Professional Documents
Culture Documents
1
ترجة الؤلف
اسه :شريعت بن ممد حسن سنگلجي(.)1
ولد عام (1310هـ).
نشأته وتعلمه :والده هوالشيخ حسن كان ابن عم الشيخ فضل ال نوري( ،)2تعلم
العلوم البتدائية عند أبيه ث دخل ف مدرسة ميزا زكي وهي من الدارس العروفة بكثرة
طلبا ف طهران العاصمة ف حي (سنگلج) ،اشتغل بطلب العلم عند العلماء ف وقته ،فقد
أنى دروسه النهائية ف سلم التفقه ف الوزة العلمية(السمى مرحلة الارج) عند الاج
الشيخ عبد النب النوري (ت1344:هـ) ،وتعلم الكمة والفلسفة عند ميزا حسن
الكرمانشاهي (ت )1334:والعرفان عند ميزا هاشم الشكوري (1332هـ) ،كما
تتلمذ عند الشيخ علي النوري والشيخ فضل ال النوري ،ث رحل مع أخيه الشيخ ممد
سنگلجي إل النجف لكمال دراسته ،وحضر دروس علماء معروفي هناك مثل السيد ضياء
الدين العراقي(ت1361:هـ) ،والسيد أبو السن الصفهان(ت1365:هـ) ،وعند
رجوعه من النجف ف عام (1340هـ) اشتغل بالوعظ والتبليغ وعمره ثلثون عاما.
وقد كان للعلمة شريعت سنگلجي نشاط ثقاف بارز ف عهد رضا خان البهلوي،
وكانت جهوده منصبة على تديد الدين ف حياة الناس ،وأما المهور الذي هلل لفكار
العلمة شريعت سنگلجي فهم الثقفي التديني الذين ل تعجبهم الرافات وكانوا يتطلعون
إل صيغة دينية بعيدة عن الساطي(.)3
وقد تيز العلمة شريعت سنگلجي ف وقته بتركيزه على شرح القرآن الكري وبيان
() حرف (گ) هو الرف السابع والعشرون من اللفباء الفارسية ،ويلفظ كاليم الصرية ،ول يوجد هذا الرف ف اللغة 1
العربية( .العجم الذهب )490
() مناضل سياسي مشهور ف تاريخ إيران الديث ،دخل معركة الطالبة بالدستور أو ما يسمى وقتها ب(-الكومة 2
الشروعة) بدل الكومة الشروطة الت كان ينادي البعض ،وانتهى المر بإعدامه .للمزيد :انظر تذكرة الغافل وارشاد
الاهل تأليف فضل اللّه نوري
() انظر كتاب (جريان ها وسازمان هاي مذهب سياسي إيران/أي :الركات الذهبية والسياسية ف إيران) .تأليف :رسول 3
جعفريان .من منشورات (مركز اسنا انقلب إسلمي) صفحة 628-625
2
ثوابته ،وقد أحدث هذا التاه أثرا حت ف أوساط بعض الرموز العلمية عند الشيعة المامية،
ومن هؤلء آية ال الطالقان الذي حاول القتراب من القرآن ،وهذا ما أكّده رسول
جعفريان بقوله (إن توجه آية ال الطالقان كان من طريق سنگلجي وخرقان وليس كما
يقول البعض أنه متأثر بمال الفغان وممد عبده)(.)1
()انظر كتاب جريان ها وسازمان هاي مذهب سياسي إيران 628 1
3
أبرز معال منهج العلمة شريعت سنگلجي
أول :ماربة الرافات ،وتنقية التوحيد.
يقول الكاتب الشيعي العاصر رسول جعفريان عن العلمة شريعت سنگلجي( :وهو
بظنه كان يناضل من أجل إزالة الرافات )..ويذكر جعفريان أن سنگلجي كان يريد إبعاد
الرافات عن الدين لنا ف نظره ليس لا جذور ف الذهب الئمة(.)1
ويقول شريعت سنگلجي رحه ال :أنا أعتقد أن ما يورده الهلة ويشغبون به عليّ إنا
هو بسبب دعوت للصلح الت قدمتها ف هذا الكتاب -أي كتاب توحيد العبادة -وكتب
وماضرات أخرى ،حيث بيّنت السلم الصحيح الذي هو إسلم السلف ،والذي تكون
نتيجته دحض كثي من الرافات وهدم كثي من العابد الوثنية.
والذين قرءوا مقالت وتدبروا ف القرآن وتعلموا التوحيد والسلم لن يتأثروا
بالدعاوى الباطلة وكلم حاة الرافات ،بل سيميّزون الباطل والوهام ،وف القابل فسوف
يرفع النتفعي من الرافات أصواتم بذمّنا بكل طريق مكن ،لنم يرون أن منافعهم ف
خطر)(.)2
ويرى الؤلف رسول جعفريان أن سنگلجي ينتمى إل فئة من العلماء قريبة من
الوهابية.
ثانيا :نقض فكرة عدم فهم القرآن بدون تفسي المام ،وبيان أن القرآن سهل ميسر
للفهم.
يقول رسول جعفريان (وكان شريعت يقول ليس هناك أي آية أو كلمة ف القرآن ل
يكن أن يفهمها البشر ،وبطن القرآن هو نفس التفسي والتأويل وهو نفس ظاهر القرآن)
()انظر كتاب (جريان ها وسازمان هاي مذهب سياسي إيران/أي :الركات الذهبية والسياسية ف إيران) .صفحة -625 1
628
() انظر :ص 25-24 2
4
اهـ ،وبطبيعة الال فإن هذا أمر غي مقبول عند أغلب الدوائر العلمية المامية ،وسترى ف
طيات هذا الكتاب تذير الؤلف من الصوات الت تدعي أن القرآن ل يكن فهمه ،أو أنه
مرف وكشف مقاصد أصحاب هذه القوال(.)1
ثالثا :العتماد على منهج ف الستدلل يتضمن الستدلل بروايات وكتب أهل السنة
والماعة مع مصادر الشيعة ،وهذا ما يتضح من خلل هذا الكتاب.
رابعا :التجديد ف الدين.
حيث سعى الؤلف رحه ال إل تقدي رؤية حضارية للدين ،تقوم على التمسك
بالسلم الصحيح وتطوير طرق تعلمه وتعليمه مع الخذ بكل سبل التطور والرقي الدنيوي،
وهذا ما أقر به الكاتب الشيعي العاصر رسول جعفريان حيث قال عن العلمة سنگلجي:
(كانت نظرته إل السلم نظرة يكن أن نعلها ف إطار السلم الضاري التقدم)(.)2
خامسا :الستقلل ف النهج.
حيث ل يكن للمطلع على هذا الكتاب أن يصنف الؤلف من المامية ،كما أنه ل
يد أن الؤلف يزعم بأنه من أهل السنة والماعة ،والقيقة أن الؤلف ل يفصله عن منهج
أهل السنة إل السم فقط ،وبيان ذلك أن العلمة شريعت سنگلجي انتهى إل ترك القول
بالمامة مع التدين بالحترام والولء لهل البيت والصحابة رضي ال عنهم ويقدّر للجميع
جهدهم وجهادهم ف نشر التوحيد وهذا هو مذهب أهل السنة ،خلفا للتيار الغالب على
الشيعة المامية والذي يتبن نظرية العداء بي الل والصحاب وغيها من البدع والحدثات.
()انظر كتاب (جريان ها وسازمان هاي مذهب سياسي إيران/أي :الركات الذهبية والسياسية ف إيران) .صفحة -625 1
628
()انظر كتاب (جريان ها وسازمان هاي مذهب سياسي إيران/أي :الركات الذهبية والسياسية ف إيران) .صفحة -625 2
628
5
اجتهاد ف التحصيل رجاء توفق ال والنتيجة هي الداية.
(أقول :إن العبد الفقي الفان [شريعت سنگلجي] قد اجتهد منذ سنوات ف مطالعة
فنون عدة بسب طاقته البشرية فتعلم التفسي ،والديث ،والكلم ،والفلسفة ،والفقه،
وأصول الفقه ،والتاريخ ،مستيقنا بقول ال تعال (والذين جاهدوا فينا لنهدينّهم سبلنا) حت
اهتديت بدى القرآن ،وميزت بي الق والباطل حسب الطاقة وبعرفت للسلم النيف
عرفت الوهام والرافات والبدع ورددت عليها با عرفت من هدي القرآن).
بداية الواجهة:
بدأ شريعت سنگلجي بيان آرائه ودعوة الناس إل ترك الرافات والبدع سنة(
1345هـ) وعمره (35عاما) .يقول رحه ال:
(إن الكلم با يالف عقائد الناس وبيان خرافاتم أمرٌ صعب جدا خطي للغاية ،وقد
ابتليت بذلك منذ ستة عشر عاما)(.)1
لظة مهمة ف حياة الؤلف:
(أنا شخصيا كان ل خاتا من حديدٍ صينٍ كنت قد رأيتُ له خواصَ (فضائل) ف
الكتب ،كان منها أنه إذا كان ف اليد حُفظ صاحبه ف الفاوز والبحار من الفات ،ولذا
السبب لا عزمت على السفر لج البيت الرام أخذت معي ذلك الات ،ولا كنت ذاهبا من
الدينة النورة إل مكة الكرمة؛ كان عندي كتابا ف الديث كنت أطالعه ف الباص ،وإذ ب
أفاجأ بشاهدة هذه الخبار الت نقلتُها ،فلما دققت النظر فيه؛ قلت يا ويلي ،كم كنت ف
جهل بالتوحيد والسلم!! أنا مرم وحاج لأسافر إل بيت ال وف يدي صنم! لاذا ل أعتقد
أن ال رب العالي هو الافظ فقط؟ كيف أعتقد ف أن حجرا يفظن مع أنن أنا الذي
أحفظه؟ ..عندها حدثت لَ حالة من الفزع ل أستطيع أن أشرحها ,فبدأت أستغفر ونزعت
الات من يدي ورميته ف الصحراء وقلت( :ليس من طبيعة العاشق أن يكون ف قلبه
معشوقان .والمد ل رب العالي).
() كتب الؤلف هذه السطور ف مقدمة الطبعة الول أي سنة 1361ه -ما يعن أنه بدأ دعوته عام 1345ه.- 1
6
شريعت سنگلجي يصدع بالق خوفا من لعنة ال
(رأيت أن أبيّن ما علمن رب من الطالب والقاصد السلمية الثابتة ،وأن أشرح
لطلب القيقة ومبّي الفائدة وأيقنت أنن إن ل أفعل ذلك فسأكون داخلً ف قول الرسول
صَلّى اللّ ُه عََليْ ِه َوسَلّمَ( :إذا ظهرت البدع ف الدين فعلى العال أن يظهر علمه وإل فعليه لعنة
ال)(.))1
الواجهة والبتلء
(تلقيت مصاعب ف تأليف هذا الكتاب ونشره - ،ومثله كتاب مفاتيح فهم القرآن،
وماضرات ليلة الميس -لن بعض الهلة والذين ل يعرفون حقيقة التوحيد كانوا يشنّون
عليّ الغارة تلو الغارة ،بل أنم ل يألوا جهدا ف الفتراء عل ّي طاعة لنفسهم وأهوائهم).
سبب حربم له
(أنا أعتقد أن ما يورده الهلة ويشغبون به عليّ ,إنا هو بسبب دعوت للصلح الت
قدمتها ف هذا الكتاب وكتب وماضرات أخرى ،حيث بيّنت السلم الصحيح الذي هو
إسلم السلف ،والذي تكون نتيجته دحض كثي من الرافات وهدم كثي من العابد
الوثنية).
دوافع خصومه
أولً :كما يقول العلمة سنگلجي (هو حسد بعض القران)
ثانيا :لن آراءه تديد مصادر أرزاق خصومه
يقول رحه ال (وليعلم جيع إخواننا أن حرب هؤلء علينا ليست حربا دينية بالساس
بل هي حرب مادية اقتصادية)
ثالثا :ظهور آراء أثر آراء الؤلف بي الناس
() ورد ف الكاف للكلين ( ،)1/54عن النب (صلى ال عليه وآله وسلم)( :إذا ظهرت البدع ف أمت فليظهر العال علمه، 1
فمن ل يفعل لعنه ال) .وانظر الوسائل (.)271 , 269 /16
7
(أنه قد ظهر تأثي كتبنا وماضراتنا بول ال وقوّته بشكل كبي لدى أصحاب العقول
النيّرة ،وساهت كلمات ف تعريف الناس بالقرآن ،ومن السلّم به أن الشخص إذا تعرّف
على حقائق القرآن فإنه سينفكّ عن أهل الدعاوى الباطلة ،ولن يستطيع أي كاهن أو شيطان
من النس أو الن أن يغلبه ،وهذا ما يل قلوب أصحاب الدعاوى الباطلة حسدا وغيظاً،
لنم يرون أن منافعهم ف خطر عظيم ،فسيسعون بكل وسيلة إل البقاء عليها).
تديده بالقتل:
(أنا شخصيا هددونن بالقتل ،وحرّضون الناس علي بشكل مستمر (أتقتلون رجلً أن
يقول رب ال وقد جاءكم بالبينات من ربكم وإن يك كاذبا فعليه كذبه وإن يك صادقا
يصبكم بعض الذي يعدكم إن ال ل يهدي من هو مسرف كذاب) ،وأحيانا يصوّرون
أقوال بصورة الباطل ويصورنا بأنا أكاذيب ،ول يعلمون أن ما كان ل فإنه يبقى وينمو
مهما كان ،يقول تعال( :أل تر كيف ضرب ال مثلً كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت
وفرعها ف السماء)
شريعت سنگلجي يضى ف دعوته ل يلتفت للتهديد
(ويب أن يعلم العداء أن هذه الال لن تدوم ،وأن ماربتهم لكلم ال بالفتراء
والكاذيب وإخفاء حقائق القرآن سيستمر ،وليعلموا أن ال معنا بوله وقوته..نقول الق
ونكتب ول ناف لومة لئم أو ضرر الرذال والسفلة ،نسأل ال أن يبارك ف عملنا)(.ولن
ينعنا أبدا ه ّم البز أو الوف على أرواحنا من إظهار حقائق اليان).
وفاته:
توف شريعت سنگلجي رحه ال سنة (1363هـ) عن عمر يناهز الثالثة والمسي.
مؤلفاته:
كتاب مفتاح فهم القرآن (كليد فهم القرآن) ،وقد أثار هذا الكتاب جد ًل واسعا وقته
ف إيران ،وذلك لن الؤلف فسر القرآن بطريقة توافق الطريقة صحيحة حيث اعتماد على
اليات ف بيان توحيد ال ونفي الرافات والغلو ،كما أن ما أثار اللغط حول كتابه اعتماد
8
الؤلف لصادر أهل السنة كمصدر معتب به ف فهم القرآن.
توحيد العبادة -وهو الكتاب الذي نقدم للقارئ ترجته باللغة العربية.-
كتاب السلم.
ماضرات ليلة الميس.
الوسيقى(.)1
عملنا ف الكتاب:
تت ترجة النص من الفارسية إل اللغة العربية (نقل معن النص الفارسي إل معن
النص العرب).
كما قمت بتخريج الحاديث الت ذكرها الؤلف من كتب الشيعة وكتب أهل السنة،
وسجلت بعض الحالت لبعض الواضع الهمة ،وبصوص الشعار الت وضعها الؤلف ف
الصل فقد نقلت معناها مترجة ف نص نثري أدب يتضمن توضيح العن الذي تدث عنه
الؤلف ف البيات.
وبصوص اليات فقد أبقيتها بالطريقة الت جرى عليها الؤلف ف الحالة ،بيث
يسجل رقم السورة ث رقم الية ،فعلى سبيل الثال إل قال( )7/55أي (سورة العراف/
الية )55
وما يوجد ف الت ما بي معكوفتي [ ] فهو من وضعي للتوضيح سواء كان عنوانا أو
)( 1مصادر الترجة:
زندگي نامه ،رجال ومشاهي إيران (ج .)70 - 69 / 4
تفسي وتفاسي جديدة (ص .)36
مفسران شيعة (ص .)190 - 189
مؤلفي كتب چاپي (ج .)560 - 2
دانشنامه قرآن وقرآن پژوهي به كوشش باء الدين خرمشاهي (چاب 1377ص .)1301 - 1300
(جريان ها وسازمان هاي مذهب سياسي إيران 1320ه -ش1357 -ه -ش/أي :الركات الذهبية والسياسية ف إيران).
تأليف :رسول جعفريان .من منشورات (مركز اسنا انقلب إسلمي)).
9
ف وسط النص.
ونظرا لن الؤلف ف الصل ل يكثر من الواشي فالصل ف النص الترجم أن
الواشي من الحقق وما كان من الؤلف فسوف أضع ف نايته (شريعت).
كما قمنا بتقدي ترجة للمؤلف وعرض للكتاب
وأسأل ال تعال التوفيق ف الدارين.
10
عرض للكتاب
11
وأن أكمل الراتب الت يصل إل النسان هي مرتبة العبودية ،وأن عبادة ال واجب ل يسقط
إل بالوت ،ث تدث الؤلف عن اختلف العلماء ف أفضل مراتب العبادة وبيّن أن أحسن
القوال هو أن أفضلها ما كان خالصا ل وكان موافقا لقتضى حال كل شخص.
الزء الثان من الكتاب :الشرك وأنواعه.
تدث الؤلف عن الشرك فبي أنه قسمان الكب وهو عند الؤلف شرك التسوية بي
الالق والخلوق من كل وجه ،والصغر وهو صرف شيء من خصائص ال لغيه ،ث تدث
عن بعض أنواع الشرك وصُوره ومنها :العتقاد بالتأثي الغيب للحجار والِلَقة والوات
والتبك با أوبالشجار ،وكذلك الذبح أو النذر لغي ال ،والدعاء والستغاثة بغي ال تعال،
وكذلك العتقاد بتأثي النجوم (التنجيم) -وهنا استطرد الؤلف فبيّن مذاهب الصابئة
ومناظرة ابراهيم الليل لم.
كما بيّن الؤلف أن من أنواع الشرك الصغر التطيّر والتشاؤم وف مقابل هذا وضّح
الؤلف منهج السلم ف الث على التفاؤل.
كما أن من أهم موضوعات الت تطرق لا الؤلف بيان أن الغلو ف الصالي سبب
كفر بن آدم ،وتوضيح حقائق مهمة حول التوسل والوسيلة بي العبد وربه.
ث تدث الؤلف عن نوع من أنواع الشرك الصغر وهو الرياء ،ث عاد إل موضوع
الشفاعة فعرفها وذكر أنواعها ف القرآن ،وشروط حصول العبد على شفاعة الشافعي،
وأخطاء الناس ف التعامل مع السباب.
ث تدث الؤلف عن كيفية ظهور عبادة الوثان وعبادة الموات مبينا أهم الحكام
الت وضعها السلم لسد الطرق الت قد توصل الناس إل عبادة القبور ،ث بيّن الؤلف الزيارة
الشروعة للقبور وفوائدها ،ث تطرق لسبب ظهور عبادة الوثان والحجار والشجار؛
وأشار إل تري السلم لصنع التماثيل والجسّمات حاية للتوحيد وسدّا لذرائع عبادة
الوثان.
ث ختم الؤلف كتابه ببيان أن التوحيد هو أساس الفضائل ،ث الديث عن كيفية ظهور
12
الشرك والرافات بي أهل السلم.
أخياًَ :ذكر الؤلف قائمة بالراجع الت استفاد منها ف تأليفه للكتاب وهي 57مرجعاً.
مقق الكتاب
خالد بن ممد البديوي
13
صور من أصل الكتاب باللغة الفارسية
(الطبعة الثانية)
14
15
16
مقدمة الطبعة الثانية
(المد ل وسلم على عباده الذين اصطفى آل خي أما يشركون)
(إن هي إل أساء سيتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل ال با من سلطان)
(إن ال وملئكته يصلّون على النب يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما)
لا خرجت الطبعة الول من هذا الكتاب حَظِيت باهتمام أول اللباب ،واعتن با
غاية رجالٌ موحّدون وعلماء أجلّء ،وقلّت النّسخ ف السواق حت صارت النسخة تباع
بعَشْر أضعاف قيمتها ،فرأيت أن أقدم طبعة أخرى حت ل يقع الجحاف بأموال العقلء،
كما أنن تلقيت طلبات كثية لذا الكتاب من بلدان أخرى ،ولذا صممت بول ال وقوته
أن أقدم هذه الطبعة الديدة.
[تنبيهات]
أولً :سيجد القارئ الكري ف هذه الطبعة زيادات مهمة ف الديث عن مسألة
الستغاثة بغي ال ،وتقدي الذبائح للبشر ،وأسباب وقوع عبادة الوثان ،والديث عن أهية
التوحيد وأنه أساس الفضائل وغيها من السائل.
ثانيا :حرصت ف هذه الطبعة على تشكيل اليات والحاديث ،خلفا للطبعة الول،
تسهيلً للقارئ ل سيما الذي ل يُحسِن العربية.
وقد تلقيت مصاعب ف تأليف هذا الكتاب ونشره - ،ومثله كتاب مفاتيح فهم
القرآن ،وماضرات ليلة الميس -لن بعض الهلة والذين ل يعرفون حقيقة التوحيد كانوا
يشنّون عليّ الغارة تلو الغارة ،بل إنم ل يألوا جهدا ف الفتراء عليّ طاعة لنفسهم
وأهوائهم.
نعم؛ إن الكلم با يالف عقائد الناس وبيان خرافاتم أمرٌ صعب جدا وخطي للغاية،
وقد ابتليت بذلك منذ ستة عشر عاما ،ول أدّعي بأنن بِدعا من الناس ،ففي كل عصر
وزمان يوجَد أُناس يتصّهم ال بفهم أكثر ،فإذا بيّن هؤلء أخطاء الناس ابتلوا بنُفرة كثي من
17
أهل البدعة وعداوتم ..والواجب أن نعرف أن الناس ليسوا كلهم علماء .فـ(المد ل بل
أكثرهم ل يعلمون) ()16/78
القيقة الثابتة تدل على أن الّهال ف الغالب هم الكثرية ،وأن أهل الستقامة هم
القلية ،ولو كان الهلة يعلمون لا عاشوا هذه السنوات ف جهل وضلل.
أنا أعتقد أن ما يورده الهلة ويشغبون به عليّ ,إنا هو بسبب دعوت للصلح الت
قدمتها ف هذا الكتاب وكتب وماضرات أخرى ،حيث بيّنت السلم الصحيح الذي هو
إسلم السلف ،والذي تكون نتيجته دحض كثي من الرافات وهدم كثي من العابد الوثنية.
والذين قرءوا مقالت وتدبروا ف القرآن وتعلموا التوحيد والسلم لن يتأثروا
بالدعاوى الباطلة وكلم حاة الرافات ،بل سيميّزون الباطل والوهام ،وف القابل فسوف
يرفع النتفعي من الرافات أصواتم بذمّنا بكل طريق مكن ،لنم يرون أن منافعهم ف
خطر.
وليعلم جيع إخواننا أن حرب هؤلء علينا ليست حربا دينية بالساس بل هي حرب
مادية اقتصادية ،وياليت هؤلء النتفعي مقتنعي بذه الرافات ،لن الدفاع عن العقيدة أمر
حسن ،فإن كان هؤلء متمسكي بالدين ،فلماذا يتعرضون ل بشكل دائم ،وأنا إنا أدعو إل
رب العالي ،ونج سيد الرسلي ،وإل الستعداد للخرة والتزود من العلم والتقوى.
وقد شاع ف متمعنا آلف النكرات والبدع ،وقامت فئات متعددة بحاربة السلم
والقرآن ،فلماذا ل يتصدى الذين ينكرون علي لمثال هؤلء!..
العجب أنم يذمون طريقت ،ول يقومون بتبصي من يذهبون إل أماكن الرقص والمر
ويقعون ف أكل الربا والحتكار ونوها من النكرات السام!! ولاذا ل ينبهون الناس
ويدعونم لترك قراءة الكتب الضالة والقالت النحرفة الت ساهت ف إفساد الدين
والعراض! لاذا يصرّ أناس على منع الناس من قراءة هذا الكتاب وكتاب مفتاح فهم القرآن
وساع الكلمات النافعة!
أسباب الجوم:
18
الول :هو حسد بعض القران ،فالاسد إذا ل يستطع أن يبلغ مرتبة الحسود فإنه
يتهد ف تقي الخر وتصغي مقامه بي الناس ،ولكن ليُعلم (أن السود ل يسود) ،وأن
الشخص إذا عمل عمله ابتغاء مرضاة ال فلن يؤثر فيه حسد السّاد.
قال أحدهم لشيخه :أنا أنى عن النكرات من زمن لكنن أخاف من أهلها أن يصيبون
بضيق ف رزقي ،فقال له الشيخ :لن يفعل هذا بك إل ال تعال ومت ابتلك ال فثق بأنه
سينجيك من بليا الدارين.
الثان :أنه قد ظهر تأثي كتبنا وماضراتنا بول ال وقوّته بشكل كبي لدى أصحاب
العقول النيّرة ،وساهت كلمات ف تعريف الناس بالقرآن ،ومن السلّم به أن الشخص إذا
تعرّف على حقائق القرآن فإنه سينفكّ عن أهل الدعاوى الباطلة ،ولن يستطيع أي كاهن أو
شيطان من النس أو الن أن يغلبه ،وهذا ما يل قلوب أصحاب الدعاوى الباطلة حسدا
وغيظاً ،لنم يرون أن منافعهم ف خطر عظيم ،فسيسعون بكل وسيلة إل البقاء عليها.
أنا شخصيا هددونن بالقتل ،وحرّضون الناس علي بشكل مستمر (أتقتلون رجلً أن
يقول رب ال وقد جاءكم بالبينات من ربكم وإن يك كاذبا فعليه كذبه وإن يك صادقا
يصبكم بعض الذي يعدكم إن ال ل يهدي من هو مسرف كذاب) ( ،)40/30وأحيانا
يصوّرون أقوال بصورة الباطل ويصورنا بأنا أكاذيب ،ول يعلمون أن ما كان ل فإنه يبقى
وينمو مهما كان ،يقول تعال( :أل تر كيف ضرب ال مثلً كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها
ثابت وفرعها ف السماء) ()14/30
ول بد أن يعلم الميع أن كلمة الق ل تُمحى بأصوات الفسدين ،وأن الغلبة والدولة
تكون ف ناية الطاف للحق ،وأن الباطل يظهر زيفه بعد أيام قلئل ..وإذا تقلبت الحوال
فل ينبغي أن نظن بأن الفساد سيكون هو النتصر ولو رأينا الفسدين يققون بعض مكاسبهم
وهم فرحي -ظاني بأن الال ستدوم على منوال واحد ،-بل يب أن نستيقن بأن باطلهم
سيزول.
إننا نشهد فترة تاريية عصيبة ل يسبق للتاريخ أن مرّ بثلها ،من الدمار وتقلبات
19
الدول ..وبل شك فإن هذا اختبار إلي ،ولذا يب أن ننتبه حت ل نسر المتحان ،لسيما
وأننا نرى كثيا من الناس ظهرت حسراته من خلل سيطرة الهل عليهم وبُعدهم عن
الخلق السنة ،وعن تقوى ال ،وظهور النفاق وكثرة القتل وهتك العراض والحتكار
وعدم التراحم بي الناس وكثرة الظلم والتشات وانتشار كل هذه المور الطية بدرجة يعل
العاقل يفر إل ال تعال.
ويب أن يعلم العداء أن هذه الال لن تدوم ،وأن ماربتهم لكلم ال بالفتراء
والكاذيب وإخفاء حقائق القرآن سيستمر ،وليعلموا أن ال معنا بوله وقوته..نقول الق
ونكتب ول ناف لومة لئم أو ضرر الرذال والسفلة ،نسأل ال أن يبارك ف عملنا.
وليعلم القارئ الكري أن مافة الناس تكون بسبب أمرين :إما بسبب الطمع ف أموالم،
شفَى أمي الؤمني [علي
أو مافة ضررهم وأذيتهم ،وقد وجدنا علج هذين المرين ف مَ ْ
عليه السلم] حي قال( :إن المر بالعروف والنهي عن النكر ل يقرّبان من أجل ول
ينقصان من رزق)(.)1
ولن ينعنا أبدا ه ّم البز أو الوف على أرواحنا من إظهار حقائق اليان.
يقول سعدي(( :)2نصيحة اللوك مقبولة من ل ياف على رأسه ول يرجو الذهب).
والقصود أن يقنّع النسان نفسه بقلّه الطعام ،وأن ل يألف مالطة الفجرة اللئام.
1
() نج البلغة /الكمة 374
)( 2هو مشرف بن مصلح الشهور ب(-سعدي) ولد ف أوائل القرن السابع الجري (الثالث عشر ميلدي) ف مدينة شياز،
وهو ينتمي لعائلة اشتهرت بالعلم والفضل.
وف شبابه الباكر سافر إل بغداد لتلقي العلم حيث التحق بالدرسة النظامية الشهية ،الت بناها الوزير السلجوقي العروف
خواجة نظام اللك ،وأهم كتابي بقيا لسعدي ها معلمتاه الشهيتان (كتاب الكلستان)-أي حديقة الورود وهو نصوص
نثرية ،و(كتاب البوستان) -يعن الديقة نصوص شعرية .-توف عام 694ه الوافق (1294م)
20
مقدمة الطبعة الول
بسم ال الرحن الرحيم
سبحان من دانت له السماوات والرض بالعبودية ،والمد ل الذي شهدت له جيع
اللئق على اختلف ألسنتهم بالربوبية ،وأشهد أن ممدا عبده ورسوله الجتب وأشرف
الخلوقات وأفضل البية ،وأصلي عليه وعلى آله كما صَلّى اللّ ُه وملئكته عََليْ ِه َوسَلّ َم أفضل
صلة وأكمل تية.
يقول النب صَلّى اللّ ُه عََليْهِ َوسَلّمَ( :بدأ السلم غريبا وسيعود غريبا ،فطوب للغرباء،
الذين يصلحون ما أفسده الناس من السنة](.)1
()2
[ بدأ السلم غريبا ]
لا ظهر السلم كان غريبا ،لن الناس ف ذلك الزمان ل يكونوا يعرفون من السلم
شيئا ،فمقاصد السلمية وقوانينه القدسة كانت غي معروفة لدى العرب وغيهم ،فأحكامه
الديدة تالف عقائدهم وعاداتم ،إذ كانوا منهمكي ف عبادة الوثان والحجار والقبور
والنار ،وغيهم كان يعبد النبياء أو اللئكة ،قال تعال(:ول يأمركم أن تتخذوا اللئكة
والنبيي أربابا أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون)()3/8
كما أ ّن النصارى كانوا يعبدون عيسى عليه السلم ،والصدوقية( )3من اليهود كانت
() عن أب بصي عن الصادق عليه السلم قال(( :السلم بدأ غريبا وسيعود غريبا كما بدأ فطوب للغرباء) (أنظر :بار 1
النوار ج 13ص .)194ورواه الترمذي عن عمرو بن عوف أن رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم قال( :إن الدين بدأ
غريبا ويرجع غريبا فطوب للغرباء الذين يصلحون ما أفسد الناس من بعدي من سنت) (جامع الترمذي/كتاب اليان ح
)2630
() وقيل لكل متباعد غريب ،ولكل شيء فيما بي جنسه عدي النظي غريب ،وعلى هذا قوله (بدأ السلم غريبا) وقيل: 2
العلماء غرباء لقلّتهم فيما بي الهال .انظر :الفردات للراغب الصفان ص ( 361شريعت)
() الصدوقيون :فرقة يهودبة قدية سيت بذا السم نسبة إل رجل يقال له صدوق وهو كاهن كبي على عهد سليمان عليه 3
السلم وكانت ف ذريته رئاسة الكهنوت حت سنة 160ه -وهذه الفرقة حلوليّة أقرب ما تكون إل الوثنية انتهى أمرهم
إل إنكار الخرة وإنكار ووجود اللئكة والشياطي وإنكار القضاء والقدر السبق(.راجع موسوعة اليهود واليهودية
والصهيونية للمسيي وكتاب دراسات ف اليهودية والسيحية للعظمي وكتاب الفرق والذاهب اليهودية منذ البدايات لعبد
21
تعتقد أن عزيرا ابن ال ،والاصل أن الشياء كلها كانت تُعبد من دون ال تعال ،وكان
الدف الساسي من بعثة الرسول صَلّى اللّ ُه عََليْهِ َوسَلّمَ دعوة الناس إل عبادة ال وحده،
وهو ما كان يالف عقائدهم وعاداتم إذا أمر بصرف العبادة ل وحده ونفيها عن الوثان
صلّى اللّهُ عََليْهِ َوسَلّمَ ،كما يكي القرآن
ونوها ،ولذا كانوا يتعجبون من أقوال رسول ال َ
قول الشركي( :أجعل اللة إلا واحدا إن هذا لشيء عجاب) (.)38/4
ولّا قال الرسول لم قولوا( :ل إله إل ال تفلحوا) ،تعجب الشركون وقالوا :كيف
يكن أن نعبد إلا واحدا؟ ولاذا يريد هذا الشخص أن ينعنا من عبادة اللة ويعلها ل
وحده فقط.
[ وسيعود غريبا كما بدأ ]
معناه أن ل يبقى من التوحيد القيقي وفضائل الخلق والسنة بي السلمي إل اسها
ويلّ ملها الشرك والرذائل والبدعة ،وأن يصبح الداعي إل التوحيد َمعِيبا مذموما.
للسف كأن السلم ومقاصد الرسول صَلّى اللّ ُه عََليْهِ َوسَلّ َم ف هذه اليام صارت
نسيا ومنسيا بي السلمي ،ولشدّة غربة السلم قد يُظن أنه ل يكن إعادته بأي وسيلة ،فقد
أحاطت ظلمة الهل وعبادة الوثان بالسلم ،وظهرت البدعة على أهل القرآن حت ل
يكن غسلها بأي ماء ،ول يكن بيان زيفها بأي لسان.
وظهر دعاة الباطل والضلل باسم الداعية إل الق للقاء التفرقة والختلف مستغلي
جهل السلمي ،وقلة اطلعهم على القرآن وحقائق الدين جهلهم بقاصد دعوة سيد الرسلي
لهّال ،يسعون ليقاع الناس ف
صَلّى اللّ ُه عََليْ ِه َوسَلّمَ ،وأولئك الدعاة الذين ياولون إضلل ا ُ
التهلكة وخسارة الدنيا والخرة.
(قل اللهم فاطر السماوات والرض عال الغيب والشهادة أنت تكم بي عبادك فيما
كانوا فيه يتلفون)(.)39/46
واليوم صرنا نبكي دما؛ لن السلم الحرف والرافات الباطلة حلّت م ّل القائق
الجيد هو)
22
الدينية الت ل يعرفها كثي من الناس ،الذين ل يقرؤوا سطور العلوم الدينية ول يتعلموا القرآن
والسنة والنبوية وأخبار أئمة الدين (ع) بل هم أبعد ما يكون عن العارف القة وتعاليم خات
صلّى اللّ ُه عََليْ ِه َوسَلّمَ ،ومقيدون بأغلل الشرك والرافات ،وبالتحقيق كثي منهم
الرسلي َ
خارجون عن الدين وعن شريعة سيد الرسلي صَلّى اللّ ُه عََليْهِ َوسَلّمَ ،وأولئك والعوام الذين
ليس لديهم أي معلومات من الدين يظنّون أن دعاة الضلل هم حلة الدين ودعاته.
وأما الذين نسوا القواني السماوية ول يعملوا با ف القرآن وافتروا عليه ،ويقولون أن
القرآن مرّف ،وغي قابل للفهم ،ويدّعون أن للية سبعون معن ،فهؤلء كيف يكونون على
الداية؟ ولاذا يربون دينك يا ال؟
افتحوا عيونكم أيها السلمون لكي ل تُضلكم مثل هذه الكلمات وتبعدكم عن
القرآن ،واستعيذوا بال من ش ّر هؤلء الدجّالي الضلي ،ول تغرنكم مقالت الزنادقة الذين
يدّعون بأن القرآن مرّف أوغي قابل للفهم ،فهؤلء يريدون هدم مصادر دينكم وجعل
البدعة والرافات مكانا.
أين تاج التوحيد الفاخر الذي ألبسه الرسول المي صَلّى اللّ ُه عََليْ ِه َوسَلّ َم أمتَهُ؟ قد
خلعه كثي من السلمي واستبدلوا السلم بالرافات وعبادة الوثان.
اليوم نرى السلم الصحيح غريبا إل أن يشاء ال له الغلبة ،وهكذا نرى السلم
القيقي اليوم غريبا وحيدا بي الناس ،وكيف ل يكون غريبا مع أناس تفرقوا ف عقائدهم
وعاداتم إل اثني وسبعي فرقة ،بل إل أكثر ،كل حزب يتبع شخصا أحدث مذهبا وبدعة،
وكل واحد من مدّعي الباطل يسعى لترويج مذهبه بلباس السلم ،ويرفعون أصواتم بشت
النداءات الباطلة.
أحدهم يدّعي أنه هو ال ،والثان يدّعي النبوة ،والخر يدّعي المامة والولية ،ولكل
هؤلء أتباع وأنصار ،ويضيّعون عمر العوام ف إشغالم بتقبيل يد هذا أو رجل ذاك أو
السجود لغي ال.
صلّى اللّ ُه عََليْ ِه َوسَلّمَ ،لنم يالفون
والاصل أنم مصرّون على معصية ال ورسوله َ
23
القرآن حينما يتبعون مقاصدهم وأهواءهم ويتركون حكم القرآن ،مع أن القرآن ل يأمر إل
بطاعة ال ول يدل إل على إصلح النفس والتقوى ونوه من الفضائل.
ولذا هم مضّطرون لنكار حجّية القرآن ،حت ل تتعطل أسواق باطلهم وحوانيت
الضللة والبدعة ،وحت يضمون سيطرة الرافات والوهام على عقول الناس ،وهؤلء هم
صلّى اللّ ُه عََليْ ِه َوسَلّ َم يوم القيامة منهم عند ال سبحانه( :وقال
الذين يشتكي الرسول َ
الرسول يا رب إن قومي اتذوا هذا القرآن مهجورا) (.)25/31
يقول تعال( :إن ال يهدي من يشاء) ،فلو أنعم ال سبحانه على أحد بالبصية ف
صلّى اللّ ُه عََليْهِ وآله َوسَلّ َم وأعطاه فهما وتدبرا ف
الدين ،والسي على سنة سيد الرسلي َ
كتابه الكري وجنبه البدع والرافات؛ فيجب عليه أن يشكر ال سبحانه ويتتبع سبيل القرآن،
ويب عليه أن يسعى سعيا حثيثا ف ماربة أهل البدع وبيان ضللم وتنفي الناس منهم،
وبل شك فإن هذا الرجل سيكون غريبا بدينه لنه ل يوافق الناس ف عقائدهم الباطلة ،حيث
صلّى اللّهُ عََليْهِ وآله َوسَلّمَ ،لن البدعة شائعة ،وسيكون غريبا ف عقيدتهتسك بسنة النب َ
لن الشرك والرافة لما الرواج ،وسيكون غريبا ف الجتمع لنه ل يوافق الناس ف أهوائهم.
24
الوحّد أسواقه كاسدة لن بضاعته هي التوحيد والخلق وليس لا مشتري
ليعلم كل مسلم غريب بدينه أنه ل ناصر له إل ال ،وأنه يب أن ل يبال بالناس،
فالكاف له ال وحده ،فليفر إل ربه ولينع خوف الناس من صدره ،وليصب على أذاهم.
نعم قد يكون ف الظاهر وحيدا ،بل مساعد من الناس ،ولكن ليعلم أنه ليس وحيدا ف
هذا الطريق ،لنه يشى ف طريق قد سلكه من قبله أكابر البشر وساداتم ،كنوح الذي ناه
ال ،وشيخ النبياء إبراهيم خليل ال ،وموسى ،وعيسى ،ث آخرهم وأشرفهم ممد صَلّى اللّهُ
عََليْهِ وآله َوسَلّمَ ،كل هؤلء كانوا ف هذا اليدان ،وليعلم السالك أن ف هذا الطريق قد
استشهد فيه علي الرتضى ،وأن فيه قتل السن الجتب بالسم ،واستشهد السي رضي ال
عنه ،وف هذا الطريق أيضا أسر زين العابدين و ُحبِس موسى بن جعفر ،وهكذا سار ف هذا
الطريق حكماء ومفكرون أفذاذ ،يقول علي رضي ال عنه(:ل تستوحشوا ف طريق الدى
لقلّة أهله)( )1فليطمئن داعية التوحيد ما دام يعلم أن جيع النبياء ومنهم النب صَلّى اللّ ُه عََليْهِ
َوسَلّ َم كانوا ف هذا الطريق فيكون هو مع ال ومع رسل ال (ومن يتوكل على ال فهو
حسبه)(( ،)65/4كتب ال لغلبَ ّن أنا ورسلي)()58/22
(فطوب للغرباء الذين يصلحون ما أفسده الناس من السنة)
أي فطوب للغرباء الذين يفهمون الدين ومقاصده ويقدرون على التمييز بي التوحيد
والشرك ،والسنة والبدعة ،ويصلحون ما أفسده الناس من السنة.
أقول :إن العبد الفقي الفان [شريعت سنگلجي] قد اجتهد منذ سنوات ف مطالعة
فنون عدة بسب طاقته البشرية فتعلم التفسي ،والديث ،والكلم ،والفلسفة ،والفقه،
وأصول الفقه ،والتاريخ ،مستيقنا بقول ال تعال (( )29/69والذين جاهدوا فينا لنهدينّهم
سبلنا) حت اهتديت بدى القرآن ،وميزت بي الق والباطل حسب الطاقة وبعرفت للسلم
النيف عرفت الوهام والرافات والبدع ورددت عليها با عرفت من هدي القرآن ،وقد
25
رأيت أن أبيّن ما علمن رب من الطالب والقاصد السلمية الثابتة ،وأن أشرح لطلب
صلّى
القيقة ومبّي الفائدة وأيقنت أنن إن ل أفعل ذلك فسأكون داخلً ف قول الرسول َ
اللّ ُه عََليْهِ َوسَلّمَ( :إذا ظهرت البدع ف الدين فعلى العال أن يظهر علمه وإل فعليه لعنة
ال)(.)1
ولجل هذا رأيت أن أقدّم شيئا من الطالب الهمة ف التوحيد الذي هو ركن من
أركان السلم ،وسبب لسعادة الدنيا والخرة .وللسف فإن كثيا من الظاهر شاعت بي
الناس باسم التوحيد.
وأسأل ال تعال التوفيق والعانة ف تكميل هذا المر الهم ،الذي هو حقيقة دعوة
النبياء ومبن رسالتهم ،وأسأل ال أن يوفقن لبيان ذلك لخواننا التكلمي ،وأن يعل ذلك
ذخرا ل ف الخرة.
شريعت سنگلجي
شوال الكرم1361( /هـ).
() ورد ف الكاف للكلين ( ،)1/54عن النب (صلى ال عليه وآله وسلم) :إذا ظهرت البدع ف أمت فليظهر العال علمه، 1
فمن ل يفعل لعنه ال .وانظر الوسائل (.)271 , 269 /16
26
بيان توحيد العبادة
إن توحيد العبادة هو قُطب رحى القرآن الثابت ،فالقرآن الكري يدعو الذين ضلوا عن
الطريق وعطشوا ف مفاوز الشرك وعبادة الوثان إل (كوثر التوحيد) و(مورد إفراد الرب
تعال) ،ويمل الذين سقطوا ف بئر الوثنية إل النجاة بطريقه القوي.
ولفهم معن توحيد العبادة الذي هو قطب رحى القرآن ل بد من طرح عدة أصول
تهيدا لذا الغرض.
الصل الول:
يب اليان بقائق القرآن وأن ما فيه ضرورة من ضروريات السلم ،وأنه حق ل
يأتيه الباطل ،وأنه صدق كله ل يتطرق إليه الكذب ،وأنه يشتمل على الداية ،وأنه العروة
الوثقى (ل يأتيه الباطل من بي يديه ول من خلفه) ( ،)41/41ول يتم السلم إلّ باليان
بذا الصل.
الصل الثان:
أن الدف من بعث النبياء والرسل دعوة الناس إل عبادة ال وحده ،فقد جاء النبياء
ليدعوا الناس إل عبادة ال سبحانه دون سواه ،لن عامة البشر يعتقدون بفطرتم أن للعال
خالق يعبدونه ويدعونه ول يرجون عن هذه الفطرة إل بسبب من السباب كالتقاليد وتربية
الباء وغيه من السباب الت تعل بعض البشر ييلون إل كل إلهٍ غي ال تعال ،ففي
الديث(ما من مولود يولد إل على الفطرة فأبواه يهوّدانه أو يجسانه أو ينصّرانه)(.)1
فالنبياء والرسل إنا أتوا ليعيدوا الفطرة الُول وهي توحيد الالق بميع أنواع العبادة،
وكل نبّ لا جاء دعا قومه إل شيء واضح وهو الوارد ف قوله( :يا قوم اعبدوا ال ما لكم
() الديث رواه الصادق عليه السلم( .انظر :بار النوار ج 3ص ،22ج 100ص , 65والعاملي ف وسائل الشيعة 1
ج 11ص .96من ل يضره الفقيه ج 2هامش ص .)50ورواه البخاري ف صحيحه ج 2ص 97ونوه م-سلم ف
ج 8ص 52
27
من إله غيه) (( )7/64وما خلقت الن والنس إل ليعبدون) ()51/56
(ولقد بعثنا ف كل أمة رسو ًل أنِ اعبدوا ال واجتنبوا الطاغوت)(( )16/38()1وقضى
ربك أل تعبدوا إل إياه) (( )17/24واعبدوا ال ول تشركوا به شيئا) (( )4/40أن ل
تعبدوا إل ال) (( )11/28أن اعبدوا ال واتقوه وأطيعون) ()71/3
ففي هذه اليات كلها إثبات معن ل إله إل ال والدعوة إل عبادته سبحانه وتعال،
وأن علينا أن نعلم أن معن ل إله إل ال إفرادهُ تعال بالعبودية واللوهية ونفيها عن غيه
تعال والتبئ من عبادة غيه تعال.
ول أظن أن أي مسلم وقف على الكتاب والسنة وعلى آثار الئمة (ع) سيشك ف
هذا الصل إطلقا.
الصل الثالث:
التوحيد نوعان -1 :توحيد الربوبية -2وتوحيد اللوهية.
وتوحيد الربوبية :هو القرار والعتراف بأن ال خالق لميع الوجودات قاهر العال
أجعه .وكان الشركون يقرون بذا القسم من التوحيد ،كما قال ال تعال ف كتابه الجيد
عن قول الشركي (ولئن سألتهم من خلق السماوات والرض ليقولن ال) (( )31/24وما
يؤمن أكثرهم بال إل وهم مشركون) (( )12/107ولئن سألتهم من خلق السماوات
والرض ليقولن خلقهن العزيز العليم) ()43/8
وكذلك هم مقرون أيضا بأن ال تعال هو الرازق الحيي الميت ومدبر السماوات
والرض ،كما قال تعال( :قل من يرزقكم من السماء والرض أمن يلك السمع والبصار
ومن يرج الي من اليت ويرج اليت من الي ومن يدبر المر فسيقولون ال فقل أفل
تتقون) ( )10/32قوله تعال( :قل لن الرض ومن فيها إن كنتم تعلمون سيقولون ل قل
() يقول الراغب ف مفرداته :الطاغوت عبارة عن كل متعد وكل معبود من دون ال ،ولذا ُسمّي الساحر والكاهن 1
والصارف عن طريق الي طاغوتا .ويقول السيوطي ف التقان :الطاغوت الكاهن بلغة البشة(.انظر :الفرادت
()308التقان ()1/294شريعت)
28
أفل تذكرون) ()23/83/84
(قل من رب السماوات السبع ورب العرش العظيم سيقولون ل قل أفل تتقون) (
( )23/85/86قل من بيده ملكوت كل شيء وهو يي ول يار عليه إن كنتم تعلمون
فسيقولون ل قل فأن تسحرون) ()23/87/88
فكل مشرك مقر بأ ّن ال تعال هو الالق له ولميع الوجودات ،وهكذا ُيقّر أن ال
رازقه ومييه وميته.
وبناءً على هذا كان النبياء والرسل يأتون بالدلئل على ضد قول الشركي كقوله
تعال (أفمن يلق كمن ل يلق) ( )16/16وكذلك( :إن الذين تدعون من دون ال لن
يلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له) ()22/72
وأما توحيد اللوهية والعبادة فهو إثبات العبادة بأنواعها ل وحده فقط ،وهو ما سيأت
بيانه بشكل أوضح إن شاء ال تعال ،وهذا النوع من التوحيد هو الذي وقع فيه شرك غالب
البشر ,إذ إن الشركي كانوا يعترفون بأ ّن ال هو الالق لميع الوجودات ،ومعلوم أن
النبياء والرسل جاؤوا بتقرير توحيد الربوبية ،ففي القرآن الجيد أدلة قاطعة ف إثباته ،ولكن
إذا تأملت عموم كتب النبياء ،والقرآن خصوصا وجدتا قد جعلت إثبات (توحيد العبادة)
هو قطب الرحى ،فهو أساس دعوة القرآن ،وهو خلصة معن ل إله إل ال ،يقول تعال ف
القرآن الكري( :ولقد بعثنا ف كل أمة رسولً َأنِ اعبدوا ال واجتنبوا الطاغوت) (،)16/35
فالغرض من بعث النبياء هو الدعوة إل عبادة ال وحده ،وكل رسول ُبعِث إل أمة أمرها
بعبادة ال تعال .كما تدل عليه قوله( :ف كل أمة) ،وهذا منتهى الصراحة ف أن بعث الرسل
لميع المم كان لتقرير توحيد العبادة ،ل لثبات أنه تعال خالق لميع الخلوقات فقط ،إذ
الشركون كانوا يقرون بالالقية ل وحده.
ولذا وردت آيات من القرآن ف تقرير انفراده تعال باللق بصيغة الستفهام
[النكاري] لن الشركون ل ينكروا ذلك بل يعترفون به ،قال تعال( :هل من خالق غي
ال) ( ،)35/3وقال تعال( :أفمن يلق كمن ل يلق) ( ،)16/16وقال تعال( :أف ال
29
شك فاطر السماوات والرض) ( ،)14/11وقال تعال( :قل أغي ال أتّخذ وليا فاطر
السماوات والرض) ( ،)6/13وقال تعال( :أرون ماذا خلقوا من الرض).
فهذه اليات تشي إل أن الشركي ل يعلوا مع ال شركاء ف خلقه للسماوات
والرض ،ومثلهم النصارى عندما أشركوا بالسيح ومري عليهما السلم ،وكذلك الذين
أشركوا بالكواكب واللئكة ل يعتقدوا أنا الرازق الحيي الميت ،بل جعلوها شريكا مع
ال تعال ف عبادتم واتذوها شفعاء ،كما حكى ال تعال قولم( :هؤلء شفعاؤنا عند ال)
(.)10/17
أنواع التوحيد:
والتوحيد ينقسم إل نوعي:
النوع الول :التوحيد العلمي القول.
وهو إثبات أن ال تعال بسيط القيقة ،وتنيهه من أي تركيب خارجي ف الادة
والصورة ،ومن أي تركيب عقلي الذي هو الاهية( .)1والاصل تنيهه تعال عن كل صفات
المكن ،كما قال تعال( :ليس كمثله شيء) ( ،)42/10وقد جاءت سورة ف القرآن
الكري لبيان هذا الشأن من التوحيد والتنيه ،كما قال تعال( :قل هو ال أحد ال الصمد ل
يلد ول يولد ول يكن له كفوا أحد) ()112
النوع الثان :التوحيد العملي الرادي:
)( 1الؤلف رحه ال جرى على طريقة تنيه ال بنفي التركيب ،وناية هذه الطريقة تؤول إل نفي أي صفة تعل ل وجودا
خارج الذهن وخارج التصور العقلي ،والقائلي بذا تصوروا أن إثبات صفات حقيقية يؤدي إل وصف ال بالعراض وهو
يالف البساطة عندهم ،ولذا عمدوا إل جيع الصفات وأرجعوها إل معن العلم والدراك وجعلوا صفاته هي عي ذاته،
ويكفي لبيان مالفة هذا القول للصواب ما يلي:
أ .اعتبار تعدد الصفات القيقية للموصوف تركيبا اصطلح مدث يالف الشرع والعرف ،لن الشرع أثبت صفات كثية
للرب الواحد والنظر إنا هو ف العان العقلية ،والعرف يثبت للموجود صفات متعددة.
ب .أن الركب ل يعقل إل فيما ركبه مُرَ ّكبٌ وهذا متنع ف حق الوجود بنفسه (ال) الغن عن كل ما سواه بل هو الفاعل لكل
ما سواه ،فإذا ُقدّر انه متصف بصفات متعددة ،ل يكن أحد ركبه ول ركبها فيه.
ج .هذا التركيب أمر اعتباري ذهن ،ليس له وجود ف الارج ،كما أن ذات النوع من حيث هي عامة ،ليس لا ثبوت ف
الارج.
30
وهو أن ل يعتمد على أحد إل ال تعال ،ول يتوكل إل عليه ،كما قال تعال( :يا أيها
النسان إنك كادح إل ربك كدحا فملقيه) ( ،)84/5وقد وردت سورة مباركة ف
القرآن الكري لبيان هذا التوحيد ،كما قال تعال( :قل يا أيها الكافرون * ل أعبد ما تعبدون
* ول أنتم عابدون ما أعبد * ول أنا عابد ما عبدت * ول أنتم عابدون ما أعبد * لكم دينكم
ول دين)()109( )2
إن أساس دعوة القرآن تركّز على بيان توحيد الرادة ،لن خلف البشر وقع فيه,
حيث إن لكل شخص مرادا يتوجه إليه ،ويطلب منه الوائج ويدعو الناس إليه معتقدا أنه
الله الق ،وأن ما سواه باطل ،ومع هذا الختلف ف الهة الت تتوجه لا إرادة البشرية فإن
الناع والشقاء ل بد أن يدث بينهم ما ل يوحدوا مرادهم الذي تصل لم السعادة بالتوجه
له وحده.
وللسف نرى الناس اليوم قد اختلفت معبوداتم الت يقصدونا ،فكل طرف اتذ
صنما جعله ربا ،فالتاميليون اتذوا لم بوذا ،وآخرون برها ،وغيهم اتذوا موسى ،وقوم
اتذوا عيسى ،قال تعال( :ول يأمركم أن تتخذوا اللئكة والنبيي أربابا أيأمركم بالكفر
صلّى اللّ ُه عََليْ ِه َوسَلّ َم منصبّة على
بعد إن أنتم مسلمون) ( .)3/80كانت دعوة الرسول َ
إنكار عبادة الصنام والوثان ،وقائمة على توحيد إرادة البشر نو ال وإفراده بالتوحيد,
وجعل العلم والتقوى سببا لنيل السعادة الكبى .قال تعال( :يا أهل الكتاب تعالوا إل كلمة
سواء بيننا وبينكم أل نعبد إل ال ول نشرك به شيئا ول يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون
ال) ( ،)3/57هذه الية تدل على ثلثة أمور:
أولً( :أل نعبد أل ال) ،وذلك تعريض باليهود والنصارى ف عبادتم عزيرا وعيسى.
والثان( :أن ل نشرك به شيئا) بأي نوع من أنواع الشرك.
() قال أبو مسلم بر اصفهان ف تفسي (جامع التأويل لحكم التنيل) عند هذه الية :القصود من الملتي الوليتي هو 2
العبود ،وكلمة (ما) ف الية بعن (الذي) مثلً يقول :نن ل نعبد الوثان وأنتم ل تعبدون ال ،وكلمة (ما) ف الملتي
الخيتي بعن الفعل بتأويل الصدر معناه (عبادتنا) ليست مثل (عبادتكم) على الشرك وعبادتكم ليست مثل عبادتنا.
(شريعت)
31
والثالث( :أن ل يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون ال) وصورة ذلك عند النصارى
أنم كانوا يسجدون لحبارهم معتقدين أنم وصلوا إل كمال الرياضة بأثر حلول اللهوت
ف أبدانم ،كما أن صورة اتاذ بعضهم بعضا أربابا عند اليهود أنم كانوا يطيعون أحبارهم
ف تري اللل وتليل الرام.
وأما السلم والقرآن فيحثان على تصيل العلم وتقوية الرادة ول يصل هذا إل بأن
يكون مراد النسان موجودا حيا ل يوت ،ول يقبل الفناء والزوال ،ول يوجد أحد متصف
بذه الصفات إل ال ،قال تعال( :ال ل إله إل هو الي القيوم ل تأخذه ِسَنةٌ ول نوم له ما
ف السماوات وما ف الرض) ( ،)2/254يدح ال تعال الذين يبتغون وجهه ويعلونه
مرامهم ،قال تعال( :ول تطرد الذين يدعون ربم بالغداة والعشيّ يريدون وجهه) (،)6/51
وجاء ف مقام آخر ف حق النب صَلّى اللّ ُه عََليْ ِه َوسَلّمَ قال تعال( :وما لحد عنده من نعمة
تزى إل ابتغاء وجه ربه العلى ولسوف يرضى) ()20-19-93/18
خلصة القول :أن الرادة إذا تعلقت بالراد القيقي الذي هو ال تعال بيث ل يُقصد
أحد سواه فإن هذه الرادة ت ّد بقوتا البال وينعم صاحبها بالسعادة الدائمة والفرح ،ولزم
هذه الرادة الذي به تتحقق هو إخلص الدين ل رب العالي (وما أمروا إل ليعبدوا ال
ملصي له الدين) ()98/4
الصل الرابع :ف بيان حقيقة العبادة ومعن العبودية.
يقول الزمشري ف الكشاف( :العبادة هي غاية الضوع والتذلل وإظهار العجز والذل
لرب العالي).
ويقول مققو السلف( :العبادة هي غاية الب مع شدّة الضوع وغاية التذلل والنقياد
ل تعال).
وهذا العن أي الذل التعبدي قد يوجد حت عند بعض العشاق بيث يظهر فيهم غاية
الذل والب والضوع.
كما يقول بعض العلماء :التحقيق أن العبادة والعبودية هي أن يتمع ف القلب غاية
32
ب ومنتهى الذل والضوع للرب ،وأن يؤمن النسان بأن للمعبود القيقي سلط ًة غيبية ال ّ
وحكم ًا نافذا فوق السباب ،وأنه بذه السلطة والقدرة الكاملة قادر على النفع والضر،
وقادر على خلق السباب وتغييها ،بل هو مسبب السباب ،وميسّر الصعاب ،وأنه الحيي
الميت والرازق ،وأنه الشاف الكاف ،وأنه مغيث الستغيثي ،وأرحم الراحي.
وعلى هذا فإن كل دعاء وثناء يكون مصحوبا بذا العتقاد السابق فإنه عبادة.
وخلصة القول :أن الب والذ ّل هو حقيقة العبادة .ومن خلل ما سبق نعرف أن ال
هو السبب وأنه فوق السبب وصاحب القدرة الكاملة (أمن ييب الضطر إذا دعاه ويكشف
السوء ويعلكم خلفاء الرض أإله مع ال قليلً ما تذكّرون) ()27/64
ل إله إل ال هي رأس العبادة ،وأساس التوحيد ،ولا قال رسول ال صَلّى اللّ ُه عََليْهِ
َوسَلّ َم قولوا ل إله إل ال تفلحوا كان الشركون من أهل اللغة ،فلما سعوا هذه الكلمة
وعلموا أنم إذا قبلوا هذا الكلم فيلزمهم أن يتبؤوا من كل معبود من دون ال ،وأن ل
يضعوا أو يتذللوا لغي ال ،وأن ل يسألوا الاجات من غي ال ،وعندها ارتفعت أصواتم
قائلي( :أجعل اللة إلا واحدا إن هذا لشيء عجاب * وانطلق الل منهم أن امشوا واصبوا
على آلتكم إن هذا لشيء يراد * ما سعنا بذا ف اللة الخرة إن هذا إل اختلق( )..
)5-38/4
النتيجة :أنك إذا علِمَت هذه الصول الربعة فستدرك أيها القارئ أن النبياء والرسل
ب العباد الواحد الحد وليس من أجل أن يُثبوا أن ال
قد ُبعِثوا لدعوة العباد إل عبادة ر ّ
خالق الوجودات ،لن جيع الشركي كانوا يعرفون أن (للعال صانع هو ال الذي بقدرته
يسكن أمواج)(.)1
ولذا السبب قال الشركون( :أجئتنا لنعبد ال وحده)( ،)7/69فهم ل ينكروا عبادة
ال بوجه من الوجوه ،بل كانوا يعتقدون أنه جدير بالعبادة ،و لكنهم كانوا يعتقدون
بالشريك له ف ذلك ،يقول ال تعال( :فل تعلوا ل أندادا وأنتم تعلمون)(.)2/21
() ما بي القوسي ترجة لبيت شعر ذكره الؤلف رحه ال. 1
33
كان الشركون يقولون ف تلبية الج( :لبيك ل شريك لك إل شريكا هو لك تلكه
وما ملك) ،لا سع رسول ال صَلّى اللّ ُه عََليْ ِه َوسَلّ َم هذه التلبية من الشركي قال :هؤلء
موحدون إن تركوا كلمة إل شريكا هو لك .إذن شركهم كان مصحوبا بالعتراف بال.
ويقول ال تعال أيضا( :أين شركاؤكم الذين كنتم تزعمون)(( )6/22قل ادعوا
شركاءكم ث كيدون ول تُنظرون)()7/194
فالاصل :أن الشركي كانوا يعبدون الصنام بضوع وخشوع ،وينذرون وينحرون
ويُضحون لا معتقدين بأنا تقربم إل ال زُلفى ،وأنا ستشفع لم ,كما كانوا يقولون:
(هؤلء شفعاؤنا عند ال)(.)10/19
يُفهم من هذا كله أن التوحيد الذي جاءت به النبياء والرسل هو توحيد العبادة.
وأما الشركون فكانوا على أنواع :منهم من كان يعبد اللئكة ،ومنهم من كان يسأل
الوائج من النجوم والشمس ،وآخرون يعبدون الصنام ،وآخرون يعتقدون بأحجار مقدسة
يلتجئون إليها ف الشدائد والصائب.
صلّى اللّهُ عََليْهِ َوسَلّمَ ،وقال إذا كنتم
وف هذا الوضع بعث ال تعال خات النبيي َ
تعتقدون أن ال واحد ف ربوبيته فل تعبدوا إل ال وحده ،ول تسألوا الاجة من غيه،
وأذعنوا لقيقة (ل إله إل ال) ،واعملوا بقتضاها( .له دعوة الق والذين يدعون من دونه ل
يستجيبون لم بشيء)(( )13/15وعلى ال فتوكلوا إن كنتم مؤمني)()50/26
العز والذل والغن والفقر والرفعة واللك ،كلها من عند ال( .قل اللهم مالك اللك
تؤت اللك من تشاء وتنـزع اللك من تشاء وتعز من تشاء وتذلّ من تشاء بيدك الي إنك
على كل شيء قدير)( ،)3/25وأمر الُ العبادَ أن يقولوا( :إياك نعبد وإياك نستعي)(،)1/4
وبذا نعلم أن من يستعي بغي ال فهو مشرك بل شك.
ول يتحقق إفراد ال تعال ف العبادة إل إذا أخلص العباد الدعاء وكل أشكال العبودية
ل تعال وحده ،بيث ل يدعو العباد ف الشدة والرخاء إل ال وحده ،ول يلتجئون إل إليه،
ول ينحرون ول ينذرون ول يُضحّون إل ل وحده ،فينبغي أن تكون جيع أنواع العبادات
34
من الركوع والسجود والقيام تذللً والطواف وغيه لذات الق الدائم سبحانه فقط.
وكل من يقدم شيئا من هذه العمال لخلوقٍ حي أو ميت ،صنم أو ملك ،أو جن أو
حجر أو شجر أو قب أو غيها فهو مشرك.
كما أن الشركي ل يرجهم اعترافهم بال رب العالي فقط عن الشرك ،كذلك ل
صلّى اللّ ُه عََليْ ِه َوسَلّمَ وبالئمة
يُخرج العتراف بال تعال ول العتراف بات النبياء َ
الطاهرين عليهم السلم الشخصَ عن الشرك ما دام أعماله ملوطة بصرف بعض العبادات
صلّى اللّ ُه عََليْ ِه َوسَلّمَ( :قال رب أنا أغن الشركاء عن الشرك ،ل
لغي ال ،قال رسول ال َ
ل شورك فيه غيه ،ول يؤمن به من عبد معه غيه) يقبل ال عم ً
وعليه فإن الذي يعبد غي ال ل ينفعه اعترافه بوجود ال ،لنه قد ساوى بي الخلوق
والالق ف الب والعبادة وغيه ،كما يقول ال تعال عن قول الشركي( :قالوا تال إن كنا
لفي ضلل مبي إذ نسوّيكم برب العالي)( )26/98يذكر تعال أن الشركي ما كانوا
يسوون الرب باللق من جيع الهات ,ول يعتقدوا أن الصنام خالقة للعال ،بل عبدوها
فقط ،وجعلوها شفعاء ،وسجدوا ونذروا ونروا لا ،وطلبوا منها الشفاعة والبكة ،يقول ال
تعال( :وما يؤمن أكثرهم بال إل وهم مشركون) ( ،)12/107والراد بم ف هذه الية
مشركو مكة ،حيث قالوا :ربنا ال ،وقالوا :اللئكة بنات ال ،ويدخل ف الية اليهود الذين
زعموا أن عزيرا ابن ال ،والنصارى الذين قالوا آمنا وجعلوا السيح ابن ال.
ويدل على ما ذكرنا أن ال تعال جعل الرياء ف العبادة من الشرك ،وجعل الرائي
مشركا ،مع أن الرائي ل يعبد إل ال ،ولكنه يريد بطاعته وعمله النـزلة والكانة ف قلوب
الناس ،ليقولوا فلن متديّن.
فاختلط العبادات مع قصد تصيل الاه والنلة ف قلوب الناس من الشرك ,قال تعال
(فويل للمصلي الذين هم عن صلتم ساهون الذين هم يراءون) ()5-4-17/3
إن دللة القرآن الكري على أهية التوحيد وخلو العبادة من الرياء واضح ,وللسف
فإن جهّال السلمي وجهّال أمة التوحيد يروّجون لكل مظاهر الشرك باسم السلم ،وهم
35
مسلمون موحّدون بالسم ،ولكنهم ف القيقة أشد من الشركي:
(سبحان رب ..لم عيون مفتوحة وآذان تسمع ..وما أحلم ال تعال على هذا
()1
العمى)
سبحان ال!..لاذا يشاقون ال والرسول صَلّى اللّ ُه عََليْ ِه َوسَلّ َم ويشاقون أئمة الدين
عليهم السلم؟ أين ذهبت تعليمات سيد الرسلي صَلّى اللّ ُه عََليْهِ َوسَلّمَ؟
لقد ُسكِبت الدماء ف أول السلم ف سبيل إقامة التوحيد الالص ،فلماذا ل يفظ
السلمون هذا التوحيد؟
صلّى اللّ ُه عََليْ ِه َوسَلّ َم ويتعلموا
ولاذا ل يقرؤون القرآن كتاب ال وسية الرسول َ
منهما؟!
الشرك الذي حاربه (القرآن والسنة الطهرة) قد انتشر بي كثيٍ من السلمي بشكل
واضح ،فعبادة القبور ،وعبادة الحجار ،وعبادة الشجار ،وعبادة الشيوخ ،والتبك ببعض
الحجار ،وغيها الكثي من مظاهر اللل ف التوحيد.
أيها الرسول يا من أرسل رحة للعالي
يا أهل ل إله إل ال
أيها البدريون ..يا من دافعتم عن السلم ف معركة أحد
ويا أيها الشهداء ف طريق التوحيد ..ويا أئمة الدين وحلة القرآن ارفعوا رؤوسكم من
قبوركم ،وانظروا إل حال السلمي ,انظروا إل أي حدّ انطّ وضعهم ،وإل ما وصل إليه
أمرهم ف التوحيد ،قد وقع الهل والسفه وسوء الخلق ،وظهرت البدع والرافات
(ربنا افتح بيننا وبي قومنا بالق وأنت خي الفاتي)()7/88
36
قال تعال ف شأن السيح عليه السلم( :لن يستنكف السيح أن يكون عبدا ل ول
اللئكة القربون ومن يستنكف عن عبادته ويستكب فسيحشرهم إليه جيعا)(،)4/170
وقال ف آية أخرى تصريا وتعظيما بكمال عبوديته( :إن هو إل عبد أنعمنا عليه)()43/59
وقال أيضا ف حق اللئكة( :إن الذين عند ربك ل يستكبون عن عبادته ويسبّحونه وله
يسجدون)( ،)7/206وقال ف شأن الؤمني( :وعباد الرحن الذين يشون على الرض
هونا)( ،)25/64وقال أيضا( :عينا يشرب با عباد ال يفجّرونا تفجيا)( ،)76/6وقال
ف شأن النبياء( :واذكر عبدنا داود) (واذكر عبدنا أيوب) (واذكر عبادنا إبراهيم
وإسحاق).
ف هذه اليات مدح ال النبياء عليهم السلم بأشرف صفة لم وهي العبودية ،وقال
ف سليمان عليه السلم (نعم العبد إنه أواب)( ،)35/38وقال ف شأن أفضل عباده خات
النبيي صَلّى اللّ ُه عََليْ ِه َوسَلّمَ ف أشرف القامات وأرفع النازل بأنه عبده( :وإن كنتم ف ريب
ما نزلنا على عبدنا( )2/21()..تبارك الذي نزل الفرقان على عبده)(( ،)20/1المد ل
الذي أنزل على عبده الكتاب)( ،)18/1ولا ذكر ال تعال قيام النب صلى ال عليه وآله
وسلم بدعوة الناس شرّفه بوصفه بصفة العبودية ,فقال( :وأنه لا قام عبد ال يدعوه كادوا
يكونون عليه لبدا)( ،)72/19كما أنه عز وجل لا ذكر قصة السراء الشريفة وصف
رسوله صلى ال عليه وآله وسلم بشرف العبودية ,فقال( :سبحان الذي أسرى بعبده ليلً من
السجد الرام إل السجد القصى) ( ،)17/1وورد ف الديث الصحيح عن رسول ال
صَلّى اللّ ُه عََليْ ِه َوسَلّ َم أنه قال :ل تطرون كما أطرت النصارى السيح ،فإنا أنا عبد فقولوا
عبد ال ورسوله( ،)1وف حديث آخر أنه َ
صلّى اللّ ُه عََليْ ِه َوسَلّمَ قال :إنا أنا عبد آكل كما
يأكل العبد ،وأجلس كما يلس العبد( ،)2وكذلك خصص ال تعال أمنه الطلق لعباده
الخلصي( :يا عباد ل خوف عليكم اليوم ول أنتم تزنون) ( ،)43/69كما أن ال نزع
سلطة الشيطان عن قلوب العباد[الذين يتحقق فيهم وصف العبودية]( :إن عبادي ليس لك
1
() خلصة عبقات النوار :ج 3ص .311
)( 2مستدرك الوسائل :ج 16ص 228ح 19674
37
عليهم سلطان إل من اتبعك من الغاوين)()15/42
[أنواع العبودية]
العبودية على نوعي :عبودية عامة ،وعبودية خاصة.
فالعبودية العامة :هي عبودية جيع أهل السماوات والرض ،سواء كان صالا أو
طالا ،مؤمنا أو كافرا ،ويقال لذه العبودية عبودية القهر .وهي الت ذكرها ال بقوله:
(وقالوا اتذ الرحن ولدا * لقد جئتم شيئا إدا * تكاد السماوات يتفطّرن منه وتنشق الرض
وت ّر البال هدّا * أن دعوا للرحن ولدا * وما ينبغي للرحن أن يتخذ ولدا * إن كل من ف
السماوات والرض إل آت الرحن عبدا) ( ،)19/92فهذه العبودية تشمل الؤمن والكافر
والصال والطال جيعا( .ويوم يشرهم وما يعبدون من دون ال فيقول أأنتم أضللتم عبادي
هؤلء)( ،)25/19ف هذه الية الكرية جعل(سبب ال تعال الضلل من عباده ،كما أنه
تعال خاطب أهل العاصي أيضا ف موضع بذا السم( ،قل يا عبادي الذين أسرفوا على
أنفسهم ل تقنطوا من رحة ال)()39/54
العبودية الاصة :هي عبارة عن الطاعة والحبة الختيارية ،واتباع أوامر ال تعال،
ويقول تعال ف شأن أصحاب هذه العبودية( :يا عباد ل خوف عليكم ول أنتم تزنون)(
،)43/69ويقول تعال أيضا فيهم عن قول إبليس( :لغوينّهم أجعي إل عبادك منهم
الخلصي)( ،)38/85وف آية أخرى جعل ال تعال البشارة الطلقة خاصة لعباده الخلصي
والعقلء( ،فبشّر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه)(.)39/20
اللصة :أن جيع الخلوقات عِباد ل عبودية القهر والربوبية ،ولكن أهل ال وأهل
الطاعة عباده عبودية التأله ،وسبب تقسيم العبودية إل الاص والعام والقهر الرادي هو أن
لفظ العبادة ييء بعن الذل والضوع .تقول العرب( :طريق معبّد) ،إذا كان الطريق مذّللً،
ومستوي تت القدام .والناس تقول( :فلن عبّده الب) إذا كان ذليلً ومنقادا لبيبه،
وهذا العن يعمّ الختياري وغي الختياري ،غي أن أولياء ال تعال حالم تتلف لنم
خاضعي وذليلي ل باختيارهم وإرادتم ،ويطيعونه ف جيع أوامره بلف أعداء ال تعال
38
فإن خضوعهم وذلّهم قهري وليس باختيارهم.
عبودية ال تعال واجبة ول تسقط عن أحد حت الوت
العبادة واجبة حت الوت ول يرتفع التكليف با عن العباد بأي وجه ,والنص القرآن
شاهد صريح على ذلك المر ,قال تعال( :واعبد ربك حت يأتيك اليقي)(،)15/99
واليقي هنا بعن الوت بإجاع السلمي ،ويدل على أن اليقي بعن الوت قوله تعال فيها
عن قول أهل النار (وكنا نكذّب بيوم الدين حت أتانا اليقي)( ،)74/49كما يدل على
صلّى اللّ ُه عََليْ ِه َوسَلّمَ حي قال عند
ذلك أيضا الديث الشريف الروي عن الرسول الكري َ
موت عثمان بن مظعون رضي ال تعال عنه( :أما عثمان فقد جاءه اليقي من ربه) وحت
بعد الوت هناك عبودية أخرى ف البزخ -حي يسأل اللكان عن العبد عن عقيدته-
فالشخص مكلف بالجابة عنها.
وهناك عبودية أخرى يوم القيامة ،حيث يأمر ال تعال اللئق بالسجود فيسجد
الؤمنون ول يقدر الكفار أن يسجدوا (يوم يُكشف عن ساق ويدعون إل السجود فل
يستطيعون * خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة وقد كانوا يدعون إل السجود وهم سالون)(
،)68/42لكن إذا دخل العباد دار الثواب والكفار دار العقاب ينقطع التكليف ,وتكون
ى ولعبودية أهل الثواب هنالك هو التسبيح والتقديس القرونان بأنفاسهم ل يدون أذ ً
تعبا ،ومع هذا إذا ظنّ أحد أنه وصل إل مقام سقط عنه التعبد والعبودية فقط كفر بالتفاق!
نعم يكن أن يقال أنه وصل إل مرتبة الكفر بال ،والنسلخ عن النسانية فيسقط عنه
التكليف ،نعوذ بال من غضب ال.
39
ف بيان أفضل العبادات واختلف الناس فيها
اختلف الناس ف تعيي أفضل العمال والعبادات.
فقال بعضهم :أفضل العمال والعبادات وأنفعها هي كل عبادة وعمل تكون فيه
الشقة أكثر ،بدليل أن ف العمال الشاقة ينقص هوى النفس ،ولن الجر على قدر الشقة،
فلهذا أيّ عمل تكون مشقته أكثر يكون أجره أكب ،وقد استدلوا لرأيهم بديث ل يوجد له
سند صحيح وهو :أفضل العمال أحرها ،وهذه الطائفة هم أهل الجاهدة والور على
النفس ،وقالوا :إن النفوس بطبيعتها مائلة إل المول والتكاسل ،ول يكمل النسان إل
بتحمل الشدائد والشقات ،فلهذا كلما زاد مشقة العمل صار أفضل عندهم.
وقال آخرون :أفضل العبادات التجرد والزهد ف الدنيا ،ولذا ينبغي أن ل يتوجه العبد
إل الدنيا ول يغت ّر وينخدع بزخرفها.
وأهل هذا الرأي ينقسمون إل قسمي:
[أولً] العوام أو جُهال هذه الماعة وهم الذين ظنوا أن غاية العبادة هو الزهد ف
الدنيا والعراض عنها فشمّروا ،وعملوا على هذا النوال ودعوا الناس إل هذا الطريق ،وقالوا
إن الزهد والتجرد عن الدنيا أفضل من تصيل العلم والعبادة وجعلوا الزهد ف الدنيا غاية كل
عبادة وعلم.
[ثانيا] الواص وهم عقلء هذه الماعة حيث قالوا إن الزهد ف الدنيا ليس مقصودا
لذاته ،بل القصود هو التوجه بالقلب إل ال والنابة إليه والتوكل عليه ،ورأوا أن أفضل
العبادة اجتماع القلب على ال ،ودوام ذكره بالقلب واللسان ،والبتعاد عن كل شيء ينع
السالك ويشتت القلب عن ال.
وهذه الطائفة أيضا على قسمي:
قسم عارف متبع للرسول ،وهم الذين يتنافسون إل أمر ال حيث ما كان ويتنبون
ويبتعدون عن النواهي والنكرات.
40
وقسم آخر يقولون :القصود هو تعلق العبد بال ،فينبغي أن ل يُعتن بأي شيء يكون
سببا لتشتت القلب وضعف المة ،ولو كان واجبا من واجبات الشرع ،وهذا الشعر مناسب
لال هذه الطائفة:
فكيف بقلب كل أوقاته ورد يُطالب بالوراد من كان غافلً
وقال آخرون :أفضل العبادات وأنفع العمال ما كان يتعدى نفعه إل الغي ،فرأوا أن
النفع التعدي أفضل من النفع القاصر .وقالوا إن الشتغال بصال الناس وقضاء حوائجهم
ومساعدتم بالال والاه أفضل العبادات وأشرف القربات ،واستدلوا بقول الرسول الكري
صَلّى اللّ ُه عََليْ ِه َوسَلّ َم أنه قال( :اللق كلهم عيال ال وأحبّهم إليه أنفعهم لعياله) وكما
استدلوا أيضا بأن عمل العابد نفعه قاصر على نفسه ،لكن العمل النافع التعدي وكتعليم
العال فيستفيد منه هو والخرون أيضا ،فالحسان إل الغي أفضل من الحسان لنفسه،
صلّى
واستدلوا بأن فضل العال على العابد كفضل القمر على سائر النجوم ،كما قال النب َ
اللّ ُه عََليْهِ َوسَلّمَ لمي الؤمني (ع) :لن يهدي ال بك رجلً واحدا خيٌ لك من حُمر
النعم( ،)2()1وقال أيضا :من دعا إل هدى كان له من الجر مثل أجور من اتبعه من غي أن
يُنقص من أجورهم شيئا(،)3وقال :وإن ال وملئكته يصلون على معلّم الناس الي ،وقال
الرسول الكري صَلّى اللّ ُه عََليْ ِه َوسَلّمَ :إن العال ليستغفر له من ف السماوات ومن ف الرض
حت اليتان ف البحر والنملة ف جحرها ،واستدلوا لقولم بدليل آخر وهو أن صاحب
العبادة إذا مات انقطع عمله ،ولكن صاحب العلم النافع ل ينقطع أجره ما دام الناس ينتفعون
بعلمه .وذكروا أيضا دليلً آخر :وهو أن غاية بعث الرسل هو الحسان إل اللق وهداية
الناس إل طريق الي وإرشادهم إل ما ينفعهم ف معاشهم ومعادهم ،وليس دعوتم إل
صلّى
العتزال واللوة والنقطاع عن اللق والرهبانية ,ومن أجل هذا لَم الرسول الكرم َ
اللّ ُه عََليْهِ َوسَلّ َم قوما اعتزلوا الناس واختاروا الشتغال بالعبادات البدنية والصلة والصوم
() يقول الراغب الصفهان :النعم لفظ يتص بالمل ،وجعه أنعام ،وسّي المل بالنعم ،لن أكب نعم العرب هو المل، 1
ويُطلق النعم على المل والبقر والروف ،ول يطلق عليها النعام إل أن يكون فيها المل( .شريعت)
() انظر :بار النوار للمجلسي ج 1ص 184 2
)( 3انظر :كتاب سليم بن قيس ص 430
41
فقط .إل هنا كان البحث ف الطرق الختلفة ف أفضل العبادات..والن نذكر طريق الق،
ول حول ول قوة إل بال العليّ العظيم.
قول الحققي من علماء السلم ف تعيي أفضل العمال والعبادات وقولم هو الطريقة
البراهيمية الحمدية
وأفضل العمال والعبادات عند الحققي من لعلماء السلم هي الت يتوفر فيها ثلثة
شروط:
أن يقصد ف ذلك العمل رضى ال.
أن ينظر ف مقتضيات ومناسبات كل وقت.
أن يفرّق بي الشخاص ف العمال ,فيختلف المر بسب كل شخص.
وعليه فإن العامل يكون قد حقق أفضل العبادات إذا راعى هذه الشروط ف عمله,
فمثلً :الهاد يكون أفضل العمال والعبادات عند هجوم العدو ،ولو أفضى ذلك إل ترك
بعض الواجبات.
وأفضل العمال عند قدوم الضيف هو القيام بقوق الضيف .ومن العمال الفاضلة
أداء حق الزوج والولد وحقوق الزوجية والتربية والنفاق أفضل من بعض العبادات
الخرى.
وأفضل العمال عند السحر الستغفار وقراءة القرآن .وإذا أتى جاهل إل أحد العلماء
طالبا البيان ف مسائل اللل والرام فإن أفضل العمال ف حق العال ف ذلك الوقت هو
تعليمه وترك السنن الخرى.
وف وقت حضور الصلوات المس أفضل العمال وأكمل القربات أداء تلك
الصلوات.
وإذا لقيت ذا حاجة مادية أو معنوية فأفضل العمال إعانته ف حاجته ,والفضل عند
قراءة القرآن هو توجه القلب والتفكر والتدبر ف آياته ,والفضل عند الوقوف ف عرفة هو
42
الجتهاد ف التضرع والشوع ف مناجاة مع رب العالي ول ينبغي أن يصام ذلك اليوم،
والفضل ف العشر الول من ذي الجة كثرة التهليل والتكبي والتمجيد ،والفضل ف العشر
الخي من رمضان العتكاف ف السجد.
وعند مرض الخ الؤمن تكون مساعدته أفضل العبادات ,والفضل عند موت الخ
الؤمن تشييع جنازته وتسلية ورثته ,وأفضل العمال عند فتنة الناس وسوء كلمهم عليك
وإهانتهم لك الصب عليهم مع عدم ترك مالطتهم ،لن مالطتهم والصب عليهم أفضل.
فاتضح با ذكرنا أن أفضل العمال ف كل وقت هو ما يلحظ فيه رضاء ال تعال
براعاة مقتضى عمل كل ظرف.
والقائلون بذا التفصيل هم الحققون من علماء السلم ،والتّبعون لده الطريقة هم
أهل التعبد الطلق والتوحيد الالص لنم يراقبون ال ف جيع الوقات ويوفقون دائما
لفضل العمال .أما الصناف الت سبق ذكرها فهم أهل تعبد مقيد ،بعضهم عباد وقت
الزهد فإذا خرجوا عن الزهد خرجوا من أفضل العمال .والذين يرون أن أفضل العمال
أشقها يرجون من الفضلية بجرد خروجهم من العمل الشق ,والذين رأوا أن خدمة اللق
هي أفضل العمال إذا ل يكن ل يوفق للفضلية إذا كان ف غيها من العمال .فكل هؤلء
يعبدون ال من جهة واحدة.
أما صاحب العبادة الطلقة ومتبع الطريقة البراهيمية الحمدية فيعبد ال بأفضل
العمال دائما وهو باستمرار من عبادة إل عبادة أخرى فاضلة ،فتراه مع العلماء ف ملسهم
ومع الجاهدين ف صف الهاد ومع الذاكرين ف وقت الذكر ،وتراه عند عيادة الريض من
العائدين وعند تشييع النازة مع الشيعي.
الاصل أنه ف كل مشهد من مشاهد العبادة وف كل مطة من مطات الطاعة هو
حاضر..مشتغل بأفضل العمال .فالعبد الطلق ل هو صاحب هذه العبادة وهو التبع لحمد
شيخ النبياء عليه الصلة والسلم فهو صاحب هذه النلة الفضيلة ,فهو الوحد الذي ل
تقيده القيود ول تلكه الرسوم .وهذا الشخص هو التحقق بقيقة (إياك نعبد وإياك نستعي)
43
(.)1/4
وصلى ال على سيدنا ممد وآله الطيبي الطاهرين.
44
الشرك نوعان :الكب ،والصغر
الشرك الكب هو أن يعبد ملوقٌ ملوقا ,والشرك الصغر هو وصف غي ال بصفات
ال تعال ،مثل أن يعتقد أن غي ال يكون شافياً أو رازق ًا أو أن يتصور بأنّ غي ال تعال قد
يدفع البلء ،أو يرفع الضراءء.
وأما الشرك الكب فكما مر آنفا :أن العتقاد بوجود شريك ف عبادة ال ويُحب ذلك
العبود الباطل مثل العبود الق أو أشد وهذا عبارة عن تسوية اللق برب العالي .كما
ياطب الشركون يوم القيامة ف نار جهنم معبوداتم الباطلة( :تال إن كنا لفي ضلل مبي
إذ نسويكم برب العالي) (.)97 ،96 ،26
مع أن أولئك الشركي كانوا يعترفون بأن خالق العال هو ال تعال ،ويقرون بأن
معبوداتم ل يرزقون ول يُحيون ول يُميتون.
فما الراد بالتسوية ف الية؟
القصود بتسوية معبوديهم بال رب العالي هو التسوية ف الب والتعظيم والعبادة كما
أن الشركي يبون معبوداتم كحب ال( .يبونم كحب ال) ( )2/190يصرح ال تعال
ف هذه الية أن الشركي يبون معبوداتم الباطلة مثل حب ال ويفرحون بذكر معبوداتم
أكثر من فرحهم بذكر ال بل يشمئزون عند ذكر ال تعال (وإذا ذكر ال وحده اشأزت
قلوب الذين ل يؤمنون بالخرة وإذا ذكر الذين من دونه إذا هم يستبشرون) (.)39/47
كما أنم إذا صدرت من الوحد إهانة ولو خفيفة للتهم الباطلة ،وتنقصٌ لشايهم
وأوليائهم من دون ال يهجمون عليه كالكلب يريدون أن يقتلوا ذلك الوحد ،لكن إذا
أُهينت حرمات ال أو غُيت الحكام فل يتحركون ،لسيما إذا كان النتهك للدين أو الغيّر
لسنة خي الرسلي صَلّى اللّ ُه عََليْ ِه َوسَلّمَ من يرجون منه شيئا من الال والاه.
يا للعجب! لو قلت لم إن الولياء من دون ال ل يقضون الاجات ،وأنم ليسوا
أبوابا للحوائج وحصول الشفاء ،وبيّنت لم أن ال هو قاضي الاجات ،وقابل التوب ،وغافر
الذنب ،وهو النافع وهو الضار ،وهو القادر ،وأنه ل ينبغي أن تطلب الاجات من البشر ،ف
45
هذه الالة سيشقون اليوب ،وسيصرخ الخادعون والتاجرون بالدين ،وسيزخرفون للجهال
شبهاتم ومبراتم الشركية ،تاما كما كان يترع الكهان ورؤساء الشركي الشبهات
والبرات ،وإذا كانت توجيهات الاكرين مسلّم با عند جهّال الناس فإن هذا يغلق الباب
أمام الفلح الذي أتى به القرآن ،والواقعي ف الشرك يزيد عددهم يوما بعد يوم (ذرهم
يأكلوا ويتمتعوا ويلههم المل فسوف يعلمون)( ،)15/2وإذا قلت بأن (إمام زاده) ل
يشفي العمى ،و(ست شهر بانو) ل تعمي عيون زائري قبها ،وقدر سنو (نوع طعام) ل
يقضي الاجات ،فالعجب كل العجب أنم سيقولون :نعم نعلم أنم ل يستقلون بفعل ذلك
ولكنهم شفعاء ووسائط عند ال ،وهذا الواب هو جواب الشركون لرسول ال صَلّى اللّهُ
عََليْهِ وآله َوسَلّمَ حي قالوا( :هؤلء شفعاؤنا عند ال)( ،)10/20وال تعال يرد هذا الواب
يقوله( :والذين اتذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إل ليقربونا إل ال زلفى إن ال يكم بينهم
فيما هم فيه يتلفون)( ،)39/2ويقول تعال ف مقام آخر( :مثل الذين اتذوا من دون ال
أولياء كمثل العنكبوت اتذت بيتا وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون)(
( ،)29/40أفحسب الذين كفروا أن يتخذوا عبادي من دون أولياء إنا أعتدنا جهنم
للكافرين نزلً)(.)18/102
ونن بدورنا سنبيّن ونرشد إخواننا السلمي إل صور الشرك وحالته ،لعل ال أن
يهدي ضالً أو يبصر جاهلً.
من أنواع الشرك الصغر :اتاذ اللقة أو الات أو البل أو أمثالا لرفع الصيبة ودفعها
يقول ال تعال( :قل أفرأيتم ما تدعون من دون ال إن أرادنَ ال بضر هل هن
كاشفات ضره أو أرادن برحة هل هن مسكات رحته قل حسب ال عليه يتوكل
التوكلون) ( ،)39/40من خلل هذه الية الباركة نعلم أن أي موجود ل يض ّر ول ينفع
أحدا إل بإذن ال تعال ،ومن اعتقد أن أحدا غي ال يض ّر أو ينفع فقد وقع ف مض
الشرك.
يقول عمران بن حصي رضي ال تعال عنه إن النب صَلّى اللّ ُه عََليْهِ َوسَلّمَ رأى رجلً
صفْرٍ -وف رواية خاتا من صفر -فقال ما هذه؟ قال :من الواهنة .فقال: ف يده َحلَقة من ُ
46
ت وهي عليك ما أفلحت أبدا!)(.)1
انزعها فإنا ل تزيدك إل وهنا ،فإنك إن م ّ
الواهنة :أل يصيب الكتف والساعد ،وكان العرب يعتقدون أن علجها يكون بعل
بعض الرز وذلك بوضعها ف سلك ث يعلقونا على موضع الل ،ويقال له خرز الواهنة.
صفْر( )2أو غيه على العضد،
الَلَقة :كان من عادات الشركي أنم يعلّقون حلقة من ُ
ويعتقدون أنا تفظهم من العي والروح والن.
وروي ف حديث صريح صحيح عن النب صَلّى اللّ ُه عََليْ ِه َوسَلّمَ أنه قال :من تعلّق تيمة
فل أت ال له ،ومن تعلق ودعة فل ودع ال له(.)3
التميمة( :)4هي خرز ينظم ف سلك ،يعلق على أعناق الولد ،ويعتقدون بأنه يفظ
من العي والرح ،وف الصطلح الفارسي العام يقال له :نظر قربان.
والودعة :شيء أبيض يرجونه من البحر وله فتحة مثل فتحة نواه التمر ،ويقال له ف
الفارسي (مورجه) (بثلث نقاط تت اليم)( ،)5ويعلقونه على أعناق الطفال لدفع العي
والرح.
وروى ابن أب حات عن حذيفة رضي ال تعال عنه أنه رأى رجلً ف يده خيط من
المى فقطعه وتل قوله تعال( :وما يؤمن أكثرهم بال إل وهم مشركون) ،وروي ف
حديث صحيح عن أب بشي النصاري رضي ال تعال عنه أنه كان مع رسول ال صَلّى اللّهُ
عََليْهِ َوسَلّمَ ف بعض أسفاره فأرسل رسولً أن ل ُيبْقي ف رقبة بعي قلدة من وتر أو قلدة
إل قطعت.
() بار النوار للمجلسي ,60/18 ،59/121مستدرك الوسائل ،13/106 ،4/317دعائم السلم 2/142 1
صفْر :النحاس الصفر .العجم الوسيط ص ( .516م) )( 2ال ُ
)( 3مسند أحد 4/154
)( 4قال الجلسي :التمائم جع تيمة ،وهي خرزات كانت العرب تعلقها على أولدهم يتقون با العي ف زعمهم فأبطله
السلم ،وإنا جعلها شرك لنم أرادوا با دفع القادير الكتوبة عليهم ،فطلبوا دفع الذى من غي ال الذي هو دافعه(.بار
النوار )65/18
() وهو أحد حروف اللغة الفارسية وينطق كما ينطق حرف Gف كلمة goبالنليزية. 5
47
والوتر :إذا بلى سلك الوتر فكانوا يعلقونه على رقبة اليل والبقر والروف معتقدين
أنه يفظ من الكاره والعي.
صلّى اللّ ُه عََليْ ِه َوسَلّمَ يقول:
وعن ابن مسعود رضي ال عنه أنه قال :سعت رسول ال َ
(إن الرقى والتمائم والِتوَلة شرك(.)1
الرقى :جع رُقية بالضم ،بعن التعويذ والتزوير.
الِتوَلة( :)2بكسر التاء وفتح الواو ،نوع من السحر ،يبب النساء لزواجهن.
وعن عبد ال بن عكيم رضي ال تعال عنه مرفوعا :من تعلق شيئا وُكِل به ،ورُوي
عن ُر َويْفع رضي ال تعال عنه أنه قال :قال رسول ال صَلّى اللّ ُه عََليْ ِه َوسَلّمَ( :يا رويفع لعل
الياة تطول بك ،فأخب الناس أن من عقد ليته أو تقلّد وترا أو استنجى برجيع دابة أو عظم
فإن ممدا صَلّى اللّ ُه عََليْ ِه َوسَلّمَ بريء منه) ،وجاء عن سعيد بن جبي رحه ال أنه قال( :من
قطع تيمة من إنسان كان كعدل رقبة) يتضح من هذه الخبار الصحيحة ،ونص الية
الباركة أن الستمداد الغيب والستعانة العنوية من الات أوحلقة الصفر واليط وأمثاله من
قبيل فعل الي ف الحلت [الباصات] والنازل شرك مض ،وخرافة بتة ،ول ينبغي أن
يتبك با ويطلب با رفع الفاقة والفقر ودفع الفات والبليا.
صلّى اللّ ُه عََليْ ِه َوسَلّمَ وأئمة الدين يلبسون الات
وقد يقول قائل :وردت أخبار أن النب َ
ص بعض الفصوص والحجار ما يفيد ف دفع الفقر أو أن وجاءت أخبار أخرى ف ذكر خوا ّ
الفص الفلن يتضاعف معه أجر الصلوات ،أو أن الفص الفلن يفظ من البلء وغيه.
فنقول ف الواب:
أولً :بناءً على الرواية الصحيحة الت ُروِيت عن المام الصادق (ع) أنه قال :ما تتم
صلّى اللّ ُه عََليْ ِه َوسَلّمَ إل يسيا حت تركه(.)3
رسول ال َ
() نقل النوري الطبسي ف مستدرك الوسائل عن علي بن اب طالب عليه السلم أنه قال :كثي من الرقى وتعليق التمائم 1
شعبة من الشرك( .مستدرك الوسائل -)13/110 ،4/318م-
2
() قال الجلسي :التولة-بكسر التاء وفتح الواو -ما يبب الرأة إل زوجها من السحر وغيه (بار النوار -)65/18م-
)( 3انظر وسائل الشيعة ج 76ص , 77بار النوار 16/123
48
صلّى اللّهُ عََليْهِ َوسَلّمَ آخر عمره ل يلبسه طلبا ثانيا :الات الذي تتّم به رسول ال َ
للبكة أو استمدادا للنصر على عدوه ،أو لرفع الفقر والفاقة ،بل لا كان النب صَلّى اللّ ُه عََليْهِ
َوسَلّ َم يبعث برسائل للملوك يدعوهم إل السلم ،قيل له صَلّى اللّ ُه عََليْ ِه َوسَلّمَ إن من عادة
اللوك أن ل تعتدّ بالرسائل الت ل ختم عليها ،فأمر رسول ال صَلّى اللّ ُه عََليْ ِه َوسَلّمَ فصنع له
خاتا من فضة ،وجعلوا نقشه ف ثلثة أسطر .السطر الول ال ،والسطر الثان رسول،
والسطر الثالث ممد .فكان يقرأ من تت إل العلى (ممد رسول ال) .وهذا الات لبسه
صَلّى اللّ ُه عََليْ ِه َوسَلّمَ إل وفاته ،وبعد وفاة رسول ال صَلّى اللّ ُه عََليْهِ َوسَلّمَ لبسه أبو بكر
رضي ال عنه ،ث عمر رضي ال عنه من بعده ،ث عثمان ذو النورين ،وف العام الذي
استشهد فيه عثمان رضي ال عنه سقط ف بئر أريس فبحثوا عنه ثلثة أيام فلم يدوا.
صلّى اللّ ُه عََليْ ِه َوسَلّمَ كان خاتا لتوثيق اسه
ومن خلل ما مضى نعلم أن خات الرسول َ
ف الرسائل ،ل أنّ الرسول الكري صَلّى اللّ ُه عََليْهِ َوسَلّمَ طلب التبك بفصّه ،وقد سار الئمة
الطاهرون عليهم السلم بعد رسول ال صلى ال عليه وسلم على نجه فكانوا ل يتبكون
بالحجار ،بل كانوا يتيمّنون بأساء ال السن ،وكانت فصوص خواتهم تدل على شدة
توسلهم بالق جل وعل وأساءه السن ،فكان نقش خات أمي الؤمني علي (ع) اللك ل
الواحد القهار( ،)1وكان نقش السيدة الزهراء عليها السلم (ال ولّ عصمت) ،وكان نقش
خات السن الجتب (ع) (العزة ل) ،وكان نقش خات السي الشهيد(ع) (إن ال بالغ
أمره)( ،)2وكان نقش فصّ خات السيد السجاد (ع) (لكل غمّ حسب ال) ،وكان نقش خات
باقر العلوم (ع) (أملي بال)( ،)3وكان نقش خات المام الصادق (ع) (ال ول عصمت من
خلقه)( ،)4وكان نقش خات موسى بن جعفر (ع) (حسب ال) ،وكان نقش خات المام
الرضا (ع) (ما شاء ال ل قوة إل بال) ،وكان نقش خات المام ممد النقي (ع) (اللك ل
49
الواحد القهار) ،وكان نقش خات المام السن العسكري (ع) (الغن ل).
من خلل هذه القدمات نعلم أن التّبك بالحجار ل يكن من عمل الرسول صَلّى اللّ ُه
عََليْهِ وآله وسَلّمَ ،ول من هدي الئمة الطهار ،فلم يكن من طريقتهم دفع البليا والمراض
بالات ،بل الذي يظهر من خلل القرآن الكري والخبار الصحيحة أن التبك بالحجار
شرك.
صلّى اللّهُ عََليْهِ َوسَلّمَ؟
عجبا ..لاذا أعرض بعض الناس عن كتاب ال وسنة رسول ال َ
لاذا ل يعرف السلمون عن ذلك شيئا؟ لاذا ل يتدبرون معن التبك بالجر؟
يا رب لاذا أضحى دينك ألعوب ًة بيد الهال ..ويا رب لاذا نسي السلمون سنة
رسولك عليه الصلة والسلم؟
سبحان ال! يتختم التدينون بالوات ويقولون إن ل َفصّ كذا خاصية كذا ،وأنه يقرب
النسان إل ال ،وأن حجرَ كذا يزيد معه أجر الصلة أيا زيادة( !)1أليست هذا عبادة
للحجارة؟ ما الفرق بي أن يعبد النسان الجر الكبي ويتبك به أو يعبد الجر الصغي؟(.)2
إن تقديس الحجار والتبك با من بقايا عقائد المم السابقة قبل السلم ،والصيبة
اليوم أنم يقولون بأن التبك بالحجار جاء ف شرعنا ،مع أن الخبار الواردة فيه كلها
موضوعة ،ل أصل لا.
هذه الخبار الت تقرر التبك بالحجار كما شاهدنا معارضة للقرآن ،وسنة الرسول
صَلّى اللّ ُه عََليْ ِه َوسَلّمَ ،وسية الئمة عليهم السلم ,بل هذه الخبار مالفة لصول التوحيد
)( 1وعنه عليه السلم قال :صلة ركعتي بفص عقيق تعدل الف ركعة بغيه (عدة الداعي ص )119
عن السي بن علي عليهما السلم قال :قال ل رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم(يا بن تتم باليواقيت والعقيق فإنه ميمون
مبارك وكلما نظر الرجل فيه ال وجهه يزيد نورا ً والصلة فيه سبعون صلة) (دعائم السلم ج 2ص )164
)( 2عن الرضا عليه السلم عن آبائه عليهم السلم قال :قال رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم :تتموا بالعقيق فإنه ل
يصيب احدكم غم ما دام ذلك عليه(عيون اخبار الرضا ج 2ص )47
عن النب صلى ال عليه وآله وسلم انه قال :تتموا بالعقيق فإنه ينفي الفقر واليمن احق بالزين (جامع الخبار ص )156
شكا رجل ال النب صلى ال عليه وآله وسلم أنه قطع عليه الطريق ،فقال هل تتمت بالعقيق فإنه يرس من كل سوء (الكاف ج
6ص )471
50
وطبيعة السلم .فينبغي أن تُرمى تلك الخبار ،لنه قد بلغنا عن الئمة عليهم السلم أن أي
خب يالف القرآن فالواجب تركه..
أنا شخصيا كان ل خاتا من حديدٍ صينٍ كنت قد رأيتُ له خواصَ (فضائل) ف
الكتب ،كان منها أنه إذا كان ف اليد حُفظ صاحبه ف الفاوز والبحار من الفات ،ولذا
السبب لا عزمت على السفر لج البيت الرام أخذت معي ذلك الات ،ولا كنت ذاهبا من
الدينة النورة إل مكة الكرمة؛ كان عندي كتاب ف الديث أطالعه ف الباص ،وإذ ب أفاجأ
بشاهدة هذه الخبار الت نقلتُها ،فلما دققت النظر فيه؛ قلت يا ويلي ،كم كنت ف جهل
بالتوحيد والسلم!! أنا مرم وحاج إل بيت ال وف يدي صنم! لاذا ل أعتقد أن ال رب
العالي هو الافظ فقط؟ كيف أعتقد ف أن حجرا يفظن مع أنن أنا الذي أحفظه؟..
عندها حدثت لَ حالة من الفزع ل أستطيع أن أشرحها ,فبدأت أستغفر ونزعت الات من
يدي ورميته ف الصحراء وقلت:
(ليس من طبيعة العاشق أن يكون ف قلبه معشوقان) .والمد ل رب العالي.
هنا مطلب مهم ،وهو أننا ل ننكر الواص الطبيعية للحجار ،نعم يوجد لكل حجر
خاصيته مثل العقيق والفيوز وغيها .وهذا ما يتعلق بالعلوم الطبيعية ,ولكن السلم ينفي
الاصية الروحية والغيبية لا .فمثلً إذا قيل لنا :من كان ف يده خات من حجر (الفيوز) فإنه
ل يغرق ف البحر ،قلنا لم تعالوا فلنجرب لنرى هل من خواصه أنه يطفوا على سطح الاء
ولنرمي شخصا ل يعرف السباحة ف الوض الكبي وف يده خات الفيوز فإذا ل يغرق
فذلك صحيح وتكن هذه خاصية طبيعية لجر الفيوز(.)1
والحصلة الت يب أن نقررها ف تقيق العبادة أنك إذا طلبت من شيء تأثيا غيبيا أو
سلطة معنوية فيعتب هذا العمل عبادة لذلك الشيء .فينبغي أن ل تُنسى هذه القاعدة :إذا
طلبت من أي موجود غي الق تأثيا معنويا من قبيل الفظ والياة والرزق ودفع البلء
ورفع البلء أو طلب الداية والغفرة والنجاة فأنت مشرك لن (هذه المور) انفرد ال با
تعال وحده.
() يقصد الؤلف أنه إذا ثبت بالتجربة أن الفيوز يطفو على الاء فهذه خاصية طبيعية ليست شرعية. 1
51
وإذا قيل لنا إنه قد جاء ف الثر عن المام أنه قال :علمات اليان خس [منها]
التختم باليمي(.)2
نُجيب بأن الراد بالؤمن ف هذا الديث هو الشيعي والقصود أن التختم باليمي كان
من شعائر الشيعة دون سائر الناس ف ذلك العصر لن غي الشيعة كانوا يتختّمون باليد
ل مقارنة بغيهم وكانوا ف حال تقية ,فما اليسرى ,وسبب ذلك أن الشيعة كان عددهم قلي ً
كان يعرف بعضهم بعضا ,ولذا قرروا أن يكون شعارهم التختم باليمي حت يعرف بعضهم
بعضا ,وهذا الديث ل يدل على مشروعية التبك بالات بل يقول بأن الات هو من الزينة,
ويرشد الشيعة إل نقله من اليد اليسرى إل اليمن ,ونظي هذا العن ما جاء ف مشروعية
جعل بعض العمامة تت النك ,حيث كانت العمامة من اللباس الشترك بي السلمي
والشركي ,فكان ما ييز الوحدين أنم يضعون بعض العمامة تت النكه حت يُميز بعضهم
بعضا ,ولذا يقول الحقق الثان ف (كتاب جامع القاصد) ف باب لباس الصلى ،قال النب
صَلّى اللّ ُه عََليْ ِه َوسَلّمَ الفرق بي السلمي والشركي التلحي.
[ نداء ]
يا رب أقسمت عليك برحتك :أن تفظ عبادك الوحدين من شر الشركي.
إلي قد ابتعد السلمون عن منهج القرآن والسنة فاهدهم وباعد بينهم وبي الشرك..
برحتك يا أرحم الراحي ول حول ول قوة إل بال العلي العظيم.
() انظر وسائل الشيعة , 3/396معال السبطي للحائري 194 /2 2
52
()1
من أنواع الشرك :التبك بالشجر والجر ونوها
يقول تعال ف آية (( )20/53أفرأيتم اللت والعزى ومنوة الثالثة الخرى).
(اللت)( :)2كما يقوله ابن كثي كان صخرة بيضاء منقوشة ،عليها بيت ف الطائف،
صلّى اللّ ُه عََليْ ِه َوسَلّ َم الغية بن شعبة فكسر ذلك الصنم وأحرق البيت الذي
أمر رسول ال َ
بن للصنم(.)3
(العزى) :هي شجرة جعلوا لا بيتا ووضعوا عليه ستائر وهذا الصنم كان ف منطقة
يقال لا نلة( )4وهي موضع بي مكة والطائف فبعث رسول ال صَلّى اللّ ُه عََليْهِ َوسَلّمَ خالد
بن الوليد أن يقطع تلك الشجرة من أصلها وأحرقها .وقال البعض كانت العزى ثلث
نلت(.)5
(مناة) :كان صنما بي مكة والدينة فبعث رسول ال صَلّى اللّ ُه عََليْهِ َوسَلّ َم عام الفتح
عليا فكسره وخرب موقعه(.)6
)( 1التبك يكون مشروعا فيما ثبت بالدليل الصحيح كونه مباركا مثل جسد النب صلى ال عليه وآله وسلم وماء زمزم
ونوها فيجوز التبك به مع اعتقاد أن البكة من ال تعال وليس من ذات الخلوق.
وقد يكون التبك غي مشروع مثل التبك بكل ما ل يثبت بركته سواء كان شخصا من الصالي أو شجرة أو حجر أو غيه،
فالتبك با دون عبادتا منهي عنه ويعتب شركا أصغر لعدم ثبوت بركتها ولن ذلك وسيلة إل الشرك الكب ،وأما من زاد
مع التبك اعتقاد استقللا بالنفع أو دعاه من دون ال أو طاف حولا فهذا شرك أكب .ولزيد من التفصيل راجع كتاب
التبك أنواعه وأحكامه تأليف د .ناصر الديع.
)( 2قال ابن عباس هو رجل كان يلت السويق للحجاج فمات فعكفوا على قبه .وقال هشام بن الكلب :اللت ليست
جبَة ويضاهون
صنما على هيئة إنسان أو حيوان بل صخرة مربعة ذات لون أبيض ...بنت ثقيفٌ عليها بيتا وله كسوة و َح َ
به الكعبة(.كتاب الصنام ص )16
ويوضح سبب تقديسهم لذه الصخرة الرواية الت نقلت عن ابن عباس :أن اللت (رجل) لا مات قال لم عمرو بن لي :إنه ل
يت ولكنه دخل صخرة فعبدوها وبنوا عليها بيتا( .فتح الباري .)8/478
() انظر :تفسي ابن كثي ( 6/453م) 3
)( 4يقول ابن هشام :يقع إل شال مكة ,بوادٍ من نلة الشآمية .انظر :السية النبوية 1/83
)( 5اختلف التقدمون ف وصف هذه الصنم ,فبعضهم قال هو صنم منحوت على شكل امرأة ,وقال آخرون ثلث شجرات
من سر وقال آخرون هي شيطانه .انظر :معجم الوثان والصنام عند العرب .67-66
() قال ابن جرير :سيت بذلك لن دم الذبائح ين عندها .انظر :جامع البيان .27/35 6
53
يقول أبو واقد الليثي رضي ال عنه خرجنا مع رسول ال صَلّى اللّ ُه عََليْ ِه َوسَلّمَ إل إل
حني ونن حدثاء عهد بكفر وللمشركي سدرة يعكفون عندها وينوطون با أسلحتهم يقال
لا ذات أنواط فمررنا بسدرة فقلنا يا رسول ال اجعل لنا ذات أنواط كما لم ذات أنواط
صلّى اللّ ُه عََليْ ِه َوسَلّمَ ال أكب إنا السنن قلتم والذي نفسي بيده كما قالت
فقال رسول ال َ
بنو إسرائيل لوسى اجعل لنا إلا كما لم آلة قال إنكم قوم تهلون لتركب سنن من كان
قبلكم(.)7
نبّه الرسول الكري صَلّى اللّ ُه عََليْ ِه َوسَلّمَ ف هذا الديث أمته عن اتباع َسنَن من كان
قبلهم ,وإن دققت النظر فسترى بوضوح كيف وقع السلمون ف نفس ما ناهم الرسول
صلى ال عليه وسلم عنه ,حيث أصبح ف كل مدينة وقرية حجر يعبد أو شجرة تقدس أو
مزار ينله الناس ويطلبون منه حاجتهم.
فهل يصح أن يُطلق وصف السلم والتوحيد على أناس يعتقدون بذه الوهام
ويطلبون منها الاجة؟ أليس هؤلء واقعي ف الشرك؟.
والعجب أنم يقولون نن ل نطلب الاجة من الشجرة والجر أو القام ,وإنا نفعل
هذا لن أحد الئمة أو أبنائهم م ّر عليه فنحن نتبك به..
عجبا..كيف يلبّسون الشرك ويررونه! ..فالمام ربا ذهب إل تلك الشجر ليقضي
حاجته؟
أنا رأيت بنفسي شجر مل جغندر (شندر) الذي كان يقع خلف مدرسة سيد ناصر
الدين ،وقد اجتمع النساء حوله وعنده رجل ينشد شعرا ،والنساء يطلب حوائجهم من
الشجر ،وكانوا قد عَلّقوا عليها من الرق والقمشة ما ل يعدّ ول يصى ،وقد جعلوا
للشجر عيونا من فضة ،ووضعوا على الشجر شوعا كثية ،وقد تغيت الشجرة فصار يابسة
متعفّنة ,وأعجب من ذلك أن هذا الصنم كان خلف مدرسة يدرس فيها حوال مائة من
طلب العلوم الدينية ،ول يتجرأ أحد منهم على النهي عن هذا النكر ،وأخيا ت إنشاء
() انظر التبيان للطوسي ،1/402التبيان للطبسي ،1/345بار النوار 67 /9 7
54
شارع ف هذا الوقع فزال هذا الصنم بمد ال ،ولكن الؤسف هو ذهاب تلك الدرسة
الملية الت ذهبت أيضا مع الشارع.
كذلك كانت شجرة طويلة ف قصر (سلطنت) كان يقال له (جنار عباس علي)
وكانت موردا يتوجه إليه سكان ذلك الكان ،وكانوا يتبكون با ،وقد انقلعت بمد ال
تعال.
وقد بلّغ خات النبياء صَلّى اللّ ُه عََليْهِ َوسَلّمَ الرسالةَ ،وأبعد السلمي عن مظاهر الشرك
إل حد أن عمر بن الطاب مع تعصبه ف الاهلية لعبادة الصنام إل أنه لا تشرف ف خلفته
بزيارة الكعبة وصل عند الجر السود وخاطبه قائلً( :لست إل حجرا ولول أن رأيت
صلّى اللّ ُه عََليْ ِه َوسَلّمَ يستلمك ويقبلك ما قبّلتك). رسول ال َ
ينبغي أن نعن النظر ف هذه المر ،وهو أن الجر السود ل يوز أن يُعبد بل يُستحب
استلمه فقط ،فقد وضع هذا الجر لتحديد بداية الطواف ،وبعبارة أوضح فإن الاج يبدأ
الطواف بحاذاة الجر السود ،لن الطائفي ينبغي لم أن يتحركوا باتاه واحد ،فلو
ابتدؤوا الطواف من جهات متلفة فسيواجه بعضهم بعضا ،وسيصعب الطواف ف هذه
الال ,لذا شرع لم أن ينووا ويبدءوا بحاذاة الجر.
صلّى اللّ ُه عََليْ ِه َوسَلّمَ ،لكن مع السف بعد فترة يسية وقع كثيهذه تربية الرسول َ
من المة ف الشرك ،وانغمسوا فيه إل حدّ أن بعض العبادات الحدثة والشوبة بالشرك
صارت من ضروريات الدين ،ومسلّمات شريعة سيد الرسلي صَلّى اللّ ُه عََليْ ِه َوسَلّمَ.
انظروا كيف بدأ أمر الاهلية من جديد! ماذا أحدثوا من الراء؟! وكيف علّقوا الرق
على الشجار؟! وكيف أقاموا عليها الزارات ونوها ونوّروها بالشموع!.
(انظر كم علقوا من الوراق والاجات ..حت أن القادم يتلف عليه شكله الذي
عهده من قبل)(.)1
55
من أنواع الشرك :الذبح والنحر لغي ال
والقصود هنا بالذبح الذي يتقرب به النسان إل ال ،سواء كان من مأكول اللحم أو
غيه ،ففي تأريخ نب إسرائيل أن قربان قابيل كان من الباعم وثار الرض ،وكان قربان
هابيل من اليوانات.
وف زمن نوح عليه السلم صنعوا مذبا يذبون عنده اليوانات ويُحرقونا ،وف زمن
إبراهيم عليه السلم كانت قرابي الناس من البز والمر ،كما أنم كانوا يتقربون بذبح
الدمي إل أصنامهم ،وقد مُنع إبراهيم عليه السلم من التقرب بذبح البشر ,وهو ما تشي إليه
قصة ذبح إساعيل عليه السلم وميء الفدية بد ًل عنه.
وف عصر موسى عليه السلم كانت القرابي على نوعي :الدموي وغي الدموي،
كانوا يذبون الدموي و يتركون غي الدموي ف الصحراء ،وقد تعلّم العرب ف الاهلية هذه
العادة من قوم موسى حيث كانت تُسيّب اليوانات تقربا للصنام ،وهي العادات الت
يُسميها القرآن باسم البحية والسائبة .كما يقول تعال( :ما جعل ال من بية ول سائبة
ول وصيلة ول حام ولكن الذين كفروا يفترون على ال الكذب وأكثرهم ل يعقلون) (
.)5/103
(البحية) :كان من عادة العرب أنه إذا ولدت النافة خس مرات ،وكان الامس ذكرا
يثقبون أذنا ويتركونا ،وكانوا ينعون ذبها وركوبا ول يعنونا من الاء وحشيش
الرض(.)1
(السائبة) :كان العرب تنذر ف الاهلية أنه إذا رجع مسافرهم أو شفي مريضهم أن
يرج ناقة من ملكه كمن يعتق رقبة(.)2
(وصيلة) :هي شاة بيضاء تلد سبع بطون ،وإن كان بطنها السابع ذكرا ذبوه قربانا
() قيل البحية :هي الت يشقون أذنا ويمون درها (لبنها) على سائر الناس ما عدا الطواغيت .وقيل :البحية هي الناقة إذا 1
ولدت خسة إناث شقت أذنا.وقيل من غي تقييد بالناث .وقيل :هي الت تلد خسة فإن كان الامس ذكرا ذبح وأكله
الرجال والنساء ,وإن كان الامس أنثى حرمت على النساء ,وقيل غي ذلك .انظر :فتح القدير للشوكان .2/103
() وقيل السائبة هي الت تابعت بي عشر إناث ليس بينهن ذكر .الرجع السابق 2/103 2
56
للوثان ،وإذا ولدت من بطن واحد توأما ذكرا وأنثى يقولون :وصلت أخاها ث يذبون
الذكر من أجل أخته.
(الام) :فحل ينتج من صلبه سبعا كل واحد منه قابل للركوب ،وقال بعض آخرون:
إذا صار ولد ولده صالا للركوب يقولون حى ظهره فتركوه ول ينعونه من الاء والكل.
وهذه العادة لدى الشركي قد راجت بي بعض السلمي بعد ذلك حيث أن البعض
يتركون معزا أو ضأنا ف مقام المام أو عند قب أحد الصالي ،ومن المثال الت يذكرونا
أن عجل المام الرضا ل يبلغون به إل الضحى ،وهذا العجل كان ف عهد اللك السلطان
حسي الصفوى ،كانوا قد ألبسوه لباسا مُطرزا بالذهب ،وكان يتنقل برية ف السوق وأزقة
البلد ،وكان الناس يتبكون به ،كما أنن شاهدت بنفسي سائب ًة سيبوها وجعلوا على قرنا
ذهبا ,وكانوا يتبكون با.
ومن قبل كانت بنو إسرائيل تقسم الذبائح الدموية على ثلثة أقسام :ذبيحة مرقة،
ذبيحة كفارة الذنوب ،ذبيحة السلمة.
الذبيحة الول :كانوا يرقونا ما عدا جلدها .وأما الذبيحة الثانية :فيقسمونا على
نوعي :كانت تدى إحداها للكاهن ،وترق الخرى .والذبيحة الثالثة :كانوا يأكلون
لمها.
وأما قرابي السيحيي فكانت مصورة بالبز والمر حيث كانوا يعلونا ذكرى للحم
السيح ودمه.
وكان بعض المم التقدمي كالصريي والرومانيي والفينيقيي والكنعانيي يبالغون ف
أمر القربان ،حت أنم يتقربون بذبح النسان ،وهذه العادة الشئومة كانت رائجة ف أوروبا
إل القرن السابع اليلدي ،قال بعضهم :أصل قرابي اليوانات أنا ضيافة كان يقدمها بعض
تلك المم للتهم ،فكانوا يتمعون ف معابد الوثان ويذبون لا اليوانات ,كما كانوا
يذبون أسرى الروب تقربا للصنام ويأكلون لومهم.
وقال بعضهم :اتذت القرابي لسبب:
57
.1كان هدية وتشريفا لللة[كما سبق].
.2طلبا لتكفي الذنوب وإرضاء اللة وتسكي غضبها.
وكان القرابي عند المم التوحشة لثلثة أسباب:
.1قربانا يتقربون به لروح اليت ،لنم كانوا يعتقدون يإن اليت يبقى ف القب جائعا
ويتاج إل الغذاء ،فكانوا يذبون فرس اليت وعبيده ليخدموه ف قبه.
.2قربانا يذبونه لللة حت ترضى عنهم.
.3قربانا يذبونه كفارة لذنوبم وذنوب قبيلتهم ،وأصل هذا القربان أنم كانوا
يعتقدون أنه إذا مرض الريض فذبوا قربانا أن الرض ينتقل منه إل اليوان الذبوح ،ث
تطورت عقيدة نقل الرض من الريض إل اليوان الذبوح إل اعتقاد أن ذنوب المة تنتقل
ف اليوان الذبوح ،كما أن بعض القبائل الفريقية يذبون ف السنة رجلً وامرأة ويقولون
إن ذنوب القبيلة تنتقل إل هذين الشخصي ،وتُطهّر القبيلة من الذنوب.
وكان آخرون يذبون رجل وقت البلء وانتشار الوباء أو القحط؛ اعتقادا منهم أن
هذا ما سببا لرفع البلء ,وهذه العقيدة أصلها من عقيدة النصارى الذين يقولون صلب
عيسى عليه السلم حت يطهّر الناس من الذنوب ،كما أن بعض الهلة وسفهاء الشيعة ينتشر
بينهم أن السي بن عليّ (ع) استشهد وطهّر الشيعة من الذنوب.
58
القربان ف السلم
لقد رفع السلم جيع هذه الوهام والرافات التعلقة بالقرابي ،وأقرّ بشروعية
التقرب إل ال بذبح بعض اليوانات ،ونى عن ذبح النسان نيا مؤكدا ،فقد كان
الصريون يغرقون ف ماء النيل كل عام بنتا جيلة ويسمونا عروس النيل ،فتوقف هذا المر
الفظيع ببكة السلم ف إمارة عمرو بن العاص رضي ال عنه.
وشرع ف السلم التقرب بذبح بعض اليوانات لكن بيّن أنا ليست للصنام,
وليست لتغذية الموات ونوه ،بل هي هدية من الغنياء إل الفقراء ،والقصود من الذبح هو
إطعام الائعي الفقراء ،كما يقول تعال( :والبدن جعلناها لكم من شعائر ال لكم من فيها
خي فاذكروا اسم ال عليها صواف فإذا وجبت جنوبا فكلوا منها وأطعموا القانع والعترّ
كذلك سخرناها لكم لعلكم تشكرون * لن ينال ال لومها ول دماؤها ولكن يناله التقوى
منكم كذلك سخرها لكم لتكبوا ال على ما هداكم وبشر الحسني)(،)39-22/38
فينبغي أن يقال عند الذبح :ال أكب ل إله إل ال وال أكب ،اللهم منك وإليك.
جاء التصريح ف هذه الية الباركة أن الذبح غي مقصود لذاته ،وأن ال ل ينتفع منها
بشيء ،لن ال غن عن العالي ،ول يكون ركنا من أركان الدين ،ولكن باعتبار الصدقة
والتوسعة على الفقراء والحاويج.
وينبغي أن يكون الذبح والقربان ل تعال ،ول يذُكر اسم غي ال عند الذبح والنحر،
كما يقول سبحانه وتعال( :قل إن صلت ونسكي ومياي ومات ل رب العالي)(
،)6/163يقول ماهد وسعيد بن جبي وقتادة والضحاك :إن نسك الذبيحة ف الج
والعمرة.
ورد التصريح ف هذه الية الباركة أن الذبيحة ل تعال فقط ،ل ينبغي أن يشارك ُه فيها
أحد ،يقول تعال أيضا( :فصلّ لربك وانر)( ،)108/2ويقول أيضا( :إنا حرّم عليكم اليتة
والدم ولم النـزير وما أهل به لغي ال)( ،)2/169والراد من قوله( :وما ُأهِ ّل به لغي
ال) هو الذي يُذبح للصنام ،ونُذر لللة دون ال ،حيث كانوا يقولون عند الذبح :يا صنم
59
نذبح هذه الشاة لك ،ونتقرب بك إل ال.
قال أمي الؤمني علي عليه السلم :حدّثن رسول ال صَلّى اللّ ُه عََليْ ِه َوسَلّ َم بأربع
كلمات( :لعن ال من ذبح لغي ال ،لعن ال من لعن والديه ،لعن ال من آوى مدثا ،لعن
ال من غيّر منار الرض)( ،)1وروى أبو عبيد ف كتاب الموال والبيهقي عن الزهري عن
خات النبيي صَلّى اللّ ُه عََليْ ِه َوسَلّ َم أنه :نى عن ذبائح الن ،وقال :وذبائح الن أن يشتري
الرجل الدار ،أو يفر عي الاء ،وما أشبه ذلك فيذبح لا ذبيحة تطيا ،وكانوا ف الاهلية
صلّى اللّ ُه عََليْ ِه َوسَلّمَ ذلك ونى عنه.
يقولون إذا فعل ذلك لن يضر النّ أهلها فأبطل َ
فاتضح بذه اليات الباركة والحاديث النبوية أن الذبح لغي ال شرك ،وأن ذلك
اللحم حرام.
يقول الفقهاء رضوان ال عليهم :كل ذبيحة ذُكر عليها غي اسم ال فلحمها حرام ولو
ضم مع اسم ال غيه ،بل هذا العمل شرك(.)2
ومن هذا القبيل ما يذبونه اليوم باسم المام أو باسم أب الفضل (ع) أو أئمة الدى
(ع) ،كما يقول الشخص العامي يا ولد المام ذبت هذا الروف ف سبيلك أو يقول يا أبا
الفضل (ع) أذبح باسك هذا الروف ،مثلً يقول :اشف مريضي.
[نداء]
إلي ومولي ..قد صار الشرك يقع باسم التوحيد!! ويرتكب أكثر الناس العمال
الشركية باسم التوحيد!! عكسوا الساء ,فبدّلوا الوت بالياة ..فاهدنا وإياهم إل الصراط
الستقيم.
وف القيقة؛ ثة مشكلة عجيبة ،وهي أننا نزم بأن ذنوب هؤلء الهلة سيحاسب
عليها أولئك الشيوخ الاكرون الذي ينشرون الشركيات بي العوام ،ويسترزقون من وراء
ذلك ..ومن جهة أخرى يب أن نعلم أن هؤلء الشيوخ يارون العوام ف جهلهم خرافاتم
60
فهم يتْبَعون العوام من جهة ،والعوام يتبعونم من جهة أخرى ،وتوضيح ذلك أنم يعلمون أن
العوام ليس لديهم قدرة على معرفة الفرق بي الغث والسمي ،والعوام يتصورون أن هؤلء
الشيوخ النحرفي على جادة التوحيد والدين ،فلهذا يتبعونم اتباعا تاما ،ولكن حينما يرد
التابع والتبوع إل جهنم ،يسر هؤلء وهؤلء(..يقوم تقلب وجوههم ف النار يقولون يا ليتنا
أطعنا ال وأطعنا الرسول وقالوا ربنا أطعنا سادتنا وكباءنا فأضلونا السبيل * ربنا آتم
ضعفي من العذاب والعنهم لعنا كبيا)( ،)69-68-37/67لو كانوا مؤمني بال
والرسول ف القيقة ،وكانوا يافون من يوم القيامة لكفتهم هذه الية لوحدها! ولكن مع
السف (إنم عن السمع لعزولون)()26/213
61
من أنواع الشرك :النذر لغي ال
يقول ال تعال ف وصف عباده الُخْلَصي (يوفون بالنذر)( ،)76/8هذه الية الباركة
تدل على وجوب وفاء النذر وتدح الوفي ،فالنذر من جلة العبادات ،فينبغي أن ل ينذر إل
ل وحده ،تاما كالصلة والصوم الت أن ل تصح إل أن يراد با إل وجه ل جل وعل.
فالنذر أيضا عبادة تبطل إذا كان لغي ال ,ومن أجل هذا يقول الفقهاء رضوان ال
عليهم :ل ينعقد نذر الكافر .يقول ال تعال( :وما أنفقتم من نفقة أو نذرت من نذر فإن ال
يعلمه) ( ،)2/274أخب ال تعال ف هذه الية الباركة بأنه عال بأعمال كل عامل ف
العال ،نفقةً كان أو نذرا ،وقد تكفل ال تعال بأن يزي الحسني خيا.
ورد الكاف عن جعفر بن ممد عليه السلم أنه قال( :إذا قال الرجل عل ّي الشي إل
بيت ال وهو مرم بجة أو عليّ هدى كذا ليس بشيء حت يقول ل عليّ الشي إل بيته ،أو
يقول ل عليّ أن أحرم بجة ،أو يقول ل عليّ كذا وكذا إن ل أفعل كذا وكذا)(.)1
اللصة :أنه إذا قال شخص عليّ عمل كذا ،ل يقع إل أن يقول عليّ ل كذا .وروي
ف الكاف عن الكنان قال :سألت أبا عبد ال عن رجل قال عليّ نذر ،قال ليس النذر بشيء
حت يُسمّي ل شيئا صياما أو صدقة أو هديا أو حجا(ُ .)2روِي ف الكاف عن أب عبد ال
عن الرجل يلف بالنذر ونيته ف يينه الت حلف عليها درهم أو أقل قال إذا ل يعل ل فليس
بشيء(( )3يعن باطل).
بناءً على هذه القدمة نعلم أن دللة اليات والخبار وإجاع العلماء على أن النذر لغي
ال ل يوز ،وأنه باطل ،مثل النذور الت ينذرونا لقبور الصالي .يقولون مثلً :يا ولد المام
ننذر لك هذا البساط أو النور أو حامل الشمع ،أو الروف كل هذه النذور باطلة ،وإذا
سأل قضاء الاجة من صاحب القب فهو شرك بالتفاق .يقول ال تعال( :جعلوا ل ما ذرأ
62
من الرث والنعام نصيبا فقالوا هذا ل بزعمهم وهذا لشركائنا فما كان لشركائهم فل
يصل إل ال وما كان ل فهو يصل إل شركائهم ساء ما يكمون) (.)6/136
كان لقبيلة بن خولن صنما يقال له عميانس( ،)1وكان من عادة هذه القبيلة أن ما
لديهم من الزرع والقول والدواب أنم يعلون نصفها ل ونصفها لصنامهم ،فما كان ل
فيعطى منه للفقراء والضيوف ،وما كان لوثانم فل يعطى إل لسدنة الصنام ،وإذا ظهر أن
نصيب ال أحسن كانوا يبدلونه بنصيب الصنام ،وإذا سقط شيء من نصيب ال ف نصيب
الصنام فل يأخذونه ،وكانوا يقولون إن ال قادر ،وال جلّ ذكره يشي ف هذه الية إل هذا
التقسيم(.)2
وبذا يتضح أن النذر لغي ال مرم وباطل ،سواء كان للقب أو لشخص حيّ ،لسباب
عدة ،هي:
أولً :النذر لغي ال كالصلة لغي ال ،فكلها عبادة ،وينبغي أن تكون العبادة ل.
صلّى اللّ ُه عََليْهِ
ثانيا :ل يتصور النذر للميت ،لن اليت ل يلك بإجاع أمة ممد َ
َوسَلّمَ ،وضرورة العقل.
وثالثا :يعتقد بعضهم أن صاحب القب مستقلّ ف تصيي المور من دون ال تعال،
وهذا صريح ف الكفر والشرك.
وبعد فهم هذه الطالب مت ما تنبه أحد إل ما وقع فيه من شرك ،وفهم أنه عاش فترة
من عمره ف هو يقع ف هذه الصورة من الشرك فعليه أن يتوب ،ث بعد ذلك إذا أراد أن
ينذر فليقل هكذا :نذرت لك يا رب هذه الذبيحة ،وأهديت ثواب عملي لسيد الشهداء
السي(ع) ،أو إل الئمة أو الولياء الخرين ،وجعلت مواضع صرفها الفقراء ،الذين هم
أحباب الئمة .أو نذرت ل هذا البساط أو النور أو غيه ،وجعلت مصرفه الرم أو
السجد ..فإذا نذر بذه الكيفية الذكورة فنذره صحيح ،وهو مأجور إن شاء ال.
() انظر :كتاب الصنام للكلب .43ومعجم الوثان والصنام عند العرب لوفق الب ( .69خ)1
)( 2انظر السية النبوي لبن هشام ،1/53معجم البلدان للحموي 4/158
63
ول شك بإن كثيا من الضللت الت يرتكبها الناس تقع بسبب الهل بتعاليم
الشرع ،وبالتنبيه والتعليم سيترك كثي من الناس هذه الخطاء.
64
من أنواع الشرك :الدعاء والستغاثة بغي ال
الستغاثة طلب الغوث والعون لدفع الشدة.
وقال بعضهم الستغاثة تكون من الكروب ،والصاب بالغم ،والدعاء أعم من
الستغاثة لن الدعاء قد يكون من غي الكروب ،فكل استغاثة دعاء دون العكس ،فالنسبة
بي الدعاء والستغاثة نسبة عموم وخصوص ،فكل استغاثة دعاء ،وليس كل دعاء استغاثة.
والدعاء على نوعي :دعاء العبادة ،ودعاء السألة والطلب .فدعاء السألة هو أن يطلب
الداعي ما ينفعه من جلب نفع أو كشف ضرّ وال سبحانه وتعال قد خطّأ ف القرآن الكري
من دعا غي ال ف جلب النفع أو كشف الضر ،كما أنه تعال يقول( :قل أتعبدون من دون
ال ما ل يلك لكم ضرا ول نفعا وال هو السميع العليم) ( ،)5/79وقال( :قل أندعو من
دون ال ما ل ينفعنا ول يضرّنا ونر ّد على أعقابنا بعد إذ هدانا ال) ( ،)6/71وقال( :ول
تدعُ من دون ال ما ل ينفعك ول يضرك فإن فعلت فإنك إذا من الظالي) (.)10/106
وأما دعاء العبادة فإنه وإن ل يكن بصيغة الطلب إل أنه يستلزم دعاء السألة ،لن كل
عبادة يطلب با النسان ما ينفعه ،وكل دعاء مسألة فإنه يتضمن دعاء العبادة كما قال ال
تعال( :ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه ل يب العتدين) ()7/55
(قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب ال أو أتتكم الساعة أغي ال تدعون إن كنتم صادقي بل
إياه تدعون فيكشف ما تدعون إليه إن شاء وتنسون ما تشركون) (( )41 ,6/4وأن
الساجد ل فل تدعوا مع ال أحدا) ( )72/18وأمثال هذه اليات كثية ف القرآن وكلها
تدل على أن دعاء السألة يستلزمه دعاء العبادة لن السائل يُخلص دعاءه ل تعال.
والستغاثة ف السباب الطبيعية الت يقدر عليها النسان فهي جائزة مثل أن تقول ف
وقت القتال يا فلن أغثن أو إذا واجهك سبع تقول يا فلن أغثن أو واجهتك مصيبة
كاحترق منلك أو هجوم عدو فتصرخ وتستغيث وتقول يا مسلمون أغيثون كل هذه
الستغاثات ليست شركا بإجاع أمة ممد صَلّى اللّ ُه عََليْ ِه َوسَلّمَ.
أما الستغاثة وطلب التأثي ف المور الفية العنوية والمور الت ل يقدر عليها إل ال
65
تعال مثل شفاء الرضى ووفاء الدين من غي جهة معيّنة ،أو طلب الرزق أو الداية وغفران
الذنوب وطلب دخول النة ،والتوفيق للعلم ونو ذلك فهذه خاصة بال ول يغيث فيها إل
هو ،فطلبها من غيه شرك ،فل يوز أن تستغيث بالنب أو الول كمن يقول :اشفن واغفر
ل ،وأستغيث بك يا فلن ،أو أغثن يا فلن ،بل ينبغي أن تقول أغثن يا غياث الستغيثي.
روي الطبان أنه كان ف زمن النب صَلّى اللّ ُه عََليْ ِه َوسَلّمَ منافق يؤذي الؤمني ،فقال
صلّى اللّ ُه عََليْ ِه َوسَلّمَ من هذا النافق ،فقال النب صَلّى
بعضهم قوموا بنا نستغيث برسول ال َ
اللّ ُه عََليْهِ َوسَلّمَ( :إنه ل يُستغاث ب وإنا يُستغاث بال)( ،)1ل حظوا أن رسول ال صَلّى اللّهُ
عََليْهِ َوسَلّ َم نى عن الستغاثة به ،مع أنا ف أمر ظاهر وهو أمر جائزة إل أن سبب النهي هو
حاية التوحيد والتحذير من الشرك ،وقطع الطريق الوصل إل التوسل بغي ال تعال حت ل
يتعوّد الناس الستغاثة بغي ال ،ول حول ول قوة إل بال العل ّي العظيم ،وصلى ال على
سيدنا ممد وآله الطاهرين.
() رواه الطبان ف العجم الكبي كما ف ممع الزوائد .10/159 1
66
من أنواع الشرك :التنجيم
إن التنجيم واعتقاد التأثي الفي للنجوم والشمس والقمر ف هذا الكون من العقائد
القدية لفرقة الصابئة ،ومن خللم دخلت هذه العقائد إل السلمي ،فلهذا ل بد أن نبيّن
بعض أحوالم (الصائبة) قبل الدخول ف الوضوع:
(الصابئة):
يقول بعض العلماء كانت هذه الفرقة من أتباع صاب بن شيث ،فلهذا قيل لم
(الصابئة) ،ويؤيد هذا القول أن الصابئة يقولون أن معلّمنا ف هذا الذهب هو (عاذيون) يعن
شيث ،وهرمس يعن إدريس ،ويقول صاحب الصحاح :الصاب مشتق من صبأ بعن الروج
صلّى اللّ ُه عََليْ ِه َوسَلّمَ صابئا،
من دين إل دين آخر .كانت العرب الاهلية تسمي رسول ال َ
صلّى اللّ ُه عََليْ ِه َوسَلّمَ خرج من دين قريش (عبادة الصنام) ،وكل من أسلم كانوا
لنه َ
يقولون عنه صبأ الرجل ،فكانوا يقولون للمسلمي صباة.
ويقابل دين الصائبة دين النفاء ،والنف ف اللغة بعن العراض عن الضلل واليل إل
الداية ،وإمام النفاء كان سيأت بالتفصيل هو شيخ النبياء إبراهيم خليل الرحن عليه
صلّى اللّهُ عََليْهِ َوسَلّمَ ،لا بن
السلم ،وخات النفاء هو سيد النبياء خات الرسلي ممد َ
إبراهيم عليه السلم البيت بكة جعلها مركز النيفية ،وكان أجداد أهل مكة على النيفية
الت هي دين إبراهيم عليه السلم ،وكانوا يسمّون حنفاء ،وكانوا ف الواقع مالفي للصابئي،
ولا خالفهم ذريتهم وعبدوا الصنام انقلب عرفهم فصار التخلي عن الصنام خروجا عن
النيفية دين إبراهيم عليه السلم ،وأخذوا يسمّون الرسول الكري صَلّى اللّ ُه عََليْهِ َوسَلّمَ
والسلمي الصابئ والصابئة.
ث حدث ذات الشيء ف السلم فآباؤنا كانوا مسلمي وأصحاب عقائد صحيحة
وتوحيد خالص ,وث بسبب بُعد العهد وتأثر السلمي بعقائد المم الخرى وقع الشرك
بأنواعه تت مسمى التوحيد والسلم ,وحلّت العقائد النحرفة مكان العقائد الصحيحة,
وأصبح السلمون لغفلتهم وبعدهم عن حقيقة السلم يتصورون أن ما لديهم من العمال
67
والعقائد الدخيلة على السلم هي السلم الصحيح ,وصاروا يعدّون كل ما يدعو إليه
السلم والعودة لا كان عليه السلف كافرا.
[ نبذة عن الصابئة ]:
أساس مذهب الصابئة يقوم على عبادة الروحانيي واللئكة بينما يقوم مذهب النفاء
على أساس عبادة ال وحده ،كما سيأت توضيحه قريبا.
تدعي الصابئة بأن مذهبهم هو الكتساب ،والنفاء يقولون :مذهبنا مبن على الفطرة،
والراد بالكتساب هنا :أن يعرف الدين بالدليل ،فمثلً :تقول الصابئة -ف مسألة البدأ
والعاد والفضيلة -إذا قام الدليل على هذه المور قبلناها ،وإل فهو فاسد ،ويقول النفاء
الدين يقوم على الفطرة والعقائد الدينية ينبغي أن تصدقها الفطرة ،وكل ما هو خارج عنها
فل يُعدّ دينا ،يقول ال تعال( :فأقم وجهك للدين حنفيا فطرة ال الت فطر الناس عليها ل
تبديل للق ال ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس ل يعلمون) ( ،)30/29هذه الية صرية
ف أن النسان خلق مفطورا على التوحيد وعلى إدراك القائق وأن النسان خلق ف ناية
السن ،والستقامة (لقد خلقنا النسان ف أحسن تقوي) (.)95/5
والروج عن الفطرة يكون بسبب تَأثّر النسان بؤثرات كثية كأثر الرب والعلم
وتقليد الباء وتأثي الجتمع وغي لذلك ،فهذه العوامل هي الت أخرجت الناس عن الفطرة
والشريعة ،والقصد الساسي من بعثة الرسل هو إعادة الناس إل الفطرة الصحيحة وإزالة
الوانع وآثارها الت لوثت فطرة البشر.
يقول بعض الشيوخ :النسان يأخذ مذهبه من ثلثة:
الول :مذهب والديه ومتمعه.
والثان :مذهب السلطان واللك فإن كان اللك عادلً صار أكثر أهل الولية عادلي،
وإذا كان ظالا صاروا ظلمة ،وإذا كان زاهدا صاروا زهاد ،وإذا كان حكيما صاروا
حكماء ،وإذا كان سنيا صاروا سنة ،وإذا كان شيعيا صاروا شيعة ،والسبب الواضح لذلك
أن كل واحد يريد التقرب من اللك ويسعى لنيل مبة اللك له ،ولذا قيل( :الناس على دين
68
ملوكهم).
الثالث :مذهب الصديق والصاحب :فكل واحد يصادق شخصا يتأثر بذهبه ,وهذا
معن قولم (من لزم الصحبة الشابة ف الارج والوافقة ف الداخل) ,وهذا أيضا معن
الديث الشريف( :الرء على دين خليله).
عن الرء ل تسأل وأبصر قرينه فكل قرين بالقارن يقتدى
()1
النفس تأخذ عادة جليسها..فكن على حذر من مالسة البيث
إذا مر الواء بكان منت ..فسدت رائح الواء(.)2
الصابئة تنقسم إل أربع فرق:
الفرقة الول :أصحاب الروحانيي(.)3
تقول هذه الفرقة :إن للعال صانعا وخالقا ،وهو قيوم مقدس عن الدوث والزوال.
[ويقولون] هذه الذات أعلى وأجل من أن نعبدها مباشرة ،ويَدّعون بأن ال تعال بعيد
عن عباده ،ويقولون :العباد بسبب نزولم إل عال الطبيعة والشهوات ل يقدرون أن ينالوا
القرب من ال والزلفى إليه فل بد من وجود وسائط بي ال واللق وهم الروحانيون،
وقالوا :هذه الوسائط ف زعمهم موجودات ف العوال الفوقية الذي هو عال الروحانيي
البحت ،فهم مقدسون من الواد والقوى السمانية ومنهون من الركات الكانية
والتغييات الزمانية وهم ف جوار رب العالي ومبولون على التقديس والتمجيد والتعظيم
والتسبيح الدائم.
وهذه الوسائط كما سيأت بيانه غي الوسائط الت يؤمن النفاء بأنم وسائط ف الداية
وتبليغ الق كالنبياء.
69
كما كانوا يقولون :إن الروحانيي آلتنا وأربابنا وهم وسائط بيننا وبي رب العالي
فينبغي أن يتوسل بم إل ال ويُطلب الرزق والياة والصحة وسائر الشياء الخرى من
هؤلء .والروحانيون هم الدبرون لذه الكواكب والحركون للفلك ،والروحانيون سبب
خلق النباتات والمادات واليوانات ويؤمنون بأن هؤلء الروحانيون هيكل الكواكب
ونسبة الروحانيي للكواكب مثل نسبة الروح للبدن.
وتوضيح ذلك أن لكل روحان هيكل خاص ولكل هيكل فلك ,ويدعون أن عاذيون
وهرمس قد وضعا أساس علم اليئة (الفلك) وأساء الكواكب السيارة وتقسيم البوج.
الفرقة الثانية :أصحاب الياكل.
هذه الفرقة قالت وافقت أصحاب الروحانيي ف قولم (إن النسان متاج لواسطة مع
الله) لكنهم قالوا :اللئكة والروحانيون ل يُرون بالعي ونن نتاج إل وسائط نراهم
بعيوننا حت نستطيع أن نتوجه إليهم ونصّل أسباب التقرب إليهم ،ث قالوا :فلنجعل النجوم
الُشاهدة -ويسمونا الياكل السيارة السبع -وسيل ًة وواسطة.
ينبغي أن يُعلم أن لعبادة النجوم أسس هي:
أولً :أن لكل واحد منها موقع ومنل.
ثانيا :معرفة مطالعها ومغاربا.
ثالثا :التصال بكل واحد من الياكل حسب ما يوافق طبيعته.
رابعا :تقسيم اليام والليال والساعات عليها.
خامسا :تقدير الصور والشخاص والقاليم والمصار عليها.
ث قاموا بعمل الواتيم وتعلموا العزائم والدعوات الاصة بكل هيكل(نم) ،فمث ً
ل
صصّوا يوم السبت لزُحل وجعلوا له الساعة الول من نفس ذلك اليوم ،فكانوا يتختمون
خّ
بات على صورة (زُحل) ويلبسون لباسا خاص به ويتبخرون ببخورا يناسبه ,كما ينشغلون
بطلب حاجات خاصة يعتقدون أنا من خصائص زحل ,وهكذا سائر الكواكب كان لكل
70
واحد يوم معي وساعة معينة وبور ولباس وخات مصوص وعمل مدد.
فإذا تأمل السلم ما مضى علم أن التبك بالوات من بقايا عبدة النجوم وللسف صار
التبك به مؤخرا شعارا لهل التقوى .ولن هذه الفرقة تصل إل الطلوب عن طريق
الوسائط صاروا يطلقون عليها اسم (إله) و (رب) ويسمون ال تعال( :رب الرباب وإله
اللة) وبعضهم كان يعتقد بأن الشمس (إله اللة).
وكانوا يقولون إن التقرب لذه الياكل سببٌ للقرب من الروحانيي والتقرب إل
الروحانيي يؤدي إل القرب من ال .فالياكل عندهم أبدان للروحانيي ونسبتهم إليها كنسبة
الروح بالسد .فالياكل حيّة بياة الروحانيي فتكون (الياكل) هي صاحبة الياة ومدركة
الكليات والزئيات والروحانيون يتصرفون ف الياكل كما نتصرف ف أبداننا ول شك بأن
القرب من الشخص هو القرب بالروح وبناء على هذه العقائد كانوا يرتبون هذه الثار.
ومن علوم هؤلء الطلّسمات( )1والتنجيم والعزائم والسحر والكهانة ,وقد بقي جزء
من هذه العقائد والعلوم لدى بعض السلمي.
ومن خلل ما سبق نعلم بأن العقول العشرة الت ذهب إليها هؤلء الروحانيون من
الصابئة وغيهم هي نفس ما صار فلسفة السلم يعتقدون با وهذه العقيدة الشركية
وردت ف فلسفة الصابئي وللسف َقبِل فلسفة السلم هذه العقيدة الشركية واعتقدوا أنا
التوحيد والعبودية ،واليات الواردة ف القرآن الكري الت تنفي شفاعة اللئكة وتشي إل
بطلن عقيدة عباد النجوم كما يقول تعال( :وكم من ملك ف السماوات ل تغن شفاعتهم
شيئا) (.)53/27
الفرقة الثالثة :أصحاب الشخاص.
وقالت هذه الفرقة :إن النجوم الت اختارها أصحاب الياكل الروحانيي ل ترى ف
كل وقت ،فهي أحيانا تكون طالعة وأحيانا آفلة ،قالوا :فليُنصب لكل هيكل (نم) من
() ال ّطَلسْم وال ّطّلسِم( :ف علم السحر) خطوط وأعداد يزعم كاتبها أنه يربط با روحانيات الكواكب العلوية بالطبائع 1
السفلية للب مبوب أو دفع أذى ،وهو لفظ يونان لكل ما هو غامض مبهم كاللغاز زالحاجي( .العجم الوسيط ص
)562
71
الياكل السيارات أشخاصا (أصنام) حت تكون ظاهرة لنا ف كل الحوال لن أراد أن
يعكف عندها لطلب الاجة منهم ،وقالوا :إننا نتوسل بؤلء الشخاص لنتقرب إل الياكل
والذي يقربون إل الروحانيي ،وف النتيجة يصل التقرب إل ال سبحانه وتعال ،وهذه الية
تشي إل هذا العن (ما نعبدهم إل ليقربونا إل ال زلفى) (( ،)39/5وهؤلء شفعاؤنا عند
ال) ( ،)10/20وتطبيقا لذه العقائد بنوا معابد للصنام ووضعوا لكل هيكل صنما،
وكانوا يراعون ف استدعاء الاجات خصائص النجوم من جهة الوقت والساعة والدرجة
والدقيقة واليوم ،ولكل هياكل ساعة خاصة ،وخات خاص ولباس وعزائم تناسبه ،والياكل
الت بنوها كانت بأساء الواهر العقلية الروحانية وأشكال الكواكب السماوية ،مثل هيكل
العلة الول ،هيكل العقل ،هيكل الضرورة ،هيكل النفس ،هذه كانت بشكل الدائرة ،وكان
هيكل زحل ذي ستة أضلع ،وكان هيكل الشتري مثلثا ،وهيكل الريخ مستطيلً ،وهيكل
الشمس كان ذا أربعة أضلع وهيكل عطارد كان مستطيلً بي أضلع ثلث ،وهيكل
الزهرة كان ذي ثلثة أضلع بي أربعة أضلع ،وهيكل القمر كان ذا ثانية أضلع.
الفرقة الرابعة :اللولية.
وساهم ابن بطوطة وسائر الؤرخي (الرّانية) ،هذه الفرقة كانت تقول:إن ال معبود
واحد ،وهو خالق الجرام والفلك والنجوم ،ويؤمنون بأن النجوم مدبرة للعال السفلي،
وكانوا يعتقدون بأن النجوم السبع حيّة وناطقة وأن النجوم هم آباء الواليد الثلثة من جاد
ونبات وحيوان ،وكانوا يفترضون بأن العناصر الربعة (الاء ،والتراب والنار والواء) هي
أمهات الواليد الثلثة ،وكانوا يقولون إن ال تعال ظهر وتلّى ف الكواكب السبعة،
وتشخص بأشخاص الكواكب من غي أن يصل تعدد ف ذاته ،كما يؤمنون أنه تعال يلّ ف
أجسام الشخاص ويصي هذا الشخص إلهً للبشر ،ويؤمنون بأن ال تعال ل يلق الشرور
والقبائح ف الوجودات السفلية بل توجدت هذه الشياء من خلل اتصال نوم النحس
والسعد واجتماع العناصر الطاهرة والكثيفة.
هذه خلصة عقائد فرق الصابئة الذين كانوا يعبدون النجوم والصنام ،ويرون أن
النجوم لا تأثي تام ،وكانوا يعتقدون لليام سعدا ونسا ،ويرون الفصوص والحجار ذات
72
تأثيات روحية ومعنوية ،وكانوا يعتقدون أنا مؤثرة ف العنويات.
وقد بعث ال تعال شيخ النبياء إبراهيم الليل عليه الصلة والسلم لداية قومه من
الصابئة ،فناظر عبدة الياكل وناظر عبدة الصنام عدّة مناظرات ،ونن نقدّم مناظرة إبراهيم
عليه الصلة والسلم مع الصابئي بشكل متصر للقرّاء.
مناظرة إمام النفاء إبراهيم عليه الصلة والسلم مع الصابئي
يقول تعال( :وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه نرفع درجات من نشاء إن ربك
حكيم عليم) ( ،)6/84أقام إبراهيم عليه السلم أولً الجة على (الفرقة الثالثة) أصحاب
الشخاص ومنهم آزر ،وهو (أباه) ويقال بأنه كان (عمّه) ,وكان يُع ّد أعلم هذه الفرقة،
وكانت كل مراسم عبادة الصنام وأمور العبد بيده ،ولذا السبب كان إبراهيم عليه السلم
يناظره ف أوقات كثية ،يقول ال تعال( :وإذ قال إبراهيم لبيه آزر أتتّخذ أصنام آلة إن
أراك وقومك ف ضلل مبي) ( ،)6/75ويقول تعال ف سورة مري( :إذ قال لبية يا أبت ل
تعبد ما ل يسمع ول يُبصر ول يغن عنك شيئا) ( ،)19/44ياطب إبراهيم عليه السلم
أباه قائلً له :يا أب ل ل تنظر ببصيتك إل خلقتك ،كيف جُعلت أشرف الخلوقات،
وكيف صرت متعدلً ف خلقتك ،وفطرتك بيث ظهرت عليك أحسن الثار السماوية،
والنوار العلوية والسرار اللكوتية ،وكيف جُعلت سيعا بصيا ،تنفع غيك وتضره .أل
تسأل نفسك كيف يتصرف فيك مّسم (صنم) من صنع يدك ،وهو بل سع ول بصر ول
ينفعك ول يضرك ،بل ل يغن عنك شيئا( .أتعبدون ما تنحتون وال خلقكم وما تعملون) (
،)95-37/94أليس فاقد الشيء ل يعطيه؟
ولا وضح له بالدلئل البيّنة والجج الباهرة أن هذه الصنام الت يصنعها ل تستطيع أن
تكون واسطة وشفيعة له عند رب الرباب قال( :يا أبت إن قد جاءن من العلم ما ل يأتك
فاتبعن أهدك صراطا سويا * يا أبت ل تعبد الشيطان إن الشيطان كان للرحن عصيا) (
،)46-19/45ل يقبل آزر هذه الكلمات وقال( :أراغب أنت عن آلت يا إبراهيم لئن ل
تنته لرجنّك واهجرن مليا) ( ،)19/48حينما ل تؤثر الجة العلمية ف آزر وأتباعه أقام
إبراهيم عليه السلم البهان عمليا فقام بكسر الصنام ،يقول تعال( :قالوا أأنت فعلت هذا
73
بآلتنا يا إبراهيم قل بل فعله كبيهم هذا فسألوهم إن كانوا ينطقون) (،)65-21/64
استطاع إبراهيم عليه السلم أن يفحم أتباع آزر عن الجابة عن دليله وبرهانه ,فلجأوا إل
طريقة الهال حي يبُهتون عن الجة مع الصم فيسعون ف إذيته ،ومنهم آزر حي ل يد
جوابا لجة ابنه بدأ بالخاصمة (لئن ل تنته لرجنك)(.)19/48
إبراهيم عليه الصلة والسلم الذي أراه ال ملكوت الكوان وأسرار العالي كما يقول
تعال( :وكذلك نُري إبراهيم ملكوت السماوات والرض وليكون من الوقني) (،)6/76
ناظر أيضا أصحاب الياكل ،لكن بطريق اللزام والماشاة مع الصم والجادلة بأحسن
أسلوب حيث أوحى لم بأنه سيتخذ النجوم معبودا (فلما جنّ عليه الليل رأى كوكبا قال
هذا ربّي فلما أفل قال ل أحب الفلي)( ،)6/77فكل ما يزول وهو عرض ًة للتغيّر والنتقال
فل يصح أن يكون بنلة الله لنه يتغيّر وكل متغي يتاج إل مُغيّر ،كما أنه ل يصح أن
يكون وسيطا أو شفيعا لن صفة الفول والزوال تُخرجه عن ح ّد الكمال.
وبناءً على هذا رأى بعض الصابئة اتاذ الجسمات -الصنام -كما سبق ،لن الفول
يتنع معها التوجه إل النجوم ،ولذا جعلوا أشخاصا قائمي مقام الياكل ،كما م ّر بالتفصيل.
واستدل عليهم إبراهيم عليه السلم با كان بعضهم يعترف به ف الملة ،وهذا أبلغ ف
الحتجاج ،بأن يعل بعض مسلّمات الصم دليل عليهً.
ولا أعرض إبراهيم عليه السلم عن الكواكب رأى القمر بازغا مضيئا ف غاية الضوء،
(فلما رأى القمر بازغا قال هذا ربّي فلما أفل قال لئن ل يهدن رب لكونن من القوم
الضالي) (( )6/78فلما رأى الشمس بازغة قال هذا رب هذا أكب فلما أفلت قال يا قوم
إن بريء ما تشركون) ( ،)6/79آخر المر حي أغلق إبراهيم عليه السلم عليهم كل
أبواب العذر عليهم قال( :إن وجهت وجهي للذي فطر السماوات والرض حنيفا وما أنا
من الشركي) ()6/80
(وكأن الليل يقول لم :ال بلله وحده هو الباقي بل حدود ..وكل أحد غيه فهو
فان مفقود(( ..كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو اللل والكرام)) .أنتم تعبدون
74
الشمس بكل تذلل وانكسار مع أنا ل تضيء لكم إل بأمر الواحد القهار ,فأي حاقة
جعلتكم ترفعونا إل مقام الله البار..
تأملوا ف حالكم إذا كسفت الشمس ماذا تفعلون؟ ولن تلجئون؟! حينها ل تتضرعون
إل ل وحده بأن يعيد لكم ضوءها.
هذه الشمس الت تدعونا أين هي وقت السحر حي تقع كثي من الوادث والصائب
فل تدونا أمامكم لتلجئون لا)(.)1
وبذا كان إبراهيم الليل عليه السلم قد أوضح التوحيد القيقي وبيّن أن الدين
النيف هو الفطرة وأن الؤثرات السماوية والرضية ليست فاعلة حقيقية بل ال الق هو
خالق الوجود ،وليس غيه مؤثرا ف اللق.
ولا كان (حبّ الشيء يُعمي ويُصمّ) فإن قوم إبراهيم عليه السلم عجزوا عن الواب،
واعترفوا بأن أصنامهم ل تنطق ل يقدروا أن يتركوا عاداتم الذمومة الت اعتادوا عليها منذ
سني (ث نكسوا على رؤوسهم لقد علمت ما هؤلء ينطقون) ( ،)21/67يقولون :فلماذا
تأمرنا بالسؤال؟ بعدها أسعهم إبراهيم عليه السلم توبيخا فقال( :قال أفتعبدون من دون ال
ف لكم ولا تعبدون من دون ال أفل تعقلون)(،)21/69 ما ل ينفعكم شيئا ول يضركم أُ ّ
ولا ل يبق لم عليه السلم مالً للكلم رجعوا إل شيمة الاهلية مسجّل علماء القوم تكفي
إبراهيم عليه السلم وقرروا بأن جزاءه التحريق حت ل يتعرف الريدون على هذا السر الذي
جاء به الليل (قالوا حرّقوه وانصروا آلتكم إن كنتم فاعلي) ( )21/69فأقر النمرود بأن
يطبق حكم القضاة فأوقدوا النار ورموا رسول ال ف النار ،لكن ال النان ل يترك رسوله ف
النار ،وجعلها جنة لليله (قلنا يا نار كون بردا وسلما على إبراهيم وأرادوا به كيدا
فجعلناهم الخسرين ونيناه ولوطا إل الرض الت باركنا فيها للعالي) ()72-71-2/70
(ل تأكل النار إبراهيم عليه السلم لن ال تعال اصطفاه..فهيهات أن تأكله النار ..ل
تكن النار موصدة على إبراهيم عليه السلم ..بل تولت إل قلب النمرود فأكلته هكذا كل
() هذا معن بعض البيات الت ذكرها الؤلف بالفارسية. 1
75
نرودي ياف من كل إبراهيمي..
احرص أن تكون روحك مثل روح الليل عليه السلم حت ترى النعيم ف وسط
التنكيل ونار القمع والتضيق حينها ستسمو روحك فوق ما يعبدون من شس وقمر..وستبلغ
روحك السماء السابعة لن شعارك مثل إبراهيم (ل أحب الفلي) ..إذا كنت عارفا مثل
الليل عليه السلم فهنيا لك بالسلمة من النيان)(.)1
ولنا حول مناظرة إبراهيم عليه السلم بعض الكلمات ل بد منها وهي:
الول :قال إبراهيم عليه السلم( :بل فعله كبيهم هذا فاسألوهم إن كانوا ينطقون) (
،)21/65قد يقال ظاهرا هذا من الكَذَب ،لن التكسي ل يكن من فعل الصنم الكبي ،ول
يسُن لبراهيم عليه السلم وصف الكذب لن ال يقول( :واذكر ف الكتاب إبراهيم إنه
كان صدّيقا نبيا) ( ،)19/43والواب أن إبراهيم عليه السلم كان قد قال (وتال لكيدنّ
أصنامكم بعد أن تولّوا مدبرين) ( ،)21/59فيظهر من هذا التهديد أنه كان ف مال
النكار .كما قال القوم (قالوا من فعل هذا بآلتنا إنه لن الظالي قالوا سعنا فت يذكرهم
يقال له إبراهيم قالوا فأتوا به على أعي الناس لعلّهم يشهدون) (،)63-62-21/61
وعندما أخذوا العتراف من إبراهيم عليه السلم سألوه بطريق الستفهام النكاري (قالوا
أأنت فعلت هذا بآلتنا يا إبراهيم) ( ،)21/64قال إتاما للحجة وتنبيها لم (بل فعله
كبيهم هذا فاسألوهم إن كانوا ينطقون) ( ،)21/65وأسند تكسي الصنام الصغية إل
الصنم الكبي على شرط النطق ،وهذا الكلم أثر قليلً ف نفوس القوم كما يقول تعال:
(فرجعوا إل أنفسهم فقالوا إنكم أنتم الظالون) (.)21/66
المر الثان :أن إبراهيم عليه الصلة والسلم قال ف الواضع الثلثة (هذا ربّي) ،لو قال
هذا حقيقة منه فيلزم منه أن يكون من الصابئة ،والحتمال الثان أنه ل يزال ف مال البحث
والجتهاد ف الوصول إل القائق ،وهذا ل يناسب مقام الرسالة ودعوة الناس ،والحتمال
الثالث أن يكون كذب عليه السلم.
() هذه ترجة لعان أبيات فارسية ساقها الؤلف ف الصل. 1
76
ونيب عن هذا با يلي:
ذهب بعض العلماء إل أن كلم إبراهيم عليه السلم كان على سبيل الستفهام
النكاري ،حيث أنكر كون النجوم رّبا حقيقيا.
والتحقيق أنه قال ذلك على طريق الماشاة مع القوم مظهرا للدخول ف دينهم ،وبعد
ذلك استدل بالفول حت يكون أقرب للستجابة ،كما يقول ال تعال( :وتلك حجتنا
آتيناها إبراهيم على قومه) ()6/84
(هذه الطريقة لرشاد من ضل ف الفاوز
أما من يعرف الق فل يصلح له إل الستشهاد الصريح
أل ترى كيف يعلم الب الولود الديد فيقول "ت ت"
هكذا كثي من الناس نتلطف بم مثل الطفال ف النصيحة والتعليم)(.)1
ومن خلل هذه القدمات نعلم أن القول بتأثي النجوم ،اعتقاد َسعْد أياما ونَحس أياما
أخرى هو عقائد الصائبة ،ولن خات النبياء ممد صَلّى اللّ ُه عََليْهِ َوسَلّ َم هو خات النفاء،
فقد َمنَع من هذه العقيدة منعا أكيدا وجعل اليان بأثر التنجيم حراما وعدّه من الشرك بال
تعال.
جاء ف الديث الصحيح عن النب الكري صَلّى اللّ ُه عََليْ ِه َوسَلّمَ( :من صدّق منجّما أو
كاهنا فقد كفر با أُنزل على ممد صَلّى اللّ ُه عََليْهِ َوسَلّمَ)(.)2
وروى نضر بن قابوس عن المام الصادق عليه السلم( :فإن النجم ملعون والكاهن
ملعون والساحر ملعون)(.)3
وف نج البلغة أنه عليه السلم لا أراد السي إل بعض أسفاره فقيل له يا أمي الؤمني
إن سرت ف هذا الوقت خشينا أن ل تظفر برادك (كما يدل عليه علم النجوم) فقال (ع)
1
() هذا ترجة وشرح لا ساقه الؤلف ف بعض البيات بالفارسية.
)( 2انظر :مسند أحد ،2/429البيهقي ف السنن ،8/135وانظر :الكاسب للنصاري 1/205والعتب 2/688
)( 3منهاج الفقهاهة لحمد صادق الروحان 1/315
77
خوّف من الساعة الت من سار أتزعم أنك إل الساعة الت من سار فيها صرف عنه السوء ،وتُ َ
فيها حاق به الضر؟ فمن صدّق بذا القول فقد كذب القرآن ،واستغن عن الستعانة بال
تعال ف نيل الحبوب ،ودفع الكروه ،إل أن قال :أيها الناس إياكم وتعلّم النجوم إل ما
ُيهْتدى به ف برّ أو بر فإنا تدعو إل الكهانة ،والكاهن كالساحر ،والساحر كالكافر
والكافر ف النار(.)1
وقريب من هذا الديث ما وقع بعينه بي المام علي عليه السلم وبي منجم آخر ناه
عن السي فقال أتدري ما ف بطن هذه الدابة ذكر أم أنثى؟ قال :إن حسبت علمت .قال
(ع) :فمن صدّق بذا القول فقد كذب بالقرآن (إن ال عنده علم الساعة وينـزل الغيث
ويعلم ما ف الرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض توت إن
ال عليم خبي) ما كان ممد صَلّى اللّ ُه عََليْ ِه َوسَلّمَ يدّعي ما ادّعيت ،أتزعم أنك تُهدى إل
الساعة الت من سار فيها صرف عنه السوء ،والساعة الت من سار فيها حاق به النصر من
صدّقك بذا استغن عن الستعانة بال ف هذا الوجه ،وأحوج إل الرغبة إليك ف دفع
الكروه عنه(.)2
كما روى عبد اللك بن أعي قال :قلت لب عبد ال (ع) إن قد ابتليت بذا العلم
فأريد الاجة ،فإذا نظرت إل الطالع ورأيت الطالع الشر جلست ول أذهب فيها ،وإذا رأيت
الطالع الي ذهبت ف الاجة .فقال ل :تقضي؟ قلت :نعم .قال :احرق كتبك(.)3
فعُلِم من هذه الحاديث الصحيحة أن العتقاد بالتنجيم شرك وكفر ،ولن الوضوع
دقيق جدا وابتلي كثي من الناس بذا الشر وهذه العقيدة الت هي سبب للشقاء واليبة،
والوف من غي ال ،ورجاء غي ال تعال ،فينبغي أن نفصّل هذا المر الشركي حت يتضح
الطلوب اتضاحا أكثر.
النجوم على أقسام :طبيعيات ،حسابيات ،وهيات.
78
علم النجوم الطبيعي (طبيعيات) :وهو البحث ف التأثي الطبيعي للشمس والنجوم على
وجه الرض ودورهم الوادث الطبيعية ف هذا العال ،وهذا شيء ل يُنكر ألبته .فكما هو
مشاهد أن للشمس تأثي ف إنبات النبات ،وف ترتيب اليوان ،وتؤثر أيضا ف الدن ،وطبيعة
أهاليها .كما أن تعرضها لبعض النواحي قويا فتكون طبيعة تلك النواحي ضعيفة ،وألوانم
سوداء ،وصفراء مثل النوبة والبشة ،وشقراء وبيضاء إذا كان تعرضها لناحية أقل ،مثل
التركستان .فالتأثي الطبيعي للشمس والقمر والنجوم أمر موجود .والقول بالتأثي الطبيعي
ليس موضوع بثنا أي حال ،وليس العتقاد به من الشرك.
علم الساب الفلكي (حسابيات) :كأن يسب النجّم ويب عن الكسوف
والسوف ،ول يطئ ف أكثر الوقات أيضا ليس العتقاد واليان بذه السابات موجبا
للشرك.
علم الوهام (وهيات) :هو العتقاد بالتأثي الوهي للنجوم ،مثل أن يقولوا بسب
النجوم الفلنية فإن عمر فلن كذا ،أو ستزيد ثروته ،أو يفتقر ،أو يصي وزيرا ،أو أن الولد
الذي ف بطن هذه الرأة سعيد أو شقي أو يصي عالا أو جاهلً ،أو أن اليوم كذا حسن
لزيارة اللوك أو الساعة الفلنية طيبة للزواج البارك أو اليوم الفلن طيّب لكل الدواء ،يوم
كذا طيب للفصد أو اليوم الفلن مبارك للخضاب أو الذهاب إل المام أو وضع الكرسي
وتغيي النل مثل السفر ف النهار أو البناء وغيها ،وأمثال هذه الوهام ،وكل هذا ما نُهي
صلّى اللّ ُه عََليْ ِه َوسَلّمَ وعدّ الشرك بال تعال باعتباره اعتقادا
عنه و ُحرّم ف شرع خات النبيي َ
وهيا للنجوم .هذا هو الراد لا ذُكر ف الخبار الصحيحة.
والعقل يالف هذا التأثي الوهي ويصدق ما جاء به الشرع تصديقا كاملً ،لنه يتنع
أن يتطرق علم البشر لحوال جيع النجوم ،وتأثياتا لن عدد النجوم غي مدود ،والعلم
بغي الحدود متنع ،واليوم مع وجود التلسكوبات القوية يقول علماء الراصد يوجد فوق
(مرتنا) مرات أخرى ،ومع أدواة الرصد الوجودة ل يكن الحاطة با.
فعجبا كيف يكن للبشر مع عدم علمهم بميع أحوال النجوم أن يكموا من خللا
على مستقبل العال والفراد الوجود فيها؟ ما هذا إل ضلل مبي.
79
من جهة ثانية يشتمل علم النجوم على أصول يضحك منها العقل ،فالعاقل ببديهته
يكم أنه ل يوجد ف السماء حل ول ثور ،ول حيّة ول عقرب ،ول دب وكلب وتنّي،
والتقدمون لا قسموا الفلك إل اثن عشر قسما وأرادوا أن يعيّنوا لكل واحد علمة شبّهوها
بصورة حيوانية ،مع أن هذه الشابة كانت بعيدة جدا ،لكن علماء التنجم فرّعوا على هذه
الساء والرسومات الوهومة تفريعات ،وقالوا إن الصور السفلية مطيعة للصور العلوية،
فجعلوا العقارب ف الرض تابعة للعقرب الفلكي ،والفاعي مطيعة لصورة التني الفلكي،
والسد تابعا للسد الوهوم الفلكي ،والذي يعرف كيف وضعت هذه الساء يضحك من
هذه القوال ويتبيّن له كذب علماء التنجم.
علوة على هذا فليس لذا العلم طريق خاص بل هو مبن على التقليد الحض ،وهذا
التقليد غي متّسق ،فلكل فريق قول يالف قول الفريق الخر ،كما أن البابليّي كان لم
مذهب خاص ،وللفرس مذهب خاص ،وللهنود طريق ثالث ،ولغيهم مذاهب أخرى.
ولو رجعنا إل التأريخ لوجدنا أن النجّمي قد أخبوا عن كثي من الوادث الت ظهر
فيها كذبم:
ترك أمي الؤمني (ع) ف سنة 37هـ لحاربة أهل الشام ،وأخبَ جيع النجّمي أن
عليا (ع) ُي ْقتَل ف هذا الرب ،ويلقى هزية شديدة ،وقد اتضح كذبم وتغلب جند علي
(ع) على أهال الشام ،ول يتخلصوا إل بيلة عمرو بن العاص ،حي حلوا القرآن على
رؤوس الرماح.
كذلك قال النجمون ف حرب الوارج أيها المي للمؤمني القمر ف برج العقرب
فإذا تركت ستهزم ,فقال (ع) تركوا متوكلي على ال ،فتحرك وانتصر.
وقال النجمون ف سنة 67هـ لعبيد ال بن زياد إن حاربت الختار فستفوز بالفتح
عليه ،فتحرك عبيد ال بن زياد مع ثاني ألف فف ّر وتقدم إبراهيم بن مالك أيضا بألف رجل
مارب من قبل الختار ،فواجه الند ف أرض نصيبي ،وقُتل من أصحاب عبيد ال ثلثة
وسبعون ألف شخص ،ول يتجاوز من ُقتِل من جند إبراهيم بن مالك مائة شخص ،وقتل ابن
80
مالك عبيد ال ف العركة.
وف عام 146الجري لا انتهى بناء بغداد اتفق النجمون على أن طالع هذا البناء
يكم أو ًل بأنه يوت فيه خليفة وشاعت هذه العقيدة إل حد أن الشعراء قدّموا للمنصور
-الذي بن بغداد -التهنئ َة والتبيكات ,والذي وقع هو أن منصور مات ف طريق مكة ,ث
مات الليفة الهدي ف ماسبذان( ,)1ث مات الادي ف عساباد ،ث الرشيد ف طوس! هذه
العقيدة صارت مؤثرة كثيا مع مرور الزمن ،وبقي المر يالف النجمي إل أن قُتل الليفة
المي ف بغداد فظهر كذب النجوم بعد ذلك مات جيع اللفاء مثل الواثق والتوكل
والعتضد والكتفي والناصر أيضا ف بغداد ،ومثل هذه الدلئل الت تدل على كذب النجمي
كثية كذب النجّمي.
وإن قيل إن أهل التنجيم استدلوا على صحه طريقهم بالية الباركة (إنا أرسلنا عليهم
ريا صرصرا ف يوم نس مستمر) ( ،)54/18والية الشريفة( :فأرسلنا عليهم ريا
صرصرا ف أيام نسات) ( )41/16فلو قالوا :ف هاتي اليتي أشي إل يوم نس فيعلم أن
ف اليام سعد ونس.
نيب :أولً :أن يوم النحس بعن اليوم شديد البد ،والراغب الصفهان صرح ف
كتاب الفردات :أيام نسات يعن شديدات البد.
ثانيا :أن الزمان علّة متحركة وف ذاته التصرم والنقضاء ،وبشكل أوضح هو موجود
سيّال غي باق ،وهذا الوجود التصرّم فيه أجزاء منها دقيقة وساعة والليل والنهار والسبوع
والشهر والسنة والقرن والدهر وكل قطعة من الزمان توجد ث ل ترجع بعد ذهابا
وانقطاعها.
()2
قم فاغتنم الفرصة بي العدمي ما فات مضى وما سيأتيك فأين
ول يوجد الزء الثان من الزمان حت ينقطع الزء الول منه .فمثلً :ل يوجد الحد
1
() قرية قريبة هيت من توابع الكوفة.
)( 2انظر نج السعادة للشيخ سعدي 3/17وقد نسب الظاهري هذا البيت لعلي بن أب طالب رضي ال عنه (انظر
الفضائل والرذائل )71
81
حت ينعدم يوم السبت ،وذات الزمان الذي حقيقته سيالة ل يتصور فيه السعد والنحس
لنقول هذا القطعة نس وهذه القطعة سعد أو هذه مباركة وهذه غي مباركة ،لكنّ أجزاء
الزمان تصي سعدا أو نسا بسب الوادث الت تقع فيها ،فمثلً شهر رمضان صار سعدا
لنول القرآن فيه.
الاصل :أن الوجودات والوادث تكون أحيانا سعدا وأحيانا نسا ،لكن الوجودات
الزمانية واقعة ف أفق الزمان .بذا السبب ينسبون سعدها ونسها إل الزمان ،والزمان ليس
علة للسعد والنحس ،ول يكن أن يقال إن اليوم الفلن نس و اليوم الفلن سعد ،أو اليام
لا تأثي ف الوادث .ما هذا إل ضلل مبي.
ومعن الية الباركة( :إنا أرسلنا عليهم ريا صرصرا ف يوم نسن مستمر) (
)54/18هذا النحس ملزم لكل مكذّب بالرسل ،وصفة النحس مستمرة معه ،ومن يظن
أن النحوسة صفة ليوم ما كم يظن ذلك ف آخر أربعاء من شهر صفر فقد أخطأ ف فهم
القرآن .فسعد اليام ونسها بسب ما يقع فيها من العمال ،فأعمال السعادة ف موافقة
الرسل ،ونس العمال ف مالفة الرسل ،واليوم الذي يصدر فيه عن النسان عمل صال
فذلك يومُ سعدٍ ،وإذا صدرت عنه أعمال رذيلة فهو يوم نسٍ ،كما أن يوم بدر كان سعدا
للمؤمني ونسا للمشركي ،وأي يوم صدر فيه عن النسان عمل صال فهو سعد ولو كان
اليوم الثالث عشر أو يوم الربعاء الخر من شهر صفر .كما أن أي يوم صدر فيه عن
النسان عمل سوء فذاك يوم نس ،ولو كان يوم عيد النيوز .أعاذنا ال من شرور أنفسنا.
82
من أنواع الشرك الصغر :التطي والتشاؤم
يقول ابن الثي ف النهاية :طِيَرة ،بكسر الطاء وفتح الياء ،التشاؤم بشيء ،وهو مصدر
تطيّر ،مثل تيّر ِخيَرة.
أصل التطي :أنه كان ف الاهلية إذا أراد أحد سفرا أو تارةً أو غيها من العمال
آخر كان يُخرج من بيته دجاجة أو حيوانا وحشيا فإذا ترك ذلك اليوان إل الهة اليمن
فيسمونه سانح ،وإذا ذهب إل الهة اليسرى يقولون له بارح ،وإذا توجه إليهم فهو ناطح،
وإذا جاء من خلفهم فيقولون له قعيد ،فكانوا يتشاءم بالبارح ويتبكون بالسانح ،وكان
بعضهم على عكس ،واليوم وجد بيننا أناس يتفاؤلون أو يتشاءمون بأصوات البومة ،ولفظ
صلّى اللّ ُه عََليْهِ التطي وضع ف استخدامه الول ف التشاؤم بالطي ،وكما أن الرسول الكرم َ
َوسَلّمَ عال أمراض اجتماعية وخلقية للبشرية فقد عال أيضا هذا الرض الطي الذي ابتلي به
صلّى اللّ ُه عََليْهِ
كثي من الناس وهو التطي ،والذي يزداد انتشاره يوما بعد يوم ،كما قال َ
َوسَلّمَ (ذلك شيء يده أحدكم ف نفسه فل يصدّنكم) ،وف حديث آخر أنه صَلّى اللّ ُه عََليْهِ
َوسَلّمَ قال( :إذا تشاءمتم فاتركوا واذهبوا ل ينعكم تطيكم عن عملكم)(.)1
وليُعلم أن التطي ل حقيقة له وإنا يضر من يتوهه فقط ،وأما من ل يلتفت إليه فل
يضره شيئا ،وخاصة إذا دعا بذا الدعاء:
(اللهم ل طي إل طيك ول خي إل خيك ول إله غيك ،اللهم ل يأت بالسنات إل
أنت ول يذهب بالسيئات إل أنت ول حول ول قوة إل بال)(.)2
الطية والتشاؤم من صور الشرك ومن المور الت يلقيها الشيطان ويوسوس با
للنسان ،وكلما اعتقد النسان بالتشاؤم أكثر يكون تأثي الشيطان عليه أكب ،وبعكس ذلك
من ل يلتفت لذه الوهام.
83
تد التشائم قد سيطر عليه الوف من الكاره ،وفتح باب الوساوس على مصراعيه
فتح ف نفسه ،فهو يتشاءم بكل ما يرى ويسمع ،أو يتشاءم إذا خرج صباحا من البيت فرأى
أعمى أو مشلولً أو نو ذلك ،ويتشاءم يسمع بالكلمة السيئة يسمعها فيتطيّر با ,والنتيجة
أنه ف شقاء دائم ،فحاله كحال شخص موسوس ل يستفيد من العال الناصح ،ول يتوكل
أبدا على الق بل هو بعيد عن التوكل على الالق ،ومتمسكا بأسباب وهيّة وضعيفة ،وكل
من تكون هذه حالته فإن حياته ستكون كئيبة ،لنه يواجه النقم ول يعاجلها بالطريق
الصحيح ،فيكون كالذي يداوي الرمل باللح بدل الرهم ,ما يسبب له الضاعفات.
إن التشائم التطي حزين باستمرار ،ومتحي ويعيش ف ضيق دائم ،يبتعد عن كل أمر
يوسوس فيه ،ويتوهم الشؤم ف أمور كثية وهي ليست كذلك ,لذا ُيحْرَم من منافع كثية.
ولتعلم أخي القارئ أن التطي والتشاؤم من عمل أعداء النبياء والرسل ،يقول ال تعال
ف القرآن حاكيا مقالة منكري الرسل( :إنا تطيّرنا بكم لئن ل تنتهوا لنرجنّكم وليمسّنكم
منا عذاب إليم * قالوا طائركم معكم أئن ذكّرت بل أنتم قوم مسرفون) (،)19-36/18
وقال عن قوم فرعون( :فإذا جاءتم السنة قالوا لنا هذه وإن تصبهم سيئة يطّيوا بوسى
ومن معه أل إنا طائرهم عن ال ولكن أكثرهم ل يعلمون) ( ،)7/130كما يقول عن
صلّى اللّهُ عََليْهِ َوسَلّمَ (وإن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند ال وإن
أعداء رسول ال َ
تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك قل كل من عند ال) ( ،)4/81ففي هذه اليات الثلثة
من القرآن ينسب ال تعال التطي إل أعداء الرسل ،ويقول ف جوابه عن تطيهم بوسى عليه
السلم وقومه (إل إنا طائرهم عند ال) ،ويقول ف جوابه عن تطيهم بالرسول الكرم صَلّى
اللّ ُه عََليْهِ َوسَلّمَ (قل كل من عند ال) ( ،)4/81ويقول ف جواب تطيهم بالرسل (طائركم
معكم) (.)36/19
يقول ابن عباس رضي ال تعال عنهما ف تفسي قوله( :أل إنا طائرهم عند ال) (
)7/129طائرهم يعن ما ُقضِي عليهم وقُدّر لم عند ال ،وف رواية أخرى (يعن شؤمهم
عند ال ومن ِقَبلِه) .فكفرهم وتكذيبهم باليات ورسل ال هي عملهم الت هي عليهم وهي
مقدرة عند ال ،وهذا الشؤم حصل لم ف الدنيا بسبب العمال السيئة ،وهذا العن هو
84
الوارد ف قول ال تعال( :وكل إنسان ألزمناه طائره ف عنقه()17/15( ))1
تقول العرب :جرى له الطائر بكذا من الي والشر .ويقول أبو عبيدة :الطائر عند
العرب بعن الظ الذي يقال بالفارسي (بَخْت) تقول العرب هذا يطي لفلن .قال البعض
أيضا( :أل إنا طائرهم عند ال)( )7/129بعن شؤمهم عند ال ،وهي أعمال كتبت ف
سجل عملهم ويزيهم ال با.
هذا العن ل يناقض كلم الرسل الذين قالوا( :طائركم معكم) ( )36/19يعن
حظكم وما يصيبكم من خي وشر معكم وتستحقون لا بسبب أعمالكم وكفركم
ومالفتكم للناصحي ،فهذه ليست من عند النبياء والرسل وهم ليسوا سببا لا بل سببها
إعراضكم وعداوتكم للنبياء وطائر الظال معه ،وهو أيضا مكتوب عند ال كما يقول
تعال( :وإن تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك قل كلّ من عند ال فما لؤلء القوم ل
يكادون يفقهون حديثا) ( ،)4/81أي لو كانوا يفقهون ويفهمون ما جئت به من عند ال
ل يتطيوا ،لن ما جاء به رسول ال صَلّى اللّ ُه عََليْ ِه َوسَلّمَ خي مض ل يتصور فيه الشر ،فيه
صلح حال المة ول يتطرق إليه الفساد ،وهو حقيقة الكمة والعقل ،ول يوجد فيه عبث
بل كله رحة ،ول يتصور فيه الور ،فإذا كان هؤلء القوم أهل فهم ودراية فلن يتطيوا
بالي الحض ،والرحة الهداة ،لن التشاؤم من جهة البشر فقط بسبب الكفر والظلم
والشرك وأعمال الشرك والفعال السيئة الت رسخت فيهم وهذه مكتوبة عند ال ،مثل جيع
الظوظ الخرى الت هيئوها بأعمالم.
صلّى اللّهُ عََليْهِ َوسَلّمَ قال( :ل غول ول
روي جابر رضي ال تعال عنه أن رسول ال َ
طية ول شؤم)(،)2و عن عبد ال بن مسعود رضي ال تعال عنه أنه قال :قال رسول ال
صَلّى اللّ ُه عََليْ ِه َوسَلّمَ( :الطية شرك ،الطية شرك (قالا مرتي) ،وما منّا إل ،ولكن ال يذهبه
() قال بعضهم ف (وكل إنسان ألزمنا طائره ف عنقه) أن الطائر بعن العمل ،و ُخصّ العنق بإطلق العمل عليه لن العنق 1
مل الطوق الذي يعلقونه ف العنق فيكون ملزما له ،كما يقولون ذنب فلن ف عنق فلن.
() جاء عن أب عبد ال الصادق( :ل طية) [روضة الكاف ،196 :وسائل الشيعة ،]8/262 :وقال( :كفارة الطية 2
التوكل) [روضة الكاف ،198 :وسائل الشيعة]8/262 :
85
بالتوك) وف رواية أخرى أن (من ردّته الطية عن حاجته فقد أشرك)( )1وف رواية (من
أرجعته الطية ف حاجة فقد أشرك ،قالوا :وما كفارة ذلك؟ قال :أن يقول :ل طي إل
طيك )2()..كما سبق.
بناء على اليات والخبار الت سبقت نعلم أن التطي والتشاؤم من عمل الشركي وأنه
باطل .وصلى ال على سيدنا ممد وآله الطيبي الطاهرين.
العطسة من الشياء الت كانوا يتشاءمون با ف الاهلية
كان أهل الاهلية إذا سعوا عطسة امتنعوا عن العمل ،وإذا أرادوا الصيد يوما خرجوا
قبل استيقاظ الناس كيل تصدر عطسة عن أحد فتكون مانعة لم عن الذهاب إل الصيد.
وإذا صدرت العطسة من يبون كانوا يقولون (عمرا وشبابا) ،وإذا كانت العطسة من أحد
يبغضونه يقولون وريا وقحابا( ،)3وحي ما طلعت شس النبوة ف ساء جزيرة العرب أبطل
ال بواسطة رسوله هذه الوهام والرافات الاهلية ،ونى الناس عن التشاؤم والتطي
بالعطسة نيا صريا وشرع لم بدل التطي بالعاطس أن يطلبوا له الرحة ،ولا كان التشاؤم
بالعاطس خرافة شرع لم بد ًل منه الدعاء بلفظ الرحة ،وأُمر السامع أن يُشمّت ،ويطلب
الغفرة للعاطس ،والراد بالتشميت قول (يرحك ال) ،وقرأها بعضهم (التسميت) بالسي
الهملة بعن التكري والحترام.
الاصل أن التشاؤم بالعطسة كان من أمور الاهلية ،وقد أبطله السلم .قال النب
صَلّى اللّ ُه عََليْ ِه َوسَلّمَ( :إن ال يبّ العطاس ،ويكره التثاؤب ،فإذا تثاءب أحدكم فليستره ما
استطاع فإنه إن فتح فاه فقال آه آه ضحك منه الشيطان)( ،)4لن العطسة سبب للنشاط
والتثاؤب علمة للكسل والتكاسل.
86
التفاؤل مستحسن ومدوح
ينبغي للنسان أن يكون متفائلً ف حياته ويكون متوكلً على ال فيما يستقبل ،يقول
صلّى اللّ ُه عََليْ ِه َوسَلّمَ( :ل طية وأحب الفأل الصال)( ،)1ل شك بأن
الرسول الكرم َ
الرسول صَلّى اللّ ُه عََليْهِ َوسَلّمَ كان يب الفأل السن ،وقارن بي مدحه للفأل وبي ذمه
وإبطال التطي والتشاؤم ،كما ف الديث الصحيح الخر يقول رسول ال صَلّى اللّ ُه عََليْهِ
()2
َوسَلّمَ( :ل طية ويعجبن الفأل .قالوا :ما الفأل؟ قال :الكلمة الصالة يسمعها أحدكم)
فأبطل أو ًل التشاؤم والطية حت ل يتصور أن الرسول الكرم صَلّى اللّ ُه عََليْ ِه َوسَلّ َم يتطي ث
امتدح الفأل السن.
الفأل السن والتفاؤل ل دخل له بالشرك بأي وجه ،بل هو من طبيعة النسان
وفطرته ،فإن الطبيعة تيل إل كل ما يلئم الفطرة ،كما ورد ف بعض الثار أن الرسول
صَلّى اللّ ُه عََليْ ِه َوسَلّ َم كانت تعجبه وردة الناء والريان والعسل والاء البارد ،وكان صَلّى
اللّ ُه عََليْهِ َوسَلّمَ يب حسن الصوت بالقرآن ويستمع إليه ويب معال الخلق ومكارم
الشيم.
واللصة :كان صَلّى اللّ ُه عََليْ ِه َوسَلّمَ يب كل كمال وخي و يب كل ما يوصل
النسان إل الي والكمال.
وقد أودع ال تعال ف غرائز البشر الفرح والستبشار بسماع السم السن مثل اسم
العمل الصال والفوز والظفر والنجاح والسرور والعون والقدرة وأمثالا ،فبمجرد ساع
النسان لذه الساء يني قلبه وتشرق روحه وتقوى إرادته ,وإذا سع ضد ذلك تأثر وحزن
وحدث فيه شيء من الوف والنقباض ،فإذا انقاد لذا الفأل السيء وامتنع عن القدام
والعمل ،كان هذا التطي ضرر له ف الدنيا وسببا لنقص اليان بال ،وموجبا للوقوع ف
مالفة التوحيد.
إن إعجاب الناس بالساء السنة والكلم الطيب أمر طبيعي ،ومثله ف إعجابم
() مسلم ,7/33مسند أحد 507 1
)( 2انظر البخاري ,7/27مسلم ،7/33وانظر :ميزان الكمة للريشهري 3/2348
87
بالناظر الطبيعية والدائق الميلة ومناظر الياه واللوان الميلة والروائح العطرة والطعمة
اللذيذة ،وإعجاب النفوس بثل هذه النواع ل يكن دفعه ،بل هذا التفاؤل نافع للنسان
ومفيد له ،لنه يُفرح النفوس ويبعث فيها النشاط والروح وهذا ل يالف التوحيد.
وإن كان مأخذ الفأل والطية واحد ،لكن آثارها متلفة ،والفرق بينهما واضح ،لن
التفاؤل يكون با هو مبوب وحسن ،وبا هو مدوح ومستحسن بلف التشاؤم فإنه يكون
بالشيء الكروه والقبيح والذي تنفر منه النفوس ،وكان من عادة العرب أنم يغيّرون الساء
بعن أنم يبدلون الساء القبيحة بأضدادها من الساء السنة تفاؤلً بذلك ،فيسمون اللديغ
ل يتفاءلون أنه سيتوي ،كما يسمون الفلة سليما؛ تفاؤلً بالسلمة ,ويسمون العطشان ناه ً
مفازة ،رجاء الفوز بالسلمة فيها ،فيتضح من هذا أن التفاؤل والتيمّن عناصر هام لتكوين
شخصية النسان فينبغي أن يتفاءل بالشياء وينظر إل الدنيا بعي مباركة.
(أنا مطمئن لكل ما يقع لنه بتدبي ال ..وأحب كل العَالَم لن ال صنعه بنفسه..
هذه الدنيا مثل الرآة إذا نظرت إليها عابسا رأيتها عابسة أمامك ،وإذا نظرت فيها
سرّ.
طِلَق الوجه فتبدوا لك جيلة تَ ُ
النظيف يظهر ف الرآة نظيفا..كما أن التسخ يظهر ف الرآة متسخا)(.)1
ينبغي أن نتفاءل ف كل ما نستقبل وأن ننظر إل المور دائماَ بعي الرجاء والرحة ل
بعي اليأس ،والشخص التفائل فرح وراض عن ربه فيما مضى من حياته عموما ف كل ما
قدر سواء كان خيا أو شرا ,بل يثق بال ويرجو منه أن يكون ف مستقبله مؤديا للواجب
ومتابعا لعمله وآخذا بالسباب ،ويطلب حسن العاقبة من ال تعال.
التشاؤم ناشيء من ضعف الرادة وضعف القوة العصبية والعقلية ،وف هذه الالة فإن
الشخص يعيش بي جبال الوهام ووديان الرافات ,ويشي ف ظلمات الوساوس إل أن
تغطي ساء عقله سحائب الظلمة ،ويتراكم عليه دخان التشاؤم وسوء الظن بيث تضعف
روحه وتصاب نفسه بالمول وتضعف إرادته وتتبدل أفكاره.
() هذه ترجة لا تضمنته أبيات بالفارسية ساقها الؤلف ف الصل. 1
88
بلف التفاؤل فإنه يوقظ العقل ويُنشط النسان ويُشجعه على العمال وينجي النفس
من الشقاوة ويرر الروح من سلسل الوسواس والظنون السيئة.
ف الاتة أقول:
اللهم صل وسلم على خات الرسلي الذي أنقذ ال به هذه المة الرحومة ،فأخرجهم
من الشقاوة وألبسهم لباس السعادة واستأصل الرافات وأخرج الوهام من أدمغة الناس
وصلى ال على سيدنا ممد وآله الطاهرين.
89
الغلو ف النبياء والصالي سبب كفر بن آدم
يقول ال تعال( :يا أهل الكتاب ل تغلوا ف دينكم) ( )4/169الغلو :بعن التجاوز
عن الد ،مثل غل السعر (يغلو غلوا) أي ارتفع سعر البضاعة ،وعل وتاوز الد.
نى ال تبارك وتعال ف هذه الية الباركة أهل الكتاب عن الغلو ،وكان غلو النصارى
ف هذا المر أشد من جيع اللل ،حيث رفعوا عيسى عليه السلم من مرتبة العبودية والنبوة
وأوصلوه إل رتبة اللوهية والربوبية وعبدوه ،بل وقع غلوهم حت ف بعض أتباع عيسى عليه
السلم من العلماء والحبار ،فاعتقدوا عصمتهم وأطاعوهم فيما يقولون من حق وباطل
وصدق وكذب .يقول تعال( :اتذوا أحبارهم ورهبانم أربابا من دون ال) (.)9/31
والصدوقية من اليهود أيضا كانت تغلو ف (عُزَير) ،وكانوا يعتقدون بألوهيته .يقول
صلّى اللّ ُه عََليْ ِه َوسَلّمَ( :ل تطرون كما أطرت النصارى السيح ابن مري ،إنا
الرسول الكرم َ
أنا عبد فقولوا عبد ال ورسوله)( ،)1وف عصر الرسول صَلّى اللّ ُه عََليْهِ َوسَلّمَ أراد أناس أن
يبالغوا ف تبجيله بد يقارب الغلو فقالوا يا رسول ال إذن لنا أن نسجد لك فمنع الرسول
الكري صَلّى اللّ ُه عََليْ ِه َوسَلّمَ من هذا المر أشد النع وقال حينها (الديث السابق:ل
تطرون)( ،)2لن السجود خاصة بذات الربوبية ف شرعنا ،قال تعال( :اسجدوا ل) (41/3
،)8فالسجود لغي ال شرك ،سواء أكان لشخص أو لقب ،ولكن العجب أن الهال إذا
وصلوا إل قبور الولياء يسجدون ،كما أن بعض جهلة الصوفية يسجدون لشيوخهم
أيضا(.)3
() البخاري ،4/142مسند أحد ،1/23وانظر :موسوعة المام علي للريشهري 3/76 1
)( 2جاء عن أب عبد ال الصادق رحه ال أنه قال :إن قوما أتوا رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم فقالوا يا رسول ال إنا
رأينا أناسا يسجد بعضهم لبعض فقال رسول ال صلى ال عليه وآله سلم (لو أمرت أحدا أن يسجد لحد لمرت الرأة أن
تسجد لزوجها) .انظر :الكاف .508-5/507من ل يضره الفقيه .3/439وانظر بار النوار (.17/377م)
)( 3حكى النوويُ والشوكان الجاع على كفر من سجد لغي ال بنية العبادة .انظر( :نيل الوطار .7/168البحر الزخار
.5/205ونقل سعدي حبيب قول النووي ف الجموع ( 2/73موسوعة الجاع ,)2/548
ولذا لو سجد أحدهم لب أو عال ونوها وقصد التحية والكرام فقد وقع ف مرّم خطي وإن قلنا بأنه ل يشرك ,وأما إن
قصد الضوع والذل والتقرب فهذا من الشرك ,لكن لو سجد لشمس أو قمر ,فمثل هذا السجود ل يأت إل عن عبادة
وخضوع وتقرب فهو سجود شركي لعدم تصور وقوع التحية لثل هذه الجناس من السلم(.انظر نواقض اليان القولية
90
صلّى اللّهُ عََليْهِ َوسَلّمَ( :إياكم
يقول ابن عباس رضي ال تعال عنهما قال رسول ال َ
والغلوّ فإنا أهلك من كان قبلكم الغلو)( ،)1عن ابن مسعود رضي ال تعال عنه أن رسول
ال صَلّى اللّ ُه عََليْ ِه َوسَلّمَ قال( :هلك التنطّعون ،قالا ثلثا)(.)2
وقد جاء ف كتاب (عيون أخبار الرضا) ،أن الأمون قال للرضا (ع) بلغن أن قوما
يغلون فيكم ،ويتجاوزون فيكم الد! فقال الرضا (ع) حدّثن أب موسى بن جعفر (ع) عن
أبيه جعفر بن ممد(ع) عن أبيه ممد بن علي (ع) عن أبيه علي بن السي (ع) عن أبيه
السي بن علي (ع) عن أبيه عليّ بن أب طالب عليه السلم قال رسول ال صَلّى اللّ ُه عََليْهِ
َوسَلّمَ( :ل ترفعون فوق حقّي فإن ال اتذن عبدا قبل أن يتخذن نبيّا)( ،)3قال ال تعال:
(ما كان لبشر أن يؤتيه ال الكتاب والكم والنبوة ث يقول للناس كونوا عبادا ل من دون
ال ولكن كونوا ربانيّي با كنتم تعلمون الكتاب وبا كنتم تدرسون ول يأمركم أن تتخذوا
اللئكة والنبيي أربابا أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون) ( ،)79-3/78وقال عليّ بن
أب طالب (ع)( :يهلك فّ اثنان ول ذنب ل :مبّ غالٍ ،ومبغض مفرط ،وإنا لنبأ إل ال
عز وجل من يغلو فينا فيفعنا فوق حدّنا كباءة عيسى بن مري عليه السلم قال ال عز
وجل( :يا عيسى بن مري أأنت قلت للناس اتذون وأمي إلي من دون ال قال سبحانك ما
يكون ل أن أقول ما ليس ل بق إن كنت قلته فقد علمته تعلم ما ف نفسي ول أعلم ما ف
نفسك إنك أنت علم الغيوب ما قلت لم إل ما أمرتن به أ ِن اعبدوا ال رب وربكم وكنت
عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتن كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شيء
شهيد) ( ،)116-5/115وقال عز وجل( :لن يستنكف السيح أن يكون عبدا ل ول
اللئكة القربون) ( ،)4/171وقال عز وجل( :ما السيح ابن مري إل رسول قد خلت من
والعملية لعبد العزيز آل عبد اللطيف )279-278
() مسند أحد ،1/347سنن ابن ماجة 2/1008وانظر :تذكرة الفقهاء للحلي ,8/210 1
)( 2مسلم ،8/58مسند أحد 1/386
)( 3عيون الخبار للصدوق ،1/217بار النوار 25/135
وقد جاء ف الستدرك للحاكم عن يي بن سعيد أنه قال كّنا عند علي بن السي فجاء قوم من الكوفيي فقال علي :يا أهل
العراق أحبونا حب السلم سعت أب يقول قال رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم ل ترفعون فوق قدري فإن ال اتذن
عبدا قبل أن يتخذن نبيا .وقال الكم حديث صحيح السناد ول يرجاه( .الستدرك )3/179
91
قبله الرسل وأمه صدّيقة كانا يأكلن الطعام) ()5/75ومعناه أنما يتغوطان فمن ادّعى
للنبياء ربوبية أو ادعى للئمة ربوبية أو نبوة أو لغي الئمة إمامة فنحن براء منه ف الدنيا
والخرة)[انتهى النقل عن الصدوق من كتابه عيون الخبار]( .)1وصلى ال على سيدنا ممد
وآله الطاهرين.
ف بيان حقيقة الواسطة والوسيلة بي الق واللق
مِنْ مسلّمات العقل وضروريات الدين أن النبياء والرسل سلم ال عليهم وسائط بي
اللق والقّ ،ول بد للبشر من وجود هذه الوسائط وبدونم ل تصلح أمور اللق ف الدنيا
والخرة ،ولن هذا البحث من السائل الصعبة وأحيانا يشتبه بالشرك ،وبسبب قلة الفهم فيه
صار كثي من السلمي يشابون الشركي ،فنحن باجة ماسة لبيان هذه السألة حت نبيّن
لخواننا ما هو موافق لكتاب ال وسنة رسول ال صَلّى اللّ ُه عََليْ ِه َوسَلّمَ.
ل لداية العباد فهذا العن عيإن كان بالراد بالواسطة أنه ينبغي أن يبعث ال رج ً
الصواب ،لن الناس ل يعلمون ما الذي يبه ال ،وما الذي ل يُحبه ،أو ما الذي يأمر به وما
الذي ينهى عنه ،وكذلك ل يعرف الناس ما العمال والقوال الت تنفعهم ف الدنيا والخرة،
وما الذي يكون سببا ف شقاوتم ف الدارين ،كما أن العقل البشري عاجز عن وصف ال
تعال ول يدري أي صفة تليق بلله وبأي اسم يُدعى وكذلك ل يعرف العقل البشري
كيفية العاد وحشر الجساد فبالتفاق يتاج النسان إل واسطة تديه مباشرة ويبيّن له ما
ذُكِر.
ال بلله غيب ل يُشاهد ..ولذا فإن الرُسل نوّاب عن الق تعال ف بيان الدين
() 2
للقه
92
ولن الاجة إل الرسل مسلّم به فينبغي لرب العالي أن يبعث مموعة منهم لداية
الناس.
اليان بالرسل جوهر الداية وحقيقة الفوز وعصيانم ضل ٌل وبعدٌ عن الق ،ول يكن
لحد النجاة إل بطاعتهم واتباع أمرهم ,وقد قيل :إن ل تكن نبيّا فكن من أمته ،قال تعال:
(قل إن كنتم تبون ال فاتبعون يببكم ال ويغفر لكم ذنوبكم وال غفور رحيم) (،)3/29
فالنبياء والرسل واسطة ووسيلة للهداية ،والعراض عن طاعتهم أساس الضللة والشقاوة.
يقول تعال( :يا بن آدم إما يأتينّكم رسل منكم يقصون عليكم آيات فمن اتقى وأصلح فل
خوف عليهم ول هم يزنون * والذين كذّبوا بآياتنا واستكبوا عنها أولئك أصحاب النار
هم فيها خالدون) ( ،)34-7/33يقول ال تعال( :فإما يأتينّكم من هدىً فمن اتبع هداي
فل يضل ول يشقى ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونشره يوم القيامة أعمى
قال رب ل حشرتن أعمى وقد كنت بصيا قال كذلك أتتك آيات فكذّبت با وكذلك
اليوم تنسى) ( ،)127-20/121يقول ال تعال على لسان أهل النار( :كلما أُلقِي فيها
فوج سألم خزنتها أل يأتكم نذير قالوا بلى قد جاءنا نذير فكذبنا وقلنا ما نزل ال من شيء
إن أنتم إل ف ضلل كبي) ( ،)9-8-/67ويقول تعال أيضا( :وسيق الذين كفروا إل
جهنم زمرا حت إذا جاءوها فتحت أبوابا وقال لم خزنتها أل يأتكم رسل منكم يتلون
عليكم آيات ربكم وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا بلى ولكن حقّت كلمة العذاب على
الكافرين) ( ،)39/71ويقول ال تعال( :وما نرسل الرسلي إل مبشرين ومنذرين فمن آمن
وأصلح فل خوف عليهم ول هم يزنون والذين كذبوا بآياتنا يسّهم العذاب با كانوا
يفسقون) ( ،)49-6/48كما يقول ال تعال( :إنا أوحينا إليك كما أوحينا إل نوح
والنبيي من بعده وأوحينا إل إبراهيم وإساعيل وإسحاق ويعقوب والسباط وعيسى وأيوب
ويونس وموسى وهارون وآتينا داود زبورا * ورسلنا قد قصصناهم عليك من قبل ورسلً ل
نقصصهم عليك وكلم ال موسى تكليما رسلً مبشرين ومنذرين لئل يكون ل على الناس
حجة بعد الرسل) ( ،)162-4/161وف القرآن كثي من اليات الت تبيّن أن مكذب
النبياء هلكوا بسبب تكذيبهم الرسل ،وف آيات أخرى أيضا دليل على أن ال تعال كان
93
ناصرا ومُعينا لرسله ،كما يقول( :ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا الرسلي إنم لم النصورون
وإن جندنا لم الغالبون) (( ،)172-37/171إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا ف الياة الدنيا
ويوم يقوم الشهاد) ( ،)40/55وف آية أخرى أمر ال تعال أمرا صريا بطاعة الرسل (وما
أرسلنا من رسول إل ليطاع بإذن ال) (( ،)4/64من يطع الرسول فقد أطاع ال) (
( ،)4/83قل إن كنتم تبون ال فاتبعون يببكم ال) (( ،)3/29فالذين آمنوا به وعزروه
ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم الفلحون) (( )7/157لقد كان لكم ف
رسول ال أسوة حسنة لن كان يرجو ال واليوم الخر وذكر ال كثيا) (.)33/21
وإذا كان الراد بالواسطة أن النبياء والرسل وسائط ووسائل للب النفع أو دفع الضر
مثل أن تقول أن النبياء وسائط ف الرزق وف بعث الياة وف شفاء الرضى وطلب الوائج
أو اعتقاد أن الرسل أبواب الوائج فهذا أكب أقسام الشرك ،لنك قد جعلت غي ال وليا
-تتوله من دون ال -ومنه طلبت النفع و دفع الضرر .يقول ال تعال( :ال الذي خلق
السماوات والرض وما بينهما ف ستة أيام ث استوى على العرش مالكم من دونه من ول
ول شفيع أفل تتذكرون) ( ،)32/3يقول تعال أيضا( :قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فل
ل أولئك الذين يدعون يبتغون إل ربم الوسيلة أيهم
يلكون كشف الضر عنكم ول توي ً
أقرب ويرجون رحته ويافون عذابه إن عذاب ربك كان مذورا) ( ،)59-17/58يقول
أيضا( :قل ادعوا الذين زعمتم من دون ال ل يلكون مثقال ذرة ف السماوات ول ف
الرض وما لم فيهما من شرك وما له منهم من ظهي ول تنفع الشفاعة عنده إل لن أذِن له
حت إذا فزّع عن قلوبم) ( ،)22-34/21كان سبب نزول هذه الية أن ناسا كانوا
يدعون السيح واللئكة ف كشف الكربات ودفع البليّات ويستنصرون بم ،وهنا يقول ال
ف جواب هؤلء إن اللئكة والنبياء ليسوا بقادرين على إزالة الضرر وتغييه .وأيضا يقول:
(ما كان لبشر أن يؤتيه ال الكتاب والكم والنبوة ث يقول للناس كونوا عبادا ل من دون
ال ولكن كونوا ربّانيي با كنتم تعلمون الكتاب وبا كنتم تدرسون ول يأمركم أن تتخذوا
اللئكة والنبيي أربابا أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون) ( ،)75-3/74فكل من يعل
النبياء وأئمة الدى واسطة بذا العن بيث يطلب منهم الرزق والياة ويتوكل عليهم
94
ويطلب منهم جلب النفع ودفع الضرة ويطلب منهم مغفرة الذنوب ورفع الشقاء وسد
الاجات ودفع الفقر والفاقة ،فهذا الشخص كافر بنص القرآن الكري وإجاع أمة سيد
صلّى اللّ ُه عََليْ ِه َوسَلّمَ .يقول ال تعال( :وقالوا اتذ الرحن ولدا سبحانه بل عباد الرسلي َ
مكرمون ل يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون يعلم ما بي أيديهم وما خلفهم ول يشفعون
إل لن ارتضى وهم من خشيته مشفقون ومن يقل منهم إن إله من دونه فذلك نزيه جهنم
كذلك نزي الظالي) ( ،)21/26أيضا يقول( :لن يستنكف السيح أن يكون عبدا ل ول
اللئكة القربون ومن يستنكف عن عبادته ويستكب فسيحشرهم إليه جيعا) (-4/170
،)171وأيضا يقول تعال( :وَقَالُوا اتّخَذَ الرّ ْحمَانُ وَلَدًا * َلقَدْ ِجْئتُمْ شَْيئًا إِدّا * َتكَادُ
جبَا ُل هَدّا * َأنْ َد َعوْا لِلرّ ْحمَانِ وَلَدًا* َومَا ض َوتَخِ ّر الْ ِالسّمَاوَاتُ َيَتفَطّ ْرنَ مِنْ ُه َوتَنشَ ّق الْأَ ْر ُ
ت وَاْلأَ ْرضِ إِلّا آتِي الرّحْمَا ِن َعبْدًا * خ َذ وَلَدًا * ِإنْ كُ ّل مَنْ فِي السّمَاوَا ِ َينَْبغِي لِلرّ ْحمَانِ َأ ْن يَتّ ِ
َلقَدْ أَ ْحصَاهُ ْم َوعَدّهُ ْم عَدّا * وَكُّل ُه ْم آتِي ِه َي ْومَ اْل ِقيَامَةِ َفرْدًا) ( ،)995-19/91وأيضا يقول
تعالَ ( :وَيعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللّ ِه مَا لَا َيضُ ّرهُ ْم وَلَا َيْن َفعُهُ ْم َوَيقُولُو َن َهؤُلَاءِ ُش َفعَا ُؤنَا ِعنْدَ اللّهِ قُلْ
ض ُسبْحَانَ ُه َوتَعَالَى عَمّا يُشْرِكُونَ) ،أيضا َأتَُنّبئُونَ اللّهَ بِمَا لَا َيعْلَمُ فِي السّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَ ْر ِ
يقول تعال( :وَكَ ْم مِنْ مَلَكٍ فِي السّمَاوَاتِ لَا ُت ْغنِي َشفَا َعُتهُ ْم َشيْئًا إِلّا مِ ْن َبعْدِ َأنْ َيأْ َذنَ اللّهُ
لِمَ ْن يَشَا ُء َويَرْضَى) ( ،)53/26ويقول أيضاَ ( :وإِ ْن يَمْسَسْكَ اللّ ُه ِبضُرّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلّا ُهوَ
س مِنْ رَ ْح َمةٍ فَلَا خْيرٍ فَلَا رَادّ ِلفَضْلِهِ) ( ،)10/107أيضا يقول( :مَا َي ْفتَحْ اللّهُ لِلنّا ِ َوإِ ْن يُ ِر ْدكَ بِ َ
مُمْسِكَ َلهَا َومَا يُمْسِكْ فَلَا مُ ْرسِلَ لَهُ مِ ْن َبعْدِهِ) ()35/2
البعض يقول نن نعل النبياء والولياء وسائط كما أن الوزراء وسائط بي اللك
والرعية؟ يعن كما أن الوزراء يبلغون طلبات الناس وحوائجهم إل اللِك ويطلبون من اللك
قضاء حوائجهم كذلك أيضا النبياء والولياء يوصلون حوائج العباد إل ال تعال ،ويعطي
ال تعال الرزق والياة والشفاء والضر والال والاه للعباد بوسيلة النبياء ،لن النبياء
والولياء أقرب إل ال تعال كالوزراء إل اللوك والناس بعيد عنه ،فينبغي أن يطلب الناس
حاجاتم بأدب وتواضع من الوزراء وحرّاس اللك ،وهذا أنفع لم من السؤال مباشرةً من
اللِك.
95
أقول إن جعل النبياء والولياء واسطةً بي اللق والرب بذه الصورة مض كفر
وشرك بال تعال ،ول يكن أن للنسان أن يغسل نفسه من رجسها إل باء التوبة!
أيها العاجز الاهل ..إن اللِك البشري ل يعلم الزئيات وغي خبي بالبايا ول يعرف
تفاصيل أحوال الرعية فينبغي أن يبه أحد عن أحوالم .والسؤال :أليس رب العالي يعلم
بالزئيات وقلوب الناس (يعلم ما بي أيديهم وما خلفهم) (( ،)6/256وما تسقط من ورقة
إل يعلمها) ()6/95
الناس بعيدون عن الَلِك(الدنيوي) وهو بعيد عنهم لكن ال تعال أقرب إل العباد من
حبل الوريد (ونن أقرب إليه من حبل الوريد) (( ،)150/10وإذا سألك عبادي عن فإن
قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا ل وليؤمنوا ب لعلهم يرشدون) (،)50/10
ل ترج أهية شفاعة الوزراء ف مضر اللك عن ثلثة:
الول :أن اللك ل يعرف جزئيات أحوال الرعية ،والوزراء يبونه عن هذه الزئيات،
ت النبياء
فإذا علم اللك الوضاع أقبل على إصلح حال الرعية وقضى حاجتهم .لو َجعَ ْل َ
ل بأحوال العباد -معاذ ال! -وبالتفاق وساطة من هذا النوع فقد َجعَ ْلتَ ال تعال جاه ً
هذه العقيدة مالفة لصول الوحدة والتوحيد ،وهي كفر صريح.
الثان :أن اللك -ف الدولة -ل يستطيع الوصول لتنفيذ أمور دولته ورعيته مباشرة,
كما ل يستطيع دفع العدو بنفسه ,ولذا هو باجة إل وسائط وأعوان يساعدونه ف تقوية
أمور اللك .ول شك أن جعل النبياء بذا النحو مع ال من الكفر والشرك ،لن ال تعال ل
يتاج إل ُمعِي ول ظهي( :وما لم فيهما من شرك وما له منهم من ظهي) (،)34/21
يقول ال تعال( :وقل المد ل الذي ل يتخذ ولدا ول يكن له شريك ف اللك ول يكن له
ولّ من الذل وكبه تكبيا) ( ،)17/111كل ما يُشاهد من السباب ف عال الوجود فال
تعال خالقه وربّه ومالكه ،فال غنّ صم ٌد وما سوى ال فقي إليه بلف اللوك فهم متاجون
إل الادم واليش والشم وإن دققت فإن اليش والدم والوزراء شركاء مع السلطي ف
ملكهم وحكمهم ،لكن ال تعال بلف ذلك (له اللك وله المد وهو على كل شيء
قدير) ()64/1
96
الثالث :أن يُتصور أن اللك ل يُحسن إل الرعية ول يرحهم ،ويتاج إل مرك
خارجي لينصحه ويعظه حت ياف من الظلم وتصل له الرغبة ف العمل الصال والعناية
الاص بالشفوع له ,واعتقاد أن وساطة النبياء بذا النحو اعتقاد باطل بطلنا ل يتاج إل
برهان ,وهو بالبديهة من الكفر والشرك الصريح ،لن ال تعال رب الوجودات وأرحم
بعبده من الم بطفلها.
كل الشياء تابعة للمشيئة اللية :ما شاء ال كان وما ل يشأ ل يكن .كيف يكن أن
يكون إله العالي غي رحيم ،ويتاج إل واعظ؟ (سبحانه وتعال عما يقولون علوا كبيا) (
.)17/45
لكن لو أنك تلتمس الدعاء من الرسل والئمة وقلت عند مقام الرسل والئمة يا
رسول ال يا إمام أسألك أن تدعو بأن يشفي ال تعال مريضي أو ان يغنين من الفقر أو
يوفقن إل العلم ونوه ,فليس هذا من طرق الشرك بل طريق صحيح وجائز ,لن النبياء
والولياء مستجابو الدعوات ،ودعواتم مقبولة عند ال وستقضى الاجة الت يطلبونا(.)1
أسأل ال تعال أن يعل المة الرحومة موفّقة بالتوحيد ويستجيب دعاء الرسول والئمة ف
حق الميع.
فالاصل أن من جعل أحد النبياء والولياء وسائط بي ال واللق كحال الوسائط
بي اللك والرعية فهذا الشخص مشرك وخارج عن الدين النيف السلم ،وقد ذم ال تعال
)( 1طلب الدعاء يب ان يكون من الي وليس من اليت ،لن اليت قد انقطع عمله كما فقال صلى ال عليه وسلم( :إذا
مات ابن آدم انقطع عمله إل من ثلث :صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صال يدعو له) فتبيّن من الديث أن اليت
هو الحتاج لن يدعو له ويستغفره له ،وليس الي هو الذي باجة إل دعاء اليت ،وإذا كان الديث يقرر انقطاع عمل
ابن آدم بعد موته ،فكيف نعتقد أن اليت حي ف قبه حياة تكنه من الدعاء لغيه.
ويدل أيضا على بدعية هذا النوع من التوسل :أن الصحابة وهم الكثر علما والشد اقتداء بسيد اللق ل يفعلوا ذلك ولو كان
خيا لسبقونا إليه ،حت إن عمر رضي ال عنه عندما حصل قحط بالدينة قدّم العباس عمّ النب صلى ال عليه وسلم ليدعو
ال بالسقيا ،ول يطلب الدعاء من النب صلى ال عليه وسلم ف قبهِ ،لمَا يعلم من عدم جواز ذلك .وقد أمر تعال بالتوجه
إليه مباشرة فقال( :وإذا سالك عبادي عن فإن قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعان فليستجيبوا ل وليؤمنوا ب لعلهم
يرشدون).
علما بأن هذا العمل إي طلب الدعاء من اليت ليس شركا ،وإنا هو بدعة دون ذلك.
97
النصارى بثل هذا الشرك فقال( :اتذوا أحبارهم ورهبانم أربابا من دون ال والسيح ابن
مري وما أمروا إل ليعبدوا إلا واحدا سبحانه عما يشركون) ( ،)31/31وقالَ( :أمّنْ
سأَلُهُ مَنْ فِي السّمَاوَاتِ يُجِيبُ الْمُضطَرّ إِذَا َدعَاهُ َوَيكْشِفُ السّوءَ) ( ،)37/36وقال( :يَ ْ
وَالْأَ ْرضِ كُ ّل َي ْومٍ ُهوَ فِي َش ْأنٍ) ( ،)55/29القرآن وضع تاج التوحيد على رأس السلمي
واستأصل الشرك واقتلعه لكيل ياف الناس من غي ال ول يتوكلوا إل عليه .يقول ال
شتَرُوا بِآيَاتِي ثَ َمنًا َقلِيلًا) (ِ( ،)5/43إنّمَا ذَِلكُمْ ش ْونِي وَلَا تَ ْ
شوْا النّاسَ وَاخْ َ تعال( :فَلَا َتخْ َ
خوّفُ َأوِْليَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُ ْم وَخَافُونِي ِإنْ ُكْنتُ ْم ُم ْؤمِنِيَ) ( ،)3/135أيضا يقول الشّيْطَا ُن يُ َ
تعالِ( :إنّمَا َيعْمُ ُر مَسَا ِجدَ اللّ ِه مَنْ آمَ َن بِاللّ ِه وَالَْي ْومِ الْآخِ ِر َوأَقَامَ الصّلَا َة وَآتَى الزّكَاةَ وََلمْ
ك هُمْ
خشَ اللّ َه َوَيتّقِيهِ َفُأوَْلئِ َ خشَ إِلّا اللّهَ) ( ،)9/18يقول أيضاَ ( :ومَ ْن يُطِعْ اللّ َه وَ َرسُولَ ُه َويَ ْ يَ ْ
الْفَائِزُونَ) ( ،)24/51أيضا يقول تعال( :وََلوْ َأّنهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمْ اللّ ُه وَ َرسُولُ ُه وَقَالُوا
سُبنَا اللّهُ سَُي ْؤتِينَا اللّ ُه مِنْ َفضْلِ ِه وَ َرسُولُهُ) ( ،)9/59أيضا يقول تعال( :الّذِينَ قَالَ َلهُمْ حَ ْ
سبُنَا اللّ ُه َوِنعْ َم اْلوَكِيلُ) ( ش ْوهُمْ َفزَا َدهُمْ إِيَانًا وَقَالُوا حَ ْ النّاسُ ِإنّ النّاسَ قَدْ َج َمعُوا َلكُمْ فَاخْ َ
.)3/168
ولو قلت يوز التوسل بالنبياء والولياء ف غي أمور الداية بل ف المور التكوينية
(التصرف بالكون) ،مثل الرزق والياة والشفاء وغيها واستدللت بالية الباركة (يَا َأّيهَا
الّذِينَ آمَنُوا اّتقُوا اللّ َه وَاْبَتغُوا إَِليْهِ اْل َوسِيَلةَ َوجَاهِدُوا فِي َسبِيلِهِ َلعَّلكُ ْم ُتفِْلحُونَ) (،)5/40
وقُ ْلتَ :إننا نعل النبياء والولياء وسيلة لاجتنا نطيع أمر ال لن هذه الية الباركة تأمر
باتاذ النبياء والولياء والصالي وسيلة نستغيث بم ف أمور تدبي الكون وما نتاجه.
نقول ف الواب على ذلك :إن الراد بالوسيلة الت نتقرب با إل ال تعال هي ما جاء
من علم وعمل ،لن الزلفى القيقية الت تقرب إل ال هي التحلي بالعقائد الصحيحة
والعمال الصالة ،فينبغي على السلم أن يتخذ ذلك وسيلة لربه تعال ،وأما ذوات الرسل
والصالي فما هم إل واسطة ف هداية الناس ودللتهم إل الصراط الستقيم ،كما أن
طاعتهم وسيلة للقرب من ال تعال ،فكلما توجه العبد لطاعة الرسل وازداد تليا بالعلم
والعمل كلما ازداد قربا من ال تعال ،كما نقول :كلما أخذ الطالب من علم معلمه وتلق
98
بأخلقه كان أقرب إل قلب معلمه.
والشاهد على أن الوسيلة ف الية هي العلم والعمل الصال ما يلي:
أولً :قول الفسرين واللغويي بأن حقيقة الوسيلة إل ال مراعاة سبيله بالعلم والعبادة،
وهذا ما صرح به الراغب الصفهان ف كتاب الفردات.
ثانيا :نص الكتاب الكري ،حيث قال تعال( :قُلْ ا ْدعُوا الّذِينَ َزعَ ْمتُ ْم مِنْ دُونِهِ فَلَا
ك الّذِي َن يَ ْدعُو َن َيبَْتغُونَ إِلَى َرّبهِمْ اْل َوسِيَلةَ َأيّهُمْ
حوِيلًا * ُأوْلَئِ َ
ف الضّ ّر عَنكُ ْم وَلَا تَ ْ
يَمِْلكُونَ كَشْ َ
ب َويَرْجُونَ رَ ْح َمتَهُ َويَخَافُو َن عَذَابَهُ ِإ ّن عَذَابَ َربّكَ كَا َن مَحْذُورًا) (،)60-17/59 أَقْرَ ُ
ابتليت قريش بالقحط والغلء فأنزل ال تعال هذه الية على رسوله ،يقول له :قل -يا ممد
-لؤلء الشركي كيف تلجئون إل القربي عند ال تعال مثل السيح واللئكة وصاليّ
الن وهم إنا يتوسلون بال سبحانه ويرجون رحته ويافون من عذابه.
فعُلِم أن هؤلء الرسل كسائر العباد يافون ويرجون ،ول ينبغي أن يُطلب منهم كشف
الضر وقضاء الاجات ،والنتيجة أنه ل يكن أن يكون الراد بالوسيلة -ف الية -النبياء
والولياء ،لن ال تعال سلب عنهم تلك الصفة ف آخر هذه الية (بدليل ما مرّ)
يقول سيد الساجدين المام زين العابدين سلم ال عليه ف الصحيفة السجاديّة ف
دعاء دفع مكر العداء (ووسيلت إليك التوحيد ،وذريعت أن ل أشرك بك شيئا ول أتذ
معك إلا)( ،)1فمن خلل الية الباركة ودعاء الصحيفة السجّادية وقول أهل التفسي نعلم
ل أو النبّ ،فينبغي أن ل تتخذ أشخاص هم وسيلة بل
يقينا أن هذه الوسيلة ليس ذات الو ّ
الوسيلة منحصرة ف العلم والعمل الصال وطاعة الرسول والعقائد الصحيحة ،والعمال
الصالة الت تقرب العبد من ربه.
ومن الصائب الت سببت الشقاء لكثي من الُهّال هو أن عصر الرسول صلى ال عليه
وآله وسلم وعصور الئمة الداة سلم ال عليهم أجعي ل تلو من جاعة من الكاذبي
صلّى
والزنادقة الذين ياولون إلصاق أنفسهم بالنب والئمة ومع ذلك يكذبون على الرسول َ
99
اللّ ُه عََليْهِ َوسَلّمَ وآله ويكذبون الئمة إل درجة أنم نسبوا بعض صفات ال تعال للنب
والئمة ،ولكن النب والئمة كانوا يتبأون من أولئك ويلعنونم.
الغلة ف الصل تسع فرق ،كلهم يؤمنون ببطلن الشرائع.
تقول فرقة منهم إن ال تعال يظهر ف صور بعض اللق وينتقل من صورة إل صورة،
ويدّعون بأن معرفة الولياء الذين يتجلى فيهم الالق موجب لسقوط التكاليف.
وقالت فرقة أخرى إن الئمة خالقون ورازقون وميون وميتون ،والراد بالصلة
والصوم والزكاة اليان أشخاص طيبون ،والقصود من المر واليسر رجال سيّؤون ،وكل
من عرف هذه الشياء سقط عنه التكليف.
أيها السلمون :لحظوا كيف راج الغلو بي السلمي!!
لهّال هو اتصاف الرسول والئمة الطاهرين ول يفى بأن أكب ذريعة لغل ّو العوام وا ُ
بالصفات الرفيعة ،والعلم الوافر ،وكان من بشاعة الغلة أنم سلسلوا الغلو ف أولد الئمة،
وأشد من ذلك أنم أقنعوا العوام بالغلو ببعض سفلة اللق ،كبعض شيوخهم النحرفي.
وقد اشتد جهل العوام بعان الربوبية والالقية وآثارها ,وطرق قضاء الاجات ودفع
الكربات ،ووصل أمر الشرك والهل إل حد أنم اتذوا صورة الرشد (الول) ف مقام ذكر
ال والعبادة ،فصاروا ينصبونا أمامهم ف الصلة ،وقالوا :ينبغي للقارئ أن يعل (إياك نعبد)
هو الرشد ،ويسجدوا للمرشد ،فعبدوه نعوذ بال من الضلل.
وتتميما للكلم وتبصرة للنام ننتقل إل ذكر أحاديث رواها الكِشّي وهو من أبرز
علماء المامية:
عن أب حزة الثمال قال :قال علي بن السي سلم ال عليه :لعن ال من كذب
علينا ،إن ذكرت عبد ال بن سبأ فقامت كل شعرة ف جسدي ،لقد ادّعى أمرا عظيما،
كان علي عليه السلم وال عبد ال صالا أخا رسول ال ما نال الكرامة من ال إل بطاعته
صلّى اللّ ُه عََليْ ِه َوسَلّ َم الكرامة من ال إل بطاعته(.)1
ل ورسوله ،وما نال رسول ال َ
100
عن هشام بن الكم أنه سع أبا عبد ال (ع) يقول :كان الغية بن سعيد يتعمّد
الكذب على أب ،ويأخذ كتب أصحابه ،وكان أصحابه الستترون بأصحاب أب يأخذون
س فيها الكفر والزندقة ،ث يدفعها إل
الكتب من أصحاب أب فيدفعونا إل الغية ،فكان يد ّ
أصحابه ،فيأمرهم أن يبثّوها ف الشيعة ،فكلما كان ف كتب أصحاب أب من الغلو فذاك ما
دسّه الغية بن سعيد ف كتبهم(.)1
عن عبد ال بن كثي قال :قال أبو عبد ال (ع) يوما لصحابه :لعن ال الغية بن
سعيد ،ولعن ال يهودية كان يتلف إليها يتعلم منها السحر والشعبذة والخاريق ،إن الغية
كذب على أب عليه السلم فسلبه ال اليان ،وإن قوما كذبوا عليّ فو ال ما نن إل عبيد
الذي خلقنا ،واصطفانا ،ما نقدر على ض ّر ول نفع ،إن ر ِحمَنا فبحته ،وإن عذّبنا فبذنوبنا،
وال ما لنا على ال من حجّة ول معنا من ال براءة ،وإنا ليّتون ومقبورون ومنتشرون
ومبعوثون ،وموقوفون ومسئولون .ويلهم ما لم لعنهم ال لقد آذوا رسوله ف قبه ،وأمي
الؤمني ،وفاطمة والسن والسي وعلي بن السي وممد بن علي إل آخر الديث(.)2
عن الغية قال :كنت عند أب السن عليه السلم أنا ويي بن عبد ال بن السن عليه
السلم .فقال يي جعلت فداك ،إنم يزعمون أنك تعلم الغيب .فقال :سبحان ال! ضع
يدك على رأسي ،فوال ما بقيت ف جسدي شعرة ول ف رأسي إل قامت .قال ث قال :ل
صلّى اللّ ُه عََليْهِ وآله(.)3
وال ما هي إل رواية عن رسول ال َ
عن أب بصي قال :قلت لب عبد ال إنم يقولون تعلم قطر الطر وعدد النجوم وورق
الشجر ووزن ما ف البحر وعدد التراب فرفع يديه إل السماء وقال :سبحان ال ،سبحان ال
ل وال ما يعلم هذا إل ال(.)4
101
من أنواع الشرك الصغر :الرياء
صلَاِتهِ ْم سَاهُونَ * الّذِي َن هُ ْم يُرَاءُونَ) يقول ال تعالَ( :ف َويْلٌ لِ ْل ُمصَلّيَ * الّذِي َن هُ ْم عَنْ َ
( ،)5-4-107/3يقول ال تعال ف ذم أصحاب الرياء (يُرَاءُو َن النّاسَ وَلَا يَذْ ُكرُونَ اللّهَ إِلّا
صلّى اللّهُ عََليْهِ َوسَلّمَ( :إن أخوف ما أخاف عليكم قَلِيلًا) ( ،)4/142يقول الرسول الكرم َ
الشرك الصغر .قالوا :وما الشرك الصغر يا رسول ال؟ قال :الرياء .يقول ال عز وجل يوم
القيامة إذا جاز العباد بأعمالم اذهبوا إل الذين كنتم تراءون ف الدنيا فانظروا هل تدون
عندهم الزاء الرياء مشتق من الرؤية ،والراد من الرياء :طلب النلة والعتبار ف قلوب
الناس ،بإظهار الصال السنة ،من قبيل العبادات والعادات السنة ،أو إظهار الثار الت تدل
على الصفات طيّبة ،مثل إظهار الضعف والتكاسل من أجل أن يُفهم أنه متماوت بسبب قلة
الطعام أو السهر ومثلها الشي بيث يظهر من نفسه التماوت والضعف ,أو يلبس لباسا
كثيفا وأمثاله ليبيّن للعوام والهال أنه متصف بالزهد والعراض عن الدنيا.
إن الرياء ف العبادة من كبائر الذنوب ،وصاحبها ُمغِضب لرب العالي ،ومنوع من
الوصول إل السعادة ف الدار الخرة ،فهو موجبة لبطلن العمل عموما ،ول فرق ف بطلن
عبادة الرائي سواء كان عمله تحضت نيته لغي ال تعال أو اجتمع لديه قصد الرياء مع نية
القربه ل ،فعمله باطل ولو كانت نية طلب القربة راجحة ،فكل عمل شابه الرياء فهو
فاسد ،،ول يرج صاحبه عن عهدة التكليف بل حاله أسوء من ترك العبادة.
صلة الرائي أمام الناس مفتاح لباب النار ..إن كان عملك غي خالص ل فاطرح
سجادتك ف النار.
كذلك ل فرق ف فساد العبادة إذا خالطها الرياء بي أن يكون الرياء صَا َحبَ العمل
من أول العبادة أو ف أثنائها.
دموع الزهاد الت تنهمر رياءً ف السجد كالطفل الذي يولد من الفاحشة ف
مسجد(.)1
102
هناك رياء جائز ،وذلك ف العاصي ،وبأن يستر ذنوبه عن الناس كراهية اطلعهم
عليها وياول قدر الستطاع أن يظهر عندهم عدم وقوعه فيها ،هذا النوع من الرياء جائز،
بل إظهار العاصي قبيح وحرام ،والذين قالوا مقتضى الخلص أن يكون باطن النسان على
طريق ل يكون ف ظهوره قبح( )2وهذا معن ما قاله أحد الكابر (عليك بالعمل العلن) يعن
اعمل عملً إذا ظهر ل تجل منه ،ول شك بأن هذه من مراتب الفضيلة ومقام عالٍ ل يصل
إليها إل العصومون ،وقليل من الصطفي من رب العالي ،فسائر الناس ل تلوا من الذنوب
الظاهرة والباطنة وخاصة الوساوس الباطلة الشيطانية ،والمان الكاذبة الت يطلع ال تعال
عليها وهي مستورة عن الناس ،ولكن يب على النسان سترها وعدم إظهارها.
صلّى اللّ ُه عََليْ ِه َوسَلّمَ أن من ارتكب شيئا من العمال السيئة
وقد جاء عن رسول ال َ
فليسترها عن الناس ليسترها ال تعال أيضا.
اللهم إن أعوذ بك من خزي الدنيا وعذاب الخرة وأعوذ بوجهك الكري وسلطانك
العظيم وعزتك الت ل ترام وقدرتك الت ل يتنع منها شيء من شر الدنيا والخرة ومن شر
الوجاع كلها ،ول حول ول قوة إل بال العلي العظيم.
() يقصد الؤلف أن السلم إذا سئل عن الذنوب الت يعمل جنسها ل يقول أنا أعملها ،خوفا من الرياء ،بل يسكت ول 2
يظهرها ولو صار ف الشكل الظاهر مرائيا بأنه ل يعمل العاصي الفلنية
103
الختلف بي فرق السلم ف كيفيتها وتفاصيلها.
صلّى اللّ ُه عََليْ ِه َوسَلّمَ ف إسقاط فأثبت جهور الشاعرة والمامية الشفاعة للرسول َ
صلّى اللّ ُه عََليْ ِه َوسَلّ َم ل تأثي
العقاب عن بعض أهل النار .وقالت العتزلة إن شفاعة الرسول َ
لا ف إسقاط العقاب ،بل لا تأثي ف إيصال الثواب لهل الثواب.
وبشكل أوضح قالت العتزلة :إن شفاعة الرسول صَلّى اللّ ُه عََليْ ِه َوسَلّ َم ل يُعفى با عن
مرتكب الذنوب ،ولكن متمثل العمل الصال يزاد با ف علوّ مرتبته ورفع درجته .وأدلة
الفريقي مسطورة ف الكتب الكلمية.
وقد عُلِم من بيان الختلف أن قضية الشفاعة متفق عليها ف الملة بي الفرق ولكن
الختلف ف الكيفية والقيقة.
ونن نعود قبل كل شيء إل القرآن حت نرى ماذا يقول ف الشفاعة.
ورد ذكر الشفاعة ف القرآن على ثلث صور:
النفي الطلق للشفاعة :ف مثل قوله( :هَ ْل يَنظُرُونَ إِلّا َت ْأوِيلَ ُه َي ْو َم يَ ْأتِي َت ْأوِيلُهُ يَقُو ُل الّذِينَ
ش َفعُوا َلنَا َأ ْو نُ َردّ َفَنعْمَ َل َغيْرَ
نَسُو ُه مِنْ َقبْلُ قَدْ جَاءَتْ ُرسُلُ َرّبنَا بِالْحَقّ َف َهلْ َلنَا مِ ْن ُش َفعَاءَ َفيَ ْ
سهُ ْم وَضَ ّل َعنْهُ ْم مَا كَانُوا َي ْفتَرُونَ) (( ،)1/52تَاللّهِ ِإنْ ُكنّا سرُوا أَنفُ َالّذِي ُكنّا َنعْمَلُ َقدْ خَ ِ
ج ِرمُونَ * َفمَا َلنَا مِ ْن شَاِفعِيَ ب اْلعَالَمِيَ* َومَا أَضَّلنَا إِلّا الْمُ ْ سوّيكُ ْم بِرَ ّ ضلَا ٍل ُمبِيٍ * إِذْ نُ ََلفِي َ
* وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ) (( ،)102-26/98وَ ُكنّا ُنكَذّبُ ِبَي ْومِ الدّينِ* َحتّى َأتَانَا الَْيقِيُ * َفمَا
َتنْ َف ُعهُ ْم َشفَا َعةُ الشّاِفعِيَ) (َ ( ،)50-74/48وأَنذِ ْر بِ ِه الّذِي َن يَخَافُونَ َأ ْن يُحْشَرُوا إِلَى َرّبهِمْ
َلْيسَ َلهُ ْم مِنْ دُونِ ِه وَلِ ّي وَلَا َشفِيعٌ) ( ( ،)6/51وَذَ ِر الّذِي َن اتّخَذُوا دِيَنهُمْ َل ِعبًا وََل ْهوًا وَغَ ّرْتهُمْ
سبَتْ َلْيسَ َلهَا مِنْ دُونِ اللّ ِه وَِل ّي وَلَا َشفِيعٌ) ( حيَاةُ ال ّدْنيَا َوذَكّ ْر بِهِ َأنْ ُتبْسَ َل َن ْفسٌ بِمَا كَ َ
الْ َ
ج ِرمُونَ * وَلَ ْم َيكُنْ َلهُ ْم مِ ْن ُشرَكَائِهِ ْم ُش َفعَا ُء وَكَانُوا س الْمُ َْ ( ،)6/70وَيوْ َم َتقُومُ السّا َعةُ ُيبِْل ُ
بِشُرَكَاِئهِمْ كَافِرِينَ) (َ( ،)13-30/12أمْ اتّخَذُوا مِنْ دُونِ اللّ ِه ُش َفعَاءَ ُقلْ َأوََلوْ كَانُوا لَا
شفَا َعةُ جَمِيعًا لَهُ مُلْكُ السّمَاوَاتِ وَاْلأَ ْرضِ ثُمّ إَِليْهِ يَمِْلكُونَ َشْيئًا وَلَا َي ْعقِلُونَ * قُلْ لِلّهِ ال ّ
س َشيْئًا وَلَا ُيقْبَ ُل ِمْنهَا عَدْلٌ جزِي َن ْفسٌ عَ ْن َن ْف ٍ تُرْ َجعُونَ) (( ،)46-39/45وَاّتقُوا َيوْمًا لَا تَ ْ
104
وَلَا تَن َف ُعهَا َشفَا َع ٌة وَلَا هُمْ يُنصَرُونَ) (( ،)2/118يَاأَّيهَا الّذِينَ آ َمنُوا أَن ِفقُوا مِمّا رَزَ ْقنَاكُ ْم مِ ْن
خذَُقبْلِ أَ ْن َيأِْت َي َيوْمٌ لَا َبيْعٌ فِيهِ وَلَا خُّل ٌة وَلَا َشفَا َعةٌ وَاْلكَافِرُونَ هُمْ الظّالِمُونَ) (َ( ،)6/256أأَتّ ِ
مِنْ دُونِهِ آِل َهةً إِ ْن يُ ِر ْدنِي الرّ ْحمَانُ ِبضُرّ لَا ُتغْ ِن َعنّي َشفَاعَُتهُ ْم َشْيئًا وَلَا يُنقِذُونِي) (،)36/23
(وَكَ ْم مِ ْن مَلَكٍ فِي السّمَاوَاتِ لَا ُت ْغنِي َشفَاعَُتهُ ْم َشْيئًا) (.)53/27
كما ورد إثبات الشفاعة بشرط رضى ال تعال عن الشفوع له ،وإذنه للشافع ،ف مثل
شفَ ُع عِنْ َدهُ إِلّا بِإِ ْذنِهِ) (ِ( ،)2/257إنّ َرّبكُمْ اللّ ُه الّذِي َخلَقَ السّمَاوَاتِ قوله( :مَنْ ذَا الّذِي يَ ْ
وَالْأَ ْرضَ فِي ِسّتةِ َأيّامٍ ثُ ّم ا ْسَتوَى عَلَى اْلعَ ْرشِ يُ َدبّ ُر الَْأمْ َر مَا مِ ْن َشفِيعٍ إِلّا مِ ْن َبعْدِ ِإ ْذنِهِ ذَِلكُمْ
اللّهُ َرّبكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلَا تَذَكّرُونَ) (َ( ،)10/4ي ْومَئِذٍ لَا تَنفَعُ الشّفَا َعةُ إِلّا مَنْ أَ ِذنَ لَهُ الرّحْمَانُ
ضيَ لَهُ َقوْلًا) (( ،)20/109وَلَا تَنفَعُ الشّفَا َع ُة عِنْ َدهُ إِلّا لِمَنْ َأ ِذنَ لَهُ) (( ،)34/23لَا وَرَ ِ
ك الّذِينَ يَ ْدعُونَ مِنْ شفَاعَةَ إِلّا مَ ْن اتّخَ َذ ِعنْدَ الرّحْمَانِ َعهْدًا) (( ،)19/91وَلَا يَ ْملِ ُ يَمِْلكُونَ ال ّ
شفَا َعةَ إِلّا مَ ْن َشهِ َد بِالْحَ ّق َوهُ ْم َيعْلَمُونَ) ( .)43/78والنتيجة الت نأخذها من هذه دُونِهِ ال ّ
اليات هي إن من تعال السلم العالية أنه دعوة النسان إل أن ل يتوكل على غي ال ول
يعتقد بغيه مؤثرا ف مصيه ،ومن جهة ثانية تبيّن تعاليم السلم للنسان أن السعادة الادية
سَبتْ َرهِيَنةٌ) ( ،)74/42فينبغي له مع التوكل على س بِمَا كَ َ والعنوية مرهونة بعمله (كُ ّل َن ْف ٍ
ال تعال أن يصّل العمال الصالة والفعال الرضية ،ويكمل مراتب الرقى والكمال:
(العبد يسي ف ظل ربه ومعونته ..وف ناية الطاف يعطى كل واحد على قدر
اجتهاده)(.)1
(ِإنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ ِلأَنفُسِكُ ْم َوِإنْ َأ َس ْأتُمْ َفَلهَا) ( ،)17/8النسان يصعد به عمله،
والعمل الصال مع الخلص ل أصل السعادة والنجاح؛ (بَلَى مَنْ َأسْلَ َم َو ْجهَهُ لِلّ ِه َو ُهوَ
ح َزنُونَ) ( ،)2/107فالعمل الصال هو ف عََلْيهِ ْم وَلَا هُ ْم يَ ْ
مُحْسِنٌ َفلَهُ أَجْ ُر ُه ِعنْدَ َربّ ِه وَلَا َخوْ ٌ
سبيل النجاة من كل شقاء وضدّه العمل الطال فهو أساس كل شقاء وبلء ،يقول ال تعال:
ب مَ ْن َيعْمَ ْل سُوءًا يُجْ َز بِ ِه وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللّهِ وَلِيّا (َلْيسَ ِبَأمَانِّيكُ ْم وَلَا َأمَاِنيّ أَهْ ِل اْلكِتَا ِ
وَلَا نَصِيًا) ( ،)4/107ذكروا ف شأن نزول هذه الية أن السلمي جادلوا بعض أهل
105
الكتاب فاستدل بعضهم على بعض فقال أهل الكتاب نن أفضل وأقرب منكم إل ال ،لن
رسولنا وكتابنا كان قبل رسولكم وكتابكم .فقال السلمون نن أفضل منكم ،لن رسولنا
أفضل الرسل وخات النبياء وشرعنا ناسخ للشرائع فنلت هذه الية الباركة .يعن أن ما وعد
ال تعال الؤمني من الثواب والجر ل يكون بأمانيكم ول بأمان أهل الكتاب الذين يقولون
جّنةَ إِلّا مَنْ كَا َن هُودًا َأ ْو َنصَارَى) ( ،)2/105الاصل أن أي عمل ل يصحّ
(لَ ْن يَدْ ُخ َل الْ َ
بالمل ،بل السعادة الخروية إنا تكون بالعلم والعمل الصال.
الفلح ل ينال بالمل والتمن بل يصل بالتعب والجتهاد(.)1
جدْ لَ ُه مِنْ دُونِ اللّ ِه وَِليّا وَلَا َنصِيًا)
(مَ ْن َيعْمَ ْل سُوءًا يُجْ َز بِ ِه وَلَا يَ ِ
إذا جاء الناس ف القيامة أخذوا منازلم ف النات بسب أعمالم الصالة
بسب بضاعتك تعطى الثمن ..والفلس يقف نادما.
من زاد عمله الصال زاد ثوابه(.)2
وف الديث الشريف عن المام الباقر (ع) أنه قال :قال رسول ال صَلّى اللّ ُه عََليْ ِه
َوسَلّمَ( :يا بن هاشم يا بن عبد الطلب إن رسول ال إليكم ،وإن شفيق عليكم ،وإن ل
عملي ولكل رجل منكم عمله ،ول تقولوا إن ممد منا وسندخل مدخله ،فل وال! ..ما
أوليائي منكم ول من غيكم ،يا بن عبد الطلب إل التقون! أل فل أعرفكم يوم القيامة
تأتون تملون الدنيا على ظهوركم ويأتون الناس يملون الخرة أل إن قد أعذرت إليكم ف
ما بين وبينكم وف ما بين وبي ال عز وجل.)3()....
نعم ..إن من كان مبعوثا من ال تعال لداية البشر ينبغي أن يكون منهجه هو دعوة
الناس إل العمل وأن يعل الشقاء والسعادة مرتبطة بأعمال الناس مباشرة.
ما هي الشفاعة؟
1
() ترجة لعن بيت شعر ساقه الؤلف
)( 2ترجة لعن أبيات من الشعر الفارسي ذكرها ا الؤلف
)( 3الكاف 8/182
106
الشفاعة هي :سؤال السامة عن ذنب الذنب .وف الصطلح الدين هي عبارة عن
سؤال بعض الصالي ال تعال أن يعفو عن معاقبة الذنبي ويغفر لهل العاصي.
إن النراف ف مفهوم الشفاعة جلب أضرارا كثية لهل الديانات ,وقد ساهم
الكهان ف هذا التحريف لكي يبقوا لم منلة عند الناس.
والشفاعة الشركية الت كان يؤمن با الشركون أصبحت رائجة عند العامة والهّال
صلّى اللّ ُه عََليْ ِه َوسَلّ َم والئمة يقولون (يا عصاة المة
حيث صاروا يعتقدون أن الرسول َ
أحبونا ونن نشفعكم يوم القيامة)(.)1
هذا العمل مالف لدعوة النبياء ومضاد لصول السلم ومناف لقوانينه ,ويلزم منه أن
يكون بعث الرسل لغوا وسُدىً ,فمن غي القبول أن تقول للغلم :يب أن تدرس ف
الدرسة لكن إذا ل تذاكر فل تف من العلم سآت وأشفع لك.
صلّى اللّ ُه عََليْ ِه َوسَلّ َم بنواهي وأوامر من عند ال
هل يكن أن يُتصور أن يأت الرسول َ
ويقول ينبغي أن تتثل الوامر وتتنب النواهي لكن إذا ل تفعل فسأشفع لك هذا مالف
للتربية ومناف لبعث الرسل .السلم قد قطع كل سبب وجعل العمل الصال سببا للفوز
والفلح ،والشفاعة بذا العن مع أنا تنشر الغرور ف الناس ،تتضمن أيضا الشرك الحض.
لكن الشفاعة الت يثبتها الكتاب والسنة هي شفاعة تكون بإذن ال تعال بالشفاعة لن
كان موحدا وحصل على رضى ال تعال ,وبعبارة أوضح لبد للمشفوع أن يكون موحدا
وأن ل يؤمن بشركاء وشفعاء بالعن الشركي الذي ذكرنا ،وأن يأذن ال للرسول بالشفاعة
لذا الشخص.
صلّى اللّ ُه عََليْ ِه َوسَلّ َم يارسول ال من أحق الناس بشفاعتك .قال (أحق
سُئل رسول ال َ
الناس بشفاعت من قال صادقا من قلبه ل إله إل ال).
فجعل صَلّى اللّ ُه عََليْ ِه َوسَلّمَ أكب أسباب نيل الشفاعة تريد التوحيد على عكس ما
() ومن ذلك ما رووه عن الرسول صلى ال عليه وآله وسلم :أنه قال لعلي :يا علي إن شيعتك مغفور لم على ما كان 1
فيهم من ذنوب وعيوب (المال للصدوق ،66بار النوار )65/7
107
يقوله الشركون :تنال بشفاعة النبياء باللجوء إل غي ال تعال.
وببيان أوضح :العقيدة الشركية ف الشفاعة هي عقيدة يعتقدها العوام وهي أنم
يعبدون النبياء والولياء ويشعون ويضعون لم ويبكون ويتضرعون ف مافل العزاء
ويبونم من صميم قلوبم فقط دون أي عمل ,بل ف مقابل ذلك يفعلون آلف العمال
الفاسدة ويعتقدون أنم سيشفعون لم يوم القيامة ,هذه عقيدة الشركي الذين ل يرصون
على العمل الصال أبدا.
ومن خرافات العوام الت يقولونا :إذا أحببت النب والمام وطلبت شفاعتهم فستكون
مستحقا لعفو ال ورحته ،لنم مقربي من ال تعال ومن كانت له علقة مبة بم فسيكون
من يناله الرحة واللطف اللي!!.
شفَ ُع ِعنْ َدهُ إِلّا بِإِ ْذنِهِ) (
أل يعلمون أن الشفاعة مالة بدون إذن ال (مَنْ ذَا الّذِي يَ ْ
صلّى اللّهُ عََليْهِ َوسَلّ َم والئمة (ع) لن يرضى عنه ال ،)2/257فبعد إذن ال يشفع الرسول َ
شفَعُونَ إِلّا لِ َمنْ ا ْرتَضَى) (.)21/28
تعال (وَلَا يَ ْ
إذا ل يكن ال راضيا عن عبد فلن تنفعه شفاعة أحد من الرسل.
الاصل :ينبغي أن تلحظ ثلثة أصول للحصول على النجاة من العقائد الشركية ف
الشفاعة.
أولً :أن الشفاعة مستحيلة بدون إذن ال تعال.
ثانيا :أن ال تعال ل يأذن بالشفاعة إل أن يكون راضيا عن قول وعمل الشخص
الشفوع له.
ثالثا :القول والعمل الذي يُرضى ال عنه هو التوحيد الجرد عن العقائد الشركية
ومتابعة الرسول والسنة السنيّة.
ومن ل تتمع له الشروط السابقة فلن تنفعه شفاعة الشافعي.
قانون أعلنه رسول ال صلى ال عليه وسلم :إن كنت تريد النة من ال فل تسأل
108
أحدا إل ال ..وحينها سأكون شفيعا لك ف جنة الأوى ورؤية ال تعال(.)1
وصلى ال على سيدنا ممد وآله الطاهرين.
109
ف بيان حقيقة السباب وخطأ الناس ف تعاطي السباب ،وبيان ضلل الشركي ف
تركهم التوجه إل مسبب السباب
لقد خلق ال تعال الوجودات ف أكمل مراتب التقان والحكام ،وبقتضى حكمته
فقد جعل لكل موجود سببا ل يكن أن يوجد ذلك الشيء إل بسببه.
والسلم التبع للقرآن ل ينكر السباب أبدا ،لن القرآن صرّح بوجود السباب ( َومَا
ض َبعْدَ َموِْتهَا َوبَثّ فِيهَا مِنْ كُلّ دَاّبةٍ) (،)2/160 أَنزَلَ اللّ ُه مِنْ السّمَا ِء مِ ْن مَاءٍ َفأَ ْحيَا بِهِ الْأَ ْر َ
فلكل شيء سبب ،وبدون السباب ل يستقيم نظام العال ،أب ال أن يُجري المور إل
حوِيلًا) ()2/43سّنةِ اللّ ِه تَ ْ
بأسبابا ،فعمود اللق قائم على هذه السنة (وَلَ ْن َتجِدَ لِ ُ
ولكن لبد أن نعرف بعض الضوابط الهمة التعلقة بالسباب ،وهي:
أولً :أن جيع السباب ف العال ليست عِلّة تامة( ،)1بل الفاعلية القيقية لسبّب
السباب ،فكل ما تراه من السباب فهو مقتضى ومعد( )2والفرق بي العلة والعدّ أن العلة
تعطى الكون والوجود مثلً إذا وجدت العلة يوجد العلول بالتفاق ،وإذا عُدِمت العلة عدم
العلول .لكن العدّ هو الذي ل يوجد إل بوجود العلول ،ول ينعدم بعدمه ،مثل وجود الوالد
للولد ،وجود الوالد ليس علة تامة لولدة البن ،بل ينبغي أن تتمع شروط أخرى أيضا مثل
وجود الم ،وسلمة نطفة الب ورحم الم وعدم وجود الوانع الخرى ،ووجود شروط
مثل الواء والاء والغذاء للم ،فإذا وجدت هذه الشروط وُفقِدت الوانع وُجد الولد .فالب
ليس علّة تامة بل سبب ومعد ول ينعدم الولد بذهاب الوالد( .أََف َرأَْيتُ ْم مَا تُ ْمنُونَ * َأَأْنتُمْ
ح ُن الْخَاِلقُونَ) (أَفَ َرَأْيتُ ْم مَا تَحْ ُرثُونَ * َأأَْنتُ ْم تَزْ َرعُونَهُ َأ ْم نَحْنُ الزّارِعُونَ) (أََف َرَأيْتُمْ
تَخُْلقُونَهُ َأمْ نَ ْ
الْمَا َء الّذِي تَشْ َربُونَ * َأَأْنتُمْ أَنزَْلتُمُو ُه مِ ْن الْمُ ْزنِ َأمْ َنحْ ُن الْمُنِلُونَ) (أَفَ َرَأْيتُ ْم النّا َر اّلتِي تُورُونَ *
() العلة التامة :ما يب وجود العلول عندها ،وقيل العلة التامة جلة ما يتوقف عليه الشيء ،وقيل هي تام ما يتوقف عليه 1
وجود الشيء بعن أنه ل يكون وراءه شيء يتوقف عليه(.انظر التعريفات للجرجان ص ( )154خلصة علم الكلم ص
)36
() العد :هو ما يتوقف عليه الشيء ول يامعه ف الوجود كالطوات الوصلة إل القصود فإنا ل تامع القصود(.انظر: 2
التعريفات/الرجان ص )219
110
ج َرَتهَا َأ ْم نَحْنُ الْمُنشِئُونَ) ( ،)56/59فالعلة القيقية هي ال تعال ،إذا رفع
َأأَْنتُمْ أَنشَ ْأتُ ْم شَ َ
عنايته عن العال يعود العال إل عدمه الزل (ل تأخذه ِسَن ٌة ول نوم) ( ،)2/257على هذا
فإن السبب العيّن غي مستقل ف حصول الطلوب بل ينبغي أن يُض ّم معه سبب آخر وترفع
الوانع أيضا حت يصل الطلوب.
ينبغي للشخص الوحّد أن يعتقد بأن السباب ليست مؤثرة بذاتا ،كما ينبغي له أن ل
يعطل السباب ،بل مع تسكه بالسباب يعتقد بأن مسبب السباب هو الفاعل القيقي.
وفرق بي تعطيل السباب وخلع السباب ،والوحد يلع السباب ،ويعلم بأن ال
مسبب السباب ،ويهيئ السباب بالقدر القدور ،لكن الشرك ينظر إل السباب وينسى
السبب.
(خلق ال تعال السباب بإتقان ،إل أن الناس أعرضوا عن مسبب السباب)(.)1
جاء ف بعض آيات القرآن الكري إثبات أثر السباب ،كما وردت آيات أخرى
بنفيها ،وف هذا إشارة أن السباب غي مستقلة.
والناس إضافة إل ما عندهم من الشركيات فقد ابتلوا بشرك السباب ،فأصبحوا
يعتقدون أن كل سبب قاضيا للحاجات.
(أنا ف حية من يقدس السباب..كما أنن أتعجب من يلغي السباب..أريد أعينا
تنظر إل السبب وإل من بيده السبب ..عندها سنعرف أن السبب ل شي بدون مسببه..
فكل خي وشر إنا يقع بإرداة ال ،وأما الوسائط فهي أسباب ليست مستقلة(.)2
ثانيا :يب أن توجد مناسبة وعلقة واضحة بي السبب والسبب ،وليس كل شيء
يصح أن يكون سببا لي شيء ,فينبغي أن تكون ثة خصوصية وعلقة بي العلة والعلول،
والسبب والسبب ,وإذا ل نقل بالصوصية والناسبة بي السبب والسبب فيلزم الرج
واللل ف العلل والعلولت فيصي أي شيء علة لشيء بدون الناسبة ،وهذا باطل.
111
ل توجد مناسبة بي النار والحراق فل يكن أن تكون النار سببا للبلل ،وبذهفمث ً
الواسطة والعلقة الاصة الظاهرة بي الوجودات يستطيع النسان أن يعلم الوجودات ويقق
القائق ،إذا ل تكن علقة ومناسبة بي الشياء يتنع التعليل والستدلل ،وإذا ل توجد
مناسبة وخصوصية فينبغي أن يكم بنفي السببية.
وللحكم بسببيّة شيء لشيء يوجد طريقان:
الول :التجربة
مثلً إذا كررنا تربة إشعال النار فرأيناها ترق غالبا ،حكمنا بأن النار مرقة ،وطريق
التجربة طريق صحيح ف الثبات ،ورقى البشر وتكاملهم ف الاديات بذا الطريق.
الثان :الوحي .أحيانا ل تؤدي التجربة إل كشف بعض السباب ،ولكن يأت الوحي
بإثبات ذلك ،،ومثال ذلك جاء الوحي ببيان أن العمال الصالة سببا للسعادة الخروية،
وأن العمال السيئة سببا للشقاء الخروي .وبذا نعلم أن لكشف السببية طريقان :التجربة
والوحي.
النسان يقع ف الطأ ف تعيي سببية بعض الشياء بل برهان من الوحي أو تربة
صحيحة ،مثل أن يقول العطسة علمة للصب ،وأن رقم الثالث عشر يلزم النحس.
والاصل أن ف قضية السببية يداخلها خللن:
الول :أن يتصور النسان شيئا من أسباب العال عل ًة تام ًة غي متعلقة بشيئة ال تعال.
كم من رجل يظن أن رزقه متعلق بشيء من السباب ..وينسى أن الرزق من الرزاق.
وللسف ند بعض العلمانيي يدخلون على السلمي من هذا الباب ،فيقولون للناس:
العممون الهال يعلمونكم أن الدعاء الفلن أو النذر علة تامة لصول الاجة الفلنية وهي
ل تتحقق أحيانا .والشخص الاهل قد ينشغل بذا السبب ول يصل إل النتيجة الذكورة
وينتكس على الدين ويكذب ما جاء به دينه فيعتقد بأن الدعاء غي مؤثر مطلقا ،وحقيقة
المر أن هذا ل يعلم أن الدعاء ونوه ليس علة تامة بل سبب غي مستقل بذاته وبعبارة
النطقيي يسمى ( ُمعَدّ).
112
الطأ الثان :هو ف فهم السببية والناسبة بي العلة والعلول ،حيث يظن الناس بغفلتهم
أن أي شيء يكن أن يكون علة لشيء .وهذا الطأ صار سببا لوجود الرافات :مثل
العتقاد بأن نعل اليل سبب لتوسعة الرزق ،وأن خات العقيق دافعا للبليا واعتقاد أن قدر
سنو (نوع طعام) شافيا ،أو اعتقاد أن ذلك علمة السعد ،وذاك الشيء علمة للنحس ,ومثل
هذه العقائد علوة على أنا شرك بال تعال أصبحت سببا لنطاط العقل ،وحية الفكر,
والعتقد لذه المور ياف من كل شيء ويرجو من كل موهوم ،ودائما يتمسك بالسباب
الوهية ,قد أُغلق عليه باب الستدلل العقلي فهو تائه متحي ،ل يدري ماذا يفعل ،وأين
يلتجئ ،خائف من كل ريح وصاحب كل باطل (صم بكم عميّ فهم ل يرجعون)()2/1
113
بداية عبادة الصنام ف البشر
سبب عبادة الوثان واتاذ الصنام أمران:
الول :عبادة النجوم كما بيّنا ف باب تري التنجيم.
والثان :عبادة الموات.
كان التقدمون إذا دفنوا ميتا يظنون أنه يبقى حيا تت التراب فيدفنون معه أشياء
كثية ,فمثل كان اليونان إذا دفنوا اليت ينادون روح اليت باسه ثلث مرات ،ويدعون له
بأن يعيش تت الرض بسعادة ،ويقولون له ثلث مرات (ترافقك السعادة وتبعد عنك
الموم) وكانوا يعتقدون ببقاء النسان تت التراب إل حد أنم يسبون أن الموات يسون
كالحياء تاما.
وأما تعاليم السلم فهي تنص على أن الروح تكون ف عال آخر غي عال التراب،
وهذا العال يُسمى عال البزخ ،يكون فيه اليت معذبا أو منعّما ،وكان القدماء اليونان
يكتبون على وجه القب (هذا مرقد فلن) وهذه العبارة وصلت إلينا بعد قرون ،فهي الن
متداولة ،فهي من بقايا العقائد القدية لولئك ،مع أن أي مسلم اليوم ل يعتقد بأن القب
مرقدا أبديا للوجود.
وبعض القدماء كانوا يؤمنون بياة النسان تت التراب ،ولذا كانوا يدفنون مع اليت
بعض الغراض ،كاللبس والغراض وآلت الرب ،معتقدين بأن الموات متاجون إل
هذه الشياء بل كانوا يصبون المر على قب اليت حت ل يعطش .ويتركون الكل حت ل
يوع ،وكانوا يقطعون رؤوس خيله وعبيده ويدفنونا مع اليت ف التراب حت يدموه كأيام
حياته.
وبناءً على هذه العقيدة كانوا يرون دفن اليت واجبا لن الروح منوطةً بالسد،
وحينما يوضع ف قبه يبدأ بياة أخرى .وكانوا يعتقدون بأن السد إذا ل يدفن فإن الروح
تبقى حيانة ليس لا مكان معي ,وتكون على صورة الشباح الت ل تد الراحة فتصي
شرسة تؤذي الحياء بالمراض وإهلك الزروع وإخافة الناس..إل أن يدفن جسد هذه
114
الروح (الشبح) الت تولت إل شيطان مؤذٍ.
وكما قلنا إن كثيا من البشر ف العصور السابقة كانوا يؤمنون بآداب ومراسم خاصة
لدفن اليت ،ويتعاظمون عدم دفن اليت ،بل يرون ذلك أصعب من الوت براتب ،لن القب
ف عقيدتم كان ملً للسعادة البدية.
وبعض الضارات القدية كانت قوانينها تعاقب كبار الجرمي والذين يالفون القواني
برمانم من الدفن بعد الوت ،وكان هذا من أشد السياسات(العقوبات) عندهم ،لنم بذا
الطريق كانوا يرون أنم يازون روح القصر لينتهي إل العذاب البدي.
فكان أول التصور القدي لدى بعض المم هو أن النسان يعيش تت التراب بسده
وروحه .فعندهم أن حياته تت التراب ل تتلف عن الاله الول قبل موته ،ولذا كانوا
يأتون للميت بالطعام ونوه.
عبادة الموات:
ل يض زمان حت تطورت تلك العقائد الرافية ،فقالوا :إن الموات سيكونون
متاجي إل الكل والشرب باستمرار ،وهذا يسبب حرجا للحياء ..فمن هنا لأوا عبادة
الموات.
ولا كان الموات من القدسات لدى بعض القدماء ,أخذوا ينسبون إليهم أفضل
الصفات وأعلها .وكانوا يؤمنون بأن الموات صالي وسعداء ومطهرين ،وكانوا يأمرون
باحترامهم كما يترم الرب سبحانه وتعال بل فرق بي الموات.
وكان اليونانيون يعتقدون ف الموات أنم آلة تت الرض ،وكانت قبور الموات
معابد لم .وهذا العمل كان رائجا ف الند مثل ما هو رائج ف الروم واليونان ،والنود
وكانوا يصنعون طعاما لمواتم باسم (سرادها) ،ويأمرون كل صاحب بيت أن يصنع هذا
الطعام الذي يتكون يتألف من الرز والليب وأصول الشجار وبعض الفواكه ,من أجل
التّرحم على الرواح ،وكان التوحشون ف أفريقيا والند واليونان يعتقدون ف أمواتم أنم
آلة سعداء ،ولكن يرون سعادتم تكمن ف أن ل يقصر الحياء ف عمل اليات والبات
115
ويظنون أنه إذا ل يهيأ السرادها ليت ترج روحه من مرقده يتيمة حيانة وتسبب أذىً
للحياء ،ولذا صارت الرواح عندهم معبودة.
فبان أن عبادة الصنام من أقدم مذاهب البشر ,وأن القبور كانت مكانا لكثي من
العبادات الت يؤديها الناس للموات كالنذر والنحر والضحية وطلب الاجات ورفع
الكربات من أصحاب القبور.
الحكام الت وضعها السلم لفظ التوحيد وسد طريق عبادة القبور
أول :المر بتسطيح القبور:
روى الشهيد الول ف كتاب الذكرى عن أب الياج أنه قال :قال علي (ع) أبعثك
على ما بعثن عليه رسول ال (أن ل تدع قبا مشرفا إل سوّيته ول تثالً إل طمسته)(،)1
وأيضا يقول الشهيد ف الذكرى أن الرسول الكرم صَلّى اللّ ُه عََليْهِ َوسَلّمَ سطّح قب ابنه
إبراهيم( .)2ويقول أيضا قال قاسم بن ممد رأيت قب النب الكرم َ
صلّى اللّ ُه عََليْ ِه َوسَلّمَ
والشيخي كان مسطّحا ،ويقول أيضا :كانت قبور الهاجرين والنصار ف الدينة النورة
مسطّحة(.)3
وعن جابر رضي ال عنه قال :نى رسول ال أن يصص القب أو أن يبن عليه أو أن
يقعد عليه(.)4
وف الفقيه عن الكاظم إذا دخلت القابر فطأ القبور فمن كان مؤمنا استروح إل ذلك
ومن كان منافقا وجد أله(.)5
() انظر :مسلم ،3/61وانظر كتاب مستند الشيعة للنراقي ،3/273جواهر الكلم للجواهري ،4/316وسائل الشيعة، 1
كشف اللثام للهندي 2/395
() انظر تذكرة الفقهاء للحلي .1/552
)( 3سنن أب داود ،3/215وانظر تذكرة الفقهاء للحلي 2/97وقد نقل النراقي ف مستند الشيعة عن صاحب النتهى
برواية القاسم :رأيت قب النب صلى ال عليه وآله وسلم والقبين عنده مسطحة ل مشرفة .مستند الشيعة 3/273نقل عن
النتهى .1/462
4
() مسلم 2/667وانظر :وسائل الشيعة 2/869
)( 5من ل يضره الفقيه للصدوق ,1/115ذكرى الشيعة ،2/37وسائل الشيعة 2/885
116
ورُوى علي بن جعفر عن موسى بن جعفر أنه قال :ل يصلح البناء عليه(.)1
ثانيا :إذا خرب القب فل يدد ول تصص.
َروَى أصبغ بن نباته عن أمي الؤمني (ع) أنه قال :من جدد قبا أو مثل مثالً فقد
خرج من السلم( .)2عن الصادق (ع) عن النب صَلّى اللّ ُه عََليْ ِه َوسَلّمَ أنه قال( :ل تبنوا على
القبور ول تصورا سقوف البيوت)(.)3
ثالثا :نى السلم عن العبادة والصلة ف القبور.
جاء ف الديث الصحيح والنقول ف كتب الطوائف السلمية أن الرسول الكرم
صَلّى اللّ ُه عََليْ ِه َوسَلّمَ قال( :ل تتخذوا قبي قبلة ول مسجدا ،فإن ال تعال لعن اليهود
اتذوا قبور أنبيائهم مساجد)( ،)4وأيضا يروى الشهيد ف الذكرى عن الصادق (ع) أنه قال:
(ل تلسوا على القبور ول تصلوا عليها)(.)5
وعن ساعة أنه سأله عن زيارة القبور وبناء الساجد قال زيارة القبور ل بأس با ول
يبن عليها(.)6
وأجع الفقهاء على أن الصلة إل القب أو على القب مكروهة ،ويرى ابن بابويه أن
الصلة على القب حرام ،ويقول الحقق الثان ف جامع القاصد إن الشيخ الفيد والشيخ
الطوسي يريان مطلق الصلة ف القبور مكروهة ،ولو كانت عند قب المام عليه السلم.
زيارة قبور الؤمني
117
كل الخبار الت سبقت جاء با الشرع لسد طريق عبادة الصنام لكيل يعبد الناس
القبور ،أما مرد زيارة قبور الؤمني فل حرج فيها ،بل الزائر مأجور عند ال ،فقد وردت ف
أحاديث كثية ف فضل زيارة القبور .خاصة قب الوالد والوالدة.
وف زيارة القبور فائدتان:
الول :فائدة َتعُمّ اليت والزائر وهي أن يسلم الزائر على اليت ويسأل ال تعال
لصاحب القب الغفرة ورفع الدرجة والنلة .وهذا الدعاء يكون بنـزلة الصلة على اليت،
وهذه الزيارة الشرعية ،فقد قال رسول ال صَلّى اللّ ُه عََليْ ِه َوسَلّمَ لصحابه إذا زرت القابر
فقولوا :السلم عليكم أهل ديار قوم مؤمني وإنا إن شاء ال بكم لحقون يرحم ال
الستقدمي منا والستأخرين ،نسأل ال لنا ولكم العافية ،اللهم ل ترمنا أجرهم ول تفتنا
بعدهم(.)1
جاء عن رسول ال صَلّى اللّ ُه عََليْ ِه َوسَلّمَ أنه قال( :ل يسلم أحد على قب مؤمن كان
يعرفه ف الدنيا إل أذن ال لروح الؤمن أن ترجع إل بدنه ويرد سلمه)( ,)2ويثيب ال تعال
كل مؤمن يدعو للميت كما يثيب من يصلي عليه حي يوت ،ولذا السبب نى ال تعال
عن زيارة قبور النافقي (وَلَا ُتصَ ّل عَلَى أَحَ ٍد ِمْنهُ ْم مَاتَ َأبَدًا وَلَا َتقُ ْم عَلَى َقبْ ِرهِ إِّنهُمْ َكفَرُوا
بِاللّ ِه وَ َرسُولِهِ َومَاتُوا َوهُمْ فَا ِسقُونَ) ( )../9وف زيارة القبور ل ينبغي أن تسأل الاجة من
الموات ول يتوسل بم ،بل يطلب لم الغفرة والرحة من ِقبَل الزائر لصاحب القب.
الثانية :الذكرى والعبة للزائر الت تصل عندما يشاهد كم دُفن ف هذه القبة من
أجل الشباب ،والتكبين وأهل العز الثراء والظَلَمة ،وآخرين من العلماء والفلسفة
والسلطي ،ولكل واحد منهم كانت له أمان وآمال وقد ذهبوا با ف التراب ،وقد صيّر
التراب الغن والفقي والعال والاهل واللك والفقي كلهم ف مكان واحد ،فمن وقعت عينه
على الموات ومَنْ فكر ف وضعهم الال أدرك أن الدنيا العجوز الت هو عروس للف
() انظر روايات دعاء زيارة قبور الؤمني بصيغ متعددة ف الكاف 3/229وسائل الشيعة 3/25من ل يضره الفقيه 1
1/114كامل الزيارات ابن قولويه 531
() رواه ابن عبد الب عن ابن عباس بسند صححه ابن كثي ف التفسي 3/447 2
118
البشر ل تفي لحد ،ومن أدرك ذلك ق ّل هه وغمه ،وارتاح تفكيه ،ونسي آماله ورُزِق
السكينة وطابت نفسه من الدنيا وما لدى أهلها.
يقول السيد عبد ال :انظر إل القبة ول تكن من الغافلي مثل أهل الهواء لترى
بعض القابر والزارات فيها مئات اللوف من أصحاب النعمة والاه كلهم اجتهدوا وسعوا
وغدوا ف نار الرص والهواء ولبسوا قلنس مرصعة بالواهر وجلسوا على موائد النعم
وشربوا بأوان الذهب والفضة ،وجعوا الال بشتّى الطرق ،ولكنهم ف النهاية ماتوا وذهبوا
بالسرات ،ملئوا الخازن وغرسوا حُب الدنيا ف قلوبم ,وف النهاية ذهبوا وتركوا كل شيء
ليدخلوا من باب الوت ويشربوا من كأسه على يد ساقي الجل.
أيها العزيز فكّر ف الوت وجدّ بالعمل وإل ويلك من جهنم ،واعلم أن أصحاب
التراب يطلبون دعاءك ويقولون بلسان الال أيها الشباب الغافلون والشيوخ الفرطي إنكم
ماني ل تدركون أننا نائمون ف التراب ،قد غطت وجوهنا الكفان ،ل يض زمن يسي إل
ونسينا الناس ،كنا نسي على بساط الدنيا الغَرُور بكل سرور ،ونِمْنا على أبى السُرُر ،وف
النهاية ذقنا تلك الشربة الرّة (شربة الوت) ،فلم نرَ وفا ًء من الياة الدنيا حت أيقنا القيقة لا
رأينا أنفسنا ملقون على التراب كأنا نثرتنا الرياح على تراب الحن ،فلم يتنفعنا الهل
والعيال ،ول الثروة والال ،فنحن الن موقنون بذه الندامة ،وليس أمامنا إل يوم القيامة.
والن ليس لنا جاه ول فراش ،ول مال أو قماش ،ول إمكانية لبداء الندامة أو
العتذار ،كلنا ف قبضة السرات وحظنا من الدنيا حرمان ..وأما لمنا وجلدنا فهو من
نصيب الديدان.
يا حسرتنا فقد كنا ف غالية المكانية والختيار وبي يدينا جوهر الراد وهو العمل
والستعداد ،ولكننا ل نيّز ول ندرك القيقة فكانت النتيجة أن وقعنا ف أشدّ ضائقة ،أسلمنا
أرواحنا فل فرصة لنا..
إن كنتم عقلء فانظروا إل حالنا الن ..كل واحد منا قد غطته ظلمات ،ظلمة الندامة
وفوقها ظلمة القب..نتضرع طلبا للرجوع ..وننوح ونبكي دون فائدة.
119
أيها الحبة :توجّهوا إل الطريق وانظروا حالنا ليس لنا ذكر ول رسم ،قد انقطعنا
عنكم ,فأشباحنا فاسدة ،وبيوتنا خربة ،ومنازلنا ومتجرنا كاسدة ،قد ناب على فراشنا زوج
آخر ،وأيتامنا ضاعوا ،أكل التراب خدودنا وجفّت وردة وجوهنا ،اختلطت شفاهنا
بالتراب ،وسقطت أجسادنا ف اللحد ,سكت لساننا وأغلقت أفواهنا واشتبكت أعضاؤنا،
وطار طائر الروح من رؤوسنا ،ونبت نبات السرة من أزهارنا ونن ف ظلمة التراب وأنتم
ف نوم الغفلة(( ..إن ف ذلك لعبة لول اللباب)) .انتهى.
خلصة الكلم أن ف زيارة القبور موعظة كبيةً للنسان ،قال رسول ال( :كنت
نيتكم عن زيارة القبور أل فزوروها فإنا تذكّر الخرة)( ،)1كان النهي الول من رسول ال
صَلّى اللّ ُه عََليْ ِه َوسَلّمَ ليمنع الناس من عبادة القبور ،ويفظ التوحيد ،وحينما رأى أن الناس
قد استقاموا على التوحيد وأدركوا أنه ل ينبغي أن تطلب الاجات من القبور؛ أمر صلى ال
عليه وآله وسلم بالزيارة وبيّن الكمة والغرض من زيارة القبور وهي التذكر بيوم القيامة،
صلّى اللّ ُه عََليْ ِه وَآله وسَلّمَ( :زوروا القبور فإنا تذكر الوت)(.)2
ولذا جاء عنه َ
وقد وردت أخبار كثية تث على زيارة القبور ومنها قب الرسول الكرم وقبور الئمة
الهديي سلم ال عليهم أجعي ،وهذه الخبار الواردة ف كتب السنة والشيعة تذكر أن
زيارتم ملوءة با ينفع ف الدارين ،وأن فيها أسرارا كثية ل يتسع ذكرها أختصرها با يلي:
أولً :إن زيارة الرسول الكري والئمة سلم ال عليهم أجعي فيها أجر جزيل للزائرين
ف حياتم ،وكذلك زيارتم بعد وفاتم تتضمن ثوابا جزيلً ،والدليل ما جاء عن الرسول ال
صَلّى اللّ ُه عََليْ ِه َوسَلّ َم أنه قال( :ل يسلم أحد على قب مؤمن كان يعرفه ف الدنيا إل أذن ال
لروح الؤمن أن ترجع إل بدنه ويرد سلمه)( )3فإذا كان الؤمن اليت يرد السلم على من
يسلم عليه فإن رسول ال والئمة من يرد السلم على من يسلم عليه ,فأشهد يا رسول ال
() مسلم , 2/672وانظر :علل الشرائع , 2/439بار النوار , 10/442العتب للحلي , 1/339الدائق الناضرة 1
للبحران 10/21
() مسلم ،2/671وانظر :ذكرى الشيعة 2/62 2
)( 3سبق تريه
120
أنك تسمع سلمي وترد عليّ(.)1
الثان :أن هذه البقاع الباركة ملٌ للتوجه إل ال تعال ومكان لنـزول الرحة
ومواضعٌلستجابة الدعاء ،وخاصة قب أب عبد ال السي لسيما تت قبته(.)2
الثالث :ومن أسرار زيارة قب الرسول صَلّى اللّ ُه عََليْهِ َوسَلّ َم والئمة الداة سلم ال
عليهم أجعي أنه إذا ورد النسان على تلك البقاع الباركة تنـزل ف قلبه فضائل ومكارم
الخلق ،لن الشخص الزائر يتذكر ف نفسه التضحيات والنازل الرفيعة لؤلء العظماء،
فيتعلم الزائر وهو بقرب ذلك القب من صاحب القب دورا تأرييا هو مل للفخر .نعم هذا
التذكر والتدبر لسية صاحب القب يعطي الزائر دافعا روحيا للتأسي وكأن صاحب القب
يقول لزائره :لقد ُكْنتُ شخصا موحدا ..ل أعتقد غي ال تعال قاضيا الاجات رافعا
الكربات ،ول أتوسل بأحد من عباده ,وكنت عفيفا شجاعا تقيا مضحيا ،وكنت أقول الق
ل أخش من لومة لئم فأمرتُ بالعروف ونيت عن النكر ،فزيارتك مقبولة إذا تأسيت ب
وصرت صاحب صفات طيبة وملكات فاضلة.
إذا حققنا الزيارة بذه الصورة فإن كل بقعة من البقاع الباركة ستكون مدرسة للتربية
والتعليم ,وهذا هو لبّ الزيارة ومقصودها العظم ل كما يتصوره عامة الناس.
وأنا لّا وفقن ال تعال وشرفن بزيارة قب رسول اله صَلّى اللّ ُه عََليْ ِه َوسَلّ َم وروضته
وتلك القبة الباركة ،ولّا رأيت نفسي ماذيا للضريح القدس هجمت عليّ سلسلة من
() عن أب هريرة رضي ال عنه قال قال رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم( :ما من أحد يسلم عليّ ،إل ردّ ال عليآ 1
روحي حت أرد عليه السلم) رواه أبو داود ( )1/319وأحد ( )2/227وقال النووي إسناده صحيح (رياض الصاحي
ح )1409
)( 2الصل أن ل نثبت خاصية استجابة الدعاء لي موضع إل بدليل شرعي صحيح ،لن هذا من المور التوقيفية الت ل
تثبت بالعقل وقد ثبت الدليل ف تعيي بعض الماكن وبعض الزمان بأنا مظانّ استجابة ،كوقت الثلث الخي من الليل،
واللتزم -بي الجر السود وباب الكعبة -وغيها ،ول يثبت الدليل على تعيي أي قب بأنه موضع لستجابة الدعاء.
ولتوضيح هذا المر نقول :الدعاء عند قبور الصالي قد يصل اتفاقا كمن يزور قب مسلم فيسلم عليه ويدعوا لنفسه وللميت
فهذا مشروع ،وقد يقع بقصد وتري بيث يقصد النسان الذهاب إل قب معي ليدعوا عنده ويطلب حاجاته اعتقادا
ببكة الوضع وأن الدعاء مستجاب هناك فهذا منهي عنه لنه وسيلة إل عبادة صاحب القب ،كما أنه نوع من اتاذ القبور
مساجد (الحقق)
121
الواطر وأخذتن عظمة رسول ال صَلّى اللّ ُه عََليْهِ َوسَلّمَ وأخذن كبياء صاحب القب
صلّى اللّ ُه عََليْ ِه َوسَلّ َم يتلو كتاب ال بصوت حسن ولن
وقداسته ،فكأن قلب رأى رسول َ
ت سنينا من تأريخ هذا
جيل ,ومر على قلب أحداث حياته مرورا سريع كالبق ،فتذكر ُ
الشخص الكبي وأيام غربته وظلم أولئك الوحوش وأذيتهم له ،ومرّ ف خاطري أيام صبه
وحلمه وعظمته فتملكتن هيبة للرسول الصطفى صلى ال عليه سلم ,وحاولت أن أقول
السلم عليك يا رسول ال السلم عليك يا صاحب السكينة فانغلق لسان ول أستطع أن
أقول شيئا وبدأ قلب يضطرب وغلبتن حالة ل أقدر أن أشرحها ..وف تلك اللحظات رأيت
الشخص السؤول عند القب الشريف وقد تنبّه على حال فأخذ بيدي وأقعدن ف زاوية وقال
شيخنا تفضل اجلس هنا.
صلّى اللّ ُه عََليْ ِه َوسَلّ َم والئمة خواص قلّما يعرفها
خلصة الكلم أن لزيارة قب الرسول َ
الناس.
اللهم ارزقنا حج بيتك الرام وزيارة قب نبيّك وقبور الئمة الطاهرين برحتك يا أرحم
الراحي.
122
سبب ظهور الوثان وعبادتا
سبق وأن بينا ف طيات صفحات هذا الكتاب أنّ القبور كانت منذ زمن بعيد ملً
للعبادة لدى بعض المم ,ث ما لبثوا إل وعبدوا الصنام ,وكان الصنم ابتداءً نعشا منّطا من
(الشمع) ,والتحنيط هو :أنم كانوا يرجون أحشاء وأمعاء اليت ويلؤن بطنه من الدوية
مثل الزرير والسك والعنب والكافور والقصب الندي والصندل لكي يكون مصونا من البلى
والفساد ،وكانوا أيضا يضعون موضع عينيه حجرا لمعا مثل الياقوت ،ولا رأوا أن التحنيط
ل يفظ تاما قاموا بنحت مسم للميت من الجر فعبدوه أو كانوا ينقشون صورته على
تابوت أو على قب اليت فيعبدونه ويُخب ال تعال ف القرآن الكري عن هذه السألة (وَقَالُوا لَا
ق َونَسْرًا) ( ،)23-71/22هكذا ث َويَعُو َ
تَذَ ُرنّ آِلهََتكُ ْم وَلَا تَذَ ُر ّن وَدّا وَلَا ُسوَاعًا وَلَا َيغُو َ
قال روحانيو العبد وكهّانه لعوامهم وجهلتهم ,وقد قال مققو السلف كانت هذه أساء
خسة أشخاص صالي قبل نوح عليه السلم ،وكان الناس يبونم ويلونم لا لديهم من
الديانة وبعد موتم صوّروا لم تاثيل من الشجار والحجار فكانوا يعظمونا ث عبدوها مع
مرور الزمان.
فعلم من هذه الية الباركة أن عبادة الصنام كان أولا عبادة الموات.
عبادة الحجار:
ل تكن عقائد التقدمي من الوحشيي مبنية على براهي وأسس منطقية ،ولذا كانوا
يدخلون ف عقيدتم كل ما يطر ف نفوسهم بيث يصبح بعد ذلك جزءا من دينهم ،وكان
لبعد العهد وتطاول الزمان أثر ف إعطاء هذه الوهام صفة القداسة ،فالنسان قديا كان يعبد
الشخص اليت كما سبق بيانه ،يقّدم له الطعام وكثيا ما يدفن اليت ف بيته ليعبده وكان
يغطي القب بالجر ويضع عليه الطعام وهذه العادة هي الت أدخلت تقديس الحجار تدرييا
فكان ورثة اليت يتصورون أن ف الجر خاصية وأن الجر لا جاور اليت صار مقدسا
فتطور المر بعد ذلك إل عبادة الجارة ومنها مناة واللت الت كان العرب يعبدونا.
عبادة الشجار
123
أصل عبادة الشجار من عبادة القبور ،لن النسان الول ما كان يعرف الزراعة،
وكان عيشه منحصرا بصيد الساك واليوانات ول يعرفون أنّ أصل الشجر بذرةً ومن جهة
ثانية كانوا يعتقدون أن اليت يوع ف القب وكانوا يضعون له الغذاء من الفواكه والبوب
وبعد فترة كانت تنبت هذه البوب وتنمو وكان يعلل ذلك بأن روح اليت قد رُضي عنها،
و ُجوِزَيت بتظليل الشجار والفاكهة للحياء ،ومن هنا وُجد ف البشر تقديس الشجر
وعبادته.
124
تري التماثيل والجسّمات حايةً للتوحيد
من المور الت منع منها السلم هو صنع التمثايل الجسّمة أو النقوشة على الحجار،
والحاديث الذكورة ف الفصل السابق شاهدة على ما نذكر من قبيل قوله صلى ال عليه
وسلم( :ول تثالً إل طمسته)( ،)1وقوله( :من مثّل مثالً فقد خرج من السلم)( ،)2وقوله:
(كل مصوّر ف النار).
كان سبب ني السلم عن هذا العمل كما بيّنا أن أصل عبادة الصنام كان عبادة
الموات ،فكانوا ينّطون اليت الذي يعبدونه فيبقى إل فترة ،ولا رأوا أن التحنيط ل يفظ
اليت إل البد قاموا بنحت صورة اليت على حجر أو نقشوا صورة اليت على حجر
فعبدوه وتبكوا به ،وكما ذكرنا ف عقائد الصابئة أنم جعلوا صورا للروحانيي والنجوم
وعبدوها.
صلّى اللّهُ عََليْهِ َوسَلّ َم منع من صنع التمثايل الجسّمة أو النقوشة على
ورسول ال َ
الحجار ونوه منعا من الوصول إل عبادة الصنام ،وحاية للتوحيد ،فحرمة هذا العمل
ليست ذاتية ،بل لماية عبادة ال.
والعجب أننا أهل التوحيد استوردنا جيع مظاهر الوثنية ول نعت با جاءنا به السلم،
ونسينا الفطرة التوحيدية ،ول نترك لنفسنا العتزاز بالتوحيد ،وذهبنا نتقرب بالحجار
والخشاب ونتوهم النازل لا وننذر ونضحّي لـ(نل) -وهوصنم صنع بشكل النازة وله
صورة مهيبة ،-ولـ(علمة) -بشكل صليب النصارى -وعظّمنا وبّلنا كل صورة مزورة
زعموا أنا لحد الصالي ..والنتيجة أننا أعرضنا عن حقائق الدين مع أن تعظيم صورة
الرسول صَلّى اللّ ُه عََليْهِ َوسَلّ َم والتبك با أو بالصالي حرام أيضا ،وَقصْد الشارع ف تري
هذين المرين هو ما ذكرنا من قبل( ,)3ولكن مع السف أصبح كثي من الناس يتبكون
بكل صورة مترعة يعزونا إل أحد الصالي حت أن بعض الناس يعلقون هذه التصاوير ف
125
غرفهم ويعظمونا ويشعون لا ،ومع أن هذا الصنيع وثنية واضحة ل تأت بي ،قفي مقابل
هذا نن لو علّقنا بد ًل منها بعض النصائح أو الواعظ القرآنية أو أقوال أئمة السلم لكان
أنفع بكثي ،لن كل من سيقرأها سيستفيد جانبا من الخلق والفضائل ،وإل فما الفرق
أولئك وبي الوثنيي والنصرانيي! الوثنيون يتبكون بالشب والجر ،وهؤلء أيضا يتبكون
ببعض الشجار ،وأحجار هي ف القيقة مواضع تطأها القدام ،والنصارى يتبكون بصورة
السيح ومري ونن نتبك بصور مزورة لصالي أمتنا ،ومن المور الخزية أن كل واحد يلفق
صلّى اللّ ُه عََليْ ِه َوسَلّ َم أو للئمة فبعضهم يرسها
صورة متلفة ويدعي أنا للرسول الكرم َ
بصورة الشاب الميل ،وأخر بصورة العرب البدوي ،وأحيانا بصور الشيخ الزاهد ،ومثله
سائر الصالي يصورون الواحد بصور متناقضة ،والمر الخر الذي يدل على عِظَم الهل؛
هو ما يتعلق بسيف عليّ رضي ال عنه السمى (ذو الفقار) حيث يرسونه ف يد علي (ع)
بصورة سيف ذي رأسي ول يعرفون ما حقيقته؟ وما هي فائدة السيف ذي الرأسي ف
الرب؟ ث كيف يُدخل هذا السيف ف الغمد( .ذو الفقار) كان سيف عاص بن منبه الذي
ُقتِل ف غزوة بدر فأخذ ذلك السيف رسولُ ال صَلّى اللّ ُه عََليْ ِه َوسَلّ َم وأعطاه لمي الؤمني
ومعن (ذو الفقار) هو السيف الذي عليه حزوز(.)1
[ نداء ]
ف عليّ ..فكيف يعرفوك أو يعرفوا حال الرسول وأئمة
إلي إن هؤلء ل يعرفون سي َ
الدين؟
يا رب هل سيأت يوم يفهم هؤلء الهلة معان القرآن ومعان سنة الرسول؟
إلي ..هل ننتظر الخلق والداب من أناس ليس لديهم علم بالتوحيد ول يعرفوا
الرسول وعليا والئمة ،ول يفهمون القرآن.
خلصة الكلم :أن خات النبيي نى عن السُتُر الت تمل تصاوير تُعظّم وعن صنع أي
() الفقار :هو ا ُل ْفَتقَر من السيوف الذي فيه حزوز مطمئنة عن متنه ،يقال :سيف ُمفَقّر ،وكل شيء حُزّ أو ُأثّر فيه فقد ُفقّر 1
وف الديث كان سيف النب صلى ال عليه وسلم ذا الفقار ..شبهوا تلك الزوز بالفقار ,قال أبو العباس :سي سيف
رسول ال صلى ال عليه وسلم ذو الفقار لنه كانت فيه حفر صغار حسان(.لسان العرب .)5/63
126
تثال يقدس لن ذلك يزلزل عمود التوحيد ويبعد البشر عن طريق العبودية ل تعال وصلى
ال على سيدنا ممد وآله الطاهرين.
127
التوحيد مبدأ الفضائل
قال ال تعال( :كلمة ل إله إل ال حصن فمن دخل حصن أمِن مِن عذاب)(.)1
إذا طالعتم بدقة سطور هذا الكتاب ستدركون أن حقيقة توحيد العبادة ل هو التوجه
ل وحده والعراض عما سواه ،وتدركون أن لبّ التوحيد هو عدم طلب الاجة أو عدم
التقرب أو النحر أو السجود أو الركوع لغي ال تعال ،وستفهمون أيضا أن مقصد التوحيد
أن ل تعتقدوا أن لليام سعدا ول نسا ول تتوسلوا بأي وسيلة ل إل بالعلم والعمل الصال،
وخلصة الكلم أن التوحيد هو التفطن لقيقة كلمة ل إله إل ال.
ل يوجد كبي فرقٍ بي جُهال السلمي ف هذا العصر وبي مشركي الاهلية ،غي أن
الشركي ف عصر النب صَلّى اللّ ُه عََليْ ِه َوسَلّ َم كانوا أهل لسان عرب ويفهمون معن ل إله إل
ال ،أما مشركي فارس فهم غي عارفي بلغة العرب ول يفهمون معن هذه الكلمة ،ودليل
صلّى اللّ ُه عََليْ ِه َوسَلّ َم لا قال قولوا للمشركي قولوا( :ل إله إل ال تفحلوا)،
ذلك أن النب َ
علم أهل ذلك العصر بعد ما سعوا هذه الكلمة أنم إن أقروا بتلك الكلمة فينبغي لم أن
يلجئوا إل ل ،ول يطوفوا حول الوثان ول يعبدوا اللئكة ،وانه يب عليهم أن ل يعتقدوا
ف عيسى أنه ابن ال ،ول أنه قاضٍ للحاجات ،ول يعدوا مري بابا للحوائج ،وكما علموا
بأنم إذا نطقوا بكلمة ل إله إل ل فإنه يب عليهم أن يتركوا العتقا َد بأثر الكواكب ف
السعد والنحس ويتركوا النحر لغي ال تعال بل يب اعتقاد أن كل ذلك عقائد باطلة،
واللصة أنم أيقنوا أنه يلزمهم أن يتخلوا عن الوثان ويكسّروا الحجار الت كان الناس
يذبون عليها ويقدسونا وأن يرموها بعيدا وعلموا أن عليهم أن يرقوا الشجار الت كانوا
ينذرون لا وينحرون لا ،ويعرضوا عن الحبار والرهبان الذين كانوا يعتقدون بأنم يقربونم
إل ال زلفى ويكفروا بالطاغوت وبالكهان الذين يتولون العابد.
الاصل كان يب عليهم أن يؤمنوا بؤثر ف هذا الكون غي الالق سبحانه ،ومن
() الديث مروي عن علي عليه السلم عن الرسول صلى ال عليه وسلم قال سعت جبيل عليه السلم يقول سعت ال 1
يقول (ل إله إل ال حصن)..الديث (انظر :عيون أخبار للصدوق ،2/134روضة الواعظي ،42بشارة الصطفى
)269
128
العروف أن لكل واحد من هذه الوثان والحجار (ولّ) يتول الشراف عليها ويستفيد
منها فكان يعتاش من النذور والصدقات الت يقدمها الناس وكان عز هؤلء مرتبط بتلك
الوثان ،والسؤال :كيف سيتلقى هؤلء دعوة النب صلى ال عليه وسلم الت تدم عزهم؟
فقد أيقنوا بأن سينقطع رزقهم ويذهب سبب جاههم ،ولذا السبب رفضوا القرار بكلمة
صلّى اللّهُ عََليْهِ َوسَلّم .قال رسول ال( :أمرت أن
التوحيد وامتنعوا عن تصديق الرسول َ
أقاتلكم حت تقولوا ل إله إل ال).
ف الواقع كان التصديق بذه الكلمة سببا لستئصال الرافات وخراب العابد الت تُعبد
من دون ال ،وبُطلن الوهام والعقائد الشركية ،فلهذا ل يستطع الشركون أن يتحملوا هذا
المر ،فقالوا:
شيْءٌ عُجَابٌ) ()38/4
(أَ َجعَ َل الْآِل َهةَ إَِلهًا وَاحِدًا ِإنّ هَذَا لَ َ
كان أهل الاهلية فئتي:
.1الول :فئة العوام الذين ليس لم رأي ول نظر ف المور بل هم يقلدون غيهم،
وكانوا يلون الكهّان ويهابونم.
.2الفئة الثانية :هم الكهنة والتولي لعابد الوثان والصنام ،وف مصاف هؤلء علماء
اليهود والنصارى الذين كانوا يستفيدون ويسترزقون ف كل عصر من جهل الناس وسيطرة
الوهام عليهم وكانوا يسترزقون بسبب جهل الناس ،فكانوا يصون دماء هؤلء الضعفاء
بأساليب متنوعة.
وقد سى ابن رشد القرطب هذه الفرقة (الناة على العقول) فقال :يتصور الناس أنّ
الناة منحصرين ف السرّاق والقاتلي للنفس والسلطي البابرة ،مع أن جناية هذه الفرقة
أقل مقارنة بناية الفرقة الول .هذه الفرق تن على أموال الناس وأبدانم فجنايتهم
منحصرة بزمانم لكن جناية علماء السوء على عقول الناس وأرواحهم بتعليمهم العقائد
والراء السخيفة الت تط من إنسانيّتهم ،وإذا استحكم الهل والمق والية على الناس أثر
ف من يلفونم من الولد ،فلم تنحصر جناية هؤلء ف زمنهم بل آثارهم باقية ف القرون
129
من بعدهم.
وفئة الكهنة القائمي على العابد الوثنية كانوا مالفي لرسول ال مع أن مالفتهم ليس
عن قناعة بعقيدتم ودينهم بل كانوا يعلمون أن هذه الوثان ل تقضي الاجات ول ترفع
الكربات ،بل بسبب أرزاقهم وأقواتم التعلقة بذه الوثان والوهام والرافات ولذا السبب
صلّى اللّ ُه عََليْ ِه َوسَلّمَ ،فكانت حربم اقتصادية وليست دينية.
كانوا يالفون رسول ال َ
صلّى اللّ ُه عََليْ ِه َوسَلّ َم القائمي على الوثان إل التوحيد ف البداية دعا الرسول الكرم َ
وأقام عليهم الجة لنه صَلّى اللّ ُه عََليْهِ َوسَلّمَ يعرف أن هذه الفرقة ما دامت تستفيد من
العوام فلن تصدق الرسول أبدا ،وقد علموا أنم إن صدّقوا فسيكون ذلك سببا لبيان كذبم
وسببا لفساد حياتم الادية والرياسية والروحانية(الرياسة الدينية) ،لذا لأوا لملت
والفتراء على الرسول الكرم صَلّى اللّ ُه عََليْ ِه َوسَلّمَ ،ولا رأى الرسول الكرم صَلّى اللّ ُه عََليْهِ
َوسَلّمَ أنه ل يكن أن يُبعد الكهنة وأولياء الوثان عن الناس توجه إل الدعوة الماعية
ص الشباب بعناية خاصة ،فكان رئيس الشباب أمي الؤمني علي وحاول فيها أيا ماولة ،وخ ّ
(ع) أول مصدق للرسول صَلّى اللّ ُه عََليْ ِه َوسَلّمَ فبدأت تؤثر الدعوة الماعية ف القبال على
التوحيد تدرييا وبعد ماهدة كبية رفع الرسول الكرم راية التوحيد على الكعبة ونكّس
الصنام وخرّب الوثان ،ووضع تاج التوحيد على رأس السلمي ،وجعل قدم الوحّد على
ثرى الثريا( ،وَقُلْ جَا َء الْحَقّ وَ َزهَقَ الْبَاطِلُ إِ ّن اْلبَاطِلَ كَانَ َزهُوقًا)(.)17/84
وف فترة وجيزة توّل الذين كانوا يعبدون الصنام وكانوا يعتقدون برافة النحس
والسعد لبعض اليام ويافون أشياء غي ال ويتوسلون بكل شيء ويطلبون منها الاجة
وكانوا غي آمني ف حياتم ..يقتل بعضهم بعضا ..توّل هؤلء فحازوا فضائل الخلق
بعد التصديق بكلمة ل إله إل ال ,فكيف ل تكون كلمة ل إله إل ال مبدأ الفضائل؟!
إن الشخص الذي ل يعتقد بؤثر غي ال الرحن الرحيم يكون مسلما شجاعاً ،لنه ل
يتوكل على أحد موجود غي ال خالق العال (أل إن أولياء ال ل خوف عليهم ول هم
يزنون) ( ،)10/65ل ياف الوت لنه مؤمن بأنه ينال بعد الوت لقاء ربه ويصل إل
السعادة الكبى وينجو من ال ّم الكبي.
130
كيف ل يكون التصديق بكلمة التوحيد مبدأ لسخاء النفس؟ والؤمن يعبد ال القدير
ويعتقد بأنه القادر فيُنفق ف سبيله ول يش الفقر (الشّيْطَا ُن َيعِدُكُ ْم اْلفَقْ َر َوَي ْأمُرُكُ ْم بِاْلفَحْشَاءِ
وَاللّهُ يَعِدُكُمْ َمغْفِ َرةً) (.)3/272
كيف ل يكون التوحيد سببا ومبدأ للعفّة والوحد يعتقد أن ال تعال عال بكلّ خفي
وظاهر وبكل جزئي وكلّي (وما تسقط من ورقة إل يعلمها) (( )6/60يعلم ما بي أيديهم
وما خلفهم) ( ،)2/457فالوحد عفيف لنه يعلم أن ال عال بضمائر القلوب وأعمال
الوارح وأقرب إليه من حبل الوريد ويعرف أنه حاكم عادل ويصدّق أن جزاء العمال
السنة والسيئة بيده سبحانه ،وعلى هذا يعيش ف منتهى درجة العفة والطهارة ول يتخطى
حدود الخلق.
إذا تكنت العفة والشجاعة والسخاء ف نفس الوحد صار عقله مستقيما وقلبه مبتا
كما يقول تعال (إن تتقوا ال يعل لكم فرقانا) ( ،)8/30أي :فيكون بذلك ميزا بي الق
الباطل ،فعلمنا أن (ل إله إل ال) كما أنا ترتقي بالعقل وتقتلع منه أشجار الرافات
والوهام كذلك تثبّت ف النفس جيع الفضائل ،فكلمة التوحيد أصل الفلح والفوز ومبدأ
العلم والتربية ورقي النسان ،وبعكس ذلك فإن الشرك مبدأ لكل الرذائل والفاسد وسبب
لضعف العقل والرادة والنطاط عن مرتبة النسانية ،لن الشرك متقلب باستمرار ومبتلى
بالوساوس يلجأ إل كل شيء وياف من كل شيء ,والاصل أنه غي معتمد إل أصل
أصيل ،ليس عنده قاعدة راسخة ول يلبس لباس التقوى ،فلهذا عقله معوج ل يستطيع أن
يصدق كلمة الق ،فصار ألعوبة للحوادث والكهنة لنه غي معتصم بالركن الوثيق ركن
التوحيد وغي متمسك بالعروة الوثقى الت هي (ل إله إل ال) يتحرك مع كل ريح وياف
من كل شيء ( َومَ ْن يُشْ ِر ْك بِاللّهِ َف َكَأنّمَا خَرّ مِنْ السّمَاءِ َفتَخْ َطفُهُ ال ّطيْرُ َأوْ َتهْوِي بِهِ الرّيحُ فِي
َمكَا ٍن سَحِيقٍ)( ،)22/33هذا التشبيه ف كلمات هذه الية يعن أن كل من سقط عن
مراتب التوحيد والوحدانية إل حضيض الشرك وعبادة غي ال تسلط عليه هوى النفس
فآذاه ,و َهوَت به رياح الضللة والوساوس الشيطانية ف وادي الشقاوة والية.
من كان فكره دائم التشويش فمن السلّم به أن عمله سيكون غي متقن لن الفكر
131
أساس العمل ،وليس لديه ميزان صحيح للعمال ،لذا إن صدرت عنه العمال السيئة وأراد
أن يصلح عمله الفاسد يضل الطريق فيتوسل بأسباب ل تصلح عمله أبدا ،فمثلً يرتكب
الفحشاء ث إذا أراد إصلحها تعلق بأذيال الموات أو نر للصنام أو سجد لغي ال ,وإذا
أكل أموال الناس ث أراد التوبة قام بإنفاق بعض الال على الكهنة أو أصحاب الصنام ,أو
يأكل الربا ث إذا أراد إصلح ذلك أخرج بعض الطعام ,هكذا يظن أنه يطهّر نفسه من
العصية.
لو تأملنا بدقة لدركنا أن سبب فساد الناس هو الشرك ،وسبب النطاط لجتمعنا هو
توسل أفراد الجتمع بغي ال ،وسبب الرذائل الت تكم الجتمع هو عدم معرفة ال تعال.
يقول ال تعال ف الديث القدسي( :كلمة ل إله إل ال حصن فمن دخل حصن أمن
من عذاب).
خلصة الكلم :أن العتقد بل إله إل ال يد ف نفسه آدابا وأخلقا فاضلة ،لكن مع
هذا كله ل أريد أن يُفهم أن كل من قال ل إله إل ال سيكون مباشرة صاحب أخلق
فاضلة..شجاع وعفيف وحكيم وسخي وعادل ..وهو ل يعرف هذه الصفات(.)1
الرية التامة الت يتمناها البشر ويتكلم عنها الفلسفة أخص من يتصف با الوحد
القيقي ،لن الوحد حرّ من الشهوة ،بل يرى الشهوة والغضب تابعة لنفسه وليس هو تابع
لا ،وهو حرّ من الوهام لنّه قد اقتلع جذور الوهام من رأسه بالتوحيد ،وأسقط عن كاهله
ثقل الرافات والعتقاد بسعد ونس اليام وعبادة الحجار والخشاب فهو ل يعبد البشر
ول يدعو أحدا إل ذلك.
والاصل أنه حر وليس حارا يساق ،وف اصطلح الفلسفة هو السمى بصاحب
الكمة والرية.
والجتمع الذي يتشكل من أمثال هؤلء الوحدين أو يكون أكثره موحدين سيشكّل
() يقصد الؤلف رخه ال أن ل إله إل ال تكون دافعا له إل هذه الصفات الميدة ,خلفا لبعض العتقادات الت تمل 1
صاحبها على مساوئ الخلق.
132
الدينة الفاضلة الت يتمناها الفلسفة وهي الت بُعث النبياء لتشكليها حقيقة.
أيها السلمون استيقظوا من نوم الغفلة وارموا أثقال الشرك والرافات عن أعناقكم.
كونوا أحرارا حت تفلحوا .قولوا ل إله إل ال تفلحوا .وصلى ال على سيدنا ممد وآله
الطاهرين.
133
ف بيان كيفية ظهور الشرك والرافات بي السلمي
لقد ساد السلم ف أكثر حواضر العال بالنطق الصحيح والبهان الحكم ،ودخل
كثي من المم تت سلطة السلم وانحت مالكهم وأمادهم ف ظل هذا الدين ،وبل شك
فإن هذا أحدث بغضا شديدا وعداوة حقيقة ف قلوب بعضهم على هذا الدين النيف،
فكان هؤلء ف انتظار اللحظة الت يصولوا با على السلم ولكن شوكة السلم وقوته ل
تكنهم من ماربة السلم بالسيف ،لذا لئوا إل الكر واليلة فأظهروا السلم بي الناس
واشتغلوا ف الباطن لتخريبه فتشكل منهم حزب النافقي ،فرأس النافقي هو عبد ال بن أبّ
الذي كان يعيش ف عهد الرسول صَلّى اللّ ُه عََليْهِ َوسَلّمَ ،وبطريق اليلة والكر أدخلوا ف
السلم تلك القالت الفاسدة والرافات والباطيل الت كانت ف الذاهب القدية وكلما
جاءوا بشيء منها نسبوه إل الشرع القدس ،هذه الفرقة النافقة عملت على منوال الثقافة
السلمية ،اشتغل البعض باسم رواة الديث مثل كعب الحبار (اليهودي)( )1وصار بعضهم
مفسرين ،وبعضهم واعظي وبعضهم علماء وبعضهم مؤرخي وكل هؤلء تكلموا باسم
العلوم الشرعية التفسي والديث والفقه والتأريخ ،وحلوا حلة شديدة على السلم ونسبوا
إليه كلما سيئا غي معقول.
كان أهم أغراض النافقي أن يُظهروا السلم بصورة منكرة وغي معقولة وقد تيسر
لم ذلك إل حد ما ،فتمكنوا بذلك من طمس كثي من المور الت امتاز با السلم على
سائر الديانات.
السلم هو دين العقل والنطق والفطرة ،وهو دين التوحيد والبتعاد عن الصنام،
ودين الفضيلة والخلق ،و هو دين الشجاعة ،و دين العلم والعمل الصال ،السلم هو
قانون حفظ النسانية ،السلم أعطى البشرية حرّية النفس والعلم والعقل ،السلم حرر
() هو كعب بن ماتع الميي اليمان ،كان يهوديا فأسلم بعد وفاة النب صلى ال عليه وآله وسلم-قيل ف خلفة أب بكر 1
وقيل ف خلفة عمر ،-يرى طائفة من العلماء لسيما من الشيعة أنه ل يلو من كذاب ،وف القابل يزكّيه آخرون من
علماء أهل السنة ويرون أن الكذابي من بعده نسبوا إليه أشياء كثيا ل يقلها أو يرويها .انظر( :منتهى القال )5/255
(سي أعلم النبلء .)3/489
134
البشر عن ربقة الكهنة ،السلم ل يقول بالواسطة بي اللق والالق ،السلم ألغى عبادة
القبور والحجار وعبادة غي ال ،وحينما كان يُسلم أي شخص ويعتصم بنهج القرآن ل
يكن باجة إل واسطة بينه وبي ال ،كما حرّم السلم التقليد العمى ،ونى السلم عن
العمل بالظن.
من البديهي أن هذه التعليمات العالية الت جاء با السلم تغلق أبواب متاجر الكهنة
النتفعي من الوثنية ،ولذا بدءوا العمل من أجل الفاظ على منافعهم القدية ،ولذا قاموا
بوضع أحاديث تالف مقاصد السلم ،واجتهدوا ف نشرها ف العال السلمي فأدخل
بعضهم مقالت اليهود والنصارى والصابئة والجوس ف السلم ،ولو أردت أن أشرح لك
تفاصيل ذلك لحتاج المر إل كتاب آخر.
وف ف الحصلة اختلطت مقاصد السلم وحقائق الدين بالذاهب الباطلة فاضمحلّت
الصائص الت ميّزت السلم الق ،فغدت صورة الدين الطاهر تالف صورته الصلية.
الن لو نظرت بدقّة فلن تد فرقا بي بعض السلمي ف العمال والعقائد وبي المم
الباطلة.
الصابئة كان يقدسون النجوم ويعتقدون بسعْد ونس بعض اليام ،وكذلك ظهرت
هذه العقيدة بي السلمي بشكل أشد ،وانتشر التقوي بي السلمي الذي يدد سعد بعض
اليام ونس بعضها ،وإذا دققنا فإن هذه أمور عملية ل تعملها حت الصابئة(.)1
والنصارى يطلبون حوائجهم من السيح (ع) ومري (ع) وبعض السلمون صاروا أيضا
يطلبون الاجة من الرسول صَلّى اللّ ُه عََليْ ِه َوسَلّ َم والئمة سلم ال عليهم ومن الولياء.
واليهود والنصارى اتذوا الحبار والرهبان أربابا والسلمون أيضا اتذوا الولياء
والشيوخ أربابا.
وكان الشركون ينحرون لغي ال والسلمون أيضا صاروا ينحرون للئمة وأبنائهم،
والشركون كان يعبدون الشجر والجر ،والسلمون أيضا يتبكون بالشجر والجر.
() انظر على سبيل الثال :كتاب الامع ف الطب الروحان /تأليف :ممود الشامي العاملي. 1
135
وشيء آخر يدل على عداوة النافقي -هو ما يعل النسان يبكي دما -أل وهو أنم
أخذوا يضعون الكلم الباطل الذي يالف العقل وينسبونه إل الرسول صَلّى اللّ ُه عََليْ ِه َوسَلّمَ
وإل الئمة الهديي ،حت يرّبوا دين السلم ،فأظهروا السلم بشكل خرافٍ غالٍ ،ومن
كان ذا رشد وتييز فلن يقبل السلم إذا رآه بذه الصورة من أول نظرة.
ومن إفساد هؤلء أنم نسبوا إل الرسول صَلّى اللّ ُه عََليْ ِه َوسَلّ َم أنه قال( :أنا سيد
النبياء والاء سيد الشروبات والباذنان سيد النباتات) ,وذكروا ف بعض الكتب أن من
خصائص النب صَلّى اللّ ُه عََليْ ِه َوسَلّمَ أنه كان إذا نظر إل امرأة فأعجبته أنا ترم مباشرة على
صلّى اللّ ُه عََليْ ِه َوسَلّمَ أنه رضع من ثدي أب طالب زوجها ,كما ذكروا أن من معجزات النب َ
مدة أسبوع( )1ولذا قالوا بأنه أخ لعلي رضي ال عنه ،وذكروا أن النب َ
صلّى اللّ ُه عََليْ ِه َوسَلّمَ
قال( :إن الرض على قرن بقرة ،والبقرة على ظهر سكة [حوت] والسمكة تتحرك ف
البحر ،وكلما حركت البقرة رأسها حدث زلزال).
كما افتروا على الئمة الطهار افتراءات كثية ،منها أنم زعموا أن الصادق (ع) قال:
(إن اللون القرمزي الذي يظهر للسماء عند شفق أول الليل هو دم عليّ (الصغر) بن السي
(ع)) ،وأبشع من كل هذا كتاب سّي {ضياء عيون الناظرين} أُلّف ف عهد الصفويي
وجعلوه ف مقدمة القرآن الذي طبع ف طهران ،وفيه شيء كثي من الكفر ومالفة تعاليم
القرآن ومضادة أصول السلم ,كما احتوى الكتاب على صورة لنقش ختم النبوة وصور
النعل الباركة (نعل النب صلى ال عليه وآله وسلم) ،وصور لبعض مقدسات بن اسرائيل(،)2
صلّى اللّ ُه عََليْ ِه َوسَلّمَ ،وعن أئمة
ويرون خواص عجيبة وغريبة لذه الشكال عن الرسول َ
الدى ف روايات تسبب الزي للسلم والسلمي ،مثل قولم بأن من نظر إل صورة نقش
خات النبوة البارك مرّة واحدة غفر له ذنوب سبعي سنة ،وإذا نظر إليه مرتي غفر ال ذنوب
والديه ونال عفو ال ،ومن نظر إليه ثلث مرات غفر ال -ببكة ذلك -لكل أمة الرسول
صَلّى اللّ ُه عََليْ ِه َوسَلّمَ ،وإذا تأملت هذا الديث تدرك أن من وضع هذا الديث هو عدو
136
للدين ،وعدو لمي الؤمني ،وكل من لديه أدن عقل سيضحك من هذا الديث.
والمر الخر :ما مناسبة غفران ذنوب المة كلها بنظرة أحد الشخاص ثلث مرات.
وف هذا الكتاب أيضا طلسم ونقش آخر ،ويذكرون ف فضله أن أمي الؤمني قال:
من نظر إل هذا النقش البارك بعد صلة الصبح كان كمن أدى خسي حجة من حج آدم
(ع) ،ومن نظر إليه بعد الظهر كان كمن حج ثلثائة حجة حجها إبراهيم عليه السلم،
ومن نظر إليه بعد العصر فهو كمن حج سبعمائة حجة حجها يونس عليه السلم ،ومن نظر
إليه بعد الغرب كان كمن حج ألف حجة حجها موسى عليه السلم ،ومن نظر إليه بعد
العشاء كان كمن حج ألف حجة حجها خات النبيي صَلّى اللّ ُه عََليْهِ َوسَلّمَ .والوهام الت
تذكر ف الكتاب من هذا القبيل والكفريات كثية ،وإل فما معن أن شخصا جاهلً فاسقا
بجرد نظرة إل نقش يعطيه ال أجر ألف حجة حجها سيد النبياء صَلّى اللّ ُه عََليْ ِه َوسَلّمَ،
والخبار الوضوعة ،والت تمل أوهاما وتدل على كفر الذين وضعوها ومدى عداوتم
للسلم كثية جدا إل درجة أن الكتابة عنها تتاج إل سبعي َمنّا من الوراق فضلً عن أن
الكتابة عنها من المور الت يجل الرء عنها.
وأنا أجزم بأن غرض هؤلء الرواة ل يكن سوى الستهزاء بالقرآن وشريعة سيد
ئ ِبهِ ْم َويَمُ ّدهُمْ فِي طُ ْغيَاِنهِمْ يَعْ َمهُونَ) (.)2/14
سَتهْزِ ُ
الرسلي (اللّ ُه يَ ْ
لحظوا ..هل سيبقى أي عاقل ف السلم إذا كان السلم هو هذه الخبار الرافية
والعقائد الفاسدة ،والعمال الرذيلة [ الت جاء با الرواة ]؟
أيها السلمون افتحوا عيونكم واستيقظوا من نوم الغفلة! اعرفوا دين السلم الصحيح،
فرّقوا بي الق والباطل حت يبقى السلم مفوظا بينكم بنوره الساطع.
إذا كانت هذه الزعبلت هي السلم فكيف ل يرج الناس عن دين مل بالوهام
والرافات؟ من أي طريق يدخل الناس إل الدين القيقي؟ أمن طريق هؤلء الكهنة وقطاع
الطريق ف السلم وهم أكب حاة وأعظم مروجون للخرافات بأي وسيلة يتعرف الناس على
حقائق الدين وشريعة سيد الرسلي؟
137
طريق النجاة هو اللتجاء إل كتاب ال والسنة صحيحة عن الرسول صَلّى اللّ ُه عََليْهِ
َوسَلّمَ ،إذا تسك السلمون بذين الشعلي النيّرين فسيستطيعوا أن يصلوا إل منازل السعادة
بعد طي الراحل ف مفاوز مظلمة ،وإل سيُبتلون بؤلء الكهنة ،وف النتيجة يقعون ف اللك.
وصلى ال على سيدنا ممد وآله الطاهرين.
ونتم الكتاب بالدعاء البارك الوارد ف الصحيفة اللكوتيه السجادية( )1وكان من دعائه
عليه السلم بواتيم الي:
يا من ذكره شرف للذاكرين ،ويا من شكره نور للشاكرين ،ويا من طاعته ناة
للمطيعي ،صَلّ على ممد وآله واشغل قلوبنا بذكرك عن كل ذكر ،وألسنتنا بشكرك عن
كل شكر ،وجوارحنا بطاعتك عن كل طاعة ،فإن قدّرت لنا فراغا من شغل فاجعله فراغ
سلمة ل تدركنا فيه تبعة ول تلحقنا فيه سامة ،حت ينصرف عنا كتاب السيئات بصحيفة
خالية من ذكر سيّئاتنا ،ويتول كتاب السنات عنا مسرورين ما كتبوا من حسناتنا ،وإذا
انقضت أيام حياتنا وتصرمت مدد أعمارنا واستحضرتنا دعوتك الت ل بد منها ومن إجابتها
فصّل على ممد وآله واجعل ختام ما تصى علينا كتبة أعمالنا توب ًة مقبولة ل توقِفُنَا بعدها
على ذنب اجترحناه ول معصية اقترفناها ،ول تكشف عنا سترا سترته على رؤوس الشهاد،
يوم تبلو أخبار عبادك إنك رحيم بن دعاك ومستجيب ل ناداك
() وهو دعاء مروي عن زين العابدين علي بن السي بن علي بن أب طالب. 1
138
مصادر كتاب توحيد العبادة
.1تفسي روح البيان
.2تفسي الكشاف للزمشري
.3تفسي الطبي
.4التفسي الكبي للفخر الرازي
.5تفسي روح العان لللوسي
.6تفسي ممع البيان
.7تفسي أب الفتوح الرازي
.8تفسي الصاف
.9تفسي ملّا حسي الكاشفي
.10التفسي البيضاوي
.11تفسي ابن كثي
.12تفسي الشيخ ممد عبده
.13التقان للسيوطي
.14الواف للفيض
.15شرح نج البلغة لبن أب الديد
.16شرح نج البلغة للشيخ ابن ميسم
.17الوسائل للشيخ حر العاملي
.18جواهر الكلم للشيخ ممد حسن
.19صحيح البخاري
139
.20موطأ مالك
.21مفتاح دار السعادة لبن القيم
.22ذكرى الشهيد الول
.23من ل يضره الفقيه لبن بابويه
.24القاموس القدس لستر ماكس المريكي
.25الثنوى لل ممد البلخي
.26كليات السعدي
.27الصحيفة السجادية لزين العابدين (ع)
.28أسباب النـزول للواحدي
.29مقدمة تفسي فريد وجدي
.30الصابئة قديا وحديثا للسيد عبد الرزاق حسن
.31بلوغ الداب لبن اللوسي
.32اللل والنحل لشهرستان
.33طريق القايق نائب الصدر
.34رجال الكشي
.35شتات مرزا القمي
.36الفصل لبن حزم
.37سية ابن هشام
.38سية اللب
.39مفردات الراغب الصفهان
140
.40النهاية لبن الثي
.41فهرست ابن الندي
.42فرق الفرق للبغدادي
.43إحياء علوم الدين للغزال
.44مدارج السالكي لبن القيم
.45إعلم الوقعي لبن القيم
.46شرح الواقف ليسيد شريف
.47سبل السلم لحمد بن إساعيل الصنعان
.48سنن ابن ماجة
.49سنن أب داود
.50مكاسب للشيخ الرتضى
.51عيون أخبار الرضا للصدوق
.52جنات اللود لقا ممد رضا
.53التمدّن القدي لفونستل دوكولتز الفرنسي ترجة نصر ال الفلسفي.
.54دائرة العارف لفريد وجدي
.55نشر فكرة ال لسلمة موسى
.56فتح الجيد للشيخ عبد الرحن
.57مناجات خواجه عبد ال النصارى
فهارس الوضوعات
141
ترجة الؤلف2........................................................................
أبرز معال منهج العلمة شريعت سنگلجي4............................................
مسية الؤلف من خلل كلماته5......................................................
بداية الواجهة6...................................................................:
لظة مهمة ف حياة الؤلف6......................................................:
شريعت سنگلجي يصدع بالق خوفا من لعنة ال7..................................
الواجهة والبتلء7................................................................
سبب حربم له 7.................................................................
دوافع خصومه7...................................................................
تديده بالقتل8...................................................................:
شريعت سنگلجي يضى ف دعوته ل يلتفت للتهديد8................................
وفاته8.......................................................................... :
مؤلفاته8........................................................................ :
عملنا ف الكتاب9................................................................:
عرض للكتاب11.....................................................................
مقدمة الطبعة الثانية11............................................................:
مقدمة الطبعة الول11............................................................:
صور من أصل الكتاب باللغة الفارسية14...............................................
مقدمة الطبعة الثانية 17...............................................................
[تنبيهات]17.....................................................................
أسباب الجوم18................................................................:
مقدمة الطبعة الول 21...............................................................
الوحّد أسواقه كاسدة لن بضاعته هي التوحيد والخلق وليس لا مشتري25............
بيان توحيد العبادة27.................................................................
الصل الول27..................................................................:
142
الصل الثان27..................................................................:
الصل الثالث28.................................................................:
أنواع التوحيد30.................................................................:
الصل الرابع :ف بيان حقيقة العبادة ومعن العبودية32................................
العبودية أكمل مراتب اللق وصفة أقرب الناس إل ال36................................
[أنواع العبودية]38................................................................
عبودية ال تعال واجبة ول تسقط عن أحد حت الوت39................................
ف بيان أفضل العبادات واختلف الناس فيها40.........................................
قول الحققي من علماء السلم ف تعيي أفضل العمال والعبادات وقولم هو الطريقة
البراهيمية الحمدية 42................................................................
الشرك نوعان :الكب ،والصغر 45....................................................
من أنواع الشرك الصغر :اتاذ اللقة أو الات أو البل أو أمثالا لرفع الصيبة ودفعها46. . .
[ نداء ]52.......................................................................
من أنواع الشرك :التبك بالشجر والجر ونوها()53..................................
من أنواع الشرك :الذبح والنحر لغي ال56.............................................
القربان ف السلم59.................................................................
[نداء]60.........................................................................
من أنواع الشرك :النذر لغي ال62.....................................................
من أنواع الشرك :الدعاء والستغاثة بغي ال65.........................................
من أنواع الشرك :التنجيم67..........................................................
(الصابئة)67.................................................................... :
[ نبذة عن الصابئة ]68...........................................................:
مناظرة إمام النفاء إبراهيم عليه الصلة والسلم مع الصابئي73..........................
من أنواع الشرك الصغر :التطي والتشاؤم83...........................................
العطسة من الشياء الت كانوا يتشاءمون با ف الاهلية86............................
143
التفاؤل مستحسن ومدوح87......................................................
الغلو ف النبياء والصالي سبب كفر بن آدم90........................................
ف بيان حقيقة الواسطة والوسيلة بي الق واللق92.....................................
من أنواع الشرك الصغر :الرياء102...................................................
ف بيان أ ّن الشفاعة تنفع من يرضى ال عنه فقط103....................................
ف بيان حقيقة السباب وخطأ الناس ف تعاطي السباب ،وبيان ضلل الشركي ف تركهم
التوجه إل مسبب السباب110.......................................................
بداية عبادة الصنام ف البشر114......................................................
عبادة الموات115...............................................................:
الحكام الت وضعها السلم لفظ التوحيد وسد طريق عبادة القبور116..............
زيارة قبور الؤمني117............................................................
سبب ظهور الوثان وعبادتا123......................................................
عبادة الحجار123..............................................................:
عبادة الشجار123................................................................
تري التماثيل والجسّمات حايةً للتوحيد125...........................................
[ نداء ]126.....................................................................
التوحيد مبدأ الفضائل128............................................................
ف بيان كيفية ظهور الشرك والرافات بي السلمي134.................................
مصادر كتاب توحيد العبادة139.....................................................
فهارس الوضوعات141..............................................................
144