمبادئ الموية
الجافية لروح السلم من إقامة اللك الوراثي والستئثار بالغان والموال))(.)2
أقول :لو جهد المين وغلة الروافض ف الطعن على عثمان لَمَا استطاعوا
أن يقولوا أش ّد من هذه الطاعن ف الليفة الراشد الظلوم .
وما أظنّ سيدًا يق ّل حقدًا وبغضـا لبن أمية عن أشدّ الغلة؛ فترى عبارته
تنضح بذلك ،ونعوذ بال من هذا الداء ،أل يقل رسول ال صلى ال عليه وسلم
عنهم (( :ل يزال السلم عزيزًا ما ول أمرُ هذه المة اثنا عشر خليفة)) ؟ .
قال ابن كثي (( :وفيها ( أي :ف سنة ثلث وتسعي ) افتتح ممد بن القاسم
ي وهو ابن عم الجاج بن يوسف ي مدينة الدبيل وغيها من بلد الند ،وكان قد
ولّه الجاج غزو الند وعمره سبع عشرة سنة؛ فسار ف اليوش فلقوا اللك داهر ي
ل منتخبة ،فاقتتلوا فهزمهموهو ملك الند ي ف جع عظيم ومعه سبعة وعشرون في ً
ال وهرب اللك داهر ،فلما كان الليل أقبل اللك ومعه خلْق كثي جدّا ،فاقتتلوا قتالً
شديدًا ،فقتل اللك داهر وغالب من معه ،وتبع السلمون من انزم من النود فقتلوه .
ث سار ممد بن القاسم فافتتح مدينة الكبج وبرها ،ورجع بغنائم كثية وأموال
ل تصى كثرة من الواهر والذهب وغي ذلك؛ فكانت سوق الهاد قائمة ف بن
() ((العدالة)) ( ص ) 161 :ط :ثانية عشرة ،و ( ص ) 187 :ط خامسة . 1
73
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أمية ،ليس لم شغل إلّ ذلك ،قد علت كلمة السلم ف مشارق الرض ومغاربا ،
وبرها وبرها؛ وقد أذلّوا الكف َر وأهلَه ،وامتلت قلوب الشركي من السلمي
رعبـا ،ل يتوجّه السلمون إل قطر من القطار إل أخذوه؛ وكان ف عساكرهم
وجيوشهم ف الغزو الصالون والولياء والعلماء من كبار التابعي ف كلّ جيش منهم
شرذمة عظيمة ينصر ال بم دينَه؛ فقتيبة بن مسلم يفتح ف بلد الترك ،يقتل ويسب
ويغنم ،حت وصل إل توم الصي ،وأرسل إل ملكه يدعوه ،فخاف منه وأرسل له
هدايا وتفـا وأموالً كثية هديّة ،وبعث يستعطفه مع قوته وكثرة جنده))(.)1
قارن بي هذا الكلم النصف الذي يوضّحُ عزة السلم ومكانة بن أمية
الذين أعزّ ال بم السلم قارن بينَه وبي كلم سيد قطب الت :
((لقد اتسعت رقعة السلم فيما بعد ،ولكن روحه انسرت بل جدال .وما
قيمة الرقعة إذا انسرت الروح ؟ ،ولول قوة كامنة ف طبيعة هذا الدين وفيض
عارم ف طاقته الروحية لكانت أيام أميّة كفيلة بالقضاء عليه القضاء الخي))(.)2
وسوف يتبدّد هذا الرص والبط الذي يدور ف دوامته سيد قطب ،ستتبدد
هذه الوهام والزاعم الت ل يسندها عقل ول نقل حي يعلم القارئ أن عثمان والمة
وبن مروان أنفسهم ما كان يدور ف خلدهم شيء من هذا الوهام الت ملت دماغ
سيد قطب حول عثمان وبن أمية .
فقد روى البخاري من طريق هشام بن عروة عن أبيه قال :أخبن مروان بن
الكم قال (( :أصاب عثمان بن عفان ي رضي ال عنه ي رعاف شديد سنة
الرعاف حت حبسه عن الج وأوصى ،فدخل عليه رجلٌ من قريش قال :استخلف ،
قال :وقالوه ؟ ،قال :نعم ،قال :ومَن ؟ ،فسكت ،فدخل عليه رجلٌ آخر ي
أحسبه الارث ي فقال :استخلف ،فقال عثمان :وقالوا ؟ ،فقال :نعم ،قال :
ومن هو ؟ ،فسكت ،قال :فلعلهم قالوا إنه الزبي ؟ ،قال :نعم ،قال :أما والذي
نفسي بيده إنه ليُهم ما علمت ،وإن كان لحبهم إل رسول ال صلى ال عليه
74
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وسلم)) .
وروى من طريق أب أسامة عن هشام أخبن أب :سعت مروان بن الكم :
((كنت عند عثمان أتاه رجل فقال :استخلف ،قال :نعم ،الزبي ،قال :أما وال
إنكم لتعلمون أنه خيكم ثلثـا))(.)1
خليفة طاهر مؤمن ،ومتمع طاهر مؤمن ل يدور ف خلدهم حول الستخلف
وغيه إلّ ما كان يدور ف عهد عمر ي رضي ال عنه ي من أهيّة الستخلف ،بل
تاوز المر ذلك إل ترشيح رجل معيّن هو ف نظرهم أفضل الصحابة الوجودين .
فطابق ذلك ما ف نفس الليفة عثمان ي رضي ال عنه ي فيدل بشهادته
مؤكّدًا صواب اختيارهم وترشيحهم .
ومن يثه على الستخلف وتنفيذ رغبة المة ؟ ،أنه مروان بن الكم وأخوه .
فأين التمكي لبن أمية ؟ ،وأين هي الدولة المويّة القائمة بالفعل ؟ .
ولَمّا ثار أهل الفتنة على عثمان كان أش ّد الحرّضي والتآمرين وأقواهم هو ممد
بن أب حذيفة الموي ،ولا استشهد عثمان تّت البيعة ف العال السلمي إل الشام
لعلي بن أب طالب الاشي ل الموي .
وقد عرضت على غيه كطلحة بن عبيد ال التيمي ،والزبي بن العوام
السدي ،ول تعرض على أحدٍ من بن أمية؛ فأين التمكي لبن أميّة .
وهناك خبٌ مضمونُه أن عثمان كتب العهد لعبد الرحن بن عوف :قال ابن
شبة( :)2حدثنا إبراهيم بن النذر قال :حدثنا عبد ال بن وهب قال :أخبن ابن
ليعة ،عن يي بن سعيد ،عن أب عبيدة بن عبد ال بن عبد الرحن بن أزهر ،
عن أبيه ،عن جدّه :أن عثمان ي رضي ال عنه ي اشتكى رعافـا فدعى حران
فقال :اكتب لعبد الرحن العهد من بعدي ،فكتب له ،فانطلق حران فقال ل
البشرى ؟ ،قال :لك البشرى وذاك ماذا ؟ ،قال :إن عثمان قد كتب لك العهد من
75
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بعدِه ،فأقبل عبد الرحن إل عثمان فقال :أكان يصلح لك أن تكتب ل العهد من
بعدك؛ وال يعلم أن أخشى أن ياسبن ف أهلي ألّ أكون أعدل بينهم فكيف
ت عليك َأحُمران أخبك ؟ ، بأمة ممد ؟! ،فقال عثمان ي رضي ال عنه ي :عزم ُ
قال :نعم ،قال :يا حران فأعاهد ال أل تساكنن أبدًا ،فأخرجه ،وأما أنتَ يا أبا
ممد فهل وليتن هذا المر يوم وليته وأنت تقدر على أن تصرف ذلك إل نفسك أو
توليه من بدا لك وف القوم من هو أمسّ بك يومئذ رحـا من إل رجاء الصلة
والحسان فيما بين وبينك ؟ ،فقال عبد الرحن :وليتك ما وليتك وال يعلم أن قد
اجتهدت ول آلُ أن أجد خي عباده ،أما أنا فكان يعلم ال موضعي ما ل أكن
لليها ،وأما أنا فاجتهدت لمة ممد فوليت أمرهم خيهم ،فإذا سألن قلتُ :يا رب
وليت أمرهم خيهم ( فيما )أعلم ،قال عثمان :فاجتهدت أنت لنفسك وحرصت
وأنا وال ما آلو أن أجتهد وأحرص ف أفضل من أعلم وال ل أفتك هذا من رقبتك
أبدًا .
فلما رأى ذلك عبد الرحن انصرف ،فقام بي النب والقب فدعى فقال :اللهم إن كان
من تولية عثمان إيّاي ما ولن فأمتن قبل عثمان ،فلم يكث إل ستة أشهر حت
قبضه ال))(.)1
هذا إن ثبت فيحتمل أن عثمان ي رضي ال عنه ي عرض المرَ على الزبي
فرفض أن يكون خليفة؛ لنه كان يرفض الوليات من أيام عمر ،ث ترجّح له أن
يكتب لعبد الرحن ويكتم ذلك عنه .
وف هذا الب ثناء عبد الرحن على عثمان ف آخر حياته ،وأنه خ ُي أصحاب ممد
بعد أب بكر وعمر ،وفيه ثناء عثمان على عبد الرحن واعتقاده أنه أفضل من يعلم .
وهذه النصوص من أعظم الشواهد أن المة ف عهد عثمان ل تبعد عما كانت
عليه ف عهد عمر ،وأنم خي القرون كما شهد لم رسول ال صلى ال عليه وسلم ،
وأنّ تصوّر حقيقة الكم ل يزال كما هو ف عهد عمر ل يتغيّر ل ف أذهان المة ول
ف ذهن عثمان ول ف ذهن أحدٍ من بن أمية ،ول يقول بلف ذلك إلّ أهل
76
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الغراض والحقاد من الروافض ومَن سار على دربم من أهل الفت .
77
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
() ( ص (( ) 186 :العدالة الجتماعية)) الطبعة الامسة ،وقال ف ط ثان ية عشرة ( ص ) 159 : 1
78
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أيسكت سيد قطب على كفر غلة الروافض والباطنية ول تكفيه هذه
الداهنات والجاملت مع أعداء ال ول يتّسعُ صدرُه لصحاب رسول ال صلى
ال عليه وسلم فيسكت كما رأى أهل السنة من السكوت عما شجر بي أصحاب
رسول ال صلى ال عليه وسلم ،وحل تصرّفات من أخطَأ منهم على الجتهاد .
هذا هو موقف أهل الق فيمن هو دون عثمان المام البارّ الراشد وكل
أصحاب رسول ال بار راشد .
يقول سيد (( :هذا التصور لقيقة الكم قد تغيّر شيئـا ما دون شك على
عهد عثمان وإن بقي ف سياج السلم)) .
ث يبيّن أسباب هذا التغيّر بقوله :
1ـ ((لقد أدركت اللفة عثمان وهو شيخٌ كبي)) أي :أنه كان خرفـا ،
وهذا الرف يسهل انقياده للمتلعبي به وبأمور الدولة والسلمي .فل ندري
كيف رضيت المة كلها وأجعت على اختيار هذا الشيخ الكبي ث أسلمته إل
مروان فتلغب مروان هذا على المة كلها ومنهم عليّ بن أب طالب ،وطلحة ،
والزبي ،وعبد الرحن بن عوف وسائر البطال الذين فتحوا الدنيا وأطاحوا
بعروش القياصرة والكاسرة ف هذه المة الت يسيها وخليفتها ويصرف شؤونا
مروان وينحرف با .
2ـ وبأن من ورائه مروان بن الكم يصرف المر بكثي من النراف)) .
ومعن هذا أن التصوّر لقيقة الكم عند عثمان ل يتغيّر شيئـا ما ،وإنا تغيّر
تغيّرًا كبيًا تبعـا لتصرّف مروان الكثي النراف .
3ـ وبأن طبيعة عثمان كانت رخيّة فيسهل انقياده لروان وغيه من
التلعبي به .
4ـ وبأن حدبه كان شديدًا على أهله ،أي :أنه رجلٌ عاطفيّ تقودُه
العواطف العمياء إل تقيق مآربم وطموحاتم إل الموال والناصب الت ل
يستحقونا .
79
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وليس عند سيد شكّ ف أن تصوّر عثمان لقيقة الكم قد تغيّر؛ فهو علي يقيٍ
كامل بأن ذلك قد وقع ،فما هي الباهي القاطعة لديه ؟ .إنا روايات الروافض .
أما مروان عنده فكأن المة قد سلّمت بأنه مرم أثيم ،فل خلق له ول دين؛
فلذا يعل منه سُلّمـا للطعن ف الليفة الراشد عثمان ،وكأنّ كل الناس
ت وبررت .سيغمضون أعينهم ويقولون له :صدق َ
إن مروان هذا الذي يطعن فيه سيد لذه الهداف ل يمل له السلمون النصفون
هذه الصورة الشوهاء ،بل هو مسلم عدل ،يروي له أئمة السلم ،ويعتمدون أقواله
ف الفقه؛ وقد روى عنه عددٌ من الصحابة وخيار التابعي ،وروى له من الئمة
البخاري والباقون سوى مسلم ،واعتمد المام مالك على حديثِه ورأيه(.)1
وأما ما يتعلّق بالكم :فالواب ما قاله شيخ السلم ابن تيمية وغيُه ف دحض
الباطيل حوله :
قال شيخ السلم ابن تيمية ف جوابه على الرافضي ف زعمه أن عثمان آوى
عمه الكم بن أب العاص كان من مسلمة الفتح وكانوا ألفي رجل ))...إل قوله :
((ول تكن الطلقاء تسكن بالدينة ف حياة النب صلى ال عليه وسلم فإن كان قد طرده
فإنا طرده من مكة ل من الدينة ،ولو طرده من الدينة لكان يرسله إل مكة؛ وقد
طعن كثي من أهل العلم ف نفيه ،قالوا :هو ذهب باختياره .
وقصة نفي الكم ليست ف الصحاح ،ول لا إسناد يعرف به أمرها))(.)2
وقال أيضـا بعدما سبق (( :وقد طعن كثي من أهل العلم ف نفيه كما تقدّم ،
وقالوا :هو ذهب باختياره ،والطرد هو النفي ))...إل أن قال (( :وإذا كان النب
صلى ال عليه وسلم قد عزر رجلً بالنفي ل يلزم أن يبقى منفيـًا طول الزمان؛ فإن
هذا ل يعرف ف شيء من الذنوب ،ول تأت الشريعة بذنب يبقى صاحبه منفيـًا
دائمـا ،بل غاية النفي القدر سنة ،وهو نفي الزان والخنّث حت يتوب من
80
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التخنيث؛ فإن كان تعزير الاكم للذنب حت يتوب منه فإذا تاب سقطت العقوبة
عنه ،وإن كانت على ذنب ماض فهو أمر اجتهادي ل يقدّر فيه قدر ول يوقّت فيه
وقت))(.)1
وقال رحه ال أيضـا (( :وقد رووا أن عثمان سأل النب صلى ال عليه وسلم
أن يرده فأذن له ف ذلك ،ونن نعلم أن ذنبه دون ذنب عبد ال بن سعد بن أب
سرح ،وقصة عبد ال ثابتة معروفة بالسناد الثابت ،وأما قصة الكم فعامّة من
ذكرها إنا ذكرها مرسَلة ،وقد ذكرها الؤرّخون الذين يكثر الكذب فيما يروونه ،
وقلّ أن يسلم لم نقلهم من الزيادة والنقصان ،فلم يكن هنا نقل ثابت يوجب القدح
فيمن هو دون عثمان))(.)2
وقال ـ أيضـا ـ (( :والعلوم من فضائل عثمان ،ومبة النب صلى ال عليه
وسلم له ،وثنائه عليه ))...إل أن قال ي(( :وأمثال ذلك ما يوجب العلم القطعي بأنه
من كبار أولياء ال التقي ي رضي ال عنهم ورضوا عنه ي ،فل يدفع هذا بنقل ل
يثبت إسنادُه ،ول يعرف كيف وقع ،ويعل لعثمان ذنب بأمر ل يعرف حقيقته ،بل
مثل هذا مثل الذين يعارضون الحكم بالتشابه؛ وهذا من فعل الذين ف قلوبم زيغ
الذين يبتغون الفتنة .ول ريب أن الرافضة من شرار الزائغي الذين يبتغون الفتنة الذين
ذمهم ال ورسوله .
وبالملة :فنحن نعلم قطعـا أن النب صلى ال عليه وسلم ل يكن يأمر بنفي
أحد دائمـا ث يرده عثمان معصيةً ل ورسوله ول ينكر ذلك عليه السلمون))(.)3
بل قد روى ابن جرير ي رحه ال ي ف نقله دحض عثمان لشبه أهل الفت :
(( ...وقالوا :إن رددت الكَم وقد سيه رسول ال صلى ال عليه وسلم ،والكم
مكي ،سيه رسول ال صلى ال عليه وسلم من مكة إل الطائف ،ث رده رسول ال
صلى ال عليه وسلم ،فرسول ال صلى ال عليه وسلم سيه ،ورسول ال صلى ال
81
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
82
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
() ( ص (( ) 159 :العدالة)) ( ،ص 181 :ي ) 187ط خامسة . 1
83
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صدّق سيد قطب هذا الفك واستروح إليه بدل أن يدفعَه أو يعتذر أو يتأوّل له
إن كان قد خدع بذا الكذب ل يتحرّك ضمي عثمان لزن زيد بن أرقم ول يهيّج
مشاعره السلمية بكاؤه فيتذكّر ويعتب ويرجع إل ال ف نظر سيد قطب .
بل بلغ ف قسوة القلب وبرودة الشاعر أن يستغرب هذا البكاء ويقول
مغالطـا ( :أتبكي يا ابن أرقم أن وصلت رحي) .
قال سيد متفاعلً مع هذا الشهد الذي تتفطّر له الفئدة وقد بلغ منه كل مبلغ :
( فردّ الرجل الذي يستشعر روح السلم الرهف ) أي :أن عثمان قد فقد روح
السلم الرهف .
( ولكن أبكي لن أظنك أخذت هذا الال عوضـا عما كنت أنفقته ف سبيل
ال ف حياة رسول ال ،وال لو أعطيته مائة درهم لكان كثيًا ) فلم يُجد الزن ول
البكاء ول هذه الوعظة العظيمة الت تلي لا الصخور؛ لن عثمان ل يبق ف نفسه
شيء يؤثّر فيه ،ويذكّره بال أو ياف به على عمله العظيم أن يبط؛ لنه فقد روح
السلم الرهف ف نظر سيد ،بل بدل أن يتعظ ويتذكّر أخذته العزّة بالث فغضب
على الرجل الذي ل يطيقُ ضميُه هذه التوسعة من مال السلمي على أقارب خليفة
السلمي وقال له ( :ألق بالفاتيح يا ابن أرقم فإنا سنجد غيك ) !! .
كأن سيدًا يقول :يا للجبوت ويا للقسوة ويا للجرأة ف عثمان ،هكذا
يصدر هذا التصرف من هذا الشيخ الكبي الذي فقد روح السلم الرهف ونسي
طبيعته الرخية فوصل إل هذا الد الرعب وسيبحث عن خازن جامد الشاعر فل
يستشعر روح السلم الرهف ويطيق ضميه الرب هذه التوسعات ف أموال
السلمي لقارب عثمان !! .
انظر إل القصة تقول :إن عثمان لو كانت عطيته مائة درهم لكان كثيًا .
حاشا زيد بن أرقم أن يصل إل هذه الدرجة من الشغب وهو يعلم أنّ رسول ال
صلى ال عليه وسلم كان يعطي بسخاء ما أثار بعض شباب النصار تارة وذا
الويصرة تارة أخرى ،وقد أعطى أبو بكر وعمر ي رضي ال عنهما ي بسخاء ول
84
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
() ممد بن سلم قال فيه صال بن ممد جزرة الافظ (( :صدوق)) ،وقال أبو الفضل الرقاشي : 2
((أحاديث ممد بن سلم عندنا مثل حديث أيوب عن ممد عن أب هريرة)) (( .تاريخ بغداد)) ( :
) 5/823؛ وردّ أبو خيثمة حديثَه لنه يرمى عنده بالقدَر (( .تاريخ بغداد)) :الوضع الشار إليه .
() أما أبوه فلم أقف له على ترجة ،لكن القصة أقرب إل أخلق الصحابة وسيتم . 3
85
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وهذا الارث ل أجد له ذكرًا ف كتب التراجم بعد بثٍ ف مصادر كثية ،وله
ذكرٌ ف بعض متون البخاري .
والغرض من القصة بيان سيطرة بيت الكَم على عثمان ،واندفاع عثمان ف
تقيق مآربم إل أبعد الدود الت ل ترضي ال ول السلمي .
والثالثة :أن ف القصة الثانية أن عبد ال بن خالد على قرابته من عثمان كان
يشكو َديْنـا وعيالً ،ومع ذلك ما كان يرؤ أن يشكو لعثمان هذه العباء الت
أثقلت كاهله؛ فذهب يبحث عن واسطة يكلّم له عثمان ي رضي ال عنه ي ،
ف بسجايا هذا الليفة البار
فشجّعه هذا الواسطة ي وهو عبد ال بن عمر وكان أعر َ
الراشد ي فقال لبن خالد :كلمه فإنك ستجده برّا واصلً ،ولقد كلمه فوجده
كذلك .
الرابعة :أن تلك القصة تقول ف أسلوب مثي :منح زوج ابنته ،أي :أنه
أجزل له العطاء لمرين لنه ابن الكم أخو مروان ،ولنه زوج ابنته .وهذه القصة
أن عبد ال بن خالد لا كلم عثمان تاوب معه وقام ببه على أحسن الوجوه الت يمد
عليها وتذكر ف ماسنه ي رضي ال عنه ي .
فزوجه ابنته ووصله با يعينه على زواجه وعلى تسديد دَينه وعلى نفقة عياله ،
وذلك مائة ألف ،ولقد كان هذا القدْر قليلً؛ لن الال كان قد فاض ف عهد عثمان
إل درجة عظيمة .
الامسة :أن ابن عمر كان يرى عثمان ف تصرفاته بارّا واصلً وهو الذي ل
يامل ول ياب ول تل به الدنيا ول يل با .
86
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقد كان صديقـا لعبد ال بن خالد هذا دهرًا طويلً حت مات ف داره ،ولو
كان من يستحل أموال السلمي لا صادقه طوال حياته(.)1
السادسة :ف القصة الواهية من التزيّد ونسبة الشغب إل زيد بن أرقم ي
وحاشاه ي ما قد عرفت .
وفيها :عدم مبالة عثمان بالتذكي وتصرفات ل تصدر إل من شخص قد
ضعف أو زال إيانه { وإذا ذُكّروا ل يَذكرون } .
وأعاذ ال عثمان الؤمن الشهيد من ذلك .
السابعة :أن القصة الثانية تفيد أنه أعطاه مائة ألف ول تقل من بيت الال ،
ودون إثبات أنا من بيت الال خرط القتاد ،ل سيما وعثمان كان جوادًا سخيـًا
معطاءً بارّا وصولً فل يتكامل برّه ووصله إلّ إذا كان عطاؤه من صلب ماله ،ول
يَستكثرُ عليه ذلك إل حاقد مغرِض .
() انظر (( :أخبار مكة)) للفاكهي . ) 278 ، 3/89 ( : 1
87
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
() ((العدالة)) ( ص ) 159 :ط ثانية عشرة ،و ( ) 187ط خامسة . 1
88
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
() معلوم أنّ لسيد قطب كتابـا ف النقد الدب . 1
89
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
() ((العدالة الجتماعية)) ( ص ) 134 :ط ثانية عشرة ،و( ص ) 154 :ط الامسة . 1
90
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الامسة .
91
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قطب يرى أنم شاركوا الصدّيق وعمر الفاروق ف ارتفاع الروح السلم ف ذلك
العصر ؟!! .
أفمن يصوّرهم ف تلك الصور الزرِية يكون قد صحّح ذلك الطأ وسوء الفهم
عن ذلك الروح الرهف ؟؟ .
أمن يصورهم ف تلك الصورة الشوهاء يرد الثقة بالضمي البشري إل نفوس
الناس أم يقضي عليها ويصيب المة بالحباط ؟؟ .
أمن يصور عهد عثمان وإخوانه وعماله الشرفاء ف الصورة الظلمة الت
صورها هذا الرجل يكون قد صوّر تلك الفترة من حياة السلمي ف صورتا
الصحيحة الت يستشعرها بقوة كل ضمي فيه استعداد للتطلع إل ذلك الفق البعيد ؟؟.
3ـ أل يرى أنّ هذا الزعم بأن عثمان أعطى مروان خُمس خراج إفريقية
طعنـا ف عثمان والصحابة الذين يقرّونه من الباطيل الت يتعلّق با أهل الهواء ف
الطعن على أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم ،ث أين إسنادها الذي يعتمد
عليه الائجون على عثمان ـ رضي ال عنه ـ ؟!! .
وقد ذكر ابن جرير()1بإسناد فيه سيف بن عمر ي وهو ضعيف ي :أن عبد ال
بن سعد بن أب سرح لا فتح إفريقية قسم عبد ال ما أفاء ال عليهم على الند وأخذ
خُمس المس وبعث بأربعة أخاسه إل عثمان ...ووفد وفدًا فشكوا عبد ال فيما
أخذ ،فقال لم :أنا نفلتُه وكذلك كان يصنع ،وقد أمرت له بذلك ،وذاك إليكم
الن ،فإن رضيتم فقد جاز ،وإن سخطتم فهو رد .وكتب إل عبد ال بردّ
ذلك واستصلحهم ،قالوا :فاعزله عنا فإنا ل نريد أن يتأمّر علينا وقد وقع ما وقع ،
فكتب إليه أن استخلف على إفريقية رجلً من ترضى ويرضون واقسم المس الذي
كنت نفلتك ف سبيل ال ،فإنم قد سخطوا النفل .ففعل ،ورجع عبد ال بن سعد
إل مصر وقد فتح أفريقية ،وقتل الجل؛ فما زالوا من أسع أهل البلدان وأطوعهم إل
زمان هشام بن عبد اللك أحسن أمة سلمـا وطاعة ،حت دبّ إليهم أهل العراق ،
92
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فلما دبّ إليهم دعاة أهل العراق واسثاروهم شقّوا عصاهم وفرّقوا بينهم إل اليوم)) .
وذكر لم قصة مع أهل الهواء ث مع هشام .
فالذي يعامل فاتح إفريقية هذه العاملة كيف يصدُق فيه ذلك الفك بأنه أعطى
مروان وهو نائمٌ ف الدينة خس خراج إفريقية !! .
فهذه الادثة ((إن صحّت فإنا هي وأمثالا ما ينسجم مع سجايا عثمان وحسن
أخلقه وكري شيمه ،وتنسجم مع أخلق وتصرفات أخويه أب بكر وعمر ي رضي
ال عنهم أجعي ي؛ ومثلها يكن التسامح ف نقله بلف تلك الطاعن والثالب الظالة
الت استروح إليها سيد وأكثرَ مِن تِردادِها .
وذكر ابن أعثم((( :)1أن عثمان ي رضي ال عنه ي نشط لغزو إفريقية فاستشار
الصحابة ،فشجّعوه ،فجهّز جيشـا من الدينة ومصر بقيادة عبد ال بن سعد بن أب
سرح ،فدارت معارك انتهت بالصلح بي اللك جرجي وبي عبد ال على أن يدفع
جرجي ألفي ألف دينار وخسمائة ألف دينار وعشرين ألف دينار ،على أنّ عبد ال
يكفّ عنه ويرج عن بلده؛ فأخذ عبد ال بن سعد منه هذا الال ،فأخرج منه الُمس
ليوجه به إل عثمان ،وقسّم باقي ذلك ف السلمي)) .
93
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال (( :ورجع عبد ال بن سعد بالسلمي إل أرض مصر ،وكتب إل عثمان
يبه بفتح إفريقية وسلمة السلمي ،ووجه إليه بالمس من أموال إفريقية ،فقسّمه
عثمان ف أهل الدينة ،وحد ال عز وجل على ذلك؛ فله المد على ذلك دائمـا
والشكر ،وحسبنا ال ونعم الوكيل)) .
هذا ما نقله هذا الؤرّخ الشيعي ،فلم يتجنّ على عثمان ،ول يذكر أنه نفل
عبد ال بن سعد خس المس .
وذكر الذهب()1مصالة ابن سعد على الال ،ول يذكر تنفيل ابن سعد؛ وما
ذكره أمثلُ وأشدّ قربـا إل واقع عثمان وشائله الطيّبة ،وأبعد عن التهويش على
أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم .
وأما ما تزعمه القصة من أن عثمان أعطى طلحة مائت ألف فقد روى ابن جرير
عن موسى بن طلحة قال :كان لعثمان على طلحة خسون ألفـا ،فخرج عثمان
يومـا إل السجد ،فقال له طلحة :قد تيّأ مالك فاقبضه ،فقال :هو لك يا أبا
ممد معونة على مروءتك))(.)2
وروى بإسناده إل السن أن طلحة بن عبيد ال باعَ أرضـا له من عثمان
بسبعمائة ألف فحملها إليه فقال طلحة إن رجلً تتسق هذه عنده وف بيته ل يدري ما
يطرقه من أمر ال عز وجل لغرير بال سبحانه؛ فبات ورسوله يتلف با ف سكك
الدينة يقسمها حت أصبح ،فأصبح وما عنده درهم .
فل يبعد أن يكون راوي القصة قد سع مثل هاتي الروايتي الشرّفتي الت تد ّل
كل واحدة منهما على كرم أصحاب رسول ال وبذلم الموالَ ف ذات ال ،وتدلّ
ط من مكانتهم .
على شرفهم وكمال مروءتم؛ فيخترع نقيضها للطعن فيهم وال ّ
أل ترى أنّ الراوية الول تنصّ على أن عثمان تنازل عن ماله لطلحة الواد
الكري صاحب الروءة والبذل السخي معونةً له على مروءته ؟؟ .
94
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والثانية :تنص على أن هذا البلغ الكبي كان ثنـا لرض دفعه عثمان إل
طلحة ل اختلسـا من بيت مال السلمي أو نبـا واغتصابـا؛ فما كان لطلحة أن
يطيقها فتبيت عنده فبادر إل إنفاقها ف سبيل ال .
لاذا ل يبحث سيد عن هذه الصور الشرقة لصحاب رسول ال فيسوقها
للجيال الت عاصرها لتعتزّ با وتتخذ منها أسوة وليعيد الثقة إل أبناء السلمي بدينهم
لنه أخرجَ هذه النماذج العليا من البشر ؟ .
وأما ما تزعمه القصة بأن عثمان أعطى الزبي ستمائة ألف فهذا من الكاذيب
الت يسارعُ إل تصديقها أعداء أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم ،وما يؤكّد
كذبا :أن الزبي كان قد أخرج نفسه من الديوان استغناء وتعفّفـا فكيف يرج
نفسه من الديوان ث يقبل مثل هذا العطاء الزعوم ؟!! .
95
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
() ((العدالة)) ( ص ) 187 :ط الامسة ،و ( ص 159 :ي ) 160ط ثانية عشرة . 1
ولقد تايل سيد أو غيه فحذف هذه التهم الول وأبقى معناها ومضمونا .
وقد غي بعض اللفاظ من هذا النص ف ط ثانية عشرة ( ص 159 :ي ) 160مافظـا على معناه
فقال :
((ول قد كان ال صحابة يرون هذه التصرفات الطية العوا قب ،فيتداعون إل الدي نة لنقاذ تقال يد
الســلم ،وإنقاذ الليفــة مــن الحنــة ،والليفــة فــ كــبته ل يلك أمره
من مروان .وإنه لن الصعب أن نتهم روح السلم ف نفس عثمان ،ولكن من الصعب كذلك
ــة مروان الوزارة
ــ وليـ
ــبابه فـ
ــس أسـ
ــأ الذي نلتمـ
ــن الطـأن نعفيَــه مـ
ف كبة عثمان)) .
96
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ما هذا ؟ ،وأي عاقل ينطلي عليه هذا التلعب ؟!! .
تدمغ عثمان بالنراف عن روح السلم ،ث تقول (( :وإنه لن الصعب أن
نتهم روح السلم ف نفس عثمان)) .
أي صعوبة وأي عقبة واجهتها وأنت قد صدعت بذه التهم الثيمة وصرّحتَ
با ،وتلوح با وتدندن حولا عشرات الرّات .
قال سيد قطب (( :وقد اجتمع الناس فكلّفوا عليّ بن أب طالب أن يدخل إل
عثمان فيكلمه ،فدخل إليه فقال :الناسُ ورائي وقد كلّمون فيك ،وال ما أدري ما
أقولُ لك ،وما أعرف شيئـا تهلُه ،ول أدلّك على أم ٍر ل تعرفه ،إنك لتعلم ما
نعلم ،ما سبقناك إل شيء فنخبك عنه ،ول خلونا بشيء فنبلغكه ،وما خصصنا
بأمر دونك ،وقد رأيتَ وسعتَ وصحبتَ رسولَ ال صلى ال عليه وسلم ونلتَ
صهره ،وما ابن أب قحافة بأول بعمل ال ّق منك ،ول ابن الطّاب بأول بشيء من
الي منك ،وإنك أقرب إل رسول ال صلى ال عليه وسلم رحـا ،ولقد نلتَ من
صهر رسول ال صلى ال عليه وسلم ما ل ينال ول سبقاك إل شيء؛ فال ال ف
نفسك ،فإنك وال ما تبصر من عمى ،ول تُعلم من جهل ،وإن الطريقَ لواضح
بيّن ،وإن أعلمَ الدين لقائمة .تعلم يا عثمان أنّ أفضل عباد ال عند ال إمام عادل
هُدي وهَدى ،فأقام سنة معلومة ،وأمات بدعة متروكة؛ فوال إن كلّ لبيّن ،وإن
السنن لقائمة لا أعلم ،وإن شر الناس عند ال إمامٌ جائر ضَل وضُل به ،فأمات سنة
معلومة ،وأحيا بدعة متروكة .وإن سعتُ رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول :
((يُؤتى يوم القيامة بالمام الائر وليس معه نصي ول عاذر فيُلقى ف جهنم)) .
فقال عثمان :قد وال علمت ليقولن الذي قلت .أما وال لو كنتَ مكان ما
عنفتك ول أسلمتك ول عبت عليك ،وما جئتُ منكرًا أن وصلتُ رحـا ،وسددت
خلّة ،وأويت ضائعـا ،ووليت شبيهـا بن كان عمر يول؛ أنشدك ال يا علي هل
تعلم أن الغية بن شعبة ليس هناك ؟ ،قال :نعم ،قال :أتعلم أن عمر ولّه ؟ ،قال
:نعم ،قال :فلمَ تلومن أن وليت ابن عامر ف رحه وقرابته ؟ ،قال علي :سأخبك
:إن عمر كان كل من ول فإنا يطأ على صماخه ،إن بلغه عنه حرف جلبه ،ث بلغ
97
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
به أقصى الغاية ،وأنت ل تفعل؛ ضعفت ورفقت على أقربائك؛ قال عثمان :
وأقرباؤك أيضـا ،قال علي :لعمري إن رحهم من لقريبة ،ولكن الفضل ف
غيهم ،قال عثمان :هل تعلم أن عمر ول معاوية خلفته كلها ؟ ،فقد وليته ،فقال
علي :أنشدك ال هل تعلم أنّ معاوية كان أخوفَ من عمر من يرفأ غلم عمر منه ؟ ،
قال :نعم ،قال علي :فإن معاوية يقطع المور دونك وأنت ل تعلمها ،فيقول للناس
:هذا أمر عثمان ،فيبلغك ول تغي على معاوية))(.)1
وعلى هذا النص ملحظات؛ إذ فيه علل ف إسناده ومتنه :
الول :أن ف إسناده :ممد بن عمر الواقدي :قال فيه أحد بن حنبل (( :هو
كذّاب)) ،وكذبه أبو حات والنسائي فقال (( :يضع الديث)) ،وقال ابن راهوية :
((هو عندي من يضع الديث)) ،وقال ابن معي (( :ليس بثقة)) ،وقال مرة (( :ل
يُكتب حديثُه)) ،وقال البخاري وأبو حات أيضـا (( :متروك))( ، )2وقال ابن الدين :
((ل أرضاه ف الديث ول ف النساب ول ف شيء)) ،وهؤلء هم الرجال .
ووثقه من ل يلتفت إل قوله إما أنه خَفي عليه كذبه ،وإما أنه من الضعفاء
وليس من أهل الرح والتعديل .
ولذا قال الذهب (( :استقرّ الجاعُ على وهن الواقدي))(.)3
الثانية :جهالة شيخ الواقدي .
الثالثة :ف إسناده عبد ال بن ممد عن أبيه ل أقف لما على ترجة ،ول
يذكرها أحدٌ ف ترجة الواقدي حسب اطلعي .
الرابعة :إن ف إسناد القصة فيما يبدوا انقطاعـا :فإن ابن جرير قال (( :وأما
الواقدي فإنه زعم أ ّن عبد ال بن ممد حدثه عن أبيه ،قال :لا كان سنة أربع
وثلثي كتب أصحاب رسول ال بعضهم إل بعض إن كنتم تريدون الهاد فعندنا
() ((العدالة)) ( ص . ) 160 : 1
98
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الهاد وكثر الناس على عثمان ونالوا منه ما ل ينل من أحد وأصحاب رسول ال
يرون ويسمعون ،وليس فيهم أحد ينهى ويذبّ إل نفي منهم زيد بن ثابت ،وأبو
أسيد ،وكعب بن مالك ،وحسّان بن ثابت؛ فاجتمع الناسُ وكلموا علي بن أب
طالب فدخل عليّ على عثمان ...إل آخر الكلم الذي ذكره سيد .
الامسة :ف الت علة ،وهي :أن هذا الكلم بعيد أن يصدر من علي ي
رضي ال عنه ي؛ فليس ي والمد ل ي هناك إمامٌ جائر ضال ،وليس ف ذلك العهد
الزاهر سنن معلومة أميتت ،ول بدعٌ أحييت؛ فإنّ البدع ل تظهر ف عهد عثمان ي
رضي ال عنه ي ،وإنا ظهرت بدعة الوارج بعده ف عهد علي على أيدي الثوّار
الذين خرجوا على عثمان من تلميذ ابن سبأ اليهودي ،كبدعة الوارج والروافض ،
وهذا أمرٌ ل يتري فيه أحد .
السادسة :أنّ ف تولية عثمان من ولّه عمر حجّة مقنعة وما كان علي
ي رضي ال عنه ي لينكر عليه أن يول من ولّه عمر ،فإذا ل يقبل الناس من عثمان
مثل هذه الجة فسوف ل يقبل منه أيّ حجة إذا ول غي من ولّه عمر فماذا يفعل
عثمان بعد ذلك ؟ .
السابعة :هذا الكلمُ النسوب إل علي ي رضي ال عنه ي وهو أن معاوية
يقطع المور دونك وأنت تعلمها فيقول للناس هذا أمر عثمان فيبلغك ول تغي
على معاوية .
ل يسعنا إلّ أن نقول كما علمنا ال { سبحانك هذا بتانٌ عظيم }؛ وذلك أن
هذه المور الت يقطعها معاوية دون عثمان إن كانت ظلمـا وعدوانـا على أعراض
الناس ودمائهم وأموالم وكذبـا وزورًا على عثمان فإنا وال ننه عنها عثمان ومعاوية
ي رضي ال عنهما ي ،وإن كانت حقـًا وعدلً وإنصافـا فإنّ معاوية يكون
صادقـا على عثمان ومنصفـا وعادلً ف البتّ فيها ،وعثمان على حقّ ف إقرار
99
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
معاوية وننّه عليـًا أن يشارك تلميذ ابن سبأ ف التجنّي على عثمان وولته ومنهم
معاوية وننهه عن هذا الشغب النسوب إليه .
ومن أجل كلّ ذلك قال ابن جرير (( :وأما الواقدي فإنه زعمَ أنّ عبد ال بن
ممد حدثه)) ،لنه يعرف من هو الواقدي ويعرف قدر هذا الزعم وقيمته .
وقد كان معاوية يكتب إل عثمان فيمن يقع بينه وبينهم خلف ،فكتب إليه ف
شأن أب ذرّ ،وكتب إليه فيمن استطال عليه من أهل الشغب مثل مالك بن الشتر
وأصحابه؛ وهذه من الدلة على حسن سيته وانتظاره لوامر عثمان ي رضي ال عنه
ي وتنفيذها برفق وحكمة وحلم .
وكان ف هذا النص الذي رواه الواقدي جواب لعثمان وفيه بسط عذر عثمان
ي رضي ال عنه ي ،فإن كان سيد قد قبلت نفسه هذا الكلم الذي يشوّه صورة
عثمان فلماذا ل ينقل الكلم الذي يسّن صورته .
وإليك الكلم الحذوف وهو (( :ث خرج عليّ من عنده وخرج عثمان على أثره
فجلس على النب فقال :أما بعد :فإن لكل شيء آفة ،ولكل أمر عاهة ،وإنّ آفة
هذه المة وعاهتهم هذه النعمة عيابون طعّانون ،يرونكم ما تبون ،ويسرون ما
تكرهون ،يقولون لكم وتقولون أمثال النعام ،أتباع كل ناعق ،أحب مواردها إليها
البعيد ،ل يشربون إل نغصـا ،ول يردون إل عكرًا ،ل يقوم لم رائد ،وقد أعيتهم
المور ،وتعذّرت عليهم الكاسب؛ أل فقد وال عبتم عليّ با أقررت لبن الطّاب
بثلِه ولكنه وطئكم برجله وضربكم بيده وقمعكم بلسانه فدنتم له على ما أحببتم أو
ت لكم كنفي وكففت يدي ولسان عنكم فاجترأت كرهتم ،ولنتُ لكم وأوطأ ُ
عليّ ( ...أل فما تفقدون من حقّكم ؟ ،وال ما قصّرتُ ف بلوغ ما كان يبلغ من
كان قبلي ،ومن ل تكونوا تتلفون عليه فضل من مال؛ فمال ل أضع ف الفضل ما
100
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
101
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
() ((العدالة)) ( ص ) 189 :ط خامسة ( ،ص 160 :ي ) 161ط ثانية عشرة . 1
وقد تغي هذا النص شيئـا من التغيي مع الصرار على مضمونه ،وصرّح أن هذه الثورة من كيد ابن
سبأ اليهودي .
102
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ول يغرنك قوله (( :دون إغفال لا كان وراءها من كيد اليهودي ابن سبأ عليه
لعنة ال))( )1فإنه لو كان ناقمـا على هذا الكيد وصاحبه لصبّ جام غضبه عليه وعلى
أتباعه ،ولكشف عوارَهم ،وتمّس لبراز جريتهم وفضحها ،ولكانت هذه الملة
الت وجهها إل عثمان وإخوانه موجهةً إليهم .
فقولته إنا هي لذرّ الرماد ف العيون .
قال سيد (( :واعتذارنا لعثمان ـ رحه ال ـ :أ ّن الصادفات السيئة قد
ساقت إليه اللفة متأخرة ،فكانت العصبة الموية حوله وهو يدلف إل الثماني
واهن القوى ،ضعيف الشيخوخة؛ فكان موقفه كما وصفه صاحبه علي بن أب
طالب :إن إن قعدت ف بيت ،قال :تركتن وقرابت وحقي ،وإن تكلمت فجاء
ما يريد ،يلعب به مروان؛ فصار سيقة له حيث شاء بعد كب السن وصحبته
لرسول ال صلى ال عليه وسلم))(.)2
وهكذا يكون اليان بالقدر ،وهكذا يكون العتذار (عذر أقبح من فعل) على
حد قول القائل ( :فليتك ل تزن ول تتصدقي) ،وهكذا يكون احترام أصحاب
رسول ال صلى ال عليه وسلم ! .
وانظر إل هذا العتذار لعثمان الذي يق أن يقال فيه :إنه عذر أقبح من فعل ،
فما الذي فعله عثمان حت توجه إليه هذه الطاعن الثة الظالة ؟؟! ،ث تعتذر له هذا
العذر الريض ؟! .
بل هو طعن جديد ف شخصيّة هذا الليفة العادل النبيل ،بل إنّ هذا طعن فيه
وف عقول الصحابة ودينهم؛ حيث اختاروا للنهوض بأعباء اللفة شخصـا يدلف
إل الثماني ،ث أفسحوا الجال للعصبة الموية تلعب به وتبتزّ الناصب والموال
وتستأثر با؛ الصحابة الذي قالوا لعمر ف قوته وبأسه ( :لو وجدنا فيك اعوجاجـا
لقوّمناه ب ّد سيوفنا) ي كما يزعم سيد ي فأين هم ؟ ،وأين ح ّد سيوفهم ؟ ،وكيف
يتركون عثمان سيقةً لروان ؟ .
() هذه العبارة من ط الثانية عشرة ( ص . ) 161 : 1
103
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ث كيف يرضى عثمان لنفسه وعقله ودينه أن يكون سيقة ولعبة لروان ؟ .
وال ل يقبل مثل هذه القوال والطعون الرافضية ف أصحاب رسول ال
صلى ال عليه وسلم إل لعبة وسيقة للروافض والشتراكيي .
104
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
() ((العدالة)) ( ص ، ) 161 :وف الطبعة الامسة ( ص 189 :ي ) 190ما يلي : 1
قال سيد ق طب (( :أل إ نه ل سوء ال ظ فل قد كان من جرّاء مباكرة الد ين الناش يء بالتمك ي م نه
للعصبة الموية على يدي الليفة الثالث ف كبته أن تقاليده العملية ل تتأًصل ف البيئة العربية على
أسس من تعاليمه النظرية لفترة أطول .ولو تقدم الزمن بعثمان لكان الي ،حيث ل تضعف قوته
بعد ،ولو تأخر به فوليها علي بعد الشيخي قبل أن تنموا البذرة الموية ويستفحل أمرُها ف الشام
و ف غ ي الشام ،وق بل أن تتض خم الثروات نتي جة ل سياسة عثمان ( ك ما سيجيء ) ،وق بل أن
تلخل الثورة على عثمان بناء ال مة السلمية وارتباطها بروح الد ين ...لو كان هذا لتغ ي وجه
التاريخ السلمي ،ولسار ف طريق غي الذي سار فيه .
ول يس ف هذا القول مبال غة ول تضخ يم لدور الفرد ف الحداث العا مة؛ ف من الوا ضح أن اتاه
الليفة الثالث ف توزيع الموال واتاه مستشاره مروان وتوليته معظم الناصب لبن أمية؛ هذا كله
ط سي التاريخ؛ فلم تعد دور فرد إنا انتهت إل
أنشأ أوضاعـا وأحوا ًل عامة كان لا أثرها ف خ ّ
أن تكون أوضاعـا لا ثقل ولا دفع .وهذا هو العن الذي قصدت إل تقريره ف هذا الجال)) .
105
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من رجلٍ سليم الفطرة حسن النية ،ولكنها وليدة دراسة وقائمة على منهج راسخ
متأصّل ف أعماق سيد قطب ،قد تشربتها روحه ورسخت ف أعماقه؛ فصبّ ذلك
سومـا قاتلة ف هذه الصفحات السوداء .
وف هذا النص يرى سيد أن السلم قد أصيب ف مقاتله؛ فهو دين ناشيء
باكره عثمان بالتمكي للعصبة الموية ،فلم تتأصل تقاليده العملية على أسس من
تعاليمه النظريّة .
إذ السياسة ف السلم ف نظر سيد تقوم على الساواة الطلقة وعلى الريّة
الطلقة ،أي :أنا تفوق الديقراطية ف هذا الجال .
وتقوم ف القتصاد على أن الال للجماعة ،وأن أصحاب الال ل يعدون أن
يكونوا وكلء وموظفي .
والسلم يوجب التوازن ف الال ،ويقضي على الفوارق بي طبقات الجتمع .
فالسلم إذًا يفوق الشتراكية ف هذا الجال ،لكن عثمان باكر هذا الدين ف
طور النشوء فضربه ف مقتله بالتمكي للعصبة الموية قبل أن تتأصل تقاليده
الديقراطية الشتراكية !!! .
كأن بن أمية عصبة يهودية أحكمت التدابي والؤامرات لضرب السلم ف
طور النشوء ! .
لقد استغلت هذه العصبة عهد عثمان الطويل فنمت سلطتها واستفحل أمرُها
وتضخّمت ثرواتا ،فأصبحوا من أعظم الطبقات القطاعية والرأسالية ،بالضافة إل
استيلئها على الناصب ف الدولة نتيجة لسياسة عثمان ،فتحولت اللفة إل ملك
وراثي ،وتوّل القتصاد إل رأسالية وإقطاعية .
أين الدلة والباهي لثبات هذه الدعاوي ؟ .
الواب :أغمض عينيك وردد :
غويت وإن ترشد غزية أرشد وما أنا إل من غزية إن غوت
106
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
107
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
108
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الترف :الذي أبطرته النعمة وسعة العيش .وأترفته النعمة ،أي :أطغته .
109
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كم منهم سيقع ف حبائل الرفض والقد على أصحاب رسول ال صلى ال
عليه وسلم واحتقارهم والزراء بم ؟؟! .
لو كان سيد قطب من أهل الق والسنة لوجه هذه الملت على الروافض على
الكومات العبيدية الباطنية ف مصر والغرب وما فعلت بالسلم والسلمي وبدمائهم
وأموالم والجازر الت نزلت بالسلمي وخاصة العلماء ،وعلى دولة البوهيي وما
فعلت بالسلمي وباللفة السلمية ،وعلى دولة القرامطة وما فعلت بالسلمي ف
العراق والزيرة العربية ف مكة بالذات ،وعلى الدولة الصفوية بالسلمي ف الشرق
السلمي حيث أجبتم على عقيدة الرفض بالديد والنار ،وعلى الروافض وعلى
رأسهم النصي الطوسي وابن العلقمي حيث تآمروا مع التتار على المة السلمية وعلى
خلفتها فأسقطوها وارتكبوا من الفظائع والذابح الوحشية ما ل يعرف مثله ف تاريخ
النسانية.
ولعل هذا كله ما يسر سيد قطب ول يسوءه ،وإل فلماذا يغفله كله ول يشي
إل شيءٍ منه ل من قريب ول من بعيد ،ث يقفز عب القرون إل العهد الذي أعزّ ال
فيه السلم وأظهره على الديان كلها عهد الفتوحات الواسعة العظيمة وعهد
النتصارات السلمية على الديان الباطلة ف مشارق الرض ومغاربا؛ حيث دخلت
ف السلم معظم شعوب الرض وأمها بفضله تعال ونصره ،ث بفضل جهاد عثمان
ي بعد رسول ال صلى ال عليه وسلم والليفتي بعده ي ،ث بفضل جهاد خلفاء بن
أمية وقادتم العظام ي رحهم ال وأسكنهم فسيح جناته ي .
يقول سيد قطب (( :إن عثمان مضى وقد خلّف الدولة الموية قائمة بالفعل
بفضل ما مكّن لا ف الرض وخاصة ف الشام وبفضل ما مكّن للمبادئ الموية
الجافية لروح السلم من إقامة اللك الوراثي والستئثار بالغان والموال والنافع
وعدم البالة بروح التآخي واليثار والتكافل ما أحدثَ خلخلة ف الروح الدينية
ذاتا لدى المة السلمية)) .
إن السلم الق ل يتمل ساع هذا الظلم والفتراء فضلً عن أن يسجله وينشره
بي الافقي .
110
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فهل قامت هذه البادئ الموية الجافية لروح السلم وقامت الدولة الموية
بالفعل ف عهد عثمان !!؟ .
وهل قامت هذه الدولة وقامت مبادؤها بفضل تكي عثمان لا ؟؟ .
فكيف استطاع الصحابة والمة السلمية من ورائهم أن يعقدوا بيعة اللفة
لعليّ ـ رضي ال عنه ـ إذا كانت دولة بن أمية قد قامت بالفعل ؟!! .
ل يشكّ مسلم أن عثمان لو مات موتـا عاديـًا أو قُتل بغي تلك الثورة
الاهلية لا حصل اختلف بي السلمي ول انقسام ،ولكن قدر ال غالب .
لقد كان قتل عثمان فتنة دفعت خيار الصحابة كطلحة والزبي وعائشة وغيهم
إل الطالبة بدمه .
ودفعت كذلك معاوية وأهل الشام إل الطالبة بدمه وتسليم قتلة عثمان لذا
الغرض فأب ذلك عليّ ي رضي ال عنه ي ،وهو الصيب إل البيعة أوّلً ث الطالبة
فالقصاص من تقوم عليه الجة أنه شارك ف قتل عثمان .
ذلك كان مطلب معاوية وقبله طلحة والزبي وعائشة ومَن شاركهم من
الصحابة .
فكيف يترك سيد قطب هذه القائق ويركض وراء أقوال الروافض وأساطيهم
وترّهاتم ؟ .
إن معاوية ل يطلب بالبيعة من السلمي ول يدع المر لنفسه بل كان مطلبه
ومطلب من ذكر سابقـا القصاص من قتل عثمان ،وقد كانوا ف جيش عليّ ي
رضي ال عنه ي ،وكان ذلك قد أثار شبهـا وظنونـا حول عليّ ي رضي ال عنه
ي وهو منها برئ؛ إن عليـًا ي رضي ال عنه ي ل يشارك ف دمه ،ول أَمر ،ول
رضي؛ وقد روي عنه أنه قال ( :وال ما قتلتُ ول رضيت) ،وروي عنه أنه سع
أصحاب معاوية يلعنون قتلة عثمان فقال ( :اللهم العن قتلة عثمان ف الب والبحر ،
والسهل والبل) ،وروي أن أقوامـا شهدوا عليه بالزور عند أهل الشام أنه شارك
111
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ف دم عثمان( ، )1وكان هذا ما دعاهم إل ترك مبايعته لا اعتقدوا أنه ظال ،وأنه من
قتلة عثمان ،وأنه آوى قتلة عثمان لوافقته لم على قتله .
وهذا ي وأمثاله ي ما يبيّن شبهة الذين قاتلوه ،ووجه اجتهادهم ف قتاله ،لكن
ل يدل على أنم كانوا مصيبي ف ترك مبايعته وقتاله وكون قتلة عثمان من رعيته ل
يوجب أنه كان موافقـا))(.)2
ومذهب أهل السنة والماعة :السكوت عما جرى بي الصحابة ،
واعتبارهم متهدين جيعـا ،للمصيب منهم أجران ،وللمخطئ أجر؛ وكان عليّ
هو الصيب ومعاوية هو الخطئ ،وكان زمنهما زمن فتنة فلم يتبيّن للناس الصيب
من الخطئ إل بعد انتهاء هذه الفتنة .
والمر كما يقول ابن تيمية ي رحه ال ي (( :وذلك أن الفت إنا يعرف ما
فيها من الشر إذا أدبرت ،فأما إذا أقبلت فإنا تُزين وُيظن أن فيها خيًا)) .
إن خلفة بن أمية كانت عزة ومنعة ،وكانت فتوحـا ف مشارق الرض
ومغاربا وشالا وجنوبا ،وكانت راية التوحيد والسنة عالية رفيعة ،وأهل البدعة
شواذّ مقموعون ،فإذا ارتفعت رؤوس بعضهم قطعتها سيوف الق .
روى مسلم ف ((صحيحه))()3عن الشعب عن جابر بن سرة ي رضي ال عنه ي
قال :انطلقت إل رسول ال صلى ال عليه وسلم ومعي أب فسمعتُه يقول (( :ل يزالُ
هذا الدينُ عزيزًا منيعـا إل اثن عشر خليفة)) فقال كلمة صمّنيها الناس فقلت لب
ما قال ؟ ،قال ((كلهم من قريش)) .
وروى المام أحد هذا الديث ف ((مسنده))()4من طريق الشعب عن جابر بن
() ل يبعد أن يكون هؤلء من تلميذ ابن سبأ؛ وهذه من مكايدهم . 1
() قول شييخ السيلم ابين تيميية نقلً عين كتاب ((أميـ الؤمنيـ معاويـة)) للخ مميد مال ال 2
( ص . ) 48 :
() ( ، 33كتاب المارة ،حديث 5 ( 1821 :ي 10الرقم الاص ) . 3
112
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سرة بلفظ (( :ل يزال هذا المر عزيزًا منيعـا ينصرون على من ناوءهم عليه إل
اثن عشرة خليفة)) ،ث قال كلمة أصمنيها الناس فقلت لب ما قال ؟ ،قال (( :كلهم
من قريش)) .
وقد حل أهل السنة هذا على عهد بن أمية؛ فعهد بن أمية كان عهد خلفة ،
وكان السلم ف عهدهم عزيزًا منيعـا كما أخب بذلك رسول ال صلى ال عليه
وسلم ،وكما هو الواقع التاريي .
ولو ل يكن عهدهم عهدَ خيٍ وعزّة للسلم والسلمي لا مدح رسولُ ال
صلى ال عليه وسلم ابن ابنته السن ي رضي ال عنه ي بالتنازل لعاوية ي رضي ال
عنه ي :عن أب بكرة ي رضي ال عنه ي قال :سعتُ النب صلى ال عليه وسلم
على النب والسن إل جنبه ينظر إل الناس مرّة وإليه مرة ويقول (( :إن ابن هذا
سيد ،ولعل ال أن يُصلح به بي فئتي من السلمي))(.)1
ول يتنازل السن بن علي ي رضي ال عنه ي عجزًا ،لكنه آثر
مصلحة السلمي وحقْن دمائهم ي رضي ال عنه ي ،ول يكن معاوية ي رضي ال
عنه ي راغبـا ف سفك دماء السلمي ول ف الفتنة ،بل كان يكره ذلك ويقلق منه .
قال البخاري()2ي رحه ال تعال ي :حدثنا عبد ال بن ممد ،حدثنا سفيان ،
عن أب موسى قال :سعت السنَ يقول (( :استقبل وال السن بن علي معاوية
بكتائب أمثال البال ،فقال عمرو بن العاص :إن لرى كتائب ل تول حت تقتل
أقرانَها ،فقال له معاوية ي وكان وال خيَ الرجلي ي :أي عمرو إن قتل هؤلء
هؤلء وهؤلء هؤلء من ل بأمور الناس ؟ ،من ل بنسائهم ؟ ،من ل بضيعتهم؛
فبعث إليه رجلي من قريش من بن عبد شس عبد الرحن بن سرة ،وعبد ال بن
عامر بن كريز فقال :اذهبا إل هذا الرجل فاعرضا عليه وقول له واطلبا إليه؛ فأتياه
فدخل عليه ،فتكلّما وقال له وطلبا إليه ،فقال لما السن بن علي :إنا بنو عبد
الطلب قد أصبنا من هذا الال ،وإن هذه المة قد عاثت ف دمائها ،قال :فإنه
113
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يعرض عليك كذا وكذا ،ويطلب إليك ويسألك ،قال :فمن ل بذا ؟ ،قال :نن
لك به؛ فما سألما شيئـا إل قال :نن لك به ،فصاله؛ فقال السن :ولقد سعتُ
أبا بكرة يقول :رأيت رسول ال صلى ال عليه وسلم على النب والسن بن علي إل
جنبه وهو يُقبل على الناس مرة وعليه أخرى ويقول (( :إن ابن هذا سيد ،ولعل ال أن
يُصلح به بي فئتي عظيمتي من السلمي)) .
فهذا السن ي رضي ال عنه ي يتنازل ف ضوء توجيه رسول ال صلى ال عليه
وسلم مع أنّ جيشَه كان أمثال البال ،أفلو كان لبن أمية مبادئ وأصول تتناف مع
السلم وتتجاف مع أصوله وروحه أكان يستحل السن ي ومن وراءه من هؤلء
الرجال كالبال ي التنازل والتسليم لدولة ذلك واقعُها وحالُها ؟؟ .
كل ،ث كل .لقد تنازل لرجلٍ مسلم وصحاب جليل ،عرف القاصي والدان
حسن إسلمه ،وصدقه ،واستقامته ،وعدله .
وإن هذا النص ليعطيك أنّ معاوية كان مشفقـا رؤوفـا بذه المة (( ،أرأيت
إن قَتل هؤلء هؤلء وهؤلء هؤلء من ل بأمور الناس ؟ ،من ل بنسائهم ،
من ل بضيعتهم ؟)) ،ث بعث رجلي أميني مصلِحي ناجحي فالتزما بكلّ مطالب
السن ي ول يطلب إلّ حقـًا ي؛ فكان بذا التنازل لعاوية سيدًا بشهادة رسول ال
صلى ال عليه وسلم .
قال الافظ ابن حجر ي رحه ال ي ف ((الفتح)) (( :وف هذه القصة من
الفوائد :عَلم من أعلم النبوة .
ومنقبةٌ للحسن بن علي؛ فإنه ترك الُلك ل لقلّة ول لذلّة ول لعلّة ،بل لرغبته
فيما عند ال لِمَا رآه من حقن دماء السلمي؛ فراعى أمرَ الدين ومصلحة المة .
وفيه :ر ّد على الوارج الذين كانوا يكفّرون عليـًا ومن معه ومعاوية ومَن معه
بشهادة النب صلى ال عليه وسلم للطائفتي بأنم من السلمي .
وفيه :فضيلة الصلح بي الناس ،ول سيّما ف حقن دماء السلمي .
ودللة على رأفة معاوية بالرعية ،وشفقته على السلمي ،وقوّة نظره ف تدبي
114
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
115
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(( :ناسٌ من أمت عرضوا علي غزاة ف سبيل ال ،يركبون ثبج هذا البحر ملوكـا على
السرة)) أو مثل اللوك على السرة ،فقلت :ادع ال أن يعلن منهم ،قال :أنت من
الولي؛ فركبت البحر زمن معاوية فصرعت عن دابتها حي خرجت من البحر
فهلكت .
فهذه رؤيا نبوية صادقة من أعلم النبوة وقع مصداقها ف زمن عثمان بقيادة
معاوية ي رضي ال عنه ي دالّة على عزّة السلم وعزّة أهله ف هذه الفترة ،وأن
حالتهم حالة اللوك ف اليئة والبّهة ي ل كما يصورهم الغرضون من حالة البؤس
والشقاء ي ،وأن جهادهم ف سبيل ال ولعلء كلمة ال .
فمن خلل هذه النصوص الصحيحة الشرقة نتحدّث ونكم على عهد عثمان
وبن أمية والمة السلمية ف تلك العهود الزاهرة عهد عزّة السلم والسلمي ومنعته
ومنعتهم .
وإليك صورةً مشرقة عن عهد معاوية ي رضي ال عنه ي يتجلّى فيها صدق
إيانم وورعهم وكمال أخلقهم ،وأنم من خي القرون بقّ وجدارة :
قال أبو إسحاق الفزاري عن صفوان بن عمرو قال :حدثنا حوشب بن سيف
قال :غزا الناس ف زمان معاوية وعليهم عبد الرحن بن خالد فغلّ رجلٌ من السلمي
مائة دينار رومية ،فلما قفل اليش ندم الرجل فأتى عبد الرحن بن خالد فأخبَه
خبه ،وسأله أن يقبلها منه ،فأب وقال :قد تفرّق اليشُ فلن أقبلها منك حت تأت
با يوم القيامة؛ فجعل يستقرئ أصحاب النب عليه السلم يسألم فيقولون مثل ذلك ،
فلما قدم دمشق على معاوية فذكر ذلك له ،فقال له مثل ذلك؛ فخرج من عندِه وهو
يبكي ويسترحم؛ فمرّ بعبد ال بن الشاعر السكسكي ،فقال :ما يبكيك ؟ ،فذكر له
أمرَه ،فقال :أمطيعي أنت يا عبد ال ؟ ،قال :نعم ،قال :فانطلق إل معاوية فقل :
اقبل من خسك فادفع إليه عشرين دينارًا ،وانظر إل الثماني الباقية فتصدّق با عن
ذلك اليش؛ فإنّ ال يقبل التوبة عن عباده ،وهو أعلمُ بأسائهم ومكانم؛ ففعل
الرجل ،فقال معاوية :لن أكون أفتيتُه با أحبّ إلّ من كل شيء أملكه ،أحسن
الرجل))(.)1
() كتاب ((السي)) لب إسحاق الفزاري ( ص . ) 249 : 1
116
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ورواه سعيد بن منصور ،وابن عبد الب ف ((التمهيد)) ) 2/24 ( :نقلً عن مقق ((السي)) ،وقد
رجعتُ إل ((التمهيد)) فوجدت فيه مغايرة ف السناد والت لا هنا .
() من أع جب العجائب إن سيد ق طب ي شك ف صحة الشائعات هذه ض ّد عثمان وأهله ،ث يقدم 1
برأة وع نف على مهاجت هم والط عن في هم ،و ف الو قت نف سه يدح أ هل الف ت الذ ين افتعلوا هذه
الشائعات ،ث من هم أعداء رسول ال الذين كان يوليهم عثمان .
والواب :أن م أ صحاب ر سول ال صلى ال عل يه و سلم م ثل معاو ية بن أ ب سفيان ،والغية بن
شع بة ،وأب مو سى الشعري ،وعبد ال بن أب سرح ،والوليد بن عقبة ،وعبد ال بن عامر بن
كريز العامري؛ وك ّل منهم له صحبة وسية حسنة ف رعيته ،ولم فتوحات إسلمية عظيمة ف الشرق
والغرب .
وقد ولهم ي قبل عثمان ي عمر بن الطاب ي رضي ال عنه ي .
ل من أب بكر وعمر قد ول الوليد بن عقبة وهو من أش ّد ما ينقم به الغرضون
ومن الطريف :أ نّ ك ّ
على عثمان .
فمين ينكير على عثمان يي رضيي ال عنيه يي توليية هؤلء فلينكير على أبي بكير وعمير
ي رضي ال عنهما ي .
ومن ينكر على عثمان أن يول الكفّاء من بن أمية فلينكر على رسول ال صلى ال عليه وسلم ،فإنه
قد ول منهم الكثي على أعماله .
117
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقد تقدّم للقارئ ما يُزيّف هذه الكاذيب ف إغداق عثمان الموال على بن
أمية ،ولعله يأت إيضاحات أخرى .
أما قوله (( :ويعزل أصحاب رسول ال ليول أعداءَه)) .
فل يسعُنا إل أن نقول { :ولول إذْ سعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بذا
سبحانك هذا بتانٌ عظيم } ،وإن ف هذا الكلم لطعنـا ف دين عثمان وأمانته ما
وراءه طعن .
ول أدري أتلقّف سيد قطب هذا من الروافض أم هو من إنشائه تعاطفـا معهم
وتودّدًا إليهم ،ولسان حاله يقول :نن ل نقلّ عنكم حقدًا على عثمان وبن أمية ،
بل على ذلك الجتمع الطاهر ف عهد عثمان وبن أمية ،فلذا نقذفهم بذه القذائف
دون أيّ احترام لذلك الجتمع ودون احترام لشاعر أهل السنة .
أيعزل عثمان أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم ليول أعداء
رسول ال ؟؟؟ .
أين براهينك على هذه التمات الظالة ؟ .
أهذه منلة خي القرون عندك ؟ .
والذي يعرف مذهب سيد ف التكفي ل يتردّد أنه يكفّر ولة عثمان .
وهكذا يتجرّأ سيد هذه الرأة العظيمة بغي علم ول هدى ول كتاب مني .
هل هذا هو واقع عثمان وواقع ولته ؟ .
وهل ينظر علماء السلم إل عثمان وولته بذا النظار السود الكريه ؟ .
أولً :ل يكن عثمان يعزل ويول تبعـا لواه ـ حاشاه ـ ،وإنا يراعي
ف ذلك مصلحة السلمي وتلبية لرغبتهم ف عزل من كرهوه من الولة ولو
كان صالـا .
ل السري عن شعيب ،عن سيف ،عن أب حارثة وأب
قال ابن جرير :وكتب إ ّ
118
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عثمان قال :لا ول عثمان أقر عمرو بن العاص على عمله ،وكان ل يعزل أحدًا
إل عن شكاة أو استعفاء من غي شكاة(.)1
فهذا هو الذي يتّفق مع أخلق عثمان ،وشرفه ،ومروءته ،وإيانه ،وحيائه ،
وخوفه من ال .
إننا نعتمد مثل هذه الرواية وإن كانت ضعيفة لنّ لا ما يدعمها ،ولن الصل
براءة السلم ل سيّما أصحاب رسول ال ي كما قدّمنا ذلك غي مرّة ي؛ وهذا أخفّ
ألف مرّة من العتماد على أكاذيب الروافض .
ثانيـا :قال عثمان ف اعتذراه عن تنّي أهل الفتنة عليه :قالوا :استعملت
ل مرضيـًا؛ وهؤلء أهل عملهم ،فسلوهم الحداث ،ول أستعمل إل متمعـا متم ً
عنه ،وهؤلء أهل بلده؛ ولقد ول مَن قبلي أحدثَ منهم ،وقيل ف ذلك لرسول ال
أشدّ ما قيل ل ف استعماله أسامة ،أكذلك ؟ ،قالوا :اللهم نعم(.)2
وما أظن أنه خطر ببال أهل الفت أنّ عثمان يول أعداء ال فضلً عن أن
يتفوّهوا بذلك .
ثالثـا :أن لعثمان أسوة ف رسول ال صلى ال عليه وسلم؛ فقد كان بنو أمية
أكثر القبائل عمالً .
قال شيخ السلم ابن تيمية (( :وقد كان ف بن أمية قومٌ صالون ماتوا قبل
الفتنة ،وكان بنوا أمية أكثر القبائل عمّالً للنب صلى ال عليه وسلم؛ فإنه لا فتح مكة
استعمل عليها عتّاب بن أسيد بن أب العيص()3بن أمية ،واستعمل خالد بن سعيد بن
العاص بن أمية ،وأخويه أبان بن سعيد ،وسعيد بن سعيد على أعمال أخر ،واستعمل
أبا سفيان بن حرب بن أمية على نران))(.)4
119
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقال ف موضع آخر (( :وكان كثي من أمراء النب صلى ال عليه وسلم على
العمال من بن أمية؛ فإنه استعمل على مكة عتّاب بن أسيد بن أب العيص()1بن أمية ،
واستعمل خالد بن سعيد بن العاص بن أمية على صدقات مذحج وصنعاء اليمن ،ول
يزل عليها حت مات النب صلى ال عليه وسلم ،واستعمل عَمْرًا()2على تيماء وخبي
وقرى عرينة ،وأبان بن سعيد بن العاص استعمله أيضـا على البحرين برّها وبرها
حي عزل العلء بن الضرمي ،فلم يزل عليها حت مات النب صلى ال عليه وسلم .
ووله عمر ي رضي ال عنه ي ول يُتّهم ف دينه ول ف سياسته .
قال الافظ ابن حجر ف ((الصابة))((( :)3وأخرج أبو العباس السرّاج من طريق
خالد بن سعيد بن عمرو بن سعيد حدثن أب أنّ أعمامَه خالدًا وأبانـا وعمرو بن
سعيد بن العاص لا بلغتهم وفاة النب صلى ال عليه وسلم رجعوا عن أعمالم فقال لم
أبو بكر :ما أحد أحقّ بالعمل منكم ،فخرجوا إل الشام فقتلوا با جيعـا ،وكان
خالد على اليمن ،وأبان على البحرين ،وعمرو على سواد خيب)) .
قال شيخ السلم (( :وهذا النقل عن النب صلى ال عليه وسلم ف استعمال
هؤلء ثابتٌ مشهور عنه ،بل متواتر عند أهل العلم؛ فكان الحتجاج على جواز
استعمال بن أمية بالنص الثابت عن النب صلى ال عليه وسلم أظهر عند كل عاقل من
دعوى كون اللفة ف واحد معيّن من بن هاشم بالنص؛ لن هذا كذب باتفاق أهل
العلم بالنقل ،وذاك صدق باتفاق أهل العلم بالنقل .
وأما بنو هاشم فلم يستعمل النب منهم إلّ عليـًا على اليمن ،وجعفر على غزوة
مؤتة مع موله زيد وابن رواحة))(.)4
وقد ثبت ف ((الصحيح)) عن النب صلى ال عليه وسلم أنه قال (( :خيار أئمتكم
الذين تبونم ويبونكم ،وتصلون عليهم ويصلون عليكم ،وشرار أئمتكم الذين
() ف الصل (( :العاص)) ،والصواب ما أثبت . 1
120
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تبغضونم ويبغضونكم)) ،قالوا :ومعاوية كانت رعيته تبّه وهو يبهم ،ويصلون
عليه وهو يصلي عليهم .
رابعـا :أن له أسوة ف أب بكر وعمر ي رضي ال عنهما ي فقد ول أبو بكر
يزيد بن أب سفيان ف فتوح الشام ،وأقرّه عمر ،ث ول عمر بعده معاوية .
ونقل الافظ ابن حجر ف ((الصابة))()1ما رواه البقي ف ((تاريه)) عن أب صال
كاتب الليث بن سعد :أن الليث قال :كان ابن أب سرح على الصعيد زمن عمر ،ث
ضمّ إليه عثمان مصر كلها ،وكان ممودًا ف وليته))(.)2
وقال ابن عبد الكم (( :توف عمر ي رضي ال عنه ي ومصر على أميين عمرو
ابن العاص بأسفل الرض ،وعبد ال بن سعد بن أب سرح على الصعيد))(.)3
وذكر ابن عبد الكم أن عثمان ل يول عبد ال إلّ بعد أن رفض عمرو بن
العاص العودة إل مصر إل أن يوليه مصر كلها فلم يستجب له عثمان ،ث ولّى عبد
ال ابن سعد على مصر كلها؛ قال ابن عبد الكم :فلبث عبد ال عليها أميًا ممودًا ،
وغزا فيها ثلث غزوات كلهنّ لا شأن :إفريقية ،والساود ،ويوم ذي الصواري؛
وله جهاد وفتوحات ،منها :فتح إفريقية))(.)4
وأَقرّ عمر ي رضي ال عنه ي سعد بن أب وقاص أن يؤمر الوليد بن عقبة على
عرب الزيرة من ربيعة وتنوخ ،فتوجّه لقتال الروم ،فلما قدم على تغلب نض معه
مسلمهم وكافرهم ،ث إنه تشدّد على تغلب فلم يقبل منهم إل أن يسلموا حت ثناه
عن ذلك عمر))(.)5
خامسـا :ل يقصر عثمان الوليات على بن أمية ويغدقها عليهم كما يقول
121
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
خصومه ،بل كان هناك أمراء كثر من شتّى القبائل يلون أمور السلمي ف جهات
كثية ف زمن عثمان .
وقد ذكر ابن جرير ف ((تاريه)) عددًا من عمال عثمان الذين استعملهم على
المصار ،فمنهم :
1ي الشعث بن قيس :إل أذربيجان .
2ي وسعيد بن قيس :على الري .
3ي وكان سعيد بن قيس :على هذان ،فعزل ،وجعل عليها النسي
العجلي .
4ي وعلى أصبهان :السائب بن القرع .
5ي وعلى ماه مالك بن حبيب اليبوعي .
6ي وعلى الوصل :حكيم بن سلمة الزامي .
7ي وجرير بن عبد ال :على قرقيسيا .
8ي وسلمان بن ربيعة :على الباب .
9ي وعلى الرب :القعقاع بن عمرو .
10ي وعلى حلوان :عتيبة بن النهاس(.)1
هؤلء من وقفنا عليهم ف جهة الشرق .
وكان عبد الرحن بن خالد أميًا على حص .
ث لاذا يتجاهلون أنّ عليـًا ي رضي ال عنه ي قد ول من هو دون من ولهم
عثمان ،ويتجاهلون أنه قد ول أناسـا من أقاربه ؟ ،والعجب أن سيد قطب قد نج
هذا النهج؛ فل حولَ ول قوة إل بال .
وقد زعم السن بن الطهر اللي ف كتابه ((منهاج الكرامة)) أن عثمان ول أمور
السلمي من ل يصلح للولية .
() ((تاريخ ابن جرير)) 264 ، 4/422 ( :ي . ) 265 1
122
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
))()1
فأجابه شيخ السلم ابن تيمية -رحه ال -ف ((منهاج السنة
و ((النتقى))()2منه للذهب (( :أن عليـًا ي رضي ال عنه ي ول زياد بن أب سفيان
وول الشتر النخعي وول ممد بن أب بكر وأمثال هؤلء .
ول يشكّ عاقل أن معاوية خي من هؤلء كلهم ، ))...ث قال (( :ومن العجب
:أن الشيعة ينكرون على عثمان أنه ول أقاربه من بن أمية ،ومعلوم أن عليـًا ول
أقاربَه من قبل أبيه وأمه :
1ي فولّى عبيد ال بن عباس على اليمن .
2ي وول على مكة والطائف قثم بن العباس .
3ي وأما الدينة فقيل إنه ول عليها سهل بن حنيف ،وقيل :ثامة بن العباس .
4ي وأما البصرة فول عليها عبد ال بن عباس .
5ي وول على مصر ربيبه ممد بن أب بكر الذي ربّاه ف حجره ( لنه
تزوج أمه بعد وفاة أب بكر وكان ممد صغيًا ) .
ث إن المامية تدّعي أن عليـًا نصّ على أولده ف اللفة أو على ولده ،وولده
على ولده الخر وهلم جرّا .
ومن العلوم إن كان تولية القربي منكرًا فتولية اللفة العظمى أعظم من إمارة
بعض العمال))؛ فكما ل يوز الطع ُن على عليّ با فعله اجتهادًا كذلك ل يوز الطعنُ
على عثمان با فعله اجتهادًا ي رضي ال عنهما وأرضاها ي .
ول يفرق بي العملي والرجلي إلّ أصحاب الهواء والغراض .
وإنا يذكر شيخ السلم هذا تقريعـا وتوبيخـا لهل الهواء وبيان تناقضهم
وفضح نواياهم .
سادسـا :لاذا يكثر الروافض ومَن سار على طريقهم الطعن على عثمان بإيثار
() ( . )3/173-176 1
123
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بن أمية بالناصب ف الدولة ي على ح ّد زعمهم ي ،وينسون أنّ له سلفـا وأسو ًة
برسول ال صلى ال عليه وسلم ،وينسون أنّ هذا اجتهاد مراعـا فيه مصلحة المة ،
وينسبون كثرة بن أمية؛ إذْ هم أكثر بطون قريش عددًا ،وينسون كفاءت لذه العمال
والفتوحات العظيمة الت فتحها ال على أيديهم والعزّ العظيم الذي بلغه السلم
والسلمون على أيديهم ،وينسون الخلق العالية الت كان يتمتع با هذا البطن من
قريش من اللم ،والناة ،والصب ،والود .
ومَن أحبّ أن يعرف هذا فليقرأ ف التاريخ سيهم وتعاملهم مع الناس .
قال الشيخ مب الدين الطيب ي رحه ال ي (( :أما الذي يرجع إل الصحيح
المحص من وقائع التاريخ ويتتبع سية الرجال الذين استعان بم أمي الؤمني ذو
النورين ـ رضوان ال عليه ـ ،وما كان لهادهم من جيل الثر ف تاريخ الدعوة
السلمية ،بل ما كان لسن إدارتم من عظيم النتائج ف هناء المة وسعادتا فإنه
124
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
125
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فالقرآن يصف الترفي أحيانا بسقوط المة وضعف القوة وهبوط الريية{ :وإذا
أنزلت سورة أن آمنوا بال وجاهدوا مع ر سوله ا ستأذنك أولو الطول من هم وقالوا
ذرنا نكن مع القاعدين}.
وإذا عرف نا حرص ال سلم على الهاد وح ثه عل يه وتعظ يم من يتطوعون له ح ت
ليقول الرسول الكري صلى ال عليه وسلم (( :من مات ول يغز ول يدث نفسه بغزو
مات على شع بة من النفاق )) أدرك نا ف الا نب ال خر كم يت قر أول الطول هؤلء
لتخلفهم وقعودهم عن صفوف الجاهدين.
ول غرا بة ف هذا ،فالترف متر هل ضع يف الرادة نا عم قل يل الرجولة ل يع تد
الهد فسقطت هته ،وفترت أرييته ،والهد ف الهاد يعطل عليه متاعه الشهوان
الرخيص ويرمه لذاته اليوانية فترة من الوقت وهو ل يعرف قيمة ف الياة سوى
هذه القيـم الداعرة الشائنـة ))( ... )1ثي يواصيل الكلم على الترفيي ويسيوق اليات
في هم ...ث يقول معل قا على ب عض اليات(( :ول غرا بة ف هذا فالترفون حري صون
على حيات م الرخوة الشاذة الري ضة حري صون على شهرات م ولذائذ هم حري صون
على أن تكون من حولم حاشية وبطانة خاضعة لنفوذهم))( )2ث يواصل الكلم ف هذا
الصدد.
واذا كانت هذه هي نظرة سيد ال الترفي ،بل هى نظرة جيع السلمي فلماذا
يصف ذلك الجتمع الطيب الي بالتمرغ فيه وكبار اغنيائه من كبار أصحاب رسول
ال صلى ال عليه وسلم والذين ياربون الترف أكثر من سيد وأمثاله.
126
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ول شك أن الال قد فاض ف ع هد عثمان لت ساع الفتوح وكثرة الغنائم والف يء
وتدفق الي على المة ،فتوسع بعض الناس لا وسع ال عليهم فبالغ أبو ذر ف الشدة
والنكار عليهم.
ول يكن أبو ذر من دعاة الثورة والفت والروج حاشاه .
بل كان يعلن السمع والطاعة ويذكر الحاديث النبوية ف ذلك -رضى ال عنه.
127
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
128
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بروح السلم أن يقرّر أن تلك الثورة ف عمومها كانت فورة من روح السلم؛ وذلك
دون إغفال لِما كان وراءها من كيد اليهودي ابن سبأ ي عليه لعنة ال ي))(.)1
ول شكّ أنه يقصد بقوله (( :وتنحل نفوس الذين لبسوا السلم رداء ول تالط
بشاشته قلوبم ))...إل أشلُ وأعمّ من بن أمية ما يدخل ف عمومه جلّ الصحابة
الوجودين وأغلب خيار التابعي؛ فل حولَ ول قوّة إل بال .
ونعوذ بال من هوىً يصل بأصحابه إل هذا الصي ،وإل مثل هذا الطراء
للشرار والزراء بالبرار الخيار .
وذلك ل يرضي إل أعداء ال من اليهود والنصارى والشيوعيي والباطنيي
والاقدين على ذلك الجتمع اليّر الذين شهد لم رسول ال صلى ال عليه وسلم
بأنم خيُ القرون .
إن غالبيهم أصحاب مبادئ ودين وخلُق .
وأهل السنة ل ينظرون إليهم بنظار سيد قطب ،وإنا يقولون :إنم متهدون
بعضهم يصوّب اجتهادهم ،وبعضهم يطئوه .
ث يرى سيد أن منهج عليّ الصلحي أو التغييي لردّ المر إل نصابه ور ّد
التصوّر السلمي إل نفوس الناس والكام هو بأكل الشعي الذي تطحنه امرأته .
كان يب على سيد أن يدرك أنه يعال موضوعات وقضايا خطية تتاجُ إل
نقولٍ صحيحة ،وإل استرشاد بنهج أهل العلم والسنة والق ،وإل تأدبٍ جمّ مع
عثمان والصحابة والتابعي ف عهده ،كيف نسي سيد هذا الفقه العظيم ؟ ،ونسي
هذا القصد السى الذي شرعه السلم للمسلمي لتنطلق نفوسهم إل ما فوق
الضرورة من التفكي العال والحساس الراقي والتأمل ف الكون واللْق والنظر إل
المال والكمال ؟! .
() ((العدالة)) ( ص 160 :ي ) 161ط ثانية عشرة ،وف ط خامسة يقول ما نصّه : 1
ي إل روح السيلم واتاهيه مين موقيف عثمان ، ((إن تلك الثورة في عمومهيا كانيت أقرب َ
أو بالدق من موقف مروان ومن ورائه بنو أمية)) ا.ه .
129
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ث كيف يعل سيد هذا الشظف من فضائل علي ي رضي ال عنه ي وهو يقول
ف هذا الكتاب (( :فإذا كان السلم يعطي الفقي فضلة من أموال الزكاة يوسع با
على نفسه ويستمتع با هو فوق ضرورته فأول أن ينفق الواجد وأن يتمتع بالياة
متاعـا معقولً ،وأن ل يرم نفسه من طيباتا وهي كثية لتغدو الياة بيجة
جلية ،ولتنطلق النفس إل ما هو فوق الضرورة من التفكي العال والحساس
الراقي ،والتأمّل ف الكون واللْق ،والنظر إل المال والكمال؛ والرسول الكري
يقول (( :إذا آتاك ال مالً فلي أثر نعمة ال عليك وكرامته))(.)1
فيعد الشظف والتربة ي مع القدرة ي إنكارًا لنعمة ال يكرهه ال(.)2
كيف يرضى سيد لعلي ي رضي ال عنه ي أن يعيش دون هذا الستوى ودون
تقيق هذه الهداف مالفـا هذه القاصد السلمية العليا والغايات النبيلة ومالفـا
التوجيه النبوي الكري ؟ .
ول شكّ أن عليـًا ي رضي ال عنه ي كان من أكب كباء فقهاء الصحابة ،
وكان بعيدًا عن تلك الصورة الت صوّرته با الروايات الرافضية أو الصوفية الغالية؛
فلقد كان عليّ ي رضي ال عنه ي يتمتّع بالطيبات ،ويلبس اللباس الميل اللئق
بكانته ي رضي ال عنه ي .
ولكن سيد استروح إل تلك الروايات الباطلة ،وتناسى فقهه ف هذه القضية
ليظهر الفرق الكبي بي عثمان وعلي .
عثمان وسائر الصحابة يعيشون ف غاية الترف ،وعليّ ي رضي ال عنه ي
يعيش ف غاية الشظف ،وإن كان ف داخل نفسه يرى أن هذا الشظف إنكار لنعمة
ال؛ فل حولَ ول قوة إل بال .
() انظير :أبيا داود في ( كتاب اللباس ،حدييث رقيم ، ) 4063 :وانظير (( :جاميع أبي عيسيى 1
الترمذي)) ( :حدييث رقيم ، 2819 :بكتاب الدب ) ،وانظير (( :صيحيح النسيائي)) :
( برقم ، ) 5223 :وانظر (( :صحيح أب داود)) ( رقم (( ، ) 3428 :صحيح الترمذي)) ( برقم
. ) 2260 :
() ((العدالة)) ( ص ) 125 :ط خامسة . 2
130
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال سيد (( :وربا باع سيفه()1ليشتري بثمنه الكساء والطعام ،وكره أن ينل
القصر البيض بالكوفة مؤثرًا عليه الصاص()2الت يسكنها الفقراء؛ جاء ليعيش كما
روى عنه النضر بن منصور()3عن عقبة بن علقمة()4قال :دخلتُ على عليّ عليه السلم
فإذا بي يديه لب حامض آذتن حوضته ،وكسر يابسه ،فقلت :يا أمي الؤمني
أتأكل مثل هذا ؟ ،فقال ل :يا أبا النوب كان رسولُ ال يأكل أيبس من هذا ،
ويلبيس أخشنَ من هذا ي وأشار إل ثيابه ي ،فإن ل آخذ با أخذ به خفتُ أل ألقَ
به .
()5
أو كما روى عنه هارون بن عنترة عن أبيه قال :دخلتُ على عليّ بالورنق
وهو فصل شتاء ،وعليه خلق قطيفة وهو يرعد فيه ،فقلت :يا أمي الؤمني إن ال قد
جعل لك ولهلك ف هذا الال نصيبـا وأنت تفعل هذا بنفسك ؟ ،فقال (( :وال ما
أرزؤكم شيئـا ،وما هي إل قطيفت الت أخرجتها من الدينة))(.)6
وهكذا ينقل سيد هذه النقول ليبيّن با الفروق الائلة بي تصوّر الكم ف
() يعن :عليـًا ي رضي ال عنه ي . 1
() بيتٌ من شجر أو قصب (( .لسان العرب)) :مادة ( خصص ) . 2
() والنضر بن منصور قال البخاري (( :منكر الديث)) ،قاله الذهب ف ((اليزان)) . )4/264( : 3
() وعقبية بين علقمية قال فييه أبيو حاتي (( :بيّني الضعيف ،ل يُشتغلُ بيه)) ،وضعّفيه الدارقطني 4
يأكل فيه اللك ويشرب (( .لسان العرب)) مادة :خرق .والناسب :الخيان .
وواضحٌ أن بي الروايتي تعارضـا :
فالول :تفيدُ أنه رفض السكن ف القصر البيض ،وآثار الصاص .
والثانية :تفيدُ أنه دخل عليه بالورنق وعلى العنيي فإ نّ علي ـًا كان يتمتع بنعمة ال عليه ويشكره
عليها .
والروايات الت اعتمدها سيد واضحة البطلن ويرفضها العقل ويربأ بعلي عنها ،وواقعه يالفها أشدّ
الخالفة .
() ((العدالة)) ( ص ) 162 :ط ثانية عشرة . 6
131
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( ص ، ) 636 :و ((البداييية والنهاييية)) لبيين كثييي ، ) 7/332 ( :و ((اللييية)) :
( 1/85ي ، ) 86و ((ممع الزوائد)) . ) 9/123 ( :
132
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عنهما ي ف حديثٍ ساقه قال (( :أقطع النبّ صلى ال عليه وسلم عليـًا ي رضي ال
عنه ي بذي العشية من ينبع ،ث أقطعه عمر ي رضي ال عنه ي بعدما استخلف
إليها قطيعة ،واشترى عليّ ي رضي ال عنه ي إليها قطيعة وحفر با عينـا ،ث
تصدّق با على الفقراء والساكي وابن السبيل ،القريب والبعيد ،وف الياة والسّلم
والرب ،ث قال :صدقة ل تُوهب ول تورث ،حت يرثها ال الذي يرث الرض
ومَن عليها وهو خي الوارثي))(.)1
أموال علي ـ رضي ال عنه ـ :
قال( :)2وكانت أموال علي ي رضي ال عنه ي عيونـا متفرّقة بينبع ،منها :ع ٌ
ي
يقال لا ( :عي البحي) ،وعي يقال لا ( :عي أب نيزر) ،وعي يقال لا ( :عي نول)؛
وهي اليوم تدعى العدر ،وهي الت يقال لا أن عليـًا ي رضي ال عنه ي عمل فيها
بيده ،وفيها مسجد النب صلى ال عليه وسلم متوجهة إل ذي العشية يتلقى عي قريش .
وف هذه العيون أشراب بأيدي أقوام زعم بعض الناس أن ولة الصدقة أعطوهم إياها .
وزعم الذين هي بأيدهم أنا ملك لم ،إل ( عي نول ) فإنا خالصة ،إلّ
نلت فيها بيد امرأة يقال لا (بنت يعلى) مول علي بن أب طالب رضي ال عنه .
وعمل عليّ ي رضي ال عنه ي بينبع (البغيبغات) ،وهي عيون منها :عي يقال
لا ( :خيف الرك) ،ومنها عي يقال لا (خيف ليلى) ،ومنها عي يقال لا ( :خيف
بسطاس) فيها خليج النخل مع العي .
وكانت (البغيبغات) ما عمل علي ي رضي ال عنه ي وتصدّق به؛ فلم تزل ف
صدقاته حت أعطاها حسي بن علي عبد ال بن جعفر بن أب طالب يأكل ثرتا
ويستعي با على دينه ومؤونته على أن ل يزوّج ابنته يزيد بن معاوية بن أب سفيان؛
فباع عبد ال تلك العيون من معاوية ي رضي ال عنه ي .
ولعليّ ي رضي ال عنه ي عيٌ يقال لا ( :عي الدث) بينبع ،ولعليّ
() القائل هو :أبو غسّان شيخ الؤلّف وهو ممد بن يي الكنان :ثقة . 2
133
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ي رضي ال عنه ي ف صدقاته (عي ناقة) بوادي القرى ،يقال لا ( :عي حسن)
بالبية من العل .
وكان له صدقات بالدينة ( :الفقيين) بالعالية ،و (بئر اللك) بقناة ،و (الدبية)
بالضم؛ فسمعتُ أن حسنـا أو حسينـا باع ذلك كله .
وله بوادي القرى ي أيضـا ي ( :عي موات) ،ولعلي ي رضي ال عنه ي
أيضـا ح ّق على (عي سكر) ،وله ي أيضـا ي ساقي على عي بالبية ،وهو ف
الصدقة .
وله بَرّة الرجل من ناحية شعب زيد وادٍ يُدعى الحر ،شطرُه ف الصدقة
وشطره بأيدي آل مناع من بن عدي منحةً من علي ،وكان كله بأيديهم حت
خاصمه فيها حزة بن حسن فأخذ منهم نصفه .
وله ي أيضـا ي برّة الرجل وا ٍد يقال له ( :البيضاء) فيه مزارع وعفا وهو ف
صدقته(.)1
وقد ذكر ابن شبّة بعد هذا أملكـا لعلي ي رضي ال عنه ي وصدقات وعبيدًا
وعتقاء ل يتّسع البحث لسردِها .
قال ابن حزم ف كتابه ((اللل والنحل))((( :)2وأما علي ي رضي ال عنه ي
فتوسّع ف هذا الباب من حلّه ،ومات عن أربع زوجات وتسع عشرة أم ولد سوى
الدم والعبيد ،وتوف عن أربعة وعشرين ولدًا من ذكر وأنثى ،وترك لم العقار
والضياع ما كانوا به من أغنياء قومهم ومياسيهم .هذا أمرٌ مشهور ،ل يقدر على
إنكاره من له أق ّل علم بالخبار والثار؛ ومن جلة عقاره الت تصدّق با كانت تغلّ
ألف وسق ترًا سوى زرعها؛ فأين هذا من هذا ؟)) .
() ( (( ، ) 4/142الحلى)) ) 8/444 ( :نقلً عن أحد شاكر من حاشية ((الراج)) ليحي بن 2
آدم ( ص ، ) 90 :ول أجده ف الوضع الشار إليه من ((الحلى)) ف الطبعة الت عندي .
وان ظر (( :البدا ية والنها ية)) ل بن كث ي ( ج 7/332ي ) 334ح يث ذ كر زوجات عل ّي وبن يه
وبناته وسراريه ي رضي ال عنهم أجعي ي .
134
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كيف يكون موقف سيد قطب من عليّ لو اطلع على هذه الخبار الت تدلّ على
أنّ عليـًا كان يلك الراضي والبار والعيون والوديان ،ولو تصدّق بالكثي منها
كغيه من الصحابة .
أما نن فنقول :إن هذا ل يضر عليـًا ول إخوانه من أغنياء الصحابة كعثمان ،
وطلحة ،والزبي ،وعبد الرحن بن عوف فإنّ ال وسع عليهم وأد ّر عليهم رزقه
وفضله؛ فكانوا فيه سحاء أسخياء أبرار متصدّقي ووصالي لرحامهم؛ فقد وال فقهوا
السلم فاتذوا الموالَ نائب ومطايا إل النة .
قال ابن حزم ي رحه ال ي ف ((الحلى)) (( :الرام حرام ولو أنه مقدار ذرة ،
وكثي اللل حلل ولو أنه الدنيا وما فيها ،وقال رسول ال صلى ال عليه وسلم :
((وإن هذا الال َخضِرة حُلوة فنعم صاحب السلم ما أعطى منه السكي واليتيم وابن
السبيل)) أو كما قال النب صلى ال عليه وسلم ،وإنه من يأخذه بغي حقّه كالذي
يأكل ول يشبع ويكون شهيدًا عليه يوم القيامة))( ، )1وف لفظ (( :وإن هذا الال خضرة
حلوة ،فمن أخذه بقه ،ووضعه ف حقّه ،فنعم العونة هو ،ومن أخذه بغي حقّه
كان كالذي يأكل ول يشبع))( ، )2وهو من حديث أب سعيد الدري ي رضي ال
عنه ي ،وعن عمرو بن العاص ي رضي ال عنه ي (( :نعم الال الصال للمرء
الصال))(.)3
إن سيد قطب يص ّر ويل ّح على أن الكم قد فسد ف عهد عثمان ،وقد تشتدّ
عبارته أحيانـا ويلطفها أحيانـا .
قال سيد ف موضع آخر (( :وف سبيل تبءة السلم روحه ومبادئه من ذلك
النظام الوراثي الذي ابتدع ابتداعـا ف السلم نقرّر هذه القائق لتكون واضحة ف
تصوّر الكم السلمي على حقيقته ،ولكي ندرك عمق هذه القيقة يب أن
نستعرض صورًا من سياسة الكم ف العهود الختلفة على أيدي أب بكر وعمر ،وعلى
135
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أيدي عثمان ومروان ،وعلى يدي علي المام ،ث على أيدي اللوك من أمية ومن
بعدهم من بن العباس بعد هذه الزّة البكرة ف تاريخ السلم))(.)1
وقال (( :قام أبو ذرّ ينكر على الترفي ترفهم الذي ل يعرفه السلم ،وينكر
على معاوية وأمية خاصّة سياستهم الت تقرّ هذا الترف وتستزيد منه وتتمرّغ فيه ،
وينكر على عثمان نفسه أن يهب من بيت الال الئات واللوف فيزيد ف ثراء الثرين
وترف الترفي علم أن عثمان أعطى مروان بن الكم خُمس خراج أفريقية والارث
بن الكم مائت ألف درهم ،وزيد بن ثابت مائة ألف .وما كان ضمي أب ذرّ
ليطيق شيئـا من هذا كله ،فانطلق يطب ف الناس :لقد حدثت أعمال ما أعرفُها ،
وال ما هي ف كتاب ال ول سنة نبيه ،وإن لرى حقـًا يطفا ،وباطلً ييا ،
وصادقـا مكذّبـا ،وأثرة بغي تقى)) (.)2
فأنت ترى قناعة سيد بفساد الكم ف عهد عثمان ،وأن حقيقة التصوّر
السلمي للحكم قد تدمت أسسه ث ذهب .
ص عليـًا بالمام ف هذا السياق الذي ذكر فيه أبا بكر وعمر .
ولحظ كيف خ ّ
وط الامسة ( ص ، ) 182 :وفيها ما يلي (( :ولكي ندرك عمق هذه القيقة يب أن نستعرض
صـورًا مـن سـياسة الكـم فـ العهود الختلفـة على أيدي أبـ بكـر وعمـر ،وعلى أيدي عثمان
ومروان ،وعلى يدي علي المام ،ث على أيدي اللوك من أمية ،ومن بعدهم من بن العباس بعد
أن خنقت روح السلم)) .
() ((العدالة)) ( ص ) 174 :ط الثانية عشر . 2
136
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الفصل العشرون
تحطم أسس الدين في عهد عثمان ـ
رضي الله عنه ـ
في زعم سيد قطب
ويقول (( :لقد كانت هذه الصيحة يقظةَ ضمي مسلم ل تدره الطماع أمام
تضخم فاحش ف الثروات يفرّق الماعة السلمية طبقات ،ويطم السس الت
جاء با هذا الدين ليقيمها بي الناس))(.)1
هكذا يتصور سيد عهد عثمان وخلفته ،ويصوّره هذه التصوير الرعب الذي
من جلة مساوئه ف نظره أن الماعة السلمية أصبحت طبقات ،وأن السس الت
جاء با السلم قد تطّمت .
ل نريد أن نناقشه ول نشرح كلمه لنه واضح للقارئ الفطن النصف ،فليفهمه.
ث واصل سيد بذكر البرات لصب عليّ على حياة الوع والشظف ،ث قال :
((ولقد كان منهاجه الذي شرعه هو ما قاله ف خطبته عقب البيعة له :أيها الناس إنا
أنا رجلٌ منكم ،ل ما لكم ،وعليّ ما عليكم ،وإن حاملكم على منهج نبيّكم ومنفّذ
فيكم ما أمرت به؛ أل إن كل قطيعة أقطعها عثمان وكل عطاء أعطاه من مال ال فهو
مردود ف بيت الال؛ فإن الق ل يبطله شيء( ( ، )2ولو وجدته قد تزّوج به النساء ،
وملك به الماء ،وفرّق ف البلدان لرددته؛ فإن ف العدل سعة ،ومن ضاق عليه القّ
فالورُ عليه أضيق(. ) )3
أولً :أن هذا الكلم ل يثبت عن علي ي رضي ال عنه ،وبرّأه ال منه ي .
ثانيـا :هل هذا هو منهج عل ّي ل يدندن إلّ حول الال ؟! .
() ((العدالة)) ( ص ) 163 :ط ثانية عشرة ،و ( ص ) 193 :ط خامسة . 2
() ما ب ي القو سي من ((شرح ن ج البل غة)) ( ص ، ) 118 :ول أ جد ف يه غ ي هذه القط عة ، 3
و ((العدالة)) ( ص ) 163 :ط ثانية عشرة ،و ( ص ) 193 :ط خامسة .
137
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
() ((الموال)) لبي عبييد ( ص 386 :يي ، ) 393وقيد أورد أبيو داود عددًا مين الحادييث 3
ف إقطاع ال نب صلى ال عل يه و سلم أنا سـا من ال صحابة ، 14 ( :كتاب الراج والمارة ، 36
باب ف إقطاع الرضي ،ص 443ي ) 453ل يتّسعُ القا ُم لذكرها ،فليجع إليها من شاء .
138
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من الصحابة أرضي؛ فأقطع رجلً من النصار يسمّى سليطـا ،وأقطع الزبي أرضـا
بيب با شجر ونل ،وأقطع بلل بن الارث الزن أقطعه العقيق أجع .
وأقطع فرات بن حيّان العجلي أرضـا باليمامة .
وكتب لب ثعلبة الشن على أرض بأيدي الروم .
وكتب لتميم الداري على أرض بيت لم ،ونفّذ ذلك له عمر لا استخلف
وظهر على الشام ،قال أبو عبيد (( :فهي بأيدي أهل بيته إل اليوم)) .
وأقطع رسول ال صلى ال عليه وسلم أبيض بن حال اللح بأرب ،ث استعادها
منه ،ث أقطعه ما يمي من الراك ما ل تنله أخفاف البل .
وأقطع أبو بكر طلحة بن عبيد ال ،وردّ ذلك عمر .
وكتب عمر إل أب موسى أن يقطع نافعـا أبا عبد ال الثقفي أرضـا على
شاطئ دجلة ،وأن عثمان أقطع خسة من أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم ،
وتقدّم ذكرهم .
ث مضى أبو عبيد يشرح الحاديث والثار ،ويبيّن مارجها الفقهية .
وبعد :فهل يصحّ أن ينسب إل أمي الؤمني الليفة الراشد العادل عليّ بن أب
طالب أن يرد سنة ثابتة من سنن رسول ال وخلفائه شاهدهم يعملون با ،وشاهد أبا
بكر وعمر وها يقطعان القطائع من أراضي موات تنفع السلمي ول تضرهم ؟ .
وهل يصحّ أن يركّز فقط على من أقطعهم عثمان بوجه شرعي وبناءً على منهج
الرسول والليفتي الراشدين فيبت ّز منهم أموالم الت تلّكوها بوجوه مشروعة ف شريعة
السلم ،ل سيما والذين أقطعهم عثمان ليسوا من قرابته ؟ .
أيوز لسلم أن يقف على هذه الصورة الاقدة الشوهاء فينسبها إل إمام نقيّ
طاهر يبزه ف صورة النتقم التشفّي ؟ ،ومن ؟ ،من إمام طاهر نقيّ بريء أل وهو
139
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
140
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
141
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ول عليها أثر عمارة فأقطعها المام رجلً فعمرها فإن كانت ف أرض الراج أدّى
عنها الذي أقطعها الراج ،والراج ما افتتح عنوة مثل السواد وغيه ،وإن كانت من
أرض العشر أدّى عنها الذي أقطعها العشر ،وأرض العشر كل أرض أسلم عليها أهلها
فهي أرض عشر وأرض الجاز والدينة ومكة واليمن وأرض العرب كلها أرض عشر؛
فكل أرض أقطعها المام ما فتحت عنوة ففيها الراج إل أن يصيّرها المام عشرية ،
وذلك إل المام إذا أقطعَ أحدًا أرضـا من أرض الراج ،فإن رأى أن يصيّر عليها
عشرًا أو عشرًا ونصفـا ،أو عشرين أو أكثر أو خراجـا فما رأى أن يمل عليه
أهلها فعل؛ وأرجو أن يكون ذلك موسعـا عليه ،فكيفما شاء من ذلك فعل ،إلّ
ما كان من أرض الجاز والدينة ومكة واليمن فإن هنالك ل يقع خراج ول يسع
المام ول يلّ له أن يغيّر ذلك ول يوله عما جرى عليه أمرُ رسول ال صلى ال عليه
وسلم وحكمه؛ فقد بينتُ لك فخذ بأي القولي أحببتَ ،واعمل با ترى أنه أصلح
للمسلمي وأعم نفعـا لاصتهم وعامتهم وأسلم لك ف دينك إن شاء ال تعال))(.)1
وقال ابن قدامة ي رحه ال ي ف ((الغن))((( :)2وللمام إقطاع الوات لن
يييه ،فيكون بنلة التحجر الشارع ف الحياء)) ،ث ساق الدلة على ذلك .
وقال المام الشافعي ف كتابه ((الم))()3بعد كلم له ف إحياء الوات (( :وإذا أبان
رسول ال صلى ال عليه وسلم أنّ من أحيا أرضـا مواتـا فهي له ي والوات :ما ل
ملك فيه لحد ي خالصـا دون الناس ،فللسلطان أن يقطع من طلب مواتـا ،فإذا
أقطع كتب ف كتابه :ول أقطعه ح ّق مسلم ،ول ضررًا عليه)) .
قال الشافعي (( :وخالفنا ف هذا بعض الناس فقال :ليس لحدٍ أن يمي مواتـا
إل بإذن السلطان ،ورجع صاحبه إل قولنا فقال :وعطية رسول ال صلى ال عليه
() ( ، ) 4/46وان ظر ((ال سنن ال كبى)) للبيه قي 6/148 ( :ي ، 149باب من أق طع قطي عة 3
أو ت جر أرض ـا فلم يعمر ها ) ،وان ظر (( :العر فة)) للبيه قي أيض ـا 9/11 ( :ي ، 20باب
إقطاع الوات وإحياؤه ،وباب المى ) .
142
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وسلم أثبت العطايا؛ فمن أحيا مواتـا فهو له بعطيّة رسول ال صلى ال عليه وسلم ،
وليس للسلطان أن يعطي إنسانـا ما ل يلّ للنسان أن يأخذه)) .
وقال الزرقان ف شرح حديث (( :من أحيا أرضـا ميتة فهي له)) (( :بجرّد
الحياء ،ول يتاج لذن المام ف البعيدة عن العمارة اتفاقـا ،قال مالك :معن
الديث :ف فياف الرض ،وما بعُد من العمران ،فإن قرب فل يوز إحياؤه إل
بإذن المام)) .
وقال أشهب (( :وكثي من أصحابنا وغيهم يييها من شاء بغي إذنه)) .
قال سحنون (( :وهو قول أحد ،وداود ،وإسحاق)) .
والشافعي قائلً (( :عطية رسول ال صلى ال عليه وسلم لكل من أحيا مواتـا
أثبت من عطية من بعده من سلطان وغيه ،واستحب أشهب إذنه لئل يكون فيه
ضرر على أحد))(.)1
رابعـا :إن سيد قطب نفسه قد قرّر ف هذا الكتاب ((العدالة الجتماعية)) :أن
إقطاع السلطان بعض الرض الت ل مالك لا واحد من وسائل التملّك الفردي ،
وذكر أن النب صلى ال عليه وسلم واللفاء بعده أقطعوا أناسـا ،فقال (( :ثامنـا :
إقطاع السلطان بعض الرض الت ل مالك لا ما آل إل بيت مال السلمي من
الشركي الذين ل ورثة لم؛ فالمام وليهم ،أو من أرض الوات ل مالك لا كذلك .
وقد أقطع النبّ صلى ال عليه وسلم أبا بكر وعمر أرضـا ،كما أقطع اللفاء
من بعده مكافأة على جهد بارز وخدمة للسلم ولكن ف حدود ضيقة ومن الرض
الت ل مالك لا والرض الوات؛ فلما جاء بنوا أمية نبوا الناس ،وأقطعوا الرض
لذويهم؛ فكانوا ملوكـا ظلمة ،ل خلفاء راشدين كما سيجيء))(.)2
فهؤلء فقهاء السلم متفقون أن للمام أن يقطع السلمي من الراضي الوات
ما ل يضرّ بالسلمي .
143
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وهذا سيد قطب نفسه يرى أن للمام أن يقطع الراضي الت ل مالك لا فما باله ل
يعترض على سلطان من السلطي إ ّل على عثمان بن عفان ،ويستشهد
بالرواية الباطلة النسوبة ظلمـا وزورًا إل أمي الؤمني علي بن أب طالب؛ فهل كان
عثمان ف نظر سيد من بن أمية الظلمة الذين قال عنهم (( :فلما جاء بنو أمية نبوا
الناس ،وأقطعوا الرض لذويهم()1؛ فكانوا ملوكـا ظلمة ل خلفاء راشدين)).
ل شكّ أن سيد قطب ل يمل هذه الملت على عثمان ول يستروح إل
الروايات الباطلة الت تطعن فيه إلّ من هذا النطلق؛ وقد صرّح بأن خلفة عليّ كانت
امتدادًا طبيعيـًا لعهد الليفتي ،وأن عهد عثمان كان فجوةً؛ وهنا يريد إبطال
تصرّفاته وإبطال إقطاعاته .
خامسـا :كيف يقول علي ي رضي ال عنه ي هذا القول (( :أل إن كل
قطيعة أقطعها عثمان ،وكل مال أعطاه من مال ال فهو مردودٌ ف بيت الال)) بذا
العموم والشمول ،فلماذا أجع الصحابة على بيعة عثمان إذًا ؟ ،ولاذا كان
إمامـا ؟ ،وكل عطاء أعطاه ،وكل قطيعة أقطعها طوال خلفته الطويلة باطل ؟ .
أل إنه كذب الروافض ،يتعلّق به سيد قطب ،لاذا ؟ ،لنه طعن ف عثمان
فحسب ،وإلّ فإن مرّد ساع هذا الراء يكفي للحكم على بطلنه وأنه مفترى
على عليّ ـ رضي ال عنه ـ .
بقية الطبة الفتراة على عليّ ـ رضي ال عنه ـ :
((أيها الناس ...أل ل يقولن رجال منكم غدًا ي وقد غمرتكم الدنيا فامتلكوا
العقار وفجّروا النار واتذوا الوصائف()2الرققة إذا منعتهم ما كانوا يوضون فيه
وأصرتم إل حقوقهم الت يعلمون :حرمنا ابن أب طالب حقوقنا .
أل وأيا رجل من الهاجرين والنصار من أصحاب رسول ال صلى ال عليه
وسلم يرى أن الفضلَ له على سواه بصحبته فإن الفضلَ غدًا عند ال وثوابه وأجرُه
() الوصائف :جع وصيفة ،وهي ا َلمَة ،والعبد وصيف . 2
144
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
على ال .
أل وأيا رجل استجاب ل ولرسوله ،فصدّق ملتنا ،ودخلَ ديننا ،واستقبل
قبلتنا فقد استوجب حقوق السلم وحدوده؛ فأنتم عباد ال ،والالُ مالُ ال يقسم
بينكم بالسوية ،ول فضلَ لحدٍ على أحد ،وللمتقي عند ال أحسنُ الزاء))(.)1
وهذه الطبة تبز لنا أناسـا آخرين من الهاجرين والنصار قد امتلكوا العقار
وفجّروا النار .
ث أقول :إن واضعَ هذه الطبة مع كذبِه فهو من أجهل الناس بتاريخ عل ّي نفسه
ي رضي ال عنه ي؛ كان الهادُ ف سبيل ال والفتوحات السلمية ف عهده قد
توقّفت فل غنائم ول فء؛ فما هي الموالُ الت يقسمها بي الغنياء والفقراء
والهاجرين والنصار وغيهم ؟! .
إن الفت والروب الداخلية ومشاكل الثوّار ف داخل جيشِه قد فعلت بقوّة عليّ
وشجاعته وعدله كل الفاعيل .
فلو فرضنا أنه كان يرى أن إقطاعات عثمان وعطاءه كان باطلً أكان يستطيع
أن يستعيدَها من حازوا هذا العطاء خصوصـا بن أمية الذين قاتلهم وقاتلوه حت كان
النصر والظفر لم ف النهاية ؟ .
ث أين هي البلدان الت فتحت ف عهد علي ؟ ،وكم كانت هذه الغان الت يزعم
مفتري الطبة أن عليـًا سيقسمها بالسوية ؟!! .
إن هناك عقبات كئيدة وقفت ف وجه عليّ ي رضي ال عنه ي أخطرُها :ترّد
جيشِه عليه من الثوار على عثمان والوارج والغُلة وغيهم .
فهل ترك هؤلء له الفرصة لَيعِدَ مثل هذه الوعود ،فضلً عن تنفيذِها(.)2
() ((العدالة)) ( ص ) 163 :ط ثانية عشرة ،و ( ص ) 193 :ط خامسة . 1
() إن ما يؤكد كذب هذه الط بة الت تزعم أ نّ علي ـًا وعد بر ّد عطا يا عثمان :أن عثمان كان قد 2
أقطيع طلحية أرضـيا بالعراق تسيمى (النشاسيتج) .ذكير ذلك ابين شبّية في ((تاريهي))
( ج ، 3ص . ) 239 :
145
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وذكر ابن سعد ف ((طبقاته)) ( ج ، 3ص (( : ) 224 :أن عمران بن طلحة دخل على عل ّي ي
ر ضي ال ع نه ي فأكرمَه وأجل سه على طنف سة ،ث قال له :أ ما إ نا ل نق بض أرض كم هذه ال سني
ونن نريد أن نأخذها ،إنا أخذناها مافةَ أن ينتهبها الناس .يا فلن اذهب معه إل ابن قرظة فمُره
ليدفع إليه أرضه وغلة هذه السني ،يا ابن أخي وأْتنا ف الاجة إذا كانت لك)) .
() ((العدالة)) ( ص ) 163 :ط ثانية عشرة ( ،ص ) 193 :ط خامسة . 1
146
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وسلم بالييّة ؟ ،أل تعلم أنّ هؤلء هم الذين فتحوا الدنيا ونشروا السلم ف
مشارق الرض ومغاربا ،وعلّموا الناس العدل ؟ .
أل تدرك أنّك بتصويرهم بذه الصورة الشوهاء تؤكّد مطاعن أهل الرفض
والزندقة ومطاعن سائر أعداء السلم من اليهود والنصارى البشرين والستشرقي
والستعمرين .
بأيّ تاريخ يعتزّ السلمون ؟ ،وبأي الماد يلهجون إذا كان هذا هو واقع
أسلفهم ؟؛ فك ّل مواقفهم تابعة لهوائهم وشهواتم ف نظر سيد قطب؛ فل
ينصرون الق ،ول يفكّرون فيه ،ول يبحثون عنه ؟؟! .
واصل سيد قطب طعنه ف بن أمية مستثنيـا عهد عمر بن عبد العزيز .
ث ذكر خطبتي مزعومتي لعاوية ل تليقُ بن هو دونَه ،فكيف به .
وذكر خطبة للمنصور ف زعمه .
ث قال (( :أما سياسة الال فكانت تبعـا لسياسة الكم وفرعـا عن تصوّر
الكام لطبيعة الكم وطريقته ،ولقّ الراعي والرعية؛ فأما ف حياة ممد صلى ال
عليه وسلم وصاحبيه وخلفة عليّ بن أب طالب فكانت النظرة السائدة هي النظرة
السلمية ،وهي :إن الال العام مال الماعة ،ول حقّ للحاكم بنفسه أو بقرابته
أن يأخذ منه شيئـا إل بقّه ،ول أن يعطي أحدًا منه إل بقدر ما يستحقّ؛ شأنُه
شأن الخرين .
وأما حي انرف هذا التصوّر قليلً ف عهد عثمان فقد بقيت للناس
حقوقهم ،وفهم الليفة أنه ف حلّ ـ وقد اتسع الال عن القررات للناس ـ أن
يطلق فيه يدَه بب أهله ومن يرى من غيهم حسب تقديره .
وأما حي صار الكم إل اللك العضوض فقد انارت الدود والقيود وأصبح
الاكم مطلق اليد ف النع والنح بالق ف أحيانٍ قليلة ،وبالباطل ف سائر الحيان ،
واتسع مال السلمي لترف الكام وأبنائهم وحاشيتهم وملقيهم إل غي حد ،
147
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
() ((العدالة)) ( ص ) 168 :ط ثانية عشرة ،و ( ص ) 200 :ط خامسة . 1
148
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
((هذا التصوّر لقيقة الكم قد تغيّر شيئـا ما دون شكّ على عهد عثمان
وإن بقيَ ف سياج السلم فقد أدركت اللفة عثمان وهو شيخٌ كبي ومِن ورائه
مروان بن الكم يصرف المر بكثي من النراف عن السلم)) .
فهذه الملة على ما فيها من إقدام وإحجام تبيّن أن سيد قطب يعتقد أنّ المرَ
قد انرف كثيًا ف عهد عثمان .
وقوله بعد أن ساق رواية كاذبة مضمومنها :أنه أعطى زوج ابنته مائت ألف
فبكى من ذلك زيد بن أرقم الذي يستشعر روح السلم الرهف ،فغضب عثمان
على الرجل الذي ل يطيقُ ضميه هذا التوسعة من مال السلمي على أقارب خليفة
السلمي ،وقال له (( :ألق الفاتيح يا ابن أرقم فإنا سنجد غيَك)) .
قال (( :والمثلة كثية على هذه التوسعات)) ،ث ذكر منحـا كبية للزبي
وطلحة ومروان .
ث يقول (( :وغي الال كانت الوليات تغدق على الولة من قرابة عثمان ،
وفيهم معاوية الذي وسع عليه ف اللك فضم إليه فلسطي وحص ،وجع له قيادة
الجناد الربعة ،ومهّد له بعد ذلك أن يطلب اللك ف خلفة علي وقد جع الال
والجناد وفيهم الكم بن العاص طريد رسول ال صلى ال عليه وسلم الذي آواه
عثمان ،وجعل ابنه مروان بن الكم وزيره التصّرف ،وفيهم عبد ال بن أب سرح
أخوه من الرضاعة(.)1
ويقول (( :ولقد كان الصحابة يرون هذا النراف عن روح السلم
فيتداعون إل الدينة لنقاذ السلم وإنقاذ الليفة من الحنة والليفة ف كبته
وهرمه ل يلك أمره من مروان))(.)2
ويقول (( :مضى عثمان إل رحة ربه وقد خلّف الدولة الموية قائمة بالفعل
بفضل ما مكن لا ف الرض ،وباصة ف الشام ،وبفضل ما مكن للمبادئ الموية
() ((العدالة)) ( ص ) 159 :ط ثانية عشرة ،و ( ص ) 187 :ط خامسة . 1
149
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
() ((العدالة)) ( ص ) 160 :ط ثانية عشرة ،و ( ص ) 190 :ط خامسة . 1
150
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
() ((العدالة)) ( ص ) 170 :الثانية عشرة ،و ( ص ) 205 :ط خامسة . 2
151
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التعليق
أولً :يب النتباه إل أن سيد قطب إنا اختار ما يزعمه أنه هو رأي أب بكر
وما يزعم أنه رجع إليه عمر ف آخر حياته؛ لنه ي كما يزعم ي أقمن أن يقق
الساواة وأحرى أن ل ينتج النتائج الطرة الت نشأت عن هذا التفاوت من تضخّم
ثروات فريقٍ من الناس ...إل .
إن الساواة القيقية والواقعية والساواة الشريفة العادلة موجودة على أحسن
صورة ف السلم ف كثي من الجالت :ف القصاص ،والديات ،والدود ،
والرث ،والعبادات ،وكثي من القوق والواجبات .
إل بعض الفروق الت تقتضيها حكمة ال بي الذكور والناث ،والحرار
والعبيد ،والسلمي والكفّار؛ وتفاصيل ذلك معروفة لدى علماء السلم()2وف
دواوينه.
لكن الساواة الت يقررها سيد قطب شيء آخر ،إنا شعارات جوفاء كان
يرددها ف عهده الشيوعيون والشتراكيون النتسبون إل السلم الذين تأثروا
بالفكر الشيوعي ف القتصاد .
فشرعوا يفسّرون نصوص القرآن والسنة وقواعد الشريعة تت شعار الشتراكية
السلمية با يوافق الشيوعية ف مزاعمها من الساواة الطلقة ووجوب التوازن والتعادل
() سوف تأت لح ٌة فيها شيءٌ من التفصيل ف هذه المور . 2
152
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والتأميم وماربة الترف والتضخّم الال إل آخر الشعارات الت مؤدّاها فرض عبودية
عامّة على الشعوب ليصبحوا عبيدًا للحزب الاكم بعد مساواة الغنياء بالعدَمي ف
الفقر والذل تت سيطرة الزب التحكم الستبد .
قد تأخذ العاطفة العمياء بعض العجبي بسيد قطب وبنهجه ومؤلفاته ،ولكن
السلم التجرّد من الهواء وتقديس الشخاص سيدرك فداحة ما يقرّره سيد باسم
السلم سواء ف الجالت العقائدية أو السياسية أو القتصادية .
153
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
() هذا عنوان قرر تته فكره الشتراكي الغال . 2
154
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
155
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
156
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقوله عز وجل { :يا أيها الذين آمنوا أطيعوا ال وأطيعوا الرسول وأول المر
منكـم فإن تنازعتـم فـشيـء فردوه إل ال والرسـول إن كنتـم تؤمنون بال واليوم
( . )2
الخر ذلك خي وأحسن تأويل}
( )2
وقوله سبحانه{ :وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إل ال }
وقوله سيبحانه{ :أفحكـم الاهليـة يبغون ومـن احسـن مـن ال حكمـا لقوم
( )3
يوقنون}
()4
وقوله سبحانه{ :ومن ل يكم با انزل ال فاولئك هم الكافرون}
( . )5
{ومن ل يكم با أنزل ال فأولئك هم الظالون}
()6
{ومن ل يكم با انزل ال فأولئك هم الفاسقون}
واليات ف هذا العن كثية .
وقد أجع العلماء على أن من زعم أن حكم غي ال أحسن من حكم ال ،أو أن
هدي غ ي ر سول ال صلى ال عل يه و سلم أح سن من هدي الر سول صلى ال عل يه
وسلم فهو كافر ،كما أجعوا على أن من زعم أنه يوز لحد من الناس الروج عن
شريعة ممد صلى ال عليه وسلم أو تكيم غيها ،فهو كافر ضال.
)(2النساء . 59 :
)(2الشورى 10 :
)(3الائدة 50
)(4الائدة 44
)(5الائدة 45 :
)(6الائدة 47 :
157
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وباي ذكرناه مين الدلة القرآنيية وإجاع أهيل العلم يعلم السيائل وغيه أن الذيين
يدعون إل الشتراكيية أو الشيوعيية أو غيهاي مين الذاهيب الدامية الناقضية لكيم
السلم كفار ضلل أكفر من اليهود والنصارى ،لنم ملحدة ،ل يؤمنون بال ول
باليوم ال خر ،ول يوز أن ي عل أ حد من هم خطي با وإما ما ف م سجد من م ساجد
ال سلمي ،ول ت صح ال صلة خلف هم ،و كل من ساعدهم على ضلل م وح سّن ما
يدعون إلييه وذم دعاة السيلم ولزهيم ،فهيو كافير ضال ،حكميه حكيم الطائفية
اللحدة ،الت سار ف ركابا وأيدها ف طلبها ،وقد أجع علماء السلم على أن من
ظاهير الكفار على السيلمي وسياعدهم عليهيم بأي نوع مين السياعدة ،فهيو كافير
مثل هم ،ك ما قال ال سبحانه { :يا أي ها الذ ين آمنوا ل تتخذوا اليهود والن صارى
أولياء بعضهـم أولياء بعـض ومـن يتولمـ منكـم فإنـه منهـم إن ال ل يهدي القوم
( . )1
الظالي}
وقال تعال { :يـا أيهـا الذيـن آمنوا ل تتخذوا آباءكـم وإخوانكـم أولياء إن
( . )2
استحبوا الكفر على اليان ومن يتولم منكم فأولئك هم الظالون }
وأرجو أن يكون فيما ذكرناه كفاية ومقنع لطالب الق ،وال يقول الق وهو
يهدي السبيل ،ونسأله سبحانه أن يصلح أحوال السلمي ،ويمع كلمتهم على
الق ،وأن يكبت اعداء السلم ،ويفرق جعهم ،ويشتت شلهم ،ويكفي السلمي
شرهم ،إنه على كل شيء قدير ،وصلى ال وسلم على عبده ورسوله نبينا ممد وآله
وصحبه.
ثانيـا :هذا التعليل الذي علل به سيد قطب ل يعرفه أبو بكر ول عمر ،ول
158
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
() مثيل (( :معركية السيلم والرأسيالية)) ،و ((السيلم ومشكلت الضارة)) ،وإشارات في 1
((الظلل)) .
() ( ص . ) 45 : 2
159
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وسلم عدة فليأت؛ فجاء جابر بن عبد ال ،فقال :قال ل رسول ال صلى ال عليه
وسلم (( :لو جاء مال البحرين أعطيتك هكذا وهكذا)) .
وفيه :أنه قسم بالسوية بي الصغي والكبي ،والر والملوك ،والذكر والنثى؛
فخرج على سبعة دراهم سبعة دراهم؛ فلما كان العام القبل جاء مالٌ كثي ،وهو أكثر
من ذلك ،فقسمه بي الناس ،فأصاب كل إنسان عشرين درهـا .
ورواه البيهقي()1من طريق زيد بن حباب :حدثن أبو معشر قال :حدثن
عمر مول غفرة()2وغيه قال :لا توف رسول ال صلى ال عليه وسلم جاء مالٌ من
البحرين ...فساقه مطوّلً ،وفيه :قسمة عمر ي رضي ال عنه ي ،وتفضيله فيها
على حسب السوابق وعلى حسب القرابة من رسول ال صلى ال عليه وسلم .
وف كلّ من روايت أب يوسف والبيهقي إرسال .
والظاهر :أن مدار الروايتي على أب معشر نيح بن عبد الرحن السندي وهو
ضعيف؛ قال المام أحد (( :أضعفهم عنه حديثـا أبو معشر)) ،وقال (( :ضعيف)) ،
وقال (( :صدوق ،لكنه ل يقيم السناد))(.)3
وقال الافظ ابن حجر ف ((التقريب)) (( :ضعيف ،من السادسة ،أسنّ
واختلط ،مات سنة سبعي ومائة)) .
وما يؤكد أن مدار الروايتي على أب معشر أمران :
أولما :أنه من شيوخ أب يوسف ي رحه ال ي كما ذكر ذلك المام الزي
ف ((تذيب الكمال))( ، )4ول يذكر أحدٌ من ترجم لب يوسف أن ابن أب نيح
ي وهو عبد ال ي من شيوخه ،ول يذكر أحدٌ من ترجم لبن أب نيح أن أبا
يوسف من أخذ عنه .
() انظر (( :تقريب التهذيب)) ( ج ، 2ص . ) 469 /59 : 2
() انظر (( :العلل ومعرفة الرجال)) ( رقم . ) 3998 ، 3616 ، 875 ، 602 : 3
160
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ثانيهما :أن أبا معشر ي وإن كان مدنيـًا ي فإن اللفية الهدي العبّاسي
أشخصه إل بغداد سنة 161ه ،فبقي با إل أن مات سنة سبعي ومائة( ، )1أما ابن
أب نيح فمات سنة 131ه بالدينة ،وأبو يوسف آنذاك صغي عمرُه حوال خس
عشرة سنة ،ول يكن قد رحل ول يذكر أحد ف حدود علمي أن ابن أب نيح دخل
العراق.
وإذًا :ففي هذه الرواية علتان :
1ي إحداها :ضعف أب معشر .
2ي أن ف إسنادها إرسالً وضعفـا؛ إذ عمر بن عبد ال مول غفرة :
ضعيف ،كثي الرسال( ، )2وهو ل يدرك أبا بكر ي رضي ال عنه ي .
وإذا كان هذا هو حال هذه الرواية عن أب بكر ي رضي ال عنه ي فل يوز
العتماد عليها .
والدهى والمرّ أن تكون من مستندات الطعن ف الليفة الراشد عثمان
ي رضي ال عنه ي وف سائر الصحابة ف عهده ،بل ومعظم التابعي وقريش وبن
أمية بصفة أخص .
خامسـا :مع ضعف هذه الرواية فهي خاصّة بقسمة الفيء فقط على أهل
الدينة فقط ل على جيع السلمي ول ف جيع اليادين .
وهي دارهم قليلة ف الرتي ف الول كانت القسمة على سبعة دراهم ،والثانية
على عشرين؛ ومثل هذا ل تصل فيه مشاحة .
ولو جاءت الموال الكثية لربا غيّر أبو بكر رأيه؛ كل هذا من باب التنل
جدلً ،وعلى فرض ثبوت هذه الرواية وقد عرفت ضعفها .
سادسـا :أن ما نسب إليه ي رضي ال عنه ي مستبعد جدّا؛ لنه كان أشد
161
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الناس اتباعـا لرسول ال صلى ال عليه وسلم وأشدّ الناس خوفـا من مالفته؛
ورسول ال ما كان يسوي ف قسمة الفيء ،بل كان يراعي مصلحة الدعوة فيحصل
بذا السبب التفاوت ،بل أحيانـا التفاوت الكبي؛ ومن المثلة على شدّة متابعة أب
بكر لرسول ال صلى ال عليه وسلم :أن فاطمة بنت رسول ال صلى ال عليه وسلم
سألته نصيبَها ما ترك رسول ال صلى ال عليه وسلم ،فأب عليها ذلك ،وقال :
لستُ تاركـا شيئـا كان رسول ال صلى ال عليه وسلم يعملُ به إل عملت به ،
فإن أخشى إن تركتُ شيئـا من أمره أن أزيغ(.)1
فكيف تقبل رواية ضعيفة ف رجل صِدّيق هذا حاله ومقاله .
تفضيل أب بكر ف العطاء
))()2
سابعـا :أنه قد ورد عنه التفضيل :فقد ذكر ابن كثي ف ((البداية والنهاية
أن أبا بكر ي رضي ال عنه ي نفل خالد بن الوليد -رضي ال عنه -سلب كسرى
وكانت قلنسوته بائة ألف وكانت مرصّعة بالوهر .
وهذه الرواية وإن ل نعرف إسنادها فإنا أول بالتصديق؛ لن رسول ال صلى
ال عليه وسلم كان يفضل ،وكان ينفل السلب ،وكان ينفل بعض السرايا من اليش
الثلث بعد المس والربع بعد المس تشجيعـا على الهاد ،ومراعاة لصلحة الدعوة
السلمية؛ وهذا هو العدل والكمة والفقه .
ثامنـا :أن أبا بكر ل يأخذ فضول أموال الغنياء ول يعزم على ذلك ،فلماذا
ل ياسبه سيد على ذلك كما حاسب عثمان حسابـا شديدًا .إن منهجه يقتضي
ماسبة أب بكر فما هو السرّ ف اختلف الكاييل والوازيي لدى سيد قطب .
ث قد عرفت أن هذا ل يثبت عن عمر ول ينسب إل أب بكر مرّد نسبة()3؛ لن
هذا السلب والنهب ل يوجد إلّ ف شريعة الشتراكيي والشيوعيي نزّه ال عنه
162
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
163
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عنكم ؟)) ،قال له فقهاؤهم :فأما ذوو آرائنا يا رسول ال فلم يقولوا شيئـا ،وأما
أناس منا حديثة أسنانم فقالوا :يغفر ال لرسول ال صلى ال عليه وسلم يعطي
قريشـا ويترك النصار وسيوفُنا تقطر من دمائهم ؟ ،فقال رسول ال صلى ال عليه
وسلم (( :إن لعطي رجالً حديث عهدهم بكفر؛ أما ترضون أن يذهب الناسُ
بالموال وترجعوا إل رحالكم برسول ال صلى ال عليه وسلم ؟؛ فوال ما تنقلبون به
خيٌ ما ينقلبون به)) ،قالوا :بلى يا رسول ال قد رضينا ،فقال لم (( :إنكم سترون
بعدي أثرة
شديدة ،فاصبوا حت تلقوا ال ورسولَه صلى ال عليه وسلم على الوض)) ،قال
أنس :فلم نصب(.)1
وهذا العطاء فيه إيثار لناسٍ بأموال طائلة ،ويقال فيه ما قيل ف العطاء قبله .
وعن جابر بن عبد ال ي رضي ال عنهما ي قال :كان رسول ال صلى ال
عليه وسلم قال ل (( :لو قد جاء مال البحرين قد أعطيتك هكذا وهكذا وهكذا)) ،
فلما قبض رسول ال صلى ال عليه وسلم وجاءنا مالُ البحرين قال أبو بكر :من
كانت له عند رسول ال صلى ال عليه وسلم عدة فليأتن ،فأتيتُه فقلت :إن رسول
ال صلى ال عليه وسلم قد كان قال ل (( :لو قد جاء مال البحرين لعطيتك هكذا
وهكذا وهكذا)) ،فقال ل :أحثه فحيث حثية فقال ل :عدها ،فعددتا ،فإذا هي
خسمائة ،فأعطان ألفـا وخسمائة(.)2
وعن أنس ي رضي ال عنه ي :أت النب صلى ال بال من البحرين فقال :
((انثروه ف السجد)) ،فكان أكثر مالٍ أت به رسول ال صلى ال عليه وسلم ،إذ جاءه
العباس فقال :يا رسول ال أعطن ،فإن فاديت نفسي وفاديت عقيلً ،فقال :
((خذ)) ،فحثا ف ثوبه ،ث ذهب يقله فلم يستطع ،فقال :فمر بعضهم يرفعه إلّ ،
قال (( :ل)) ،قال :فارفعه أنت عليّ ،قال (( :ل)) ،فنثر منه ،ث ذهب يقلّه فلم
يرفعه ،فقال :فمر بعضهم يرفعه عليّ ،قال (( :ل)) ،قال :فارفعه أنت عليّ ،قال :
164
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
((ل)) ،فنثر منه ث احتمله على كاهله ث انطلق ،فما زال يتبعه بصره حت خفي علينا
عجبـا من حرصه؛ فما قام رسول ال صلى ال عليه وسلم و ّث منها درهم(.)1
وعن عمرو بن تغلب ي رضي ال عنه ي قال :أعطى رسول ال صلى ال عليه
وسلم قومـا ومنع آخرين ،فكأنم عتبوا عليه ،فقال (( :إن أعطي قومـا أخاف
ظلعهم()2وجزعهم ،وأكل أقوامـا إل ما جعل ال ف قلوبم من الي والغن ،منهم
عمرو بن تغلب)) ،فقال عمرو بن تغلب :ما أحبّ أنّ ل بكلمة رسول ال صلى ال
عليه وسلم حر النعم .
وف لفظٍ:أن رسول ال صلى ال عليه وسلم أت بال أو بسب ،فقسمه( .)3بذا.
وعن سعد بن أب وقاص ي رضي ال عنه ي أن رسول ال صلى ال عليه وسلم
أعطى رهطـا وسعدٌ جالس ،فترك رسولُ ال صلى ال عليه وسلم رجلً هو أعجبهم
إلّ ،فقلت :يا رسول ال مالك عن فلن فو ال إن لراه مؤمنـا ،فقال :
((أو مسلمـا)) ،فسكت قليلً ،ث غلب ما أعلم منه فعدت لقالت فقلت :مالك عن
فلن فوال إن لراه مؤمنـا ،فقال (( :أو مسلمـا)) ،فسكت قليلً ،فغلبن ما أعلم
منه فعدت لقالت وعاد رسول ال صلى ال عليه وسلم ،ث قال (( :يا سعد إن لعطي
الرجل وغيه أحبّ إلّ منه خشيةَ أن يكبّه ال ف النار))(.)4
وعن أنس ي رضي ال عنه ي قال :دعا النب صلى ال عليه وسلم النصار إل
أن يقطعهم البحرين فقالوا :ل إل أن تقطع لخواننا من الهاجرين مثلها ،قال (( :إما
ل فاصبوا حت تلقون؛ فإنه سيصيبكم بعدي أثرة))(.)5
وعن ابن عمر ي رضي ال عنهما ي :أن رسول ال صلى ال عليه بعث سريّة
فيها عبد ال بن عمر قِبل ند ،فغنموا إبلً كثية ،فكانت سهمانم اثن عشرة بعيًا ،
() البخاري ( :المس ،حديث 3165 :تعليقـا ) . 1
() متف ٌق عليه .انظر (( :اللؤلؤ والرجان)) ، 1/32 ( :ح . ) 91 : 4
165
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
() البخاري ، 57 ( :المس ،حديث ، ) 3134 :مسلم ، 33 ( :الهاد . ) 35 ، 1749 ، 1
() ((سنن أب داود)) تقيق عزت عبيد الدعّاس ( :ج ، 3ص . ) 183 4
166
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الذين شهدوا العارك ،فيعطي للرجل سهمـا ،وللفرس سهمي بعد إخراج المس ،
وقد يتصرّف أحيانـا ف هذا كما أشرك أهل السفينة ف مغان خيب ول يعط سواهم
من غاب ،وقد يصل تفضيل لبعض الناس بإعطائه سلب قتيله ،وقد يفضل بعض
السرايا بتنفيلهم الربع بعد المس ف الذهاب إل الهاد والثلث عند الوبة منه .
وما يعتقد مسلمٌ أن أبا بكر يرجُ عن هذا الدي النبوي السمح الكيم .
وما يعتقد مسلم أنه يسوّي بي الحرار والعبيد ،والذكور والناث وقد فاوت
ال بي درجاتم ،ومضى على هذا السنن رسول ال صلى ال عليه وسلم؛ فإن
رسول ال صلى ال عليه وسلم كان يرضخ لن حضر العارك من النساء والعبيد
ل تسأل عن الرأة والعبد رضخـا ،كما قال ابن عباس لنجدة (( :إنك كتبت إ ّ
يضران الغنم هل يقسم لما شيء ،وإنه ليس لما شيء إلّ أن يذيا(.)1
وعند أب داود((( :)2قد كن يضرن الرب مع رسول ال صلى ال عليه وسلم
فأما أن يضرب لن بسهم فل ،وقد كان يرضخ لن .
وقريبٌ من هذا اللفظ ف ((مسلم)) أيضـا .
وعلى هذا الدلة الصحيحة اعتمد أكثر فقهاء السلم فذهبوا إل أن النساء
والعبيد ل يسهم لم ،وإنا يرضخ لم ،وخالف الوزاعي فقال :يسهم للنساء ،
وعمدته حديث ضعيف ل تقومُ به الجة .من كلم الطّاب تعليقـا على
أحاديث أب داود(.)3
وكذلك الزية وهي من حقوق السلم والسلمي على أهل الذمة ،فل تكون
على النساء ول على الصبيان .
فعن معاذ بن جبل ي رضي ال عنه ي أن النب صلى ال عليه وسلم حي بعثه
إل اليمن قال :خذ من كل حال دينارًا .أخرجه أصحاب السنن ،وصححه
167
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
() سبق بيان أن التسوية ل تثبت عن أب بكر ي رضي ال عنه ي . 3
168
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
169
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تصرفات الرسول الكري صلى ال عليه وسلم ،وقد سقنا أحاديث ف ذلك فيما
سبق .
هذا فيما يتعلّق بأصل السألة وهو التفضيل .
2ـ أن له ملحظان ف التفضيل :
أ ي السابقة؛ ومِن هنا فضّل الهاجرين ففرضَ لم على خسة آلف خسة
آلف ،ولن شهد بدرًا من النصار أربعة آلف ،ولن شهد الديبية ثلثة آلف .
ب ي النسب والقرابة؛ ففرض عمر ي رضي ال عنه ي لزواج النب صلى
ال عليه وسلم اثن عشر ألفـا إثن عشر ألفـا .
وفرض للعباس بن عبد الطلب عم النب صلى ال عليه وسلم اثن عشر ألفـا ،
ولسامة بن زيد أربعة آلف ،ولعبد ال بن عمر ثلثة آلف ،وفرض للحسن
والسي خسة آلف خسة آلف ألقهما بأبيهما .
وعلى هذا :فإن عمر ل يراع التعادل بي الهد والزاء كما يقول سيد قطب ،
وإنا راعى التباع ث السابقة ث شرف القرابة من رسول ال صلى ال عليه وسلم ،
كما بدأ ببن هاشم وبن الطلب وغيهم من بطون قريش حت كان عمر نفسه وأهله
ف آخر البيوت .
وأما أبو بكر فلم تثبت عنه هذه الساواة الطلقة الت تعلق با الشتراكيون
وجعلوها شعارًا ،بل هي ل تثبت عن رسول ال ول عن عمر ول عثمان وعلي
ي رضي ال عنهم ي ف أبواب الال خاصة ،وإن كانت ثابتة ف باب القصاص كما
قال تعال { :وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعي بالعي والنف
بالنف والذن بالذن والسن بالسن والروح قصاص } ،وكما قال تعال { :كتب
عليكم القصاص ف القتلى الر بالر والعبد بالعبد والنثى بالنثى فمن عفي له من
أخيه شيء فاتباع بالعروف وأداء إليه بإحسان } .
وف الدود تقام على الشريف والوضيع :حد الزنا ،والسرقة ،والرابة ،
والقذف ،ل يفرق فيها بي شريف ووضيع ،وعرب وعجمي ،وغن وفقي كما قال
170
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صلى ال عليه وسلم (( :وال لو سرقت فاطمة بنت ممد لقطعتُ يدها)) .
171
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وإنصافُ الظلوم من الظال ونصرته ل فرقَ بي هذه الصناف كلها ،إل ميادين
أخرى تتحقق فيها هذه الساواة .
والعجب أن سيدًا يرى أن لب بكر وعمر أن يتهدا فيذهب أحدها إل
الساواة والخر إل التفضيل ،ويرى أن لكل منهما أصلً ف السلم ،ول يرى هذا
الق لعثمان ي رضي ال عنه ي ،بل يرى سيد هذا الق لكل إمامٍ مسلم ،بل يراه
لنفسه ،ول يراه لعثمان الليفة الراشد .
والعجب ثانية :أن سيدًا يوض هذه الآزق ول يلتفت إل سنة رسول ال صلى
ال عليه وسلم ول يلتفت إل مذاهب وأقوال أئمة الفقه والديث .
والعجب ثالثة :أن سيدًا يقيس المور بقاييس عصره كأن عمرًا وأبا بكر
عايشا عصر الصراع بي الرأسالية والشتراكية فلهذا كان عمر يرتعد فرقـا من زيادة
رؤوس أموال بعض الناس وتضخمها ،فلما رأى هذه النتائج الطرة آل لئن جاء عليه
العام ليسوين ف العطيات وقال قولته الشهورة ( :لو استبقلت من أمري ما استدبرت
لخذت من الغنياء فضول أموالم فرددتا على الفقراء) .
هكذا يصور سيد عمر ف ضوء أو ف ظلمات هذه الروايات الزائفة؛
يصوّره وهو يشرع وينوي التأميم والصادرة كأنه من زعماء الشتراكية الكبار
ي والعياذ بال ي .
إن ال ل يعط هذا الق لرسله وأنبيائه فكيف يعطي سيد قطب هذا الق لعمر؛
حاشا عمر ث حاشا عمر أن يفكر مثل هذا التفكي أو يقولَ مثل هذا القول وقد سع
ممدًا رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول (( :ما أعطيكم ول أمنعكم ،إنا أنا قاسم
أضع حيث أُمرت))( ، )1وقد سعه يقول (( :إن دماءكم ،وأموالكم ،وأعراضكم حرامٌ
عليكم كحرمة يومكم هذا ف بلدكم هذا ف شهركم هذا؛ أل هل بلّغت ؟))(، )2
() البخاري ( :كتاب الج ،ح ، ) 1739 :ومسلم ( ، 51كتاب الج ،ح . ) 1218 : 2
172
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقد سعه يقول وقد غل السعر فقال له أصحابه( :)1يا رسول ال لو سعّرت ،فقال :
((إن ال هو الالق القابض الباسط الرازق السعر ،وإن لرجو أن ألقى ال ول يطلبن
أحد بظلمة ظلمتُها إياه ف دمٍ ول مال)) .
وف الباب أحاديث عن أب هريرة ،وأب سعيد ،وابن عباس ،وأب جحيفة .
وجهور العلماء على منع التسعي بناء على هذه الدلة؛ فإذا كان رسول ال يرى
التسعي ظلمـا وأنه صلى ال عليه وسلم إنا هو قاسم يضع حيث أُمر ،ويرّم الدماء
والموال هذا التحري الؤكّد فكيف يعقل أن يقوم عمر بصادرة أموال الناس وتأميمها
على الصطلح الشتراكي؛ حاشاه ث حاشاه من هذا الفكر والتفكي (الثوري
الشتراكي) .
ث إن هذا الثر (( :لو استقبلت من أمري ما استدبرت لخذت من الغنياء
فضول أموالم فرددتا على الفقراء ) .ل أجده ،ولكن قال ابن أب شيبة ف
((مصنفه))( :)2حدثنا وكيع قال :حدثنا سفيان عن حبيب بن أب ثابت ،عن أب وائل
قال :قال عمر لئن بقيت لخذن فضل مال الغنياء ولقسمنه ف فقراء الهاجرين .
وف إسناده حبيب بن أب ثابت()3وهو مدلس ،عدّه الافظ ابن حجر ف الطبقة
الثالثة ،وهم من أكثر من التدليس ،فلم يتج الئمة من أحاديثهم إلّ با صرّحوا فيه
بالسماع؛ وحبيبٌ منهم فل حجة ف روايته .
وهناك احتمال علة أخرى ف إسناد هذه الرواية من قبل أب وائل وهي الرسال
الفي؛لن أبا وائل كان يرسل كما ذكر ذلك ابن أب حات عن أبيه وعن المام أحد.
وهذا المر الطي الذي يتضمن أخذ أموال حرّمها ال تريـا شديدًا
كتحري الدماء والعراض مالف للكتاب والسنة وإجاع المة ،مالف لا يتمتع به
يند أحد ي)) ، ) 3/156 ( :وأب ي داود 17( :البيوع ،ح ، ) 3451 :والترمذي :
() ((مسي 1
173
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
174
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أن يأخذ الكلم البعيد عن هدي الرسول صلى ال عليه وسلم وهدي عمر والصحابة
على عواهنه وعلى عجره وبره فيطعن به ف عثمان ي رضي ال عنه ي ويسقط به
خلفته ث يقدمه للمة على أنه هو النهج السلمي الق ؟!! .
وما يقوله سيد من تضخم ثروات فريقٍ من الناس وتزايد هذا التضخم عامـا
بعد عام بالستثمار ...إل قوله (( :هذه النتائج رآها عمر ف آخر أيام حياته فآل لئن
جاء العام ليسوين ف العطيات ،وقال قوله الشهورة :لو استقبلتُ من أمري))...
إل.
أقول :يوهم سيد قطب القرّاء با يهول به من تضم الثروات ونتائجه الؤلة أن
كل هذا وذاك جاء بسبب التفضيل ف العطاء؛ فهل الواقع كذلك ؟ .الواب :كل .
أولً :أن هذه تاويل من تاويل من امتلت أدمغتهم بالشتراكية .
ثانيـا :أن من وسع ال عليه من الصحابة الكرام ل يرجع ثراؤه إل العطاء
الذي يناله من الفيء والراج ،وإنا مردّ ذلك أولً إل فضل ال ومنّه وعطائه؛ فهو
سبحانه يبارك ويوسع على من يشاء من خلقه ويقدّر على من شاء منهم ث إل
السباب الت يبارك ال فيها من السعي ف التجارة وحسن التدبي والدارة والسعي
ف تنمية الموال واستثمارها ،ث بركة ال وحسن توفيقه وإتاحة الفرص لنجاح
الصفقات التجارية .
ولو كان سبب التضخّم هو التفضيل ف العطاء لكان زوجات رسول ال أكثر
الناس ثراء؛ لن عطاءهن كان أكثر ،إذْ كان عمر يعطي الواحدة منهن اثن عشر
ألفـا ،وكذلك العباس كان عمر يعطيه اثن عشر ألفـا ،وكان يعطي البدريي
الهاجرين على خسة آلف خسة آلف ،ومنهم عبد الرحن بن عوف ،وطلحة ،
والزبي ،وعثمان ي رضي ال عنهم ي ،وأبو ذر ،وسعيد بن زيد ،والقداد ،وابن
مسعود ،وبلل ،وعمّار .
فكيف استمر بعضهم مقلّ معدمـا وبعضهم ذا طول وغن مع توحّد
العطاء ؟!! .
175
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فلو كان سبب التضخم الال هو تفاوت الناس ف العطاء فلماذا يوت
بعض الهاجرين والنصار فقيًا مدينـا وبعضهم له الثراء الواسع منه يتصدّق
ويصل وبه ويدعم الهاد إل آخر أبواب الي والب الت كانوا يتنافسون فيها
ي رضي ال عنهم ي .
176
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
() ((العدالة)) ( ص ) 172 :ط ثان ية عشرة ( ،ص ) 206 :ط خام سة ،وفي ها (( :من ت صرف 1
177
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عشرة (( :وأن عهد عثمان الذي تكّم فيه مروان كان فجوةً بينهما)) .
178
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يقول سيد قطب ف كتابه ((الظلل))()1ف تفسي قول ال تعال { :ل ينال
عهدي الظالي } :
((والظلم أنواع :ظلم النفس بالشرك ،وظلم الناس بالبغي ...والمامة المنوعة
على الظالي تشمل كل معان إمامة الرسالة ،وإمامة اللفة ،وإمامة الصلة ...
وكل معن من معان المامة والقيادة؛ فالعدل بكل معانية هو أساس استحقاق هذه
المامة ف أيّ صورة من صورها .
ومَن ظلم أي لون من الظلم فقد جرد()2نفسه من حق المامة وأسقط حقه فيها
بكل معن من معانيها)) .
فهل من يرى هذا الرأي ف المامة ويرى أن خلفة عثمان كانت فجوةً ،ويرى
أن أسس السلم قد هدمت ف عهد عثمان ،وروحه قد انتهت ،ويكفّر المة
بأجعها يبقى ف نفسه أي احترام لعثمان وأمثاله من الصحابة ،فضلً عمّن دونَهم ل
يبعد أن الرجل يكفّر بأي لون من ألوان الظلم؛ استمع إليه ماذا يقول ف تفسي الية
الذكورة ف المة السلمية :
((وهذا الذي قيل لبراهيم ي عليه السلم ي وهذا العهد بصيغته الت ل التواء
فيها ول غموض قاطع()3كذلك ف تنحية من يسمون أنفسهم السلمي اليوم با ظلموا
وبا فسقوا وبا بعدوا عن طريق ال ،وبا نبذوا من شريعته وراء ظهورهم ...
() ( . ) 1/112 1
() والعجب أشد العجب من القطبيي كيف يتخذون سيد قطب إمامـا ومدّدًا ؟!! وهو قد ارتكب 2
كثيًا من أنواع الظلم ،فقال بوحدة الوجود ،وباللول ،وال ب ،وعطّل صفات ال ،وقال بلق
القرآن ،وأن ال ل يتكلم ،وأنكير رؤيية ال ،وهوّن مين شأن معجزات الرسيول علييه الصيلة
والسلم ،وكفّر المة بأجعها ،واعتب مساجدها معابد جاهلية ،ودعا إل الشتراكية الغالية ...إل
الضللت العقائدية والفكرية الت وقعَ فيها .
وحت مظهره كحلق اللحية ،وملبسه كان يقلّد فيها أعداء السلم ويتشبّه بم فيها؛ فعلى أ يّ ٍأساس
إسلمي اتذوه إمامـا واعتبوه مددًا ؟؟! .
() الشارة راجعية إل اليهود ،وقيد قال فيهيم نوي ميا قال في السيلمي؛ فل فرق عنده بيي اليهود 3
والسلمي ف القطع بالروج عن ملة إبراهيم عليه السلم وعن عهد ال .
179
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ودعواهم السلم وهم ينحون شريعة ال ومنهجه عن الياة دعوى كاذبة ل تقوم على
أساس من عهد ال))(.)1
وف كتابه ((الظلل)) وغيه من مؤلفاته تكفي واضحٌ للمسلمي حكّامـا
ومكومي لروجهم عن حاكمية ال ف نظره ،ومعظمهم ل ناقة له ول جل ،بل
يتعطشون للحكم بكتاب ال وسنة رسوله صلى ال عليه وسلم .
مع أنه ل يرى شرك الروافض وغلة القبوريي منافيـا لل إله إل ال وللتوحيد
الذي جاء به النبياء ي عليهم الصلة والسلم ي .
ويلحظ القارئ أن سيد قطب يتحسّر ويتأسّف من تضخم الثروات ف عهد
عثمان والذي كان له نتائج مؤلة أودت بالتوازن ف الجتمع السلمي .
فما مكانة هذا التوازن ف منهج السلم ؟؟! .
وهل هو أمر شرعه السلم والرسالت قبله ؟؟ .
180
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
181
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
() البخاري ، 60 ( :النيبياء ،حدييث ، ) 3475 :ومسيلم ، 29 ( :الدود ،حدييث : 1
. ) 1688
182
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وأما أنه هل ت هذا التوازن الزعوم ف عهد النب صلى ال عليه وسلم وخليفتيه
ي رضي ال عنهما ي فلم يكن شيء من ذلك .
ولو كان هذا من السلم ل تشرع الزكاة ول سائر الصدقات ،بل كان ال
يأمر فورًا بالتأميم والصادرات لموال الغنياء أو لفضول أموالم ،بل لو كان التعادل
واجبـا والساواة واجبة لبلّغ ذلك رسول ال صلى ال عليه وسلم أصحابه من
الهاجرين والنصار وكان من السهل أن يتنازل الغنياء حينذاك عن أموالم ل سيما ف
عهد رسول ال صلى ال عليه وسلم ول سيما النصار الذين أثن ال عليهم وأشاد
بإيثارهم على أنفسهم .
لكن السلم الذي يعرف القرآن والسنة والتاريخ يد أنه كان هناك ف عهد
الرسول صلى ال عليه وسلم أغنياء وفقراء والتفاوت بينهم كبي .
فهناك فقراء ف الدينة ،بل وف الزيرة كلها ،وهناك أعراب ،وهناك أهل
الصفة ف مسجد رسول ال صلى ال عليه وسلم كان أحدهم يبوا على بطنه من شدة
الوع()1مع وجود أغنياء وأصحاب ثروات ومزارع .
وف عهد عمر كان عام الرمادة اشتدت الجاعة بأهل الزيرة فكان يقتصر على
جلب الصدقات من المصار السلمية كمصر والعراق والشام ،ول يأخذ الزكاة من
كثي من السلمي ف ذلك العام فضلً عن الصادرة والتأميم .
أرأيت لو كان التوازن أمرًا مشروعـا ف السلم وأخذ فضول الغنياء وردها
إل الفقراء أكان رسول ال صلى ال عليه وسلم يتأخّر عن تنفيذه أو على القل عن
بيانه للمة ؟ .
وهل كان أبو بكر الصدّيق الذي قاتل الرتديي ومانعي الزكاة وقال ( :وال لو
منعون عقالً أو عناقـا كانوا يؤدّونا لرسول ال صلى ال عليه وسلم لقاتلتهم عليها)
يتأخّر عن تطبيق تعاليم السلم الت يزعمها سيد قطب .
() كان هذا يصيل لشدّة كتمان الفقير ولالميوعدم علم الغنياء بمي؛ فإذا علموا ذلك قاموا بسيدّ 1
خلتهم ،بل كانوا ف الغلب يقومون بذلك بدون شكوى من الفقراء .
183
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وهل عمر العبقري الصارم يتأخر طول خلفته عن تنفيذ هذا المر العظيم ف
نظر الشتراكيي ؟ ،ويظل على خلفه طول مدّة خلفته ؟ .
وهل لو كان هذا التوازن ما حتمه السلم يغفله الصحابة والتابعون وأئمة
الفقه والديث ف أحاديثهم وكتب فقههم وتفسيهم وتواريهم ؟!! .
أو أن هذا التوازن الذي جاء به السلم ل يفهمه الرسول وخلفاؤه وعلماء
المة بعده ول يعلموا به حت جاءت الثورات الشيوعية والشتراكية ف القرن
العشرين؛ فهدى ال لدراكه الشتراكيي السمي أنفسهم بالسلميي فبيّنوه للناس
ووضّحوه وأدركوا إشتراكية الرسول صلى ال عليه وسلم ـ حاشاه ـ واشتراكية
عمر والقداد وعلي وأب ذر ـ رضي ال عنهم ـ وحاشهم ،فبيّنوها للمة .
وأنوا بالئمة على عثمان الذي أودت سياسته بذا التوازن()1وحطم السس الت
جاء با هذا الدين( ، )2وتابعه على ذلك بنو أمية أشدّ أعداء الشتراكية والشتراكيي .
وأخيًا نبا القلم بسيد قطب فجعل ما حصل ف عهد عثمان من التضخم ف
الثروات ونتائجه الؤلة إضافة إل ما ف عهد عمر .
فيا ترى هل كان سيد قطب يعتقد أن عمر يتحمل كب ذلك ومسئوليته العظمى
ف نظره ث طوى عن ذلك كشحـا واكتفى بالنظر إليه شزرًا ؟ .
أو كان له رأي آخر والواب عند الشتراكيي السياسيي .
قال سيد قطب (( :اختار علي مبدأ الساواة ف العطاء وقد نص عليه ف
خطبته الول ،قال :أل وأيا رجل من الهاجرين والنصار من أصحاب رسول ال
صلى ال عليه وسلم يرى أن الفضل له على من سواه بصحبته ،فإن الفضل غدًا
عند ال وثوابه وأجره على ال ،أل وأيا رجل استجاب ل ورسوله فصدق ملتنا
ودخل ف ديننا واستقبل قبلتنا فقد استوجب حقوق السلم وحدوده ،فأنتم عباد
() ((العدالة الجتماعية)) ( ص ) 172 :ي وبرّا ال عثمان من ذلك ي . 1
184
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ال ،والال مال ال ،ول فضل لحدٍ على أحد ،وللمتقي عند ال أحسن الزاء .
هذا هو البدأ السلمي السليم الذي يتفقُ مع روح الساواة السلمية ،
ويكفل للمجتمع السلمي التوازن ،فل يدع الثروات تتضخم إل بقدر الهد
والعمل وحدها ل بفضل إتاحة فرصة ل تتاح للخرين بوجود وفر من الال للعمل
فيه أكب ما لدى الخرين))(.)1
أقول :
أولً :هكذا يصوّر سيد قطب أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم يتار
أبو بكر مبدأ الساواة فيأت عمر يالفه فيختار مبدأ آخر هو ف نظر سيد غي مقبول
وهو مبدأ التفضيل الذي أدى إل نتائج خطرة ،ث يندم عمر فيجع إل البدأ السلمي
السليم الذي فيه روح الساواة والتوازن لكنه ل يتمكن من التنفيذ ،ث يأت عثمان
فيختار مبدأ التفضيل الطي الذي أودى بالتوازن السلمي ث أودى بياته
وبالسلم .
ث يأت عل ّي فيختار مبدأ الساواة السليم الذي يكفل للمجتمع السلمي التوازن.
هذا هو حال اللفاء الراشدين ف نظر سيد قطب .
كان السلم ول سيما القتصاد ملعبة ف أيديهم ،فكل يتار رأيـا غي ملتفت
إل كتاب ال وسنة رسوله صلى ال عليه وسلم القولية والعملية ،والصحابة كلهم
مستخذون أمام هذه التصرفات ل يُذكّرون هؤلء اللفاء ول ينصحونم ول
ياكمونم إل ال وسنة رسوله صلى ال عليه وسلم ؟!! .
ولطالا شدد سيد قطب على الذين ل يكمون با أنزل ال ،ولطالا كفّرهم ،
وكيف نسي قول ال تعال { :وما كان لؤمن ول مؤمنة إذا قضى ال ورسوله أمرًا
أن يكون لم الية من أمرهم } [ الحزاب ، ] 36 :ونسي قوله ال تعال { :فل
وربك ل يؤمنون حت يكموك فيما شجر بينهم ث ل يدوا ف أنفسهم حرجـا ما
() ((العدالة الجتماعيية)) ( ص ، 172 :وص ) 173 :الطبعية الثانيية عشرة ،و ( ص ) 206 : 1
185
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
186
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ألستَ ترد الخبار الصحيحة الثابتة عن رسول ال صلى ال عليه وسلم ،بل
الخبار التواترة فيما تسميه بالغيبيات ؟ ،فلماذا تقبل الروايات الت ل تعلم صدقها من
كذبا وصحّتها من سقمها ؟ .
إن ذلك ل يكن إل للنيل من عثمان الشهيد وإخوانه الكرام .
وأعجب من التسليم الطلق والستسلم للروايات الواهية ف هذا المر
العظيم والشرح والتحليل بأسلوب ل يقوله ويردده إل الشتراكيون ...الساواة ...
والتوزان ...والتضخم ...والهد ،فرص ل تتاح للخرين؛ فهل كان عمر وعثمان
ي رضي ال عنهما ي ل يتيحون الفرص إلّ لفرادٍ ويكبّلون المة ويولون بينها وبي
الفرص التجارية والزراعية وغيها من طرق الكتساب .
ثالثـا :يقال :سبحان ال العظيم ! لاذا ل يؤاخذ سيد قطب عليـًا با آخذ به
عثمان من عدم أخذ فضول الغنياء أو تأميم أموالم ول على عدم عزمه على ذلك .
إن من وراء الكَمة لشياء .
قال سيد قطب (( :وقد كان عمر ف آخر أيّامه على أن يفيء إل هذا البدأ ،
ولكنه عوجل فاستُشهد لسوء حظ السلم ول ينفذ عزيته الت اعتزم ،بل عزيته
ف أن يأخذ فضول أموال الغنياء فيدها على الفقراء إذا كانت هذه الفضول قد
نشأت ـ ف الغلب ـ من تفريقه ف العطاء .
وعزيته ف أن يسوي بينهم ف العطاء فل تعود هذه الفوارق إل الظهور كما
ظهرت ،ول يتل الجتمع السلمي كما بدأ يتل))(.)1
أقول :إذًا يرى سيد قطب أن التضخم والفوارق واختلل التوازن ظهرت
ف عهد عمر ي رضي ال عنه ي نتيجة لتفريقه وتفضيله ف العطاء ،فهل يرج
عمر من السئولية بجرّد قوله (( :لو استقبلت من أمري ما استدبرتُ)) أول بدّ من
الصلح فعلً ؟ .
إنّ منطق سيد ف التشديد على عثمان يقتضي منه أن يعرّج على عمر فيشركه
() ((العدالة)) ( ص 206 :ي ) 207ط خامسة ( ،ص ) 173 :ط ثانية عشرة . 1
187
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مع عثمان ف تمل مسئولية وجود هذا التضخم ف الثروات ووجود هذه الفوارق
والختلل ف الجتمع السلمي .
وإذا كانت مسألة التفضيل قد سنها رسول ال صلى ال عليه وسلم فمنطق سيد
يقتضي أن ل يفلت النب صلى ال عليه وسلم من الساب؛ لنه هو الذي سنّ هذه
السنة ،وأكّد ذلك عمر؛ فإذا كان التفضيل ف العطاء قد أدّى إل هذه الفاسد
والنتائج الت يقولا ويزعمها سيد قطب ،فما ذنب عثمان إلّ التابعة وليس هو
الشرع ،فلماذا يقصر عليه الساب الشديد والرح الؤل .
وعلى كل :فإما أن يعترف بأنّ ما فعله رسول ال صلى ال عليه وسلم ح ّق
وعدلٌ وحكمة واتباع اللفاء الراشدين لذا التشريع والعتزاز به من مفاخرهم
ومزاياهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي ،وإما أن يراه تشريعـا فاسدًا يؤدّي إل
الخلل بالتوازن ف الجتمع السلمي ،ويؤدّي إل مفاسد أخرى فينتقد الشرّع
الساسي وتشريعه ومَن تابعه على هذا التشريع وهو عمر ي رضي ال عنه ي قبل أن
يطعن ويرح ف عثمان ويقصر التبعة والسئولية عليه .
أما تعلقه با يزعمه من عزم عمر فإن كان ما فعله طول حياته ف التفضيل ف
العطاء إثـا فل يكفيه مرّد العزم فل بدّ من القلع عنه والصلح فعلً كما قال
ب عليهم وأنا التواب الرحيم } ،
تعال { :إل الذين تابوا وأصلحوا وبيّنوا فأولئك أتو ُ
وشروط التوبة معروفة .
أما المة السلمية من الصحابة إل يومنا هذا فيون أنّ ما شرعه رسول ال
صلى ال عليه وسلم فهو ح ّق وعدل وحكمة .
ويرون أن اللفاء الراشدين راشدين أبرارًا ف اتباعهم لرسول ال صلى ال عليه
وسلم ف كلّ مال ول سيّما مال تقسيم الال وعطائه ي رضي ال عنهم وعن من
اتبعهم بإحسان وعرف قدرهم وقدر السلم ي .
وأخيًا :فمن التجنّي والتعسّف أن يقال :أن تضخّم الثروات جاء نتيجة لعطاء
188
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عثمان وعمر قبله ،فإن ذلك العطاء الذي ذكره سيد()1يتراوح بي خسة آلف إل
تسعمائة إل خسمائة إل ثلثائة ل يكن أن يكون له هذا الثر الكبي من التضخم
واختلل التوازن ف الجتمع السلمي كما يزعم سيد قطب؛ فهذا أبو ذر وكثي من
الهاجرين من أكثر الناس عطاء وما زالوا فقراء ،وهذا حكيم بن حزام حصلت له
قصة مع رسول ال صلى ال عليه وسلم فآل على نفسه أن ل يرزأ أحدًا بعد رسول
ال فكان يعرض عليه العطاء()2من اللفاء فيأباه ويصرّ على هذا الباء إل أن مات وهو
من أكثر قريش مالً .
وهذا الزبي بن العوام ي رضي ال عنه ي يرج نفسه من الديوان ف عهد
عثمان فلم يأخذ من العطاء شيئـا( ، )3وكان من أغنياء الهاجرين .
فالغناء والفقر تابعان لرادة ال ومشيئته ،ث للسباب الت يهبها ال لن يريد له
ذلك ،وهذه حقيقة ثابتة بالكتاب والسنة ويشهد لا الواقع التاريي للبشر .
() ((مصنف عبد الرزاق)) 11/102 ( :ي ، ) 103وأصل الديث ف البخاري . 2
189
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وأخيًا :إذا كان علي ي رضي ال عنه ي قد أعاد مبدأ الساواة وأحياه ي على
زعم سيد قطب ي فما الذي منعه من الستمرار ؟ .
فإن قلتم وقفوا ف وجهه ،يقال :فلماذا ل ُي ِعدْه من يتمسحون بعل ّي من الفاطميي
والبويهيي والصفويي والزيدية وغيهم من الفرق الت تتمسح بأهل البيت ؟ .
ولاذا يسكت عنهم سيد قطب ويصبّ جام غضبه على عثمان رضي ال عنه
وبن أمية وبن العبّاس؛ فهل هناك أسرار ؟؟! .
190
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
() ل توجد جلة (رضي ال عنه) ف بعض النسخ ،ولعلها من بعض الناس للتلبيس . 1
() ((العدالة)) ( ص ) 207 :ط الامسة ( ،ص ) 173 :ط الثانية عشر ،وفيها (( :فإذا نو ٌ
ع من 2
الفوارق الال ية الضخ مة ي سود الجت مع ال سلمي . ))...و ما هذا إلّ تغي ي للل فظ مع الفاظ على
العن .
191
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سيد مسالك العلماء ف احترام عثمان ول يرَ مثلً أن له حق الجتهاد فإن علماء المة
يرون أنه ل يتج على متهد بقول متهد ول يلزم متهدًا أن يقلد غيه ،فلماذا يرى
سيد أن لب بكر وعمر حرية الجتهاد ول يرى مثل ذلك لعثمان ؟ ،لاذا يرى أن
لب بكر أن يأخذ ببدأ الساواة ف العطاء ؟ ،ولاذا ل ياسب عمر على مبدأ التفضيل
ف العطاء ؟(.)1
ولاذا يرى أن ليّ إمامٍ من أئمة السلمي أن يتهد ف مال القتصاد السلمي
وغيه ول يرى مثل ذلك لعثمان ي رضي ال عنه ي ؟ ،ولاذا يرى لنفسه أن ينتقد
ويرجح ويتار ما يوافقه من الراء ويكتف عثمان عن كل ذلك ويغل يديه ويكبله
وحده .
ثانيـا :أضاف طعنة ثالثة فقال (( :ولكن هذا ل يكن كل ما كان بل وسع
أولً على الناس ف العطاء فازداد الغن غن ،وربا تبحبح الفقيُ قليلً)) .
أقول :ال أكب ! هذا من ماسن عثمان وفضائله ي رضي ال عنه ي ،قال ابن
شبة :حدثنا إبراهيم()2قال :حدثنا عبد ال بن وهب ،عن ابن ليعة ،عن أب
السود ،عن عروة بن الزبي قال :أدركت زمن عثمان ي رضي ال عنه ي وما من
نفسٍ مسلمة إل ولا ف مال ال حق))(.)3
هذا السند جيّد؛ لنه من رواية عبد ال بن وهب عن ابن ليعة .
((حدثنا خالد بن خداش قال :حدثنا حاد بن زيد ،عن هشام ،عن ابن سيين
قال :ل تكن الدراهم ف زمان أرخص منها ف زمان عثمان ي رضي ال عنه ي ،إن
كانت الارية لتباع بوزنا ،وإن الفرسَ ليبلغ خسي ألفـا ما يعطيهم))(.)4
() نقول هذا على سبيل التنّل وإ ّل فما طريق هؤلء اللفاء الراشدين إلّ التباع ،وقد وضّحنا ذلك 1
192
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هذان البان ثابتان ،وقد ساقهما عروة وابن سيين مساق الدح لعثمان
ي رضي ال عنه ي ولعهده الزاهر الذي ساد فيه العدل والخاء والحبة والهاد ،
فازدهرت حياة السلمي ،ورفرفت على العال السلمي الواسع راية المن واليان
والحبة والخاء؛ فضاق ابن سبأ وتلميذه وسائر أعداء السلم من اليهود والجوس
وغيهم بذه العظمة السلمية ،فدبّروا الؤامرات ضد السلم ل ضد عثمان وحده ،
فأثاروا الفت الوجاء الت أودت بياة الليفة الراشد ،ث أعقبتها الفت الت مزّقت المة
وجعلتهم شيعـا وأحزابـا ل يرفع عنها السيف إل يوم القيامة كما أخب بذلك
رسول ال صلى ال عليه وسلم .
ومن العجب العجاب :أن سيد قطب يسوق مفاخر عثمان ومزاياه مساق الذم
والطعن والتشهي؛ فل حول ول قوة إل بال .
ثالثـا :ويزيد سيد طعنة رابعة بقوله (( :ث جعل ينح النح الضخمة لن ل
تنقصهم الثروة)) .
أين برهانك على هذه ؟ .
وأين مصادرك الت تستقي منها هذه الدعاوي العريضة الت يضج منها الكون
وتضجّ منها اللئكة والؤمنون ؟؟! .
كم عدد هذه النح الضخمة ؟؟ .
وكم عدد أهلها ؟! .
إن دعواك ضخمة جدّا ،أضخم من دعاوي الثوار السبئيي وأمضّ منها .
رابعـا :طعنة خامسة ،قوله (( :ث أباح لقريش أن تضرب ف الرض)) .
وأقول :مت حرّم ال ومت حرّم رسول ال صلى ال عليه وسلم على قريش أن
تضرب ف الرض تتاجر بأموالا حت تؤاخذ عثمان على هذه الباحة وتريد منه أن
يفرض عليهم القامة البية ؟!! .
ث من أين لك أنه كان لم أموال مكدسة ل يرجون إل ليتاجروا فيها ؟!! .
193
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فمن فتح الدنيا غيَهم !؟؟ ،ومن الجاهدون حقـًا الذين قال ال فيهم { :إن
ال اشترى من الؤمني أنفسهم وأموالم بأن لم النة } إن ل يكن هؤلء ؟؟! .
ث مت حرّم ال على قريش التجارة وأباح لغيهم من العرب والعجم الضرب ف
الب والبحر ف التجارة ؟؟! .
ومن أين لك أن أبا بكر وعمر قد فرضا على قريش القامة البية (السجن
الكبي ف الدينة) ؟؟! .
ومن أين لك أن أبا بكر وعمر قد حرما ما أحل ال ورسوله لقريش من
التجارة؟!!.
وطعنة سادسة قوله (( :ث أباح للثرياء يقتنوا الضياع والدور ف السواد
وغي السواد ،فإذا عهدٌ من عهود القطاع()1يسود الجتمع السلمي ف ناية
عهده يرحه ال)) .
ونقول :مت حرم ال على هؤلء أن يقتنوا الضياع ...إل ؟؟! .
وهل كان يلزم عثمان أن يصادرها لو وقعت بغي علمه !!؟ .
أقول :كل هذا تنلً مع سيد قطب ،وإلّ فإن الال والواقع ل يكن على هذه
الصورة ،ول قريبـا منها؛ وإذا كان ل بدّ من مثل هذا التهييج فليس له أيّ حقّ أن
يتخطّى العصر الذي يعيشه وثلثة عشر قرنـا ونيّفـا ،يتخطّى ما رآه بعينه ف بلده
وف أوروبا وأمريكا إل خي القرون وخي أمة أُخرجت للناس فيصورهم بصورة عصره
الشوهاء الت شاهدها ف بلدان ل تعرف ال ول الدار الخرة ،فل دينَ لا ول خلق
ول ضمي .
فما هو القطاع ف نظر سيد قطب ؟ ،قال ف كتابه ((السلم ومشكلت
() غَيّ ر سيد هذه العبارة ف ب عض الطبعات الخية بقوله (( :فإذا نو ٌ
ع من الفوارق الضخ مة ي سود 1
الجتمع السلمي ف ناية عهده يرحه ال)) ،لكنه بقي مصرّا على أصل الفكرة ،ومعن العبارتي
متقارب ،فلم يفعل شيئـا ذا بال .
194
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الضارة))((( :)2إن نظام القطاع ف أوروبا وأمريكا ل يكن مرّد وجود ملكيّات
كبية ،ولكنه كان مصحوبـا بصائص هذا النظام الساسية ،وأخص خصائص هذا
النظام كانت :
1ي تبعية الفلحي للرض؛ حيث كان وضعهم فيها كوضع اللت الزراعية
وحيواناتا وانتقالم مع الرض إل الالك الديد كما تنتقل اللت واليوانات ،ولو
كانوا ل يباعون كما هو الال ف نظام الرق ،ولكن تبعيتهم للرض ترمهم حق
النتقال منها إل أرض أخرى كما ترمهم بطبيعة الال حق اختيار حرفة أخرى فردية
مستقلّة .
2ي كما كانت إرادة السيد (الشريف) هي القانون ف اقطاعتيه فهو الذي
يشرع للقنان (رقيق الرض) وهو الذي يدد علقاتم به وبالرض وعلقاتم بعضهم
ببعض .
وهذا هو القطاع كما عرفته أوروبا ،وكما ثارت عليه ي أيضـا ي ،وهاتان
الاصتان تعتبان العلمتي الميزتي لذا العهد البغيض؛ وقد ظلت أوروبا ترزح تت
وطأة هذا النظام الفظيع الذي تدر فيه قيمة النسان -ابتداء -بعله تابعـا للرض
كالاشية وأدوات الزراعة ينتقل معها إل الالك الديد ،ول يلك أن يس بكينونتيه
النسانية مستقلة عن الرض ،ول يلك أن يغادرها ولو إل إقطاعية أخرى وإل اعتب
آبقـا بكم القانون ووجب القبض عليه وردّه إل الرض الت يتبعها . ))...
فإذا أطلق سيد قطب القطاعية على عهد عثمان فل يعرف الناس الذين يكتب
لم من اليهود والنصارى والنافقي العلمانيي والروافض ،بل حت خلص السلمي ف
هذا العصر إلّ هذه الصورة البيثة الت ذكرها سيد هنا عن عهد القطاع ف أوربا؛
فهل كان سيد مدركـا جسامة الساءة الت ارتكبها ف حق أصحاب رسول ال
ي رضوان ال عليهم ي ل سيما عثمان وقريش أسرة رسول ال صلى ال عليه وسلم.
195
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
() ((الامع)) ( :الناقب ،حديث رقم ، ) 3905 :وابن أب شيبة ف ((مصنفه)) ) 12/170 ( : 2
196
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال أبو عيسى (( :هذا حديث غريب من هذا الوجه)) .
()2
وأخرجه عبد الرزاق ف ((مصنفه))()1عن معمر عن الزهري عن عمر بن سعد
أن سعد بن مالك قال :سعت رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول (( :من يهن
قريشـا يهنه ال))(.)3
() قال الذهب (( :الصواب :عنبسة بن أب سفيان)) ،وقد عده بعضهم ف صغار الصحابة ،ومنهم 3
() وأخرجه أحد ف ((مسنده)) ) 1/64 ( :من حديث عثمان ) 1/176 ( ،من حديث سعد. 3
وأورده اللبا ن ف ((ال صحيحة)) ( بر قم ) 1178 :من حد يث عثمان ،وأ نس ،و سعد ،وا بن
عباس ي رضي ال عنهم ي ،وذكر مصادره الكثية ،ودرسه دراسة وافية .
197
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال سيد قطب (( :كان أبو بكر وكان عمر من بعده يتشددان ف إمساك
الماعة من رؤوس قريش بالدينة ل يدعونم يضربون ف الرض الفتوحة احتياطـا
لن تتد أبصار هؤلء الرؤوس إل الال والسلطان حي تتمع إليهم النصار بكم
قرابتهم من رسول ال صلى ال عليه وسلم أو بكم بلئهم
ف السلم وسابقتهم ف الهاد .وما كان ف هذا افتيات على الرية الشخصية
كما يفهمها السلم؛ فهذه الرية مدودة بصلحة الماعة والنصح لا(.)1
فلما جاء عثمان أباحَ لم أن يضربوا ف الرض .
ول يبح لم هذا وحده ،بل يسّر لم وحضهم على توظيف أموالم ف الدور
والضياع ف القاليم بعدما آتى بعضهم من البات مئات اللف .
لقد كان ذلك كله برّا ورحة بالسلمي وبكبارهم خاصة ،ولكنه أنشأ شرّا
عظيمـا ل يكن خافيـا على فطنة أب بكر وفطنة عمر بعده أنشأ الفوارق الالية
والجتماعية الضخمة ف الماعة السلمية ،كما أنشأ طبقة أرستقراطية فارغة
يأتيها رزقها من كل مكان دون ك ّد ول تعب؛ فكان الترفُ الذي حاربه السلم
بنصوصه وتوجيهاته ،كما حاربه الليفتان قبل عثمان وحرصا على أل
يتيحاه عندئذ ثار الروح السلمي ف نفوس بعض الناس ،يثلهم أشدهم حرارة
() وه نا نقول ل سيد ق طب ما قاله لي كل ف سياسة أ ب ب كر وعمر (( :وإن أع جب فع جب لر جل 1
198
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
() ((العدالة)) ( ص ) 207 :ط خسة ،و ( ص 173 :ي ) 174ط ثانية عشرة ،وفيها إضافة 1
199
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
200
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الفصل العشرون
قادة حروب الردة وفتوحات الخلفة
الراشدة
كانوا من قريش
كان أكثر قادة حروب الردة ف عهد أب بكر من قريش وحلفائهم واستشهد
فيها منهم كثي .
ث دفع بم أبو بكر إل فتح العراق ث الشام على قصر مدة خلفته رضي ال عنه.
أساء قادة السلمي للقضاء على حركة الردة :
كان أبو بكر ي رضي ال عنه ي عقد أحد عشر لواء لذه الهمة بقيادة :
1ي خالد بن الوليد .
2ي عكرمة بن أب جهل .
3ي شرحبيل بن حسنة حليف بن زهرة من قريش .
4ي الهاجر بن أب أمية الخزومي .
5ي خالد بن سعيد بن العاص .
6ي عمرو بن العاص .
7ي حذيفة بن مصن الغطفان .
8ي طرفة بن حاجب .
9ي سويد بن مقرن .
10ي العلء بن الضرمي حليف ابن أمية(.)1
11ي عرفجة بن هرثة .
12ي معن بن حاجز(.)2
() انظر (( :البداية والنهاية)) لبن كثي . ) 6/315 ( : 1
() انظر (( :الفاروق القائد)) لحمود شيت خطاب ( ص . ) 63 : 2
201
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هذا ،وقد استشهد من قريش ومن إخوانم النصار كثي ي رضي ال عنهم
ي ،منهم :زيد بن الطّاب ،وأبو حذيفة بن عتبة الموي .
وبعث أبو بكر لفتح الشام اليوش السلمية بقيادة :
1ي خالد بن سعيد بن العاص .
2ي يزيد بن أب سفيان ،ومعه جهور الناس ،ومعه سهيل بن عمرو وأشباهه
من أهل مكة .
3ي وأبا عبيدة بن الراح .
4ي وعمرو بن العاص .
وأمّده أبو بكر :
5ي بالوليد بن عقبة .
6ي وبعكرمة بن أب جهل ،وجاعة .
7ي وأقبل شرحبيل بن حسنة من العراق إل الصدّيق فبعثه إل الشام .
ث اجتمع عند الصدّيق جاعة فأمّر عليهم :
8ي معاوية بن أب سفيان ،وأرسله إل أخيه يزيد بن أب سفيان( ، )1وف
الجاهدين من أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم ألف رجل ف وقعة اليموك ،
منهم :الزبي بن العوام ،وأبو سفيان بن حرب ،وهاشم بن عقبة بن أب وقاص(.)2
وكانت لم صولت وآثارٌ عظيمة ف النصر والفتح ي رضي ال عنهم ي ،وقد
عرف الصدّيق ما فيهم من كفاءة عالية فقذف بم الرتدين ،ث قذف بم فارس
والروم؛ فهم يوضون معامع الهاد ف هذه البلدان لعلء كلمة ال؛ فحقق ال بم ما
يشبه العجزات .
202
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وما كان أبو بكر ليضعهم ف القفاص وف السجن الجباري خشية أن تتد
أعينهم إل الال والسلطان؛ فهذا تفكي الاديي ل تفكي أصحاب رسول ال صلى ال
عليه وسلم ،إنا كانت أعينهم تتد إل النة الت وعدها ال وأعدّها للمتقي ،وتتد
إل إعلء كلمة ال والشهادة ف سبيلِه .
وهل كان هناك وقتٌ أمام أب بكر لذه السابات الفارغة ف مدته الوجيزة الت
أنز فيها هو وإخوانه من الهاجرين والنصار ما ل يدور باليال .
وأما عمر ي رضي ال عنه ي فكان عهده عهد جهاد وفتوحات ((لقد فتح عمر
العراق ،وإيران ،وأكثر مناطق إرمينية ،وأرض الشام با فيها سورية ،ولبنان ،
وشرقي الردن ،وفلسطي ،ومصر ،وليبيا ،والنوبة .
وخاضت جيوش السلمي ف أيامه ثلث معارك حاسة من معارك الفتح
السلمي :معركة القادسية ،ومعركة بابليون ،ومعركة ناوند)) (.)1
كان قادة الفتوحات فيها من قريش ومن النصار ومن غيهم من القبائل ،
والذي يهمنا هم القرشيون ،فمنهم من قادة فتح العراق وفارس :
1ي سعد بن أب وقاص .
2ي ضرار بن الطاب الفهري .
3ي أبو سبة بن أب رهم القرشي العامري .
4ي العلء بن الضرمي(.)2
5ي وهاشم بن عتبة الزهري(.)3
6ي وعقبة بن الوليد الموي(.)4
ومنهم ف قيادة الفتح ف الشام ومصر :
() ((الفاروق القائد)) ( ص . ) 93 : 1
() راجع ((قادة فتح فارس)) لحمود شيت خطاب . 2
203
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
204
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
205
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قذائف
ث وجّه سيد قطب قذائفه إل الليفة الراشد عثمان -رضي ال عنه ، -
فقال (( :فلما جاء عثمان أباح لم أن يضربوا ف الرض)) .
كأنم ف نظر سيد قطب مرمي حرب أو عصابات إجرام كانوا ف معتقلت
سجن الصدّيق والفاروق فأطلق عثمان سراحهم وأباح لم وأطلق لم العنان أن يعيثوا
ف الرض فسادًا .
ول يكتف بذه القذيفة فواصل قائلً (( :ول يبح لم هذا وحده ،بل يسر لم
وحضّهم على توظيف أموالم ف الدور والضياع ف القاليم بعدما آتى بعضهم من
البات مئات اللف)) .
هكذا سيد يقذف بالغيب من مكان بعيد ،كأن أمر عثمان والصحابة أهون من
أن يتاج إل التروّي والتثبّت والحترام ،فإذا ل يد رواية هزيلة أو باطلة يعتمد
ويتكئ عليها وجّه السهام الظالة الت هي من صنع يده وبنات أفكاره؛ وإلّ فمن هؤلء
القرشيون الذين كان يظر عليهم أبو بكر وعمر الروج من الدينة فأباح لم عثمان
الضرب ف الرض ؟ ،سوهم لنا إن كنتم صادقي .
ومن أين له أن عثمان كان يضهم على توظيف أموالم ف الدور والضياع بعد
أن آتى بعضهم مئات اللف -أي ( :من بيت مال السلمي) ، -ول يدعنك
قوله (( :لقد كان ذلك كله برّا ورحة بالسلمي وبكبارهم خاصة)) فلو كان يعتقد ف
عثمان هذا الذي يقوله الن لا هاجه وطعن فيه عشرات الطعنات ،وإنا هذا من ذرّ
الرماد ف العيون أو من إضافات غيِه خداعـا ومكرًا؛ وانظر ف ما الكلم قبله وبعده
من خبث وطعن مشي .
يقول (( :ولكنه أنشأ شرّا عظيمـا ل يكن خافيـا على فطنة أب بكر وفطنة
عمر بعده أنشأ الفوارق الالية والجتماعية الضخمة ف الماعة السلمية ،كما
أنشأ طبقة ارستقراطية فارغة تأتيها أرزاقها من كل مكان دون كدّ ول تعب)) .أي
أن عثمان والصحابة ف عهده ل فطنة ول ذكاء لديهم ول نظر ف العواقب ،ويكن
أن يلحق بم سيد قطب عمر فإنه طوال خلفته كان يفضّل أناسـا على أناس؛ لن
206
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
207
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال (( :عندئذ ثار الروح السلمي ف نفوس بعض الناس ،يثلهم أشدهم
حرارة وثورة أبو ذر ذلك الصحاب الليل الذي ل تد هيئة الفتوى الصرية ف
الزمن الخي إل أن تطئه ف اتاهه وإل أن تزعم لنفسها بصرًا بالدين أكثر من
بصره بدينه)) .
انظر إليه كيف يجد ثورة ابن سبأ اليهودي وأتباعه من الثالت والوغاد
واللصوص ،ويصف ثورتم الشيطانية بأنا ثورة الروح السلمي ،ث يلصقها بأب ذر
ي رضي ال عنه ي الذي كان يعلن الطاعة لعثمان ولولته ،والذي ل ينكر على
عثمان شيئـا ول بكلمة واحدة ،بل كان يعلن له الطاعة والدب والحترام ،فل
ناقة ول جل لب ذر ف الثورة السبئية الت يجدها سيد قطب ،ويطعن ف الوقت
نفسه ف أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم أشد الطعنات ويشوه صورتم أقبح
تشويه .
عن زيد بن وهب قال :مررت بالربذة فإذا أنا بأب ذر -رضي ال عنه -
فقلت له :ما أنزلك منلك هذا ؟ ،قال :كنت بالشام فاختلفتُ أنا ومعاوية ف
{ والذين يكنون الذهب والفضة ول ينفقونا ف سبيل ال } ،قال معاوية :نزلت ف
أهل الكتاب ،فقلت :نزلت فينا وفيهم؛ فكان بين وبينه ف ذاك ،وكتب إل عثمان
ي رضي ال عنه ي يشكون ،فكتب إلّ عثمان أن أقدم الدينة ،فقدمتها ،فكثر
عليّ الناس حت كأنم ل يرون قبل ذلك ،فذكرتُ ذلك لعثمان ،فقال ل :إن
شئت تنحّيت؛ فكنت قريبـا .فذاك الذي أنزلن هذا النل ،ولو أمّروا عليّ
حبشيـًا لسمعتُ وأطعت))(.)1
. ) 1406
208
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال الافظ ابن حجر ي رحه ال ي (( :وإنا سأله زيد بن وهب عن ذلك لن
مبغضي عثمان كانوا يشنعون عليه أنه نفى أبا ذر؛ وقد بيّن أبو ذر أنّ نزوله ف ذلك
الكان كان باختياره .نعم ،أمره عثمان بالتنحّي عن الدينة لدفع الفسدة الت خافها
على غيه من مذهبه الذكور فاختار الربذة ،وقد كان يغدوا إليها ف زمن النب صلى
ال عليه وسلم كما رواه أصحاب السنن من وجه آخر عنه))(.)1
قلت :الظاهر من إشارة عثمان على أب ذر بالتنحّي إل قريب من الدينة الرفق
بأب ذر والشفقة عليه من أذى بعض السفهاء وإساءتم إليه وشاتتهم بم؛ لن الناس
كثروا عليه كأنم ل يروه قبل ذلك استغرابـا لرأيه؛ فليس هناك أسهل من أن يبتعد
بنفسه عن أذى الناس .رضي ال عن عثمان الرفيق الرحيم ،وعن أب ذر الؤدّب
الطائع الواثق بعثمان .
قال الافظ (( :وروينا ف فوائد أب السن بن حذل بإسناده إل عبد ال بن
الصامت قال :دخلتُ مع أب ذر على عثمان فحسر عن رأسه فقال :وال ما أنا منهم
ي يعن :الوارج ي ،فقال :إنا أرسلنا إليك لتجاورنا بالدينة ،فقال :ل حاجة ل
ف ذلك ،ائذن ل بالربذة ،قال :نعم .
ورواه أبو داود الطيالسي من هذا الوجه دون آخره ،وقال بعد قوله :ما أنا
منهم ول أدركهم ،سيماهم التحليق ،يرقون من الدين كما يرق السهم من الرمية ،
وال لو أمرتن أن أقوم ما قعدت))(.)2
ونبّ أن نذكر لفظ حديث أب داود الطيالسي بكامله :
حدثنا شعبة قال :أخبن أبو عمران سع عبد ال بن الصامت عن أب ذر قال :
لا قدم أبو ذر على عثمان من الشام قال :يا أمي الؤمني :أتسب أن من قوم ،وال
ما أنا منهم ،ول أدركم ،يقرأون القرآن ل ياوز تراقيهم ،يرقون من السلم كما
يرق السهم من الرمية ،ل يرجعون إليه حت يرجع السه ُم على فوقه ،سيماهم
التحلق؛ وال لو أمرتن أن أقوم ما قعدت ما ملكتن رجلي ،ولو وثقتن بعرجون ف
() ((فتح الباري)) . ) 3/274 ( : 1
209
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
() ( ص ، 61رقم ، ) 451 :ورواه ابن حبان من طريق النضر بن شيل ،عن شعبة ( به ) .انظر 3
(( :الحسان بترتيب صحيح ابن حبان)) ، 7/581 ( :حديث . ) 5933 :
210
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
211
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
() ((العدالة)) ( ص ) 208 :ط خامسة ( ،ص ) 174 :ط ثانية عشرة . 1
212
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ض الي على المة ف عهد عثمان ي رضي ال عنه ي؛ ثالثـا :تقدم أن ال أفا َ
فوسع هذا الفيض وشل الرخاء المة جيعـا ،مصداقـا لقول ال تعال { :وعدكم
ال مغان كثية } ،ومصداقـا لقوله تعال { :وعد ال الذين آمنوا منكم وعملوا
الصالات ليستخلفنهم ف الرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنّن لم دينهم
الذي ارتضى لم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنـا يعبدونن ل يُشركون ب شيئـا } ،
وتقدم أن عثمان كان يعطي أقرباءه وغيهم من ماله الاص الذي وسع ال عليه فيه ف
الاهلية والسلم ف عهد رسول ال والليفتي قبله؛ فقد كان عظيم التجارة ،واسعَ
الال ي رضي ال عنه ي ما نفع ال به السلم والسلمي؛ وقد كان يعطي العطاء
الواسع ف عهد رسول ال صلى ال عليه وسلم ،وف عهد الليفتي قبله بِرّا بأهله
ض عليه ول يلوم عليه إل الاقدون الاهلون وبغيهم؛ وذلك أمرٌ عظيم يبّه ال ،وي ّ
البطلون .
رابعـا :عجبـا لسيد قطب كيف يستروح إل هذا الراء البيث الذي دسته
نفسٌ رافضيّة حاقدة مثل قوله (( :لقد حدثت أعمالٌ ل أعرفها ،وال ما ف كتاب ال
ول سنة نبيه ،وال إن لرى حقـًا يطفأ ،وباطلً يي ،وصادقـا مكذبـا ،وأثرة
بغي تقى)) .
فهذه صورة ف غاية القبح والرداءة صوّر با ذلك الرافضي أصحاب رسول ال
صلى ال عليه وسلم على لسان أب ذر ،وحاشاه أن يقول هذا الفك .
لقد أطفأ ال بالصحب الكرام وف مقدمتهم اللفاء الراشدون ،ومنهم عثمان
ظلمات الباطل ونار الجوس ،وأضاءوا الدنيا بنور السلم ،وأحي ال بم أمـا
أماتم الكفر والشرك؛ هذا الذي يب أن يقال ف أولئك الؤمني الجاهدين البطال
ي رضي ال عنهم ي .
قال سيد قطب (( :وروى مالك بن عبد ال الزيادي عن أب ذر ـ رضي ال
عنه ـ أنه جاء يستأذن على عثمان بن عفان فأذن له وبيده عصاه ،فقال عثمان :
يا كعب ! إن عبد الرحن توف وترك مالً فما ترى فيه ؟ ،فقال :إن كان يصل فيه
حق ال فل بأس عليه ،فرفع أبو ذر عصاه فضرب كعبـا ،وقال :سعت رسول
213
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ال صلى ال عليه وسلم يقول (( :ما أحب لو أن ل هذا البل ذهبـا أنفقه ويتقبل
من أذر خلفي منه ست أواق)) .أنشدك ال يا عثمان أسعته ؟ ،ثلث مرات ،قال
:نعم))(.)1
وهذا الديث رواه أحد ف ((السند))( ، )2وصححه أحد شاكر ف تعليقه على
((السند)) ،لكن ف إسناده ابن ليعة ،وهو صدوق اختلط بعد احتراق كتبه ،والراوي
عنه حسن بن موسى ليس من العبادلة القبولة روايتهم عنه .
وفيه :أبو قبيل حي بن هانئ العافري :صدوق يهم .
وفيه :مالك بن عبد ال البدادي ي وليس الزيادي كما حقق ذلك الافظ ف
((التعجيل))()3ي وهو مهول ،ل يرو عنه أحدٌ غي أب قبيل .
فالديث بذا السناد ضعيف ،لكن يقويه ما رواه ابن شبة()4من طريق
عبد ال بن الصامت عن أب ذر ،وفيه قال :ودخل عليه وهو يقسم مال
عبد الرحن بن عوف ي رضي ال عنه ي بي ورثته ،وعنده كعب ،فأقبل عثمان
ي رضي ال عنه ي فقال :يا أبا إسحاق ما تقول ف رجل جع هذا الال
فكان يتصدّق منه ف السبيل ،ويصل الرحم ،فقال :إن لرجو له (خيًا) ،فغضب
أبو ذر ،ورفع عليه العصى وقال :ما يدريك يا ابن اليهودية ؟ ليودن صاحب هذا
الال يوم القيامة أن لو كان عقارب تلسع السويداء من قبله)) .
ففي هاتي الروايتي حجة على سيد قطب وعلى سائر خصوم عثمان ـ رضي
ال عنه ـ ،وذلك أن فيه دليلً على ما كان يتمتع به أبو ذر من مكانة عند عثمان
وأصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم ،وإل فكيف يضرب رجلً عالـا ذا
مكانة عند عمر ث عند عثمان ث ف الجتمع السلم ،ويتم ضربه هذا ف
ملس الليفة.
() ((العدالة)) ( ص ) 209 :ط خامسة ،و ( ص ) 174 :طبعة ثانية عشرة . 1
214
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وفيه :أن أبا ذر ل يكن منفيـًا بالربذة كما يدّعي سيد قطب وسائر
خصوم عثمان .
فهذه السنة الت مات فيها عبد الرحن بن عوف هي السنة الت مات فيها أبو ذر
ي رضي ال عنه ي وهي سنة 32ه(.)1
وهذا يدلّ على أنه كان يتمتع بطلق الرية إضافة إل ما يتمتع به من مكانة لدى
عثمان والمة؛ لن أبا ذر كان ترك سكن الدينة بحض اختياره ،فسكن بالشام ف
خلفة أب بكر ث عمر ث عثمان ،حت وقع اللف بينه وبي معاوية ي رضي ال عنه
ي ف سنة ثلثي ،وذلك أنه كان ينكر على من يقتن مالً من الغنياء ،وينع أن
يدخر فوق القوت ،ويوجب أن يتصدق بالفضل ،ويتأوّل قول ال تعال { :والذين
يكنون الذهب والفضة ول ينفقونا ف سبيل ال فبشرهم بعذاب أليم } ،فينهاه
معاوية عن إشاعة ذلك فل يتنع؛ فكتب يشكوه إل عثمان ،فكتب عثمان إل أب ذر
أن يقدم عليه الدينة فقدمها ،فلمه عثمان على بعض ما صدر منه ،واسترجعه فلم
يرجع ،فأمره أن يقيم بالربذة ي وهي شرقي الدينة ي .
ويقال :إنه سأل عثمان أن يقيم با ،وقال (( :إن رسول ال صلى ال عليه
وسلم قال ل (( :إذا بلغ البناء سلعـا فاخرج منها)) ،وقد بلغ البناء سلعـا؛ فأذن له
عثمان بالقام بالربذة ،وأمره أن يتعاهد الدينة ف بعض الحيان حت ل يرتد أعرابيـًا
بعد هجرته ،فلم يزل مقيمـا با حت مات(.)2
وف بعض ما قاله ابن كثي نظر؛ لن الدلئل كثية تدل على أنه خرج إل الربذة
باختياره .
وعل كلّ :فكان له مطلق الرية ،ويتمتع بكانة كبية عند عثمان ي رضي ال
عنه ي وغيه ،وإل فما الذي هيّأ له أن يكون عند موت عبد الرحن بن عوف
موجودًا بالدينة ،وما الذي خوّله أن يتصرّف هذا التصرف بالضرب ف ملس الليفة
عند أول النهى فليس هذا حال الضطهدين النفيي عند أول اللباب ،ل أظنّ
() انظر (( :البداية والنهاية)) 7/163 ( :ي . ) 165 1
215
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أحدًا من كبار الصحابة أو كبار بن أمية يتجرّأ على ضرب رجل عال ف ملس الليفة
وما فعل ذلك أبو ذر إل لتلك النلة؛ هذا هو فقه هذه القصة ،فكيف فقهها
سيد قطب ؟ .
قال بعدَها (( :وما كانت مثل هذه الدعوة ليطيقها معاوية ،ول ليطيقها مروان
بن الكم؛ فمازال به عند عثمان يرضانه عليه حت كان مصيه إل (الربذة) منفيـًا
من الرض ف غي حربٍ ل ولرسوله ،وف غي سعيٍ ف الرض بالفساد كما تقول
شريعة السلم))(.)1
أقول :إن على هذا الكلم لؤاخذات :
الول :ليس هناك دليلٌ يثبت على مكّ النقد العلمي أن معاوية ي رضي ال
عنه ي ومروان بن الكم كانا يرضان الليفة الراشد الليم عثمان بن عفان ي رضي
ال عنه ي على نفي أب ذر ي رضي ال عنه ي إل الربذة .
فل يلّ لسلم أن يطلق العنان للسانه وقلمه لينال من مسلم فيدينه بالظلم ومالفة
شريعة السلم بدون برهان فضلً عن أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم ،
فضلً عن خليفة عادل راشد .
الثانية :ما كان لسيد من حق أن ينساق وراء روايات كاذبة ناشئة عن أحقاد
وغلّ على أصحاب رسول ال ،بل كان عليه أن يتبي ويتثبت ويرعى لليفة رسول
ال وصهره مكانته ومنلته من السلم وقرابته وصحبته لرسول ال صلى ال عليه
وسلم ،وكان عليه أن يرعى لعاوية صحبته وصهره وقرابته من رسول ال صلى ال
عليه وسلم ،ول ينسى ما لروان من حق السلم على السلم ،وأنه يرُم ماله ودمه
وعرضه .
الثالثة :أن الروايات الثابتة تفيد أن أبا ذر إنا خرج إل الربذة باختياره ،فل
قهر ول نفي كنفي الحاربي ول نفي الفسدين ف الرض ول مالفة لشريعة السلم .
216
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال ابن سعد ف ((طبقاته))( :)2أخبنا عفان بن مسلم وعمرو بن عاصم الكلب
قال :حدثنا سليمان بن الغية عن حيد بن هلل قال :حدثنا عبد ال بن الصامت
قال :دخلتُ مع أب ذرّ ف رهط من غفار على عثمان بن عفان من الباب الذي ل
يدخل عليه منه ،قال :وتوّفنا عثمان عليه ،قال :فانتهى إليه منه ،قال :ث ما بدأه
بشيء إل أن قال :أحسبتن منهم يا أمي الؤمني ؟ ،وال ما أنا منهم ول أدركهم ،
ولو أمرتن أن آخذ بعرقوب قتب لخذتما حت أموت .قال :ث استأذنه إل الربذة ،
قال :فقال :نعم نأذن لك ،ونأمر لك بنعم من نعم الصدقة فتصيب من رسلها ،
فقال :فنادى أبو ذر :دونكم معاشر قريش دنياكم فاعذموها ل حاجة لنا فيها ،قال
:فما نراه بشيء ،قال :فانطلق وانطلقت معه حت قدمنا الربذة ،قال :فصادفنا مول
لعثمان غلمـا حبشيـًا يؤمهم ،فنودي بالصلة ،فتقدّم ،فلما رأى أبا ذر ي رضي
ال عنه ي نكص ،فأومأ إليه أبو ذر :تقدّم فصلّ ،فصلّى خلفَه .
انظر ماذا ف هذا النص من بر الليفة الراشد الرحيم بأخيه أب ذر الصحاب
الزاهد الصادق ي رضي ال عنهما ي .
1ـ يدخل على عثمان الليفة من الباب الذي ل يُدخل عليه منه .وهذا دلي ٌل
واضحٌ على إكرام عثمان لب ذر ،واحترامه وتقديره ،وعلى إدلل أب ذر على أخيه
عثمان؛ وأيّ حبّ وأي احترام متبادل بي أخوين كهذا الذي يصل بي عثمان وبي
أب ذر ي رضي ال عنهما ي .
2ـ احترام أب ذر للخليفة الراشد واعترافه ب ّق عثمان عليه من الطاعة والدب .
3ـ طاعته للخليفة عثمان ،وقوله (( :ولو أمرتن أن آخذ بعرقوب قتب
لخذت بما)) .
4ـ اعتذاره الرقيق إل الليفة ،وتبئة ساحته من أن يكون من الوارج .
5ـ رغبة أب ذر ي رضي ال عنه ي ف البتعاد عن الناس ،والروج إل
ل المر .
الربذة بعد استئذانه لو ّ
217
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
6ـ قول عثمان ي رضي ال عنه ي له (( :نعم ،ونأمر لك بنعم من نعم
الصدقة)) فإنه غاية ف الب واللطف ي رضي ال عنه ي .
7ـ أذن عثمان له بالذهاب إل الربذة رأفةً بأب ذر وتقيقـا لرغبته؛ لن
اجتهاده ي رضي ال عنه ي ف تفسي كن الذهب والفضة اختلف مع فهم الصحابة
والتابعي ،فألّب ذلك عليه الناس ،فضاق بذلك ذرعـا ،فشكى ذلك لعثمان ي
رضي ال عنه ي فساعده على حلّ مشكلته .
قال المام البخاري ي رحه ال ي( :)1حدثنا علي سع هشيمـا أخبنا حصي
عن زيد بن وهب قال :مررت بالربذة فإذا أنا بأب ذر ي رضي ال عنه ي فقلت
له (( :ما أنزلك منلك هذا ؟ ،قال :كنت بالشام فاختلفتُ أنا ومعاوية ف { والذين
يكنون الذهب والفضة ول ينفقونا ف سبيل ال } ،قال معاوية :نزلت ف أهل
الكتاب ،فقلت :نزلت فينا وفيهم؛ فكان بين وبينه ف ذاك ،وكتب إل عثمان
يشكون ،فكتب إلّ عثمان أن أقدم الدينة ،فقدمتها ،فكثر عليّ الناس حت كأنم ل
يرون قبل ذلك ،فذكرتُ ذلك لعثمان فقال ل :إن شئت تنحّيتَ فكنتَ قريبـا .
فذاك الذي أنزلن هذا النل ،ولو أمروا عليّ عبدًا حبشيـًا لسمعتُ وأطعتُ)) .
وقال ابن شبة ف ((تاريخ الدينة))( :)2حدثنا هارون بن معروف قال :حدثنا
ضمرة بن ربيعة قال ابن شوذب :حدثنا عن مطرف عن حُميد بن هلل عن عبد ال
ابن الصامت قال :دخلتُ مع أب ذر ي رضي ال عنه ي على عثمان ي رضي ال
عنه ي وعلى أب ذر ي رضي ال عنه ي عمامة ،فرفع العمامة عن رأسه ،وقال :
إن وال يا أمي الؤمني ما أنا منهم ! ي قال ابن شوذب :يعن :من الوارج ي ،
ولو أمّرتن أن أعض على عرقوب قتب لعضضت عليهما حت يأتين الوت وأنا عاض
عليهما .قال :صدقت يا أبا ذر ،إنّا إنا أرسلنا إليك لي :لتجاورنا بالدينة ،قال :
ل حاجة ل ف ذلك ،إئذن ل ف الربذة ،قال :نعم ،ونأمر لك بنعَم من نعم
الصدقة تغدو عليك وتروح ،فقال :ل حاجة لنا ف ذاك ،يكفي أبا ذر صرمته ،قال
() ( كتاب الزكاة ،حديث رقم ، 1406 :باب ما أُدّيَ زكاته فليس بكن ) . 1
218
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
:ث خرج ،فلما بلغ الباب التفت إليهم فقال :يا معشر قريش اعذموها ودعونا
وديننا .
قال :ودخل عليه وهو يقسم مال عبد الرحن بن عوف -رضي ال عنه -بي
ورثته وعنده كعب فأقبل عثمان ي رضي ال عنه ي فقال :يا أبا إسحاق ما تقول
ف رجل جع هذا الال فكان يتصدّق منه ف السبيل ويصل الرحم ؟ ،فقال :إن
لرجو له (خيًا) ،فغضب أبو ذر ،ورفع عليه العصا ،وقال :ما يدريك
يا ابن اليهودية ،ليودنّ صاحب هذا الال يوم القيامة أن لو كان عقارب تلسع
السويداء من قلبه .
رحم ال هذا الصحاب الليل أبا ذر ،ورضي عنه ،ليته ل يغضب؛ فأين هو عن
قول ال { :الذين ينفقون أموالم بالليل والنهار سرّا وعلنية فلهم أجرهم عند ربم
ول خوفٌ عليهم ول هم يزنون } [ البقرة ،الية ، ] 274 :وقوله تعال { :مثل
الذين ينفقون أموالم ف سبيل ال كمثل حبة أنبتت سبع سنابل ف كل سنبلة مائة
حبة وال يضاعف لن يشاء وال واسع عليم } [ البقرة ،الية ، ] 261 :وقول
النب صلى ال عليه وسلم (( :ل تسبوا أصحاب ،ل تسبوا أصحاب؛ فوالذي نفسي
بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبـا ما أدرك مُدّ أحدهم ول نصيفه))( )1قال هذا
ف خصومة كانت بي عبد الرحن بن عوف وخالد .
وأين يذهب عن آيات الواريث وأحاديثه ؟ ،وأين يذهب عن قوله صلى ال
عليه وسلم لسعد حي أراد أن يتصدق بثلثي ماله ،قال له رسول ال صلى ال عليه
وسلم (( :ل)) ،قال :قلت :فأتصدق بشطره ؟ ،قال (( :ل ،الثلث ،والثلث كثي؛
إنك أن تَذَر ورثتك أغنياء خي من أن تذرهم عالة يتكففون الناس))(. )2
وإذا ل يرج لعبد الرحن بن عوف الي فلمن يرجى ؟!! .
() مسلم ، ) 2540 ( :والبخاري ( :كتاب فضائل الصحابة ،باب قول النب صلى ال عليه وسلم 1
(( :لو كنت متخذًا خليلً)) ،ح ، ) 3673 :واللفظ الذكور لسلم ،وابن ماجه . ) 161 ( :
() مسلم . ) 1628 ( : 2
219
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقال ابن شبة( :)3حدثنا حجاج بن نصي قال :حدثنا قرة ،عن ممد بن
سيين قال :خرج أبو ذر ي رضي ال عنه ي إل الشام ،فشكاه معاوية
ي رضي ال عنه ي ،فبعث عثمان ي رضي ال عنه ي إليه ،فما قدم عليه قال :يا
أمي الؤمني إن وال لستُ منهم ،قال :أجل ،ولكنما أردنا أن تروح عليك اللقاح
وتغدو ،قال :ل حاجة ف دنياكم؛ فخرج حت أتى الربذة .
فكان ممد إذا ذكر له أن عثمان ي رضي ال عنه ي سيّره أخذه أمر عظيم ،
ويقول :هو خرج من قِبل نفسِه ول يُسيّر عثمان .
حدثنا الكم بن موسى وهارون قال :حدثنا ضمرة بن ربيعة ،عن غالب
القطّان قال :قلت للحسن :عثمان أخرج أبا ذر ؟ ،قال :ل ،معاذ ال(.)2
ونن وكلّ منصف يقول كما قال السن (( :ل ،معاذ ال)) .
فهذه الروايات الثابتة اللئقة بكانة الليفة الراشد الرحيم ي رضي ال عنه ي .
ومنها يتبيّن للقارئ أن عثمان ي رضي ال عنه ي ل ينف أبا ذر ي رضي ال
عنه ي ،وأنه اختار الربذة بحض حريته واختياره كما آثر سكن الشام ،وأنه كان
يتردّد إل الدينة برية كاملة تقيقـا لرغبة عثمان ي رضي ال عنه ي .
وإذًا :فليس لسيد قطب أن يوجّه هذه التهمة لك ّل من عثمان ،ومعاوية ،
ومروان .
أما إنكار رأي أب ذر فقد صدر من الصحابة جيعـا ،وخالفه علماء المة من
ذلك الوقت إل يومنا هذا والقرآن والسنة قولً وعملً وتقريرًا .
والديث الذي احتجّ به أبو ذر ي رضي ال عنه ي ل يدلّ على ما ذهب إليه ،
وليس فيه تري أن يُخلف الرجل لورثته مالً .
220
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
221
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الواريث ف القرآن ،ول يكون الياث إل لن خلف مالً ،وقد كان غيُ واحدً من
الصحابة له مال على عهد النب صلى ال عليه وسلم من النصار ،بل ومن
الهاجرين .
وكان غيُ واحدٍ من النبياء له مالٌ ،وكان أبو ذر يريد أن يوجب على الناس
ما ل يوجب ال عليهم ويذمهم على ما ل يذمهم ال عليه ،مع أنه متهد ف ذلك ،
مثابٌ على طاعته ي رضي ال عنه ي كسائر الجتهدين من أمثاله .
وقولُ النب صلى ال عليه وسلم ليس فيه إياب ،إنا قال (( :ما أحب أن
يضي عليّ ثالثة وعندي منه شيء)) فهذا يدلّ على استحباب إخراج ذلك قبل الثالثة
ل على وجوبه .
وكذلك قوله (( :الكثرون هم القلون)) دليل على أنّ من كثر ماله قلّت حسناته
يوم القيامة إذا ل يرج منه؛ وذلك ل يوجب أن يكون الرجل القليل السنات من أهل
النار إذا ل يأت كبية ول يترك فريضة من فرائض ال ،وكان عمر بن الطّاب ي
رضي ال عنه ي يُقوّم رعيته تقويـا تامـًا فل يعتدي ل الغنياء ول الفقراء .
فلما كان ف خلفة عثمان توسع الغنياء ف الدنيا حت زاد كثي منهم على قدر
الباح ف القدار والنوع( ، )1وتوسع أبو ذر ف النكار حت ناهم عن الباحات؛ وهذا
من أسباب الفت بي الطائفتي؛ فكان اعتزال أب ذر لذا السبب ول يكن لعثمان مع
أب ذر غرض من الغراض .
وأما كون أب ذر من أصدق الناس فذاك ل يوجب أنه أفضل من غيه ،بل كان
أبو ذر مؤمنـا ضعيفـا كما ثبث ف ((الصحيح)) عن النب صلى ال عليه وسلم أنه
قال له (( :يا أبا ذر إن أراك ضعيفـا ،وإن أحبّ لك ما أحبّ لنفسي؛ ل تأمّرن
على اثني ،ول تولي مال يتيم)) ،وقد ثبت عنه ف ((الصحيح)) أنه قال (( :الؤمن
القويّ خيٌ وأحبّ إل ال من الؤمن الضعيف؛ وف كلّ خي)) .
وأهل الشورى مؤمنون أقوياء ،وأبو ذر وأمثاله مؤمنون ضعفاء؛ فالؤمنون
() ف هذا الكلم نظر ،ويتاج إل تفصيل بإجاله وإقامة الدلة عليه . 1
222
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الصالون للفة النبوة كعثمان ،وعلي ،وعبد الرحن بن عوف أفضل من
أب ذر وأمثاله))(.)1
فهذا شيخ السلم يبيّن رُجحان مذهب الصحابة وجهور المة ،ويبيّن ضعفَ
مذهب أب ذر ف إياب الزهد الذي ل يوجبه ال وتوسّعه ف النكار حت ناهم
عن الباحات ،وأنه ليس له حجة ف الية والحاديث الت احتجّ با وإن كان
ف ذلك متهدًا معذورًا ي رضي ال عنه ي ،وأنه ليس لحدٍ أن يتعلّق بذهب أب ذر
بعد أن بيّن العلماء ضعفه ومالفته للدلة الواضحة من الكتاب والسنة .
ث ليس له أي علقة با يدعو إليه الشتراكيون الذين دانوا بذهب ماركس
اليهودي الشيوعي ،ث ذهبوا يرّفون له نصوص القرآن والسنة معرضي عن الق
الواضح الذي قرّره الصحابة والتابعون وأئمة السلم .
وقال ابن جرير()2ف تفسي قوله ال تعال { :والذين يكنون الذهب والفضة
ول ينفقونا ف سبيل ال فبشرهم بعذابٍ أليم } :
((واختلف أهل العلم ف معن (الكن) فقال بعضهم هو كل مال وجبت فيه
الزكاة فلم تؤدّ زكاته ،قالوا :وعن بقوله { :ول ينفقونا ف سبيل ال } :ول
يؤدون زكاتا)) .
وساق أسانيد هذا القول إل ابن عمر ،وعكرمة ،والسدي .
والقيقة أنه قول المهور من الصحابة والمة .
قال (( :وقال آخرون :ما زاد على أربعة آلف)) ،ونسبه إل عل ّي -رضي ال
عنه .
قال (( :وقال آخرون :ما فضل عن حاجة صاحبه إليه)) ونسبه إل أب ذر ،
وعمر ،وأب أمامة ،وساق أسانيده إليهم .والسانيد إل عمر وعلي ضعيفة .
() ((منهاج السنة)) 6/272 ( :ي ) 276تقيق د .ممد رشاد سال 3/198 ( :ي . ) 199 1
223
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ث قال (( :قال أبو جعفر :وأول القوال ف ذلك بالصحة :القول الذي ذكر
عن ابن عمر :من أن كل ما أديت زكاته فليس بكن يرم على صاحبه اكتنازه وإن
كثر ،وإن كل مال ل تؤد زكاته فصاحبه معاقب مستحق وعيد ال إل أن يتفضل ال
عليه بعفوه وإن قل إذا كان ما يب فيه الزكاة .
وذلك أن ال أوجب ف خس أواق من الورق على لسان رسوله ربع عشرها
وعشرين مثقالً من الذهب مثل ذلك ربع عشرها .
فإن كان ذلك فرض ال ف الذهب والفضة على لسان رسوله فمعلومٌ أن الكثي
من الال وإن بلغ ف الكثرة ألوف ألوف لو كان .وإن أدّيت زكاته من الكنوز الت
أوعد ال أهلها عليها بالعقاب ل يكن فيه الزكاة الت ذكرنا ف ربع العشر؛ لن ما
كان فرضـا إخراج جيعه من الال وحرام اتاذه فزكاته الروج من جيعه إل أهله
لربع عشرة؛ وذلك مثل الال الغصوب الذي هو حرام على الغاصب إمساكه ،
وفرض عليه إخراجه من يده إل يده التطهر منه :ردّه إل صاحبه .
فلو كان ما زاد من الال على أربعة آلف درهم أو ما فضل عن حاجة ربه الت
ل بدّ منها ما يستحق صاحبه باقتنائه إذا أدّى إل أهل السهمان حقوقهم منها من
الصدقة ،وعيد ال ل يكن اللزم ربه فيه ربع عشر بل كان اللزم له الروج من
جيعه إل أهله وصرفه فيما يب عليه صرفه ،كالذي ذكرنا من أن الواجب على
غاصب رجل ماله رده على ربه .
وبعد :فإن فيما حدثنا ممد بن عبد العلى قال :حدثنا ممد بن ثور
قال :قال معمر :أخبن سهيل بن أب صال ،عن أبيه ،عن أب هريرة ي رضي ال
عنه ي :أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال (( :ما من رجل ل يؤدّي زكاة ماله
إل جعل يوم القيامة صفائح من نار يكوى با جبينه وجبهته وظهره ف يوم كان
مقداره خسي ألف سنة ،حت يقضى بي الناس ث يرى سبيله ،وإن كانت إبلً إل
بطح لا بقاع قرقر تطؤه بأخفافها)) حسبته قال (( :وتعضه بأفواهها ،يرد أولها على
أخراها حت يقضى بي الناس ،ث يرى سبيله .وإن كانت غنمـا فمثل ذلك ،إل
224
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
() أخرجيه مسيلم 12 ( :يي كتاب الزكاة ، 6باب إثي مانيع الزكاة ،حدييث ) 987 : 1
مين طرييق زييد بين أسيلم ،ومين طرييق سيهيل بين أبي صيال كلهاي عين أبي صيال عين
أب هريرة .
وف حديث سهيل (( :ما من صاحب كن ل يؤدّي زكاته)) .
وساق مسل ٌم له شاهدًا من حديث جابر ،وفيه (( :ول صاحب كن ل يفعل فيه حقه إل جاء كنه
يوم القيامة شجاعـا أقرع ))...إل .
225
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
226
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بعض اليات (( :ول غرابة ف هذا ،فالترفون حريصون على حياتم الرخوة الشاذة
الريضة ،حريصون على شهواتم ولذائذهم ،حريصون على أن يكون من حولم
حاشية وبطانة خاضعة لنفوذهم)) .ث يواصل الكلم ف هذا الصدد .
وإذا كانت هذه هي نظرة سيد إل الترفي بل هي نظرة جيع السلمي فلماذا
يصف ذلك الجتمع الطيّب اليّر بالترف ،بل بالتمرّغ فيه وكبار أغنيائه من كبار
أصحاب رسول ال والذين ياربون الترف أكثر من سيد وأمثاله .
قال سيد قطب مهوّل مرجفـا على أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم :
((وبسبنا أن نعرض هنا نوذجـا للثروات الضخام أورده السعودي ،قال :ف
أيام عثمان اقتن الصحابة الضياع والال؛ فكان لعثمان يوم قتل عند خازنه خسون
ومائة ألف دينار ،وألف ألف درهم ،وقيمة ضياعه بوادي القرى وحني وغيها
مائة ألف دينار ،وخلف إبلً وخيلً كثية .
وبلغ الثمن الواحد من متروك الزبي بعد وفاته خسي ألف دينار ،وخلف
ألف فرس ،وألف َأمَة ،وكانت غلّة طلحة من العراق ألف دينار كل يوم ،ومن
ناحية السراة أكثر من ذلك .
وكان مربط عبد الرحن بن عوف ألف فرس ،وله ألف بعي وعشرة آلف
من الغنم ،وبلغ الربع من متروكه بعد وفاته أربعة وثاني ألفـا .
وخلف زيد بن ثابت من الذهب والفضة ما كان يكسر بالفؤوس ،غي ما
خلف من الموال والضياع .
وبن الزبي دارة بالبصرة ،وبن أيضـا بصر والكوفة والسكندرية ،
وكذلك بن طلحة دارة بالكوفة ،وشيد دارة بالدينة ،وبناها بالص والجُر
والساج .
وبن سعد بن أب وقاص دارة بالعقيق ،ورفع سكها وأوسع فضاءها ،وجعل
على أعلها شرفات .
وبن القداد دارة بالدينة ،وجعلها مصصة الظاهر والباطن ،وخلّف يعلى بن
227
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
منبه خسي ألف دينار وعقارًا وغي ذلك ما قيمته ثلثائة ألف درهم))(.)1
إذًا:فهؤلء هم رؤوس القطاعيي والرستقراطيي والترفي ف نظر سيد قطب .
ولمرٍ ما ل يذكر السعودي وسيد قطب عليّ بن أب طالب فإنه كان من أكثر
الصحابة مالً ،وقد بلغت زكاة ماله ف عهد عثمان أربعي ألفـا ،وله عقارات
ووديان وعيون؛ فهل السعودي وسيد يهلن ذلك ؟ .
أما أهل السنة والماعة فعليّ وسائر اللفاء والعشرة البشرون بالنة ،بل
ي أمة أُخرجتكل الصحابة غنيهم وفقيهم هم خي الناس بعد النبياء ،وهم خ ُ
للناس ـ رضي ال عنهم وأرضاهم ـ .
والن نقول :إن الثراء ل يطرأ على الجتمع السلمي ول يفاجئه ف عهد
عثمان ي رضي ال عنه ي؛ فقد كان ف عهد رسول ال صلى ال عليه وسلم وف
عهد أب بكر وعمر أناسٌ أغنياء؛ فعن أب ذر ي رضي ال عنه ي أن أناسـا من
أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم قالوا :للنب صلى ال عليه وسلم :يا رسول
ال ذهب أهل الدثور بالجور ،يصلون كما نصلي ،ويصومون كما نصوم ،
ويتصدّقون بفضول أموالم؛ قال (( :أو ليس قد جعل ال لكم ما تصدقون ؟ ،إن بكل
تسبيحة صدقة ،وكل تكبية صدقة ،وكل تميدة صدقة ،وكل تليلة صدقة ،وأمرٌ
بالعروف صدقة ،ونيٌ عن منكر صدقة ))...الديث؛ فمن عهد الرسول صلى ال
عليه وسلم كان يوجد أغنياء أهل دثور ،واتسع الال على الصحابة ف عهد رسول
ال صلى ال عليه وسلم وف عهد أب بكر وعمر ،ول يزال حالم ف ازدياد واتساع
دينـا ودنيا .
وكان عثمان بن عفان وعبد الرحن بن عوف وأبو طلحة وغيهم أهل ثراء ف
عهد رسول ال وخليفتيه ،وكانوا يبذلون الكثي والكثي ف الهاد ف سبيل ال وف
الب وصلة الرحام والبذل للمعوزين .
فأما عثمان ي رضي ال عنه ي فشهرته بكثرة الال ف عهد رسول ال
والليفتي بعده أشهرُ من أن تذكر ،وهو الذي جهز جيش العسرة ( أي :غزو تبوك)
() ((العدالة)) ( ص ) 175 :ط ثانية عشرة ( ،ص ) 209 :ط خامسة . 1
228
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
229
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
طعنات كثية ،وحل حلت مريرة ،ول يشبع ول ترو غلته فيبدي ويعيد وينقص
ويزيد ويبن القصور الضخام من لبنات الطعن والتام على التهاوي والردئ من
الكلم ،ول نرَ منه أيّ ثناء على عثمان ول أهل عصره الكرام رضي ال عنهم .
230
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
() ( 4/347ي ) 348وبذا يظهر كذب وبطلن ما قاله السعودي ف حق عثمان . 1
() حرف (إل) الت بي القوس زيادة من اقتضاها السياق . 3
231
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
232
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وبذا يظهر كذب وبطلن ما قاله السعودي ف ح ّق عثمان وفرح به سيد قطب .
وأما الزبي ي رضي ال عنه ي فإليك ما يقوله أهل السنة فيه :
قال البخاري()1ي رحه ال ي (( :باب بركة الغازي ف ماله حيـًا وميّتـا مع
النب صلى ال عليه وسلم وولة المر بعده)) ،ث روى بإسناده إل عبد ال بن الزبي
ي رضي ال عنه ي قال (( :لا وقف الزبي يوم المل دعان فقمتُ إل جنبه ،فقال :
يا بن ل يقتل اليوم إل ظال أو مظلوم ،وإن ل أران إل سأقتل اليوم مظلومـا وإن
من أكب هي لدين ،أفترى يبقي ديننا من مالنا شيئـا ،فقال :يا بن بع مالنا فاقض
دين ،وأوصى بالثلث وثلثه لبنيه ي يعن :بن عبد ال بن الزبي ي ،يقول :ثلث
الثلث؛ فإن فضل من مالنا فضل بعد قضاء الدين فثلثه لولدك .
قال هشام :وكان بعض ولد عبد ال قد وازى بعض بن الزبي ي خبيب وعباد
ي وله يومئذ تسعة بني وتسع بنات؛ قال عبد ال :فجعل يوصين بدينه ويقول :يا
بن إن عجزت عن شيء منه فاستعن عليه مولي ،قال :فوال ما دريت ما أراد حت
قلت :يا أبة من مولك ؟ ،قال :ال ،قال :فوال ما وقعت ف كربة من دينه إل
قلت :يا مول الزبي اقض عنه دينه ،فيقضيه؛ فقتل الزبي ي رضي ال عنه ي ول
يدع دينارًا ول درهـا إل أرضي منها الغابة وإحدى عشرة دارًا بالدينة ،ودارين
بالبصرة ،ودارًا بالكوفة ،ودارًا بصر؛ قال :وإنا كان دينه الذي عليه أن الرجل كان
يأتيه بالال فيستودعه إياه فيقول الزبي :ل ،ولكنه سلف ،فإن أخشى عليه الضيعة .
وما ول إمارة قطّ ول جباية خراج ول شيئـا إل أن يكون ف غزوة مع النب صلى ال
عليه وسلم أو مع أب بكر وعمر وعثمان ي رضي ال عنهم ي؛ قال عبد ال بن الزبي
:فحسبت ما عليه من الدين فوجدته ألفي ألف ومائت ألف ،قال :فلقي حكيم بن
حزام عبد ال بن الزبي فقال :يا ابن أخي :كم على أخي من الدين ؟ ،فكتمته فقال
:مائة ألف ،فقال حكيم :وال ما أرى أموالكم تسع لذه ،فقال له عبد ال :
أرأيتك إن كانت ألفي ألف ومائت ألف ؟ ،قال :ما أراكم تطيقون هذا ،فإن عجزت
عن شيء منه فاستعينوا ب.
233
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال :وكان الزبي اشترى الغابة بسبعي ومائة ألف ،فباعها عبد ال بألف ألف
وستمائة ألف ،ث قام فقال :من كان له على الزبي حق فليوافنا بالغابة ،فأتاه
عبد ال بن جعفر ي وكان له على الزبي أربعمائة ألف ي فقال لعبد ال :إن شئتم
تركتها لكم ،قال عبد ال :ل ،قال :فإن شئتم جعلتموها فيما تؤخّرون إن أخرت ،
فقال عبد ال :ل ،قال :قال :فاقطعوا ل قطعة ،قال عبد ال :لك من هاهنا إل
هاهنا ،قال :فباع منها فقضى دينه فأوفاه ،وبقي منها أربعة أسهم ونصف ،فقدم
على معاوية وعنده عمرو بن عثمان والنذر بن الزبي وابن زمعة ،فقال له معاوية :كم
قومت الغابة ؟ ،قال :كل سهم مائة ألف ،قال :كم بقي ؟ ،قال :أربعة أسهم
ونصف ،فقال النذر بن الزبي :قد أخذت سهمـا بائة ألف ،وقال عمرو بن
عثمان :قد أخذت سهمـا بائة ألف ،وقال ابن زمعة :قد أخذت سهمـا بائة
ألف ،فقال معاوية :كم بقي ؟ ،فقال :سهم ونصف ،قال :أخذته بمسي ومائة
ألف ،قال :وباع عبد ال بن جعفر نصيبَه من معاوية بستمائة ألف .
فلما فرغ ابن الزبي من قضاء دينه قال بنو الزبي :اقسم بيننا مياثنا ،قال :ل
وال ل أقسم بينكم حت أنادي بالوسم أربع سني :أل من كان له على الزبي دين
فليأتنا فلنقضه؛ قال :فجعل كل سنة ينادي بالوسم ،فلما مضى أربع سني قسم بينهم .
قال :وكان للزبي أربع نسوة ،ورفع الثلث فأصاب كل امرأة ألف ألف
ومائتا ألف .
ف هذا الديث :
1ـ كرامة هذا الصحاب الليل عند ال .
2ـ تقوى هذا الصحاب ل ،وخوفه من ال ،واهتمامه بديون الناس
وحقوقهم.
3ـ الدللة على صدق نيته ف خروجه إل العراق لواجهة قتلة عثمان
واعتقاده أنه مظلوم ف مقام يصدق فيه الكذوب .
4ـ شكه ف وفاء ماله بدينه الكثي .
234
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
5ـ وصيته ولده باللجوء إل ال إذا واجه كربة ف قضاء هذا الدين الذي أهه
ي رضي ال عنه ي وحسن ثقته بوله .
6ـ أن ابنه كان يواجه كربات ف قضاء دين والده فيلجأ إل ال فيستجيب
ال دعاءه؛ وهذه أحوال أولياء ال الصادقي الخلصي ل حال القطاعيي الترفي .
7ـ أن ال سبحانه بارك ف مال الزبي ،وإل فإن الزبي وابنه وحكيم بن حزام
وعبد ال بن جعفر كانوا يعتقدون أنّ مال الزبي ل يفي بدينه فضلً أن يبلغ إل ما بلغ
إليه من البكة والكثرة الت غطت ديونه وزادت إل درجة ل تطر ببال أحد منهم ،
وذلك من فضل ال ث ببكة إخلص الزبي وولده ي رضي ال عنهما ي .
فأين أكاذيب السعودي وتويل سيد قطب ؟!! .
ث إن الدور الت خلفها كان قد أوقفها على من تطلق من بناته؛ وهذا من الدلة
على بره ببناته ف حياته وبعد موته ي رضي ال عنه ي .
8ـ قدمنا ما يدل على أن الزبي ي رضي ال عنه ي قد أخرج نفسه من
الديوان بعد استشهاد عمر ي رضي ال عنه ي ،وف هذا الديث أن الزبي ي رضي
ال عنه ي ما ول إمارة قط ول جباية ول خراجـا ول شيئـا إل أن يكون ف غزوة
مع رسول ال أو أب بكر وعمر وعثمان .
9ـ انظر إل دينه حيث بلغ ألفي ألف ومائت ألف وكان العقلء يرون أن
ماله ل يبلغ أن يفي لسداد مائة ألف ،لكن ال بارك ف ماله وحلّ مشكلته رحة
وتفضلً منه على عبده الصادق الخلص؛ فأين ما يقولُه ويفتريه السعودي ويهوّل
به سيد قطب ؟!! .
إن طه حسي على خلعته وخبثه وطعنه ف الصحابة كانت نفسُه البيثة قد
تسمح له بأن يدح كثيًا من الصحابة ويذكر ماسنَهم ويعتذر بعض العذار لم إل
جانب طعونه الت يعتمد فيها على الروايات الضعيفة والباطلة ويعتمد أحيانـا
ميلته الفاسدة وهواه العمى .
ومع كل هذا ل ند فيه تشنّج سيد قطب وحقده على كثي من الصحابة ـ
235
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وخصوصـا عثمان وبن أمية صحابيهم وتابعيهم ومن بعدهم ـ؛ فما كانت نفسُه
لتطاوعه ف ذكر شيء من ماسنهم ،وما كان دينه يزعه عن اعتماد الروايات
الباطلة ف مثالبهم والطعن فيهم ،وأكثر من هذا اعتماده على ميّلته وإرسال عنان
قلمه ف الطعن والتهويش عليهم .
وللفرق بينه وبي طه حسي انظر ما قاله سيد قطب من أول كلمه ف
((العدالة الجتماعية)) إل آخره ف أصحاب رسول ال وف عثمان وبن أمية خاصة
وف قريش عامة ،وانظر عمومَ ما قاله طه حسي تد سيدًا أشدّ لجة وأكثرَ
تجّمـا وظلمـا ول أثر لحترامهم وإنصافهم ف كتابه ،وتد ف كتابة طه حسي
من البث والوى ما ال به عليم ،ولكن ـ كما قلت ـ كثيًا ما تسمح له نفسه
بالرونة والحترام والثناء على كثي منهم ،وإن كان ما سلم من ثلبه إل القليل منهم .
وكنتُ أتصوّر أن سيد قطب كان متأثّرًا بطه حسي ف الطعن والثلب ف
الصحابة ف الملة ،لكنه ل يتابعه فيما يذكره من ماسنهم فما كان ف نفسه تلك
الرونة الت عند أستاذه ،وما كان عند الستاذ من العنف التلهّب مثل ما كان عند
التلميذ .
وعلى سيبيل الثال ،انظير ميا نقله سييد قطيب عين السيعودي مين الطعين في
الصحابة ،وكيف اختار عثمان والزبي وطلحة وعبد الرحن بن عوف( )1وسعد بن أب
وقاص والقداد ،وانظر تعليقه على كلم السعودي حيث كان أشد طعنا وأقل أدبا من
السعودي الشيعي نفسه ،وانظر ما قاله طه حسي ف هؤلء الصحابة ف كتابه ((الفتنة
( . )2
الكبى [عثمان])) تر الفرق واضحا بي الرجلي
ومع ما يرمى به طه حسي من إلاد وطعن ف الصحابة ،فإنك تده ألي عريكة
من سيد قطب وأقل قسوة وعنفا ،فقد ترجم للزبي وخلط فيها بي الغمز والدح.
236
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أما الغمز ،فهو البالغة ف ثرواته ،ول يكن ملصا ول صادقا ف عرضه لا ،ولو
كان ملصا لذكر رواية البخاري ف ذلك ومصلها ما سبق.
وأما الدح ،فذكره أن للزبي قرابة من رسول ال صلى ال عليه وسلم ،وصهرا
إل أب بكر ،وأنه عرف من طفولته بالبأس والقوة والقدام ،وأنه كان من السابقي
إل السيلم ،وأنيه شهيد بدرا والشاهيد كلهيا ،وأنيه حواري النيب صيلى ال علييه
وسلم ،وأن عمر وضعه ف الشوري وكان مرشحا للخلفة ،وذكر أنه مع ثروته مات
وعليه دين كثي.
وهمّ كثي من الدائني أن يتركوا دينهم للورثة ،ولكن عبد ال أب وأدى الدين
كله لصحابه ،ول يدرك طه حسي ما ف قصة الدين من الدللة على كذب الروايات
الت بالغت ف ثروات الزبي ،ول يدرك ان الديون كانت أكثر بكثي من ماله الذي
خلفه ،لكن ال بارك فيه بعد موته.
237
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
() راجع ترجته ف ((الصابة)) 2/30 ( :ي ، ) 31و ((السي)) للذهب 1/92 ( :ي . ) 124 1
238
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الثرياء ،بل عجز عن تسديد دين كان عليه ف عهد عثمان ي رضي ال عنه ي .
وقد نقم عليه السعودي وسيد قطب أن يبن لنفسه دارًا يسكنها ،وما أدري هل
الروافض ل يسكنون إلّ ف اليام والكواخ حت ينقموا على سعد أن يبن دارًا .
ومن العجيب :أن طه حسي ل يغمزه بأي مغمز ،بل ترجم له ترجة طيّبة قال
ف آخرها (( :إن معارضته لعثمان ل تتجاوز ح ّد النصح والمر بالعروف ،فلما
خرجت العارضة عن طورها وقاربت أن تكون ثورة كفّ سعد ولزم الياد ،
ول يشارك ف الفتنة ول ف أعقابا ،وكان إذا سئل :لِ َم ل تقاتل ؟ ،قال :حت
تأتون بسيف ينطق فيقول هذا مؤمن وهذا كافر؛ وكأن سعدًا ترّج من أن يظهر
النكي على عثمان فيتّهم بأنه إنا فعل ذلك لنه ينقم على عثمان عزله عن الكوفة .
ومهما يكن من شيء فقد لزم سعد السية الت سارها أيام النب؛ فجاهد ما
عرف الهاد مع النب صلى ال عليه وسلم وأيام عمر ،فلما أشكل المر عليه
اعتزل وترك الناس وما هم فيه .
ولا مات سنة خسي ـ أو خس ـ وخسي طلب أزواجُ النب صلى ال عليه
وسلم أن ترّ جنازته عليهنّ ،ف ُمرّ به ف السجد فصلي عليه .
ول يترك سعد ثروة ضخمة حي مات بالقياس إل أصحابه ،وإنا ترك ما بي
مائت ألف وثلثائة ألف ،وليس هذا بالشيء ذي الطر كما رأيت وكما
سترى))(.)1
وفرقٌ كبي بي سيد قطب؛ إذْ يشيد بالثورة على عثمان ،وبي طه حسي حيث
يشيد بسعد لبتعاده عن الفتنة .
() ل يتر كه طب عه من الشارة إل الط عن ف أثرياء ال صحابة .ان ظر هذا الكلم ( ص ) 769 :ف 1
((السلميات)) .
239
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
240
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ولقد كان يرسل إل عائشة إذا جاءت غلته بعشرة آلف ف كل سنة ،ولقد قضى عن
صبيحة التيمي ثلثي ألف درهم ،وقضى عن عبيد ال بن معمر ثاني ألفـا ،وأتاه
مرّة من العراق خسمائة ألف درهم ،فقسّمها حت أتى على آخرها)) .
أمثل هذا الواد الكري السمح العطاء يلمُ على غن ويطعن فيه به ،وكان
إخوانه الذين صنفهم سيد ف القطاعيي ل يقلّون عن طلحة جودًا وبذلً .
ول يسلم طلحة من غمز طه حسي ،لكنه مع ذلك اتسع صدرُه بذكر كثي من
ماسنه؛ فمن ذلك قوله (( :وكان طلحة كثي الصدقة ،ل يب أن يتمع ف داره الال
السائل؛ فكان إذا اجتمع ف داره شيءٌ كثي ل يسترح حت يتخفف منه بتقيسمه ف
ذوي قرابته من تيم وف ذوي مودّته من قريش والنصار ،وكان أسرع الناس معونة
لن يتاج إل العونة ،وأداء عمن يثقل عليه الدين ،وكان أعطى الناسَ للمال
والكسوة وأسخاهم بالطعام))(.)1
أما القداد بن عمرو الكندي :فهو أحد الصحابة السابقي الولي ،شهد
بدرًا والشاهد ،وثبت أنه كان يوم بدر فارسـا؛ قال ي رضي ال عنه ي :استعملن
رسول ال صلى ال عليه وسلم على عمل ،فلما رجعت قال (( :كيف وجدت
المارة ؟)) ،قلت :يا رسول ال ما ظننتُ إل أن الناس كلهم خول ل ،وال ل أل
على عمل ما دمتُ حيـًا .
وقال له بعض الناس ي وهو يريد الغزو وقد بدن ي :قد أعذر ال إليك ؟ ،
فقال :أتت علينا سورة البحوث { :انفروا خفافـا وثقالً } [ التوبة . ] 41 :
قال الذهب (( :عن كرية بنت القداد :أن القداد أوصى للحسن والسي بستة
وثلثي ألفـا ،ولمهات الؤمني لكل واحدة بسبعة آلف درهم))(.)2
وقال ابن سعد :أخبنا ممد بن عمر قال :حدثن موسى بن يعقوب عن عمته
عن أمها قالت (( :بعنا طعمة القداد الت أطعمه رسول ال صلى ال عليه وسلم بيب
241
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
خسة عشر وسقـا شعيًا من معاوية بن أب سفيان بائة ألف درهم)) .
والروايتان كما ترى غي ثابتة؛ فالول ل إسناد لا ،والثانية فيها الواقدي ،
وفيها عمة موسى وهي قريبة فيها جهالة .
ولو ثبتت الروايتان فإن هذا الال يعدّ قليلً بالنسبة لعهد عثمان وعهد معاوية؛
لن ال كان أفاض على السلمي بالي الكثي ،ول ينق منه إلّ أهل الدواء
والمراض النفسية .
وأما يعلى بن أمية فهو الصحاب الليل التميمي حليف بن نوفل :أسلم عام
الفتح ،استعمله عمر بن الطاب على بعض اليمن ،واستعمله عثمان على صنعاء
فبلغه قتل عثمان فأقبل لينصره فقدم مكة بعد انقضاء الج واستشرف إليه الناس ،
فقال :من خرج يطلب بدم عثمان فعليّ جهازه ،فأعان الزبي بأربعمائة ألف ،وحل
سبعي رجلً من قريش؛ وكان يعلى جوادًا معروفـا بالكرم ،ث صار من أصحاب
عليّ ،وقُتل معه بصفّي(.)1
ول يذكر أحدٌ من ترجم له مقدار ما خلّف من الال غي السعودي حسب
اطلعي ،ويكفيه أنه بذل بسخاء ف نصرة ما يرى أنه الق وأنه كان جوادًا كريـا .
قال سيد قطب معلّقـا على كلم السعودي الشيعي :
((هذا هو الثراء الذي بدأ صغيًا بإيثار بعض السلمي على بعض ف العطاء ف
أيام عمر؛ ذلك اليثار الذي كان معتزمـا إبطاله وتلف آثاره لول أن عاجلته
الطعنة الت ل تصب قلب عمر وحده ،بل أصابت قلب السلم ،ث نا وازداد
بإبقاء عثمان عليه ،فضلً عن العطايا والبات والقطائع ،ث فشى فشوّا ذريعـا
بتجميع الملك والضياع وموارد الستغلل با أباحه عثمان من شراء الرضي ف
القاليم وتضخيم اللكيات ف رقعة واسعة .
وبقاومة الصيحة الالصة العميقة الت انبعثت من قلب أب ذر ،وكانت
() ((أسيد الغابية)) ، ) 5/523 ( :وانظير (( :سيي أعلم النبلء)) ، ) 3/100 ( :و ((تذييب 1
242
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جديرة لو بلغت غايتها ولو وجدت من المام استماعـا لا أن تعدل الوضاع ،
وأن تقق ما أراده عمر ف أواخر أيامه من ردّ فضول الغنياء على الفقراء با يبيحه
له سلطان المامة لدفع الضرر عن المة ،بل با يتمه عليه تقيقـا لصلحة الماعة .
وبقدر ما تكدست الثروات وتضخمت ف جانب كان الفقر والبؤس ف
الانب الخر ،وكانت النقمة والسخط كذلك ،وما لبث هذا كله أن تمع
وتضخم لينبعث فتنة هائجة يستغلها أعداء السلم ،فتودي ف النهاية بعثمان
وتودي معه بأمن المة السلمية وتسلمها إل اضطراب وفوران ل يب أواره حت
كان قد غشى بدخانه على روح السلم وأسلم المة إل ملك عضوض(.)1
هكذا يصوّر أبو الثورة كما يسميه (العجبون به) ذلك العهد الطيّب البارك
وذلك الجتمع اليّر الذي شهد له رسول ال بالييّة ،يصوّره ف صورة الجتمعات
الوربية ،فهناك إقطاعيون تتجمع ف أيديهم الملك والضياع وموارد الستغلل ،
ويمل عثمان أوزار هذا الوضع القطاعي الرهيب ف نظره :
1ـ با أباحه من شراء الرضي ف القاليم وتضخيم اللكيّات ف رقعة
واسعة كما هو حال القطاعيي ف أوربا ف العصور الظلمة .
2ـ وبقاومة الصيحة الالصة العميقة الت انبعثت من قلب أب ذر ول
تنبعث من قلوب الصحابة جيعـا البدريّي والهاجرين والنصار وسائر السابقي
واللحقي؛ لن الشع الادّي والستئثار بالبات والستئثار بالقطاع وتميع
الملك والضياع وموارد الستغلل ف أيديهم قد أمات قلوبم ف نظر سيد ول يبق
إل قلب أب ذر زعيم الشتراكيي ـ حاشاه ـ ينبض بالثورة والغية .
هذا ما يصوّره كلم أب الثورة .
أما أصحاب رسول ال فوال ما كانوا ف شيءٍ ما يتقوّله ويفتعله سيد قطب ،
وما كان أبو ذر ف شيءٍ ما يقوله ،وليست هناك صيحة ثورية يطالب فيها بالتأميم
وأخذ فضول الغنياء .
243
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
244
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
245
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ذي الرة وذي خشب والعوص ملعونون على لسان ممد صلى ال عليه وسلم .
وساق ابن شبة بإسناده إل السن بن علي ي رضي ال عنه ي أنه قال (( :لعن
ال قتلة عثمان))(.)1
وقال المام البخاري()2ي رحه ال ي :حدثن ممد بن الثن ،حدثنا يي ،
حدثنا إساعيل ،حدثنا قيس قال :سعت سعيد بن زيد يقول :لو رأيتن موثقي عمر
على السلم أنا وأخته وما أسلم ولو أن أُحدا انقض لا صنعتم بعثمان لكان مقوقـا
أن ينقض)) .
وقال ابن كثي ي رحه ال ي (( :وف هذه السنة ( يعن :سنة ثلث وثلثي )
سيّر عثمان بعض أهل البصرة منها إل الشام وإل مصر بأسباب مسوغة لا فعله
ي رضي ال عنه ي؛ فكان هؤلء من يؤلب عليه ويالئ العداء ف الطّ والكلم
فيه ،وهم الظالون ف ذلك وهو البارّ الراشد ي رضي ال عنه ي))(.)3
والواقع :أن الصحابة والتابعي لم بإحسان والمة وعلماءها على أنّ عثمان
ـ رضي ال عنه ـ خليفةٌ راشد ،وشهيد مظلوم ،وأنه على الق البلج ،
وخصومه من الثوار وغيهم على الباطل ،ل يالف ف هذا إل الروافض والوارج
وأهل اللاد والبدع .
() ف ((الصحيح)) 63 ( :ي كتاب مناقب النصار ،حديث . ) 3867 : 2
246
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
() ((العدالة الجتماعية)) ( ص ) 200 :ط خامسة ( ،ص 167 :ي ) 168ط ثانية عشرة . 1
247
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الخاتمة
لقد تبي للمؤمني أول الدين والعقول والنهى من هذا العرض مدى ما كان
ينطوي عليه سيد قطب من حقد وكراهية لعثمان بن عفان الليفة الراشد الظلوم ،
وما ظلم به هذا الليفة اليي الصال الوقور العادل .
ومدى التطاول والفتراءات والتامات الت جع فيها بي حقد الروافض
والشتراكيي .
فتارة يرى أن خلفته كانت فجوة .
وتارة يقذفه بأن أسس السلم ف عهده قد تطمت .
وتارة يرميه بالنراف عن روح السلم .
وتارة يرميه بأنه يول أعداء رسول ال ويعزل أصحاب رسول ال .
وتارة يرميه بأنه مكّن للمبادئ الموية الجافية لروح السلم ،وبأنه سيقة
لروان .
وبأنه يمل بن أمية وبن معيط على رقاب الناس .
وبأنه يغدق الموال والوليات على بن أمية .
وبأن تصور حقيقة الكم ف عهده قد تغيّر .
وبأن الثوار أقرب إل روح السلم من عثمان .
وبأن الثروات قد تضخمت ف عهده نتيجة لسياسته . ...
وطعون كثية قبيحة ل تتسع لذكرها هذه الاتة .
وطعن ف الصحابة الذين عاشوا ف عهده وخيار التابعي بأنم مستنفعون ،
وبأنم ل يقنعوا بشرعة الساواة ،لنم اعتادوا التفضيل .
وبأن عهدهم صار عهد إقطاع .
وأنم لبسوا السلم رداءًا ،ول تالط بشاشة السلم قلوبم .
وفضّل عليهم تلميذ ابن سبأ الثوّار .
وطعون أخرى طعن با وشوّه أهل ذلك العهد الزاهر .
والُ حسيبُه ،وال يكافؤه با يستحق ،وكفى شباب المة سوء أفكاره
ومبادئه النافية للمنهج السلمي الق اللبسة لباس السلم ظلمـا وزورًا .
248
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فهرس الموضوعات
القدمة
السباب الوجبة للكتابة ف هذا الوضوع
لحة عن حياة سيد قطب
مكانة أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم عند ال ورسوله
والؤمني
نبذة عن الليفة الراشد عثمان بن عفان رضي ال عنه
من فضائل عثمان ي رضي ال عنه ي الثابتة عن رسول ال صلى ال
عليه وسلم
تهيد طويل من سيد ليتوصل به إل الطعن ف عثمان ومن ف عهده من
الصحابة وغيهم
عثمان ما كان يرى أن قيامه بالكم يعل له حقوقـا وامتيازات
سيد يقرر مذهب الفرق الضالة ليوهم أنا مذهب عمر
عثمان ي رضي ال عنه ي كان شعوره السلمي بالعدل عميقـا ف
نفسه
عثمان ي رضي ال عنه ي كان يقيم العدل على نفسه وبي رعيته
اتام سيد لعثمان ي رضي ال عنه ي بأنه باكر السلم الناشئ
بالتمكي للمبادئ الموية الجافية لروح السلم
اتام عثمان بأن تصوره لقيقة الكم قد تغيّر
إظهار سيد عثمان ف صورة ظال متجب
اتام سيد لعثمان بأنه قد توسع ف النح والعطايا
249
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
250
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطاعن سيد قطب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قريش
تجيد سيد للثورة على عثمان وإلصاقها بأب ذر وبرأه ال منها
زعم سيد أن أبا ذر قام ينكر على الترفي ي أي :أصحاب رسول ال
صلى ال عليه وسلم
تم ساقطة وجهها سيد إل عثمان رضي ال عنه
الصحابة وعلماء المة يالفون أبا ذر ف تفسي الكن وإياب التزهّد
الذي ذهب إليه
نفاد مال عثمان ي رضي ال عنه ي ،ودحضه لشبه أهل الفت
الذب عن عبد الرحن بن عوف رضي ال عنه
الذب عن طلحة بن عبيد ال رضي ال عنه
موقف الصحابة وعلماء المة من الثوار على عثمان الذين يدحهم سيد
قطب
طعون سيد قطب ف خلفاء بن أمية وبن العباس
الاتة
251