You are on page 1of 98

‫جـامعة الحسـن الثانـي‬

‫وحدة التكوين والبحث‬


‫كلية العلوم القانونية‪ ،‬القتصادية والجتماعية‬
‫القانون الداري والتدبير العمومي‬
‫المحمدية‪-‬البيضاء‬

‫رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا العمقة‬

‫في موضــوع‪:‬‬

‫منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري‬

‫تحت إ شر اف‪:‬‬ ‫من إع داد ال طالب ‪:‬‬


‫الستاذ العميد امحمــد الداسـر‬ ‫نجيـــب البقالـــــي‬

‫لجنــ ة الم ناقش ــة‪:‬‬

‫رئيسا‬ ‫‪ :‬عميـــــد كليـة الحقـــــوق‬ ‫* السيد امحمـــد الداسـر‬


‫عضوا‬ ‫‪ :‬نقيب هيئة المحامين بالبيضــاء‬ ‫* السيد عبد ال درميش‬
‫عضوا‬ ‫‪ :‬أستاذ بكلية الحقـــــوق‬ ‫* السيد محمد سليم الورياكلي‬
‫عضوا‬ ‫‪ :‬الكاتبة العامة لمركز البحاث والدراسات الضريبية‬ ‫* الدكتورة جميلة الدليمي‬

‫السنة الدراسية‪2007/2008 :‬م‬


‫منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري‬

‫إهــــــــــــداء‬

‫إلى روح حبيبي محمد رس ول ال صلى ال‬


‫عليه وسلم ‪.‬‬
‫و إلى كل من أحــــــــــــــــب ‪.‬‬

‫كلمـــــــــــــــة شكـــــــــــــــر‬

‫‪2‬‬
‫منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري‬

‫الشكــر والتقديــر للســيد العميــد الدكتور امحمــد الداســر على قبوله‬


‫الشراف على هذه الرسـالة‪ ،‬وعلى جميـع التوجيهات العلميـة التـي أغنـت‬
‫هذا البحت‪.‬‬
‫الشكـر والتقديـر للسـتاذ محمـد سـليم الورياكلي على صـدره الرحـب‪،‬‬
‫وعلى كل الملحظات والتوجيهات العلمية التي مدنا بها‪.‬‬
‫الشكــر والتقديــر للســاتذة الذيــن ســاهموا فــي مناقشــة هذا العمــل‬
‫المتواضـع وإثرائه‪ ،‬وأخـص بالذكـر الدكتور عبـد ال درميـش‪ ،‬والسـتاذة‬
‫جميلة الدليمي‪.‬‬

‫مقدمــــــــــــــــة‬

‫‪3‬‬
‫منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري‬

‫تشكـل الضرائب والرسـوم التـي فـي حكمهـا أهـم مورد مالي لميزانيـة الدولة والجماعات المحليـة‪ ،‬وتسـاهم‬
‫بشكل فعال في تمويل النفقات العمومية‪ ،‬وإنعاش الحياة القتصادية والجتماعية بالبلد‪.‬‬
‫وقــد عهــد المشرع لدارة الضرائب والخزينــة العامــة‪ ،‬أمــر فرضهــا وتحصــيلها وزودهــا مــن الســلطات‬
‫والمتيازات العامـة بمـا يكفـي لداء وظيفتهـا تلك‪ ،‬وفـي المقابـل سـن ضمانات واسـعة للخاضعيـن للضريبـة لحمايتهـم‬
‫من كل تعسف أو شطط قد يرتكب في حقهم من طرف الدارة الضريبية ضد حقوقهم المالية‪.‬‬
‫ويسـتمد اللزام الضريـبي مصـدره مـن مضمون الدسـتور كقانون أسـمى‪ ،‬حيـث نـص الدسـتور المغربـي المعدل سـنة‬
‫‪ 1996‬فــي المادة ‪ 17‬بأن " على الجميــع أن يتحمــل كــل قدر اســتطاعته التكاليــف العموميــة التــي للقانون وحده‬
‫الصلحية لحداثها وتوزيعها حسب الجراءات المنصوص عليها في الدستور" ‪.‬‬
‫و يقوم النظام الضريــبي بالمغرب على الثلثيــة الجبائيــة المعروفــة لدى أغلب الدول‪ ،‬فــي إطار عولمــة النظمــة‬
‫الضريبيــة أي إخضاع الشركات لضريبــة خاصــة‪ ،‬والشخاص الذاتييــن وشركات الشخاص لضريبــة عامــة على‬
‫الدخـل بالنسـبة لمجموع دخولهـم‪ ،‬ثـم ضريبـة عامـة على النفاق وبعـض الضرائب النوعيـة كالضريبـة المهنيـة أو‬
‫الحضرية إلى جانب النظام الجبائي المحلي‪.‬‬
‫غيـر أن الدارة الضريبيـة التـي منحهـا المشرع عدة صـلحيات تتعلق بتأسـيس الوعاء الضريـبي‪ ،‬قـد تخـل ببعـض‬
‫الضمانات القانونيـة المخولة للملزميـن مـن مثـل ‪ :‬التبليـغ بفرض الضريبـة‪ ،‬احترام الجراءات المسـطرية المتعلقـة‬
‫بتصحيح أسس الضريبة أو الفرض التلقائي لها‪ ،‬العفاءات الجبائية ‪...‬‬
‫مما يؤدي إلى نشوء نزاع بين الدارة والملزم‪.‬‬
‫والنزاع الضريـبي فـي مفهومـه الضيـق‪ ،‬كخلف بيـن طرفيـن‪ ،‬همـا الدارة والملزم‪ ،‬يدفـع فيـه كـل طرف بموقـف‬
‫متعارض مع موقف الطرف الخر أمام جهاز قضائي يفصل بينهما بإصدار حكم تنفيذي وملزم‪.‬‬
‫وفي مفهوم أوسع يعرف النزاع الجبائي بأنه " مجموعة الساليب القانونية التي يتم بمقتضاها فض النزاعات التي‬
‫( ‪)1‬‬
‫تنشأ عن تطبيق قانون الضريبة من طرف الدارة الجبائية على الملزم"‪.‬‬
‫وينحصـــر النزاع الجبائي فـــي صـــنفين هاميـــن همـــا المنازعات فـــي الوعاء ‪contentieux de l’assiette‬‬
‫والمنازعات في التحصيل ‪.contentieux de recouvrement‬‬
‫وسـنقتصر على تعريـف منازعات الوعاء الضريـبي لن بحثنـا سـيتناولها فقـط‪ " ،‬فالنزاع فـي الوعاء هـو نزاع فـي‬
‫أسـاس الضريبـة‪ ،‬أي النزاع الذي يخول للجهـة التـي تبـث فيـه صـلحية البحـث فيمـا إذا كانـت الضريبـة قـد تأسـست‬
‫مطابقة للمقتضيات التشريعية والتنظيمية‪ ،‬وفي حالة ما إذا تبين لها العكس فمن سلطتها أن تقرر إسقاطا جزئيا أو‬
‫كليا لهذه الضريبة‪.‬‬
‫فالنزاع في الوعاء ل يخلو من احتمالين اثنين ‪:‬‬
‫‪.1‬عبد القادر ثيعلتي ‪ ،‬النزاع الضريبي في التشريع المغربي‪ ،‬دار النشر المغربية ‪ ،‬طبعة ‪ 2002‬ص ‪.12‬‬

‫‪4‬‬
‫منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري‬

‫•إمــا أن الملزم ل ينازع مبدأ خضوعــه للضريبــة‪ ،‬وإنمــا ينازع فــي العناصــر الواقعيــة التــي اعتمدتهــا‬
‫الدارة أو اللجنة الضريبية كأساس لتحديد الضريبة وهنا يطالب بإسقاط جزئي لمبلغها ونكون هنا أمام‬
‫نزاع في الوقائع‪.‬‬
‫•وإمـا أن الملزم ينازع مبدأ خضوعـه للضريبـة‪ ،‬أي يعتـبر وضعـه غيـر مشمول بنطاق تطبيقهـا‪ ،‬وهنـا‬
‫يطلب بإسقاطها كليا ونكون أمام نزاع قانوني‪.‬‬
‫وتجدر الشارة‪ ،‬إلى أن الملزم ل يحـق له أن يرفـع نزاعـه فـي الوعاء الضريـبي مباشرة إلى القضاء الداري‪ ،‬بـل‬
‫إن القانون اشترط صـراحة لصـحة الدعوى القضائيـة فـي المجال الجبائي أن يسـتنفذ الملزم طعنـا سـابقا أمام الدارة‬
‫الجبائيــة‪ ،‬أو أمام اللجان الضريبيــة حســب الحالت‪ ،‬فتقديــم المطالبــة النزاعيــة أمام الدارة الجبائيــة فــي مجال‬
‫منازعات الوعاء الضريبي إجراء إلزامي قبل نشر الخلف أمام أنظار القضاء‪.‬‬
‫لكن إذا باشرت الدارة الجبائية فحصا جبائيا في حق الملزم‪ ،‬أو أعادت النظر في العناصر التي صرح بها‪ ،‬فيحق‬
‫للملزم التقدم بالطعن مباشرة أمام اللجن الضريبية المختصة‪.‬‬
‫وبعـد اسـتنفاد الطعـن خلل المرحلة الداريـة يحـق له التقدم بالمنازعـة الضريبيـة أمام القضاء الداري طبقـا للمادة‬
‫الثامنة من القانون رقم ‪ 90/41‬المحدث للمحاكم الدارية (‪ )1‬التي نصتعلى ما يلي ‪ " :‬تختص المحاكم الدارية ‪...‬‬
‫تطبيق النصوص التشريعية والتنظيمية المتعلقة بالنتخابات والضرائب ونزع الملكية لجل المنفعة العامة‪ ،‬وبالبث‬
‫في الدعاوى المتعلقة بتحصيل الديون المستحقة للخزينة العامة"‪.‬‬
‫وقــد نظــم الباب الخامــس مــن نفــس القانون مــن المادة ‪ 28‬إلى المادة ‪ 36‬اختصــاص المحاكــم الداريــة فيمــا يتعلق‬
‫بالضرائب وتحصيل الديون المستحقة للخزينة والديون التي في حكمها‪.‬‬
‫وقـد عرفـت منازعات الوعاء أمام القضاء بالمغرب تطورات متلحقـة‪ ،‬فقبـل الحمايـة كان "القضاء الجبائي" يقوم‬
‫به والي المظالم‪ ،‬فقد كان بإمكان من أصابه ضرر من أحد عمال المملكة أن يتقدم بتظلم إلى وزير الشكايات الذي‬
‫يسجله ويلخصه ويعرضه على السلطان‪ ،‬وبالفعل تقدم العديد من المواطنين بتظلماتهم إلى والي المظالم بخصوص‬
‫الحيف والظلم الذي كان يمارس عليهم من طرف بعض جباة الضرائب‪.‬‬
‫و السلطان بنفسه كان ينظر في بعضها‪.‬‬
‫أمــا خلل فترة الحمايــة‪ ،‬فقــد أدخلت فرنســا بمقتضــى بنود الحمايــة لســنة ‪ 1912‬عدة إصــلحات همــت النظام‬
‫القضائي المغربي وذلك بإنشاء محاكم صلحية‪ ،‬محاكم ابتدائية‪ ،‬ومحاكم استئنافية‪.‬‬
‫و صــدرت خلل هذه الفترة عدة نصــوص ذات طبيعــة جبائيــة مثــل ظهيــر ‪ 9‬أكتوبر ‪ 1920‬بإحداث ضريبــة على‬
‫(‪)2‬‬
‫البحار وظهير ‪ 9‬نونبر ‪ 1926‬الذي يتعلق باستخلص الديون للبلدية‪...‬‬
‫‪ .1‬قانون رقم ‪ 41-90‬الصادر بالجريدة الرسمية عدد ‪ 4227‬بتاريخ ‪.03/11/1993‬‬
‫‪.2‬العربي الكزداح " الطعون الجبائيـة في ظل المحاكم الداريـة بالمغرب" أطروحة لنيل الدكتورة في الحقوق ‪ ،‬الموسم الجامعـي ‪،2004-2003‬‬
‫جامعة محمد الخامس أكدال‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬من ص ‪ 15‬إلى ص ‪.46‬‬

‫‪5‬‬
‫منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري‬

‫و حددت هذه النصـوص المحاكم المختصـة فـي النزاع الجبائي والجراءات التي يلزم القيام بهـا لرفع النزاع أمامها‬
‫– أي المحكمة البتدائية‪. -‬‬
‫أما بعد استقلل المغرب فقد تم إنشاء المجلس العلى بمقتضى الظهير الشريف الصادر في ‪ 27‬شتنبر ‪.1957‬‬
‫وخلل هذه الفترة وبالرغم من الصلحات المتوالية التي عرفها الجهاز القضائي‪ ،‬فإن المحاكم البتدائية كانت هي‬
‫المختصة في منازعات الوعاء الضريبي بالنظر للولية العامة التي تتمتع بها في جميع أنواع القضايا طبقا للفصل‬
‫‪ 18‬من قانون المسطرة المدنية(‪ ،)1‬ويمكن استئناف الحكام الصادرة عنها أمام محاكم الستئناف‪.‬‬
‫فـي حيـن أن المجلس العلى يختـص بالطعـن بالنقـض‪ ،‬والطعون الراميـة إلى إلغاء القرارت الداريـة بسـبب تجاوز‬
‫السلطة‪.‬‬
‫وفــي ســنة ‪ 1993‬ســيتم إنشاء المحاكــم الداريــة كمحاكــم متخصــصة بالنظــر فــي المنازعات الداريــة ومنهــا‬
‫( ‪)2‬‬
‫منازعات الوعاء الضريبي وذلك مواكبة للتحولت الكبرى التي عرفها المغرب‪.‬‬
‫وأخيرا تـم إصـدار القانون رقـم ‪ 80-03‬المحدث لمحاكــم السـتئناف الداريـة تأكيدا لرغبـة المغرب فــي بناء دولة‬
‫الحـق والقانون القائمة على احترام المشروعية ومبادئ حقوق النسـان‪ ،‬وبالتالي ستصبح الغرفة الدارية بالمجلس‬
‫العلى تقوم بدورهـا الصـيل كمحكمـة قانون بعـد أن كانـت ولمدة ‪ 13‬سـنة تنظـر كمحكمـة موضوع فـي اسـتئناف‬
‫( ‪)3‬‬
‫الحكام الصادرة عن المحاكم الدارية ‪.‬‬
‫ويحتل هذا الموضوع أهمية بالغة في الظروف الراهنة اعتبارا لما يلي ‪:‬‬
‫‪-‬راهنية البحث بالنظر للصلحات التي يعرفها المغرب من أجل جلب الستثمارات وتمتيع المقاولت‬
‫بكافـة الضمانات القانونيـة ‪،‬ومـن بينهـا الضمانات التـي يوفرهـا القضاء الداري بخصـوص المنازعات‬
‫الضريبية‪.‬‬
‫‪-‬القانون الضريــبي يحتــل أهميــة قصــوى فــي حياة المجتمعات لرتباطــه بالقتصــاد الذي هــو عصــب‬
‫المجتمـع‪ ،‬ومصـدر العديـد مـن النزاعات الدوليـة خاصـة مسـائل الزدواج الضريـبي الدولي‪ ،‬والوطنيـة‪،‬‬
‫وكدا عنصر أساسي في التنمية‪.‬‬
‫‪ -‬موضوع منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري لزال يتميز بقلة الدراسات القانونية‬
‫والبحوث العلمية داخل فضاء الجامعة المغربية ومن ثمة فإن المجال لزال خصبا للبحث والتنقيب‪.‬‬

‫‪.1‬قانون رقم ‪ 47-447‬المتعلق بالمسطرة المدنية‪ ،‬منشورات إيديسوفت للطباعة والنشر ‪ ،‬الطبعة الولى ‪ 2004-2003‬مطبعة النجاح الجديدة‪.‬‬
‫‪ .2‬العربي الكزداح " م‪.‬سابق من ص ‪ 15‬إلى ص ‪.46‬‬
‫‪ .3‬كلمـة وزيـر العدل السـباق بأشغال اليوم الدراسـي الذي نظمتـه المدرسـة الوطنيـة للدارة حول موضوع " تطور القضاء الداري بالمغرب فـي‬
‫ضوء أحداث محاكم استئناف الدارية " يوم ‪ 22‬نونبر ‪.2006‬‬

‫‪6‬‬
‫منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري‬

‫كمـا أنـا أغلب المنازعات المطروحـة أمام القضاء الداري المتعلقـة بالضريبـة هـي منازعات الوعاء‪ ،‬وأن سـلطات‬
‫القاضـي ودوره خللهـا دور واسـع تفتـح أمامـه باب الجتهاد والبداع وتجاوز ثغرات النصـوص الضريبيـة التـي‬
‫تتميز بالتشتت والغموض‪ ،‬خلفا لمنازعات التحصيل التي للقاضي دور محدود فيها‪.‬‬
‫وموضوع المنازعات الضريبيـة يطرح عدة أسـئلة فـي سـياق التحولت الديمقراطيـة التـي يعرفهـا المغرب‪ ،‬وتنامـي‬
‫ثقافة حقوق النسان وحقوق الملزم الضريبي‪.‬‬
‫فإلى أي حـد سـن المشرع الضريـبي نصـوص قانونيـة تتضمـن وتحتوي ضمانات لصـالح الملزم الطرف الضعيـف‬
‫فـي المعادلة الضريبيـة‪ ،‬أمام إدارة قويـة هـي إدارة الضرائب؟ ومـا دور القضاء الداري فـي حمايـة هاثـه الضمانات‬
‫التشريعية؟ وهل عمل على خلق قواعد ومبادئ جديدة لصالح الملزم؟‬
‫وترتيبـا على مـا سـبق فإن إشكاليـة البحـث التـي تتفرع إلى مجموعـة مـن الشكاليات‪ ،‬تتلخـص فـي البحـث عـن‬
‫التوازن بين طرفي العلقة في منازعات الوعاء الضريبي‪ ،‬وعن الضمانات التي خولها التشريع الجبائي للملزم‪،‬‬
‫وكيــف عمــل القاضــي الجبائي على حمايتهــا‪ ،‬أو ســن ضمانات جديدة مــن خلل اجتهاداتــه فــي مجال الوعاء‬
‫الضريبي‪ ،‬وذلك عبر دراسة بعض أهم المنازعات التي عرضت أمامه في المجال‪.‬‬
‫وسـنعتمد فـي معالجـة ودراسـة هذه الشكاليـة على الدارسـات التحليليـة والنقديـة للعمـل القضائي الصـادرة فـي مجال‬
‫الوعاء الضريبي وفقا للمناهج التالية ‪:‬‬
‫‪-‬المنهـج التاريخـي ‪ :‬لمعرفـة مدى التطور الحاصـل فـي تناول الجتهادات القضائيـة لبعـض الشكالت‬
‫التي كانت مثيرة للجدل الفقهي والقانوني‪.‬‬
‫‪-‬المنهــج المقارن ‪ :‬لبراز نقــط التقاطــع والختلف مــع بعــض النماذج القضائيــة وخاصــة الفرنســية‬
‫والمصرية‪.‬‬
‫‪-‬المنهــج التحليلي ‪ :‬لبراز خصــائص و مميزات العمــل القضائي ومــن خلل تحليــل مضمون الحكام‬
‫والقرارات الصادرة في مادة تنازع الوعاء الضريبي‪.‬‬
‫وقد واجهتنا عدة صعوبات خلل إعداد هذا البحث يمكن إجمالها في ‪:‬‬
‫‪ -‬أن البحـث العلمـي والجامعـي فـي هذا المجال ل زال فـي بدايتـه‪ ،‬كمـا أن الدراسـات والمقالت والكتـب قليلة جدا‬
‫ومشتتة عبر رفوف المكتبات بالمغرب‪.‬‬
‫‪ -‬نذرة الحكام والقرارات القضائيـة المنشورة فـي مادة الوعاء الضريـبي ناهيـك عـن تحليلهـا ودراسـتها أو التعليـق‬
‫عليها‪ ،‬مما اضطرنا إلى التنقل إلى المحكمة الدارية بالدار البيضاء لمرات عديدة قصد جمع البعض منها‪.‬‬
‫وسنتناول موضوع منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري بالتعرض لمحورين أساسيين هما‪:‬‬
‫•الفصل الول ‪ :‬العمل القضائي في مجال منازعات الوعاء الضريبي ‪.‬‬
‫•الفصل الثاني ‪ :‬تقييم العمل القضائي في مادة الوعاء الجبائي ‪.‬‬
‫وسنختم البحث ببعض الخلصات والتوصيات لتجاوز بعض الثغرات التي وقفنا عليها خلل البحث‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري‬

‫الفصل الول‪ :‬العمل القضائي في مجال منازعات الوعاء الضريبي‬


‫يقصـد بالعمل القضائي مختلف الحكام التـي تصدرها محاكم الموضوع والقرارات التي يصـدرها المجلس‬
‫العلى في مختلف المنازعات المعروضة عليه ويكتفي القاضي هنا بتطبيق القاعدة القانونية التطبيق السليم فقط‪.‬‬
‫في حين أن الجتهاد القضائي يقصد به الحكام والقرارات التي صدرت في نوازل ل نص فيها‪ ،‬أو يثير‬
‫هذا النــص بعــض الغموض والشكالت يكون للقاضــي دور إبداع قواعــد وإيجاد حلول لهذا الفراغ التشريعــي‪ ،‬أو‬
‫تدعيمـا لقواعـد ثابتـة ‪ ،‬مسـتلهما تلك الحلول مـن المبادئ العامـة للمجال المتخـذ فيـه الجتهاد ومـن المبادئ العامـة‬
‫لتفسـير القواعـد القانونيـة‪ ،‬ويلعـب القاضـي مهمـة اسـتكمال أو توضيـح أو تفصـيل القواعـد بحثـا عـن روح المشرع‬
‫وعمق مقصده‪.‬‬
‫ومـن ثمـة فإن اختيارنـا لعنوان العمـل القضائي إيمانـا منـا‪ ،‬بأنـه أعـم وأشمـل مـن الجتهاد القضائي‪ ،‬كمـا أنـه‬
‫يحوي الجتهاد القضائي‪ ،‬لكـن هذا ل يمنعنـا مـن مدارسـة وتحليـل العديـد مـن الحكام التـي تعتـبر اجتهادا قضائيـا‬
‫حقيقيا‪.‬‬
‫وقـد خضـع العمـل القضائي‪ ،‬فـي مجال منازعات الوعاء الضريـبي لتطورات متلحقـة و مهمـة فقبـل إنشاء‬
‫المحاكـم الداريـة كانـت المحاكـم البتدائيـة هـي التـي تبـت فـي منازعات الوعاء الضريـبي‪ ،‬وخلل هذه المرحلة لم‬
‫يتمكـن القضاء العادي مـن المسـاهمة فـي تطويـر هذا المجال وظلت الحكام الصـادرة عنـه ذات طبيعـة مدنيـة أكثـر‬
‫منهـا ذا طبيعـة إداريـة‪ ،‬وكان الملزمون يفضلون اللجوء إلى مسـاطر الصـلح مـع الدارة الضريبيـة بدل التوجـه إلى‬
‫القضاء للطعن في القرارات الصادرة عنها‪.‬‬
‫لكن بعد إنشاء المحاكم الدارية كمحاكم متخصصة اختلف المر عن السابق‪ ،‬إذ تصدى لمنازعات الوعاء‬
‫الضريـبي قضاة لهـم درايـة كـبيرة بالمجال وعلى اطلع جيـد بالسـياسة القتصـادية والجتماعيـة والضريبيـة للدولة‪،‬‬
‫مما ساهم في تطور العمل القضائي‪ ،‬وارتفع عدد القضايا بشكل مهم بعد إنشاء المحاكم الدارية‪.‬‬
‫وسيتم التركيز في هذا الفصل‪ ،‬على بعض القضايا والشكالت ذات الهمية البالغة‪ ،‬التي بث فيها القاضي الجبائي‬
‫وعرفت نقاشا واسعا بين القضاء والفقه ‪.‬‬
‫فكيــف تناول العمــل القضائي الشكالت المرتبطــة بالمســاطر الجبائيــة والعفاءات الضريبيــة ( المبحــث‬
‫الول) وهل استطاع إيجاد بعض الحلول للشكالت المرتبطة بالتحقيق والثبات؟‬
‫تم ما هو أثر الحكم ببطلن المسطرة الضريبية على اللتزام الجبائي؟( المبحث الثاني)‬

‫‪8‬‬
‫منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري‬

‫المبحث الول ‪ :‬المساطر الجبائية والعفاء الضريبي‬


‫المساطر الجبائية والعفاء الضريبي من المجالت التي أثارت الكثير من المنازعات أمام القضاء الداري‬
‫وساهمت في ظهور العديد من الجتهادات القضائية ذات الهمية البالغة‪ ،‬في مسار تطور العمل القضائي للمحاكم‬
‫الدارية‪ ،‬وسنتناول أول المساطر الجبائية ( الفرع الول) ثم العفاءات الضريبية( الفرع الثاني)‪.‬‬
‫الفرع الول ‪ :‬المساطر الجبائية‬
‫قواعد المساطر الجبائية هي قواعد جوهرية وملزمة يترتب عن خرقها اكتساب حق أو ضياعه‪ ،‬فهي بذلك‬
‫ترتبط أشد الرتباط باللزام الضريبي‪.‬‬
‫ويقصد بالمسطرة الجبائية " مجموعة القواعد والشكليات المتبعة لنجاز العمل الداري"(‪ )1‬أ‪.‬‬
‫وتحتل هذه المساطر مكانة مهمة بالنسبة لسير نشاط الدارة الضريبية من جهة‪ ،‬وبالنسبة للملزم الضريبي من جهة‬
‫ثانية‪.‬‬
‫وترافــق المســطرة الجبائيــة الضريبـة مـن تأسـيسها إلى غايـة المنازعـة فيهـا وذلك عـبر مســاطر النشاء‬
‫الضريبي( التصريح أو التقدير) أو تصحيح الربط الضريبي‪ ،‬ومسطرة المنازعة في الضريبة سواء أمام الدارة‪،‬‬
‫اللجان الضريبية‪ ،‬أو أمام القضاء الداري‪.‬‬
‫وبالنظـر لهميـة المنازعات المرتبطـة بالتبليـغ ( المطلب الول) وكذا مسـطرتي تصـحيح أسـس الضريبـة‬
‫والفرض التلقائي ( المطلب الثاني) سنقتصر على دراستهما فقط في هذا الفرع‪.‬‬

‫المطلب الول ‪ :‬مسطرة التبليغ‬


‫التبليـغ فـي اللغـة يعنـي اليصـال حسـب المعجـم العربـي السـاسي الذي أصـدرته المنظمـة العربيـة للتربيـة والثقافـة‬
‫والعلوم سـنة ‪ .1989‬لكنـه فـي المعجـم الضريـبي يعتـبر كـل وثيقة تسـتعملها الدارة مـن اجـل إعلم الملزم بالمسـطرة‬
‫الضريبية التي تمارسها في حقه‪ ،‬والغاية من إيصال هذه الوثيقة هي قطع التقادم بالنسبة للدارة وفتح آجال جديدة‬
‫للتقادم بالنسبة للملزم سواء للجواب أو التظلم‪.‬‬

‫‪ .-1‬عبد الغني خالد " المسطرة في القانون الضريبي المغربي" طبعة ‪ ،2002‬مطبعة دار النشر المغربية ص ‪. 150‬‬

‫‪9‬‬
‫منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري‬

‫ويحتل موضوع التبليغ أهمية قصوى بالنظر للعتبارات التالية ‪:‬‬


‫•التبليغ يحفظ حق الملزم في العلم حتى ل تأخده الدارة على حين غرة‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫•التبليغ يمكن الملزم والدارة من احتساب اجل التقادم بصورة صحيحة تنظيما للمعاملت بينهما‪.‬‬
‫•التــبيلغ هــو الليــة الســاسية لتجســيد المســطرة التواجهيــة التــي تمكــن كــل طرف مــن عرض مو اقفــه‬
‫وملحظاته بغية التوصل إلى آتفاق بالتراضي حول الساس الضريبي الجديد‪.‬‬
‫وقـــد عرفـــت مســـطرة التبليـــغ عدة تطورات ومرت بمراحـــل متعددة ( الفقرة الولى ) وبالرغـــم مـــن التحولت‬
‫المتسـارعة التـي عرفتهـا هذه المسـطرة فقـد أثارت العديـد مـن النزاعات أمام القضاء الداري وتعددت توجهاتـه مـن‬
‫محكمة لخرى ( الفقرة الثانية )‪.‬‬
‫الفقرة الولى ‪ :‬طرق التبليغ وتطورها عبر القوانين المالية ‪:‬‬
‫عرف القانون الجبائي المغربي ثلثة مراحل أساسية فيما يتعلق بكيفية تبليغ المراسلت إلى الملزمين‪ .‬وهي مرحلة‬
‫مــا قبــل ‪ 1995‬ومرحلة قانون الماليــة لســنة ‪ ، 1995‬وأخيرا قانون الماليــة ‪ 2005‬الذي احتوى فــي جنباتــه كتاب‬
‫المساطر الجبائية‪ ،‬وقد تم تجميع هذه النصوص في إطار المدونة العامة للضرائب بقانون المالية لسنة ‪. 2007‬‬
‫أ‪ -‬التبليغ قبل سنة ‪:1995‬‬
‫تتميز هذه المرحلة بتنوع وسائل التبليغ المنصوص عليها في القانون الضريبي المغربي‪ ،‬بحيث نلحظ وجود عدة‬
‫أساليب للتبليغ حسب تنوع الضرائب‪ ،‬وهكذا نجد التبليغ عن طريق العوان القضائيين‪ ،‬وكان هو السائد في رسوم‬
‫التسـجيل والتمـبر‪ ،‬بينمـا كان أسـلوب التبليـغ بالبريـد المضمون هـو المعمول بـه فـي الضرائب المباشرة‪ ،‬غيـر أن ل‬
‫شيء كان يمنع الدارة من اللجوء إلى السلطات الدارية لهذا الغرض خاصة في المناطق النائية‪.‬‬
‫ورغـم ذلك‪ ،‬فإن الممارسـة الداريـة فـي هذا المجال كانـت تعتمـد التبليـغ بالبريـد المضمون‪ ،‬إلى أن أصـبحت هذه‬
‫الوسيلة هي القاعدة‪ ،‬وتتم عن طريق وضع المراسلة المراد إبلغها للملزم داخل ظرف يحمل عنوان هذا الخير‪،‬‬
‫(‪)2‬‬
‫أو تبعث إليه عارية من أي ظرف لكنها مصحوبة بشهادة التسلم ذات اللون الحمر‪.‬‬
‫بل إن الدارة ولقطعها مدة تقادم التحصيل كانت تعمد إلى إرسال عدة إنذارات‪ ،‬وهي تعلم مسبقا أنها سترجع بنفس‬
‫الملحظـة‪ ،‬وتتمسـك فـي مواجهـة الملزم بناء عليهـا بقطـع التقادم‪ ،‬الشيـء الذي كان يفرز أوضاعـا مأسـاوية بالنسـبة‬
‫(‪)3‬‬
‫لبعض الملزمين الذين يفاجؤن بمديونيتهم للخزينة العامة بمبالغ تكاد تعادل قيمة المعاملة‪.‬‬
‫‪ .1‬عبـد الغنـي خالد " مسـطرة التبليـغ فـي القانون الضريـبي المغربـي " مجلة دفاتـر المجلس العلى تحـت عنوان " العمـل القضائي والمنازعات‬
‫الضريبية " عدد ‪ ،8/2005‬ص ‪ 57‬و ‪.58‬‬
‫‪. .2‬عبد الغني خالد‪ ،‬الكتاب ‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.59‬‬
‫‪ .3‬سـميرة شقشاق " طرق التبليـغ وتطورهـا عـبر القوانيـن الماليـة والجتهادات القضائيـة" المجلة المغربيـة للدارة المحليـة والتنميـة ‪ ،‬عدد مزدوج‬
‫‪ 63-62‬ماي – غشت ‪ ، 2005‬ص ‪.89‬‬

‫‪10‬‬
‫منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري‬

‫ب‪ -‬التبليغ في قانون مالية ‪1995‬‬

‫أمام هذه المشاكـل التـي أثيرت بسـبب مـا اعتـبر عدم التبليـغ‪ ،‬تدارك المشرع المـر وأدخـل تعديلت مهمـة‬
‫على هذه المسـطرة خلل قانون الماليـة لسـنة ‪ ،1995‬حيـث نظـم عمليـة التبليـغ بطرق أخرى أضيفـت إلى المراسـلة‬
‫( ‪)1‬‬
‫بالبريد المضمون‪.‬‬
‫وحيـث نصـت المادة ‪ 15‬منـه ‪ " :‬إذا تعذر تسـليم التبليـغ المقرر بالعنوان الذي حدده الخاضـع للضريبـة فـي‬
‫إقراراتــه‪ ،‬أوعقوده‪ ،‬أو مراســلته المدلى بهــا إلى المفتــش التابــع له‪ ،‬مكان فرض الضريبــة عليــه لي ســبب مــن‬
‫السباب غير المتناع من تسلمه‪ ،‬بوشر التبليغ المذكور بواسطة المأمورين المحلفين التابعين لدارة الضرائب‪ ،‬أو‬
‫أعوان كتابــة الضبــط‪ ،‬أو العوان القضائييــن‪ ،‬أو بالطريقــة الداريــة‪ ،‬ويجــب أن يقوم العون المبلغ بتقديــم الوثيقــة‬
‫المراد تبليغهـا على المعنـي بالمـر فـي ظرف مغلق ويثبـت التسـليم بشهادة تحرر فـي نسـختين وفـق مطبوع تقدمـه‬
‫(‪.)2‬‬
‫الدارة‪ ،‬وتسلم نسخة من هذه الشهادة إلى المعني بالمر"‬
‫إل أن هذه المادة خضعت بدورها لتعديلت إذ استبدلت بالمادة ‪ 13‬من قانون المالية لسنة ‪ ،1996‬وكذا بالمادة ‪10‬‬
‫من قانون المالية رقم ‪ 55-00‬للسنة المالية ‪.2001‬‬
‫وباســتقراء هذه المادة يتــبين بأنهــا جاءت بمقتضيات جديدة‪ ،‬كــل مــا يمكــن القول عنهــا أنهــا خولت الدارة‬
‫الجبائيـة إمكانيات وصـلحيات واسـعة ومبسـطة تمكنهـا مـن إجراء عمليـة التبليـغ دون التقيـد بأي مسـطرة‪ ،‬إذ يكفيهـا‬
‫تبليغ الخاضع للضريبة بعنوانه المصرح به لدى مفتش الضرائب‪ ،‬بالطرق المشار إليها بالمادة ‪ 10‬ليعتبر التبليغ‬
‫ســليما مــن الناحيــة القانونيــة بعــد انصــرام ‪ 10‬أيام لتاريــخ إثبات تعذر ذلك التســليم ‪ ،‬وهــو مــا يخالف المقتضيات‬
‫( ‪)3‬‬
‫التشريعية التي كان معمول بها في هذا الطار‪.‬‬

‫ج‪ -‬التبليغ من خلل كتاب المساطر الجبائية ‪:‬‬

‫عمــل المشرع المغربــي على جمــع المقتضيات المتعلقــة بالمراقبــة والمنازعات فــي وعاء الضريبــة داخــل‬
‫(‪)4‬‬
‫كتاب المساطر الجبائية الذي تضمنته المادة ‪ 22‬من قانون مالية ‪.2005‬‬
‫وهكذا أصبحت المادة ‪ 10‬من الكتاب المذكور المرجع الوحيد فيما يتعلق بمسطرة التبليغ في القانون الضريبي‬

‫‪ .1‬عبد الغني خالد ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.59‬‬


‫‪ .2‬عبد الرحيم برحيلي " تعذر احترام مسطرة التبليغ ومدى تأثيره على سلمة إجراءات الفرض الضريبي"‪ .‬دفاتر المجلس العلى عدد ‪8/2005‬‬
‫ص ‪.68/69‬‬
‫‪ .3‬عبد الرحيم برحيلي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.69‬‬
‫‪-4‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 5278‬ص ‪.4162‬‬

‫‪11‬‬
‫منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري‬

‫المغربـي‪ ،‬حيـث تضمنـت هذه المادة الصـيغة النهائيـة التـي جاء بهـا تعديـل قانون الماليـة لسـنة ‪ 2001‬بالضافـة إلى‬
‫مستجد تمثل في تحميل مسؤولية عدم توصل الملزم في الحالة التي تقوم فيها الدارة بالتبليغ فيتعذر عليها بسبب ما‬
‫ذكره القانون كالتالي ‪:‬‬
‫•إذا وقع تسليمها‪.‬‬
‫•بالنسـبة للشخاص الطـبيعيين إمـا للشخـص المعنـي إمـا بموطنـه لقاربـه أو مسـتخدمين عنده أو لكـل‬
‫شخص آخر يسكن أو يعمل مع من وجهت إليه الوثيقة أو في حالة رفض تسلم الوثيقة المذكورة‪ ،‬بعد‬
‫انصرام أجل العشرة أيام التالية لرفض التسلم‪.‬‬
‫•فيمــا يخــص الشركات و الهيئات الخرى المشار إليهــا فــي المادة ‪ 8‬مــن القانون رقــم ‪ 17.89‬المتعلق‬
‫بالضريبـة العامـة على الدخـل‪ ،‬إلى الشريـك الرئيسـي أو الممثـل القانونـي للشركـة أو مسـتخدميها أو أي‬
‫شخص آخر يعمل مع الخاضع للضريبة الموجهة إليه‪.‬‬
‫•إذا تعذر تســليمها إلى الخاضــع للضريبــة بالعنوان المدلى بــه إلى مفتــش الضرائب عندمــا يتــم توجيــه‬
‫الوثيقـة فـي رسـالة مضمونـة الوصـول مـع إشعار بالتسـلم أو بواسـطة أعوان كتابـة الضبـط أو العوان‬
‫القضائيين أو بالطريقة الدارية ويتم إرجاع الوثيقة مذيلة ببيان غير مطالب به‪ ،‬أو انتقل من عنوانه‪،‬‬
‫أو عنوان غير معروف‪ ،‬أو غير تام‪ ،‬أو أماكن مغلقة أو أن الخاضع للضريبة غير معروف بالعنوان‪،‬‬
‫فـي هذه الحالت يعتـبر الظرف مسـلما بعـد انصـرام أجـل العشرة أيام التاليـة لتاريـخ إثبات تعذر تسـليم‬
‫الظرف المذكور‪.‬‬
‫و قــد حافظــت المدونــة العامــة للضرائب الصــادرة فــي قانون ماليــة ‪ 2007‬على نفــس المقتضيات‪ ،‬التــي‬
‫اعتبرها بعض الباحثين على أن أقل ما يقال عنها أنها أجهضت جميع الضمانات التي نص عليها قانون المالية‬
‫(‪)1‬‬
‫لسنة ‪.1995‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬بعض الشكالت التي طرحتها مسطرة التبليغ‬


‫تثيــر مســطرة التبليــغ عدة نزاعات قانونيــة وواقعيــة أمام القضاء الجبائي باعتبار التبليــغ كمــا ســبق الذكــر‬
‫أساس المسطرة التواجهية‪ ،‬وأساس العلم الذي هو حق من حقوق الملزم الساسية إبان تصحيح مسطرة الوعاء‬
‫أو الفرض التلقائي للضريبــة‪ ،‬إذا لم يلتزم المكلف الضريــبي بالتصــريح التلقائي للضرائب المفروضــة عليــه وفــي‬
‫أجاله القانونية‪.‬‬

‫‪.1‬سميرة شقشاق‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.92‬‬

‫‪12‬‬
‫منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري‬

‫وفـي هذا السـياق ذهبـت المحكمـة الداريـة بمكناس فـي احـد قراراتهـا إلى أن التفاقيات التـي تبرمهـا الدارة‬
‫الضريبيــة مــع بعــض الهيئات المهنيــة قصــد تبســيط المســاطر‪ ،‬والتقنيات المحاســبية ل تؤدي إلى اســتبعاد قواعــد‬
‫المسـطرة التواجهيـة‪ ،‬ذلك أن الدارة إذ ا كان لهـا حـق مراجعـة السـاس الضريـبي فإن الملزم بالمقابـل يملك حـق‬
‫السـتفادة مـن الضمانات المخولة له تشريعيـا‪ ،‬كمـا أن نفـس الجهـة القضائيـة ذهبـت فـي أحـد أحكامهـا إلى أن عدم‬
‫(‪)1‬‬
‫احترام الدارة لجل توجيه الشعار بالفحص يترتب عنه بطلن مسطرة التصحيح‪.‬‬
‫وقــد عرفــت مواقــف القضاء الداري فــي هذا المجال تطورا لمواكبــة التحولت التــي عرفهــا التشريــع‬
‫الضريبي المشار إليه في مجال التبليغ‪ ،‬فقبل صدور قانون المالية ‪ 1995‬كانت الغرفة الدارية بالمجلس العلى ل‬
‫تعتـبر أن طـي التـبيلغ مسـلما تسـليما صـحيحا لصـاحبه إل إذا توصـل بـه شخصـيا أو فـي موطنـه‪ ،‬بواسـطة الشخاص‬
‫الذيــن يفوضهــم القانون تســلم الطــي نيابــة عنــه‪ ،‬وان رفــض التســلم ‪ " :‬إمــا برجوع طــي التبليــغ الموجــه بالبريــد‬
‫المضمون بعبارة غير مطلوب‪ ،‬كما هو الشأن في النازلة‪ ،‬فل يشكل تسلما ول رفضا للتسلم الذي يجعل منهما حالة‬
‫( ‪)2‬‬
‫تسلم صحيح لطي التبليغ"‪.‬‬
‫وقـد خالفـت الغرفـة الداريـة المغربيـة موقـف القضاء الفرنسـي الذي يعتــبر رجوع الرسـالة إلى المرسـل‬
‫بعبارة غيـر مطالب تعتـبر بمثابـة التوصـل القانونـي بعـد إرسـال إشعار إلى المعنـي بالمـر بوجود الرسـالة رهـن‬
‫( ‪)3‬‬
‫إشارته‪.‬‬
‫أمـا بعـد قانون ماليـة سـنة ‪ 1995‬الذي أتـى بمسـتجدات مهمـة‪ ،‬واكـب القضاء الداري هذا التحول مـن خلل‬
‫قرارات الغرفـة الداريـة وأحكام محاكـم الموضوع‪ ،‬حيـث جاء فـي قرار صـادر عـن المجلس العلى صـادر بتاريـخ‬
‫‪": )4(2002/03/07‬على الدارة أن تثبت لجوءها إلى البريد المضمون‪ ،‬وتثبت تعذر تحقق التبليغ في هاته الوسيلة‬
‫حتـى تـبرر اسـتعمالها لباقـي الوسـائل الخرى تحـت طائلة بطلن مسـطرة فرض الضريبـة والتبليـغ الذي يتـم عـن‬
‫طريـق البريـد المضمون المرسـل إلى الملزم بعنوانـه المـبين فـي إقراراتـه‪ ،‬أو عقوده‪ ،‬أو مراسـلته مـع المصـالح‬
‫الضريبية"‪.‬‬
‫كما أنا العمل القضائي خلل هذه الفترة عمل على تطبيق المقتضى الجديد الذي أتى به قانون المالية لسنة ‪1995‬‬
‫القاضي باعتبار رفض التبليغ هو بمثابة تبليغ بعد عشرة أيام من تاريخ الرفض مكرسا بذلك نفس‬

‫‪ .1‬عبد الغني يفوت " المسطرة التواجهية وإجراءات التبليغ في الضريبة العامة على الدخل" مرجع سابق ص ‪.47‬‬
‫‪ .2‬قرار عدد ‪ 1‬بتاريـخ ‪ 1978/12/27‬فـي الملف رقـم ‪ 67701‬قرار عدد ‪ 270‬بالملف عدد ‪" ،54963‬المرجـع العملي لجتهاد القضاء الدراي"‬
‫ذكره عبد الغني يفوت‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.48‬‬
‫‪ .3‬محمــد قصــري " المنازعات الجبائيــة المتعلقــة بربــط وتحصــيل الضريبــة أمام القضاء الداري‪ ،‬الطبعــة الولى ‪ ،2005‬منشورات م‪.‬م‪.‬إ‪.‬م‪.‬ت‬
‫سلسة " مؤلفات وأعمال جامعية"‪ .‬ص ‪ 26‬و ‪.27‬‬
‫‪ .4‬محمد قصري ‪ ،‬م س ص ‪.27‬‬

‫‪13‬‬
‫منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري‬

‫(‪)1‬‬
‫الفصل ‪ ،39‬ومن ثمة أصدرت المحكمة الدارية بفاس حكما‬ ‫القـــــــاعدة المنصوص عليها في ق‪.‬م‪.‬م‬
‫قاضيــا "بأن رفــض الشعار ل يقطــع التقادم إل مــن تاريــخ التبليــغ القانونــي الذي هــو ‪ 10‬أيام بعــد رفــض تســلم‬
‫الشعار‪ ،‬وأنـه باحتسـاب هذا الجـل يكون قـد مرت أكثـر مـن تلث سـنوات وهـو المـد القانونـي المخول للدارة فـي‬
‫( ‪)2‬‬
‫تصحيح الوعاء الضريبي وفرض رسوم تكميلية"‪.‬‬
‫خلل هذه المرحلة يلحظ أن الجتهاد القضائي كان حريصا على ضرورة التطبيق السليم للمساطر‬
‫( ‪)3‬‬
‫الجبائية ‪.‬‬
‫أمـا بعـد صـدور قانون ماليـة ‪ 2005‬الذي نظـم التبليـغ بطريقـة مغايرة للقواعـد العامـة المتعارف عليهـا فـي صـحة‬
‫التبليـغ حسـب ق‪.‬م‪.‬م كرد فعـل على أحكام المحاكـم الداريـة القاضيـة ببطلن مسـطرة فرض الضريبـة أو تصـحيح‬
‫وعائها لعدم سلمة التبليغ‪ ،‬وبالتالي سيزيد من حدة المنازعات بين الملزم والدارة الضريبية‪.‬‬
‫وقد عدد عبد الغني خالد بعض مشاكل التبليغ التي تثار عند التطبيق ‪:‬‬
‫•مشكل التوصل بعنوان الملزم‪.‬‬
‫•العنوان الناقص‪.‬‬
‫•مشكلة تعدد الطراف‪.‬‬
‫•التسليم يدا بيد في المكتب‪.‬‬
‫•مشكلة المحل المغلق‪.‬‬
‫(‪)4‬‬
‫•مشكلة التبليغ إلى الخدم‪.‬‬
‫‪219‬‬ ‫فـي حيـن حافظـت المدونـة العامـة للضرائب الصـادرة بقانون ماليـة ‪ 2007‬على نفـس المقتضيات فـي بالمادة‬
‫التي تقول ‪ ":‬يتم التبليغ بالعنوان المحدد من قبل الخاضع للضريبة في إقراراته أو عقوده أو مراسلته المدلى بها‪،‬‬
‫إلى مفتـش الضرائب التابـع له مكان فرض الضريبـة عليـه إمـا برسـالة مضمونـة مـع إشعار بالتسـلم أو بالتسـليم إليـه‪،‬‬
‫بواسطة المأمورين المحلفين التابعين لدارة الضرائب أو أعوان كتابة الضبط أو المفوضين القضائيين أو بالطريقة‬
‫( ‪)5‬‬
‫الدارية‪"....‬‬

‫‪ .1‬قانون رقـم ‪ 47-447‬المتعلق بالمسـطرة المدنيـة‪ ،‬منشورات إيديسـوفت للطباعـة والنشـر ‪ ،‬الطبعـة الولى ‪ 2004-2003‬مطبعـة النجاح الجديدة‬
‫ص ‪.35‬‬
‫‪ .2‬حكم إداري فاس بالملف ‪ 197/2000‬في قضية بناني إدارة الضرائب غير منشور‪.‬‬
‫‪ .3‬محمد قصري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.31‬‬
‫‪ .4‬عبد الغاني خالد ‪ :‬مرجع سابق الصفحات من ‪ 63‬إلى ‪.66‬‬
‫‪ .5‬المدونـة العامـة للضرائب الصـادرة بقانون الماليـة ‪ 2007‬الصـادر بمقتضـى الظهيـر الشريـف رقـم ‪ 1.06.232‬فـي ‪ 31‬ديسـمبر ‪ 2006‬يتنفيـذ‬
‫قانون المالية رقم ‪. 43.06‬‬

‫‪14‬‬
‫منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬مسطرتا تصحيح أسس الضريبة والفرض التلقائي ‪:‬‬

‫الصـل فـي اللتزام الضريـبي أن يتـم ربطـه إمـا عـن طريـق التصـريح الذي يتقدم بـه الملزم‪ ،‬أو عـن طريـق‬
‫الدارة بواســطة أعوانهــا واللجــن المتخصــصة فــي ذلك‪ ،‬حســب نوعيــة الضريبــة والليات التشريعيــة والقانونيــة‬
‫المعمول بها في هذا المجال‪.‬‬
‫ويفرض القانون على الملزم التصـريح ببدايـة النشاط الخاضـع للضريبـة لتمكيـن الدارة مـن التعرف على‬
‫نشاطـه ‪ :‬التصـريح بالحصـيلة الخاضعـة للضريبـة بالنسـبة للضريبـة العامـة على الدخـل والضريبـة على الشركات‪،‬‬
‫التصريح برقم العمال الخاضع للضريبة على القيمة المضافة‪ ،‬ثم التصريح بانتهاء النشاط الخاضع للضريبة ‪.‬‬
‫لكـن هذه المرحلة ليسـت نهائيـة لكون المشرع منـح للدارة كمـا للملزم فرصـة تدارك الخطاء والغفالت‬
‫التي يمكن أن تقع في مرحلة الربط‪ ،‬سواء كان السبب في ذلك هو عدم التصريح أو السهو من طرف الدارة‪.‬‬
‫كما أن ل شيء يمنع الملزم من أن يعمل على تصحيح الربط الضريبي الذي يراه غير مناسب‪.‬‬
‫وتتميـز هذه المسـطرة بوجود وسـيلتين للتصـحيح‪ ،‬تؤديان إلى نتائج مسـطرية مختلفـة وهمـا ‪ :‬تصـحيح الضريبـة عـن‬
‫طريق تقويم التصريح المدلى به من طرف الملزم‪ ،‬وهي مسطرة تواجهية بين هذا الخير والدارة‪ ،‬توفر للطرفين‬
‫إمكانية الحوار وتبادل الحجج من أجل الوصول إلى تقدير مناسب للوعاء الضريبي( الفقرة الولى)‪.‬‬
‫والوسـيلة الثانيـة هـي الفرض التلقائي الذي تقوم بـه الدارة بشكـل انفرادي إمـا بناء على مقتضيات قانونيـة عنـد عدم‬
‫تقديــم الملزم للقرار الضريــبي‪ ،‬أوعدم إرفاق التصــريح بالوثائق اللزمــة لفرض الضريبــة‪ ،‬أوعنــد عدم مســك‬
‫المحاسبة بشكل منتظم‪ ،‬أو بناء على توقف المسطرة التواجهية في مرحلة من المراحل‪ ( )1 (.‬الفقرة الثانية)‬
‫الفقرة الولى‪ :‬مسطرة تصحيح أسس الضريبة‬

‫الصـل فـي اللتزام الضريـبي هـو التصـريح بالنتيجـة الضريبيـة مـن طرف الملزم أمام الدارة الضريبيـة بشكـل‬
‫تلقائي‪ ،‬خاصـة بعـد التعديلت الخيرة بجميـع دول العالم التـي منحـت السـبقية للتصـريح بالضريبـة على التحديـد‬
‫التلقائي للدارة‪ ،‬بناء على الحصـاءات التـي تقوم بهـا وذلك لشراك الملزم فـي عمليـة الفرض الضريـبي ولتقويـة‬
‫الثقة بين الدارة والملزم‪ ،‬خاصة باعتبار المكلف أنه الوحيد القادر على تقدير فعلي صحيح للمادة الضريبية ‪.‬‬

‫‪ .1‬عبد الغني خالد‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.115‬‬

‫‪15‬‬
‫منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري‬

‫لكــن الملزم قــد يحاول إخفاء بعــض أســس فرض الضريبــة‪ ،‬أو بعــض المبالغ المحجوزة برســم الدخول‬
‫( ‪)1‬‬
‫المتكونة من الجور‪ ،‬أو الثمنة أو التصاريح التقديرية المعبر عنها في العقود والتفاقات‪.‬‬
‫هنـا يحـق لمفتـش الضرائب الدعوة إلى تصـحيح وتقويـم أسـس الضريبـة ‪ ،‬وهذه السـس والمبالغ والتمان‬
‫المشار إليهــا أعله ناتجــة عــن إقرار الخاضــع للضريبــة أو رب العمــل أو المديــن باليراد أو ناتجــة على فرض‬
‫الضريبة بصورة تلقائية‪ .‬وفي هذه الحالة يبلغ المفتش إلى الخاضعين للضريبة وفقا للجراءات المنصوص عليها‬
‫في المادة ‪ 219‬من المدونة العامة للضرائب رسالة التبليغ الولى والرسالة الثانية يدعوهم فيها للدلء بملحظاتهم‬
‫داخل الجل المضروب لذلك ‪.‬‬
‫بيـد أنـه توجـد مسـطرتان لتصـحيح التصـريح بالضريبـة‪ :‬المسـطرة العاديـة لتصـحيح الضرائب والمسـطرة السـريعة‬
‫لتصــحيح الضرائب ويقصــد بهذه الخيرة ‪ :‬المســطرة المتعلقــة بتصــحيح الربــط الضريــبي التــي تتطلب نوعــا مــن‬
‫السـرعة فـي حفـظ حقوق الخزينـة مـن الضياع‪ ،‬وتهـم بعـض الحالت المنصـوص عليهـا فـي المادة ‪ 221‬مـن المدونـة‬
‫العامة للضرائب الجديدة وتتميز هذه المسطرة بضرورة إجبار الملزم على أداءه للضرائب قبل المنازعة فيها‪.‬‬
‫وقــد أثارت هذه المســطرة عدة منازعات بيــن الملزم والدارة أمام القضاء الجبائي‪ ،‬وإن كان الغالب منهــا مرتبــط‬
‫بمسطرة التبليغ السابق مناقشتها‪ ،‬إل أنه هناك إشكالت ذات أهمية ل تقل شأنا عن مسطرة التبليغ‪.‬‬
‫وفـي هذا السـياق فإن المحاكـم الداريـة المغربيـة ألزمت القابـض بأن يدلي بوسـائله التقديريـة للتأكـد من صـحتها عند‬
‫تصـحيح الضريبـة وفـق أسـس جديدة خلفـا لمـا تقدم بـه الملزم‪ ،‬وهـو موقـف شجاع مـن شأنـه أن يدفـع القابـض إلى‬
‫إعادة تقديــر المادة الضريبيــة‪ ،‬و القيام بالتحريات الدقيقــة مــا دام أنــه خاضــع لمراقبــة القضاء‪ ،‬كمــا جاء فــي حكــم‬
‫للمحكمـة الداريـة بأكاديـر " حيـث يكون بذلك المشرع قـد افترض أن الصـل هـو الثمـن المصـرح بـه ضمـن العقـد‪،‬‬
‫وأن لدارة التسجيل أن تلجأ لمسطرة تقويم نقصان الثمنة المعبر عنها في العقود‪ ،‬والتي يثبت لها من قيامها بقياس‬
‫معدل الثمنـة الرائجـة فـي السـوق العقاريـة‪ ،‬بمكان وزمان معينيـن بالمقارنـة مـع مـا تسـتخلصه مـن عقود البيـع التـي‬
‫تقدم لها بقصد تسجيلها وأن بيان السس التي اعتمدتها لتبات ما تدعيه ‪...‬‬
‫وحيـث يكون بذلك الدفـع المثار مـن قبـل الدارة مـن كونهـا غيـر ملزمـة بالثبات بمقتضـى مـا يمنحـه لهـا‬
‫الفصـل ‪ 12‬مـن سـلطة تقديريـة‪ ،‬يخالف النصـوص والقواعـد المشار إليهـا أعله‪ ،‬ويحجـب تصـرفاتها عـن رقابـة‬
‫( ‪)2‬‬
‫القضاء ويتعين رده "‬

‫‪ .1‬المادة ‪ 220‬من المدونة العامة للضرائب الصادرة بالجريدة الرسمية عدد ‪ 5487‬بتاريخ ‪ 1‬يناير ‪. 25-09-2007‬‬
‫‪ .2‬حكم عدد ‪ 19‬صادر بتاريخ ‪ 1994/12/01‬من الملف عدد ‪ 16/14‬غ‪ ،‬ذكره ذ‪.‬عبد الغني خالد – مرجع سابق ص ‪139‬‬

‫‪16‬‬
‫منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري‬

‫وفيمـا يتعلق بالتصـحيح المرتبـط بمخالفـة القانون الجبائي فإن المحكمـة الداريـة بالدار البيضاء أصـدرت‬
‫حكمـا اعتـبرت فيـه أن عمـل الدارة فـي تصـحيح ضريبـة محجوزة فـي المنبـع يندرج ضمـن الفصـل ‪ 49‬مـن قانون‬
‫الضريبــة على الشركات المتعلق بالجزاءات المرتبطــة بمخالفــة هذه القاعدة ول يندرج ضمــن الفصــل ‪ 39‬المتعلق‬
‫(‪)1‬‬
‫بإجراءات تصحيح الضريبة‪.‬‬
‫وهكذا أعطـت للدارة حـق تصـحيح وضـع قانونـي مختـل احتفظـت الشركـة بموجبـه بأموال اقتطعتهـا فـي المنبـع مـن‬
‫أجور العمال‪ ،‬دون أن تدلي بها لخزينة الدولة صاحبة هذا المال‪ ،‬وهو موقف يستدعي معاقبة الشركة المعنية دون‬
‫استشارتها‪.‬‬
‫لذلك فإنـه عندمـا يتعلق المـر بضبـط سـرقة ومخالفـة مقصـودة‪ ،‬فإن اسـترجاع مبلغ الضريبـة الذي حرمـت‬
‫منــه إدارة الضرائب‪ ،‬ل يســتدعي اســتعمال مســطرة التصــحيح‪ ،‬وأنــه فــي جميــع الحوال يظــل للملزم الحــق فــي‬
‫(‪)2‬‬
‫المنازعة أمام إدارة الضرائب وأمام المحاكم‪ ،‬وهو موقف معروف لدى القضاء الداري الفرنسي‪.‬‬
‫وحول إبرام الصـلح حول أسـاس الضريبـة بيـن الدارة الجبائيـة والملزم لحظـت المحكمـة الداريـة بالدار البيضاء ‪:‬‬
‫" حيث أن الطلب يهدف إلى إلغاء مبلغ ‪ 78866.00‬درهم‪ ،‬المترتب عن الضريبة العامة على الدخل‪ ...‬والقول إن‬
‫الواجب أداؤه هو ‪ 8158.00‬درهم مع النفاد وتحميل الخزينة العامة المصاريف‪.‬‬
‫وحيث أنه من خلل دراسة وثائق الملف‪ ،‬تبت للمحكمة أنه خلل مسطرة تصحيح الضريبة وفقا لمقتضيات المادة‬
‫‪ 105‬مــن ق‪.‬ض‪.‬ع‪.‬د‪ ،‬فإن الطاعــن أبدى موافقــة على التعديلت المقترحــة مــن طرف مفتــش الضرائب‪ ،‬حســبما‬
‫يسـتشف مـن وثيقـة التفاق المدلى بهـا مـن طرف وزيـر الماليـة‪ ،‬والحاملة لتوقيـع الطاعـن والتـي يلتمـس فيهـا مـن‬
‫الدارة الموافقة على تجزئة المبالغ المستحقة عليه إلى ستة أجزاء‪.‬‬
‫( ‪)3‬‬
‫وحيث بناء على ما ذكر يكون الدفع بالمغالة في الضريبة‪ ،‬ووجود نزاع بشأنها غير مؤسس واقعا وقانونا" ‪.‬‬
‫لكـن مـا يثيـر الكثيـر مـن اللبـس هـو الصـلح المنصـب على الغرامات وفوائد التأخيـر‪ ،‬ومـن ثمـة نشأت العديـد مـن‬
‫النزاعات بهذا الخصوص وقد كان موقف القضاء صريحا حيث وصف هذه الطلبات بصفة الستعطاف بدل الحق‪،‬‬
‫" وحيــث أن الطلب يرمــي إلى الشهاد بان الشعار بالداء المؤرخ فــي ‪ 1995/11/23‬جاء مخالفــا للمصــالحة‬
‫المؤرخة في ‪،1995/12/10‬والتي تمت على أساس أداء مبلغ إجمالي ونهائي‪.‬‬

‫‪ .1‬المحكمة الدارية الدار البيضاء‪ ،‬حكم عدد ‪ 5‬بتاريخ ‪ 18 /1995/01‬غير منشور‪.‬‬


‫‪ .2‬عبد الغني خالد‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.161‬‬
‫‪ .3‬المحكمة الدارية بالدار البيضاء حكم عدد ‪ 59‬بتاريخ ‪1977/02/19‬غير منشور‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري‬

‫وحيث أنه من خلل دراسة وثيقة المصالحة المرفقة بمقال الطاعن‪ ،‬والمودعة بمصلحة المراقبة بمندوبية‬
‫الضرائب بأنفا بتاريخ ‪ 1995/10/12‬فإن المحكمة عاينت أن المصالحة المذكورة انصبت على الزيادة في التأخير‬
‫المحددة في ‪ %25‬فقط وحدد مبلغ الضريبة في ‪ 428967.00‬درهم قد تنجم عن تطبيق مقتضيات الفصل ‪ 48‬من‬
‫قانون الضريبة على القيمة المضافة‪.‬‬
‫وحيث وبناء على مـا ذكـر تمسـك الطاعن يكون المصـالحة انصـبت على إنهاء النزاع بصفة قطعية غير مبنـي على‬
‫(‪)1‬‬
‫أساس واقعي سليم ويتعين رده "‬
‫بيد أن الستاذ محمد قصري(‪ )2‬استعرض بعض الحالت التي اتخذ القضاء الداري مواقف رامية إلى بطلن‬
‫مسطرة تصحيح أسس الضريبة ‪:‬‬
‫•بطلن مسـطرة تصـحيح أسـس الضريبـة على الرباح العقاريـة التكميليـة‪ ،‬التـي تـم ربطهـا حيادا على‬
‫اللجنــة الداريــة الســتشارية‪ ،‬التــي يجــب أن تبدي رأيهــا فــي الســاس الذي ترى مــن اللزم اعتماده‬
‫بخصوص تصحيح ضريبة التسجيل‪*.‬‬
‫•بطلن مسـطرة تصـحيح أسـس الضريبـة فـي إطار نظام التقديـر الجزافـي‪ ،‬لعدم إثبات مـبررات الزيادة‬
‫فـي العنصـر المتغيـر تارة وعدم سـلوك مسـطرة المراجعـة كمـا هـو منصـوص عليـه بالفصـل ‪ 107‬مـن‬
‫‪*.‬‬
‫القانون ‪ 17-89‬تارة أخرى‬
‫مــن خلل هذه الحكام والقرارات يتضــح أن القاضــي الجبائي فعــل ســلطته فــي مراقبــة مدى احترام الدارة‬
‫لمسطرة التصحيح وأكد مواقف مهمة حماية لمصالح الملزم‪ ،‬لكن دون المساس بمصالح الخزينة العامة للدولة‬
‫إذا تــبين له أن مســطرة تصــحيح الضريبــة احترمــت الجراءات والشكليات المنصــوص عليهــا فــي القانون‬
‫الضريبي‪.‬‬
‫وللقضاء الفرنسـي مواقـف متقدمـة بهذا الخصـوص‪ ،‬حيـث أنـه يمكـن أن يقوم تلقائيـا هو باسـتبدال السـاس القانونـي‬
‫للضريبة بشرط ‪:‬‬
‫‪)3(.‬‬
‫أن تطلب الدارة ذلك صراحة‪ ،‬وأن يتم احترام المجال القانوني الذي يراد به إعطاء أساس للقرار المعيب‬

‫‪ .1‬المحكمة الدارية بالدار البيضاء ‪ ،‬حكم عدد ‪ 24‬بتاريخ ‪ 1997/01/15‬غير منشور‪.‬‬


‫‪ .2‬محمد قصري م س ‪ ،‬ص ‪43‬و ‪.45‬‬
‫* حكم إدارية فاس بتاريخ ‪ 2005/5/13‬بالملف رقم ‪.205/20023‬‬
‫* قرار المجلس العلى عدد ‪ 252‬بالملف الداري ‪ 1481/4/2000‬قضية القرشي ضد إدارة الضرائب‪.‬‬
‫‪ .3‬الصـابري رشيدة‪ " ،‬مجال البطلن فـي الميدان الضريـبي والثـر النسـبي المترتـب عليـه"‪ ،‬دفاتـر المجلس العلى عدد ‪ ، 8/2005‬طبعـة إليـت ‪،‬‬
‫ص ‪.110‬‬

‫الفقرة التانية‪ :‬مسطرة الفرض التلقائي‬

‫‪18‬‬
‫منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري‬

‫لقـد نصـت المدونـة العامـة للضرائب فـي الباب الثالث مـن كتاب المسـاطر الجبائيـة الصـادرة بقانون ماليـة‬
‫‪ 2007‬على الحالت التـي يحـق للدارة فرض الضريبـة بصـورة تلقائيـة( أو مـا يسـمى بالتقديـر المباشـر مـن طرف‬
‫الدارة ) بالمادتين ‪ 229 ،228‬وهي كالتالي ‪:‬‬
‫ــــ فرض الضريبة بصورة تلقائية عن عدم تقدير القرار بالحصيلة الخاضعة للضريبة أو مجموع الدخل أو‬
‫الرباح أو رقم العمال أو عدد العقود أو التفاقيات‪.‬‬
‫ــــ فرض الضريبة بصورة تلقائية على مخالفة الحكام المتعلقة بتقديم الوثائق المحاسبية وفق المراقبة‪.‬‬
‫ويقصـد بمسـطرة التحديـد التلقائي للوعاء الضريـبي قيام الدارة الضريبيـة بصـورة انفراديـة بتقديـر وعاء‬
‫ضريبة معينة‪ ،‬وقد تستعين في بعض الحالت بآراء لجن استشارية‪ ،‬وبالتالي فإن مساهمة الملزم في هذه الحالت‬
‫(‪)1‬‬
‫تكون شبه منعدمة‪.‬‬
‫ومــن ثمــة فإن المحاكــم المغربيــة اعتــبرت أنــه إذا لم يحترم الملزم المســطرة المتعلقــة بالمراقبــة‪ ،‬ولم يدل‬
‫بالوثائق المحاسـبية فإن تقديـر الوعاء الضريـبي تلقائيـا مـن طرف الدارة الضريبيـة‪ ،‬مـا لم يثبـت الملزم أن الدارة‬
‫خرقت المسطرة‪.‬‬
‫فـي هذا السـياق أصـدرت المحكمـة الداريـة بالبيضاء حكمـا جاء فيـه " وحيـث تقضـي المراقبـة بدايـة على الخاضـع‬
‫للضريبــة‪ ،‬أن يدلي بجميــع الثباتات اللزمــة ويقدم إلى المأموريــن المحلفيــن جميــع الوثائق المحاســبية المطلوب‬
‫الطلع عليها حتى يمكن له التمسك بالجراءات المتصلة بالمراقبة‪.‬‬
‫وحيـث أن المدعيـة فوتـت على نفسـها فرصـة فـض خلفهـا رضائيـا مـع إدارة الضرائب‪ ،‬وذلك بعـد تقديـم الوثائق‬
‫الضرورية لمفتش الضريبة‪ ،‬ولم تثبت للمحكمة إدعاءاتها في شأن خرق مسطرة المراقبة‪ ،‬مما يكون معه الدفع في‬
‫(‪)2‬‬
‫غير محله"‪.‬‬
‫وهذا الحكم يبين أن الملزم عندما ل يحترم الجراءات اللزمة إبان مسطرة الفرض الضريبي من ضرورة الدلء‬
‫بجميـع الوثائق المحاسـبية للدارة الضريبيـة فإن أي دفـع بخرق مسـطرة التقديـر المباشـر يعتـبر باطل ويبقـى دون‬
‫جدوى‪.‬‬
‫كمـا أن المحكمـة الداريـة بالبيضاء اتخذت موقفا مؤيدا لدارة الضرائب اعتبرت فيه أن عدم تقديـم الوثائق‬
‫المحاسـبية للمفتـش قرينـة على عدم مسـك المحاسـبة‪ ،‬ممـا يعطـي للدارة حـق فرض الضريبـة بصـورة تلقائيـة‪ ،‬حيـث‬
‫جاء فـي حكـم لهـا "حيـث عللت المدعيـة عدم تزويـد إدارة الضرائب بالوثائق المحاسـبية مـن أجـل المراقبـة يكون‬
‫الطلب أصــبح مســتحيل لوقوع قوة قاهرة تتمثــل فــي الحريــق المذكور‪ ،‬وإتلف تلك الوثائق ‪ ...‬وحيــث إن واقعــة‬
‫الحريق كانت بفاتح شهر أكتوبر ‪ ،1994‬ولم تقم المدعية بإخبار الجهة المختصة لما تعرض له مقرها من ضياع‬
‫الوثائق المحاسبية وفق المقتضيات القانونية‪.‬‬
‫‪ -2‬حكم المحكمة الدارية بالبيضاء رقم ‪ 434‬بتاريخ ‪ 11/11/98‬ملف ‪.97-1976‬‬ ‫‪ .1‬محمد شكيري – م‪.‬س‪ .‬ص ‪.400‬‬

‫‪19‬‬
‫منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري‬

‫وحيث بذلك تبقى مقترحات المفتش‪ ،‬والضرائب المترتبة عليها سليمة وغير مشوبة بأي خلل مسطري أو‬
‫( ‪)1‬‬
‫قانوني مما يتعين معه التصريح برفض الطلب"‪.‬‬
‫وفي مقابل هذه المواقف التي أكدت فيها المحاكم الدارية على ضرورة احترام الملزم لللتزامات القانونية المتعلقة‬
‫بتقديم الوثائق المحاسبية عند المراقبة وضرورة تقديم القرارات المتعلقة بالحصيلة الخاضعة للضريبة أو مجموع‬
‫الدخل أو الرباح أو رقم العمال أو العقود أو التفاقات‪.‬‬
‫أكدت على ضرورة احترام حقوق الملزم‪ ،‬خاصــة المســطرة التواجهيــة‪ ،‬حيــث جاء فــي حكــم لداريــة االبيضاء "‬
‫اعتبارا بما ذكر‪ ،‬يتبين أن إجراءات التصحيح المنجزة في حق المدعي‪ ،‬بخصوص الضريبة على القيمة المضافة‬
‫والضريبة العامة على الدخل‪ ،‬لم تحترم فيها الجراءات القانونية مما يتعين التصريح ببطلنها مع ما يترتب على‬
‫( ‪)2‬‬
‫ذلك قانونيا"‪.‬‬
‫وبعـد عرض هذه الشكالت المتعلقـة بالمسـاطر الجبائيـة سـواء مسـطرة التبليـغ التـي احتلت النصـيب الكـبر أمام‬
‫القضاء الداري مـن حيـث عدد الملفات المطروحـة أمامـه‪ ،‬والتـي كان القضاء الجبائي قبـل قانون ماليـة ‪ 2005‬قـد‬
‫اتخــذ مواقــف واجتهادات كرســت ضمانات المســطرة التواجهيــة‪ ،‬لكــن للســف جاء هذا القانون ليجهــض هذه‬
‫الضمانات وخاصة حين اعتبر رجوع طي التبليغ بالبريد المضمون بعبارة غير مطلوب تبليغا قانونيا‪ ،‬وقد أصبح‬
‫القاضي الن ملزما بتطبيق القانون‪.‬‬
‫كمــا أن العمــل القضائي المتعلق بمســطرتي التصــحيح والفرض التلقائي تميــز بالعمــل على إحداث التوازن بيــن‬
‫سلطات الدارة والحفاظ على حقوق المكلف‪ ،‬خاصة على مستوى الجراءات المسطرية ‪.‬‬
‫فمـا هـي مواقـف القضاء الجبائي فيمـا يخـص تفسـير بعـض مجالت العفاء الضريـبي التـي أتارت ول شـك نقاشات‬
‫وجدال فقهيا وقضائيا وحتى تشريعيا أمام قبة البرلمان ؟‬
‫الفرع الثاني‪ :‬تفسير بعض مجالت العفاء الضريبي‬
‫إن تحديـد مضمون النـص القانونـي يشكـل صـميم العمـل القضائي‪ ،‬والقاضـي ل يجـد عناءا كـبيرا فـي إعمال‬
‫مقتضى النص كلما كان واضحا وغير قابل للتأويل‪.‬‬
‫أمـا فـي الحالة المعاكسـة فإن المـر يتطلب منـه مجهودا ذهنيـا اجتهاديـا لسـتخلص مضمونـه الحقيقـي انطلقـا مـن‬
‫(‪.)3‬‬
‫روح وفلسفة كل تشريع‬
‫وحيـث أن النصـوص الجبائيـة تتميـز بالتعدد والتشتـت والغموض والتغيـر المسـتمر ممـا يتطلب مـن القاضـي الجبائي‬
‫عند تطبيقه للنصوص أن يفعل آليات التفسير والخصوصيات التي‬

‫‪ .1‬المحكمة الدارية البيضاء‪ ،‬حكم ‪ 357‬بتاريخ ‪ 1/7/98‬ملف ‪ 1805/97‬ذكره ذ عبد الغني خالد – م‪.‬س ‪ ،‬ص ‪.193‬‬
‫‪ .2‬حكم المحكمة الدارية عدد ‪ ، 473‬بتاريخ ‪ 2/12/1998‬في ملف عدد ‪.102/98‬‬
‫‪ -3.‬عبــد العزيــز يعكوبــي " القضاء الجبائي وحمايــة الســتثمار مــن خلل قرارات المجلس العلى " مداخلة بندوة منظمــة مــن طرف المجلس‬
‫العلى بمناسبة الذكرى الخمسين لتأسيسه بالدار البيضاء يومي ‪ 18‬و ‪ 19‬أبريل ‪ . 2007‬ص ‪.17 :‬‬

‫‪20‬‬
‫منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري‬

‫تميزها ‪ ،‬كما أن تفسير النص الجبائي يعد أحد الليات الساسية لتحقيق العدالة الضريبية‪.‬‬
‫ويخضع تفسير النص الجبائي لمجموعة من القواعد والحدود حسب ما استقر عليه الفقه والجتهاد القضائي ‪:‬‬
‫•التفسير الضيق للقانون الجبائي‪.‬‬
‫•الشك يفسر لصالح الملزم‪.‬‬
‫•عدم جواز اللجوء إلى القياس‪.‬‬
‫بيد أن قاضي الضريبة يتعين عليه ضبط مناهج التفسير العامة سواء التفسير الداخلي للنص أو الخارجي‪.‬‬
‫ويحتل العفاء الضريبي وحدوده أهمية قصوى في هذا المجال ويطرح إشكالت كبرى سواء في المجال العقاري‬
‫( المطلب الول) أو فـي المجال الفلحـي ( المطلب الثانـي ) وهذا الختيار تـم بناء على أهميـة المجاليـن العقاري‬
‫وكذا الفلحي في القتصاد الوطني من جهة أولى‪ ،‬ولهمية الجتهادات القضائية في المجالين المذكورين من جهة‬
‫ثانية‪.‬‬
‫المطلب الول‪ :‬العفاءات الضريبية في المجال العقاري‬
‫بالنظر لهمية المجال العقاري ودوره المهم في تنمية المغرب وحل أزمة السكن المتفاقمة ة‪ ،‬وبالنظر لما‬
‫لسياسة الضريبية من دور محوري في العملية التنموية ورفع معدل الستثمار وجلب المستثمر الجنبي‪ ،‬فقد أولى‬
‫المشرع المغربــي أهميــة قصــوى لهذا القطاع ومنــح عدة إعفاءات ل زالت مســتمرة لحــد الن‪ ،‬وفــي جميــع انواع‬
‫الضرائب‪ :‬الضريبة على الشركات‪ ،‬الضريبة العامة على الدخل و الضريبة على القيمة المضافة ‪...‬‬
‫وقــد أثارت هذه العفاءات عدة إشكالت ذات أهميـة بالغــة بيـن الملزميــن والدارة الضريبيـة كان للقضاء‬
‫الداري الفضل في حل بعضها‪ ،‬خاصة المرتبطة بتفسير النصوص الجبائية‪.‬‬
‫حيـث أن جانـب الموضوع فـي المنازعـة الجبائيـة يشكـل المجال السـاسي الذي يتحقـق فيـه الدور الحمائي للقاضـي‬
‫الجبائي‪ ،‬ذلك أن هاجـس المسـتثمر ينصـرف بالدرجـة الولى إلى كيفيـة إعمال المقتضيات المتعلقـة بحدود العفاء‬
‫(‪)1‬‬
‫الواردة في القوانين الخاصة بتشجيع الستثمار‪".‬‬
‫وسنقتصر على مناقشة العفاء من الضريبة على القيمة المضافة بخصوص ما يسلمه الشخص لنفسه من‬
‫مبنــى ( الفقرة الولى ) وإشكاليــة الخضوع للمســاهمة الدنيــا على ضريبــة الرباح العقاريــة ( الفقرة الثانيــة) وذلك‬
‫بالنظر لهميتهما البالغة‪ ،‬ولكثرة النزاعات المتعلقة بهما أمام القضاء الجبائي‪.‬‬

‫ص ‪.18‬‬ ‫‪ .1‬عبد العزيز يعكوبي م‪.‬س‬

‫‪21‬‬
‫منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري‬

‫الفقرة الولى‪ :‬العفاء من الضريبة على القيمة المضافة بخصوص ما يسلمه الشخص لنفسه من مبنى‬

‫نصـت المادتيـن ‪ 91‬و ‪ 92‬مـن المدونـة العامـة للضرائب الجديدة الصـادرة بقانون ماليـة ‪ 2007‬فـي الكتاب المتعلق‬
‫بالضريبة على القيمة المضافة على عدة إعفاءات‪ ،‬فالمادة ‪ 91‬ضمت العفاءات دون الحق في الخصم والمادة ‪92‬‬
‫ضمت العفاءات مع الحق في الخصم‪.‬‬
‫وقد جاء في المادة ‪ 91‬الفقرة الثالثة‪ ،‬رقم ‪ " 1‬ما يقوم به أي شخص طبيعي من تسليمه لنفسه من مبنى ل تزيد‬
‫مسـاحته المغطاة عـن ‪ 300‬متـر مربـع‪ ،‬بشرط أن يتعلق المبنـى بوحدة سـكنية غيـر قابلة للقسـمة مسـلمة رخصـة بناء‬
‫فـي شأنهـا‪ ،‬وأن يكون المبنـى معدا للسـكنى الرئيسـية للمعنـي بالمـر طوال أربـع سـنوات تبتدئ مـن تاريـخ رخصـة‬
‫السكن أو أي وثيقة أخرى تقوم مقامها‪ ،‬يطبق العفاء المذكور كذلك على ‪:‬‬
‫•الشركات المدنيـة العقاريـة التـي يؤسـسها أفراد أسـرة واحدة مـن أجـل بناء وحدة سـكنية معدة لسـكناهم‬
‫الشخصية الرئيسية‪.‬‬
‫•الشخاص الطبيعيون أو المعنويين الذين يقومون بتشييد مبان معدة لسكن مستخدميهم في إطار برنامج‬
‫معتمد‪.‬‬
‫تطبق الحكام السابقة على المباني التي سلمت رخص بنائها بعد فاتح ‪" 1992‬‬
‫وممـا تجدر الشارة إليـه أن الفقرة الثالثـة مـن المادة ‪ 91‬قـد رفعـت مـن حجـم المسـاحة المغطاة بمقارنـة مـن‬
‫الفقرة ‪-21‬أ من البند الرابع من المادة السابعة من قانون ‪ 30-85‬المنظم للضريبة على القيمة المضافة سابقا‪ ،‬حيث‬
‫أن المساحة المعفية سابقا كانت هي ‪ 240‬مثر مربع‪.‬‬
‫( ‪)1‬‬
‫فــي موســوعته الضريبيــة تعريفــا لمفهوم التســليم لذات المســلم باعتباره‬ ‫وقــد عرف ذ فرنســيس لوفييــر‬
‫العملية التي يحصل من خللها الشخص على منتوج في ملكيته أو خدمة باستخدام عناصر وأدوات في ملكيته‪ ،‬بيد‬
‫أن التعريـف التشريعـي فـي المادة ‪ 256‬مـن المدونـة العامـة للضرائب الفرنسـية أكثـر توكيدا للدقـة بحيـث يعتـبر أن‬
‫هناك تســليما لذات الشخــص المســلم كلمــا عمــد الخاضــع إلى اقتطاع جزء مــن المنتوج أو البضائع أو الخدمات‬
‫لحاجياتــه الخاصــة‪ ،‬أو لحاجيات مســتخدميه‪ ،‬أو نقله أو تحويله لغايــة ترتبــط بحاجيات المقاولة ‪،‬أو حيــن تكون هذه‬
‫المنتوجات أو البضائع أو الخدمات أو العناصـر المكونـة لهـا‪ ،‬مخولة لخصـم جزئي‪،‬أو كلي‪ ،‬للرسـم المدفوع مسـبقا‬
‫( ‪)2‬‬
‫عند اقتنائها‪.‬‬

‫جعفر حسون‪ :‬مفهوم التسليم لذات الشخص المسلم في مادة الضريبة على القيمة المضافة‬ ‫‪ .1‬مذكور بمقال‬
‫‪ « » la livraison à soi même en matière de TVA‬مداخلة باليوميـن الدراسـيين حول " العمـل القضائي والمنازعات الضريبيـة "‬

‫ص ‪. 158‬‬ ‫منشورة بدفاتر المجلس العلى عدد ‪ 8/2005‬مطبعة إليت‬

‫جعفر حسون م‪.‬س ص ‪.158‬‬ ‫‪. -2‬‬

‫‪22‬‬
‫منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري‬

‫أما بخصوص بعض الشكالت المتعلقة بإعفاء المساحة التي ل تتجاوز ‪ 240‬متر مربع من الضريبة على‬
‫القيمة المضافة فمحاكم الموضوع نظرت في ملفات عديدة متعلقة بهذه الشكالية مثل ‪:‬‬
‫المحكمـة الداريـة بأكاديـر أصـدرت حكمـا بتاريـخ ‪ 14/11/2002‬فـي الملف الداري رقـم ‪ 66/2002‬ش‬
‫والذي تتلخـص وقائعـه فـي كون الطاعن الذي يعتـبر عامل بالخارج قام ببناء منزل شخصـي مـن أجـل السـكن بسـبت‬
‫الكردان إقليم تارودانت فقامت الدارة الجبائية تلقائيا بفرض الضريبة على القيمة المضافة على ما سلمه لنفسه من‬
‫مسـكن‪ ،‬وقام بالطعـن فيـه بعـد سـلوك مسـطرة التظلم لعدة أسـباب مـن بينهـا أنـه غيـر ملزم بأداء الضريبـة على القيمـة‬
‫المضافـة لكونـه عامل بالخارج ول يتوفـر على سـكن بالمغرب فاشترى بقعـة أرضيـة شيـد عليهـا مسـكنه الشخصـي‬
‫وأنــه ل يعتــبر مقاول ول يقوم بعمليات التجزئة أو الســتثمار العقاري المنصــوص عليهــا بالمادة ‪ 4‬مــن القانون‬
‫‪ 30/85‬وبالتالي تبقى عملية تشيد منزل خصصه لسكناه الشخصي عملية‬
‫( ‪)1‬‬
‫مدنية‪.‬‬
‫غيـر خاضعـة لتطـبيق الضريبـة على القيمـة المضافـة‪ ،‬وان مـا سـلمه لنفسـه مـن سـكن ل يدخـل ضمـن تلك‬
‫العمليات ول يدخل ضمن نطاق العمليات الخاضعة للضريبة على القيمة المضافة المنصوص عليها في البند ‪ 7‬من‬
‫(‪)2‬‬
‫المادة الرابعة المذكورة وتكون الضريبة المفروضة عليها وفي هذه الحالة غير قانونية وقررت إبطالها‪.‬‬

‫‪. .1‬وخلفا لهذا الموقف فإن ذ‪.‬مولي أحمد أبو عسيس رئيس مصلحة الشؤون القانونية للشخاص الطبيعيين بالمديرية العامة للضرائب يعتبر أن‬
‫اي اجتهاد يسعى إلى وضع معايير بهدف التمييز بين العمال التجارية و المدنية بغية تحديد الطبيعة الجبائية لهذه العمليات يشكل خروجا صريحا‬
‫عـن مقتضيات القانون الضريـبي الذي يتسـم بخصـوصيات تميزه عـن باقـي فروع القانون الخرى مـن القانون المدنـي أو التجاري فـي تعامله مـع‬
‫بعض العمليات التي قد تكتسي طابعا غير ما تكتسيه من وجهة نظر النصوص القانونية الخرى‪.‬‬
‫ويضيف على أن الجميع يتفق على تعريف الضريبة على القيمة المضافة بأنها ضريبة على الستهلك وتطبق على المنتوجات والخدمات المنجزة‬
‫داخـل المغرب‪ ،‬يعنـي ان تطبيقهـا يرتبـط بطبيعـة المنتوج أو الخدمـة وبغـض النظـر عـن المسـتهلك‪ ،‬ول للطبيعـة القانونيـة للشخـص أو المقاولة التـي‬
‫تتولى عملية النتاج أو إنجاز الخدمة‪.‬‬
‫مداخلة بعنوان " نظام الضريبـة على القيمـة المضافـة المطبقـة على عمليات "مـا يسـلمه الشخـص لنفسـه مـن مبنـى" باليوميـن الدراسـيين ‪ .‬دفاتـر‬
‫المجلس العلى عدد ‪ 8/2005‬ــ ص ‪ ، 152‬مطبعة إليت ‪.‬‬
‫‪ .2‬عبد الرحمان مزوز وعبد ال العلج " حدود العفاء من الضريبة على القيمة المضافة بخصوص ما يسلمه الشخص لنفسـه من سكن " دفاتر‬
‫المجلس العلى ‪ .‬م‪.‬س ـ ص ‪150‬ـ‬

‫‪23‬‬
‫منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري‬

‫وقـد وسـع المجلس العلى مـن مفهوم السـتعمال الشخصـي للسـكن‪ ،‬باعتبار إسـكان الخ يدخـل ضمنـه‪ ،‬فقـد‬
‫جاء في قرار صادر عن المجلس العلى بتاريخ ‪ ، 13/02/1997‬وخلفا لما ذهبت إليه إدارة الضرائب في دورية‬
‫صادرة عنها فـي هذا الشأن تحت رقم ‪ 305‬بتاريخ ‪ 04/03/1996‬بأن مفهوم الستعمال الشخصـي للسكن يقتصـر‬
‫على الصـول والفروع‪ ،‬أمـا إسـكان الخ فـي جزء مـن المبنـى فـي ظروف النازلة فل يدخـل ضمـن الصـول ول‬
‫الفروع " حيث أن المشرع لم يحدد في المادة ‪ 71‬المحتج بها مفهوم الستعمال الشخصي للسكن وأن الدورية رقم‬
‫‪ 305‬المحتـج بهـا إنمـا تتضمـن وجهـة نظـر الدارة فـي نزاع هـي طرف فيـه‪ ،‬وليـس مـن شأن تلك الدوريـة أن تمنـع‬
‫القضاء من البحث عما قصده المشرع من الستعمال الشخصي للسكنى التي تبنى لهذا الغرض‪ ،‬وحيث أن إسكان‬
‫الخ فــي ظروف النازلة المعروضــة‪ ،‬ليــس فيــه مــا يخرجهــا عــن نطاق الســتعمال الشخصــي للســكن بالمفهوم‬
‫المنصـوص عليـه فـي الفقرة ‪ 2‬مـن المادة ‪ 71‬مـن القانون رقـم ‪ 30/85‬المحتـج بـه ولم يكـن هناك مـا يـبرر فرض‬
‫( ‪)1‬‬
‫الضريبة موضوع الدعوى ويكون ما قضى به الحكم المستأنف في محله" ‪.‬‬
‫هذا وقـد اسـتقر عمـل الغرفـة الداريـة بخصـوص هذا الموضوع على الخـد بالتفسـير الضيـق للنصـوص‬
‫الجبائيـة مـع تفسـير الغموض فـي كـل نـص ضريـبي لفائدة الملزم‪ ،‬حيـث ذهبـت فـي نازلة أخرى إلى إضفاء الطابـع‬
‫الشخصي للضريبة على القيمة المضافة دون العيني‪ ،‬حيث جاء في قرار الغرفة الدارية وهي تحكم بإرجاع مبلغ‬
‫الضريبة على القيمة المضافة المؤدى بغير وجه حق لفائدة الخزينة على أساس العفاء المقرر للملزم ما يلي ‪" :‬‬
‫حيـث إن النصـوص القانونيـة الضريبيـة الغامضـة تعتـبر لمصـلحة الملزم بالضريبـة وأن المادة ‪ 7‬المذكورة‪ ،‬وهـي‬
‫تحدد الصـناف المعفاة مـن الضريبـة ينـص على إعفاء الشخـص الطـبيعي دون تحديـد مـا إذا كان واحدا أو متعددا‬
‫يملك المساحة التي يبنيها لنفسه‪ ،‬ومراعاة للقاعدة المشار إليها ولن الضريبة على القيمة المضافة هي ضريبة على‬
‫السـتهلك‪ ،‬والعفاء منهـا ذو طابـع شخصـي بالنسـبة للشخـص الطـبيعي فل محـل للزام المسـتهلك بهـا إل بقدر مـا‬
‫يشتريـه وقـد كان مـن حـق المسـتأنفين أن يتمسـكا بانهمـا مسـتفيدان مـن العفاء على اسـاس حصـة كـل واحـد منهمـا‬
‫والمساحة المبنية‪ ،‬وليس على أساس مجموع تلك المساحة وأن الحكم المستأنف عندما رخص طلبهما يكون قد أول‬
‫( ‪)2‬‬
‫المادة ‪ 7‬المشار إليها أعله تأويل غير صحيح"‪.‬‬
‫وقــد تعرض موقــف القضاء الجبائي بهذا الخصــوص للنقــد‪ ،‬فهناك مــن اعتــبر أن الجتهاد القضائي انســاق مــع‬
‫الستعمال الشائع والموسع للمفهوم وانشغل بأحكام العفاء الواردة في المادة ‪ 7‬في بندها الرابع‪ ،‬وشروط‬

‫‪ .1‬العربـي الكزداح " الطعون الجبائيـة فـي ظـل المحاكـم الداريـة بالمغرب " أطروحـة لنيـل الدكتورة فـي الحقوق ‪ ،‬جامعـة محمـد الخامـس أكدال ‪،‬‬
‫الموسم الجامعي ‪ ،2003/2004‬ص ‪.299‬‬
‫‪ . 4/1/2002/‬ذكره محمد قصري م‪.‬س‪ .‬ص ‪.106‬‬ ‫‪ .2‬قرار الغرفة الدارية عدد ‪ 97‬بتاريخ ‪ 28/01/2004‬بالملف عدد ‪647‬‬

‫‪24‬‬
‫منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري‬

‫إعماله‪ ،‬دون أي التفات للســياق العام للضريبــة على القيمــة المضافــة أولا كرســم له خصــوصياته‪ ،‬الذي‬
‫( ‪)1‬‬
‫ينصرف في الصل إلى التسليم للغير بمقابل واقعة منشئة للضريبة‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫كما أن البعض اعتبر أن ما ذهب إليه المجلس العلى ل يندرج تحت أي من المذاهب التفسيرية المعروفة‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬إشكالية الخضوع للمساهمة الدنيا على ضريبة الرباح العقارية‬

‫تـم إحداث الضريبـة على الرباح العقاريـة بمقتضـى الفصـل الخامـس مـن قانون الماليـة لسـنة ‪ ،1978‬وهـي ضريبـة‬
‫تفرض على الرباح التي يحققها الشخاص الذاتيين‪ ،‬من عمليات بيع الموال العقارية والحقوق العينية العقارية‪.‬‬
‫وتتكون فئة الملزميـن بهذه الضريبـة مـن الشخاص الذاتييـن الذيـن يقومون بعمليات التصـرف فــي العقار‬
‫بصفة عرضية خارج نشاطهم المهني‪.‬‬
‫ذلك أنـه بالنسـبة للشخاص المعنوييـن وكذلك الشخاص الذاتييـن العامليـن فـي إطار نشاطهـم المهنـي فإن‬
‫الرباح أو فوائض القيمة التي يحققونها أو يكسبونها حين بيعهم العقارات المرصدة لنشاطهم المهني أو سحبها من‬
‫اصــل منشآتهــم أو يتخلون عنهــا للغيــر‪ ،‬تعتــبر محصــولت تدخــل فــي تكويــن أســاس الضريبــة على الشركات أو‬
‫الضريبة العامة على الدخل برسم الدخول المهنية حسب الحالة‪.‬‬
‫وعرف القانون المنظـم للضريبـة على الرباح العقاريـة تعديلت متلحقـة مسـت العديـد مـن المبادئ المرتبطـة بـه‪،‬‬
‫وأفضـت فـي النهايـة إلى إدماج تلك الضريبـة فـي الضريبـة العامـة على الدخـل بمقتضـى المادة ‪ 10‬مـن قانون الماليـة‬
‫رقم ‪ 55-00‬للسنة المالية ‪ ،2001‬وذلك في إطار سياسة تحديث النظام الجبائي الوطني وتبسيطه‪.‬‬
‫وقـد نشأت عـن تطـبيق هذه الضريبـة نزاعات بيـن الدارة الجبائيـة والملزميـن بهـا تتعلق بمختلف الجوانـب‪،‬‬
‫ســواء مــن حيــث تحديــد الوعاء المعتمــد لتأســيس الضريبــة أو مبادئ أخرى تتعلق بتأويــل المقتضيات القانونيــة‬
‫المرتبطة بالموضوع والتي غالبا ما يتم بشأنها الرجوع إلى القضاء ليقول كلمة الفصل فيها‪.‬‬

‫‪ .1‬جعفر حسون‪ ،‬م‪.‬س ص ‪.170‬‬


‫‪ .2‬العربي الكزداح ‪ .‬م‪.‬س ص ‪.320‬‬

‫‪25‬‬
‫منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري‬

‫و فيما يخص استحقاق الحد الدنى للضريبة على ثمن التفويت فقد نصت المادة ‪ 94‬من القانون ‪ 17-89‬على‬
‫أن سـعر الضريبـة يحدد فـي ‪ %20‬فيمـا يخـص الرباح المحصـل عليهـا أو المثبتـة المنصـوص عليهـا فـي المادة ‪21‬‬
‫أعله‪ ،‬غير أن مبلغ الضريبة ل يمكن ان يقل على ‪ %3‬من ثمن البيع كما هو محدد في المادة ‪.86‬‬
‫وإقرار هذا الحد الدنى يرمي إلى الحد من أثار الغش الضريبي الشائع والمتمثل في عدم الفصاح في العقود عن‬
‫مجموع الثمن المتعاقد به‪ ،‬كما هو الشأن بالنسبة لظاهرة الشركات والمقاولت التي تصرح باستمرار بالخسارة في‬
‫الستغلل‪.‬‬
‫ولقد أثيرت عدة قضايا ترتبط بتحديد أساس فرض الضريبة وسعرها‪ ،‬وخاصة فرض الحد الدنى‪.‬‬
‫والشكالية المطروحة تتمتل في منازعة الملزمين في تطبيق الحد الدنى للضريبة في حالة حصول ربح ضئيل أو‬
‫( ‪)1‬‬
‫خسارة من تفويت عقار ‪.‬‬
‫وقد صدرت قرارات قضائية متناقضة في الموضوع نورد منها ‪:‬‬
‫حكم المحكمة الدارية بأكادير تتلخص وقائعه في كون الطاعن اشترى عقارات بمقتضى عقد توثيقي بمبلغ أجمالي‬
‫قدره ‪ 55000000.00‬درهم فقامت إدارة الضرائب بالفرض التلقائي للضريبة على الرباح العقارية على الطاعن‬
‫على أساس تمن البيع وطبقت في حقه مبلغ المساهمة الدنيا التي هي آنذاك وقبل التعديل ‪ ( %2‬قبل تعديل ق‪.‬م لسنة‬
‫‪ )2001‬مـن ثمـن البيـع‪ ،‬فطعـن فـي الضريبـة المذكورة بعلة أن الضريبـة المفروضـة غيـر مسـتحقة باعتبار أنـه غيـر‬
‫ملزم أصـل بهذه الضريبـة لنـه لم يحقـق أي ربـح‪ ،‬فتـم إلغاء الضريبـة على الرباح العقاريـة على أسـاس انهـا ل‬
‫تستحق إل على أساس ربح محقق على أن ل يقل مبلغ هذه الضريبة عن ‪ %2‬من تمن البيع‪ ،‬وأنه أمام عدم تحقق‬
‫(‪)2‬‬
‫ربح مستحق‪ ،‬فإنه ل مبرر لتطبيق المساهمة الدنيا للضريبة لعدم وجود اي ضريبة أصل‪.‬‬

‫‪ .1‬بلعيـد حفيـظ ‪ " ،‬الشكاليات المرتبطـة بالعفاء وتطـبيق الحـد الدنـى للضريبـة على الرباح العقاريـة" مقال بمجلة دفاتـر المجلس العلى ـــ عدد‬
‫‪ 8/2005‬مطبعة أليت‪ ،‬صفحة ‪.125،126،137،138 :‬‬
‫‪ .2‬حكـم عدد ‪ 240/99‬بتاريخ ‪ 21/10/1999‬في الملف عدد ‪ 361/98‬ش ذكره الستاذان عبد الرحمان مزوز وعبد ال العلج بمقال ‪ " :‬إشكالية‬
‫الخضوع للمساهمة الدنيا على ضريبة الرباح العقارية" مقال بمجلة دفاتر المجلس العلى المرجع نفسه ص ‪.143‬‬

‫‪26‬‬
‫منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري‬

‫وقـد أيـد المجلس العلى هذا الحكـم بالقرار عدد ‪ 449‬المؤرخ فـي ‪ 29/3/2001‬بالملف الداري عدد ‪517‬‬
‫‪ ،4/1/2000‬حيث علل قراره بما يلي ‪:‬‬
‫حيـث أن مقتضات الفصـل الخامـس مـن قانون الماليـة لسـنة ‪ 1978‬تنـص فـي بندهـا الول على أنـه تفرض ضريبـة‬
‫الرباح العقارية التي يحققها أشخاص وبالتالي تكون المحكمة قد ركزت قضاءها على أساس عندما ألغت الضريبة‬
‫موضوع النزاع‪ ،‬علما أن مقتضيات هذا البند من الفصل المذكور ل تحمل أي تأويل أو تعيين أخر باعتبار أنها لم‬
‫تنــص على أي اســتثناء لحكامهــا وإن مــا اعتمده المســتأنف فل علقــة له بتاتــا بالبنــد المذكور‪ ،‬إذ المــر يكون‬
‫منحصرا حول مسألة شرط فرض هذا النوع من الضرائب ل غير‪.‬‬
‫وحيث يستخلص مما سبق وجوب تأييد الحكم المستأنف"‬
‫وترى إدارة الضرائب خلف ذلك وتدفـع بأن المجلس العلى تبنـى قراءة جزئيـة للبنـد السـالف الذكـر‪ ،‬فـي‬
‫حين أن هذا البند يتضمن فقرتين تمثل الولى المبدأ في تطبيق سعر الضريبة‪ ،‬والثانية جاءت في صيغة الستثناء‬
‫تحدد سـعر الحـد الدنـى وأسـاس تطـبيقه‪ ،‬وهكذا فإن المشرع لم يربـط تطـبيق هذا السـعر بتحقيـق أي ربـح‪ ،‬بـل أسـس‬
‫(‪)1‬‬
‫الضريبة محسوبة بحدها الدنى بثمن التفويت‪.‬‬
‫وهكذا نجـد المحاكـم الداريـة وكذا المجلس العلى قـد فسـر هذه المادة لصـالح الملزم باعتبار الشـك يفسـر لصـالحه‬
‫ودافع بذلك عن حقوق الملزم وخالف بذلك تأويل الدارة وخبراؤها ‪.‬‬
‫ومـن ثمـة فإن القضاء الداري عمـل على تفسـير مجالت العفاء فـي المجال العقاري فـي جزء كـبير منهـا لصـالح‬
‫الملزم وحـد مـن رغبـة الدارة فـي توسـيع مجالت الوعاء الضريـبي والتـي يهمهـا بشكـل كـبير جمـع الضرائب حتـى‬
‫ولو وصل بها المر في بعض الحالت حد العتداء على حقوق الملزمين‪ ،‬وهو ما تصدى له القضاء الجبائي في‬
‫الشكالت السابق مناقشتها وتحليلها‪.‬‬

‫‪ .1‬بلعيد حفيظ ‪ .‬م‪.‬س ص ‪.139‬‬


‫‪ .2‬حكم بتاريخ ‪ 21/3/2001‬ملف ‪ 51/2000‬مؤيد بقرار المجلس العلى عدد ‪ 254‬بتاريخ ‪ 11/04/2002‬غير منشور ‪.‬‬
‫‪ .3‬ملف ‪82‬ع‪ 2003/‬حكم ‪ 1794‬بتاريخ ‪ 16/6/2004‬غير منشور‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬العفاءات الضريبية المتعلقة بالمجال الفلحي‬

‫يعتبر القطاع الفلحي القطاع الساس في القتصاد المغربي قبل وبعد الستقلل‪ ،‬ويشغل فئات واسعة من‬
‫أبناء الشعـب المغربـي خاصـة فـي العالم القروي‪ ،‬ومـن ثمـة فقـد منـح المشرع المغربـي امتيازات خاصـة لهذا القطاع‬
‫همـت عدة مجالت لكـي يلعـب الدور المنوط بـه فـي التنميـة الشاملة للبلد‪ ،‬وفـي هذا السـياق تـم إعفاءه مـن الضرائب‬
‫إلى غاية سنة ‪ ،2000‬وتم تمديدها إلى سنة ‪.2010‬‬
‫وبالنظر إلى التطورات التي عرفها القطاعو المتجلية في دخول واستعمال الليات الحديثة والعصرية ‪ ،‬فقد طرح‬
‫هذا الوضــع عدة نزاعات بيــن الفلحيــن والدارة الضريبيــة حول حدود العفاء مــن الضرائب‪ ،‬علمــا أن دخول‬
‫اللت حول طبيعة النشاط من فلحي إلى تجاري أو صناعي كما سنوضح ‪ ،‬فما هو السند القانوني لعفاء القطاع‬
‫الفلحي من الضريبة بجميع أنواعها ؟ وما هي أهم التطورات التي عرفها الطار القانوني ؟ ( الفقرة الولى) وما‬
‫هو موقف القضاء الجبائي من هذه الشكالت ؟(الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة الولى ‪ :‬إعفاء القطاع الفلحي ‪ :‬السند القانوني والتطور الذي عرفه‬

‫إن الهدف مـن تشريـع مبدأ العفاء الضريـبي بصـفة عامـة هـو تمتيـع المخاطـب بـه بامتيازات ماليـة تسـاعد‬
‫على تخفيـف العبـء الضريـبي عنـه‪ ،‬حتـى يتسـنى له المشاركـة بشكـل إيجابـي فـي تطور المجال الذي ينتمـي إليـه‪،‬‬
‫والمغرب يعتــبر مــن الدول التــي تعتمــد فــي اقتصــادها على الفلحــة‪ ،‬ولهذا فقــد أقــر ظهيــر ‪ 1984-03-21‬إعفاء‬
‫الدخول الفلحية من جميع الضرائب المباشرة مؤقتا إلى غاية ‪.2010‬‬
‫وقد عرف تضريب القطاع الفلحي بالمغرب عدة تطورات قبل هذا التاريخ‪ ،‬ففي أواخر القرن التاسع عشر وبداية‬
‫القرن العشرين عرف المغرب ضريبتين هما‪:‬‬
‫الولى‪ :‬ضريبــة العشــر وتفرض على الزراعات على أســاس الدخــل الذي يتــم تقديره طبقــا للمردوديــة المتوقعــة‬
‫لحصيلة السنة الزراعية‪.‬‬
‫الثانية ‪ :‬الزكاة وتطبق على الحيوانات الليفة والمرباة‪.‬‬
‫وفـي سـنة ‪ 1915‬تمـت صـياغة قانون تنظيمـي لكـل مـن هاتيـن الضريبتيـن وذلك فـي إطار مـا عرف بالترتيـب الذي‬
‫ظل قائما إلى غاية ‪ 1961‬حيث تم إحداث الضريبة الزراعية بمقتضى ظهير رقـم ‪ 1-61-438‬بتاريخ ‪ 30‬دجنبر‬
‫‪ 1962‬وتؤسس هذه الضريبة على ‪:‬‬
‫‪-‬مقدار ما تنتجه الراضي عن كل هكتار من مزروعات أو أشجار‪.‬‬
‫‪-‬مقدار ما تنتجه أشجار الفواكه المتفرقة أو المغروسة بانتظام‪.‬‬
‫‪-‬محصول الماشية‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري‬

‫و بقي الحال على ذلك إلى أن تم إصدار الظهير الشريف بمثابة قانون رقم ‪ 84-46‬الصادر في ‪ 21‬مارس ‪.1984‬‬
‫و بمقتضى الفصل الول من هذا الظهير يتم إعفاء كل أنواع الدخول الفلحية المفروضة عليها الضريبة الزراعية‬
‫المشار إليها أعله‪ ،‬من جميع الضرائب المباشرة المفروضة حال ومستقبل وذلك إلى غاية ‪.2010‬‬
‫وجديــر بالذكــر أن القانون الطار لســنة ‪ 1984‬نــص فــي فصــله الثانــي على اســتحداث ضريبــة عامــة على دخول‬
‫الشخاص الطـبيعيين تسـمى الضريبـة العامـة على الدخـل وضريبـة دخول الشخاص المعنوييـن و تدعـى الضريبـة‬
‫على الشركات‪)1(.‬‬
‫بيـد أن مفهوم الدخل الفلحـي المعفى من الضرائب عرف بعـض الختلفات خاصـة مع التطورات السابق ذكرها‪،‬‬
‫وفي هذا الطار ‪:‬‬
‫‪-‬حسب خبرة أمرت بها محكمة إدارية اعتبرت أن تربية النحل في صناديق خشبية وفقا للشكل التقليدي‬
‫المعمول به في ميدان الفلحة يعتبر عمل فلحيا صرفا‪ ،‬و قد أيد المجلس العلى هذا التعريف‪.‬‬
‫‪-‬وفـي تعريـف لمحكمـة إداريـة أخرى‪ ،‬اعتـبرت أن النشاط الذي يتطلب أسـاسا تدخـل النسـان بواسـطة‬
‫المكننـة والليات العصـرية فضل عـن عمليـة الشراء والبيـع والمضاربـة لتحقيـق الربـح يندرج ضمـن‬
‫النشطة التجارية‪.‬‬
‫إذن المعيار السائد في هذين التصنيفين هو معيار التقنيات المستعملة في النشاط الفلحي‪.‬‬
‫وخلفا لهذا التوجه‪ ،‬نجد أن النشاط الفلحي له تعريف آخر في النظام الفرنسي‪ ،‬فالمادة الثانية من القانون الفرنسي‬
‫رقم ‪ 120-88‬بتاريخ ‪ 30‬دجنبر ‪ 1988‬والمتعلق بملئمة الستغلل الفلحي لبيئته القتصادية‪.‬‬
‫والجتماعية‪ ،‬تحدد النشطة الفلحية كالتالي ‪:‬‬
‫•تلك النشطـة التـي تتناسـب والتحكـم والسـتغلل فـي الدورة البيولوجيـة لكـل صـنف نباتـي أو حيوانـي‬
‫والمؤسسة للمراحل الضرورية لتسلسل هذه الدورة‪.‬‬
‫•تلك النشطة المزاولة من طرف مشغل فلحي سواء تعلق بالمتداد العادي لعملية النتاج أو المعتمدة‬
‫فقط على الستغلل‪.‬‬

‫‪ .1‬المصـطفى الخضـر ‪ " :‬تحديـد مفهوم الدخول والنشطـة الفلحيـة المعنيـة بالعفاء مـن الضرائب المباشرة" مجلة دفاتـر المجلس العلى ‪ .‬م‪.‬س‬
‫ص ‪183‬و ‪.185‬‬

‫‪29‬‬
‫منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري‬

‫و تعتبر تربية الحيوانات نشاطا فلحيا بغض النظر عن أصناف الحيوانات المرباة أو التقنيات المستعملة أو حجم‬
‫(‪)1‬‬
‫الستغلل أو مالك الحيوانات‪.‬‬
‫فمـا موقـف القاضـي الجبائي المغربـي مـن هذه الشكالت التـي طرحـت بخصـوص إعفاء القطاع الفلحـي والتقنيات‬
‫الحديثة التي أصبحت تستعمل في هذا القطاع ؟‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬موقف القضاء الجبائي من بعض إشكالت إعفاء القطاع الفلحي‬

‫منــذ إنشاء المحاكــم الداريــة عرضــت عليهــا مجموعــة مــن القضايــا تتعلق بإعفاء بعــض النشطــة ذات الطبيعــة‬
‫الفلحيـة‪ ،‬منهـا مدى إخضاع مربـي الماشيـة للضريبـة المهنيـة على بيـع منتوج الحليـب الذي تدره أبقاره وعـن مدى‬
‫خضوعــه للضريبــة باعتباره يمارس نشاطــا فلحيــا‪ ،‬وخلل هاتــه المنازعات كانــت إدارة الضرائب تعتــبر نشاط‬
‫المدعـي المتمثـل فـي تربيـة البقار مـن أجـل إنتاج الحليـب وتسـويقه عمل تجاريـا يخضـع للضريبـة المهنيـة وبالتالي‬
‫للضريبة العامة على الدخل‪.‬‬
‫وكانت تعمل على إصدار كل من ضريبة "البتانتا" والضريبة العامة على الدخل في مواجهة مربي الماشية‪ ،‬بينما‬
‫يتمسك هذا الخير بكونه يمارس نشاطا فلحيا معفى من الخضوع لمثل هاته الضرائب‪.‬‬
‫إل أن القضاء الداري حســم هذا الموضوع ســواء على مســتوى محاكــم الموضوع (‪ )2‬أو على مســتوى الغرفــة‬
‫الداريــة بالمجلس العلى (‪ )3‬معتــبرا أن مربــي الماشيــة يمارس نشاطــا فلحيــا معفــى مــن جميــع أنواع الضرائب‬
‫بمدلول الفصل الول من ظهير ‪ 1984‬حيث جاء في حكم إدارية فاس ‪:‬‬
‫" حيـث إن مهنـة الفلحـة داخلة بحكـم طبيعتهـا وحسـب مدلول الفصـل الول مـن الظهيـر الشريـف الصـادر بتاريـخ‬
‫‪ 31/3/1984‬ضمـن العفاء مـن جميـع أنواع الضرائب وبذاك فإن ضريبـة البتانتـا على مهنـة الفلحـة تعتـبر مـن‬
‫المجالت المحددة بمقتضــى الظهيــر الشريــف المشار إليــه أعله ومشمولة بالعفاء إلى غايــة ‪ 31/12/2000‬ممــا‬
‫يبقى معه إخضاع المدعى لها مفتقدا للسند القانوني‪ ،‬والطلب الرامي إلى الحكم بإلغائها مؤسس "‪.‬‬
‫وجاء فـي قرار الغرفـة الداريـة وهـي تؤكـد نفـس المنحـى فيمـا يلي " ظهيـر ‪ 61/9/1984‬يشمـل جميـع الضرائب‬
‫المتعلقـــة بالفلحة بما فيها الضريبة المهنية ما دامت لها علقة بالنشــــاط الفلحـــي لنه لم يــرد‬

‫‪ .1‬ذ‪.‬المصطفى الخضر ‪ ،‬م‪.‬س ص ‪187‬و ‪.188‬‬


‫‪ .2‬حكم إدارية فاس بالملف الداري ‪ ، 2000 /103‬والمحكمة الدارية مكناس في الملف ‪ 500/95‬بتاريخ ‪ 05 /16/11‬غير منشور ‪.‬‬
‫‪ .3‬قرار عدد ‪ 215‬بالملف الداري عدد ‪ 4/1/2000 /1640‬غير منشور‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري‬

‫أي اسـتثناء صـريح بذلك‪ ،‬ومـن ثـم يكون إخضاع المسـتأنف عليـه لضريبـة أعفـى المشرع بنـص صـريح‬
‫(‪)1‬‬
‫التكليف بها غير قائم على أساس صحيح "‪.‬‬
‫هذا وفــي إطار القراءة القانونيــة للعفاء الضريــبي المتعلق بالمجال الفلحــي‪ ،‬يجــب التمييــز بيــن النشاط الفلحــي‬
‫الناتـج عمـا تدره الرض مـن عطاء ومـا تقدمـه الماشيـة مـن كسـب معفـى مـن الخضوع للضريبـة ودخول النشاط‬
‫الفلحـي الذي تلعـب المكننـة الدور الرئيسـي فيـه‪ ( ،‬كمـا سـبق الذكـر) والذي ينتهـي فيـه النشاط الفلحـي الطـبيعي‪ ،‬إذ‬
‫يصبح تدخل عامل خارجي في تحويل النشاط الفلحي إلى نشاط صناعي كما هو الشأن بالنسبة لتربية الدواجن‬
‫بطريقة عصرية‪.‬‬
‫فقــد ذهبــت إداريــة فاس إلى اعتبار الممارســة الطاغيـة لنشاط تربيــة الدواجـن ل يعتــبر عمل فلحيــا بطــبيعته‪،‬‬
‫وبالتالي ل يستفيد من مقتضيات ظهير ‪.1984‬‬
‫وهـو نفـس توجـه الغرفـة الداريـة بالمجلس العلى عندمـا رفضـت دفوع الملزم المتعلقـة بإعفائه مـن الضريبـة‬
‫( ‪)2‬‬
‫باعتباره يمارس نشاطا فلحيا متمثل في توفره على جهاز خاص لتبريد المنتوج الفلحي‪.‬‬
‫وقــد جاء فــي قرار الغرفــة مــا يلي ‪ " :‬حيــث إنــه ممــا ل نزاع فيــه أن الدخول موضوع الخضاع الضريــبي ليــس‬
‫مصدرها عمل فلحيا محضا‪ ،‬أي ناتجا عما تدره الرض من عطاء أو تقدمه الماشية من كسب‪ ،‬دون تدخل اللة‬
‫فـي الصـنع‪ ،‬ممـا ل يعـد عمل فلحيـا صـرفا‪ ،‬وإنمـا هـو جهاز خاص بالتبريـد والحفاظ على المنتوج الفلحـي مـن‬
‫التعفن وضمان بيع الغلل الفلحية على مدار السنة‪ ،‬فما أثير من كونه يستفيد من العفاء الضريبي غير منتج وكان‬
‫(‪)3‬‬
‫ما قضى به الحكم المستأنف مؤسسا"‪.‬‬
‫فانطلقا من هاته المواقف المميزة للعمل القضائي سواء على مستوى المحاكم الدارية أو الغرفة الدارية‪ ،‬يلحظ‬
‫أن القاضي الداري قد فسر المقتضيات القانونية المتعلقة بالعفاء المقرر للنشاط الفلحي تفسيرا يتلءم والظرفية‬
‫القتصادية‪.‬‬
‫لذا ذهـب القضاء إلى شمول الضيعـة الفلحيـة مـن العفاء مـن الضريبـة الحضريـة فـي إطار ظهيـر ‪ ،1984‬مـع‬
‫تفعيل مقتضيات قانون التعمير‪ ،‬وذلك تشجيعا للستثمارات الفلحية وإحداث هاته الضيعات في المجالت القروية‪.‬‬
‫‪ .1‬محمد قصري ‪ :‬م‪.‬س ص ‪106‬و ‪.107‬‬
‫‪.2‬أنس السبتي " قراءة في العفاءات الضريبية المتعلقة بالمجال الفلحي والشكاليات التي تطرحها المادة ‪ 7‬من قانون ‪ 85-30‬المتعلق بالضريبة‬
‫على القيمة المضافة" دفاتر المجلس العلى ‪ .‬م‪.‬س ص ‪.177‬‬
‫‪ .3‬قرار الغرفة الدارية المؤرخ في ‪ 8/5/2000‬بالملف ‪ 4/1/2000/ 688‬ذكره ذ‪.‬محمد قصري م‪.‬س ص ‪.107‬‬

‫‪31‬‬
‫منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري‬

‫والغايـة هـي إعفاء الضيعات الفلحيـة مـن الضريبـة الحضريـة‪ ،‬فقـد ورد فـي قرار الغرفـة الداريـة " أن‬
‫الدوائر والجماعات الحضريــة والمراكــز المحددة والمنصــوص عليهــا بالمادة الثانيــة مــن القانون ‪ 89-37‬المتعلق‬
‫بالضريبـة الحضريـة هـي وحدات إداريـة قائمـة بذاتهـا ومسـتقلة كـل واحدة عـن الخرى‪ ،‬وأن المسـافة الفاصـلة بيـن‬
‫الضيعة والجماعة ل تخرج عن نطاقها ول تتعداها إلى غيرها من الجماعات الحضرية والمراكز المحددة‪.‬‬
‫وحيث إنه تبعا لما ذكر فإن ضيعة المستأنف تقع بالجماعة القروية لعين الشقف وخارج المدار الحضري‬
‫لمركز راس الماء التابع لهذه الجماعة ول تقع بمناطق امتداد الجماعة الحضرية لفاس أكدال‪ ،‬لذا فإن الفقرة الثانية‬
‫(‬
‫من القانون ‪ 90-12‬غير قابلة للتطبيق عليها ويكون الفرض الضريبي المطعون فيه غير مشروع ويتعين إلغاءه‪".‬‬
‫‪)1‬‬

‫ونفـس الشيـء طبقتـه المحاكـم عنـد نظرهـا للطعون المتعلقـة بالضريبـة العامـة على الدخـل المتعلقـة بالدخول الفلحيـة‬
‫عندما اعتبرت أن هاته الدخول المفروضة عليها الضريبة دخول فلحية صرفة فهي معفاة‪.‬‬
‫وقـد أثارت هذه الوضعيـة إشكالت مسـطرية وذلك عندمـا يتعلق المـر بدخول فلحيـة ودخول أخرى وعزم الملزم‬
‫على المنازعة في أساس فرض الضريبة‪ ،‬فطرحت إشكالية إلزامية المسطرة من عدمها‪.‬‬
‫فإذا كان الرأي الراجـح قـد ذهـب إلى أن إقرار مبدأ العفاء بشكـل كلي يعفـي الملزم مـن سـلوك المسـطرة الداريـة‬
‫لعدم مخاطبته بنصوص القانون التي تمتعه بنظام العفاء‪ ،‬فإن المر يختلف كثيرا بالنسبة للعفاء المشفوع بدخول‬
‫مستثناة من هذا العفاء‪.‬‬
‫لذا اختلفـت مواقـف المحاكـم الداريـة حول إمكانيـة اعتبار وجود دخول فلحيـة ضمـن الضريبـة العامـة على الدخـل‬
‫وصـعوبة فصـلها عـن باقـي الدخول الخرى‪ ،‬مـبررا يحلل الملزم مـن المسـطرة الداريـة والبـث فـي الطلب برمتـه‪.‬‬
‫( ‪)2‬‬
‫وهذا ما يفسر تدخل القاضي الداري وتطبيق قاعدة التفسير للنص الغامض بالصلح للملزم‪.‬‬
‫انطلقـا مـن القراءة التحليليـة لموقـف القضاء الداري مـن مبدأ العفاء والتفسـيرات الواردة بالقرارات والحكام‬
‫المشار إليها سابقا سواء المتعلقة بالعفاء في المجال العقاري أو الفلحي‪ ،‬يتبين الدور اليجابي للجتهاد القضائي‬
‫فـي تفعيـل النصـوص الضريبيـة والتعـبير عـن الغايـة التشريعيـة مـن سـنها‪ ،‬وكذلك إظهار الدور الذي تضطلع بـه‬
‫المحاكم الدارية ومعها الغرفة الدارية بالمجلس العلى لتفسير النصوص الغامضة انطلقا من مفهوم أن الجتهاد‬
‫القضائي يعتـبر أداة مـن أداوات التنميـة‪ ،‬إن لم نقـل قاطرة التنميـة ووسـيلة مـن وسـائل تشجيـع السـتثمار لكونـه هـو‬
‫الذي يوفر الحماية القانونية ويحقق الطمأنينة والثقة في العدالة‪.‬‬

‫‪ .1‬قرار الغرفة الدارية عدد ‪ 484‬المؤرخ في ‪ 16/6/2004‬ملف عدد ‪ 1553/4/2000‬غير منشور‪.‬‬


‫‪ .2‬ذ ‪ .‬أنس السبتي ‪ .‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪ 177‬و ‪.178‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬التحقيق والثبات وأثر الحكم ببطلن المسطرة الضريبية على اللتزام الضريبي ‪:‬‬

‫‪32‬‬
‫منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري‬

‫يحتل الثبات أهمية قصوى لدى القاضي بل أساس ومحور تشكل قناعة القاضي‪ ،‬لنه ل يوجد حق بدون‬
‫إثبات‪ ،‬والتحقيق باعتباره آلية تسهل وتساهم في إثبات الحقوق أو تقييدها ذا أهمية بالغة في جميع الدعاوى وخاصة‬
‫في المجال الضريبي‪.‬‬
‫وقـد نظـم ق‪.‬ل‪.‬ع فـي فصـوله ‪ 399‬إلى ‪ 460‬قواعـد الثبات‪ ،‬و قانون المسـطرة المدنيـة قواعـد التحقيـق فـي‬
‫فصــوله مــن ‪ 55‬إلى ‪ .102‬وهكذا فبالرغــم مــن أن النزاعات الضريبيــة تنتمــي إلى القانون الداري فإن القواعــد‬
‫المسطرية هي نفسها المنصوص عليها في القانون الخاص وخاصة قواعد المسطرة‪.‬‬
‫بيد أن هناك بعض الختلفات والخصوصيات من مثل استبعاد اليمين والشهود كوسيلتي إثبات كما هو ثابت قانونا‬
‫وقضاء ( الفرع الول )‪ ،‬وبمـا أن الدعوى الضريبيـة تندرج فـي أغلبهـا فـي إطار القضاء الشامـل‪ ،‬وبمـا أن القاضـي‬
‫الداري المغربـي مدعـو لن يلعـب دور المفتـش السـلمي للضريبـة‪ ،‬فإن مرحلة التحقيـق فـي الدعوى التـي يقوم بهـا‬
‫القاضـي المقرر تبدو مرحلة حاسـمة فـي تكييـف هذه الخيرة وتوجيههـا‪ ،‬بحيـث يجـب عليـه اسـتعمال جميـع الوسـائل‬
‫‪)1(.‬‬
‫القانونية والمسطرية المتوفرة لديه لكي يظهر حقيقة اللزام الضريبي ويطبقها على الطراف‬
‫كما سنتناول في هذا المبحث موضوعا ذا أهمية بالغة وهو أثر الحكم ببطلن مسطرة فرض الضريبة أو تصحيح‬
‫وعائهــا على اللتزام الضريــبي‪ ،‬فإذا كان الخلل بالقواعــد المســطرية التــي تنظمــه مســطرة فرض الضريبــة‬
‫وتصحيح وعائها كما سلف الذكر‪ ،‬يرتب بطلنها لتعلقها بإجراءات جوهرية من قبل النظام‪.‬‬
‫فهـل يترتـب على الحكـم ببطلن تلك المسـطرة المتعلقـة بفرض الضريبـة انقضاء اللزام الضريـبي‪ ،‬أم بمعنـى آخـر‬
‫هل يحق لدارة الضرائب أن تصحح الخلل المسطري المذكور لتعيد فرض الضريبة أو تصحيح وعائها في إطار‬
‫مسطرة أخرى سليمة؟‪.‬‬
‫إذن فمـا هـي الثار القانونيـة المترتبـة عـن الجراءات الباطلة خلل مسـطرة فرض الضريبـة أو أثارهـا على اللزام‬
‫الضريبي ؟‪ ( .‬الفرع الثاني)‬

‫‪ .1‬د‪ .‬عبد الغني خالد م‪.‬س ‪ ،‬ص ‪.367‬‬

‫‪33‬‬
‫منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري‬

‫الفرع الول ‪ :‬الثبات والتحقيق في الدعوى الضريبية‬

‫ســنتناول فــي هذا الفرع وســائل التحقيــق والثبات فــي القانون الضريــبي والخصــوصيات المميزة لهــا عــن قواعــد‬
‫القانون الخاص فـي المجال المسـطري‪ ،‬كمـا سـنتناول بالتحليـل بعـض الشكالت المطروحـة أمام القضاء الداري‬
‫بهذا الخصوص‪.‬‬

‫المطلب الول ‪ :‬وسائل التحقيق والثبات‬

‫تتوقف مصداقية الحقوق المدعى بها على قوة الحجج المثبتة لها‪ ،‬لذلك فالحق يكون عديم الفائدة إذا عجز عن إثبات‬
‫وجوده‪ ،‬لكـن القاضـي قـد ل يقتنـع بالوسـائل المثارة أمامـه أو أن وسـائل الثبات هذه تكون ناقصـة أو غامضـة فيلجـأ‬
‫(‪)1‬‬
‫إلى إجراءات التحقيق من بحث وخبرة لتشكيل قناعاته‪.‬‬

‫الفقرة الولى ‪ :‬وسائل التحقيق‬

‫إذا تـبين للقاضـي أن عناصـر الثبات المقدمـة مـن الطرفيـن ل تمكـن مـن تكويـن نظرة وافيـة عـن النزاع أو ل تكفـي‬
‫لتكويـن قناعـة واضحـة‪ ،‬يجوز له بناء على طلب الطراف أو أحدهـم أو تلقائيـا أن يأمـر باتخاذ إجراءات التحقيـق‬
‫(‪)2‬‬
‫وهي ‪ :‬الخبرة ‪ ،‬البحث ‪ ،‬المعاينة كما ينص على ذلك الفصل ‪ 55‬من ق‪.‬م‪.‬م ‪.‬‬
‫•أ‪ -‬الخبرة ‪:‬‬
‫الخبرة من بين أهم إجراءات التحقيق وأكثرها تطبيقا في العمل القضائي‪ ،‬والخبرة بمعناها الواسع لها عدة معاني‬
‫ومفاهيم‪ ،‬غير أن الخبرة المقصودة في بحثنا هذا هي الخبرة القضائية ‪ )l’expertise judicaire ، )3‬وقد عرفها‬
‫السـتاذ عبـد العزيـز توفيـق بأنهـا " العمليات والتقاريـر التـي يقوم بهـا الخـبير المعيـن مـن طرف المحكمـة فـي مسـالة‬
‫(‪)4‬‬
‫فنية يأنس القاضي من نفسه الكفاية العلمية أو الفنية للقيام بها "‪.‬‬

‫‪ .1‬محمد شكيري ‪ .‬م‪.‬س ص ‪.615‬‬


‫‪ .2‬عبد القادر التيعلتي ‪ :‬م‪.‬س ص ‪.150‬‬
‫‪ .3‬خالد الشرقاوي الســموني‪ ،‬الخــبرة القضائيــة فــي ضوء قانون المســطرة المدنيــة والجتهاد القضائي‪ ،‬دار النشــر المغربيــة‪ ،‬منشورات المجلة‬
‫المغربية للدارة المحلية والتنمية ‪ ،‬سلسلة " مؤلفات وأعمال جامعية العدد ‪ ،7‬سنة ‪ . 1998‬ص ‪.15‬‬
‫‪ .4‬عبد العزيز توفيق‪ " ،‬شرح قانون المسطرة المدنية والتنظيم القضائي"‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء سنة ‪ 1995‬ص ‪.183‬‬

‫‪34‬‬
‫منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري‬

‫وتخضـع الخـبرة لمجموعـة مـن المبادئ هـي‪ :‬أن ل يتعلق موضوعهـا بمسـألة قانونيـة أو إجراء معاينـة أو‬
‫(‬
‫سماع شهود‪ ،‬كما ل يجوز أن تكون الخبرة لمطلب أصلي في الدعوى‪.‬‬
‫ويتم اختيار الخبير استنادا إلى قدراته أو علمه أو فنه‪ ،‬ومهمته إبداء رأيه للمحكمة في المسائل الفنية المحددة له من‬
‫طرف القاضي والتي ل علقة لها بالقانون‪ ،‬ويتمتع باستقلل فني في إنجاز تقريره‪ ،‬غير أن الخبير رغم استقلله‬
‫يتوجب عليه عدم الدلء برأي أو بيان في مسألة لم ترد في النقط التي حددها القاضي‪.‬‬
‫كما انتداب الخبير أمر موكول لسلطة القاضي التقديرية‪ ،‬فهو وحده الذي يملك حق الستجابة لطلب إجراء الخبرة‬
‫(‪)1‬‬
‫أو عدم إجرائها‪.‬‬
‫وقد خول المشرع المغربي للخصوم حق تجريح الخبراء كما هو مبين في الفصل ‪ 6‬من قانون المسطرة المدنية‪،‬‬
‫كما يمكن للقاضي استبدال الخبير المعين من طرفه تلقائيا أو بناء على طلب الخصوم و يعين خبيرا آخر محله‪.‬‬
‫وينجـز الخـبير المأموريـة بعـد اسـتدعاء الطراف تحـت طائلة بطلن الخـبرة‪ ،‬وبعـد محاولة إجراء التصـالح‬
‫بين الطراف والستماع إلى أقوالهم والحجج التي يتقدمون بها‪ ،‬تم يضع تقريره داخل الجل المحدد له‪.‬‬
‫ومن المسلم به أن مضمون تقرير الخبير وأرائه غير ملزمة للقاضي‪ ،‬فهي على سبيل الستئناس فقط‪ ،‬وإذا‬
‫اتضح له أنها ناقصة أو لم تف بالغرض‪ ،‬جاز له أن يأمر بإجراء خبرة إضافية‪ ،‬أو خبرة مضادة يجريها خبير أو‬
‫خبراء آخرون حسب أهمية المنازعة‪ ،‬والذين يقدمون بدورهم تقارير أخرى‪.‬‬
‫مـا يلحـظ مـن خلل تفحصـنا لجـل الحكام الصـادرة عـن المحكمـة الداريـة بالدار البيضاء المبنيـة على الخـبرة‪ ،‬أن‬
‫القضاة بهذه المحكمــة ل يأخذون مضمون الخــبرة على ســبيل الســتئناس فــي إصــدار أحكامهــم ولكنهــم يبنون تلك‬
‫( ‪)2‬‬
‫الحكام على مضمون الخبرة لتصبح هذه الخيرة تقريرية بكل ما للكلمة من معنى‪.‬‬

‫‪ .1‬عبد الغني خالد ‪ .‬م‪.‬س ص ‪.372،373‬‬


‫‪.2‬و المثلة على ذلك كثيرة حيـث جاء فـي حكـم عدد ‪ 755‬بتاريـخ ‪ 13/11/96‬ملف رقـم ‪ " 166/95‬وحيـث أن الخـبرة التـي أمرت بهـا المحكمـة‬
‫تمهيديا حددت القيمة التجارية للعقار موضوع الخبرة في مبلغ أربعة وأربعين ألف درهم وذلك بتاريخ التفويت‪ .‬وحيث ارتأت المحكمة المصادقة‬
‫على تقرير الخبرة والحكم تبعا لذلك بإلغاء بيان التصفية المطعون فيه جزئيا فيما تضمنه من رسوم تكميلية‪ ،‬واعتبار أن الثمن الحقيقي للعقار هو‬
‫أربع وأربعين ألف درهم ‪ )...‬حكم غير منشور‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري‬

‫ب‪ -‬الوسائل الخرى‪:‬‬


‫إلى جانب الخبرة كوسيلة تحقيق‪ ،‬يمكن للقاضي الجبائي أن يلجأ إلى البحث أو المعاينة ‪.‬‬
‫فإجراءات البحث التي تتبعها المحاكم الدارية بالمغرب تختلف من حيث المضمون عن محتوى إجراءات‬
‫البحـث المنصـوص عليهـا فـي قانون المسـطرة المدنيـة ‪ ،‬لكون هذه المسـطرة تسـتعمل عادة أمام المحاكـم العاديـة مـن‬
‫أجـل السـتماع إلى الشهود قصـد اسـتكمال التحقيـق وجمـع أكـبر قدر مـن المعلومات المفيدة فـي سـبر أغوار القضايـا‬
‫المعقدة‪ ،‬بينما ل تعتبر أقوال الشهود واليمين في المادة والجبائية كوسيلتي تحقيق ‪.‬‬
‫وعمليـا‪ ،‬فإن القاضـي يأمـر بمقتضـى حكـم تمهيدي بإجراء بحـث لشرح المقتضيات الضريبيـة التقنيـة والطلع على‬
‫الملف الجبائي الملزم والنقط التي يجب على الخبير الجابة عنها‪.‬‬
‫وخلل البحــث يقوم القاضــي المقرر بإعطاء الكلمــة للخصــوم لشرح إدعاءاتهــم والدلء بالوثائق المفيدة فــي‬
‫‪)1(.‬‬
‫الثبات إذا اقتضى المر ذلك‪ ،‬ويطرح السئلة عليهم لفك الشكالت التي واجهته أثناء دراسة القضية‬
‫ويمنح القاضي المقرر مهلة بعد البحث للتعقيب على الدعاءات التي تقدم بها كل طرف والحجج المتقدم بها‪.‬‬
‫وللشارة فالملزم يحضــر بجانبــه محاميــه‪ ،‬ويحضــر عــن الدارة الضريبيــة أحــد المفتشيــن التابعيــن لمصــلحة‬
‫المنازعات القضائيــة وقـد يســاعده فــي ذلك المفتــش المحقــق الذي أجرى الفحــص أو قام بربـط الضريبـة موضوع‬
‫النزاع‪ ،‬أمـا إذا تخلف أحـد طرفـي الدعوى عـن الحضور لجلسـة البحـث رغـم التوصـل القانونـي ‪ :‬فقـد جاء فـي حكـم‬
‫صـادر عـن المحكمـة الداريـة بالبيضاء " وحيـث أنـه بالضافـة إلى كون الملف يتضمـن وثيقـة صـادرة عـن السـلطة‬
‫المحلية بتاريخ ‪ 08/09/94‬والتي تفيد بأن المدعي كان متوقفا عن عمله كمقاول سنة ‪ 1988‬فإن ما تدعيه الدارة‬
‫مــن كون تحرياتهــا قــد أفادت باشتغاله ســنة ‪ 1988‬يخالف وقائع النازلة‪ .‬وهــو مــا حدا بالمحكمــة إلى إجراء بحــث‬
‫لمعرفـة هذه التحريات‪ ،‬إل أن الدارة تخلفـت عـن الحضور لجلسـة البحـث رغـم توصـلها‪ ،‬الشيـء الذي يتعيـن معـه‬
‫(‪)2‬‬
‫إلغاء المر المطعون فيه‪".‬‬
‫كمــا يمكــن للقاضــي أن يلجــأ إلى باقــي إجراءات التحقيــق العاديــة الخرى‪ :‬مــن إجراء معاينــة‪ ،‬طبقــا للفصــل ‪68‬‬
‫المسطرة المدنية و تحقيق الخطوط و الزور الفرعي طبقا للفصل ‪ 69‬من نفس القانون‪ ،‬إل أن القاضي الجبائي من‬
‫النادر أن يلجأ إلى هذه الجراءات بالنظر لخصوصيات وطبيعة الدعوى الجبائية‪.‬‬

‫‪ .1‬عبد الغني خالد ‪ .‬م‪.‬س ص ‪. 367،368،369‬‬


‫‪ .2‬حكم رقم ‪ ،73‬بتاريخ ‪ 06/03/96‬من الملف ‪ 94 /106‬حكم غير منشور‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬نظام الثبــــــات‬

‫غاية الثبات في المادة الضريبة بالنسبة للدارة تكمن في إعطائها صلحيات وإمكانية إثبات توفر شروط‬
‫إعمال النـص الجبائي خاصـة مـا يتعلق بإثبات الواقعـة المنشئة للضريبـة‪ ،‬أو إثبات المادة الضريبيـة بصـفة عامـة‪،‬‬
‫والجراءات المرتبطة بفرضها أو تصحيحها‪ ،‬وأيضا إثبات المخالفة للنظام الجبائي‪ ،‬وذلك بهدف تطبيق النصوص‬
‫القانونية الضريبية وخلق نوع من المساواة في تحمل العباء العامة‪.‬‬
‫أمــا بالنســبة للملزم فالهدف مــن الثبات هــو تمكينــه مــن إثبات دخله أو رقــم أعماله الحقيقــي أو عدم توفــر‬
‫(‪)1‬‬
‫الواقعة المنشئة للضريبة‪ ،‬أو تحقيق دخل أو ربح أقل‪ ،‬أو استفادته من ربح ضريبي ‪.‬‬
‫وقد نظم المشرع نظام الثبات في المادة الضريبية بالرجوع للقواعد العامة‪،‬حيث نجد أن المادة ‪ 399‬من‬
‫قانون اللتزامات والعقود تؤكــد على أن إثبات اللتزام على مدعيــه‪ ،‬والتــي يصــعب تطبيقهــا فــي المجال الجبائي‪،‬‬
‫(‪)2‬‬
‫بالنظر لنعدام التوازن بين الدارة والمكانيات التي تتوفر عليها والملزم الطرف الضعيف في العلقة ‪.‬‬
‫ويقوم الثبات في المجال الجبائي على عدة مبادئ يمكن إجمالها في ما يلي ‪:‬‬
‫‪.1‬يتحمل عبء الثبات من يدعي خلف الصل ‪.‬‬
‫‪.2‬يتحمل عبء الثبات من كلفه المشرع باحترام إلتزام إجرائي ‪:‬‬
‫•الدارة في مسطرة الفرض التلقائي‬
‫•الدارة أو الملزم في مسطرة التبليغ حسب من يباشر المسطرة‪.‬‬
‫•الملزم في مسطرة المنازعة في الضريبة ‪.‬‬
‫•الدارة في مسطرتي الفحص والتصحيح باعتبارها الجهة التي بادرت إلى مباشرة المسطرة‪.‬‬
‫‪.3‬يعفى من عبء الثبات من كانت القرينة لصالحه‪ ،‬سواء كانت قرينة قانونية بسيطة أو قرينة واقعية‬
‫أو قرينة قضائية‪.‬‬
‫‪.4‬يتحمـل عبـء الثبات مـن يدعـي خلف تقديـر اللجـن‪ :‬سـواء اللجنة الوطنيـة للنظـر فـي الطعون الجبائيـة‬
‫أو اللجة المحلية لتقدير الضريبة‪.‬‬
‫( ‪)3‬‬
‫‪.5‬ل يجب تحميل المتقاضي أكثر مما في وسعه‪.‬‬

‫‪ .1‬عبـد الرحمان أبليل‪ " ،‬بعـض جوانـب نظام الثبات فـي المادة الجبائيـة" مقال ب دفاتـر المجلس العلى عدد ‪ 8/2005‬مطبعـة إليـت ‪ ،‬ص‬
‫‪ 245‬الدار البيضاء‪.‬‬
‫‪ .2‬محمد شكيري ‪ ،‬م‪.‬س ص ‪.616‬‬
‫ص ‪.256،249،248،247‬‬ ‫‪ .3‬عبد الرحمان أبليل ‪ ،‬مرجع سابق‬

‫‪37‬‬
‫منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري‬

‫أما وسائل الثبات في المادة الجبائية ‪:‬‬


‫فإن المبدأ العام مفاده أن المكلف بالضريبــة ملزم بالثبات بالوســيلة التــي حددهــا المشرع فــي حيــن أن الدارة‬
‫حرة في اللجوء إلى أي وسيلة‪ ،‬خاصة لثبات وجود المادة الضريبية بصفة عامة‪ ،‬ولم يتم تقييد وسائل لثبات‬
‫بالنسبة للدارة إل بالنسبة لثبات بعض المخالفات‪.‬‬
‫( ‪)1‬‬
‫ويمكن إجمال وسائل الثبات في ‪:‬‬
‫•التصريح بالضريبة‪.‬‬
‫•الثبات بواسطة الوثائق المحاسبية‪.‬‬
‫•الحجة الكتابية‪.‬‬
‫•القرار والعتراف‪.‬‬
‫•القرائن‪.‬‬
‫وسنتناول كل نقطة على حدة‪:‬‬
‫أ ـــ التصريح بالضريبة ‪:‬‬
‫التصـريح أو القرار هـو مبادرة إجباريـة وضرورة مـن قبـل الملزم فـي العمليـة الضريبيـة تسـتهدف‬
‫الخبار بواقعــة معينــة لهــا أثار جبائيــة ‪ ،‬وعليــه فالمكلف بالضريبــة ملزم بالبيانات والمعلومات التــي يتضمنهــا‬
‫تصــريحه طبقــا للفصــول‪ 148 :‬المتعلق بالتصــريح بالتأســيس والفصــل ‪ 149‬المتعلق بتحويــل المقــر الجتماعــي‬
‫والفصــل ‪ 150‬المتعلق بتوقــف المنشأة عــن مزاولة نشاطهــا و الفصــول ‪ ،154 ،153 ،152‬المتعلقيــن بالقرار‬
‫بالحصيلة الخاضعة للضريبة من المدونة العامة للضرائب‪.‬‬
‫كمـا أن التصـريح يفترض فيـه أنـه صـادق إذا قدم مسـتوفيا للبيانات القانونيـة وداخـل الجـل القانونـي وبالتالي على‬
‫الدارة إثبات العكس‪.‬‬
‫ب ـــ الوثائق المحاسبية ‪:‬‬
‫تعتــبر الوثائق المحاســبية أيضــا مــن الثبات الجاهــز إذا كانــت ممســوكة بانتظام أي وفــق القانون‬
‫المحاسبي‪.‬‬
‫وهكذا ورد فــي قانون الضريبــة على الشركات بأن الدارة الضريبيــة ل يمكــن أن تشــك فــي محاســبة المقاولة‬
‫الممسـوكة بانتظام والتـي ل تشوبهـا إخللت جسـيمة إذا أثبتـت نقصـان الرقام المصـرح بهـا‪ ،‬بمعنـى أن المحاسـبة‬
‫الممسـوكة مـن طرف الملزم بصـورة منتظمـة وفقـا للقانون المحاسـبي تعتـبر وسـيلة إثبات لفائدة الملزم وإذا قامـت‬
‫( ‪)2‬‬
‫الدارة برفضها يقع عليها عبء إثبات عدم صحتها أو قيمتها الثبوتية‪.‬‬

‫‪ .1‬عبد الرحمان أبليل ‪ ،‬م نفسه ص ‪ 252‬إلى ‪.263‬‬


‫‪ .2‬محمد شكيري ‪ ،‬م‪.‬س ص ‪.616‬‬

‫‪38‬‬
‫منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري‬

‫ج‪-‬الحجة الكتابية ‪:‬‬


‫ونقصد بها الثبات بالمحاضر والشواهد الدارية‪.‬‬
‫فالمحاضـر المحررة بمناسـبة المخالفات المنصـوص عليهـا فـي المدونـة العامـة للضرائب تعتـبر وسـيلة إثبات متـى‬
‫اسـتجمعت الشروط القانونيـة وهـي أن تكون مكتوبـة‪ ،‬محررة مـن طرف مفتـش على القـل‪ ،‬متضمنـة للواقعـة محـل‬
‫المعاينة وأن يكون مؤرخا من طرف المحرر‪.‬‬
‫أمـا الشواهـد الداريـة‪ ،‬فالمحكمـة الداريـة بالبيضاء اعتـبرت الشواهـد المسـلمة مـن طرف السـلطة المحليـة مرجحـة‬
‫(‪)1‬‬
‫على باقي الوثائق الخرى وخاصة محضر التحري المنجز من طرف المفتشين‪.‬‬
‫د‪-‬القرار‪:‬‬
‫ونقصد به القرار القضائي والقبول الضمني‪.‬‬
‫فالقرار القضائي نصـت عليـه المادة ‪ 406‬مـن ق‪.‬ل‪.‬ع ‪ ،‬والذي بموجبـه تقرر بعـض الحكام أن عدم جواب الدارة‬
‫(‪)2‬‬
‫على مقال أو مذكرة الملزم هو إقرار من قبل الدارة بما ورد فيها‪.‬‬
‫في حين أن القبول الضمني المتمثل في عدم جواب أحد الطرفين على ملحظات الطرف الخر داخل الجل الذي‬
‫يحدده المشرع‪ ،‬يعد قبول ضمنيا بهذه الملحظات‪.‬‬
‫وأكثــر الحالت إثارة فــي هذا الصــدد تتعلق بعدم جواب الملزم على جميــع ملحظات الدارة فــي إطار المســطرة‬
‫التواجهية‪.‬‬
‫ه‪ -‬القرائن ‪:‬‬
‫وهناك عدة أنواع من القرائن في المادة الضريبية ‪:‬‬
‫‪.1‬القرينة القانونية القاطعة ‪ :‬هي التي تعفي من تقررت لمصلحته من كل إثبات‪ ،‬ول يقبل أي إثبات‬
‫يخالفها‪.‬‬
‫‪.2‬القرينـة القانونيـة البسـيطة ‪ :‬تعفـي الدارة مـن عبـء الثبات لكـن فـي إمكان الملزم أن يثبـت العكـس‬
‫مثــل‪ :‬أن التقييــد بالســجل التجاري وفــي قوائم الضريبــة المهنيــة قرينــة على بدايــة مزاولة النشاط‬
‫المهني‪ ،‬وبالتالي بداية الخضوع للضريبة‪.‬‬

‫‪ .1‬حكم صدر بتاريخ ‪ 2004 /22/09‬غير منشور‪.‬‬


‫‪ .2‬حكـم المحكمـة الداريـة بوجدة صـادر بتاريـخ ‪ 20/10/1999‬فـي الملف رقـم ‪ " : 98/99‬وحيـث أنـه مـن المعلوم أن الفصـل ‪ 406‬مـن ق‪.‬ل‪.‬ع‬
‫ينص على أن القرار القضائي يمكن أن ينبع من سكوت الخصم عندما يدعوه القاضي صراحة للجابة عن الدعوى الموجهة إليه فيلوذ بالصمت‬
‫ول يطلب أجل لجابة عنها " نقل عن ذ‪.‬عبد الرحمان أبليل ‪ .‬م‪.‬س ص ‪.259‬‬

‫‪39‬‬
‫منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري‬

‫ج ‪ .‬القرينة القضائية ‪ :‬وهي القرينة التي يستمدها القاضي من واقع الحال أو من واقعة معلومة ليصل إلى واقعة‬
‫غير معروفة‪ ،‬وقد أقر الجتهاد القضائي بعض القرائن مثل ‪:‬‬
‫•دخول الملزم فــي حوار مــع إدارة الضرائب ومباشرتــه لجراءات لحقــة قرينــة على علمــه اليقينــي‬
‫بالجراءات السابقة‪.‬‬
‫•قرينة وجود إخفاء السس الضريبية ناجم عن التصرف غير العادي في التسيير مثل ‪:‬‬
‫‪-‬التخلي عن قروض أو عن فوائد ‪.‬‬
‫‪-‬منح قرض بدون فائدة‪.‬‬
‫‪-‬وجود مصاريف مبالغ فيها‪.‬‬
‫‪-‬منح تعويضات تفوق قيمة العمل المنجز‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫وفي هذه الحالت من حق الملزم إثبات عكس القرينة سواء على مستوى المبدأ أو المبلغ‪.‬‬
‫مما سبق يتضح أن الخبرة تبقى الوسيلة ذات الهمية البالغة على مستوى إجراءات التحقيق التي يلجأ إليها القاضي‬
‫الجبائي ‪ ،‬كما أن وسائل الثبات في المادة الضريبية متعددة ومتنوعة كما سبق الذكر لكن تبقى الوثائق المحاسبية‬
‫الوسيلة الكثر استعمال في الثبات سواء من طرف الدارة أو الملزم‪.‬‬
‫فكيف تعامل القضاء مع بعض الشكالت التي طرحتها وسائل التحقيق والثبات هاته ؟ ‪.‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬الشكالت المتعلقة بالتحقيق والثبات ‪:‬‬
‫بالنظــر لن الدعوى الضريبيــة تحســم على مســتوى وســائل التحقيــق وآليات الثبات‪ ،‬وبالنظــر لقصــور التشريــع‬
‫الضريبي في تنظيم وتقنين هذا المجال بشكل مستقل عن المسطرة المدنية والقانون الخاص ( خاصة ق‪.‬ل‪.‬ع)‪ ،‬فقد‬
‫أثيرت عدة إشكالت أمام القاضي الجبائي والتي سنحاول تناولها في هذا المطلب‪.‬‬
‫و من ثمة‪ ،‬سنقتصر على الشكالت المتعلقة بالخبرة باعتبارها الوسيلة الكثر من طرف القضاء لجوءا إليها في‬
‫المنازعات الجبائيـة‪ ،‬وكذا إنفراد الخـبراء بحسـم هذه المنازعات مـن حيـث العتداد بآرائهـم يشكـل كامـل مـن طرف‬
‫القضاء ( الفقرة الولى)‪ ،‬كمــا ســنتناول مواقــف القضاء مــن عبــء الثبات‪ ،‬والتوجــه الذي ســارت عليــه محاكــم‬
‫الموضوع والغرفة الدارية بالمجلس العلى‪ (.‬الفقرة الثانية)‬
‫الفقرة الولى ‪ :‬إشكالية الخبرة في المادة الجبائية ‪:‬‬
‫كما سبق الذكر فإن الخبرة يخضع تنظيمها للقواعد المنصوص عليها ما بينالمادة ‪ 55‬إلى ‪ 66‬من ق‪.‬م‪.‬م ‪ ،‬وبالتالي‬
‫فليس هناك أي تميز يخص المنازعات الجبائية‪.‬‬
‫إذن كيف تعامل القاضي الجبائي مع هذه الوسيلة كآلية للتحقيق ؟‬

‫‪ .1‬عبد الرحمان أبليل ‪ .‬م‪.‬س‪ .‬ص ‪.263-262-261-260-259-258-257‬‬

‫‪40‬‬
‫منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري‬

‫بعــد انتداب الخـبير مـن طرف المحكمـة يقوم هذا الخيــر باســتدعاء الطراف باليوم والســاعة التــي ســتجري فيهــا‬
‫الخبرة‪ ،‬ويدعوهم فيها للحضور قبل الميعاد بخمسة أيام على القل برسالة مضمونة مع الشعار بالتوصل‪،‬‬
‫( ف ‪ 63‬من ق‪.‬م‪.‬م) ويعتبر هذا الجراء ذا طبيعة جوهرية تحت طائلة بطلن تقرير الخبير لمساسه بحق الدفاع‪.‬‬
‫وفي هذا الطار ألغى المجلس العلى لهذا السبب حكما صادرا عن محكمة دنيا‪ ،‬ومما جاء فيه " حيث أن‬
‫الطالب تمسـك أنـه لم يسـتدع الخـبرة التـي اعتمدت عليهـا المحكمـة واكتفـى الحكـم المطعون فيـه على الجواب على‬
‫ذلك‪ ،‬فإن الخـبير اسـتدعى الطراف برسـائل مضمونـة مـع الشعار بالتوصـل‪ ،‬والحالة أن تقريـر الخـبير ليـس مرفقـا‬
‫بمـا يثبـت إتمام السـتدعاء المشار إليـه وأن المحكمـة عندمـا اعتمدت على الخـبرة مـن هذا القبيـل لم تمكـن المجلس‬
‫العلى مــن مراقبــة مدى ســلمة تطبيقهــا لمقتضيات الفصــل ‪ 63‬مــن ق‪.‬م‪.‬م‪ ،‬ممــا يجعــل حكمهــا منعدم الســاس‬
‫( ‪)1‬‬
‫القانوني" ‪.‬‬
‫كما أنه يجب على المحكمة التأكد من سلمة كافة إجراءات الخبرة‪ ،‬فإذا ما تبين لها أن إجراءها قد طبق‬
‫بشكـل غيـر سـليم‪ ،‬وكان هذا الجراء يتعلق بالنظام العام‪ ،‬جاز لهـا الحكـم ببطلن الخـبرة مـن تلقاء نفسـها‪ ،‬أمـا إذا لم‬
‫‪)2(.‬‬
‫يكن كذلك فليس لها الحكم بذلك إل بناء على طلب الخصوم‬
‫وبالرغـم مـن أن القانون يمنـح القاضـي سـلطة تقديريـة واسـعة فـي الخـد بنتائج الخـبرة أو ل‪ ،‬فإن أغلب المهتميـن‬
‫بالقطاع الضريبي لحظوا أن أغلبية الحكام التي أجريت بشأنها خبرة يتم فيها الحكم بناءا على ما جاء في تقرير‬
‫(‪)3‬‬
‫الخبراء ل مجرد الستئناس بها فقط‪.‬‬
‫والمثلة في هذا الباب كثيرة ولعل ذلك راجع إلى الدقة العلمية التي تتميز بها هذه التقارير‪ ،‬والتي غالبا ما تتضمن‬
‫مفاهيم ذات محتوى تقني و محاسبي دقيق‪ ،‬وليس مجرد النظر في المسائل الجرائية للعمليات الجبائية و من بينها‬
‫الحكم الصادر عن المحكمة الدارية بالرباط‪ ،‬حيث ذهبت فيه إلى تبني رأي الخبير جملة وتفصيل‪ ،‬ومما جاء فيه‬
‫‪ " :‬وحيـث أنـه بعـد تفحـص المحكمـة لتقريـر الخـبرة المنجزة مـن طرف الخـبير‪ ...‬تـبين لهـا أنـه جاء مسـتوفيا لكـل‬
‫الشروط الشكليـة والموضوعيـة إذ قام بتقديـم رقـم المعاملت فـي غياب محاسـبة مضبوطـة بشكـل دقيـق معتمدا على‬
‫كـل المعطيات المتطلبـة‪ ،‬كمـا برر تقديراتـه على حجـج ثابتـة‪ ،‬أمـا الدارة الجبائيـة فـم تدل بمـا يخالف ذلك لذا ارتأت‬
‫( ‪)4‬‬
‫المصادقة على هذا التقرير والحكم ببطلن الضريبة المتنازع بشأنها في ما زاد على تقرير الخبير ‪."...‬‬

‫‪ .1‬قرار ‪ 527‬بتاريخ ‪ 4/7/1996‬ملف إداري عدد ‪ 110/5/1/95‬غير منشور‪.‬‬


‫‪ .2‬أنظر القرار السابق رقم ‪.527‬‬
‫‪.3‬أنظر عبد الغني خالد م‪.‬س ص ‪ ،373‬عبد القادر التيعلتي م‪.‬س ص ‪ ،151‬محمد شكري‪ ،‬م‪.‬س ص ‪619‬و ‪.637‬‬
‫‪ .4‬حكم عدد ‪ 893‬بتاريخ ‪ 15/11/2001‬منشور ب م م إ د ت عدد ‪ 43‬مارس أبريل ‪ .2002‬نقل عن أطروحة العربي الكرداع م‪.‬س ص ‪.274‬‬

‫‪41‬‬
‫منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري‬

‫و فـي حكـم صـادر عـن المحكمـة الداريـة بالبيضاء اعتـد القاضـي كليـة على تقريـر الخـبير كمـا جاء فـي‬
‫منطوق الحكم‪ " :‬وحيث إن الخبرة المأمور بها جاءت مطابقة للواقع والقانون ولم تكن موضوع طعن أو معارضة‬
‫مـن الطرف الخـر‪ ،‬المـر الذي ارتأت معـه المحكمـة السـتئناس بهـا واعتماد مـا جاء فيهـا كأسـاس لتصـحيح وربـط‬
‫الضريبة‪.‬‬
‫وعلى ذلك يمكـن القول بأن رأي الخـبير يعتـبر حاسـما فـي النزاع الجبائي‪ ،‬نظرا لمتلكـه المعرفـة العلميـة‬
‫والتقنية الدقيقة بالحقل الضريبي ‪ ،‬و غياب قاض جبائي متخصص في الوقت الحالي‪ ،‬وتحول الخبير إلى قاض في‬
‫( ‪)1‬‬
‫الظل‪ ،‬ل يملك القاضي الحقيقي إل مسايرته وإصدار ما اتخذه قاض الظل من قرار‪.‬‬
‫ويزداد الأمــر أهميــة إذا علمنــا أن واقــع عمــل الخــبراء بالمغرب يعرف اختللت كــبيرة مــن انتشار الرشوة فــي‬
‫صـفوف بعضهـم‪ ،‬وخضوعهـم للضغوطات وضعـف تكويـن البعـض الخـر‪ ،‬ممـا يؤثـر بشكـل سـلبي على طبيعـة‬
‫التوازن الذي يجب أن يكون سائدا بين الملزم والدارة الضريبية مما يمس بالعدالة الضريبية‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬مسلك العمل القضائي على مستوى نظام الثبات‪:‬‬


‫إذا كان النزاع الضريـبي هـو بيـن طرفيـن غيـر متكافئيـن‪ ،‬بيـن إدارة ضريبيـة مـن أقوى الدارات فـي المغرب مـن‬
‫حيث الموارد البشرية والمادية والمعرفة التقنية‪ ،‬وبين ملزم طرف ضعيف في المعادلة‪ ،‬وإذا كان الفصل ‪ 399‬من‬
‫ق‪.‬ل‪.‬ع‪ ،‬نـص على أن إثبات اللتزام على مدعيـه‪ ،‬فإن تطـبيق هذه القاعدة العامـة فـي مجال المنازعات الضريبيـة‬
‫يزيد من اختلل اللتوازن بين الملزم والدارة‪.‬‬
‫فما هو مسلك القاضي الجبائي ‪:‬‬
‫‪-‬على مستوى عبء الثبات ؟‬
‫‪-‬وعلى مستوى أدلة الثبات المحاسبية وغير المحاسبية ؟‬
‫أ‪ -‬عبء الثبات ‪:‬‬
‫الملحظ أن تحميل الملزم عبء الثبات يمثل الطلبات الكثر رواجا أمام القضاء‪ ،‬وتشمل إثبات أداء الضرائب‪ ،‬أو‬
‫إثبات القيام بإجراء لزم للتحقـق مـن قيام الواقعـة المنشئة للضريبـة أو نفيهـا أو وقوعهـا على الشاكلة التـي يدعيهـا‬
‫الملزم‪ ،‬ل على ما تدعيه مصلحة الضرائب‪.‬‬
‫وهكذا اعتبرت المحكمة الدارية بوجدة أن عبء الثبات يقع على الملزم لنه رغم اعترافه بقصد شرائه‬
‫للصـل التجاري المطلوبـة عنـه رسـوم التسـجيل الصـلية فإنـه لم يثبـت أداءه للرسـوم المطلوبـة مـن طرف إدارة‬
‫(‪)2‬‬
‫التسجيل عن العقد المذكور بأية وسيلة من وسائل الثبات‪ ،‬مما جعل تعرضه على بيان التصفية غير مؤسس‪.‬‬

‫‪ .1‬العربي الكرداع‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.273،274،275‬‬


‫‪ .2‬حكم عدد ‪ 25/95‬ملف ‪ 49/94‬ذكره الباحث العربي الكزداح ‪ ،‬م‪.‬س ص ‪.261‬‬

‫‪42‬‬
‫منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري‬

‫كما يلحظ أن قضاء المحاكم الدارية ينحو نحو إخضاع الملزم لثبات عكس ما تدعيه المصالح الجبائية‪،‬‬
‫كلمـا كان هناك إخلل صـريح مـن لدنـه لحدى المسـاطر أو اللتزامات التـي أوجبهـا عليـه المشرع كمـا هـو الشأن‬
‫بالنسـبة للخلل بقواعـد المحاسـبة‪ ،‬فقـد جاء فــي حكــم صـادر عـن المحكمــة الداريــة بالبيضاء مـا يلي ‪ " :‬حيــث‬
‫خضعت الشركة المدعية لمراقبة محاسبية من طرف المفتش فيما يخص الضريبة على الشركات‪ ،‬والضريبة على‬
‫القيمة المضافة برسم ‪.91-90‬‬
‫وحيــث أن المفتــش وقــف على تلك الخللت المســطرة بمقرر اللجنــة الوطنيــة ومنهــا إخفاء بعــض الشريــة‬
‫والبيوع‪ ....‬وعدم إدراج عمليات في المحاسبة بالرغم من إنجاز الشركة لها‪.‬‬
‫وحيـث أن المدعيـة لم تثبـت خلف ذلك سـواء أثناء الطعـن الداري أو القضائي ممـا يتعيـن معـه التصـريح برفـض‬
‫( ‪)1‬‬
‫الطلب "‬
‫ومـع ذلك اتجهـت مجموعـة الجتهادات القضائيـة إلى إلزام الدارة أيضـا بإثبات سـند التضريـب حيـث جاء فـي حكـم‬
‫صـادر عـن ابتدائيـة سـل بتاريـخ ‪ " : 7/12/1990‬ذهـب الفقـه والجتهاد القضائي إلى توزيـع عبـء الثبات بيـن‬
‫الدارة الضريبيـة والملزم بالضريبـة ولو كان ذلك يخالف مـن حيـث الظاهـر القاعدة القائلة بان عبـء الثبات على‬
‫المدعـي " هكذا جاء فـي حكـم لداريـة الرباط الصـادر بتاريـخ ‪ " 1997:/15/4‬إدعاء المدعـي عدم ملكيتـه للعقار‬
‫(‪)2‬‬
‫موضوع ضريبة التضامن الوطني المتنازع بشأنها يجعل الثبات على الدارة الضريبة"‬
‫أمــا على صــعيد القضاء الفرنســي(‪ )3‬نجــد أن تحمــل عبــء الثبات محدد بوضوح حســب التجاه العام للجتهاد‬
‫القضائي في الحالت التالية ‪:‬‬

‫بالنسبة للملزم ‪:‬‬


‫•حالة التقدير الجزافي للضريبة يتحمل الملزم عبء إثبات غلو التقدير‪.‬‬
‫•حالت تحديد الساس الضريبي على إثر مسطرة التصحيح‪.‬‬
‫•حالت خروقات تشوب المحاسبة‪.‬‬
‫بالنسبة للدارة ‪:‬‬
‫حالة الخروق المسطرية التي ارتكبتها أثناء الجراءات أمام اللجان الضريبية‪.‬‬ ‫*‬

‫‪ .1‬حكم رقم ‪ 81‬ملف رقم ‪ 25/97‬صادر بتاريخ ‪ .5/2/98‬أشار إليه الباحث العربي الكزداح‪ .‬م‪.‬س ص ‪.261‬‬
‫‪ .2‬محمد شكيري ‪ .‬م‪.‬س ص ‪.617‬‬
‫‪ .3‬عبد القادر التيعلتي‪ ،‬م‪.‬س ص ‪.149‬‬

‫‪43‬‬
‫منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري‬

‫•إثبات سوء نية الملزم والعمال الحتيالية‪.‬‬


‫•وقوع التبليغ الصحيح‪.‬‬
‫•إثبات عدم انتظام محاسبة الملزم‪.‬‬
‫إذن الجتهاد القضائي الفرنسـي حدد الحالت التـي يتحمـل الملزم والدارة عبـء الثبات بشكـل دقيـق ‪ ،‬ونأمـل‬
‫أن ينحـو الجتهاد القضائي المغربـي خاصـة المجلس العلى على هذا المنوال‪ ،‬وذلك بالحسـم فـي هذه الحالت‬
‫لكي يتم وقف بعض المواقف المتضاربة لمحاكم الموضوع‪.‬‬
‫ب‪ -‬أدلة الثبات المحاسبية وغير المحاسبية ‪:‬‬
‫بالنسـبة لهميـة أدلة الثبات المحاسـبية فقـد اعتمـد اجتهاد المحاكـم الداريـة على الهميـة البالغـة لهـا فـي‬
‫الثبات‪ ،‬وهكذا اعتبر عجز المدعي في سائر مراحل التقاضي على الستدلل بالمؤيدات المحاسبية التي تمكن من‬
‫ضبط ومراقبة حساباته بشكل سليم وفقا للضوابط المقررة قانونا ‪.....‬‬
‫( ‪)1‬‬
‫جاز للدارة تحديد أساس فرض الضريبة أو مراجعتها باعتبار العناصر التي تقدرها"‪.‬‬
‫وفـي نفـس التجاه ذهـب القضاء المصـري إلى منـح المحكمـة سـلطة أل تتخـذ دفاتـر الملزم أسـاسا لتقديـر الضريبـة‬
‫( ‪)2‬‬
‫عليه‪ ،‬إذا لم تطمئن إلى صحة البيانات الواردة فيها على أسباب سابقة ذكرتها‪.‬‬
‫أما بالنسبة للدلة غير المحاسبية فقد ذهبت العديد من الحكام القضائية إلى اعتماد مجمل هذه الدلة ــ المنصوص‬
‫عليها في الفصل ‪ 404‬من ق‪.‬ل‪.‬ع ‪ :‬إقرار الخصم‪-‬الحجة الكتابية‪-‬القرينة‪ -‬واستبعاد شهادة الشهود واليمين والنكول‬
‫عنها‪.‬‬
‫فقــد جاء فــي حكــم لداريــة وجدة ‪ " :‬وحيــث انــه مــن المعلوم أن الفصــل ‪ 406‬مــن ق‪.‬ل‪.‬ع ينــص على أن‬
‫القرار القضائي يمكن أن ينبع من سكوت الخصم عندما يدعوه القاضي صراحة للجابة عن الدعوى المؤجلة إليه‬
‫(‪)3‬‬
‫فيلوذ بالصمت ول يطلب أجل للجابة عنها "‬
‫واعتبر الجتهاد القضائي دخول الملزم في حوار مع إدارة الضرائب ومباشرته لجراءات لحقة قرينة على علمه‬
‫(‪)4‬‬
‫اليقيني بالجراءات السابقة‪.‬‬

‫‪ .1‬حكم إدارية فاس رقم ‪ 238/95‬بتاريخ ‪ 1/11/95‬ملف رقم ‪ 86/94‬ذكره الباحث العربي الكزداح م‪.‬س ص ‪.267‬‬
‫وهـو نفـس الموقـف اتخدتـه المحكمـة الداريـة بالبيضاء ‪ ،‬حيـث رفضـت طلب شركـة إلغاء الضريبـة على الشركات والضريبـة على القيمـة المضافـة‬
‫لعجزهـا عـن إثبات عكـس الخللت الخطيرة التـي شابـت حسـابات سـنة محاسـبية " حكـم رقـم ‪ 81‬بتاريـخ ‪ 5/2/1998‬ملف رقـم ‪ 85/97‬غ ذكره‬
‫نفس الباحث‪.‬‬
‫‪ .2‬طعـن رقـم ‪ 110‬سـنة ‪ 16/12/1948 ،17‬أورده زكريـا بيومـي " المنازعات الضريبيـة فـي ربـط الضريبـة "‪ ،‬طبعـة جامعـة القاهرة ‪ 1990‬ص‬
‫‪ 427‬ذكره نفس الباحث‪.‬‬
‫‪ .3‬حكم بتاريخ ‪ 20/10/1999‬في الملف ‪ ،89/99‬أشار إليه ذ‪.‬عبد الرحمان أبليل ‪ .‬م‪.‬س ص ‪.259‬‬
‫‪ .4‬حكم صادر عن إدارية فاس بتاريخ ‪ 8‬مارس ‪ 1995‬من الملف ‪ 77/94‬تحت عدد ‪95-31‬نفس المرجع ص ‪.262‬‬

‫‪44‬‬
‫منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري‬

‫مما سبق نخلص إلى أن دور القاضي الجبائي في توجيه الدعوى وتوزيع عبء الثبات بين طرفي النزاع‬
‫ليـس دورا سـلبيا بـل هـو دور إيجابــي وفعال بحسـب مزاعـم الطرفيـن ( الدارة والملزم) فمـن ادعـى شيئا يخالف‬
‫الوضع الجبائي الثابت أصل أو عرضا أو ظاهرا يكون هو المدعي الذي عليه الثبات‪ ،‬ل فرق في ذلك بين الملزم‬
‫‪)1(.‬‬
‫والدارة الجبائية‪ ،‬فهما سواء‬
‫هكذا يتـبين أن نظام الثبات هـو جزء مـن العمليـة الجبائيـة‪ :‬سـواء تعلق بقواعـد توزيعـه وتحديـد الجهـة التـي تتحمـل‬
‫عبئه أو تعلق بوسائله الخاصة أو العامة‪.‬‬
‫وبالرغـم مـن أن المشرع المغربـي لم يخصـص بعـد نظام الثبات الجبائي بنصـوص قانونيـة مسـتقلة تتعرض لهـم‬
‫جوانبــه‪ ،‬فإن القضاء مدعــو لن يســتنبط قواعــد هذا النظام مــن مختلف النصــوص الجبائيــة‪ ،‬ومــن طبيعــة العمليــة‬
‫الجبائية وخصوصية المعاملة بين الملزم والدارة الجبائية‪.‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬أثر الحكم ببطلن مسطرة فرض الضريبة أو تصحيح وعائها على اللتزام الضريبي ‪:‬‬
‫الخلل بالقواعـد المسـطرية التـي تنظـم مسـطرة فرض الضريبـة وتصـحيح وعائهـا كمـا سـلف الذكـر يرتـب‬
‫بطلنهـا لتعلقهـا بإجراءات جوهريـة مـن قبـل النظام العام‪ ،‬فهـل يترتـب على الحكـم ببطلن تلك المسـطرة المتعلقـة‬
‫بفرض الضريبــة قضاءا إنقضاء اللتزام الضريــبي‪ ،‬أو بمعنــى آخــر هــل يحــق لدراة الضرائب أن تصــحح الخلل‬
‫المسطري المذكور لتعيد فرض الضريبة على الملزم من جدي‪.‬‬
‫وفـي هذا الطار يجـب التمييـز بيـن مسـطرة الفرض التلقائي للضريبـة ومسـطرة تصـحيح أسـاسها ( المطلب الول)‪،‬‬
‫والحالت التي يقضى فيها من طرف اللجنة الوطنية للنظر في الطعون الجبائية ببطلن مسطرة تصويب الضريبة‬
‫( المطلب الثاني)‪.‬‬
‫المطلب الول ‪ :‬مسطرتا الفرض التلقائي وتصحيح الساس الضريبي ‪:‬‬

‫يختلف الثــر القانونــي لبطلن مســطرة الفرض الضريــبي عــن مســطرة تصــحيح الســاس‪ ،‬خاصــة على‬
‫مستوى تقادم المسطرة الضريبية‪ .‬ويحتل هذا الموضوع أهمية قصوى بالنظر للثار القانونية المترتبة عنه المتعلقة‬
‫بتقادم إمكانية إعادة فرض الضريبة من جديد مما يضيع عن الخزينة العامة منتوجا ضريبيا مهما‪.‬‬
‫فبالرجوع للقانون الضريـبي وخاصـة المادة ‪ 23‬مـن كتاب المسـاطر الجبائيـة نجده لم يتطرق للموضوع إل‬
‫فيما يخص مسطرة تصحيح الساس الضريبي‪ ،‬حيث نصت كل من الفقرة الرابعة والخامسة من الفصل ‪ 113‬على‬
‫قطـع التقادم بالتبليـغ المنصـوص عليـه فـي المادة ‪ 107‬و ‪ 108‬فيمـا يتعلق بالتصـحيحات التـي تقوم بهـا الدارة على‬
‫إثـر المراقبـة الضريبيـة المقررة فـي المادة ‪ 105‬مـن القانون‪ ،‬وذلك خلفـا لمقتضيات المادة ‪ 381‬مـن ق‪.‬ل‪.‬ع التـي‬
‫سوت بين المطالبة القضائية وغير القضائية في قطع التقادم‪.‬‬

‫‪ .1‬العربي الكزداح م‪.‬س ص ‪.264‬‬

‫‪45‬‬
‫منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري‬

‫وهذا الســياق المتعلق بأثــر الجراء الباطــل على قطــع التقادم ومدى إمكانيــة إدارة الضرائب إعادة مســطرة فرض‬
‫الضريبة من جديد بعد بطلن مسطرة قضاء يجب التمييز بين مسطرة الفرض التلقائي للضريبة ومسطرة تصحيح‬
‫(‪)1‬‬
‫أساسها‪.‬‬
‫الفقرة الولى ‪ :‬مسطرة الفرض التلقائي للضريبة‬
‫كمــا ســبقت الشارة‪ ،‬المشرع لم ينظــم هذا الموضوع‪ ،‬ويرى يبعــض الفقهاء أن هناك فراغ تشريعــي ل‬
‫يمكــن حله ولو بافتراض إمكانيــة الرجوع إلى الفصــل ‪ 389‬مــن ق‪.‬ل‪.‬ع ‪ ،‬علمــا أن الجراءات المتعلقــة بفرض‬
‫الضريبـة بشكـل تلقائي المنصـوص عليهـا بالفصـل ‪ 103‬مـن القانون ‪ 17-89‬ومثيله بالثلثيـة الضريبيـة ل ينطوي‬
‫على أية مطالبة بقدر ما تعتبر وسائل قانونية وإجرائية لفرض الضريبة وأن المطالبة بدين الضريبة ل تستقيم إل‬
‫فـي ظـل إنذارات ضريبيـة وأن حـل هذا الفراغ التشريعـي يكمـن فـي الرجوع إلى القواعـد العامـة التـي تحكـم اجـل‬
‫‪)2(.‬‬
‫التقادم وأجل السقوط‪ .‬وباعتبار أن آجال القيام بتلك الجراءات هي آجال سقوط وليس آجال تقادم‬
‫ويقابـل هذا الرأي رأي آخـر مفاده أن اللتزام الضريـبي واجـب دسـتوري ووطنـي وأن اللتزام الضريـبي تعـبير عن‬
‫المواطنـة لتمويـل نفقات الشأن العام ول يعقـل أن يبطله فسـاد مسـطرة تأسـيس الضريبـة وأن المبادئ العامـة للقانون‬
‫ومنها مبدأ اللتزام الضريبي المضمون دستوريا تجعل الدارة محقة في إقامة مسطرة فرض الضريبة داخل أجل‬
‫أمد التقادم وأنه ل يعقل أن تكون إجراءات مسطرة تصحيح الوعاء الضريبي قاطعة للتقادم والحال أن المر يتعلق‬
‫بضريبيــة تكميليــة فقــط وأن إجراءات مســطرة فرض الضريبــة بصــورة تلقائيــة كضريبــة أصــلية وفاء لللتزام‬
‫الضريبي ل تقطع التقادم سواء بالنسبة لدارة الضرائب التي أقدمت على إعادة مسطرة فرض الضريبة بصورة‬
‫تلقائية بعد إلغائها قضاء ول بوجود حكم قضائي في الموضوع‪ ،‬هذا وقد تدخل المشرع الجبائي بقانون المالية لسنة‬
‫‪ 2005‬فـي كتاب الجبائية ونص فـي المادة ‪ 33‬منه على أنه ينقطع التقادم بالتبليغين المنصوص عليهما فـي البند ‪1‬‬
‫مـن المادة ‪ 19‬مـن الفقرة الولى مـن المادة ‪ 20‬المتعلقتيـن بإجـــراءات فرض الضريبـة بصـــورة تلقائــــية‪ ،‬ويبقـى‬
‫التساؤل حول تطبيق هذا المقتضــــى القانونــــــــــــي‬

‫‪ .1‬ذ‪.‬محمد قصري‪ :‬م‪.‬س ص ‪.57-56-55-54‬‬


‫‪ .2‬ذ‪.‬محمـد قصـري‪" :‬أثـر الحكـم ببطلن مسـطرة فرض الضريبـة وتصـحيح وعائهـا على اللتزام الضريـبي" مجلة دفاتـر المجلس العلى عدد‬
‫‪ ، 8/2005‬ص ‪ ،84‬مطبعة إليت‪.‬‬

‫‪46‬‬
‫منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري‬

‫مطروحـا فـي حالة مـا إذا كانـت تلك الجراءات القاطعـة للتقادم أو إحداهـا فاسـدة وكانـت قـد مرت أكثـر مـن أربـع‬
‫سنوات على الواقعة المنشئة للضريبة ‪ ،‬فهل يرتب ذلك الإجراء الباطل بعدم صحة التبليغ لثره فيما يخص قطع‬
‫التقادم واحتساب أمد جديد للتقادم المذكور‪.‬‬
‫هنـا يذهـب البعـض إلى أن الجراءات التـي تمـت على وجـه صـحيح والغيـر باطلة هـي التـي مـن شانهـا أن‬
‫تقطـع التقادم ومـن تـم إذا بينـت أن الجراءات المتعلقـة بفرض الضريبـة بصـورة تلقائيـة والمقصـود بهـا الدعوة إلى‬
‫تقديـم القرار والخبار بالسـاس المنوي اعتماده فـي إصـدار الضريبـة كانـت باطلة فـي الوقـت الذي مضـت على‬
‫الواقعـة المنشئة للضريبـة أمـد التقادم المحددة فـي أربـع سـنوات يسـقط حـق الدارة فـي فرض الضريبـة باعتبار أن‬
‫الجراء الباطــل ل يترتــب عليــه أي اثــر قانونــي‪ ،‬هذا وعلى خلف إذا مــا كان قــد تقرر بطلن مســطرة فرض‬
‫الضريبــة قضاء لفســاد الجراءات المقررة فــي تأسـيسها وكانــت مدة التقادم المحددة فـي أربــع ســنوات مــن تاريــخ‬
‫الواقعـة لم تمـض بعـد آنذاك يمكـن للدارة إعادة إجراءات فرض الضريبـة وأن فـي شأن تبليـغ الملزم بالدعوة إلى‬
‫‪)1(.‬‬
‫تقديم القرار أن يرتب لثره فيما يخص قطع التقادم‬
‫وهذا هو موقف القضاء الداري المغربي في العديد من قراراته ومنها قرار المحمودي الصادرعن الغرفة‬
‫الداريــة بالمجلس العلى ضــد إدارة الضرائب بالملفيــن ‪ 425‬و ‪ 96/ 425‬عدد ‪ 198‬الصــادر بتاريــخ ‪/10/2‬‬
‫‪ 1999‬الذي نص على ان قيام الدارة بإجراءات الفصل ‪ 107‬من قانون ‪ 89-17‬في تصحيح الضريبة دون سلوك‬
‫مسطرة الشعار بالفحص المنصوص عليها بالفصل ‪ 105‬من نفس القانون ل يرتب أثره فيما يخص قطع التقادم‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬مسطرة تصحيح الساس الضريبي‬

‫إن المشرع الجبائي لئن خول للدارة حــق تصــحيح أوجــه النقصــان أو الخطاء ومختلف الغفالت الكليــة أو‬
‫الجزئيــة الملحظــة فــي تأســيس الضريبــة داخــل الربــع ســنوات المواليــة لســنة الواقعــة المنشئة للضريبــة‪ ،‬عمل‬
‫بمقتضيات الفصــل ‪ 113‬مــن القانون ‪ 81-17‬ومثيله بالثلثيــة الضريبيــة (الضريبــة على الشركات‪،‬الضريبــة على‬
‫القيمـة المضافـة والضريبـة على الدخـل) الفصـل ‪ 23‬مـن كتاب المسـاطر الجبائيـة لقانون الماليـة لسـنة ‪ 2005‬فقـد قيـد‬
‫هذا الحــق بالطار الزمنــي المحدد أعله وإلزاميــة ســلوك مســطرة التصــحيح المتعلقــة بالتبليــغ القانونــي برســالتي‬
‫التصحيح الولى والثانية والجراءات الموالية المنصوص عليها بالفصول ‪ 107‬من القانون ‪ 17-89‬والفصول ‪39‬‬
‫إلى ‪ 41‬من القانون ‪ 24-86‬ما لم يكن الملزم قد انخرط في‬

‫‪ .1‬محمد قصري ‪ ،‬م‪.‬س ص ‪.59-58‬‬

‫‪47‬‬
‫منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري‬

‫عملية التقادم المبكر أو حالة التسوية الجبائية اللذان يعتبران مانعا قانونيا لمباشرة مسطرة تصحيح الساس‬
‫الضريبي‪.‬‬
‫المقتضيات الجبائيـة السـابقة ترتـب عـن الخلل بمسـطرة الشعار بالفحـص وأجـل تـبيلغ رسـالة التصـحيح‬
‫الثانية هو إلغاء مسطرة التصحيح برمتها‪ ،‬أو تقرير بطلنها كما هو وارد بقانون المالية لسنة ‪ 98-97‬حينما نص‬
‫على عدم إمكانيـة إثارة حالة البطلن تلك أمام اللجنـة الوطنيـة لول مرة‪ ،‬ومؤدى ذك أن بطلن مسـطرة التصـحيح‬
‫يشمل جميع الجراءات المتخذة في إطار مسطرة تصحيح الساس الضريبي من أولها إلى الجراء الذي كان سببا‬
‫في بطلنها ما دام أن المشرع نص صراحة على بطلن مسطرة التصحيح وليس بطلن الجراء القانوني في حد‬
‫ذاتــه‪ ،‬ولذلك فلو أن إدارة الضرائب احترمــت مســطرة الشعار بالفحــص وآجال رســالة التبليــغ الولى ولم تلتزم‬
‫بضابــط أجــل رســالة التبليـغ الثانيـة يلحــق البطلن جميـع إجراءات التصــحيح بمــا فيهــا الصـحيحة والباطلة وعلى‬
‫الدارة أن تعيـد مسـطرة التصـحيح مـن البدايـة على شرط عدم تغييـر أسـاس الضريبـة الوارد بالرسـالة الولى‪ .‬لكـن‬
‫هـل يرتـب الجراء الباطـل المذكور أثره فيمـا يخـص قطـع التقادم أو بمعنـى آخـر هـل يجوز للدارة ولو مـع بطلن‬
‫مسـطرة تصـحيح أسـاس الضريبـة قضاء لبطلن أي إجراء مـن إجراءات التصـحيح أن تعيـد مسـطرة التصـحيح مـن‬
‫جديد وتدارك المر في ظل مسطرة جديدة‪.‬‬
‫وقد أكد هذا التوجه المحكمة الدارية بوجدة بقولها بعد إلغاء مسطرة تصحيح الساس الضريبي مخالفتها للقانون "‬
‫علما أن اللغاء ينصب على المسطرة التي يمكن للدارة بناء على ما ذكر تصحيح الوضع بإجراء مسطرة سليمة‬
‫(‪)1‬‬
‫للمراجعة وبتمتيع الجهة الملزمة بجميع الضمانات القانونية "‬
‫هذا بخصوص آثار الحكم ببطلن مسطرة فرض الضريبة أو تصحيح وعائها على اللتزام الضريبي‪ ،‬فما‬
‫موقـف التشريـع والقضاء مـن الثار القانونيـة المترتبـة عـن بطلن مسـطرة تصـحيح الوعاء الضريـبي المقررة مـن‬
‫طرف اللجنة الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة ؟‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬على مستوى مقررات اللجنة الوطنية القاضية ببطلن المسطرة الضريبية‪:‬‬

‫فـي هذا الطار ينبغـي أن نميـز بيـن الحالة التـي تقضـي فيهـا ببطلن مسـطرة تصـحيح الضريبـة للخلل بمقتضيات‬
‫الفصـل ‪ 39‬مـن قانون الضريبـة على الشركات والفقرة الثامنـة مـن الفصـل ‪ 11‬مـن كتاب المسـاطر الجبائيـة لقانون‬
‫المالية لسنة ‪ 2005‬حيث تملك هاته الجهة الدارية الحق في البث في حالت البطلن المثارة‬

‫‪ .1‬حكم إداري وجدة ‪ 182/98‬ورثة بوزيان ضد إدارة الضرائب غير منشور‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري‬

‫مسـبقا أمام اللجنـة المحليـة لتقديـر الضريبـة المتمثلة فـي حالة عدم توجيـه الشعار بالتحقيـق طبقـا لمـا تطلبـه القانون‬
‫وحالة عدم تبليـغ جواب المفتـش على ملحظات الخاضعيـن داخـل الجـل القانونـي‪ ،‬والحالة التـي تقرر فيهـا اللجنـة‬
‫المذكورة بعدم إمكانية البث لفوات الجل القانوني المقرر لها للنظر في الطعن المرفوع إليها ‪ 12‬شهرا من تاريخ‬
‫تقديـم الطعـن‪ ،‬والحالة التـي ينـص فيهـا القضاء بإلغاء مقرر اللجنـة الوطنيـة والضريبـة المفروضـة على ضوء ذلك‬
‫للخلل بالمسطرة القانونية الواجب إتباعها أثناء المثول أمام تلك اللجنة‪.‬‬

‫الفقرة الولى ‪ :‬حالة بطلن مسطرة تصويب الضريبة للخلل بالشعار بالتحقيق‬

‫تنص المادة ‪ 113‬من قانون الضريبة العامة على الدخل ‪ 89-17‬ومثيلتها في الثلثية الضريبة الضريبية بما معناه‬
‫أنه يوقف التقادم طوال الفترة الممتدة من تاريخ تقديم الطعن إلى اللجان المحلية لتقدير الضريبة إلى انصرام الشهر‬
‫الثالث التالي للشهــر الذي صــدر فيــه المقرر النهائي عــن اللجان المذكورة أو اللجنــة الوطنيــة للنظــر فــي الطعون‬
‫المتعلقة بالضريبة‪.‬‬
‫وقـد جاءت المادة ‪ 23‬مـن كتاب المسـاطر الجبائيـة لقانون الماليـة لسـنة ‪ 2005‬بتعديـل طفيـف يتعلق باحتسـاب وقـف‬
‫التقادم إلى غايـة انصـرام أجـل الثلثـة أشهـر التاليـة لتاريـخ تبليـغ المقرر الصـادر بصـورة نهائيـة إمـا عـن اللجنـة‬
‫المذكورة و إمــا عــن اللجنــة الوطنيــة لذلك فتقريــر بطلن مســطرة تصــويب الضريبــة مــن طرف اللجنــة الوطنيــة‬
‫للخلل بمقتضيات الشعار بالتحقيق أو عند جواب المفتش داخل الجل القانوني‪ ،‬كما ذهبت إليه اللجنة المذكورة‬
‫فـي إحدى قراراتهـا يضـع الدارة بيـن خياريـن فإمـا أن تعيـد مسـطرة تصـويب الضريبـة بكاملهـا ابتداء مـن توجيـه‬
‫الشعار بالتحقيـق وتبليغـه للملزم ومواصـلة باقـي الجراءات المتطلبـة فـي التصـويب داخـل مدة التقادم بعـد احتسـاب‬
‫مدة الوقف شريطة أن ل تتعدى السس التي سبق فرضها في ظل المسطرة السابقة المختلة ‪.‬‬
‫وإمـا أن تقدم الطعـن القضائي المقرر المذكور أمام المحكمـة المختصـة داخـل الجـل القانونـي وفـي هاتـه الحالة‬
‫تتحمل الثار القانونية الناتجة عن رفض طعنها وهو فوات أمد التقادم لعادة مسطرة تصويب الضريبة في إطار‬
‫( ‪)1‬‬
‫تحقيق اللتزام الضريبي‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬حالة الخلل بالمسطرة القانونية الواجب إتباعها أثناء المثول أمام اللجنة‬

‫إذا كانت اللجنة الوطنية ممنوعة من البت في المسائل القانونية التي تتعلق بتفسير وتأويل النصوص القانونية وإن‬
‫الملزم يحتفظ بعرضها أمام المحكمة المختصة بمناسبة النزاع القضائي التي تنظر المحكمة غالبا في إطار القضاء‬
‫الشامـل والتـي تملك فيـه سـلطة تصـحيح جميـع الوضاع القانونيـة المختلة سـواء المتعلقـة بالواقـع أو القانون‪ ،‬فإن‬
‫الملزم فـي هذا الطار يملك صـلحية المنازعـة القضائيـة بمناسـبة الطعـن فـي مقرر اللجنـة الوطنيـة سـواء المتعلقـة‬

‫‪49‬‬
‫منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري‬

‫منهــا بمســطرة تصــحيح الوعاء الضريــبي أو المتعلقــة منهــا بمســطرة المثول أمام اللجنـة الوطنيــة ومســطرة اتخاذ‬
‫مقرراتها‪.‬‬
‫وقد يحدث كما ذهبت إلى ذلك الغرفة الدارية في إحدى قراراتها أن تقضي ببطلن مقرر اللجنة الوطنية لخلل‬
‫اللجنة بضمان حق الدفاع بعدم استدعاء الملزم لحضور أشغال اللجنة‪.‬‬
‫كمـا يمكـن للقضاء أن يقضـي ببطلن مقرر اللجنـة الوطنيـة للخلل بوجوب التعليـل فمـا هـو أثـر هذا البطلن على‬
‫اللتزام الضريبي من حيث انقضائه أو إمكانية إعادة المسطرة لتحقيقه؟‪.‬‬
‫بالرجوع إلى الفقرة السـادسة مـن الفصـل ‪ 113‬مـن القانون ‪ 17-89‬ومثيله فـي الثلثيـة الضريبيـة والفقرة مـا قبـل‬
‫الخيرة من الفصل ‪ 23‬من كتاب المساطر الجبائية لسنة ‪ 2005‬نجده ينص على وقف التقادم طوال الفترة الممتدة‬
‫من تاريخ تقديم الطعن أمام اللجنة المحلية لتقدير الضريبة لغاية انصرام الشهر الثالث التالي للشهر الذي صدر فيه‬
‫المقرر النهائي عــن اللجان المذكورة‪ ،‬أو لغايــة انصــرام أجــل الثلثــة أشهــر التالي لتاريــخ تبليــغ المقرر الصــادر‬
‫بصـورة نهائيـة إمـا عـن اللجنـة المذكورة وإمـا عـن اللجنـة الوطنيـة للنظـر فـي الطعون الضريبيـة‪ .‬ومؤدى ذلك أن‬
‫للدارة الحق في إعادة مسطرة تصحيح الوعاء الضريبي نتيجة بطلن تلك المسطرة أو قرار اللجنة الوطنية قضاء‬
‫داخل أمد التقادم المنصوص عليه بالمادة ‪ 113‬من القانون ‪ 17-98‬ومثيله في الثلثية الضريبية‪.‬‬
‫والفصل ‪ 23‬من كتاب المساطر الجبائية لقانون المالية لسنة ‪ 2005‬مع احتساب أمد وقف التقادم نتيجة اللجوء إلى‬
‫مسـطرة اللجان كمـا سـلف الذكـر‪ ،‬غيـر أنـه مـن الناحيـة العمليـة يتعذر على الدارة إعادة مسـطرة تصـحيح الوعاء‬
‫الضريـبي على ضوء صـدور حكـم قضائي نهائي يقضـي ببطلن المسـطرة لفوات أمـد التقادم ولو بعـد احتسـاب مدة‬
‫الوقف‪ ،‬على اعتبار أن إجراءات تحقيق الدعوى على مستوى مرحلة المحكمة الدارية والغرفة الدارية بالمجلس‬
‫العلى تستغرق أمد التقادم المذكور‪.‬‬
‫ومـن هنـا يمكـن للدارة إذا اقتنعـت بتعليـل الحكـم القضائي البتدائي الصـادر عـن المحكمـة الداريـة المختصـة وكان‬
‫أمد التقادم لم يمضي بعد باحتساب مدة الوقف المنصوص عليه أعله آنذاك يمكنها أن تعيد مسطرة تصحيح الوعاء‬
‫‪)1(.‬‬
‫الضريبي تداركا للخللت التي شابتها في إطار تحقيق اللتزام الضريبي‬
‫وختامــا لهذا الفرع نخلص إلى القول أن بطلن مســطرة الفرض التلقائي الضريــبي لضريبــة أصــلية نتيجــة إخلل‬
‫الدارة بالجراءات القانونيــة الجديدة وكتاب المســاطر الجبائيــة لقانون الماليــة لســنة ‪ 2005‬التــي نــص على أن‬
‫التبليغات المتعلقـة بالدعوة إلى تقديـم القرار أو إتمامـه مـن شأنهـا أن تقطـع التقادم‪ ،‬كان يسـودها فراغ تشريعـي ل‬
‫يمكن سده ولو بالرجوع إلى القواعد العامة ل‪.‬ق‪.‬ع مما طرح إشكال عميقا حول الثار‬

‫‪ .1‬ذ‪.‬محمد قصري ‪ ،‬م‪.‬س ص ‪65‬‬

‫‪50‬‬
‫منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري‬

‫المترتبة على بطلن تلك المسطرة على اللتزام الضريبي بين إمكانية إعادة تلك المسطرة لتحقيق اللتزام‬
‫الضريـبي داخـل أمـد التقادم‪ ،‬وبيـن تعذر إمكانيـة إعادة تلك المسـطرة لتحقيـق اللتزام الضريـبي لعدم وجود مـبرر‬
‫قانونـي فـي إطار الفراغ التشريعـي المذكور‪ ،‬هذا على خلف بطلن تصـحيح الوعاء الضريـبي قضاء‪ ،‬حيـث تعتـبر‬
‫تبليغ الجراءات المتطلبة في تصحيحها قاطعة التقادم وتسلك الدارة على ضوء ذلك الحق في إعادة تلك المسطرة‬
‫داخـل أمـد التقادم سـواء بصـفة تلقائيـة أو بعـد اتخاد مقرر بإلغاء تلك المسـطرة مـن طرف اللجنـة الوطنيـة مـع الخـد‬
‫بعين العتبار أمد الوقف في احتساب مدة التقادم‪ ،‬أو على إثر صدور مقرر قضائي نهائي ببطلن تلك المسطرة ما‬
‫لم يمضـي أمـد التقادم كمـا يمكـن للدارة على إثـر صـدور مقرر بإلغاء مسـطرة التصـويب مـن طرف اللجنـة الوطنيـة‬
‫أن تسـتعمل الخياريـن معـا وهمـا إعادة المسـطرة مـن جديـد وبالموازاة الطعـن فـي مقرر اللجنـة الوطنيـة أمام القضاء‬
‫الداري المختص للمحافظة على هاجس تحقيق اللتزام الضريبي ‪.‬‬

‫‪ .1‬محمد قصري ‪ .‬م‪.‬س‪ .‬ص ‪67‬‬

‫‪51‬‬
‫منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري‬

‫خاتمة الفصل الول ‪:‬‬


‫لقـد قمنـا بدراسـة وتحليـل العمـل القضائي فـي بعـض مجالت منازعات الوعاء الضريـبي‪ ،‬وقـد تـم التركيـز‬
‫عليها بالنظر للهمية البالغة التي تحتلها سواء على المستوى الكيفي أو الكمي أمام القضاء الداري المغربي‪.‬‬
‫ويمكـــن القول أن العمـــل القضائي فـــي هذه المجالت بالرغـــم مـــن حداثـــة تجربـــة المحاكـــم الداريـــة‬
‫والخصوصيات التـي تميـز التشريـع الضريبي ( التشتت‪ ،‬التعديل المستمر ‪ ،)...‬حاول أن يضـع بعـض القواعد وأن‬
‫يجيـب على بعـض الشكالت سـواء المرتبطـة بالمسـاطر الجبائيـة‪ ،‬أو الليات و المناهـج التـي اعتمدهـا فـي تفسـير‬
‫النصــوص الجبائيــة‪ ،‬وخاصــة المتعلقــة بالعفاءات الضريبيــة التــي ســنها المشرع لتشجيــع الســتثمار فــي بعــض‬
‫القطاعات‪.‬‬
‫كمــا أن منازعات الوعاء تتميــز بأهميــة الوســائل المعتمدة فــي التحقيــق والثبات بالمقارنــة مــع منازعات‬
‫التحصيل‪ ،‬إل أنه للسف في هذا الطار تحول الخبير إلى القاضي الفعلي بالنظر لعتماد الخبرة والمصادقة عليها‬
‫كما هي من طرف القاضي الجبائي‪ ،‬بل إن بعض القضاة قد انتدب الخبير في مسائل قانونية وليست واقعية ‪ ،‬فنية‬
‫أو تقنية‪.‬‬
‫بيـد أن إخلل الدارة الضريبيـة بمسـطرة فرض الضريبـة ومـا ينجـم عنهـا مـن بطلنهـا قضاءا ومـا يترتـب‬
‫على ذلك من عدم إمكانية إعادة مسطرة فرضها من جديد إما لوجود فراغ تشريعي أو لتقادم الحق في ذلك‪ -‬بالرغم‬
‫من دفاعنا عن حقوق الملزم ـ من شأنه أن يخل باللتزام الضريبي الذي يعتبر واجبا مفروضا بمقتضى الدستور‪.‬‬
‫لكـن إذا أردنـا تحقيـق عدالة جبائيـة قائمـة على الشفافيـة والتبسـيط لجـل توفيـر الموارد الكافيـة لميزانيـة الدولة لرفـع‬
‫رهان التنميـة القتصـادية والجتماعيـة‪ ،‬ل بـد مـن إعادة النظـر فـي العلقـة التـي تربـط الدارة الضريبيـة بالملزم‬
‫وتحســـينها مــن خلل اعتماد ســـياسة تواصـــلية حديثــة تعتمــد على التقنيات التكنولوجيــة الحديثـــة لتجاوز أغلب‬
‫الختللت والمشاكل التي تحدت بين طرفي العلقة الدارة والملزم ‪.‬‬
‫كما أنه من اللزم إعادة النظر في الكثير من البنود التشريعية‪ ،‬التي تثير الكثير من الغموض والعديد من‬
‫التأويلت من طرف أطر وزارة المالية أو القضاء الجبائي‪.‬‬
‫لكـن يجـب أن نثمـن الصـلحات التـي تمـت والتوحيـد الذي خضـع له القانون الجبائي وذلك بإصـدار مدونـة‬
‫عامــة للضرائب تضــم الضرائب الثلثــة الســاسية وكتاب المســاطر الجبائيــة التــي ســتساهم فــي حــل العديــد مــن‬
‫الشكالت التي سبق أن طرحت‪.‬‬
‫و عليه فما هي مظاهر أهمية العمل القضائي؟ وما هي حدوده والعوائق التي تحد من فعالية عمله؟‬

‫‪52‬‬
‫منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري‬

‫الفصل الثاني ‪ :‬تقييم العمل القضائي في منازعات الوعاء الضريبي‬

‫يعتـبر تقييـم عمـل المؤسـسات ضرورة أسـاسية لدعـم وتأسـيس كـل الخطوات والجراءات الصـلحية على أسـس‬
‫واضحة وعملية‪.‬‬
‫والتقييم أصبح جزءا من التدبير الحديث لجميع المؤسسات بمختلف أشكالها‪ ،‬وفي هذا الطار يلحظ قلة الدراسات‬
‫والبحاث التــي تعنــى بتقييــم العمــل القضائي عمومــا والقضاء الداري خصــوصا‪ ،‬ســواء داخــل فضاء الجامعــة‬
‫المغربية أو من طرف مؤسسات البحث العلمي‪.‬‬
‫وتجدر الشارة إلى أن البنـك العالمـي قـد حدد بعـض المؤشرات وعناصـر قياس أداء القضاء فـي تقريره الصـادر‬
‫سنة ‪.)1(1999‬‬
‫ويقصد بالتقييم معرفة القيمة‪ ،‬أي تحديد قيمة الشيء أو المعنى أو العمل ‪ ،‬أي وجه من أوجه النشاط‪ ،‬وذلك لهدف‬
‫معني معلوم ومحدد من قبل‪.‬‬
‫ويهدف التقييـم إلى الحكـم على مدى التوافـق بيـن الهداف المرسـومة له وبيـن مـا حققـه بالفعـل‪ ،‬وترنـو هذه العمليـة‬
‫أيضا إلى معرفة مدى نجاح القضاء في إرضاء المتقاضين‪.‬‬
‫وحسب البنك الدولي‪ ،‬لقياس الداء القضائي ل بد من العتماد على ثلثة عناصر‪:‬‬
‫•القانون الموضوعي‪.‬‬
‫•صنع القرار القضائي‪.‬‬
‫•الدارة القضائية‪.‬‬
‫أما معاير قياس الداء القضائي فهي ‪:‬‬
‫•أول ‪ :‬المعيار الكمـي ‪ -‬مقياس الفاعليـة‪ : -‬ويقصـد بـه فحـص الخارج عـن قيمـة المخرجات القضائيـة‬
‫على المدخلت القضائية‪.‬‬
‫•ثانيــا‪ :‬المعيار الكيفــي ـ ـ مقياس الفعاليةـ ـ ‪ :‬ويقصــد بــه نوعيــة القضاء الجبائي أهــو عادل وموثوق بــه‬
‫ويمكن توقع أحكامه‪.‬‬
‫وهذه المعايير التي سنعتمد عليها في دراسة وتقييم أداء القاضي الجبائي خلل هذا الفصل‪ ،‬أول لمعرفة أهمية عمل‬
‫القاضي الجبائي في حماية حقوق الملزم ـ أي الفاعلية ـ ( المبحث الول)‪ .‬وثانيا تحليل ومناقشة بعض الحدود التي‬
‫تعيق عمل القاضي الداري على أن يكون في مستوى تطلعات المتقاضين ـ مقياس الفعالية ـ ( المبحث الثاني)‪.‬‬

‫‪ .1‬العربي الكزداح‪.‬م ‪.‬س ‪.‬ص ‪.421‬‬

‫‪53‬‬
‫منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري‬

‫المبحث الول ‪ :‬أهمية عمل القاضي الجبائي في حماية حقوق الملزم‪.‬‬

‫إذا كانـت المنازعات الجبائيـة هـي وسـيلة دفاع حقيقيـة بيـد الملزم تمكنـه مـن إقامـة توازن نسـبي بيـن مـا عليـه مـن‬
‫واجبات ومـا له مـن حقوق فـي المادة الجبائيـة‪ ،‬وهـي إضافـة إلى ذلك تمكـن مـن خلق حوار دائم وتفاهـم مسـتمر بيـن‬
‫فرقاء العلقة الجبائية وتعطي المكلف فرصة المساهمة والمشاركة المباشرة في إعداد الدين الضريبي الواجب في‬
‫( ‪)1‬‬
‫حقه‪.‬‬
‫ويروم هذا المبحث الغوص والنظر في الدور الذي لعبه القضاء الجبائي منذ إنشاء المحاكم الدارية سنة ‪ 1993‬في‬
‫حمايـة حقوق الملزم وتكريـس الضمانات المخولة له قانونـا‪ ،‬خاصـة وأن القانون الداري هـو قانون وليـد الجتهاد‬
‫قضائي ومجال للخلق والبداع‪ ،‬كمــا أن القاضــي الداري يلعــب دورا تفســيريا للمقتضيات التشريعيــة والتنظيميــة‬
‫وبالتالي فهو يشكل مصدرا من مصادر القانون الجبائي‪.‬‬
‫فما هي مجالت هذه الحماية ؟ وما هي المنهجية المعتمدة من طرف القاضي الداري في ذلك ؟‬

‫الفرع الول‪ :‬تأصيل بعض القواعد لصالح الملزم‬

‫كما سبق الذكر فإن المنازعات الدارية هي ملك للمحكمة وليس للخصوم‪ ،‬وأن القاضي الداري يلعب دورا إيجابيا‬
‫ملموسا في توجيه الدعوة الوجهة الصحيحة‪.‬‬
‫وفـي هذا السـياق عمـل القاضـي الداري المغربـي بالرغـم مـن حداثـة التجربـة بالمغرب مـن تأصـيل بعـض القواعـد‬
‫لصـالح الملزم سـواء فـي الجانـب المسـطري ( المطلب الول) أو فـي جانـب موضوع الدعاوى التـي طرحـت أمامـه‬
‫( المطلب الثاني) ‪.‬‬

‫المطلب الول ‪ :‬على مستوى تطبيق القواعد الشكلية المتعلقة بالطعن القضائي‬

‫التجربـة العمليـة للعمـل القضائي بالمغرب تؤكـد أنـه يحسـم فـي العديـد مـن الملفات أسـاسا فـي الشكـل ويتشدد فـي ذلك‬
‫( الصــفة‪ ،‬الوثائق‪ ،)... ،‬لكــن بالرغــم مــن ذلك فإن القاضــي الداري حاول إيجاد العديــد مــن الحلول لهذا الشكال‬
‫بالتخفيــف والتلطيــف مــن بعــض القيود المســطرية على مســتوى الجال ( الفقرة الولى ) أو بعــض الجراءات‬
‫المسطرية ( الفقرة الثانية) ‪.‬‬

‫‪ .1‬عبــد الرحمــن أبليل " المنازعات الجبائيــة بالمغرب بيــن النظريــة والتطــبيق " م‪.‬س ‪ ،‬ص ‪ .50‬وللمزيــد مــن التفصــيل أنظــر زكريــا بيومــي‬
‫المنازعات الضريبية في ربط الضريبة ‪ ،‬مطبعة القاهرة‪ ،1990 ،‬ص ‪, 301‬‬

‫‪54‬‬
‫منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري‬

‫الفقرة الولى ‪ :‬على مستوى الجال‬


‫تنقسم الجال بالمسطرة المدنية إلى آجال السقوط و آجال التقادم ‪.‬‬
‫فآجال السـقوط هـو الجـل المحدد مـن طرف قانون المسـطرة المدنيـة لرفـع الدعاوى أمام المحاكـم واسـتئناف الحكام‬
‫والطعن فيها بالنقض أمام المجلس العلى وغيرها من الجراءات التي تقام أمام المحاكم‪.‬‬
‫أما آجال التقادم هو المدة التي يحددها القانون لسقوط الدعوى الناشئة عن اللتزام طبقا للفصول ‪ 371‬إلى ‪ 392‬من‬
‫ق‪.‬ل‪.‬ع ‪.‬‬
‫‪.‬‬
‫وفي هذا الطار نذكر بعض مظاهر تلطيف المسطرة على مستوى آجال السقوط‬
‫‪.1‬قبول دعوى المنازعة في ربط الضريبة ولو قدمت قبل الوان‪:‬‬
‫اســـتقر القضاء الداري على القول أن اللجوء إلى الطعـــن القضائي قبـــل جواب الدارة أو انقضاء الجـــل المحدد‬
‫لجوابها وهو الستة أشهر الموالية لتاريخ تقديم الشكاية ( م ‪ 114‬من قانون ‪ )17-89‬أثناء سير الدعوى‪ ،‬ل تأثير له‬
‫على قبولها‪ ،‬ذلك أن جواب الدارة خلل المسطرة القضائية تكون قد حددت موقفها من شكاية الطاعن وذلك ما لم‬
‫تكن القضية قد أصبحت جاهزة للحكم‪.‬‬
‫‪ .2‬قبول المنازعـة فـي ربـط الضريبـة ولو رفعـت خارج الجـل المحدد قانونـا متـى دخلت الدارة مـع المشتكـي فـي‬
‫حوار خلل أجل البث في الشكاية‪:‬‬
‫إذا كانـت مقتضيات الفصـل ‪ 114‬مـن القانون ‪ 17-89‬ومثيله فـي الثلثيـة الضريبيـة يحدد أجـل جواب الدارة عـن‬
‫شكاية الملزم في ستة أشهر من التاريخ المثبت لتوجيه مطالبته حول ذلك وحتى إذا لم تجبه عن تلك الشكاية‪ ،‬عليه‬
‫رفع الدعوى داخل الشهر الموالي لنقضاء أجل الجواب أي الشهر السابع‪ ،‬فقد تعمل الدارة في سبيل التحقق من‬
‫شكايتـه إلى مطالبتـه بالدلء بالوثائق المثبتـة لدعواه‪ ،‬وفـي النهايـة ل تجيبـه عـن شكايتـه وعنـد رفـع النزاع القضائي‬
‫تثير في مواجهته الدفع بعدم القبول لعدم احترام أجل الطعن القضائي‪.‬‬
‫وفـــي هذا الطار ذهبــت الغرقـــة الداريـــة فـــي قرار عدد ‪ 482‬ملف ‪ )1 (635/4/04‬إلى القول بأن مطالبـــة إدارة‬
‫الضرائب المشتكي بالدلء بالوثائق المتبثة لشكايته‪ ،‬يفتح له أجل جديدا لحتساب أجل الطعن القضائي و ويحضى‬
‫بقبول المنازعة التي تقدم داخل الجل القانوني انطلقا من أجل المطالبة بالوثائق وتبليغها للملزم‪.‬‬
‫‪ .3‬قبول الطعن القضائي متى قدم داخل أجل شهر من تاريخ التبليغ بقرار رفض الشكاية حتى ولو ثبت أن هاته‬
‫الشكاية قد قدمت لدى إدارة الضرائب خارج الجل القانوني لتقديمها ‪:‬‬
‫لئن كان القانون الضريـبي ينـص على تقديـم الشكايـة المتعلقـة بربـط الضريبـة داخـل أجـل السـتة أشهـر مـن تاريـخ‬
‫التبليـغ بالعلم الضريـبي‪ ،‬فإنـه إذا تباطـأ المعنـي بالمـر فـي تقديـم هاتـه الشكايـة أو قدمهـا خارج الجـل القانونـي‬
‫المحدد لتقديـم المطالبات كمـا هـو منصـوص عليـه بالفصـل ‪ 114‬مـن قانون ‪ ،17-89‬ومـع ذلك لم تنتبـه إليـه الدارة‬
‫وتجيبه عن موضع شكايته فيعمد إلى رفع منازعته حولها داخل أجل شهر من تاريخ التبليغ‪ ،‬وفي هاته‬
‫‪.1‬محمد قصري ‪ .‬م‪.‬س ص ‪.80‬‬

‫‪55‬‬
‫منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري‬

‫الحالة اعتــبر القضاء الداري أن طعنــه يبقــى مقبول شكل لتقديمــه وفــق الشروط والجال المنصــوص عليهــا فــي‬
‫( ‪)1‬‬
‫الطعن القضائي‬
‫‪ .4‬قبول الطعن في مقر إدارة الضرائب ولو قدم خارج الشهر السابع الموالي لجل الستة أشهر المحددة لجواب‬
‫الدارة متى قدم داخل أجل شهر من تاريخ التبليغ به ‪:‬‬
‫بالرغم من أن القانون الضريبي حدد أجل الطعن القضائي في الشهر السابع الموالي لنقضاء أجل الدارة للجواب‪،‬‬
‫فإنـه قـد يحدث أن تتباطـأ الدارة فـي الجواب خارج الجال ويتقدم الملزم بطعنـه بعـد ذلك‪ .‬وجوابـا على هذا الشكال‬
‫ذهبـت الغرفـة الداريـة وهـي تلغـي حكـم إداريـة فاس التـي قضـت بعدم القبول " وحيـث أنـه ارتأت إدارة الضرائب‬
‫تحقيق هذه الضمانة عن طريق الرفض الصريح بعد أن يكون الجل قد انتهى ولم تبد في رفضها الصريح ما يفيد‬
‫أنـه مجرد تأكيـد لي رفـض سـابق كمـا هـو الشأن فـي النازلة فل مجال لحسـاب أجـل الطعـن الضريـبي على أسـاس‬
‫رفـض ليـس له محـل وأن الحكـم المسـتأنف ومـا قضـى بخلف ذلك يكون إحدى الضمانات التـي تقررت لصـالح مـن‬
‫( ‪)2‬‬
‫فرضت عليه الضريبة ‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬على مستوى الجراءات المسطرية‬
‫لقد خول القانون الضريبي لفائدة الملزم العديد من الضمانات والحقوق ذات طبيعة مسطرية منها ‪:‬‬
‫•المســطرة التواجهيــة التــي ســبق الحديــث عنهــا‪ ،‬اللجان الضريبيــة‪ ،‬و الضمانات أثناء الفرض التلقائي‬
‫للضريبـة‪ ،‬وكدا أثناء المرحلة القضائيـة التـي اسـتطاع القضاء الجبائي التأسـيس لمجموعـة مـن القواعـد‬
‫الراميـة إلى التلطيـف والتخفيـف مـن حدة الجراءات المسـطرية‪ ،‬إلى جانـب المراقبـة الصـارمة لمدى‬
‫احترام الدارة لحقوق الملزم خلل مسطرة تصحيح الساس الضريبي أو الفرض التلقائي للضريبة‪.‬‬
‫ونذكر على سبيل المثال ‪:‬‬
‫‪-‬الدور اليجابـي للقاضـي الداري وهـو ينظـم الدعوى بتطـبيق الفصـل ‪ 32‬مـن ق‪.‬م‪.‬م‬
‫أخدا بعيــن العتبار خصــوصية المنازعــة الضريبيــة وذلك بالعمــل على إنذار الملزم‬
‫المدعــي على تصــحيح مقاله إذا شابتــه عيوب شكليــة‪ ،‬أنــه بإمكانــه تصــحيحها أثناء‬
‫الدعوى‪ ،‬ســواء تعلقــت بالصــفة‪ ،‬أو بأداء الرســوم القضائيــة أو بالتوجيــه الصــحيح‬
‫( ‪)3‬‬
‫للدعوى‪.‬‬
‫ـ قاعدة أن حرمان الملزم من مسطرة اللجان الضريبية رغم إخباره الدارة بالرغبة في ذلك‬

‫‪ .1‬حكم إدارية وجدة بالملف ‪ 121/2000‬بتاريخ ‪.2003 /5/12‬غير منشور‪.‬‬


‫‪ .2‬قرار الغرفة الدارية عدد ‪ 39‬بتاريخ ‪ .15/1/2004‬غير منشور‪.‬‬
‫وأعدت هذا التوجيه في قرارات أخرى منها ‪ :‬قرار عدد ‪ 1150‬و ‪ 1202‬الول بتاريخ ‪ 4/1/2001‬والثاني بتاريخ ‪.7/8/2004‬‬
‫‪.3‬عبـد المعطـى القدوري " الحمايـة القضائيـة للملزم فـي مجال المنازعات" مقال بالمجلة المغربيـة للدارة المحليـة والتنميـة عدد ‪ 1997-19‬ص‬
‫‪. -47-46‬حكم إدارية أكادير‪ ،‬رقم ‪ 67/95‬بتاريخ ‪ 27/7/95‬غير منشور‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري‬

‫‪)1(.‬‬
‫يجعل الضريبة المفروضة في هذا الوضع قمينة باللغاء‬

‫* عدم جواز الزيادة فــي المقدار الضريــبي المؤســس على التقديــر الموضوعــي للخــبير ‪" :‬حيــث إن اعتماد‬
‫الخـبير فـي تقديره لرقـم المعاملت على معطيات موضوعيـة ومدققـة لم تبـد الدارة الضريبيـة أي معارضـة أو‬
‫( ‪)2‬‬
‫تحفظ بشأنها يقتضي الحكم ببطلن الضريبة فيما زاد على تقديرات الخبير"‪.‬‬
‫‪-‬قبول المنازعــة الضريبيــة دون أن تكون مســبوقة بالطعــن الداري فــي حالة القول‬
‫بخرق مسـطرة فرض الضريبـة مثلمـا جاء فـي حكـم" حيـث إن المحكمـة كانـت على‬
‫صـــواب عندمـــا اعتـــبرت أن وجوب التظلم معلق على ســـبقية إشعار الملزم حســـب‬
‫( ‪)3‬‬
‫الفصل ‪ 28‬من القانون المتعلق بالضريبة على القيمة المضافة "‬
‫•قبول المنازعة المتعلقة بالرسوم المستحقة للجماعات المحلية وهيئاتها ولو دون التقيد بمسطرة الفصل‬
‫‪ 43‬ــ حاليـا الفصـل ‪ 48‬مـن قانون ‪ 78.00‬ــ مـن ظهيـر ‪ 30/9/1976‬المتعلق بالتنظيـم الجماعـي ‪" :‬‬
‫حيــث إن المنازعــة فــي فرض الضرائب والرســوم المســتحقة للجماعات المحليــة وهيئاتهــا منظمــة‬
‫بمقتضـى القانون رقـم ‪ 30.89‬والذي حدد الفصـل ‪ 16‬منـه إجراءات مسـطرة التظلم قبـل عرض النزاع‬
‫على القضاء فكانـت مسـطرة الفصـل ‪ 43‬مـن قانون التنظيـم الجماعـي بدون محـل فـي مثـل هذه القضايـا‬
‫(‪)4‬‬
‫‪"..‬‬
‫ــ يعتـد بالتظلم ولو رفـع إلى جهـة غيـر مختصـة مـا دام أنـه بإمكان الجهـة المتظلم لديهـا لرتباطهـا العضوي بالجهـة‬
‫‪)5(.‬‬
‫المعنية بالتظلم إحالة التظلم إليها‬
‫هذه بعــض الشارات بخصــوص الجتهادات التــي ســاهمت فــي التخفيــف مــن حدة العوائق الشكليــة التــي تميــز‬
‫المسطرة الضريبية‪ ،‬فما هي إضافات القضاء الجبائي على مستوى الموضوع ؟‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬على مستوى تطبيق قواعد الموضوع‬
‫إن اسـتقراء الجتهاد القضائي فـي مادة المنازعات الجبائيـة‪ ،‬يعتـبر مـن الهميـة بمكان خاصـة بعـد إنشاء المحاكـم‬
‫الداريـة‪ ،‬ول يقتصــر إبداع القضاء الداري على مســتوى التخفيــف مـن الشكليات المســطرية بـل يمتــد المــر إلى‬
‫الموضوع وهـو السـاس لحمايـة حقوق الملزم دون المسـاس بالمال العام‪ ،‬مسـترشدا فـي ذلك بمجموعـة مـن القواعـد‬
‫والمبادئ (الفقرة الولى)‪ .‬وكذا قبول دعوى اللغاء فــي مجال المنازعات الجبائيــة بالرغــم مــن أنهــا تنتمــي إلى‬
‫القضاء الشامل( الفقرة الثانية)‪.‬‬
‫‪ .1‬عبد الرحمن أبليل " المنازعات الجبائية بالمغرب بين النظرية والتطبيق" م‪.‬س ص ‪.305‬‬
‫‪ .2‬العربي الكزداح‪ .‬م‪.‬س ص ‪.455‬‬
‫‪ .3‬قرار الغرفة الدارية بالملف ‪ 1140/15/1/98‬ذكره ذ‪.‬قصري ‪ .‬م‪.‬س ص ‪.84‬‬
‫‪ .4‬قرار الغرفة الدارية عدد ‪ 370‬بالملف ‪ 838/4/2/2001‬ذكره ذ‪.‬قصري ‪ .‬م‪.‬س ص ‪.85‬‬

‫‪57‬‬
‫منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري‬

‫‪ .5‬حكم إدارية فاس ملف عدد ‪ /391/01‬بتاريخ ‪ 5/10/2001‬غير منشور‪.‬‬

‫الفقرة الولى ‪ :‬تفعيل بعض مبادئ القانون الضريبي‬


‫يتميـز القانون الضريـبي بمجموعـة مـن الخصـوصيات ومنهـا المبادئ والقواعـد التـي يخضـع لهـا ويجـب على الفقيـه‬
‫والقاضي أخدها بعين العتبار‪ ،‬وفي هذا الطار سوف نعرض بعض هذه المبادئ ‪:‬‬
‫•تفسير القانون الضريبي تفسيرا ضيقا ‪:‬‬
‫وهذا المبدأ مقرر في التشريعات الضريبية لغلب الدول ويؤكده كل من القضاء الفرنسي والمصري والمغربي‪.‬‬
‫وقــد أكدت المحكمــة الداريــة بأكاديــر هذا المبدأ وطــبيعته فــي تفســير قانون ‪ 30.89‬المتعلق بالضرائب المســتحقة‬
‫للجماعات المحلية وهيئاتها واعتبرت اللوحة المهنية لكل من المحامي والطبيب خارجة عن نطاق تطبيق القانون‬
‫‪)1 ( .‬‬
‫الضريبي المذكور‪ ،‬وأكد المجلس العلى هذا التجاه‬
‫والمغرب كباقــي الدول الحديثــة يســود تشريعــه مبدأ عام‪ ،‬وهــو وجوب فرض الضريبــة بقانون ( الفصــل ‪ 17‬مــن‬
‫الدستور) ‪.‬‬
‫•الشك في مدى النص الضريبي يفسر لصالح الملزم‬
‫إذا كـن الشـك يفسـر لصـالح المتهـم فـي المادة الجنائيـة فإن الشـك فـي المادة الضريبيـة كذاك يفسـر لصـالح الملزم‪،‬‬
‫وتطبيق هذا المبدأ في المادة الضريبية ما هو إل نتيجة حتمية لتطبيق قاعدة تفسير القوانين الضريبية تفسيرا ضيقا‪.‬‬
‫•استبعاد إمكانية الحد بالقياس في المادة الضريبية ‪:‬‬

‫إن الخـذ بطريقـة القياس فـي مادة الضرائب يعنـي تفسـير النصـوص الضريبيـة تفسـيرا واسـعا‪ ،‬وهـو مـا يخالف مبدأ‬
‫التفسير الضيق الذي يميز ويطبع هذه المادة‪ ،‬لذلك فإن استبعاد طريقة القياس عن هذه المادة ما هو إل نتيجة حتمية‬
‫لتطبيق مبدأ التفسير الضيق المذكور آنفا‪.‬‬
‫ويؤكــد هذا الطرح مــا تحرص التنصــيص عليــه القوانيــن الماليــة فــي المغرب لكــل ســنة و المرخصــة بتحصــيل‬
‫الضرائب المشرعة قانونا ‪ :‬من أنه يحظر تحت طائلة العقاب جنائيا استيفاء الضريبة مهما كان الوصف‪ ،‬أو السم‬
‫( ‪)2‬‬
‫الذي تجبى به ‪ ،‬غير مأذون فيها بموجب أحكام القانون‪.‬‬

‫‪ .1‬حكـم إداريـة أكاديـر‪ ،‬رقـم ‪ 40/95‬بتاريـخ ‪ 8/6/95‬وأكده قرار بتاريـخ ‪ 15/2/1996‬تحـت رقـم ‪.100‬ذكره عبـد المعطـي القدوري ‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‬
‫‪.48-47‬‬
‫‪ .2‬عبد المعطي القدوري‪ .‬نفسه ص ‪.49-48‬‬

‫‪58‬‬
‫منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري‬

‫•عدم رجعية القوانين الضريبية ‪:‬‬


‫يسـتمد هذا المبدأ مرجعيتـه مـن المبدأ الدسـتوري المنصـوص عليـه فـي الفصـل ‪ 4‬مـن الدسـتور القاضـي بعدم رجعيـة‬
‫القانون‪.‬‬
‫ولقد اتخذت المحكمة الدارية بمكناس موقفا لصالح الملزم بأن ألغت إعلما ضريبيا موضوعه تطبيق قانون بأثر‬
‫رجعي‪ ،‬وقد جاء في الحكم مايلي ‪:‬‬
‫" وحيـث يتضـح مـن وثائق الملف أن المدعيـن قـد حصـل على رخصـة البناء بتاريـخ ‪ 11/5/1987‬وذلك فـي إطار‬
‫مشروع التنميـة العقاريـة يهدف إنجاز عمارة للسـكن‪ ،‬حسـبما هـو ثابـت مـن وثائق الملف لذلك فهمـا يسـتفيدان مـن‬
‫العفاء المنصوص عليه في الفصل الرابع من قانون ‪ 15/85‬المؤرخ ‪ 4/5/1988‬في فصله الثاني الذي قد تراجع‬
‫نسبيا عن العفاء الكلي من الضريبة المهنية والضريبة على الرباح المهنية المذكورتين أعله‪ ،‬فإن ذلك التراجع‬
‫(‪)1‬‬
‫ل يمكن أن ينسحب على الوقائع التي نشأت في ظل القانون القديم تطبيقا لمبدأ عدم رجعية القوانين ‪".‬‬
‫وكذلك فإن مجلس الدولة الفرنســـية(‪ )2‬متشدد جدا فـــي هذا المجال‪ ،‬وحريـــص على تطـــبيق هذا المبدأ فـــي المادة‬
‫الضريبية‪ ،‬ول يتردد في إلغاء كل تطبيق يخالفه‪.‬‬
‫وبالضافة إلى هذه المبادئ هناك العديد من القواعد التي أبدعها القاضي الجبائي ‪:‬‬
‫‪-‬رفض الزدواج الضريبي على نفس الوعاء‪.‬‬
‫‪-‬توزيع عبء الثبات بين الدارة الضريبية والملزم‪.‬‬
‫‪-‬حرمان الملزم مــن مســطرة اللجان الضريبيــة رغــم إخباره الدارة برغبتــه فــي ذلك يجعــل الضريبــة‬
‫المفروضة في هذا الوضع قمينة باللغاء‪.‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬قبول دعوى اللغاء في مجال المنازعات الجبائية‬
‫من المعلوم أن مشرع قانون ‪ 90/41‬بإفراده المنازعات الضريبية بابا خاصا‪ ،‬هو الباب الخامس مستقل عن الباب‬
‫الثالث المتعلق بدعوى اللغاء قـد جعلهـا تندرج فـي إطار القضاء الشامـل‪ ،‬وبالفعـل فبتتبـع عمليات تأسـيس وفرض‬
‫وتصفية وتحصيل الضريبة وما يتخللها من إجراءات وأعمال مادية مستمدة من القانون ‪ ،‬ول تنشئ مركز قانوني‪،‬‬
‫ويتضــح أن القضاء الشامــل هــو الجهــة الطبيعيــة المختصــة للبــث فــي المنازعات التــي تثار بصــدد هذه العمال‬
‫والجراءات‪.‬‬
‫وبالرغم من أن القضاء الشامل هو المجال النسب للمنازعات الضريبية‪ ،‬فيجب أن ل ننسى دعوى اللغاء لتجاوز‬
‫السلطة من حيث صلحية القاضي في إطارها‪ ،‬ومن حيث حجية الحكم الصادر على إثرها‪.‬‬

‫‪ .1‬حكم إدارية مكناس عدد ‪ 7/94/3‬بتاريخ ‪ ،19/2/95‬ذكره الباحث العربي الكزداح بأطروحته م‪.‬س ‪ ،‬ص ‪.455‬‬
‫‪ .2‬عبد الرحمن أبليل‪ ،‬م‪.‬س ص ‪.305‬‬

‫‪59‬‬
‫منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري‬

‫وقد أعاد الستاذ جيل باشولبي في مؤلفه المنازعة الضريبية‪ ،‬أنه من خلل إطللة سريعة على الجتهاد القضائي‬
‫الفرنسـي خلل ‪ 20‬سـنة الخيرة‪ ،‬اتضـح له أن دعوى اللغاء تمثـل مكانـة بارزة فـي المنازعات الضريبيـة‪ ،‬فأهـم‬
‫القرارات فـــي مادة الضرائب صـــادرة فـــي إطار دعوى اللغاء لتجاوز الســـلطة‪ ،‬لن دعوى اللغاء يضيـــف‪ ،‬ل‬
‫(‪)1‬‬
‫توازيها أية دعوى قضائية‪.‬‬
‫ولقد حدد القضاء الداري الحالت التي يبت فيها كقاضي إلغاء وهيكالتالي ‪:‬‬
‫أول ‪ :‬القرارات الفردية المنفصلة‬
‫يقصـد بهـا القرارات التـي تصـدر فـي مادة الضرائب دون أن ينتـج عنهـا قرار بفرض الضريبـة‪ ،‬ومثالهـا القرارات‬
‫الصـادرة عـن المجلس الجماعـي فـي شكـل مداولة والتـي مـن شأنهـا إحداث رسـوم بلديـة والمقرارت العامـة المتعلقـة‬
‫بتنظيم الضريبة ‪.‬‬
‫وفــي هذا الطار فقــد قبلت المحكمــة الداريــة بفاس طعنــا بإلغاء القرار الداري الصــادر عــن المديــر الجهوي‬
‫للضرائب القاضـي برفـض تمكيـن الطاعـن مـن شهادة العفاء مـن الضريبـة بعـد أن تبـت لديهـا توافـر شروط العفاء‬
‫( ‪)2‬‬
‫في حقه استنادا لمقتضيات قانون المالية النتقالي ‪.45-95‬‬
‫كما اعتبر القضاء الفرنسي القرار الصادر عن الدارة الضريبية برفض طلب الملزم بتأجيل الداء‪ ،‬قرار منفصل‬
‫‪)3(.‬‬
‫خاضعا لرقابة قاض اللغاء‬
‫وكذا القرارالصــادر بناء على تظلم اســتعطافي برفــض العفاء أو التخفيــض مــن ضرائب مباشرة فرضــت على‬
‫(‪)4‬‬
‫الملزم بصفة قانونية‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬القرارات التنظيمية‬
‫الجتهاد القضائي فـي مجال دعاوى اللغاء المتعلقـة بالطعـن فـي القررارت التنظيميـة عرف تطورا مهمـا خاصـة‬
‫المتعلقـة بالمناشيـر والتعليمات الضريبيـة الصـادرة فـي ميدان الضرائب‪ ،‬وهكذا ألغـى مجلس الدولة الفرنسـي بتاريـخ‬
‫( ‪)5‬‬
‫‪ 4/5/1990‬منشورا لنه تضمن إضافات في القانون الضريبي فأضحى بذلك ذا طابع تنظيمي‪.‬‬
‫كمـا أن المنشور الصـادر عـن وزيـر الداخليـة الموجـه إلى رؤسـاء المجالس الجماعيـة الذي يفسـر فيـه نطاق تطـبيق‬
‫القانون ‪ 30.89‬والذي يوضـح فيـه أن اللوحـة المهنيـة للطـبيب والمحامـي تعتـبر خاضعـة للرسـم الجماعـي ومشمولة‬
‫بالفصل ‪ 192‬من نفس القانون يعتبر قرارا إداريا يمكن الطعن فيه بدعوى اللغاء المخالفة للقانون‪،‬‬
‫وبالفعل تم الطعن فيه ‪،‬و قرر القضاء أن لوحة المحامي غير خاضعة لي رسم جبائي‪.‬‬
‫‪ .1‬عبد المعطي القدوري‪ ،‬م‪.‬س ص ‪.51‬‬
‫‪ .2‬حكم إدارية فاس رقم ‪ 124‬بتاريخ ‪ .18/2/1998‬ذ‪.‬محمد قصري ‪ .‬م‪.‬س ص ‪.36‬‬
‫‪ .4 .3‬مجلس الدولة ‪ :‬قرار ‪ 10/2/1984‬و ‪ :‬قرار ‪ 18/12/1970‬ذكرهمـا ذ‪.‬جميـل باشولي ‪ ،‬المنازعات الضريبيـة ‪ ،‬طبعـة ‪ ،1994‬نقل عـن عبـد‬
‫المعطي القدوري ‪ .‬م‪.‬س ص ‪.53‬‬
‫‪ .5‬عبد المعطي القدوري م‪.‬س ‪ ،‬ص ‪.53‬‬

‫‪60‬‬
‫منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري‬

‫أمـا بالنسـبة للجـل القانونـي للمنازعة فـي هذه المناشيـر والدوريات‪ ،‬فإنـه أجـل مفتوح ل يسـري إل مـن تاريـخ النشـر‬
‫في الجريدة الرسمية‪ ،‬وحيث أن هذه المناشير ل تنشر في الجريدة الرسمية فل يوجد أي أجل للمنازعة في المنشور‬
‫الضريبي أمام القضاء‪.‬‬
‫إذن تفعيـل مبادئ القانون الضريـبي وقبول دعوى اللغاء فـي مجال دعوى المنازعـة فـي وعاء الضريبـة سـاهما فـي‬
‫دعم حقوق الملزم وتحقيق نوع من التوازن بينه وبين الدارة الضريبية‪.‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬القاضي الجبائي ودوره في تشجيع الستثمار‬
‫لقد تزايد الحديث في السنوات الخيرة عن دور القضاء في حماية الستثمار‪ ،‬وهو ما ينم عن درجة الوعي بأهمية‬
‫المؤسسة القضائية باعتبارها القاطرة التي يعول عليها في ركب التنمية‪.‬‬
‫وإن القوة التنافسـية لبلد مـا ل تحدد فقـط بامكانياتـه القتصـادية‪ ،‬وإنمـا أيضـا بقوانينـه‪ ،‬وعدالتـه‪ ،‬فالحمايـة القانونيـة‬
‫والقضائية عنصران أساسيان في تدعيم القدرة التنافسية‪ ،‬وترسيخ مكانة الدولة كمصدر لجلب الستثمارات‪ ،‬علما‬
‫(‪)1‬‬
‫أن الهدف ليس فقط جلب الستثمارات وإنما الحفاظ عليها وتشجيعها ‪.‬‬
‫وتعتبر السياسية الجبائية إحدى الليات الساسية لتحقيق هذه الغايات‪ ،‬فالضريبة ليست فقط موردا أساسيا بالنسـبة‬
‫لميزانية الدولة‪ ،‬بل هي أيضا أداة لتوجيه الستثمار وتوسيع مردوديته وتحفيز الدخار‪.‬‬
‫وقد عمل المغرب على سن قوانين ضريبية خاصة بتشجيع الستثمار الوطني والجنبي على حد سواء‪،‬‬
‫فميثاق الستثمار الذي صاغه المشرع المغربي بمقتضى القانون الطار رقم ‪ 95.19‬والذي حاول فيه تدارك عيب‬
‫التشتت الذي طال النصوص السابقة وطابعها القطاعي يندرج في سياق تحسين مناخ الستثمار في المغرب والرفع‬
‫من جاذبيته‪.‬‬
‫لكن مهما كانت جادبية القوانين والعفاءات الضريبية في مجال الستثمار‪ ،‬فإن فعاليتها رهينة بكيفية تطبيقها من‬
‫طرف السلطة القضائية‪.‬‬
‫وحسـب رئيـس المجلس العلى الحالي " فالسـتثمار بدون عدالة ل يحقـق الربـح وحسـب‪ ،‬بـل يهدد الرأسـمال نفسـه‪،‬‬
‫مما يؤدي ليس فقط إلى عدم استجلب رأسمال الجنبي‪ ،‬بل وتهريب رؤوس الموال الوطنية والجنبية الموجودة‬
‫(‪)2‬‬
‫بالداخل‪".‬‬
‫وبالتأسيس على ما سبق‪ ،‬تتضح معالم دور قضاء في تحقيق الحماية اللزمة للستثمار‪ ،‬وحيث أن الضريبة تشكل‬
‫إحدى المحددات السـاسية التـي تتحكـم فـي اختيارات المسـتثمر وطنيـا كان أو أجنبيـا‪ ،‬لذلك مـن الطـبيعي أن تكون‬
‫النزاعات المرتبطة بها‪ ،‬والحلول القضائية بشأنها من محددات هذا الختيار أيضا‪.‬‬

‫‪ .1‬ذمحمـد لمزوغـي " القضاء الداري ومجال تدخله فـي حمايـة السـتثمار" المجلة المغربيـة للدارة المحليـة والتنميـة عدد مزدوج ‪ 52-51‬يوليوز‬
‫– أكتوبر ‪ .2003‬ص ‪.31‬‬
‫‪ .2‬ادريــس الضحااك " أي مناخ لممارســة الحقوق أثناء الشغــل" بحــث ثــم تقديمــه فــي ندوة أكاديميــة المملكــة المغربيــة حول " حقوق النســان‬
‫والتشغيل بين التنافسية واللية " بتاريخ ‪ 22‬ابريل ‪ .1996‬ذكره ذ عبد العزيز يعكوبي م‪.‬س‪ .‬ص ‪.5‬‬

‫‪61‬‬
‫منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري‬

‫ومــن ثمــة ســنحاول الوقوف فــي هذا الفرع على مجالت و مظاهــر الدور الحمائي للقاضــي الجبائي للمســتثمر‬
‫( المطلب الول) وكذا التأصـيل القضائي لحـق المسـتثمر مـن السـتفادة مـن بعـض المتيازات فـي قطاعـي التعليـم‬
‫الحر والمجال الصناعي ( المطلب الثاني)‬
‫المطلب الول ‪ :‬الدور الحمائي للقاضي الجبائي للمستثمرين‪:‬‬
‫إن دخول القانون المحدث للمحاكـم الداريـة حيـز التنفيـذ بظهيـر ‪ 10/09/1993‬أدى فعل إلى رفـع مختلف العراقيـل‬
‫الماديـة والمعنويـة التـي كانـت فـي ظـل النظام السـابق تعسـر سـبيل اللجوء إلى القضاء‪ ،‬وخاصـة عندمـا نـص الفصـل‬
‫الثامن منه على الختصاص الشامل في المجال الضريبي‪.‬‬
‫وقـد عمـل القضاء الداري على حمايـة المسـتثمرين لمـا يتميـز بـه مـن تبسـيط لمسـطرة التقاضـي‪ ،‬تخصـص الرقابـة‪،‬‬
‫وتعميـق الرقابـة ( الفقرة الولى ) وكذا المنهجيـة المعتمدة فـي تفسـير القوانيـن الضريبيـة والرقابـة القويـة على سـلطة‬
‫الدارة في تقدير الجزاءات والغرامات ( الفقرة الثانية)‪.‬‬
‫الفقرة الولى ‪ :‬القضاء الداري ودعم الستثمار‬
‫إن إحداث القضاء الداري والقضاء التجاري جاء فـي سـياق التحولت الكـبرى والمهمـة التـي عرفهـا المغرب منـد‬
‫سـياسة التقويـم الهيكلي وإعادة النظـر فـي الدور التدخلي للدولة وفتـح المجال أمام المبادرة الحرة‪ ،‬وتأهيـل القوانيـن‬
‫والمؤسسات والمجتمع لهذه الغايات‪ ،‬ولرفع رهان التنمية ومواجهة رياح العولمة العاتية‪.‬‬
‫فإنشاء المحاكـم الداريـة جاء لهذه الهداف و لطمأنـة رأس المال الجبان كمـا يقال بإنشاء سـلطة قضائيـة قادرة على‬
‫مراقبة أعمال السلطة الدارية والحد من أي شطط محتمل‪.‬‬
‫وقـد عرف المغرب بعـد إنشاء المحاكـم الداريـة موجـة مـن الصـلحات مثـل تفويـض الختصـاص للسـادة الولة‬
‫والعمال‪ ،‬خلق المراكز الجهوية للستثمار وتشجيع التدبير اللمتمركز للستثمار‪ ،‬كما تم تحديث الترسانة القانونية‬
‫المغربيــة ‪ :‬مثــل مدونــة التجارة ‪ ،‬قانون الشركات‪ ،‬ميثاق الســتثمار‪،‬قانون المنافســة‪ ،‬قانون البورصــة‪ ،‬مدونــة‬
‫الصفقات العمومية‪ ،‬قانون حماية الملكية الصناعية‪.‬‬
‫وتوجـت هذه الصـلحات بإحداث محاكـم السـتئناف الداريـة‪ ،‬وقـد جاء فـي خطاب الملك بتاريـخ ‪ 8‬ماي ‪" 1990‬‬
‫نطلب مـن المسـتثمرين أن يأتوا ليسـتثمروا عندنـا‪ ،‬ولكـن إذا لم يعرفوا أن بلدنـا تنعـم بالسـلم والضمان الجبائي فإنهـم‬
‫لن ياتوا "‪.‬‬
‫فإنشاء القضاء الداري حقق عدة مزايا للمستثمرين ‪:‬‬
‫و كما سبق الذكر أن القانون الجبائي من القوانين التي تتميز بالتشعب والتعقد‪ ،‬وأن إنشاء محاكم إدارية أسند إليها‬
‫الحق في النظر في المنازعات الضريبية وذلك لتسريع الرقابة وجعلها أكثر فعالية وعمقا‪.‬‬
‫بيـــد أن القضاء الداري كقضاء متخصـــص له أثار إيجابيـــة هامـــة‪ ،‬حيـــث يمكـــن مـــن إيجاد الحلول المناســـبة‬
‫للكتضاض الذي تعرفـه المحاكـم البتدائيـة وكذا المجلس العلى‪ ،‬والذي كان السـبب الرئيسـي فـي التأخيـر الكـبير‬
‫للبث في الملفات‪.‬‬

‫‪62‬‬
‫منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري‬

‫فتخفيف العبء عن المحاكم الدارية وعن المجلس العلى سيقلل من المستوى الكمـي للقضايا المعروضة عليها‪،‬‬
‫ويدفعهــا إلى الرفــع مــن إنتاجيتهــا‪ ،‬كمــا أن المحاكــم الداريــة بتخصــصها فــي نوع معيــن مــن القضايــا‪ ،‬لن تعرف‬
‫الكتضاض ممـا سـيمكنها مـن الفصـل مـن القضايـا الداخلة فـي اختصـاصها فـي أجال قصـيرة‪ ،‬الشيـء الذي سـيستفيد‬
‫منه كثيرا المؤسسات القتصادية خاصة وأن عامل الزمن له أهمية كبرى في نجاح المقاولة‪.‬‬
‫كما أن تخصص المحاكم الدارية سيؤثر في طبيعة الرقابة ذاتها من خلل توسيع وتعميق هذه الرقابة على علقة‬
‫المستثمر بالدارة‪.‬‬
‫وقــد تجلى ذلك فــي ظهور فئة مــن القضاة المتخصــصين والملميــن بجميــع جوانــب ومعطيات الواقعيــن الداري‬
‫والقتصــادي‪ ،‬ومؤهليــن ليجاد الحلول المناســبة للنشاط القتصــادي ومشاكــل المســتثمرين‪ ،‬خاصــة وأن القانون‬
‫الداري هـو قانون قضائي بامتياز لنـه خرج مـن رحمـه ‪ ،‬بالتالي فإن العمـل القضائي يسـاهم فـي ظهور اجتهادات‬
‫‪)1(.‬‬
‫تساهم في الدفع ببلدنا إلى المام‬
‫وبالفعــل فإن القضاء الداري ســاهم فــي إيجاد الحلول واتخــذ مواقــف مشهود بهــا لدعــم حقوق الملزميــن وخاصــة‬
‫لصالح قطاع المال والعمال حماية لهم من شطط الدارة الضريبية‪ ،‬وكذا إعطاء تأويلت للنصوص تخدم العدالة‬
‫الجبائية مثل‪:‬‬
‫•التخفيف من الشروط الشكلية لقبول دعوى الضريبة‪.‬‬
‫•التشدد في ضرورة احترام الدارة للمسطرة الضريبية‪.‬‬
‫•الحماية القضائية للملزم وللضمانات المخولة له تشريعيا‪.‬‬
‫•إقرار حق الملزم في العفاءات الجبائية ‪.‬‬
‫وهذه نقط سبق أن تناولناها خلل هذا البحث‪ ،‬وغيرها كثير‪.‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬المستثمر وهاجس الخضوع للضريبة‬
‫القاضي ل يجد عناء كبيرا في إعمال مقتضى النص كلما كان واضحا وغير قابل للتأويل‪،‬أما في الحالة المعاكسة‬
‫فإن المر يتطلب منه مجهودا ذهنيا اجتهاديا لستخلص مضمونه الحقيقي انطلقا من خلفيات وفلسفة كل تشريع‪.‬‬
‫وإذا كان المشرع يراعـي فـي صـياغته للنصـوص الوضوح والدقـة منعـا لكـل تطـبيق غيـر سـليم أو لخطـأ فـي التفسـير‬
‫إل أنه يصعب عليه في كثير من الحيان مهما بلغت درجة مهارته وحرصه أن يجعل من النص القانوني مستوعبا‬
‫لكل الجزيئات الواقعية التي ينظمها‪ ،‬ومن ثم يأتي دور القاضي لستكمال هذا الدور من خلل الجتهاد‪.‬‬

‫‪ .1‬أمال المشرقي ‪ " :‬دور المحاكم الدارية في حماية النشاط القتصادي " مقال ب م‪.‬م‪.‬إ‪.‬م‪.‬ت عدد ‪ .19‬أبريل –يونيو ‪ .1997‬ص ‪.17،16‬‬
‫‪ -‬محمد لمزوغي " القضاء الداري ومجال تدخله في حماية الستثمار" مقال بـ م‪.‬م‪.‬إ‪.‬م‪.‬ت عدد مزدوج ‪ 52-51‬يوليوز‪ -‬أكتوبر ‪ .2003‬ص ‪-31‬‬
‫‪.32‬‬

‫‪63‬‬
‫منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري‬

‫وقـد شكلت القوانيـن الخاصـة بتشجيـع السـتثمار بالنظـر للغموض واللتباس الذي يعتري نطاق بعـض مقتضياتهـا‬
‫على مستوى التطبيق‪ ،‬مجال خصبا للجتهاد القاضي بهدف تحديد نطاق العفاء المقرر بمقتضاها‪.‬‬
‫ففي ملف شركة " تريكوفيل " نجدها تتمسك بكونها تأسست بتاريخ ‪ 8/5/1987‬وأنه بعد حصولها على الرخصة‬
‫رقـم ‪ 692/97‬مـن بلديـة مكناس شرعـت فـي بناء محلهـا بالحـي الصـناعي‪ ،‬وأن أول عمليـة تجاريـة قامـت بهـا كانـت‬
‫بتاريــخ ‪ 25/2/1989‬واعتبارا لمقتضيات المادتيــن ‪1‬و ‪ 2‬مــن قانون ‪ 13/8/1973‬الخاص بتشجيــع المؤســسات‬
‫المصــدرة لمنتوجات الصــناعة العصــرية والتقليديــة‪ ،‬الممدد لمدة العفاء إلى عشــر ســنوات مــن الضرائب على‬
‫الرباح‪ ،‬في حين تتمسك إدارة الضرائب بكون الشركة المدعية لم تقم بأول عملية تصدير إل سنة ‪ 1990‬وبالتالي‬
‫فإن القانون الواجب التطبيق هو قانون رقم ‪ 88/01‬الصادر بتاريخ ‪ 1988،/4/5‬والذي خفض العفاء لمدة خمس‬
‫سـنوات‪ ،‬وجوابـا على هذا الشكال اعتـبرت المحكمـة الداريـة بمكناس فـي حكمهـا الصـادر بتاريـخ ‪،1/8/2002‬‬
‫والذي تــم تأييده بمقتضــى قرار الغرفــة الداريــة الصــادر بتاريــخ ‪ " 28/6/2006‬أن المزايــا المنصــوص عليهــا‬
‫بمقتضى ظهير ‪ 13‬غشت ‪ 1973‬تطبق على المؤسسات التي تمارس أو تعتزم ممارسة النشطة المقررة من أجلها‬
‫هذه المزايا ومعنى ذلك‪ ،‬أن هناك ضابطين محددين لمكانية الستفادة من العفاء هما ‪:‬‬
‫أول الممارسة الفعلية للنشطة المذكورة بعد نشر هذا الظهير‪ ،‬وثانيا هو اعتزام ممارسة هذه النشطة بعد نشره‪،‬‬
‫وخلصت المحكمة إلى الحق المكتسب للشركة في الستفادة من العفاء لمدة عشر سنوات‪.‬‬
‫وهناك قرارات وأحكام متعددة تؤكد الحق في العفاء من بعض المتيازات المقررة قانونا‪.‬‬
‫بيد أن رقابة القاضي الجبائي على تقدير الدارة في توقيع الجزاءات والغرامات يساهم في دعم وطمأنة المستثمر‬
‫إلى جانب تأكيد وحماية الضمانات المقررة قانونا‪.‬‬
‫فبعـد إقرار القاضـي لمبدأ مناعـة سـلطة الدارة التقديريـة مـن الرقابـة مـن قبـل القاضـي الداري نفسـه‪ ،‬عرف هذا‬
‫المبدأ تراجعا في إطار التطور الجتهادي اللحق‪.‬‬
‫وتطويــر أليات الرقابــة لحتواء المجال التقديري فــي القرارات الداريــة ل يندرج فــي ســياق تحقيــق حمايــة أكــبر‬
‫للفراد بمـا فـي ذلك المخاطـبين بالفرض الضريـبي‪ .‬وتمثـل هذا التطور فـي اعتماد نظريـة الغلط البيـن فـي التقديـر‬
‫ونظرية الموازنة لرقابة جانب الملئمة في القرار الداري‪.‬‬
‫وبخصوص موقف الغرفة الدارية من رقابة سلطة الدارة في تقدير الجزاءات والغرامات‪ ،‬أصدرت قرارا بتاريخ‬
‫‪ 16/01/2003‬أوضحت فيه بأنه " ما دام أن الغرامات والجزاءات الخرى ترتبت على المستأنف بطريق قانوني‪،‬‬
‫ول يطعـن فـي شرعيتهـا‪ ،‬كمـا أن رفـض الدارة طلب إعفائه منهـا يسـتند إلى سـلطتها التقديريـة‪ ،‬ومـا دام لم يثبـت أن‬
‫(‪)1‬‬
‫قرار الدارة يتسم بالنحراف والشطط في استعمال السلطة فإن قرارها يبقى قانونيا"‪.‬‬
‫‪ .1‬الملف الداري عدد ‪ 2001 /1657/4/1‬غير منشور‪.‬‬

‫‪64‬‬
‫منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري‬

‫ل شـك أن السـلطة التقديريـة المعترف بهـا لدارة الضرائب فـي هذه الحالة تسـتهدف تمكينهـا مـن معالجـة الوضاع‬
‫المختلفـة بحسـب مـا تسـتحقه كـل حالة على حدة‪ ،‬واعتبارا لذلك متـى تـبين أن الجزاءات القاسـية المتخذة مـن قبـل‬
‫الدارة تؤدي إلى تأزيـم الوضعيـة الماليـة للشركـة والتعجيـل بانهيارهـا‪ ،‬فإن المـر فـي مثـل هذه الحالت يسـتدعي‬
‫رقابة تقدير الدارة في توقيع الجزاء وبالتالي بإلغائه بناء على أنه مشوب بغلط بين في التقدير‪.‬‬
‫وجاء في قرار لمجلس الدولة الفرنسي ‪ " :‬تستهدف فرض قدر أقل من المنطق وحسن التقدير على رجال الدارة‪،‬‬
‫(‪)1‬‬
‫فإذا كان في وسعهم أن يختاروا فليس معنى ذلك أن يفعلوا ما يشاؤون‪".‬‬
‫وعليـه فإن إنشاء المحاكـم الداريـة سـاهم فـي إلى حـد مهـم فـي حمايـة المسـتثمرين وفتـح إمكانيـة الطعـن فـي قرارات‬
‫الدارة أمام قضاء متخصص له دراية مهمة بالمجال الضريبي‪.‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬إقرار حق الملزم في الستفادة من المتيازات المقررة في مجال الستثمار‬
‫لعـب القضاء الداري دورا هامـا فـي تشجيـع السـتثمارات العقاريـة والسـياحية والصـناعية وسـاهم بشكـل فعال فـي‬
‫التنميـة القتصـادية والجتماعيـة بالبلد عـن طريـق إقرار حـق الملزم فـي مجال السـتثمار بمختلف أشكاله وخاصـة‬
‫قي مجالي التعليم الخاص ( الفقرة الولى ) و الصناعي( الفقرة الثانية)‪.‬‬
‫الفقرة الولى ‪ :‬التحفيز على الستثمار في قطاع التعليم الحر‬
‫فــي نازلة عرضــت على القضاء الداري تتعلق بتصــنيف مؤســسة التعليــم الخاصــة ومــا إذا كانــت تعتــبر مؤســسة‬
‫تجاريـة تؤدي نسـبة أقـل مـن محدد فـي ‪ %0.50‬مـن واجـب الحـد الدنـى للشتراك المنصـوص عليـه بالمادة ‪104‬‬
‫مكرر من القانون ‪ 17-89‬أم نسبة ‪ %6‬لصنف المهن المميزة بعلمة ف‪.‬‬
‫وكانــت إدارة الضرائب قــد حددت هاتــه النســبة فــي النســبة العلى وهــي ‪ %6‬وتمســك الملزم بكون تحديدهــا فــي‬
‫مواجهته كان بشكل مخالف للقانون و تم تعطيل النتفاع بالمتيازات المقررة له في هذا المجال الستثماري‪ ،‬وبعد‬
‫أن بينـت الغرفـة الداريـة بالمجلس العلى طبيعـة مؤسـسة التعليـم الخاصـة وأهميـة السـتثمار فـي المجال التعليمـي‪،‬‬
‫والنصوص الجبائية المشجعة للستثمار في هذا المجال انتهت إلى القول بأن مؤسسة التعليم الخاصة تعتبر مؤسسة‬
‫تجاريـة وتسـتفيد مـن التخفيـض المحدد لهذه النشاطات‪ ،‬وحددت بالتالي نسـبة الضريبـة الواجـب أداؤهـا بمقتضـى‬
‫المادة ‪ 104‬أعله في ‪ %0.50‬بدل ‪ %6‬المفروضة من طرف إدارة الضرائب حيث جاء في قرارها ما يلي ‪:‬‬
‫" حيـث إن جوهـر النزاع هـو معرفـة طبيعـة مؤسـسة التعليـم الخاصـة وهـل المـر يتعلق فعل بمؤسـسة تجاريـة أم‬
‫مؤسسة مدنية لمعرفة نسبة الضريبة الواجب أداؤها من طرفها على الدخل العام"‪.‬‬

‫‪ .1‬عبد العزيـز يعكوبي ‪ .‬م‪.‬س ص ‪ .26-25‬القرار جاء في كتاب الدكتور سليمان الطماوي " النظرية العامـة للقرارات الداريـة " دراسة مقارنـة‬
‫ص ‪ .83‬الطبعة السادسة ‪.‬‬

‫‪65‬‬
‫منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري‬

‫وكمـا أشار إلى ذلك الحكـم المسـتأنف‪ ،‬فإن قانون ‪ 15/88‬عندمـا أشار إلى إمكانيـة إحداث مؤسـسة التعليـم الخاص‬
‫بواسطة أشخاص ذاتيين أو معنويين وما أمر به من تحفيز على الستثمار في قطاع الضريبية‪ ،‬يكون قد أقر بمبدأ‬
‫المشاركـة فـي هذا المجال الذي يتحقـق بالجمـع بيـن عنصـر رأس المال وعنصـر الكفاءة العلميـة مـن أجـل اسـتثمار‬
‫زبائن والحصـول على أرباح وعدم جواز حمـل المؤسـسة لسـم تحمله مؤسـسة عموميـة‪ ،‬ممـا يضفـي على مؤسـسة‬
‫التعليم الخاص طبيعة العمل التجاري الصرف القائم على استثمار أموال بقصد جني الربح‪.‬‬
‫وحيــث ينتــج ممــا ســبق أن مؤســسة التعليــم الحــر قابلة لضفاء الطبيعــة التجاريــة عليهــا ممــا يكون جهــة إدارة‬
‫الضرائب عندمـا اعتمدت على نسـبة الشتراك المحدد فـي ‪ %6‬بالنسـبة لصـنف المهـن المميزة بعلمـة ف حسـب‬
‫المادة ‪ 104‬مكرر وليـس على نسـبة ‪ %0.50‬قـد أسـست جدولتهـا لدى الضريبـة الذي يحتمله المسـتأنف عليهـا على‬
‫نسبة مخالفة لواقع النزاع وغير التي يقتضيها القانون المطبق بخصوصه‪)1(.‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬التحفيز على الستثمار في المجال الصناعي‬
‫لقـد أحدث القانون ‪ 4/88‬المتعلق بتشجيـع السـتثمار فـي المجال الصـناعي تدابيـر تحفيزيـة جديدة تهدف إلى تشجيـع‬
‫المقاولت على الستثمار في هذا المجال‪ ،‬ونص الفصل ‪ 16‬منه بما معناه أنه مجرد توسعة نشاط المؤسسة داخل‬
‫المنطقة الرابعة بعد قبول البرنامج الستثماري والمصادقة عليه من لدن إدارة الضرائب وباختيار المستثمر بشكل‬
‫نهائي ل رجعة فيه لنظام تخفيض ‪ %50‬من واجب الضريبة على الرباح المهنية‪.‬‬
‫فإن ذلك التخفيض يشمل الرباح المحصل عليها من طرف المؤسسة ول ينحصر فقط في نطاق تلك التوسعة‪ ،‬كما‬
‫كان منصوص عليه بالفصل ‪ 19‬السابقة بالقانون ‪ 17/82‬قبل تعديله‪.‬‬
‫وقـد عرضـت على القضاء الداري نازلة مـن هذا القبيـل تمسـكت فيهـا شركـة المشروبات الغازيـة بتوسـعة نشاطهـا‬
‫فـي إطار برنامـج اسـتثمار مصـادق عليـه ومقبول مـن طرف إدارة الضرائب‪ ،‬وأنهـا بذلك تكون محقـة فـي تخفيـض‬
‫‪ %50‬مـن مبلغ الضريبـة عـن الرباح المهنيـة‪ ،‬وكانـت إدارة الضرائب قـد متعتهـا بالتخفيضات المذكورة فـي حدود‬
‫توسعة نشاط المؤسسة وتمسكت بهذا الخضاع الضريبي‪.‬‬
‫وذهبـت الغرفـة الداريـة بالمجلس العلى وهـي تقـر حـق الشركـة الطاعنـة بالسـتفادة مـن التدابيـر التحفيزيـة‬
‫والتشجيعيـة على السـتثمار فـي المجال الصـناعي بتمتعهـا بتخفيـض ‪ %50‬مـن الضريبـة على الرباح المهنيـة عـن‬
‫حصــيلة المؤســسة ككــل‪ ،‬عمل بمقتضيات الفصــل ‪ 19‬مــن القانون ‪ 4/88‬بعــد تعديله‪ ،‬والذي وســع مجال العفاء‬
‫بالنســبة المذكورة ليجعله شامل لنشاط المؤســسة ككــل وليــس فقــط فــي نطاق التوســعة كمــا كان معمول بــه ســابقا‬
‫بالقانون ‪ 17/82‬جاء في قرارها ما يلي ‪:‬‬

‫‪. 1‬ذ محمد قصري‪ ،‬م س ‪،‬ص ‪ 108‬و ‪.109‬‬

‫‪66‬‬
‫منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري‬

‫"لكن حيث يتضح من مراجعة تنصيص الحكم المستأنف أن المحكمة الدارية عللت قضاءها بإلغاء المقرر‬
‫الضريـبي الصـادر عـن إدارة الضرائب‪ ،‬بأنـه يسـتفاد مـن الصـياغة القانونيـة للفصـل ‪ 19‬مـن قانون ‪ 17/82‬كمـا وقـع‬
‫تعديله بقانون ‪ 4/88‬أن مجرد إحداث أو توسعة نشاط المؤسسة داخل المنطقة الثالثة‪ ،‬وبعد قبول البرنامج‬
‫الستثماري والمصادقة عليه من لدن الدارة الضريبية وباختيار المستثمر بشكل نهائي ل رجعة فيه‪ ،‬لنظام‬
‫تخفيض ‪ %50‬من واجب الضريبة على الرباح المهنية أو النظام الستهلك السريع‪.‬‬
‫فإن ذلك التخفيـض يشمـل الرباح المحصـل عليهـا مـن طرف المؤسـسة‪ ،‬ول ينحصـر ذلك فـي نطاق توسـعتها لن‬
‫الفصـل ‪ 19‬بعـد تعديله عـبر بكلمـة إحداث أو توسـعة النشاط بمعنـى أن أيـا منهمـا يقضـي إلى السـتفادة مـن تخفيـض‬
‫‪ %50‬فـي مبلغ الضريبـة بالنسـبة للمؤسـسة ككـل‪ ،‬ولو أراد المشرع خلف ذلك لضمـن الفصـل المذكور عبارة فـي‬
‫نطاق التوسعة فقط كما ورد بالفصل ‪ 19‬المذكور قبل تعديله ‪ ...‬ولذلك فإن المحكمة المطعون في حكمها فقد طبقت‬
‫مقتضيات الفصل ‪ 19‬من قانون ‪ 17/82‬الذي وقع تعديله بقانون ‪ 4/88‬تطبيقا سليما وأولت مقتضياته تأويل قانونيا‬
‫‪)1(. "...‬‬
‫وتأسـيسا على مـا تـم تناوله فيمـا تقدم‪ ،‬تـبين أن العلقـة بيـن الجبايـة والسـتثمار تعتـبر على درجـة مـن الهميـة‬
‫والدقـة‪ ،‬وكلمـا كانـت هذه العلقـة مضبوطـة وموزونـة بالشكـل اللزم‪ ،‬كلمـا سـاهم كـل منهمـا فـي إثراء الخـر‪ ،‬فل‬
‫يتصور قيام مشاريع استثمارية ضخمة وقوية دون سياسة جبائية حكيمة‪.‬‬
‫ويعتـبر القاضـي الجبائي حلقـة مهمـة فـي صـياغة هذه العلقـة فهـو الحكـم الذي يعطـي القاعدة الضريبيـة بعدهـا‬
‫الحقيقي‪ ،‬ومضمونها الجتماعي والقتصادي بين ما هو مقرر تشريعا وبين ما يفرزه التطبيق العلمي على مستوى‬
‫العمل الداري‪.‬‬
‫ومـن خلل السـوابق القضائيـة التـي تمـت مناقشتهـا اتضحـت الهميـة البالغـة للجتهاد القضائي فـي دعـم السـتثمار‬
‫وحماية المستثمرين ‪.‬‬
‫وعليه يتعين دعم هذه السلطة وتقويتها ودعمها بالوسائل الكفيلة لتحقيق قضاء نزيه عادل ومستقل‪.‬‬

‫‪.1‬ذ محمد قصري‪ ،‬م س ‪،‬ص ‪.110‬‬

‫‪67‬‬
‫منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬حدود العمل القضائي في المادة الجبائية‬

‫إن تحليل ودراسة بعض حدود عمل القاضي الجبائي ليس الهدف منه التنقيص والتقليل من قيمة العمل القضائي‬
‫الصـادر فـي المادة الجبائيـة الذي ول شـك‪ ،‬ذو أهميـة بالغـة – كمـا سـبق الذكـر ـــ بالرغـم مـن حداثـة تجربـة المحاكـم‬
‫الدارية كقضاء متخصص في نزاعات المواطن–الدارة‪.‬‬
‫بـل إن هذه الدراسـة تهدف إلى الكشـف عـن بعـض الحدود لتجاوزهـا ولتطويـر قضائنـا الداري والرفـع مـن جودة‬
‫عمله‪.‬‬
‫هذا مع الشارة إلى أن هذا التقييم يبقى نسبيا بحكم قلة الحكام المنشورة في المادة‪ ،‬بل والنتقائية حتى في النشر‪،‬‬
‫دون أن ننسى الصعوبات البالغة التي واجهناها للحصول على الحكام والقرارات التي قمنا بدراستها‪.‬‬
‫وتتنوع هذه الحدود إلى معوقات مرتبطـة بالقاضـي الجبائي نفسـه ( الفرع الول) ومعوقات مرتبطـة بمحيـط عمـل‬
‫هذا الخير ( الفرع الثاني)‪.‬‬
‫الفرع الول‪ :‬الحدود المرتبطة بالقاضي الجبائي‬
‫يلعـب القاضـي الجبائي دورا محوريـا فـي تحقيـق العدالة الضريبيـة‪ ،‬ودعـم ثقـة المتقاضيـن فـي القضاء الداري‪ .‬لكـن‬
‫لتحقيـق ذلك‪ ،‬ل بـد أن يتمتـع القاضـي الجبائي بمسـتوى عال مـن التكويـن فـي المادة الجبائيـة ( المطلب الول)‪ ،‬وأن‬
‫تتميـز أحكامـه بالجودة اللزمـة( المطلب الثانـي)‪ ،‬وهمـا المران اللذان ل يتوفران إلى حـد كـبير فـي العمـل القضائي‬
‫الجبائي بالمملكة‪.‬‬

‫المطلب الول ‪ :‬ضعف التكوين الضريبي للقاضي الجبائي‬

‫مـن المعلوم أن المعهـد العالي للقضاء وشروط الولوج إليـه‪ ،‬تفترض الحصـول على الجازة فـي القانون الخاص‬
‫ممـا يؤدي إلى غلبـة التكويـن المدنـي والخاص على قضاة المسـتقبل‪ ،‬خاصـة بعـد تعتـر تجربـة قبول طلبـة القانون‬
‫العام‪ (.‬الفقرة الولى) كمــا أن القانون الضريــبي يتميــز بالتشتــت والغموض‪ ،‬وصــعوبة ضبــط الجوانــب التقنيــة‬
‫والمحاسبية له إل من طرف المتخصصين في المجال‪ ،‬وغياب التكوين المستمر للقضاة‪.‬‬
‫كـل هذه العوامـل وغيرهـا تنعكـس بشكـل سـلبي على العمـل القضائي الجبائي وعلى جودة الحكام الصـادرة( الفقرة‬
‫الثانية)‪.‬‬
‫الفقرة الولى ‪ :‬التكوين المدني للقاضي الضريبي‬
‫يعانـي القاضـي الضريـبي مـن محدوديـة التكويـن فـي المادة الضريبيـة‪ ،‬ليـس مـن حيـث المسـاطر والجراءات التـي‬
‫تتقاســم فيهــا المادة الضريبيــة مــع المواد الخرى‪ ،‬بــل مــن حيــث التخصــص الفنــي والتقنــي المفترض لللمام التام‬

‫‪68‬‬
‫منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري‬

‫بالنازلة الضريبيـة‪ ،‬ويتجلى فـي تكوينـه المدنـي الصـرف داخـل المعهـد العالي للقضاء وتأثيـر ذلك على حسـمه فـي‬
‫جوهرها‪ ،‬المر الغاية في الهمية بالنسبة لطراف المنازعة الضريبية‪.‬‬
‫ويرجـع ذلك إلى تأثيـر الموروث التاريخـي على تكويـن القاضي الضريبي من جانـب اسـتمرار احتفاظـه بالنهل من‬
‫القانون المدني من أجل تسوية النزاعات الضريبية بالرغم من خصوصياتها‪ ،‬وبالرغم من نهاية عهد وحدة القضاء‬
‫مع شروع المحاكم الدارية سنة ‪1993‬في الشتغال‪.‬‬
‫حيـث أن القاضـي العادي ظـل فـي وظيفتـه إلى حدود سـنة ‪ 1993‬يتماهـى مـع القاضـي الداري بمـا أنـه صـاحب‬
‫(‪)1‬‬
‫الختصاص للبث في كل القضايا مهما كانت طبيعتها‪.‬‬
‫هذا بالرغـم مـن أن القانون الضريـبي عليـه إجماع مـن طرف الفقهاء على أنـه قانون يتمتـع بالسـتقللية عـن القانون‬
‫المدني ومن ثم فإن القواعد الواجبة التطبيق هي قواعد القانون العام وليس قواعد القانون الخاص‪.‬‬
‫هذا دون الحاجة للشارة إلى حالة الطلق غير الرجعي التي أعلنها رواد القانون العام عن القانون الخاص‬
‫‪ -‬ليون دوكي ورواد مدرسة المرفق العام مثل ‪.-‬‬
‫كمـا أن ضعـف تكويـن القضاة فـي المادة الضريبيـة‪ ،‬والتغيرات التـي تعرفهـا القوانيـن الضريبيـة سـنويا تجعـل القضاة‬
‫غير قادرين على مسايرة التطورات والتعديلت التي تعرفها‪.‬‬
‫بيـد أن القانون الضريـبي يتميـز بالدقـة والتعقـد والتقنيـة ممـا يزيـد مـن صـعوبة القاضـي فـي ضبطـه واسـتيعاب فلسـفته‬
‫( ‪)2‬‬
‫القانونية‪.‬‬
‫ويعمـق هذا المـر تطـبيق قواعـد المسـطرة المدنيـة فـي الجراءات أمام المحاكـم الداريـة عـن طريـق الحالة مـن‬
‫القانون ‪ 90/41‬على قانون الجراءات المدنيـة‪ ،‬مـع العلم أننـا لم نكـن نتوفـر على مدونـة للمسـاطر الضريبيـة إل مـع‬
‫القانون المالي سنة ‪ 2005‬حيث تم إصدار كتاب المساطر الجبائية‪.‬‬
‫وقــد تجلى التكويــن المدنــي للقاضــي الضريــبي أثناء العمــل القضائي‪ ،‬فكثيرا مــا كان يؤدي غموض النصــوص‬
‫الضريبية وصعوبة فهمها إلى اعتماد القضاء على قواعد القانون المدني مستعمل سلطته في التفسير التي ل تختلف‬
‫بشيء عن تلك المستعملة في إطار المنازعة العادية‪.‬‬
‫والحقيقة أن هذا التوجه قد يتناقض مع بعض المبادئ التي يقوم عليها القانون الضريبي‪.‬‬

‫‪ .1‬نجاة العماري‪ .‬م‪.‬س ص ‪.362،363‬‬


‫‪2. Fayçal Sotih » le contentieux de l’impôt des patentes « Mémoire de DESA 2000-2001 Université Agdal ,‬‬
‫‪Rabat, encadrée par Mohammed Sbihi. P 61.‬‬
‫‪- Mlle Lamiai Sophia » les garanties du contribuable dans le contentieux fiscal « Mémoire de DESA,‬‬
‫‪Université Agdal, Rabat, 2001-2002 p.102.‬‬

‫‪69‬‬
‫منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري‬

‫إن هذه الخاصية كانت ولزالت تطبع القضاء الضريبي بالمغرب مما يحرم الخزينة والمكلفين على حد سواء من‬
‫ضمانات كثيرة‪.‬‬
‫فقبـل إنشاء المحاكـم الداريـة صـدر قرار عـن محكمـة السـتئناف بالرباط بتاريـخ ‪ 22‬مارس ‪( 1990‬ملف إداري‬
‫‪ ) 88-77‬والذي جاء فيه ما يلي ‪:‬‬
‫" حيـث أن الفصـل ‪ 62‬مـن ق‪.‬ل‪.‬ع يقضـي بأن اللتزام المبنـي على سـبب غيـر مشروع يعتـبر كأن لم يكـن‪ ،‬وأن‬
‫السبب يعتبر غير مشروع إذا كان مخالفا للخلق الحميدة أو النظام العام ‪...‬‬
‫وحيـث أن الموال التـي يمكـن أن تجـبى مـن بيوت الدعارة ل يمكـن اعتبارهـا ربحـا خاضعـا للضريبـة لن محـل‬
‫اللتزام فيها غير مشروع ‪...‬‬
‫والحقيقة أن هذا الموقف ل يمكن التسليم به للعتبارات التالية‪:‬‬
‫•لم يراع ذاتيـة القانون الضريـبي والذي ل يهتـم بشرعيـة الفعـل بقدر مـا يهتـم بموضوع الربـح‪ ،‬فمتـى‬
‫تحقق الربح وجد وعاء الضريبة‪.‬‬
‫•ظهير ‪ 1959‬المتعلق بالضريبة على الرباح المهنية‪ ،‬موضوع المنازعة في هذا القرار‪ ،‬ل يوجد به‬
‫نص يحرم صراحة إخضاع الموال التي يكون محل اللتزام فيها غير مشروع‪.‬‬
‫•اســتناد المحكمــة إلى المادة ‪ 62‬مــن ق‪.‬ل‪.‬ع وهــو قانون يطبــق على اللتزامات العاديــة بيــن أطراف‬
‫‪)1(.‬‬
‫متساوية في الحقوق واللتزامات‪ ،‬في حين أن اللتزام الضريبي مصدره القانون العام‬
‫وقـد اسـتمر هذا التوجـه حتـى بعـد إنشاء المحاكـم الداريـة والقطـع مـع عهـد وحدة القضاء‪ ،‬فقـد أصـدرت المحكمـة‬
‫الداريـة لمكناس حكمـا ألغـت فيـه الضريبـة العامـة على الدخـل المفروضـة على نشاط جمعيـة رياضيـة اسـتنادا إلى‬
‫ظهيـر ‪ 1958‬الذي يؤكـد على غياب هدف الربـح فـي نشاط الجمعيـة رغـم أن الدارة أثبتـت بأن المسـتفيدين يؤدون‬
‫واجبات مهمة من حيث مبلغها مقابل الستفادة من التجهيزات الرياضية ‪.‬‬
‫كما ذهبت إدارية فاس إلى أن عقد الكراء المبرم بين شخصين ل يعتبر عقد شركة ما دام العقد الول ينصب على‬
‫العقار‪ ،‬علمـا أن الحكـم انطلق فـي تعليله مـن تعريـف عقـد الكراء حسـب الفصـل ‪ 627‬مـن ق‪.‬ل‪.‬م ولعقـد الشركـة‬
‫( ‪)2‬‬
‫انطلقا من الفصل ‪ 982‬من نفس القانون‪.‬‬
‫مما سبق يتضح بشكل جلي أن ضعف تكوين القاضي الداري في المادة الجبائية يجعله ميال لعتماد قواعد القانون‬
‫الخاص ‪ ،‬بالرغم من خصوصية القانون الضريبي واستقلله عن باقي فروع القانون الخاص والعام الخرى‪.‬‬
‫هذه الشكالية ل زالت مطروحة وترتبط أشد الرتباط بقاعدة استقللية القانون الضريبي أو اندماجه في‬
‫‪ .1‬عبد الرحمان أبليل ‪ ،‬م‪.‬س ‪ ،‬ص ‪294‬و ‪.295‬‬
‫‪ .2‬محمد شكيري ‪ .‬م‪.‬س ‪.636‬‬
‫حكم رقم ‪ 46/95‬بتاريخ ‪ 16/11/1995‬منشور بمجلة المعيار‪ ،‬عدد ‪ 22‬دجنبر ‪.1996‬‬

‫‪70‬‬
‫منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري‬

‫المنظومة القانونية كباقي فروع القانون الخرى أو بطبيعة خاصة‪.‬‬


‫هذا مــع العلم أننــا أصــبحنا نلحــظ انفتاح القانون الضريــبي على باقــي فروع القانون الخرى وخاصــة القانون‬
‫الخاص‪،‬هذا من حيث تأويل النص الضريبي‪ ،‬أما من حيث الواقع فإن القضاء الضريبي غالبا ما يعتمد على الخبرة‬
‫لتوضيح هذه الشكاليات ولتحل محله في الحسم في المنازعات‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬حلول الخبير محل القاضي الضريبي‬

‫محدوديـة تكويـن القاضـي فـي المادة الضريبيـة يجعله ملزمـا فـي العديـد مـن الحالت بانتداب الخـبير ليفـك طلسـم‬
‫الوثائق ذات الطبيعة المحاسبية‪ ،‬خاصة وأن القاضي ملزم بالبث فيما أحيل إليه من القضايا بالرغم من الكراهات‬
‫التي قد يتعرض إليها‪ ،‬وإل اعتبر وفقا للقانون الجنائي ناكرا للعدالة‪.‬‬
‫لكن مع ذلك فإن الخبرة تلعب دورا بالغ الهمية في العمل القضائي كوسيلة تحقيق‪ ،‬والقاضي له الحق في انتداب‬
‫الخـبراء فـي المسـائل التقنيـة والفنيـة لمسـاعدته على تكويـن قناعتـه‪ ،‬لكـن دراسـة العمـل القضائي للمحاكـم الداريـة‬
‫بالمغرب يؤكد حقائق أخرى منها ‪:‬‬
‫أن المحاكم تقضي بالخبرة حتى في المسائل القانونية‪ ،‬فقد جاء في قرار للمحكمة الدارية بوجدة ما يلي ‪:‬‬
‫"إن تمسك أحد الطراف بعدم مسك دفاتر تجارية منتظمة ل يغل يد القاضي عن الستعانة بأهل الخبرة عند وجود‬
‫أمور تقنية محاسبتية ضريبية يصعب على المحكمة الكشف عنها يجوز إسناد القضاء للخبراء بمأمورية البحث عن‬
‫(‪)1‬‬
‫النص القانوني الواجب التطبيق متى وجدت حالة تشعب القوانين وكثرتها في مادة قانونية معينة "‪.‬‬
‫لكن ل يجب التذرع بتعقد المادة الضريبية للحكم بالخبرة‪ ،‬فكل تقنية تحكم المادة الضريبية هي أيضا في جانب آخر‬
‫مؤطرة بقاعدة قانونيـة‪ ،‬يفترض فـي القاضـي العلم بهـا‪ ،‬واللمام بهـا لكونهـا تدخـل فـي صـميم القانون الذي يفترض‬
‫العلم به‪.‬‬
‫بل إن رأي القاضي الضريبي حول الخبرة يذهب بعيدا حد الشعور بضرورتها حينما يجزم في أحد الحكام " أن‬
‫إجراء خبرة تقنية ضروريا" وفي بعض الحيان من خلل أحكام عدة تقترن هذه الضرورة بموضوعية عدم القدرة‬
‫على الحســم فــي الدعوى الضريبيــة فــي غياب الخــبير‪ ،‬وذلك حينمــا يقتنــع القاضــي أن " المحكمــة ل تتوفــر على‬
‫(‪)2‬‬
‫العناصر الكافية للبث في النازلة خاصة أن المر يتطلب تقنيات وعمليات حسابية دقيقة ‪"...‬‬
‫‪ .1‬حكـم بتاريـخ ‪ 5/5/1999‬فـي الملف رقـم ‪ 1/8‬عدد ‪ 85/99‬ذكره ذ‪.‬إبراهيـم أحطاب بمقال بعنوان " إشكاليـة الخـبرة فـي المادة الجبائيـة" دفاتـر‬
‫المجلس عدد ‪ 8/2005‬ص ‪ .277‬مطبعة إليت‪.‬‬
‫‪ .2‬د‪ .‬نجاة العماري‪ ،‬م‪.‬س ص ‪400‬و ‪401‬‬
‫* المر التمهيدي بالملف عدد ‪ 84/94‬بتاريخ ‪.1995-06-26‬‬
‫* المر التمهيدي بالملف عدد ‪ 126/95‬بتاريخ ‪.1995-07-03‬‬

‫‪71‬‬
‫منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري‬

‫أضف إلى ذلك أن هناك بعض الوامر التمهيدية ل تحدد مهمة الخبير بشكل دقيق أوأنها تسند إلى خبير غير مؤهل‬
‫للقيام بهـا ل يمكـن أن ينتـج عنـه إل صـياغة تقريـر وصـفي‪ ،‬ل يفيـد المحكمـة فـي شيـء أمام تزايـد رفـض الخـبراء‬
‫‪)1(.‬‬
‫المؤهلين عمليا إسناد مهام الخبرة إليهم‪ ،‬مع أن أسماءهم مدرجة في جدول الخبراء‬
‫كما أن بعض الوامر التمهيدية ل تحترم التخصص في تعيين الخبراء مما يترتب عنها نتائج سلبية من حيث المس‬
‫بمصداقية الحكام والضرار بمصالح المتقاضين‪.‬‬
‫إضافـة إلى ذلك هناك بعـض الممارسـات اللخلقيـة( رشوة‪ ،‬محسـوبية‪ )...‬يقوم بهـا بعـض الخـبراء لفائدة الملزم‬
‫( ‪)2‬‬
‫تنعكس سلبا على العمل القضائي في المادة الجبائية وعلى حقوق الخزينة ‪.‬‬
‫لكـن الخطـر مـا فـي المـر هـو المصـادقة على أغلب التقاريـر المنجزة مـن طرف الخـبراء عندمـا تكون محترمـة‬
‫(‪)3‬‬
‫للشكل المطلوب قانونا بالرغم من أن المحكمة غير ملزمة بذلك‪.‬‬
‫ودون مناقشــة المآخــذ المقدمــة مــن طرف الدفاع‪ ،‬علمــا أن الحكــم الذي ل يجيــب على الدفوعات يكون معرضــا‬
‫للبطال لمسـه بحقوق الدفاع ولكونـه ناقـص التعليـل الموازي لنعدامـه‪ ،‬ومثال على ذلك الحكـم الصـادر عـن إداريـة‬
‫البيضاء بتاريخ ‪ " 1999-9-8‬حيث أن الخبرة مستوفية لسائر شروطها الشكلية والموضوعية ل يسع المحكمة إل‬
‫( ‪)4‬‬
‫المصادقة عليها لكونها مطابقة للمادة ‪ 63‬من ق‪.‬م‪.‬م"‪.‬‬
‫باستثناء قلة منها قد يشكك القاضي الضريبي في الخبرة المأمور بإجرائها في الحكم التمهيدي‪ ،‬فينتدب خبيرا آخر‬
‫محل الول‪.‬‬
‫ممـا سـبق يتضـح أن سـلطة فـض المنازعات الضريبيـة قـد عرفـت انسـيابا مـن القاضـي إلى الخـبير الذي أصـبح هـو‬
‫الحاكـم الفعلي والمقرر الحقيقـي فـي ملفات المنازعات الجبائيـة أمام القضاء الداري‪ ،‬وتحولت الخـبرة مـن وسـيلة‬
‫تحقيق كما نص على ذلك قانون المسطرة المدنية‪ ،‬إلى وسيلة إتباث قوية‪.‬‬
‫ويرجع ذلك إلى ضعف التكوين الذي يعاني منه القاضي الضريبي في المادة الجبائية ومن تمة يتعين على القضاة‬
‫بدل مجهود كبير لتجاوز هذا النقص وهذا التقصير‪.‬‬

‫‪ .1‬محمد الهني " إشكالية الخبرة في المادة المدنية " مجلة الشعاع عدد ‪ 24‬دجنبر ‪ ،2001‬نقل عن ذ‪ .‬إبراهيم أحطاب مرجع سابق ص ‪.279‬‬
‫‪ .2‬محمـد شكري‪ ،‬م‪.‬س ‪ .‬ص ‪ 637‬نقل عـن سـعاد بنور " العمـل القضائي فـي المادة الجبائيـة" رسـالة لنيـل دبلوم الدراسـات العليـا ‪ ،‬كليـة الحقوق‬
‫البيضاء‪.1999/2002 ،‬‬
‫‪3. lamiai Sophia , op.cit, p.103.‬‬
‫‪ .4‬بالملف عدد ‪ 1713/7/99‬ذكره ذ إبراهيم أخطاب ‪ ،‬م‪.‬س ‪ ،‬ص ‪.279‬‬

‫‪72‬‬
‫منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬الحدود المرتبطة بالحكام‬

‫تعرف الحكام الصـادرة فـي منازعات الوعاء الضريـبي التـي ينتجهـا القاضـي الضريـبي العديـد مـن الحدود سـواء‬
‫على مستوى الشكل أو على مستوى الموضوع‪.‬‬
‫فالمشرع ألزم القاضي الضريبي النظر في مدى احترام المقالت للشروط الشكلية ونخص بالذكر الفصلين ‪ 1‬و ‪32‬‬
‫من قانون المسطرة المدنية‪ ،‬ومختلف الشروط الخرى المنصوص عليها في المدونة العامة للضرائب‪ .‬تم مناقشة‬
‫الدفوعات التــي يتقدم بهــا الدفاع فــي الموضوع‪ ،‬لكــن الملحــظ أن القاضــي الضريــبي يحســم شكل فــي الدعوى‬
‫الضريبيـة بشكـل كـبير ( الفقرة الولى) ‪ ،‬بيـد أن مضمون بعـض الحكام أثار العديـد مـن الملحظات والنقـد ( الفقرة‬
‫الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة الولى ‪ :‬هيمنة الجوانب الشكلية على العمل القضائي‬

‫باسـتقراء مجموعـة مـن الحكام الصـادرة عـن المحاكـم الداريـة للمملكـة‪ ،‬يتضـح أن الكثيـر منهـا تطرق فقـط‬
‫للمسائل الشكلية دون الخوض في مضمون المنازعة‪ ،‬فصدرت أحكام عدة بعدم القبول لوجود إخللت شكلية غالبا‬
‫ما تكون من جانب الملزم كعدم احترام ضوابط التظلم التمهيدي وآجاله و كذلك عندما تكون ملتمسات المدعين غير‬
‫مطابقة لمقالتهم بحيث ل يتبين القاضي مطالب المدعين ‪.‬‬
‫( ‪)1‬‬
‫و كذلك الحال حين تنصب المنازعة في وعاء الضريبة فترفع ضد محصل الضرائب‪.‬‬
‫عوض أن ترفع ضد المدير الجهوي للضرائب لنه هو الذي له الصفة في تمثيل الدارة الضريبية‪ ،‬وليس الخازن‬
‫الجهوي الذي له الصفة في التقاضي في دعاوى التحصيل فقط‪.‬‬
‫والمثلة على ذلك كثيرة في العمل القضائي للمحاكم الدارية‪ ،‬ففي تقييم للحكام الصادرة عن إدارية الرباط مثل‬
‫خلل سنة ‪ 1995‬والتي يناهز عددها ‪ 65‬حكما نجد أنها موزعة على الشكل التي‪:‬‬
‫‪-‬عدد الحكام القاضية بعدم قبول الدعوى‪ 28 :‬حكما أي ‪.%43‬‬
‫‪-‬عدد الحكام القاضية برفض الطلب ‪ 20 :‬حكما أي ‪.%30‬‬
‫‪-‬عدد الحكام المستجاب فيها للطلب ‪ 14 :‬حكما ‪.‬‬
‫( ‪)2‬‬
‫‪-‬الباقي يشكل تنازل عن الدعوى ‪.‬‬
‫وكذلك المــر بالنســبة للمحكمــة الداريــة لمدينــة الدارالبيضاء التــي دأبــت على معاقبــة تجاهــل الملزم للمقتضيات‬
‫السابقة برفض دعواه الضريبية‪.‬‬
‫‪ .1‬محمد شكيري‪ ،‬م‪.‬س ‪ ،‬ص ‪.634‬‬
‫‪ .2‬عبد الرحمن أبليل‪ ،‬م‪.‬س ص ‪.312‬‬

‫‪73‬‬
‫منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري‬

‫و مـن قبيـل ذلك مـا أصـدرته بتاريـخ ‪ 1996-03-27‬فـي الملف ‪ 44/95‬غ‪ ،‬حينمـا اعتـبرت أنـه تطبيقـا للفصـل ‪ 7‬مـن‬
‫قانون المحاكـم الداريـة والفصـلن ‪1‬و ‪ 515‬مـن قانون المسـطرة المدنيـة تقرر عدم قبول الدعوى‪ ،‬لختلل إحدى‬
‫الشروط الشكليـة الجوهريـة فـي التقاضـي التي هي الصـفة ‪،‬الهليـة‪،‬والمصـلحة المنصـوص عليهـم فـي الفصـل الول‬
‫من ق‪.‬م‪.‬م ‪ ،‬وكذا توجيه الدعوى ضد جهة ليست لها صفة تمثيل الدارة الضريبية( ف ‪.)515‬‬
‫وفي الحكم رقم ‪ 1860‬ملف ‪ 286/96‬الصادر سنة ‪ ،1997‬والتي يبرز من خلله أن الملزم قد وجه الدعوى ضد‬
‫الخازن العام ووزير المالية و مديرية الضرائب المباشرة ومصلحة الضرائب لمدينة سطات وقابض مدينة برشيد‬
‫والعون القضائي للمملكـة‪ ،‬ولن الحـق كان حسـب هذه المحكمـة أن وزيـر الماليـة ل صـفة له فـي تمثيـل الدولة أمام‬
‫القضاء‪ ،‬فإنها قررت رفض دعواه استنادا إلى الفصول المحددة للصفة‪.‬‬
‫وهكذا توالت مواقف المحكمة طيلة السنوات الخيرة غير مكترثة بالنفاذ إلى جوهر الدعوى الضريبية‪ ،‬استنادا إلى‬
‫‪)1(.‬‬
‫إخلل المدعي بالعيب الشكلي السابق الذكر‬
‫إن هذه الحكام القاضيــة بعدم قبول الدعوى لعتبارات شكليــة وحتــى لو كانــت هذه الشكليات مــن النظام العام أو‬
‫ذات طبيعــة جوهريــة‪ ،‬تؤكــد المنحــى الشكلي للقضاء الجبائي والرغبــة فــي تجنــب الغوص والنظــر فــي الدعاوى‬
‫الضريبية على مستوى الجوهر والموضوع‪.‬‬
‫وكان أولى بالقاضي الجبائي في هذا المجال أن يفعل سلطته في إنذار الطراف بتصحيح المسطرة‪.‬‬
‫فكيف هو العمل القضائي عند نظره في جوهر الدعوى الضريبية؟‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬ضعف الجتهاد والبداع في موضوع الدعوى الضريبية‬

‫القانون الداري هو قانون قضائي بامتياز‪ ،‬ذلك أن ظروف نشأتـه جعلتـه يلعـب دورا هامـا ومتميزا فـي ابداع الكثيـر‬
‫مــن قواعــد ومبادئ هذا القانون‪ ،‬خاصــة فــي المجالت التــي لم يكــن يجــد فيهــا حل للنزاع المعروض عليــه فــي‬
‫(‪)2‬‬
‫المصادر الخرى أي مصادر القانون الداري‪.‬‬
‫لكـن المر غير ذلك بالنسـبة للمحاكـم الدارية بالمغرب خاصة فـي الملفات والقضايـا الضريبيـة التي تتميـز بالتعقـد‬
‫وهيمنـة الجوانـب المحاسـبية‪ ،‬ويسـاهم فـي ذلك ارتفاع الحسـم الشكلي الذي يحـد مـن القدرة البداعيـة والجتهاديـة‬
‫للقاضــي الضريــبي‪ ،‬لكــن عندمــا ينظــر فــي الدعوى مــن جانــب الموضوع فإن حســمه ل يتعدى مــا تشترك فيــه‬
‫المنازعات الضريبيـة مـع باقـي المنازعات مـن خصـائص‪ ،‬ممـا يعـد ضعفـا مـن الناحيـة الجتهاديـة‪ .‬ويوضـح هذا‬
‫المـر بعـض الحكام المتعلقـة بمـا يدخـل فـي اعتبار السـس الخاضعـة للضريبـة‪ ،‬سـواء الضرائب غيـر المباشرة‬
‫كالضريبة على القيمة المضافة‪ ،‬أو الضرائب المباشرة كضريبة التسجيل أو الضريبة العامة على الدخل‪.‬‬

‫‪ .1‬نجاة العماري‪ ،‬م‪.‬س ‪ ،‬ص ‪.379،378‬‬


‫‪ .2‬أحمد سنيهجي " الوجيز في القانون الداري المغربي" الطبعة الثانية ‪ ،1998‬ص ‪.29‬‬

‫‪74‬‬
‫منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري‬

‫إل أن هذه الحكام ل تتعدى التطـبيق الوتوماتيكـي للنصـوص الضريبيـة الواضحـة‪ ،‬بينمـا تفتقـر أحكام القاضـي‬
‫الضريبي إلى تحديد المبلغ الضريبي الواجب الداء‪ ،‬أو الحكم بالسترجاع بعد احتساب المبلغ وتقدير الخصومات‬
‫والعفاءات الجزئية أو المرحلية‪.‬‬
‫ويظهــر مــن أحكام أخرى أن المحكمــة مــا أن يظهــر لهــا مــن وثائق الملف المعروضــة عليهــا عدم مســك الملزم‬
‫بالضريبـة ليـة أوراق محاسـبية‪ ،‬حتـى تقول بشرعيـة التصـحيح المقام مـن طرف الدارة الضريبيـة دون النفاد إلى‬
‫مبلغه‪ ،‬فيعتبر ذلك كافيا لخضاع الملزم للمبلغ المقدر من قبلها‪.‬‬
‫هذا بغض النظر عن بعض قضايا البث في الجوهر‪ ،‬التي ترتكز المحكمة في الحسم فيها على بعض القواعد التي‬
‫تخرج عـن نطاق القانون الضريـبي كالقانون التجاري‪ ،‬أو أن اجتهاده يقتصـر على نقاط تظـل قاسـما مشتركـا بيـن‬
‫(‪)1‬‬
‫فروع القانون الخرى والقانون الضريبي ‪.‬‬
‫كمـا أن القاضـي الجبائي وبعـد أكثـر عشـر سـنوات مـن العمـل القضائي لم يسـتطع تكويـن رأي نهائي حول الطبيعـة‬
‫القانونيـة للطعـن الجبائي‪ ،‬وإمكانيـة التعاطـي مـع دعوى اللغاء بسـبب تجاوز السـلطة فـي الميدان الجبائي‪ ،‬فبعـض‬
‫المحاكم الدارية تذهب إلى حد رفض ممارستها باعتبار أن القضاء الشامل هو الميدان الطبيعي لممارسة الدعوى‬
‫الجبائية‪ ،‬وتذهب محاكم أخرى إلى عكس ذلك بالقول بإمكانية ممارسة دعوى اللغاء ولكن في نطاق ضيق ودون‬
‫( ‪)2‬‬
‫معيار واضح‪.‬‬
‫هذا مـع العلم‪ ،‬أن العمـل القضائي فـي المادة الجبائيـة المتعلق بالوعاء يتميـز بظاهرة سـلبية تتجلى فـي انتفاء عنصـر‬
‫الوحدة الذي يعتـبر مـن المسـتلزمات السـاسية للعمـل القضائي داخـل أي بلد‪ ،‬فتوحيـد الحكام والقرارات عامـل مهـم‬
‫وأساسي لستقرار أي نظام‪.‬‬
‫والحالت على موطـن الختلفات والتناقضات كثيرة فـي عمـل المحاكـم الداريـة‪ ،‬حتـى أننـا أصـبحنا نجـد أن كـل‬
‫محكمة إدارية تخلق توجها خاصا بها يتميز ويختلف عن الخرى‪ ،‬والمثلة عن هذه الظاهرة تطال قواعد مسطرية‬
‫وموضوعية بالغة الهمية ‪ ( :‬مسطرة التظلم الداري‪ ،‬انعقاد الختصاص للقضاء الستعجالي ‪)...‬‬
‫ممـا سـبق يتضـح بشكـل جلي أن العمـل القضائي فـي المادة الجبائيـة يعانـي مـن حدود بالغـة الهميـة مرتبطـة أسـاسا‬
‫بضعــف تكويــن القاضــي الجبائي فــي المادة الضريبيــة ممــا يؤدي إلى اهتمامــه بالجانــب الشكلي على حســاب‬
‫الموضوع وانسياب سلطة الحسم في الدعوى لفائدة الخبير‪.‬‬
‫إل أنه إلى جانب هذا النقص الذي يعرفه عمل القاضي الجبائي هناك حدود مرتبطة بمحيط عمله‪.‬‬

‫‪ .1‬نجاة العماري ‪ ،‬م‪.‬س ‪ ،‬ص ‪.396-395-394‬‬


‫‪ .2‬العربي الكزداح‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.465،464‬‬

‫‪75‬‬
‫منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري‬

‫الفرع الثاني ‪:‬الحدود المرتبطة بمحيط القاضي الجبائي‬

‫سـاهمت فـي الحـد مـن تطور العمـل والجتهاد القضائي فـي المادة الضريبيـة إلى جانـب الحدود المرتبطـة بالقاضـي‬
‫الجبائي مــن ضعــف التكويــن فــي المادة الضريبيــة وضعــف الجتهاد على مســتوى موضوع الدعوى الضريبيــة‪،‬‬
‫عوامـل أخرى مرتبطـة بمحيـط القاضـي الجبائي أي المحيـط الذي له علقـة مباشرة وتأثيـر كثيـر على عمـل القاضـي‬
‫وتعاطيه مع الملف الضريبي ونخص بالذكر ‪:‬‬
‫المشرع‪ ،‬المسطرة أمام القضاء الداري‪ ،‬ضعف الوعي الجبائي لدى الملزم‪ ،‬و دور الدفاع‪.‬‬
‫كـل هذه المسـتويات لهـا تأثيـر كـبير فـي الحـد مـن تطور مسـار عمـل القضاء الجبائي و إعاقـة القدرة على الجتهاد‬
‫وسد ثغرات المادة الجبائية ودعم ضمانات الملزم‪.‬‬
‫وســـنتناول فـــي هذا الفرع الحدود المرتبطـــة بدور المشرع والمســـطرة أمام القضاء الداري( المطلب الول) ثـــم‬
‫الحدود المرتبطة بالملزم والدفاع ( المطلب الثاني)‬

‫المطلب الول‪ :‬دور المشرع والمسطرة الضريبية‬

‫يلعب التشريع في المادة الجبائية دورا محوريا في تطوير العمل القضائي وحماية الملزم من أي شطط تقوم به‬
‫الدارة في حقه‪ ،‬وكذا مسايرة الجتهاد القضائي وتعديل النصوص القانونية وفقه‪.‬‬
‫كما أن المسطرة القضائية تبقى الحجر الساس في ضمان العدالة الجبائية وتبسيط مقاضاة الدارة أمام القضاء‪،‬‬
‫إل أنهما ساهما إلى حد ليس باليسير في الحد من تطور الجتهاد القضائي‪.‬‬
‫فالمشرع أقـبر اجتهادات قضائيـة متواترة لسـنوات ( الفقرة الولى)‪ ،‬فـي حيـن أن المسـطرة أمام القضاء الداري‬
‫وبخاصة المسطرة المتعلقة بالمادة الجبائية هي كذلك تؤثر على تطور الجتهاد القضائي( الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة الولى ‪ :‬دور المــــشرع‬

‫كمـا سـبق الذكـر فإن الجتهاد القضائي هـو مـن كان وراء تأسـيس قواعـد قانونيـة خاصـة بالدارة‪ ،‬وميـز بيـن‬
‫قواعد القانون العام وقواعد القانون الخاص‪ ،‬ووضع أسس الدعاوى الدارية‪.‬‬
‫ومن ثمة سمي القانون الداري بكونه قانون قضائي لنه تميز بعدم التقنيين بالنظر للتطورات الكبيرة التي عرفها‬
‫و يعرفها‪:‬‬
‫وفي هذا السياق ظل القاضي الداري يعمل باستمرار على سد الثغرات التي يعرفها التشريع عن طريق‬

‫‪76‬‬
‫منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري‬

‫خلق قواعد قانونية جديدة‪ ،‬ومع تواتر الجتهادات القضائية يتبناها المشرع ويصادق عليها في شكل قوانين‪ ،‬وذلك‬
‫حفاظا على خاصية أساسية من خصائص القانون الداري‪ ،‬وكذلك القانون الجبائي الذي هو فرع من فروع القانون‬
‫الداري لنه ينظم مجال أساسي هو مجال الضرائب والرسوم التي تعد المورد الساسي لميزانية الدولة ‪.‬‬
‫إل أنه للسف الشديد فإن ما وقع هو خلف ذلك بالمغرب‪ ،‬إذ عمل المشرع على تبني مواقف الدارة و خالف بل‬
‫وأقبر اجتهادات قضائية متواترة كانت تساهم في حماية الملزم وتأكيد الضمانات الممنوحة له‪ ،‬بالضافة إلى مرور‬
‫مختلف التعديلت التي تعرفها القوانين الضريبية بالقانون المالي السنوي والذي ل يعطي الوقت الكافي للبرلمانيين‬
‫في مناقشته مناقشة كافية وتقديم التعديلت اللزمة عليه‪ ،‬دون أن ننسى طريقة التصويت على القانون المالي التي‬
‫تحد من الحرية الكافية للفرق البرلمانية وخاصة المعارضة في تعديل البنود التي تمس بالضمانات المخولة للملزم‪.‬‬
‫وقد تجلى ذلك بوضوح من خلل كتاب المسـاطر الجبائية الصادر سنة ‪ 2005‬وخاصة الفقرة الخيرة من الفصل‬
‫العاشر من كتاب التبليغ الذي ينص على أنه " إذا تعذر تسليم التبليغ إلى الخاضع للضريبة بالعنوان المدلى به إلى‬
‫مفتشي الضريبة عندما يتم توجيه الوثيقة في رسالة مضمونة الوصول مع إشعار بالتسليم أو بواسطة أعوان كتابة‬
‫الضبط أو العوان القضائيين أو بالطريقة الدارية وتم إرجاع الوثيقة ببيان غير مطالب به أو انتقل من العنوان أو‬
‫عنوان غير معروف أو غير تام أو أماكن مغلقة أو خاضع للضريبة غير معروف بالعنوان‪ ،‬في هذه الحالت يعتبر‬
‫الظرف مسلما بعد انصرام أجل العشرة أيام التالي لتاريخ إثبات تعذر‬
‫(‪)1‬‬
‫التسليم ‪".‬‬
‫هذا الفصل جاء ليجهض جميع الضمانات التي نص عليها قانون المالية لسنة ‪ 1995‬وقد جاء ردا على العديد‬
‫مـن الجتهادات القضائيـة التـي سـبق أن تناولناهـا إبان الحديـث عـن مسـطرة التبليـغ والتـي ألغـت عددا كـبيرا مـن‬
‫( ‪)2‬‬
‫الواجبات الضريبية من طرف المحاكم الدارية بسبب عدم توصل الملزم‪ ،‬أوعدم احترام الدارة لمساطر التبليغ‪.‬‬
‫وقــد خالف هذا الفصــل حتــى القواعــد المنصــوص عليهــا بقواعــد المســطرة المدنيــة‪ ،‬بــل وحتــى لقواعــد التبليــغ‬
‫المنصوص عليها بمدونة التحصيل ‪.15-97‬‬
‫وهذه التعديلت المجهضــة لحقوق الملزم والتــي ســتضيع عــن الملزم مباشرة المســطرة التواجهيــة إبان مســطرة‬
‫التصحيح وبالتالي ستخلق أوضاع مأساوية بالنسبة للملزمين‪.‬‬
‫كما أن المادة ‪ 22‬من قانون الضريبة العامة على الدخل المعدلة بمقتضى قانون المالية لسنة ‪ 2005‬أفادت‬
‫‪ .1‬كتاب المســاطر الجبائيــة الصــادر بالمادة ‪ 22‬مــن قانون الماليــة رقــم ‪ 26-04‬لســنة الماليــة ‪ ،2005‬الجريدة الرســمية عدد ‪ 5278‬بتاريــخ‬
‫‪ 30/12/2004‬ص ‪.4162‬‬
‫‪ -2‬ذ‪ .‬سميرة شقشاق‪ ،‬م‪.‬س ‪ ،‬ص ‪.89‬‬

‫‪77‬‬
‫منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري‬

‫اسـتثناء الخاضعيـن لهذه الضريبـة وفـق النظام الجغرافـي من تطـبيق المسـطرة التواجهيـة فـي حالة تصـريح الملزم‬
‫وفـق قاعدة الحـد الدنـى للضريبـة‪ ،‬وذلك لقطـع الطريـق على الجتهاد القضائي الذي جرى بـه العمـل مـن إلزاميـة‬
‫مراعاة المفتــش للجراءات التواجهيــة فــي أي تصــحيح يعتزم القيام بــه ســواء أكان الملزم خاضعــا لنظام النتيجــة‬
‫(‪)1‬‬
‫الصافية أو النظام الجزافي‪.‬‬
‫ممـا سـبق نسـتخلص أن الدارة الضريبيـة تضطلع بدور هام فـي بلورة النصـوص الضريبيـة مـا دامـت هـي التـي‬
‫تقترح تلك النصـوص حيـث يتـم تحضيرهـا مـن طرف مديريـة الضرائب بالنظـر للطابـع التقنـي لهذه المادة‪ ،‬ثـم يتـم‬
‫تمريرها بمساعدة الغلبية الحكومية داخل البرلمان‪ ،‬والذي يجهل أغلب أعضاءه خصوصيات القانون الضريبي‪،‬‬
‫(‪)2‬‬
‫باستثناء بعض أعضاء اللجنة المالية المكلفة بدارسة القانون المالي‪.‬‬
‫والخلصة هي توريط المشرع في إقبار الجتهادات القضائية المتواترة التي تحمي مصالح الملزم‪.‬‬

‫الفقـــــــرة الثانيــــــة ‪ :‬دور المسطــــــرة الضريبيــــــة‬

‫تتميـز المسـطرة الضريبيـة بالتعقيـد‪ ،‬خصـوصا على مسـتوى تنوع الجال وكثرتهـا‪ ،‬سـواء بالنسـبة لمسـطرة‬
‫التصحيح‪ ،‬مسطرة الفرض التلقائي‪ ،‬آجال البت بالنسبة للجن الضريبية ‪ ،‬أواجل الطعن أمام القضاء الداري‪.‬‬
‫هذا التعقيــد يؤثــر على عدد الملفات المطروحــة أمام القضاء وســرعة البــث فيهــا‪ ،‬إذ أن البطــء فــي تســوية‬
‫المنازعات الجبائية ظاهرة متكررة في المرحلة القضائية‪ ،‬وهو ما يحول دون حسم الدعاوى والقضايا المعروضة‬
‫على المحاكم و أجهزة القضاء في الوقات الملئمة‪ ،‬وعدم إيصال الحقوق لصحابها في الوقات المناسبة ‪.‬‬
‫وقد أرجع البعض هذا البطء إلى عدة عوامل منها‪:‬‬
‫•قلة الوسائل المادية والبشرية والتقنية ‪ :‬القضاة ومساعديهم ‪...‬‬
‫•تأخر الطراف في تقديم مذكراتهم الجوابية وجاهزية الملفات‪.‬‬
‫•غموض النصوص الضريبية‪ ،‬مما يحول دون إنجاز الدعاوى والقضايا في أوقاتها المناسبة‪.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫•تأخر التبليغات القضائية‪.‬‬

‫‪ .1‬قرار عدد ‪ 695‬مؤرخ في ‪ 3/6/1999‬في الملف عدد ‪ ،1232/5‬أورده محمد شكري‪ ،‬م‪.‬س ‪ .‬ص ‪.643‬‬
‫‪ .2‬محمد شكيري‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.75‬‬
‫‪ .3‬عبد الرحمان أبليل‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪ 292‬و ‪.293‬‬

‫كمـا أن تكلفـة المسـطرة أمام القضاء الداري جـد مرتفعـة وتتوزع بيـن الرسـوم القضائيـة التـي تشكـل عائقـا أمام‬
‫ممارسة حق الطعن في قرارات الدارة الجبائية‪ ،‬باستثناء دعوى اللغاء التي أصبحت معفية بمقتضى قانون ‪-90‬‬
‫( ‪)1‬‬
‫‪ 41‬المنشئ للمحاكم الدارية‪.‬‬

‫‪78‬‬
‫منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري‬

‫كما أن أتعاب الخبراء والمحامين وتكاليف السفر والتنقل وإعداد الملف القضائي تساهم في ارتفاع تكلفة التقاضي‬
‫وتمنع بعض الملزمين من اللجوء إلى القضاء ويفضلون بسبب ذلك تسوية خلفاتهم مع الدارة الجبائية ولو بطرق‬
‫غير مشروعة عن طريق الرشاوى أو الصلح ‪...‬‬
‫كمـا أن قلة المحاكـم الداريـة وتواجدهـا بالمدن الكـبرى بالمغرب والتـي ل تتجاوز سـبعة محاكـم تجعـل العديـد مـن‬
‫الملزمين غير قادرين على التقدم بالطعن أمام المحاكم الدارية بالنظر لبعدها عنهم‪ ،‬فكيف يتصور أن يطعن ملزم‬
‫أمام محكمة تبعد عنه بما ل يقل عن ‪ 400‬كلم ‪ ،‬بل تصل إلى ‪ 1500‬كلم بالنسبة لمدن الجنوب‪.‬‬
‫ويزداد المر صعوبة إذا علمنا أن محاكم الستئناف الدارية ل تتجاوز ثلثة محاكم بعد إحداثها‪.‬‬
‫بيــد أن تطــبيق قانون المســطرة المدنيــة أمام القضاء الداري يطرح عدة إشكالت بالنظــر للختلف بيــن الطار‬
‫الجرائي للخصومة المدنية وخصائص المنازعة الدارية‪ ،‬كما أن القانون الضريبي له مسطرة خاصة نص عليها‬
‫كتاب المساطر الجبائية‪ ،‬لكن هذا التداخل طرح عدة‪ ،‬إشكالت مثل ‪:‬‬
‫الصـفة القانونيـة للدولة فـي التقاضـي‪ :‬ذلك أن الدولة تتكون مـن مجموعـة مـن المرافـق العموميـة قـد واكبـه نوع مـن‬
‫التبعيض الذي طال صفتها في التقاضي‪ ،‬فالمدير الجهوي للضرائب هو الذي يمثل الدولة في منازعات الوعاء‪ ،‬في‬
‫حيـن أن الخازن الجهوي هـو الذي يمارس الدعاوى المتعلقـة بالتحصـيل‪ ،‬كمـا أن الوكيـل القضائي للمملكـة يتعيـن‬
‫إدخاله في الدعاوى التي ترمي إلى التصريح بمديونية أحد أشخاص القانون العام وهذا ما طرح عدة إشكالت لدى‬
‫دفاع الملزمين كما سبق توضيحه‪.‬‬
‫بيد أن شرط القيام بإجراء سابق لرفع الدعاوي ( مثل ف ‪ 48‬من الميثاق الجماعي) و الفصل ‪ 40‬من ق‪.‬م‪.‬م الذي‬
‫يرتــب فــي حالة عدم الدلء بالمســتنتجات خلل الجــل المحدد‪ ،‬ممــا يؤدي إلى إصــدار حكــم غيابــي أو بمثابــة‬
‫حضوري‪ ،‬وهذا الجـل غيـر كافـي للدارة‪ ،‬كمـا أن مسـطرة النفاذ المعجـل‪ ،‬والغرامـة التهديديـة كـل هذه الجراءات‬
‫تؤكـد أن المسـطرة المدنيـة غيـر قادرة على اسـتيعاب الخصـوصيات المتعلقـة بالمنازعات الداريـة عمومـا والجبائيـة‬
‫(‪)2‬‬
‫خصوصا ‪.‬‬
‫أضف إلى كل ما سبق إشكالية عدم تنفيذ الحكام القضائية الصادرة ضد الدارة والتي تؤثر على مصداقية‬

‫‪ .1‬العربي الكزداح‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.461‬‬


‫‪ .2‬الجيللي أمزيـد " إشكاليـة تطـبيق المسـطرة المدنيـة فـي مجال المنازعات الداريـة " المجلة المغربيـة للدارة المحليـة والتنميـة‪ ،‬عدد ‪ ،36‬سـنة‬
‫‪.2001‬‬

‫العدالة والعمل القضائي عموما‪ ،‬ويضرب في العمق دولة الحق والقانون ومبادئ حقوق النسان وحقوق الملزم‪ ،‬ل‬
‫سيما وأن الموال العامة غير قابلة للحجز عليها كيفما كان نوع الحجز تحفيظيا أو تنفيذيا أو حجزا بين يدي الغير‪.‬‬
‫هذا الوضع أنتج وضعيات مأساوية للعديد من الملزمين بالضريبة بسبب عدم تنفيذ الحكام الدارية‪.‬‬

‫‪79‬‬
‫منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري‬

‫وقبل أن نختم هذه الفقرة ل بد من الشارة إلى أن هرم القضاء الداري لم يكتمل بعد بالرغم من دخول المغرب من‬
‫قانون ‪ 41-90‬عهد ازدواجية القضاء‪ ،‬وذلك بعدم إنشاء مجلس الدولة كأعلى هيئة قضائية تسهر على توحيد العمل‬
‫القضائي في المادة الدارية وتضمن حقوق المتقاضين والملزمين‪.‬‬
‫إذن المسـطرة أمام القضاء الجبائي تسـاهم فـي الحـد مـن تطور الجتهاد القضائي وذلك مـن خلل تعقدهـا‪ ،‬البطـء‬
‫الذي يميزها‪ ،‬قلة المحاكم الدارية‪ ،‬بعدها عن الملزم‪ ،‬ارتفاع التكلفة‪ ،‬وعدم ملئمة المسطرة المدنية لخصوصيات‬
‫المنازعات الجبائية‪.‬‬
‫كل هذه الخصائص التي تميز المسطرة أمام القضاء الداري والدور السلبي للمشرع ساهما في التأثير بشكل سلبي‬
‫على تطور العمل و الجتهاد القضائيين‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬دور الملزم والدفاع‬

‫بجانـب الحدود المرتبطـة بالمشرع والمسـطرة‪ ،‬هناك أدوار ل يسـتهان بهـا‪ ،‬قام بهـا الملزم والدفاع فـي إضعاف‬
‫تطور العمـــل القضائي والتأصـــيل لقواعـــد ضامنـــة لحقوق الملزم والعدالة الضريبيـــة وتحقيـــق التراكـــم اللزم‬
‫للجتهادات القضائية في المادة الجبائية وخاصة المتعلقة بمنازعات الوعاء الضريبي‪.‬‬
‫وسنتناول في الفقرة الولى ضعف الوعي الجبائي‪ ،‬وفي الفقرة الثانية إسهام الدفاع في الرفض الشكلي للدعوى‬
‫الضريبية بسبب ضعف تكوين المحامين في المادة الجبائية‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬ضعف الوعي الجبائي لدى الملزم‬

‫إذا كان الملزم هـو الشخـص الذي تفرض عليـه الضريبـة أي الذي يتحمـل العبـء القانونـي بغـض النظـر عـن إمكانيـة‬
‫نقلها إلى شخص آخر‪.‬‬
‫فإن الملزم يبقـى الطرف السـاسي فـي العلقـة الضريبيـة‪ ،‬لنـه مـن يتحمـل أداء الضريبـة‪ ،‬وبالتالي تمويـل النفقات‬
‫العامة للدولة‪.‬‬
‫وينقسم الملزمون إلى ممول بسيط وممول متوسط وممول كبير(‪.)1‬‬
‫‪ -1‬محمد شكيري‪ ،‬م س‪،‬ص ‪.126‬‬

‫وتقع على الملزم التزامات كثيرة مثل ‪ :‬مسك المحاسبة‪،‬التصريح بالضريبة‪ ،‬و دفع الضريبة‪.‬‬

‫‪80‬‬
‫منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري‬

‫كمــا أن للملزم عدة حقوق أمام الدارة الضريبيــة منهــا ضمان الحــق فــي العتراض على القرارات الضريبيــة إذا‬
‫كانـت تعرف بعـض الخللت‪ ،‬الحـق فـي السـتعلم الضريـبي‪ ،‬ضمان اسـترداد مـا دفـع بغيـر حـق (‪ ،)1‬والحـق فـي‬
‫اللجوء إلى القضاء للطعن إما في أساس تقييم الوعاء الضريبي أو إجراءات التحصيل الضريبية‪.‬‬
‫هذه اللتزامات والحقوق المخولة له تقتضي أن يكون هذا الخير على مستوى عال من الوعي الجبائي‪.‬‬
‫إل أن واقـع هذا الوعـي لدى الملزميـن وخاصـة الحـق فـي اللجوء إلى القضاء الداري للطعـن فـي ربـط أو تحصـيل‬
‫الضريبــة يبقــى دون المســتوى المطلوب ويتجلى ذلك مــن خلل المقارنــة بيــن النزاعات المطروحــة أمام الدارة‬
‫الضريبية وعدد الملفات المرفوعة إلى القضاء الجبائي‪:‬‬
‫(‪)2‬‬
‫المنازعات الضريبية ( المرحلة الدارية)‬
‫عدد التظلمات المودعة والمعالجة على مستوى المديريات الجهوية‬

‫‪2002‬‬ ‫‪2000‬‬ ‫‪1998‬‬ ‫‪1998‬‬ ‫نوع الضريبة ‪ /‬السنة‬


‫‪7468‬‬ ‫‪5472‬‬ ‫‪7218‬‬
‫‪71365‬‬ ‫الضرائب المباشرة ‪:‬‬
‫‪4‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪5‬‬
‫‪1956‬‬ ‫الضريبة على القيمة المضافة‬
‫‪2013‬‬ ‫‪1804‬‬ ‫‪1859‬‬
‫‪1198‬‬ ‫حقوق التسجيل والتنبر‬
‫‪969‬‬ ‫‪786‬‬ ‫‪737‬‬
‫‪7766‬‬ ‫‪5731‬‬ ‫‪7478‬‬
‫‪74579‬‬ ‫المجموع‬
‫على مستوى‬ ‫‪6‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪9‬‬

‫المنازعة المحالة على اللجن الضريبية‬


‫اللجن المحلية لتقدير الضريبة‬
‫الطعون‬
‫السنة‬
‫المحكومة‬ ‫المسجلة‬
‫‪204‬‬ ‫‪403‬‬ ‫‪1998‬‬
‫‪198‬‬ ‫‪68‬‬ ‫‪1999‬‬
‫‪155‬‬ ‫‪384‬‬ ‫‪2000‬‬
‫‪117‬‬ ‫‪843‬‬ ‫‪2001‬‬
‫‪336‬‬ ‫‪350‬‬ ‫‪2002‬‬
‫‪323‬‬ ‫‪674‬‬ ‫‪2003‬‬

‫‪ -1‬محمد شكيري‪ ،‬م‪.‬س ‪ ،‬ص ‪.19‬‬


‫‪ -2‬محمد شكيري‪ ،‬م‪.‬س ‪ ،‬ص ‪ 626‬و ‪ 630‬و ‪.631‬‬
‫اللجنة الوطنية للطعون الضريبية‬

‫‪81‬‬
‫منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري‬

‫الطعون‬
‫السنة‬
‫المحكومة‬ ‫المسجلة‬
‫‪371‬‬ ‫‪240‬‬ ‫‪1998‬‬
‫‪235‬‬ ‫‪171‬‬ ‫‪1999‬‬
‫‪228‬‬ ‫‪112‬‬ ‫‪2000‬‬
‫‪116‬‬ ‫‪200‬‬ ‫‪2001‬‬

‫الطعون الضريبية أمام المحاكم الدارية‬


‫‪2‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪2003‬‬ ‫‪2001‬‬ ‫‪1999‬‬
‫‪002‬‬ ‫‪000‬‬ ‫‪998‬‬
‫‪1063‬‬ ‫‪883‬‬ ‫‪771‬‬ ‫‪631‬‬ ‫‪661‬‬ ‫‪768‬‬

‫(‪)1‬‬
‫الطعون الضريبية أمام المحكمة الدارية بالبيضاء‬

‫مــــن خلل هذه الجداول يتضــــح أن عدد الطعون أمام‬ ‫المسجل ‪186‬‬
‫‪1999‬‬
‫الدارة تفوق بشكــل كــبير عدد الملفات المطروحــة أمام‬ ‫المحكوم ‪163‬‬
‫المسجل ‪225‬‬
‫القضاء الداري والتــي ل تتجاوز بعــض المئات‪ ،‬وهــي‬ ‫‪2000‬‬
‫المحكوم ‪191‬‬
‫نسبة ضئيلة جدا ل تساهم في إتاحة إمكانية تراكم العمل‬ ‫المسجل ‪253‬‬
‫‪2001‬‬
‫القضائي وبالتالي الجتهاد القضائي فــــــــــــــــي المادة‬ ‫المحكوم ‪210‬‬
‫الضريبيـة‪ .‬ويرجـع هذا الوضـع إلى عدم توفـر المكلفيـن‬ ‫المسجل ‪265‬‬
‫‪2002‬‬
‫على " وعـي قضائي" الذي يعـد مـن أهـم المعوقات التـي‬ ‫المحكوم ‪202‬‬
‫المسجل ‪240‬‬
‫تحول دون مقاضاتهـم لدارة الضرائب‪ ،‬كمـا أن الدارة‬ ‫‪2003‬‬
‫المحكوم ‪318‬‬
‫الضريبيـــة ل تســـاهم بالشكـــل المطلوب فـــي توعيـــة‬ ‫المسجل ‪372‬‬
‫‪2004‬‬
‫الملزميـن بحقوقهـم والضمانات المخولة لهـم فـي الميدان‬ ‫المحكوم ‪301‬‬
‫الجبائي (‪)1‬‬ ‫المسجل ‪918‬‬
‫‪2006‬‬
‫المحكوم ‪549‬‬
‫الرحمان أبليل‪ ،‬م‪.‬س ‪ ،‬ص ‪.290‬‬ ‫إلىعبد‬
‫‪.2006‬‬ ‫‪ .1999‬د‪.‬‬
‫‪1‬‬ ‫(‪ ،)1‬نشرا ت المحكمة الدارية بالدار البيضاء الصادرة ما بين‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬إسهام الدفاع في الرفض الشكلي للدعوى الضريبية‬

‫‪82‬‬
‫منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري‬

‫الدفاع هـو الجناح الثانـي للعدالة إلى جانـب القضاء‪ ،‬وفـي الدعاوى الداريـة ألزم المشرع المتقاضـي بضرورة أن‬
‫يرفـع المقال موقـع مـن طرف محام مسـجل فـي جدول هيئة مـن هيئات المحاميـن بالمغرب طبقـا للمادة ‪ 3‬مـن قانون‬
‫(‪)1‬‬
‫رقم ‪ 41-90‬المحدث للمحاكم الدارية‬
‫ويرجـع هذا الشرط إلى أن المسـطرة كتابيـة ومـن الضروري على كـل مـن يترافـع أمام القضاء‪ ،‬أن يكون ملمـا‬
‫بالقانون ولن يتحقق هذا الشرط إل في المحامي بحكم تكوينه وبحكم تجربته العملية داخل المحاكم‪.‬‬
‫إل أن واقـع المحاميـن يؤكـد بالملموس محدوديـة اللمام بالمادة الضريبيـة لديهـم بحكـم التكويـن الخاص لغلبهـم‬
‫وبحكــم قلة الملفات الرائجــة أمام المحاكــم الداريــة‪ ،‬ويتضــح ذلك بشكــل واضــح مــن خلل القانون الضريــبي‬
‫ومحدودية تكوين المحامين فيه‪ ،‬خاصة وأنه يتميز بتعقد المساطر ويتطلب مجهودا كبيرا للتمكن منه‪.‬‬
‫وحسب إحد الباحثات (‪ )2‬فإن الرفض الشكلي لدعاوى الضريبية قد بلغ نسبة تزيد عن ‪ %46‬من مجموع القضايا‬
‫المحكومة‪ ،‬وأن المر فيما يتعلق بالوامر فاق ‪ ،%60‬بل إن القضايا الستعجالية الصادرة عن المحكمة الدارية‬
‫للبيضاء قـد جاوز عدم قبول الطلب فيهـا لخللتهـا الشكليـة ‪ ،% 90‬هذه الحصـائيات تؤكـد بمـا ل يدع مجال للشـك‬
‫أن أغلب المحامين لهم وعي جد محدود بالمادة الضريبية‪ ،‬و المفارقة الكبيرة تظهرأيضا أن ملفات كثيرة للمحامين‬
‫ليـس بصـفتهم كذلك‪ ،‬ولكـن بصـفتهم هـم أنفسـهم ملزميـن بالضريبـة‪ ،‬ينيبون عنهـم زملئهـم فـي دعواهـم‪ ،‬إل أنهـم‬
‫يخسرون الدعاوى لعدم احترام شكليات رفعها‪.‬‬
‫وقد أكد الستاذ أبليل أن ‪ %60‬من الدعاوى يقضي المجلس العلى بعدم قبولها لسباب مسطرية مع العلم أنها‬
‫مقدمة من محامين مقبولين للترافع لدى المجلس العلى(‪.)2‬‬
‫ولتجاوز هذا الوضع على المحامين الذين يعتبرون العامل الساسي والمهم في بلورة أي اجتهاد قضائي أن يعملوا‬
‫على تحسين معارفهم في المادة الجبائية حتى يقع الدفاع بصفة صحيحة وجدية عن حقوق الملزمين‪.‬‬
‫وفـي هذا الطار ووعيـا مـن هيئة المحاميـن بالدار البيضاء بهذا الضعـف فقـد أدمجـت مادة المنازعات الضريبيـة فـي‬
‫التكويـن السـاسي للمحاميـن المتمرنيـن و التكويـن المسـتمر للمحاميـن الرسـميين ويؤطـر هذه المادة أطـر ذات كفاءة‬
‫( ‪)3‬‬
‫عالية في المادة الضريبية‪.‬‬

‫‪ .1‬الصادر بالجريدة الرسمية عدد ‪ 4227‬بتاريخ ‪. 3/11/1993‬‬


‫‪ .2‬نجاة العماري في أطروحتها لنيل الدكتورة‪ ،‬م‪.‬س ‪ ،‬ص ‪.408‬‬
‫‪ .3‬برنامج التكوين الساسي والمستمر لهيئة المحامين بالدار البيضاء لسنة ‪.2008-2007‬‬

‫‪83‬‬
‫منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري‬

‫ومـن ثمـة فإن الملزم والدفاع عوض أن يكون مسـاهمين فـي تدعيـم الجتهاد القضائي‪ ،‬وجدنهمـا قـد سـاهما بشكـل‬
‫ليستهان به في الحد من تطور العمل القضائي وجعله أكثر اجتهادا وإبداعا‪.‬‬
‫إذن محيط عمل القاضي الجبائي هو الخر له دور جد مهم إعاقة تطور العمل القضائي‪ ،‬سواء المشرع‪ ،‬المسطرة‪،‬‬
‫الملزم‪ ،‬أو الدفاع‪.‬‬
‫وأنــه مــن ثمــة يجــب تجاوز بعــض الختللت التــي يعرفهــا التشريــع الجبائي‪ ،‬وعلى الجمعيات المهنيــة وغرف‬
‫الصـناعة التقليديـة والتجاريـة أن تقوم بواجبهـا فـي تعريـف الملزميـن بحقوقهـم والضمانات المخولة لهـم بمقتضـى‬
‫القانون الضريبي‪.‬‬
‫أمـا المحامـي فل عذر له فـي أن يجهـل التشريـع الضريـبي أو يرتكـب بعـض العيوب المسـطرية التـي تؤدي إلى عدم‬
‫قبولها شكل‪ ،‬وفي هذا السياق لقد حان الوقت لقرار نظام التخصص في مجال مهنة المحاماة‪.‬‬

‫‪84‬‬
‫منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري‬

‫خاتمة الفصل الثاني‪:‬‬

‫مـن خلل هذا التقييـم الذي قمنـا بـه فـي هذا الفصـل اتضحـت لنـا بعـض مظاهـر أهميـة العمـل القضائي فـي‬
‫المادة الجبائيـة و الدور الخلق الذي قام بـه القاضـي الجبائي فـي دفـع عجلة الجتهاد والبداع سـواء على مسـتوى‬
‫الشكل أو الموضوع ‪.‬‬
‫ففــي الجانــب الشكلي عمــل القاضــي الجبائي على تلطيــف المســطرة الجبائيــة‪ ،‬وأبدع بعــض الضمانات‬
‫الجديدة لفائدة الملزم فيما يخص المسطرة وكل ذلك من أجل الحفاظ على حقوق وضمانات الملزم ‪.‬‬
‫أما على مستوى الموضوع فقد فعل بعض مبادئ القانون الضريبي وفتح إمكانية قبول دعوى اللغاء في‬
‫المجال الضريبي بالرغم من أن القضاء الشامل هو المجال الطبيعي لها‪.‬‬
‫أضف إلى ما سبق‪ ،‬الدور الخلق للقاضي الجبائي في تشجيع الستثمار من خلل إقرار حقوق الملزمين‬
‫في الستفادة من المتيازات المقررة لهم في مجال العفاءات الضريبية‪.‬‬
‫بيد أن هذا التقييم الذي اعتمدنا فيه الجانب الكمي والكيفي ومقياس الفاعلية والفعالية لم يمنعنا من الحديث‬
‫وتحليـل بعـض الحدود التـي تميـز العمـل القضائي فـي المادة‪ ،‬وركزنـا بالسـاس على ضعـف تكويـن أطراف العلقـة‬
‫في منازعات الوعاء الضريبي سواء القاضي الجبائي‪ ،‬الملزم‪ ،‬الدفاع‪.‬‬
‫وكذا دور المشرع والمسطرة في الحد من تطور الجتهاد القضائي‪.‬‬
‫ويمكـن القول أن هذا التقييـم المتواضـع هـو عبارة عـن خلصـات شخصـية هذا مـع العلم أن حجـم العمـل‬
‫القضائي الصادر في المادة الجبائية لزالت قليلة‪ ،‬وأن الجتهاد القضائي لزال في بدايته ويحتاج إلى عامل الزمن‬
‫لتحقيق التراكم اللزم لتطوره ولحل بعض الشكاليات والثغرات التي تعرفها النصوص الضريبية‪.‬‬
‫كمــا أن تقييــم العمــل القضائي فــي مجال الوعاء الضريــبي يحتاج إلى عقــد أيام دراســة وندوات وطنيــة‬
‫يشارك فيهـا أخصـائيون وفاعلون فـي الحقـل‪ ،‬ودراسـات علميـة جماعيـة لتعميـق النظـر فـي مجالت القوة ومظاهـر‬
‫الضعـف التـي تعتري هذا العمـل‪ ،‬كـل ذلك مـن أجـل تحقيـق التوازن المنشود بيـن حقوق الخزينـة العامـة وضمانات‬
‫الملزم وحقوقه‪.‬‬
‫وذلك بهدف إعداد تصـورات ومشاريـع إصـلحية للمنظومـة القانونيـة الجبائيـة والدارة الضريبيـة فـي‬
‫علقتها بالملزمين وإصلح النظام القضائي الداري لتجاوز الثغرات وتدعيم الجوانب اليجابية‪.‬‬

‫‪85‬‬
‫منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري‬

‫خاتمــــــة عامـــــــة‪:‬‬
‫تحقيق التوازن بين مصالح الدارة الضريبية والملزم بالضريبة‪ ،‬يبقى رهانا مرتبطا بعدة إصلحات‬
‫يجب القيام بها لتجاوز كل الثغرات التي يعرفها العمل القضائي في مجال المنازعات الضريبية ‪.‬‬
‫هذا بالرغـم ممـا سـجلناه خلل البحـث مـن دراسـة عدة قرارات وأحكام التـي سـاهمت فـي حمايـة الملزم‬
‫وضمان حقوقـه والحـد مـن كـل الخللت التـي يمكـن أن تقوم بهـا الدارة الضريبيـة سـواء خلل مصـلحة التصـحيح‬
‫الضريبي أو خلل مصلحة الفرض التلقائي للضريبة ‪.‬‬
‫لكــن تبقــى الســمة العامــة للعمــل القضائي فــي منازعات الوعاء الضريــبي بحكــم تعقــد المادة وتشتــت‬
‫النصـوص القانونيـة المؤطرة لهـا وضعـف بحـث أسـس الضريبـة على ضوء المعطيات المهنيـة والقتصـادية‪ ،‬هـي‬
‫المقاربــة الغائبــة عــن عمــل قضائنــا فــي مادة منازعات الوعاء الضريــبي ممــا يفرض التأكيــد على ضعــف العمــل‬
‫القضائي عموما في المادة الجبائية ‪ ،‬وعدم ارتقاء قضاءنا الضريبي إلى مستوى القضاء المحدث للقواعد القانونية‬
‫وهو ما اتضح من خلل المقاربة الكمية والكيفية لعمل المحاكم الدارية التي قمنا بها في طي البحث‪.‬‬
‫وأنـه مـن ثمـة يتعيـن القيام بعدة إصـلحات وتعديلت ذات طبيعـة جوهريـة تهـم النظام الجبائي‪ ،‬الدارة‬
‫الجبائية في علقتها بالملزمين‪ ،‬إصلح الجامعة والنظام القضائي بالمغرب‪.‬‬
‫أ‪ .‬إصلح النظام الجبائي‪:‬‬
‫يمكـن أن نسـجل بكـل إيجابيـة صـدور المدونـة العامـة للضرائب لول مرة فـي تاريـخ المغرب بقانون الماليـة لسـنة‬
‫‪ 2007‬واحتوت في جنباتها النصوص الضريبية التي كانت متفرقة وكذا كتاب المساطر الجبائية‪ ،‬وقد كان إصدار‬
‫المدونة مطلبا ملحا لجميع الفاعلين في الحقل الضريبي‪ ،‬إل انه بالرغم من ذلك فإن النظام الجبائي المغربي يحتاج‬
‫إلى جانب التقنين‪ ،‬إصلح العديد من العيوب التي تؤثر على العمل القضائي وتحد من قدرته الجتهادية‪ ،‬ونخص‬
‫بالذكر‪:‬‬
‫* أن النصوص الضريبية سيما المتعلقة بالوعاء يجب أن تكون على درجة كبيرة من الوضوح بحيث ل تدع مجال‬
‫للتأويل‪ ،‬وذلك لتفادي كل خطأ في التفسير أو انحراف في التطبيق إعمال لسلطة تقديرية غير سليمة‪.‬‬
‫بالضافـة إلى ذلك ينبغـي أن يشمـل تبسـيط وتوضيـح النصـوص القانونيـة المكونـة للنظام الجبائي المغربـي‪ ،‬الطار‬
‫(‪)1‬‬
‫القانوني المنظم للمنازعات الجبائية سواء تعلق المر بالمرحلة الدارية أو المرحلة القضائية‪.‬‬

‫‪ -1‬عبـد الرحيـم التيجانـي " المنازعات الجبائيـة فـي مجال تحصـيل الضرائب المباشرة نموذج الضريبـة على الشركات" بحـث لنيـل دبلوم الدراسـات‬
‫العليا موسم ‪ ، 2000-1999‬ص ‪.174‬‬

‫‪86‬‬
‫منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري‬

‫* تطعيـم كتاب المسـاطر الجبائيـة بمواقـف الدارة مـن خلل المذكرات التفسـيرية وبعـض الجتهادات القضائيـة فـي‬
‫مجال الفحــص والمنازعــة‪ ،‬كمــا يتعيــن نشرهــا وتعميمهــا على نطاق واســع على الملزميــن ليكونوا على بينــة مــن‬
‫الجراءات التي يجب أن يسلكوها في حالت خضوعهم لفحص أو رغبتهم في منازعة الدارة قضائيا أو إداريا‪.‬‬
‫* الحفاظ على اسـتقرار القانون الضريـبي وعدم القدام على التعديلت المتتاليـة لنفـس المقتضيات‪ ،‬وهذا مـن شأنـه‬
‫تعزيز الحماية القانونية من التغيير المستمر للتشريع‪.‬‬
‫* إعادة النظر في النظام الجبائي بالشكل الذي يؤدي إلى تحقيق توازن العبء الجبائي وقد تناقل الدباء السلطانيين‬
‫بعضهـم عـن بعـض المقولة المشهورة " الملك بالجنـد والجنـد بالمال‪ ،‬والمال بالجبايـة‪ ،‬والجبايـة بالعمارة‪ ،‬والعمارة‬
‫بالعدل"‪.‬‬
‫وفـي هذا السـياق يجـب أن يتـم تعديـل المنظومـة الضريبيـة المغربيـة وفـق معاييـر العدالة الجبائيـة ولذلك فإن القانون‬
‫الضريــبي يجــب أن يكون موضوع نقاش ديمقراطــي حقيقــي ويأخــذ بعيــن العتبار مفهوم المنفعــة العامــة‪ ،‬إعادة‬
‫التوزيع‪ ،‬العدالة‪ ،‬وتصاعدية القتطاعات الضريبية‪.‬‬
‫ب‪ -‬تحديث الدارة الضريبية‪:‬‬
‫إن الهتمام بتحسـين العلقـة مـا بيـن الدارة الجبائيـة والملزم أضحـت ضرورة ملحـة فـي الوقـت الراهـن وذلك‬
‫لتجاوز طابـــع الكراه الذي يميـــز الضريبـــة وطرق فرضهـــا وتحصـــيلها وكذا مختلف العوائق التـــي تحول دون‬
‫التواصل الجيد بين الدارة والملزم وذلك عبر‪:‬‬
‫* توظيف العدد الكافي من الطر الكفأة لتعزيز مصالح المراقبة والوعاء لتجاوز النقص الكبير في هذا المجال‪.‬‬
‫* إصـلح هياكـل الدارة الضريبيـة وذلك بتعميـم أجهزة المعلوميات على مختلف المصـالح لتحسـين التواصـل مـع‬
‫المنظمات المهنيـة‪ ،‬وجمهور الملزميـن لتعريفهـم بحقوقهـم‪ ،‬ولتعميـم القرار اللكترونـي‪ ،‬و تسـريع سـرعة البـت فـي‬
‫التظلمات سواء أمام الدارة أو اللجان الضريبية‪.‬‬
‫* محاربة العناصر المرتشية والفاسدة في الدارة الضريبية وتوقيع العقوبات اللزمة على جميع المستويات الدنيا‬
‫والعليا‪ ،‬علما أن هذه الظواهر جد منتشرة في إدارة الضرائب بشكل ظاهر للعيان كما ل يخفى على أحد‪ ،‬ومن تم‬
‫تضيع حقوق الخزينة العامة وكذا حقوق الملزمين والوطن بأكمله‪.‬‬
‫لن أي إصلح تشريعي لن تكون له الفعالية اللزمة إذا لم تكن هناك إدارة ضريبية قوية ونظيفة‪.‬‬
‫ج‪ -‬إصلح القضاء الجبائي‪:‬‬
‫إن تفعيـل القضائي الجبائي وتحسـين مسـتواه ل يمكـن أن يتـم إل بتحمـل الجامعـة المغربيـة مسـؤوليتها فـي‬
‫هذا المجال‪ ،‬ذلك أن القاضــي قبــل أن يلتحــق بســلك القضاء‪ ،‬فهــو خريــج إحدى كليات الحقوق ( شعبــة القانون‬
‫الخاص ) حيث يتعرفون على المادة الضريبية ضمن مادة المالية العامة وذلك بصورة مقتضبة وبصورة أوسع إذا‬
‫تمكنوا مـن متابعـة دراسـتهم فـي إطار السـلك الثالث ودراسـة القانون الضريـبي‪ ،‬وأنـه لذلك يتعيـن إدخال تعديلت‬

‫‪87‬‬
‫منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري‬

‫جذرية لتطوير بنيات البحث العلمي‪ ،‬وتكوينه ليكون جديرا بمحراب العدالة سواء أصبح قاضيا أو محاميا وترجمة‬
‫شعب عملية كالقانون الضريبي والمنازعات الجبائية‪.‬‬
‫كمـا ل ينبغـي إغفال إعداد القاضـي على مسـتوى المعهـد الوطنـي للدارسـات القضائيـة و على مسـتوى التكويـن‬
‫المستمر عن طريق الندوات داخل الوطن وخارجه وإعطاء العناية اللزمة لموضوع المنازعات الضريبية المكان‬
‫اللئق بها في برامج التكوين الساسي والمستمر‪.‬‬
‫وكذا رفــع مســتوى مهارات القاضــي الفكريــة والعمليــة والتفاوضيــة‪ ،‬وتوفيــر المراجــع العلميــة فــي المادة‬
‫الضريبيـة وذلك عـبر إحداث مكتبات قانونيـة حديثـة‪ ،‬أو مجهزة بكـل المحاكـم‪ ،‬لمسـايرة كـل التطورات التـي يعرفهـا‬
‫المجال القانوني والحقل الضريبي خاصة سواء الوطني او الدولي‪.‬‬
‫أمـا على مسـتوى الهرم القضائي بالمغرب فإنـه حان الوقـت لدعـم لمركزيـة حقيقيـة للرقابـة القضائيـة‬
‫وتقريـب القضاء الجبائي مـن المتقاضيـن ولن يتـم ذلك إل عـبر إنشاء المحاكـم الداريـة بمختلف القاليـم و العمالت‬
‫بالمملكة ولتجاوز حالة البعد الكبير بين المحاكم الدارية والملزمين‪.‬‬
‫وفي هذا الطار لقد حان الوقت لنشاء مجلس الدولة كأعلى هيئة قضائية تعلو القضاء الداري للدخول‬
‫في عهد ازدواجية القانون والقضاء من بابه الواسع ولتوحيد الرؤية والجتهاد القضائي الجبائي بالمغرب‪ ،‬والسير‬
‫على خطى مجلس الدولة الفرنسي ومجلس الدولة المصري اللذان أصبحا مرجعين بالعالم على مستوى الجتهادات‬
‫القضائية‪.‬‬
‫بيـد أن إصـلح النظام الجرائي و المسـطري أمام القضاء الجبائي ل يقـل أهميـة عمـا سـبق الشارة إليـه وذلك مـن‬
‫خلل القيام بما يلي‪:‬‬
‫* توحيد آجال رفع الدعوى الضريبية أمام القضاء ‪.‬‬
‫* تحديد أطراف كل نوع من أنواع المنازعات بشكل ل لبس فيه ول غموض‪.‬‬
‫* إعادة النظر في صيغة ومواد اختصاص المحاكم الدارية في المادة الجبائية‪.‬‬
‫ونشيـر هنـا إلى ضرورة أن يتـم ضبـط الجتهادات القضائيـة وتصـنيفها قصـد نشرهـا بشكـل رسـمي ليتسـنى لجميـع‬
‫المتدخلين في الحقل الجبائي مواكبة المستجدات التي يعرفها العمل والجتهاد القضائيين وتقديم نقدهم واقتراحاتهم‬
‫بخصوصهما‪.‬‬
‫ولكي ل تفوتنا الفرصة فإن سؤال تخليق أجهزة العدالة‪ ،‬القضاء‪ ،‬الدفاع‪ ،‬كتابة الضبط من كل مظاهر الرشوة‬
‫التــي أصــبحت منتشرة بشكــل غايـة فــي البشاعــة أضحــى ضرورة حضاريــة لربــح رهان القضاء العادل الضامــن‬
‫للعدالة الجتماعية ورهانات التنمية ولرفع تحديات اللفية الثالثة ورياح العولمة‪.‬‬
‫وحاصـل الكلم أن هده الصـلحات المجمـع عليهـا هـي إصـلحات ذات طبيعـة اسـتعجالية‪ ،‬حالة السـتعجال‬
‫فيها قصوى ل تستدعي التأخير أو حتى التمهل‪.‬‬

‫‪88‬‬
‫منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري‬

‫الفهـــــــــــرس‬
‫‪2..........................................................................................................................................................‬‬‫مقدمـــــــــــــة‬

‫‪6.......................................‬‬‫الفصل الول‪ :‬العمل القضائي في مجال منازعات الوعاء الضريبي‬


‫المبحث الول ‪ :‬المساطر الجبائية والعفاء الضريبي ‪7..........................................................‬‬

‫‪7.............................................................................................‬‬ ‫الفرع الول ‪ :‬المساطر الجبائية‬


‫المطلب الول‪ :‬مسطرة التبليغ‪7 .................................................................................................‬‬

‫‪8....................................................‬‬ ‫الفقرة الولى‪ :‬طرق التبليغ وتطورها عبر القوانين المالية‬


‫الفقرة الثانية ‪ :‬إشكالت التبليغ أمام القضاء الداري‪10..............................................................‬‬

‫‪13....................................‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬مسطرتا تصحيح أسس الضريبة والفرض التلقائي‬

‫‪13....................................................................‬‬ ‫الفقرة الولى‪ :‬مسطرة تصحيح أسس الضريبة‬


‫الفقرة الثانية‪ :‬مسطرة الفرض التلقائي ‪17.................................................................................‬‬

‫‪18.......................................................‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬تأويل بعض مجالت العفاء الضريبي‬


‫‪19 ....................................................‬‬ ‫المطلب الول‪ :‬العفاءات الضريبية في المجال العقاري‬

‫الفقرة الولى‪ :‬العفاء من الضريبة على القيمة المضافة بخصوص ما يسلمه الشخص لنفسه من‬
‫مبنى ‪20............................................................................................................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬إشكالية الخضوع للمساهمة الدنيا على ضريبة الرباح العقارية‪23...................‬‬

‫‪26 .........................................‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬العفاءات الضريبية المتعلقة بالمجال الفلحي‬

‫الفقرة الولى‪ :‬إعفاء القطاع الفلحي ‪ :‬السند القانوني والتطورات التي عرفها‬
‫‪26...................‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬موقف القضاء الجبائي من بعض إشكالت إعفاء القطاع الفلحي‪28...............‬‬

‫‪31.......................‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬التحقيق والثبات‪ ،‬واثر الحكم ببطلن المسطرة الضريبية‬
‫الفرع الول‪ :‬التحقيق والثبات في الدعوى الضريبية‪32.......................................................‬‬
‫المطلب الول‪ :‬وسائل التحقيق والثبات ‪32 ...........................................................................‬‬

‫‪32...............................................................................................‬‬‫الفقرة الولى‪:‬وسائل التحقيق‬


‫الفقرة الثانية‪ :‬نظام الثبات‪35.................................................................................................‬‬

‫‪38 ....................................................‬‬ ‫المطلب الثاني ‪:‬الشكالت المتعلقة بالتحقيق والثبات‬

‫‪89‬‬
‫منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري‬

‫الفقرة الولى ‪ :‬إشكالية الخبرة في المادة الجبائية‬


‫‪38.............................................................‬‬
‫‪40.............................................‬‬ ‫الفقرة الثانية ‪ :‬مسلك العمل القضائي على مستوى الثبات‬

‫‪43......‬‬ ‫الفرع الثاني ‪ :‬أثر الحكم ببطلن المسطرة الضريبية على اللتزام الجبائي‬
‫‪43..................‬‬ ‫المطلب الول‪ :‬على مستوى الفرض التلقائي‪ ،‬وتصحيح الساس الضريبي‬

‫الفقرة الولى‪ :‬فيما يخص مسطرة الفرض التلقائي للضريبة‬


‫‪44............................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬فيما يخص مسطرة تصحيح الساس الضريبي‪45...........................................‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬على مستوى مقررات اللجنة الوطنية القاضية ببطلن‬


‫المسطرة الضريبية‪46...............................................................................................................‬‬

‫الفقرة الولى ‪ :‬حالة بطلن مسطرة تصويب الضريبة للخلل بالشعار بالتحقيق‬
‫‪47.........‬‬
‫الفقرة الثانينة ‪ :‬حالة الخلل بالمسنطرة القانونينة الواجنب إتباعهنا أتناء المثول أمام اللجننة‬
‫الوطنية‪47....................................................................................................................................‬‬
‫خاتمة الفصل الول‪50................................................................................................................‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬تقييم العمل القضائي في مادة الوعاء الجبائي‪51....................................‬‬
‫المبحث الول‪ :‬أهمية عمل القاضي الجبائي في حماية حقوق الملزم‪52............................‬‬
‫الفرع الول ‪ :‬تأصيل بعض القواعد لصالح الملزم ‪52.........................................................‬‬

‫‪52..........‬‬ ‫المطلب الول ‪ :‬على مستوى تطبيق القواعد الشكلية المتعلقة بالطعن القضائي‬

‫الفقرة الولى ‪ :‬على مستوى الجال‬


‫‪53..................................................................................‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬على مستوى الجراءات المسطرية‪54.........................................................‬‬

‫‪55...............................................‬‬ ‫المطلب الثاني ‪ :‬على مستوى تطبيق قواعد الموضوع‬

‫الفقرة الولى ‪ :‬تفعيل مبادئ القانون الضريبي‬


‫‪56..................................................................‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬قبول دعوى اللغاء في مجال المنازعات الجبائية‪57..................................‬‬

‫‪59......................................‬‬‫الفرع الثاني ‪ :‬القاضي الجبائي ودوره في تشجيع الستثمار‬


‫المطلب الول ‪ :‬الدور الحمائي للقاضي الجبائي ‪60...........................................................‬‬

‫الفقرة الولى ‪ :‬المحاكم الدارية وأولوية دعم الستثمار‬


‫‪60..............................................‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬المستثمر وهاجس الخضوع للضريبة ‪61...................................................‬‬

‫‪90‬‬
‫منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬إقرار حق الملزم في الستفادة من المتيازات المقررة للملزم في مجال بعض‬
‫الستثمارات‪63..............................................................................................................‬‬

‫‪63.....................................‬‬‫الفقرة الولى ‪ :‬التحفيز على الستثمار في قطاع التعليم الحر‬


‫الفقرة الثانية ‪ :‬التحفيز على الستثمار في المجال الصناعي‪64.......................................‬‬

‫‪66.........................................‬‬ ‫المبحث الثاني ‪ :‬حدود العمل القضائي في المادة الجبائية‬


‫الفرع الول‪ :‬الحدود المرتبطة بالقاضي الجبائي ‪66.........................................................‬‬
‫المطلب الول ‪ :‬ضعف التكوين الضريبي للقاضي الجبائي‪66..........................................‬‬

‫‪66.........................................................‬‬ ‫الفقرة الولى ‪ :‬التكوين المدني للقاضي الضريبي‬


‫‪69....................................................‬‬ ‫الفقرة الثانية ‪ :‬حلول الخبير محل القاضي الضريبي‬

‫‪71..................................................‬‬ ‫المطلب الثاني ‪ :‬الحدود المرتبطة بالحكام والقرارات‬

‫الفقرة الولى ‪ :‬هيمنة الجوانب الشكلية على العمل القضائي‬


‫‪71.........................................‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬ضعف الجتهاد والبداع في موضوع الدعوى الضريبية‪72...................‬‬

‫‪74............................................‬‬ ‫الفرع الثاني ‪ :‬الحدود المرتبطة بمحيط القاضي الجبائي‬

‫المطلب الول‪ :‬دور المشرع والمسطرة أمام القضاء الجبائي في الحد من تصور‬
‫الجتهاد القضائي ‪74...............................................................................................................‬‬

‫‪74..........................................................................................‬‬ ‫الفقرة الولى ‪ :‬دور المشرع‬


‫‪76............................................................................................‬‬ ‫الفقرة الثانية ‪ :‬دور المسطرة‬

‫‪78............‬‬ ‫المطلب الثاني ‪ :‬دور الملزم والدفاع في الحد من تطور الجتهاد القضائي‬

‫الفقرة الولى ‪ :‬ضعف الوعي الجبائي لدى الملزم‬


‫‪78.......................................................‬‬
‫‪81..........................‬‬ ‫الفقرة الثانية ‪ :‬إسهام الدفاع في الرفض الشكلي للدعوى الضريبية‬

‫‪82..........................................................................................................‬‬ ‫خاتمة الفصل الثاني‬

‫خاتمة عامة‬
‫‪83.....................................................................................................................‬‬

‫‪91‬‬
‫منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري‬

‫لئحـــــــة المراجـــــــــــــع‬

‫‪1-‬‬ ‫‪:‬الكتب‬
‫* احمــد الحضرانــي‪ ,‬النظام الجبائي المحلي على ضوء التشريــع المغربــي والمقارن‪,‬الطبعــة الولى‪,‬دار النشــر‬
‫المغربية‪,‬الدار البيضاء ‪,2001‬منشورات م‪.‬م‪.‬إ‪.‬م‪.‬ت‪ ,‬سلسلة مؤلفات و أعمال جامعية‪.‬‬
‫* أحمد سنيهجي‪,‬الوجيز في القانون الداري المغربي و المقارن‪ ,‬مكناس‪ ،‬الطبعة الثانية ‪.1998‬‬
‫* الجيللي أمزيــــد‪ ,‬مباحــــث فــــي مســــتجدات القضاء الداري‪,‬منشورات م‪.‬م‪.‬إ‪.‬م‪.‬ت ‪,‬ســــلسلة مؤلفات و أعمال‬
‫جامعية‪,‬عدد ‪ ,50‬دار النشر المغربية البيضاء‪،‬الطبعة الولى ‪.2003,‬‬
‫* الحسن البوعيسي‪ ,‬كرونولوجيا الجتهاد القضائي في المادة الدارية‪ ,‬الطبعة الولى ‪ 2002‬وزان‪.‬‬
‫* خالد الشرقاوي السـموني‪ ،‬الخـبرة القضائيـة على ضوء قانون المسـطرة المدنيـة و الجتهاد القضائي‪,‬منشورات‬
‫م‪.‬م‪.‬إ‪.‬م‪.‬ت‪ ,‬دار النشر المغربية‪,‬الدار البيضاء‪ ،‬عدد ‪.1998 ,7‬‬
‫* رابح راتب‪,‬الممول و المادة الضريبة‪,‬دار النهضة العربية‪.1991,‬‬
‫* عبد الغني خالد‪ ,‬المسطرة في القانون الضريبي المغربي‪ ,‬دار النشر المغربية البيضاء‪.2002,‬‬
‫* عبد القادر التيعلثي‪ ,‬النزاع الضريبي في التشريع المغربي‪,‬دار النشر المغربية البيضاء‪.1997,‬‬
‫* عبــد الســلم أديــب‪ ,‬الســياسة الضريبيــة إســتراتيجية التنميــة‪,‬دراســة تحليليــة للنظام الجبائي المغربــي ‪-1956‬‬
‫‪,2002‬الطبعة الولى ‪,1998‬إفريقيا الشرق الرباط‪.‬‬
‫* رابح راتب‪,‬الممول و المادة الضريبة‪,‬دار النهضة العربية‪.1991,‬‬
‫* عبد الله حارسي‪,‬الوجيز في القضاء الداري فاس‪,‬السنة الجامعية ‪.1997-1996‬‬
‫* مولي إدريس الحلبي الكتاني‪ ,‬مسطرة التقاضي الداري‪ ،‬دار النشر المغربية البيضاء‪ ،‬طبعة ‪.1997‬‬
‫* محمد السماحي‪ ,‬مسطرة المنازعة في الضريبة‪ ,‬دار أبي رقراق الرباط ‪،‬الطبعة الثانية‪.2003,‬‬
‫* محمــد مرزاق وعبــد الرحمان أبليل‪ ,‬المنازعات الجبائيــة بالمغرب بيــن النظري و التطــبيق‪,‬مــع تقييــم لتجربــة‬
‫المحاكم الدارية في المادة الجبائية‪ ,‬مطبعة المنية‪ ،‬الطبعة الثانية ‪.1998‬‬
‫* محمد شكيري ‪,‬القانون الضريبي المغربي دراسة تحليلة‪,‬منشورات م‪.‬م‪.‬إ‪.‬م‪.‬ت‪ ,‬مطبعة المعاريف الجديدة الرباط‬
‫الطبعة الثانية ‪.2005‬‬
‫*محمـــد قصـــري‪ ,‬المنازعات الجبائيـــة المتعلقـــة بربـــط وتحصـــيل الضريبـــة أمام القضاء الداري‪,‬منشورات‬
‫م‪.‬م‪.‬إ‪.‬م‪.‬ت‪,‬عدد ‪ ،62‬مطبعة المعاريف الجديدة الرباط ‪،‬الطبعة الولى ‪.2005‬‬
‫* محمد قزيبر‪,‬مدخل لدارسة المالية العامة‪ ,‬مكناس ‪،‬مكتبة سلجماسة ‪.2001‬‬

‫‪92‬‬
‫منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري‬

‫* محمــد زكرياء بيومــي‪,‬المنازعات الضريبيــة فــي ربــط و تحصــيل الضرائب‪,‬جامعــة القاهرة‪,‬منشورات عكاظ‪،‬‬
‫الطبعة الولى ‪.1990,‬‬

‫‪-2‬الرسائل و الطروحات‪-:‬‬

‫* إبراهيم مهم‪ ,‬المنازعات الجبائية في ظل المحكمة الدارية بالبيضاء‪ ،‬رسالة لنيل د‪.‬د‪.‬ع‪ ،‬كلية الحقوق البيضاء‪،‬‬
‫‪.1999‬‬
‫* جميلة الدليمــي ‪ ,‬الضريبــة و إشكاليــة النتقال الديمقراطــي بالمغرب‪,‬أطروحــة لنيــل الدكتورة‪ ،‬كليــة الحقوق‬
‫البيضاء‪.2005 ،‬‬
‫* الحبيب العطشان‪ ,‬المنازعات الجبائية بالمغرب‪,‬رسالة لنيل د‪.‬د‪.‬ع‪.‬م‪ ،‬كلية العلوم القانونية والقتصادية الرباط ‪،‬‬
‫السنة الجامعية ‪. 2001-2000‬‬
‫* حســن صــعيب‪ ,‬القضاء الداري المغربــي‪,‬دراســة تحليليــة للقانون المحدد للمحاكــم الداريــة‪,‬أطروحــة لنيــل‬
‫الدكتورة ‪ ،‬كلية الحقوق أكدال الرباط ‪.2003 ،‬‬
‫* حميد دزاليس‪ ,‬المنازعات الضريبية في مجال التحصيل‪ ,‬رسالة لنيل د‪.‬د‪.‬ع‪ .‬كلية الحقوق البيضاء ‪.2000‬‬
‫* سميرة بنخيي‪ ،‬المنازعة على أساس الضريبة على الشركات‪،‬المرحلة الدارية‪،‬رسالة لنيل د‪.‬د‪.‬ع‪ ،‬كلية الحقوق‪،‬‬
‫‪.2000‬‬
‫* عبـد السـلم أديـب‪,‬الصـلح الجبائي و التنميـة بالمغرب‪,‬د‪.‬د‪.‬ع فـي القانون العام‪ ،‬السـنة الجامعيـة ‪ ،1994‬كليـة‬
‫العلوم القانونية القتصادية الرباط‪.‬‬
‫* عبــد الغنــي شكور‪ ،‬منازعات الضرائب المباشرة بيــن التســوية الداريــة و الحــل القضائي‪،‬رســالة لنيــل د‪.‬د‪.‬ع ‪،‬‬
‫‪ ،1993‬كلية العلوم القانونية و القتصادية البيضاء‪.‬‬
‫* عبـــد الرحيـــم التيجانـــي‪ ,‬المنازعات الجبائيـــة فـــي مجال تحصـــيل الضرائب المباشرة‪,‬نموذج الضريبـــة على‬
‫الشركات‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا ‪ ،‬كلية الحقوق البيضاء ‪.2001،‬‬
‫* عزيزة زيمان‪ ,‬المنازعات الجمركية‪,‬رسالة لنيل د‪.‬د‪.‬ع‪ ،‬كلية الحقوق البيضاء ‪. 1999،‬‬
‫* العربـي الكزداح‪ ،‬الطعون الجبائيـة فـي ظـل المحاكـم الداريـة بالمغرب‪,‬أطروحـة لنيـل الدكتورة‪ ،‬كليـة الحقوق‬
‫أكدال الرباط ‪.2004 ،‬‬
‫* عبـد القادر مسـاعد‪ ,‬القضاء الداري المغربـي ضمانـة للحقوق و الواجبات‪,‬أطروحـة لنيـل الدكتورة‪ ،‬كليـة الحقوق‬
‫اكدال الرباط‪.2004 ،‬‬
‫* عبـــد الرحيـــم التجانـــي‪ ،‬المنازعات الجبائيـــة فـــي مجال تحصـــيل الضرائب المباشرة ‪,‬نموذج الضريبـــة على‬
‫الشركات‪ ،‬رسالة لنيل د‪.‬د‪.‬ع‪ ،‬كلية الحقوق الرباط اكدال‪. 2003 ،‬‬

‫‪93‬‬
‫منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري‬

‫* عبـد الحميـد الحنودي‪ ،‬تحصـيل الديون العموميـة فـي التشريـع و القضاء المغربـي‪,‬أطروحـة لنيـل دكتورة ‪ ،‬كليـة‬
‫الحقوق الرباط ‪ ،‬أكدال ‪.2006 ،‬‬
‫* محمد بيصة‪ ،‬المنازعة في قانونية قرارات الدارة المكلفة بربط الضريبة بين دعوى اللغاء و طعون القضاء‬
‫الشامل‪,‬أطروحة دكتورة‪ ،‬كلية الحقوق البيضاء ‪. 2004 ،‬‬
‫* نجاة العماري‪ ،‬المنازعات الضريبيـة‪,‬أطروحـة لنيـل الدكتوراه فـي الحقوق ‪،‬كليـة العلوم القانونيـة و القتصـادية‬
‫الدار البيضاء‪ ،‬بدون تاريخ‪.‬‬
‫* نجيــب علم‪,‬القضاء الداري المغربــي فــي ظــل الصــلح الجديــد‪,‬رســالة لنيــل د‪.‬د‪.‬ع‪.‬م‪ ،‬كليــة الحقوق البيضاء‬
‫‪.1998‬‬
‫* فوزية الكون‪ ،‬القاضي الجبائي‪ ،‬رسالة لنيل د‪.‬د‪.‬ع‪.‬م ‪ ،‬كلية الحقوق البيضاء ‪ ،‬سنة ‪.2000-1999‬‬
‫* فريد مريم‪ ,‬المنازعات في مجال التحصيل‪,‬رسالة د‪.‬د‪.‬ع‪ ،‬كلية الحقوق البيضاء‪ ،‬كلية الحقوق البيضاء‪. 2000 ،‬‬
‫* فاطمة حوسني‪ ,‬منازعات القضاء الضريبي‪ ,‬رسالة لنيل د‪.‬د‪.‬ع‪ .‬كلية الحقوق البيضاء ‪.1998‬‬
‫* فتيحة لمعاشي‪ ،‬وضعية المكلف في التشريع الضريبي المغربي و علقته بالدارة‪،‬جامعة محمد الخامس أكدال‬
‫الرباط‪.2001-2000,‬‬
‫* ياســمين بوخال‪ ،‬العدالة الضريبـة ودورهـا فـي التنميـة‪,‬نموذج الضريبـة على الدخـل‪ ،‬رسـالة لنيـل د‪.‬د‪.‬ع‪ ،‬كليـة‬
‫الحقوق اكدال‪ ،‬الرباط‪.2003 ،‬‬

‫‪ -3‬المجلت و المقالت‪:‬‬

‫* أحمــد الحضرانــي‪ ،‬حول تضريــب لوحــة المحامــي‪ ،‬الرســم المفروض على شغــل الملك الجماعيــة العامــة‪,‬‬
‫(م‪.‬م‪.‬إ‪.‬م‪.‬ت) عدد ‪.1996 ، 16‬‬
‫* أمال المشرفي‪ ،‬دور المحاكم في الدارية في حماية النشاط القتصادي‪( ،‬م‪.‬م‪.‬إ‪.‬م‪.‬ت) عدد ‪.1997 ،19‬‬
‫* جعفــر حســون‪ ،‬الطبيعيــة القانونيــة للمنازعات الضريبيــة فــي ضوء قانون ‪,41-90‬المحدث و المنظــم للمحاكــم‬
‫الدارية‪( ,‬م‪.‬إ‪.‬م‪.‬ت)سلسلة مواضيع الساعة‪,‬عدد ‪.1996 ،4‬‬
‫* الجيللي أمزيد‪ ،‬إشكالية تطبيق قانون المسطرة المدنية في مجال المنازعات الدارية ‪( ،‬م‪.‬م‪.‬إ‪.‬م‪.‬ت) عدد ‪، 36‬‬
‫‪.2001‬‬
‫* حسـن حـبيب‪ ،‬إشكاليـة عدم تنفيـذ الحكام القضائيـة الصـادرة ضـد الدارة‪( ،‬م‪.‬م‪.‬إ‪.‬م‪.‬ت) عدد ‪,59‬نونـبر ‪-‬دجنـبر‬
‫‪.2004‬‬

‫‪94‬‬
‫منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري‬

‫* سـميرة شقشاق‪ ،‬طرق التبليـغ و تطورهـا عـبر القوانيـن الماليـة و الجتهادات القضائيـة‪ ,‬مجلة م‪.‬إ‪.‬م‪.‬ت‪ ,‬عدد ‪-62‬‬
‫‪,2005 ,63‬‬
‫* عبــد الرحيــم الجامعــي‪ ،‬الشكاليات التــي يطرحهــا قانون المحاكــم الداريــة فــي مجال المنازعات الجبائيــة‪,‬‬
‫(م‪.‬م‪.‬إ‪.‬م‪.‬ت) سلسلة مواضيع الساعة‪,‬عدد ‪4،1996‬‬
‫* عبد الرحيم حزيكر‪ ،‬تنوع القضاء المختص في دعوى تحصيل الضرائب تكامل أم تناقض‪ ,‬م‪.‬م‪.‬إ‪.‬م‪.‬ت‪ ,‬عدد ‪-63‬‬
‫‪.2005 ,62‬‬
‫* عبد القادر تيعلثي‪" ،‬الضمانات الجبائية من خلل التشريع و القضاء" (م‪.‬م‪.‬إ‪.‬م‪.‬ت)عدد ‪,19‬ابريل‪-‬يوليو ‪.1997‬‬
‫* عبد المعطي القدوري‪ ،‬الحماية القضائية للملزم في مجال المنازعات الجبائية (م‪.‬م‪.‬إ‪.‬م‪.‬ت) عدد ‪,19‬ابريل‪-‬يوليو‬
‫‪.1997‬‬
‫* عبـد العزيـز يعقوبـي‪ ،‬الجراءات الداريـة لربـط الضريبـة و مسـطرة الطعـن فيهـا قضائيـا‪( ،‬م‪.‬م‪.‬إ‪.‬م‪.‬ت) سـلسلة‬
‫مواضيع الساعة عدد ‪. 19‬‬
‫* عصام بن جلون‪ ،‬التنفيذ الجبري ضد الدارة‪( ،‬م‪.‬م‪.‬إ‪.‬م‪.‬ت) عدد ‪ ،59‬نونبر ‪-‬دجنبر ‪.2004‬‬
‫* محمد قصري‪ ،‬تنازع الختصاص بين المحاكم حول مدونة تحصيل الديون العمومية‪( ,‬م‪.‬م‪.‬إ‪.‬م‪.‬ت) عدد مزدوج‬
‫‪ ,52-51‬يونيو ‪.2003‬‬
‫* محمـد لمزوغـي‪ ،‬القضاء الداري ومجال تدخله فـي حمايـة السـتثمار‪( ,‬م‪.‬م‪.‬إ‪.‬م‪.‬ت) عدد مزدوج ‪ ,52-51‬يونيـو‬
‫‪.2003‬‬
‫* محمد النجاري‪ ,‬تساؤلت حول اختصاص المحاكم الدارية في مسطرة منازعات تحصيل الضرائب على ضوء‬
‫المدونة الجديدة‪( ,‬م‪.‬م‪.‬إ‪.‬م‪.‬ت) سلسلة مواضيع الساعة‪,‬عدد ‪.2001 ,31‬‬
‫* محمد شكيري‪ ,‬خصوصية المنازعة في مجال الفحص الضريبي‪ ،‬منشورات دفاتر المجلس العلى ‪.2007‬‬
‫* محمد النجاري‪ ،‬الضريبة الحضرية و ضمانات الملزم‪( ،‬م‪.‬م‪.‬إ‪.‬م‪.‬ت) عدد ‪.1999 ،26‬‬
‫* محمد أنتك‪ ،‬المنازعات الضريبية‪,‬مجلة المحاكم المغربية‪،‬عدد ‪. 2000- 82‬‬
‫* مصطفى ابن شريف‪ ،‬المنازعات الضريبية في التشريع المغربي‪ ،‬مجلة المناظرة‪,‬عدد ‪.1999 -3‬‬
‫*محمد عنبر‪ ،‬المنازعات الضريبية في القانون المغربي‪،‬مجلة دراسات قضائية‪.2001-2006,‬‬
‫* مصطفى أبوكريش‪ ،‬إدارة المنازعات الضريبية في ربط وتحصيل الضرائب‪,‬عمان‪,‬دار المناهج اليداع ‪.2003‬‬
‫* نعيمة سيف الدين‪ ,‬مسطرة فرض الضريبة الحضرية و المنازعة فيها مداخلة باليوم الدراسي المنظم من طرف‬
‫المجلس العلى بالرباط ماي ‪ ،2005‬منشورات المجلس العلى ‪ ،‬مطبعة إليت‪.‬‬
‫* مجموعة القوانين المتعلقة بالضرائب الرئيسية‪ ,‬مجلة م‪.‬إ‪.‬م‪.‬ت‪,‬سلسلة –نصوص ووثائق‪ -‬الطبعة الولى ‪.2004‬‬
‫* المنازعات الجبائية في ظل المحاكم الدارية‪ ,‬مجلة م‪.‬إ‪.‬م‪.‬ت‪,‬عدد ‪.1996, 4‬‬

‫‪95‬‬
‫منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري‬

‫* المحاكـم الداريـة و الصـعوبات المثارة على مسـتوى التطـبيق فـي ميدان المنازعات الجبائيـة(م‪.‬م‪.‬إ‪.‬م‪.‬ت)سـلسلة‬
‫مواضيع الساعة‪,‬عدد ‪,4‬ص ‪1996. ،75‬‬
‫* أربعون سنة من القضاء الداري (م‪.‬م‪.‬إ‪.‬م‪.‬ت) عدد ‪.1998 ,14‬‬
‫* المنازعات الجبائية وأهم تطبيقاتها العملية‪,‬مجلة المحاكم المغربية‪,‬عدد ‪1997 ،54‬‬
‫* النشاط العام للمحكمة الدارية بالدار البيضاء لسنة ‪ ،,1997‬وزارة العدل‪.‬‬
‫* النشاط العام للمحكمة الدارية بالدار البيضاء لسنة ‪ ,1998‬إلى ‪ ,2006‬وزارة العدل‪.‬‬
‫* الحصاءات السنوية للمجلس العلى لسنة ‪ ،2005‬طباعة ريم كوم ‪,‬مركز النشر و الثوثيق القضائي‪.2005،‬‬

‫‪- 4‬الندوات واليام الدراسية‬

‫* الندوة الجهويـة بمناسـبة الذكرى الخمسـينية لتأسـيس المجلس العلى الدار البيضاء‪,‬يومـي ‪ 19-18‬أبريـل ‪,2007‬‬
‫مداخلة ذ‪ .‬عبد العزيز اليعقوبي القضاء الجبائي و حماية الستثمار من خلل قرارات المجلس العلى‪.‬‬
‫* أشغال المائدة المسـتديرة فـي موضوع المنظومـة الجبائيـة المغربيـة‪,‬سـؤال العدالة ؟ مـن تنظيـم مركـز البحاث و‬
‫الدراسات الضريبية المنظمة برحاب كلية الحقوق‪,‬الدار البيضاء‪ 7,‬يوليوز ‪.2007‬‬
‫* مداخلة وزيـــر العدل الســـابق باليوم الدراســـي حول تطور القضاء الداري بالمغرب فـــي ضوء إحداث محاكـــم‬
‫الستئناف الدارية المنعقدة بالمدرسة الوطنية الدارية‪,‬بتاريخ ‪ 22‬نونبر ‪.2006‬‬
‫* أشغال اليوميـن الدراسـيين حول "العمـل القضائي والمنازعات الضريبيـة" مـن تنظيـم المجلس العلى و المديريـة‬
‫العامة للضرائب بتاريخ‪ ،29-28 ،‬مارس ‪ ,2005‬منشورات دفاتر المجلس العلى‪ ,‬عدد ‪ ,2005-8‬مطبعة البيت‪.‬‬

‫‪ -5‬النصوص و المراسيم القانونية‬

‫* الدسـتور المغربـي‪,‬المراجـع لموجـب اسـتفتاء ‪ 13‬شتنـبر ‪,1996‬منشورات م‪.‬م‪.‬إ‪.‬م‪.‬ت‪ ،‬سـلسلة نصـوص ووثائق‪،‬‬
‫عدد ‪.1999 ،24‬‬
‫* قانون مالية سنة ‪ ،2007‬رقم ‪ 43-03‬الصادر بالجريدة الرسمية عدد ‪.5487‬‬

‫‪96‬‬
‫منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري‬

‫ وفق المادة‬,2006 ‫ للسنة المالية‬35-05 ‫ من قانون المالية رقم‬6 ‫ وفق المادة‬،‫* المدونة الجديدة العامة للضرائب‬
.2006 ‫ الطبعة الولى‬،144 ‫ت) سلسلة نصوص ووثائق عدد‬،‫م‬.‫إ‬.‫م‬.‫م‬.( ‫ منشورات‬،‫ منه‬9
.199.11.3 ‫بتاريخ‬,4227 ‫ المحدث للمحاكم الدارية و المنشورات بالجريدة الرسمية عدد‬،41-90 ‫* قانون رقم‬
2004-.2003 ‫ الطبعة الولى‬، ‫ منشورات مؤسسة إيديسوفت‬1-47-447 ‫* قانون المسطرة المدنية رقم‬

: Bibliographies en Langues Etrangères

A- Ouvrages :
* Cyrille David, Olivier Fouquet, Marie Aimée, Bernard Plaqnet, Les grands
Arrêts de la jurisprudence fiscale, collection Droit public, 2eme édition, édition Sirey,
Paris, France 1991.
* Michelle Rousset, le contentieux administratif, Edition la porte Rabat Maroc
1996 .
* Pacteau Bernard : Contentieux administratif 2eme édition refondue, 1989,
Presses Universitaires de France, Paris.
* René Chapus, Droit du contentieux administratif ; 5 eme édition, édition
Montchrestien ; 1995, Paris, France.
B- Thèses et Mémoires :

* Jamal bellonki, L’administration fiscale et le contribuable marocain, Mémoire de


DESA, Faculté de droit, Rabat, Université Med 5, 2002-2003.
* Faysel Sotih, Le contentieux de l'impôt des patentes – Le contentieux de l'assiette –
Mémoire de DESA, Faculté de droit, Rabat.2001-2002.
* Il Ham Salmi, La vérification fiscale, mémoire de DESS, Faculté de droit, Rabat,
2004-2005.
* Lammia Sophie, les garanties du contribuable dans le contentieux fiscal –le
contentieux de l'assiette-, mémoire de DESA, Faculté de droit, Rabat, 2001-2002.

97
‫منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري‬

* TARIK Malliti, Limites et perspectives du système fiscale Marocain, mémoire de


DESA, Faculté de droit, Rabat, 2001-2002.
* KHALID Ammari, L'Administration fiscale et la bonne gouvernance, mémoire de
DESA, Faculté de droit, Rabat, 2004-2005.
* Mohammed Cherkaoui, le contentieux fiscale au Maroc, Thèse de doctorat, Faculté
de droit, 1982.

B -Revues et Articles :

*Ghizlane Achhab, le contentieux fiscale dans sa phase juridictionnelle, Revue franco


magrébine de droit N°6- 1998-
* Abdellah Boudahain, le contentieux fiscale, Casablanca, Edemar, Casablanca,
1984.
* le contentieux fiscale, revue française de finances publiques N° 19,1987.
* Mohammed Sbihi, la réforme de la fiscalité locale un essai d'évaluation, Revue de
droit et d’économie N° 9,1993.
* Ahmed El kasri, La fiscalité locale:l'impossible codification, Revue de droit et
d’économie; N° 9,1993.
* ABDELKBIRE Firri, de certaine aspect du contentieux fiscale devant les
juridictions administratives, REMALD N°40, 2001.

98

You might also like