You are on page 1of 25

‫عمل المرأة ‪ ،‬رؤية‬

‫شرعية‬
‫د‪ .‬فؤاد بن عبدالكريم العبدالكريم‬

‫‪/http://www.saaid.net‬‬

‫‪1‬‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم‬

‫مقدمة‬

‫الحمد لله والصلة والسلم على رسول الله وعلى آله وصحبه‬
‫ومن واله‪.‬‬
‫قبل الحديث عن هذا الموضوع أود الشارة إلى أن عمل‬
‫المرأة بالمفهوم الدارج هذه اليام يعود في أصله إلى ظروف‬
‫المرأة في الغرب‪ ،‬حيث خرجت مضطرة من بيتها للعمل‪،‬‬
‫بسبب مقتل كثير من ذكورهم بعد الحربين العالميتين‪ ،‬وكذلك‬
‫هجرة الكثير منهم بحثا ً عن العمل‪.‬‬

‫أسباب خروج المرأة الغربية للعمل‬


‫في الوقت الحاضر‬

‫وأما أسباب خروج المرأة الغربية للعمل في العصر‬


‫الحاضر – بعد أن تزعزعت عندهم مفاهيم السرة والحياة‬
‫الجتماعية والخلقية ‪ ،-‬فيمكن إيجازها فيما يلي‪:‬‬
‫‪ - 1‬أن الب في الغرب غير مكلف بالنفاق على ابنته إذا‬
‫بلغت الثامنة عشرة من عمرها؛ لذا فهو يجبرها على أن تجد‬
‫لها عمل ً إذا بلغت ذلك السن‪ ،‬ثم إنه كثيرا ً ما يكلفها دفع أجرة‬
‫الغرفة التي تسكنها في بيت أبيه‪.‬‬
‫‪ - 2‬أن الناس هناك يحيون لشهواتهم‪ ،‬فهم يريدون المرأة‬
‫في كل مكان‪ ،‬فأخرجوها من بيتها لتكون معهم ولهم‪ ،‬ويدل‬
‫على ذلك تسخيرهم لها لشهواتهم الدنيئة من خلل الفلم‬
‫الداعرة‪ ،‬والصور العارية‪ ،‬والعلنات‪ ،‬ودور البغاء‪..‬إلخ‪.‬‬
‫‪ - 3‬أن البخل والنانية شديدان عندهم‪ ،‬فهم ل يقبلون أن‬
‫ينفقوا على من ل يعمل‪ ،‬وهم ل يرون تربية الولد أمرا ً مهمًا‪،‬‬
‫ومهمة شاقة؛ لنهم ل يبالون بدين ول تربية ول أخلق‪.‬‬
‫‪ - 4‬أن المرأة عندهم هي التي تهيئ بيت الزوجية‪ ،‬فل بد لها‬
‫أن تعمل وتجمع المال حتى تقدمه مهرا ً – أو ما يسمى عندهم‬

‫‪2‬‬
‫دوطة – لمن يريد الزواج بها‪ ،‬وكلما كان مالها أكثر كانت رغبة‬
‫الرجال فيها أكثر‪.‬‬
‫‪ - 5‬البحث عن الحرية المزعومة‪ ،‬فالمرأة إذا خرجت من‬
‫بيتها فعملت واستقلت اقتصاديا ً فإنها تشعر أنها حرة‪ ،‬وبالتالي‬
‫فإنها تخادن من تشاء‪ ،‬وتصادق من تشاء‪ ،‬وتذهب حيث تشاء‪،‬‬
‫بل وتنام حيث تشاء‪.‬‬

‫أصول وثوابت في عمل المرأة‬


‫هناك أصول وثوابت لبد أن نستحضرها عند الحديث‬
‫عن عمل المرأة‪ ،‬منها‪:‬‬
‫‪ - 1‬إن السلم يرى أن التنمية القتصادية جزء من التنمية‬
‫للمجتمع بأبعادها المختلفة‪ ،‬وهي ل تقتصر في السلم على‬
‫التنمية المادية فحسب؛ لن السلم يسعى إلى إسعاد الناس‬
‫في الحياة الدنيا والخرة‪ .‬فالتنمية ليست عملية إنتاج‬
‫فحسب‪ ،‬وإنما هي عملية إنسانية تستهدف النسان ورقيه‪،‬‬
‫وتقدمه ماديًا‪ ،‬وروحيًا‪ ،‬واجتماعيًا‪ ،‬وسلوكًا‪ ،‬وعادات‪ ،‬وأخلقًا‪.‬‬
‫والسلم يرى أن المال وجميع العمال المادية يجب أن‬
‫تكون منضبطة بالوامر والنواهي والتعاليم الشرعية‪ ،‬وهذه‬
‫التعاليم منها ما هو ثابت ل يتغير مهما تغيرت الزمان‬
‫والماكن‪ ،‬ومهما تغير الناس في طرائق معيشتهم‪ ،‬أو أساليب‬
‫حياتهم‪ ،‬ومهما اختلفت وسائل إنتاجهم‪ ،‬أو ارتقت مفاهيم‬
‫تفكيرهم في العلم والحياة‪ .‬وهذه تتمثل في شيئين‪ :‬العقيدة‬
‫السلمية‪ ،‬والقيم والخلق‪.‬‬
‫وثبات الفطرة والعقيدة والقيم والخلق ل ينفي قيمة‬
‫التطور وضرورته‪ ،‬وذلك باستنباط الحكام الشرعية بطريقة‬
‫الجتهاد لحل المشكلت والنوازل‪ ،‬وتحديد العلقات الجديدة‬
‫حسب مفهوم الثابت والمتغير في السلم‪ ،‬وبالتالي تكون‬
‫العقيدة والقيم والخلق ضوابط تضبط من خللها التنمية‬
‫القتصادية‪.‬‬
‫واعتبار القيم والخلق في ضبط القتصاد والتنمية هو‬
‫التجاه السليم عند بعض علماء القتصاد‪ ،‬مثل‪) :‬آرثر سميثر(‬

‫‪3‬‬
‫الذي قال بأنه ل يمكن وضع سياسات اقتصادية بدون العتماد‬
‫على معايير أخلقية‪.‬‬
‫‪ - 2‬سوى السلم بين الرجل والمرأة في الحقوق المدنية‬
‫بمختلف أنواعها‪ ،‬ل فرق في ذلك بين وضعها قبل الزواج‬
‫وبعده‪.‬‬
‫فقبل الزواج يكون للمرأة شخصيتها المدنية والمالية‬
‫المستقلة عن شخصية ولي أمرها ‪-‬أبيها أو غيره‪.-‬‬
‫فإن كانت بالغة يحق لها أن تتعاقد‪ ،‬وتتحمل اللتزامات‪،‬‬
‫وتملك العقار والمنقول‪ ،‬وتتصرف فيما تملك‪ ،‬ول يحق لوليها‬
‫أن يتصرف في أملكها إل بإذنها‪ ،‬كما يحق لها أن توكل وأن‬
‫تفسخ الوكالة‪.‬‬
‫وكذلك المتوفى عنها زوجها ‪-‬إذا كانت عاقلة بالغة‪ -‬فلها‬
‫أن تتزوج بمن تشاء‪ ،‬ول يجوز عضلها ‪-‬أي منعها من الزواج‪-‬‬
‫لخذ مالها الذي ورثته عن زوجها‪ ،‬أو إكراهها على الزواج بمن‬
‫ل تريد‪.‬‬
‫وكذلك حمى السلم حقوق القاصرات من البنات‪ ،‬فإن‬
‫كان لها مال فيجب على وليها المحافظة عليه وتنميته‬
‫واستثماره‪ ،‬ثم يؤديه إليها بعد أن تكبر‪ ،‬ول يحل له أن يأخذ‬
‫منه شيئًا‪.‬‬
‫وكذلك بعد الزواج يكون للمرأة شخصيتها المدنية‬
‫الكاملة‪ ،‬فل تفقد اسمها‪ ،‬ول أهليتها في التعاقد‪ ،‬ول حقها في‬
‫التملك‪ ،‬فتحتفظ باسمها واسم أسرتها‪ ،‬وبكامل حقوقها‬
‫المدنية‪ ،‬وبأهليتها في تحمل اللتزامات‪ ،‬وإجراء مختلف‬
‫العقود من بيع وشراء ورهن وهبة ووصية وما إلى ذلك‪،‬‬
‫محتفظة بحقها في التملك تملكا ً مستقل ً عن غيرها‪ .‬فللمرأة‬
‫المتزوجة في السلم شخصيتها المدنية الكاملة وثروتها‬
‫الخاصة وذمتها المالية‪ .‬وهي في هذا كله مستقلة عن‬
‫شخصية زوجها وثروته وذمته‪.‬‬
‫بل إن الزوج ل يجوز له أن يأخذ شيئا ً من مال زوجته‪،‬‬
‫أما إذا أذنت الزوجة بأخذ شيء من مالها فل بأس بذلك‪.‬‬
‫كما أن الزوج ل يحل له أن يتصرف بشيء من أموال‬
‫امرأته إل إذا أذنت له بذلك‪ ،‬أو وكلته في إجراء عقد بالنيابة‬
‫عنها‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫‪ - 3‬لقد خفض السلم للمرأة جناح الرحمة والرعاية‪ ،‬في‬
‫أمر العباء القتصادية‪ ،‬فكفل لها من أسباب الرزق ما يصونها‬
‫عن التبذل‪ ،‬ويحميها من عناء الكدح في الحياة‪ ،‬فأعفاها من‬
‫كافة أعباء المعيشة‪ ،‬وألقاها على كاهل الرجل‪ ،‬وهذه النفقة‬
‫حق للمرأة ونصيب مفروض في ماله‪ ،‬وليست تفضل ً أو مّنة‬
‫منه‪ ،‬فل يسعه تركها مع القدرة‪.‬‬
‫فما دامت المرأة غير متزوجة ول معتدة من زوج‪،‬‬
‫فنفقتها واجبة على أصولها‪ ،‬أو فروعها‪ ،‬أو أقاربها الوارثين‬
‫لها‪ .‬فإن لم يكن لها قريب قادر على النفاق عليها‪ ،‬فنفقتها‬
‫واجبة على بيت المال‪.‬‬
‫وكذلك شأنها في جميع مراحل الزوجية‪ ،‬سواء في ذلك‬
‫مرحلة العداد للزواج‪ ،‬أومرحلة الزواج‪ ،‬أومرحلة انفصامه‬
‫بالطلق‪.‬‬
‫فأما مرحلة العداد للزواج‪ ،‬فقد ألقت الشريعة السلمية‬
‫على كاهل الزوج طائفة من الواجبات القتصادية نحو زوجته‬
‫المستقبلة‪ ،‬دون أن تكلفها هي أو تكلف أهلها أي عبء من‬
‫هذا القبيل‪ .‬ففي هذه المرحلة تنعم المرأة بجميع الحقوق‪،‬‬
‫بينما يتحمل الرجل وحده جميع الواجبات‪ ،‬ومن أهمها‪:‬‬
‫الصداق‪ ،‬وإعداد منزل الزوجية‪.‬‬
‫وأما مرحلة الزواج‪ ،‬فقد أعفيت المرأة من أعباء‬
‫المعيشة وألقتها على كاهل الزوج‪ ،‬وبقيت الزوجة محتفظة‬
‫بحقوقها المدنية ‪ -‬كما سبقت الشارة إلى ذلك‪.-‬‬
‫فللمرأة المتزوجة في السلم شخصيتها المدنية الكاملة‪،‬‬
‫وثروتها الخاصة‪ ،‬وذمتها المالية‪ ،‬وهي في هذا كله مستقلة‬
‫عن شخصية زوجها وثروته وذمته‪.‬‬
‫وهي مع هذا ل تكلف أي عبء في نفقات السرة مهما‬
‫كانت موسرة‪ ،‬بل تلقى جميع هذه العباء على كاهل الزوج‪.‬‬
‫ففي هذه المرحلة تنعم الزوجة بجميع حقوقها القتصادية‬
‫والمدنية‪ ،‬بينما يتحمل الزوج وحده جميع الواجبات‪.‬‬
‫وكذلك الحال إذا انفصلت عرى الزوجية بالطلق‪ .‬ففي‬
‫هذه الحالة يتحمل الزوج وحده جميع العباء القتصادية‪ .‬فعليه‬
‫مؤخر صداق زوجته‪ ،‬وعليه نفقتها من مأكل ومشرب‬
‫ومسكن‪ ،‬مادامت في العدة‪ ،‬وعليه نفقة أولده وأجور‬

‫‪5‬‬
‫حضانتهم ورضاعتهم‪ ،‬وعليه نفقات تربيتهم بعد ذلك‪ .‬ول تكلف‬
‫المرأة أي عبء اقتصادي في هذه الشؤون‪.‬‬
‫‪ - 4‬الصل في المرأة هو القرار في البيت‪ ،‬وعملها خارج‬
‫بيتها خروج عن هذا الصل‪ ،‬فمهمتها الساس أن تكون راعية‬
‫لسرتها مربية لطفالها ‪ ،‬والشرع قد تكفل لها بضمانات‬
‫تجعل بقاءها في بيتها عزا لها وكرامة ‪ ،‬ومن ذلك إيجاب‬
‫النفقة على الرجل‪ ،‬وإسقاط بعض الواجبات التي تسلتزم‬
‫الخروج كصلة الجماعة‪ ،‬والجهاد‪ ،‬والحج إذا لم يتيسر لها‬
‫محرم‪.‬‬
‫‪ - 5‬إن السلم يحث المسلم‪ ،‬ذكرا ً كان أو أنثى‪ ،‬على العمل‪،‬‬
‫بالمفهوم الشرعي للعمل ل بالمفهوم المغلوط أو المسسستورد‪.‬‬
‫كما أنه يعتبر العمل قيمة أساسية مسسن قيمسسه‪ ،‬فالرجسسل عامسسل‬
‫في طلب الرزق وبناء المجتمع‪ ،‬كما أن المرأة عاملسسة وراعيسسة‬
‫في بيتها وفي بناء أس مجتمعها‪ ،‬وهو السرة‪.‬‬
‫‪ - 6‬العفة وحفظ العرض‪ ،‬مبدأ شرعي كلي متضمن في‬
‫المقاصد الشرعية لحفظ ورعاية الضرورات الخمس المجمع‬
‫على اعتبارها‪ ,‬التي ترجع إليها جميع الحكام الشرعية‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫حفظ الدين‪ ،‬والنفس‪ ،‬والعرض‪ ،‬والعقل‪ ،‬والمال‪ .‬وأي انتقاص‬
‫لمبدأ العفة هو عدوان على الشريعة ومقاصدها‪ ،‬وانتهاك‬
‫لحقوق المرأة والرجل‪ ،‬وإشاعة للفاحشة بين المؤمنين‪،‬‬
‫وحفاظا ً على هذا المبدأ العظيم حرم السلم الخلوة‬
‫بالجنبية‪ ،‬والختلط المستهتر‪ ،‬والخضوع بالقول‪ ،‬والسفر‬
‫للمرأة بدون محرم ونحو ذلك‪ ،‬والمرأة قد تحتاج إلى العمل‪،‬‬
‫أو يحتاج إليها المجتمع فتخرج‪ ،‬إل أن هناك صعوبات تكتنف‬
‫عمل المرأة؛ بسبب مخالفة العمل في بعض الحيان‬
‫لخصوصية المرأة‪ ،‬كالختلط‪ ،‬أو الخلوة‪ ،‬أو العمل خارج‬
‫المدن مما يجعلها ل تأمن على نفسها؛ كما يشهد بذلك الواقع‬
‫السيء لكثير من المستشفيات‪ ،‬أو توظيفها مندوبة مبيعات‪،‬‬
‫أو سكرتيرة في الشركات أو المؤسسات‪.‬‬
‫‪ - 7‬أن العمل يجعل المرأة تفكر في الستغناء عن الرجل‪،‬‬
‫ومن ثم تتمرد على حقه في القوامة والولية‪ ،‬مما يؤدي إلى‬
‫فساد العلقة بين الرجل والمرأة‪ ،‬وتمزق شمل السرة‪،‬‬
‫ولذلك زادت نسب الطلق‪ ،‬والعنوسة ‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫‪ - 8‬أن النثى ليست كالذكر في القدرة والتحمل لجميع‬
‫مجالت العمل خارج المنزل؛ نظرا ً لطبيعتها‪ ،‬والواقع يشهد‬
‫أن المرأة غالبا ً ترغب الجلوس في المنزل‪ ،‬ولكنها قد تخرج‬
‫لسد حاجتها وحاجة أولدها‪ ،‬وبينت إحدى الدراسات أن حوالي‬
‫‪ %77‬من النساء يفضلن البقاء في المنزل وعدم العمل إذا‬
‫توفرت لهن المكانات المالية‪.‬‬
‫لجل ما سبق ذكره من الصول والثوابت‪ ،‬فإن هناك‬
‫ضوابط عامة لمشاركة المرأة في التنمية‪ ،‬وضوابط خاصة‬
‫لخروج المرأة للعمل‪ ،‬وهي على النحو التالي‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫الضوابط العامة لمشاركة المرأة في التنمية‪:‬‬

‫تقوم مشاركة المرأة في تنمية مجتمعها‪ ،‬على مجموعة‬


‫من المبادئ والضوابط الجتماعية‪ ،‬التي تتوافق مع الشريعة‬
‫السلمية وتتواءم مع مقتضيات العصر‪ ،‬ومن أهمها‪:‬‬

‫أ – تقسيم العمل‪:‬‬
‫فقد شاركت المرأة المسلمة في المجتمع الول ولكن‬
‫بقدر‪ ،‬فالسلم دين يتلءم مع الفطرة‪ ،‬ول يكلف نفسا ً إل‬
‫وسعها‪ ،‬فكلف الرجل بالجهاد – مثل ً – وأسقطه عن المرأة‪.‬‬
‫والسلم كلف الرجل والمرأة بإقامة أركان الدين‪ ،‬وأسقط‬
‫بعضها عن المرأة إسقاطا ً مؤقتًا‪ ،‬وبعضها إسقاطا ً دائمًا‪.‬‬
‫وبهذا التقسيم يكون السلم قد وزع العمل بين الرجل‬
‫والمرأة‪ ،‬كل حسب قدرته‪ ،‬وهذا ما تؤكده الدراسات‬
‫الجتماعية في الوقت الحاضر‪.‬‬
‫وتفسير السلم لهذا التقسيم أن الناس – وإن كانوا‬
‫متساوين في كرامتهم كأسنان المشط – إل أنهم مختلفون‬
‫من حيث القدرات‪ ،‬والمواهب‪ ،‬والمقدرة الجسمية‪ ،‬فالذي‬
‫يصلح للقيام بعمل ما قد ل يصلح للقيام بعمل آخر‪ .‬فتخصيص‬
‫بعض العمال للمرأة‪ ،‬وتخصيص البعض الخر للرجل ليس‬
‫فيه انتقاص من قدر المرأة وكرامتها‪ ،‬ولكنه تقسيم عادل يعد‬
‫ضروريا ً لستمرار المجتمع‪.‬‬

‫ب – التخصص‪:‬‬
‫إن المرأة تختلف عن الرجل من حيث التكوين‬
‫)البيولوجي(‪ ،‬وهذا بدوره يفرض أعمال ً معينة تناسب كل ً‬
‫منهما‪.‬‬
‫ل‪ -‬للقيام بتربية الطفال‬‫فكما أن الرجال ل يصلحون ‪-‬مث ً‬
‫)حضانتهم ورعايتهم(‪ ،‬فإن النساء ل يصلحن ‪-‬أيضًا‪ -‬لقيادة‬
‫المدرعات وإقامة الجسور‪ ،‬وحفر المناجم‪ ،‬وغيرها من المهن‬
‫الشاقة‪ ،‬وإن كان هناك تجاوزات ‪-‬في هذا الشأن‪ -‬فإنها‬
‫تتعارض مع طبيعة المرأة وفطرتها‪ ،‬قبل أن تتعارض مع‬
‫السلم وأحكامه‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫فالسلم ل يريد أن يرهق المرأة من أمرها عسرًا‪ ،‬وهذا‬
‫ما أثبتته دراسات عديدة من أن قدرة المرأة على التحمل‬
‫تقل كثيرا ً عن قدرة الرجل‪ ،‬وذلك في بعض الجوانب‪ ،‬أما في‬
‫الجوانب التي اختصها الله به‪ ،‬كالحمل والرضاع ورعاية‬
‫شؤون البناء والمنزل ‪ -‬وغيرها من المور ‪ -‬فلها قدرة أعلى‬
‫من الرجل‪.‬‬
‫وهذا ل يقلل من إمكانات المرأة في مشاركتها تنمية‬
‫مجتمعها‪ ،‬فالمور التي تقوم بها في المنزل‪ ،‬من رعاية البناء‬
‫والزوج وتوفير الستقرار النفسي والجتماعي‪ ،‬ليست‬
‫بالمهمة السهلة التي يتصورها البعض‪.‬‬

‫ج – اختلف القدرات‪:‬‬
‫نتج عن اختلف التكوين البيولوجي للرجل والمرأة‬
‫اختلف في قدراتهما‪ ،‬فبالرغم من أن عقلية المرأة تقل عن‬
‫عقلية الرجل‪ ،‬إل أنهما في أمر التعليم والتأهيل متساويان‪،‬‬
‫فكلهما يحصل على نصيبه من التعليم‪ ،‬في ُعَد ّ كل منهما لما‬
‫يناسبه من التخصصات‪ ،‬فتلتحق المرأة بالتخصصات التي‬
‫دها لتتولى أعمال ً تتناسب مع طبيعتها الفطرية‪ ،‬حيث يرتبط‬ ‫ت ُعِ ّ‬
‫التعلم بنوع العمل الذي يعد له الفرد ‪ -‬في ضوء احتياجات‬
‫التنمية ‪ -‬في أي مجتمع من المجتمعات‪.‬‬
‫وهذا ما أكدته دراسات أجريت على نساء في الدول‬
‫المتقدمة )أمريكا ‪ -‬كندا ‪ -‬بريطانيا ‪ -‬اليابان(‪ ،‬حيث كان‬
‫التحاقهن بالتخصصات المهنية والتقنية ضعيف جدًا‪ ،‬بعكس‬
‫التخصصات النظرية‪ ،‬والجتماعية‪ ،‬والخدمية‪ ،‬فقد كان عاليًا‪،‬‬
‫بالرغم من الحرية والمساواة التامة التي تتمتع بها المرأة‬
‫هناك‪.‬‬
‫ولذا فإن المر يقتضي ضرورة إعادة النظر في خطط‬
‫تعليم المرأة‪ ،‬بحيث تتفق مع طبيعة المرأة من ناحية‪،‬‬
‫وظروف المجتمع واحتياجات التنمية من ناحية أخرى‪ ،‬دون أي‬
‫تعدٍ على خصوصية المرأة‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫الراء المتداولة حول عمل المرأة‪:‬‬

‫الرأي الول‪:‬‬
‫ونظرته هي السائدة الن في وسائل العلم‪ ،‬وتتبنى‬
‫النظرة الغربية للمرأة‪ ،‬وتعمل هذه الوسائل على تعميقها‪،‬‬
‫وتقوم على أن عمل المرأة خارج منزلها هو العمل الحقيقي‪،‬‬
‫وأن بقاءها في البيت تعطيل ً وتهميشا ً لقدراتها‪ ،‬وينادي‬
‫أصحاب هذه الرؤية بأن تقتحم المرأة سوق العمل بقوة‪،‬‬
‫انطلقا ً من المفهوم المغلوط للمساواة التامة بين الرجل‬
‫والمرأة دون أي قيود‪ ،‬كما أن سلبيات خروجها تغّيب‪ ،‬ول‬
‫يشار إليها‪ ،‬وفي هذا مغالطة صريحة للواقع الذي تعيشه‬
‫المرأة الموظفة‪ ،‬ومخالفة لطبيعة المرأة الفسيولوجية‪.‬‬
‫كما أن أصحاب هذا الرأي يعتبرون الدين والقيم المنبثقة‬
‫منه عائقا ً أمام عمل المرأة واستثماراتها المالية )كتحريم‬
‫الختلط‪ ،‬والخلوة‪ ،‬والسفر من دون محرم( )‪ ،(1‬ولذلك هم‬
‫يقللون‪ ،‬بل ويسخرون من العمال التي تتوافق مع طبيعة‬
‫المرأة )كتعليم البنات‪ ،‬والخياطة(‪ ,‬ويفاخرون بالعمال‬
‫الخرى التي فيها مخالفات شرعية ول تتوافق مع طبيعتها‬
‫)كأول مخرجة سينمائية‪ ،‬وأول قائدة طائرة‪ ،‬وأول مذيعة‬
‫أخبار في التلفاز‪..‬الخ(‪ ،‬مما ل يتوافق مع طبيعة المرأة‬
‫المسلمة ول قيم المجتمع السعودي‪.‬‬
‫ومما يطرح في الساحة اليوم ‪ -‬من أصحاب هذه الرؤية‬
‫‪ ،-‬الدعوة إلى مساواة المرأة بالرجل‪ ،‬والدعوة إلى فتح‬
‫مجالت جديدة لعمل المرأة؛ كفتح مجالت التدريب والتعليم‬
‫المهني للنساء‪ ،‬وكالعمل في الدفاع المدني‪ ،‬والشرطة‪،‬‬
‫والمحاكم الشرعية‪ ،‬والبلديات‪ ،‬والغرف التجارية الصناعية‪،‬‬
‫ومكاتب العمل والعمال‪ ،‬والمقاولت المعمارية‪ ،‬والعمال‬
‫العلمية )كالتمثيل‪ ،‬والمسرح‪ ،‬والخراج‪ ،‬وغير ذلك(‪،‬‬
‫والعمال المهنية )كالسباكة‪ ،‬والهندسة الكهربائية‪ ،‬والنجارة‪،‬‬
‫ونحو ذلك(‪ ،‬والعمل في المصانع‪ ،‬والعمل مضيفة في‬

‫‪ (11‬كما ورد في دراسة قدمتها الهيئة العامة للستثمار في المملكة العربية‬


‫السعودية‪ ،‬في شهر ربيع الول ‪1424‬هس‪ ،‬بعنوان " معوقات الستثمارات‬
‫النسائية في المملكة العربية السعودية" ص ‪ 74‬وما بعدها‪ ،‬ص ‪.88‬‬

‫‪10‬‬
‫مين )سيدات العمال( بمقابلة‬ ‫الطائرة‪ ،‬والسماح لمن يس ّ‬
‫الوفود التجارية‪ ،‬والسفر إلى الخارج‪ ،‬والسماح للنساء بالبيع‬
‫في المحلت التجارية‪ ،‬وغير ذلك من العمال‪ ،‬التي تخالف‬
‫طبيعة وفطرة المرأة‪ ،‬أو تعرض للمرأة للمخاطر بدخولها‬
‫على البيوت مع خلو تلك البيوت من النساء‪ ،‬أو تعرض النساء‬
‫إلى الخلوة المحرمة‪ ،‬أو البقاء في مكان العمل في أوقات‬
‫غير مناسبة؛ كالوقت المتأخر من الليل‪ ،‬أو العمل في أماكن‬
‫بعيدة عن التجمعات السكانية‪ ،‬أو تعريضها للختلط؛ وكان‬
‫يجب الستفادة من تجارب الدول التي اقتحمت المرأة فيها‬
‫العمل بقوة‪ ،‬ودون ضوابط أصبحت تتعرض لتحرشات غير‬
‫أخلقية في أماكن العمل والدراسة والمنتديات وفي الشوارع‪.‬‬

‫السلبيات المترتبة على هذه الرؤية ‪:‬‬


‫من المسلم به أن خروج المرأة من بيتها للعمل قد سبب‬
‫أضرارا ً مختلفة على المرأة‪ ،‬والسرة‪ ،‬والمجتمع‪ ،‬أضرارا ً‬
‫وسلبيات اجتماعية‪ ،‬وأخلقية‪ ،‬واقتصادية‪ ،‬ونفسية‪ ،‬وصحية‪،‬‬
‫ويمكن إيجازها بالمور التالية‪:‬‬
‫‪ - 1‬إهمال الطفال من العطف والرعاية‪ .‬إذ ل‬
‫شك أن عملية التربية تقوم على الحب والصدق والملحظة‬
‫طول الزمن‪ ،‬وبدون ذلك ل تتحقق التربية‪ .‬ومحاضن الرضع‬
‫والطفال عند الخرين‪ ،‬تظهر أنها ل تحقق للطفال ما يتحقق‬
‫لهم في بيوتهم؛ لن المربية في المحضن مهما كانت على‬
‫علم وتربية فإنها ل تملك قلب الم‪ ..‬فل تصبر‪ ،‬ول تحرص‪ ،‬ول‬
‫تحب كما تفعل الم‪.‬‬
‫ومما يؤكد ذلك ما أشارت إليه عالمة غربية‪ ،‬حيث تقول‪:‬‬
‫)) وخلل عملي ومن خبرتي كنت أجد الطفال ذوي المشاكل‬
‫النفسية‪ ،‬هم الذين عانوا حرمانا ً عاطفيا ً كبيرا ً في طفولتهم‬
‫المبكرة؛ بسبب غياب أمهاتهم الطويل في أعمالهن‪ ،‬ول‬
‫يخفى أن الم بعد عودتها من عمل يوم طويل مضن في أشد‬
‫حالت التوتر والتعب؛ مما يؤثر على تعاملها مع طفلها مزاجيا ً‬
‫وانفعاليًا((‪.‬‬
‫فهل يوازي ما يخسره الولد من عطف المهات وعنايتهم‬
‫ما تعود به الم آخر النهار من دريهمات؟؟‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫كما أن المرأة التي تخرج إلى العمل في المجتمعات التي‬
‫تخالط الرجال فيه‪ ،‬وقد تخلو بهم‪ ،‬يؤدي ذلك إلى أضرار على‬
‫سمعتها وأخلقها‪.‬‬
‫‪ - 2‬من الضرار أن المرأة التي تعمل خارج البيت تحتل‬
‫‪ -‬في كثير من الحالت‪ -‬مكان الرجل المكلف بالنفاق‬
‫شرعا ً على المرأة‪ ،‬وقد يكون هذا الرجل زوجها أو أخوها‪ ،‬ثم‬
‫هي تدع في بيتها مكانا ً خاليا ً ل يملؤه أحد‪.‬‬
‫‪ - 3‬إن المرأة التي تعمل خارج البيت تفقد أنوثتها‪،‬‬
‫ويفقد أطفالها النس والحب‪.‬‬
‫قالت إحدى أعضاء الحركات النسائية – وقد زارت أمريكا‬
‫منحت‬ ‫‪ )) :-‬من المؤسف حقا ً أن تفقد المرأة أعز وأسمى ما ُ‬
‫– وأعني أنوثتها – ومن ثم سعادتها؛ لن العمل المستمر‬
‫المضني قد أفقدها الجنات الصغيرات التي هي الملجأ‬
‫الطبيعي للمرأة والرجل – على حد سواء ‪ ،-‬التي ل يمكن أن‬
‫تتفتح براعمها ويفوح شذاها بغير الم وربة البيت‪ .‬ففي الدور‬
‫وبين أحضان السرة سعادة المجتمع‪ ،‬ومصدر اللهام وينبوع‬
‫الخير والبداع((‪.‬‬
‫‪ – 4‬إن المرأة إذا خرجت من بيتها للعمل فستعتاد‬
‫الخروج من البيت – ولو لم يكن لها عمل كما هو ملحظ ‪،-‬‬
‫وبالتالي سيستمر انشطار السرة وانقطاع اللفة بين‬
‫أفرادها‪ ،‬ويقل ويضعف التعاون والمحبة بين أفرادها – كما هو‬
‫حال البلد الغربية وقد كادت السرة تنهار كليًا‪.‬‬
‫‪ - 5‬الثار الصحية المترتبة على خروج المرأة‪ ،‬وتتمثل‬
‫في أن عمل المرأة خارج المنزل‪ ،‬ولساعات طوال‪ ،‬يعرض‬
‫المرأة لنواع من المراض‪ ،‬يأتي في مقدمتها الصداع‪ ،‬فقد‬
‫أكد رئيس نادي الصداع ‪ -‬الذي يشكل النساء فيه الغالبية‬
‫العظمى ‪ -‬أن الصداع خمسة أنواع‪ ،‬وأن المرأة تتفوق على‬
‫الرجل بأكثر من أربعة أنواع‪ .‬وللصداع أسباب يأتي في‬
‫مقدمتها العمل‪.‬‬
‫وهذه طبيبة نمساوية تقول‪)) :‬كنا نظن أن انخفاض نسبة‬
‫الولدات بين العاملت ترجع لحرص المرأة العاملة على‬
‫التخفف من أعباء الحياة في الحمل والولدة والرضاع تحت‬
‫ضغط الحاجة إلى الستقرار في العمل‪ ،‬ولكن ظهر من‬

‫‪12‬‬
‫الحصائيات أن هذا النقص يرجع إلى عقم استعصى علجه‪.‬‬
‫ويرجع علماء الحياء سبب ذلك إلى قانون طبعي معروف‪،‬‬
‫وهو أن الوظيفة توجد العضو‪ ،‬وهذا يعني أن وظيفة المومة‬
‫أوجدت خصائص مميزة للنوثة‪ ،‬وإنها لبد أن تضمر تدريجيا ً‬
‫بانصراف المرأة عن وظيفة المومة؛ بسبب اندماجها مع‬
‫عالم الرجال((‪.‬‬
‫‪ - 6‬الثر النفسي‪ :‬فإن عمل المرأة وخروجها من‬
‫البيت‪ ،‬وتعاملها مع الزميلت والرؤساء‪ ،‬وما يسببه العمل من‬
‫توتر ومشادات ‪ -‬أحيانا ً ‪ ،-‬يؤثر في نفسيتها وسلوكها‪ ،‬فيترك‬
‫بصمات وآثارا ً على تصرفاتها‪ ،‬فيفقدها الكثير من هدوئها‬
‫واتزانها‪ ،‬ومن ثم يؤثر بطريق مباشر في أطفالها وزوجها‬
‫وأسرتها‪.‬‬
‫إن نسبة كبيرة من العاملت يعانين من التوتر والقلق‬
‫الناجمين عن المسؤوليات الكبيرة الملقاة على عاتقهن‪،‬‬
‫والموزعة بين المنزل والولد والعمل؛ لذا فإن بعض‬
‫الحصاءات ذكرت أن ‪ %76‬من نسبة الدوية المهدئة تصرف‬
‫للنساء العاملت‪.‬‬
‫أما الكتئاب النفسي‪ ،‬فقد قام أحد معاهد الصحة‬
‫النفسية العالمية بإحصاء توصل فيه إلى أن الرق‬
‫والضطراب والنفعال المستمر‪ ،‬أدى إلى أن أصبحت الحبوب‬
‫المنومة والمهدئة جنبا ً إلى جنب مع أدوات الزينة في حقائب‬
‫النساء‪ .‬وتقول الكثيرات إن حياتهن الزوجية أصبحت ل تطاق‪،‬‬
‫والكلمة التي تواجه بها الزوجة زوجها حين العودة من العمل‬
‫)اتركني فإني مرهقة(‪ ،‬حتى علقتها مع أولدها صار يسودها‬
‫النفعال والقسوة وارتفاع الصوت والضرب الشديد‪.‬‬
‫فقد نشرت مجلة )هيكاسا جين( الطبية أنه ل يكاد يوجد‬
‫مستشفى أطفال في أوربا وأمريكا إل وبه عدة حالت من‬
‫هؤلء الطفال المضروبين ضربا ً مبرحًا‪.‬‬
‫‪ - 7‬الهدر القتصادي‪ ،‬ويتمثل ذلك في ثلثة أمور‪:‬‬
‫المر الول‪ :‬أن المرأة مجبولة على حب الزينة والتحلي‬
‫بالثياب والمجوهرات وغير ذلك‪ ،‬فإذا خرجت المرأة للعمل‬
‫كل يوم‪ ،‬فكم ستنفق من المال على ثيابها وزينتها؟ ل شك أن‬
‫النفاق على أدوات الزينة وخلفها سيبلغ رقمه – على‬

‫‪13‬‬
‫مستوى الدولة – مليين الدولرات ‪ -‬كما أثبتت ذلك‬
‫الحصاءات المتعلقة بهذا الجانب ‪ ،-‬فماذا نطلق على هذا؟؟‬
‫أليس هدرا ً اقتصاديا ً ل تستفيد المة منه بشيء؟؟‪.‬‬
‫المر الثاني‪ :‬أن المرأة أقل عمل ً وإنتاجا ً من الرجل‪،‬‬
‫وأقل منه رغبة في الطموح‪ ،‬والوصول إلى الجديد؛ ذلك أن ما‬
‫يعتريها من العادة الشهرية‪ ،‬وأعباء الحمل والوضع‪ ،‬والتفكير‬
‫في الولد‪ ،‬ما يشغلها حقا ً أن توازي الرجل في عمله‪،‬‬
‫ويعوقها عن التقدم بالعمل‪ .‬والنادر من النساء ل ينقض‬
‫القاعدة‪.‬‬
‫المر الثالث‪ :‬الزيادة في نفقات المعيشة‪ ،‬رغبة في‬
‫زيادة مستوى السرة‪ ،‬حيث دفع هذا المر بالمرأة إلى النزول‬
‫إلى ميدان العمل للمشاركة في إعالة السرة ومساعدة‬
‫الزوج في تحمل مسؤوليات المعيشة‪ .‬وبما أن الحياة‬
‫الحضرية تتطور فيها السلع والخدمات بشكل مستمر‪ ،‬فإن‬
‫دخل السرة مهما نال من تحسين أو زيادة ل يمكن أن يفي‬
‫بهذه المطالب المتجددة‪ ،‬وهكذا أصبحت السرة الحضرية‬
‫تتجه نحو الستهلك المتزايد‪ ،‬وأصبحت ظاهرة الستهلك من‬
‫الظواهر التي تهدد السرة دائما ً بالستدانة‪ ،‬أو استنفاد‬
‫مدخراتها أول ً بأول‪.‬‬
‫‪ - 8‬لخروج المرأة أثر في انخفاض معدلت الخصوبة‬
‫والنجاب في السرة‪ ،‬وارتفاع معدلت الطلق‪ ،‬حيث يرتفع‬
‫الطلق بشكل واضح في أغلب المجتمعات الصناعية؛ نظرا ً‬
‫لشعور المرأة بالستقلل القتصادي‪ ،‬فل تتردد في قطع‬
‫علقتها الزوجية‪ ،‬إذا لم يحقق لها الزوج السعادة التي‬
‫تنشدها‪.‬‬
‫‪ - 9‬أخيرا ً فإن المطالبة بخروج المرأة للعمل يمثل‬
‫تهديدا ً أمنيا ً واقتصاديا ً للدولة‪ ،‬ذلك لن أطروحات‬
‫المطالبة بتوظيف النساء تضغط على وتر حساس‪ ،‬والدولة‬
‫مهما كانت إمكاناتها ل يمكن أن تستطيع توفير فرصا ً وظيفية‬
‫لهذه العداد الكبيرة من النساء والرجال‪ ،‬فاعتبار العمل خارج‬
‫المنزل من حقوق المرأة التي تطالب الدولة بتوفيرها سيفتح‬
‫عليها باب يصعب إغلقه فيما بعد‪ ،‬فيكون معول هدم يهدد‬
‫أمن هذه البلد‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫إحصاءات سريعة‪:‬‬
‫أجريت استبانة على مجموعة من النساء المريكيات حول‬
‫المساواة وعمل المرأة‪ ،‬فكانت الجابة‪:‬‬
‫* ‪ 87%‬قلن‪ :‬لو عادت عجلة التاريخ للوراء لعتبرنا المطالبة‬
‫بالمساواة مؤامرة اجتماعية ضد الوليات المتحدة وقاومنا‬
‫اللواتي يرفعن شعاراتها!‬
‫* ‪ 80%‬يجدن صعوبة بالغة في التوفيق بين مسؤولياتهن‬
‫تجاه العمل ومسؤولياتهن تجاه الزوج والولد‪.‬‬
‫* ‪ 87%‬من العاملت من ‪ 85‬مليون امرأة يفضلن البقاء في‬
‫المنزل من نساء أوربا وأمريكا واليابان وكندا‪.‬‬
‫* ‪ 12‬مليون حالة طلق بسبب عمل المرأة ‪ %85‬منها في‬
‫الغرب‪.‬‬
‫* في الوليات المتحدة في عام واحد‪ 5600 :‬طفل دخلوا‬
‫المستشفى بسبب ضرب أمهاتهم العاملت لهم‪ ،‬غالبهم‬
‫تعرض لعاهات بسب الضرب‪.‬‬
‫ت‬
‫ت المريكّيا ِ‬ ‫ن العديد َ من السّيدا ِ‬ ‫تأ ّ‬ ‫ت الدراسا ُ‬ ‫* أثبت ِ‬
‫ل إلى‬ ‫ن الحم ِ‬ ‫ت بإمكاني ّةِ تأخيرِ س ّ‬ ‫ت مقتنعا ٌ‬ ‫الطموحا ِ‬
‫ل العلماءُ‬ ‫ل!!‪ ..‬ويقو ُ‬ ‫ن في العم ِ‬ ‫ق طموحاته ّ‬ ‫الربعين‪ ،‬لتحقي ِ‬
‫ت مساعدةُ‬ ‫ذر ِ‬ ‫ج العقم‪ ،‬وتع ّ‬ ‫دم العمُر تعذ َّر عل ُ‬ ‫إّنه كّلما تق ّ‬
‫ب المبيض‪..‬‬ ‫المرأةِ على النجاب‪ ،‬كما في حالةِ انسدادِ أنابي ِ‬
‫ن‬
‫ن الربعي َ‬ ‫ت اللتي يبلغُ عمُره ّ‬ ‫ل للسّيدا ِ‬ ‫ة الحم ِ‬ ‫ل نسب ُ‬ ‫وتص ُ‬
‫ت في هذه‬ ‫ف البويضا ِ‬ ‫ح نص ُ‬ ‫ث يصب ُ‬ ‫إلى ‪ %10‬فحسب‪ ،‬حي ُ‬
‫ف عدد ُ‬ ‫ي من ناحيةِ الكروموزومات‪ ،‬ويتضاع ُ‬ ‫ن غيَر طبيع ّ‬ ‫الس ّ‬
‫ن ‪ 42‬عاما!‬ ‫ت غيرِ الطبيعي ّةِ إلى ‪ %90‬عند َ س ّ‬ ‫البويضا ِ‬
‫ت‬
‫ت الناجحا ِ‬ ‫ة على ‪ 1647‬سّيدةً من السيدا ِ‬ ‫وأجريت دراس ٌ‬
‫ل يزيد ُ‬ ‫ل على دخ ٍ‬ ‫ن ‪ 1168‬امرأةً تحص ُ‬ ‫ن‪ ،‬من بينه ّ‬ ‫في عمله ّ‬
‫ن‪ ،‬أو‬ ‫س أعماِره ّ‬ ‫ت في نف ِ‬ ‫ة بالسّيدا ِ‬ ‫بمقدارِ ‪ %10‬مقارن ً‬
‫ب‬‫ت علمي ّةٍ في مجالي الط ّ‬ ‫ت على درجا ٍ‬ ‫ت حاصل ٍ‬ ‫سّيدا ٍ‬
‫ت‬ ‫ت الناجحا ِ‬ ‫ن ‪ %42‬من السّيدا ِ‬ ‫ةأ ّ‬
‫ت النتيج ُ‬ ‫والقانون‪ ..‬وكان ِ‬
‫ن‬ ‫ل بعد َ س ّ‬ ‫ن أطفا ٍ‬ ‫ن بدو ِ‬
‫ت المريكي ّةِ ما زل َ‬ ‫في الشركا ِ‬
‫ن النساِء اللتي‬ ‫ة إلى ‪ %49‬بي َ‬ ‫الربعين‪ ،‬وارتفعت هذه النسب ُ‬
‫ن على ‪ 100‬ألف دولر أو أكثر‪.‬‬ ‫تحصل َ‬

‫‪15‬‬
‫ت العقم ِ‬‫ن حال ِ‬ ‫ن في )أمريكا( أ ّ‬ ‫سكا ِ‬‫ح آخُر تعدادٍ لل ّ‬‫وقد أوض َ‬
‫م‬
‫ن الخيرة‪ ،‬فث ّ‬ ‫ت العشري َ‬ ‫ف مستمّر في السنوا ِ‬ ‫في تضاع ٍ‬
‫ن‬
‫ن الربعي َ‬‫ن بي َ‬‫ح أعماُره ّ‬
‫ت تتراو ُ‬‫س سّيدا ٍ‬ ‫ل خم ِ‬ ‫نك ّ‬ ‫امرأةٌ بي َ‬
‫ن أطفال!!!‬ ‫ن بدو ِ‬‫والخمسي َ‬

‫الرأي الثاني‪:‬‬
‫وهو النظر لعمل المرأة من منظور شرعي‪ ،‬ينطلق من‬
‫الصول والثوابت التي ذكرت في أول هذه الورقة‪ ،‬ويتلخص‬
‫في أن المرأة لها خصوصيتها الدينية‪ ،‬والنفسية‪ ،‬والجسدية‪،‬‬
‫والعاطفية‪ ،‬والجتماعية‪ ،‬وأن النفقة واجبة للمرأة على وليها‬
‫والقائم بشؤونها )أبا ً كان أو زوجا ً أو نحوه(‪ ،‬وأن الصل قرار‬
‫المرأة في بيتها ورعايتها لشؤون المنزل والبناء والزوج‪ ،‬وأن‬
‫السلم أباح لها العمل إذا احتاجت لذلك‪ ،‬أو احتاج إليها‬
‫المجتمع‪ ،‬لتعليم بنات جنسها‪ ،‬وتطبيبهن ونحو ذلك‪ ،‬في إطار‬
‫تلك الخصوصية‪.‬‬
‫ولهمية المر‪ ،‬ل بد من الشارة إلى مغالطسسة شسسائعة فسسي‬
‫مفهوم العمل‪ ،‬عند الحديث أو المطالبة بعمسسل المسسرأة‪ ،‬حيسسث‬
‫يطلق عليسه لقسسب " الجيسر الخسساص"‪ ،‬وهسسو‪ " :‬العمسسل مسدفوع‬
‫الجر"‪ ،‬أو "تلسسك العمسسال السستي تمارسسسها المسسرأة حسسال كونهسسا‬
‫أجيرة لشخص ل تربطها به إل الروابط المادية"‪ .‬فل يحتسسسب‬
‫ل‪ -‬تلك العمال التي تمارسها المرأة في بيتهسسا‪،‬‬ ‫من العمل ‪-‬مث ً‬
‫من تربية للبنسساء‪ ،‬أو حسسسن تبعسسل للسسزوج‪ ،‬أو رعايسسة للوالسسدين‬
‫ونحو ذلك‪ .‬وغالبا ً ما توصم المرأة غير الجيسسرة بأنهسسا عاطلسسة‪،‬‬
‫وبأن عدم دخول المرأة "سسسوق العمسسل" أجيسسرة يعتسسبر تعطيل ً‬
‫لنصف المجتمع‪ .‬وهذه مغالطة‪ ،‬انطلت على كثير من النسساس‪،‬‬
‫حتى أصبح الخيار فسسي حسسس المسسرأة‪ ,‬هسسو أن تكسسون "عاملسسة"‬
‫خارج بيتها أو تكون "عاطلة" في بيتها‪ ،‬والصحيح أن الخيار هو‬
‫إما أن تكون "عاملة أجيرة"‪ ،‬أو تكون " عاملة حرة "‪.‬‬
‫إن الخلل في هذا المفهوم يدفع المرأة لتضغط على‬
‫نفسها‪ ،‬وعلى أسرتها‪ ،‬وعلى مجتمعها؛ لتتحول من كونها‬
‫عاملة حرة في بيتها؛ لتكون أجيرة خارج بيتها‪ ،‬مما يؤدي إلى‬
‫كثير من الضرار ‪ -‬سبق ذكرها ‪.-‬‬

‫‪16‬‬
‫ولقد أثبتت الرقام القتصادية التفصيلية في أحد تقارير‬
‫المم المتحدة في أوائل الثمانينيات الميلدية }أن خروج‬
‫المرأة للعمل أجيرة يكلف مجتمعها ‪ %40‬من الدخل‬
‫القومي{‪ .‬وذلك خلفا لما يروج له من أن خروجها للعمل‬
‫أجيرة يدعم القتصاد و الناتج المحلي‪ ،‬كما أن التقرير ذاته‬
‫يقول في فقرة أخرى منه } لو أن نساء العالم تلقين أجورا ً‬
‫نظير القيام بالعمال المنزلية لبلغ ذلك نصف الدخل القومي‬
‫لكل بلد{‪.‬‬
‫وقد قامت مؤسسة مالية في الوليات المتحدة بدراسة‬
‫عمل الم في المنزل )كالتربية‪ ،‬والطبخ‪ ،‬والدارة المالية‪،‬‬
‫والعلج النفسي للسرة‪..‬إلخ(‪ ،‬ومحاولة تقديره بحسابات‬
‫مادية على الورق‪ ،‬فوجدت أن الم تستحق أجرا ً سنويا ً يصل‬
‫إلى ‪ 508‬آلف دولر‪ ،‬وقال المحلل المالي لهذه المؤسسة‪:‬‬
‫))حيث إن الم تعمل ‪ 24‬ساعة مستمرة يوميًا‪ ،‬توصلنا إلى‬
‫أنها تستحق أجر وقت دائم سنوي‪ ،‬يساوي أجر ‪17‬وظيفة‬
‫مهمة((‪.‬‬
‫ولجل هذا يجب إبراز دور المرأة والم في المنزل‪ ،‬وأنه‬
‫ل يمكن تعويض غياب الم في المنزل بأي حال من الحوال‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫* ضوابط عمل المرأة في السلم‪:‬‬
‫في الحالة التي يباح فيها للمرأة بالعمل خارج البيت‪ ،‬ل‬
‫يصح أن يكون ذلك حسب ما تريده وتهواه‪ ،‬بل إن المر مقيد‬
‫بضوابط وضعها السلم؛ حتى يحفظ للمرأة كرامتها‪ ،‬وهذه‬
‫الضوابط هي‪:‬‬
‫‪ - 1‬أن يأذن لها وليها – زوجا ً كان أم غير زوج – بالعمل‪،‬‬
‫وبدون موافقة وليها ل يجوز لها العمل؛ لن الرجل قوام على‬
‫المرأة‪ ،‬إل إذا منعها نكاية بها وظلما ً مع حاجتها للعمل‪ ،‬فل‬
‫إذن له‪.‬‬
‫‪ - 2‬أل يكون هذا العمل الذي تزاوله صارفا ً لها عن الزواج ‪-‬‬
‫الذي حث عليه السلم وأكده‪ -‬أو مؤخرا ً له بدون ضرورة أو‬
‫حاجة‪.‬‬
‫‪ - 3‬كما أن السلم يحث على النجاب وكثرة النسل‪ ،‬فل‬
‫يجوز للمرأة المسلمة أن تجعل العمل صارفا ً لها عن النجاب‬
‫بحجة النشغال بالعمل‪.‬‬
‫‪ - 4‬أل يكون هذا العمل على حساب واجباتها نحو زوجها‬
‫وأولدها وبيتها‪ ،‬فعمل المرأة أصل ً في بيتها‪ ،‬وخروجها للعمل‬
‫ل يكون إل لحاجة وضرورة‪.‬‬
‫‪ - 5‬أل يكون من شأن هذا العمل أن يحملها فوق طاقتها‪.‬‬
‫‪ - 6‬أن يكون عملها لحاجة‪ ،‬وتكون هي في حاجة للعمل‪ ،‬إذا‬
‫لم يكن هناك من يقوم بالنفاق عليها من زوج أو ولي‪ ،‬وأما‬
‫إذا كان هناك من يقوم بالنفاق عليها‪ ،‬فليست في حاجة‬
‫للعمل‪ ،‬وإذا لم تكن في حاجة‪ ،‬فل داعي أن تعمل‪ ،‬إل إذا‬
‫كانت هناك مصلحة عامة تستدعي العمل‪ ،‬مثل أن يكون‬
‫عملها من قبيل فروض الكفاية‪ ،‬كتدريس بنات جنسها‬
‫ووعظهن‪ ،‬ومعالجتهن‪ ،‬أو أي عمل آخر يتطلب تقديم خدمة‬
‫عامة للنساء‪ .‬أو يكون من وراء عملها مصلحة خاصة‪ ،‬كإعانة‬
‫زوج‪ ،‬أو أب‪ ،‬أو أخ‪.‬‬
‫‪ - 7‬كما أنه من الضوابط أن يكون عمل المرأة مشروعًا‪،‬‬
‫والعمل المشروع‪ :‬ما كان متفقا ً مع كتاب الله وسنة رسوله‬
‫‪ ، ‬مثل‪ :‬البيع والشراء‪ ،‬والخياطة‪ ،‬والتعليم‪ ،‬والتعلم‪،‬‬
‫ومزاولة الطب – خاصة أمراض النساء ‪ ،-‬والدعوة إلى الله‪،‬‬
‫وغير ذلك من العمال المشروعة‪ .‬وأما العمال غير‬

‫‪18‬‬
‫المشروعة‪ ،‬فهي‪ :‬كل عمل ورد النهي بخصوصه في الشريعة‬
‫السلمية‪ .‬ومثاله‪ :‬عمل المرأة في المؤسسات الربوية‪،‬‬
‫ومصانع الخمور‪ ،‬والرقص والغناء والتمثيل المحرم‪ ،‬ومزاولة‬
‫البغاء‪ ،‬وأي عمل يكون فيه خلوة أو اختلط محرمان‪ ،‬كالعمل‬
‫مضيفة طيران‪ ،‬أو سكرتيرة خاصة لرجل ليس محرما ً لها‪.‬‬
‫‪ - 8‬أن يتفق عمل المرأة مع طبيعتها وأنوثتها وخصائصها‬
‫البدنية والنفسية‪ ،‬مثل العمال المشروعة التي ذكرت آنفًا‪.‬‬
‫وأما العمال التي ل تتفق مع طبيعتها ول أنوثتها‪ ،‬مثل‪ :‬العمل‬
‫في تنظيف الشوارع العامة‪ ،‬وبناء العمارات‪ ،‬وشق الطرق‪،‬‬
‫والعمل في مناجم الفحم‪ ،‬وغيرها من العمال الشاقة‪ ،‬فل‬
‫يجوز لها أن تمارسها؛ لن ممارستها يعتبر عدوانا ً على‬
‫طبيعتها وأنوثتها‪ ،‬وهذا ل يجوز‪.‬‬
‫‪ - 9‬من الضوابط ‪ -‬أيضا ً ‪ -‬أن تخرج للعمل باللباس الشرعي‬
‫الساتر لجميع جسدها‪ ،‬بأوصافه وشروطه‪ ،‬وأن تغض بصرها‪.‬‬
‫ومن شروط اللباس الشرعي‪) :‬أ‪ -‬أن يكون ساترا ً‬
‫لجميع البدن ب‪ -‬أن يكون كثيفا ً غير رقيق ول شفاف ج‪ -‬أل‬
‫يكون زينة في نفسه‪ ،‬أو ذا ألوان جذابة يلفت النظار د‪ -‬أن‬
‫سم العورة‪ ،‬ول يظهر أماكن‬ ‫يكون واسعا ً غير ضيق‪ ،‬فل يج ّ‬
‫العورة هـ‪ -‬أل يكون معطرا ً فيه إثارة للرجال و– أل يكون‬
‫اللباس فيه تشبه بالرجال ز‪ -‬أل يشبه لبس الكافرات ح‪ -‬أل‬
‫يكون لباس شهرة – وهو كل ثوب يقصد به الشتهار بين‬
‫الناس‪ ،‬سواء أكان الثوب نفيسا ً أو يلبس إظهارا ً للزهد‬
‫والرياء(‪.‬‬
‫‪ - 10‬أخيرا ً من الضوابط لعمل المرأة أل تخالط الرجال‬
‫الجانب‪ ،‬فل يجوز للمرأة العاملة أن تخالط الرجال الجانب‪،‬‬
‫وأي عمل يقوم على المخالطة يعتبر عمل ً محرمًا‪ ،‬ل يرضاه‬
‫الله ول رسوله ‪.‬‬
‫فإذا ما توفرت هذه الشروط جاز للمرأة للمسلمة العمل‪،‬‬
‫وإل فل‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫مقترحات للرقي بعمل المرأة‪:‬‬
‫إن عمل المرأة في بلدنا يتركز معظمه في مجال تعليم‬
‫البنات‪ ،‬وتبلغ النسبة ‪ - %84‬حسب إحصائية وزارة الخدمة‬
‫المدنية عام ‪1422‬هس ‪ -‬من النساء السعوديات العاملت‪ ،‬وما‬
‫زال هناك إقبال شديد على هذا التخصص؛ لمناسبته الشديدة‬
‫لظروف المرأة‪ ،‬دون أن يكون هناك وظائف شاغرة تغطي‬
‫الطلبات‪.‬‬
‫ومن القتراحات التي تطرح لحل مثل هذه القضية تقليل‬
‫عدد اليام‪ ،‬فتكون المرأة تعمل ثلثة أيام في السبوع فقط‬
‫مع خفض الرواتب‪ ،‬وفي هذا بقاء للمرأة في منزلها أكبر فترة‬
‫ممكنة‪ ،‬وتوفير للوظائف من جهة أخرى‪ ،‬كما ينبغي العمل‬
‫بنظام التقاعد المبكر‪ ،‬ويكون اختياريًا‪ ،‬وأما من حيث‬
‫الجازات‪ :‬فنرى إعادة النظر في إجازة المومة فيكون من‬
‫حق الموظفة أن تأخذ ثلثة أشهر براتب كامل‪ ،‬وستة أشهر‬
‫بنصف الراتب‪ ،‬وسنتين بدون راتب‪ ،‬وكذلك توفير أماكن‬
‫حضانة للطفال الرضع‪ ،‬خاصة بعد إلغاء ‪ -‬للسف ‪ -‬ساعة‬
‫الرضاعة التي كانت تمنح للمعلمة لرضاع طفلها‪.‬‬
‫وفي مجال الطب يعزف كثير من النساء عن اللتحاق‬
‫بكليات الطب‪ ،‬أو يعزف الرجال عن الزواج بطبيبات؛ بسبب‬
‫نظام الختلط المزري بالمستشفيات‪ ،‬وبسبب سوء نظام‬
‫دوام وعمل الطبيبات‪ ،‬ولو طبق المقترح السابق‪ ،‬وأصبحت‬
‫المرأة ل تعمل إل بنصف عدد الساعات لزداد استيعاب عدد‬
‫أكبر من الطبيبات‪ ،‬وتوفرت فرص وظيفية للمرأة‪ ،‬خاصة إذا‬
‫حلت مشكلة الختلط ‪ -‬سيأتي ذكر ذلك في الفقرة التالية ‪.-‬‬
‫وكذلك من القتراحات حق الموظفة في العودة إلى‬
‫عملها بعد النقطاع عنه لظروف السرة‪ ،‬وهذا من شأنه أن‬
‫يجعل المرأة تستطيع أن توازن‪ ،‬فتعمل إذا تهيأت ظروفها‪،‬‬
‫وتترك إذا لم تستطع ذلك؛ لظروف بيتها وأولدها‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫توفير فرص عمل مناسبة للمرأة‪:‬‬
‫ابتداء نؤكد على أن الصل بقاء المرأة في منزلها‪ ،‬ثم إذا‬
‫أراد المرأة العمل لحاجة أو ضرورة‪ ،‬فإن هناك أفكارا ً وفرصا ً‬
‫للعمل تضمن للمرأة خصوصيتها‪ ،‬وتقلل السلبيات المترتبة‬
‫على العمل‪ ،‬ومن ذلك‪:‬‬

‫المكتب المنزلي‪ ،‬وهي فكرة تحقق لمن ترغب من‬


‫النساء أن تمارس عمل ً ما في بيتها‪ ،‬أو تمارس مشاريع‬
‫استثمارية صغيرة‪ ،‬وفي نفس الوقت ترعى أسرتها‪ .‬وهذا‬
‫النوع من العمل منتشر في أمريكا وأوربا‪ ،‬وقد أوجد في‬
‫أمريكا – وحدها – ‪ 41‬مليون فرصة عمل‪ ،‬ويحقق العاملون‬
‫والعاملت منه عوائد جيدة‪.‬‬
‫بل كشفت دراسة أجريت في اكتوبر عام ‪1996‬م أن ما‬
‫يقرب من ‪ 46‬مليون من أصحاب العمال المنزلية في أمريكا‬
‫معظمهم من النساء يعملون من أجل إيجاد موازنة أفضل بين‬
‫العمل والسرة‪ ،‬ويكسبون دخل ً أكثر من دخل أصحاب‬
‫المكاتب‪.‬‬
‫كما جاء في تقرير للمم المتحدة عام ‪1985‬م أن النساء‬
‫في الدول الصناعية يساهمن بأكثر من ‪%40_25‬من منتجات‬
‫الدخل القومي بأعمالهن المنزلية‪.‬‬

‫ويمكن تفعيل هذه الفكرة بأمور كثيرة‪ ،‬حيث‬


‫هناك دراسات تضمنت اقتراحات جديرة بالهتمام والتفعيل‪،‬‬
‫حيث أوصت ببعض العمال التي يمكن للمرأة أن تمارسها‬
‫وهي داخل منزلها‪ ،‬من تلك العمال‪:‬‬
‫استخدام المرأة للحاسب اللي وشبكة المعلومات‬
‫"النترنت"‪ ،‬كأعمال ) الطباعة‪ ،‬السكرتارية‪ ،‬مساعدة إدارية ‪-‬‬
‫تخطيط ‪ -‬تحرير صحافي ‪ -‬معالجة إدخال بيانات ‪ -‬تحليل مالي‬
‫‪ -‬باحثة إنترنت ‪ -‬تدقيق لغوي ‪ -‬مبيعات وتسويق ‪ -‬ترجمة‬
‫لغات ‪ -‬معالجة نصوص ‪ -‬إعلنات ‪ -‬تصميم فني ‪ -‬تصميم‬
‫ديكور (‪.‬‬
‫وكذلك من العمال تفصيل ملبس رجالية أو نسائية‪،‬‬
‫حيث يكون هناك مكتب يستقبل الطلبات‪ ،‬وتحت هذا المكتب‬

‫‪21‬‬
‫موظفات توزع عليهن أدوات الخياطة‪ ،‬ويطلب منهن تفصيل‬
‫نوع معين من اللباس‪ ،‬ويمكن أن تطبق بنجاح في اللباس‬
‫الموحد‪ ،‬وتصنيع الدوات الخفيفة؛ كالمكياج‪ ،‬والعطور‪،‬‬
‫ونحوها‪ ،‬وتأجير أدوات الحفلت‪ ،‬أو الرحلت أو الملبس‪ ،‬أو‬
‫بيعها‪ ،‬وكذلك بعض الصناعات التقليدية‪ ،‬أو الرسومات غير‬
‫المحرمة‪ ،‬وغيرها من المهن التي تناسب طبيعة المرأة وهناك‬
‫تجارب محلية ناجحة تدير فيها المرأة عملها من بيتها‪ ،‬وتجري‬
‫تحقيقات‪ ،‬ودراسات مهمة من خلل التواصل عبر الجهزة‬
‫المختلفة‪.‬‬
‫وأما من حيث العمال التي تكون خارج المنزل‪ ،‬فإن‬
‫هناك أعمال ً تتوافق مع طبيعة المرأة‪ ،‬وليس فيها مخالفة‬
‫للشرع المطهر‪ ،‬ومن ذلك‪:‬‬

‫العمال الجتماعية‪ :‬فهناك نقص شديد في هذه‬


‫العمال‪ ،‬كمكاتب الستشارات الجتماعية والشرعية‪ ،‬ودور‬
‫التوجيه والرشاد الشرعي والنفسي‪ ،‬ودور الرعاية‬
‫الجتماعية‪ ،‬ومراكز التنمية الريفية‪ ،‬وهي أعمال متعلقة‬
‫بالنساء‪ ،‬وفيها فرص وظيفية كثيرة‪.‬‬

‫المستشفيات‪ :‬حيث إن الحصاءات تثبت أن نسبة‬


‫العاملت في الوظائف الصحية ل تتجاوز ‪ %4,7‬من الوظائف‪،‬‬
‫مما يعني توفر عشرات اللف من الوظائف الطبية النسائية‬
‫في هذا القطاع‪ ،‬ويبقى ‪ -‬حتى تقبل النساء على هذه‬
‫الوظائف ‪ -‬القضاء على مشكلة الختلط في هذه‬
‫المستشفيات‪ ،‬وذلك بتوفير المستشفيات النسائية الحكومية‪،‬‬
‫التي ل يعلم لماذا لم ترى النور حتى هذه اللحظة‪ ،‬رغم توفر‬
‫كوادر طبية نسائية في مختلف التخصصات الطبية؟!‪ ،‬أو على‬
‫القل إقامة أقسام نسائية متكاملة في كل مستشفى‪ ،‬وكذلك‬
‫تشجيع المستشفيات النسائية الخاصة ودعمها في سائر‬
‫مناطق المملكة‪ ،‬وهناك تجارب ناجحة في هذا المضمار‪.‬‬

‫التعليم‪ :‬وذلك في الجامعات والكليات‪ ،‬والمدارس‬


‫الخاصة‪ ،‬والمدارس الحكومية في القرى‪ .‬فقد أثبتت‬

‫‪22‬‬
‫الحصاءات الصادرة من وزارة الخدمة المدنية‪ /‬مركز‬
‫المعلومات‪ ،‬أن نسبة مشاركة المرأة في قطاعات العمل‬
‫الحكومي بالنسبة لعضاء هيئة التدريس والمحاضرين‬
‫والمعيدين من النساء تبلغ فقط ‪ ،%1،5‬من أعداد النساء‬
‫العاملت‪ ،‬وهي نسبة ضئيلة جدًا‪ ،‬فيجب توجيه النساء إليها؛‬
‫لتغطية هذا القطاع النسائي المهم‪.‬‬

‫السواق النسائية الخاصة‪ :‬فينبغي تفعيل هذه‬


‫السواق‪ ،‬وتحويل كثير من السواق المختلطة إلى أسواق‬
‫نسائية؛ للقضاء على كثير من السلبيات الموجودة حاليا ً في‬
‫السواق‪ ،‬مثل المعاكسات‪ ،‬وحالت الركاب غير المشروع‪،‬‬
‫والتبرج والسفور من قبل بعض ضعيفات النفوس‪ ،‬وكذلك‬
‫الحرج التي تلقيه كثير من النساء عند شراء حاجياتهن‬
‫الخاصة‪ ،‬وغير ذلك من السلبيات‪ ،‬وكذلك توفير فرص وظيفية‬
‫لوجود بائعات سعوديات تتوفر لهن الخصوصية التامة‪ .‬مع‬
‫التنبيه إلى الغلق المبكر لهذه السواق‪ ،‬وهذا المر ليس‬
‫بدعًا‪ ،‬وإنما هو موجود في كثير من بلد العالم‪ .‬وينطبق‬
‫الحديث السابق على الحدائق وأماكن الترفيه النسائية‪.‬‬

‫المشاغل النسائية‪ :‬وهي تقوم بأعمال تخالف ما افتتحت‬


‫من أجله‪ ،‬وأصبحت تسبب قلقا ً أمنيًا‪ ،‬وأخلقيًا‪ ،‬واجتماعيًا‪،‬‬
‫واقتصاديًا‪ ،‬وفكريا ً ‪ -‬بل وصحيا ً – على النساء‪ ،‬وبالتالي على‬
‫المجتمع؛ بسبب تواجد عمالة نسائية من غير نساء البلد‪ ،‬بل‬
‫وغير مسلمات‪ ،‬وللقضاء على هذه المشكلة يقترح منع‬
‫توظيف غير السعودية؛ حتى تحل مشكلتان في نفس الوقت‪،‬‬
‫ويكفي أن يعلم أن في الرياض وحدها ‪ -‬على سبيل المثال ‪-‬‬
‫أكثر من ‪ 3500‬مشغل‪ ،‬كما ذكر ذلك في إحدى الصحف‬
‫المحلية‪.‬‬
‫وكذلك يقترح في هذا الجانب فتح معاهد نسائية لتعليم‬
‫الفتيات فن التجميل والعناية بالبشرة؛ حتى تستغني الفتيات‬
‫عن الذهاب إلى مثل هذه الماكن المشبوهة‪ ،‬مع تيسير‬
‫قروض لخريجات معهد الخياطة‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫تعزيز اليجابيات‪ :‬من اليجابيات الملحوظة على عمل‬
‫المرأة في بلدنا تساوي المرأة مع الرجل في الجر عند‬
‫تساوي عدد ساعات العمل والعتبارات الخرى‪ ،‬وهذه إيجابية‬
‫ينبغي أن تعزز‪ ،‬كما أن من اليجابيات الخصوصية التي تحظى‬
‫بها المرأة الموظفة في أماكن كثيرة‪ ،‬وكذلك توفر جو العمل‬
‫المناسب‪ ،‬وهو أمر يستحق العجاب والتقدير‪ ،‬ويجب‬
‫المحافظة عليه‪ ،‬وهناك تصريحات من نساء غربيات يثنين فيها‬
‫على وضع المرأة السعودية ‪ -‬بعد زيارتهن للمملكة ‪ -‬في‬
‫جميع شؤون حياتهن التعليمية والجتماعية والسرية‬
‫والخلقية‪ ،‬حيث اعتبرن أن وضعية المرأة السعودية هي‬
‫النموذج المثالي للمرأة في المجتمعات السلمية ‪ -‬بل‬
‫والعالمية ‪ ،-‬وأن المرأة السعودية قادرة على الجمع بين‬
‫اللتزام بحجابها‪ ،‬وقدرتها على متابعة التحصيل العلمي‬
‫والعملي‪.‬‬
‫فيجب أن نتمسك بهذا التميز‪ ،‬ول نكون كالتي نقضت‬
‫غزلها من بعد قوة أنكاثًا‪.‬‬

‫وفي الختام ‪ :‬يجب توعية المجتمع حول أن الصل للمرأة‬


‫هو القرار في البيت إذا اختارت ذلك‪ ،‬ونحو ذلك من القضايا‬
‫التي تطرح في الصحف من زاوية واحدة تثير المرأة‬
‫السعودية التي تختار البيت‪ ،‬وتحب رعاية الطفال‪ ،‬وقد طرح‬
‫عدد من الفتيات يشكلن نسبة ‪%53‬تقريبا من عدد خريجات‬
‫بلغن مائة طالبة شكواهن من نظرة المجتمع السلبية لهن بعد‬
‫التخرج إذا اخترن البقاء في البيت‪.‬‬
‫كما ينبغي التركيز على أن العلم والتعليم خاصة بالنسبة‬
‫للمرأة يفترض أن يكون للرقي بمستوى المرأة العلمي‬
‫والثقافي‪ ،‬وقبل ذلك الديني‪ ،‬ورفع الجهل عنها وإعدادها‬
‫لتكون أما صالحة قادرة على إنشاء جيل يتحمل مسؤولية‬
‫النهوض بأمته‪.‬‬
‫والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله‬
‫وصحبه أجمعين‬

‫د‪ .‬فؤاد بن عبدالكريم العبدالكريم‬

‫‪24‬‬
Dr25252@hotmail.com

25

You might also like