You are on page 1of 10

‫‪:‬‬ ‫ملف حول حول‬

‫محاور الموضوع‬
‫حول‬ ‫ملحظات الستاد‬
‫الموضوع‬

‫‪ -‬تقديم‬

‫‪ -‬تعريف العولمة‬
‫‪ -‬نشأة العولمة‬
‫‪ -‬الفرق بين العولمة و العالمية‬
‫التي تطرحها العولمة‬ ‫من انجاز‬
‫‪ -‬التحديات‬
‫ارق الــــبــكري‬ ‫العولمة‬
‫طــــــ‬ ‫‪ -‬مجالت‬
‫وسلبيات العولمة‬
‫أولى باك علوم تجريبية ‪3‬‬ ‫القسم‬
‫و الله ولي ‪ -‬ايجابيات‬
‫تقديم ‪:‬‬
‫القول‬ ‫خلصة‬ ‫‪-‬‬ ‫التوفيق‬
‫العولمة والتي تمثل مرحلة متطورة للهيمنة الرأسمالية الغربية على العالم ‪.‬‬
‫إن سقوط النظام الشتراكي أدى إلى تحول العالم من ” نظام الحرب الباردة ” المتمركز حول النقسام والسوار إلى نظام العولمة‬
‫المتمركز حول الندماج وشبكات النترنت ” تتبادل فيه المعلومات والفكار والرساميل بكل يسر وسهولة” ‪ .‬وانتصار الرأسمالية‬
‫على الشتراكية أدى إلى تحول كثير من الشتراكيين إلى الرأسمالية والديمقراطية باعتبارها أعلى صورة بزعمهم وصل إليها‬
‫الفكر النساني وأنتجه العقل الحديث حتى عده بعضهم أنه نهاية التاريخ‪.‬‬
‫تعريف العولمة ‪:‬‬
‫لفظة العولمة هي ترجمة للمصطلح النجليزي (‪ )Globalization‬وبعضهم يترجمها بالكونية‪ ،‬وبعضهم يترجمه بالكوكبة‪،‬‬
‫وبعضهم بالشوملة ‪ ،‬إل إنه في الونة الخيرة أشتهر بين الباحثين مصطلح العولمة وأصبح هو أكثر الترجمات شيوعًا بين أهل‬
‫الساسة والقتصاد والعلم ‪ .‬وتحليل الكلمة بالمعنى اللغوي يعني تعميم الشيء وإكسابه الصبغة العالمية وتوسيع دائرته ليشمل‬
‫العالم كله‪ .‬يقول “عبد الصبور شاهين ” عضو مجمع اللغة العربية ‪ ”:‬فأما العولمة مصدراً فقد جاءت توليدًا من كلمة عالم‬
‫ونفترض لها فعلً هو عولم يعولم عولمة بطريقة التوليد القياسي … وأما صيغة الفعللة التي تأتي منها العولمة فإنما تستعمل‬
‫للتعبير عن مفهوم الحداث والضافة ‪ ،‬وهي مماثلة في هذه الوظيفة لصيغة التفعيل‬
‫وكثرت القوال حول تعريف معنى العولمة حتى أنك ل تجد تعريفاً جامعاً مانعًا يحوي جميع التعريفات وذلك لغموض مفهوم‬
‫العولمة ‪ ،‬ولختلفات وجهة الباحثين فتجد للقتصاديين تعريف ‪ ،‬وللسياسيين تعريف ‪ ،‬وللجتماعيين تعريف وهكذا ‪ ،‬ويمكن‬
‫تقسيم هذه التعريفات إلى ثلثة أنواع ‪ :‬ظاهرة اقتصادية ‪ ،‬وهيمنة أمريكية ‪ ،‬وثورة تكنولوجية واجتماعية‪.‬‬
‫النوع الول ‪ :‬أن العولمة ظاهرة اقتصادية‪:‬‬
‫عرفها الصندوق الدولي بأنها ‪ ”:‬التعاون القتصادي المتنامي لمجموع دول العالم والذي يحتّمه ازدياد حجم التعامل بالسلع‬
‫والخدمات وتنوعها عبر الحدود إضافة إلى رؤوس الموال الدولية والنتشار المتسارع للتقنية في أرجاء العالم كله ‪.‬‬
‫وعرفها “روبنز ريكابيرو” المين العام لمؤتمر المم المتحدة للتجارة والنمو بأنها ‪”:‬العملية التي تملي على المنتجين‬
‫والمستثمرين التصرف وكأن القتصاد العالمي يتكون من سوق واحدة ومنطقة إنتاج واحدة مقسمة إلى مناطق اقتصادية وليس إلى‬
‫اقتصاديات وطنية مرتبطة بعلقات تجارية واستثمارية‪.‬‬
‫وقال محمد الطرش ‪ ”:‬تعني بشكل عام اندماج أسواق العالم في حقول التجارة والستثمارات المباشرة ‪ ،‬وانتقال الموال والقوى‬
‫العاملة والثقافات والتقانة ضمن إطار من رأسمالية حرية السواق ‪ ،‬وتاليا خضوع العالم لقوى السوق العالمية ‪ ،‬مما يؤدي إلى‬
‫اختراق الحدود القومية وإلى النحسار الكبير في سيادة الدولة ‪ ،‬وأن العنصر الساسي في هذه الظاهرة هي الشركات الرأسمالية‬
‫الضخمة متخطية القوميات‪ .‬بهذا التعريف للعولمة ركز على أن العولمة تكون في النواحي التجارية والقتصادية التي تجاوزت‬
‫حدود الدولة مما يتضمن زوال سيادة الدولة ؛ حيث أن كل عامل من عوامل النتاج تقريبًا ينتقل بدون جهد من إجراءات تصدير‬
‫واستيراد أو حواجز جمركية ‪ ،‬فهي سوق عولمة واحدة ل أحد يسيطر عليها كشبكة النترنت العالمية ‪.‬‬
‫وعند صادق العظم هي ‪ ”:‬حقبة التحول الرأسمالي العميق للنسانية جمعاء في ظل هيمنة دول المركز وبقيادتها وتحت‬
‫سيطرتها ‪ ،‬وفي ظل سيادة نظام عالمي للتبادل غير المتكافئ‪.‬‬
‫التعريف الثاني ‪ :‬إنها الهيمنة المريكية ‪:‬‬
‫قال محمد الجابري ‪ ”:‬العمل على تعميم نمط حضاري يخص بلدًا بعينه ‪ ،‬وهو الوليات المتحدة المريكية بالذات ‪ ،‬على بلدان‬
‫العالم أجمع‪.‬فهي بهذا التعريف تكون العولمة دعوة إلى تبنى إيديولوجية معينة تعبر عن إرادة الهيمنة المريكية على العالم ‪ .‬ولعل‬
‫المفكر المريكي ” فرانسيس فوكوياما ” صاحب كتاب ” نهاية التاريخ “يعبر عن هذا التجاه فهو يرى أن نهاية الحرب الباردة‬
‫تمثل المحصلة النهائية للمعركة اليديولوجية التي بدأت بعد الحرب العالمية الثانية بين التحاد السوفيتي والوليات المتحدة‬
‫المريكية وهي الحقبة التي تم فيها هيمنة التكنولوجيا المريكية ‪.‬‬
‫التعريف الثالث ‪ :‬إنها ثورة تكنولوجية واجتماعية ‪:‬‬
‫ل ‪ ”:‬العلومة علقة بين مستويات متعددة للتحليل ‪ :‬القتصاد‪ ،‬السياسة ‪،‬‬ ‫يقول الجتماعي “جيمس روزناو” في تعريفها قائ ً‬
‫الثقافة ‪ ،‬اليديولوجيا ‪ ،‬وتشمل إعادة تنظيم النتاج ‪ ،‬تداخل الصناعات عبر الحدود ‪ ،‬انتشار أسواق التويل ‪ ،‬تماثل السلع‬
‫المستهلكة لمختلف الدول ‪ ،‬نتائج الصراع بين المجموعات المهاجرة والمجموعات المقيمة‪.‬وعرفها بعضهم بأنها ‪“ :‬التجاه‬
‫المتنامي الذي يصبح به العالم نسبياً كرة اجتماعية بل حدود ‪ .‬أي أن الحدود الجغرافية ل يعتبر بها حيث يصبح العالم أكثر اتصالً‬
‫مما يجعل الحياة الجتماعية متداخلة بين المم” ‪.‬‬
‫فهو يرى أن العولمة شكل جديد من أشكال النشاط ‪ ،‬فهي امتداد طبيعي لنسياب المعارف ويسر تداولها تم فيه النتقال بشكل‬
‫حاسم من الرأسمالية الصناعية إلى المفهوم ما بعد الصناعي للعلقات الصناعية ‪.‬‬
‫وهناك من يعرفها بأنها‪ ”:‬زيادة درجة الرتباط المتبادل بين المجتمعات النسانية من خلل عمليات انتقال السلع ورؤوس الموال‬
‫وتقنيات النتاج والشخاص والمعلومات”‪.‬وعرفها إسماعيل صبري تعريفاً شاملً فقال ‪ ”:‬هي التداخل الواضح لمور القتصاد‬
‫والسياسة والثقافة والسلوك دون اعتداد يذكر بالحدود السياسية للدول ذات السيادة أو انتماء إلى وطن محدد أو لدولة معينة ودون‬
‫الحاجة إلى إجراءات حكومية ‪.‬‬
‫وبعد قراءة هذه التعريفات ‪ ،‬يمكن أن يقال في تعريف العولمة ‪ :‬أنها صياغة إيديولوجية للحضارة الغربية من فكر وثقافة واقتصاد‬
‫وسياسة للسيطرة على العالم أجمع باستخدام الوسائل العلمية ‪ ،‬والشركات الرأسمالية الكبرى لتطبيق هذه الحضارة وتعميمها‬
‫على العالم‪.‬‬

‫نشأة العولمة ‪:‬‬


‫يذهب بعض الباحثين إلى أن العولمة ليست وليدة اليوم ليس لها علقة بالماضي؛ بل هي عملية تاريخية قديمة مرت عبر الزمن‬
‫بمراحل ترجع إلى بداية القرن الخامس عشر إلى زمن النهضة الوروبية الحديثة حيث نشأت المجتمعات القومية ‪ ..‬فبدأت العولمة‬
‫ببزوغ ظاهرة الدولة القومية عندما حلت الدولة محل القطاعية‪ ،‬مما زاد في توسيع نطاق السوق ليشمل المة بأسرها بعد أن كان‬
‫محدودًا بحدود المقاطعة ‪.‬‬
‫وذهب بعض الباحثين إلى أن نشأة العولمة كان في النصف الثاني من القرن التاسع عشر‪ ،‬والنصف الول من القرن العشرين ‪،‬‬
‫إل أنها في السنوات الخيرة شهدت تنامياً سريعاً ‪ .‬يقول إسماعيل صبري ‪ ”:‬نشأت ظاهرة الكوكبة (العولمة) وتنامت في النصف‬
‫الثاني من القرن العشرين ‪ ،‬وهي حالياً في أوج الحركة فل يكاد يمر يوم واحد دون أن نسمع أو نقرأ عن اندماج شركات كبرى ‪،‬‬
‫أو انتزاع شركة السيطرة على شركة ثانية ‪..‬‬
‫إن الدعوة إلى إقامة حكومة عالمية‪ ،‬ونظام مالي عالمي موحد والتخلص من السيادة القومية بدأت في الخطاب السياسي الغربي‬
‫منذ فترة طويلة فهذا هتلر يقول في خطابه أمام الرايخ الثالث ‪ ”:‬سوف تستخدم الشتراكية الدولية ثورتها لقامة نظام عالمي‬
‫جديد” وفي كتابات الطبقة المستنيرة عام ‪ ”:1780‬من الضروري أن نقيم إمبراطورية عالمية تحكم العالم كله “‬
‫وجاء في إعلن حقوق النسان الثاني عام ‪ ”: 1973‬إننا نأسف بشدة لتقسيم الجنس البشري على أسس قومية ‪ .‬لقد وصلنا إلى‬
‫نقطة تحول في التاريخ البشري حيث يكون أحسن اختيار هو تجاوز حدود السياسة القومية ‪ ،‬والتحرك نحو بناء نظام عالمي مبني‬
‫على أساس إقامة حكومة فيدرالية تتخطى الحدود القومية “‬
‫وقال بنيامين كريم أحد قادة حركة العصر الجديد عام ‪ ”: 1982‬ما هي الخطة ؟ أنها تشمل إحلل حكومة عالمية جديدة ‪ ،‬وديانة‬
‫جديدة ‪”.‬‬
‫وكانت ورئيسة الوزراء البريطانية السابقة مارجريت تاتشر قد اقترحت فكرة العولمة يرافقها في ذلك الرئيس المريكي السابق‬
‫رولند ريغن‪ .‬ووجهة نظر تاتشر القتصادية والتي عُرفت بالتاتشرية انبثقت من الستحواذ اليهودي للمال والعتاد … حيث أن‬
‫فكرتها القتصادية والتي صاغها اليهودي جوزيف وهي تهدف بجعل الغني أغنى والفقير أفقر‪.‬‬
‫ويذكر “بات روبرتسون ” إن النظام العالمي الجديد نظام ماسوني عالمي ‪ ،‬ويعلل على ما يقول ‪ ” :‬بأن على وجهي الدولر‬
‫مطبوع علمة الوليات المتحدة ‪ ،‬وهي عبارة عن النسر المريكي ممسكاً بغصن الزيتون رمز السلم بأحد مخالبه ‪ ،‬وفي المخلب‬
‫الخر يوجد ‪ 13‬سهماً رمز الحرب ‪ .‬وعلى الوجه الخر هرم غير كامل ‪ ،‬فوقه عين لها بريق المجد ‪ ،‬وتحت الهرم كلمات‬
‫لتينيه (‪ )Novus Order Seclorum‬وهي شطرة من شعر فرجيل الشاعر الروماني القديم معناها ” نظام جديد لكل‬
‫العصور “‪ .‬إن الذي صمم علمة الوليات المتحدة هذه هو تشارلز طومسون ‪ ،‬وهو عضو في النظام الماسوني وكان يعمل‬
‫سكرتير للكونجرس ‪ .‬وهذا الهرم الناقص له معنى خاص بالنسبة للماسونيين ‪ ،‬وهو اليوم العلمة المميزة لتباع حركة العصر‬
‫الجديد ‪ ”.‬وبعد تحليل ليس بطويل يصل المؤلف إلى وجود علقة واضحة تربط بين النظام الماسوني والنظام العالمي الجديد ‪.‬‬
‫وقد جاء في مجلة المجتمع بحثًا عن منظمة “بلدربرج” والذي أسسها رجل العمال السويدي ” جوزيف هـ‪ .‬ريتنجر” والذي‬
‫سعى إلى تحقيق الوحدة الوروبية ‪ ،‬وتكوين المجتمع الطلسي وهي منظمة سرية تختار أعضاءها بدقة متناهية من رجال‬
‫السياسة والمال ‪ ،‬وتعقد اجتماعاتها في داخل ستار حديدي من السرية ‪ ،‬وفي حراسة المخابرات المركزية المريكية وبعض الدول‬
‫الوروبية ‪ ،‬ول تسمح لي عضو بالبوح بكلمة واحدة عن مناقشاتها ‪ ،‬ول يحق للعضاء العتراض أو تقديم أي اقتراح حول‬
‫مواضيع الجلسات ‪ ،‬ويمول هذه المنظمة مؤسسة روكفلور اليهودية وبنك الملياردير اليهودي روتشيلد ‪ ،‬ومعظم الشخصيات في‬
‫هذه المنظمة هم من الماسونيين الكبار ‪ ،‬وكثير من رؤساء الوليات المتحدة نجحوا في النتخابات بعد عضويتهم في هذه المنظمة‬
‫مثل ‪ :‬ريجان ‪ ،‬وكارتر ‪ ،‬وبوش ‪ ،‬وكلينتون ‪ ،‬وبعد اشتراك تاتشر في المنظمة بسنتين أصبحت رئيسة وزراء إنجلترا ‪ ،‬وكذلك‬
‫بيلر أصبح رئيساً للوزراء بعد مضي أربع سنوات من اشتراكه في المنظمة ‪ ،‬وهي تسعى للسيطرة على العالم وإدارته وفق‬
‫رؤيتها ‪ ،‬فقرارتها تؤثر على التجارة الدولية وعلى كثير من الحكومات‪.‬‬
‫فالعولمة نشأت مع العصر الحديث وتكونت بما أحدثه العلم من تطور في مجال التصالت وخصوصًا بعد بروز النترنت والتي‬
‫أتاحت مجال واسع في التبادل المعرفي والمالي ‪ ،‬وارتباط نشأة الدولة القومية بالعولمة في العصر الحاضر فيه بعد عن مفهوم‬
‫العولمة والذي يدعو أساساً إلى نهاية سيادة الدولة والقضاء على الحدود الجغرافية ‪ ،‬وتعميم مفهوم النظام الرأسمالي واعتماد‬
‫الديموقراطية كنظام سياسي عام للدول‪ .‬ولكن هناك أحداث ظهرت ساعدت على بلورة مفهوم العولمة وتكوينه بهذه الصيغة‬
‫العالمية فانهيار سور برلين ‪ ،‬وسقوط الشتراكية كقوة سياسية وإيديولوجية وتفرد القطب الوحد بالسيطرة والتقدم التكنولوجي‬
‫وزيادة النتاج ليشمل السواق العالمية أدت إلى تكوين هذا المفهوم ‪.‬‬
‫وخلصة البحث أن مصطلح العولمة منشأه غربي‪ ،‬وطبيعته غربية‪ ،‬والقصد منه تعميم فكره وثقافته ومنتوجاته على العالم‪ ،‬فهي‬
‫ليست نتيجة تفاعلت حضارات غربية وشرقية‪ ،‬قد انصهرت في بوتقة واحدة ؛ بل هي سيطرة قطب واحد على العالم ينشر فكره‬
‫وثقافته مستخدمة قوة الرأسمالي الغربي لخدمة مصالحه‪ .‬فهو من مورثات الصليبية فروح الستيلء على العالم هي أساسه ولبه‬
‫ولكن بطريقة نموذجيه يرضى بها المستعمر ويهلل لها ؛ بل ويتخذ هذه الصليبية الغربية المتلفعة بلباس العولمة مطلب للتقدم ‪.‬‬
‫يقول “بات روبرتسون‪ ”:‬لم يعد النظام العالمي الجديد مجرد نظرية ‪ ،‬لقد أصبح وكأنه إنجيل‪”.‬‬

‫الفرق بين العولمة والعالمية ‪:‬‬


‫إن التقابل بين العالمية والعولمة وإيجاد الفرق بينهما فيه نوع من الصعوبة وخصوصًا أن كلمة العولمة مأخوذة أصلً من العالم‬
‫ولهذا نجد بعض المفكرين يذهبون إلى أن العولمة والعالمية تعني معنى واحدا وليس بينهما فرق ‪ .‬ولكن الحقيقة أن هذين‬
‫المصطلحين يختلفان في المعنى فهما مقابلة بين الشر والخير ‪.‬‬
‫العالمية ‪ :‬انفتاح على العالم ‪ ،‬واحتكاك بالثقافات العالمية مع الحتفاظ بخصوصية المة وفكرها وثقافتها وقيمها ومبادئها ‪.‬‬
‫فالعالمية إثراء للفكر وتبادل للمعرفة مع العتراف المتبادل بالخر دون فقدان الهوية الذاتية ‪ .‬وخاصية العالمية هي من خصائص‬
‫الدين السلمي ‪ ،‬فهو دين يخاطب جميع البشر ‪ ،‬دين عالمي يصلح في كل زمان ومكان ‪ ،‬فهو ل يعرف القليمية أو القومية أو‬
‫الجنس جاء لجميع الفئات والطبقات ‪ ،‬فل تحده الحدود ‪ .‬ولهذا تجد الخطاب القرآني موجه للناس جميعا وليس لفئة خاصة فكم آية‬
‫في القرآن تقول ” يا أيها الناس” فمن ذلك قوله تعالى ‪ ”:‬يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى ” وقوله تعالى ‪”:‬يا أيها الناس‬
‫إني رسول ال إليكم جميعا ” وقوله تعالى ‪ ”:‬يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة ” إلى غير ذلك من اليات التي‬
‫ورد فيها لفظة الناس وقد تجاوزت المأتيين آية ؛ بل إن النبياء السابقين عليهم صلوات ال وسلمه تنسب أقومهم إليهم ” قوم نوح‬
‫” ” قوم صالح ” وهكذا إلى محمد صلى ال عليه وسلم فإنه لم يرد الخطاب القرآني بنسبة قومه إليه صلى ال عليه وسلم وهذا‬
‫حمَةً لِ ْلعَاَلمِينَ”‬
‫يدل على عالمية رسالته صلى ال عليه وسلم فهو عالمي بطبعه‪َ ” ،‬ومَا َأرْسَ ْلنَاكَ ِإلّ َر ْ‬
‫ومن أسباب تخلفنا عن الركب الحضاري هو إقصاء السلم عن عالميته ‪ ،‬وعدم زجه في كثير من حقول الحياة بزعم المحافظة‬
‫على قداسته وطهوريته‪ ،‬وهذا نوع من الصد والهجران للدين ‪ ،‬وعدم فهم لطبيعة هذا الدين والذي من طبيعته وكينونته التفاعل مع‬
‫قضايا الناس والندماج معهم في جميع شؤون الحياة ‪ ،‬وإيجاد الحلول لكل قضاياهم وهذا من كمال هذا الدين وإعجازه ‪ .‬فهو دين‬
‫تفاعلي حضاري منذ نشأته ‪ .‬فمنذ فجر الرسالة النبوية نزل قوله تعالى ‪ ”:‬ألم ‪ ،‬غلبت الروم في أدنى الرض ‪ ،‬وهم من بعد غلبهم‬
‫سيغلبون في بضع سنين ” فيذكر الخطاب القرآني الكريم المتغيرات العالمية ‪ ،‬لدراك أبعاد التوازنات بين القوتين العظميين في‬
‫ذلك الزمان ‪ ،‬وذلك ” أن المسلم يحمل رسالة عالمية ‪ ،‬ومن يحمل رسالة عالمية عليه أن يدرك الوقائع والوضاع العالمية كلها‬
‫وخاصة طبيعة وعلقات القوى الكبرى المؤثرة في هذه الوضاع‪.‬‬
‫أما العولمة ‪ :‬فهي انسلخ عن قيم ومبادئ وتقاليد وعادات المة وإلغاء شخصيتها وكيانها وذوبانها في الخر‪ .‬فالعولمة تنفذ من‬
‫خلل رغبات الفراد والجماعات بحيث تقضي على الخصوصيات تدريجياً من غير صراع إيديولوجي ‪ .‬فهي ” تقوم على‬
‫تكريس إيديولوجيا ” الفردية المستسلمة” وهو اعتقاد المرء في أن حقيقة وجوده محصورة في فرديته ‪ ،‬وأن كل ما عداه أجنبي‬
‫عنه ل يعنيه ‪ ،‬فتقوم بإلغاء كل ما هو جماعي ‪ ،‬ليبقى الطار ” العولمي” هو وحده الموجود ‪ .‬فهي تقوم بتكريس النزعة النانية‬
‫وطمس الروح الجماعية ‪ ،‬وتعمل على تكريس الحياد وهو التحلل من كل التزام أو ارتباط بأية قضية ‪ ،‬وهي بهذا تقوم بوهم غياب‬
‫الصراع الحضاري أي التطبيع والستسلم لعملية الستتباع الحضاري‪ .‬وبالتالي يحدث فقدان الشعور بالنتماء لوطن أو أمة أو‬
‫دولة ‪ ،‬مما يفقد الهوية الثقافية من كل محتوى ‪ ،‬فالعولمة عالم بدون دولة ‪ ،‬بدون أمة ‪ ،‬بدون وطن إنه عالم المؤسسات والشبكات‬
‫العالمية ‪ .‬يقول عمرو عبد الكريم ‪ ”:‬العولمة ليست مفهومًا مجرداً ؛ بل هو يتحول كلية إلى سياسات وإجراءات عملية ملموسة في‬
‫كل المجالت السياسية والقتصادية والعلم ؛ بل وأخطر من ذلك كله هو أن العولمة أضحت عملية تطرح في جوهرها‬
‫هيكلً للقيم تتفاعل كثير من التجاهات والوضاع على فرضه وتثبيته وقسر مختلف شعوب المعمورة على تبني تلك القيم وهيكلها‬
‫ونظرتها للنسان والكون والحياة‪.‬‬
‫التحديات التي تطرحها العولمة ‪:‬‬
‫ن التحديات التـي تطرحهـا العولمـة فرضـت على العالم العربـي التكتـل ليجاد قوة عربيـة فاعلة‬ ‫إ ّـ‬
‫تســـتطيع التعامـــل مـــع إفرازات هذه التحديات واســـتيعاب تقنيات ثورة المعلوماتيـــة والتصـــالت‬
‫وتطويعها لخدمة المصالح العربية العليا‪ ،‬بما ل يجعل العالم العربي مجرد أسواق استهلكية أو آبار‬
‫نفطيـة خاضعـة لضرورات العولمـة‪ ،‬وبمـا ل يجعله مهمشـا خارج منطق العصر ‪ .‬فالتحدي الكـبر أمام‬
‫العالم العربي يتمثل في ظاهرة العولمة‪ ،‬حيث تظهر عدة رؤى عربية للتعامل معها‪ ،‬يمكن حصرها‬
‫في اتجاهين رئيسيين ‪ :‬أولهما‪ ،‬يدعو إلى ضرورة المسارعة في الستجابة لمتطلباتها بشكل خاص‪،‬‬
‫ن التبدل السريع والمتلحق في هيكلة النظام الدولي‬ ‫ولمتطلبات التغيّرات الدولية بشكل عام ‪ .‬إذ أ ّ‬
‫وآلياتـه يسـتدعي تحركـا سـريعا لتأسـيس دور معيـن فـي ورشـة بنائه ‪ .‬ويقوم هذا الخيار على فرضيـة‬
‫مؤادها ‪ :‬إذا كان النظام القليمي العربي ل يصنع ظروفه‪ ،‬ضمن إمكانياته وما يجري حاليا من تحرك‬
‫عالمي زاحف تجاه العولمة‪ ،‬فالجدر به أن يتعايش مع المتغيّرات‪ ،‬بحيث يقرؤها بعناية حتى ل يفلت‬
‫زمام المبادرة مـن يده ‪ .‬إضافـة إلى أنـه الخيار الممكـن عمليـا‪ ،‬فـي ظـل تدفقات التحولت العالميـة‪،‬‬
‫بمـا ينطوي عليـه مـن تقويـة المسـعى المؤسـساتي الذي تفتقده ‪ -‬إلى حـد كـبير‪ -‬التجربـة العربيـة‬
‫المعاصــرة‪ ،‬وكذلك تأســيس علقات تبادليــة مــع النظام الدولي الجديــد ‪ .‬ويركــز هذا التجاه على‬
‫ضرورة استحضار الخبرات التي اكتسبها النظام القليمي العربي‪ ،‬من أجل وضع تصور عربي واضح‬
‫ومخطـط بعنايـة للتعامـل مـع المتغيّرات الدوليـة الحاصـلة‪ ،‬بمـا فـي ذلك بلورة آليات عمـل مجديـة‬
‫للتعامل مع الزمات الداخلية والخارجية ‪.‬‬
‫ن الستعجــال ‪ -‬حسب‬ ‫أما التجاه الثاني‪ ،‬فيدعو إلى التريث في بناء الستجابة أو توليدها‪ ،‬ذلك أ ّ‬
‫هذا التجاه ‪ -‬بتحقيـق اسـتجابة عربيـة‪ ،‬فـي ظروف الندفاع المريكـي لرسـم معالم الشرق الوسـط‬
‫الجديـد الواسـع‪ ،‬سـيجعل مـن النظام القليمـي العربـي أكثـر عرضـة لتأثيرات النظام العالمـي‪ ،‬بحيـث‬
‫نـ حسـم المعضلت العربيـة‬ ‫تزداد حدة النقسـامات السـياسية والقتصـادية ‪ .‬ويرى دعاة هذا التجاه أ ّ‬
‫يجـب أن يتـم وفقـا للبناء مـن الداخـل‪ ،‬وبذلك يكون للعرب فرصـة للتكافـؤ فـي علقاتهـم الدوليـة‪ ،‬ل‬
‫للتعويـض عـن قصـور النخـب الحاكمـة فحسـب‪ ،‬وإنمـا لكتسـاب القدرة على كشـف معادلت التوازن‬
‫بين أطراف النظام العربي‪ ،‬أكثر من بناء احتمالت فائدة تراكم القوة بين القوى الدولية ‪.‬‬
‫وبشكل عام‪ ،‬تتميز ردود الفعل العربية على تحديات العولمة والشراكات القليمية بالخفاق في‬
‫إدراك حجم التحولت العالمية‪ ،‬وعدم الشعور الجدي بضرورة السراع في التكي ّف وتكييف الهياكل‬
‫الوطنيـة مـع حاجات السـتجابة لهـا ‪ .‬وثمـة تفاوتات واضحـة بيـن القطار العربيـة فـي مدى وسـرعة‬
‫ن بعـض البلدان العربيـة ( مصـر‪ ،‬تونـس‪ ،‬المغرب‪ ،‬الردن‪ ) ..‬بدأت تبذل مجهودا كـبيرا‬ ‫التكي ّـف‪ ،‬إذ أ ّـ‬
‫لتطـبيق سـياسات جديدة فـي المجالت القتصـادية والجتماعيـة والسـياسية‪ ،‬فبعضهـا صـادقت على‬
‫اتفاقيـة التجارة العالميـة‪ ،‬وبعضهـا الخـر يفــعّل ‪ -‬بتدرج ‪ -‬المواثيـق العالميـة لحقوق النسـان‪ ،‬ويفتـح‬
‫في المجال للممارسة الديمقراطية المحسوبة ‪.‬‬
‫ن محصلة‬ ‫وقد يكون من المناسب أن تعترف المة العربية‪ ،‬بحكامها ونخبها الفكرية والسياسية‪ ،‬أ ّ‬
‫مشروعها القومي التحرري‪ ،‬بالرغم من محطات مضيئة فيه‪ ،‬هي إحباط آمال الشعوب العربية في‬
‫ن البنيـة الحضاريـة العربيـة‪ ،‬التـي واجـه بهـا العرب تحديات‬ ‫التحرر والتقدم والوحدة ‪ .‬ومـا ذلك إل ل ّـ‬
‫القرن العشريــن‪ ،‬وخاصــة التحدي الصــهيوني‪ ،‬كانــت بنيــة مأزومــة ‪ .‬فطوال القرن‪ ،‬وخاصــة بعــد‬
‫استكمال الستقلل السياسي للقطار العربية‪ ،‬لم تتمكن المة من تكوين بنية اقتصادية – اجتماعية‬
‫– ثقافيـة – سـياسية ‪ -‬عسكرية متينـة‪ ،‬يكون فـي إمكانهـا تحقيـق أمن العالم العربـي وتقدمـه‪ ،‬كمـا لم‬
‫تبلغ حد بناء دولة المؤسسات الحديثة ‪.‬‬
‫ولعـل مـا يتجمـع مـن عناصـر جديدة فـي الوضـع العربـي الحالي يؤدي إلى تغيّرات مهمـة فـي بنيتـه‪،‬‬
‫تدفعـه نحـو صـياغة علقات جديدة بيـن قواه‪ ،‬وبينـه وبيـن العالم الجديـد‪ ،‬على طريـق إحداث معطيات‬
‫ن درجة التغيّرات المحتملة تتوقف على ما تستطيعه قوى التقدم والتغيير‬ ‫نوعية جديدة ‪ .‬مع العلم أ ّ‬
‫مـن اسـتثمار عناصـر القوة فيـه‪ ،‬ومدى قدرتهـا على التكي ّـف اليجابـي مـع معطيات وتحولت العالم‬
‫الجديد ‪.‬‬
‫نـ نقطـة البدايـة‪ ،‬بالنسـبة للعالم العربـي‪ ،‬هـي البحـث عـن قواه السـتراتيجية الكثيرة جدا‪ ،‬وهـي‬ ‫إ ّ‬
‫ن التسـيير القتصـادي مازال متأخرا فـي‬ ‫ليسـت عسـكرية بـل بشريـة وجيوبوليتيكيـة واقتصـادية‪ ،‬إل أ ّـ‬
‫ن العالم دخل اللفية الثالثة‪ ،‬في ظل إحكام العولمة‬ ‫العديد من القطار العربية ‪ .‬فعلى الرغم من أ ّ‬
‫ن القتصـاد العربـي مـا زال يعانـي الكثيـر مـن المصـاعب‪ ،‬بسـبب غياب‬ ‫لسـيطرتها على العالم‪ ،‬فإ ّـ‬
‫ن المر يتطلب‬ ‫استراتيجية عربية واضحة للتعامل مع الموارد القتصادية والبشرية العربية ‪ .‬ويبدو أ ّ‬
‫صـياغة اسـتراتيجية عربيـة موحدة‪ ،‬تأخـذ بعيـن العتبار الخصـائص القطريـة‪ ،‬تتجـه بالعالم العربـي نحـو‬
‫التعاون المجدي مع نفسه أولً‪ ،‬ومع جواره القليمي ثانياً‪ ،‬ومع العالم ثالثا ً ‪.‬‬
‫ولريثما تتوضح آفاق الصراع العربي ‪ -‬السرائيلي يبدو أنه ليس أمامنا من بديل سوى أن نحاول‬
‫تنظيــم الســعي إلى تحقيــق التنســيق العربــي‪ ،‬فــي مواجهــة التحديات والتهديدات الراهنــة‪ ،‬على‬
‫المستويات السياسية والمنية والقتصادية والثقافية ‪ .‬وأن نبدأ‪ ،‬في الوقت نفسه‪ ،‬جهدا ً عربيا ً دؤوباً‬
‫شد الداء العربي نحو إجراء الحسابات الصحيحة‪ ،‬واتخاذ القرارات‬ ‫لتعزيز التطور المؤسسي‪ ،‬بما ير ّ‬
‫السليمة لمواجهة التحديات والتهديدات التي تحدق بالعالم العربي ومستقبله ‪.‬‬
‫ن العالم كله يعيد‪ ،‬في هذا الزمن الصعب‪ ،‬حساباته وتوقعاته وتوجهاته ‪ .‬فأين هي مصالح العالم‬ ‫إ ّ‬
‫العربي ؟ وكيف يمكن تحقيقها ؟ وماذا تعني عملية إعادة الحسابات والتوجهات ؟ ‪.‬‬
‫نحـن أمام تحديات حقيقيـة تسـتوجب تفعيـل الخيارات الممكنـة‪ ،‬مـن خلل إرادة سـياسية صـلبة‪،‬‬
‫وإدارة عقلنيـة لكـل إمكانياتنـا المتوفرة‪ ،‬بهدف التعامـل مـع الوقائع القائمـة كمـا هـي ل كمـا تتخيلهـا‬
‫رؤى أيديولوجيـة مبسـطة ‪ .‬فليـس مـن الواقعيـة والعقلنيـة والعتدال أن نغمـض أعيننـا عـن مختلف‬
‫الخيارات والقدرات التـي تمتلكهـا شعوبنـا وأمتنـا العربيـة‪ ،‬وذلك مـن خلل إعادة صـياغة كـل أسـس‬
‫القوة‪ ،‬بترتيب أوضاعنا الوطنية والقومية‪ ،‬وإعادة ترتيب العلقات مع العالم والموازين الدولية ‪.‬‬
‫لقــد غدا مطلوبــا اســتعادة خيار القوة‪ ،‬باعتباره خيار مركــب مــن جملة إجراءات وتدابيــر تمــس‬
‫مجمـل حياتنـا القتصـادية والجتماعيـة والثقافيـة والسـياسية‪ ،‬وخاصـة مـا يتعلق منهـا بإطلق مبادرات‬
‫المجتمع المدني‪ ،‬وتوسيع قاعدة المشاركة السياسية بفتح المجال لجميع القوى والتيارات الوطنية‪،‬‬
‫بهدف إعادة صياغة المشروع الوطني والقومي على قاعدة ديمقراطية صلبة ‪.‬‬
‫وفـي الوقـت نفسـه‪ ،‬سـيصبح ضروريـا إعادة تحديـد الولويات ومراجعـة الهداف المزمـع تحقيقهـا‪،‬‬
‫ليتـم التركيـز على متطلبات الصـلح السـياسي وتكريـس القواعـد الديمقراطيـة وبناء المؤسـسات‬
‫الدسـتورية ومعالجـة المشاكـل المعيشيـة وتحديـث الهياكـل والبنـى القتصـادية والجتماعيـة‪ ،‬وتحقيـق‬
‫التنميـة والرتقاء بمسـتويات القدرة العربيـة على النفتاح على العالم الخارجـي والتعامـل معهـا مـن‬
‫موقـع المسـاواة والشراكـة‪ ،‬فـي ظـل توجهات العولمـة التـي لم يعـد هناك مجال لتجاهـل آثارهـا على‬
‫القطار العربية ‪.‬‬
‫والهـم مـن ذلك‪ ،‬سـيكون العمـل على توفيـر القدرة العربيـة على التكي ّـف مـع الوضاع السـياسية‬
‫والقتصـادية والسـتراتيجية الجديدة المحيطـة بهـم‪ ،‬على المسـتوى القليمـي المباشـر وعلى الصـعيد‬
‫العالمـي الشمـل ‪ .‬وهذا لن يكون ممكنـا إل إذا تمك ّـن العرب‪ ،‬خلل المدى المتوسـط‪ ،‬مـن صـياغة‬
‫اسـتراتيجيات مشتركـة تكفـل لهـم مواجهـة التحديات والتهديدات المشتركـة‪ ،‬وكذلك اقتناص الفرص‬
‫المحتملة‪ ،‬بهدف تحقيق الحد الدنى الممكن من أهدافهم وأولوياتهم ومصالحهم المشتركة ‪.‬‬
‫ن البدائل والخيارات المطروحــة‪ ،‬موضوعيــا‪ ،‬تتمثــل فــي ثلثــة بدائل مســتقبلية ‪ :‬أولهــا‪،‬‬ ‫ويبدو أ ّ ـ‬
‫اســتمرار حالة التشتــت والفوضــى والبعثرة العربيــة‪ ،‬بمــا ينطوي عليــه مــن هيمنــة إســرائيلية على‬
‫المشرق العربي ‪ .‬وثانيهما ‪ ،‬إعادة تنظيم المنطقة في شكل شراكات إقليمية ‪ .‬وثالثها‪ ،‬العودة إلى‬
‫نـ الجامعـة‬ ‫النظام القليمـي العربـي بعـد إنعاشـه وتطويره وتغييـر سـلوكيات أطرافـه وتحديثـه ‪ .‬ذلك أ ّ‬
‫العربيـة‪ ،‬بمفهومهـا وميثاقهـا وهياكلهـا التنظيميـة القائمـة‪ ،‬ل تسـتطيع مواجهـة المشكلت والتحديات‬
‫التي تطرحها الشراكات القليمية ‪.‬‬
‫نـ إعادة هيكلة جامعـة الدول العربيـة قـد تنعكـس إيجابيـا على الشراكات القليميـة فيمـا‬ ‫وهكذا‪ ،‬فإ ّ‬
‫إذا اتجهت نحو ‪:‬‬
‫‪ -1‬التوازن في العلقات مع الطراف الدولية المختلفة ‪.‬‬
‫‪ -2‬العمل المؤسساتي من أجل نجاح الصلح وإعادة الهيكلة في واقع اقتصادي واجتماعي عربي‬
‫متأخر ‪.‬‬
‫‪ -3‬إعادة صياغة العمل العربي المشترك وفقا لمنظومات عربية وظيفية مرنة ‪ :‬أمنية واقتصادية‬
‫وثقافية وسياسية ‪.‬‬
‫‪ -4‬استكمال سياسة الصلح الهيكلي ودمقرطة الحياة السياسية والجتماعية العربية ‪.‬‬
‫‪ -5‬ال ستفادة من السنوات المتبقية من الفترات النتقالية للشراكات القليميـة والعالميـة بهدف‬
‫التكيّف اليجابي مع الظروف والمستجدات القليمية والدولية ‪.‬‬
‫ن نقطـة البدايـة فـي اسـتشراف مسـتقبل دور الجامعـة العربيـة بالنسـبة للشراكات يتمثـل فـي‬ ‫إ ّـ‬
‫ن الدول العربيـة ‪ -‬اليوم ‪ -‬هـي فـي طور إرسـاء أسـس‬ ‫التعرف على معطيات القتصـاد العربـي‪ ،‬إذ أ ّـ‬
‫نهضة اقتصادية مستقبلية مبنية على توسيع القاعدة النتاجية‪ ،‬صناعيا وعلميا وتكنولوجيا‪ ،‬في زمن‬
‫مجتمـع المعرفـة الذي أضحـت فيـه المؤهلت البشريـة أهـم عامـل فـي التنميـة والتطور‪ ،‬وأصـبح فيـه‬
‫للجامعات والمؤسـسات والمعاهـد البحثيـة‪ ،‬على اختلف أنواعهـا‪ ،‬دور مركزي فـي تحديـد نمـط النمـو‬
‫القتصادي والجتماعي والثقافي ونوعيته ‪.‬‬
‫نـ قيام أي تكتل اقتصـادي عربي ل‬ ‫ّ‬ ‫أ‬ ‫التأكيد‬ ‫مـن‬ ‫فلبد‬ ‫الخاصـة‪،‬‬ ‫وإذا كان لكل دولة عربيـة ميزاتها‬
‫يعنــي التخلي عــن مبدأ الميزات النســبية لكــل بلد عربــي على حدة فــي ترشيــد اســتعمال موارده‬
‫ن البلد الذي يتمتع بموارد زراعية كبيرة‬ ‫المتاحة على المديين القصير والبعيد‪ ،‬فعلى سبيل المثال إ ّ‬
‫وغنيـة مـن الطـبيعي أن يسـتغل هذه الموارد بهدف تطويـر القطاع الزراعـي‪ ،‬وعلى أسـاس قاعدة‬
‫تكنولوجية علمية ملئمة وحديثة في آن واحد‪ ،‬ومن المفترض أن يكون التكتل القليمي العربي مبنيا‬
‫على استغلل الميزات النسبية لكل دولة من الدول العربية مما يؤدي إلى تعظيم الفائدة المشتركة‬
‫المتأتية عنه ‪.‬‬
‫وفـــي حال التوصـــل ‪ :‬أول‪ ،‬إلى آليات جديدة لتفعيـــل موارد القوة العربيـــة المتاحـــة وتعظيـــم‬
‫الســتفادة منهــا تدريجيــا ‪ .‬وتوصــل العرب‪ ،‬ثانيــا‪ ،‬إلى ســياسة مشتركــة للتعامــل مــع دول الجوار‬
‫الجغرافي على أساس التعاون المشترك الذي يفيد الطرفين‪ ،‬ويحقق لهذه الدول عائدا يفوق العائد‬
‫الذي يمكن أن يتحقق لها من التحالف أو التنسيق مع إسرائيل ‪ .‬وبلورة‪ ،‬ثالثا‪ ،‬رؤية عربية مشتركة‬
‫لطار التفاعلت القليميــة الجديدة‪ ،‬خاصــة التعاون القتصــادي القليمــي مــع الطراف القليميــة‬
‫الخرى يؤدي إلى تحقيق مصالح كل الشركاء ‪.‬‬
‫كــل ذلك قــد يســاعد على إعادة البناء الشامــل للعلقات العربيــة – العربيــة‪ ،‬وكذلك تهيئة العالم‬
‫العربي للنخراط الفاعل في الشراكات القليمية ‪.‬‬
‫وثمة مجموعة من العوامل الدافعة لتحقيق مثل هذا السيناريو للمستقبل العربي من أهمها ‪:‬‬
‫ن المخاطر التي ستتعرض لها معظم الدول العربية‪ ،‬فيما إذا بقيت المور على ما هي‬ ‫‪-1‬أ ّ‬
‫عليه أو فُرضت الرؤية السرائيلية لقضايا الصراع العربي – السرائيلي على المنطقة‪ ،‬ليست مؤقتة‬
‫وإنمـا لهـا طابـع السـتمرارية ‪ .‬فهـي مـن النوع الذي يهدد اسـتمرار الوجود‪ ،‬ومـن ثـم ل تسـتطيع أيـة‬
‫ن أي إطار آخـر‬ ‫دولة عربيـة بمفردهـا أن تتعامـل مـع هذه المخاطـر بالكفاءة والفعاليـة المطلوبـة‪ ،‬وأ ّـ‬
‫غير الطار العربي ل يحقق النجاة من آثار هذه المخاطر المدمرة ‪.‬‬
‫ن هناك العديــد مــن موارد القوة العربيــة المتاحــة والكامنــة والتــي ل يمكــن تعبئتهــا‬ ‫‪-2‬أ ّــ‬
‫وتوظيفها التوظيف المثل أو التوظيف الفعال دون القيام بإعادة بناء العلقات العربية – العربية ‪.‬‬
‫ن هناك بعـض القوى القليميـة غيـر العربيـة التـي لهـا تحفظاتهـا تجاه الدور السـرائيلي‬ ‫‪-3‬أ ّـ‬
‫القليمي‪ ،‬وترى أنه يتعارض مع مصالحها في العديد من الجوانب ‪.‬‬
‫وهنــا يجــب التأكيــد ‪ ،‬إذا مــا أردنــا الخروج مــن إســار الســياسي إلى بناء علقات شراكــة عربيــة‬
‫تكاملية تؤمن لنا حالة من التوازن على المستوى العالمي‪ ،‬على ما يلي ‪:‬‬
‫‪ -1‬ضرورة الشروع فـي إقامـة علقات اقتصـادية واسـعة‪ ،‬ومحميـة بجملة مـن القوانيـن النافذة‬
‫البعيدة كل البعد عن الخلفات السياسية التكتيكية‪ ،‬التي كانت في ما مضى تشكل عقبة في وجه‬
‫ن العلقات القتصـــادية وتبادل المنافـــع هـــي وحدهـــا الكفيلة‬ ‫هذه العلقات ‪ .‬وضرورة القناعـــة بأ ّــ‬
‫بالوصول إلى توحيد الرؤى بل والمواقف السياسية من أي مستجد طارئ قد نواجهه ‪.‬‬
‫ن السياسة‪ ،‬بكل ألوانها ومسمياتها ومدارسها‪ ،‬هي بالساس تعبير حي عما‬ ‫‪ -2‬تأصيل القناعة بأ ّ‬
‫ن وحدة المصالح القتصادية هي وحدها الكفيلة في التقريب ما‬ ‫يسمى بـ " القتصاد المكثف "‪ ،‬وأ ّ‬
‫بيـن الفئات الجتماعيـة والبنـى التحتيـة العربيـة‪ ،‬وهـي وحدهـا التـي تحـد مـن تقلبات الهواء والمصـالح‬
‫القطرية التي تظهر عند هذا النظام السياسي أو ذاك ‪.‬‬
‫ن أهـم عائق كان ول يزال يجابه آليات التقارب العربي المشترك‪ ،‬على‬ ‫‪ -3‬ضرورة العتراف بأ ّ‬
‫المسـتويين القتصـادي والجتماعـي‪ ،‬يتمثـل فـي غياب المشاركـة الشعبيـة الواسـعة عـن صـنع القرار‬
‫ن المشاركـة الشعبيـة هـي وحدهـا القادرة على إلزام‬ ‫القتصـادي والسـياسي ‪ .‬خاصـة إذا مـا علمنـا بأ ّـ‬
‫النخــب الحاكمــة بضرورة اليمان بالعمــل العربــي المشترك‪ ،‬وبأهدافــه النهائيــة الكــبرى المتمثلة‬
‫بالتكامل العربي‪ ،‬وليس التماثل الذي جعل العرب في أدنى درجات السلّم العالمي ‪.‬‬
‫‪-4‬ضرورة القناعـة التامـة فـي اسـترجاع وجذب الموال والثروات العربيـة‪ ،‬المسـتثمرة فـي‬
‫الخارج‪ ،‬لتسـاهم بالشكـل المناسب والخلق فـي حـل مشاكـل المديونيات العربيـة‪ ،‬بهدف إعطاء قوة‬
‫الدفع الضرورية للرتفاع بالتجارة البينية العربية‪ ،‬سواء من خلل تمويل وضمان المبادلت أو في ما‬
‫يخــص المشاريــع ذات الصــلة‪ ،‬والتــي بدأنــا نشهــد إحدى خطواتهــا الكــبرى والتــي تمثلت بالربــط‬
‫الكهربائي العربي وتأمين الطاقة‪ ،‬والتي ستخلق بدورها حالة من التوازي بين هياكل النتاج الكفيل‬
‫بالوصول إلى مرحلة التكامل ‪.‬‬
‫ن أبناء المــة العربيــة بكــل خــبراتهم وتجاربهــم‪ ،‬ل يقلون عــن شعوب البلدان‬ ‫‪-5‬القرار بأ ّـ‬
‫المتحضرة‪ ،‬وهــم إذا مــا قيــض لهــم القوانيــن والحمايــة قادرون على الخروج مــن جملة الزمات‬
‫القتصـادية التـي تعصـف بواقعهـم‪ ،‬وهـم يمتلكون القدرة العاليـة على اسـتخدام آخـر مـا توصـل إليـه‬
‫شد إدارة شؤون المجتمعات‪ ،‬وبالخص منها‬ ‫العلم والذي تمثل بثورة تكنولوجيا المعلوماتية‪ ،‬التي تر ّ‬
‫الشؤون القتصادية ‪.‬‬
‫لكن تبقى المشكلة الكبرى هي السؤال الصعب ‪ :‬هل حقا وصلت النخب الحاكمة إلى جملة هذه‬
‫القناعات التي تؤدي إلى إرساء العمل العربي المشترك ؟ ‪ .‬الجابة ستكون ‪ -‬بكل تأكيد ‪ -‬في ذمة‬
‫الصـلح الهيكلي فـي آليات ومؤسـسات العمـل العربـي المشترك ومـا سـيتخذ مـن قرارات فـي قمـة‬
‫تونس القادمة ‪.‬‬
‫مجالت العولمة ‪:‬‬
‫تتجلى العولمة في مختلف المجالت‪ :‬القتصادية‪ ،‬السياسية‪ ،‬الفلسفة‪ ،‬الثقافة‪ ،‬التصالت‪ ،‬وغيرها‪..‬‬
‫وبطبيعة الحال ليست هذه المجالت منفصلة بعضها عن بعض‪ ،‬التشابكات بينها تلعب دورا ً هاما ً في‬
‫فهمها‪ ..‬لكن وضوح العرض يقتضي دائما ً دراسة كل منها على حدة‪ ..‬ثم لبد من اختيار ما يبدو لنا‬
‫الكثر أهمية‪.‬‬
‫وانطلقا ً من هذا سنشير الى مجالين اساسيين‪ ..‬هما الهم على الرجح في إدارك حقيقة الظاهرة‬
‫وابعادها‪ ..‬الول هو خطاب العولمة اي المنظار الذي من خلله نرى ظواهر العولمة‪ ،‬فيؤثر في‬
‫إدراكنا لها وفي مواقفنا منها‪ ،‬وتأتي اهمية المسألة من أمرين‪ ..‬اولهما ان الدبيات لم تعطها حقها‪..‬‬
‫وثانيهما ان هذا التجاهل او الهمال يؤدي الى التباسات واختلفات ل حد لها‪ ..‬لذا يجدر التركيز على‬
‫هذا المجال اولً‪.‬‬
‫والثاني هو المجال القتصادي وهو على الرجح المجال المركزي والمحوري في موضوع العولمة‪..‬‬
‫لن الرأسمالية هي اقتصاد اولً‪ ،‬ولن العولمة اليوم هي بالدرجة الولى علقات وصراعات‬
‫اقتصادية‪ ،‬وحتى العولمة الثقافية ذاتها‪ ،‬يدور الصراع فيها حول مصالح اقتصادية اساساً‪ ..‬وهي‬
‫الصناعات الثقافية وتوزيع منتجاتها حيث توظف كتلة ضخمة من الستثمارات وتنتج نسبة كبيرة من‬
‫الدخول والرباح‪.‬‬
‫وفي المجال القتصادي‪ ،‬ثمة حقول عديدة مترابطة ل يمكن معالجتها جميعا ً فلبد من الختيار ‪،‬‬
‫وسيقع الختيار على الحقل الرئيسي والهم الحقل الذي يحمل في طياته ما هو جديد ومميز‬
‫بالنسبة لظاهرة العولمة الراهنة‪ ..‬اقصد المجال المالي‪ ،‬أما الحقول الخرى‪ :‬التبادل التجاري‪،‬‬
‫النقل التقاني‪ ،‬القطاعات والفروع الصناعية والزراعية وغيرها‪ ،‬وكذلك اشكال التنظيم والدارة‪ ،‬فل‬
‫يمكن التعرض لها تفصيلً‪ ،‬ولبد من القتصار فيها على بعض الملحظات المتفرقة‪ ..‬اول ً لن الكتابة‬
‫فيما غدت شائعة في السنوات الخيرة‪ ،‬ويمكن للقارئ المهتم العثور عليها بيسر في المجالت‬
‫العامة والصحف اليومية الجادة‪ ..‬وثانياً‪ :‬لن الجديد فيها مقارنة بالمرحلة السابقة يكاد يكون‬
‫معدوماً‪ ،‬أو ضئيل الهمية‪.‬‬
‫ككل ظاهرة اجتماعية تترافق العولمة بخطاب عام يبررها ويجعلها مقبولة ومرغوبة من الناس ‪..‬‬
‫يتكون هذا الخطاب من جزءين‪ ..‬الجزء الول‪ ،‬هو الخطاب المنطوق والمكتوب الذي ينتشر‬
‫بواسطة وسائل العلم والثقافة والدعاية التجارية وغيرها‪ ..‬والجزء الثاني‪ :‬هو ما تحمله‬
‫الممارسات والمواقف والعمال وغيرها من إيحاءات تؤثر بشكل ل شعوري في الناس فتساهم في‬
‫تكوين قناعاتهم ومواقفهم تجاه الخرين‪.‬‬
‫إن العولمة ظاهرة طبيعية موضوعية وضرورية تفرض نفسها ول يمكن الوقوف ضدها ول رجعة‬
‫فيها‪ ..‬المسكوت عنه هنا هو الطبيعة المحددة للعولمة ‪ ..‬اقصد كونها رأسمالية‪ ،‬ورأسمالية ليبرالية‬
‫تحديداً‪.‬‬
‫اي رأسمالية منفلتة من كل قيود او رقابة تفرضها عليها الدولة حفاظا ً على المصالح العامة‬
‫للمجتمع او على مصالح او حقوق الفئات المتضررة منها‪.‬‬
‫وعلى شعوب الشرق ان تتخلص من التخلف والتبعية ‪ ،‬وان تصبح والغرب على قدم المساواة ‪،‬‬
‫لكن هذا ل يعني ان التاريخ قد انتهى كما يزعم الخطاب‪ ..‬فالتاريخ ليس رهن اشارة من واشنطن‬
‫أو غير واشنطن مهما بلغت من القوة والجبروت‪ ..‬التاريخ مفتوح ويدور‪ ،‬ول احد يستطيع ايقافه‪..‬‬
‫فثمة قوى ل حصر لها وإمكانات ل حصر لها‪ ..‬في الشمال وفي الجنوب وفي الشرق‪ ،‬وثمة بحث ل‬
‫يتوقف في كل مكان عن نظام عالمي جديد يحث على التعاون واحترام الخر واحترام البيئة‪ ،‬نظام‬
‫يضمن لجميع الشعوب حقها في النمو القتصادي والثقافي وحقها في البداع والمشاركة الفاعلة‬
‫في بناء الحضارة البشرية‪.‬‬
‫وليس من شك بأن هذا يمكن تحققه بل انه الحل الوحيد الممكن والمقبول اليوم اكثر من اي يوم‬
‫مضى‪ ..‬وذلك بفضل العولمة ذاتها التي يستحيل على واشنطن مهما امتلكت من سلح وثرورة‬
‫ونفط السيطرة عليها وتوجيهها وفق مشيئتها‪.‬‬
‫نحن اليوم لسنا خارج العولمة‪ ،‬لننا لسنا خارج العالم ‪ ،‬ول يمكن ان نكون ‪ ..‬لكن ما هي العولمة؟‬
‫ما هو الموضوعي والمفيد فيه ‪ ،‬ويجب ان نقبله ونسعى اليه؟ وما هو وهم أو ضار بمصالحنا؟‬
‫ان النضال يجب ان ينصب ليس على رفض العولمة‪ ،‬بل على تكييفها باتجاه مصالحنا‪ ..‬وهذا يقتضي‬
‫منَّا تصحيح القطاع العام جذريا ً ليخدم القتصاد والمجتمع ويحقق ربحا ً للستثمار والتراكم‪ ،‬وتطويره‬
‫ليواكب التطور العالمي ويتمكن من المنافسة ‪ ،‬ويتطلب ذلك الحفاظ على الكوادر الفنية‬
‫والدارية‪ ،‬ووضع سياسة ديناميكية الجور والرواتب والحوافز‪ ،‬وتعيين الرجل المناسب في المكان‬
‫المناسب‪ ،‬وتطبيق مبادئ المحاسبة القتصادية ومنع كل اسباب الهدر في اليد العاملة والموارد‬
‫والعمل‪ ..‬وبصورة موجزة يجب توفير قيادة علمية اقتصادية مستقلة للقتصاد الوطني ككل (قطاع‬
‫عام وقطاع مشترك وقطاع خاص) باعتباره منظومة متكاملة لتحقيق الهداف الوطنية والجتماعية‬
‫والقومية ‪ ،‬كما يقتضي إعادة النظر بمناهج التعليم والثقافة والعلم‪ ،‬والقضاء على المية واقرار‬
‫ودعم مبدأ التعليم المستمر مدى الحياة لتحصين المواطن ضد تضليل وسائل العلم السائدة التي‬
‫تمتلكها الشركات العالمية الحتكارية الرأسمالية وتستخدمها لغراضهما في الربح والسيطرة ‪ ،‬لكن‬
‫مهما كانت أهمية جهود الجهات الرسمية وسياساتها‪ ،‬فيجب ان نعلم ان اساس أي نجاح هو‬
‫النسان‪.‬‬
‫إيجابيات و سلبيات العولمة‪:‬‬
‫اليجابيات ‪1 -‬‬
‫يزعم دعاة العولمة القتصادية بان انفتاحيات العولمة تؤدي الى رفع كفاءة توظيف واستخدام‬
‫الموارد عالميا ً والى زيادة كبيرة في فرص العمل المتاحة مع توسيع وتعميق الستفادة من‬
‫التطورات التقانية الحديثة‪ ،‬كما تؤدي العولمة الى تحفيز الدول النامية على إعادة هيكلة اقتصاداتها‬
‫لمواجهة التحديات التي تفرزها‪ ،‬والهم من هذا كله ان العولمة تنتهي الى تحسين مستوى معيشة‬
‫‪:‬كثير من دول العالم‪ ,‬وعموما ً يمكن تلخيص أهم ايجابيات العولمة في النقاط الرئيسية التالية‬
‫زيادة حجم التجارة الدولية بسبب تحرير هذه التجارة والغاء الحواجز وازالة العوائق التي تعترض ‪1‬‬
‫تدفق السلع والخدمات بين الدول‪ ,‬وتشير تقديرات منظمة التجارة الدولية في هذا الصدد الى ان‬
‫التطبيق الكامل لتفاقيات الجات بحلول عام ‪ 2005‬م سيؤدي الى زيادة حجم التجارة العالمية‬
‫بمبلغ ‪ 500‬مليار دولر امريكي سنويا ً وهي تزيد حاليا ً عن ‪ 13‬تريليون دولر‪ ,‬وفي هذا السياق تؤدي‬
‫العولمة الى زيادة صادرات المملكة البترولية وكذلك صادراتها من منتجات المصانع القائمة بسبب‬
‫تزايد النمو القتصادي والتزام الدول العضاء في منظمة التجارة الدولية بتطبيق مفاهيم تحرير‬
‫التجارة في السلع ول سيما بالنسبة لصناعة مشتقات البترول والصناعات البتروكيماوية والمنتجات‬
‫‪ .‬المعدنية الساسية كثيفة الطاقة‬
‫ً‬
‫فتح فرص أكبر للستثمار واجتذاب رؤوس الموال الجنبية للدول النامية عموما وللمملكة على ‪2‬‬
‫وجه الخصوص للستثمار المباشر في عدة قطاعات وفي مقدمتها قطاع الغاز وفي صناعة‬
‫المشتقات البترولية والصناعات البتروكيماوية بالضافة الى الخدمات مثل البنوك والسياحية والنقل‬
‫والخدمات الصحية وذلك عن طريق شركات متعددة الجنسية‪ ,‬حيث تصاحب الستثمارات الجنبية‬
‫المباشرة عادة بالضافة الى المكانات التمويلية تقانات فنية متطورة وخبرات إدارية ومهارات‬
‫تسويقية تساعد عن طريق المنافسة على تطوير المكانات والقدرات المحلية في مجال اداء‬
‫العمال كذلك تساعد هذه الستثمارات في ايجاد فرص جديدة للعمل وتساهم في تحسين نمط‬
‫توزيع الثروة والدخول محليا ً بسبب تأثيرها المباشر في تخفيض عوائد رأس المال ورفع أجور‬
‫‪.‬العمل‬
‫رفع معدلت نمو مجموع الناتج المحلي والجمالي العالمي وزيادة فرص النمو القتصادي على ‪3‬‬
‫مستوى القتصادات الوطنية بسبب ارتفاع الطلب على مختلف انواع السلع والخدمات بعد الغاء‬
‫القيود المفروضة على تدفقاتها وزيادة الستثمارات المباشرة المر الذي يؤدي الى ارتفاع الطلب‬
‫‪.‬على مصادر الطاقة ومنها بترول المملكة في السواق العالمية‬
‫تنويع المنتجات من السلع والخدمات وتحسين جودتها وخفض تكاليفها ومن ثم اسعارها بسبب ‪4‬‬
‫المنافسة الشديدة التي تسود السواق المعولمة في مجال السلع بما فيها أللت والمعدات وقطع‬
‫الغيار والخامات والخدمات وهو مايؤدي الى خفض تكاليف مدخلت الصناعة ويسهم في تحسين‬
‫‪.‬ورفع مستوى رفاهية ومعيشة المستهلكين او السكان‬
‫توسيع الستفادة من المزايا النسبية التي تتمتع بها الكثير من الدول النامية في العديد من السلع ‪5‬‬
‫والخدمات كالمنتجات الزراعية والملبس والمنسوجات عموماً‪ ,‬والمشتقات البترولية والمنتجات‬
‫‪.‬البتروكيماوية والمنتجات الكثيفة الستخدام للطاقة بالنسبة للمملكة على وجه الخصوص‬
‫تسريع تنفيذ توجهات الخصخصة وتوسيع مشاركة القطاع الخاص في بعض النشطة القتصادية ‪6‬‬
‫‪.‬المقتصرة او المحصور تقديمها حاليا ً على القطاع الحكومي‬
‫مساعدة القتصاد الوطني في التغلب على ظاهرة الغراق وانتشار السلع المقلدة في السوق ‪7‬‬
‫الداخلية وأسواق التصدير ول سيما المنتجات الصناعية وهي ظواهر يعاني منها حاليا ً العديد من‬
‫الصناعات القائمة في المملكة حيث يمكن استخدام آلية منظمة التجارة الدولية في مكافحة‬
‫‪.‬الغراق واتخاذ الجراءات الوقائية المناسبة ضد المنافسة الجنبية غير العادلة‬
‫التشجيع على البحث والتطوير وتسهيل الحصول على التقانات الحديثة من الدول المتقدمة ‪8‬‬
‫بسبب اللتزام الكثر جدية بحماية الحقوق الفكرية والبداعية والمرتبط بترتيبات منظمة التجارة‬
‫‪.‬الدولية‬
‫الضغط من اجل تسريع عصرنة القتصاد الوطني من خلل سرعة تجديد وتحديث وتطوير ‪9‬‬
‫النظمة والتشريعات السائدة وتبسيط وتسهيل الجراءات المطبقة حاليا ً لتلبية متطلبات العولمة‬
‫بما في ذلك اللتزام بشفافية أكبر في التعامل مع المراجعين هذا بالضافة الى اعطاء أولية متقدمة‬
‫لتطوير انظمة المعلومات والتصالت لمواكبة متطلبات سرعة الحركة في التعامل مع بقية دول‬
‫‪.‬العالم‬
‫‪:‬السلبيات ‪2 -‬‬
‫ترتبط العولمة القتصادية واستحقاقاتها بمجموعة من السلبيات والمخاطر والتهديدات على‬
‫القتصادات الوطنية ول سيما بالنسبة للدول النامية أدت المبالغة في تهويل شرورها واضرارها الى‬
‫‪.‬خلق مخاوف اصبحت تعرف باصطلح الجلوبوفوبيا أو هوس العولمة‬
‫‪:‬وتشمل هذه المخاوف السلبيات الرئيسية التالية‬
‫تزايد انكشافية وتبعية القتصاد العالمي ومن ثم اضعاف المن القتصادي بسبب تعميق تأثير ‪1‬‬
‫القتصاد الوطني بتقلبات الساحة الخارجية‪ ,‬فالتقيد بتطبيق انفتاحيات منظمة التجارة الدولية‬
‫بآلياتها الراهنة من شأنه ان يؤدي ول سيما في المدى البعيد الى تعريض استقرار القتصاد الوطني‬
‫الى هزات وتقلبات يعتمد مدى اضرارها على النفراجات السياسية ومتانة العلقات الودية مع‬
‫الطراف الدولية ول سيما دول مراكز القوى العالمية‪ ,‬ويأتي في هذا السياق تفشي ظاهرة‬
‫الفوضى المالية والنهيارات والزمات القتصادية الدولية والقليمية العنيفة مثل ازمة المكسيك‬
‫‪.‬وازمة دول شرق آسيا وهو مايدعو لتسمية العولمة (بالكركبة) بدل ً من الكوكبة القتصادية‬
‫اتساع تفاوت الدخول وتزايد الثروة بين الدول وبين السكان في داخل الدولة الواحدة افقار ‪2‬‬
‫الفقراء واثراء الغنياء وهو ماحذر منه الكاتبان المعروفان هانس مارتن وهير الدشومان في كتابهما‬
‫المعنون فخ العولمة ذلك ان المكاسب المتوقعة من تعميق العولمة ليتم تقاسمها بالتساوي بين‬
‫‪:‬المم والشعوب وذلك لعدد من السباب يأتي في مقدمتها السباب التالية‬
‫ً‬
‫أ عدم تكافؤ الطراف المشتركة في مسيرة العولمة‪ ,‬فالشركات متعددة الجنسية مثل والتي‬
‫‪.‬سيزيد استغللها لمقدرات وخيرات المم في ظل العولمة تابعة عادة للدول المتقدمة‬
‫ً‬
‫ب الطبيعة الل انسانية لديمقراطية السوق وذلك لعتمادها على شريعة الغاب والتنافس بدل من‬
‫التنافس حيث البقاء للقوى ومطالبة الدول بالتخلي عن دورها الجتماعي في تخفيف حدة الفقر‬
‫‪.‬بين الدول وبين سكان الدولة الواحدة‬
‫ج تشويه انماط الستهلك السائدة وتعويد مجتمعات الدول النامية على الستهلك الترفي‬
‫والتفاخري والفراط في الستهلك على وجه العموم وذلك عن طريق نشر نمط الستهلك الغربي‬
‫تحت التأثير العلمي القوي والعلني المكثف والموجه لتوحيد سلوك وعادات البشر على نسق‬
‫‪.‬الحياة الغربية‬
‫تراجع حصيلة الدولة من الرسوم الجمركية بسبب خفض والغاء التعرفة الجمركية على المنتجات ‪3‬‬
‫المستوردة‪ ،‬وهو ماسيكون له تأثير على الميزانية العامة وبالتالي القدرة على تمويل النفاق على‬
‫‪.‬التجهيزات الساسية ومنها التجهيزات الساسية الصناعية‬
‫تعرض القطاعات القتصادية السلعية الزراعة والصناعة والخدمية المحلية الخدمات المالية‪4 ،‬‬
‫التصالت‪ ،‬التوزيع والنقل‪ ،‬اعمال المهن الحرة‪ ،‬الخدمات السمعية والبصرية لهجمات تنافسية‬
‫شرسة من السلع والخدمات المستوردة من الدول المتقدمة‪ ،‬وهي ذات الشركات العريقة‬
‫والكيانات العملقة متعددة الجنسية والمعروفة بتفوقها وبقدراتها الفنية والدارية والتسويقية‬
‫الهائلة‪ ،‬وهو ماقد يؤدي الى اختفاء وانقراض عدد من الصناعات والمؤسسات والنشاطات الخدمية‬
‫‪.‬ذات الكفاءة المنخفضة والتي ل تقوى على مواجهة رياح العولمة‬
‫رفع اسعار مدخلت المنتجات الزراعية والغذائية بسبب ارتفاع تكلفة شرائها وتوريدها لللتزام ‪5‬‬
‫‪.‬بالغاء العانات المقدمة لها تطبيقا ً لتفاقات منظمة التجارة الدولية‬
‫رفع تكاليف انتاج وتوزيع بعض الصناعات التصديرية وخاصة في المراحل الولى لوصولها لسواق ‪6‬‬
‫الدول المتقدمة بسبب اشتراطات ومواصفات تعجيزية في جودة المنتج وفي التغليف والتعبئة من‬
‫قبل الدول المتقدمة بالضافة الى شروط حماية البيئة وتطبيق أحكام اتفاقيات التدابير الصحية‬
‫‪.‬هذا مع قلة خبرة المصدرين وندرة المعلومات الخاصة بأسواق التصدير ‪ SPS ،‬والصحة النباتية‬
‫رفع تكاليف انتاج الصناعات المعتمدة على نقل التقانات الحديثة بسبب المبالغة في تطبيق ‪7‬‬
‫ومن ثم رفع اسعار الكثير من اللت والمعدات ‪ TRIPS‬أحكام حماية حقوق الملكية الفكرية‬
‫‪.‬المصنعة حديثا ً في الدول المتقدمة صناعيا ً ول سيما الصناعات الكيماوية والدوائية‬
‫تقييد السلطة المحلية في اتخاذ القرارات القتصادية المتعلقة بالسياسات التجارية والمالية ‪8‬‬
‫والزراعية والصناعية والنظمة والجراءات المتعلقة بها‪ ،‬حيث يجب ان تكون هذه السياسات‬
‫والنظمة والجراءات وتعديلتها منسجمة مع اهداف ومبادىء منظمة التجارة الدولية‪ ,‬ويدخل في‬
‫هذا الشأن احتمال مطالبة المنظمة بمراجعة بعض الحوافز والمزايا والتسهيلت المقدمة حالياً‬
‫للزراعة وللصناعة مثل العانات المقدمة للزراعة والفضلية في المشتريات الحكومية واسلوب‬
‫‪.‬الحماية الحالي لبعض المنتجات الصناعية‬

‫خلصة القول‬
‫هناك شبه إجماع معرفي على ان مفهوم "العولمة" حديث الظهور تاريخيا‪ ،‬ولكن في واقع سيرورة التاريخ النساني‪ ،‬مسار‬
‫العولمة يرجع إلى العصر الحجري‪ ،‬الزراعي‪ ،‬وصول إلى هذا العصر عصر الثورة الصناعية الثالثة‪ .‬على اعتبار الظاهرة‬
‫تطورا طبيعيا للحضارة‪ ،‬حسب برهان غليون‪ .‬وإنما تختلف العولمة الجديدة عن القديمة بتقنياتها ووتائر حركيتها في مختلف‬
‫الفضاءات المحلية والقليمية والعالمية‪ ..‬إنها –حسب "زكي العايدي"‪ -‬حركة مطردة‪ ،‬تتخللها فظائع مثل الحرب العالمية الولى‬
‫والزمة القتصادية لسنة ‪1929‬م والحرب العالمية الثانية‪ ، ...‬مع "استثناء مجتمعات محدودة العدد‪ ،‬تركها العالم (الرأسمالي)‬
‫في عزلة‪ ،‬أو فضلت هي أن تعزل نفسها عن العالم لسبب أو لخر‪ ،‬كما حدث للتحاد السوفياتي مثل في العقود الثلثة الولى‬
‫لثورة تشرين الول‪/‬أكتوبر‪ ،‬أو الصين في الخمسينيات والستينيات أو اليمن حتى منتصف هذا القرن"‪ .‬وقد عرفت العولمة‬
‫الحديثة أوج توسعها منذ منتصف الثمانينيات والتسعينيات بعد ظهور الدول الصناعية الجديدة في جنوب شرق آسيا وأمريكا‬
‫اللتينية وأوروبا الشرقية وإفريقيا‪ ،‬إثر تفاقم الزمة القتصادية العالمية (أزمة المديونية‪ ،‬انهيار أسعار المواد الولية‪ )..‬وانهيار‬
‫المنظومة الشتراكية وتنامي دور الشركات المتعددة الجنسيات وبداية انتشار استخدام تكنولوجيا المعلومات والتصال الجديدة‪.‬‬
‫إن الجديد في العولمة أيضا –حسب "زكي العايدي"‪ -‬هو ظواهر‪ :‬الستعجالية (‪ )l'urgence‬والتسارع (‪)l'accélération‬‬
‫والنية (‪ ..)l'instantanité‬إذ‪ ،‬لول مرة في تاريخ العالم‪ ،‬يعاد النظر في العلقة بالزمان والمكان بهذه الجذرية‪ ،‬بحيث ل‬
‫توجد نظرة محددة عن المستقبل‪ ،‬مع انقطاع المجتمعات البشرية عن الماضي وانحصار اهتمامها بالوقت العالمي الحقيقي‬
‫(الحاضر‪/‬الني)‪ .‬وكذا تقلص الفضاء العالمي أدى إلى تقلص آفاقنا‪.‬‬

You might also like