You are on page 1of 110

‫الثقافة الجنسية‬

‫مقدمة‬

‫الحمد لله‪ ،‬وصلة وسلما ً على أشرف رسله‪ ،‬محمد‬


‫‪ .‬وبعد‪ ..‬فهذا بحيث رصين في ( الثقافة الجنسية‬
‫والصحة الجنسية – من منظور إسلمى ) كتبه عالم‬
‫بالصول‪ ،‬عارف بالجديد‪ ..‬ول ينبئك مثل خبير‪ ،‬فجاءت‬
‫الكلمات بردا ً وسلما ً على القلوب‪ ،‬وليزداد الذين آمنوا‬
‫إيماناً‪..‬‬
‫إنه مما يؤسف له‪ ،‬أن المسلمين قد ركبوا موجة‬
‫الغرب فيما يخص ثقافة الجنس‪ ،‬وهم ل يدرون أنهم‬
‫بذلك يدخلون ناراً‪ ،‬وقودها شذوذ وقح‪ ،‬يغذيه إعلم‬
‫أكثر وقاحة وخبالً؛ صار الحيوان بمقتضاها أفضل رتبة‬
‫مه ربه وفضله‬ ‫وأرقى مكانة من النسان الذى كر َّ‬
‫تفضيلً‪.‬‬
‫وفى الوقت الذى يسرع فيه الغرب الخطى نحو‬
‫تأصيل فكرة ( الجنس القذر ) سحاقا ً ولواطاً‪ ،‬فإننا‬
‫نغفل ثقافتنا وهويتنا‪ ..‬بل يثنى بعضنا عطفه ليضل عن‬
‫سبيل الله‪ ..‬فيدعى أن ليس في ديننا فسحة للستمتاع‬
‫والترويح عن القلوب!!‬
‫َ‬
‫يقول المؤلف – أكرمه الله ‪ " :-‬لقد بي ّنت الشريعة‬
‫َ‬
‫الغرا ّء ما يَصلْح ويلزم الذكر أو النثى قبل البلوغ‬
‫الجنسى‪ ،‬وبعد البلوغ‪ ،‬والعلقة بين النوعين عاطفياً‪،‬‬
‫وسلوكياً‪ ،‬وغريزياً‪،‬وطريقة الشباع‪ ،‬وفنونها‪ ،‬وحللها‬
‫وحرامها‪ ،‬وأغراضها‪ ،‬ووسائلها‪ ،‬وآثارها‪ ،‬وتبعاتها الفردية‬
‫والجتماعية بما ل يحتاج المسلم والمسلمة معه إلى‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ر [ الملك‪:‬‬ ‫خبِي ُ ‪‬‬ ‫ق وَهُوَ الل ّطِي ُ‬
‫ف ال ْ َ‬ ‫خل َ َ‬
‫ن َ‬
‫م ْ‬ ‫غيره ‪ ‬أَل يَعْل َ ُ‬
‫م َ‬
‫‪." ]14‬‬
‫ويقول فى موضع أخر‪ " :‬وأمام هذه الوقاحات‬
‫الجنسية‪ ،‬والممارسات العلنية‪ ،‬واللفاظ والمصطلحات‬
‫المستقبحة‪ ،‬أغلق المسلمون عيونهم عن كل ما هو‬
‫سوءاْتهم‪ ،‬فأخذوا يخصفون‬ ‫َ‬ ‫جنس وكأنما انكشفت‬
‫عليها من ورق الوهام والجهل واحتقار‬
‫الجنس "‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫ويضيف‪ " :‬واعتقاد البعض أن الثقافة الجنسية‪،‬‬
‫والتربية الصحية الجنسية تتعارض مع الدين‪ ،‬أو ل‬
‫جع‬‫َ‬ ‫تتناسب ومجتمعاتنا الشرقية والسلمية‪ ،‬أو أنها تش ّ‬
‫ُ‬
‫على الباحة والتَّل ّفت الخلقى‪ ،‬كل هذا غير صحيح‪ ،‬فقد‬
‫علمنا أن السلم تناول هذه الموضوعت بمنطق علمى‬
‫ودينى وأخلقي‪ ،‬والحديث عن الغرائز وإروائها‪ ،‬وعن‬
‫وظائف الجسم وأعضائه بما فى ذلك الوضيفة الجنسية‬
‫والعضاء التناسلية‪ ،‬هى من العلوم النسانية والعمال‬
‫المرضية شرعاً‪ ،‬ومن غير حرج أو تحقير لها‪ ،‬فَوَض ْ‬
‫ع‬
‫ستار ثقيل من الهمال أو الصمت أو الحراج هو من‬
‫صنع الجهل بالدين وفنون الحياة النسانية وحقائق‬
‫الحياة‪ .‬ولكن المر يحتاج إلى لغة هادئة ومنطقية بعيدة‬
‫عن الثارة والبتذال‪ ،‬ودون قلق أو خوف مبالغ فيه‪،‬‬
‫وبحسب المقام والحاجة نظرا ً لحساسية الموضوع‬
‫ودقته واحتمال سوء فهمه من الخرين‪ ،‬ومواجهة‬
‫المواقف بنضج ومسئولية وثقافة علمية صحيحة ودون‬
‫هروب أو إغفال‪ ،‬أو إفراط أو تفريط "‪.‬‬
‫جزى الله أخانا المؤلف خير الجزاء‪ ..‬ولعل قراءة‬
‫ما كتب وما أثبت من آيات وأحاديث وآراء‪ ..‬يكون فيها‬
‫الغنى فى هذا المجال‪ ..‬والله الموفق وعليه التكلن‪.‬‬
‫الناشر‬
‫سنة البتلء بين النوعين البشريين‬
‫ن‬ ‫ب ال َّ‬ ‫ح ُّ‬ ‫يقول الله عز وجل ‪ُ‬زي ِّ َ َ‬
‫م َ‬ ‫ت ِ‬ ‫شهَوَا ِ‬ ‫س ُ‬‫ن لِلن ّا ِ‬
‫ب َوال ْ ِ‬ ‫َ‬ ‫مقَنْطََر ِ‬ ‫ن وَالْقَنَاطِيرِ ال ْ ُ‬
‫ف َّ‬
‫ضةِ‬ ‫ن الذ ّهَ ِ‬ ‫م َ‬‫ة ِ‬ ‫ساءِ وَالْبَنِي َ‬ ‫الن ِّ َ‬
‫متَاع ُ ال ْ َ‬ ‫َ‬
‫مةِ وَاْلنْعَام ِ وَال ْ َ‬
‫حيَاةِ‬ ‫ك َ‬ ‫ث ذَل ِ َ‬ ‫حْر ِ‬ ‫سوَّ َ‬ ‫م َ‬‫ل ال ْ ُ‬ ‫خي ْ ِ‬‫وَال ْ َ‬
‫َ‬
‫ب ‪ [ ‬آل عمران‪] 14 :‬‬ ‫مآ ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬
‫س ُ‬ ‫ح ْ‬
‫عنْدَهُ ُ‬ ‫ه ِ‬ ‫الدُّنْيَا وَالل ّ ُ‬
‫فحصر الله تعالى متاع الدنيا فى هذه المور‪ ،‬وجعل‬

‫‪3‬‬
‫النساء منها‪ ،‬وهى أحد نوعى البشر‪ ،‬كما أن الله أخبرنا‬
‫فى هذه الية أن الناس‪ ،‬كل الناس‪ ،‬خلقوا بحكم‬
‫الفطرة وهذه المور عندهم‪ :‬زينة‪ ،‬ومحبَّبه‪ ،‬وشهوة‪،‬‬
‫وهذا يدل على استحكام هذه المور فى النفس‬
‫ض الله سبحانه‬ ‫ح ّ‬ ‫البشرية‪ ،‬وأنه ل غنى عنها‪ ،‬كما َ‬
‫الناس على غير هذا المتاع القليل‪ ،‬إلى ما عنده من‬
‫حسن المآب والعاقبة فى الحياة الخرة‪ ،‬فهاهنا البتلء‬
‫بين هذه المتاعات وشحذ الهمة إلى ما عنده من نعيم‬
‫مقيم فى الجنة‪.‬‬
‫ومهمة البشر أن يستجيبوا لمنهج الفطرة الذى‬
‫َ َ‬
‫دعاهم الله للستقامة عليه ‪ ‬فِطَْرة َ الل ّهِ ال ّتِي فَطََر‬
‫م وَلَك ِ َّ‬
‫ن‬ ‫ن الْقَي ِّ ُ‬‫ك الدِّي ُ‬ ‫ق اللَّهِ ذَل ِ َ‬ ‫خل ِ‬
‫ل لِ َ ْ‬ ‫س ع َلَيْهَا َل تَبْدِي َ‬ ‫النَّا َ‬
‫ن ‪ [ ‬الروم‪ ] 30 :‬وقال تعالى‪ :‬إِنَّا‬ ‫مو َ‬ ‫س َل يَعْل َ ُ‬ ‫ِ‬ ‫أَكْثََر النَّا‬
‫َ‬
‫ميعًا‬ ‫س ِ‬ ‫جعَلْنَاه ُ َ‬ ‫شاٍج نَبْتَلِيهِ فَ َ‬ ‫م َ‬‫ن نُطْفَةٍ أ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫سا َ‬ ‫خلَقْنَا اْلِن ْ َ‬ ‫َ‬
‫شاكًِرا وَإَِّما كَفُوًرا ‪‬‬ ‫ما َ‬ ‫ل إ ِ َّ‬ ‫سبِي َ‬ ‫صيًرا إِنَّا هَدَيْنَاهُ ال َّ‬ ‫بَ ِ‬
‫م‬‫حتَّى نَعْل َ َ‬ ‫م َ‬ ‫[ النسان‪ ] 3 ،2:‬وقال تعالى ‪‬وَلَنَبْلُوَنَّك ُ ْ‬
‫خبَاَرك ُ ْ‬
‫م‪‬‬ ‫ن وَنَبْلُوَ أ َ ْ‬‫ري َ‬ ‫م َوال َّ‬
‫صاب ِ ِ‬ ‫منْك ُ ْ‬‫ن ِ‬ ‫جاهِدِي َ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫م َ‬
‫[ محمد‪.] 31 :‬‬
‫ضمن منهج السلم بيانًا للنسان لكل شئ‬ ‫ولقد ت ّ‬
‫ابتله الله به فى الدنيا‪ ،‬ومن ذلك علقة الذكر والنثى‬
‫وما يجب عليه أن ينتهجه فى ابتلء الزينة‪ ،‬والحب‪،‬‬
‫والشهوة‪ ،‬فذكر القرآن ذلك مجمل ً فى أمر‪ ،‬ومفصلً‬
‫فى البعض‪ ،‬وجاءت السنة المطهرة فاستبان ‪ 1‬سنراه‬
‫إن شاء الله بما يغنى عن الجتهاد‪.‬‬
‫َ‬
‫صلح ويلزم الذكر أو النثى‬ ‫بيَّنت الشريعة الغرا ّء ما ي َ ْ‬
‫قبل البلوغ الجنسى‪ ،‬وبع البلوغ‪ ،‬والعلقة بين النوعين‬
‫عاطفياً‪ ،‬وسلوكياً‪ ،‬وغريزياً‪ ،‬وطريقة الشباع‪ ،‬وفنونها‪،‬‬
‫وحللها وحرامها‪ ،‬وأغراضها‪ ،‬ووسائلها‪ ،‬وآثارها‪ ،‬وتبعاتها‬
‫‪4‬‬
‫الفردية والجتماعية بما ل يحتاج المسلم والمسلمة‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ف ال ْ َ‬
‫خبِيُر ‪‬‬ ‫ق وَهُوَ الل ّطِي ُ‬
‫خل َ َ‬
‫ن َ‬
‫م ْ‬ ‫معه إلى غيرة ‪ ‬أَل يَعْل َ ُ‬
‫م َ‬
‫[الملك‪]14 :‬‬

‫اليات الواردة فى القرآن العظيم‬


‫َ َ‬
‫ة الل ّهِ ال ّتِي‬ ‫م زِين َ َ‬ ‫حَّر َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ل َ‬ ‫‪-1‬يقول عز وجل‪ :‬قُ ْ‬
‫َ‬
‫ي‬
‫ل هِ َ‬ ‫ق قُ ْ‬ ‫ن الّرِْز ِ‬ ‫م َ‬ ‫ت ِ‬ ‫ج لِعِبَادِهِ وَالط ّيِّبَا ِ‬ ‫خَر َ‬ ‫أَ ْ‬
‫َ‬
‫م‬ ‫ة يَوْ َ‬ ‫ص ً‬ ‫خال ِ َ‬ ‫حيَاةِ الدُّنْيَا َ‬ ‫منُوا فِي ال ْ َ‬ ‫نآ َ‬ ‫لِل ّذِي َ‬
‫ن‪‬‬ ‫مو َ‬ ‫ت لِقَوْم ٍ يَعْل َ ُ‬ ‫ل اْليَا ِ‬ ‫ص ُ‬ ‫ك نُفَ ِّ‬ ‫مةِ كَذَل ِ َ‬ ‫الْقِيَا َ‬
‫[ الْعراف‪.] 32 :‬‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫سا َ‬ ‫خلَقْنَا اْلِن ْ َ‬ ‫‪-2‬ويقول عز وجل‪  :‬وَلَقَد ْ َ‬
‫ة فِي قََرارٍ‬ ‫جعَلْنَاه ُ نُطْفَ ً‬ ‫م َ‬ ‫ن ث ُ َّ‬ ‫ن طِي ٍ‬ ‫م ْ‬ ‫سَللَةٍ ِ‬ ‫ُ‬
‫َ‬
‫ن ‪ [ ‬المؤمنون‪ ،] 13،12 :‬وقال تعالى‪ :‬أل َ ْ‬
‫م‬ ‫مكِي ٍ‬ ‫َ‬
‫جعَلنَاهُ فِي قَ َ ٍ‬
‫رار‬ ‫ْ‬ ‫ن فَ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫مهِي ٍ‬ ‫ماءٍ َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫خلقْك ْ‬ ‫نَ ْ‬
‫ن ‪ [ ‬المرسلت‪.] 21،20:‬‬ ‫مكِي ٍ‬ ‫َ‬
‫ى النسان‬ ‫من ِ ُّ‬ ‫فقد تكلم القرآن عن النطفة التى هى َ‬
‫عند الذكر والنثى في سياق معجز لبيان القدرة بحيث‬
‫ل يثير الغرائز ول يلفت إلى حرج فى الحديث‪ ،‬وقال‪ :‬‬
‫َ‬
‫منَى ‪‬‬ ‫ن نُطْفَةٍ إِذ َا ت ُ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ن الذَّكََر وَاْلُنْثَى ِ‬ ‫جي ْ ِ‬‫خلَقَ الَّزوْ َ‬ ‫ه َ‬ ‫وَأن َّ ُ‬
‫َ َ‬
‫ن‬
‫منُو َ‬ ‫ما ت ُ ْ‬ ‫م َ‬ ‫[ النجم‪ ،] 46،45 :‬وقال جل جلله‪  -:‬أفََرأيْت ُ ْ‬
‫ن ‪ [ ‬الواقعة‪.] 59،58 :‬‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫خلُقُون َ‬ ‫ََ‬
‫خالِقُو َ‬ ‫ح ُ‬ ‫م نَ ْ‬ ‫هأ ْ‬ ‫َ ُ‬ ‫م تَ ْ‬ ‫أأنْت ُ ْ‬
‫ماءٍ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫خلِقَ ِ‬ ‫خلِقَ ُ‬ ‫م ُ‬ ‫م َّ‬‫ن ِ‬ ‫سا ُ‬ ‫وقال عز وجل‪  :‬فَلْيَنْظُرِ اْلِن ْ َ‬
‫ب‪‬‬ ‫وَالتََّرائ ِ ِ‬ ‫ب‬ ‫صل ْ ِ‬ ‫ن ال ُّ‬ ‫ن بَي ْ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ج ِ‬ ‫خُر ُ‬ ‫ق يَ ْ‬ ‫دَافِ ٍ‬
‫[ الطارق‪ .] 7 - 5:‬فقد ذكر القرآن أمورا ً تدخل فى‬
‫نطاق ما أُطلق عليه الثقافة الجنسية ولكن فى شفافية‬
‫وطهر ووقار ورصانة أسلوب‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫‪-3‬بل قد ذكر القرآن أعنف مشهد جنسى فى‬
‫التاريخ بين ذكر وأنثى فقال جل شأنه‪ :‬‬
‫َ َّ‬ ‫َ‬
‫ت‬ ‫سهِ وَغلقَ ِ‬ ‫ن نَفْ ِ‬ ‫ْ‬ ‫ه ال ّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا ع َ‬ ‫وََراوَدَت ْ ُ‬
‫َ َّ‬
‫هَ‬
‫معَاذ َ اللهِ إِن ّ ُ‬ ‫ل َ‬ ‫ت لك قَا َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ت هَي ْ َ‬ ‫ب وَقَال ْ‬ ‫َ‬ ‫اْلَبْوَا َ‬
‫َ‬
‫ن وَلَقَ ْ‬
‫د‬ ‫مو َ‬ ‫ح الظ ّال ِ ُ‬ ‫ه َل يُفْل ِ ُ‬ ‫مثْوَايَ إِن َّ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫س َ‬ ‫ح َ‬ ‫َربِّي أ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن َربِّهِ‬ ‫ن َرأى بُْرهَا َ‬ ‫م بِهَا لَوَْل أ ْ‬ ‫ت بِهِ وَهَ َّ‬ ‫م ْ‬ ‫هَ َّ‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫شاءَ إِن َّ ُ‬ ‫ح َ‬ ‫سوءَ وَالْفَ ْ‬ ‫ه ال ُّ‬ ‫ف ع َن ْ ُ‬ ‫صر َ‬ ‫ك لِن َ ْ ِ‬ ‫كَذَل ِ َ‬
‫[ يوسف‪24،23 :‬‬ ‫ن‪‬‬ ‫صي َ‬ ‫خل َ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫عبَادِنَا ال ْ ُ‬ ‫ِ‬
‫]‪ ،‬كما قص علينا حادثة اجتماعية تتعلق بإتيان‬
‫سوَةٌ‬ ‫ل نِ ْ‬ ‫الفاحشة فقال عز من قائل‪  :‬وَقَا َ‬
‫في ال ْمدينة ا َ‬
‫ن‬ ‫زيزِ تَُراوِد ُ فَتَاهَا ع َ ْ‬ ‫مَرأةُ الْعَ ِ‬ ‫َ ِ َ ِ ْ‬ ‫ِ‬
‫ل‬‫ضل ٍ‬ ‫َ‬ ‫حب ّا إِن ّا لنََراهَا فِي َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫شغَفَهَا ُ‬ ‫سهِ قَد ْ َ‬ ‫نَفْ ِ‬
‫ت إِليْهِ َّ‬
‫ن‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫مكْرِه ِ َّ‬ ‫َ‬
‫ن فَل َّ‬
‫سل ْ‬ ‫ن أْر َ‬ ‫ت بِ َ‬ ‫معَ ْ‬ ‫س ِ‬ ‫ما َ‬ ‫مب َِي ٍ‬ ‫ُ‬
‫نَ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫منْهُ ّ‬ ‫حدَةٍ ِ‬ ‫ت كل وَا ِ‬ ‫مت ّكأ وَآت َ ْ‬ ‫ن ُ‬ ‫ت له ُ ّ‬ ‫وَأع ْتَد َ ْ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ه‬
‫ه أكبَْرن َ ُ‬ ‫ما َرأيْن َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ن فَل َ ّ‬ ‫ج عَليْهِ َّ‬ ‫خُر ْ‬ ‫تا ْ‬ ‫سكِّينًا وَقَال ِ‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫شًرا‬ ‫ما هَذ َا ب َ َ‬ ‫حاش لِلهِ‬ ‫ن وقُلن َ‬ ‫وَقَطعْن أيْدِيَه َ‬
‫َ َّ َ ُ ٌ ّ َ َ َ َ َ َ َ َ ُ َ َ َّ‬
‫ن الذِي‬ ‫ت فذلِك ّ‬ ‫م قال ْ‬ ‫ملك كرِي ٌ‬ ‫ن هَذ َا إ ِل َ‬ ‫إِ ْ‬
‫م‬
‫ص َ‬ ‫ستَعْ َ‬ ‫سهِ فَا ْ‬ ‫ن نَفْ ِ‬ ‫ه عَ ْ‬ ‫متُن ّنِي فِيهِ وَلقَد ْ َراوَدْت ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫لُ ْ‬
‫ن‬‫م َ‬ ‫ن وَلَيَكُونًا ِ‬ ‫جن َ َّ‬ ‫س َ‬ ‫مُره ُ لَي ُ ْ‬ ‫ما آ ُ‬ ‫ل َ‬ ‫م يَفْعَ ْ‬ ‫ن لَ ْ‬ ‫وَلَئ ِ ْ‬
‫[ يوسف‪ .] 32 - 30 :‬إنها‬ ‫ن‪‬‬ ‫صاِغرِي َ‬ ‫ال َّ‬
‫قصة واقعية عن حادثة تحريش جنسى بين‬
‫امرأة ورجل‪ ،‬تعترف المرأة فيه أمام مجتمع‬
‫نسائى بطلب الفاحشة والمر بها‪ ،‬وافتتان‬
‫النسوة برجل جميل‪ .‬ولكن السلوب المعجز‬
‫والعرض الرائع للمر لم يحرك شهوة وأدَّى‬
‫الغرض الشرعى فى البيان‪.‬‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ َّ‬
‫ه‬
‫م الل ُ‬ ‫‪-4‬يقول الله تعالى‪ :‬وَإِذ ْ تَقُول لِلذِي أنْعَ َ‬
‫َ‬ ‫ك عَلَي ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ق‬
‫ك وَات ّ ِ‬ ‫ج َ‬ ‫ك َزوْ َ‬ ‫س ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ت ع َلَيْهِ أ ْ‬ ‫م َ‬ ‫عَلَيْهِ وَأنْعَ ْ‬
‫‪6‬‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫شى‬ ‫خ َ‬ ‫مبْدِيهِ وَت َ ْ‬‫ه ُ‬ ‫ما الل ّ ُ‬ ‫ك َ‬ ‫س َ‬‫في فِي نَفْ ِ‬
‫َ‬
‫خ ِ‬‫ه وَت ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫الل‬
‫شاه ُ فَل َ َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ضى َزيْدٌ‬ ‫ما قَ َ‬ ‫خ َ‬ ‫ن تَ ْ‬ ‫حقُّ أ ْ‬ ‫هأ َ‬ ‫س وَالل ّ ُ‬ ‫النَّا َ‬
‫ن عَلَى‬ ‫ي َل يَكُو َ‬ ‫جنَاكَهَا لِك َ ْ‬ ‫منْهَا وَطًَرا َزوَّ ْ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ضوْا‬ ‫م إِذ َا قَ َ‬ ‫عيَائِهِ ْ‬ ‫ج فِي أْزوَاِج أد ْ ِ‬ ‫حَر ٌ‬ ‫ن َ‬ ‫منِي َ‬ ‫مؤ ْ ِ‬‫ال ْ ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن أْمُر الل ّهِ َمفْعُوًل ‪‬‬ ‫ن وَطًَرا وَكَا َ‬ ‫منْهُ َّ‬ ‫ِ‬
‫[ الحزاب‪ .] 37:‬إنه الحديث عن حكم‬
‫شرعى احتاج البيان فيه إلى ذكر الجماع‬
‫ولكن فى هذا الطار الطاهر البارع ( قضاء‬
‫الوطر )‪.‬‬
‫مع‬ ‫‪-5‬يقول الله عز وجل مبينا ً ما أحله لنبيه‬
‫جي‬ ‫‪ ‬تُْر ِ‬ ‫زوجاته – رضى الله عنهن‬
‫ن‬‫مَ ِ‬ ‫شاءُ وَ َ‬ ‫ن تَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ك َ‬ ‫ن وَتُؤ ْوِي إِلَي ْ َ‬ ‫منْهُ َّ‬ ‫شاءُ ِ‬ ‫ن تَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬
‫ك أدْنَى‬ ‫ك ذَل ِ َ‬ ‫َ‬
‫ح عَلي ْ َ‬ ‫جنَا َ‬ ‫ت فَل ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ن عََزل َ‬ ‫م ْ‬ ‫م َّ‬ ‫ت ِ‬ ‫ابْتَغَي ْ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬‫ما آتَيْتَهُ َّ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫نب‬ ‫َ‬ ‫ضي ْ‬‫ن وَيَْر َ‬ ‫حَز َّ‬ ‫ن وََل ي َ ْ‬ ‫ن تَقََّر أع ْيُنُهُ َّ‬ ‫أ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫كُلُّهُ َّ‬
‫ن الل ّ ُ‬
‫ه‬ ‫م وَكَا َ‬ ‫ما فِي قُلُوبِك ُ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ه يَعْل َ ُ‬ ‫ن وَالل ّ ُ‬
‫ن بَعْد ُ وََل‬ ‫ل لَ َ‬ ‫ح ُّ‬ ‫ما َل ي َ ِ‬
‫م ْ‬ ‫سا ُء ِ‬ ‫ك الن ِّ َ‬ ‫حلِي ً‬ ‫ما َ‬ ‫عَلِي ً‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫سنُهُ َّ‬ ‫ح ْ‬ ‫ك ُ‬ ‫جب َ َ‬ ‫ن أْزوَاٍج وَلَوْ أع ْ َ‬ ‫ْ‬ ‫م‬
‫ن ِ‬ ‫ل بِهِ َّ‬ ‫ن تَبَد َّ َ‬ ‫أ ْ‬
‫ه عَلَى ك ُ ِّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫يءٍ‬ ‫ش ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ن الل ّ ُ‬ ‫ك وَكَا َ‬ ‫مين ُ َ‬ ‫ت يَ ِ‬ ‫ملَك َ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫إ ِ ّل َ‬
‫[ الحزاب‪.] 52،51 :‬‬ ‫َرقِيب ً ‪‬ا‬
‫َّ‬
‫فالميل القلبى واستحسان النساء أمور تبناها‬
‫القرآن وحكم بشرعه سواء للنبى أو لمته‪،‬‬
‫ما‬
‫م فِي َ‬ ‫ح عَلَيْك ُ ْ‬ ‫جنَا َ‬ ‫فقد قال سبحانه‪  :‬وََل ُ‬
‫َ َ‬
‫م فِي‬ ‫ساءِ أوْ أكْنَنْت ُ ْ‬ ‫خطْبَةِ الن ِّ َ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫م بِهِ ِ‬ ‫عََّر ْ‬
‫ضت ُ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن َل‬ ‫ن وَلَك ِ ْ‬ ‫ستَذ ْكُُرونَهُ َّ‬ ‫م َ‬ ‫ه أنَّك ُ ْ‬ ‫م الل ّ ُ‬ ‫م عَل ِ َ‬ ‫سك ُ ْ‬ ‫أن ْ ُف ِ‬
‫ن تَقُولُوا قَوًْل َمعُْروفًا ‪‬‬ ‫َ َ‬
‫سًّرا إ ِ ّل أ ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫عدُوهُ َّ‬ ‫تُوَا ِ‬
‫[ البقرة‪.] 235 :‬‬

‫‪7‬‬
‫‪-6‬وقال تعالى مبينا ً الرغبة والستحسان من‬
‫النثى للذكر وبيان الميْل القلبى الطاهر‬
‫شي عَلَى‬ ‫م ِ‬ ‫ما ت َ ْ‬ ‫حدَاهُ َ‬ ‫ه إِ ْ‬ ‫جاءَت ْ ُ‬ ‫العفيف‪ :‬فَ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ما‬‫جَر َ‬ ‫كأ ْ‬ ‫جزي َ َ‬ ‫ك لِي َ ْ ِ‬ ‫ن أبِي يَدْع ُو َ‬ ‫ت إ ِ َّ‬ ‫حيَاءٍ قَال َ ْ‬ ‫ست ِ ْ‬ ‫ا ْ‬
‫ص‬
‫ص َ‬ ‫ص ع َلَيْهِ َالْقَ َ‬ ‫جا َءه ُ وَقَ َّ‬ ‫ما َ‬ ‫ت لَنَا فَل َ َّ‬ ‫سقَي ْ َ‬ ‫َ‬
‫ت‬ ‫َ‬
‫ن قال ْ‬ ‫َ‬ ‫مي َ‬ ‫ّ‬
‫ن القَوْم ِ الظال ِ ِ‬ ‫ْ‬ ‫م َ‬ ‫ت ِ‬ ‫جوْ َ‬ ‫ف نَ َ‬ ‫خ ْ‬ ‫ل ل تَ َ‬ ‫َ‬ ‫قَا َ‬
‫ن‬ ‫م‬ ‫جْره ُ إ ِ َّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫خيَْر َ‬ ‫ن َ‬ ‫ستَأ ِ‬ ‫تا ْ‬ ‫ما يَا أب َ ِ‬ ‫حدَاهُ َ‬ ‫إِ ْ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ن‬ ‫ل إِنِّي أرِيد ُ أ ْ‬ ‫ن قَا َ‬ ‫مي ُ‬ ‫ت الْقَوِيُّ اْل ِ‬ ‫جْر َ‬ ‫ستَأ َ‬ ‫ا ْ‬
‫ن ‪ [ ‬القصص‪26،2 :‬‬ ‫حدَى ابْنَت َ َّ‬ ‫ح َ‬ ‫ُ‬
‫ي هَاتَي ْ ِ‬ ‫ك إِ ْ‬ ‫أنْك ِ َ‬
‫‪ .] 5‬إنها عّرضت بخطبة موسى عليه السلم‬
‫جْره ُ إ ِ َّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫م ِ‬ ‫خيَْر َ‬ ‫ن َ‬ ‫ستَأ ِ‬ ‫تا ْ‬ ‫بقولها ‪ ‬يَا أب َ ِ‬
‫ْ‬
‫ن ‪ ‬لذلك أدرك الب‬ ‫مي ُ‬ ‫ت الْقَوِيُّ اْل َ ِ‬ ‫جْر َ‬ ‫ستَأ َ‬ ‫ا ْ‬
‫الشفوق العارف‪ ،‬فلم يقل لموسى إنى أريد‬
‫ح َ‬
‫ك‬ ‫أن تأجرنى ولكن قال‪  :‬إنِي أُريد أ َ ُ‬
‫ن أنْك ِ َ‬ ‫ِ ُ ْ‬ ‫ِّ‬
‫ن ‪ ‬إنه الحديث عن العجاب‬ ‫ي هَاتَي ْ ِ‬ ‫حدَى ابْنَت َ َّ‬ ‫إِ ْ‬
‫واستحسان الرجل من النثى العفيفة وطلب‬
‫النكاح ولكن حديث القرآن‪ :‬حديث موضوعى‬
‫رصين يراعى الموقف والحال والحاجة‪ ،‬وبل‬
‫ابتذال أو امتهان‪،‬‬
‫‪-7‬لقد تحدث القرآن عن العضاء التناسلية‬
‫بنفس النسق والرصانة والتَّحفَّظ فقال‪ --:‬‬
‫حفَظُوا‬ ‫ضوا م َ‬
‫م وَي َ ْ‬ ‫صارِه ِ ْ‬ ‫ن أب ْ‬ ‫ِ‬ ‫منِين يَغُ ُّ‬ ‫ل لِل ْمؤ ْ ِ‬ ‫قُ ْ‬
‫ُ َ َ َ َ َ َ ْ َ َّ‬
‫َ‬
‫ما‬
‫خبِيٌر ب ِ َ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل َ‬ ‫م إِ ّ‬ ‫م ذل ِك أْزكى لهُ ْ‬ ‫جهُ ْ‬ ‫فُُرو َ‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫ض َ‬‫ض ْ‬ ‫ت يَغْ ُ‬ ‫منَا ِ‬ ‫مؤ ْ ِ‬ ‫ل لِل ْ ُ‬ ‫ن وَقُ ْ‬ ‫صنَعُو َ‬ ‫يَ ْ‬
‫جهُ َّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ن ‪ [ ‬النور‪] 31،30 :‬‬ ‫ن فُُرو َ‬ ‫حفَظ َ‬ ‫ن وَي َ ْ‬ ‫صارِه ِ َّ‬ ‫أب ْ َ‬
‫م‬‫جهُ ْ‬‫ن فُُرو َ‬ ‫حافِظِي َ‬ ‫وقال تعالى‪ :‬وَال ْ َ‬
‫ت ‪ [ ‬الحزاب‪ ،] 35 :‬وقال جل من‬ ‫حافِظَا ِ‬ ‫وَال ْ َ‬
‫‪8‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ت‬‫صن َ ْ‬ ‫ح َ‬ ‫ن ال ّتِي أ ْ‬ ‫مَرا َ‬ ‫ع ْ‬
‫ت ِ‬ ‫م ابْن َ َ‬ ‫مْري َ َ‬ ‫قائل‪ :‬وَ َ‬
‫َّ‬
‫جهَا ‪ [ ‬التحريم‪َ ،] 12:‬وقال تعالى‪  :‬وَالذِي َ‬
‫ن‬ ‫فَْر َ‬
‫ما‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫م أوْ َ‬ ‫جهِ ْ‬ ‫ن إ ِل ع َلى أْزوَا ِ‬ ‫حافِظو َ‬ ‫م َ‬ ‫جهِ ْ‬ ‫م لِفُُرو ِ‬ ‫هُ ْ‬
‫َ‬
‫ن‪‬‬‫مي َ‬ ‫ملُو ِ‬ ‫م غَيُْر َ‬ ‫م فَإِنَّهُ ْ‬ ‫مانُهُ ْ‬ ‫ت أي ْ َ‬ ‫ملَك َ ْ‬ ‫َ‬
‫[ المؤمنون‪ .] 6،5 :‬فالشأن ليس فى طرح‬
‫الموضوع والحديث عنه‪ ،‬ولكن الشأن فى‬
‫أسلوب العرض‪ ،‬وحسن القصد‪ ،‬والغضاء‬
‫عن لفظ العيْب‪.‬‬
‫‪-8‬والحديث عن ممارسة الجماع‪ ،‬أو ما يسمونه‬
‫بالجنس‪ ،‬قد تناوله القرآن فى تشريعاته‬
‫ساؤ ُك ُ ْ‬
‫م‬ ‫الواجب العلم بها‪ ،‬فقال تعالى‪  :‬ن ِ َ‬
‫ث لَك ُم فَأْتوا حرثَك ُ َ‬
‫موا‬ ‫م وَقَ ِ‬
‫دّ ُ‬ ‫شئْت ُ ْ‬ ‫م أنَّى ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ َْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫حْر ٌ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ملقُوهُ‬ ‫م ُ‬ ‫موا أن ّك ْ‬ ‫ه وَاع ْل ُ‬ ‫م وَات ّقُوا الل َ‬ ‫سك ْ‬ ‫ِلن ْ ُف ِ‬
‫ن ‪ [ ‬البقرة‪ .] 223 :‬فسبحان‬ ‫منِي َ‬ ‫مؤ ْ ِ‬ ‫شرِ ال ْ ُ‬ ‫وَب َ ّ ِ‬
‫الحكيم العليم وهو يبيّن للمؤمنين طرق‬
‫الستمتاع بين الزوجين ويدلّهم برحمته على‬
‫أن يقدموا بينهم مرغبات الجماع والستمتاع‬
‫بالمداعبة والقبلة ولذيذ الكلم كما بينه‬
‫المفسرون‪ ،‬ثم يصبغ هذا الجو الستمتاعى‬
‫بالحض على تقوى الله والخشية من ملقاته‬
‫عند الحساب‪ ،‬وحتى ل تنقبض النفس فى‬
‫الستمتاع يبشرهم ربهم ليمانهم بالمتاع‬
‫الدائم فى الجنة‪ ،‬ولو أن الجماع شئ مرزول‬
‫لم يكن ثوابا ً للمؤمنين فى الجنة‪ ،‬فإن‬
‫المرزول منه ما خالف الشرع فالرزالة فى‬
‫المخالفة وليست فى الجماع‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫‪-9‬يقول الله تعالى فى معرض شعيرة من‬
‫شرائع السلم وهى الصيام والعتكاف‪ ---:‬‬
‫ن‬‫م هُ َّ‬ ‫سائِك ُ ْ‬ ‫ث إِلَى ن ِ َ‬ ‫صيَام ِ الَّرفَ ُ‬ ‫ة ال ِّ‬ ‫م لَيْل َ َ‬ ‫ْ‬ ‫ل لَك ُ‬ ‫ح َّ‬ ‫أُ ِ‬
‫ن عَل ِم الل َّ َ‬ ‫َ‬
‫م‬‫ه أنَّك ُ ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫س لَهُ َّ‬ ‫م لِبَا ٌ‬ ‫م وَأنْت ُ ْ‬ ‫س لَك ُ ْ‬ ‫لِبَا ٌ‬
‫َ‬
‫َّ‬
‫م وَعَفَا‬ ‫ب عَلَيْك ُ ْ‬ ‫م فَتَا َ‬ ‫سك ُ ْ‬ ‫ن أن ْ ُف َ‬ ‫ختَانُو َ‬ ‫م تَ ْ‬ ‫كُنْت ُ ْ‬
‫ه‬
‫ب الل ُ‬ ‫ما كَت َ َ‬ ‫ن وَابْتَغُوا َ‬ ‫شُروهُ َّ‬ ‫ن بَا ِ‬ ‫م فَاْل َ‬ ‫ع َنْك ُ ْ‬
‫ط‬‫خي ْ ُ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫ن لَك ُ ُ‬ ‫حتَّى يَتَبَي َّ َ‬ ‫شَربُوا َ‬ ‫م وَكُلُوا َوا ْ‬ ‫لَك ُ ْ‬
‫موا‬ ‫م أَت ِ ُّ‬ ‫جر ث ُ َّ‬ ‫ن الْفَ َ ْ ِ‬ ‫م َ‬ ‫سوَد ِ ِ‬ ‫ط اْل ْ‬
‫خي ْ ِ َ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫َ‬ ‫م‬
‫ض ِ‬ ‫ُ‬ ‫اْلَبْي َ‬
‫َ‬
‫م‬‫ن وَأن ْ َت ُ ْ‬ ‫شُروهُ َّ‬ ‫ل وََل تُبَا ِ‬ ‫م إِلَى الل ّي ْ ِ‬ ‫صيَا َ‬ ‫ال ِّ‬
‫حدُود ُ الل ّهِ فَلَ‬ ‫ك ُ‬ ‫ْ‬
‫جدِ تِل َ‬ ‫سا ِ‬‫م َ‬ ‫ْ‬
‫ن فِي ال َ‬ ‫عَاكِفُو َ‬
‫َ َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م‬
‫س لعَلهُ ْ‬ ‫ه آيَاتِهِ لِلن ّا ِ‬ ‫ن الل ّ ُ‬ ‫ك يُبَي ِّ ُ‬ ‫ت َ ْقَربُوهَا كَذَل ِ َ‬
‫ن ‪ [ ‬البقرة‪ .] 187 :‬إنه بيان من الله لما‬ ‫يَتَّقُو َ‬
‫أحله للناس من ( الَّرفث )‪ ( ،‬تختانون‬
‫(‬ ‫أنفسكم )‪ ( ،‬فالن باشروهن )‪،‬‬
‫وابتغوا ما كتب الله لكم )‪ ( ،‬ول تباشروهو‬
‫وأنتم عاكفون فى المساجد )‪ ،‬إن الله تعالى‬
‫كتب لنا – أى فرض – الحلل بالنكاح وجعل‬
‫الزوجين سترا ً حلل ً لكل الرغبات التى تؤدّى‬
‫َ‬
‫م‬‫م وَأنْت ُ ْ‬ ‫س لَك ُ ْ‬ ‫ن لِبَا ٌ‬ ‫فى الخلوة المباحة‪ ‬هُ َّ‬
‫ن إن تشريع فرض الصيام وبيانه‬ ‫س لَهُ َّ ‪‬‬ ‫لِبَا ٌ‬
‫للناس ممزوج فى آية واحدة مع بيان‬
‫الستمتاع الجنسى‪ ،‬مع أحكام العتكاف‬
‫والمساجد‪.‬‬
‫ل الحديث فيها من ذكر‬ ‫خ ُ‬ ‫‪ -10‬وفريضة الحج لم ي ْ‬
‫َ‬
‫شهٌُر‬ ‫جأ ْ‬ ‫ح ُّ‬ ‫( الرفث ) يقول المولى‪ :‬ال ْ َ‬
‫ث وََل‬ ‫ج فََل َرفَ َ‬ ‫ح َّ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫ض فِيهِ َّ‬ ‫ن فََر َ‬ ‫م ْ‬ ‫ت فَ َ‬ ‫ما ٌ‬ ‫معْلُو َ‬ ‫َ‬
‫ج ‪‬‬ ‫ح ِّ‬ ‫ْ‬
‫ل فِي ال َ‬ ‫جدَا َ‬ ‫سوقَ وَل ِ‬‫َ‬ ‫فُ ُ‬
‫[ البقرة‪.] 197 :‬‬
‫‪10‬‬
‫‪ -11‬وإباحة الستمتاع واستحسان الزوج وطلب‬
‫ما يرضى منه‪ ،‬تشريع ذكره القرآن بقوله‪ :‬‬
‫وإ َ‬
‫م‬‫ن َزوٍْج وَآتَيْت ُ ْ‬ ‫مكَا َ‬ ‫ل َزوٍْج َ‬ ‫ستِبْدَا َ‬ ‫ما ْ‬ ‫ن أَردْت ُ ُ‬ ‫َِ ْ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ه‬
‫خذ ُون َ ُ‬ ‫شيْئًا أتَأ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫خذ ُوا ِ‬ ‫ن قِنْطاًرا فَل تَأ ُ‬ ‫حدَاهُ َّ‬ ‫إِ ْ‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫ضى‬ ‫ه وَقَد ْ أفْ َ‬ ‫خذ ُون َ ُ‬ ‫ف تَأ ُ‬ ‫مبِينًا وَكَي ْ َ‬ ‫ما ُ‬ ‫بُهْتَانًا وَإِث ْ ً‬
‫م ِميثَاقًا غَلِيظًا ‪‬‬ ‫َ‬ ‫ضك ُ ْ َ‬
‫منْك ُ ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫خذ ْ َ‬ ‫ض وَأ َ‬ ‫م إِلى بَعْ ٍ‬ ‫بَعْ ُ‬
‫[ النساء‪ ،] 21،20 :‬وانظر إلى حديث القرآن‬
‫َ‬
‫ضك ُ ْ‬
‫م‬ ‫ضى بَعْ ُ‬ ‫عن الجماع فى قوله‪  :‬وَقَد ْ أفْ َ‬
‫ض ‪ ‬فل يشعر القارئ بخرج ول انقباض‬ ‫َ‬
‫إِلى بَعْ ٍ‬
‫نفس برغم الحديث عن عملية الجماع بين‬
‫الزوجين‪.‬‬
‫‪ -12‬وفى معرض بيان المحرمات من النساء‬
‫َ‬
‫م‬ ‫جورِك ُ ْ‬ ‫ح ُ‬ ‫م ال ّلتِي فِي ُ‬ ‫يقول القرآن‪َ  :‬وََربَائِبُك ُ ُ‬
‫م تَكُونُوا‬ ‫ن لَ ْ‬ ‫ن فَإ ِ ْ‬ ‫م بِهِ َّ‬ ‫خلْت ُ ْ‬ ‫م ال ّلتِي د َ َ‬ ‫سائِك ُ ُ‬ ‫ن نِ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫م ‪ [ ‬النساء‪.] 23:‬‬ ‫ُ‬
‫ح عَليْك ْ‬ ‫َ‬ ‫جنَا َ‬ ‫ن فَل ُ‬‫َ‬ ‫م بِهِ َّ‬ ‫ْ‬
‫خلت ُ ْ‬ ‫دَ َ‬
‫فالتعبير عن الجماع بالدخول ل يدع للخيال‬
‫مجال لستثارة الغرائز‪.‬‬
‫‪ -13‬وفى بيان التشريع لداء المهور يقول‬
‫ن‬‫ن فَآتُوهُ َّ‬ ‫منْهُ َّ‬ ‫م بِهِ ِ‬ ‫متَعْت ُ ْ‬ ‫ست َ ْ‬‫ما ا ْ‬ ‫القرآن‪ :‬فَ َ‬
‫ُ‬
‫ة ‪ [ ‬النساء‪ ] 24 :‬فهو حديث‬ ‫ض ً‬‫ن فَرِي َ‬ ‫جوَرهُ َّ‬ ‫أ ُ‬
‫عن الستمتاع بالنساء بل حرج ول خفاء‪.‬‬
‫‪ -14‬يقول عز وجل فى معرض بيان الطهارة من‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫سفَرٍ أوْ‬ ‫ضى أوْ ع َلَى َ‬ ‫مْر َ‬ ‫م َ‬ ‫ن كُنْت ُ ْ‬ ‫الحديث‪  :‬وَإ ِ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ساءَ‬ ‫م الن ِّ َ‬ ‫ست ُ ُ‬‫م ْ‬ ‫ط أوْ َل َ‬ ‫ن الْغَائ ِ ِ‬ ‫م َ‬ ‫م ِ‬ ‫منْك ُ ْ‬ ‫حد ٌ ِ‬ ‫جاءَ أ َ‬ ‫َ‬
‫صعِيدًا طَيِّبًا ‪‬‬ ‫موا َ‬ ‫م ُ‬ ‫ما ًء فَتَي َ َّ‬ ‫جدُوا َ‬ ‫م تَ ِ‬ ‫فَل َ ْ‬
‫[ النساء‪ ] 43 :‬فتعبير ملمسة النساء بدل ً من‬
‫لفظ مثل جامعتم النساء يصرف الذهن إلى‬
‫‪11‬‬
‫الحكم الشرعى بدل ً من فتح الخيال‬
‫الجنسى‪ .‬وانظر إلى الحديث فى سياق واحد‬
‫عن المرض والسفر وقضاء الحاجة مع قضاء‬
‫الوطر من النساء‪ ..‬كيف جاءت هذه الفعال‬
‫متوازية في بساطتها وضروراتها لحاجات‬
‫الناس واعتيادياتهم‪.‬‬
‫‪ -15‬وانظر إلى هذا التعبير الرقيق الذى جاء فى‬
‫مناسبة مقدسة على لسان مريم البتول‬
‫َ‬
‫ن لِي وَلَدٌ‬ ‫ب أنَّى يَكُو ُ‬ ‫ت َر ِّ‬ ‫عليها السلم‪ :‬قَال َ ْ‬
‫شٌر ‪[ ‬آل عمران‪ ] 47 :‬كما‬ ‫سنِي ب َ َ‬ ‫س ْ‬ ‫م َ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫وَل َ ْ‬
‫جاء نفس اللفظ تعبيرا ً عن الجماع فى‬
‫موضع ل يحمل ذكر الجماع فيه لنه موضع‬
‫انتهاء العلقة بين الزوجين فلم يعودا عندها‬
‫زوجين أو ممنوعين من الجماع كزوجين يباح‬
‫ن‬
‫م إِ ْ‬ ‫ح عَلَيْك ُ ْ‬ ‫جنَا َ‬ ‫لهما الجماع‪ .‬قال تعالى‪َ  :‬ل ُ‬
‫َ‬
‫ن‪‬‬‫سوهُ َّ‬ ‫م ُّ‬ ‫م تَ َ‬ ‫ما ل َ ْ‬‫سا َء َ‬‫م الن ِّ َ‬ ‫طَل ّقْت ُ ُ‬
‫ن‬‫[ البقرة‪ ،] 236 :‬وقال تعالى‪  :‬وَإ ِ ْ‬
‫ن من قَب َ‬ ‫َ‬
‫ن ‪ [ ‬البقرة‪:‬‬ ‫سوهُ َّ‬ ‫م ُّ‬‫ن تَ َ‬ ‫لأ ْ‬ ‫موهُ َّ ِ ْ ْ ِ‬ ‫طَل ّقْت ُ ُ‬
‫َ‬
‫ن‬‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫ن يُظَاهُِرو َ‬ ‫‪ .] 237‬وقال تعالى‪ :‬وَال ّذِي َ‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫حريُر َرقَبَةٍ ِ‬ ‫ما قَالُوا فَت َ ْ ِ‬ ‫ن لِ َ‬ ‫م يَعُودُو َ‬ ‫م ث ُ َّ‬
‫سائِهِ ْ‬ ‫نِ َ‬
‫ما َّ‬ ‫َ‬
‫سا ‪ [ ‬المجادلة‪ ] 3:‬إنه إعجاز‬ ‫ن يَت َ َ‬ ‫لأ ْ‬ ‫قَب ْ ِ‬
‫القرآن فى استخدام اللفظ المناسب اللئق‬
‫بالمقام‪.‬‬
‫‪ -16‬وانظر الحديث عن ممارسة الجماع غير‬
‫المشروع واستخدام اللفظ الئق المناسب‬
‫ُ‬
‫ن فَإ ِ ْ‬
‫ن‬ ‫ص َّ‬‫ح ِ‬ ‫لهذه الحالة‪ .‬يقول عز وجل‪  :‬فَإِذ َا أ ْ‬

‫‪12‬‬
‫ما عَلَى‬ ‫شةٍ فَعَلَيْهِ َّ‬ ‫ح َ‬ ‫َ‬
‫ف َ‬ ‫ص ُ‬ ‫ن نِ ْ‬ ‫ن بِفَا ِ‬ ‫أتَي ْ َ‬
‫ب ‪ [ ‬النساء‪.] 25 :‬‬ ‫ن الْعَذ َا ِ‬ ‫م َ‬ ‫ت ِ‬ ‫صنَا ِ‬ ‫ح َ‬ ‫م ْ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫‪ -17‬وعند الحديث عن العقوبة لمرتكب الجماع‬
‫غير المشروع يستخدم القرآن لفظا ً خاصاً‬
‫مى الفاعل به فيقول الله تعالى‪ :‬‬ ‫يليق َر ْ‬
‫مائ َ َ‬
‫ة‬ ‫ما ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫جلِدُوا ك ّ‬ ‫ة وَال ّزانِي فَا ْ‬ ‫َ‬ ‫الَّزانِي َ ُ‬
‫منْهُ َ‬ ‫حد ٍ ِ‬ ‫ل َوا ِ‬
‫جلْدَةٍ ‪ [ ‬النور‪ ] 2 :‬كما يقول سبحانه وتعالى‪:‬‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ة َل‬ ‫ة وَالَّزانِي َ ُ‬ ‫شرِك َ ً‬ ‫م ْ‬ ‫ة أوْ ُ‬ ‫ح إ ّل َزانِي َ ً‬ ‫‪‬الَّزانِي َل يَنْك ِ ُ‬
‫ك ‪ [ ‬النور‪ ..] 3 :‬كما‬ ‫شرِ ٌ‬ ‫م ْ‬ ‫ينكحها إَّل زا َ‬
‫ن أوْ ُ‬ ‫َْ ِ ُ َ ِ َ ٍ‬
‫يصف عز وجل عباده البرار الطاهرين‬
‫َ‬
‫ن َل‬ ‫البعيدين عن َكل مخالفة لشرعه‪  :‬وَال ّذِي َ‬
‫س‬ ‫ن النَّفْ َ‬ ‫خَر وََل يَقْتُلُو َ‬ ‫معَ الل ّهِ إِلَهًا آ َ‬ ‫ن َ‬ ‫يَدْع ُو َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‪‬‬ ‫قّ وََل يَْزنُو َ‬ ‫ح ِ‬ ‫ه إ ِ ّل بِال ْ َ‬ ‫م الل ّ ُ‬ ‫حَّر َ‬ ‫ال ّتِي َ‬
‫[الفرقان‪] 68 :‬‬
‫‪ -18‬وعندما ينهى القرآن عن أفعال وأوضاع غير‬
‫مشروعة بين الرجال والنساء يقول عز‬
‫وجل‪  :‬وآتوهُ َ ُ‬
‫ت‬‫صنَا ٍ‬ ‫ح َ‬ ‫م ْ‬ ‫ف ُ‬ ‫معُْرو ِ‬ ‫ن بِال ْ َ‬ ‫جوَرهُ َّ‬ ‫نأ ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن ‪ [ ‬النساء‪:‬‬ ‫خدَا ٍ‬ ‫تأ ْ‬ ‫خذ َا ِ‬ ‫مت ّ ِ‬ ‫ت وَل ُ‬ ‫حا ٍ‬ ‫سا ِف َ‬ ‫م َ‬ ‫غَيَْر ُ‬
‫ن‬
‫م َ‬ ‫ت ِ‬ ‫صنَا ُ‬ ‫ح َ‬ ‫م ْ‬ ‫ُ‬ ‫‪ .] 25‬ويقول عز وجل‪ :‬وَال ْ‬
‫َ‬
‫ن أُوتُوا‬ ‫ن ال ّذِي َ‬ ‫م َ‬ ‫ت ِ‬ ‫صنَا ُ‬ ‫ح َ‬ ‫م ْ‬ ‫ت وَال ْ ُ‬ ‫منَا ِ‬ ‫مؤ ْ ِ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫ُ‬
‫جوَرهُ َّ‬
‫ن‬ ‫نأ ُ‬ ‫موهُ َّ‬ ‫م إِذ َا آتَيْت ُ ُ‬ ‫ن قَبْلِك ُ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ب ِ‬ ‫الْكِتَا َ‬
‫ن‪‬‬ ‫خدَا ٍ‬ ‫خذِي أ َ ْ‬ ‫مت َّ ِ‬‫ن وََل ُ‬ ‫حي َ‬ ‫سافِ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ن غَيَْر ُ‬ ‫صنِي َ‬ ‫ح ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ُ‬
‫[ المائدة‪ ] 5 :‬فالمسافِحة والمسافح‬
‫والخدْن‪ ،‬رجل أو امرأة‪ ،‬هو من يعاشر‬
‫ويجامع بطريق غير مشروع فيستحق لقباً‬
‫قبيحا ً يليق به مثل الزانى والزانية‪ .‬إنه‬
‫الحديث المشروع عن الوضاع الجنسية‬
‫‪13‬‬
‫المستقبحة فى المجتمع يعرضها الشارع فى‬
‫سياق كريم يليق بالقرآن‪.‬‬
‫‪ -19‬وانظر حيث تمتهن امرأة مهنة الجماع غير‬
‫المشروع‪ ،‬بماذا يصفها القرآن بالوصف‬
‫المستقبح شرعا ً وعرفا ً فى كافة الزمنة‬
‫والمكنة‪ .‬يقول عز وجل ‪  :‬وََل تُكْرِهُوا‬
‫صنًا ‪ [ ‬النور‪:‬‬ ‫ح ُّ‬ ‫فَتياتِك ُم عَلَى الْبغَاءِ إ َ‬
‫ن تَ َ‬ ‫ن أَرد ْ َ‬ ‫ِ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ََ‬
‫َ‬
‫‪ .] 33‬ويقول فى معرض الت ّب ّرى من هذه‬ ‫َ‬
‫ت‬ ‫الوصمة على لسان مريم الطاهرة‪  :‬قَال َ ْ‬
‫َ‬
‫م‬‫شٌر وَل َ ْ‬ ‫سنِي ب َ َ‬ ‫س ْ‬ ‫م َ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫م وَل َ ْ‬ ‫ن لِي غَُل ٌ‬ ‫أنَّى يَكُو ُ‬
‫ى والبغاء على‬ ‫ك بَغِيًّا ‪ [ ‬مريم‪ .] 20 :‬فالبغ ُّ‬ ‫أَ ُ‬
‫مدار التاريخ ل يوصم به إل أرزل من فى‬
‫المجتمع‪.‬‬
‫‪ -20‬وكذلك عندما يقبَّح القرآن فعل قوم لوط‬
‫ويستنكر عليهم ذلك يقول عز وجل‪  ---:‬إِنَّك ُ ْ‬
‫م‬
‫شهوة ً من دون الن ِسا ِء ب ْ َ‬ ‫ْ‬
‫م‬
‫ل أنْت ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫ل َ ْ َ ِ ْ ُ ِ ّ َ‬ ‫جا َ‬‫ر َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫لَتَأتُو َ‬
‫ن ‪[ ‬العراف‪ .] 81:‬إنه الترفّع‬ ‫سرِفُو َ‬ ‫م ْ‬ ‫م ُ‬ ‫قَوْ ٌ‬
‫عن ذكر الفاحشة بين الرجال بذكر ( إتيان‬
‫الرجال ) شهوة ورغبة بدل ً من اشتهاء النساء‬
‫لنتكاس الفطرة البشرية فيهم‪.‬‬
‫‪ -21‬وانظر كيف عالج القرآن الحديث عن كشف‬
‫العورات عند الرجال والنساء فقال عز وجل‪:‬‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ت‬ ‫ملَك َ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫م ال ّذِي َ‬ ‫ستَأذِنْك ُ ُ‬ ‫منُوا لِي َ ْ‬ ‫نآ َ‬ ‫‪ ‬يَا أيُّهَا ال ّذِي َ َ‬
‫م ثََل َ‬ ‫َ‬
‫ث‬ ‫منْك ُ ْ‬ ‫م ِ‬ ‫حل ُ َ‬ ‫م يَبْلُغُوا ال ْ ُ‬ ‫ن لَ ْ‬ ‫م وَال ّذِي َ‬ ‫مانُك ُ ْ‬ ‫أي ْ َ‬
‫ن‬
‫ضعُو َ‬ ‫ن تَ َ‬ ‫حي َ‬ ‫جرِ وَ ِ‬ ‫ة ال ْ َف ْ‬ ‫صَل ِ‬‫لَ َ‬ ‫ن قَب ْ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ت ِ‬ ‫مَّرا ٍ‬ ‫َ‬
‫شاءِ‬ ‫ْ‬
‫صلةِ العِ َ‬ ‫َ‬ ‫ن بَعْد ِ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن الظهِيَرةِ وَ ِ‬‫ّ‬ ‫م َ‬ ‫م ِ‬ ‫ُ‬
‫ثِيَابَك ْ‬
‫م ‪ [ ‬النور‪ .] 58 :‬وكأن القرآن‬ ‫ت لك ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫ث ع َوَْرا ٍ‬ ‫ثََل ُ‬
‫‪14‬‬
‫بواقعيه ينظم أوقات الجماع ويضفى عليها‬
‫أسباب الستر والصيانة حتى يستمتع الزواج‬
‫فى خلوة مأمونة‪.‬‬
‫‪ -22‬وعندما تحدث القرآن عن الخطأ ومبدأ‬
‫الفتنة بين الرجل والمرأة وانكشاف‬
‫المخظور بتغرير الشيطان الغرور قال تعالى‪:‬‬
‫ن لِيُبْدِيَ لَهُ َ‬ ‫شيْطَا ُ‬ ‫ما ال َّ‬ ‫س لَهُ َ‬ ‫‪ ‬فَوَ ْ‬
‫ما وُورِيَ‬ ‫ما َ‬ ‫سوَ َ‬
‫ما ‪ [ ‬العراف‪ ] 20 :‬وقال‬ ‫سوْآتِهِ َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ما ِ‬ ‫ع َنْهُ َ‬
‫ما ذ َاقَا ال َّ‬ ‫ما بِغُُرورٍ فَل َ َّ‬ ‫َ‬
‫جَرةَ‬ ‫ش َ‬ ‫عز وجل‪  :‬فَد َ ّلهُ َ‬
‫ما‬ ‫ن ع َلَيْهِ َ‬ ‫صفَا ِ‬ ‫خ ِ‬ ‫ما وَطَفِقَا ي َ ْ‬ ‫سوْآتُهُ َ‬ ‫ما َ‬ ‫ت لَهُ َ‬ ‫بَد َ ْ‬
‫جنَّةِ ‪ [ ‬العراف‪ ] 22 :‬إنه التعبير‬ ‫ق ال ْ َ‬ ‫ن وََر ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫عن الفرج فى هذا المقام ب ( السوأة ) لنه‬
‫جمع بين المخالفة والعورة واتباع الشيطان‪.‬‬
‫‪ -23‬وعندما يتحدث القرآن عن المتناع عن إتيان‬
‫النساء المؤقت لعذرهن الشهرى يقول عز‬
‫ل هُوَ أَذ ًى‬ ‫ض قُ ْ‬ ‫حي ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫ك عَ ِ‬ ‫سأَلُون َ َ‬ ‫وجل‪ :‬وَي َ ْ‬
‫ن‬‫ض وََل تَقَْربُوهُ َّ‬ ‫حي ْ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ساءَ فِي ال ْ َ‬ ‫فَاع ْتَزِلُوا الن ِّ َ‬
‫ث‬‫حي ْ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫ن فَأتُوهُ َّ‬ ‫ن فَإِذ َا تَطَهَّْر َ‬ ‫حتَّى يَطْهُْر َ‬ ‫َ‬
‫ح ُّ‬ ‫َ‬ ‫ح ُّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ه إ ِ َّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ب‬ ‫ن وَي ُ ِ‬ ‫ب الت ّوَّابِي َ‬ ‫ه يُ ِ‬ ‫ن الل َ‬ ‫م الل ُ‬ ‫مَرك ُ ُ‬ ‫أ َ‬
‫ن ‪ [ ‬البقرة‪ ] 222 :‬فبين القرآن‬ ‫متَطَهِّرِي َ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫الجابة عن السؤال ولو يمتنع الشرع عن‬
‫الخوْض فى الموضوع لهمية الحديث عنه‪،‬‬
‫ثم بيّن أذاه للمجامع‪ ،‬ونهاه عن الجماع فى‬
‫موضع الحرث حتى ينقطع الحيض‪ ،‬وطلب‬
‫الجماع بعد التطهر صيانة ونظافة ومتعة لن‬
‫الله نظيف يحب النظافة الحسيَّة بالغتسال‪،‬‬
‫والمعنوية بالتوبة مما خالف الشرع‪ .‬إن‬

‫‪15‬‬
‫أفعال البشر الفطرية تمارس ويحكمها‬
‫الشرع الحنيف ويتحدث عنها ويبيّن أحكامها‬
‫بل حرج أو خفاء‪ ،‬ولكن فى تَنُّزهٍ ونقاء‪.‬‬
‫‪ -24‬إن تعقل الطفال ووصولهم لمرحلة النضوج‬
‫العقلى والجسمانى بما فيه النضوج الجنسى‬
‫وبروز أعضائه وآثاره يتحدث عنه القرآن‬
‫بألفاظ يتحملها الموقف فيقول عز وجل‪ :‬‬
‫ْ‬ ‫غ اْلَطْفَا ُ‬
‫ستَأذِن ُ َوا ك َ َ‬
‫ما‬ ‫م فَلْي َ ْ‬ ‫حل ُ َ‬ ‫م ال ْ ُ‬ ‫منْك ُ ُ‬‫ل ِ‬ ‫وَإِذ َا بَل َ َ‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫ه لَك ُ ْ‬
‫م‬ ‫ن الل ّ ُ‬ ‫ك يُبَي ِّ ُ‬ ‫م كَذَل ِ َ‬ ‫ن قَبْلِهِ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫ن َال ّذِي َ‬ ‫ستَأذ َ َ‬ ‫ا ْ‬
‫م ‪ [ ‬النور‪ .] 59 :‬كما بين‬ ‫حكِي ٌ‬ ‫م َ‬ ‫ه عَلِي ٌ‬ ‫آيَاتِهِ وَالل ّ ُ‬
‫الشرع الحدود الشرعية فى التعامل مع‬
‫ً‬
‫الطفال قبل البلوغ وبعد البلوغ لن شيئا ما‬
‫حدث لهم لبد ّ أن يُبيّن ويتحدث عنه ول‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫منُوا‬ ‫نآ َ‬ ‫م‪ ،‬فقال َ عز وجل‪  :‬يَا أيُّهَا ال ّذِي ََ‬ ‫ْ‬
‫يتكت َّ‬
‫َ‬
‫م‬‫ن لَ ْ‬ ‫م وَال ّذِي َ‬ ‫مانُك ُ ْ‬ ‫ت أي ْ َ‬ ‫ملَك َ ْ‬‫ن َ‬ ‫م ال ّذِي َ‬ ‫ستَأذِنْك ُ ُ‬ ‫لِي َ ْ‬
‫ت ‪ [ ‬النور‪.] 58 :‬‬ ‫مَّرا ٍ‬ ‫ث َ‬ ‫م ثََل َ‬ ‫منْك ُ ْ‬ ‫م ِ‬ ‫حل ُ َ‬ ‫يَبْلُغُوا ال ْ ُ‬
‫فللطفال قبل البلوغ حكم ولهم بعد البلوغ‬
‫حكم‪ ..‬فلماذا ل يبيّن للطفال أحكام دينهم‬
‫بزعم أن ذلك فيه حرج وقد قال الله عن‬
‫حَرٍج‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫م فِي الدِّي ِ‬ ‫ل ع َلَيْك ُ ْ‬ ‫جعَ َ‬ ‫ما َ‬ ‫شريعته ‪ ‬وَ َ‬
‫‪ [ ‬الحج‪.] 78 :‬‬
‫السنَّة المطهرة استفاضت‬
‫فى بيان العلقات الجنسية‬
‫إذا كان القرآن العظيم أجمل الحديث عن موضوع‬
‫الجنس والعلقات بين الرجال والنساء‪ ،‬فإن السنة‬
‫النبويَّة قد بينت كل ما يحتاجه الناس من هذه المور‪،‬‬
‫فى وضوح شديد ل يحتاج إلى بيان آخر‪ ،‬ولكن بيان‬
‫‪16‬‬
‫السنة اغترف من عذب ألفاظ القرآن واللغة‪ ،‬وبأسلوب‬
‫واقعى عملى لكمال البيان‪ ،‬وفيه العفَّة والطهر‬
‫والرصانة إل ما اضطر له الحال لتوصيل البيان‪ ،‬فل‬
‫حياء في بيان الدين‪ ،‬ومن باب‪ :‬الضرورات تبيح‬
‫المحظورات‪.‬‬
‫عن أسئلة الناس‬ ‫∗∗ مسائل أجاب فيها النبى‬
‫‪-1‬عن أبى هريرة رضى الله عنه أن النبى‬
‫قال " إنما أنا لكم بمنزلة الوالد‪ ،‬أعلمكم "‬
‫يعلمنا‬ ‫رواه أبو داود والنسائى‪ .‬إن النبى‬
‫الدين بأمر الله تعالى‪ ،‬فهو فى تعليمه لنا‬
‫مثل الوالد لولده يجب عليه تعليمهم ما‬
‫يلزمهم وما يحتاجون إليه‪ ،‬وعليه أن يجيبَهم‬
‫عن كل أسئلتهم ل حرج‪ ،‬وهكذا من باب‬
‫الوْلى على الوالدين أن يقوموا بذلك أيضاً‬
‫وبل حرج ول يمنعهم الحياء من ذلك التعليم‬
‫وذلك البيان‪.‬‬
‫‪-2‬عن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما قال‪" :‬‬
‫بأنه‬ ‫ذكر عمر بن الخطاب لرسول الله‬
‫تصيبه الجنابة من الليل‪ ،‬فقال له رسول الله‬
‫م " رواه‬
‫" توضأ واغسل ذكرك ثم ن ً ُ‬
‫البخارى‪.‬‬
‫‪-3‬عن جابر رضى الله عنه فى أناس معه قال‪:‬‬
‫فى الحج‬ ‫" أهْلَلْنا أصحاب رسول الله‬
‫خالصاً‪ ،‬ليس معه عمرة‪ ،‬فقدم النبى‬
‫رابعة مضت من ذى الحجة‪ ،‬فلما قدمنا أمرنا‬
‫‪17‬‬
‫ُ‬ ‫أن نح َّ‬
‫ل‪ ،‬وقال‪ :‬أحل ّوا وأصيبوا من‬ ‫النبى‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫النساء‪ ...‬فبلغه أنا نقول‪ :‬لما لم يكن بيننا‬
‫وبين عرفة إل خمس أمرنا أن نحل إلى‬
‫نسائنا فنأتى عرفة تقطر مذكيرنا المذ ْى!!‬
‫‪ :‬فقال قد علمتم أنى‬ ‫فقام رسول الله‬
‫أتقاكم لله وأصدقكم وأبّركم‪ ،‬ولول هديى‬
‫َ‬
‫لحللت كما تحلون‪ ،‬فحل ّوا‪ ،‬فلو استقبلت من‬
‫أمرى ما استدبرت ما أهديت‪ .‬فحللنا وسمعنا‬
‫وأطعنا فواقعنا النساء وتطيَّبنا بالطيب ولبسنا‬
‫ثيابنا" رواه البخارى ومسلم‪ .‬فقول جابر‬
‫بلغه قول‬ ‫رضى الله عنه أن النبى‬
‫الصحابة – نحل إلى نسائنا فنأتى عرفة تقطر‬
‫مذكيرنا المذ ْى – يطلعنا على الحديث عن‬
‫تلك المور‪ .‬دين يتعلمه الناس كما تعلمته‬
‫َ‬
‫الصحابة من رسول الله ‪ ،‬وكما عل ّمه جابر‬
‫رضى الله عنه لصحابه من بعد رسول الله‬
‫‪.‬‬
‫‪-4‬عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال‪":‬‬
‫جاءت أم سليم وهى جدة إسحاق إلى رسول‬
‫فقالت له وعائشة عنده‪ :‬يارسول‬ ‫الله‬
‫الله‪ :‬المرأة ترى ما يرى الرجل فى المنام‪،‬‬
‫فترى من نفسها ما يرى الرجل من نفسه‪.‬‬
‫حت النساء‬ ‫فقالت عائشة‪ :‬يا أم سليم فض ْ‬
‫تربت بمينك‪ .‬فقال لعائشة‪ :‬بل أنت فتربت‬
‫يمينك‪ ،‬نعم فلتغتَسل يا أم سليم‪ ..‬إذا رأت‬
‫‪18‬‬
‫ذاك " رواه مسلم‪ .‬فها هى امرأة من النصار‬
‫عن احتلم المرأة وخروج‬ ‫تسأل النبى‬
‫وجوب‬ ‫ى منها ورؤيته ويبيّن لها النبى‬
‫المن ّ‬
‫الغتسال عليها‪ ،‬بل ويدفع ويدفع اعتراض‬
‫عائشة ويخطئها لحراجها لم سليم فى‬
‫السؤال‪.‬‬
‫‪-5‬عن أبى بكر بن عبد الرحمن بن الحارث‬
‫قال‪ ":‬سمعت أبا هريرة رضى الله عنه يقص‬
‫يقول فى قصصه‪:‬من أدركه الفجر جنبا ً فل‬
‫م‪ .‬فذكرت ذلك لعبد الرحمن بن الحارث‬ ‫ص ْ‬
‫يَ ُ‬
‫فأنكر ذلك‪ ،‬فانطلق عبد الرحمن وانتطلقت‬
‫معه حتى دخلنا على عائشة وأم سلمة رضى‬
‫الله عنهما‪ ،‬فسألهما عبد الرحمن عن ذلك‪.‬‬
‫قال‪ :‬فكلتاهما قالت‪ :‬كان النبى ‪ r‬يصبح جنباً‬
‫من غير حلم ثم يصوم" رواه البخارى‬
‫ومسلم‪ .‬فها هى عائشة قد تعلمت من النبى‬
‫‪ r‬فأجابت الرجال كما أجاب النبى ‪ r‬النساء‪،‬‬
‫فالحديث فى تلك المور للبيان والتعليم‬
‫واجب‪ ،‬حتى يتعلم الجميع أمور دينهم‪ ،‬وحتى‬
‫يبقى العلم بالدين باقيا ً محفوظا ً فى المة‪.‬‬
‫‪-6‬عن سليمان بن يسار " أنه سأل أم سلمة‬
‫َ‬
‫صوم‬‫رضى الله عنها عن الرجل يصبح جنبا ً أي َ ُ‬
‫؟ قالت‪ :‬كان رسول الله ‪ r‬يصبح جنبا ً من غير‬
‫احتلم ثم يصوم" رواه مسلم‪ .‬وقد يتساءل‬
‫متسائل ويقول‪ :‬لماذا لم يرسل أحدهم‬
‫امرأته لتسأل عن هذا المر بدل ً من أن‬
‫‪19‬‬
‫يسأل رجل امرأة؟ فأقول‪ :‬العلماء يتلقون‬
‫العلم من مصادره بحسن قصد وعفّة وتقوى‬
‫ل يخطر بالبال شئ من تعاليل العقول‬
‫الفاسدة‪ ،‬ولذلك تم حفظ الدين بأحكامه‬
‫وتفاصيله وانتفع الجميع بعلماء الرجال‬
‫وعالمات النساء‪.‬‬
‫‪-7‬عن عطاء بن يسار عن رجل من النصار‬
‫رضى الله عنه‪ ":‬أنه قبّل امرأته وهو صائم‪،‬‬
‫فأمر امرأته أن تسأل النبى ‪ r‬عن ذلك‪.‬‬
‫فسألته‪ ،‬فقال‪ :‬إنى أفعل ذلك‪ .‬فقال زوجها‪:‬‬
‫ير َّ‬
‫خص الله لنبيّه فيما يشاء‪ ،‬فرجعت‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫أنا أعلمكم بحدود الله وأتقاكم" رواه عبد‬
‫الرزاق بإسناد صحيح‪ ،‬كما ذكره صاحب فتح‬
‫البارى‪ ،‬فهذه امرأة تسأل النبى ‪ r‬عن قبلة‬
‫الصائم وترجع إليه أخرى لتناقشه فى قول‬
‫زوجها والنبى ‪ r‬يخبرها أنه يفعل ذلك وهو‬
‫أعلم وأتقى من زوجها وأن ذلك ليس فيه‬
‫تعد َّ لحدود الله‪ .‬ولذلك يروى عروة بن الزبير‬
‫عن خالته عائشة رضى الله عنها أنها قالت‪" :‬‬
‫ن كان رسول الله ‪ r‬ليقبَّل بعض أزواجه‬ ‫إ ْ‬
‫وهو صائم‪ ،‬ثم ضحكت" رواه مسلم ورواه‬
‫البخارى وقال ابن حجر فى شرحه‪ :‬يحتمل‬
‫من خالف فى هذا‪ ،‬وقد‬ ‫ضحكها التّع ُّ‬
‫جب م َّ‬
‫يكون الضحك خجل ً لخبارها عن نفسها بذلك‪.‬‬
‫انتهى‪ .‬ولما سأل عمر بن أبى سلمة‪ ،‬وهو‬

‫‪20‬‬
‫تربّى فى حجره‪ ،‬لما‬ ‫‪r‬‬ ‫ربيب رسول الله‬
‫أ َّ‬
‫مه أم سلمة رضى الله عنها‪" ،‬‬ ‫‪r‬‬ ‫تزوج النبى‬
‫‪ :‬أيقبل الصائم؟ فقال‬ ‫‪r‬‬ ‫أنه سأل رسول الله‬
‫س ّ‬
‫ل هذه – أم سلمة –‬ ‫‪َ :‬‬ ‫‪r‬‬ ‫له رسول الله‬
‫يصنع ذلك‪ ،‬فقال‪:‬‬ ‫‪r‬‬ ‫فأخبرتْه أن رسول الله‬
‫قد غفر الله لك ما تقدّم من‬ ‫‪r‬‬ ‫يارسول الله‬
‫ذنبك وما تأخر‪ .‬فقال له رسول الله ‪ r‬أما‬
‫والله إنى لتقاكم لله وأخشاهم له" رواه‬
‫مسلم‪ .‬إن الحديث فى تلك المور من‬
‫المسائل المستفيضة فى المجتمع الطاهر‪،‬‬
‫مواَراةٍ ول‬
‫يسألون ليتعلموا أمور دينهم بِل َ ُ‬
‫مداراة‪.‬‬
‫ُ‬
‫‪-8‬عن عائشة زوج النبى ‪ r‬قالت‪ " :‬إن رجلً‬
‫سأل رسول الله ‪ r‬عن الرجل يجامع أهله ثم‬
‫يُكْسل هل عليهما من غسل؟ ‪ -‬وعئشة‬
‫‪ -‬فقال رسول الله ‪ : r‬إنى لفعل‬ ‫جالسة‬
‫ذلك أنا وهذه ثم نغتسل" رواه مسلم‪ .‬إن‬
‫بيان أمر الدين فرض وبكافة المواقف‬
‫والطرق‪ ،‬ول حرج فى أحكام الدين‪ ،‬فطالما‬
‫الشأن لمر الدين فإن الغرائز تكون ساكنة‪،‬‬
‫والقلوب طاهرة‪ ،‬والنفوس كبيرة‪ ،‬فعن أبى‬
‫بكر بن عبد الرحمن قال‪ " :‬كنت أنا وأبى‬
‫فذهبت معه حتى دخلنا على عائشة رضى‬
‫‪21‬‬
‫إن‬ ‫‪r‬‬‫الله عنها قالت‪ :‬أشهد على رسول الله‬
‫كان ليصبح جنبا ً من جماع غير احتلم ثم‬
‫يصومه‪ ،‬ثم دخلنا على أم سلمة فقالت مثل‬
‫ذلك" رواه البخارى ومسلم‪ ،‬فالوالد مع ولده‬
‫وبل تحّرج يتحدثان مع امرأة أجنبية على علم‬
‫بدين ربها عن تلك المور وتجيب عن‬
‫أسئلتهما‪ ،‬ثم يتأكد الحكم فيما يسألن عنه‬
‫من بعدهما‬ ‫بسؤال امرأة أخرى‪ ،‬ثم يخبران َ‬
‫من الناس عن شأن من شئون الدين‪ ،‬وليس‬
‫شأن من شئون الجنس ومثيراته‪.‬‬
‫‪-9‬عن عبد الله بن شهاب الخولّنى قال‪ " :‬كنت‬
‫نازل ً على عائشة‪ ،‬فاحتلمت فى ثوبى‬
‫فغمستهما فى الماء‪ ،‬فرأتنى جارية لعائشة‬
‫ى عائشة فقالت‪ :‬ما‬ ‫ت إل َّ‬
‫فأخبرتها‪ ،‬فبعث ْ‬
‫حملك على ما صنعت بثوْبيك؟ قال‪ :‬قلت‪:‬‬
‫رأيت ما يرى النائم فى منامه‪ .‬قالت‪ :‬هل‬
‫رأيت فيهما شيئاً؟ قلت‪ :‬ل‪ .‬قالت‪ :‬فلو رأيت‬
‫شيئا ً غسلته‪ ،‬لقد رأيتنى وإنى لحكّه من ثوب‬
‫رسول الله ‪ r‬يابسا ً بِظِفّرى" رواه مسلم‪.‬‬
‫ففى الحديث نعلم أن رجل ً ضيْفا ً على أهل‬
‫بيت فاحتلم وقام بغسل موضع المنى من‬
‫ثوبيْه وتراه امرأة من أهل البيت فتخبر‬
‫السيدة عائشة زوج النبى ‪ ،r‬وعندها العلم‬
‫بالدين‪ ،‬فترسل لهذا الضيف وتسأله عن‬
‫صنيعه لعلمها أنه جاهل بحكم ما يصنع‪ ،‬ثم‬
‫تعلمه وتخبره أن هذا الشأن علمته من‬

‫‪22‬‬
‫رسول الله ‪ ،r‬إنه العلم بالدين ووجوب‬
‫تعليمه وتعلّمه من الجميع‪ ،‬ل فرق فى‬
‫الحديث عنه العلم بين الرجال والنساء‪ ،‬إنهم‬
‫لم ينظروا للمر كنظرة أهل العصر الذين‬
‫جهلوا أمور دينهم فأخذوا شئونهم عن أهل‬
‫الغرب الذين ل يعرفون إل شئون غرائز‬
‫البهائم والحديث عما ّ أطلقوا عليه الجنس‪.‬‬
‫‪ -10‬عن زينب بنت أبى سلمة‪ " :‬أن أم سلمة‬
‫ت وأنا مع النبى ‪ r‬فى الخميلة‬
‫ض ُ‬
‫ح ْ‬‫قالت‪ِ :‬‬
‫ت فخرجت منها‪ ،‬فأخذت ثياب‬ ‫سلَل َ ُ‬
‫فان ْ َ‬
‫حيضتى فلبستها‪ ،‬فقال لى رسول الله ‪:r‬‬
‫ت؟ قلت‪ :‬نعم‪ .‬قدعانى فأدخلنى معه‬ ‫َ‬
‫أن َ ِف ْ‬
‫س ِ‬
‫كان‬ ‫‪r‬‬ ‫فى الخميلة‪ .‬قالت‪ :‬وحدثتنى أن النبى‬
‫‪r‬‬ ‫يقبلها وهو صائم‪ ،‬وكنت أغتسل أنا والنبى‬
‫من إناء واحد من الجنابة" رواه البخارى‬
‫ومسلم‪ .‬زينب راوية الحديث هى بنت أم‬
‫سلمة رضى الله عنهما‪ ،‬فهنا الم مع بنتها‬
‫تحدثها وتعلمها أمور الدين‪ ،‬وتخبرها أنها‬
‫‪r‬‬‫عندما كانت تحت غطاء واحد مع زوجها‬
‫حاضت فانسلت فى حياء النثى لتَتَحفَّظ من‬
‫دم الحيض فيؤانسها ويرفع عنها الحرج‬
‫ويدعوها لتعود للفراش معه رغم حيضتها‪ ،‬ثم‬
‫تحدَّث الم عن جوانت أخرى فى نفس‬
‫الموضوع أن القبلة للصائم مباحة وأنها‬

‫‪23‬‬
‫فعلتها مع النبى ‪ ،r‬ثم تحدَّثها عن الغتسال‬
‫بعد الجماع مع الزوج من إناء واحد معاً‪ .‬إن‬
‫الحديث يدعو كل أم أن تعلم أولدها‪ ،‬وخاصة‬
‫الناث منهن‪ ،‬أمور دينهم بصراحة ووضوح‪،‬‬
‫لن الجهل والتَّعتيم والخجل بهذه المور يضّر‬
‫سوِىَّ‪ .‬ثم‬‫المجتمع ويدفع الصغار لسلوك غير َ‬
‫إن أم سلمة وأخواتها من أمهات المؤمنين‬
‫ن مدارس للمجتمع وللمة رضى الله عنهن‬ ‫ك ُ َّ‬
‫جميعاً‪ ،‬ولذلك يجب على القائمين على‬
‫التعليم بالمدارس القيام بهذا الشأن ديناً‬
‫وليس من باب الثقافة الجنسية‪.‬‬
‫‪ -11‬بل أَبْعد من ذلك كله حرص معلم البشرية ‪r‬‬
‫على إخبار المة بمكائد الشيطان فى هذا‬
‫المر بطريقة عملية يطبقّها بنفسه الشريفة‬
‫حتى تؤخذ عنه لشيوع خطرها وبيان التَّحصن‬
‫منها‪ ،‬عن جابر بن عبد الله رضى الله‬
‫عنهما‪ ":‬أن رسول الله ‪ r‬رأى امرأة فأتى‬
‫ة لها‪ ،‬فقضى‬‫منِيئ َ ً‬
‫س َ‬
‫معَ ُ‬
‫امرأته زينب وهى ت َ ْ‬
‫حاجته‪ ،‬ثم خرج إلى أصحابه فقال‪ :‬إن المرأة‬
‫تقبل فى صورة شيطان وتُدْبر فى صورة‬
‫شيطان‪ ،‬فإذا أبْصر أحدكم امرأة فليأت أهله‬
‫فإن ذلك يرد ُّ ما فى نفسه" رواه مسلم‪.‬‬
‫فرحم الله علماء هذه المة الذين رأوا من‬
‫الصدق والمانة والحسان أن يحفظوا لنا‬
‫سنة رسول الله ‪ r‬فى أمور النكاح‬
‫والستمتاع الجنسى‪ ،‬فماما ً كما حفظوا لنا‬
‫‪24‬‬
‫سنته فى أمور العبادات والمعاملت والخلق‬
‫والداب‪ ،‬لن حياة النبى ‪ r‬بيان بالقول‬
‫والفعل والحال لكل البشر لما يريده الله‬
‫تعالى منهم‪ ،‬فل يخرج فعل بشرى من بيان‬
‫نبوى‪ ،‬لذلك كان النبى ‪ r‬يسلك مع أصحابه‬
‫وأمامهم سلوك البشر بيسر وسهولة وصدق‪،‬‬
‫فحفظت كل تلك المواقف النبوية المبيَّنة من‬
‫خلل سلسلة من العلماء نساء ورجال‪ ،‬فكلها‬
‫سنن واجب نقلها والعلم بها وتبليغها‪.‬‬
‫‪ -12‬عن معاوية بن أبى سفيان رضى الله عنهما‬
‫أنه‪ ":‬سأل أخته أم حبيبة زوج النبى ‪ :r‬هل‬
‫كان رسول الله ‪ r‬يصلى فى الثوب الذى‬
‫يجامعها فيه؟ قالت‪ :‬نعم إذا لم ير فيه أذى"‬
‫رواه أبو داود‪ .‬ففى الحديث أن الخ يسأل‬
‫أخته ويتعلم منها أمور الدين فى مسائل‬
‫الجنس‪ ،‬ثم يخبر غيره بتلك المور قربة إلى‬
‫الله تعالى‪.‬‬
‫‪-13‬روى المام مالك بن أنس رحمه الله‬
‫سئل ابن عباس‬ ‫فىالموطأ‪" :‬عن ذفيف قال‪ُ :‬‬
‫رضى الله عنهما عن العَْزل‪ ،‬فدعا جارية له‬
‫فقال‪ :‬أخبريهم‪ .‬فكأنها استحيت‪ ،‬فقال‪ :‬هو‬
‫ذلك‪ ،‬أما أنا فأفعله‪ ،‬يعنى أنه يعزل" والعزل‬
‫هو إنزال المنى خارج فرج المرأة عند‬
‫حبْر المة ابن عباس رضى الله‬ ‫الجماع‪ ،‬فهذا َ‬
‫عنهما يخبر بهذه الطريقة للجماع وأنها‬
‫مشروعة وأنه يفعلها مع جاريته‪ ،‬ويخبر بذلك‬
‫‪25‬‬
‫أمامها رغم استحيائها‪ ،‬لنه بيان للمشروع‬
‫من الدين‪.‬‬
‫‪ -14‬وفى البخارى ومسلم حديث وفاة ابن أبى‬
‫طلحة من أم سليم رضى الله عنهما‪" :‬‬
‫فقربت إليه العشاء فأكل وشرب‪ ،‬ثم تصنَّعت‬
‫له أحسن ما كانت تصنَّعُ قبل ذلك فوقع بها‪،‬‬
‫فلما رأت أنه قد شبع وأصاب منها قالت‪ :‬يا‬
‫أبا طلحة أرأيت لو أن قوما ً أعاروا عاريتهم‬
‫أهل بيت‪ ،‬فطلبوا عاريتهم أَلَهُم أن يمنعوهم؟‬
‫حتسب ابنك‪ .‬فغضب وقال‬ ‫قال‪ :‬ل‪ .‬قالت‪ :‬فا ْ‬
‫َ‬
‫تركتنى حتى تلط ّخت ثم أخبرتنى بابنى!!‬
‫فانطلق حتى أتى رسول الله فأخبره بما‬
‫كان‪ ،‬فقال رسول الله ‪ :r‬بارك الله لكما فى‬
‫غابر ليلتكما" تلك المرأة الصالحة تصنّع‬
‫لزوجها أحسن ما كانت تصنَّع – أى تتزيَّن له‬
‫– ويخبر ابنها أنس رضى الله عنه أنه وقع بها‬
‫– أى جامعها – ثم يذهب الرجل إلى الرسول‬
‫‪ r‬ويخبره بكل تفصيل‪ ،‬ثم يبارك النبى ‪ r‬ذلك‬
‫الجماع ويدعو لهما‪ ،‬ويخبر أنس راوى القصة‬
‫أن سليم رضى الله عنها حملت من تلك‬
‫الليلة فولدت غلماً ‪...‬‬
‫‪ -15‬عن عكرمة أن رفاعة طلّق امرأته فتزوجها‬
‫عبد الرحمن بن الزبير القرظى‪ .‬قالت‬
‫عائشة‪ :‬وعليها خمار أخضر‪ ،‬فشكت إليها‬
‫وأرتها خضرة بجلدها‪ ،‬فما جاء رسول الله ‪r‬‬
‫‪ -‬والنساء ينصر بعضهن بعضا ً – قالت عائشة‪:‬‬

‫‪26‬‬
‫ما رأيت مثل ما يلقى المؤمنات!! لجلدها‬
‫أشد خضرة من ثوبها‪ .‬قال‪ :‬وسمع زوجها أنها‬
‫قد أتت رسول الله ‪ r‬فجاء ومعه ابنان له‬
‫من غيرها‪ ،‬قالت‪ :‬والله ما لى إليه من ذنب‬
‫إل أن ما معه ليس بأعنى عنى من هذه‪،‬‬
‫وأخذت هُدّبَة من ثوبها – وفى رواية‪ :‬فلم‬
‫ة واحدة‪ ،‬لم يصل منى إلى شئ‬ ‫يقربنى إل هَن َ ً‬
‫– وفى رواية‪ :‬فسمع خالد بن سعيد قولها‬
‫وهو بالباب لم يؤذن له‪ ،‬فقال خالد‪ :‬يا أبا بكر‬
‫أل تنهى هذه عما تجهر به عند رسول الله ‪.r‬‬
‫سم‪.‬‬ ‫فل والله ما يزيد رسول الله ‪ r‬على التَّب ُّ‬
‫ت والله يا رسول الله‪ ،‬إنى‬ ‫فقال زوجها‪ :‬كذب ْ‬
‫لنفضها نفض الديم ولكنها ناشز تريد رفاعة‪،‬‬
‫َ‬
‫فقال رسول الله ‪ :r‬فإن كان ذلك لم تحل ّى‬
‫سيْتك‪.‬‬ ‫له أو لم تصلحى له حتى يذوق من ع ُ َ‬
‫قال‪ :‬وأبصر معه ابنين له‪،‬فقال‪ :‬بنوك هؤلء؟‬
‫قال‪ :‬نعم‪ .‬قال‪ :‬هذا الذى ما تزعمين‪ ،‬فوالله‬
‫لهم أشبه به من الغراب بالغراب" رواه‬
‫البخارى ومسلم‪ .‬فى هذا الحديث شكوى‬
‫عنَّين – أى ليس له ما‬ ‫زوجة من زوجها أنه ِ‬
‫ً‬
‫للرجال – وأنه لم يذنب معها شيئا غير أنها ل‬
‫صل على حقها منه عند الجماع‪ ،‬ويحلف‬ ‫تتح ّ‬
‫زوجها أنه يجامعها كأحسن ما يجامع الرجل‬
‫زوجته‪ ،‬ولكنها تريد العودة إلى زوجها السابق‬
‫‪r‬‬ ‫رفاعة فَتَكْذب فى دعواها‪ .‬ويخبرها النبى‬
‫‪27‬‬
‫بحكم الرجوع إلى زوجها السابق بأن زوجها‬
‫الحالى لبد من أن (تذوق عسيلته) حتى تحل‬
‫للسابق إن طلقها زوجها‪ ،‬ثم يكذبها النبى فى‬
‫زعمها أن زوجها عنين حيث رزق الولدين من‬
‫من فى المجلس‬ ‫زوجة سابقة‪ .‬كل ذلك و َ‬
‫يسمع‪ ،‬عائشة وخالد‪ ،‬وأبو بكر وغيرهم رضى‬
‫الله عنهم‪ ،‬والنبى ‪ r‬يقر ذلك ويبتسم‪ ،‬إنها‬
‫أحكام الدين وقضايا المسلمين ل عيب فى‬
‫الحديث فيها وعلى المل‪ ،‬وليست مجرد‬
‫(ثقافة جنسية)‪.‬‬
‫‪ -16‬عن سلمة بن صخر النصارى رضى الله عنه‬
‫ت من جماع النساء‬ ‫قال‪ " :‬كنت رجل ً قد أوتي ُ‬
‫ما لم يؤ ْث غيرى‪ ،‬فلما دخل رمضان‬
‫ى‬
‫تظاهرت من امرأتى – أى قال لها‪ :‬أنت عل ّ‬
‫مى – حتى ينسلخ رمضان‪،‬فرقًا من‬ ‫كظهر أ َّ‬
‫أن أصيب منها فى ليلتى فأتابع فى ذلك – أى‬
‫يكرر الجماع – إلى أن يدركنى النهار وأنا ل‬
‫أقدر أن أنزع‪ .‬فبينما هى تخدمنى ذات ليلة إذ‬
‫ت عليها ( وفى‬‫شف لى منها شئ‪ ،‬فوثب ُ‬ ‫تك َّ‬

‫رواية قال له رسول الله ‪r‬ما حملك على‬


‫خلْخالها فى‬
‫ذلك يرحمك الله؟ قال‪ :‬رأيت َ‬
‫ضوء القمر) قال‪ :‬فلما أصبحت غدوت على‬
‫قومى فأخبرتهم خبرى‪ ،‬فقلت‪ :‬انطلقوا معى‬
‫إلى رسول الله ‪ r‬فأخبره بأمرى‪ ،‬فقالوا‪ :‬ل‬
‫والله ل نفعل‪ ،‬نتخوَّف أن ينزل فينا قرآن‪ ،‬أو‬
‫مقالة يبقى علينا‬ ‫‪r‬‬ ‫يقول فينا رسول الله‬
‫‪28‬‬
‫عارها‪ ،‬ولكن اذهب أنت فاصنع ما بدا لك‪.‬‬
‫قال‪ :‬فخرجت فأتيت رسول الله ‪ r‬فأخبرته‬
‫خبرى فقال‪ :‬أنت بذاك؟ قلت‪ :‬أنا بذاك‪.‬‬
‫قال‪:‬أنت بذاك؟ قلت أنا بذاك‪ ،‬قال‪ :‬أنت‬
‫ى‬
‫ضف ّ‬‫م ِ‬ ‫بذاك؟ قلت‪ :‬أنا بذاك وها أنذا فأ ْ‬
‫حكم الله فإنى صابر لذلك‪ ،‬قال‪ :‬أعتق رقبة‪.‬‬
‫ت صفحة عنقى بيدى‪ ،‬فقلت‪ :‬ل‬ ‫قال‪ :‬فضرب ُ‬
‫والذى بعثك بالحق ما أصبحت أملك‬
‫م شهرين‪ ،‬قلت‪ :‬يا رسول‬ ‫غيرها‪،‬قال‪ :‬فَ ُ‬
‫ص ْ‬
‫الله وهل أصابنى ما أصابنى إل فى الصيام؟!!‬
‫قال‪ :‬فأطعم ستين مسكيناً‪ .‬قلت‪ :‬والذى‬
‫حشى – أى‬ ‫بعثك بالحق لقد بتنا ليلتنا هذه وَ ْ‬
‫جوْعى – ما لنا عشاء‪ ،‬قال‪ :‬اذهب إلى‬
‫صاحب صدقة بنى ُزَريْق فقل له فليدفعها‬
‫سقا ً ستين مسكيناً‪،‬‬ ‫إليك فأطعم عنك منها وَ ْ‬
‫سنَعِن بسائره عليك وعلى عيالك‪ .‬قال‪:‬‬ ‫ثم ا ْ‬
‫ت عندكم‬ ‫فرجعت إلى قومى فقلت‪ :‬وجد ُ‬
‫الضيق وسوء الرأى‪ ،‬ووجدت عند رسول الله‬
‫سعة والبركة‪ ،‬أمر لى بصدقتكم فادفعوها‬ ‫‪ r‬ال َّ‬
‫ى‪ .‬رواه الترمذى وغيره‪ .‬ما‬
‫ى‪ ،‬فدفعوها إل ّ‬
‫إل ّ‬
‫هذا السياق الرائع للقصة الواقعية‪ ،‬والصدق‬
‫البارع لصاحب القصة‪ ،‬وما أعظم حلم رسول‬
‫الله ‪ r‬وما أكرمه وهو يسمع هذه المور‬
‫الخاصة والوضاع البشرية المترخصة فل يزيد‬
‫على أن يقول‪ :‬ما حملك على ذلك يرحمك‬
‫الله؟‪ ،‬ثم يبيَّن المسئولية والحكم الشرعى‬

‫‪29‬‬
‫بتفصيل فيه الرحمة‪ ،‬ثم ل يجد المخالف عند‬
‫رسول الله سوى السعة والبركة‪ .‬لم يُبْدِ ‪r‬‬
‫الكراهة من الفعل والحديث عنه‪ ،‬ولم يعاتب‬
‫أو يعاقب‪ ،‬بل البيان والحكم الشرعى فى‬
‫واقعية بشرية رحيمة‪.‬‬
‫‪ -17‬وقريب من هذا السلوك النبوىّ سلكه تلميذ‬
‫المام مالك‪ ،‬وهو القاسم بن محمد‪ ،‬فقد‬
‫حدث ربيعة بن أبى عبد الرحمن" أن رجلً‬
‫َ‬
‫ت – أى‬‫أتى القاسم بن محمد فقال إنى أفَض ُ‬
‫من عرفات – وأفضت معى بأهلى‪ ،‬ثم عدلت‬
‫إلى شعب فذهبت لدنو من أهلى فقالت‪:‬‬
‫إنى لم أقصر من شعرى بعد‪ .‬فأخذت من‬
‫شعرها بأسنانى‪ ،‬ثم وقعب بها‪ ،‬فضحك‬
‫مْرها فلتأخذ من شعرها‬
‫القاسم وقال‪ُ :‬‬
‫ميْن" رواه مالك فى الموطأ‪ .‬والجلمين‬ ‫جل َ َ‬
‫بال َ‬
‫هو المقص‬
‫‪ -18‬عن أبى سعيد الخدرى رضى الله عنه‪ " :‬أن‬
‫أرسل إلى رجل من النصار‬ ‫‪r‬‬ ‫رسول الله‬
‫فجاء ورأسه يقطر‪ ،‬فقال النبى ‪ :r‬لعلنا‬
‫أعجلناك؟ فقال‪ :‬نعم‪ .‬فقال رسول الله ‪ :r‬إذا‬
‫ت أو قُحطْت فعليك بالوضوء ( وفى‬ ‫ُ‬
‫أع ْجل َ‬
‫رواية‪ :‬فخرج يجّر إزاره‪ ،‬فقال رسول الله ‪:r‬‬
‫أعجلنا الرجل) رواه البخارى ومسلم‪ .‬ومعنى‬
‫قحطت أى جامعت زوجتك ولم تنزل‪.‬‬
‫فالحديث عن الجماع وإنزال المنى وعدم‬
‫‪30‬‬
‫نزوله‪ ،‬وأمام الناس‪ ،‬وإقرار النصارى أنه‬
‫أُع ْجل ولم يتم جماعه كاملً‪ ،‬كل ذلك لم‬
‫يتحرج منه الصحابة وبينهم معلمهم كالوالد‬
‫يعلمهم أمور الدين‪.‬‬
‫‪ -19‬وفى القصة الطريفة التى روتها كتب‬
‫السيرة وكتب التفاسير وأنقلها عن ابن حجر‬
‫العسقلنى فى شرحه فتح البارى قال‪ :‬عن‬
‫عكرمة قال‪ :‬كان عبد الله بن رواحة رضى‬
‫الله عنه مضطجعا ً إلى جنب زوجته فقام إلى‬
‫جاريته‪ ،‬فذكر القصة وأن زوجته شاهدته فوق‬
‫حد ذلك‪ ،‬أى أنكره‪،‬‬ ‫ج َ‬
‫جاريته يجامعها‪ ،‬وأنه َ‬
‫جنب ل‬ ‫ً‬
‫فطلبت منه أن يقرأ لها قرآنا لن ال ٌ‬
‫يقرأه فقال لها هذه البيات من شعره هو‪:‬‬
‫إذا‬ ‫وفينا رسول الله يتلو كتابه‬ ‫‪-20‬‬
‫انشق معروف من الفجر ساطع‬
‫به‬ ‫ى فقلوبنا‬‫أرانا الهدى بعد العَم َ‬
‫موقنات أن ما قال واقع‬
‫إذا‬ ‫يبيت يجافى جنبه عن فراشه‬
‫استثقلت بالمشركين المضاجع‬
‫‪ -21‬فقالت المرأة رضى الله عنها‪ :‬آمنت بالله‬
‫وكذَّبت بصرى‪ .‬وذهب عبد الله بن رواحة إلى‬
‫النبى ‪ r‬فأخبره فضحك ‪ r‬حتى بدت نواجذه‪.‬‬
‫إنها قصة حدثت فى الخفاء في بيت أحد‬
‫الصحابة‪ ،‬فيها الحديث عن الجماع وغيرة‬
‫الزوجة من رؤيتها الزوج يجامع غيرها‪ ،‬يحكيها‬
‫لطرافتها وينقلها العلماء بل‬ ‫‪r‬‬ ‫الصحابى للنبى‬
‫تحرج‪.‬‬
‫‪31‬‬
‫‪r‬‬ ‫‪ -22‬عن عروة بن الزبير أن عائشة زوج النبى‬
‫أخبرته‪ " :‬النكاح فى الجاهلية كان على أربعة‬
‫أنحاء‪ .‬فنكاح منها نكاح الناس اليوم‪ ،‬يخطب‬
‫صدقها ثم‬ ‫الرجل إلى الرجل وليَّته أو ابنته في ُ ْ‬
‫ينكحها‪ .‬ونكاح آخر‪:‬كان الرجل يقول لمرأته‬
‫– إذا طهرت من ظَمثها‪ :‬أرسلى إلى فلن‬
‫فاستبضعى منه – أى اطلبى منه الجماع –‬
‫ويعزلها زوجها ول يمسها أبدا ً حتى يتبيَّن‬
‫حملها من ذلك الرجل الذى تستبضع منه‪،‬‬
‫فإذا تبيّن حملها أصابها زوجها إذا أحب‪ ،‬وإنما‬
‫يفعل ذلك رغبة فى نجابة الولد‪ ،‬فكان هذا‬
‫النكاح نكاح الستبضاع‪ .‬ونكاح آخر‪ :‬يجتمع‬
‫الرهط مادون العشرة‪ ،‬فيدخلون على‬
‫المرأة‪ ،‬كلهم يصيبها‪ ،‬فإذا حملت ووضعت‬
‫مَّر ليال بعد أن تضع حملها أرسلت إليهم‪،‬‬ ‫وَ َ‬
‫فلم يستطع رجل منهم أن يمتنع حتى‬
‫يجتمعوا عندها‪ ،‬فتقول لهم‪ :‬قد عرفتم الذى‬
‫ت فهو ابنك يا فلن‪،‬‬ ‫كان من أمركم‪ ،‬وقد ولد ُ‬
‫ى من أحبت باسمه فيلحق به ولدها‪ ،‬ل‬ ‫تسم َّ‬
‫يستطيع أن يمتنع منه الرجل‪ .‬والنكاح الرابع‪:‬‬
‫يجتمع الناس الكثير فيدخلون على المرأة ل‬
‫ن البغايا‪ ،‬كن ينصبْن على‬ ‫تمنع من جاءها‪ ،‬وه ّ‬
‫أبوابهن رايات تكون علما ً لمن أرادهن دخول‬
‫عليهن‪ ،‬فإذا حملت إحداهن ووضعت حملها‬
‫جمعول لها ودعوا لهم القافة‪ ،‬ثم ألحقوا‬
‫ى ابنه ل‬ ‫ولدها بالذى يرون فالتاطته به ودُع َ‬
‫يمتنع من ذلك‪ .‬فلما بعث محمد ‪ r‬بالحق‬
‫‪32‬‬
‫هدم نكاح الجاهلية كله إل نكاح الناس‬
‫اليوم"‪ .‬رواه البخارى‪ .‬فهذه أم المؤمنين‬
‫عائشة رضى الله عنها تؤَّرخ للنكاح وتتحدث‬
‫عن الجماع بين الرجال والنساء وأشكاله‬
‫ويتناقل العلماء ومنهم المام البخارى‪ .‬ذلك‬
‫التاريخ على لسان السيدة عائشة رضى الله‬
‫لبيان ُر ْ‬
‫شد هذه الشريعة‬ ‫‪r‬‬ ‫عنها زوج النبى‬
‫‪r‬‬ ‫الغراّء‪ ،‬وأن الله تعالى اختار لمة محمد‬
‫أصلح وأطهر أنواع الجماع‪.‬‬
‫السؤال عن أمور الجنس وبيان‬
‫مشروعيته‬
‫ى بن كعب رضى الله عنه أنه قال‪ " :‬يا‬ ‫ُ‬
‫‪-1‬عن أب َ ّ‬
‫رسول الله‪ ،‬إذا جامع الرجل المرأة فم يُنْزل؟‬
‫( وفى رواية‪ :‬الرجل يصيب من المرأة ثم‬
‫يُكْسل؟) قال‪ :‬يغسل ما م َّ‬
‫س المرأة منه ثم‬
‫يتوضأ ويصلى"‪ .‬رواه البخارى ومسلم‪ .‬فهذا‬
‫وضع يحدث للناس‪ ،‬فكيف ل يبينه الشرع؟!!‬
‫ورضى الله عن الصحابة الطهار إذا سألوا عن‬
‫هذه الوضاع للجماع‪ ،‬فعلمنا أحكام الشرع‬
‫فعبدنا الله تعالى على علم‪ ،‬ورحم الله علماء‬
‫السلم إذ ْ بيَّنوا ما نُسخ من هذه الحكام وما‬
‫بقى حكه‪.‬‬
‫‪-2‬عن زيد بن خالد أنه سأل عثمان بن عفان‬
‫رضى الله عنه قال‪ " :‬أرأيت إذا جامع فلم‬
‫ن ؟ قال عثمان‪ :‬يتوضأ كما يتوضأ للصلة‬ ‫م ِ‬
‫يُ ْ‬
‫ويغسل ذكره" رواه البخارى ومسلم‪ .‬فذكر‬
‫‪33‬‬
‫الجماع والمنى والغسل وعضو الرجل أمور‬
‫تذكر للعلم والعبادة‪ ،‬ويسأل عنها ويجاب‬
‫عليها‪ ،‬وبل حرج‪.‬‬
‫‪-3‬عن أبى سعيد الخدرى رضى الله عنه قال‪":‬‬
‫قال عتبان‪ :‬يا رسول الله‪ ،‬أرأيت الرجل يعجل‬
‫ن‪ ،‬ماذا عليه؟ قال رسول‬ ‫م ِ‬
‫عن امرأته ولم ي ُ ْ‬
‫الله ‪ :r‬إنما الماء من الماء"‪ .‬رواه مسلم‪.‬‬
‫‪-4‬عن زيد بن أسلم رضى الله عنه‪ " :‬أن رجلً‬
‫ل لى من‬‫سأل رسول الله ‪ ،r‬فقال‪ :‬ما يَخ ُّ‬

‫امرأتى وهى حائض؟ فقال رسول الله ‪:r‬‬


‫شد َّ عليها إزارها‪ ،‬ثم شأنك بأعلها"‪ .‬أخرجه‬
‫لت ُ‬
‫مالك فى الموطأ‪.‬‬
‫‪-5‬عن عائشة رضى الله عنها‪ " :‬أن رسول الله‬
‫شئل عن الرجل‪ :‬يجد البَل َ َ‬
‫ل ول يذكر‬ ‫‪ُ r‬‬
‫احتلماً ؟ قال‪ :‬يغتسل‪ ،‬وعن الرجل يرى أنه قد‬
‫احتلم ول يجد بَلَلً ؟ قال‪ :‬ل غسل عليه‪ ،‬قالت‬
‫أم سلمة‪ :‬والمرأة ترى ذلك‪ :‬أعليها غسل؟‬
‫قال نعم‪ ،‬النساء شقائق الرجال" رواه أبو‬
‫داود والترمذى‪.‬‬
‫‪-6‬عن عائشة رضى الله عنها‪ ":‬أن أم سليم‬
‫كلّمت النبى ‪ r‬وعائشة جالسة‪ ،‬فقالت‪:‬‬
‫حيِى من الحق‪،‬‬
‫ست َ ْ‬
‫يارسول الله‪ ،‬إن الله ل ي َ ْ‬
‫أرأيت المرأة إذا رأت فى المنام ما يرى‬
‫الرجل‪ :‬أتغتسل‪ ،‬أم ل؟ فقال النبى ‪:r‬‬
‫‪34‬‬
‫فلتغتسل إذا وجدت الماء"‪ .‬رواه مسلم وأبو‬
‫داود والنسائى‪ .‬فهذه امرأة رضى الله عنها‬
‫تعرف أن هذه المور من الحق الذى ل‬
‫يستحى منه‪ ،‬فصدقت وكذب المبطلون الذين‬
‫يمنعون أو يستحيون من الحديث عن تلك‬
‫المور التى يسمونها ثقافية جنسية‪.‬‬
‫‪-7‬عن أبى موسى الشعرى رضى الله عنه‪ " :‬أن‬
‫رجل ً سأل رسول الله ‪ r‬عن الرجل يجامع‬
‫ل‪ ،‬هل عليهما من غسل؟‬ ‫س ُ‬ ‫أهله ثم يُك ْ ِ‬
‫(وعائشة جالسة) فقال النبى‪ :‬إنى لفعل ذلك‬
‫أنا وهذه‪ ،‬ثم نغتسل" رواه مسلم والترمذى‬
‫َ‬
‫ومالك الموط ّأ‪.‬‬
‫‪-8‬وعنه رضى الله عنه قال‪ " :‬إنهم كانوا جلوساً‪،‬‬
‫فذكروا ما يوجب الغسل‪ ،‬فاختلف فى ذلك‬
‫رهط من المهاجرين والنصار‪ ،‬فقال‬
‫َ‬
‫النصاريون‪ :‬ل يجب الغسل إل من الد ّفق‪ ،‬أو‬
‫من الماء‪ ،‬وقال المهاجرون‪ :‬بل إذا خالط فقد‬
‫وجب الغسل‪ ،‬قال أبو موسى‪ :‬فأنا أشفيكم‬
‫ت فاستأذنت على عائشة‪،‬‬ ‫من ذلك‪ ،‬قال‪ :‬فقم ُ‬
‫فأذن لى‪ ،‬فقلت لها يا أماه‪ ،‬إنى أريد أن‬
‫أسألك عن شئ‪ ،‬وإنى أستحييك؟ فقالت‪ :‬ل‬
‫تستحيى أن تسألنى عما كنت سائل ً عنه أمك‬
‫التى ولدتك‪ ،‬قلت‪ :‬فما يوجب الغسل؟ (وفى‬
‫رواية‪ :‬الرجل يصيب أهله ثم يكسل ول يُنْزل؟)‬
‫قالت‪ :‬على الخبير سقطت‪ ،‬قال رسول الله‬
‫ن‬ ‫م َّ‬
‫س الختا ُ‬ ‫‪ :r‬إذا جلس بين ُ‬
‫شعَبها الربع‪،‬و َ‬
‫ن‪ ،‬فقد وجب الغسل"‪ .‬رواه مسلم‬ ‫الختا َ‬
‫‪35‬‬
‫والترمذى والموطأ‪ .‬ومعنى الدفق‪:‬كناية عن‬
‫إنزال المنى متدفقاً‪ ،‬ومعنى خالط‪ :‬كناية عن‬
‫تغييب الحشفة فى الفرج والمباشرة من غير‬
‫إنزال‪ ،‬ومعنى‪ :‬شعبها‪ ،‬قيل‪ :‬ساقاها ويداها‪،‬‬
‫وقيل‪ :‬رجلها وشفراها‪ .‬ومعنى الختان وجاوز‬
‫الختان الختان‪ :‬أى حشفة الذكر وتغييبه فى‬
‫الفرج‪ .‬وفى البخارى ومسلم عن أبى هريرة‬
‫رضى الله عنه أن رسول الله ‪ r‬قال‪ " :‬إذا‬
‫شعَبها الربع‪ ،‬ثم جهدها‪ ،‬فقد وجب‬ ‫جلس بين ُ‬
‫الغسل‪ ،‬وإن لم ينزل" ومعنى جهدها‪ :‬يعنى إذا‬
‫أتعبته من المباشرة لها‪ .‬وعند أبى داود‪ " :‬إذا‬
‫قعد بين شعبها الربع‪ ،‬وألزق الختان بالختان‬
‫فقد وجب الغسل"‪.‬‬
‫‪-9‬عن خولْة بنت حكيم رضى الله عنها قالت‪" :‬‬
‫سألت رسول الله ‪ r‬عن المرأة تحتلم فى‬
‫منامها؟ فقال‪ :‬إذا رأت الماء فلتغتسل"‪ .‬رواه‬
‫النسائى‪.‬‬
‫‪ -10‬عن أم سلمة رضى الله عنها‪ " :‬أن امرأة من‬
‫المسلمين قالت‪ :‬يا رسول الله‪ ،‬إنى امرأة‬
‫ضفْر رأسى‪ ،‬أفأنقضه للجنابة؟ قال‪ :‬إنما‬ ‫شد ُّ َ‬
‫أ ُ‬
‫فنى عليه ثلث ثم تفيضى على‬ ‫ح ِ‬
‫يكفيك أن ت َ ْ‬
‫سائر جسدك‪ ،‬فإذا أنت طهرت"‪ .‬رواه مسلم‬
‫والترمذى وأبو داود والنسائى‪.‬‬
‫‪ -11‬عن الزهرى عن أبيه عن جده رضى الله عنه‬
‫قال‪ ":‬سئل رسول الله ‪:r‬أَيُدَلك الرجل‬
‫مل ْ ِقحاً "‪ .‬رواه ابن‬
‫امرأته؟ قال‪ :‬نعم إذا كان ُ‬
‫‪36‬‬
‫عساكر‪ .‬ومعنى يدالك الرجل امرأته‪ :‬ل‬
‫يعطيها حقها فى الجماع‪ ،‬أى ماطلها لعجزه‬
‫الجنسى‪.‬‬
‫‪ -12‬عن عبد الله بن مسعود رضىالله عنه قال‪" :‬‬
‫كنا نغزو مع النبى ‪ r‬وليس لنا نساء فقلنا‪ :‬يا‬
‫خصى؟ فنهانا عن ذلك"‪.‬‬ ‫ست َ ْ‬
‫رسول الله أل ن َ ْ‬
‫رواه البخارى ومسلم‪ .‬وعنه رضى الله عنه‬
‫شبابا ً ل نجد شيئاً‪ ،‬فقال‬ ‫‪r‬‬ ‫قال‪ ":‬كنا مع النبى‬
‫لنا رسول الله ‪ :r‬يا معشر الشباب‪ ،‬من‬
‫ض للبصر‬‫استطاع الباءة فليتزوج‪ ،‬فإنه أغ ُّ‬
‫وأحصن للفرج"‪ .‬رواه البخارى ومسلم‪.‬‬
‫‪ -13‬عن أبى سعيد الخدرى رضى الله عنه قال‪" :‬‬
‫جاءت امرأة إلى النبى ‪ r‬ونحن عنده قالت‪ :‬يا‬
‫َ‬
‫رسول الله‪ ،‬إن زوجى صفوان بن المعط ّل‬
‫َ‬
‫يفط ّرنى إذا صمت‪ ،‬فقال صفوان‪ :‬يا رسول‬
‫الله‪ ،‬وأما قولها يفطرنى إذا صمت فإنها‬
‫تنطلق فتصوم‪ ،‬وأنا رجل شاب فل أصبر‪،‬‬
‫فقال رسول الله ‪ r‬يومئذ‪ :‬ل تصوم امرأة إل‬
‫بإذن زوجها"‪ .‬رواه أبو داود‪.‬‬
‫‪ -14‬عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال‪ " :‬إن‬
‫اليهود كانوا إذا حاضت المرأة فيهم لم‬
‫يؤاكلوها‪ ،‬ولم يجامعوها فى البيوت‪ ،‬فسأل‬
‫النبى ‪ ،r‬فأنزل الله تعالى‪ :‬‬ ‫‪r‬‬ ‫أصحاب النبى‬
‫َ‬
‫ض ‪ ..‬الية‪ .‬فقال رسول‬
‫حي ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬
‫م ِ‬ ‫سألُون َ َ‬
‫ك عَ ِ‬ ‫وَي َ ْ‬

‫‪37‬‬
‫الله ‪ :r‬اصنعوا كل شئ إل النكاح"‪ .‬رواه‬
‫مسلم‪.‬‬
‫‪ -15‬عن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما قال‪" :‬‬
‫يارسول الله‪ ،‬أينام أحدنا وهو جنٌب؟ قال‪ :‬نعم‪،‬‬
‫م"‪ .‬رواه البخارى‬ ‫توضأ واغسل ذكرك ث ُ َّ‬
‫م نَ ْ‬
‫ومسلم‪.‬‬
‫‪-16‬عن المقداد بن السود قال‪ " :‬سألت رسول‬
‫الله ‪ r‬عن الرجل إذا دنا من أهله فخرج منه‬
‫مذ ْى ماذا عليه؟ فقال‪ :‬إذا وجد ذلك أحدكم‬
‫ال َ‬
‫فلينضح فرجه بالماء وليتوضأ وضوءه للصلة"‪.‬‬
‫رواه مالك فى الموطأ‪.‬‬
‫‪ -17‬عن أبى ذر الغفارى رضى الله عنه أن رسول‬
‫ضع أحدكم صدقة قالوا‪:‬‬ ‫الله ‪ r‬قال‪ " :‬وفى ب ُ ْ‬
‫يارسول الله‪ ،‬أيأتى أحدنا شهوته ويكون له‬
‫فيها أجر؟ قال‪ :‬أرأيتم لو وضعها فى حرام‬
‫أكان عليه وِْزر؟ فكذلك إذا وضعها فى الحلل‬
‫كان له اجر" رواه مسلم‪ .‬إنه تكريم لممارسة‬
‫المتعة الحلل واعتبارها من الصالحات التى‬
‫يثاب عليها المرء‪.‬‬
‫‪ -18‬عن عائشة رضى الله عنها قالت‪ ":‬كانت‬
‫امرأة عثمان بن مظعون تختضب وتطيّب‬
‫ى فقلت لها‪ :‬مالك؟‬ ‫فتركته‪ ،‬فدخلت عل ّ‬
‫فقالت‪ :‬عثمان ل يريد الدنيا ول يريد النساء‪،‬‬
‫فلقيه النبى ‪ r‬فقال‪ :‬يا عثمان أما لك ف َّ‬
‫ى‬
‫أسوة؟ إن لهلك عليك حقاً‪ ،‬فأتتهم المرأة بعد‬
‫ه قالت‪:‬‬‫م ْ‬
‫ذلك عطرة كأنها عروس فقلن‪َ :‬‬
‫‪38‬‬
‫أصابنا ما أصاب الناس"‪ .‬رواه أحمد‬
‫والطبرانى‪.‬‬
‫‪ -19‬عن ابن عباس رضى الله عنهما قال‪ ":‬كان‬
‫من أمر أهل الكتاب أن ل يأتوا النساء إل على‬
‫حرف‪ ،‬وذلك أستر ما تكون المرأة‪ ،‬فكان هذا‬
‫ى من النصار قد أخذوا بذلك من فعلهم‪،‬‬ ‫الح ُّ‬
‫ى من قريش يشرحون النساء‬ ‫وكان هذا الح ّ‬
‫شرحا ً منكراً‪ ،‬ويتلذَّذ ُون منهن مقبلت‬
‫ومدبرات ومستلقيات‪ ،‬فلما قدم المهاجرون‬
‫المدينة‪ ،‬تزوج رجل منهم امرأة من النصار‬
‫فذهب يصنع بها ذلك‪ ،‬فأنكرته عليه‪ ،‬وقالت‪:‬‬
‫إنما كنا نؤتى على حرف فاصنع ذلك وإل‬
‫شرِىَ امرهما‪ ،‬فبلغ ذلك‬ ‫فاجتنبنى‪ ،‬حتى َ‬
‫رسول الله ‪ ،r‬فأنزل الله عز وجل‪  :‬ن ِ َ‬
‫ساؤ ُك ُ ْ‬
‫م‬
‫ث لَك ُم فَأْتوا حرثَك ُ َ‬
‫م ‪ ‬رواه أبو‬ ‫م أنَّى ِ‬
‫شئْت ُ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫حْر ٌ‬
‫َ‬
‫داود‪.‬‬
‫‪ -20‬عن أم سلمة رضى الله عنها قالت‪ ":‬لما قدم‬
‫المهاجرون المدينة على النصار تزوّجوا من‬
‫جبُّون‪ ،‬وكانت‬ ‫نسائهم‪ ،‬وكان المهاجرون ي ُ ِ‬
‫جبَّى‪ ،‬فأراد رجل من المهاجرين‬ ‫النصار ل ت ُ َ‬
‫امرأته على ذلك‪ ،‬فأبت عليه تسأل رسول الله‬
‫‪ :r‬قالت‪ :‬فأتَتْه‪ ،‬فاستحيَت أن تسأله‪ ،‬فسألته‬
‫م فَأْتُوا‬
‫ث لَك ُ ْ‬
‫حْر ٌ‬ ‫ساؤ ُك ُ ْ‬
‫م َ‬ ‫أم سلمة‪ ،‬فنزلت‪  :‬ن ِ َ‬
‫حرثَك ُ َ‬
‫م ‪ " ‬رواه أحمد ومعنى‬ ‫م أنَّى ِ‬
‫شئْت ُ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ‬
‫َ‬
‫يجب ّبون‪ :‬أى يأتون زوجاهتهم وهن مكب ّات على‬ ‫ُ‬
‫وجوههن‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫عن ابن عباس رضى الله عنهما قال‪ " :‬جاء‬ ‫‪-21‬‬

‫عمر إلى رسول الله ‪ r‬فقال‪ :‬يا رسول الله‬


‫ت رحلى‬‫ت‪ ،‬قال‪ :‬وما أهلكك؟ قال‪ :‬حول ّ ُ‬
‫هلك ُ‬
‫شيئاً‪،‬‬ ‫‪r‬‬ ‫الليلة‪ ،‬قال‪ :‬فلم يرد ّ عليه رسول الله‬
‫قال‪ :‬فأنزلت على رسول الله ‪ r‬هذه الية‪" :‬‬
‫ث لَك ُم فَأْتوا حرثَك ُ َ‬
‫م ‪..‬‬ ‫م أنَّى ِ‬
‫شئْت ُ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫حْر ٌ‬ ‫ساؤ ُك ُ ْ‬
‫م َ‬ ‫‪ ‬نِ َ‬
‫أقْبِل وأدْبر"‪ .‬رواه الترمذى‪.‬‬
‫‪ -22‬عن عائشة رضى الله عنها أنها ذكرت نساء‬
‫النصار‪ ،‬فأثنت عليهن‪ ،‬وقالت لهن معروفاً‪،‬‬
‫قالت‪ ":‬دخلت أسماء بنت شكل على رسول‬
‫الله ‪ r‬فقالت‪ :‬يا رسول الله‪ ،‬كيف تغتسل‬
‫إحدانا إذا طهرت من الحيض؟ فأمرها أن‬
‫ة من مسك‬ ‫ص ً‬
‫خذى فِْر َ‬
‫تغتسل‪ ،‬ثم قال‪ُ :‬‬
‫فتطهرى بها‪ ،‬قالت‪ :‬كيف أتطهر بها؟ قال‪:‬‬
‫سبحان الله! تطهرى بها‪ ،‬قالت‬
‫‪r‬‬ ‫عائشة‪:‬فعرفت الذى يكنّى عنه النبى‬
‫ى فقلت لها‪ :‬تتبَّعى بها أثر الدم"‬ ‫فاجتذبتها إل ّ‬
‫أخرجه البخارى ومسلم والنسائى وأبو داود‪.‬‬
‫ة أى القطعة‪.‬‬‫ص َ‬
‫ومعنى ال ِفر ْ‬
‫‪ -23‬عن أميَّة بنت أبى الصلت رضى الله عنها‬
‫قالت‪ " :‬إن امرأة من بنى غفار قالت‪ :‬أْردَفَنى‬
‫حله قالت‪ :‬فوالله‬
‫على حقيبة َر ْ‬ ‫‪r‬‬ ‫رسول الله‬
‫لنزل رسول الله ‪ r‬إلى الصبح‪ ،‬فأناخ‪ ،‬ونزلت‬
‫م منَّى‪ ،‬وكانت أول‬
‫عن حقيبة رحله‪ ،‬فإذا بها د َ ٌ‬
‫‪40‬‬
‫حيضة حضتها‪ ،‬قالت‪ :‬فتقبَّت إلى الناقة‬
‫ستَحيَيْت‪ ،‬فلما رأى رسول الله ‪ r‬ما بى‪،‬‬ ‫وا ْ‬
‫ت؟ قلت‪:‬‬ ‫س ِ‬ ‫ورأى الدم‪ ،‬قال‪ :‬مالك؟! لعلّك ن ُ ِ‬
‫ف ْ‬
‫خذى إناء‬
‫نعم‪ .‬قال‪ :‬فأصلحى من نفسك‪ ،‬ثم ُ‬
‫ملْحاً‪ ،‬ثم اغسلى ما‬ ‫من ماء فاطرحى فيه ِ‬
‫أصاب الحقيبة من الدم‪ ،‬ثم عودى لمركبك "‬
‫رواه أبو داود‪.‬‬
‫الحديث عن حيْض النساء وما‬
‫يحل فيه‬
‫‪-1‬عن أبى هريرة رضى الله عنه قال‪ :‬أن رسول‬
‫الله ‪ r‬قال‪ " :‬من أتى حائضا ً فى فرجها‪ ،‬أو‬
‫امرأة فى دبرها‪ ،‬أو كاهناً‪ ،‬فقد كفر بما أُنْزل‬
‫على محمد ‪ "r‬رواه الترمذى وابن ماجة‪.‬‬
‫‪-2‬عن عائشة رضى الله عنها قالت‪ " :‬كانت‬
‫‪r‬‬ ‫إحدانا إذا كانت حائضاً‪ ،‬وأراد الرسول الله‬
‫أن يباشرها‪ ،‬أمرها أن تَأْتَزِر فى فَوْر حيضتها‪،‬‬
‫ثم يباشرها‪ ،‬وأيُّكم كان يملك إِْربَه كما كان‬
‫رسول الله ‪ r‬يملك إِربْه؟" وفى رواية قالت"‬
‫كنت أغتسل أنا ورسول الله ‪ r‬من إناء واحد‬
‫وكلنا جنب‪ ،‬وكان يأمرنى فأتَّزر‪ ،‬فيباشرنى‬
‫ى وهو‬ ‫وأنا حائض‪ ،‬وكان يخرج رأسه إل ّ‬
‫معتكف‪ ،‬فأغسله وأنا حائض"‪ .‬رواه البخارى‬
‫ومسلم‪ .‬والمباشرة‪ :‬المجامعة وأراد بها هنا‪:‬‬
‫ما دون الفرج‪ .‬ومعنى يمللك إِْربَه‪ :‬الِرب‬
‫‪41‬‬
‫العضو والحاجة‪ ،‬ومعناه‪ :‬كان ‪ r‬يباشر نساءه‬
‫حيَّض فيما دون الفرج‪ ،‬وغيرة لو ه َّ‬
‫م‬ ‫وه َّ‬
‫ن ُ‬
‫حرم عليه‪.‬‬
‫بذلك لوقع فيما ُ‬
‫‪r‬‬ ‫‪-3‬عن ميمونة رضى الله عنها زوج النبى‬
‫قالت‪ " :‬كان النبى ‪ r‬إذا أراد ان يباشر‬
‫امرأة من نسائه‪ :‬أمرها فاتَّزرت وهى‬
‫حائض" وفى راواية‪ " :‬كان يباشر نساءه‬
‫حيَّض"‪ .‬رواه البخارى‬
‫فوْق الزار وهن ُ‬
‫ومسلم وأبو داود والنسائى‪ ،‬وعندها‪" :‬‬
‫أن رسول الله ‪ r‬كان يباشر المرأة من‬
‫نسائه وهى حائض إذا كان عليها إزار‬
‫إلى أنصاف الفخذين والركبتين‬
‫جَزة"‪ .‬والحتجاز‪ :‬شد ُّ الزار على‬ ‫حت َ ِ‬
‫م ْ‬
‫ُ‬
‫العوْرة‪.‬‬
‫ت على عائشة‬ ‫ميْع بن ع ُميْر قال‪ ":‬دخل ُ‬ ‫ج َ‬‫‪-4‬عن ُ‬
‫مضى وخالتى‪ ،‬فسألتها‪ :‬كيف كان النبى‬ ‫مع ‪ .‬أ ّ‬
‫‪ r‬يصنع إذا حاضت إحداكن؟ قالت‪ :‬كان يأمرنا‬
‫إذا حاضت إحدانا أن تأتزر بإزار واسع‪ ،‬ثم‬
‫يلتزم صدرها وثديَيْها"‪ .‬رواه البخارى ومسلم‬
‫والترمذى والنسائى‪.‬‬
‫عن عائشة رضى الله عنها قالت‪ " :‬إن النبى‬ ‫‪-5‬‬

‫‪ r‬كان يتَّك ُ‬
‫ئ فى حجرى وأنا حائض‪ ،‬فيقرأ‬
‫القرآن" رواه البخارى ومسلم‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫مة له حدّثته‪ " :‬أنها‬
‫‪ -6‬عن عمارة بن غراب أن ع َ‬
‫سألت عائشة‪ ،‬فقالت‪ :‬إحدانا تحيض وليس لها‬
‫ولزوجها إل فراش واحد؟ فقالت عائشة‪:‬‬
‫أخبرك ما صنع رسول الله ‪ :r‬دخل ليل ً وأنا‬
‫حائض فمضى إلى مسجده ( قال أبو داود‪:‬‬
‫يعنى مسجد بيته ) فلم ينصرف حتى غلبتنى‬
‫منَّى‪،‬‬
‫عيناى‪ ،‬وأوْجعه البرد‪ ،‬فقال‪ :‬ادنى ِ‬
‫ن‪ ،‬اكشفى عن‬ ‫فقلت‪ :‬إنى حائض‪ ،‬فقال‪ :‬وإ ْ‬
‫فخذيك‪ ،‬فكشفت عن فخذىَّ فوضع خدَّه‬
‫ت عليه حتى دَفِئ‪،‬‬ ‫حنَي ْ ُ‬
‫وصدره على فخذى‪ ،‬و َ‬
‫فنام" رواه أبو داود‪.‬‬
‫‪-7‬عن عائشة رضى الله عنها قالت‪ " :‬كنت‬
‫أشرب من الناء وأنا حائض‪ ،‬ثم أناوِلُه النبى‬
‫ى" رواه مسلم‪،‬‬ ‫‪ ،r‬فيضع فاه ُ على موضع فِ َّ‬
‫ت‬
‫وهو عند أبى داود والنسائى قالت‪ " :‬كن ُ‬
‫أَتَعََرقَّ العَْرقَ وأنا خائض‪ ،‬فأعطيه رسول الله‬
‫مى‬ ‫ت فَ ِ‬‫‪ ،r‬فيضع فمه فى الموْضِع الذى وضع ُ‬
‫فيه‪ ،‬وكنت أشرب من القَدَح فأناوِله إيَاهُ‪،‬‬
‫فيضع فمه فى الموضع الذى كنت أشرب"‪.‬‬
‫والعَْرق‪ :‬العظم الذى عليه بقيّة اللحم‪ ،‬وأتعَّرق‬
‫أى آكل ذلك الباقى عليه‪ .‬فما أعظمه من‬
‫معلم للبشر ‪ ،r‬فحتَّى ل تظن الزوجة أن‬
‫حيضتها تحول بينها وبين رغبة الوزج فيها‪ ،‬أو‬
‫أنه يتضرَّر من حيضها‪ ،‬يريها النبى ‪ r‬الرغبة‬
‫فيها فيباشرها دون الفرج‪ ،‬ويقترب منها‪،‬‬
‫‪43‬‬
‫ويؤكلها ويضع فمه المبارك مكان فمها‪،‬‬
‫عبا ً ومؤانسا َ وراغبا ً ومدخل ً عليها السرور‪.‬‬
‫مدا ِ‬
‫ُ‬
‫‪ -8‬عن عائشة رضى الله عنها قالت‪ " :‬قالت‬
‫حبَيْش لرسول الله ‪ :r‬إنى‬
‫فاطمة بنت أبى ُ‬
‫امرأة أُستحاض فل أطهر‪ ،‬أفأدع الصلة؟ فقال‬
‫عْرق‪ ،‬وليست‬ ‫لها رسول الله ‪:r‬إنما ذلك ِ‬
‫بالحيضة‪ ،‬فإذا أقبلت الحيضة فاتركى الصلة‪،‬‬
‫فإذا ذهب قدرها َ فاغسلى عنك الدم واغتسلى‬
‫وصلى"‪ .‬رواه البخارى ومسلم وأبو داود‬
‫والترمذى والنسائى‪ .‬وعند أبى داود‪" :‬‬
‫اغتسلى‪ ،‬ثم توضئى لكل صلة وصلى"‪.‬‬
‫‪-9‬عن حمنة بنت جحش رضى الله عنها قالت‪" :‬‬
‫ت‬‫كنت أستحاض حيضة كثيرة شديدة‪ ،‬فأتْي ُ‬
‫رسول الله ‪ r‬أستفتيه وأخبره فوجدته فى‬
‫بيت أختى زينب بنت جحش‪ ،‬فقلت‪ :‬يا رسول‬
‫الله‪ ،‬إنى أُستحاض حيضة كثيرة شديدة‪ ،‬فما‬
‫ترى فيها؟ قد منعتنى الصلة والصوم‪ ،‬قال‪:‬‬
‫ت لك الكُْرسف‪ ،‬فإنه يذهب الدم‪،‬قلت‪ :‬هو‬ ‫َ‬
‫أنْع ُ‬
‫أكثر من ذلك‪ ،‬قال‪ :‬فاتَّخذى ثوباً‪ ،‬قالت‪ :‬هو‬
‫ج ثَجاً‪ ،‬قال رسول الله ‪:r‬‬ ‫أكثر منذ لك‪ ،‬إنما أَث ُ ُّ‬
‫سآمرك بأمرين‪ ،‬فأيهما فعلت أجزأ عنك من‬
‫الخر‪ ،‬وإن قويْت عليهما فأنت أعلم‪ .‬إنما هذه‬
‫ركضة من ركضات الشيطان‪ ،‬فتحيَّضى ستة‬
‫أيام‪ ،‬أو سبعة أيام فى علم الله تعالى‪ ،‬ثم‬
‫اغتسلى‪ ،‬حتى إذا رأيت أنك قد طهرت‬
‫واستنقأت‪ ،‬فصلى ثلثا َ وعشرين ليلة‪ ،‬أو أربعاً‬
‫‪44‬‬
‫وعشرين ليلة وأيامها‪ ،‬وصومى‪ ،‬فإن ذلك‬
‫يجزيك‪ ،‬وكذلك فافعلى كل شهر‪ ،‬كما تحيض‬
‫النساء‪ ،‬وكما يطهرن‪ ،‬ميقات حيضهن‬
‫وطهرهن" رواه أبو داود والترمذى‪ ،‬قال المام‬
‫الخطابى‪ :‬معنى ركضة من الشيطان‪ :‬أن‬
‫الشيطان قد وجد بذلك طريقا ً إلى التَّلبْيس‬
‫عليها فى أمرها وشأن دينها‪ ،‬ومعنى‬
‫الكُْرسف‪ :‬القطن‪.‬‬
‫‪ -10‬عن أم سلمة رضى الله عنها قالت‪ " :‬سألت‬
‫امرأة النبى ‪ r‬قالت‪ :‬إنى أُستحاض‪ ،‬فل أطهر‪،‬‬
‫أفأدع الصلة؟ قال‪ :‬ل‪ ،‬ولكن دعى قدر تلك‬
‫اليام والليالى التى كنت تحيضين فيها ثم‬
‫ستَثْفرى وصلى"‪ .‬رواه أبو داود‬‫اغتسلى وا ْ‬
‫والنسائى‪ .‬والستثفار‪ :‬هو أن تشد َّ المرأة‬
‫فرجها بخرقة عريضة توثق طرفيها فى شئ‬
‫آخر قد شدته على وسطها بعد أن تحتشى‬
‫قطنا ً فتمنع بذلك الدم أن يجرى أو يقطر‪.‬‬
‫‪ -11‬عن عكرمة قال‪ ":‬كانت أم حبيبة تُستْحاض‪،‬‬
‫وكان زوجها يغشاها"‪ .‬رواه أبو داود‪ .‬وعنه‬
‫أيضا ً " كانت حمنة بنت جحش مستحاضة‪،‬‬
‫وكان زوجها يجامعها"‪ .‬وذلك الحكم قال به‬
‫أكثر الفقهاء‪ ،‬وأن للزوج أن يجامع زوجته‬
‫المستحاضة‪ ،‬وذهب ابن حنبل إلى أن ذلك غذا‬
‫خاف العنت‪.‬‬
‫تطبيقات عملية فى حياة‬
‫النبى ‪r‬‬
‫‪45‬‬
‫‪-1‬عن عائشة رضى الله عنها قالت‪" :‬كان رسول‬
‫الله ‪ r‬إذا اغتسل من الجنابة‪ ،‬يبدأ فيغسل‬
‫يديه ثم يفرغ بيمينه على شمالة فيغسل‬
‫فرجه‪ ،‬ثم يتوضأ وضوءه للصلة‪ ،‬ثم يأخذ الماء‬
‫فيدخل أصابعه فى أصول الشعر‪ ،‬حتى إذا‬
‫ن على رأسه ثلث‬ ‫حفَ َ‬
‫رأى أنه قد استَبْرأ َ‬
‫حفنات‪ ،‬ثم أفاض على سائر جسده‪ ،‬ثم غسل‬
‫رجليه"‪ .‬رواه البخارى ومسلم وغيرهما‪.‬‬
‫‪-2‬عن ميمونة رضى الله عنها قالت‪ " :‬وضعت‬
‫للنبى ‪ r‬ماءً يغتسل به‪ ،‬فأفرغ على يديه‪،‬‬
‫فغسلهما مرتين أو ثلثاً‪ ،‬ثم أفرغ بيمينه على‬
‫شماله‪ ،‬فغسل مذاكيره‪ ،‬ثم دلك يده بالرض"‪.‬‬
‫رواه البخارى ومسلم‪ .‬فهذه امرأة تعلم المة‬
‫‪r‬‬ ‫أمور دينهم فتتحدّث عن كيفية غُسل النبى‬
‫بهذه المصارحة فى ذكر أعضاء الجنس‪.‬‬
‫‪-3‬عن عائشة رضى الله عنها قالت‪ " :‬كنت‬
‫أغتسل أنا ورسول الله ‪ r‬فى تَوْر من شبَهٍ"‪.‬‬
‫رواه أبو داود‪ ،‬والتوْر‪ :‬إناء‪ ،‬من شبَةٍ‪ :‬أى من‬
‫نحاس‪.‬‬
‫‪-4‬وعن عائشة رضى الله عنها قالت‪ " :‬ربما‬
‫اغتسل رسول الله ‪ r‬من الجنابة ثم جاء‬
‫ى وأنا لم أغتسل"‪.‬‬‫متُه إل َّ‬
‫م ْ‬ ‫فاستدفأ بى فَ َ‬
‫ض َ‬
‫رواه الترمذى وابن ماجة‪ .‬يقول ابن الثير‪:‬‬
‫وهذا الحكم قال به أهل العلم من أصحاب‬
‫والتابعين‪ :‬أن الرجل إذا اغتسل‬ ‫‪r‬‬ ‫رسول الله‬
‫‪46‬‬
‫فل بأس بأن يستدفئ بامرأته وينام معها قبل‬
‫أن تغتسل‪ .‬وبه يقول‪ :‬الثورى‪ ،‬والشافعى‪،‬‬
‫وأحمد‪ ،‬وإسحاق‪ .‬انتهى‪ .‬وأقول‪ :‬لم يَدُْر فى‬
‫عقول سادتنا العلماء عند الحديث عن ذلك‬
‫غير بيان حكم الشرع فى العلقات الجنسية‬
‫بين الزوجين‪ ،‬فليست المسألة مسألة – ثقافة‬
‫– إنما دين السلم‪ ،‬دين الفطرة‪.‬‬
‫‪-5‬عن عائشة رضى الله عنها وسألها أبو سلمة‬
‫رضى الله عنه‪" :‬هل كان رسول الله ‪ r‬يرقد‬
‫وهو جيٌب؟ قالت‪ :‬نعم‪ .‬كان غذا اراد أن ينام‬
‫وهو جنب غسل فرجه وتوضأ للصلة"‪ .‬رواه‬
‫البخارى ومسلم وغيرهما‪.‬‬
‫‪-6‬عن أبى بكرة رضى الله عنه قال‪" :‬إن رسول‬
‫الله ‪ r‬دخل فى صلة الفجر‪ ،‬فأوْمأ بيده أن‬
‫مكانكم‪ ،‬ثم جاء ورأسه يَقْطر‪ ،‬فصلى بهم‪،‬‬
‫فلما قضى الصلة قال‪ :‬إنما أنا بشر‪ ،‬وإنى‬
‫كنت جنباً "‪ .‬رواه أبو داود‪ .‬فقول النبى ‪" r‬‬
‫إنما انا بشر" فهذه أحكام البشرية من إتيان‬
‫النساء والنوم بالجنابة والنسيان للغسل‪ ،‬وكل‬
‫ذلك أجرته المقادير حتى تتعلم البشرية‬
‫بواقعية أحكام الشرع اللهى‪ ،‬وبل استحياء أو‬
‫خفاء‪.‬‬
‫‪-7‬عن ام سلمة رضى الله عنها قالت‪ " :‬كانت‬
‫هى ورسول الله ‪ r‬غتسلن من إناء واحد‪،‬‬
‫فسئلت أم سلمة ‪ :‬أتغسل المرأة مع الرجل‪:‬‬
‫قالت‪ :‬نعم إذا كانت كيَّسة‪ .‬رأيتنى ورسول‬
‫‪47‬‬
‫الله ‪ r‬نغتسل من ِ‬
‫مْركِن واحد"‪ .‬رواه البخارى‬
‫ومسلم والنسائى‪ .‬والمركن نوع من الوْعية‪.‬‬
‫والكيَّس‪ :‬العاقل الفطن الظريف الذى يحسن‬
‫التصّرف فى مختلف المواقف‪ .‬فهذه أم‬
‫المؤمنين تعلم بنى جنسها كيف تحرص على‬
‫الستمتاع مع زوجها حتى أثناء الغتسال‪ ،‬وأن‬
‫ذلك من الكياسة‪.‬‬
‫‪-8‬عن عائشة رضى الله عنها قالت‪ " :‬كنت‬
‫أغتسل أنا ورسول الله ‪ r‬من إناء واحد ونحن‬
‫جنٌبان" رواه البخارى ومسلم‪ .‬قال الحافظ‬
‫ل الداّودى‬‫ابن حجر فى شرح الحديث‪ :‬واستد ّ‬
‫بهذا الحديث على جواز نطر الرجل إلى عورة‬
‫امرأته وعكسه‪ ،‬ويؤيده ما رواه ابن حبان من‬
‫طريق سليمان بن موسى‪ :‬أنه سئُل عن‬
‫الرجل ينظر إلى فرج امرأته فقال‪ :‬سألت‬
‫عطاء فقال‪ :‬سألت عائشة فذكرت هذا‬
‫الحديث‪ .‬قال الحافظ‪ :‬وهو نص فى المسألة‪:‬‬
‫أقول قد ورد عن حكيم عن أبيه رضى الله‬
‫عنه قال‪" :‬قلت‪ :‬يارسول الله‪ ،‬عوراتنا ما نأتى‬
‫منها ومانذر؟ قال‪ :‬احفظ عورتك إل من‬
‫زوجك" ولن الفرج يحل له الستمتاع به‪،‬‬
‫فجاز النظر إليه ولمسه كبقية البدن‪.‬‬
‫‪-9‬عن السود قال‪" :‬سألت عائشة رضى الله‬
‫عنها‪ :‬كيف صلة النبى ‪ r‬بالليل؟ قالت‪ :‬كان‬
‫ينام أوّله ويقوم آخره فيصلى ثم يرجع إلى‬
‫فراشه‪ ،‬ثم إن كانت له حاجة إلى أهله قضى‬

‫‪48‬‬
‫حاجته ثم ينام‪ ،‬فإذا أذن المؤذن وثب‪ ،‬فإن‬
‫كانت به حاجة اغتسل وإل توضأ وخرج" رواه‬
‫البخارى ومسلم‪ .‬إن الحديث عن الصلة وقيام‬
‫الليل تماما ً مثل الحديث عن الجماع مع الهل‬
‫والغتسال‪ ،‬كلها طاعات ولها أحكام فى‬
‫الدين‪ ،‬ويسأل عنها ويجاب عليها بل أدنى حرج‬
‫ولو كان السائل رجل ً والمسئول أنثى‪.‬‬
‫‪ -10‬عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه قال‪" :‬‬
‫ت فقبَّلت وأنا صائم فقلت‪ :‬يا رسول‬ ‫ش ْ‬
‫ش ُ‬ ‫هَ َ‬
‫الله‪ ،‬صنعت اليوم أمرا ً عضيماً !! قبَّلت وأنا‬
‫ت لو مضمضت من الماء‬ ‫صائم‪ ،‬قال ‪ :r‬أرأي َ‬
‫وأنت صائم؟ قلت‪ :‬ل بأس به‪ ،‬قال‪ :‬فمه؟"‪.‬‬
‫رواه ابو داود‪ .‬إنه بيان من الشارع وقياس‬
‫جميل واقعى يرد به النبى ‪ r‬عمر بن الخطاب‬
‫ومن بعده المة‪ ،‬إلى ميزان الشرع ل إلى‬
‫مألوف الناس وموازينهم‪ ،‬فالمضمضة بالماء‬
‫للصائم فى حكم الشرع مثلها تقبيل الزوجة‬
‫للصائم‪.‬‬
‫‪ -11‬روى ابن حزم فى المحلى عن حكيم بن‬
‫عقال قال‪ " :‬سألت عائشة‪ :‬ما يحرم على‬
‫الرجل مع امرأته إذا كان صائماً ؟ قالت‪:‬‬
‫فرجها‪ .‬قلت‪ :‬فما يحرم عليه منها إذا كانت‬
‫حائضاً ؟ قالت‪ :‬فرجها" قال ابن حزم‪ :‬وهو‬
‫قول أم سلمة أم المؤمنين‪ ،‬وعن الشعبى‬
‫قال‪ :‬يباشر الرجل الحائض إذا كف عنها‬
‫الذى‪ ،‬وعن الحكم بن عتيبة أنه قال فى‬
‫الحائض‪ :‬ل بأس أن يضع الرجل فرجه عليه‬
‫‪49‬‬
‫مالم يدخله – يعنى على فرجها – وعن‬
‫الحسن البصرى أنه كان ل يرى بأسا ً أن يقلّل‬
‫بين فخذى الحائض‪ ،‬وهو قول مسروق‬
‫وإبراهيم النخعى وسفيان الثورى ومحمد بن‬
‫الحسن وأبى سليمان والمشهور عن‬
‫الشافعى‪ .‬انتهى‪ .‬أقول‪ :‬هؤلء هم أئمة العلماء‬
‫يتناقلون أحكام الجماع والحيض‪ ،‬وما يحل وما‬
‫ل يحل‪ ،‬بنزاهة وصراحة وتقوى‪ .‬وأن ذلك‬
‫ليس من قبيل الرفاهية الثقافية الجنسية‪.‬‬
‫‪ -12‬عن عبد الله بن عمرو رضى الله عنهما قال‪:‬‬
‫" أنكحنى أبى امرأة ذات حسب‪ ،‬فكان يتعهَّد‬
‫كَنَّتُه فيسألها عن بعلها فتقول‪ :‬نعم الرجل من‬
‫رجل‪ ،‬لم يطأ لنا فراشا ً ولم يفتش لنا كنفا ً مذ‬
‫أتيناه‪ ،‬فلما طال ذلك عليه ذكر للنبى ‪ r‬فقال‪:‬‬
‫أَلقِنى به‪ ،‬فلقيته بعد فقال‪ :‬كيف تصوم؟ قال‪:‬‬
‫كل يوم‪ .‬قال‪ :‬وكيف تختم؟ قال‪ :‬كل ليلة‪.‬‬
‫م ونم‪ ،‬فإن‬ ‫م وافطر‪ ،‬وقُ ْ‬ ‫ص ْ‬
‫قال‪ :‬فل تفعل‪ُ ،‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫الجسدك عليك حقا وإن لزوجك عليك حقا "‪.‬‬
‫رواه البخارى‪ .‬فهذا أب شفيق يحرص على‬
‫زوج ابنه ويتابع حالته مع زوجته فتصارحه أنه‬
‫جاءته‪ ،‬فيخبر الب النبى ‪ r‬فيخبره بحق‬
‫الزوجة فى الجماع‪ ،‬ويمنعه من القيام الدائم‬
‫والصوم المستمر وفاء لحق الزوجة فى‬
‫الجماع‪ ،‬الواجب عليه‪ ،‬وما يفعله من صلة‬
‫جماع‬ ‫‪r‬‬ ‫وصوم ليس بواجب عليه‪ ،‬فقدّم النبى‬

‫‪50‬‬
‫الزوجة على نوافل العبادات‪ ،‬ألم يقل ‪:r‬‬
‫"وفى بعض أحدكم صدقة‪"..‬؟‪.‬‬
‫‪ -13‬بل ليس الذى يتعاهد الزوجة والد الزوج فقط‬
‫لضمان وصول حقها فى الجماع‪ ،‬فعن أبى‬
‫حيْفَة عن أبيه قال‪ " :‬آخى النبى ‪ r‬بين‬
‫ج َ‬
‫ُ‬
‫ن أبا الدرداء‬
‫سلمان وأبى الدرداء‪ ،‬فزار سلما ُ‬
‫فرأى أم الدرداء متبذلة ( أى تاركة ثياب‬
‫الزينة)‪ ،‬فقال لها‪ :‬ما شأنك؟ قالت‪ :‬أخوك أبو‬
‫الدرداء ليس له حاجة فى الدنيا‪ .‬فجاء أبو‬
‫الدرداء‪ ..‬فقال له سلمان‪ :‬إن لربك عليك حقاً‪،‬‬
‫ولنفسك عليك حقاً‪ ،‬ولهلك عليك حقاً‪ ،‬فأع ْ ِ‬
‫ط‬
‫فذكر له‪،‬‬ ‫‪r‬‬ ‫كل ذى حق حقه‪ .‬فأتى النبى‬
‫فقال النبى ‪ :r‬صدق سلمان"‪ .‬رواه البخارى‪.‬‬
‫نعم صدق سلمان‪ ،‬إن حق الله‪ ،‬وحق الزوجة‬
‫فى الجماع واجب ل بد ّ ان يؤدّى‪ ،‬وإن نصيحة‬
‫المسلم لخيه المسلم واجبة ويدخل فيها أمور‬
‫ى أمورا ً شخصية‪ ،‬أو ثقافة‬‫الجماع فل تسم َّ‬
‫جنسية‪ .‬إنه رفع الحرج عن كل المؤمنين الذى‬
‫قد يصيبهم إزاء ممارسة تلك المور‬
‫المشروعة‪ .‬إن شابا ً من الصحابة هو جابر بن‬
‫‪r‬‬ ‫عبد الله رضى الله عنهما يعلمه رسول الله‬
‫فيقول جابر‪ :‬قلت لرسول الله ‪ :r‬إنى حديث‬
‫ت أم ثيَّباً؟ قلت‪:‬‬
‫عهد بعرس‪ ،‬قال‪ :‬فبكرا ً تزوّج َ‬
‫بل ثيَّباً‪ ،‬قال‪ :‬فَهل َّ جارية تلعبها وتلعبك؟ مالك‬
‫وللعذارى ولعابها" ضبطه الكثر بكسر اللم‬
‫‪51‬‬
‫( أى لِعابها) وهو مصدر من الملعبة‪ ،‬ووقع‬
‫فى رواية بضم اللم والمراد به الريق‪ ،‬وفيه‬
‫غشارة إلى مص لسانها ورشف شفتيها‪ ،‬وذلك‬
‫يقع عند الملعبة والتقبيل‪ ،‬وليس هو ببعيد كما‬
‫قاله القرطبى‪ .‬انتهى‪ .‬أقول‪ :‬عن عتبة بن‬
‫ساعدة النصارى عن أبيه عن جدَّه قال‪ " :‬قال‬
‫رسول الله ‪ :r‬عليكم بالبكار‪ ،‬فإنهن أعذب‬
‫افواهاً‪ ،‬وأَنْتَق ارحاماً‪ ،‬وارضى باليسير"‪ .‬رواه‬
‫ابن ماجة‪.‬‬
‫‪-14‬عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما قال‪" :‬‬
‫قال لى رسول الله ‪ :r‬تزوجت؟ قلت‪ :‬نعم‪.‬‬
‫س الكَي ْ َ‬
‫ش"‪ .‬رواه‬ ‫قال‪ :‬فإذا قدمت فالكَي ْ َ‬
‫البخارى ومسلم‪ .‬قال الحافظ ابن حجر فى‬
‫الفتح‪ :‬قوله ( الكْيس ) بالفتح على الغراء‪،‬‬
‫وقيل على التّحذير من ترك الجماع‪ .‬وجزم‬
‫ابن حبان فى صحيحه بعد تخريج هذا الحديث‬
‫بأن الكيس هو الجماع‪ .‬ويؤيده فى رواية‪:‬‬
‫"فإذا قدمت فاعمل عمل ً كيَّسا ً "‪ .‬فقال جابر‬
‫رضى الله عنه " فدخلنا حين أمسينا فقلت‬
‫للمرأة‪ :‬إن رسول الله ‪ r‬يأمرنى أن أعمل‬
‫عمل ً كيَّساً‪ ،‬قالت‪ :‬سمعا ً وطاعة فدونك‪ ،‬قال‪:‬‬
‫ث معها حتى أصبحت "‪ .‬أخرجه ابن خزيمة‬ ‫فَب ِ ُّ‬
‫فى صحيحه‪.‬‬
‫صور من الستمتاع الحلل‬
‫تحَّرى الحلل فى كل كسب وعمل واجب دينى على‬
‫كل مسلم ومسلمة‪ ،‬فكل عمل فى الستمتاع الجنسى‬
‫‪52‬‬
‫بين الذكر والنثى بالحلل بيّنه الشرع‪ ،‬بدءا ً من اختيار‬
‫الزوجة‪ ،‬إلى معاشرتها‪ ،‬إلى الستمتاع بالمباشرة‬
‫والجماع‪ ،‬وصدق رسول الله ‪ r‬إذ ْ يقول‪ " :‬وفى بضع‬
‫احدكم صدقة‪ .‬قالوا‪ :‬يا رسول الله‪ ،‬ايأتى أحدنا شهوته‬
‫ويكون له فيها اجر؟! قال‪ :‬ارايتم لو وضعها فى حرام‬
‫أكان عليه فيها وزر؟ فكذلك إذا وضعها فى الحلل كان‬
‫له أجر"‪ .‬رواه مسلم‪ ,‬إنه دستور الستمتاع بالشهوات‬
‫عبادة ودين‪ .‬فالنكاح الشرعى سنة من سنن النبياء‬
‫فيه فوائد جمة‪ :‬الولد‪ ،‬وكسر الشهوة‪ ،‬والستمتاع‬
‫والمؤانسة بالجنس الخر‪ ،‬والتّشويق للخرة بالرغبة‬
‫فى تمام اللذة ودوامها فى الجنة‪ ،‬فيكون باعثا ً على‬
‫عبادة الله تعالى‪ ،‬كما أن ترويح النفس وإيناسها‬
‫بمجالسة الزوج والنظر والمداعبة‪ ،‬فيها إراحة القلب‬
‫ل‪ ،‬فتقوى النفس‬ ‫مل َ َ‬
‫وتقوية له على العبادةبقطع ال َ‬
‫وتنشط الطاعات‪ ،‬ولعل ذلك من مفهوم ﴿ ليسكن إليها‬
‫﴾ فل بد من ترويح القلوب‪ ،‬وقال ‪ " :r‬ليتخذ أحدكم‬
‫قلبا ً شاكراً‪ ،‬ولسانا ً ذاكراً‪ ،‬وزوجة مؤمنة صالحة تعينه‬
‫على آخرته"‪ .‬رواه ابن ماجة‪ .‬وقال ‪ " :r‬الدنيا متاع‬
‫‪r‬‬ ‫وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة" رواه مسلم‪ .‬فجمع‬
‫ب‬ ‫بين متاع الدنيا ومتاع ونعيم الخرة‪ ،‬كما قال ‪ُ " :r‬‬
‫حب َّ َ‬
‫ت قرة عينْنى‬ ‫جعل ْ‬
‫ى من دنياكم‪ :‬النساء‪ ،‬والطيب‪ ،‬و ُ‬‫إل ّ‬
‫فى الصلة"‪ ،‬رواه النسائى‪ ،‬فالسرور للنفس البشرية‬
‫بمعاشرة النساء‪ ،‬والقيام بالصلة‪ ،‬فحق الله‪ ،‬وحق‬
‫النفس‪ ،‬وهذا وذاك شرع الله تعالى العليم الحكيم ﴿ أَلَا‬

‫‪53‬‬
‫َيعَْلمُ مَنْ خََلقَ وَهُ َو الّلطِيفُ ا ْل َخبِيرُ ﴾ فالمبشرة الزوجية بمختلف‬
‫دراجاتها من متع الحياة الدنيا المشروعة‪ ،‬والمأجور‬
‫عليها فاعلها فى الخرة‪ .‬يقول المام ابن حجر‬
‫العسقلنى فى فتح البارى شرح صحيح البخارى‪ :‬إن‬
‫المباح إذا قصد به وجه الله صار طاعة‪،‬وقد نبه الشارع‬
‫على ذلك بأقل الحظوظ الدنيوية العادية وهو وضع‬
‫اللقمة فى فم الزوج " وإنك مهما أنفقت من نفقة‬
‫ى امرأتك"‪ .‬رواه‬‫فإنها صدقة حتى اللقمة ترفعها إلى ف َّ‬
‫مسلم‪ ،‬إذ ل يكون ذلك غالبا ً إل عند الملعبة‬
‫والممازحة‪ ،‬ومع ذلك فيؤجر فاعله غذا قصد قصداً‬
‫صحيحاً‪ ..‬فكيف بما فوق ذلك‪.‬‬
‫الستمتاع الجنسى غرض أصيل من اغراض الزواج‪،‬‬
‫فإن العفاف عن الحرام بالزواج من أغراض الزواج‪،‬‬
‫والذى يتحَّرى الحرام فى الجماع ليقصد سوى المتعة‬
‫الجنسية فقط فأحل الله له الزواج ليتمتع بالحلل‪ .‬كما‬
‫أن الحاديث التى مرت بنا فى مباشرة الحائض دون‬
‫اليلج فى الفرج تعطينا الدليل على أن مقصود‬
‫المباشرة هو الستمتاع مع الزوجة وليس مقصوده‬
‫الولد‪ .‬وحديث النبى ‪" :r‬إذا أحدكم أعجبته المرأة‬
‫فوقعت فى قلبه فليعمد إلى امرأته" وفى صحيح‬
‫مسلم نفس الحديث "فليعمد إلى امرأته فليواقعها‪،‬‬
‫فإن ذلك يرد ما فى نفسه" فليس إتيان الهل هنا يراد‬
‫به شئ سوى إشباع الشهوة بالستمتاع بالزوجة الحلل‬
‫بديل ً عن الحرام‪ ،‬لن صبر الرجل على ترك الجماع‬
‫ض الشارع النساء‬‫أضعف من صبر المرأة‪ ،‬لذلك ح َّ‬
‫على المسارعة فى تلبية رغبة الزوج ولو كان عندها ما‬
‫يشغل عن الستجابة لهذا الطلب‪ ،‬مراعاة ً لفطرته‪،‬‬
‫‪54‬‬
‫وحتى ل يفتح له الشيطان نافذه على الحرام‪ .‬ولذلك‬
‫أيضا ً أباح الله الستمتاع الجنسى دون قصد الولد‬
‫بإباحة العزل عند الجماع ( تأجيل الحمل بالنزع بعد‬
‫اليلج لينزل خارج الفرج) فعن جابر بن عبد الله رضى‬
‫الله عنه قال‪ " :‬إن رجل ً أتى رسول الله ‪ r‬فقال‪ :‬إن‬
‫لى جارية هى خادمتنا وسانيتنا‪ ،‬وأنا أطوب عليها وأنا‬
‫أكره أن تحمل‪ .‬فقال‪ :‬اعزل عنها إن شئت" رواه‬
‫مسلم‪ .‬وقال جابر أيضاً‪ " :‬كنا نعزل على عهد رسول‬
‫فلم ينهنا" رواه‬ ‫‪r‬‬ ‫الله ‪ r‬والقرآن ينزل‪ ،‬فبلغ نبى الله‬
‫البخارى ومسلم‪.‬‬
‫للنبى ‪ r‬هدى للسلم فى‬
‫الستمتاع‬
‫لقد حرص النبى ‪ r‬على تعليم المسلمين كل شئ‬
‫ينفعهم فى حياتهم وفى آخرتهم‪ ،‬والسنة التى يراعيها‬
‫المسلمون هى كل قول أو فعل أو تقرير ورد عن‬
‫رسول الله ‪ ،r‬وكلها علم‪ ،‬يجب تعلمه وتبليغه‪،‬‬
‫والستمتاع بالحلل جزء من السنة‪ ،‬وقد حفظ العلماء‬
‫كل ما يتعلق بهذه المور وعلموها للمة‪ ،‬مثل حفظهم‬
‫وتعليمهم الطهارات والصلة وغيرها من أمور الدين‪،‬‬
‫والتّنُّزه عن الستمتاع الجنسى والزواج رهبانية نسخها‬
‫السلم وقال ‪ r‬لمن اراد الصحابة أن يختصى ول ينكح‪:‬‬
‫" إنى أتزوج النساء‪ ،‬فمن رغب عن سنتى فليس منى"‬
‫فليس فى ترك الحلل روع وتقوى كما قال المام‬
‫ال َ‬
‫شوْكانى رحمه الله فى إرشاد الفحول‪ :‬ل يشرع‬

‫‪55‬‬
‫التَّنُّزه عن فعل الشئ الحلل‪ ،‬فليس فى ترك الحلل‬
‫ن ع ََلَى النَّب ِ ِ ّ‬
‫ي‬ ‫ما كَا َ‬
‫َ‬ ‫الله العظيم‪َ  :‬‬ ‫َ‬
‫ورع‪ .‬انتهى‪ .‬وصدق‬
‫خلَوْا‬ ‫ن َ‬ ‫ة الل ّهِ فِي ال ّذِي َ‬ ‫سن َّ َ‬ ‫ه لَ ُ‬
‫ه ُ‬ ‫ض الل ّ ُ‬ ‫ما فََر َ‬
‫حَرٍج فِي َ‬ ‫ن َ‬‫م ْ‬‫ِ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ن أْمُر اللهِ قَدًَرا َمقْدُوًرا‪‬‬ ‫ل وَكَا َ‬
‫ن قَب ْ ُ‬‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫[ الحزاب‪ .] 38 :‬وروى البخارى ومسلم عن ابى هريرة‬
‫رضى الله عنه عن النبى ‪ r‬قال‪ " :‬قال سليمان بن‬
‫ن الليلة على سبعين امرأة تحمل كل‬ ‫داود‪ :‬لطوفَ َّ‬
‫امرأة فارسا ً يجاهد فى سبيل الله‪ ،‬فقال له صاحبه‪ :‬إن‬
‫ى فطاف بهن فلم تأت امرأة‬ ‫شاء الله‪ ،‬فلم يقل‪ ،‬فَن َ ِ‬
‫س َ‬
‫منهن بولد إل واحد بشق غُلم"‪ .‬قال الحافظ ابن حجر‪:‬‬
‫خص به النبياء من القوّة‬‫فى الحديث ما يدل على ما ُ‬
‫ل على صحة البنيةوقوة الفحولية‬ ‫على الجماع‪ ،‬الدا ُّ‬
‫وكمال الرجولية‪ .‬انتهى‪ .‬وعن أنس بن مالك رضى الله‬
‫عنه‪ " :‬أن نبى الله ‪ r‬كان يطوف على نسائه فى اليلة‬
‫الواحدة بغسل واحد وله يومئذ تسع نسوة"‪ .‬وفى‬
‫رواية‪" :‬قيل لنس‪ :‬أوكان يطيقه؟ قال‪ :‬كنا نتحدث انه‬
‫أُع ْطى قوة ثلثين"‪ .‬رواه البخارى ومسلم‪ .‬يقول‬
‫الحافظ ابن حجر فى ذلك‪ :‬كان مع كونه ‪ r‬أخشى‬
‫الناس لله وأعلمهم به‪،‬يكثر التَّزويج‪ ،‬ولظهار المعجزة‬
‫البالغة فى خرق العادة لكونه ل يجد ما يشبع به‪ ،‬من‬
‫القوت غالباً‪ ،‬وإن وجد كان يؤثر الصيام‪ ،‬وكثيرا ً ما‬
‫يواصل‪ ،‬وكثرة الصوم تكسر الشهوة‪ ،‬فانخرقت هذه‬
‫العادة فى حقه ‪ ،r‬ولم يشغله ذلك عن عبادة ربه‪.‬‬
‫َ‬
‫انتهى‪ .‬وأقول‪ :‬قول أنس رضى الله عنه " كنا نتحد ّث‬
‫أنه أُعطى قوة ثلثين" أن الحديث عن قوة النبى ‪ r‬فى‬
‫‪56‬‬
‫الجماع أنه كثلثين رجل ً فى القدرة عليه‪ ،‬يدل على‬
‫جواز الحديث عن الجماع وما يتصل به بما فى ذلك‬
‫‪ ،‬وأن ذلك مما ل يستحى منه‪،‬‬ ‫‪r‬‬ ‫الحديث عن النبى‬
‫وأنهم كانوا يعلمون طواف النبى ‪ r‬على زوجاته‬
‫وجماعه لهن فى ليلة واحدة حتى يتعرفوا على أحكام‬
‫الدين فى الجانب الفطرى البشرى فى سلوك النبى ‪.r‬‬
‫وقد روت السيدة العابدة العالمة أم المؤمنين زوج‬
‫عائشة بنت أبى بكر الصديق رضى الله‬ ‫‪r‬‬ ‫رسول الله‬
‫عنهاقالت‪ " :‬كان رسول الله ‪ r‬ل يفضل بعضنا على‬
‫ل يوم إل وهو‬‫سم من مكْثه عندنا‪ ،‬وكان قَ َّ‬
‫بعض فى القَ ْ‬
‫ُ‬
‫ً‬
‫يطوف علينا جميعا‪ ،‬فيدنو من كل امرأة من غير‬
‫مسيس – وفى رواية للبيهقى‪ .‬فيقبَّل ويلمس ما دون‬
‫الوقاع – حتى يبلغ إلى التى هو يومها‪ ،‬فيبيت عندها"‪.‬‬
‫ِ‬
‫واه أبو داود‪ ،‬كما روى أبو داود عن أبى رافع رضى الله‬
‫عنه‪ " :‬أن النبى ‪ r‬طاف ذات يوم على نسائه‪ ،‬يغتسل‬
‫عند هذه وعند هذه"‪ .‬وعن عائشة رضى الله عنها‬
‫قالت‪ " :‬إن كانت إحدانا لتفطر فى زمان رسوول الله‬
‫‪ ،r‬فما تقدر على أن تقضيه مع رسول الله ‪ r‬حتى يأتى‬
‫شعبان"‪ .‬رواه مسلم‪ ،‬وعند البخارى ومسلم أيضاً‪" :‬‬
‫ى الصوم من رمضان‪ ،‬فما أستطيع أن‬ ‫كان يكون عل ّ‬
‫أقضيه إل فى شعبا‪ ."،‬قال المام النووى‪ :‬إن كل واحدة‬
‫‪r‬‬‫من نسائه ‪ r‬كانت مهيئة نفسها لرسول الله‬
‫لستمتاعه فى جميع أوقاتها إن أراد ذلك‪ ،‬وهذا من‬

‫‪57‬‬
‫الدب وإنما كانت تصومه من شعبان‪ ،‬لنه ‪ r‬كان‬
‫يصوم معظم شعبان‪ ،‬فل حاجة له فيهن حينئذ من‬
‫النهار‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫∗∗ عن أبى سعيد الخدرى رضى الله عنه قال‪ :‬قال‬
‫رسول الله ‪" : r‬إذا أتى أحدكم أهله ثم أراد أن يعود‬
‫فليتوضأ – زاد ابن خزيمة فى رواية له‪ :‬فإنه أنشط‬
‫للعودة"‪ .‬رواه مسلم‪ .‬قال الحافظ ابن حجر‪ :‬استدل‬
‫ابن خزيمة على أن المور بالوضوء للندب ل للوجوب‪،‬‬
‫ويدل أيضا ً على أنه لغير الوجوب ما رواه الطحاوى من‬
‫أن النبى ‪ " :r‬كان يجامع ثم يعود ول يتوضأ"‪ .‬وقال‬
‫المام ابن القيم‪ :‬والغسل والوضوء بعد الوطء من‬
‫النشاط‪ ،‬وطيب النفس‪ ،‬وكمال الطهر والنظافة‪ ،‬أقول‪:‬‬
‫وفى الحديث جواز الجماع وتكراره‪ ،‬بل فيه شبه الحض‬
‫على ذلك‪ ،‬وأنه ‪ r‬كان يفعله وأنه كان يتوضأ بين ذلك‬
‫أحيانا ً وأخرى ل يتوضأ‪.‬‬
‫∗∗ عن ابن عباس رضى الله عنهما قال‪ :‬قال النبى‬
‫‪ " :r‬أما لو أن أحدهم يقول حين يأتى أهله باسم الله‪،‬‬
‫اللهمجنَّبْنا الشيطان وجنّب الشيطان ما رزقتنا‪ ،‬ثم قُدَّر‬
‫ضره الشيطان أبداً "‪.‬‬ ‫بينهما فى ذلك‪ ،‬أو قُض ِ‬
‫ى ولد‪ ،‬لم ي ّ‬
‫رواه البخارى ومسلم‪ .‬ففى الحديث أن النبى ‪ r‬يذكَّر‬
‫الزوجين الله تعالى عند الجماع‪ ،‬وبالدعاء بتجنيب‬
‫الشيطان الرجيم منهما ومن ولدهما إن قدَّر لهما بهذا‬
‫الجماع‪ ،‬وهذا فى غاية الدب السلمى الذى به يتعبّد‬
‫الزوجان بهذا الفعل الذى فى ظاهره إتيان شهوة وفى‬
‫حيقته قربة لله تعالى‪ ،‬بل إن الشيطان يحضر هذا‬
‫‪58‬‬
‫الفعل ليمنع الزوجين من أن يستمتع أحدهما بالخر‬
‫لشدة عداوته‪ ،‬فلو حضره الشيطان الذى يفسد على‬
‫المؤمنين كل متعة وطاعة‪.‬‬
‫∗∗ عن أبى سعيد الخدرى رضى الله عنه أن رسول‬
‫الله ‪ r‬قال‪ " :‬ل ينظر الرجل إلى عورة الرجل‪ ،‬ول‬
‫ى الرجل إلى الرجل‬‫المرأة إلى عورة المرأة‪ ،‬ول يُفْض ِ‬
‫فى ثوب واحد‪ ،‬ول تُفْضى المرأة إلى المرأة فى الثوب‬
‫الواحد" رواه مسلم‪ .‬وهذا التحريم فى حق غير الزواج‬
‫وقد مّر بنا أن النبى ‪ r‬كان يغتسل مع زوجاته فى إناء‬
‫واحد‪ .‬فالتحريم للنظر إلى عورات غيبر الزواج‪ ،‬وكذلك‬
‫النوْم فى غطاء واحد متجردين عن الملبس كما كانت‬
‫عادة العرب‪ ،‬وذلك سواء كان النائمان رجلين أو‬
‫امرأتين‪ ،‬وأيضا َ فل مانع من النوم فى غطاء واحد‪ ،‬ولو‬
‫متجردين عن الثياب للزوجين‪.‬‬
‫عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه أن رسول‬
‫قال‪ " :‬اتَّق الدُّبر والحيْضة"‪ .‬رواه الترمذى‪ .‬وعن‬ ‫‪r‬‬ ‫الله‬
‫أبى هريرة رضى الله عنه قال‪ :‬قال رسول الله ‪:r‬‬
‫من أَتَى امرأته فى دبرها" رواه أبو داود‪ .‬وعن‬
‫"ملعون َ‬
‫خزيمة بن ثابت رضى الله عنه قال‪ :‬قال رسول الله ‪:r‬‬
‫" إن الله ل يستحيى من الحق ـ ثلث مرات ـ ل تأتوا‬
‫النساء فى أدبارهن "‪ .‬رواه ابن ماجة‪ .‬فهذا نهى صريح‬
‫من الشارع عن الستمتاع بالمرأة فى دبرها‪ ،‬وقد بيّن‬
‫‪ r‬أن الكلم فى هذا الشأن لبيان الحكم الشرعى ل‬
‫حياء منه‪ .‬عن أسماء بنت يزيد رضى الله عنها‪" :‬إنها‬

‫‪59‬‬
‫كانت عند رسول الله ‪ ،r‬والرجال والنساء قعود‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫ل رجل ً يقول ما يفعل بأهله‪ ،‬ولع ّ‬
‫ل امرأة تخبر بما‬ ‫لع ّ‬
‫م القوم‪ ،‬فقلت‪ :‬إى والله يا‬‫فعلت مع زوجها؟!! فأَر َّ‬
‫رسول الله إنهن ليفعلن‪ ،‬وإنهم ليفعلون‪ ،‬قال‪ :‬فل‬
‫تفعلوا‪ ،‬فإنما ذلك مثل الشيطان لقى شيطانة فى‬
‫طريق فغشيها والناس ينظرون" رواه أحمد‪ ،‬تقول‬
‫رضى الله عنها‪ :‬الرجال والنساء قعود فى مجلس فيه‬
‫رسول الله ‪ r‬ويعلمهم رسول الله ‪ r‬أدب من آداب‬
‫الجماع‪ ،‬بأن ل يحدث أحد بما يكون بينه وبين زوجه من‬
‫أمور الجماع‪ ،‬فقد يتفاخر أحد بقدرته الجنسية‪ ،‬أو‬
‫تفاخر امرأة غيرها بما يفعله الزوج معها‪ .‬إنه بيان‬
‫الشرع يتعلمه الجميع‪ ،‬نساء ورجال‪ ،‬وبل حرج؛ لنه‬
‫تشريع الدين‪.‬‬
‫∗∗ عن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه قال‪ :‬قال‬
‫رسول الله ‪ " :r‬ل تباشر المرأة المرأة َ فتنعتها لزوجها‬
‫كأنه ينظر إليها"‪ .‬رواه البخارى‪ .‬فإن السلم يسد ّ كل‬
‫ذريعة للمفسدة‪ ،‬فكما حَّرم السلم النظر بشهوة إلى‬
‫العورات أو بغير شهوة حتى ل يوقع الشيطان فى قلب‬
‫الناظر الرغبة والطلب للحرام‪ ،‬فذلك حّرم على المرأة‬
‫أن تصف لزوجها امرأة ل يحل له هو النظر إليها‪ ،‬وإن‬
‫كان يحل للمرأة النظر فلنفسها ل لزوجها لنفس‬
‫الحكمة مخافة الوقوع فى الفتنة فيستحضر تلك‬
‫الصورة كأنه ينظر إليها‪.‬‬
‫قال‪:‬‬ ‫‪r‬‬‫∗∗ عن ابن عباس رضى الله عنهما عن النبى‬
‫حرم" رواه‬‫م ْ‬ ‫خلُوَ َّ‬
‫ن رجل بامرأة إل مع ذى َ‬ ‫" ل يَ ْ‬
‫البخارى‪ .‬قال ابن حجر فى شرحه‪ :‬منع الخلوة بالجنبية‬
‫‪60‬‬
‫فيه إجماع الفقهاء‪ ،‬لكن اختلفوا‪ :‬هل يقوم غير المحرم‬
‫مقامه؟ كالنَّسوة الثقات؟ الصحيح الجواز لضعف التهمة‬
‫به‪ ،‬وكذلك خلوة الرجلين والثلثة بالمرأة عند الحاجة‪،‬‬
‫ومثله خلوة الرجل بمجموعة من النساء‪ .‬وقال المام‬
‫خل َ بهن قطع‬‫م رجل أجنبيات فى الصلة و َ‬ ‫النووى‪ :‬إن أ َّ‬
‫الجمهور بالجواز ودليله الحديث‪ " :‬ل يدخلن رجل بعد‬
‫مغِيبَة إل ومعه رجل أو اثنان"‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫يومى هذا على ُ‬
‫بعض أقوال الئمة فى أمور‬
‫الجنس‬
‫ث‬
‫حي ْ ُ‬
‫ن َ‬ ‫م ْ‬
‫ن ِ‬ ‫ن فَأْتُوهُ َّ‬
‫∗∗ قال الله تعالى‪ ﴿ :‬فَإِذ َا تَطَهَّْر َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ه ﴾ [ البقرة‪ ] 222 :‬قال مجاهد‪ :‬سألت ابن‬ ‫م الل ّ ُ‬
‫مَرك ُ ُ‬
‫أ َ‬
‫َ‬ ‫ن من حي ُ َ‬ ‫ْ‬
‫م الل ّ ُ‬
‫ه‬ ‫مَرك ُ ُ‬ ‫ثأ َ‬ ‫عباس عن قوله تعالى‪ ﴿ :‬فَأتُوهُ َّ ِ ْ َ ْ‬
‫ُ‬
‫ت أن تعتزلها‪ ،‬يعنى فى‬ ‫﴾ فقال‪ :‬تأتيها من حيث أمرِ َ‬
‫الحيض‪ .‬وقال على بن أبى طلحة عن ابن عباس أيضاً‪:‬‬
‫فى الفرج ول تَعْدُه ُ إلى غيره‪.‬‬
‫∗∗ قال المام مالك فى المدوّنة الكبرى‪ :‬قلت‪ :‬أرأي َ‬
‫ت‬
‫العِنَّين ـ أى العاجز عن إتيان النساء ـ متى يضرب له‬
‫الجل‪ ،‬من يوم تزوجها أو من يوم ترفعه إلى‬
‫السلطان؟ قال‪ :‬من يوم ترفعه إلى السلطان‪ .‬أقول‪:‬‬
‫الذى ل يتمكن من إدخال فرجه فى الفرج يؤجل سنة‬
‫كاملة ليتغير عليه فصول السنة‪ ،‬فإذا لم يتمكن خلل‬
‫سئل عنه‬ ‫السنة يحق للزوجة طلب الطلق‪ ،‬وهذا ما ُ‬
‫َ‬
‫المام مالك‪ .‬وكذلك قال مالك‪ :‬قلت‪ :‬أرأيت العِن ّين إذا‬
‫لم يجامع امرأته فى السنة وفَُّرق بينهما بعد السنة‬
‫أيكون لها الصداق كامل أم يكون لها نصف الصداق؟‬
‫قال‪ :‬قال ماللك‪ :‬لها الصداق كله كامل ً إذا أقام معها‬
‫‪61‬‬
‫سنة‪ ،‬لنه قد أع ْطى المهلة وقد خل بها وطال زمانه‬
‫معها وتغيّر صبغها وخلعت ثيابها وتغّير جهازهما عن‬
‫حاله‪ ،‬فل أرى له عليها شيئاً‪ ،‬وإن كان فراقه لها قريباً‬
‫من دخوله رأيت عليه نصف الصداق‪ ،‬عن عمرو ابن‬
‫قيس عن عطاء بن أبى رباح عن ابن المسيب أن عمر‬
‫بن الخطاب قضى فى الرجل يبنى بالمرأة فل يستطيع‬
‫أن يمسها‪ ،‬أن يضرب له أجل سنة من يوم يأتيان‬
‫السلطان‪ ،‬فإن استقرت فهى أولى بنفسها‪ .‬قال‪ :‬قلت‪:‬‬
‫أرأيت إت تزوّج رجل امرأة فأصابها معيبة‪ ،‬من أى‬
‫العيوب يردّها فى قول مالك؟ قال‪ :‬قال مالك‪ :‬يردها‬
‫من الجنون والجذام والبرص والعيب الذى فى الفرج‪.‬‬
‫ن‪،‬‬‫قلت‪ :‬أرأيت إن كان العيب الذى بفرجها إنما هو قََر ٌ‬
‫ل يقدر معه على‬ ‫أو حرق نار‪ ،‬أو عيب خفيف‪ ،‬أو عَفَ ٌ‬
‫الجماع‪ ،‬أيكون ذلك من عيوب الفرج؟ قال‪ :‬قال مالك‪:‬‬
‫قال عمر بن الخطابك ترد ّ المرأة فى النكاح من‬
‫الجنون والجذام والبرص‪ .‬قال مالك‪ :‬وأنا أرى داء‬
‫ن هو غدّة غليظلة أو‬ ‫الفرج بمنزلة ذلك‪ .‬أقول‪ :‬القَر َ‬
‫لحمة ملتئمة أو عظم يمنع أو يشق معه إدخال الذكر‬
‫فى الفرج‪ ،‬والعَفَل هو كتلة مدوّرة تخرج من فرج‬
‫المرأة تمنع من سلوك الذكر فيه‪.‬‬
‫∗∗ قال المام الشافعى‪ :‬عن خزيمة بن ثابت أن رجلً‬
‫سأل النبى ‪ r‬عن إتيان النساء فى أدبارهن‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫َ‬
‫حلل‪ ،‬فلما وَل ّى دعاه فقال‪ :‬كيف قلت‪ :‬فى أى‬
‫الخربتين‪ ،‬أو فى أى الخرزتين‪ ،‬أو فى أى الخصفتين‪،‬‬
‫أمن دبرها فى قبلها؟ فنعم‪ .‬أمن دبرها فى دبرها؟ فل‬
‫ستِحيى من الحق‪ ،‬ل تأتوا النساء فى‬‫إن الله ل ي َ ْ‬
‫أدبارهن"‪ .‬قال الربيع‪ :‬فقيل للشافعى‪ :‬فما تقول‪:‬‬

‫‪62‬‬
‫خص فيه‪ ،‬بل أنهى عنه‪ .‬وروى ابن‬ ‫فقال‪ :‬فلست أر َّ‬
‫جرير الطبرى فى ـ اختلف الفقهاء ـ عن المام‬
‫الشافعى‪ :‬التيان فى الدبر حتى يبلغ منه مبلغ التيان‬
‫فى القبل‪ ،‬محرم بدللة الكتاب والسنة‪ .‬وأما التّلذُّذ‬
‫بغير إبلغ الفرج بين الَلْيَتيْن وجميع الجسد‪ ،‬فل بأس‬
‫به‪.‬‬
‫َّ‬
‫حلى‪ :‬وفرض على‬ ‫∗∗ قال المام ابن حزم فى الُم َ‬
‫الرجل أن يجامع امرأته التى هى زوجته‪ ،‬وأدْنى ذلك‬
‫مّرة فى كل طهر إن قدر على ذلك‪ ،‬وإل فهو عاص لله‬
‫تعالى‪ :‬برهان ذلك قوله عز وجل‪ ﴿ :‬فَإِذ َا تَطَهَّْر َ‬
‫ن‬
‫َ‬ ‫ن من حي ُ َ‬ ‫ْ‬
‫ه ﴾ [ البقرة‪ ،.] 222 :‬وعن‬ ‫م الل ّ ُ‬
‫مَرك ُ ُ‬
‫ثأ َ‬ ‫فَأتُوهُ َّ ِ ْ َ ْ‬
‫عبد لله بن عامر بن ربيعة قال‪ :‬كنا نسير مع عمر بن‬
‫ضت له امرأة من خزاعة شابة‪ ،‬فقالت‪:‬‬ ‫الخطاب إذ عر َ‬
‫يا أمير المؤمنين إنى امرأة أحب ما تحب النساء من‬
‫الولد وغيره‪ ،‬ولى زوج شيخ ووالله ما برحنا حتى نظر‬
‫إليه يهوى شيخ كبير‪ ،‬فقال لعمر‪ :‬يا أمير المؤمنين إنى‬
‫لمحسن إليها وما آلوها‪ ،‬فقال له عمر‪ :‬أتقيم لها‬
‫طهرها؟ ( أى هل تجامعها فى كل طهر ولو مرة‬
‫واحدة) فقال‪ :‬نعم‪ .‬فقال لها عمر‪ :‬انطلقى مع زوجك‪،‬‬
‫والله إن فيه لما يجزى أو قال يغنى المرأة المسلمة‪.‬‬
‫∗∗ قال المام ابن تيمية فى فتاويه وقد شئل عن‬
‫الرجل إذا صبر على زوجته الشهر والشهرين ل يطؤها‬
‫فهل عليه إثم إم ل؟ وهل يطالب الزوج بذلك؟ فأجاب‪:‬‬
‫يجب على الرجل أن يطأ زوجته بالمعروف‪ ،‬وهو من‬
‫أوْكد حقها عليه‪ ،‬أعظم من إطعامها‪ ،‬والوطء الواجب‬
‫قيل إنه واجب فى كل أربعة أشهر مرة‪ ،‬وقيل بقدر‬
‫حاجتها وقدرته‪ ،‬كما يطعمها بقدر حاجتها وقدرته‪ ،‬وهذا‬
‫‪63‬‬
‫أصح القولين عن أحد بن حنبل‪ .‬قال‪ :‬وهو واجب عليه‬
‫عند أكثر العلماء‪ ،‬وقيل‪ :‬إنه ل يجب اكتفاء بالباعث‬
‫الطبيعى‪ ،‬والصواب أنه واجب كما د ّ‬
‫ل عليه الكتاب‬
‫والسنة والصول‪ ،‬وقد قال النبى ‪ r‬لعبد الله بن عمرو‬
‫رضى الله عنهما لما رآه يكثر الصوم‪" :‬إن لزوجك‬
‫عليك حقاً "‪.‬‬
‫قال المام أبو حامد الغزالى فى إحياء علوم‬
‫الدين‪ :‬إذا قضى الرجل وطره فليتمهل على أهله حتى‬
‫تقضى هى أيضا ً نهمتها‪ ،‬فإن إنزالها ربما يتأخر فيهيج‬
‫شهوتها‪ ،‬ثم القعود عنها إيذاء لها‪ ،‬والختلف فى طبع‬
‫النزال يوجب التّنافر كلما كان الزوج سابقا ً إلى‬
‫النزال‪ ،‬والتَّواَفق فى وقت النزال ألذ ّ عندها‪ ،‬وإذا‬
‫اشتغل الرجل بنفسه عنها فإنها ربما تستحيى‪ .‬وينبغى‬
‫أن يأتيها فى كل اربع ليال مرة‪ ،‬فهو أعدل‪ ،‬إذ عدد‬
‫النساء أربعة فجاز التأخير إلى هذا الحد‪ .‬نعم ينبغى أن‬
‫يزيد أو ينقص بحسب حاجتها فى التحصين‪ ،‬فإن‬
‫تحصينها واجب عليه‪ ،‬وإن كان ل يثبت المطالبة‬
‫بالوطء‪ ،‬فذلك لعسر المطالبة والوفاء بها‪.‬‬
‫∗∗ قال المام القرطبى فى التفسير‪ :‬قال ابن ُ‬
‫خوَيْزِ‬
‫منْداد‪ :‬أما الزوج فيجوز له أن ينظر إلى سائر الجسد‬ ‫َ‬
‫وظاهر الفرج‪ ،‬وكذلك المرأة يجوز أن تنظر إلى عورة‬
‫منى‬‫ست َ ْ‬
‫زوجها‪ .‬وقال الغزالى فى الحياء‪ :‬وله أن ي َ ْ‬
‫بيديها‪.‬‬
‫∗∗ قال المام ابن قيم الجوزية فى زاد المعاد‪ :‬ومما‬
‫ينبغى تقديمه على على الجماع ملعبة المرأة‪،‬‬
‫وتقبيلها‪ ،‬ومص لسانها‪ ،‬وكان رسول الله يلعب أهله‪،‬‬
‫ويقبلها‪ ،‬وروى أبو سننه أنه‪ " :‬كان يقبل عائشة ويمص‬
‫‪64‬‬
‫لسانها"‪ .‬وأحسن أشكال الجماع أن يعلو الرجل المرأة‪،‬‬
‫مستفرشا ً لها بعد الملعبة والقبلة وبهذا سميت المرأة‬
‫فراشاً‪ ،‬كما قال رسول الله‪ " :‬الولد للفراس"‪ .‬وقال‪:‬‬
‫ينبغى أل يدع الجماع البئر إذ لم تُنْزح ذهب ماؤها‪ .‬وقال‬
‫محمد بن زكريا‪ :‬من ترك الجماع مدة طويلة ضعفت‬
‫َ‬
‫قوى أعصابه وانسدت مجاريها وتقل ّص ذكره‪.‬‬
‫∗∗ قال الشيخ عبد الحليم أبو شقة فى تحرير المرأة‪:‬‬
‫على أنه تظل أذواق الناس وأمزحتهم هى التى تحكم‬
‫اختيارهم لنفسهم‪ ،‬ول مجال لن ينكر أحد على أحد‬
‫محكَّما ً ذوقه ومزاجه‪ ،‬فيحّرم صورة من صور‬
‫الستمتاع‪ ،‬فالذوق والمزاج ل حرج فى أن يحكُما اختيار‬
‫المرء لنفسه من بين المباحات‪ ،‬ولكنهما ل يُحكمان فى‬
‫تقرير ما يحل وما يحرم‪.‬‬
‫∗∗ يقول الدكتور محمد هيثم الخياط‪ :‬النجاب هو‬
‫جزء من غايات العملية الجنسية وليس كل ما فيها‪ ،‬لن‬
‫بعض التقاليد الموروثة عن الزواج هو النجاب‪ ،‬لكن لو‬
‫كان هذا المر صحيحا ً لكان النسان له موسم خاص‬
‫للخصاب مثل الحيوانات‪ ،‬وهذا غير صحيح‪ ،‬فالنسان‬
‫يمارس العمل الجنسى فى أى وقت من الوقات‬
‫طوال عمره‪ ،‬فالقضية ليست قضية إنجاب فقط‪ ،‬فقد‬
‫ن‬ ‫ب ال َّ‬
‫ح ُّ‬ ‫قال الله تعالى‪ُ ﴿ :‬زي ِّ َ َ‬
‫م َ‬
‫ت ِ‬‫شهَوَا ِ‬ ‫س ُ‬
‫ن لِلن ّا ِ‬
‫ساءِ ﴾ [ آل عمران ‪ ]14‬فذكر الله لفظ الشهوة وأنها‬
‫الن ِّ َ‬
‫محببة للناس وألحقها النبى بالعبادات فقال " وقى بضع‬
‫أحدكم صدقة" وعند المام أحمد عن أبى كبشة‬
‫النمارى رضى الله عنه عن النبى ‪ " :‬إن مثل أعمالكم‬
‫إتيان الحلل"‪ .‬وإتيان الحلل عمل جنسى مطلوب‬
‫لذاته‪ ،‬كما أن الله تعالى تحدث عن عبادة الصيام وعن‬
‫‪65‬‬
‫ام‬
‫صي َ ِ‬ ‫م لَيْل َ َ‬
‫ة ال ِّ‬ ‫ل لَك ُ ْ‬ ‫الجماع فى أسلوب واحد فقال‪ ﴿ :‬أ ُ ِ‬
‫ح َّ‬
‫[ البقرة‪ ] 187 :‬ـ والرفث‬ ‫م﴾‬ ‫ث إِلَى ن ِ َ‬
‫سائِك ُ ْ‬ ‫الَّرفَ ُ‬
‫هو الجماع‪ ،‬فإن القضية فى أصلها إرواء لشهوة الجنس‬
‫ولكن بالحلل‪ .‬انتهى بتصرف من موقع إنترنت‬
‫الجزيرة‪.‬‬
‫التربية الجنسية والصحة‬
‫الجنسية‬
‫قد مّر بنا استفاضة السلم من خلل القرآن‬
‫العظيم والسنة المطهرة بتناول العلقة بين الذكر‬
‫والنثى‪ ،‬والقضايا الجنسية بتفصيل ووضوح‪ ،‬وأرسى‬
‫السلم نظام الزواج والستمتاع ما بين الزوجين‪ ،‬وما‬
‫يجب وما يستحسن‪ ،‬وما يُنْهى عنه من طرق الستمتاع‬
‫الجنسى بين الرجل والمرأة‪ ،‬ولقد استخدم الشارع‬
‫أساليب وألفاظ ومصطلحات جنسية مختلفة‪ ،‬ولكنها‬
‫مناسبة فى الحديث بتلقائية الوقار والطهر والبساطة‬
‫الفطرية‪ ،‬وجاءت اللفاظ والساليب مراعية للموقف‬
‫والحدث والموضوع‪ ،‬فل تشعر إل بالعلم والبيان‬
‫والرشاد‪ ،‬وتخلو من كل إثارة أو غرض سيئ أو دعوة‬
‫شعّة بالسعادة البشرية‪ ،‬والبراءة‬
‫م ِ‬
‫للنحراف‪ ،‬بل ُ‬
‫الفطرية‪ ،‬والمتعة الحلل‪.‬‬
‫ولما أصابت عقول المسلمين باطلعهم على‬
‫ثقافات غير المسلمين فى الغرب‪ ،‬أصابتهم الفجيعة‬
‫والخجل الفطرى للنتكاسة النسانية فى الممارسات‬
‫الجنسية بين الرجل والمرأة‪ ،‬بل بين الرجل والرجل‪،‬‬
‫والمرأة والكلب والقرد‪ ،‬فأمام هذه الوقاحات الجنسية‪،‬‬
‫والممارسات العلنية‪ ،‬واللفاظ والمصطلحات‬
‫المستقبحة‪ ،‬أغلق المسلمون عيونهم عن كل ما هو‬
‫‪66‬‬
‫سوءاْتهم‪ ،‬فإخذوا يخصفون‬ ‫جنس وكأنما انتكشفت َ‬
‫عليها من ورق الوهام والجهل واحتقار الجنس‪ ،‬ولم‬
‫يبصروا فارق الثقافة والدين والتاريخ‪ .‬إن الغرب ارتد‬
‫ن فِي‬ ‫خلَقْنَا اْلِن ْ َ‬
‫سا َ‬ ‫عن الدين فانتكست فطرته ﴿ لَقَد ْ َ‬
‫ن ﴾ [ التين‪]5،4 :‬‬ ‫س َف َ‬ ‫َ‬ ‫ن تَقْوِيم ٍ ث ُ َّ‬ ‫َ‬
‫سافِلِي َ‬ ‫ل َ‬ ‫م َردَدْنَاهُ أ ْ‬ ‫س ِ‬ ‫ح َ‬ ‫أ ْ‬
‫َ‬
‫ولم يلتفتوا إلى قوله تعالى‪ :‬ذفى الية التالية ﴿ إ ِ ّل‬
‫َ‬
‫ت ﴾ [ التين‪ .]6 :‬إنه بدين‬ ‫حا ِ‬ ‫ملُوا ال َّ‬
‫صال ِ َ‬ ‫منُوا وَعَ ِ‬‫نآ َ‬ ‫ال ّذِي َ‬
‫السلم‪ ،‬دين الفطرة‪ ،‬يسعد النسان‪ ،‬ذكر أو أنثى‪،‬‬
‫ل‬‫م َ‬‫ن عَ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫وتطيب الحياة باتباع الدين والستقامة عليه ﴿ َ‬
‫حيَاة ً طَيِّب َ ً‬ ‫َ ُ‬
‫ة‬ ‫ه َ‬ ‫حيِيَن َّ ُ‬‫ن فَلَن ُ ْ‬‫م ٌ‬‫مؤ ْ ِ‬‫ن ذ َكَرٍ أوْ أنْثَى وَهُوَ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫حا ِ‬ ‫صال ِ ً‬‫َ‬
‫﴾ [النحل‪ .]97 :‬وكثير من الناس يعتبرون الحديث فى‬
‫مثل هذه الموضوعات من العيب‪ ،‬بل قد يحرمه‬
‫البعض‪ ،‬مما قد يؤدى إلى الحصول على المعلومات‬
‫عنها من مصادر تؤدى إلى النحراف‪ ،‬لن مجتمعنا لم‬
‫يعد كالمجتمعات القديمة الهادئة‪ ،‬إنما أصبح مجتمعاً‬
‫تنهال عليه من كل ناحية‪ ،‬المثيرات والمهيجات‬
‫الجنسية‪ ،‬فالقنوات الفضائية الباحية‪ ،‬والفلم‪ ،‬والصور‪،‬‬
‫والمجلت الخليعة‪ ،‬وصحبة غير السوياء من الصحاب‪،‬‬
‫تبقى مصدرا ً خطرا ً للثقافة الجنسية‪ ،‬وسبيل ً سهلً‬
‫للنحراف والشذوذ الجنسى‪.‬‬
‫واعتقاد البعض أن الثقافة الجنسية‪ ،‬والتربية‬
‫الصحية الجنسية تتعارض مع الدين‪ ،‬أو ل تتناسب‬
‫جع على‬ ‫ومجتمعاتنا الشرقية والسلمية‪ ،‬أو أنها تش َّ‬
‫ُ‬
‫الباحة والتَّفل ّت الخلقى‪ ،‬كل هذا غير صحيح‪ ،‬فقد علمنا‬
‫أن السلم تناول هذه الموضوعات بمنطق علمى‬
‫ودينى وأخلقى‪ ،‬والحديث عن الغرائز وإروائها‪ ،‬وعن‬
‫‪67‬‬
‫وظائف الجسم وأعضائه بما فى ذلك الوظيفة الجنسية‬
‫والعضاء التناسلية‪ ،‬هى من العلوم النسانية والعمال‬
‫ضع‬‫المرضية شرعاً‪ ،‬ومن غير حرج أو تحقير لها‪ ،‬فَوَ ْ‬
‫ستار ثقيل من الهمال أو الصمت أو الحراج هو من‬
‫صنع الجهل بالدين وفنون الحياة النسانية وحقائق‬
‫الحياة‪ .‬ولكن المر يحتاج إلى لغة هادئة ومنطقية بعيدة‬
‫عن الثارة والبتذال‪ ،‬ودون قلق أو خوف مبالغ فيه‪،‬‬
‫وبحسب المقام والحاجة نظرا ً لحساسية الموضوع‬
‫ودقته واحتمال سوء فهمه من الخرين‪ ،‬ومواجهة‬
‫المواقف بنضج ومسئولية وثقافة علمية صحيحة ودون‬
‫هروب أو إغفال‪ ،‬أو إفراط أو تفريط‪.‬‬
‫والموضوعات التى يمكن طرحها ضمن الثقافة‬
‫الجنسية والتربية الصحية منها‪ :‬الجوانب التشريحية‬
‫لجسم النسان والعضاء التناسلية‪ ،‬وموضوع البلوغ‬
‫ومظاهره بالنسبة للنثى والذكر‪ ،‬وموضوع الحمل‬
‫والولدة‪ ،‬وموضوع النحرافات الجنسية‪ ،‬وكل ما يتعلق‬
‫بفقه الطهارات والحيض والنفاس‪ ،‬وموضوع الممارسة‬
‫الجنسية ومشكلتها‪ ،‬وموضوع اليذاء الجنسى للصغار‪،‬‬
‫وموضوع التحرش الجنسى والشذوذ‪ ،‬وموضوع الثارة‬
‫سحاق‪،‬‬ ‫الجنسية ومراحلها‪ ،‬وموضوع العادة السرية وال َّ‬
‫وموضوع الجابة عن أسئلة الصغار ومتى يُفاتحون فى‬
‫هذه المور‪ .‬وكل هذه الموضوعات تؤكد الحاجة إلى‬
‫طرح هذا الموضوع وأنه ل غنى عن الحديث فيه بما‬
‫يضمن الحد ّ من الجهل وعواقبه من جهة‪ ،‬ومن الفساد‬
‫والباحية من جهة أخرى‪.‬‬
‫كيف تُفاتح الصغار‬
‫والمراهقين بالموضوع؟‬
‫‪68‬‬
‫يقول الدكتور محمد هيثم الخياط وهو أستاذ فى‬
‫كليات الطب وعضو فى كل مجامع اللغة العربية وبارع‬
‫فى الفقه ومدير البرنامج العربى فى المنظمة الصحية‬
‫العالمية‪ ،‬يقول‪ :‬الطفل ينشأ إنسانا ً عاديا ً ل يميز بين‬
‫عضو وعضو من اعضاء الجسم‪ ،‬ول بين جهاز وجهاز‬
‫وهو فى أثناء محاولة تعرفه على الشياء فى العالم من‬
‫حوله يحاول أن يلمس كل شئ‪ ،‬ويبعث بكل شئ‪،‬‬
‫ويستعمل حواسه فى معرفة كل ما حوله‪ ،‬ومن جملة‬
‫ما يحاول أن يتعرف عليه أعضاؤه التى نسميها العضاء‬
‫التناسلية‪ ،‬فيمر بها مرور الكرام كما يمر بغيرها من‬
‫العضاء‪ ،‬ول تحدث لديه أى أمر يمكن أن يف َّ‬
‫سر‬
‫تفسيرا ً آخر‪ ،‬لنه لم يصل بعد إلى معرفة هذه الشياء‬
‫هى هذه المرحلة‪ ،‬ولكن كثيرا ً من الوالدين يخشون‬
‫على أطفالهم فينهرون أطفالهم أو يركزون على هذه‬
‫النقطة‪ ،‬فيتلقى الطفل هذه الرسالة تلقيا ً خاطئاً‪،‬‬
‫ويشعر ان هناك شيئا ً خاصا ً بهذه العضاء يجب ان‬
‫يكون محذوراً‪ ،‬وعند ذلك يبدأ بالتركيز عليها تركيزاً‬
‫خاطئا ً مخيفاً‪ ،‬والصل أن يتركوه يمارس اسلوبه‬
‫العادى لنه ل ينظر إلى هذه العضاء نظرة خاصة ول‬
‫يعاملها معاملة خاصة‪ ،‬فهو يتعامل معها مثلما يتعامل‬
‫مع أذنه وأنفه وفمه‪ ،‬ولو أن الوالدين استطاعوا أن‬
‫يصرفوا نظره وانتباهه إلى اللعب بأشياء أخرى أو‬
‫التسلية باللعب قد يكون حسناً‪ ،‬إنما بشكل ل يشعره‬
‫أن هذه العضاء يجب تجنبها‪ ،‬أو أن ينهروه‪ ،‬أو يقولوا ل‬
‫تفعل هذا عيب‪ ،‬فإن ذلك يجعل الطفل الصغير يركز‬
‫عليها ونظر إليها نظرة قلق وإحراج‪ .‬ويقول أيضاً‪:‬‬
‫ميات العضاء التناسلية وطلب الصغير أن‬ ‫قضية مس َّ‬
‫يعرف أسماءها ويسأل عنها‪ ،‬فالفضل أن يتعارف‬
‫‪69‬‬
‫البوان على تسميات خاصة لهذه العضاء‪ ،‬فيذكرانها‬
‫بهذه السماء دون إبداء الحرج فيتحدث عنها الطفل‬
‫بهذه المسميات ول تشكل حرجا ً فى الحقيقة‪.‬‬
‫متى نبدأ تربية الطفل جنسياً‬
‫يقول الدكتور هيثم الخياط‪ :‬الحقيقة أن الطفل يبدأ‬
‫بإثارة هذه المور لمحاولة التَّعُّرف على كل ما يشاهده‪،‬‬
‫ومن أجل ذلك يكثر من السئلة عن كل ما يتعرف عليه‬
‫مما حوله‪ ،‬لماذا لمه ثدى وهو ليس ثدى مثلها؟ لماذا‬
‫بعض الرجال فى وجوههم شعر وغيرهم ليس فيه‬
‫شعر؟ لماذا ترضع الم ولدها ول يرضعه الب؟ وهكذا‬
‫مما شابه ذلك‪،‬فهذه السئلة وأمثالها بالنسبة للصغير‬
‫عادية كما يسأل عن غيرها من المور‪ .‬فيجب على أى‬
‫من الوالدين أل يظهر امتعاضا ً أو قلقا ً أو حرجاً‬
‫وبأسلوب بسيط يجيب على اى سؤال‪ ،‬ويجب أن يُجاب‬
‫الصغير عن كل سؤال‪ ،‬إجابة تصرفه وتقنعه‪ ،‬وإل‬
‫ستبقى لديه الفكرة غامضة وترتكز فى شعوره‬
‫وتتضخم هذه الفكرة وتكون لها عواقب غير صحية‪،‬‬
‫وليس من الضرورى أن تكون الجابة تفصيلية جداً‪،‬‬
‫ولكن يجب أن يتلقى إجابة عن السؤال حين يسأل‪،‬‬
‫فمثل ً لماذا الم ترضع؟ فيقال‪ :‬لن الله خلق الم لها‬
‫ثدى والب ل ثدى له‪ ،‬وهذا فى حد َّ ذاته يكفى للصغير‬
‫ويصرفه عن الهتمام بهذا المر‪ ،‬وإذا سأل الصغير مثلً‪:‬‬
‫من أين جئت؟ كيف ولدت؟ لماذا يتزوج الرجل‬
‫والمرأة؟ فيقال له مثلً‪ :‬لقد خلقك الله فى بطن أمك‬
‫ثم أخرجك إلينا‪ ،‬ثم نشرح له كيف أن الكائنات الخرى‬
‫كالزهار مثلً‪ ،‬نلحظ أن هذه الزهور الجميلة وكيف‬
‫جمالها وألوانها‪ ،‬ثم نريه أعضاءً فيها ونقول له‪ :‬إن هذا‬
‫جزء مذكر وهذا جزء مؤنث‪ ،‬والله خلقهما ويجب أن‬
‫‪70‬‬
‫يتلقى هذان الجزءان من أجل أن يتم تكوين وتوليد‬
‫كائن جديد هو نبات جديد بشكل بذرة‪ ،‬ونشرح له كيف‬
‫تشكل البذرة‪ ،‬ثم كيف تتوالد ومن أين أتت‪ ،‬ثم بعد‬
‫ذلك نترقى إلى موضوع توالد الكائنات‪ ،‬كل الكائنات‪،‬‬
‫مثل الحيوانات‪ ،‬فمثل ً القطة فى البيت تلد الصغار مثل‬
‫خلَقْنَا‬
‫يءٍ َ‬ ‫ن ك ُ ِّ‬
‫ل َ‬
‫ش ْ‬ ‫النسان وهكذا‪ ،‬والله يقول ﴿ وَ ِ‬
‫م ْ‬
‫ن ﴾ [االذاريات‪ ] 49 :‬وينبغى أن نشرح له بوضوح‬ ‫جي ْ ِ‬
‫َزوْ َ‬
‫وبشكل هادئ وعادى حتى يشعر أن هذا المر طبيعى‪،‬‬
‫وليس فيه ما يثير شيئا ً غير طبيعى عنده‪ ،‬وهكذا كل‬
‫السئلة نربطها بما حوله من مكونات الحياة حتى‬
‫يتلقى الجابة عن أسئلته بشعور طبيعى‪ ،‬وإذا سأل‬
‫الطفل عن هذه المور فى حضور الضيوف وغيرهم‬
‫لننهره بل نقول له‪ :‬سوف نحدثك عنه فيما بعد‪ ،‬ثم‬
‫نحدثه عنه فى وقت مناسب حتى إذا لم يفاتحنا فيه‪.‬‬
‫فى أى عمر للصغير نفاتحه؟!‬
‫طالما وجب على الوالدين تعليم الصغير الدين‪ ،‬يجب‬
‫أن يُعلمه الوالدين أمور الطهارة والستنجاء‪ ،‬وبل حرج‬
‫نذكر له طهارة الدُّبر بعد الغائط وطهارة القبل بعد‬
‫البول‪ ،‬بمثل ما نعلمه غسل الوجه واليدين‪ ،‬وإزارة‬
‫النجاسة عن الجسم والملبس حتى يألف ويعتاد هذه‬
‫الموضوعات التى يؤديها كل الناس‪ .‬وإذا اكثر الطفل‬
‫من التساؤلت عن هذه المسائل فل نزجره ونجيبه‪ ،‬بل‬
‫هذا دليل على إعمال العقل وارتفاع الذكاء لديه‪،‬‬
‫والطفل الذى يسال ربما يكون هذا دليل ً على تأخر‬
‫نموه العقلى‪ .‬والفضل إذا لم يسأل الصغير أن يبادر‬
‫البوان بشرح هذه المسائل خاصة إذا وجدت بعض‬
‫الوسائل التعليمية والصور‪ ،‬ويقول علماء التربية‪:‬‬
‫‪71‬‬
‫الفضل أن تقوم الم بالشرح والجابة للناث‪ ،‬وأن‬
‫يقوم الب بالشرح للذكور‪ ،‬وإل فيقوم بذلك القدر‬
‫منهما أو القرب قبول ً منهما‪ .‬وإذا ذهب الصغار إلى‬
‫المدرسة فإن كتب الدراسة فيها شرح لكثير من هذه‬
‫الوضاع‪ ،‬ونستفيد بذلك بحجة شرح دروس المدرسة‬
‫لهم‪ .‬ويجب أن يكون الشرح واضحا ً ومفصل ً وليس فى‬
‫ذلك حرج أو خروج عن الحياء‪ ،‬فالحياء ل يمنع من‬
‫مى بالخجل المرضى‪،‬‬ ‫العلم‪ ،‬والذى يمنع هو ما يُس َّ‬
‫شعبة من اليمان‪ ،‬وقد‬‫فالحياء ل يأتى إل بالخير وهو ُ‬
‫مّر بنا من الحاديث ما يشفى ويقنع‪ .‬وقد ذكر القرآن‬
‫لفظ الشهوة‪ ،‬وحب النساء‪ ،‬وحيض النساء‪ ،‬وإتيان‬
‫النساء‪ ،‬وحملهن وإرضاعهن وطهارتهن‪ ،‬وكذلك شرح‬
‫النبى ‪ r‬بوضوح وصراحة تعليمية وبألفاظ صريحة كل‬
‫ما يتعلق بالحيض والطهارة والجماع والستمتاع‬
‫والمؤانسة والملعبة بين الرجال والنساء‪ ،‬فكلمة‪:‬‬
‫الحيض ـ الشهوة ـ الجماع ـ القبلة ـ الفرج ـ الدبر ـ‬
‫الغتسال ـ وغير ذلك ليست كلمات يُستحى منها طالما‬
‫كانت فى مناسبتها أو كانت سؤال ً أو جوابا ً عن سؤال‪.‬‬
‫ومرجعيتنا السلمية تضع لنا حدودا ً عند الممارسة أو‬
‫الحديث عن الجنس ولعل استخدام لفظ ـ الجنس ـ‬
‫وتعبيره عن أغراض يمارسها أهل الغرب غير‬
‫المسلمين‪ ،‬قد القت ظلل ً من الريب وسوء القصد عند‬
‫الحديث عن تلك المسائل الدينية عندنا‪ ،‬فنحن نشارك‬
‫غيرنا فى الفطرة النسانية ولكن لنا مرجعيتنا الدينية‬
‫المقيدة بضوابط وآداب الشرع‪ ،‬ولكنهم هناك ل ضابط‬
‫عندهم فى هذه المسائل‪ .‬فالسلم قد احترم ممارسة‬
‫الفطرة لحاجات الفطرة‪ ،‬فشرع لها حدودا ً وآداباً‬
‫يراعيها المسلمون‪ ،‬فمثل ً قد وضع نظام الستئذان‬
‫‪72‬‬
‫ثلث مرات فى اليوم والليلة للطفال عند الدخول على‬
‫والديهم الذين يعيشون معهم فى بيت واحد‪ ،‬تماما ً كما‬
‫تكلم عن الكل فى البيوت‪ ..‬وهكذا فى سائر المور‪،‬‬
‫كما علمنا ذلك من القرآن والحاديث التى مرت بنا‪.‬‬
‫الحديث مع الشباب‬
‫والمراهقين‬
‫لقد خاطب النبى ‪ r‬الشباب فقال‪ " :‬يا معشر‬
‫الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج" ومن معانى‬
‫الباءة‪ :‬القدرة على الجماع‪ ،‬فقد ذكر الحديث فى‬
‫تمامه‪" :‬فمن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه أحصن‬
‫للفرج وأغض للبصر" أى أن الصوم يقطع أو يخفف من‬
‫شهوة الجماع‪ ،‬فأمر النبى ‪ r‬الشباب بالزواج لرواء‬
‫شهوة الجماع‪ ،‬فمن لم يجد فعليه باتباع طريق مشروع‬
‫آخر وهو الصوم حتى يتمكن بعد ذلك من الزواج‬
‫الشرعى‪ .‬فيجب أل يترك الشباب بدون تعليم أو توجيه‪،‬‬
‫وحتى ل يضطر أن يتعلم هذه المعلومات من أقران‬
‫السوء ومن القنوات الفضائية التى تبث باللغة العربية‬
‫مدبلجة عارية‪ ،‬ويكون قد سبق السيف العذل‪ ،‬فل‬ ‫أفلم ُ‬
‫ننتظر حتى يأخذ الشباب والشابات صورا ً مشوهة عن‬
‫الجنس‪ ،‬فيجب أن تُعطى هذه المعلومات من الثقافة‬
‫الجنسية فى مرحلة ما قبل مرحلة المراهقة والبلوغ‪،‬‬
‫لنه سوف يفاجأ بأنه يقوم صباحا ً فيجد ملبسه مبللة‪،‬‬
‫أو تفاجأ الفتاة عندما تقوم صباحا ً فتجد ملبسها مبللة‬
‫بالدم‪،‬فيجب التعليم قبل هذه السن‪ ،‬وأفضل أسلوب‬
‫هو الحديث فى الدروس الدينية فى المدارس‬
‫والمساجد‪ ،‬لن ذلك يكون بطريقة تلقائية‪ ،‬أو يكون‬
‫‪73‬‬
‫ذلك بواسطة الوالدين عند شرح الطهارة للصلة‪،‬‬
‫ويجب أن تُعطى هذه الدروس بجدية وطهارة ونقاء‪.‬‬
‫حدود ما يلزم أمام الولد‬
‫من جملة المور العادية أنه ينبغى للولد أن ينشئوا‬
‫على اعتياد رؤية المشاعر العاطفية العادية بين‬
‫الوالدين دونأن يصلوا إلى مرحلة العملية الجنسية‪،‬‬
‫فعلى الوالدين أن يتصرفوا بلباقة وتلقائية بأن يألف‬
‫الولد أن يقبل أخد الوالدين الخر كما يقبل الوالد أى‬
‫منهم‪ ،‬وبأن يمدح أحدهما الخر لجمال ملبسه أو‬
‫طريقته فى تصفيف الشعر أو وضع الم لزينتها فى‬
‫البيت‪ ،‬وبأن تلبس الم لزوجها ملبس الغراء العادية‬
‫دون أن تبدى منها العورة‪ ،‬أو تبدى تبذل ً فى سلوكها‬
‫أمامه‪ ،‬وخاصة أمام المراهقين من الولد‪ ،‬وبذلك‬
‫يستمتع الزوجان معا ً ومع الولد بل حرج وتضييق‪،‬‬
‫وحتى يتعود الولد ذلك بعد زواجهم مع أزواجهم‪ .‬كما‬
‫يحسن أن تمارس العملية الجنسية بعيدا ً عن إحساس‬
‫وعلم الولد‪ ،‬الصغار منهم والكبار‪ ،‬لن الصغير يتصور‬
‫أن ذلك اعتداءا ً على أمه كأنه يضربها‪ .‬ولذلك بيَن‬
‫القرآن العظيم مواعيد التَّغيب عن أنظار الولد خلل‬
‫النهار والليل‪ ،‬وأوجب تليمهم آداب الستئذان على‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫منُوا‬‫نآ َ‬ ‫الوالدين عند ذلك‪ ،‬فقال تعالى‪ ﴿ :‬يَا أيُّهَا ال ّذِي َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫حل ُ َ‬
‫م‬ ‫م يَبْلُغُوا ال ْ ُ‬ ‫ن لَ ْ‬‫م وَال ّذِي َ‬ ‫مانُك ُ ْ‬
‫ت أي ْ َ‬ ‫ملَك َ ْ‬
‫ن َ‬ ‫م ال ّذِي َ‬‫ستَأذِنْك ُ ُ‬ ‫لِي َ ْ‬
‫ن‬
‫ضعُو َ‬ ‫ن تَ َ‬ ‫حي َ‬ ‫جرِ وَ ِ‬ ‫صَلةِ ال ْ َف ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ن قَب ْ ِ‬‫م ْ‬‫ت ِ‬ ‫مَّرا ٍ‬ ‫م ثََل َ‬
‫ث َ‬ ‫منْك ُ ْ‬‫ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫ت‬ ‫ث ع َوَْرا ٍ‬ ‫شاءِ ث َل ُ‬ ‫صلةِ العِ َ‬ ‫ن بَعْد ِ َ‬ ‫م ْ‬‫ن الظهِيَرةِ وَ ِ‬ ‫م َ‬‫م ِ‬ ‫ثِيَابَك ْ‬
‫م ﴾ [النور‪ .] 58 :‬فكما يجب ستر العورة أمامهم‬ ‫لَك ُ ْ‬
‫يجب ستر الوقت الذى يعتاد فيه الجماع‪ ،‬ولذلك أيضاً‬

‫‪74‬‬
‫قال النبى ‪" :r‬احفظ عورتك إل عن زوجتك" فينبغى أن‬
‫ل يُرى أحد البوين عاريا ً أمام الولد‪ ،‬أو مجامعاً‬
‫لزوجته‪ ،‬وبرغم أن الحاديث أثبتت قيام النبى ‪r‬‬
‫بالغتسال مع زوجته‪ ،‬إل أن قيام البوين بالغتسال معاً‬
‫أمام الولد يثير كوامن عندهم يحسن البتعاد عنها‪.‬‬
‫توجيهات نبوية للسيطرة على جماع‬
‫الشهوة‬
‫‪-1‬عن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه قال‪:‬‬
‫قال رسول الله ‪ ،r‬يعنى عن ربه عز وجل‪" :‬‬
‫النظرة سهم مسموم من سهام إبليس‪ ،‬من‬
‫تركها من مخافتى أبدلتُه إيمانا ً يجد حلوته فى‬
‫قلبه" رواه الطبرانى والحاكم وقال‪ :‬صحيح‬
‫السناد‪.‬‬
‫‪r‬‬ ‫‪-2‬عن أبى أمامة رضى الله عنه عن النبى‬
‫قال‪" :‬ما من مسلم ينظر إلى محاسن امرأة‪،‬‬
‫ثم يغ َّ‬
‫ض بصره إل أحدث الله له عبادة يجد‬
‫حلوتها فى قلبه" رواه أحمد والطبرانى‬
‫والبيهقى‪.‬‬
‫‪-3‬عن عبادة بن الصامت رضى الله عنه أن‬
‫النبى ‪ r‬قال‪" :‬اضمنوا لى ستا ً من أنفسكم‬
‫أضمن لكم الجنة‪ :‬اصدقوا إذا حدّثتم‪ ،‬وأوْفوا‬
‫إذا وعدتم‪ ،‬وأدُّوا المانة إذا ائتمنتم‪ ،‬واحفظوا‬
‫ضوا أبصاركم‪ ،‬وكفُّوا أيديكم"‬
‫فروجكم‪ ،‬وغ ُّ‬
‫رواه أحمد وابن حبان فى صحيحة والحاكم‪.‬‬

‫‪75‬‬
‫‪-4‬عن على بن أبى طالب ـ رضى الله عنه ـ أن‬
‫النبى ‪ r‬قال له‪" :‬ياعلى‪ ،‬لتُتْبع النظرةَ‬
‫النظرةَ‪ ،‬فإنما لك الولى‪ ،‬وليست لك الخرة"‪.‬‬
‫رواه أحمد والترمذى وأبو داود‪.‬‬
‫‪-5‬وعن جرير رضى الله عنه قال‪" :‬سألت رسول‬
‫صرف‬‫الله ‪ r‬عن نظرة الفُجاءة‪ ،‬فقال‪ :‬ا ْ‬
‫بصرك" رواه مسلم وأبو داود والترمذى‪.‬‬
‫‪r‬‬ ‫‪-6‬عن أبى هريرة رضى الله عنه عن النبى‬
‫ب على ابن آدم نصيبه من الزنا‪ ،‬فهو‬ ‫قال‪" :‬كُت ِ َ‬
‫مدرك ذلك ل محالة‪ ،‬العينان زناهما النظر‪،‬‬
‫والذنان زناهما الستماع‪ ،‬واللسان زناه‬
‫الكلم‪ ،‬واليد زناها البطش‪ ،‬والَّرجل زناها‬
‫خطى‪ ،‬والقلب يهوى ويتمنّى‪ ،‬ويصدَّق ذلك‬ ‫ال ُ‬
‫الفرج أو يكذبه" رواه البخارى ومسلم وأبو‬
‫داود والنسائى‪ ،‬وفى رواية لمسلم وأبى داود‪:‬‬
‫م يزنى فزناه القُبَل"‪.‬‬ ‫" والفَ ُ‬
‫‪-7‬عن أبى سعيد الخدرى رضى الله عنه قال‪:‬‬
‫قال رسول الله ‪ " : r‬ما من صباح إل وملكان‬
‫ل للرجال من النساء‪ ،‬ووي ْ ٌ‬
‫ل للنساء‬ ‫يناديان‪ :‬وي ْ ٌ‬
‫من الرجال" رواه ابن ماجة والحاكم وقال‪:‬‬
‫صحيح السناد‪.‬‬
‫‪-8‬عن عائشة رضى الله عنها قالت‪ " :‬بينما‬
‫رسول الله ‪ r‬جالس فى المسجد إذ ْ دخلت‬
‫مزيْنَة تَْرفُل فى زينة لها فى‬
‫امرأة من ُ‬
‫المسجد‪ ،‬فقال النبى ‪ :r‬يا أيها الناس انْهو‬
‫‪76‬‬
‫ختُر فى‬‫نساءكم عن لُبْس الزينة والتَّب ْ‬
‫المسجد‪ ،‬فإن بنى إسرائيل لم يُلعنوا حتى‬
‫لبس نساؤهم الزينة وتبختروا فى المساجد"‪.‬‬
‫رواه ابن ماجة‪.‬‬
‫‪-9‬عن عقبة بن عامر رضى الله عنه أن رسول‬
‫َ‬
‫الله ‪ r‬قال‪ " :‬إيا ّكم والدخول على النساء‪،‬‬
‫م؟ قال‪:‬‬
‫ح ُ‬
‫فقال رجل من النصار‪ :‬أفرأيت ال َ‬
‫م الموت" رواه البخارى ومسلم والترمذى‪،‬‬ ‫ح ُ‬
‫ال َ‬
‫ورواه المنذرى وقال‪ :‬معنى الكراهة فى‬
‫الدخول على النساء‪ ،‬على نحو ما روى عن‬
‫ن رجل بامرأة إل كان‬ ‫النبى ‪ r‬قال‪" :‬ل يخلوَ ّ‬
‫من‬‫م هو أبو الزوج و َ‬
‫ثالثهما الشيطان" والح ُ‬
‫أولى به كالخ والعم وابن العم ونحوهم‪ ،‬وهذه‬
‫القرابة تدعو إلى الختلط مع الطمأنينة‬
‫فيؤتى الحذِر من مكمنه‪ ،‬فالشر‪ ،‬إذا خل‬
‫القارب بالزوجة لتمكنه من الوصول بل ريبة‬
‫من المجتمع‪ ،‬يتوقع منه فتكون الفتنة‪.‬‬
‫‪ -10‬عن ابن عباس رضى الله عنهما أن رسول‬
‫الله ‪ r‬قال‪" :‬ل ي ْ‬
‫خلُوَ ّ‬
‫ن أحدكم بامرأة إل مع ذى‬
‫حرم"‪ .‬رواه البخارى ومسلم‪.‬‬ ‫م ْ‬
‫َ‬
‫‪ -11‬عن معقل بن يسار رضى الله عنه قال‪ :‬قال‬
‫رسول الله ‪ " :r‬لَن يُطْعن فى رأس أحدكم‬
‫خيَط من حديد خير له من أن يمس امرأة ل‬ ‫بم ْ‬
‫تحل له"‪ .‬رواه الطبرانى والبيهقى ورجال‬
‫ححه اللبانى‪.‬‬
‫الطبرانى رجال الصحيح وص ّ‬

‫‪77‬‬
‫عن أبى أمامة رضى الله عنه عن رسول الله‬ ‫‪-12‬‬

‫‪ r‬قال‪" :‬إيَّاك والخلو بالنساء‪ ،‬والذى نفسى‬


‫بيده ما خل رجل بامرأة إل ودخل الشيطان‬
‫بينهما‪ ،‬ولَن يزحم رجل خنزيرا ً متلطخا ً بطين‬
‫أوْ حمأة خير له من أن يزحم منكبه منكب‬
‫امرأة ل تحل له"‪ .‬رواه الطبرانى‪.‬‬
‫وهكذا نرى منهج السلم‪ ،‬ل يمنع من حركة الحياة‬
‫التلقائية بين الرجال والنساء‪ ،‬ولكن فى إطار من‬
‫الصيانة والحفظ للجوارح‪ ،‬والحتياط من الشيطان‪.‬‬
‫فليس العيْب أن للناس أبصارا ً ينظرون بها‪ ،‬أو أن لهم‬
‫شهوات يرغبون بها‪ ،‬وإنما الشأن فى حفظ هذه‬
‫الجوارح والسيطرة على تلك الشهوات وتوجيهها فيما‬
‫أحل الله للناس وأباحه لهم‪ ،‬وصْرفها عن كل ما حّرم‬
‫الله ونهاهم عنه‪ .‬إن الفضائل تتحقّق فى المجتمع الذى‬
‫يتحكم الناس فيه فى شهواتهم ويتملكون فيه‬
‫جوارحهم‪ ،‬ولذلك يقبَّل الصائم زوجته طالما ملك إربْه‪،‬‬
‫وإن الرذائل تفشو فى مجتمع ل ضابط ول حكم دين‬
‫للغرائز فيه‪ ،‬وإن مجتمع المسلمين ل يصلحه إل دينهم‬
‫السلمى‪ ،‬ول تصلح له ثقافة الغرب المنطلق بغرائزه‬
‫يشبعها بل قيد أو دين‪.‬‬
‫تنظيم الشرع لشتهاء الجماع‬
‫قال العلماء‪ :‬إن قوة الشهوة عند الرجل أشد ّ منها‬
‫عند المرأة‪ ،‬ولذلك فإن المرأة غالبا ً هى المطلوبة من‬
‫الرجل‪ ،‬وقد أخبر الخالق سبحانه عن مثل هذا المعنى‬
‫سا ِء ﴾‬
‫ن الن ِّ َ‬ ‫ب ال َّ‬
‫ح ُّ‬ ‫فى قوله‪ُ ﴿ :‬زي ِّ َ َ‬
‫م َ‬
‫ت ِ‬
‫شهَوَا ِ‬ ‫س ُ‬
‫ن لِلن ّا ِ‬
‫[آل عمران‪ ] 14 :‬ولم نعلم انه قال‪ :‬من الرجال‪ .‬وقال‬
‫جمعت فى فرجه فهى‬ ‫العلماء أيضاً‪ :‬إن شهوة الرجل ُ‬
‫‪78‬‬
‫متركََّزة فيه‪ ،‬وأما بالنسبة للمرأة فإن مناطق‬
‫الحساسية عندها موزعة فى أماكن مثل الثدى والذن‬
‫ومواضع أخرى‪ ،‬فداعية الشهوة لقوتها عند الرجل‬
‫ودوام الرغبة عنده شرع له الدين أن تلبَّى زوجته كل‬
‫رغبة فى الجماع فى أى وقت حتى ل ينحرف بها عما‬
‫ل الله له‪ ،‬ولنه يستثار بالنظرة‪ ،‬وغالبا ً ل تستثار‬ ‫أح ّ‬
‫المرأة‪ ،‬إل بعد مقدمات‪ ،‬فقال ربنا عز وجل‬
‫ث لَك ُم فَأْتوا حرثَك ُ َ‬
‫م وَقَدِّ ُ‬
‫موا‬ ‫م أنَّى ِ‬
‫شئْت ُ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫حْر ٌ‬ ‫ساؤ ُك ُ ْ‬
‫م َ‬ ‫﴿ نِ َ‬
‫م ﴾ [البقرة‪ ] 223 :‬وحتى ل تستثار شهوة‬ ‫سك ُ ْ‬‫ِلَن ْ ُف ِ‬
‫الرجل نهاه الله عز وجل عن النظر للعورات‪ ،‬والختلء‬
‫بالنساء وغير ذلك‪ ،‬كما أدّب سبحانه الوزجات بأدب‬
‫سرعة الستجابة لهذا المطلب حتى يرد ما فى نفسه‪.‬‬
‫وقال رسول الله ‪ " :r‬إن المرأة تقبل فى صورة‬
‫شيطان وتدبر فى صورة شيطان‪ ،‬فإذا أبصر أحدكم‬
‫امرأة فليأت اهله فإن ذلك يرد ّ ما فى نفسه" رواه‬
‫مسلم‪ ،‬ولذلك عظّم السلم حق الزوج على المرأة‬
‫فى تلبية رغبته فى الجماع كما سنرى من الحاديث‪.‬‬

‫أدب السلم للزوجة لداء حق‬


‫الجماع للزوج‬
‫‪-1‬عن أبى هريرة رضى الله عنه قال‪ :‬قال‬
‫رسول الله ‪" :r‬إذا دعا الرجل امرأته إلى‬
‫فراشه فلم تأته‪ ،‬فبات غضبان عليها لعنتها‬
‫الملئكة حتى تصبح" رواه الخارى ومسلم وأبو‬

‫‪79‬‬
‫داود والنسائى‪ .‬وفى رواية للبخارى ومسلم‪:‬‬
‫"والذى نفسى بيده ما من رجل يدعو امرأته‬
‫إلى فراشه فتأبى عليه إل كان الذى فى‬
‫السماء ساخطا ً عليها حتى يرضى عنها"‪ .‬وفى‬
‫رواية للبخارى ومسلم والنسائى‪" :‬إذا باتت‬
‫المرأة هاجرة فراش زوجها لعنتها الملئكة‬
‫حتى تصبح"‪.‬‬
‫‪ -2‬عن طلْق بن على رضى الله عنه قال‪ :‬قال‬
‫رسول الله ‪" :r‬إذا دعا الرجل زوجته لحاجته‬
‫فلْتأته‪ ،‬وإن كانت على التَّنُّور" رواه الترمذى‬
‫والنسائى وابن حبان فى صحيحه‪ .‬والتنور‪:‬‬
‫ال ُفْرن‪.‬‬
‫‪r‬‬ ‫‪-3‬عن ابن أبى أوْفى رضى الله عنه عن النبى‬
‫قال‪" :‬والذى نفسى بيده ل تؤدَّى المرأة حق‬
‫ربها حتى تؤدى حق زوجها‪ ،‬ولو سألهانفسها‬
‫وهى على ظهر قَتَب لم تمنعْه" رواه ابن حبان‬
‫وابن ماجة والحاكم‪ ،‬ولفظه‪" :‬ول تجد امرأة‬
‫حلوة اليمان حتى تؤدَّى حق زوجها ولو سألها‬
‫نفسها وهى على ظهر قتب"‪ .‬وظهر القتب‪:‬‬
‫ظهر البعير‪.‬‬
‫‪-4‬عن أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول الله‬
‫‪ r‬قال‪" :‬ل يحل لمرأة أن تصوم وزوجها‬
‫شاهد إل بإذنه" رواه البخارى ومسلم‪ ،‬ومعنى‬
‫شاهد‪ :‬أى حاضر غير مسافر‪ ،‬وذلك حتى ل‬
‫يتعارض تطوّعها بالصيام مع حق الزوج فى‬
‫تلبية رغبته معها‪.‬‬
‫‪80‬‬
‫‪-5‬عن أنس رضى الله عنه قال‪ :‬قال رسول الله‬
‫ب إلى من دنياكم‪ :‬النساء‪ ،‬والطيب‪،‬‬ ‫‪ُ " :r‬‬
‫حب َّ َ‬
‫جعلت قرة عينى فى الصلة" رواه عبد الله‬ ‫و ُ‬
‫بن المام أحمد بن حنبل فى زوائد الزهد‪،‬‬
‫وزاد‪" :‬وأصبر عن الطعام والشراب ول أصبر‬
‫عنهن"‪ .‬والحديث رواه النسائى والطبرانى‪.‬‬
‫قال المام الحافظ ابن حجر العسقلنى فى فتح‬
‫البارى شرح البخارى‪ :‬كل من كان أتْقى لله كان أش َّ‬
‫د‬
‫شهوة‪ ،‬وقال القاضى أبو بكر بن العربى شيخ‬
‫القرطبى فى سراج المريدين‪ :‬قد آتى الله تعالى‬
‫َ‬
‫رسوله خصيصة عظمى وهى قل ّة المل والقدرة على‬
‫الجماع‪ ،‬فكان أقْنع الناس فى إلْفِهِ وتقْنِعُه العلقة‪،‬‬
‫وتشبعه الحَّزة‪ ،‬وكان اقوى الناس على الوطء‪ ،‬وقال‬
‫القاضى عياض‪ :‬النكاح متفق على التَّمدُّح بكثرته‬
‫والفخر بوُفُوره شرعا ً وعادة‪ ،‬فإنه دليل الكمال‬
‫وصحة الذكورية‪ ،‬ولم يزل التفاخر بكثرته عادة‬
‫معروفة‪ ،‬والتمدّح به سيرة ماضية‪ ،‬وأما فى الشرع‬
‫فسنّة مأثورة‪ ،‬حتى لم يره العلماء مما يقدح فى‬
‫ت عينيك‬ ‫الزهد‪ .‬انتهى‪ .‬وقال الغزالى‪ :‬لو حفظ َ‬
‫جنَيْد‪ :‬يقولون يُحتاج‬ ‫ت كثيراً‪ .‬وقال ال ُ‬
‫وفرجك لنكح َ‬
‫إلى النكاح كما يُحتاج إلى القوت؟ قلت‪ :‬فالزوجة‬
‫على التحقيق سبب طهارة القلب‪.‬‬
‫‪-6‬عن ابن مسعود رضى الله عنه قال‪" :‬خرج‬
‫من عند سوْدة بنت زمعة زوج‬ ‫‪r‬‬ ‫رسول الله‬
‫شوَّقَة قاعدة على‬ ‫النبى ‪ r‬فإذا امرأة ُ‬
‫م َ‬
‫الطريق رجاء أن يتزوّجها‪ ،‬فلما رآها رسول‬

‫‪81‬‬
‫سودة فقضى حاجته ثم‬ ‫ْ‬ ‫الله ‪ r‬رجع إلى زوجته‬
‫اغتسل‪ ،‬فخرج إلى أصحابه‪ ،‬فقال‪ :‬إنما‬
‫حبسنى عنكم امرأة عرضت لى فى الطريق‬
‫ت رجاء أن أتزوجها‪ ،‬فلما رأيتها‬ ‫شوَّقَ ْ‬‫قد ت َ َ‬
‫ت حاجتى‪ ،‬فمن رأى‬ ‫سودة قضي ْ ُ‬
‫ْ‬ ‫ت إلى‬ ‫رجع ُ‬
‫منكم امرأة تعجبه فليرجع إلى زوجته‪ ،‬فإن‬
‫الذى مع زوجته مثل الذى معها"‪ .‬وفى رواية‬
‫عند المام أحمد والطبرانى‪ .‬فانظر هدانا‬
‫وإياك رب العالمين إلى هذا الطهر البشرى‬
‫الواقعى والتوجيه النبوى الَبوِىّ والصدق فى‬
‫التبليغ!! ثم لحظ قول النبى ‪ " :r‬وكذلك‬
‫فافعلوا فإنه لمن أماثل أعمالكم إتيان‬
‫َ‬
‫الحلل"‪ .‬فَتَتَعل ّم أن الشهوة بشريّة ل عيب‬
‫فيها إل إذا كانت فى حرام‪ ،‬وأما بشرية‬
‫وشهوة فى التحلل فهى صدقة ودين وأجر‪،‬‬
‫ثم انظر بساطة الحديث فى هذه المور‬
‫وكيف تدار بين الصحاب طالما أنها دللة على‬
‫العلم والتعليم والتوجيه!!‪.‬‬
‫فعن أبى هريرة رضى الله عنه عن النبى ‪ r‬أنه قال‪:‬‬
‫"إن الله ليعجب من مداعبة الرجل زوجته‪ ،‬ويكتب لهما‬
‫بذلك أجراً‪ ،‬ويجعل لهما بذلك رزقا ً حللً "‪ .‬رواه البرهان‬
‫الهندى فى كنز العمال‪ ،‬ورواه ابن عدى‪ ،‬وابن لل‪.‬‬
‫‪r‬‬ ‫وعن أبى سعيد الخدرى رضى الله عنه أن النبى‬
‫قال‪" :‬إذا نظر الرجل إلى امرأته ونظرت غليه نظر‬
‫الله تعالى إليهما نظرة رحمة‪ ،‬فإذا أخذ بكفَّيها‬
‫تساقطت ذنوبهما من خلل أصابعهما"‪ .‬رواه البرهان‬
‫‪82‬‬
‫الهندى فى كنزل العمال‪ ،‬ورواه الرافعى فى تاريخه‪.‬‬
‫وعن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما أن رسول الله‬
‫ج شيطانه يقول‪ :‬يا ويله!!‬ ‫‪ r‬قال‪" :‬إذا تزوّج أحدكم ع َ َّ‬
‫عصم ابن آدم منى ثلثى دينه"‪ .‬رواه أيو يَعْلى‪ .‬وعن‬
‫معاذ بن جبل رضى الله عنه أن النبى ‪ r‬قال‪" :‬اتقوا‬
‫َ‬
‫الدنيا واتقوا النساء‪ ،‬فإن غبليس طلَّع رصا ّد وما هو‬
‫بشئ من فخوخه بأوْثق لصيده فى التقياء من النساء"‬
‫رواه الديلمى فى الفردوس‪.‬‬

‫الزوجة شريكة فى عملية‬


‫الجماع‬
‫إذا كان الرجل الذى يطلب الجماع وعلى الزوجة أن‬
‫تسارع فى تلبية رغبته‪ ،‬فهذا ل يعنى أنها مجرد قابل‬
‫ومعين على متعة الرجل فقط‪ ،‬بل هى شريكة فى‬
‫الستمتاع ولها حق فيه مثل الرجل‪ ،‬وعلى الرجل أن‬
‫يعطيها هذا الحق "وإن لزوجك عليه حقاً " فهى تستهى‬
‫الرجل كما هو يشتهى المرأة‪.‬‬
‫‪r‬‬ ‫‪-1‬عن أنس بن مالك رضى الله عنه عن النبى‬
‫أنه قال‪ " :‬إذا جامع أحدكم أهله فليصدقها‪ ،‬ثم‬
‫غذا قضى حاجته قبل أن تقضى حاجتها فل‬
‫يعاجلها حتى تقضى حاجتها" رواه أبو يعلى‬
‫وعبد الرزاق‪ ،‬وفى رواية عند أيو يعلى‪" :‬إذا‬
‫جامع أحدكم أهله فليصدقها‪ ،‬قإن سبقها فل‬

‫‪83‬‬
‫يعجلها"‪ .‬ومعنى يصدقها‪ :‬أى يكون محبا ً لها‬
‫راغبا ً فيها فيؤدى حق الزوجية بإخلص‪.‬‬
‫‪-2‬عن طلق بن على رضى الله عنه أن رسول‬
‫الله ‪ r‬قال‪" :‬إذا جامع أحدكم امرأته فل يَتَن َ َّ‬
‫ح‬
‫حتى تقضى حاجتها كما يحب أن يقضى‬
‫حاجته"‪ .‬رواه ابن عدى وسعيد بن منصور‪ .‬فما‬
‫َ‬
‫خلَقَ‬ ‫ن َ‬
‫م ْ‬ ‫أرحم شرع الله بالمرأة ﴿ أَل يَعْل َ ُ‬
‫م َ‬
‫َ‬
‫خبِيُر ﴾ [الملك‪ ] 14 :‬فقد قال‬ ‫وَهُوَ الل ّطِي ُ‬
‫ف ال ْ َ‬
‫َ‬
‫النبى ‪" :r‬فُضل ّت المرأة على الرجل بتسعة‬
‫وتسعين جزءا ً من اللذه‪ ،‬ولكن الله تعالى‬
‫شعب‬ ‫ألْقى عليهن الحياء"‪ .‬رواه البيهقى فى ُ‬
‫اليمان عن أبى هريرة رضى الله عنه‪.‬‬
‫وبالطبع فإن اللذة عند المرأة هى عند‬
‫الغْتِلم‪ ،‬ولكن الرجل أسرع منها استثارة وقد‬
‫مَّر بنا أنه يستثار بالنظرة أو اللمسة ولكن‬
‫المرأة تحتاج إلى مقدمات حتى تستثار فقد‬
‫م فَأْتُوا‬
‫ث لَك ُ ْ‬
‫حْر ٌ‬ ‫م َ‬‫ساؤ ُك ُ ْ‬ ‫قال الله تعالى﴿ ن ِ َ‬
‫حرثَك ُ َ‬
‫م ﴾‬ ‫موا ِلَنْفُ ِ‬
‫سك ُ ْ‬ ‫م وَقَدِّ ُ‬ ‫شئْت ُ ْ‬‫م أنَّى ِ‬
‫ْ‬ ‫َ ْ‬
‫[البقرة‪ :] 223 :‬وبلوغ المرأة إلى درجة‬
‫الغتلم أحظى للزوج وأعون على استثارته‪،‬‬
‫لذلك روى أنس رضى الله عن النبى ‪ r‬أنه‬
‫ة‪ ،‬عفيفة فى‬ ‫قال‪" :‬خير نسائكم العفيفة الغَلِم َ‬
‫فرجها غلمة على زوجها"‪ .‬رواه عبد الرزاق‬
‫فى مصنفه والديلمى فى الفردوس‪ .‬والغَلمة‬
‫هى التى تصل مع زوجها إلى نهاية التشوق‪.‬‬
‫‪84‬‬
‫‪-3‬عن أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول الله‬
‫‪ r‬قال‪ " :‬أَيَعجز أحدكم أن يجامع أهله فى كل‬
‫جمعة‪ ،‬فإن له أجريْن‪ :‬أجر غسله‪ ،‬وأجر غسل‬
‫شعب اليمان‬‫امرأته"‪ .‬رواه البهقى فى ُ‬
‫والديلمى فى الفردوس‪ .‬وسبحان الله‬
‫وبحمده أن جعل فى الغسل من الجنابة من‬
‫جماع أجرين‪ ،‬كما جعل الجماع نفسه صدقة‬
‫كما رأينا‪ ،‬فيمتَّع الله المؤمنين بالحلل‬
‫سل‪.‬‬‫ويأجرهم‪ ،‬وطوبى لمن اغتسل وغ َّ‬
‫‪-4‬عن جابر عبد الله رضى الله عنهما عن النبى‬
‫‪ r‬أنه‪" :‬نهى عن المواقعة قبل الملعبة"‪ .‬رواه‬
‫الخطيب البغدادى‪ .‬كما روى عنه أبو الشيخ‬
‫عن النبى ‪ r‬أنه قال‪" :‬من أدخل على أهل بيته‬
‫سرورا ً خلق الله من ذلك السرور خلْقاً‬
‫يستغفر له إلى يوم القيامة"‪ .‬فكم هى الرحمة‬
‫مع المودّة تكون بين الزوجين؟! وعن عبد الله‬
‫الوضاحى أن رجل ً قال‪" :‬يارسول الله إن لى‬
‫ت عليها قالت لى‪ :‬مرحباً‬ ‫امرأة إذا دخل ُ‬
‫بسيَّدى وسيّد أهل بيتى!! وإذا رأتنى حزيناً‬
‫ت أمر الخرة!!‬ ‫قالت‪ :‬ما يحزنك الدنيا وقد كُفي ِ َ‬
‫قال النبى ‪ :r‬أخبرها أنها عاملة من عمال الله‬
‫ولها نصف أجر المجاهد"‪ .‬رواه الخرائطى فى‬
‫مكارم الخلق‪.‬‬
‫‪-5‬عن ابن عمر رضى الله عنهما قال‪ " :‬خرج‬
‫عمر بن الخطاب فسمع امرأة تقول‪:‬‬
‫‪85‬‬
‫تطاول هذا الليل واسوَد َّ جانبه‬
‫وأَّرقنى أن ل حبيب أُلعبه‬
‫فوالله لول الله أنى أُراقبه‬
‫لحَّرك من هذا السرير جوانبه‬
‫ت زوجى‬ ‫‪ -6‬فقال عمر‪ :‬ومالك؟ قالت‪ :‬أغرب ْ َ‬
‫ت‬
‫ت إليه!! قال‪ :‬أرد ِ‬ ‫منذ أشهر وقد اشتق ُ‬
‫سوءاً ؟ قالت معاذ الله!! قال‪ :‬فاملكى عليك‬
‫نفسك فإنما هو البريد إليه‪ ،‬فبعث إليه‪ ،‬ثم‬
‫دخل على حفصة فقال‪ :‬إنى سائلك عن أمر‬
‫منى فافرجيه عنى‪ ،‬فكم تشتاق المرأة‬ ‫قد أهَ َّ‬
‫إلى زوجها؟ قخفضت رأسها واستحيت‪،‬قال‪:‬‬
‫فإن الله ل يستحيى من الحق‪ ،‬فأشارت بيدها‬
‫ثلثة أشهر‪ ،‬وإل فأربعة أشهر‪ ،‬فكتب عمر‪ :‬أل‬
‫حبَس الجيوش فوْق أربعة أشهر"‪ .‬رواه عبد‬ ‫تُ ْ‬
‫الرزاق والبيهقى‪.‬‬
‫شعبى قال‪" :‬جاءت امرأة إلى عمر بن‬ ‫‪-7‬عن ال ُ‬
‫الخطاب فقالت‪ :‬أشكو غليك خيَر اهل الدنيا‬
‫ل مثل عمله‪ ،‬يقوم‬ ‫م َ‬‫إل رجل ً سبقه بعمل أو عَ َ‬
‫الليل حتى يصبح‪ ،‬ويصوم بالنهار حتى يمسى‪،‬‬
‫ثم تَجلَّها الحياء فقالت‪ :‬أَقِلْنى يا أمير‬
‫المؤمنين!! فقال‪ :‬جزاك الله خيرا ً فقد‬
‫َ‬
‫أحسنت الثناء قد أَقَلْتُك‪ ،‬فلما وَل ّت قال كعب‬
‫ت إليك‬ ‫َ‬
‫بن سوْر‪ :‬يا أمير المؤمنين لقد أبلغَ ْ‬
‫الشكَوى!! فقال‪ :‬ما اشتكت؟ قال‪ :‬زوجها‪،‬‬
‫ى بالمرأة‪ ،‬فجاءت‪ ،‬فقال لها عمر‪:‬‬ ‫قال‪ :‬عل َّ‬
‫أَصدْقينى ول بأس بالحق!! فقالت‪ :‬يا أمير‬
‫المؤمنين إنى امرأةٌ لَشتهى ما تشتهى‬
‫ض بينهما فإنك قد‬ ‫النساء‪ ،‬فقال‪ :‬يا كعب اقْ ِ‬
‫‪86‬‬
‫ت من أمرها مالم أفهم‪ .‬قال‪ :‬فإن الله‬ ‫فهم َ‬
‫ن‬‫م َ‬ ‫ب لَك ُ ْ‬
‫م ِ‬ ‫ما طَا َ‬ ‫تعالى يقول‪ ﴿ :‬فَانْك ِ ُ‬
‫حوا َ‬
‫م‬
‫ص ْ‬ ‫ث وَُربَاعَ ﴾ [النساء‪ُ ] 3 :‬‬ ‫مثْنَى وَثَُل َ‬
‫ساءِ َ‬ ‫الن ِّ َ‬
‫ل‬ ‫م ثلث ليا ٍ‬ ‫ثلثة أيام‪ ،‬وأفطر عندها يوماً‪ ،‬وقُ ْ‬
‫ى‬
‫ت عندها ليلة‪ .‬فقال عمر‪ :‬لهذا أعجب إل َّ‬ ‫وَب ِ ْ‬
‫من الوَّل‪ ،‬فبعثه قاضيا ً لهل البصرة"‪ .‬رواه‬
‫ابن سعد فى الطبقات واليشكرى فى‬
‫اليشكريات‪ .‬ورواه عبد الرزاق وعنده‪" :‬فدعا‬
‫عمر زوجها وأمره أن يبيت معها من كل أربع‬
‫ل ليلة‪ ،‬ويفطر من كل أربعة أيام يوماً "‪.‬‬ ‫ليا ٍ‬
‫‪-8‬عن زيد بن أسلم قال‪ " :‬بلغنى أن عمر بن‬
‫الخطاب جاءته امرأة فقالت‪ :‬إن زوجها ل‬
‫يصيبها‪ ،‬فأرسل إلى زوجها فسأله فقال‪:‬‬
‫ت قوّتى‪ ،‬فقال عمر‪ :‬أتصيبها فى‬ ‫ت وذهب ْ‬ ‫كَبِْر ُ‬
‫كل شهر مّرة؟ قال أكثر من ذلك‪ ،‬فقال عمر‪:‬‬
‫فى كم؟ قال‪ :‬أصيبها فى كل طُهر مرة‪ ،‬قال‬
‫عمر‪ :‬غذهبى فإن فى هذا ما يكفى المرأة"‪.‬‬
‫رواه عبد الرزاق والهندى فى الكنز‪.‬‬
‫‪-9‬عن على بن أبى طالب رضى الله عنه أن‬
‫النبى ‪ r‬قال‪" :‬إن الله يحب المرأة الَملِقَ ُ‬
‫ة‬
‫ن عن غيره"‪ .‬رواه‬ ‫صا ُ‬
‫ح َ‬
‫ة مع زوجها ال َ‬‫زع َ ُ‬
‫الب َ ِ‬
‫الديلمى فى الفردوس وصاحب كنز العمال‪.‬‬
‫ومعنى الملقة‪ :‬التى تتناهى فى الزينة‬
‫والجمال‪ ،‬والبزعة‪ :‬الظريفة الكيَّسة‪ ،‬فهى مع‬
‫حلى وأجمل الحوال‪ ،‬متعفَّفَة عن‬ ‫زوجها فى أ ْ‬
‫غير زوجها‪.‬‬

‫‪87‬‬
‫∗ ل يليق بأى من الزوجين بعد الوطء أن يتباعد‬
‫عن صاحبه‪ ،‬وكأنه لم يعد له عنده مطلب‪ ،‬فيستحب‬
‫استكمال الستمتاع معا ً بالغتسال سويا ً فى الحمام مع‬
‫الملعبة والمداعبة وإبداء أن الشريك الخر ل يزال‬
‫مرغوباً‪ ،‬أما أن تنقطع الملطفات وتتباعد البدان‬
‫ويتظاهر الزوجان‪ ،‬فهذا شبيه بسلوك بعض الحيوان‪.‬‬
‫عن عائشة رضى الله عنها قالت‪" :‬ربما اغتسل رسول‬
‫َ‬
‫ى وأنا‬
‫متُه إل َّ‬
‫ض ْ‬ ‫الله ‪ r‬من الجنابة ثم جاء فاستدْفَأ ب ِ َ‬
‫ى فَ َ‬
‫لم أغتسل"‪ .‬رواه الترمذى وابن ماجة‪ .‬وعلق على‬
‫الحديث المام الترمذى بقوله‪ :‬وهذا قول غير واحد من‬
‫أهل العلم من أصحاب النبى ‪ r‬والتابعين‪ ،‬أن الرجل إذا‬
‫اغتسل فل بأس بأن يستدفئ بامرأته وينام معها قبل‬
‫أن تغتسل‪ ،‬وبه يقول‪ :‬سفيان الثورى‪ ،‬والشافعى‪،‬‬
‫وأحمد‪ ،‬وإسحاق‪ .‬انتهى‪ .‬وبوَب البخارى فى صحيحه‬
‫قال‪ :‬باب غسل الرجل مع امرأته‪ ،‬فروى عن عائشة‬
‫‪r‬‬ ‫رضى الله عنها قالت‪" :‬كنت اغتسل أنا ورسول الله‬
‫فى إناء واحد"‪ .‬وفى رواية "فأقول له دَع ْ لى‪ ،‬ويقول‪:‬‬
‫دَعى لى"‪ .‬إنها المؤانسة والملطفة والمداعبة أثناء‬
‫الغتسال معا ً بعد الستمتاع بقضاء الوطر‪.‬‬

‫وجوب تعليم وتعلم المور‬


‫الجنسية‬
‫القاعدة الفقهية الصولية‪ :‬أن ما ل يتم الواجب إل به‬
‫فهو واجب‪ ،‬وتعلم الطهارة من الجنابة والحيض‬
‫والنفاس والمذ ْى والودْى وغير ذلك مما يجب لداء‬
‫‪88‬‬
‫فرض الصلوات وغيرها واجب شرعى‪ ،‬أو الحدود وغير‬
‫ذلك‪ .‬وقد بينت السنة كل ذلك‪.‬‬
‫أولً‪ :‬أمور الطهارات‬
‫‪-1‬عن عائشة رضى الله عنها قالت‪ :‬قال رسول‬
‫الله ‪" :r‬إذا استيقظ أحدكم من نومه فرأى‬
‫بلل ُ ولم ير أنه احتلم اغتسل‪ ،‬وإذا رأى أنه قد‬
‫احتلم ولم ير بلل ً فل غسل عليه"‪ .‬رواه عبد‬
‫الرزاق والبيهقى‪.‬‬
‫‪-2‬وعن عائشة وأم سلمة رضى الله عنهما قالتا‪:‬‬
‫‪r‬‬ ‫"جاءت أم سليم امرأة أبى طلحة إلى النبى‬
‫فقالت‪ :‬يا رسول الله إن الله ل يستحيى من‬
‫الحق‪ ،‬هل على المرأة من غسل إذا هى‬
‫احتلمت؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬إذا رأت الماء"‪ .‬رواه‬
‫البخارى ومسلم وغيرهما‪ .‬والحتلم هو ما‬
‫جعل اسما ً لما‬‫يراه النائم من المنامات ثم ُ‬
‫يراه النائم من الجماع فيحدث معه إنزل‬
‫ى غالباً‪ .‬قال المام النووى الشافعى فى‬ ‫المن َّ‬
‫المجموع‪ :‬أجمع العلماء على وجوب الغسل‬
‫ى‪ ،‬ول فرق عندنا ـ أى الشافعية ـ‬ ‫بخروج المن َّ‬
‫بين خروجه بجماع أو احتلم‪ ،‬أو استمناء‪ ،‬أو‬
‫نظر‪ ،‬أو بغير سبب‪ ،‬سواء خرج بشهوة أو‬
‫غيرها‪ ،‬وسواء تلذذ بخروجه أو ل‪ ،‬وسواء كان‬
‫كثيرا ً أو يسيرا ً ولو بعض قطرة‪ ،‬وسواء خرج‬
‫فى النوم أو اليقظة من الرجل والمرأة‪،‬‬
‫العاقل والمجنون‪ ،‬فكل ذلك يوجب الغسل‬
‫عندنا‪ ،‬وقال أبو حنيفة ومالك وأحمد‪ :‬ل يجب‬
‫إل غذا خرج بشهوة وَدَفْق‪ ،‬كما ل يجب بالمذ ْى‬
‫‪89‬‬
‫لعدم الدفق‪ .‬وقال النووى أيضاً‪ :‬إذا أمنى‬
‫ى على القرب بعد‬ ‫واغتسل ثم خرج منه من ّ‬
‫غسله لزمه الغسل ثانيا ً عندنا ـ أى الشافعية ـ‬
‫وقال مالك وسفيان الثورى وأشهر لروايات‬
‫عن أحمد بن حنبل‪ ،‬وهى رواسة عن على بن‬
‫أبى طالب وابن عباس وعطاء والزهرى‬
‫وغيرهم‪ :‬ل غسل مطلقا ً بعد اغتساله الول‪.‬‬
‫وقال النووى‪ :‬لو قبّل امرأة فأح َّ‬
‫س بانتقال‬
‫ى ونزوله فأمسك ذكره فلم يخرج منه‬ ‫المن ّ‬
‫فى الحال شئ‪ ،‬ول علم بخروجه بعد ذلك‪ ،‬فل‬
‫غسل عليه وبه قال العلماء كافة إل أحمد بن‬
‫حنبل فى أشهر الروايتين عنده قال‪ :‬يجب‬
‫ى‪.‬‬
‫الغسل لنه ل يتصوّر رجوع المن َّ‬
‫صفات المنى والمذى والودى‬
‫قال المام النووى‪ :‬مما يتأكد العتناء به لكثرة‬
‫ى‬ ‫َ‬ ‫التحاجة غليه بيان صفات الَمن ِ َّ‬
‫ى والمذ ْى والوَدْى‪ .‬فمن ّ‬
‫الرجل فى حال صحته أبيض ثخين يتدفّق فى خروجه‬
‫دفعة بعد دفعة‪ ،‬ويخرج بشهوة‪ ،‬ويتلذ ّذ بخروجه‪ ،‬ثم إذا‬
‫خرج يعقبه فتور‪ ،‬ورائحته كرائحة طلع النخل قريبة من‬
‫رائحة العجين‪ ،‬وإذا يبس كانت رائحته كرائحة البيض‪،‬‬
‫هذه صفاته وقد يفقد بعضها بأن يرقَّ ويصفر لمرض أو‬
‫خمُّر‬‫يخرج بغير شهوة ول لذه ل سترخاء وعائه‪ ،‬أو ي ْ‬
‫صه التى عليها العتماد ثلث‪:‬‬ ‫لكثرة الجماع‪ .‬وخوا ُّ‬
‫إحداها الخروج بشهوة مع الفتور عقْيبه‪ .‬الثانية‪ :‬الرائحة‬
‫التى تشبه الطلع والعجين‪ .‬والثالثة‪ :‬الخروج بتزويق‬
‫ودفق فى دفعات‪ ،‬فكل واحدة من هذه الثلثة كافية‬
‫َ‬
‫فى كونه منيا ّ ول يشترط اجتماعها‪.‬‬

‫‪90‬‬
‫ى المرأة فأصفر رقيق‪ ،‬وقد يبيض بفضل‬ ‫وأما من ُّ‬
‫قوَّتها‪ .‬قال إمام الحرمين والغزالى‪ :‬ول خاصية له إل‬
‫التَّلذذ وفتور شهوتها عقيْب خروجه ول يعرف إل بذلك‪،‬‬
‫وخروج منيّها بشهوة او بغيرها يوجب الغسل كمنى‬
‫الرجل‪.‬‬
‫َ‬
‫وأما المذ ْىُ فهو ماء ابيض رقيق لزج يخرج عند‬
‫شهوة‪ ،‬ل بشهوة ول دفق‪ ،‬ول يعقبه فتور‪ ،‬وربما ل‬
‫يحس بخروجه‪ ،‬ويشترك الرجل والمرأة فيه‪ ،‬قال إمام‬
‫الحرمين‪ :‬وإذا هاجت المرأة خرج منها المذى‪ ،‬وهو‬
‫اغلب فيهن منه فى الرجل‪.‬‬
‫َ‬
‫وأما الوَدْىُ فماءٌ ابيض كدٌِر ثخين‪ ،‬يشبه المنى فى‬
‫الثخانة ويخالفه فى الكدورة ول رائحة له‪ ،‬وهو يخرج‬
‫عقيب البول إذا كانت الطبيعة مستمسكة‪ ،‬وعند حمل‬
‫شئ ثقيل ويخرج قطرة أو قطرتين ونحوهما‪.‬‬
‫وقد أجمع العلماء على أنه ل يجب الغسل بخروج‬
‫ى‪ ،‬ووجوب الغسل من المنى‪ .‬روى‬ ‫الَمذ ْ ِ‬
‫ى والوَد ْ ِ‬
‫البخارى ومسلم وغيرهما عن على رضى الله عنه قال‪:‬‬
‫مذَّاء‪ ،‬فجعلت أغتسل فى الشتاء حتى‬ ‫"كنت رجل ً َ‬
‫تشقّق ظهرى‪ ،‬فذكرت ذلك للنبى ‪ r‬فقال‪" :‬ل تفعل‪،‬‬
‫إذا رأيت المذى فاغسل ذكرك وتوضأ وضوءك للصلة"‪.‬‬
‫وفى رواية‪ :‬فاستحيَيْت أن أسأل النبى ‪ r‬لمكان ابنته‬
‫فأمرت رجل ً فسأله"‪ .‬ومعنى استحييت لمكان ابنته‪،‬‬
‫لن المذى يكون غالبا ً لمداعبة الزوجة وقبلتها ونحو‬
‫ذلك‪ ،‬والدب ال يذكر الرجل مع أصهاره ما يتضمن‬
‫شيئا ً من ذلك‪ .‬وقد روى سهل بن حنيف رضى الله عنه‬
‫قال‪" :‬كنت أَلْقى من المذى شدَّة وعناء فكنت أكثر من‬

‫‪91‬‬
‫الغسل‪ ،‬فذكرت ذلك للنبى ‪ r‬فقال‪ :‬إنما يجزئك من‬
‫ذلك الوضوء" رواه أبو داود والترمذى وقال‪ :‬حديث‬
‫حسن صحيح‪.‬‬
‫ما يوجب الغسل بالجماع‬
‫عن عائشة رضى الله عنها قالت‪ :‬قال رسول الله‬
‫ن‬
‫ن الختا َ‬ ‫‪" :r‬إذا جلس بين شعبها الربع وم َّ‬
‫س الختا ُ‬
‫وجب الغسل" رواه مسلم‪ .‬قال النووى‪ :‬وختان الرجل‬
‫هو الموضع الذى يقطع منه فى حال الختان وهو ما‬
‫دون خَّزة الحشفة‪ .‬وأما ختان المرأة فإن مدخل الذكر‬
‫هو مخرج الحيض والولد والمنى‪ ،‬وفوق مدخل الذكر‬
‫ثقب مثل إحليل الرجل هو مخرج البول‪ ،‬وبين هذا‬
‫الثقب ومدخل الذكر جلدة رقيقة مثل ورقة بين‬
‫الشفرين‪ ،‬فتلك الجلدة الرقيقة يقطع منها عند الختان‪.‬‬
‫قال‪ :‬فالتقاء الختانين أن تُغَيَّب الحشفة فى الفرج‪ ،‬فإذا‬
‫غابت فقد خاذى ختانه ختانها‪ ،‬والمحاذاة هى التقاء‬
‫الختانين‪ ،‬وليس المراد بالتقاء الختانين التصاقهما وضم‬
‫أحداهما إلى الخر‪ ،‬فإنه لو وضع موضع ختانه على‬
‫موضع ختانها ولم يدخله فى مدخل الذكر لم يوجب‬
‫مة‪ .‬ويجب الغسل على الرجل وعلى‬ ‫غسل بإجماع ال ّ‬
‫المرأة‪ ،‬سواء أولج ذكره فى قُبُل المرأة دبرها‪ ،‬أو دبر‬
‫رجل‪ ،‬أو فى قبل بهيمة أو دبرها‪ ،‬كل ذلك يوجب‬
‫الغسل بل خلف‪ .‬وقال الشافعى فى الم من كتبه‪ :‬لو‬
‫أولج ذكره فى فم المرأة وأذنها وإبطها وبين أَلْيَتها ولم‬
‫ينزل فل غسل عليهما‪ ،‬قال النووى‪ :‬نقل فيه ابن جرير‬
‫الجماع‪ .‬والغسل واجب وإن لم ينزل الماء الدافق‪.‬‬
‫فعن عائشة رضى الله عنها أن رجل ً سأل النبى ‪:r‬‬
‫‪92‬‬
‫"الرجل يجامع أهله ثم يُكْسل هل عليهما الغسل؟ فقال‬
‫النبى ‪ :r‬إنى لفعل ذلك أنا وهذه ثم نغتسل" رواه‬
‫مسلم وغيره‪ .‬وقال العلماء‪ :‬إذا جومعت المرأة‬
‫فاغتسلت ثم خرج منها منى الرجل‪ ،‬فل غسل عليها‬
‫وعليها فقط الوضوء‪.‬‬
‫مايوجب الغسل بالحتلم‬
‫إذا رأى الرجل أو رأت المرأة فى المنام أنه احتلم‬
‫أو أنها اتحتلمت ولم يوجد بلل فل غسل عليه أو عليها‪،‬‬
‫وإن رأى أحدهما المنى ولم يذكر احتلما ُ لزمه الغسل‪.‬‬
‫سئل عن‬ ‫لما روت عائشة رضى الله عنها‪" :‬أن النبى ‪ُ r‬‬
‫الرجل يجد البلل ول يذكر الحتلم‪ ،‬قال يغتسل‪ ،‬وعن‬
‫الرجل يرى أنه احتلم ول يجد البلل قال‪ :‬لغسل عليه"‬
‫رواه أبو داود والترمذى والدارمى وغيرهم وقد مّر‬
‫حديث أم سليم رضى عنها وهو فى البخارى ومسلم‪.‬‬
‫فإن رأى منيا ً فى فراش ينام فيه هو وغيره ممن‬
‫ن‬
‫م ْ‬
‫يمكن أن يمنى‪ ،‬فل غسل عليه ل حتمال أنه ِ‬
‫صاحبه‪ ،‬فإن رأى المنى فى فراش ينام فيه‪ ،‬ول ينام‬
‫فيه غيره‪ ،‬أو ثوبه الذى يلبسه ول يلبسه غيره فيلزمه‬
‫الغسل‪ ،‬ويستحب أن يعيد كل صلة يحتمل أن المنى‬
‫كان موجودا ً فيها‪.‬‬
‫ما يوجب الغسل فى الحيض‬
‫والنَّفاس‬
‫أجمع العلماء على وجوب الغسل بسبب الحيض‬
‫وبسبب النفاس‪ ،‬لقول النبى ‪ r‬لفاطمة بنت أبى‬
‫حبَيْش‪" :‬إذا أقبلت الحيضة فَدَعى الصلة‪ ،‬وإذا أدبرت‬
‫ُ‬
‫‪93‬‬
‫فاغتسلى وصلى" رواه البخارى ومسلم‪ .‬قال العلماء‪:‬‬
‫تغتسل الحائض إذا طهرت وانقطع دم الحيض‪ ،‬وكذلك‬
‫النُّفساء إذا انقطع الدم‪ .‬والجنب والحائض والنفساء‬
‫بدنهم وعرقهم طاهر بالجماع لقول النبى ‪" :r‬إن‬
‫المسلم ل ينجس" رواه البخارى ومسلم‪.‬‬
‫ما يوجب الوضوء بلمس‬
‫الجنس الخر‬
‫الول‪ :‬إذا الْتَقَت بشرتا رجل وامرأة بدون حائل‬
‫مى لمسا ً وملمسة‪ ،‬فهل ينتقض بذلك‬ ‫بينهما يس ّ‬
‫اللمس الوضوء؟ فى هذا مذاهب للعلماء‪:‬‬
‫‪-1‬إن التقى بشرتى الجنبى والجنبيّة ينتقض‬
‫الوضوء‪ ،‬سواء كان بشهوة وبقصد أم ل‪ ،‬ول‬
‫ينتقض مع وجود حائل وإن كان رقيقاً‪ .‬وبهذا‬
‫قال عمر بن الخطاب وعبد الله بن مسعود‬
‫وعبد الله بن عمر وزيد بن أسلم ومكحول‬
‫والشعبى والنخعى وعطاء بن السائب‬
‫والزهرى ويحيى بن سعيد وربيعة ورواية عن‬
‫الوزاعى‪ ،‬وهو مذهب الشافعى‪.‬‬
‫‪-2‬إن لمس بشهوة انتقض وإل فل‪ ،‬وهو مروى‬
‫عن حماد والحكم والليث وإسحاق ورواية عن‬
‫الشعبى وربيعة والثورى‪ .‬وهو مذهب مالك‬
‫ولحمد ثلث روايات‪.‬‬
‫‪-3‬ل ينتقض الوضوء باللمس مطلقاً‪ .‬وهو عن‬
‫ابن عباس وعطاء وطاوس ومسروق والحسن‬
‫والثورى‪ .‬وهو مذهب أبى حنيفة‪.‬‬
‫الثانى‪ :‬ينتقض الوضوء بمس فرج الدمى بباطن‬
‫الكف ول ينتقض بغيره‪ .‬وبهذا قال عمر بن الخطاب‬
‫‪94‬‬
‫وسعد بن أبى وقاص وابن عمر وابن عباس وأبو‬
‫هريرة وعائشة وسعيد بن المسيّب وعطاء وأَبان بن‬
‫عثمان وعروة ابن الزبير وسليمان بن يسار ومجاهد‬
‫وأبو العالية والزهرى والوزاعى وأبو ثور والمزنى‪.‬‬
‫وهو مذهب مالك والشافعى وأحمد وإسحاق‪.‬‬
‫‪-4‬ل ينتقض مطلقاً‪ ،‬وبه قال‪ :‬على بن أبى طالب‬
‫وابن مسعود وحذيفة وعمارة وعمران بن‬
‫حصين وأبو الدرداء وربيعة‪ ،‬وهو مذهب أبى‬
‫حنيفة وابن المنذر‪ .‬واحتج أصحاب المذهب‬
‫الول بحديث بُسرة بنت صفوان رضى الله‬
‫عنها أن النبى ‪ r‬قال‪" :‬إذا مس أحدكم ذكره‬
‫فليتوضأ"‪ .‬رواه مالك فى الموطأ والشافعى‬
‫فى مسنده وفى الم ورواه أبو داود والترمذى‬
‫والنسائى وابن ماجة‪ .‬وبحديث عائشة رضى‬
‫الله عنها ان النبى قال‪" :‬ويل للذين يمسون‬
‫فروجهم ثم يصلون ول يتوضأون‪ .‬قالت‪ :‬بأبى‬
‫وأمى هذا للرجل‪ ،‬أفرأيت النساء؟ فقال‪ :‬إذا‬
‫مست إحداكن فرجها فلتتوضأ"‪ .‬رواه النووى‪.‬‬
‫س الدبر بباطن الكف ناقض للوضوء عند‬ ‫‪-5‬م َّ‬
‫الشافعى ورواية عن أحمد‪ .‬وقال مالك وأبو‬
‫حنيفة وداود وأحمد رواية‪ :‬ل ينقض‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬أمور الوطء‬


‫‪-1‬أجمع المسلمون على تحريم وطء الحائض‬
‫و‬ ‫ض قُ ْ‬
‫ل هُ َ‬ ‫حي ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬
‫م ِ‬ ‫ك عَ ِ‬ ‫سأَلُون َ َ‬
‫لقولة تعالى ﴿ وَي َ ْ‬
‫ض وََل‬ ‫َ‬
‫حي ِ‬ ‫م ِ‬‫سا َء فِي ال ْ َ‬ ‫زلُوا الن ِّ َ‬
‫أذ ًى فَاع ْت َ ِ‬

‫‪95‬‬
‫ن ﴾ [البقرة ‪] 222‬‬ ‫حتَّى يَطْهُْر َ‬ ‫ت َ ْقَربُوهُ َّ‬
‫ن َ‬
‫وللحاديث الصحيحة‪ ،‬قال الشافعى‪ :‬من فعل‬
‫ذلك فقد أتى كبيرة‪ .‬ومن فعله يأثم ويتوب‬
‫ويتصدق‪ .‬وهو مذهب مالك وأبى حنيفة‬
‫والشافعى وأحمد فى رواية‪ ،‬وبه قال أكثر‬
‫العلماء‪ .‬وقال الحسن البصرى‪ :‬عليه ما على‬
‫المجامع فى نهار رمضان‪.‬‬
‫‪-2‬يجوز الستمتاع بالحائض ما دون لسرة‬
‫والركبة بل خلف‪ ،‬واختلفوا فى الستمتاع فيما‬
‫بين السرة والركبة ودون الفرج‪ ،‬لقول النبى‬
‫"اصنعوا كل شئ إل النكاح" رواه مسلم عن‬
‫سرة‬‫أنس‪ .‬وتحريم المباشرة فيما بين ال ُّ‬
‫والركبة قال به أبو حنيفة ومالك والشافعى‬
‫وهو قول أكثر أهل العلم‪ ،‬وأجاز الستمتاع‬
‫بالمرأة الحائض فى كل شئ إل موضع‬
‫الحرث‪ :‬عكرمة مجاهد والشعبى والنخعى‬
‫والحكم والثورى والوزاعى ومحمد بن الحسن‬
‫وهو مذهب أحمد وإسحاق وابى ثور‪.‬‬
‫‪-3‬يجوز وطء المستحاضة فى الزمن المحكوم‬
‫بأنه طهر وإن كان الدم جارياً‪ ،‬وهو قول‬
‫جمهور العلماء‪ .‬وقال أحمد بن حنبل‪ :‬ل يجوز‬
‫الوطء إل أن يخاف زوجها العنت‪.‬‬
‫والمستحاضة هى التى ل ينقطع عنها الدم‪.‬‬
‫‪-4‬دم النَّفاس يحّرم يحَّرمه الحيض‪ ،‬وهو الدم‬
‫الخارج بعد الولد‪ .‬والنَّفاس الولدة‪.‬‬

‫‪96‬‬
‫آداب ومحظورات الوطء‬
‫‪-1‬عن أبى سعيد الخدرى رضى الله عنه ان‬
‫النبى ‪ r‬قال‪" :‬إذا أتى أحدكم أهله ثم أراد أن‬
‫يعود فليتوضأ فإنه أنشط للعود"‪ .‬رواه مسلم‬
‫وأحمد وابن حبان والحاكم والبيهقى‪.‬‬
‫‪-2‬عن أنس رضى الله عنه قال‪ :‬قال رسول الله‬
‫‪" :r‬إذا جامع أحدكم أهله فليصدقها‪ ،‬ثم إذا‬
‫قضى حاجته قبل أن تقضى حاجتها فل يعاجلها‬
‫حتى تقضى حاجتها"‪ .‬رواه أبو يعلى وعبد‬
‫الرزاق‪.‬‬
‫‪-3‬عن ابن عمر رضى الله عنهما أن رسول الله‬
‫‪ r‬قال‪" :‬إذا رأى أحدكم امرأة حسناء فأعجبته‬
‫فليأت أهله‪ ،‬فإن البضع واحد‪ ،‬ومعها مثل الذى‬
‫معها"‪ .‬رواه الخرائطى‪.‬‬
‫‪-4‬عن ابن عمر رضى الله عنه عن النبى ‪ r‬أنه‬
‫قال‪" :‬فصل ما بين لذة المرأة ولذة الرجل‬
‫كأثر المخيط فى الطين إل أن الله ليسترهن‬
‫بالحياء"‪ .‬رواه الطبرانى فى الوسط‪ ،‬وهو‬
‫دعوة للزوج أن يتأنى أثناء الجماع حتى تبلغ‬
‫المرأة قمة اللذة معه بصبر قصير‪.‬‬
‫‪-5‬عن ابن عباس رضى الله عنهما قال‪ :‬قال‬
‫رسول الله ‪" :r‬لوأن أحدكم إذا اراد أن يأتى‬
‫أهله قال‪ :‬بسم الله‪ ،‬اللهم جنَّبنا الشيطان‬
‫وجنب الشيطان ما رزقتنا‪ ،‬فإنه إن قضى‬

‫‪97‬‬
‫بينهما ولد من ذلك لم يضره الشيطان أبداً "‬
‫رواه البخارى ومسلم وأحمد‪.‬‬
‫‪r‬‬‫‪-6‬عن ابن عباس رضى الله عنه أن النبى‬
‫قال‪ " :‬ائتها على كل حال إذا كان فى الفرج"‬
‫رواه أحمد‪.‬‬
‫‪-7‬عن أبى سعيد الخدرى رضى الله عنه أن‬
‫سباع حرام" رواه أحمد‬‫رسول الله ‪ r‬قال‪" :‬ال َّ‬
‫والبيهقى‪ .‬والسباع‪ :‬هو الفخار بكثرة الجماع‪.‬‬
‫‪-8‬عن خزيمة بن ثابت رضى الله عنه قال‪ :‬قال‬
‫رسول الله ‪" :r‬استحيوا فإن الله ل يستحيى‬
‫من الحق‪ ،‬ل تاتوا النساء فى أدبارهن"‪ .‬رواه‬
‫النسائبى والبيهقى والطبرانى ولفظه‪ " :‬إن‬
‫الله تعالى ينهاكم أن تأتوا النساء فى‬
‫أدبارهن"‪ .‬رواه أحمد ورواية عند النسائى‪ " :‬ل‬
‫يستحى الله من الحق!! ل يستحى الله من‬
‫الحق‪ ،‬ل تأتوا النساء فى أعجازهن"‪.‬‬
‫‪-9‬عن أبى هريرة رضى الله عنه عن النبى ‪ r‬أنه‬
‫قال‪" :‬هل منكم رجل إذا أتى أهله فإغلق عليه‬
‫بابه وألقى عليه ستره واستتر بسترة الله‪،‬‬
‫يحدَّث بما يكون بينه وبين أهله‪ ،‬أو عسى‬
‫امرأة تحدَّث بما يكون بينها وبين زوجها‪ ،‬فل‬
‫تفعلوا‪ ،‬فإن ذلك مثل شيطان لقى شيطانه‬
‫فى ظهر الطريق فغشيها والناس ينظرون"‪.‬‬
‫أبو داود والطبرانى‪ ،‬ورواه أحمد عن أسماء‬
‫بنت يزيد‪.‬‬

‫‪98‬‬
‫عن أبى سعيد الخدرى رضى الله عنه "إن‬ ‫‪-10‬‬

‫سئل عن العزل فقال‪ :‬أو إنكم‬ ‫رسول الله ‪ُ r‬‬


‫تفعلون ذلك؟ ل عليكم أن تفعلوا ذلك‪ ،‬فإنها‬
‫ليست نسمة كتب الله أن تخرج إل هى‬
‫خارجة"‪ .‬رواه البخارى ومسلم‪ .‬والعزل هو ان‬
‫يجامع الرجل زوجته ثم يقذف المنى خارج‬
‫الفرج لجل أل يتم حمل‪ .‬وهو مباح فى‬
‫السلم لسباب مشروعة وليس منها الخوف‬
‫على الرزق‪.‬‬
‫‪r‬‬ ‫‪ -11‬عن ابن عمر رضى الله عنه أن رسول الله‬
‫قال‪" :‬لعن الله المسوَّفات التى يدعوها زوجها‬
‫إلى فراشه فتقول‪ :‬سوف‪ ،‬حتى تغلبه عيناه"‬
‫رواه الطبرانى‪.‬‬
‫‪r‬‬‫‪ -12‬عن أبى هريرة رضى الله عنه عن النبى‬
‫أنه قال‪" :‬لعن الله الم َف َّ‬
‫سلة التى إذا أراد‬
‫زوجها قالت‪ :‬إنى حائض" رواه البخارى فى‬
‫التاريخ‪.‬‬
‫ثالثاً‪ :‬إقامة الحدود‬
‫‪-1‬روى المام أحمد وابن ماجة والترمذى‬
‫وغيرهم عن أبى هريرة رضى الله عنه عن‬
‫نَعيم بن هزال أنه قال‪ " :‬كان ماعز بن ماللك‬
‫جر ابى‪ ،‬فوقع على جارية من‬ ‫يتيما ً فى ح ْ‬
‫الحى‪ ،‬وأخبر بذلك أبى‪ ،‬فقال له‪ :‬بادر إلى‬
‫قبل أن ينزل فيك قرآن‪ ،‬فأتى‬ ‫‪r‬‬ ‫رسول الله‬
‫بالزنا‪ ،‬فأعرض عنه‪ ،‬ثم‬
‫ِ‬ ‫فاعترف‬ ‫‪r‬‬ ‫النبى‬
‫‪99‬‬
‫اعترف فأعرض عنه‪ ،‬ثم اعترف فأعرض عنه‬
‫ثم اعرف فأعرض عنه‪ ،‬فقال له النبى ‪ :r‬الن‬
‫ت أربعا ً فبمن؟ قال‪ :‬بفلنة‪ ،‬فقال النبى‬
‫أقرر َ‬
‫‪ :r‬لعلك لمست؟ قال‪ :‬ل‪ .‬قال‪ :‬لعلك قَبَّلت؟‬
‫قال‪ :‬ل‪ .‬قال‪ :‬لعلك نظرت؟ قال ل‪ .‬قال‪:‬‬
‫أنكحتها؟ قال نعم‪ .‬قال‪ :‬فهل تدرى ما الزنا؟‬
‫قال‪ :‬نعم‪ .‬قال‪ :‬كمت يُغَيَّب ال ِ‬
‫مْروَد فى‬
‫ت‬‫المكحلة‪ ،‬والرشاء فى البئر؟ قال‪ :‬نعم أتي ُ‬
‫منها حراما َ ما يأتى الرجل امرأته حللً‪ ،‬قال‪:‬‬
‫فما تريد بهذا القول؟ قال أريد أن تطهّرنى‪،‬‬
‫فأمر به فرجم"‪.‬‬
‫ُ‬
‫‪-2‬الل ّواط ـ وهو إتيان الذكور فى أدبارهم ـ‬
‫محّرم‪ ،‬وهو من الكبائر لقوله تعالى﴿ وَلُوطًا إِذْ‬
‫ة ﴾ [العراف‪:] 80 :‬‬ ‫َ ْ‬
‫ح َ‬
‫ش َ‬ ‫ن الْفَا ِ‬
‫مهِ أتَأتُو َ‬ ‫قَا َ‬
‫ل لِقَوْ ِ‬
‫فسماها فاتحشة‪ .‬والله سبحانه يقول‪ ﴿ :‬قُ ْ‬
‫ل‬
‫ما‬ ‫ما ظَهََر ِ‬
‫منْهَا وَ َ‬ ‫ش َ‬ ‫ي الْفَوَا ِ‬
‫ح َ‬ ‫حَّر َ‬
‫م َرب ِّ َ‬ ‫ما َ‬ ‫إِن َّ َ‬
‫ن ﴾ [العراف‪ ،]33 :‬وروى ابن عباس‬ ‫بَط َ َ‬
‫رضى الله عنهما أن النبى ‪ r‬قال‪" :‬لعن الله‬
‫من يعمل عمل قوم لوط‪ ،‬قالها ثلثاً‪ .‬ثم قال‪:‬‬
‫من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا‬
‫الفاعل والمفعول به"‪ .‬رواه أبو داود والترمذى‬
‫وابن ماجة وأحمد والدارقطنى‪ .‬وأخرج‬
‫البيهقى عن أبى بكر الصديق رضى الله عنه‬
‫"أنه جمع الناس فى حق رجل يُنْكح كما تنكح‬

‫‪100‬‬
‫النساء‪ ،‬فسأل أصحاب رسول الله ‪ r‬عن‬
‫ذلك‪ ،‬فكان من أشدَّهم يومئذ قوْل على بن‬
‫أبى طالب رضى الله عنه قال‪ :‬هذا ذنب لم‬
‫تعص به أمة من المم غل أمة واحدة صنع الله‬
‫بها ما قد علمتم‪ ،‬نرى أن تحرقه بالنار‪،‬‬
‫فاجتمع أصحاب رسول الله ‪ r‬على أن يحرقه‬
‫بالنار‪ ،‬فكتب أبو بكر إلى خالد ابن الوليد‬
‫فأمره ان يحرقه بالنار"‪ .‬وقال ابن قدامة‬
‫الحنبلى فى المغنى‪ :‬ومن تلوّط قُتل‪ ،‬بكراً‬
‫كان أو ثيَّباً‪ ،‬فى إحدى الروايتين عن أحمد بن‬
‫حنبل‪ ،‬والخرى حكمه حكم الزانى‪ .‬قال‪ :‬ولنه‬
‫إجماع الصحابة رضى الله عنهم فإنهم أجمعوا‬
‫على قتله وإنما فيه التَّعزير‪ ،‬ولكن ل يوافق أبا‬
‫حنيفة على القول بالتعزير أحد‪.‬‬
‫سحاق‪،‬‬ ‫مى ال َّ‬
‫‪-3‬ويحرم إتيان المرأة المرأةَ‪ ،‬ويس ّ‬
‫لما روى أبو موسى الشعرى رضى الله عنه‬
‫أن النبى ‪ r‬قال‪" :‬إذا أتت المرأة المرأة فهما‬
‫زانيتان"‪ .‬رواه البيهقى والطبرانى‪ .‬واتفق‬
‫العلماء إل مالكا ً على أن فيه التّعزير دون‬
‫الحدَّ‪ ،‬لنها مباشرة من غير إيلج‪ .‬والتعزير هو‬
‫العقوبة غير المحدّدة بحد َّ شرعى‪ .‬وقال مالك‪:‬‬
‫إذا ساحقت المرأة المرأة يجب على كل‬
‫واحدة منها الحد وهو مائة جلدة‪.‬‬
‫‪-4‬ويحرم إتيان البهيمة لقول الله عز وجل ﴿‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن إ ِ ّل ع َلَى‬ ‫حافِظُو َ‬ ‫م َ‬ ‫جهِ ْ‬
‫م ل ِ ُفُرو ِ‬
‫ن هُ ْ‬ ‫وَال ّذِي َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫م فَإِنَّهُ ْ‬
‫م غَيُْر‬ ‫مانُهُ ْ‬
‫ت أي ْ َ‬‫ملَك َ ْ‬
‫ما َ‬ ‫م أوْ َ‬ ‫جهِ ْ‬‫أْزوَا ِ‬
‫‪101‬‬
‫م‬ ‫ك فَأُولَئ ِ َ‬
‫ك هُ ُ‬ ‫ن ابْتَغَى وََراءَ ذَل ِ َ‬ ‫ن فَ َ‬
‫م ِ‬ ‫ملُو ِ‬
‫مي َ‬ ‫َ‬
‫ن ﴾ [المؤمنون‪ 5 :‬ـ ‪ ] 7‬ولما روى ابن‬ ‫الْعَادُو َ‬
‫عباس رضى الله عنهما أن النبى ‪ r‬قال‪" :‬من‬
‫وقع على بهيمة فاقتلوه واقتلوا البهيمة" رواه‬
‫أبو داود والترمذى وأحمد ورواه ابن ماجة‬
‫بلفظ‪" :‬من وقع على على ذلك محرم‬
‫فاقتلوه‪ ،‬ومن وقع على بهيمة فاقتلوه واقتلوا‬
‫البهيمة"‪ .‬وأخرجه البهقى‪ ،‬ولفظه‪ " :‬ملعون‬
‫من وقع على بهيمة‪ ،‬وقال‪ :‬اقتلوه واقتلوها ل‬
‫يقال هذه التى فعل بها كذا وكذا"‪ .‬قال ابن‬
‫قدامة فى المغنى‪ :‬اختلفت الرواية عن أحمد‬
‫فى الذى يأتى البهيمة‪ ،‬فروى عنه أنه يعّزر ول‬
‫حد ّ عليه‪ ،‬وهو مروى عن ابن عباس وعطاء‬
‫خعى والحكم وماللك والثورى‬ ‫والشعبى والن َّ ّ‬
‫وأبى حنيفة وإسحاق وهو قول الشافعى‪،‬‬
‫والراواية الثانية عن أحمد أن حكمه حكم‬
‫اللئط سواء‪.‬‬
‫الستمناء وحكمه‬
‫يقول المام القرطبى فى تفسيره عند قوله تعالى‬
‫َّ‬ ‫َ‬
‫ن إ ِل‬‫حافِظُو َ‬‫م َ‬ ‫جهِ ْ‬ ‫م لِفُُرو ِ‬ ‫ن هُ ْ‬ ‫فى سورة المومنون﴿ وَال ّذِي َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫ملُو ِ‬
‫مي َ‬ ‫م غَيُْر َ‬ ‫م فَإِنَّهُ ْ‬
‫مانُهُ ْ‬
‫ت أي ْ َ‬ ‫ملَك َ ْ‬
‫ما َ‬ ‫أو َ‬
‫م ْ‬ ‫عَلَى أْزوَا ِ‬
‫جهِ ْ‬
‫ن ﴾ [المؤمنون‪:‬‬ ‫م الْعَادُو َ‬ ‫ك هُ ُ‬ ‫ك فَأُولَئ ِ َ‬‫ن ابْتَغَى وََراءَ ذَل ِ َ‬ ‫فَ َ‬
‫م ِ‬
‫‪ 5‬ـ ‪ ] 7‬قال محمد بن الحكم‪ :‬سمعت حرملة بن عبد‬
‫ميْرةَ‪ ،‬فتل‬ ‫العزيز قال‪ :‬سألت مالكا ً عن الرجل يجلد عُ َ‬

‫‪102‬‬
‫ن ﴾ وهذا لنهم يكنون عن‬ ‫﴿ الْعَادُو َ‬ ‫هذه الية‬
‫الذكر بعميرة وفيه يقول الشاعر‪:‬‬
‫فاجلد‬ ‫إذا حللت بواد ٍ ل أنيس به‬
‫عميرة ل داء ول حرج‬
‫ويسميه أهل العراق الستمناء‪ ،‬وهو استفعال من‬
‫ى‪ .‬وأحمد بن حنبل على ورعه يجَّززه ويحتج بأنه‬ ‫المن ّ‬
‫إخراج فضلة من البدن فجاز عند الحاجة‪ ،‬ولنه لم يثبت‬
‫ى‪ ،‬وعامة العلماء على تحريمه‪ .‬وقال ابن تيمية‪:‬‬ ‫فيه نَهْ ٌ‬
‫إن اضطر إليه‪ ،‬مثل أن يخاف الزنا إن لم يستمن‪ ،‬أو‬
‫يخاف المرض‪ ،‬قهذا فيه قولن مشهوران للعلماء‪ ،‬وقد‬
‫خص فى هذه الحال طوائف من السلف والخلف‬ ‫ر َّ‬
‫ونهى عنه آخرون‪ .‬وقال الحافظ ابن حجر فى فتح‬
‫البارى‪ :‬وقد أباح الستمناء طائفة من العلماء‪ ،‬وهو عند‬
‫الحنابلة وبعض الحنفية لجل تسكين الشهوة‪ .‬وقال‬
‫الشيخ على طنطاوى فى كتاب صور وخواطر‪ :‬سألنى‬
‫أحد الشباب عن ما يعانيه من غلبة الشهوة والتعّرض‬
‫المستمر للثارة‪ ،‬فإما الكبت أو الزنا أو الستمناء‪ .‬قال‪:‬‬
‫تعمد ما يسمونه اليوم ـ الستمناء ـ وهو وإن كان أقل‬
‫الثلثة شرا ً وأخفها ضرراً‪ ،‬ولكن إن جاوز حدّه ركب‬
‫النفس بالهم‪ ،‬والجسم بالسقم‪ ،‬وجعل صاحبه الشاب‬
‫كهل ً محطما ً كئيبا ً مستوحشا ً يفر من الناس‪ .‬ثم قال‪:‬‬
‫لست أدعو إلى الستمناء ولكن أقَّرر حقيقة قررها كثير‬
‫من كبار الطباء ووافقوا فيها رأى الفقهاء من الحنفية‪.‬‬
‫ويقول الدكتور محمد هيثم الخياط الذى دََّرس‬
‫الطب وعلومه فى كلية الطب بجامعة دمشق وكلية‬
‫صص فى العلوم‬ ‫الطب بجامعة بروكسل والذى تخ ّ‬
‫الشرعية وتبحر فى علوم اللغة العربية مما يجعله‬
‫عضوا ً فى مجامع اللغة العربية فى عمان والقاهرة‬
‫‪103‬‬
‫والعراق والهند وأكاديمية نيويورك‪ ،‬وهو عضو فى‬
‫عشرين جمعية علمية فى مختلف أنحاء العالم‪ ،‬وعضو‬
‫مجلس أمناء المنظمة السلمية للعلوم الطبية ومدير‬
‫البرنامج العربى فى منظمة الصحة العالمية‪ ،‬وله‬
‫مؤلفات باللغات العربية والنجليزية والفرنسية‬
‫واليطالية واللمانية‪ .‬أقول عنه كل هذا لن له رأياً‬
‫فقهيا ً وطبيا ً يجب أن يُنظر إليه‪ ،‬يقول ضمن برنامج بل‬
‫بالجزيرة‪ :‬العادة السرية‪ ،‬الحقيقة أن الناس يبالغون‬
‫كثيرا ً فى أضرارها‪ ،‬والضرر الرئيسى للعادة السرية من‬
‫وجهة نظر الطب هو ما يحيط بها من أوهام وأباطيل‬
‫وخرافات تجعل النسان يحار بين الدوافع الشديدة‬
‫لديه لممارسة العادة السرية وبين ما يحاط بها من‬
‫تهاويل‪ ،‬وبذلك يصاب بنوع من الزمة النفسية بين ما‬
‫يسمع أنه ينبغى أن يفعله وبين ما يجد دافعا ً لديه‬
‫لفعله‪ ،‬هذا هو الضرر الرئيسى للعادة السرية من‬
‫الناحية الطبية‪ .‬فل ضرر إطلقا ً من فعل العادة السرية‪،‬‬
‫وأنا ل أشجع على العادة السرية ولكن أفكر من الناحية‬
‫الطبية فأقول‪ :‬ليس لها ضرر‪ ،‬والفراط فى العادة‬
‫السرية تماما ً كإفراط الزوجين فى العلقات الجنسية ل‬
‫يصابان بشئ على الطلق‪ ،‬ونفس الشئ بالنسبة‬
‫للعادة السرية‪ ،‬ولم يثبت حتى الن أن العادة السرية‬
‫أى تأثير سلبى على صحة من يمارسها‪ ،‬وكل من‬
‫يمارس العادة السرية وهو يخاف‪ ،‬تحدث لديه من هذا‬
‫الخوف الذى ل داعى له عقد ٌ نفسية‪ ،‬وشيخنا على‬
‫الطنطاوى يقول‪ :‬ل أجد اى دليل على حرمتها‪ ،‬وهذا‬
‫رأى كثير من علمائنا القدمين‪ .‬والله أعلم‪.‬‬

‫‪104‬‬
‫الفهرس‬
‫الموضوع‬
‫مقدمة‬
‫سنة البتلء بين النوعين البشريين‬
‫منهج الفطرة‬
‫اليات الواردة فى القرآن العظيم‬
‫السنَّة المطهرة استفاضت فى بيان العلقات‬
‫الجنسية‬
‫مسائل أجاب فيها النبى عن أسئلة الناس‬
‫النبى بمنزلة الوالد‬
‫احتلم المرأة وكيفية الغسل‬
‫جنابة الفجر والصوم‬
‫قبلة الصائم‬
‫اغتسال الزوجين فى إناء واحد‬
‫مشروعية العزل‬
‫‪105‬‬
‫المرأة تتصنع لزوجها‬
‫‪r‬‬
‫التيسير من النبى‬
‫قصة طريفة‬
‫نكاح الجاهلية كما ترويه عائشة‬
‫السؤال عن أمور الجنس وبيان مشروعيته‬
‫عثمان يجيب عن السئلة الجنسية‬
‫إن الله ل يستحيى من الحق‬
‫اختلف المهاجرين والنصار حول الغسل‬
‫كيف تطهر المرأة شعرها‬
‫النبى ينهى عن الستخصاء‬
‫ل تصوم المرأة إل بإذن زوجها‬
‫وإن لهلك عليك حقا‬
‫نساؤكم حرث لكم‬
‫حيض النساء وما يحل فيه‬‫الحديث عن ْ‬
‫الرسول يباشر نساءه وهن حيض‬
‫‪ ..‬ويؤكلهن ويداعبهن وهن حيض‬
‫حكم المرأة المستحاضة‬

‫‪r‬‬ ‫تطبيقات عملية فى حياة النبى‬


‫الرجل يستدفئ بامرأته‬

‫الجماع طاعة الله‬


‫وفى بضع احدكم صدقة‬
‫عليكم بالبكار‬
‫صور من الستمتاع الحلل‬

‫‪106‬‬
‫هدى للسلم فى الستمتاع‬ ‫‪r‬‬ ‫للنبى‬

‫للنبياء قدرة خاصة فى الجماع‬


‫النبى يطوف على تسع نسوة بغسل واحد‬
‫الغسل والوضوء‪ ..‬منشطات للجماع‬
‫تحريم النظر إلى العورات‬

‫تحريم الوطء فى الدبر‬

‫تحريم وصف امرأة أمرأة لزوجها‬

‫تحريم الخلوة‬
‫بعض أقوال الئمة فى أمور الجنس‬

‫المام ماللك‬

‫المام الشافعى‬

‫المام ابن حزم‬


‫المام ابن تيمية‬

‫المام أبو حامد الغزالى‬

‫المام القرطبى‬

‫المام ابن قيم الجوزية‬

‫الستاذ عبد الحليم أبو شقة‬

‫‪107‬‬
‫الدكتور محمد هيثم الخياط‬

‫التربية الجنسية والصحة الجنسية‬

‫كيف نُفاتح الصغار والمراهقين بالموضوع؟‬


‫متى نبدأ تربية الطفل جنسياً‬

‫فى أى عمر للصغير نفاتحه؟!‬

‫الحديث مع الشباب والمراهقين‬

‫حدود ما يلزم أمام الولد‬

‫توجيهات نبوية للسيطرة على جماح الشهوة‬

‫ثمرة غض البصر‬

‫حفظ الفرج يضمن الجنة‬

‫ويل للرجال من النساء‪ ..‬وويل للنساء من‬


‫الرجال‬
‫إياكم والدخول على النساء‬

‫منهج السلم فى صيانة الجوارح‬

‫تنظيم الشرع ل شتهاء الجماع‬

‫أدب السلم للزوجة لداء حق الجماع للزوج‬

‫‪108‬‬
‫الملئكة تلعن الزوجة التى ل تلبى رغبة زوجها‬

‫المرأة ل تصوم إل بإذن زوجها‬

‫الشهوة بشرية ل عيب فيها‬

‫الزوجة شريكة فى عملية الجماع‬

‫ل يعاجل الرجل المرأة حتى تقضى حاجتها‬

‫النهى عن المواقعة قبل الملعبة‬

‫الله يحب المرأة الملقة البزعة مع زوجها‬

‫كراهة التباعد بعد الوطء‬

‫وجوب تعليم وتعلم المور الجنسية‬

‫أولً‪ :‬أمور الطهارات‬

‫صفات المنى والمذى والودى‬

‫ما يوجب الغسل بالجماع‬

‫ما يوجب الغسل بالحتلم‬

‫ما يوجب الوضوء بلمس الجنس الخر‬

‫ثانياً‪ :‬أمور الوطء‬


‫آداب ومحظورات الوطء‬

‫‪109‬‬
‫ثالثاً‪ :‬إقامة الحدود‬

‫اللواط كبيرة تستوجب الحد‬

‫تحريم إتيان المرأة المرأة‬

‫تحريم إتيان البهائم‬

‫الستمناء وحكمه‬

‫‪110‬‬

You might also like