Professional Documents
Culture Documents
ويربك التوقعات
البورصة المريكية تتخطى الحواجز واحدا تلو الخر وكأنها لعب قفز حواجز اللعاب
الولمبية .اولً تخطت البورصة حاجز المخاوف من ارتفاع معدلت التضخم ثم حواجز
العائدات ثم اخيرا حاجز البنك المركزي المريكي .الحقيقة ان تقييم السهم يرتفع رغم ان
اسعارها لم ترتفع بنفس القدر وفقا لما يقوله بعض المحللين.
لقد ارتفعت اسعار السهم بشكل كبير خلل السنوات الماضية حتى ان البورصة لم تعد تستطع
الرتفاع اكثر من ذلك ,وتقييم السهم كان ايضا في وضع جيد وفقا لما ذكره بعض
المستثمرين .وقد يستمر هذا الوضع عدة اشهر ,اي المستقبل القريب .يقول ريتشارد كريبس
خبير استراتيجيات السهم في مؤسسة ليج ميسون وودواكر في التيمور ان المخاطرة ليست
في اساسيات البورصة ,بل في ان السعار قد ترتفع خلل الفترة ما حتى تنتهي عملية التقييم
المرتفع .النباء الجيدة تتمثل في ان سوق السندات انتعش فدفع عائداتها إلى اقل مستويات
لها منذ اكثر من عام مما خفف الضغط على قروض الشركات فانخفضت تكلفتها وكانت
العائدات مذهلة ولبد ان تواصل نموها .وحافظ البنك المركزي المريكي السبوع الماضي
على اسعار الفائدة دون تغيير ,بل صدر عنه تصريحات مشجعة تفيد بأنه قد ل يفكر في رفع
اسعار الفائدة حاليا .في الوقت نفسه فإن المؤشرات الرئيسية لتقييم البورصة في تحسن.
والنسبة بين اسعار السهم وعائداتها في انخفاض خاصة في قطاع التكنولوجيا وذلك بفضل
ارتفاع العائدات وانخفاض التعاملت .ويصل سعر السهم المسجلة على مؤشر ستاندارد
آندبور المكون من 500سهم إلى 6.23ضعف عائداتها المتوقعة على مدى الثنين وخمسين
اسبوعا المقبلة ,مقابه ) 1.25النسبة بين السعار والعائدات( المسجلة في ابريل ,وهذا يعني
القتراب من رقم قياسي وفق ابحاث ودراسات مؤسسة آي .بي.إي.إس الدولية .هذا يحدث
في انحاء العالم ايضا .فقد بلغ معدل اسعار العائدات على مؤشر مورجان ستانلي 26مرة
العام الجاري بانخفاض عن 30مرة سجلت في ديسمبر العام الماضي .ومع انخفاض معدل
التضخم يبدو مستقبل العائدات جيدا وقد يتم تعديل معدل اسعار العائدات المرتفع كما يقول
الكثيرون .ويثبت نموذج التقييم الشائع الذي يقول البعض ان البنك المركزي المريكي يحبذه,
ويشمل عائدات السندات ,ان سوق السهم مقيمة اكثر من قيمتها الحقيقية بنسبة ,%37
مقابل %63في بداية العام الجاري .وفق ما يقوله ادوارد يارندي خبير الستراتيجيات
القتصادية الدولية في دويتشة للسهم ,الذي يتابع هذا المؤشر .ويقول يارندي اننا نسير في
التجاه الصحيح ومع انخفاض عائدات السندات وارتفاع التوقعات لعائدات السهم يمكن ان
تصحح البورصة تقييمها دون حدوث صدمة .ارتفع مؤشر داوجونز للشركات الصناعية
السبوع الماضي %3.1ليصل إلى 36.11192نقطة في الوقت الذي ارتفع فيه مؤشر
ناسداك لشركات تكنولوجيا المعلومات بنسبة %9.2ليصل إلى حاجز اربعة آلف نقطة مرة
اخرى وارتفع مؤشر ستاندارد آندبورز %1ليصل إلى 1500نقطة .لكن اداء البورصة خلل
العام الجاري ليس هو الداء الممتاز برغم كل النباء الطيبة عن العائدات وما إلى ذلك حتى
مع الرتفاعات المسجلة الشهر الماضي .ل يزال متوسط المؤشر الصناعي للعام الجاري
منخفضا بنسبة ,%7.2مع انخفاض متوسط مؤشر ناسداك %70.0وارتفاع متوسط مؤشر
ستاندارد آندبورز ,%5.2واقترابه من ارتفاعه القياسي اكثر من المؤشرات الخرى .على
المستوى العالمي يعد ذلك اسوأ اداء للبورصات منذ عام 1992,وفقا لتقديرات مورجان
ستانلي .وكثير من اسعار السهم يرتفع في الفترة الخيرة حتى مع ان مؤشرات البورصة
الرئيسية تنخفض .لكن نتائج العام باكمله ليست مذهلة .ارتفعت اسعار 976سهما في
بورصة نيويورك حتى الن منذ بداية العام ,وانخفضت اسعار 878سهما وفق نتائج سالمون
سميث بارني .لكن 1337سهما على مؤشر ناسداك ارتفعت هذا العام ,بينما انخفضت اسعار
1795سهما.
تغيير التقييم تغير التقييم امر يثير المخاوف والقلق بين المستثمرين الذين انتقل غالبيتهم إلى
اسهم شركات النترنت العام الماضي التي لم تكن مقيمة بالنسبة للعائدات لنها لم تحققها.
ويقول مارشال اكوف خبير الستراتيجيات في سالمون سميث بارني ان هناك حساسية كبيرة
في التقييم هذا العام في الوقت الذي تحقق نموا في العوام القليلة الماضية .ويقول البعض ان
ارتفاعا كبيرا يلوح في الفق ,ربما عندما يعود المستثمرون من الجازات الصيفية في
الوليات المتحدة .وربما ينتظر اشارة من البنك المركزي المريكي بعدم رفع اسعار الفائدة.
ويقول البعض ان الرتفاع سوف يأتي عقب دورة اللعاب الولمبية ,ويركز المستثمرون على
السهم .ويقول بعض المحللين انها قضية مشروعة .ويحذر إي.جولدمان خبير الستراتيجيات
في بنك ادواردز ان اللعاب الولمبية اعتادت جذب اهتمام المستثمرين في السنوات الماضية.
لكن هذا الحدث ربما يكون تعبيرا عن أماني وآمال .وتستطيع مؤشرات البورصة الرتفاع وقد
تكتسب نسبة % 5من مستويات البيع بحلول نهاية العام .لكن غالبية السعار في البورصات
ل تزال مرتفعة .فل يزال معدل السعر /العائدات على مؤشر ستاندارد آندبور البالغ 6.23
مرة ,قريبا من اعلى معدل بلغه حين كان 3.25مرة في ديسمبر العام الماضي .وكان متوسط
معدل السعر /العائدات على هذا المؤشر خلل العقد الماضي هو 16مرة ,و 19مرة خلل
العوام الخمسة الماضية .ويقول كريبس ان اسهم وال مارت ستورز تضاعفت اربع مرات
بين الثمانينات ومطلع التسعينات ,لكنها توقفت حتى 1997عندما ارتفعت العائدات إلى
مستوى التوقعات .ويضيف ان كثيرا من السهم مثل اسهم شركتي سيسكو واوراكل سوف
تدخل في نطاق تداول طويل المدى مع ارتفاع الساسيات في البورصة .هنا يحدث بالفعل ,لن
اسعار شركة ديل للحاسب اللي تبلغ نفس مستواها في نهاية عام 1998,حتى بعد ان
تضاعفت عائداتها ونسبة السعر /العائدات التي انخفضت من 90إلى 42مرة.
اسباب اخرى وهناك سب آخر يثير القلق ,هو ان الشركات التي تريد ان تزيل من اذهان
المستثمرين آثار العائدات الضعيفة في الربع الثالث من العام الجاري ,قد تنخفض مضاعفات
السهم فيها خلل السابيع القليلة المقبلة .وفي الوقت الذي يشير فيه نموذج البنك المركزي
إلى ان التقييم يتحسن ,فهو يشير إلى ان السوق ل يزال مثقلً باسعار اعلى من الحقيقية.
ويقول يارندي هناك درجة تاريخية مرتفعة من التقييمات المبالغ فيها في البورصة تشير
إلى عدم توقع ارتفاع العائدات دون كثير من المخاطرة .وقد اثبت نموذج البنك المركزي
درجة عالية من الدقة خلل السنوات الماضية .فقد ذكر النموذج ان السهم مقيمة باقل من
قيمتها الحقيقية بنسبة %18في يناير 1996,وارتفعت بنسبة %132منذ ذاك العام.
ويقول روبرت بيلوسكي خبير الستراتيجيات العالمية في مورجان ستانلي قد يكون العام
الجاري هو بداية فترة ارتفاع العائدات مع تراجع مضاعفات السهم .لكن آخرين يقولون ان
الرتفاع سوف يكون في السهم الصغيرة والمتوسطة التي كانت تتقدم المؤشرات في الفترة
الخيرة
طريقة المضاربة ومخاطرها :وتعتمد المعاملت في بورصات العملة على معرفة
التوقعات التي يقودها المتعاملون في هذه البورصات فيتجهون إلى شراء أو بيع العملة تبعًا
لذلك ،وقد تكون هذه المعرفة أو المعلومات اقتصادية أو اجتماعية أو سياسية يمكن أن
تحدث في المستقبل ،وتعمل المضاربة على زيادة المخاطر المرتبطة بتحقيق خسائر ،نتيجة
احتمال انخفاض السعار لبعض العملت بشكل غير متوقع ،وعلى نحو تعجز فيه عمليات
التغطية عن تحقيق استقرار قيم العملت المتداولة.
وقد ترجع السباب المفاجئة إلى أحداث سياسية أو طبيعية سارة أو غير سارة أو نتيجة
قرارات ذات طابع اقتصادي مفاجئة للتأثير على ميزان المدفوعات ومواجهة مشكلته.
وتعتمد المضاربة على أساس توقعات سعر الصرف في المستقبل ومقارنتها بالسعار
الحاضرة للعملت المتداولة ،فإن كانت التوقعات تشير إلى احتمالت انخفاض سعر إحدى
العملت الجنبية عن السعر الحاضر لها في السواق يتجه المضاربون إلى تعجيل بيع
العملت الموجودة لديهم تجنبا لتحقيق خسائر.
أما إذا كانت التوقعات تشير إلى احتمالت ارتفاع سعر إحدى العملت المتداولة ،فإن
المضاربين يتجهون إلى شراء العملة أمل في الحصول على أرباح في المستقبل ،وفي مثل
هذه الحالة فإن المستقبل قد ل يجيء مطابقًا للتوقعات ،ويحدث انخفاض في أسعار العملة
بدل من ارتفاعه؛ وهو ما يؤدي إلى تحقيق خسارة للمضاربين يتوقف حجمها على مقدار
الفرق بين ثمن الشراء وثمن البيع للعملت الجنبية المتداولة.
ويتوقف العائد المتوقع من عمليات المضاربة على طول فترة الستثمار للموال ،حيث
نجد أن هناك علقة عكسية بين طول فترة الستثمار ومعدل العائد من المضاربة.
وتجدر الشارة إلى أن الستثمارات الجنبية طويلة الجل ل ترتبط بتوقعات سعر
المصرف في المستقبل؛ بسبب صعوبة التنبؤ بهذا السعر ،إذا كانت الفترة الزمنية طويلة،
وإلى تقارب تغيرات سعر الصرف النسبية في مختلف الدول مع تغيرات السعار المحلية
النسبية ،ومثال ذلك تقارب المكاسب المرتفعة الناتجة عن رأس المال في دولة يرتفع فيها
معدل التضخم ،مع الخسائر الناتجة عن تخفيض سعر الصرف لهذه الدولة.
وتحدث عمليات المضاربة كذلك مع لجوء أحد المضاربين إلى القتراض بالعملت التي
يتوقع انخفاض قيمتها في المستقبل ،وإن كانت عملة مختلفة عن عملة البلد الذي يحملون
جنسيته .وفي حالة حدوث ارتفاع في قيمة العملة بشكل فجائي ،فإن المضاربين يخسرون
خسائر فادحة وفقا لحجم الموال المقترضة التي يتعين سدادها أعلى من سعر الصرف عند
اقتراضها من الجهاز المصرفي.
ونظرًا لن المضاربة تتضمن عنصر المخاطرة فإن احتمالت تحقيق خسائر من التعامل
في بيع وشراء العملت أو من القراض والقتراض تزيد احتمالت حدوثها في ظل عدم
التنبؤ ،وفي ظل عدم التأكد عن المستقبل.
وفي نفس الوقت فإن قصر فترة استمرار التغيرات غير العادية في سعر الصرف يجعل
من الصعوبة الحساس بوجود المضاربة وصعوبة استخدام الدراسات القياسية لمعرفة تأثير
المضاربة على قيمة العملة ،وارتباط ذلك بالعوائد اليجابية أو السلبية (الخسائر) التي
تتحقق نتيجة حيازة أصول مالية بالعملت الجنبية.
وقد أشارت إحدى الدراسات التي أجريت حول المضاربة غير العادية على عملتي
الدولر والجنيه السترليني خلل الفترة ( )1984 -1981إلى أن التغيرات غير الطبيعية في
أسعار السترليني وما نتج منها من خسائر منها التحول إلى حيازة الدولر المريكي ،ترجع
إما إلى التوقعات غير الرشيدة عن توازن الثبات (زيادة العوائد أو نقصها بشكل غير عادي،
ولكنها تتصف بالرشد) أو إلى العوامل الرئيسية التي تتنافر مع بعضها البعض.
كما أوضحت الدراسة أن عائد المخاطرة الذي يفصل سعر الصرف الجل عن سعر
الصرف العاجل المتوقع في المستقبل ،يساوي الفرق بين سعر الفائدة الحقيقي المتوقع على
السندات المصدرة بكل من الدولر والسترليني ،وذلك بشرط أن تكون النحرافات عن تعادل
القوة الشرائية للعملتين متناسبة مع عائد المضاربة في العقارات
.مؤشرات أساسية
حتى يمكنك أن تتابع أداء السهم الخاصة بك حتى لو لم تكن أسهمك غير داخلة في
تكوين المؤشر ،ولكن يمكن من خلل تلك المؤشرات التعرف على التجاه العام الذي يمكن
أن تسلكه السهم الخاصة بك ،وإن كانت ذات تصنيف معين من حيث إنها أسهم صناعة أم
تكنولوجيا أو حتى شركات نفط ،ومن هذه المؤشرات العالمية:
-مؤشر داو جونز ( :)Dow Jones Industrial Average – DJIAيتكون هذا
المؤشر على سبيل المثال من 30شركة رئيسية ويحتسب باستخدام متوسط أسعار أهم هذه
الشركات ،وبالتالي ،عندما يهبط مؤشر داو جونز بمستوى 40نقطة مثل ،فهذا يعني أن
متوسط أسعار أسهم الـ 30شركة قد انخفضت 40نقطة .إن هذا المؤشر يعتبر دليل على
الوضع العام للسوق ويمكن أن يكون مفيدا عند استخدامه كمقياس لتقييم أداء السهم
الخاص بك.
-مؤشر بورصة نيويورك الشامل ( )NYSE Compositeيقيس أداء جميع السهم
العامة المدرجة في بورصة نيويورك ( )NYSEو 4مؤشرات لمجموعات فرعية :الصناعة
والمواصلت والخدمات والتمويل .تشكل هذه المؤشرات بشكل أساسي مقياسا للتغير الذي
يطرأ على القيمة السوقية الجمالية بعد استبعاد آثار الرسملة والدراجات الجديدة
والدراجات الملغية ،علما بأن قيمة كل سهم تقاس بضرب سعر السهم بعدد السهم
المدرجة.
-مؤشر ستاندرد أند بورز Standard and Poor's – S&P( 500وهو يتكون من
أسهم 500شركة رئيسية مدرجة في السواق المريكية ،ويقاس هذا المؤشر بأسلوب
المتوسط الجمالي الموزون ،وهذا المؤشر يعكس القيمة السوقية الجمالية للـ 500
شركة ،بحيث يتم احتساب قيمة كل شركة بضرب سعر السهم بعدد السهم القائمة.
-مؤشر ناسداك الشامل ( )NASDAQ Composite Indexيشمل العديد من
الشركات في قطاع التكنولوجيا ويقيس قيمة أكثر من 5000شركة
وإذا أردنا المقارنة بين الزمة السيوية والزمة المريكية الراهنة -لما لهما من
آثار واسعة وملمح مشتركة ،ولما يظهر من مفارقات على الصعيد القتصادي -فإن
عناصر المقارنة تتعدد وتتنوع لتشمل الظروف القتصادية التي سادت العالم قبل كل منهما،
والعوامل التي وقفت وراء وقوع كل منهما ،ومدى اختلف الدور الذي لعبه القتصاد
المريكي في كلتا الزمتين ،ومدى تغلب الطابع السياسي أو القتصادي في كل حالة ،وكذلك
الختلف في الدور الذي لعبه صندوق النقد والبنك الدوليان في الحالتين ،هذا إلى جانب
العديد من عناصر المقارنة الخرى ،مثل سياسات العلج ،والثار النهائية على النظام
القتصادي العالمي ومسيرته نحو العولمة ،والسطور التالية تلقى مزيدًا من الضواء على
هذه العناصر..
تعتبر الظروف القتصادية التي تسبق وقوع الزمة من أهم العوامل التي يجب
الهتمام بها؛ وذلك لن هذه الظروف قد تعطي مؤشرات إنذار لقرب وقوع الزمة؛ فيسهل
تجنبها أو الستعداد مبكرًا للتعامل معها وتقليل آثارها السلبية ،أو قد تعمل وتساعد على
تفاقمها وجعلها أكثر حدة.
والظروف القتصادية التي سبقت الزمة السيوية تختلف تمامًا عن تلك الظروف
التي سبقت الزمة في أمريكا ،فقد كانت صورة القتصاد العالمي قبل بداية الزمة السيوية
أكثر إشراقًا؛ حيث تمثلت في وجود مؤشرات جيدة على قوة القتصاد العالمي واستقرار
أغلب معدلت النمو خاصة في القتصاد المريكي والوروبي ،ووجود مؤشرات على أن
الدول التي انطلقت منها الزمة تعتبر من المعجزات القتصادية ،والمثال الذي يجب أن
يقتدي به الجميع والذي يجب أن يؤخذ للدللة على فاعلية ونجاح البرامج القتصادية
لمؤسسات التمويل الدولية وخاصة البنك والصندوق الدوليين.
كما كانت هناك مؤشرات تدل على أن الوليات المتحدة المريكية تقف بكل ما لديها
من إمكانيات لدعم النمو والزدهار القتصادي في هذه الدول لسباب اقتصادية وأخرى
سياسية ،وبسبب كل هذه المؤشرات لم يتنبأ أحد بهذه الزمة بما في ذلك دعاة برامج
الصلح القتصادي في هذه الدول ومنها الصندوق والبنك؛ وهو ما جعل عنصر المفاجأة
أهم ملمح هذه الزمة ،وجعل آثارها تسري في القتصاد العالمي سريان الكهرباء في
أسلك البلتين.
في مقابل ذلك ،فإن الزمة المريكية سبقتها صورة مهزوزة للقتصاد العالمي؛ حيث
كانت أهم ملمح هذه الصورة هي اقتصاد عالمي وأمريكي معتل يعاني تراجعًا وتباطؤًا
اقتصاديًا ملحوظًا ،ويهدده شبح كساد عالمي كبير حيث معدل بطالة أمريكي ،%4.6ومعدل
نمو أمريكي %0.02فقط ،وتنبؤ باحتمالت حدوث نمو سلبي في المستقبل ،كما كانت هناك
محاولت مستميتة لنعاش القتصاد العالمي وإخراجه من مساره نحو الكساد من خلل
خفض أسعار الفائدة في معظم دول العالم التي تأثرت بأوجاع القتصاد المريكي.
وإذا كانت الوساط المالية والقتصادية لم تتوقع الزمة السيوية ،فإن الوساط
المنية في مختلف أنحاء العالم لم تتوقع الحداث الدرامية الدامية للزمة المريكية
وتوابعها ،وهو ما يعني فشل أجهزة النذار المبكر القتصادية والمنية في كلتا الزمتين
على التوالي.
لشك أن هناك تفاوتًا كبيرًا بين السباب التي أدت إلى كلتا الزمتين من حيث
طبيعتها ومن حيث القوى الدافعة لها؛ ففي الحالة السيوية كانت السباب ذات صبغة
اقتصادية؛ حيث نتجت عن السراع في معدلت النمو في القتصادات السيوية أكثر مما
تستوعبه طاقاتها القتصادية ،وكذلك بسبب الفراط في القتراض من الخارج من جانب
القطاع الخاص ،واستخدام قروض قصيرة الجل لتمويل مشروعات ذات فترات تفريغ
طويلة الجل ،هذا إلى جانب انعدام الرشد القتصادي ،والفساد في تفجير الزمة.
أما السباب التي قادت إلى الزمة المريكية ،فهي أسباب ذات صبغة سياسية أمنية
تؤثر وتتأثر بالجانب القتصادي ،فإذا حاولنا الرجوع إلى الجذور الحقيقية للسباب التي
أدت إلى الزمة المريكية سنجد أن بعضها اقتصادي ،وأهمها السلوب والمنهج المريكيان
في صياغة النظام القتصادي العالمي الجديد ،خاصة في مجال العولمة القتصادية وتحرير
التجارة وحركة رؤوس الموال العالمية ،وهو السلوب الذي استفز الجميع ،وأثار عدم
الرضا بل العتراض والكراهية لكل ما هو أمريكي ،خاصة من الدول النامية ،لدرجة أن
العولمة أصبحت مرادفًا للوليات المتحدة المريكية.
ورغم تفاوت السباب في كلتا الحالتين إل أن ضرب الرموز القتصادية كان البداية
المباشرة للزمة؛ حيث تم ضرب أسواق المال السيوية (بورصات -أسعار صرف) في
الحالة السيوية عن طريق عمليات المضاربة في البورصات وعلى أهم العملت في هذه
السواق .أما في الحالة المريكية فقد تم ضرب أسواق المال المريكية في "وول ستريت"
بعملية إرهابية غير مسبوقة ،وهي تفجير مركز التجارة العالمي الواقع في قلب أسواق
المال المريكية ،أي أن أسواق المال كانت أول السواق التي اشتعلت بها نيران الزمة في
كلتا الحالتين.
السيوية عدوى ..والمريكية صدمة!
ربما تبدو الثار التي لحقت بالقتصاد العالمي متقاربة في كلتا الزمتين من حيث
تركز التأثير الفوري للزمتين على السواق في مختلف دول العالم ،في حين أن التدقيق في
المور يؤكد وجود فروق جوهرية في حجم هذه الثار ومدى تأثيرها؛ ففي الزمة السيوية
كانت درجة تأثر السواق المالية أقل مما كانت عليه في الزمة المريكية بكثير؛ حيث كان
أثر الزمة المريكية على السواق المالية غير مسبوق إل في حالتيْ وقف إمدادات النفط
العربي عن الغرب ،واستقالة الرئيس نيكسون.
كما أن آثار الزمة السيوية انتقلت إلى السواق عن طرق "العدوى" ،أما الثار في
الحالة المريكية فقد انتقلت عن طريق "الصدمة" ،والجدول التالي يعكس حجم هذه الثار
من خلل نسبة الربح أو الخسارة التي لحقت بالسواق من خلل متوسط مؤشر "داوجونز
الصناعي" في العديد من الزمات التي ألمت بالقتصاد العالمي بداية من أزمة "بيره هاربور"
عام 1941حتى الزمة المريكية في 11أغسطس :2001
النسبة
النسبة المئوية
السنة الزمة المؤثرة في السواق المال المئوية
للربح
للخسارة
1973 أزمة الحظر العربي للنفط عن دول الغرب 17.9% - --
(*) معدل التراجع في المؤشر مأخوذ من مؤشرات البورصة العالمية يوم -9-23
،200وهو أدنى مستوى وصل له المؤشر بسبب التفجيرات المريكية.
كما تتضح الفروق الجوهرية بين آثار كلتا الزمتين في اتساع نطاق الزمة؛ حيث
اقتصرت آثار الزمة السيوية على أسواق المال والمصارف في الجل القصير ،وأثرت
على التجارة الدولية في الجل الطويل ،وإن كان هذا الثر الخير إيجابيا ولصالح الدول
المستوردة من البلدان السيوية؛ حيث حصلت على السلع السيوية بأسعار منخفضة جدًا.
أما في الزمة المريكية فقد اتسع نطاق الثار ليشمل كافة قطاعات القتصاد العالمي من
تجارة ،وحركة رؤوس أموال ،وشركات النقل والطيران ،والتأمين والسياحة ،والبترول
والذهب ،أي أن الثار كانت شاملة وعامة على القتصاد العالمي في الجل القصير ،هذا
إلى جانب آثارها في الجل الطويل على مستقبل النظام القتصادي العالمي ومسيرة العولمة
في الجل الطويل.
ولذلك يمكن القول بأن الزمة السيوية كانت بمثابة الهبوط التدريجي في الدورة
الدموية للقتصاد العالمي بسبب جلطة في أحد أطرافه وهي الدول السيوية ،أما الصدمة
المريكية فكانت بمثابة السكتة الدماغية التي أصابت رأس القتصاد العالمي الذي يمر
بمرحلة نقاهة.
للزمة إيجابيات!!
ومن أفضل إيجابيات الزمات القتصادية الدروس المستفادة منها ،والخبرة التي
تكتسب منها للتعامل مع غيرها من الزمات في المستقبل ،ورغم الختلفات السابقة بين
الزمتين السيوية والمريكية ،فإن كلتيهما ألقت بظللها على مستقبل الرأسمالية ومستقبل
العولمة القتصادية ،ولكن كان ذلك بطريقة مختلفة ،وذلك من خلل التي:
-1كشفت الزمة المريكية عن هشاشة الرأسمالية المريكية وما تستند إليه من
مفردات إنتاجية وتكنولوجية وأمنية؛ حيث أصيبت هذه المفردات بالرتباك بسبب هذه
الهجمات الرهابية ،وهذا يجعل الزمة المريكية تذهب إلى أبعد مما ذهبت إليه الزمة
السيوية التي أثرت على الحرية القتصادية في مجال حركة رؤوس الموال كأحد ملمح
الرأسمالية المريكية وكأحد أدوات العولمة القتصادية.
-6رغم أن الزمة السيوية قد كشفت خطأ العتماد على حشد المزيد من الموارد
القتصادية بأكثر من العتماد على التقدم التكنولوجي وزيادة النتاجية ،فإن الزمة
المريكية كشفت عن خرافة الركون التام إلى التكنولوجيا كعنصر أمان اقتصاديًا وأمنيًا.
-7أكدت الزمة المريكية ما سبق أن كشفت عنه الزمة السيوية ،وهو سرعة
انتقال الزمات القتصادية في ظل النظام الرأسمالي والمالي العالمي الراهن ،وأن ما يقال
عن الستقرار القتصادي في ظل هذا النظام أمر يفتقر كثيرًا إلى الواقعية.
-8صعوبة توافق المصالح القتصادية لكل دول العالم في ظل العولمة ،خاصة في
ظل الزمات القتصادية ،بل وأكدت الزمة المريكية على أن الزمات القتصادية قد تخلق
تناقضًا في مصالح الصدقاء والحلفاء ،وقد تخلق توافقًا وتناغمًا في مصالح المتنافسين
والعداء أيضًا.
-9ظهور أهمية دور الدولة في الحياة القتصادية ،وأن هذا الدور ليس مرشحا
للتراجع أو الزوال ،كما يعتقد أنصار الرأسمالية المريكية ،ولكنه مرشح للعودة مرة أخرى؛
لهميته في إدارة الزمات القتصادية ،ولحماية السواق الداخلية من استغلل القطاع
الخاص الزمة عن طريق رفع السعار أو الحتكار أو غيرها من الساليب غير المشروعة.
هكذا أكدت هذه الزمة أن العالم في حاجة إلى برنامج إصلح دولي وشامل للنظام
القتصادي والقواعد التي تحكمه ،سواء في مجال التجارة أو الستثمار أو حركة رؤوس
الموال وغيرها؛ حتى يكون هذا النظام أكثر عدالة وموضوعية ،ويحظى برضى دول العالم
المتقدم منها والنامي على السواء