You are on page 1of 22

‫قانون الجمعيات في مصر وتأثيره على قدرات مؤسسات‬

‫المجتمع المدني‬
‫مقدمة‬
‫يعييد تاريييخ المجتمييع المدنييي فييي مصيير بشكله المؤسييسي الحالي حديييث‬
‫النشأة‪ ،‬إذ يمكننا رصد ثلث مراحل تاريخية مر بها المجتمع المدني في مصر‪،‬‬
‫الول ميين نهايات القرن التاسييع عشيير حتييى نهاييية الحرب العالمييية الثانييية‪.‬‬
‫واتسيم فيي غالبية بالطابيع الخيري تحيت وصياية أو رعايية أفراد مين السيرة‬
‫المالكيية وعليييه لم يكيين هناك احتياج لقانون عام فصييدرت قوانييين فرعييية‬
‫كقانون "اللوتري" ‪ 1905‬أو قانون الندية الرياضية ‪ ،1949‬ثم صدر مع نهاية‬
‫الحرب العالمييييية الثانييييية ‪ 1945‬أول قانون منظييييم للجمعيات الخيرييييية‬
‫والمؤسييسات الجتماعييية فييي ‪ 12‬يوليييو‪ ،‬وأقتصيير هذا القانون على تنظيييم‬
‫الجمعيات الخيريية التيي تسيعى إلى تحقييق غرض مين أغراض البر والمعونية‬
‫الماديية أو المعنويية‪ ،‬و كذلك المؤسيسات الجتماعيية التيي تقوم بأداء خدمية‬
‫إنسيانية و أي غرض مين أغراض البر أو النفيع العام أميا المرحلة الثانيية فبدأت‬
‫ميع المرحلة الناصيرية فيي مصير واسيتمرت حتيى مطلع الثمانينات مين القرن‬
‫العشريين‪ ،‬و هيي مرحلة سييطرة فيهيا الدولة على المجتميع فيي صيورة يمكين‬
‫أن نطلق عليهييا عقييد اجتماعييي تنمييية فييي مقابييل غياب للديمقراطييية وقييد‬
‫انعكس ذلك في قانون للجمعيات الهلية رقم ‪ 32‬لسنة ‪ 1964‬والذي وكانت‬
‫بمثابييية تأمييييم للمجتميييع المدنيييي‪ .‬أميييا المرحلة الخيرة فبدأت فيييي مطلع‬
‫الثمانينيات مييع بزوغ فكرة المجتمييع المدنييي كشريييك فييي التنمييية والتطور‬
‫الديمقراطييي التييي شهده العالم الثالث فييي هذه الفترة والذي رصييده الفييين‬
‫توفلر فيي كتابيه " الموجيه الثالثية"‪ ،‬إل أن التارييخ الطوييل للمركزيية المصيرية‪،‬‬
‫وطبيعيية النظام الحاكييم التييي تتحرك بسييرعة شديدة فييي السيينوات العشيير‬
‫الخيرة فييي مجال تحرييير القتصيياد دون خطوات جادة فييي مجال تحرييير‬
‫المجتميع على المسيتوى السيياسي والجتماعيي‪ ،‬بالضافية إلى حالة مين عدم‬
‫الكتراث بالقوانيين أو بالرأي العام وهيو ميا دفعيه فيي عام ‪ 1999‬إلى إصيدار‬
‫القانون ‪ 153‬والذي شهده معارضيية واسييعة ميين المجتمييع المدنييي وخييبراء‬
‫القانون وحكميت المحكمية الدسيتوري العلييا بعدم دسيتوريته فيي عام ‪2000‬‬
‫ليصييييدر بعده فييييي عام ‪ 2002‬القانون(‪ )84‬متحاشيييييا الخطاء القانونييييية‬
‫والجرائيية التيي شابيت القانون السيابق إل أنيه ل يختلف كثيرا عنيه مين ناحيية‬
‫‪.‬المضمون‬
‫فيي هذا الطار تشهيد مصير تعديلت تشريعيية عدة فيي السينوات الخميس‬
‫الخيرة‪ ،‬بداء من القوانين التجارية إلى قوانين العمل وصول إلى تعديلت في‬
‫الدسيتور‪ .‬ومين أوائل القوانيين التيي تيم العميل عليهيا قانون رقيم (‪ )84‬لسينة‬
‫‪ " 2002‬قانون الجمعيات والمؤسيييسات الهليييية" والتيييي صيييدرت لئحتيييه‬
‫التنفيذييية فييي ‪ .2002 /23/10‬وقييد تناوله العديييد ميين الباحثييين القانونيييين‬
‫بالدراسية والتحلييل ذهيب معظمهيا إلى وجود مشكلت جديية فيي هذا القانون‪،‬‬
‫سنقوم بالعرض لها من خلل هذه الدراسة‪-‬ولكنها ليست هي هدف الدراسة‪.‬‬
‫بمعنيى أن هذا البحيث لييس دراسية قانونيية‪ ،‬إنميا محاولة للكشيف عين تأثيير‬
‫القانون على قدرات الجمعيات الهليية فيي مصير‪ .‬وذلك مين خلل موضوعان‬
‫‪:‬أساسيين‬
‫الول على المسيتوى الداخلي للمؤسيسات وهيو القدرة على تطيبيق الحكيم‬
‫الرشيييد الذي أصييبح ضرورة لدمقرطيية مؤسييسات المجتمييع المدنييي وضمان‬
‫اسييتمراريتها‪ .‬وعلى المسييتوى الخارجييي القدرة على القيام بالحملت وهييي‬
‫مهمية أصيبحت مطروحية بشدة على أجندة المجتميع المدنيي خاصية فيي ظيل‬
‫‪.‬العولمة والتحولت القتصادية والسياسية التي تشهدها مصر‬
‫وستتضمن الدراسة لقاءت مع خبراء وقيادات في المجتمع المدني و كذلك‬
‫مسيئولين وعامليين ونشطاء فيي مؤسيسات تشهيد تحولت أو إشكاليات على‬
‫مستوى تطبيق الحكم رشيد وتقوم بحملت من خلل عملها ونشاطاتها‪ .‬وهي‬
‫جمعية التنمية الصحية والبيئية "منظمة غير حكومية تأسست وأشهرت بوزارة‬
‫الشئون الجتماعييية فييي نوفمييبر ‪ 1987‬تحييت رقييم ‪ ،3527‬وتييم تعديييل‬
‫تسيجيلها إلى منظمية تعميل على مسيتوى كيل محافظات الجمهوريية فيي عام‬
‫‪ .1998‬تضيم الجمعيية العموميية ميا يقرب مين مائة عضيو يمثلون تخصيصات‬
‫ومدخلت متنوعيية‪ .‬وتعمييل الجمعييية فييي المسيياعدة على تطوييير وتطييبيق‬
‫سييياسات ونظييم ملئميية فييي مجالت الصييحة والبيئة والعاقيية قادرة على‬
‫السييتجابة لحتياجات وحقوق المجتمييع المصييري ككييل وبصييفة خاصيية فئاتييه‬
‫‪".‬الكثر حرمانا وتهميشا‬

‫مؤسييسة المرأة الجديدة " بدأت المجموعيية فييي عام ‪ 1984‬بدون وضييع‬
‫قانوني‪ ،‬إلى أن تم تسجيلها في عام ‪ 1991‬كشركة مدنية غير ربحية‪ ،‬ثم تم‬
‫تحويلهيا فيي عام ‪ 2003‬إلى مؤسيسة مسيجلة لدى وزارة الشئون الجتماعيية‬
‫وتعمييل المؤسييسة للمسيياهمة فييي الجهود الرامييية لتطوييير ودعييم الحركيية‬
‫النسيييائية المصيييرية‪ ،‬ووضيييع قضيييية المرأة على جدول أعمال كافييية القوى‬
‫الجتماعييية والسييياسية‪ ،‬بالتعاون والتنسيييق مييع أكييبر عدد ميين المنظمات‬
‫النسوية المصرية والعربية لصياغة رؤى مشتركة‪ .‬كما ترمي إلى التفاعل مع‬
‫الحركية النسيائية والعالميية وتنسييق الجهود حول القضاييا المشتركية‪ ،‬ودعيم‬
‫النسيياء المهمشات وتمكينهيين ميين خلل توفييير المعلومات‪ ،‬وخلق جماعات‬
‫الضغييط‪ ،‬والتوعييية بالقضايييا المتعلقيية بالنسيياء‪ .‬بالضافيية إلى تدعيييم آليات‬
‫‪".‬الديمقراطية وإرساء أسس المجتمع المدني‬

‫وتمثييل هاتان المنظمتان النوعان اللذان نييص عليهمييا قانون (‪ )84‬كأشكال‬


‫لمؤسييسات المجتمييع المدنييي فييي الباب الول والثانييي ميين القانون وهمييا‪:‬‬
‫الجمعيات والمؤسسات الهلية‪ .‬بينما نظم في الباب الثالث أشكال التحادات‬
‫وهي ليست مجال الدراسة هنا‪ .‬إل أن هناك نموذج ثالث ل يمكن إغفاله عند‬
‫الحديث عن مؤسسات المجتمع المدني في مصر وهو مراكز حقوق النسان‬
‫والتي يذهب بعضها إلى التسجيل خارج مصر والتسجيل داخلها كفرع لمنظمة‬
‫دولييية "مركييز القاهرة لحقوق النسييان" بينمييا تذهييب الغالبييية العظمييى إلى‬
‫تسجيل كشركة محماة و ستكون اللقاءات الخاصة لهذه الوضعية ممثلة في‬
‫مركييز هشام مبارك للقانون وهييو مركييز "يعمييل فييي مجال حقوق النسييان‬
‫ويقدم المسيياعدات القانونييية والسييتشارات؛ كمييا يعمييل فييي مجال البحييث‬
‫القانونييي والدراسييات‪ .‬ويسييتهدف المركييز بالسيياس المسيياعدة على تطوييير‬
‫أوضاع حقوق النسيان فيي مصير‪ ،‬ويقوم بالبحوث القانونيية التيي تركيز على‬
‫حالت انتهاكات حقوق النسان‪ .‬هذا بالضافة إلى محاولة رفع وعى المحامين‬
‫والقضاة فيمييا يتعلق بهذه القضايييا‪ .‬ويسييعى المركييز إلى تفعيييل القوانييين‬
‫المتعلقة بحقوق النسان في الدستور المصري والعمل وفقا للمواثيق الدولية‬
‫لحقوق النسان و ذلك بهدف محاولة تحسين أوضاع حقوق النسان في مصر‬
‫‪".‬والرتقاء بالبحث القانوني المرتبط بحقوق النسان‬
‫إل انه ل يمكن فصل القانون خاصة إذا كان قانونا منظما للمجتمع المدني‬
‫عن الواقع المجتمعي السياسي والقتصادي والتشريعي للمجتمع فالقانون هو‬
‫تعيبير عين جدل بيين النخبية الحاكمية والمجتميع كلميا كان النظام ديمقراطييا‬
‫يكون القانون انعكاس لحتياجات ورغبات المجتمييييييع و كلمييييييا كان النظام‬
‫سلطويا نجد القانون يميل إلى صالح النخبة ورغبتها حتى انه يصل في بعض‬
‫الحيان إلى انعكاس لحوار داخيل النخبية ل تأخيذ فييه احتياجات المجتميع مأخيذ‬
‫الجيد‪ .‬لذلك سيتتناول الدراسية فيي الجزء الول منهيا السيياق العام الذي صيدر‬
‫فييه هذا القانون والبعاد القتصيادية والسيياسية والجتماعيية السيابقة لصيدور‬
‫القانون‪ .‬العمليية التشريعيية التيي صيدر مين خللهيا‪ .‬والوضعيية اللحقية لصيدور‬
‫القانون ورؤيية عامية لنقاط القوة والضعيف فيي القانون وأهيم المعوقات التيي‬
‫يفرض ها على المجتميع المدني في مصر‪ .‬ثم تنتقل الدراسة في الجزء الثاني‬
‫إلى تعريف مفهومي الحكم الرشيد‪ ،‬وإدارة الحملت والسياق المصري لهما‪،‬‬
‫وأهم المعضلت التي تواجههما في المجتمع المدني المصري‪ .‬ثم تتطرق لهم‬
‫النقاط اليجابييييية فييييي القانون (‪ )84‬فيمييييا يتعلق بهذا المفهومان و أهييييم‬
‫المعوقات التيييي يضعهيييا القانون أمام تطبيقهميييا‪ ،‬فيييي محاولة للتعرف على‬
‫العلقة بين المفهومين في ظل هذا القانون‪ ،‬وتقييم أمكانية التعامل معه في‬
‫هذا المجال‪ .‬وطرح طرق العمل الممكنة من جانب المجتمع المدني المصري‬
‫‪.‬والعالمي في هذا السياق‬
‫تقوم الدراسة على تحليل مضمون للقانون ‪ ،‬واللئحة التنفيذية الخاصة به‪،‬‬
‫وكذلك الدبيات التيي تناولتيه بالتحلييل‪ .‬وكذلك القيام باللقاءات ميع المنظمات‬
‫السييابق الشارة إليهييا للتعييبير عيين مختلف أنواع منظمات المجتمييع المدنييي‬
‫‪.‬المصري وما يواجهها من إشكاليات في ظل هذا القانون‬
‫أول‪ :‬السياق العام الذي صاحب صدور القانون ‪ 84‬لعام ‪2002‬‬

‫‪84‬‬
‫شهيد المجتميع المدنيي المصيري تطورا فيي منتصيف الثمانينيات مين القرن‬
‫العشريين حييث شهدت ميا يمكين تسيميته بالجييل الرابيع مين الجمعيات فالول‬
‫هيو جييل الجمعيات الخيريية‪ ،‬والثانيي الخدميية‪ ،‬والثالث التنمويية والرابيع هيو‬
‫‪.‬الجيل الذي يسعى إلى التمكين والدفاع عن الفئات المهمشة‬
‫وقييييد حدث التطور فييييي الجيال الثلث الخيرة خلل فترة حكييييم مبارك‬
‫‪ ...-1981‬وهيي فترة الذي نجيح النظام خللهيا فيي تطيبيق سيياسة تضيع تحيت‬
‫يده أي مؤسيسة قيد تشكيل معارضية للنظام‪ ،‬مثيل الصيحافة مين خلل رؤسياء‬
‫مجالس إدارة ظلوا طويل فيي مناصيبهم يمارسيون رقابية فعلييه علي ميا يصيدر‬
‫من صحفهم‪ ،‬ليتم استبدالهم بأناس أقل كفاءة وأكثر ممالئة للنظام‪ .‬كذلك كل‬
‫التحادات والنقابات العمالييييييية والجامعات‪ .‬بمرور السيييييينوات تحولت هذه‬
‫السيتراتيجية إلى شكيل مؤسيسي‪ ،‬مميا جعيل المواجهات ميع النظام الحاكيم‬
‫تظييل فييي أقييل الحدود‪ ،‬وقلت فاعلييية الحزاب المعارضيية المتواجدة على‬
‫السيياحة‪ .‬فقييد عمييل النظام على منييع بروز أي أطروحات أو وجوه بديلة لتلك‬
‫المتواجدة‪ .‬وبموت المجتمع السياسي لمدة جيلن‪ ،‬أصبح النظام الحالي بدون‬
‫بدائل أو شركاء‪ .‬وهيو ميا نميى دور المؤسيسات الدينيية على الرغيم مين عدم‬
‫امتلكهييا لبدائل ملموسيية لمشكلت وقضايييا المجتمييع‪.‬ففييي "جريدة الحرار"‬
‫بتاريييخ ‪ 13/6/2002‬يقول د‪ .‬محمييد شوقييي الفنجري رئيييس مجلس إدارة‬
‫الجمعييية الخيرييية السييلمية إن قانون الجمعيات الجديييد ليييس له أثيير على‬
‫أنشطتها أنه في الساس موجه لجمعيات حقوق النسان‪...‬و يضيف‬

‫نحيين فيي جمعياتنييا يأتينييا تييبرعات فييي الشهيير الواحييد ‪30‬الف جنيييه و ل"‬
‫تشترط الجهات الداريية الحصيول على إذن مسيبق لقبولهيا"‪ .‬بينميا نرى جمعيية‬
‫التنميية الصيحية والبيئيية تشكوا مين تخطيي الجهات الداريية للقانون إذ يطلب‬
‫منهيييم التقدم بطلب موافقييية على التموييييل لمشروعات ميييع هيئات الميييم‬
‫المتحدة التي تعد مؤسسات ذات اتفاقية مع الحكومة المصرية والتي يتطلب‬
‫‪.‬الحصول على تمويل منها مجرد إخطار طبقا للمادة(‪ )56‬للقانون‬
‫خلل هذه الفترة كانيت الدعوة إلى تطيبيق ميا أسيماه النظام "ديمقراطيية‬
‫الخطوة خطوة" بينميا أطلق علييه المعارضون "الديكور الديمقراطيي للنظام"‬
‫وعلى الرغم من مرور أكثر من ‪ 25‬عام من الخطوات الديمقراطية ما زالت‬
‫الكثير من حريات وحقوق المواطن المصري – التي كفلتها المواثيق الدولية‪-‬‬
‫مكبل و مقيدا بفعييل منظوميية تشريعييية غييير مواتييية يحميهييا ويدعمهييا قانون‬
‫الطوارئ ‪ .‬مييا زالت النقابات المهنييية أثيرة للقانون ‪ 100‬لسيينة ‪ 1993‬الذي‬
‫قصد به محاربة نفوذ التيار السلمي في النقابات فجاءت وبال على النقابات‪:‬‬
‫أصيابها بالشلل التام‪ ،‬وإخضاعهيا لسييطرة الحكومية‪ ،‬ففقيد المجتميع المدنيي‬
‫‪.‬المصري أحد أهم أركانه الساسية‬

‫وبالنسييبة لتوقيييت صييدور قانون(‪ )84‬والتطورات السييياسية المحيطيية بييه‬


‫هناك عدة تساؤلت يمكن أثارتها‪ :‬القانون جرى نقاشه على عجل في مجلس‬
‫الشعييب‪ ،‬و لم تنشيير بصييدده أييية حوارات صييحفية‪ ،‬و ذلك على العكييس ميين‬
‫مرات سيابقة كانيت قوانيين مشابهية تثيير شهيية الصيحافة المصيرية والعالميية‬
‫لسيما المريكية للتساؤل حول مستوي التطور الديمقراطي في مصر ومدي‬
‫التزام الحكومة المصرية بمبادئ حقوق النسان‪ .‬بل على عكس القانون الذي‬
‫حكييم بعدم دسييتوريته لم يتييم اسييتشارت الجمعيات الهلييية أو مؤسييسات‬
‫المجتمع المدني‪ .‬التساؤل الثاني يتعلق بالوضع المعقد الذي أوجدته النتفاضة‬
‫الفلسيطينية فيي هذه المرحلة والتصيعيد السيرائيلي الوحشيي فيي مواجهتهيا‪,‬‬
‫فقيد بدا المير نظرييا وكأن ممارسيات شارون وتهديداتيه لمين المنطقية كلهيا‬
‫قادرة علي توحييد المصيريين حكومية وشعبيا ضيد هذه التهديدات‪ ,‬لكين المير‬
‫تجلي عمليييا بصييورة بدت مغايرة إلي حييد كييبير لمييا هييو مفترض إذ وصييل‬
‫الحتقان السيياسي إلي ذروتيه ميع تصياعد تحركات اللجان العاملة فيي مجال‬
‫دعيم النتفاضية ووقيف التطيبيع وأدي هذا التناقيض بيين المواقيف السيياسية‬
‫المعلنيية المؤيدة للنتفاضيية والحقوق المشروعيية للشعييب الفلسييطيني وبييين‬
‫سيياسات التضيييق علي التحركات الشعبيية إلي مزييد مين التصيعيد والحتقان‬
‫نتيجة ما أدت إليه هذه السياسات من تشكيك في مصداقية المواقف المعلنة‬
‫نفسيها خاصية فيي ظيل الضغوط المريكيية التيي أعطيت انطباعيا للبعيض بأن‬
‫مواجهيية التحركات الشعبييية هييي نوع ميين التراجييع فييي المواقييف المعلنيية‬
‫‪.‬والمؤيدة للشعب الفلسطيني‬
‫وثمة أسباب يمكنها أن تفسر مثل هذه الحتقان وتعود أساسا إلي الطريقة‬
‫التي تتم بها معالجة مسألة التطور الديمقراطي في العقدين الخيرين إذ كان‬
‫معروفييا أن هناك مييا يشبييه عقدا ديمقراطيييا تقدم الدولة بمقتضاه هامشييا‬
‫ديمقراطيا وصف بأنه قابل للتطور إذا ما تم النجاح في القضاء علي الرهاب‬
‫وهيو ميا قبلتيه شرائح واسيعة مين السياسة والمثقفيين وإن كان علي مضيض‬
‫اسيتنادا إلي توافيق ضمنيي بأن هناك خطرا ماحقيا علي كيان مصير ذاتيه مين‬
‫جراء الرهاب أول‪ ,‬وكذا من الزمة القتصادية التي نالت اتفاق قطاعات أقل‪,‬‬
‫وذلك فييي ظييل تخوف ميين أن الديمقراطييية الزائدة قييد تؤدي إلي وصييول‬
‫جماعات التطرف والعنيف إلي السيلطة ومين ثيم فقيد قبيل معظيم السياسة‬
‫والمثقفين أن يصبح التطوير الديمقراطي الشامل موضوعا مؤجل لحين إغلق‬
‫ملفات الرهاب والزميية القتصييادية وعلي هذه الخلفييية تحديدا بدت بعييض‬
‫المواجهات بيييين التحركات الشعبيييية الداعمييية للنتفاضييية وبعيييض الجهزة‬
‫الحكومييية أمرا متناقضييا حتييى فييي حدود هذا العقييد الديمقراطييي إذ إن هذه‬
‫التحركات لم يكن من السهل وصمها بالرهاب‪ ,‬ولكن من وجهة نظر رسمية‬
‫كانت هذه التحركات بمثابة خروج علي الهامش الديمقراطي وهو المر الذي‬
‫دفيع الب عض للت ساؤل ربما لول مرة منذ عقديين عن حدود هذا الهاميش الذي‬
‫بات يسيمح بمواجهات ميع تعيبير سيلمي عين الرأي‪ .‬فيي هذا المناخ بالتحدييد‬
‫ظهر القانون الجديد لكي يزيد من تحجيم هذا الهامش وان يبرز وجود تعارض‬
‫صييارخ مييع مييا يمكيين أن يكون مطلوبييا لمواجهيية تلك الظروف‪ ،‬فقييد أعتقييد‬
‫البعيض أنهيا سيتكون دافعيا للمضيي فيي توسييع الهاميش الديمقراطيي تأكيدا‬
‫لهميية تعبئة القوي الوطنيية وحشدهيا فيي مواجهية أخطار يراهيا الجمييع تحييق‬
‫بالجميع وفي الوقت نف سه بدا وكأن القانون بهذا المع ني يكرس صيغة العقد‬
‫الديمقراطيي المعمول بيه والتيي تتلخيص فيي هاميش محدود مقابيل معارضية‬
‫هادئة وهو العقد الذي أصبح بسبب طبيعة الوضاع الداخلية والقليمية خاصة‬
‫بعييد احتلل العراق‪ ،‬موضييع شييك ونقييد واسييعين وثميية اقتناع متزايييد وقوي‬
‫الركان أن مواجهة الرهاب وكذا الزمة القتصادية في حاجة ماسة إلي مزيد‬
‫مين الديمقراطيية والقول بغيير ذلك يتجاهيل أن العتماد علي المين بدل مين‬
‫الحزاب والمجتمييع المدنييي قييد وصييل بالحتقان إلي ذروتييه ولم يجتييث جذور‬
‫التطرف الكامنيية فييي أعمييق المجتمييع‪ ،‬وميين زاوييية أخري فإن حزميية ميين‬
‫السياسات التي تعتمد علي انفراج ديمقراطي حقيقي وشفافية كافية للقضاء‬
‫علي الفسيياد ودرجيية معقولة ميين العدالة الجتماعييية هييي وحدهييا الكفيلة‬
‫بمواجهيية الزميية وتجاوزهييا‪ .‬وهييو مييا أكدتييه التطورات الراهنيية فييي السيياحة‬
‫السييياسية المصييرية‪ ،‬ميين التفجيرات التييي عادت إلى الشارع المصييري فييي‬
‫العامين الخير ين‪ ،‬وكذلك اعتصيام نادي القضاة المصيري ميا صاحبه من عنف‬
‫ميين جانييب النظام واعتقالت لمسيياندي العتصييام‪ ،‬إلى مييد قانون الطوارئ‬
‫لمدة عاميين آخريين(‪ ،)2008 -2006‬فيي ظيل تغاضيي غربيي عين ميا يحدث‬
‫نتيجيية وصييول حماس ‪-‬بمييا يراه الغرب فيهييا ميين خطيير‪ -‬إلى السييلطة فييي‬
‫فلسطين‪ ،‬وكأنه تغاضي من جانب الحكومات الغربية عن ما يحدث في مقابل‬
‫مواجهية هذه النظيم لصيعود التيارات السيلمية كلعيب أسياسي فيي السياحة‬
‫السياسية العربية‪ ،‬وهو أشبه لما ارتضاه المجتمع المصري في الفترة السابق‬
‫الشارة إليهيا والتيي أثبتيت بالدلييل أنيه كان خطيأ لم يكين مين شأنيه إل تجمييل‬
‫ظاهري للنظام فييي مقابييل زيادة فييي تضييييق الهامييش الديمقراطييي‪ ،‬وفييي‬
‫المقابيل زادت حدة توغيل الفكير الدينيي الرجعيي فيي المجتميع مميا انبيت بؤر‬
‫‪.‬جديدة للرجعية والرهاب‬

‫‪84‬‬
‫‪:‬تعد فلسفة التشريع في هذا القانون مصدرا للدهشة لعدد من الملحظات‬

‫يييي أنيييه علي الرغيييم مييين الهتمام الخاص الذي تولييييه الدولة بموضوع ‪1‬‬
‫المنظمات غيير الحكوميية ودورهيا فيي التنميية‪ ,‬وفيي الوقيت ذاتيه اتجاه الدولة‬
‫نحييو الخصييخصة ومييا تقوم بييه المنظمات غييير الحكومييية ميين معالجيية الثار‬
‫الناجمة عن هذه الخصخصة‪ ,‬إل أن الدولة تتجه أكثر إلي المركزية والسلطوية‬
‫فييي أي شيييء يتعلق بالعمييل الجتماعييي والخدمييي‪ ,‬إذ أن القانون يركييز كييل‬
‫السيلطات فيي ييد الجهية الداريية والتيي مين حقهيا منيح الترخييص مين عدميه‪,‬‬
‫والعتراض علي المؤسييسين‪ ,‬والعتراض علي مجال عمييل الجمعييية وكذلك‬
‫اسيمها‪ ,‬ثيم العتراض علي المرشحيين لعضويية مجلس الدارة ثيم تحوييل أي‬
‫جمعيية إلي جمعيية نفيع عام وهيو ميا يشبيه تأمييم الجمعيية‪ ,‬هذا بالضافية إلي‬
‫‪.‬السلطات الواسعة في حل الجمعية وحرمانها من الوجود‬

‫ي ولعل ما يؤكد رغبة الدولة في جمع كافة الخيوط في يدها هو ذلك المر ‪2‬‬
‫المتعلق بموضوع التموييل الجنيبي إذ يجرم القانون الحصيول علي أيية أموال‬
‫مين الخارج أو إرسيال أموال للخارج بدون تصيريح مسيبق مين وزيير الشئون‬
‫الجتماعية شخصيا وجاءت المناقشات التي شهدها مجلسا الشعب والشورى‬
‫لتربيط بيين التموييل الجنيبي أو الخارجيي وبيين المين القوميي المصيري‪ ,‬وأن‬
‫هذه التمويل قد يوجه إلي مشروعات تضر بالمن القومي علي الرغم من أن‬
‫وزارة الشئون الجتماعية قد دعت عددا من ممثلي الهيئات المانحة في مصر‬
‫لحضور الجتماع التشاوري الذي نظمتييه مييع عدد محدود ميين المنظمات غييير‬
‫الحكوميية للتشاور فيي موضوع القانون‪ ,‬كميا اجتمعيت السييدة وزيرة الشئون‬
‫الجتماعيية فيي وقيت لحيق ميع السيفير المريكيي وممثيل التحاد الوروبيي‬
‫بالقاهرة لدعوتهيم لزيادة الدعيم المقدم للجمعيات الهليية باعتبارهيم هيم أكيبر‬
‫مموليييين لهذه الجمعيات ويبدو عسييييرا علي الفهيييم كييييف يحدث مثيييل هذا‬
‫‪.‬التنسيق الكبير في أمر يعتبره القانون مهددا للمن القومي المصري‬

‫ي ويبدو المر عند تعامل الدولة مع المنظمات غير الحكومية وكأنه نوع من ‪3‬‬
‫التوظييف لهذه المنظمات أمام المجتميع الدولي باعتبار أن مصير بهيا أكثير مين‬
‫خمسية عشير ألف منظمية غيير حكوميية تتحرك بحريية‪ ,‬وهيو ميا يعطيي مؤشرا‬
‫كييييبيرا علي المناخ الديمقراطييييي الذي تحاول الدولة ترويجييييه أمام الدول‬
‫والمجتمعات التييي قطعييت أشواطييا حقيقييية كييبيرة فييي مجال الديمقراطييية‬
‫وحقوق النسيان‪ ,‬ولكين علي أرض الواقيع فان كيل شييء لبيد أن يسيير تبعيا‬
‫للخطية الموضوعية مسيبقا مين قبيل الدولة ووفيق تصيوراتها‪ ,‬ومين ثيم ل يجوز‬
‫لهذه المنظمات الخروج عين هذه السيياسة الحكوميية‪ ,‬وذلك علي الرغيم مين‬
‫أن هذه المنظمات قيييد نشأت بمبادرات فرديييية أو جماعيييية لتقدييييم خدمات‬
‫‪.‬لمجتمعاتها المحلية‬
‫والفلسييفة السييابقة تؤكييد أن هذا القانون هييو قانون صييادر ميين السييلطة‬
‫التنفيذيية فيي مصير ول يعيبر عين حوار بيين المجتميع وهذه السيلطة إنميا إملء‬
‫وفرض من جانب النخبة الحاكمة لقواعد تمكنها من السيطرة على المجتمع‬
‫المدنيي ومنظماتيه‪ ،‬تحيت ميبررات مثيل تلك التيي اسيتخدمتها وزيرة الشئون‬
‫الجتماعية إن ذاك أمام مجلس الشعب بأنه قانون يحقق "التوازن بين الحرية‬
‫والمحافظية على السيلم الجتماعيي"هذه العبارات غيير واضحية المعالم وغيير‬
‫محددة المدلول هيي نفسيها المسيتخدمة فيي عدة دول أخري تحاول التملص‬
‫مين التزاماتهيا فيي طرييق الديمقراطيية سيواء أمام شعبهيا أو أمام المجتميع‬
‫الدولي ففيي روسييا على سيبيل المثال يتخيذ مقاومية الرهاب وغسييل الموال‬
‫كحجة رئيسية لتكبيل المجتمع المدني‪ .‬كما أن هذه القوانين تسبق في العادة‬
‫النتخابات‪ ،‬مميا يشكيل عائق أمام المجتميع المدنيي فيي لعيب دور مؤثير فيي‬
‫الحياة العامةوهيو ميا حدث فيي مصير إذ صيدر القانون قبيل حوالي عاميين مين‬
‫انتخابات الرئاسيية ومجلس الشعييب‪ .‬رغييم معارضيية منظمات حقوق النسييان‬
‫والحزاب السييييياسية على القانون وإصييييدارهم بيان تحييييت عنوان‪ " :‬قانون‬
‫الجمعيات والمؤسيسات الهليية يؤدي إلى اغتيال المجتميع المدنيي التطوعيي"‬
‫طالبوا فيييه بدراسيية متأنييية للقانون تشارك فيهييا كييل فئات المجتمييع‪.‬وحددوا‬
‫‪.‬النصوص المقيدة للحريات في مشروع القانون والمخالفة للدستور‬
‫و علييه فالقانون تيم تحضيره و إصيداره بعيدا عين أعيين المجتميع المدنيي و‬
‫ظلت المعلومات حوله محيل تكتيم‪ ،‬فلم تكين لهيا مصيادر واضحية و دقيقية‪ ،‬إذ‬
‫لم تبدأ المعلومات فيييي الظهور بشكيييل واضيييح إل بعيييد دخوله إلى مجلس‬
‫‪.‬الشعب عن طريق بعض النواب المتعاطفين‬

‫هذه الحالة مين التكتيم ترجعنيا إلى تجربية القانون ‪ 153‬للعام ‪ 1999‬والذي‬
‫حكيم بعدم دسيتوريته‪ .‬حييث تيم تشكييل " ملتقيى تطويير العميل الهلي" وهيو‬
‫تكتل كان الهدف منه التحاور مع الحكومة للوصول إلى أفضل قانون ممكن‪،‬‬
‫و ذلك بناء على دعوة مييين الحكومييية ذاتهيييا‪ .‬إل أنيييه بانهيار التجربييية بتقدم‬
‫الحكومية إلى مجلس الشعيب بمشروع قانون مخالف للمسيودة التيي توصيل‬
‫إليهيا ميع الملتقيى‪ .‬و إصيدار جمعيية التنميية الصيحية والبيئيية لكتاب "مسييرة‬
‫تطور العمييل الهلي وقانون الجمعيات الهلييية الجديييد" والذي تضميين كافيية‬
‫وثائق وتفاصييل المفاوضات والجلسيات بيين الطرفيين‪ ،‬مميا كشيف زييف أدعاء‬
‫الحكومية بان المشروع الذي تيم عرضيه هيو نتاج لعملهيا ميع المجتميع المدنيي‪،‬‬
‫تحركت الحكومة نحو تحجيم دور المجتمع المدني في المشاركة في صناعة‬
‫القوانين بشكل عام وخاصة قانون المنظم له بشكل خاص‪ .‬بل وتم استهداف‬
‫الجمعيتان التيي شاركيت ميع مركيز ومؤسيسات حقوق النسيان فيي الملتقيي‪،‬‬
‫سيواء بالتضيييق عليهيا فيي التموييل مميا وصيل على حيد تهدييد حياة المنظمية‬
‫أو بتفجييير مجلس الدارة ميين ‪ ahed.‬وقدرتهييا على السييتمرار مثييل حالة‬
‫الداخيل واسيتبدال أعضاءه بأخرون أكثير ميل للطابيع الخيري الدينيي (جمعيية‬
‫الصيعيد) فيي إشارة لسيتخدام الدولة للنزعات الدينيية فيي مواجهية التيارات‬
‫الديمقراطية وهو ما يمثل كما سبق الشارة أحد مصادر زيادة الفكر الرجعي‬
‫‪.‬في المجتمع‬
‫هذه الطريقية القمعيية فيي التعاميل‪ ،‬وكذلك المعادلة بيين السيياق السيياسي‬
‫والقانونيي فيي الحالة المصيرية ومحاولة الربيط بينهميا‪ ،‬يقوداننيا بالضرورة إلى‬
‫الجهاز الذي يدعيي انيه مسيئول عين حفيظ "السيلم الجتماعيي" والمين العام‬
‫وغيرهيا مين المصيطلحات التيي تلوكهيا الحكومات الديكتاتوريية لتيبرير القميع‬
‫الذي تمارسيه تجاه المجتميع المدنيي‪ .‬وهنيا يأتيي جهاز امين الدولة فيي مصير‪،‬‬
‫والذي يمتلك مكتيب داخيل وزارة الشئون الجتماعيية يديير مين خلله المجتميع‬
‫المدني في مصر‪ .‬بداية من تسجيل المنظمات ورفضها (مركز الرض لحقوق‬
‫النسيان تلقيى رفيض تسيجيله مين وزارة الشئون الجتماعيية مرفقيا بيه خطاب‬
‫ميين أميين الدولة) أوالعتراض على النشطاء السييياسيين فييي مجالس إدارتهييا‬
‫(مؤسسة بشاير للتنمية الشاملة‪ ،‬تم رفض أسمين من المقدمين في مجلس‬
‫الدارة)‪ ،‬إلى التصييييالت المباشرة بالمنظمات فييييي محاولة دائميييية لفرض‬
‫سيطوته عليهيا (المرأة الجديدة)‪ ،‬وصيول إلى متابعية النشطية التيي تقوم بهيا‬
‫مؤسسات المجتمع المدني وإيقاف بعض منها بشكل مباشر (احتفالية المركز‬
‫المصيري لحقوق المرأة باليوم العالميي لحقوق المرأة ‪ )2006‬أو عين طرييق‬
‫غييير مباشيير مثييل منييع الماكيين التييي يمكنهييا اسييتضافة مؤتمرات أو أنشطيية‬
‫واسعة من قبول استخدام المؤسسات لمقرها (حقوق السكن‪ :‬رفضت جمعية‬
‫‪).‬الصعيد تأجير قاعة التدريب لهم للحتفال باليوم العالمي للموئل ‪2005‬‬
‫وتشير المؤسسات إلى أن المن كان المسئول الرئيسي في التعامل معها‬
‫خلل فترة التسييجيل أو مسيياعدة مؤسييسات على التسييجيل كمييا فييي حالة‬
‫"مركيز هشام مبارك"‪ ،‬ولييس وزارة الشئون الجتماعيية التيي كانيت تحييل إلييه‬
‫الوراق‪ .‬وكان يضغيط لتسيجيل المؤسيسات كجمعيات وذلك لمكانيية مراقبتهيا‬
‫والسيييطرة عليهييا أكثيير ميين المؤسييسات ورفضهييا فييي حالة إصييرارها على‬
‫التسجيل كمؤسسة (حالة مؤسسة المرأة الجديدة) أما بعد التسجيل فالوزارة‬
‫تتولى الشراف والرقابيية وعليييه تتولى التصييال بالمؤسييسات فيمييا يخييص‬
‫الجراءات القانونيية‪ ،‬إل أن المين يظيل هيو المسيئول دون سيند قانونيي عين‬
‫متابعيية أنشطيية المؤسييسات‪ .‬وهييو يسييتخدم فييي ذلك التدخييل المباشيير‪ ،‬أو‬
‫الختفاء وراء البيروقراطييية داخييل وزارة الشئون الجتماعييية للوصييول إلى‬
‫أهدافيه مين خلل تعطييل الجراءات بميا يتجاوز فيي معظيم الحيان الفترات‬
‫الزمنييية التييي يتيحهييا القانونوبشكييل يؤدي إلى توقييف العمييل وتهديييد كيان‬
‫المؤسيسة (منظمية التنميية الصيحية والبيئيية تيم تعطييل الموافقية على الدفعية‬
‫الثانيية مين تموييل أحيد مشروعاتهيا لمدة تجاوزت الخميس شهور‪ ،‬وذلك بعيد‬
‫بداييية المشروع بعام كامييل)‪ .‬وجزء ميين هذا التكتيييك يهدف كذلك على إلهاء‬
‫الجمعيات في مسائل إجرائية وروتينية بداية من التسجيل حتى القيام بنشاط‬
‫مين أنشطتهيا‪ .‬فعلى سيبيل المثال تقول نولة دروييش أحيد مؤسيسي مؤسيسة‬
‫دراسييات المرأة الجديدة "أننييا مشغولون بمواجهيية الجراءات التييي تقوم بهييا‬
‫الحكومية المصيرية لتقيييد حركية حقوق النسيان‪ .‬وهيو المير الذي يلهينيا عين‬
‫مناقشية القضاييا الحقيقيية فيي هذا المجتميع‪ ...‬وعلى سيبيل المثال عندميا كنيا‬
‫نناقيش قانون الجمعيات رقيم ‪ 153‬نسيينا فيي مركيز دراسيات المرأة الجديدة‬
‫"مناقشة قضايا تعد في صلب اهتماماتنا مثل قانون الخلع‬
‫والغرييب أن هذا الدور أصيبح فوق القانون والدسيتور‪ ،‬فقانون الجمعيات لم‬
‫يتضمين على سيبيل المثال حيق للسيلطة التنفيذيية فيي قبول أو رفيض منظمية‬
‫ولم يعطي هذه السلطة إل لوزارة الشئون الجتماعية في حالة أن يكون من‬
‫‪.‬بين أغراضها نشاط تحظره المادة الحادية عشر من القانون‬
‫يوثيق تقريير "الهيومين رايتيس واتيش" للعام ‪ 2005‬لكثيير مين هذه الحالت‬
‫التي رفضت فيها أجهزة المن طلبات تسجيل منظمات غير حكومية‪ ،‬وحددت‬
‫ميين يقبييل ترشيحهييم فييي مجالس إدارة هذه المنظمات‪ ،‬وضايقييت نشطاء‬
‫المنظمات غييييييير الحكومييييييية‪ ،‬وحالت دون وصييييييول تييييييبرعات إلى هذه‬
‫الجماعات‪.‬ووصيف هذا التقريير أن جماعات المجتميع المدنيي بأنهيا ترزح تحيت‬
‫ضغيط قيود بالغية فيي ظيل القانون المنظيم للجمعيات والمؤسيسات الهليية‪،‬‬
‫كمييا ربطييت هذه الوضعييية بالدور المنييي‪ ،‬حيييث تقوم أجهزة الميين بالتحري‬
‫الدقييق عين نشطاء المجتميع المدنيي ومضايقتهيم‪ ،‬رغيم أن القانون ل يمنحهيا‬
‫‪.‬أي سلطة من هذا القبيل‬

‫ثانيا‪ :‬قراءة في القانون ‪ 84‬لعام ‪2002‬‬


‫يعتيييبر مبدأ اسيييتقلل المجتميييع المدنيييي‪ ،‬مييين أهيييم مبادئ التشريعات‬
‫الديمقراطييية‪ ،‬إل أن الفلسييفة التشريعييية للقانون (‪ )84‬تقوم على مبدأ تبعييية‬
‫المجتميع المدنيي للسيلطة التنفيذيية مين خلل جهاتيه الداريية‪ .‬وهيو أمير وثييق‬
‫‪،‬الصلة بكل سمات النظام السياسي المصري‬

‫ومثلمييا أفرز هذا النظام التعددييية المقيدة فييي مجال النشاط الحزبييي‪ .‬فقييد“‬
‫‪".‬أفرز في مجال المجتمع المدني الجمعيات المقيدة‬
‫وذلك من خلل حقوق الترخيص أو التقيد أو حظر النشاط‪ .‬كمبدأ حاكم في‬
‫القانون تكشيف النزعية المنيية والبيروقراطيية التيي سييطرت على واضعيي‬
‫التشرييع وهيو ميا يتنافيي كذلك ميع الحريات المنصيوص عليهيا فيي الدسيتور‬
‫المصيري فيي المادتيين (‪ )55‬و(‪ )56‬منيه وكذلك المعاهدات والمواثييق الدوليية‬
‫لحقوق النسييان والتييي تكفييل الحييق فييي تشكيييل المنظمات الهلييية للدفاع‬
‫‪.‬والتعبير عن المصالح الديمقراطية والقتصادية والجتماعية والثقافية‬

‫حرصيت الحكومية المصيرية عنيد إصيدار هذا القانون على تحاشيي الخطاء‬
‫الجرائيييية التيييي أدت إلي الحكيييم بعدم دسيييتورية القانون ‪ 135‬لعام ‪،1999‬‬
‫وذلك بعرضيه على مجلس الشورى إل أن العيوب السياسية التيي حملهيا هذا‬
‫القانون ل تختلف من حييث الجوهير عن تلك المتواجدة في القانون "الجدييد"‪،‬‬
‫‪:‬والتي تتمثل في ثلث ملمح أساسية‬
‫إعطاء جهيية الدارة حقوق شبييه مطلقيية‪ :‬بداييية ميين الموافقيية على ‪12‬‬
‫تأسييس الجمعيات أو وقيف نشاطهيا(مادة ‪ 6‬و‪ 8‬ومين ‪ .)41‬كذلك الحيق‬
‫في الموفقية على التموييل الجنيبي (م‪ )7.‬والنضمام لشبكات وتحالفات‬
‫دوليية(م‪ 76.‬ثالثيا ب)‪ ،‬ويعيد التموييل الجنيبي مين أهيم إن لم يكين أهيم‬
‫مصييدر للتمويييل المجتمييع المدنييي التنموي والحقوقييي فييي ظييل غياب‬
‫‪.‬الرأسمالية المصرية عن هذا المجال‬
‫تغليييظ العقوبات‪ :‬أفرط القانون فييي التجريييم والعقاب على أنشطيية ‪13‬‬
‫الجمعيات فييي العديييد ميين بنوده(م‪ 43.‬حتييى ‪ )47‬على نشاط بطييبيعته‬
‫تطوعييي كمييا تضميين عقابييا جماعيييا لجميييع أعضاء الجمعييية العمومييية‬
‫بتقرير الحل بسبب مخالفات يرتكبها أشخاص يمكن تحديدهم بدقة‪ ،‬أي‬
‫انيه تضمين مبدأ سيياسة العقاب الجماعيي لخطاء فرديية وشخصيية وهيو‬
‫ميا مين شأنيه أحجام المواطنون عين المشاركية فيي المجتميع المدنيي‬
‫وأنشطتيه وهيو ميا يتشابيه ميع قوانيين أخرى مثيل قانون الحزاب فيي‬
‫مصير إذ تكمين الفلسيفة فيي محاولة طرد المواطنون مين دائرة الفعيل‬
‫‪.‬المجتمعي والسياسي‬
‫المصطلحات الغامضة والعبارات المفتوحة‪ :‬يتضمن القانون في داخله ‪14‬‬
‫العديد من المصطلحات غير المحددة مثل منع المنظمات من ممارسة‬
‫أي "نشاط سيييياسي" (م‪ ،)11/3‬النظام العام (م‪ )11/2.‬والطرييييف أن‬
‫اللئحة التنفيذية تستخدم في توضيح مثل هذه العبارات أسلوب يزيدها‬
‫غموضييا إذ تطرح العديييد ميين النشطيية ثييم تختتييم الفقرة بألفاظ ميين‬
‫نوعيية "ميا شبيه ذلك" أو "ميا يندرج تحيت نفيس المسيميات"‪ .‬أو تترك‬
‫المور معلقة مثل الفقرة الخاصة بالتمويل الجنبي على المؤسسة أن‬
‫تتقدم بطلب وأن توفيييق جهات الدارة فيييي خلل ‪ 45‬يوم‪ .‬ول توضيييح‬
‫اللئحة ما هو الوضع في حالة عدم رد الجهة الدارية وهو ما يحدث في‬
‫العادة‪ .‬كميا أن المواد ‪ 136 ،110 ،81 ،73 ،14 ،10‬مين اللئحية جاءت‬
‫كأحكام مسييتحدثة ل سييند لهييا فييي القانون‪ .‬وهذه الوضعييية تخلق حالة‬
‫ميين الغموض تمكيين الحكوميية ميين تطييبيق القانون فييي التوقيييت الذي‬
‫ترغبيه على المنظمية التيي تسيتهدفها‪ .‬على أن تترك المنظمات التيي ل‬
‫تسيبب إزعاج للحكومية فيي العميل دون أي تدخيل‪ ،‬رغيم إنهيا فيي بعيض‬
‫الحيان قيد تكون ترتكيب مخالفات‪ ،‬تتغاضيى عنهيا الجهات الداريية أو‬
‫‪.‬لمنية لتكون هذه المخالفات سلحا في يدها عند الحاجة‬
‫أما على مستوى التطبيق فل تظهر فروق حقيقية في التطبيق مع القانون‬
‫الحالي الذي يعيد على الرغيم مين كيل ميا سيبق أكثير انفتاحيا مين سيابقة (‪)23‬‬
‫لعام ‪ ،64‬مثيل تخطيي ميا يحدده القانون فيي طلبات الموافقية على التموييل‪،‬‬
‫أو المسياواة بيين الجمعيية التيي ل تتلقيي ردا خلل المدة المحددة للتسيجيل و‬
‫الخرى التييي يتييم رفضهييا فكلهمييا عليييه اللجوء للقضاء‪ .‬و هييو مييا يؤكييد أن‬
‫القانون ليس أداة تنظيم بقدر ما هو وسيلة لفرض سطوة السلطة التنفيذية‬
‫على المجتمع المدني‪ .‬كما أن أعمال القانون في حالت بعينها و ضد منظمات‬
‫‪.‬محددة دون غيرها يؤكد كونه أداة رقابة تستخدم عند الحاجة‬

‫بالمقارنية بالقيود المفروضية على المجتميع المدنيي على المسيتوى الدولي‬


‫سنجد أن المركز الدولي للقوانين غير الربحية قد صنفها على مجموعة أنواع‬
‫مين القيود‪ ،‬سينجد معظمهيا متوفرة فيي القانون المصيري ابتداء مين الحجيج‬
‫التييي تسيياق لتييبرير هذه المعوقات مثييل الحفاظ على الميين العام ‪ ،‬السييلم‬
‫الجتماعي‪.‬وصول إلى المعوقات القانونية والعملية على ارض الواقع‪ ،‬وينطبق‬
‫على القانون والواقع المصري ‪ 8‬من النواع التسع التي حددها المركز الدولي‬
‫‪ :‬للقوانين غير الربحية‬
‫‪:‬عدم القدرة على التسجيل وتأمين مزايا الشخصية القانونية‬
‫حيث تقوم الجهات الدارية بوضع العراقيل أمام الجمعيات التي ترغب‬
‫فيي التسيجيل‪ ،‬وتضعهيا تحيت وصياية وزارة الشئون الجتماعيية مين خلفهيا‬
‫‪ .‬جهاز المن‬
‫‪15‬‬ ‫‪:‬عدم القدرة على الحصول على تمويل أجنبي‬
‫حيييث يشطرت القانون المصييري موافقيية الجهات الدارييية على أي‬
‫تموييل مين خارج مصير‪ ،‬وهيي أداة تسيتخدمها السيلطة التنفيذيية للضغيط‬
‫على المنظمات أو لتعوييق نشاطهيا أو حتيى لغلق المنظمية دون اللجوء‬
‫‪.‬إلى الحل إذا كانت هذه المنظمة تعتمد في تمويلها على الخارج‬
‫‪16‬‬ ‫‪:‬حق الحل التحكمى‬
‫إذ يعطيي القانون المصيري للوزارة حيق حيل الجمعيات بعييد اسيتشارة‬
‫التحاد وسماع الجمعية‪ ،‬لكن يظل قرار الحل من اختصاص الجهة الدارية‪،‬‬
‫وعليه يكون سلح مسلطا على الجمعيات يدعمه ما سبقنا الشارة له من‬
‫مصطلحات وعبارات غير محددة‪ ،‬كما أن لها أن تفوض حق الحل للجهات‬
‫‪.‬التنفيذية في المحافظات والمتمثلة في المحافظ‬
‫‪17‬‬ ‫‪:‬عدم القدرة على الدعوة لموضوعات بعينها‬
‫وهيو ميا يصينفه القانون المصيري بأعمال سيياسية إذا رغيب فيي اسيتخدام‬
‫‪.‬هذا السلح للتعامل مع الجمعيات‬
‫‪18‬‬ ‫‪:‬رقابة صارمة وتحكمية‬
‫يعطي القانون المصري الحق للجهات الدارية في الرقابة في أي وقت‪،‬‬
‫كميا انيه يجعله فيي حالة رقابية دائمية على المنظمات مين خلل كيل تلك‬
‫‪.‬الموافقات التي يجب على المنظمات الحصول عليها من خللها‬
‫‪:‬تأسيس جمعيات موازية ‪7-‬‬
‫تعميل فيي نفيس المجال أو نفيس المنطقية‪ ،‬وتلقيى دعميا حكومييا‪ ،‬فيي‬
‫محاولة لجذب التحويلت لمثييل هذه الجمعيات لتييي سيينجدها فييي الغلب‬
‫على رأسيييها أناس سيييابقون بالسيييلطة التنفيذيييية‪ ،‬القوات المسيييلحة‪ ،‬أو‬
‫‪.‬الشرطة‪ .‬أو من خلل خلق انشقاقات داخل ذات الجمعية‬
‫‪19‬‬ ‫‪:‬عقوبات جنائية ضد الفراد المنضمون للمنظمات‬
‫تصيل فيي القانون المصيري إلى عام سيجن‪ ،‬وغرامية تصيل إلى ‪10000‬‬
‫جنييه مصيري لكيل مين يؤسيس منظمية تهدد الوحدة الوطنيية‪ ،‬أو "النظام‬
‫العام"‪ .‬ستة شهور و‪ 2000‬جنيه مصري للقيام بأنشطة دون إتباع القواعد‬
‫‪.‬القانونية‪...‬وغيرها من العقوبات الجنائية‬
‫وسينحاول فيي الجزء القادم تحدييد التأثيير المباشير للقانون على قدرات‬
‫مؤسيسات المجتميع المدنيي‪ ،‬قياسيا على مقدراتهيا مين خلله على تطيبيق‬
‫‪.‬الحكم رشيد داخليا والقيام بحملت على مستوى النشطة‬
‫القانون ‪ 84‬وقدرات المجتمع المدني‬

‫هو ‪ Good Governance‬يذهب البعض إلى أن مفهوم‬


‫مفهوم ظهير فيي المجتميع المدنيي المصيري تحيت ضغيط مؤسيسات التموييل‬
‫الدولييية بأنواعهييا المختلفيية‪ ،‬ويتعاطون بناء على ذلك مييع المفهوم على انييه‬
‫مفهوم مسيس وأداة للضغط الخارجي‪ .‬قد يكون المصطلح قد تمت صياغته‬
‫عبر البنك الدولي إل انه جاء استجابة لحتياج من جانب المجتمع المدني في‬
‫المنطقية العربيية وتعيبيرا عين محاولت عديدة مين جانيب منظمتيه للتحول مين‬
‫مجرد مبادرات فردييييييية أو مبادرات تقوم على عدد محدود ميييييين النشطاء‬
‫لمؤسسات تمتلك القدرة على العمل والستمرارية وتتجنب الوقوع في دائرة‬
‫النعزال عين المجتميع أو الفسياد مين خلل آليات ديمقراطيية‪ ،‬شفافية‪ ،‬وتحقيق‬
‫‪.‬التوازن بين ممارسة السلطة والمحاسبية‬
‫والتعرييف القاموسيي للمصيطلح كميا فيي قاموس أكسيفورد "هيو ممارسية‬
‫السييييلطة القتصييييادية والسييييياسية والدارييييية لدارة الشئون على كافيييية‬
‫المسيتويات‪ ،‬ويضيم الليات والمؤسيسات التيي يمكين للفراد والجماعات مين‬
‫خللها التعبير عن مصالحهم وممارسة حقوقهم القانونية‪ ،‬والوفاء بالتزاماتهم‪،‬‬
‫وتسوية خلفتهم‪ .‬ويتضمن تحديد الولويات السياسية والقتصادية والجتماعية‬
‫على أسياس إجماع القطاع العرييض مين المجتميع‪ .‬ومين خلله يتيم التعيبير عين‬
‫القطاعات الكثييير فقرا وتهميشيييا عنيييد اتخاذ القرارات المتعلقييية بتخصييييص‬
‫الموارد التنمويية‪ .‬وتكمين مشكلة تعرييف المفهوم فيي التداخيل بيين المجتميع‬
‫المدنييي والدولة‪ .‬أي بييين مفهوم الحكييم الرشيييد داخييل مؤسييسات المجتمييع‬
‫المدنييي والحكييم الرشيييد على مسييتوى الحكومات‪ .‬وقييد حاولت "المجموعيية‬
‫العربيية للقيادة الرشيدة" طرح تعرييف أكثير ارتباط بالمجتميع المدنيي فعرفيت‬
‫الحكم أو الحكم رشيد بأنها‪ ":‬الحكم‪ /‬الحكم رشيد داخل المؤسسات المختلفة‬
‫تنطوي فييي جوهرهييا على تفويييض الجماعيية سييلطات القيادة لهيئات تمثيلييية‬
‫أصيغر ميع خضوع هذه الهيئات للمحاسيبة‪ ،‬كميا تنطوي على تحقييق المشاركية‬
‫الفعالة للجماعية فيي التأثيير على هذه القرارات‪ ،‬وتمكيين القطاعات الوسيع‬
‫والكثر تهميشا في سبل المشاركة‪ ،‬بما في ذلك إتاحة المعلومات‪ ،‬والدوات‪،‬‬
‫"والطرق الكفيلة بتحقيق ذلك‬
‫والتعريييف الخييير يحدد لنييا على المسييتوى الجرائي العناصيير السيياسية‬
‫‪.‬للمفهوم وهي‪ :‬التفويض‪ ،‬الشفافية‪ ،‬المحاسبة‪ ،‬المشاركة‪ ،‬التمكين‬

‫ومفهوم الحكييييم الرشيييييد بعناصييييره المختلفيييية يواجييييه عدة إشكاليات‬


‫"فمؤشرات البحوث الميدانية‪ ،‬وكذلك متابعة وملحظه مسار المجتمع المدني‬
‫فيي مصير‪ ،‬تكشيف عين ممارسيه ديمقراطييه محدودة داخيل بعيض مؤسيسات‬
‫المجتمع المدني" كما تكشف قصورا على مستوى الشفافية والمحاسبية‪ ،‬وهو‬
‫مييا يؤدي فييي بعييض الحيان إلى شخصيينه المؤسييسات حيييث تعرف بأسييم‬
‫مؤسسها أو المدير أو رئيس مجلس الدارة‪ ،‬مما يجعل عملية تداول السلطة‬
‫داخييل المؤسييسة شبييه مسييتحيلة وبالتالي تتأثيير مفاهيييم مثييل التفويييض‬
‫والمشاركية والتمكيين‪ .‬كميا ينفرد فيي ب عض الوقات قله محدودة بصينع القرار‪،‬‬
‫كما تغيب في معظم الحيان عمليات التوثيق المنهجية داخل المؤسسات مما‬
‫‪.‬يعوق الشفافية إذ رغبت المنظمة في تطبيقها‬
‫ويرصيد تقريير التنميية البشريية للعام ‪ 2002‬الصيادر عين البرناميج النمائي‬
‫للميم المتحدة بشكيل واضيح أوجيه متعددة للقصيور الداخلي للجمعيات الهليية‬
‫العربية من خلل نقص الديمقراطية الداخلية المنعكسة في البطء في تداول‬
‫الدارة‪ ،‬انخفاض التمثيييل النسييائي والشبابييي فييي مجالس إدارتهييا‪ ،‬شخصيينه‬
‫إدارتهيا فيي ييد شخيص واحيد‪ .‬ويرصيد على مسيتوى الشفافيية تدنيي مؤشراتهيا‬
‫فيميا يختيص باتخاذ القرار تصيل لحيد أن بعضهيا يجيد صيعوبة فيي احترام قواعيد‬
‫واضحيية للدارة والمحاسييبية‪ .‬إل أن التقرييير يشييير إلى هذا الحال ل يخييص‬
‫المجتمييع المدنييي بمؤسييساته فييي المنطقيية العربييية دون باقييي المجتمييع‬
‫بمؤسييساته سييواء الحكومييية أو الخاصيية‪ .‬وهييو مييا يفرض إلقاء نظرة على‬
‫الظروف الموضوعييية والذاتييية لهذا القصييور بهدف المعالجيية وليييس التييبرير‪.‬‬
‫فقدرة المنظمات على بلورة نماذج للحكم رشيد تواجه تحديات ذاتية من ذلك‬
‫التكييف ميع الضغوط الخارجيية بالبتعاد عين الرسيالة على الخيص فيميا يتعلق‬
‫بإحداث تغييير إيجابيي فيي أوضاع الفئات المسيتفيدة‪ ،‬أو فيي السيياسات‪ .‬كميا‬
‫أدي اسيتخدام مظلة قانونيية لمزاولة النشاط كشركات المدنيية الخاصية‪ ،‬غيير‬
‫الهادفية للربيح إلى عدم وضوح مبادئ هامية للحكيم الرشييد‪ ،‬فالشكيل الجديدة‬
‫ل توفير بطبيعتهيا شروط المحاسيبة والمسيائلة والمشاركية‪ ،‬فضل عين شرعيية‬
‫التمثيل وحدود الصلحيات‪ .‬ورغم توجه بعض المنظمات إلى تعزيز هذه القيم‬
‫بتوسييع دوائر المشاركية والمسيائلة فيي الجماعية المعنيية بنشاطهيا مين خلل‬
‫تشكيييل مجالس اسييتشارية‪ ،‬إل أن هناك حالت أخرى ميين التربييح والفسيياد‬
‫واسيييتغلل النفوذ أسييياءت كثيرا للمجتميييع المدنيييي‪ .‬كميييا انيييه هناك ظروف‬
‫موضوعييية تتعلق بالبيئة القانونييية والتشريعييية فييي نموذج التعددييية المقيدة‪،‬‬
‫والتيي تأخيذ بمنطيق رخصية الجهية الداريية كشرط لمزاولة النشاط‪ ،‬بدل مين‬
‫منطييق الخطار القائم على الدارة الحرة للمؤسييسين‪ ،‬مييع الخضوع لرقابيية‬
‫القضاء والرأي العام‪ ،‬فضل عيين التحديات التييي تمثلهييا مختلف القيود الخرى‬
‫التي تعوق حرية النشاط‪ .‬وهذه القيود القانونية الخاصة بالقانون المصري ‪84‬‬
‫لسينة ‪ 2002‬وتأثيره على قدرت المنظمات على تطيبيق الحكيم رشييد إيجابييا‬
‫‪.‬وسلبيا وتقييم عام لدوره في هذا المجال هو ما سنتعرض له بالتفصيل‬

‫تضميين القانون المصييري العديييد ميين البنود التييي تدفييع منظمات المجتمييع‬
‫المدنيي إلى تطيبيق مفهوم الحكيم الرشييد‪ ،‬كميا تضمين فيي طياتيه معوقات‬
‫‪.‬لذات المفهوم‬
‫على الجانيييب الول نرى أن القانون يدفيييع فيييي أتجيييه الشفافيييية على‬
‫المسيتوى الداخلي للمنظمية وعلى مسيتوى الجهات الداريية فيي المادة ‪20‬‬
‫منييه إذ يعطييي أعضاء الجمعييية حييق الطلع على سييجلت الجمعييية وكذلك‬
‫‪.‬يعطي نفس الحق للجهات المختصة‬
‫وعلى مسيتوى المحاسيبية يعطيي الجمعيية العموميية الحيق فيي المادة ‪26‬‬
‫منه في النظر في غير المسائل الواردة في جدول العمال بموافقة الغلبية‬
‫المطلقيية لمجموع عدد أعضائهييا‪ .‬كمييا يتييم أبلغ الجهات الدارييية بصييورة ميين‬
‫‪.‬محضر الجتماع‬
‫بينمييا المواد‪ 30‬و‪ 35‬و‪ 36‬فتحاول تفادي إشكالييية تضارب المصييالح بييين‬
‫عدم الجمع بين وظيفة في جهة إدارية وعضوية مجلس إدارة أحد الجمعيات‪،‬‬
‫كميا ينيص بعدم جواز اشتراك العضيو ذو المصيلحة فيي التصيويت فيميا يخيص‬
‫القرار المتعلق بها وكذلك عدم عمل أحد أعضاء مجلس الدارة بأجر في ذات‬
‫‪.‬الجمعية‬
‫كميييا أن التواجيييد خارج عباءة القانون‪ ،‬يؤثييير سيييلبا فيييي الحكيييم الداخلي‬
‫للمنظمية لغياب القواعيد الحاكمية وتحولهيا إلى مبادرات فرديية تتوقيف على‬
‫‪.‬حسن نوايا الشخاص المؤثرين في المؤسسة و رغباتهم‬
‫بينمييا نرى مجموعيية أخرى ميين المواد التييي قييد تمثييل عائق أمام تطييبيق‬
‫مفهوم الحكيم الرشييد مثيل المواد التيي تعتيد موافقية الجهية الداريية بدل مين‬
‫الخطار وهيو ميا يعوق مفهوم التمكيين كمكون أسياسي للحيم الرشييد ومنهيا‬
‫‪.‬المادة ‪ 17‬والخاصة بتلقي أو إرسال أموال من الخارج‬
‫كما يغيب مفهوم المشاركة ويحيد بمفهوم المحابية عن معناه عندما يعطي‬
‫حيق للجهات الداريية العتراض على قرارات الجمعيية مادة ‪ 23‬أو يطلق يدهيا‬
‫‪.‬في مسألة حل الجمعيات الفصل الرابع من القانون‬
‫وبالعودة إلى السييمات الثلث للقانون نجييد أن إعطاء جهيية الدارة حقوق‬
‫شبيه مطلقية يؤدي بالضرورة إلى جعيل الحكيم الرشييد مفهوم يضبيط العلقية‬
‫ميع الجهية الداريية‪ ،‬وقيد يكون له دور على المسيتوى الداخلي للمنظمية إل أنيه‬
‫يغييب (كميا يظهير مين كافية المواد القانونيية السيابق عرضهيا) المجتميع كلعيب‬
‫أسياسي فيي هذا الموضوع‪ ،‬فل ينيص على سيبيل المثال على نشير ميزانيات‬
‫المنظمات‪ ،‬أو على دور ميييا لمتلقيييي خدمات هذه الجمعيات‪ ،‬مميييا يجعيييل‬
‫الجمعيات تتعاميل ميع مسيائل الحكيم الرشييد بوصيفها أدوات لرقابية الحكوميية‬
‫وليست وسيلة لدارة أكفاء للمؤسسات‪ .‬فالقانون لم يمس في حايز التطبيق‬
‫التنظيييم الداخلي للمؤسييسات‪ ،‬وظلت مختلف عناصيير الحكييم الرشيييد ميين‬
‫التفويييض حتييى التقوييية إمييا وسيييلة رقابيية مباشرة للجهات الدارييية مثييل ‪:‬‬
‫التفوييض‪ ،‬الشفافيية‪ ،‬المحاسيبية‪ .‬أو مفاهييم غائبية مثيل التمكيين وهيو ميا يعتيبر‬
‫‪.‬لمفهوم الحكم الرشيد ‪ abuse‬انتهاك و سؤ استخدام و تشويه‬
‫أم السمة الثانية وهي تغليظ العقوبات‪ ،‬فلها أثر مباشر في احتكار البعض‬
‫للسيلطة إذ يرون أن توسييع هاميش الديمقراطيية قدي يعرضهيم لمخاطير‪ ،‬أو‬
‫يدفييع ببعييض المؤسييسات إلى إخفاء بعييض مييا تقوم بييه خوفييا ميين التعرض‬
‫لعقوبات وهيو ميا يمثيل عائق أمام الشفافيية وبالتالي القدرة على المحاسيبية‪،‬‬
‫وكذلك على المشاركية كمكون أسياسي للحكيم الرشييد‪ .‬فهناك حرص شدييد‬
‫من مختلف المؤسسات في أخفاء من دفاترها أي نشط قد يغضب الحكومة‬
‫عليها سواء بالحذف في حالة محاضر الجتماعات‪ ،‬أو بإعادة تسمية النشطة‬
‫‪.‬في حالة التقارير المالية‬
‫المصيطلحات الغامضية والعبارات المفتوحية تكون مفتاحيا لتدخيل الجهية‬
‫الدارية والسيلطة التنفيذية عند الحاجية‪ ،‬فالقانون غيير مطبق سوى في حالة‬
‫رغبية الجهات المنيية فيي تعطييل أو حظير أو تصيفية أحيد المؤسيسات‪ .‬وعلييه‬
‫يصيبح مفهوم الحكيم الرشييد فيي المجتميع ككيل مفهوميا مهددا ولييس فقيط‬
‫‪.‬داخل منظمات المجتمع المدني‬
‫وحجية منيع التدخيل الخارجيي أو مكافحية الفسياد فيي المجتميع المدنيي هيي‬
‫حجة واهية‪ ،‬فهي ليست بأكبر من ها في باقي المؤسسات العامة أو الخاصة‬
‫وهيي نتاج لعتبارات تتعلق بمحدوديية الديمقراطيية والشفافيية فيي المجتميع‬
‫بشكييييل عام‪ ،‬لذلك فالخضاع أو تغليييييظ العقوبات‪ ،‬أو العقوبات والقوانييييين‬
‫السيتثنائية التيي تطبيق بشكيل انتقائيليسيت هيي الحيل‪ ،‬بيل سييكون مين شأنهيا‬
‫خلق مناخ من عدم الثقة والشعور بالخطر الدائم من جانب المؤسسات مما‬
‫‪.‬يعوق الديمقراطية والحكم الرشيد ويفتح أبواب أوسع للفساد‬

‫‪ advocacy and‬احتلت قضيية الدفاع وكسيب التأيييد‪ /‬الدعوة والتعبئة‬


‫مكانيا بارزا فيي أنشطية المجتميع المدنيي فيي خلل السينوات ‪lobbying‬‬
‫الماضيية‪ ،‬إذ اتسيع وأخيذ فيي التبلور المنهيج الحقوقيي داخيل هيئات المجتميع‬
‫المدني خاصة بدل عن المنهج الخيري الخدمي فقد أستدعى ذلك تبني منطق‬
‫الدفاع وكسب التأييد كنشاط وإستراتيجية أساسية لعمل العديد من الهيئات‪.‬‬
‫وقد خاضت منظمات المجتمع المدني خلل هذه الفترة تجارب متنوعة وغنية‬
‫فيييييييي مجال الدفاع وكسيييييييب التأيييييييييد‪ .‬ويعرف قاموس كاميييييييبريدج‬
‫بأنهيا مجموعية مخططية من الفعال السيياسية‪Campaigning ،‬الحملت‬
‫أو العسيكرية التيي تسيتهدف تحقييق غرض ويعطيي ‪ business ،‬القتصيادية‬
‫‪:‬أمثلة حولها القرب منها لموضوع الدراسة‬
‫"المظاهرات كانت جزء من حملتهم ضد مشروع توسيع البناء في المنطقة"‬
‫‪Cambridge:‬‬
‫‪- A planned group of especially political, business or military‬‬
‫‪activities which are intended to achieve a particular aim:‬‬
‫‪The protests were part of their campaign against the proposed‬‬
‫‪building development in the area.‬‬
‫الحملت بأنهيا عمليية تأثيير ‪ action aid‬بينميا تعرفهيا مؤسيسة مسياندة العميل‬
‫على الصناع الساسيين للقرارات‪ ،‬وصناع تكوين اتجاهات الرأي العام (أفراد‬
‫‪.‬ومنظمات) من أجل أحداث تأثير في السياسات والممارسات‬
‫‪ (advocacy)،‬وهنيا يمكننيا تحديد عناصير أسياسية للمفهوم هي‪ :‬التخطييط‪ ،‬الدعوة‬
‫‪ (lobying).‬التشبيك‪ ،‬التعبئة‬
‫والمفهوم كميا سيبق الشارة هيو مفهوم حدييث بمعناه العلميي فيي السيياق‬
‫المصري إذ كانت الحملت في السابق ومازال كثير منها يقوم على مجموعة‬
‫من الفكار والنشطة غير المنسقة‪ ،‬ل تستخدم المنهج العلمي في التخطيط‪.‬‬
‫فدور المجتمع المدني في التغيير الجتماعي لم يناقش من قبل الباحثين في‬
‫مصر بشكل مستفيض يتفق مع أهميته‪ ،‬حتى أن المصطلح ذاته لم يتفق عليه‬
‫بشكل كامل ومازال يستخدم المصطلح باللغة النجليزية للتعبير عن المفهوم‬
‫مميا يوحيي بحداثية الموضوع‪ .‬وحداثية الهتمام بيه فيي مصير والمنطقية العربيية‬
‫من جهة أخرى في سياق سياسي واقتصادي واجتماعي‪ .‬كما أن ثقافة الدولة‬
‫المركزيية تقيف عائق أمام المفهوم لييس على مسيتوى الدولة فقيط بيل وعلى‬
‫مسيتوى المجت مع أحيانا‪ ،‬فرغيم التقريير اليجابي من هيئة مفو ضي الدولة فيي‬
‫قضية الجمعية المصرية لمناهضة التعذيب للحصول على حق التسجيل‪ ،‬فقد‬
‫حكميية محكميية القضاء الداري فييي يوم ‪ 2005 /25/12‬برفييض تسييجيل الجمعييية‬
‫وجاء فيي حيثيات الحكيم أنيه مين بيين أهداف الجمعيية الضغيط على الحكومية‬
‫ليقاف التعذييب فيي أقسيام الشرطية والسيجون وهيو ميا أعتيبره القضاء عميل‬
‫سيياسي ل يجوز للجمعيية ممارسية إذ يتضمين الضغيط على الحكومية‪ .‬وهيو ميا‬
‫‪.‬ينقلنا لما يتضمنه القانون فيما يخص قدرة الجمعيات على القيام بحملت‬

‫يكاد القانون ‪ 84‬يخلوا ميين أي مادة تشييير لمفهوم أو فكرة القيام بحملت‬
‫ممييا يدل على جهييل المشرع أو ميين وراءه بتطور طبيعيية المجتمييع المدنييي‬
‫والحركات الجتماعيية‪ ،‬وعلييه ل يوجيد بالقانون ميا يمكين أن يكون مين شأنيه‬
‫دفيع مفهوم الحملت أو دعميه‪ ،‬فبقراءة لنصيوص القانون المختلفية نجيد مادة‬
‫واحدة يمكيييين وصييييفها بذلك وهييييي المادة ‪ 65‬والتييييي تسييييمح للجمعيات‬
‫والمؤسسات الهلية فيما بينها أن تنشئ اتحادات نوعية أو إقليمية مما يدعم‬
‫فكرة التشبييييك‪ .‬إل انيييه يعود فيييي المادة ‪ 68‬ويحدد المهام المنوط بالتحاد‬
‫القيام بهيا بشكيل يعييق تطويير الشبكات‪ .‬فالحملت أكثير ارتباطيا فيي الواقيع‬
‫المصري بصفته واقع سلطوي بالسياق العام السائد ما بين شد وجذب بين‬
‫الحكومة من جانب وقوى الديمقراطية والصلح من جانب أخر‪ ،‬فكلما مالت‬
‫الكافية إلى الجانيب الثانيي اتسيع هاميش الحركية فيي المجتميع ككيل و بالتالي‬
‫تزداد قدرة المجتمع المدني على القيام بحملت في مجالت العمل‪ .‬تأتي في‬
‫مقدميية المواد المعيقيية للمجتمييع المدنييي فييي مجال الحملت المادة ( ‪)11/2‬‬
‫التييي تحظيير أي نشاط سييياسي إذ يمكيين أن تعتييبر إلى حملة فييي أي مجال‬
‫نشاطيا سيياسيا خاصية وأن اللئحية اسيتخدمت فيي تعرييف النشاط السيياسي‬
‫عدة أنشطية وأنهيت الفقرة بعبارة أو "نشاط ينصيرف إلى ذلك" أي أنهيا تترك‬
‫مفتوحا للجهة الدارية لتستطيع استخدامها ضد المجتمع المدني عند الحاجة‪.‬‬
‫لذلك نرى أن المؤسييسات المسييجلة ل تسييتخدم كلمات مثييل حملت‪/‬دفاع‪/‬‬
‫فيي تقريرهيا المقدمية للجهات ))‪ campaigning/advocacy/lobbying‬تعبئة‬
‫الداريية‪ ،‬إنميا تفصيلها لنشطية مين نوعيية إصيدار كتييب‪ ،‬طباعية ملصيق ‪...‬الخ و‬
‫وقد أعاقت هذه المادة ‪ raising awareness.‬عبارات من نوعية رفع الوعي‬
‫بالفعييل العديييد ميين منظمات المجتمييع المدنييي ميين المشاركيية بفاعلييية فييي‬
‫أحداث هامييية‪ ،‬مثيييل محاولة مؤسيييسة المرأة الجديدة القيام بحملة لدعيييم‬
‫‪.‬المرشحات النساء لمجلس الشعب في انتخابات ‪2005‬‬
‫كميا يعاقيب القانون بالحبيس طبقيا للفقرة (ب) مين ثالثيا مادة ‪ 76‬كيل عضيو‬
‫مين أعضاء مجلس إدارة الجمعيية أو المؤسيسة الهليية أو مين يديرهيا سياهم‬
‫بفعله فييي انضمامهييا أو اشتراكهييا أو انتسييابها إلى ناد أو جمعييية أو هيئة أو‬
‫منظمة مقرها خارج جمهورية مصر العربية‪ ،‬وذلك دون إخطار للجهة الدارية‬
‫أو رغم اعتراضها‪ .‬وهو ما يعوق بشدة مفهوم التشبيك على المستوى الدولي‬
‫وهى أداة من الدوات الفعالة في القيام بحملت ناجحة خاصة في الدول ذات‬
‫‪.‬النظمة السلطوية‬
‫بمراجعية السيمات الخاصية بالقانون‪ ،‬نجيد عمليية القيام بالحملت فيي ظيل‬
‫القانون شدييد الصيعوبة فوضيع الجمعيات تحيت وصياية الجهات الداريية يعوق‬
‫بالشدة إمكانية الدعوة والتعبئة خاصة إذا كانت في مواجهة سياسات حكومية‬
‫أو سياسات تجد مساندة من الحكومة‪ .‬بينما العبارات المفتوحة تترك المجال‬
‫للجهات الدارييية ليقاف أي حملة بييل وحييل الجمعييية ذاتهييا‪ ،‬كمييا أن إمكانييية‬
‫التشبييك داخلييا وخارجييا تظيل محاصيرة بيين اللوائح والقوانيين‪ .‬و تلعيب سيمت‬
‫تغلييظ العقوبية الدور السياسي كرادع لكيل مين يحاول الخروج عين سيياسات‬
‫تبغيي الحكومية القيام بهيا أو تدعمهيا عين طرييق القيام بحملة ضدهيا‪ .‬لذلك و‬
‫مين واقيع تجربية مثيل تجربية الحملة التيي قاميت بهيا مجموعية مين مؤسيسات‬
‫حقوق النسان و منظمات نسويه حول تعديل المادة ‪ 17‬من قانون العقوبات‬
‫و الخاصية بالرأفية فيي قضاييا التحرش‪ ،‬يشيير المشاركون أن المؤسيسات غيير‬
‫المسجلة تحت قانون العمل الهلي كانت أكثر حرية وبالتالي أكثر فاعلية من‬
‫تلك المقيدة التيييي كانيييت تشارك فيييي الحملة و هيييي مغلولة اليدي طوال‬
‫‪.‬الوقت‬
‫الخاتمة‬

‫كما يتضح من خلل المفاهيم الخاصة بالحكم الرشيد والحملت‪ ،‬أن الحكم‬
‫الرشيييد ذاتييه ضمانيية لنجاح قيام المؤسييسات فييي المجتمييع المدنييي بحملت‬
‫كفييء فل غنييى عيين الشفافييية لضمان المصييداقية‪ ،‬ول بديييل عيين المشاركيية‬
‫لتحقيق تشبيك ناجح‪ ،‬كما أن التمكين كمكون رئيسي للحكم الرشيد هو أحد‬
‫غايات القيام بالحملت‪ .‬فالحكم الرشيد مصدر أساسيا لمصداقية‪ ،‬وفاعلية أي‬
‫حملة‪ .‬فعندمييا يتييم تطويييع عناصييره ميين شفافييية ومحاسييبية‪..‬الخ لتصييبح أداة‬
‫‪:‬للرقابة الحكومية وسيطرة الجهزة الحكومية يقود ذلك إلى أحد حالتين‬
‫الحالة الولى‪ ،‬هيييي اللتزام بقواعيييد القانون والقيام بالحملت فيييي حدود‬
‫الخطوط الحمراء التيي تضعهيا السيلطة التنفيذيية‪ ،‬وفيي الغالب ميا تكون هذه‬
‫‪.‬الحملت شكلية وليست لها نتائج مؤثرة‬
‫الحالة الثانيية‪ ،‬تجنييب مفهوم الحكيم الرشييد أو تجنيب شكيل المؤسيسات‬
‫الهلية للتمكن من قيام بحملت فعالة تمس جوهر المشكلت و تأثر فيها‪ ،‬إل‬
‫‪.‬أن ذلك قد يكون من شأنه إضعاف مصداقية الحملة‬
‫أي أن القانون ‪ 84‬بتطويعيه لمفهوم الحكيم الرشييد ليكون مصيدرا للرقابية‬
‫يضعنيا فيي إشكاليية تجعيل العلقية بيين تطيبيق الحكيم الرشييد والقدرة على‬
‫القيام بحملت بشكيل كفيء علقية عكسيية‪ .‬ويمثيل هذا النموذج لم يمكين أن‬
‫تؤدي بيه مثيل هذه النوعيية القمعيية مين ارتباك فيي العلقات بيين مكونات فيي‬
‫‪.‬كيان واحد يجب أن تتكامل‬
‫على الرغيم مين رؤيية البعيض ليجابيات فيي القانون ‪ 84‬كاعترافيه الضمنيي‬
‫بمؤسييسات حقوق النسييان‪ ،‬أو تركييه عبارات مفتوحيية ممييا يقدر البعييض أن‬
‫تركهيا كمجال للجدل أفضيل مين حسيمها بشكيل قمعيي إل أنيه كميا اتضيح مين‬
‫الرؤيية العامية للقانون ومواده‪ ،‬أنيه يحتاج إلى مراجعية للتخلص مين السيمات‬
‫الثلث الرئيسية التي تعوق عمل المنظمات الهلية‪ ،‬فمصر تحتاج للتحرك نحو‬
‫الديمقراطييييية تغيرات تشريعييييية بنفييييس قدر حاجاتهييييا لتغيرات سييييياسية‬
‫واقتصيادية‪ .‬إن تغييير قانون المجتميع المدنيي فيي مصير أصيبح مطلبيا وطنييا‬
‫ترفعه كافة التجمعات الديمقراطية في مصر إلى جوار مطالبها الخرى‪ .‬إل أن‬
‫المجتميع المدنيي مازال ل يعميل بشكيل جدي لتغيير القانون‪ ،‬لم ترفيع قضاييا‬
‫عدم دسييتورية ضييد القانون أو عدد ميين بنوده‪ ،‬لم تقييم تجمعات للعمييل على‬
‫تغيير القانون‪ ،‬لم نشهد عمل على طرح قانون بديل‪ .‬والمهمة الخيرة هي ما‬
‫اعتقد انه المرحلة الثانية للمجتمع المدني بعد نجاحه في إدراج تغيير القانون‬
‫على أجندة التغييير فيي مصير‪ .‬إعداد قانون للمجتميع المدنيي بديل للقانون ‪84‬‬
‫لسينة ‪ 2002‬يأخيذ فيي السياس بعدة مبادئ يمكين أن تجنبنيا مسياوئ القانون‬
‫‪ 84 :‬وهي‬
‫وضيع القضاء بهيئاتيه الطبيعيية وسييط بيين السيلطة التنفيذيية والمجتميع ‪20‬‬
‫المدنيي إذ ل يجوز لي طرف اتخاذ إجراءات قانونيية ضيد الخير إلى مين‬
‫‪.‬خلل اللجوء للسلطة القضائية‬
‫وضع عقوبات تتناسب مع حجم المسؤوليات وطبيعة العمل التطوعي‪21 ،‬‬
‫‪.‬واللجوء لقواعد القانون العام في حالة أي مخالفة‬
‫‪22‬‬ ‫تحدييد واضيح للمفاهييم والمصيطلحات والجراءات الواجيب إتباعهيا فيي‬
‫المجتمييع المدنييي دون ترك عبارات مبهميية و مواد ميين القانون دون‬
‫‪.‬تحديد‬
‫‪23‬‬ ‫إدخال المجتمييع كطرف رئيسييي فييي المجتمييع المدنييي ميين خلل عدة‬
‫مواد تمكيين المجتمييع ميين التعرف على المجتمييع المدنييي ومتابعتييه‬
‫وإمكانيية السيتفادة منيه‪ ،‬أو حتيى التدخيل فيي حالة عدم الرضاء (مثال‪:‬‬
‫إلزام مؤسيسات المجتميع المدنيي نشير ميزانيتهيا على المواقيع الخاص‬
‫)بها و في الجريدة الرسمية‬
‫‪24‬‬ ‫قانون يدعيييم الشفافيييية بمنطيييق إتاحييية المعلومات لتبادل المنفعييية‬
‫والتمكين من المحاسبية بدل من كونها كما في القانون الحالي مصدرا‬
‫‪.‬للرقابة على الجمعيات‬
‫‪25‬‬ ‫ضرورة تمتع المؤسسات الهلية بكافة حقوق الشخصية المعنوية كما‬
‫‪.‬في القانون‬
‫‪26‬‬ ‫أن تكون الحرية مفهوما حاكما في هذا القانون (والحظر أو المنع يكون‬
‫السيييتثناء)‪ ،‬وذلك مييين خلل إحلل الخطار بدل مييين الموافقييية فيييي‬
‫القانون‪ ،‬حريية تعدييل النظمية الداخليية‪ ،‬عدم جواز تدخيل الدارة فيي‬
‫عمليية تسييير الجمعيية لجتماعاتهيا أو انتخاباتهيا أو نشاطاتهيا أو التأثيير‬
‫‪.‬عليها‬
‫وقيد وضيع مجموعية مين الخيبراء القانونيين و النشطاء فيي مجال العميل‬
‫المدنيي العربيي فيي ورشية عميل فيي عمان فيي العام ‪ 1999‬مجموعية مين‬
‫المبادئ التييي يمكيين إلى جوار تلك المذكورة أن تمثييل أسيياسا لقانون يدعييم‬
‫‪.‬المجتمع المدني‬
‫أميا على مسيتوى المجتميع الدولي فهناك عدة مبادئ واجيب إتباعهيا هيي‬
‫‪:‬الخرى لدعم المجتمع المدني في مصر و العالم ككل‬
‫عولمية حريية المجتميع المدنيي وحقوق النسيان‪ ،‬و ذلك بالخروج بهيا مين ‪1-‬‬
‫إطارات العلقات الثنائيية التييي تسييبب كثيير مين الحسيياسية‪ ،‬والتييي تجعلهيا‬
‫أدوات للضغييط السييياسي بييين الدول إلى إطار متعدد الطراف يمتلك آليات‬
‫للمراقبة و تنفيذ قراراته و يتفادى إشكالية هيمنة دول وسيطرتها لستخدامه‬
‫كطريقة للضغط على دول أخرى في أمور ل تتعلق بالمجتمع المدني وحقوق‬
‫النسييان‪ .‬فهذا التدخييل يسييمح للقوى الرجعييية (دينييية أو حكومييية) أن تظهيير‬
‫بمظهيير المدافييع عيين الوطيين أمام التدخييل الخارجييي والذي يظهيير المجتمييع‬
‫‪.‬المدني في هذه الحالة كعميل للخارج‬
‫يتوجيب على المجتميع الدولي كذلك إظهار مزييد مين الهتمام و التشجييع‪2- ،‬‬
‫حييث أن ها ضروريية ‪Social welfare .‬لتنمية أجندة انتعاش اجتما عي حقيقيية‬
‫للحيد مين أثار سيياسات التيي تروج لهيا الهيئات الدوليية المانحية ذات التوجيه‬
‫‪ market oriented .‬الرأسمالي‬
‫مقاومية ميا تقوم بيه الحكومات مين تسيييس للمجتميع المدنيي وحقوق ‪3-‬‬
‫النسان عن طريق استخدام المجتمع المدني كطريق لفرض أجندة حكومات‬
‫معينة‪ .‬بل أننا نرى بعض الحكومات في الدول المانحة تستخدم نفس الحجج‬
‫التي سبق وأن تطرقنا لها والتي تستخدمها الحكومات لكبت حريات المجتمع‬
‫المدنييي‪ ،‬مثييل مقاوميية الرهاب‪ ،‬وغسيييل الموال وغيرهييا‪ .‬وإن كانييت هذه‬
‫السيباب مشروعية لكين اسيتخدامها فيي مواجهية أي نشاط يختلف ميع أجندة‬
‫الحكومات المانحية حتيى لو كان النشاط سيلمي أصيبح ظاهرة واضحية خاصية‬
‫في حالة الوليات المتحدة‪ ،‬و كذلك استخدامها بشكل انتقائي ضد دول بعينها‬
‫‪.‬دون غيرها‬
‫الفصييل بييين المجتمييع المدنييي والحكومات على المسييتوى الدولي‪ ،‬وذلك ‪4-‬‬
‫بامتلك مؤسيسات المجتميع المدنيي أجندة واضحية ومسيتقلة‪ ،‬تنوييع مصيادر‬
‫التمويييل الخاصيية بالمؤسييسات‪ ،‬والدخول فييي شراكيية حقيقييية بييين الجهات‬
‫المانحية والمؤسيسات المتلقيية للمنيح تسيمح ببلورة أجندة عميل مشتركية يتيم‬
‫فيهيا تبادل المنافيع‪ .‬وعدم خلط السيياسي بحريية المجتميع المدنيي‪ ،‬ولعيل أبرز‬
‫مثال الن هيو الجدل الدائر حول قطيع المعونية عين منظمات المجتميع المدنيي‬
‫فييي فلسييطين بعييد فوز حماس بالنتخابات‪ .‬وكأنييه عملييية عقاب جماعييي‪ ،‬و‬
‫سيتكون سيابقة ذات أثير بالغ على حريية المجتميع المدنيي فيي العالم كله على‬
‫المدى البعييييد‪ ،‬إذ مييين شأنهيييا إفقاد مفهوم المجتميييع المدنيييي لمصيييداقيته‪،‬‬
‫وإضعافييه لصييالح الطراف الخرى بمييا فيهييا الطراف المتطرفيية فمنظمات‬
‫‪.‬المجتمع المدني في هذه الظروف هي أشد حاجة للدعم والمساندة‬
‫ضرورة التمسييك بالديمقراطييية كنظام عالمييي ومقاوميية التراجييع الذي ‪5-‬‬
‫سواء في ‪ back clash of democracy،‬يشهده العالم الن في هذا المجال‬
‫العالم الثالث ميين خلل حملت العتقالت كمييا فييي مصيير‪ ،‬أو انتقاص ميين‬
‫حقوق ومكتسيبات مثلميا يحدث فيي البحريين‪ ،‬أو فيي العالم الول مين خلل‬
‫انتقاص من الحقوق القتصادية والجتماعية (قانون العمل في فرنسا) أو في‬
‫مثيل ميا فيي الوليات ‪civil rights‬التراجيع عين كثيير مين الحريات الشخصيية‬
‫‪.‬المتحدة‬
‫فبدون مجتمع ديمقراطي حر‪ ،‬ل يمكن أن تكون هناك حرية أو فاعلية حقيقية‬
‫للمجتمييع المدنييي‪ ،‬وبدون نضال ميين المجتمييع المدنييي ل يمكيين الحفاظ على‬
‫‪.‬المكتسبات الديمقراطية وتنميتها‬

You might also like